######OpenITI# #META# 000.SortField :: Shamela_0009898 #META# 000.BookURI :: NOCODE #META# 010.AuthorAKA :: NODATA #META# 010.AuthorNAME :: محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البستي (المتوفى: 354هـ) #META# 011.AuthorBORN :: NOTGIVEN #META# 011.AuthorDIED :: 354 #META# 019.AuthorDIED :: NODATA #META# 020.BookTITLE :: السيرة النبوية وأخبار الخلفاء #META# 020.BookTITLESUB :: NODATA #META# 021.BookSUBJ :: السيرة والشمائل #META# 022.BookVOLS :: 2 #META# 025.BookLANG :: NODATA #META# 029.BookTITLEalt :: NODATA #META# 030.LibURI :: Shamela_0009898 #META# 030.LibURIextra :: NODATA #META# 031.LibREADONLINE :: http://shamela.ws/browse.php/book-9898 #META# 031.LibURL :: http://shamela.ws/index.php/book/9898 #META# 031.LibURLFILE :: NODATA #META# 031.LibURLextra :: NODATA #META# 040.EdALL :: NODATA #META# 040.EdEDITOR :: NODATA #META# 041.EdNUMBER :: الثالثة - 1417 هـ #META# 041.EdNumber :: NODATA #META# 043.EdPUBLISHER :: الكتب الثقافية - بيروت #META# 044.EdPLACE :: NODATA #META# 045.EdYEAR :: NODATA #META# 049.EdISBN :: NODATA #META# 049.EdPAGES :: NODATA #META# 049.EdPHYSICAL :: NODATA #META# 049.EdVOLUME :: NODATA #META# 090.RecMISC :: NODATA #META# 999.MiscINFO :: NODATA #META#Header#End# ### | السيرة النبوية # للإمام الحافظ أبي حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة 354 ه ~~صححه، وعلق عليه الحافظ السيد عزيز بك وجماعة من العلماء # PageV01P019 # بسم الله الرحمن الرحيم* «1» صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما ~~«1» . # «2» قال أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي «2» : # الحمد لله الذي «3» ليس له حد محدود فيتوى «4» ، ولا له أجل معدود فيفنى، ~~ولا يحيط به جوامع المكان، ولا يشتمل عليه تواتر الزمان، «5» ولا يدرك ~~نعمته بالشواهد والحواس، ولا يقاس صفات ذاته بالناس «5» ، تعاظم قدره عن ~~مبالغ نعت الواصفين، وجل وصفه عن إدراك غاية الناطقين، وكل دون وصف صفاته ~~تحبير «6» ، اللغات، وضل عن بلوغ قصده تصريف الصفات، وجاز في ملكوته ~~PageV01P021 # غامضات أنواع التدبير، وانقطع عن دون بلوغه عميقات جوامع التفكير، «1» ~~وانعقدت دون «1» «2» استبقاء حمده ألسن «3» المجتهدين، وانقطعت إليه جوامع ~~أفكار آمال المنكرين، إذ لا شريك له في الملك ولا نظير، ولا مشير له في ~~الحكم ولا وزير، وأشهد أن لا إله إلا الله أحصى «1» كل شيء عددا، وضرب لكل ~~امرىء ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة # «1» «4» ، وأشهد أن محمدا عبده المجتبى، ورسوله المرتضى، بعثه بالنور ~~الساطع، والضياء اللامع، فبلغ عن الله عز وجل الرسالة، وأوضح فيما دعا «5» ~~إليه الدلالة، «1» فكان في اتباع سنته لزوم الهدى، وفي قبول ما أتى به وجود ~~السنا، فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين «1» . # «6» أما بعد! فإن الله اختار محمدا صلى الله عليه وسلم من عباده، ~~واستخلصه لنفسه من بلاده، فبعثه إلى خلقه بالحق بشيرا، ومن النار «7» لمن ~~زاغ عن سبيله نذيرا، ليدعو [الخلق] «8» من عباده إلى عبادته، ومن اتباع ~~السبيل «9» إلى لزوم طاعته، ثم لم يجعل الفزع عند وقوع حادثة، ولا الهرب ~~«10» عند وجود كل نازلة، إلا إلى الذي أنزل عليه التنزيل، وتفضل على عباده ~~بولايته التأويل، فسنته الفاصلة بين المتنازعين، وآثاره القاطعة بين «11» ~~الخصمين. # فلما رأيت معرفة السنن من أعظم أركان الدين، وأن حفظها يجب على أكثر ~~PageV01P022 # المسلمين، وأنه لا سبيل إلى معرفة السقيم من ms001 الصحيح، ولا صحة إخراج ~~الدليل من الصريح، إلا بمعرفة ضعفاء المحدثين [و] «1» كيفية ما كانوا عليه ~~من الحالات، «2» أردت أن أملي أسامي أكثر المحدثين، ومن «3» الفقهاء «4» من ~~أهل الفضل والصالحين، ومن سلك سبيلهم من الماضين، بحذف الأسانيد والإكثار، ~~ولزوم سلوك الاختصار، ليسهل على الفقهاء حفظها، ولا يصعب على الحفاظ وعيها، ~~والله أسأل «5» التوفيق لما أوصانا، والعون على ما له قصدنا، وأسأله أن ~~يبني «6» دار المقامة من نعمته، ومنتهى الغاية من كرامته، في أعلى درجة ~~الأبرار المنتخبين «7» الأخيار، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم. ### | ذكر الحث على لزوم سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم # أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي «8» ثنا علي بن المديني ثنا الوليد ~~بن مسلم ثنا ابن يزيد ثنا خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي ~~وحجر PageV01P023 # ابن حجر الكلاعي قالا: أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه ولا على ~~الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه «1» فسلمنا وقلنا: ~~أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال العرباض: صلى بنا رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها ~~العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله! كان هذه موعظة مودع، ~~فماذا تعهد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا ~~مجدعا، فإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافا! فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء ~~الراشدين المهديين «2» فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات ~~الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة «3» ضلالة. قال الوليد: فذكرت هذا ~~الحديث لعبد الله بن العلاء بن زبر؟ فقال: نعم، حدثني بنحو من هذا الحديث ~~«4» . # قال أبو حاتم: إن الله جل وعلا اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم من بين ~~خلقه، وبعثه بالحق بشيرا ونذيرا، وافترض «5» على خلقه «6» طاعته ومذكوره ~~«7» وحدثنا فقال PageV01P024 # يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن ~~تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول «1» وقال وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ~~إذا قضى الله ورسوله ms002 أمرا «2» الآية فأمر الله بطاعة رسوله مع طاعته، وعند ~~التنازع بالرجوع إلى سنته، إذ هو المفزع الذي لا منازعة لأحد من الخلق فيه، ~~فمن تنازع في شيء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب رد أمره إلى قضاء ~~الله ثم إلى قضاء رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن طاعة رسوله طاعته، قال ~~الله تعالى إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن ~~نكث «3» الآية، وقال من يطع الرسول فقد أطاع الله «4» ، فقد أعلمهم «5» جل ~~وعلا أن اتباعهم رسوله اتباعه، وأن طاعتهم له [طاعته] «6» ، ثم ضمن الجنة ~~لمن أطاع رسوله واتبع ما أجابه، فقال: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع ~~الذين أنعم الله عليهم «7» الآية، ثم أعلمنا «8» جل وعلا أنه «9» لم يجعل ~~الحكم بينه وبين خلقه إلا رسوله، ونفى «10» الإيمان عن من لم يحكمه فيما ~~شجر بينهم، قال فلا وربك لا يؤمنون الآية، ثم أعلمنا جل وعلا أن دعاهم إلى ~~رسوله ليحكم بينهم إنما دعاهم إلى حكم الله، لا أن الحاكم بينهم ورسول الله ~~صلى الله عليه وسلم، وأنهم متى ما سلموا الحكم لرسول الله صلى الله عليه ~~وسلم فقد سلموه بفرض الله، قال الله عز وجل إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم ~~بينهم إلى قوله فأولئك هم PageV01P025 # الفائزون «1» ، ذا حكم الله فرضه «2» بإلزام خلقه طاعة رسوله، وإعلامهم ~~أنها طاعته، ثم أعلمنا أن الفرض على رسوله اتباع أمره، فقال اتبع ما أوحي ~~إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين «3» ، وقال جل وعلا ثم جعلناك ~~على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع «4» الآية، وقال يا أيها النبي اتق ~~الله ولا تطع الكافرين إلى قوله خبيرا «5» ثم شهد الله جل وعلا لرسوله ~~باتباع أمره واستمساك بأمره لما سبق في علمه من إسعاده بعصمته وتوفيقه ~~للهدى مع هداية من اتبعه، فقال ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم # «6» الآية، ثم أمره الله جل وعلا بتبليغ ما أنزل إليه مع الشهادة له ~~بالعصمة من بين الناس. # فقال ms003 يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك [من ربك] «7» وإن لم تفعل فما بلغت ~~رسالته والله يعصمك من الناس «8» ، ثم أعلمنا أن الذي يهدي إليه رسوله هو ~~الصراط المستقيم الذي أمرنا باتباعه فقال وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ~~ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان إلى قوله وما في الأرض «9» ففي هذه ~~الآية التي طولناها ما أقام بها الحجة «10» على خلقه «11» بالتسليم لحكم ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع PageV01P026 # أمره، فكل ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ليس لله فيه حكم ~~فبحكم الله سنه ووجب علينا اتباعه، وفي العنود عن اتباعه معصية، إذ لا حكم ~~بين الله وبين خلقه إلا الذي وصفه الله جل وعلا موضع الإبانة لخلقه عنه. # فالواجب على كل من انتحل العلم أو نسب إليه حفظ سنن المصطفى صلى الله ~~عليه وسلم والتفقه فيها، ولا حيلة لأحد في السبيل إلى حفظها إلا بمعرفة «1» ~~تاريخ المحدثين، ومعرفة الضعفاء منهم من الثقات، لأنه متى لم يعرف ذاك لم ~~يحسن تمييز الصحيح من السقيم، ولا عرف المسند من المرسل، ولا الموقوف من ~~المنقطع، فإذا وقف على أسمائهم وأنسابهم وعرف- أعني بعضهم بعضا- وميز ~~العدول من الضعفاء، وجب عليه حينئذ التفقه فيها، والعمل بها، ثم إصلاح ~~النية في نشرها إلى من بعده رجاء استكمال الثواب «2» في العقبى بفعله ذلك، ~~إذ العلم من أفضل ما يخلف المرء بعده، نسأل الله الفوز على ما يقربنا إليه ~~ويزلفنا لديه. ### | ذكر الحث على نشر العلم # إذ هو من خير ما يخلف المرء بعده. # أخبرنا الفضل «3» بن الحباب ثنا موسى بن إسماعيل ثنا إسماعيل بن جعفر عن ~~العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة «4» أن النبي صلى الله عليه ~~وسلم قال: «إذا مات PageV01P027 # الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد ~~صالح يدعو له «1» . ### | ذكر الخبر الدال على استحباب حفظ تاريخ المحدثين # أخبرنا محمد بن محمد الهمداني ثنا محمد بن عبد الأعلى «2» الصنعاني ms004 ثنا ~~بشر ابن المفضل ثنا ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن ~~أبي بكرة «3» ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وقف على بعيره وأمسك ~~إنسان بخطامه- أو قال: # بزمامه- فقال: أي يوم هذا؟» فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، فقال: # «أليس بيوم النحر؟» قلنا: بلى، قال: «فأي شهر هذا؟» فسكتنا حتى ظننا أنه ~~سيسميه سوى اسمه فقال: «أليس بذي» [الحجة؟ قلنا: بلى، قال: فأي بلد هذا؟ # فسكتنا] «4» حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، فقال: «أليس البلد الحرام؟» ~~قلنا: # بلى، فقال: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام عليكم كحرمة يومكم ~~هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا؛ ألا! ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فإن ~~الشاهد عسى أن يبلغ من أوعى له منه» . PageV01P028 # قال أبو حاتم في قوله صلى الله عليه وسلم: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، ~~كالدليل على استحباب حفظ تاريخ المحدثين، الوقوف على معرفة الثقات منهم من ~~الضعفاء، إذ لا يتهيأ للمرء أن يبلغ الغائب ما شهد إلا بعد المعرفة بصحة ما ~~يؤدي إلى من بعده، وأنه إذا أدى إلى من بعده ما لم يصح عن رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم فكأنه لم يؤد عنه صلى الله عليه وسلم شيئا، ولا سبب له إلى ~~معرفة صحة الأخبار وسقيمها إلا بمعرفة تاريخ من ذكر اسمه من المحدثين. ~~وكتابا أبين فيه الضعفاء والمتروكين «1» ، وأبدأ منهما بالثقات. فنذكر «2» ~~ما كانوا عليه في الحالات، فأول ما أبدأ في كتابنا هذا ذكر المصطفى صلى ~~الله عليه وسلم ومولده ومبعثه، وهجرته إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته، ثم ~~نذكر بعده الخلفاء الراشدين المهديين بأيامهم «3» إلى أن قتل علي رحمة الله ~~عليه، ثم نذكر صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا واحدا على المعجم، ~~إذ هم خير الناس قرنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نذكر بعدهم ~~التابعين الذين شافهوا «4» أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأقاليم ~~كلها على المعجم، إذ هم خير الناس ms005 بعد الصحابة قرنا، ثم نذكر القرن الثالث ~~الذين رأوا التابعين، فأذكرهم على نحو ما ذكرنا الطبقتين الأوليين «5» ، ثم ~~نذكر القرن الرابع الذين هم أتباع التابعين على سبيل من قبلهم «6» ، وهذا ~~القرن ينتهي إلى زماننا هذا. # ولا أذكر في هذا الكتاب الأول إلا الثقات الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم «7» ~~، وأقنع بهذين الكتابين المختصرين عن كتاب «التاريخ الكبير» الذي ~~PageV01P029 # خرجناه لعلمنا «1» بصعوبة «2» حفظ كل ما فيه من الأسانيد والطرق ~~والحكايات، ولأن ما نمليه في هذين الكتابين أن يسر الله ذلك وسهله من توصيف ~~«3» الأسماء بقصد «4» ما يحتاج إليه يكون أسهل على المتعلم إذا قصد الحفظ، ~~وأنشط له في وعيه إذا أراد العلم من التكلف بحفظ ما لو أغضى «5» عنه في ~~البداية لم يخرج في فعله من التكلف لحفظ ذلك، فكل من أذكره في هذا الكتاب ~~الأول فهو صدوق، يجوز الاحتجاج بخبره إذا تعرى خبره عن خصال خمس، فإذا وجد ~~خبر منكر «6» عن واحد ممن أذكره «7» في كتابي هذا فإن ذلك الخبر لا ينفك ~~«8» من إحدى خمس خصال: إما أن يكون فوق الشيخ الذي ذكرت اسمه في كتابي هذا ~~في الإسناد رجل ضعيف «9» لا يحتج بخبره، أو يكون دونه رجل واه «10» لا يجوز ~~الاحتجاج بروايته، والخبر يكون مرسلا لا يلزمنا به الحجة، أو يكون منقطعا ~~لا يقوم بمثله الحجة، أو يكون في الإسناد رجل مدلس لم يبين «11» سماعه في ~~الخبر من الذي سمعه منه، فإن المدلس ما لم يبين «12» سماع خبره عمن كتب عنه ~~لا يجوز الاحتجاج بذلك الخبر، لأنه «13» لا يدري لعله «13» سمعه من إنسان ~~ضعيف يبطل «14» الخبر بذكره إذا وقف عليه وعرف PageV01P030 # الخبر به، فما لم يقل المدلس في خبره وإن كان ثقة «1» : سمعت أو: حدثني، ~~فلا يجوز الاحتجاج بخبره؛ فذكرت هذه المسألة بكمالها بالعلل والشواهد ~~والحكايات في «كتاب شرائط الأخبار» «2» ، فأغنى «3» ذلك عن تكرارها في هذا ~~الكتاب، وإنما «4» أذكر في هذا الكتاب الشيخ بعد الشيخ وقد ضعفه بعض أئمتنا ~~«5» ، ووثقه «6» بعضهم، فمن صح عندي منهم أنه ثقة بالدلائل النيرة التي ~~بينتها ms006 في كتاب «الفصل «7» بين النقلة» «8» أدخلته في هذا الكتاب لأنه يجوز ~~الاحتجاج بخبره، ومن صح عندي منهم أنه ضعيف بالبراهين الواضحة التي ذكرتها ~~في كتاب «الفصل بين النقلة» لم أذكره في هذا الكتاب، لكني أدخلته في «كتاب ~~الضعفاء بالعلل» «9» ، لأنه لا يجوز الاحتجاج بخبره «10» ، فكل من ذكرته في ~~كتابي هذا إذا تعرى «11» خبره عن الخصال الخمس التي ذكرتها فهو عدل يجوز ~~الاحتجاج بخبره، لأن العدل من لم يعرف منه الجرح «12» ضد التعديل، فمن لم ~~يعلم بجرح «13» فهو عدل إذا لم يبين PageV01P031 # ضده، إذ لم يكلف «1» الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم «2» ! وإنما كلفوا ~~الحكم بالظاهر من الأشياء غير المغيب عنهم؛ جعلنا الله ممن أسبل عليه ~~جلاليب الستر في الدنيا واتصل «3» ذلك بالعفو عن جناياته في العقبى! إنه ~~الفعال لما يريد. PageV01P032 ### | ذكر مولد «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم # أخبرنا «2» أحمد بن الحسن «2» بن عبد الجبار الصوفي ببغداد ثنا يحيى بن ~~معين ثنا حجاج بن محمد [عن يونس بن أبي إسحاق] «3» عن سعيد بن جبير عن ابن ~~عباس قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل. # قال أبو حاتم: ولد «4» النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين ~~لاثنتي PageV01P033 # عشرة «1» ليلة مضت من شهر ربيع الأول في اليوم الذي بعث الله طيرا أبابيل ~~على أصحاب الفيل، وكان من شأن الفيل [أن] «2» ملكا كان باليمن غلب عليها ~~وكان أصله من الحبشة يقال له «أبرهة» «3» بنى كنيسة بصنعاء فسماها «القليس» ~~«4» وزعم «5» أنه PageV01P034 # يصرف إليها حج العرب، وحلف أنه يسير إلى الكعبة فيهدمها «1» ، فخرج ملك ~~«2» ، من ملوك حمير فيمن أطاعه من قومه يقال له «ذو نفر» فقاتله، فهزمه ~~أبرهة وأخذه، فلما أتى به قال [له] «3» ذو نفر: أيها الملك! لا تقتلني «4» ~~فإن استبقائي «4» خير لك من قتلي، فاستبقاه «5» ، وأوثقه، ثم خرج سائرا ~~يريد «6» الكعبة، حتى [إذا] «3» دنا «7» من بلاد خثعم خرج إليه النفيل «8» ~~بن حبيب الخثعمي ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن فقاتلوه، فهزمهم وأخذ ~~النفيل، فقال النفيل: أيها الملك ms007! إني عالم بأرض العرب فلا تقتلني وهاتان ~~يداي على قومي بالسمع والطاعة، فاستبقاه وخرج معه يدله، حتى إذا بلغ الطائف ~~خرج معه مسعود «9» بن معتب في رجال من ثقيف فقال: أيها الملك! نحن عبيد لك ~~ليس [لك] «3» عندنا خلاف، وليس بيتنا «10» وبيتك «10» الذي تريد- يعنون ~~«11» - اللات إنما تريد البيت الذي بمكة، نحن نبعث معك من يدلك عليه، ~~فبعثوا معه مولى لهم يقال له «أبو رغال» ، فخرج معهم [حتى] «3» إذا كان ~~بالمغمس «12» PageV01P035 # مات «أبو رغال» وهو «1» الذي رجم قبره، وبعث أبرهة من المغمس رجلا يقال ~~له الأسود بن مقصود «2» على مقدمة خيله، فجمع إليه «3» أهل الحرم «3» ، ~~وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير بالأراك «4» ، ثم بعث أبرهة حناطة «5» ~~الحميري إلى أهل مكة فقال «6» : سل عن شريفها ثم أبلغه أني لم آت لقتال، ~~إنما «7» جئت لأهدم هذا البيت، فانطلق حناطة «5» حتى دخل مكة، فلقي عبد ~~المطلب بن هاشم فقال «6» : إن الملك أرسلني إليك ليخبرك أنه لم يأت لقتال ~~إلا أن تقاتلوه، إنما جاء لهدم هذا البيت ثم الانصراف عنكم، فقال «8» عبد ~~المطلب «8» ما عندنا له [قتال] «9» ، فقال: سنخلي بينه [وبين البيت، فإن ~~خلى الله بينه] «9» وبينه فو الله ما لنا به قوة! قال: فانطلق معي إليه، ~~قال «10» : فخرج معه حتى قدم المعسكر «11» وكان «ذو نفر» صديقا لعبد المطلب ~~فأتاه فقال: يا ذا نفر! هل عندكم من غناء فيما نزل بنا؟ فقال: # ما غناء رجل أسير لا يأمن أن [يقتل] «9» بكرة وعشية، ولكن سأبعث لك إلى ~~أنيس PageV01P036 # سائس الفيل فأمره أن يضع لك «1» عند الملك ما استطاع [من خير] «2» ويعظم ~~خطرك «3» ومنزلتك عنده، قال: فأرسل إلى أنيس فأتاه، فقال: إن هذا سيد «4» ~~قريش، صاحب عين «5» مكة [الذي] يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال وقد ~~أصاب [له] «2» الملك مائتي بعير، فإن استطعت أن تنفعه عنده فانفعه فإنه ~~صديق لي، فدخل أنيس على أبرهة فقال: أيها الملك! هذا سيد قريش وصاحب عين ~~مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال يستأذن عليك وأنا أحب أن ms008 ~~تأذن له، [فقد] «6» جاءك غير ناصب لك ولا مخالف عليك. فأذن له، وكان عبد ~~المطلب رجلا عظيما [جسيما] «2» وسيما، فلما رآه أبرهة عظمه وأكرمه، وكره أن ~~يجلس معه على سريره وأن «7» يجلس تحته «8» ، فهبط إلى البساط «9» فجلس «10» ~~عليه معه «10» ، فقال له عبد المطلب: [أيها الملك] «11» إنك قد أصبت لي ~~مالا عظيما فأردده علي، فقال له «12» : لقد [كنت] «13» أعجبتني حين رأيتك ~~ولقد زهدت فيك، قال: ولم؟ قال: جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك وعصمتكم ~~ومنعتكم لأهدمه فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك! قال: أنا ~~رب PageV01P037 # هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه! قال: ما كان ليمنعه مني! قال: فأنت ~~وذاك! قال: فأمر بإبله «1» فردت عليه، ثم خرج عبد المطلب وأخبر قريشا الخبر ~~وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب «2» ، وأصبح أبرهة بالمغمس «3» قد تهيأ للدخول ~~وعبى جيشه وقرب فيله وحمل عليه ما أراد أن يحمل وهو قائم، فلما حركه وقف ~~وكاد أن يرزم إلى الأرض فيبرك «4» ، فضربوه بالمعول في رأسه فأبى، فأدخلوا ~~محاجنهم تحت أقرانه ومرافقه فأبى، فوجهوه إلى اليمن فهرول، فصرفوه إلى ~~الحرم فوقف، ولحق الفيل بجبل من تلك الجبال، فأرسل [الله] «5» الطير من ~~البحر كالبلسان «6» ، مع كل طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه، وحجر في ~~منقاره، ويحملن «7» أمثال الحمص والعدس من الحجارة، فإذا غشين القوم ~~أرسلنها عليهم، فلم تصب «8» تلك الحجارة أحد «9» إلا هلك، وليس كل القوم ~~أصاب «10» فذلك قول الله تعالى «11» ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ~~السورة كلها «12» ، وبعث الله على أبرهة PageV01P038 # داء في جسده، ورجعوا سراعا يتساقطون في كل بلد، وجعل أبرهة تتساقط أنامله ~~«1» ، كلما سقطت أنملة اتبعها مدة «2» من قيح ودم فانتهى إلى اليمن وهو مثل ~~فرخ الطير فيمن بقي من أصحابه ثم مات، فلما هلك استخلف ابنه [يكسوم] «3» بن ~~أبرهة فهذا ما كان من شأن الفيل، وسميت «4» هذه السنة «سنة الفيل» . ### | ذكر نسب سيد ولد آدم وأول من تنشق «5» أرض عنه 5 يوم القيامة صلى الله عليه وسلم # أخبرنا «6» عبد الله بن محمد ms009 بن سالم ببيت المقدس ثنا عبد الرحمن بن ~~إبراهيم ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي حدثنا «7» شداد أبو عمار عن واثلة ~~بن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله اصطفى [كنانة] ~~«8» من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، ~~واصطفاني «9» من بني هاشم؛ فأنا «10» سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من ~~تنشق عنه الأرض، و [أنا] «8» أول شافع وأول مشفع «11» . # قال أبو حاتم: نسبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصح إلى عدنان، وما ~~وراء عدنان فليس PageV01P039 # عندي فيه شيء [صحيح أعتمد عليه] «1» غير أني أذكر اختلافهم فيه بعضهم ~~لبعض من ليس [ذلك «2» من صناعته: فهو صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله ~~بن عبد المطلب- واسم عبد المطلب شيبة- بن هاشم- واسم هاشم عمرو- بن عبد ~~مناف- واسم عبد مناف المغيرة- بن قصي- واسم قصي زيد- بن كلاب- وهو المهذب- ~~بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر- وهو قريش- بن كنانة ~~بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان «3» إلى هنا ~~ليس بين النسابة خلاف فيه «4» ؛ ومن عدنان هم مختلفون فيه إلى إبراهيم: # فمنهم من قال: عدنان بن أدد بن مقوم «4» بن ناحور بن تيرح «5» بن يعقوب ~~بن نبت بن نابت «6» بن أنوش بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن آزر. # ومنهم من قال: عدنان بن أدد بن الهميسع «7» بن نابت «8» بن إسماعيل بن ~~إبراهيم بن آزر. PageV01P040 # ومنهم من قال: عدنان بن أدد بن سحب «1» بن أيوب بن قيدر «2» بن إسماعيل ~~بن «3» [إبراهيم بن] «4» آزر. # ومنهم من قال «5» : عدنان بن أدد بن أمين بن شاجب بن ثعلبة بن «6» ر بن ~~يربح 6 بن محلم بن العوام بن المحتمل «7» بن «8» ئمة بن العيقان 8 بن علة ~~بن شحدود «9» بن الظريف «10» بن عبقر بن إسماعيل بن إبراهيم بن آزر. # ومنهم من قال: عدنان بن أدد بن عوج «11» بن المعطم بن ms010 الطمح ابن القسود ~~بن العبور «12» بن دعدع «13» بن محمود بن الزائد «14» بن بدان «15» بن ~~الدرس «16» بن حصن «17» [بن] «16» النزال بن القاسم «18» بن PageV01P041 # المجشر «1» بن معدد «2» بن صيفي «3» بن النبت بن قيدر بن إسماعيل بن ~~إبراهيم «4» بن آزر «4» . # ثم اختلفوا أيضا فيما فوق إبراهيم: # فمنهم من قال: إبراهيم بن آزر بن ناحور «5» بن شارغ «6» بن الراغ «7» بن ~~القاسم «8» الذي قسم الأرض بين أهلها ابن معن «9» بن السايح «10» بن الرافد ~~«11» ابن السايح «12» وهو «13» سام بن نوح نبي الله عليه الصلاة والسلام. # ومنهم من قال: إبراهيم بن آزر بن ناحور بن صاروح «14» بن أرغو بن فالغ ~~«15» بن عابر «16» بن أرفخشد بن [سام] «17» بن نوح. # ومنهم من قال: إبراهيم بن آزر بن تارخ بن ناحور بن ساروح بن أرغو بن ~~PageV01P042 # فالج «1» بن عيبر «2» [بن سايح] «3» بن أرفخشد بن سام بن نوح. # ثم اختلفوا فيما بعد نوح «4» يه السلام 4 فمنهم من قال: نوح بن ملكان بن ~~متوشلخ «5» بن إدريس نبي الله صلى الله عليه وسلم بن الرائد بن «2» مهلهل ~~بن قنان «6» بن الطاهر «7» ابن هبة الله بن شيث بن آدم. # ومنهم من قال: نوح بن لامك بن متوشلخ «8» بن خنوخ «9» وهو إدريس النبي ~~«10» يه السلام 10 بن يارز «11» بن مهابيل بن قبش «12» بن أنش «13» بن شيث ~~بن آدم. # ومنهم من قال: نوح بن لامك بن متوشلح بن خنوخ بن يارزا بن مهلائيل «14» ~~بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم. # ومنهم من قال: نوح بن لامك بن متوشلخ «15» بن مهليل بن قينين «16» بن ~~يافش ابن شيث بن آدم. PageV01P043 # وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة «1» ~~بن «2» كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. ولم يكن لها أخ- فيكون خالا ~~للنبي صلى الله عليه وسلم- إلا عبد يغوث «3» بن وهب، ولكن بنو زهرة يقولون: ~~إنهم أخوال رسول صلى الله عليه وسلم، لأن آمنة أم رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم كانت منهم. وأم آمنة بنت وهب بن ms011 عبد مناف بن زهرة اسمها مرة بنت عبد ~~العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي. وأمها أم حبيب بنت أسد بن [عبد] «4» ~~العزى بن قصي. وأمها برة «5» بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن ~~لؤي. هؤلاء جدات رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل [أم أمه] «6» . # وأما جداته صلى الله عليه وسلم من قبل أبي أمه: فإن أم وهب بن عبد مناف ~~بن زهرة اسمها قيلة بنت أبي قيلة «7» ، واسم أبي قيلة فهر بن غالب بن ~~الحارث، وهو غبشان «8» ، وكان [يعير] «9» بأبي كبشة الذي «10» نسبت قريش ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم [إليه] «9» إذ كان مشركا فتنصر لما سافر إلى ~~الشام ورجع إلى قريش بدين غير دينها، فعيرت قريش رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم به «11» . # وأما [أم] قيلة خالدة بنت عابس بن كرب بن الحارث بن الفهر. وأم عبد مناف ~~[و] أم زهرة جدة «12» أم رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جمل «13» بنت ~~مالك بن سعد بن PageV01P044 # سعد بن مليح. وأمها سلمى بنت حيان بن غنم «1» . وأم زهرة بن «2» كلاب جدة ~~«3» جدة «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها فاطمة بنت سعد بن سيل «4» ~~بن حرب. وأمها طريفة بنت قيس بن ذي «5» الرأسين بن عمرو بن قيس بن عيلان. # وأما أمهات آبائه صلى الله عليه وسلم فإن أم «6» عبد الله بن عبد المطلب ~~اسمها عاتكة بنت أرقص بن مالك ابن زهرة، وهي «7» أول العواتك «8» اللاتي ~~ولدن رسول الله صلى الله عليه وسلم. # وأما أم عبد المطلب بن هاشم فهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش ~~«9» بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار لذلك «10» . # وأم هاشم بن عبد مناف عاتكة بنت مرة بن هلال بن «11» فالج بن ذكوان بن ~~ثعلبة وهي الثانية من العواتك، وهي أم «12» هاشم بن عبد مناف والمطلب بن ~~عبد مناف وعبد شمس بن عبد مناف؛ وإنما سمى هاشم هاشما لأنه هشم الثريد ~~لقوله: # [عمرو العلى ms012 هشم الثريد لقومه ... و] «13» رجال مكة مسنتون عجاف ~~PageV01P045 # وكان اسمه عمرو العلاء. وأم عبد مناف بن قصي اسمها حبى بنت حليل [بن ~~حبشية] «1» بن سلول بن كعب بن عمرو بن خزاعة، فهي والدة عبد الدار وعبد ~~العزى «2» لاد قصي 2 بن كلاب. [وأم قصي] «3» فاطمة بنت سعيد بن سيل «4» بن ~~حرب بن حمالة ابن عوف بن الأزد، وكان قصي يسمى مجمعا لأن الله به جمع ~~القبائل من فهر. وأم كلاب بن مرة «5» هند «6» ت سرير 6 بن ثعلبة بن الحارث ~~بن مالك بن كنانة، وهي والدة ابن مرة ويقظة «7» ابني مرة. [و] أم مرة بن ~~كعب مخشية «8» بنت شيبان «9» بن محارب بن فهر، وقد قيل وحشية «10» بنت «11» ~~ارب بن فهر 11. وأم كعب بن لؤي ماوية «12» بنت كعب بن القين بن أسد بن ~~وبرة. وأم لؤي بن غالب سلمى «13» بنت عمرو بن عامر بن حارثة بن خزاعة. وأم ~~غالب «14» بن فهر عاتكة بنت PageV01P046 # يخلد «1» بن النضر بن كنانة، وهي إحدى العواتك اللاتي ولدن النبي صلى ~~الله عليه وسلم، ما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين: أنا ابن ~~العواتك. وأم فهر بن مالك جندلة بنت «2» حارث بن عامر 2 بن الحارث الجرهمي. # وأم مالك بن النضر عكرشة بنت عدوان، وهو الحارث بن عمرو بن قيس بن عيلان ~~«3» . # وأم النضر بن كنانة برة بنت «4» مر أخت تميم بن مر «4» ، وقيل: إنها فكهة ~~«5» بنت هنى «6» بن بلي، والنضر هو قيس، وإنما قيل للنضر: قريش، لتجمعها من ~~تفرق من بيتها، لأن التقرش هو التجمع. # وأما [أم] كنانة فهي عوانة- وقد قيل: هند «7» - بنت سعد «8» بن قيس ~~عيلان. # وأما أم خزيمة بن مدركة فهي سلمى «9» بنت سعد «10» بن قيس بن الحاف بن ~~قضاعة. # وأما [أم] مدركة «11» بن إلياس فهي خندف، وهي ليلى بنت حلوان «12» بن ~~PageV01P047 # عمران بن الحاف بن قضاعة، وكان لإلياس بن مضر ثلاثة من البنين: «1» رو ~~وهو مدركة، وعامر وهو طابخة 1، وعمير فهو قمعة؛ وأمهم خندف، وإنما سمي ~~هؤلاء بهذه الأسماء لأن الناس خرجوا في ms013 نجعة «2» لهم، فنفرت «3» إبلهم من ~~أرنب، فخرج في أثرها عمرو فأدركها فسمي «4» مدركة؛ وأخذها عامر فنحر منها ~~وطبخها فسمي طابخة، وانقمع عمير في الخباء «5» ولم يخرج معها فسمي قمعة، ~~وخرجت أمهم تمشي في طلب الإبل فقيل لها: أين تخندفين «6» وقدرت الإبل، ~~فسميت خندف، والخندفة ضرب من المشي. # وأم إلياس «7» بن مضر الربابة «8» بنت إياس بن معد «9» . # وأم مضر بن نزار سودة بنت عك «10» بن عدنان بن أدد. PageV01P048 # وأم نزار بن معد معانة بنت جوش» # بن جلهمة «2» بن عمرو بن حليمة بن حرميه. # وأم معد بن عدنان مهددة «3» بنت جلحب «4» بن جديس «5» . # وأم عدنان بن أدد بلها «6» بنت «7» عز بن 7 قحطان. # فهذه جوامع ما يحتاج إليه معرفة نسبة أمهات آباء رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم. # وأما أولاد عبد المطلب فهم عشرة: عبد الله بن عبد المطلب والد رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم، والزبير بن عبد المطلب، والعباس بن عبد المطلب، وحمزة ~~بن عبد المطلب، والمقوم بن عبد المطلب واسمه عبد العزى، والحارث بن عبد ~~المطلب. والغيداق «8» بن عبد المطلب، وأبو لهب بن عبد المطلب، وأبو طالب ~~ابن عبد المطلب اسمه عبد مناف. # فأما عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن له ولد غير ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ذكر ولا أنثى، وتوفي «9» قبل أن يولد ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم وأبو طالب من أم واحد. PageV01P049 # وأما الزبير «1» بن عبد المطلب فكنيته أبو طاهر وكان من أجلة قريش ~~وفرسانها، وكان من المبارزين وكان يقول الشعر فيجيز. # وأما العباس «2» بن عبد المطلب فإن كنيته أبو الفضل، وكان إليه السقاية ~~وزمزم في الجاهلية، فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعها إليه يوم ~~فتح مكة، ومات العباس سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن عفان وهو ابن ~~ثمان وثمانين سنة بالمدينة، وصلى عليه عثمان ابن عفان. # وأما ضرار «3» بن عبد المطلب فإنه كان ms014 يتعاطى بقول الشعر، ومات قبل ~~الإسلام من غير أن أعقب. # وأما حمزة «4» بن عبد المطلب فإن كنيته أبو عمارة، وكان أسد الله وأسد ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قيل إن كنيته أبو يعلى، استشهد يوم أحد، ~~قتله وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم في شهر شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان ~~حمزة أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين. # وأما المقوم «5» بن عبد المطلب فكان من رجالات قريش، هلك قبل الإسلام، ~~ولا عقب له. PageV01P050 # وأما أبو لهب بن عبد المطلب فكنيته أبو عقبة وإنما سمي أبو لهب لجماله ~~«1» ، وكان أحول، ممن يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين عمومته، ~~ويظهر له حسدا «2» إلى أن مات عليه من العدسة «3» في عقب يوم بدر لما بلغه ~~ما كان في ذلك اليوم من المشركين من النكاية من المسلمين كمد «4» منه حتى ~~مات. # وأما الحارث بن عبد المطلب فهو أكبر ولد عبد المطلب، واسمه كنيته، وهو ~~ممن حفر بئر زمزم مع عبد المطلب. # وأما الغيداق «5» بن عبد المطلب فإنه مات ولم يعقب وكان من رجالات قريش. # وأما أبو طالب «6» بن عبد المطلب فكان هو وعبد الله بن عبد المطلب لأم ~~واحدة، وكان وصي عبد المطلب، أوصى إليه عبد المطلب في ماله بعده وفي حفظ ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعهده «7» على ما كان يتعهده عبد المطلب في ~~حياته، ومات أبو PageV01P051 # طالب قبل أن يهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين وأربعة عشر ~~«1» . # وأما عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم فهن ست «2» بنات عبد المطلب بن ~~هاشم لصلبه، أولهن عاتكة بنت عبد المطلب، وأميمة بنت عبد المطلب، وأروى «3» ~~بنت عبد المطلب، والبيضاء بنت عبد المطلب وهي أم حكيم، وبرة بنت عبد ~~المطلب، وصفية بنت عبد المطلب. # فأما عاتكة «4» بنت عبد المطلب فكانت عند أبي أمية بن المغيرة المخزومي. # وأما أميمة «5» بنت عبد المطلب فكانت عند جحش بن رئاب الأسدي. # وأما البيضاء بنت عبد المطلب فكانت ms015 عند كريز «6» بن ربيعة بن حبيب بن عبد ~~شمس. # وأما برة بنت عبد المطلب فكانت عند عبد الأسد بن هلال المخزومي. # وأما صفية «7» بنت عبد المطلب فكانت عند العوام بن خويلد بن أسد. # وأما أروى بنت عبد المطلب فكانت عند عمير بن قصي بن كلاب. ولم يسلم من ~~«8» PageV01P052 # عمات النبي صلى الله عليه وسلم إلا صفية وهي والدة الزبير بن العوام، ~~وتوفيت صفية في خلافة عمر بن الخطاب. # فهذه جوامع ما يجب أن يحفظ من ذكر عمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~وعماته «1» . # وأما أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب «2» بن عبد مناف ~~فإنها لما وضعته جاءت به إلى جده عبد المطلب وأخبرته أنها رأت «3» حين حملت ~~به في النوم أنه قيل لها: # حملت سيد هذه الأمة! فإذا» # عته فسميه محمدا 4، فأخذه عبد المطلب فدخل به على هبل في جوف الكعبة، ~~وقام عنده يدعو الله ويشكر ما أعطاه، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها، فقالت ~~أمه: رأيت في المنام كأنه خرج منى نور «5» اء لي 5 قصور الشام. # ثم التمس له الرضاعة فاسترضع [رسول الله] «6» صلى الله عليه وسلم من ~~امرأة «7» من بني سعد PageV01P053 # ابن بكر يقال لها: حليمة بنت أبي ذؤيب وأبو ذؤيب اسمه عبد الله بن الحارث ~~بن شجنة بن جابر بن رزام «1» بن «2» صرة بن سعد 2 بن بكر بن هوازن «3» بن ~~منصور بن عكرمة بن خصفة «4» بن قيس بن «5» عيلان [بن] «6» مضر «7» ، وزوج ~~حليمة اسمه الحارث بن عبد العزى بن رفاعة من بني سعد بن بكر، وأخو رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم الذي أرضعته حليمة مع رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم اسمه عبد [الله بن] «8» الحارث بن عبد العزى، ولعبد الله هذا أختان من ~~حليمة: إحداهما أنيسة «9» والأخرى جذامة «10» بنت الحارث بن عبد العزى. ~~قالت حليمة: خرجت في نسوة من بني سعد «11» بكر 11 نلتمس «12» الرضعاء بمكة، ~~فخرجت على أتان لي «5» قمراء في سنة شهباء ومعي زوجي، ومعنا شارف لنا «11» ~~والله ms016 إن تبض «13» بقطرة من لبن، ومعي صبي لي لا ننام «14» ليلتنا من ~~بكائه، ما في ثديي ما يغنيه، فلما قدمنا مكة «15» لم تبق منا امرأة إلا ~~PageV01P054 # عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه «1» ، وإنما نرجو الكرامة ~~في رضاع «2» من يرضع «3» [له من] «4» والد المولود وكان يتيما فكنا نقول: ~~ما عسى أن تصنع «5» به أمه، فكنا نأباه «6» حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا ~~أخذت رضيعة غيري، فكرهت أن أرجع ولم آخذ شيئا وقد أخذ صواحبي «7» أردن 7، ~~فقلت لزوجي: والله لأرجع «8» إلى ذلك اليتيم ولآخذنه «9» ! قالت: فأتيته ~~فأخذته ثم رجعت إلى رحلي، قال زوجي: # أصبت «10» والله يا حليمة! عسى أن يجعل فيه خيرا، قالت: فو الله ما هو ~~إلا أن وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء الله «10» من لبن، فشرب حتى ~~روي و «11» شرب أخوه حتى روي، ثم قام زوجي إلى شارفنا من الليل فإذا بها ~~حافل «12» فحلب «13» لبنا، فشربت حتى رويت وشرب حتى روي؛ فبتنا بخير و [قد] ~~1» # نام صبينا وروي، فقال زوجي: والله يا حليمة! ما أراك إلا أصبت نسمة ~~مباركة، قالت: ثم خرجنا فو الله! لخرجت أتاني أمام الركب حتى أنهم ليقولون ~~لي «15» : [يا PageV01P055 # ويحك] «1» «2» ى علينا 2، أليست هذه «3» بأتانك التي خرجت عليها؟ فأقول: # «4» الله بلى 4، حتى قدمنا أرضنا من حاضر بني سعد بن بكر، قالت: قدمنا ~~«5» على أجدب أرض، فو الذي نفس حليمة بيده! إن كانوا «6» سرحون بأغنامهم 6 ~~إذا أصبحوا [ويسرح] «7» راعي غنمي «8» فتروح غنمي «9» لا بطانا 9 لبنا، ~~وتروح أغنامهم جياعا هالكة ما بها من لبن فنشرب ما شئنا من اللبن، وما من ~~«10» الحاضر أحد يحلب «11» قطرة ولا يجدها «12» ، قالت: فيقولون لرعاتهم: ~~ويلكم! ألا تسرحون حيث يسرح راعي حليمة؟ فيسرحون في الشعب الذي «13» يسرح ~~فيه، فتروح أغنامهم جياعا «1» هالكة، وتروح «1» غنمي «14» حفلا لبنا «14» ، ~~قالت: وكان يشب «15» في اليوم شاب الصبي في الشهر، ويشب في الشهر شباب ~~الصبي في السنة. PageV01P056 # فلما بلغ سنتين قدمنا به على أمه «1» فقالت: إن لا بني هذا شأنا! إني ms017 ~~حملت به فو الله ما [حملت] «2» حملا قط كان أخف علي منه! ولقد رأيت حين ~~حملت «3» به أنه خرج مني نور أضاء منه أعناق الإبل ببصرى- أو قالت «4» : ~~قصور بصرى- ثم وضعته، فو الله! ما وقع كما يقع الصبيان! لقد وقع «5» معتمدا ~~[على] «2» يديه إلى الأرض، رافعا رأسه إلى السماء، «5» عاه عنكما، فقبضته 5 ~~وانطلقا. # قال أبو حاتم: فتوفيت أمه صلى الله عليه وسلم بالأبواء ورسول الله صلى ~~الله عليه وسلم ابن أربع سنين «6» ، وكان عبد المطلب من أشفق الناس عليه، ~~«7» ر الآباء به 7 إلى أن توفي عبد المطلب ورسول الله صلى الله عليه وسلم ~~ابن ثمان «8» سنين، وأوصى به إلى أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف «9» ، ~~ابن عبد المطلب وذلك «10» أن عبد الله وأبا طالب كانا لأم، فكان أبو طالب ~~الذي «11» يلي أمور «12» رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عبد المطلب إلى ~~أن راهقه «13» وبلغ مبلغ PageV01P057 # الرجال، وكان أبو طالب إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «1» : # فشق له من اسمه ليجله «2» ... فذو العرش محمود وهذا محمد # [» # ذكر في الاستيعاب «4» لابن عبد البر بإسناده إلى ابن عباس أن عبد المطلب ~~ختن النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعه وجعل له مأدبة سماه محمدا «5» ؛ ~~قال ابن عبد البر بعد هذا: قال يحيى بن أيوب: ما وجدنا هذا الحديث عند أحد ~~إلا عند ابن أبي السري العسقلاني «5» ، قال: وقد روي أن رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم ولد مختونا مسرورا- يعني: مقطوع السرة] «6» . ### | ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام # حدثنا «7» الحسن بن سفيان ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا قراد أبو «8» نوح ~~ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى «9» أبي موسى 9 [قال] «10» : ~~خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم و «11» ~~أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب «12» طوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم ~~الراهب 12. وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت، PageV01P058 # فأتاهم ms018 «1» وهم «2» يحلون [رواحلهم] «3» وأحلاسهم «4» فجعل يتخللهم «5» ~~حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال [هذا] «6» سيد ~~العالمين! هذا رسول رب العالمين! هذا يبعثه الله رحمة للعالمين! فقال له ~~«1» أشياخ من قريش: ما علمك؟ قال: إنكم حين أشرفتم من العقبة «7» يبق شجر 7 ~~ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدون إلا لنبي «8» ، وإني أعرفه «9» [بخاتم] ~~«10» النبوة «11» أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة؛ ثم رجع فصنع لهم طعاما، ~~فلما أتاهم به وكان هو صلى الله عليه وسلم في رعية الإبل قال: أرسلوا إليه، ~~فأقبل وعليه غمامة تظله، فقال «12» : انظروا إليه، عليه غمامة تظله! فلما ~~دنا من القوم وجدهم «13» قد سبقوه إلى فيء الشجرة، [فلما جلس] «14» مال ~~«15» عليه، قال: فبينما «16» # هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم فإن الروم لو «17» ~~رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه فالتفت فإذا هو بسبعة نفر [قد] «18» PageV01P059 # أقبلوا من الروم، فاستقبلهم فقال: ما جاء بكم؟ قالوا «1» : جئنا إن هذا ~~[النبي] «2» خارج في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا وقد [بعث] «2» إليه «3» ~~ناس، وإنا أخبرنا بخبره فبعثنا إلى طريقك هذا، فقال لهم: «أفرأيتم أمرا إذا ~~أراد الله أن يقضيه [هل] «2» يستطيع أحد من الناس رده؟» قالوا: لا، فتابعوه ~~وأقاموا معه، قال: # فأتاهم فقال لهم «4» : «أنشدكم بالله! أيكم وليه؟» قال» # أبو طالب: أنا، فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا ~~وزوده «6» الراهب من الكعك والزيت. # قال أبو حاتم: فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة «7» ، وكانت سفرته ~~الثانية بعدها مع ميسرة غلام خديجة، ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~خديجة بنت خويلد [بن أسد] «8» وهو ابن خمس وعشرين [سنة] «8» وخويلد هو ~~[ابن] «8» أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، ~~وأمها فاطمة بنت زائدة بن «9» الأصم بن رواحة بن حجر بن معيص «10» «11» ~~عامر 11 بن لؤي بن غالب وكانت قبل «12» أن يتزوج «13» بها رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم تحت أبي ms019 هالة أخي بني تميم «14» ، ثم كانت تحت عتيق ~~PageV01P060 # ابن عائذ «1» بن عبد الله بن عمر «2» بن مخزوم «3» ، وكان السبب في ذلك ~~أن خديجة كانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر «4» الرجال في مالها ~~وتضاربهم إياه بشيء تجعله «5» لهم منه، وكانت قريش قوما تجارا، فلما بلغها ~~عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظيم أمانته وكريم ~~أخلاقه بعثت إليه وعرضت «6» عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا، و ~~«7» تعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له «ميسرة» ~~فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج في مالها معه غلامها ميسرة ~~حتى قدم «8» الشام، نزل «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا ~~من صومعة راهب من الرهبان، فأطلع الراهب «10» إلى ميسرة فقال: من هذا الرجل ~~الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال «11» ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم، ~~فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة [قط] «12» إلا نبي، ثم باع رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم ~~أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة، فكان [ميسرة] «13» إذا كانت الهاجرة واشتد ~~الحريرى ظلا «14» على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم PageV01P061 # من الشمس وهو يسير على بعيره، فلما قدم «1» مكة على خديجة بمالها باعت ما ~~جاء به، وأخبرها ميسرة عن قول الراهب وعن ما كان من أمر الإضلال، وكانت ~~[خديجة] «2» امرأة حازمة «3» شريفة لبيبة «4» ؛ فلما أخبرها ميسرة بما ~~أخبرها بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: إني قد «5» رغبت فيك ~~وفي قرابتك وفي أمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها، وكانت ~~خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهن «6» شرفا وأكثرهن «7» مالا، فلما ~~قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم [ذكر ذلك صلى الله عليه وسلم] «8» ~~لأعمامه، فخرج» # معه حمزة بن عبد المطلب عمه حتى دخل على خويلد ابن أسد فخطبها إليه، ~~فزوجها ms020 «10» من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فولد له منها زينب ورقية وأم ~~كلثوم وفاطمة، والقاسم [وكان به يكنى والطاهر] «11» والطيب فهلكوا قبل ~~الوحي «12» . # وأما البنات فكلهن أسلمن وهاجرن إلى المدينة، وكانت خديجة قد ذكرت لو رقة ~~بن نوفل بن أسد- وكان ابن عمها وكان نصرانيا قد قرأ الكتب «13» وعلم من علم ~~الناس- ما ذكر لها غلامها ميسرة من قول الراهب وما كان «14» من الإظلال ~~PageV01P062 # عليه، فقال ورقة «1» : إن «2» كان هذا حقا يا «3» خديجة إن محمدا لنبي ~~هذه الأمة، قد عرفت أنه كائن بهذه الأمة سيظهر في هذا الوقت. ### | ذكر تفضل الله على رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم «4» لكرامة والنبوة 4 بين خلق آدم ونفخ الروح فيه # أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي [بمنبج] «5» ثنا العباس بن عثمان ~~البجلي «6» ثنا الوليد بن مسلم «7» ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن ~~أبي سلمة عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى وجبت لك ~~النبوة؟ قال: « «8» ن خلق آدم ونفخ 8 الروح فيه» - «9» يه الصلاة والسلام ~~9. ### | ذكر صفة «10» بدء الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم # «11» # أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان ثنا ابن أبي السري ثنا عبد الرزاق ~~PageV01P063 # أنا «1» معمر عن الزهري أخبرني «2» عروة بن الزبير عن عائشة «3» قالت: ~~أول ما ابتدىء «4» [به] «5» رسول «6» الله صلى الله عليه وسلم من الوحي ~~الرؤيا الصادقة «7» يراها في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق ~~الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه- وهو التعبد الليالي ~~«8» ذوات العدد «8» - ويتزود لذلك «9» ثم يرجع «10» إلى خديجة فتزوده ~~لمثلها حتى فجئه «11» الحق، وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ ~~قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: «ما أنا بقارىء» ، [قال] «12» ~~فأخذني فغطني «13» حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال [لي] «14» . اقرأ ~~فقلت: «ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثانية «15» ، حتى بلغ مني الجهد، ثم ~~أرسلني» فقال: # اقرأ، «فقلت: ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثالثة ms021 حتى بلغ مني الجهد ثم ~~أرسلني» فقال: اقرأ1» # باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم قال: PageV01P064 # فرجع بها ترجف فؤاده «1» حتى دخل على خديجة فقال: «زملوني زملوني!» ~~فزملوه حتى ذهب عنه الروع، ثم قال: «يا خديجة! ما لي؟» وأخبرها الخبر وقال: ~~«قد خشيت «2» علي، فقالت «3» : كلا! أبشر فو الله لا يخزيك «4» الله أبدا! ~~إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق؛ ~~ثم انطلقت به خديجة [حتى أتت به] «5» إلى «6» ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد ~~العزى ابن قصي- وهو عم خديجة أخو أبيها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان ~~يكتب الكتاب العربي [يكتبه] «5» بالعربية «7» من الإنجيل ما شاء أن «8» ~~يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمر- فقالت له خديجة: أي عم «9» ! اسمع من أخيك، ~~فقال ورقة: يا «6» ابن أخي: ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~بما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس «10» الذي أنزل على موسى! يا ليتني أكون ~~فيها جذعا! [يا ليتني] «11» أكون حيا حين يخرجك قومك! فقال [رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم] «5» : «أمخرجي «12» هم؟» قال «13» : نعم، لم يأت أحد بمثل ~~«6» ما «14» جئت به إلا عودي وأوذي، وإن يدركني يومك «15» أنصرك ~~PageV01P065 # نصرا مؤزرا؛ ثم لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي [فترة] «1» حتى حزن ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق ~~الجبال، فكلما أوفى بذروة «2» جبل كي يلقي نفسه منها فيرى له جبريل «2» «3» ~~فقال [له] «1» : يا محمد! إنك رسول الله حقا! فيسكن لذلك جأشه «4» وتقر ~~نفسه فيرجع، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك [فإذا أوفى بذروة الجبل ~~تبدى له جبريل فيقول له مثل ذلك] «1» . # قال أبو حاتم: روي «5» في بدء الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم «5» ~~خبران: خبر عن «6» عائشة وخبر عن «6» جابر، فأما خبر عائشة فقد ذكرناه، ~~وأما «7» خبر جابر فحدثناه «8» عبد الله بن محمد بن سالم ببيت المقدس ثنا ~~عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد عن ms022 الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال ~~سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أي القرآن أنزل أول «9» ؟ قال: يا أيها ~~المدثر «10» » فقلت: أو اقرأ؟ قال: إني أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم، قال: «جاورت «11» بحراء شهرا، فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت ~~الوادي «2» ، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدا، ~~ثم نوديت «3» فنظرت «12» إلى السماء فإذا هو [فوقي] «13» على PageV01P066 # العرش في السماء «1» ، فأخذتني «2» رجفة شديدة، فأتيت خديجة فأمرتهم ~~فدثروني، ثم صبوا علي الماء، وأنزل الله «3» عز وجل «3» [علي] » # يا أيها المدثر «5» إلى قوله فطهر «6» . # قال أبو حاتم: هذان خبران أوهما من لم يكن الحديث صناعته أنهما متضادان ~~وليس «7» كذلك، إن الله [عز وجل] «8» بعث رسوله «9» صلى الله عليه وسلم يوم ~~الإثنين وهو ابن أربعين سنة، ونزل عليه جبريل وهو في الغار بحراء ب اقرأ ~~باسم ربك «10» الذي خلق «10» فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ~~بيت خديجة ودثروه أنزل الله [عليه] «8» في بيت خديجة يا أيها المدثر. قم ~~فأنذر. وربك فكبر.، من غير أن يكون بين الخبرين تضاد ولا تهاتر؛ فكان أول ~~من آمن «11» برسول «12» الله صلى الله عليه وسلم زوجته خديجة بنت خويلد، ثم ~~آمن علي بن أبي طالب وصدقه بما جاء به وهو ابن عشر سنين، ثم أسلم أبو بكر ~~الصديق- فكان علي «10» بن أبي طالب «10» يخفي إسلامه «13» من أبي طالب «13» ~~، وأبو بكر لما أسلم أظهر إسلامه، فلذلك اشتبه على الناس أول من أسلم ~~PageV01P067 # منهما- ثم أسلم زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان ~~أبو بكر «1» أعلم قريش بأنسابها وبما كان فيها «2» من خير وشر، وكان رجلا ~~سهلا بليغا أظهر الإسلام، ودعا إلى الله وإلى رسوله، فأجابه عثمان بن عفان ~~والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد ~~الله، فجاء بهم أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له ~~فأسلموا وصلوا، ثم أسلم أبو عبيدة بن ms023 الجراح، وأبو سلمة ابن عبد الأسد ~~المخزومي، والأرقم [بن أبي الأرقم] «3» المخزومي، وعثمان بن مظعون الجمحي، ~~وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف، وسعيد بن زيد ابن عمرو بن نفيل، ~~وامرأته فاطمة بنت الخطاب، وأسماء بنت أبي بكر، وعبد الله وقدامة ابنا ~~مظعون الجمحيان، وخباب بن الأرت ومسعود [بن الربيع القاري، وعبد الله بن ~~مسعود] «3» وعمير بن أبي وقاص «4» ، وسليط بن عمرو، وعياش «5» بن أبي ربيعة ~~المخزومي، وامرأته أسماء بنت سلامة التميمية، وعامر بن [ربيعة] «3» «6» أبو ~~عبد الله «6» ، وعبد الله بن جحش، [وأبو أحمد بن جحش] «3» الأسدي، وجعفر ~~ابن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عميس الخثعمية، وحاطب «7» بن الحارث ~~الجمحي، وامرأته فاطمة «8» بنت المجلل «9» ، وحطاب «10» بن الحارث، وامرأته ~~PageV01P068 # فكيهة «1» ، وصهيب بن سنان، ومعمر «2» [بن الحارث] «3» الجمحي «4» ، ~~وسعيد «5» ابن الحارث السهمي «6» ، والمطلب «7» بن أزهر بن عبد عوف، ~~وامرأته رملة بنت أبي عوف، والنحام [و] «3» اسمه نعيم بن عبد الله بن أسيد، ~~وبلال بن رباح مولى أبي بكر، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، وخالد بن سعيد ~~بن العاص، وامرأته «8» أميمة بنت خلف «8» بن أسعد، وحاطب بن عمرو بن عبد ~~شمس، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وواقد بن «9» عبد الله بن [عبد مناف بن] ~~عرين «9» بن ثعلبة التميمي، وخالد بن البكير، وإياس بن البكير، وعامر بن ~~البكير، وعبد ياليل بن ناشب بن غيرة «10» بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة ~~بن كنانة، وعمار «11» بن ياسر حليف بني مخزوم. ### | و «12» فشا ذكر الإسلام بمكة # ودخل في الإسلام الرجال والنساء إرسالا، وأنزل الله عز وجل وأنذر عشيرتك ~~الأقربين 1» # ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الصفا «14» ثم صعد «14» ~~عليه PageV01P069 # ثم «1» نادى: «يا صباحاه» ! فاجتمع إليه «2» الناس «3» فمن «4» رجل يجيء ~~«5» ومن «6» رجل يبعث رسوله، فقال: «يا بني عبد المطلب! يا بني عبد مناف! ~~يا بني يا بني! أرأيتكم «7» لو أخبرتكم أن خيلا «8» بسفح هذا الجبل تريد أن ~~تغير عليكم، أصدقتموني «9» ؟» قالوا: نعم، قال: «فإني نذير لكم بين يدي ~~عذاب ms024 شديد، ثم قال: «يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من النار، يا بني عبد ~~مناف! لا أغني عنكم من الله «10» من شيء «10» ، يا عباس بن عبد المطلب! يا ~~صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم! يا بني كعب بن لؤي! يا بني هاشم! ~~يا بني [عبد] «11» المطلب! اشتروا أنفسكم من النار» ، فقال أبو لهب: تبا لك ~~سائر اليوم! أما دعوتنا «12» إلا لهذا؟ «13» ثم قام «13» فنزلت «14» تبت ~~يدا أبي لهب وتب ثم نزل النبي «15» صلى الله عليه وسلم، وجعل يدعو الناس في ~~الشعاب والأودية والأسواق إلى الله، وأبو لهب خلفه والحجارة تنكبه «16» ~~يقول: يا قوم! لا تقبلوا منه، فإنه كذاب. PageV01P070 # ثم تزوج النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة سودة «1» بنت زمعة ~~«2» بن قيس بن عبد شمس بن عبدود بن النضر «3» بن مالك بن حسل بن عامر بن ~~لؤي، وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم ~~بن عدي بن النجار، خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقدان بن حلبس ~~«4» عمها، وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت السكران بن عمرو أخي ~~سهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي، وكانت سودة امرأة ثقيلة ثبطة «5» وهي ~~التي وهبت يومها لعائشة وقالت: لا أريد ما تريد «6» النساء؛ وقد قيل أن ~~النبي «7» صلى الله عليه وسلم لم يتزوج على خديجة حتى ماتت. # وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته رقية «8» من عتبة بن أبي لهب، ~~وأم كلثوم «9» ابنته الأخرى من عتيبة «10» بن أبي لهب، فلما نزلت تبت يدا ~~أبي لهب أمرهما أبوهما أن يفارقاهما [ففارقاهما] «11» ، ثم زوج رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم عثمان [بن عفان] «11» ابنته رقية بعد عتبة بن أبي لهب، ~~ثم مرض أبو طالب فدخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا: ابن أخيك يشتم ~~آلهتنا ويفعل ويفعل ويقول ويقول، ولو «12» بعثت إليه PageV01P071 # فنهيته! فبعث إليه فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ودخل البيت ms025 وبين أبي ~~جهل وبين أبي طالب مجلس رجل، فخشي أبو جهل أنه إذا جلس إلى جنب أبي طالب ~~يكون أرق عليه فوثب فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد النبي صلى الله عليه وسلم ~~مجلسا قرب عمه فجلس عند «1» الباب، قال أبو طالب: أي ابن أخي! ما بال قومك ~~يشكونك «2» ويزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول؟ فقال النبي صلى الله عليه ~~وسلم: «أي» # عم! إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم العرب وتؤدي إليهم «4» ~~بها العجم «4» الجزية» ، فقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال «5» : ~~«لا إله إلا الله» ، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم ويقولون أجعل الآلهة «6» ~~إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب «7» . # ثم توفي أبو طالب «8» عبد مناف بن عبد المطلب، فلقي المسلمون أذى من ~~المشركين بعد موت «9» أبي طالب، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم حين ~~ابتلوا وشطت بهم عشائرهم بمكة: «تفرقوا» - وأشار قبل أرض الحبشة، وكانت ~~أرضا دفئة «10» ترحل «11» إليها قريش رحلة الشتاء، أول هجرة في الإسلام، ~~فأول من خرج من المسلمين إلى الحبشة عثمان بن عفان و «12» معه امرأته رقية ~~بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو PageV01P072 # حذيفة بن عتبة «1» بن ربيعة بن عبد شمس ومعه امرأته سهلة بنت سهيل بن ~~عمرو، والزبير «2» بن العوام، ومصعب بن عمير، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو ~~سلمة بن عبد الأسد معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، وعثمان بن ~~مظعون «3» ، [وعامر بن ربيعة] «4» معه امرأته ليلى «5» بنت أبي حثمة بن ~~غانم؛ وأبو سيرة بن أبي رهم بن عبد العزى، وأبو حاطب «6» بن [عمرو بن] «7» ~~عبد شمس بن عبدود، وسهيل ابن وهب بن ربيعة وهو سهيل بن «8» بيضاء، بيضاء ~~«8» أمه «9» ؛ ثم خرج بعدهم جعفر ابن أبي طالب معه امرأته أسماء بنت عميس، ~~وعمرو بن سعيد بن العاص «10» ومعه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية، وأخوه ~~خالد بن سعيد بن العاص و «10» معه امرأته أمينة بنت «11» خلف بن أسعد «11» ~~، وعبد الله بن جحش بن رياب «12» ، وأخوه ms026 عبد «13» بن PageV01P073 # جحش معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان «1» بن حرب «1» ، وقيس بن عبد ~~الله من بني أسد بن خزيمة «2» معه امرأته بركة بنت يسار، ومعيقيب بن أبي ~~فاطمة الدوسي، وعتبة بن غزوان «3» ، وأسد «4» بن نوفل بن خويلد، ويزيد بن ~~زمعة بن الأسود بن المطلب «5» و «6» عمرو «7» [بن أمية] «8» بن الحارث بن ~~أسد «9» ، وطليب 1» # بن عمير بن وهب، وسوبط «11» بن سعد بن حريملة «12» ، و «13» جهم «14» بن ~~قيس بن «15» عبد شرحبيل «15» ، وابناه عمرو بن جهم وخزيمة «16» بن جهم، ~~وعامر بن أبي وقاص، والمطلب «17» بن أزهر معه امرأته «18» رملة بنت أبي عوف ~~بن صبيرة «19» ، PageV01P074 # وعبد الله بن مسعود، وأخوه عتبة بن مسعود، والمقداد «1» بن عمرو، «2» ~~والحارث بن خالد بن صخر «2» معه امرأته ريطة «3» بنت الحارث بن جبلة «4» ، ~~وعمرو بن عثمان [بن عمرو] «5» بن كعب، و «6» شماس عثمان «6» بن [عبد بن] ~~«5» الشريد بن سويد، و «7» هشام بن أبي حذيفة بن المغيرة «8» بن عبد الله ~~بن «9» عمر بن مخزوم «9» ، وسلمة بن هشام بن المغيرة، وعياش بن أبي ربيعة ~~بن المغيرة، ومعتب بن عوف بن [عامر بن] «5» الفضل، والسائب بن عثمان بن ~~مظعون، وعماه قدامة وعبد الله ابنا مظعون، وحاطب بن الحارث بن معمر «10» ~~معه امرأته فاطمة بنت المجلل «11» ، وابناه محمد بن حاطب «12» والحارث بن ~~حاطب «12» وأخوه حطاب «13» بن الحارث معه امرأته فكيهة بنت يسار، وسفيان بن ~~معمر بن حبيب معه ابناه جابر «14» بن سفيان PageV01P075 # وجنادة بن سفيان، ومعه امرأته حسنة «1» وهي أمهما «2» ، وعثمان بن ربيعة ~~بن أهبان «3» ، «4» وخنيس بن حذاقة «4» بن قيس، وعبد الله بن الحارث بن ~~قيس، «5» وهشام ابن العاص بن وائل، وقيس بن حذافة بن قيس «5» ، والحجاج بن ~~الحارث بن قيس، ومعمر «6» بن الحارث بن قيس، [وبشر بن الحارث بن قيس، وسعيد ~~بن الحارث ابن قيس، والسائب بن الحارث بن قيس] «7» ، وعمير بن رئاب «8» بن ~~حذيفة، ومحمية بن جزء» # حليف لهم، ومعمر بن عبد الله بن نضلة، وعدي بن نضلة ابن «10» عبد العزى، ~~معه ابنه «11» «12» النعمان، وأبو عبيدة بن الجراح بعدهم ms027، وعامر بن ربيعة ~~معه امرأته ليلى، والسكران بن عمرو بن عبد شمس معه امرأته سودة بنت زمعة ~~«12» ، ومالك بن ربيعة «13» بن [قيس بن] «14» عبد شمس، وعبد الله بن مخرمة ~~بن عبد العزى بن [أبي] «15» قيس، وعبد الله بن سهيل «16» بن عمرو «17» ~~PageV01P076 # وعمرو «1» بن الحارث بن زهير، «2» وعياض بن زهير «2» بن أبي شداد «3» ~~وربيعة بن هلال بن مالك، وعثمان «4» بن عبد غنم بن زهير، وسعد بن عبد قيس ~~بن لقيط، وعبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة «5» جد الزهري؛ ~~فخرجوا «6» حتى قدموا أرض الحبشة وأقاموا «7» بها على الطمأنينة «8» ، ثم ~~أن قريشا اجتمعت «9» في أن يبعث «10» إلى النجاشي حتى يرد من ثم من ~~المسلمين عليها «11» ، فبعثوا عمرو بن العاص و «12» عمارة بن الوليد بن ~~ربيعة «12» ، وبعثوا معهما «13» بهدايا كثيرة إليه وإلى بطارقته، فلما قدما ~~«14» عليه ما بقي بطريق من بطارقته إلا قدما إليه بهديته «15» وسألاه «16» ~~أن يكلم الملك حتى يسلمهم «17» إليهما «18» قبل أن يكلمهم «18» PageV01P077 # ويسمع «1» منهم، فلما فرغا من بطارقته قدما إلى النجاشي هداياه فقبلها ~~منهما «2» ، ثم قالا له: أيها الملك! إن قومنا بعثوا إليك في فتيان منهم ~~خرجوا إلى بلادك، فارقوا أديان قومهم «3» ولم يدخلوا «3» في دينك ولا ~~دينهم، وقومهم أعلاهم «4» عينا «5» ، قالت بطارقته» # : صدقا أيها الملك! فغضب النجاشي [وقال] «7» لأيم الله «8» إذا لا أدفعهم ~~إليهما «9» ، قوم جاءوني «10» لجئوا «11» إلى بلادي حتى أنظر فيما «12» ~~يقولون وأنظر فيما «12» يقول هؤلاء، فإن كانوا صادقين وكانوا كما قال هؤلاء ~~أسلمناهم إليهما، وإن كانوا على غير ذلك [لم] «13» ندفعهم إليهما ومنعتهم ~~منهما، فقال عمارة بن الوليد: لم نصنع «14» شيئا، لو كان دفعهم إلينا من ~~وراء وراء كان ذلك أحب إلينا قبل أن يكلمهم، ثم إن أصحاب رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم اجتمعوا فقال بعضهم لبعض: ما الذي نكلم به «15» الرجل؟ ثم ~~«16» قالوا: نكلمه والله بالذي نحن PageV01P078 # عليه وعليه نبينا! «1» كائنا ما كان فيه «1» ، فدخلوا عليه فقالوا لهم: ~~اسجدوا للملك، فقال جعفر بن أبي طالب: لا نسجد إلا الله! فقال «2» لهم ms028: ما ~~يقول «3» هذان؟ # يزعمان أنكم فارقتم دين قومكم، و «4» لن تدخلوا في ديني وأنكم [جئتم] «5» ~~بدين مقتضب لا يعرف! فقال جعفر بن أبي طالب: كنا مع قومنا في أمر جاهلية ~~نعبد الأوثان، فبعث الله إلينا رسولا منا رجلا نعرف نسبه وصدقه ووفاءه «6» ~~، فدعا «7» إلى أن نعبد الله وحده لا نشرك به، وأمرنا «8» بالصلاة والزكاة ~~وصلة الرحم وحسن الجوار، ونهانا عن الفواحش والخبائث؛ فقال «9» : هل معك ~~شيء مما جاء به؟ قال: نعم، فدعا النجاشي أساقفته فنشروا المصاحف حوله، فقرأ ~~عليهم جعفر بن أبي طالب كهيعص «10» ، فبكى النجاشي حتى اخضل «11» لحيته ~~وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، ثم قال: # إن هذا والذي جاء به عيسى «12» يخرج «13» من مشكاة واحدة، انطلقا «14» ! ~~فلعمر «15» PageV01P079 # الله لا أرسلهم معكما «1» ، «2» ولا أكاد ولا هم «2» وكان أتقى «3» ~~الرجلين عمارة بن الوليد فقال عمرو بن العاص: والله! لأجيبنه «4» بما أبيد ~~به «5» خضراءهم «6» ، لأخبرنه» # أنهم يزعمون أن إلهك «8» الذي تعبد عبد، فقال له عمارة «9» بن الوليد «9» ~~: لا تفعل فإن لهم رحما وإن كانوا قد خالفونا، قال: أحلف بالله لأفعلن، ~~فرجع إليه الغد فقال: أيها الملك! إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما فابعث ~~إليهم فاسألهم عنه، فأرسل إليهم فقال: ماذا تقولون في عيسى؟ قالوا: نقول ~~فيه ما قال الله [عز وعلا] «10» وما قال [لنا] «11» نبينا، فقال له جعفر: ~~هو عبد الله وروحه وكلمته ألقاها الله «12» إلى العذراء البتول، فأدلى ~~النجاشي يده فأخذ من الأرض عودا وقال: ما عدا عيسى ابن مريم ما قلتم هذا ~~العود، فنخرت «13» بطارقته فقال: وإن نخرتم والله! ثم قال: اذهبوا فأنتم ~~شيوم «14» في أرضي- يقول: آمنون، من شتمكم غرم «15» ، ما أحب أن لي ~~PageV01P080 # دبرا «1» ذهبا- ودبر «2» هو جبل بالحبشة- وأني آذيت «3» رجلا منكم، و «4» ~~قال: ردوا عليهما هداياهما التي جاءا «5» بها، لا «6» حاجة لنا بها، ~~واخرجوهما من أرضي، فأخرجا وأقام المسلمون عند النجاشي بخير دار «7» [وخير ~~جار] «8» ، لا يصل إليهم شيء يكرهونه. # فولد بالحبشة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن أبي حذيفة وسعيد ~~ابن خالد ms029 بن سعيد، وأخته أمة «9» بنت خالد، وعبد الله بن المطلب بن أزهر، ~~وموسى ابن الحارث بن خالد، وإخواته: عائشة وزينب وفاطمة بنات الحارث؛ فلم ~~يزل المسلمون بأرض الحبشة إلى أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج ~~إلى المدينة، فمنهم من رجع إلى مكة فهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ~~المدينة، ومنهم من بقي بأرض الحبشة «10» حتى لحق رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم بعد قدومه المدينة. # وخرج أبو بكر الصديق من مكة مهاجرا «11» إلى [أرض] «12» الحبشة حتى إذا ~~بلغ [برك] «13» الغماد «14» لقيه ابن الدغنة «15» وهو سيد القارة «15» ~~فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ PageV01P081 # فقال «1» أبو بكر: أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي، فقال ~~ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج! «2» أنت تكسب «2» المعدوم وتصل ~~الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق! فأنا لك خافر فارجع ~~واعبد ربك ببلدك، فرجع وارتحل «3» معه ابن الدغنة «4» فطاف ابن الدغنة ~~[عشية] «5» في أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله! أتخرجون «6» ~~رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل «7» ويقري الضيف ويعين على نوائب ~~الحق؟ # فلم تكذب «8» قريش بجوار ابن الدغنة وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر ~~فليعبد ربه في داره وليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا» # بذلك، ولا يستعلن «10» به فإنا نخشى أن يفتن أبناءنا «11» ونساءنا، فقال ~~ذلك ابن الدغنة لأبي بكر، فلبث أبو بكر بعد ذلك يعبد ربه في داره ولا ~~يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره، ثم بدا لأبي بكر فابتنى «12» مسجدا ~~بفناء داره، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم ~~يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء «13» لا يملك عينيه إذا ~~قرأ القرآن، وأفزع «14» ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن ~~الدغنة، PageV01P082 # فقدم عليهم فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر «1» بجوارك على أن يعبد ربه في ~~داره. فقد جاوز ذلك وابتنى مسجدا بفناء داره، وأعلن بالصلاة والقراءة فيه ~~«2» ، وإنا خشينا ms030 أن يفتن أبناءنا ونساءنا فانهه، فإن أحب أن يقتصر على أن ~~يعبد ربه في داره فعل، فإن «3» أبى إلا يعلن بذلك فسله أن يرد ينادي بأعلى ~~صوته: أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله، ورجل يتبعه بالحجارة، قد أدمى ~~«4» كعبيه وعرقوبيه «4» ويقول: يا أيها الناس! لا تطيعوه، فإنه كذاب! قال ~~قلت: من هذا؟ قالوا [هذا] «5» غلام بني عبد المطلب، قال فقلت «6» : من هذا ~~الذي يتبعه يدميه «7» ؟ قالوا: عمه عبد العزى أبو لهب. # قال [أبو حاتم] «2» : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الخلق إلى الله ~~وحده لا شريك له، وكان أبو جهل يقول للناس: إنه كذاب يحرم الخمر «8» ويحرم ~~الزنا، وما كانت العرب تعرف الزنا «9» ؛ فبينما النبي صلى الله عليه وسلم ~~[يصلي] «5» في ظل الكعبة إذ قام أبو جهل في ناس من قريش ونحر لهم جزورا في ~~ناحية مكة، فأرسلوا فجاءوا بسلاها «9» وطرحوه «10» عليه؛ فجاءت فاطمة ~~وألقته عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم! عليك بقريش، اللهم! ~~عليك بقريش، [اللهم عليك بقريش] «11» بأبي «12» جهل بن هشام، PageV01P083 # وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة «1» وأمية بن خلف وعقبة ~~بن أبي معيط» . ثم اجتمعوا يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند ~~المقام وهم جلوس في ظل الكعبة فقام إليه عقبة بن أبي معيط فجعل رداءه في ~~عنقه «2» [ثم جره] «3» حتى وجب النبي صلى الله عليه وسلم [لركبته] «3» ~~ساقطا، وتصايح الناس وظنوا أنه مقتول، وأقبل أبو بكر يشتد حتى أخذ بضبعي ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم [من ورائه] «3» وهو يقول: أتقتلون رجلا أن ~~يقول ربي [الله] «3» ؟ ثم انصرفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم يصلي «4» ، فلما قضى صلاته مر بهم وهم جلوس [في ~~ظل] «5» الكعبة فقال: «يا معشر «6» قريش! والذي «7» نفس محمد «7» بيده ما ~~أرسلت إليكم إلا بالذبح» [وأشار] «8» بيده إلى حلقه، فقال له أبو جهل: يا ~~محمد! ما كنت جهولا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « [أنت] «5» منهم ms031» ~~، فقال أبو جهل: [ألم أنهك يا محمد؟ فانتهره النبي صلى الله عليه وسلم، ~~فقال أبو جهل: لم تنهرني] «3» «والله «9» لقد علمت ما بها رجل أكثر ناديا ~~مني!» فقال جبريل: فليدع ناديه، ولو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب؛ فقالت ~~قريش: انظروا أعلمكم «10» بالسحر والكهانة «11» والشعر «11» فليأت «12» هذا ~~الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا، فليكلمه ولينظر ماذا يرد ~~عليه، فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن PageV01P084 # ربيعة، فقالوا: أنت يا أبا الوليد! فأتى عتبة فقال: يا محمد! أنت خير أم ~~عبد الله؟ # فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، «1» فقال: أنت «1» خير أم عبد ~~المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء ~~خير منك فقد عبدوا «2» الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم» # حتى تسمع قولك، أما والله! ما رأينا سخلة «4» قط أشأم على قومه «5» منك، ~~فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم ~~أن في قريش كاهنا، والله! ما تنتظر «6» إلا أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف ~~حتى نتفانى «7» ؛ أيها الرجل! إن كان إنما بك الباه فاختر أي نساء قريش شئت ~~حتى أزوجك عشرا، وإن كان إنما بك الحاجة جمعنا «8» لك حتى تكون أغنى قريش ~~مالا؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: « «9» أفرغت «9» ؟» قال: نعم، ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم [حم] «10» ~~تنزيل من الرحمن الرحيم حتى بلغ «11» فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل ~~صاعقة عاد وثمود «12» فقال له «13» عتبة: حسبك حسبك! ما عندك «14» غير هذا؛ ~~ثم رجع إلى قريش PageV01P085 # فقالوا: ما وراءك؟ [قال] «1» ما تركت شيئا أرى «2» أنكم تكلمونه به إلا ~~تكلمت [به] «1» ، قالوا: فهل أجابك؟ قال: نعم، لا والذي نصبها «3» - يعني ~~الكعبة- ما فهمت شيئا مما قال غير أنه قال: «أنذرتكم صعقة مثل «10» صعقة ~~عاد وثمود» ، قالوا: ويلك! يكلمك رجل بالعربية ما «4» تدري ما قال! قال: فو ~~الله! ما فهمت شيئا مما «5» قال غير ذكر الصاعقة ms032. فكانوا يؤذونه بأنواع ~~الأذى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغهم رسالات ربه صابرا محتسبا. # ثم إن الله جل وعلا أراد هدي عمر بن الخطاب، وكان عمر من أشد قريش على ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم شغبا وأكثرهم للمسلمين أذى «6» . # وكان السبب في إسلامه أن أخته فاطمة بنت الخطاب كانت تحت سعيد بن زيد «7» ~~بن عمرو بن نفيل وكانت قد أسلمت وأسلم زوجها سعيد بن زيد «7» ، وهم يستخفون ~~«8» بإسلامهم من عمر، وكان نعيم بن «7» عبد الله بن «7» النحام «9» قد أسلم ~~وكان يخفي إسلامه، وكان خباب بن الأرت «10» يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب ~~يقرئها القرآن، فخرج عمر يوما متوشحا بسيفه يريد رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، وذكر له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا وهم قريب «11» من «12» ~~أربعين بين رجال ونساء ومع PageV01P086 # رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة وعلي وأبو بكر في رجال من المسلمين ~~ممن أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ولم يخرج إلى أرض الحبشة، ~~فلقي نعيم بن النحام «1» عمر بن الخطاب فقال: أين تريد؟ فقال «2» : أريد ~~محمدا [هذا] «3» الصابىء الذي فرق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب ~~آلهتها فأقتله، فقال له نعيم: [والله] «3» لقد غرتك «4» نفسك من نفسك يا ~~عمر! [أترى] «3» أن «5» عبد مناف تاركيك «6» تمشي على الأرض وقد قتلت «7» ~~محمدا! أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم! قال: وأي أهل بيتي؟ فقال «8» : ~~ختنك وابن عمك سعيد بن زيد وأختك، فقد أسلما وبايعا» # محمدا على دينه، فعليك بهما «10» ! فرجع عمر عامدا لختنه وأخته وعندهما ~~«11» خباب بن الأرت «12» و «5» معه صحيفة فيها «طه» يقرئها إياهما، فلما ~~سمعوا حس عمر تغيب خباب في مخدع لهم، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة ~~فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع حين دنا من البيت «5» قراءتهما عليه «5» ، فلما ~~دخل قال: ما هذه الهينمة «13» التي سمعت؟ قالا له: ما سمعت شيئا، قال: بلى ~~والله! لقد أخبرت PageV01P087 # أنكما بايعتما «1» محمدا على دينه، وبطش بختنه سعيد بن زيد «2» : فقامت ~~إليه أخته ms033 فاطمة لتكفه عن زوجها، فضربها فشجها، فلما فعل ذلك قالت له أخته ~~وختنه: # نعم، قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك! فلما رأى عمر ما ~~بأخته من الدم ندم على ما صنع ارعوى «3» ، وقال لأخته: اعطيني هذه الصحيفة ~~التي سمعتكم تقرؤون آنفا انظر «4» ما «5» هذا الذي جاء به محمد- وكان عمر ~~كاتبا، فلما قال ذلك قالت له أخته: إنا لنخشاك عليها، قال: لا تخافي- وحلف ~~لها بآلهته ليردها «6» إليها، فلما قال «7» ذلك طمعت في إسلامه فقالت له: ~~يا أخي! إنك نجس على شركك وإنه لا يمسها إلا المطهرون «8» ، فقام عمر «9» ~~بن الخطاب «9» فاغتسل، «10» ثم أعطته «10» الصحيفة وفيها «طه» ، فلما قرأ ~~سطرا «11» منها قال: ما أحسن هذا الكلام! فلما سمع خباب ذلك خرج إليه فقال ~~له: يا عمر! والله [لأرجو] «12» أن يكون «13» خصك الله «13» بدعوة نبيه ~~«14» صلى الله عليه وسلم «14» ، فإني سمعته يقول «15» : [اللهم! أيد] «12» ~~PageV01P088 # الإسلام «1» بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب! فقال له عمر: دلني ~~عليه يا خباب حتى آتيه فأسلم، فقال له خباب: هو في بيت عند الصفا، معه فيه ~~نفر من أصحابه، فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، فلما بلغ ضرب عليه الباب، فلما سمع المسلمون صوته قام رجل فنظر من ~~خلال «2» الباب فرآه متوشحا بالسيف «3» ، فقال حمزة بن عبد المطلب: أئذن ~~«4» له، فإن كان يريد خيرا به لناله «5» ، وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه، ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أئذن له» ، فأذن له الرجل ونهض إليه ~~«6» رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة «7» فأخذ بحجزته ثم ~~«8» جبذه جبذة «8» عظيمة «9» وقال: «ما جاء بك يابن الخطاب؟ والله ما أرى ~~أن تنتهي حتى ينزل «10» الله بك قارعة «11» !» فقال له «12» عمر: يا رسول ~~الله! جئتك لأومن 1» # بالله ورسوله وبما جئت «14» به «15» من عند الله، قال: فكبر رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم ms034 أن عمر أسلم، فقال رسول PageV01P089 # الله صلى الله عليه وسلم: «يا عمر! استره» ، فقال عمر: والذي بعثك بالحق ~~لأعلنته كما أعلنت الشرك فتفرق «1» أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~[عند ذلك] «2» وقد عزوا «3» في أنفسهم حين أسلم عمر وحمزة، وعرفوا أنهما ~~سيمنعان «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك كان يقول ابن مسعود: ما ~~زلنا أعزة مذ «5» أسلم عمر. # ثم توفيت خديجة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت لخديجة بيتا «6» ~~في الجنة لا صخب فيه ولا نصب» . # ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاة «7» خديجة عائشة بنت أبي ~~بكر قبل الهجرة بثلاث سنين في شهر شوال وهي بنت ست «8» لم يتزوج بكرا ~~غيرها، وكانت أم عائشة أم رومان «9» بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس. # ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس من ثقيف المنعة، ~~وأشراف ثقيف يومئذ عبد ياليل وحبيب و «10» مسعود بن عمرو «11» ، فلما أتاهم ~~«12» رسول الله صلى الله عليه وسلم «12» PageV01P090 # دعاهم إلى الله، فقال أحدهم: أما وجد الله أحدا يرسله غيرك؟ وقال الآخر ~~هو يمرط ثياب الكعبة: إن كان الله أرسلك- وقال الآخر: إن «1» كان كما تقول ~~«2» - ما ينبغي لي «3» أن «4» أكلمك أجلالا «5» لك، وإن «1» كنت تكذب على ~~الله ما ينبغي لي «3» أن أكلمك؛ فقام [رسول الله] «6» صلى الله عليه وسلم ~~وقد سمع ما يكره فالتجأ إلى حائط لبني ربيعة وإذا «7» عتبة وشيبة [فيه] «8» ~~فلما رأياه تحركت له رحمها، فدعوا غلاما لهما- يقال له: عداس- نصرانيا ~~فقالا له «9» : خذ هذا العنب واجعله في هذا الإناء واذهب به إلى ذلك الرجل، ~~فلما أتاه به عداس وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في العنب وسمى ~~الله، فنظره «10» عداس في وجهه وقال: إن هذا لشيء ما يقوله «11» الناس ~~اليوم! قال «12» : ومن أنت؟ قال: أنا رجل نصراني من أهل نينوى «13» ، قال: ~~من قرية يونس بن متى؟ قال: وما يدريك «14» ما يونس بن متى؟ قال: ذلك «15» ~~أخي، كان نبيا PageV01P091 # «1» من الأنبياء ms035 «1» ؛ فجعل عداس يقبل «2» » # يديه ورجليه» # ويقول: قدوس! [و] «4» قال ابنا ربيعة «5» أحدهما لصاحبه: أما غلامك فقد ~~أفسده «6» عليك! فلما رجع إليهما فسألاه «7» عما قال له، فقال «8» : لقد ~~أخبرني عن شيء ما يعلمه إلا نبي! قالا: يا عداس ويحك! «9» لا تخدع عن دينك ~~«9» . # ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أيس «10» من الطائف فمر بنخلة ~~فقام يصلي من جوف الليل، فمر به النفر من الجن أصحاب نصيبين، فاستمعوا له ~~عامة ليلته، فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين؛ وهم سبعة أنفس. # ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يدعوهم «11» إلى الله «12» ~~ويستنصرهم ليمنعوا ظهره حتى «13» ينفذ عن الله «13» ما بعثه به، ثم افتقده ~~أصحابه ليلة «14» فباتوا بشر ليلة، فجعلوا يقولون: استطير [أو] «15» اغتيل ~~«16» ، وتفرقوا في الشعاب والأودية يطلبونه، فلقيه بن PageV01P092 # مسعود مقبلا من [نحو] «1» حراء فقال: يا نبي الله! بأبي أنت وأمي! بتنا ~~بشر ليلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني داعي الجن فأتيتهم ~~أقرئهم القرآن، وسألوني الزاد، فقلت: كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في ~~أيديكم «2» أو فر ما «2» كان لحما، والبعر علفا لدوابكم» ؛ فلذلك نهى رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء بالروث والعظم، لأنه زاد إخواننا من ~~الجن، وكان بن مسعود يقول: أراني رسول الله صلى الله عليه وسلم [ليلة الجن] ~~«1» آثارهم «3» ونيرانهم، ثم أمر الله [عز وجل] «1» رسوله «4» صلى الله ~~عليه وسلم «4» أن يعرض نفسه على قبائل العرب. ### | ذكر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل # أخبرنا الحسن بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة ثنا عبد الجبار بن محمد ~~«5» ابن كثير التميمي ثنا محمد بن بشر اليماني «6» عن أبان بن عبد الله ~~البجلي «7» عن أبان ابن تغلب «8» عن عكرمة عن ابن عباس «9» «10» قال حدثني ~~«10» علي بن أبي طالب قال: لما أمر الله رسوله «4» صلى الله عليه وسلم «4» ~~أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر الصديق حتى دفعنا إلى ~~مجلس «11» من ms036 «12» [مجالس] «13» العرب فتقدم أبو بكر فسلم PageV01P093 # وقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة، «1» قال: وأي ربيعة «1» أنتم؟ أمن ~~هامتها «2» أم من لهازمها «3» ؟ فقالوا: لا، بل من هامتها العظمى، قال أبو ~~بكر: وأي هامتها العظمى أنتم؟ قالوا «4» : [من] «5» ذهل الأكبر، قال أبو ~~بكر: فمنكم» # عوف الذي يقال «7» له «8» لا حر «9» بوادي «10» عوف؟ قالوا: لا، قال: ~~فمنكم بسطام «11» بن قيس صاحب اللواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا، قال: ~~فمنكم «12» جساس «13» بن مرة حامي الذمار «14» ومانع الجار؟ قالوا: لا، ~~قال: فمنكم الحوفزان «15» قاتل الملوك «16» سالبها أنفسها «16» ؟ قالوا: ~~لا، قال: فمنكم أصهار «17» الملوك من «18» لخم؟ # قالوا: لا، قال أبو بكر: فلستم إذا «19» ذهلا «20» الأكبر، أنتم ذهل ~~الأصغر، فقام PageV01P094 # إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل «1» حين بقل «2» وجهه فقال «3» : ~~على سائلنا أن نسأله «4» ؛ يا هذا! إنك «5» سألتنا «6» فأخبرناك ولم نكتمك ~~«6» شيئا، فممن «7» الرجل؟ فقال أبو بكر: [أنا] «8» من قريش، فقال الفتى: ~~بخ بخ، أهل الشرف والرئاسة، فمن «9» أي «10» القرشيين «11» أنت؟ قال «12» : ~~من ولد تيم بن مرة، قال «13» : # أمكنت والله الرامي من صفاء الثغرة «14» ! فمنكم قصي «15» الذي جمع ~~القبائل من فهر فكان يدعى في قريش مجمعا؟ قال: لا، قال: فمنكم هاشم الذي ~~هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون «16» عجاف «17» ؟ قال: لا، قال: فمن أهل ~~الحجابة أنت؟ قال: لا، قال: فمن أهل الندوة أنت 1» # ؟ قال: لا، قال: فمنكم شيبة PageV01P095 # الحمد «1» عبد «2» المطلب مطعم طير السماء الذي كأن وجهه القمر «3» يضيء ~~«4» في الليلة الظلماء الداجية «5» ؟ قال: لا، قال: فمن أهل السقاية؟ قال: ~~لا؛ واجتذب أبو بكر زمام الناقة فرجع إلى «6» رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، فقال الغلام: # صادف [درء] «7» السيل «8» درئا «9» يدفعه ... يهيضه «10» «11» حينا وحينا ~~«11» يصدعه «12» # أما والله [لقد] «13» ثبت! قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ~~فقال «14» علي: فقلت: يا أبا بكر! لقد وقعت من الإعرابي على باقعة «15» ! ~~فقال لي «6» : أجل «16» يا أبا PageV01P096 # الحسن! ما من طامة إلا [و] «1» فوقها طامة، والبلاء موكل بالمنطق، «2» ~~قال علي «2» : ثم دفعنا «3» إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار، فتقدم ms037 أبو ~~بكر وكان مقدما في كل خير فسلم وقال: ممن القوم؟ فقالوا: من شيبان بن ~~ثعلبة، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي [أنت] ~~«4» وأمي «5» يا رسول الله! ما وراء هذا القوم غر «5» ، هؤلاء غرر «6» ~~قومهم «7» ، وفيهم مفروق «8» بن عمرو وهانىء بن قبيصة والمثنى بن حارثة ~~والنعمان بن شريك، وكان مفروق «9» بن عمرو قد غلبهم جمالا ولسانا، وكان ~~«10» له غديرتان «11» تسقطان على تريبته «12» ، وكان أدنى القوم مجلسا ( ~~«13» من أبي بكر «13» ، [فقال أبو بكر] «5» كيف «14» العدد فيكم؟ فقال «15» ~~مفروق: # إنا لنزيد1» # على ألف، ولن يغلب «17» ألف من قلة «18» ! فقال «19» أبو بكر: ~~PageV01P097 # «1» وكيف المنعة فيكم «1» ؟ قال مفروق «2» علينا «3» الجهد ولكل قوم جد، ~~قال أبو بكر: «4» كيف الحرب بينكم وبين عدوكم «4» ؟ قال مفروق «5» : إنا ~~لأشد ما نكون «6» غضبا حين نلقى، وإنا لأشد ما نكون «6» لقاء حين نغضب، ~~وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد، والسلاح «7» على اللقاح، والنصر من عند ~~الله، يديلنا مرة ويديل علينا أخرى «8» ، لعلك أخو «9» قريش! قال أبو بكر: ~~و [قد] «10» بلغكم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فها «11» هو ذا! قال ~~[مفروق] «12» : قد «13» بلغنا أنه «14» يذكر ذلك «14» ، قال: فإلى م «15» ~~تدعو «16» يا أخا قريش! «17» قال «18» : أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا ~~الله «19» وحده لا شريك له «19» «20» وأني رسول الله، و «20» أن تؤوني ~~وتنصروني، فإن قريشا قد PageV01P098 # تظاهرت «1» على أمر الله فكذبت «2» رسله واستغنت «3» بالباطل عن الحق، ~~والله هو الغني الحميد «4» . «5» فقال مفروق «5» بن عمرو: إلى «6» ما ~~تدعونا «7» يا أخا قريش؟ «8» فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قل تعالوا ~~أتل ما حرم ربكم عليكم» # الآية، قال مفروق «10» : # وإلى م «11» تدعو «12» يا أخا قريش؟ «13» فتلا رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم إن الله يأمر بالعدل والإحسان «14» الآية فقال مفروق «10» : دعوت ~~والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال «15» ، وكأنه «16» أحب ~~أن يشركه في الكلام هانىء بن قبيصة فقال: وهذا هانىء بن قبيصة شيخنا وصاحب ~~ديننا! فقال: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش! وإني أرى ms038 إن تركنا ديننا ~~واتبعناك «17» على دينك لمجلس «18» جلسته إلينا «19» PageV01P099 # زلة «1» في الرأي وقلة فكر «2» في العواقب، وإنما تكون الزلة «3» مع ~~العجلة، ومن ورائنا «4» قوم نكره «5» أن نعقد «6» عليهم عقدا ولكن ترجع ~~ونرجع وتنظر وننظر، وكأنه أحب أن يشركه «7» في الكلام «7» المثنى بن حارثة ~~فقال: وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا «8» ! فقال المثنى: قد سمعت ~~مقالتك يا أخا قريش! والجواب هو «9» جواب هانىء بن قبيصة في تركنا «10» ~~ديننا واتباعنا «11» إياك «12» [على دينك] «13» وإنما نزلنا بين ضرتين «14» ~~، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما هاتان «15» الضرتان «16» » ؟ ~~قال: أنهار كسرى ومياه العرب «17» ، و «18» إنما نزلنا على عهد أخذه ~~PageV01P100 # علينا كسرى «1» لا «2» نحدث حدثا «2» ولا نؤوي محدثا، وإني أرى «3» هذا ~~الأمر الذي تدعو» # إليه «5» مما تكرهه «5» الملوك، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه ~~العرب فعلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أسأتم في الرد إذ ~~أفصحتم «6» [بالصدق، و] «7» إن دين الله لن «8» ينصره إلا من أحاطه «9» ~~الله «10» من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله ~~أرضهم وديارهم وأموالهم، ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟» فقال ~~النعمان بن شريك: اللهم! نعم «11» ، قال: # فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ~~وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا «12» ثم نهض رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم قابضا على يد أبي بكر وهو يقول: « [يا أبا بكر] «7» أية «13» أخلاق في ~~الجاهلية ما أشرفها بها يدفع الله بأس بعضهم عن «14» بعض «15» » . ~~PageV01P101 # قال [أبو حاتم] «1» : إن الله جل وعلا أمر «2» رسول الله «2» صلى الله ~~عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب يدعوهم إلى الله وحده، وأن لا ~~يشركوا «3» به شيئا، وينصروه ويصدقوه؛ فكان يمر على مجالس العرب ومنازلهم، ~~فإذا رأى قوما وقف عليهم وقال: «إني رسول الله إليكم! يأمركم أن تعبدوه ولا ~~تشركوا به شيئا، وتصدقوني» ؛ وخلفه عبد العزى أبو لهب بن عبد المطلب عمه ~~يقول: [يا قوم] «1» لا تقبلوا منه، فإنه كذاب- حتى أتى كندة ms039 في منازلهم ~~فعرض عليهم نفسه ودعاهم إلى الله، فأبوا أن يستجيبوا له؛ ثم أتى كلبا في ~~منازلهم فكلم بطنا منهم [يقال له] «1» بنو عبد الله، فجعل يدعوهم حتى أنه ~~ليقول لهم: «يا بني عبد الله! إن الله قد أحسن اسم أبيكم، إني رسوله «4» ~~فاتبعوني حتى أنفذ أمره، فلم يقبلوا منه؛ ثم أتى بني حنيفة في منازلهم ~~فردوا [عليه] «1» ما كلمهم به، ولم يكن من قبائل العرب أعنف [ردا] «1» عليه ~~منهم؛ ثم أتى بني «5» عامر بن صعصعة في منازلهم فدعاهم إلى الله، فقال قائل ~~«6» منهم: إن اتبعناك وصدقناك فنصرك الله [ثم أظهرك الله على من خالفك ~~أيكون] «7» لنا الأمر [من] «5» بعدك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ~~«الأمر إلى «5» الله «8» يضعه حيث يشاء «9» » ، فقالوا: أنهدف «10» نحورنا ~~للعرب «11» دونك فإذا PageV01P102 # «1» ظهرت كان الأمر في غيرنا «1» ! لا حاجة لنا في هذا من أمرك. # وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر الموسم فيعرض نفسه على من حضر من ~~العرب، فبلغ [رسول الله] «2» صلى الله عليه وسلم العقبة وإذا رهط منهم رموا ~~الجمرة، فاعترضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «ممن أنتم؟» قالوا ~~«3» : من الخزرج، قال «4» : «أمن موالي يهود؟» قالوا: نعم، فكلمهم بالذي ~~بعثه الله به، فقال بعضهم لبعض: يا قوم! إن هذا الذي كانت اليهود [يدعوننا ~~به أن يخرج في آخر الزمان، وكانت اليهود] «2» إذا كان بينهم «5» شيء قالوا: ~~إنما ننتظر نبيا «6» يبعث «7» الآن «8» يقتلكم «9» قتل 1» # عاد وثمود «11» فنتبعه ونظهر عليكم معه، ثم قالوا لرسول الله صلى الله ~~عليه وسلم: نرجع إلى قومنا ونخبرهم بالذي كلمتنا به، فما «12» أرغبنا [فيك] ~~«2» ! إنا قد تركنا قومنا على خلاف فيما بينهم، لا نعلم حيا من العرب بينهم ~~من العداوة «13» ما بينهم، وسنرجع إليهم بالذي سمعنا منك، لعل الله يقبل ~~بقلوبهم ويصلح بك ذات «14» بينهم ويؤلف بين PageV01P103 # قلوبهم وأن يجتمعوا [على أمرك! فإن يجتمعوا] «1» على أمر واحد فلا رجل ~~أعز منك؛ ثم «2» قدموا إلى «3» المدينة فأفشوا ذلك فيهم، ولما رجع حاج ~~العرب كان لبني عامر ms040 شيخ «4» قد كبر «5» ، لا يستطيع أن يوافي معهم الموسم ~~وكان من أمرهم بمكان «6» ، فكانوا إذا رجعوا سألهم عما كان في موسمهم ذلك، ~~فلما كان ذلك العام سألهم «7» ، فأخبروه «8» عما «9» قال لهم «3» رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم ودعاهم إليه، فوضع الشيخ يده على رأسه وقال: يا بني ~~«10» عامر! هل لها من تلاف «11» ؟ هل لذناباها «12» من مطلب «13» ؟ فو الله ~~«14» ما تقولها إسماعيلي «14» وإنها لحق! ويحكم! أين غاب عنكم رأيكم! # وسمعت قريش «15» بمكة [بالليل] «16» صوتا ولا يرون شخصه يقول: # فإن «17» يسلم السعدان يصبح محمد «18» ... من الأمر «19» لا يخشى خلاف ~~المخالف PageV01P104 # فقالت قريش: [لو علمنا] «1» من السعدان لفعلنا وفعلنا، فسمعوا من القائل ~~«2» وهو يقول: # فيا سعد سعد الأوس كن أنت مانعا ... ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف # أجيبا «3» إلى داعي الهدى وتمنيا ... على الله في الفردوس زلفة «4» عارف # فإن ثواب «5» الله للطالب الهدى ... جنان من الفردوس ذات رفارف «6» # «السعدان» يريد «7» به سعد الأوس «7» - سعد بن معاذ، وسعد الخزرج- سعد ~~ابن عبادة. ### | ذكر بيعة العقبة الأولى # حدثنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرازي «8» » # ثنا عمار بن الحسن» # ثنا PageV01P105 # سلمة «1» بن الفضل عن ابن إسحاق [قال] «2» أخبرني «3» يزيد «1» بن أبي ~~حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني «4» عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي «5» ~~عن عبادة بن الصامت قال: كنا اثني عشر [رجلا] «6» في العقبة الأولى، ~~فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء [أن] «2» لا نشرك ~~بالله شيئا، «7» ولا نسرق «7» ، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ~~ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه «8» في معروف؛ فمن وفي «9» ~~فله الجنة، ومن غشي من ذلك شيئا فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر ~~له. # قال أبو حاتم: فلما كان الموسم جعل النبي صلى الله عليه وسلم يتبع ~~القبائل يدعوهم إلى الله، فاجتمع عنده بالليل اثنا «10» عشر نقيبا من ~~الأنصار فقالوا: يا رسول الله «11» صلى الله عليه وسلم «11» إنا نخاف إن ~~جئتنا على حالك «12» هذه [أن] «13» لا يتهيأ [لنا] «13» الذي نريد «14» ~~ولكن نبايعك ms041 «15» الساعة وميعادنا «16» العام المقبل، فبايعهم النبي صلى ~~الله عليه وسلم [على] أن لا يشركوا PageV01P106 # بالله «1» شيئا، ولا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يأتوا ~~ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم، ولا يعصونه في معروف؛ فمن وفى فله ~~الجنة، ومن غشي من ذلك شيئا فأمره إلى الله، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه. # وأسماؤهم: منهم من بني النجار «2» وثلاثة أنفس: «3» أسعد بن زرارة بن عدس ~~وهو أبو أمامة، وعوف ومعاذ ابنا الحارث بن رفاعة. # ومن بني زريق «4» بن عامر بن زريق «4» : رافع «2» بن مالك بن العجلان «5» ~~وذكوان بن عبد قيس بن خالدة «6» . # ومن بني غنم «7» : عوف «8» بن عمر بن عوف بن «8» الخزرج. # ومنهم القوافل «9» : عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم وأبو عبد الرحمن «8» ~~ابن يزيد «8» بن ثعلبة حليف لهم من بلى «10» . ومن بني سالم بن عوف: عباس ~~بن عبادة بن نضلة. # ومن بني سلمة [جعد] «11» بن سعيد. ثم من بني حرام «12» : عقبة بن عامر بن ~~PageV01P107 # نابي «1» وقطبة بن «2» عامر بن حديدة «3» بن عمرو بن سواد» . # ومن بني عبد الأشهل بن جشم «5» : أبو الهيثم «6» بن التيهان واسمه مالك ~~وعويم بن ساعدة. # ثم رجعوا إلى قومهم بالمدينة وأخبروهم «7» الخبر وفشا ذكر الإسلام ~~بالمدينة، فكان الواحد بعد «8» الواحد من «9» الأنصار يخرج من المدينة إلى ~~مكة، فيؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينقلب إلى أهله، فيسلم ~~بإسلامه «10» جماعة حتى لم تبق «11» دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من ~~المسلمين يظهرون الإسلام. # ثم اختلف الأوس والخزرج في الصلاة وأبوا «12» أن يترك بعضهم يؤم بعضا، ~~فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مصعب بن عمير مع جماعة «13» ~~، وذلك أنهم كتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يبعث عليهم ~~رجلا من أصحابه يفقههم في الدين، فنزل «14» مصعب بن عمير على أسعد «15» بن ~~زرارة، فكان يأتي به دور الأنصار PageV01P108 # فيدعوهم إلى الله ويقرأ عليهم «1» القرآن، ويفقه من كان «2» منهم دخل في ~~الإسلام، وكان إسلام سعد بن معاذ «3» وأسيد بن ms042 حضير على يد مصعب «4» ، وذلك ~~أنه خرج مع أسعد بن زرارة إلى حائط من حوائط بني النجار معهما رجال «5» من ~~المسلمين، فبلغ ذلك [سعد] «6» بن معاذ فقال لأسيد بن حضير: ائت هذا الرجل، ~~فلولا أنه مع أسعد بن زرارة وهو ابن خالتي كما علمت كنت أنا أكفيك شأنه! ~~فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم خرج حتى أتى مصعبا فوقف «7» عليه متشتما «7» و ~~[قد] «6» قال أسعد لمصعب حين نظر إلى أسيد: هذا أسيد! من سادات قوم «8» ، ~~له خطر وشرف، فلما انتهى إليهما تكلم بكلام فيه بعض الغلظة، فقال له مصعب ~~«9» بن عمير «9» : أو تجلس فتسمع؟ فإن سمعت خيرا قبلته، وإن كرهت شيئا «10» ~~أو خالفك أعفيناك عنه، قال أسيد: ما بهذا بأس، ثم «11» ركز حربته «11» ~~وجلس، فتكلم مصعب بالإسلام وتلا عليه «12» القرآن، قال أسيد: ما أحسن هذا ~~القول! ثم أمره فتشهد شهادة الحق، وقال لهم: كيف أفعل؟ فقال له: تغتسل ~~وتطهر ثوبك وتشهد شهادة الحق وتركع ركعتين، ففعل و «13» رجع إلى بنى عبد ~~الأشهل وثبتا «14» مكانهما، فلما PageV01P109 # رآه سعد «1» [بن معاذ] «2» مقبلا قال: أحلف بالله لقد رجع إليكم أسيد ~~بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم! فلما وقف عليه قال له سعد: ما وراءك؟ ~~قال: كلمت الرجلين فكلماني بكلام رقيق، وزعما أنهما سيتركان «3» ذلك، وقد ~~بلغني أن بني حارثة قد سمعوا بمكان أسعد فاجتمعوا «4» لقتله «5» وإنما ~~يريدون بذلك إحقارك «6» وهو ابن خالتك، فإن كان لك به حاجة» # فأدركه، فوثب سعد وأخذ الحربة من يدي أسيد وقال: ما أراك أغنيت شيئا! ثم ~~خرج حتى جاءهما ووقف عليهما متشتما «8» وقد قال أسعد لمصعب حين رأى سعدا: ~~هذا والله سيد من وراءه! إن تابعك «9» لم يختلف عليه «10» اثنان من قومه ~~«11» ، فأبلى الله فيه بلاء حسنا، فلما وقف سعد قال لأسعد بن زرارة: أجئتنا ~~بهذا الرجل «12» يسفه شبابنا «12» وضعفاءنا والله لولا [ما] «2» بيني وبينك ~~من الرحم ما تركتك وهذا! فلما فرغ سعد من مقالته قال [له] «13» مصعب: أو ~~تجلس فتسمع؟ فإن سمعت خيرا قبلته وإن خالفك ms043 شيء أعفيناك، قال: أنصفت، «14» ~~فركز حربته «14» ثم جلس، فكلمه بالإسلام وتلا عليه PageV01P110 # القرآن، فقال سعد: ما أحسن هذا! نقبله منك ونعينك عليه، كيف تصنعون إذا ~~دخلتم في هذا الأمر؟ قال: تغتسل وتطهر ثوبك وتشهد شهادة الحق وتركع ركعتين، ~~ففعل، ثم خرج [سعد] «1» «2» حتى أتى «2» بني عبد الأشهل، فلما رأوه قالوا: ~~والله لقد رجع إليكم سعد «3» بغير الوجه «4» الذي ذهب به من عندكم! فلما ~~وقف عليهم «5» قالوا: مما جئت «5» ؟ قال [يا] «1» بني عبد الأشهل كيف ~~تعلمون رأيي فيكم وأمري عليكم؟ قالوا أنت خيرنا رأيا، [قال] «6» فإن «5» ~~كان كلام «5» رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وحده «7» وتشهدوا ~~أن محمدا رسول الله وتدخلوا في دينه، فما أمسى من ذلك اليوم في دار بني «8» ~~عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا «9» أسلم. ### | وأول جمعة جمعت بالمدينة # جمعها أبو أمامة أسعد بن زرارة وهم أربعون رجلا في روضة يقال لها نقيع ~~الخضمات «10» من حرة «11» بني بياضة، فكان كعب بن مالك يقول فيما «12» بعد ~~إذا PageV01P111 # سمع الآذان يوم الجمعة: رحمة «1» الله على أبي أمامة أسعد بن زرارة!. ### | ذكر الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج # أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني «2» وأحمد بن علي بن المثنى التميمي «3» ~~وعمران بن موسى بن مجاشع السختياني «3» قالوا ثنا هدبة بن خالد القيسي ثنا ~~همام ابن يحيى ثنا قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة أن نبي الله صلى الله ~~عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به قال: «بينا «4» أنا في الحطيم- وربما قال ~~في الحجر- مضطجع إذ أتاني «4» [جبريل] «5» فشق ما بين هذه إلى هذه فاستخرج ~~قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة «6» إيمانا وحكمة فغسل قلبي ثم أعيد، «7» ~~ثم أتيت «7» بدابة دون البغل وفوق الحمار، يضع خطوة «8» عند أقصى طرفه، ~~فحملت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى «9» PageV01P112 # السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل «1» : ومن معك؟ # قال «2» : محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به! فنعم «3» ~~المجيء جاء! ففتح، فلما» # خلصت إذا» # فيها ms044 آدم، فقال «1» : هذا أبوك آدم فسلم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد ~~[على] «5» السلام ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح! ثم صعد بي ~~حتى [أتى] «5» السماء الثانية فاستفتح، قيل: ما هذا؟ # قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، ~~قيل: مرحبا به! فنعم المجيء جاء! ففتح [له] «5» فلما خلصت إذا نحن بعيسى ~~ويحيى وهما ابنا الخالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، قال «6» : فسلمت ~~وردا، ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! ثم صعد «7» بي «6» إلى ~~السماء الثالثة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل؟ قيل: ومن معك؟ قال: ~~محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا به! فنعم المجيء جاء! ~~ففتح، فلما خلصت إذا يوسف، قال «8» : هذا يوسف فسلم عليه، قال: فسلمت عليه ~~فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! ثم صعد بي إلى السماء ~~الرابعة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال «9» : جبريل، قيل: ومن معك؟ قال «8» : ~~محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا «10» به! فنعم المجيء جاء! ~~ففتح، PageV01P113 # فلما خلصت فإذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلم [عليه] «1» ، قال: فسلمت عليه ~~فرد، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! ثم صعد [بي] «1» حتى [أتى] ~~«1» السماء الخامسة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: # محمد، قيل «2» : وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا «3» به! فنعم ~~المجيء جاء! ففتح، فلما خلصت «4» إذا بهارون، قال: هذا هارون فسلم عليه، ~~قال: # فسلمت عليه فرد السلام «5» ، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! ~~ثم صعد بي [حتى] «1» أتى «6» السماء السادسة فاستفتح قيل: من هذا؟ قال: ~~جبريل، قيل: # ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل «2» : مرحبا به! ~~فنعم «7» المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت فإذا موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه، ~~قال: فسلمت عليه فرد و «8» قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح! فلما ~~تجاوزت بكى، قال «9» : ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة ~~من أمته أكثر ممن «10» يدخلها من ms045 أمتي، ثم صعد بي حتى [أتى] «11» السماء ~~السابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: ~~وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل مرحبا «12» به! فنعم المجيء جاء! ففتحت، فلما ~~PageV01P114 # خلصت إذا إبراهيم «1» ، قال «2» : هذا أبوك إبراهيم فسلم [عليه، قال:] ~~«3» فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح! ثم ~~رفعت «4» إلى سدرة المنتهى فإذا «5» نبقها «6» مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل ~~آذان الفيلة، قال: # هذه سدرة المنتهى، قال، فإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران ونهران باطنان، ~~فقلت: ما هذان «7» [يا] «3» جبريل قال: أما «8» الباطنان فنهران في الجنة، ~~وأما الظاهران فالنيل والفرات؛ ثم رفع إلى البيت المعمور، ثم أتى «9» بإناء ~~من خمر [وإناء من لبن] «3» وإناء من عسل، فأخذت «10» اللبن، فقال: هي «11» ~~الفطرة وأنت عليها وأمتك، ثم فرضت على الصلوات خمسين صلاة كل يوم، فرجعت ~~فمررت بموسى فقال: بما أمرت؟ قلت: [أمرت] «12» بخمسين صلاة كل يوم، قال إن ~~أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم، وإني «13» قد1» # جربت الناس قبلك وعالجت «15» PageV01P115 # بني إسرائيل أشد المعالجة «1» ، ارجع إلى ربك فأسأله التخفيف لأمتك، ~~فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت «2» : أمرت ~~بأربعين «3» صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم، إني ~~قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله ~~التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت «4» إلى موسى فقال: بما أمرت؟ # قلت «2» : أمرت بثلاثين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع ثلاثين صلاة ~~كل يوم، فإني قد «5» جربت «6» الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، ~~فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عشرا، فرجعت «4» إلى موسى، ~~قال «7» : بما «8» أمرت؟ قلت «2» : أمرت «5» بعشرين صلاة [كل يوم] «9» ، ~~قال: [إن] «9» : أمتك لا تستطيع [عشرين صلاة] «9» وإني «10» قد جربت الناس ~~قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، ~~فرجعت فأمرت بعشر صلوات «11» كل يوم، ثم رجعت إلى موسى، فقال: # بما أمرت؟ قلت: [أمرت ms046] «12» بعشر صلوات «11» كل يوم؛ قال: إن أمتك لا ~~تستطيع عشر صلاة كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك «5» وعالجت بني إسرائيل ~~أشد PageV01P116 # المعالجة. فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل ~~يوم، فرجعت إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت: أمرت «1» بخمس صلوات «2» كل يوم، ~~«3» قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات «2» كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك ~~وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، قلت: ~~قد سألت [ربي] «4» حتى استحييت [ولكني أرضى وأسلم] «4» ، فلما جاوزت ناداني ~~مناد «5» : أمضيت فريضتي وخففت عن «6» عبادي. # قال «7» أبو حاتم: أسرى «8» النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، ثم ~~عرج به [إلى] «4» السماء، وفرض عليه «9» خمس صلوات «2» ، ثم بعث الله جبريل ~~ليؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيت ويعلمه أوقات الصلوات «10» ، ~~فلما كان الظهر نودي: إن الصلاة جامعة، ففزع الناس واجتمعوا إلى نبيهم، ~~فصلى بهم حين زالت الشمس على مثل الشراك «11» ، يؤم جبريل محمدا ويؤم محمد ~~الناس، ثم صلى به العصر حين صار ظل PageV01P117 # كل شيء مثله، ثم «1» صلى به المغرب حين أفطر الصائم، ثم صلى به العشاء ~~حين غاب الشفق، ثم صلى به الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم. # ثم «1» صلى به الظهر من الغد حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى به العصر ~~حين صار ظل كل شيء مثليه «2» ، ثم صلى به المغرب حين أفطر الصائم، ثم صلى ~~به العشاء حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى به الفجر حين أسفر، ثم التفت جبريل ~~إلى محمد صلى الله عليه وسلم «3» ثم قال «3» : يا محمد! هذا وقتك ووقت ~~الأنبياء قبلك، الوقت فيما بين هذين الوقتين. ### | ذكر بيعة الأنصار بالعقبة الآخرة رسول الله صلى الله عليه وسلم # أخبرنا «4» محمد بن صالح الطبري «5» بالصيمرة «6» ثنا «7» أبو كريب ثنا ~~«7» إدريس» # عن يحيى بن سعيد الأنصاري وعبيد «9» الله بن عمر ومحمد بن إسحاق عن عبادة ~~بن الوليد بن «10» عبادة بن الصامت «7» عن أبيه عن جده عبادة ms047 بن الصامت «7» ~~قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر ~~واليسر، والمكره «11» والمنشط، وعلى أثرة «12» علينا، وأن لا ننازع الأمر ~~أهله، وأن نقول PageV01P118 # بالحق «1» حيث ما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم «2» . # قال أبو حاتم: فلما كان العام المقبل من حيث واعد الأنصار رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم أن يلقوه من العام المقبل بمكة، خرج سبعون رجلا من الأنصار ~~فيمن خرج من أهل الشرك من قومهم من أهل «3» المدينة، فلما كانوا بذي ~~الحليفة «4» قال البراء «5» ابن معرور بن صخر بن خنساء وكان كبير الأنصار: ~~إني قد رأيت رأيا «6» ما أدري أتوافقوني «7» عليه أم لا! قد رأيت ألا أجعل ~~هذه البنية «8» «9» مني بظهر «9» ، وأن أصلي «10» إليها- يعني الكعبة، ~~فقالوا [له] «11» : والله ما هذا برأي! وما كنا لنصلي «12» إلى غير قبلة، ~~فأبوا ذلك عليه وأبى أن يصلي إلا إليها، فلما غابت الشمس صلى إلى الكعبة ~~وصلى أصحابه إلى الشام حتى «13» قدموا مكة، قال البراء بن معرور لكعب بن ~~مالك: والله يا ابن أخي! قد وقع في نفسي مما صنعت في سفري هذا فانطلق بنا ~~PageV01P119 # إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسأله عما «1» صنعت! وكانوا لا ~~يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما «2» كانوا يعرفون العباس بن عبد ~~المطلب، لأنه كان يختلف إليهم إلى المدينة تاجرا، فخرجوا يسألون عن رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم بمكة حتى إذا كانوا بالبطحاء سألوا رجلا عنه فقال: ~~هل تعرفونه؟ قالوا «3» : لا، قال: فهل تعرفون العباس بن عبد المطلب؟ قالوا: ~~نعم، قال «4» : فإذا دخلتم المسجد فانظروا من «4» الرجل الذي مع العباس ~~جالس «4» فهو هو، تركته «5» معه الآن، فخرجوا حتى جاءوا فسلموا عليهما ثم ~~جلسوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [للعباس] «6» : هل تعرف هذين ~~الرجلين؟ قال: نعم، هذا «7» البراء بن معرور و [هذا] «8» كعب بن مالك، فقال ~~له البراء: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم «9» ! إني صنعت في سفري هذا ~~شيئا قد وقع في نفسي ms048 منه شيء فأخبرني عنه، رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني ~~بظهر «10» وصليت «11» [إليها] «12» ، فعنفني أصحابي وخالفوني «13» ، فقال ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد [كنت على قبلة لو] «12» صبرت عليها- ولم ~~يزد على ذلك «14» ، PageV01P120 # ثم خرجوا إلى منى، فلما كان في أوسط» # أيام التشريق ذات ليلة واعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة، ~~فخرجوا في جوف الليل، يتسللون «2» من رجالهم، ويخفون ذلك من قومهم من ~~المشركين، فلما اجتمعوا عند العقبة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم و «3» ~~معه عمه العباس [فكان أول من تكلم العباس] «4» فقال: يا معشر الخزرج! إن ~~محمدا [صلى الله عليه وسلم] «4» في منعة من قومه وبلاده «5» وقد منعناه ممن ~~ليس على مثل رأينا «6» فيه وقد أبى إلا «6» الانقطاع إليكم، فإن كنتم ترون ~~أنكم توفون له بما وعدتموه فأنتم وما جئتم به «7» ، وإن كنتم تخافون عليه ~~«8» من أنفسكم شيئا فالآن فاتركوه، فإنه في «9» عز و «9» منعة، قالوا: قد ~~سمعنا ما قلت «10» ، ثم تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلا «11» عليهم ~~القرآن ودعاهم إلى الله، فآمنوا وصدقوه؛ ثم تكلم البراء بن معرور وأخذ «12» ~~بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بايعنا، فقال رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم: أبايعكم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والنفقة في العسر ~~«13» واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا تخافوا في الله ~~لومة لائم، وعلى أن PageV01P121 # تنصروني وتمنعوني بما «1» تمنعون «2» به أنفسكم وأزواجم وأبناءكم ولكم ~~الجنة، فبايعوه «3» على ذلك؛ فقال رجل من الأنصار يقال له عباس بن عبادة ~~«4» بن نضلة: # يا معشر الأنصار! هل تدرون ما تبايعون عليه هذا الرجل! إنكم [تبايعونه ~~«5» على حرب الأسود والأحمر، فإن كنتم ترون أنكم] «6» لتوفون «7» بما ~~عاهدتموه «8» عليه فهو خير الدنيا والآخرة فخذوه، وإن كنتم ترون أنكم ~~مسلموه «9» إذا كان ذلك [فالآن] «10» فدعوه فهو خزي «11» الدنيا والآخرة؛ ~~فقال أبو الهيثم بن التيهان «12» : يا رسول الله «13» صلى الله عليه وسلم ~~«13» ! [إن] «10» بيننا وبين قومه «14» رحما، وإنا قاطعوها فيك، فهل عسيت ms049 ~~إن نحن بايعناك وأظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فضحك «15» رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم وقال: الدم الدم! الهدم الهدم «16» ! إني منكم وأنتم ~~[مني] «17» ، أسالم PageV01P122 # من سالمتم وأحارب من حاربتم ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ~~ابعثوا إلي منكم اثني عشر نقيبا كفلا على قومهم بما كان منهم ككفالة ~~الحواريين بعيسى ابن مريم، فقال أسعد بن زرارة «1» : نعم يا رسول الله! ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنت نقيب على قومك، فقال: نعم، فأخذ ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر نقيبا، فكان نقيب بني مالك بن ~~النجار أبو أمامة «2» أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن ~~مالك بن النجار. وكان نقيب» # بني سلمة البراء بن معرور و [عبد الله بن] «4» عمرو بن حرام «5» ، أبو ~~«6» جابر «7» بن عبد الله «7» . وكان نقيب بني ساعدة المنذر بن عمرو بن ~~خنيس وسعد بن عبادة بن دليم. وكان نقيب بني زريق بن عامر «8» رافع ابن مالك ~~بن العجلان. وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج عبد الله بن رواحة «9» ابن ~~مالك وسعد «10» بن الربيع بن عمرو. وكان نقيب القوافل عبادة بن الصامت بن ~~قيس. وكان نقيب بني عبد الأشهل أسيد بن حضير بن سماك وأبو الهيثم بن ~~التيهان. وكان نقيب بني عمرو بن عوف سعد بن خيثمة بن الحارث. # فقال عباس «11» بن عبادة بن نضلة: والله يا رسول الله! لئن شئت لنميلن ~~«12» PageV01P123 # [على] «1» أهل منى غدا «2» بأسيافنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ~~لم أؤمر «3» بذلك، ارجعوا إلى رحالكم؛ فرجعوا إلى رحالهم وهم سبعون رجلا، ~~فلما أصبحوا غدت عليهم قريش قالوا: يا معشر الخزرج! إنه قد بلغنا عنكم شيء ~~لا ندري أحق هو أم باطل، إنه لأبغض قوم إلينا أن تنشب «4» الحرب بيننا ~~وبينهم منكم، فجعل من كان من المشركين من قومهم يحلفون بالله ما علمنا ولا ~~فعلنا، وصدقوا «5» . قال كعب بن مالك: فنظرت إلى عبد الله بن عمرو بن حرام ms050 ~~«6» فقلت: يا [أبا] «7» جابر! أنت شيخ من شيوخنا وسيد من ساداتنا ألا تتخذ ~~نعلا مثل نعلي «8» هذا الفتى من قريش- يريد الحارث بن هشام، فلما سمعه ~~الحارث خلعهما «9» ورمى بهما «10» إليه فقال: # البسهما «11» ، قال كعب: قال: والله صالح! و «12» لئن صدق «13» لأسلبنه. # فرجع الأنصار إلى المدينة ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة، ~~وكانت هذه البيعة في ذي الحجة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ~~المدينة بثلاثة أشهر. # فلما علمت قريش أن القوم قد عاقدوه ورأت من اتبعه من الأنصار اجتمع نفر ~~من أشراف كل قبيلة ودخلوا دار الندوة ليدبروا أمرهم في رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم، PageV01P124 # فاعترضهم إبليس في صورة شيخ، فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال: رجل من أهل ~~نجد، سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن أحضركم «1» ولن يعدمنكم مني رأي ونصح ~~«1» ، قالوا: أجل، ثم قال: انظروا في أمر هذا الرجل، فقال بعضهم: # احبسوه في وثاق تربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من ~~الشعراء فإنما هو كأحدهم؛ قال النجدي: ما هذا برأي فيخرجنه من محبسه ~~وليوشكن أن يثبوا «2» عليكم حتى يأخذوه من بين أيديكم ثم لا آمن أن يخرج ~~«3» من بلادكم، «4» انظروا في «4» غير هذا، قال قائل: اخرجوه من بين ~~أظهركم، فإنه إذا خرج غاب أذاه وشره، وأصلحتم أمركم بينكم، وخليتم بينه ~~وبين ما هو فيه؛ قال النجدي: ما هذا برأي «5» ألم تروا حسن حديثه، و «5» ~~حلاوة قوله، وطلاقة لسانه، وأخذ القلوب بما يسمع منه، ولئن فعلتم «6» ~~استعرض ولا آمن «6» أن يدخل على كل قبيلة فيقبل منه ما جاء به، ثم يسيره ~~إليكم حتى ينزع أمركم من أيديكم فيخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم، انظروا ~~رأيا «7» غير هذا، قال أبو جهل: والله! لأشيرن برأيي عليكم ما أراكم ~~أبصرتموه بعد، قالوا: وما هو؟ قال: نأخذ من كل قبيلة غلاما شابا ثم نعطيه ~~سيفا صارما حتى يضربوه ضربة رجل واحد، فإذا تفرق دمه في القبائل فلا أظن أن ~~PageV01P125 # بني هاشم يقدرون على ms051 حرب قريش كلها «1» ، فإذا «2» أرادوا ذلك قبلوا ~~العقل» # واسترحنا منه، ثم أصلحتم أمركم فاجتمع ملككم على ما كنتم عليه من دين ~~آبائكم؛ فقال النجدي: القول ما قال هذا الفتى، لا رأي غيره، فتفرقوا على ~~ذلك. # وأتاه جبريل وأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه وأخبره بمكر ~~القوم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا فتغشى «4» بردا له «5» أحمر ~~حضرميا «5» فبات في مضجعه، واجتمعت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند ~~باب بيته يرصدونه، فخرج «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده حفنة من ~~تراب فرماها في وجوههم، فأخذ الله بأعينهم عن رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، فباتوا رصدا على بابه وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته، ~~فخرج عليهم من الدار خارج فقال: ما لكم؟ قالوا: ننتظر محمدا، قال: قد خرج ~~عليكم، فانصرفوا يائسين «7» ينفض كل واحد منهم التراب عن رأسه «8» ؛ قال ~~أبو بكر الصديق، إنا لله وإنا إليه PageV01P126 # راجعون! أخرجوا نبيهم، ليهلكن! فنزلت أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن ~~الله على نصرهم لقدير «1» فأمره الله بالقتال وفرض عليه الجهاد وهي أول آية ~~نزلت في القتال ثم أمر الله جل [و] «2» علا رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~بالهجرة إلى يثرب. ### | ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب # أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة «3» اللخمي «4» ثنا ابن أبي السرى ثنا عبد ~~الرزاق أنا معمر عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها ~~قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أريت دار هجرتكم أريت سبخة «5» ~~ذات نخل بين لابتين «6» وهما حرتان» ، فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض ~~الحبشة من المسلمين، وتجهز أبو بكر مهاجرا، فقال له رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم: على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن، فقال أبو بكر: وترجو ذلك بأبي أنت ~~وأمي؟ قال: نعم، فحبس أبو بكر ms052 نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر؛ قالت عائشة: ~~PageV01P127 # فبينا نحن جلوس يوما في بيتنا في نحر «1» الظهيرة فقال قائل لأبي: هذا ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل متقنعا «2» ، في ساعة لم يكن يأتينا ~~فيها، قال أبو بكر: فداه أبي وأمي! إن جاء به في هذه الساعة [إلا] «3» لأمر ~~«4» ! قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن، فأذن له فدخل، ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «أخرج «5» من عندك» ، قال أبو ~~بكر: إنما «6» هو أهلك بأبي أنت «6» يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم: «فإنه قد أذن لي بالخروج» «7» ، فقال أبو بكر: فالصحبة «8» بأبي ~~أنت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم» «9» ، فقال ~~أبو بكر: بأبي أنت يا رسول الله! خذ إحدى راحلتي هاتين، فقال رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم: «بالثمن» «10» ؛ قالت عائشة: فجهزناهما «11» أحث «12» ~~الجهاز، وصنعنا «13» لهما سفرة في جراب، فقطعت «14» أسماء بنت أبي بكر من ~~نطاقها PageV01P128 # فأوكت «1» به الجراب، فلذلك كانت تسمى ذات النطاق، ولحق رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له: ثور، فمكثا فيه ثلاث ليال. # قال أبو حاتم: لما أمر الله جل وعلا رسوله صلى الله عليه وسلم بالهجرة ~~استأجر «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني الديل وهو من بني عدي ~~هاديا خريتا- والخريت: الماهر بالهداية- قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل ~~السهمي وهو على دين كفار قريش، فأمناه ودفعا «3» إليه راحلتيهما وأوعداه ~~بغار ثور بعد ثلاث، وخرج صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حتى أتيا الغار في ~~جبل «4» ثور كمنا فيه، وخرج المشركون يطلبونهما حتى جاءوا إلى الجبل ~~وأشرفوا على الغار، فقال أبو بكر: يا رسول الله! لو أبصر أحدهم تحت قدمه ~~«5» لأبصرنا «6» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر! ما ظنك ~~باثنين الله ثالثهما» ، فأعمى الله «7» أعينهم ms053 عن رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، فلما أيسوا رجعوا، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في ~~الغار ثلاث ليال؛ يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر الصديق وهو غلام شاب ~~PageV01P129 # ثقف ئخن، فيدلج «1» من عندهما بسحر، فيصبح بمكة مع قريش كبائت بها، فلا ~~يسمع أمرا يكاد به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط للكلام «2» ؛ ~~ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منيحة من غنم «3» فيريحها «4» ~~عليهما حين يذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل «5» ، يفعل ذلك في كل ليلة ~~من الليالي الثلاث؛ ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث، معه أبو بكر ~~وعامر بن فهيرة والدليل، فأخذ بهم الدليل طريق الساحل فاجتنوا «6» ليلتهم ~~حتى أظهروا «7» وقام الظهيرة رمى أبو بكر بصره «8» هل يرى ظلا يأوون إليه، ~~فإذا هم بصخرة فانتهوا إليها فإذا بقية ظلها، فسوى «9» أبو بكر ثم فرش ~~لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: اضطجع يا رسول الله! فاضطجع، ثم ذهب ~~ينظر هل يرى من الطلب أحدا، فإذا هو براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد ~~منها مثل الذي يريدون من الظل، فسأله أبو بكر: لمن أنت يا غلام؛ قال: ~~لفلان- رجل من قريش، فعرفه أبو بكر فقال: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، ~~فقال: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم، فأمره فاعتقل «10» شاة من غنمه وأمره أن ~~ينفض عنها من الغبار، فحلب له كثبة «11» من لبن، وكان معه إداوة «12» ~~PageV01P130 # لرسول الله صلى الله عليه وسلم على فمها خرقة، فصب اللبن حتى برد أسفله ~~ثم ملأها، فانتهى بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استيقظ فقال: ~~اشرب «1» يا رسول الله! فشرب وشرب أبو بكر، فقال أبو بكر: قد أتى «2» الرجل ~~يا رسول الله! قال: «لا تحزن» «3» ، والقوم يطلبونهم؛ قال «4» سراقة بن ~~مالك بن جعشم «5» : جاءنا رسل كفار قريش يجعلون «6» [في] «7» رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم وأبي «8» بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو ms054 أسره، فقال ~~سراقة: فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج «9» إذ أقبل رجل ~~فقال: يا سراقة! إني رأيت آنفا أسودة بالساحل، أراها محمدا وأصحابه، قال ~~سراقة: فعرفت أنهم هم فقلت لهم: إنهم ليسوا هم ولكنك رأيت فلانا وفلانا ~~انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في مجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج ~~بفرسي من وراء أكمة «10» فتحبسها علي، وأخذت رمحي «11» فخرجت به من ظهر ~~البيت فحططت بزجة الأرض حتى أتيت فرسي، فركبتها ودفعتها PageV01P131 # تقرب بي حتى دنوت منهم، فعرد «1» بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي ~~إلى كنانتي، فاستخرجت منها الأزلام فاستسقمت [بها] «2» أخرج «3» أم لا! ~~فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت «4» الأزلام، فقرب بي «5» حتى [إذا] «6» ~~سمعت قراءة «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر ~~الالتفات «8» ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها، ثم ~~زجرتها فنهضت فلم تكن تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا غبار ساطع في ~~السماء مثل الدخان «9» ، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم ~~بالأمان فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم، ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من ~~الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن قومك قد ~~جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم بأخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم بالزاد ~~والمتاع فلم يرزءاني «10» ولم يسألاني «11» إلا أنهما قالا: # أخف «12» علينا، فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة وأمن «13» ، فأمر أبا بكر ~~«14» ، فكتب «15» PageV01P132 # لي في رق «1» من أدم، قال سراقة: والله لأعمين على من ورائي من الطلب، ~~وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك «2» ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا ~~فخذ منها حاجتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا في إبلك ~~وغنمك، وانطلق راجعا «3» إلى أصحابه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~فلقي «4» الزبير بن العوام في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من ~~الشام، فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضاء. # ثم ms055 ساروا [إلى] خيمتي «5» أم معبد «6» الخزاعية، وكانت امرأة برزة «7» ~~جلدة تحتبي «8» وتجلس بفناء «9» الخيمة ثم تسقي «10» وتطعم، فينالونها «11» ~~تمرا ويشترون «12» ، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، فإذا «13» ، القوم ~~مرملون مسنتون «13» ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر ~~خيمتها فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: # خلفها الجهد عن الغنم، فقال: هل بها من لبن؟ قالت هي أجهد «14» من ذلك، ~~قال: # « «15» أتأذنين لي «15» أن، أحلبها» ؟ قالت: نعم بأبي أنت وأمي! إن رأيت ~~بها حلبا PageV01P133 # فاحلبها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم ~~الله عليه وقال: # «اللهم! بارك لها في شاتها» ، فتفاجت «1» ودرت واجترت، فدعا بإناء لها ~~يربض «2» الرهط، فحلب فيه «3» ثجا حتى علاه البهاء «3» ، فسقاها فشربت حتى ~~رويت، وسقا أصحابه فشربوا حتى رووا و «4» شرب آخرهم، وقال: «ساقي «5» القوم ~~آخرهم شربا» ، فشربوا جميعا عللا «6» بعد نهل حتى أراضوا «7» ، ثم حلب فيه ~~ثانيا «8» عودا على «8» بدء «9» ، فغادره «10» عندها ثم ارتحلوا عنها، فقل ~~«11» ما لبثت فجاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا له حفلا «12» عجافا يتساوكن ~~«13» هزلا «14» ، مخهن قليل، لا نقى «15» بهن. # فلما رأى اللبن عجب وقال: من أين لك «16» هذا والشاء عازب ولا حلوبة في ~~البيت؟ فقالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، ~~قال: # والله إني أراه صاحب قريش الذي نطلبه «17» ، صفيه لي يا أم معبد! قالت: ~~رأيت PageV01P134 # رجلا «1» ظاهر الوضاءة «1» «2» مليح الوجه «2» ، حسن الخلق، لم تعبه «3» ~~ثجلة «4» ، ولم تزره «5» صلعة، وسيم جسيم «6» ، قسيم، في عينيه دعج، وفي ~~أشفاره وطف «7» ، وفي صوته صهل «8» ، «9» أحور أكحل، أزج أقرن، رجل شديد ~~سواد الشعر «9» ، في عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة «10» ، إذا صمت فعليه ~~الوقار، وإن تكلم سما «11» وعلاه البهاء، كأن منطقه خرزات «12» نظم يتحدرون ~~«13» ، حلو المنطق فصل لا نزر «14» ولا هذر «15» ، أجمل «16» الناس وأبهاه ~~«17» من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب، ربعة لا يتثنى «18» من طول ولا ~~تقتحمه «19» عين من قصر، PageV01P135 # غصن «1» بين غصنين فهو أنضر «2» الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا ms056، وله رفقاء ~~يحفون «3» ، به، إن قال استمعوا «4» لقوله، وإن أمر تسارعوا إلى أمره، ~~محفود محشود، لا عابس ولا مفند «5» ؛ قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر ~~لنا من أمره! لو كنت وافقت لالتمست «6» إلى أن أصحب، ولأفعلنه إن وجدت إلى ~~ذلك سبيلا. وأصبح صوت بمكة عاليا يسمعونه ولا يدرون من يقوله، وهو يقول «7» ~~: # جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتي أم معبد # هما نزلا بالبر وارتحلا به ... فأفلح من أمسى رفيق محمد # فيال قصى «8» ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تجازى وسودد # سلوا أختكم عن شاتها «9» وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد # دعاها بشاة حائل فتحلبت ... له «10» بصريح ضرة «11» الشاة مزيد # فغادره رهنا لديها لحالب ... يرددها في مصدر ثم مورد «12» PageV01P136 ### | فأجابه حسان بن ثابت # لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... «1» وقد سر «1» من يسري إليه ويغتدي «2» # ترحل عن قوم فضلت «3» عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد # وهل يستوي ضلال قوم تسكعوا «4» ... «5» عمي وهداة يهتدون بمهتدي «5» # نبي يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مشهد # وإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في ضحوة اليوم أو غد «6» # ليهنئ أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد # ليهنئ «7» بني كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد # فلما سمع المسلمون الأبيات خرج المسلمون سراعا فوجا فوجا يلحقون برسول ~~الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا على خيمة أم معبد. # وسمع المسلمون بالمدينة بخروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا ~~يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرون قدومه حتى يردهم حر الظهيرة فكان أول من ~~قدم عليهم من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار [بن] «8» قصي، ~~فقالوا: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو وأصحابه على إثري، ~~ثم أتاهم بعده عمرو بن أم مكتوم الأعشى أخو بني فهر، فقالوا: ما فعل من ~~وراءك رسول الله وأصحابه؟ فقال: هم PageV01P137 # الآن على أثري، ثم أتاهم بعده عمار بن ياسر «1» وسعد بن أبي وقاص ms057 وعبد ~~الله بن مسعود وبلال، ثم أتاهم عمر بن الخطاب في عشرين راكبا، وكان رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم حيث خرج من الغار سلك بهم «2» الدليل أسفل من مكة، ~~ثم مضى بهم حتى جاوز بهم الساحل أسفل عسفان، ثم استجاز «3» بهم على أسفل ~~«4» أمج «5» حتى عارض بهم الطريق، ثم أجاز «6» بهم فسلك بهم الخرار «7» ، ~~ثم أجاز بهم ثنية المرة «8» ، ثم سلك بهم القفا «9» ، ثم أجاز بهم «10» ~~مدلجة لفف «11» ، ثم استبطن بهم مدلجة لفف، ثم استبطن بهم مدلجة مجاج «12» ~~، ثم سلك مرجح «13» من ذي العضوين «14» ثم بطن ذي كشد «15» ، ثم أخذ بهما ~~الجداجد «16» ثم الأجرد، ثم سلك بهم بطن أعداء «17» PageV01P138 # ثم مدلجة تعهن «1» ثم العبابيد «2» ثم الفاجة «3» ثم العرج «4» ثم بطن ~~العائر «5» ثم بطن ريم، ثم رحلوا من بطن ريم «6» ونزلوا بعض حرار المدينة؛ ~~وذلك يوم الاثنين لاثنتي «7» عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول، وبعثوا رجلا ~~من أهل البادية يؤذن بهم الأنصار، فجاء البدوي وآذن بهم الأنصار، وصعد رجل ~~من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر «8» إليه، فنظر إلى رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم مبيضين؟ فلم يملك اليهودي أن قال «9» بأعلى صوته: يا معشر ~~العرب! هذا جدكم الذي تنتظرون «9» ! فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة وهم «10» خمسمائة رجل من الأنصار، ~~فتلقى «11» الناس والعواتق فوق الأجاجير «12» ، والصبيان والولائد يقولون: # طلع البدر علينا ... من ثنيات «13» الوداع PageV01P139 # وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع «1» # وأخذت الحبشة يلعبون بحرابهم «2» لقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~فرحا بذلك. ### | ذكر قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة # أخبرنا أبو خليفة ثنا عبد الله بن رجاء أنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال ~~سمعت البراء يقول: اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو ~~بكر لعازب مر «3» البراء: فليحمله إلى أهلي، فقال له عازب: لا حتى تحدثني ~~كيف صنعت أنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجتما من «4» مكة ~~والمشركون «5» يطلبونكم؟ فقال: ارتحلنا ms058 من مكة- فذكر حديث الرحل، وقال: حتى ~~أتينا المدينة فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أنزل الليلة على بني النجار وأخوال عبد ~~المطلب أكرمهم بذلك، فخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرق وعلى البيوت، ~~والغلمان والخدم يقولون: جاء محمد! جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم! فلما ~~أصبح انطلق فنزل حيث أمر. # قال أبو حاتم: لما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم الليل عدل بهم فنزل ~~على بني «6» النجار أخوال عبد المطلب، لأن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو ~~كانت من بني «7» عدي بن «7» النجار، فلما أصبح صلى الله عليه وسلم نزل «8» ~~حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي PageV01P140 # طالب وأبو مرثد وابنه مرثد وأبو كبشة وزيد بن حارثة على كلثوم بن الهدم ~~«1» العمري أخي «2» بني عمرو بن عوف، ونزل أبو بكر الصديق وطلحة بن عبيد ~~الله وصهيب بن سنان على خبيب «3» بن إساف، ونزل عمر وزيد ابنا الخطاب وعمر ~~وعبد الله ابنا سراقة وعبد الله بن حذافة وواقد بن عبد الله، وخولى «4» بن ~~أبي خولى وعياش بن ربيعة «5» وخالد وعاقل وإياس بن «6» البكير على رفاعة بن ~~عبد المنذر، ونزل عبيدة والطفيل والحصين بنو الحرب ومسطح بن أثاثة وسويبط ~~«7» مولى أبي سعد وكليب ابن عمير وخباب بن الأرت على عبد الله بن سلعة ~~العجلاني، ونزلت زينب بنت جحش وجدامة بنت جندل وأم قيس بنت محصن «8» ، وأم ~~حبيبة «9» بنت نباتة «10» وأمية بنت رقيش وأم حبيبة بنت جحش وأم سخبرة بنت ~~نعيم على سعد بن خيثمة؛ وعشى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون وأقام ~~أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا يسلمون «11» ، ~~وأقام «12» رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عوف بقباء يوم [الاثنين و] ~~«13» الثلاثاء والأربعاء والخميس، وأسس المسجد بقباء وصلى فيه تلك الأيام، ~~فلما كان يوم PageV01P141 # الجمعة خرج على ناقته القصوى يوم الجمعة يريد المدينة، واجتمع عليه الناس ~~فأدركته الصلاة في ms059 بني سالم بن عوف، فكانت أول جمعة «1» جمعها رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر ~~بدور الأنصار فيدعونه للنزول ويعرضون عليه المؤاساة فيجزيهم النبي صلى الله ~~عليه وسلم خيرا حتى مر على بني سالم، فقام عتبان بن مالك في أصحاب له ~~فقالوا له: يا رسول الله! أقم في «2» العدد والعدة والمنعة «2» ، فقال ~~النبي صلى الله عليه وسلم: «خلوا سبيل الناقة فإنها مأمورة، ثم مر ببني ~~ساعدة اعترضه «3» سعد بن عبادة وأبو دجانة «4» والمنذر بن [عمرو] «5» وداود ~~«6» راودوه «7» على النزول، فقال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، ثم مر ببني ~~بياضة فاعترضه فروة بن عمرو وزياد ابن لبيد وراودوه على النزول، فقال: خلوا ~~سبيلها فإنها مأمورة؛ ثم مر على بني عدي بن النجار فقال أبو سليط بن أبي ~~خارجة: عندنا يا رسول الله! فنحن أخوالك- وذكروا رحمهم، فقال: خلوا سبيلها ~~فإنها مأمورة؛ وأقبلت الناقة حتى انتهت به إلى مربد التمر وهو يومئذ ~~لغلامين يتيمين من بني النجار «8» «9» في حجر أسعد بن زرارة «9» اسمهما سهل ~~وسهيل ابنا رافع بن أبي عمرو «10» وكان المسلمون بنوا مسجدا يصلون فيه وهو ~~موضع مسجده اليوم، فلما انتهت به الناقة إلى المسجد بركت، فنزل عنها رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم وقال: هذا إن شاء الله المنزل! وجاء أبو أيوب ~~PageV01P142 # الأنصاري خالد بن زيد بن كليب فأخذ برحله وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام ~~راحلته، ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المربد، فقال معاذ بن ~~عفراء: هو لغلامين يتيمين وانا مرضيهما عنه «1» ، فدعا رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا، فقالا: بل نهبه لك، ~~فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل منهما هبة حتى ابتاعه منهما، ~~فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد قالوا: يا رسول الله، ~~المرء مع موضع رحله، فنزل على أبي [أيوب] «2» الأنصاري ومنزله في بني غنم ~~بن النجار، ثم أخذ رسول الله صلى الله ms060 عليه وسلم والمسلمون في بناء المسجد، ~~وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن: # هذا «3» الحمال لا حمال «3» خيبر ... هذا أبر [ربنا] «4» وأطهر # اللهم إن الخير خير الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة # وكان عمار بن ياسر جعدا قصيرا وكان ينقل اللبن وقد أغبر صدره فقال له ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن سمية «5» ! تقتلك الفئة الباغية وقدم ~~طلق «6» بن «7» علي [على] «8» رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يعين ~~المسلمين في بناء المسجد. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قربوا الطين ~~من اليمامى «9» فإنه من أحسنكم به مسكا «10» ، ومات أسعد بن PageV01P143 # زرارة والمسجد يبنى «1» ، أخذته الشهقة «2» ، ودفن بالبقيع، وهو أول من ~~دفن بالبقيع من المسلمين فكان النبي صلى الله عليه وسلم نازلا على أبي أيوب ~~حتى فرغ من المسجد وبنى له فيه مسكن، فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~حين فرغ من المسجد ومسكنه إليه، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد ~~بن حارثة «3» وأبا رافع «3» إلى «4» مكة ليقفل «5» سودة بنت زمعة زوجته «6» ~~وبناته، وبعث أبو بكر الصديق عبد الله بن أريقط إلى عبد الله بن أبي بكر أن ~~يقدم بأهله، فلما قدم ابن أريقط على عبد الله بن أبي بكر خرج عبد الله ~~بعيال أبي بكر: عائشة وعبد الرحمن وأم رومان أم عائشة «7» وكان البراء بن ~~معرور مات في صفر قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بشهر وأوصى ~~عند موته أن يوجه إذا وضع في قبره إلى الكعبة ففعل به ذلك، فلما قدم رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى على قبره، وولد مسلمة بن مخلد «8» ؛ ~~وكان آخر الأنصار إسلاما بنو واقف وبنو أمية وبنو وائل، وكانت الأنصار كل ~~واحد منهم يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة تيسا، وكانت ~~أم سليم «9» لم يكن لها ما تهدي فأتت «10» بابنها أنس إلى رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم فقالت: يا PageV01P144 # رسول الله! ابني هذا يخدمك وليس عندي ms061 ما أهديه، فادع الله له، فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: اللهم! أكثر ماله وولده. # ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار أنس بن مالك وكان أنس «1» له ~~عشر سنين «2» حيث قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فكانت أمهاته ~~يحثثنه، فلما دخل داره حلب له من داجن وشاب له لبنها «3» بماء يسير «3» في ~~الدار، وأبو بكر عن شماله وأعرابي عن يمينه، فناوله رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم الأعرابي وقال: الأيمن فالأيمن «4» ، وكانت الصلاة ركعتين ركعتين ~~فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم متنفلين «5» فقال: «يا أيها الناس! ~~قبلوا فريضة الله» ، فأقرت صلاة المسافر وزيد في صلاة المقيم «6» وذلك «7» ~~لاثنتي عشرة «7» ليلة من شهر ربيع الآخر بعد قدومه عليه السلام المدينة ~~بشهر. # ووعك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعكا شديدا، فدخلت عائشة على ~~أبي بكر وهو يقول: # كل امرىء مصبح في أهله ... والموت أقرب «8» من شراك نعله # ثم دخلت على عامر بن فهيرة وهو يقول: PageV01P145 # كل امرىء مدافع «1» بطوقه ... الثور «2» يحمي «3» جلده بروقه «4» # فدخلت على بلال وهو يقول: # ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد «5» وحولي إذخر وجليل # وهل أردن [يوما] «6» مياه مجنة ... وهل يبدون لي «7» شامة وطفيل «8» # وكان بلال يقول: اللهم العن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبا سفيان بن ~~حرب وأبا جهل بن هشام كما أخرجونا من مكة، فأخبرت عائشة النبي صلى الله ~~عليه وسلم بما رأت من وعكهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم! حبب ~~إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة، وبارك لنا فيها كما باركت لنا في مكة، ~~وبارك في صاعها ومدها وانقل وباءها إلى مهيعة وهي الجحفة. # ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وقد حمى «9» الناس وهم يصلون ~~قعودا «10» ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة القاعد على النصف من ~~صلاة القائم، فختم الناس الصلاة قياما، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ~~«اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة! ثم أراد رسول ms062 الله صلى الله ~~عليه وسلم أن يؤاخي بين المهاجرين والأنصار في شهر رمضان، فدخل المسجد فجعل ~~يقول: أين فلان بن فلان؟ فلم يزل يعدهم ويبعث إليهم حتى PageV01P146 # اجتمعوا عنده، فقال: إني أحدثكم بحديث فاحفظوه وحدثوا من بعدكم إن الله ~~اصطفى من خلقه خلقا- ثم تلا هذه الآية الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن ~~الناس «1» ، خلقا يدخلهم الجنة، وإني مصطف «2» منكم من أحب أن أصطفيه، ~~ومؤاخ «3» بينكم كما آخى الله بين الملائكة، قم يا أبا بكر! فقام فجيء بين ~~يديه، فقال: إن لك عندي يدا الله يجزيك بها، ولو كنت متخذا خليلا لا تخذتك ~~خليلا، وأنت عندي بمنزلة قميصي في جسدي- وحرك قميصه، ثم قال: ادن «4» يا ~~عمر! فدنا فقال: لقد كنت شديد الثغب «5» علينا يا أبا حفص فدعوت الله أن ~~يعز «6» الدين بك أو بأبي جهل، ففعل الله ذلك «7» بك وكنت أحبهما «8» إلى ~~الله، فأنت معي ثالث ثلاثة من هذه الأمة! ثم تنحى وآخى بينه وبين أبي بكر؛ ~~ودعا عثمان بن عفان فقال: ادن يا عثمان! ادن يا أبا عمرو، فلم يزل يدنو «9» ~~حتى ألزق «10» ركبته بركبته «11» ، ثم نظر إلى السماء فقال: سبحان الله ~~العظيم! ثم نظر إلى عثمان فإذا إزاره محلولة «12» فزرها عليه «12» ثم قال: ~~اجمع لي عطفي ردائك على نحرك، فإن لك شأنا عند أهل السماء، أنت ممن يرد علي ~~الحوض [و] «13» أوداجه تشخب PageV01P147 # دما «1» ؛ ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: ادن «2» يا أمين الله «3» ! ~~يسلط «4» الله على مالك بالحق، أما! إن لك [عندي] «5» دعوة قد أخرتها، ~~فقال: «6» خرلي «6» ، فقال «7» : أكثر الله مالك «8» ! ثم تنحى وآخى بينه ~~وبين عثمان» . # ثم دعا «9» طلحة والزبير فقال: ادنوا «10» مني، فدنوا «11» منه، فقال: ~~«أنتما حواري كحواري عيسى ابن مريم! ثم آخى بينهما» . # ثم دعا سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال: «يا عمار! تقتلك الفئة ~~الباغية، ثم آخى بينهما» . # ثم دعا عميرا «12» أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال: «يا سلمان! أنت منا ~~أهل البيت، وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر ms063 «13» ، ثم قال: ألا ~~أنشدك «14» يا أبا الدرداء! قال: بأبي أنت وأمي «15» ! بلى، قال: إن تنقدهم ~~فينقدوك «16» ، وإن PageV01P148 # تتركهم لا يتركوك «1» ، فأقرضهم «2» عرضك «3» ليوم فقرك، واعلم أن الجزاء ~~أمامك، ثم آخى بينهما؛ ثم نظر في وجوه أصحابه فقال: ابشروا وقروا عينا، ~~فأنتم أول من يرد علي الحوض، وأنتم في أعلى الغرف؛ ونظر إلى عبد الله «4» ~~بن عمر فقال: # الحمد لله الذي يهدي من الضلالة من أحب» . # فقال علي بن أبي طالب: يا رسول الله! ذهب روحي فانقطع ظهري حين رأيتك ~~فعلت بأصحابك ما فعلت، فإن كان من سخطة «5» علي فلك العتبي والكرامة! قال: ~~والذي بعثني بالحق! ما أخرتك إلا لنفسي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير ~~أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي قال: يا رسول الله! ما أرث منك؟ قال: ما ~~ورثت الأنبياء قبلي، قال: وما ورثت الأنبياء قبلك؟ قال: # كتاب الله و «6» سنة نبيهم «6» ، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ~~ابنتي «7» ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم إخوانا على سرر متقابلين ~~«8» . # ومات الوليد بن المغيرة بمكة وأبو أحيحة «9» بالطائف، بلغ المسلمين «10» ~~نعيهما؛ وولد عبد الله بن الزبير في شوال، فكبر المسلمون وكانوا يخافون أن ~~يكون اليهود سحرت نساءهم، وكان أول مولود ولد من المهاجرين بالمدينة، وهنىء ~~به أبو بكر والزبير، ولم ترضعه أسماء بنت أبي بكر حتى أتت به النبي صلى ~~الله عليه وسلم، فأخذه PageV01P149 # ووضعه في حجره فحنكه بتمرة، فكان أول شيء دخل بطنه ريق رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم ثم سماه عبد الله. # ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لعبيدة بن الحارث بن عبد ~~المطلب بن عبد مناف على ستين من المهاجرين وليس فيهم من الأنصار أحد، هي ~~أول راية عقدها «1» بالمدينة، وبعثه إلى بطن رابغ «2» ، فبلغ ثنية المرة ~~«3» بالقرب من الجحفة، فالتقوا على «4» ماء يقال له أحياء «5» ، وأمير ~~السرية «6» أبو سفيان بن حرب في مائتين من المشركين، فلم يكن بينهم إلا ~~الرمي بالرمي «7» ، ثم انحاز المسلمون على ms064 رامية، وانحاز «8» من المشركين ~~إلى المسلمين المقداد بن عمرو بن الأسود وقد قيل «9» : # عتبة بن غزوان، ثم انصرفوا من غير أن يسلوا السيوف، وقد قيل: إن المشركين ~~أميرهم كان مكرز بن حفص بن الأخيف «10» ، وكان حامل اللواء لعبيدة بن ~~الحارث مسطح بن أثاثة. # ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لحمزة بن عبد المطلب في ~~ثلاثين راكبا كلهم من المهاجرين، بعثه إلى ساحل البحر من قبل العيص من أرض ~~الجهينة ليتعرض PageV01P150 # لعير «1» قريش، فلقي أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة راكب من أهل مكة، فحجز ~~بينهم مجدي بن عمرو الجهني وكان حليفا للفريقين، فانصرف الفريقان من غير ~~قتال «2» ، وكان حامل لواء حمزة يومئذ أبو مرثد. # ثم بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة وهي بنت تسع على رأس ثمانية ~~أشهر من هجرته وذلك في شوال، وكان تزوج بها بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وهي ~~ابنة ست، فأهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم «3» ومعه البهاء، ولم يزوج ~~من النساء بكرا غيرها. # ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لسعد بن أبي وقاص في عشرين ~~رجلا يريد العير في ذي القعدة، فخرجوا على أقدامهم فكانوا يكفون بالنهار ~~ويسيرون بالليل حتى أصبحوا لحرار صبح خامسة وقد سبقهم العير قبل ذلك بيوم ~~فانصرفوا، وكان حامل اللواء يومئذ لسعد «4» المقداد بن عمرو. # وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو قيس بن الأسلت «5» فعرض عليه رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، فقال: ما أحسن ما تدعو إليه! انظر في ~~أمري ثم أعود إليك، فلقيه عبد الله بن أبي فقال: كرهت والله حرب الخزرج! ~~فقال أبو قيس: لا أسلم سنة «6» ، فمات في ذي الحجة «7» . ### | السنة الثانية من الهجرة # حدثنا عبد الله بن محمد بن المدايني «8» ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ~~ثنا عبد PageV01P151 # الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال: قدم ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد اليهود يصومون عاشوراء فقال ms065 لهم: ما ~~هذا؟ قالوا: يوم عظيم! نجى الله فيه موسى وأغرق فرعون فيه وقومه، فصامه ~~موسى شكرا لله تعالى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى بموسى ~~وأحق بصيامه منكم، فصامه وأمر بصيامه» . # قال «1» : وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود يصومون يوم عاشوراء ~~في أول قدومه المدينة وهو أول السنة الثانية من الهجرة، فسألهم فأخبروه أن ~~الله نجى موسى في ذلك اليوم وأغرق آل فرعون فصامه موسى شكرا لله، فأمر رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم بصيامه وقال: أنا أولى بموسى، فصامه (صلى الله ~~عليه وسلم) والمسلمون. # ثم زوج «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة عليا في صفر، وقال ~~له: «أعطها شيئا» ، فقال: ما عندي يا رسول الله شيء، قال: «فأين درعك ~~الحطمية «3» ؟ فبعث إليها بدرعه» . # وقد روي في تزويجها أخبار فيها طول تؤدي إلى مسلك القصاص فتنكبت عن ذكرها ~~لعلمي «4» بعدم صحتها من جهة النقل. # ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الأبواء، وهي أول غزوة غزاها ~~بنفسه، وبين الأبواء وودان ستة أميال، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ~~المهاجرين ليس فيهم أنصاري، وذلك في شهر ربيع الأول على رأس سنة من مقدمه ~~«5» المدينة، واستخلف سعد بن عبادة بن دليم «6» وكان حامل لوائه حمزة بن ~~عبد المطلب، وكانت غيبته «7» خمس عشرة «7» PageV01P152 # ليلة، ثم رجع [إلى] «1» المدينة ولم يلق كيدا، والأبواء جبل «2» ، ~~[وودان] «3» والأبواء بينهما الطريق، كلاهما ورد رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، وفي «4» هذه الغزاة «4» وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم مخشي «5» ~~بن عمرو «6» الضمري «7» . # ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائتين من أصحابه إلى ناحية رضوى ~~«8» يريد عير قريش فيها أمية بن خلف. # واستخلف على المدينة سعد بن معاذ، وكان يحمل لواءه سعد بن أبي وقاص، ثم ~~رجع [إلى] المدينة، ولم يلق كيدا. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص في سبعة نفر أو ~~ثمانية حتى انتهى إلى ms066 الخرار «9» من أرض الحجاز، ثم رجع ولم يلق كيدا «10» ~~. وكان سرح في المدينة PageV01P153 # يرعى في الحمى فاستاقه كرز بن جابر الفهري، فخرج رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم في إثره في المهاجرين، وكان حامل لوائه علي بن أبي طالب. # واستخلف على المدينة زيد بن حارثة، وطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~حتى بلغ بدرا «1» ، فلم يلحقه و «2» فاته كرز «3» فرجع «4» [إلى] «5» ~~المدينة، وهذه الغزوة تسمى غزوة بدر الأولى. # ثم ولد النعمان بن بشير في جمادى الأولى، فحملته أمه عمرة بنت رواحة إلى ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ~~أول مولود من الأنصار ولد بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب عبد الله بن جحش في اثني عشر ~~«6» نفسا من المهاجرين ليس فيهم أنصاري، وكتب له كتابا وقال: أمسك كتابك ~~فإذا سرت «7» يومين فانشره فانظر ما فيه، ثم امض. وخرج مع عبد الله بن جحش ~~أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة حليف بني عدي بن كعب، وسعد بن أبي وقاص، وسهيل ~~«8» بن بيضاء، وعتبة بن غزوان «9» وواقد بن عبد الله التميمي حليف بني عدي ~~بن بيضاء، وخالد بن البكير حليف بني عدي، وعكاشة بن محصن؛ فسار عبد الله بن ~~جحش ليلتين على ما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فتح الكتاب فإذا ~~فيه: سر حتى تنزل نخلة PageV01P154 # على اسم الله، ولا تكرهن أحدا من أصحابك «1» على السير «2» معك، وامض ~~فيمن تبعك منهم حتى تقدم بطن نخلة فترصد بها عير قريش. فلما قرأ الكتاب ~~قال: لست بمستكره أحدا منكم، فمن كان «3» يريد الشهادة فليمض «4» ، فإني ~~ماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فمضى ومضى القوم معه حتى إذا كانوا ~~ببحران «5» - معدن بالحجاز فوق الفرع- أضل «6» عتبة بن غزوان وسعد بن أبي ~~وقاص بعيرا فتخلفا في طلبه، ومضى عبد الله بن جحش حتى أتى المكان الذي أمره ~~رسول الله صلى ms067 الله عليه وسلم، فوجد عير قريش فيها عمرو بن الحضرمي والحكم ~~بن كيسان وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ونوفل بن عبد الله بن المغيرة، ~~فلما رأى أصحاب العير القوم هابوهم «7» وحلزوهم، فأشرف لهم عكاشة ابن محصن ~~وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه قال عمار: لا بأس عليكم! وأمنوا، فاستشاروا ~~أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرهم، «8» وكان «8» آخر يوم من ~~رجب. # فقال المسلمون: إن أخرنا عنهم هذا اليوم دخلوا الحرم فامتنعوا، وإن ~~أصبناهم «9» أصبناهم في الشهر الحرام «10» ، فرمى واقد بن عبد الله عمرو بن ~~الحضرمي بسهم فقتله، واستأسروا عثمان بن عبد الله بن المغيرة، والحكم بن ~~PageV01P155 # كيسان، وأعجزهم نوفل [بن عبد الله] بن المغيرة؛ واستاقوا «1» العير ~~فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقف رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم العير ولم يأخذ منها شيئا وحبس «2» الأسيرين، وقال لأصحابه: ما ~~أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام، «3» فسقط «3» في أيدي القوم وظنوا أنهم ~~«4» هلكوا؛ وقالت قريش: استحل بهذا الشهر الحرام، قد أصاب فيه الدم والمال، ~~فأنزل الله فيما كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عظم في أنفس ~~أصحابه وما جاؤوا به يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه- إلى ~~قوله: # أكبر من القتل «5» يريد أنهم كانوا يفتنونكم في دينكم وأنتم في حرم الله ~~حتى تكفروا بعد إيمانكم، فهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام ~~مع كفرهم وصدهم عن سبيل الله وإخراجكم منه، فلما نزل القرآن بذلك أخذ رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم العير، وأما الأسيران فإن الحكم أسلم وأقام عند ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا، وأما عثمان ~~ففاداه «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعوا به مكة، ومات بها مشركا. # ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذي العشيرة «7» في المهاجرين، ~~واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، وكان حامل لوائه حمزة «8» بن ~~عبد المطلب حتى PageV01P156 # بلغ بطن ms068 ينبع، فوادع بها بني «1» مدلج «2» وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع. ~~وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة فقال له عمر «3» بن ~~الخطاب: يا رسول الله! لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى! فأنزل قد نرى تقلب وجهك ~~في السماء «4» الآية، وقال السفهاء من الناس: من اليهود ما ولاهم عن قبلتهم ~~التي كانوا عليها «5» فأنزل الله قل لله المشرق والمغرب «6» الآية، فصرفت ~~القبلة إلى الكعبة في الظهر يوم الثلاثاء للنصف من شعبان؛ فكانت صلاته نحو ~~بيت المقدس بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهرا «7» وثلاثة أيام، فخرج رجل ~~بعدما صلى فمر على قوم من الأنصار وهم «8» ركوع في صلاة العصر نحو بيت ~~المقدس فقال: هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد وجه ~~إلى الكعبة، فانحرف «9» القوم حتى توجهوا إلى الكعبة. # ثم أنزل الله جل وعلا فريضة الصوم في شعبان، فلم يأمرهم رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم بعد فرض رمضان بصيام عاشوراء ولا نهاهم عنه. ### | ثم كانت غزوة بدر # خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان لاثنتي «10» عشرة ليلة ~~خلت منه يريد PageV01P157 # اعتراض عير قريش ومعه المهاجرون والأنصار، وضرب بعسكره قبل أن يخرج من ~~المدينة ببئر «1» أبي عيينة، وعرض أصحابه ورد من استصغر منهم، فكان ممن رد ~~في ذلك اليوم من المسلمين عبد الله بن عمر «2» ورافع بن خديج والبراء بن ~~عازب وزيد ابن ثابت وأسيد بن حضير، وكان عمير بن أبي وقاص يستر «3» في ذلك ~~اليوم لأن لئلا يراه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما لك يا أخي؟ ~~قال: إني أخاف أن يراني النبي صلى الله عليه وسلم فيستصغرني فيردني! لعل ~~الله أن يرزقني الشهادة؛ فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرده، فبكى ~~بكاء شديدا «4» فأجازه «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل ببدر شهيدا ~~«6» . # ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر أبي عيينة في ثلاثمائة ~~وثمانية عشر رجلا، منهم أربعة وسبعون ms069 رجلا من المهاجرين وسائرهم من ~~الأنصار، وكان لهم من الإبل سبعون بعيرا «7» يتعاقب النفر البعير الواحد ~~«7» ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد ~~بن عمرو بن نفيل على طريق الساحل إلى الحوران يتجسسان «8» خبر العير. # ورأت عاتكة بنت عبد المطلب بمكة رؤيا أفزعتها «9» فبعثت «10» إلى العباس ~~فقالت: يا أخي! لقد رأيت البارحة رؤيا أفظعتني فاكتم علي، قال: وما ~~PageV01P158 # رأيت «1» ؟ قالت: رأيت «1» راكبا أقبل على بعير حتى وقف بالأبطح ثم صرخ ~~بأعلى صوته: # ألا! انفروا يا آل غدر «2» لمصارعكم في ثلاث، فإذا الناس قد اجتمعوا إليه ~~فدخل «3» المسجد والناس يتبعونه، فبيناهم حوله إذ مثل به بعيره على ظهر ~~الكعبة، ثم خرج بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوي «4» حتى إذا كانت ~~بأسفل الجبل أرفضت «5» ، فما بقي بيت بمكة ولا دار إلا دخلها «6» منها «7» ~~فلقة، قال العباس: # والله! إن هذه لرؤيا فاكتميها ولا تذكريها. # ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة وكان له صديقا فذكرها له، فذكرها ~~الوليد لأبيه، ففشا الحديث بمكة، فقال أبو جهل: ما يرضى بنو عبد المطلب أن ~~يتنبأ رجالهم [حتى تتنبأ] «8» نساؤهم «9» . # وكان أبو سفيان بن صخر أقبل من الشام في عير لقريش عظيمة فيها أموالهم ~~وتجاراتهم وفيها ثلاثون- وقيل: أربعون- رجلا من قريش، منهم عمرو بن العاص ~~ومخرمة بن نوفل الزهري. # وكان أبو سفيان يتحسس «10» الأخبار ويسأل من لقي من الركبان، فأصاب خبرا ~~من الركبان أن محمدا قد نفر في أصحابه، فحذر «11» عند ذلك «11» واستأجر ~~PageV01P159 # ضمضم بن عمرو «1» الغفاري فبعثه إلى مكة، وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم ~~«2» إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها، «3» فدخل ضمضم في اليوم ~~الثالث من رؤيا عاتكة مكة وهو يصرخ ببطن الوادي وقد جدع بعيره وحول رحله ~~وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش! اللطيمة! اللطيمة! قد عرض لها محمد «4» ~~في أصحابه، لا أرى أن تدركوها «5» «6» أو لا تدركوها «6» ، الغوث! الغوث ~~«7» ! فتجهزت قريش سراعا، إما خارج وإما باعث «8» مكانه رجلا، وخرجت تريد ~~العير. # ولما ms070 بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء «9» - بينها وبين المدينة ~~ثلاث ليال- بعث عدي بن أبي الزغباء «10» الجهني حليف بني النجار وبسبس «11» ~~بن عمرو الجهني حليف بني ساعدة قدامه إلى مكة، فلما نزلا الوادي أناخ إلى ~~تل قريب من الماء، ثم أخذا «12» شنا لهما «12» يستسقيان «13» فيه، وعلى ~~الماء إذ ذاك مجدي بن عمرو الجهني، فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري جهينة ~~وهما يتلازمان فقالت الملزومة لصاحبتها: إنما يأتي العير غدا أو بعد [غد] ~~«14» فأعمل لهم وأقضيك «15» PageV01P160 # الذي على «1» ، فقال مجدي: صدقت، وخلص بينهما؛ فلما سمع بذلك عدي وبسبس ~~«2» ركبا راحلتيهما ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~فأخبراه «3» ، وأقبل أبو سفيان «4» وقد تقدم العير حتى ورد الماء حذرا «5» ~~من الذي كان يخافة، فقال لمجدي بن عمرو: وهل أحسست «6» أحدا؟ فقال: والله! ~~ما رأيت أحدا إلا أني رأيت راكبين [قد أناخا] «7» إلى هذا التل، فأتى أبو ~~سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعيريهما «8» ففته فإذا فيه النوى، فقال: هذه ~~والله علائف «9» يثرب! فرجع وضرب وجوه عيره فساحل بها «10» وترك بدرا يسارا ~~وانطلق حتى أسرع. # وأقبلت قريش فلما نزلوا الجحفة رأى جهيم «11» بن الصلت بن مخرمة رؤيا ~~فقال: أنا بين النائم واليقظان رأيت رجلا قد أقبل على فرس له حتى وقف ثم ~~قال: # قتل عتبة بن ربيعة وشيبة [بن] «7» ربيعة وأبو الحكم بن «12» هشام وأمية ~~بن خلف- وفلان وفلان، ثم ضرب في لبة بعيره وأرسله في العسكر، فما بقي خباء ~~«13» من أخبية «14» العسكر إلا أصابه «15» من دمه، فبلغ أبا جهل رؤياه ~~فقال: هذا PageV01P161 # نبي «1» آخر من بني المطلب، سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا! فلما ~~رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره «2» أرسل إلى قريش، قال: إنكم خرجتم «3» ~~لتمنعوا عيركم «3» وأموالكم وقد نجاهما الله فارجعوا، فقال أبو جهل: والله ~~لا نرجع حتى نرد بدرا! - وكان بدر «4» موسما من مواسم العرب يجتمع لهم بها ~~سوق- فنقيم «5» عليه ثلاثا وننحر «6» الجزور ونطعم «7» الطعام، ونسقي «8» ~~الخمر وتعزف «9» علينا القيان «10» ، فتسمع «11» بنا ms071 العرب وبمسيرنا «12» ~~وجمعنا؛ ثم رحلت قريش حتى نزلت العدوة القصوى من بدر. # ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الظبية «13» دون بدر استشار ~~الناس فقال: # أشيروا علي أيها الناس! فقام أبو بكر فقال وأحسن، ثم قام عمر فقال مثل ~~ذلك، ثم قام «14» المقداد بن الأسود «15» فقال: يا رسول الله! امض بنا «16» ~~لأمر الله «16» فنحن PageV01P162 # معك، والله لا نقول لك مثل ما قالت بنو إسرائيل لموسى فاذهب أنت وربك ~~فقاتلا إنا هاهنا قاعدون «1» . ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما ~~مقاتلون، والذي بعثك بالحق! لو سرت بنا إلى «2» برك الغماد «2» لجالدنا معك ~~من دونه حتى تنتهي «3» إليه «4» رسول الله «4» ! فقال له رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير. # ثم قال: أشيروا علي أيها الناس! وإنما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~الأنصار، وذلك أنهم كانوا عدد الناس «5» ، فقال سعد بن معاذ: كأنك «6» يا ~~رسول الله إنما تريدنا! قال: أجل، فقال سعد: قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا ~~بما جئت به أنه الحق، وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة، فامض ~~بنا يا نبي الله لما أردت فنحن معك، والذي بعثك لو! استعرضت «7» هذا البحر ~~وخضت بنا لخضناه معك ما بقي منا رجل، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا ~~لصبر «8» عند «9» الحرب، صدق «10» عند «9» اللقاء، لعل الله يريك منا بعض ~~ما تقر به عينك! فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ركب ورجل «11» ~~من أصحابه قدام الجيش «12» ، ومضى حتى وقف على PageV01P163 # شيخ «1» [قريبا] «2» من بدر فقال له: أيها الشيخ! ما بلغك عن محمد ~~وأصحابه؟ # فقال: ما أنا مخبرك «3» حتى تخبرني من أنت! قال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: «إذا أخبرتنا «4» أخبرناك من نحن» ، فقال الشيخ: «5» أذاك بذاك «5» ؟ ~~قال: «نعم» ، فقال الشيخ: # بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن يكن الذي أخبرني صدقني ~~فهم اليوم بكذا وكذا- بالمنزل الذي «6» كان فيه رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم؛ وبلغني أن قريشا خرجوا يوم ms072 كذا وكذا، فإن يكن الذي أخبرني صدقني فهم ~~اليوم بكذا وكذا- بالمنزل الذي «6» هم فيه، ثم قال: ممن «7» أنت؟ فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: «نحن من ماء» «8» ؛ ثم انصرف رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم إلى أصحابه. وأصاب علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن ~~أبي وقاص راوية «9» لقريش وفيها «10» غلام لبني العاص وغلام لمنبه بن ~~الحجاج، فأتوا بهما «11» رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله ~~عليه وسلم قائم يصلي، فقالوا لهما «12» : من أنتما؟ فقالا: نحن سقاة قريش، ~~بعثونا «13» لنسقي لهم «13» الماء، فكره «14» القوم خبر قريش ورجوا أن ~~يكونا «15» لأبي سفيان، فقالوا PageV01P164 # لهما «1» : من أنتما؟ ألا لأبي سفيان؟ فأنكرا فضربوهما، فلما آذوهما «2» ~~قالا: نحن لأبي سفيان، فأمسكوا عنهما؛ فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~من صلاته وأقبل عليهم فقال: إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما ~~«3» ! والله إنهما «4» لقريش! ثم دعاهما فقال: لمن أنتما؟ فأخبراه، ثم قال: ~~أين قريش؟ قالا «5» : خلف هذا الكثيب «6» الذي ترى بالعدوة القصوى من ~~الوادي «7» ، قال: وكم هم؟ قالا: هم كثير، قال: # ما عددهم؟ قالا: ما ندري، قال: فكم تنحر في اليوم؟ قالا: يوما عشرا ويوما ~~تسعا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم بين التسعمائة إلى الألف، ثم ~~قال لهما «8» : فمن فيهم من أشراف قريش؟» فسميا عتبة بن ربيعة وشيبة بن ~~ربيعة في رجال من قريش، وكان الذي ينحر «9» لقريش تسعة رهط من بني هاشم: ~~العباس بن عبد المطلب، ومن بني عبد شمس: عتبة بن ربيعة، ومن بني نوفل: ~~الحارث بن عامر ابن نوفل وطعيمة «10» بن عدي بن نوفل، ومن بني عبد الدار: ~~النضر بن الحارث، ومن بني أسد: حكيم بن حزام، ومن بني مخزوم: أبو جهل بن ~~هشام، ومن بني جمح: أمية بن خلف، ومن بني سهم: منبه بن الحجاج، ومن بني ~~عامر بن لؤي: # سهيل بن عمرو. # ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين فقال: «هذه مكة قد ~~ألقت إليكم أفلاذ PageV01P165 # كبدها ms073، وبعث [الله] «1» السماء فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~والمسلمين «2» ماء لبدلهم «2» الأرض، وأصاب قريشا ماء لم يقدروا أن يرتحلوا ~~معه» . # ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين وقال لهم: «سيروا على ~~بركة الله، فإنه «3» قد وعدني إحدى الطائفتين، فكأني أنظر إلى مصارع القوم، ~~ثم مضى «4» يبادر قريشا إلى الماء حتى إذا «5» [جاء] «1» أدنى من ماء بدر ~~نزل به» ، فقال حباب «6» بن المنذر ابن الجموح أحد بني سلمة: يا رسول الله! ~~أرأيت هذا المنزل؟ أمنزل «7» أنزلكه «8» الله «9» ليس لنا «9» أن نتقدمه ~~«10» ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: # بل هو الحرب والرأي والمكيدة، قال: فإن هذا ليس لك بمنزل، فانهض «11» حتى ~~نأتي «12» أدنى قليب «13» القوم فنزله «14» ثم نغور «15» ما سواه «16» من ~~القلب «17» ثم نبني «18» PageV01P166 # حوضا فنملأه «1» [ثم] «2» نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم: # «قد أشرت بالرأي؛ ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» وسار حتى [إذا ~~أتى] «2» أدنى ماء من القوم نزل «4» وبنى حوضا على القليب و «5» قذفوا فيه ~~الآنية «6» ، «7» ثم أمر بالقلب «7» فغورت» «8» ؛ فقال سعد بن معاذ: يا نبي ~~الله! [ألا] «2» نبني لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا، ~~فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان «9» ذلك ما أحببنا «9» ، وإن كان ~~علينا يا نبي الله جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك ~~«10» أقوام وما نحن بأشد حبا لك منهم، ولو ظنوا أنك تلقى «11» حربا ما ~~تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك، «12» فدعا له رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم بخير «12» ، وبنى له عريش «13» فقعد فيه رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم وأبو بكر، وارتحلت قريش حين أصبحت، فلما رآها رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم قال: «اللهم! هذه قريش قد أقبلنا بخيلائها «14» وفخرها، ~~تحادك «15» وتكذب رسلك، اللهم! فنصرك PageV01P167 # الذي وعدتني! فاحنهم «1» الغداة» . ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~عتبة بن ربيعة «2» على جمل له أحمر فقال: «إن ms074 يك «3» في أحد من القوم خير ~~ففي «4» صاحب الجمل الأحمر، إن يطيعوه يرشد» ؛ فلما نزلت قريش أقبل نفر ~~منهم حتى أقبلوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حكيم بن حزام، فقال ~~النبي صلى الله عليه وسلم: [دعوهم] «5» بما شرب رجل منهم شربة إلا قتل غير ~~حكيم بن حزام. # فلما اطمأنت قريش بعثوا عمير بن وهب الجمحي [فقالوا] «5» احزر «6» لنا ~~محمدا وأصحابه، فاستحال عمير بن وهب بفرس «7» حول العسكر، ثم رجع إليهم ~~فقال: ثلاثمائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا، ولكن امهلوني حتى أنظر ~~هل لهم من كمين أو مدد «8» ، فضرب [في] «5» الوادي حتى أبعد فلم ير شيئا، ~~فرجع إليهم «9» فقال: ما رأيت شيئا ولكني رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل ~~المنايا، نواضح «10» بثرب تحمل الموت الناقع «11» ، قوم ليس لهم «12» منعة ~~ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله! ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منا، ~~فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش «13» بعد ذلك فروا «14» رأيكم، ~~فلما سمع بذلك حكيم بن PageV01P168 # حزام مشي في الناس حتى أتى عتبة بن ربيعة فقال: يا أبا الوليد! أنت كبير ~~قريش وسيدها والمطاع فيها! فهل لك أن «1» لا تزال تذكر «1» بخير آخر الدهر! ~~قال: وما ذاك يا حكيم؟ قال: ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك «2» ، قال: قد ~~فعلت أنت على بذلك، إنما هو حليفي فعلي عقله- يعني عمرو بن الحضرمي- وما ~~أصيب من ماله، ولكن أنت ابن الحنظلية «3» ، فإني لا أخشى «7» على الناس «4» ~~غيره- يعني أبا جهل، ثم قام عتبة فقال: يا معشر قريش! إنكم والله ما «5» ~~تصنعون بأن «5» تلقوا محمدا وأصحابه، والله! لئن أصبتموه لا يزال الرجل ~~ينظر في وجه الرجل يكره «6» النظر إليه، قتل «7» ابن عمه أو «8» ابن خاله ~~أو رجلا من عشيرته «9» ، فارجعوا «10» وخلوا بينه وبين محمد وسائر العرب ~~«10» ، فإن أصابوه فذلك الذي أردتم، وإن كان غير ذلك [ألقاكم ولم] «11» ~~تعرضوا «12» منه ما تريدون؛ فجاء حكيم بن حزام أبا جهل فوجده قد نثل «13» ~~درعا له من جرابها وهو يهنئها «14» فقال ms075: يا أبا الحكم! إن عتبة ~~PageV01P169 # أرسلني إليك بذلك بكذا وكذا، فقال أبو جهل: انتفخ والله سحره «1» حين رأى ~~محمدا «1» وأصحابه، كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد! ثم ~~قال أبو جهل: اللهم! اقطعنا «2» الرحم وأتانا بما «2» لا نعرف «3» فاحنه ~~الغداة «3» ! ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي فقال: هذا حليفك عتبة يريد «4» أن ~~يرجع «5» بالناس وقد رأيت ثأرك «6» بعينك، والله ما ذلك بعتبة ولكنه قد عرف ~~أن ابنه فيهم وأن محمدا وأصحابه إنما هم أكلة جزور وقد رأيتم ثأركم «7» فقم ~~فانثل «8» مقتل أخيك، فقام عامر بن الحضرمي «9» ثم صرخ: واعمراه! واعمراه ~~«9» ! فحميت الحرب «10» وحمى الناس «11» واستوثقوا فأفسد «11» على الناس ~~الرأي الذي دعاهم إليه عتبة، فلما بلغ عتبة قول أبي جهل قال: سيعلم المصفر ~~إسته من انتفخ سحره! ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها رأسه، فما وجد في الجيش ~~بيضة تسعه من عظم هامته، فلما رأى ذلك اعتم «12» على رأسه بعمامة له، وخرج ~~الأسود بن عبد الأسد المخزومي وكان رجلا شرسا «13» فقال: أعاهد الله لأشربن ~~من حوضهم أو «14» لأهدمنه أو لأموتن دونه! فلما خرج PageV01P170 # يريد الحوض خرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فلما التقيا «1» ضربه حمزة فأطن ~~«2» قدميه بنصف ساقه وهو دون الحوض فخبا «3» إلى الحوض فاقتحم فيه واتبعه ~~حمزة بضربة أخرى فقتله في الحوض. # ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة «4» بن ربيعة وابنه الوليد بن ~~عتبة، فلما دنا إلى الصف دعا إلى البراز «5» ، فخرج إليه فتية ثلاثة «6» من ~~الأنصار: عوف ومعوذ ابنا «7» الحارث- وأمهما «8» عفراء- وابن رواحة، فسألهم ~~فقالوا: «9» رهط من الأنصار «9» ، فقال عتبة: أكفاء كرام، ما لنا بكم حاجة، ~~إنما نريد قومنا، ثم نادى مناديهم: يا محمد! اخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « [قم] «10» يا حمزة بن عبد المطلب! قم ~~«11» يا علي بن أبي طالب! قم «11» يا عبيدة بن الحارث! وكان أسن القوم ~~[فبارز] «10» عتبة بن ربيعة [وبارز حمزة شيبة بن ربيعة] «10» وبارز علي بن ~~أبي طالب الوليد بن ms076 عتبة» . # فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، ولم يمهل علي الوليد أن قتله، واختلف ~~عبيدة وعتبة بينهما ضربتان، كلاهما أثبت «12» صاحبه، وكر «13» حمزة وعلي ~~[على] «10» PageV01P171 # عتبة واحتملا صاحبهما فحازاه «1» إلى أصحابه ثم تزاحف «2» الناس ودنا ~~بعضهم من بعض، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « [لأصحابه أن] «3» لا ~~تحملوا «4» حتى آمركم، وهو في العريش مع أبي «5» بكر، ليس في العريش معه ~~غيره، وهو يناشد الله ما وعده من النصر ويقول فيما يقول: [اللهم] «3» «6» ~~إن تهلك «6» هذه العصابة «7» اليوم لا تعبد «7» » ، وأبو بكر يقول: يا رسول ~~الله! أقصر من مناشدتك الله، فإن الله موفيك «8» بما «9» وعدك، وشجع الله ~~المسلمين على لقاء عدوهم وقللهم في أعينهم حتى طمعوا فيهم، وخفق رسول الله ~~خفقة وهو في العريش ثم انتبه ثم قال: ابشر يا أبا بكر! هذا جبريل معتجر ~~بعمامة «10» يقول: أتاك نصر الله وعونه، فبعث الله الملائكة «11» مسومين، ~~فكان أبو أسيد مالك بن ربيعة [شهد بدرا قال] «12» بعد أن ذهب بصره: لو «13» ~~كنت معكم ببدر «14» الآن «15» ومعي بصري لأريتكم «16» الشعب الذي خرجت منه ~~الملائكة! لا أشك ولا أمتري «17» ؛ ولم تقاتل الملائكة في غزاة إلا ~~PageV01P172 # ببدر، وإنما كانت تنصر وتعين، وكانت عليهم عمائم بيض قد أرسلوها في ~~ظهورهم. # ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصى «1» بيده وخرج من ~~العريش فاستقبل القوم وقال: شاهت الوجوه! ثم نفخهم «2» بها ثم قال: «والذي ~~نفسي بيده! لا يقاتلهم رجل اليوم فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا ~~أدخله الله الجنة» ! فقال عمير بن الحمام «3» أحد بني سلمة وفي يده تمرات ~~«4» : يا رسول الله! أرأيت إن قاتلت حتى قتلت مقبلا غير مدبر ما لي؟ قال: ~~لك الجنة، فألقي التمرات من يده وتقدم فقاتل حتى قتل. # ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: احملوا، ومن لقي «5» ~~العباس منكم فليدعنه «6» ، فإنه أخرج مستكرها «7» ، فقال أبو حذيفة بن عتبة ~~بن ربيعة: أنقتل «8» آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس! والله لئن ~~لقيته لألجمنه «9» السيف! فبلغ رسول الله ms077 صلى الله عليه وسلم قوله فقال ~~لعمر: «يا أبا حفص! أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف» ؟ ~~فقال عمر: دعني أضرب عنقه يا رسول الله! والله لقد نافق! فكان أبو حذيفة ~~بعد ذلك يقول: ما أنا [بآمن] «10» من تلك الكلمة التي قلت، ولا أزال منها ~~خائفا إلا «11» أن تكفرها «11» عني الشهادة- فقتل يوم اليمامة شهيدا. وكان ~~العباس قد PageV01P173 # أسلم بمكة ولكنه كان خاف قومه فيكتم إسلامه فحمل أصحاب رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم على المشركين فلم يكن إلا الهزيمة، فقتل الله من قتل من ~~صناديد قريش وأسر من أسر منهم، فلما وضع «1» القوم أيديهم يأسرون «2» رأى ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد بن معاذ الكراهة، فقال له صلى ~~الله عليه وسلم: «والله يا سعد! لكأنك تكره ما يصنع الناس» ! فقال: # أجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: «كانت هذه أول وقعة أوقعها ~~الله بأهل الشرك، فكان الإثخان في القتل أعجب إلي من استبقاء «3» الرجال؛ ~~وكان ذلك يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، والمسلمون ثلاثمائة ~~وثلاثة عشر نفسا، منهم أربعة وسبعون رجلا من قريش والمهاجرين، وسائرهم من ~~الأنصار، والمشركون تسعمائة وخمسون «4» مقاتلا، فقتل من المسلمين في ذلك ~~اليوم من قريش ستة أنفس: من بني المطلب عبيدة بن الحارث بن المطلب، ومن بني ~~زهرة بن كلاب: # عمير بن أبي وقاص أخو سعد و «5» ذو الشمالين «5» ابن عبد عمرو بن نضلة ~~حليف لهم من خزاعة، ومن بني عدي بن كعب: عاقل بن البكير حليف لهم من بني ~~سعد بن ليث ومهجع «6» مولى عمر، ومن بني الحارث بن فهر: صفوان «7» بن ~~بيضاء. # وقتل من الأنصار من بني عمرو بن عوف: سعد بن خيثمة ومبشر «8» بن عبد ~~المنذر. ومن بني الحارث بن الخزرج: يزيد «9» بن الحارث وهو الذي يقال له ~~PageV01P174 # «1» ابن فسحم «1» . ومن بني سلمة: عمير بن الحمام. «2» ومن بني حبيب بن ~~عبد الحارثة بن مالك بن غضب بن جشم: رافع بن المعلى ms078 «2» . ومن بني النجار: ~~حارثة ابن سراقة بن الحارث. [ومن بني غنم بن مالك بن النجار: عوف] «3» ~~ومعوذ [ابنا الحارث بن رفاعة بن سواد وهما] «4» ابنا عفراء. # فجميع من استشهد من بني «5» قريش والأنصار أربعة عشر رجلا. # وقتل علي بن أبي طالب في ذلك اليوم الوليد بن عتبة بن ربيعة، وقتل طعيمة ~~ابن عدي بن نوفل «6» أخا طعمة «6» ، فلما علاه بالسنة «7» قال: والله! لا ~~تخلصنا في الله بعد اليوم أبدا؛ وشارك حمزة في قتل عتبة بن ربيعة، وقتل ~~عامر بن عبد الله الأنماري حليف بني عبد شمس، وقتل النضر بن الحارث بن كلدة ~~أحد بني عبد مناف، وقتل العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، وقتل عمر بن ~~الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة. # فجميع من قتل من المشركين في ذلك اليوم أربعة وسبعون رجلا وأسر مثل ذلك. # ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس أبو جهل «8» فسمع معاذ بن ~~عمرو بن PageV01P175 # الجموح وهو يطلبه جماعة من المشركين يقولون: أبا «1» الحكم! لا «2» يصلون ~~إليك «3» ، فلما سمعها علم أنه أبو جهل، جعله من شأنه وقصد «4» نحوه، فلما ~~أمكن منه حمل عليه وضربه ضربة فقطع قدمه بنصف ساقه، وكان عكرمة بن أبي جهل ~~ابنه معه فحمل على معاذ، فضربه ضربة على عاتقه طرح يده فتعلقت بجلدة «5» من ~~جنبه وترك أبا جهل، وأجهضه «6» القتال فقاتل عامة يومه وإنه يسحب «7» يده ~~خلفه «8» بجلدة منه، فلما آذته وضع عليها قدمه حتى طرحها؛ وعاش بعدها بلا ~~يد حتى كان زمن عثمان. ومر معوذ بن عفراء بأبي جهل وهو مطروح فضربه حتى أثر ~~«9» فيه وتركه وبه رمق. # ثم مر عبد الله بن مسعود فوجده بآخر رمق فعرفه فوضع رجله على عاتقه «10» ~~ثم قال: أخزاك الله «11» «12» يا عدو «12» الله! قال: وبماذا أخزاني «13» ~~هل إلا «13» رجل قتلتموه! أخبرني لمن الدائرة [اليوم] «14» ؟ فقال ابن ~~مسعود: لله ولرسوله، ولما رآه أبو جهل قد وطي عنقه «15» قال له: لقد ارتقيت ~~يا رويعى الغنم مرتقى صعبا! فاحتز PageV01P176 # عبد الله رأسه ms079 ثم جاء به فقال: يا رسول الله! هذا رأس عدو الله أبي جهل، ~~فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «آلله الذي لا إله غيره» ؟ فقال ابن مسعود: ~~نعم، والله الذي لا إله غيره! فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم على ~~ذلك: وكان عبد الرحمن بن عوف صديقا لأمية ابن خلف بمكة: أرغبت عن اسم سماك ~~أبوك؟ فيقول: نعم، فيقول أمية: فإني لا أعرف الرحمن «1» ، فاجعل بيني وبينك ~~[شيئا] «2» أدعوك [به] «2» ، أما أنت فلا تجيبني باسمك الأول وأما أنا فلا ~~أدعوك بما لا أعرف، فقال له عبد الرحمن: قل ما شئت، قال: فأنت عبد الإله، ~~فكان يسميه بمكة عبد الإله، فمر به عبد الرحمن بن عوف في المعركة وهو واقف ~~ومعه ابنه، ومع عبد أدرع يحملها، فلما رآه أمية بن خلف قال: عبد عمرو! فلم ~~يجبه عبد الرحمن، قال: يا عبد الإله! فقال: نعم، فقال: أنا خير لك من هذه ~~الأدرع التي معك، فقال عبد الرحمن: «3» نعم والله «3» «4» هو الله «4» إذا ~~«5» ! فطرح عبد الرحمن الأدرع وأخذ بيده ويد ابنه، فقال له أمية بن خلف: يا ~~عبد الإله! من الرجل منكم «6» المعلم بريشة نعامة في صدره؟ قال: ذلك حمزة ~~بن عبد المطلب، فقال: ذلك «7» الذي فعل بنا الأفاعيل، فبينما عبد الرحمن ~~يقودهما «8» إذ رآهما بلال فقال: رأس الكفر أمية بن خلف! لا نجوت إن نجا! ~~فقال عبد الرحمن: «9» أي بلال! أسيرى «9» ، فقال: لا نجوت إن نجا! فقال عبد ~~الرحمن: # أتسمع يا ابن السوداء قال: لا نجوت إن نجا! ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصار ~~PageV01P177 # الله! رأس الكفر أمية بن خلف! لا نجوت إن نجا! فأحاط به المسلمون وعبد ~~الرحمن يذب «1» عنه، فخالف «2» رجل بالسيف فضرب رجل ابنه فوقع، فقال عبد ~~الرحمن: انج بنفسك، فو الله ما أغنى عنك شيئا! فعلاهم المسلمون بأسيافهم ~~حتى فرغوا «3» منهما، فكان عبد الرحمن يقول بعد ذلك «4» : يرحم الله بلالا ~~«5» ! اذهب أدرعي وفجعني بأسيري. وأسر أبو اليسر كعب بن عمرو العباس بن عبد ~~المطلب وأوثقه، فبات ms080 رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ساهرا، فقيل ~~له «6» فقال: سمعت حنين العباس في وثاقه، فأطلق «7» من وثاقه، فقال ~~المسلمون: يا رسول الله! عليك بالعير ليس دونها شيء، فناداه وهو أسير: لا ~~يصلح! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: # « «8» ولم «8» ؟ قال: لأن الله وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك» . # ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين: «ما تقولون في هؤلاء الأسرى» ~~؟ فقال أبو بكر: # يا رسول الله! قومك وأهلك «9» استبقهم واستأنهم «10» ، لعل الله أن يتوب ~~عليهم؛ وقال عمر: كذبوك وأخرجوك قدمهم «11» قدمهم «12» فاضرب «13» أعناقهم! ~~قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال: ~~فمن تبعني فإنه مني الآية، «14» PageV01P178 # وإن مثلك يا عمر مثل نوح قال: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا- ~~الآية» «1» . # ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسر أم حكيم فليخل «2» ~~سبيلها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنها، وكان أسرها رجل من الأنصار ~~وكتفها بذوابتها «3» ، فلما سمع منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ### | ..... # «4» . # ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقليب فطرح فيه جيف المشركين، ثم ~~وقف عليهم فقال! يا أهل القليب! هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني وجدت ما ~~وعدني ربي حقا! فقال المسلمون: يا رسول الله! [تنادى] «5» قوما قد ماتوا؟ ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن كنتم تسمعونها لقد سمعوها» «6» . ~~ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضهم ثلاثا. # وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح إلى أهل المدينة، فبعث عبد ~~الله بن رواحة بشيرا إلى أهل العالية، وزيد بن حارثة إلى أهل السافلة؛ فقدم ~~زيد المدينة والناس يسوون «7» على ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية ~~التي كانت تحت عثمان، فكان عثمان استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ~~التخلف عن بدر ليقيم على امرأته رقية وهي عليلة، فإذن PageV01P179 # له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ms081 وضرب له بسهمه وحده، فلما فرغوا ~~من دفنها «1» أتاهم الخبر بفتح الله المسلمين، فجاء أسامة بن زيد أباه، وهو ~~واقف بالمصلى قد غشيه الناس وهو يقول: قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ~~وأبو الحكم بن هشام وزمعة ابن الأسود والعاص بن هشام، فقال: يا أبتاه! أحق ~~هذا؟ فقال: نعم، يا بني! فقال المنافقون: ما هذا «2» إلا أباطيل «2» ، فلم ~~يصدقوه؟ حتى جيء بهم مصفرين «3» مغللين. # وكان أول من قدم «4» مكة من قريش «4» بالخبر بمصابهم الحيسمان «5» بن «6» ~~جابس بن «6» عبد الله المدلجي «7» ، فقيل «8» له: ما وراءك؟ فقال: قتل عتبة ~~بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف؛ فقال صفوان بن ~~أمية ابن خلف: والله إن يعقل هذا بما يقول فسلوه «9» عني، فقال: ما فعل ~~صفوان بن أمية؟ قال: «10» ها هو ذلك جالس «10» في الحجر! وقد والله رأيت ~~أباه وأخاه حين قتلا «11» . # ثم قدم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب مكة، وكان أبو لهب قد تخلف عن ~~بدر وبعث مكانه العاص بن هشام، فلما رأى أبو لهب أبا سفيان بن الحارث ~~PageV01P180 # مقبلا قال: هلم يا ابن أخي فعندك الخبر «1» ، فجلس إليه والناس قيام ~~عليهما، فقال: يا ابن أخي! كيف كان أمر الناس؟ قال: لا شيء والله! إن هو ~~إلا لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا حتى قتلونا «2» كيف شاءوا وأسرونا كيف ~~شاءوا، «3» وأيم الله «3» مع ذلك ما لمت الناس لأنا لقينا رجالا بيضا «4» ~~على خيل بلق بين السماء والأرض، والله لا يقوم له شيء! فعاش أبو لهب بعد ~~هذا الخبر سبعة أيام ورماه الله بالعدسة «5» فمات فدفنوه بأعلى مكة، وكانت ~~قريش لا تبكي «6» على قتلاها مخافة أن يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~وأصحابه فيشمتوا بهم. # ولما وقع بأيدي المسلمين ما وقع من المشركين اختلفوا فكانوا ثلاثا: «7» ~~فقال الذين جمعوا المتاع: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل «7» كل ~~امرىء ما أصاب، وقال PageV01P181 # الذين كانوا يطلبون العدو: والله! لولا نحن «1» ما أصبتموه، ونحن شغلنا ~~عنكم القوم ms082 حتى أصبتم ما أصبتم، وقال الحرس الذين «2» كانوا يحرسون رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم مخافة أن يخالف إليه العدو: والله! ما أنتم أحق به ~~منا، لو أردنا أن نقبل «3» العدو حين منحونا أكتافهم وأن نأخذ المتاع حين ~~لم يكن أحد دونه فعلنا! ولكنا خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كرة ~~العدو فقمنا دونه، فما أنتم بأحق به منا! وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ~~قال لهم: من صنع كذا فله كذا، فتنازعوا في ذلك شباب الرجال وبقيت الشيوخ ~~تحت الرايات، فلما كان القائمون «4» جاؤا يطلبون الذي جعل لهم رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم، فقال الشيوخ: لا تستأثروا علينا، فإنا كنا وراءكم وكنا ~~تحت الرايات، ولو أنا «5» كشفنا لكشفتم «5» إلينا، فتنازعوا فأنزل الله ~~تعالى يسئلونك عن الأنفال «6» - إلى آخر السورة، فانتزع الله ذلك من أيديهم ~~وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فولى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم الغنائم عبد الله بن كعب المازني «7» . # ثم رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر بعد ثلاث يريد المدينة وحمل ~~الأسارى معه، فلما انحدر من بدر إذا بطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد قد ~~أقبلا من الحوران، PageV01P182 # فضرب لهما النبي صلى الله عليه وسلم بسهميهما وأجرهما، فلما «1» بلغ ~~النبي صلى الله عليه وسلم الصفراء «2» وبينهما وبين المدينة ثلاث ليال أمر ~~بقتل النضر بن الحارث وكان أسيرا، قتله علي بن أبي طالب، فلما بلغ عرق ~~الظبية «3» قتل عتبة بن أبي معيط «4» فقال عتبة لرسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: # من «5» للصبية يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «النار» . # ثم قسم الغنائم بين الناس بالصفراء، وبين الصفراء وبين بدر سبعة عشر ~~ميلا، قسمها «6» على من حضر بدرا وأخذ سهمه مع المسلمين. # ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم «7» أقبل إلى المدينة «7» قبل ~~الأسارى بيوم ثم قدم بالأسارى يوم الثاني، فلما بلغوا الروحاء لقيهم ~~المسلمون يهنؤونهم «8» بفتح الله عليهم، فقال سلمة بن سلامة «9» بن ms083 وقش ~~«10» : ما الذي تهنئون «11» به! والله إن لقينا إلا عجائز صلعا كالبدن ~~المعلقة ننحرها «12» ! فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «يا ابن ~~أخي! أولئك الملأ من قريش» . PageV01P183 # ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب: افد «1» نفسك ~~وبني أخيك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، وحليفك عتبة بن عمر «2» أحد ~~بني الحارث ابن فهر، فإنك ذو «3» مال؛ فقال يا رسول الله! إني كنت مسلما ~~ولكن القوم استكرهوني «4» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أعلم ~~بإسلامك، إن يكن ما تذكر [حقا] «5» فالله يجزيك بذلك، فأما «6» ظاهر أمرك ~~فكان علينا فافد نفسك، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ منه عشرين ~~أوقية من ذهب» ، فقال العباس: يا رسول الله! «7» فاحسبها من فدائي «7» ، ~~قال: # «لا، ذلك شيء «8» أعطانا الله «8» منك» ، فقال العباس: فإنه ليس لي مال، ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين المال الذي وضعته بمكة حين خرجت ~~عند أم الفضل بنت الحارث فليس معكما أحد فقلت لها: إن أصبت «9» في سفري ~~فللفضل كذا ولقثم كذا ولعبد الله كذا» ؟ # قال: فو الذي بعثك بالحق! ما علم بهذا أحد من الناس غيري وغيرها، وإني ~~لأعلم أنك رسول الله «10» . # ثم بعث قريش في فك الأسارى جبير بن مطعم إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم فقتل النبي صلى الله عليه وسلم من قتل منهم وفادى من فادى منهم، ومن ~~لم يكن له مال من «11» عليهم، وفادى من كان من العرب فيهم بأربعين أوقية، ~~من كان منهم من الموالي بعشرين أوقية في غزوة بدر، ونزلت لولا كتاب من الله ~~سبق لمسكم- إلى قوله: فكلوا مما PageV01P184 # غنمتم حلالا طيبا «1» . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لم تحل الغنائم ~~لقوم سود الرءوس من قبلكم، وذلك أن الله جل وعلا رأى ضعفكم فطيبها لكم، ~~وكانت الغنائم فيما قبل تنضد فتجيء النار فتأكلها. ### | ذكر عدد وتسمية من شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ms084 # أخبرنا الحسن بن سفيان أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون أنا ~~حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما ~~شئتم فقد غفرت لكم» «2» . # قال: شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار ~~ثلاثمائة وثلاثة «3» عشر نفسا- عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر- ~~وإني ذاكر ما يحضرني من أساميهم على قبائلهم، لكيلا يبعد على سالك سبيل ~~العلم الوقوف على أساميهم إن وقفه الله لذلك. # فنبدأ من ذلك من شهد منهم بدرا من قريش، ثم من بني هاشم ومن بني المطلب ~~ابنى «4» عبد مناف: حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم، وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب، وزيد بن حارثة بن ~~شرحبيل «5» بن كعب بن عبد العزى بن يزيد بن امرىء القيس الكلبي، وأنسة «6» ~~PageV01P185 # مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو كبشة «1» مولى رسول الله، وأبو ~~مرثد كناز «2» بن حصين «3» ابن يربوع بن عمرو بن يربوع بن خرشة «4» بن سعد ~~بن ظريف «5» بن جلان «6» بن غنم بن غني بن يعصر «7» [بن] «8» سعد بن قيس ~~«9» بن عيلان «10» بن مضر، وابنه مرثد بن أبي مرثد حليفا حمزة «11» بن عبد ~~المطلب، [و] «8» حصين بن الحارث بن المطلب، ومسطح بن أثاثة «12» بن المطلب، ~~ومن بني تيم «13» بن مرة بن كعب: أبو بكر الصديق واسمه عبد الله بن عثمان ~~بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم «14» بن مرة، وبلال بن رباح «15» ~~مولى أبي بكر، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، وطلحة بن عبيد الله بن عثمان ~~بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، لم يحضر بدرا، كان النبي صلى الله ~~عليه وسلم بعثه لتجسس «16» الخبر، فوافاهم وقد فرغ النبي صلى الله عليه ~~وسلم من بدر؛ وضرب له بسهمه ms085. PageV01P186 # ومن بني عدي بن كعب بن لؤي: عمر بن الخطاب بن نفيل «1» بن عبد العزى ابن ~~رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح «2» بن عدي بن كعب بن لؤي، وأخوه زيد بن ~~الخطاب بن نفيل، ومهجع مولى عمر بن الخطاب وهو أول قتيل قتل ببدر، وعامر ~~ابن ربيعة، وعمرو بن سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة «3» بن رباح بن عدي ~~بن كعب، وأخوه عبد الله بن سراقة، وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين ~~بن ثعلبة ابن يربوع بن «4» حنظلة بن زيد مناة بن تميم، وخولى «5» بن أبي ~~خولى، وعاقل بن البكير، وإياس بن البكير، وخالد بن البكير بن عبد ياليل بن ~~ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث، وسعيد بن زيد بن عمرو وبن نفيل بن عبد العزى ~~بن رياح «6» بن عبد الله بن قرط بن رياح [بن رزاح] «7» بن عدي بن كعب بن ~~لؤي، لم يحضر بدرا، كان مع طلحة، بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~يتجسسان خبر العير فوافيا، وقد فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر ~~فضرب لهما بسهميهما وأجرهما. # ومن بني عبد شمس بن عبد مناف: عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ابن ~~عبد شمس بن عبد مناف، تخلف بالمدينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ~~امرأته رقية، وكانت عليلة، أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، ~~وضرب له بسهمه وأجره؛ وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. # ومن حلفائهم: عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير ~~«8» بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، وعكاشة بن محصن بن حرثان بن ~~PageV01P187 # قيس بن مرة بن كبير «1» بن غنم، [وشجاع بن وهب بن ربيعة] «2» ، وأخوه «3» ~~عقبة بن وهب «3» بن ربيعة، ويزيد بن رقيش «4» بن رئاب «5» بن يعمر بن صبرة ~~بن مرة بن كبير «6» بن غنم، وأبو سنان أخو عكاشة بن محصن بن حرثان ms086، وابنه ~~«7» سنان بن أبي سنان، ومحرز بن نضلة «8» بن عبد الله بن مرة بن كبير بن ~~غنم، وربيعة بن أكثم «9» ابن عمرو بن بكير «10» بن عامر «11» بن غنم، ومالك ~~«12» بن عمرو. # ومن بني زهرة بن كلاب: عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث ابن زهرة ~~بن كلاب، وسعد بن أبي وقاص «13» بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ~~وعمير بن أبي وقاص بن أهيب أخو سعد. # ومن حلفائهم المقداد «14» بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن ~~مطرود بن عمرو «15» بن سعد بن «15» زهير بن ثور «16» بن ثعلبة بن مالك بن ~~الشريد، PageV01P188 # ومسعود بن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى «1» بن حمالة بن غالب بن ~~محلم ابن عائذة «2» بن الهون بن خزيمة من «3» القارة، وذو الشمالين «4» بن ~~عبد عمرو ابن نضلة «5» بن غبشان «6» بن سليم بن مالك بن أفصى «7» بن حارثة ~~بن عمرو بن عامر بن خزاعة، وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم ~~بن صاهلة بن كاهل «8» بن الحارث بن سعد بن هذيل «9» ، وخباب بن الأرت «10» ~~، وصهيب «11» بن سنان بن عبد عمرو بن الطفيل بن عامر بن جندلة «12» . # ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي: الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن ~~عبد العزى بن قصي، وحاطب بن أبي بلتعة، وسعد مولى حاطب «13» . # ومن بني نوفل بن عبد مناف: عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك ~~بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة، وخباب مولى عتبة بن غزوان. # ومن بني عبد الدار بن قصي: مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن ~~PageV01P189 # عبد الدار بن قصي، وكان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر قتل ~~يوم أحد، وسويبط بن سعد بن حرملة «1» بن مالك بن عميله بن السباق «2» بن ~~عبد الدار بن قصي «3» . # ومن بني مخزوم بن يقظة: أبو سلمة «4» بن عبد الأسد بن هلال بن عبد ms087 الله ~~بن عمر بن مخزوم، وشماس بن عثمان بن الشريد بن هرمي «5» بن عامر بن مخزوم، ~~والأرقم بن أبي الأرقم واسم أبي الأرقم عبد مناف بن أسد بن عبد الله بن عمر ~~بن مخزوم، وعمار بن ياسر، ومعتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف. # ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي: عثمان بن مظعون «6» ابن حبيب ~~بن حذافة بن جمح، وقدامة بن مظعون «6» ، وعبد الله [بن] «7» مظعون «6» ابن ~~حبيب «8» ، ومعمر بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب. # ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص: خنيس «9» بن [حذافة بن] «7» قيس بن عدي بن ~~سعد «10» بن سهم. # ومن بني عامر بن لؤي: «11» ابن غالب بن مالك بن حسل «11» ، وعبد الله بن ~~PageV01P190 # مخرمة بن عبد العزى بن أبي القيس بن عبدود بن نصر «1» بن مالك بن حسل، ~~وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبدود، وعمير «2» بن عوف مولى «3» ~~سهيل ابن عمرو، وسعد بن خولة «4» حليف له «5» . # ومن بني الحارث بن فهر: أبو عبيدة بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله بن ~~الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، [وعمرو بن الحارث بن زهير ~~بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث، وسهيل بن وهب بن ~~ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث، وأخوه صفوان بن وهب] «6» وهما ~~ابنا بيضاء أمهما، وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب «5» . # فجميع من شهد بدرا من المهاجرين «7» ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم بسهمه وأجره من قريش ثلاثة وثمانون رجلا. # وممن شهد بدرا «8» من الأنصار ثم «9» من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث ~~بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس «10» : سعد بن معاذ بن النعمان ابن ~~امرىء القيس بن [زيد بن] «11» عبد الأشهل، وعمرو بن معاذ بن النعمان بن ~~PageV01P191 # امرىء القيس أخوه، والحارث بن أوس بن معاذ ms088 بن النعمان، والحارث بن أنس ~~ابن رافع بن امرىء القيس، وسعد بن زيد بن مالك بن كعب بن عبد الأشهل، وسلمة ~~بن سلامة بن وقش «1» بن زغبة «2» بن زعوراء «3» بن عبد الأشهل، وعباد بن ~~بشر «4» بن وقش، «5» وسلمة بن ثابت «5» بن وقش، ورافع بن يزيد بن [كرز بن] ~~«6» السكن بن زعوراء «3» بن عبد الأشهل، والحارث بن خزمة «7» بن عدي بن أبي ~~غنم ابن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الحارث بن الخزرج، ومحمد بن مسلمة ~~ابن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث «8» حليف لهم، وسلمة بن أسلم ~~ابن حريش بن عدي بن مجدعة حليف لهم، وأبو الهيثم بن التيهان اسمه مالك، ~~وعبيد بن التيهان حليف لهم، وعبد الله بن سهل «9» . # ومن بني سواد «10» بن كعب: قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر، وعبيد بن ~~أوس بن مالك بن سواد «10» . # «11» ومن بني رزاح «11» بن كعب «12» : نصر «13» بن الحارث، وعبد الله بن ~~PageV01P192 # طارق، ومعتب بن عبيد «1» حليفان لهم. # ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج [بن] «2» عمرو بن مالك بن الأوس «3» : ~~مسعود بن سعد بن عامر بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة بن الحارث، وأبو عبس ~~اسمه عبد الرحمن بن جبر «4» بن عمرو بن [زيد بن] «2» جشم ابن [مجدعة بن] ~~«2» حارثة بن الحارث، وأبو بردة بن نيار واسمه هانىء حليف لهم. # ومن بني عمرو بن عوف ثم من بني ضبيعة «5» بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو ~~بن عوف «6» : عاصم بن ثابت بن «7» أبي الأقلح «7» - وأبو الأقلح «8» قيس- ~~بن عصمة بن مالك بن أمية «9» بن ضبيعة «5» ، ومعتب بن قشير بن مليل «10» بن ~~زيد بن العطاف «11» ، وعمرو بن معبد بن الأزعر بن زيد بن العطاف «11» ، ~~وسهل بن حنيف ابن واهب بن العكيم «12» بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث بن ~~عمرو. # ومن بني أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف: مبشر بن عبد ~~PageV01P193 # المنذر بن زنبر «1» ، وسعد بن عبيد بن النعمان بن ms089 قيس بن عمرو بن زيد بن ~~أمية، وعويم «2» بن ساعدة بن «3» عائش بن قيس «3» ، ورافع بن عنجدة «4» ، ~~وعبيد «5» بن أبي عبيد «5» ، وثعلبة بن حاطب «6» ، وقد قيل إن أبا لبابة بن ~~عبد المنذر والحارث بن حاطب شهدا بدرا. # ومن بني عبيد بن زيد بن مالك: أنيس بن قتادة بن ربيعة بن خالد بن الحارث ~~بن عبيد، وسالم مولى بنت يعار «7» وهو الذي يقال له سالم مولى أبي حذيفة بن ~~عتبة، وكانت بنت يعار «7» تحت أبي حذيفة بن عتبة. # ومن حلفائهم: معن بن عدي بن الجد «8» بن عجلان، وربعي بن رافع بن «9» زيد ~~بن حارثة بن الجد «9» بن عدي بن العجلان «10» ، وقد قيل: إن عاصم بن عدي ~~ابن الجد «8» بن العجلان رده «11» النبي صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه. # ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف: عبد الله «12» بن جبير بن النعمان. وعاصم ~~ابن قيس، وأبو ضياح «13» بن ثابت، وسالم بن عمير، والحارث بن النعمان بن ~~أبي PageV01P194 # خزمة «1» ، وخوات «2» بن جبير بن النعمان. # ومن بني جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف «3» : المنذر بن محمد ابن ~~عقبة بن أحيحة بن الجلاح «4» بن الحريش «5» بن جحجبي، وأبو عقيل بن عبد ~~الله بن ثعلبة بن بيحان «6» بن عامر بن الحارث بن مالك بن [عامر بن أنيف] ~~«7» حليف له. # ومن بني غنم بن السلم بن [امرىء القيس بن] «7» مالك بن الأوس بن [حارثة] ~~«8» : سعد بن خيثمة «9» ، والمنذر بن قدامة، ومالك بن قدامة، وابن «10» ~~عرفجة، وتميم «3» مولى بني «11» غنم بن سلم. # ومن بني معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف: جابر بن عتيك بن الحارث ~~بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية، والنعمان بن عصر «12» حليف له ~~من بلى «13» ، ومالك بن نميلة «14» حليف لهم. PageV01P195 # ومن بني الحارث بن الخزرج: عبد الله بن رواحة بن [ثعلبة بن] «1» امرىء ~~القيس بن ثعلبة، وخارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرىء القيس، وخلاد ~~ابن سويد بن ثعلبة بن عمرو ms090 بن حارثة بن امرىء القيس. # ومن بني زيد بن مالك بن ثعلبة: بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس «2» بن زيد ~~ابن مالك، وسبيع بن قيس بن عيشة بن مالك، وعبادة بن قيس، وسماك بن سعد، ~~وعبد الله بن عبس «3» # ، ويزيد بن الحارث ابن قيس و [هو الذي يقال له] «4» «5» ابن فسحم «5» . # ومن بني جشم بن الحارث: عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد [ربه] «6» بن ~~زيد ابن الحارث بن الخزرج الذي رأى النداء في النوم، وأخوه حريث بن زيد بن ~~ثعلبة، وخبيب بن إساف بن عنبة «7» بن عمرو بن خديج «8» بن عامر بن جشم، «9» ~~وسفيان بن بشر «9» . # ومن بني جدارة «10» بن عوف بن الحارث بن الخزرج «11» : «12» زيد بن المري ~~«12» PageV01P196 # ابن قيس بن عدي بن أمية بن جدارة «1» ، وتميم بن يعار «2» بن قيس بن [عدي ~~بن] «3» أمية بن جدارة «1» ، وعبد الله بن عمير بن حارثة «4» . # ومن بني الأبحر بن عوف: عبد الله بن الربيع بن قيس بن عمرو «5» بن عباد ~~ابن الأبجر. # ومن بني عوف بن الخزرج: عبد الله بن عبد الله بن أبي [بن] «3» مالك بن ~~الحارث بن عبيد بن مالك، وأوس بن خولي بن عبد الله بن الحارث بن عبيد بن ~~مالك. # ومن بني جزء «6» بن عدي بن مالك بن سالم «7» : زيد «8» بن وديعة بن «9» ~~عمرو بن قيس بن جزء «6» ، ورفاعة بن عمرو بن زيد، وعقبة بن وهب بن كلدة، ~~وعامر بن سلمة بن عامر حليفان لهم، ومعبد بن عباد بن قشعر «10» بن المقدم ~~«11» بن سالم بن غنم ويكنى معبد أبا خميصة، وعامر بن البكير «12» حليفه. # ومن بني سالم بن عوف بن عمرو بن [عوف بن] «13» الخزرج: نوفل بن ~~PageV01P197 # عبد الله بن نضلة «1» بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم، ومليل ~~بن وبرة «2» ابن خالد بن العجلان بن زيد، و «3» عتبان «4» بن مالك بن عمرو ~~بن العجلان، وعصمة بن الحصين بن «5» وبرة بن خالد «5» بن العجلان. # ومن بني قربوس «6» بن غنم: أمية بن لوذان ms091 بن سالم بن ثابت بن هزال بن ~~عمرو «7» بن قربوس «8» . # ومن بني أصرم بن فهر [بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف: عبادة بن الصامت ~~بن قيس بن أصرم، وأخوه أوس بن الصامت. # ومن بني دعد بن فهر بن ثعلبة بن غنم] «9» : النعمان بن مالك بن ثعلبة بن ~~دعد «10» وهو من الذين يقال لهم القواقل «11» . # ومن بني مرضخة بن غنم بن [عوف] «12» : مالك بن الدخشم بن مالك بن [الدخشم ~~بن] «13» مرضخة بن غنم. PageV01P198 # ومن بني لوذان بن غنم: الربيع بن إياس بن عمرو بن غنم بن أمية بن لوذان، ~~وورقة «1» بن إياس، وعمرو «2» بن إياس. # ومن حلفائهم: «3» المجذر بن زياد «3» بن عمرو بن زمزمة «4» بن عمرو بن ~~عمارة «5» ، و «6» عباد بن الخشخاش «6» بن عمرو بن زمزمة «7» ، وعبد الله ~~بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم، ونحاب «8» بن ثعلبة بن خزمة «9» بن أصرم، وعتبة ~~بن «10» ربيعة بن خالد «11» بن معاوية حليف لهم. # ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج: أبو دجانة واسمه سماك بن أوس بن خرشة بن ~~لوذان بن عبدود بن [زيد بن] «12» ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة، والمنذر ابن ~~عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبدود بن زيد بن ثعلبة. # ومن بني البدن «13» : عامر «14» بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج، وأبو ~~PageV01P199 # أسيد «1» مالك بن ربيعة بن البدن، ومالك بن مسعود. # ومن بني طريف بن الخزرج: عبد الله «2» بن حق بن أوس بن وقش «3» بن ثعلبة ~~بن طريف. # ومن حلفائه: كعب بن حمار «4» بن ثعلبة بن خالد، وبسبس بن عمرو، وضمرة، ~~وزياد. # ومن بني جشم بن الخزرج: خراش بن الصمة بن عمرو بن الجموح «5» بن [زيد ~~ابن] «6» حرام «7» بن كعب بن غنم «8» بن [كعب بن] «9» سلمة، وتميم مولى ~~خراش «10» بن الصمة، وعبد الله بن عمرو بن حرام «11» بن ثعلبة بن حرام «11» ~~، بن كعب، وعمير بن الحمام بن الجموح بن [زيد بن] «12» حرام «11» بن كعب ~~«13» ، والحباب بن المنذر بن الجموح بن [زيد بن] «14» حرام «11» بن كعب، ~~ومعاذ ms092 بن عمرو بن الجموح، ومعوذ ابن عمرو بن الجموح، وخلاد بن عمرو بن ~~الجموح «15» ، وعقبة بن عامر بن PageV01P200 # نابىء «1» بن زيد بن حرام، وحبيب «2» بن الأسود مولاهم، وثابت بن ثعلبة ~~بن زيد ابن الحارث بن حرام «3» وهو الذي يقال له الجذع «4» ، وعمير بن ~~الحارث بن ثعلبة. # ومن بني عبيد [بن عدي] «5» بن غنم: عبد الله بن الجد بن قيس بن صخر بن ~~خنساء، وبشر بن البراء بن معرور بن صخر بن خنساء، وسنان بن صيفي «6» بن صخر ~~بن خنساء، والطفيل بن النعمان بن خنساء، وعبد الله بن حمير وخارجة بن حمير ~~حليفان لهم من أشجع. # ومن بني النعمان بن سنان بن عبيد بن «7» عدي بن غنم: جابر بن عبد الله بن ~~رئاب «8» بن النعمان بن سنان، وعبد الله بن عبد مناف بن النعمان بن سنان، ~~«9» وخليدة «9» ، بن قيس بن النعمان بن سنان. # ومن بني خناس: «10» جبار بن صخر بن أمية بن خناس «10» ، ويزيد بن المنذر ~~بن سرح بن خناس، وعبد الله بن النعمان بن بلدمة «11» بن خناس، والضحاك «12» ~~بن PageV01P201 # حارثة بن زيد بن ثعلبة، وسواد بن زريق «1» بن ثعلبة «2» ، ومعبد بن قيس ~~بن صخر ابن حرام «3» ، وعبد الله بن قيس بن صخر بن حرام «3» . # ومن بني سواد «4» بن غنم بن كعب: سليم بن عمرو بن حديدة «5» بن عمرو ابن ~~سواد «4» ، وقطبة بن عامر بن حديدة «6» ، ويزيد بن عامر بن حديدة «6» أبو ~~المنذر، وعنترة مولى «7» سليم بن عمرو. # ومن بني عدي بن نابي بن عمرو بن سواد «8» بن كعب «9» : معاذ بن جبل بن ~~عمرو بن عائذ بن عدي بن كعب بن [عمرو بن] «10» أدى «11» بن سعد بن علي بن ~~أسد ابن ساردة «12» بن تزيد بن جشم، وعبس بن عامر بن عدي بن نابي، وثعلبة ~~بن غنمة «13» بن «14» عدي، وأبو اليسر كعب بن عمرو «15» بن عباد بن عمرو بن ~~سواد «16» ، وعبد الله بن أنيس، وعمرو بن طلق بن زيد بن أمية بن سنان بن ~~كعب، PageV01P202 # وسهل بن قيس بن أبي «1» كعب بن ms093 القين بن كعب. # ومن بني [زريق بن] «2» عامر بن زريق «3» : سعد «4» بن عثمان بن خلدة «5» ~~بن مخلد، والحارث «6» بن قيس بن خالد بن مخلد، وجبير بن إياس بن خالد بن ~~مخلد، وعباد بن قيس بن عامر بن خالد بن عامر «7» بن زريق «8» ، «9» وأسعد ~~بن يزيد ابن «9» الفاكه بن زيد بن خلدة بن عامر، والفاكه بن «10» بشر بن ~~«10» الفاكه بن زيد بن خلدة، و «11» عائذ بن ماعص «11» بن قيس بن خلدة، ~~وأخوه معاذ بن ماعص، ومسعود بن سعد بن قيس بن خلدة. # ومن بني العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق «12» : رفاعة بن رافع بن مالك ~~ابن العجلان، وأخوه خلاد بن رافع، وعبيد بن زيد بن عامر بن العجلان. # ومن بني بياضة بن عامر بن زريق «12» : زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن ~~عامر بن عدي بن أمية بن بياضة، وفروة بن عمرو بن وذفة «13» بن عبيد «14» بن ~~عامر PageV01P203 # ابن بياضة، ورخيلة بن ثعلبة بن عامر بن بياضة، وخالد بن قيس بن مالك بن ~~العجلان بن عامر بن بياضة، وخليفة «1» [بن] «2» عدي بن «3» عمرو مالك بن ~~عامر بن فهيرة ابن بياضة «3» . # ومن بني حبيب بن عبد «4» حارثة: رافع بن المعلى بن لوذان «5» بن حارثة بن ~~«6» عدي بن زيد بن ثعلبة بن «6» زيد مناة بن حبيب بن [عبد] «7» حارثة. # ومن بني النجار «8» وهو تيم الله بن ثعلبة «8» بن عمرو بن الخزرج: أبو ~~أيوب خالد بن زيد بن كليب «9» بن ثعلبة بن عبد «10» عوف بن غنم. # ومن بني [عمرو بن] «11» عبد «10» عوف: عمارة بن حزم بن زيد بن لوذان، ~~وسراقة بن كعب بن عبد العزى بن غزية «12» ، وثابت بن خالد بن النعمان بن ~~خنساء ابن عسيرة. # ومن بني [عبيد بن] «13» ثعلبة بن غنم بن مالك: حارثة بن النعمان بن رافع ~~بن PageV01P204 # زيد بن عبيد، وسليم بن قيس بن قهد «1» - واسم قهد «1» خالد «2» - بن قيس ~~بن ثعلبة ابن «3» عبيد بن ثعلبة. # ومن بني عائذ «4» بن ثعلبة بن غنم بن مالك: سهيل بن رافع ms094 بن أبي عمرو بن ~~عائذ بن ثعلبة، وعدي بن أبي الزغبا «5» حليف لهم. # ومن بني زيد بن ثعلبة بن غنم: مسعود بن أوس [بن زيد، وأبو خزيمة بن أوس ~~بن زيد] «6» بن أصرم بن زيد بن ثعلبة، ورافع بن الحارث بن سواد بن زيد. # ومن بني سواد بن مالك بن غنم: عوف بن الحارث، ومعوذ بن الحارث، ومعاذ بن ~~الحارث، ورفاعة بن الحارث بن سواد- وأمهم عفراء، والنعمان «7» بن عمرو بن ~~رفاعة بن الحارث بن سواد، [وعامر بن مخلد بن الحارث بن سواد] «8» ، وعبد ~~الله بن قيس بن زيد «9» بن سواد، وقيس بن عمرو بن قيس «10» ، وثابت بن عمرو ~~بن زيد، وعصيمة، ووديعة بن عمرو حليفان لهم. # ومن بني عامر بن مالك بن النجار ثم من بني عتيك بن عمرو بن مبذول: # ثعلبة بن عمرو بن محصن بن عمرو بن عتيك، [وسهل بن عتيك بن النعمان ابن ~~عمرو بن عتيك، والحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك] «11» كسر به PageV01P205 # بالروحاء فرجع فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه. # ومن بني قيس بن عبيد بن زيد: [أبي بن كعب بن قيس بن عبيد] «1» ، وأنس ابن ~~معاذ بن أنس بن قيس بن عبيد. # ومن بني عدي بن عمرو بن مالك بن النجار: أبو طلحة واسمه زيد بن سهل ابن ~~الأسود بن حرام «2» بن عمرو «3» بن زيد مناة بن عدي، وأوس بن ثابت بن ~~المنذر ابن حرام «2» بن عمرو بن زيد مناة، وأبو شيخ بن ثابت بن المنذر «4» ~~أخوه «5» . # ومن بني عدي [بن النجار ثم من عدي] «6» بن عامر بن غنم بن النجار: # [حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر، و] «7» عمرو ~~بن ثعلبة بن وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر، و «8» عمرو أبو خارجة «8» ~~بن قيس ابن «9» مالك بن عدي بن عامر «9» وسليط «10» بن قيس بن [عمرو بن ~~عتيك بن] «11» مالك ابن عدي، وأبو سليط اسمه أسيرة، وثابت بن خنساء «12» بن ~~عمرو ms095 بن مالك بن PageV01P206 # عدي، وعامر بن أمية بن زيد بن الحسحاس «1» بن مالك بن عدي «2» ، وسواد بن ~~غزية بن وهيب «3» حليف لهم. # ومن بني حرام «4» بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار: أبو الأعور ~~[كعب بن] «5» الحارث بن ظالم بن عبس بن حرام بن جندب وقيس بن السكن بن [قيس ~~بن] «6» زعور «7» بن حرام، وسليم بن ملحان، وحرام بن ملحان- واسم ملحان ~~مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب. # ومن بني مازن بن النجار ثم من بني عوف بن مبذول «8» : قيس بن أبي صعصعة- ~~واسم [أبي] «9» صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول، [وعبد الله ابن كعب بن ~~عمرو بن عوف] «10» وعصيمة «11» حليف لهم. # ومن بني ثعلبة بن «12» مازن: قيس بن مخلد بن ثعلبة بن صخر بن حبيب بن ~~الحارث بن ثعلبة بن مازن. # ومن بني مسعود بن عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار: النعمان بن ~~عبد عمرو بن مسعود بن عبد الأشهل، والضحاك بن عبد عمرو بن مسعود، وسليم ~~PageV01P207 # ابن الحارث بن ثعلبة بن كعب بن حارثة أخوهما لأمهما «1» ، وجابر بن خالد ~~«2» بن عبد الأشهل بن حارثة، وسعد «3» بن سهل بن عبد الأشهل. # ومن بني قيس بن مالك: كعب بن زيد بن مالك «4» بن كعب بن حارثة، وبجير بن ~~أبي بجير حليف لهم. # فجميع من شهد بدرا من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة ~~وثلاثة «5» عشر رجلا، «6» ثلاثة وثمانون رجلا من المهاجرين وستون رجلا من ~~الأوس «7» ، ومائة وسبعون رجلا من الخزرج. # ثم كان قتل عصماء، والعصماء هذه بنت مروان من بني أمية بن زيد، زوجها زيد ~~«8» بن الحصن الخطمي، كانت تحرض على المسلمين وتؤذيهم «9» وتقول الشعر، ~~فجعل عمير «10» بن عدي عليه نذرا لئن رد الله رسوله سالما من بدر ليقتلنها، ~~فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعد فراغه من بدر عدا عمير بن ~~عدي على عصماء فدخل عليها في جوف «11» [الليل] «12» لخمس ليال بقين من ~~رمضان ms096 فقتلها، ثم لحق PageV01P208 # بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فصف مع الناس وصلى معه الصبح وكان صلى الله ~~عليه وسلم يتصلخهم «1» ، إذا قام يريد الدخول إلى منزله فقال لعمير «2» بن ~~عدي: أقتلت عصماء؟ قال: نعم يا رسول الله! هل علي في قتلها شيء؟ فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: « «3» لا ينتطح فيها عنزان «3» » . # ومات «4» أبو قيس بن الأسلت «5» في آخر شهر رمضان. # ثم خطب النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفطر بيوم «6» ، وأمرهم بزكاة ~~الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، ثم خرج «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~إلى الفضاء والعنزة ركزت بين يديه وصلى إليها من غير أذان ولا إقامة ~~ركعتين، ثم خطب خطبتين بينهما جلسة، وكانت العنزة «8» للزبير بن العوام ~~أعطاها إياه «9» النجاشي، فوهبها الزبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ### | ثم «10» كانت غزوة بني قينقاع # في شوال، وذلك «11» أن المسلمين لما قدموا المدينة وادعتهم اليهود أن ~~«12» لا يعينوا عليهم «12» أحدا، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ~~قتل بدر ورجع إلى المدينة PageV01P209 # أظهروا البغي وقالوا: لم يلق محمد أحدا [من] «1» يحسن القتال، لو لقينا ~~للقي «2» عندنا قتالا لا يشبه «3» قتالهم، فأنزل الله وإما تخافن من قوم ~~خيانة فانبذ إليهم «4» الآية. # فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، يحمل لواءه حمزة بن عبد ~~المطلب، واستخلف على المدينة أبا لبابة «5» بن عبد المنذر، حتى أتاهم ~~فحاصرهم خمس عشرة «6» ليلة لا يطلع منهم أحد، ثم نزلوا على حكم رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتفوا «7» ~~وأراد «7» قتلهم، فكلمه فيهم عبد الله بن أبي «8» وأخذ بجمع «8» درع «9» ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما أنا بمرسلك حتى تهبهم «10» لي، فقال ~~النبي صلى الله عليه وسلم: «خلوا عنهم» ! ثم أمر بإجلائهم. وغنم رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم والمسلمون ما كان لهم من مال، وكانوا صاغة «11» لم يكن ~~لهم الأرضون ولا قراب «12» ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحهم ms097 ~~PageV01P210 # وآلة صياغة «1» ، وولى أكثر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن ~~مسلمة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت أن يجليهم ~~ويخرجهم بذراريهم من المدينة، فمضى بهم عبادة حتى بلغوا ذباب «2» وأجلاهم. ~~وهذه الغنيمة أول خمس «3» خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام، ~~أخذ منهم صفيه «4» وخمسه «5» ، وقسم أربعة أخماسا «6» على المسلمين. ### | ثم كانت غزوة السويق # في ذي القعدة «7» . وذلك أن أبا سفيان لما رجع من الشام بالعير وأفلت بها ~~نذر أن النساء والدهن عليه حرام حتى يطلب ثأره من محمد صلى الله عليه وسلم ~~وأصحابه، فخرج في مائتي راكب حتى أتى بني النضير وسلك النجدية ودق على حي ~~بن أخطب بابه، فأبى أن يفتح له، ودق على سلام من مشكم ففتح له فقراه وسقاه ~~خمرا، وأخبره سلام بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأخبار المدينة. # فلما كان في السحر خرج فمر بالعريض، فإذا رجل معه أجير له معبد بن عمرو ~~من المسلمين فقتلهما وحرق أبياتا «8» هناك وتبنا «9» ورأى أن يمينه قد بر؛ ~~فجاء «10» الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم في أثره في مائتي رجل من PageV01P211 # المهاجرين والأنصار، واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر، ~~فأعجزهم أبو سفيان «1» ، وكان هو وأصحابه عامة زادهم السويق، فجعلوا يلقون ~~«2» السويق يتخففون بذلك، فسميت هذه الغزوة «غزوة السويق» ورسول الله صلى ~~الله عليه وسلم في أثرهم، فلما أعجزهم ولم يلحقهم رجع رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم إلى المدينة. # ومات أبو السائب عثمان بن مظعون «3» في ذي الحجة «4» . ثم ضحى رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم فخرج بالناس إلى المصلى، وهي أول ضحية ضحى رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم، ذبح كبشين أملحين أقرنين بيده، ووضع رجله على صفاحهما ~~وسمى وكبر، وضحى المسلمون معه. ثم بنى علي بفاطمة بنت رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم في ذي الحجة. ### | السنة الثالثة من الهجرة # أخبرنا أحمد «5» بن علي ms098 بن المثنى ثنا أبو يعلى بالموصل ثنا إسحاق «6» بن ~~إبراهيم بن أبي إسرائيل ثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله ~~يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لكعب بن الأشرف؟ «7» فإنه قد آذى ~~الله ورسوله» ! فقال له محمد بن مسلمة «8» : أنا له «9» يا رسول الله! «10» ~~أتأذن لي أقول شيئا؟ # قال: «بلى» ، فأتاه فقال: إن هذا سألنا صدقة في أموالنا، قال وأيضا «10» ~~: PageV01P212 # والله ... «1» قال: فإنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء ~~يصير شأنه، وإني قد أتيتك استسلفك، قال: «فارهنوا نسائكم» ، قالوا: كيف ~~نرهنك نساءنا؟ # وكنت أجمل العرب، قال: فارهنوني أبناءكم» ، قالوا: كيف نرهنك أبناءنا؟ ~~تسب الدهر وتعير، فيقال: رهين بوسق أو وسقين «2» ، ولكنا نرهنك اللأمة «3» ~~أي السلاح، فأتاه «4» ومعه أبو عبس بن جبر «5» والحارث بن [أوس بن] معاذ ~~وعباد بن بشر وأبو PageV01P213 # نائلة، فقال لهم محمد بن مسلمة: إني محبس رأسه وممسكه «1» ، فإذا قلت ~~«اضربوا» فاضربوا. فقال له محمد بن مسلمة: أتأذن لي أن أشم «2» رأسك؟ # فقال: نعم، فمس وقال: ما أطيبك وما أطيب ريحك! قال: عندي فلانة وهي أعظم ~~نساء العرب، ثم قال له: أتأذن لي أن أشم «2» رأسك؟ قال: نعم، فمس رأسه حتى ~~استمكن منه، قال لهم: اضربوه، فضربوه حتى قتلوه، فرجعوا إلى النبي صلى الله ~~عليه وسلم فأخبروه. # قال: خرج كعب بن الأشرف إلى مكة فقدمها ووضع رجله عند المطلب «3» ابن أبي ~~وداعة السهمي وجعل ينشد الأشعار ويحرض الناس على رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، ويبكي على قتلى بدر من أصحاب القليب، ثم رجع إلى المدينة، فبلغ ذلك ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من لكعب بن الأشرف؟ فإنه قد آذى الله ~~ورسوله! فقال محمد بن مسلمة: أنا إن تأذن أن أقول- يريد- كذبا في الحرب، ~~فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج محمد بن مسلمة، ومعه أربعة ~~نفر: أبو عبس بن جبر، وعباد بن بشر بن وقش، وأبو نائلة «4» سلكان بن سلامة ~~بن وقش ms099، والحارث بن أوس بن معاذ بن أخي سعد بن معاذ! فانتهوا إلى كعب بن ~~الأشرف وهو في أطم «5» من آطام المدينة، فقال له محمد بن مسلمة: إن محمدا ~~يأخذ صدقة أموالنا- وأراد «6» المال منه- ثم قال له: أتيتك أستسلفك فأرهن ~~«7» السلاح، ثم جاء يغمر رأسه، فلما استمكن منه ضربه وضربوه حتى قتل، ~~واحتزوا رأسه وجاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. PageV01P214 # ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قرقرة الكدر «1» ، حامل لواءه ~~علي بن أبي طالب، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، ثم رجع ولم يلق كيدا. # ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم ابنته الأخرى من عثمان بن ~~عفان في أول شهر ربيع الأول. # ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة «2» بذي أمر «2» في شهر ربيع ~~الأول، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا أمر «3» عسكر به ذا من ~~«4» غطفان، أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فبل ثوبه، [ثم نزع ~~ثيابه] «5» فعلقها على شجرة ليستجفها ونام تحتها، فقالت غطفان «6» لدعثور ~~بن الحارث وكان شجاعا: تفرد «7» محمد «8» من أصحابه وأنت لا تجد «9» أخلى ~~منه الساعة! فأخذ سيفا صارما ثم انحدر ورسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجع ~~ينتظر جفوف ثيابه، فلم يشعر إلا بدعثور بن الحارث واقف على رأسه بالسيف وهو ~~PageV01P215 # يقول: من يمنعك مني؟ يا محمد! فقال «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم: ~~[الله] «2» ! ودفعه جبريل في صدره فوقع السيف من يده، فأخذ رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم السيف، ثم قام على رأسه وقال: من يمنعك مني؟ قال: لا أحد، ~~فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قم فاذهب لشأنك» ، فلما ولى قال: ~~أنت خير نبي يا محمد! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أحق بذلك ~~منك» ، فلما سمعت الأعراب من غطفان برسول الله صلى الله عليه وسلم لحقت بذي ~~الجبال، فلما أعجزوه رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة «3» . # وولد ms100 السائب «4» بن يزيد ابن أخت نمر. # وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر جمادى الأولى «5» بحران معدن ~~بناحية الفرع، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا «6» . ### | ثم كانت سرية الفردة # وذلك أن قريشا قالت: قد عور «7» علينا محمد متجرنا وهو على طريقنا، وإن ~~أقمنا بمكة أكلنا رؤوس أموالنا؛ فقال أبو زمعة «8» بن الأسود بن المطلب «9» ~~: أنا PageV01P216 # أدلكم على رجل يسلك بكم طريقا ينكب عن محمد وأصحابه، لو سلكها مغمض «1» ~~العينين «2» لاهتدى! فقال صفوان بن أمية: من هو؟ قال: فرات بن حيان العجلي- ~~وكان دليلا، فاستأجره صفوان بن أمية وخرج بهم في الشتاء وسلك بهم على ذات ~~عرق «3» ثم على غمرة «4» ، فلما بلغ الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم بعث زيد بن حارثة في جمادى الأولى «5» ، فاعترض العير فظفر بها، وأفلت ~~أعيان القوم وأسر فرات بن حيان العجلي، وكان له مال كثير وأواقي من فضة، ~~فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم على من حضر الواقعة وأخذ الخمس ~~عشرين ألفا، وأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فرات بن حيان فرجع إلى مكة ~~«6» . # ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفصة بنت عمر بن الخطاب، قال عمر ~~بن الخطاب: لما تأيمت «7» حفصة «8» لقيت عثمان بن عفان فعرضتها عليه، فقال ~~«9» : # إن شئت زوجتك حفصة، قال: سأنظر في ذلك، فمكث ليال ثم لقيني فقال: بدأ ~~PageV01P217 # لي أن لا أتزوج يومي هذا؛ قال عمر: فلقيت أبا بكر فقلت له: إن شئت زوجتك ~~حفصة! فصمت أبو بكر ولم يرجع إلي بشيء، فكنت على أبي بكر «1» أوجد مني على ~~عثمان، ثم مكثت ليال فخطبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها ~~إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت في نفسك؟ فقلت: نعم، فقال أبو بكر: ~~لم يمنعني أن أرجع إليك فيها بشيء إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان ~~ذكرها فلم أكن أفشي سره، ولو تركها قبلتها «2» . # ثم تزوج رسول الله صلى الله ms101 عليه وسلم زينب «3» بنت خزيمة من بني هلال ~~التي يقال لها أم المساكين، ودخل بها حيث تزوجها في أول شهر رمضان، وكانت ~~قبله تحت الطفيل بن الحارث فطلقها؛ ثم ولد الحسن بن علي بن أبي طالب في ~~النصف من شهر رمضان، وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين وحلق ~~رأسه، وأمر أن يصدق بوزن شعره فضة على الأوقاص «4» من المساكين. ### | ثم كانت غزوة أحد # وذلك أن أبا سفيان لما رجع بعيره إلى مكة قال عبد الله بن [أبي] «5» ~~ربيعة المخزومي وعكرمة بن أبي جهل ورجال من قريش ممن «6» أصيب آباؤهم ~~وأبناؤهم وإخوانهم ببدر: يا معشر قريش! إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم، ~~فأعينونا على حربه لعلنا [أن] «7» ندرك منه بعض ما أصاب منا! فاجتمعت قريش ~~[على] المسير PageV01P218 # إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحابيشها ومن أطاعها «1» من قبائل «2» ~~مكة وغيرها «2» ، وخرجوا معهم بالظعن «3» ، فخرج أبو سفيان بن حرب بهند بنت ~~عتبة بن ربيعة أم معاوية، وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم «4» بنت الحارث ~~بن هشام، وخرج الحارث بن هشام بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وخرج صفوان بن ~~أمية ببرة «5» ابنة مسعود بن عمرو وهي أم عبد الله بن صفوان، وخرج عمرو بن ~~العاص بريطة «6» ابنة منبه بن الحجاج السهمي وهي أم عبد الله بن عمرو، وخرج ~~طلحة بن أبي طلحة بسلافة «7» ابن شهيد «8» أحد بني عروة بن عوف مع نسوة ~~غيرهن «8» ، ودعا جبير بن مطعم غلامه وحشيا فقال: إن قتلت عم محمد حمزة ~~بعمي «9» طعيمة بن عدي فأنت عتيق. فخرجت قريش تريد رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم حتى نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة «10» على شفير الوادي مما يلي ~~المدينة وهم ثلاثة آلاف رجل، معهم من الخيل مائتا فرس، ومن الظعن خمسة عشر ~~امرأة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع بهم: «إني رأيت فيما يرى ~~النائم في ذباب سيفي ثلمة «11» ، ورأيت بقرة نحرت، ورأيت كأني أدخلت يدي في ~~«12» درع حصينة «12» ؛ فتأولتها «13» المدينة» . وكره ms102 رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم الخروج إليهم، فقال عبد الله PageV01P219 # ابن أبي بن سلول: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! لا تخرج إليهم، فو ~~الله! ما خرجنا إلى عدو قط إلا أصاب منا، وما دخلها علينا إلا أصبناه. فقال ~~رجال من المسلمين ممن كان فاتهم بدر: يا رسول الله! اخرج بنا إلى أعداء ~~الله، لا يرون «1» أنا جبنا «1» عنهم أو ضعفنا، فقال عبد الله بن أبي: يا ~~رسول الله! أقم فإن [أقاموا] «2» أقاموا بشر مجلس «3» ، وإن دخلوا علينا ~~قاتلهم «4» الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم «5» ~~. فلم يزل برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم ~~حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس لأمته «6» ثم خرج عليهم، وقد ~~ندم الناس وقالوا: استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك، ~~ثم قالوا: يا رسول الله استكرهناك ولم يكن لنا ذلك، إن شئت فاقعد- صلى الله ~~عليك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن ~~يضعها حتى يقاتل» ! فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال يوم السبت ~~في ألف رجل، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وصلى المغرب بالشيخين «7» ~~في طرف المدينة- وقد قيل: بالشوط «8» . PageV01P220 # ثم عرض المقاتلة فأجاز من أجاز ورد من رد، فكان فيمن رد زيد بن ثابت وعبد ~~الله بن عمر وأسيد بن ظهير «1» والبراء بن عازب وعرابة بن أوس الحارثي وأبو ~~سعيد الخدري. وأجاز سمرة بن جندب، وأما رافع بن خديج فإن رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم استصغره، فقام على خفين «2» وتطاول على أطرافه، فلما رآه ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم أجازه. وكان دليل النبي صلى الله عليه وسلم ~~أبو حثمة «3» الحارثي. فقال عبد الله بن أبي لمن معه: # أطاعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصاني، والله ما ندري على ما نقتل ~~أنفسنا معه، أيها الناس ارجعوا! فعزل من العسكر ثلاثمائة رجل ممن ms103 تبعه ورجع ~~بهم المدينة. # ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة رجل وسلك حرة بني حارثة ثم ~~نزل حتى مضى بالشعب من أحد في عدوة «4» الوادي وجعل ظهره إلى أحد، وقال: ~~«لا يقاتلن أحد حتى آمره» . # ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة عبد الله بن جبير أحد ~~بني عمرو بن عوف، وهم خمسون رجلا، وقال: «انضح عنا الخيل لا يأتونا «5» من ~~خلفنا، إن كانت علينا أو لنا فاثبت مكانك، لا نؤتين «6» من قبلك» ! ثم ظاهر ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم في درعين، وأعطى اللواء علي بن أبي طالب «7» ~~، وقال: «من يأخذ مني هذا السيف بحقه» ؟ قال أبو دجانة سماك بن خرشة: وما ~~حقه يا رسول الله؟ قال: # «تضرب به في العدو حتى ينحني» ، فقال: يا رسول الله! أنا آخذه بحقه، ~~فأعطاه إياه- وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال «8» عند الحرب، وكان إذا ~~PageV01P221 # أعلم «1» بعصابة «2» له حمراء ويعصب بها رأسه، فإذا رأوا ذلك علموا أنه ~~سيقاتل؛ فأخذ السيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج عصابة فعصب بها ~~رأسه ثم أخذ يتبختر بين الصفين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها ~~لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن» . # وتعبأت قريش، وجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة ~~بن أبي جهل؛ وقال أبو سفيان بن حرب لأصحابه: إنكلم قد وليتم لواءنا يوم بدر ~~فأصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم «3» إذا مالت مالوا ~~«3» فإما أن تكفونا لواءنا وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه «4» ، ~~فهموا «5» به وتواعدوه وقالوا: # نحن نسلم إليك ستعلم كيف نصنع! وجاءت هند بنت عتبة والنسوة اللواتي «6» ~~معها يحرضنهم على القتال، «7» وتقول فيما تقول «7» : # إن تقبلوا «8» نعانق ... ونفرش النمارق # أو «9» تدبروا نفارق ... فراق غير دامق «10» # وأول من خرج من المشركين أبو عامر بن أمية في الأحابيش وقال: # يا معشر الأوس! أنا أبو عامر! قالوا: فلا أنعم الله بك عينا، ثم راضخ ~~«11» PageV01P222 # المسلمين بالحجارة وقاتلهم قتالا ms104 شديدا «1» ، وقاتل أبو دجانة في رجال من ~~المسلمين حتى حميت الحرب وأنزل الله النصر، وكشفهم المسلمون عن معسكرهم، ~~وكانت الهزيمة عليهم، فلم يكن بين أخذ المسلمين هندا وصواحبها إلا شيء ~~يسير، وقتل علي بن أبي طالب طلحة وهو حامل لواء قريش، و [أبا] الحكم بن ~~الأخنس بن شريق «2» ، وعبيد الله بن جبير بن أبي زهير «3» ، وأمية «4» بن ~~أبي حذيفة بن المغيرة. وأخذ اللواء بعد طلحة أبو سعد «5» فرماه سعد بن أبي ~~وقاص فقتله، وبقي اللواء صريعا لا يأخذه أحد، فتقدم رجل من المشركين يقال ~~له صؤاب «6» فأخذ اللواء وأقامه لقريش، فكر المسلمون عليه حتى قطعوا يديه ~~ثم قتل، وصرع اللواء. # فلما رأى الرماة الذين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد ~~انهزموا وتركوا، تركوا مصافهم يريدون النهب وخلوا ظهور المسلمين للخيل، ~~وأتاهم المشركون من خلفهم وصرخ صارخ: ألا! أن محمدا قد قتل! فانكشف ~~المسلمون فصاروا بين قتيل وجريح ومنهزم حتى خلص [العدو إلى] رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم وأصيب رباعيته، فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: «كيف يفلح ~~قوم خضبوا وجه نبيهم» . # ثم قام زياد بن السكن في خمسة من الأنصار، فقاتلوا دون رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم رجلا رجلا حتى قتلوا، وكان آخرهم زياد بن السكن «7» فأثبتته ~~الجراحة، وجاء المسلمون فأجهضوهم عنه «7» ، فقال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: «ادنوه مني» ! فوسده قدمه PageV01P223 # «1» حتى مات في حجره «1» ، وترس «2» أبو دجانة دون رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم بنفسه، فكانت النبل تقع في ظهره وهو ينحني «3» عليه حتى كثرت «4» ~~فيه النبل. وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل، ~~أصابه ابن قميئة «5» الليثي وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. # ثم رجع إلى قريش وقال: قتلت محمدا! والتقى حنظلة بن أبي عامر وأبو سفيان ~~فاستعلى حنظلة أبا سفيان بالسيف، فلما رآه «6» ابن شعوب «7» أن أبا سفيان ~~قد علاه حنظلة بالسيف ضربه فقتله، فقال رسول الله: «إن صاحبكم لتغسله ms105 ~~الملائكة» ! وخرج حمزة بن عبد المطلب فمر به سباع بن عبد العزى الخزاعي «8» ~~وكان يكنى أبا نيار، فقال: هلم يا ابن مقطعة البظور «9» ! فالتقيا فضربه ~~حمزة فقتل، ثم جعل يرتجز ومعه سيفان إذ عثر دابته فسقط على قفاه وانكشف ~~الدرع عن بطنه، فانتزع وحشي «10» حربته فهزها ورماها فبقر بها بدنه ثم أخذ ~~حربته وتنحاه. # وقد انتهى «11» أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة ابن ~~عبيد الله ورجال من المهاجرين والأنصار قد أسقطوا [ما] في أيديهم وألقوا ~~PageV01P224 # بأيديهم فقال «1» : ما يجلسكم؟ [قالوا] «2» قتل رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم؛ قال: فما تصنعون بالحياة بعده! قوموا فموتوا على ما مات عليه! ثم ~~استقبل القوم فقاتل حتى قتل، ووجد فيه سبعون ضربة بالسيف والرمح. # وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانت الهزيمة كعب بن ~~مالك، قال: عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر فناديت بصوتي: يا معشر ~~المسلمين! ابشروا فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» ! فلما عرف ~~المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا إليه، فيهم «4» : أبو بكر ~~وعمر وعلي وطلحة والزبير وسعد والحارث بن الصمة، فكان رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم يناول النبل سعدا ويقول: «ارم فداك أبي وأمي» . # ثم أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن خلف وهو يقول: يا محمد! لا ~~نجوت إن نجوت. فقال القوم: يا رسول الله! أيعطف عليه رجل منا؟ فقال: «دعوه» ~~! فلما دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة ~~ثم انتفض بها انتفاضة ثم استقبله وطعنه بها فمال عن فرسه، وقد كان أبي بن ~~خلف يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقول: إن عندي «5» العود ~~أعلفه «5» كل يوم فرقا من ذرة «6» أقتلك عليه! فيقول رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم: «بل أنا أقتلك إن شاء الله» . فرجع أبي بن خلف إلى المشركين وقد ~~خدشته حربة رسول الله صلى الله عليه وسلم خدشا غير كبير ms106، فقال: قتلني والله ~~محمد، فقالوا: # ذهب والله فؤادك والله إن بك «7» من بأس، فقال: إنه قد كان يقول بمكة: ~~إني أقتلك، والله! لو بصق علي لقتلني، فمات بسرف «8» وهم قافلون إلى مكة. ~~PageV01P225 # فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من أصحابه إلى الشعب، ومر ~~علي بن أبي طالب حتى ملأ درقته من المهراس، وجاء بها إلى رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم شربه فوجد له ريحا ~~فعافه فلم يشرب منه، وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه وقال: «اشتد غضب الله ~~على من دمى وجه رسول الله» صلى الله عليه وسلم. ثم نهض رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم إلى الصخرة ليعلوها، فلما ذهب لينهض لم يستطع ذلك، فجلس طلحة ~~تحته فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة، ثم قال: ~~«أوجب طلحة الجنة» «1» !. # وكانت هند واللاتي معها جعلن يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم يجد عن «2» الآذان والآناف حتى اتخذت هند قلائد من آذان المسلمين ~~وآنفهم وبقرت عن كبد حمزة «3» فلاكته فلم تستطعه فلفظته «3» ، ثم علت صخرة ~~مشرفة فصرخت بأعلى صوتها بشعر لها طويل- أكره ذكره. فقتل من المسلمين سبعون ~~رجلا في ذلك اليوم، منهم أربعة من المهاجرين. وكان المسلمون قتلوا اليمان ~~«4» أبا حذيفة وهم لا يعرفونه، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ~~يخرجوا ديته. وقتل من المشركين ثلاثة وعشرون رجلا. PageV01P226 # ثم أن أبا سفيان أراد الانصراف فصرخ بأعلى صوته: الحرب سجال أعل هبل يوم ~~بيوم بدر «1» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ناحية: «الله أعلى ~~وأجل لا سواء! قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار» . فقال أبو سفيان: يا عمر ~~«2» أنشدك الله أقتلنا محمدا؟ فقال: اللهم لا وإنه «3» ليسمع كلامك. فقال: ~~أنت أصدق عندي من ابن قميئة «4» ، ولكن موعدكم بدر، فقال رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم: «هو بيننا وبينكم» «5» . # رحل أبو سفيان بالمشركين، فقال رسول الله صلى الله ms107 عليه وسلم لعلي بن أبي ~~طالب: # «أخرج في آثار القوم، فإن كانوا قد اجتنبوا «6» الخيل وامتطوا الإبل ~~فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، ~~والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأنجزتهم» «7» ! فخرج في ~~آثارهم فرآهم قد اجتنبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة، فرجع إلى ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره. # وفرغ الناس لقتلاهم» # ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمس حمزة فوجده ببطن الوادي قد ~~بقر بطنه عن كبده ومثل به، فوقف عليه وقال: «لولا أن تحزن صفية أن «9» تكون ~~سنة بعدي «10» ما غيبته ولتركته حتى يكون في بطون السباع والطير «11» ، ~~PageV01P227 # ولئن أظهرني الله عليهم لأمثلن» «1» ! فأنزل الله وإن عاقبتم «2» فعاقبوا ~~الآية «3» ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجى ببردة. # ثم [قال] «4» صلى الله عليه وسلم: «من رجل ينظر ما فعل سعد بن الربيع، ~~أفي الأحياء هو أم في الأموات» ؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم! فنظره فوجده [جريحا] «5» في القتلى وبه رمق، فقال له: ~~إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في ~~الأموات، فقال: أنا في الأموات، أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم [عني ~~السلام] «5» وقل له إن سعد بن الربيع يقول «6» ؛ جزاك الله عنا خير ما جزى ~~نبي «7» عن أمته، وأبلغ قومك السلام، وقل لهم إن سعدا يقول لكم إنه لا عذر ~~لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف- ثم مات؛ فجاء إلى رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم وأخبره. # واحتمل الناس قتلاهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفنوهم حيث ~~صرعوا بدمائهم وأن لا يغسلوا ولا يصلى عليهم، فكان يجمع بين الرجلين من ~~قتلى أحد في ثوب واحد، ويقول: «أيهم «8» أكثر أخذا للقرآن» ؟ فإذا أشير ~~إليه بأحدهما قدمه في اللحد، وقال: «أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة» . ~~قال: انظروا عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو ms108 «9» فإنهما كان متصافيين ~~«10» في الدنيا فاجعلوهما في قبر واحد» . PageV01P228 # ثم قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله جعل أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد ~~أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوى إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما ~~وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وسقياهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع ~~ربنا بنا» ! فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله «1» الآية. ~~وكان ابن عمير «2» لم يترك إلا بردة واحدة، فكانوا إذا غطوا رأسه بدت ~~رجلاه، وإذا غطوا رجليه بدا «3» رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ~~«غطوا رأسه واجعلوا على رجليه شيئا «4» من الإذخر» . # ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة بمن معه من المسلمين، فمر ~~بدار من دور «5» الأنصار فسمع البكاء على قتلاهم «6» ، فقال: «لكن حمزة لا ~~بواكي له! فلما سمع «7» سعد بن معاذ وأسيد بن حضير أمرا «8» نساء بني عبد ~~الأشهل أن يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سمع ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن قال: # «اجعل» «9» . # ثم ناول علي بن أبي طالب سيفه فاطمة «10» وقال: اغسلي عن هذا دمه، ~~PageV01P229 # فو الله! لقد صدقني «1» اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن ~~كنت صدقت القتال اليوم لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة» . # فلما كان ثاني يوم أحد أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في ~~طلب القوم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة ابن ~~[أم] مكتوم، وقال: «لا يخرج معنا إلا من حضر يومنا بالأمس، وكان أكثر أصحاب ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم جرحى. فمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~معبد بن أبي معبد الخزاعي- وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة «2» رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم بتهامة- فقال: والله يا محمد! لقد عز علينا ما أصابك ~~ولوددنا أن الله «3» كان أعفاك منهم «3» . ثم خرج «4» فلحق أبا سفيان ~~بالروحاء ومن معه من قريش وقد أزمعوا الرجوع «5» إلى ms109 رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وقد توامروا بينهم وقالوا: رجعنا «6» قبل أن نصطلم «7» أصحاب ~~محمد، نرجع فنكر «8» على بقيتهم؛ فلما رأى أبو سفيان معبدا مقبلا» # قال: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد قد خرج في أصحابه في طلبكم في جمع لم ~~أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا؛ قال: «10» ويلك ما «10» تقول «11» ! والله ~~لقد أجمعنا الكرة على أصحابه لنصطلمهم «12» . قال: فإني والله أنهاك عن ذلك ~~بهم! PageV01P230 # عليكم من الجود بشيء ما رأيته بقوم على قوم قط، فساءه ذلك. # ومر بأبي سفيان ركبة من عبد القيس فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد ~~المدينة، قال: ولم؟ قالوا: نريد الميرة، قال: فاخبروا محمدا أنا «1» قد ~~أجمعنا الكرة عليه وعلى أصحابه لنصطلمهم «2» . # ثم رحل أبو سفيان راحلا إلى مكة، ومر الركب برسول الله صلى الله عليه ~~وسلم فأخبروه بما قال أبو سفيان «3» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~والمسلمون: حسبنا الله ونعم الوكيل! فأنزل الله جل وعلا في ذلك الذين ~~استجابوا لله والرسول إلى قوله والله ذو فضل عظيم «4» لما صرف عنهم من لقاء ~~عدوهم إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه «5» - الآية. فأقام رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم «6» بحمراء الأسد ثلاثا، ثم انصرف إلى المدينة. ### | السنة الرابعة من الهجرة # أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أنا أحمد بن أبي بكر الزهري عن مالك ~~عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: دعا رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا، يدعو على ~~رعل وذكوان وعصية، قال أنس: فأنزل الله في الذين قتلوا ببئر معونة قرآنا ~~قرأناه حتى نسخ «بلغوا عنا «7» قومنا إنا قد «7» لقينا ربنا فرضى عنا ~~ورضينا «8» عنه» . PageV01P231 # قال: في أول هذه السنة كانت غزوة بئر معونة، وذلك أن أبا براء عامر بن ~~مالك ملاعب الأسنة «1» قدم المدينة [فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ~~فرسين وراحلتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أقبل هدية مشرك» ، ~~فعرض رسول الله صلى ms110 الله عليه وسلم عليه الإسلام] «2» فلم يسلم «3» وقال: ~~يا محمد! لو بعثت معي رجالا من أصحابك إلى نجد رجوت أن يستجيبوا لك؛ فقال ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أخاف عليهم من أهل نجد» ، فقال أبو ~~براء: أنا لجار «4» فابعثهم فليدعوا «5» الناس إلى ما أمرك الله به، فبعث ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو «6» الساعدي في أربعين راكبا، ~~وقد قيل في سبعين رجلا من الأنصار، حتى نزلوا ببئر معونة- وهي بئر أرض بني ~~عامر وحرة بني سليم، ثم بعثوا حرام بن ملحان من بني عدي بن النجار بكتاب ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل، فلما أتاه لم ينظر في ~~كتابه حتى عدا عليه فقتله، ثم استصرخ [عليهم] «7» بني عامر فأبوا أن يجيبوه ~~بما دعاهم إليه وقالوا: لن نخفر «8» أبا براء إنه «9» قد عقد لهم عقدا. ~~فاستصرخ [عليهم] «7» قبائل من سليم: رعلا وذكوان «10» وعصية، فأجابوه إلى ~~ذلك، فخرج حتى غشي القوم في رحالهم فأحاطوا بهم، فلما رآهم المسلمون أخذوا ~~أسيافهم ثم قاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد، فإنهم تركوه وبه ~~رمق. PageV01P232 # وكان في المسلمين عامر بن فهيرة طعنه «1» جبار بن سلمى الكلابي «1» ~~بالرمح، ثم طلب في القتلى فلم يوجد جثته، فمن ذلك قيل: رفع عامر بن فهيرة ~~إلى السماء. # وكان في سرحهم ابن أمية «2» ورجل من الأنصار من بني عمرو بن عوف «3» فلم ~~«4» ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا «4» الطير تحوم على العسكر، فقالا: إن لهذا ~~الطير لشأنا! فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم ~~واقفة، فقال الأنصاري «5» لعمرو بن أمية: ماذا ترى؟ قال: أرى أن نلحق «6» ~~برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره، فقال الأنصاري: لكني ما كنت لأرغب ~~عن موطن قتل فيه هؤلاء، ثم تقدم فقاتل حتى قتل «7» . ورجع عمرو «8» بن أمية ~~حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فدعا النبي صلى الله ~~عليه وسلم على رعل وذكوان وعصية ثلاثين صباحا، فأنزل الله فيهم ms111 «بلغوا عنا ~~قومنا أنا لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه» «9» . ### | ثم كانت غزوة الرجيع في صفر # أميرها مرثد بن أبي مرثد، فيها قتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح «10» ~~وخالد PageV01P233 # ابن البكير؛ وأسر» # خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة، وخرجوا «2» بهما إلى مكة وباعوهما «3» . ### | ثم كانت غزوة بني النضير # وكان السبب في ذلك أن عمرو بن أمية لما انفلت من رعل وذكوان وعصية وجاء ~~إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بقتل أصحاب بئر معونة لقيه في ~~الطريق رجلان من بني عامر، وقد كان معهم عهد من رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم وجوار لا يعلم عمرو بذلك، فلما نزلا سألهما عمرو: من أنتما؟ قالا: ~~رجلان من بني عامر، فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما، وهو يرى أنه ~~قد أصاب ثأرة «4» من بني عامر بما أصابوا من أصحاب بئر معونة. فلما أخبر ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بئس ما عملت قد كان لهما مني جوار» . ~~وكتب عامر بن الطفيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك قد قتلت رجلين ~~لهما منك جوار فابعث بديتهما، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ~~قباء ثم مال إلى بني النضير ليستعين في ديتهما ومعه نفر من المهاجرين، فجلس ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجلسهم فاستند إلى جدار هناك فكلمهم، ~~فقالوا: أنى «5» لك أن تزورنا، يا أبا القاسم! «6» نفعل ما أحببت «6» ، ~~فأقم عندنا حتى تتغدى «7» ، «8» وتآمروا «8» بينهم، فقال عمرو بن جحاش «9» ~~بن عمرو بن كعب: يا معشر بني النضير! والله لا تجدونه أقرب منه الساعة! ~~أرقى على ظهر هذا البيت فأدلي عليه صخرة فأقتله بها، فنهاهم سلام بن ~~PageV01P234 # مشكم فعصوه «1» . وصعد عمرو بن جحاش ليدحرج الصخرة، وأخبر الله جلا وعلا ~~رسوله فقام كأنه يريد حاجة، وانتظر أصحابه من المسلمين فأبطأ عليهم، وجعلت ~~اليهود تقول: ما حبس أبا القاسم! فلما أبطأ على المسلمين انصرفوا، فقال ~~كنانة ابن صوريا «2» : جاءه والله الخبر الذي هممتم به! فلقي أصحاب النبي ms112 ~~صلى الله عليه وسلم رجلا مقبلا من المدينة فقالوا: أرأيت رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم؟ فقال: رأيته داخلا المدينة، فانتهوا إليه وهو جالس في ~~المسجد فقالوا: يا رسول الله! انتظرناك فمضيت وتركتنا، فقال: «همت اليهود ~~بقتلي «3» ، ادعوا لي محمد بن مسلمة» ، فأتي بمحمد «4» ، فقال: «اذهب إلى ~~اليهود فقل لهم: اخرجوا من المدينة، لا تساكنونني «5» وهممتم بما هممتم من ~~الغدر» . # فجاءهم محمد بن مسلمة فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم ~~أن تظعنوا من بلاده، فقالوا: يا محمد! ما كنا نظن أن يجيئنا بهذا رجل من ~~الأوس، فقال محمد ابن مسلمة: تغيرت القلوب ومحا الإسلام العهود، فقالوا: ~~نتحمل؛ فأرسل إليهم عبد الله بن أبي: «6» لا تخرجوا فإن معي ألفي «6» رجل ~~من العرب يدخلون معكم، وقريظة تدخل معكم. فبلغ الخبر كعب بن أسد «7» صاحب ~~عهد بني قريظة، فقال، لا ينقض «8» العهد رجل من بني قريظة وأنا حي. # فأرسل حيي بن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من سادات بني ~~النضير: إنا لا PageV01P235 # نفارق ديارنا فاصنع ما بدا لك! فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~والمسلمون وقال: حاربت «1» يهود. # ثم زحف إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل لواءه علي بن أبي طالب، ~~واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، حتى أتاهم فحاصرهم «2» خمسة عشر يوما، ~~وقطع نخلهم وحرقها، وكان الذي حرق نخلهم وقطعها عبد الله بن سلام وعبد ~~الرحمن بن كعب أبو ليلى الحراني من أهل بدر، فقطع أبو ليلى العجوة، وقطع ~~ابن سلام اللون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم قطعتهم العجوة» ؟ ~~قال أبو ليلى: يا رسول الله! كانت العجوة أحرق لهم وأغيظ، فنزل ما قطعتم من ~~لينة أو تركتموها «3» الآية، فاللينة ألوان النخل، والقائمة على أصولها ~~العجوة، فنادوا: يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه فما لك ~~وقطع النخل وتحريقها. # ثم تربصت اليهود نصرة عبد الله بن أبي إياهم، فلما لم يجىء وقذف الله في ~~قلوبهم ms113 الرعب صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يحقن لهم دماءهم ~~وله الأموال، وينجلون من ديارهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم. ~~فاحتملوا ما استقلت به الإبل، حتى أن كان الرجل منهم يهدم بيته فيضع بابه ~~على ظهر بعيره فينطلق به، وخرجوا إلى خيبر وذلك قوله يخربون بيوتهم بأيديهم ~~«4» الآية. # ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: «5» يامين بن عمير بن كعب «5» ، وأبو ~~سعد «6» بن وهب، أسلما على «7» أموالهما، فأحرزاها «7» ؛ فقسم رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم PageV01P236 # غنائمهم على المهاجرين، فأنزل الله سورة الحشر إلى آخرها. # ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم بعث رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم «1» أبا سلمة بن عبد الأسد «1» إلى ماء لبني أسد، فقتل عروة ~~بن مسعود الأنصاري وغنم نعما وشاء، ورجع إلى المدينة «2» . # ومات عبد الله بن عثمان بن عفان وهو ابن ست سنين، فصلى عليه رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم، ونزل في حفرته عثمان بن عفان. ثم ولد الحسين «3» بن ~~علي بن أبي طالب لليالي خلون من شعبان. ### | ثم كانت بدر الموعد # وذلك أن أبا سفيان لما انصرف من أحد قال لرسول «4» الله صلى الله عليه ~~وسلم: موعدك بدر الموسم، وكان بدر موضع سوق لهم في الجاهلية، يجتمعون إليها ~~في كل سنة ثمانية أيام، فلما قرب الميعاد جهز «5» رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم لغزوة الموعد. # وكان نعيم بن مسعود الأشجعي «6» قد اعتمر وقدم على قريش «7» فقالوا: يا ~~نعيم! من أين وجهك؟ قال: من يثرب، قالوا: هل رأيت لمحمد حركة؟ قال: نعم ~~PageV01P237 # تركته على هيئة الخروج ليغزوكم- وذلك قبل أن يسلم نعيم، فقال له [أبو] ~~سفيان: # يا نعيم! إن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام غيداق «1» ترعى» # فيه [الإبل] «3» الشجر ونشرب «4» اللبن، وقد جاء أوان موعد محمد، فالحق ~~بالمدينة فثبطهم وأخبرهم أننا في جمع كثير ولا طاقة لهم بنا «5» حتى يأتي ~~«5» الخلف منهم «6» ، ولك عشر فرائض أضعها لك على يد سهيل بن ms114 عمرو! فجاء ~~«7» نعيم سهيلا «7» فقال: يا أبا يزيد! تضمن «8» لي هذه الفرائض وانطلق إلى ~~محمد فأثبطه؟ فقال: نعم. # فخرج نعيم حتى أتى المدينة، فوجد الناس يتجهزون «9» فجلس يتجسس «9» لهم ~~ويقول: هذا ليس برأيي قدموا عليكم في عقر دوركم وأصابوكم فتخرجون إليهم، ~~ليس هذا برأيي، ألم يجرح «10» محمد بنفسه «11» ! ألم يقتل عامة أصحابه! ~~فثبط الناس عن الخروج حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «والذي ~~نفسي بيده! لو لم يخرج معي أحد خرجت «12» وحدي» . # ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في شهر رمضان «13» ، ~~واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة، ومع المسلمين تجارات كثيرة، حتى ~~وافوا بدر الموعد PageV01P238 # فأصابوا بها سوقا عظيما، وربحوا لدرهم درهما، ولم يلقوا عدوا «1» . ثم ~~رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. # ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة بنت «2» أبي أمية في ~~شوال، ودخل بها في ذلك الشهر، وكانت قبله تحت أبي سلمة بن عبد الأسد ~~المخزومي. # ثم رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم يهوديا ويهودية تحاكما إليه وكانا ~~محصنين. # وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود ~~وقال: إني لا آمن «3» أن يبدلوا كتابي! فتعلم زيد بن ثابت ذلك في خمسة عشر ~~يوما. ### | ثم كانت سرية الخزرج إلى سلام «4» بن أبي الحقيق # وذلك أنه «5» كان مما صنع الله به لرسوله صلى الله عليه وسلم أن هذين ~~الحيين من الأنصار الأوس والخزرج كانا يتصاولان مع رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم تصاول الفحلين، لا تصنع الأوس شيئا فيه عن رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم غناء إلا قالت الخزرج: والله لا يذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم في الإسلام! قال: فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها، وإذا ~~فعلت الخزرج شيئا قالت الأس مثل ذلك «5» ، فلما أصابت الأوس كعب بن الأشرف ~~قالت الخزرج: من رجل في العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ككعب بن ~~الأشرف ms115 «6» ، PageV01P239 # فذكروا سلام بن أبي الحقيق «1» بخيبر، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم في قتله، فأذن لهم ونهاهم عن قتل النساء والولدان. فخرج «2» عبد الله ~~بن عتيك وعبد الله «3» بن أنيس ومسعود بن سنان وأبو قتادة بن ربعي بن «4» ~~بلدمة بن سلمة «4» وخزاعي بن أسود «5» حليف «6» لهم من أسلم، حتى «7» قدموا ~~خيبر فدخلوا على سلام بن أبي الحقيق داره ليلا، ولم يبق في الدار بيت إلا ~~أغلقوه، ثم صعدوا في درجة إلى علية له فضربوا عليه بابه، فخرجت امرأته ~~وقالت: من أنتم؟ قالوا: نفر من العرب أردنا «8» الميرة، فقالت: هو ذاك «9» ~~في البيت، فدخلوا عليه وغلقوا الباب عليهم، فما دلهم عليه إلا بياضه في ~~ظلمة البيت وكان أبيض وكأنه قبطي «10» ، فابتدروه بأسيافهم، وتحامل عليه ~~عبد الله بن أنيس فوضع سيفه في بطنه «11» ، وهتفت «12» امرأته، وخرجوا. ~~وكان عبد الله ابن عتيك أمير القوم وكان في بصره شيء، فسقط من الدرجة «13» ~~فوثئت يده وثأ «13» شديدا. # فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه، واختلفوا في قتله ~~وادعى كل واحد منهم أنه قتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هاتوا ~~سيوفكم، فأعطوه، فنظر فقال: سيف PageV01P240 # عبد الله بن أنيس هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام. ### | السنة الخامسة من الهجرة # حدثنا محمد بن أحمد بن أبي «1» عون الدماتي ثنا عمار بن الحسن الهمداني ~~ثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود» # بن لبيد عن ابن عباس حدثني سلمان الفارسي «3» من فيه قال: كنت رجلا ~~مجوسيا «4» من أهل جي «5» من أهل أصبهان، وكان أبي «6» دهقان [قريته] «7» ، ~~وكنت أحب الخلق «8» إليه، فما زال به حبه إياي حتى حبسني في البيت كما تحبس ~~الجارية، وكنت قد اجتهدت في المجوسية حتى كنت «9» قطن النار الذي يوقدها لا ~~يتركها تخبو ساعة «9» ، وكانت لأبي ضيعة فيها بعض العمل «10» ، «11» بني ~~أبي «11» بنيانا له «12» في داره «12» ، فدعاني فقال: أي بني! «13» إني قد ~~شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها ms116 فاطلعها، وأمرني فيها ببعض ~~ما يريد، ثم قال لي: ولا تحتبس عني، فإنك إن احتبست عني «13» كنت أهم عندي ~~مما أنا فيه «14» ، فخرجت فمررت PageV01P241 # بكنيسة النصارى وهم يصلون فيها، فسمعت أصواتهم «1» ودخلت عليهم أنظر ما ~~يصنعون، فو الله! ما زلت قاعدا عندهم وأعجبني دينهم وما رأيت من صلاتهم، ~~وأخذ بقلبي فأحببتهم حبا لم أحبه شيئا قط، وكنت لا أخرج قبل ذلك ولا أدري ~~ما أمر الناس، فقلت في نفسي: هذا والله خير من ديننا، فو الله! ما برحت حتى ~~غربت الشمس، وتركت حاجة أبي التي «2» أرسلني إليها وما رجعت إليه، ثم بعث ~~في الطلب «3» يلتمس لي، فلم يجد «3» حيث أرسلني، فبعث رسله فبغوني بكل مكان ~~حتى جئته عشيا، وقد قلت للنصارى حين رأيت ما أعجبني من هيئتهم: أين أصل هذا ~~الدين؟ قالوا: بالشام؛ فلما أتيت أبي فقال: أي بني! أين كنت؟ ألم أكن عهدت ~~إليك أن لا تحتبس علي؟ فقلت: بلى، وإني «4» مررت على كنيسة النصارى فأعجبني ~~ما رأيت من أمرهم وحسن صلاتهم، ورأيت دينهم خيرا «5» ، قال: كلا يا بني! إن ~~ذلك الدين لا خير فيه، دينك ودين آبائك خير منه، فقلت: كلا [والله إنه لخير ~~من ديننا! قال] «6» فخافني أن أذهب من عنده فكلبني «7» ثم حبسني، فأرسلت ~~«8» إلى النصارى وأخبرتهم أني قد رضيت أمرهم، وقلت: إذا قدم عليكم ركب من ~~الشام فأخبروني بهم أذهب معهم. # فقدم عليهم ركب من الشام فأخبروني بهم «9» فأرسلوا إلي، فأرسلت إليهم ~~PageV01P242 # إذا أرادوا الرجعة فأخبروني، فلما أرادوا الخروج جئتهم فانطلقت معهم، ~~فلما قدمت الشام سألت عن عالمهم «1» ، فقالوا: صاحب الكنيسة أسقفهم، فدخلت ~~عليه فأخبرته خبري وقلت له: إني أحب أن أكون معك في كنيستك أخدمك وأصلي معك ~~وأتعلم منك، فإني قد رغبت في دينك، قال: أقم! فمكثت معه في الكنيسة أتفقه ~~في النصرانية، وكان رجل سوء فاجر في دينه، يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها ~~فإذا جمعوا إليه الأموال اكتنزها لنفسه، وكنت أبغضه لما أرى من فجوره، وقد ~~جمع سبع قلال «2» دنانير ودراهم، ثم إنه مات ms117؛ فاجتمعت النصارى ليدفنوه، ~~فقلت لهم: تعلمون أن صاحبكم هذا رجل سوء، كان يأمركم بالصدقة فإذا جئتموه ~~بها اكتنزها «3» لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا «4» ، قالوا: وما علامة ~~ذلك؟ قلت: # أدلكم على كنزه؟ قالوا: أنت وذاك، فدللتهم عليه، فأخرجوا قلالا مملوءة ~~ذهبا وورقا، قال: فلما رأوها قالوا: والله لا نغيبه «5» أبدا! فصلبوه على ~~خشبة «6» ورجموه بالحجارة، وجاءوا برجل فجعلوه مكانه، قال: فيقول «7» ~~سلمان: يا ابن أخي! ما «8» رأيت رجلا لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه زهادة ~~«9» في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب [ليلا ولا نهارا] «10» منه ~~اجتهادا في العبادة، قال سلمان: فأقمت معه وأحببته حبا ما علمت أني أحببت ~~شيئا كان قبله، فكنت معه أخدمه وأصلي معه PageV01P243 # في الكنيسة حتى حضرته الوفاة، قلت: يا فلان! إني قد كنت معك وما أحببت ~~حبك شيئا قط فإلى «1» من توصي [بي] «2» ؟ «3» ومن ذا الذي تأمرني، متبع ~~أمرك ومصدق حديثك «3» ؟ قال: أي بني! ما أعلم أحدا على مثل ما نحن عليه إلا ~~رجلا بالموصل يقال له فلان، فإني وإنه «4» كنا على أمر واحد في الرأي ~~والدين، وهو رجل صالح، وستجد عنده بعض ما كنت ترى مني، فأما الناس قد بدلوا ~~وهلكوا. فلما توفي لحقت بصاحب الموصل فأخبرته خبري، فقال: أقم! فكنت معه في ~~كنيسته فوجدته كما قال صاحبي رجلا صالحا، فكنت معه ما شاء الله، فلما حضرته ~~الوفاة قلت: يا فلان! إن فلانا أوصاني إليك «5» حين حضرته الوفاة «5» ، وقد ~~حضرك من أمر الله ما ترى، فإلى من توصي [بي] «2» ؟ «3» وإلى من تأمرني «3» ~~؟ قال: أي بني! ما أعلم أحدا على أمرنا إلا رجلا بنصيبين يقال له فلان ~~فالحق به. فلما توفي لحقت بصاحب نصيبين وأخبرته خبري، وأقمت عنده فوجدته ~~على مثل ما كان عليه صاحباه، فمثكت معه ما شاء الله، ثم حضرته الوفاة، فقلت ~~له: إن فلانا أوصاني إلى فلان صاحب الموصل ثم أوصاني صاحب الموصل إليك، ~~فإلى من توصي [بي] بعدك «6» ؟ قال أبي بني! ما أعلم أحدا على مثل ما نحن ~~عليه ms118 إلا رجلا «7» بعمورية في أرض الروم، فإنك واجد عنده بعض ما تريد، فإن ~~استطعت أن تلحق به فالحق به. فلما توفي لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبري، ~~فقال: أقم «8» ، فأقمت عنده فوجدته على مثل ما كان عليه PageV01P244 # أصحابه وأثاب «1» لي شيئا حتى اتخذت «2» بقرات وغنيمة، ثم حضرته الوفاة، ~~فقلت له: إن فلانا أوصاني إلى فلان صاحب الموصل، ثم أوصاني صاحب الموصل إلى ~~فلان صاحب نصيبين، ثم أوصاني صاحب نصيبين إليك، فإلى من توصي بي «3» ؟ # قال: يا بني! ما أعلمه أصبح «4» في هذه الأرض أحد على ما كنا عليه، لكنك ~~قد أظلك خروج نبي «5» يخرج بأرض العرب، يبعث بدين إبراهيم الحنفية، يكون ~~منها مهاجره وقراره إلى أرض يكون بها النخل بين حرتين- نعتها بكذا وكذا، ~~بظهره خاتم النبوة بين كتفيه، إذا رأيته عرفته، يأكل الهدية ولا يأكل ~~الصدقة، ثم مات. # فمر بي ركب من كلب فسألتهم من هم؟ فقالوا: من العرب، فسألتهم من بلادهم، ~~فأخبروني عنها، فقلت لهم: أعطيكم بقري وغنمي «6» هذا على أن تحملوني حتى ~~تقدموا أرضكم، «7» قالوا: نعم، فأعطيتهم إياها وحملوني معهم، حتى إذا جاءوا ~~بي «7» وادي القرى [ظلموني] «8» فباعوني برجل من اليهود. فأقمت ورأيت بها ~~النخل ورجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي «9» ، حتى قدم رجل من يهود ~~بني قريظة فابتاعني من ذلك اليهودي، ثم خرج بي حتى قدم المدينة، فو الله! ~~ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي وأيقنت أنه البلد؛ فمكثت بها أعمل ~~له في ماله في بني قريظة حتى بعث محمد «10» وخفي علي أمره وأنا في رقي ~~مشغول، حتى قدم PageV01P245 # المدينة مهاجرا فنزل في قباء في بني عمرو بن عوف، فو الله! «1» إني لفي ~~رأس نخلة أعمل لصاحبي فيها «1» وصاحبي تحتي جالس إذ أقبل ابن عم له من ~~اليهود فقال: يا فلان! قاتل الله بني قيلة «2» ! إنهم «3» آنفا لمجتمعون ~~«4» يقبلون على رجل بقباء قدم من مكة يزعمون أنه نبي؛ فو الله! ما هو إلا ~~أن قالها له أخذتني رعدة من النخلة «5» ، حتى ظننت أني ms119 سقطت «6» على صاحبي، ~~فنزلت سريعا فقلت: أي سيدي! ما الذي تقول؟ فغضب «7» مما رأى في «8» ورفع ~~يده فضر بني بها ضربة «9» شديدة، ثم قال: # ما لك ولهذا! أقبل على عملك، قلت: لا شيء، «10» سمعت منك شيئا فأردت أن ~~أعلمه «10» ، فسكت عنه ثم أقبلت على عملي. فلما أمسيت جمعت ما كان عندي حتى ~~أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه ومعه نفر من ~~أصحابه، فقلت: بلغني أنك رجل صالح وأن معك أصحابا لك أهل حاجة وغربة، وقد ~~كان عندي شيء وضعته للصدقة من طعام يسير فجئتكم به وهو ذا- فقربت «11» ~~إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لأصحابه] «12» : كلوا، وأمسك يده ~~وأبي أن يأكل؛ فقلت في نفسي: هذه واحدة من صفة فلان، ثم رجعت؛ فتحول رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجمعت PageV01P246 # شيئا ثم جئته فسلمت عليه فقلت: هذا شيء كان لي وأحببت أن أكرمك وهو هدية ~~أهديها لك كرامة ليست بصدقة، فإني رأيتك لا تأكل الصدقة، فأمر رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم أصحابه فأكلوا وأكل معهم؛ فقلت في نفسي: هاتان اثنتان، ~~ثم رجعت فمكثت شيئا ثم جئته وهو ببقيع الغرقد «1» ، مشى مع جنازة وحوله ~~أصحابه، وعليه شملتان «2» مرتديا بواحدة ومتزرا بالأخرى، فسلمت «3» عليه، ~~ثم تحولت حتى قمت وراءه لأنظر في ظهره، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~إني إنما أريد [أن] أنظر وأثبته «4» ، فقال بردائه فألقاه عن ظهره، فنظرت ~~إلى الخاتم بين كتفيه كما وصفه لي صاحبي، فأكببت على رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم أقبل موضع الخاتم من ظهره وأبكي، فقال: «تحول عني» ، فتحولت عنه ~~فجلست بين يديه وقصصت عليه قصتي وشأني وحديثي، فأعجب رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وأحب أن يسمع ذلك أصحابه، ثم أسلمت ومكثت مملوكا حتى مضى شأن بدر ~~وشأن أحد، وشغلني الرق فلم أشهد مجامع النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال لي ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كاتب نفسك» ، فسألت صاحبي الكتابة، فلم ms120 أزل ~~حتى كاتبني على أن أفي «5» له ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية ورق- وتلك أربعة ~~آلاف؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [لأصحابه] «6» : «أعينوا أخاكم ~~بالنخل» ، فأعانني الرجل بقدر ما عنده، منهم من يعطيني العشرين والثلاثين ~~والعشرة والخمس والست والسبع «7» والثمان والأربع والثلاث حتى جمعتها «8» ، ~~فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذهب فإذا PageV01P247 # أردت أن تضعها «1» فأتني حتى أكون «1» أنا أضعها لك بيدي، «2» فقمت في ~~تفقيرها «2» وأعانني أصحابه «3» حتى فرغنا من شربها «4» ، وجاء أصحابي كل ~~رجل بما أعانني من النخل فوضعته، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~فأخبرته، فخرج فجعلنا نحمل إليه النخل فيضعها بيده «5» ، فما مات منها ~~ودية؛ وبقيت الدراهم «6» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا سلمان! ~~إذا سمعت بشيء قد جاءني [فأتني] «7» أغنيك بمثل ما بقي من مكاتبتك «8» ، ~~فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في أصحابه إذ أتاه رجل من ~~أصحابه بمثل البيضة من ذهب أصابها في بعض المغازي «9» ، فقال رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم: « [خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان» ! قال قلت: و] «10» ~~أين تقع هذه مما علي من المال؟ # قال: إن الله سيؤديها «11» عنك، فو الذي نفسي بيده! لقد وزنت لهم أربعين ~~أوقية «12» حقهم جميعا. # وعتق سلمان وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق وما كان بعده من ~~المغازي. # قال: في أول هذه السنة كان فك سلمان من الرق «13» وأداؤه بما «14» كوتب ~~عليه. PageV01P248 ### | ثم كانت غزوة ذات الرقاع في المحرم # «1» خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة عثمان «2» بن ~~عفان يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، حتى نزل نخلا «3» ، فلقي بها ~~جمعا من غطفان «4» فتقارب الناس «4» ولم يكن بينهم حرب إلا أن الناس قد خاف ~~بعضهم من بعض، حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، وإنما ~~سميت هذه الغزاة غزاة «5» ذات الرقاع لأن الخيل كان فيها سواد وبياض فسميت ~~الغزوة بتلك الخيل «6» . # ثم انصرف رسول ms121 الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، فبينا جابر إذ أبطأ ~~عليه جمله فقال لحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا جابر» ! قال: ~~نعم، قال: «ما شأنك» ؟ قال: أبطأ علي جملي، فحجنه رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم بمحجنه وقال: «اركب» ، فقال جابر: ولقد رأيتني أكفه عن رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، فقال: «يا جابر! تزوجت» ؟ قلت: نعم، قال: «بكرا أم ثيبا» ؟ ~~قلت: بل ثيبا، قال: «أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك» ؟ قلت: إن لي أخوات ~~فأحببت أن أتزوج بمن يجمعهن ويمشطهن وتقوم «7» عليهن، قال: «أما! إنك قادم ~~PageV01P249 # فإذا قدمت فالكيس الكيس» ! ثم قال: «أتبيع جملك» ؟ فقلت: نعم، فاشتراه ~~منه بأوقية، ثم قدم المدينة صلى الله عليه وسلم، قال جابر: فوجدته عند باب ~~المسجد فقال: «الآن قدمت» ؟ قلت: نعم، قال: «فدع جملك وادخل المسجد فصل ~~ركعتين» ، فدخلت فصليت ركعتين، ثم أمر بلالا أن يزن «1» لي أوقية، فوزن لي ~~فأرجح في الميزان، فانطلقت حتى إذا وليت فقال: «ادعوا لي «2» جابرا» ، قلت: ~~الآن يرد علي الجمل، وليس شيء أبغض إلي منه، قال: «خذ جملك ولك ثمنه» «3» . ~~PageV01P250 ### | ثم كانت غزوة دومة الجندل # «1» # وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن جمعا تجمعوا بها، فغزاهم ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ دومة الجندل فلم ير كيدا، واستخلف ~~على «2» المدينة سباع «3» بن عرفطة «3» الغفاري، ثم رجع إلى المدينة. # وتوفيت أم سعد بن عبادة وسعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدومة ~~الجندل، فلما رجع جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرها وصلى عليها «4» ، ~~فقال سعد: يا رسول الله! إن أمي أفتلتت نفسها ولم توص أفأقضي «5» عنها؟ ~~قال: «نعم» . # وكسف القمر في جمادى الآخرة، فجعلت اليهود يرمونه بالشهب ويضربون بالطاس ~~ويقولون: سحر القمر، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف. # وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا أصابتهم شدة حتى أكلوا ~~الرمة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من الذهب إليهم مع عمرو بن ms122 ~~أمية وسلمة بن أسلم بن حريش. # ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد من مزينة، وهو أول وفد قدم ~~عليه في رجب وفيهم بلال بن الحارث المزني في رجال من مزينة، فقال لهم رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: # «أنتم مهاجرون أينما كنتم» ! فرجعوا إلى بلادهم. PageV01P251 # ثم قدم بعدهم ضمام «1» بن ثعلبة، بعثه بنو سعد بن بكر فقال «2» : يا ~~محمد! أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: «صدق» ، قال: فمن خلق ~~السماء؟ قال: «الله» ، قال: فمن خلق الأرض؟ قال: «الله» ، قال: فمن نصب هذه ~~«3» الجبال؟ قال: «الله» ، قال: فمن جعل فيها هذه «4» المنافع؟ قال: «الله» ~~؛ آلله «5» تعالى أرسلك؟ قال: «نعم» «6» ، قال: فبالذي خلق السماوات «7» ~~والأرض ونصب «8» الجبال وجعل فيها هذه المنافع «9» هو الله الذي «9» أرسلك؟ ~~قال: «نعم» ؛ قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في «10» يومنا وليلتنا ~~«10» ، قال: «صدق» ، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم» ؛ «11» ~~قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا «12» ، قال: «صدق» ، قال: ~~فبالذي أرسلك آلله PageV01P252 # أمرك بهذا؟ قال: نعم، «1» قال: «2» فو الله الذي «2» بعثك بالحق! لا ~~أزيدن عليهن «3» ولا أنقص منهن شيئا «3» ، فلما قفا «4» قال النبي صلى الله ~~عليه وسلم: «لئن صدق ليدخلن الجنة» ! فأسلم ضمام ورجع إلى قومه بالإسلام. ### | ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة المريسيع # في شعبان «5» ، قصد بني المصطلق من خزاعة على «6» ماء لهم «6» قريب من ~~الفرع «7» ، فقتل منهم رجالهم وسباهم «8» ، وكان فيمن سبى جويرة بنت «9» ~~الحارث ابن أبي ضرار، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل صداقها ~~أربعين أسيرا من قومها. # في هذه الغزوة سقط عقد عائشة، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس ~~على التماسه PageV01P253 # وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد «1» بن حضير ~~«2» : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر! فبعثوا العير التي كانت عليه، ~~فوجدوا العقد تحته. # وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا نملة «3» الطائي بشيرا إلى ~~المدينة ms123 بفتح المريسيع. ### | ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الخندق # «4» # وكان من شأنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجلى بني النضير خرج نفر ~~من اليهود فيهم «5» حي «6» بن أخطب النضري وهوذة «7» بن قيس الوائلي «8» ~~وكنانة بن الربيع «8» النضري «9» في نفر من بني النضير وبني وائل وحزبوا ~~الأحزاب حتى قدموا على قريش مكة «10» ودعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وقالوا: إنا سنكون معكم [عليه] «11» حتى نستأصله ومن معه، فقالت ~~لهم قريش: يا معشر اليهود! إنكم أهل الكتاب والعلم بما «12» أصبحنا نختلف ~~فيه نحن ومحمد، «13» أفديننا «13» خير أم دينه؟ قالوا: بل PageV01P254 # دينكم، وأنتم أولى بالحق منه؛ فلما قالوا ذلك لقريش نشطوا لما دعوهم إليه ~~من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمعوا «1» لذلك واتعدوا «2» [له] ~~«3» ، ثم خرجوا حتى جاءوا غطفان من «4» قيس [عيلان] «3» ، فدعوهم إلى حرب ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبروهم أن قريشا قد تابعوهم «5» على ذلك ~~وأجمعوا «6» معهم على ذلك. ### | وخرجت قريش # [و] «3» قائدها أبو سفيان بن حرب، وخرجت «7» ، غطفان [و] «3» قائدها ~~عيينة ابن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري «8» ، وكان قائد أشجع مسعود «9» بن ~~رخيلة. # فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمرهم استشار المسلمين «10» ، ~~فأشار عليه سلمان بضرب الخندق على المدينة، وهي أول غزوة غزاها سلمان مع ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم فخندق على المدينة فيما بين المذاد «11» إلى ~~ناحية راتج «12» . PageV01P255 ### | وأقبلت قريش # حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة «1» في عشرة آلاف رجل من أحابيشهم «2» ~~ومن تابعهم من أهل كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان حتى نزلوا بذنب نقمى «3» ~~إلى جانب أحد. # وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم- واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم ~~وذلك في شهر شوال- حتى جعل سلعا وراء ظهره والخندق بينه وبين القوم، وهو في ~~ثلاثة آلاف من المسلمين، وخرج حي «4» بن أخطب حتى أتى كعب بن أسد «5» صاحب ~~بني قريظة، فلم يزل [يفتله] «6» حتى بايعه على ذلك. PageV01P256 # ثم بعث رسول الله صلى ms124 الله عليه وسلم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وعبد ~~الله بن رواحة وخوات بن جبير يستخبرون خبر كعب بن أسد أهم على وفاء أم لا، ~~فمضوا إليه فسألوه، فقال: لا عهد بيننا وبين محمد، ثم رجعوا إلى رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم فأخبروه. # فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» بحذاء المشركين «1» بضعا «2» ~~وعشرين ليلة. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يأتيني بخبر القوم» ؟ ~~فقال الزبير: أنا، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لكل نبي حواريا» ، ~~وإن حواري الزبير «3» . ولم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل، غير أن فوارس ~~«4» من قريش منهم عمرو بن «5» عبدود بن [أبي] «6» قيس أخو «7» بني عامر ~~وعكرمة بن أبي جهل المخزومي وهبيرة بن أبي وهب المخزومي وضرار بن الخطاب ~~«8» بن مرداس المحاربي «9» ، قد تهيأوا للقتال «10» وتلبسوا وخرجوا على ~~خيلهم ومروا بمنازل كنانة، ثم أقبلوا بخيلهم حتى وقفوا على الخندق، فلما ~~رأوه قالوا: والله إن هذه «11» المكيدة ما كانت العرب تكيدها! ثم أتوا ~~مكانا من الخندق ضيقا فضربوا خيلهم، فاقتحمت منه «12» وجالت «13» في السبخة ~~«14» بين الخندق PageV01P257 # وسلع. فلما رآهم المسلمون خرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى ~~أخذ عليهم «1» الموضع الذي منه اقتحموا «1» وأقبلت الفوارس تعنق «2» نحوهم، ~~وكان عمرو بن عبدود فارس قريش وقد كان قاتل يوم بدر «3» ولم يشهد أحدا، ~~فخرج عام الخندق معلما ليرى مشهده «4» ؛ فلما وقف هو وخيله «5» قال علي بن ~~أبي طالب: يا عمرو! إني أدعوك إلى البراز «6» ، قال: ولم يا ابن أخي؟ فو ~~الله: ما أحب أن أقتلك! قال علي: لكني والله أحب أن أقتلك! فحمى عمرو عند ~~ذلك واقتحم عن فرسه وعقره ثم أقبل إلى علي، فتنازلا وتجاولا إلى أن قتله ~~علي وخرجت [خيله] «7» منهزمة من الخندق. # وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ~~وذلك بعد أن كفوا، كما قال الله تعالى: وكفى الله المؤمنين القتال «8» . # ولم يقتل من المسلمين غير ستة نفر: كعب بن زيد ms125 الدنباني «9» ، ورمي سعد ~~«10» بن معاذ بسهم فقطع أكحله، وعبد الله بن سهل، وأنس «11» بن أوس بن ~~PageV01P258 # عتيك، والطفيل «1» بن النعمان بن خنساء، وثعلبة بن غنمة، وقتل من ~~المشركين جماعة. # ثم إن نعيم بن مسعود الأشجعي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا ~~رسول الله! إني أسلمت وإن قومي لا يعلمون بإسلامي فمرني بما شئت، فقال له ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم: # «إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا «2» ، فإن الحرب خدعة» «3» ، فخرج نعيم ~~حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال: يا معشر قريظة! إنكم ~~قد عرفتم ودي لكم وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت «4» ، قال: فإن قريشا ~~وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وإنهم «5» ليسوا كهيئتكم «6» ، البلد بلدكم لا ~~تقدرون «7» [على] «8» أن تتحولوا عنه «9» ، وإن قريشا وغطفان «10» إن وجدوا ~~فرصة أشهروها، وإن كان غير ذلك هربوا «10» وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم ~~«11» ، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم يكونون «12» ~~بأيديكم «13» على أن يقاتلوا مع القوم «13» PageV01P259 # حتى تناجزوه، فقالوا: قد أشرت برأي ونصح. ثم خرج نعيم «1» حتى أتى قريشا ~~وأبا سفيان فقال: يا معشر قريش «1» ! إنكم قد عرفتم ودي لكم «2» ، قد رأيت ~~أن حقا علي أن أبلغكموه وأنصح لكم فاكتموه علي «3» ، قالوا: نفعل، قال: إن ~~معشر اليهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد وقد أرسلوا إليه ~~أنا قد ندمنا على ما فعلنا فهل يرضيك منا أن نأخذ من القبيلتين من قريش ~~وغطفان رجالا من أشرافهم «4» فتضرب «5» أعناقهم ثم نكون معك على من «6» بقي ~~منهم، فأرسل إليهم أن نعم، فإن بعث «7» إليكم اليهود يلتمسون رهنا فلا ~~تدفعوا إليهم «8» . # ثم خرج حتى أتى غطفان «9» فقال: يا معشر غطفان! إنكم أصلي وعشيرتي وأحب ~~الناس إلي «10» ولا أراكم تتهموني، قالوا: صدقت «11» ، قال: فاكتموا علي، ~~قالوا: # نفعل، فقال لهم مثل ما قال لقريش في شأن بني قريظة وحذرهم مثل الذي ~~حذرهم. فلما كانت ليلة السبت «12» أرسل أبو سفيان عكرمة بن أبي جهل في نفر ~~معه ms126 من رؤوس غطفان إلى بني قريظة فقالوا: لسنا بدار مقام، قد هلك الكراع ~~«13» PageV01P260 # والحافر، فاغدوا للقتال حتى نناجز «1» محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه؛ ~~فأرسلوا «2» أن غدا السبت «3» وهو يوم لا نعمل «4» فيه، ولسنا مع ذلك بالذي ~~نقاتل معكم حتى تعطونا «5» رهنا من أشرافكم يكونون عندنا حتى نناجز محمدا، ~~فإنا نخشى الحرب «6» إن اشتدت أن تتشمروا «7» إلى بلادكم وتتركونا؛ فلما ~~رجع عكرمة إلى قريش وغطفان بما قالت بنو قريظة قالوا: والله! إن الذي جاءكم ~~به نعيم بن مسعود لحق، فأرسلوا إلى بني قريظة أنا والله لا ندفع إليكم رجلا ~~واحدا! فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا وقاتلوا، فقالت بنو قريظة: إن الذي ~~ذكر لنا نعيم لحق، «8» ما يريد القوم «8» إلا أن يقاتلوا، فإن رأوا فرصة ~~انتهزوها، وإن كان غير ذلك انشمروا «9» إلى بلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ~~«10» ، فأرسلوا [إلى قريش وغطفان] «11» أنا والله لا نقاتل معكم «12» حتى ~~تعطونا رهنا «13» . وبعث الله على المشركين ريحا تطرح «14» آنيتهم «15» ~~وتكفأ قدورهم في يوم شديد البرد، فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم ما PageV01P261 # اختلف من أمرهم «1» دعا حذيفة بن اليمان، قال: «اذهب فادخل بين القوم ~~وانظر ما يقولون ولا تحدثن شيئا حتى- تأتيني وذلك ليلا» ، فدخل حذيفة في ~~الناس، وقام أبو سفيان بن حرب وقال: يا معشر قريش! لينظر كل امرىء من ~~جليسه؟ قال حذيفة: وأخذت رجلا إلى جنبي وقلت له: من أنت؟ قال: أنا فلان بن ~~فلان، ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش! إنكم والله! ما أصبحتم بدار مقام، ~~لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره «2» ، ~~ولقينا من هذه الريح ما ترون، والله! ما يستمسك «3» [لنا] «4» بناء ولا «5» ~~تطمئن لنا قدور «6» ، فارتحلوا فإني «7» مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول ~~فجلس عليه، ثم ضربه فوثب به على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم؛ ثم قال ~~حذيفة: ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ألا تحدث شيئا حتى ~~تأتيني لقتلته بسهمي؛ فرجع حذيفة إلى رسول ms127 الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ~~الخبر. فسمعت غطفان بما صنعت قريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم، ورجع رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هو المسلمون ووضعوا السلاح. ### | [غزوة بني قريظة] # فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم «8» وقال: «قد ~~وضعتم السلاح وأن PageV01P262 # الملائكة «1» لم تضع سلاحها بعد، إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة» ! ~~فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا! لا يصلين أحد العصر إلا في ~~بني قريظة، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل لواءه علي بن أبي طالب، ~~فلما بلغ الصورين «2» قال: «هل مر بكم أحد» ؟ قالوا: نعم، مر بنا دحية ~~الكلبي على بغلة بيضاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: # «ذاك جبريل» ! فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل على بئر لبني ~~قريظة في ناحية أموالهم، وتلاحق به الناس، وأتى رجال بعد عشاء «3» [الآخرة] ~~«4» ولم يصلوا العصر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلين أحد ~~العصر إلا في بني قريظة» «5» ، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا ~~وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وقد كان حي بن ~~أخطب قد دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد ~~«6» ، «7» فلما تيقنوا «7» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم ~~حتى يناجزهم «8» بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [إن] «4» ابعث ~~إلينا PageV01P263 # أبا «1» لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف لنستشيره «2» ، فأرسله ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقالوا «3» : يا أبا لبابة! أترى أن ~~ننزل «4» على حكم محمد؟ قال: نعم- وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح [فقالوا] ~~«5» ننزل «6» [على حكم سعد بن معاذ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ~~«انزلوا على حكمه» ] «7» . # [ثم إن] «5» ثعلبة بن سعية «8» وأسد بن سعية «8» وأسد بن عبيد أسلموا ~~فمنعوا ديارهم وأموالهم. فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله ~~عليه ms128 وسلم فقال الأوس «9» : يا رسول الله! إنهم موالينا دون الخزرج «10» ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترضون أن PageV01P264 # يحكم فيكم رجل «1» منكم» ؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم: «فذاك إلى سعد بن معاذ» ، وكان قال «2» رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم لقومه حين أصابه السهم «3» : # «اجعلوه «4» في خيمة قريب «4» مني حتى أعوده» ، فلما حكمه رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم في بني قريظة أتاه قومه فاحتملوه على حمار «5» ثم أقبلوا به ~~«6» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون: يا أبا عمرو! إن رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك مواليك لتحسن فيهم، فلما أكثروا عليه ~~«7» قال: قد آن «8» لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم، فلما جاء سعد قال ~~لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى سيدكم» ، فقاموا إليه ~~فقالوا: يا أبا عمرو! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك الحكم «9» ، ~~قال سعد: عليكم عهد الله وميثاقه، إن الحكم فيكم ما حكمت، قالوا: نعم، قال: ~~وعلى من كان ههنا في هذه الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم- ~~وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له، فقال رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم: # «نعم» ، فقال سعد: فإني أحكم فيهم [بأن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى ~~الذراري والنساء ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: «لقد حكمت ~~فيهم] «10» بحكم «11» الله من فوق سبعة أرقعة» «12» ؛ فحبسهم رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم في دار «13» ثم قدم رسول PageV01P265 # الله صلى الله عليه وسلم المدينة. فلما قدمها خرج إلى سوق المدينة فحفر ~~حفرا ثم بعث إليهم وأمر بضرب أعناقهم وهم ما بين ستمائة إلى تسعمائة «1» ، ~~فلم يزل ذلك دأبهم حتى فرغ منهم، فيهم حي بن أخطب وكعب بن أسد. # ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني قريظة ونساءهم ~~وأبناءهم على المسلمين، فكان مع المسلمين ستة وثلاثون فرسا، فأعطى ms129 الفارس ~~ثلاثة أسهم: # للفرس سهمان ولصاحبه سهم، وللراجل «2» الذي ليس له فرس سهم، وأخرج منها ~~صلى الله عليه وسلم الخمس، وقد قيل: إنه اصطفى لنفسه ريحانة بنت عمرو بن ~~خنافة «3» إحدى «4» نساء بني عمرو بن قريظة. # ثم مات سعد بن معاذ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسله، فغسله ~~أسيد بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش، ثم وضع في أكفانه على سريره، فقال ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم: # «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ» ! وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام ~~جنازة سعد حتى صلى عليه، ونزل في حفرته أربعة «5» نفر: الحارث بن أوس وأسيد ~~بن حضير وسلمة بن سلامة بن وقش وأبو نائلة مالك بن سلامة. # ثم بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب ابنة جحش، فلما أصبح دعا ~~القوم، فأصابوا من الطعام ثم خرجوا ونفر منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم ~~فأطالوا القعود، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج حتى جاء عتبة حجرة ~~عائشة ثم رجع ونزلت آية الحجاب وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ~~«6» . PageV01P266 ### | ثم كانت سرية «1» عبد الله بن أنيس # إلى «2» [خالد بن] «3» سفيان بن خالد بن ملهم الهذلي «4» ثم اللحياني ~~بعرنة «5» فصادفه ببطن عرنة ومعه أحابيش، فقتله وحمل رأسه إلى النبي صلى ~~الله عليه وسلم. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة إلى ~~الغابة، فسقط عن فرسه فجحش شقه الأيمن، فخرج فصلى بهم جالسا فقال: «إنما ~~جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد ~~فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين» «6» . # وفي ذي الحجة «7» دفت دافة «7» من «8» عامر بن صعصعة «8» فقال رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم: «لا يبقى عندكم من ضحاياكم بعد ثلاثة شيء، أراد به صلى ~~الله عليه وسلم أن يوسع ذو السعة عمن «9» لا سعة عنده، ثم قال لهم رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا وادخروا بعد ثلاث» «10» . PageV01P267 ### | السنة السادسة من الهجرة # أخبرنا أبو ms130 عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر «1» بحران «2» ثنا سلمة بن ~~شبيب ثنا عبد الرزاق أنا عبد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة: أن ~~ثمامة «3» بن أثال الحنفي أسر فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوده يقول: ~~«ما عندك يا ثمامة» ؟ # فيقول: إن تقتل تقتل لا تمن، وإن تمن تمن على شاكر، وإن ترد المال تعط ~~«4» ، قال: فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحبون الفداء «5» ويقولون: ~~ما نصنع بقتل هذا؟ فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، فأمره أن يغتسل ~~فاغتسل وصلى ركعتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: # «حسن إسلام صاحبكم» . # قال: في أول هذه السنة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة ~~إلى القرطاء «6» فأخذ «7» ثمامة بن أثال الحنفي فأمر به، فربط بسارية من ~~سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما عندك يا ~~ثمامة» ؟ فقال: عندي يا محمد خير؛ إن تقتلني «8» تقتل «9» ذا دم، وإن تنعم ~~[تنعم] «10» على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط «11» منه ما شئت، فتركه ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان الغد، ثم قال: «ما عندك يا ثمامة» ؟ ~~قال له مثل ذلك، فتركه النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال له: ~~«ما عندك يا ثمامة» ؟ فقال: عندي ما قلت لك، فقال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: «أطلقوا ثمامة» ، PageV01P268 # فأطلق فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل «1» ثم دخل المسجد فقال: # أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ، يا ~~محمد «2» ! ما كان على الأرض وجه «3» أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب ~~الوجوه كلها إلي، والله! ما كان من دين أبغض إلي من دينك فقد أصبح دينك أحب ~~الدين كله «4» إلي، والله! ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فقد أصبح اليوم ~~«5» بلدك أحب البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فما «6» ترى؟ ~~فبشره «7» رسول الله صلى ms131 الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال ~~له قائل: صبوت، قال: لا ولكني «8» أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم «9» . # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عكاشة بن محصن الأسدي سرية «10» ~~الغمر فنذر «11» به القوم فهربوا، فنزل على مياههم وبعث الطلائع، فأصابوا ~~عينا فدلهم على ماشيتهم، فساقوا مائتي بعير إلى المدينة. # ثم كسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف وقال: «إن ~~الشمس PageV01P269 # والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فصلوا» . # وبعث «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح إلى ذي ~~[القصة] «2» وهي بلاد بني ثعلبة وأنمار- فصلوا المغرب، وخرج أبو عبيدة في ~~أربعين رجلا فساروا ليلتهم حتى أتوا ذا القصة «3» عند الصبح، فأغاروا عليهم ~~وهربوا في الجبال ثم قدموا المدينة، فخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~الغنيمة وقسم ما بقي على أصحابه. # ثم بعث «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة «5» إلى ذي القصة ~~في عشرة أنفس، فخرج مائة من المشركين فكمنوا، فلما نام المسلمون خرجوا ~~عليهم فقتلوهم، وانفلت «6» محمد بن مسلمة جريحا وحده. # «7» ثم بعث «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى بني سليم ~~«8» بالجموم «9» فأصاب نعما «10» وشاء وأسراء «10» ، ثم سبق رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم بين الخيل فكان أول سباق بالمدينة، ثم سبق في الخف فكانت ~~العضباء لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له PageV01P270 # فسبقه، فشق ذلك على المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حق ~~«1» على الله «1» أن لا يرتفع «2» شيء في الدنيا إلا وضعه» . # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة سرية إلى الطرف إلى ~~بني ثعلبة في خمسة عشر رجلا، فتحسس «3» الأعراب أن رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم «4» سار إليهم «4» # فانهزموا، وأصاب المسلمون عشرين «5» بعيرا من نعمهم ورجعوا إلى المدينة ~~«6» . # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا زيد بن حارثة إلى العيص «7» ، ~~فأسر جماعة ms132 منهم أبو العاص بن الربيع، فاستجار بزينب بنت النبي صلى الله ~~عليه وسلم، فأجارته «8» . # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا أيضا إلى حسمى «9» ، فرجع منها ~~بنعم وسبي. # ثم تزوج عمر بن الخطاب جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح «10» وهي أخت عاصم ~~بن ثابت بن أبي الأقلح «10» ، فولد له منها عاصم بن عمر فطلقها عمر، فتزوج ~~بها بعده زيد بن حارثة، فولد له عبد الرحمن بن زيد، فهو أخو عاصم بن عمر ~~لأمه. PageV01P271 # ثم كانت سرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى فدك «1» في مائة رجل إلى ~~حي من بني سعد بن بكر. # ثم كانت سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل «2» فعممه «3» النبي صلى ~~الله عليه وسلم بيده وقال: «إن أطاعوا الله «4» فتزوج ابنة ملكهم، فأسلم ~~القوم، فتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ «5» ، وكان أبوها ملكهم. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف في ثلاثة أنفس ~~لينظر إلى خيبر وما عليها أهلها، فمضى وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم بالخبر. # ثم أجدب الناس جدبا شديدا في أول شهر رمضان، فخرج رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم يستسقي بهم، فصلى ركعتين وجهر بالقراءة، ثم استقبل القبلة وحول ~~رداءه. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة سرية إلى أم قرفة فسبى ~~سلمة «6» بن الأكوع [وزيد بن] «7» حارثة بنت مالك بن «8» حذيفة وجدها «9» ~~في بيت من بيوتهم، وأمها أم قرفة وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر «10» . ~~PageV01P272 # ثم خرج «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني لحيان حتى بلغ أمج «2» ~~وبين أمج وعسفان بلد لهم يقال له ساية «3» فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس ~~الجبال، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أخطأهم خرج في مائتي ~~راكب من المسلمين وهو صائم وهم صوام حتى بلغ عسفان وبلغ كراع الغميم «4» ~~فأفطر وأفطر المسلمون معه ثم رجع ولم ير كيدا، وجعل يقول في رجوعه: آيبون ms133 ~~تائبون عابدون ولربنا حامدون، أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، ~~والحور بعد الكور، وسوء المنظر في الأهل والمال والولد. # فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأقام أياما أغار عيينة ~~بن حصن «5» بن بدر الفزاري في «6» خيل من غطفان على لقاح رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم بالغابة وفيها رجل من بني غفار «7» وامرأة، فقتلوا الرجل ~~واحتملوا المرأة واللقاح «8» ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم ~~حتى بلغ ذا قرد، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وتلاحق به الناس، وأقام ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد يوما وليلة وصلى بهم صلاة الخوف. ثم ~~رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم «9» قافلا إلى المدينة، وانقلب عيينة بمن ~~معه، وكانت سرح «10» المسلمين بالمدينة بذي قرد «11» ، فقدم ثمانية نفر من ~~عرينة فأسلموا، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم PageV01P273 # إلى السرح «1» فشربوا من ألبانها وأبوالها، فلما صحوا قتلوا الراعي ~~واستاقوا الإبل، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبهم «2» كرز بن جابر ~~«2» الفهري سرية في شوال في عشرين راكبا معهم قائفا، فأحدقوا بهم حتى ~~أخذوهم، وجاءوا بهم النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا قد ارتدوا، وقطعوا ~~أيدي الرعاة وأرجلهم، وسملوا أعينهم كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ~~وطرحوا في الحرة يستسقون فلا يسقون. # ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بني المصطلق، وذلك أنه بلغه أن ~~بني المصطلق تجمعوا «3» وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث، ~~فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء من ~~مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل، فتزاحف الناس واقتتلوا، ~~فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم، ونفل «4» رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم أبناءهم ونساءهم، وأموالهم، [لما] «5» قسم رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في سهم لثابت بن قيس بن ~~الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسها ms134، وكانت امرأة حلوة «6» لا يراها ~~أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في «7» ~~كتابتها فقالت: يا رسول الله! أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه ~~وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت «8» في سهم لثابت بن قيس بن ~~الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك على كتابتي، قال «9» ~~: وهل لك في خير من ذلك؟ PageV01P274 # قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي كتابتك «1» وأتزوجك، قالت: نعم يا ~~رسول الله! قال «2» : «فعلت» ، وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس: أصهار رسول الله! فأرسلوا ~~«3» ما بأيديهم، فلقد أعتق وأطلق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني ~~المصطلق؛ فما كانت امرأة أعظم بركة على قومها منها. # ثم «4» أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد المدينة، وكانت عائشة ~~تحمل في هودج، فنزلوا منزلا، فمشت عائشة لحاجتها حتى جاوزت الجيش، فلما قضت ~~شأنها أقبلت إلى رحلها فإذا عقد لها من «5» جزع ظفار «5» قد انقطع، فرجعت ~~تلتمس عقدها وحبسها ابتغاؤه، فأذن بالرحيل وأقبل الرهط الذين كانوا ~~يرحلونها فاحتملوا هودجها على بعيرها الذي كانت تركب عليه وهم يحسبون أنها ~~فيه، وكانت النساء إذ ذاك خفافا وساروا، فرجعت عائشة بعد ما رحل الجيش فجاء ~~منازلهم فإذا ليس بها داع «6» ولا مجيب، فأمت منزلها التي كانت فيه وعلمت ~~أنهم سيفقدونها فبينا هي جالسة إذ غلبت عينها عليها، وكان صفوان «7» بن ~~المعطل السلمي من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلها فرأى سواد إنسان نائم، ~~فعرفها حين رآها وكان رآها قبل أن ينزل الحجاب، فاستيقظت عائشة باسترجاعه ~~«8» حين عرفها، فخمرت عائشة PageV01P275 # وجهها بجلبابها، وما كلمها حتى أناخ راحلته فوطىء على يدها، فقامت إليه ~~فأركبها وانطلق يقود الراحلة حتى أتى الجيش فوجدهم موغرين «1» في نحر «2» ~~الظهيرة، فهلك «3» فيها من هلك «4» ، وكان الذي كبره «5» عبد الله بن أبي ~~بن سلول، فلما قدموا المدينة لبثت عائشة شهرا والناس يخوضون في قول ms135 أصحاب ~~الإفك وهي لا تشعر بشيء من ذلك، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها ~~فيسلم عليها ويقول: «كيف تيكم» ؟ وينصرف، وكان تراها «6» ذلك من رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم فخرجت «7» ذات ليلة مع أم مسطح قبل المناصع «8» وكانت ~~متبرزهم قبل أن تتخذ الكنف، فلما فرغتا «9» من شأنهما عثرت أم مسطح في ~~مرطها فقالت: تعس مسطح! فقالت لها عائشة: بئس ما تقولين! تسبين رجلا من أهل ~~بدر! فقالت: أي هنتاه! ألم تسمعي «10» ما قال؟ قالت عائشة: لا، فأخبرتها ~~بقول أهل الإفك فازدادت مرضا، فلما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~قالت: ائذن لي أن آتي إلى أبوي، أذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ~~فقالت: يا أبتاه! ماذا يتحدث الناس؟ قال: يا بنتي! هوني عليك، فو الله لقل ~~«11» ما كانت امرأة قط PageV01P276 # عند رجل يحبها لها ضرائر «1» إلا أكثرن «2» عليها، فبكت تلك الليلة حتى ~~أصبحت لا يرقأ لها دمع ولا تكتحل بنوم، فلما أصبح دعا رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم عليا وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله، ~~فأما أسامة فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة ~~أهله وقال: أهلك لا نعلم إلا خيرا، وأما على فقال: يا رسول [الله] لم يضيق ~~الله عليك والنساء سواها كثير «3» ، وسل الجارية «4» تصدقك، فدعا رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: «أي بريرة! هل رأيت «5» من أهلي شيئا ~~يريبك» ؟ قالت بريرة: والذي بعثك بالحق! ما رأيت عليها شيئا قط أغمضه عليها ~~أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين فتأتي الداجن فتأكله، فقام ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه واستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول ~~وهو على المنبر فقال «6» : «يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغني ~~أذاه في أهلي؟ والله! ما علمت على أهلي إلا خيرا! ولقد ذكروا رجلا ما علمت ~~عليه إلا خيرا، وما يدخل على أهلي إلا معي» ، فقال ms136 «7» أسيد بن حضير «7» : ~~[يا] رسول الله! أنا أعذر منه! فإن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من ~~إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك «8» ! وكاد PageV01P277 # أن يكون بين الأوس والخزرج قتال «1» بهذه الكلمة، فلم يزل رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا، وبكت عائشة يومها ذلك كله، «2» فبين ~~أبواها جالسين عندها وهي تبكي إذا استأذنت عليها «2» امرأة من الأنصار، ~~فأذنت لها، فجلست تبكي معها؛ ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم ~~جلس ثم تشهد حين جلس ثم قال: «أما بعد! يا عائشة! فإنه بلغني عنك كذا وكذا، ~~فإن كنت بريئة فسيبرئك «3» الله، «4» وإن كنت ألممت بذنب «4» فاستغفري الله ~~وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه» ، فلما قضى رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص «5» دمعي حتى [ما] «6» أحسست «7» منها ~~بقطرة وقالت لأبيها: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، فقال أبو ~~بكر: والله! ما أدري ما أقول! فقالت لأمها: أجيبي رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم فيما قال، فقالت: والله! ما أدري ما أقول! فقالت عائشة! إني والله لقد ~~علمت أنكم سمعتم هذا الحديث حتى استقر في نفوسكم وصدقتم! فلو قلت لكم: إني ~~بريئة «8» ، لا تصدقوني بذلك، وإن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه ~~بريئة لا تصدقوني، والله! ما أجد لي ولكم مثلا PageV01P278 # إلا ما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون «1» ثم تحولت ~~عائشة واضطجعت على فراشها فما راح «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ~~خرج أحد من البيت حتى أنزل عليه الوحي، فأخذه ما كان يأخذه من الرحضاء حتى ~~أنه ينحدر «3» منه العرق مثل الجمان وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل ~~عليه، فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم ~~بها أن قال لها: «يا عائشة! أما والله! فقد برأك» ! فقالت لها أمها: قومي ~~إليه، فقالت «4» : لا والله! ما أقوم، وإني لا ms137 أحمد إلا الله، وأنزل الله ~~إن الذين «5» جاؤ بالإفك عصبة «6» إلى تمام العشر الآيات، فلما أنزل الله ~~هذه الآيات قال أبو بكر: وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره: ~~والله! لا أنفق على مسطح شيئا بعد الذي قال لعائشة! «7» فأنزل الله ولا ~~يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى «8» - الآية، فقال أبو ~~بكر الصديق: يا رسول الله! والله إني لأحب أن يغفر الله لي! فرجع إلى مسطح ~~بالنفقة التي كان ينفق عليه وقال: لا أنتزعها منه أبدا؛ وقد قيل: إن النبي ~~صلى الله عليه وسلم حد أصحاب الإفك الذين رموا عائشة فيما رواه «9» . ~~PageV01P279 ### | ثم كانت غزوة الحديبية # «1» خرج «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ألف وثمانمائة «3» رجل ~~وسبعون بدنة، فأحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من ذي الحليفة، ~~واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وساق أبو بكر بدنا وطلحة بدنا وسعد بن ~~عبادة بدنا، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم غدير عسفان [ذات] «4» ~~الأشطاط لقيه بسر «5» بن سفيان الكعبي فقال: يا رسول الله! هذه قريش سمعت ~~بك وخرجت قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها «6» عليهم أبدا، ~~وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها «7» إلى كراع الغميم، فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: «يا ويح قريش! لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو ~~خلوا بيني وبين سائر العرب! فإن أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله ~~عليهم دخلوا في الإسلام وآووني، والله لا أزال أجاهد على الذين بعثني الله ~~عليه حتى يظهرني الله» ! ثم أمر الناس فسلكوا ذات اليمين بين «8» ظهري ~~الحمض «8» «9» على طريق يخرجه «9» PageV01P280 # على ثنية المرار مهبط الحديبية «1» ، فلما بلغ صلى الله عليه وسلم ثنية ~~المرار بركت ناقته، فقالوا: # خلأت «2» القصواء! فقال: «ما خلأت القصواء وما هو لها بخلق ولكن حبسها ~~حابس الفيل عن مكة، والله! لا يدعوني «3» قريش اليوم [إلى] خطة يسألوني ~~فيها صلة الرحم «4» إلا أعطيتهم «4» إياها» ! ثم قال للناس: «انزلوا» ، ~~فقالوا: يا ms138 رسول الله! ما بالوادي ما ينزل عليه الناس، فأخرج رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه، فنزل في قليب من تلك ~~القلب فغرزه في جوفه، فجاش «5» بالرواء «6» حتى ضرب الناس «7» بعطن، فلما ~~اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله لبشر بن سفيان، فرجعوا إلى قريش ~~فقالوا: يا معشر قريش! إنكم تعجلون على محمد، إن محمدا لم يأت لقتال، إنما ~~جاء زائرا لهذا البيت، فقالوا: وإن جاء لذلك فلا والله لا يدخلها علينا ~~عنوة ولا تتحدث بذلك العرب! ثم بعثوا مكرز بن حفص بن الأحنف أحد بني عامر ~~ابن لؤي، فلما «8» رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هذا رجل غادر» ، ~~فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم لنحو ما كلم به أصحابه، فرجع إلى قريش وأخبرهم بذلك، فبعثوا إليه ~~الحليس بن علقمة الكناني وهو يومئذ سيد الأحابيش «9» ، فلما رآه رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي في وجهه، ~~فلما رأى الهدي PageV01P281 # يسير عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل «1» أوباره «2» من طول الحبس ~~رجع إلى قريش فقال: يا معشر قريش! قد رأيت ما لا يحل صد «3» الهدي في ~~قلائده «4» قد أكل أوباره «5» من طول الحبس عن محله «6» ، فقالوا: اجلس، لا ~~«7» علم لك، وبعث «8» رسول الله صلى الله عليه وسلم خراش بن أمية الخزاعي ~~إلى مكة، وحمله على جمل يقال له الثعلب، فلما دخل مكة أراد قريش قتله فمنعه ~~الأحابيش، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم عمر بن الخطاب ليبعث إلى مكة، فقال: يا رسول الله! إني أخاف ~~قريشا على نفسي وليس لي بها من [بني] «9» عدي بن كعب أحد يمنعني، وقد عرفت ~~قريش عداوتي إياها وغلظتي «10» عليها ولكن «11» أدلك على رجل أعز ms139 بها مني ~~عثمان بن عفان، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثه إلى قريش ليخبرهم ~~أنه لم يأت لحرب وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما [لحرمته] «12» ، فخرج ~~عثمان بن عفان حتى أتى مكة، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص فنزل عن دابته ~~وحمله بين يديه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانطلق ~~حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ~~أرسله به، فقالوا لعثمان: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف PageV01P282 # [به] «1» ، فقال عثمان: ما كنت لأفعل «2» حتى يطوف به رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم، ثم «3» رجع عثمان. # وبعث قريش سهيل بن عمرو أحد «4» بني عامر بن لؤي وقالوا: ائت محمدا ~~وصالحه، ولا يكون في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه «5» هذا، فو الله لا تتحدث ~~العرب أنه دخلها علينا عنوة أبدا! فأتى سهيل بن عمرو، فلما رآه النبي صلى ~~الله عليه وسلم قال: # «قد أراد القوم الصلح حتى بعثوا هذا الرجل» ، فلما انتهى إلى رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم تكلم فأطال الكلام وتراجعا، ثم جرى بينهما الصلح فلما ~~التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر «6» فقال: يا رسول الله «7» ! ألست ~~برسول الله؟ أو لسنا بالمسلمين؟ أو ليسوا بالمشركين؟ قال: «بلى» ، قال: فلم ~~نعطي الدنية في ديننا «8» ؟ قال: «أنا عبد PageV01P283 # الله «1» ورسوله» ، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ~~«2» فقال: «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم* فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن ~~اكتب «باسمك اللهم» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اكتب باسمك اللهم! ~~هذا ما صالح «3» عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو» فقال: لو شهدت أنك ~~رسول الله لم أقاتلك، ولكن أكتب «محمد بن عبد الله» اسمك واسم أبيك، فقال ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم «اكتب محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو» ، ~~فكتب «4» : محمد بن عبد الله «هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن ms140 ~~عمرو على وضع الحرب عشر سنين «5» ، يأمن بهذا الناس ويكف بعضهم عن بعض، على ~~[أنه] من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابهم بغير [إذن] «6» وليه ~~رده عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردوه ~~«7» ، وأنه لا أسلال ولا أغلال» «8» فلما فرغ من الكتاب PageV01P284 # - «1» وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحرم وهو مضطرب في ~~الحل «1» - قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس! انحروا ~~واحلقوا» ، فما قام رجل من المسلمين، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~على أم سلمة فقال: «يا أم سلمة! ما شأن الناس؟» قال له: يا رسول الله! قد ~~أحل بهم ما رأيت كأنهم كرهوا الصلح، فاعمد «2» إلى هديك حيث كان وانحر ~~واحلق، فإنك لو فعلت ذلك فعلوا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلم ~~«3» أحدا حتى أتى هديه فنحرها ثم جلس فحلق، فقام الناس ينحرون ويحلقون، ~~فحلق رجال منهم وقصر آخرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: # «يرحم الله المحلقين» ! قالوا: يا رسول الله! والمقصرين؟ قال: ~~«والمقصرين» ! قالوا «4» : ما بال المحلقين «5» يا رسول الله ذكرت لهم ~~الترحم؟ قال: «لأنهم لم يشكوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة على ~~الناس تحت الشجرة هناك أن لا يفروا» ، فبايعه الناس كلهم غير الجد «6» بن ~~قيس، اختبأ تحت إبط بعيره، فذلك قول الله عز PageV01P285 # وجل إذ يبايعونك تحت الشجرة «1» وقال صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل «2» ~~النار أحد «3» شهد بدرا والحديبية» . # ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذ كان بين مكة والمدينة في ~~وسط الطريق نزلت عليه سورة الفتح إنا فتحنا لك فتحا- إلى آخر السورة «4» ، ~~فما فتح في الإسلام فتح «5» أعظم من نزول هذه السورة. # ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكانت الهدنة «6» وضعت ~~الحرب أوزارها، وأمن الناس كلهم بعضهم بعضا واستفاضوا «7» ، ولا يكلم أحد ~~بالإسلام يعقل عنه» # إلا دخل فيه، حتى دخل ms141 فيه في تلك السنة «9» من المسلمين قريبا مما كان ~~قبل PageV01P286 # ذلك. وفي هذه العمرة أصاب كعب بن عجرة «1» أذى في رأسه، فأمره رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم أن يحلق ويذبح شاة ويصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة ~~مساكين، لكل مسكين مدين. وأهدى «2» الصعب بن جثامة «2» إلى رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم رجل حمار وحش «3» فرده وقال: «لم نرده ولكنا حرم» . # وفي هذه العمرة صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح في إثر «4» ~~سماء في الحديبية، فلما انصرف أقبل عليهم بوجهه فقال: أتدرون ما قال ربكم؟ ~~قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «يقول: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، ~~فأما من قال: # مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا ~~بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» «5» . PageV01P287 # وفي هذه العمرة أصاب الناس عطش شديد فحبسوا، فوضع رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم يده في الركوة، فثار الماء مثل العيون، فتوضئوا منها ورووا. ### | ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة ذي قرد # «1» # خرج «2» سلمة بن الأكوع ومعه غلام له يقال له رباح مع الإبل، «3» فلما ~~كان بغلس أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~وقتل راعيها «3» وجعل ينظر «4» في أناس معه في خيل، فقال سلمة لرباح: اركب ~~هذا الفرس واخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أغير على سرحه، ثم ~~قام سلمة على تل وجعل وجهه قبل المدينة ثم نادى ثلاث مرات- وكان صيتا: يا ~~صباحاه! ثم أتبع القوم ومعه سيفه ونبله، فجعل يرميهم «5» وذلك حين كثر ~~الشجر، فإذا كر عليه الفارس جلس له في أصل شجرة ثم رماه، ولا «6» يظفر ~~بفارس إلا عقر فرسه، فجعل يرمي ويقول: PageV01P288 # أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع # وإذا كان [كثر] «1» الشجر رشقهم بالنبل، فإذا تضايقت الشجرة «2» علا ~~الجبل ورماهم بالحجارة، فما زال ذلك دأبه ودأبهم ويرتجز حتى ما بقى من ظهر ~~النبي صلى الله عليه ms142 وسلم إلا استنقذه من أيديهم وخلفه وراء ظهره، ثم لم ~~يزل يرميهم حتى طرحوا أكثر من ثلاثين بردة «3» يستخفون بها، فكلما ألقوا ~~شيئا جمع عليه سلمة، فلما اشتد الضحى أتاهم عيينة بن حصن بن بدر الفزاري ~~ممدا «4» لهم وهم في ثنية ضيقة في علوة الجبل فقال لهم: ما هذا الذي أرى؟ ~~قالوا: لقد لقينا من هذا- يعنون سلمة، ما فارقنا منذ سحر حتى الآن، وأخذ كل ~~شيء من أيدينا وخلفه وراءه، فقال عيينة: # لولا أن هذا يرى وراءه طلبا لقد ترككم! فليقم إليه نفر منكم، فقام إليه ~~نفر منهم أربعة وصعدوا في الجبل فقال لهم سلمة: أتعرفوني؟ قال: ومن أنت؟ ~~قال: ابن الأكوع! والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم! لا يطلبني «5» ~~رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني، فبينا سلمة يخاطبهم إذ نظر فرأى أصحاب ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم لحقوا يتخللون الشجر وإذا أولهم الأخرم «6» ~~الأسدي وعلى أثره أبو قتادة وعلى أثره المقداد «7» الكندي «8» ، فولى ~~المشركون «9» مدبرين «10» ، فنزل سلمة من الجبل وقال: يا أخرم! PageV01P289 # احذر القوم، فإني لا آمن أن يقتطعوك «1» فاتئد «2» حتى يلحق رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال «3» : يا سلمة! إن كنت تؤمن بالله واليوم ~~الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة، ثم «4» أرخى ~~عنان فرسه ولحق بعبد الرحمن ابن عيينة ويعطف عليه عبد الرحمن واختلف بينهما ~~طعنتان فقتله عبد الرحمن وتحول عبد الرحمن على فرس الأخرم، فلحق أبو قتادة ~~بعبد الرحمن واختلف بينهما طعنتان فعقر بأبي قتادة وقتله أبو قتادة، وتحول ~~أبو قتادة على فرس الأخرم، ثم خرج سلمة «5» يعدو في أثر القوم حتى ما يرى ~~من غبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فلم يقرب «6» غيبوبة الشمس، ~~وقرب المشركون من شعب فيه ماء يقال له: ذو قرد «7» ، فأرادوا أن يشربوا منه ~~فالتفتوا فأبصروا سلمة وراءهم فعطفوا عن الماء وشدوا في الثنية وغربت ~~الشمس، فلحق سلمة رجل «8» منهم فرماه بسهم، وقال: خذها: # وأنا ابن الأكوع ... واليوم ms143 يوم الرضع «9» PageV01P290 # قال «1» : يا ثكل أمياه! أكوع بكرة؟ قلت: نعم أي عدو نفسه «2» ! وكان ~~الذي رماه بكرة وأتبعه سهما آخر فأثبت فيه سهمين وخلفوا فرسين فجاء بهما ~~يسوقهما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على الماء الذي «3» خلفهم عند ذي ~~قرد «3» وإذا بلال «4» قد نحر جزورا مما خلفه بسهمه وهو يشوي لرسول الله ~~صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها، فقال سلمة: يا رسول الله! خلني ~~فأنتخب «5» من أصحابك مائة رجل، وأتبع الكفار حتى لا يبقى منهم مخبر «6» ~~إلا قتلته، قال: «أكنت فاعلا ذلك» ؟ قال: نعم والذي أكرم وجهك! فضحك رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فجاء رجل من غطفان فقال «7» : مر ~~المشركون على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورا، ثم خرجوا هرابا؛ فلما أصبح ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف إلى المدينة وجعل يقول: «خير فرساننا ~~اليوم أبو قتادة! وخير رجالتنا «8» سلمة» ! فأعطى سلمة ذلك اليوم سهم ~~الراجل والفارس جميعا. # ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه وراءه على العضباء فلما كان ~~بينهم وبين المدينة قريب «9» وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق فجعل ~~ينادي: هل من مسابق «10» ! PageV01P291 # ألا رجل يسابق «1» إلى المدينة! فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي خلني ~~فلأ سابق الرجل! قال: «إن شئت» : قلت، «2» اذهب إليك «2» . فطفر عن راحلته ~~وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة، ثم إني ربطت عليه شرفا أو شرفين يعني استبقيت ~~نفسي ثم عدوت حتى لحقته فأصكه «3» بين كتفيه بيدي وقلت: سبقت والله! حتى ~~قدمنا المدينة. ثم توفيت أم رومان «4» امرأة أبي بكر الصديق أم عبد الرحمن ~~وعائشة في ذي الحجة. ### | السنة السابعة من الهجرة # أخبرنا محمد بن حسن بن قتيبة نا ابن أبي السري ثنا عبد الرزاق أنا معمر ~~عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس حدثني أبو سفيان بن حرب من ~~فيه إلى في قال: انطلقت في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم، فبينا أنا بالشام ms144 إذ جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~إلى هرقل، جاء به دحية الكلبي فدفعه إلى عظيم بصرى [فدفعه عظيم بصرى] «5» ~~إلى هرقل، [قال] : هل هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: ~~نعم، فدعيت في نفر من قريش، فدخلنا على هرقل، فأجلسنا بين يديه فأجلسوا ~~أصحابي خلفي، ثم دعا بترجمانه فقال: قل لهم: إني سائل هذا الرجل عن هذا ~~الرجل الذي يزعم أنه نبي، فإن كذبني فكذبوه، قال أبو سفيان «6» : والله! ~~لولا مخافة أن يؤثروا عني كذبا لكذبته؛ ثم قال لترجمانه: سله PageV01P292 # كيف حسبه «1» فيكم؟ قلت: هو فينا ذو حسب، قال: فهل كان [من] «2» آبائه من ~~ملك؟ فقلت: لا، قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: # لا، قال: من يتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت: بل ضعفاؤهم، قال: # فهل يزيدون أم ينقصون؟ قال: قلت: بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم عن ~~دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟ قال: قلت: لا، قال: فهل قاتلتموه؟ قال: قلت: # نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: يكون الحرب بيننا وبينه سجالا، ~~يصيب منا ونصيب منه «3» ؛ قال: فهل يغدر؟ قال: قلت: لا، ونحن منه في مدة ~~«4» لا ندري ما هو صانع فيها! قال: والله فما أمكنني من كلمة أدخل «5» فيها ~~شيئا غير هذه «6» ! قال: فهل قال هذا القول «7» أحد «8» قبله؟ قال: قلت: ~~لا. ثم قال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن حسبه فيكم «9» قلت: إنه «9» ذو ~~حسب «10» ، وكذلك [الرسل] «11» PageV01P293 # تبعث في أحساب «1» قومها؛ وسألتك: هل كان «2» في آبائه ملك «2» ؟ فزعمت ~~«3» أن لا، فقلت: إن «4» كان «2» في آبائه ملك «2» قلت: رجل يطلب ملك آبائه ~~«5» ؛ وسألتك عن أتباعه ضعفاء الناس أم أشرافهم قلت: بل ضعفاؤهم، وهم أتباع ~~الرسل «6» ؛ وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت «3» ~~أن لا، فقد عرفت «7» أنه لم يكن ليدع «8» الكذب على الناس «9» فيذهب فيكذب ~~«9» على الله؛ وسألتك «10» : هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخله سخطه ms145 ~~له؟ # فزعمت «11» أن لا، فكذلك «12» الإيمان «13» إذا خالط «13» بشاشته القلوب؛ ~~وسألتك: هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت «11» أنهم يزيدون، وكذلك [أمر] «14» ~~الإيمان حتى يتم؛ وسألتك: هل قاتلتموه؟ فزعمت أنكم قاتلتموه، فزعمت أن ~~الحرب بينكم PageV01P294 # وبينه سجال «1» تنالون منه وينال منكم، وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم ~~«2» العاقبة؛ وسألتك: هل يغدر؟ فزعمت «3» أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر؛ ~~وسألتك: هل قال هذا القول قبله أحد؟ فزعمت «3» أن لا، فقلت: لو كان قال هذا ~~القول أحد قبله لقلت «4» : رجل يأتم «5» بقول قيل قبله، ثم «6» سألتك بما ~~«6» يأمركم؟ # قلت: بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف، قال: إن يكن «7» ما تقول «8» فيه ~~فإنه نبي «8» . وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم، ولو «9» أني ~~أعلم أني أخلص إليه لأحببت «10» لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، «11» ~~وليبلغن ملكه ما تحت قدمي «11» . فقال: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم فقرأه فإذا فيه «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد «12» رسول ~~الله- صلى الله عليه وسلم «12» - إلى هرقل ملك «13» الروم، سلام على من ~~اتبع الهدى، أما بعد! فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك ~~الله أجرك مرتين، فإن توليت «14» فإن عليك إثم «15» الأريسين «16» قل يا ~~أهل الكتاب تعالوا- PageV01P295 # إلى قوله: بأنا مسلمون» «1» . فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات ~~عنده وكثر اللغط «2» وأمر بنا فأخرجنا، فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم «3» سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام. # قال: في أول هذه السنة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وبعث ~~إليهم بالرسل يدعوهم إلى الله، فقيل: إنهم لا يقرأون كتابا إلا بخاتم، ~~فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة نقش فيه «محمد رسول الله» ~~ليختم به الصحف، فكان يلبسه تارة في يمينه وتارة في يساره. # فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ~~بكتاب فأمره «4» أن يدفعه إلى عظيم البحرين ليدفعه عظيم البحرين إلى كسرى. ~~وبعث دحية «5» بن خليفة ms146 الكلبي إلى قيصر وهو هرقل ملك الروم وأمره أن يدفع ~~الكتاب إلى عظيم بصرى [فدفعه عظيم بصرى] «6» إلى هرقل. وبعث حاطب بن أبي ~~بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية. وبعث عمرو بن أمية الضمري إلى «7» أصحم ~~بن أبحر «7» النجاشي، وبعث شجاع بن وهب الأسدي «8» إلى [المنذر بن] «9» ~~الحارث PageV01P296 # ابن أبي شمر الغساني صاحب دمشق «1» . وبعث عامر بن لؤي إلى هوذة بن علي ~~الحنفي صاحب اليمامة. # فأما كسرى فمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم لما بلغه ذلك: # «مزق الله ملكه، إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده» . # وأما قيصر فسأل أبا «2» سفيان عما سأل ثم قرأ كتاب رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم ثم خلا بدحية الكلبي وقال: إني لأعلم أن صاحبكم نبي مرسل، وأنه ~~الذي كنا ننتظره ونجده في كتابنا، ولكن أخاف الروم على نفسي ولولا ذاك ~~لاتبعته، ولكن اذهب إلى ضغاطر «3» الأسقف فاذكر له أمر صاحبكم وانظر ماذا ~~يقول، فجاء دحية وأخبره مما جاء به من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ~~هرقل وبما يدعو إليه، فقال ضغاطر «4» : صاحبك والله نبي مرسل! نعرفه بصفته ~~ونجده في كتابنا باسمه، ثم دخل فألقى ثيابا كانت عليه سوداء ولبس ثيابا ~~بيضا ثم أخذ عصاه وخرج على الروم وهم في الكنيسة فقال للروم: إنه قد أتانا ~~كتاب من أحمد يدعو فيه إلى الله، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا ~~«5» عبده ورسوله، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وضربوه حتى قتلوه، فرجع دحية ~~إلى هرقل وأخبره الخبر، قال: قلت لك «6» : إنا نخافهم على أنفسنا فضغاطر ~~كان والله [أعظم] «7» عندهم وأجوز قولا مني. PageV01P297 # وأما النجاشي «1» فكان «2» كتابه «من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ~~«3» ملك الحبشة، سلم أنت، فأني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن ~~المهيمن «4» العزيز الجبار المتكبر «4» ، وأشهد أن عيسى «5» روح الله ~~وكلمته ألقاها إلى مريم البتول «6» الطيبة الحصينة «7» فحملت بعيسى، فخلقه ~~من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك ms147 إلى الله «8» ، وقد بعثت ~~«9» إليك ابن عمي جعفرا «10» ومعه نفر «11» من المسلمين، فدع «12» التجبر ~~فإني أدعوك «13» إلى الله «14» وقد «15» بلغت ونصحت «16» فاقبل نصيحتي «16» ~~والسلام على من اتبع الهدى» فقرأ النجاشي الكتاب وكتب جوابه إلى رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم «بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله «17» صلى ~~الله عليه وسلم «17» ، من النجاشي «18» الأصحم بن أبحر «18» ، سلام عليك يا ~~PageV01P298 # نبي الله ورحمة الله وبركاته [من الله] «1» الذي لا إله إلا هو الذي ~~هداني إلى الإسلام، أما بعد فقد بلغني «2» كتابك يا رسول الله فيما «3» ~~ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض أن عيسى لا «4» يزيد على ما [ذكرت ~~ثفروقا، إنه كما] «1» قلت، ولقد «5» عرفنا ما بعثت «6» به إلينا، وقد قربنا ~~«7» ابن عمك وأصحابه، وأشهد «8» أنك رسول الله «9» صلى الله عليه وسلم «9» ~~صادقا مصدقا، وقد [بايعتك و] «1» بايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب ~~العالمين، وبعثت إليك بابني «10» أرها بن الأصحم «10» ، فإني لا أملك إلا ~~نفسي، وإن شئت [أن] «1» آتيك «11» يا رسول الله فعلت «12» ، فإني أشهد أن ~~ما تقوله «13» حق- والسلام عليك يا رسول الله! فخرج ابنه في ستين نفسا من ~~الحبشة «14» في سفينة البحر، فلما توسطوا ولججوا «15» أصابتهم شدة وغرقوا ~~كلهم «16» . # وأما المقوقس فأهدى [إلى] رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع جوار فيهن ~~مارية القبطية أم PageV01P299 # إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك سائر الملوك أهدى إليه ~~الهدايا فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يقبل الهدية ويثيب ~~عليها. ### | ثم كانت غزوة خيبر # خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بقية المحرم «1» إلى خيبر، واستعمل ~~«2» على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري وقدم عينا له ليجيئه بالخبر، وأخرج ~~من نسائه أم سلمة، وخرج على الأموال بجيشه «3» فلا يمر بمال إلا أخذه ويقتل ~~من فيه و [يفتتحها] «4» حصنا حصنا، فأول ما أصاب منها حصن ناعم «5» ثم حصن ~~الصعب بن معاذ «6» ثم حصن القموص «7» فلما [افتتح] «8» رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم «9» أتى حصنهم الوطيح والسلالم ms148 «9» وكان رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم إذا «10» أصبح قوما أو غزا «10» لم يغر عليهم «11» حتى يصبح فإن سمع ~~أذانا أمسك، وإن لم يسمع أذانا أغار، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم استقبلهم عمال خيبر بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوا النبي صلى الله عليه ~~وسلم PageV01P300 # والجيش قالوا: محمد والله والخميس! وأدبروا هرابا، فقال رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم: «الله أكبر الله أكبر! خربت خيبر! إنا إذا نزلنا بساحة قوم ~~فساء صباح المنذرين» ! فخرج مرحب اليهودي من الحصن يرتجز «1» ويطلب البراز، ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لهذا» ؟ «2» فقال محمد بن مسلمة ~~«2» : أنا يا رسول الله «3» ! فلما دنا أحدهما من صاحبه بادر مرحب بالسيف، ~~فاتقاه «4» محمد بن مسلمة بدرقته، فوقع سيفه فيها وعضت به الدرقة فأمسكت ~~«5» ، فضربه محمد بن مسلمة فقتله، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~رجلا «6» يقاتل فمر ورجع ولم يكن فتحا «7» ، ثم بعث آخر يقاتل فمر ورجع ولم ~~PageV01P301 # يكن فتحا، وحمى الحرب بينهم وتقاعسوا «1» ، فقال النبي صلى الله عليه ~~وسلم: «لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله! ويحبه الله ورسوله! «2» ~~«3» يفتح الله على يديه، ليس بفرار، فلما أصبح دعا عليا «3» وهو أرمد، فتفل ~~في عينيه «4» فبرأ، ثم قال: خذ هذه الراية واقبض بها حتى يفتح الله عليك» ~~«4» ، فخرج علي يهرول والمسلمون خلفه حتى ركز رايته في رضم «5» من حجارة، ~~فاطلع عليه يهودي من رأس الحصن وقال: من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب، ~~فقال اليهودي: علوتم وما أنزل على موسى! فلم يزل علي يقاتل حتى سقط ترسه من ~~يده، ثم تناول بابا صغيرا كان عند الحصن فاترس به، فلم يزل في يده وهو ~~يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده، فلما PageV01P302 # أيقن اليهود بالهلكة «1» سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن «2» ~~دماءهم «3» وأن يسيرهم، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك «4» ، ~~فنزلوا على ذلك وقالوا: يا محمد! إنا نحن أرباب الأموال ونحن أعلم بها منكم ~~«5» فعاملناها ms149، فعاملهم «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيبر على النصف ~~«7» . فلما فعل ذلك أهل خيبر سمع بذلك أهل فدك، بعث إليهم رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم محيصة «8» بن مسعود، فنزلوا على ما نزلت عليه اليهود بخيبر ~~على أن يسيرهم «9» ويحقن دماءهم، فعاملهم «10» رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم على مثل معاملة «11» أهل خيبر «12» ، فكانت فدك لرسول الله صلى الله ~~عليه وسلم خالصة، وذلك أنه لم يوجف «13» عليها بخيل ولا ركاب، وقسم رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم خيبر على ألف وثمانمائة سهم، وكان الرجال بها ألف ~~«14» PageV01P303 # وأربعمائة والفرس مائتي فرس، فقسم للفارس ثلاثة أسهم: سهمين لفرسه وسهما ~~له، وللرجل «1» سهما، فكان للأفراس أربعمائة ولركابها، «2» ولرجالهم «2» ~~ألف وأربعمائة سهم، وكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عاصم بن عدي؛ ~~ثم أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا مشوا بين رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وبين أهل فدك في الصلح، وأعطى محيصة ابن مسعود ثلاثين وسقا من ~~شعير وثلاثين وسقا من تمر، وقسم «3» سهم ذوي «3» القربى من خيبر على بني ~~هاشم وبني المطلب؛ فكانت قسمة خيبر على ما وصفنا. وكانت صفية «4» بنت حيي ~~بن أخطب في السبي، أخرجوها من حصن القموص «5» ، فاصطفاها رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم لنفسه. وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آنية ~~المشركين، فقال: # اغسلوها وكلوا فيها وأطعموا، وأطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعا ~~«6» من نسائه اللاتي توفي وهن عنده تسعمائة وسق تمر ومن القمح مائة وثمانين ~~وسقا. فلما فرغوا من الغنائم وقسمها أكل المسلمون لحوم الحمر الأهلية [فأمر ~~مناديا فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم] «7» عن المتعة، وأمر ~~بالقدور أن تكفأ، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم PageV01P304 # فيهم خطيبا فقال: «لا يحل لا مرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه ~~زرع غيره- يعني إتيان الحبائل من السبايا، ولا يحل لا مرىء يؤمن بالله ~~واليوم الآخر أن يصيب امرأة «1» ثيبا من السبي «1» حتى يستبرئها، ولا ms150 يحل ~~لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر [أن] «2» يبيع مغنما «3» حتى يقسم، ولا يحل ~~لا مرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من غنيمة المسلمين حتى إذا ~~أعجفها ردها فيها؛ ولا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من ~~فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده» ؛ ثم اطمأن الناس. # وأهدت «4» زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم لرسول الله صلى الله عليه ~~وسلم شاة مصلية وأكثرت فيها من السم، فلما وضعته بين يدي رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم قال: «إن هذا «5» العظم يخبرني «6» أنه مسموم» ! ثم دعاها ~~«7» فاعترفت، فقال: «ما حملك على ذلك» ؟ فقالت: بلغت من قومي ما لم يخف ~~عليك فقلت: إن كان ملكا استرحت منه، وإن كان نبيا فسيخبر؛ فتجاوز عنها رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم، وكان بشر بن البراء بن معرور يأكل مع رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم فأكل منها قطعة وكان ذلك سبب موته. ### | وقتل من المسلمين بخيبر # ربيعة بن أكثم بن سخبرة «8» وثقف بن عمرو بن سميط «9» ورفاعة بن مسروح ~~PageV01P305 # وعبد الله بن الهبيب «1» ومسعود بن «2» قيس بن خلدة ومحمود بن مسلمة بن ~~خالد بن عدي بن مجدعة وأبو الضياح «3» بن ثابت بن النعمان بن أمية «4» ~~ومبشر بن عبد المنذر بن الزنبر «5» بن [زيد بن] «6» أمية بن سفيان بن ~~الحارث والحارث بن حاطب وعروة بن مرة بن سراقة، و «7» أوس بن القائد «8» ~~وأنيف بن حبيب «9» وثابت ابن أثلة «10» وعمارة بن عقبة بن حارثة بن غفار ~~وبشر بن البراء بن معرور، وكان سبب موته أكله من الشاة المسمومة. # وعند فراغ المسلمين من خيبر قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة فقال ~~النبي صلى الله عليه وسلم: «والله! ما أدري بأي الأمرين أنا أشد فرحا بفتح ~~خيبر أو قدوم جعفر» ! ثم قام إليه فقبل ما بين عينيه. # فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى وادي القرى، فحاصر أهله ~~ليالي «11» ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام له أهداه ms151 رفاعة بن زيد ~~الجذامي «12» ، فبينا هو يضع رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه سهم ~~غرب فقتله، فقال المسلمون: هنيئا له الجنة! فقال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: «كلا والذي نفسي بيده! إن شملته الآن تحترق «13» عليه في النار، ~~PageV01P306 # وكان غلها من فيء المسلمين» ، فسمعها رجل من أصحاب رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أصبت شراكين لنعلين لي «1» ! وقال رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم: «يبدلك الله مثلها في النار» . # ثم استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجاج بن علاط السلمي «2» وقال: ~~يا رسول الله! إن «3» لنا مالا بمكة فأذن لي «3» ، فأذن له، فقال: يا رسول ~~الله! وأن أقول «4» ؟ قال: # فقل، «5» قدم الحجاج بمكة وإذا قريش بثنية البيضاء «5» يستمعون الأخبار ~~«6» ، وقد بلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سار إلى خيبر، وقد ~~كانوا عرفوا أنها «7» أكثر أرض «7» الحجاز «8» ريفا ومنعة «8» ورجالا «9» ، ~~فلما رأوه «10» قالوا: يا «11» حجاج! أخبرنا «11» فإنه قد بلغنا أن القاطع ~~سار إلى خيبر، فقال الحجاج: عندي من الخبر ما يسركم! قالوا: # ما هي يا حجاج «12» ؟ فقال هزم هزيمة لم تسمعوا «13» بمثلها قط «14» وأسر ~~محمدا أسرا «15» ، PageV01P307 # فقالوا: لن «1» نقتله حتى نبعث به إلى مكة فيقتلونه «2» بين أظهرهم بمن ~~كان قتل «3» من رجالهم؛ فقاموا «4» وصاحوا بمكة: جاءكم الخبر وهذا محمد ~~إنما تنتظرون «5» أن يقدم به عليكم «6» ، فقال الحجاج: أعينوني على «7» ~~مالي بمكة [و] «8» على غرمائي. فإني «9» أقدم خيبر فأصيب من فيء «10» محمد ~~وأصحابه قبل أن يسبقني «11» التجار «12» . فلما سمع العباس بن عبد المطلب ~~الخبر أقبل حتى وقف على جنب الحجاج بن علاط «13» ، قال: يا حجاج! ما هذا ~~الخبر الذي جئتنا به؟ قال: وهل عندك حفظا لما «14» وضعت عندك؟ قال: نعم، ~~قال: استأخر عني حتى ألقاك على خلاء «15» فإني في جمع مالي كما ترى، ~~فانصرف، حتى [إذا] «16» فرغ الحجاج من جمع «17» PageV01P308 # ماله «1» وأراد الخروج لقي العباس فقال: احفظ علي حديثي «2» فإني أخشى ~~الطلب «3» ، قال، افعل، قال: والله! إني تركت ابن أخيك ms152 عروسا على ابنة ~~ملكهم صفية بنت حيي، ولقد افتتح خيبر «4» فصارت له ولأصحابه، قال: ما تقول ~~يا حجاج! قال: أي والله! فاكتم «5» علي ثلاثا «5» ، ولقد أسلمت وما جئت إلا ~~لآخذ مالي فرقا [من] «6» أن أغلب عليه فإذا مضى «7» ثلاث «8» فأظهر أمرك ~~فإن الأمر والله على ما تحب! ثم خرج الحجاج بماله، فلما كان اليوم الثالث ~~من خروجه لبس العباس حلة وتخلق وأخذ عصاه ثم خرج حتى طاف بالكعبة، فلما ~~رأوه قالوا: يا أبا الفضل! هذا والله التجلد لحر المصيبة! قال، كلا و «9» ~~الذي حلفتم به! لقد افتتح محمد خيبر وأصبح «10» عروسا على ابنة ملكهم وأحرز ~~«11» أموالهم وما فيها «12» ، قالوا: من جاء «13» بهذا الخبر؟ قال: الرجل ~~الذي جاءكم بما جاءكم به ولقد دخل عليكم وأخذ «14» ما له وانطلق «15» فلحق ~~برسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه ويكون «15» معه؛ [قالوا: يا لعباد ~~الله] «6» انفلت عدو الله، والله «16» لو علمنا لكان لنا وله PageV01P309 # شأن «1» ! فلم يلبثوا أن جاءهم الخبر بذلك. # وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجوعه من خيبر إلى المدينة نزل بعض ~~المنازل ثم قال: من يكلؤنا «2» الليلة؟ فقال بلال: أنا يا رسول الله! فنزل ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وناموا، وقام بلال يصلي فصلى ما شاء ~~الله أن يصلي ثم استند إلى بعيره «3» واستقبل الفجر يرمقه، فغلبته عيناه ~~فنام فلم يوقظهم إلا حر «4» الشمس، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ~~أصحابه هبا «5» فقال: «ماذا صنعت يا بلال» ! فقال: يا رسول الله! أخذ بنفسي ~~الذي أخذ بنفسك، قال: «صدقت» ، ثم اقتاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~بعيره غير كثير ثم أناخ فتوضأ وتوضأ الناس معه، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة ~~فصلى بالناس، فلما سلم أقبل على الناس فقال: «إذا نسيتم الصلاة فصلوها إذا ~~«6» ذكر تموها فإن الله يقول: # أقم الصلاة لذكري «7» . # ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة و «8» أبو هريرة أسلم وقدم ~~المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وعليها سباع بن ms153 عرفطة الغفاري ~~فصلى مع سباع الغداة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ ويل ~~للمطففين الذين إذا اكتالوا «9» - الآية. وكان عمرو بن أمية الضمري خطب أم ~~حبيبة بنت أبي سفيان إلى النجاشي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بأرض ~~الحبشة حيث حمل كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فزوجها النجاشي من رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم على مهر PageV01P310 # أربعمائة من عنده، وكان الذي زوجها خالد بن سعيد بن العاص وبعثها النجاشي ~~مع من بقي المسلمين بأرض الحبشة إلى المدينة في سفينتين، فلما بلغوا الجار ~~«1» ركبوا الظهر حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافه ~~من خيبر «2» . ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته «3» على أبي العاص ~~بن الربيع بالنكاح الأول. وقدم عمرو بن العاص زائرا لرسول الله صلى الله ~~عليه وسلم ومسلما عليه من عند النجاشي وكان قد أسلم بأرض الحبشة ومعه عثمان ~~بن طلحة العبدري «4» وخالد بن الوليد بن المغبرة. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد «5» سرية إلى بني مرة ~~في ثلاثين رجلا PageV01P311 # فقتلوا ورجع وحده إلى المدينة. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق سرية إلى نجد ومعه ~~سلمة بن الأكوع. # وبعث صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الليثي إلى بني الملوح في ~~رمضان في مائة وثلاثين رجلا فأغاروا عليهم واستاقوا النعم والشاء «1» «2» ~~وجاءوا بها «2» إلى المدينة، ونذروا لخروج «3» العدو خلفهم، فجاء السيل ~~وحال الوادي بينهم وبين المسلمين، ورجعوا إلى المدينة بالغنائم. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب سرية في ثلاثين رجلا ~~إلى أرض هوزان «4» فخرج، «5» معه بدليل «5» من بني هلال، فكانوا يسيرون ~~بالليل ويكمنون بالنهار حتى «6» ملكوا هوازن ونذر القوم «6» وهربوا، ولم ~~يلق عمر كيدا ثم رجع. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير بن سعد إلى جناب «7» في شوال ~~معه حسيل بن نويرة «8» فأصابوا نعما «9» ، وانهزم جمع عيينة بن ms154 حصن إلى ~~المدينة «10» . PageV01P312 # ثم أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتمر في ذي القعدة عمرة القضاء ~~«1» لما فاتهم من العام الأول من عمرة الحديبية وعزم «2» أن ينكح ميمونة ~~فبعث أبا رافع ورجلا من الأنصار من المدينة إلى ميمونة ليخطبها له ثم أحرم ~~وساق سبعين بدنة في سبعمائة رجل، واستعمل على المدينة «3» ناجية بن جندب ~~الأسلمي «3» ، وتحدثت قريش أن محمدا وأصحابه في عسر وجهد وحاجة، فقدم صلى ~~الله عليه وسلم مكة وعبد الله بن رواحة أخذ بخطام ناقته [يقول] «4» : # خلوا بني «5» الكفار عن سبيله ... خلوا فكل «6» الخير في رسوله # يا رب إني مؤمن بقيله «7» ... أعرف حق الله في قبوله # نحن قتلناكم على تأويله ... كما قتلناكم على تنزيله # ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله «8» # واصطفت «9» قريش عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه، فلما دخل ~~PageV01P313 # رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد اضطبع «1» بردائه وأخرج عضده اليمنى ~~وقال: «رحم الله امرأ أراهم «2» اليوم من نفسه قوة» ! ثم استلم الركن فخب ~~ثلاثا ومشى أربعا، وخب المسلمون معه، واستلم الركن، وهرول بين الصفا ~~والمروة ليرى المشركون، أن به قوة، ثم حلق ونحر البدن، فكانت البدنة عن ~~عشرة. وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا، وتزوج ميمونة بها ~~وهي حل وهو حرام «3» ، فأتاه حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود في ~~نفر من قريش قد وكلته بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وقالوا: ~~إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا «4» ! فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من ~~مكة بالمسلمين وخلف أبا رافع مولاه على ميمونة حتى أتاه بها بسرف «5» فبنى ~~بها وهما حلالان ثم رجع إلى المدينة «6» . # ثم بعث «7» صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من مكة بخمسين رجلا «8» ابن «9» ~~أبي العوجاء السلمي في سرية إلى بني سليم «10» فلقيهم بنو «11» سليم على ~~حرة فأصيب أصحابه، ونجا هو بنفسه فقدم المدينة «12» . PageV01P314 ### | السنة الثامنة من الهجرة # حدثنا أحمد بن علي بن المثنى التميمي بالموصل ms155 ثنا عبد الواحد بن غياث ثنا ~~حماد بن سلمة عن قتادة وثابت وحميد عن أنس قال: غلا «1» السعر على عهد رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! سعر لنا، فقال: «إن الله هو ~~القابض والباسط المسعر «2» الرزاق، وإني أرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم ~~يطالبني بمظلمة في نفس ولا مال» . # قال: في أول هذه السنة غلا «1» السعر على المسلمين فأتوا النبي صلى الله ~~عليه وسلم يسعر لهم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ثم قال: «لا ~~تباغضوا ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا» ؛ ثم قال: «لا ~~يسوم الرجل على سوم أخيه. ولا يبيع حاضر لباد، دعو الناس يرزق بعضهم من ~~بعض» . # ثم طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة، فقعدت له على طريقه ~~بين المغرب والعشاء ثم قالت: يا رسول الله! ارجعني، فو الله ما بي حب ~~الرجال! لكني أحب أن أحشر في أزواجك ويومي لعائشة! فردها رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم. # ثم توفيت زينب بنت رسول الله، غسلتها سودة بنت زمعة وأم سلمة بنت أبي ~~أمية زوجتا رسول الله صلى الله عليه وسلم. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الليثي سرية إلى ~~بني ليث في بضعة PageV01P315 # عشر رجلا «1» ، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وساق نعمهم ومواشيهم إلى ~~المدينة. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى جيفر وعباد «2» ~~ابني الجلندي «3» بعمان «4» ، فصدقا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأقرا بما ~~جاء به، وصدق عمرو بن العاص أموالهم، وأخذ الجزية من المجوس. # ثم صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن ساوى «5» العبدي «6» ~~وكتب إليه كتابا مع العلاء بن الحضرمي «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد ~~رسول الله إلى المنذر ابن ساوى «5» ، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي ~~لا إله إلا هو، أما بعد فإن كتابك جاءني ورسلك، وأنه من صلى صلاتنا «7» ~~واستقبل قبلتنا فإنه مسلم، له ما ms156 للمسلم «8» وعليه ما على المسلم «9» ، ومن ~~أبى فعليه الجزية. فصالحهم «10» العلاء ابن الحضرمي [على] «11» أن على ~~المجوس «12» الجزية، لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم» . # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن عمير «13» الغفاري سرية في ~~خمسة عشر رجلا PageV01P316 # حتى انتهى إلى ذات أطلاح «1» من ناحية الشام قريبا من مغار «2» وكانوا من ~~قضاعة، فوجد بها جمعا كثيرا فدعاهم «3» إلى الإسلام، فأبوا أن يجيبوا ~~وقتلوا أصحاب كعب جميعا، ونجا هو بنفسه حتى قدم المدينة «4» . # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب سرية إلى بني عامر قبل ~~نجد في أربعة وعشرين رجلا فأغار عليهم، فجاءوا نعما وشاء، فكانت سهمانهم ~~«5» اثني عشر «6» بعيرا، ونفلهم النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى مؤتة» # ناحية الشام، فأوصاه بمن معه من المسلمين خيرا وقال: «إن أصيب زيد فجعفر ~~بن أبي طالب على الناس، وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس» ، ~~وتجهز الناس معه فخرج معه قريبا من ثلاثة آلاف من المسلمين ومضى حتى نزل ~~معان «8» من أرض الشام، فبلغهم أن هرقل قد نزل مآب «9» من أرض البلقاء في ~~مائة ألف من الروم «10» ، فأقام المسلمون بمعان ليلتين ينظرون في أمرهم، ~~فشجع الناس عبد الله بن رواحة PageV01P317 # وقال: يا قوم! والله إن التي تكرهون هي «1» التي خرجتم من أجلها- ~~الشهادة! ولا نقاتل «2» الناس بعدد ولا قوة، إنما نقاتلهم بهذا الدين ~~[الذي] «3» أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي «4» إحدى الحسنيين: إما ظهور ~~وإما شهادة؛ فقال [الناس: قد والله] «3» صدق ابن رواحة! ثم رحلوا، فلما ~~كانوا بالقرب من بلقاء «5» لقيهم «6» جموع هرقل في الروم «7» ، فلما دنا ~~العدو انحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فتعبأ لهم المسلمون وجعلوا ~~على ميمنتهم رجلا من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة، وعلى ميسرتهم رجلا ~~[من الأنصار] «8» من بني سعد بن هريم يقال له عبادة «9» ابن مالك، ثم التقى ~~الناس فاقتتلوا قتالا شديدا ms157 فقاتل «10» زيد بن حارثة «10» براية رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم حتى قتل، ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى «11» ألحمه ~~القتال فاقتحم عن فرسه الشقراء وعرقبها وقاتل حتى قتل وفيه اثنتان وسبعون ~~ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح، ثم أخذ عبد الله بن رواحة الراية وتقدم ~~بها وهو على فرسه فقاتل حتى قتل وأخذ الراية ثابت بن أقرم «12» وقال: يا ~~معشر المسلمين! اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت، قال: ما «13» أنا بفاعل، ~~فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، PageV01P318 # فأخذ خالد الراية ودافع «1» القوم وحاشى بهم «2» ثم انصرف بالناس فنعى ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد ~~الله بن رواحة قبل أن يجيء خبرهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل ~~جعفر طعاما، فإنه قد جاءهم ما يشغلهم» ؛ وقدم خالد بن الوليد بالمسلمين ~~فتلقاهم «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون «4» والصبيان «5» ~~يحثون على الجيش التراب ويقولون: أفررتم «6» في سبيل الله! ورسول الله صلى ~~الله عليه وسلم يقول: «ليسوا «7» بالفرارين «8» ولكنهم الكرارون» «9» . # ثم بعث «10» رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل ~~وهم قضاعة، وكانت أم العاص بن وائل قضاعية «11» فأراد رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم أن يتألفهم بذلك «12» فخرج في سراة «12» المهاجرين والأنصار، ثم ~~استمد «13» رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي عبيدة ابن الجراح على ~~المهاجرين والأنصار فيهم «14» أبو بكر وعمر فلما اجتمعوا واختلف ~~PageV01P319 # أبو عبيدة وعمرو بن العاص في الإمامة، فقال المهاجرون: أنت أمير أصحابك ~~وأبو عبيدة أميرنا، فأبى عمرو بن العاص وقال: أنتم لي مدد، فقال أبو عبيدة: ~~إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: إذا قمت على أصحابك فتطاوعا «1» ؛ ~~وإنك إن عصيتني لأطيعنك، فأطاعه أبو عبيدة بن الجراح وكانوا يصلون خلف عمرو ~~بن العاص؛ وفيها صلى بهم وهو جنب. فلما قدموا على رسول الله أخبره الخبر، ~~فقال عمرو: # لقيت من البرد شدة وإني لو اغتسلت خشيت الموت! فضحك رسول الله ms158 صلى الله ~~عليه وسلم، قال عمرو: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال الله ولا ~~تقتلوا أنفسكم» # - الآية. # وفي هذا الشهر كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خزاعة بن بديل وبشر ~~وسروات بني عمرو يدعوهم إلى الله ويعرض عليهم الإسلام. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة «3» سرية إلى غطفان في ~~ستة عشر رجلا، فبيتوهم وأصابوا نعما وشياه ورجعوا إلى المدينة. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمائة من ~~المهاجرين والأنصار قبل جهينة «4» وزودهم «5» جراب تمر، فأصابهم جوع شديد ~~وكان أبو PageV01P320 # عبيدة يعطيهم حفنة حفنة، ثم أعطاهم تمرة تمرة، ثم ضرب لهم البحر بدابة ~~«1» يقال لها العنبر فأكلوا منها شهرا، ثم أخذ أبو عبيدة ضلعا «2» فنصبه ~~فمر راكب البعير تحته؛ فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه ~~فقال: «هو رزق رزقتموه من الله، هل عندكم منه شيء» ؟ وسمى هذا الجيش جيش ~~الخبط «3» وذلك أنهم جاعوا فكانوا يأكلون الخبط «4» حتى صارت أشداقهم ~~كأشداق الإبل. # ثم استشار عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم «5» أن لي «5» ~~أرضا بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس «6» عندي منه فما تأمرني؟ قال: «إن شئت ~~حبست أصلها وتصدقت بها» ، فحبس عمر أصلها وتصدق بها- ولا تباع ولا توهب ولا ~~تورث- في الفقراء والغرباء، وما بقي أنفق في سبيل [الله] وابن السبيل، لا ~~جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف وأن يعطي طريفا «7» عنه غير متمول ~~فيه. # ثم إن بكر بن عبد مناة بن كنانة خرجت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل ~~مكة فقاتلوا، فلما «8» بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال للمسلمين: ~~«كأنكم بأبي سفيان قد قدم لتجديد العهد بيننا» ! وكان بديل بن ورقاء ~~بالمدينة فخرج إلى مكة PageV01P321 # راجعا، فلما بلغ «1» عسفان لقيه أبو سفيان وكانت قريش قد بعثه إلى رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم لتجديد العهد، فقال له أبو سفيان: من أين ms159 أقبلت يا ~~بديل؟ قال: سرت إلى خزاعة، قال: جزت بمحمد؟ قال: لا، ثم خرج أبو سفيان حتى ~~قدم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم طوته «2» عنه، فقال: يا بنيتي «3» ! ما أدري أرغبت بهذا ~~«4» الفراش عني أم رغبت بي عنه؟ قالت: # هذا «5» فراش رسول الله «6» صلى الله عليه وسلم «6» وأنت رجل مشرك نجس! ~~فلم أحب أن تجلس على فراش «7» صلى الله عليه وسلم «7» ، ثم «8» خرج أبو ~~سفيان حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا، فذهب إلى ~~أبي بكر فكلمه أن يكلم «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أنا ~~بفاعل، ثم خرج حتى أتى عمر فكلمه فقال عمر: أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم! والله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم بهم «10» ! ثم خرج أبو ~~سفيان حتى دخل على علي بن أبي طالب وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وعندها الحسن ابنها «11» يدب فقال: يا علي! إنك أمس القوم بي ~~رحما وأقربهم منى قرابة وقد جئت في حاجة فلا أرجعن كما PageV01P322 # جئت «1» ، اشفع لي «2» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ويحك يا ~~أبا سفيان! لقد «3» عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن ~~نكلمه فيه؛ فالتفت إلى فاطمة فقال: هل لك أن تأمري «4» ابنك «5» هذا «6» أن ~~يجير «6» بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر، قالت: ما بلغ «7» ذلك ~~ابني «7» أن يجير بين الناس «8» ، قال: يا أبا الحسن! إني أرى الأمور قد ~~اشتدت علي، «9» ما تنصح لي «9» ؟ قال: والله! ما أعلم شيئا يغني 1» # عنك «11» ولكن قم «13» فأجر بين الناس و «12» الحق بأرضك «13» ، قال: و ~~«14» ترى ذلك يغني «15» عني شيئا؟ قال: والله «16» ما أدري «17» ! فقام أبو ~~سفيان في المسجد فقال: # أيها الناس! إني قد أجرت بين الناس- ثم خرج «18» . فلما قدم على قريش مكة ~~«19» PageV01P323 # قالوا: ما وراءك؟ قال: جئت محمدا فكلمته، قال ms160 «1» : فو الله ما رد علي ~~بشيء «2» ! ثم [جئت] «3» ابن أبي قحافة «4» فلم أجد فيه «5» خيرا، ثم جئت ~~ابن الخطاب فوجدته أعدى «6» العدو «7» ، ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم، ~~وقد أشار علي برأي «8» صنعته، فو الله! ما أدري هل يغنيني «9» شيئا أم لا! ~~قالوا: وبماذا أمرك؟ # قال: أمرني أن أجير بين الناس، ففعلت؛ قالوا: فهل أجاز محمد ذلك؟ قال: ~~لا، قالوا: ويحك! والله إن زاد «10» علي بن أبي طالب على أن لعب بك! والله ~~ما يغني عنك «11» ما فعلت «12» !. # ثم عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسير إلى مكة وأمرهم بالجد ~~والتهيؤ «13» وقال: # «اللهم! خذ «14» العيون والأخبار «14» عن قريش» «15» ، «16» فلما صح ذلك ~~منه ومن المسلمين «16» كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبر بالذي قد ~~أجمع عليه PageV01P324 # رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعطاه امرأة «1» من مزينة «2» وجعل لها ~~جعلا على أن تبلغه قريشا، فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه «3» قرونها ثم خرجت ~~«4» ، وأخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بما فعل حاطب، فبعث رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وقال: # أدركا امرأة «5» من مزينة «5» قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش يحذرهم ما ~~«6» قدمنا عليه «6» ، فخرجا حتى أدركاها بالحليفة» # فاستنزلا «8» والتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا، فقال لها علي: إني أحلف ~~بالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما كذب ولا كذبنا] «9» «10» إما أن ~~تخرجي الكتاب وإلا نكشفنك «10» فلما رأت الجد «11» قالت: أعرض عني، فأعرض ~~عنها علي، فحلت قرون رأسها واستخرجت الكتاب «11» فدفعته «12» إليه، فجاء به ~~«13» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~حاطبا فقال: «يا حاطب! ما حملك على هذا» ؟ قال. يا «14» رسول الله! والله ~~إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت «15» ولا بدلت ولكني كنت امرأ ليس لي في ~~القوم أصل ولا عشيرة وكان لي PageV01P325 # بينهم «1» أهل وولد «2» ، فقال عمر: دعني «3» أضرب عنقه، فإن الرجل قد ~~نافق، فقال النبي صلى الله ms161 عليه وسلم: «وما يدريك يا عمر! لعل الله قد اطلع ~~«4» يوم بدر إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» «5» . # ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة واستخلف على المدينة ~~أبارهم كلثوم بن حصين «6» بن عبيد «7» بن خلف «8» الغفاري، وذلك لعشر مضين ~~من رمضان، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام المسلمون، «9» ومع رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم عشرة «9» آلاف من المسلمين، ولم يعقد الألوية ولا ~~نشر «10» الرايات، فلما بلغ الكديد- والكديد ما بين عسفان [وأمج] «11» أفطر ~~وأفطر المسلمون [وقد كان] «11» عيينة بن [حصن] «12» الفزاري [لحق رسول الله ~~بالعرج ولحقه الأقرع] «12» بن حابس التميمي «13» في نفر من أصحابهما فقال ~~عيينة: يا رسول الله! والله ما أرى آلة الحرب ولا تهيئة «14» PageV01P326 # الإجرام، فأين تتوجه «1» ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حيث شاء ~~الله» ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران قد عميت الأخبار ~~على «2» قريش فلا «3» يأتيهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ~~يدرون ما هو فاعل خرج «4» أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء ~~يتجسسون «5» الأخبار وينظرون هل يرون خبرا أو يسمعون به، فقال العباس بن ~~عبد المطلب: «6» يا صباح «6» قريش! والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم عنوة قبل أن يأتوه فاستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر! فركب ~~العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ومضى عليها حتى أتى ~~الأراك وقال هل أجد «7» بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة ~~فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه ويستأمنوه قبل أن ~~يدخلها عنوة، فبينما هو يسير إذ سمع «8» كلام أبي سفيان «9» وهو يقول: # والله ما رأيت 1» # كالليلة نيرانا قط وعسكرا1» # ! فقال بديل بن ورقاء: هذه والله [نيران] «11» PageV01P327 # خزاعة «1» ! فقال أبو سفيان: خزاعة والله الأم «2» وأذل «3» من أن تكون ~~هذه نيرانها وعسكرها! فلما عرف العباس «4» صوتهم قال: يا أبا حنظلة! فعرف ~~أبو سفيان ms162 صوته فقال: أبو الفضل؟ قال: نعم، «5» قال: ما لك؟ قال: فداك أبي ~~وأمي ويحك يا أبا سفيان! هذا «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم «6» ! قال: ~~واصباح قريش! قال: فما الحيلة- فداك أبي وأمي؟ قال العباس: أما والله لئن ~~ظفر بك ليضربن عنقك! فاركب عجز هذه البغلة «7» حتى آتي بك رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، فركب أبو سفيان خلف العباس ورجع صاحباه إلى مكة؛ فكلما مر ~~العباس بنار من نيران المسلمين قالوا: # من هذا؟ وإذا رأوه قالوا: بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس ~~عليها عمه، فلما مر بنار عمر ابن الخطاب قال: من هذا؟ وقام إليه فلما رأى ~~أبا سفيان «8» على عجز الدابة قال: # أبو سفيان عدو الله! الحمد لله الذي أمكن منك «9» من غير عقد ولا عهد! ثم ~~خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركض العباس بالبغلة فسبقه إلى ~~رسول الله فاقتحم العباس على «10» باب القبة «10» ودخل على رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، ودخل عليه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله! هذا أبو ~~سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد! PageV01P328 # فدعني أضرب عنقه، فقال العباس: يا رسول الله! إني قد أجرته، ثم جلس ~~العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» وأكثر عمر في شأن أبي سفيان، ~~فقال العباس: مهلا يا عمر! أما والله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قلت ~~هذا ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف! فقال عمر: مهلا يا عباس! فو ~~الله لإسلامك يوم أسلمت أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم! «2» وما بي إلا ~~أني عرفت «2» أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام ~~الخطاب «3» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذهب به يا عباس إلى ~~رحلك «4» ، إذا أصبحت فأتني به» «5» ، فذهب به العباس إلى رحله «6» فبات ~~عنده، فلما أصبح غدا به إلى «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه ~~رسول الله صلى ms163 الله عليه وسلم قال: # «ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله» ؟ قال: بأبي ~~أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره ~~لقد أغنى «8» شيئا! قال: «ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول ~~الله» ؟ # قال: بأبي أنت وأمي! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أما هذه فإن في النفس منها ~~شيئا «9» حتى الآن، فقال العباس: «10» ويحك! أسلم قبل أن يضرب «10» عنقك، ~~فتشهد أبو سفيان شهادة وأسلم؛ فقال العباس: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل ~~يحب الفخر فاجعل له شيئا «11» ، قال: «نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! ~~ومن أغلق PageV01P329 # عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد فهو آمن» ! فلما أراد أبو سفيان أن ~~ينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا «1» عباس! «2» احبسه، احبسه ~~«2» بمضيق الوادي عند خطم «3» الجبل حتى تمر به «4» جنود الله فيراها» «5» ~~، فخرج به العباس فحبسه حيث أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومرت ~~القبائل على راياتها؛ كلما مرت قبيلة قال أبو سفيان: من هؤلاء يا عباس؟ ~~فيقول العباس: سليم، فيقول أبو سفيان: مالي ولسليم! ثم مرت به القبيلة «6» ~~فقال: من هؤلاء؟ فقال العباس: مزينة، «7» قال: مالي ولمزينة- حتى مرت ~~القبائل، لا تمر به قبيلة إلا سأله عنها، فإذا أخبره قال: مالي ولبني فلان ~~«7» ، حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخضراء «8» كتيبة رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق من ~~الحديد، قال: سبحان الله يا عباس! من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم في المهاجرين والأنصار! قال: «9» ولا حد بها ولا قبل ولا طاقة ~~«9» يا أبا الفضل! لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة «5» عظيما! فقال العباس: ~~يا أبا سفيان! إنه 1» # لنبوة! قال: فنعم إذا «11» ، قال العباس: «12» أرحلك إلى قومك «12» ، ~~فخرج «13» أبو سفيان حتى إذا دخل مكة صرخ بأعلى صوته «13» : يا معشر ~~PageV01P330 # قريش! هذا محمد ms164 قد جاءكم بما لا قبل لكم به! فمن دخل دار أبي سفيان فهو ~~آمن! فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشار به وقالت: اقتلوا «1» الحميت ~~الدسم «1» الأحمش «2» ! فقال أبو سفيان: لا يغرنكم هذه من أنفسكم، فإنه قد ~~جاءكم بما «3» لا قبل لكم به، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! قالوا: قبحك ~~الله! وما تغني «4» دارك؟ قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن! ومن دخل المسجد ~~فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد. # ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا طوى فرق جنوده، فبعث عليا من ~~ثنية المدنيين، وبعث الزبير من الثنية التي تطلع على الحجون «5» ، وبعث ~~خالد بن الوليد من الليط وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم طريق أذاخر. ~~أمرهم أن لا يقاتلوا أحدا إلا من قاتلهم، فبلغ رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم أن «6» صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن زمعة وسهيل ابن ~~عمرو «7» قد جمعوا جماعة من القريش والأحابيش بالخندمة «8» ليقاتلوا رسول ~~PageV01P331 # الله صلى الله عليه وسلم، فلقيهم خالد بن الوليد بمن معه من المسلمين «1» ~~[ناوشوهم] «2» «3» فقتل منهم «3» خالد بن الوليد ثلاثة وعشرين «4» رجلا وهو ~~معهم «5» ، وقتل من المشركين كرز بن جابر الفهري «6» ؛ فمن ههنا اختلف ~~الناس في فتح مكة عنوة «7» كان أم صلحا. PageV01P332 # فلما بلغ أبا قحافة قدوم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال لابنة له من ~~أصغر ولده: أي بنيتي! اظهري بي على ظهر قبيس وكان نظره قد كف إذ ذلك، فقال: ~~أي بنية «1» ! ما ترين؟ # قالت: أرى سوادا مجتمعا، قال: تلك الخيل؛ ثم قالت: والله قد انتشر ~~السواد! فقال: والله لقد دفعت الخيل سرعى إلى بيتي! فانحبطت به وتلقته ~~الخيل قبل أن يصل إلى بيته. # ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من «2» أذاخر مكة «2» على رأسه مغفر ~~من حديد عليه عمامة سوداء «3» ، ولم يلق أحد من المسلمين قتالا إلا ما كان ~~من خالد بن الوليد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ms165 ستة أنفس ~~من المشركين قبل قدومهم إلى مكة، وقال: «أي موضع رأيتم هؤلاء فاقتلوهم» : ~~عبد «4» الله بن سعد بن أبي سرح «5» وعبد الله بن خطل رجل من بني تميم بن ~~غالب «6» والحويرث بن PageV01P333 # نقيذ «1» بن وهب بن عبد [بن] «2» قصي «3» ومقيس بن صبابة «4» الليثي ~~وسارة مولاة كانت لبعض بني عبد المطلب «5» ، فأما عبد الله بن سعد بن أبي ~~سرح ففر «6» إلى عثمان بن عفان وكان أخاه في الرضاعة فغيبه «7» عثمان حتى ~~أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمنه «8» ، وأما الحويرث بن نقيذ ~~فقتله علي بن أبي طالب؛ وأما [ابن] «9» خطل «10» فتعلق بأستار الكعبة يلوذ ~~بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتلوه» ، فقتله «11» سعيد بن ~~المخزومي وأبو بررة «12» تحت الأستار، اشتركا في دمه؛ وأما مقسيس «13» ~~فقتله PageV01P334 # نميلة «1» بن عبد الله «2» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ~~يقتل قرشي صبرا بعد اليوم» ! ونزل النبي صلى الله عليه وسلم الأبطح وضرب ~~لنفسه فيه قبة؛ وجاءته أم هانىء بنت أبي طالب فوجدت رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم يغتسل في جفنة فيها أثر العجين وفاطمة ابنته تستره بثوب، فلما ~~اغتسل أخذ ثوبه فتوشح به ثم صلى ثماني «3» ركعات من الضحى، ثم انصرف إليها ~~فقال: # مرحبا مرحبا وأهلا بأم هانىء! ما الذي جاء بك؟» قالت: رجلان من أصهاري من ~~بني مخزوم وقد أجرتهما «4» وأراد علي قتلهما «5» - وكانت أم هانىء تحت ~~هبيرة بن أبي وهب المخزومي- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجرنا من ~~أجرت يا أم هانىء» ! ثم إن عمير بن وهب «6» قال: يا رسول الله! إن صفوان بن ~~أمية سيد قومه وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر فآمنه «7» ، قال: «هو ~~آمن» ، قال: يا رسول الله! أعطني شيئا يعرف به أمانك، فأعطاه رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم عمامته التي دخل بها «8» مكة، فخرج عمير بها حتى أدرك صفوان ~~بن أمية بجدة وهو يريد أن يركب البحر فقال: يا صفوان! فداك أبي وأمي! أذكرك ~~الله «9» في ms166 نفسك أن تهلكها! فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~«10» جئتك به؛ قال: ويلك! اغرب عني «11» ، قال: أي «12» صفوان! فداك أبي ~~PageV01P335 # وأمي! أوصل «1» الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس ابن عمتك «2» ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم «3» ، عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك، قال ~~صفوان: ويلك! إني «4» أخافه على نفسي، «5» فأعطاه العمامة، وخرج «2» به ~~معه، فلما وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم «6» فقال: يا رسول الله ~~«6» ! هذا [زعم أنك] «7» قد آمنتني «8» ، قال: # «صدق» ، قال: فاجعلني «9» بالخيار شهرين، قال: أنت بالخيار أربعة أشهر. # ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف بالبيت سبعا على بعيره يستلم ~~الركن بمحجنه، ثم طاف بين الصفا والمروة، ثم دعا عثمان بن «10» طلحة الحجبي ~~فأخذ مفتاح الكعبة وفتحه ثم دخله وصلى فيه ركعتين بين الأسطوانتين، بينه ~~وبين الجدار ثلاثة أذرع، ثم خرج فوقف على بابها وهو يقول: «لا إله إلا الله ~~وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا! كل مأثرة ~~أو دم أو مال يدعى «11» فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج؛ ~~ألا! وقتيل «12» الخطأ [مثل] «7» العمد بالسوط «13» والعصا، فيه «14» الدية ~~مغلظة «15» [مائة ناقة، منها PageV01P336 # أربعون] «1» في بطونها أولادها، يا معشر قريش! إن الله قد أذهب عنكم نخوة ~~«2» الجاهلية وتعظمها «3» بالآباء «4» ، الناس من آدم وآدم «5» من تراب» - ~~ثم تلا هذه الآية يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى [وجعلناكم شعوبا ~~وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم الآية] «6» ثم قال: «يا أهل ~~مكة! ما ترون أني فاعل بكم؟» [قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم] «7» ثم ~~قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء» «8» ! فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة ~~في يده فقال: يا رسول الله! اجعل الحجابة مع السقاية فلتكن إلينا جميعا «9» ~~، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين عثمان بن طلحة الحجبي؟» فدعاه ~~«10» PageV01P337 # فقال: «هل لك مفتاحك» «1» ؟ فدفعه إليه. # فلما كان الغد من فتح مكة عدت «2» خزاعة على رجل من هذيل ms167 فقتلوه وهو ~~مشرك، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا «3» فقال: «أيها الناس! إن ~~PageV01P338 # الله «1» حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض «2» ، فهي «3» حرام إلى يوم ~~القامة، لا «4» يحل «5» لامرىء يؤمن «5» بالله واليوم الآخر أن يسفك بها ~~«6» دما» ، «7» ثم قال: «إن الله حبس عن مكة الفيل وسلك عليها رسوله وإنها ~~«7» لم «8» تحل لأحد «9» قبلي، و «10» إنما أحلت لي «10» ساعة من نهار «11» ~~، وإنها «12» لا تحل لأحد بعدي؛ «13» لا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها ولا ~~يحل ساقطتها إلا لمنشد» ، فقال العباس: إلا الإذخر! فإنا نجعله في بيوتنا ~~وقبورنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إلا الإذخر» «13» . وكانت أم ~~حكيم بنت الحارث بن PageV01P339 # هشام تحت عكرمة بن أبي جهل وفاختة بنت الوليد تحت صفوان بن أمية «1» فلما ~~أسلمتا قالت أم حكيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسألته أن يستأمن ~~عكرمة، فآمنه وقد كان خرج إلى اليمن فلحقته «1» باليمن حتى جاءت به، وأسلم ~~[عكرمة و] «2» صفوان فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهما «3» على ~~النكاح الأول الذي كانا عليه. # ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من كان في بيته صنم أن يكسره ~~فكسروا الأصنام كلها، وكسر خالد بن الوليد العزى ببطن نخلة «4» وهدم بيته ~~«4» فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «تلك العزى «5» لا تعبد «5» أبدا» . ~~وكسر عمرو بن العاص سواع «6» ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله «7» ~~. وكسر سعد «8» بن زيد الأشهلي «9» المناة بالمشلل. PageV01P340 # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» حول مكة «2» الناس يدعون «2» ~~إلى الله ولم يأمرهم بقتال، وكان ممن بعث خالد بن الوليد وأمره أن يسير ~~بأسفل تهامة داعيا «3» ولم يبعثه مقاتلا ومعه «4» سليم ومدلج وقبائل من ~~غيرهم، فلما نزلوا بغميصاء «5» وهي «6» من مياه بني جذيمة «7» وكانت بنو ~~حذيمة قد أصابوا في الجاهلية عوف بن عبد «8» أبا عبد الرحمن بن عوف والفاكه ~~«9» بن المغيرة «10» كانا أقبلا تاجرين من اليمن حتى إذا نزلا بهم قتلوهما ~~وأخذوا أموالهما، فلما كان «11» الإسلام بلغ «12» خالد «13» بن الوليد ms168 ~~إليهم و «14» رآه القوم أخذوا السلاح، فقال لهم خالد: ضعوا السلاح فإن ~~القوم أسلموا «15» فوضع القوم السلاح لقول خالد، فلما وضعوها «16» أمر بهم ~~PageV01P341 # خالد «1» فكتفوا ثم عرضهم على السيف «2» ؛ فلما انتهى الخبر إلى رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء و «3» قال: «اللهم! أبرأ «2» ~~إليك مما صنع خالد بن الوليد؛ ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن ~~أبي طالب فقال: يا علي! [اخرج] «4» إلى هؤلاء القوم وانظر في أمرهم «5» ~~واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك» ، فخرج علي حتى جاءهم ومعه مال قد بعثه به ~~«6» رسول الله صلى الله عليه وسلم، «7» ثم ودى «7» لهم الدماء وما أصيب من ~~الأموال «8» حتى لم «9» يبق لهم شيء من دم ولا مال إلا وداه، وبقيت معه ~~بقية «10» فقال لهم علي «11» : بقي لكم من دم أو مال لم يود إليكم؟ قالوا: ~~لا، قال: فإني أعطيكم هذه البقية «12» من «13» المال احتياطا رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم مما لا يعلم ولا تعلمون، ففعل ثم رجع إلى رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم فأخبره «14» ، قال «15» : «أصبت» «16» . PageV01P342 # ثم إن هوازن لما سمعت بجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخوله مكة ~~اجتمعت مع ثقيف «1» وجشم وسعد بن بكر، وكان في بني جشم دريد بن الصمة «2» ~~وهو شيخ كبير ليس فيه «3» إلا التيمن برأيه «4» [و] «5» بعلمه «6» بالحرب، ~~وفي [ثقيف] «7» قارب بن الأسود بن مسعود «8» ، وفي «9» بني بكر «9» سبيع ~~«10» بن الحارث «11» ، وكان جماع أمر الناس إلى مالك بن عوف «12» ، «13» ~~فأجمع مالك بالناس على المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فساروا ~~حتى إذا أتوا بأوطاس ومعه الأموال والأبناء والنساء فقال دريد بن الصمة ~~«13» : بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس، قال: نعم مجال «14» الخيل! لا حزن ~~«15» ولا سهل دهس، مالي أسمع رغاء الإبل «16» ونهاق الحمير وبكاء الصغير ~~PageV01P343 # «1» ويعار الشاء «1» ! قالوا: ساق مالك بن عوف بأوطاس مع «2» الناس ~~أموالهم ونساءهم وأبناءهم، فقال: أين «3» مالك؟ فقيل: هذا مالك «4» ، فقال ~~«5» دريد: # يا مالك! إنك «6» أصبحت رئيس قومك وإن هذا يوم ms169 «7» له ما بعده من الأيام، ~~مالي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير «8» ، وبكاء الصغير، فقال مالك «9» : # سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم، ونساءهم قال: ولم؟ قال: أردت أن أجعل خلف ~~كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم، فانقض «10» به «11» فقال «12» : وهل «13» ~~يرد القوم «14» شيء! إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن ~~كانت عليك فضحت [في] «15» أهلك ومالك، ما فعلت كعب وكلاب؟ «16» «17» قال ~~مالك لم يشهد منهم أحد، قال: غاب «18» الحد والجد «18» ، لو كان «19» علاء ~~ورفعة لم PageV01P344 # تغب «1» عنه كعب «2» ولا «3» كلاب «4» ، يا مالك «5» ! لا «6» تصنع «7» ~~بتقديم البيضة بيضة هوازن إلى «8» نحور الخيل «8» [شيئا] «9» ارفعهم في ~~متمنع «10» بلادهم وعليا قومهم ثم الق «11» الصباء على متون الخيل، فإن ~~[كانت] «9» لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك ألفاك «12» ذلك وقد أحرزت ~~مالك وأهلك، قال: تلك «13» والله [لا أفعل] «9» لتطيعنني «14» يا معشر ~~هوازن أو لأتكئن «15» على هذا السيف حتى يخرج «16» من ظهري، وكره أن يكون ~~فيها لدريد ذكر ورأي؛ «17» قالوا: أطعناك «17» ، فقال مالك للقوم «18» : ~~PageV01P345 # إذا رأيتموهم «1» فاكسروا «2» جفون سيوفكم «3» ثم «4» شدوا عليهم «5» شد ~~«6» رجل واحد. وجاء الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث عبد الله بن ~~أبي حدرد الأسلمي «7» ، فدخل في الناس فأقام فيهم حتى سمع وعلم من كلام ~~مالك وأمر هوازن ما كان وما أجمعوا له «8» ، ثم أتى رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم فأخبره. ### | فأجمع على المسير إلى هوازن # وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عند صفوان بن أمية أدراعا، فأرسل ~~إليه، فقال: # «يا أبا أمية «9» ! أعرنا سلاحك «10» نلقى فيها «11» عدونا» «12» ، فقال ~~صفوان: # أغصبا؟ «13» قال: لا، بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك، قال: ليس بهذا ~~بأس، فأعطاه مائة درع بما يصلحها من السلاح، «14» وسأله النبي صلى الله ~~عليه وسلم «14» أن يكفيه «15» حملها، فحملها صفوان لرسول الله صلى الله ~~عليه وسلم، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة معه ألفان من أهل مكة ~~وعشرة آلاف من أصحاب الذين فتح الله بهم مكة، «16» واستعمل على مكة ~~PageV01P346 # عتاب ms170 بن أسيد بن أبي العيص «2» بن أمية «3» أميرا، وكان مقامه صلى الله ~~عليه وسلم بمكة «4» خمس عشرة «4» ليلة يقصر فيها الصلاة «5» ؛ فبينا الناس ~~مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسيرون إذ مروا بسدرة قال أبو قتادة ~~الليثي: يا رسول الله! اجعل هذه ذات أنواط، كما للكفار ذات أنواط- وكان ~~للكفار سدرة يأتونها كل سنة ويعلقون عليها أسلحتهم ويعكفون عليها ويذبحون ~~عندها- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر! قلتم والذي نفسي ~~بيده كما قالت بنو إسرائيل: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة «6» ! لتركبن سنن ~~من قبلكم. # فلما بلغ «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي حنين وانحدر المسلمون في ~~الوادي قرب PageV01P347 # الصبح وهو واد أجوف، وقد كمن المشركون لهم في شعابه ومفارقه فأعدوا ~~للقتال، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحدر والمسلمون بالوادي إذ ~~اشتدت عليهم الكتائب من المشركين شد «1» رجل واحد، وانهزم المسلمون راجعين، ~~لا يعرج أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال: أين ~~«2» أيها الناس! هلموا، أنا رسول الله! أنا محمد بن عبد الله! واحتملت ~~الإبل بعضها بعضا ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم رهط من المهاجرين ~~والأنصار وأهل بيته، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعطفون على ~~شيء قال: «يا عباس! اصرخ: يا معشر الأنصار! يا أصحاب السمرة» ! فنادى ~~العباس- وكان امرأ جسيما شديد الصوت: يا معشر الأنصار! يا أصحاب السمرة! ~~فأجابوا لبيك لبيك! وكان الرجل من المسلمين يذهب ليثني بعيره فلا يقدر على ~~ذلك فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ثم يأخذ سيفه وترسه ثم يقتحم عن بعيره ~~فيخلي سبيل بعيره ويؤم «3» الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، حتى اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل واستقبلوا ~~الناس وقاتلوا «4» وكانت «5» الدعوة أول ما كانت «5» : يا للأنصار «6» ! ثم ~~«7» جعلت أخيرا «7» فقالوا «8» : يا للخزرج! وكانوا صبرا عند الحرب، فأشرف ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركابه ونظر إلى ms171 مجتلد «9» القوم «10» ~~فقال: «الآن حمي PageV01P348 # الوطيس» ! وإذا رجل من هوازن على جمل أحمر في يده راية سوداء وفي رأسه ~~رمح طويل أمام الناس وهوازن خلفه، فإذا أدرك طعن برمحه، وإذا «1» فاته رفعه ~~«1» لمن وراءه ويتبعونه، فأهوى إليه علي بن أبي طالب ورجل من الأنصار ~~يريدانه، «2» فأتاه علي «2» من خلفه فضرب «3» الجمل فوقع على عجزه، [و] «4» ~~وثبت الأنصار «5» على الرجل فضربوه «6» ضربة أطن «7» بها قدمه بنصف ساقه ~~«8» ، واختلف «9» الناس «10» ، وكان شعار المهاجرين يومئذ: «11» يا بني ~~«11» عبد الرحمن! وشعار الخزرج: «11» يا بني «11» عبد «12» الله! وشعار ~~الأوس: يا بني عبيد «13» الله. # وكانت أم سليم بنت ملحان مع زوجها أبي طلحة فالتفت رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وهي «14» حازمة وسطها «14» ومعها جمل «15» أبي طلحة «16» فقالت: ~~بأبي أنت وأمي يا رسول PageV01P349 # الله [صلى الله عليه وسلم] ! اقتل هؤلاء الذين ينهزمون «1» عنك كما تقتل ~~«2» هؤلاء الذين يقاتلونك «3» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو ~~يكفى الله يا أم سليم» ! وإنها يومئذ لحبلى «4» بعبد الله بن أبي طلحة ~~ومعها خنجر «5» فقال لها أبو طلحة: ما هذا الخنجر معك يا أم سليم؟ # قالت: خنجر أخذته «6» ، إن دنا مني أحد من المشركين «7» بعجت بطنه «7» ، ~~فقال أبو طلحة: يا رسول الله! ألا تسمع ما تقوله أم سليم. # ورأى أبو قتادة رجلين يقتتلان: مسلم ومشرك، فإذا رجل من المشركين يريد أن ~~يعين صاحبه، فأتاه أبو قتادة فضرب يده فقطعها، فاعتنقه المشرك بيده الثانية ~~وصدره «8» فقال أبو قتادة: والله! ما تركني حتى وجدت ريح الموت! فلولا أن ~~الدم «9» تزفه يقتلني «9» ، فسقط وضربته فقتلته، ثم انهزم المشركون وأخذ ~~المسلمون يكتفون الأسارى، فلما وضعت الحرب أوزارها قال رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم: «من قتل قتيلا «10» فله سلبه» . فقال رجل من أهل مكة: يا رسول ~~الله! لقد قتلت قتيلا ذا سلب وأجهضني عنه القتال فلا أدري من سلبه! فقال ~~رجل من أهل مكة: يا رسول الله! «11» أنا سلبته «11» فأرضه مني «12» «13» عن ~~سلبه «13» ؛ فقال أبو بكر الصديق «14» : PageV01P350 # أيعمد «1» إلى أسد من «2» أسد الله ms172 يقاتل عن الله «3» تقاسمه «4» سلبه! ~~«5» رد عليه سلبه «5» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وصدق «6» أبو ~~بكر رد عليه سلبه» «6» ، «7» فرد عليه «7» . # «8» قال أبو قتادة «8» : فبعته «9» فاشتريت به مخرفا «10» في المدينة ~~«11» لأنه أول مال «12» تأثلته «13» في الإسلام «14» . # وكان على راية الأحلاف من ثقيف يوم حنين قارب بن الأسود «15» ، فلما «16» ~~رأى الهزيمة أسند رايته إلى شجرة وهرب «16» . وكان على راية بني مالك ذو ~~الخمار «17» ، فلما قتل أخذها عثمان بن عبد الله وأقامها للمشركين، فقتل ~~عثمان وانحاز PageV01P351 # المشركون منهزمين إلى الطائف وعسكر بعضهم بأوطاس «1» . # وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيول في آثارهم «2» ، فأدرك «3» ~~ربيعة بن رفيع دريد ابن الصمة وهو [في] «4» شجار «5» على راحلته «5» فأخذ ~~«6» بخطام جمله «6» وهو يظن أنه امرأة، فلما أناخه «7» إذا شيخ كبير «8» ~~وإذا هو دريد ولا يعرفه الغلام فكان ربيعة غلاما، قال دريد [ماذا تريد] «9» ~~بي «10» قال: أقتلك! قال: ومن أنت؟ قال: أنا ربيعة بن رفيع السلمي و «11» ~~ضربه ربيعة بسيف «12» فلم يقدر «13» شيئا، فقال له دريد: # بئس ما أسلحتك «14» أمك! خذ سيفي هذا من مؤخر رحلي «15» في الشجار ثم ~~أضرب وأرفع عن العظام «16» وأخفض عن الدماغ، فإني كذلك كنت أقتل «17» ، ~~الرجال، PageV01P352 # ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة «1» بسيفه. # ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال فجمعت بالجعرانة؛ ~~وبعث في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري فأدرك الناس بعض من انهزم ~~فساروا يرمون «2» كل من لقوه ورمي أبا عامر بسهم فقتل، وأخذ برايته «3» ~~بعده أبو موسى فقاتلهم ففتح له وهزمهم الله «4» . # ثم بعث «5» رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وفيها مالك بن عوف ~~وقد عسكر جماعة من المشكرين وعلى مقدمة خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~خالد بن الوليد فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة فقال: «من ~~قتل هذه» ؟ قال: خالد بن الوليد، فقال لرجل: # «أدرك خالدا وقل «6» له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ~~تقتلوا امرأة ms173 ولا ولدا ولا عسيفا» «7» . فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم الطائف نزل قريبا، فلم يقدر المسلمون على PageV01P353 # أن يدخلوا حائطا فضرب معسكره «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم عند «2» ~~مسجده الذي بالطائف اليوم، وحاصرهم «3» بضع عشرة «3» ليلة، وأمر بقطع ~~أعنابهم، وقاد رجلا من هذيل من بني ليث، وهو أول دم أقيد «4» في الإسلام، ~~ثم نصب المنجنيق على حصنهم حتى فتحه الله عليه؛ وكان في أيامه يقصر الصلاة. # وقد كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مولى لخالته فاختة بنت عمرو بن ~~عائذ «5» يقال له ماتع «6» مخنث يدخل على نساء «7» رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لخالد بن الوليد: «8» ~~يا خالد «8» ! إن فتح «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم «10» غدا فلا تفلتن ~~«11» منك بادية «12» بنت غيلان فإنها تقبل بأربع «13» وتدبر بثمان «14» ، ~~فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا PageV01P354 # يفطن «1» لما سمع به، ثم قال لنسائه: لا يدخلن عليكن! فحجب «2» عن بيت ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ~~الطائف إلى الجعرانة فقال له سراقة بن جعشم «3» المدلجي: يا رسول الله! ترد ~~الضالة حوضي فهل فيه أجر إن أنا سقيتها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: «4» في كل كبد حري «4» أجر. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ~~وطء الحبالى حتى يضعن. وبينما النبي صلى الله عليه وسلم قاعد بالجعرانة ~~ومعه ثوب وقد أظل به مع ناس من أصحابه إذ جاءه أعرابي- عليه جبة- متضمخ «5» ~~بطيب فقال: يا رسول الله! كيف ترى برجل «6» أحرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ ~~بطيب؟ وإذا النبي صلى الله عليه وسلم مخمر «7» الوجه يغط، فلما سري عنه ~~قال: «أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟» فأتي به فقال: أما الطيب فاغسله عنك ~~وأما الجبة فانزعها، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك» «8» ؛ PageV01P355 # وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم بالجعرانة بين المسلمين ms174، ~~فأصاب كل رجل أربعا من الإبل وأربعين شاة، ومن كان فارسا أخذ سهمه وسهمي ~~فرسه «1» ، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرة من سنام بعيره ثم ~~قال: «أيها الناس! إني والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة «2» إلا الخمس ~~«2» ، والخمس مردود عليكم، فأدوا «3» الخيط والمخيط، فإن الغلول يكون على ~~أهله نارا وشنارا «4» يوم القيامة» ! فجاءه رجل من الأنصار بكبة خيوط من ~~شعر، قال: يا رسول الله! أخذت هذه الكبة أخيط بها بردعة بعير لي، فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: «أما نصيبي منها فلك» ، [فقال] «5» : أما إذا ~~بلغت هذه فلا حاجة لي فيها «6» . # ثم أسلم مالك بن عوف وقال: يا رسول الله! ابعثني أضيق على ثقيف، فاستعمله ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه من تلك القبائل ومن تبه ~~[من] «7» بني سليم، فكان يقاتل ثقيفا، لا يخرج لهم سرح» # إلا أغار عليهم. # ثم جاء وفد هوازن راغبين في الإسلام- بعد أن قسم لهم رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم السبي- فأسلموا «9» . PageV01P356 # ثم أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم تألفا، فأعطى حويطب ~~بن عبد العزى مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى ~~صفوان ابن أمية مائة من الإبل، وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل، وأعطى ~~مالك بن عوف مائة من الإبل، وأعطى عباس بن مرداس السلمي شيئا دونهم، فقال ~~فيه أبياتا «1» ، ولم يعط الأنصار منها «2» شيئا فقال قائل الأنصار: ألا! ~~إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لقي قومه، فانطلق سعد بن عبادة فدخل ~~[على] «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! الأنصار قد ~~وجدوا في أنفسهم مما رأوك صنعت في هذه العطايا، قال: فأين أنت من ذلك يا ~~سعد؟ قال: ما أنا إلا رجل من قومي، قال: «فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة» ، ~~فخرج سعد فنادى في قومه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ~~تجتمعوا في هذه ms175 الحظيرة، فقاموا سراعا وقام سعد على باب الحظيرة فلم يدخلها ~~إلا رجل من الأنصار وقد رد أناسا «4» ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم ~~فقال: هذه الأنصار قد اجتمعت لك، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~وقال: «يا معشر الأنصار! [ما] «5» مقالة «6» بلغتني عنكم؟ أكثرتم فيها! ألم ~~تكونوا ضلالا فهداكم الله؟ ألم تكونوا عالة فأغناكم الله؟ # ألم تكونوا أعداء فألف الله بينكم» «7» ؟ قالوا: بلى، قال: «أفلا ~~تجيبوني» ؟ قالوا: PageV01P357 # إليك [المن] «1» والفضل «2» ، قال: «أما والله لو شئتم لقلتم وصدقتم: ~~جئتنا طريدا فآويناك، ومخذولا فنصرناك، وعائلا فآسيناك، ومكذبا فصدقناك! ~~أوجدتم في أنفسكم من لعاعة «3» من الدنيا تألفت بها قوما أسلموا «4» ~~ووكلتكم إلى إيمانكم، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون ~~برسول الله إلى رحالكم! فالذي نفس محمد بيده! لو سلك الناس واديا وسلكت ~~الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار. ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، إن ~~الأنصار كرشي وعيبتي «5» ، اللهم اغفر للأنصار وأبناء الأنصار ولأبناء ~~أبنائهم» ! فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا بالله وبرسوله حظا ~~وقسما ونصيبا! ثم تفرق الأنصار. وفي هذه المقالة قال ذو الخويصرة «6» : يا ~~رسول الله! اعدل «7» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شقيت إن لم ~~أعدل» ، ثم علقت الأعراب برسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه حتى ألجأوه ~~إلى شجرة عظيمة وخطفت رداءه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ردوا علي ~~ردائي، فو الذي نفس محمد بيده لو كانت عدد هذه العضاة «8» نعما لقسمته ~~بينكم ثم لا تجدوني كذوبا ولا جبانا ولا بخيلا» «9» . PageV01P358 # ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم «1» من الجعرانة معتمرا فاعتمر منها ~~فبات بالجعرانة واستخلف على مكة عتاب بن أسيد أميرا وخلف [معه معاذ] «2» بن ~~جبل «3» يفقه الناس ويعلمهم القرآن، وكانت هذه العمرة في ذي القعدة. # ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة يريد المدينة فسلك في ~~وادي سرف «4» حتى خرج على سرف؛ ثم على مر الظهران حتى قدم المدينة في بقية ~~ذي القعدة «5» . # ثم تزوج ms176 رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك بن سفيان ~~الكلابية فاستعاذت «6» ، من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: «قد عذت «7» بعظيم! الحقي بأهلك» ، وفارقها «8» . ~~وحج بالناس عتاب بن أسيد «9» . # وولد إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية في ذي ~~الحجة فوقع في قلب النبي صلى الله عليه وسلم منه شيء، فجاء جبريل عليه ~~السلام فقال: «السلام عليك يا إبراهيم» ! فسرى عن رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، وتنافست نساء الأنصار فيه أيتهن ترضعه، PageV01P359 # فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم بردة «1» بنت المنذر بن زيد ~~«2» وزوجها ابن مبذول «3» فكانت ترضعه؛ وحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~[رأسه] «4» يوم السابع وتصدق بوزن شعره فضة على المساكين وعق عنه بكبشين؛ ~~وعاش ستة عشر أشهر. ### | السنة التاسعة من الهجرة # أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي بعسقلان ثنا محمد بن المتوكل بن ~~أبي السري ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن «5» عبد الله ~~بن أبي ثور عن ابن عباس» # قال: لم أزل «7» حريصا أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي ~~صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله [لهما] «8» إن تتوبا إلى الله فقد صغت ~~قلوبكما «9» فقال عمر: واعجبا «10» لك يا ابن عباس! ثم قال: هي عائشة ~~وحفصة- ثم أنشأ يسوق الحديث فقال: كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما ~~قدمنا المدينة PageV01P360 # وجدناهم «1» قوما تغلبهم نساؤنهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، وكان ~~منزلي في بني أمية بن زيد في العوالي، قال فتغضبت «2» يوما على امرأتي فإذا ~~هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني فقال: ما تنكر أن أراجعك! فو الله إن أزواج ~~النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل! ~~فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: # أتراجعين «3» على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم، وتهجره ~~إحدانا اليوم إلى الليل؛ قال: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر؛ أفتأمن ms177 إحداكن ~~أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي قد هلكت، ~~فلا تراجعي «4» رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا وسليني ما ~~بدا «5» لك ولا يغرنك أن كانت جارتك «6» أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم منك- يريد عائشة؛ قال: وكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب ~~النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني ~~بخبر الوحي وغيره «7» وآتيه «8» بمثل ذلك، وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل ~~لتغزونا، قال: فنزل صاحبي يوما ثم أتاني [عشاء] «9» فضرب على بابي ثم ~~ناداني؟ فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم! فقلت: [و] «9» ماذا؟ أجاءت غسان؟ ~~قال: لا، بل أعظم من ذلك وأطول! طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ~~فقلت: خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظن «10» هذا كائنا، فلما صليت الصبح شددت ~~علي ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي، فقلت: أطلقكن رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا أدري، هوذا معتزل في هذه المشربة، ~~PageV01P361 # قال: فأتيت غلاما له أسود فقلت: استأذن لعمر، فدخل الغلام ثم خرج إلي ~~وقال: # قد ذكرتك به ولم يقل شيئا، فانطلقت حتى أتيت المسجد فإذا قوم حول «1» ~~المنبر جلسوا يبكي «2» بعضهم إلى بعض، قال: فجلست قليلا ثم غلبني ما أجد ~~فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إلي وقال: قد ذكرتك له فصمت، ~~فرجعت ثم جلست إلى المنبر، ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن ~~لعمر، فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فسكت، فوليت مدبرا فإذا الغلام ~~يدعوني ويقول: ادخل، قد أذن لك، فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم فإذا هو متكىء على رمل حصير قد أثر بجنبه فقلت: أطلقت يا رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم نساءك؟ قال: فرفع رأسه إلي وقال: «لا» ، فقلت: الله ~~أكبر! لو رأيتنا يا رسول الله و «3» كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا ~~المدينة وجدنا قوما تغلبهم ms178 نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، فتغضبت ~~على امرأتي يوما فإذا هي تراجعني، فأنكرت ذلك عليها فقالت لي: أتنكر أن ~~أراجعك! فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن ~~اليوم إلى الليلة «4» ! قال: فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر! أتأمن ~~إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب «5» رسوله فإذا هي قد هلكت! قال: فتبسم ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقلت: يا رسول الله! فدخلت على حفصة فقلت ~~لها: لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا وسليني ما ~~بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم منك، قال: فتبسم رسول الله أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: ~~«نعم» ، قال: فجلست فرفعت رأسي في البيت فو الله ما رأيت فيه شيئا يرد ~~البصر إلا أهبة ثلاثة، فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يوسع على أمتك فقد ~~PageV01P362 # وسع الله على فارس والروم وهم لا يعبدونه، قال: فاستوى جالسا ثم قال: ~~«أوفي شك أنت يا ابن الخطاب! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» ~~، فقلت: استغفر لي يا رسول الله! وكان أقسم أن لا يدخلن «1» عليهن شهرا من ~~شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله. # قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة قالت: فلما مضى «2» تسع وعشرن [ليلة] ~~«3» دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدأ بي، فقلت: يا رسول الله! ~~إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وإنك دخلت [من] «3» تسع وعشرين أعدهن، ~~فقال: «إن الشهر تسع وعشرون» ، ثم قال: «يا عائشة! إني ذاكر لك أمرا فلا ~~أراك أن تعجلي «4» فيه حتى تستأمري أبويك» ! قلت: ثم قرأ علي الآية يا أيها ~~النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها- إلى قوله: عظيما «5» ~~قالت عائشة: قد علم والله أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، فقلت: أفي «6» ~~هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. # قال: في أول هذه السنة هجر رسول الله ms179 صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا، ~~وكان السبب في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح ذبحا فأمر عائشة أن ~~تقسم بين أزواجه، فأرسلت إلى زينب [بنت] «7» جحش نصيبها فردته، قال: ~~«زيديها» «8» ، فزادتها ثلاثا، كل ذلك ترده، فقالت عائشة: قد أقمأت «9» ~~وجهك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنتن أهون على PageV01P363 # الله من أن تغضبن، لا أدخل عليكن شهرا» ! فدخل عليهن بعد مضي تسع وعشرين ~~يوما. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز «1» في صفر إلى ~~الحبشة فانصرف ولم يلق كيدا. # وفي هذه السرية أمر علقمة «2» أصحابه أن يوقدوا نارا عظيما ثم أمرهم أن ~~يقتحموا فيها، فتحرزوا «3» وأبوا ذلك؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من ~~أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه» . # ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بلى في ربيع الأول، ونزل ~~على رويفع بن ثابت البلوي «4» . # وقدم وفد بني ثعلبة بن منقذ «5» . وفيها [وفد] «6» سعد «7» هذيم. ~~PageV01P364 # وقدم الداريون «1» من لخم عشرة أنفس: هانىء «2» بن حبيب «2» والفاكه «3» ~~بن النعمان وحبلة بن مالك وأبو هند «4» بن بر وأخوه الطيب بن بر وتميم بن ~~أوس ونعيم ابن أوس ويزيد «5» بن قيس وعروة «6» بن مالك وأخوه مرة «7» بن ~~مالك، وأهدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فقال رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد حرم الخمر» ، فأمروا ببيعها، فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها» «8» . # وقدم وفد بني أسد فقالوا: يا رسول الله! قدمنا عليك قبل أن ترسل إلينا ~~رسولا، فنزلت هذه الآية يمنون عليك أن أسلموا «9» . # وقدم عروة بن مسعود بن [معتب] «10» الثقفي على رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم فأسلم، ثم استأذن أن يرجع إلى قومه فيدعوهم إلى الإسلام، فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: «هم قاتلوك» «11» ! قال: أنا أحب إليهم من أبكار ~~أولادهم، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى قومه ودعاهم إلى ~~الإسلام ms180 وأذن بالصبح على غرفة «12» ، فرماه رجل من بني ثقيف بسهم فقتله. ~~PageV01P365 # وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحاك بن سفيان الكلابي إلى القرطاء ~~«1» سرية فأصابهم بغدير الزج «2» ، وكتب إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ~~كتابا فأبوا ورقعوا «3» كتابهم بأسفل دلوهم «4» . # وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب سرية إلى الفلس «5» ~~من بلاد طيء في ربيع الآخر، فأغار عليهم وسبى منهم نساء فيهن أخت عدي بن ~~حاتم «6» . # ثم نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي للناس في رجب وقال: «صلوا ~~على صاحبكم» ، فقام فصلى هو وأصحابه وصفوا خلفه، وكبر عليه أربعا «7» . ### | ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لغزوة الروم # «8» # في شدة الحر وجدب «9» [من] «10» البلاد حين طاب الثمار وأحبت «11» ~~الظلال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلا ورى «12» ~~بغيرها غير غزوة تبوك هذه، فإنه أمر التأهب لها لبعد الشقة وشدة الزمان؛ ~~وحض رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل PageV01P366 # الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله ورغبهم في ذلك، وحمل رجال من أهل ~~الغنى واحتسبوا «1» ، وأنفق عثمان بن عفان في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد ~~أعظم من نفقته، ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~وهم البكاؤن [وهم] «2» سبعة نفر، فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~وكانوا أهل حاجة، فقال: لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ~~حزنا ألا يجدوا ما ينفقون وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم فاعتذروا إلى ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذرهم وهم بنو غفار، وقد كان نفر من ~~المسلمين أبطأبهم النية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تخلفوا عنه من ~~غير شك ولا ارتياب، منهم كعب بن مالك أخو بني سلمة مرارة بن الربيع أخو بني ~~عمرو بن عوف وهلال بن أمية أخو بني «3» واقف وأبو خيثمة أخو «3» بني سالم، ~~وكانوا نفر صدق ولا يتهمون في إسلامهم، فخرج رسول ms181 الله صلى الله عليه وسلم ~~من المدينة وضرب معسكره على ثنية الوداع، وضرب عبد الله بن أبي بن سلول ~~معسكره أسفل منه، وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على ~~أهله، وأمره بالإقامة فيهم، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة أخا بني ~~غفار، فقال المنافقون: والله ما خلفه «4» علينا إلا استثقالا له، فلما سمع ~~ذلك علي أخذ سلاحة ثم خرج حتى لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل ~~بالجرف وقال: يا نبي الله! زعم المنافقون أنك إنما خلقتني استثقالا؟ # فقال: «كذبوا، ولكني خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك! ~~ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» ! فرجع ~~علي إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتخلف عنه عبد الله بن ~~أبي فيمن تخلف من المنافقين، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر ~~استقى الناس من بئرها، فلما راحوا منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ~~«لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضأوا منه للصلاة، PageV01P367 # وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه «1» الإبل ولا تأكلوا منه شيئا» «2» ؛ ~~ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأرسل الله السحاب فأمطر حتى ارتوى ~~«3» الناس وتوضأوا. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في بعض المنازل ~~فضلت ناقته فخرج أصحابه في طلبها، فقال بعض «4» المنافقين: أليس محمد يزعم ~~أنه نبي ويخبركم بخبر السماء وهو لا يدري أين ناقته! فقال رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم: «والله ما أعلم إلا ما علمني الله! وقد علمني أنها في ~~الوادي بين شعب كذا وكذا، قد حبستها شجرة بزمامها» ، قال: «فانطلقوا حتى ~~تأتوا «5» بها» ، فذهبوا فجاءوا بها، ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~فجعل يتخلف عنه الرجل فيقولون: # والله يا رسول الله! تخلف فلان، فيقول: دعوه فإن يكن فيه [خير] «6» ~~فسيلحقه الله بكم، حتى قيل له: يا رسول الله! تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره ms182، ~~فقال: دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، فلما أبطأ على أبي ذر بعيره ~~أخذ متاعه على ظهره وترك بعيره، ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم ماشيا ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض منازله، فنظر ناظر من ~~المسلمين فقال: يا رسول الله! رجل على الطريق يمشي وحده! فقال رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم: «كن أبا ذر» ! فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول الله ~~هذا والله أبو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله أبا ذر ~~يعيش «7» وحده، [ويموت وحده، ويبعث وحده] «6» » ؛ فانتهى رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم إلى تبوك، فلما أتاها أتاه يحنة ابن رؤبة «8» صاحب أيلة، ~~وصالح على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية وأتاه أهل جرباء ~~وأذرح «9» فأعطوه الجزية، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل كتابا وهو ~~عندهم، PageV01P368 # فكتب ليحنة بن رؤبة «بسم الله الرحمن الرحيم- هذه «1» أمنة من الله ومن ~~محمد النبي صلى الله عليه وسلم ليحنة بن رؤبة وأهل بلده وسيارته في البر ~~والبحر، فهم في ذمة الله و [ذمة] «2» محمد النبي صلى الله عليه وسلم ومن ~~كان معهم «3» من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثا فإنه ~~لا يحول ماله دون نفسه، وإنه طيب «4» للناس ممن أخذه، وإنه لا يحل أن ~~يمنعوا ماء يردونه «5» ولا طريقا يريدونه «6» من بر وبحر» وكتب جهيم بن ~~الصلب بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم «7» . # وكتب لأهل جرباء وأذرح «بسم الله الرحمن الرحيم- هذا كتاب من محمد النبي ~~صلى الله عليه وسلم لأهل أذرح «8» أنهم آمنون بأمان الله وأمان محمد، وأن ~~عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة، والله كفيل عليهم بالنصح والإحسان، ~~ومن لجأ إليهم من المسلمين «9» ؛ وقد كان [أبو] «10» خيثمة أحد بني سالم ~~رجع بعد أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى أهله في يوم ~~حار فوجد امرأتين له في عريشين لهما ms183 في حائط قد رشت كل واحدة منهما عريشها ~~وبردت له فيه ماء وهيأت له فيه طعاما، فلما دخل أبو خيثمة [قام] «11» على ~~باب العريشين ونظر إلى امرأتيه وما صنعتا له، فقال: # رسول الله صلى الله عليه وسلم في الريح والحر وأبو خيثمة في ظلال باردة ~~وطعام مهيأ وامرأة PageV01P369 # حسناء «1» في ماله مقيم! ما هذا بالنصف! ثم قال: والله لا أدخل عريش ~~واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم! فهيأتا له زادا، ثم ~~قدم ناضحه فارتحله ثم خرج في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» ، فبينا ~~أبو خيثمة يسير إذ لحقه عمير بن وهب الجمحي في الطريق يطلب رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، فترافقا «3» حتى إذا دنوا «4» من تبوك قال أبو خيثمة لعمير ~~بن وهب: إن لي ذنبا، فلا عليك أن تخلف عني حتى آتي رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم ففعل عمير، ثم سار أبو خيثمة حتى إذا دنا من رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم وهو نازل بتبوك قال «5» الناس: هذا راكب على الطريق مقبل، فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: «كن أبا خيثمة» ! فقالوا: يا رسول الله! هو والله ~~أبو خيثمة! فلما أناخ أقبل وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخبره ~~الخبر، فقال [له] «6» رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير «7» ~~؛ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خالد بن الوليد وبعثه إلى أكيدر ~~دومة «8» ، وهو أكيدر بن عبد الملك رجل من كندة، وكان ملكا عليهم وكان ~~نصرانيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد: «إنك ستجده يصيد بقر ~~الوحش» ، فخرج خالد بن الوليد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين في ليلة ~~مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته، فباتت البقر تحك «9» قرونها بباب ~~«9» القصر فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا والله! قالت: فمن ~~يترك هذا؟ قال: لا أحد، فنزل أكيدر دومة وأمر بفرسه فأسرج وركب PageV01P370 # في ms184 نفر من أهل بيته ومعه أخوه حسان، فلما خرجوا بمطاردهم «1» تلقتهم خيل ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم خالد بن الوليد فقتلوا أخاه حسانا، وقد ~~كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب فاستلبه خالد وبعث به إلى رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم «2» ، فلما قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~جعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويعجبون «3» منه، فقال رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم: «أتعجبون من هذا! والذي نفس محمد بيده! لمناديل سعد بن معاذ في ~~الجنة أحسن من هذا» «4» ؛ ثم إن خالدا قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم فحقن له دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله، ورجع إلى قريته. # وافتقد رسول الله صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك فقال: «ما فعل كعب بن ~~مالك» ؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله! حبسه برداه والنظر في عطفيه، ~~فقال له معاذ بن جبل: بئس والله ما قلت! والله يا رسول الله ما علمنا منه ~~إلا خيرا! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم «5» . وأقام رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم [بتبوك] «6» بضع عشرة «7» ليلة يقصر الصلاة ولم يجاوزها؛ ثم ~~انصرف قافلا إلى المدينة، وكان في الطريق [ماء يخرج من وشل] «6» ما يروي ~~الراكب والراكبين والثلاثة بواد يقال له: المشقق «8» ، فقال رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم: «من سبقنا إلى ذلك الماء فلا يستقين منه شيئا حتى آتيه» ~~«9» ، فلما أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده فيها «10» فجعل ينصب ~~في يده ما شاء الله أن ينصب ثم مجه فيه PageV01P371 # ودعا الله بما شاء أن يدعو فانخرق من الماء، فشرب الناس واستقوا حاجتهم ~~[منه] «1» ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيتم- أو بقي منكم- ~~«2» لتسمعن بهذا «2» الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه» ، وذلك الماء ~~فوارة تبوك اليوم. # ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بعض المنازل ومات عبد الله ذو ~~البجادين «3» فحفروا له، ونزل رسول الله ms185 صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو ~~بكر وعمر يدليانه «4» إليه «5» وهو «5» يقول: «أدليا لي «6» أخاكما» ، ~~فأدلوه «7» إليه، فلما هيأه [لشقه] «8» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ~~«اللهم! إني [قد] «9» أمسيت عنه راضيا فارض عنه» ، فقال عبد الله بن مسعود: ~~يا ليتني كنت صاحب الحفرة «10» . # وكان المسلمون يقولون: لا جهاد بعد اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: «لا ينقطع الجهاد حتى ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام» «11» ، وجعل ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك إلى المدينة مساجد في منازله معروفة ~~إلى اليوم، فأولها مسجد تبوك ومسجد بثنية مدران «12» ومسجد بذات الزراب ~~«13» ومسجد بالأخضر ومسجد بذات PageV01P372 # الخطمى ومسجد بذات البتراء «1» ومسجد بالشق «2» ومسجد بذي الجيفة «3» ~~ومسجد بالصدر «4» ومسجد وادي القرى ومسجد الرقعة ومسجد بذي مروة ومسجد ~~بالفيفاء «5» ومسجد بذي خشب. # ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان إذا قدم من سفر بدأ ~~بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاء المخلفون فيهم كعب ~~بن مالك ومرارة ابن الربيع «6» وهلال بن أمية وغيرهم، فجعلوا يعتذرون إليه ~~ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين «7» رجلا، فكان رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم يقبل منهم على نيتهم ويكل «8» سرائرهم إلى الله حتى جاء كعب بن مالك ~~فسلم عليه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبسم المغضب ثم قال: «تعال» ~~! فجاء كعب بن مالك يمشي حتى جلس بين يديه، فقال له النبي صلى الله عليه ~~وسلم: «ما خلفك! ألم تكن ابتعت ظهرك» ؟ قال: بلى يا رسول الله! والله لو ~~جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من «9» سخطه بعذر «9» ولقد ~~أعطيت جدلا وإن لي لسانا، ولكن والله! لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا ~~كاذبا لترضين به عني «10» ، وليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديثا ~~صادقا تجد علي فيه، وإني لأرجو عقبى الله فيه، لا والله ما كان لي عذر! ~~والله ما كنت قط PageV01P373 # [أقوى و] «1» أيسر مني حين تخلفت عنك! فقال رسول ms186 الله صلى الله عليه ~~وسلم: «أما هذا فقد صدق «2» ، قم حتى يقضي الله فيك» ، فقام وثار معه رجال ~~من بني سلمة واتبعوه وقالوا: ما علمناك [كنت] «1» أذنبت ذنبا قبل هذا، ولقد ~~عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اعتذر إليه ~~المخلفون، وقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم [لك] ~~«2» ، وجعلوا ينوبونه حتى أراد أن يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~ويكذب نفسه ثم قال لهم: هل لقي هذا أحد غيري؟ قالوا: نعم، رجلان قالا مثل ~~ما قلت وقال لهما مثل ما قال لك، قال «3» : ومن هما؟ قالوا مرارة بن الربيع ~~«4» وهلال بن أمية الواقفي «5» . # ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلام هؤلاء الثلاثة؛ فأما مرارة ~~وهلال فقعدا في بيوتهما، وأما كعب بن مالك فكان أشب القوم وأجلدهم، وكان ~~يخرج ويشهد الصلاة مع المسلمين ويطوف في الأسواق ولا يكلمه أحد، ويأتي رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة ويقول في ~~نفسه: هل حرك شفتيه برد السلام [علي] «6» أم لا! ثم يصلي قريبا منه ويسارقه ~~النظر، فإذا أقبل كعب على صلاته نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ~~وإذا التفت نحوه أعرض عنه، حتى طال ذلك عليه من جفوة المسلمين. # ثم مركعب حتى تسور جدار أبي قتادة- وهو ابن عمه وأحب الناس إليه- فسلم ~~عليه، فلم يرد عليه السلام، فقال له: يا أبا قتادة! أنشدك الله هل تعلم أني ~~أحب الله ورسوله؟ فسكت فعاد ينشده فسكت فعاد ينشده، فقال: والله ورسوله ~~أعلم، PageV01P374 # ففاضت عينا كعب ووثب فتسور الجدار ثم غدا إلى السوق، فبينا هو يمشي [و] ~~«1» إذا نبطي «2» من نبط الشام يسأل عنه ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة ~~وهو يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فجعل الناس يشيرون إليه حتى جاء كعبا ~~فدفع إليه كتابا من ملك غسان في سرقة «3» حرير فيه: أما بعد فإنه بلغنا أن ~~صاحبك قد ms187 جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسك «4» ، ~~فلما قرأ كعب الكتاب قال: وهذا من البلاء أيضا، قد بلغ بي ما وقعت فيه أن ~~«5» طمع في رجل من [أهل] «6» الشرك، ثم عمد بالكتاب إلى تنور فسجره «7» به، ~~ثم أقام على ذلك حتى [إذا] «6» مضى أربعون ليلة أتاه رسول رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل ~~امرأتك! فقال كعب: أطلقها أم ماذا؟ قال: بل اعتزلها ولا تقربها، وأرسل إلى ~~مرارة وهلال بمثل ذلك، فقال كعب لامرأته: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي ~~الله في هذا الأمر ما هو قاض، و «8» جاءت امرأة هلال بن أمية فقالت: # يا رسول الله! إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع لا خادم له، أفتكره أن ~~أخدمه، قال: لا، ولكن لا يقربنك! قالت: والله يا رسول الله ما به من حركة ~~إلي! والله ما زال يبكي منذ كان أمره ما كان إلى يومه هذا، والله لقد تخوفت ~~على بصره «9» ؛ فلبثوا بعد ذلك عشر ليال حتى كمل خمسون ليلة من حين نهى ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين «10» عن كلامهم، فصلى كعب بن مالك ~~الصبح على ظهر بيت من بيوته على الحال التي PageV01P375 # ذكر الله منه: ضاقت عليه الأرض برحبها وضاقت «1» عليه نفسه «1» ، إذ سمع ~~صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك! أبشر، فخر كعب لله ~~ساجدا وعرف أنه قد جاء الفرج، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة ~~الله عليهم «2» حين صلى الصبح، ثم جاء كعبا «3» الصارخ بالبشرى فنزع ثوبيه ~~فكساهما إياه ببشارته، واستعار ثوبين فلبسهما، ثم انطلق يؤم رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، وتلقاه الناس يتهنأونه بالتوبة ويقولون: ليهنك توبة الله ~~عليك! حتى دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس، فقام ~~إليه طلحة بن عبيد الله فحياه وهنأه، فلما سلم «4» كعب على رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم قال له ms188 رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه يبرق بالسرور: ~~«أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك» ! فقال كعب: أمن عندك يا رسول الله ~~أم [من] «5» عند الله؟ قال «بل من عند الله» ! ثم جلس بين يديه فقال: يا ~~رسول الله! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك» ، فقال: إني ~~ممسك سهمي الذي بخيبر، ثم قال: يا رسول الله! [إن الله] «5» قد نجاني ~~بالصدق، فإن توبتي إلى الله أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت، فتلا عليهم رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار- إلى ~~قوله: # إن الله هو التواب الرحيم «6» . # ثم لا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عويمر بن الحارث بن عجلان- ~~وهو الذي يقال له عاصم «7» - وبين امرأته بعد العصر في مسجد في شعبان، وذلك ~~أنه أتى رسول PageV01P376 # الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! لو أحدنا رأى امرأته على ~~فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم! وإن سكت [سكت] «1» على مثل ذلك! ~~فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان بعد ذلك أتى النبي صلى ~~الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به! فأنزل ~~الله هذه الآيات والذين يرمون أزواجهم «2» - حتى ختم الآيات، فدعا رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم عاصما فتلا عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب ~~الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقال عاصم: لا والذي بعثك! ما كذبت عليها، ثم ~~دعا بامرأته فوعظها وذكرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قالت: لا ~~والذي بعثك بالحق! فبدأ بعاصم فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، ~~والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وأمر رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم فوضع «3» يده على فيه عند الخامسة وقال: احذر فإنها موجبة! ثم ~~ثنى «4» بامرأته فشهدت أربع شهادات ms189 بالله إنه لمن الكاذبين. والخامسة أن ~~غضب الله عليها إن كان من الصادقين؛ ثم فرق بينهما وألحق الولد بالأم «5» . # وماتت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان، وغسلتها صفية ~~بنت عبد المطلب، ونزل في حفرتها علي والفضل وأسامة «6» . # وورد على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب ملوك حمير في رمضان مقرين ~~بالإسلام، فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب جوابهم وبعثه مع ~~عمرو بن حزم «بسم الله PageV01P377 # الرحمن الرحيم- من محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى شرحبيل «1» ~~بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال قيل [ذي] «2» رعين ومعافر [وهمدان] «2» ، ~~أما بعد، فقد رفع «3» رسولكم، وأعطيتم من المغانم خمس الله وما كتب الله ~~على المؤمنين من العشر في العقار، و «4» ما سقت السماء إذا كان سيحا أو ~~بعلا ففيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق، [وما سقى بالرشاء والدالية ففيه نصف ~~العشر إذا بلغ خمسة أوسق] «5» . وفي كل خمس من الإبل سائمة شاة إلى أن تبلغ ~~أربعا وعشرين، فإذا زادت واحدة على أربع «6» وعشرين ففيها ابنة مخاض فإن لم ~~توجد بنت مخاض فابن لبون ذكر إلى أن تبلغ خمسا وثلاثين، فإن زادت واحدة على ~~خمس وثلاثين ففيها ابنة لبون إلى أن تبلغ خمسا وأربعين، فإن زادت واحدة على ~~خمس «7» وأربعين ففيها حقة طروقة الجمل إلى أن تبلغ ستين، فإن زادت على ~~الستين واحدة ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسا «8» وسبعين، فإن زادت واحدة «9» ~~على خمس «1» وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين، فإن زادت [واحدة] ~~«10» على التسعين ففيها حقتان طروقتا الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومائة؛ فما ~~زاد [على عشرين PageV01P378 # ومائة] «1» ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة طروقة [الجمل] «1» ~~وفي كل ثلاثين باقورة «2» [تبيع جذع أو جذعة، وفي كل أربعين باقورة] «1» ~~بقرة. وفي كل أربعين شاة سائمة [شاة] «1» إلى أن تبلغ عشرين ومائة، فإذا ~~زادت على عشرين ومائة واحدة ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين، فإن زادت ~~واحدة فثلاث ms190 «3» إلى أن تبلغ ثلاثمائة «4» ، فإن زادت ففي كل مائة شاة شاة. ~~ولا تؤخذ في الصدقة بهرمة ولا عجفاء «5» ولا ذات عوار ولا تيس الغنم. ولا ~~يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما أخذ من الخليطين ~~فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية. وفي كل خمس «6» أواق من الورق خمسة دراهم، ~~وما زاد ففي كل أربعين درهما درهم، وليس فيما دون خمس «6» أواق شيء. وفي كل ~~أربعين دينارا دينار. و «7» إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته، إنما هي ~~الزكاة يزكى بها أنفعهم، «8» في فقراء «8» المؤمنين وفي سبيل الله. وليس في ~~رقيق ولا مزرعة ولا عمالها شيء إذا كانت تؤدى صدقتها «9» من العشر، وليس في ~~عبد المسلم ولا فرسه شيء. وإن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك ~~بالله، وقتل النفس المؤمنة بغير حق، والفرار في سبيل الله يوم الزحف، وعقوق ~~الوالدين، ورمي المحصنة، وتعلم السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم. وإن ~~العمرة هي الحج الأصغر. ولا يمس القرآن إلا طاهر. ولا طلاق قبل إملاك، ولا ~~عتاق «10» حتى يبتاع. ولا يصلين أحد منكم في PageV01P379 # ثوب واحد ليس على منكبيه شيء، ولا يحتبين في ثوب واحد [ليس بين فرجه وبين ~~السماء شيء، ولا يصلين أحدكم في ثوب واحد] «1» وشقه باد، ولا يصلين أحد ~~منكم عاقصا شعره. وإن من اعتبط «2» مؤمنا قتلا عن بينة فهو قود إلا أن يرضى ~~«3» أولياء المقتول. وإن في النفس «4» الدية مائة من الإبل، [و] «1» في ~~الأنف إذا أوعب جدعه «5» الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين «6» الدية، ~~وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ~~ثلث الدية، و [في] «7» الرجل الواحدة نصف الدية، وفي الصلب الدية، وفي ~~العينين الدية «8» ، وفي المنقلة خمس «9» عشرة من الإبل، وفي السن خمس من ~~الإبل، وفي الموضحة خمس من الإبل. وإن الرجل يقتل بالمرأة. وعلى أهل الذهب ~~ألف دينار» فقرئ الكتاب على أهل اليمن. # ثم بعث «10» رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن وذكر ~~أنه ms191 صلى الله عليه وسلم صلى الغداة ثم أقبل على الناس بوجهه فقال: يا معشر ~~المهاجرين والأنصار! أيكم ينتدب إلى اليمن؟ فقام عمر بن الخطاب فقال: أنا ~~يا رسول الله! فسكت عنه ثم قال: «يا معشر المهاجرين والأنصار» ! أيكم ينتدب ~~إلى اليمن» ؟ فقام معاذ بن جبل فقال: أنا يا رسول الله! فقال: «يا معاذ أنت ~~لها! يا بلال ائتني بعمامتي» ! فأتاه بعمامته فعمم PageV01P380 # بها رأسه، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون «1» والأنصار ~~يشيعون معاذا وهو راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي إلى جانب راحلته ~~«2» ، ثم قال: «يا معاذ! أوصيك بتقوى الله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة ~~وترك الخيانة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخفض الجناح، وحفظ الجار، ~~ولين الكلام ورد السلام، والتفقه في القرآن، والجزع من الحساب، وحب الآخرة ~~على الدنيا؛ يا معاذ! لا تفسد أرضا، ولا تشتم مسلما، ولا تصدق كاذبا ولا ~~تكذب صادقا، ولا تعص إماما، وإنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما ~~تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس ~~صلوات «3» في يومهم وليلتهم فإذا فعلوا ذلك فأخبرهم أن [الله تعالى قد] «4» ~~فرض عليهم زكاة تؤخذ من أموالهم فترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ ~~منهم وتوق كرائم أموال الناس «5» ؛ يا معاذ «6» ! إني أحب لك ما أحب لنفسي ~~وأكره لك ما أكره لها؛ يا معاذ! إذا أحدثت ذنبا فأحدث له توبة السر بالسر ~~والعلانية بالعلانية؛ يا معاذ! يسر ولا تعسر، واذكر الله عند [كل] «7» حجر ~~ومدر «8» يشهد لك يوم القيامة؛ يا معاذ! عد المريض، وأسرع في حوائج الأرامل ~~والضعفاء، وجالس المساكين والفقراء، وأنصف الناس من نفسك، وقل الحق حيث ~~كان، ولا يأخذك في الله لومة لائم، والقني على الحال التي فارقتني عليها» . ~~فقال معاذ: بأبي وأمي أنت يا رسول الله! لقد حملتني أمرا PageV01P381 # عظيما فادع الله لي على ما قلدتني عليه، فدعا له رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم ثم ودعه؛ وانصرف رسول الله صلى ms192 الله عليه وسلم إلى المدينة وأصحابه. ~~ثم أردفه بأبي موسى الأشعري، فلما قدم صنعاء صعد منبرها فحمد الله وأثنى ~~عليه ثم قرأ عليهم عهده ثم نزل، فأتاه صناديد صنعاء فقالوا: يا معاذ! هذا ~~نزل قد هيأناه لك وهذا منزل فرغناه «1» لك، قال: بهذا أوصاني حبيبي، أوصاني ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» أن لا تأخذك «3» في الله لومة لائم، وخلع ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم «4» معاذ بن جبل «4» [من] «5» ماله لغرمائه ~~حيث اشتدوا عليه وبعثه إلى اليمن وقال: «لعل الله يجبرك» «6» !. # وقدم وفد كلاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر «7» نفرا فيهم ~~لبيد بن ربيعة. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية مع جماعة من العرب ليس فيهم من ~~المهاجرين أحد ولا من الأنصار إلى بني تميم «8» . فأغار عليهم وسبى منهم ~~النساء والولدان، وأخذ منهم عشرين رجلا فقدم بهم المدينة، فوضع رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم لحسان منبرا فقام عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: «إن الله يؤيد حسانا بروح القدس» ، فقال القوم: # شاعرهم أشعر من شاعرنا وخطيبهم أخطب من خطيبنا «9» . PageV01P382 # وقدم وفد الطائف «1» ونزلوا دار المغيرة بن شعبة وطلبوا الصلح، فأمر ~~النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن سعيد بن العاص أن يكتب لهم كتاب الصلح. # ومرض «2» عبد الله بن أبي بن سلول في ليال بقين من شوال، ومات في ذي ~~القعدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فلما مات جاء ابنه إلى رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أعطني قميصك أكفنه فيه، ~~فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه، وأتى قبره فصلى عليه فنزلت ~~الآية ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره «3» . # وقدم وفد بني فزارة «4» وهم بضعة [عشر] «5» رجلا فيهم خارجة بن حصن «6» . # وقدم وفد بني عذرة «7» ثلاثة عشر رجلا، ونزلوا على المقداد بن عمرو. # وفرض الله تعالى الحج على من استطاع إليه سبيلا، فبعث رسول الله صلى ms193 الله ~~عليه وسلم أبا بكر يحج بالناس من المدينة في ثلاثمائة نفس، وبعث معه عشرين ~~بدنة مفتولة قلائدها، ففتلها عائشة بيدها وقلدها وأشعرها، وساق أبو بكر ~~لنفسه خمس بدنات، وحج معه عبد الرحمن بن عوف، فلما بلغ العرج وثوب «8» ~~بالصبح سمع أبو بكر خلفه رغوة وأراد أن يكبر الصلاة فوقف عن التكبير وقال: ~~هذه رغوة ناقة رسول PageV01P383 # الله صلى الله عليه وسلم الجدعاء، لقد بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ~~في الحج، فلعله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصلي «1» معه! فإذا ~~علي عليها فقال أبو بكر: أمير أم رسول؟ فقال: [لا] «2» ، بل رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم أرسلني ببراءة أقرأها على الناس في مواقف الحج، فقدموا مكة ~~فقرأ على الناس سورة براءة حتى ختمها، فلما كان يوم عرفة قام أبو بكر فخطب ~~الناس وعرفهم مناسكهم، حتى إذا فرغ قام علي فقرأها على الناس حتى ختمها، ~~فلما كان يوم النحر خطب أبو بكر الناس وحدثهم «3» عن إفاضتهم ونحرهم ~~ومناسكهم، فلما فرغ قام علي فقرأ على الناس براءة حتى ختمها «4» لينبذ «5» ~~إلى كل ذي حق حقه [وذي] «6» عهد عهده و [أن] «7» لا يحج بعد هذا العام مشرك ~~ولا يطوف بالبيت عريان؛ فلما كان يوم النفر الأول قام أبو بكر وخطب الناس ~~وحدثهم كيف ينفرون [و] «8» كيف يرمون فعلمهم «9» مناسكهم، فلما فرغ قام علي ~~فقرأ على الناس براءة حتى ختمها، ثم رجعوا إلى المدينة «10» . ### | السنة العاشرة من الهجرة # حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ثنا محمد بن بشار ثنا [أبو] «11» عامر ثنا ~~PageV01P384 # قرة «1» بن خالد عن أبي جمرة «2» الضبعي قال: قلت لابن عباس: إن لي جرة ~~ينبذ لي فيها، فإذا أطلت الجلوس مع القوم خشيت «3» أن أفتضح من حلاوته، ~~قال: # قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مرحبا بالوفد ~~غير خزايا ولا ندامى» ! قالوا: يا رسول الله! إن بيننا وبينك المشركين من ~~مضر، وإنا لا نصل [إليك] «4» إلا في أشهر الحرام فحدثنا جملا ms194 «5» من الأمر ~~إذا أخذنا به دخلنا الجنة وندعو إليه من وراءنا، فقال: «آمركم بأربع ~~وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله، وهل تدرون ما الإيمان بالله» ؟ فقالوا: ~~الله ورسوله أعلم، قال: «شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء ~~الزكاة وصوم رمضان، و [أن] «4» تعطوا الخمس من المغنم؛ وأنهاكم عن النبيذ ~~في الدباء والنقير والحنتم والمزفت» «6» . # قال: في أول هذه السنة قدم وفد عبد القيس «7» على رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم، فلما دنوا من المدينة تركوا رواحلهم وبادروا إلى النبي صلى الله ~~عليه وسلم، ونزل عبد الله بن الأشج العبدي فعقل راحلته ونزع ثيابه فلبسها ~~ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ~~فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة» «8» - سألوه عما ذكرنا. # ثم بعث «9» رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني عبد ~~المدان «10» في شهر ربيع PageV01P385 # الأول وهم بنو الحارث بن كعب وأسلموا، وأخذ الصدقة من أغنيائهم وردها على ~~فقرائهم. # ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو «1» بن حزم عاملا على نجران، ~~فخرج وأقام عندهم يعلمهم السنة ومعالم الإسلام إلى أن توفي رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم وهو على نجران «2» . # وقدم عدي بن حاتم الطائي ومعه صليب من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه ~~وسلم: «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله» «3» . # وقدم بعده وفد طيء فيهم زيد الخيل وهو رأسهم «4» . # ثم قدم جرير بن عبد الله البجلي، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ~~هدم «5» ذي الخلصة «5» ، فهدمها. # ثم قدم وفد الأزد رأسهم صرد بن عبد الله «6» في بضعة عشر رجلا، وبعثه ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جرش فافتتحها، وكان عاملا للنبي صلى الله ~~عليه وسلم. # وولد محمد بن عمرو بن حزم بنجران، فكتب عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم بذلك وأخبره أنه سماه محمدا وكناه أبا سليمان «7» . PageV01P386 # وقدم وفد سلامان «1» ، وهم سبعة نفر رأسهم حبيب السلاماني «2» . # وقدم وفد ms195 «3» بني حنيفة فيهم مسيلمة فقال: يا محمد! إن جعلت لي الأمر ~~بعدك آمنت بك وصدقتك، وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم جريدة فقال ~~النبي صلى الله عليه وسلم: «لو سألتني هذه الجريدة «4» ما أعطيتكها «4» ! ~~ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، إني لأراك «5» الذي أريت» ~~، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينا «6» أنا نائم رأيت في ~~يدي سوارين من ذهب فأهمني شأنهما، فأوحي إلي [في المنام أن] «7» أنفخهما، ~~فنفختهما فطارا، فأولتهما الكذابين: أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة صاحب ~~اليمامة» . # وقدم وفد غسان «8» ووفد عبس «9» ووفد كندة «10» ووفد محارب «11» ووفد ~~خولان «12» ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم عليه الوفود لبس أحسن ~~ثيابه وأمر أحبابه بذلك. # وقدم وفد مراد «13» رأسهم فروة بن مسيك المرادي، واستعمله رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم على مراد ومذحج. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن ~~الوليد على الصدقات إليهم وكتب لهم كتابا بذلك. PageV01P387 # ودخل «1» أبو ذر على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وهو [جالس] «2» ~~وحده فقال «3» : # «يا أبا ذر! إن للمسجد تحية» ، قال: وما تحيته يا رسول الله؟ قال: ~~«ركعتان» ، فقام فركعهما، ثم قال: إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة؟ قال: ~~«خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر» ! فقال: يا رسول الله! أي الأعمال ~~أحب إلى الله؟ قال: # «إيمان بالله وجهاد في سبيله» ، قال: فأي المؤمنين أكملهم «4» إيمانا؟ ~~قال: # «أحسنهم خلقا» ، قال: فأي المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ~~ويده» ، قال: فأي الهجرة أفضل؟ قال: «من هجر السوء» ، قال: فأي الليل أفضل؟ ~~قال: «جوف الليل الغابر» ، قال: فأي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت» ، قال ~~«5» : فأي الرقاب أفضل، قال: «أغلاها «6» ثمنا وأنفسها عند أهلها» ، قال: ~~فأي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده وأهريق «7» دمه» ، قال: فأي الصدقة ~~أفضل؟ قال: «جهد من مقل إلى فقير في سر» ، قال: فما الصوم أفضل؟ قال: # «فرض مجزي وعند الله أضعاف كثيرة» ، قال: فأي آية [مما] «8» أنزلها الله ms196 ~~عليك أفضل؟ قال: «آية الكرسي» «9» ، قال: يا رسول الله! كم النبيون قال: ~~مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي، قال: كم المرسلون منهم؟ قال: «ثلاثمائة ~~وثلاثة عشر جما غفيرا» ، قال: من كان أول الأنبياء؟ قال: «آدم» ، قال: وكان ~~من الأنبياء PageV01P388 # مرسلا؟ قال: «نعم، خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه ثم [سواه وكلمه ~~قبلا، ثم [ «1» قال: يا أبا ذر! أربعة من الأنبياء سريانيون «2» : آدم وشيث ~~وخنوخ- وهو إدريس، وهو أول من خط بالقلم- ونوح؛ وأربعة من العرب «3» : هود ~~وصالح وشعيب ونبيك محمد، وأول الأنبياء آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه ~~وسلم، وأول نبي من [أنبياء] «1» بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى، وبينهما ألف ~~نبي» ؛ قال: يا رسول الله! كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة ~~كتب، أنزل على شيث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، [وأنزل على ~~إبراهيم عشر صحائف، وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف] «4» وأنزل ~~التوراة والإنجيل والزبور والفرقان» ؛ قال: يا رسول الله! فما كانت صحف ~~إبراهيم؟ # قال: «كانت أمثالا كلها: أيها الملك [المسلط] «4» المبتلي المغرور! إني ~~لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، ~~فإني لا أردها ولو كانت من كافر؛ وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا [على عقله] ~~«4» أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة ~~يتفكر «5» فيها في صنع الله عز وجل، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال «6» ~~؛ فإن هذه الساعة عون لتلك «7» الساعات «8» [واستجمام] «9» للقلوب «10» ، ~~وعلى العاقل أن يكون PageV01P389 # «1» بصيرا بزمانه «1» ، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه «2» ، فإنه من حسب ~~كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه؛ وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث: ~~مرمة لمعاش، وتزود لمعاد، وتلذذ في غير محرم» ؛ وقال: يا رسول الله! فما ~~كانت صحف موسى؟ # قال: «كانت عبرا كلها: عجبت لمن أيقن بالموت ثم يفرح، وعجبت لمن أيقن ~~بالقدر ثم ينصب، وعجبت لمن أيقن بالحساب [غدا] «3» ثم لا يعمل» ، قال: هل ~~أنزل الله عليك شيئا مما كان في ms197 صحف إبراهيم وموسى؟ قال: «يا أبا ذر! ~~[تقرأ] «3» قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى- الآية» ، قال: يا رسول ~~الله! أوصني، قال: «أوصيك بتقوى الله فإنه زين لأمرك» ، قال: زدني، قال: ~~«عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان [عنك] «4» وعون لك على أمر دينك، ~~وإياك والضحك فإنه يميت القلوب ويذهب نور الوجه» ، قال: زدني، قال: «أحب ~~المساكين ومجالستهم» ، قال: زدني، قال: «قل الحق ولو كان مرا» ، قال: # زدني، قال: «لا تخف في الله لومة لائم» ، قال: زدني، قال: «ليحجزك «5» عن ~~الناس ما تعلم من نفسك ولا تجد «6» عليهم فيما تأتي» ، ثم قال: «يا «7» أبا ~~ذر! كفى للمرء غيا «8» أن يكون فيها خصال: يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ~~ويتجسس «9» لهم ما هو فيه، ويؤذي جليسه فيما لا يعنيه، يا أبا ذر! لا عقل ~~كالتدبير «10» ، PageV01P390 # ولا ورع كالكف «1» ، ولا حسب كحسن الخلق» «2» . # ثم بعث «3» علي بن أبي طالب رضي الله عنه سرية إلى اليمن في شهر رمضان، ~~قال: يا رسول الله! كيف أصنع؟ قال: «إذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى ~~يقاتلوك، فإن قاتلوك فلا تقاتلهم حتى «4» يقتلوا منكم قتيلا، فإن قتلوا ~~منكم قتيلا فلا تقاتلوهم حتى «5» تروهم أناة «5» ، فإذا أتيتهم «6» فقل لهم ~~«7» : هل لكم أن تخرجوا من أموالكم صدقة فتردونها على فقرائكم، فإن قالوا: ~~نعم، فلا تبغ منهم غير ذلك؛ ولأن يهدي الله على يديك رجلا واحدا خير لك مما ~~طلعت عليه الشمس» . # ونزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستوي القاعدون من المؤمنين ~~والمجاهدون «8» فجاء عبد الله بن أم مكتوم فقال: [يا] «9» رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم! إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي ما ترى، قد ذهب بصري، ~~قال زيد بن ثابت: # فثقلت «10» فخذه على فخذي حتى خشيت أن ترضها «11» : ثم قال «غير أولي ~~الضرر» . # وقدم العاقب والسيد «12» من نجران فكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~كتابا صالحهم PageV01P391 # عليه- فهو في أيديهم إلى اليوم، وقالا: يا رسول الله! ابعث علينا رجلا ~~أمينا ms198 «1» نعطه «2» ما سألتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأبعثن ~~إليكم رجلا أمينا حق أمين» ، فاستشرف لها الناس فبعث أبا عبيدة بن الجراح؛ ~~ومات [أبو] «3» عامر الراهب عند «4» هرقل، فاختلف كنانة «4» بن عبد ياليل ~~وعلقمة بن علاثة «5» في ميراثه، فقضي «6» برسول الله صلى الله عليه وسلم ~~لكنانة بن عبد ياليل. # وقدم الأشعث بن قيس «7» وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه، ~~فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم زياد بن لبيد «8» البياضي إلى ~~البحرين ليأخذ منهم الصدقات. # وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد «9» مع أصحابه إذ طلع عليهم ~~رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه ~~منهم أحد، حتى جلس إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فوضع ركبته إلى ركبته ~~ووضع كفه «10» على فخذه «10» ، ثم قال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ قال: ~~«أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي ~~الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» ، قال: صدقت! فعجب ~~المسلمون منه يسأله ويصدقه؛ ثم قال: أخبرني عن الإيمان، قال: «أن تؤمن ~~بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره» ، قال: ~~صدقت؛ قال: أخبرني عن الإحسان، [قال] «11» : «أن تعبد الله PageV01P392 # كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» ؛ قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ~~«ما المسؤول عنها بأعلم [بها] «1» من السائل» ، قال: فأخبرني عن أمارتها ~~«2» ، قال: # «أن تلد الأمة ربتها «3» وأن ترى الحفاة «4» العراة يتطاولون «5» في ~~البنيان» ، قال: ثم انطلق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا جبريل، ~~أتاكم يعلمكم دينكم» . # ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يحج حجة الوداع «6» فأذن في ~~الناس أنه خارج، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، حتى أتى ذا الحليفة فولدت «7» أسماء بنت عميس محمد بن أبي ~~بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي، ~~واستثفري ms199 «8» بثوب وأخرى» . ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ~~وأمر ببدنة أن تشعر وسلت عنها الدم «9» ، ثم ركب القصواء «10» فلما استوت ~~به ناقته على البيداء أهل، وإن بين يديه وخلفه وعن يمينه ويساره من الناس ~~ما بين راكب وماش «11» ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، فأهل: ~~لبيك! اللهم لبيك! لا شريك لك لبيك! إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك ~~لك؛ وأهل الناس معه، فمنهم من أهل مفردا ومنهم من أهل قارنا، حتى قدم رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم مكة من الثنية، فلما دخل مكة توضأ إلى الصلاة ثم ~~دخل من باب بني شيبة، فلما أتى الحجر PageV01P393 # استلمه، ورمل ثلاثا ومشى أربعا، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم [فقرأ] «1» ~~واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وجعل المقام بينه وبين البيت وصلى ركعتين، ~~قرأ فيهما قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون، ثم رجع إلى الركن فاستلمه؛ ~~ثم خرج من الباب إلى الصفا، فلما رقى على الصفا قرأ إن الصفا والمروة من ~~شعائر الله وقال: «أبدأ بما بدأ الله» ؛ فلما رقى عليها ورأى البيت استقبل ~~القبلة وقال: # «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء ~~قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده- قال ~~ذلك ثلاث مرات؛ فلما نزل [إلى] «1» المروة حتى «2» انصبت قدماه في بطن ~~الوادي خب، حتى إذا صعد مشى، فلما أتى المروة صعد عليها وفعل عليها ما فعل ~~على الصفا؛ حتى إذا كان آخر طواف على المروة فقال: لو استقبلت ما استدبرت ~~لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها ~~عمرة» ، فقال سراقة ابن مالك بن جعشم: يا رسول الله! لعامنا هذا أو للأبد؟ ~~فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه وقال: «دخلت العمرة في الحج- ~~مرتين- لا، بل للأبد» . # وقدم علي من اليمن فوجد «3» فاطمة قد لبست ثياب صبغ واكتحلت، فأنكر ذلك ms200 ~~عليها فقالت: أبي أمرني بهذا! ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم [لعلي] «4» ~~: «بم فرضت الحج» ؟ قال: قلت: اللهم! إني أهل بما أهل به رسولك. فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم: # «فإن معي الهدي فلا تحل» ، فكان الهدي الذي قدم به علي بن أبي طالب من ~~اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة، فحل الناس وقصروا إلا ~~النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه [هدي] «5» . # واعتل سعد «6» بن أبي وقاص فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى ~~سعد فقال له PageV01P394 # النبي صلى الله عليه وسلم: « [ما يبكيك] » «1» . فقال: خشيت أن أموت ~~بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد بن خولة! فقال النبي صلى الله عليه ~~وسلم: «اللهم اشف سعدا» - ثلاثا، فقال: يا رسول الله! إن لي مالا كثيرا، ~~وأنعما، ومورثتي بنت لي واحدة، أفأوصي بمالي كله؟ قال: لا، قال: فالنصف؟ ~~قال: «لا» ، قال: الثلث؟ قال: «الثلث، والثلث كثير، إنك إن صدقت مالك صدقة ~~«2» ، وإن نفقتك على عيالك صدقة، وما تأكل امرأتك من طعامك صدقة، وأن تدع ~~أهلك بخير [خير] «3» من أن تدعهم عالة يتكففون الناس، اللهم! أمض لأصحابي ~~هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم» ، لكن البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم [أن مات بمكة] «4» . # [فلما كان يوم التروية توجهوا] «5» إلى منى وأهل الناس بالحج، فصلى بهم ~~الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، ~~وأمر بقبة له فضربت له بنمرة، ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك ~~قريش [إلا] «6» أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في ~~الجاهلية، فجاز «7» رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء عرفة «8» فوجد ~~القبة [قد ضربت] «6» له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء ~~«9» فرحلت له، فلما [أتى] «10» بطن الوادي خطب الناس وقال في خطبته: «إن ~~دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في PageV01P395 # شهركم هذا في بلدكم هذا! ألا! كل ms201 شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ~~ودماء الجاهلية موضوعة؛ فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله ~~واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، ~~فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف؛ ~~وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تسألون ~~عني فماذا أنتم قائلون» ؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال ~~بأصبعه السبابة يرفعها «1» إلى السماء: «اللهم اشهد» ! ثم أذن وأقام فصلى ~~الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل ~~«2» بطن القصواء «2» إلى الصخرة وجعل جبل المشاة «3» بين يديه واستقبل ~~القبلة، فلم يزل واقفا- والمسلمون معه- حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا. ~~ثم أردف أسامة بن زيد خلفه ودفع [رسول الله] «4» صلى الله عليه وسلم وقد ~~«5» شفق للقصواء «5» الزمام ويقول بيده اليمنى: «أيها الناس السكينة! كلما ~~أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا «6» حتى تصعد» ، فلما أتى المزدلفة صلى ~~بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا، ثم اضطجع ~~حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء ~~«7» حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة ودعا وكبر وهلل، ثم لم يزل واقفا ~~حتى أسفر جدا، ثم دفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس «8» حتى أتى ~~محسر فسلك الطريق الوسطى التي «9» تخرج إلى PageV01P396 # الجمرة الكبرى، فلما أتى الجمرة رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، رماها ~~من بطن الوادي بمثل حصى الخذف، ثم انصرف إلى المنحر «1» فنحر ثلاثا «2» ~~وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر منها وأشركه في هديه، وأمر من ~~كل بدنة ببضعة «3» فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثم ~~ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء «4» فأتى البيت فطاف الزيارة، ثم ~~قال: «يا بني عبد المطلب انزعوا، فلولا أن يغلبكم «5» الناس لنزعت معكم» ، ~~فناولوه دلوا من زمزم فشرب منه «6» ؛ ثم ms202 رجع صلى الله عليه وسلم إلى منى ~~وصلى الظهر بها ثم أقام بها أيام منى، ثم ودع البيت وخرج إلى المدينة حتى ~~دخلها والمسلمون معه فأقام بالمدينة [بقية] «7» ذي الحجة والمحرم وبعض صفر. ### | ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم # أخبرنا أبو يعلى حدثنا أحمد بن جميل المروزي «8» ثنا عبد الله بن المبارك ~~أنا معمر عن يونس عن الزهري أخبرني أنس بن مالك أن المسلمين «9» بينما هم ~~في صلاة الفجر يوم الإثنين وأبو بكر يصلي لهم لم يفجأهم إلا رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في صلاتهم، ثم ~~تبسم ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل «10» الصف وظن أن رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، PageV01P397 # وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم ~~حين رأوه، فأشار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اقضوا صلاتكم، ثم ~~دخل الحجرة وأرخى الستر بينه وبينهم وتوفي في ذلك «1» اليوم. # قال: أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك يوم الأربعاء ~~لليلتين بقيتا من صفر «2» وهو في بيت ميمونة حتى أغمي عليه من شدة الوجع، ~~فاجتمع عنده نسوة من أزواجه والعباس بن عبد المطلب وأم سلمة [وأسماء] » # بنت عميس الخثعمية وهي أم عبد الله بن جعفر وأم الفضل بنت الحارث وهي أخت ~~ميمونة، فتشاوروا في رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أغمي عليه فلدوه وهو ~~مغمر، فلما أفاق قال: «من فعل بي هذا» ؟ [قالوا: يا رسول الله! عمك العباس، ~~قال: هذا] «4» عمل نساء جئن من ههنا» - وأشار إلى أرض الحبشة، فقالوا: يا ~~رسول الله! أشفقن أن يكون بك ذات الجنب، فقال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: «ما كان الله ليعذبني بذلك الداء» ، ثم قال: «لا يبقين أحد في الدار ~~إلا لد إلا العباس» . # فلما ثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم العلة استأذنت عائشة أزواجه أن ~~تمرضه في بيتها ms203 فأذن لها «5» ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ~~رجلين تخط رجلاه في الأرض: بين عباس وعلي، حتى دخل بيت عائشة، فلما دخل ~~بيتها اشتد وجعه فقال «6» : «أهريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي ~~أعهد «7» إلى الناس» ، فأجلسوه في مخضب لحفصة ثم صب عليه من تلك القرب حتى ~~جعل يشير إليهن بيده أن قد فعلتن، ثم PageV01P398 # قال: «ضعوا لي في المخضب ماء» ، ففعلوا فذهب لينوء «1» فأغمي عليه ثم ~~أفاق قال: # «ضعوا لي في المخضب [ماء] «2» » . ففعلوا، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه فأفاق ~~وقال: «أصلى الناس بعد» ؟ قالوا: لا يا رسول الله وهم ينتظرونك، والناس ~~عكوف ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي بهم العشاء الآخرة، فقال: ~~«مروا أبا بكر أن يصلي بالناس» ، فقالت عائشة: يا رسول الله! إن أبا بكر ~~رجل رقيق وإنه إذا قام مقامك بكى، فقال: «مروا أبا بكر يصلي بالناس» ، ثم ~~أرسل إلى أبي بكر فأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر: يا عمر! صل بالناس! فقال: أنت أحق، ~~إنما أرسل إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بهم أبو بكر تلك ~~الأيام. # ثم وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج لصلاة الظهر بين ~~العباس وعلي وقال لهما: «أجلساني عن يساره» ، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس والناس يصلون بصلاة أبي بكر «3» ، ثم وجد ~~خفة صلى الله عليه وسلم فخرج فصلى خلف أبي بكر «4» قاعدا في ثوب واحد ثم ~~قام وهو عاصب رأسه بخرقة حتى صعد المنبر ثم قال: «والذي نفسي بيده! إني ~~لقائم على الحوض الساعة» ، ثم قال: «إن عبدا عرضت عليه الدنيا وزينتها ~~فاختار الآخرة» ، فلم يفطن لقوله إلا أبو بكر «5» فذرفت عيناه وبكى وقال: ~~بأبي وأمي! نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا «6» ! فقال رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم: «إن أمن الناس علي في بدنه «7» ودينه وذات يده أبو ms204 ~~بكر، ولو كنت PageV01P399 # متخذا خليلا لا تخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام، سدوا «1» كل خوخة ~~في المسجد إلا خوخة أبي بكر» ، ثم نزل ودخل البيت وهي آخر خطبة خطبها رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم. # فلما كان يوم الإثنين كشف الستارة من حجرة عائشة والناس صفوف خلف أبي بكر ~~وكأن وجهه ورقة مصحف فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليهم أن ~~مكانكم وألقى السجف «2» وتوفي آخر ذلك اليوم، وكان ذلك اليوم لاثنتي عشرة ~~«3» خلون من شهر ربيع الأول. # وكان مقامه بالمدينة عشر حجج سواء، وكانت عائشة تقول «4» : توفي رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ويومي وبين سحري ونحري، وكان أحدنا يدعو ~~بدعاء إذا مرض فذهبت أعوذ فرفع رأسه إلى السماء وقال: في «5» الرفيق ~~الأعلى» ! ومر عبد الرحمن ابن أبي بكر وفي يده جريدة خضراء رطبة فنظر إليه، ~~فظننت أن له بها حاجة فأخذتها فمضغت رأسها ثم دفعتها إليه فاستن «6» بها ثم ~~ناولنيها وسقطت من يده، فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا ~~وأول يوم من الآخرة. # وكان «7» أبو بكر في ناحية المدينة فجاء فدخل على رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وهو مسجى، فوضع فاه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل ~~يقبله ويبكي ويقول: بأبي وأمي! طبت حيا وطبت ميتا! فلما خرج ومر بعمر بن ~~الخطاب وعمر يقول: [ما] «8» PageV01P400 # مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يقتل المنافقين ويخزيهم ~~«1» ! وكانوا قد رفعوا رؤسهم لما رأوا أبا بكر فقال أبو بكر لعمر: أيها ~~الرجل! اربع على نفسك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، ألم تسمع ~~الله يقول: إنك ميت وإنهم ميتون «2» ، وقال: وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ~~أفإن [مت] «3» فهم الخالدون، ثم أتى أبو بكر المنبر فحمد الله وأثنى عليه ~~ثم قال: أيها الناس! إن كان محمد «4» إلهكم الذي تعبدونه فإن إلهكم قد مات، ~~وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم ms205 يمت، ثم تلا وما محمد إلا رسول ~~قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم- حتى ختم الآية؛ ~~وقد استيقن المؤمنون بموت محمد صلى الله عليه وسلم. # وقد كان لعبد المطلب بن هاشم من الأولاد ستة عشر ولدا: عشرة ذكور، منهم ~~تسعة عمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحد والد رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم، وست «5» من الإناث عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم. # فأما أولاد عبد المطلب «6» الذكور منهم: عبد الله بن عبد المطلب والد ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزبير بن عبد المطلب، وأبو طالب بن عبد ~~المطلب، والعباس ابن عبد المطلب، وضرار بن عبد المطلب، وحمزة بن عبد ~~المطلب، والمقوم بن عبد المطلب، وأبو لهب بن عبد المطلب، والحارث بن عبد ~~المطلب، والغيداق «7» بن عبد المطلب. # فأما عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن له ولد غير ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ذكر ولا PageV01P401 # أنثى، وتوفي قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. # وأما الزبير بن عبد المطلب فكنيته أبو الطاهر، «1» من أجلة القريش «1» ~~وفرسانها من المبارزين، وكان متعالما «2» يقول الشعر فيجيد «3» . # وأما أبو طالب «4» بن عبد المطلب فإن اسمه عبد مناف، وكان هو وعبد الله ~~والد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم واحدة وكان أبو طالب وصى عبد المطلب ~~لابنه في ماله بعده وفي حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده على من كان ~~يتعهده عبد المطلب في حياته؛ ومات أبو طالب قبل أن يهاجر رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين وأربعة أشهر. # وأما العباس «5» فكنيته أبو الفضل، وكان إليه السقاية وزمزم في الجاهلية، ~~فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دفعها إليه يوم الفتح وجعلها ~~إليه؛ ومات العباس بن عبد المطلب سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان بن ~~عفان. # وأما ضرار فإنه كان يقول الشعر ويجيده، ومات قبل الإسلام ولا عقب ms206 له. # وأما حمزة فكنيته أبو ليلى، وقد قيل: أبو عمارة، واستشهد يوم أحد، قتله ~~وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم في شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان حمزة أكبر ~~من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين. # وأما المقوم فكان من رجالات» # قريش وأشدائها، هلك قبل الإسلام ولم يعقب. PageV01P402 # وأما أبو لهب فإن اسمه عبد العزى وكنيته أبو عتبة «1» ، وإنما كني أبا ~~«2» لهب لجماله، وكان أحول، يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين ~~عمومته ويظهر له حسده إلى أن مات عليه. # وأما الحارث «3» - وهو أكبر ولد عبد المطلب- اسمه كنيته، وهو ممن شهد حفر ~~زمزم مع عبد المطلب قديما. # وأما الغيداق «4» فإنه كان من أسد قريش وأجلادها، ومات قبل الوحي ولم ~~يعقب. # وأما بنات عبد المطلب فإن إحداهن عاتكة بنت عبد المطلب، وأميمة بنت عبد ~~المطلب، والبيضاء وهي أم حكيم، وأروى بنت عبد المطلب، وصفية بنت عبد ~~المطلب، وبرة «5» بنت عبد المطلب. # وأما عاتكة «6» فإنها كانت عند أبي أمية بن المغيرة المخزومي. # وأما أميمة فإنها كانت عند جحش بن رئاب «7» الأسدي. # وأما البيضاء فإنها كانت عند كريز «8» بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس. # وأما صفية «9» فكانت عند العوام بن خويلد بن أسد. PageV01P403 # وأما برة فإنها [كانت] «1» عند عبد الأسد بن هلال المخزومي. # وأما أروى «2» فكانت عند عمير بن عبد مناف بن قصي. # ولم يسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم إلا صفية، وهي والدة الزبير ~~بن العوام، وتوفيت صفية في خلافة عمر بن الخطاب- فهذا ما يجب أن يعلم من ~~ذكر عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم. # وأما نساء «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم تزوج خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بمكة ~~قبل الوحي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة، وكانت خديجة ~~قبله تحت عتيق بن عائذ «4» بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم، وولد ms207 له منها ~~أولاده إلا إبراهيم، وتوفيت خديجة بمكة قبل الهجرة. # ثم تزوج بعد موت خديجة سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبدود ابن نصر ~~بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن ~~لبيد بن خراش بن عامر بن غنم «5» بن عدي بن النجار؛ خطبها رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم إلى عمها وقدان بن عبد شمس «6» ، وكانت قبل ذلك تحت السكران ~~بن عمرو أخي سهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي، وكانت امرأة «7» ثقيلة ثبطة ~~«7» ، وهي التي وهبت يومها لعائشة وقالت: لا أريد مثل ما تريد النساء، ~~وتوفيت «8» سودة سنة خمسين. PageV01P404 # ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة ~~الصديق في شوال وهي بنت ست، وبنى بها وهي بنت تسع بعد الهجرة، وتوفيت عائشة ~~ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة «1» سبع وخمسين «2» ، وصلى ~~عليها أبو هريرة، ودفنت بالبقيع «3» ، ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم بكرا غيرها. # ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر بن الخطاب في شعبان، ~~أمها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة «4» بن جمح وكانت قبل ذلك تحت ~~خنيس ابن حذافة بن قيس، وذلك في سنة ثلاث من الهجرة، وتوفيت حفصة بنت عمر ~~سنة خمس وأربعين. # ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السنة في شهر رمضان زينب ~~بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن [عامر بن] ~~«5» صعصعة التي يقال لها: أم المساكين، وكانت قبله تحت الطفيل بن الحارث، ~~وهي أول من لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم من نسائه «6» . # ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الرابعة من الهجرة أم ~~سلمة بنت [أبي] «7» أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وماتت أم ~~سلمة سنة تسع وخمسين. # ثم تزوج ms208 رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة خمس زينب بنت جحش بن رئاب ~~«8» بن PageV01P405 # يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير «1» بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، وكانت ~~قبل ذلك عند زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفيت زينب ~~هذه سنة عشرين. # ثم اصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي بن أخطب في سنة سبع ~~وهي من بني إسرائيل، وكانت قبله عند كنانة بن أبي الحقيق، سباها رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم فاصطفاها وكانت «2» ممن اصطفاها «2» وأعتقها وتزوج بها، ~~وماتت صفية بنت حيي سنة خمسين «3» . # ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر هذه السنة أم حبيبة «4» بنت ~~أبي سفيان بن حرب، وكانت قبله تحت عبيد الله «5» بن جحش، وكانت بأرض الحبشة ~~مع زوجها مهاجرة فمات زوجها عبيد الله «5» بن جحش، فبعث رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ليخطبها لرسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وكان وليها في تلك الناحية إذ كان سلطانا ولم يكن ولى بتلك ~~الناحية «6» ، والسلطان ولي من لا ولي له، وكان الذي تولى الخطبة عليها ~~والسعي في أمرها سعيد بن العاص، وكان وليها حينئذ بالبعد، فخرجت أم حبيبة ~~مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ~~وماتت» # أم حبيبة سنة أربع وأربعين. # وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير ~~«8» بن الهرم بن رويبة «9» بن عبد الله «10» بن عامر بن صعصعة، وكانت قبله ~~تحت أبي رهم بن عبد PageV01P406 # العزى من بني عامر بن لؤي، وماتت ميمونة سنة ثمان وثمانين «1» ، وهي خالة ~~عبد الله بن عباس، لأن أم عباس أم الفضل أخت ميمونة. # وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ~~المصطلقية- وكانت قبله عند صفوان «2» بن تميم- سباها رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فصارت ms209 لثابت بن قيس بن الشماس، فاشتراها ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقها؛ وتوفيت جويرية في شهر ربيع الأول ~~سنة ست وخمسين، فصلى عليها مروان بن الحكم. # وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أسماء بنت [النعمان] «3» الجونية ولم ~~يدخل بها، ثم طلقها وردها إلى أهلها. # وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة بنت يزيد «4» الكلابية، وطلقها ~~قبل أن يدخل بها. # وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية ~~فاستعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم: «تعوذت بعظيم «5» فالحقي بأهلك» . # وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت «6» عمرو القرظية فرأى ~~بها بياضا قدر الدرهم ثم طلقها ولم يدخل بها، فماتت بعد ذلك بأربعة أشهر. # وقد أعطى المقوقس ملك «7» الإسكندرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ~~جارية يقال لها مارية القبطية، فأولدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~إبراهيم ابنه. PageV01P407 # وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا يوم خرج وعنده تسع «1» ~~نسوة: عائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وسودة بنت زمعة ~~بن قيس بن عبد شمس، وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وزينب بنت جحش بن رئاب ~~«2» ، وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، وميمونة بنت الحارث بن حزن، ~~وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وصفية بنت حيي «3» بن أخطب. # وأما أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم كلهم من خديجة بنت خويلد بن ~~أسد إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية. # و [أما] «4» أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأولهم عبد الله وهو ~~أكبرهم والطاهر والطيب والقاسم، وقد قيل: إن عبد الله هو الطاهر وهو أول ~~مولود ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قالت قريش: صار محمد أبتر لأن ~~ابنه توفي، أنزل الله إن شانئك هو الأبتر «5» . # وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة رضي ~~الله عنهن، فأما ms210 زينب «6» بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم من أبي العاص بن الربيع، فولدت له أمامة بنت أبي ~~العاص وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو رافعها على ~~عاتقه فإذا ركع وضعها وإذا قام رفعها «7» ، وماتت أمامة ولم تعقب. # وأما رقية «8» بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت عند عتبة بن أبي ~~لهب. # وأما أم كلثوم «9» فكانت عند عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت تبت يدا أبي ~~لهب PageV01P408 # أمرهما أبوهما أن يفارقاهما «1» ، وحينئذ لم يحرم الله تزويج المسلمين من ~~نساء المشركين ولا حرم على المسلمات أن يتزوجهن المشركون، ثم حرم الله ذلك ~~على المسلمين والمسلمات. # ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية بنته عثمان بن عفان ورسول الله ~~صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة، وخرجت معه إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك ~~عبد الله بن عثمان وبه يكنى عثمان، ثم توفيت رقية عند عثمان بن عفان مرجع ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر، ودفنت بالمدينة، وذلك أن عثمان ~~استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التخلف عند خروجه إلى بدر لمرض ~~ابنته رقية، وتوفيت رقية يوم قدوم زيد بن حارثة العقيلي من قبل يوم بدر. # ثم زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ابنته أم كلثوم، ~~فماتت ولم تلد. # وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة علي بن أبي طالب بالمدينة، ~~فولدت من علي الحسن والحسين ومحسنا «2» وأم كلثوم وزينب، ليس لعلي من فاطمة ~~إلا الخمس «3» . # فأما أم كلثوم «4» فزوجها علي من عمر، فولدت لعمر زيدا ورقية، وأما زيد ~~فأتاه حجر فقتله «5» ، وأما رقية بنت عمر فولدت لإبراهيم بن نعيم بن عبد ~~الله النحام «6» جارية فتوفيت ولم تعقب. # وأما زينب بنت علي فولدت لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب جعفرا- وكان ~~PageV01P409 # يكنى به- الأكبر وأم كلثوم وأم عبد الله. # وكان ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ms211 الصدقات حتى توفي عدي بن ~~حاتم على قومه، ومالك بن نويرة على بني الحنظلة، وقيس بن عاصم على بني منقر ~~«1» ، والزبرقان بن بدر على بني سعد، وكعب بن مالك بن أبي القيس على أسلم ~~وغفار وجهينة، والضحاك بن سفيان على بني كلاب، وعمرو بن العاص على عمان، ~~والمهاجر بن أبي أمية على صنعاء، وزياد بن لبيد على حضرموت. ### | ذكر وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم # أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي- يخبر بإسناد ليس له في القلب وقع- ~~ثنا سفيان بن وكيع بن الجراح ثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي أملاه ~~علينا من كتابه ثنا رجل من بني تميم من ولد أبي هالة زوج خديجة يكنى أبا ~~عبد الله عن ابن لأبي هالة عن الحسن بن علي قال: سألت خالي هند «2» بن أبي ~~هالة- وكان وصافا- «3» من حديث «3» النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أشتهي أن ~~يصف لي منها شيئا أتعلق به. فقال: # كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ~~ليلة البدر، أطول «4» من المربوع وأقصر من المشذب «5» ، عظيم الهامة، رجل ~~الشعر، إن انفرقت عقيصته فرق وإلا فلا يجاوز «6» شعره شحمة أذنيه إذا هو ~~وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب، سوابغ» # في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من ~~لم يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين، PageV01P410 # ضليع [الفم] «1» ، أشنب، مفلج الأسنان، دقيق المسربة، كأن عنقه جيد دمية ~~في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادن «2» متماسك، سواء البطن والصدر، عريض ~~الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين ~~اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري «3» اليدين والبطن مما «3» سوى ذلك، ~~أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل «4» الزندين، رحب الراحة، شثن ~~الكفين والقدمين، سائر أو سائل- شك [ابن] «5» سعيد- الأطراف. خمصان ~~الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا ~~«6» ويمشي هونا، ذريع المشية، [إذا مشى] «2» كأنما ينحط من صبب ms212 «7» ، وإذا ~~التفت التفت جميعا، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أكثر «8» من نظره إلى ~~السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه، يبدأ من لقي بالسلام. # قال: قلت: صف لي منطقه، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل ~~«9» الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، طويل السكت، لا يتكلم في غير ~~حاجة، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم «10» فضل لا فضول ~~ولا تقصير «10» ، دمث، ليس بالجافي ولا بالمهين، يعظم النعمة وإن دقت، لا ~~يذم شيئا غير أنه لا يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها، ~~«11» فإذا نوزع «11» الحق PageV01P411 # لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر، لا يغضب لنفسه ولا ينتصر «1» ~~لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها فضرب ~~براحته اليمنى باطن كفه «2» اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض ~~طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام- قال الحسن: فكتمها الحسين ~~زمانا ثم حدثته فوجدته «3» قد سبق إليه وسأله عما سألته. # قال الحسين: فسألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال: كان ~~دخوله] «4» لنفسه مأذون له في «5» ذلك، كان إذا أوى إلى منزله جزأ نفسه «6» ~~ثلاثة أجزاء: جزء لله وجزءا لأهله [وجزءا] «4» لنفسه، ثم جزأ جزءا بينه ~~وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة ولا يدخر عنهم شيئا، وكان من سيرته ~~في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ~~ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، [و] «7» منهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ~~ويشغلهم فيما يصلحهم «8» وإلا معه من مسألتهم «8» «9» يلائمهم ويخبرهم «9» ~~بالذي ينبغي لهم ويقول: ليبلغ الشاهد منكم «10» الغائب، وأبلغوا في حاجة من ~~لا يستطيع إبلاغها، فإن من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها يثبت ~~الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده «11» إلا ذلك، PageV01P412 # ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون روادا «1» ولا يفترقون إلا عن ذواق ويخرجون ~~أذلة. # قال: فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه، قال: «2» كان يخزن «2» لسانه ms213 إلا ~~فيما يعنيه ويؤلفهم ولا ينفرهم، ويكرم كريم القوم ويوليه عليهم، ويحذر ~~الناس ويحترس منهم من غير أن يظهر على أحد بسره «3» ، ويتفقد أصحابه، ويسأل ~~الناس عما «4» في الناس، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل ~~[الأمر] غير «5» مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، لكل حال عنده ~~عتاد، ولا يقصر عن الحق ولا يجاوزه الذين يلونه من الناس خيارهم، وأفضلهم ~~عنده أعمهم «6» نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة ومؤازرة. # قال: فسألته عن مجلسه، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم [لا يجلس ~~و] «7» لا يقوم إلا على ذكر، لا يوطن «8» الأماكن وينهى عن إيطانها «9» ، ~~وإذا جلس إلى قوم جلس حيث انتهى المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي 1» # كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من «11» جالسه أو ~~قاومه «11» لحاجة صابره حتى يكون هو المتصرف، ومن سأله عن حاجة لم يرده إلا ~~بها أو بميسور من القول، قد وسع PageV01P413 # الناس منه بسطه وخلقه «1» ؛ فصار للناس أبا وصاروا في الحق «2» عنده ~~سواء، مجلسه مجلس حلم «3» وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا ~~تؤبن «4» فيه الحرم «5» ولا تنثى فلتاته «5» ، متعادلين يتفاضلون «6» فيه ~~بالتقوى متواضعين، يوقرون الكبير، ويرحمون الصغير، ويؤثرون [ذوي] «7» ~~الحاجة، ويحفظون الغريب. # قال: فسألته عن سيرته في جلسائه، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب «8» ولا ~~فحاش، ولا عياب ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهي ولا يؤنس معه، و «9» لا يخيب ~~فئة «9» ، قد نزه نفسه من ثلاث: كان لا يذم أحدا، ولا يعيره، ولا يطلب «10» ~~عورته؛ ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، وإذا تكلم أطرق «11» جلساؤه كأنما ~~على رؤسهم الطير، وإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده الحديث، من تكلم ~~صمتوا له حتى يفرغ، جل حديثه عندهم حديث أوليهم «12» ، يضحك مما يضحكون ~~منه، ويتعجب مما يعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة «13» في منطقة حتى أن ~~كان أصحابه يستجلبونهم، PageV01P414 # ويقول: إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها ms214 فارفدوه، ولا يقبل [الثناء] «1» إلا ~~من مكافىء، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوره «2» فيقطعه بنهي أو قيام. # قال: وسألته: كيف كان سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان ~~سكوته على أربعة: على الحلم [والحذر] «1» والتقدير والتفكر، فأما تقديره ~~ففي «3» تسوية النظر والاستماع بين الناس. وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى، ~~وجمع له الحلم في الصبر فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه، وجمع له الحذر في ~~أربعة: أخذه بالحسن ليقتدي به، وتركه القبيح ليتناهى عنه، وإجهاده «4» ~~الرأي فيما يصلح «5» أمته، والقيام فيما [يجمع] «1» لهم فيه خير الدنيا ~~والآخرة. # قال أبو حاتم: قد ذكر جمل ما يحتاج إليه من مولد رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم ومبعثه وأيامه وهجرته إلى أن قبضه الله إلى جنته، ثم إنا ذاكرون بعده ~~الخلفاء الأربعة «6» بأيامه وجمل «7» ما يحتاج إليه من أخبارهم ليكون ذلك ~~طريقا للمتأسين بهم إذ «8» المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر بذلك الحديث حيث ~~قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي [و] «9» عضوا ~~عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة [وكل بدعة] «9» ~~ضلالة» - جعلنا الله وإياكم من المتبعين «10» لسنته المبادرين «10» إلى ~~لزوم طاعته، إنه الفعال لما «11» يريد بكم. # آخر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ويتلوه كتاب الخلفاء إن ~~شاء الله تعالى. PageV01P415 ### | الجزء الثاني # بسم الله الرحمن الرحيم ### | استخلاف أبي بكر بن أبي قحافة الصديق رضي الله عنه # قال الشيخ أبو حاتم محمدبن حبان بن أحمد التميمي: واسمه عبد الله ولقبه ~~عتيق، واسم أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ~~ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن ~~مدركة ابن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأم أبي بكر أم الخير بنت ~~صخر بن عامر بن كعب- أخو عمرو بن كعب- بن سعد بن تيم بن مرة بن لؤي بن ~~غالب. # أخبرنا محمد بن الحسن ms215 بن قتيبة اللخمي بعسقلان ثنا محمد بن المتوكل ثنا ~~عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن ~~عباس قال: كنت عند عبد الرحمن بن عوف في خلافة عمر بن الخطاب، فلما كان في ~~آخر حجة حجها عمر أتاني عبد الرحمن بن عوف في منزلي عشاء فقال: لو شهدت ~~أمير المؤمنين اليوم وجاءه رجل وقال: يا أمير المؤمنين! إني سمعت فلانا ~~يقول: لو مات أمير المؤمنين لبايعت فلانا، فقال عمر: إني لقائم العشية في ~~الناس ومحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا المسلمين أمرهم، فقلت: ~~يا أمير المؤمنين: # إن الموسم يجمع «1» رعاع الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك، ~~وإني أخشى أن تقول فيهم اليوم مقالة لا يعونها ولا يضعونها مواضعها، وأن ~~يطيروا بها كل مطير، ولكن أمهل يا أمير المؤمنين حتى تقدم المدينة فإنها ~~دار السنة ودار PageV02P419 # الهجرة فتخلص بالمهاجرين والأنصار وتقول ما قلت متمكنا فيعون «1» مقالتك ~~ويضعونها مواضعها، قال عمر: أما والله لأقومن به في أول مقام أقومه ~~بالمدينة! قال ابن عباس: فلما قدمنا المدينة وجاء يوم الجمع هجرت لما حدثني ~~عبد الرحمن ابن عوف فوجدت سعيد بن زيد بن نفيل قد سبقني بالهجرة «2» جالسا ~~إلى جنب المنبر فجلست إلى جنبه تمس ركبتي ركبته، فلما زالت الشمس خرج علينا ~~عمر فقلت وهو مقبل: أما والله ليقولن اليوم أمير المؤمنين على هذا المنبر ~~مقالة لم يقل [عليه أحد] «3» قبله، قال: فغضب سعيد بن زيد فقال: وأي مقال ~~يقول لم يقل قبله؟ فلما ارتقى عمر المنبر أخذ المؤذن في أذانه فلما فرغ من ~~أذانه قام عمر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد! فإني ~~أريد أن أقول مقالة قد قدر لي أن أقولها، [لا أدري لعلها بين يدي أجلى، فمن ~~عقلها ووعاها] «3» فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته، [و] «3» من خشى أن لا ~~يعيها فإني لا أحل لأحد أن يكذب علي: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم ms216 ~~[بالحق] «3» وأنزل عليه الكتاب، «4» وكان «4» مما أنزل عليه آية الرجم ~~[فقرأناها ووعيناها] «3» فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، ~~وإني خائف أن يطول بالناس زمان فيقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله، ~~فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا! وإن الرجم على من أحصن إذا زنى وقامت ~~عليه البينة أو كان الحمل أو الاعتراف، ثم إنا قد كنا نقرأ ولا ترغبوا عن ~~آبائكم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تطروني كما أطرت ~~النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: # عبد الله ورسوله» . ثم إنه بلغني أن فلانا منكم يقول: لو قد مات أمير ~~المؤمنين لقد بايعت فلانا، فلا يغتر امرؤ أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت ~~فلتة، فقد كانت كذلك، ألا وإن الله وقى شرها ودفع عن الإسلام والمسلمين ~~ضرها، وليس فيكم PageV02P420 # من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر وإنه كان من خيرنا حين توفي رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم، إن عليا والزبير ومن تبعهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة ~~وتخلفت عنا الأنصار في سقيفة بني ساعدة، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر ~~فقلت: يا أبا بكر! انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم ~~فلقينا رجلين صالحين من الأنصار شهدا بدرا فقالا «1» : أين تريدون يا معشر ~~المهاجرين؟ قلنا: نريد إخواننا هؤلاء الأنصار، قالا: فارجعوا فامضوا أمركم ~~بينكم، فقلت: والله لنأتينهم! فأتيناهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة ~~بين أظهرهم رجل مزمل، قلت: من هذا؟ قالوا: # سعد بن عبادة، قال: قلت: ما شأنه؟ قالوا: وجع» # ، فقام خطيب الأنصار فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد! ~~فنحن الأنصار وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر قريش رهط منا وقد دفت إلينا ~~دافة منكم وإذا هم يريدون أن يختزلونا «3» [من] «4» أصلنا ويحضنونا «5» ~~بأمر دوننا، وقد كنت زورت في نفسي مقالة أريد أن أقوم بها بين يدي أبي بكر ~~وكنت أدارىء من أبي بكر بعض الحد وكان أوقر مني وأحلم، فلما أردت ms217 الكلام ~~قال: على رسلك! فكرهت أن أغضبه، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ووالله ما ~~ترك كلمة قد كنت زورتها إلا جاء بها أو بأحسن منها في بديهته ثم قال: أما ~~بعد! وأما ما ذكرتم فيكم من خير يا معشر الأنصار فأنتم له أهل ولم تعرف «6» ~~العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب دارا ونسبا، ولقد ~~رضيت لكم أحد هذين «7» الرجلين فبايعوا أيهما «8» شئتم، وأخذ بيدي ~~PageV02P421 # ويد أبي عبيدة بن الجراح، فوالله ما كرهت مما قال شيئا غير هذه الكلمة؛ ~~كنت لأن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي «1» من أن أتأمر ~~«1» على قوم فيهم أبو بكر «2» ، فلما قضى أبو بكر مقالته قام «3» رجل من ~~الأنصار فقال: أنا جذيلها «4» المحكك وعذيقها «5» المرجب، منا أمير ومنكم ~~أمير يا معشر قريش وإلا أجلنا «6» الحرب فيما بيننا وبينكم خدعة، قال معمر: ~~فقال قتادة: قال عمر: فإنه لا يصلح سيفان في غمد، ولكن منا الأمراء ومنكم ~~الوزراء، قال معمر عن الزهري في حديثه: فارتفعت الأصوات بيننا وكثر اللغط ~~حتى أشفقت الاختلاف فقلت: يا أبا بكر! ابسط يدك أبايعك، فبسط يده فبايعته ~~وبايعه «7» المهاجرون وبايعه «7» الأنصار، قال: ونزونا «8» على سعد بن ~~عبادة حتى قال قائل [منهم] «9» : قتلتم سعدا، قال قلت: قتل الله سعدا! وأنا ~~والله ما رأينا فيما حضرنا أمرا كان أقوى من مبايعة أبي بكر، خشينا إن ~~فارقنا القوم أن يحدثوا بعدنا بيعة، فأما أن نتابعهم «10» على ما لا نرضى، ~~وإما أن نخالفهم فيكون فسادا فلا يغرن امرأ يقول: كانت بيعة أبي بكر فلتة، ~~وقد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها وليس فيكم من يقطع إليه الأعناق مثل ~~أبي بكر، فمن بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فإنه لا يبايع «11» هو ~~ولا الذي بايعه بعده؛ قال الزهري: وأخبرني عروة أن الرجلين اللذين ~~PageV02P422 # لقياهما «1» من الأنصار عويم «2» بن ساعدة ومعن «3» بن عدي، والذي قال ~~«أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب» الحباب بن المنذر. # قال أبو حاتم: نظر ms218 المسلمون إلى أعظم أركان الدين وعماد الإسلام للمؤمنين ~~فوجدوها الصلاة المفروضة، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولى أبا بكر ~~إقامتها في الأوقات المعلومات، فرضي المسلمون للمسلمين ما رضي لهم رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه طائعين في سائر الأركان، وبايعوه في السر ~~والإعلان. # فلما كان اليوم الثاني قام عمر بن الخطاب على المنبر فتكلم قبل أبي بكر ~~«4» فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس! إني قد قلت لكم ~~بالأمس مقالة ما كانت [إلا] «5» مني وما وجدتها «6» في كتاب الله ولا كانت ~~عهدا عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني قد كنت أرى [أن] «7» ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأمرنا بقول يكون آخرنا، وإن الله قد أبقى ~~فيكم كتابه الذي به هدى «8» رسوله، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان قد ~~هدى به أهله، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم: صاحب رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وثاني اثنين [إذ هما] «7» في الغار فقوموا إليه فبايعوه، فبايع ~~الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة. # ثم تكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد أيها ~~الناس! فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت ~~PageV02P423 # فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح «1» ~~عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء ~~الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم بالبلاء «2» ، ولا تشيع ~~الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا ~~عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم؛ قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. # فلما فرغ الناس من بيعة أبي بكر وهو يوم الثلاثاء أقبلوا على جهازه صلى ~~الله عليه وسلم فاختلفوا في غسله فقالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه، فلما ~~اختلفوا ألقى ms219 الله عليهم السبات «3» حتى ما منهم أحد إلا وذقنه في صدره، ثم ~~كلمهم متكلم من ناحية البيت- لا يدرى «4» من هو- أن اغسلوا «5» رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، فقاموا فغسلوه وعليه قميصه، فأسنده علي ~~إلى صدره، فكان العباس والفضل والقثم يقلبونه، وكان أسامة بن زيد وشقران ~~«6» مولياه يصبان عليه الماء وعلي يغسله ويدلكه من ورائه لا يفضي بيده إلى ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: بأبي أنت وأمي! ما أطيبك حيا ~~وميتا! ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ~~ليس فيها قميص ولا عمامة، أدرج فيها إدراجا. ثم دخل الناس يصلون عليه ~~أرسالا، بدأ به الرجال حتى إذا فرغوا أدخل» # النساء ثم أدخل «8» الصبيان ثم أدخل العبيد، ولم يؤم الناس على رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم أحد. وكان أبو عبيدة بن الجراح يحفر كحفر أهل مكة، وكان ~~أبو طلحة زيد PageV02P424 # ابن سهل يحفر كحفر أهل المدينة وكان يلحد، فدعا العباس بن عبد المطلب ~~رجلين فقال لأحدهما: اذهب إلى أبي عبيدة، وقال للآخر: اذهب إلى أبي طلحة، ~~فقال: # اللهم! خر لرسولك، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد لرسول الله ~~صلى الله عليه وسلم. وكان المسلمون اختلفوا في دفنه فقائل يقول: ندفنه في ~~مسجده «1» ، وقائل يقول: ندفنه مع أصحابه؛ فقال أبو بكر: سمعت رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم يقول: «ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض» ، فرفع فراش رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه، فحفر أبو طلحة تحته. ثم دفن صلى ~~الله عليه وسلم ليلة الأربعاء حين زاغت الشمس، ونزل في قبر رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وشقران ~~مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطرح تحته قطيفة «2» ، وكان آخرهم عهدا ~~به قثم بن العباس، وكان المغيرة بن شعبة يقول: لا بل أنا، وكان يحكي قصة ~~«3» . # ثم قام أبو بكر في ms220 الناس خطيبا بعد خطبته الأولى فقال: الحمد لله أحمده ~~وأومن بوحدانيته وأستعينه على أمركم كله سره وعلانيته، ونعوذ بالله مما ~~يأتي به الليل والنهار، وترتكب عليه السر والجهار، وأشهد أن لا إله إلا ~~الله حافظا ونصيرا، وأن محمدا عبده ورسوله بالحق بشيرا ونذيرا قدام الساعة، ~~فمن أطاعه رشد، ومن عصاه هلك وشرد، فعليكم أيها الناس بتقوى الله! فإن أكيس ~~الكيس التقوى، وإن أحمق الحمق الفجور، فاتبعوا كتاب الله واقبلوا نصيحته، ~~واقتدوا بسنة رسوله وخذوا «4» شريعته، فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو ~~عن السيئات، وهو الحكيم العليم، وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا «5» - ~~الآية، PageV02P425 # واحذروا «1» الخطايا التي لكل بني آدم فيها نصيب، وتزودوا للآخرة فإن ~~المصير إليها قريب، ولكن خيركم من اتبع طاعة الله واجتنب معصيته، فاحذروا ~~يوما لا ينفع فيه من حميم ولا شفيع، ولا حميم يطاع، وليعمل عامل ما استطاع ~~من عمل يقربه إلى ربه، واعملوا من قبل أن لا تقدروا على العمل، وإن الله لو ~~شاء لخلقكم سدى، ولكن جعلكم أئمة هدى، فاتبعوا ما أمركم الله به واجتنبوا ~~ما نهاكم عنه، واعملوا الخير فإن قليله كثير نام «2» مبارك، واتقوا الله حق ~~تقاته، واحذروا ما حذركم في كتابه، وتوقوا معصيته خشية من عقابه، فليس فيها ~~رغبة لأحد، واستعفوا عما حرم الله وأمر باجتنابه، وإياكم والمحقرات فإنها ~~تقرب إلى الموجبات، واعملوا قبل أن لا تعملوا، وتوبوا من الخطايا التي لا ~~يغسلها إلا الله برحمته، وصلوا على نبيكم كما أمركم ربكم؛ ثم قال: أيها ~~الناس! إن الذي رأيتم مني لم يكن على حرص على ولايتكم، ولكني خفت الفتنة ~~والاختلاف فدخلت فيها، وهأنذا «3» وقد رجع الأمر إلى أحسنه وكفى الله تلك ~~الثائرة «4» ، وهذا أمركم إليكم تولوا من أحببتم من الناس وأنا أجيبكم على ~~ذلك، وأكون كأحدكم، فأجابه الناس: رضينا بك قسما وحظا إذ أنت ثاني اثنين مع ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: # اللهم! صل على محمد والسلام على محمد ورحمة الله وبركاته، اللهم! إنا ~~نستعينك ms221 ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع من يكفرك. # ثم نزل واستقام له الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعه الناس ~~ورضوا به وسموه «خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم» إلا شرذمة مع علي بن ~~أبي طالب، تخلفوا عن بيعته. # وكان أسامة بن زيد يقول: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغير ~~صباحا على أهل PageV02P426 # أبني «1» ثم أمر أبو بكر أن يبعثوا بعث أسامة بن زيد فقال له الناس: إن ~~العرب قد انتقضت عليك، وإنك لا تصنع بتفرق المسلمين عنك شيئا، قال: والذي ~~نفس أبي بكر بيده! لو ظننت أن السباع أكلتني بهذه القرية لأنفذت هذا البعث ~~الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنفاذه، ثم قال أبو بكر لأسامة: إن ~~تخلف معي عمر بن الخطاب فافعل، فأذن له أسامة فتخلف عمر مع أبي بكر ومضى ~~أسامة حتى أوطأهم، ثم رجع فسمع به المسلمون فخرجوا مسرورين بقدومه ولواءه ~~معقود حتى دخل المسجد فصلى ركعتين ثم دخل بيته ولواءه معقود، ويقال: إنه لم ~~يحل اللواء حتى توفي [و] «2» وضعه في بيته «3» . # ثم كتب أبو بكر الصديق كتابا إلى معاذ بن جبل يخبره بموت رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، وبعثه مع عمار بن ياسر، وقد كان معاذ أتى اليمن فبينا هو ~~ذات ليلة على فراشه إذا هو بهاتف يهتف عند رأسه: يا معاذ! كيف يهنئك العيش ~~ومحمد في سكرات الموت؟ فوقف فزعا، ما ظن إلا أن القيامة قد قامت، فلما رأى ~~السماء مصحية «4» والنجوم ظاهرة استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم نودي ~~الليلة الثانية: يا معاذ! كيف يهنئك العيش ومحمد بين أطباق الثرى؟ فجعل ~~معاذ يده على رأسه وجعل يتردد في سكك صنعاء وينادي بأعلى صوته: يا أهل ~~اليمن! ذروني لا حاجة لي في جواركم، «5» فما شر «5» الأيام يوم جئتكم «6» ~~وفارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم! فخرج الشبان من الرجال والعواتق من ~~النساء وقالوا: يا معاذ! ما الذي دهاك؟ فلم يلتفت إليهم وأتى ms222 PageV02P427 # منزله وشد على راحلته وأخذ جرابا فيه سويق وأداوة من ماء ثم قال: لا أنزل ~~عن ناقتي هذه إن شاء الله إلا لوقت صلاة حتى آتي المدينة، فبينا هو على ~~ثلاثة مراحل من المدينة إذ لقيه عمار فعرفه بالبعير، قال: اعلم يا معاذ أن ~~محمدا قد ذاق الموت وفارق الدنيا، فقال معاذ: يا أيها الهاتف في هذا الليل ~~القار من أنت يرحمك الله! قال: أنا عمار بن ياسر، قال: وأين تريد؟ قال: هذا ~~كتاب أبي بكر إلى معاذ يعلمه أن محمدا قد مات وفارق الدنيا، قال معاذ: فإلى ~~من المهتدى «1» والمشتكى؟ فمن لليتامى والأرامل والضعفاء؟ ثم سار ورجع عمار ~~معه وجعل يقول: نشدتك بالله كيف أصحاب محمد قال: تركتهم «2» كنعم بلا راع ~~«3» ، قال: كيف تركت المدينة، قال: تركتها وهي أضيق على أهلها من الخاتم، ~~فلما كان قريبا من المدينة سمعت عجوزا وهي تذكر رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم وهي تبكي، فقالت: يا عبد الله! لو رأيت ابنته فاطمة وهي تبكي وتقول: ~~يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه «4» ! يا أبتاه! انقطع عنا أخبار السماء، ولا ~~ينزل الوحي إلينا من عند الله أبدا، فدخل معاذ المدينة ليلا وأتى باب عائشة ~~فدق عليها الباب فقالت: من هذا الذي يطرق بنا ليلا؟ قال: أنا معاذ بن جبل، ~~ففتحت الباب فقال: يا عائشة! كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ~~شدة وجعه؟ # قالت: يا معاذ! لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفار مرة ويحمار ~~أخرى، يرفع يدا ويضع أخرى لما هنأك العيش طول أيام الدنيا! فبكى معاذ حتى ~~خشى أن يكون الشيطان قد استفزه ثم استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، وأتى ~~أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. # ثم ظهر طليحة في أرض بني أسد ومالت «5» فزارة فيها «6» عيينة بن حصن بن ~~«6» PageV02P428 # بدر مرتدين عن الإسلام وبايعه بنو عامر على مثل ذلك، وتربصوا ينظرون ~~الوقعة بين المسلمين وبين بني أسد وفزارة. وقد كان أمر رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم الذين بعثهم ms223 على الصدقات قد جمعوا ما كان على الناس منها، فلما ~~بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما عدي بن حاتم فتمسك بالإسلام ~~وبقي في يده الصدقات، وكذلك الزبرقان بن بدر، وأما مالك بن نويرة فأرسل ما ~~في يده وقال لقومه: قد هلك هذا الرجل فشأنكم بأموالكم، وقد كانت طيء وبنو ~~سعد كلمهما «1» عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر فقالا «2» - وهما كانا «3» ~~أحزم رأيا وأفضل في الإسلام رغبة من مالك بن نويرة- لقومهما: لا تعجلوا ~~فإنه ليكونن لهذا الأمر قائم، فإن كان ذلك كذلك ألقاكم ولم تبدلوا دينكم ~~ولم تعزلوا أمركم، وإن كان الذي «4» تطلبون فلعمري إن ذلك أموالكم بأيديكم، ~~لا يغلبنكم عليها أحد غيركم، وسكناهم «5» بذلك حتى أتاهم خبر الناس ~~واجتماعهم على أبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيعة المسلمين ~~إياه فبعثا ما بأيديهم من الصدقة إلى أبي بكر، فلم يزل أبو بكر يعرف فضلهما ~~«6» على من سواهما من المسلمين. # وجاء العباس وفاطمة إلى أبي بكر يلتمسان ميراثهما من النبي صلى الله عليه ~~وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر فقال لهما أبو بكر: إني ~~سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث «7» ما تركناه «7» صدقة. ~~إنما يأكل محمد من هذا المال، وإني والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته فيه. فهرجته فاطمة ولم تكلمه حتى ماتت. ~~PageV02P429 # ثم جهز أبو بكر الجيش ليقاتل من كفر من العرب، فترك إعطاء الصدقات وارتد ~~«1» عن الإسلام، فقال له عمر: كيف تقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا ~~الله، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أمرت أن أقاتل الناس ~~حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا ~~بحقها وحسابهم على الله» ، فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة ~~والزكاة والذي نفس أبي بكر بيده! لو منعوني عقالا أو عناقا- كانوا يؤدونها ~~إلى رسول الله صلى الله ms224 عليه وسلم لقاتلتهم عليه حتى آخذها، قال عمر: فلما ~~رأيت شرح صدر أبي بكر لقتالهم علمت أنه الحق «2» . فأمر أبو بكر على الناس ~~خالد بن الوليد وأمر ثابت بن قيس بن شماس على الناس الأنصار» # وجمع «4» أمر الناس إلى خالد بن الوليد، ثم أمرهم أن يسيروا وسار معهم ~~مشيعا حتى نزل ذا القصة «5» من المدينة على بريد وأميال فضرب معسكره وعبأ ~~جيشه ثم تقدم إلى خالد بن الوليد وقال: إذا غشيتم دارا من دور الناس فسمعتم ~~أذانا للصلاة فأمسكوا عنها «6» حتى تسألوهم ما الذي يعلمون، وإن لم تسمعوا ~~الأذان فشنوا الغارة واقتلوا وحرقوا، ثم أمر خالد بن الوليد أن يصمد «7» ~~لطليحة وهو على ماء من مياه بني أسد؛ وكان طليحة يدعي النبوة وينسج «8» ~~للناس الأكاذيب والأباطيل ويزعم أن جبريل يأتيه، وكان يقول للناس: أيها ~~الناس! إن الله لا يصنع بتعفير «9» وجوهكم وقبح أدباركم شيئا، واذكروا الله ~~«10» قعودا و «10» قياما، وجعل يعيب PageV02P430 # الصلاة ويقول: إن الصريح تحت الرغوة «1» ، وكان أول ما ابتلى من الناس ~~طليحة أنه أصلب هو وأصحابه العطش في منزلهم فيه، فقال طليحة فيما شجع لهم ~~من أباطيله: اركبوا علالا يعني فرسا، واضربوا أميالا «2» تجدوا قلالا «3» ؛ ~~ففعلوا فوجدوا ماء، فافتتن الأعراب به، ثم قال أبو بكر لخالد بن الوليد: ~~لآتيك «4» من ناحية خيبر إن شاء الله فيمن بقي من المسلمين، وأراد بذلك أبو ~~بكر [أن] «5» يبلغ الخبر الناس بخروجه إليهم، ثم ودع خالدا «6» ورجع إلى ~~المدينة. ومضى خالد بالناس وكانت بنو فزارة وأسد يقولون: والله! لا نبايع ~~أبا الفصيل «7» - يعنون أبا بكر، وكانت طيء على إسلامها، لم تزل عنه مع عدي ~~بن حاتم ومكنف بن زيد الخيل، «8» فكانا يكالبانها ويقولان «8» لبني فزارة: ~~والله! لا نزال نقاتلكم إن شاء الله، فلما قرب خالد بن الوليد من القوم ~~وبعث عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم «9» أخا بني العجلان طليعة أمامه، وخرج ~~طليحة بن خويلد المتنبىء وأخوه سلمة بن خويلد أيضا طليعة لمن وراءهما ~~فالتقيا عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم «10» فانفرد ms225 طليحة بعكاشة، وسلمة بن ~~[خويلد] «11» بثابت، فأما سلمة فلم يلبث «12» ثابتا أن قتله؛ ثم صرخ طليحة ~~وقال: يا سلمة! أعني على الرجل فإنه قاتلي، فاكتنفا عكشاة PageV02P431 # حتى قتلاه، وكرا «1» راجعين إلى من وراءهما، فلما وصل خالد والمسلمون إلى ~~ثابت بن أقرم «2» وعكاشة بن محصن وهما قتيلان عظم ذلك على المسلمين وراءهم ~~«3» ، ثم مضى خالد حتى نزل على طيء في خللهم سلمى «4» ؛ فضرب معسكره وانضم ~~إليه من كان من المسلمين في تلك القبائل، ثم تهيأ للقتال وسار إلى طليحة ~~وهو على مائة، والتقى معه طليحة في سبعمائة رجل من بني فزارة، فاقتتلوا ~~قتالا شديدا وطليحة متلفف في كساء له بفناء بيت له من شعر، يتنبأ ويسجع، ~~فهز عيينة بن حصن الحرب وشد القتال ثم كر على طليحة فقال: هل «5» جاءك ~~جبريل بعد؟ قال: لا، فرجع عيينة وقاتل حتى إذا هزته الحرب كر عليه ثانيا ~~وقال: لا أبا لك! هل جاءك جبريل بعد؟ قال: نعم! قال: فماذا قال لك، قال: # [قال] «6» لي: إن لك رحى كرحاه، وحديثا لا تنساه، قال عيينة: أظن الله ~~أنه قد علم أنه سيكون لك حديث «7» لا تنساه «8» يا بني فزارة «8» هكذا، ~~فانصرفوا فهذا والله كذاب، فانصرف وانصرفت معه فزارة وانهزم الناس، وكان ~~طليحة قد أعد فرسا له عنده وهيأ بعيرا لا مرأته النوار، ثم اجتمعت إليه ~~فزارة وهم مبارزون «9» فقالوا: ما تأمرنا فلما سمع منهم ذلك استوى على فرسه ~~وحمل امرأته على البعير ثم نجابها، وقال لهم: من استطاع منكم أن يفعل كما ~~فعلت وينجو بأهله فليفعل. ثم سلك الحوشية «10» حتى لحق بالشام وانصرفت ~~فزارة، وقتل منهم من قتل، ثم دخلت PageV02P432 # القبائل في الإسلام على ما كانوا عليه من قبل. # فلما فرغ خالد من بيعتهم أوثق عيينة بن حصن وقرة بن هبيرة بن سلمة وبعث ~~بهما إلى أبي بكر، فلما قدما عليه قال قرة: يا خليفة رسول الله! إني كنت ~~مسلما، وإن عند عمرو بن العاص من إسلامي شهادة، قد مر [بي] «1» فأكرمته ~~وقربته، وكان عمرو بن ms226 العاص هو الذي جاء بخبر الأعراب، وذلك أن عمرا كان ~~على عمان، فلما أقبل راجعا إلى المدينة مر بهوازن وقد انتقضوا وفيهم سيدهم ~~قرة بن هبيرة، فنزل عليه عمرو بن العاص فنحر له وأقراه وأكرمه؛ فلما أراد ~~عمرو الرحيل خلى به قرة بن هبيرة وقال: يا عمرو! إنكم معشر قريش إن أنتم ~~كففتم عن أموال الناس وتركتموها لهم- يريد الصدقات- فقمن أن يسمع لكم الناس ~~ويطيعوا، فإن أنتم أبيتم إلا أخذ أموالهم فإني والله ما أرى العرب مقرة ~~بذلك لكم ولا صابرة عليه حتى تنازعكم أمركم ويطلبوا ما في أيديكم، فقال ~~عمرو بن العاص: أبا العرب تخوفنا موعدك، أقسم بالله! لأوطئنه «2» عليك ~~الخيل. ثم مضى عمرو» # حتى قدم المدينة على أبي بكر وأخبره الخبر قبل خروج خالد إليهم، فتجاوز ~~أبو بكر عن قرة ابن هبيرة وعيينة بن حصن وحقن لهما دماءهما «4» . # ولما فرغ خالد بن الوليد من بيعة بني عامر وبني أسد قال: إن الخليفة قد ~~عهد إلي أن أسير إلى أرض بني غانم، فسار حتى نزل بأرضهم وبث فيها السرايا ~~فلم يلق بها جمعا، وأتى بمالك بن نويرة في رهط من بني تميم وبني حنظلة فأمر ~~بهم فضربت أعناقهم وتزوج مكانه أم تميم «5» امرأة مالك بن نويرة، فشهد أبو ~~قتادة لمالك بن نويرة بالإسلام عند أبي بكر، ثم رجع خالد يؤم المدينة فلما ~~قدمها دخل PageV02P433 # المسجد وعليه درع معتجرا «1» بعمامة وعليه قباء عليه صدأ الحديد، قد غرز ~~في عمامته أسهما، فقام إليه عمر بن الخطاب فانتزع الأسهم من رأسه فحطمها ~~«2» ثم قال: أقتلت امرأ مسلما مالك بن نويرة ثم تزوجت امرأته؟ والله! ~~لنرجمنك بأحجارك، وخالد بن الوليد لا يكلمه ولا يظن إلا [أن] «3» رأى أبي ~~بكر على مثل [رأى] «3» عمر حتى دخل على أبي بكر فأخبره الخبر واعتذر إليه ~~أنه لم يعلم، فعذره أبو بكر وتجاوز عنه ما كان منه في «4» حربه تلك «4» ؛ ~~فخرج خالد من عنده وعمر جالس في المسجد فقال: هلم إلي ابن أم شملة «5» ! ~~فعرف أن ms227 أبا بكر قد رضي عنه، فلم يكلمه فقام فدخل بيته. # ثم ماتت «6» فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبيها بستة أشهر ~~فدفنها علي ليلا ولم يؤذن به أبا بكر ولا عمر، وكان لعلي جهة من الناس حياة ~~فاطمة، [فلما توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن علي، فلما رأى انصراف ~~الناس] «7» ضرع علي إلى مصالحة أبي بكر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا ~~تأتنا معك بأحد، وكره أن يأتيه عمر لما علم من شدته، فقال عمر: لا تأتهم ~~وحدك، فقال أبو بكر: والله! لآتينهم وحدي، وما عسى أن «8» يصنعوا بي «8» ؟ ~~فانطلق أبو بكر وحده حتى دخل على علي وقد جمع بني هاشم عنده؛ فقام علي وحمد ~~الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد! فإنه لم يمنعنا أن نبايعك ~~إنكارا لفضيلتك ولا نفاسة عليك بخير «9» ساقه الله PageV02P434 # إليك، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا «1» حقا فاستبددت «2» به علينا، ثم ~~ذكر قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقهم، ولم يزل علي يذكر ذلك ~~حتى بكى أبو بكر، فلما صمت علي تشهد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو ~~أهله ثم قال: أما بعد! والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي ~~أن أصل من قرابتي، وإني والله ما أعلم «3» [في] «4» هذه الأمور التي كانت ~~بيني وبين علي إلا الخير «5» ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~يقول: # «لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذه المال قوتا» . وإني ~~والله لا أدع أمرا صنع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صنعته إن شاء ~~الله؛ ثم قال: موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر الظهر أقبل على الناس ~~ثم عذر عليا ببعض ما اعتذر به، ثم قام علي فعظم من حق أبو بكر وذكر فضيلته ~~وسابقته ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه، وأقبل الناس على علي فقالوا: أصبت ~~وأحسنت. # [ثم] «6» توفي عبد الله بن أبي بكر ms228 الصديق وكان أصابه سهم بالطائف مع ~~النبي صلى الله عليه وسلم رماه ابن محجن ثم دمل الجرح، فمات في شوال بعد ~~الظهر، ونزل حفرته عبد الرحمن بن أبي بكر وعمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد ~~الله «7» ، ودخل عمر على أبي بكر وهو آخذ بلسانه ينصنصه فقال له عمر: يا ~~خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم! الله الله! فقال أبو بكر: هذا أوردني ~~«8» الموارد. # فلما دخل شهر ذي الحجة حج عمر بن الخطاب سنة إحدى عشرة، واشترى مولاه ~~أسلم في حجته تلك ثم رجع إلى المدينة. PageV02P435 # ثم وجه أبو بكر خالد بن الوليد إلى اليمامة وكان مسيلمة قد تنبأ بها في ~~حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أمره ضعيفا، ثم وفد «1» إلى النبي ~~صلى الله عليه وسلم ورجع إلى قومه فشهد رجال بن عنفوة «2» لأهل اليمامة أن ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أشركه في الأمر فعظم فتنته عليهم. # وخرج خالد بن الوليد بالمهاجرين والأنصار حتى إذا دنا من اليمامة نزل ~~واديا من أوديتهم فأصاب في ذلك الوادي مجاعة بن مرارة في عشرين رجلا منهم ~~كانوا خرجوا يطلبون رجلا من بني تميم «3» وكان أصاب لهم دما في الجاهلية ~~فلم يقدروا عليه فباتوا «4» بذلك الوادي فلم ينبههم إلا خيل المسلمين قد ~~وقفت عليهم فقالوا: من القوم؟ فقالوا: بنو «5» حنيفة، قال: فلا أنعم لكم ~~علينا، ثم نزلوا فاستوثقوا منهم، فلما «6» أصبح دعاهم خالد بن الوليد فقال: ~~يا بني حنيفة! ما تقولون؟ فقالوا: منا نبىء ومنكم نبىء، فعرضهم خالد على ~~السيف حتى بقي سارية ابن عامر ومجاعة بن مرارة. فقال له سارية: يا أيها ~~الرجل! إن كنت تريد هذه القرية فاستبق هذا الرجل، وأوثق مجاعة في الحديد ~~ودفعه إلى أم تميم امرأته وقال: # استوصي به خيرا، وضرب عنق سارية بن عامر، ثم سار بالمسلمين حتى نزل على ~~كثيب «7» مشرف على اليمامة وضرب معسكره هناك، وخرج أهل اليمامة مع مسيلمة، ~~وتصاف الناس، وكان خالد جالسا على سريره ومجاعة مكبل عنده والناس ms229 على ~~مصافهم إذ رأى بارقة في بني حنيفة فقال خالد: أبشروا يا معشر المسلمين! قد ~~PageV02P436 # كفاكم الله عدوكم واختلف القوم، فكر «1» مجاعة إليه وهو مكبل فقال: كلا ~~والله إنها الهندوانية «2» خشوا من «3» تحطمها فأبرزوها «3» للشمس لتلين ~~«4» لهم، فكان كما قال، فلما التقى الناس كان أول من خرج رجال بن عنفوة «5» ~~فقتل؛ واقتتل المسلمون قتالا شديدا حتى انهزم المسلمون، وخلص أصحاب مسيلمة ~~إلى الرحال ودخلوا فسطاط خالد بن الوليد وفيه مجاعة مكبلا» # عند أم تميم امرأة خالد، فحمل عليها رجل بالسيف فقال مجاعة: أنا لها جار ~~فنعمت الحرة، عليكم بالرجال، فرحبلوا الفسطاط بالسيف، [ثم إن المسلمين ~~تداعوا] «7» فقال ثابت بن قيس بن شماس: بئسما عودتم أنفسكم يا معشر ~~المسلمين، اللهم «8» إني أبرأ إليك مما يصنع هؤلاء المسلمون، ثم أخذ سيفه ~~حتى جالد به حتى قتل، ورأى زيد بن الخطاب انكشاف المسلمين عن رحالهم فتقدم ~~فقاتل حتى قتل؛ وقام البراء بن مالك أخو أنس بن مالك وكان البراء- فيما ~~يقال- إذا حضر البأس أخذه انتفاض «9» حتى يقعد عليه الرجال ثم يبول في ~~سراويله، فإذا بال صار مثل السبع، فلما رأى ما صنع المسلمون «10» من ~~الانكشاف وما رأى من أهل اليمامة أخذه الذي كان يأخذه حتى قعد «11» عليه ~~الرجال، فلما بال وثب فقال: أين يا معشر المسلمين؟ أنا البراء بن مالك، ~~هلموا إلي فاجتمع عنده جماعة من المسلمين فقاتل القوم قتالا شديدا حتى ~~PageV02P437 # خلصوا إلى محكم اليمامة، وهو محكم بن الطفيل «1» ، فلما بلغه القتال قال: ~~يا معشر بني حنيفة! الآن والله تستحقب «2» الكرائم غير رضيات «3» وينكحن ~~غير حظيات «4» ، فما كان عندكم من حسب فأخرجوه، ثم تقدم فقاتل قتالا شديدا ~~فرماه عبد الرحمن بن أبي بكر بسهم فوضعه في نحره فقتله، وزحف المسلمون حتى ~~ألجأوهم إلى الحديقة وفيها «5» مسيلمة، فقال البراء بن مالك: يا معشر ~~المسلمين! ارموني عليهم في الحديقة، فقال الناس: لا تفعل يا براء! فقال: ~~والله أفعل فاحتمل حتى أشرف على الجدار فاقتحم فقاتلهم حتى فتحها الله ~~للمسلمين، ودخل عليهم المسلمون، وقتل ms230 مسيلمة، اشترك وحشي بن حرب مولى جبير ~~بن مطعم ورجل من الأنصار في قتله، فرماه وحشي بحربته وضربه الأنصاري بسيف، ~~فكان «6» وحشي يقول: [ربك] «7» أعلم أينا قتله! قتلت: خير الناس وشر الناس. # فلما فرغ المسلمون من مسيلمة، وأتى خالدا الخبر فخرج «8» بمجاعة في ~~الحديد «9» يرسف معه «9» ليدله على مسيلمة، وكان يكشف القتلى حتى مر بمحكم ~~بن الطفيل، وكان رجلا جسيما وسيما فقال خالد: هذا صاحبكم، فقال مجاعة: لا! ~~هذا والله خير منه وأكرم، هذا محكم اليمامة، ثم دخلوا الحديقة وقلبا «10» ~~القتلى فإذا رويجل أصيفر أخينس «11» فقال مجاعة: إنه والله ما جاءك إلا ~~سرعان الناس PageV02P438 # وإن جماهير الناس في الحصون، قال: ويلك ما تقول؟ قال: والله إن ذلك لحق، ~~فهلم أصالحك على قومي «1» ، فصالحه خالد بن الوليد على الصفراء والبيضاء ~~[والحلقة] «2» ونصف السبي، ثم قال لمجاعة: امض إلى القوم فاعرض ما صنعت، ~~فانطلق إليهم ثم قال للنساء: البسن الحديد ثم أشرفن على الحصون، ثم انتهى ~~إلى خالد قال: إنهم لم يرضوا على مصالحتك عليه، ولكن إن شئت شيئا صنعت ~~وعرضت على القوم! [قال: ما هو؟ قال] «2» : تأخذ ربع السبي ربعا «3» ، قال ~~خالد: # قد فعلت! قال: قد صالحتك، فلما فرغا دخلوا الحصن فإذا ليس «4» رجل واحد ~~«4» رماهم [إلا] «5» النساء والصبيان، فقال خالد لمجاعة: خدعتني، قال: قومي ~~«6» . # ثم بعث أبو بكر إلى خالد بن الوليد بسلمة بن سلامة بن وقش يأمره أن لا ~~يستبقي من بني حنيفة رجلا قد أنبت، فأتاه سلمة وقد فرغ خالد من الصلح. # ثم إن خالدا قد بعث وفدا «7» من بني حنيفة إلى أبي بكر فقدموا عليه فقال ~~أبو بكر: ويحكم! ما هذا الرجل الذي استزل «8» منكم [ما استزل] ، قالوا: يا ~~خليفة رسول الله! قد كان الذي بلغك، وكان امرءا لم يبارك الله له ولا ~~لعشيرته «9» فيه قال أبو بكر: # على ذلك ما دعاكم إليه؟ «10» قالوا: كان «10» يقول: يا ضفدع نقي نقي! لا ~~الشراب «11» PageV02P439 # تمنعين «1» [ولا الماء تكدرين] «2» ، لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض، ~~ولكن قريشا «3» قوم يعتدون، فقال ms231 أبو بكر: سبحان الله سبحان الله. # فلما فرغ خالد من الصلح نزل واديان من أودية اليمامة، فبينما هو قاعد إذ ~~دخل عليه رجل من بني حنيفة يقال له سلمة «4» بن عمير فقال لمجاعة» # : استأذن لي على الأمير، فإن لي إليه حاجة، فأتى عليه مجاعة، ثم قال ~~مجاعة: إني والله لأعرف الشر في وجهه، ثم نظر فإذا هو مشتمل على السيف ~~فقال: ما لك لعنك الله! أردت أن تستأصل بني حنيفة، والله لئن قتلته ما ترك ~~في بني حنيفة صغير ولا كبير إلا قتل، فانقلب الرجل ومعه سيفه، فوقع في حائط ~~من «6» حوائط اليمامة وحبس به المسلمون فدخلوا خلف الحائط فقتل. # وكان من استشهد من المسلمين يوم اليمامة من قريش ممن يحضرنا ذكرهم أبو ~~حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وسالم مولى أبي حذيفة، وشجاع بن وهب بن ربيعة، ~~ومالك بن عمرو، ويزيد بن قيس، وصفوان بن أمية بن عمرو، وأخوه مالك بن أمية، ~~والطفيل بن عمرو الدوسي، وجبير «7» بن مالك «8» وأمه بحينة «8» ، ويزيد بن ~~أوس، وحيي بن حارثة، والوليد بن عبد «9» شمس بن المغيرة، وحكيم بن حزام بن ~~أبي وهب، وزيد «10» بن الخطاب بن نفيل «11» ، وعبد الله بن عمرو بن بحرة، ~~وعبد PageV02P440 # الله بن الحارث بن قيس، وأبو قيس بن الحارث، وعبد الله بن مخرمة بن عبد ~~العزى، وعبد الله بن سهيل «1» بن عمرو، وسليط بن سليط «2» بن عمرو، وعمرو ~~بن أوس بن سعد بن أبي سرح، وربيعة بن أبي خرشة، ومنقذ بن عمرو بن عطية «3» ~~، وعبد الله بن الحارث بن رحضة «4» . # واستشهد من الأنصار يوم اليمامة ثابت بن قيس بن شماس، وعباد بن بشر ابن ~~وقش، ورافع بن سهل «5» ، وعبد الله بن عتيك «6» ، وحاجب بن زيد، وسهل بن ~~عدي، ومالك بن أوس ومعن موليان لهم، وفروة بن العباس، وكليب بن تميم، وعامر ~~بن ثابت، «7» وبشر بن عبد الله «7» ، وعبد الله بن عبد الله بن أبي بن ~~سلول، وعبد الله بن عتبان، وثابت بن هزال، وأسيد «8» بن يربوع، وأوس بن ~~ورقة ms232، وسعد بن حارثة «9» بن لوذان «10» ، وسماك بن خرشة «11» أبو دجانة، ~~وسعد بن حمار «12» ، وعقبة بن عامر بن نابي «13» ، وضمرة بن عياض، «14» ~~وعبد الله بن أنيس، و «14» مسعود بن سنان، وحبيب بن زيد، و «15» أبو حبة بن ~~غزية «15» بن عمرو، PageV02P441 # و «1» عمارة بن حزم «2» بن زيد، ويزيد «3» بن ثابت بن الضحاك بن زيد «4» ~~رمي بسهم «4» فمات في الطريق، وثابت بن خالد بن عمرو بن خنساء، وفروة بن ~~النعمان بن الحارث، و «5» عائذ بن ماعص الزرقي «5» ، وحبيب بن عمرو بن ~~محصن. # ثم انصرف خالد بن الوليد بالمسلمين حتى قدم المدينة على أبي بكر، وارتدت ~~ربيعة بالبحرين فيمن «6» ارتد من العرب إلا «7» الجارود بن عمرو [بن] «8» ~~«9» خنش بن معلى فإنه «9» ثبت على الإسلام فيمن تبعه من قومه، وقالت ربيعة ~~بعضها لبعض: نرد «10» الملك إلى المنذر بن ساوى 1» # ، وكان المنذر ملكهم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم العلاء «12» بن الحضرمي فأسلم المنذر، وأقام ~~العلاء بها إلى أن قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فملك «13» ربيعة ~~المنذر بن النعمان بن المنذر بن ساوى «12» وجمع جمعهم على الارتداد؛ فلما ~~بلغ أبا بكر خبرهم، بعث «14» إليهم العلاء بن الحضرمي وأمره بثمامة بن أثال ~~الحنفي وكان قد أسلم ثمامة وأسلم بنو سحيم معه، فلما مر العلاء بثمامة بن ~~أثال معه من «15» اتبعه من قومه PageV02P442 # من بني سحيم وسارت ربيعة إليهم فحاصروهم بجواثا «1» - حصن بالبحرين، ~~وأصاب المسلمون جهدا شديدا من الجوع حتى كادوا أن يهلكوا فخرج عبد الله بن ~~حذف «2» ليلة من الليالي يتجسس أخبارهم ويجيء المسلمين بالخبر، فأتى الحصن ~~واحتال في دخوله فوجدهم سكارى فرجع، فأخبر المسلمين أن القوم سكارى لا غناء ~~بهم، فبيتهم العلاء بن الحضرمي فيمن معه من المسلمين وقاتلوهم قتالا شديدا ~~حتى فتح الله على المسلمين حصنهم، وقسم العلاء بن الحضرمي الغنيمة بالبحرين ~~وجمع بها صلاة الجمعة. # وخرج الأسود بن كعب العنسي [في كندة] «3» فباع «4» الناس والمهاجر بن أبي ~~أمية أميرها، وسمعت كندة بذلك واتفقت ms233 أيضا مع من اتبع الأسود على نصره «5» ~~، وكان على حضر موت زياد بن لبيد البياضي، فلما رأى ذلك منهم بيتهم بالليل ~~وقتل منهم أربعة من الملوك في محاجرهم: «6» جمدا ومحوصا ومشرحا «6» وأبضعة، ~~ثم كتب المهاجر بن أبي أمية «7» إلى أبي بكر يخبره بانتفاض الناس و «8» ~~يستمد منه «8» ، فبعث أبو بكر عكرمة بن أبي جهل في جيش معه إلى المدينة، ~~وكانت قطعة من كندة- ثبتت على الإسلام- مع زياد بن لبيد وقطعة مع «9» ~~المهاجر بن أبي أمية وزياد بن أبي لبيد بالحرب، فلما اشتد عليهم الحصار نزل ~~إليهم الأشعث بن قيس وسألهم الأمان على دمه وأهله وماله حتى يقدموه «10» ~~على أبي بكر فيرى فيه رأيه PageV02P443 # [وأن] «1» يفتح النجير «2» ، ففعلوا ذلك وفتح النجير «2» ، واستنزلوا من ~~فيه من الملوك وضربت أعناقهم، واستوثقوا من الأشعث بن قيس وبعثوا به إلى ~~أبي بكر مع السبي، وقتل الأسود بن كعب العنسي في بيته، فلما قدم الأشعث على ~~أبي بكر قال أبو بكر: فما تأمرني أن أصنع فيك فإنك فعلت ما علمت؟ قال ~~الأشعث: تمن علي وتفكني «3» من الحديد وتزوجني أختك، فإني قد راجعت «4» ~~وأسلمت، قال أبو بكر: قد فعلت، فزوجه أخته فروة بنت أبي قحافة. # ثم قدم «5» أهل البحرين على أبي بكر يفتدون «6» سباياهم أربعمائة، فخطب ~~أبو بكر الناس فقال: أيها الناس! ردوا على الناس سباياهم، لا يحل لامرىء ~~يؤمن بالله واليوم الآخر أن يغيب عنه «7» منهم أحد، ثم جاء جابر بن عبد ~~الله أبا بكر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن جاءنا مال من ~~البحرين أعطيناك هكذا وهكذا» ، فحرز له أبو بكر «هكذا» خمسمائة درهم، ~~فأعطاه من مال البحرين ألفا وخمسمائة درهم. ثم اعتمر أبو بكر في رجب وخرج ~~هو وعبد الرحمن بن صبيحة على راحلتين واستخلف على المدينة عمر بن الخطاب، ~~وقدما مكة ضحوة، وخرج منها قبل الليل. ومات أبو مرثد الغنوي حليف حمزة بن ~~عبد المطلب. وتزوج عمر ابن الخطاب عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل. # ثم خرج ms234 أبو بكر سنة اثنتي عشرة، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان، وخرج ~~لليلتين بقيتا «8» من ذي القعدة، وأحرم من ذي الحليفة، وقدم مكة لسبع ~~PageV02P444 # خلون من ذي الحجة، وكان قد ساق «1» معه عشر بدنات، فخطبهم قبل التروية ~~بيوم في المسجد الحرام، وأمرهم بتقوى الله ونهاهم عن معصيته وعظم عليهم ~~حرمة الإسلام وأمرهم بالقصد في مسيرهم والترفق، وتلا عليهم آيات من القرآن، ~~ثم قال: من استطاع منكم أن يصلي الظهر بمنى غدا فليفعل، ثم حج لهم ونحر ~~البدن ورمى الجمار ماشيا ذاهبا وجائيا. # ومات أبو العاص بن الربيع في ذي الحجة وكان «2» يسمى جرو «2» البطحاء ~~وأوصى «3» إلى الزبير بن العوام، فزوج الزبير ابنته علي بن أبي طالب. # ثم قفل أبو بكر من الحج إلى المدينة، فلما قدمها كتب إلى خالد بن الوليد ~~يريد العراق، وقد قيل: إنه قد قدم المدينة ثم خرج إلى العراق، فلما بلغ ~~خالد بن الوليد إلى قريات «4» من السواد «5» يقال لهن [بانقياء] «6» ~~باروسما «7» وأليبس صالح أهلها، وكان الذي صالحه عليها ابن صلوبا، فقبل ~~منهم الجزية وكتب له كتابا «بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من خالد بن ~~الوليد لابن صلوبا السوادي «8» ومنزله بشاطىء «9» الفرات أنك آمن بأمان ~~الله ممن حقن دمه بإعطاء الجزية، وقد أعطيت عن نفسك ومن كان في قريتك ألف ~~درهم فقبلناها1» # ، ورضي من معي من المسلمين بها عنك، فلك «11» ذمة الله وذمة محمد صلى ~~الله عليه وسلم وذمم المسلمين على ذلك، PageV02P445 # وشهد هشام بن الوليد، ثم أقبل خالد حتى نزل الحيرة وكان عليها قبيصة بن ~~إياس بن حية الطائي أميرا «1» لكسرى فخرج إليه بأشرافهم «2» ، فقال لهم ~~خالد: أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، فإن «3» أجبتم إليه فأنتم من ~~المسلمين، لكم ما لهم وعليكم ما عليهم، وإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم ~~[الجزية] «4» فقد أتيتك بأقوام «5» أحرص على الموت منكم على الحياة، ~~جاهدناكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم، فقال له قبيصة بن إياس: ما لنا بحربك ~~من حاجة، بل نقيم على ديننا ونعطيك الجزية، فصالحهم على تسعين ms235 ألف درهم كل ~~سنة، فكانت أول جزية وقعت بالعراق هذه والتي صالح عليها ابن صلوبا. # وبعث أبو بكر بعد قفوله من الحج الجنود إلى الشام فبعث عمرو بن العاص إلى ~~فلسطين فأخذ طريق المعرقة «6» على أيلة، وبعث يزيد بن أبي سفيان وأبا عبيدة ~~ابن الجراح وشرحبيل بن حسنة إلى الشام وأمرهم أن يسلكوا التبوكية على ~~البلقاء [من] «7» علياء [الشام] «7» ، وبعث خالد [بن] «7» سعيد بن العاص ~~على ربع من الأرباع، فلم يزل عمر بن الخطاب بأبي بكر حتى [عزله وأمر] «8» ~~مكانه ابن أبي سفيان، وخرج أبو بكر مع يزيد بن أبي سفيان يوصيه «9» ويزيد ~~راكب «9» ، قال: أيها الأمير! إما أن تركب وإما أن أنزل! فقال: ما أنت «10» ~~بنازل ولا أنا براكب، PageV02P446 # أليست «1» خطاي هذه في سبيل الله! ثم قال: يا يزيد! إنكم ستقدمون بلادا ~~[فإذا أكلتم] «2» الطعام فسموا الله على أولها واحمدوه على آخرها، وستجدون ~~قوما حبسوا أنفسهم «3» في الصوامع فدعوهم وما حبسوا «4» أنفسهم، وستجدون ~~أقواما قد اتخذ الشيطان على رؤوسهم مقاعد. يعني الشمامسة «5» - فاضربوا تلك ~~الأعناق، ولا تقتلن «6» كبيرا هرما «6» ولا امرأة ولا وليدا ولا تعقرن ~~بهيمة إلا لنفع، ولا تخربن عمرانا، ولا تقطعن «7» بحرا إلا لنفع، ولا تغل ~~ولا تغدر ولا تخن «8» ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز أقرئك «9» ~~السلام وأستودعك الله! ثم انصرف أبو بكر ومضى يزيد بن أبي سفيان وتبعه ~~شرحبيل بن حسنة وأبو عبيدة بن الجراح «10» فردا فردا، ونزل «10» عمرو بن ~~العاص في قصره «11» بغمر العربات «11» ، ونزل الروم «12» بثنية جلق «12» ~~بأعلى فلسطين في سبعين ألفا عليهم تذارق «13» أخو هرقل «14» لأبيه وأمه ~~«14» ، فكتب عمرو بن العاص إلى أبي بكر يذكر له أمر الروم ويستمده، فكتب ~~أبو بكر PageV02P447 # إلى خالد بن الوليد وهو يأمره أن يمد أهل الشام فيمن [معه] «1» من أهل ~~القوة «2» ويستخلف على ضعفة الناس [رجلا] «3» منهم، فلما أتاه كتاب أبي بكر ~~قال خالد: # هذا عمل الأعيسر «4» ابن أم شملة «5» - يعني عمر بن الخطاب- حسدني «6» أن ~~يكون فتح العراق على يدي، فسار خالد بأهل ms236 القوة من الناس، ورد الضعفاء ~~والنساء إلى» # المدينة، وأمر عليهم عمير «8» بن سعد الأنصاري، واستخلف على [من أسلم] ~~«9» بالعراق من ربيعة «10» وغيرهم المثنى بن حارثة «11» الشيباني، فلما بلغ ~~خالد بمن معه عين النمر أغار على أهلها فأصاب منهم، ورابط حصنا بها فيه ~~مقاتلة لكسرى حتى استنزلهم وضرب أعناقهم وسبى منهم سبايا كثيرة، وكان من ~~«12» تلك السبايا «12» أبو عمرة والد عبد الأعلى [بن] «13» أبي عمرة، ويسار ~~جد محمد بن إسحاق، وحمران بن أبان مولى عثمان، و [أبو] «13» عبيد مولى ~~المعلى، وخير «14» مولى أبي داود الأنصاري، وأبو عبد الله مولى زهرة. # فأراد خالد المسير والتمس دليلا فدل على رافع بن عميرة «15» الطائي فقال ~~له PageV02P448 # خالد: «1» انطلق بالناس «1» ، فقال له رافع: إنك لا تطيق ذلك بالجنود «2» ~~والأثقال، والله إن الراكب المفرد ليخافها على نفسه وما يسكلها إلا مغررا! ~~إنها لخمس ليال جياد ولا يصاب «3» فيها ماء [مع مضلتها] «4» ، قال له خالد: ~~ويحك! «5» ألا بدلي «5» منها؟ إنه قد أتاني من الأمير عزمة بذلك، فمر ~~بأمرك، فقال رافع: استكثروا من الماء، من استطاع [منكم] «6» أن يصر أذن ~~ناقته على ماء فليفعل «7» ، فإنها المهالك «8» إلا ما دفع الله «9» ، فتأهب ~~المسلمون وسار خالد بمن معه، فلما بلغوا آخر يوم من المفازة قال خالد لرافع ~~بن عميرة «10» : ويحك يا رافع! ما عندك؟ قال: # أدركت الري «11» - إن شاء الله! فلما دنا «12» من العلمين «13» قال رافع ~~للناس: انظروا [هل ترون شجيرة من عوسج كقعدة الرجل] «14» فلم يروا شيئا، ~~فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! هلكتم والله إذا وهلكت «15» ! انظروا ~~فاطلبوها، [فطلبوا] «14» فوجدوها قد قطعت وبقي منها بقية، فلما رآها ~~المسلمون كبروا وكبر رافع بن عميرة، ثم قال: احفروا في أصلها، فحفروا ~~فاستخرجوا عينا فشربوا حتى روي الناس، ثم PageV02P449 # اتصل بعد ذلك لخالد المنازل فقال رافع: فوالله ما وردت هذا الماء قط إلا ~~مرة واحدة! وردتها مع أبي وأنا غلام، فلما بلغ الخالد والمسلمون إلى سوي ~~«1» أغار على أهله «2» وهم بهراء «2» قبيل الصبح وإذا جماعة منهم يشربون ~~الخمر في جفنة لهم ms237 قد اجتمعوا عليها «3» ومغنيهم يقول: # ألا عللاني «4» قبل جيش أبي بكر ... لعل منايانا قريب «5» ولا ندري «6» # فقتلهم خالد بن الوليد وقتل مغنيهم وسال دمه في تلك الجفنة «7» ، ثم سار ~~خالد حتى أغار على غسان بمرج راهط حتى نزل على قناة «8» بصرى وعليها أبو ~~عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان؛ وخرج خالد بن سعيد ~~ابن العاص بمرج الصفر في يوم مطير يستمطر [فيه] » # فتعاوى «10» عليه أعلاج «11» الروم فقتلوه؛ واجتمع خالد بن الوليد «12» ~~وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان معهم حتى صالحته بصرى على الجزية ~~وفتحها الله للمسلمين، فكانت تلك أول مدينة فتحت بالشام، ثم ساروا جميعا ~~إلى فلسطين مددا «13» لعمرو بن العاص وعمرو مقيم بالعربات «14» من غور ~~فلسطين وسمع الروم باجتماع المسلمين لعمرو PageV02P450 # ابن العاص فانكشفوا عن جلق «1» إلى أجنادين «2» ، وأجنادين «8» [بلد] «3» ~~بين الرملة وبيت «4» جبرين من أرض فلسطين «5» وسار المسلمون إلى أجنادين ~~«6» وكان «6» الأمراء أربعة والناس أرباعا إلا عمرو بن العاص كان يزعم أنه ~~جميعهم ... «7» . # فلما اجتمعت العساكر وتدانت، بعث صاحب الروم «8» رجلا عربيا «8» [ليأتي] ~~«9» بخبر المسلمين، فخرج الرجل ودخل مع المسلمين وأقام فيهم يوما وليلة لا ~~ينكر، ثم «10» أتى الروم فقالوا له: ما وراءك؟ فقال: أما بالليل فرهبان، ~~وأما بالنهار ففرسان، «11» ولو سرق ابن «11» ملكهم قطعوا يده، ولو زنى ~~رجموه، لإقامة الحق فيهم. # ثم تزاحف الناس فاقتتلوا «10» قتالا شديدا فقال صاحبهم «12» لهم: لفوا ~~رأسي في ثوب، قالوا له: ولم؟ قال: يوم موقف البئيس «4» «13» لا أحب أن ~~أراه، ما رأيت في الدنيا أشد منه، وكانت الهزيمة «14» على الروم، فلقد قتل ~~صاحبهم و «15» إنه لملفف «15» PageV02P451 # في ثوبه؛ وكان لليلتين بقيتا من «1» جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، فقتل ~~بأجنادين من المسلمين: نعيم بن عبد الله «2» النحام، وهشام [بن] «3» العاصي ~~«4» بن وائل [و] «5» عمرو بن [عكرمة و] «6» الطفيل بن عمرو الدوسي، وعبد ~~الله بن عمرو حليف لهم، وجندب بن عمرو بن حممة «7» الدوسي [و] «5» ضرار بن ~~الأزور «8» وطليب «9» بن عمرو بن وهب، وسلمة بن هشام بن المغيرة، وهبار ms238 بن ~~سفيان بن الأسود، والحارث بن الحارث، والحجاج بن الحارث وقيس بن صخر، [و] ~~«5» نعيم بن عامر. ### | استخلاف عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه # وهو عمر بن الخطاب بن نفيل «10» بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط ~~ابن رزاح «11» بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن ~~كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو ~~حفص العدوي، وأم عمر حنتمة1» # بنت هشام «13» بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أخت أبي جهل بن ~~هشام. PageV02P452 # حدثنا محمد بن القاسم الدقاق بالمصيصة: ثنا يوسف بن سعيد بن مسلم «1» ثنا ~~هارون بن زياد «2» الحنائي ثنا الحارث بن عمير عن حميد عن أنس قال: قال ~~النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر «3» وعمر» . # قال أبو حاتم: فلما حانت «4» منية أبي بكر رحمة الله عليه اغتسل قبلها ~~يوم الإثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة وكان يوما باردا فحم «2» خمسة عشر ~~يوما «5» حتى قطعته العلة عن حضور الصلاة وكان يأمر عمر بن الخطاب أن يصلي ~~بالناس، وكان الناس يعودونه وهو في منزله الذي أقطع له النبي صلى الله عليه ~~وسلم وجاه «6» دار عثمان بن عفان اليوم، فبينا هو في ليلة من الليالي عند ~~نسائه أسماء بنت عميس وحبيبة بنت خارجة بن زيد بن أبي زهير «7» وبناته ~~أسماء وعائشة وابنه عبد الرحمن بن أبي بكر إذ قالت عائشة: أتريد أن تعهد ~~إلى الناس عهدا؟ قال: نعم، قالت: فبين للناس حتى يعرفوا الوالي «8» بعدك، ~~[قال] «9» : نعم، قالت عائشة: إن أولى الناس بهذا الأمر بعدك عمر، وقال ~~«10» عبد الرحمن بن أبي بكر: إن قريشا تحب ولاية عثمان بن عفان، وتبغض ~~ولاية عمر لغلظه، فقال أبو بكر: نعم الوالي عمر، وما هو بخير له أن يلي أمر ~~أمة محمد، أما إنه لا يقوى عليهم غيره، إن عمر رآني لينا فاشتد «11» ، ولو ~~كان واليا للان لأهل ms239 اللين واشتد «11» على أهل الريب، فلما أصبح دعا نفرا ~~من PageV02P453 # المهاجرين والأنصار يستشيرهم في عمر، منهم عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن ~~عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد فقال لعبد الرحمن بن عوف: # يا أبا محمد! أخبرني عن عمر، فقال: [يا] «1» خليفة رسول الله! هو والله ~~أفضل من رأيك فيه من رجل [ولكن] «1» فيه غلظة «2» ، فقال لعبد الرحمن بن ~~عوف: # ذلك لأنه رآني لينا فاشتد، ولو آل إليه الأمر لترك كثيرا مما هو عليه ~~اليوم، إني إذا غضبت على الرجل أراني الرضا عنه وإذا لنت له أراني الشدة ~~عليه، لا تذكر يا [أبا] «1» محمد مما ذكرت لك شيئا، [قال: نعم] «1» ، ثم ~~دعا عثمان بن عفان فقال: # يا أبا عبد الله! أخبرني عن عمر، فقال: أنت أخبر به، فقال أبو بكر: فعلي ~~ذلك، قال: إن علمي أن سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله، قال: ~~يرحمك الله يا أبا عبد الله! لا تذكر مما ذكرت لك شيئا، [قال: أفعل، فقال ~~له أبو بكر] «1» : لو «3» تركته ما عدوتك، و [ما أدري] «1» لعلي تاركه، ~~والخيرة له أن لا يلي أمركم، ولوددت «4» أني خلو من أمركم، وأني كنت فيمن ~~مضى من سلفكم؛ ثم قال لعثمان: اكتب: هذا ما عهد عليه أبو بكر بن [أبي] «5» ~~قحافة إلى المسلمين، أما بعد؛ ثم أغمي عليه [فذهب عنه] «5» فكتب عثمان: أما ~~بعد، فقد استخلفت «6» عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيرا، ثم أفاق أبو بكر ~~فقال «7» : اقرأ علي، فقرأ عليه ذكر عمر، فكبر أبو بكر فقال: جزاك الله عن ~~الإسلام خيرا! ثم رفع أبو بكر يديه فقال: اللهم! وليته بغير أمر نبيك، ولم ~~أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت «8» PageV02P454 # عليهم الفتنة فعملت «1» فيهم بما أنت أعلم [به] «2» ، وقد حضر من أمري ما ~~قد حضر، فاجتهدت لهم الرأي «3» فوليت «4» عليهم خيرهم لهم وأقواهم عليهم ~~وأحرصهم «5» على رشدهم، ولم أرد محاباة عمر، فاجعله من خلفائك الراشدين ~~يتبع هدى نبي «5» الرحمة «6» وهدى الصالحين بعده وأصلح له رعيته «7» ، وكتب ~~بهذا ms240 العهد [إلى] الشام إلى المسلمين إلى أمراء الأجناد أن قد وليت عليكم ~~خيركم ولم آل لنفسي ولا للمسلمين خيرا. # وأوصى أن تغسله أسماء بنت عميس «8» ، ثم نادى عمر بن الخطاب فقال له: # إني مستخلفك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا عمر: إن لله حقا ~~في الليل «9» لا يقبله في النهار، وحقا في النهار لا يقبله في الليل، وإنها ~~لا تقبل نافلة حتى تؤدى «10» الفريضة، يا عمر! إنما ثقلت موازين من ثقلت ~~موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق وثقله عليهم، وحق لميزان لا يوضع فيه ~~«11» غير الحق «11» أن يكون ثقيلا، يا عمر! إنما خفت موازين من خفت موازينه ~~يوم القيامة باتباعهم الباطل، وحق لميزان لا يوضع فيه 1» # غير الباطل 1» # أن يكون خفيفا، يا عمر! إنما نزلت آية الرخاء «13» PageV02P455 # مع آية الشدة وآية الشدة مع آية الرخاء «1» ليكون المؤمن راغبا راهبا، ~~فلا ترغب رغبة فتتمنى على الله فيها ما ليس لك، ولا ترهب رهبة تلقى فيها ~~يديك، يا عمر! إنما ذكر الله أهل النار بأسوإ أعمالهم ردا «2» عليهم ما كان ~~من خير «3» ، فإذا ذكرتهم قلت: لأرجو أن [لا] «4» أكون منهم، وإنما ذكر أهل ~~الجنة بأحسن أعمالهم لأنه تجاوز لهم عما كان من سيء «5» ، فإذا ذكرتهم قلت: ~~أي عمل من أعمالهم أعمل! فإن حفظت وصيتي فلا يكونن «6» غائب أحب «7» إليك ~~[من الحاضر] «4» من الموت ولست بمعجزه. # وتوفي أبو بكر رضي الله عنه ليلة الإثنين لسبع عشرة خلت من جمادى الآخرة ~~«8» ، وله يوم مات اثنتان وستون سنة «9» ، وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر ~~واثنان وعشرون يوما، وكان مرضه خمس عشرة ليلة، وغسلته أسماء بنت عميس، وكفن ~~في ثلاثة أثواب «10» ، ونزل [في] «11» قبره عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ~~وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن أبي بكر، ودفن ليلا بجنب رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، وأراد ابن عمر أن ينزل قبر أبي بكر مع أبيه فقال له عمر: ~~قد كفيت، وكان أبو قحافة PageV02P456 # بمكة [فسمع الهائعة] «1» فقال: ما هذا؟ فقيل: مات ابنك ms241، فقال: رزء جليل، ~~فإلى من عهد؟ قالوا: لعمر، قال: صاحبه؛ وورثه أبو قحافة السدس، وكان من ~~عمال أبي بكر يوم توفي عتاب بن أسيد «2» على مكة «2» ، وعثمان بن أبي العاص ~~على الطائف، والعلاء بن الحضرمي على البحرين، ويعلى بن أمية «3» [على ~~خولان، ومهاجر بن أبي أمية] «4» على صنعاء، وزياد بن لبيد على حضر موت، ~~وعمرو بن العاص على فلسطين، وعلى الشام أربعة نفر «5» من الأجناد: خالد بن ~~الوليد، و [أبو] «4» عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبي سفيان ~~«6» ؛ ومات أبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي دفن ~~فيه أبو بكر «7» . # ثم قام عمر بن الخطاب في الناس خطيبا وهي أول خطبة خطبها بعد ما استخلف، ~~فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس! إني لا أعلمكم من ~~نفسي شيئا تجهلونه، أنا عمر بن الخطاب وقد علمتم من هيئتي وشأني، وإن بلاء ~~الله عندي في الأمور كلها حسن، وقد فارقني رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~وهو عني راض بحمد الله، ولم يجد علي في شيء «8» من خلقي «8» وأنا «9» أسعد ~~[الناس] «10» بذلك إن شاء الله، وقمت «11» لخليفته من بعده بحق الطاعة ~~وأحسنت له المؤازرة، ولم PageV02P457 # أحرص على القيام عليكم كالذي حرص علي «1» ولكن خليفتكم المتوفى أوصى إلي ~~بالخلافة عليكم برضى منكم، وآلوه «2» الهمة، ذلكم وإياكم، ولولا الذي أرجو ~~أن يأجرني الله في قيامي عليكم لم أقم عليكم و «3» لنحيته عن نفسي «3» ~~ووليته غيري، وقد كنت أرى فيكم أمورا على عهد نبيكم صلى الله عليه وسلم كدت ~~أكرهها، ويسوءني منكم، فقد رأيتم تشددي فيها، والأمر «4» الذي أمر به من ~~فوقي، أريد طاعة الله وإقامة الدين فأطعتكم، قد علمتم- أو من علم ذلك منكم- ~~أني قد كنت أفعل ذلك وليس لي عليكم من سلطان وأكن أهن في شيء منه، وقد ~~ولاني الله اليوم أمركم ولقد علمت [أني] «5» أنفع بحضرتكم لكم، فإني أسأل ~~الله ربي أن يعينني عليه وأن يحرسني عندما بقي كما حرسني ms242 عند غيره، وأن ~~يلقنني «6» العقل في قسمكم كالذي أمر به، ثم إني مسلم وعبد من عبيده «7» ~~ضعيف إلا ما أعان الله، ولن «8» يغير الذي وليت من خلافتكم من خلقي شيئا إن ~~شاء الله، وإنما العظمة لله، ليس للعباد منها شيء فلا يقولن أحد منكم: إن ~~عمر بن الخطاب تغير لما ولي أمر المسلمين، فمن ظلمته مظلمة فإني أعطيه الحق ~~من نفسي وأتقدم عليكم وأبين لكم أمري، أيما رجل كانت له حاجة إلى أمير ~~المؤمنين أو ظلم بمظلمة أو عتب علينا في حق فليؤذني، فإنما أنا امرؤ منكم، ~~ولم يحملني سلطاني الذي أنا عليه أن أتعظم عليكم، وأغلق بابي دونكم، وأترك ~~مظالمكم بينكم، وإذا منع الله أهل الفاقة منكم اليوم شيئا [ ... ] » # بعد اليوم فإنما هو فيء الله الذي أفاءه عليكم، لست وإن كنت أمير ~~PageV02P458 # المؤمنين [ ... ] «1» ولن أخفى إبقاء، إن كان بيني وبين أحد منكم خصومة ~~«2» أقاضيه إلى أحدكم ثم أقنع بالذي يقضي بيننا فاعلموا ذاك، وإنكم قوم ~~مسلمون على شريعة الإسلام، ثم عليكم بتقوى الله في سركم وعلانيتكم وحرماتكم ~~التي حرم الله عليكم من دمائكم وأموالكم وأعراضكم، وأعطوا الحق من أنفسكم، ~~ولا يحملن بعضكم بعضا إلى أن يوقع إلى السلطان شأنه، فليستعد بي «3» فإنه ~~ليس بيني وبين أحد من الناس هوادة «4» ، من منع من نفسه حقا واجبا عليه أو ~~استحل من دماء المسلمين وأعراضهم وأبشارهم فأنا أقتص «5» منه وإن كان يدلي ~~[إلي] «6» بقرابة قريبة، ثم إنكم- معشر العرب- في كثير منكم جفاء في الدين ~~وخرق في الأمور إلا من عصمه الله برحمة، وإني قد جعلت بسبيل «7» أمانة ~~عظيمة أنا مسؤول عنها، وإنكم- أيها الناس- لن تغنوا «8» عني من الله شيئا، ~~وإني حثيث «9» على صلاحكم، عزيز علي ما عنتم، حريص علي معافاتكم وإقامة ~~أموركم، وإنكم إناء من حصل في سبيل الله، عامتكم أهل بلد لا زرع [فيها] ~~«10» ولا «11» ضرع إلا ما جاء الله به إليه، وإن الله قد وعدكم كرامة كبيرة ~~ودنيا بسيطة لكم، وإني مسؤول عن أمانتي و [ما] «12» أنا فيه ms243، ولا أستطيع ما ~~[بعد] «12» منها إلا بالأمناء وأهل النصح منكم PageV02P459 # للشاهد والغائب، ولست أجعل أمانتي «1» إلى أحد ليس لها بأهل، ولن أوليه ~~ذلك ولا أجعله إلا من تكون رغبته في أداء الأمانة والتوقير للمسلمين، أولئك ~~أحق بها ممن سواهم؛ اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك- والسلام عليكم ورحمة ~~الله وبركاته. # ولما ورد كتاب أبي بكر الشام على أمراء «2» الأجناد باستخلاف عمر بايعوه ~~وأطاعوه؛ ثم ساروا إلى فحل «3» من أرض الأردن وقد اجتمع بها الروم ~~والمسلمون عليهم الأمراء الأربعة وخالد بن الوليد على مقدمة الناس، فلما ~~نزلت الروم «4» بيسان بثقوا «4» أنهارها وهي أرض سبخة «5» [فكانت] «6» وحلة ~~فغشيها «7» المسلمون ولم يعلموا بما فعلت الروم، فزلقت فيها خيولهم، ثم ~~سلمهم الله، والتقوا هم والروم بفحل فاقتتلوا فهربت الروم ودخل المسلمون ~~فحلا، وانكشفت الروم إلى دمشق، وغنم المسلمون غنائم كثيرة. # وكتب خالد بن الوليد «8» إلى عمر أن الناس قد اجترأوا على الشراب، ~~فاستشار عمر أصحابه عليا وعثمان والزبير وسعدا فقال علي: إذا شرب سكر، وإذا ~~سكر افترى، وإذا افترى فعليه «9» ثمانون، فأثبت عمر الحد ثمانين. # ثم كانت وقعة الجسر «10» ، وذلك أن المثنى بن حارثة الشيباني قدم على عمر ~~PageV02P460 # ابن الخطاب من العراق وقال: يا أمير المؤمنين! إنا بأرض فارس قد نلنا ~~منهم واجترأنا عليهم ومعي من قومي جماعة، فابعث معي ناسا من المجاهدين ~~والأنصار يجاهدون في سبيل الله، فقام عمر بن الخطاب فحمد الله وأثنى عليه ~~ثم دعا الناس إلى الجهاد ورغبهم فيه وقال: إنكم- أيها الناس- قد أصبحتم في ~~دار غير مقام بالحجاز، وقد وعدكم الله على لسان نبيه كنوز كسرى وقيصر، ~~فسيروا إلى أرض فارس، فسكت الناس لما ذكرت فارس، فقام أبو عبيد «1» بن ~~مسعود الثقفي فقال: # يا أمير المؤمنين! أنا «2» أول من انتدب من الناس، حتى اجتمعوا وأجمعوا ~~على المسير ثم قال: يا أمير المؤمنين! اجتمع الناس، أمر عليهم رجلا من ~~المهاجرين أو من الأنصار، فقال: لا أومر «3» عليهم إلا أول من انتدب منهم، ~~فأمر أبا عبيد «4» فقال: إنه لم يمنعني ms244 أن أستعمل عليهم سليط بن قيس إلا ~~أنه رجل فيه عجلة إلى القتال، فأخاف أن يوقع الناس موقعا يهلككم، فاستشره؛ ~~ثم سار أبو عبيد «1» مع المثنى بن حارثة الشيباني والمسلمون معهما حتى ~~[إذا] «5» انتهى إلى بلاد قومه قام معه ربيعة فسار بهم وسار أبو عبيد «2» ~~بالناس حتى نزلوا باليمن وفيها مسلحة الأعاجم، فاقتتلوا بها قتالا شديدا، ~~فانهزمت العجم، ثم بعث أبو عبيد «6» بمن معه من المسلمين فالتقيا، فاقتتلوا ~~فهزم الجالنوس «7» وأصحابه، ودخل أبو عبيد باروسما «8» حصنا لهم، ونزل هو ~~وأصحابه فيه. # ثم بعث الأعاجم ذا الحاجب وكان رئيس الأعاجم رستم، فلما بلغ أبا ~~PageV02P461 # عبيد «1» مسيرهم إليه انحاز» # بالناس حتى عبر الفرات فنزل في المروحة، وأقبلت الأعاجم حتى نزلت خلف ~~الفرات، ثم إن أبا عبيد «1» حلف: ليقطعن إليهم الفرات، فناشده سليط بن قيس ~~وقال: أنشدك الله في المسلمين أن تدخلهم هذا المدخل! فإن العرب تفر وتكر، ~~فاجعل للناس مجالا، فأبي أبو عبيد «3» وقال: # جبنت والله يا سليط «4» ! قال: والله ما جبنت! ولكن قد أشرت «5» عليك ~~بالرأي، فاصنع بما بدا لك، فعمد أبو عبيد «3» إلى الجسر الذي عقد له ابن ~~صلوبا، فعبر عليه المسلمون فلما التقوا شد عليهم الفيل، فلما رأى أبو عبيد ~~ما يصنع [الفيل] «6» قال: # هل لهذه الدابة من مقتل؟ قالوا: نعم، إذا قطع مشفرها ماتت، فشد على الفيل ~~فضرب «7» مشفره فبرك عليه الفيل فقتله، وهرب المسلمون منهزمين فسبقهم عبد ~~الله ابن مرثد الخثعمي إلى الجسر فقطعه، فقال له الناس: لم فعلت هذا؟ قال: # لتقاتلوا «8» عن أميركم. # ولما قتل أبو عبيد «3» أخذ الراية المثنى بن حارثة فانحازوا ورجعت «9» ~~الفرس، ونزل المثنى بن حارثة أليس «10» وتفرق الناس فلحقوا بالمدينة، فأول ~~من قدم المدينة بخبر الناس عبد الله «11» بن حصين الخطمي «12» ، فجزع ~~المسلمون من PageV02P462 # المهاجرين والأنصار بالفرار، وكان عمر يقول: لا تجزعوا! أنا فئتكم «1» ~~إنما انحزتم إلي «1» . # وكان ممن قتل بالجسر: أبو عبيد بن مسعود الثقفي، وابنه جبر «2» بن أبي ~~عبيد، وأسعد بن سلامة، وسلمة بن أسلم بن حريش، والحارث بن عدي ms245 بن مالك، ~~والحارث بن مسعود بن عبدة «3» ، ومسلم بن أسلم، وخزيمة بن أوس، «4» وأنيس ~~بن أوس بن عتيك بن عامر «4» وعمر بن أبي اليسر، وسلمة «5» بن قيس، وزيد بن ~~سراقة بن كعب، والمنذر «6» بن قيس، وضمرة بن غزية «7» بن عمرو، وسهل بن ~~عتيك، وثعلبة بن عمرو بن محصن؛ وحج بالناس عمر بن الخطاب السنة الرابعة ~~[عشرة] «8» . # فلما دخلت السنة الرابعة عشرة سار المسلمون إلى دمشق وخالد بن الوليد على ~~مقدمة الناس، وقد اجتمعت الروم إلى رجل منهم يقال له باهان بدمشق، فعزل عمر ~~بن الخطاب خالد بن الوليد وأمر أبا عبيدة بن الجراح على جميع الناس، فاستحى ~~أبو عبيدة أن «9» يقرى خالدا «9» الكتاب وقال: أصبر حتى يفتح الله دمشق، ~~فاقتتلوا قتالا شديدا وانهزم الروم وتحصنوا، فرابطها المسلمون حتى فتحت ~~صلحا، وأعطوا الجزية، وكان قد أخذ الأبواب عنوة، وجرى الصلح على ~~PageV02P463 # يدي خالد «1» ، وكتب الكتاب باسمه، ولحق باهان بهرقل، وكان ذلك في رجب، ~~ومدة حصاره دمشق ستة أشهر، فلما فرغ المسلمون من دمشق أقرأ أبو عبيدة خالدا ~~«2» الكتاب، فانصرف خالد إلى المدينة، وقد قيل: إن الصلح جرى على يد أبي ~~عبيدة. # ثم خرج عمر على الناس فقال: إني وجدت من عبيد الله ابني ريح شراب وإني ~~سائل عنه، فإن كان مسكرا جلدته، قال السائب بن يزيد: فشهدته «3» بعد ذلك ~~«3» يحده، وكان الذي حده عبد الرحمن بن عبد ثم ضرب أبا محجن الثقفي وربيعة ~~بن أمية بن خلف المخزومي، وحدهم في الخمر. # ثم أمر عمر «4» من كان بالبلدان التي افتتحت أن يصلوا فيها التراويح في ~~شهر رمضان، وصلى بالناس بالمدينة كذلك. # ثم قدم جرير بن عبد الله البجلي من اليمن على عمر في ركب من بجيلة فقال ~~لهم عمر: إنكم قد علمتم ما كان من المصيبة في إخوانكم بالعراق، فسيروا ~~إليهم وأنا أخرج لكم من كان منكم في قبائل العرب، قالوا: نفعل يا أمير ~~المؤمنين، فأخرج إليهم «5» قيسا وكندة «5» وعرينة، وأمر عليهم جرير بن عبد ~~الله البجلي، فسار بهم إلى الكوفة، فلما ms246 بلغ قريبا من المثنى بن حارثة كتب ~~له المثنى: أقبل إلي إنما أنت لي مدد، فكتب إليه جرير: إني لست فاعلا إلا ~~أن يأمرني بذلك أمير المؤمنين: # أنت أمير وأنا أمير! ثم سار جرير نحو الجسر فلقيه «6» مهران بن باذان «6» ~~عند النخيلة فاقتتلوا قتالا شديدا، وشد المنذر بن حسان [على مهران] «7» ~~فطعنه فوقع عن PageV02P464 # دابته، واقتحم عليه «1» جرير بن عبد الله فاحتز رأسه، فاشتركا جميعا في ~~سلبه. # ثم إن عمر بن الخطاب أمر سعد بن أبي وقاص على العراق ومعه ستة آلاف رجل، ~~وكتب إلى المثنى بن حارثة وجرير بن عبد الله أن اجتمعا إلى سعد، فسار سعد ~~بالمسلمين، وسار المنذر وجرير إليه، حتى نزل سعد «2» بشراف وشتا «2» بها ~~واجتمع إليه الناس، وتزوج سعد امرأة [المثنى سلمى بنت] «3» حفصة «4» ؛ ثم ~~حج بالناس عمر بن الخطاب «5» . # فلما دخلت السنة الخامسة» # عشرة كان فيها وقعة اليرموك، وذلك أن الروم سار بهم هرقل حتى نزل أنطاكية ~~ومعه من المستعربة «7» لخم وجذام «8» وبلقين وبلى وعاملة وغسان، ومن معه من ~~أهل أرمينية بشر كثير، فأقام بأنطاكية، وسار أبو عبيدة بن الجراح في ~~المسلمين إليهم في أربعة [و] «9» عشرين ألفا، وكان الروم مائة ألف، فالتقوا ~~باليرموك «10» فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كانت نساء قريش يضربن بالسيوف، ~~وكان أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه يزيد، فجعل ينادي في المعركة: يا نصر ~~الله! اقترب «11» ، حتى أنزل الله نصره وهزم الروم، فقتل من الروم ~~PageV02P465 # ومن معه من أهل أرمينية والمستعربة سبعون ألفا، وقتل [الله] «1» «2» ~~الصقلار وباهان «2» رئيسين لهم. # ثم بعث أبو عبيدة بن الجراح عياض بن غنم في طلبهم، فسلك الأعماق حتى بلغ ~~ملطية «3» ، فصالح أهلها على الجزية، فسمع هرقل بذلك فبعث إلى ملطية «4» ~~فساق «5» من فيها من المقاتلة وأمر بها «6» فأحرقت. # وكان ممن قتل باليرموك من المسلمين: عمرو بن سعيد «7» بن العاص، وأبان ~~ابن سعيد «7» بن العاص، وعبد الله بن سفيان بن عبد الأسد، وسعيد بن الحارث ~~بن قيس. # ولما حسر عن سعد بن أبي وقاص الشتاء «8» سار ms247 بالمسلمين يريد القادسية، ~~وكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستمده، فبعث [إليه] «9» عمر المغيرة ~~بن شعبة في أربعمائة رجل مددا «10» لسعد من المدينة، وكتب [إلى] «9» أبي ~~عبيدة «11» بن الجراح أن أمد «12» سعدا بألف رجل من عندك، ففعل أبو عبيدة ~~ذلك وأمر عليهم عياض بن غنم الفهري؛ وسمع بذلك رستم فخرج بنفسه مع من عنده ~~«13» من PageV02P466 # الأعاجم يريد سعدا، وحج عمر بالناس. # فلما كانت السنة السادسة «1» عشرة أراد عمر بن الخطاب أن يكتب التأريخ، ~~فاستشار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم من قال: من النبوة، ومنهم من ~~قال: من الهجرة، ومنهم من قال: من الوفاة «2» ، فأجمعوا على الهجرة، وكتب ~~التأريخ لسنة ست عشرة من الهجرة. # فلما وصل إلى سعد بن أبي وقاص المغيرة بن شعبة سار بالمسلمين إلى رستم ~~حتى نزل قادس «3» [قرية] «4» إلى جنب العذيب، وأقبل رستم في ستين ألفا من ~~المجموع ممن أحصى [في] «5» ديوانه سوى التبع والرقيق حتى نزل القادسية [و] ~~«5» بينهم وبين المسلمين جسر القادسية، وسعد في منزله وجع قد خرج به قرح ~~شديد، فبعث رستم إلى سعد أن ابعث إلي رجلا جلدا أكلمه «6» ، فبعث إليه ~~المغيرة ابن شعبة، ففرق المغيرة رأسه أربع فرق ثم عقص شعره ولبس برديه «7» ~~، وأقبل حتى انتهى إلى رستم من وراء الجسر مما يلي العراق والمسلمون من ~~الناحية الأخرى مما يلي الحجاز، فلما دخل عليه المغيرة قال له رستم: إنكم ~~معشر العرب! كنتم أهل شقاء وجهد وكنتم تأتوننا من بين تاجر وأجير ووافد، ~~فأكلتم من طعامنا وشربتم من شرابنا واستظللتم بظلالنا فذهبتم فدعوتم ~~أصحابكم وجئتم تؤذوننا، وإنما مثلكم مثل رجل له حائط «8» من عنب «8» فرأى ~~فيه أثر ثعلب فقال: وما PageV02P467 # بثعلب «1» واحد! فانطلق ذلك الثعلب حتى دعا الثعالب «2» كلها إلى ذلك ~~الحائط، فلما اجتمعن «3» فيه جاء صاحب الحائط فرآهن، فسد الجحر الذي دخلن ~~منه ثم قتلهن جميعا، وأنا أعلم إنما حملكم على هذا- معشر العرب! الجهد الذي ~~أصابكم، فارجعوا عنا عامكم هذا، فإنكم شغلتمونا عن عمارة بلادنا ونحن نوقر ms248 ~~«4» لكم ركائبكم «5» قمحا وتمرا «5» ونأمر لكم بكسوة فارجعوا عنا، فقال ~~المغيرة بن شعبة: لا يذكر منا جهد إلا وقد كنا في» # مثله أو أشد» # ، أفضلنا في أنفسنا [عيشا] «7» الذي يقتل ابن عمه ويأخذ [ماله] «7» ~~فيأكله، نأكل الميتة والدم والعظام، فلم نزل على ذلك حتى بعث الله فينا ~~نبينا وأنزل عليه الكتاب، فدعانا إلى الله وإلى ما بعثه به، فصدقه به منا ~~مصدق وكذبه به منا مكذب، فقاتل من «8» صدقه من كذبه حتى دخلنا في دينه من ~~بين موقن ومقهور حتى استبان لنا أنه صادق وأنه رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، فأمرنا أن نقاتل من خالفنا، وأخبرنا أن من قتل منا على ذلك «9» فله ~~الجنة، ومن عاش ملك وظهر على من خالفه، ونحن ندعوك إلى أن تؤمن بالله ~~وبرسوله وتدخل في ديننا، فإن فعلت كانت لك بلادك، ولا يدخل «10» عليك فيها ~~إلا من أحببت، وعليك الزكاة والخمس، وإن أبيت [ذلك] «7» فالجزية، وإن أبيت ~~ذلك قاتلناك حتى يحكم الله بيننا وبينك. # قال [له] «7» رستم: ما كنت أظن أن أعيش حتى أسمع هذا منكم معشر ~~PageV02P468 # العرب! لا أمسي غدا حتى أفرغ منكم وأقتلكم كلكم؛ ثم أمر بالمعبر «1» أن ~~يسكر «2» فبات ليلته يسكر بالزرع والقصب والتراب حتى أصبح وقد تركه جسرا، ~~وعبأ سعد ابن أبي وقاص الجيش، فجعل خالد بن عرفطة على جماعة الناس، وجعل ~~على الميمنة جرير بن عبد الله البجلي، وعلى الميسرة قيس بن مكشوح المرادي، ~~وزحف إليهم رستم وزحف إليه المسلمون، وكان سعد في الحصن، معه أبو محجن ~~الثقفي محبوس، حبسه سعد في شرب الخمر، فاقتتل المسلمون قتالا شديدا والخيول ~~تجول، وكان مع سعد أم ولده «3» فقال لها أبو محجن وسعد في رأس الحصن ينظر ~~إلى الجيش كيف يقاتلون: أطلقيني «4» ولك عهد الله وميثاقه لئن لم أقتل ~~لأرجعن إليك حتى تجعلي «5» الحديد في رجلي! فأطلقته «6» وحملته على فرس ~~لسعد بلقاء وخلت سبيله، فجعل أبو محجن يشد على العدو ويكر وسعد ينظر فوق ~~الحصن يعرف فرسه وينكره. # وكان عمرو بن معد ms249 يكرب مع المسلمين فجعل يحرض الناس على القتال ويقول: يا ~~معشر المسلمين! كونوا أسودا، إن الفارسي تيس، وكان في الأعلاج رجل [لا ~~يكاد] «7» يسقط له نشابة فقيل لعمرو بن معد يكرب: يا أبا ثور! اتق ذلك ~~الفارسي فإنه لا تسقط له نشابه، فقصد نحوه وجاءه الفارسي ورماه بنشابة، ~~فأصابت ترسه «8» ، وحمل عليه عمرو فاعتنقه «9» وذبحه، فاستلبه سوارين من ~~ذهب PageV02P469 # ومنطقة من ذهب ويلمقا «1» من ديباج، وحمل رستم على المسلمين فقصده هلال ~~بن «2» علقمة التميمي «2» ، فرماه رستم بنشابة فأصاب قدمه فشكها إلى ركاب ~~سرجه، وحمل عليه هلال بن علقمة فضربه فقتله واحتز «3» رأسه، وولت الفرس ~~واتبعتهم المسلمون يقتلونهم، فلما رأى أبو محجن الهزيمة رجع إلى القصر ~~وأدخل رجليه في قيده، فلما نزل سعد من رأس الحصن رأى فرسه قد عرقت «4» فعرف ~~أنها قد ركبت، فسأل أم ولده عن ذلك، فأخبرته خبر أبي محجن فخلى سبيله؛ ونهض ~~سعد بالمسلمين خلفهم وانتهى الفرس إلى دير قرة فنزل عليهم سعد بالمسلمين ~~ووافى عياض بن غنم في مدده «5» من أهل الشام وهم ألف رجل فأسهم «6» له سعد ~~ولأصحابه من المسلمين مما أصابوا بالقادسية، وكان الناس قد أجبنوا «7» سعدا ~~وقالوا: أجبنت عن محاربة الأعداء، فاعتذر إلى الناس وأراهم ما به من القروح ~~في فخذيه حتى سكت الناس. # ثم أنهزم الفرس من دير قرة إلى المدائن، وحملوا ما معهم من الذهب والفضة ~~والحرير والديباج والسلاح وخلوا ما سوى ذلك، فبعث سعد [خالد] «8» بن عرفطة ~~في طلبهم معه أصحابه، وأردفه بعياض بن غنم في أصحابه، وجعل على مقدمة الناس ~~هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وعلى ميمنتهم جرير بن عبد الله البجلي، وعلى ~~ميسرتهم زهرة بن حوية التميمي، وتخلف عنهم بنفسه لما به من الوجع، ثم أفاق ~~سعد من وجعه وبرىء واتبع الناس بمن معه من المسلمين فأدركهم دون دجلة ~~PageV02P470 # على بهرسير «1» ، فطلبوا «2» المخاضة فلم يهتدوا لها «2» ، فقال علج من ~~أهل المدائن لسعد: أنا أدلكم على مخاضة «3» تدركونهم قبل أن يمعنوا «4» ~~السير، فخرج بهم على مخاضة، فكان أول ms250 من خاض المخاضة هاشم بن عتبة بن أبي ~~وقاص [في رجله] «5» ، فلما جاز تبعه خيله «6» ، ثم أجاز عياض بن غنم بخيله، ~~ثم تتابع الناس فخاضوا حتى جاوزوا، ويقال: إن تلك المخاضة لم تعرف إلى ~~الساعة، فبلغ المسلمون إلى ساباط طويل مظلم، وخشوا أن يكون فيه كمين للعدو ~~فأخذوا يتجابنون، فكان أول من دخله بجيشه «7» هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، ~~فلما جاز لاح للناس بسيفه فعرفوا أنه ليس فيه شيء يخافونه «8» ، ثم أجاز ~~خالد بن عرفطة بخيله، ثم لحق سعد بالناس حتى انتهوا إلى جلولاء وبها جماعة ~~من الفرس، وكانت بها وقعة جلولاء وهزم الله الفرس وأصاب المسلمون بها من ~~الغنائم أكثر مما أصابوا بالقادسية. # وكتب سعد إلى عمر بن الخطاب يخبر بفتح الله على المسلمين، فكتب إليه عمر ~~أن قف مكانك ولا تطلب غير ذلك، فكتب إليه سعد إنما هي سربة «9» أدركناها ~~والأرض بين أيدينا، فكتب إليه عمر: أقم مكانك ولا تتبعهم، وأعد للمسلمين ~~دار هجرة ومنزل جهاد، ولا تجعل بيني وبين المسلمين بحرا، فنزل سعد بالأنبار ~~PageV02P471 # فاجتووها وأصابهم بها الحمى، فكتب إلى عمر يخبره بذلك، فكتب إلى سعد أنه ~~لا يصلح العرب «1» إلا حيث يصلح البعير» # والشاء في منابت العشب، فانظر فلاة إلى جنب بحر فأنزل المسلمين «3» بها ~~واجعلها دار هجرة، فسار سعد حتى نزل بكويفة «4» فلم يوافق الناس الكون بها ~~من كثرة الذباب والحمى، فبعث سعد عثمان ابن حنيف فارتاد «5» لهم موضع ~~الكوفة اليوم، فنزلها سعد بالناس وخط مسجدها، واختط «6» فيها للناس «7» ~~الخطط وكوف «8» الكوفة، واستعمل سعد على المدائن رجلا من كندة يقال له «9» ~~شرحبيل بن السمط «9» . # ثم كتب عمر إلى سعد أن ابعث إلى أرض الهند- يريد البصرة- جندا لينزلوها، ~~فبعث إليها سعد عتبة بن غزوان «10» في ثمانمائة رجل حتى نزلها، وهو الذي ~~بصر البصرة واختط المنازل، وبنى مسجد الجامع بالقصب «11» ، وكان فتح البصرة ~~صلحا. وافتتح عتبة بن غروان الأبلة والفرات وميسان، ومن سبي ميسان والد ~~الحسن «12» وأرطبان جد ابن عون «13» . # ثم خرج عتبة حاجا، وأمر ms251 المغيرة بن شعبة [أن] «14» يصلي بالناس إلى أن ~~PageV02P472 # يرجع، فحج ورجع فمات في الطريق قبل أن يصل إلى البصرة، فأقر عمر المغيرة ~~ابن شعبة على الصلاة، وولد عبد الرحمن بن أبي بكرة «1» بالبصرة، وهو أول ~~مولود ولد بها. # وخرج عمر بن الخطاب وخلف عثمان بن عفان «2» على المدينة، فلما قدم الشام ~~نزل بالجابية فقام فيها خطيبا لهم، ثم أراد عمر الرجوع إلى الحجاز فقال له ~~رجل من اليهود: يا أمير المؤمنين! لا ترجع إلى بلادك حتى يفتح الله [عليك] ~~«3» إيلياء، فبينا عمر كذلك إذ «4» نظر إلى كردوس خيل مقبل، فلما دنوا من ~~المسلمين سلوا السيوف فقال عمر: هم قوم يستأمنون [فآمنوهم، فأقبلوا] «3» ~~وإذا هم أهل إيلياء، فصالحوه على الجزية وفتحوها له، وكتب لهم عمر كتاب عهد ~~بذلك، ورجم بالجابية امرأة أقرت «5» على نفسها بالزنا. # ثم رجع إلى المدينة ودون لهم الديوان، وغرب «6» أبا محجن الثقفي [إلى ~~باضع] «3» ، وتزوج عمر صفية بنت أبي عبيد على مهر أربعمائة «7» درهم، وحج ~~بالناس عمر استخلف على المدينة زيد بن ثابت «8» . # فلما دخلت السنة السابعة عشرة «9» كتب عمر إلى البلدان بمواقيت الصلاة، ~~ووضع ما بين مكة والمدينة مياها للسابلة «10» ، واتخذ دارا بالمدينة وجعل ~~فيها PageV02P473 # الدقيق والسويق للمنقطع والضيف إذا نزل. # وولى عمر المغيرة على البصرة فسار «1» المغيرة إلى الأهواز فصالحوه على ~~ألفي ألف درهم وثمانمائة ألف درهم، ثم ارتدوا، فغزاهم «2» بعد ذلك أبو موسى ~~الأشعري إلى أن افتتحها، يقال: عنوة، وقد قيل: صلحا. # وبعث أبو عبيدة بن الجراح عمرو بن العاص إلى قنسرين «3» فصالح أهل حلب ~~ومنبج «4» وأنطاكية، وافتتح سائر أرض قيصر «5» عنوة، ويقال: إن في هذه ~~السنة افتتح أبو موسى الأشعري الرهاء وسميساط صلحا. # ثم أراد عمر الخروج إلى الشام فخرج حتى [إذا] «6» بلغ سرغ «7» لقيه أمراء ~~الأجناد، أبو عبيدة بن الجراح، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، ~~وأخبروه أن الأرض وبية، فقال عمر لابن عباس: اجمع [إلي] «7» المهاجرين ~~الأولين، فجمعهم له واستشارهم، فاختلفوا عليه، فمنهم القائل: خرجت لوجه ~~تريد فيه الله والدار ms252 الآخرة، ولا نرى أن «8» نصدك عنه «8» ، ومنهم من ~~يقول: لا نرى أن تقدم عليه وتقدم الناس، فلما اختلفوا عليه قال: قوموا ~~[عني] «9» . ثم جمع الأنصار واستشارهم فسلكوا طريق المهاجرين فلما اختلفوا ~~عليه قال: قوموا [عني] 1» # ، ثم جمع مهاجرة الفتح فاستشارهم فلم يختلف عليهم منهم اثنان، قالوا ~~PageV02P474 # جميعا: ارجع بالناس فإنه بلاء وفناء، فقال عمر لابن عباس: أخبر الناس أن ~~أمير المؤمنين يقول: إني مصبح على ظهر فاصبحوا عليه، فأصبح عمر على ظهر ~~وأصبح الناس عليه فقال: أيها الناس! إني راجع فارجعوا، فقال [له أبو] «1» ~~عبيدة بن الجراح: يا أمير المؤمنين! أفرارا من قدر الله؟ قال: نعم، نفر من ~~قدر الله إلى قدر الله، لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! أرأيت لو أن رجلا هبط ~~واديا له عدوتان: إحداهما خصبة، والأخرى جدبة. أليس يرعى من يرعى الجدبة ~~بقدر الله، ويرعى من يرعى الخصبة بقدر الله؟ ثم خلا به بناحية دون الناس، ~~فبينا الناس على ذلك إذ لحقهم عبد الرحمن بن عوف وكان متخلفا ولم يشهد معهم ~~يومهم الأمس فقال: ما شأن الناس؟ فأخبره الخبر فقال: عندي من هذا علم، فقال ~~عمر: ما عندك؟ فقال: # سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد ~~فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم به فلا تخرجوا فرارا منه» [لا يخرجنكم إلا ~~ذلك] «1» ، فقال عمر؛ فلله الحمد فانصرفوا أيها الناس! فانصرف بهم. ورجع ~~أمراء الأجناد إلى أعمالهم. # ثم اعتمر عمر في رجب، وأمر بتوسيع المسجد وتجديد أنصاب الحرم «2» ، وتزوج ~~بمكة بنت حفص بن المغيرة فأخبر أنها عاقر فطلقها قبل أن يدخل بها، وأقام ~~بمكة عشرين ليلة ورجع إلى المدينة. # وبعث أبو عبيدة خالد بن الوليد فغلب على أرض البقاع فصالحه أهل بعلبك «3» ~~، ثم خرج أبو عبيدة يريد حمص، وقدم خالدا «4» أمامه فقاتلوا قتالا شديدا، ~~ثم هزمت الروم حتى دخلوا مدينتهم فحاصرهم «5» المسلمون، فسألوه PageV02P475 # الصلح عن أموالهم وأنفسهم وكنائسهم، فصالح المسلمون حمص «1» على مائة ألف ~~دينار وسبعين ألف دينار، وأخذ سائر مدائن حمص ms253 عنوة. # وبعد موت عتبة بن غزوان وإلي البصرة أمر عمر على البصرة «2» أبا موسى ~~الأشعري، وكان المغيرة على الصلاة بها «3» ، فشهد أبو بكرة وشبل بن معبد ~~البجلي ونافع بن كلدة «4» وزياد على المغيرة بما شهدوا. فبعث عمر إلى أبي ~~موسى الأشعري أن أشخص إلي المغيرة، ففعل ذلك أبو موسى. # ثم تزوج عمر أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وهي من فاطمة، ودخل بها في شهر ~~ذي القعدة، ثم حج واستخلف على المدينة زيد بن ثابت «5» . # فلما دخلت السنة «6» الثامنة عشرة أصاب الناس مجاعة شديدة، فاستسقى لهم ~~عمر وأخذ بيد العباس وقال: اللهم إنا نستسقي بعم رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، فما زال العباس قائما إلى جنبه وعيناه تهملان وعمر يلح في الدعاء حتى ~~سقوا؛ فسمى هذه السنة سنة الرمادة «7» ، وأجرى عمر الأقوات على المسلمين، ~~وكان يرزق «8» الضعفاء القوت، ونهى عن الحكرة حاطبا وغيره. # وكان طاعون عمواس فتفانى «9» الناس فيه، فكتب عمر إلى أبي عبيدة: إنك ~~أنزلت الناس أرضا عميقة «10» فارفعهم إلى أرض مرتفعة، فسار أبو عبيدة ~~بالناس PageV02P476 # حتى نزل بالجابية، ثم «1» قام أبو عبيدة خطيبا فقال: أيها الناس! إن هذا ~~الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم، وإن أبا عبيدة يسأل الله ~~أن يقسم له منه حظه، فمات من يومه، واستخلف على الناس معاذ بن جبل، فقام ~~معاذ خطيبا بعده فقال: أيها الناس! إن هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم ~~وموت الصالحين قبلكم، إن معاذا يسأل الله أن يقسم له حظه ثم لأهل بيته، ~~فطعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ فمات، ثم طعن معاذ في راحته فكان يقبل ظهر ~~كفه وكان يقول: ما أحب أن لي بما فيك من الدنيا شيئا، ثم مات، واستخلف على ~~الناس عمرو بن العاص، فقام فيهم خطيبا فقال: أيها الناس! إن هذا الوجع إذا ~~وقع يشتعل «2» [اشتعال] «3» النار فارتفعوا عنه في الجبال. # فمات في طاعون عمواس: يزيد بن أبي سفيان، والحارث بن هشام بن المغيرة، ~~وسهيل بن عمرو، وعتبة بن سهيل. # فلما ms254 بلغ عمر بن الخطاب موت أبي عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان أمر ~~معاوية بن أبي سفيان على جند دمشق وخراجها، وأمر شرحبيل بن حسنة على جند ~~الأردن وخراجها «4» ، وغرب عمر بن ربيعة بن أمية إلى خيبر، ولحق بأرض الروم ~~وتنصر، فلم يغرب عمر بعد ذلك رجلا في شيء من عمله. # ولا عن عمر بين رجل وامرأته ورجم ساحرا بالبقيع، ثم حج عمر بالناس، فلما ~~تقدم بمكة أخر المقام مقام إبراهيم- وكان ملصقا بالبيت- في موضعه الذي هو ~~فيه اليوم، ورجع إلى المدينة. # فلما دخلت السنة التاسعة «5» عشرة كتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص أن ~~PageV02P477 # ابعث من عندك «1» جندا إلى الجزيرة، وأمر عليهم أحد الثلاثة «2» : خالد ~~بن عرفطة، أو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، أو عياض بن غنم؛ فلما قرأ سعد ~~الكتاب قال: لم يؤخر أمير المؤمنين عياض بن غنم آخر الثلاثة إلا أن له فيه ~~هوى، فولاه جيشا وبعث معه عمر بن سعد وعثمان بن أبي العاص، فخرج عياض بن ~~غنم إلى الجزيرة ونزل بجنده على الرهاء وصالح أهلها على الجزيرة، وصالحت ~~حران حين صالحه الرهاء، ووجه عياض عمر بن سعد إلى رأس العين وسار بنفسه في ~~بقية الناس إلى دارا ونصيبين فنزل عليهما «3» حتى افتتحهما «4» ، ثم افتتح ~~الموصل، صالحه عليها أهلها. # وزاد عمر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، زاد فيه من ناحية دار ~~مروان وأدخل فيه دار العباس، وسوى أعمدته وسقفه. # وبعث سعد «5» جرير بن عبد الله البجلي إلى حلوان فافتتحها عنوة، وافتتح ~~هاشم بن عتبة ماسبذان «6» عنوة. وفي هذه السنة فتح أبو موسى جنديسابور ~~والسوس صلحا «7» ، ثم أمر عمر أبا موسى بجرير بن عبد [الله] «8» فافتتحوا ~~رامهرمز صلحا، ثم سار أبو موسى إلى التستر حتى فتحها، وافتتح قم وقاشان «9» ~~. ثم افتتح معاوية بن أبي سفيان قيسارية والرملة وما بينهما، فأقره عمر ~~«10» عليهما. وحج «10» PageV02P478 # بالناس عمر. وفي هذه السنة افتتحت تكريت. # فلما دخلت سنة عشرين رجفت المدينة بالزلزلة. وشكى أهل الكوفة سعدا ms255 وزعموا ~~أنه لا يحسن يصلي «1» ، فاستقدمه عمر وسأله فقال: إني أركن» # في الأوليين «3» وأحذف في الآخرتين، فقال: كذلك الظن فيك يا أبا إسحاق. ~~ثم عزل عمر قدامة بن مظعون عن البحرين، [و] «4» دخل أبو بحرية «5» الكندي ~~عبد الله بن قيس بلاد الروم وأغار، وهو أول من [دخلها] «6» . [و] «4» افتتح ~~مصر [و] «4» الإسكندرية عمرو بن العاص عنوة- وقد فتحت سنة إحدى وعشرين- ~~وغنم بها غنائم كثيرة ثم رجع، فلما بلغ بلهيب «7» قرية من قرى الريف «8» ~~أرسل صاحب الإسكندرية إلى عمرو بن العاص أني قد كنت أخرج الجزية إلى من هو ~~أبغض إلي منكم: فارس والروم، فإن أحببت أن أعطيك الجزية على أن ترد علي من ~~السبي فعلت، فبعث إليه عمرو بن العاص أن من ورائي أميرا «9» لا أستطيع أن ~~أنفذ أمرا دونه، فإن شئت «10» أن أمسك «10» عنك وتمسك «11» عني حتى أكتب ~~إليه بالذي عرضت علي فعلت، فإن قبل ذلك قبلته، وإن أمرني بغير ذلك مضيت ~~لأمره، فقال: نعم، فكتب عمرو إلى عمر، فكتب إليه عمر: أما بعد «12» فقد ~~جاءني كتابك PageV02P479 # تذكر فيه أن صاحب الإسكندرية عرض عليك الجزية على أن ترد عليه ما أصبت من ~~سبي أرضه، ولعمري لجزية قائمة [تكون] «1» لنا ولمن بعدنا من المسلمين أحب ~~إلي من فيء يقسم [ثم] «1» كأنه لم يكن، فاعرض على صاحب الإسكندرية أن يعطيك ~~الجزية على أن تخيروا «2» من في أيديكم من سبيهم بين الإسلام وبين [دين] ~~«1» قومهم، فمن اختار الإسلام فهو من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم، ~~ومن اختار دين قومه وضع عليه من الجزية ما يوضع على أهل دينه، وأما من تفرق ~~من سبيهم فبلغ المدينة ومكة واليمن فأنا لا نقدر على ردهم، فلا نحب أن ~~نصالحهم على ما لا نفي به؛ فبعث عمرو بن العاص إلى صاحب الإسكندرية يعلمه ~~بالذي كتب أمير المؤمنين، فقال: قد قبلت، فجمعوا ما بأيديهم من السبي، ~~واجتمعت النصارى، فكانوا يخيرون الرجل بين الإسلام والنصرانية، فإن اختار ~~الإسلام كبر المسلمون وانحاز إليهم، وإن اختار النصرانية ms256 نخرت «3» النصارى ~~ثم حازوه «4» إليهم؛ ووضعوا عليه الجزية. # ثم كتب عمرو بن العاص إلى عمر: أما بعد يا أمير المؤمنين! فإنا قدرنا على ~~البحر وإن شئت «5» أن تركبه ركبت، فكتب إليه عمر أن صف لي كيف حاله وحال من ~~ركبه، فكتب إليه عمرو بن العاص أنه خلق شديد؛ يحل فيه خلق ضعيف، دود على ~~عود، إن استمسك به فزع «6» وإن خر غرق، فكتب إلى عمرو بن العاص: ما كان ~~الله ليسألني عن أمري من المسلمين [الذين] حملتهم «7» فيه، لا حاجة لنا به ~~«8» . PageV02P480 # وتوفي بلال بن رباح «1» مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدمشق ودفن في ~~المقبرة عند باب الصغير؛ ثم أخرج عمر يهود الحجاز من نجران إلى الكوفة ~~وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لئن عشت لأخرجن اليهود من جزيرة ~~العرب» ؛ ثم قال لهم: من كان [له] «2» منكم عهد من رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم فليأت بعهده حتى ننفذه، ومن لم يكن له عهد فإني أجليه «3» ، لأن النبي ~~صلى الله عليه وسلم قال: «أقركم ما أقركم الله» ، وقد أذن الله بإجلائكم ~~إلا أن يأتي رجل منكم بعهد أو بينة من النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقره ~~فأقره، وقد فعلتم «4» بمظهر ابن رافع الحارثي ما فعلتم؛ وذلك أن مظهر بن ~~رافع خرج بأعلاج له من الشام حتى إذا كان بخيبر دخل قوم من اليهود وأعطوا ~~غلمانه السلاح وحرضوهم «5» على قتله فقتلوه، فأجلى عمر اليهود من الحجاز، ~~وقسم خيبر على ثمانية عشر سهما. ثم بعث إلى فدك أبا حبيبة «6» الحارثي ومضى ~~إلى وادي القرى، وأنفذ ظعن خيبر [و] «2» وادي القرى على ما كان رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم سماها إلا أنه فرقها، وصارت في أيدي أهلها تباع وتورث؛ ~~بدأ «7» بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ففرض لكل امرأة منهن اثني عشر ~~ألفا، وفرض لأهل بدر صبيهم وحليفهم ومولاهم خمسة آلاف «8» خمسة آلاف، «8» ، ~~وفرض للأنصار صبيهم وحليفهم ومولاهم أربعة آلاف أربعة آلاف. # ثم مات أسيد بن حضير ms257 في شعبان ودفن بالبقيع «9» . PageV02P481 # ومات هرقل ملك الروم وأقعد مكانه قسطنطين «1» ؛ ثم أغارت الحبشة على أهل ~~بلجة فأصابوهم، وقدم الصريخ على عمر فبعث علقمة بن مجزز «2» المدلجي في ~~عشرين مركبا إلى الحبشة فأغاروا عليهم؛ ولم يحمل بعدها مسلما في البحر. # ثم عزل عمر أبا موسى عن البصرة وولاها عثمان بن أبي العاص وأمرهما أن ~~يطاوعا «3» ، فنزل عثمان توج «4» ومصرها، وبعث سوار بن همام» # العبدي إلى سابور فقتل «6» بعقبة الطين «7» . # ثم ماتت «8» زينب بنت جحش زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر: ~~من يغسلها؟ # فقالت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: نحن نغسلها، فغسلنها، وصلى عليها ~~عمر وكبر أربعا، فلما أتى بسريرها أمر عمر بثوب فمد على قبرها، وأمر أسامة ~~بن زيد وابن أخيها محمد بن «9» عبد الله «9» بن جحش ومحمد بن طلحة بن عبيد ~~الله فدخلوا قبرها ولحدوا لها، وقام عمر «10» على قبرها حتى سوى عليها، ورش ~~على قبرها الماء ثم انصرف. وحج عمر بالناس. # فلما دخلت السنة الحادية «11» والعشرون مات خالد بن الوليد بحمص وأوصى ~~إلى عمر بن الخطاب «12» . PageV02P482 # ثم كان فتح نهاوند [و] «1» أميرها النعمان بن مقرن، وذلك أن أهل الري ~~وأصبهان وهمذان «2» ونهاوند تعاقدوا وتعاهدوا وقالوا: إن رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم- نبي العرب الذي أقام لها دينها- مات، وإن ملكهم من بعده ~~ملك «3» يسيرا- يعني أبا بكر- ثم هلك، وإن عمر قد طال ملكه ومكثه وتأخر ~~أمره حتى جيش إليكم الجيوش في بلادكم، وليس بمنقطع عنكم حتى تسيروا إليهم ~~في بلادهم فتقتلوهم. فلما بلغ الخبر أهل الكوفة من المسلمين كتبوا إلى عمر، ~~فلما أخذ عمر الصحيفة مشى بها إلى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ~~باك وجعل ينادي: أين المسلمون «4» ! أين المهاجرون «5» والأنصار! من ههنا ~~من المسلمين! فلم يزل ينادي حتى امتلأ عليه المسجد رجالا؛ ثم صعد المنبر ~~فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس! فإن الشيطان قد جمع لكم ~~جموعا كثيرة وأقبل بها عليكم، ألا! وإن أهل ms258 الري وأصبهان وأهل همذان «6» ~~وأهل نهاوند أمم مختلفة ألوانها وأديانها، ألا! وإنهم تعاقدوا وتعاهدوا على ~~أن يسيروا إليكم فيقتلوكم «7» ، ألا! وإن هذا يوم له ما بعده من الأيام، ~~ألا! فأشيروا علي برأيكم؛ فقام طلحة بن عبيد الله فحمد الله وأثنى عليه ثم ~~قال: أما بعد يا أمير المؤمنين! فقد حنكتك البلايا و «8» عجمتك التجارب «8» ~~، وقد ابتليت يا أمير المؤمنين واختبرت، فلم ينكشف «9» شيء من عواقب قضاء ~~الله لك إلا عن «10» PageV02P483 # خيار، وأنت يا أمير المؤمنين ميمون النقيبة «1» مبارك الأمر، «2» فمرنا ~~نطع وادعنا نجب واحملنا «2» نركب، فأثنى عمر على طلحة خيرا ثم جلس، فقام ~~عثمان ابن عفان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أمير المؤمنين! إني أرى أن ~~تكتب إلى أهل الشام فيسيرون إليك من شامهم «3» ، وتكتب إلى أهل اليمن ~~فيسيرون من يمنهم، وتسير أنت بمن معك من [أهل] «4» هذين الحرمين إلى هذين ~~المصرين، فإنك لو فعلت ذلك كنت أنت الأعز الأكبر، وإن هذا يوم له «5» ما ~~بعده من الأيام، وأثنى عليه عمر فجلس؛ فقام علي بن أبي طالب فحمد الله ~~وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أمير المؤمنين! فإنك إن تكتب إلى أهل الشام ~~أن يسيروا إليك من شامهم إذا تسير الروم إلى ذراريهم «6» فتسبيهم «7» ، وإن ~~تكتب إلى أهل اليمن [أن] «8» يسيروا إليك من يمنهم إذا تسير الحبشة إلى ~~ذراريهم فتسبيهم، وإن سرت أنت بمن معك من [أهل] «8» هذين الحرمين إلى هذين ~~المصرين إذا والله انتقضت «9» عليك الأرض من أقطارها وأكنافها، وكان والله ~~يا أمير المؤمنين من تخلف وراءك من العورات والعيالات أهم إليك مما «10» ~~بين يديك من العجم، والله يا أمير المؤمنين! لو أن العجم نظروا إليك عيانا ~~إذا لقالوا: هذا عمر، هذا إريس «11» العرب [و] «8» كان والله أشد لحربهم ~~وجرأتهم عليك، وأما ما كرهت «12» من مسير هؤلاء القوم فإن PageV02P484 # الله أكره لمسيرهم منك وهو أقدر على تغيير ما كره، وأما ما ذكرت من ~~كثرتهم فإنا كنا ما نقاتل مع نبينا بالكثرة ولكنا نقاتل معه بالنصرة من ms259 ~~السماء، وأنا أرى يا أمير المؤمنين «1» رأيا من تلقاء نفسي، رأيي أن تكتب ~~إلى أهل البصرة فيفترقوا على ثلاث فرق: فرقة تقيم في أهل عهودهم بأن لا ~~ينتقضوا عليهم، وفرقة «2» تقيم من ورائهم في ذراريهم، وفرقة تسير إلى ~~إخوانهم بالكوفة مددا لهم، فطبق» # عمر ثم أهل مكبرا يقول: الله أكبر الله أكبر! هذا رأي هذا رأي! كنت أحب ~~أن أتابع صدق ابن أبي طالب، لو خرجت بنفسي لنقضت علي الأرض من أقطارها، ولو ~~أن العجم نظروا إلي عيانا «4» ما زالوا عن العرص «4» حتى يقتلوني أو ~~أقتلهم، «5» أشر علي يا «5» علي بن أبي طالب برجل أوليه هذا الأمر! قال: ~~مالي ولهم! هم أهل العراق وفدوا عليك ورأوك ورأيتهم وتوسمتهم وأنت أعلمنا ~~«6» بهم، قال عمر: إن شاء الله لأولين الراية غدا رجلا يكون لأول أسنة ~~يلقاها، وهو «7» النعمان بن مقرن المزني، ثم دعا عمر السائب بن الأقرع ~~الكندي فقال: يا سائب! أنت حفيظ على الغنائم بأن تقاسمها، فإن الله أغنم ~~هذا الجيش شيئا فلا تمنعوا أحدا حقا هو له، ثكلتك أمك يا سائب! وإن هذا ~~الجيش هلك فاذهب عني في عرض الأرض فلا أنظر إليك بواحدة، فإنك تجيئني بذكر ~~«8» هذا الجيش كلما رأيتك. # ثم كتب إلى أهل الكوفة: سلام عليكم، أما بعد فقد استعملت عليكم النعمان ~~بن مقرن المزني، فإن قتل النعمان فعليكم حذيفة بن اليمان العبسي، فإن ~~PageV02P485 # قتل حذيفة فعليكم عبد الله بن قيس الأشعري أبو موسى، فإن قتل أبو موسى ~~فعليكم جرير بن عبد الله البجلي، فإن قتل جرير فعليكم المغيرة بن شعبة ~~الثقفي، فإن قتل المغيرة فعليكم الأشعث بن قيس الكندي. # ثم كتب عمر إلى النعمان بن مقرن: فإن في جندك رجلين: «1» عمرو بن «1» معد ~~يكرب المدحجي، وطليحة بن خويلد الأسدي؛ فأحضرهما «2» وشاورهما في الحرب، ~~وإياك أن توليهما عملا فإن كل صانع أعلم بصناعته. # فلما ورد عليه الكتاب سار بالناس، فالتقى المسلمون والمشركون بنهاوند، ~~فأقبل المشركون يحمون أنفسهم وخيولهم ثلاثا، ثم نهض إليهم المسلمون يوم ~~الأربعاء فاقتتلوا قتالا شديدا ms260 حتى كثرت القتلى وفشت الجرحى والصرعى في ~~الفريقين جميعا، ثم حجز بينهما الليل ورجع الفريقان إلى عسكريهما، وبات ~~المسلمون ولهم أنين [من] «3» الجراحات، يعصبون بالخرق «4» ويبكون حول ~~مصاحفهم؛ وبات المشركون في «5» معازفهم وخمورهم. # ثم غدوا يوم الخميس فاقتتل المشركون وقاتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى ~~وفشت الجرحى في الفريقين جميعا، ثم حجز بينهما الليل ورجع الفريقان «6» إلى ~~عسكريهما، وبات المسلمون لهم أنين من الجراحات يعصبون بالخرق «7» ويبكون ~~حول مصاحفهم، وبات المشركون في معازفهم وخمورهم. # ثم غدا النعمان بن مقرن يوم الجمعة- وكان رجلا قصيرا أبيض- على ~~PageV02P486 # برذون «1» أبيض قد أعلم بالبياض، فجعل يأتي راية راية يحرضهم على القتال ~~ويقول: الله الله في الإسلام أن تخذلوه، فإنكم باب بين المسلمين وبين ~~المشركين، فإن كسر هذا الباب دخلوا على المسلمين «2» ، يا أيها الناس! إني ~~هاز لكم الراية مرة فليتعاهد الرجل الخيل في حزمها «3» وأعنتها، ألا! وإني ~~هاز لكم الثانية فلينظر كل رجل منكم إلى موقف فرسه ومضرب رمحه ووجه مقاتله، ~~ألا! وإني هاز لكم الثالثة ومكبر، فكبروا الله واذكروه، ومستنصر فاستنصروه ~~«4» ، ألا! فحامل «5» فاحملوا؛ فقال رجل: قد سمعنا مقالتك وحفظنا وصيتك ~~فأخبرنا بأي النهار يكون ذلك يكون ذلك حتى يكونوا على آلة وعدة، قال ~~النعمان: ليس يمنعني أن يكون ذلك من أول النهار إلا شيء شهدته من رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا فلم «6» ~~يقاتل أول النهار لم «7» يعجل بالقتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح ويطيب ~~القتال وتحضر «8» الصلاة، وينزل النصر من السماء مع مواقيت الصلاة في الأرض ~~«9» ؛ فمكث المسلمون ينظرون إلى الراية ويراعونها حتى إذا زالت الشمس عن ~~كبد السماء هز النعمان الراية هزة، فانتزعوا المخالي عن الخيول وقرطوها ~~الأعنة، وأخذوا أسيافهم بأيمانهم والأترسة بشمائلهم، وصلى كل رجل منهم ~~ركعتين يبادر بهما؛ ثم هز النعمان الراية ثانيا، فوضع كل رجل منهم رمحه بين ~~أذني فرسه، ولزمت الرجال منهم نحور الخيل، «10» وجعل كل رجل «10» ~~PageV02P487 # يقول لصاحبه: أي فلان! تنح عني، لأوطئك بفرسي ms261، إني أرى وجه مقاتلي، إني ~~غير راجع إن شاء الله حتى أقتل أو يفتح الله علي؛ ثم هز الثالثة فكبر، فجعل ~~الناس يكبرون الأول فالأول الأدنى فالأدنى، وقذف الله الرعب في قلوب ~~المشركين حتى أن أرجلهم كانت تخفق في الركب، فلم يستطع منهم أحد أن يوتر ~~قوسه، ثم ولوا مدبرين؛ وحمل النعمان وحمل الناس فكان النعمان أول قتيل قتل ~~من المسلمين، جاءه سهم فقتله، فجاء أخوه معقل بن مقرن فغطى عليه بردا له ~~«1» ، ثم أخذ الراية وإنها لتنضح دما من دماء من قتله «2» بها النعمان قبل ~~أن يقتل، فهزم الله المشركين وفتح على المسلمين، وبايع الناس لحذيفة بن ~~اليمان، فجمع السائب بن الأقرع الغنائم كأنها الآكام، فجاءه دهقان من ~~دهاقينهم «3» فقال: هل لك أن تؤمنني على دمي ودم أهل بيتي ودم كل ذي رحم لي ~~وأدلك على كنز عظيم؟ # [قال: نعم] «4» ، قال: خذوا «5» المكاتل والمعاول فامشوا، فمشوا معه حتى ~~انتهى إلى مكان، قال: احفروا، فحفروا فإذا هم بصخرة، قال: اقلعوها، فقلعوا ~~فإذا هم بسفطين [من] «6» فصوص يضيء «7» ضوءها كأنها شهب تتلألأ، فأعطى ~~السائب كل ذي حق حقه من الغنائم، وحمل السفطين «8» حتى قدم بهما «9» على ~~عمر، فلما نظر عمر إلى السائب ولى باكيا، ثم أقبل يقول: يا سائب! ويحك! ما ~~وراءك؟ ما فعلت؟ ما فعل المسلمون؟ قال السائب: خير يا أمير المؤمنين! هزم ~~الله المشركين «1» راجع لذلك الطبري 4/ 235. PageV02P488 # وفتح للمسلمين، قال: ويحك يا سائب! والله ما أتت ليلة بعد ليلة بات فيها ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ميتا مثل البارحة! لا والله ما بت «1» ~~البارحة إلا تقديرا! فما فعل النعمان ابن مقرن؟ قال: استشهد يا أمير ~~المؤمنين، فبكى عمر ثم قال: يرحم الله النعمان- ثلاثا، ثم قال: مه! قال: لا ~~والذي أكرمك بالخلافة وساقها إليك! ما قتل بعد النعمان أحد نعرفه، فبكى عمر ~~بكاء شديدا ثم قال: الضعفاء لكن الله أكرمهم بالشهادة وساقها إليهم» # ، أدفنتم إخوانكم؟ لعلكم غلبتم على أجسادهم [و] «3» خليتم بين لحومهم ~~والكلاب والسباع! أخشى أن ms262 يكونوا أصيبوا بأرض مضيعة. # قال السائب: هون عليك يا أمير المؤمنين! فقد أكرمهم الله بالشهادة وساقها ~~إليهم، ثم قال عمر: أعطيت كل ذي حق حقه؟ فقال: نعم، فنفض عمر رداءه ثم ولى ~~باكيا فأخذ السائب بطرف ردائه ثم قال: اجلس يا أمير المؤمنين! فإن لي إليك ~~حاجة، قال: وما حاجتك «4» ؟ ألم تخبرني أنك أعطيت «5» كل ذي حق حقه؟ قال: # بلى، قال: فما حاجتك إلي؟ فأبدى له عن السفطين فصوصهما «6» كأنها شهب ~~تتلألأ، فقال عمر: ما هذا؟ فأخبره السائب خبر الدهقان، فصعد فيها بصره ~~وخفضه «7» ثم قال: ادع لي عليا وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وعبد الله بن ~~الأرقم، فلما اجتمعوا عنده «8» قال السائب: لم يكن لي هم [إلا] «9» أن ~~أنفلت «10» PageV02P489 # من عمر، فركبت راحلة «1» لي وأتيت الكوفة، فو الله ما «2» جفت بردعة «2» ~~راحلتي [حتى] «3» أتاني كتاب عمر: عزمت عليك إن كنت قاعدا لا قمت «4» وإن ~~كنت قائما لا «5» قعدت إلا «5» على راحلتك، ثم العجل العجل! فقلت للرسول: ~~هل كان في الإسلام حدث؟ قال: لا، قلت: فما حاجته إلي؟ قال: لا أدري، فركبت ~~راحلتي حتى أتيت عمر، فلما نظر إلي، أقبل علي بدرته يضربني بها حتى سبقته ~~«6» إلى غيره «6» وهو يقول: ما لي ولك يا ابن أم مليكة! أعن ديني تفارقني ~~أم النار توردني؟ قلت: # دعني عنك يا أمير المؤمنين! لا تقتلني غما، قال عمر: فإنك لما خرجت من ~~عندي فأويت إلى فراشي جاءني ملائكة من عند ربي في جوف الليل؛ فرموني بسفطين ~~«7» هذين، فإذا حملتهما [فإذا] «3» نار توقد على جنبي، فجعلت أتأخر و «8» ~~جعلوا يدفعونني «8» إليهما، حتى تعاهدت ربي في «5» هذا: إن «5» هو تركني ~~حتى أصبح لأقسمن على من أفاء الله عليه، أخرج بهما «9» من عندي، لا حاجة لي ~~بهما ... «10» بعهما بعطية المقاتلة والذرية «11» ، فإن لم تصب إلا عطية ~~أحد الفريقين فبع ثم اقسمهما على من أفاء الله عليه، والله لئن شكا «12» ~~المسلمون قبل أن تقسم بينهم لأجعلنك نكالا لمن بعدك؛ قال السائب: فخرجت ~~بهما «13» من عنده PageV02P490 # حتى قدمت ms263 الكوفة فأخرجتهما «1» إلى الزحمة «2» ، فأبديت عنهما فلاح «3» ~~ضوءهما كأنهما «4» شهب تتلألأ، فجعل لا يأتي «8» عليهما قوم «5» إلا صفقوا ~~تعجبا منهما، حتى أتاني عمرو بن حريث «6» ، فلما نظر إليهما استامني «7» ~~بهما «8» فقلت: بعطية المقاتلة والذرية، فما كلمني حتى صفق على يدي «9» ~~وأوجبت له البيع، فخرج بهما «3» إلى الحيرة، فباع أحدهما بعطية المقاتلة ~~والذرية، واستفضل الآخر ربحا، فكان أول شيء اعتقله «10» بالكوفة مالا. # ثم سار المغيرة1» # بالمسلمين «12» إلى مدينة آذربيجان «13» فصالحه أهلها على ثمانمائة ألف ~~درهم في كل سنة. # ثم غزا حذيفة بن اليمان الدينور فافتتحها عنوة، وكانت قبل ذلك فتحت لسعد ~~فانتقضت «14» ؛ ثم غزا حذيفة ماه سندان «15» فافتتحها عنوة، وكانت قبل ذلك ~~فتحت لسعد فانتقضت، ثم غزا حذيفة همذان فافتتحها عنوة. PageV02P491 # ثم «1» ولى عمر عمار بن ياسر الكوفة على الصلاة والحرب، وعبد الله بن ~~مسعود على بيت المال، وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض، فشكا أهل الكوفة ~~عمارا وقالوا: رجل لا يعلم، فاستعفى عمار، ودعا عمر جبير بن مطعم خاليا ~~ليوليه «2» الكوفة وقال له: لا تذكره لأحد، فبلغ المغيرة بن شعبة أن عمر قد ~~خلا بجبير بن مطعم، فرجع إلى امرأته وقال لها: اذهبي «3» إلى امرأة جبير بن ~~مطعم فاعرضي عليها متاع السفر، فأتتها «4» فعرضت عليها فاستعجمت عليها ثم ~~قالت: # ائتيني به، فلما استيقن المغيرة بذلك جاء [إلى] «5» عمر وقال: بارك الله ~~لك فيمن وليت، وأخبره أنه ولى جبير بن مطعم، فقال عمر: لا أدري ما أصنع؟ ~~قولى «6» المغيرة بن شعبة الكوفة «7» فلم يزل عليها إلى أن مات عمر. # ثم مضى عمرو بن العاص إلى برقة طرابلس ففتحها، وصالح أهل برقة على اثني ~~عشر ألف دينار «8» ، وبعث عقبة بن نافع الفهري فافتتح لعمر زويلة بالصلح، ~~وكان بين برقة وزويلة «9» صلح للمسلمين. # وحج عمر بالناس، واستخلف على المدينة [زيد بن ثابت] «10» . # فلما دخلت السنة الثانية والعشرون فتح المغيرة بن شعبة آذربيجان صلحا ~~PageV02P492 # على ثمانمائة ألف درهم «1» ، ودخل معاوية أرض الروم الصائفة «2» في عشرة ~~آلاف، ثم اعتمر [عمر] «3» وساق معه عشر بدنات ونحرها ms264 في منحر رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم ومعه من الصحابة عبادة بن الصامت وأبو ذر وأبو أيوب وشداد ~~بن أوس، وكان نافع بن عبد الحارث عامله «4» على مكة فتلقاه نافع فقال عمر: ~~من خلفت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى رجل من الموالي «5» ، قال عمر: ~~أمولى أيضا؟ قال: يا أمير المؤمنين! إنه قارئ للقرآن عالم بالفرائض «6» ، ~~فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله عز وجل يرفع ~~بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين» . # [فلما دخلت] «7» السنة الثالثة والعشرون فتح معاوية عسقلان صلحا «8» ، ~~وقد قيل: إن الذي فتح في هذه السنة فتحها قرظة بن كعب الأنصاري لعمر، ولا ~~يصح عندي. # ثم كان [غزوة] «9» أصطخر الأولى، وذلك أن عثمان بن أبي العاص أقام بتوج ~~«10» ؛ وتوفي قتادة بن النعمان الظفري فصلى عليه عمر، ونزل حفرته أخوه لأمه ~~أبو سعيد الخدري ومحمد بن مسلمة والحارث بن خزمة «11» . PageV02P493 # ثم حج بالناس عمر، وأذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يحججن معه ~~«1» ، فبينا هو بالأبطح إذ أقبل راكب يسأل عن عمر فدل عليه، فلما رآه بكى ~~وجعل يقول: # جزى الله خيرا «2» من أمير وباركت ... يد الله في ذاك «3» الأديم الممزق # قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائج «4» في أكمامها لم تفتق # أبعد قتيل «5» بالمدينة أظلمت ... له الأرض تهتز «6» العضاة بأسوق # فمن يسع» # أو «8» يركب جناحي نعامة «8» ... ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق # فما كنت أخشى أن تكون «9» وفاته ... «10» بكفي سبنتي أزرق العين مطرق ~~«10» # وكان جبير بن مطعم يقول: بينا أنا واقف مع «11» عمر بعرفات «11» إذ قال ~~رجل: # يا خليفة الله! فقال رجل خلفي: قطع الله لحيتك! والله لا يقف أمير ~~المؤمنين بعد هذا العام أبدا! قال جبير: فالتفت «12» فإذا هو رجل من لهب، ~~ولهب بطن من الأزد، وبينا نحن نرمي الجمار وإذا رمى إنسان فأصاب رأس عمر ~~فشجه، فقال رجل PageV02P494 # خلفي: قطع «1» الله لحيتك «1» ! ما أرى أمير المؤمنين إلا «2» سيقتل، قال ~~جبير: # فالتفت فإذا هو ذلك اللهبي «3» . ثم رجع عمر من مكة ms265 إلى المدينة [و] «4» ~~قام في الناس فقال. إني رأيت كأن ديكا أحمر نقرني نقرنين، ولا أراه «5» إلا ~~«6» لحضور أجلي. ثم خرج يوما إلى السوق وهو متكئ على بد عبد الله بن الزبير ~~«7» إذ لقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فقال لعمر: ألا تكلم مولاي أن ~~يضع عني من خراجي؟ # قال: وكم خراجك؟ قال: دينار «8» ، قال: ما أفعل! إنك لعامل وإن هذا لشيء ~~يسير، ثم قال له عمر: ألا تعمل لي «9» رحى؟ قال: بلى، فلما ولى عمر قال أبو ~~لؤلؤة: أعمل لك رحى يتحدث بها من بين المشرق والمغرب؛ قال ابن الزبير: # فوقع في قلبي قوله ذلك. فلما كان وقت النداء بالفجر خرج عمر إلى الصلاة، ~~وذلك يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة «10» ، واضطجع له أبو ~~لؤلؤة، فقام عمر فجعل يقول بين الصفوف: فاستووا استووا! فلما كبر طعنه أبو ~~لؤلؤة ثلاث طعنات في وتينه «11» ، فقال عمر: قتلني الخبيث! ثم أخذ بيد عبد ~~الرحمن فقدمه، فصلى عبد الرحمن بالناس الصبح وقرأ إنا أعطيناك الكوثر وإذا ~~جاء نصر الله ثم دخل عبد الرحمن على عمر وعنده علي وعثمان وسعد وابن عباس، ~~فقال: PageV02P495 # يا ابن عباس: من قتلني؟ قال: أبو لؤلؤة، قال عمر: الحمد لله الذي لم يجعل ~~موتي برجل يدعي الإسلام، ثم سكت عمر كالمطرق فقالوا: ألا ننبه للصلاة! ~~فقيل! الصلاة يا أمير المؤمنين! فقال: نعم، ولا حظ في الإسلام لمن ترك ~~الصلاة، ثم صلى وجرحه يثعب «1» دما، ثم أقبل على علي فقال: اتق الله يا ~~علي! إن وليت من أمور الناس شيئا فلا تحملن بني هاشم على رقاب «2» الناس، ~~وأنت يا عثمان إن وليت من أمور الناس شيئا فلا تحملن بني أبي معيط على رقاب ~~«2» الناس، وأنت يا زبير ويا سعد! إن وليتما من أمر الناس [فلا تحملان ~~أقاربكما على رقاب الناس] «3» ، ثم قال: إني نظرت في أمر الناس فلم أر «4» ~~عندهم شقاقا [إلا] «5» أن يكون فيكم، وإن الأمر إلى الستة نفر: عثمان وعلي ~~وعبد الرحمن وسعد وطلحة والزبير ms266، فتشاوروا ثلاثا، وكان طلحة غائبا في مال ~~له، فقال عمر: إني مصرت لكم الأمصار ودونت لكم الدواوين، وإني تركتكم على ~~الواضحة، إنما أتخوف أحد رجلين، إما رجل يرى أنه أحق بالملك من صاحبه ~~فيقاتله، أو رجل يتأول القرآن على غير تأويله، وإني قرأت في كتاب الله ~~«الشيخ والشيخة [إذا زنيا] «6» فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز ~~حكيم» ألا! فلا تهلكوا عن آية الرجم، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~ورجمنا معه، ولولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي، فقد ~~قرأناها بكتاب الله. # ثم دعا بكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى ~~الخليفة «7» من بعدي «7» : سلام عليك فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، ~~أما بعد فإني PageV02P496 # أوصيك بتقوى الله وبالمهاجرين الذين أخرجوا «1» من ديارهم وأموالهم- ~~الآية، فتعرف فضيلتهم وتقسم عليهم فيئهم، وأوصيك ب الذين تبوؤا الدار ~~والإيمان «2» - الآية، فهؤلاء الأنصار تعرف فضلهم وتقسم عليهم فيئهم، ~~وأولئك الذين جاؤ من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا «3» - الآية» . # وخرج «4» أبو لؤلؤة على وجه يريد البقيع وطعن في طريقه اثني عشر رجلا، ~~فخرج خلفه عبيد الله بن عمر فرأى أبا لؤلؤة «5» [و] «6» الهرمزان وجفينة ~~[وكان] «6» نصرانيا وهم يتناجون بالبقيع، فسقط منهم خنجر «7» له رأسان ~~ونصابه [في] «5» وسطه، فقتل عبيد الله أبا لؤلؤة والهرمزان وجفينة ثلاثتهم. ~~فجرى بين سعد بن أبي وقاص وبين عبيد الله في شأن جفينة ملاحاة «8» ، وكذلك ~~بين علي بن أبي طالب وبينه في شأن الهرمزان حتى قال علي بن أبي طالب: إن ~~وليت من هذا الأمر شيئا قتلت عبيد الله بالهرمزان. # ثم أرسل عمر إلى عائشة يستأذنها في أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم وأبي بكر، فأذنت له فقال عمر:» # أنا أخشى أن يكون ذلك» # لمكان السلطان مني، فإذا مت فاغسلوني «10» فكفنوني ثم قفوا بي على بيت ~~عائشة وقولوا: أيلج عمر؟ فإن قالت: # نعم، فأدخلوني، وإن أبت فادفنوني بالبقيع. PageV02P497 # ثم أرسل «1» عمر فجيء بلبن، فشربه ms267 فخرج من جرحه، فعلم أنه الموت، فقال ~~لعبد الله بن عمر: انظر ما علي من الدين فاحسبه، فقال: ستة وثمانون ألفا، ~~فقال: إن «2» وفى لها مال آل عمر فأدها «3» عني من أموالهم، وإلا فسل [بني] ~~«4» عدي بن كعب، فإن لم تف «5» من أموالهم «6» فسل قريشا ولا «7» تعدهم إلى ~~غيرهم وأدها عني. # فتوفي عمر رضي الله عنه وله خمسة وستون سنة «8» ، وفعل به ما أمر فأذنت ~~له عائشة، وصلى عليه صهيب، ودخل حفرته عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر «9» ~~، وكانت الخلافة عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال «10» . # وكان له من العمال وقت ما توفي: على الكوفة المغيرة بن شعبة، وعلى البصرة ~~أبو موسى، وعلى حمص وأعمالها عمير بن سعد الضمري، وعلى دمشق معاوية بن أبي ~~سفيان، وعلى صنعاء يعلى بن منية «11» ، وعلى الجند عبد الله [بن] «12» أبي ~~ربيعة، وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثقفي، وعلى مكة نافع بن عبد الحارث ~~«13» ، وعلى مصر عمرو بن العاص- رحمهم الله تعالى أجمعين آمين! PageV02P498 ### | استخلاف عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه # وهو عثمان بن [عفان بن] «1» أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن ~~قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن ~~كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكنيته ~~أبو عمرو، وقد قيل: أبو عبد الله «2» ، ويقال: أبو ليلى «3» ، وأم عثمان ~~أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها «4» البيضاء [أم] «5» ~~حكيم بنت عبد المطلب بن هاشم «6» بن عبد مناف. # أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب «7» الجمحي بالبصرة ثنا علي بن هاشم ~~[عن] «8» جعفر بن نجيح المديني ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أبي حازم عن سهل ~~بن سعد الساعدي أن أحدا «9» ارتج وعليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ~~وعمر وعثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اثبت أحد! فما عليك إلا نبي ~~وصديق وشهيدان ms268» . # قال أبو حاتم: لما دفن عمر رضي الله عنه تعمد «10» عثمان بن عفان وعلي بن ~~أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد الرحمن وسعد يتشاورون، ~~فأشار عثمان على عبد الرحمن بالدخول في الأمر، فأبى عبد الرحمن وقال: لست ~~PageV02P499 # بالذي أنافسكم على هذا الأمر، وإن شئتم «1» اخترت لكم منكم واحدا، فجعلوا ~~ذلك إلى عبد الرحمن بن عوف، فلما ولي ذلك مال الناس كلهم إليه وتركوا أولئك ~~الآخرين «2» ، فأخذ عبد الرحمن يتشاور في تلك الليالي الثلاث حتى [إذا] «3» ~~كان من الليلة التي بايع عثمان بن عفان من غدها جاء إلى باب المسور بن ~~مخرمة بعد هوي «4» من الليل فضرب الباب وقال: ألا «5» أراك نائما؟ والله ~~[ما] «3» كحلت منذ «6» الليلة بكثير نوم «7» ، ادع لي الزبير وسعدا» # ، فدعاهما فشاورهما، ثم أرسله إلى عثمان بن عفان فدعاه فناجاه حتى فرق ~~بينهما المؤذن، فلما صلوا الصبح اجتمعوا، وأرسل عبد الرحمن إلى من حضر من ~~المهاجرين والأنصار وأمراء الأجناد، ثم خطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ~~أما بعد، فإني نظرت في أحوال «9» الناس وشاورتهم فلم أجدهم يعدلون بعثمان، ~~ثم قال: يا عثمان! نبايعك على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين ~~من بعده! قال: نعم، فبايعه عبد الرحمن وبايعه المهاجرون والأنصار وأمراء ~~«10» الأجناد والمسلمون، وذلك لغرة المحرم. # وبعد دفن عمر بثلاثة أيام في هذه السنة كان فتح همذان ثانيا. وكانت قد ~~انتقضت على أميرها المغيرة بن شعبة على رأس ستة أشهر من مقتل عمر «11» ، ~~وفي PageV02P500 # هذه السنة سار إليها أبو موسى الأشعري بأهل البصرة حتى فتحها صلحا، معه ~~البراء ابن عازب وقرظة بن كعب، وكان عمر بن الخطاب قد قتل وحذيفة قد ~~افتتحها وجيشه كان عليها، ثم انتقضوا حتى غزاهم أبو موسى، وخرج عثمان بن ~~عفان يوم الفطر إلى المصلى يكبر ويجهر بالتكبير حتى صلى العيد وانصرف، وبعث ~~على الحج عبد الرحمن بن عوف فخطبهم عبد الرحمن قبل التروية بيوم بمكة بعد ~~الظهر، فلما زاغت الشمس خرج إلى منى وحج ونفر النفر ms269 الأول، وكان قد ساق معه ~~بدنات فنحرها في منحر رسول الله صلى الله عليه وسلم. # فلما دخلت السنة الخامسة والعشرون غزا معاوية أرض الروم وفتح الحصون، ~~وولد له ابن يزيد بن معاوية «1» ؛ ثم نقضت الإسكندرية الصلح الذي صالحهم ~~عمرو بن العاص عليه «2» فغزاهم عمرو، وظفر بهم وسباهم وبعث السبي إلى ~~المدينة، فردهم عثمان إلى ذمتهم وقال: إنهم كانوا صلحا، والذرية لا تنقض ~~الصلح، وإنما تنقض الصلح المقاتلة، ونقض المقاتلة الصلح ليس يوقع السبي على ~~ذراريهم «3» . # ثم عزل عثمان بن عفان عمرو بن العاص عن الإسكندرية ومصر، وولاهما «4» عبد ~~الله بن سعد بن أبي سرح، فوجد عمرو من ذلك، وكان بدء الشر بينه وبين عثمان ~~عزله عن مصر والإسكندرية، وكان عمرو قد بعث جيشه إلى المغرب فأصابوا غنائم ~~كثيرة، فلما دخل عبد الله بن سعد مصر واليا بعث جرائد الخيل إلى المغرب ~~واستشار عثمان في إفريقية، وعزل عثمان سعدا عن الكوفة وولى عليها الوليد بن ~~عقبة بن أبي معيط، فبعث الوليد سلمان بن ربيعة الباهلي في اثني عشر ألفا ~~[إلى] «5» برذعة فافتتحها عنوة وقتل وسبى، وغزا البيلقان فصالحوه ~~PageV02P501 # قبل أن يجيء إلى برذعة «1» ، وبعث خيله إلى جرزان فصالحوه، وفي هذه السنة ~~كانت غزوة «2» سابور الأولى «2» ؛ ثم حج عثمان بالناس «3» . ### | فلما دخلت السنة السادسة والعشرون # قدم معاوية المدينة وافدا على عثمان، وبعث عثمان بن عفان عثمان بن أبي ~~العاص إلى فارس ففتح سائر الجنود، وغزا عبد الله بن سعد بن أبي سرح ~~الإفريقية ومعه العبادلة: عبد الله بن عمر «4» ، وعبد الله بن الزبير، وعبد ~~الله بن عمرو؛ فلقي جرجير «5» في مائتي ألف بموضع يقال له سبيطلة «6» على ~~سبعين ميلا من القيروان، فقتل جرجير «5» ، وسبوا وغنموا، فبلغ سهم الفارس ~~«7» ثلاثة آلاف مثقال ذهب، وسهم الراجل ألف مثقال، وصالحه أهل تلك المدن ~~إلى قيروان على مائة ألف رطل من ذهب. # واعتمر عثمان ودخل مكة ليلا وكان بين الصفا والمروة، وحل قبل أن يصبح، ثم ~~رجع إلى المدينة، وأمر بتوسعة المسجد الحرام وتجديد أنصاب الحرم ms270 «8» ؛ ~~وتزوج عثمان بنت خالد بن أسيد «9» ، ثم اعتمر عثمان في رجب، وخرج معه عبد ~~الله بن جعفر والحسين بن علي فمرض الحسين بن علي، فأقام عبد الله بن ~~PageV02P502 # جعفر عليه بالسقيا «1» ، وبعث إلى علي يخبره بذلك، فخرج علي في نفر من ~~بني هاشم إلى السقيا، فلما دخلها دعا ببدنة فنحرها وحلق رأسه، وأقام على ~~الحسين يمرضه، فلما فرغ عثمان من «2» عمرته كلموه بأن يحول الساحل إلى جدة، ~~وكانوا قبل ذلك في الجاهلية يرسون بالشعيبة «3» وقالوا: جدة أقرب إلى مكة ~~وأوسع وأقرب من كل ناحية، فخرج عثمان إلى جدة فرآها ورأى موضعها وأمرهم أن ~~يجعلوها بمكان الشعيبة «4» ، فحول الساحل إلى جدة ودخل البحر وقال: إنه ~~مبارك، وقال لمن معه: ادخلوا، ولا يدخلها إلا بمئزر، ثم خرج عثمان من جدة ~~على طريق يخرجه إلى عسفان ثم مضى إلى الجار، فأقام بها يوما وليلة، ثم ~~انصرف فمر بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في منصرفه وهو يمرض الحسين مع ~~جماعة من بني هاشم، فقال عثمان: قد أردت المقام عليه حتى تقدم، ولكن الحسين ~~عزم علي وجعل يقول: امض لرهطك، فقال علي: ما كان ذلك بشيء يفوتك «5» ، هل ~~كانت إلا عمرة، إنما يخاف الإنسان فوت الحج، فأما العمرة فلا، فقال عثمان: # إني أحببت أن أدرك عمرة في رجب، فقال علي بن أبي طالب: ما رأيت رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب قط، وما اعتمر عمراته «6» الثلاث إلا في ~~ذي القعدة؛ ثم رجع عثمان إلى المدينة، ثم مضى علي مع الحسين إلى مكة ... # وافتتح عثمان بن أبي العاص سابور الثانية على ثلاثة آلاف [ألف] «7» ~~وثلاثمائة ألف صلحا، ودخل في صلحهم كازرون، وبعث عثمان بن أبي العاص ~~PageV02P503 # هرم بن حيان العبدي إلى «1» قلعة بجرة «1» على ذلك، وهي يقال لها قلعة ~~الشيوخ، فافتتحها عنوة وسبى أهلها؛ وحج بالناس عثمان بن عفان «2» . ### | فلما دخلت السنة السابعة والعشرون # استشار عثمان بن عفان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إفريقية ~~فأشاروا عليه بذلك «3» ، وكان ms271 عثمان يكره ذلك لأن عمر كان يكرهه ويقول: ~~إنها لا تحمل واليا مقتصدا. فخرج عبد الله بن أبي سرح، وجلب عثمان إبلا ~~كثيرة من الربذة وسرف، وحمل عليها سلاحا كثيرا، وسار المسلمون معها يلحقون ~~بعبد الله بن سعد بن أبي سرح، فلما التقى المسلمون والمشركون ألقى الله في ~~قلوبهم الرعب وفض ذلك الجمع حتى طلبوا الصلح، فصالحهم عبد الله بن أبي سرح ~~على ألفي «4» ألف وخمسمائة ألف وعشرين ألفا. # فلما كان العيد خطبهم عثمان، وكان صادف العيد يوم الجمعة فقال: من كان من ~~أهل العالية «5» وأحب أن يجتمع «5» معنا فعل، وإلا فليجلس في موضعه. فافتتح ~~عثمان بن أبي العاص أرجان ودار ابجرد «6» ، وصالح أهلها على ألفي ألف ومائة ~~«7» . ### | فلما دخلت السنة الثامنة والعشرون # تزوج عثمان نائلة بنت الفرافصة» # وكانت على دين النصرانية، فلما دخلت PageV02P504 # عليه قال لها عثمان: إني شيخ كبير كما ترين، قالت: أنا من نساء أحب ~~الأزواج إليهن الكهول، قال: تقومين إلي أو آتيك؟ قالت: ما جئت «1» من سماوة ~~«2» كلب «3» إليك إلا وأنا أريد القيام إليك «4» . # وغزا معاوية البحر ومعه عبادة بن الصامت معه امرأته أم حرام بنت ملحان ~~الأنصارية، فأتى قبرس، فتوفيت أم حرام بها وقبرها هناك «5» . ثم كانت فتح ~~فارس الأول على يدي هشام بن عامر «6» . وغزا معاوية قبرس فلحقه عبد الله بن ~~أبي سرح وأهل مصر وغنموا غنائم كثيرة. وغزا «7» حبيب بن مسلمة سورية من أرض ~~الروم «8» ، ثم كانت قبرس الآخرة أميرها هشام بن عامر. واعتمر عثمان في رجب ~~ومعه عمرو بن العاص، فأتى عثمان بلحم صيد فأمرهم بأكله، فقال له عمرو بن ~~العاص: لا تأكل ولا تأمرنا به، فقال عثمان: لست آكل منه شيئا لأنه صيد من ~~أجلي، فكان بين عثمان وعمرو كلام كان ذلك أول ملاحاة «9» كانت بينهما. وفي ~~هذه السنة بنى عثمان دار بالزوراء، ثم حج عثمان بالناس «10» . ### | فلما دخلت السنة التاسعة والعشرون # عزل عثمان أبا موسى الأشعري عن البصرة وكان عاملا عليها سبع «11» سنين، ~~PageV02P505 # وعزل عثمان بن أبي العاص عن فارس ms272، وولى ذلك كله عبد الله بن عامر بن كريز ~~وهو يومئذ ابن «1» خمس و «1» عشرين سنة فقدم البصرة، ثم خرج عبد الله بن ~~عامر «2» إلى فارس على مقدمته «3» عبيد الله بن معمر التيمي «4» ، فقتل ~~عبيد الله، وفتح إصطخر الثانية عنوة فقتل وسبى، فكان ذلك «5» إصطخر الآخرة، ~~وقد قيل: في هذه السنة فتح سارية بن زنيم الدئلي «6» أصبهان «7» صلحا وعنوة ~~بأهل البصرة، بعثه ابن عامر. # وضاق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فكلموا عثمان في ~~توسعته، فأمر بتوسعته «8» ، فكان عثمان يركب على راحلته ويقوم «9» على ~~العمال وهم يعملون حتى يجيء وقت الصلاة فيترك ويصلي بهم، وربما قال في ~~المسجد ونام فيه؛ حتى جعل أعمدته من حجارة وفرش فيها الرضراض «10» ؛ وبناه ~~بالحجارة المنقوشة والساج، وجعل له ستة أبواب. # ثم نقضت حلوان الصلح فافتتحها ابن عامر عنوة «11» . ورجم عثمان امرأة من ~~جهينة أدخلت على زوجها فولدت في ستة أشهر من يوم أدخلت عليه، فأمر بها ~~عثمان فرجمت، فدخل «12» علي على عثمان فقال له: إن الله يقول: حمله وفصاله ~~PageV02P506 # ثلاثون شهرا «1» فأرسل عثمان في طلبها فوجدوها قد رجمت، فاعترف الرجل ~~بالغلام، وكان من أشبه الناس به. ### | وفي السنة الثلاثين # زاد عثمان النداء الثاني «2» على الزوراء حيث كثر الناس. وانتقصت ~~آذربيجان فغزاها «3» سعيد بن العاص «3» ففتحها، ثم غزا جرجان «4» ففتحها. ~~ومات الطفيل بن الحارث بن المطلب «5» بن عبد مناف. وسقط خاتم رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم في بئر أريس على ميلين من المدينة وكانت من أقل تلك الآبار ~~ماء، فطلب فلم يوجد إلى الساعة «6» . وغزا «7» ابن عامر «8» في هذه السنة ~~جور» # فافتتحها، وأصاب بها غنائم كثيرة، وافتتح «10» الكاريان والفنسجان من ~~دارابجرد «10» ولم يكونا أدخلا «11» في علم عثمان بن أبي العاص «12» ؛ ثم ~~افتتح ابن عامر أردشير خرة «13» عنوة فقتل وسبى، وهرب يزدجرد «14» فاتبعه ~~ابن عامر مجاشع بن مسعود السلمي حتى نزل على PageV02P507 # السيرجان «1» . وبعث راشد «2» بن عمرو الجديدي «3» ففتح هرمز. ووجه «4» ~~ابن عامر «5» زياد بن الربيع «5» الحارتي إلى سجستان فافتتح زالق وناشروذ ms273 ~~«6» . ثم بعث زياد بن الربيع «7» إبراهيم بن بسام مولى بني ليث حتى حاصر ~~مدينة زرنج «8» فصالحوه على ألف وصيف مع كل وصيف جام «9» من ذهب. ومات ~~مسعود بن «10» الربيع وكان «11» من أهل بدر؛ ومات الحصين «12» بن الحارث بن ~~المطلب بن عبد مناف أخو الطفيل «13» بن الحارث ثم حج عثمان بالناس وصلى ~~بمنى أربعا «14» . ### | وفي السنة «15» الحادية والثلاثين # «15» # فتحت أرمينية الآخرة «16» وأميرها «16» حبيب بن مسلمة الفهري، وذلك أن ~~عثمان كتب إلى حبيب بن مسلمة أن سر من الشام في جيش إلى أرمينية، فمضى حبيب ~~بن PageV02P508 # مسلمة من ناحية درب «1» الحدث فافتتح خلاط وسراج «2» ووادي المطامير. ~~ومات أبو سفيان بن حرب «3» وهو ابن ثمان وثمانين سنة. ثم خرج ابن عامر إلى ~~خراسان [و] «4» على مقدمته الأحنف بن قيس، فلقي أهل هراة «5» فهزمهم، ~~وافتتح أبرشهر «6» صلحا، وقد قيل: عنوة؛ ثم افتتح طوس وما حولها، ثم صالح ~~أهل سرخس «7» على «8» مائة ألف «8» وخمسين ألفا «9» . # وبعث أبو عامر الأسود بن كلثوم العدوي إلى بيهق فافتتحها، وقتل بها «10» ~~؛ وبعث أهل مرو1» # يطلبون الصلح فصالحهم ابن عامر على ألفي ألف ومائتي ألف، وكان الذي صالحه ~~ماهويه «12» بن أو زمهر مرزبان «13» مرو. ثم بعث ابن عامر الأحنف ابن قيس ~~[إلى] «14» مرو «15» الروذ والفارياب والطالقان «15» وافتتح طخارستان، وقتل ~~منهم ثلاثة عشر نفسا «16» ، ثم خرج الأحنف إلى بلخ فصالحوه على أربعمائة ~~ألف PageV02P509 # درهم؛ ثم أتى خوارزم «1» فلم يطقها فرجع. وبعث ابن عامر خليد بن عبد الله ~~«2» بن زهير «2» الحنفي «3» إلى «4» باذغيس وهراة «4» فافتتحها ثم ارتدوا ~~بعد. وغزا عبد الله ابن سعد بن أبي سرح أرض الروم في ناحية المصيصة وغنم ثم ~~رجع «5» ؛ وحج بالناس عثمان «6» . ### | وفي السنة الثانية والثلاثين # «7» # مات عبد الله بن مسعود بالمدينة، ودفن بالبقيع، وصلى عليه عثمان بن عفان ~~«8» . ومات عبد الرحمن بن عوف وهو ابن خمس وسبعين سنة «9» . ومات العباس بن ~~عبد المطلب وهو ابن خمس وثمانين سنة، لأن العباس ولد قبل الفيل بثلاثة سنين ~~«10» . ومات عبد الله بن زيد بن عبد ربه «11» الذي أرى النداء ms274. ومات أبو ~~طلحة الأنصاري زيد بن «12» سهل. وغزا معاوية غزوة مضيق القسطنطينية ومعه ~~امرأته عاتكة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن «13» عبد مناف، وقد قيل: إن ~~اسمها فاختة. وفيها غزا سعيد بن العاص طبرستان «14» . PageV02P510 ### | وفي السنة الثالثة «1» والثلاثين # مات المقداد بن عمرو بن ثعلبة «2» على ثلاثة أميال من المدينة، وحمل على ~~أعناق الرجال إلى المدينة، وصلى عليه عثمان بن عفان، ودفن بالبقيع «3» ، ~~وغزا معاوية ملطية وقرطبة من أرض الروم «4» . وجمع قارن جمعا كثيرا «5» ~~بباذغيس وهراة «5» وأقبل في أربعين ألفا «6» ، وقام بأمر «7» الناس عبد ~~الله بن خازم «8» السلمي فلقي قارن «9» وهزم أصحابه، وأصابوا «10» سبيا ~~كثيرا «10» . ثم بعث ابن عامر عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب إلى سجستان ~~فصالحه صاحب زرنج فأقام عبد الرحمن بها «11» . وتحرك أهل إفريقية «12» فزحف ~~إليهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح فكانت إفريقية الثانية1» # . وغزا معاوية حصن المرأة من بلاد الروم [من] «14» ناحية ملطية. وحج ~~بالناس عثمان «15» . PageV02P511 ### | وفي السنة الرابعة والثلاثين # مات مسطح بن أثاثة من أهل بدر «1» . وغزا عبد الله بن سعد بن أبي [سرح] ~~«2» الصواري من أرض مصر، وقاتل «3» منهم مقتلة عظيمة، وذلك أن المسلمين ~~وعدوهم جميعا كانوا في البحر، فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا من غير رمي ~~بالسهم ولا طعن بالرمح، إنما كان الضرب بالسيف أو «4» الطعن بالخنجر حتى ~~قتل من أرض الروم خلق كثير، وهزم الله الروم منكوبين، وانصرف المسلمون ~~غانمين. ومات عبادة بن الصامت بالرملة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة «5» . ~~ومات عاقل بن البكير من بني سعد بن الليث من أهل «6» بدر. ومات أبو عبس بن ~~«6» جبر بالمدينة وهو من أهل بدر. وحج عثمان بالناس «7» . ### | وفي السنة الخامسة والثلاثين # خرج جماعة من أهل مصر إلى عثمان يشكون ابن أبي سرح ويتكلمون منه، فكتب ~~إليه عثمان كتابا وهدده فيه، فأبى ابن [أبي] «8» السرح أن يقبل من عثمان ~~وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان متظلما وقتل رجلا من المتظلمة، فخرج من أهل ~~مصر سبعمائة رجل فيهم أربعة من الرؤساء: عبد الرحمن ms275 بن عديس البلوي، وعمرو ~~بن الحمق الخزاعي، وكنانة بن بشر بن عتاب الكندي، وسودان «9» بن ~~PageV02P512 # حمران المرادي؛ فساروا حتى قدموا المدينة ونزلوا مسجد رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وشكوا إلى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم [في] «1» مواقيت الصلاة ~~ما صنع بهم ابن أبي سرح؛ فقام «2» طلحة بن عبيد الله إلى عثمان بن عفان ~~وكلمه الكلام الشديد، وأرسلت إليه عائشة: # قدم عليك أصحاب محمد وسألوك عزل هذا الرجل فأبيت ذلك بواحدة، و [هذا قد] ~~«3» قتل منهم رجلا، فأنصفهم من عاملك؛ وكان عثمان يحب قومه. ثم دخل عليه ~~علي بن أبي طالب فقال: سألوك رجلا مكان رجل وقد ادعوا قبله «4» دما، فاعزله ~~عنهم واقض بينهم، فإن وجب عليه حق فأنصفهم [منه] «3» ، فقال لهم عثمان: ~~اختاروا رجلا أوليه عليكم مكانه، فأشار الناس «5» عليه بمحمد «5» بن أبي ~~بكر، فقالوا لعثمان: استعمل علينا محمد بن أبي بكر، فكتب عهده وولاه مصر، ~~فخرج محمد بن أبي بكر واليا على مصر بعهده ومعه عدة من المهاجرين والأنصار ~~ينظرون فيما بين أهل مصر وبين ابن أبي سرح، فلما «6» بلغوا مسيرة ثلاثة ~~ليال من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير له، يخبط البعير خبطا، كأنه ~~رجل يطلب أو يطلب، فقالوا له: ما قصتك وما شأنك كأنك هارب أو طالب؟ قال: ~~أنا غلام أمير المؤمنين، وجهني إلى عامل مصر، قالوا: هذا عامله معنا، قال: ~~ليس هذا أريد- ومضى؛ فأخبر محمد بن أبي بكر بأمره «7» ، فبعث في طلبه ~~أقواما فردوه، فلما جاءوا به قال له محمد: غلام من أنت؟ فأقبل مرة يقول: ~~أنا غلام أمير المؤمنين، ومرة يقول: أنا غلام مروان، فعرفه رجل منهم أنه ~~لعثمان، فقال له محمد بن أبي بكر: # لمن أرسلت؟ قال: إلى عامل مصر، قال: بماذا؟ قال: برسالة، [قال] «3» : ~~أمعك PageV02P513 # كتاب؟ قال: لا، ففتشوه فلم يجدوا معه كتابا، وكان معه إداوة قد يبست ~~وفيها شيء يتقلقل «1» ، فحركوه ليخرج فلم يخرج، فشقوا الإداوة فإذا فيها ~~كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح، فجمع محمد بن ms276 أبي بكر من كان معه من ~~المهاجرين والأنصار وغيرهم، ثم فك الكتاب بحضرتهم فإذا فيه: إذا أتاك محمد ~~بن أبي بكر وفلان [وفلان] «2» فاحتل لقتلهم، وأبطل كتابه، وقر على عملك، ~~واحبس من يجيء إلي «3» يتظلم منك حتى يأتيك رأيي في ذلك إن شاء الله، فلما ~~قرأوا الكتاب فزعوا وأزمعوا «4» ورجعوا إلى المدينة، وختم محمد بن أبي بكر ~~الكتاب بخواتم جماعة من المهاجرين معه، ودفع الكتاب إلى رجل منهم وانصرفوا ~~إلى المدينة، فلما قدموها جمع محمد بن أبي بكر عليا وطلحة والزبير وسعدا ~~ومن كان بها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فك الكتاب بحضرتهم ~~عليه خواتم من معه من المهاجرين، وأخبرهم بقصة الغلام، فلم يبق أحد من ~~المدينة إلا حنق «5» على عثمان، وقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~فلحقوا بمنازلهم «6» ، وما منهم أحد إلا هو مغتم «7» ؛ وكانت هذيل وبنو ~~زهرة في قلوبها ما فيها على عثمان لحال ابن مسعود، وكانت بنو مخزوم قد حنقت ~~على عثمان لحال عمار بن ياسر، وكانت بنو غفار وأحلافها ومن غضب لأبي ذر في ~~قلوبهم ما فيها، وأجلب عليه محمد بن أبي بكر من بني تيم «8» ، وأعانه على ~~ذلك طلحة بن عبيد الله وعائشة، فلما رأى ذلك علي وصح عنده الكتاب بعث إلى ~~طلحة والزبير وسعد وعمار ونفر من أصحاب رسول PageV02P514 # الله صلى الله عليه وسلم كلهم بدريون، ثم جاء معهم حتى دخل على عثمان ~~ومعه الكتاب والغلام والبعير، فقال له: هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم، قال: ~~والبعير بعيرك؟ قال: # نعم، قال: فأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: لا، وحلف بالله أنه ما كتب هذا ~~الكتاب ولا أمر به، فقال له علي: فالخاتم خاتمك؟ قال: نعم، قال علي: فكيف ~~يخرج غلامك على بعيرك بكتاب عليه خاتمك لا تعلم به؟ فحلف عثمان بالله: ما ~~«1» كتبت [هذا الكتاب] «2» ولا أمرت به، ولا وجهت هذا الغلام قط إلى مصر؛ ~~وأما الخط فعرفوا أنه خط مروان، فلما شكوا في أمر عثمان سألوه أن يدفع ~~إليهم ms277 مروان فأبى، وكان مروان عنده في الدار وكان خشي عليه القتل؛ فخرج من ~~عنده علي وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلموا أن عثمان لا يحلف ~~باطلا، «3» ثم قالوا «3» : لا نسكت إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نبحث ~~ونتعرف منه ذلك الكتاب، وكيف يؤمر «4» بقتل رجل من أصحاب رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم بغير حق! فإن يك عثمان كتب ذلك عزلناه، وإن يك مروان كتبه ~~على لسان عثمان نظرنا ما يكون في أمر مروان، ولزموا بيوتهم، وفشا الخبر في ~~المسلمين من أمر الكتاب، وفقد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ~~عثمان، وخرج من الكوفة عدي بن حاتم الطائي والأشتر «5» مالك بن الحارث ~~النخعي في مائتي رجل، وخرج من البصرة حكيم بن جبلة العبدي في مائة رجل، حتى ~~قدموا المدينة يريدون خلع عثمان، وحوصر عثمان قبل هلال» # ذي القعدة بليلة، وضيق عليه المصريون والبصريون وأهل الكوفة بكل حيلة ولم ~~يدعوه يخرج، ولا يدخل إليه أحد إلا أن يأتيه المؤذن فيقول: الصلاة! وقد ~~منعوا المؤذن PageV02P515 # أن يقول: يا أمير المؤمنين، فكان إذا جاء وقت الصلاة بعث أبا هريرة يصلي ~~بالناس، وربما أمر ابن عباس بذلك «1» ، فصعد يوما عثمان على السطح فسمع بعض ~~الناس يقول: ابتغوا إلى قتله سبيلا، فقال: والله ما أحل الله ولا رسوله ~~قتلي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل دم امرىء مسلم إلا ~~بإحدى ثلاث: # كفر بعد إسلام، أو زنا بعد إحصان، أو قتل «2» نفس بغير نفس «2» » ؛ وما ~~فعلت من ذلك شيئا؛ ثم قال: لا أخلف «3» رسول الله صلى الله عليه وسلم في ~~أمته بإراقة محجمة دم حتى ألقاه، يا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم! أحبكم إلي من كف عنا لسانه وسلاحه «4» ؛ ثم أشرف عليهم فقال: أفيكم ~~علي؟ قالوا: لا، قال: أفيكم سعد؟ قالوا: لا، فقال: أذكركم «5» بالله هل ~~تعلمون أن رومة لم يكن يشرب «6» منها أحد «7» إلا بشيء، فابتعتها من مالي ~~وجعلتها للغني والفقير وابن السبيل، فقالوا ms278: نعم، قال: # فاسقوني منها، ثم قال: ألا أحد يبلغ عليا فيسقينا ماء؟ فبلغ ذلك عليا، ~~فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة، فما كادت تصل إليه حتى خرج «8» في سببها عدة ~~من بني هاشم وبني أمية حتى وصل الماء إليه؛ ثم قال عثمان: والله! لو كنت في ~~أقصى داري ما طلبوا غيري، ولو كنت أدناهم ما جاوزوني «9» إلى غيري، سنجتمع ~~نحن وهم عند الله، وسترون بعدي أمورا تتمنون أني عشت «10» فيهم، ضعف أمري، ~~والله، ما PageV02P516 # أرغب في إمارتهم، ولولا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لي «إذا «1» ~~ألبسك الله قميصا وأرادوك على خلعه فلا تخلعه» لحبست في بيتي وتركتكم ~~وإمارتكم، ووالله! لو فعلت ما تركوني وإنهم قد خدعوا وغروا، والله! لو أقتل ~~لمت، لقد كبر سني، ورق «2» عظمي وجاوزت أسنان أهل بيتي، وهم على هذا لا ~~يريدون تركي، اللهم «3» ! فشتت أمرهم وخالف بين كلمتهم وانتقم لي منهم ~~واطلبهم لي طلبا حثيثا. وقد استجيب دعاءه في كل ذلك. # ثم أمر عثمان بن عفان عبد الله بن عباس على الحج فحج بالناس «4» فأمره. # وبعث إلى الأشتر فدعاه فقال: يا أشتر! ما يريد الناس؟ قال: ثلاث «5» ليس ~~من إحداهن بد، إما أن تخلع أمرهم وتقول: هذا أمركم فاختاروا له من شئتم، ~~وإما أن تقص من نفسك، فإن أبيتهما «6» فالقوم قاتلوك؛ قال عثمان: أما أن ~~أخلع «7» لهم أمرهم، فما كنت لأخلع سربالا سربلنيه الله، [والله] «8» «9» ~~لأن أقدم «9» فتضرب عنقي أحب إلي من أن أخلع «10» أمة محمد صلى الله عليه ~~وسلم بعضها على بعض، وأما أن أقص «11» من نفسي، فو الله لقد علمتم أني لم ~~آت شيئا يجب علي القصاص فيه، وأما أن تقتلوني، فو الله إن تقتلوني لا ~~تتحابون بعدي! ولا تقاتلون بعدي «12» عدوا جميعا، PageV02P517 # ولتختلفن «1» حتى تصيروا «1» [هكذا] «2» ، يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن ~~يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح «3» - الآية، ثم أرسل إلى عبد الله بن سلام ~~فجاءه فقال: # الكف الكف «4» ! ثم جاءه زيد بن ثابت فقال «5» : يا أمير المؤمنين! هذه ~~الأنصار بالباب ms279، فقال عثمان: إن شاءوا أن يكونوا أنصار الله منكم وإلا «6» ~~فلا؛ ثم جاءه عبد الله بن «7» الزبير فقال: يا أمير المؤمنين! اخرج ~~فقاتلهم، فإن معك من قد نصر الله بأقل منهم «8» ، فلم يعرج على قول ابن ~~الزبير، ثم قال: ائتوني برجل منهم أقرأ عليه كتاب الله، فأتوه بصعصعة بن ~~صوحان «9» وكان شابا فقال: ما وجدتم أحدا تأتوني به غير هذا الشاب! فتكلم ~~صعصعة بكلام، فقال عثمان: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على ~~نصرهم 1» # لقدير؛ فلما اشتد بعثمان الأمر أصبح صائما يوم الجمعة وقال: إني رأيت ~~النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي: «يا عثمان! إنك تفطر عندنا ~~«11» الليلة» ؛ ثم قال علي للحسن والحسين: اذهبا بسيفكما حتى تقفا على باب ~~عثمان ولا تدعا أحدا يصل إليه «12» ، وبعث الزبير ابنه، وبعث طلحة ابنه، ~~وبعث عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم يمنعون الناس أن ~~يدخلوا على عثمان «13» ؛ PageV02P518 # ورماه الناس بالسهام حتى [خضب] «1» الحسن بالدماء، وتخضب «2» محمد بن ~~طلحة، وشج قنبر «3» مولى علي؛ ثم أخذ محمد بن أبي بكر بيد جماعة وتسور ~~الحائط من غير أن يعلم به أحد من دار رجل من الأنصار حتى دخلوا على عثمان ~~وهو قاعد والمصحف في حجره ومعه امرأته والناس فوق السطح لا يعلم أحد ~~بدخولهم، فقال عثمان لمحمد بن أبي بكر «4» : والله لو رآك أبوك لساءه «5» ~~مكانك مني! فرجع محمد، وتقدم إليه سودان بن رومان «6» المرادي ومعه مشقص ~~فوجأه «7» حتى قتله وهو صائم، ثم خرجوا هاربين من حيث دخلوا، وذلك يوم ~~الجمعة لثمان عشرة ليلة مضت من ذي الحجة «8» ، وكان تمام حصاره خمسة ~~وأربعين يوما «9» ، وكانت امرأته تقول: إن شئتم قتلتموه، وإن شئتم تركتموه! ~~فإنه كان يختم القرآن كل ليلة في ركعة «10» . ثم صعدت إلى الناس تخبرهم ~~وهمر «11» الناس عليه فدخلوا، وأول من دخل عليه الحسن والحسين فزعين وهما ~~«11» لا يعلمان بالكائنة «12» وكانا مشغولين «12» على الباب ينصرانه ~~ويمنعان الناس عنه؛ فلما «13» دخلوا وجدوا عثمان مذبوحا، فانكبوا عليه ~~يبكون، ودخل ms280 الناس فوجا PageV02P519 # فوجا، وبلغ الخبر علي بن أبي طالب وطلحة والزبير وسعدا فخرجوا مذهلين، ~~كادت عقولهم تذهب لعظم الخبر الذي أتاهم، حتى دخلوا على عثمان فوجدوه ~~مقتولا واسترجعوا، وقال علي لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على ~~الباب؟ # قالا «1» : لم نعلم، قال: فرفع يده ولطم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم «2» ~~محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير، ثم خرج وهو غضبان يسترجع، فلقيه طلحة بن ~~عبيد الله فقال: مالك يا أبا الحسن؟ فقال علي: يقتل أمير المؤمنين رجل من ~~أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من غير أن تقوم عليه بينة ولا حجة! فقال له ~~طلحة «3» : لو دفع مروان إليهم لم يقتلوه، فقال علي: لو خرج مروان إليكم ~~لقتلتموه قبل أن يثبت عليه حكومة! ثم أتى علي منزله يسترجع، فاشتغل الناس ~~بعضهم ببعض وفزعوا ولم يتوهموا بأن هذه الكائنة تكون؛ ثم حمل على سريره بين ~~المغرب والعشاء، وصلى عليه جبير بن مطعم، ودلته في قبره نائلة بنت الفرافصة ~~وأم البنين بنت عيينة «4» بن حصن بن بدر الفزاري، ودفن ليلة السبت لاثنتي ~~عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة؛ وكانت خلافته «5» اثنتي عشرة «5» سنة إلا اثني ~~عشر يوما «6» . # وقتل يوم قتل عثمان من قريش عبد الله بن وهب بن زمعة الأسدي، وعبد الله ~~ابن عبد الرحمن بن العوام، والمغيرة بن الأخنس بن شريق «7» الثقفي، وقتل ~~معهم غلام لعثمان أسود- أربعة أنفس. # وكان عمال عثمان حين «8» قتل: على البصرة عبد الله بن عامر بن ~~PageV02P520 # كريز «1» ، وعلى الكوفة سعد بن أبي وقاص «2» ، وعلى الشام معاوية بن أبي ~~سفيان، وعلى مصر محمد بن أبي حذيفة، وعلى مكة عبد الله بن الحضرمي، وعلى ~~الطائف القاسم بن ربيعة «3» الثقفي، وعلى صنعاء يعلى بن منبه، وعلى الجند ~~عبد الله بن أبي ربيعة. ### | استخلاف علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه # ابن عبد المطلب بن هاشم «4» بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن ~~لؤي بن [غالب بن] «5» فهر بن مالك بن النضر «6» بن ms281 كنانة بن خزيمة بن مدركة ~~بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو الحسن الهاشمي، وأمه فاطمة ~~بنت أسد بن هشام بن عبد مناف، وهاشم أخو هشام، ومن زعم أنه أسد بن هاشم بن ~~عبد مناف فقد وهم. # أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن ~~يزيد «7» بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: كان علي قد تخلف عن رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم في خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف» # عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! فخرج فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ~~فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها قال رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم: PageV02P521 # «لأعطين الراية- أو ليأخذن الراية- غدا رجل يحبه الله ورسوله، يفتح الله ~~عليه» ، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، ففتح الله عليه. # قال أبو حاتم: لما كان من أمر عثمان ما كان قعد علي في بيته وأتاه الناس ~~يهرعون إليه. كلهم يقولون: أمير المؤمنين علي، حتى دخلوا عليه داره وقالوا: # نبايعك، فإنه لا بد من أمير وأنت أحق، فقال علي: ليس ذلك إليكم «1» ، ~~إنما ذلك لأهل بدر، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة، فلم يبق أحد من أهل بدر ~~إلا أتى عليا يطلبون البيعة وهو يأبى عليهم، فجاء الأشتر مالك بن الحارث ~~النخعي إلى علي فقال له: ما يمنعك أن تجيب هؤلاء إلى البيعة؟ فقال: لا أفعل ~~إلا [عن] «2» ملأ وشورى، وجاء أهل مصر فقالوا: ابسط يدك نبايعك، فو الله! ~~لقد قتل عثمان، وكان قتله لله رضى، فقال علي: كذبتم، والله ما كان قتله لله ~~رضى! لقد قتلتموه بلا قود ولا حد ولا غيره؛ وهرب مروان فطلب فلم يقدر عليه، ~~فلما رأى ذلك علي منهم خرج إلى المسجد وصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ~~بما هو أهله ثم قال: يا أيها الناس! رضيتم مني أن أكون عليكم ms282 أميرا؟ فكان ~~أول من صعد إليه المنبر طلحة فبايعه بيده، وكان إصبع طلحة شلاء فرآه أعرابي ~~يبايع فقال: يد شلاء وأمر لا يتم «3» ، فتطير علي منها وقال: ما أخلقه أن ~~يكون كذلك، ثم بايعه الزبير وسعد وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ثم ~~بلغ عليا أن سعدا وابن عمر ومحمد بن مسلمة يذكرون هنات، فقام علي خطيبا ~~فحمد الله وأثنى عليه فقال: أيها الناس! إنكم بايعتموني على ما بايعتم عليه ~~أصحابي، فإذا بايعتموني فلا خيار لكم علي، وعلى الإمام الاستقامة، وعلى ~~الرعية التسليم «4» ، وهذه بيعة عامة، فمن [ردها] «1» رغب PageV02P522 # عن دين المسلمين واتبع غير سبيلهم، ولم [تكن] «1» بيعته إياي فلتة «2» ، ~~وليس أمري وأمركم واحدا، أريد الله وتريدونني لأنفسكم، وأيم الله! لأنصحن ~~الخصم ولأنصفن المظلوم. # وقد أكثر الناس في قتل عثمان، فمنهم من قد زعم أنه قتل ظالما، ومنهم من ~~قد زعم أنه قتل مظلوما، وكان الإكثار «3» في ذلك على طلحة والزبير، قالت ~~قريش: أيها الرجلان! إنكما قد وقعتما في ألسن الناس في أمر عثمان فيما ~~وقعتما فيه، فقام طلحة في الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى ~~الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس! ما قلنا في عثمان أمس إلا نقول لكم فيه ~~اليوم مثله أنه خلف الدنيا بالتوبة، ومال عليه قوم فقتلوه، وأمره إلى الله؛ ~~ثم قام الزبير فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على النبي صلى الله ~~عليه وسلم ثم قال: يا أيها الناس! إن الله اختار من كل شيء شيئا، واختار من ~~الناس محمدا صلى الله عليه وسلم، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين ~~كله ولو كره المشركون، واختار من الشهور رمضان وأنزل فيه القرآن وفرض فيه ~~الصيام، واختار من الأيام يوم الجمعة فجعله عيدا لأهل الإسلام، واختار من ~~البلدان هذين الحرمين: مكة والمدينة، فجعل بمكة البيت الحرام، وجعل ~~بالمدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل ما بين قبره ومنبره روضة ~~من رياض الجنة، واختار من الشورى التسليم «4» كما ms283 اختار هذه الأشياء، ~~فأذهبت الشورى بالهوى والتسليم بالشك، وقد تشاورنا فرضينا عليا، وأما إن ~~قتل عثمان فأمره إلى الله. # فلما رأى علي اختلاف الناس في قتل عثمان صعد المنبر «5» فحمد الله وأثنى ~~عليه ثم قال: أيها الناس! أقبلوا علي بأسماعكم «6» وأبصاركم، إن الناس ~~PageV02P523 # بين حق وباطل، فلئن علا أمر الباطل لقديما ما فعل، وإن يكن الحق قد غاب ~~فلعل «1» ، وإني أخاف أن أكون أنا وأنتم قد أصبحنا في فتنة، وما علينا فيها ~~إلا الاجتهاد، الناس اثنان وثلاثة لا سادس لهم: ملك طار بجناحيه، أو نبي ~~أخذ الله بيده، أو عامل مجتهد، أو مؤمل يرجو، أو مقصر «2» في النار؛ وإن ~~الله أدب «3» هذه الأمة بأدبين «4» : بالسيف «5» والسوط، لا هوادة عند ~~السلطان فيهما، «6» فاستتروا واستغفروا الله «6» فأصلحوا ذات بينكم. # ثم نزل وعمد إلى بيت المال وأخرج ما فيه وفرقه على المسلمين، ثم «7» بعث ~~إلى سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة فقال: لقد بلغني عنكم ~~هنات، فقال سعد: صدقوا! لا أبايعك، ولا أخرج معك حيث تخرج حتى تعطيني سيفا ~~يعرف المؤمن من الكافر، وقال له ابن عمر: أنشدك الله والرحم أن تحملني على ~~ما لا أعرف، والله! لا أبايع حتى يجتمع المسلمون «8» على من جمعهم الله ~~عليه، وقال محمد بن مسلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني إذا ~~اختلف أصحابه ألا أدخل فيما بينهم، وأن أضرب بسيفي صخر «9» أحد، فإذا انقطع ~~أقعد في بيتي حتى تأتيني يد خاطئة أو منية قاضية، وقد فعلت ذلك؛ ثم دعا علي ~~أسامة بن زيد وأراده على البيعة فقال أسامة: أما البيعة فإنني أبايعك، أنت ~~أحب إلي وآثرهم «10» عندي، وأما القتال فإني عاهدت رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم أن لا أقاتل رجلا يشهد أن لا إله إلا الله، PageV02P524 # فلما رآهم علي مختلفين قال: أخرجوني من هذه البيعة واختاروا لأنفسكم من ~~أحببتم، فسكتوا وقاموا وخرجوا، فدخل عليه المغيرة بن شعبة «1» فقال: يا ~~أمير المؤمنين! إني مشير عليك بخلال ثلاث فافعل أيها ms284 شئت، فقال: ما هي يا ~~أعور؟ # فقال: إني أرى من الناس بعض التثاقل فيك؛ فأرى أن تأتي بحمل ظهر فتركبه ~~وتركض في الأرض هاربا من الناس، فإنهم إذا رأوا ذلك منك ابتاعوا جمالا أظهر ~~من جمالك وخيولا، ثم ركضوا في أثرك حتى يدركوك حيث ما كنت ويقلدوك هذا ~~الأمر على اجتماع منهم شئت أو أبيت، فإن لم تفعل هذا فأقر «2» معاوية على ~~الشام كله واكتب إليه كتابا بذلك تذكر فيه من شرفه وشرف آبائه وأعلمه أنك ~~ستكون له خيرا من عمر وعثمان، واردد عمرو بن العاص على مصر، واذكر في كتابك ~~شرفه وقدمه، فإنه رجل يقع الذكر منه موقعا، فإذا ثبت الأمر أذنت لهما حينئذ ~~في القدوم عليك تستخبر هما عن البلاد والناس، ثم تبعث بعاملين وتقرهما «3» ~~عندك؛ فإن أبيت فاخرج من هذه البلاد فإنها ليست ببلاد كراع وسلاح. # فقال علي: أما ما ذكرت من فراري من الناس فكيف أفر منهم وقد بايعوني، ~~وأما أمر معاوية وعمرو بن العاص فلا يسألني الله عن إقرارهما ساعة واحدة في ~~سلطاني وما كنت متخذ المضلين عضدا، وأما خروجي من هذه البلاد إلى غيرها ~~فإني ناظر في ذلك. فخرج من عنده المغيرة ثم عاد وهو عازم على الخروج إلى ~~الشام واللحوق بمعاوية، فقال له: يا أمير المؤمنين! أشرت عليك بالأمس في ~~رأيي بمعاوية وعمرو، إن الرأي أن تعاجلهم بالنزع، «4» فقد عرف السامع من ~~غيره، وتستقبل «4» أمرك، ثم خرج من عنده فلقيه ابن عباس خارجا وهو داخل، ~~فلما انتهى إليه قال: رأيت المغيرة خارجا من عندك، فيم جاءك؟ قال: جاءني ~~أمس برأي PageV02P525 # واليوم برأي، وأخبره بالرأيين، فقال ابن عباس: أما أمس فقد نصحك، وأما ~~اليوم فقد غشك «1» ، قال: فما الرأي؟ قال ابن عباس: كان الرأي قبل اليوم، ~~قال علي: # علي ذلك! قال: كان الرأي أن تخرج إلى مكة حتى تدخلها وتدخل دارا من دورها ~~وتغلق عليك بابك، فإن الناس لم يكونوا ليدعوك «2» ، وإن قريشا كانت تضرب ~~الصعب والذلول في طلبك، لأنها لا تجد غيرك، فأما ms285 اليوم فإن بني أمية ~~يستحسنون الطلب بدم صاحبهم، ويشبهون «3» على الناس أن يلزموك شعبة «4» من ~~أمره ويلطخونك من ذلك ببعض اللطخ. فهم علي بالنهوض إلى الشام ليزور «5» ~~أهلها وينظر «6» ما رأى معاوية وما هو صانع، فجاءه أبو أيوب الأنصاري فقال ~~له: يا أمير المؤمنين! لو أقمت بهذه البلاد! لأنها الدرع الحصينة ومهاجرة ~~للنبي صلى الله عليه وسلم، وبها قبره ومنبره ومادة «7» الإسلام، فإن ~~استقامت لك العرب كنت فيها كمن كان، وأن تشعب» # عليك [قوم] «9» رميتهم بأعدائهم، وإن ألجئت «10» حينئذ إلى المسير سرت ~~وقد أعذرت، فقال علي: إن الرجال والأموال بالعراق، ولن يصيبنا إلا ما كتب ~~الله لنا، ثم أخذ بما أشار عليه أبو أيوب الأنصاري وعزم على المقام ~~بالمدينة؛ وبعث العمال على الأمصار، فبعث عثمان بن حنيف على البصرة أميرا، ~~وعمارة بن حسان ابن شهاب على الكوفة، وعبيد الله بن عباس على اليمن، وقيس ~~بن سعد على مصر، وسهل بن حنيف على الشام؛ فأما سهل بن حنيف فإنه خرج حتى ~~إذا كان PageV02P526 # بتبوك لقيه خيل من أهل الشام فقالوا له: من أنت؟ قال: أمير، قالوا «1» : ~~على أي شيء؟ قال: على الشام، قالوا: إن كان عثمان بعثك فحي هلا بك، وإن كان ~~بعثك غيره فارجع، قال: ما سمعتم بالذي كان؟ قالوا: بلى، ولكن ارجع إلى ~~بلدك، فرجع إلى علي وإذا القوم أصحاب. # وأما قيس بن سعد فإنه انتهى إلى إيلة فلقيه طلائع فقالوا له: من أنت؟ ~~فقال: # أنا من الأصحاب الذين قتلوا وشردوا من البلاد، فأنا أطلب مدينة آوي ~~إليها، فقالوا: ومن أنت؟ قال: أنا قيس بن سعد بن عبادة «2» ، فقالوا: امض ~~بنا، فمضى قيس حتى دخل مصر وأظهر لهم حاله. وأخبرهم أنه ولي على مصر، ~~فافترق عليه أهل مصر فرقا «3» : فرقة دخلت في الجماعة وبايعت، وفرقة أمسكت ~~واعتزلت، وفرقة قالت: إن قيد من قتلة عثمان فنحن معه وإلا فلا، فكتب قيس بن ~~سعد بجميع ما رأى من أهل مصر إلى علي. # وأما عبيد الله بن عباس فإنه خرج منطلقا إلى ms286 اليمن، لم يعانده أحد ولم ~~يصده عنها صاد حتى دخلها فضبطها لعلي، وأما عمارة بن حسان بن شهاب فإنه ~~أقبل عامدا إلى الكوفة حتى إذا كان بزبالة «4» لقيه طليحة بن «5» خويلد ~~الأسدي وهو خارج إلى المدينة يطلب دم عثمان، فقال طليحة: من أنت؟ قال: أنا ~~عمارة بن حسان بن شهاب، قال: ما جاء بك؟ قال: بعثت إلى الكوفة أميرا، قال: ~~ومن بعثك؟ قال: أمير المؤمنين علي، قال: الحق بطيتك، فإن القوم لا يريدون ~~بأميرهم أبي موسى الأشعري بدلا، فرجع عمارة إلى علي وأخبره الخبر، وأقام ~~طليحة بزبالة. PageV02P527 # وأما عثمان بن حنيف فإنه مضى يريد البصرة وعليها عبد الله بن عامر بن ~~كريز، وبلغ أهل البصرة قتل عثمان، فقام ابن عامر فصعد المنبر وخطب وقال: إن ~~خليفتكم قتل مظلوما، وبيعته في أعناقكم، ونصرته ميتا كنصرته حيا، «1» ~~واليوم ما كان أمس «1» ، وقد بايع الناس عليا ونحن طالبون بدم عثمان، ~~فأعدوا للحرب عدتها، فقال له حارثة بن قدامة: يا ابن عامر! إنك لم تملكنا ~~عنوة وقد قتل عثمان بحضرة المهاجرين والأنصار وبايع الناس عليا، فإن أقرك ~~أطعناك، وإن عزلك عصيناك، فقال ابن عامر: موعدك الصبح، فلما أمسى تهيأ ~~للخروج وهيأ مراكبه وما يحتاج إليه، واتخذ الليل جملا يريد المدينة، ~~واستخلف عبد الله بن عامر الحضرمي على البصرة، فأصبح الناس يتشاورون في ابن ~~عامر وأخبروا بخروجه، فلما قدم ابن عامر المدينة أتى طلحة والزبير فقالا ~~له: لا مرحبا بك ولا أهلا! تركت العراق والأموال، وأتيت المدينة خوفا من ~~علي، ووليتها غيرك، واتخذت الليل جملا، فهلا أقمت حتى «2» يكون لك بالعراق ~~فئة «2» ، قال ابن عامر: فأما إذا قلتما هذا فلكما علي مائة ألف سيف وما ~~أردتما من المال. # ثم أتت أم كلثوم بنت علي أباها وكانت تحت عمر بن الخطاب، فقالت له: # إن عبد الله «3» بن عمر رجل صالح، وأنا أتكفل ما يجيء منه لك، فلما كان ~~من قدوم ابن عامر المدينة جاء ابن عمر إليها فقال: يا أماه! إنك قد كفلت في ~~وأنا أريد ms287 الخروج إلى العمرة الساعة، ولست «4» بداخل في شيء يكرهه أبوك غير ~~أني ممسك حتى يجتمع الناس، فإن شئت فأذني، وإن شئت فابعثيني إلى أبيك، ~~قالت: لا، بل اذهب في حفظ الله وتحت كنفه، فانطلق ابن عمر معتمرا. # فلما أصبح الناس أتوا عليا فقالوا: قد حدث البارحة حدث «5» هو أشد من ~~PageV02P528 # طلحة والزبير ومعاوية، قال علي: وما ذاك؟ قالوا: خرج ابن عمر إلى الشام، ~~فأتى علي السوق وجعل «1» يعد طلابا «1» ليرد ابن عمر، فسمعت أم كلثوم بذلك ~~فركبت بغلتها حتى أتت أباها فقالت: إن الأمر على غير ما بلغك، وحدثته بما ~~ذكر لها ابن عمر، فطابت نفس علي بذلك، فما انصرفوا من السوق حتى جاءهم بعض ~~القدام من العمرة وأخبروه أنهم رأوا ابن عمر وآخر معه على حمارين محرمين ~~بكساءين. # ثم كتب علي إلى معاوية: «بسم الله الرحمن الرحيم- من عبد الله علي أمير ~~المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك! فإني أحمد إليك الله الذي لا ~~إله إلا هو، أما بعد! فإنه قد بلغك ما كان من مصاب عثمان وما اجتمع الناس ~~عليه من بيعتي فادخل في السلام كما دخل الناس وإلا فأذن بحرب كما يؤذن أهل ~~الفرقة- والسلام. وبعث كتابه مع سبرة الجهني والربيع «2» بن سبرة، فلما قدم ~~سبرة بكتاب علي ودفعه إلى معاوية جعل يتردد في الجواب مدة، فلما طال ذلك ~~عليه دعا معاوية رجلا من عبس يدعى قبيصة «3» فدفع إليه طومارا مختوما ~~عنوانه «من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب» وقال له: إذا دخلت ~~المدينة فاقبض على أسفل الطومار وأبرزه- وأوصاه بما يقول، وبعثه مع سبرة ~~رسول علي فقدما المدينة، فرفع العبسي الطومار كما أمر معاوية، فخرج الناس ~~ينظرون إليه وعلموا حينئذ أن [معاوية] «4» معترض معاند؛ فلما دخلا على علي ~~دفع إليه العبسي الطومار ففض عن خاتمه فلم يجد في جوفه شيئا، فقال لسبرة: ~~ما وراءك؟ قال: تركت قوما لا يرضون إلا بالقود، وقد تركت ستين ألف شيخ ~~يبكون تحت قميص عثمان، فقال ms288 علي: أمني يطلبون دم عثمان. # ثم كتب إلى أبي موسى الأشعري وهو على الكوفة «بسم الله الرحمن الرحيم- ~~PageV02P529 # من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس الأشعري، سلام عليك! ~~فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد! فإنه قد بلغك ما كان من ~~مصاب عثمان وما اجتمع الناس عليه من بيعتي، فادخل فيما دخل فيه الناس ورغب ~~أهل ملكك «1» في السمع والطاعة، واكتب إلي بما كان منك ومنهم إن شاء الله- ~~والسلام عليك ورحمة الله وبركاته» . وبعث الكتاب مع عبد الأسلمي، فلما قدم ~~معبد الكوفة دعا أبو موسى الأشعري الناس إلى طاعة علي فأجابوه طائعين، وكتب ~~إلى علي بن أبي طالب «بسم الله الرحمن الرحيم- لعبد الله علي أمير المؤمنين ~~من عبد الله بن قيس، سلام عليك! فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ~~أما بعد! فقد قرأت كتابك ودعوت من قبلي المسلمين فسمعوا وأطاعوا- والسلام ~~عليك ورحمة الله وبركاته» ودفع كتابه إلى معبد. # وكانت «2» عائشة خرجت معتمرة، فلما قضت عمرتها نزلت على باب المسجد ~~واجتمع إليها الناس فقالت: أيها الناس! إن الغوغاء من أهل الأمصار وعبيد ~~أهل المدينة اجتمعوا على هذا الرجل المقتول بالأمس ظلما، واستحلوا البلد ~~الحرام وسفكوا الدم الحرام. فقال عبد الله ابن عامر: ها أنا ذا أول طالب ~~بدمه، فكان أول من انتدب لذلك. # ولما كثر الاختلاف بالمدينة استأذن طلحة والزبير عليا في العمرة، فقال ~~لهما: ما العمرة تريدان، وقد قلت لكما قبل بيعتكما لي: أيكما شاء بايعته، ~~فأبيتما إلا بيعتي، وقد أذنت لكما، فاذهبا راشدين «3» ، فخرجا إلى مكة ~~وتبعهما عبد الله بن عامر بن كريز فلما لحقهما قال لهما: ارتحلا فقد ~~بلغتكما حاجتكما، فاجتمعوا مع عائشة بمكة وبها جماعة من بني أمية. # ثم جمع معاوية أهل الشام على محاربة علي والطلب بالقود من دم عثمان، ~~PageV02P530 # واحتال في قيس بن سعد بن عبادة وكان واليا على مصر، وكتب إلى علي كتابا ~~«1» يمرغ فيه معاوية، فلما قرأ علي الكتاب ms289 عزل قيسا وولى عليها محمد بن أبي ~~بكر «2» . # وخرج قسطنطين بن هرقل بالمراكب «3» يريد المسلمين، فسلط «4» الله عليهم ~~«5» ريحا قاصفا فغرقهم، ونجا قسطنطين بن هرقل حتى انتهى إلى سقلية «6» ، ~~فصنعت الروم حماما، فلما دخله «7» قتلوه فيه وقالوا له: قتلت رجالنا. # ثم حج بالناس عبد الله بن عباس، أمره علي على الحج، فلما انصرف أجمع طلحة ~~والزبير [على] «8» المسير بعائشة، فقال طلحة: ما لنا أمر أبلغ في استمالة ~~الناس إلينا من شخوص ابن عمر معنا، وكان من أمره في عثمان وخلافه له على ما ~~يعلمه «9» من يعلمه «9» ، فأتاه طلحة فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن عائشة ~~قصدت الإصلاح بين الناس فاشخص معنا فإن لك بنا أسوة، فقال ابن عمر: ~~أتخدعونني [لتخرجوني] «10» كما تخرج «11» الأرنب [من] «12» جحرها! إن الناس ~~إنما يخدعون بالوصيف 1» PageV02P531 # والوصيفة والدنانير والدراهم، ولست من أولئك، قد تركت هذا الأمر عيانا ~~وأنا أدعى إليه «1» في عافية، فاطلبوا لأمركم غيري، فقال طلحة: يغني الله ~~عنك. # وقدم «2» يعلى بن أمية من اليمن [وقد كان] «3» عاملا عليها بأربعمائة من ~~الإبل، فدعاهم إلى الحملان، فقال له الزبير: دعنا من إبلك هذه، ولكن أقرضنا ~~من هذا المال، فأعطاه ستين ألف دينار، وأعطى طلحة أربعين ألف دينار، ~~فتجهزوا وأعطوا [من خف معهم] «4» . ### | فلما دخلت السنة السادسة والثلاثون # تشاوروا في مسيرهم فقال الزبير: [عليكم بالشام] «5» بها الأموال والرجال، ~~وقال ابن عامر: البصرة فإن غلبتهم عليها فلكم الشام، إن معاوية قد سبقكم ~~إلى الشام وهو ابن عم عثمان، وإن البصرة لي بها صنائع «6» ولأهلها في طلحة ~~هوى، وكانت عائشة تقول: نقصد المدينة، فقالوا لها: يا أم المؤمنين! دعي ~~المدينة فإن [من] «7» معك [لا يقرنون] «7» لتلك الغوغاء، واشخصي معنا إلى ~~البصرة، فإن أصلح الله هذا الأمر كان الذي نريد، وإلا فقد بلغنا ويقضي الله ~~فيه ما أحب، وكلموا حفصة ابنة عمر أن تخرج معهم فقالت: رأيي تبع لرأي ~~عائشة، فأتاها عبد الله بن عمر فناشدها الله أن تخرج، فقعدت وبعثت إلى ~~عائشة أن أخي حال بيني وبين الخروج، فقالت ms290: يغفر الله لابن عمر. ثم نادى ~~منادي طلحة والزبير: من كان عنده مركب وجهاز، وإلا فهذا جهاز ومركب، فحملوا ~~على ستمائة ناقة [سوى] «7» من كان له مركب، وكانوا نحو ألف نفس، وتجهزوا ~~بالمال، وشيعهم PageV02P532 # نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكان كلهن بمكة حاجات إلا أم سلمة فإنها ~~سارت «1» إلى المدينة، فلما بلغوا ذات عرق ودعت أزواج النبي صلى الله عليه ~~وسلم وبكين وبكى الناس، فما رأوا بكاء أكثر من ذلك اليوم، وسمي يوم النحيب ~~«2» . وجعلن يدعون على قتلة عثمان الذين سفكوا في حرم رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم الدم الحرام، ثم انصرفن، ومضت عائشة وهي تقول: اللهم! إنك تعلم ~~أني لا أريد إلا الإصلاح فأصلح بينهم. # وبعثت أم الفضل حين خرجت عائشة ومن معها من مكة إلى علي رجلا من جهينة ~~«3» قالت له: اقتل في كل مرحلة بعيرا «4» وعلي ثمنه، وهذه مائة دينار ~~وكسوة، وكتبت معه «أما [بعد! فإن] «5» طلحة والزبير وعائشة خرجوا من مكة ~~يريدون البصرة» فقدم المدينة وأعطى عليا الكتاب، فدعا علي محمد بن أبي بكر ~~فقال له: # ألا ترى إلى أختك خرجت مع طلحة والزبير! فقال محمد بن أبي بكر: إن الله ~~معك ولن يخذلك، والناس ناصروك «6» . # ثم قام علي «7» فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس، تهيئوا ~~للخروج إلى قتال أهل الفرقة فإني سائر إن شاء الله، إن الله بعث رسولا ~~صادقا بكتاب «8» ناطق وأمر واضح، لا يهلك عنه «9» إلا هالك، وإن في سلطان ~~الله عصمة «10» أمركم فأعطوه طاعتكم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~«إن الإسلام ليأرز «11» إلى المدينة كما PageV02P533 # تأرز «1» الحية إلى جحرها» . انهضوا إلى هؤلاء الذين يريدون تفريق ~~جماعتكم، لعل الله يصلح بكم ذات البين. # وبعث «2» علي الحسن بن علي وعمار بن ياسر إلى الكوفة لاستنفارهم «3» ، ~~فلما قدموا الكوفة [قام] «4» أبو موسى الأشعري في الناس وكان واليا [عليها] ~~«4» وأخبرهم بقدوم الحسن واستنفاره إياهم إلى أمير المؤمنين على إصلاح ~~البين. # وقدم زيد بن صوحان «5» من عند عائشة معه ms291 كتابان من عائشة إلى أبي موسى ~~والي الكوفة وإذا في كل كتاب منهما «بسم الله الرحمن الرحيم- من عائشة أم ~~المؤمنين إلى عبد الله بن قيس الأشعري- سلام عليك! فإني أحمد إليك الله ~~الذي لا إله إلا هو، أما بعد! فإنه قد كان من قتل عثمان ما قد علمت، وقد ~~خرجت مصلحة بين الناس، فمر من قبلك بالقرار في منازلهم والرضا بالعافية حتى ~~يأتيهم ما يحبون من صلاح أمر المسلمين، فإن قتلة عثمان فارقوا الجماعة ~~وأحلوا بأنفسهم البوار» فلما قرأ الكتابين «6» وثب عمار بن ياسر «7» فقال: ~~أمرت عائشة بأمر، وأمرنا بغيره، أمرت أن تقر في بيتها، وأمرنا أن نقاتل حتى ~~لا تكون فتنة، فهوذا تأمرنا بما أمرت، وركبت ما أمرنا به، ثم قال «8» : هذا ~~ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخرجوا إليه، ثم انظروا في الحق ومن ~~الحق معه. ثم قام الحسن بن علي فقال: يا أيها الناس! أجيبوا دعوة أميركم، ~~وسيروا إلى إخوانكم، لعل الله يصلح بينكم. ثم قام هند بن عمرو البجلي فقال: ~~إن أمير المؤمنين قد دعانا وأرسل إلينا ابنه فاتبعوا قوله وانتهوا ~~PageV02P534 # إلى أمره، فقام حجر بن عدي الكندي فقال: أيها الناس! أجيبوا أمير ~~المؤمنين، وانفروا خفافا وثقالا بأموالكم وأنفسكم «1» . ثم قال الحسن: أيها ~~الناس! إني غاد، فمن شاء منكم فليخرج معي على الظهر، ومن شاء فليخرج في ~~الماء، فأجابوه، وخرج معه تسعة آلاف نفس بعضهم على البر وبعضهم على الماء، ~~وساروا حتى بلغوا ذا قار، وخرج علي من المدينة معه ستمائة رجل، وخلف على ~~المدينة سهل بن حنيف «2» ، فالتقى هو وابنه الحسن مع من خرج معه من الكوفة ~~بذي قار، فخرجوا جميعا إلى البصرة ولم يدخل علي الكوفة، وكتب إلى المدينة ~~إلى سهل بن حنيف أن يقدم «3» عليه ويولي «4» على المدينة أبا حسن المازني ~~«5» ؛ والتقى مع طلحة والزبير وعائشة بالجلحاء» # على فرسخين من البصرة، وذلك لخمس خلون من جمادى الآخرة، وكان علي كثيرا ~~ما يقول: يا عجب كل العجب، من جمادى ورجب! فكان ms292 من أمرهم ما كان. # وقتل «7» ابن جرموز الزبير ثم أتى عليا يخبره فقال علي: سمعت رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم [يقول] «8» «قاتل ابن صفية بالنار» فقال ابن جرموز: إن ~~قتلنا معكم فنحن في النار! وإن قاتلناكم فنحن في النار! ثم بعج «9» بطنه ~~بسيفه فقتل نفسه. وأما طلحة «10» فرماه مروان بن الحكم بسهم من ورائه، ~~فأثبته فيه وقتله، وحمله إلى PageV02P535 # البصرة فمات بها، فقبر طلحة بالبصرة، وقتل الزبير بوادي السباع؛ وكان كعب ~~بن سور قد علق المصحف في عنقه ثم يأتي هؤلاء فيذكرهم، ويأتي هؤلاء فيذكرهم ~~حتى قتل «1» . # وكان علي ينادي مناديه: «لا تقتل مدبرا، ولا تذفف «2» على جريح، ومن أغلق ~~بابه فهو آمن، ومن طرح السلاح فهو آمن، ولم يقتل بعد آن واحدا «3» . # فلما اطمأن الناس بعث «4» علي بعائشة مع نساء من أهل العراق إلى المدينة، ~~وأقام بالبصرة خمسة عشر يوما ثم خرج إلى الكوفة، وولى على البصرة عبد الله ~~بن عباس، وولى الولاة في البلدان، وكتب إلى المدن بالقرار والطاعة. # ثم إن أبا مسلم الخولاني «5» قال لمعاوية: على ما تقاتل عليا وهو ابن عم ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم وله من القدم والسابقة ما ليس لك وإنما أنت ~~رجل من الطلقاء؟ فقال له معاوية: أجل! والله ما نقاتل عليا، وأنا [لست] «6» ~~أدعي في الإسلام مثل الذي له، ولكن أقاتله على دم أمير المؤمنين عثمان بن ~~عفان، وأنا أطلبه بدمه، فقال أبو مسلم: إني «7» أستخبر لك عن ذلك، فركب ~~راحلته وانتهى إلى الكوفة، ثم نزل عن راحتله وأتى عليا ماشيا والناس عنده ~~ولا يعرفه أحد، فقال: من قتل عثمان؟ فقال علي: الله قتل عثمان وأنا معه، ~~فخرج أبو مسلم ولم يتكلم، ومضى حتى انتهى إلى راحلته فركبها، ولحق بالشام ~~فانتهى إلى معاوية وهو يثقل، فقيل له: هذا أبو مسلم قد جاء، فعانقه معاوية ~~وسأله عن سفره وخاف أن يكون «8» قد جاء بشيء مما يكره، PageV02P536 # فقال أبو مسلم: والله لتقاتلن عليا أو لنقاتلنه، فإنه قد أقر بقتل أمير ~~المؤمنين ms293 عثمان، فقام معاوية فرحا وصعد المنبر واجتمع إليه الناس وحمد الله ~~وأثنى عليه، وقام أبو مسلم خطيبا وحرض الناس على قتال علي؛ فصح خروج أهل ~~الشام قاطبة «1» على علي وطلبهم إياه بدم عثمان. # ثم إن حجر بن الأدبر «2» قدم على علي فقال: يا أمير المؤمنين! الجماعة ~~والعدد والمال مع الأشعث بن قيس بآذربيجان فابعث إليه فليقدم، فكتب إليه ~~«3» علي «بسم الله الرحمن الرحيم- من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى ~~الأشعث بن قيس، أما بعد! فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم واحمل ما غللت «4» من ~~المال» . فكتب إليه الأشعث بن قيس «أما بعد! فقد جاءني كتابك بأن أقدم عليك ~~وأحمل «5» ما غللت من مال الله، فما أنت وذاك! والسلام» ، ثم قال الأشعث: ~~والله! لأدعنه بحال مضيعة، ولأفسدن عليه الكوفة، ثم ارتحل من آذربيجان وهو ~~يريد معاوية، وبلغ ذلك عليا وشق عليه خروجه إلى معاوية، فقال حجر بن ~~الأدبر: يا أمير المؤمنين! ابعثني إلى الأشعث بن قيس فأنا أعرف به وأرفق، ~~وإن هو خوشن لم يجب أحدا، قال له علي: سر إليه، فسار حجر إليه فأدركه ~~بشهرزور «6» فقال له حجر: يا أبا محمد! أنشدك الله أن تأتي معاوية وتدع ابن ~~عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الأشعث: أوما سمعت كتابه إلي؟ فقال ~~حجر: إنك [إن] «7» أتيت معاوية أقبلنا «8» جميعا إلى الشام، وأنشدك الله ~~ألا نظرت إلى أيتام قومك وأياماهم! فإني لا PageV02P537 # آمن أن يفتضحوا غدا، قال: فما تريد يا حجر؟ قال: تنحدر معي إلى الكوفة، ~~فإنك شيخ العرب وسيدها والمطاع في قومك، وسيصير إليك الأمر، فلم يزل به حجر ~~حتى قال: ليصرفوا «1» صدور الركائب إلى الكوفة، فتقدم «2» على علي فسر علي ~~بمجيئه فقال: مرحبا وأهلا بأبي محمد على عجلته، فقال: أمير المؤمنين! إن ~~هذا ليس بيوم عتاب، ثم أقام مع علي بالكوفة. وحج بالناس عبد الله بن عباس ~~بأمر علي ولاه. ### | فلما دخلت السنة السابعة والثلاثون # كتب معاوية «3» إلى علي بن أبي طالب «أما بعد فإن الله اصطفى محمدا صلى ms294 ~~الله عليه وسلم بعلمه، وجعله الأمين على وحيه، والرسول إلى «4» خلقه، ~~واختار [له] «5» من المسلمين أعوانا، فكانوا في منازلهم عنده على قدر ~~فضائلهم في الإسلام، كان أفضلهم في الإسلام وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة ~~«6» بعده وخليفة «7» خليفته والخليفة المظلوم المقتول «8» - رحمة الله ~~عليهم! وقد ذكر لي أنك تنتفي من دمه، فإن كنت صادقا فأمكنا ممن «9» قتله ~~حتى نقتله به، ونحن أسرع إليك إجابة وأطوعهم طاعة، وإلا فإنه ليس لك ولا ~~لأحد من أصحابك عندنا إلا السيف، والذي لا إله غيره! لنطلبن قتلة عثمان في ~~الجبال والرمال حتى يقتلهم الله أو تلحق أرواحنا بعثمان- والسلام» . ~~PageV02P538 # فكتب إليه علي «بسم الله الرحمن الرحيم- من عبد الله علي أمير المؤمنين ~~إلى معاوية بن أبي سفيان «1» - أما بعد فإن أخا خولان قدم علي بكتاب منك ~~يذكر فيه محمدا صلى الله عليه وسلم، وما أنعم الله عليه من الهدى، والحمد ~~لله على ذلك، وأما ما ذكرت من ذكر الخلفاء فلعمري إن مقامهم «2» في الإسلام ~~كان عظيما، وإن المصاب بهم لجرح عظيم في الإسلام، وأما ما ذكرت من قتلة ~~عثمان فإني قد نظرت في هذا الأمر فلم يسعني دفعهم إليك، وقد كان أبوك أتاني ~~حين ولى الناس أبا بكر فقال لي: يا علي! أنت أحق الناس بهذا الأمر بعد رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم، وهات يدك حتى أبايعك، فلم أفعل مخافة الفرقة في ~~الإسلام، فأبوك أعرف بحقي منك، فإن كنت تعرف من حقي ما كان يعرفه» # أبوك فقد قصدت «4» رشدك، وإن لم تفعل فسيغني الله عنك- والسلام» . # فلما قرأ معاوية الكتاب تهيأ هو ومن معه على المسير إلى علي ثم سار يريد ~~العراق، وسار علي من العراق، وصلى الظهر بين القنطرة والجسر ركعتين، وبعث ~~«5» على مقدمته شريح بن هانىء وزياد بن النضر بن مالك، أمر أحدهما أن يأخذ ~~على شط دجلة والآخر على شط الفرات، معهما أكثر من عشرة آلاف نفس، واستخلف ~~على الكوفة أبا مسعود الأنصاري «6» ، ثم أخذ على طريق الفرات وجعل يقول: ~~إذا سمعتموني ms295 أقول «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» فهو كما أقول، وإذا ~~لم أقل «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» فإنما الحرب خدعة؛ فالتقى علي ~~وأهل الشام بصفين لسبع بقين من المحرم، فقام علي خطيبا في الناس فقال «7» : ~~الحمد لله الذي لا يبرم ما نقض، وإن PageV02P539 # أبرم أمرا لم ينقضه الناقضون، مع أن لله- وله الحمد- لو شاء لم يختلف ~~اثنان من خلقه، ولا تنازعت الأمة في شيء من أمره، ولا جحد المفضول ذا الفضل ~~فضله ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد وقد ساقتنا [و] «1» ~~هؤلاء المقادير حتى جمعت بيننا في هذا المكان، فنحن من ربنا بمنظر ومستمع، ~~ولو شاء الله لجعل الانتقام، وكان منه التغيير «2» حتى يتبين أهل الباطل ~~ويعلم أهل الحق أين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة هي ~~دار القرار ليجزي الذين أساؤا- الآية، ألا! إنكم تلقون عدوكم غدا فأطيلوا ~~«3» الليلة القيام، وأكثروا فيها تلاوة القرآن، وسلوه النصر، وعليكم بالجد ~~والحزم وكونوا صادقين. # ثم قعد فوثب الناس إلى سيوفهم يهيؤونها «4» ، وإلى رماحهم يثقفونها، وإلى ~~نبالهم «5» يريشونها، ثم «6» جعل [على] «7» مقدمته شريح بن هانىء الحارثي ~~والأشتر، وعلى الميمنة الأشعث بن قيس، وعلى الميسرة عبد الله بن عباس، وعلى ~~الرجالة عبد الله بن بديل بن ورقاء، وعلى الساقة زياد بن النضر، وعلى ميمنة ~~الرجالة سليمان بن صرد الخزاعي. # ثم قام «8» معاوية خطيبا في أهل الشام واجتمع الناس فقال: الحمد لله الذي ~~دنا في علوه وعلا في دنوه، وظهر وبطن فارتفع فوق كل منظر أولا وآخرا وظاهرا ~~وباطنا، يقضي فيفصل، ويقدر فيغفر، ويفعل ما يشاء، وإذا أراد أمرا أمضاه، ~~وإذا عزم على أمر قضاه، لا يؤامر أحدا فيما يملك ولا يسئل عما يفعل وهم ~~PageV02P540 # يسئلون، والحمد لله رب العالمين على ما أحببنا وكرهنا، ثم كانت من قضاء ~~الله أن ساقتنا المقادير إلى هذه الرقعة من الأرض، ولقت بيننا وبين أهل ~~العراق، فنحن من الله بمنظر ومستمع، وقد قال الله ولو شاء الله ما ms296 اقتتلوا- ~~الآية، فانظروا يا أهل الشام، فإنما تلقون غدا العدو، فكونوا على إحدى ثلاث ~~خلال: إما قوما تطلبون «1» ما عند الله بقتالكم «2» قوما بغوا عليكم، [وإما ~~قوما تطلبون بدم الخليفة عثمان فإنه خليفتكم وصهر نبيكم] «3» ، وإما قوما ~~تدفعون عن نسائكم وذراريكم؛ وعليكم بتقوى الله والصبر الجميل! نسأل الله ~~لنا ولكم النصر، وأن يفرغ علينا وعليكم الصبر، وأن يفتح بيننا وبين قومنا ~~بالحق وهو خير الفاتحين؛ فأجابه أهل الشام: طب نفسا! نموت معك ونحيى معك، ~~ثم «4» جعل معاوية أبا الأعور عمرو ابن سفيان «5» السلمي على مقدمته، وحبيب ~~بن مسلمة «6» الفهري على ميمنته، وبسر ابن أرطاة على ميسرته، و «7» مسلم بن ~~عقبة «7» على رجالة العسكر؛ فلما كان الغد اقتتلوا قتالا شديدا، فحجز بينهم ~~الليل حتى قاتلوا ثلاثة أيام؛ فقتل من أصحاب علي بالمبارزة: هاشم بن عتبة ~~بن أبي وقاص، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن بديل ابن ورقاء، وعمار بن حنظلة ~~الكندي، وبشر بن زهير، ومالك بن كعب العامري، وطالب بن كلثوم الهمداني، ~~والمرتفع [بن] «8» وضاح الزبيدي، وشريح بن طارق البكري، وأسلم بن يزيد ~~الحارثي، والحارث بن اللجاج الحكمي، وعائذ بن كريب الهلالي، وواصل بن ربيعة ~~الشيباني، وعائذ بن مسروق الهمداني، ومسلم PageV02P541 # ابن سعيد الباهلي، ومحارب بن ضرار المرادي، وسليمان بن الحارث الجعفي، ~~وشرحبيل بن يزيد الحضرمي. # وقتل من أصحاب معاوية في المبارزة: شرحبيل بن منصور، وعبد الرزاق ابن ~~خالد العبسي، وشريح بن الحارث الكلابي، وصالح بن المغيرة الجمحي، وحريث بن ~~الصباح الحميري، والحارث بن وداعة الحميري، وروق بن الحارث العكي، والمطاع ~~بن المطلب القيني، وجلهمة بن هلال الكلبي، والوضاح بن أزهر السكسكي، ووزاع ~~بن سلامان الغساني، والمهاجر بن حنظلة الجعفي، وعبد الله بن جرير العكي، ~~ومالك بن وديعة القرشي؛ سوى من قتل من الفريقين [من] «1» غير براز. # ولما «2» قتل عمار أتى عبد الله بن عمرو معاوية فقال: قتل عمار، فقال ~~عمرو ابن العاص: قتل عمار! فما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ~~لعمار: «تقتلك الفئة الباغية» ! فقال معاوية: أنحن ms297 قتلناه! إنما قتله أهل ~~العراق، جاءوا به فطرحوه في سيوفنا ورماحنا، وقد قيل: إنه قتل بصفين سبعون ~~ألفا: من أهل العراق خمسة «3» وعشرون ألفا، ومن أهل الشام خمسة وأربعون ~~ألفا. فلما «4» اشتدت البلاء بالفريقين، وكثر بينهم القتلى قال عمرو بن ~~العاص لمعاوية: إن هذا الأمر لا يزداد إلا شدة، فهل لك إلى أمر لا يزداد ~~القوم به إلا فرقة، إن أعطونا اختلفوا وإن منعونا اختلفوا؟ فقال معاوية: ما ~~هو؟ فقال: المصاحف نرفعها وندعوهم بما فيها، فإنهم لا يقاتلون إلا على ما ~~قد علمت؛ فقال معاوية: افعل ما رأيت، فأمر بالمصاحف فرفعت في الرماح «5» ثم ~~جعلوا ينادون: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه؛ PageV02P542 # فسر الناس به وكرهوا القتال، وأجابوا إلى الصلح، وأنابوا إلى الحكومة، ~~وقالوا لعلي: إن القوم يدعونك إلى الحق وإلى كتاب الله، فإن كرهنا ذلك فنحن ~~إذا مثلهم، فقال علي: ويحكم «1» ! ما ذلك يريدون ولا يفعلون؛ ثم مشى الناس ~~بعضهم إلى بعض وأجابوا الصلح والحكومة، وتفرقوا إلى دفن قتلاهم، ولم يجد ~~علي «2» بدا من أن «2» يقبل الحكومة لما رأى من أصحابه، فحكم أهل الشام ~~عمرو بن العاص، وأراد على أن يحكم ابن عباس فقال الأشعث بن قيس- وهو يومئذ ~~سيد الناس: لا يحكم في هذا الأمر رجلان من قريش، ولا افترق «3» الفريقان ~~على هذا الجمع على حكومة بعد أن [كان] «4» من القتال بينهما ما كان إلا ~~وأحد الحكمين منا؛ وتبعه أهل اليمن على ذلك، ثم قال الأشعث: لا نرضى إلا ~~بأبي موسى الأشعري، وكتبوا بينهم كتابي «5» الصلح «بسم الله الرحمن الرحيم- ~~هذا «6» ما تقاضى [عليه] » # علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، قاضي علي على «8» أهل العراق ومن ~~كان معه من شيعته من المؤمنين وقاضى معاوية على أهل الشام ومن كان معه من ~~شيعته من المسلمين أنا ننزل على حكم الله وكتابه، فما وجد الحكمان في كتاب ~~الله فبهما يتبعانه، وما «9» لم يجدا في كتاب الله فالسنة العادلة «10» ~~تجمعهما، وهما آمنان «11» على أموالهما وأنفسهما وأهاليهما، والأمة أنصار ms298 ~~لهما PageV02P543 # على الذي يقضيان عليه، وعلى المؤمنين والمسلمين- والطائفتان كلتاهما ~~عليهما- عهد الله وميثاقه أن يفيا بما في هذه الصحيفة على أن بين المسلمين ~~الأمن [و] «1» وضع السلاح، [و] «1» على عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد ~~الله وميثاقه ليحكما «2» بين الناس بما في هذه الصحيفة، على أن الفريقين ~~جميعا يرجعان سنة، فإذا انقضت السنة إن أحبا أن يردا «3» ذلك ردا، وإن أحبا ~~زادا «4» فيهما ما شاء الله، اللهم إنا نستنصرك على من ترك ما في هذه ~~الصحيفة» «5» . # وشهد على الصحيفة فريق عشرة أنفس، فشهد من أصحاب علي الأشعث بن قيس، وعبد ~~الله بن عباس، وسعيد بن قيس الهمداني، وحجر «6» بن الأدبر الكندي، وعبد ~~الله بن الطفيل العامري، وعبد الله بن محل «7» العجلي، ووقاء بن سمي «8» ~~البجلي، وعقبة بن «9» زيد الأنصاري «9» ، ويزيد بن «10» حجية التيمي «10» ، ~~ومالك بن أوس الرحبي. # وشهد من أهل الشام أبو الأعور السلمي، وحبيب بن مسلمة الفهري، والمخارق ~~ابن الحارث الزبيدي، وعلقمة بن يزيد الحضرمي، وسبيع «11» بن يزيد الحضرمي ~~«12» PageV02P544 # وزمل «1» بن عمرو العذري «2» ، ويزيد بن الحر «3» العبسي، وحمزة بن مالك ~~الهمداني، وعبد الرحمن «4» بن خالد بن الوليد، وعتبة بن أبي سفيان. # وكتب يوم الأربعاء سنة سبع وثلاثين. # فانصرف علي بمن معه من أهل العراق، وانصرف معاوية بمن معه إلى الشام، ~~فقال عبد الله بن وهب الحرمي «5» - وكان من أصحاب علي: لا حكم إلا لله، ~~فقال علي: هذه كلمة حق أريد بها باطل. فلما دخل علي الكوفة خرج من كان ~~يقول: لا حكم إلا لله، ونزلوا بحروراء وهم قريب من اثني عشر ألفا، فسموا ~~الحرورية، ومناديهم ينادي: أمير القتال «6» شبث بن «6» ربعي التميمي، ~~والأمر بعد الفتح شورى، والبيعة لله. ومات «7» خباب بن الأرت «7» بالكوفة. # فخرج علي من صفين، وولى علي سهل بن حنيف فارس، فأخرجه أهل فارس، فوجه ~~زيادا فرضوا وصالحوه وأدوا إليه الخراج «8» . # ثم «9» إن الخوارج اجتمعت على زيد بن حصين وقالوا له: أنت سيدنا وشيخنا ~~وعامل عمر بن الخطاب على الكوفة، تول أمرنا، وجهروا به ms299 فقال: ما كنت ~~لأفعلها، فلما أبى عليهم ذلك ذهبوا إلى يزيد بن عاصم المحاربي «10» ~~PageV02P545 # فعرضوا «1» عليه أمرهم فأبى عليهم ذلك، ثم ذهبوا «2» إلى سعد بن وائل ~~التميمي فأبى عليهم، فأتوا عبد الله بن وهب الراسبي «3» واجتمعوا عنده بقرب ~~النهروان، وخرج إليهم علي في جمعية، فلما أتاهم حمد الله وأثنى عليه ثم ~~قال: إنكم أيها القوم قد علمتم وعلم الله أني كنت للحكومة كارها حتى أشرتم ~~علي بها وغلبتموني عليها والله بيني وبينكم شهيد! ثم كتبنا بيننا وبينهم ~~كتابا وأنتم على ذلك من الشاهدين، فقالت طائفة من القوم: صدقت- ورجعوا إلى ~~الجماعة، وبقيت طائفة منهم على قولهم، فقال علي: هل أنبئكم بالأخسرين ~~أعمالا الذين ضل «4» سعيهم في الحياة الدنيا وهم «5» يحسبون أنهم «5» ~~يحسنون صنعا، منهم أهل النهروان ورب الكعبة» # ! ثم إنهم عبروا الجسر إلى علي ليحاربوه، فلما عبروا الجسر نادى علي في ~~العسكر: استقبلوهم، فاستقبلوهم والتقطوهم بالرماح، فكان مع علي جميعة ~~يسيرة، إنما جاء علي أن يردهم بالكلام، وقد كانت الخوارج قريبا من خمسة ~~آلاف «7» ؛ فلما فرغوا من قتلهم قال علي: اطلبوا لي المخدع «8» ، فطلبوه ~~فلم يجدوه فقال: اطلبوا المخدع، فو الله ما كذبت ولا كذبت، ثم دعا ببغلته ~~البيضاء فركبها وجعل يقلب القتلى حتى أتى على فضاء من الأرض فقال: قلبوا ~~«9» هؤلاء، فإذا هم برجل ليس له ساعد، بين جنبيه ثدي فيه شعرات، إذا مدت ~~امتدت، وإذا تركت قلصت، فقال علي: الله أكبر! سمعت رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم يقول: «يخرج قوم PageV02P546 # فيهم رجل مخدع اليد، «1» ولولا أن تنكلوا عن العمل «1» «2» لأنبأتكم بما ~~«2» وعد الله الذين «3» يقاتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم؛ ثم حج ~~بالناس عبد الله بن عباس «4» . ### | فلما دخلت السنة الثامنة والثلاثون # اجتمعوا «5» لميعادهم [مع] «6» الحكمين بأذرح «7» ، وحضر فيهم من أهل ~~المدينة سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن الزبير، وابن عمر، ولم يخرج علي ~~بنفسه، ووافى معاوية في أهل الشام وكان بينه وبين أبي موسى الأشعري ما كان ~~وافترق الناس ورجعوا إلى أوطانهم، وندم ms300 عبد الله بن عمر على حضوره أذرح، ~~فأحرم من بيت المقدس تلك السنة «8» ورجع إلى مكة. # واستشار معاوية أصحابه [في] «6» محمد بن أبي بكر وكان واليا على مصر، ~~فأجمعوا على المسير إليه، فخرج عمرو بن العاص في أربعة «9» آلاف فيهم «9» ~~أبو الأعور السلمي ومعاوية «10» # بن حديج «10» ، فالتقوا بالمسناة «11» وقاتلوا قتالا شديدا، وقتل كنانة ~~بن بشر بن «12» عتاب التجيبي «12» ، وانهزم محمد بن أبي بكر وقاتل حتى قتل، ~~وقد قيل: إنه أدخل في جوف حمار ميت، ثم أحرق بالنار «13» ، فلما بلغ عليا ~~PageV02P547 # سرور معاوية بقتله قال: لقد حزنا «1» عليه بقدر سرورهم بقتله، ثم ولى علي ~~الأشتر على مصر. ومات صهيب بن سنان «2» . # فلما بلغ معاوية خبر مسير الأشتر إلى مصر قال: إنه ليأتي وعامة أهل مصر ~~أهل اليمن وهو يماني، وكتب إلى دهقان «3» بالعريش: إن «4» احتلت في الأشتر ~~فلك علي أن أخرج خراجك عشرين سنة، فقدم الأشتر على امرأة من حمير يقال «5» ~~لها ليلى بنت النعمان، فتلطف له الدهقان وسأله: أي الشراب أحب إليك؟ قال: # العسل، قال: عندي عسل من عسل برقة لم ير مثله، ثم قدمته إليه فسقته منه، ~~فمات من ساعته، فبلغ ذلك معاوية فقال: إن لله جنودا من العسل. ومات صفوان ~~ابن بيضاء في رمضان «6» وكان قد شهد بدرا، ومات سهل بن حنيف بالكوفة وصلي ~~عليه. وحج بالناس قثم بن العباس «7» . ### | فلما دخلت السنة التاسعة والثلاثون # استعمل علي يزيد بن حجية التميمي على الري، ثم كتب إليه بعد مدة أن أقدم، ~~فقدم على علي فقال له: أين ما غللت من مال الله؟ قال: ما غللت، فخفقه ~~بالدرة خفقات وحبسه في داره، فلما كان في بعض الليالي قرب يزيد [البواب] ~~«8» وما حله، ولحق بالرقة وأقام بها حتى أتاه إذن بمعاوية، فلما بلغ عليا ~~لحوقه معاوية قال: اللهم! إن يزيد أذهب بمال المسلمين ولحق بالقوم ~~الظالمين، اللهم! فاكفنا مكره وكيده. PageV02P548 # ثم وجه معاوية خيلا فيهم الضحاك بن قيس «1» الفهري، وسفيان بن عوف ~~الدابري «2» ، فأغار سفيان على الأنبار وفيها مسلحة «3» لعلي، فلما ms301 بلغ ~~عليا خروجهم خرج من بيته والناس في المسجد، فلما رأوه «4» صاحوا، قال: ~~اسكتوا اسكتوا! فلما سكتوا قال: شاهت الوجوه! شاهت الوجوه! إن قلت نعم، ~~قلتم: # لا، وإن قلت: لا، قلتم: نعم، إن استنفرتكم في الحر قلتم: الحر شديد فإذا ~~جاء الشتاء نفرنا، وإذا جاء الشتاء واستنفرتكم قلتم: البرد شديد وإذا كان ~~الصيف نفرنا، إن عدوكم يجد من الهناء ما تجدون، ولكن لا رأي «5» لمن [لا] ~~«6» يطاع، وددت [أن] «7» لي بجماعتكم ألف فارس. # ثم بعث معاوية بسر» # بن أرطاة- أحد بني عامر بن لؤي- في جيش من أهل الشام إلى المدينة وعليها ~~أبو أيوب الأنصاري، فهرب منه أبو أيوب ولحق عليا بالكوفة، ولم يقاتله أحد ~~بالمدينة حتى دخلها، فصعد منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل [ينادي] ~~«9» : يا أهل المدينة! والله لولا «10» ما عهد «10» إلي أمير المؤمنين ~~معاوية ما تركت فيها محتلما إلا قتلته! فبايع أهل المدينة معاوية، وأرسل ~~إلى بني سلمة: ما لكم عندي أمان حتى تأتوني «11» بجابر بن عبد الله، فدخل ~~جابر بن عبد الله على أم سلمة PageV02P549 # وقال: يا أماه! إني خشيت على دمي، وهذه بيعة ضلالة، فقالت «1» : أرى أن ~~تبايع، فخرج جابر بن عبد الله فبايع بسر «2» بن أرطاة لمعاوية كارها، ثم ~~خرج بسر «2» حتى أتى مكة، فخافه أبو موسى الأشعري وكان والي مكة لعلي، ~~وتنحى عن مكة حتى دخلها، ثم مضى إلى اليمن وعليها عبيد الله بن عباس بن عبد ~~المطلب عامل علي، فلما سمع به عبيد الله هرب، واستخلف على اليمن عبد الله ~~بن عبد المدان، وكانت ابنته «3» تحت عبيد الله بن عباس. فلما قدم بسر «2» ~~اليمن قتل عبد الله بن [عبد] «4» المدان، وأخذ ابنين لعبيد الله بن عباس بن ~~عبد المطلب- من أحسن الصبيان- صغيرين كأنهما درتان «5» ، ففعل بهما ما فعل. # فلما حضر الموسم بعث علي على الحج عبد الله «6» بن عباس، وبعث معاوية ~~يزيد بن شجرة «7» الرهاوي، فاجتمعا بمكة وتنازعا وأبى كل واحد منها أن يسلم ~~لصاحبه إقامة الحج، فاجتمع الناس ms302 على «8» شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، فحج ~~بالناس شيبة بن عثمان. ### | فلما دخلت السنة الأربعون # وبلغ «9» الخبر عليا بما فعل بسر «10» بن أرطاة باليمن وما كان من أمر ~~بني عبيد PageV02P550 # الله بن عباس بن عبد المطلب خطبهم وقال: لقد خفت أن يظهر مولى القوم ~~عليكم، وما يظهرون عليكم بأن يكونوا بالحق أولى منكم، ولكن بصلحهم في ~~بلادهم وفسادكم في بلادكم، واجتماعهم على باطلهم «1» ، و «2» تفرقكم عن «2» ~~حقكم، وأدائهم الأمانة وخيانتكم، والله والله لو استعملت فلانا لخان وغدر- ~~ثلاثا! ولو بعثه معاوية لم يخنه ولا غدره، اللهم! قد مللتهم وملوني، ~~وسئمتهم «3» وسئموني، وكرهتهم وكرهوني، فأرحني «4» منهم وأرحهم مني، ~~وأبدلني «5» بمن هو خير لي منهم وأبدلهم بمن «6» هو شر لهم مني. # ثم كان قتل «7» علي بن أبي طالب. # وكان السبب في ذلك [أن] «8» عبد الرحمن بن ملجم المرادي أبصر امرأة من ~~بني [تيم] «9» الرباب يقال لها قطام «10» ، وكانت من أجمل أهل زمانها، ~~وكانت ترى رأي الخوارج، فولع بها فقالت: لا أتزوج بك إلا على ثلاثة آلاف ~~وقتل علي بن أبي طالب، فقال لها: لك ذلك، فتزوجها وبنى بها فقالت له: يا ~~هذا! قد عرفت الشرط، فخرج عبد الرحمن بن ملجم ومعه سيف مسلول حتى أتى مسجد ~~الكوفة وخرج علي من داره وأتى المسجد وهو يقول: أيها الناس! الصلاة الصلاة! ~~أيها الناس! الصلاة الصلاة! وكانت تلك ليلة الجمعة لسبع عشرة خلت من رمضان، ~~PageV02P551 # فصادفه عبد الرحمن بن ملجم من خلفه ثم ضربه بالسيف ضربة من قرنه إلى ~~جبهته «1» ، وأصاب السيف الحائط فثلم فيه، ثم ألقى السيف من يده، وأقبل ~~الناس عليه فجعل ابن ملجم يقول للناس: إياكم والسيف فإنه مسموم، وقد سمه ~~شهرا، فأخذوه، ورجع علي بن أبي طالب إلى داره، ثم أدخل عليه عبد الرحمن بن ~~ملجم فقالت له أم كلثوم بنت علي: يا عدو الله! قتلت أمير المؤمنين! فقال: ~~لم أقتل إلا أباك، فقالت: إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين من بأس، ~~فقال عبد الرحمن بن ملجم: فلم ms303 تبكين إذا؟ فو الله سممته شهرا! فإن أخلفني ~~«2» أبعده الله وأسحقه، فقال علي: احبسوه وأطيبوا طعامه وألينوا «3» فراشه، ~~فإن أعش فعفو «4» أو قصاص، وإن أمت «5» فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين. # فمات علي بن أبي طالب غداة يوم الجمعة، فأخذ عبد الله بن جعفر والحسن ابن ~~علي [ومحمد بن الحنفية] «6» عبد الرحمن بن ملجم، فقطعوا يديه ورجليه فلم ~~يجزع ولم يتكلم، ثم كحلوا عينيه بملمول «7» محمي، ثم قطعوا لسانه وأحرقوه ~~بالنار؛ وكان لعلي يوم مات اثنتان وستون سنة «8» ، وكانت خلافته خمس سنين ~~وثلاثة أشهر» . # واختلفوا في موضع قبره ولم يصح عندي شيء من ذلك فأذكره، وقد قيل: إنه ~~PageV02P552 # دفن بالكوفة في قصر الإمارة عند مسجد الجماعة «1» ، وهو ابن ثلاث وستين. # ثم قام الحسن بعد دفن أبيه خطيبا «2» في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم ~~قال: # والله لقد مات فيكم رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون! لقد «3» كان ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه بالبعث ويعطيه الراية فما يرجع حتى ~~يفتح الله عليه، يقاتل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ولا ترك بيضاء ~~ولا صفراء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه، أراد أن يبتاع بها خادما. # وكان لعلي بن أبي طالب خمسة وعشرون ولدا، من الولد: الحسن والحسين ومحسن ~~وأم كلثوم الكبرى وزينب الكبرى- وهؤلاء الخمسة من فاطمة بنت رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، وكان له من غيرها: محمد بن علي [و] «4» عبيد الله وعمر ~~وأبو بكر ويحيى وجعفر والعباس وعبد الله ورقية ورملة وأم الحسن وأم كلثوم ~~الصغرى وزينب الصغرى وجمانة «5» وميمونة وخديجة وفاطمة وأم الكرام وأم ~~سلمة- رضي الله عنهم أجمعين. ### | ذكر البيان بأن من ذكرناهم كانوا خلفاء ومن بعدهم كانوا ملوكا # أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى بالموصل ثنا علي بن الجعد الجوهري ثنا حماد ~~بن سلمة عن سعيد بن جمهان عن سفينة «6» قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم يقول: الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم يكون ملكا، قال: أمسك خلافة أبي ~~بكر PageV02P553 # سنتين ms304، وعمر عشرا، وعثمان اثنتي عشرة، وعلي ستا. قال «1» علي بن الجعد: # فقلت لحماد بن سلمة: سفينة القائل: أمسك؟ قال: نعم. # قال أبو حاتم: ولى أهل الكوفة بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي، ولما ~~اتصل الخبر بمعاوية ولى أهل الشام معاوية بن أبي سفيان، واسم «2» أبي سفيان ~~صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وأم معاوية هند بنت عتبة بن ~~ربيعة بن عبد شمس؛ فكان معاوية نافذ «3» الأمور بالشام والأردن وفلسطين ~~ومصر، وكان الحسن بن علي يمشي الأمور بالعراق إلى أن دخلت «4» سنة إحدى ~~وأربعين، فاحتال «5» معاوية في الحسن بن علي وتلطف له، وخوفه هراقه دماء ~~المسلمين وهتك حرمهم وذهاب «6» أموالهم إن لم يسلم «7» الأمر لمعاوية؛ ~~فاختار الحسن ما عند الله على ما في الدنيا وسلم الأمر إلى معاوية يوم ~~الإثنين «8» لخمس ليال بقين من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، واستوى الأمر ~~لمعاوية حينئذ، وسميت هذه السنة سنة الجماعة «9» ؛ وبقي معاوية في إمارته ~~تلك إلى أن مات يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة ستين، وقد قيل: إن معاوية ~~مات للنصف من رجب من هذه السنة، وكان له يوم توفي ثمان وسبعون سنة؛ وصلى ~~عليه ابن قيس الفهري، وقد قيل: إن يزيد بن معاوية هو الذي صلى عليه «10» ، ~~وكانت مدة معاوية PageV02P554 # «1» تسع عشرة «1» سنة وثلاثة أشهر و «2» اثنتين وعشرين «2» ليلة؛ وكان ~~معاوية يخضب بالحناء والكتم، وكان نقش خاتمه «لا حول ولا قوة إلا بالله ~~العلي العظيم» ، وقبره بدمشق خارج باب الصغير في المقبرة، محوط عليه، قد ~~زرته مرارا عند قصري رمادة أبي الدرداء. ### | يزيد بن معاوية أبو خالد # ثم تولى يزيد بن معاوية بن أبي سفيان يوم الخميس من شهر رجب في اليوم ~~الذي مات فيه أبوه، وكنية يزيد أبو خالد، وكان ليزيد بن معاوية يوم ولي ~~أربع وثلاثون وشهر «3» ، كانت أمه ميسون «4» بنت بحدل «5» بن أنيف «6» بن ~~ولجة «7» بن قنافة الكلبي؛ وكان نقش خاتمه «آمنت بالله مخلصا» . # [ولما] «8» بايع أهل الشام يزيد بن معاوية ms305 واتصل الخبر بالحسين بن علي ~~جمع شيعته واستشارهم، وقالوا: إن الحسن لما سلم الأمر لمعاوية سكت وسكت ~~معاوية، فالآن قد مضى معاوية ونحب أن نبايعك، فبايعته الشيعة؛ ووردت على ~~الحسين كتب أهل الكوفة من الشيعة يستقدمونه إياها، فأنفذ الحسين بن علي ~~مسلم ابن عقيل إلى الكوفة لأجل البيعة على أهلها، فخرج مسلم بن عقيل من ~~المدينة معه «9» قيس بن مسهر «10» الصيداوي يريدان الكوفة، ونالهما في ~~الطريق تعب شديد PageV02P555 # وجهد جهيد، لأنهما أخذا دليلا «1» تنكب بهما الجادة، فكاد مسلم بن عقيل ~~أن يموت عطشا إلى أن سلمه الله ودخل الكوفة، فلما نزلها دخل دار المختار بن ~~أبي عبيد «2» ؛ واختلفت إليه الشيعة يبايعونه أرسالا، ووالي الكوفة يومئذ ~~النعمان بن بشير، ولاه يزيد بن معاوية الكوفة؛ ثم تحول مسلم بن عقيل من دار ~~المختار إلى دار هانىء بن عروة «3» ، وجعل الناس يبايعونه في دار هانىء حتى ~~[بايع] «4» «5» ثمانية عشر «5» ألف رجل من الشيعة. فلما اتصل الخبر بيزيد ~~بن معاوية أن مسلما» # يأخذ البيعة بالكوفة للحسين بن علي، كتب يزيد بن معاوية إلى عبيد الله بن ~~زياد وهو إذ ذاك بالبصرة وأمره بقتل مسلم بن عقيل أو بعثه إليه؛ فدخل عبيد ~~الله بن «7» زياد الكوفة حتى نزل القصر واجتمع إليه أصحابه، وأخبر عبيد ~~الله بن زياد أن مسلم بن عقيل في دار هانىء بن عروة، فدعا هانئا وسأله فأقر ~~به، فهشم عبيد الله وجه هانىء بقضيب كان في يده حتى تركه وبه رمق «8» . # ثم ركب مسلم بن عقيل في ثلاثة آلاف فارس يريد عبيد الله بن زياد، فلما ~~قرب من قصر عبيد الله نظر فإذا معه مقدار ثلاثمائة فارس فوقف يلتفت يمنة ~~ويسرة، فإذا أصحابه يتخلفون عنه حتى بقي معه عشرة أنفس، فقال: يا سبحان ~~الله! غرنا هؤلاء بكتبهم ثم أسلمونا إلى أعدائنا هكذا «9» ، فولى راجعا ~~فلما بلغ طرف الزقاق التفت فلم ير خلفه أحدا، وعبيد الله بن زياد في القصر ~~متحصن يدبر في أمر مسلم PageV02P556 # ابن عقيل، فمضى مسلم بن عقيل على وجهه ms306 وحده فرأى امرأة «1» على باب ~~دارها، فاستسقاها ماء وسألها مبيتا، فأجابته إلى ما سأل وبات عندها، وكانت ~~للمرأة ابن «2» ، فذهب الابن وأعلم عبيد الله بن زياد أن مسلما «3» في دار ~~والدته، فأنفذ عبيد الله بن زياد إلى دار المرأة محمد بن الأشعث بن قيس في ~~ستين رجلا من قيس، فجاءوا حتى أحاطوا بالدار، فجعل مسلم يحاربهم عن نفسه ~~حتى كل ومل، فآمنوه فأخذوه وأدخلوه على عبيد الله، فأصعد القصر وهو يقرأ ~~ويسبح ويكبر ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا وكذبونا ثم خذلونا حتى ~~دفعنا إلى ما دفعنا إليه، ثم أمر عبيد الله بضرب رقبة مسلم بن عقيل، فضرب ~~رقبة مسلم بن عقيل بكير بن حمران «4» الأحمري على طرف الجدار فسقطت جثته، ~~ثم أتبع رأسه جسده، ثم أمر عبيد الله بإخراج هانىء بن عروة إلى السوق وأمر ~~بضرب رقبته في السوق «5» . ثم بعث عبيد الله بن زياد برأسي «6» مسلم بن ~~عقيل بن أبي طالب وهانىء بن عروة مع هانىء بن [أبي] «7» حية الوادعي «8» ~~والزبير بن الأورح التميمي إلى يزيد بن معاوية. # فلما بلغ الحسين بن علي الخبر بمصاب الناس بمسلم بن عقيل خرج بنفسه يريد ~~الكوفة، وأخرج عبيد الله بن زياد عمر «9» بن سعد إليه فقاتله بكربلاء قتالا ~~PageV02P557 # شديدا حتى قتل عطشانا، وذلك يوما عاشوراء يوم الأربعاء سنة إحدى «1» ~~وستين، وقد قيل: إن ذلك اليوم كان يوم السبت، والذي قتل الحسين بن علي هو ~~سنان بن «2» أنس النخعي «2» . وقتل معه من أهل بيته في ذلك اليوم: العباس ~~بن [علي بن] «3» أبي طالب، وجعفر [بن علي] «3» بن أبي طالب، وعبد الله بن ~~علي بن أبي طالب الأكبر، وعبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، والقاسم ~~بن الحسن بن علي ابن أبي طالب، وعون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ~~ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله «4» بن عقيل بن أبي ~~طالب، ومحمد بن [أبي] «3» سعيد بن عقيل بن أبي طالب؛ واستصغر علي بن ms307 الحسين ~~بن علي فلم يقتل، انفلت في ذلك اليوم من القتل لصغره «5» ، وهو والد محمد ~~بن علي الباقر، واستصغر في ذلك اليوم أيضا عمرو «6» بن الحسن بن علي بن أبي ~~طالب فلم يقتل لصغره، وجرح في ذلك اليوم الحسن بن [الحسن بن] «7» علي بن ~~أبي طالب جراحة شديدة حتى حسبوه قتيلا ثم عاش بعد ذلك، وقتل في ذلك اليوم ~~سليمان «8» مولى الحسن ابن علي بن أبي طالب، ومنجح «9» مولى الحسين «10» بن ~~علي بن طالب، وقتل في ذلك اليوم الخلق من أولاد المهاجرين والأنصار، وقبض ~~على عبد الله بن بقطر «11» رضيع الحسين بن علي بن أبي طالب في ذلك اليوم، ~~وقيل: حمل إلى الكوفة ثم PageV02P558 # رمي به من فوق القصر، أو قيد فانكسرت رجله، فقام إليه رجل من أهل الكوفة ~~وضرب عنقه. # وكانت أم الحسين بن علي بن أبي طالب فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم، وأم العباس بن علي بن أبي طالب أم البنين بنت [حزام بن] ~~«1» خالد بن ربيعة، والعباس يقال له: السقاء «2» ، لأن الحسين طلب الماء في ~~عطشه وهو يقاتل، فخرج العباس وأخوه، واحتال حمل إداوة ماء ودفعها إلى ~~الحسين، فلما أراد الحسين أن يشرب من تلك الإداوة جاء سهم فدخل حلقه، فحال ~~بينه وبين ما أراد من الشرب فاحترشته السيوف حتى قتل، فسمي العباس بن علي ~~«السقاء» لهذا السبب، وكانت والدة جعفر بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن ~~علي بن أبي طالب الأكبر ليلى «3» بنت أبي مرة «4» بن عروة بن مسعود بن ~~معتب، وكانت أم عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب الرباب بنت «5» ~~القاسم بن أوس «5» بن عدي بن أوس ابن جابر بن كعب «6» ، وكانت أم القاسم بن ~~الحسن بن علي بن أبي طالب أم ولد، وكانت أم عون «7» بن عبد الله بن جعفر بن ~~أبي طالب جمانة بنت المسيب بن نجبة «8» بن ربيعة، وكانت أم محمد بن عبد ~~الله بن جعفر بن عقيل بن أبي طالب أم ولد ms308، وكانت أم عبد الله بن مسلم بن ~~عقيل بن أبي طالب رقية بنت علي بن أبي طالب، وكانت أم الحسن بن الحسن» # بن علي بن أبي طالب خولة بنت منظور بن PageV02P559 # زيان «1» الفزاري، وكانت أم عمرو «2» بن الحسن بن علي بن أبي طالب أم ~~ولد، وقد قيل: إن أبا بكر بن علي بن أبي طالب قتل في ذلك اليوم «3» ، وأمه ~~ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك بن ربعي. والذي تولى في ذلك اليوم حز رأس ~~الحسين ابن علي بن أبي طالب شمر «4» بن ذي الجوشن. # ثم أنفذ عبيد الله بن زياد رأس الحسين بن علي إلى الشام مع أسارى النساء ~~والصبيان من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقتاب «5» مكشفات ~~الوجوه والشعور، فكانوا إذا نزلوا منزلا أخرجوا الرأس من الصندوق «6» ~~وجعلوه في «6» رمح وحرسوه «7» إلى وقت الرحيل، ثم أعيد الرأس إلى الصندوق ~~ورحلوا؛ فبيناهم كذلك إذ نزلوا بعض المنازل وإذا فيه دير راهب، فأخرجوا ~~الرأس على عادتهم وجعلوه في الرمح وأسندوا الرمح «8» إلى الدير، فرأى ~~الديراني بالليل نورا ساطعا من ديره إلى السماء، فأشرف على القوم وقال لهم: ~~من أنتم؟ قالوا: نحن أهل الشام، قال: # هذا رأس من هو؟ قالوا: رأس الحسين بن علي، قال: بئس القوم أنتم! والله لو ~~كان لعيسى ولد «9» لأدخلناه أحداقنا! ثم قال: يا قوم! عندي عشرة آلاف دينار ~~ورثتها من أبي وأبي من أبيه، فهل لكم أن تعطوني هذا الرأس ليكون عندي ~~الليلة وأعطيكم هذه العشرة آلاف دينار؟ قالوا: بلى، فأحدر إليهم الدنانير، ~~فجاءوا بالنقاد، ووزنت الدنانير ونقدت، ثم جعلت في جراب وختم عليه، ثم أدخل ~~PageV02P560 # الصندوق، وشالوا إليه الرأس، فغسله الديراني ووضعه على فخذه وجعل يبكي ~~الليل كله عليه، فلما أن أسفر عليه الصبح قال: يا رأس! لا أملك إلا نفسي، ~~وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك رسول الله، فأسلم النصراني وصار مولى ~~للحسين، ثم أحدر الرأس إليهم فأعادوه إلى الصندوق ورحلوا، فلما قربوا من ~~دمشق قالوا ms309: نحب أن نقسم تلك الدنانير، لأن يزيد إن رآها أخذها منا، ففتحوا ~~الصندوق وأخرجوا الجراب بختمه وفتحوه، فإذا الدنانير كلها قد تحولت خزفا، ~~وإذا على جانب من الجانبين من السكة مكتوب ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل ~~الظالمون وعلى الجانب الآخر سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، قالوا: قد ~~افتضحنا والله! ثم رموها في بردى «1» نهر لهم، فمنهم من تاب من ذلك الفعل ~~لما رأى، ومنهم من بقي على إصراره، وكان رئيس من بقي على ذلك الإصرار سنان ~~بن أنس النخعي. # ثم أركب الأسارى من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ~~والصبيان أقتابا يابسة مكشفات الشعور، وأدخلوا دمشق كذلك «2» ، فلما وضع ~~الرأس بين يدي يزيد بن معاوية جعل ينقر ثنيته بقضيب كان في يده ويقول: ما ~~أحسن ثناياه «3» ! قد ذكرت كيفية هذه القصة وباليتها في أيام بني أمية وبني ~~العباس في كتاب الخلفاء، فأغنى عن إعادة مثلها في هذا الكتاب لاقتصارنا على ~~ذكر الخلفاء الراشدين منهم في أول هذا الكتاب. # وقد بعث يزيد بن معاوية مسلم «4» بن عقبة المزني إلى المدينة لست ليال ~~بقين من ذي الحجة سنة ست وستين، فقتل مسلم بن عقبة بالمدينة خلقا من أولاد ~~PageV02P561 # المهاجرين والأنصار، واستباح المدينة ثلاثة أيام نهبا وقتلا، فسميت هذه ~~الوقعة وقعة الحرة. # وتوفي يزيد بن معاوية بحوارين «1» قرية من قرى دمشق لأربع عشرة ليلة خلت ~~من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين وهو يومئذ ابن ثمان وثلاثين «2» ، وقد ~~قيل: إن يزيد بن معاوية سكر ليلة وقام يرقص فسقط على رأسه وتناثر دماغه ~~فمات، وصلى عليه ابنه معاوية بن يزيد، وكان نقش خاتم يزيد «آمنت بالله ~~مخلصا» وقبره بدمشق. ### | معاوية بن يزيد أبو ليلى # «3» # وولي معاوية بن «4» يزيد بن معاوية يوم النصف من شهر ربيع الأول سنة أربع ~~وستين، وأمه أم خالد «5» بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكان ~~له يوم ولي «6» إحدى وعشرون «6» سنة، وقد قيل: لا، بل سبع عشرة سنة، وكان ~~من ms310 خير أهل بيته، فلما حضرته الوفاة قالوا له: بايع لرجل بعدك واعهد إليه، ~~قال: # ما أصبت من دنياكم شيئا فأتقلد مأثمها «7» . # ومات معاوية بن يزيد اليوم «8» الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ~~أربع وستين، وكانت إمارته أربعين ليلة، وصلى عليه عثمان بن عنبسة «9» بن ~~أبي سفيان، وكان نقش خاتمه «يا الله نستعين- معاوية» وقبره بدمشق. ~~PageV02P562 ### | مروان بن الحكم # وولي مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، بايعه أهل الشام ~~بالجابية، وأمه آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن مخدش الكعبي. # ولما وصل «1» الخبر بموت معاوية الحجاز بايعوا عبد الله بن الزبير بن ~~العوام، وكنية ابن الزبير أبو خبيب «2» ، وبايع له أهل العراق وأهل الحجاز؛ ~~وأم عبد الله بن الزبير أسماء بنت أبي بكر، فكان يخطب لابن الزبير بالحجاز ~~والعراق، ويخطب بالشام إلى المغرب لمروان بن الحكم إلى أن مات مروان بن ~~الحكم في شهر رمضان سنة خمسة وستين بدمشق «3» ، وقد قيل: إن مروان مات بين ~~دمشق وفلسطين، وكان له يوم مات ثلاث وستون سنة، وكانت ولايته عشرة أشهر إلا ~~ثلاث ليال، وصلى عليه ابن عبد الملك بن مروان، قد عهد إليه في حياته، وكان ~~نقش خاتم مروان «آمنت بالعزيز الحكيم» ، وقد قيل: إن نقش خاتم مروان كان ~~«العزة لله» . ### | عبد الملك بن مروان أبو الوليد # ثم بايع أهل الشام عبد الملك بن مروان بن الحكم، وكان يكنى أبا الذبان ~~«4» لبخر كان في فمه، وذلك في اليوم الذي مات فيه أبوه، وأم عبد الملك بن ~~مروان عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية «5» . # وأنفذ عبد الله بن الزبير أخاه مصعب بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان ~~محاربا له، وسار عبد الملك إلى العراق يريد مصعبا، فالتقوا بدير الجاثليق، ~~وكان بينهما وقعات إلى أن كانت الهزيمة على أصحاب مصعب، وقتل مصعب بن ~~PageV02P563 # الزبير «1» ، ثم رجع عبد الملك إلى دمشق وجمع الناس واستشارهم في أمر عبد ~~الله ابن الزبير وقال: من له؟ فقام ms311 الحجاج بن يوسف فقال: أنا- وكان أصغر ~~القوم وأقلهم نباهة، فقال له عبد الملك: وما يدريك؟ فقال له: إني رأيت في ~~المنام أني خلعت ثوبه «2» ، فقال: أنت له، فأخرجه في جماعة من أهل الأردن ~~والشام لمحاربة ابن الزبير، فوافى الحجاج مكة وحاصر الحرم، ونصب المنجنيق ~~على الكعبة أياما إلى أن ظفر بعبد الله بن الزبير فقتله، وذلك يوم الثلاثاء ~~«3» لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، وصلبه على جذع ~~منكسا، واستقر الأمر حينئذ لعبد الملك بن مروان، ومات عبد الملك بن مروان ~~بدمشق لأربع ليال خلون من شوال سنة ست وثمانين، وكانت أم عبد الملك بن ~~مروان عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية «4» ، وصلى عليه ~~ابنه الوليد، وكان له يوم توفي اثنتان وستون سنة، وكان نقش خاتمه «آمنت ~~بالله» . ### | وليد بن عبد الملك أبو العباس # وبايع الناس الوليد بن عبد الملك في اليوم الذي توفي أبوه بدمشق، وأم ~~الوليد بن عبد الملك: ليلى بنت العباس بن الحسين بن الحارث بن زهير، وتوفي ~~الوليد بن عبد الملك بدمشق للنصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين بموضع يقال ~~له دير مران» # ، وكان له يوم مات تسع وأربعون سنة، وكان نقش خاتمه «يا وليد» ، مات وصلى ~~عليه سليمان بن عبد الملك، وحمل من دير مران على أعناق الرجال إلى دمشق، ~~ودفن في باب الصغير. PageV02P564 # وفي ولاية الوليد بن عبد الملك مات الحجاج بن يوسف في شهر رمضان سنة خمس ~~وتسعين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة «1» ، وهو «2» الحجاج بن يوسف بن الحكم بن ~~أبي عقيل بن عامر «3» بن مسعود «3» بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو «4» ابن ~~سعد بن عوف بن ثقيف بن منبه «5» بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة ~~«6» بن قيس عيلان. ### | سليمان بن عبد الملك أبو أيوب # وولي سليمان بن عبد الملك في اليوم الذي مات فيه وليد بن عبد الملك «7» ، ~~وأمه ليلى بنت العباس بن الحسين، وكنية سليمان بن ms312 عبد الملك أبو أيوب، مات ~~سليمان بموضع يقال له دابق «8» يوم الجمعة لعشر ليال خلون من صفر، وقد قيل: # لعشر بقين من صفر «9» سنة تسع وتسعين، وكان له يوم «10» توفي خمسة ~~وأربعون سنة، وكان نقش خاتمه «أومن بالله» . ### | عمر بن عبد العزيز أبو حفص # واستخلف عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم أبو حفص بدير سمعان «11» في ~~اليوم الذي توفي فيه سليمان بن عبد الملك، وأم عمر بن عبد العزيز أم عاصم ~~PageV02P565 # «1» بنت عاصم بن عمر بن الخطاب «1» واسمها ليلى، فلما ولي عمر جمع وكلاءه ~~ونساءه وجواريه فطلقهن وأعتقهن «2» ، وأمر بثيابه «3» فبيعت كلها وتصدق ~~بأثمانها، ولزم طريقة الخلفاء الراشدين المهديين الذين «4» «5» هو من «5» ~~جملتهم، لا تأخذه في الله لومة لائم، وتوفي عمر بن عبد العزيز بدير سمعان ~~[يوم] «6» الجمعة لخمس ليال بقين من رجب سنة إحدى ومائة، وكان له يوم مات ~~إحدى وأربعون «7» سنة، وكانت خلافته سنتين «8» وخمسة أشهر وخمس ليال، وصلى ~~عليه مسلمة بن عبد الملك «9» ، «10» وقيل «10» : صلى عليه عبد العزيز بن ~~عمر «11» بن عبد العزيز، وكان نقش خاتم «12» عمر ابن عبد العزيز «بالله ~~مخلصا» «13» . ### | يزيد بن عبد الملك أبو خالد # وولى أهل الشام يزيد بن عبد الملك بن مروان بعد دفن عمر بن عبد العزيز، ~~وكنية يزيد بن عبد الملك أبو خالد، وأمه عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي ~~سفيان «14» ، توفي يزيد بن عبد الملك بحوران من أرض دمشق يوم الجمعة أو ~~PageV02P566 # الخميس لخمس ليال بقين من شعبان سنة خمسة ومائة «1» ، وكان له يوم توفي ~~تسع وعشرون «2» سنة، وكانت ولايته أربع سنين وشهرا «3» ... لأنه مات بسواد ~~الأردن، وصلى عليه ابنه الوليد بن يزيد بن «4» عبد الملك «4» ، وكان نقش ~~خاتم ابن عبد الملك «رب قني الحساب» . ### | هشام بن عبد الملك أبو الوليد # وولى هشام بن عبد الملك بن مروان في اليوم الذي توفي فيه أخوه، وأمه ~~عائشة بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي «5» ، ~~ومات هشام بن عبد الملك بالرصافة من أرض قنسرين ms313 يوم الأربعاء لست ليال خلون ~~من شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة، وكان له يوم توفي ست «6» وخمسون ~~سنة، وكانت ولايته» # تسع عشرة «7» # سنة وستة أشهر وإحدى عشرة ليلة، وصلى عليه الوليد بن يزيد بن عبد الملك، ~~وكان نقش خاتم هشام بن عبد الملك «للحكم الحكيم» وكان هشام أحول. ### | الوليد بن يزيد بن عبد الملك أبو العباس # وولي الوليد بن يزيد بن عبد الملك بعد دفن هشام بن عبد الملك، وأمه أم ~~محمد «8» واسمها عائشة بنت محمد بن يوسف الثقفي أخو الحجاج بن يوسف، وكنية ~~الوليد بن يزيد أبو العباس، وقتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك يوم الخميس ~~PageV02P567 # ليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة «1» ، قتله يزيد ~~الناقص «2» بالبخراء «3» من أرض دمشق، وكانت ولايته سنة [وثلاثة] «4» أشهر ~~و «5» اثنين وعشرين «5» يوما. ### | يزيد بن الوليد بن عبد الملك أبو خالد # وولي يزيد بن الوليد «6» بعد قتل الوليد «6» بن يزيد بن عبد الملك «7» ، ~~وأمه هند بنت عبد العزيز بن مروان «8» ، ومات يزيد بن الوليد لعشر بقين من ~~ذي الحجة سنة ست وعشرين ومائة، وكانت ولايته خمسة أشهر، وقد قيل: خمسة أشهر ~~وليلتين، وصلى عليه إبراهيم بن الوليد «9» بن عبد الملك «9» ، وكان يقال ~~له: يزيد الناقص، وإنما سمي بذلك لأنه نقص عطاء الجند «10» عما [زاده ~~الوليد] «11» فسمي بذلك الناقص. ### | إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك أبو إسحاق # وولي إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان في اليوم الذي مات فيه ~~PageV02P568 # أخوه، وكانت أمه أم ولد «1» ، وكان يلقب بصلبان «2» باسم مجنون «3» ، ~~وكان عندهم بدمشق، وبقي في العمل [ثلاثة] «4» أشهر، ثم قدم مروان بن محمد ~~دمشق، وراوده «5» «6» على أن «6» يخلع نفسه بعد أن قاتله «7» مروان فسمي ~~المخلوع، وبقي بعد ذلك مدة «8» إلى أن مات بدمشق، وقد «9» قيل: إن مروان بن ~~محمد هو الذي قتله وصلبه، وكان اليوم الذي خلع فيه إبراهيم بن الوليد يوم ~~«9» الإثنين لأربع عشرة «10» ليلة خلت من شهر صفر سنة سبع وعشرين ومائة. ### | مروان بن محمد بن ms314 مروان بن الحكم أبو عبد الملك # وولي مروان بن محمد في اليوم الذي خلع فيه إبراهيم بن الوليد نفسه وذلك ~~يوم الإثنين، وكان يقال له مروان الحمار، وإنما عرف بالحمار لقلة عقله «11» ~~، وأمه أم ولد جارية كردية كان يقال لها لبابة «12» . # وظهر أبو مسلم واسمه عبد الرحمن بن مسلم «13» أحد بني جندع بن ليث بن بكر ~~بن عبد مناف «14» بخراسان يوم الخميس لعشر بقين من رمضان سنة تسع ~~PageV02P569 # وعشرين ومائة. فأظهر «1» الدعوة للرضا من آل رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، ثم دخل مرو وفض الجموع التي كانت بها مع نصر بن سيار، وهرب نصر بن ~~سيار من «2» أبي مسلم يريد العراق، فمات بساوة «3» ، وخرج أبو مسلم من مرو ~~إلى نيسابور ثم قصد الري ثم خرج منها إلى الكوفة فدخلها، وأنفذ عبد الله بن ~~علي بن «4» العباس وأهل بيته وهم بالمدينة فاستقدمهم الكوفة، وأنفذ عبد ~~الله بن علي مع جيش جرار إلى دمشق يريد مروان بن محمد، فأنفذ عبد الله بن ~~علي على مقدمته صالح بن علي فجعل صالح بن علي «5» على مقدمته أبا عون عبد ~~«5» الملك بن يزيد، فواقع ابن عون مروان بن محمد بموضع يقال له أبو صير» # من رستاق يدعى من صعيد مصر، لأنه هرب إلى الصعيد، فقتل مروان الحمار عامر ~~بن إسماعيل المروزي، وذلك يوم الخميس لست ليال بقين من ذي الحجة سنة إحدى ~~وثلاثين ومائة «7» ، وقد قيل: إن مروان بن محمد قتل «8» في بعض نواحي دمشق ~~وانقضت مدة ملك بني «9» أمية على رأسه. ### | السفاح أبو العباس # وولي أبو مسلم أبا العباس «10» ، واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد ~~الله ابن العباس، وذلك يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ~~سنة PageV02P570 # اثنتين وثلاثين ومائة «1» ، وأمه رائطة «2» بنت عبيد الله بن عبد الله بن ~~عبد المدان الحارثي، وهو أول عباسي تولى «3» الخلافة، وتحول أبو العباس من ~~الحيرة إلى الأنبار «4» ، وبنى مدينتها للنصف من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين ~~ومائة «5» ، وتوفي أبو العباس ms315 يوم الأحد بالأنبار ليلة عشر خلت من ذي الحجة ~~سنة ست وثلاثين ومائة «6» ، وصلى عليه عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس «7» ~~، وكانت ولايته أربع سنين «8» وثمانية أشهر، وكان مولده بالشام بالحميمة ~~«9» ، وكان نقش خاتم أبي العباس «الله ثقة عبد الله وبه يؤمن» «10» . ### | المنصور أبو جعفر أخوه # وولي أبو جعفر المنصور، واسمه عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن ~~عباس في اليوم الذي مات فيه أخوه، وأمه أم ولد اسمها سلامة «11» ، وتوفي ~~أبو جعفر بالأبطح بمكة لتسع خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، ودفن ~~ببئر ميمون، وصلى عليه إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي، وقد قيل: لا، بل ~~صلى عليه عيسى بن محمد بن علي «12» ، والمنصور هو قاتل أبي مسلم، وكان أبو ~~مسلم PageV02P571 # مولده بكرخ أصبهان، واسمه عبد الرحمن بن مسلم، قتله المنصور في آخر شعبان ~~سنة سبع وثلاثين ومائة «1» ، وطواه في بساط لأنه ترك الرأي «2» بالرأي، ~~وكان للمنصور يوم ولي «3» ثلاث وستون سنة، وكانت ولايته «4» اثنتين وعشرين ~~«4» سنة غير يوم، وكان نقش خاتم المنصور «الله ثقة عبد الله» . ### | المهدي بن المنصور أبو عبد الله # وولي محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس في اليوم الذي ~~توفي فيه أبوه، وأمه أم موسى بنت منصور بن عبد الله بن «5» سهم بن يزيد «5» ~~الحميري، ومات المهدي بماسبذان «6» بقرية يقال لها السواد، وذلك في المحرم ~~ليلة الخميس لثمان بقين منه سنة تسع وستين ومائة، وكان له يوم توفي ثلاث ~~«7» وأربعون سنة، وكانت ولايته عشر سنين وشهرا «8» و «9» أربع عشرة «9» ~~ليلة، وصلى عليه ابنه هارون «10» ، وقد كان نقش خاتمه «استقدر الله تعالى» ~~. ### | الهادي بن مهدي أبو محمد # وولي موسى بن محمد بن أبي جعفر المنصور في اليوم الذي مات فيه أبوه، ~~PageV02P572 # وكان موسى يومئذ بجرجان «1» ، و «2» أمه الخيزران «2» أم ولد، بويع ~~ببغداد وأنفذت «3» البيعة إليه وهو بجرجان، ثم قدم الهادي ببغداد، وتوفي ~~موسى الهادي يوم الجمعة بموضع يقال له عيساباذ «4» من ms316 سواد العراق، وذلك ~~يوم الجمعة لأربع عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة، وكان ~~له يوم توفي خمس وعشرون «5» سنة، وكانت ولايته» # أربعة عشر شهرا إلا ست ليال، وصلى عليه أخوه هارون الرشيد بن الهادي، ~~وكان نقش خاتم «7» الهادي «الله ربي» «8» . ### | الرشيد بن المهدي أبو جعفر # وولي هارون بن محمد بن أبي جعفر المنصور في اليوم الذي توفي فيه أخوه ~~موسى، وكنية هارون أبو جعفر، وأمه أم ولد، وتوفي هارون الرشيد بطوس بموضع ~~يقال له سناباذ «9» بخارج النوقان «10» ، وكان قد خرج من جرجان إليها، وذلك ~~في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائة «11» ، وكان مولده بمدينة السلام، ~~وكان نقش خاتم هارون «بالله ثقتي» . # ورأيت قبر هارون الرشيد تحت قبر علي بن موسى الرضا «12» بينهما مقدار ~~PageV02P573 # ذراعين في رأي العين، علي في القبلة وهارون في المشرق مما «2» يليه، وكان ~~لهارون «1» يوم توفي تسع وأربعون «3» سنة، وكانت ولايته «4» ثلاثا وعشرين ~~سنة وشهرين «4» وسبعة عشر يوما. ### | الأمين بن الرشيد أبو عبد الله # وولي محمد بن هارون، وأمه زبيدة، وهي أم جعفر بنت جعفر بن أبي جعفر ~~المنصور، ومحمد يومئذ ببغداد، فوقعت البيعة عليه بطوس وهو غائب ببغداد «5» ~~، ثم أخذ «6» بيعة الناس لابنه محمد بعده، ثم أخذ بيعة الناس لابنه عبد ~~الله بعد محمد، فلما مات هارون وولي محمد جعل عبد الله «7» بن هارون «7» ~~المأمون ينفذ الأعمال بطوس وخراسان بعد موت أبيه، وأنفذ طاهر بن الحسين ~~الأعور لمحاربة أخيه ببغداد، فوافى طاهر ببغداد، وحاصر الأمين بها، وقاتله ~~إلى أن قتله، وأنفذ رأسه إلى المأمون، وكان ذلك يوم الأحد لسبع بقين من ~~المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة «8» ، وكان نقش خاتم الأمين «قاصده لا يخيب» ~~. ### | المأمون بن الرشيد أبو العباس # وولي عبد الله بن هارون المأمون أخو محمد ببغداد في اليوم الذي قتل فيه ~~أخوه، وبايعه الناس بيعة العامة، وكانت أمه أم ولد اسمها مراجل «9» ، توفي ~~PageV02P574 # المأمون بالبذندون «1» خارج طرسوس على طريق الروم في شهر رجب لإحدى عشرة ~~ليلة خلت منه سنة ثمان عشرة ms317 ومائتين «2» ، وحمل إلى طرسوس وصلى عليه أخوه ~~أبو إسحاق المعتصم، ودفن بطرسوس، وكان له يوم مات «3» ثمان وأربعون سنة ~~وثلاثة أشهر، وكانت ولايته عشرين «4» سنة وستة أشهر وستة عشر يوما، وكان ~~مولده بمدينة السلام. وكان نقش خاتمه «الله ثقة عبد الله وبه يؤمن» «5» . ### | المعتصم بن الرشيد أبو إسحاق # وولي محمد بن هارون أبو إسحاق المعتصم أخو المأمون بعد دفن أخيه بطرسوس، ~~وأمه أم ولد اسمها ماردة «6» ، فأخذ المعتصم في إجبار «7» ما لا يحتاج ~~إليه، وضرب أحمد بن حنبل بالسياط «8» وقتل أحمد بن نصر الخزاعي «9» ، حتى ~~بقي الناس في تلك الفتنة إلى أن مات المعتصم «10» بسر من رأى «10» من أرض ~~القاطول «11» ليلة الخميس لثمان عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين ~~ومائتين «12» ، وقد قيل: لثمان بقين من شهر ربيع الأول، وصلى عليه ابنه ~~الواثق، وكان [له] «13» يوم توفي سبع وأربعون سنة وثلاثة عشر يوما، وكانت ~~ولايته ثمان سنين وثمانية PageV02P575 # أشهر، وكان نقش خاتمه «الحمد لله الذي ليس كمثله شيء» . ### | الواثق بن المعتصم أبو جعفر # وولي هارون- وأبوه أبو إسحاق المعتصم بن الرشيد- بعد دفن أبيه، وأمه أم ~~ولد تدعى قراطيس «1» ، وكان للواثق يوم ولي ستة وعشرون سنة وشهران وثمانية ~~أيام «2» ، وتوفي الواثق يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين ~~وثلاثين ومائتين، وكانت ولايته خمس سنين وستة «3» أشهر وثلاثة عشر يوما، ~~وصلى عليه أخوه جعفر المتوكل، وكان مولد الواثق بمدينة السلام، ونقش خاتمه ~~«الله ثقة الواثق» . ### | المتوكل بن المعتصم أبو الفضل # وولي جعفر بن محمد بن هارون بعد دفن أخيه الواثق بن المعتصم، وأم المتوكل ~~أم ولد اسمها شجاع» # ، وكان له يوم ولي ثمان وعشرون سنة «5» ، فأظهر المتوكل محبة السنة ~~والميل إليها وأنكر ما كان يفعله أبوه وأخوه في هذا الشأن، ورفع من شأن أهل ~~العلم، ومرهم على أحمد بن نصر؛ فمالت قلوب العوام إليه، وقتل المتوكل يوم ~~الأربعاء لخمس خلون أو «6» لسبع خلون من شهر شوال سنة سبع وأربعين ومائتين، ~~قتله ابنه المنتصر وهو الذي صلى عليه ms318، وكان نقش خاتم المتوكل «لا إله إلا ~~الله، المتوكل على الله» ، وكانت ولايته «7» خمس عشرة «7» سنة وشهرين. ~~PageV02P576 ### | المنتصر بن المتوكل أبو جعفر # وولي محمد بن جعفر بن محمد بن هارون المنتصر بن «1» المتوكل بن المعتصم ~~بن الرشيد في اليوم الذي قتل فيه أبوه، وبايعه أخواه المعتز والمؤيد، وكانت ~~أم المنتصر أم ولد يقال لها حبشية «2» ، ومات المنتصر بن المتوكل يوم ~~الإثنين لأربع خلون من شهر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائتين «3» ، وصلى ~~عليه المستعين بن المعتصم عمه، وكان نقش خاتم المنتصر «محمد بالله ينتصر» . ### | المستعين بن المعتصم أبو عبد الله # وولي أحمد بن محمد بن هارون، وهو أخو جعفر المتوكل وعم المستنصر ابن ~~المتوكل، وأم المستعين اسمها مخارق أم ولد «4» ، وبويع «5» في اليوم الذي ~~توفي [فيه] «6» المنتصر، فلما دخلت سنة إحدى وخمسين ومائتين وقع بين المعتز ~~والمستعين الفتن الكثيرة والمناوشات الشديدة إلى أن خلع المستعين نفسه في ~~آخر سنة إحدى وخمسين ومائتين «7» ، وذلك يوم الأربعاء للنصف من المحرم، ~~وكان نقش خاتم المستعين «أحمد بن محمد» . ### | المعتز بن المتوكل أبو عبد الله # وبايع الناس بعد خلع المستعين نفسه الزبير «8» بن جعفر بن محمد بن محمد ~~ابن هارون، وهو المعتز بن المتوكل، أمه أم ولد اسمها قبيحة «9» ، وقتل ~~المعتز في PageV02P577 # شهر رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان نقش خاتمه «المعتز بالله» . ### | المهتدي بن الواثق أبو عبد الله # وولي محمد بن هارون بن محمد بن هارون وهو المهتدي بن الواثق بن المعتصم ~~بن الرشيد بسر من رأى ليومين بقيا من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، وغلب ~~عليه الأتراك إلى «1» أن قتلوه لثلاث عشرة بقيت من رجب سنة ست وخمسين ~~ومائتين، وكانت أمه أم ولد «2» ، ونقش خاتم المهتدي «محمد أمير المؤمنين» . ### | المعتمد بن المتوكل أبو العباس # وولي أحمد بن جعفر وهو المعتمد «3» بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد- في ~~اليوم الذي قتل فيه المهتدي «4» ، وأمه أم ولد اسمها فتيان «5» ، فجعل ~~المعتمد «3» أخاه أبا أحمد الموفق ولي عهده يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ~~ذي ms319 القعدة سنة إحدى وستين ومائتين، فجعل الموفق يبعد «6» ويحجب الناس عن ~~المعتمد واعتل أنه مزحور «7» ، وكان للمتوكل ثلاثة بنين: أكبرهم محمد بن ~~جعفر وهو المنتصر، والأوسط منهم أحمد بن جعفر وهو المعتمد «3» ، والأصغر ~~طلحة بن جعفر وهو الموفق أبو أحمد، وتوفي أبو أحمد الموفق من علة صعبة كانت ~~به يوم الخميس «8» لثمان خلون «8» من صفر سنة ثمان وسبعين ومائتين، وتوفي ~~المعتمد لإحدى عشرة PageV02P578 # ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين «1» ، وكان له يوم توفي ستون ~~سنة «2» . ### | المعتضد بن الموفق بن المتوكل أبو العباس # وولي أحمد بن طلحة بن جعفر- وهو ابن أبي أحمد الموفق- في اليوم الذي توفي ~~فيه المعتمد، وكانت أمه أم ولد «3» ، وتوفي المعتضد «4» ببغداد ليلة ~~الإثنين لثمان بقين من شهر ربيع الآخر سنة تسع وثمانين ومائتين «5» ، وقد ~~قيل: إن المعتضد توفي يوم الأربعاء لخمس «6» خلون من جمادى الآخرة سنة تسع ~~وثمانين ومائتين «7» ؛ وقد قيل: غسله أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب، وصلى ~~عليه أبو يوسف؛ وكان [له] «8» يوم توفي ست وأربعون سنة، وكان نقش خاتمه ~~«المعتز بالله» . ### | المكتفي بن المعتضد أبو محمد # وولي علي بن أحمد بن طلحة بن جعفر بعد دفن أبيه، وأمه أم ولد جارية تركية ~~«9» ، وتوفي المكتفي ليلة الأحد «10» لثلاث عشرة «11» ليلة خلت من ذي ~~القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين، وغسله أبو عمر، وهو الذي صلى عليه، وكان ~~للمكتفي يوم توفي إحدى وثلاثون سنة. PageV02P579 ### | المقتدر بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل أبو الفضل # وولي جعفر أخو المكتفي في اليوم الذي توفي فيه أخوه المكتفي، وأم المقتدر ~~أم ولد يقال لها: شغب» # ، وكان مولد المقتدر سنة اثنتين «2» وثمانين ومائتين، وبايع الخاص لعبد ~~الله بن المعتز في شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين، وبقي مع المقتدر ~~الحجرية وجماعة من الحشم وعوام الناس، فركب الحسين بن حمدان في جماعة معه ~~من الأعراب وجاء إلى باب المقتدر ثم ذهب قاصدا دار [ابن] «3» المعتز، فحارب ~~أصحاب [ابن] «3» المعتز وقتل ظاهرا مكشوفا والعباس بن الحسن «4» بن أيوب ms320 ~~وكان كاتب «5» [ابن] «3» المعتز، وظفر بأصحاب ابن المعتز فهزمهم وقبض على ~~عبد الله بن المعتز وقتله، واستوى أمر المقتدر، وهدأت أمور الناس وصار ~~الناس كأنهم «6» نيام لا يحسبون بفتنة، وعمرت والدته الحرمين وأنفقت عليهما ~~في كل سنة أموالا خطيرة، وكذلك عمرت بيت المقدس، وكانت تنفق عليها وعلى ~~الثغور في كل سنة أموالا خطيرة، وارتفع أهل العلم في كل بلد من الدنيا، ~~ورأيت بغداد في تلك الأيام أطيب ما كانت وأجلها وأعمرها، ثم أناءت أمور ~~المقتدر عليه سنة ست «7» عشرة وثلاثمائة، واتفق الناس على خلعه فخلعوه، ~~وأقعدوا أخاه القاهر «8» مكانه بعد أن خلع المقتدر نفسه، فبقي القاهر ثلاثة ~~أيام كذلك، ثم خلع القاهر نفسه وبايع الناس المقتدر ثانيا، وعمل المقتدر ~~إلى آخر سنة عشرين وثلاثمائة، ثم اضطرب الجيش وهيجهم مؤنس «9» على المقتدر، ~~PageV02P580 # فركب المقتدر بنفسه ليسكن القوم، وعليه بردة رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم، فبينا هو واقف ومعه الخلق من الجند إذ جاءه رجل بربري لا يعرف من هو، ~~فتوهموا أنه يريد أن يسلم عليه، فلما دنا منه رماه بحربته فقتله، وذلك يوم ~~الثلاثاء «1» لثلاث بقين من شوال سنة عشرين وثلاثمائة. ### | القاهر بن المعتضد أبو العباس # وولي محمد بن أحمد بن طلحة بن جعفر وهو أخ المقتدر والمكتفي في اليوم ~~الذي قتل فيه أخوه المقتدر، وبقي [في] «2» الولاية سنة وستة أشهر «3» ، ثم ~~كحل «4» وخلع، وتوفي القاهر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة «5» . ### | الراضي بن المقتدر أبو العباس # وولي محمد «6» بن جعفر بن أحمد بن طلحة بن جعفر، وهو الراضي بن المقتدر ~~بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن ~~المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب؛ ومات الراضي في ~~أول سنة سبع «7» وعشرين وثلاثمائة. ### | المتقي «8» بن المقتدر # وولي إبراهيم بن جعفر بن أحمد بن طلحة بن جعفر في أول سنة PageV02P581 # «1» اثنتين وثلاثين «1» وثلاثمائة، وتوفي سنة «2» خمس وثلاثين «2» ~~وثلاثمائة «3» . ### | المطيع بن المقتدر # وولي [الفضل] «4» بن جعفر بن محمد بن أحمد بن طلحة ms321 بن جعفر- وهو ابن ~~المقتدر بعد دفن المستكفي هو باق لا أدري ما الله صانع به إلا أنه «5» ~~خليفة يموت أو يقتل لا محالة لأن له أسوة بمن فقدهم «6» - والله أعلم. ### | ذكر الخلفاء الراشدين والملوك الراغبين # أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ثنا الوليد ~~بن مسلم ثنا الأوزاعي حدثني الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم قال: «يكون بعدي خلفاء يعملون بما يعلمون ويفعلون ما ~~يؤمرون، ثم يكون بعدهم خلفاء يعملون بما لا يعلمون ويفعلون ما لا يؤمرون، ~~فمن أنكر عليهم فقد برىء، ولكن من رغب «7» وتابع» . # قال أبو حاتم: قد ذكرنا جمل ما يحتاج إليه من الحوادث التي كانت في أيام ~~الخلفاء الأربعة «8» الراشدين المهديين، وأومأنا إلى ذكر من كان بعدهم من ~~بني أمية وبني العباس، وأغضينا عن ذكر ما لو لم يذكر من أخبارهم لم يلتفت ~~الناظر في كتابنا هذا عليه لإمعاننا في ذكرها في كتاب الخلفاء من بني أمية ~~وبني العباس من PageV02P582 # كتبنا. وإنا سنذكر بعد هذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب ~~واحدا واحدا بأنسابهم وقبائلهم وما يعرف من أنسابهم وأوقاتهم، كيلا يتعذر ~~على سالك سبيل العلم الوقف على أبنائهم إن أراد الله ذلك وشاء- نسأل الله ~~العون على ما يقربنا إليه ويزلفنا لديه، إنه جواد كريم رؤوف رحيم. # «1» ### | أول كتاب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين # «2» بسم الله الرحمن الرحيم «2» [الحمد لله رب العالمين، والصلاة على ~~محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه أجمعين. # قال أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي رضي الله عنه] «3» : # أخبرنا «4» أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى ثنا خلف بن هشام البزار «5» ~~وعبد الواحد بن غياث قالا: ثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن ~~عمران بن حضين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير أمتي القرن ~~الذي بعثت فيهم ثم الذين «6» يلونهم» . # قال أبو حاتم «7» محمد بن حبان ms322» # بن أحمد» # التميمي: خير هذه الأمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين صحبوه ~~ونصروه وبذلوا له «9» أنفسهم وأموالهم ابتغاء مرضاة الله من المهاجرين ~~والأنصار ومن آمن به وصدقه «10» من غيرهم. فمنهم العشرة الذين شهد لهم ~~PageV02P583 # النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وقد ~~ذكرناهم بأيامهم وما يجب من الوقوف على أخبارهم فيما قبل «1» [في أجزاء ~~أفردتها «2» في أخبارهم وما كان في مددهم من الفتوح] «3» . # وطلحة «4» بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ~~ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، وهو قرشي «5» ، وكنيته ~~«6» أبو محمد، وكان يقال له: الفياض «7» ، لكثرة بذله الأموال، لحق النبي ~~صلى الله عليه وسلم ببدر بعد فراغه من بدر، بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ~~إلى حوراء «8» ليتجسس أخبار العير، فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه ~~وأجره، قتله مروان بن الحكم بسهم [رماه] «9» ، ومات سنة ست وثلاثين يوم ~~الجمل لعشر ليال خلون من جمادى الأولى «10» وهو ابن أربع وستين سنة، وقد ~~قيل: في شهر رجب، وقبره بالبصرة [مشهور] «9» يزار، وأم طلحة الصعبة بنت عبد ~~الله بن «11» عماد بن «11» مالك بن «12» حضرموت. # والزبير «13» بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي «14» بن ~~كلاب PageV02P584 # ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، وهو قرشي، ~~وكنيته أبو عبد الله «1» ، كان من حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم «2» ~~. # وأم الزبير صفية بنت عبد المطلب بن هاشم «3» ، وأمها هالة بنت وهيب «4» ~~بن عبد مناف [بن زهرة] «5» ، شهد بدرا وهو ابن تسع وعشرين سنة، وقتل في شهر ~~«6» رجب سنة ست وثلاثين «7» ، قتله عمرو بن جرموز «8» ، وكان له يوم مات ~~أربع «9» وستون سنة، وأوصى [إلى] ابنه عبد الله صبيحة يوم الجمل فقال: يا ~~بني! ما من عضو مني إلا وقد جرح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى ~~ذلك إلى فرجي ms323 فقتل من آخر يومه، وقبره بوادي السباع «10» [من أرض بني تميم] ~~«5» مشهور يعرف، وللزبير عشرة من البنين وابنتان: عبد الله وعاصم وعروة ~~والمنذر ومصعب وحمزة وخالد وعمرو «11» وعبيدة «12» وجعفر، والابنتان «13» : ~~رملة وخديجة. # وسعد بن أبي وقاص، وهو سعد بن مالك بن وهيب- ويقال: أهيب «14» - بن عبد ~~مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن ~~PageV02P585 # النضر، وكنيته أبو إسحاق، [و] «1» أمه: حمنة» # بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف، مات في قصره بالعقيق «3» ، ~~وحمل على أعناق الرجال «4» إلى المدينة [عشرة أميال] «1» سنة خمس «5» ~~وخمسين، وقد «6» قيل: سنة ثمان [و] «1» خمسين، وصلى عليه مروان «7» بن ~~الحكم «7» ، وكان واليها في أمارة معاوية، وله يوم مات أربع وسبعون سنة «8» ~~، وكان قد أسلم وهو ابن «9» تسع عشرة «9» سنة، وحمل من أولاد سعد العلم ~~«10» عمر ومحمد وعامر وموسى ومصعب وعائشة «11» . # وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط ~~ابن رزاح «12» بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، ~~كنيته أبو الأعور، قدم من الحوراء «13» مع طلحة بعد ما انصرف النبي صلى ~~الله عليه وسلم من بدر، فضرب له «14» النبي صلى الله عليه وسلم «14» بسهمه ~~«15» وأجره؛ مات سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع PageV02P586 # وسبعين سنة «1» ودفن بالمدينة، ودخل قبره سعد بن أبي وقاص وابن عمر «2» ؛ ~~أمه فاطمة بنت بعجة «3» بن «4» أمية بن خويلد بن «5» خالد بن «5» خزاعة. # وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد [بن] «6» الحارث بن زهرة بن كلاب ~~بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر، كنيته أبو محمد، ~~وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن ~~«7» ، وأمه الشفاء بنت عوف بن عبد [بن] «6» الحارث بن زهرة بن كلاب من ~~المهاجرات «8» ، مات لست بقين من خلافة عثمان وهو ابن خمس وسبعين سنة «9» ~~ودفن ms324 بالبقيع، ولعبد الرحمن بن عوف عشرة «10» بنين: محمد وإبراهيم وحميد ~~وزيد وأبو سلمة ومصعب وسهيل «11» وعثمان وعمر «12» والمسور سوى البنات «13» ~~اللائي كن «13» له. # وعامر بن عبد الله بن الجراح «14» بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن ~~فهر بن مالك بن النضر، كنيته أبو عبيدة، [و] «15» توفي في طاعون عمواس ~~بالشام PageV02P587 # سنة ثمان عشرة في خلافة عمر وهو ابن ثمان وخمسين سنة «1» ، وكان قد شهد ~~بدرا وهو ابن إحدى وأربعين سنة، وهو من جلة الصحابة وأمه بنت [عبد] «2» ~~العزى «3» ابن شقيق بن سلامان من بني فهر. PageV02P588 ms325