######OpenITI# #META# 000.SortField :: Shamela_0022868 #META# 000.BookURI :: NOCODE #META# 010.AuthorAKA :: NODATA #META# 010.AuthorNAME :: أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان الحازمي الهمداني، زين الدين (المتوفى: 584هـ) #META# 011.AuthorBORN :: NOTGIVEN #META# 011.AuthorDIED :: 584 #META# 019.AuthorDIED :: NODATA #META# 020.BookTITLE :: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار #META# 020.BookTITLESUB :: NODATA #META# 021.BookSUBJ :: علوم الحديث #META# 022.BookVOLS :: NODATA #META# 025.BookLANG :: NODATA #META# 029.BookTITLEalt :: NODATA #META# 030.LibURI :: Shamela_0022868 #META# 030.LibURIextra :: NODATA #META# 031.LibREADONLINE :: http://shamela.ws/browse.php/book-22868 #META# 031.LibURL :: http://shamela.ws/index.php/book/22868 #META# 031.LibURLFILE :: NODATA #META# 031.LibURLextra :: NODATA #META# 040.EdALL :: NODATA #META# 040.EdEDITOR :: NODATA #META# 041.EdNUMBER :: الثانية، 1359 هـ #META# 041.EdNumber :: NODATA #META# 043.EdPUBLISHER :: دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد، الدكن #META# 044.EdPLACE :: NODATA #META# 045.EdYEAR :: NODATA #META# 049.EdISBN :: NODATA #META# 049.EdPAGES :: NODATA #META# 049.EdPHYSICAL :: NODATA #META# 049.EdVOLUME :: NODATA #META# 090.RecMISC :: NODATA #META# 999.MiscINFO :: NODATA #META#Header#End# # PageV00P000 # بسم الله الرحمن الرحيم # الحمد لله، وصلواته على محمد وآله وسلامه، قال الشيخ الإمام الحافظ زين ~~الدين أبو بكر محمد بن موسى الحازمي: # الحمد لله الكبير المتعال، الكثير النوال، المنعم المفضال، الموصوف ~~بالقدرة والكمال، والعزة والجلال، المقدس عن سمات النقص وصنوف الزوال: منشئ ~~السحاب الثقال، ومخرج الودق من الخلال، وصلى الله على خيرته من خلقه محمد ~~المبعوث بنسخ آثار الضلال، ورفع الآصار والأغلال، صلى الله عليه وعلى آله ~~خير صحاب وأفضل آل. # أما بعد: فهذا الكتاب أذكر فيه ما انتهت إلي معرفته من ناسخ حديث رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - ومنسوخه، إذ هو علم جليل ذو غور وغموض، دارت ~~فيه الرءوس، وتاهت في الكشف عن مكنونه النفوس، وقد توهم بعض من لم يحظ من ~~معرفة الآثار إلا بآثار، ولم يحصل من طرائق الأخبار إلا أخبارا، أن الخطب ~~فيه جليل يسير، والمحصول منه قليل غير كثير. # ومن أمعن النظر في اختلاف الصحابة في الأحكام المنقولة عن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - اتضح له ما قلناه. # PageV01P002 # ويشهد لصحة ما رسمناه ما أخبرنيه أبو موسى محمد بن عمر الحافظ، أخبرنا ~~أبو علي الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبو حامد بن جبلة، حدثنا ~~محمد بن إسحاق، حدثنا عبيد الله بن سعد، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ضمرة ~~بن رجاء بن أبي سلمة عن أبي رزين، قال: سمعت الزهري يقول: أعيا الفقهاء ~~وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنسوخه. # ألا ترى الزهري وهو أحد من انتهى إليه علم الصحابة، وعليه مدار # حديث الحجاز، وهو القائل: " لم يدون هذا العلم أحد قبلي تدويني " وكان ~~إليه المرجع في الحديث، وعليه المعول في الفتيا، كيف استعظم هذا الشأن ~~مخبرا عن فقهاء الأمصار. # ثم لا نعلم أحدا جاء بعده تصدى لهذا الفن ولخصه، وأمعن فيه وخصصه إلا ما ~~يوجد من بعض الإيماء والإشارة في عرض الكلام عن آحاد الأئمة، حتى جاء أبو ~~عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - رضي الله عنه ms001 - فإنه خاض تياره وكشف ~~أسراره واستنبط معينه، واستخرج دفينه، واستفتح بابه، ورتب أبوابه. # أخبرنا الإمام أبو عبد الله الحسن بن العباس الفقيه في كتابه، عن أبي ~~مسعود الحافظ، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا محمد بن حميد بن سهل، حدثنا ~~عبد الله بن محمد بن ناجية قال: سمعت محمد بن مسلم بن وارة # يقول: قدمت من مصر فأتيت أبا عبد الله أحمد بن حنبل أسلم عليه، فقال لي: ~~كتبت كتب الشافعي - رضي الله عنه -؟ قلت: لا. قال: فرطت، ما عرفنا المجمل ~~من المفسر، ولا ناسخ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منسوخه حتى ~~جالسنا الشافعي. # وقد ذكر الشافعي - رضي الله عنه - في كتاب " الرسالة " من هذا الفن ~~أحاديث، ولم يستنزف معينه فيها، إذ لم يضع الرسالة لهذا الفن وحده، غير أنه ~~أشار إلى قطعة صالحة توجد في غضون الأبواب من كتبه، ولو كانت موجودة لأغنت ~~الباحث عن الطلب، # PageV01P003 # والطالب عن تجشم الكلف، غير أنها بموت الرجال تفرقت، وفي أيدي النوائب ~~تمزقت. # ثم هذا الفن من تتمات الاجتهاد؛ إذ الركن الأعظم في باب الاجتهاد معرفة ~~النقل، ومن فوائد النقل معرفة الناسخ والمنسوخ، إذ الخطب في ظواهر الأخبار ~~يسير، وتجشم كلفها غير عسير. وإنما الإشكال في كيفية استنباط الأحكام من ~~خفايا النصوص، ومن التحقيق فيها معرفة أول الأمرين وآخرهما، إلى غير ذلك من ~~المعاني. # أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ~~القاري، أخبرنا أحمد بن حفص الفقيه، أخبرنا أبو الفرج عثمان بن أحمد بن ~~إسحاق البرجي، أخبرنا أبو حفص محمد بن عمر بن حفص، حدثنا أبو جعفر أحمد بن ~~محمد بن الحسين، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان، عن أبي حصين، عن أبي ~~عبد الرحمن قال: مر علي على قاص فقال: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا. ~~قال: " هلكت وأهلكت ". # أخبرني أبو العباس أحمد بن المبارك بن محمد، أخبرنا أبو العباس أحمد بن ~~الحسين بن علي، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد ms002، أخبرنا أبو بكر ~~بن محمد بن إسماعيل الوراق، أخبرنا أبو بكر بن أبي داود، حدثنا إسحاق بن ~~إبراهيم، حدثنا حجاج، حدثنا يزيد بن إبراهيم، حدثنا إبراهيم بن العلاء ~~الغنوي أبو هارون، عن سعيد بن أبي الحسن، أنه لقي أبا يحيى المعرقب، فقال ~~له: من الذي قال له: اعرفوني اعرفوني؟ قال: ذاك يا سعيد أني أنا هو. قال: ~~ما عرفت أنك هو. قال: فإني أنا هو، مر بي علي - رضي الله عنه - وأنا أقص ~~بالكوفة، فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا أبو يحيى. قال: لست بأبي يحيى، ولكنك ~~تقول: اعرفوني اعرفوني. ثم قال: هل علمت الناسخ من المنسوخ؟ قلت: لا. قال: ~~هلكت وأهلكت. فما عدت بعد أن أقص على أحد، أنافعك ذاك يا سعيد؟ . # أخبرني أبو موسى الحافظ، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أبو القاسم، حدثنا ~~سليمان بن أحمد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ~~أيوب، عن ابن سيرين، قال: سئل حذيفة عن شيء فقال: إنما يفتي أحد ثلاثة: من ~~عرف الناسخ والمنسوخ، قالوا: ومن يعرف ذلك؟ # PageV01P004 # قال: عمر أو رجل ولي سلطانا، فلا يجد من ذلك بدا، أو متكلف. # قرأت على أبي القاسم الحذاء، أخبركه أبو سعد أحمد بن محمد المقري، أخبرنا ~~أبو الحسن علي بن عمر، أخبرنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن سليمان، ~~حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سلمة بن نبيط بن ~~شريط الأشجعي، حدثني الضحاك بن مزاحم، قال: مر ابن عباس بقاص يقص فركضه ~~برجله، فقال: أتدري ما الناسخ من المنسوخ؟ قال: وما الناسخ من المنسوخ؟ ~~قال: وما تدري ما الناسخ من المنسوخ: قال: لا. قال: هلكت، وأهلكت. # والآثار في هذا الباب تكثر جدا، وإنما أوردنا نبذة منها ليعلم شدة اعتناء ~~الصحابة بمعرفة الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى، وسنة نبيه - صلى الله ~~عليه وسلم - إذ شأنهما واحد. # أخبرني محمد بن عمر بن أحمد المديني الحافظ، أخبرنا الحسن بن أحمد ~~القاري، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا أبو أحمد ms003 الغطريفي، أخبرنا أحمد بن موسى ~~العدوي، حدثنا إسماعيل بن سعيد الجرجاني، أخبرنا محمد بن جعفر، عن جرير بن ~~عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف، عن المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني ~~أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه - ثلاثا - ألا ~~يوشك رجل شبعان على أريكته - أي: سريره - يقول: عليكم بهذا القرآن، فما ~~وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه. # وقبل الشروع في المقصود لا بد من ذكر مقدمة تكون مدخلا إلى معرفة المطلب، ~~نذكر فيه حقيقة النسخ ولوازمه وتوابعه. # مقدمة في علم ناسخ الحديث ومنسوخه # أصل كلمة النسخ - النسخ في اللغة - معنى النسخ في الكتاب والسنة - حد ~~النسخ وشرائطه - الجمع بين الأحاديث المتعارضة - أمارات النسخ - وجوه ~~الترجيح وعددها خمسون وجها. # مقدمة في علم الناسخ والمنسوخ # اعلم أن النسخ له اشتقاق عند أرباب البيان، وحد عند أصحاب المعاني، ~~وشرائط عند العالمين بالأحكام. # أما أصله: فالنسخ في اللغة عبارة عن إبطال الشيء وإقامة آخر مقامه. # PageV01P005 # وقال أبو حاتم: الأصل فيه النسخ، وهو أن يحول ما في الخلية من العسل ~~والنحل في أخرى، ومنه نسخ الكتاب، وفي الحديث: ما من نبوة إلا وتناسختها ~~فترة ثم النسخ في اللغة موضوع بإزاء معنيين: # أحدهما: الزوال على جهة الانعدام. # والثاني: على جهة الانتقال. # أما النسخ بمعنى الإزالة فهو أيضا على نوعين: # نسخ إلى بدل: نحو قولهم: نسخ الشيب الشباب، نسخت الشمس الظل، أي: أذهبته ~~وحلت محله. # ونسخ إلى غير بدل: إنما هو رفع الحكم وإبطاله من غير أن يقيم له بدلا، ~~يقال: نسخت الريح الآثار، أي: أبطلتها وأزالتها. # وأما النسخ بمعنى النقل فهو نحو قولك: نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه، وليس ~~المراد به إعدام ما فيه، ومنه قوله تعالى: إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ~~يريد نقله إلى الصحف، ومن الصحف إلى غيرها، غير أن المعروف من النسخ في ~~القرآن هو إبطال الحكم ms004 مع إثبات الخط، وكذلك هو في السنة. # أما في الكتاب فهو أن تكون الآية الناسخة والمنسوخة ثابتتين في التلاوة، ~~إلا أن المنسوخة لا يعمل بها مثل: عدة المتوفى عنها زوجها كانت سنة؛ لقوله ~~- تبارك وتعالى -: متاعا إلى الحول غير إخراج، ثم نسخت بأربعة أشهر وعشر في ~~قوله تعالى: يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا. # وأما في السنة فعلى نحو من ذلك أيضا؛ لأن الغالب أنهم نقلوا المنسوخ كما ~~نقلوا الناسخ. # وأما حده فمنهم من قال: إنه بيان انتهاء مدة العبادة، وقيل: بيان انقضاء ~~مدة العبادة التي ظاهرها الدوام، وقال بعضهم: إنه رفع الحكم بعد ثبوته. # وقد أطبق المتأخرون على ما ذكره القاضي: أنه الخطاب الدال على # ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتا به مع ~~تراخيه عنه، وهذا حد صحيح. # وأما شرائطه فمدارك معرفتها محصورة. # (منها) : أن يكون النسخ بخطاب؛ لأن بموت المكلف ينقطع الحكم، والموت مزيل ~~للحكم لا ناسخ له. # (ومنها) : أن يكون المنسوخ أيضا حكما شرعيا؛ لأن الأمور العقلية التي ~~مستندها البراءة الأصلية لم تنسخ، وإنما ارتفعت بإيجاب العبادات. # (ومنها) : أن يكون الحكم # PageV01P006 # السابق مقيدا بزمان مخصوص، مثل قوله - عليه السلام -: لا صلاة بعد الفجر ~~حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. فإن الوقت الذي يجوز ~~فيه أداء النوافل التي لا سبب لها مؤقت، فلا يكون نهيه عن هذه النوافل في ~~الوقت المخصص ناسخا لما قبل ذلك من الجواز؛ لأن التأقيت يمنع النسخ. # ومنها: أن يكون الخطاب الناسخ متراخيا عن المنسوخ، فعلى هذا يعتبر الحكم ~~الثاني، فإنه لا يعدو أحد القسمين: إما أن يكون متصلا أو منفصلا. # فإن كان متصلا بالأول لا يسمى نسخا، إذ من شرط النسخ التراخي، وقد فقد ~~ههنا؛ لأن قوله - عليه السلام -: لا تلبسوا القمص، ولا السراويلات، ولا ~~الخفاف، إلا أن يكون رجل ليس له نعلان، فليلبس الخفين. # وإن كان صدر الحديث يدل على منع لبس الخفاف وعجزه يدل على جوازه، وهما ~~حكمان متنافيان، غير أنه لا يسمى نسخا ms005؛ لانعدام التراخي فيه، ولكن هذا ~~النوع يسمى بيانا. # وإن كان منفصلا نظرت: هل يمكن الجمع بينهما أم لا؟ فإن أمكن الجمع جمع، ~~إذ لا عبرة بالانفصال الزماني مع قطع النظر في التنافي، ومهما أمكن حمل ~~كلام الشارع على وجه يكون أعم للفائدة كان أولى صونا لكلامه عن النقص. # ولأن في ادعاء النسخ إخراج الحديث عن المعنى المفيد، وهو على خلاف الأصل ~~ألا ترى إلى قوله - عليه السلام -: شر الشهود من شهد قبل أن يستشهد. # وفي حديث آخر: خير الشهود من شهد قبل أن يستشهد. # وهما حديثان قد تعارضا على ما ترى. وقد يشكل على غير الفقيه الجمع ~~بينهما؛ لما يتوهم فيه من ظاهر المنافاة، مع حصول الانفصال فيهما، وربما ~~يراه بعض من له معرفة بالإسناد فيرى إسناد الحديث الأول أمثل فيحكم بنسخ ~~الثاني، وليس الأمر على ما يتوهمه؛ لفقدان شرائط النسخ، لكن طريق الجمع بين ~~هذين الحديثين أن يجعل الأول على ما إذا شهد قبل أن يستشهد من غير مسيس ~~حاجة إليه. # وهذا التفسير ظاهر في حديث عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- قال: خير هذه الأمة القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذي يلونهم، ثم ينشأ قوم ~~يشهدون ولا يستشهدون. # ويحمل # PageV01P007 # الحديث الثاني على ما إذا شهد عند مسيس الحاجة فهو خير الشهود، وعلى هذا ~~فينبغي أن يحتال في طريق الجمع رفعا للتضاد عن الأخبار. # وإن لم يمكن الجمع، وهما حكمان منفصلان نظرت: هل يمكن التمييز بين السابق ~~والتالي؟ فإن تميز أوجب المصير إلى الآخر منهما. # ويعرف ذلك بأمارات عدة: # منها: أن يكون لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - مصرحا به نحو قوله - ~~عليه السلام -: كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها. # أو يكون لفظ الصحابي ناطقا به، نحو حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ~~كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بالقيام في الجنازة ثم جلس بعد ~~ذلك وأمرنا بالجلوس. # ومنها: أن يكون التاريخ معلوما نحو ما رواه أبي بن كعب رضي الله ms006 عنه قال: ~~قلت: يا رسول الله إذا جامع أحدنا فأكسل؟ فقال النبي: يغسل ما مس المرأة ~~منه، وليتوضأ ثم ليصل. # هذا حديث يدل على أن لا غسل مع الإكسال، وأن موجب الغسل الإنزال، ثم لما ~~استقرأنا طرق هذا الحديث أفادنا بعض الطرق أن شرعية هذا كان في مبدأ ~~الإسلام، واستمر ذلك إلى بعد الهجرة بزمان. # ثم وجدنا الزهري قد سأل عروة عن ذلك فأجابه عروة أن عائشة - رضي الله ~~عنها - حدثته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك ولا يغتسل. ~~وذلك قبل فتح مكة، ثم اغتسل بعد ذلك وأمر الناس بالغسل. # ومنها: أن تجتمع الأمة في حكمه على أنه منسوخ، فهذه معظم أمارات النسخ، ~~وعند الكوفيين زيادات أخر نحو حسن الظن بالراوي، وهو كما ذكر الطحاوي في ~~كتابه؛ فإنه روى الأحاديث الصحيحة في غسل الإناء سبع مرات من ولوغ الكلب، ~~ثم جاء إلى حديث # عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله # عنه موقوفا عليه قال: إذا ولغ الكلب في الإناء فأهرقه، ثم اغسله ثلاث ~~مرات. فاعتمد على هذا الأثر، وترك الأحاديث الثابتة في الولوغ، واستدل به ~~على نسخ السبع على حسن الظن بأبي هريرة؛ # PageV01P008 # لأنه لا يخالف النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عنه، إلا فيما ~~يثبت عنده نسخه، إلى غير ذلك من نظائره التي لا يكترث بها. # وإن لم يمكن التمييز بينهما بأن أبهم التاريخ، وليس في اللفظ ما يدل ~~عليه، وتعذر الجمع بينهما، فحينئذ يتعين المصير إلى الترجيح. و ### | وجوه الترجيحات # كثيرة أنا أذكر معظمها. ### | الوجه الأول: # فمما يرجح به أحد الحديثين على الآخر كثرة العدد في أحد الجانبين، وهي ~~مؤثرة في باب الرواية؛ لأنها تقرب مما يوجب العلم، وهو التواتر؛ نحو: ~~استدلال من ذهب إلى إيجاب الوضوء من مس الذكر بالأحاديث الواردة في الباب، ~~نظرا إلى كثرة العدد؛ لأن حديث # الإيجاب رواه نفر من الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو: عبد ~~الله بن عمرو بن العاص ms007، وأبي هريرة، وعائشة، وأم حبيبة، وبسرة، - رضي الله ~~عنهم - وأما حديث الرخصة فلا يحفظ من طريق يوازي هذه الطرق أو يقاربها، إلا ~~من حديث طلق بن علي اليمامي؛ وهو حديث فرد في الباب، ولو تسلم أن حديث طلق ~~يوازي تلك الأحاديث في الثبوت كان حديث الجماعة أولى أن يكون محفوظا من ~~حديث رجل واحد. # وقال بعض الكوفيين: كثرة الروايات لا تأثير لها في باب الترجيحات؛ لأن ~~طريق كل واحد منهما غلبة الظن، فصار كشهادة الشاهدين مع شهادة الأربعة. # يقال على هذا: إن إلحاق الرواية بالشهادة غير ممكن؛ لأن الرواية وإن ~~شاركت الشهادة في بعض الوجوه فقد فارقتها في أكثر الوجوه، ألا ترى أنه لو ~~شهد خمسون امرأة لرجل بمال لا تقبل شهادتهن، ولو شهد به رجلان قبلت ~~شهادتهما، ومعلوم أن شهادة الخمسين أقوى في النفس من شهادة رجلين؛ لأن غلبة ~~الظن إنما هي معتبرة في باب الرواية دون الشهادة، وكذا سوى الشارع بين ~~شهادة إمامين عالمين، وشهادة رجلين لم يكونا في منزلتهما، وأما في باب ~~الرواية ترجح رواية الأعلم الأدين على غيره من غير خلاف يعرف في ذلك، فلاح ~~الفرق بينهما. # PageV01P009 ### | الوجه الثاني: # أن يكون أحد الراويين أتقن وأحفظ؛ نحو ما إذا اتفق مالك بن أنس، وشعيب بن ~~أبي حمزة في الزهري، فإن شعيبا، وإن # كان حافظا ثقة، غير أنه لا يوازي مالكا في إتقانه وحفظه، ومن اعتبر ~~حديثهما وجد بينهما بونا بعيدا. ### | الوجه الثالث: # أن يكون أحد الراويين متفقا في عدالته والآخر مختلفا فيه، فالمصير إلى ~~المتفق عليه أولى؛ مثاله: حديث بسرة بنت صفوان في مس الذكر مع ما يعارضه من ~~حديث طلق، فحديث بسرة رواه مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ~~بن حزم، عن عروة بن الزبير، وليس فيهم إلا من هو عدل صدوق متفق على عدالته، ~~وأما رواة حديث طلق فقد اختلف في عدالتهم، فالمصير إلى حديث بسرة أولى. ### | الوجه الرابع: # أن يكون راوي أحد الحديثين لما سمعه كان بالغا، والثاني كان ms008 صغيرا حالة ~~الأخذ، فالمصير إلى حديث الأول أولى؛ لأن البالغ أفهم للمعاني، وأتقن ~~للألفاظ، وأبعد من غوائل الاختلاط، وأحرص على الضبط، وأشد اعتناء بمراعاة ~~أصوله من الصبي، ولأن الكبير سمعه في حالة لو أخبر به لقبل منه بخلاف ~~الصبي. # ولهذا بعض أهل المعرفة بالحديث لما ذكر في أصحاب الزهري رجح مالكا على ~~سفيان بن عيينة. # لأن مالكا أخذ عن الزهري وهو كبير، وابن عيينة إنما صحب الزهري وهو صغير ~~دون الاحتلام. # فإن قيل: فعلى هذا يجب أن يقدم من يحتمل شهادة وهو بالغ على من تحملها ~~صغيرا، قلنا: إنما لم يعتبر هذا الترجيح في باب الشهادة؛ لأن الشهادة إخبار ~~عن معنى واحد، وذلك المعنى لا يتغير ولا يختلف معرفته باختلاف الأحوال ~~صغيرا أو كبيرا، وليس كذلك الرواية، # فإنما يراعى فيه الألفاظ والأحوال والأسباب؛ لتطرق الوهم إليها، والتغيير ~~والتبديل، ويختلف ذلك بالكبر والصغر، فيبالغ في مراعاتها لذلك. ### | الوجه الخامس: # أن يكون سماع أحد الراويين تحديثا، وسماع الثاني # PageV01P010 # عرضا؛ فالأول أولى بالترجيح؛ إذ لا طريق أبلغ من النطق بالثبوت، ولهذا ~~قدم بعضهم: عبيد الله بن عمر في الزهري على ابن أبي ذئب؛ لأن سماع عبيد ~~الله تحديث، وسماع ابن أبي ذئب عرض. # وهذا مذهب أهل العراق والبصريين والشاميين وأكثر المحدثين، وأما مالك ~~وأهل الحجاز أكثرهم ذهبوا إلى أن لا فارق بين العرض والقراءة، وإليه مال ~~الشافعي أيضا. ### | الوجه السادس: # أن يكون أحد الحديثين سماعا أو عرضا، والثاني يكون كتابة، أو وجادة، أو ~~مناولة، فيكون الأول أولى بالترجيح لما يتخلل هذه الأقسام من شبهة الانقطاع ~~لعدم المشافهة؛ ولهذا رجح حديث ابن عباس في الدباغ: أيما إهاب دبغ فقد طهر ~~على حديث عبد الله بن # عكيم: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب؛ لأن هذا كتاب وذاك سماع. ### | الوجه السابع: # أن يكون أحد الراويين مباشرا لما رواه والثاني حاكيا، فالمباشر أعرف ~~بالحال. مثاله: حديث ميمونة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نكحها وهو ~~حلال، وبعضهم رواه: " نكحها وهو حرام "، فمن رواه: " نكحها وهو حلال ms009 " أبو ~~رافع. ومن رواه " نكحها وهو حرام " ابن عباس، وحديث أبي رافع أولى ~~بالتقديم؛ لأن أبا رافع كان السفير بينهما، وكان مباشرا للحال، وابن عباس ~~كان حاكيا؛ ولهذا أحالت عائشة على علي لما سألوها عن المسح على الخفين؛ ~~فقالت: سلوا عليا؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ### | الوجه الثامن: # أن يكون أحد الراويين صاحب القصة فيرجح حديثه؛ لأن صاحب القصة أعرف بحاله ~~من غيره وأكثر اهتماما، ولذلك رجع نفر من الصحابة ممن كان يرى الماء من ~~الماء إلى حديث عائشة - رضي الله عنها - في التقاء الختانين. ### | الوجه التاسع: # أن يكون أحد الراويين أحسن سياقا لحديثه من الآخر، وأبلغ استقصاء فيه؛ ~~لأنه قد يحتمل أن يكون الراوي الآخر سمع بعض القصة فاعتقد أن ما سمعه مستقل ~~بالإفادة، ويكون الحديث مرتبطا بحديث # PageV01P011 # آخر لا يكون هذا قد تنبه له، ولهذا من ذهب إلى الإفراد في الحج قدم حديث ~~جابر؛ لأنه وصف خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة مرحلة مرحلة، ~~ودخوله مكة، وحكى مناسكه على تربيته وانصرافه إلى المدينة، وغيره لم يضبط ~~ضبطه. ### | الوجه العاشر: # أن يكون أحد الراويين أقرب مكانا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~فحديثه أولى بالتقديم؛ لأنه يكون أمكن من استيفاء كلامه، وأسمع له؛ ولذلك ~~من يرى الإفراد بالحج أفضل من القران يذهب إلى حديث ابن # عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج، ويرجحه على حديث أنس أنه ~~قرن؛ لما ذكر ابن عمر في حديثه قال: كنت تحت جران ناقة رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - ولعابها بين كتفي. ### | (الوجه الحادي عشر: # أن يكون أحد الراويين أكثر ملازمة لشيخه، فإن المحدث قد ينشط تارة فيسوق ~~الحديث على وجهه، وقد يتكاسل في الأوقات فيقتصر على البعض، أو يرويه مرسلا، ~~إلى غير ذلك من الأسباب، وهذا الضرب يوجد كثيرا في حديث مالك بن أنس؛ ولهذا ~~قدمنا يونس بن يزيد الأيلي في الزهري على النعمان بن راشد وغيره من ~~الشاميين من أصحاب الزهري ms010؛ لأن يونس كان كثير الملازمة للزهري، حتى كان ~~يزامله في أسفاره، وطول الصحبة له زيادة تأثير، فيرجح به. ### | الوجه الثاني عشر # في الترجيحات " أن يكون أحد الحديثين سمعه الراوي من مشايخ بلده، والثاني ~~سمعه من الغرباء فيرجح الأول؛ لأن أهل # كل بلد لهم اصطلاح في كيفية الأخذ من التشدد والتساهل وغير ذلك، والشخص ~~أعرف باصطلاح أهل بلده، ولهذا يعتبر أئمة النقل حديث إسماعيل بن عياش، فما ~~وجده من الشاميين احتجوا به، وما كان من الحجازيين والكوفيين وغيرهم لم ~~يلتفتوا إليه؛ لما يوجد في حديثه من النكارة إذا رواه عن الغرباء. ### | الوجه الثالث عشر: # أن يكون أحد الحديثين له مخارج عدة، والحديث # PageV01P012 # الثاني لا يعرف له سوى مخرج واحد، وإن كان قد رواه نفر ذوو عدد فيكون ~~المصير إلى الأول أولى؛ لأن الحكم الواحد إذا عمل به في بلدان شتى يكون ~~أقوى من الحكم المعمول به في بلد واحد، وإن كان عدد هؤلاء أكثر. ### | الوجه الرابع عشر: # أن يكون إسناد أحد الحديثين حجازيا وإسناد الآخر عراقيا أو شاميا، سيما ~~إذا كان الحديث مدني المخرج؛ لأنها دار الهجرة ومجمع الأنصار والمهاجرين، ~~والحديث إذا شاع عندهم وذاع وتلقوه بالقبول متن وقوي؛ ولهذا قدمنا صاعهم ~~على صاع غيرهم؛ لأنهم شاهدوا الوحي والتنزيل، وفيهم استقرت الشريعة، وكان ~~الشافعي - رحمه الله - يقول: " كل حديث لا يوجد له أصل في حديث الحجازيين ~~واه، وإن تداولته الثقات ". ### | الوجه الخامس عشر: # أن يكون أحد الحديثين رواه أهل بلد ليس التدليس من صناعتهم، والثاني رواه ~~من يرى التدليس، فيكون الأول أولى بالاعتبار لما في التدليس من ركوب الخطر، ~~ومن لا يرى بالتدليس بأسا وهو فاش عندهم أهل الكوفة جميعهم وبعض البصريين. ### | الوجه السادس عشر: # أن يكون كلا الحديثين عراقي الإسناد، غير أن أحدهما معنعن، والثاني مصرح ~~فيه بالألفاظ التي تدل على الاتصال # نحو: سمعت وحدثنا، فيرجح القسم الثاني؛ لاحتمال التدليس في العنعنة، إذ ~~هو عندهم غير مستنكر، وكان شعبة يقول: كنت إذا حضرت مجلس قتادة لمحت حديثه؛ ~~فما قال فيه ms011: سمعت وحدثنا وأخبرنا كتبته، وما قال فيه: " عن " طرحته. ### | الوجه السابع عشر: # أن يكون أحد الراويين جمع حالة الأخذ بين المشافهة والمشاهدة، والثاني ~~أخذه من وراء حجاب، فيؤخذ بالأول؛ لأنه أقرب إلى الضبط وأبعد من السهو ~~والغلط، ولهذا لما اختلف في زوج بريرة هل كان حرا أو عبدا، فرواه القاسم بن ~~محمد، وعروة بن الزبير، عن عائشة: أن بريرة أعتقت وكان زوجها عبدا ورواه ~~أسود بن يزيد عن عائشة: أن زوجها كان حرا، كان المصير إلى حديث القاسم ~~وعروة أولى؛ لأنهما سمعا منها من غير حجاب. # PageV01P013 ### | الوجه الثامن عشر: # أن يكون أحد الحديثين اختلفت الرواية فيه والثاني لم تختلف، فيقدم الحديث ~~الذي لم تختلف الرواية فيه، نحو ما رواه أنس بن مالك في باب الزكاة في صدقة ~~الإبل إذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين ابنة لبون، وفي كل خمسين ~~حقة، وهو حديث صحيح مخرج في الصحاح من حديث ثمامة بن عبد الله بن أنس، ~~ورواه عن ثمامة ابنه عبد الله وحماد بن سلمة، ورواه عنهما جماعة، وكلهم قد ~~اتفقوا على هذا الحكم من غير اختلاف بينهم. # وروى عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في الإبل إذا ~~زادت على عشرين ومائة قال: ترد الفرائض إلى أولها فإذا كثرت # الإبل ففي كل خمسين حقة. كذا رواه سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي، ~~ورواه شريك عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي - رضي الله عنه - قال: إذا زادت ~~الإبل عن عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين ابنة لبون. فهذه ~~الرواية موافقة لحديث أنس بن مالك، والرواية الأولى تخالفه، وحديث أنس لم ~~تختلف الرواية فيه، وحديث علي اختلفت الرواية فيه كما ترى، فالمصير إلى ~~حديث أنس أولى للمعنى الذي ذكرناه، على أن كثيرا من الحفاظ أحالوا في حديث ~~علي - رضي الله عنه - بالغلط على عاصم. # وإذا تقابلت حجتان فيكون لإحداهما معارض وليس للأخرى ذلك، فما سلمت تكون ~~أولى كالبينات إذا تقابلت، فما ms012 وجد لها معارض سقطت، وما سلمت من المعارضة ~~ثبتت، كذلك هذا. ### | الوجه التاسع عشر: # أن يكون أحد الراويين لم يضطرب لفظه، والآخر قد اضطرب لفظه، فيرجح خبر من ~~لم يضطرب لفظه؛ لأنه يدل على حفظه وضبطه وسوء حفظ صاحبه، مثاله حديث ابن ~~عمر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا ~~رفع رأسه من الركوع. # فهذا حديث يروى عن ابن عمر من غير وجه، وممن رواه الزهري عن سالم، # ولم يختلف عليه فيه، ولا اضطراب في متنه، فكان أولى بالمصير إليه من حديث ~~البراء بن عازب: أن رسول الله كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من ~~أذنيه ثم لا يعود؛ لأن هذا # PageV01P014 # الحديث يعرف بيزيد بن # أبي زياد، وقد اضطرب فيه. قال سفيان بن عيينة: كان يزيد يروي هذا الحديث ~~ولا يذكر فيه: ثم لا يعود، ثم دخلت الكوفة فرأيت يزيد بن أبي زياد يرويه، ~~وقد زاد فيه: ثم لا يعود، وكان لقن فتلقن. ### | الوجه العشرون: # أن يكون أحد الحديثين متفقا على رفعه، والآخر قد اختلف في رفعه، ووقفه ~~الصحابي، فيجب ترجيح ما لم يختلف فيه على ما اختلف فيه؛ لأن المتفق على ~~رفعه حجة من جميع جهاته، والمختلف في رفعه على تقدير الوقف هل يكون حجة أم ~~لا؟ فيه خلاف، والأخذ بالمتفق عليه أقرب إلى الحيطة. ### | الوجه الحادي والعشرون: # أن يكون أحد الحديثين متفقا على اتصاله، والآخر يوصله بعضهم ويرسله ~~آخرون، فالأخذ بالمسند المتفق على اتصاله أولى من الأخذ بالمختلف في إرساله ~~واتصاله، فإن المرسل أكثر الناس على ترك الاحتجاج به، والمتصل متفق عليه ~~فلا يقاومه. ### | الوجه الثاني والعشرون: # أن يكون رواة أحد الحديثين ممن لا يجوزون نقل الحديث بالمعنى، ورواة ~~الحديث الآخر يرون ذلك، فحديث من يحافظ على اللفظ أولى؛ لأن الناس اختلفوا ~~في جواز نقل الحديث بالمعنى مع اتفاقهم على أولوية نقله لفظا، والحيطة ~~الأخذ بالمتفق عليه دون غيره. ### | الوجه الثالث والعشرون: # أن يكون رواة أحد الحديثين مع تساويهم في ms013 الحفظ والإتقان فقهاء عارفين ~~باجتناء الأحكام من مثمرات الألفاظ، فالاسترواح إلى حديث الفقهاء أولى. # وحكى علي بن خشرم قال: قال لنا وكيع: أي الإسنادين أحب # إليكم؛ الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن ~~علقمة عن عبد الله؟ فقلنا: الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله فقال: يا سبحان ~~الله، الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ، # وسفيان فقيه، ومنصور فقيه، وإبراهيم فقيه، وعلقمة فقيه، وحديث يتداوله ~~الفقهاء خير من أن يتداوله الشيوخ. ### | الوجه الرابع والعشرون: # أن يكون راوي أحد الحديثين مع حفظه # PageV01P015 # صاحب كتاب يرجع إليه، والراوي الآخر حافظ غير أنه لا يرجع إلى كتاب، ~~فحديث الأول أولى أن يكون محفوظا؛ لأن الخاطر قد يخون أحيانا. وقال علي بن ~~المديني: قال لي سيدي أحمد بن حنبل - رحمة الله عليه -: " لا تحدثن إلا من ~~كتاب ". ### | الوجه الخامس والعشرون: # أن يكون أحد الحديثين منسوبا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نصا ~~وقولا، والآخر ينسب إليه استدلالا واجتهادا، فيكون الأول مرجحا نحو ما رواه ~~عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -. # أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال: لا يبعن ~~ولا يوهبن ويستمتع بها سيدها ما بدا له، فإذا مات فهي حرة. # فهذا أولى بالعمل من الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري: كنا نبيع أمهات ~~الأولاد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن حديث ابن عمر قوله ~~- صلى الله عليه وسلم - ولا خلاف في كونه حجة، وحديث أبي سعيد ليس فيه ~~تنصيص منه عليه السلام، فيحتمل أن من كان يرى هذا لم يسمع من النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - خلافه، فكان ذلك اجتهادا منه، وكان تقديم ما نسب إلى ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - نصا أولى. ونظيره حديث أبي رافع في المزارعة: ~~كنا نخابر، وكنا نكري الأرض، ولم يكن فعلهم ذلك مستندا إلى إذنه، صلى الله ~~عليه وسلم. ### | الوجه السادس والعشرون: # أن يكون في أحد الحديثين. قول # النبي - صلى الله عليه ms014 وسلم - يقارب فعله، وفي الآخر مجرد قوله لا غير، ~~فيكون الأول أولى بالترجيح، نحو ما روته حبيبة بنت أبي تجراة قالت: رأيت ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - في بطن المسيل وهو يسعى ويقول: اسعوا؛ فإن ~~الله كتب عليكم السعي حتى أن ميزره ليدور به من شدة السعي فهذا الحديث أدل ~~على المقصود من قوله - عليه السلام -: الحج عرفة لاشتماله على أنواع من ~~الترجيح: الأول قوله، والثاني فعله، ويجب فيه الاقتداء، والثالث إخباره عن ~~إيجاب الله تعالى ذلك علينا، فهو أولى بالتقديم من مجرد القول. ### | الوجه السابع والعشرون: # أن يكون أحد الحديثين موافقا # PageV01P016 # لظاهر القرآن دون الآخر، فيكون الأول أولى بالاعتبار، نحو قوله - عليه ~~السلام -: من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها؛ فإن ذلك وقتها فهذا ~~حديث يعارضه نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في الأوقات التي نهى عن ~~الصلاة فيها، غير أن الحديث الأول يعاضده ظواهر من الكتاب، نحو قوله: # تعالى: حافظوا على الصلوات وقوله: سارعوا إلى مغفرة من ربكم، إلى غير ذلك ~~من الآيات. ### | الوجه الثامن والعشرون: # أن يكون أحد الحديثين موافقا لسنة أخرى دون الآخر، نحو قوله - عليه ~~السلام -: لا نكاح إلا بولي يقدم على الحديث الآخر ليس للولي مع الثيب أمر؛ ~~لأن الأول رواه أبو موسى # عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويشيده حديث عائشة - رضي الله عنها - عن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها ~~فنكاحها باطل الحديث. ### | الوجه التاسع والعشرون: # أن يكون أحد الحديثين موافقا للقياس دون الآخر، فيكون العدول عن الثاني ~~إلى الأول متعينا، ولهذا قدم حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم ~~-: ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة؛ # لأن ما لا تجب فيه الزكاة في ذكوره لا تجب في إناثه، كسائر الحيوانات ~~التي لا يجب فيها الزكاة. ### | الوجه الثلاثون: # أن يكون مع أحد الحديثين حديث آخر مرسل أو منقطع، ولا يكون ذلك مع الآخر. ### | الوجه الحادي والثلاثون: # أن يكون أحد ms015 الحديثين قد عمل به الخلفاء الراشدون دون الثاني، فيكون آكد؛ ~~ولذلك قدمنا رواية من روى في تكبيرات العيدين سبعا وخمسا، على رواية من روى ~~أربعا كأربع الجنائز؛ لأن الأول قد عمل به أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - ~~فيكون إلى الصحة أقرب، والأخذ به أصوب. # PageV01P017 ### | الوجه الثاني والثلاثون: # في ترجيح الأخبار: أن يكون مع أحد الحديثين عمل الأمة دون الآخر؛ لأنه ~~يجوز أن تكون عملت بموجبه لصحته، ولم تعمل بموجب الآخر لضعفه، فيجب تقديم ~~الأول لهذا التجويز. ### | الوجه الثالث والثلاثون: # أن يكون الحكم الذي تضمنه أحد الحديثين منطوقا به، وما يتضمنه الحديث ~~الآخر يكون محتملا، ولذلك يجب تقديم قوله - عليه السلام -: في أربعين شاة ~~شاة في إيجاب ذلك في مال الصبي، على قوله - عليه السلام -: رفع القلم عن ~~ثلاثة: عن النائم حتى # يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم الحديث؛ لأن قوله - عليه السلام - في أربعين ~~شاة شاة نص على وجوب الزكاة في ملك من كانت، وقوله - عليه السلام -: رفع ~~القلم عن الصبي لا ينبئ عن سقوط الزكاة في مال الصبي، بأن يكون الخطاب فيه ~~لغيره وهو الولي، فرفع القلم عنه يفيد نفي خطابه والتكليف له، ولا يعارض ~~ذلك النص بوجه. ### | الوجه الرابع والثلاثون: # أن يكون أحد الحديثين مستقلا بنفسه لا يحتاج فيه إلى إضمار، والآخر لا ~~يفيد إلا بعد تقدير وإضمار، فيرجح الأول؛ لأن المستقل بنفسه معلوم المراد ~~منه، والمحذوف منه ربما التبس ما هو المضمر فيه. ### | الوجه الخامس والثلاثون: # أن يكون الحكم في أحد الحديثين مقرونا بصفة، وفي الآخر مقرونا بالاسم نحو ~~قوله - صلى الله عليه وسلم -: من بدل دينه فاقتلوه، قدم هذا على نهيه - ~~عليه السلام - عن قتل النساء والولدان؛ # لأن تبديل الدين صفة موجودة في الرجل والمرأة، فصارت كالعلة وهي المؤثرة ~~في الأحكام دون الأسامي. ### | الوجه السادس والثلاثون: # أن يكون أحد الحديثين يقارنه تفسير الراوي دون الآخر، نحو ما رواه عبد ~~الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: المتبايعان بالخيار في ~~بيعهما ما لم يفترقا فإن ms016 التفرق ههنا محمول على التفرق بالبدن، وذلك لما ~~روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان إذا أراد أن يوجب البيع مشى قليلا ثم ~~رجع؛ ولأن الراوي إذا شاهد الحال أعلم بمعنى الخبر من غيره، # PageV01P018 # إذا كان معناه لائقا باللفظ. ### | الوجه السابع والثلاثون: # أن يكون أحد الحديثين قولا والآخر فعلا، فالقول أبلغ في البيان؛ ولأن ~~الناس لم يختلفوا في كون قوله عليه حجة، واختلفوا في اتباع فعله؛ ولأن ~~الفعل ما يدل لنفسه على شيء بخلاف القول فيكون أقوى. ### | الوجه الثامن والثلاثون: # أن يكون أحد الحديثين مخصصا، والثاني لم يدخله التخصيص، فما لم يدخله ~~التخصيص أولى؛ لأن التخصيص يضعف اللفظ ويمنعه من جريانه على مقتضاه، ويصير ~~مجازا عند جماعة من الأئمة، بخلاف ما لم يدخله التخصيص فيكون أقوى. ### | الوجه التاسع والثلاثون: # أن يكون أحد الحديثين مشعرا بنوع قدح في أحوال الصحابة، والثاني لا يوهم ~~ذلك، نحو ما رواه أهل الكوفة من أمر # رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحابة بإعادة الوضوء والصلاة من ~~القهقهة فيها، ورووا أيضا بإزائه حديث صفوان بن عسال: كان النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - يأمرنا إذا كنا مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام إلا من ~~جنابة، لكن من غائط وبول ونوم وما من حديث أبي العالية في الضحك في الصلاة ~~خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتضي القدح في حال الصحابة، وهم أجل ~~منصبا من ذلك دون الحديث الثاني، فيجب تقديم ما لا يوجب ذلك. ### | الوجه الأربعون: # أن يكون أحد الحديثين مطلقا، والآخر واردا على سبب، فيتقدم المطلق لظهور ~~أمارات التخصيص في الوارد على سبب، فيكون أولى بإلحاق التخصيص به، وعلى هذا ~~يقدم قوله - عليه السلام -: من بدل دينه فاقتلوه على نهيه - صلى الله عليه ~~وسلم - عن قتل النساء والولدان؛ لأن النهي وارد على سبب في الحربية. ### | الوجه الحادي والأربعون: # في ترجيح دلالة الاشتقاق على أحد الحكمين؛ لأن قوله - عليه السلام -: من ~~مس ذكره فليتوضأ ظاهر اللفظ يتناول مجرد اللمس من غير ضميمة الشهوة إليه ms017؛ ~~نظرا إلى جهة الاشتقاق، والأصل بقاء # PageV01P019 # اللفظ على مدلوله اللغوي إلى أن يدل دليل التغيير. ### | الوجه الثاني والأربعون: # أن يكون أحد الخصمين قائلا بالخبرين، يرجح قوله على الآخر إذا كان يسقط ~~أحدهما ويقول بالآخر؛ لأنه جامع بين الدليلين فيكون أولى. ### | الوجه الثالث والأربعون: # أن يكون في أحد الخبرين زيادة لا تكون في الثاني، فيرجح الأول لأن ~~الزيادة عن الثقة مقبولة؛ لذلك قدم الترجيع في الأذان على خبر رواه من غير ~~ترجيع. ### | الوجه الرابع والأربعون: # في ترجيح أحد الحديثين على الآخر، أن يكون في أحدهما احتياط للفرض وبراءة ~~الذمة بيقين، ولا يكون في الآخر ذلك، فتقديم ما فيه الاحتياط أولى، فإن ~~قيل: لم لم يستعملوا # الاحتياط في إيجاب الوضوء من القهقهة والرعاف، وإيجاب المضمضة والاستنشاق ~~في الغسل؟ أجاب من خالفهم في هذه الأحكام، وقال: إنا لم نقل بالاحتياط في ~~المواضع التي ذكرتموها؛ لأن الأمة قد أجمعت على تركها أو ترك بعضها، وذلك ~~أن العراقي ترك إيجاب الاحتياط في المضمضة والاستنشاق في الوضوء، وترك ~~الاحتياط في يسير الدم والقيء، وإيجاب الوضوء من القهقهة في صلاة الجنازة، ~~فإذا ترك الاحتياط من قال به في مقتضاه لقيام الدليل عنده، كذا من لا يقول ~~به، بخلاف ما يقول بالاحتياط في سائر المواضع. ### | الوجه الخامس والأربعون: # فيما يرجح أحد الحديثين على الآخر إذا كان لأحدهما نظير متفق على حكمه، ~~ولم يكن ذلك للآخر، مثال: أن يقضي بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ليس فيما ~~دون خمسة أوسق من التمر صدقة على قوله - صلى الله عليه وسلم -: فيما سقت ~~السماء العشر؛ لأن له نظيرا، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: ليس فيما ~~دون خمسة أواق من الورق صدقة قضي به # على قوله - صلى الله عليه وسلم -: في الرقة ربع العشر لأن ذلك نظير ما ~~قاله في العشر. ### | الوجه السادس والأربعون: # أن يكون أحد الحديثين يدل على الحظر، # PageV01P020 # والآخر على الإباحة، فهل يقدم الحظر على الإباحة أم لا؟ اختلفوا فيه؛ ~~فمنهم من قال: لا يرجح بهذا؛ لأن تحريم المباح ms018 كإباحة المحظور، فلا يكون ~~لأحدهما على الآخر رجحان، ومنهم من قال: يرجح بذلك؛ لأنه إذا اجتمع ما يبيح ~~وما يحظر غلب جانب الحظر، كما في المتولد بين ما يؤكل لحمه وبين ما لا يؤكل ~~لحمه، وكاجتماع زكاة المسلم والوثني في الشاة، ولأن الإثم حاصل في فعل ~~المحظور، ولا إثم في ترك المباح، فكان الترك أولى. ### | الوجه السابع والأربعون: # أن يكون أحد الحديثين يثبت حكما يخالف الحكم قبل الشرع، والثاني يثبت ~~حكما موافقا لحكم قبل الشرع، فقد قيل: هذا أولى بالتقديم، وقيل: هما سواء؛ ~~لأن أحدهما وإن وافق حكما قبل الشرع فقد صار شرعا لنا بعد وروده. ### | الوجه الثامن والأربعون: # إذا تعارض خبران في الحدود وأحدهما يكون مسقطا والآخر موجبا، فقد اختلفوا ~~فيه؛ فمنهم من قال: لا يرجح أحدهما على الآخر؛ لأن كل واحد منهما حكم شرعي، ~~ولا تؤثر الشبهة في ثبوته شرعا، كما يثبت الحد بخبر الواحد، والقياس مع ~~وجود الشبهة، ومنهم من قال: يقدم المسقط على الموجب لقوله - عليه السلام -: ~~ادرءوا الحدود ما استطعتم. ### | (الوجه التاسع والأربعون) # أن يكون أحد الحديثين إثباتا يتضمن النقل عن حكم العقل، والثاني نفيا ~~يتضمن الإقرار على حكم العقل، فيكون الإثبات أولى؛ لأنا استفدنا بالمثبت ما ~~لم نكن نستفيده من قبل، ولم نستفد من الثاني أمرا إلا ما كنا نستفيده من ~~قبل، فكان المثبت أولى، وصورة المثبت أن يرد الحديث بوجوب فعل لا يوجبه ~~العقل، ويرد حديث آخر بأنه لا يجب، فهذا مبق على حكم العقل، وذلك ناقل مفيد ~~فهو أولى. فأما إذا كان نفيه وإثباته ثابتين بالشرع فلا يترجح بهذا أحد ~~الحديثين على الآخر؛ لأن كل واحد منهما ناقل عن حكم العقل. ### | الوجه الخمسون: # أن يكون الحديثان المتعارضان من قبيل الأقضية، # PageV01P021 # وراوي أحدهما علي بن أبي طالب، أو من قبيل الحلال والحرام، وراوي أحدهما ~~معاذ، أو من قبيل الفرائض، وراوي أحدهما زيد بن ثابت، وهلم جرا في بقية ~~العلوم، وكل واحد من هؤلاء شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~بالبراعة والحذق ms019 في فنه، وهل يصلح هذا في باب الترجيح أم لا؟ اختلفوا فيه، ~~فذهب أكثرهم إلى أنه يحصل به الترجيح، وهو الصحيح؛ لأن شهادة الرسول - صلى ~~الله عليه وسلم - لهم أبلغ في تقوية الظن من كثير مما ذكرناه من الترجيحات. # ولهذا المعنى قدمنا قول الصحابي على قول التابعي؛ لأنه - صلى الله عليه ~~وسلم - قال: # أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. فهذا القدر كاف في موضوع ~~الترجيحات، وثم وجوه كثيرة أضربنا عن ذكرها كي لا يطول به هذا المختصر. # فصل # ولما انتهى الكلام في باب الترجيحات، وتمييز الناسخ من المنسوخ، لا بد من ~~ذكر ### | التمييز بين التخصيص والنسخ، # إذ هو من لوازمه، ولا # غنى لمن يريد معرفة الناسخ عن معرفته؛ لحصول اللبس فيهما، واشتراكهما في ~~الأخص، إذ كل واحد منهما يقتضي اختصاص الحكم ببعض ما يتناوله اللفظ، غير أن ~~التمييز بينهما من وجوه خمسة: # أحدهما: أن الناسخ لا يكون إلا متأخرا عن المنسوخ، والتخصيص يصح اتصاله ~~بالمخصوص، ويصح تراخيه عنه، وعند من لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ~~يجب اتصاله به. # والثاني: أن دليل النسخ لا يكون إلا خطابا، والتخصيص قد يقع بقول وفعل ~~وقياس وغير ذلك. # الثالث: أن نسخ الشيء لا يجوز إلا بما هو مثله في القوة، أو بما هو أقوى ~~منه في الرتبة، والتخصيص جائز بما هو دون المخصوص منه في الرتبة. # الرابع: أن التخصيص لا يدخل في الأمور بمأمور واحد، والنسخ # PageV01P022 # جائز في مثله، سيما على أصل لا يرى نسخ الشيء قبل وقته. # الخامس: أن التخصيص يخرج من الخطاب ما لم يرد به، والنسخ رافع ما أريد ~~إثبات حكمه. # ذكر وقوع النسخ في السنة على نحو وقوعه في الكتاب # وقوع النسخ في السنة - استعراض بعض الآثار المؤيدة لذلك. # أخبرني أبو المحاسن محمد بن عبد الخالق بن أبي نصر الجوهري، أخبرنا الحسن ~~بن أحمد بن الحسن القارئ، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن أحمد، أخبرنا عبد ~~الله بن جعفر، حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، حدثنا ms020 عمر بن ~~شبة، حدثنا محمد بن الحارث بن زياد الحارثي، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن ~~البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - قال: إن أحاديثي ينسخ بعضها بعضا. # إنما يعرف هذا الحديث من رواية ابن البيلماني، وهو صاحب مناكير لا يتابع ~~في حديثه، وجده يعد في موالي عمر - رضي الله عنه -. # قرأت على عبد الجبار بن هبة الله بن القاسم، أخبرك أحمد بن الحسن بن ~~أحمد، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد ~~الأكفاني، أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن العبد، أخبرنا أبو داود، ~~أخبرنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا المعتمر عن أبيه سليمان، عن أبي العلاء هو ~~ابن الشخير: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حديثه ينسخ بعضه بعضا، ~~كما ينسخ القرآن بعضه بعضا. # قرأت على أبي طاهر روح بن بدر بن ثابت الصوفي، أخبرك أبو القاسم غانم بن ~~أبي نصر، حدثنا أبو نعيم، حدثنا أبو الشيخ، حدثنا حاجب بن أبي بكر، حدثنا ~~محمد بن مسعود العجمي، عبد الرزاق، أخبرني التميمي عن أبيه، عن أبي مجلز ~~لاحق بن حميد، قال: إنما حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل القرآن ~~ينسخ بعضه بعضا. # أخبرنا أبو الفضل محمد بن بليمان بن يوسف الأديب، أخبرنا أبو منصور سعد ~~بن علي العجلي، أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، أخبرنا ~~علي بن محمود الحافظ، حدثنا محمد بن موسى البزاز، حدثنا علي بن أحمد بن ~~سليمان، حدثنا محمد بن عبد الرحيم البرقي، # PageV01P023 # حدثنا عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي صخر، عن عبد الله ~~بن عطاء، عن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير أنه قال: أشهد على أبي ~~يحدثني، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول القول، ثم يلبث ~~أحيانا، ثم ينسخه بقول آخر كما ينسخ القرآن بعضه بعضا. # باب # أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي ms021 الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد ~~الوهاب العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن ~~محمد بن حيان، حدثنا حسن بن هارون، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا ابن مهدي، ~~حدثنا معاوية بن صالح، عن الحسن بن جابر قال: سمعت المقدام بن معدي كرب ~~يقول: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء يوم خيبر، ثم قال: يوشك رجل ~~متكئ على أريكته يحدث بحديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، ما وجدنا فيه ~~من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، وأن ما حرم رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - مثل ما حرم الله. # وأخبرني أبو موسى الحافظ، حدثنا أبو علي، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا أبو ~~أحمد الغطريفي، أخبرنا أحمد بن موسى العدوي، أخبرنا أبو إسحاق إسماعيل بن ~~سعيد الكسائي الفقيه، قال: المذهب في ذلك يجب على الناس أن يتبعوا القرآن، ~~ولا يخالفوه، فإن احتج محتج بأن في السنن ما يخالف التنزيل، قيل لهم: إن ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه. ~~وكل سنة ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز لقائل أن يقول ~~إنها خلاف التنزيل؛ لأن السنة تفسر التنزيل، والسنة كان ينزل بها جبريل، ~~ويعلمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان لا يقول قولا يخالف التنزيل ~~إلا ما نسخ من قوله بالتنزيل، فمعنى التنزيل ما قال رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - إذا كان ذلك بإسناد ثبت عنه. # وبالإسناد قال الكسائي، أخبرنا موسى بن داود، عن ابن المبارك، عن معمر، ~~عن علي بن زيد، عن أبي نضرة قال: كنا عند عمران بن حصين، وهم يتذاكرون ~~الحديث، فقال رجل: دعونا من هذا وجيئونا بكتاب الله. # PageV01P024 # فقال عمران: إنك أحمق، أتجد في كتاب الله الصلاة مفسرة؟ أتجد في كتاب ~~الله الصيام مفسرا؟ إن القرآن جمع ذلك، والسنة تفسر ذلك. # قلت: والمذهب عندنا أن السنة مبينة للكتاب مفسرة له، هذا أمر مجمع عليه. # وقد اختلف الناس بعد ذلك في ms022 مسألتين: # إحداهما: جواز نسخ الكتاب بالسنة. # والثانية: جواز نسخ السنة بالكتاب. # واتفقوا على مسألتين: # إحداهما: نسخ الكتاب بالكتاب. # الثانية: جواز نسخ السنة بالسنة. # أما المسألة الأولى: في نسخ الكتاب بالسنة، فأكثر المتأخرين ذهبوا إلى ~~الجواز وقالوا: لا استحالة في وقوعه عقلا، وقد دل السمع على وقوعه، فيجب ~~المصير إليه. # أخبرني أبو موسى الحافظ، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا ~~أبو أحمد الغطريفي، حدثنا أحمد بن موسى العدوي، حدثنا سهيل بن سعيد، حدثنا ~~عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: السنة قاضية على ~~الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة. # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الفارسي، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا ~~محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا ~~أبو زرعة، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدثنا الأوزاعي عن يحيى، ~~قال: السنة قاضية على القرآن، أي: تفسره. # أخبرني محمد بن عمر بن أحمد المديني، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد ~~بن عبد الله، أخبرنا محمد بن أحمد الجرجاني، حدثنا أحمد بن موسى بن العباس، ~~حدثنا أبو إسحاق الكسائي، حدثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن مكحول قال: ~~القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن. # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا أبو ~~طاهر بن عبد الرحيم، حدثنا أبو الشيخ الحافظ قال: ذكر ما نسخ من القرآن ~~بالسنة، قول الله عز وجل: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين. # وقال: إن ترك خيرا الوصية # PageV01P025 # للوالدين والأقربين. # فنسخ الميراث قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يرث المسلم الكافر ~~ولا الكافر المسلم. # ونسخ الوصية للوالدين والأقربين بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا ~~وصية لوارث. # قال: وأجمعوا أن العبد لا يرث الحر، ولا الحر يرث العبد، وقال تعالى: ~~وأحل لكم ما وراء ذلكم ونسخ ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا ~~تنكح الصغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصغرى. # ونسخ أيضا بقول ms023 النبي - صلى الله عليه وسلم -: يحرم من الرضاعة ما يحرم ~~من النسب. # وقال تعالى: وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ~~ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا. فنسخ الله ذلك بسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم ~~-: إن كل امرأة ارتدت فلحقت بالمشركين فقد بانت من زوجها. # وإن من صار من نساء المشركين إلى المسلمين مسلمات أو مستأمنات بغير أسر ~~ولا قهر أنهن حرائر، وحل للمسلمين أن ينكحوهن إذا آتوهن أجورهن، ولا عوض ~~على أحد لأحد في ذلك، وسقط حكم القرآن. # وقال تعالى: والسارق والسارقة فعم به كل سارق، ثم نسخ من ذلك سارق الغنم، ~~بقوله - عليه السلام -: لا قطع على سارق الغنم، وإن كثرت وكثرت قيمتها إذا ~~لم يأوها المراح، ولا قطع على سارق التمر إذا لم يأوه الجرين. # وقال - عليه السلام -: لا قطع في ثمر ولا كثر، وقطع في قيمته معلومة. # وقال تعالى: من بعد وصية يوصي بها أو دين، فأطلق قليل الوصية وكثيرها، ثم ~~نسخ ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد: الثلث، والثلث كثير # وقال تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ~~ميتة أو دما مسفوحا الآية، ثم حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - كل ذي ناب ~~من السباع، وكل ذي مخلب من الطير. # وقال - عز وجل -: فول وجهك شطر المسجد الحرام الآية، وصلى النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - في السفر حيث توجهت به راحلته. # وقال عز وجل: فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم - الآية، ~~وإنما أباح القصر مع الخوف ثم سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القصر ~~في السفر بكل حال. # هذه آخر كلام أبي الشيخ، وسيأتي ذكر # PageV01P026 # حديث يحقق فيه شرط النسخ في بابه إن شاء الله تعالى. # وذهب جماعة من المتقدمين، ونفر من المتأخرين إلى منع ذلك، وقالوا: كما ~~خبر الواحد لا ينسخ المتواتر مع اشتراكهما في اللوازم والتوابع، كذلك السنة ~~لا تنسخ القرآن، لتباينهما في الحقائق واللواحق، وروينا ms024 معنى ذلك عن ~~الشافعي - رضي الله عنه -. # أخبرني الأمير أبو المحاسن محمد بن علي الفارسي، أخبرنا زاهر بن # طاهر النيسابوري، أخبرنا أبو بكر البيهقي، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، ~~أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي - رضي الله عنه -: ~~والناسخ من القرآن الأمر ينزله الله بعد الأمر يخالفه، كما حول القبلة من ~~بيت المقدس إلى الكعبة، وكل منسوخ يكون حقا ما لم ينسخ، فإذا نسخ كان الحق ~~في ناسخه، ولا ينسخ كتاب الله إلا كتابه، وهكذا سنة رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - لا ينسخها إلا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # أخبرني أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد ~~الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ، حدثنا عبد الله بن # محمد بن يعقوب، حدثنا أبو داود السجستاني قال: سمعت أحمد بن حنبل - وسئل ~~عن حديث السنة قاضية على الكتاب - قال: لا أجترئ أن أقول فيه، ولكن السنة ~~تفسر القرآن، ولا ينسخ القرآن إلا بالقرآن. # وأما المسألة الثانية: في نسخ السنة بالكتاب، فقد ذهب أكثر المتأخرين على ~~جوازه، وقالوا: الناسخ في الحقيقة - هو الله تعالى - والكل من عنده، فما ~~المانع منه؟ وأي تأثير لاعتبار التجانس في ذلك مع أن العقل لا يحيله، ~~والسمع دل على وقوعه؟ وقد روي في ذلك حديث في سنده مقال. # قرأت على أبي بكر محمد بن ذاكر بن محمد، أخبرك الحسن بن أحمد بن الحسن ~~القاري، أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الرحيم، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر ~~الحافظ، حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا محمد بن داود القنطري أبو حفص الكبير، ~~حدثنا جبرون بن واقد ببيت المقدس، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير، عن ~~جابر بن عبد الله قال: قال # PageV01P027 # رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلامي لا ينسخ كلام الله، وكلام الله ~~ينسخ كلامي، وكلام الله ينسخ بعضه بعضا. # جبرون بن واقد لا يعرف له سوى حديثين؛ هذا أحدهما وهو منكر، ولا أعلم ~~رواه غيره. # وخالفهم في ms025 ذلك جماعة، وقالوا: لا بد من اعتبار التجانس، قالوا: # الكتاب مجمل، والسنة مبينة، وفي تجويز نسخ المبين بالمجمل إخلال بمقصود ~~التفاهم، وتفاصيل مذاهب الكل مذكورة في كتب أصول الفقه، والقصد هنا الإيماء ~~إلى جمل من ذلك. # وإذ تمت المقدمة، فلنشرع الآن في المقصود، مرتبا على أبواب الفقه؛ ليكون ~~أسهل تناولا، والله تعالى يديم به النفع، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي ~~العظيم. ### | كتاب الطهارة ### | باب الغسل: # ما كان في بدء الإسلام أن لا غسل إلا من الإنزال # أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب الطرقي، أخبرنا يحيى بن ~~عبد الوهاب العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد الكاتب، أخبرنا عبد الله ~~بن محمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية، حدثنا عبد الوارث بن ~~عبد الصمد، حدثني أبي، حدثنا حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو ~~سلمة أن عطاء بن يسار أخبره: أن زيد بن خالد، أخبره: أنه سأل عثمان قال: ~~قلت: أرأيت إذا جامع أحد امرأته ولم يمن؟ فقال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ ~~للصلاة، ويغسل ذكره. # قال # PageV01P028 # عثمان: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # قال: وسألت عن ذلك علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، # وطلحة، وأبي بن كعب، فأمروه بذلك. # قال: وحدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة: أن عروة أخبره، أن أبا أيوب ~~أخبره أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك. # وقال الشافعي: أخبرنا غير واحد من أهل العلم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، ~~عن أبي أيوب الأنصاري، عن أبي بن كعب قال: قلت: يا رسول الله، إذا جامع ~~أحدنا فلم ينزل ما عليه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يغسل ما مس ~~المرأة منه، وليتوضأ، ثم ليصل. # قال الشافعي: وهذا أثبت من إسناد الماء من الماء. # هو كما قال الشافعي: فقد روى هذا الحديث: شعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد، ~~ويحيى بن سعيد القطان، وأبو معاوية، وغيرهم عن هشام بن عروة، نحو ms026 ما ذكره ~~الشافعي. # وهو حديث حسن صحيح أخرجه البخاري في الصحيح من حديث يحيى بن سعيد، وأخرجه ~~مسلم من حديث شعبة، وحماد، وأبي معاوية. # قرأت على أبي منصور محمد بن أحمد بن الفرج الوكيل، أخبرك أبو طالب عبد ~~القادر بن محمد، أخبرنا أبو علي التميمي، أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي، ~~حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا يحيى، عن شعبة، عن الحكم، عن ~~ذكوان أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~مر على رجل من الأنصار فأرسل إليه، فخرج ورأسه يقطر، فقال: لعلنا أعجلناك؟ ~~قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أعجلت ~~أو قحطت فلا غسل عليك، وعليك الوضوء. # هذا حديث صحيح ثابت، متفق عليه، أخرجاه في الصحيحين. # وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا ~~الباب، فقالت طائفة: لا غسل عليه إذا جامع ولم ينزل. روينا ذلك عن علي بن ~~أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وأبي بن كعب، وأبي أيوب، ~~وأبي سعيد، ورافع بن خديج، وابن عباس، وزيد بن خالد الجهني، # PageV01P029 # ومن التابعين: عروة بن الزبير. وأوجبت طائفة الاغتسال إذا التقى الختانان ~~ولم ينزل، وتمسكوا في ذلك بأحاديث. # أخبرني أبو المحاسن محمد بن علي الأمير، أخبرنا زاهر بن طاهر النيسابوري، ~~أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ، أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا ~~أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن محمد الصيدلاني، حدثنا محمد ~~بن المثنى، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا هشام بن حسان، عن حميد بن هلال، ~~عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري، أنهم ذكروا ما يوجب الغسل، فقام أبو ~~موسى إلى عائشة، فسلم ثم قال: ما يوجب الغسل؟ فقالت: على الخبير سقطت، قال ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان ~~الختان فقد وجب الغسل. # هذا حديث صحيح على شرط مسلم، أخرجه في كتابه ms027 عن محمد بن المثنى، عن ~~الأنصاري. # قرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك أبو القاسم غانم بن أبي نصر البرجي، ~~حدثنا أحمد بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، ~~حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة وهشام، عن قتادة، عن الحسن، # عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا ~~قعد بين شعبها الأربع ثم اجتهد فقد وجب الغسل. وزاد حماد بن سلمة في هذا ~~الحديث: أنزل أو لم ينزل. # أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة وهشام، ورواه أبان بن يزيد عن قتادة، وذكر ~~فيه الزيادة التي ذكرها حماد بن سلمة، ورواه مطر الوراق عن الحسن، وقال في ~~حديثه: وإن لم ينزل. # وقد أخرجه مسلم في الصحيح عن جماعة، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن مطر. # أخبرني أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق، وأبو الفضل عبد الله بن أحمد ~~بن محمد بالموصل، قالا: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد، ~~أخبرنا أبو عمرو وعثمان بن محمد بن يوسف، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله ~~الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، ~~عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن # PageV01P030 # الخطاب، وعثمان بن عفان، وعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، كانوا ~~يقولون: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل. # رواه الشافعي - رضي الله عنه - في القديم، وأصحاب الموطأ عن مالك نحوه. # فهذه الآثار تخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يغتسل إذا ~~جامع وإن لم ينزل، وممن ذهب إلى هذه الآثار من الصحابة: عمر بن الخطاب، ~~وعبد # الله بن عمر، وأبو هريرة، وعائشة. ومن التابعين: شريح القاضي، وعبيدة ~~السلماني، والشعبي. وبه قال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، وأهل الكوفة، ~~والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وقال أبو بكر بن المنذر: ولا أعلم اليوم ~~بين أهل العلم فيه اختلافا. # فإن قيل: فهذه الآثار تخبر عن فعل رسول الله - صلى الله عليه ms028 وسلم - وقد ~~يجوز أن يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ليس عليه حتم، والآثار الأول ~~تخبر عما يجب وعما لا يجب فهي أولى، يقال: الآثار التي رويت في الفصل الأول ~~قسمان: # قسم منها: الماء من الماء لا غير. # وقسم منها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا غسل على من أكسل ~~حتى ينزل. # فأما ما كان من ذلك فيه ذكر الماء من الماء، فإن بعضهم حمله على وجه يمكن ~~الجمع بين الحكمين، رويناه عن ابن عباس. # قرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك الحسن بن أحمد القاري، أخبرنا أحمد بن ~~عبد الله، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي، حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، ~~حدثنا الحنظلي، حدثنا الملائي، حدثنا شريك عن أبي الجحاف، عن عكرمة قال: ~~إنما قال ابن عباس: " الماء من الماء " في الذي يحتلم ليلا، فيستيقظ من ~~منامه ولا يجد بللا. # وأما ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بين فيه الأمر، وأخبر ~~فيه بالقصة، # وأنه لا غسل في ذلك حتى يكون الماء؛ فإنه قد روينا عن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - خلاف ذلك، وقد صحت الأخبار في طرفي الإيجاب والرخصة، وتعذر ~~الجمع، فنظرنا هل نجد مناصا عن غوائل التعارض من جهة التاريخ؛ حيث تعذر ~~معرفته من صريح اللفظ؟ فوجدنا آثارا تدل على ذلك، وبعضها يصرح بالنسخ، ~~فحينئذ # PageV01P031 # تعين المصير إلى الإيجاب لتحقق النسخ في ذلك. # ذكر ما يدل على النسخ # أخبرني عبد المنعم بن عبد الله بن محمد، أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن ~~محمد بن الحسين التاجر، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن ~~يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا الثقة، عن يونس بن يزيد، عن ~~الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي، قال بعضهم عن أبي بن كعب، ووقفه بعضهم على ~~سهل بن سعد، قال: كان الماء من الماء شيئا في أول الإسلام، ثم ترك ذلك بعد، ~~وأمروا بالغسل إذا مس الختان الختان. # وأخبرني أبو العلاء محمد بن جعفر الخازن، أخبرنا أحمد ms029 بن محمد بن أحمد ~~التاجر في كتابه، عن إسماعيل بن نيال، أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد ~~التاجر، أخبرنا موسى بن عيسى، أخبرنا أحمد بن منيع، حدثنا عبد الله بن ~~المبارك، حدثنا يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب، ~~قال: إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نهي عنها. # هذا حديث يختلف فيه عن الزهري، فرواه يونس كما ذكرناه، ورواه عمرو بن ~~الحارث، عن ابن شهاب قال: حدثني بعض من أرضى، أن سهل بن سعد أخبره عن أبي، ~~ورواه معمر، عن الزهري، موقوفا على سهل بن سعد، وروي بإسناد آخر موصول عن ~~أبي حازم، عن سهل، عن أبي بن كعب. # ويشبه أن يكون الزهري أخذه عن أبي حازم عن سهل. # وعلى الجملة الحديث محفوظ عن سهل عن أبي، أخرجه أبو داود في كتابه. # قال الشافعي: وإنما بدأت بحديث أبي بن كعب في قوله: الماء من الماء، ~~ونزوعه: أن فيه دلالة على أنه سمع الماء من الماء من النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - ولم يسمع خلافه فقال به، ثم لا أحسبه تركه إلا أنه ثبت له أن النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - قال بعده ما نسخه. # قرأت على أبي منصور محمد بن أحمد الدقاق، أخبرك أبو طالب عبد القادر # PageV01P032 # بن محمد، أخبرنا أبو علي المذكر، أخبرنا أحمد بن جعفر المالكي، حدثنا عبد ~~الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا رشدين بن سعد، عن ~~موسى بن أيوب الغافقي، عن بعض ولد رافع بن خديج، عن # رافع بن خديج، قال: ناداني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على ~~بطن امرأتي، فقمت ولم أنزل، فاغتسلت وخرجت إلى رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - فأخبرته أنك دعوتني وأنا على بطن امرأتي، فقمت ولم أنزل، فاغتسلت ~~وخرجت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا عليك، الماء من الماء. # قال رافع: ثم أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بالغسل. ~~هذا ms030 حديث حسن. # وقد ذكرنا حديث عائشة، وسؤال أبي موسى، وحديث أبي هريرة، وهي أحاديث صحاح ~~تشيد هذه الآثار. # وقد روى مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن كعب، عن محمود بن لبيد، ~~أنه سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله، ثم يكسل ولا ينزل. فقال زيد: ~~يغتسل. فقلت له: إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل. فقال زيد: إن أبيا قد نزع ~~عن ذلك قبل أن يموت. # فهذا أبي قد قال هذا، وقد روى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف ذلك، ~~فلا يجوز هذا عندنا؛ إلا وقد ثبت نسخ ذلك عنده من رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - كما قاله الشافعي. # وقد رواه هناد بن السري، ومحمد بن بشار، عن بندار، وهما من الثقات، عن ~~عثمان بن عمر، عن يونس، عن الزهري، عن سهل قال: أخبرني أبي بن كعب قال: ~~إنما كانت رخصة في أول الإسلام الماء بالماء ثم أمرنا رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - بالغسل بعد ذلك؛ خرج الماء أو لم يخرج. # وأخبرني أبو طاهر روح بن بدر بن ثابت قراءة عليه، أو قرأته عليه، أخبرنا ~~أحمد بن محمد بن أحمد التاجر في كتابه، عن أبي سعيد محمد بن موسى بن شاذان ~~الصيرفي، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، أخبرنا الربيع بن سليمان ~~المؤذن، أخبرنا # PageV01P033 # الشافعي، أخبرنا إبراهيم بن محمد، أخبرني عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن ~~أبيه، عن أبي بن كعب أنه كان يقول: " ليس على من لم ينزل غسل ". ثم نزع عن ~~ذلك أبي قبل أن يموت. # وفيما روي عن محمد بن يحيى الذهلي، أخبرنا أبو اليمان الحكم بن نافع، ~~أخبرني شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري قال: كان رجال من الأنصار - فيهم أبو ~~أيوب، وأبو سعيد الخدري - يفتون (الماء من الماء) ، ويقولون: إنه ليس على ~~من مس امرأته غسل ما لم يمن. فلما ذكر ذلك لعمر بن الخطاب، ولعثمان بن ~~عفان، وعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن ms031 عمر، أبوا تلك الفتيا، ~~وقالوا: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل. وهذا يدل على أن أكثر من كان ~~يرى الرخصة لما بلغهم النسخ نزعوا عن ذلك. # وروينا عن علقمة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - نحوه. # ذكر خبر آخر يشيد ما ذهبنا إليه # أخبرت عن زاهر بن طاهر المستملي، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي، ~~أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن هارون الزوزني، أخبرنا أبو حاتم، ~~محمد بن حبان بن أحمد التميمي، أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان، حدثنا ~~إبراهيم بن يعقوب # PageV01P034 # الجوزجاني، حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة، حدثنا أبو ضمرة، حدثنا ~~الحسين بن عمران، عن الزهري قال: سألت عروة في الذي يجامع ولا ينزل؟ قال: ~~على الناس أن يأخذوا بالآخر فالآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- حدثتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك ولا ~~يغتسل، وذلك قبل فتح مكة، ثم اغتسل بعد ذلك، وأمر الناس بالغسل. # هذا حديث قد حكم أبو حاتم بن حبان بصحته، وأخرجه في صحيحه، غير أن الحسين ~~بن عمران قد يأتي عن الزهري بالمناكير، وقد ضعفه غير واحد من أصحاب الحديث. ~~وعلى الجملة الحديث بهذا السياق فيه ما فيه، لكنه حسن جيد في الاستشهاد. ### | باب النهي عن استقبال القبلة، والاختلاف فيه # قرأت على أبي العباس أحمد بن أحمد بن محمد، أخبرك عبد الرحمن بن أحمد، ~~أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن شعيب، ~~أخبرنا محمد بن منصور، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي ~~أيوب، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تستقبلوا القبلة ولا ~~تستدبروها لغائط أو بول، لكن شرقوا أو غربوا. # هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري في كتابه، عن علي بن المديني، وأخرجه مسلم ~~عن يحيى بن يحيى وغيره، كلهم عن سفيان بن عيينة. # أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفقيه السلامي، قراءة عليه وأنا أسمع، ~~أخبرنا أبو ms032 عبد الله محمد بن الفضل، أخبرنا عبد الغافر بن أبي الحسن ~~التاجر، أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا إبراهيم بن محمد، حدثنا مسلم، حدثنا ~~أحمد بن الحسن بن خراش، حدثنا عمر بن عبد الوهاب، # حدثنا يزيد بن زريع، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل ~~القبلة ولا يستدبرها. # عمر بن عبد الوهاب بن رياح بن عبيدة الرياحي، بصري، صالح الحديث، تفرد ~~مسلم بإخراج حديثه، وأظن ليس له في كتابه سوى هذا الحديث. # وكذا أحمد بن الحسن أبو جعفر البغدادي، تفرد مسلم بإخراج حديثه، وهذا ~~الحديث على شرط # PageV01P035 # مسلم، أخرجه كما سقناه. # أخبرنا أبو العلاء الحافظ، أخبرنا أبو منصور الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين ~~أحمد بن محمد، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد ~~الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ~~سلمان الفارسي قال: قال المشركون: إنا لنرى صاحبكم يعلمكم حتى يعلمكم ~~الخراءة! قال: إنه لينهانا أن نستقبل القبلة، وأن يستنجي أحدنا بيمينه. # صحيح على شرط مسلم، أخرجه في كتابه. # أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب، أخبرنا الحسن بن أحمد ~~القارئ، أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا عبد الله بن محمد بن # جعفر، حدثنا الفضل بن عباس، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثنا ~~الليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب، أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء يقول: ~~أنا أول من سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يبولن أحدكم ~~مستقبل القبلة وأنا أول من حدث الناس بذلك. # قرأت على محمد بن أبي الأزهر القاضي، أنبأك أحمد بن الحسن بن أحمد ~~الكرجي، أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد ~~بن علي الصائغ، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن ~~يحيى المازني، عن أبي زيد مولى الثعلبيين، عن معقل بن أبي الهيثم ms033؛ حليف لهم ~~قد صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى ~~أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب على ثلاثة أنحاء: # فصنف كرهوه مطلقا، وحملوا هذه الأحاديث على ظواهرها؛ منهم: مجاهد بن جبر، ~~وإبراهيم بن يزيد النخعي، وسفيان بن سعيد الثوري، وأهل الكوفة. وقال أحمد ~~بن حنبل: يعجبني أن يتوقى في الصحراء والبيوت. # وصنف رخصوا فيه، ولم يروا بذلك بأسا، منهم: عروة بن الزبير، وحكى ذلك ~~ربيعة بن عبد الرحمن الرأي. # ثم القائلون بالرخصة اختلفوا؛ فمنهم من قال: الأخبار في هذا الباب جاءت ~~مختلفة فيجب إيقافها، وترك الأشياء على الإباحة التي كانت، حكى ذلك ابن ~~المنذر، ومنهم من قال: الأحاديث الأول التي مر ذكرها منسوخة. # PageV01P036 # بيان النسخ أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الفارسي، أخبرنا يحيى بن عبد ~~الوهاب العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الله بن محمد بن ~~جعفر، حدثني هيثم بن خلف الدوري، حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي، حدثنا ~~وهب بن جرير، حدثني أبي، سمعت محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، ~~عن جابر، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستقبل القبلة ~~ببول. فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها. # أخبرنا أبو موسى الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن الفضل بن أحمد، أخبرنا أبو ~~طاهر الكاتب، أخبرنا علي بن عمر بن أحمد، حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا ~~أبو الأزهر، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبو إسحاق، حدثني أبان ~~بن صالح، عن مجاهد، عن جابر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ~~نهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء، ثم قد رأيته ~~قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة. # أخرجه أبو داود في كتابه، عن محمد بن بشار بندار، عن وهب بن جرير بن ~~حازم، عن أبيه، عن ابن إسحاق، ورواه أبو عيسى الترمذي، عن بندار، وأبي موسى ~~محمد بن المثنى، كلاهما عن وهب بن جرير ms034، عن أبيه. # أخبرني الأديب أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف، أخبرنا أبو منصور سعد ~~بن علي العجلي، أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، أخبرنا ~~أبو الحسن الدارقطني، حدثنا علي بن عاصم، عن خالد الحذاء، عن خالد بن أبي ~~الصلت، قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز في خلافته، وعنده عراك بن مالك، ~~فقال عمر: ما استقبلت القبلة ولا استدبرتها ببول ولا غائط منذ كذا وكذا، ~~فقال عراك: حدثتني عائشة قالت: لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~قول الناس في ذلك أمر بمقعدته فاستقبل بها القبلة. # تابعه حماد بن سلمة، وعبد الله بن المبارك، وفي الحديث كلام كثير أشرت ~~إلى بعضه في مسند المهذب، فهذه الأحاديث حجة من ذهب إلى النسخ. # والصنف الثالث: جمعوا بين الأحاديث كلها، وجعلوا الرخصة في استقبال # PageV01P037 # القبلة للغائط والبول في المنازل، ومنعوا من ذلك في الصحارى، وممن ذهب ~~إلى هذا: الشعبي، وبه قال الشافعي، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي. وكان حجتهم ~~في النهي حديث أبي أيوب، وقد مر ذكره، وفي الرخصة حديث ابن عمر - رضي الله ~~عنهما -. # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أحمد ~~بن الحسن، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا ~~مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن # حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: إن ناسا ~~يقولون: إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة، ولا بيت المقدس، قال عبد ~~الله بن عمر: لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته. # هذا حديث صحيح ثابت من حديث المدنيين، أخرجه البخاري في الصحيح، عن عبد ~~الله بن يوسف التنيسي، عن مالك. وأخرجه مسلم من وجه آخر عن يحيى بن سعيد ~~الأنصاري. # أخبرني عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل، أبو بكر عبد الغفار بن ~~محمد بن الحسين التاجر ms035، أخبرنا محمد بن موسى الصيرفي، أخبرنا محمد بن ~~يعقوب، أخبرنا بكار بن قتيبة، حدثنا صفوان بن عيسى، عن الحسن بن ذكوان، عن ~~مروان الأصفر، قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول ~~إليها! فقلت: أبا عبد الرحمن، أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بلى؛ إنما نهي عن ~~ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس. # هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود في كتابه، عن محمد بن يحيى الذهلي، عن ~~صفوان. # وأما الحديث الذي رواه عبد الرزاق، عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن هرام، ~~قال: سمعت طاوسا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أتى ~~أحدكم البراز فليكرم قبلة الله - عز وجل - فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها # وكذلك رواه وكيع، عن زمعة مرسلا، وكذلك عبد الله بن وهب، عن وهب، عن ~~زمعة، عن سلمة، وابن طاوس، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~مرسلا. # ورواه سفيان بن عيينة عن سلمة: أنه سمع طاوسا، ولم يرفعه. وقال ابن ~~المديني: قلت لسفيان: # PageV01P038 # أكان زمعة يرفعه؟ قال: نعم، فسألت سلمة عنه فلم يعرفه، يعني لم يرفعه. ~~وقال الشافعي في رواية الربيع عنه: حديث طاوس هذا مرسل، وأهل الحديث لا ~~يثبتونه، ولو ثبت كان كحديث أبي أيوب، وحديث ابن عمر عن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - مسند حسن الإسناد، وأولى أن يثبت منه لو خالفه، وإن كان - قال ~~طاوس - حق على كل مسلم أن يكرم قبلة الله أن لا يستقبلها، فإنما سمع - ~~والله أعلم - حديث أبي أيوب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل ذلك ~~على إكرام القبلة، وهي أهل أن تكرم، والحال في الصحارى كما حدث أبو أيوب، ~~وفي البيوت كما حدث ابن عمر، لأنهما مختلفان. # أخبرنا محمد بن عبد الخالق بن أبي نصر، أخبرنا إسماعيل بن الفضل # بن أحمد، أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا ~~إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا ms036 موسى بن داود، ~~حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن عيسى بن أبي عيسى قال: قلت للشعبي: عجبت لقول ~~أبي هريرة: " لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ". وقال نافع عن ابن عمر: ~~رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب مذهبا مواجه القبلة. قال: أما قول ~~أبي هريرة في الصحراء: " إن لله خلقا من عباده يصلون في الصحراء، فلا ~~تستقبلوهم ولا تستدبروهم، أما بيوتكم هذه التي تتخذونها للنتن فإنه لا قبلة ~~لها. # قال الدارقطني: عيسى بن أبي عيسى هو الخياط، وهو عيسى بن ميسرة، وهو ~~ضعيف. ### | باب ما جاء في مس الذكر # أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الفارسي، أخبرنا يحيى بن عبد ~~الوهاب العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ، ~~أخبرنا أحمد بن محمد بن يزيد بن يحيى الزعفراني، # حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة، حدثنا أبو نعيم أيوب بن عتبة قاضي ~~اليمامة، حدثني قيس بن طلق، حدثني أبي أنه كان في الوفد الذين وفدوا على ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- عن مس # PageV01P039 # الذكر؟ فقال: ما هو إلا بضعة من جسدك. # رواه أبو نعيم، وتابعه أحمد بن يونس، وقال: سأل رجل رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - والباقي مثله. # أخبرنا أبو العلاء الحافظ، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن عبد ~~الله، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو القاسم الرازي، حدثنا يونس بن ~~عبد الأعلى، حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن جابر، عن # قيس بن طلق عن أبيه، أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل من مس ~~الذكر الوضوء؟ قال: لا. # قرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك أبو علي، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا عبد ~~الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا أيوب بن عتبة، عن ~~قيس بن طلق، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، يكون أحدنا في الصلاة فيمس ~~ذكره، يعيد الوضوء؟ قال: لا إنما هو منك. # وقد اختلف أهل ms037 العلم في هذا الباب: فذهب بعضهم إلى هذه الأحاديث، ورأوا ~~ترك الوضوء من مس الذكر: روي ذلك عن علي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وعبد ~~الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وحذيفة بن اليمان، وعمران بن حصين، وأبي ~~الدرداء، وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين، وسعيد بن المسيب في إحدى ~~الروايتين، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ~~وسفيان الثوري، وأبي حنيفة، وأصحابه، ويحيى بن معين، وأهل الكوفة. # وخالفهم في ذلك آخرون: فذهبوا إلى إيجاب الوضوء من مس الذكر، وبعض من ذهب ~~إلى هذا القول ادعى أن حديث طلق منسوخ على ما سيأتي بيانه، وممن روي عنه ~~الإيجاب من الصحابة: عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأبو أيوب الأنصاري، ~~وزيد بن خالد، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر، وعائشة، وأم ~~حبيبة، وبسرة بنت صفوان، وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين، وابن عباس في ~~إحدى الروايتين. # ومن التابعين؛ عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وعطاء بن أبي رياح، # PageV01P040 # وأبان بن عثمان، وجابر بن زيد، والزهري، ومصعب بن سعد، ويحيى بن أبي كثير ~~عن رجال الأنصار، وسعيد بن المسيب في أصح الروايتين، وهشام بن عروة، ~~والأوزاعي، وأكثر أهل الشام، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، والمشهور من قول ~~مالك أنه كان يوجب منه الوضوء. # ومن ذهب إلى هذا القول ادعى أن حديث طلق على تقدير ثبوته منسوخ، وناسخه ~~ما أخبرني عبد المنعم بن عبد الله بن محمد، أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن ~~محمد بن الحسين التاجر، أخبرنا أحمد بن الحسن، أخبرنا محمد بن يعقوب، ~~أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن ~~محمد بن عمرو بن حزم: أنه سمع عروة بن الزبير يقول: دخلت على مروان بن ~~الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء؟ فقال مروان: من مس الذكر الوضوء. # قال عروة: ما علمت ذلك! قال مروان: أخبرتني بسرة ابنة صفوان، أنها سمعت ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ms038: إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ. # أخرجه أبو داود في كتابه عن القعنبي، عن مالك، وأخرجه النسائي، عن هارون ~~بن عبد الله، عن معن، وعن الحارث بن مسكين، كلاهما عن مالك. وأخرجه الترمذي ~~أيضا من غير وجه. # وبالإسناد قال الشافعي: أخبرنا سليمان بن عمرو، ومحمد بن عبد الله، عن ~~يزيد بن عبد الملك الهاشمي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ~~ليس بينه وبينه شيء فليتوضأ. # هكذا رواه الشافعي في كتاب الطهارة، ورواه في سنن حرملة، عن عبد الله بن ~~نافع، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبي موسى الخياط، عن سعيد بن أبي ~~سعيد، وقد روى هذا الحديث: عبد الرحمن بن القاسم المصري، ومعن بن عيسى، ~~وإسحاق الفروي، وغيرهم عن يزيد بن عبد الملك، عن سعيد. # كما رواه الشافعي أولا، ويزيد هو ابن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل بن ~~الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، سئل عنه أحمد بن حنبل فقال: شيخ من أهل ~~المدينة، ليس به بأس، وقد روى # PageV01P041 # عنه نافع بن عمر الجمحي، عن سعيد المقبري، كما رواه يزيد بن عبد الملك. ~~وإذا اجتمعت هذه الطرق دلتنا على أن هذا الحديث له أصل من رواية أبي هريرة. # أخبرني أبو موسى الحافظ، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، ~~أخبرنا أبو أحمد الغطريفي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن شيرويه، أخبرنا ~~إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، حدثنا بقية بن الوليد، حدثني الزبيدي، حدثني ~~عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~-: أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ. # هذا إسناد صحيح؛ لأن إسحاق بن إبراهيم إمام غير مدافع، وقد خرجه # في مسنده، وبقية بن الوليد ثقة في نفسه، وإذا روى عن المعروفين فيحتج به. # وقد أخرج مسلم بن الحجاج فمن بعده من أصحاب الصحاح حديثه محتجين به. # والزبيدي هو محمد ms039 بن الوليد قاضي دمشق، من ثقات الشاميين، محتج به في ~~الصحاح كلها. # وعمرو بن شعيب ثقة باتفاق أئمة الحديث، وإذا روى عن غير أبيه لم يختلف ~~أحد في الاحتجاج به، وأما روايته عن أبيه، عن جده، فالأكثرون على أنها ~~متصلة ليس فيها إرسال ولا انقطاع، وقد روى عنه خلق من التابعين. # وذكر الترمذي في كتاب " العلل " عن محمد بن إسماعيل بن المغيرة البخاري ~~أنه قال: حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب في باب مس الذكر هو عندي ~~صحيح، وقد روي هذا الحديث عن عمرو بن شعيب من غير وجه، فلا يظن ظان أنه من ~~مفاريد بقية، فيحتمل أن يكون قد أخذه عن مجهول، والغرض من تبيين هذا الحديث ~~زجر من لم يتقن معرفة مخارج الحديث عن الطعن في الحديث من غير تتبع وبحث عن ~~مطالعه. # وقال بعض من ذهب إلى الرخصة: المصير إلى حديث طلق أولى لأسباب: # منها: اشتهار طلق بصحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -. # ومنها: طول صحبته، وكثرة روايته. # وأما بسرة فغير مشهورة، واختلاف الرواة في نسبها يدل على جهالتها؛ لأن ~~بعضهم يقول: هي كنانية، وبعضهم يقول: أسدية. ثم لو قدرنا # PageV01P042 # انتفاء الجهالة عنها ما كانت أيضا توازي طلقا في كثرة روايته؛ إذ قلة ~~روايتها تدل على قلة صحبتها، ثم اختلاف الرواة في حديثها يدل على ضعف ~~حديثها، ثم حديث النساء إلى الضعف ما هو! # قالوا: وقد روينا عن علي بن المديني، ومحله من هذا الشأن ما قد عرف أنه ~~قال ليحيى بن معين: كيف تتقلد إسناد بسرة ومروان أرسل شرطيا حتى رد جوابها ~~إليه. # وروينا عن أبي حفص الفلاس أنه قال: حديث قيس بن طلق عندنا أثبت من حديث ~~بسرة. # ثم لو سلمنا ثبوت الحديث فمن أين لكم ادعاء النسخ في ذلك؟ إذ ليس في حديث ~~بسرة ما يدل على النسخ، بل أولى الطرق أن يجمع بين الحديثين، كما حكاه لوين ~~عن ابن عيينة قال: تفسير حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: من مس ذكره ms040 ~~فليتوضأ معناه: أن يغسل يده إذا مسه، أجاب من ذهب إلى الإيجاب، وقال: لا ~~ينكر اشتهار بسرة بنت صفوان بصحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومتانة ~~حديثها إلا من جهل مذاهب التحديث، ولم يحط علمه بأحوال الرواة. # وقال الشافعي: قد روينا قولنا عن غير بسرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- والذي يعيب علينا الرواية عن بسرة يروي عن عائشة بنت عجرد، وأم خداش، ~~وعدة من النساء لسن بمعروفات في العامة، ويحتج بروايتهن، ويضعف بسرة مع ~~سابقتها وقديم هجرتها وصحبتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقد حدثت بهذا ~~في دار المهاجرين والأنصار، وهم متوافرون، ولم يدفعه منهم أحد، بل علمنا ~~بعضهم صار إليه عن روايتها منهم: عروة بن الزبير، وقد دفع وأنكر الوضوء من ~~مس الذكر قبل أن يسمع الخبر، فلما علم أن بسرة روته قال به وترك قوله، ~~وسمعها ابن عمر تحدث به فلم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات، وهذه طريقة ~~الفقه والعلم. # وقال أحمد بن شعيب النسوي: حدثني محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، ~~حدثنا منصور بن سلمة الخزاعي، قال: قال لنا مالك بن أنس: أتدرون من بسرة ~~بنت صفوان؟ هي جدة عبد الملك بن مروان أم أمه، فاعرفوها. # وقال مصعب # PageV01P043 # بن عبد الله الزبيري: بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد من المبايعات، وورقة ~~بن نوفل عمها، وليس لصفوان بن نوفل عقب إلا من قبل بسرة، هي زوجة معاوية بن ~~المغيرة بن أبي العاص. # قالوا: وأما ما ذكرتموه من اختلاف الرواة في حديثها فقد وجد في حديث طلق ~~نحو ذلك وأولى. # ثم إذا صح للحديث طريق، وسلم من شوائب الطعن تعين المصير إليه، ولا عبرة ~~باختلاف الباقين، وحديث مالك الذي مر سنده لا يختلف في عدالة رواته. # وأما ما روي بأن عروة جعل يماري مروان في ذلك حتى دعا رجلا من حرسه ~~فأرسله إلى بسرة يسألها، فغير قادح في المقصود؛ لصيرورة عروة إلى هذا ~~الحديث، ولولا ثقة الحرسي عنده لما صار إليه، ثم قد ms041 روي عن عروة أنه سأل ~~بسرة عن ذلك فصدقته، نحو ذلك رواه ربيعة بن عثمان، والمنذر بن عبد الله ~~الحزامي، وعنبسة بن عبد الواحد، وحميد بن الأسود، وغيرهم، عن هشام بن عروة، ~~عن أبيه، عن بسرة، قالوا: وأما حديث طلق فلا يقاوم هذا الحديث؛ لأسباب: # منها: نكارة سنده، وركاكة روايته. قال الشافعي في القديم: وزعم - يعني من ~~خالفه - أن قاضي اليمامة، ومحمد بن جابر ذكرا عن قيس بن طلق، عن أبيه، عن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أن لا وضوء منه. # قال الشافعي: قد سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه، فما يكون لنا فيه قبول ~~خبره، وقد عارضه من وصفنا نعته ورجاحته في الحديث وثبته. # وأشار الشافعي إلى حديث أيوب بن عتبة قاضي اليمامة، ومحمد بن جابر ~~السحيمي، عن قيس بن طلق، وقد مر حديثهما، وأيوب بن عتبة، ومحمد بن جابر ~~ضعيفان عند أهل العلم بالحديث. # وقد روى حديث طلق أيضا ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر، عن قيس، إلا ~~أن صاحبي الصحيح لم يحتجا بشيء من روايته. # ورواه أيضا عكرمة بن عمار، عن قيس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~مرسلا، وعكرمة أقوى من رواه عن قيس، إلا أنه رواه منقطعا. # قالوا: وقد روينا عن يحيى بن معين أنه قال: لقد أكثر الناس في # قيس بن طلق، وأنه لا يحتج بحديثه. # PageV01P044 # وروينا عن ابن أبي حاتم أنه قال: سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث؛ ~~فقالا: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة، ووهناه، ولم يثبتاه. قالوا: وحديث ~~قيس بن طلق كما لم يخرجه صاحبا الصحيح في الصحيح لم يحتجا أيضا بشيء من ~~رواياته، ولا بروايات أكثر رواة حديثه في غير هذا الحديث. # وحديث بسرة وإن لم يخرجاه لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة، أو هو عن ~~مروان، عن بسرة، فقد احتجا بسائر رواة حديثها؛ مروان فمن دونه، قالوا: فهذا ~~وجه رجحان حديثها على حديث قيس من طريق الإسناد، كما أشار ms042 إليه الشافعي؛ ~~لأن الرجحان إنما يقع بوجود شرائط الصحة، والعدالة في حق هؤلاء الرواة دون ~~من خالفهم، وأما منعهم ادعاء النسخ قالوا: الدليل على ذلك من جهة التاريخ؛ ~~لأن حديث طلق كان في أول الهجرة زمن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبني ~~المسجد، وحديث بسرة، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، كان بعد ذلك لتأخرهم ~~في الإسلام. # ذكر خبر يدل على أن قدوم طلق كان أول الهجرة # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد الله، أخبرنا ~~محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد الحياني، حدثنا علي بن رستم، ~~حدثنا لوين، عن محمد بن جابر، عن عبد الله بن بدر، عن طلق بن علي، قال: ~~قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يبنون المسجد، فقال: يا يمامي ~~أنت أرفق بتخليط الطين فلدغتني عقرب، فرقاني رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -. كذا روي من هذا الوجه مختصرا. # وقد روي من وجه آخر أتم من هذا، وفيه ذكر الرخصة في مس الذكر، قالوا: إذا ~~ثبت أن حديث طلق متقدم، وأحاديث المنع متأخرة وجب المصير إليها، وصح ادعاء ~~النسخ في ذلك، ثم نظرنا: هل نجد أمرا يؤكد ما صرنا إليه، فوجدنا طلقا روى ~~حديثا في المنع، فدلنا ذلك على صحة النقل في إثبات النسخ، وأن طلقا قد شاهد ~~الحالتين، # PageV01P045 # وروى الناسخ والمنسوخ. # أخبرنا أبو العلا الحافظ، أخبرنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد، أخبرنا ~~محمد بن عبد الله الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا الحسن بن علي ~~النسوي، حدثنا حماد بن محمد الحنفي، حدثنا أيوب بن عتبة، عن قيس بن طلق، عن ~~أبيه طلق بن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من مس فرجه ~~فليتوضأ. # قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن أيوب عن عتبة إلا حماد # بن محمد، وهما عندي صحيحان، يشبه أن يكون سمع الحديث الأول من النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - قبل هذا، ثم سمع هذا بعد؛ فوافق حديث بسرة، وأم ms043 ~~حبيبة، وأبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني، وغيرهم ممن روى عن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - الأمر بالوضوء من مس الذكر فسمع الناسخ والمنسوخ. # أخبرنا أبو موسي الحافظ، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أبو إبراهيم، أخبرنا أبو ~~أحمد الغطريفي، حدثنا أحمد بن موسى العدوي، أخبرنا إسماعيل بن سعيد الكسائي ~~الفقيه قال: المذهب في ذلك عندي من يرى الوضوء من ذلك، يقولون: قد ثبت عن ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوضوء من مس الذكر من وجوه شتى، فلا يرد ~~ذلك الحديث ملازم بن عمرو، وأيوب بن عتبة، ولو كانت روايتهما مثبتة لكان في ~~ذلك مقال لكثرة من روى بخلاف روايتهما، ومع ذلك الاحتياط في ذلك أبلغ. # ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح: أنه نهى أن يمس ~~الرجل ذكره بيمينه، أفلا يرون أن الذكر لا يشبه سائر الجسد، ولو كان ذلك ~~بمنزلة الإبهام والأنف والأذن، ما هو منا لكان لا بأس علينا أن نمسه ~~بأيماننا، فكيف يشبه الذكر بما وصفوا من الإبهام وغير ذلك؟ ولو كان ذلك ~~شرعا سواء لكان سبيله في المس سبيل ما سمينا، ولكن ههنا علة قد غابت عنا ~~معرفتها، ولعل ذلك أن يكون عقوبة لكي يترك الناس مس الذكر، فيصير من ذلك ~~الاحتياط. ### | باب الوضوء مما مست النار # قرأت على أبي طالب محمد بن علي بن أحمد الكناني بواسط، أخبرك أبو طاهر ~~أحمد بن الحسين بن أحمد في كتابه، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد، أخبرنا ~~دعلج بن # PageV01P046 # أحمد، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا سعيد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم. أخبرنا ~~معمر بن الزهري، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، أن ~~أبا هريرة. أكل أثوارا من أقط فتوضأ، فقال له رجل: لم توضأت؟ قال: إني أكلت ~~أثوارا من أقط فتوضأت؛ إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ~~توضئوا مما مست النار. # وكان عمر بن عبد العزيز يتوضأ من السكر. # هذا حديث صحيح تفرد مسلم بإخراجه من حديث ابن ms044 قارظ. # أخبرني عبد الرزاق بن إسماعيل، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد، # أخبرنا أحمد بن الحسن، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن شعيب، ~~أخبرنا عمرو بن علي، أخبرنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن ~~يحيى بن جعدة، عن عبد الله بن عمرو، وقال: حدثني محمد القارئ، عن أبي أيوب ~~قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: توضئوا مما غيرت النار. # هذا حديث حسن، وفي الباب عن أم سلمة، وأم حبيبة، وزيد بن ثابت، وأبي ~~طلحة، وأبي موسى. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب؛ فبعضهم ذهب إلى الوضوء مما مست النار، ~~وممن ذهب إلى ذلك: ابن عمر، وأبو طلحة، وأنس بن مالك، وأبو موسى، وعائشة، ~~وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، وأبو عزة الهذلي، وعمر بن عبد العزيز، وأبو مجلز ~~لاحق بن حميد، وأبو قلابة، ويحيى بن يعمر، والحسن البصري، والزهري. # وذهب أكثر أهل العلم، وفقهاء الأمصار إلى ترك الوضوء مما مست النار، ~~ورأوه آخر الأمرين من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # وممن لم ير منه وضوءا: أبو بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن ~~عباس، وعامر بن أبي ربيعة، وأبي بن كعب، وأبو أمامة، وأبو الدرداء، ~~والمغيرة بن شعبة، وجابر بن عبد الله. # ومن التابعين: عبيدة السلماني، وسالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، ومن ~~معهما من فقهاء أهل المدينة، ومالك، والشافعي، وأصحابه، وأهل الحجاز ~~عامتهم، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأهل الكوفة، # PageV01P047 # وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق. # ذكر ما يدل على النسخ # أخبرني أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف الأديب، أخبرنا عبد الرحمن بن ~~حمد، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن ~~شعيب، أخبرنا عمرو بن منصور، حدثنا علي بن عياش، حدثنا شعيب، عن محمد بن ~~المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: كان آخر الأمرين من رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار. # أخبرني عبد المنعم بن عبد الله بن ms045 محمد، أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن ~~محمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن يعقوب، ~~أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ~~رجلين: أحدهما جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، عن أبيه: أن رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ. # هذا حديث صحيح ثابت متفق عليه، أخرجاه في الصحيح من حديث إبراهيم بن سعد، ~~عن محمد بن مسلم الزهري. # أخبرني أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي من أصله العتيق، ~~أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد، أخبرنا أبو عمرو عثمان بن ~~محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، أخبرنا إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا ~~القعنبي، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عباس: ~~أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ. # هذا حديث حسن متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح، عن عبد الله بن يوسف، ~~عن مالك، وأخرجه مسلم عن القعنبي، وفيما روى الحسن بن محمد بن الصباح ~~الزعفراني عن الشافعي يقال: وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~الوضوء مما مست النار، وإنما قلنا: لا يتوضأ منه؛ لأنه عندنا منسوخ، ألا ~~ترى أن عبد الله بن عباس إنما صحبه بعد الفتح يروى عنه: أنه رآه يأكل من ~~كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ، وهذا عندنا من أبين # PageV01P048 # الدلالات على أن الوضوء منه منسوخ، أو أن أمره بالوضوء منه بالغسل ~~والتنظيف، والثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يتوضأ منه، ~~ثم عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس، وعامر بن ربيعة، وأبي بن ~~كعب، وأبي طلحة، كل هؤلاء لم يتوضئوا منه. # وذكر الشافعي أيضا في رواية حرملة فقال: حديث ابن عباس أدل الأحاديث على ~~أن الوضوء مما مست النار منسوخ، وذلك أن صحبة ابن عباس لرسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - متأخرة، إنما مات رسول ms046 الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ~~ابن أربع عشرة سنة، قد قيل: ست عشرة سنة، وقيل: ثلاث عشرة سنة. # أخبرنا أبو العلاء الحافظ، أخبرنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد بن محمد، ~~أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا عباس بن ~~الفضل الأسفاطي، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، حدثنا قريش بن حيان، عن يونس ~~بن أبي خلدة، عن محمد بن مسلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل آخر ~~أمره لحما، ثم صلى ولم يتوضأ. # ويمكن أن يقال: إن الوضوء مما مست النار اختلف فيه، وتكافأت الروايات عن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك في الصحة والشهرة، وتكلمت الأئمة في ~~الأول منه والآخر، والناسخ والمنسوخ، فأكثرهم رواه منسوخا، كما ذكرنا من ~~حديث جابر ومحمد بن مسلمة الأنصاريين، وابن عباس، وذهب بعضهم إلى أن ~~المنسوخ هو ترك الوضوء مما مست النار، والناسخ الأمر بالوضوء منه. # وإليه ذهب الزهري وجماعة، وتمسكوا في ذلك بأحاديث منها ما أخبرنا أبو ~~طاهر روح بن بدر بن ثابت، قراءة عليه وأنا أسمع، أخبرنا أبو منصور محمود بن ~~إسماعيل بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين، أخبرنا أبو القاسم ~~اللخمي، حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، ~~حدثني زيد بن جبيرة بن محمود بن جبيرة الأنصاري من بني عبد الأشهل، عن أبيه ~~جبيرة بن محمود، # PageV01P049 # عن سلمة بن سلامة بن وقش صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنهما ~~دخلا وليمة على وضوء فأكلوا، ثم خرجوا، فتوضأ سلمة فقال له جبيرة: ألم تكن ~~على وضوء؟ # قال: بلى؛ ولكني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرجنا من دعوة ~~دعونا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على وضوء، فأكل ثم توضأ، ~~فقلت له: ألم تكن على وضوء يا رسول الله؟ قال: بلى؛ ولكن الأمر يحدث، وهذا ~~مما حدث. # وقرأت على محمد بن أبي الأزهر القاضي، أخبرك أحمد بن الحسن الكرجي في ~~كتابه، أخبرنا أبو علي ms047 بن شاذان، أخبرنا دعلج، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا ~~سعيد، حدثنا فليح بن سليمان قال: سألنا الزهري عما مست النار؟ قال: فأخبرنا ~~في ذلك بأحاديث أمر فيها بالوضوء عن أبي هريرة، وعمر بن عبد العزيز، عن ~~خارجة بن زيد، وعن سعيد بن خالد، وعن عبد الملك بن أبي بكر، فقلت له: إن ~~ههنا رجلا من قريش يقال له: عبد الله بن محمد، يحدث عن جابر بن عبد الله: ~~أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أهل سعد بن الربيع في نفر من ~~أصحابه، فيهم جابر بن عبد الله، فأكلنا خبزا ولحما، ثم صلى بنا رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - فصلينا معه، وما مس أحد منا وضوءا، وانصرفت مع أبي ~~بكر في ولايته من المغرب، فابتغى عشاء، فقيل له: ليس ههنا إلا هذه الشاة ~~وقد ولدت، فحلبها وطبخ لنا لباء، فأكل وأكلنا معه، ثم خرج إلى المسجد فصلى ~~بنا، وما مس ماء ولا مسست. # وكان عمر بن الخطاب ربما جفن لنا في ولايته، فأكلنا الخبز واللحم، فيخرج ~~فيصلي ونصلي معه، وما يمس أحدنا وضوءا. # فقال الزهري: وأنا أحدثكم أيضا - إن كنتم تريدونه - حدثني جعفر بن عمر بن ~~أمية الضمري، عن أبيه عمرو بن أمية، أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - أكل عضوا فصلى ولم يتوضأ، فقلنا له: فما بعد هذا؟ فقال: إنه يكون ~~أمر، ويكون بعده الأمر. # دلنا ما ذكرناه على أن الأمر بالوضوء كان بعد الرخصة، فحديث أبي هريرة ~~يدل على الأمر بالوضوء، وحديث ابن عباس ومن تابعه يدل على # PageV01P050 # الرخصة، وحديث ابن عباس بعد حديث أبي هريرة على ما بينه الشافعي. # ثم نظرنا هل نجد حديثا يدل على الرخصة، وهو قبل حديث أبي هريرة؟ فوجدنا ~~حديثا يدل عليه وهو ما أخبرناه أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا أبو ~~بكر أحمد بن علي الفارسي في كتابه، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، أخبرنا ~~أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا ms048 يحيى بن بكير، ~~حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار مولى بني حارثة، أن سويد بن ~~النعمان أخبره أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر حتى ~~إذا كانوا بالصهباء - وهي وادي خيبر - فنزل للعصر، ثم دعا بالأذواد فلم يؤت ~~إلا بالسويق، فأمر به فثري فأكل، ثم صلى ولم يتوضأ. # قال يحيى: ثري: بل بالماء. # هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في الصحيح، عن عبد الله بن يوسف، والقعنبي ~~عن مالك. # ألا ترى أن حديث سويد بن النعمان هذا كان قبل فتح خيبر، وإنما قدم أبو ~~هريرة بعد فتح خيبر على ما صرحت به التواريخ، فهذا يدلك على أن الرخصة كانت ~~غير مرة، وهو طريق الجمع بين الأخبار في تصحيحها. # ذكر خبر آخر يدل على أن الرخصة كانت غير مرة # قرأت على محمد بن أبي الأزهر بواسط العراق، أخبرك أبو طاهر القارئ في ~~كتابه، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا دعلج، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا ~~سعيد، حدثنا عبد الله بن إياد بن لقيط، عن أبيه، عن سويد بن سرحان، عن ~~المغيرة بن شعبة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل طعاما وأقيمت ~~الصلاة فقام، وقد كان يتوضأ قبل ذلك، فأتيته بماء ليتوضأ، فانتهرني وقال ~~لي: وراءك فساءني ذلك، ثم صلى، فشكوت ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال: يا رسول ~~الله، إن المغيرة بن شعبة قد شق عليه انتهارك إياه، خشي أن يكون في نفسك ~~عليه شيء. فقال: ليس في نفسي عليه شيء إلا خير، لكنه أتاني بماء # PageV01P051 # لأتوضأ، وإنما أكلت طعاما، ولو فعلت ذلك فعل الناس ذلك من بعدي. # هذا حديث يروى عن سويد من غير وجه، فمنهم من يقول فيه: كان يتوضأ قبل ~~ذلك، ومنهم من يقول: كان توضأ قبل ذلك. # وقال عثمان بن سعيد الدارمي: لما رأينا هذه الأحاديث قد اختلف فيها عن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلف من ذكرناهم في الأول والآخر ولم نقف ~~على الناسخ منهما، فنظرنا إلى ما ms049 اجتمع عليه الخلفاء الراشدون والأعلام من ~~أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذنا بإجماعهم في الرخصة فيه. # وقد ذهب بعض من رام الجمع بين هذه الأحاديث إلى أن الأمر بالوضوء منه ~~محمول على الغسل للتنظيف كما أشار إليه الشافعي، ورجح أخبار ترك الوضوء مما ~~مست النار بما روي من اجتماع الخلفاء الراشدين وأعلام # الصحابة على ترك الوضوء منه، كما قال الدارمي، غير أن أكثر الناس يطلقون ~~القول بأن الوضوء مما مست النار منسوخ، ثم اجتماع الخلفاء الراشدين، وإجماع ~~أئمة الأمصار بعدهم، يدل على صحة النسخ، والله أعلم. ### | باب تجديد الوضوء لكل صلاة # أخبرني أبو موسى الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن الفضل بن أحمد، أخبرنا أبو ~~الفتح منصور بن الحسين، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن علي، حدثنا أبو جعفر ~~أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو حذيفة، ~~حدثنا سفيان، حدثنا علقمة، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، عن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم -: أنه كان يتوضأ لكل صلاة. # قال أبو جعفر الطحاوي: فذهب قوم إلى أن الحاضرين يجب عليهم أن يتوضئوا ~~لكل صلاة، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وخالفهم في ذلك أكثر العلماء ~~فقالوا: لا يجب الوضوء إلا من حدث، وما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- محمول على التماس الفضل لا على الوجوب، ويحتمل أن يكون هذا مما خص به - ~~صلى الله عليه وسلم - دون أمته. # فإن قيل: وهل وجدتم في ذلك دليلا؟ قلنا: نعم؛ أخبرنا أبو الفرج عبد ~~الحميد بن إسماعيل بن أحمد الصوفي بهمذان، أخبرنا الرئيس عبدوس بن عبد الله # PageV01P052 # العبدوسي، أخبرنا أبو طاهر الحسين بن علي، أخبرنا # أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، ~~حدثنا خالد، حدثنا شعبة، عن عمرو بن عامر، عن أنس، أنه ذكر أن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - أتي بإناء صغير فتوضأ، قلت: أكان النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - يتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم. قلت: فأنتم؟ قال: كنا نصلي الصلوات ما لم ms050 ~~نحدث. قال: وقد كنا نصلي الصلوات بوضوء. # هذا حديث حسن على شرط أبي داود، وأبي عيسى، وأبي عبد الرحمن؛ أخرجوه في ~~كتبهم. # أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد ~~التاجر، عن أبي إبراهيم المروزي، أخبرنا أبو العباس المحبوبي، أخبرنا محمد ~~بن عيسى، حدثنا محمد بن حميد الرازي، حدثنا سلمة بن الفضل، عن أبي إسحاق، ~~عن حميد، عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ لكل صلاة ~~طاهرا أو غير طاهر. قال: قلت لأنس: كيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ ~~وضوءا واحدا. # هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، أخرجه أبو عيسى في كتابه. # قال الطحاوي: فهذا أنس قد علم ما ذكرنا من فعل رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - ولم ير ذلك فرضا على غيره. # قال: وقد يجوز أيضا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ~~ذلك وهو واجب، ثم نسخ. # ذكر ما يدل على النسخ # أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب الطرقي بها، أخبرنا يحيى ~~بن عبد الوهاب العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن ~~محمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن محمد الرازي، حدثنا أبو زرعة، حدثنا عبيد ~~بن يعيش، حدثنا يونس بن بكير، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن ~~حبان، قال: قلت لعبد الله بن عبد الله بن عمر: أرأيت وضوء ابن عمر لكل صلاة ~~طاهرا أو غير طاهر عن ما هو؟ قال: أخبرته أسماء بنت زيد بن الخطاب، عن عبد ~~الله بن حنظلة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالوضوء عند كل صلاة ~~طاهرا أو غير طاهر. # هكذا رواه مختصرا، ورواه أحمد بن خالد، عن ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن ~~حبان، عن # PageV01P053 # عبد الله بن عبد الله بن عمر، قال: قلت له: أرأيت توضؤ ابن عمر لكل صلاة ~~طاهرا كان أو غير طاهر؟ قال: أخبرته أسماء بنت زيد بن الخطاب ms051، أن عبد الله ~~بن حنظلة بن أبي عامر حدثها، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ~~بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك عليه أمر بالسواك لكل ~~صلاة، فكان ابن عمر يرى أن به قوة على ذلك، فكان لا يدع الوضوء لكل صلاة. # وهو حديث حسن على شرط أبي داود، أخرجه في كتابه عن محمد بن عوف الطائي ~~الحمصي، عن أحمد بن خالد، عن محمد بن إسحاق. # ذكر خبر آخر شاهد للنسخ # أخبرنا أبو منصور شهر دار بن شيرويه الحافظ بهمذان، أخبرنا عبد الرحمن بن ~~حمد، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن ~~شعيب، أخبرنا عبيد الله بن سعيد، حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثنا علقمة بن ~~مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~يتوضأ لكل صلاة، لما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد. فقال له عمر: ~~فعلت شيئا لم تكن تفعله؟ قال: عمدا فعلته يا عمر. # هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم في الصحيح، عن محمد بن حاتم، عن يحيى بن سعيد. ### | باب ما جاء في جلود الميتة # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد قراءة عليه، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا ~~أبو بكر الحرشي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، ~~أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أنه قال: ~~مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بشاة ميتة قد كانت أعطيتها مولاة لميمونة ~~زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: فهلا انتفعتم بجلدها؟ قالوا: يا ~~رسول الله، إنها ميتة. فقال: إنما حرم أكلها. # هذا حديث ثابت صحيح، أخرجه البخاري ومسلم بن الحجاج في الصحيح، من حديث ~~صالح بن كيسان، ويونس بن يزيد، عن الزهري. # PageV01P054 # أخبرني عبد الصمد بن الحسين بن عبد الغفار الشيخ الصالح، أخبرنا أبو ~~القاسم زاهر بن طاهر المستملي، أخبرنا أبو سعيد الجنزرودي، أخبرنا أبو عمرو ~~بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى، أخبرنا إبراهيم ms052 بن الحجاج، # حدثنا أبو عوانة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ماتت شاة لسودة ~~بنت زمعة، فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول ~~الله، ماتت فلانة - تعني الشاة - قال: أفلا أخذتم مسكها؟ قالت: يا رسول ~~الله، نأخذ مسك شاة ماتت؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قل ~~لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلى آخر الآية، وإنكم لا ~~تطعمونه؛ إن تسلخونه ثم تدبغونه ثم تنتفعون به. فأرسلت إليها فسلخت مسكها ~~فدبغته، فاتخذت منه قربة حتى تخرقت عندها # أخرج البخاري طرفا منه من حديث عكرمة، وهو أن سودة قالت: ماتت لنا شاة، ~~فدبغنا مسكها، ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا ولم يخرج البخاري لسودة سوى ~~هذا الحديث الواحد، وليس لها عند مسلم بن الحجاج شيء. # أخبرنا أبو العلاء الحافظ، أخبرنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد بن محمد، ~~حدثنا محمد بن عبد الله الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا أبو خليفة، ~~حدثنا علي بن المديني، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن الحسن، ~~عن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبق: أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ~~في غزوة تبوك دعا بماء من عند امرأة، فقالت: ما عندي ماء إلا ماء في قربة ~~ميتة! فقال: أليس دبغتيها؟ قالت: نعم. # فقال: إن ذكاتها دباغها. # وقد روي عن سلمة من وجه آخر نحوه، غير أنه قال: كان يوم خيبر. # وروي فيه عن عائشة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه أمر أن ~~يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت. # وعن أم سلمة مثل ذلك، وقال فيه: فإن دباغها يحل كما يحل خل الخمر. # وروي فيه عن أنس. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب، فذهب أكثر أهل العلم إلى جواز ~~الانتفاع بجلود الميتة بعد الدباغ، وممن قال ذلك: ابن مسعود، وسعيد بن ~~المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن بن أبي الحسن، والشعبي، وسالم بن عبد ~~الله، وإبراهيم ms053 النخعي، وقتادة، والضحاك، وسعيد بن جبير، ويحيى بن سعيد ~~الأنصاري، ومالك بن # PageV01P055 # أنس، والليث، والأوزاعي، # والثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه، وابن المبارك، والشافعي وأصحابه، وإسحاق ~~الحنظلي، وذهبوا في ذلك إلى هذه الآثار. # وخالفهم في ذلك بعض العلماء، ونفر من أهل الحديث، ومنعوا جواز الانتفاع ~~بشيء من الميتة قبل الدباغ وبعده، واحتجوا في ذلك بحديث عبد الله بن عكيم، ~~ورأوه ناسخا لهذه الأحاديث. # ذكر دليله # أخبرني أبو موسى الحافظ، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن عبد الله، ~~أخبرنا محمد بن بكر في كتابه، حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن إسماعيل مولى ~~بني هاشم، حدثنا الثقفي، عن خالد، عن الحكم، عن عبد الرحمن، أنه انطلق وناس ~~إلى عبد الله بن عكيم، قال: فدخلوا، وقعدت على الباب، فخرجوا إلي فأخبروني ~~أن عبد الله بن عكيم، أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى ~~جهينة قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب. # هذا حديث حسن على شرط أبي داود والنسوي؛ أخرجاه في كتابيهما # من عدة طرق، وقد روي عن الحكم من غير وجه، وفيهما اختلاف ألفاظ. # ومن ذهب إلى هذا الحديث قال: المصير إلى هذا الحديث أولى؛ لأن فيه دلالة ~~النسخ، ألا ترى أن حديث سلمة يدل على أن الرخصة كانت يوم تبوك! وهذا قبل ~~موته بشهر، فهو بعد الأول بمدة؛ ولأن في حديث سودة: " حتى تخرقت "، وفي ~~رواية أخرى " كنا ننبذ فيه حتى صار شنا "، ولا تتخرق القربة ولا تصير شنا ~~في شهر، وفي بعض الروايات عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ~~أنه انطلق وناس معه إلى عبد الله بن عكيم نحوا مما ذكرناه. # قال خالد: أما أنه قد حدثني أنه كتب إليهم قبل هذا الكتاب بكتاب آخر. ~~قلت: في تحليله؟ قال: ما تصنع به؟ هذا بعده. # كذا رواه الدارمي، وقال: وفي قول خالد هذا دليل على أنه كان من النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - إليهم في ذلك تحليل قبل التشديد، وأن التشديد ms054 كان ~~بعد، ولو اشتهر بحديث ابن عكيم بلا مقال فيه كحديث ابن عباس في الرخصة لكان ~~لحديثنا أولى أن يؤخذ به، ولكن في إسناده اختلاف: رواه الحكم مرة عن # PageV01P056 # عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عكيم، ورواه عنه القاسم بن مخيمرة، عن ~~خالد، عن الحكم، وقال: إنه لم يسمعه من ابن عكيم، ولكن من أناس دخلوا عليه ~~ثم خرجوا فأخبروه به، ولولا هذه العلل لكان أولى الحديثين أن يؤخذ به حديث ~~ابن عكيم؛ لأنه إنما يؤخذ من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بالآخر ~~فالآخر، والأحدث فالأحدث، على أن جماعة أخذوا به، وذهب إليه من الصحابة عمر ~~بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعائشة. # وأخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد ~~الوهاب # العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حكي ~~أن إسحاق بن راهويه ناظر الشافعي - وأحمد بن حنبل حاضر - في جلود الميتة ~~إذا دبغت فقال الشافعي: " دباغها طهورها " فقال له إسحاق: ما الدليل؟ فقال: ~~حديث الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، أن النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - قال: هلا انتفعتم بإهابها؟ فقال له إسحاق: حديث ابن ~~عكيم: كتب إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل موته بشهر أن لا تنتفعوا ~~من الميتة بإهاب ولا عصب فهذا يشبه أن يكون ناسخا لحديث ميمونة؛ لأنه قبل ~~موته بشهر، فقال الشافعي: هذا كتاب وذاك سماع، فقال إسحاق: أن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - كتب إلى كسرى وقيصر، وكانت حجة بينهم عند الله تعالى. ~~فسكت الشافعي، فلما سمع ذلك أحمد ذهب إلى حديث ابن عكيم وأفتى به، ورجع ~~إسحاق إلى حديث الشافعي. # قلت: وقد حكى الخلال في كتابه: أن أحمد توقف في حديث ابن عكيم لما رأى ~~تزلزل الرواة فيه، وقال بعضهم: رجع عنه. وطريق الإنصاف فيه أن يقال: إن ~~حديث ابن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ - لو صح - ولكنه كثير الاضطراب، ثم لا ~~يقاوم حديث ميمونة ms055 في الصحة. # وقال أبو عبد الرحمن النسائي: أصح ما في هذا الباب؛ في جلود الميتة إذا ~~دبغت، حديث الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، ~~وروينا عن الدوري أنه قال: قيل ليحيى بن معين: أيما أعجب إليك من هذين ~~الحديثين: لا تنتفع # PageV01P057 # من الميتة بإهاب ولا عصب، أو دباغها طهورها؟ قال: دباغها طهورها أعجب ~~إلي. # وإذا تعذر ذلك فالمصير إلى حديث ابن عباس أولى؛ لوجوه الترجيحات، ويحمل ~~حديث ابن عكيم على منع الانتفاع به قبل الدباغ، وحينئذ يسمى إهابا، وبعد ~~الدباغ يسمى جلدا ولا يسمى إهابا، وهذا معروف عند أهل اللغة؛ ليكون جمعا ~~بين الحكمين، وهذا هو الطريق في نفي التضاد في الأخبار. ### | ومن باب التيمم # أخبرني عبد المنعم بن عبد الله بن محمد، أخبرنا عبد الغفار بن محمد بن ~~الحسين التاجر، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن ~~يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا الثقة، عن معمر، عن الزهري، ~~عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن عمار بن ياسر، قال: كنا مع النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنزلت آية التيمم، فتيممنا مع النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - إلى المناكب. # هكذا رواه الشافعي عن الثقة، عن معمر، ورواه عبد الرزاق، عن معمر، فلم ~~يذكر فيه: عن أبيه، واختلفوا فيه عن الزهري فقيل: عنه عن أبيه، وقيل: عنه ~~دون ذكر أبيه، وقيل: عنه، عن ابن عباس. # ورواه مالك، عن الزهري، نحو رواية الشافعي. # وأخبرنا أبو منصور شهر دار بن شيرويه الحافظ، قراءة عليه بهمذان، أخبرنا ~~أبو محمد عبد الرحمن بن حمد، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد ~~الحافظ، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرني محمد بن يحيى بن عبد الله، حدثنا ~~يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي عن صالح، عن ابن شهاب، حدثني عبيد الله بن عبد ~~الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس، عن عمار قال: عرس رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - بأولات الجيش، ومعه عائشة ms056 زوجته، فانقطع عقدها من جزع ~~أظفار، فحبس الناس في ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، ~~فتغيظ عليها أبو بكر فقال: حبست الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله تعالى ~~رخصة التيمم بالصعيد، قال: فقام المسلمون مع رسول الله - # PageV01P058 # صلى الله عليه وسلم - فضربوا بأيديهم الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم ينفضوا ~~من التراب شيئا، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم ~~إلى الآباط # هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود في كتابه، عن محمد بن أحمد بن أبي خلف، ~~ومحمد بن يحيى في آخرين، عن يعقوب بن إبراهيم. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب على أربعة أوجه: # فذهب بعضهم إلى حديث عمار هذا، ورأوا مسح اليدين إلى الآباط، وإليه ذهب ~~الزهري. # وقالت طائفة: التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، ~~وإليه ذهب عبد الله بن عمر بن الخطاب وابنه سالم، والشعبي، والحسن البصري، ~~ومالك بن أنس، والليث بن سعد، وأكثر أهل الحجاز، والثوري، وأبو حنيفة، وأهل ~~الكوفة، والشافعي وأصحابه. # وذهب آخرون إلى أن التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى الرسغين، ~~ويروى هذا القول عن علي بن أبي طالب. # ذهبت الفرقة الرابعة إلى أن التيمم ضربة للوجه والكفين، وهو قول عطاء، ~~ومكحول، وإحدى الروايتين عن الشعبي، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأكثر أهل ~~الحديث. # وقالوا: حديث عمار لا يخلوا إما أن يكون عن أمر النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - أو لا؛ فإن لم يكن من أمره فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~خلاف هذا، ولا حجة لأحد مع كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - والحق أحق أن ~~يتبع، وإن كان عن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو منسوخ، وناسخه أيضا ~~حديث عمار. # قرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك أبو القاسم غانم بن أبي نصر البرجي، ~~أخبرنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو ~~داود، حدثنا شعبة، عن الحكم، سمع ذر بن عبد الله يحدث عن عبد الرحمن بن ms057 ~~أبزى، عن أبيه قال: أتى رجل عمر - رضي الله عنه - فذكر أنه كان في سفر ~~فأجنب، ولم يجد الماء، فقال: لا تصل. فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين ~~أني كنت في سفر أنا وأنت في سرية، فأجنبنا # PageV01P059 # فلم نجد الماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت، فلما ~~قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرنا ذلك له فقال: أما أنت ~~فلم يكن ينبغي لك أن تدع الصلاة، وأما أنت يا عمار فلم يكن ينبغي لك أن ~~تتمعك كما تتمعك الدابة، إنما كان يجزيك، وضرب رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - بيده في التراب، ثم قال: هكذا، فنفخ فيها، فمسح وجهه ويديه إلى ~~المفصل، وليس فيه الذراعان. # هذا حديث صحيح ثابت، رواه البخاري في الصحيح، عن آدم بن أبي إياس، عن ~~شعبة، وقال في الحديث: ثم مسح بهما وجهه وكفيه، ثم رواه عن جماعة، عن شعبة. # ورواه مسلم بن الحجاج من حديث يحيى القطان، والنضر بن شميل، عن شعبة، ~~قالوا: وهذا الحديث ظاهر الدلالة في النسخ؛ لتأخره عن الحديث الأول؛ لأن ~~الحديث الأول فيه شأن نزول الرخصة في التيمم، وقد صرح بأن عمارا شهد ذلك، ~~وكان ذلك في غزوة بني المصطلق. # الحديث الثاني كان في بعض السرايا. # فإن قيل: فلو كان عمار حفظ التيمم في أول الأمر كان الحديث الثاني بعد ~~الأول كما زعمتم، لما اضطر عمار إلى التمريغ في التراب تمريغ الدابة ~~ولاكتفى بالمسح إلى الآباط، قلت: إنما أشكل الأمر على عمر وعمار لحصول ~~الجنابة، فاعتزل عمر، وتمعك عمار ظنا منه أن حالة الجنابة تخالف حالة الحدث ~~الأصغر، إذ ليس في الحديث الأول ما يدل على أن القوم كانوا قد أصابتهم ~~جنابة، وإنما فيه أن القوم كانوا نياما، فأصبحوا وهم على غير ماء، واحتاجوا ~~إلى الوضوء، فأمروا بالوضوء. # أخبرني أبو المحاسن محمد بن علي الزاهد، أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن، ~~أخبرنا أبو بكر البيهقي، أخبرنا الحاكم، أخبرنا العباس الموصلي، أخبرنا ~~الربيع قال: قال ms058 الشافعي - رضي الله عنه -: ولا يجوز على عمار إذا كان ذكر ~~تيممهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عند نزول الآية إلى المناكب إن كان ~~عن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أنه منسوخ عنده؛ إذ روي أن النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - أمر بالتيمم على الوجه والكفين. # PageV01P060 ### | باب المسح على القدمين # أخبرني أبو بكر الخطيب الفارسي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد ~~بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا أبو ~~موسى، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن أوس بن أبي أوس، ~~قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على نعليه، ثم قام ~~فصلى. # لا يعرف هذا الحديث مجردا متصلا إلا من حديث يعلى بن عطاء، وفيه اختلاف ~~أيضا، وعلى تقدير ثبوته ذهب بعضهم إلى نسخه. # قرأت على محمد بن علي بن أحمد القاضي، أخبرك أبو طاهر أحمد بن الحسن ~~الكرجي في كتابه، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد ~~بن علي، حدثنا سعيد بن منصور، أخبرنا هشيم، أخبرنا يعلى بن عطاء، عن أبيه، ~~أخبرني أوس بن أبي أوس، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى كظامة ~~قوم بالطائف، فتوضأ ومسح على قدميه. # قال هشيم: كان هذا في أول الإسلام. # أخبرني أبو عبد الله سفيان بن أحمد الثوري، أخبرنا إسماعيل بن الفضل بن ~~أحمد، أخبرنا منصور بن الحسين، أخبرنا محمد بن إبراهيم المقري، أخبرنا أبو ~~جعفر الطحاوي، حدثنا محمد بن سعيد، أخبرنا عبد السلام، عن عبد الملك قال: ~~قلت لعطاء: أبلغك عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح ~~على القدمين؟ فقال: لا. # أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، ~~أخبرنا طاهر بن محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد بن الشيخ، ~~حدثنا القاسم بن فورك، حدثنا علي بن سهل الرملي، حدثنا مؤمل، حدثنا حماد، ~~عن عاصم الأحول، عن أنس ms059 بن مالك قال: أنزل القرآن بالمسح على القدمين، وجرت ~~السنة بالغسل. # أخبرني أبو موسى الحافظ، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا عبد ~~الله بن محمد بن جعفر، أخبرنا إسحاق بن أحمد، أخبرنا أبو كريب، حدثنا ~~معاوية بن هشام، عن محمد بن جابر، عن عبد الله بن بدر، عن ابن عمر، قال: ~~نزل جبريل بالمسح، وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسل القدمين. # PageV01P061 # أما الأحاديث الواردة في غسل الرجلين كثيرة جدا مع صحتها، ولا يعارضها ~~مثل حديث يعلى بن عطاء لما فيه من التزلزل؛ لأن بعضهم رواه عن يعلى، عن ~~أوس، ولم يقل عن أبيه. # وقال بعضهم: عن رجل، ومع هذا الاضطراب لا يمكن المصير إليه، ولو ثبت كان ~~منسوخا، كما قاله هشيم. ### | كتاب الصلاة ### | ومن باب استقبال القبلة # أخبرنا أبو العلاء محمد بن جعفر الخازن، أخبرنا أبو نصر عبد الرحيم بن ~~عبد الكريم النيسابوري في كتابه، أخبرنا أبي، أخبرنا عبد الملك بن الحسن، ~~أخبرنا يعقوب بن إسحاق، أخبرنا سليمان بن سيف، أخبرنا أبو جعفر النفيلي، ~~حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق، عن البراء، أن رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده - قال زهير: أو أخواله من ~~الأنصار - وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا، وكانت ~~يهود قد أعجبهم إذ كان يصلي إلى بيت المقدس وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل ~~البيت أنكروا ذلك. # اتفق الناس على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يؤمر بالتوجه نحو ~~الكعبة كان يصلي إلى بيت المقدس، وذلك قبل أن يهاجر، وبعد الهجرة بسنة ~~وأشهر، غير أنه كان يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس، ثم نزلت آية النسخ. # واختلف الناس في المنسوخ هل كان ثابتا بنص الكتاب أو بالسنة؟ فذهبت طائفة ~~إلى أن المنسوخ كان ثابتا بالسنة، ثم نسخ بالكتاب، وهو مذهب من يرى نسخ ~~السنة بالقرآن، وتمسكوا في ذلك بظواهر رويت في هذا الباب. # أخبرنا محمد بن جعفر الخازن، أخبرنا ms060 أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم # في كتابه، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو نعيم الإسفرائيني، أخبرنا يعقوب بن ~~إسحاق، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا أسد بن موسى، أخبرنا حماد بن سلمة، ~~أخبرنا ثابت، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - # PageV01P062 # كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت: قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك ~~قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام، فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في ~~صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة. ~~فمالوا كما هم ركوع نحو القبلة # قرأت على روح بن بدر بن ثابت، أخبرك أحمد بن محمد بن أحمد في كتابه، عن ~~أبي سعيد محمد بن موسى، أخبرنا محمد بن يعقوب الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا ~~الشافعي، أخبرنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، قال: ~~بينما الناس بقبا في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها. وكانت ~~وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة. # هذا حديث صحيح ثابت، أخرجه البخاري ومسلم في كتابيهما، عن قتيبة، عن ~~مالك. # وذهبت طائفة أخرى ممن يعتبر التجانس في الناسخ والمنسوخ إلى أن الحكم ~~الأول كان ثابتا بالقرآن، ثم نسخ بالقرآن؛ إذ القرآن لا ينسخ إلا بالقرآن، ~~وكذلك السنة، وتمسكوا في ذلك بما أخبرنا طاهر بن محمد، عن أحمد بن علي بن ~~عبد الله، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، أخبرنا إسماعيل بن محمد الفقيه ~~بالري، أخبرنا محمد بن الفرج الأزرق، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن ~~عطاء، عن ابن عباس قال: أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا - والله أعلم - ~~شأن القبلة، قال الله - عز وجل -: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم ~~وجه الله فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى نحو بيت المقدس، ~~وترك البيت العتيق، فقال: سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي ~~كانوا عليها يعنون بيت المقدس ms061، فنسختها، وصرفه الله تعالى إلى البيت ~~العتيق، فقال: ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا ~~وجوهكم شطره. # قال الشافعي في قوله: فأينما تولوا فثم وجه الله يعني - والله أعلم - ثم ~~الوجه الذي وجهكم الله إليه. # PageV01P063 ### | باب في نسخ الالتفات في الصلاة # قرأت على أبي محمد عبد الخالق بن هبة الله بن القاسم، أخبرك أحمد بن ~~الحسن، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن ~~محمد، أخبرنا علي بن الحسن بن العبد، أخبرنا سليمان بن الأشعث، حدثنا أحمد ~~بن يونس حدثنا ابن شهاب، عن ابن عون، عن ابن سيرين قال: كان رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا، فلما نزلت: قد ~~أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون نظر هكذا، قال ابن شهاب ببصره نحو ~~الأرض. # هذا، وإن كان مرسلا، غير أن له شواهد في الأحاديث الثابتة تشيده؛ قرأت ~~على أبي بكر: محمد بن ذاكر بن محمد الخرقي، أخبرك الحسن بن أحمد القاري، ~~أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا أبو بكر عبد الله بن ~~سليمان، حدثنا محمود بن آدم، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا عبيد الله بن سعيد ~~بن أبي هند، عن ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - يلتفت في صلاته # يمينا وشمالا، ولا يلوي عنقه خلف ظهره. # هذا حديث تفرد به الفضل بن موسى، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند متصلا، ~~وأرسله غيره عن عكرمة. # وقد ذهب أهل العلم إلى هذا، وقالوا: لا بأس بالالتفات في الصلاة ما لم ~~يلو عنقه، وإليه ذهب عطاء، ومالك، وأبو حنيفة، وأصحابه، والأوزاعي، وأهل ~~الكوفة. # أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد بن ~~محمد، أخبرنا عبد الله بن محمد الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد ~~بن خالد الحلبي، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا معاوية بن ms062 سلام، عن ~~زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال: حدثني أبو كبشة السلولي، عن سهل بن ~~الحنظلية، أنهم ساروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر ~~فأطنبوا السير، وذكر الحديث قال: فلما أصبحنا خرج رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - إلى مصلاه، فركع ركعتين، قال: فثوب بالصلاة، فجعل رسول # الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة يلتفت إلى الشعب، وذكر تمام ~~الحديث. # هذا حديث حسن أخرجه أبو داود في كتابه، عن أبي توبة، وقال من ذهب إلى ~~حديث ابن عباس: هذا الحديث لا يناقض الحديث الأول؛ لاحتمال أن الشعب كان في ~~جهة القبلة، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلتفت إليه، ولا يلوي عنقه. # وذهب الحكم بن عتيبة إلى أنه من تأمل عن يمينه في الصلاة، أو عن شماله ~~حتى يعرفه، فليست له صلاة. # وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى كراهة ذلك وهو الأولى؛ لأن # PageV01P064 # المقصود الأعظم في الصلاة الخشوع، ومع الالتفات لا يحصل هذا الغرض، قال ~~من ذهب إلى هذا القول: كان الالتفات جائزا ثم نسخ فصار مكروها، وعمدتهم في ~~ذلك ما قرأته على أبي الثناء محمد بن محمد بن هبة الله الواعظ، أخبرك محمد ~~بن عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا علي بن أحمد النيسابوري، أخبرنا عبد ~~الرحمن بن أحمد العطار، حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم، حدثنا إسماعيل بن ~~علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزل: الذين هم في صلاتهم ~~خاشعون. ### | ومن باب الأذان في الرجل يؤذن ويقيم غيره # قرأت على أبي بكر بن محمد بن ذاكر بن محمد المستملي، أخبرنا الحسن بن ~~أحمد القاري، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر بن أحمد، ~~حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم، حدثنا معلى ~~بن منصور، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن جده: أنه حين رأى الأذان أمر النبي ms063 ~~- صلى الله عليه وسلم - بلالا فأذن، وأمر عبد الله بن زيد فأقام. # ورواه حماد بن خالد، عن محمد بن عمرو، عن محمد بن عبد الله، عن عمه عبد ~~الله بن # PageV01P065 # زيد، قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أشياء لم يصنع فيها شيئا، ~~قال: فأري عبد الله بن زيد الأذان في المنام؛ فأتى النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - فأخبره، فقال: ألقه على بلال. فألقاه على بلال، فأذن، فقال عبد ~~الله: أنا رأيته، وأنا كنت أريده. قال: فأقم أنت. # هذا حديث حسن، وفي إسناده مقال من حديث محمد بن عمرو، وأخرجه أبو داود في ~~كتابه، عن عثمان بن أبي شيبة، عن حماد بن خالد. # واتفق أهل العلم في الرجل يؤذن ويقيم غيره على أن ذلك جائز، واختلفوا في ~~الأولوية: # فذهب أكثرهم إلى أنه لا فرق، وأن الأمر متسع، وممن رأى ذلك: مالك، وأكثر ~~أهل الحجاز، وأبو حنيفة، وأكثر أهل الكوفة، وأبو ثور. # وذهب بعضهم إلى أن الأولى أن من أذن فهو يقيم. # وقال سفيان الثوري: كان يقال: من أذن فهو يقيم. وروينا عن أبي محذورة أنه ~~جاء وقد أذن إنسان، فأذن، وأقام. # وإلى هذا ذهب أحمد. # وقال الشافعي في رواية الربيع عنه: وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى ~~الإقامة لشيء يروى فيه: أن من أذن فهو يقيم. # وكان من حجة من ذهب إلى القول الثاني ما أخبرنا به أبو المحاسن محمد بن ~~علي الزاهد، حدثنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا محمد بن ~~الحسين القطان، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو ~~عبد الرحمن المقرئ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن زياد بن نعيم ~~الحضرمي من أهل مصر، قال: سمعت زياد بن الحارث الصدائي صاحب رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - يحدث، قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~فذكر الحديث، ثم قال: فلما كان أذان الصبح أمرني فأذنت، فجعلت أقول: أقيم ~~يا رسول الله؟ فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم ms064 - إلى ناحية المشرق إلى ~~الفجر فيقول: # لا. حتى إذا طلع الفجر نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبرز ثم ~~انصرف إلي، وقد تلاحق أصحابه، فذكر الحديث في الوضوء، قال: ثم قام نبي الله ~~- صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة، فأراد بلال أن يقيم فقال له النبي - ~~صلى الله عليه وسلم -: إن أخا صداء هو أذن، ومن أذن فهو يقيم الصلاة. قال ~~الصدائي: فأقمت الصلاة. # هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود في كتابه، عن عبد الله بن مسلمة، # PageV01P066 # عن عبد الله بن عمر بن غانم، عن عبد الرحمن بن زياد، وأخرجه الترمذي، عن ~~هناد بن السري، عن عبدة ويعلى، جميعا عن عبد الرحمن بن زياد. # قالوا: فهذا الحديث أقوم إسنادا من الأول كما ترى. # ثم حديث عبد الله بن زيد كان في أول ما شرع الأذان، وذلك في السنة ~~الأولى، وحديث الصدائي كان بعده بلا شك، والأخذ بآخر الأمرين أولى على ما ~~قرر. # وطريق الإنصاف أن يقال: الأمر في هذا الباب على التوسع وادعاء النسخ، مع ~~إمكان الجمع بين الحديثين على خلاف الأصل، إذ لا عبرة بمجرد التراخي على ما ~~قرر في المقدمة، ثم نقول في حديث عبد الله بن زيد: إنما فوض الأذان إلى ~~بلال؛ لأنه كان أندى صوتا من عبد الله على ما ذكر في الحديث، والمقصود من ~~الأذان الإعلام، ومن شرطه الصوت، وكلما كان الصوت أعلى كان أولى، وأما زياد ~~بن الحارث فكان جهوري الصوت، ومن صلح للأذان كان للإقامة أصلح، وهذا المعنى ~~يؤكد قول من قال: من أذن فهو يقيم. ### | باب في تثنية الإقامة # أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد، أخبرنا أبو ~~الفتح العبدوسي، أخبرنا الحسين بن علي بن سلمة، أخبرنا محمد بن أحمد ~~الحافظ، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا إبراهيم بن الحسن، حدثنا حجاج عن ابن ~~جريج، عن عثمان بن السائب، قال: أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة، ~~عن أبي محذورة، قال: لما خرج رسول الله - صلى الله ms065 عليه وسلم - من حنين ~~خرجت عاشر عشرة من أهل مكة لطلبهم، فسمعناهم يؤذنون بالصلاة، فقمنا نؤذن ~~نستهزئ بهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد سمعت في هؤلاء تأذين ~~إنسان حسن الصوت، فأرسل إلينا، فأذنا رجلا رجلا وكنت آخرهم، فقال حين أذنت: ~~تعال. فأجلسني بين يديه، فمسح ناصيتي، وبرك علي ثلاث مرات، ثم قال: اذهب ~~فأذن عند البيت الحرام. فقلت: كيف يا رسول الله؟ فعلمني كما يؤذن الآن بها ~~" الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، ~~أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا # PageV01P067 # رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، ~~الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، في أول الصبح، قال: علمني ~~الإقامة مرتين: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا ~~إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على ~~الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد ~~قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. قال # ابن جريج: أخبرني عثمان هذا الخبر كله عن أبيه، وعن أم عبد الملك بن أبي ~~محذورة أنهما سمعا ذلك من أبي محذورة. # هذا حديث حسن على شرط أبي داود والترمذي والنسوي، وقد اختلف أهل العلم في ~~هذا الباب: فذهبت طائفة إلى أن الإقامة مثل الأذان مثنى، وهو قول سفيان ~~الثوري، وأبي حنيفة، وأهل الكوفة، واحتجوا في هذا الباب بهذا الحديث، ورأوه ~~محكما وناسخا لحديث بلال. # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، أخبرنا أحمد بن علي بن ~~عبد الله في كتابه، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، أخبرنا أبو عبد الله محمد ~~بن عبد الله الصفار الزاهد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا هدبة بن ~~خالد، حدثنا وهيب، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس، أنهم ذكروا ~~الصلاة عند ms066 النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: نوروا نارا، أو اضربوا ~~ناقوسا، فأمر بلالا أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة. # هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وهيب، وأخرجاه من ~~حديث عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء قالوا: وهذا ظاهر في النسخ؛ لأن ~~بلالا أمر بإفراد الإقامة أول ما شرع الأذان على ما دل عليه حديث أنس. # وأما حديث أبي محذورة كان عام حنين وبين # PageV01P068 # الوقتين مدة مديدة. # وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم؛ فرأوا أن الإقامة فرادى، وإلى هذا المذهب ~~ذهب سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والزهري، ومالك بن أنس، وأهل الحجاز، ~~والشافعي وأصحابه، وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز، ومكحول، والأوزاعي، وأهل ~~الشام، وإليه ذهب الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأحمد بن حنبل، ومن تبعهم ~~من العراقيين، وإليه ذهب يحيى بن يحيى، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ومن ~~تبعهما من الخراسانيين، وذهبوا في ذلك إلى حديث أنس وقالوا: أما حديث أبي ~~محذورة فالجواب عنه من وجوه نذكر بعضها: # منها: أن من شرط الناسخ أن يكون أصح سندا، وأقوم قاعدة في جميع جهات ~~الترجيحات على ما قررناه في مقدمة الكتاب، وغير مخفي على من الحديث صناعته ~~أن حديث أبي محذورة لا يوازي حديث أنس في جهة واحدة في الترجيح، فضلا عن ~~الجهات كلها. # ومنها: أن جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أن هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير ~~محفوظة؛ بدليل ما أخبرنا به أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفقيه، أخبرنا أبو ~~عبد الله محمد بن الفضل، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أبو بكر أحمد بن ~~علي الحافظ، أخبرنا أبو زرعة عبد الله # محمد بن الطيب، أن محمد بن المسيب بن إسحاق أخبرهم، حدثنا محمد بن ~~إسماعيل البخاري بخسروجرد، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، أخبرني إبراهيم ~~بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، أخبرني جدي عبد الملك بن أبي ~~محذورة، أنه سمع أبا محذورة؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يشفع ~~الأذان ويوتر الإقامة ms067. وقال عبد الله بن الزبير الحميدي عن إبراهيم بن عبد ~~العزيز بن عبد الملك قال: أدركت جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون: " الله ~~أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على ~~الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله ~~أكبر، لا إله إلا الله ". ونحو ذلك حكى الشافعي عن ولد أبي محذورة، وفي ~~بقاء أبي محذورة وولده على إفراد الإقامة دلالة # PageV01P069 # ظاهرة على وهم وقع فيما روي في حديث أبي محذورة من تثنية الإقامة. # وقال بعض أئمة الحديث: إنما ورد في تثنية كلمة التكبير وكلمة الإقامة ~~فقط، فحملها بعض الرواة على جميع كلماتها، وفي رواية حجاج بن محمد وعبد ~~الرزاق، عن ابن جريج، عن عثمان بن السائب، عن أبيه، وعن أم عبد الملك بن ~~أبي محذورة كليهما عن أبي محذورة ما يدل على ذلك. # ثم لو قدرنا أن هذه الزيادة محفوظة، وأن الحديث ثابت، ولكنه منسوخ، وأذان ~~بلال هو آخر الأذانين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عاد من حنين ~~ورجع إلى المدينة أقر بلالا على أذانه وإقامته. # قرأت على المبارك بن علي البيع، أخبرك أبو طالب عبد القادر بن محمد بن ~~يوسف إذنا، عن أبي إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي، عن عبد العزيز بن جعفر، ~~أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الخلال، أخبرني محمد # بن علي، حدثنا الأثرم قال: قيل لأبي عبد الله: أليس حديث أبي محذورة بعد ~~حديث عبد الله بن يزيد؛ لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟ فقال: أليس قد ~~رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة؟ فأقر بلالا على أذان عبد ~~الله بن زيد. # وبالإسناد قال الخلال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: ناظرت أبا ~~عبد الله في أذان أبي محذورة: فقال: نعم، قد كان أبو محذورة يؤذن، وثبت ~~أذان أبي محذورة، ولكن أذان بلال هو آخر الأذان. ### | باب ما نسخ من الكلام في الصلاة # ذكر أبو إسحاق إبراهيم بن ms068 عبد الرحمن القزويني، عن أبي بكر محمد بن الفضل ~~الفقيه الطبري، حدثنا سهل بن سلام، حدثنا إبراهيم بن حميد، حدثنا صالح بن ~~الأخضر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أنه بلغه أن عثمان ~~بن مظعون مر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في الصلاة، ~~فسلم عليه، فرد عليه. # قال سهل: هذا منسوخ؛ قال الله - عز وجل -: وقوموا لله قانتين فأمروا ~~بالسكوت، # PageV01P070 # وكانوا من قبل ذلك يسلم بعضهم على بعض في الصلاة. # وقال محمد بن الفضل: حدثنا سعيد بن عنبسة الخزاز، حدثنا وهب بن جرير بن ~~حازم، حدثنا أبي، قال: سمعت قيس بن سعد يحدث عن عطاء، عن ابن عمار، عن ~~عمار، أنه سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فرد عليه. # أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن أبي نصر الخطيب، أخبرنا أبو الفضل جعفر ~~بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، حدثنا # سليمان بن أحمد، حدثنا العباس بن الفضل، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا ~~جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن محمد ابن الحنفية، عن عمار بن ~~ياسر: أنه سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فرد عليه السلام. # وقال إسحاق بن راهويه، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن محمد ~~بن علي: أن عمار بن ياسر سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ~~فرد عليه السلام. # قال سفيان: هذا عندنا منسوخ. # هذه الآثار مع ما فيها من الإرسال والانقطاع يعارضها آثار أخر أصح منها، ~~وفيها دلالة النسخ. # أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ، أخبرنا عبد القادر بن محمد، ~~أخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا عمر بن علي الزيات، حدثنا عبد الله بن محمد بن ~~ناجية، حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي، حدثنا القاسم بن يزيد ~~الجرمي، حدثنا سفيان، عن الزبير بن عدي، عن كلثوم الخزاعي، قال: سمعت عبد ~~الله بن مسعود يقول: كنت آتي النبي - صلى ms069 الله عليه وسلم - وهو يصلي، فأسلم ~~فيرد علي السلام، فأتيته بعد ذلك فسلمت عليه فلم يرد علي السلام، فما صلى ~~صلاة كان أعظم علي منها، فلما سلم أشار بيده إلى القوم فقال: إن الله قد ~~أحدث في الصلاة أن لا تتكلموا فيها إلا بذكر الله، وأن تقوموا لله قانتين. # أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل بن أحمد، أخبرنا أبو الفتح عبدوس ~~بن عبد الله، أخبرنا الحسين بن علي بن سلمة، أخبرنا أحمد بن محمد # الحافظ، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا إسماعيل بن مسعود، حدثنا يحيى بن ~~سعيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، حدثني الحارث # PageV01P071 # بن شبيل، عن عمرو الشيباني، عن يزيد بن أرقم، قال: كان الرجل يكلم صاحبه ~~في الصلاة بالحاجة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلت ~~الآية: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فأمرنا ~~بالسكوت. # ذكر حديث يدل على أن جواز ذلك كان قبل الهجرة # أخبرني أبو المحاسن عبد الرزاق بن إسماعيل بن محمد، أخبرنا عبد الرحمن بن ~~أحمد، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن ~~شعيب، حدثنا الحسين بن حريث، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن ~~مسعود، قال: كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيرد علينا السلام، ~~حتى قدمنا من أرض الحبشة، فسلمت عليه فلم يرد علي، فأخذني ما قرب وما بعد، ~~فجلست حتى قضى الصلاة، قال: إن الله - عز وجل - يحدث من أمره ما يشاء، وأنه ~~قد أحدث من أمره أن لا يتكلم في الصلاة. ### | ما ذكر في سهو الكلام دون عمده # ذكر أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن القزويني، حدثنا محمد بن الفضل ~~الطبري، أخبرنا محمد بن حميد، حدثنا هارون بن المغيرة، عن عنبسة، عن الزبير ~~بن عدي، عن كلثوم بن المصطلق الخزاعي، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - عودني أن يرد علي السلام، فأتيته ذات يوم، ~~فسلمت عليه، فلم يرد علي، وقال ms070: إن الله - عز وجل - يحدث في أمره ما يشاء؛ ~~وقد أحدث لكم في هذه الصلاة أن لا يتكلمن أحد إلا بذكر الله - عز وجل - وما ~~ينبغي من تحميده وتمجيده، وقوموا لله قانتين. # والكلام في هذا الباب يجري على فصلين: # أحد الفصلين: في المنع عن مطلق الكلام؛ سهوه وعمده. # والثاني: في اختصاص المنع بالعمد دون السهو. # أما الفصل الأول: فقد اتفق أهل العلم قاطبة على أن من يتكلم عامدا وهو لا ~~يريد تعليم أحد، أو إصلاح شيء أن صلاته باطلة، وذهبوا إلى الأحاديث التي ~~ذكرناها آنفا. # PageV01P072 # وأما الفصل الثاني: في السهو؛ فقد اختلف أهل العلم في المصلي يسلم في ~~صلاته ساهيا، أو يتكلم ساهيا قبل أن يتم صلاته، فذهبت طائفة إلى أنه إذا ~~تكلم ساهيا يستأنف صلاته، وإليه ذهب قتادة من البصريين، وإبراهيم النخعي، ~~وحماد بن أبي سليمان، وأبو حنيفة، وأهل الكوفة، وتمسكوا بظاهر حديث ابن ~~مسعود؛ لأنه مطلق، فيتناول حالتي العمد والسهو. # وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: يبني على صلاته ولا إعادة عليه، وروي ذلك ~~عن عبد الله بن مسعود. # وسلم عبد الله بن الزبير في ركعتين ساهيا، وبنى عليهما، وسجد سجدتي ~~السهو. # وقال ابن عباس: أصاب، وبه قال عروة بن الزبير، وعطاء، والحسن البصري، ~~وقتادة في إحدى الروايتين عنه، وعمرو بن دينار، والثوري، ونفر من أهل ~~الكوفة، والشافعي، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأكثر أهل الحجاز والشام. # وذهبوا في ذلك إلى حديث أبي هريرة، ورأوه ناسخا للسهو في حديث ابن مسعود ~~دون العمد؛ لأنه آخر الحديثين. # أخبرني أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد ~~الله المطرز، أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا ~~إسحاق، أخبرنا عبد الرزاق، عن مالك، عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ~~ابن أبي أحمد أنه قال: سمعت أبا هريرة يقول: صلى النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - فسلم في ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال ~~النبي - صلى الله عليه وسلم -: كل ذلك لم ms071 يكن. قال: قد كان بعض ذلك يا رسول ~~الله. قال: فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الناس فقال: أصدق ذو ~~اليدين؟ قالوا: نعم. قال: فأتم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من ~~الصلاة، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد ما سلم. # أخرجه مسلم في الصحيح عن قتيبة، عن مالك، وله طرق في الصحاح. # أخبرنا عبد المنعم بن عبد الله بن محمد، أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن ~~محمد، أخبرنا أحمد بن الحسن الحرشي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، ~~أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، ~~عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، قال: سلم النبي # PageV01P073 # - صلى الله عليه وسلم - في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة، ~~فقام الخرباق - رجل بسيط اليدين - فنادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ~~أقصرت الصلاة؟ فخرج مغضبا يجر رداءه، فأخبر، فصلى تلك الركعة التي كان ترك، ~~ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم # رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الوهاب. # أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ في كتابه، أخبرنا المبارك ~~بن عبد الجبار الصيرفي، أخبرنا المحاملي، أخبرنا الدارقطني، وذكر عن القاضي ~~أحمد بن إسحاق قال: قال أبي: قال الشافعي: إنما نهى رسول # الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكلام في الصلاة في العمد، وهذا الحديث ~~بمكة - يعني حديث ابن مسعود - وحديث ذي اليدين بالمدينة؛ فهو ناسخ. # أخبرني أبو المحاسن محمد بن علي الزاهد، أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن ~~المستملي، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرني محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا ~~أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي - بعد ذكر حديث أبي هريرة، ~~وعمران بن حصين، وابن عمر، ومعاوية بن خديج في كلام النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - في صلاته ساهيا -: وبهذا كله نأخذ، وليس بخلاف حديث ابن مسعود وحديث ~~ذي اليدين، فحديث ابن مسعود في الكلام جملة، ودل حديث ذي اليدين على أن ~~رسول الله - صلى ms072 الله عليه وسلم - فرق بين كلام العمد والناسي؛ لأنه في ~~صلاة، وهو يرى أنه أكمل الصلاة، فخالفنا بعض الناس وقال: حديث ذي اليدين ~~ثابت، ولكنه منسوخ. فقلت: وما ناسخه؟ فقال: حديث ابن مسعود. فقلت له: ~~والناسخ له إذا اختلف الحديثان الآخر منهما؟ قال: نعم. فقلت له: ألست تحفظ ~~في حديث ابن مسعود؛ هذا أن ابن مسعود مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~بمكة قال: فوجدته يصلي في فناء الكعبة، وأن ابن مسعود هاجر إلى أرض الحبشة، ~~ثم رجع إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا؟ قال: بلى. فقلت له: إذا ~~كان مقدم ابن مسعود على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل الهجرة، ثم ~~كان عمران بن الحصين يروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - # PageV01P074 # لم يصل في مسجده إلا بعد هجرته من مكة؟ قال: بلى. قلت: فحديث عمران يدلك ~~على أن حديث ابن مسعود ليس بناسخ لحديث ذي اليدين. ### | باب في مرور الحمار قدام المصلي # أخبرني أبو موسى الحافظ، أخبرني أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، ~~أخبرنا محمد بن بكر في كتابه، حدثنا سليمان بن أبي الأشعث، حدثنا كثير بن ~~عبيد، أخبرنا أبو حيوة، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مولى ليزيد بن نمران، عن ~~يزيد بن نمران، قال: رأيت رجلا بتبوك مقعدا، فقال: مررت بين يدي رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - وأنا على حمار، وهو يصلي، فقال: قطع علينا صلاتنا، ~~قطع الله أثره. # هذا حديث غريب على شرط أبي داود، أخرجه في كتابه، وقد اختلف أهل العلم ~~فيما يقطع الصلاة من الحيوان، فذهبت طائفة إلى بطلان الصلاة عند مرور ~~الحمار قدام المصلي تمسكا بظاهر هذا الخبر، روي ذلك عن عبد الله بن عمر، ~~وأنس بن مالك، والحسن البصري، وفي الباب ما يشيده. # قرأت على أبي العباس أحمد بن أبي منصور، أخبرك أبو محمد عبد الرحمن بن ~~حمد، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد الدينوري، أخبرنا أحمد بن ~~شعيب، أخبرنا عمرو بن علي ms073، حدثنا يزيد، حدثنا يونس، عن حميد بن هلال، عن ~~عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ~~إذا كان أحدكم قائما يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإن ~~لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب ~~الأسود. قلت: ما بال الأسود من # الأصفر من الأحمر، فقال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ~~سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان. # هذا حديث صحيح تفرد به مسلم بإخراجه في الصحيح، وإنما بدأنا بالحديث ~~الأول لأن فيه دلالة على التأقيت، وإن كان حديث أبي ذر أصح، وذهب أكثر أهل ~~العلم إلى أنه لا يقطع الصلاة شيء، وقال جماعة # PageV01P075 # منهم: هذه الأحاديث وإن حملناها على ظواهرها فإنها منسوخة بحديث ابن ~~عباس. # أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل، أخبرنا عبد الله بن عبدوس ~~العبدوسي، أخبرنا أبو طاهر الحسين بن علي، أخبرنا أبو بكر السني، أخبرنا ~~أحمد بن شعيب، أخبرنا محمد بن منصور، عن سفيان، عن الزهري، # أخبرني عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: جئت أنا والفضل على ~~أتان، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بعرفة، ثم ذكر كلمة ~~معناها: فمررنا على بعض الصف فنزلنا، وتركناها ترتع، فلم يقل لنا رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - شيئا. # رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى، عن سفيان، وأخرجاه من حديث الزهري، ~~ورواه مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله، عن ابن عباس أنه قال: صلى رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى إلى غير جدار، فجئت راكبا على حمار لي، ~~وأنا يومئذ راهقت الاحتلام، فمررت بين يدي بعض الصف الحديث. # رواه البخاري في الصحيح، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، وحديث ابن ~~عباس كان في حجة الوداع، فيكون بعد حديث يزيد بن نمران بمدة. # وممن ذهب إلى هذا القول: عثمان، وعلي، وعائشة، وابن عباس، وابن المسيب، ~~وعبيدة، والشعبي، وعروة، وإليه ذهب مالك، وأهل ms074 المدينة، والشافعي وأصحابه، ~~وأكثر أهل الحجاز، وسفيان، وأبو حنيفة، وأهل الكوفة. ### | باب في الصلاة إلى التصاوير والنهي عنها # أخبرني أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف الأديب، أخبرنا عبد الرحمن بن ~~أحمد، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق، أخبرنا أحمد ~~بن شعيب، أخبرنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، حدثنا خالد، حدثنا شعبة، عن ~~عبد الرحمن بن القاسم، قال: سمعت القاسم يحدث عن عائشة قالت: كان في بيتي ~~ثوب فيه تصاوير، فجعلته إلى سهوة في البيت، فكان رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - يصلي إليه، ثم قال: يا عائشة، أخريه عني. فنزعته فجعلته وسائد. # PageV01P076 ### | باب ما ذكر في وضع اليدين قبل الركبتين في السجود # أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الطرقي بها، أخبرنا أبو زكريا ~~العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا ~~عبدان، حدثنا أحمد بن عبد الله بن وهب، حدثنا عمي، حدثنا عبد العزيز بن ~~محمد، عن عبيد الله، عن نافع: أن ابن عمر كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: ~~كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك. # هذا حديث يعد من مفاريد عبد العزيز، عن عبيد الله. # قرأت على أبي طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطي بها، أخبرك أبو طاهر أحمد ~~بن الحسن في كتابه، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا ~~محمد بن علي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد العزيز بن محمد، حدثني محمد ~~بن عبد الله بن حسن، عن # أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير؛ وليضع يديه قبل ركبتيه. # هذا حديث غريب لا يعرف من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه، وهو على شرط ~~أبي داود، والترمذي، والنسوي، أخرجوه في كتبهم، وقد روي عن عبد الله بن ~~سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، وعبد الله بن سعيد ضعيف الحديث عند ~~أئمة النقل ms075. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فذهب بعضهم إلى أن وضع اليدين قبل الركبتين أولى، وبه قال مالك، ~~والأوزاعي. # وخالفهم في ذلك آخرون، ورأوا وضع الركبتين قبل اليدين أولى، ومنهم من ~~ادعى أن الأحاديث الأول منسوخة بحديث سعد. # أخبرني أبو عبد الله سفيان بن أبي الفضل، أخبرنا إبراهيم بن الحسن، # أخبرنا منصور بن الحسين، أخبرنا محمد بن إبراهيم الخازن، حدثنا محمد بن ~~إبراهيم بن المنذر قال: وقد زعم بعض أصحابنا أن وضع اليدين قبل الركبتين ~~منسوخ، وقال هذا القائل: وأخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن ~~كهيل، حدثنا أبي، عن أبيه، عن سلمة، عن مصعب # PageV01P077 # بن سعد، عن سعد، قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل ~~اليدين. # قال ابن المنذر: وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فممن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه: عمر بن الخطاب، وبه قال النخعي، ومسلم ~~بن يسار، وسفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو حنيفة وأصحابه، ~~وأهل الكوفة. # وقالت طائفة: يضع يديه إلى الأرض إذا سجد قبل ركبتيه، كذلك قال مالك. # وقال الأوزاعي: أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم، وروي عن ابن عمر فيه ~~حديث. # أما حديث سعد ففي إسناده مقال، ولو كان محفوظا لدل على النسخ، غير أن ~~المحفوظ عن مصعب، عن أبيه، حديث نسخ التطبيق، والله أعلم. ### | باب أحاديث تشيده # أخبرنا أبو الحسين عبد الخالق بن عبد الخالق الأزجي، أخبرنا عبد الرحمن ~~بن أحمد، أن محمد بن عبد الملك، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا إسماعيل بن ~~الصفار، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا العلاء بن إسماعيل، حدثنا حفص بن ~~غياث، عن عاصم الأحول، عن أنس قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه. # أخبرني أبو الفتح عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح الصوفي في آخرين، عن أبي ~~الفتح أحمد بن محمد بن أحمد التاجر، عن إسماعيل بن نيال، أخبرنا محمد بن ~~أحمد المروزي، أخبرنا محمد بن عيسى، حدثنا الحسن بن علي الحلواني، حدثنا ms076 ~~يزيد بن هارون، حدثنا شريك عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: ~~رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه، وإذا ~~نهض رفع يديه قبل ركبتيه. # هذا حديث حسن على شرط أبي داود، وأبي عيسى الترمذي، وأبي عبد الرحمن ~~النسائي، وأخرجوه في كتبهم من حديث ابن يزيد بن هارون عن شريك، ورواه همام ~~بن يحيى، عن محمد بن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، عن النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - قال همام: حدثنا شقيق - يعني أبا الليث - عن عاصم بن ~~كليب، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا، وهو المحفوظ. # PageV01P078 ### | باب: الجهر وتركه # قرأت على أبي محمد عبد الخالق بن هبة الله بن القاسم، أخبرك أحمد بن ~~الحسن، أبو الغنائم محمد بن محمد، أبو محمد عبد الله بن محمد، علي بن الحسن ~~بن العبد، سليمان بن الأشعث، عباد بن موسى، حدثنا عباد بن العوام عن شريك، ~~عن سالم، عن سعيد بن جبير، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجهر ~~ببسم الله الرحمن الرحيم بمكة، قال: وكان أهل مكة يدعون مسيلمة الرحمن، ~~فقالوا: إن محمدا يدعو إلى إله اليمامة، فأمر رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - فأخفاها، فما جهر بها حتى مات. # هذا مرسل، وهو غريب من حديث شريك عن سالم. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فذهب جماعة إلى الجهر بها، روي ذلك عن عمر في إحدى الروايتين، وعن علي، ~~وابن عمر، وابن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وسعيد بن ~~جبير، وجماعة سواهم من الصحابة والتابعين، وإليه ذهب الشافعي وأصحابه. # وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم، وقالوا: لا يجهر ببسم الله الرحمن ~~الرحيم، ولكن يقرؤها الإمام سرا، روي نحو هذا القول عن أبي بكر، وعمر، ~~وعثمان، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وابن الزبير، والحكم، وحماد، وبه قال ~~أحمد، وإسحاق، وأكثر أصحاب الحديث. # وقالت طائفة: لا يقرأ بها سرا ولا جهرا، وبه ms077 قال مالك، والأوزاعي، وعبد ~~الله بن معبد الزماني، إلا أن مالكا كان يقول: إذا صلى الرجل في قيام شهر ~~رمضان استفتح السورة ب " بسم الله الرحمن الرحيم "، ولا يستفتح بها في أم ~~القرآن. # ثم من يذهب إلى الإسرار اختلفوا في جهة الدلالة؛ فمنهم من قال: إنما ~~ذهبنا إلى الإخفات للأحاديث الثابتة الواردة في الباب؛ إذ أكثرها نصوص لا ~~تحتمل التأويل، وليس لها معارض، ولم يقر هؤلاء بآخر الأمرين، بل قالوا: لم ~~يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفت مذ أمر بالصلاة إلى أن قبض، ومنهم ~~من أقر بأن لهذه الأحاديث معارضا غير أنه قال: أحاديث الإسرار أولى ~~بالتقديم # PageV01P079 # لأمرين: # أحدهما: ثبوتها وصحة سندها، ولا خفاء أن أحاديث الجهر لا توازيها في ~~الصحة والثبوت. # والثاني أنها وإن صحت فهي منسوخة للمرسل الذي ذكرناه، وقالوا: يشيد هذا ~~المرسل فعل الخلفاء الراشدين؛ لأنهم كانوا أعرف بأواخر الأمور. # وأما من ذهب إلى الجهر فقال: لا سبيل إلى إنكار ورود أحاديث في الجانبين، ~~وكتب السنن والأسانيد ناطقة بذلك، ثم يشهد لصحة # الجهر آثار الصحابة، وهي كثيرة، وقد كان يرى الجهر جماعة منهم من أحداثهم ~~وذوي أسنانهم، ثم من بعدهم من التابعين، وهلم جرا إلى عصر الأئمة، وقد نقل ~~ابن المنذر عن أحمد وأبي عبيد أنهما كانا يريان الجهر. # وأما حديث سعيد بن جبير فهو منقطع لا نقول به، ثم هو يعارضه ما أخبرنا ~~أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف الأديب، أخبرنا أبو منصور سعد بن علي ~~العجلي، أخبرنا القاضي أبو الطيب الطبري، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، أخبرنا ~~أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي سعيد البزاز، حدثنا حفص بن عنبسة بن عمرو ~~الكوفي، أخبرنا عمر بن جعفر المكي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس أن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يجهر في السورتين ب " بسم الله الرحمن ~~الرحيم " حتى قبض. # وطريق الإنصاف أن يقال: أما ادعاء النسخ في كلا المذهبين متعذر؛ لأن من ~~شرط الناسخ أن يكون له ms078 مزية على المنسوخ؛ من حيث الثبوت والصحة، وقد فقد ~~ههنا، فلا سبيل إلى القول به. # وأما أحاديث الإخفات فهي أمتن، غير أن هناك دقيقة، وذلك أن أحاديث الجهر، ~~وإن كانت مأثورة عن نفر من الصحابة، غير أن أكثرها لم تسلم من شوائب الجرح، ~~كما في الجانب الآخر، والاعتماد في الباب على رواية أنس بن مالك؛ لأنها أصح ~~وأشهر. # ثم الرواية قد اختلفت عن أنس من وجوه أربعة، وكلها صحيحة: # الوجه الأول روي عنه أنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو ~~بكر، وعمر، وعثمان، # PageV01P080 # يفتتحون القراءة ب " الحمد لله رب العالمين ". # وهذا أصح الروايات عن أنس؛ رواه يزيد بن هارون، ويحيى بن سعيد # القطان، والحسن بن موسى الأشيب، ويحيى بن السكن، وأبو عمرو الحوضي، وعمر ~~بن مرزوق، وغيرهم، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، وكذلك روي عن الأعمش، عن ~~شعبة، عن قتادة، وثابت، عن أنس. # وكذلك رواه عامة أصحاب قتادة، عن قتادة، منهم: هشام الدستوائي، وسعيد بن ~~أبي عروبة، وأبان بن يزيد العطار، وحماد بن سلمة، وحميد، وأيوب السختياني، ~~والأوزاعي، وسعيد بن بشير، وغيرهم. # وكذلك رواه معمر وهمام، واختلف عنهما في لفظه، قال أبو الحسن الدارقطني: ~~وهو المحفوظ عن قتادة وغيره، عن أنس، وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراج هذه ~~الرواية؛ لسلامتها من الاضطراب. # وقال الشافعي في هذا الحديث: معناه أنهم كانوا يبدءون بقراءة الفاتحة قبل ~~السورة، ليس معناه أنهم كانوا لا يقرءون " بسم الله الرحمن الرحيم ". # الوجه الثاني: روي عنه أنه قال: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فلم أسمع أحدا منهم يجهر ب " بسم الله الرحمن ~~الرحيم ". # كذلك رواه محمد بن جعفر، ومعاذ بن معاذ، وحجاج بن محمد، ومحمد بن أبي بكر ~~البرساني، وبشر بن عمر، وقراد أبو نوح، وآدم بن أبي إياس، وعبيد الله بن ~~موسى، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعلي بن الجعد، وخالد بن يزيد المزرفي، ~~عن شعبة، عن قتادة، وأكثرهم اضطربوا فيه، لذلك امتنع البخاري من إخراجه، ~~وهو ms079 من مفاريد مسلم. # الوجه الثالث: ما رواه همام، وجرير بن حازم، عن قتادة، قال: سئل أنس بن ~~مالك: كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كانت مدا، ثم ~~قال: # بسم الله الرحمن الرحيم، يمد " بسم الله "، ويمد ب " الرحمن "، ويمد ب " ~~الرحيم ". # وهذا حديث صحيح لا يعرف له علة أخرجه البخاري في كتابه، وفيه دلالة على ~~الجهر مطلقا، وإن لم يتقيد بحالة الصلاة، فيتناول الصلاة وغير الصلاة. # الوجه الرابع: روي عنه ما قرأته على محمد بن ذاكر بن محمد الخرقي، وقلت ~~له: أخبرك به الحسن بن أحمد القارئ، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا ~~علي بن عمر الحافظ، # PageV01P081 # حدثنا أبو بكر يعقوب بن إبراهيم البزاز، حدثنا العباس بن يزيد، حدثنا ~~غسان بن مضر، حدثنا أبو سلمة قال: سألت أنس بن مالك: أكان رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - يستفتح ب " الحمد لله رب العالمين "، أو ب " بسم الله ~~الرحمن الرحيم "؟ # فقال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه، وما سألني عنه أحد قبلك. # قلت: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في النعلين؟ قال: نعم. # قال أبو الحسن الدارقطني: هذا إسناد صحيح، فهذه الروايات كلها صحيحة ~~مخرجة في كتب الأئمة، وهي مختلفة كما ترى، وغير مستنكر وقوع الاختلاف في ~~مثل هذه المسائل، وإن كانت من قبيل ما تعم به # البلوى؛ لأن أحوال الضبط تختلف باختلاف الأشخاص والجهات والأوقات، إلى ~~غير ذلك من الأغراض والمقاصد، ودليله الشاهد؛ إذ رب شخص يتغافل عن أمر هو ~~من لوازمه حتى لا يبالي به بالا، ولعدم ما يعارضه، ويتنبه لأمر هو من ~~توابعه، بل دون ذلك حتى لا يفتر عن ذكره لوجود ما يناقضه، وبضدها تتبين ~~الأشياء. # ومن أظرف ما شاهدت من الاختلاف أني حضرت جامعا في بعض البلاد لقراءة شيء ~~من بعض الحديث، وقد حضرني جماعة من أهل التمييز والعلم، وهم من المواظبين ~~على الجماعة في الجامع، والمنصتين لاستماع قراءة الإمام، فسألتهم عن حال ~~إمامهم في الجهر والإخفات، وكان صيتا يملأ الجامع ms080 صوته، فاختلفوا علي في ~~ذلك؛ فقال بعضهم: يجهر. وقال آخرون: يخفت، وتوقف فيه الباقون. # والصواب في هذا الباب أن يقال: إن هذا أمر متسع، والقول بالحصر فيه ~~ممتنع، وكل من ذهب فيه إلى رواية فهو مصيب متمسك بالسنة، والله أعلم. ### | باب ما جاء في التطبيق في الركوع # قرأت على أبي طاهر روح بن بدر بن ثابت، أخبرك أحمد بن محمد بن أحمد ~~التاجر في كتابه، عن أبي سعيد محمد بن موسى بن شاذان، أخبرنا محمد بن ~~يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، قال الأعمش: عن إبراهيم، عن علقمة ~~والأسود، قالا: # PageV01P082 # دخلنا على عبد الله في داره، فصلى بنا، فلما ركع طبق بين كفيه فجعلهما ~~بين فخذيه، فلما انصرف قال: كأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - بين فخذيه. # وأخبرني أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي، عن أبي نصر عبد ~~الرحيم بن عبد الكريم، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن، ~~أخبرنا يعقوب بن إسحاق، حدثنا ابن أبي الحسين، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، ~~حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثني إبراهيم عن الأسود، قال: دخلت أنا وعلقمة ~~على عبد الله فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ قلنا: لا. قال: صفوا، فصلى بنا فلم ~~يأمرنا بأذان ولا إقامة، قال: فقمنا خلفه وقدمناه، فقام أحدنا عن يمينه ~~والآخر عن شماله، فلما ركع وضع يديه بين رجليه وحنى، قال: فضرب يدي عن ~~ركبتي، قال: هكذا، وأشار بيده، فلما صلى قال: " إنه سيكون عليكم أمراء ~~يؤخرون الصلاة، فصلوا الصلاة لوقتها، واجعلوها معهم سبحة ". # ثم قال: إذا كنتم ثلاثة فصلوا جميعا، وإذا كنتم أكثر فقدموا أحدكم، فإذا ~~ركع أحدكم فليقل هكذا؛ وطبق يديه، ثم ليفرش ذراعيه، فخذيه؛ فكأني أنظر إلى ~~اختلاف أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # هذا حديث صحيح على شرط مسلم، أخرجه في الصحيح من حديث الأعمش. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب # فذهب نفر إلى العمل بهذا الحديث، منهم: عبد الله بن مسعود، والأسود بن ms081 ~~يزيد، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وعبد الرحمن بن الأسود. # وخالفهم في ذلك كافة أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ورأوا أن ~~الحديث الذي رواه ابن مسعود كان محكما في ابتداء الإسلام، ثم نسخ، ولم يبلغ ~~ابن مسعود نسخه، وعرف ذلك أهل المدينة فرووه وعملوا به. # وقال بعض أهل العلم: في ذلك دلالة على أن أهل المدينة أعلم بالناسخ ~~والمنسوخ ممن فارقها، وسكن غيرها من البلاد. # دليل النسخ # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن علي بن عبد الله # PageV01P083 # في كتابه، أخبرنا أبو عبد الله الحاكم، حدثنا محمد بن عبد الله الصفار، ~~حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن أبي يعفور، ~~عن مصعب بن سعد، قال: صليت إلى جنب أبي، فلما ركعت جعلت يدي بين ركبتي ~~فنحاهما، فعدت فنحاهما، قال: كنا نفعل هذا فنهينا عنه، وأمرنا أن نضع ~~الأيدي على الركب. # هذا حديث صحيح ثابت، أخرجه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد، عن شعبة، ~~وأخرجه مسلم من حديث أبي عوانة، عن أبي يعفور، وله طرق في كتب الأئمة. # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الفارسي، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا ~~محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا ابن الجارود، ~~حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن ~~الأسود، عن علقمة، عن عبد الله # قال: علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة فرفع يديه، ثم ركع، ~~فطبق ووضع يديه بين ركبتيه، فبلغ ذلك سعدا فقال: صدق أخي، كنا نفعل هذا، ثم ~~أمرنا بهذا، ووضع يديه على ركبتيه. # ففي إنكار سعد حكم التطبيق بعد إقراره بثبوته دلالة على أنه عرف الأول ~~والثاني، وفهم الناسخ والمنسوخ. # أخبرني محمد بن جعفر الخازن، أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الكريم في كتابه، ~~أخبرنا أبي، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن، أخبرنا يعقوب بن إسحاق، ~~حدثنا عثمان بن خرزاذ الأنطاكي، حدثنا عمرو ms082 الناقد، عن إسحاق الأزرق، عن ~~ابن عون، عن ابن سيرين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركع فطبق. # قال ابن عون: فسمعت نافعا يحدث عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - إنما فعله مرة. # هذا حديث غريب يعد في أفراد عمرو الناقد، عن إسحاق، وقال أبو بكر محمد بن ~~الفضل الفقيه، حدثنا هارون بن عبد الله أبو موسى البزاز، حدثنا سعيد بن ~~سليمان، حدثنا عباد بن العوام، عن حصين بن عبد الرحمن، عن خيثمة، قال: قدمت ~~المدينة فكنت أركع كما يركع أصحاب عبد الله؛ أطبق، فقال لي رجل من ~~المهاجرين: يا عبد الله، ما حملك على هذا؟ فقلت: كان عبد الله يفعله. وحدث ~~أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله، فقال: صدق، ولكن رسول الله ~~- صلى الله # PageV01P084 # عليه وسلم - كان ربما صنع الأمر ثم تركه، فانظر ما أجمع عليه المسلمون ~~فافعله. # فقدم خيثمة، فكان بعد ذلك لا يطبق. ### | باب في قنوت النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع الصلوات # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب ~~العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد، ~~حدثنا أبو بكر الفريابي، وعبدان الأهوازي، قال: حدثنا عبد الله بن معاوية ~~الجمحي، حدثنا ثابت بن يزيد، حدثنا هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس، ~~قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرا متتابعا # في: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصبح. # هذا حديث حسن على شرط أبي داود، أخرجه في كتابه، عن عبد الله بن معاوية ~~الجمحي. # قرأت على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، أخبرك الحسن بن أحمد القارئ، ~~أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا يعقوب بن إسحاق ~~المخرمي، حدثنا علي بن بحر بن بري، حدثنا محمد بن أنس، حدثنا مطرف بن طريف، ~~عن أبي الجهم، عن البراء بن عازب، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا ~~يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها. # قال سليمان ms083: لم يروه عن مطرف إلا محمد بن أنس. # وقد اتفق أهل العلم على ترك القنوت من غير سبب في أربع صلوات؛ وهي: ~~الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء. # وأما حديث ابن عباس في قنوت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرا متتابعا، ~~فقد ذهب بعضهم إلى أنه كان له سبب، وهذا الحكم ثابت؛ فلا يكون حديث ابن ~~عباس منسوخا. # وذهب بعضهم إلى نسخه، وقالوا: يدل عليه حديث البراء بن عازب. # ذكر حديث يدل على ترك الحكم الأول # قرأت على أبي بكر محمد بن ذاكر بن محمد، أخبرك إسماعيل بن الفضل بن # PageV01P085 # أحمد، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، أخبرنا أبو ~~بكر النيسابوري، أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبيد الله بن موسى، ~~حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس: أن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - قنت شهرا يدعو عليهم ثم تركه، وأما الصبح فلم يزل يقنت حتى ~~فارق الدنيا. ### | باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على آحاد الكفرة # أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن أبي نصر الخطيب، أخبرنا إسماعيل بن ~~الفضل بن أحمد، أخبرنا أبو طاهر الكاتب، أخبرنا محمد بن إبراهيم الخازن، ~~أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا جعفر - هو ابن مهران السباك -، حدثنا عبد ~~الوارث - هو ابن سعيد - حدثنا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: بعث رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين رجلا لحاجة يقال لهم: القراء، فعرض لهم ~~حيان من بني سليم: رعل، وذكوان، عند بئر يقال لها: بئر معونة، فقال القوم: ~~والله ما إياكم أردنا، إنما نحن مجتازون في حاجة لرسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - فقتلوهم، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرا في صلاة ~~الغداة، فذلك بدء القنوت، وما كنا نقنت. # هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري، عن أبي معمر، عن عبد الوارث، وترجمة عبد ~~الوارث، عن عبد العزيز، عن أنس، من شرط أصحاب الصحاح كلهم. # أخبرني أبو زرعة، عن أحمد بن علي بن عبد الله، أخبرنا ms084 الحاكم، أخبرنا أبو ~~بكر بن إسحاق الفقيه، أخبرنا عبد الله بن عزيز الموصلي، حدثنا غسان بن ~~الربيع، حدثنا ثابت بن يزيد، عن هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت إذا قال: سمع الله لمن حمده من ~~الركعة الأخيرة من صلاة الصبح، فيدعو على حي من بني سليم # قال عكرمة: هذا مفتاح القنوت. # وهذا الحديث على شرط أبي داود، أخرجه في كتابه، عن عبد الله بن معاوية ~~الجمحي، عن ثابت بن يزيد أطول من هذا، # PageV01P086 # وقد زعم بعضهم أن هذا الحكم منسوخ، وناسخه حديث أنس. # أخبرنا أبو المحاسن محمد بن عبد الملك بن علي الهمذاني، أخبرنا زاهر بن ~~طاهر، أخبرنا أبو سعيد الجنزرودي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: أخبرنا ~~أبو يعلى، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا ابن مهدي، عن هشام، عن قتادة، عن ~~أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت شهرا يدعو على حي من أحياء العرب ~~بعد الركوع ثم تركه. # هذا حديث صحيح ثابت. # اعترضوا على من ادعى نسخ هذا الحكم، وقالوا: هذا الحديث يدل على رفع أصل ~~القنوت، لا على الدعاء عليهم كما ذكرتم. أجابوا وقالوا: يدفعه ما أخبرنا ~~أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ؛ إذنا إن لم يكن سماعا، بل هو سماع غير أن ~~أصله لم يحضرني، أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد، أخبرنا أبو علي ~~التميمي، أخبرنا أحمد بن جعفر، أخبرنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا ~~أبو معاوية، حدثنا عاصم الأحول، عن أنس قال: سألته عن القنوت أقبل الركوع، ~~أو بعد الركوع؟ فقال: قبل الركوع. # قال: قلت: فإنهم يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت بعد ~~الركوع. فقال: كذبوا؛ إنما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرا يدعو ~~على ناس قتلوا أناسا من أصحابه، يقال لهم: القراء. # هذا حديث صحيح ثابت، متفق على صحته، أخرجه البخاري، عن مسدد، وموسى بن ~~إسماعيل، وأخرجه مسلم من طرق عن عاصم، وفي حديثهم ms085: إنما قنت رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - بعد الركوع شهرا. # ألا تراه فصل بين القنوت المتروك، والقنوت الملزوم، ثم لم يطلق اللفظ حتى ~~أكده بقوله بعد الركوع، فدل على شرعية القنوت بعد الانتهاء عن الدعاء على ~~الأعداء. # فإن قيل: قوله في الحديث: " تركه " ليس فيه دلالة على النسخ، فيجوز أن ~~يكون تركه في الحال، وعاد إليه في وقت آخر. # قالوا: الحديث فيه دلالة على النسخ، وما ذكرتموه يدفعه ما أخبرني أبو بكر ~~محمد # PageV01P087 # بن إبراهيم بن علي الفارسي، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا محمد بن ~~أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، أخبرنا أبو يعلى، أخبرنا ~~المقدمي، حدثنا سلمة بن رجاء، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن ~~الحارث، عن عبد الله بن كعب، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: كان النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة، ثم ذكر نحو حديث أبي ~~هريرة في الدعاء على قريش - ويأتي ذكره - وفيه أنزل الله: ليس لك من الأمر ~~شيء فما عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو على أحد بعد. # هذا حديث غريب من هذا الوجه، يؤكده ما أخبرناه أبو الشيخ محمد بن علي بن ~~أحمد الأديب، أخبرنا الحسن بن أحمد القاري، أخبرنا أحمد بن عبد الله، ~~أخبرنا مخلد بن جعفر، قال: حدثنا جعفر الفريابي، حدثنا محمد بن عثمان بن ~~خالد، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة ~~قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يدعو على أحد، أو ~~يدعو لأحد قنت بعد الركوع، وربما قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ~~اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، والمستضعفين من المؤمنين، ~~اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف، يجهر بذلك، حتى ~~كان يقول في بعض صلاة الفجر: اللهم العن فلانا وفلانا، أحياء من العرب، حتى ~~أنزل الله: ليس لك من الأمر شيء الآية. # هذا ms086 حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخاري، عن موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم ~~بن سعد، وأخرجه مسلم من رواية سفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد، وفي قوله: " ~~كان يقول في بعض صلاته " دليل على أن القنوت لم يشرع لأجل أحياء من العرب؛ ~~بل كان مشروعا، وإنما كان أحيانا يزيد فيه الدعاء عليهم حتى نهي فانتهى. # قرأت على أبي محمد عبد الخالق بن هبة الله بن القاسم، أخبرك أحمد بن ~~الحسن بن البناء، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد، أخبرنا عبد الله بن ~~محمد الأسدي، أخبرنا علي بن الحسن بن العبد، حدثنا أبو داود، حدثنا سليمان ~~بن داود، حدثنا ابن وهب، أخبرني معاوية # PageV01P088 # بن صالح، عن عبد القاهر، عن خالد بن أبي عمران قال: بينا رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - يدعو على مضر إذ جاء جبريل، فأوحى إليه أن اسكت، فسكت، ~~فقال: يا محمد، إن الله - عز وجل - لم يبعثك سبابا ولا لعانا، وإنما بعثك ~~رحمة ولم يبعثك عذابا؛ ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ~~ظالمون. # قال: ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك، ونستغفرك، ونؤمن بك، ونخضع ~~لك، ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ~~ونحفد، نرجو رحمتك، ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق. # هذا مرسل، أخرجه أبو داود في المراسيل، وهو حسن في المتابعات، وقال ~~الحاكم: أخبرني محمد بن موسى الصيدلاني، قال: حدثنا إبراهيم # بن أبي طالب، قال: سمعت أبا قدامة يحكي عن عبد الرحمن بن مهدي في حديث ~~أنس: قنت شهرا ثم تركه، قال عبد الرحمن: إنما ترك اللعن. ### | باب في اختلاف الناس في القنوت في الفجر # قرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك أبو علي الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو نعيم ~~الحافظ، أخبرنا أبو علي الصواف، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا ~~عبد الوهاب بن عبد المجيد، حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك: ~~أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت في ms087 الصبح بعد الركوع. # هذا حديث صحيح مخرج في كتاب مسلم، من حديث أيوب نحوا من معناه. # وقرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك أبو الفتح إسماعيل أبو الفضل، أخبرنا ~~محمد بن أحمد، أخبرنا أبو بكر بن المقري، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا ~~سفيان بن وكيع، حدثنا عبد الوهاب، عن خالد، عن محمد، قال: سألت أنس بن ~~مالك: أقنت عمر؟ قال: لقد قنت من هو خير من عمر؛ قنت النبي - صلى الله عليه ~~وسلم -. # رواه سفيان بن حبيب، عن خالد نحوه، وقال فيه: أقنت عمر في صلاة الصبح؟ ~~فقال: قنت من هو خير من عمر؛ قنت النبي - صلى الله عليه وسلم -. # قال لي أبو موسى، # PageV01P089 # قال أبو مسلم الليثي عقيب هذا الحديث: هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن ~~مسدد، وأخرجه مسلم عن أبي خيثمة، غير أني تتبعته فلم أجده في الكتابين، ~~ولعله أراد أن هذا الإسناد في الكتابين لغير هذا الحديث، والله أعلم. # وقد اختلف الناس في القنوت في صلاة الصبح: # فذهب أكثر الناس من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار إلى ~~إثبات القنوت، فممن روينا ذلك عنه من الصحابة: الخلفاء الراشدون: أبو بكر، ~~وعمر، وعثمان، وعلي، ومن الصحابة: عمار بن ياسر، وأبي بن كعب، وأبو موسى ~~الأشعري، وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن عباس، وأبو هريرة، ~~والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وأبو حليمة معاذ بن الحارث الأنصاري، وخفاف ~~بن إيماء بن رحضة، وأهبان بن صيفي، وسهل بن سعد الساعدي، وعرفجة بن شريح ~~الأشجعي، ومعاوية بن أبي سفيان، وعائشة الصديقة. # ومن المخضرمين: أبو رجاء العطاردي، وسويد بن غفلة، وأبو عثمان النهدي، ~~وأبو رافع الصائغ، ومن التابعين: سعيد بن المسيب، والحسن بن أبي الحسن، ~~ومحمد بن سيرين، وأبان بن عثمان، وقتادة، وطاوس، وعبيد بن عمير، والربيع بن ~~خثيم، وأيوب السختياني، وعبيدة السلماني، وعروة بن الزبير، وزياد بن عثمان ~~وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعمر بن عبد العزيز، وحميد الطويل. # ومن الأئمة الفقهاء: أبو إسحاق، وأبو بكر بن محمد ms088، والحكم بن عتيبة، ~~وحماد، ومالك بن أنس، وأهل الحجاز، والأوزاعي، وأكثر أهل الشام، والشافعي ~~وأصحابه، وعن الثوري روايتان، وغير هؤلاء # PageV01P090 # خلق كثير. # وخالفهم في ذلك نفر من أهل العلم، ومنعوا من شرعية القنوت في الصبح، وزعم ~~نفر منهم أنه كان مشروعا ثم نسخ، وتمسكوا في ذلك بأحاديث توهم النسخ. # أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي منصور بن محمد الشروطي، أخبرنا إسماعيل بن ~~الفضل بن أحمد، أخبرنا الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن، حدثنا محمد بن أحمد ~~البزاز، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا مالك بن ~~إسماعيل، حدثنا شريك، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، ~~قال: لم يقنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا شهرا، لم يقنت قبله ولا ~~بعده. # تابعه أبان بن أبي عياش، عن إبراهيم، وقال في حديثه: لم يقنت في الفجر قط ~~إلا شهرا واحدا. # ورواه محمد بن جابر اليمامي، عن حماد، عن إبراهيم، قال في حديثه: ما قنت ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء من الصلوات إلا في الوتر؛ كان إذا ~~حارب يقنت في الصلوات كلهن، يدعو على المشركين. # ومنها: ما أخبرنا محمد بن عبد الخالق بن أبي نصر، أخبرنا يحيى بن عبد ~~الوهاب، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ، ~~حدثنا أبو الطيب غلام طالوت بن عباد، حدثنا أحمد بن حاتم بن مخشي، حدثنا ~~حماد بن زيد، عن بشر بن حرب قال: سمعت ابن عمر يقول: أرأيتم قيامكم عند ~~فراغ القارئ - هذا القنوت - والله إنه لبدعة؛ ما فعله رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - غير شهر واحد، ثم تركه. # ومنها حديث أم سلمة: أخبرنا أبو نصر عبد الرحيم بن أبي الفرج الصوفي، ~~أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد، أخبرنا محمد بن عبد الملك القرشي، أخبرنا علي ~~بن عمر، حدثنا أحمد بن إسحاق البهلول، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن يعلى بن ~~زنبور، عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن نافع، عن ms089 أبيه، عن أم سلمة ~~قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القنوت في صلاة الصبح. # ومنها حديث أنس قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرا بعد ~~الركوع يدعو على أحياء العرب، ثم تركه. # وهو حديث صحيح، وقد مر # PageV01P091 # سنده. # ومنها حديث أبي هريرة: أخبرنا أبو طاهر معاوية بن علي بن معاوية بأصبهان ~~في السفرة الأولى، أخبرنا إسماعيل بن الفضل بن أحمد، أخبرنا أبو علي الحسن ~~بن عبد الرحمن بن الحسن، حدثنا أبي، حدثنا أبو بكر بن المقري، حدثنا محمد ~~بن الحسن بن قتيبة، حدثنا حرملة، حدثنا ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، ~~أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن: # أنهما سمعا أبا هريرة يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ~~حين يرفع رأسه من الركوع في صلاة الفجر في الركعة الثانية بعد سمع الله لمن ~~حمده: ربنا لك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن ~~أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها ~~عليهم سنين كسني يوسف. ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت ليس لك من الأمر شيء ~~أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون # هذا حديث صحيح متفق عليه. # فهذه جملة ما تمسك بها نفاة القنوت في صلاة الفجر. # وقال من ذهب إلى الإثبات: ما ذهبنا إليه محكم، وادعاء النسخ فيه متعذر، ~~وأما ما ذكرتم من الأحاديث، فلا يمكن الاسترواح إليها لما سنبينه. # قالوا: أما حديث ابن مسعود فلا يجوز الاحتجاج به؛ لوجوه شتى: # منها: أن أبا حمزة ميمونا القصاب كان يحيى بن سعيد القطان، وابن مهدي لا ~~يحدثان عنه. # وقال أحمد بن حنبل: هو ضعيف متروك الحديث. # وقال يحيى بن معين: كوفي ليس بشيء. # وقال البخاري: ميمون أبو حمزة ليس بالقوي عندهم، وقال السعدي: ذاهب ليس ~~بشيء. # وقال إسحاق بن راهويه: ميمون القصاب شبه ذاهب ليس بشيء. # وقال النسائي: ميمون ليس بثقة. # وقال ابن عدي: ولميمون أحاديث يرويها عن إبراهيم خاصة مما ms090 لا يتابع عليه. # وقد روى هذا الحديث عن إبراهيم: أبان بن أبي عياش، وقد قيل فيه أكثر ما ~~قيل في أبي حمزة. # ورواه أيضا محمد بن جابر، وقد ضعفه: يحيى بن معين، وعمرو بن علي الفلاس، ~~وأبو حاتم، وغيرهم. # وقد روي من طرق عدة؛ كلها واهية لا يجوز الاحتجاج بها. # وما كان بهذه المثابة لا يمكن أن يجعل # PageV01P092 # رافعا لحكم ثابت بطرق صحاح. # وجواب آخر: قالوا: ولو قدرنا صحة الحديث لكنا نجمع بين يدي الأحاديث كلها ~~ونقول قوله: لم يقنت إلا شهرا واحدا، ولم يقنت قبله ولا بعده محمول على ~~معنى ما روي أنه قنت شهرا يدعو على رعل وذكوان وعصية، فلما نهى الله عن ~~الدعاء عليهم بقوله: ليس لك من الأمر شيء انتهى، وترك ذلك. # وما رويناه محمول على الدعاء والثناء على الله - عز وجل - والعمل بدليلين ~~أولى من العمل بدليل واحد. # قالوا: وأما حديث ابن عمر، فلا يجوز التمسك به لأسباب: # منها: أن بشر بن حرب - ويقال له: أبو عمرو الندبي - مطعون فيه. # قال البخاري: رأيت علي بن المديني يضعفه، ويتكلمون فيه. # وقال علي: كان يحيى القطان لا يروي عنه. # وقال أحمد: بشر بن حرب، أبو عمرو الندبي، ليس هو بقوي في الحديث. # وقال إسحاق: بشر بن حرب يقال له: أبو عمرو الندبي؛ ضعيف متروك، ليس بشيء. # وقال يعقوب بن شيبة: قد وصف يحيى بن معين، بشر بن حرب بالضعف. # وقال السعدي: بشر بن حرب لا يحمد حديثه. # وقال ابن أبي حاتم: هو ضعيف، وكذا قاله النسائي. # ثم هذا الخبر - مع ضعفه - يعارضه ما رواه حماد بن زيد، عن بشر بن حرب، ~~قال: سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو في ~~قنوته يا أم ملدم. # وجه آخر: قالوا: ولو قدرنا صحة الحديث فهو حجة لنا أيضا؛ لأن ابن عمر ~~أراد بالبدعة ههنا القنوت قبل الركوع؛ لأنه روي عنه في الصحيح من طرق أن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت بعد الركوع، فدل على ms091 أن ابن عمر إنما ~~أنكر القنوت قبل الركوع، وأما بعد الركوع فكان عالما به مقرا به. # وهذا الحديث قد روي من طرق عن ابن عمر، كلها معللة وفيها مقال. # والصحيح ما رواه سليمان بن حرب، عن شعبة، عن الحكم، عن أبي الشعثاء قال: ~~سألت ابن عمر عن قنوت عمر، فقال: ما شهدت ولا رأيت. # وهذا يدفع ما رواه عبد الرحمن بن محمد الديلي، عن ابن إدريس، عن عبيد ~~الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صليت خلف # PageV01P093 # رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فلم يقنتوا ~~ولم يجهروا. # قالوا: وكيف يصح هذا، وقد روينا عنه بأسانيد صحيحة أن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - حين رفع رأسه من الركعة الأخيرة قنت؟ ! # وجه آخر: قالوا: إن ابن عمر كان قد شهد أباه يقنت، وقنت معه لكنه نسيه، ~~يدل عليه ما أخبرنا به أبو طالب: محمد بن علي بن أحمد القاضي، عن أبي طاهر ~~أحمد بن الحسن الكرجي، أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا دعلج بن ~~أحمد، أخبرنا محمد بن علي الصائغ، حدثنا سعيد، حدثنا هشيم، أخبرنا ابن عون، ~~عن ابن سيرين: أن سعيد بن المسيب ذكر له قول ابن عمر في القنوت، فقال: أما ~~إنه قد قنت مع أبيه، ولكنه نسيه. # وقد روى أسامة بن زيد الليثي قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: سئل ابن ~~عمر عن شيء فقال للسائل: ائت سعيد بن المسيب فسله، ثم أخبرنا ابن عمر ~~بالمسألة، فتوجه الرجل فسأل سعيدا؛ فأفتاه بمثل ما قال ابن # عمر، فقال ابن عمر: قد أعلمتكم أنه أحد العلماء. وقد روينا عنه أنه كان ~~يقول: قد كبرنا ونسينا؛ ائتوا سعيد بن المسيب فسلوه. # قالوا: فمثل سعيد بن المسيب في فضله ونبله وعلمه إذا شهد على عبد الله بن ~~عمر أنه رآه من أبيه ولكنه نسيه، ولا يلحق ابن عمر في ذلك وصم؛ لأن الناسي ~~محطوط عنه الوزر. # وجه آخر: قالوا: ما روينا عن عمر في إثبات ms092 القنوت أولى وأرجح مما ~~رويتموه، فإنا روينا عن صحابيين: أنس بن مالك، وابن عباس، ومخضرمين: أبي ~~عثمان النهدي، وأبي رافع الصائغ، وأربعة من التابعين: عبد الرحمن بن أبزى، ~~وعبيد بن عمير، وزيد بن وهب، وزياد بن عثمان، أنهم صلوا خلف عمر بن الخطاب ~~صلاة الصبح فقنت فيها، وهو تأكيد لما قاله سعيد بن المسيب أنه رآه من أبيه # PageV01P094 # ولكنه نسيه. # وجه آخر: قالوا: ما ذكرناه أولى؛ لأن أحاديثنا تدل على إثبات القنوت، ~~وأحاديثهم تدل على نفي القنوت، والمثبت أولى من النافي؛ لأن الأصل أن لا ~~قنوت، وأحاديثنا تثبت القنوت، وهو زيادة حكم، فكان أولى. # وأما حديث أم سلمة فقالوا: لا يحل الاحتجاج به لما في إسناده من الخلل. # قال ابن أبي حاتم قال أبي: قال يحيى: عنبسة بن عبد الرحمن كان يضع ~~الحديث. # وفيه أيضا عبد الله بن نافع، وهو ضعيف الحديث جدا، ضعفه ابن المديني، ~~ويحيى، وأبو حاتم، والساجي، وغيرهم، وقال الدارقطني: عبد الله بن # نافع، عن أبيه، عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ~~القنوت، وهو مرسل؛ لأن نافعا لم يلق أم سلمة، ولا يصح سماعه منها، ومحمد بن ~~يعلى بن زنبور، وعبد الله بن نافع، وعنبسة ضعفاء، ولو قدرنا صحة الحديث كان ~~محمولا على القنوت الذي فيه الدعاء على أقوام معينين. # وأما حديث أنس فلا مطمع في الاحتجاج به، إذ ليس فيه دلالة على النسخ، ~~وقوله في الحديث: ثم تركه - أي: الدعاء على الكفار - كما ذكرناه قبل. ومما ~~يؤكد ما ذهبنا إليه ما رويناه عنه بإسناد متصل أنه حكى قنوت النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - ومداومته عليه إلى أن فارق الدنيا، فلو حملناه على ما ~~ذكرتموه أدى إلى إبطال أحد الحديثين من غير حاجة، وفيما ذهبنا إليه جمع بين ~~حديثين، فكان أولى. # ومن وجه آخر قالوا: ما تمسكتم به طرف من الحديث، فلو بحثتم عن أصل الحديث ~~لبان لكم بطلان دعوى النسخ، # PageV01P095 # وذكروا ما قرأته على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، أخبرك ms093 أبو الحسن محمد ~~بن مرزوق، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا أبو علي الصيدلاني، أخبرنا أبو ~~القاسم الطبراني، أخبرنا إسحاق الدبري عن عبد الرزاق، عن أبي جعفر الرازي، ~~عن عاصم، عن أنس قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصبح بعد ~~الركوع يدعو على أحياء من العرب، وكان قنوته قبل ذلك وبعده قبل الركوع. # هذا إسناد متصل، ورواته ثقات. # وحال أبي جعفر الرازي؛ قال يحيى بن معين: أبو جعفر الرازي ثقة من طريق ~~العلائي، وإسحاق بن منصور، ومضر بن محمد، والدوري. # وقال ابن المديني: أبو جعفر الرازي عندنا ثقة. # وقال أبو حاتم الرازي: أبو جعفر الرازي ثقة صدوق صالح الحديث. # وقد اختلفت الرواية عن أحمد في حقه، وقال حنبل بن إسحاق: سئل أبو عبد ~~الله أحمد بن حنبل عن أبي جعفر الرازي، فقال: صالح الحديث. # قالوا: وهذه الرواية أولى، ويؤكدها إخراجه حديثه في مسنده، قالوا والذي ~~يدل على صحة ما ذهبنا إليه فعل أنس بن مالك ذلك بعد رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم -. # أخبرنا أبو العباس أحمد بن منصور الشاهد، أخبرنا إسماعيل بن الفضل، ~~أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن، حدثنا محمد بن علي، حدثنا أبو بكر بن ~~المقري، حدثنا محمد بن إبراهيم؛ حدثنا أبو عمر الدوري، حدثنا إسماعيل بن ~~جعفر، عن حميد، أن أنس بن مالك سئل عن القنوت في صلاة الصبح أقبل الركوع أم ~~بعده؟ فقال: كلا قد يفعل؛ قبل وبعد. هذا إسناد صحيح لا علة له. # قالوا: وأما حديث أبي هريرة فأيضا ليس دلالة على النسخ، وبينوا ذلك من ~~وجوه: # منها قوله: ثم بلغنا أنه ترك ذلك، إنما هو من قول الزهري مدرج في الحديث، ~~ثم معناه أنه ترك الدعاء عليهم؛ وإنما ترك ذلك لأن حديث أبي هريرة أنه دعا ~~للمستضعفين، ودعا على مضر؛ فأما المستضعفون فأنجاهم الله تعالى من أيدي ~~المشركين، وأما مضر فمنهم قتلوا ومنهم ماتوا، ومنهم أسلموا، فقوله: " ترك " ~~أي: الدعاء لهؤلاء المخصوصين المؤمنين، والدعاء على هؤلاء الكفار # PageV01P096 # المعينين، وبقي ما ms094 عدا ذلك من الثناء على الله تعالى والدعاء لنفسه ~~وللمؤمنين. # وقد جاء هذا مبينا في حديث أبي هريرة: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن ~~طاهر، عن أحمد بن علي بن عبد الله، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، حدثنا عبد ~~الله بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا عبد الله بن رجاء، ~~أخبرنا حربي بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، حدثنا أبو سلمة، أن أبا هريرة ~~حدثه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في صلاته في الركعة ~~الأخيرة من صلاة الغداة بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده شهرا؛ يقول في ~~قنوته: اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج ~~عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك ~~على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف. فلم يزل يدعو لهم حتى نجاهم ~~الله تعالى، حتى كانت صبيحة الفطر ثم ترك الدعاء لهم، فقال عمر بن الخطاب: ~~يا رسول الله، ما لك لم تدع للنفر؟ قال: أوما علمت أنهم قدموا. # ومنها فعل أبي هريرة: قرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك أحمد بن عمر ~~الحافظ، أخبرنا أحمد بن علي بن عبد الله، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، ~~حدثنا أبو سهل بن زياد القطان، حدثنا أحمد بن عيسى، حدثنا أبو نعيم، حدثنا ~~شيبان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: ~~والله لأنا أقربكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان أبو هريرة ~~يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده؛ ~~فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار. # هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم، وله طرق صحيحة، وقد ~~روي عن أبي هريرة نحو ذلك من غير وجه. ### | باب في النهي عن القراءة خلف الإمام # أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن الحافظ في كتابه، أخبرنا أحمد ~~بن # PageV01P097 # سهل بن أحمد الأسواري، حدثنا ms095 أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله، حدثنا ~~عبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب، حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، ~~حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن # الزهري، سمع ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: صلى صلاة ~~- قال: أظنها الصبح - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل قرأ أحد؟ ~~قالوا: نعم. قال: فإني أقول ما لي أنازع القرآن؟ ! فانتهى الناس عن القراءة ~~فيما يجهر فيه. # هذا حديث لا يعرف إلا من هذا الوجه، وابن أكيمة غير مشهور. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فذهب بعضهم إلى هذا الحديث، وقالوا: قراءة الإمام تكفيه. وممن ذهب إلى ~~هذا: الثوري، وابن عيينة، وجماعة من أهل الكوفة. # وذهب بعضهم إلى أن المأموم يقرأ في صلاة السر، ويسكت في صلاة الجهر، ~~وإليه ذهب الزهري، ومالك، وابن المبارك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق. # وزعم بعض من ذهب إلى هذا القول أن هذا الحديث ناسخ للحديث الآخر، وهو ~~قوله عليه السلام: لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب. # وتمسك في ذلك بحديث منقطع، أخبرنا به أبو طاهر الحافظ في كتابه، أخبرنا ~~أحمد بن سهل، أخبرنا الحسن بن محمد بن حسنويه، حدثنا عبد الله بن محمد بن ~~عيسى، حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا العباس بن يزيد أبو الفضل، ~~عن عبد الوهاب، حدثنا المهاجر أبو مخلد، عن أبي العالية، قال: كان نبي الله ~~- صلى الله عليه وسلم - # إذا صلى قرأ أصحابه أجمعون خلفه حتى أنزلت: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له ~~وأنصتوا لعلكم ترحمون فسكت القوم، وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # وقال ابن النعمان: حدثنا أبي، حدثنا بشر بن عمر الزهراني، عن ابن لهيعة، ~~عن أبي هبيرة، عن ابن عباس قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقرئ ~~خلفه، فنزلت: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون فعلى هذا ~~يكون الحديث منسوخا بالقرآن لا بالحديث كما زعم، إن كان ممن ms096 يجوز نسخ ~~الحديث # PageV01P098 # بالقرآن. # وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى إيجاب الفاتحة في الأحوال كلها، وإليه ~~ذهب عبد الله بن عون، والأوزاعي، وأهل الشام، والشافعي وأصحابه. # وممن أمر بقراءة فاتحة الكتاب: أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن عباس، ~~وغيرهم. # وكان حجة من ذهب إلى هذا القول أحاديث ثابتة رويت في الباب. # قرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك الحسن بن أحمد القارئ، أخبرنا إبراهيم، ~~حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا بشر بن موسى، قال: قال الحميدي: قال # لنا قائل ممن لا يرى أن لا يقرأ خلف الإمام فيما يجهر به: أن الزهري حدث ~~عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما لي ~~أنازع القرآن؟ فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به النبي - صلى الله عليه ~~وسلم -. # قلنا: هذا حديث رواه مجهول، لم يروه عنه قط غيره، ولو كان هذا ثابتا أريد ~~به النهي عن قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام دون غيرها، لكان في حديث العلاء ~~عن أبيه ما يبين أنه ناسخ لهذا. # وحديث العلاء أخبرنا به أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد، من أصله ~~العتيق في آخرين، قالوا: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد القادر، أخبرنا أبو ~~عمر، وعثمان بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن ~~الحربي، حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن: أنه ~~سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم -: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي ~~خداج، فهي خداج، فهي خداج، غير تمام قال: فقلت: يا أبا هريرة إني أحيانا ~~أكون وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي وقال: اقرأ بها يا فارسي في نفسك، وذكر ~~الحديث. # أخبرنا عبد المنعم بن عبد الله بن محمد، أخبرنا عبد الغفار بن محمد، ~~أخبرنا أحمد بن الحسن، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا ~~الشافعي، أخبرنا سفيان، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن ms097 أبيه، عن أبي هريرة، ~~أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي ~~خداج، فهي خداج. # ترجمة العلاء بن عبد الرحمن على شرط مسلم، # PageV01P099 # والحديث الأول رواه في الصحيح عن قتيبة بن سعيد، عن مالك، والحديث الثاني ~~رواه عن إسحاق بن إبراهيم، عن سفيان بن عيينة، ولا علة في الحديثين؛ لأن ~~الحديث الأول رواه عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: شعبة ~~بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، وروح بن القاسم، وأبو غسان محمد بن مطرف، وعبد ~~العزيز بن محمد الدراوردي، وإسماعيل بن جعفر، ومحمد بن يزيد البصري، وجهضم ~~بن عبد الله، والحديث الثاني رواه: مالك بن أنس، وابن جريج، ومحمد بن إسحاق ~~بن دينار، والوليد بن كثير، ومحمد بن عجلان، عن العلاء، عن أبي السائب، عن # أبي هريرة، وكأنه سمعه منهما جميعا، فقد رواه أبو أويس المدني، عن العلاء ~~بن عبد الرحمن قال: سمعت من أبي ومن أبي السائب جميعا، وكانا جليسين لأبي ~~هريرة، قالا: قال أبو هريرة، فذكره. # قال الحميدي: لأنا وجدناهما عن أبي هريرة، ولم يتبين لنا أيهما بعد ~~الآخر، حتى أبان ذلك العلاء في حديثه حين قال: قال لي أبو هريرة: يا فارسي ~~اقرأها في نفسك. فعلمنا أنما أمر بذلك أبو هريرة أبا العلاء بعد النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - يحتمل أن يكون حديث ابن أكيمة الناسخ، ثم يأمر أبو ~~هريرة أن يعمل بالمنسوخ، وهو رواهما معا. # وفي قول عبادة بن الصامت: أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، وهو # رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي قول أبي هريرة هذا ما دل على ~~أنه إنما عنى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقراءة في الجهر وغيره؛ لأن ~~من روى (الحديثين) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أعلم بمعناهما، ~~وما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - من غيره مع استعمالهما ذلك بعده، ~~ومع أن حديث ابن أكيمة الذي ليس بثابت هو المنسوخ، وإنما قال فيه: قال ~~النبي ms098 - صلى الله عليه وسلم -: ما لي أنازع القرآن فاحتمل أن يكون (عنى) ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ قرآنا خلفه سوى فاتحة الكتاب؛ لأنا ~~وجدنا عمران بن حصين قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لرجل قرأ خلفه ~~ب سبح اسم ربك الأعلى: هل قرأ أحد منكم ب سبح اسم ربك الأعلى فقال رجل: ~~نعم، أنا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدقت، قد علمت أن بعضكم ~~خالجنيها. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " أنازع " مثل " أخالج "، فلا ~~يحتمل أن يكون عنى # PageV01P100 # في حديث ابن أكيمة أن يقول: ما لي أنازع القرآن يعني فاتحة الكتاب، وهو ~~يقول: لا صلاة إلا بها. هذا آخر كلام الحميدي. ### | باب الإسفار بالصبح واختلاف الناس فيه # أخبرنا أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد، أخبرنا عبد الغفار بن محمد في ~~كتابه، أخبرنا محمد بن موسى بن شاذان، أخبرنا محمد بن # يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، حدثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن ~~عاصم بن عمر، عن قتادة بن النعمان، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج، ~~قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أصبحوا بالصبح؛ فإنه أعظم ~~لأجركم، أو أعظم للأجر. # هذا حديث حسن على شرط أبي داود، أخرجه في كتابه عن إسحاق بن إسماعيل، عن ~~سفيان. # وقد اختلف أهل العلم في الإسفار بصلاة الصبح والتغليس بها. # (فرأى بعضهم) الإسفار بالفجر أفضل، وذهب إلى هذا الحديث، ورآه محكما، ~~وممن ذهب إلى هذا: سفيان الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأهل الكوفة. # وزعم الطحاوي أن حديث الإسفار ناسخ لحديث التغليس، وذكر الأحاديث التي ~~رويت في تغليس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده الصحابة بالفجر، ثم ~~زعم أن ليس فيها دليل على الأفضل، وإنما ذلك في حديث رافع، فاستدل على ~~النسخ بفعلهم بأنهم كانوا يدخلون مغلسين، ويخرجون مسفرين. # والأمر على خلاف ما ذهب إليه أبو جعفر الطحاوي؛ لأن حديث تغليس النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - ثابت، وأنه داوم عليه حتى فارق الدنيا، ولم يكن رسول ~~الله - صلى ms099 الله عليه وسلم - يداوم إلا على ما هو الأفضل، وكذلك أصحابه من ~~بعده تأسيا به - صلى الله عليه وسلم -. # بيان نسخ الأفضلية بالإسفار # أخبرنا أبو المحاسن محمد بن عبد الخالق بن أبي نصر الأنصاري، أخبرنا أبو ~~المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الفقيه في كتابه، حدثنا أحمد بن محمد ~~البلخي، # PageV01P101 # أخبرنا أحمد بن محمد البستي، أخبرنا محمد بن بكر بن محمد، أخبرنا سليمان ~~بن الأشعث، حدثنا محمد بن سلمة المرادي، حدثنا ابن وهب، عن أسامة بن زيد ~~الليثي، أن ابن شهاب أخبره، عن عروة، عن بشير بن أبي مسعود، عن أبيه، قال: ~~صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى ~~فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات بعد أن كان يسفر. # هذا طرف من حديث طويل في شرح الأوقات، وهو حديث ثابت مخرج في الصحيح بدون ~~هذه الزيادة، وهذا إسناد رواته عن آخره ثقات، والزيادة عن الثقة مقبولة. # (وقد ذهب أكثر أهل العلم) إلى هذا الحديث، ورأوا التغليس أفضل، روينا ذلك ~~عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن ابن مسعود، وأبي ~~موسى الأشعري، وأبي مسعود الأنصاري، وعبد الله بن الزبير، وعائشة، وأم ~~سلمة. # ومن التابعين: عمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، وإليه ذهب مالك، وأهل ~~الحجاز، والشافعي وأصحابه، وأحمد وإسحاق، غير أن الشافعي رجح أحاديث ~~التغليس من وجه آخر، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة ~~قالت: كن نساء من المؤمنات يصلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~الصبح، ثم ينصرفن وهن متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس. # قال الشافعي: وذكر تغليس النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفجر: سهل بن ~~سعد، وزيد بن ثابت، وغيرهما من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~شبيها بمعنى حديث عائشة. # قال الشافعي: فقال لي قائل: فنحن نرى أن نسفر بالفجر اعتمادا على حديث ~~رافع بن خديج، فنزعم أن الفضل في ذلك، وأنت ترى أن جائزا لنا إذا ms100 اختلف ~~الحديثان أن نأخذ بأحدهما، ونحن نعد هذا مخالفا لحديث عائشة. # قلت له: إن كان مخالفا لحديث عائشة كان الذي يلزمنا وإياك أن نصير إلى ~~حديث عائشة دونه؛ # PageV01P102 # لأن الأصل ما نبني نحن وأنت عليه، إن الأحاديث إذا اختلفت لم نذهب إلى ~~واحد منها دون غيره إلا بسبب يدل على أن الذي ذهبنا إليه أقوى من الذي ~~تركناه، قال: وما ذلك السبب؟ قلت: أن يكون أحد الحديثين أشبه بكتاب الله، ~~فإذا أشبه كتاب الله كان فيه الحجة. قال: هكذا نقول؟ قلت: فإن لم يكن فيه ~~نص كتاب كان أولاهما بناء الأثبت منهما، وذلك أن يكون من رواه أعرف إسنادا، ~~وأشهر بالعلم، وأحفظ له، أو يكون روى الحديث الذي ذهبنا إليه من وجهين أو ~~أكثر، والذي تركنا من وجه، فيكون الأكثر أولى بالحفظ من الأقل: أو يكون ~~الذي ذهبنا إليه أشبه بمعنى كتاب الله، أو أشبه بما سواها من سنن رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم -، أو أولى بما يعرف أهل العلم، أو أوضح في القياس، ~~والذي عليه الأكثر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # قال: وهكذا نقول، ويقول أهل العلم. قلت: فحديث عائشة أشبه # بكتاب الله تعالى؛ لأن الله تعالى يقول: حافظوا على الصلوات والصلاة ~~الوسطى فإذا دخل الوقت فأولى المصلين بالمحافظة المقدم للصلاة، وهو أيضا ~~أشهر رجالا بالفقه وأحفظ، ومع حديث عائشة ثلاثة كلهم يروون عن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - مثل معنى حديث عائشة: زيد بن ثابت، وسهل بن سعد، وهذا ~~أشبه بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث رافع بن خديج. # قال: فأي سنن؟ قلت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أول الوقت ~~رضوان الله، وآخره عفو الله، وهو لا يؤثر على رضوان الله شيئا، والعفو لا ~~يحتمل إلا معنيين: عفوا عن تقصير، أو توسعة، والتوسعة يشبه أن يكون الفضل ~~في غيرها إذا لم يؤمر بترك ذلك الذي وسع في خلافه. # قال: وما تريد بهذا؟ قلت: إذا لم يؤمر بترك الوقت الأول ms101 وكان جائزا أن ~~يصلي فيه غيره قبله فالفضل في التقديم والتأخير تقصير توسع فيه. # وقد أبان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما قلنا، وسئل: أي ~~الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة في أول وقتها. وهو لا يدع موضع الفضل # PageV01P103 # ولا يأمر الناس إلا به، وهو الذي لا يجهله عالم. إن تقديم الصلاة في أول ~~وقتها أولى بالفضل لما يعرض للآدميين من الأشغال والنسيان والعلل، وهذا ~~أشبه بمعنى كتاب الله؟ قال: وأين هو من كتاب الله؟ قلت: قال الله تعالى: ~~حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فمن قدم الصلاة في أول وقتها كان أولى ~~بالمحافظة عليها ممن أخرها عن أول وقتها. # وقد رأينا الناس فيما وجب عليهم وفيما تطوعوا به يؤمرون بتعجيله إذا # أمكن لما يعرض للآدميين من الأشغال والنسيان والعلل التي لا تجهلها ~~العقول. # وقال الشافعي: فقال: (أتعد) خبر رافع يخالف خبر عائشة؟ فقلت له: لا. ~~فقال: فبأي وجه يوافقه؟ فقلت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حض ~~الناس على تقديم الصلاة، وأخبر بالفضل فيها احتمل أن يكون من الراغبين من ~~يقدمها قبل الفجر الآخر فقال - يعني - رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ~~أسفروا بالفجر يعني: حين يتبين الفجر الآخر معترضا. ### | باب في المسبوق يصلي ما فاته ثم يدخل مع الإمام في الصلاة، ونسخ ذلك # أخبرنا أبو العلاء الحافظ، أخبرنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد، أخبرنا ~~محمد بن عبد الله الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، ~~حدثنا ابن الأصبهاني، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن حجاج، عن أبي ~~إسحاق، عن هبيرة بن كريم، عن علي، وعمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ~~ليلى، عن معاذ بن جبل، كلاهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا ~~أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما صنع. # هذا حكم ثابت معمول به، وهو ناسخ للحديث الذي أخبرنا به محمد بن عمر بن ~~أحمد الحافظ: أخبرنا الحسن بن أحمد القارئ، أخبرنا أبو نعيم، # حدثنا سليمان ms102 بن أحمد، حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي، ~~حدثنا فليح بن سليمان، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة الجملي، عن عبد ~~الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: كنا نأتي الصلاة إذا جاء # PageV01P104 # رجل وقد سبق بشيء من الصلاة، أشار إليه الذي يليه قد سبقت بكذا وكذا ~~فيقضي، قال: فكنا بين راكع وساجد، وقائم وقاعد، فجئت يوما وقد سبقت ببعض ~~الصلاة، وأشير إلي بالذي سبقت به، فقلت: لا أجده على حال إلا كنت عليها، ~~فكنت بحالهم التي وجدتهم عليها، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~قمت فصليت، واستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس، وقال: من ~~القائل كذا وكذا؟ قالوا: معاذ بن جبل. فقال: قد سن لكم معاذ فاقتدوا به؛ ~~إذا جاء أحدكم، وقد سبق بشيء من الصلاة، فليصل مع الإمام بصلاته، فإذا فرغ ~~الإمام فليقض ما سبقه به. # وبالإسناد قال سليمان بن أحمد: حدثنا محمد بن محمد التمار البصري، حدثنا ~~حرمي بن حفص القسملي، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن حصين، عن عبد الرحمن بن ~~أبي ليلى، عن معاذ بن جبل قال: كان الناس على عهد رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - إذا سبق أحدهم بشيء من الصلاة سألهم؛ فأشاروا إليه بالذي سبق ~~به، فيصلي ما سبق به، ثم يدخل معهم في صلاتهم، فجاء معاذ والقوم قعود في ~~صلاتهم فقعد معهم، فلما سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فقضى ما ~~سبق به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اصنعوا كما صنع معاذ. # قرأت على روح بن بدر، أخبرك أبو الفتح أحمد بن محمد التاجر إذنا، عن أبي ~~سعيد محمد بن موسى الصيرفي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا ~~الشافعي، قال: وإذا سبق الإمام الرجل بركعة # فجاء الرجل فركع تلك الركعة لنفسه، ثم دخل مع الإمام في صلاته حتى يكملها ~~فصلاته كلها فاسدة، وعليه أن يعيد الصلاة، ولا يجوز أن يبتدئ الصلاة لنفسه ~~ثم يأتم بغيره ms103، وهذا منسوخ، قد كان المسلمون يصنعون حتى جاء عبد الله بن ~~مسعود، أو معاذ بن جبل، وقد سبقه النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء من ~~الصلاة، فدخل معه، ثم قام يقضي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن ابن ~~مسعود - أو معاذا - قد سن لكم فاتبعوه. # قال المزني: قوله - عليه السلام -: إن معاذا قد سن لكم، يحتمل أن يكون ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن # PageV01P105 # يستن بهذه السنة فوافق ذلك فعل معاذ، وذلك أن بالناس حاجة إلى رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - في كل ما يسن، وليس به حاجة إلى غيره. ### | باب موقف الإمام والمأموم # أخبرني أبو عبد الله سفيان بن أبي الفضل الثوري، أخبرنا إسماعيل بن ~~الفضل، أخبرنا منصور بن الحسين، أخبرنا محمد بن إبراهيم الخازن، حدثنا أحمد ~~بن محمد الأزدي، حدثنا علي بن شيبة، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا ~~إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود: أنهما دخلا على عبد الله ~~بن مسعود فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ فقالا: نعم. فقام بينهما، وجعل أحدهما عن ~~يمينه، والآخر عن شماله. # هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في كتابه، وقد تقدم الكلام عليه. # قرأت على أبي طاهر روح بن بدر الصوفي، أخبرك أحمد بن محمد بن أحمد التاجر ~~إذنا، عن أبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا ~~الربيع، أخبرنا الشافعي فيما بلغه، عن محمد بن عبيد، عن محمد بن إسحاق، عن ~~عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه أن # عبد الله صلى به وبعلقمة، فقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، وقال: ~~هكذا كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # وقد اختلف أهل العلم في النفر الثلاثة يجتمعون، فكان ابن مسعود يرى أن ~~يصفوا جميعا، فإذا كانوا أكثر من ذلك قدموا أحدهم، وبه قال النخعي، ونفر ~~يسير من أهل الكوفة، وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم، وقالوا: إذا كانوا ~~ثلاثة قدموا أحدهم، هذا قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن ms104 ~~عمر، وجابر بن زيد، والحسن، وعطاء بن أبي رباح، وبه قال مالك، وأهل الحجاز، ~~والشام، والشافعي وأصحابه، وأبو حنيفة، وأهل الكوفة. # وقال بعضهم: حديث عبد الله بن مسعود منسوخ؛ لأن ابن مسعود إنما تعلم هذه ~~الصلاة من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة، وفيها التطبيق وأحكام ~~أخر هي الآن متروكة، وهذا الحكم من جملتها، ولما قدم النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - # PageV01P106 # المدينة تركه. # ذكر أحاديث تدل على أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة خلاف الأول # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، عن أحمد بن علي بن عبد الله، ~~أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا علي بن عبد ~~العزيز، حدثنا محمد بن عباد المكي - حدثنا حاتم بن إسماعيل - حدثنا يعقوب ~~بن مجاهد، عن عبادة بن الوليد بن عبادة، عن جابر بن عبد الله قال: سرت مع ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة فقام يصلي، قال: فجئت حتى قمت عن ~~يساره، فأخذ بيدي، فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء ابن صخر حتى قام عن ~~يساره، فأخذنا بيديه جميعا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه. # هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في الصحيح عن محمد بن عباد، وفيه دلالة على أن ~~هذا الحكم هو الآخر؛ لأن جابرا إنما شهد المشاهد التي كانت بعد بدر. # ثم في قيام ابن صخر عن يسار النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا دلالة على ~~أن الحكم الأول كان مشروعا، وأن ابن صخر يستعمل الحكم الأول حتى منع منه، ~~وعرف الحكم الثابت الثاني. # أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد السلمي، أخبرنا محمد بن علي ~~الحافظ، أخبرنا عبد الوهاب بن محمد، أخبرنا أبو بكر أحمد بن # عبدان، أخبرنا محمد بن سهل، أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: قال خليفة بن ~~خياط: حدثنا زيد بن الحباب، أخبرنا أفلح بن سعيد الأنصاري، حدثنا بريدة بن ~~سفيان بن فروة، عن غلام لجده يقال له مسعود، قال: مر بي النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - وأبو ms105 بكر، فقال لي أبو بكر: اذهب إلى أبي تميم فقل له: احملنا ~~على بعير، وابعث إلينا بواحد دليل. فبعثني وبعث معي ببعير ووطب من لبن، ~~فجعلت آخذ بهما أخفي الطريق، وكنت عرفت الإسلام، فقام النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - يصلي، فقام أبو بكر عن يمينه، وقمت خلفهما، فدفع النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - في صدر أبي بكر، فقمنا خلفه. # أخبرني أبو المحاسن محمد بن علي الزاهد، أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن، # PageV01P107 # أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: فأما ما روي في ذلك، عن ابن مسعود، فقد قال ~~محمد ابن سيرين: كان المسجد ضيقا، وقد قيل: أنه رأى النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - يصلي وأبو ذر عن يمينه يصلي، كل واحد منهما يصلي لنفسه، فقام ابن ~~مسعود خلفهما، فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فظن عبد ~~الله أن ذلك سنة الموقف، ولم يعلم أنه لا يؤمهما، وعلمه أبو ذر حتى قال ~~فيما روي عنه: يصلي كل رجل منا لنفسه. # وذهب الجمهور إلى ترجيح رواية غيره على روايته، وأنهم أكثر عددا، وأن عبد ~~الله ذكر في حديثه هذا التطبيق، وكان ذلك الأمر الأول، وإذا ثبت أن ذلك من ~~الأمر الأول وجب أن يكون هذا أيضا من الأمر الأول، ثم نسخ، وبأن عمر وعليا ~~والعامة ذهبوا إلى ما قلنا، والله أعلم. ### | باب ما ذكر في ائتمام المأموم بإمامه إذا صلى جالسا # قرأت على محمد بن علي بن أحمد القاضي، أخبرك أبو طاهر أحمد بن الحسن في ~~كتابه، أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا دعلج، أخبرنا محمد بن علي، ~~حدثنا سعيد، حدثنا سفيان، عن الزهري، سمع أنس بن مالك يقول: # سقط النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فرس، فجحش شقه الأيمن، فدخلنا عليه # نعوده، فحضرت الصلاة، فصلى بنا قاعدا، فصلينا وراءه قعودا، فلما قضى ~~الصلاة قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، ~~وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، ~~وإذا ms106 صلى قاعدا فصلوا قعودا، أجمعون. # أخرجاه في الصحيح؛ من حديث مالك عن الزهري. # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، أخبرنا مكي بن منصور، # أخبرنا أحمد بن الحسن، أخبرنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا ~~الشافعي، أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت: صلى ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاكي فصلى جالسا، وصلى وراءه ~~قوم قياما، وأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم ~~به؛ فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع # PageV01P108 # فارفعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا. # هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك، وأخرجه مسلم من ~~حديث هشام بن عروة، وفي الباب عن أبي هريرة، وابن عمر، وجابر، ومعاوية. # وقد اختلف أهل العلم في الإمام يصلي بالناس جالسا من مرض، فقالت طائفة: ~~يصلون قعودا اقتداء به، وذهبوا إلى هذه الأحاديث، ورأوها محكمة، وممن فعل ~~ذلك: جابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأسيد بن حصين، وبه قال أحمد، وإسحاق، ~~وطائفة من أهل الحديث. # وقال أحمد: كذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله أربعة من أصحابه، ~~والرابع هو في خبر قيس بن فهد أن إمامهم شكا على عهد النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - فكان يؤمنا جالسا ونحن جلوس. # وقالت طائفة: لا يؤم القاعد القائمين، وإن فعلوا لم يجزهم، وبه قال مالك، ~~ومحمد بن الحسن. # وقال الثوري: تصح صلاة الإمام، ولا تصح صلاة المأمومين إذا صلوا خلفه ~~جلوسا. # قال أكثر أهل العلم: يصلون قياما، ولا يتابعون الإمام في الجلوس، ورأوا ~~أن هذه الأحاديث منسوخة، وممن ذهب إلى ذلك من العلماء: عبد الله بن ~~المبارك، والشافعي وأصحابه، وقد حكينا نحو هذا عن الثوري. # نسخ ذلك # أخبرني أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد، أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن ~~محمد الصيرفي في كتابه، أخبرنا محمد بن يونس بن شاذان، أخبرنا محمد بن ~~يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك بن أنس، عن هشام بن ~~عروة ms107، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في مرضه فأتى أبا ~~بكر وهو قائم يصلي، فاستأخر أبو بكر، فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -: أن كما أنت، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنب أبي ~~بكر، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس ~~يصلون بصلاة أبي بكر. # ورواه الشافعي أيضا عن الثقة يحيى بن حسان، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن ~~عروة، عن أبيه، عن عائشة موصولا. # PageV01P109 # قرأت على أبي طالب الكتاني بواسط العراق، أخبرك أحمد بن الحسن بن أحمد في ~~كتابه، أخبرنا الحسن بن محمد بن شاذان، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد ~~بن علي، حدثنا سعيد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، ~~عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء بلال يؤذنه ~~بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس - وذكر الحديث - قالت: فلما دخل ~~في الصلاة وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خفة، قالت: فقام ~~يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض حتى دخل المسجد، # فلما سمع أبو بكر حسه ذهب ليتأخر، فأومأ إليه رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -: أن قم كما أنت، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس عن ~~يسار أبي بكر، قالت: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس ~~جالسا، وأبو بكر قائما، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر. # هذا حديث صحيح ثابت متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح عن قتيبة، عن أبي ~~معاوية أيضا، عن مسدد، عن عبد الله بن داود الخريبي، عن الأعمش، وقال في ~~حديثه: قام أبو بكر، وقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنبه يصلي. # وأخرجه أيضا من حديث حفص بن غياث عن الأعمش، وأخرجه مسلم عن يحيى بن ~~يحيى، عن أبي معاوية، وعن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، وأبي ms108 معاوية، ~~وأخرجه أيضا من حديث عيسى بن يونس، وعلي بن مسهر عن الأعمش بمعناه دون ذكر ~~اليسار. # ومن ذهب إلى هذا الحديث قالوا: فهذا الفعل الذي رويناه عن رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - صحيح عنه، ويكون ناسخا للحكم المتقدم، وإليه أشار ~~الشافعي، قال: المستحب للإمام إذا لم يستطع القيام في الصلاة أن يستخلف ولا ~~يؤم قاعدا، ولما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما مرض استخلف ~~في أكثر الصلوات، وإنما صلى بنفسه دفعة واحدة. # قرأت على روح بن بدر بن ثابت الرازي، أخبرك أبو الفتح # PageV01P110 # أحمد بن محمد بن أحمد إذنا، عن كتاب محمد بن موسى الصيرفي، أخبرنا محمد ~~بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي قال: وقد روي عن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - فيما قلت شيء منسوخ وناسخ، فذكر حديث أنس وحديث عائشة، وقد مضى ~~ذكرهما، ثم قال: وهذا ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منسوخ ~~بسنته، وذلك أن أنس بن مالك يروي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى ~~جالسا من سقطة فرس، وعائشة تروي ذلك، وأبو هريرة يوافق روايتهما، وأمر من ~~خلفه في هذه العلة بالجلوس إذا صلى جالسا، ثم يروى عن عائشة: أن النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا، والناس خلفه قياما، ~~قال: وهي آخر صلاة صلاها بالناس، بأبي وأمي - صلى الله عليه وسلم - حتى لقي ~~الله تعالى، وهذا لا يكون إلا ناسخا، وفي الحديث دلالة على ذلك، حيث أم ~~عليه السلام وهو قاعد، وفي بعض ألفاظ هذا الحديث: فأم رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - أبا بكر وهو قاعد، وأم أبو بكر الناس وهو قائم، وليس المراد به ~~أن أبا بكر كان إماما في تلك الصلاة على الحقيقة؛ لأن الصلاة لا تصح ~~بإمامين، وإنما النبي - صلى الله عليه وسلم - كان الإمام، وأبو بكر كان ~~يبلغ الناس التكبير، فسمي لذلك إماما. # وقال الشافعي أيضا في الرسالة: فلما كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم ms109 - في مرضه الذي مات فيه قاعدا والناس خلفه قياما، استدللنا على أن ~~أمره للناس بالجلوس في سقطته عن الفرس قبل مرضه الذي مات فيه، # وكانت صلاته في مرضه الذي مات فيه قاعدا والناس خلفه قياما ناسخة لأن ~~يجلس الناس بجلوس الإمام. # وكان في ذلك دليل بما جاءت به السنة وأجمع عليه الناس؛ من أن الصلاة ~~قائما إذا أطاقها المصلي، وقاعدا إذا لم يطق، وأن ليس للمطيق القيام منفردا ~~أن يصلي قاعدا. # فكانت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن صلى في مرضه قاعدا، ومن ~~خلفه قياما، مع أنها ناسخة لسنته الأولى قبلها، موافقة سنته في الصحيح ~~والمريض، وإجماع الناس: أن يصلي كل واحد منهما فرضه، كما يصلي خلف الإمام ~~الصحيح قاعدا والإمام المريض قائما. # وهكذا نقول: يصلي الإمام جالسا، ومن خلفه من الأصحاء قياما؛ فيصلي كل ~~واحد فرضه، ولو وكل غيره كان حسنا. # وقد أوهم بعض الناس فقال: # PageV01P111 # لا يؤمن أحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسا، واحتج بحديث رواه ~~منقطع عن رجل مرغوب الرواية عنه، لا يثبت بمثله حجة على أحد فيه: لا يؤمن ~~أحد بعدي جالسا. # وأخبرني أبو المحاسن محمد بن علي الزاهد، أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن، ~~أخبرنا أبو بكر البيهقي، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، أخبرنا الأصم، أخبرنا ~~الربيع، أخبرنا الشافعي قال: وقد روى في هذا الصنف - يعني الصلاة خلف من ~~يصلي جالسا - يغلط فيه بعض من ذهب إلى الحديث، وذلك أن عبد الوهاب الثقفي، ~~أخبرنا عن يحيى بن سعيد، عن أبي الزبير، عن جابر: أنهم خرجوا يشيعونه وهو ~~مريض فصلى جالسا، وصلوا خلفه جلوسا. # قال: وأخبرنا الثقفي، عن يحيى بن سعيد، أن أسيد بن حضير فعل مثل ذلك. # قال الشافعي: وفي هذا ما يدل على أن الرجل يعلم الشيء عن رسول # الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم خلافه عنه، فيقول بما علم، ثم لا ~~يكون في قوله بما علم وروى حجة على أحد؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- قال ms110 قولا أو عمل عملا ينسخ العمل الذي قال به غيره وعمله، وبسط الكلام في ~~هذا، وأراد أنهما إنما فعلا ذلك لأنه لم يبلغهما النسخ، قال: وفي هذا دليل ~~على أن علم الخاصة يوجد عند بعض ويغرب عن بعض، والله أعلم. # PageV01P112 ### | باب في سجود السهو بعد السلام والاختلاف فيه # أخبرني أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف، أخبرنا أبو الفتح عبدوس # بن عبد الله، أخبرنا الحسين بن علي بن سلمة، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، ~~أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا الحسين بن إسماعيل بن سليمان المجالدي، حدثنا ~~الفضل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: صلى ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة فزاد فيها أو نقص، فلما سلم قلنا: ~~يا نبي الله، هل حدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ فذكرنا له الذي فعل، ~~فثنى رجله واستقبل القبلة، فسجد سجدتي السهو، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: لو ~~حدث في الصلاة شيء لأنبأتكم به. ثم قال: إنما أنا بشر؛ أنسى كما تنسون، ~~فأيكم شك في صلاته فليتحر الذي يرى أنه صواب، ثم يسلم، ويسجد سجدتي السهو. # هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجاه في الصحيح من حديث منصور، وله في الصحاح ~~طرق. # وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجود السهو بعد السلام من غير ~~وجه، وهو في حديث عمران بن حصين، وأبي هريرة، وعبد الله بن جعفر، والمغيرة ~~بن شعبة، وثوبان. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب على أربعة أوجه: # فطائفة رأت السجود كله بعد السلام عملا بهذا الحديث، وممن روينا ذلك عنه ~~من الصحابة: علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وعمار ~~بن ياسر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، ومن التابعين: الحسن، ~~وإبراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والثوري، والحسن بن صالح، وأبو ~~حنيفة، وأهل الكوفة. # وذهبت طائفة أخرى إلى أن السجود كله قبل السلام، وأن حديث ابن مسعود ~~متقدم منسوخ، وتمسكوا في ذلك ms111 بأحاديث. # قرأت على أبي طاهر روح بن بدر بن ثابت، أخبرك محمود بن إسماعيل الصيرفي، ~~أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا يحيى بن أيوب ~~العلاف، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، حدثنا عجلان، أن ~~محمد بن يوسف مولى # PageV01P113 # عثمان بن عفان حدثه، عن أبيه: أن معاوية بن أبي سفيان صلى بهم، فنسي ~~وقام، وعليه جلوس فلم يجلس، فلما كان آخر صلاته سجد سجدتين قبل التسليم. ~~قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع. # رواه عبد الله بن صالح عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن ~~الأشج، عن عجلان نحو رواية يحيى بن أيوب، وكذلك رواه ابن لهيعة عن ابن ~~عجلان، وقد روي عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن ~~العجلان مولى فاطمة، عن محمد بن يوسف. # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن علي بن عبد الله في كتابه، ~~أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، أخبرني محمد بن القاسم العتكي، حدثنا ~~إسماعيل بن قتيبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ~~ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك، ~~وليبن على اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة ~~كانت الركعة نافلة والسجدتان، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلاته، ~~والسجدتان ترغمان أنف الشيطان. # هذا حديث صحيح مخرج في كتاب مسلم من حديث عطاء. # قال الشافعي: وقد روينا قولنا عن أبي سعيد الخدري، وعبد الرحمن بن عوف، ~~ومعاوية بن أبي سفيان، وكلهم يروون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد ~~فيهما جميعا قبل السلام. # قال الشافعي - رضي الله عنه -: وأخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن ~~عبد الله بن بحينة، قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ms112، ~~ثم قام فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى الصلاة ونظرنا تسليمه كبر فسجد ~~سجدتين، وهو جالس قبل التسليم، ثم سلم. # وهذا حديث صحيح أخرجه البخاري في الصحيح، عن عبد الله بن يوسف، وأخرجه ~~مسلم عن يحيى بن يحيى، جميعا عن مالك، ثم قال الشافعي في حديث ابن بحينة: ~~وهذا نقصان، وقال في حديث أبي # PageV01P114 # سعيد: وهذه زيادة. فبين بذلك أنه سجد فيهما جميعا قبل السلام. # وقال الشافعي - رضي الله عنه - في القديم أيضا: أخبرنا مطرف بن مازن، عن ~~معمر، عن الزهري، قال: سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجدتي السهو ~~قبل السلام وبعده، وآخر الأمرين قبل السلام، ثم أكده الشافعي برواية معاوية ~~بن أبي سفيان، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجدهما قبل السلام، قال: ~~وصحبة معاوية متأخرة. # أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن الفرج، أخبرنا أبو محمد السمرقندي عبد ~~الله بن أحمد، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا عبد ~~الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي، حدثنا محمد بن عبد الله بن منصور أبو ~~إسماعيل الفقيه، حدثنا ابن أبي السري، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ~~العمي، حدثنا أيوب، عن ابن سيرين، والحسن، عن أبي هريرة: أن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - سجد بعد السلام والكلام. # قال الحسن: فنسخ، وثبتت السجدتان. # وممن رأى السجود كله قبل السلام: أبو هريرة، ومكحول، والزهري، ويحيى بن ~~سعيد الأنصاري، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، والأوزاعي، وأهل الشام، والليث ~~بن سعد، وهو مذهب الشافعي - رضي الله عنه -. # وطريق الإنصاف أن نقول: أما حديث الزهري الذي فيه دلالة على النسخ ففيه ~~انقطاع؛ فلا يقع معارضا للأحاديث الثابتة، وأما بقية الأحاديث في السجود ~~قبل السلام وبعده قولا وفعلا فهي وإن كانت ثابتة صحيحة ففيها نوع تعارض، ~~غير أن تقديم بعضها على بعض غير معلوم برواية موصولة صحيحة، والأشبه حمل ~~الأحاديث على التوسع وجواز الأمرين. # وقد قال الشافعي في القديم - مع ما حكيناه عنه -: من سجد للسهو بعد ~~السلام تشهد ثم ms113 يسلم، ومن سجد قبل السلام أجزأه التشهد الأول، وفي قوله هذا ~~تجويز السجود بعد السلام وقبله. # وقد روى أحمد بن إسحاق القاضي، عن أبيه قال: حدثنا الشافعي - رضي الله ~~عنه - وذكر حديث ذي اليدين، وسجدهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ~~الزيادة بعد التسليم. # وفي النقصان قبل التسليم، فذهبنا إلى ذلك في الحديثين جميعا، # PageV01P115 # وقد ذهبت طائفة أخرى إلى أن السهو إذا كان في النقصان كان السجود قبل ~~السلام على حديث ابن بحينة، وإذا كان في الزيادة كان السجود بعد السلام، ~~وإليه ذهب مالك بن أنس، ونفر من أهل الحجاز وأبو ثور. # وقالت طائفة أخرى: الحيطة في هذا أن تتبع ظواهر الأخبار إذا نهض من ثنتين ~~سجدهما قبل السلام على حديث ابن بحينة، وإذا شك فرجع إلى اليقين سجدهما قبل ~~السلام على حديث أبي سعيد، وإذا سلم من ثنتين سجدهما بعد السلام على حديث ~~أبي هريرة، وإذا شك وكان ممن يرجع إلى التحري سجدهما بعد السلام على حديث ~~ابن مسعود، وكل سهو يدخل عليه سوى ما ذكرناه يسجد قبل السلام سوى ما روي عن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - وإليه ذهب أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود ~~الهاشمي من أصحاب الشافعي، وأبو خيثمة. ### | ومن باب صلاة الخوف # أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي، أخبرنا أبو بكر عبد ~~الغفار بن محمد النيسابوري، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن ~~يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو عامر العقدي، عن محمد بن طلحة، ~~عن زبيد، عن مرة، عن عبد الله، قال: شغل المشركون رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - عن صلاة العصر حتى اصفرت الشمس، أو احمرت، فقال: شغلونا عن ~~صلاة الوسطى، ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا أو قال: حشا الله قبورهم ~~وأجوافهم نارا. # هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في الصحيح، عن عون بن سلام، عن محمد بن طلحة. # أخبرني أبو موسى الحافظ، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا سليمان ~~بن أحمد، حدثنا أحمد بن ms114 الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا الحارث بن أسد، ~~حدثنا محمد بن كثير الكوفي، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن الأسود، ~~عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال: شغل النبي - صلى الله عليه وسلم - في ~~شيء من أمر المشركين فلم يصل الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فلما فرغ صلاهن ~~الأول فالأول، وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف. # PageV01P116 # أخبرنا عبد المنعم بن عبد الله بن محمد، أخبرنا عبد الغفار بن محمد ~~الجنابذي، أخبرنا أبو بكر الحرشي، أخبرنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع، ~~أخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن أبي فديك، أخبرنا ابن أبي ذئب، # عن المقبري، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: حبسنا يوم ~~الخندق عن الصلاة، حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل، حتى كفينا وذلك قول ~~الله عز وجل: (وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) فدعا رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأمره فأقام الظهر، فصلاها فأحسن صلاتها ~~كما كان يصليها في وقتها، ثم أقام العصر فصلاها كذلك، ثم أقام العشاء ~~فصلاها كذلك أيضا، قال: وذلك قبل أن ينزل الله في صلاة الخوف: (فرجالا أو ~~ركبانا) . # قال الشافعي - رضي الله عنه -: فبين أبو سعيد أن ذلك قبل أن ينزل الله ~~على النبي - صلى الله عليه وسلم - الآية التي ذكر الله فيها صلاة الخوف؛ ~~قول الله - عز وجل -: (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من ~~الصلاة) الآية. (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) الآية. # ولما حكى أبو سعيد أن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الخندق كانت ~~قبل أن تنزل صلاة الخوف (فرجالا أو ركبانا) استدللنا على أنه لم يصل صلاة ~~الخوف إلا بعدها؛ إذ حضرها أبو سعيد، وحكى تأخير الصلوات حين خرج من وقت ~~عامتها، وحكى أن ذلك قبل نزول صلاة الخوف. # قال الشافعي: ولا تؤخر صلاة الخوف بحال أبدا عن الوقت إن كانت في # حضر، أو عن وقت الجمع في السفر لخوف ولا لغيره، ولكن يصلي ms115 كما صلى رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم -. # والذي أخذنا به في صلاة الخوف أن مالكا أخبرنا عن يزيد بن رومان، عن صالح ~~بن خوات، عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف يوم ذات ~~الرقاع: أن طائفة صلت معه، وطائفة صفت وجاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة ثم ~~ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة ~~الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا، # PageV01P117 # وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم. # قال الشافعي: وأخبرني من سمع عبد الله بن عمر بن حفص يذكر عن أخيه عبيد ~~الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن أبيه خوات بن جبير، ~~عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث يزيد بن رومان. # قال الشافعي: وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف ~~على غير ما حكى مالك، وإنما أخذنا بهذا دونه؛ لأنه كان أشبه بالقرآن وأقوى ~~في مكايدة العدو، وقال الشافعي أيضا: وفي هذا دلالة على ما وصفت قبل هذا ~~الكتاب من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سن سنة فأحدث الله إليه ~~في تلك السنة نسخها أو مخرجا إلى سعة منها، فسن رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - سنة تقوم بها الحجة على الناس، حتى يكونوا إنما صاروا من سنته إلى ~~سنته التي بعدها. وقال أيضا فنسخ الله تعالى تأخير الصلاة عن وقتها في ~~الخوف إلى أن يصلوها كما أنزل الله، وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~في وقتها، ونسخ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنته في تأخيرها بفرض ~~الله في كتابه ثم بسنته، فصلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وقتها ~~كما وصفت. ### | ومن كتاب الجمعة في الصلاة قبل الخطبة، ونسخ ذلك # أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن هبة الله البيع، أخبرنا أحمد بن الحسن، ~~أخبرنا القاضي أبو الغنائم محمد بن محمد بن علي، أخبرنا عبد الله بن محمد ~~الأسدي، أخبرنا علي ms116 بن الحسن بن العبد، حدثنا سليمان بن الأشعث، حدثنا ~~محمود بن خالد، حدثنا الوليد، أخبرني أبو معاذ بكير بن معروف أنه سمع مقاتل ~~بن حيان قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي يوم الجمعة قبل ~~الخطبة مثل العيدين، حتى كان يوم جمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، ~~وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال: إن دحية بن خليفة قدم بتجارته، وكان دحية ~~إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف، فخرج الناس؛ لم يظنوا إلا أنه ليس في ترك ~~الخطبة # PageV01P118 # شيء؛ فأنزل الله: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) . الآية، فقدم ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة، فكان لا يخرج ~~أحد لرعاف أو حدث بعد النهي حتى يستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~يشير إليه بأصبعه التي تلي الإبهام، فيأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~ثم يشير بيده، وكان من المنافقين من تثقل عليه الخطبة والجلوس في المسجد، ~~فكان إذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه يستتر به حتى يخرج، ~~فأنزل الله تعالى: (قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا) الآية. # هذا مرسل؛ أخرجه أبو داود في المراسيل. ### | ومن كتاب الجنائز باب الأمر بالقيام للجنازة # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أحمد بن الحسن ~~القاضي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا ~~سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن عامر بن ربيعة، قال: قال رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم -: إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع. # هذا حديث صحيح ثابت، أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان. # وقال الشافعي: هذا لا يعدو أن يكون منسوخا، وأن النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - قام لها لعلة قد رواها بعض المحدثين؛ أنها كانت جنازة يهودي، فقام ~~لها كراهية أن تطوله. # أخبرني أبو طالب محمد بن علي بن أحمد القاضي، أخبرنا أبو طاهر أحمد بن ~~الحسن في كتابه، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا دعلج بن أحمد ms117، أخبرنا محمد ~~بن علي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا إسماعيل، حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي ~~كثير، عن عبد الله بن مقسم، عن جابر بن عبد الله قال: مرت بنا جنازة، فقام ~~لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقمنا معه، فقلنا: يا رسول الله إنها ~~جنازة يهودي. فقال: إن الموت فزع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا. # أخبرني أبو الفضل صالح بن محمد، أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن، أخبرنا ~~أحمد بن عبد الله، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا عباس بن مجاشع، ~~حدثنا محمد بن أبي يعقوب، # PageV01P119 # حدثنا حسان، حدثنا ليث، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - قال: إذا # مرت جنازة فقوموا لها؛ فإنما تقومون لمن معها من الملائكة. # وفي الباب عن نفر من الصحابة. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فقال بعضهم: على الجالس أن يقوم إذا رأى الجنازة حتى تخلفه، وممن رأى ~~ذلك: أبو مسعود البدري، وأبو سعيد الخدري، وقيس بن سعد، وسهل بن حنيف، ~~وسالم بن عبد الله. # وقال أحمد بن حنبل: إن قام لم أعبه، وإن قعد فلا بأس به، وبه قال إسحاق ~~الحنظلي. # وقال أكثر أهل العلم: ليس على أحد القيام للجنازة، وروينا ذلك عن علي بن ~~أبي طالب، والحسن بن علي، وعلقمة، والأسود، والنخعي، ونافع بن جبير، وفعله ~~سعيد بن المسيب، وبه قال عروة بن الزبير، ومالك، وأهل الحجاز، والشافعي ~~وأصحابه، وذهبوا إلى أن الأمر بالقيام منسوخ، وتمسكوا في ذلك بأحاديث. # قرأت على أبي طاهر روح بن بدر بن ثابت، أخبرك أبو الفتح أحمد بن محمد بن ~~أحمد التاجر في كتابه، عن أبي سعيد محمد بن موسى الصيرفي، أخبرنا أبو ~~العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن ~~واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن # نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم، عن علي: أن رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - كان يقوم للجنازة ثم جلس بعد. # هذا ms118 حديث صحيح، أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ليث بن سعد، عن يحيى بن ~~سعيد. # أخبرني محمد بن علي بن أحمد القاضي، عن أحمد بن الحسن بن أحمد، أخبرنا ~~الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا ~~سعيد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة، حدثني واقد ~~بن عبد الله بن عمرو بن سعد قال: شهدت جنازة في بني سلمة، فقمت، فقال لي ~~نافع بن جبير: اجلس؛ فإني سأخبرك في هذا بثبت، حدثني مسعود بن الحكم ~~الزرقي، أنه سمع علي بن أبي طالب في رحبة الكوفة وهو يقول: كان رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - أمرنا بالقيام في الجنازة، ثم جلس بعد ذلك، وأمرنا ~~بالجلوس. # PageV01P120 # وقال أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن، حدثنا أبو بكر محمد بن الفضل ~~الطبري، حدثنا يحيى بن محمد البصري، حدثنا أبو حذيفة، عن سفيان، عن ليث، عن ~~مجاهد، عن أبي معمر قال: مرت بنا جنازة فقمنا، فقال علي: من أفتاكم هذا؟ ~~قلنا: أبو موسى الأشعري. فقال: ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~إلا مرة، كان يتشبه بأهل الكتاب، فلما نسخ ذلك ونهي عنه انتهى. # ورواه عاصم عن سفيان الثوري بالإسناد، وقال فيه: قام رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - مرة ثم نهي عنه، فهذه الألفاظ كلها تدل على أن القعود ~~أولى من القيام. # قرأت على أبي منصور محمد بن أحمد بن الفرج، أخبرك عبد القادر بن محمد، ~~أخبرنا أبو علي التميمي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن ~~أحمد بن محمد، حدثني أبي، حدثنا أبو النصر، حدثنا أبو معاوية - يعني شيبان ~~- عن ليث، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - قال: إذا مرت جنازة فإن كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا فقوموا لها، ~~فإنه ليس يقوم لها ولكن يقوم لمن معها من الملائكة. # قال ليث: فذكرت هذا الحديث لمجاهد، فقال: حدثني عبد الله بن ms119 سخبرة الأزدي ~~قال: إنا لجلوس مع علي ننتظر جنازة إذ مرت بنا أخرى، فقمنا، فقال علي: ما ~~يقيمكم؟ فقلنا: هذا ما يأتونا به أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - قال: ~~وما ذلك؟ قلت: زعم أبو موسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - # قال: إذا مرت جنازة فإن كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا فقوموا لها؛ فإنه ~~ليس يقوم لها ولكن يقوم لمن معها من الملائكة. فقال علي: ما فعلها رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - قط غير مرة برجل من اليهود، وكانوا أهل كتاب، ~~وكان يتشبه بهم، فإذا نهي انتهى، فما عاد لها بعد. # قال الشافعي: فقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تركه بعد فعله، ~~والحجة في الآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كان الأول ~~واجبا فالآخر من أمره ناسخ، وإن كان استحبابا فالآخر هو الاستحباب، وإن كان ~~مباحا لا بأس بالقيام والقعود، فالقعود أولى؛ لأنه الآخر من فعله - صلى ~~الله عليه وسلم -. # PageV01P121 ### | باب عدد التكبير على الجنائز # قرأت على أبي بكر محمد بن ذاكر بن محمد الخرقي، أخبرك الحسن بن أحمد، ~~أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا أبو عمر ~~القاضي، حدثنا إسحاق الشهيدي، حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن المرقع، قال: ~~صليت خلف زيد بن أرقم على جنازة، فكبر عليها خمسا، وقال: صليت خلف رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فكبر خمسا. # أخبرني أبو داود محمود بن سليمان الخيام الواعظ، أخبرنا أبو القاسم هبة ~~الله بن محمد الشيباني، أخبرنا أبو علي التميمي، أخبرنا أحمد بن # جعفر المالكي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد، حدثني أبي، حدثنا محمد بن ~~جعفر، حدثنا شعبة، حدثنا عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كان ~~زيد بن أرقم يصلي على جنائزنا، فيكبر أربعا، ثم إنه كبر يوما على جنازة ~~خمسا، فسألوه فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر هكذا، أو ~~كبر هكذا. # هذا حديث ms120 صحيح على شرط مسلم، أخرجه في كتابه. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب. # فذهبت طائفة إلى هذا الحديث، ورأوا عدد التكبيرات خمسا، وممن رأى ذلك: ~~عبد الله بن مسعود، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن اليمان، وعيسى مولى حذيفة، ~~وأصحاب معاذ بن جبل. # وقالت طائفة: تكبر ستا، وروى ذلك عن علي بن أبي طالب. # وقالت فرقة ثالثة: يكبر سبعا، روي ذلك عن زر بن حبيش، وقال حماد بن أبي ~~سليمان: كانوا يكبرون على الجنائز سبعا وستا وخمسا وأربعا. # وقالت فرقة رابعة: يكبر ثلاثا؛ روي ذلك عن أنس بن مالك، وجابر بن زيد، ~~وقد حكاه ابن المنذر، عن ابن عباس، والمشهور عن ابن عباس أنه كان يكبر ~~أربعا. أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد القاضي، أخبرنا أبو طاهر أحمد ~~بن الحسن في كتابه، أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا # دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا سعيد، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن ~~أبي معبد، قال: كان ابن العباس يجمع الناس بالحمل على الجنازة، ويكبر ~~ثلاثا، قال سفيان: يعني غير تكبيرته التي افتتح بها. # وقد روي # PageV01P122 # نحو ذلك عن أنس بن مالك، وقال بكر بن عبد الله المزني: لا يزاد على سبع، ~~ولا ينقص من ثلاث. # وقد روي عن أحمد أنه قال: لا ينقص من أربع، ولا يزاد على سبع. # وقالت فرقة خامسة: يكبروا ما كبر إمامهم، روي ذلك عن ابن مسعود في إحدى ~~الروايتين عنه. # وقال أكثر أهل العلم: يكبر أربعا لا يزيد ولا ينقص، وروي ذلك عن عمر بن ~~الخطاب، والحسن والحسين سبطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزيد بن ~~ثابت، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن عمر، وصهيب بن سنان، وأبي بن ~~كعب، والبراء بن عازب، وأبي هريرة، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن عباس، ومن ~~التابعين: محمد بن الحنفية، والشعبي، وعلقمة، ومحمد بن علي بن الحسين، ~~وعطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبد العزيز، وبه قال الثوري، وأكثر أهل الكوفة، ~~ومالك ms121، وأكثر أهل الحجاز، والأوزاعي، وأهل الشام، وابن المبارك، والشافعي ~~وأصحابه، وأحمد في المشهور عنه، وإسحاق ومن تبعه من أهل خراسان، وكان من ~~حجة هؤلاء أحاديث ثابتة رووها في الباب. # أخبرني أبو الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد بن ~~الحسن، أخبرنا القاضي أبو النصر أحمد بن الحسين، أخبرنا # أحمد بن محمد الدينوري، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا قتيبة، عن مالك، عن ~~ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى ~~للناس النجاشي، وخرج بهم فصف فيهم وكبر أربع تكبيرات. # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أبو بكر أحمد ~~بن الحسن الحرشي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، ~~وأخبرني أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الخطيب من أصله العتيق في ~~آخرين قالوا: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد، أخبرنا أبو ~~عمرو بن عثمان بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، أخبرنا إسحاق بن الحسن، ~~حدثنا عبد الله بن مسلمة، وأخبرنا أبو الحسن عبد الحق بن عبد الخالق ~~اليوسفي، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد القاهر الأسدي، وأخبرني أبو العلاء ~~الحافظ، # PageV01P123 # أخبرنا عبد القادر بن محمد، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر الفقيه، ~~أخبرنا أبو الحسن بن لؤلؤ، أخبرنا الهيثم بن خلف، أخبرنا معن # بن عيسى، قالوا جميعا: عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ~~هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى للناس النجاشي اليوم الذي ~~مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم وكبر أربع تكبيرات. # هذا حديث ثابت مستفاض من حديث الحجازيين مخرج في الصحاح كلها. وفي الباب ~~عن ابن عباس، وابن أبي أوفى، وجابر، وغيرهم. # قال بعض أئمتنا: حديث أبي هريرة متأخر؛ لأن موت النجاشي كان بعد إسلام ~~أبي هريرة بمدة، فإن قيل: وإن دل حديث أبي هريرة على التأخير فليس في حديث ~~زيد بن أرقم ما يدل على التقديم، وما لم ms122 يعلم ذلك لا يحكم لأحدهما على ~~الآخر، فليس أحدهما أولى بالتأخير من الآخر، فهل تجدون حديثا يصرح بالتأقيت ~~في التقديم والتأخير؟ قالوا: نعم، في الباب ما يدل على ذلك. # وذكروا ما أخبرنا به محمد بن بنيمان بن يوسف، أخبرنا أبو منصور سعد بن ~~علي العجلي، أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، أخبرنا علي ~~بن عمر بن أحمد، حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا أحمد بن الوليد الفحام، ويحيى ~~بن زيد بن يحيى الفزاري، قالا: حدثنا بكر بن خنيس، حدثنا الفرات بن سلمان ~~الجزري، عن ميمون بن مهران، عن عبد الله بن عباس، قال: آخر ما كبر رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - على الجنائز أربعا، وكبر عمر على أبي بكر ~~أربعا، وكبر عبد الله بن عمر على عمر # أربعا، وكبر الحسن بن علي على علي أربعا، وكبر الحسين على الحسن أربعا، ~~وكبرت الملائكة على آدم أربعا. # ورواه يونس بن بكير عن النضر بن أبي عمر، عن عكرمة بن عباس نحوه مختصرا، ~~أخرجه الدارقطني في السنن، وقال: كذا قال أحمد بن الوليد الفحام في ~~الإسناد: الفرات بن سلمان، وإنما هو الفرات بن السائب، وهو متروك الحديث، ~~والفرات بن سلمان خطأ. # أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي الحافظ إذنا، أخبرنا أحمد بن ~~أحمد بن إسحاق المروزي، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم ~~الرازي، # PageV01P124 # أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي، أخبرنا أبو أحمد عبيد ~~الله بن محمد بن ناصح الفقيه الشافعي المعروف بابن المفسر الدمشقي، حدثنا ~~أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي بدمشق، حدثنا شيبان الأيلي، ~~حدثنا نافع أبو هرمز، حدثنا أنس بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - كبر على أهل بدر سبع تكبيرات، وعلى بني هاشم سبع تكبيرات، وكان آخر ~~صلاته أربعا حتى خرج من الدنيا. # وهذا الإسناد أيضا رواه وخالفه إبراهيم بن محمد بن الحارث، رواه عن شيبان ~~عن نافع أبي هرمز، عن عطاء، عن ms123 ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~كان آخر صلاته أربع تكبيرات حتى خرج من الدنيا. # أخبرنا به أبو بكر محمد بن إبراهيم الخطيب، أخبرنا أبو زكريا العبدي، ~~أخبرنا أبو طاهر الكاتب، أخبرنا أبو الشيخ، حدثنا إبراهيم بن أحمد. # أخبرني محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، أخبرنا إسماعيل بن الفضل بن أحمد، ~~أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا محمد بن نوح، حدثنا ~~هارون بن إسحاق، حدثنا المحاربي، عن يحيى بن أنيسة، عن جابر عن الشعبي عن ~~مسروق قال: صلى عمر على بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعته ~~يقول: لأصلين عليها مثل آخر صلاة صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~على مثلها؛ فكبر عليها أربعا. # يحيى بن أبي أنيسة وجابر ضعيفان، وقد روي من غير وجه كلها ضعيفة، وقد ~~روينا عن علي بن أبي طالب أنه صلى على يزيد بن مكفف أربعا، وأنه صلى على ~~سهل بن حنيف فكبر ستا. # وفعل علي - رضي الله عنه - يدل على أنه قد شاهد الحالتين من النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - وهذا يشيد قول من قال: لا وقت ولا عدد، وقالوا الأمر في ~~هذا على التوسع. # وجمعوا بين الأحاديث، وقالوا: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفضل أهل ~~بدر على غيرهم، وكذا بني هاشم، فكان يكبر عليهم خمسا، وعلى من دونهم أربعا، ~~وأن الذي حكى آخر صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن الميت من بني ~~هاشم ولا من أهل بدر، والله أعلم. ### | باب الصلاة على المنافقين، ونسخ ذلك # أخبرنا أبو العباس أحمد بن منصور، أخبرنا عبد الرحمن بن حمد بن # PageV01P125 # الحسين، أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، ~~حدثنا أحمد بن شعيب، أخبرنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، حدثنا عبيد الله، ~~حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: لما مات عبد الله ~~بن أبي جاء ابنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أعطني قميصك حتى ~~أكفنه ms124 فيه، وأصلي عليه، وأستغفر له. فأعطاه قميصه، ثم قال: إذا فرغتم ~~فآذنوني أصلي عليه. فجذبه عمر، وقال: قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين. ~~فقال: أنا بين خيرتين: قال: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) فصلى عليه، ~~فأنزل الله (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) فترك الصلاة ~~عليهم. # هذا حديث صحيح ثابت. # أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل، حدثنا عبدوس بن عبد الله، ~~أخبرنا أبو طاهر الحسين بن علي بن سلمة، أخبرنا أبو بكر بن السني، أخبرنا ~~أبو عبد الرحمن النسائي، أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، حدثنا حجين ~~بن المثنى، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، ~~عن عبد الله بن عباس، عن عمر بن الخطاب قال: لما مات عبد الله بن أبي ابن ~~سلول، دعي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه، فلما قام رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت إليه، قلت: يا رسول الله، أتصلي # على ابن أبي، وقد قال يوم كذا وكذا وكذا وكذا؟ أعدد عليه، فتبسم رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أخر عني يا عمر. فلما أكثرت عليه قال: ~~إني خيرت فاخترت، فلو علمت أني إذا زدت على السبعين غفر له لزدت عليه، فصلى ~~عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيرا حتى ~~نزلت الآيتان من براءة: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ~~إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) فعجبت بعد جرأتي على رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - يومئذ. ### | باب ترك الصلاة على من عليه دين، ونسخ ذلك # أخبرني عبد الرزاق بن إسماعيل، أخبرنا عبد الرحمن بن حمد # PageV01P126 # بن الحسن، أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد، ~~أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا نوح بن حبيب القومسي، حدثنا عبد الرزاق، ~~أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر قال: كان ms125 النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - لا يصلي على رجل عليه دين، فأتي بميت فسأل: عليه دين؟ قالوا: ~~نعم؛ ديناران. قال: صلوا على صاحبكم. # نسخ ذلك. # أخبرني أبو طالب محمد بن علي بن أحمد القاضي، عن أبي طاهر أحمد بن الحسن، ~~أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي، ~~حدثنا سعيد، أخبرنا سفيان، عن الزهري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~كان لا يصلي على من مات وعليه دين. ثم قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ~~من ترك دينا فعلينا قضاؤه. ثم صلى عليهم بعد. # هذا وإن كان مرسلا، غير أن له شواهد في الأحاديث الثابتة تدل على صحته، ~~ثم إجماع الأئمة على خلاف هذا الحكم شاهد له أيضا. # أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد، عن أبي نصر بن عبد الكريم بن ~~هوازن، أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن، حدثنا يعقوب بن إسحاق، حدثنا ~~محمد بن إسحاق بن الصباح، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ~~أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~لا يصلي على رجل عليه دين، فأتي بجنازة فقال: على صاحبكم دين؟ فقالوا: نعم. ~~فقال: صلوا على صاحبكم. فقال أبو قتادة: هما علي يا رسول الله. قال: فصلى ~~عليه، قال: فلما فتح الله على رسوله الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من ~~أنفسهم، فمن ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا فعلي. # هذا حديث صحيح متفق عليه. # قرأت على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، أخبرك الحسن بن أحمد القاري، ~~أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، ~~حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، ~~أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من ترك كلا فإلي، ومن ترك مالا ~~فللوارث. # قال أبو بشر يونس بن حبيب: سمعت أبا الوليد يقول: هذا نسخ تلك الأحاديث ~~التي جاءت ms126 في ترك الصلاة على من عليه الدين. # PageV01P127 # وقال أبو بكر عبد الله بن أحمد الصفار، حدثنا محمد بن الفضل الفقيه ~~الطبري، أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن المخزومي، أخبرني محمد بن بكير الحضرمي، ~~حدثنا خالد بن عبد الله، عن حسين بن قيس، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي على من مات وعليه دين، فمات رجل ~~من الأنصار، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أعليه دين؟ فقالوا: نعم. ~~فقال: صلوا على صاحبكم. فنزل جبريل فقال: إن الله يقول: إنما الظالم عندي ~~في الديون التي حملت في البغي والإسراف والمعصية، فأما المتعفف ذو العيال ~~فأنا ضامن أن أؤدي عنه. فصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك: من ترك ضياعا أو دينا فإلي وعلي، ومن ترك ~~ميراثا فلأهله. وصلى عليهم. # هذا الحديث بهذا السياق غير محفوظ، وهو جيد في باب المتابعات. ### | باب النهي عن الجلوس حتى توضع الجنازة، ونسخ ذلك. # أخبرني محمد بن علي بن أحمد القاضي، أخبرنا أحمد بن الحسن القاري في ~~كتابه، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد بن ~~علي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا هشام ~~الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد ~~الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا رأيتم الجنازة ~~فقوموا لها؛ فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع. # هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجاه في الصحيح من حديث أبي سلمة، وأخرجه ~~البخاري من حديث أبي صالح، وقال: كنا في جنازة فأخذ أبو هريرة بيد مروان ~~فجلسا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد الخدري، فأخذ بيد مروان فقال: قم، فوالله ~~لقد علم هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، فقال أبو هريرة، ~~صدق. أخبرني أبو ثابت الحسين بن محمد بن الحسن الشاهد، أخبرنا الحسن بن ~~أحمد القاري، أخبرنا أحمد بن ms127 عبد الله، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا ~~أبو بشر الصفار الرازي، # PageV01P128 # أخبرنا محمد بن عدل، حدثنا عبد الله بن عاصم، حدثنا عثمان بن مقسم، حدثنا # سعيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من تبع ~~جنازة فلا يقعدن حتى توضع. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب؛ فقال قوم: من تبع جنازة فلا يقعدن حتى ~~توضع عن أعناق الرجال. # وممن رأى ذلك: الحسن بن علي، وأبو هريرة، وابن عمر، وابن الزبير، ~~والأوزاعي، وأهل الشام، وأحمد، وإسحاق، وذكر إبراهيم النخعي، والشعبي أنهم ~~كانوا يكرهون أن يجلسوا حتى توضع عن مناكب الرجال، وبه قال محمد بن الحسن، ~~وخالفهم في ذلك آخرون، ورأوا الجلوس أولى، واعتقدوا الحكم الأول منسوخا، ~~وتمسكوا في ذلك بأحاديث. # أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد ~~الثقفي، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا زكريا ~~بن يحيى الساجي، حدثنا نصر بن علي، حدثنا صفوان بن عيسى، عن بشر بن رافع، ~~عن عبد الله بن سليمان بن جنادة بن أبي أمية، عن أبيه، عن جده، عن عبادة بن ~~الصامت، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم في الجنازة حتى ~~توضع في اللحد، فمر بحبر من اليهود، فقال: هكذا نفعل، فقال النبي - صلى ~~الله عليه وسلم -: اجلسوا وخالفوهم. # هذا حديث غريب، أخرجه الترمذي في كتابه عن محمد بن بشار، عن صفوان بن ~~عيسى وقال: بشر بن رافع ليس بقوي في الحديث، وقد روي هذا الحديث من غير هذا ~~الطريق، وفيه أيضا كلام، ولو صح لكان صريحا في النسخ غير أن حديث أبي سعيد ~~أصح وأثبت، فلا يقاومه هذا الإسناد. # أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، ~~أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا الهيثم بن ~~خلف، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن عمرو، عن واقد بن ~~عمرو بن سعد، حدثني نافع بن ms128 جبير، حدثني مسعود بن الحكم الزرقي، عن علي ~~قال: قدمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أول ما قدمنا، ~~فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجلس حتى توضع الجنازة، ثم جلس بعد # PageV01P129 # وجلسنا معه. # وكان يؤخذ بالآخر، فالآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا ~~الحديث بهذه الألفاظ غريب أيضا، ولكنه يشيد ما قبله. ### | باب النهي عن زيارة القبور، ثم الرخصة فيها # أخبرنا أبو منصور محمد بن جعدة العطاردي، أخبرنا أبو محمد الحسين بن ~~مسعود الفراء، أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن أحمد، أخبرنا عبد الرحمن بن ~~أبي شريح، أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا علي بن الجعد، ~~حدثنا معرف بن واصل، عن محارب هو ابن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، ~~قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كنت نهيتكم عن زيارة القبور ~~فزوروها؛ فإن زيارتها تذكر. # هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل، عن ~~ضرار بن مرة، عن محارب. # أخبرني أبو مضر أحمد بن الحسن بن الحسين الصالحاني، أخبرنا الحسن بن أحمد ~~القاري، أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، أخبرنا أبو ~~يعلى، حدثنا إبراهيم بن الحجاج، حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن ربيعة بن ~~النابغة، عن أبيه، عن علي، وعن حماد بن أبي سليمان، عن عبد الله بن بريدة ~~عن أبيه، أنهما قالا: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن زيارة ~~القبور، ثم رخص فيها بعد؛ فقال: إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها. # أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه الحافظ بهمذان، أخبرنا عبد الرحمن بن ~~أحمد بن الحسن، أخبرنا أحمد بن الحسين القاضي، أخبرنا أحمد بن محمد بن ~~إسحاق، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا قتيبة، حدثنا محمد بن عبيد، عن يزيد بن ~~كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: زار رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، وقال ms129: استأذنت ربي عز وجل في أن أستغفر لها ~~فلم يؤذن لي، واستأذنت في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر ~~الموت. # هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن عبيد. # وزيارة القبور مأذون فيها للرجال، اتفق على ذلك أهل العلم قاطبة، وأما ~~النساء فقد روي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن ~~زوارات القبور. # PageV01P130 # وعن ابن عباس لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور، ~~والمتخذين عليه المساجد والسرج. # فرأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص في زيارة القبور، فلما رخص ~~عمت الرخصة للرجال والنساء، ومنهم من كرهها للنساء، وقال: الإذن يختص ~~بالرجال دون النساء. # وفي الباب آثار تدل على هذا المذهب، ومنهم من قال: يكره للنساء؛ لقلة ~~صبرهن، وكثرة جزعهن، وأما اتباع الجنازة فلا رخصة لهن فيه؛ لحديث أم عطية ~~وغيره. ### | باب الاستغفار لموتى المشركين، ونسخ ذلك # أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل بن أحمد الصوفي، أخبرنا أبو ~~الفتح عبدوس بن عبد الله، أخبرنا أبو طاهر الحسين بن علي، أخبرنا أحمد بن ~~محمد الدينوري، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا ~~محمد وهو أبو ثور، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه؛ قال: ~~لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد ~~عنده أبا جهل، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم -: يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله. ~~فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد ~~المطلب؟ فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه ويعيد له ~~تلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب. وأبى ~~أن يقول: لا إله إلا الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما ~~والله لأستغفرن لك ms130 ما لم أنه عنك. فأنزل الله - عز وجل -: (ما كان للنبي ~~والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم ~~أنهم أصحاب الجحيم) . وأنزل الله تعالى في أبي طالب، فقال لرسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم -: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم ~~بالمهتدين) # هذا حديث ثابت مخرج في الصحيح، وفيه حجة لمن يذهب إلى جواز نسخ السنة ~~بالكتاب. ### | ومن كتاب الزكاة # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا أحمد بن علي بن عبد الله في كتابه، ~~أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، أخبرنا محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد ~~الجبار، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ ~~بن جبل: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن وأمره أن يأخذ ~~من البقر من كل ثلاثين بقرة تبيعا، ومن كل أربعين بقرة مسنة، ومن كل حالم ~~دينارا، أو عدله في ثوب معافر. # هكذا رواه # PageV01P131 # العطاردي عن أبي معاوية على الصواب، وكذلك رواه يعلى بن عبيد وجماعة عن ~~الأعمش، وهو حديث حسن على شرط أبي داود والنسائي، أخرجاه في كتابيهما. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب. # فذهب أكثرهم إلى هذا القول، وممن قال به: إبراهيم النخعي، والحسن البصري، ~~ومالك بن أنس، والليث بن سعد، والثوري، والشافعي، وعبد الملك بن الماجشون، ~~وإسحاق، وأبو ثور، ويعقوب أبو يوسف، ومحمد بن الحسن. # قال ابن المنذر: ولا أعلم الناس يختلفون فيه اليوم. # وخالفهم في ذلك نفر وقالوا: في صدقة البقر في كل خمس شاة، وفي عشر شاتان، ~~وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين بقرة، ورأوا ~~الحكم الأول منسوخا. # وممن ذهب إلى ذلك من أهل الحجاز: سعيد بن المسيب، والزهري، ومن أهل ~~البصرة: أبو قلابة. # قرأت على أبي محمد عبد الخالق بن هبة الله بن القاسم، أخبرك أحمد بن ~~الحسن، أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن علي، أخبرنا عبد الله بن ms131 محمد ~~الأسدي، أخبرنا أبو الحسن بن عمر، حدثنا سليمان بن الأشعث، حدثنا محمد بن ~~عبيد، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، قال: في كل خمس من البقر ~~شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه. # قال الزهري: فإذا كانت خمسا وعشرين ففيها بقرة إلى خمس وسبعين، فإذا زادت ~~على خمس وسبعين ففيها بقرتان إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على عشرين ومائة ~~ففي كل أربعين بقرة. # قال معمر: قال الزهري: وبلغنا أن قولهم: قال النبي - صلى الله عليه وسلم ~~-: في كل ثلاثين بقرة تبيع، وفي كل أربعين بقرة بقرة، إن ذلك كان تخفيفا ~~لأهل اليمن، ثم كان هذا بعد ذلك. # وقالت طائفة أخرى: في ثلاثين جذع أو جذعة، وفي أربعين مسنة، فإذا بلغت ~~خمسين فبحساب ذلك. هذا قول حماد بن أبي سليمان، وهو قول الحكم أيضا إلا أنه ~~قال في خمسين مسنة، وقال أبو حنيفة: فيما زاد على الأربعين بحساب ذلك، وفسر ~~أبو ثور ذلك من قوله قال: في خمس وأربعين مسنة وثمن، وفي خمسين مسنة وربع، ~~وكذلك ما زاد قل أو كثر. # وعلى الجملة الاعتماد على # PageV01P132 # حديث معاذ؛ لأنه أصح ما يوجد في الباب وله شواهد في السنن، وأما حديث ~~الزهري فلا يقاومه؛ لما فيه من الانقطاع. ### | ومن كتاب الصيام ### | باب صوم عاشوراء. # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أحمد بن الحسن ~~القاضي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن ~~أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم عاشوراء ويأمر بصيامه # هذا حديث صحيح متفق عليه # أجمع أهل العلم على أن صوم عاشوراء مندوب إليه، واختلفوا في وجوبه قبل ~~نزول فرض رمضان، فذهب بعضهم إلى أنه كان واجبا، وحمل الأمر على الوجوب، ثم ~~نسخ بفرض رمضان، وتمسك في ذلك بأحاديث. # أخبرني عبد الرزاق بن إسماعيل، أخبرنا أبو علي ناصر بن معدي، أخبرنا ms132 علي ~~بن شعيب القاضي، أخبرنا إبراهيم بن محمد الأنبري، أخبرنا أحمد بن محمد بن ~~شاكر، أخبرنا الحسن بن علي الحلواني، حدثنا ابن نمير، عن هشام بن عروة، عن ~~أبيه، عن عائشة قالت: كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، فلما قدم ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة صامه، وأمر الناس بصيامه، فلما ~~فرض رمضان كان رمضان هو الفريضة وترك عاشوراء: من شاء صامه، ومن شاء تركه. # هذا حديث متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح، عن القعنبي، عن مالك، عن ~~هشام بن عروة، وأخرجه مسلم من أوجه. # أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد القاضي، أخبرنا أبو طاهر أحمد بن ~~الحسن في كتابه، أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا دعلج بن أحمد، ~~أخبرنا محمد بن علي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، ~~أخبرنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صام رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - عاشوراء، وأمر بصومه، فلما فرض رمضان ترك، فكان عبد الله لا يصومه ~~إلا أن يأتي على صومه. # أخرجه البخاري بهذا اللفظ # PageV01P133 # من حديث أبي أيوب، وأخرجاه من طرق. قرأت على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، ~~أخبرك أبو عدنان محمد بن أحمد بن محمد بن المطهر، أخبرنا جدي، أخبرنا محمد ~~بن إبراهيم الخازن، أخبرنا المفضل بن محمد الشعبي، أخبرنا الحسن بن علي، ~~حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: ~~دخل الأشعث بن قيس على عبد الله يوما وهو يتغذى، فقال: يا أبا محمد ادن ~~الغداء. فقال: أوليس اليوم عاشوراء؟ قال: وتدري ما يوم عاشوراء؟ قال: إنما ~~كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل ~~رمضان ترك. # هذا حديث صحيح على شرط مسلم بن الحجاج. # قالوا: ولا يلزمنا حديث معاوية، أخبرناه عبد المنعم بن عبد الله بن محمد، ~~أخبرنا عبد الغفار بن محمد، أخبرنا أحمد بن الحسن، أخبرنا محمد بن يعقوب، ~~أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك ms133، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد ~~الرحمن، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حج # وهو على المنبر يقول: يا أهل المدينة، أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - يقول لهذا اليوم: هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم ~~صيامه، وأنا صائم فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر. # هذا حديث صحيح ثابت، أخرجاه في الصحيح من حديث مالك؛ لأن صحبة معاوية ~~متأخرة؛ لم يشاهد ما كان قبل فرض رمضان، فيحتمل تخيير النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - الناس في صومه وإفطاره، وإعلامهم رفع وجوبه؛ كيلا يظن أحد أنه ~~باق على وجوبه، إذ لا واجب سوى صوم رمضان، وعلى هذا يحمل جميع ما قد ورد في ~~الباب من هذا القبيل. # وقال الشافعي - رحمه الله - عقيب حديث عائشة: لا يحتمل قول عائشة ترك ~~عاشوراء بمعنى يصح إلا ترك إيجاب صومه، إذ علمنا أن كتاب الله بين لهم أن ~~شهر رمضان المفروض صومه، وأبان ذلك لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~أو ترك استحباب صومه، هو أولى الأمرين عندنا به؛ لأن حديث ابن عمر ومعاوية ~~عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله لم يكتب يوم عاشوراء على ~~الناس وبسط الكلام فيه. # PageV01P134 ### | باب الرجل يصبح جنبا في شهر رمضان # أخبرنا أبو مسلم: محمد بن محمد بن الجنيد، أخبرنا الحسن بن أحمد القاري، ~~أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا محمد بن ~~يحيى، حدثنا أبو كريب، حدثنا عيينة، عن عمرو بن دينار، وسمع يحيى بن جعدة، ~~عن عبد الله بن عمرو القاري، سمع أبا هريرة يقول: لا ورب هذا البيت ما أنا ~~قلته: من أدركه الصبح وهو جنب فلا يصومن؛ محمد - صلى الله عليه وسلم - ~~قاله، ثم قال: حدثنيه الفضل بن العباس. # اختلف أهل العلم في هذا الباب (فذهب بعضهم) إلى إبطال صومه إذا أصبح ~~جنبا؛ عملا بظاهر هذا الخبر، وقد اختلف فيه عن أبي هريرة، فأشهر قوليه عند ~~أهل العلم أنه قال: لا ms134 صوم له، والقول الثاني قال: إذا علم بجنابته ثم نام ~~حتى يصبح فهو مفطر، وإن لم يعلم حتى يصبح فهو صائم. # وروي نحو ذلك عن طاوس، وعروة بن الزبير. # وذهب عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين من بعدهم إلى القول بصحة صومه، ~~وتمسكوا في ذلك بأحاديث. # أخبرنا معمر بن الفاخر، أخبرنا الحسن بن أحمد القاري، أخبرنا أحمد بن عبد ~~الله، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو مصعب، عن مالك، ~~عن عبد ربه بن سعيد بن قيس، وسمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن ~~هشام، عن عائشة وأم سلمة، # قالتا: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصبح جنبا من جماع من ~~غير احتلام في رمضان، ثم يصوم ذلك اليوم. # رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى، عن مالك، وأخرجه من حديث عمرو بن ~~الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن عبد الله بن كعب الحميري: أن أبا بكر بن ~~عبد الرحمن حدثه عن أم سلمة. # أخبرني عبد الصمد بن الحسين بن عبد الغفار، أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا ~~أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، أخبرنا أحمد بن ~~علي بن المثنى، # PageV01P135 # حدثنا عبد الأعلى بن حماد، أخبرنا مسلم بن خالد، عن عبد الله بن عبد ~~الرحمن، عن أبي يونس مولى عائشة، أن عائشة قالت: سأل رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - رجل وأنا قائمة من وراء الباب أسمع، فقال: إن الصلاة تدركني ~~وأنا جنب وأنا أريد الصيام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأنا ~~تدركني الصلاة وأنا جنب وأنا أريد الصيام، ثم أغتسل وأصوم. فقال الرجل: لست ~~مثلك؛ قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فقال رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم -: إني لأرجو أن أكون أتقاكم لله، وأعلمكم بحدود الله # هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في كتابه من حديث إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله ~~بن عبد الرحمن. # وممن روينا عنه نحو ms135 هذا القول علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو ذر، ~~وأبو الدرداء، وابن عباس. # وبه قال ابن عمر، وعائشة. # وهو مذهب مالك، والشافعي، وعامة أهل الحجاز، والثوري، وأبي حنيفة، وعامة ~~أهل الكوفة، سوى النخعي، وأحمد، وإسحاق، وأهل البصرة، سوى الحسن، وأهل ~~الشام. # وقد اختلفت الرواية عن الحسن في ذلك، وقال النخعي؛ إن كان الصوم فرضا ~~أفطر، وإن كان تطوعا لم يفطر. # قرئ على أبي المحاسن محمد بن عبد الخالق الجوهري، وأنا أسمع، أخبرك أبو ~~المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل في كتابه، أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد ~~البلخي، حدثنا أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي، قال: فأحسن ما سمعت في ~~تأويل ما رواه أبو هريرة في هذا: أن يكون ذلك محمولا على النسخ، وذلك أن ~~الجماع كان في أول الإسلام محرما على الصائم في الليل بعد النوم، كالطعام ~~والشراب، فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر، جاز للجنب إذا أصبح قبل أن ~~يغتسل أن يصوم ذلك اليوم؛ لارتفاع الحظر المتقدم، فيكون تأويل قوله: من ~~أصبح فلا يصوم أي: من جامع في الصوم بعد النوم فلا يجزيه صوم غده؛ لأنه لا ~~يصبح جنبا إلا وله أن يطأ قبل الفجر بطرفة عين، وكان أبو هريرة يفتي بما ~~سمعه من الفضل # PageV01P136 # بن العباس على الأمر الأول ولم يعلم بالنسخ، فلما سمع خبر عائشة وأم سلمة ~~صار إليه. # وقد روي عن سعيد بن المسيب أنه قال: رجع أبو هريرة عن فتياه فيمن أصبح ~~جنبا أنه لا يصوم. # وأما الشافعي - رحمه الله - فقد سلك في هذا الباب مسلك الترجيح، وقال: ~~فأخذنا بحديث عائشة، وأم سلمة زوجي النبي - صلى الله عليه وسلم - دون ما ~~رواه أبو هريرة، عن رجل، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعان: # منها: أنهما زوجتاه، وزوجتاه أعلم بهذا من رجل؛ إنما يعرفه سماعا أو ~~خبرا. # ومنها أن عائشة مقدمة في الحفظ، وأم سلمة حافظة، ورواية اثنين أكثر من ~~رواية واحد. # ومنها: أن الذي روتاه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - المعروف ms136 في ~~المعقول والأشبه بالسنن، وبسط الكلام في شرح هذا ومعناه: أن الغسل شيء وجب ~~بالجماع وليس فعله شيء محرم على صائم، وقد يحتلم بالنهار فيجب عليه الغسل ~~ويتم صومه؛ لأنه لم يجامع في نهار وجعله شبيها بالمحرم وينهى عن الطيب، ثم ~~يتطيب حلالا، ثم يحرم وعليه لونه وريحه؛ لأن نفس التطيب كان وهو مباح. ### | باب الحجامة للصائم # أخبرني أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد، أخبرنا إسماعيل بن أحمد بن ~~الحسين الخسروجردي، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو إسحاق، أخبرنا شافع، أخبرنا أبو ~~جعفر أحمد بن محمد، حدثنا المزني، حدثنا الشافعي، حدثنا عبد الوهاب، عن ~~يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~قال: أفطر الحاجم والمحجوم # هذا حديث قد اختلف فيه على الحسن: # فرواه عنه: يونس بن عبيد كما ذكرناه، ورواه قتادة، عن الحسن، عن ثوبان. # رواه عطاء بن السائب، عن الحسن، عن معقل بن يسار. # ورواه مطر، عن الحسن، عن علي. # ورواه أشعث، عن الحسن، عن أسامة بن زيد. # ورواه بعضهم، عن الحسن، عن غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -. # ورواه ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة، مرفوعا، وقيل: عن عطاء، عن أبي ~~هريرة موقوفا. # وقال الترمذي: سألت أبا زرعة عن حديث عطاء عن أبي هريرة # PageV01P137 # مرفوعا، فقال: هو حديث حسن. # أخبرنا أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا ~~أحمد بن الحسن، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، ~~أخبرنا عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، ~~عن شداد بن أوس، قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمان الفتح فرأى ~~رجلا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان فقال: أفطر الحاجم والمحجوم. # تابعه أيوب وعاصم الأحول عن أبي قلابة، وقيل: عن عاصم، عن أبي قلابة، عن ~~أبي الأشعث، عن أبي أسماء عن شداد. الحديث. # أخبرنا محمد بن عمر بن أحمد، أخبرنا أبو سعد محمد بن أبي عبد ms137 الله، ~~أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا أبو بكر بن خلاد، حدثنا الحارث # بن محمد، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا عاصم الأحول، عن عبد الله بن زيد - ~~وهو أبو قلابة - عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد بن ~~أوس، قال: مررت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمان عشرة ليلة خلت ~~من شهر رمضان، فأبصر رجلا يحتجم، فقال: أفطر الحاجم والمحجوم. # وروى يحيى بن أبي كثير هذا الحديث، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، ~~عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. الحديث. # وكذلك رواه شيبان بن عبد الرحمن، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي، ~~وهؤلاء أصح الناس حديثا في يحيى بن أبي كثير، وخالفهم معمر بن راشد وهو ~~أيضا ثبت فيه، فرواه عنه، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن السائب بن ~~يزيد، عن رافع بن خديج، الحديث، فكأن يحيى بن أبي كثير رواه بالإسنادين ~~جميعا. # وسئل أحمد بن حنبل: أيما حديث أصح عندك في أفطر الحاجم؟ فقال: حديث ~~ثوبان: حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. # فقيل له: فحديث رافع؟ فقال: ذاك تفرد به معمر. # وقال علي بن عبد الله المديني: لا أعلم في أفطر الحاجم حديثا أصح من ذا، ~~يعني حديث رافع بن خديج. # وقال ابن المديني أيضا في حديث شداد: لا أرى الحديثين إلا صحيحين، # PageV01P138 # وقد يمكن أن يكون أبو أسماء سمعه منهما. # ورواه العلاء بن الحارث، وعبد الرحمن بن ثوبان، عن مكحول، عن أبي أسماء، ~~عن ثوبان. # ورواه ابن جريج، عن مكحول: أن شيخا من الحي أخبره أن ثوبان مولى رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ~~أفطر الحاجم والمحجوم. # وقال أحمد رحمه الله: أحاديث أفطر الحاجم، ولا نكاح إلا بولي يشيد بعضها ~~بعضا، وأنا أذهب إليها. # وقال إسحاق: حديث شداد إسناده صحيح، تقوم به الحجة، وهذا الحديث صحيح ~~بأسانيد. # وفيما روى أبو داود ms138 قال: سألت أحمد: أي حديث أصح في أفطر؟ قال: حديث ابن ~~جريج، عن مكحول، عن شيخ من الحي، عن ثوبان. # وفي الباب عن علي، وأسامة بن زيد، وثوبان، ومعقل بن يسار - ويقال: ابن ~~سنان - وبلال، وأبي موسى. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب، فقال بعضهم: الصائم إذا احتجم في نهار ~~رمضان بطل صومه وعليه القضاء، وإليه ذهب عطاء والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، ~~وتمسكوا بهذه الأحاديث ورأوها صحيحة ثابتة محكمة. # وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم من أهل الحجاز والكوفة والبصرة والشام. # وقالوا: لا شيء عليه، وقالوا: الحكم بالفطر منسوخ. # وناسخه ما أخبرنا أبو موسى محمد بن عمر المديني، أخبرنا الحسن بن أحمد ~~القاري، أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا محمد بن بكر في كتابه: أخبرنا أبو ~~داود، حدثنا أبو معمر عبد الوارث، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم. # رواه وهيب بن خالد، عن أيوب بإسناده مثله. # وكذلك رواه جعفر بن ربيعة، وهشام بن حسان، عن عكرمة، عن ابن عباس. # ورواه عبد الوارث بشر بن هلال فقال في حديثه: وهو محرم صائم. # وكذلك رواه يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، وحديث عكرمة صحيح ~~على شرط البخاري. # أخبرني الأمير الزاهد أبو المحاسن محمد بن علي، أخبرنا زاهر بن أبي # PageV01P139 # عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن الحسين، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، ~~أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، قال: قال الشافعي عقيب حديث ابن ~~عباس: وأول سماع ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، ~~ولم يكن يومئذ محرما، ولم يصحبه محرما قبل حجة الإسلام، فذكر ابن عباس ~~حجامة النبي - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الإسلام سنة عشر، وحديث أفطر ~~الحاجم والمحجوم عام الفتح، والفتح كان سنة ثمان قبل حجة الإسلام بسنتين، ~~فإن كانا ثابتين فحديث ابن عباس ناسخ وأفطر الحاجم والمحجوم منسوخ. # ذكر خبر يصرح بالنسخ # أخبرني أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف ms139، أخبرنا أبو منصور سعد بن علي ~~العجلي، أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله، أخبرنا علي بن عمر بن ~~أحمد، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ~~حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا عبد الله بن المثنى، عن ثابت البناني، عن أنس ~~قال: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أفطر هذان. ثم رخص النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم، قال ~~الدارقطني: كلهم ثقات، ولا أعلم له علة. # PageV01P140 # قال: وإسناد الحديثين جميعا مشتبه، وحديث ابن عباس أمثلهما إسنادا، فإن ~~توقى رجل الحجامة كان أحب إلي احتياطا، ولئلا يعرض صومه يعني للضعف، قال: ~~والذي أحفظ عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين وعامة ~~المدنيين أنه لا يفطر أحدنا بالحجامة. # وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى ما قاله الشافعي، فممن يروينا عنه ذلك من ~~الصحابة: سعد بن أبي وقاص، والحسين بن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وزيد بن ~~الأرقم، وابن عمر، وأنس، وعائشة، وأم سلمة، ومن التابعين: الشعبي، وعروة بن ~~الزبير، والقاسم بن محمد، وعطاء بن يسار، وزيد بن أسلم، وعكرمة، وأبو ~~العالية، وإبراهيم، وسفيان، ومالك، والشافعي وأصحابه إلا ابن المنذر. # ذكر خبر آخر يدل على الرخصة # والغالب أن الرخصة لا تكون إلا بعد النهي # قرأت على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، أخبرك الحسين بن أحمد القاري، ~~أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا محمد بن أحمد العبدي الجرجاني، أخبرنا عبد ~~الله بن محمد بن شيرويه، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا المعتمر ~~بن سليمان، سمعت حميدا الطويل يحدث عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد ~~الخدري، قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبلة للصائم ورخص ~~في الحجامة. # أخبرني محمد بن محمد بن الجنيد الصوفي، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الله ~~الفقيه، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد ms140 الله، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا ~~إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن خلاد بن عبد الرحمن، ~~عن شقيق بن ثور أحسبه عن أبيه، قال: سألت أبا هريرة عن الصائم يحتجم؟ قال: ~~يقولون: أفطر الحاجم والمحجوم، ولو احتجم ما باليت. قالوا: وهذا القول من ~~أبي هريرة يدل على أنه قد ثبت عنده الرخصة، وذكر الشافعي في رواية حرملة ~~قال: وقد قال بعض من روى أفطر الحاجم والمحجوم أن النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - مر بهما يغتابان رجلا فقال: أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا ~~يغتابان. # أخبرنا محمد بن علي السميري، أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن، أخبرنا أحمد ~~بن الحسين، أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو الحسن الطرائقي، حدثنا ~~عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أبو النضر، حدثنا يزيد بن ربيعة، حدثنا أبو ~~الأشعث، عن ثوبان قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل وهو ~~يحتجم، وهو يعرض برجل فقال - عليه السلام -: أفطر الحاجم والمحجوم. كذا ~~رواه النضر، ورواه الوحاظي، عن يزيد بن ربيعة، عن أبي الأشعث الصنعاني أنه ~~قال: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفطر الحاجم والمحجوم؛ لأنهما ~~كانا يغتابان. # ثم حمل الشافعي أفطر الحاجم بالغيبة على سقوط أجر الصوم، وجعل نظير ذلك ~~أن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمتكلم يوم الجمعة: لا ~~جمعة لك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدق، # PageV01P141 # ولم يأمر بالإعادة، فدل على أن ذلك محمول على إسقاط الأجر، وقال فيمن ~~أشرك: فقد حبط عمله، وكان معناه أجر عمله، والله أعلم؛ لأنه لو ابتاع بيعا، ~~أو باعه، أو قضى حقا عليه، أو أعتق، أو كاتب لم يحبط عمله، وأحبط أجر عمله، ~~والله أعلم. ### | باب الصوم والفطر في السفر # أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ في كتابه، أخبرنا الحسين بن ~~المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا المحاملي، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا أبو ~~محمد الحسن بن رشيق المعدل، حدثنا أحمد بن داود بن سليمان الحضرمي، حدثنا ~~مسعود بن ms141 سهل أبو سهل الأسود، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، ~~حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر: ~~أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام في سفره عام الفتح حتى بلغ كراع ~~الغميم، وأمر الناس بالإفطار، فقيل له: الناس صاموا حين رأوك قد صمت. فدعا ~~بإناء فيه ماء عند العصر، فوضعه على يده حتى رآه الناس فشرب. # اختلف أهل العلم في الصوم والإفطار في السفر. # فذهب أكثرهم إلى أنه مخير: إن شاء صام، وإن شاء أفطر؛ ذكره أنس بن مالك، ~~وأبو سعيد عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبه قال ابن عباس، وسعيد ~~بن المسيب، وعطاء، والحسن، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ومجاهد، ~~والأوزاعي، وأهل الشام، والليث بن سعد، وروينا عن عمر أنه قال: إن صام في ~~السفر قضى في الحضر. # وعن ابن عباس رواية أخرى: أنه لا يجزئه. # وقال عبد الرحمن بن عوف: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر. # وذهب جماعة إلى أن الجواز منسوخ، وتمسكوا في ذلك بظواهر. # أخبرنا عبد المنعم بن عبد الله بن محمد، أخبرنا عبد الغفار بن محمد ~~التاجر، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا ~~الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد ~~الله، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح في ~~رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، ثم أفطر فأفطر الناس معه. # وكانوا يأخذون # PageV01P142 # بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # قرأت على محمد بن عمر بن أحمد المديني، أخبرك الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد ~~بن عبد الله، أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد العبدي، أخبرنا عبد الله بن ~~محمد، أخبرنا إسحاق الحنظلي، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر عن الزهري، قال: ~~ارتحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العمرة بعد ثلاث، ثم غزا فتح ~~مكة. # قال الزهري: فأخبرني عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس: أن ms142 رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - خرج من رمضان، فصام وصام الناس معه، وذلك على رأس ~~ثمان سنين ونصف من مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، ثم سار ~~ومن معه من المسلمين حتى إذا كان بالكديد - وهو بين عسفان وقديد - أفطر ~~وأفطر من معه من المسلمين، ثم لم يصم بقية رمضان. # قال الزهري: وكان الفطر آخرهما، إنما يؤخذ بالآخر فالآخر من أمر رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم -. # وقال الزهري: فصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة لبضع عشر خلت من ~~شهر رمضان. ### | باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ونسخ ذلك برمضان # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، عن أحمد بن علي بن عبد الله، أخبرنا الحاكم ~~أبو عبد الله، حدثنا محمد بن جعفر المعدل، حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا عبيد ~~الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة بن الحجاج أنه سمع عمرو بن مرة يقول: ~~سمعت ابن أبي ليلى (ح) وأخبرني أبو موسى الحافظ - واللفظ له - أخبرنا أبو ~~علي الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا محمد بن بكر في كتابه، ~~أخبرنا أبو داود، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن ~~عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: وحدثنا أصحابنا أن رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - لما قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام ثم أنزل رمضان، ~~وكانوا قوما لم يتعودوا الصيام، وكان الصيام شديدا عليهم، فكان من لم يصم ~~أطعم مسكينا فنزلت الآية: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) ، وكانت الرخصة ~~للمريض والمسافر؛ فأمرنا بالصيام. # PageV01P143 # وروى المسعودي، عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن ~~جبل، نحوه مختصرا، وقال فيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم ~~ثلاثة أيام من كل شهر، ويصوم عاشوراء، فأنزل الله: (كتب عليكم الصيام) . ~~الآية، فكان من شاء أن يصوم صام، ومن شاء أن يفطر ويطعم عن كل يوم ms143 مسكينا ~~أجزأه ذلك. # والحديث الأول رواه معاذ بن معاذ، عن شعبة، وذكر فيه أن ذلك كان على وجه ~~التطوع لا على وجه الفرض. ### | باب في السحور بعد طلوع الفجر الثاني # أخبرني أبو بكر الخطيب محمد بن إبراهيم، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا ~~محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا إسحاق بن ~~أحمد، حدثنا نوح بن حبيب القومسي، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، ~~قال: قلت لحذيفة: أتسحرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، ~~ولو أشاء أن أقول هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع. # أخبرني أبو الفضل صالح بن محمد بن أبي نصر، أخبرنا الحسن بن أحمد بن ~~الحسن، أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ، حدثنا ~~عبد الله بن محمد بن ناجية، حدثنا حسين بن أبي زيد، حدثنا الحسن بن الحكم ~~بن طهمان الحنفي، حدثنا أبو جزء، عن عاصم، عن زر قال: قلت لأبي بن كعب: كيف ~~كان سحوركم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم هو الصبح إلا أن ~~الشمس لم تطلع. # أجمع أهل العلم على ترك العمل بظاهر هذا الخبر، وقد اختلفوا في الوقت ~~الذي يحرم فيه الطعام والشراب على من يريد الصوم: # فذهب عامة علماء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى جواز الأكل ~~والشرب إلى حين اعتراض الفجر الآخر في الأفق، وروينا هذا القول عن عمر وابن ~~عباس. # وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال حين صلى الفجر: الآن حين يتبين الخيط ~~الأبيض من الخيط الأسود. # وقال مسروق: لم يكن يعدون الفجر فجركم؛ إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ ~~البيوت والطرق. # وكان إسحاق الحنظلي يذهب إلى القول الأول أيضا؛ # PageV01P144 # غير أنه كان يقول: ولا قضاء على من أكل في هذه الأوقات التي ذكرناها. # وأما حديث حذيفة فقد قال بعضهم: كان ذلك في أول الأمر ثم نسخ، يدل عليه ~~حديث سهل وعدي. # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد ms144، أخبرنا أحمد بن علي بن عبد الله في كتابه، ~~أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن ~~سعيد، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان، حدثني أبو حازم، عن سهل بن ~~سعد، قال: نزلت هذه الآية: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من ~~الخيط الأسود) . # ولم ينزل من الفجر قال: فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه ~~الخيط الأسود والخيط الأبيض فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، ~~فأنزل الله تعالى بعد ذلك: (من الفجر) فعلموا أنه إنما يعني بذلك الليل ~~والنهار. # هذا حديث صحيح ثابت متفق عليه، أخرجه البخاري في كتابه عن سعيد بن أبي ~~مريم، ورواه مسلم عن ابن سهل، والصغاني عن ابن أبي مريم، أخبرنا أبو ~~المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين، أخبرنا الحسن بن أحمد، # أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا إسحاق بن أحمد، ~~حدثنا الحلواني، حدثنا ابن نمير، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، ~~قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: علمني الإسلام. فعلمني ~~الصلاة والزكاة وأمر الإسلام، وقال: إذا جاءك رمضان فصم، وإذا أمسيت فأفطر، ~~ثم كل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قال: فقلت ~~من الشعر أبيض وأسود، فجعلت أنظر إليهما من الليل فأعرف الأبيض من الأسود. ~~فقلت: يا رسول الله، كل ما علمتني من الإسلام قد علمت غير الخيط الأبيض من ~~الخيط الأسود! فقال: ما صنعت يا بن حاتم؟ فذكرت ذلك له، فضحك رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - قال: ألم أقل لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود بياض ~~النهار من سواد الليل. # PageV01P145 ### | كتاب الحج ### | باب في الرجل يحرم وعليه أثر الطيب # أخبرنا محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن غالب، أخبرنا محمد بن ~~عبد الله الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا الحسن بن علي السراج القاضي، ~~حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، سمعت قيس ms145 بن سعد يحدث عن عطاء، عن صفوان بن ~~يعلى، عن أبيه قال: أتى # رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة رجل وعليه جبة وهو مصفر ~~لحيته ورأسه، فقال: يا رسول الله، إني أحرمت، وأنا كما ترى! قال: اغسل عنك ~~الصفرة، وانزع عنك الجبة، وما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك. # أخبرنا الفضل بن القاسم بن الفضل بن عبد الواحد الصيدلاني، أخبرنا الحسن ~~بن أحمد، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا أبو القاسم اللخمي، حدثنا سليمان ~~بن الحسن العطار، حدثنا عبد الله بن سعد بن إبراهيم الزهري، حدثنا عمي، ~~حدثنا أبي، عن أبي إسحاق، عن عبيد الله بن أبي زياد، عن عطاء بن أبي رباح، ~~عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - ونحن عنده فقال: يا رسول الله، إني أهللت. وهو متخلق، ~~وعليه جبة من صوف وعمامة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انزع ~~عمامتك وقميصك، واغسل الصفرة عنك، وما كنت صانعا في حجك فاصنع في عمرتك. # هذا حديث صحيح على شرط # PageV01P146 # مسلم بن الحجاج، أخرجه في كتابه من حديث سفيان بن عمرو بن دينار عن عطاء ~~قريبا من هذا اللفظ. # وقد اختلف أهل العلم في التطيب عند الإحرام. # فذهبت طائفة إلى المنع، ورأوا للمحرم ترك التطيب وغسله، إن كان عليه حالة ~~الإحرام، كما يلزمه التجرد عن المخيط. # وإليه ذهب عطاء، ومالك، ومحمد بن الحسن، وقال أبو حنيفة: إن تطيب بما ~~يبقى أثره بعد الإحرام كان عليه الفدية. # وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم: ورأوا أن ~~للمحرم أن يتطيب قبل إحرامه بطيب يبقى أثره عليه بعد الإحرام، وأن بقاءه ~~بعد الإحرام لا يضره ولا فدية عليه في ذلك، وتمسكوا في ذلك بأحاديث ثابتة، ~~ورأوها آخر الأمرين. # أخبرنا محمد بن علي بن أحمد القاضي، أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد الكرجي ~~في كتابه، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد ms146 بن علي، ~~حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن إبراهيم، عن ~~الأسود بن يزيد، عن عائشة قالت: لقد رأيت وبيص الطيب في مفارق رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاث؛ تعني وهو محرم. # هذا حديث صحيح ثابت متفق عليه، وله طرق في الصحاح. # وروينا عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يفعل ذلك. # وأن ابن عباس رئي محرما وعلى رأسه مثل الرب من الغالية. # وقال مسلم بن صبيح: رأيت الزبير وهو محرم، وفي رأسه ولحيته من الطيب ما ~~لو كان لرجل لاتخذ منه رأس مال. # وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأكثر أهل الكوفة. # أخبرنا عبد الله بن محمد الطوسي، أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الكريم ~~النيسابوري، أخبرنا أحمد بن الحسين الخسروجردي، أخبرنا محمد بن عبد الله ~~الضبي، أخبرنا محمد بن يعقوب المعقلي، أخبرنا الربيع، قال: قال الشافعي: ~~فخالفنا بعض أهل ناحيتنا في التطيب قبل الإحرام، وبعد الرمي، والحلاق، وقبل ~~طواف الزيارة، فقال: لا يتطيب بما تبقى ريحه عليه، وكان الذي احتج به في ~~ذلك أن عمر بن الخطاب أمر معاوية وأحرم معه # PageV01P147 # فوجد منه طيبا، فأمره أن يغسل الطيب، وأنه قال: من رمى الجمر وحلق فقد حل ~~له ما حرم عليه؛ إلا النساء والطيب. # قال الشافعي: وسالم بن عبد الله أفقه وأجمل مذهبا ممن قال هذا القول. # أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد الله بن عمر، وربما قال: ~~عن أبيه، وربما لم يقله، قال: قال عمر: إذا رميتم الجمرة، وذبحتم وحلقتم، ~~فقد حل لكم كل شيء حرم عليكم إلا النساء والطيب، قال سالم: وقالت عائشة: ~~أنا طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله بعد ~~أن رمى الجمر، وقبل أن يزور. # وقال سالم: وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع. # قال الشافعي: ولم أعرف له مذهبا - يعني لمن خالفه - في جواز التطيب قبل ~~الإحرام، إلا أن يكون شبه عليه بحديث يعلى بن ms147 أمية في أن يغسل للمحرم ~~الصفرة عنه، وذكره ثم قال: وهذا لا يخالف حديث عائشة، وإنما أمره النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - بالغسل - فيما نرى، والله أعلم - للصفرة عليه؛ لأنه ~~نهي أن يتزعفر. # وقال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الذي يعرف بابن علية، أخبرني عبد العزيز ~~بن صهيب، عن أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتزعفر ~~الرجل. # ثم قال: وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر غير محرم بغسل الصفرة ~~عنه، يعني حديث عمار: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره. قال: ولا يجوز ~~أن يكون أمر الأعرابي أن يغسل الصفرة إلا لما وصفت؛ لأنه لا ينهى عن الطيب ~~في حال يتطيب فيها - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ولو كان نهيه إياه لأنها ~~طيب، فإن أمره إياه حين # أمره أن يغسل الصفرة عام الجعرانة - وهي سنة ثمان - وكان حجة الإسلام وهي ~~سنة عشر، فكان تطيبه لإحرامه ولحله ناسخا لأمره الأعرابي بغسل الصفرة. # قال الشافعي: والذي خالفنا يروي أن أم حبيبة طيبت معاوية، أشار الشافعي ~~إلى الحديث الذي رواه مالك، عن نافع، عن أسلم مولى عمر: أن عمر وجد ريح طيب ~~وهو بالشجرة، فقال: ممن ريح هذا الطيب؟ فقال معاوية بن أبي سفيان: مني يا ~~أمير المؤمنين. فقال عمر: منك لعمري. فقال # PageV01P148 # معاوية: أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين، فقال عمر: عزمت عليك لترجعن ~~فلتغسلنه. ولو بلغ عمر ما روته عائشة لرجع إلى خبرها، وإذا لم يبلغه فسنة ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع كما قال سالم. # واحتج أبو جعفر الطحاوي في وجوب غسله قبل الإحرام حتى يذهب أثره - بحديث ~~محمد بن المنتشر، قال: سألت عبد الله بن عمر عن الرجل يتطيب ثم يصبح محرما ~~فقال: ما أحب أن أصبح محرما أنضخ طيبا؛ لأن أطلي بالقطران أحب إلي من أفعل ~~ذلك. فدخلت على عائشة فأخبرتها؛ فقالت عائشة: أنا طيبت رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - عند إحرامه، ثم طاف في نسائه، ثم ms148 أصبح محرما. # وهو حديث صحيح أخرجه مسلم في الصحيح، عن أبي كامل وغيره، عن أبي عوانة، ~~عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، وليس في هذا الحديث ما يدل على ~~أنه أصابهن حتى وجب الغسل، بل النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرا ما كان ~~يطوف عليهن من غير أن يصيبهن، وفي حديث عائشة: قل يوم - أو ما كان يوم - ~~إلا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف علينا جميعا فيقبل ويلمس ما ~~دون الوقاع، فإذا جاء عن التي هو يومها بيت عندها ثم إن دل هذا # الحديث دلالة ما على أنه اغتسل بعد ما تطيب، أو اغتسل للإحرام، فحديث ~~إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة أنها قالت: كأني أنظر إلى وبيص المسك في ~~مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاث، تعني وهو محرم، يدل على ~~بقاء عينه وأثره بعد الإحرام؛ لأن وبيص الشيء بريقه ولمعانه، ولا يكون ~~لرائحة المسك والطيب بريق ولا لمعان. # ثم طريق الجمع بين الحديثين أن نقول: يحتمل أنها طيبته مرة ثانية بالمسك ~~بعد الغسل حتى ترى بريقه ولمعانه في مفرقه بعد ثلاث، أو طيبته بذلك قبل ~~الغسل، وبقي أثره في مفارقه بعد الغسل حتى كانت تراه؛ لأن الرائحة معنى، ~~والمعاني لا توصف بالرؤية، والله أعلم. # وقال ابن المنذر: حديث عائشة ثابت، لا مطعن فيه لأحد، وإذا ثبتت السنة ~~استغني بها عن كل قول، وهو يلزم مالكا؛ لأنه رواه. # PageV01P149 ### | باب ما كان في أول الإسلام من منع دخول المحرم من الأبواب، ونسخ ذلك # أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الواحد بن عبد الوهاب الدورقي، أخبرنا الحسن ~~بن أحمد بن الحسن، أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا عبد الله بن محمد، ~~حدثنا أبو يحيى الرازي، حدثنا سهل بن عثمان، حدثنا عبيدة، عن الأعمش، عن ~~أبي سفيان، عن جابر، قال: وكانت قريش تدعي الحمس، وكانوا يدخلون من الأبواب ~~في الإحرام، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام، ~~فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم ms149 - في بستان إذ خرج من بابه، وخرج ~~معه قطبة بن عامر الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله، إن قطبة بن عامر رجل ~~فاجر، فإنه خرج معك من الباب. فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: رأيتك ~~فعلت؛ ففعلت كما فعلت. قال: إني أحمس. قال: فإن ديني دينك. فأنزل الله ~~تعالى: (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) . # ذكر المفسرون أن الناس كانوا في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل ~~منهم بالحج أو العمرة لم يدخل حائطا ولا بيتا ولا دارا من بابه، فإن # كان من أهل المدر نقب نقبا في ظهر بيته منه يدخل ومنه يخرج، أو يتخذ سلما ~~فيصعد فيه، وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط، ولا يدخل من ~~الباب ولا يخرج منه حتى يحل من إحرامه، ويرون ذلك برا إلا أن يكون من الحمس ~~وهم: قريش، وكنانة، وخزاعة، وثقيف، وجشم، وبنو نصر بن معاوية، وبنو عامر بن ~~صعصعة، سموا حمسا لتشددهم في دينهم، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~ذلك، وإنكاره على قطبة بن عامر خروجه يدل على أنه كان مشروعا في أول ~~الإسلام، وهو من قبيل نسخ السنة بالكتاب. ### | باب الاشتراط في الحج. # أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الكريم، ~~أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، أخبرنا ~~محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن عيينة، عن هشام، ~~عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بضباعة بنت # PageV01P150 # الزبير فقال: أما تريدين الحج؟ فقالت: إني شاكية. فقال لها: حجي واشترطي ~~إن محلي حيث حبستني. # وبالإسناد أخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، ~~قال: قالت لي عائشة: هل تستثني إذا حججت؟ فقلت لها: # ماذا أقول؟ فقالت: قل: اللهم الحج أردت، وله عمدت، فإن يسرته فهو الحج، ~~وإن حبسني حابس فهو عمرة. # كذا روى الشافعي حديث ضباعة منقطعا، وقال: لو ثبت حديث عروة عن النبي ms150 - ~~صلى الله عليه وسلم - في الاستثناء لم أعده إلى غيره؛ لأنه لا يحل عندي ~~خلاف ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # أما حديث سفيان بن عيينة، فقد رواه عنه عبد الجبار بن العلاء موصولا، لم ~~تذكر عائشة فيه، وقد ثبت وصله أيضا من حديث أبي أسامة: حماد بن أسامة، عن ~~هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. # وأخرجاه في الصحيح، وثبت عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. # وأخرجه مسلم، وثبت عن عطاء، وسعيد بن جبير، وطاوس، وعكرمة، عن ابن عباس، ~~عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مخرج في كتاب مسلم. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # (فذهبت طائفة) إلى الاشتراط وقالت به طائفة، وممن روينا عنه ذلك: عمر بن ~~الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، ومن ~~التابعين: عبيدة السلماني، والأسود بن يزيد، وعلقمة، وشريح، وعطاء بن أبي ~~رباح، وعكرمة، وعن سعيد بن المسيب روايتان، وعطاء بن يسار، وبه قال أحمد، ~~وإسحاق، وأبو ثور، وقال # إسحاق: لما صح عن عمر وعثمان بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لضباعة، وقد كان الشافعي يقول بهذا ~~القول إذ هو بالعراق، ووقف عنه بمصر، وقال: وهذا مما أستخير الله فيه. # وخالفهم في ذلك آخرون، وأنكروا الاشتراط، ولم يروه شيئا، وكان ابن عمر ~~ينكر الاشتراط في الحج، ويقول: أليس بحسبكم سنة رسول الله - صلى الله # PageV01P151 # عليه وسلم -. # وممن أنكر ذلك سالم بن عبد الله، وطاوس، وسعيد بن جبير، والزهري، وربيعة ~~بن أبي عبد الرحمن الرأي، وقال النخعي: كانوا يشترطون، ولا يرونه شيئا، وبه ~~قال مالك، وأبو حنيفة، وأهل الكوفة. # وأما حديث ضباعة فقد ذهب بعض هؤلاء إلى أنه منسوخ، وروينا ذلك عن ابن ~~عباس. # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الفارسي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، ~~أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا أحمد ms151 ~~بن جعفر الحمال، حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، حدثنا مهران، عن الحسن بن ~~عمارة، عن أبي إسحاق، عن حبيب بن عميرة، أو عميرة بن حبيب، قال: ... سمعت ~~ابن مسعود يقول: إذا أراد أن يحج فليشترط أن محله حيث حبس ... . فذكرت ذلك ~~للحكم، فقال: حدثني مجاهد قال: ... ذكرت ذلك لابن عباس أن رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - أمر ضباعة بنت الزبير أن تشترط أن محلها حيث حبست، فقال: ~~قد كان هذا؛ ولكن نسخ. قلت: وما نسخه؟ قال: نسخه (فإن أحصرتم فما استيسر من ~~الهدي) ... . # ورواه قيس بن الربيع، عن الحسن نحوه، وليس هذا الإسناد بذاك القائم. ### | باب في استحلال النبي - صلى الله عليه وسلم - الحرم، ونسخ ذلك # أخبرني محمود بن أبي القاسم سبط أبي سعيد البغدادي، أخبرنا طراد بن محمد ~~الزينبي في كتابه، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسين، أخبرنا حامد بن ~~محمد الهروي، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو عبيد، حدثنا أبو النصر، ~~عن سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي ~~هريرة أنه قال: يا معشر الأنصار، ألا أعلمكم بحديث؟ فذكر فتح مكة، ثم قال: ~~أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى ~~المجنبتين، وبعث خالد بن الوليد على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة ابن ~~الجراح على الجسر، وأخذوا على بطن الوادي، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- # PageV01P152 # في كتيبة، فنظر فرآني، فقال: يا أبا هريرة، قلت: لبيك يا رسول الله، ~~فقال: اهتف لي بالأنصار، ولا يأتيني إلا أنصاري فهتفت بهم، فجاءوا حتى ~~أطافوا به، وقد وبشت قريش أوباشا لها وأتباعا، فلما أطافت الأنصار برسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أترون ~~أوباش قريش وأتباعهم؟ ثم قال بيديه # إحداهما على الأخرى: احصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا. قال أبو هريرة: ~~فانطلقنا؛ فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم من شاء إلا قتله، فجاء أبو سفيان ~~بن حرب، فقال: يا ms152 رسول الله، أبيحت قريش - أو قال: أبيرت خضراء قريش - لا ~~قريش بعد اليوم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أغلق بابه فهو ~~آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن قال: فغلق الناس أبوابهم. # نسخ ذلك، وإعادة حرمتها كما كانت # أخبرني محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، أخبرنا الحسين بن أحمد، أخبرنا أحمد ~~بن عبد الله، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا إسحاق، أخبرنا عبد الرزاق، عن ~~معمر، عن عثمان الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس، في فتح مكة قال: فلما أشرف ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مكة كف الناس أن يدخلوها حتى يأتيه ~~رسول العباس، فأبطأ عليه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لعلهم يصنعون ~~بعباس ما صنعت ثقيف بعروة بن مسعود، والله إذا لا أستبقي منهم أحدا، قال: ~~ثم جاءه رسول العباس، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر أصحابه ~~بالكف، وقال: كفوا السلاح إلا عن خزاعة بن بكر ساعة ثم أمرهم فكفوا؛ فأمن ~~الناس كلهم إلا أربعة: ابن أبي سرح، وابن خطل، ومقيس الكناني، وامرأة أخرى، ~~ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إني لم أحرم مكة؛ # ولكن الله - عز وجل - حرمها، وأنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي ~~إلى يوم القيامة، وإنما أحلها الله لي ساعة من نهار. ### | ومن كتاب الأضاحي والذبائح ### | باب النهي عن أكل الأضحية بعد ثلاث # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا محمد بن ~~أحمد # PageV01P153 # الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، أخبرنا إبراهيم بن شريك، حدثنا ~~أحمد بن يونس، حدثنا ليث، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - أنه كان يقول: لا يأكل أحدكم من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام. # وقال أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم القزويني، حدثنا أبو ~~بكر محمد بن الفضل، حدثنا عبد الله بن أبي زيد القطواني، حدثنا يعقوب بن ~~إبراهيم بن سعد، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثنا ms153 عبد الله بن إبراهيم مولى ~~آل الزبير، عن أمه، وجدته أم عطاء، قالت: والله لكأنما أنظر إلى الزبير على ~~بغلة له بيضاء، ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى ~~المسلمين أن يأكلوا من لحوم نسكهم فوق ثلاث، فلا تأكليه. قلت: ما أصنع بما ~~أهدي إلينا؟ قال: ما أهدي إليكم فشأنكم. # أخبرني أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا ~~أحمد بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا ~~الشافعي، أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، قال: ~~شهدت العيد مع علي بن أبي طالب فسمعته يقول: لا يأكلن أحدكم من نسكه بعد ~~ثلاث ... . # وقال الشافعي: أخبرنا الثقة، عن معمر، عن الزهري، عن أبي عبيد، عن علي، ~~أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يأكلن أحدكم من نسكه ~~بعد ثلاث. # هذه الأخبار تدل على منع الادخار بعد ثلاث، وممن ذهب إلى هذا القول: علي ~~بن أبي طالب، والزبير، وعبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر، وخالفهم في ~~ذلك جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار، ~~ورأوا جواز ذلك، وتمسكوا في ذلك بأحاديث تدل على نسخ الحكم الأول. # ذكر ما يدل على النسخ # قرأت على أبي طالب زيد بن الحسين الحسيني المديني بها، أخبرك أبوك الفرج ~~سعيد بن بكر الدوري، أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان، أخبرنا محمد بن ~~إبراهيم الخازن، # PageV01P154 # أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي، أخبرنا محمد بن يحيى بن أبي عمر، حدثنا ~~هشام وعبد المجيد، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أنه سمع جابر بن عبد ~~الله يقول: كنا لا نأكل من البدن إلا ثلاث منى، فأرخص لنا النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - فقال: كلوا، وترودوا. قال: فأكلنا وترودنا. # هذا حديث صحيح، وله طرق من حديث عطاء وغيره عن جابر، أخبرنا حبيب بن ~~إبراهيم بن عبد الله الصوفي، أخبرنا الحسن بن أحمد الحسن القاري، أخبرنا ~~محمد بن أحمد ms154 بن محمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ، حدثنا أبو ~~القاسم عبد الله بن محمد، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا معروف بن واصل، عن ~~محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -: نهيتكم عن لحوم الأضاحي أن لا تأكلوا بعد ثلاث، فكلوا وانتفعوا بها ~~في أسفاركم. # أخبرني أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد الصوفي، عن أبي نصر محمد بن أحمد ~~بن محمد بن علي الصيرفي، أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن ~~يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، عن عبد الله بن أبي ~~بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن # عبد الله بن واقد، عن عبد الله بن عمر، قال: نهى رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. قال عبد الله بن أبي بكر: فذكرت ~~ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن، فقالت: صدق، سمعت عائشة تقول: دف ناس من أهل ~~البادية حضرة الأضحى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - ~~صلى الله عليه وسلم -: ادخروا لثلاث، وتصدقوا بما بقي قالت: فلما كان بعد ~~ذلك، قيل: يا رسول الله! لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم يحملون منها ~~الودك، ويتخذون الأسقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما ذاك؟ ~~أو كما قال، قالوا: يا رسول الله، نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث. ~~فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما نهيتكم من أجل الدافة التي ~~دفت حضرة الأضحى؛ فكلوا، وتصدقوا، وادخروا. # قال الشافعي: حدثنا ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة قال: ... سمعت أنس بن ~~مالك يقول: إنا لنذبح ما شاء الله من ضحايانا، ثم نتزود بقيتها إلى البصرة. # قال الشافعي: فهذه الأحاديث تجمع معاني: # منها أن حديث علي، عن النبي # PageV01P155 # - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن إمساك لحوم الأضاحي بعد ثلاث، وحديث ~~عبد الله بن واقد متفقان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. # وفيهما دلالتان: # دلالة على أن عليا سمع ms155 النهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن النهي ~~بلغ عبد الله بن واقد. # ودلالة أن الرخصة من النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تبلغ # عليا، ولا عبد الله بن واقد، ولو بلغتهما الرخصة ما حدثا بالنهي، والنهي ~~منسوخ، ... وقول أنس بن مالك: " نهبط بلحوم الأضاحي البصرة " ... يحتمل أن ~~يكون أنس سمع الرخصة، ولم يسمع النهي قبلها، فتزود بالرخصة ولم يسمع نهيا، ~~أو سمع الرخصة والنهي، فكان النهي منسوخا؛ فلم يذكره، فقال كل واحد من ~~المختلفين بما علم، وهكذا يجب على كل من سمع شيئا من رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - أو ثبت له عنه أن يقول منه بما سمع، حتى يعلم غيره. قال: فلما ~~حدثت عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهي عن إمساك لحوم الضحايا ~~بعد ثلاث، ثم بالرخصة فيها بعد النهي، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- أخبر أنه إنما نهى عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث للدافة، كان الحديث ~~التام المحفوظ أوله وآخره، وسبب التحريم والإحلال فيه حديث عائشة، عن النبي ~~- صلى الله عليه وسلم -. # وكان على من علمه أن يصير إليه، وحديث عائشة من أبين ما يوجد في الناسخ ~~والمنسوخ من السنن. # وهذا يدل على أن بعض الحديث يخص فيحفظ بعضه دون بعضه، ويحفظ منه شيء كان ~~أولا ولا يحفظ آخرا، ويحفظ آخرا ولا يحفظ أولا، فيؤدى كل ما حفظ، والرخصة ~~بعدها في الإمساك والأكل، والصدقة من لحوم الضحايا إنما هي لواحد من معنيين ~~لاختلاف الحالين، فإذا دفت الدافة ثبت النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ~~ثلاث، وإذا لم تدف الدافة فالرخصة ثابتة بالأكل والتزود، والادخار والصدقة، ~~ويحتمل أن يكون النهي عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث منسوخا في كل حال ~~فيمسك الإنسان من ضحيته ما شاء، ويتصدق بما يشاء. ### | باب الفرع والعتيرة # قرأت على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، أخبرك الحسن بن أحمد القاري، # PageV01P156 # أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا أبو أحمد الغطريفي، أخبرنا عبد الله بن ~~محمد، أخبرنا إسحاق ms156 الحنظلي، أخبرنا عبد الرزاق، حدثنا ابن جريج، حدثنا ابن ~~خثيم، عن يوسف بن ماهك، عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، عن عائشة، ~~قالت: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفرع من كل خمسين واحدة. # أخبرنا أبو العلاء محمد بن جعفر الخازن، عن أبي سعد محمد بن محمد بن أبي ~~عبد الله، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا إسحاق، ~~أخبرنا عبد الرزاق، أخبرني عبد الكريم، عن حبيب بن مخنف العنبري، عن أبيه، ~~قال: انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة، وهو يقول: ~~تعرفونها. فلا أدري ما رجعوا عليه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: على ~~كل أهل بيت أن يذبحوا شاة في كل رجب، وفي كل أضحى شاة # قرئ على أبي طاهر روح بن بدر بن ثابت وأنا أسمع، أخبرك محمود بن إسماعيل ~~الصيرفي، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي ~~بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عون، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن ~~أبي المليح، عن نبيشة، قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ~~يا رسول الله، كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب؛ فما تأمرنا؟ فقال: في كل ~~سائمة فرع. # وفي الباب أحاديث سوى ما ذكرنا، وفيها دلالة على الأمر بالفرع والعتيرة، ~~ولكن قوما قد ذهبوا إلى أن هذه الآثار منسوخة، وتمسكوا في ذلك بحديث أبي ~~هريرة. # أخبرنا أبو سعيد عبد الغفار بن عبد الرزاق بن أبي الفرج الأبهري، أخبرنا ~~الحسن بن أحمد القاري، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا أبو القاسم اللخمي، ~~أخبرنا أبو إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد ~~بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا ~~فرع ولا عتيرة. # أخبرني أبو عبد الله سفيان بن أحمد بن محمد الثوري، أخبرنا إبراهيم بن ~~الحسن بن محمد، أخبرنا منصور بن الحسين بن علي، أخبرنا محمد بن إبراهيم ~~الخازن، أخبرنا ms157 أبو بكر محمد بن # PageV01P157 # إبراهيم المنذر الفقيه، قال: ثبت أن عائشة قالت: أمر رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - في الفرعة من كل خمسين بواحدة. # وروينا عن نبيشة الحديث، قال: وخبر عائشة، وخبر نبيشة ثابتان. # وقد كانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية، ويفعلها بعض أهل الإسلام، فأمر ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم نهى عنهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- وقال: لا فرع ولا عتيرة، فانتهى الناس عنها؛ لنهيه إياهم عنها، ومعلوم أن ~~النهي لا يكون إلا عن شيء كان يفعل، ولا يعلم أن أحدا من أهل العلم يقول: ~~إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينهاهم عنهما، ثم أذن فيهما، والدليل ~~على أن الفعل كان قبل النهي قوله في حديث نبيشة: إنا كنا نعتر عتيرة في ~~الجاهلية، وإنا كنا نفرع فرعا في الجاهلية، وفي إجماع عوام علماء الأمصار ~~أن استعمالها ذلك وقوف على الأمر بهما مع ثبوت النهي عن ذلك بيان لما ~~قلناه. # وقد ... كان ابن سيرين من بين أهل العلم يدع العتيرة في شهر رجب، وكان ~~يروي فيها شيئا ... . # وكان الزهري يقول: الفرعة أول النتاج، والعتيرة شاة كانوا يذبحونها في ~~رجب ... . # وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا فرعة ولا عتيرة: ~~قال أبو عمر: وهي الفرعة، والفرع بنصب الراء، وهو أول ولد تلده الناقة، ~~وكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم في الجاهلية؛ فنهوا عنها. # قال أبو عبيد: وأما العتيرة فهي الرجبية، كان أهل الجاهلية إذا طلب أحدهم ~~أمرا نذر إن ظفر به أن يذبح من غنمه في رجب، كذا وكذا وهي العتائر ونسخ ~~بعد. # ويمكن أن يسلك في هذه الأحاديث غير مسلك ابن المنذر؛ فيحمل قوله - عليه ~~السلام -: لا فرعة ولا عتيرة أي: لا فرعة واجبة، ولا عتيرة واجبة، وهذا ~~أولى؛ ليكون جمعا بين الأحاديث كلها، وروينا نحو هذا القول عن إسحاق بن ~~إبراهيم الحنظلي. # PageV01P158 ### | باب في أكل لحوم الحمر الأهلية، ونسخ ذلك # ذكر أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الله القزويني، أخبرنا أبو بكر محمد ms158 بن ~~الفضل الطبري الفقيه، حدثنا سعيد بن عنبسة، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، ~~حدثنا إبراهيم بن المختار، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن ~~أم نصر المحاربية، قالت: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله ~~عن لحوم الحمر الأهلية، فقال: أليس ترعى للكلأ وتأكل الشجر؟ قال: بلى. قال: ~~فأصب من لحمها. # أخبرني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد ~~الوهاب، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ~~حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، قال: ~~سمعت عبيد بن حسين، سمعت عبد الرحمن بن معقل يحدث عن عبد الرحمن بن بشر: أن ~~ناسا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من مزينة حدثوا أن سيد مزينة ~~ابن الأبجر، أو الأبجر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه لم يبق من ~~مالي ما # أطعم أهلي إلا حمري، فقال: أطعم أهلك من سمين مالك، فإنما حرمت لكم جوالي ~~القرية. # ذكر تحريمه # أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه الحافظ، حدثنا الحسن بن أحمد المقرئ، ~~أخبرنا عبد الواحد بن أحمد، أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ، حدثنا يحيى بن ~~محمد بن صاعد، حدثنا عبد الله بن يزيد اللؤلؤي، حدثنا أبي، حدثنا شريك، عن ~~الأعمش، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، قال نهى رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن كل ذي ناب من السباع. # قرأت على أبي المظفر عبد الصمد بن الحسين بن عبد الغفار، أخبرك زاهر بن ~~طاهر، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد، ~~أخبرنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا سفيان، عن حسن وعبد الله ابني ~~محمد بن علي، عن أبيهما، عن علي - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية. # PageV01P159 # أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم ms159 بن علي الخطيب، أخبرنا أبو زكريا العبدي، ~~أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد الكاتب، أخبرنا محمد بن إبراهيم الخازن، ~~أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا إسماعيل بن ~~زكريا، عن عبيد الله، عن نافع، وسالم، عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - نهى عن لحوم الحمر الأهلية. # وفي الباب أحاديث ثابتة اقتصرنا على ما ذكرناه. ### | باب الأمر بكسر القدور التي تطبخ فيها لحوم الحمر، ثم تركها # أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الحافظ، أخبرنا أبو الفضل جعفر ~~بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، ~~حدثنا محمد بن يونس، حدثنا نصر بن علي، أخبرنا حماد بن مسعدة، عن يزيد، عن ~~سلمة بن الأكوع، قال: أصابتنا مخمصة يوم خيبر؛ فأوقد الناس النيران، فقال ~~النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما هذه النيران؟ فقالوا: الحمر الأهلية. ~~فقال: أهريقوا ما فيها، واكسروا القدور. فقال رجل: يا رسول الله، أو نهريق ~~ما فيها ونغسلها؟ قال: أو ذاك. # هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري في الذبائح، عن مكي بن إبراهيم، عن يزيد بن ~~أبي عبيد، وقال البخاري أيضا: حدثنا أبو عاصم، عن يزيد، عن سلمة: أن النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - رأى نيرانا توقد يوم خيبر، قال: على ما توقد هذه ~~النيران؟ فقالوا: على الحمر الإنسية. قال: اكسروها وأهريقوها. قالوا: ألا ~~نهريقوها ونغسلها يا رسول الله؟ قال: اغسلوا. # هكذا أخرجه البخاري في باب: هل تكسر الدنان التي فيها الخمر وتخرق ~~الزقاق. ### | باب ما جاء في أكل لحوم الخيل # روى بقية بن الوليد، عن ثور بن زيد، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن ~~أبيه، عن جده، عن خالد بن الوليد، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- يقول: لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير. # هذا حديث شامي المخرج، # PageV01P160 # وقد روي من غير وجه، وذهب بعضهم إلى ظاهر الحديث، وخالفهم أكثر أهل ~~العلم، ولم يروا بأكل لحم الخيل بأسا، وتمسكوا في ذلك بأحاديث ms160. # أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل بن أحمد، أخبرنا أبو الفتح عبدوس ~~بن عبد الله، أخبرنا أبو طاهر الحسين بن علي، أخبرنا أحمد بن محمد، أخبرنا ~~أحمد بن شعيب، أخبرنا قتيبة، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن جابر، قال: أطعمنا ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخيل، ونهانا عن لحوم الحمر. # أخبرنا محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد ~~بن أحمد بن محمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا إسحاق بن أحمد، ~~حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، حدثنا الفضل بن موسى، عن الحسين بن ~~واقد، عن عمرو بن دينار، عن جابر، وعن أبي الزبير، عن جابر، وعن ابن أبي ~~نجيح، عن عطاء، عن جابر، قال: أطعمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ~~خيبر لحوم الخيل، ونهى عن لحوم الحمر. # رواه حماد بن زيد، عن عمرو، وعن محمد بن علي، عن جابر، وهو الأولى. # وذهب نفر ممن أجاز الأكل إلى أن الحكم الأول منسوخ، وتمسكوا في ذلك ~~بأحاديث: # منها: ما رواه يعقوب الدورقي عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، عن أيوب، عن ~~أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: رخص لنا في أكل لحوم الخيل على عهد ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونهينا عن أكل لحوم الحمر الأهلية. # وفي حديث حماد بن زيد، أخبرناه عبد الرزاق بن إسماعيل، أخبرنا عبد الرحمن ~~بن حمد بن الحسن، أخبرنا القاضي أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد، ~~أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا قتيبة، حدثنا حماد، عن عمرو، وعن محمد بن علي، ~~عن جابر قال: نهى (وذكر) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن ~~لحوم الحمر، وأذن في الخيل. # قالوا: والرخصة تستدعي سابقة منع، وكذلك لفظ الإذن. # قالوا: ولو لم يرد لفظ الرخصة والإذن لكان يمكن أن يقال: القطع بنسخ أحد ~~الحكمين متعذر؛ لاستبهام التاريخ في الجانبين، وإذ ورد لفظ الإذن تبين أن ~~الحظر مقدم # PageV01P161 # والرخصة متأخرة، فيتعين المصير إليها. # وقال ms161 آخرون ممن ذهب إلى جواز الأكل: الاعتماد على الأحاديث التي تدل على ~~جواز الأكل؛ لثبوتها وكثرة رواتها: # ومنها: ما رواه أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن امرأته فاطمة بنت ~~المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: نحرنا على عهد رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - فرسا فأكلناه. # هذا حديث ثابت مخرج في الصحيح، وفي رواية أخرى قالت: أكلنا لحم فرس عند ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكره. # قالوا: وأما حديث خالد بن الوليد، فإنه ورد في قصة معينة، وليس هو مطلقا ~~دالا على الحظر بعمومه ليكون الحكم الثاني رافعا للحكم الأول، بل سبب ~~تحريمه مغاير تحريم الحمار الإنسي والبغل؛ لأن تحريم البغال والحمر ذاتي ~~فكان مستمرا على التأبيد، وتحريم أكل الخيل كان إضافيا، # فزال لزوال سببه، وذلك إنما نهى عن أكل لحوم الخيل يوم خيبر؛ لأنهم ~~تسارعوا في طبخها قبل أن تخمس، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإكفاء ~~القدور تشديدا عليهم، وإنكارا لصنيعهم، ولذلك أمر بكسر القدور أولا، ثم ~~تركها. # وروينا نحو هذا المعنى عن عبد الله بن أبي أوفى، فلما رأوا إنكار النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - ونهيه عن تناول لحوم الخيل والبغال والحمير - اعتقدوا ~~أن سبب التحريم في الكل واحد، حتى نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -: إن الله - عز وجل - ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية؛ فإنها ~~رجس فحينئذ فهموا أن سبب التحريم مختلف، وأن الحكم بتحريم الحمار الأهلي ~~على التأبيد، وأن الخيل إنما نهي عن تناول ما لم يخمس - كما ذكرناه - فيكون ~~قوله رخص وأذن دفعا لهذه الشبهة. # والذي يدل على أن حديث خالد ورد في قصة مخصوصة، ما أخبرنا أبو العلاء ~~الحافظ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد بن محمد، أخبرنا محمد بن عبد الله ~~الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عوف الحمصي، حدثنا ~~عمرو بن عثمان، حدثنا محمد بن حرب، عن أبي سلمة سليمان بن سليم، عن صالح بن ~~يحيى بن المقدام بن معديكرب ms162، # PageV01P162 # عن أبيه، عن جده، عن خالد بن الوليد، قال: غزوت مع رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - خيبر، فأتت اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكوا إليه أن ~~الناس أسرعوا في حظائرهم، فبعثني رسول الله فناديت الناس، أن الصلاة جامعة، ~~ولا يدخل الجنة إلا مسلم، فلما اجتمع الناس، قام رسول الله فقال: ما بال ~~اليهود شكوا أنكم أسرعتم في حظائرهم؟ ألا لا تحل أموال المعاهدين بغير ~~حقها، وحرام عليكم الحمر الأهلية وخيلها، وكل ذي ناب من السبع، وكل ذي مخلب ~~من الطير. ### | ومن كتاب البيوع ### | باب الربا # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر بهمذان، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أحمد ~~بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، ~~أخبرنا ابن عيينة، أنه سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول: سمعت ابن عباس، ~~يقول: أخبرني أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما ~~الربا في النسيئة. # قال الشافعي: فأخذ بهذا ابن عباس، ونفر من أصحابه المكيين، وغيرهم. # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد ~~بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا الحسن بن محمد، حدثنا أبو ~~زرعة، حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا أبو إسرائيل - يعني إسماعيل ~~بن أبي إسحاق الملائي، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت ابن عباس يقول: إنما ~~كنت أفتي فيه برأيي، وقد تركته، وذلك أن أسامة بن زيد حدثني أن رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - قال: لا ربا إلا في الدين. # وقد وافق ابن عباس على هذا القول: سعيد، وعروة بن الزبير، ونفر يسير، ~~وخالفهم في ذلك أهل العلم قاطبة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة ~~الأمصار، وتمسكوا في ذلك بأحاديث ثابتة. # أخبرنا حمزة بن أبي الفتح بن علي، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن ~~عبد الله، # PageV01P163 # حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا القعنبي، عن مالك، ~~عن نافع، عن أبي سعيد الخدري، أن ms163 رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ~~تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا ~~الورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها شيئا غائبا ~~بناجز. # هذا حديث صحيح ثابت، اتفقا على إخراجه في الصحيح من حديث مالك. # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أحمد بن ~~الحسن، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، ~~عن موسى بن إبراهيم، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - قال: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم؛ لا فضل بينهما. # هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم في كتابه من حديث مالك. # وأما حديث أسامة، فسلك بعضهم فيه مسلك الجمع من غير ادعاء النسخ، وادعى ~~نفر نسخه، وأنا أذكر كلا المذهبين. # أما الأول: فقد روي عن الشافعي فيه شيء. # أخبرنا روح بن بدر بن ثابت، عن أبي الفتح أحمد بن محمد بن أحمد، عن سعيد ~~الصيرفي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، قال - بعد ~~ذكر حديث أبي سعيد، وأبي هريرة، وابن عمر ونفر، وروى عثمان بن عفان، وعبادة ~~بن الصامت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الزيادة في الذهب ~~بالذهب يدا بيد، قال الشافعي: فأخذنا بهذه الأحاديث، وقال بمثل معناه ~~الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكثر المفتين ~~بالبلدان. # ثم ذكر الشافعي حديث أسامة بن زيد، وقال: فقال لي قائل: فهذا الحديث ~~مخالف للأحاديث قبله، قلت: قد يحتمل موافقتها، قال: وبأي شيء يحتمل ~~موافقتها؟ قلت: قد يكون أسامة بن زيد سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~يسأل عن الصنفين المختلفين مثل الذهب بالورق، والتمر بالحنطة، أو ما اختلف ~~جنسه متفاضلا يدا بيد، فقال: إنما الربا في النسيئة، أو تكون المسألة سبقته ~~بهذا، فأدرك الجواب، فروى الجواب ولم يحفظ المسألة، أو شك فيها؛ لأنه ليس ~~في حديثه ما ينفي هذا # PageV01P164 # عن أسامة، فيحتمل موافقتها، لهذا قال ms164 الشافعي: فقال لي: فلم قلت يحتمل ~~خلافها؟ قلت: ... لأن ابن عباس الذي رواه كان يذهب هذا المذهب؛ فيقول: لا ~~ربا في بيع يدا بيد، إنما الربا في النسيئة ... . # قال الشافعي: فقال: فما الحجة في أن كانت الأحاديث قبله مخالفة في تركه ~~إلى غيره؟ فقلت له: كل واحد ممن روى خلافا وإن لم يكن أشهر # بالحفظ للحديث من أسامة، فليس به تقصير عن حفظه، وعثمان بن عفان وعبادة ~~أشد تقدما بالسن والصحبة من أسامة، وأبو هريرة أسن وأحفظ من روى الحديث في ~~دهره، ولما كان حديث اثنين أولى في الظاهر بالحفظ، وأن ينفى عنه الغلط من ~~حديث واحد كان حديث الأكثر الذي هو أشبه أن يكون أولى بالحفظ من حديث من هو ~~أحدث منه، وكان حديث خمسة أولى من أن يصار إليه من حديث واحد، قلت: ويقال: ~~إن ابن عباس نزع عن قوله قبل موته. # ذكر أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا أبو بكر محمد بن ~~الفضل الفقيه الطبري، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا عبد الصمد بن ~~عبد الوارث، حدثنا زيد بن مرة أبو المعلى، حدثنا أبو سعيد الرقاشي، أن ~~عكرمة مولى ابن عباس قدم البصرة، فجلسنا إليه في المسجد الجامع، فقال: ألا ~~تنهون شيخكم هذا؟ يعني الحسن بن أبي الحسن يزعم أن ما تبايع به المسلمون ~~يدا بيد الفضة بالفضة والذهب بالذهب، الزيادة فيه حرام، فأنا أشهد أن ابن ~~عباس أحله، فقال أبو سعيد الرقاشي: فقلت: ويحك، أما تعلم أني كنت جالسا عند ~~رأسه وأنت عند رجليه، فجاء رجل فقام عليك فقلت: ما حاجتك؟ فقال: أردت أن ~~أسأل ابن عباس عن الذهب بالذهب، فقلت: اذهب فإنه يزعم أنه لا بأس به. فكشف ~~عمامته عن وجهه، ثم جلس ابن عباس فقال: أستغفر الله، والله ما كنت أرى إلا ~~أن ما تبايع به المسلمون من شيء يدا بيد إلا حلالا، حتى سمعت عبد الله بن ~~عمر، وعمر بن الخطاب، حفظا من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه ms165 وسلم - ما ~~لم أحفظ، فأستغفر الله. وروى أبو زرعة الرازي، أخبرنا عمرو الناقد، حدثنا ~~كثير بن زياد أبو همام # PageV01P165 # الربعي، حدثنا أبو الجوزاء قال: ... سألت ابن العباس عن الصرف، فقال: لا ~~بأس به يدا بيد. فأفتيت به حتى رجعت من قابل إلى مكة فإذا الشيخ حي، فسألته ~~فقال: وزنا بوزن، فقلت له: سألتك عام أول # فأفتيتني أن لا بأس به، فلم أزل أفتي به إلى يومي هذا حتى قدمت عليك. ~~فقال: إن ذلك كان برأي، وهذا أبو سعيد الخدري يحدث عن رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - فتركت رأيي إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ~~وأما من ادعى نسخ ذلك ذهب في ذلك إلى حديث فيه مقال. # أخبرنا محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق. أخبرنا عبد القادر بن محمد، أخبرنا ~~الحسن بن علي بن محمد، حدثنا عمر بن محمد بن علي الصيرفي، حدثنا عبد الله ~~بن محمد بن ناجية حدثنا مجد بن الحسين بن أشكاب، حدثنا عبد الصمد بن عبد ~~الوارث، حدثنا بحر السقاء، حدثنا عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه: أن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصرف قبل موته بشهر. هذا الحديث واهي ~~الإسناد، وبحر السقاء لا تقوم به الحجة، ثم في حديث عبادة ما يدل على أن ~~التحريم كان يوم خيبر. # أخبرني محمد بن عبد الخالق بن أبي نصر، أخبرنا أحمد بن محمد بن بشر، ~~أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا حبيب بن الحسن، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا أحمد ~~بن محمد بن أيوب، أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد ~~الله بن قسيط، أنه حدث عن عبادة بن الصامت، قال: نهانا رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - يوم خيبر أن نبيع، أو نبتاع تبر الذهب بالذهب العين، وتبر ~~الفضة بالفضة العين. قال: وقال: ابتاعوا تبر الذهب بالورق العين، وتبر ~~الفضة بالذهب العين. # هذا الحديث بهذا الإسناد، وإن كان فيه مقال من جهة ابن إسحاق، غير أن له ~~أصلا من ms166 حديث عبادة، ثم يشيده حديث فضالة بن عبيد، فإن أسامة سمعه من النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - قبل خيبر، فقد ثبت النسخ، وإلا فالحكم ما صار إليه ~~الشافعي جمعا بين الأخبار، فبحثنا هل نجد حديثا يؤكد رواية أبي بكرة، ويبين ~~تقديم حديث أسامة، إن كان ما سمعه على ما سمعه، فرأينا أبا موسى الحافظ ~~أخبرنا، عن أبي العباس أحمد بن غالب، أخبرنا محمد # PageV01P166 # بن عبد الله، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، ~~حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، أنه سمع أبا المنهال يقول: باع شريك لي ~~بالكوفة دراهم بدراهم بينهما فضل، فقلت: ما أرى هذا يصلح فقال: لقد دفعتها ~~في السوق فما عاب ذلك علي أحد، فأتيت البراء بن عازب فسألته فقال: قدم ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وتجارتنا هكذا، فقال: ما كان يدا بيد ~~فلا بأس به، وما كان نسيئا فلا خير فيه، وأت زيد بن أرقم؛ فإنه كان أعظم ~~تجارة مني، فأتيته فذكرت ذلك له، فقال: صدق البراء. # قال الحميدي: هذا منسوخ، لا يؤخذ بهذا. ### | باب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لقاح النخل، ثم الإذن بعد ذلك # قال أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم القزويني، أخبرنا أبو ~~بكر محمد بن الفضل، حدثنا سعيد بن عنبسة الخزاز، حدثنا محمد بن الفضيل، ~~حدثنا مجالد، عن عامر، عن جابر بن عبد الله، قال: أبصر النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - الناس يلقحون، فقال: ما للناس؟ قالوا: يلقحون. فقال: لا لقاح، ~~أو لا أرى اللقاح شيئا. فقال: فتركوا اللقاح، فخرج ثمر الناس شيصا، فقال ~~النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما شأنه؟ قالوا: كنت قد نهيت عن اللقاح. ~~فقال: ما أنا بزارع ولا صاحب نخل؛ لقحوا. # قرأت على أبي البركات عبد اللطيف بن أبي نصر بن محمد، أخبرك أبو بكر محمد ~~بن الفضل الغازي، أخبرنا سعيد بن أحمد، أخبرنا أبو محمد بن عبد الله بن ~~أحمد بن محمد الرومي، أخبرنا محمد بن إسحاق، حدثنا قتيبة ms167، حدثنا أبو عوانة، ~~عن سماك، عن موسى بن طلحة، عن أبيه، قال: مررت يوما مع رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - بقوم على رءوس النخل، فقال # ما يصنع هؤلاء؟ فقال: يلقحون الذكر في الأنثى فتلقح. فقال رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم -: ما أظن ذلك يغني شيئا. قال: فأخبروا بعد ذلك فتركوا، ~~فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: إن كان ينفعهم ذلك ~~فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنا لا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله ~~شيئا فخذوا به؛ فإنني لن أكذب على الله # وهذا حديث مدني المخرج، وقد تداوله الكوفيون، وله طرق عندهم، # PageV01P167 # ويروى أيضا من حديث المدنيين من غير وجه، وحديث جابر أبلغ في المقصود في ~~باب النسخ، غير أن الحديث فيه اختلاف ألفاظ، فلا بد من تنقيح مناطه ليفهم ~~منه المقصود، فنقول: اتفق أهل العلم على أن المنسوخ لا بد وأن يكون حكما ~~شرعيا، وهذا أمر مقرر من غير خلاف يعرف فيه، نعم اختلف الناس في مسألة؛ وهي ~~أن عندنا ما من حكم شرعي إلا وهو قابل للنسخ، وخالفنا في ذلك جماهير ~~المعتزلة، وقالوا: هناك أفعال لا يمكن نسخها، مثل الكفر والكذب والظلم، وما ~~شاكل ذلك، وتستند دعواهم هذه إلى مسألة أخرى؛ وهي أن التحسين والتقبيح ~~عندهم يتلقيان من العقل، وتفاصيل ذلك مذكورة في كتب أصول الفقه. # والآن بعد تمهيد هذه القاعدة؛ بنا حاجة إلى الكشف عن مكمون الحديث والبحث ~~عن مقصوده، فنقول: ذهب بعضهم إلى أن قوله: لا لقاح في حديث جابر صيغة تدل ~~على النهي، نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - لا صيام لمن لا يبيت الصيام من ~~الليل، ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قالوا: ولا يقال: إن هذا من ~~قبيل المصالح الدنيوية، ولا مدخل له في الأحكام الشرعية؛ لأن للشارع أن ~~يتحكم في أفعال العباد كيف أراد، فهو من قبيل قوله تعالى: (فإذا طعمتم ~~فانتشروا) قالوا: والذي يدل على شرعيته انتهاء القوم عن التلقيح حتى أذن ~~لهم، ولهذا قالوا للنبي ms168 - صلى الله عليه وسلم -: كنت نهيت عن اللقاح! ولم ~~ينكر عليهم فهم النهي؛ بل أذن لهم، والظاهر أن الإذن يستدعي سابقة منع، ~~يقال على قولهم: القدر الذي تمسكتم به لا يفي بالمقصود؛ وذلك لأن المسلمين ~~اتفقوا على استحالة وقوع ما يناقض مدلول المعجزة في حق الأنبياء - عليهم ~~السلام - بدليل العقل، وذلك نحو الكفر والجهل بالله تعالى، والكذب والخطأ ~~في الأحكام الشرعية، والغلط، غير أن طائفة ذهبت إلى جواز الغلط عليهم فيما ~~يثبتونه بالاجتهاد، لكنهم قالوا: لا يقرون عليه، وهذا # PageV01P168 # يستقيم على قول من يقول: المصيب واحد، وأما من يقول: كل مجتهد مصيب لا ~~يرى وقوع الخطأ من النبي - صلى الله عليه وسلم - في اجتهاد غيره، فكيف يراه ~~في اجتهاده؟ فعلى هذا # فعلهم ذلك لم يكن شرعيا؛ لأنه لو كان شرعيا لما كان قابلا لجواز وقوع ~~الخطأ فيه، وما يدل على قبوله وقوع الخطأ فيه قوله عليه السلام في حديث ~~طلحة: إنني ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن. # وفي غير هذه الرواية: إنما ظننت ظنا، وأن الظن يخطئ ويصيب، ولو كان حكما ~~شرعيا لما كان قابلا للخطأ والإصابة. # وفي قوله: " ظننت " دلالة على جواز الاجتهاد للنبي - صلى الله عليه وسلم ~~- مطلقا، وفي ذلك خلاف بين أهل العلم. # وفي قوله - عليه السلام -: فإن الظن يخطئ ويصيب، إشارة إلى أن المراد من ~~ذلك - والله أعلم - ما كان من قبيل المصالح الدنيوية، وذلك جائز من غير ~~خلاف يعرف فيه، وشواهد ذلك في الحديث كثيرة، وإنما المقصود رفع الخطأ عنه ~~في الأحكام الشرعية، ثم يدل على ذلك أيضا قوله - صلى الله عليه وسلم - في ~~آخر الحديث: فإني لن أكذب على الله. # وعلى الجملة الحديث يحتمل كلا المذهبين، ولذلك أثبتناه في قوله - صلى ~~الله عليه وسلم - إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه حجة لمن ذهب إلى النسخ، والله ~~أعلم. ### | ومن باب المزارعة # أخبرنا الفضل بن القاسم بن الفضل الصيدلاني، أخبرنا أبو علي الحسن بن ~~أحمد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى ~~المزكي ms169، أخبرنا مكي بن عبدان بن محمد، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثني علي بن ~~حجر، حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قد علمت أن الأرض ~~كانت تكرى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما على الأربعاء وشيء ~~من التبن لا أدري كم هو. # وأخبرنا أبو الفضل بن محمد الديلمي الكاتب، أخبرنا أبو الحسين المبارك بن ~~عبد الجبار، أخبرنا أبو محمد الجوهري، عن علي بن عمر، أخبرنا إبراهيم بن ~~محمد بن يحيى، أخبرنا # PageV01P169 # أبو حاتم النيسابوري، أخبرنا مسلم، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن، حدثنا ~~عبيد الله بن جعفر الرقي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد، عن عبد الملك ~~بن أبي زيد، قال: كان ابن عمر يعطي أرضه بالثلث والربع، ثم تركه ابن عمر ~~فقلنا لطاوس: ما بال ابن عمر ترك الثلث والربع، وأنت لا تدعه، وإنما سمعتما ~~حديثا واحدا - يعني حديث رافع -؟ فقال: إني والله لو أعلم أن رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - قاله ما فعلته؛ ولكن ابن عباس قال: إن رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - قال: من كانت له أرض فإنه إن يمنحها أخاه خير. # هذا حديث له طرق وفيه اختلاف ألفاظ لا يمكن حصرها في هذا المختصر، وقد ~~اختلف أهل العلم في هذا الباب. # فذهب بعضهم إلى أن من استأجر أرضا على جزء معين مما يخرج منها كالنصف أو ~~الثلث أو الربع أن ذلك جائز، والعقد صحيح، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب، ~~وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وسعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، وعمر ~~بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، وابن شهاب الزهري، ومن أهل الرأي: أبو يوسف ~~القاضي، ومحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وقال أحمد بن حنبل: يجوز ذلك إذا ~~كان البذر من رب الأرض، وتمسكوا في ذلك بظاهر حديث ابن عمر، قالوا: يؤكده # حديث ابن عباس؛ لأن قوله عليه السلام: لأن يمنحها أخاه خير. ليس فيه ~~دلالة على اللزوم، وإنما اللفظ صدر مصدر ms170 التخيير. # وفيهم من تمسك بما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل ~~خيبر على الشطر مما يخرج من ثمر وزرع. # خالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: العقد فاسد، وروي مثل ذلك عن عبد الله بن ~~عمر، وعبد الله بن عباس، ورافع بن خديج، وأسيد بن ظهير، وأبي هريرة، ونافع، ~~وإليه ذهب مالك، والشافعي، ومن الكوفيين: أبو حنيفة، وتمسكوا في ذلك ~~بأحاديث. # أخبرنا الفضل بن القاسم بن الفضل، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أبو نعيم، ~~أخبرنا أبو إسحاق المزكي، أخبرنا مكي بن عبدان، حدثنا مسلم، حدثنا عبد ~~الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، حدثني أبي، عن جدي، حدثني عقيل بن خالد، عن ~~ابن شهاب أنه قال: أخبرني # PageV01P170 # سالم بن عبد الله، ... أن عبد الله بن عمر كان يكري أرضه حتى بلغه أن ~~رافع بن خديج الأنصاري كان ينهى عن كراء المزارعين، فلقيه عبد الله فقال: ~~يا بن خديج، ماذا تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كراء الأرض؟ ~~قال رافع بن خديج لعبد الله: سمعت # عماي - وكانا قد شهدا بدرا - يحدثان أهل الدار أن رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - نهى عن كراء الأرض. قال عبد الله: لقد كنت أعلم في عهد رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأرض تكرى، ثم خشي عبد الله أن يكون رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - أحدث في ذلك شيئا لم يكن علمه، فترك كراء ~~الأرض ... . # وقال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا يزيد بن زريع عن أيوب، عن نافع، أن ~~ابن عمر كان يكري مزارعه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي إمارة ~~أبي بكر، وعمر، وعثمان، وصدرا من خلافة معاوية، حتى بلغه في آخر خلافة ~~معاوية أن رافع بن خديج يحدث فيها بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل ~~عليه وأنا معه فسأله، فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن ~~كراء المزارع فتركها ابن عمر بعد، وكان إذا سئل عنها بعد قال: زعم ms171 ابن خديج ~~أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها. # قرئ على أبي المحاسن محمد بن عبد الخالق الجوهري، أخبرك عبد الواحد بن ~~إسماعيل الإمام في كتابه، أخبرنا أحمد بن محمد البلخي، حدثنا أبو سليمان ~~حمد بن محمد الخطابي قال: خبر رافع بن خديج من هذا الطريق خبر مجمل تفسره ~~الأخبار التي رويت عن رافع بن خديج، وعن غيره من طريق آخر، وقد عقل ابن ~~عباس المعنى من الخبر، وأنه ليس # المراد به تحريم المزارعة بشطر ما تخرجه الأرض، وإنما أريد بذلك أن ~~يتمانحوا أراضيهم، وأن يرفق بعضهم بعضا. # وقد ذكر رافع بن خديج - في رواية أخرى عنه - النوع الذي حرم منها، والعلة ~~التي من أجلها نهى عنها. # قلت: أراد الخطابي بالرواية الأخرى ما أخبرنا أبو الفضائل بن أبي المطهر، # PageV01P171 # أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا إبراهيم بن محمد، ~~أخبرنا مكي بن عبدان، حدثنا مسلم، حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر، أخبرنا ~~الليث، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن حنظلة بن قيس، عن رافع بن خديج، أنه ~~قال: حدثني عماي أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - بما ينبت على الأربعاء، شيئا يستثنيه صاحب الأرض من التبن، فنهانا ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقلت لرافع بن خديج: فكيف هي ~~بالدنانير والدراهم؟ فقال رافع: لا بأس بها بالدنانير والدراهم. # قال الخطابي: فقد أعلمك رافع في هذا الحديث أن المنهي عنه هو المجهول منه ~~دون المعلوم، وأنه كان من عاداتهم أن يشترطوا فيها شروطا فاسدة، وبسط ~~الكلام فيه، قلت: وإنما صدر هذا الكلام من الخطابي ظنا منه بأن المنهي عنه ~~في خبر رافع إنما هو القدر المجهول، ولو استقرأ طرق هذا الحديث لبان له أن ~~النهي تناول المجهول والمعلوم، وذلك بين في رواية سليمان بن يسار. # أخبرنا محمد بن عمر بن أبي عيسى، عن محمد بن أبي عبد الله المطرز، أخبرنا ~~أحمد بن عبد الله بن مهران، أخبرنا ms172 إبراهيم بن محمد النيسابوري، أخبرنا مكي ~~بن عبدان، حدثنا مسلم، حدثنا أبو طاهر، أخبرنا ابن وهب، أخبرني جرير بن ~~حازم، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان # بن يسار، عن رافع بن خديج قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ~~كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه، ولا يكريها أخاه، ولا يكريها ~~بالثلث، ولا الربع، ولا طعام مسمى. # رواه سعيد بن أبي عروبة عن سليمان نحوه، وقال مسلم بالإسناد، حدثنا عبد ~~بن حميد، أخبرنا أبو عاصم، عن الأوزاعي، حدثنا عطاء، عن جابر، قال: كان ~~لرجال من الأنصار فضول أرضين، وكانوا يكرونها بالثلث والربع، فقال النبي - ~~صلى الله عليه وسلم -: من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه، فإن أبى ~~فليمسكها. # ويروى هذا الحديث عن جابر من غير وجه؛ فإن قيل: قد روى عروة بن الزبير، ~~عن زيد بن ثابت أنه قال: يغفر الله لرافع؛ أنا والله أعلم منه بالحديث، ~~إنما أتاه رجلان من الأنصار قد اقتتلا، فقال رسول الله # PageV01P172 # - صلى الله عليه وسلم - إن كان شأنكم هذا فلا تكروا المزارع. # وهذا يدل على أن الذي صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم - كان على وجه ~~المشورة والإرشاد دون الإلزام والإيجاب، والجواب: أن هذا غير قادح فيما ~~ذكرناه من دلالة النهي، فإن الاعتبار بلفظ النهي وعمومه دون السبب، فإن ~~قيل: قول ابن عمر: إن الأرض كانت تكرى على عهد رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - ليس فيه # دلالة على أن هذا الحكم كان مأذونا فيه من جهة النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - لأن هذا من قبيل الأمور الدنيوية، فليس من شرطه إحاطة علم النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - به، وما لم يثبتوا ذلك لا يستقيم لكم ادعاء النسخ إذ ~~المنسوخ لا بد وأن يكون حكما شرعيا. # يقال على هذا الكلام: إن أكثر المحققين ذهبوا إلى أن قول الصحابي: كنا ~~نفعل كذا، وكانوا يفعلون كذا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظاهر ~~في الدلالة على جواز الفعل، وأن ذكر الصحابي ms173 نحو ذلك في معرض الحجة، يدل ~~على أنه أراد ما علمه رسول الله وسكت عنه، دون ما لم يبلغه، وذلك يدل على ~~الجواز، ثم في حديث ابن عمر ما يدل عليه، حيث قال: لقد كنت أعلم في عهد ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأرض تكرى، قال: ثم خشي عبد الله أن ~~يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدث في ذلك شيئا، ولو لم يعلم بأن ~~ما كان يذهب إليه من الجواز كان مستندا إلى إذن النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- لما كان يتوقف في ذلك. # ذكر خبر يصرح بالإذن والنهي بعده # أخبرنا الفضل بن القاسم الصيدلاني، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن ~~عبد الله، أخبرنا أبو إسحاق المزكي، أخبرنا مكي بن عبدان، حدثنا مسلم بن ~~الحجاج، حدثنا قتيبة بن سعد، وإسحاق، قال قتيبة: حدثنا جرير، عن عبد العزيز ~~- وهو ابن رفيع - عن رفاعة بن رافع بن خديج: أن رجلا كانت له أرض فعجز عنها ~~أن يزرعها، فجاءه رجل فقال له: # PageV01P173 # هل لك أن أزرع أرضك؛ فما خرج منها من شيء كان بيني وبينك؟ فقال: نعم، حتى ~~أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فأتى رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - فسأله، فلم يرجع إليه شيئا، قال: فأتيت أبا بكر وعمر، فقلت ~~لهما، فقالا: ارجع إليه. فرجعت إليه الثانية فسألته، فلم يرد علي شيئا، ~~فرجعت إليهما فقالا: انطلق فازرعها؛ فإنه لو كان حراما نهاك عنه، قال: ~~فزرعها الرجل حتى اهتز زرعه واخضر، وكانت الأرض على طريق لرسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - فمر بها يوما فأبصر الزرع، فقال: لمن هذه الأرض؟ فقالوا: ~~لفلان، زارع بها فلانا! فقال: ادعوهما إلي جميعا، قال: فأتياه فقال لصاحب ~~الأرض: ما أنفق هذا في أرضك فرده عليه، ولك ما أخرجت أرضك. ### | باب النهي عن كسب الحجام، والإذن فيه # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، عن أبي منصور محمد بن الحسين بن أحمد، ~~أخبرنا القاسم بن أبي المنذر، أخبرنا علي بن بحر ms174 القطان، أخبرنا محمد بن ~~يزيد، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا يحيى بن حمزة، حدثني الأوزاعي، عن الزهري، ~~عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، ~~قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الحجام. # وأخبرنا محمد بن ذاكر بن محمد المستملي، أخبرنا الحسن بن أبي العباس، ~~أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا إبراهيم بن محمد، أخبرنا مكي بن عبدان، ~~حدثنا مسلم، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا سويد بن عبد العزيز، حدثنا أبو ~~بلج يحيى بن أبي سليم، عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج، عن أبيه، عن جده ~~أن رجلا توفي وترك عبدا حجاما وأمة وناضحا وأرضا، فقال رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - ما ترك؟ فأخبروه، فقال: لا تأكلوا من كسب الأمة، فإني ~~أخشى أن تسرق، ولا الحجام، وإن كان لا بد فأطعموه الناضح، وأما الأرض ~~فازرعوها أو امنحوها. # رواه هشيم عن أبي بلج وخالف سويدا في الإسناد فأرسله، ورواية هشيم أقرب. # وقد ذهب بعض أهل الظاهر ونفر من المحدثين إلى العمل بظاهر # PageV01P174 # الخبر، وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم، ورأوا أكل ذلك جائزا، وإن كان ~~التنزه عنه أولى، وقالوا: الحديث الأول، وإن دل على النهي فهو منسوخ، ~~وتمسكوا في ذلك بأحاديث. # أخبرنا أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد، عن عبد الغفار بن محمد التاجر، ~~أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن يعقوب الأصم، أخبرنا ~~الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن حرام بن ~~سعد بن محيصة، أن محيصة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الحجام ~~فنهاه عنه، فلم يزل يكلمه حتى قال: أطعمه رقيقك. # قرئ على محمد بن عبد الملك بن علي، وأنا أسمع، أخبرك أبو سعد أحمد بن عبد ~~الجبار، أخبرنا محمد بن محمد البزاز، أخبرنا الشافعي، أخبرنا محمد بن علي، ~~حدثنا قطن، حدثنا حفص، حدثني إبراهيم، عن عباد، عن الزهري، عن حرام بن سعد ~~بن محيصة ms175 الأنصاري، أنه أخبره، أنه استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- يعني في كسب الحجام فمنعه إياه؛ من أجل أنه ثمن الدم، فلم يزل يراجع رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أذن له أن يعلفه ناضحه، ويطعم رقيقه. # قال إبراهيم: هذه رخصة إذا، حيث أذن له أن يطعمه رقيقه؛ لأنه لو كان ~~حراما ما رخص له أن يطعمه رقيقه، والحر والعبد في الحرام سواء. # أخبرنا عبد الرحيم بن إسماعيل بن محمد، أو قرأته عليه، أخبرنا هبة الله ~~بن محمد الشيباني، أخبرنا محمد بن محمد، أخبرنا أبو بكر الشافعي، حدثنا ~~محمد بن علي، حدثنا قطن، حدثنا حفص، حدثني إبراهيم، عن محمد بن عبد الرحمن ~~بن أبي ليلى، عن عطاء عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -: من السحت مهر البغي وأجر الحجام. # قال إبراهيم: قال محمد: ثم رخص في أجر الحجام. # PageV01P175 ### | كتاب النكاح ### | نكاح المتعة # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرني مكي بن منصور، أخبرنا أحمد ~~بن الحسن القاضي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، ~~أخبرنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال، سمعت ابن ~~مسعود يقول: كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس معنا نساء، ~~فأردنا أن نختصي، فنهانا عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم رخص ~~لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء. # هذا طريق حسن صحيح، وهذا الحكم كان مباحا مشروعا في صدر الإسلام، وإنما ~~أباحه النبي - صلى الله عليه وسلم - للسبب الذي ذكره ابن مسعود، وإنما كان # ذلك يكون في أسفارهم، ولم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباحه ~~لهم وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنه غير مرة، ثم أباحه لهم في أوقات ~~مختلفة، حتى حرمه عليهم في آخر أيامه - صلى الله عليه وسلم - وذلك في حجة ~~الوداع، وكان تحريم تأبيد لا تأقيت، فلم يبق اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء ~~الأمصار وأئمة الأمة، إلا شيئا ms176 ذهب إليه بعض الشيعة. # ويروى أيضا عن ابن جريج جوازه. # وسنذكر أحاديث تدل على صحة ما ادعيناه. # أخبرني محمد بن عمر بن أبي عيسى الحافظ، أخبرنا الحسن بن أحمد، # أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا محمد بن بكر في كتابه، أخبرنا داود، ~~حدثنا مسدد، حدثنا عبد الوارث بن سفيان، عن إسماعيل بن أمية، عن الزهري ~~قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز، فتذاكرنا متعة النساء، فقال له رجل - يقال ~~له: الربيع بن سبرة -: أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - نهى عنها في حجة الوداع. # PageV01P176 # قرأت على محمد بن ذاكر بن محمد بن أحمد المستملي، أخبرك الحسن بن أحمد، ~~أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا أبو بكر بن ~~أبي داود، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا ابن بكير، حدثنا عبد الله بن لهيعة، ~~عن موسى بن أيوب، عن إياس بن عامر، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ~~قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المتعة، قال: وإنما كانت لمن ~~لم يجد، فلما أنزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت. # هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد صح الحديث عن علي في هذا الباب من غير ~~وجه، ورواه عنه الكوفيون من طرق، وهو أشهر من أن ينكر، وأكثر من أن يحصر. # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب بن ~~محمد، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا أبو ~~يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا سفيان عن حسن وعبد الله ابني محمد بن علي، عن ~~أبيهما، عن علي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ~~نكاح المتعة يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأهلية. # وهذا الحديث لا ينافي حديث الربيع بن سبرة، عن أبيه؛ حيث ذكر أن النهي ~~كان في حجة الوداع؛ لما ذكرنا بأن ذلك كان عدة مرار، غير أن النهي الأخير ~~كان في ms177 حجة الوداع. # ويدل على صحة ما ذكرنا أيضا ما أخبرنا به أبو الفضل الأديب، أخبرنا سعد ~~بن علي العجلي، أخبرنا القاضي أبو الطيب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا عبد ~~الله بن أبي داود، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا عبد ~~الواحد بن زياد، حدثنا أبو عميس، عن إياس بن سلمة، عن أبيه أن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - رخص في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام، ثم نهى عنها. # قرأت على محمد بن عمر الحافظ، أخبرك أبو علي، أخبرنا أبو نعيم، أخبرنا ~~أبو أحمد العبدي، # PageV01P177 # أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا إسحاق الحنظلي، أخبرنا روح بن عبادة، ~~حدثنا موسى بن عبيدة، سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث ... عن ابن عباس قال: ~~كانت في أول الإسلام متعة النساء، فكان الرجل يقدم بسلعته البلد ليس له من ~~يحفظ عليه ضيعته، ويضم إليه متاعه، فيتزوج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يقضي ~~حاجته، وقد كانت تقرأ: " فما استمتعتم به منهن - إلى أجل مسمى - فآتوهن ~~أجورهن " الآية، حتى نزلت: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) إلى قوله: (محصنين ~~غير مسافحين) فتركت المتعة، وكان الإحصان إذا شاء طلق، # وإذا شاء أمسك، ويتوارثان، وليس لهما من الأمر شيء ... . # هذا إسناد صحيح، لولا موسى بن عبيدة، وهو الربذي كان يسكن الربذة. # ذكر أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن القزويني قال: حدثنا أبو بكر محمد ~~بن الفضل الطبري، حدثنا هناد بن السري، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن ~~عباد بن كثير، حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل، سمعت جابر بن عبد الله ~~الأنصاري، يقول: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة تبوك، ~~حتى إذا كنا عند العقبة مما يلي الشام جئن نسوة، فذكرنا تمتعنا وهن يجلن في ~~رحالنا، أو قال: يطفن في رحالنا، فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~فنظر إليهن، فقال: من هؤلاء النسوة؟ فقلنا: يا رسول الله، نسوة تمتعنا ~~منهن. فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرت وجنتاه ms178، وتمعر ~~لونه، واشتد غضبه، فقام فينا فحمد الله وأثنى عليه، ثم نهى عن المتعة، ~~فتوادعنا يومئذ الرجال والنساء، ولم نعد، ولا نعود لها أبدا، فبها سميت ~~يومئذ ثنية الوداع. # وأخبرني أبو الفضل الأديب، أخبرنا سعد بن علي، أخبرنا طاهر بن عبد الله ~~هو الطبري، أخبرنا علي بن عمر بن أحمد، حدثنا عبد الله بن سليمان، حدثنا ~~سليمان بن داود الصيرفي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن الحسن بن ~~محمد وعبد الله بن محمد، عن أبيهما أن عليا # قال لابن عباس: أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ~~لحوم الحمر الأهلية وعن المتعة. # وأما ما يحكى عن ابن عباس؛ فإنه كان يتأول في إباحته للمضطرين بطول ~~الغربة # PageV01P178 # وقلة اليسار والجدة، ثم توقف عنه، وأمسك عن الفتوى به، ويوشك أن يكون سبب ~~رجوعه عنه قول علي - رضي الله عنه - وإنكاره عليه، وقد ذكرنا رواية محمد بن ~~كعب القرظي عنه، ونذكر رواية أخرى تدل عليه: # قرئ على أبي المحاسن محمد بن عبد الخالق وأنا أسمع، أخبرك أبو المحاسن ~~الروياني في كتابه، أخبرنا أحمد بن محمد البلخي، أخبرنا أحمد بن محمد أبو ~~سليمان الخطابي، حدثنا ابن السماك، حدثنا الحسن بن سلام السواق، حدثنا ~~الفضل بن دكين، حدثنا عبد السلام، عن الحجاج، عن أبي خالد، عن المنهال، عن ~~سعيد بن جبير، قال: ... قلت لابن العباس: هل تدري ما صنعت وبما أفتيت، قد ~~سارت بفتياك الركبان، وقالت فيه الشعراء؟ قال: وما قلت؟ قلت: قالوا: # قد قلت للشيخ لما طال مجلسه يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس هل لك في رخصة ~~الأطراف آنسة تكون مثواك حتى يصدر الناس فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه ~~راجعون، والله ما بهذا أفتيت، ولا أردت ولا أحللت إلا مثل ما أحل الله ~~الميتة والدم ولحم الخنزير، ولا تحل إلا للمضطر، وما هي إلا كالميتة والدم ~~ولحم الخنزير. # قال الخطابي: فهذا يبين لك أنه سلك فيه مذهب القياس، وشبهه بالمضطر إلى ~~الطعام الذي به ms179 قوام الأنفس وبعدمه يكون التلف، وإنما هذا من باب غلبة ~~الشهوة ومصابرتها ممكنة، وقد تحسم مادتها بالصوم والعلاج، فليس أحدهما في ~~حكم الضرورة كالآخر. ### | كتاب العشرة ### | باب النهي عن ضرب النساء، ثم الإذن فيه بالمعروف # قرأت على محمد بن جعفر الخازن، أخبرك أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ~~في كتابه، أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي، أخبرنا محمد بن المظفر أبو الحسين ~~الحافظ، أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن المدني، أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد ~~الله البرقي، حدثنا الحميدي، # PageV01P179 # حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، أخبرني عبد الله بن عبد الله بن عمر بن ~~الخطاب، عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال: قال رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم -: لا تضربوا إماء الله، قال: فجاء عمر بن الخطاب فقال: يا رسول ~~الله، قد ذئر النساء على أزواجهن منذ نهيت عن ضربهن. فأذن لهم فضربوا، قال: ~~فأطاف بآل محمد نساء كثير، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد ~~أطاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة كلهن تشكي زوجها ولا تجدون أولاءكم ~~خياركم. # وقرأت على محمد بن عمر بن أبي عيسى الحافظ، أخبرك الحسن، أخبرنا أحمد بن ~~عبد الله، أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد العبدي، أخبرنا عبد الله بن محمد ~~بن شيرويه، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا سفيان، عن الزهري، أنه ~~سمع عبد الله بن عبد الله، أنه سمع إياس بن عبد الله بن أبي ذباب يقول: قال ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تضربوا إماء الله. قال: فجاء عمر إلى ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، قد ذئرن النساء على ~~أزواجهن منذ نهيت عن ضربهن، فأذن لهم فضربوا، قال: فأطاف بآل محمد نساء ~~كثير، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد أطاف الليلة بآل محمد ~~سبعون امرأة كلهن تشكو زوجها، ولا تجدوا أولئك خياركم # وأخبرنا أبو الحسين بن عبد الخالق وجماعة، أخبرنا عبد القادر بن محمد، عن ~~الحسن بن علي، أخبرنا محمد ms180 بن العباس، أحمد بن معروف الخشاب، أخبرنا الحسين ~~بن محمد، أخبرنا محمد بن سعد، أخبرنا محمد بن عمر، عن مخرمة بن بكير، عن ~~أبيه، عن القاسم بن محمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ضرب ~~النساء، فقيل: يا رسول الله إنهن قد فسدن قال: اضربوهن، ولا يضرب إلا ~~شراركم. # وقال محمد بن عمر، عن أفلح بن حميد، عن أبيه، عن أم كلثوم بنت أبي بكر، ~~قالت: كان قد نهى الرجال عن ضرب النساء، ثم شكاهن الرجال إلى رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - فخلى بينهم وبين ضربهن، ثم قال رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم -: لقد طاف بآل محمد سبعون امرأة كلهن قد ضربت، ما أحب أن أرى ~~الرجل # PageV01P180 # ثائرا، ترفض عصب رقبته على مريته، هذا وما قبله مرسل. وقال أصحابنا: هذه ~~الأحاديث محمولة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان قد نهاهم عن ~~ضربهن في حالة غير حالة النشوز؛ لأن كتاب الله دل على جواز ضرب المرأة إذا ~~نشزت، ولهذا قال في الحديث ذئر النساء، أي: تجرأن، قال الشاعر: # ولقد أتانا عن تميم أنهم ... ذئروا لقتلي عامرا وتغضبوا # أي: تجرءوا، وعلى الجملة وقع الإذن موافقا لظاهر الكتاب؛ لأن الجرأة من ~~مبادئ النشوز، والله أعلم. ### | ومن كتاب الطلاق ### | ذكر ما كان من المراجعة بعد الطلاق الثلاث، ونسخ ذلك # أخبرني أبو زرعة طاهر بن محمد، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أحمد بن ~~الحسن الحرشي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، ~~أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ~~ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له، وإن طلقها ألف مرة، فعمد رجل إلى ~~امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارفت على انقضاء عدتها ارتجعها ثم ~~طلقها، وقال: والله ولا آويك إلي ولا تحلين أبدا، فأنزل الله تعالى: ~~(الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) ، فاستقبل الناس الطلاق ~~جديدا يومئذ من كان منهم طلق أو لم يطلق ... ، حتى ms181 وقع الإجماع على نسخ ~~الحكم الأول، ودل ظاهر الكتاب على نقيضه، وجاءت السنة مفسرة للكتاب مبينة ~~رفع الحكم الأول. # أخبرنا أبو زرعة قراءة عليه، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أبو بكر ~~الحرشي، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، # حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أنه سمعها تقول: جاءت امرأة ~~رفاعة القرظي إلى رسول الله - صلى الله # PageV01P181 # عليه وسلم - فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلقني؛ فبت طلاقي، فتزوجت بعده ~~عبد الرحمن بن الزبير، وإنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: تريدين أن ترجعي ~~إلى رفاعة؟ لا؛ حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته. # وأخبرني عبد الرزاق بن إسماعيل، أخبرنا ناصر بن مهدي بن نصر، أخبرنا علي ~~بن شعيب القاضي، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأبهري، ~~أخبرنا أحمد بن محمد بن ساكن الزنجاني، أخبرنا الحلواني، قرأت على محمد بن ~~أبي عيسى الحافظ، أخبرك أبو عدنان محمد بن أحمد بن محمد بن المطهر، أخبرنا ~~جدي، أخبرنا محمد بن إبراهيم القاضي، أخبرنا المفضل بن محمد الجندي، حدثنا ~~الحسن بن علي الحلواني، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن الزهري، عن عروة، ~~عن عائشة: أن رفاعة القرظي طلق امرأة له فبت طلاقها، فتزوجها بعده عبد ~~الرحمن بن الزبير، فجاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا نبي الله، ~~إنها كانت عند رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فتزوجها ابن الزبير بن باطا، ~~وإنه والله ما معه يا رسول الله إلا مثل الهدبة، وأشارت إلى هدبة رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: ~~لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك. # قالت: وأبو بكر جالس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وخالد بن سعيد بن ~~العاص بباب # الحجرة لم يؤذن له، فطفق خالد ينادي: يا أبا بكر، ألا تزجر هذه عما تجهر ~~به عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. # هذا حديث صحيح ثابت، وله طرق في الصحاح، وهذا الحكم أيضا متفق ms182 عليه إلا ~~ما يحكى عن سعيد بن المسيب أنه لا يحتاج إلى وطء الزوج، وحكي نحو هذا القول ~~عن نفر من الخوارج، واستدلوا بظاهر الآية، والحديث حجة عليهم، وقوله في ~~الحديث: عسيلته هي تصغير العسل، وقيل: إن الهاء إنما أثبتت فيها على نية ~~اللذة، وقيل: إن العسل يذكر ويؤنث. # وكان ابن المنذر يقول: في هذا دلالة على أنه إن واقعها وهي نائمة ومغمى ~~عليها لا تحس باللذة فإنها لا تحل للزوج الأول؛ لأنها لم تذق العسيلة، ~~وإنما يكون ذواقها بأن تحس باللذة. وعبد الرحمن هو # PageV01P182 # ابن الزبير، بفتح الزاي، وكسر الباء. ### | ومن كتاب العدة ### | ذكر عدة المتوفى عنها زوجها في غير أهلها، واختلاف الناس فيها # أخبرني أبو الفضل صالح بن محمد التاجر، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا ~~أحمد بن عبد الله، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن عبد الله، ~~أخبرنا سليمان بن أيوب المروزي، حدثنا الواقدي، حدثني أبو بكر بن عبد الله، ~~عن يعقوب بن زيد بن طلحة، عن أبيه قال: أول امرأة اعتدت من زوجها وحدت عليه ~~جميلة بنت عبد الله بن أبي، لما قتل زوجها حنظلة بن عامر بأحد، سألت رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اعتدي في بيتك أربعة أشهر وعشرا، وأمرها ~~باجتناب الطيب، وأخذ بذلك النساء اللاتي قتل أزواجهن بأحد، وشكا نساء بني ~~عبد الأشهل الوحشة في دورهن؛ لفقد من قتل من أزواجهن، فأمرهن رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - أن يتحدثن في بيت امرأة حتى يردن النوم، فترجع كل ~~امرأة منهن إلى بيتها. # هذا السند فيه مقال من جهة محمد بن عمر الواقدي وشيخه أبي بكر بن عبد ~~الله وهو السبري، غير أن الحديث محفوظ من غير هذا الوجه. # وقد اختلف أهل العلم في عدة المتوفى عنها زوجها في مسكنها حتى تنقضي ~~عدتها وخروجها منه: # فقالت طائفة: تعتد حيث شاءت، ولا بأس بانتقالها من مسكنها # إلى مسكن آخر كما في هذا الحديث، وروي نحو هذا القول عن علي بن أبي طالب، ~~وابن ms183 عباس، وجابر بن عبد الله، وعائشة أم المؤمنين، وبه قال عطاء، وجابر بن ~~زيد، والحسن البصري. # قلت: الاستدلال بالحديث الذي ذكرناه في جواز الانتقال لا يستقيم؛ إذ ليس ~~في الحديث ما يدل على ذلك، إنما في الحديث إذن النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- لهن في الخروج نهارا إلى حالة النوم، والنزاع في الانتقال، لا في التردد، ~~وقد اتفق أكثر أهل العلم على جواز خروجها للحاجة، وعلى هذا المساق يمكن ~~الجمع بين الحديثين فلا وجه للمصير فيه إلى النسخ، وإنما يتحقق النسخ في ~~حديث # PageV01P183 # فريعة، ويأتي ذكره. # وقالت طائفة: ليس لها أن تخرج من مسكنها، ولا تفارقه حتى يبلغ الكتاب ~~أجله. وروي نحو ذلك عن عثمان بن عفان، وابن مسعود، وابن عمر، وأم سلمة، وبه ~~قال مالك بن أنس، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وأهل الكوفة، والثوري، ~~وأبو حنيفة وأصحابه، وجوز هؤلاء خروجها نهارا للحاجة، وذهبوا إلى أن النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - كان أذن لهن في الانتقال، ثم نهى عنه. # دليل ذلك: قرأت على أبي العباس أحمد بن أحمد بن محمد، أخبرنا جماعة ~~قالوا: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن الحسين القاضي، ~~أخبرنا أحمد بن محمد ابن الحافظ، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرنا محمد بن ~~العلاء، أخبرنا ابن إدريس، عن شعبة وابن جريج، عن سعيد بن إسحاق، عن زينب ~~بنت كعب، عن الفارعة بنت مالك: أن زوجها خرج في طلب أعلاج وكانت في دار ~~قاصية، فجاءت ومعها أخواها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ~~فرخص لها حتى إذا رجعت دعاها، فقال: اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. # وأخبرني سفيان بن أبي عبد الله الثوري، أخبرنا إبراهيم بن الحسن، أخبرنا ~~منصور بن الحسين، أخبرنا أبو بكر بن المقري، أخبرنا أبو بكر محمد بن ~~إبراهيم بن المنذر، قال الله - عز وجل - (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ~~يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) الآية، وثبت أن رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - قال لفريعة بنت مالك ms184 بن سنان وكانت متوفى عنها: امكثي في بيتك ~~حتى يبلغ الكتاب أجله. # وأجمع أهل العلم على أن عدة الحرة المسلمة التي ليست بحامل من وفاة زوجها ~~أربعة أشهر وعشرا مدخولا بها أو غير مدخول بها، صغيرة لم تبلغ، أو كبيرة قد ~~بلغت. # واختلفوا بعد اجتماعهم على أن عدة المتوفى عنها زوجها، على ما ذكرناه في ~~مقام المتوفى عنها زوجها، في مسكنها حتى تنقضي عدتها، وخروجها منه. # فقالت طائفة: عليها أن تبيت في منزلها حتى تنقضي عدتها، هذا قول الليث بن ~~سعد، # PageV01P184 # ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، والشافعي، # وأحمد، والنعمان، وقد روينا أخبارا عن عثمان بن عفان، وابن مسعود، وابن ~~عمر، وأم سلمة تدل على ما قاله هؤلاء. # وقالت طائفة: تعتد حيث شاءت، هذا قول عطاء، وجابر بن زيد، والحسن البصري، ~~وقد روينا هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وجابر وعائشة. # وكان ابن عباس يذهب إلى أن المنسوخ هو الحكم الثاني. # أخبرناه أبو منصور بن شيرويه الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد، أخبرنا ~~أحمد بن الحسين، أخبرنا أحمد بن محمد، أخبرنا أحمد بن شعيب، أخبرني محمد بن ~~إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا يزيد، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، قال: قال ~~عطاء، عن ابن عباس: نسخت هذه الآية عدتها في أهلها، فتعتد حيث شاءت، وهو ~~قول الله - عز وجل -: (غير إخراج) . # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الفارسي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب بن ~~محمد، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا محمد بن إبراهيم الخازن، أخبرنا ~~المفضل بن محمد الجندي، أخبرنا أبو حمة، حدثنا موسى بن طارق، ذكر ابن جريج، ~~ومالك، وسفيان، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب بن ~~عجرة، عن فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري، أنها أخبرتها أن زوجها قتل ~~عند طرف جبل يقال له: القدوم، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تستأذنه ~~في الانتقال، قال ابن جريج ومالك: وكانت في مسكن ليس لزوجها، فذكرت ذلك ~~لرسول الله - صلى ms185 الله عليه وسلم - وشكت إليه قلة النفقة، قالوا: فأذن لها، ~~فلما أدبرت دعاها فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله. ففعلت. # قال ابن جريج ومالك: ثم سألها عثمان بن عفان عن شأنها هذا فأخبرته، فقضى ~~به عثمان، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: حتى يبلغ الكتاب أجله بعد إذنه ~~لها في الانتقال إلى أهلها دليل على جواز وقوع نسخ الشيء قبل أن يفعل، ~~والله أعلم. # PageV01P185 ### | ومن كتاب الرضاع # أخبرني محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى، أخبرني الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد ~~بن عبد الله، أخبرنا محمد بن بكر في كتابه، حدثنا أبو داود، حدثنا أحمد بن ~~صالح، حدثنا عنبسة، حدثني يونس، عن ابن شهاب، حدثني عروة بن الزبير، عن ~~عائشة وأم سلمة: أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس تبنى سالما ~~وأنكحه ابنة أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من ~~الأنصار، كما تبنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيدا، وكان من تبنى ~~رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه، وورث ماله حتى أنزل الله في ذلك (ادعوهم ~~لآبائهم) إلى قوله (فإخوانكم في الدين ومواليكم) فردوا إلى آبائهم، فمن لم ~~يعلم أن له أبا كان مولى وأخا في الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو ~~القرشي ثم العامري، وهي امرأة أبي حذيفة، فقالت: يا رسول الله كنا نرى ~~سالما ولدا، وكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد، ويراني فضلا، وقد ~~أنزل الله فيهم ما قد علمت، فكيف ترى فيه؟ فقال لها رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم -: أرضعيه. فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة، ~~فلذلك كانت عائشة تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة ~~أن يراها ويدخل عليها، وإن كان كبيرا خمس رضعات، ثم يدخل عليها، وأبت أم ~~سلمة وسائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخلن عليهن بتلك ~~الرضاعة أحدا من الناس حتى يرضع من المهد، وقلن لعائشة: والله ما ندري ~~لعلها ms186 كانت رخصة من النبي - صلى الله عليه وسلم - لسالم دون الناس. # هذا حديث ثابت من حديث دار الهجرة، وله عند المدنيين طرق، ويشتمل على ~~أحكام كثيرة: # منها عدة أحكام من مفاريد المدنيين. # وأما مدة الرضاعة الذي يتعلق بالرضاع فيها التحريم فاختلف فيها: # فقالت طائفة: إنها حولان، وعليها أكثر أئمة الأمة، روي ذلك عن عمر أمير ~~المؤمنين، وابنه عبد الله، وابن مسعود، وابن عباس، وإليه ذهب الشعبي، وعبد ~~الله بن شبرمة # PageV01P186 # والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأصحابه، ومالك في إحدى الروايات عنه، ~~وأحمد وإسحاق، وأبو يوسف، ومحمد من أهل الرأي، واحتجوا في ذلك بقول الله ~~تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) ~~قالوا: فدل أن مدة الحولين إذا انقضت فقد انقطع حكمها، ولا عبرة بما زاد ~~بعد تمام المدة. # وروي عن مالك رواية أخرى: إن زاد شهر جاز. # وروي عنه أيضا: إن زاد شهران جاز. # وقال أبو حنيفة: يحرم الرضاع في ثلاثين شهرا. # وقال زفر بن الهذيل: ثلاث سنين. # ومذهب عائشة أنه يحرم أبدا، وبه قال داود بن علي الظاهري. # وخالفهما في هذا الحكم كافة أهل العلم، وأما حديث عائشة فقد حمل أصحابنا ~~الأمر في ذلك على أحد وجهين: إما على الخصوص، وإما على النسخ، ولم يروا ~~العمل به، وقد استدل الشافعي رضي الله عنه بهذا الحديث على أن العدد الذي ~~يقع به حرمة الرضاع هو الخمس، وإن لم ير العمل بباقي الحديث وذلك سائغ. # قال الخطابي: فكأنه يقول: إن الخبر يتضمن أمرين رضاع الكبير، وتعليق ~~الحكم على الخمس، فإذا جرى النسخ في أحدهما لمعنى، لم يوجب نسخ الآخر مع ~~عدم ذلك المعنى. # وقال بعض أصحابنا ما يدل على أن حديث عائشة منسوخ؛ وذلك أن قصة سالم كانت ~~في أوائل الهجرة؛ لأنها جرت عقيب نزول الآية، والآية نزلت في أوائل الهجرة، ~~والحكم الثاني رواه أحداث الصحابة وجماعة تأخر إسلامهم نحو أبي هريرة، وابن ~~عباس، وغيرهما، وهذا ظاهر في النسخ لا خفاء به. # ذكر أحاديث تدل على صحة دعوى القائلين ms187 بالنسخ قرأت على محمد بن ذاكر بن ~~محمد بن أحمد المستملي، أخبرك الحسن بن أحمد بن الحسن، أخبرك محمد بن أحمد ~~الكاتب، أخبرك علي بن عمر بن أحمد، حدثنا الحسين بن إسماعيل وإبراهيم بن ~~دبيس، وغيرهما قالوا: حدثنا أبو الوليد بن برد الأنطاكي، حدثنا الهيثم بن ~~جميل، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه كان يقول: قال رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم -: لا رضاع إلا ما كان في الحولين. قال ~~الدارقطني: # PageV01P187 # لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ. # وأخبرني أبو الفضل الأديب، أخبرنا سعد بن علي، أخبرنا القاضي أبو الطيب، ~~أخبرنا علي بن عمر، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا عثمان بن ~~أبي شيبة، حدثنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن إبراهيم بن عقبة، قال: كان ~~عروة بن الزبير حدث عن الحجاج بن الحجاج، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - قال: لا يحرم من الرضاعة المصة والمصتان، ولا يحرم إلا ما ~~فتق الأمعاء من اللبن. # هذا الحديث يروى عن أبي هريرة من غير وجه، وفي الباب أحاديث أخرى اقتصرنا ~~على هذا القدر، وهو جيد في التمسك به. ### | ومن كتاب الجنايات ### | قتل المسلم بالذمي # حديث لابن البيلماني مرسل - تفسير لابن وهب - قول الدارقطني - اختلاف أهل ~~العلم - ذهب الشافعي إلى النسخ - شواهد لما ذكر الشافعي - حديث الفتح ~~إسناده واه - حديث لعلي بعدم قتل مؤمن بكافر. # قرأت على أبي محمد عبد الخالق بن هبة الله، أخبرك أحمد بن الحسن، أخبرنا ~~محمد بن علي، أخبرنا عبد الله بن محمد الأسدي، أخبرنا علي بن الحسن، أخبرنا ~~سليمان بن الأشعث، حدثنا ابن أبي ناجية الإسكندراني، حدثنا ابن وهب، حدثني ~~سليمان بن بلال، حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن ~~البيلماني، حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل من المسلمين ~~قتل معاهدا من أهل الذمة، فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضرب ~~عنقه، قال ms188 رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنا أولى من وفى بذمته. # قال ابن وهب: تفسيره أنه قتله غيلة. # وأخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق، أخبرنا أبو الحسين، حدثنا محمد بن علي ~~القرشي، حدثنا علي بن عمر، حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا إسحاق بن ~~إبراهيم، أخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن ربيعة، # عن عبد الرحمن بن البيلماني، يرفعه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقاد ~~مسلما قتل يهوديا، وقال: أنا أحق من وفى بذمتي. # رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الرحيم، عن ربيعة، عن حجاج، عن عبد ~~الرحمن البيلماني، فزاد في الإسناد # PageV01P188 # حجاجا، وكذلك رواه هشام بن يونس، عن أبي مالك الجنبي، عن حجاج، وقد اتفق ~~هؤلاء على روايته منقطعا، وقد خالفهم إبراهيم بن أبي يحيى في ذلك، فرواه عن ~~ربيعة عن ابن البيلماني، عن ابن عمر مرفوعا، وليس ابن أبي يحيى ممن يفرح ~~بحديثه. # قال الدارقطني: لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى، وهو متروك الحديث. # والصواب عن ابن البيلماني مرسلا، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن ~~البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث، فكيف بما يرسله؟ والله ~~أعلم. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فذهبت طائفة إلى أن المسلم يقتل بالذمي خاصة، وإليه ذهب الشعبي، وإبراهيم ~~النخعي، وأبو حنيفة وأصحابه، وتمسكوا في ذلك بهذا الحديث. # وخالفهم في ذلك عامة أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة ~~الأمصار، وقالوا: لا يقتل المسلم بالكافر، ولم يفرقوا بين الذمي والحربي، ~~وتمسكوا في ذلك بأحاديث ثابتة وصحيحة. # وروينا نحو ذلك عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، ~~وزيد بن ثابت، رضوان الله عليهم، وبه قال الحسن البصري، وعطاء، وعكرمة، ~~ومالك، وأهل المدينة، والشافعي وأصحابه، وأهل مكة والأوزاعي، وأهل الشام، ~~ومن الكوفيين: الثوري وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، ومعهم ~~من العراقيين، والخراسانيين. # وذهب الشافعي إلى أن حديث ابن البيلماني على تقدير ثبوته منسوخ بقوله في ~~خطبته - زمن الفتح -: لا ms189 يقتل مسلم بكافر. # ونحن نذكر أحاديث شواهد لما ذكره الشافعي، أخبرني أبو الفضل الأديب، ~~حدثنا سعد بن علي، أخبرنا القاضي أبو الطيب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا ~~إسماعيل بن محمد بن الصفار، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا عمر بن حفص بن ~~غياث، حدثنا أبي، عن حجاج، عن قتادة، عن مسلم الأحول، عن مالك الأشتر، قال: ~~... أتيت عليا فقلت: يا أمير المؤمنين، إنا إذا خرجنا من عندك سمعنا أشياء، ~~فهل عهد إليكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا سوى القرآن؟ قال: لا، ~~إلا ما في هذه الصحيفة في علاقة سوطي، فدعا الجارية فجاءت بها، قال: إن ~~إبراهيم حرم مكة، وأنا أحرم # PageV01P189 # المدينة، فهي حرام ما بين حرتيها، أن لا يعضد شوكها ولا ينفر صيدها، فمن ~~أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ~~والمؤمنين يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم # أدناهم، لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده. # قال حجاج: وحدثني عون بن أبي جحيفة، عن أبي جحيفة، عن علي مثله، إلا أن ~~يختلف منطقهما في الشيء، فأما المعنى فواحد. # وقرأت على محمد بن ذاكر بن محمد بن أحمد، أخبرك الحسن بن أحمد، أخبرنا ~~محمد بن أحمد بن محمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا محمد بن علي بن ~~جعفر، حدثنا أحمد بن الحسن بن سفيان، حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح، حدثنا ~~الواقدي، حدثني عمرو بن عثمان، عن خريبق بنت الحصين، عن عمران بن حصين، ~~قال: قتل خراش بن أمية بعد ما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ~~القتل فقال: لو كنت قاتلا مؤمنا بكافر لقتلت خراشا بالهذلي. # يعني لما قتل خراش رجلا من هذيل يوم فتح مكة. # هذا الإسناد، وإن كان واهيا، فهو أمثل من حديث ابن البيلماني، وهذا ~~الحديث طرف من حديث الفتح، وهو حديث طويل ثابت، ولاشتهاره وطوله وكثرة ~~رواته يوجد فيه تغاير ألفاظ، وزيادات معان وأحكام، وذلك لا يوجب وهنا؛ لأن ~~أصل الحديث محفوظ، وكذلك حديث ms190 مالك الأشتر، عن علي - رضي الله عنه - وإن ~~كان في سنده غرابة من الوجه الذي سقناه، غير أن الحديث محفوظ من رواية ~~الشعبي وغيره، وإذا كان أصل الحديث محفوظا لا يبالي بغرابة السند، والله ~~أعلم. # وأخبرنا روح بن بدر بن ثابت، عن أبي الفتح أحمد بن محمد، عن أبي الصيرفي، ~~أخبرنا محمد بن يعقوب الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي فيما رد على ~~محمد بن الحسن في هذه المسألة قال: أخبرنا سفيان بن مطرف، عن الشعبي، عن ~~أبي جحيفة، قال: ... سألت عليا - رضي الله عنه - فقلت: عندكم من رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - شيء سوى القرآن؟ قال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ ~~النسمة؛ إلا أن يأتي الله عبدا فهما في القرآن وما في الصحيفة. فقلت: وما ~~في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مؤمن بكافر ... . # قال الشافعي: فهذا ثابت معروف عندنا، غير أننا تأولنا # PageV01P190 # فذهبنا إلى أنه إنما عني الكفار من أهل الحرب فقال: قال فيه " ولا ذو عهد ~~في عهده ". قال الشافعي: إن كان قال: " ولا ذو عهد في عهده " فإنما قاله ~~تعليما للناس، إذ يسقط القود بين المؤمن والكافر أنه لا يحل له قتل من له ~~عهد من الكافرين، واستشهد في حمل قوله لا يقتل مؤمن بكافر على الظاهر ~~كقوله: لا يرث المسلم الكافر، ثم ناقضه بالمسلم يقتل المستأمن وله عهد، ثم ~~لا يقتله به قال: فقد روينا من حديث ابن البيلماني أن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - قتل مؤمنا بكافر، قال الشافعي - رضي الله عنه -: حديثنا متصل، ~~وحديث ابن البيلماني منقطع وخطأ، إنما روى ابن البيلماني فيما بلغني ... أن ~~عمرو بن أمية قتل كافرا كان له عهد إلى مدة، كان المقتول رسولا فقتله به، ~~... فلو كان ثابتا كنت أنت خالفت الحديث. # قال الشافعي: والذي قتله عمرو بن أمية قبل بني النضير، وقبل الفتح بزمان، ~~وخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقتل مسلم بكافر عام الفتح، ولو كان # كما تقول كان منسوخا، قال: فلم لم ms191 تقل هو منسوخ، قلت: هو خطأ؟ قال ~~الشافعي: قلت: عاش عمرو بن أمية بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - دهرا، ~~وأنت إنما تأخذ العلم من بعد ليس لك به مثل معرفة أصحابنا، وعمرو قتل اثنين ~~وداهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يزد عمرا على أن قال: قتلت رجلين ~~لهما مني عهد لأدينهما. وذكر تمام الكلام. ### | باب في استيفاء القصاص قبل اندمال الجرح، والاختلاف فيه # قرأت على محمد بن ذاكر بن محمد المستملي، أخبرك الحسن بن أحمد، أخبرك ~~محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا ~~إسماعيل بن الفضل، حدثنا يعقوب بن حميد، حدثنا عبد الله بن عبد الله ~~الأموي، عن ابن جريج، وعثمان بن الأسود، ويعقوب بن عطاء، عن أبي الزبير، عن ~~جابر - رضي الله عنه - أن رجلا جرح؛ فأراد أن يستقيد، فنهى رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح. # وقال أبو بكر النيسابوري، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أحمد بن محمد ~~الأزرقي، حدثنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن عمرو بن # شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: نهى # PageV01P191 # رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقتص من جرح حتى ينتهي. # وروى يزيد بن عياض، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم -: يستأنى بالجراحات سنة # وقد روي هذا الحديث عن جابر من غير وجه، وإذا اجتمعت هذه الطرق قوي ~~الاحتجاج بها. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فذهب أكثرهم إلى القول بظاهر هذه الأخبار، ورأوا أن ينتظر بالجرح إلى ~~أوان البرء؛ وإليه ذهب مالك وأكثر أهل المدينة، وأبو حنيفة وأصحابه، وأهل ~~الكوفة، وأحمد بن حنبل. # وخالفهم في ذلك نفر من أهل العلم وقالوا: للمجني عليه أن يستوفي القصاص ~~في الطرف حالة القطع، ولا ينتظر أوان البرء، وإليه ذهب الشافعي وأصحابه، ~~وتمسكوا في ذلك بحديث أخبرنيه أبو الفضل الأديب، أخبرنا سعد بن علي، أخبرنا ~~القاضي أبو الطيب، أخبرنا علي بن عمر ms192، حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، ~~حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرني ~~عمرو بن دينار، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، أنه أخبرهم: أن رجلا طعن ~~رجلا بقرن في رجله، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أقدني. فقال: ~~حتى تبرأ. قال: أقدني. قال: حتى تبرأ. قال # أقدني. فأقاده، ثم عرج، فجاء المستقيد فقال: حقي، فقال النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - لا حق لك. # ورواه معمر، عن أيوب، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن طلحة مثله، ورواه ~~إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن عمرو بن دينار، وقد اختلف عليه فيه: فرواه ~~عنه أحمد بن حنبل مرسلا، وخالفه فيه أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة، فروياه ~~عن إسماعيل ابن علية عن أيوب عن عمرو عن جابر موصولا، والقول ما قاله أحمد. # قال الدارقطني: أخطأ ابنا أبي شيبة، والمرسل هو المحفوظ، كذلك يقوله ~~أصحاب عمرو بن دينار. # ووجه الدليل من هذا الحديث فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم ~~ينتظر إلى أوان البرء بل أقاده في الحال، يقال على هذا: الاستدلال بهذا ~~الحديث غير سائغ؛ لأن في حديث عبد الله # PageV01P192 # بن عمرو بن العاص ما يدل على أن هذا الحكم منسوخ، وإنما أقاد النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - في هذه القضية حسب، ولم يقد بعد ذلك. # ذكر ما يدل على النسخ # أخبرني محمد بن ذاكر بن محمد المستملي، أخبرنا إسماعيل بن الفضل، أخبرنا ~~محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد ~~بمصر، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبدوس، حدثنا القواريري، حدثنا محمد بن ~~عمران، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلا طعن رجلا ~~بقرن في ركبتيه، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - أقدني. قال: حتى تبرأ. ثم جاء إليه فقال: قد نهيتك ~~فعصيتني؛ فأبعدك الله وبطل عرجك. ثم نهى رسول الله ms193 - صلى الله عليه وسلم - ~~أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه. # هذا الحديث يروى عن ابن جريج من غير وجه، فإن صح سماع ابن جريج عن عمرو ~~بن شعيب فهو حديث حسن يقوى الاحتجاج به لمن يرى الحكم الأول منسوخا، والله ~~أعلم بالصواب. ### | باب في القود بالنار والاختلاف فيه # قرأت على محمد بن أبي عيسى الحافظ، أخبرك الحسن بن أحمد، حدثنا أحمد بن ~~عبد الله، أخبرنا أبو أحمد العبدي، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا إسحاق ~~بن إبراهيم، حدثنا روح بن عبادة، أخبرنا ابن جريج، أن زيادا أخبره أن أبا ~~الزناد أخبره عن حنظلة بن علي الأسلمي: أن حمزة بن عمرو الأسلمي أخبره: أن ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه ورهطا معه في سرية إلى رجل فقال: إن ~~أدركتموه فأحرقوه بالنار. قال: فلما دنونا من القوم إذا بعض رسله في ~~آثارهم، فقال لهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن أدركتموه ~~فاقتلوه ولا تحرقوه بالنار؛ فإنما يعذب بالنار رب النار. # حنظلة بن علي المدني حسن الحديث، وقد أخرج مسلم بن الحجاج حديثه، وهذا ~~الحديث يروى عنه من غير وجه، # PageV01P193 # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب. # فذهبت طائفة إلى منع الإحراق في الحدود، وقالوا: يقتل # بالسيف، وإليه ذهب أهل الكوفة، وإبراهيم، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، ~~ومن الحجازيين عطاء، وتمسكوا بظاهر هذا الحديث وغيره من الأحاديث، وقالوا: ~~هذا الحديث ظاهر الدلالة في النسخ، وتشيده أحاديث أخرى في الباب. # أخبرني أبو الفضل الأديب، حدثنا سعد بن علي، أخبرنا القاضي أبو الطيب، ~~أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا يعقوب بن ~~إبراهيم، حدثنا إسماعيل بن علية، حدثنا أيوب، عن عكرمة، ... أن عليا حرق ~~ناسا ارتدوا عن الإسلام، فبلغ ابن عباس - رضي الله عنه - فقال: لم أكن ~~لأحرقهم بالنار إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تعذبوا بعذاب ~~الله، وكنت أقتلهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -: من بدل دينه فاقتلوه قال: ~~فبلغ ذلك عليا - رضي الله ms194 عنه - فقال: ويح ابن عباس. # هذا حديث ثابت صحيح، قالوا: واستعجاب علي من كلام ابن عباس يدل على أنه ~~لم يكن قد بلغه النسخ، وحيث بلغه قال به، ولولا ذلك لأنكر على ابن عباس ~~قوله، وقد ذهبت طائفة في حق المرتد إلى مذهب علي - رضي الله عنه - وقالت ~~أيضا طائفة فيمن قتل رجلا بالنار وأحرقه بها: إن القاتل يحرق أيضا بالنار، ~~وبه قال مالك وأهل المدينة، والشافعي وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وروى معنى ~~ذلك عن: الشعبي، وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه -. # أخبرني محمد بن علي بن أحمد، أخبرنا أحمد بن الحسين في كتابه، أخبرنا ~~الحسن بن أحمد، أخبرنا دعلج، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا سعيد، حدثني مغيرة ~~بن عبد الرحمن الخزامي، عن أبي الزناد، عن محمد بن حمزة الأسلمي، عن أبيه: ~~أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره على سرية، # قال: فخرجت فيها، فقال: إن وجدتم فلانا فأحرقوه بالنار، فوليت فناداني، ~~فرجعت إليه، فقال: إن وجدتموه فاقتلوه ولا تحرقوه؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا ~~رب النار. # قال الخطابي: هذا إنما يكره إذا كان الكافر أسيرا قد ظفر به وحصل في ~~الكف، وقد أباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تضرم النار على الكفار # PageV01P194 # في الحرب، وقال لأسامة: أغر على أبنى صباحا وحرق. # ورخص الثوري، والشافعي في أن يرمى أهل الحصون بالنيران؛ إلا أنه يستحب أن ~~لا يرموا بالنار ما داموا يطاقون، إلا أن يخافوا من ناحيتهم الغلبة، فيجوز ~~حينئذ أن يقذفوا بالنار، والله أعلم. ### | باب المثلة ونسخها # أخبرني عبد الرحيم بن عبد الخالق الصوفي، عن أبي نصر أحمد بن محمد بن عبد ~~الله الفلكي، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن، أخبرنا أبو عمرو بن ~~حمدان، أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ~~ابن علية، عن حجاج بن أبي عثمان، حدثني أبو رجاء مولى أبي قلابة، عن أبي ~~قلابة، عن أنس بن مالك: أن نفرا من عكل قدموا على رسول الله ms195 - صلى الله ~~عليه وسلم - فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم، فشكوا ~~ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا تخرجون مع راعينا في ~~إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها فصحوا، فقتلوا الراعي وطردوا الإبل، فبلغ ~~ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث آثارهم، فأدركوا فجيء بهم، ~~فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا. # أخرجه مسلم في الصحيح، عن أبي جعفر محمد بن الصباح، وأبي بكر بن أبي ~~شيبة، عن ابن علية نحو ما ذكرنا، أخرجاه في الصحيح من غير وجه، وأخبرنا أبو ~~الوقت عبد الأول بن شعيب حضورا وأجازه، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا ~~عبد الله بن أحمد، أخبرنا سلام بن مسكين، حدثنا ثابت عن أنس: أن ناسا كان ~~بهم سقم فقالوا: يا رسول الله، آونا وأطعمنا، فلما صحوا، قالوا: إن المدينة ~~وخمة. فأنزلهم الحرة في ذود له، وقال: اشربوا ألبانها. فلما صحوا قتلوا ~~راعي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستاقوا ذوده، فبعث في آثارهم، فقطع ~~أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى مات. # قال سلام: فبلغني أن الحجاج قال لأنس: حدثني بأشد عقوبة عاقبها النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - فحدثه بهذا، فبلغ الحسن فقال: # PageV01P195 # وددت أنه لم يحدثه. # قلت: والحكم في قاطع الطريق؛ وهو الذي شهر السلاح، وأخاف السبيل في البلد ~~أو في الصحراء، إذا قتل النفس وأخذ المال ما ذكره ابن عباس # في تفسير الآية، وهو ما قرأته على محمد بن ذاكر بن محمد المستملي، أخبرك ~~الحسن بن أحمد، أخبرك محمد بن أحمد، أخبرك علي بن عمر، حدثنا محمد بن ~~إسماعيل الفارسي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق بن همام، عن ~~داود، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: نزلت هذه الآية في ~~المحارب (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) إذا عدا؛ فقطع الطريق وقتل ~~وأخذ المال صلب، فإن قتل ولم يأخذ مالا قتل، وإن أخذ المال ولم يقتل قطع من ~~خلاف، فإن ms196 هرب وأعجزهم فذلك نفيه ... . # ثم عدنا إلى حديث أنس فوجدناه يشتمل على ما ذكره ابن عباس، وزيادة أنواع ~~في العقوبة؛ نحو: سمول العين، ومنع الماء، والإلقاء في الشمس، وفي بعض ~~الروايات الإحراق، إلى غير ذلك من أنواع المثلة، فأما سمول العين فقد قال ~~أنس: إنما سمل أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاء. # ذكر إبراهيم بن عبد الرحمن القزويني، أخبرنا محمد بن الفضل الطبري، قال: ~~حدثت عن غيلان بن سلمة قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سليمان التيمي، عن أنس ~~بن مالك قال: إنما سمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعين العرنيين لأنهم ~~سملوا أعين الرعاء؛ رعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما ما سوى ذلك من ~~أنواع المثلة فذهبت جماعة إلى أنها أحكام كانت ثابتة في أول الأمر، ثم ~~نسخت؛ لما نزل قوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) . # وأخبرنا أبو الوقت حضورا، وأجازه لنا، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا ~~عبد الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا ~~موسى بن إسماعيل، حدثنا # PageV01P196 # همام، عن قتادة، عن أنس؛ أن أناسا اجتووا المدينة فأمرهم النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - أن يلحقوا براعيه، يعني في الإبل، فيشربوا من ألبانها ~~وأبوالها، فلحقوا براعيه وشربوا من ألبانها # وأبوالها حتى صلحت أبدانهم، فقتلوا الراعي، وساقوا الإبل، فبلغ ذلك النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - فبعث في طلبهم، فجيء بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل ~~أعينهم. # قال قتادة: فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود. # أخبرني أبو العلاء محمد بن جعفر، عن أبي الفتح بن محمد بن أحمد، أخبرنا ~~أبو أحمد الهيثم بن محمد بن عبد الله الخراط، أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد ~~الوهاب، أخبرنا الحسن بن هارون، أخبرنا محمد بن إسحاق المسيبي، أخبرنا محمد ~~بن فليح، حدثنا موسى بن عقبة قال ابن شهاب: قدم على رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - نفر من عرينة، كانوا مجهودين مضرورين، قد كادوا يهلكون، ~~فأنزلهم عنده، وسألوه أن ينحيهم من المدينة ms197، فأخرجهم رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - إلى لقاح له بفيف الخبار وراء الحمى، فيها مولى لرسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - من أهل اليمن يدعى يسارا، فقتلوه، ثم مثلوا به، ~~واستاقوا لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - في آثارهم فأدركوا، فأمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وأمير الخيل يومئذ معبد بن زيد. # ويحدث هذا الحديث كما زعموا أنس بن مالك، وذكروا - والله أعلم - أن رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - نهى بعد ذلك عن المثلة بالآية التي في سورة ~~المائدة: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) والآية التي بعدها. # وذكر إبراهيم بن عبد الرحمن، أخبرنا محمد بن الفضل الطبري، حدثنا محمد بن ~~بشار، حدثنا زيد بن حباب، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي، أخبرني محمد بن ~~إبراهيم التيمي، عن جرير بن عبد الله البجلي أن نفرا من عرينة بجيلة قدموا ~~المدينة فاجتووها فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلحقوا ~~باللقاح فيشربوا من أبوالها وألبانها ففعلوا، فسمنوا وأربعوا، فقتلوا ~~الرعاة، واستاقوا الإبل إلى بلادهم، قال جرير: # PageV01P197 # فبعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر فأدركتهم، فجئنا بهم إلى ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقطع أيديهم وأرجلهم، # وسمل أعينهم، فجعلوا يقولون: الماء. وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- يقول: النار. حتى ماتوا، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمل ~~الأعين؛ فأنزل الله - عز وجل - فيهم هذه الآية: إنما جزاء الذين يحاربون ~~الله ورسوله، الآية. # وقال محمد بن الفضل، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن ~~همام، عن يحيى عن قتادة، عن ابن سيرين، قال: كان شأن العرنيين قبل أن تبين ~~الحدود التي أنزل الله - عز وجل - في المائدة من شأن المحاربين أن يقتلوا ~~أو يصلبوا فكان شأن العرنيين منسوخا بالآية التي يصف فيها إقامة حدودهم ... ~~. # وأخبرنا محمد بن إبراهيم الفارسي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا ~~محمد بن ms198 أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا إسحاق بن أحمد، حدثنا ~~محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت أبي يقول: حدثنا حمزة، عن عبد الكريم، ~~وسئل عن أبوال الإبل فقال: حدثني سعيد بن جبير عن المحاربين، فقال: كان ناس ~~أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: نبايعك على الإسلام. ~~فبايعوه وهم كذبة، وليس الإسلام يريدون، ثم قالوا: إنا نجتوي المدينة. فقال ~~النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا اللقاح يغدو عليكم ويروح، فاشربوا من ~~ألبانها وأبوالها، فبينما هم كذلك إذ جاء الصريخ يصرخ إلى رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - بأن قتلوا الراعي وساقوا الإبل، فأمر رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - فنودي في الناس: يا خيل الله اركبي، فركبوا لا ينتظر فارس ~~فارسا، وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أثرهم، فلم يزالوا ~~يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم، ونفوهم من أرض المسلمين، وقتل رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - منهم، وصلب، وقطع، وسمل الأعين، قال: فما مثل رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ولا بعد، ونهى عن المثلة، وقال: لا تمثلوا ~~بشيء. # قال وكان أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول نحو ذلك، غير أنه قال: ~~أحرقهم بالنار بعد ما قتلهم، وقال بعضهم: هم ناس من بني سليم وناس من بني ~~بجيلة وبني عرينة. # PageV01P198 ### | باب نسخ القتل في حد السكران # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد ~~بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن علي بن محمد، حدثنا أحمد بن محمد ~~الخزاعي، قال موسى بن إسماعيل التبوذكي: حدثنا حماد، عن قتادة، عن شهر بن ~~حوشب، عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من ~~شرب الخمر فاجلدوه، فإن شربها فاجلدوه، فإن شربها فاجلدوه، فإن شربها ~~الرابعة فاقتلوه. # وأخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد وجماعة قالوا: أخبرنا جعفر بن # عبد الواحد، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، ~~حدثنا مكي بن عبد العزيز ms199، حدثنا عمرو بن عون الواسطي، حدثنا هشيم، عن ~~مغيرة، عن معبد بن خالد، عن عبد بن عبد: سمعت معاوية يقول: قال رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم -: من شرب الخمر فاضربوه، فإن عاد فاضربوه، فإن عاد ~~فاقتلوه # عبد بن عبد هو أبو عبد الله الجدلي، وفي اسمه اختلاف. # وقال سليمان، حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا إسماعيل بن حفص، ~~حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن مغيرة، عن معبد بن عبد الرحمن بن عبد ~~الجدلي قال: سمعت معاوية يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~يقول: من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد ~~الرابعة فاضربوا عنقه. # وأخبرني أبو بكر الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد بن ~~أحمد، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا أحمد بن محمد الخزاعي، أخبرنا موسى ~~التبوذكي، حدثنا حماد، عن حميد بن يزيد، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله ~~عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من شرب الخمر فاجلدوه، ~~فإن شربها فاجلدوه أربع مرات، فإن شربها الخامسة فاقتلوه. # قال الخطابي: في معنى هذه الأحاديث قد يرد الأمر بالوعيد، ولا يراد به ~~وقوع الفعل، وإنما يقصد به الردع والتحذير؛ كقوله - عليه السلام -: من # قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه. وهو لو قتل عبده لم يقتل به في ~~قول عامة العلماء، وكذلك لو جدعه لم يجدع به بالاتفاق، وقد يحتمل أن يكون ~~القتل في الخامسة واجبا، ثم نسخ بحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يقتل، ~~وقد روي # PageV01P199 # عن قبيصة بن ذؤيب ما يدل على ذلك. # ذكر ما يدل على النسخ # قرأت على محمد بن عمر الحافظ، أخبرك الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن عبد ~~الله، أخبرنا محمد بن أحمد العبدي، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا إسحاق ~~الحنظلي، أخبرنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن سهل بن أبي صالح، عن أبيه، عن ~~أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: إذا شرب الخمر ~~فاجلدوه ms200، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب الرابعة ~~فاقتلوه. # قال: فحدثت به ابن المنكدر، فقال: قد ترك ذلك؛ قد أتي رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - بابن النعمان فجلده ثلاثا، ثم أتي به الرابعة فجلده ولم ~~يزد. # وقرأت على روح بن بدر بن ثابت، أخبرك أبو الفتح أحمد بن محمد في كتابه، ~~عن محمد بن موسى الصيرفي، أخبرنا محمد بن يعقوب الأصم، أخبرنا الربيع، ~~أخبرنا الشافعي، أخبرنا ابن عيينة، عن ابن شهاب، عن قبيصة بن ذؤيب يرفعه ~~إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: إن شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب ~~فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه، قال: فأتي برجل فجلده، ثم ~~أتي به الثانية فجلده، ثم أتي به الثالثة فجلده، ثم أتي به الرابعة فجلده، ~~ووضع القتل، وكانت رخصة. # ثم قال الزهري لمنصور بن المعتمر ومخول: كونا وافدي أهل العراق بهذا # الحديث. قال الشافعي - رضي الله عنه -: والقتل منسوخ بهذا الحديث، وهذا ~~ما لا اختلاف فيه عند أحد من أهل العلم علمته. ### | باب جلد المحصن قبل الرجم والاختلاف فيه # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا أحمد ~~بن الحسن، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، حدثنا ~~الثقة من أهل العلم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن حطان هو ابن عبد الله ~~الرقاشي، عن عبادة بن # PageV01P200 # الصامت، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: خذوا عني؛ قد جعل الله ~~لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة ~~والرجم. # وأخبرنا أبو العلاء الحافظ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن ~~عبد الله الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن علي الصايغ، حدثنا ~~سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن حطان بن عبد ~~الله، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ~~خذوا عني؛ قد جعل الله لهن سبيلا: الثيب ms201 بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر ~~بالبكر جلد مائة ونفي سنة. # هذا حديث صحيح ثابت له طرق مخرجة في كتب الصحاح. # أخبرني أبو الفضل الأديب، أخبرنا أبو منصور سعد بن علي، أخبرنا القاضي ~~أبو الطيب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا أبو عمر القاضي، حدثنا عبيد الله بن ~~جرير بن جبلة، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سليمان بن كثير، عن حصين، عن ~~الشعبي، قال: ... أتي علي - رضي الله عنه - بمولاة سعيد بن قيس الهمداني ~~فجلدها، ثم رجمها، وقال: جلدتها بكتاب الله عز وجل، ورجمتها بسنة رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم ... -. # وقال أبو عمر القاضي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أبو الجواب، حدثنا عمار ~~بن زريق، عن أبي حصين، عن الشعبي قال: ... أتي علي رضي الله عنه بشراحة ~~الهمدانية قد فجرت، فردها حتى ولدت، فلما ولدت قال: ائتوني بأقرب النساء ~~منها، فأعطاها ولدها، ثم جلدها ورجمها، وقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها ~~بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ... - # لم يثبت أئمة الحديث سماع الشعبي من علي، والاعتماد على حديث عبادة، وقد ~~اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فذهب طائفة إلى أن المحصن الزاني يجلد مائة جلدة ثم يرجم؛ عملا بحديث ~~عبادة، ورأوه محكما، وممن قال به: أحمد بن حنبل، وإسحاق ابن راهويه، وداود ~~بن علي الظاهري، وأبو بكر بن المنذر من أصحاب الشافعي. # وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم، وقالوا: بل يرجم ولا يجلد، وروي ذلك عن ~~عمر # PageV01P201 # بن الخطاب، وإليه ذهب إبراهيم النخعي والزهري، ومالك، وأهل المدينة، ~~والأوزاعي، وأهل الشام، وسفيان، وأبو حنيفة، # وأهل الكوفة، والشافعي وأصحابه، ما عدا ابن المنذر، ورأوا حديث عبادة ~~منسوخا، وتمسكوا في ذلك بأحاديث تدل على النسخ ونحن نورد بعضها. # أخبرني أبو الفضل الأديب، أخبرنا سعد بن علي، أخبرنا القاضي أبو الطيب، ~~أخبرنا علي بن عمر، حدثنا عبد الله بن الهيثم بن خالد، حدثنا أحمد بن ~~منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن ~~عبد الله: أن رجلا من أسلم ms202 جاء إلى نبي الله فاعترف بالزنا، فأعرض عنه ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى شهد على نفسه أربع مرات، فقال النبي - ~~صلى الله عليه وسلم -: أبك جنون؟ قال: لا. قال: أحصنت؟ قال: نعم. فأمر به ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجم بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة فر، فأدرك ~~فرجم حتى مات، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرا، ولم يصل عليه. # وقال الدارقطني: حدثنا علي بن عبد الله بن بشر، حدثنا أحمد بن سنان، ~~حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ~~ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لماعز بن مالك حين أتاه ~~فأقر عنده بالزنا قال: لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت؟ قال: لا. فقال له رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم -: أفعلت كذا وكذا؟ لا يكني، قال: نعم. فعند ذلك ~~أمر برجمه. # وقد روى حديث ماعز نفر من أحداث الصحابة؛ نحو: سهل بن سعد، وابن عباس، ~~وغيرهما، ورواه أيضا نفر تأخر إسلامهم، وحديث عبادة كان في أول الأمر، وبين ~~الزمانين مدة. # أخبرنا روح بن بدر، وقرأته عليه، أخبرك أبو الفتح الحداد في كتابه، عن ~~محمد بن موسى الصيرفي، أخبرنا الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، قال: ~~فدلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن جلد المائة ثابت على ~~البكرين الحرين، ومنسوخ على الثيبين، وأن الرجم ثابت على الثيبين الحرين؛ ~~لأن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذوا عني؛ قد جعل الله لهن ~~سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة # PageV01P202 # وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة. # والرجم أول ما نزل، فنسخ به الحبس والأذى عن الزانيين، فلما رجم رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - ماعزا ولم يجلده، وأمر أنيسا أن يغدو على ~~امرأة الأسلمي، فإن اعترفت رجمها، دل على نسخ جلد الزانيين الحرين الثيبين، ~~وثبت الرجم عليهما؛ لأن كل شيء أبدا بعد أول فهو آخر. # وقال الشافعي أيضا في موضع آخر: ولم يكن بين الأحرار في الزنا فرق ms203 إلا ~~بالإحصان بالنكاح، وخلاف الإحصان به، وإذا كان قول رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم -: قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ففي ~~هذا دلالة على أنه أول ما نسخ الحبس عن الزانيين وحدا بعد الحبس، وإن كل حد ~~حده الزانيان فلا يكون إلا بعد هذا، إذا كان هذا أول حد الزانيين. # قال الشافعي: أخبرنا مالك، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ~~عن أبي هريرة، عن زيد بن خالد الجهني، أنهما أخبراه: أن رجلين اختصما إلى ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما: يا رسول الله، اقض بيننا ~~بكتاب الله، وقال الآخر - وهو أفقههما -: أجل يا رسول الله، اقض بيننا ~~بكتاب الله وائذن لي أن أتكلم. قال: تكلم. قال: إن ابني كان عسيفا على هذا، ~~فزنا بامرأته، فأخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة وبجارية ~~لي، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، ~~وإنما الرجم على امرأته. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي ~~نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله؛ أما غنمك وجاريتك فرد # إليك. وجلد ابنه مائة وغربه عاما، وأمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة ~~الآخر فإن اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها. # قال الشافعي: وأخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - رجم يهوديين زنيا. # قال الشافعي: فثبت جلد مائة والنفي على البكرين الزانيين، والرجم على ~~الثيبين الزانيين، فإن كانا ممن أريدا بالجلد فقد نسخ عنهما الجلد مع ~~الرجم، وإن لم يكونا أريدا بالجلد وأريد به البكران فهما مخالفان للثيبين، ~~ورجم الثيبين بعد آية # PageV01P203 # الجلد بما روى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله - عز وجل - وهذا ~~أشبه بمعانيه أولاهما به عندنا، والله أعلم. ### | باب ما جاء فيمن زنا بجارية امرأته من الاختلاف # قرئ على أبي طاهر روح بن أبي الفرج وأنا أسمع، أخبرنا محمود بن إسماعيل ~~الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين ms204 بن فاذشاه، أخبرنا ~~سليمان بن أحمد، حدثنا عبدان بن أحمد، حدثنا نصر بن علي، حدثنا بكر بن ~~بكار، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن جون، عن سلمة بن المحبق، عن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - في رجل وقع على جارية امرأته: إن كان ~~استكرهها فهي حرة وعليه مثلها، وإن كانت طاوعته فهي جاريته، وعليه مثلها. # وأخبرني أبو العلاء البصري، عن أبي سعد محمد بن سندة الفقيه، وأخبرنا ~~أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا ~~داود بن عمر الضبي، حدثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار قال: سمعت الحسن ~~بن أبي الحسن، عن سلمة بن ربيعة بن المحبق، قال: سمعت امرأة تسأل رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - عن جارية لها خرج بها زوجها إلى سفر فأصابها، فقال ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن كان استكرهها فهي حرة وعليه مثلها، ~~وإن طاوعته فهي جاريته وعليه مثلها. # كذا رواه عمرو بن الحسن عن سلمة، لم يذكر بينهما أحدا. # وقد اختلف على قتادة فيه: # فبعضهم قال: عنه، عن الحسن، عن جون، عن سلمة، كما ذكرنا، وبعضهم رواه ~~عنه، عن الحسن، عن قبيصة بن حريث، عن سلمة بن المحبق، وفي الحديث كلام غير ~~هذا. # أخبرني محمد بن عمر الحافظ، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن عبد ~~الله، أخبرنا محمد بن بكر، حدثنا أبو داود، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا ~~أبان، حدثنا قتادة، عن خالد بن عرفطة، عن حبيب بن سالم: أن رجلا يقال له: ~~عبد الرحمن بن جبير وقع على جارية امرأته، فرفع إلى النعمان بن بشير، وهو ~~أمير الكوفة، قال: لأقضين فيك بقضية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن ~~كانت أحلتها لك جلدتك مائة، وإن لم تكن # PageV01P204 # أحلتها لك رجمتك بالحجارة، فوجدوه قد أحلتها له فجلده مائة. # قال قتادة: كتبت إلى حبيب بن سالم فكتب إلي بهذا. # قال البخاري: أنا أتقي هذا الحديث، رواه عنه أبو عيسى الترمذي، وقد اختلف ~~أهل ms205 العلم فيمن وطئ جارية امرأته وهو يعلم ذلك. # فقال أكثر أهل العلم: عليه الرجم، روي ذلك عن عمر، وعلي، وبه قال عطاء بن ~~أبي رباح، وأهل مكة، وقتادة وبعض البصريين، ومالك وأكثر أهل المدينة، ~~والشافعي وأصحابه، وأحمد وإسحاق. # وذهبت طائفة إلى أنه يجلد ولا يرجم، وبه قال الزهري والأوزاعي. # وقال أصحاب الرأي: من أقر بأنه زنا بجارية امرأته يحد، وإن قال: ظننت ~~أنها تحل لي لم يحد. # وروى عن سفيان الثوري أنه قال: إذا كان يعرف بالجهالة يعزر ولا يحد. # وقال بعض أهل العلم في تخريج حديث النعمان: إن المرأة إذا أحلتها له فقد ~~أوقع في شبهة الوطء فدرئ عنه الرجم، وإذا درأنا عنه الرجم # وجب عليه التعزير؛ لما أتاه من المحظور الذي لا يكاد يعذر أحد في الجهل ~~به. # وأما حديث سلمة؛ فقد ذهب نفر من أهل العلم إلى أنه منسوخ، وإنما قال ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك قبل نزول الحدود. # أخبرنا محمد بن أحمد بن الفرج، أخبرنا عبد القادر بن محمد، أخبرنا الحسن ~~بن علي، أخبرنا عمر بن علي الزيات، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا إسماعيل ~~بن مسعود الجحدري، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا أشعث قال: كان الحسن يأبى ~~إلا حديث سلمة بن المحبق يأبى غيره، يعني حديث سلمة في رجل وقع على جارية ~~امرأته، قال الأشعث: بلغني أن هذا قبل نزول الحدود. وقال أبو إسحاق بن ~~إبراهيم بن عبد الرحمن القزويني، أخبرنا أبو بكر محمد بن الفضل الطبري، ~~حدثنا محمد بن المثنى أبو موسى، معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن مطر، عن عطاء ~~الخراساني، أن عبد الله بن مسعود قال في الرجل يقع على وليدة امرأته: أن ~~عليه الشرورى قال: فلم يتابعه علي - رضي الله عنه - في ذلك، # PageV01P205 # وقال علي: إنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا قبل الحدود، وإنما ~~هو حلال وحرام، فعليه الرجم ... . ### | ومن كتاب السير ### | باب وجوب الهجرة ونسخه # أخبرنا أبو العلاء البصري، عن أبي الحسين هبة الله بن الحسن، أخبرنا ms206 محمد ~~بن علي، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن المقري، أخبرنا المفضل بن محمد الجندي، ~~أخبرنا أبو حمة محمد بن يوسف، حدثنا موسى بن طارق، سمعت سفيان الثوري يذكر ~~عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه أنه قال: كان رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله في ~~خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا ثم قال: اغزوا بسم الله في سبيل الله ~~تقاتلون من كفر بالله، اغزوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، ~~وإذا أنت لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ~~ما أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام؛ فإن قبلوا كف ~~عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم إن فعلوا ~~فإن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين؛ وإن أبوا أن يتحولوا من ~~دارهم إلى دار المهاجرين فأخبرهم أنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله ~~الذي يجري على المسلمين، ولا يكون لهم من الفيء والغنيمة شيء إلا أن ~~يجاهدوا مع المسلمين. # قال أبو قرة: وهذا فيما نرى - والله أعلم - قبل الفتح؛ لأنه لا هجرة بعد ~~الفتح. # هذا حديث صحيح ثابت من حديث بريدة بن الحصيب، وله طرق في الصحاح. # وأما الهجرة فكانت واجبة في أول الإسلام على ما دل عليها الحديث، ثم صارت ~~مندوبا إليها غير مفروضة، وذلك قوله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في ~~الأرض مراغما كثيرا وسعة) نزلت حين اشتد أذى المشركين على المسلمين عند ~~انتقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وأمروا بالانتقال ~~إلى حضرته، ليكونوا معه، فيتعاونوا ويتظاهروا إن حزبهم أمر، وليتعلموا منه ~~أمر دينهم ويتفقهوا # PageV01P206 # فيه، وكان عظم الخوف في ذلك الزمان من قريش، وهم أهل مكة، فلما فتحت مكة ~~ونجعت بالطاعة زال ذلك المعنى، وارتفع وجوب الهجرة، وعاد الأمر فيها إلى ~~الندب والاستحباب، فهما هجرتان: فالمنقطعة منهما هي الفرض، والباقية هي ~~الندب، فهذا وجه الجمع ms207 بين الحديثين، على أن بين الإسنادين ما بينهما: ~~إسناد حديث ابن عباس متصل صحيح، وإسناد حديث معاوية فيه مقال؛ قاله ~~الخطابي، # قلت: أراد بحديث ابن عباس ما سيأتي ذكره، وأراد بحديث معاوية قوله - عليه ~~السلام -: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة. # ذكر أحاديث تدل على رفع وجوب الهجرة # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر، عن أبي منصور محمد بن الحسين بن ~~أحمد، حدثنا القاسم بن أبي المنذر، أخبرنا علي بن بحر القطان، أخبرنا محمد ~~بن يزيد، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا الحسن بن الربيع، عن عبد الله بن ~~إدريس، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن صفوان، أو صفوان ~~بن عبد الرحمن القرشي قال: لما كان يوم فتح مكة جاء بأبيه فقال: يا رسول ~~الله اجعل لأبي نصيبا في الهجرة فقال: إنها لا هجرة. فانطلق مذلا فدخل على ~~العباس، فقال: قد عرفتني؟ قال: أجل. فخرج العباس في قميص له ليس عليه رداء، ~~فقال: يا رسول الله، قد عرفت فلانا والذي بيننا وبينه، جاء بأبيه ليبايعك ~~على الهجرة! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه لا هجرة. فقال العباس: ~~أقسمت عليك. قال: فمد النبي - صلى الله عليه وسلم - يده فمس يده وقال: ~~أبررت عمي ولا هجرة # قال ابن ماجه: قال محمد بن يحيى، قال الحسن بن الربيع، قال ابن إدريس، ~~قال يزيد بن أبي زياد: يعني لا هجرة من دار قد أسلم أهلها. # PageV01P207 # أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد بن محمد، عن أبي العباس أحمد بن عبد ~~الغفار بن أشتة، أخبرنا محمد بن أبي نصر الفقيه، أخبرنا أبو القاسم اللخمي، ~~حدثنا إسحاق، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرنا عطاء، عن عائشة، ~~قالت: لا هجرة بعد الفتح، إنما كانت الهجرة قبل الفتح حين يهاجر الرجل ~~بدينه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما حين كان الفتح فحيث ما ~~شاء الرجل عبد الله لا يضيع ... . # وأخبرنا سفيان بن أبي عبد الله الثوري، أخبرنا إبراهيم ms208، أخبرنا منصور، ~~أخبرنا أبو بكر بن المقري، وذكر خبر ابن عباس، قال علي: إن # الهجرة إنما كانت واجبة إلى أن فتح الله على نبيه مكة، ثم زال فرضها ... ~~. # ثبت عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوم الفتح: لا ~~هجرة ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا. # أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن حيدر بن أبي القاسم القزويني، أخبرنا محمد ~~بن الفضل بن أحمد، أخبرنا عبد الغافر بن محمد التاجر، أخبرنا محمد بن عيسى، ~~أخبرنا إبراهيم بن محمد، أخبرنا مسلم، حدثنا يحيى بن يحيى وإسحاق بن ~~إبراهيم، قالا: أخبرنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس، ~~قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح - فتح مكة -: لا ~~هجرة؛ ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا. # هذا حديث صحيح ثابت، وله طرق في الصحاح. # أخبرنا أبو موسى الحافظ، أخبرنا أحمد بن العباس، أخبرنا محمد بن عبد الله ~~الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن نمير المصري، ~~حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا الليث، عن عقيل، ورشدين عن عقيل وقرة بن عبد ~~الرحمن، عن ابن شهاب، عن عمرو بن عبد الرحمن بن # يعلى بن أمية، أن أباه أخبره أن يعلى قال: قلت: يا رسول الله، بايع أبي ~~على الهجرة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبايعه على الجهاد؛ ~~فقد انقطعت الهجرة. # رواه عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن عمرو بن عبد الرحمن بن أمية، عن ~~أبيه يعلى نحوه، وزاد: وقد انقطعت الهجرة يوم الفتح. # أخبرني الفضل بن القاسم بن الفضل، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا أحمد بن # PageV01P208 # عبد الله، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا يحيى بن أيوب العلاف، حدثنا سعيد ~~ابن مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب وسليمان بن بلال أو أحدهما، عن عبد الرحمن ~~بن حرملة، عن محمد بن إياس بن سلمة بن الأكوع، أن أباه حدثه: أن سلمة بن ~~الأكوع قدم المدينة، فلقيه بريدة بن الحصيب فقال: ارتددت عن ms209 هجرتك يا سلمة؟ ~~فقال: معاذ الله، إني في إذن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني سمعت ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ابدءوا يا أسلم، فشموا الرياح ~~واسكنوا الشعاب، فقالوا: نخاف أن يغير ذلك هجرتنا. فقال رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم -: أنتم مهاجرون حيث كنتم. ### | باب الأمر بالدعوة قبل القتال، ونسخه # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الخطيب، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب ~~العبدي، أخبرنا أبو بكر محمد بن علي، أخبرنا محمد بن إبراهيم الخازن، ~~أخبرنا المفضل بن محمد الجندي، حدثنا محمد بن يوسف الزبيدي، حدثنا موسى بن ~~طارق، قال: ذكر سفيان، عن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن عباس أنه قال: ما قاتل ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوما قط حتى يدعوهم. # أخبرني أبو الفتح عبد الله بن أحمد، عن أحمد بن عبد الغفار بن أحمد، ~~أخبرنا علي بن يحيى بن جعفر، أخبرنا سليمان بن أحمد، أخبرنا إسحاق، أخبرنا ~~عبد الرزاق، عن معمر، والثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن ~~أبيه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرا على جيش أو ~~سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين # خيرا، ثم قال: اغزوا باسم الله، فقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدروا، ~~ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا أنت لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ~~ثلاث خلال أو خصال، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف # PageV01P209 # عنهم. الحديث. # أخبرني محمد بن جعفر، عن أبي الحسين هبة الله بن الحسن، أخبرنا أبو بكر ~~محمد بن علي، أخبرنا أبو بكر بن المقري، أخبرنا أبو سعيد الشعبي، أخبرنا ~~أبو حمة، أخبرنا موسى بن طارق، سمعت عبد الله بن عمر بن حفص يذكر عن حميد ~~الطويل، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يبيت ~~أحدا، ولكنه ينزل قريبا منهم، وإذا أصبحوا فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم ~~يسمع أذانا أغار عليهم. # وفي الباب ms210 أحاديث ثابتة الإسناد صحيحة. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فذهب بعضهم إلى أنه لا يغزى أحد من المشركين قبل الدعاء إلى الإسلام، ~~وإليه ذهب مالك وجماعة من أهل المدينة، وتمسكوا بهذه الأحاديث، وقال مالك: ~~لا أرى أن يغزوا حتى يؤذنوا، ولا يقاتلوا حتى يؤذنوا. # وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى جعونة وأمره على الدروب، فأمره ~~أن يدعوهم قبل أن يقاتلهم. # وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم وأباحوا قتالهم قبل أن يدعوا، ورأوا الحكم ~~الأول منسوخا، وإليه ذهب الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وربيعة بن أبي عبد ~~الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، # والليث بن سعد، والشافعي وأصحابه، وأكثر أهل الحجاز، وأهل الكوفة وسفيان، ~~وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق الحنظلي، وقال سفيان: ويدعو ~~أحسن. # قال ابن المنذر: واحتج الليث والشافعي بقتل ابن أبي الحقيق، واحتج الليث ~~بقتل سفيان بن نبيح الهذلي الذي قتله عبد الله بن أنيس، وكان الشافعي وأبو ~~ثور يقولان: فإن كان قوم لم تبلغهم الدعوة ولا لهم علم بالإسلام لم يقاتلوا ~~حتى يدعوا إلى الإسلام، قال ابن المنذر: كذلك نقول. # ذكر ما يدل على النسخ # أخبرني عبد الله بن محمد، أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن ~~إذنا، أخبرنا أبي، أخبرنا عبد الملك بن الحسن، أخبرنا يعقوب بن إسحاق، ~~حدثنا # PageV01P210 # الدقيقي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا ابن عون قال: كتبت إلى نافع أسأله ~~عن القوم إذا غزوا يدعون العدو قبل أن يقاتلوا، فكتب إلي إنما كان ذلك ~~الدعاء في أول الإسلام، وقد أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني ~~المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم، وسبا سبيهم، ~~وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث. # وحدثني بهذا الحديث عبد الله، وكان في ذلك الجيش. # هذا حديث صحيح ثابت متفق على ثبوته وإخراجه، وله طرق في الصحاح من حديث ~~نافع وغيره من أصحاب عبد الله بن عمر. # أخبرني محمد بن أحمد بن الفرج، عن المؤتمن الساجي، أخبرتنا فاطمة بنت ~~الحسن بن ms211 علي الدقاق، أخبرنا عبد الملك بن الحسن الأزهري، أخبرنا أبو عوانة ~~الإسفرائيني، حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم، حدثنا علي بن بكار، عن ابن عون، ~~عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغار على خيبر ~~يوم الخميس وهم غارون، فقتل المقاتلة، وسبى الذرية. # وقال بعض من رام الجمع بين هذه الأحاديث: إن الأحاديث الأول # محمولة على الأمر بدعاء من لم تبلغهم الدعوة، وأما بنو المصطلق وأهل خيبر ~~وابن أبي الحقيق فإن الدعوة كانت قد بلغتهم. # وقال ابن المنذر أيضا: وأغار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر ~~بغير دعوة، وأباح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبييت المشركين، وأمر ~~أسامة بن زيد أن يغير على أبنى، ودفع الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب ~~ليقاتل من غير أن يأمر أحدا منهم أن يقدم بين يديه دعاء لهم، فدل ذلك على ~~أن المأمور بالدعاء من قاتل من لم تبلغهم الدعوة، أما من بلغته الدعوة فإن ~~قتالهم مباح من غير دعاء يحدثه لهم من أراد قتالهم، والله أعلم. # وقالوا أيضا في حديث أنس كان ينزل قريبا منهم حتى يصبح، يحتمل أنه كان ~~يفعل ذلك عند كثرة المسلمين وقوتهم، وثقته بظفرهم؛ لئلا يجني بعض المسلمين ~~على بعض في سواد الليل. # PageV01P211 ### | باب قتل النساء والولدان من أهل الشرك، والاختلاف في ذلك # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد ~~بن علي، أخبرنا محمد بن إبراهيم، أخبرنا المفضل بن محمد، أخبرنا محمد بن ~~موسى، حدثنا موسى بن طارق قال: سمعت سفيان الثوري يذكر عن علقمة بن مرثد، ~~عن سليمان بن بريدة، عن أبيه أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه ~~من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا بسم الله، تقاتلون من كفر بالله، اغزوا ~~ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا. # وقد اختلف أهل العلم في هذا ms212 الباب على ثلاثة أوجه: # فطائفة ذهبت إلى منع قتال النساء والولدان مطلقا، ورأت حديث الصعب بن ~~جثامة - وسيأتي ذكره - منسوخا. # وذهبت طائفة إلى جواز قتلهم مطلقا، ورأت حديث بريدة الذي ذكرناه وحديث ~~الأسود بن سريع - ويأتي ذكره - منسوخا. # وطائفة ثالثة فرقت وقالت: إن كانت المرأة تقاتل جاز قتلها، ولا يجوز ~~قتلها صبرا، وكذا في الولدان قالوا: إن كانوا مع آبائهم وبيتوا # جاز قتلهم ولا يجوز قتلهم صبرا، وقد تمسكت كل طائفة بحديث، ونحن نورد ~~بعضها مختصرا: # أخبرنا محمد بن علي بن أحمد، عن أحمد بن الحسن بن أحمد، أخبرنا الحسن بن ~~أحمد بن شاذان، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا سعيد، ~~حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن الصعب ~~بن جثامة، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو سمعته سئل عن أهل ~~الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: هم منهم. # هذا حديث صحيح ثابت، اتفق البخاري ومسلم على إخراجه. # وقالت الطائفة الأولى: حديث بريدة كان في أول الأمر، وقصة حديثه تدل على ~~ذلك، فأما حديث الصعب فالمشهور أنه كان في عمرة القضية، وذلك بعد الأول ~~بزمان، فوجب المصير إليه. # PageV01P212 # وأما الطائفة الثانية التي رأت حديث الصعب منسوخا، فحجتهم ما أخبرنا ~~محمود بن أبي القاسم بن عمر، عن طراد بن محمد الزينبي، أخبرنا أحمد بن علي ~~بن الحسن، أخبرنا حامد بن محمد الهروي، أخبرنا علي بن عبد العزيز، حدثنا ~~أبو عبيد، حدثنا إسماعيل، حدثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن الأسود بن ~~سريع، قال: كنت مع رسول الله # - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فأصاب الناس ظفرا حتى قتلوا الذرية، فقال ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا لا تقتلن ذرية، ألا لا تقتلن ذرية. # أخبرنا محمد بن علي بن أحمد، أخبرنا أحمد بن الحسن في كتابه، أخبرنا ~~الحسن بن أحمد، أخبرنا دعلج، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا سعيد، حدثنا سفيان، ~~عن الزهري، عن ابن كعب ms213 بن مالك، عن عمه، قال: نهى رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - عن قتل النساء والولدان إذ بعث إلى ابن أبي الحقيق. # وممن كان يذهب إلى هذا القول: سفيان بن عيينة، وكان يقول: حديث الصعب بن ~~جثامة منسوخ، ورواه عن الزهري. # قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة، عن الزهري، وذكر حديث الصعب، وقال: أخبرنا ~~ابن عيينة عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن عمه، وذكر الحديث، قال ~~الشافعي: فكان سفيان يذهب إلى أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: هم ~~منهم إباحة لقتلهم، وإذن منه، وأن حديث ابن أبي الحقيق ناسخ له. # وقال: كان الزهري إذا حدث حديث الصعب بن جثامة أتبعه حديث ابن كعب. # وأما الطائفة الثالثة قالت: مهما أمكن الجمع بين الأحاديث تعذر ادعاء ~~النسخ، وفي هذا الباب ممكن كما ذكرناه، ثم حديث رباح بن الربيع يدل على ~~ذلك. # أخبرني محمد بن علي بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، أخبرنا الحسن بن # أحمد، أخبرنا دعلج، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا سعيد، حدثنا مغيرة بن عبد ~~الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، حدثني مرقع بن صيفي، أخبرني جدي رباح بن ~~الربيع أخو حنظلة الكاتب، أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ~~غزاة على مقدمة خالد بن الوليد، فمر رباح وأصحابه على امرأة مقتولة مما ~~أصابت المقدمة، فوقفوا عليها يتعجبون منها، فجاء # PageV01P213 # رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته، فلما جاء انفرجوا عن ~~المرأة، فوقف عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليها، فقال: ~~أكانت هذه تقاتل؟ ألم تكن في وجوه القوم؟ ! ثم قال لرجل: الحق خالدا؛ فلا ~~يقتلن ذرية ولا عسيفا. # وقد بين الشافعي ما أبهم من هذه الأحاديث ولخصها. # أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، عن أحمد بن علي بن عبد الله، أخبرنا الحاكم ~~أبو عبد الله، أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا ~~ابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، أخبرني ~~الصعب بن جثامة، أنه سمع ms214 النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن أهل الدار ~~من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال النبي - صلى الله عليه ~~وسلم -: هم منهم. # وعن سفيان، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن عمه، أن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - لما بعث إلى ابن أبي الحقيق نهى عن قتل النساء والولدان. قال: ~~فكان سفيان يذهب إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - هم منهم، أنه إباحة ~~لقتلهم، وأن حديث ابن أبي الحقيق ناسخ له، قال: وكان الزهري إذا حدث بحديث ~~الصعب بن جثامة أتبعه حديث ابن كعب بن مالك. # قال الشافعي: حديث الصعب كان في عمرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن ~~كان في عمرته الأولى فقد قتل ابن أبي الحقيق قبلها، وقيل في سنتها، وإن كان ~~في عمرته الآخرة فهي بعد أمر ابن أبي الحقيق من غير شك، والله أعلم. # قال الشافعي رضي الله عنه: ولم نعلمه رخص في قتل النساء والولدان، ثم نهى ~~عنه، ومعنى نهيه عندنا - والله أعلم - عن قتل النساء والولدان، أن يقصد ~~قصدهم بقتل وهم يعرفون متميزين ممن أمر بقتله منهم، ومعنى قوله: منهم، أنهم ~~يجمعون خصلتين أن ليس لهم حكم الإيمان الذي يمنع به الدم، ولا حكم دار ~~الإيمان الذي يمنع به الغارة على الدار، وإذا أباح النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - البيات والغارة على الدار، فأغار # PageV01P214 # على بني المصطلق غارين، والعلم يحيط أن البيات والغارة إذا حلا بإحلال ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمتنع أحد بيت أو أغار من أن يصيب ~~النساء والولدان، فيسقط المأثم فيهم والكفارة والعقل والقود عمن أصابهم، ~~إذا أبيح أن يبيت ويغير وليس لهم حرمة الإسلام، ولا يكون له قتلهم عامدا ~~لهم متميزين عارفا بهم، وإنما نهى عن قتل الولدان؛ لأنهم لم يبلغوا كفرا ~~فيعملوا به فيقتلوا به، وعن قتل النساء؛ لأنه لا معنى فيهن لقتال، وأنهن ~~والولدان يتخولون فيكونون قوة لأهل دين الله - عز وجل -. # قال: فإن قال قائل: أبن هذا بغيره. قيل: فيه ما ms215 اكتفى العالم به من غيره. # فإن قال: أفتجد ما تشده به؟ قلت: نعم؛ قال الله تعالى: (وما كان لمؤمن أن ~~يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى ~~أهله إلا أن يصدقوا) قال: فأوجب الله لقتل المؤمن خطأ الدية وتحرير الرقبة، ~~وفي قتل ذي الميثاق الدية وتحرير رقبة؛ إذ كانا معا ممنوعي الدم بالإيمان ~~والعهد والدار معا، وكان المؤمن في الدار غير الممنوعة وهو ممنوع بالإيمان، ~~فجعلت فيه الكفارة بإتلافه، ولم يجعل فيه الدية وهو ممنوع الدم بالإيمان، ~~فلما كان الولدان والنساء من المشركين لا ممنوعين بإيمان ولا دار؛ لم يكن ~~فيهم عقل، ولا قود، ولا دية، ولا مأثم، ولا كفارة، إن شاء الله - عز وجل -. ### | باب النهي عن قتال المشركين في الأشهر الحرم ونسخ ذلك # أخبرنا محمد بن عبد الخالق بن أبي نصر، أخبرنا أحمد بن محمد بن بشر، ~~أخبرنا أحمد بن عبد الله، أخبرنا حبيب بن الحسن، حدثنا محمد بن يحيى بن ~~سليمان، حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن ~~إسحاق، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش في رجب ~~مقفله من بدر الأولى، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم أحد من ~~الأنصار، وكتب لهم كتابا، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير # PageV01P215 # يومين، ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به، ولا يستكره من أصحابه أحدا، فلما ~~سار عبد الله يومين فتح الكتاب فنظر فيه، فإذا فيه: إذا نظرت في كتابي هذا ~~فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم، ~~فلما نظر عبد الله بن جحش في الكتاب، قال: سمعا وطاعة. وذكر الحديث. # ثم قال: ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه، حتى نزلوا بنخلة، فمرت به ~~عير لقريش تحمل زبيبا وأدما، وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن الحضرمي، ~~وعثمان بن عبد الله بن المغيرة، وأخوه نوفل بن عبد الله # والحكم بن ms216 كيسان، مولى هشام بن المغيرة، فلما رأوهم هابوهم وقد نزلوا ~~قريبا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن، وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه أمنوا ~~وقالوا: القوم عمار، لا بأس عليكم منهم، وتشاور القوم فيهم، وذلك آخر يوم ~~من رجب، فقال القوم: والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم ~~فليمتنعن به منكم، ولئن قتلتموهم لتقتلوهم في الشهر الحرام، فتردد القوم ~~وهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه، ~~وأخذ ما معهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، ~~واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت من القوم نوفل بن عبد ~~الله فأعجزهم، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا ~~على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة. # وذكر ابن إسحاق عن آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه: إن لرسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - فيم غنمتم الخمس، وذلك قبل أن يفرض الله الخمس ~~من المغانم، فعزل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس العير، وقسم ~~سائرها بين أصحابه، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~المدينة، قال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فوقف العير والأسيرين، ~~وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~أسقط في أيدي القوم؛ فظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما ~~صنعوا، وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام، وسفكوا فيه الدم ~~وأخذوا فيه المال، وأسروا فيه الرجال. فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن ~~كانوا بمكة: إنما أصابوا # PageV01P216 # ما أصابوا في شعبان، قالت يهود - تفائل بذلك على رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم -: عمرو عمرت الحرب، الحضرمي حضرت الحرب، واقد وقدت الحرب، فجعل ~~الله ذلك عليهم وبهم، فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله على رسوله: ~~(يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر ~~به والمسجد الحرام وإخراج أهله ms217 منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من ~~قتلتم منهم والفتنة أكبر من القتل) . # أي: قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه، ~~وذلك أكبر عند الله من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن ~~استطاعوا؛ أي: ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه، غير تائبين ولا نازعين، ~~فلما نزل القرآن بهذا الأمر، وفرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق، ~~قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العير والأسيرين، وبعثت إليه قريش ~~فداء عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، فقال رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -: لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا: سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان، ~~فإنا نخشاكم عليهما، فإن قتلتموهما نقتل صاحبيكم، فقدم سعد وعتبة، ففداهما ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم فأما الحكم بن كيسان فأسلم وحسن ~~إسلامه، وأقام عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قتل يوم بئر معونة ~~شهيدا، وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة، فمات بها كافرا. # هذا الحديث وإن كان ابن إسحاق رواه منقطعا، فإن له أصلا في المسند، وهو ~~مشهور في المغازي متداول بين أهل السيرة، ورواه الزهري عن عروة نحوه، وهو ~~من جيد مراسيل عروة، غير أن حديث ابن إسحاق أتم، وإن صح الحديث فهو من قبيل ~~نسخ السنة بالكتاب، والله أعلم. ### | باب الاستعانة بالمشركين # أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن حيدر الإمام، أخبرنا محمد بن الفضل بن ~~أحمد، أخبرنا أبو الحسين بن محمد التاجر، أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا ~~إبراهيم بن محمد، حدثنا مسلم، حدثني أبو الطاهر، حدثني عبد الله بن وهب، عن ~~مالك بن أنس، عن الفضيل - لعله ابن أبي # PageV01P217 # عبد الله - عن عبد الله بن نيار الأسلمي، عن عروة بن الزبير، عن عائشة ~~زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: خرج رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان منه جرأة ~~ونجدة، ففرح أصحاب رسول ms218 الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأوه، فلما أدركه، ~~قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جئت لأتبعك وأصيب معك. فقال له ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا. قال: فارجع ~~فلن أستعين بمشرك. قالت: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل، فقال له ~~كما قال أول مرة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال أول مرة: لا، ~~فارجع فلن أستعين بمشرك. قالت: ثم رجع، فأدركه بالبيداء فقال له كما قال ~~أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم. فقال له رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -: فانطلق. # هذا حديث صحيح، وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فذهبت جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين مطلقا، وتمسكوا بظاهر الحديث ~~وقالوا: هذا حديث ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يعارضه لا ~~يوازيه في الصحة والثبوت؛ فتعذر ادعاء النسخ لهذا. # وذهبت طائفة إلى أن للإمام أن يأذن للمشركين أن يغزوا معه ويستعين بهم؛ ~~ولكن بشرطين: # أحدهما: أن يكون في المسلمين قلة وتدعو الحاجة إلى ذلك. # والثاني: أن يكونوا ممن يوثق بهم ولا يخشى تأثرهم، فمتى فقد هذان الشرطان ~~لم يجز للإمام أن يستعين بهم. # قالوا: ومع وجود الشرطين يجوز الاستعانة بهم، وتمسكوا في ذلك بما رواه ~~ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعان بيهود بني قينقاع ~~ورضخ لهم، واستعان بصفوان بن أمية في قتال هوازن يوم حنين، قالوا: وتعين ~~المصير إلى هذا؛ لأن حديث عائشة كان يوم بدر، وهو متقدم فيكون منسوخا. # أخبرني أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد، أخبرنا محمود بن إسماعيل، ~~أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا موسى ~~بن هارون، حدثنا إسحاق ابن راهويه، # PageV01P218 # حدثنا الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، عن سعد بن المنذر، عن أبي حميد ~~الساعدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم أحد حتى إذا جاوز ثنية ~~الوداع إذا هو بكتيبة خشناء، فقال: من هؤلاء؟ قالوا عبد ms219 الله بن أبي في ~~ستمائة من مواليه من اليهود من بني قينقاع قال: وقد أسلموا؟ قالوا: لا يا # رسول الله. قال: مروهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين. # قرأت على روح بن بدر، أخبرك أحمد بن محمد بن أحمد في كتابه، عن أبي سعيد ~~الصيرفي، أخبرنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، قال: الذي روى ~~مالك كما روى رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشركا أو مشركين في غزاة ~~بدر، وأبى أن يستعين إلا بمسلم، ثم استعان رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- بعد بدر بسنتين في غزوة خيبر بعبد ويهود من بني قينقاع كانوا أشداء. # واستعان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة حنين سنة ثمان بصفوان ~~بن أمية وهو مشرك، فالرد الأول إن كان بأن له الخيار بأن يستعين بمشرك وأن ~~يرده، كما له رد مسلم من معنى يخافه، أو لشدة به، فليس واحد من الحديثين ~~مخالفا للآخر، وإن كان رده لأنه لم ير أن يستعين بمشرك فقد نسخه ما بعده من ~~استعانته بالمشركين، ولا بأس بأن يستعان بالمشركين على قتال المشركين إذا ~~خرجوا طوعا، ويرضخ لهم، ولا يسهم لهم، ولا يثبت عن النبي أنه أسهم لهم. ### | ومن كتاب الغنائم # أخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله وجماعة، قالوا: أخبرنا أحمد بن الحسن، ~~أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد، أخبرنا عبد الله بن محمد الأسدي، حدثنا ~~زهير أبو الحسن علي بن الحسن، أخبرنا أبو داود، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا ~~الحسن بن الحر، حدثنا الحكم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه: أن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - كان ينفل قبل أن تنزل فريضة الخمس في المغنم، فلما نزلت: ~~واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ترك النفل الذي كان ينفل، وصار ذلك ~~في خمس الخمس، وسهم الله وسهم النبي - صلى الله عليه وسلم -. # هذا منقطع، فإن صح فهو من قبيل نسخ السنة بالكتاب. # PageV01P219 # وقال أبو داود: أخبرنا محمود بن خالد، حدثنا عبد الله - يعني ابن ms220 جعفر، ~~حدثنا عبيد الله، عن زيد بن الحكم، عن رجل، عن أبيه في الأنفال فقال: ~~يسألونك عن الأنفال وهي في قراءة عبد الله بن مسعود: " يسألونك الأنفال "، ~~قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفل ما شاء من المغنم، وكان ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفل سعد بن مالك سلاح العاص بن سعيد يوم ~~بدر، وكان سعد قتل العاص، ثم نسخ ذلك (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله ~~خمسه) في قراءة عبد الله: " (إنما غنمتم من شيء فلله وللرسول) " فكان يؤخذ ~~المغنم فيخرج خمسه، فينفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خمس الخمس ~~سهمه. # والإمام اليوم له أن ينفل من سهم الله والرسول ما شاء، وإنما هو خمس ~~الخمس ليس غيره. ### | باب أخذ السلب من غير بينة، وما فيه من الاختلاف # أخبرني محمود بن أبي القاسم بن عمر البغدادي، أخبرنا طراد بن محمد في ~~كتابه، أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن، أخبرنا حامد بن محمد الهروي، أخبرنا ~~علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو عبيد، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الشيباني، عن ~~أبي عون الثقفي، عن سعد بن أبي وقاص، قال: لما كان يوم بدر قتلت سعيد بن ~~العاص، وقال غيره: العاص بن سعيد. # قال أبو عبيد: هذا عندنا هو المحفوظ؛ قتل العاص، قال: وأخذت سيفه، وكان ~~يسمى ذا الكثيفة، فأتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قتل أخي ~~عمير قبل ذلك، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اذهب به فألقه في ~~القبض، فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي، وأخذ سلبي، فما جاوزت ~~إلا قريبا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ~~اذهب فخذ سيفك. # وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب: # فذهب بعضهم إلى أن القاتل يعطى السلب إذا قال إنه قتله، ولا يسأل على ذلك ~~بينة، وإليه ذهب الأوزاعي عملا بظاهر هذا الحديث، وفي الباب أحاديث غير ~~هذا. # PageV01P220 # وقالت طائفة من أهل الحديث: لا ms221 يعطى إلا ببينة؛ لأنه مدع، ورأت الحديث ~~الذي ذكرناه منسوخا؛ لأن هذا كان يوم بدر. # وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عام حنين: من قتل قتيلا ~~عليه بينة فله سلبه. # أخبرنا أبو علي بن أبي الفتح الطبري، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو ~~نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا القعنبي، عن ~~مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمر بن كبير بن أفلح، عن أبي محمد مولى أبي ~~قتادة، عن أبي قتادة، قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام ~~خيبر، فلما التقينا كان للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا ~~من المسلمين بالسيف، فاستدرت إليه حتى أتيت من ورائه فضربته على حبل عنقه، ~~فأقبل فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، وأدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن ~~الخطاب فقال: ما للناس؟ قلت: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - فقال: من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه، قال: ~~فقمت، فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، قال: فقمت فقلت من يشهد ~~لي؟ ثم جلست، ثم قال مثل ذلك الثالثة، فقمت، فقال رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم -: ما لك يا أبا قتادة؟ فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: ~~صدق يا رسول الله، سلب ذلك القتيل عندي فأرضه من حقه. فقال أبو بكر الصديق ~~- رضي الله عنه -: لاها الله؛ إذا لا نعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن ~~الله وعن رسوله فنعطيك سلبه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدق ~~فأعطه إياه، فأعطاني فبعت الدرع، وابتعت مخرفا في بني سلمة، فإنه لأول ما ~~تأثلته في الإسلام. # هذا حديث صحيح ثابت من حديث المدنيين، اتفقت أئمة الصحاح على إخراجه. ### | ومن كتاب الهدنة # أخبرني محمد بن عبد الخالق، أخبرنا أحمد بن محمد، أخبرنا أحمد بن عبد ~~الله، أخبرنا حبيب بن الحسن، حدثنا محمد بن يحيى، أخبرنا أحمد بن ms222 محمد بن ~~أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن مسلم، عن ~~عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان # PageV01P221 # بن الحكم، أنهما حدثاه قالا: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام ~~الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا، وذكر الحديث بطوله، قال الزهري: ~~فكتب - يعني الصلح - بينه وبين قريش، ثم قال: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد ~~بن عبد الله سهيل بن عمرو؛ اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، يأمن ~~فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - من قريش بغير إذن وليه رده عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - لم يردوه عليه، وأن بيننا عيبة مكفوفة، وأنه لا إسلال ~~ولا إغلال، وأنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~وعهده فليدخل، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، قال: فبينا ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو إذ جاءه ~~أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد، قد انفلت إلى رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وأخذ يلببه ثم ~~قال: يا محمد، قد وجبت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا. قال: صدقت. ~~فجعل يبتزه ويلببه ويجره؛ ليرده إلى قريش وذكر تمام الحديث. # هذا حديث طويل مخرج في الصحاح، واقتصرنا منه على القدر المذكور؛ إذ فيه ~~الغرض. # ووجه الاستدلال؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالحهم على أن يرد ~~إليهم من أتاه من قبلهم، فذهب أكثر أهل العلم إلى أن الصلح كان # PageV01P222 # معقودا بينهم على رد الرجال والنساء، فصار حكم النساء منسوخا بالآية. # أخبرني أبو المحاسن الأنصاري، أخبرنا أحمد بن محمد، أخبرنا أحمد بن عبد ~~الله، حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا محمد بن يحيى، أخبرنا أحمد بن محمد بن ~~أيوب، حدثنا إبراهيم بن سعد ms223، عن محمد بن إسحاق، حدثني الزهري، عن عروة بن ~~الزبير، قال: دخلت عليه وهو يكتب كتابا إلى ابن هنيدة صاحب الوليد بن عبد ~~الملك، وكتب يسأله عن قول الله - عز وجل -: (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ~~فامتحنوهن) إلى قوله: عليم حكيم. قال: فكتب إليه عروة بن الزبير: إن رسول ~~الله - صلى الله عليه # PageV01P223 # وسلم - كان صالح قريشا يوم الحديبية على أن يرد عليهم من جاء بغير إذن ~~وليه، فلما هاجر النساء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى الإسلام أبى ~~الله أن يرددن إلى المشركين إذا امتحن محنة الإسلام، فعرفوا أنهن إنما جئن ~~رغبة فيه، وأمر برد صدقاتهن إليهن إذا حبسن عنهم، إن هم ردوا على المسلمين ~~صداق من حبسوا عنهم من نسائهم، ثم قال: (ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله ~~عليم حكيم) فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النساء ورد الرجال. # وقد أخرج البخاري بإسناده عن عروة: أنه سمع المسور بن مخرمة، ومروان ~~يخبران عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لما كاتب سهيل بن عمرو ~~يومئذ، كان فيما اشترط سهيل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا ~~يأتيك منا أحد - وإن كان على دينك - إلا رددته إلينا، وخليت بيننا وبينه، ~~فكره المؤمنون ذلك، وأبى سهيل إلا ذلك، فكاتبه النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- على ذلك، فرد يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل، ولم يأته أحد من الرجال إلا ~~رده في تلك المدة وإن كان مسلما، وجاء المؤمنات مهاجرات، وكانت أم كلثوم ~~بنت عقبة بن أبي # معيط ممن خرجن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ وهي عاتق، ~~فجاء أهلها يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعها فلم يرجعها ~~إليهم لما أنزل الله فيهن: (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله ~~أعلم بإيمانهن إلى قوله ولا هم يحلون لهن) . # قرئ على محمد بن عبد الخالق وأنا أسمع، أخبرك عبد الواحد بن إسماعيل في ~~كتابه، أخبرنا أبو نصر البلخي، أخبرنا أبو سليمان الخطابي قال: وأما قوله ms224: ~~ثم جاءت نسوة مؤمنات، فأنزل الله فيهن: (ياأيها الذين آمنوا إذا جاءكم ~~المؤمنات مهاجرات) الآية، وقد اختلف العلماء في هذا على قولين: # أحدهما: أن النساء لم يدخلن في الصلح، وإنما وقع الصلح بينهم على رد ~~الرجال، وهذا أشبه القولين بالصواب. # ويدل على صحة ذلك قوله؛ يعني في بعض الروايات: وعلى أن لا يأتيك منا رجل ~~- وإن كان على دينك - إلا رددته. # والقول الآخر: أن الصلح كان معقودا بينهم على رد الرجال والنساء معا؛ لأن ~~في بعض الروايات: ولا يأتيك منا أحد إلا رددته، فاشتمل عمومه على النساء ~~والرجال، إلا أن الله تعالى نسخ ذلك بالآية، ومن ذهب إلى هذا الوجه أجاز ~~نسخ السنة بالكتاب. # وفيه دليل على أن الإمام إذا اشترط في العقد ما لا يجوز فعله في حكم ~~الدين فإن ذلك الشرط باطل، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: كل شرط ليس في ~~كتاب الله فهو باطل، وفيه على هذا التأويل دليل على جواز وقوع الخطأ من ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأمور، ولكن لا يجوز تقريره ~~عليه. ### | باب في منع الإمام دفع السلب إلى القاتل # أخبرني محمد بن أبي عيسى المدني، أخبرنا الحسين بن أحمد، أخبرنا أحمد بن ~~عبد الله، أخبرني محمد بن بكر، حدثنا أبو داود، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا ~~الوليد بن مسلم، حدثني صفوان بن عمرو، وعن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن ~~أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة، ~~ورافقني مددي من أهل اليمن، فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس أشقر، ~~عليه سرج مذهب، وسلاح مذهب، فجعل الرومي يفري بالمسلمين، وقعد له المددي ~~خلف صخرة، فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر، وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه، ~~فلما فتح الله على المسلمين بعث خالد بن الوليد إليه فأخذ السلب، قال عوف: ~~فأتيته فقلت: يا خالد، أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى ~~بالسلب للقاتل؟ قال: بلى، ولكني استكثرته. قلت ms225: لتردنه إليه أو لأعرفنكها ~~عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يرد عليه، قال عوف: فاجتمعنا ~~عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصصت عليه قصة المددي، وما فعل ~~خالد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رد إليه ما أخذت منه، قال ~~عوف: فقلت: دونك يا خالد ألم أف لك؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~-: وما ذلك؟ فأخبرته، فغضب، فقال: يا خالد، لا ترد عليه، هل أنتم تاركو لي ~~أمرائي؛ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره. # قال الخطابي: يفري معناه: شدة النكاية فيهم، يقال: يفري الفرى، إذا كان # PageV01P224 # يبالغ في الأمر، وقوله: لأعرفنكها؛ أي: لأجازينك بها حتى تعرف صنيعك. # قال الخطابي، وفقهه أن السلب ما كان قليلا أو كثيرا فإنه للقاتل لا يخمس، ~~إلا أنه أمر خالدا يرده عليه مع استكثاره إياه، وإنما كان رده إلى خالد بعد ~~الأمر الأول بإعطائه القاتل نوعا من النكير على عوف وردعا له وزجرا، لئلا ~~يتجرأ الناس على الأئمة ولا يتسرعون إلى الوقيعة فيهم، وكان خالد مجتهدا في ~~صنيعه ذلك إذ كان قد استكثر السلب، فأمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~اجتهاده لما رأى في ذلك من المصلحة العامة بعد أن خطأه في رأيه الأول، ~~فالأمر الخاص مغمور بالعام، واليسير من الضرر محتمل للكثير من النفع ~~والصلاح، فيشبه أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عوض المددي من ~~الخمس الذي هو له، ويرضي خالدا بالنصح له وتسليم الحكم له في السلب. # وفيه دليل على أن نسخ الشيء قبل الفعل جائز؛ ألا ترى أن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - أمره برد السلب ثم أمره بإمساكه قبل أن يرده، فكان في ذلك نسخ ~~لحكمه الأول. ### | باب مبايعة النساء # قرأت على محمد بن علي بن أحمد، أخبرك أحمد بن الحسن في كتابه، أخبرك ~~الحسن بن أحمد، أخبرنا دعلج بن أحمد، أخبرنا محمد بن علي، حدثنا سعيد، ~~حدثنا خالد بن عبد الله، عن حصين، عن عامر الشعبي، قال: كان مع رسول الله ms226 - ~~صلى الله عليه وسلم - يبايع النساء؛ فيضع ثوبا على يده، فلما كان بعد، كن ~~يجئن النساء فيقرأ هذه الآية عليهن: (ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات ~~يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن ~~أولادهن) فإذا أقررن، قال: قد بايعتكن. حتى جاءت هند امرأة أبي سفيان أم ~~معاوية فلما قال: (ولا يزنين) قالت: أوتزني الحرة؟ لقد كنا نستحي من ذلك في ~~الجاهلية، فكيف في الإسلام؟ فقال: ولا يقتلن أولادهن، فقالت: أنت قتلت ~~آباءهم، وتوصينا بأولادهم؟ فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ~~ولا يسرقن، فقالت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أصيب من مال ~~أبي سفيان. قال: فرخص لها. # PageV01P225 # قلت: وردت في الباب أحاديث ثابتة تصرح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~لم يصافح امرأة أجنبية قط في المبايعة، وإنما كان يبايعهن قولا، كذلك هو في ~~حديث أميمة وغيرها. # أخبرنا أبو العلاء الحافظ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن ~~عبد الله الضبي، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا ~~القعنبي، عن مالك، عن محمد بن المنكدر، عن أميمة بنت رقيقة قالت: أتيت رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - في نسوة لنبايعه، فقلن: نبايعك يا رسول الله ~~على أن لا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأت ~~ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيك في معروف. فقال رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم -: فيما استطعتن وأطقتن. فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من ~~أنفسنا، هلم نبايعك يا رسول الله. قال: إني لا أصافح النساء، إنما قولي ~~لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة، أو مثل قولي لامرأة واحدة. # وحديث الشعبي الذي بدأنا بذكره منقطع، فلا يقاوم هذه الأحاديث الصحاح، ~~فإن كان ثابتا ففيه دلالة على النسخ، وله شاهد في بعض الأحاديث، والله أعلم ~~بالصواب. ### | ومن كتاب الأيمان # أخبرني محمد بن عبد الخالق، أخبرنا أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الحافظ ~~في كتابه، أخبرنا أبو عبد الله محمد ms227 بن محمد الطالقاني، أخبرنا عبد الرحمن ~~بن عثمان التميمي بدمشق، حدثنا الحسن بن حبيب، حدثنا عبد الله بن عبد بن ~~يحيى المعروف بابن أبي حرب، أخبرني أبو علقمة نصر بن خزيمة بن جنادة ~~الكناني، أخبرني أبي، عن نصر بن علقمة، عن أخيه محفوظ، عن ابن عائذ، قال: ~~قال يزيد بن سنان: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحلف زمنا، فيقول: ~~لا وأبيك. حتى نهي عن ذلك، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يحلف ~~أحدكم بالكعبة؛ فإن ذلك إشراك، وليقل: ورب الكعبة. # هذا حديث غريب من حديث الشاميين، وإسناده ليس بذاك القائم، غير أن له ~~شواهد في الحديث تدل على أن الحديث له أصل؛ نحو: ما قد روي عن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - # PageV01P226 # في قصة الأعرابي السائل عن فرائض الصلوات أنه قال: أفلح وأبيه إن صدق وفي ~~حديث أبي العشراء الدارمي، عن أبيه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ~~وأبيك، لو طعنت في فخذها لأجزاك، فإن صح الحديث فهو ظاهر في النسخ. # وأما الحلف بغير الله فهو مكروه عند أهل العلم؛ لقوله عليه السلام: لا ~~تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا ~~وأنتم صادقون. # وإن حلف بغير الله لا ينعقد يمينه، ولا يحنث في يمينه، وقال أحمد: إذا ~~حلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - انعقدت يمينه، وتعلقت الكفارة بالحنث ~~بها؛ لأنه أحد شرطي الشهادة، فالحلف به يوجب الكفارة، كاسم الله تعالى. ### | ومن كتاب الأشربة # أخبرني عبد الرزاق بن إسماعيل وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد، ~~أخبرنا أحمد بن الحسين القاضي، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن ~~شعيب، أخبرنا يوسف بن حماد المعني البصري، حدثني عبد الوارث، عن أبي التياح ~~قال حفص الليثي: أشهد على عمران أنه حدثنا، قال: نهى رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - عن لبس الحرير، وعن التختم بالذهب، وعن الشرب في الحناتم. # قرئ على أبي طاهر روح بن بدر وأنا أسمع، أخبرك محمود بن إسماعيل، أخبرنا ms228 ~~أحمد بن محمد بن الحسين، أخبرنا سليمان بن أحمد، أخبرنا أحمد بن محمد ~~السوطي، حدثنا عفان، حدثنا شعبة، عن أبي التياح، عن حفص الليثي، عن عمران ~~بن حصين قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحنتم. قلت: الحنتم: ~~الجر الأخضر. # أخبرني أبو الفضل الأديب، أخبرنا سعد بن علي، أخبرنا القاضي أبو الطيب، ~~أخبرنا علي بن عمر، حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا أبو الأشعث أحمد بن ~~المقدام، حدثنا نوح بن قيس، عن ابن عون، عن محمد، عن أبي هريرة، عن نبي ~~الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لوفد عبد القيس: لا تشربوا في نقير، ~~ولا مقير، ولا دباء، ولا حنتم، ولا مزادة. # قلت: النقير أصل النخلة؛ ينقر ويتخذ منه ظرف، والدباء القرع، والحنتم ~~ذكرناه. # وإنما نهى عن هذه الأوعية لأن لها ضراوة يشتد فيها النبيذ، ولا يشعر بذلك ~~صاحبها، # PageV01P227 # فيكون على غرر من شربها. # وقد اختلف الناس في هذا الباب: # فذهب بعضهم إلى أن الخطر باق، وكرهوا أن ينبذ في هذه الأوعية، وإليه ذهب ~~مالك وأحمد وإسحاق، قال الخطابي: قد يروى ذلك عن ابن عمر، وابن عباس. # وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الحظر كان في مبدأ الأمر، ثم رفع الحظر، وصار ~~منسوخا، وتمسكوا في ذلك بأحاديث ثابتة صحيحة تصرح بالنسخ، وأكثرها نصوص. # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد ~~بن أحمد، حدثنا عبد الله بن جعفر الحافظ، حدثنا إسحاق بن أحمد، حدثنا محمد ~~بن علي بن حمزة، حدثنا أبو عاصم، حدثنا سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن ~~سلمان بن بريدة، عن أبيه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني كنت ~~نهيتكم عن زيارة القبور، فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها؛ فإنها ~~تذكر الآخرة، وكنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث ليتسع ذوو الطول على من ~~لا طول له، فكلوا ما بدا لكم، وأطعموا وادخروا، ونهيتكم عن الظروف، وإن ~~الظروف لا تحرم شيئا ولا تحله، وكل مسكر حرام ms229. # قرأت على محمد بن ذاكر بن محمد المستملي، أخبرك الحسن بن أحمد، أخبرنا ~~محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا علي بن عمر، حدثنا علي بن أحمد # بن الهيثم، حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا يحيى بن يحيى، حدثنا محمد بن ~~جابر، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - قال: كنا نهيناكم عن الشرب في الأوعية، فاشربوا في ~~أي سقاء شئتم، ولا تشربوا مسكرا. # جود يحيى بن يحيى إسناد هذا الحديث، وهو إمام، وقال أبو إسحاق إبراهيم بن ~~عبد الرحمن القزويني، حدثنا محمد بن الفضل الطبري، حدثنا أحمد بن عبدة ~~الضبي، حدثنا ابن أبان أبو خالد، عن عمرو بن دينار مولى الزبير، عن سالم، ~~عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا إني كنت نهيتكم ~~عن نبيذ الجر، وإن الأوعية لا تحل شيئا ولا تحرم، فاشربوا # PageV01P228 # ولا تشربوا مسكرا. # وأنكر من نصر القول الأول؛ ورود النسخ على الظروف كلها، وقال: كان النهي ~~ورد عن الظروف كلها ثم نسخ، منها ظروف الأدم، وما عداها من المزفت والحناتم ~~وغيرها باق على أصل الحظر، وتمسكوا في ذلك بما أخبرنا عبد الله بن حبيب بن ~~أبي القاسم القزويني، أخبرنا محمد بن الفضل بن أحمد الفقيه، أخبرنا عبد ~~الغافر بن محمد التاجر، أخبرنا محمد بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا ~~مسلم، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وابن أبي عمر، واللفظ لابن أبي عمر، ~~حدثنا سفيان، عن سليمان الأحول، عن مجاهد، عن أبي عياض، عن عبد الله بن ~~عمرو، قال: لما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النبيذ في الأوعية ~~قالوا: ليس كل الناس يجد. فأرخص لهم في الجر غير المزفت. # قالوا: وهذا حديث صحيح يدل على صحة ما ذكرناه، ويدل عليه أيضا ما رواه ~~شعبة، عن عقبة بن حريث: سمعت ابن عمر يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - عن الجر، والدباء، والمزفت، وقال: انتبذوا في الأسقية. # وهذا حديث ms230 صحيح؛ ألا ترى أن النهي في حديث عبد الله بن عمرو عم الأوعية ~~كلها؛ فتناول الأسقية وغيرها من الظروف، ثم بين في حديث ابن عمرو وفصل بين ~~ما هو باق على أصل الحظر، وما هو منسوخ؟ ! # وقال من نصر القول الثاني: لا يمكن الاستدلال بحديث ابن عمر؛ لأنه قصر في ~~الحديث، ورواه مختصرا على ما سمعه، وغيره رواه أحسن سياقا منه، وأتم من ~~حديثه، وقد أجمعنا على قبول الزيادة من الثقات، وتمسكوا بأحاديث: # منها ما قرئ على إبراهيم بن علي الفقيه وأنا أسمع، أخبرك أبو عبد الله ~~محمد بن الفضل، أخبرنا أبو الحسين التاجر، أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا ~~إبراهيم بن محمد الفقيه، أخبرنا مسلم، أخبرنا محمد بن عبد الله بن نمير، ~~حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا ضرار بن مرة، حدثنا سنان، عن محارب بن دثار، عن ~~عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ~~نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء؛ فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكرا ~~ويحتمل معنى آخر: وهو أنا نقول: دلت الأحاديث الثابتة على أن النهي # PageV01P229 # كان مطلقا على الظروف كلها، ودل بعضها أيضا على السبب الذي لأجله رخص ~~فيها، وهو أنهم شكوا إليه الحاجة إليها، فرخص لهم في ظروف الأدم لا غير، ثم ~~إنهم شكوا إليه أن ليس كل أحد يجد سقاء، فرخص لهم في الظروف كلها؛ ليكون ~~جمعا بين الأحاديث كلها، سيما بين حديث بريدة من الوجه الذي سقناه، وبين ~~حديث عبد الله بن عمر، والله أعلم بالصواب. ### | ومن كتاب اللباس # ل ### | بس الديباج ونسخه # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد ~~بن أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن عبد الله بن رستة، ~~حدثنا العباس النرسي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن ~~مالك: أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبة من سندس، ~~وذلك قبل أن ينهى عن الحرير، فلبسها ms231 فعجب الناس منها، فقال: والذي نفسي ~~بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذه. # أخبرني أبو بكر الخطيب، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا أبو طاهر بن عبد ~~الرحيم، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، حدثنا ~~أبو خالد الرملي، حدثنا الليث، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، قال: ~~قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبية، ولم يعط مخرمة شيئا، فقال ~~مخرمة: يا بني، انطلق بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلقت ~~معه، فقال: ادخل وادعه لي. قال: فدعوته له وعليه قباء منها، فقال: خبأت هذا ~~لك. فنظر إليه، فقال: رضي مخرمة. وقال غير أبي خالد: فخرج وعليه قباء من ~~ديباج مزرر بذهب. # نسخ ذلك # أخبرنا أبو منصور شيرويه بن شهردار الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن حمد، ~~أخبرنا أحمد بن الحسين القاضي، أخبرنا أحمد بن محمد، أخبرنا أحمد بن شعيب، ~~حدثنا يوسف بن سعيد، # PageV01P230 # حدثنا حجاج، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله ~~يقول: لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما قباء ديباج أهدي له، ثم أوشك ~~أن نزعه، فأرسل به إلى عمر فقيل له: قد أوشك ما نزعته يا رسول الله؟ قال: ~~نهاني عنه جبريل - عليه السلام - فجاء عمر يبكي فقال: يا رسول الله، كرهت ~~أمرا فأعطيتنيه، قال: إني لم أعطكه لتلبسه إنما أعطيتكه لتبيعه. فباعه عمر ~~بألفي درهم # هذا حديث صحيح على شرط مسلم بن الحجاج، أخرجه في كتابه عن محمد بن عبد ~~الله بن نمير، وإسحاق بن إبراهيم، ويحيى بن حبيب، وحجاج بن الشاعر، كلهم عن ~~روح بن عبادة القيسي، عن ابن جريج. # أخبرنا أبو العلاء الحافظ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد الثقفي، أخبرنا ~~محمد بن عبد الله، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا أبو مسلم، حدثنا أبو عاصم، ~~عن عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزني، ~~عن عقبة بن عامر: أن رسول الله - صلى ms232 الله عليه وسلم - صلى في فروج حرير ثم ~~نزعه، فقلت: يا رسول الله صليت فيه ثم نزعته؟ فقال: إن هذا ليس من لباس ~~المتقين. ### | باب إباحة لبس خاتم الذهب ونسخها # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أبو زكريا العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد ~~الكاتب، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، قال: روي عن علي بن سعيد، عن إسحاق بن ~~منصور، حدثنا أبو رجاء، عن محمد بن مالك، قال: رأيت على البراء خاتما من ~~ذهب، فقال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فألبسنيه. وقال: البس ما ~~كساك الله ورسوله. # وقال أبو الشيخ: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، حدثنا عبد الجبار، ~~حدثنا سفيان، سمعه من إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عمه أنه ... رأى على سعد ~~بن أبي وقاص خاتما من ذهب، وعلى صهيب، وعلى طلحة بن عبيد الله. # نسخ ذلك # أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل، أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد ~~الله، # PageV01P231 # أخبرنا الحسين بن علي، أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا أحمد بن شعيب، ~~أخبرنا محمد بن معمر، حدثنا أبو عاصم، عن المعمر بن زياد، حدثنا نافع، عن ~~ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبس خاتما من ذهب ثلاثة ~~أيام، فلما رآه أصحابه فشت خواتم الذهب، فرمى به، فلا ندري ما فعل، ثم أمر ~~بخاتم فضة، فأمر أن ينقش فيه: محمد رسول الله، وكان في يد رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - حتى مات، وفي يد أبي بكر حتى مات، وفي يد عمر حتى مات، ~~وفي يد عثمان ست سنين من عمله، فلما كثرت عليه دفعه إلى رجل من الأنصار ~~فكان يختم به، فخرج الأنصاري إلى قليب لعثمان فسقط، فالتمس فلم يجد، فأمر ~~بخاتم مثله، ونقش فيه: محمد رسول الله. # قرأت على ابن أبي عيسى الحافظ، أخبرك الحسن بن أحمد أبو علي، أخبرنا أبو ~~نعيم، أخبرنا أبو أحمد العبدي، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا إسحاق، ~~أخبرنا محمد بن بشر، حدثنا عبيد الله، عن نافع ms233، عن ابن عمر، قال: اتخذ رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - خاتما من ذهب وجعل فصه مما يلي بطن كفه، فاتخذ ~~الناس الخواتيم، فألقاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: لا ألبسه ~~أبدا. قال: ثم اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتما من ورق، فأدخله ~~في يده، ثم كان في يد أبي بكر، ثم كان في يد عمر، ثم كان في يد عثمان حتى ~~هلك منه في بئر أريس # أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الكريم ~~الإمام، أبو الحسين التاجر، أخبرنا أبو أحمد النيسابوري، أخبرنا أبو إسحاق ~~الفقيه، أخبرنا مسلم، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن نافع، عن عبد الله: أن ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اصطنع خاتما من ذهب، وكان يجعل فصه إلى ~~باطن كفه إذا لبسه، فصنع الناس، ثم إنه جلس على المنبر فنزعه، وقال: إني ~~كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل، فرمى به، ثم قال: والله لا ألبسه ~~أبدا. فنبذ الناس خواتيمهم. # هذا حديث صحيح ثابت وله طرق في الصحاح، أخرجاه في كتابيهما من عدة طرق، ~~وحديث البراء إسناده ليس بذاك، وإن صح فهو منسوخ بهذه الأحاديث الثابتة. # وأما استعمال البراء الخاتم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولبسه يدل ~~على أنه # PageV01P232 # لم يبلغه النهي، وكذلك العذر عن طلحة وسعد وصهيب، في لبسهم خواتيم الذهب، ~~والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. ### | باب في تعليق الستور ذات التصاوير، والنهي عنها # أخبرنا أبو العباس أحمد بن أحمد بن محمد، أخبرنا عبد الرحمن بن حمد، ~~أخبرنا أحمد بن الحسين القاضي، أخبرنا أحمد بن محمد، أخبرنا أحمد بن شعيب، ~~أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا خالد، حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن ~~القاسم، عن القاسم، عن عائشة قالت: كان في بيتي ثوب فيه تصاوير، فجعلته إلى ~~سهوة في البيت، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إليه، ثم قال: ~~يا عائشة أخريه عني. فنزعته؛ فجعلته وسائد. # هذا حديث صحيح، وله ms234 طرق في الصحاح، ويروى بألفاظ مختلفة، ربما يتعذر على ~~غير المتبحر الجمع بينهما، ولولا خشية الإطالة لذكرتها، وإنما اقتصرت على ~~هذا الحديث؛ لأن فيه دلالة على النسخ، واللفظ مشعر بذلك، ألا ترى قول ~~عائشة: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إليه والضمير عائد إلى ~~الثوب الذي كانت فيه تصاوير، وليس عائدا إلى السهوة، كما توهمه بعض الناس، ~~وقال: السهوة هي المكان الضيق، فيكون الضمير عائدا إلى المعنى، إذ الحمل ~~على المعنى يفتقر إلى تقدير، والتقدير على خلاف الأصل، وأيضا لم يكن البيت ~~كبيرا بحيث يخفى مكان الثوب على النبي - صلى الله عليه وسلم - # ثم في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: أخريه عني ما يؤكد ما ~~قلناه؛ لأنها ذكرته بلفظ " ثم " وهذه الكلمة موضوعة للتراخي والمهلة. # ويدل عليه أيضا حديث أبي هريرة: أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل، ~~أخبرنا عبدوس بن عبد الله، أخبرنا أبو طاهر بن سلمة، أخبرنا أبو بكر بن ~~المثنى، حدثنا أحمد بن شعيب، أخبرنا هناد بن السري، عن ابن أبي بكر، عن أبي ~~إسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: استأذن جبرائيل على النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - فقال: ادخل. فقال: كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير؟ فإما أن ~~تقطع رءوسها، أو تجعل بساطا يوطأ؛ فإنا معشر الملائكة لا ندخل # PageV01P233 # بيتا فيه تصاوير. ### | باب الأمر بقتل الكلاب ثم نسخه # قرئ على أبي زرعة طاهر بن محمد، أخبرك مكي بن منصور، أخبرنا أحمد بن ~~الحسن، أخبرنا محمد بن يعقوب، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا مالك، ~~عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل ~~الكلاب، هذا حديث صحيح ثابت. # ذكر سبب ذلك # أخبرنا محمد بن عمر الحافظ، أخبرنا أبو علي، أخبرنا أبو نعيم، حدثنا ~~سليمان بن أحمد، أخبرنا إسحاق، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، ~~قال: أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم في بيت ميمونة واجما، ~~فقالت ميمونة: يا رسول الله، كأنا استنكرنا ms235 نفسك اليوم. فقال: إن جبريل ~~وعدني أن يأتيني، والله ما أخلفني. قال: فوقع في نفسه جرو كلب لهم تحت نضد ~~لهم، فأمر به فأخرج، ونضح مكانه، فجاء جبريل، فقال النبي - صلى الله عليه ~~وسلم -: إنك وعدتني أن تأتيني. فقال جبريل: إن جرو كلب كان في البيت، وإنا ~~لا ندخل بيتا فيه كلب. # قال معمر: وحسبت أنه قال: ثم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل ~~الكلاب. # كذا روى معمر هذا الحديث مرسلا ولم يضبط إسناده عن الزهري. # ورواه يونس، عن الزهري، عن ابن السباق، عن عبد الله بن عباس، عن ميمونة: ~~أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصبح يوما واجما، قالت ميمونة: يا ~~رسول الله، لقد استنكرت هيأتك منذ اليوم. قال رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم -: إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني؛ أما والله ما ~~أخلفني. قالت: فظل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومه على ذلك، ثم وقع ~~في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا، فأمر به فأخرج، ثم أخذ بيده ماء فنضح ~~مكانه، فلما أمسى لقيه جبريل، فقال له: قد كنت وعدتني أن تلقاني البارحة. ~~قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة، فأصبح رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - يومئذ # فأمر بقتل الكلاب، حتى إنه ليأمر # PageV01P234 # بقتل كلب الحائط الصغير، ويدع كلب الحائط الكبير # أخرجه مسلم في الصحيح، عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن يونس. # ذكر نسخ ذلك # قرأت على محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، أخبرك أبو علي، أخبرنا أبو نعيم، ~~أخبرنا أبو أحمد العبدي، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا إسحاق، أخبرنا ~~الملائي، حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، أخبرني أبو الزبير، أن جابر بن ~~عبد الله حدثه، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب؛ ~~فكنا لا ندع كلبا إلا قتلناه، حتى إن الأعرابية تدخل كلبها فنقتله، حتى قال ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما: لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت ms236 ~~بقتلها؛ فاقتلوا الأسود البهيم - يعني ذا النقطتين التي بحاجبيه - فإنه ~~شيطان، ومن اقتنى كلبا ليس بكلب صيد ولا ماشية نقص من عمله كل يوم قيراط. # قرأت على محمد بن أحمد الوكيل، أخبرك عبد القادر بن محمد، أخبرنا أبو علي ~~التميمي، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد، ~~حدثني أبي، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا ابن جريج، حدثنا أبو الزبير، أنه سمع ~~جابر بن عبد الله، يقول: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل ~~الكلاب، حتى إن المرأة تقدم من البادية وكلبها فتقتله، ثم نهى النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - عن قتلها، وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين؛ فإنه ~~شيطان. # أخبرني أبو الفضل محمد بن بنيمان، أخبرنا سعد بن علي، أخبرنا القاضي أبو ~~الطيب، أخبرنا علي بن عمر، أخبرنا أبو بكر النيسابوري، # حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، حدثنا بهز بن أسد، حدثنا شعبة، عن ابن ~~التياح، قال: سمعت مطرفا، عن عبد الله بن مغفل: أن رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - أمر بقتل الكلاب، ثم قال: ما لهم ولها؟ فرخص في كلب الصيد، وفي ~~كلب الغنم. # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا أبو ~~طاهر الكاتب، أخبرنا أبو الشيخ، حدثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب، حدثنا ~~إبراهيم بن إسحاق، حدثنا إسحاق بن محمد العرزمي، حدثنا الحكم بن ظهير، عن ~~علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، # PageV01P235 # قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخالد بن الوليد: انطلق فلا ~~تدع بالمدينة كلبا إلا قتلته. فانطلق فلم يدع في المدينة كلبا إلا قتله، ~~إلا كلبا لعجوز في أقصى المدينة في مكان وحش، فخبر النبي - صلى الله عليه ~~وسلم -: إنا تركناه لموضع العجوز يحرسها، قال: ارجع فاقتله. فرجعنا ~~فقتلناه، ثم قال: لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، ولكن اقتلوا ~~منها كل أسود بهيم؛ فإنه شيطان. ### | باب الأمر بقتل الحيات وترك حيات البيوت # قرأت على محمد بن ms237 عمر بن أبي عيسى الحافظ، أخبرك الحسن بن أحمد، أخبرك ~~أحمد بن عبد الله بن أحمد، أخبرنا أحمد بن محمد العبدي، أخبرنا عبد الله بن ~~محمد، أخبرنا إسحاق، أخبرنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن سالم، ~~عن أبيه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: اقتلوا الحيات ~~وذا الطفيتين والأبتر؛ فإنهما يسقطان الحبل ويطمسان البصر. فرآني زيد بن ~~الخطاب وأبو لبابة وأنا أطارد حية لأقتلها فنهاني، فقلت: إن رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلها. فقال: إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت. # هذا حديث صحيح ثابت من حديث الزهري، أخرجاه في الصحيح من غير وجه. # أخبرني عبد الرزاق بن إسماعيل، أخبرنا أبو علي ناصر بن مهدي، أخبرنا أبو ~~الحسن علي بن شعيب، أخبرنا إبراهيم بن محمد الأبهري، أخبرنا أحمد بن محمد ~~بن ساكن الزنجاني، حدثنا الحسن بن علي الحلواني، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، ~~حدثنا أبي، عن صالح، عن الزهري، أخبرني سالم بن عبد الله، عن ابن عمر رضي ~~الله عنهما، قال: سمعت رسول # الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بقتل الكلاب، يقول: اقتلوا الحيات ~~والكلاب، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يلتمسان البصر، ويسقطان ~~الحبالى # قال الزهري: ونرى ذلك من سمهما، والله أعلم. # قال سالم: قال عبد الله بن عمر: فلبثت لا أترك حية أراها إلا قتلتها، ~~فبينا أنا أطارد حية يوما من ذوات البيوت حتى رآها أبو لبابة بن عبد ~~المنذر، # PageV01P236 # وزيد بن الخطاب فقالا: إنه نهى عن ذوات البيوت. # ذكر سبب النهي عن قتل حيات البيوت # أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه الحافظ قراءة عليه، أخبرنا أبو بكر ~~أحمد بن محمد بن زنجويه الفقيه، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد ~~الحافظ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن ~~حنبل، حدثني أبي، حدثنا ابن نمير، حدثنا عبيد الله، عن صيفي، عن أبي سعيد ~~الخدري، قال: وجد رجل في منزله حية فأخذ رمحه فشكها فلم تمت الحية حتى مات ms238 ~~الرجل، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن معكم عوامر؛ فإذا ~~رأيتم منها شيئا فحرجوا عليه ثلاثا، فإن رأيتموه بعد ذلك فاقتلوه. # أخبرني عبد الله بن أحمد بن محمد من أصله العتيق، أخبرنا أبو الحسين أحمد ~~بن يوسف، أخبرنا أبو عمرو، أخبرنا أبو بكر الشافعي، أخبرنا إسحاق بن الحسن، ~~حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن صيفي هو مولى ابن أفلح، أخبرني أبو ~~السائب مولى هشام بن زهرة، أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته، قال: ~~فوجدته يصلي فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت تحريكا في عراجين ناحية ~~البيت فالتفت فإذا حية فوثبت لأقتلها، فأشار إلي أن أجلس فجلست، فلما انصرف ~~أشار إلى بيت في الدار، فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم. قال: كان فيه فتى ~~منا حديث عهد بعرس، قال: فخرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ~~الخندق، فكان الفتى يستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنصاف النهار ~~ويرجع # إلى أهله، فاستأذنه يوما فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ ~~عليك سلاحك؛ فإني أخشى عليك قريظة. فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع، فإذا امرأته ~~بين الناس قائمة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به، وأصابته غيرة، فقالت له: ~~اكفف عليك رمحك، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني فدخل، فإذا بحية ~~عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج فركزه في ~~الدار، فاضطربت الحية، فما يدرى أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى؟ قال: ~~فجئنا إلى رسول الله - صلى الله # PageV01P237 # عليه وسلم - فذكرنا ذلك له، وقلنا: ادع الله يحييه لنا. فقال: استغفروا ~~لصاحبكم. ثم قال: إن بالمدينة جنا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ~~ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان. # هذا حديث صحيح ثابت، وله طرق في الصحاح. ### | باب النهي عن الرقى ونسخه # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا محمد بن ~~أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدثنا ms239 أبو بكر البزار، حدثنا بشر بن ~~آدم ابن بنت أزهر، حدثنا عثمان بن عمر، أخبرنا إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، ~~عن المنهال بن عمر، عن قيس بن السكن، عن عبد الله بن مسعود، قال: كان مما ~~حفظنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الرقى والتمائم والتولة شرك، ~~فقالت له امرأته: ما التولة؟ قال: التهيج. # هذا الحديث يروى موقوفا ومرفوعا والموقوف أحفظ، كذلك يرويه الأعلام. # وذهب بعضهم إلى أن النبي لما قدم المدينة نهى عن الرقى مطلقا، ثم نسخ ~~ذلك، وتمسكوا في ذلك بأحاديث. # قرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك أبو علي، أخبرنا أبو أحمد العبدي، ~~أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا إسحاق، حدثنا جرير ووكيع، # عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: كان خالي من الأنصار، ~~وكان يرقي من الحية، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرقى، ~~فأتاه فقال: يا رسول الله، إنك نهيت عن الرقى، وإني كنت أرقي من الحية. ~~فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من استطاع منكم أن ينفع أخاه ~~فليفعل. # أخبرني محمد بن علي، أخبرنا أحمد بن الحسن في كتابه، أخبرنا الحسن بن ~~أحمد، أخبرنا دعلج، أخبرنا أبو عبد الله الصائغ، حدثنا سعيد، حدثنا أبو ~~معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: نهى رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - عن الرقى، وكان عند آل عمرو بن حزم رقية يرقون بها من العقرب ~~فأتوه فقالوا: يا رسول الله، إنك نهيت عن الرقى، وكانت عندنا رقية نرقي بها ~~من العقرب فقال: فعرضتها عليه، فقال: ما أرى # PageV01P238 # بأسا، من استطاع أن ينفع أخاه منكم فلينفعه. # ويحتمل أن يقال: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن مطلق ~~الرقى، بل قد نهى عن رقى مخصوصة، وذلك أنه حين قدم المدينة رأى معهم رقى ~~يخالطها الشرك، فنهى عن تلك الرقى، وأما ما كانت تشتمل على أسماء الله ~~تعالى فلم يكن قد نهى عنها، يدل على ما ذكرناه أثر ms240 الزهري. # أخبرني محمد بن جعفر، أخبرنا أبو سعد المطرز في كتابه، أخبرنا أحمد بن ~~عبد الله، حدثنا سليمان بن أحمد، أخبرنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ~~الزهري قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يرقون رقى ~~يخالطها الشرك، فنهى عن الرقى، فلدغ رجل من أصحابه لدغته حية، فقال النبي - ~~صلى الله عليه وسلم -: هل من راق يرقيه؟ فقال رجل: إني كنت أرقي # برقية، فلما نهيت عن الرقى تركتها. قال: فاعرضها علي. فعرضها عليه، فلم ~~ير بها بأسا، فأمره فرقاه. # وقال إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا علي ابن المديني، أخبرنا الضحاك بن ~~مخلد، أخبرنا ابن جريج، أخبرني العباس - هو الجزري - عن ابن شهاب، قال: ~~بلغني عن رجل من أهل العلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الرقى ~~حين قدم المدينة، وكانت الرقى في ذلك الزمان فيها كثير من كلام الشرك، ~~فانتهى الناس، فبينا هم على ذلك لدغت رجلا من الأنصار حية، فقال: التمسوا ~~راقيها، فقيل له: إنه كان آل حزم يرقون منها حتى نهيت عنها، فقال: ادعوا لي ~~عمارة بن حزم. فقال: اعرض علي رقيتك. فعرض عليه، فلم ير بأسا، فأذن لهم، ~~وقال: من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه. # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا محمد بن ~~أحمد الكاتب، أخبرنا عبد الله بن محمد، أبو الشيخ الحافظ، حدثنا محمد بن ~~حمزة، حدثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، أن النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - قال لأسماء بنت عميس: ما لي أرى بني أخي ضارعة أتصيبهم الحاجة؟ قلت: ~~لا، ولكن العين تسرع إليهم؛ أفأرقيهم؟ فقال: بماذا؟ فعرضت عليه # PageV01P239 # كلاما لا بأس به، فقال: ارقيهم. # أخبرنا أبو العلاء الحافظ، أخبرنا جعفر بن عبد الواحد، أخبرنا محمد بن ~~عبد الله الضبي، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمود بن محمد الواسطي، حدثنا ~~وهب بن بقية، أخبرنا خالد بن عبد الرحمن بن إسحاق، عن محمد بن يزيد، عن ~~عمير مولى آبي اللحم قال ms241: عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - رقية كنت ~~أرقي بها المجانين في الجاهلية، فقال: اطرح منها كذا، واطرح منها كذا، وارق ~~منها بكذا. # فقد دلت هذه الأحاديث على صحة ما ذكرناه، وأن النهي تناول ما كان من قبيل ~~الشرك دون ما كان من أسماء الله تعالى، وعلى هذا الاحتمال لا حاجة بنا إلى ~~الحكم بالنسخ؛ لإمكان الجمع بين الأخبار، والله أعلم. ### | باب سدل الشعر ونسخه بالفرق # أخبرنا أبو الفرج عبد الحميد بن إسماعيل قراءة عليه، أخبرنا أبو الفتح ~~عبدوس بن عبد الله، أخبرنا أبو طاهر بن سلمة، أخبرنا أحمد بن محمد ~~الدينوري، أخبرنا أحمد بن شعيب، حدثنا محمد بن سلمة، حدثنا ابن وهب، عن ~~يونس، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أن رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - كان يسدل شعره، وكان المشركون يفرقون شعورهم، وكان ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه ~~بشيء، ثم فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك. # هذا حديث صحيح ثابت عن الزهري، وله طرق في الصحاح. # أخبرني محمد بن محمد بن الجنيد، أخبرنا محمد بن محمد بن أبي عبد الله ~~الفقيه، أخبرنا أحمد بن عبد الله، حدثنا أبو القاسم اللخمي، حدثنا إسحاق، ~~أخبرنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن ~~عتبة، قال: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وجد أهل الكتاب ~~يسدلون الشعر، ووجد المشركين يفرقون، وكان إذا شك في أمر لم يؤمر فيه بشيء ~~صنع ما يصنع أهل الكتاب فسدل، ثم أمر بالفرق ففرق، فكان الفرق آخر الأمرين، ~~كذا رواه عبد الرزاق عن معمر مرسلا. # وكان معمر يختلف عليه هذا الحديث فتارة كان يرويه متصلا، ومرة كان # PageV01P240 # منقطعا، وهو محفوظ عن الزهري متصلا، كذلك رواه أصحابه الثقات. ### | باب النهي عن دخول الحمام ثم الإذن فيه بعد ذلك # قرأت على أبي موسى الحافظ، أخبرك أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم ~~الحافظ ms242، أخبرنا أبو أحمد العبدي، أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا إسحاق بن ~~إبراهيم الحنظلي، أخبرنا أبو الوليد، حدثنا حماد بن سلمة، عن عبد الله بن ~~شداد، عن أبي عفرة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: نهى رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - عن الحمام للرجال والنساء، ثم رخص فيه للرجال أن يدخلوها ~~بالمآزر، ولم يرخص للنساء. # لا يعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه، وأبو عفرة غير مشهور، وأحاديث ~~الحمام كلها معلولة، وإنما يصح فيها عن الصحابة - رضي الله عنهم -، فإن كان ~~هذا الحديث محفوظا فهو صريح في النسخ، والله أعلم بالصواب. ### | باب النهي عن القران بين التمرين ونسخ ذلك # أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب، أخبرنا محمد ~~بن أحمد بن محمد، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن يحيى، ~~حدثنا أبو موسى وبندار قالا: أخبرنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن جبلة بن ~~سحيم، قال: كان ابن الزبير يرزقنا التمر، وكان قد أصاب الناس يومئذ جهد، ~~فكنا نأكل التمر فيمر علينا ابن عمر ونحن نأكل فيقول: لا تقارنوا، فإن رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الإقران؛ إلا أن يستأذن الرجل أخاه. # قال شعبة: لا أرى هذه الكلمة إلا من كلام ابن عمر؛ يعني الاستئذان. # هذا حديث حسن صحيح، وله طرق مخرجة في الصحاح، وقيل: إن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - إنما نهى عن ذلك حيث كان العيش زهيدا، والقوت متعذرا مراعاة ~~لجانب الفقراء والمساكين، وحثنا على الإيثار والمواساة، ورغبة في تعاطي ~~أسباب العدالة حالة الاجتماع والاشتراك، فلما وسع الله الخير، وعم العيش ~~الغني والفقير قال: # PageV01P241 # فشأنكم إذا. # ذكر ما يدل على النسخ # أخبرني أبو موسى الحافظ، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد، أخبرنا أبو نعيم، ~~حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن يحيى بن سهل بن محمد العسكري، حدثنا ~~سهيل بن عثمان، حدثنا محبوب العطار، عن يزيد بن زريع أبي خالد، عن عطاء ~~الخراساني، عن ابن بريدة، عن أبيه ms243 قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~-: كنت قد نهيتكم عن الإقران، وإن الله قد أوسع الخير فاقرنوا. # الإسناد الأول أصح وأشهر من الثاني، غير أن الخطب في هذا الباب يسير؛ ~~لأنه ليس من باب العبادات والتكليف، وإنما هو من قبيل المصالح الدنيوية، ~~فيكفي في ذلك الحديث الثاني، ثم يشيده إجماع الأمة على خلاف ذلك، والله ~~أعلم. ### | باب النهي عن أن يقال ما شاء الله وشئت # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر قراءة عليه، أخبرنا أبو منصور محمد ~~بن الحسين بن أحمد، أخبرنا القاسم بن أبي المنذر، أخبرنا علي بن بحر ~~القطان، أخبرنا محمد بن يزيد، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عيسى بن يونس، ~~حدثنا الأجلح الكندي، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم -: إذا حلف أحدكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت؛ ولكن ~~ليقل: ما شاء الله، ثم شئت. # ذكر أحاديث تدل على أن النهي كان بعد الإباحة أخبرني محمد بن إبراهيم بن ~~علي، أخبرنا أبو زكريا العبدي، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب، أخبرنا أبو ~~محمد بن عبد الله بن محمد، أخبرنا أبو بكر بن عاصم، حدثنا هدبة، حدثنا حماد ~~بن سلمة، حدثني عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن الطفيل بن سخبرة - ~~أخي عائشة لأمها - أنه قال: رأيت فيما يرى النائم كأني أتيت على رهط من ~~اليهود فقلت: # PageV01P242 # من أنتم؟ فقالوا: نحن اليهود. فقلت: فإنكم لأنتم القوم، لولا أنكم ~~تقولون: عزير ابن الله. قالوا: وأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله ~~وما شاء محمد. ثم أتيت على رهط من النصارى فقلت: من أنتم؟ فقالوا: نحن ~~النصارى. فقلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله. ~~فقالوا: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فلما أصبح ~~أخبر بها من أخبر، ثم أخبرت بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هل ~~أخبرت بها أحدا؟ قلت: نعم. فقام رسول الله - صلى الله عليه ms244 وسلم - خطيبا ~~فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن طفيلا رأى رؤيا فأخبر بها من ~~أخبر منكم، وإنكم لتقولون الكلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها، ~~فلا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد. # تابعه: شعبة، وزائدة، ونفر عن عبد الملك نحوه، ورواه عنه: سفيان الثوري، ~~فخالفهم في ذلك. # أخبرنا محمد بن محمد بن أبي نصر الخطيب، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا ~~أحمد بن عبد الله، أخبرنا الشيخ الحافظ، أخبرنا إسحاق بن أحمد، قال: قرأت ~~على عباس بن يزيد البصري، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن ~~حذيفة قال: لقي رجل من المسلمين رجلا من اليهود فقال: نعم القوم أنتم ~~تزعمون أنا مشركون وأنتم مشركون؛ # تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ~~فقال: والله لقد كنت أكرهها؛ فقولوا: ما شاء الله، ثم شاء محمد. # وقد روي عن شعبة قول آخر خلاف الأول. # وبالإسناد قال أبو الشيخ، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا عقبة بن ~~مكرم، حدثنا هانئ بن يحيى، حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن ~~عبد خير، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قالت اليهود: نعم القوم ~~أنتم قوم محمد لولا أنهم يقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فقال صلى الله ~~عليه وسلم: لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد؛ ولكن قولوا ما شاء الله ~~وحده. # أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر، أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين ~~في كتابه، أخبرنا القاسم بن أبي المنذر، أخبرنا علي بن بحر القطان، أخبرنا ~~محمد بن يزيد، حدثنا هشام # PageV01P243 # بن عمار، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن خراش، ~~عن حذيفة بن اليمان: أن رجلا من المسلمين رأى في النوم أنه لقي رجلا من أهل ~~الكتاب فقال: نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون؛ قال: تقولون: ما شاء الله ~~وشاء محمد. فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم ms245: والله إن كنت ~~لأعرفها لكم؛ قولوا: ما شاء الله، ثم ما شاء محمد. # قالوا: وسكوته - صلى الله عليه وسلم - إذن لهم في ذلك حتى نهاهم فانتهوا، ~~وقد يشكل على بعض الناس الجمع بين هذا الحديث والحديث الآخر في الوافد الذي ~~قدم # وقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال له النبي - ~~صلى الله عليه وسلم -: بئس الخطيب أنت؛ هلا قلت: ومن يعص الله ورسوله؛ إذ ~~جوز له ما أنكر عليه في الحديث الأول؛ لأن الحديث الأول كان مذكورا بحرف ~~الواو، وهي تقتضي الترتيب مع التراخي، وأما في الحديث الثاني فأمره أن يعدل ~~بضمير التثنية إلى واو العطف، وقد بين الشافعي رضي الله عنه ذلك بيانا ~~شافيا. # أخبرنا أبو مسلم محمد بن أبي الفتوح، أخبرنا القاضي أبو علي إسماعيل بن ~~أحمد بن الحسين، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن عبد الله، أخبرنا محمد بن ~~يعقوب، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي رضي الله عنه: المشيئة إرادة الله؛ ~~قال الله - عز وجل -: وما تشاءون إلا أن يشاء الله فأعلم الله خلقه أن ~~المشيئة له دون خلقه، وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء، فيقال لرسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم -: ما شاء الله ثم شئت. ولا يقال: ما شاء الله وشئت. ~~قال: ويقال: من يطع الله ورسوله؛ فإن الله تعبد العباد بأن فرض طاعة رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~فقد أطيع الله تعالى بطاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. PageV01P244 ms246