######OpenITI# #META# 000.SortField :: Shamela_0006531 #META# 000.BookURI :: NOCODE #META# 010.AuthorAKA :: NODATA #META# 010.AuthorNAME :: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) #META# 011.AuthorBORN :: NOTGIVEN #META# 011.AuthorDIED :: 748 #META# 019.AuthorDIED :: NODATA #META# 020.BookTITLE :: المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال #META# 020.BookTITLESUB :: NODATA #META# 021.BookSUBJ :: العقيدة #META# 022.BookVOLS :: 1 #META# 025.BookLANG :: NODATA #META# 029.BookTITLEalt :: NODATA #META# 030.LibURI :: Shamela_0006531 #META# 030.LibURIextra :: NODATA #META# 031.LibREADONLINE :: http://shamela.ws/browse.php/book-6531 #META# 031.LibURL :: http://shamela.ws/index.php/book/6531 #META# 031.LibURLFILE :: NODATA #META# 031.LibURLextra :: NODATA #META# 040.EdALL :: NODATA #META# 040.EdEDITOR :: محب الدين الخطيب #META# 041.EdNUMBER :: NODATA #META# 041.EdNumber :: NODATA #META# 043.EdPUBLISHER :: NODATA #META# 044.EdPLACE :: NODATA #META# 045.EdYEAR :: NODATA #META# 049.EdISBN :: NODATA #META# 049.EdPAGES :: NODATA #META# 049.EdPHYSICAL :: NODATA #META# 049.EdVOLUME :: NODATA #META# 090.RecMISC :: NODATA #META# 999.MiscINFO :: NODATA #META#Header#End# # PageV00P000 ### | بسم الله الرحمن الرحيم ### | وبه نستعين # الحمد لله المنقذ من الضلال المرشد إلى الحق # الهادي من يشاء إلى صراطه المستقيم # أما بعد فهذه فوائد ونفائس اخترتها من كتاب منهاج الإعتدال في نقض كلام ~~أهل الرفض والإعتزال تأليف شيخنا الإمام العالم أبي العباس أحمد بن تيمية ~~رحمه الله تعالى # فذكر أنه أحضر إليه كتاب لبعض الرافضة في عصرنا يعني ابن المطهر # PageV01P017 # منفقا لهذه البضاعة يدعو بها إلى مذهب الإمامية أهل الجاهلية ممن قلت ~~معرفتهم بالعلم والدين # فصنفه للملك المعروف الذي سماه فيه خدا بنده # فالأدلة إما نقلية # وإما عقلية # PageV01P018 # والقوم من أكذب الناس في النقليات # وأجهل الناس في العقليات # ولهذا كانوا عند العلماء أجهل الطوائف وقد دخل منهم على الدين من الفساد ~~ما لا يحصيه إلا رب العباد # والنصيرية والإسماعيلية والباطنية من بابهم دخلوا # والكفار والمرتدة بطريقهم وصلوا # فاستولوا على بلاد الإسلام وسبوا الحريم وسفكوا الدم الحرام # وهذا المصنف سمى كتابه منهاج الكرامة في معرفة الإمامة # والرافضة فقد # PageV01P019 # شابهوا اليهود في الخبث والهوى # وشابهوا النصارى في الغلو والجهل # وهذا المصنف سلك مسلك سلفه كإبن النعمان المفيد # والكراجكي # وأبي القاسم الموسوي # والطوسي فإن الرافضة في الأصل ليسوا أهل خبرة بطريق المناظرة ومعرفة ~~الأدلة # PageV01P020 # وما يدخل فيها من المنع والمعارضة # كما أنهم جهلة بالمنقولات # وإنما عمدتهم على تواريخ منقطعة الإسناد # وكثير منها من وضع المعروفين بالكذب فيعتمدون على نقل أبي مخنف لوط بن ~~يحيى وهشام بن الكلبي # قال يونس بن عبد الأعلى قال أشهب سئل مالك رضي الله عنه عن الرافضة فقال ~~لا تكلمهم ولا ترو عنهم # فإنهم يكذبون # وقال حرملة # سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول لم أر أحدا أشهد بالزور من الرافضة # PageV01P021 # وقال مؤمل بن إهاب سمعت يزيد بن هارون يقول يكتب عن كل مبتدع إذا لم يكن ~~داعية إلا الرافضة # فإنهم يكذبون # وقال محمد بن سعيد الأصفهاني سمعت شريكا يقول احمل العلم عن كل من لقيته ~~إلا الرافضة # فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه دينا # وقال أبو معاوية سمعت الأعمش يقول أدركت ms001 الناس وما يسمونهم إلا الكذابين ~~يعني أصحاب المغيرة بن سعيد # ورد شهادة من عرف بالكذب متفق عليه # ومن تأمل كتب الجرح والتعديل رأى المعروف عند مصنفيها بالكذب في الشيعة ~~أكثر منهم في جميع الطوائف # والخوارج مع مروقهم من الدين فهم من أصدق الناس # PageV01P022 # حتى قيل إن حديثهم من أصح الحديث # والرافضة يقرون بالكذب حيث يقولون ديننا التقية # وهذا هو النفاق # ثم يزعمون أنهم هم المؤمنون ويصفون السابقين الأولين بالردة والنفاق فهم ~~كما قيل رمتني بدائها وانسلت # PageV01P023 # ثم عمدتهم في العقليات اليوم على كتب المعتزلة فوافقوهم في القدر وسلب ~~الصفات وما في المعتزلة من يطعن في خلافة الشيخين # بل جمهورهم يعظمونهما ويفضلونهما # وكان متكلموا الشيعة كهشام بن الحكم وهشام الجواليقي ويونس بن عبد الرحمن ~~القمى يبالغون في إثبات الصفات ويجسمون # PageV01P024 # قال المصنف ابن المطهر أما بعد فهذه رسالة شريفة ومقالة لطيفة إشتملت على ~~أهم المطالب في أحكام الدين وأشرف مسائل المسلمين # وهي مسألة الإمامة التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة # وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان # فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ~~ميتة جاهلية خدمت به خزانة السلطان الأعظم ملك ملوك طوائف العرب والعجم ~~شاهنشاه غياث الملة والدين خدا بنده ورتبتها على فصول الأول في نقل المذاهب ~~في هذه المسألة # الثاني أن مذهب الإمامية واجب الإتباع # الثالث في الأدلة على إمامة علي # الرابع في الإثنى عشر # الخامس في إبطال خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم # فيقال الكلام على هذا من وجوه # فقوله إن مسألة الإمامة أهم المطالب كذب بالإجماع # إذ الإيمان أهم فمن المعلوم بالضرورة أن الكفار على عهد النبي صلى الله ~~عليه وسلم كانوا إذا أسلموا أجرى عليهم أحكام الإسلام ولم تذكر لهم الإمامة ~~بحال # فكيف تكون أهم المطالب # أم كيف يكون الإيمان بإمامة محمد بن الحسن المنتظر من أربعمائة ونيف ~~وستين سنة ليخرج من سرداب سامراء أهم من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ~~ورسله ولقائه ms002 # ويقال للرافضة إن كان ما بأيديكم كافيا في الدين فلا حاجة إلى المنتظر ~~وإن لم يكن كافيا فقد أقررتم بالنقص والشقاء حيث كانت سعادتكم موقوفة على ~~أمر آمر لا تعلمون بماذا أمر # وكان ابن العود الحلى يقول إذا اختلفت الإمامية على قولين أحدهما يعرف ~~قائله والآخر لا يعرف قائله فالقول الذي لا يعرف قائله هو الحق لأن المنتظر ~~المعصوم في تلك الطائفة فأنظر إلى هذا الجهل فإنه بتقدير وجود المنتظر لا ~~يعلم أنه قال ذلك القول # ولم ينقله عنه أحد فمن أين نجزم بأنه قوله فأصل دين هؤلاء مبنى على مجهول ~~ومعدوم # فالمقصود من الإمام طاعة أمره ولا سبيل إلى معرفة أمره فلا فائدة فيه ~~أصلا لا بعقل ولا بنقل # فأوجبوا وجود المنتظر وعصمته # قالوا لأن مصلحة الدين والدنيا لا تحصل إلا به وهم فما حصلت لهم بالمنتظر ~~مصلحة قط # والذين أنكروه لم تفتهم مصلحة في الدين ولا في الدنيا ولله الحمد # PageV01P025 # فإن قلتم إيماننا به كإيمان كثير من الصالحين والزهاد بإلياس والخضر ~~والغوث والقطب ممن لا يعرف وجودهم ولا أمرهم ولا نهيهم # قلنا ليس الإيمان بوجودهم واجبا عند أحد من العلماء فمن أوجب الإيمان ~~بوجودهم كان قوله مردودا كقولكم وغاية ما يقوله الزهاد في أولئك أن المصدق ~~بوجودهم أكمل وأفضل ممن ينكر وجودهم ومعلوم بالإضطرار من الدين أن نبي الله ~~صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته التصديق بوجود هؤلاء # فأما من زعم أن القطب أو الغوث هو الذي يمد أهل الأرض في هداهم ونصرهم ~~ورزقهم وأن هذه الأمور لا تصل إلى أحد من أهل الأرض إلا بواسطته فهذا ضال ~~يشبه قوله قول النصارى في الباب وهذا كما قال بعض الجهلة في النبي صلى الله ~~عليه وسلم وفي شيوخهم أن علم أحدهم ينطبق على علم الله وقدرته فيعلم ما ~~يعلمه الله ويقدر ما يقدره الله # ثم الذي عليه المحققون أن الخضر وإلياس ماتا # ولقد خلا بي بعض الإمامية وطلب أن أتكلم معه فقررت له قولهم من أن الله ~~تعالى ms003 أمر العباد ونهاهم فيجب أن يفعل بهم اللطف والإمام لطف لأن الناس إذا ~~كان لهم إمام يأمرهم بالواجب وينهاهم عن القبيح كانوا أقرب إلى فعل المأمور ~~فيجب أن يكون لهم إمام ولا بد أن يكون معصوما ليحصل المقصود به # ولم تدع العصمة لأحد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا لعلي فتعين أن ~~يكون إياه للإجماع على أن غيره ليس بمعصوم وعلي قد نص على الحسن والحسن على ~~الحسين رضي الله عنهم إلى أن انتهت النوبة إلى محمد بن الحسن المنتظر # فاعترف بأن هذا تقرير جيد # PageV01P026 # قلت فانا وأنت طالبان للعلم والحق والهدى وهم يقولون من لم يؤمن بالمنتظر ~~فهو كافر فهل رأيته أو رأيت من رآه أو سمعت له بخبر أو تعرف شيئا من كلامه ~~قال لا # قلت فأي فائدة في إيماننا بهذا وأي لطف حصل لنا به وكيف يكلفنا الله ~~تعالى بطاعة شخص لا نعلم ما يأمر به ولا ما ينهى عنه ولا طريق لنا إلى ~~معرفة ذلك أصلا # وهم من أشد الناس إنكارا لتكليف ما لا يطاق فهل في تكليف ما لا يطاق أبلغ ~~من هذا # فقال إثبات هذا مبني على تلك المقدمات # قلت لكن المقصود منها لنا ما يتعلق بنا نحن وإلا فما علينا مما مضى إذا ~~لم يتعلق بنا منه أمر ولا نهي # وإذا كان كلامنا في تلك المقدمات لا يحصل لنا فائدة ولا لطفا علم أن ~~الإيمان بالمنتظر من باب الجهل لا من باب اللطف والمصلحة # والذي عند الإمامية من النقل عن آبائه إن كان حقا محصلا للسعادة فلا حاجة ~~إلى المنتظر وإن لم يكن محصلا للنجاة والسعادة فما نفعهم المنتظر # ثم مجرد معرفة الإنسان إمام وقته أو رؤيته لا يستحق به الكرامة إن لم ~~يوافق أمره ونهيه فما هو بأبلغ من الرسول صلى الله عليه وسلم # فكيف بمن عرف الإمام وهو مضيع للفرائض معتد متعد للحدود # PageV01P027 # وهو يقولون حب علي رضي الله عنه حسنة لا يضر معها سيئة فإن كانت السيئات ~~لا تضر ms004 مع حب علي فلا حاجة إلى الإمام المعصوم # وقولك إن الإمامة أحد أركان الإيمان جهل وبهتان فإن النبي صلى الله عليه ~~وسلم فسر الإيمان وشعبه ولم يذكر الإمامة في أركانه ولا جاء ذلك في القرآن ~~بل قال تعالى الأنفال (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم إلى ~~قوله أولئك هم المؤمنون حقا) وقال تعالى الحجرات 15 (إنما المؤمنون الذين ~~آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله ~~أولئك هم الصادقون) وقال تعالى البقرة 177 (ليس البر أن تولوا وجوهكم إلى ~~قوله وأولئك هم المتقون) إلى غير ذلك من الآيات # ولم يذكر الإمامة ولا أنها من أركان الإسلام # وأما قولك في الحديث من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فنقول ~~من روى هذا وأين إسناده بل والله ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا # وإنما المعروف ما روى مسلم أن ابن عمر جاء إلى عبد الله بن مطيع حين كان ~~من أمر الحرة ما كان فقال اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال إني لم آتك ~~لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من خلع ~~يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة ~~مات ميتة جاهلية # وهذا حديث حدث به إبن عمر لما خلعوا أمير وقتهم يزيد مع ما كان عليه من ~~الظلم فدل الحديث # PageV01P028 # على أن من لم يكن مطيعا لولاة الأمر أو خرج عليهم بالسيف مات ميتة جاهلية # وهذا ضد حال الرافضة فإنهم أبعد الناس عن طاعة الأمراء إلا كرها وهذا ~~الحديث يتناول من قاتل في العصبية والرافضة رءوس هؤلاء ولكن لا يكفر المسلم ~~بالإقتتال في العصبية فإن خرج عن الطاعة ثم مات ميتة جاهلية لم يكن كافرا # وفي صحيح مسلم عن جندب البجلي مرفوعا من قتل تحت راية عمية يدعو إلى ~~عصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية # وفي مسلم عن أبي هريرة من خرج من الطاعة وفارق الجماعة ثم مات ms005 مات ميتة ~~جاهلية # فطالما خرجت الرافضة عن الطاعة وفارقت الجماعة # وفي الصحيحين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى من ~~أميره شيئا يكرهه فليصبر فإن من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة ~~جاهلية # ثم لو صح الحديث الذي أوردته لكان عليكم فمن منكم يعرف إمام الزمان أو ~~رآه أو رأى من رآه أو حفظ عنه مسألة بل تدعون إلى صبي ابن ثلاث أو خمس سنين # PageV01P029 # دخل سردابا من أربعمائة وستين عاما ولم ير له عين ولا أثر ولا سمع له حس ~~ولا خبر # وإنما أمرنا بطاعة أئمة موجودين معلومين لهم سلطان وأن نطيعهم في المعروف ~~دون المنكر ولمسلم عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيار ~~أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم ~~الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم # قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك قال # لا ما أقاموا فيكم الصلاة # لا ما أقاموا فيكم الصلاة # ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من ~~معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة # وفي الباب أحاديث عدة تدل على أن الأئمة ليسوا بمعصومين # ثم الأمامية يسلمون أن مقصود الإمامة إنما هو في الفروع أما الأصول فلا ~~يحتاج فيها إلى الإمام وهي أهم وأشرف # وإمام الزمان اعترفوا بأنه ما حصلت به بعد مصلحة أصلا فأي سعي أضل من سعي ~~من يتعب التعب الطويل ويكثر القال والقيل # ويفارق جماعة المسلمين # ويلعن السابقين # ويعين الكفار والمنافقين # ويحتال بأنواع الحيل # ويسلك أوعر السبل # ويعتضد بشهود الزور # ويدلي أتباعه بحبل الغرور # ومقصودة # PageV01P030 # بذلك أن يكون له إمام يدله على أحكام الله تعالى وما حصل له من جهته ~~منفعة ولا مصلحة إلا ذهاب نفسه حسرات وارتكب الأخطاء وطول الأسفار وأدمن ~~الإنتظار وعادي أمة محمد صلى الله عليه وسلم لداخل في سرداب لا عمل له ولا ~~خطاب # ولو كان متيقن الوجود لما حصل لهم به منفعة فكيف وعقلاء ms006 الأمة يعلمون أنه ~~ليس معهم إلا الإفلاس وأن الحسن بن علي العسكري رضي الله عنه لم يعقب كما ~~ذكره محمد بن جرير الطبري وعبد الباقي بن قانع وغيرهما من النسابين # ثم يقولون دخل السرداب وله إما سنتان وإما ثلاث وإما خمس وهذا يتيم بنص ~~القرآن تجب حضانته وحفظ ماله # فإذا صار له سبع سنين أمر بالصلاة # فمن لا توضأ ولا صلى وهو تحت الحجر لو كان موجودا فكيف يكون إمام أهل ~~الأرض وكيف تضيع مصلحة الإمامة مع طول الدهور # PageV01P031 ### | الفصل الأول في نقل المذاهب في هذه المسألة # قال المؤلف الرافضي ذهبت الإمامية إلى أن الله عدل حكيم لا يفعل قبيحا ~~ولا يظلم وأنه رءوف بالعباد يفعل لهم ما هو الأصلح لهم إلى أن قال ثم أردف ~~الرسالة بعد موت الرسول بالإمامة فنصب أولياء معصومين ليأمن الناس من غلطهم ~~وسهوهم ولئلا يخلي الله العالم من لطفه ورحمته وأنه لما بعث محمدا صلى الله ~~عليه وسلم قام بثقل الرسالة ونص على أن الخليفة من بعده علي ثم من بعد علي ~~ولده الحسن ثم على ولده الحسين ثم على علي بن الحسين ثم على محمد ثم على ~~جعفر ثم على موسى بن جعفر ثم على علي بن موسى ثم على محمد بن علي الجواد ثم ~~على علي بن محمد الهادي ثم على الحسن بن علي العسكري ثم على الحجة محمد بن ~~الحسن # وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت إلا عن وصية بالإمامة # وأهل السنة ذهبوا إلى خلاف ذلك كله فلم يثبتوا العدل والحكمة في أفعاله ~~تعالى وجوزوا عليه فعل القبيح والإخلال بالواجب وأنه تعالى لا يفعل لغرض بل ~~أفعاله كلها لا لغرض من الأغراض ولا لحكمة وأنه يفعل الظلم والعبث وأنه لا ~~يفعل الأصلح لعباده بل ما هو الفساد في الحقيقة كفعل المعاصي وأنواع الكفر ~~فجميع أنواع الفساد الواقعة في العالم مسندة إليه # وأن المطيع لا يستحق ثوابا والعاصي لا يستحق عقابا قد يعذب النبي ويثيب ~~إبليس وفرعون # وأن الأنبياء غير ms007 معصومين بل قد يقع منهم الخطأ والفسق والكذب # وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على إمامة بل مات عن غير وصية وأن ~~الإمام بعده أبو بكر بمبايعة عمر وبرضا أربعة أبي عبيدة وسالم مولى أبي ~~حذيفة وأسيد بن حضير وبشير بن سعد # ثم من بعده عمر بنص أبي بكر # ثم عثمان # PageV01P032 # ينص عمر على ستة هو أحدهم فأختاره بعضهم # ثم علي بمبايعة الخلق له ثم اختلفوا فقال بعضهم إن الإمام بعده حسن ~~وبعضهم قال معاوية ثم ساقوا الإمامة في بني أمية إلى أن ظهر السفاح # قلنا هذا النقل لمذهب أهل السنة والرافضة فيه من التحريف والكذب ما نذكره # فمنه أن إدخال القدر والعدل في هذا الباب باطل من الجانبين إذ كل قول منه ~~قد قال به طوائف من السنة والشيعة # فالشيعة منهم طوائف تثبت القدر وتنكر التعديل والتجوير # والذين يقرون بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فيهم طوائف تقول ~~بالتعديل والتجوير # فإن المعتزلة أصل هذا # وإن شيوخ الرافضة كالمفيد والموسوى والطوسي والكراجكي إنما أخذوا ذلك من ~~المعتزلة وإلا فالقدماء من الشيعة لا يوجد في كلامهم شيء من هذا فذكره ~~القدر في مسائل الإمامة لا مدخل له بوجه # وما نقله عن الإمامية لم يحرره فإن من تمام قولهم إن الله لم يخلق شيئا ~~من أفعال الحيوان بل تحدث الحوادث بغير قدرته ولا خلقه # ومن قولهم إن الله لا يقدر أن يهدي ضالا ولا يقدر أن يضل مهتديا # ولا يحتاج أحد من البشر إلى أن يهديه الله بل الله قد هداهم هدى البيان ~~وأما الإهتداء فقد يهتدي بنفسه لا بمعونة الله له ومن قولهم # PageV01P033 # إن هدى الله للمؤمنين والكفار سواء ليس على المؤمنين نعمة في الدين أعظم ~~من نعمته على الكافرين بل قد هدي عليا بما هدي أبا جهل بمنزلة الأب الذي ~~يعطي أحد إبنيه دراهم ويعطي الآخر مثلها فأنفقها هذا في الطاعة وهذا في ~~المعصية # ومن أقوالهم إنه يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء فلا ms008 يثبتون لله مشيئة ~~عامة ولا قدرة تامة ولا خلقا متناولا لكل حادث # وهذا نص قول المعتزلة # ولهذا كانت الشيعة في هذا على قولين # وقوله انه نصب أولياء معصومين لئلا يخلي الله العالم من لطفه فهم يقولون ~~إن الأئمة المعصومين مقهورون مظلومون عاجزون ليس لهم سلطان ولا قدرة حتى ~~أنهم يقولون ذلك في علي رضي الله عنه منذ مات النبي صلى الله عليه وسلم إلى ~~أن استخلف وفي الإثني عشر ويقرون أن الله ما مكنهم ولا ملكهم وقد قال تعالى ~~{فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما} # فإن قيل المراد بنصبهم أنه أوجب عليهم طاعتهم فإذا أطاعوهم هدوهم ولكن ~~الخلق عصوهم # فيقال لم يحصل بمجرد ذلك في العالم لا لطف ولا رحمة بل إنما حصل تكذيب ~~الناس لهم ومعصيتهم إياهم # والمنتظر ما انتفع به من أقر به ولا من جحده # وأما سائر الإثني عشر سوى علي رضي الله عنه فكانت المنفعة بأحدهم كالمنفع ~~بأمثاله من أئمة الدين والعلم # وأما المنفعة المطلوبة من أولى الأمر فلم تحصل بهم # فتبين أن ما ذكره من اللطف تلبيس وكذب # وقوله إن أهل السنة لم يثبتوا العدل والحكمة إلخ نقل باطل عنهم من وجهين ~~أحدهما أن كثيرا من أهل النظر الذين ينكرون النص يثبتون العدل والحكمة ~~كالمعتزلة ومن وافقهم # ثم سائر أهل السنة ما فيهم من يقول إنه تعالى ليس بحكيم ولا إنه يفعل ~~قبيحا فليس في المسلمين من يتكلم بإطلاق هذا إلا حل دمه # ولكن مسألة القدر فيها نزاع في الجملة فقول المعتزلة ذهب إليه متأخرو ~~الإمامية وجمهور المسلمين من الصحابة والتابعين وأهل البيت فتنازعوا في ~~تفسير عدل الله وحكمته والظلم الذي يجب تنزيهه عنه وفي تعليل أفعاله ~~وأحكامه فقالت طائفة إن الظلم ممتنع # PageV01P034 # عليه وهو محال لذاته كالجمع بين الضدين وأن كل ممكن مقدور فليس هو ظلما # وهؤلاء يقولون إنه لو عذب المطيعين ونعم العصاة لم يكن ظلما # وقالوا الظلم التصرف فيما ليس له والله له كل شيء وهذا قول كثير من ms009 أهل ~~الكلام المؤمنين بالقدر وقول عدة من الفقهاء وقالت طائفة بل الظلم مقدور ~~ممكن والله لا يفعله لعدله وبهذا مدح نفسه إذ يقول يونس 44 {إن الله لا ~~يظلم الناس شيئا} والمدح إنما يكون بترك المقدور وقالوا وقد قال (ومن يعمل ~~من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما) وقال تعالى {وقضي بينهم ~~بالحق وهم لا يظلمون} وقال {وما أنا بظلام للعبيد} وإنما نزه نفسه عن أمر ~~يقدر عليه لا على المستحيل # وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم # أن الله يقول يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي فقد حرم الظلم على نفسه ~~كما {كتب على نفسه الرحمة} وفي الصحيح إن الله لما قضى الخلق كتب في كتاب ~~فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي وما كتبه على نفسه أو حرمه على نفسه ~~فلا يكون إلا مقدورا له فالممتنع لنفسه لا يكتبه على نفسه ولا يحرمه على ~~نفسه وهذا قول أكثر أهل السنة والمثبتين للقدر من أهل الحديث والتفسير ~~والفقه والكلام والتصوف # وعلى هذا القول فهؤلاء هم القائلون بعدل الله وإحسانه دون من يقول من ~~القدرية إن من فعل كبيرة حبط إيمانه فهذا نوع من الظلم الذي نزه الله نفسه ~~عنه وهو القائل (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) ~~فمن إعتقد أن منه على المؤمن بالهداية دون الكافر ظلم فهذا جهل لوجهين ~~أحدهما أن هذا تفضيل قال الله تعالى {بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان ~~إن كنتم صادقين} وكما قالت الأنبياء {إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن ~~على من يشاء} فهو تعالى إلا يضع العقوبة إلا في المحل الذي يستحقها لا يضع ~~العقوبة على محسن # PageV01P035 # أبدا ولهذا قيل # كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل ولهذا يخبر أنه يعاقب الناس بذنوبهم ~~وأن إنعامه عليهم إحسان منه وفي الصحيح فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد ~~غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه وقال تعالى (ما أصابك من ms010 حسنة فمن الله) أي ما ~~أصابك من نعم تحبها كالنصر والرزق فالله أنعم بذلك عليك وما أصابك من نقم ~~تكرهها فبذنوبك وخطاياك # فالحسنات والسيئات هنا النعم والمصائب كما قال (وبلوناهم بالحسنات ~~والسيئات) وقال {إن تصبك حسنة تسؤهم} وقال {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم ~~سيئة يفرحوا بها} # وأجمع المسلمون على أنه تعالى موصوف بالحكمة فقالت طائفة معناها راجع إلى ~~العلم بأفعال العباد وإيقاعها على الوجه الذي أراده وقال جمهور السنة # بل هو حكيم في خلقه وأمره # والحكمة ليست هي مطلق المشيئة إذ لو كان كذلك لكان كل مريد حكيما # ومعلوم أن الإرادة تنقسم إلى إرادة محمودة ومذمومة بل الحكمة ما في خلقه ~~وأمره من العواقب المحمودة # وأصحاب القول الأول كالأشعري ومن وافقه من الفقهاء يقولون ليس في القرآن ~~لام التعليل في أفعال الله بل ليس فيه إلا لام العاقبة # وأما الجمهور فيقولون # بل لام التعليل داخلة في أفعاله وأحكامه # وهذه المسألة لا تتعلق بالإمامة أصلا وأكثر أهل السنة على إثبات الحكمة ~~والتعليل فمن أنكر ذلك احتج بحجتين # إحداهما أن ذلك يلزم التسلسل فإنه إذا فعل لعلة فتلك العلة أيضا حادثة ~~وتفتقر إلى علة إن وجب أن يكون لكل حادث علة وإن عقل الإحداث بلا علة لم ~~يحتج إلى إثبات علة # الثانية أنهم قالوا من فعل لعلة كان مستكملا بها لأنه لو لم يكن حصول ~~العلة أولى من عدمها لم تكن علة والمتكمل بغيره ناقص بنفسه وذلك ممتنع على ~~الله # وأوردوا على المعتزلة حجة تقطعهم على أصولهم فقالوا العلة # PageV01P036 # التي فعل لأجلها إن كان وجودها وعدمها بالنسبة إليه سواء امتنع أن تكون ~~علة وإن كان وجودها أولى فإن كانت عنه منفصلة لزم أن تستكمل بغيره وإن كانت ~~قائمة به لزم أن يكون محلا للحوادث # وأما المجوزون للتعليل فهم متنازعون فالمعتزلة تثبت من التعليل ما لا ~~يعقل وهو فعل لعلة منفصلة عن الفاعل مع كون وجودها وعدمها إليه سواء # وأما القائلون بالتعليل فإنهم يقولون إن الله يحب ويرضى وذلك أخص من ~~الإرادة ms011 # وأما المعتزلة وأكثر الأشعرية فيقولون المحبة والرضاء والإرداة سواء # فجمهور السنة يقولون لا يحب الكفر ولا يرضاه وإن كان داخلا في مراده كما ~~دخلت سائر المخلوقات لما في ذلك من الحكمة # وهو وإن كان شرا بالنسبة إلى الفاعل فليس كل ما كان شرا بالنسبة إلى ~~الفاعل يكون عديم الحكمة بل لله في مخلوقاته حكم قد تخفى # ويجيبون عن التسلسل بجوابين أحدهما أن يقال هذا تسلسل الحوادث في ~~المستقبل لا في الحوادث الماضية فإنه إذا فعل فعلا لحكمة كانت الحكمة حاصلة ~~بعد الفعل فإذا كانت تلك الحكمة يطلب منها حكمة أخرى بعدها كان تسلسلا في ~~المستقبل وهو جائز عند جماهير الأمة فإن نعيم الجنة وعذاب النار دائمان مع ~~تجدد الحوادث فيهما وإنما أنكر ذلك جهم # زعم أن الجنة والنار تفنيان # وأبو الهذيل # PageV01P037 # العلاف زعم أن حركات أهل الجنة والنار تنقطع ويبقون في سكون دائم وذلك ~~أنهم اعتقدوا أن التسلسل في الحوادث ممتنع في الماضي ففيه أيضا قولان لأهل ~~الإسلام فمنهم من يقول إن الله لم يزل متكلما إذا شاء ولم يزل فعالا مع ~~قولهم إن كل ما سواه محدث وأنه ليس في العالم شيء قديم مساوق لله تعالى كما ~~تقول الفلاسفة القائلون بقدم الأفلاك وأن المبدع علة تامة موجب بذاته وهذا ~~ضلال إذ العلة تستلزم معلولها ولا يجوز تأخرها عنه والحوادث مشهورة في ~~العالم فلو كان الصانع موجبا بذاته علة تامة مستلزمة لمعلولها لما حدث شيء ~~من الحوادث في الوجود إذ الحادث يمتنع أن يكون صادرا عن علة تامة أزلية فلو ~~كان العالم قديما لكان مبدعه علة تامة والعلة التامة لا يتخلف عنها شيء من ~~معلولها فحدوث الحوادث دليل على أن فاعلها ليس بعلة تامة وإذا انتفت العلة ~~التامة في الأزل بطل القول بقدم العالم لكن لا ينفي أن الله لم يزل متكلما ~~إذا شاء ولم يزل فعالا لما يشاء # وعمدة الفلاسفة في قدم العالم قولهم يمتنع حدوث الحوادث بلا سبب حادث ~~فيمتنع تقدير ذات معطلة عن الفعل لم تفعل ثم ms012 فعلت من غير حدوث سبب أصلا ~~وهذا لا يدل على قدم شيء بعينه إنما يدل على أنه لم يزل فعالا # فإذا قدر أنه فعال لأفعال تقوم بنفسه أو مفعولات # PageV01P038 # حادثة شيئا بعد شيء كان ذلك وفاء بموجب هذه الحجة مع القول بأن كل ما سوى ~~الله كائن بعد أن لم يكن # قال هؤلاء فقد أخبر تعالى بأنه (خالق كل شيء) ولا يكون المخلوق إلا ~~مسبوقا بالعدم فليس شيء من المخلوقات مقارنا لله كما تقوله الفلاسفة إن ~~العالم معلول له وهو موجب له مفيض له وهو متقدم عليه بالشرف والعلية والطبع ~~لا بالزمان # إلى أن قال الوجه الثاني لا بد أن يكون الفاعل موجودا عند وجود المفعول ~~لا يجوز عدمه عند ذلك إذ المعدوم لا يفعل موجودا ونفس إيجابه وفعله ~~واقتضائه وإحداثه لا يكون ثابتا بالفعل إلا عند وجود المفعول فلو قدر أن ~~فعله اقتضاه فوجد بعد عدمه لزم أن يكون فعله وإيجابه عند عدم المفعول ~~الموجب وإذا كان كذلك فالموجب لحدوث الحوادث إذا قدر أنه يفعل الثاني بعد ~~الأول من غير أن تحدث له صفة يكون بها فاعلا للثاني كان المؤثر التام ~~معدوما عند وجود الأثر وهذا محال # والواحد من الناس إذا قطع مسافة وكان قطعه للجزء الثاني مشروطا بالأول ~~فإنه إذا قطع الأول حصل له أمور تقوم به من قدرة وإرادة وغيرهما تقوم بذاته ~~بها يصير حاصلا في الجزء الثاني لا أنه لمجرد عدم الأول صار قاطعا للثاني ~~فإذا شبهوا فعله للحوادث بهذا لزمهم أن تتجدد لله أحوال تقوم به عند إحداث ~~الحوادث وإلا إذا كان هو لم يتجدد له حال وإنما وجد عدم الأول فحاله قبل ~~وبعد سواء فإختصاص أحد الوقتين بالإحداث لا بد له من مخصص ونفس صدور ~~الحوادث لا بد له من فاعل والتقدير أنه على حال واحدة من الأزل إلى الأبد ~~فيمتنع مع هذا التقدير إختصاص وقت دون وقت بشيء منها # وابن سينا وغيره من القائلين بقدم العالم بهذا احتجوا على المعتزلة ~~فقالوا إذا كان ms013 في الأزل # PageV01P039 # لا يفعل وهو الآن على حاله فهو الآن لا يفعل وقد فرض فاعلا هذا خلف وإنما ~~لزم ذلك من تقدير ذات معطلة عن الفعل # فيقال لهم ذا بعينه حجة عليكم في إثبات ذات بسيطة لا يقوم بها فعل ولا ~~وصف مع صدور الحوادث عنها وإن كانت بوسائط لازمة لها فالوسط اللازم لها ~~قديم بقدمها وقد قالوا إنه يمتنع صدور الحوادث عن قديم هو على حال واحدة ~~كما كان # الوجه الثالث أنهم قالوا إن الواجب فياض دائم الفيض وإنما يتخصص بعض ~~الأوقات بالحدوث لما يتجدد من حدوث الإستعداد والقبول وحدوث الإستعداد ~~والقبول هو سبب حدوث الحركات # فهذا باطل إذ هذا إنما يتصور إذا كان الفعال الدائم الفيض ليس هو المحدث ~~لإستعداد القبول كما تدعونه في العقل الفعال فتقولون إنه دائم الفيض ولكن ~~يحدث إستعداد القوابل بسبب حدوث الحركات الفلكية والإتصالات الكوكبية وتلك ~~ليست صادرة عن العقل الفعال # وأما في المبدع الأول فهو المبدع لكل ما سواه فعنه يصدر الإستعداد ~~والقبول # إلى أن قال وإذا كان هو سبحانه الفاعل لذلك كله امتنع أن يكون علة تامة ~~أزلية مستلزمة لمعلولها لأن ذلك يوجب أن يكون معلوله كله أزليا وكل ما سواه ~~معول له فيلزم أن يكون ما سواه أزليا # وهذه مكابرة للحس وفساد هذا معلوم بالضرورة # وإنما عظمت حجتهم على أهل الكلام المذموم الذين إعتقدوا أن الرب تعالى ~~كان في الأزل يمتنع منه الفعل والكلام بقدرته ومشيئته وكان حقيقة قولهم إنه ~~لم يكن قادرا في الأزل # PageV01P040 # على الكلام والفعل بمشيئته وقدرته لكون ذلك ممتنعا لنفسه والممتنع لا ~~يدخل تحت المقدور وأنه صار قادرا على الفعل والكلام بعد أن لم يكن قادرا ~~عليه وأنه إنقلب من الإمتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي # وهذا قول المعتزلة ومن وافقهم والشيعة والكرامية # وأما الكلام فلا يدخل تحت القدرة والمشيئة بل هو شيء واحد لازم لذاته # وهو قول ابن كلاب والأشعري # وقال طوائف من أهل الكلام والفقه والحديث ويعزى ذلك إلى السالمية وحكاه ~~الشهرستاني عن السلف والحنابلة ms014 إنه حروف أو حروف وأصوات قديمة الأعيان لا ~~تتعلق بمشيئته وقدرته # وليس هذا قول جمهور أئمة الحنابلة # PageV01P041 # ولكنه قول طائفة منهم ومن المالكية والشافعية وقالوا دل الدليل على أن ~~دوام الحوادث ممتنع وأنه يجب أن يكون للحوادث مبدأ وأنكروا حوادث لا أول ~~لها وقالوا وجب أن يكون كل ما تقارنه الحوادث محدثا فيمتنع أن يكون الباري ~~لم يزل فاعلا متكلما بمشيئته بل إمتنع أن يكون لم يزل قادرا على ذلك لأن ~~القدرة في الممتنع ممتنعة # قالوا وبهذا يعلم حدوث الجسم لأنه لا يخلو عن الحوادث وما لا يخلو عن ~~الحوادث فهو حادث # وما فرقوا بين ما لا يخلو عن نوع الحوادث وبين ما لا يخلو عن عين الحوادث # فيقال لهم الفلاسفة وغيرهم فهذا الدليل الذي أثبتم به حدوث العالم هو يدل ~~على إمتناع حدوث العالم فكان ما ذكرتموه إنما يدل على نقيض ما قصدتموه وذلك ~~لأن الحادث لا بد أن يكون ممكنا والممكن لا يترجح أحد طرفيه على الآخر إلا ~~بمرجح تام والإمكان ليس له وقت محدود فما من وقت يقدر إلا والإمكان ثابت ~~قبله # فيجب أن الفعل لم يزل ممكنا جائزا فيلزم أنه لم يزل الرب تعالى قادرا ~~عليه فيلزم جواز حوادث لا أول لها ولا نهاية # وقالت القدرية والمعتزلة نحن لا نسلم أن إمكان الحوادث لا بداية له لكن ~~نقول الحوادث يشترط كونها مسبوقة بالعدم لا بداية لها # وذلك لأن الحوادث عندنا يمتنع أن تكون قديمة النوع بل يجب حدوث نوعها لكن ~~لا يجب الحدوث في وقت بعينه # فالحوادث يشترط كونها مسبوقة بالعدو لا أول لها بخلاف جنس الحوادث # إلى أن قال هل لإمكان الحوادث إنتهاء أم لا فكما أن هذا يستلزم الجمع بين ~~النقيضين في النهاية فكذلك الأول يستلزم الجمع بين النقيضين في البداية إلى # PageV01P042 # أن قال والقادر المختار هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك فما شاء الله كان ~~وما لم يشأ لم يكن # إلى أن قال والمقصود هنا أن الفلاسفة إن جوزوا حوادث بلا ms015 سبب حادث بطلت ~~عمدتهم في قدم العالم وإن منعوا ذلك إمتنع خلو العالم عن الحوادث وهم لا ~~يسلمون أنه لم يخل من الحوادث # وإذا كان كل موجود معين من مرادات الخالق مقارنا للحوادث مستلزما لها ~~إمتنع إرادته دون إرادة لوازمه التي لا ينفك عنها # والله رب كل شيء وخالقه فيمتنع أن يكون بعض ذلك بإرادته وبعضه بإرادة ~~غيره # بل الجميع بإرادته # وحينئذ فالإرادة الأزلية إما أن لا تكون مستلزمة لمقارنة المراد وإما أن ~~تكون كذلك # فإن كان الأول لزم أن يكون المراد ولوازمه قديمة أزلية والحوادث لازمة ~~لكل مصنوع فوجب أن تكون مرادة له وأن تكون أزلية إذ التقدير أن المراد ~~مقارن للإرادة فيلزم أن تكون جميع الحوادث المتعاقبة قديمة أزلية وهذا ~~ممتنع لذاته # وإن قيل إن الإرادة القديمة ليست مستلزمة لمقارنة مرادها لها لم يجب أن ~~يكون المراد قديما أزليا ولا يجوز أن يكون حادثا لأن حدوثه بعد أن لم يكن ~~يفتقر إلى سبب حادث كما تقدم وإن كان أن يقال إن الحوادث تحدث بالإرادة ~~القديمة من غير تجدد أمر من الأمور كما يقوله كثير من الأشعرية والكرامية ~~ومن وافقهم من أصحاب مالك والشافعي وأحمد كان هذا # PageV01P043 # مبطلا لحجة هؤلاء الفلاسفة على قدم العالم # فإن أصل حجتهم أن الحوادث لا تحدث إلا بسبب حادث فإذا جوزوا حدوثها عن ~~القادر المختار بلا حادث أو جوزوا حدوثها بالإرادة القديمة بطلت عمدتهم وهم ~~لا يجوزون ذلك # وأصل هذا الدليل أنه لو كان شيء من العالم قديما للزم أن يكون صدر عن ~~مؤثر تام سواء سمى علة تامة أو موجبا بالذات أو قيل إنه قادر مختار ~~وإختياره أزلي مقارن لمراده # وسر ذلك أن ما كان كذلك لزم أن يقارنه أثره المسمى معلولا أو مرادا أو ~~موجبا بالذات أو مبدعا أو غير ذلك من الأسماء لكن مقارنة ذلك له في الأزل ~~تقتضي أن لا يحدث عنه شيء بعد أن لم يكن حادثا ولو لم يكن كذلك لم يكن ~~للحوادث فاعل بل كانت حادثة بنفسها ms016 لا سيما قول من يقول إن العالم صدر عن ~~ذات بسيطة لا تقوم بها صفة ولا فعل كإبن سينا وغيره # إلى أن قال شيخنا وإنما القصد هنا التنبيه على أصل مسألة التعليل # فإن هذا المبتدع أخذ يشنع على أهل السنة بمسائل لا يذكر حقيقتها ولا ~~أدلتها وينقلها على الوجه الفاسد وما ينقله عن أهل السنة خطأ أو كذب عليهم ~~أو على كثير منهم وما صدق فيه فقولهم فيه خير من قوله # فإن غالب شناعته هنا على الأشعرية وهم خير من المعتزلة والرافضة # ويقولون لهم لما كان هذا الدليل عمدتكم إستطال عليكم الدهرية والفلاسفة ~~وابن سينا # وهذا الدليل مناف في الحقيقة لحدوث العالم لا مستلزم له فإذا كان هذا ~~الحادث لا بد له من سبب حادث وكان هذا الدليل مستلزما لحدوث بلا سبب لزم أن ~~لا يكون # PageV01P044 # الله أحدث شيئا # وإذا جوزنا ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح أنسد طريق إثبات الصانع الذي ~~سلكتموه # ويقولون أيضا للمعتزلة أنتم مع هذا عللتم أفعال الله بعلل حادثة فيقال ~~لكم هل توجبون للحوادث سببا حادثا أم لا فإن قلتم نعم لزم تسلسل الحوادث ~~وبطل ما ذكرتموه وإن لم توجبوا ذلك قيل لكم وكذلك ليس لها غاية حادثة بعدها ~~إذ الفاعل المحدث لا بد لفعله من سبب ولا بد له من غاية # فإن قلتم لا سبب لإحداثه قيل لكم ولا غاية مطلوبة له بالفعل # فإن قلتم لا يعقل فاعل لا يريد حكمة إلا وهو عابث قيل لكم ولا يعقل فاعل ~~يحدث شيئا بغير سبب حادث أصلا بل ذا أشد إمتناعا في العقل من ذاك # فقول من يقول إنه يفعل لمحض المشيئة بلا علة خير من قولكم في حكمته فإن ~~هذا سلم من التسلسل وسلم من كونه يفعل لحكمة منفصلة عنه والمعتزلة تسلم له ~~إمتناع التسلسل # وأما من قال بالتعليل من أهل السنة والحديث فقد سلم من هذا وهذا # وأما قولك جوزوا عليه فعل القبيح والإخلال بالواجب فما قال مسلم قط إن ~~الله يفعل قبيحا أو ms017 يخل بواجب ولكنكم معشر النفاة للقدر توجبون على الله من ~~جنس ما يجب على العباد وتحرمون عليه ما يحرم عليهم فتقيسونه على خلقه # فأنتم مشبهة للأفعال فأما المثبتون للقدر من السنة والشيعة فمتفقون على ~~أن الله تعالى لا يقاس بنا في أفعاله كما لا يقاس بنا في ذاته وصفاته # فليس ما وجب علينا أو حرم علينا يجب أو يحرم عليه ولا ما قبح منا قبح منه # واتفقوا على أنه إذا وعد بشيء كان وقوعه واجبا بحكم وعده لقوله تعالى {إن ~~الله لا يخلف الميعاد} وكذا لا يعذب أنبياءه ولا أولياءه بل يدخلهم جنته ~~كما أخبر # لكن تنازعوا في مسألتين # إحداهما أن العباد هل يعلمون بعقولهم حسن بعض الأفعال ويعلمون أن الله ~~متصف بفعله # ويعلمون قبح بعض الأفعال ويعلمون أن الله منزه عنه على قولين أحدهما أن ~~العقل لا يعلم به حسن ولا قبح # أما في حق الله فلأن القبيح منه ممتنع لذاته وأما في حق العباد فلأن ~~الحسن والقبح لا يثبت إلا بالشرع قاله الإشعرية وكثير من الفقهاء وهم # PageV01P045 # لا ينازعون في الحسن والقبح إذا فسر بمعنى الملائم والمنافى أنه قد يعلم ~~بالعقل # وكذا لا ينازع كثير منهم في أنه إذا عني به كون الشيء صفة كمال أو صفة ~~نقص أنه يعلم بالعقل # الثاني أن العقل قد يعلم به حسن كثير من الأفعال وقبحها في حق الله تعالى ~~وحق عباده # وهذا مع أنه قول المعتزلة فهو قول الكرامية وجمهور الحنفية وقول أبي بكر ~~الأبهري المالكي وأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب الكلواذي من الحنابلة # وذكر أبو الخطاب أنه قول أكثر أهل العلم وهو وقول أبي نصر السجزي وسعد ~~الزنجاني من المحدثين # وقد تنازع الأئمة في الأعيان قبل ورود السمع فقالت الحنفية وكثير من ~~الشافعية والحنابلة أنها على الإباحة مثل ابن سريج وابن إسحاق المروذي وأبي ~~الحسن التميمي وأبي الخطاب # وقالت طائفة كأبي علي بن أبي هريرة وابن حامد والقاضي أبي يعلى إنها على ~~الحظر # مع أن خلقا يقولون إن القولين لا ms018 يصحان إلا على أن العقل يحسن ويقبح فمن ~~قال إنه لا يعرف بالعقل حكم إمتنع أن يصفها قبل الشرع بشيء كما قاله ~~الأشعري وأبو الحسن الجزري وأبو بكر الصيرفي وابن عقيل # وأما المسألة الثانية تنازعوا هل يوصف الله بأنه أوجب على نفسه وحرم ~~عليها أو لا معنى للوجوب إلا إخباره بوقوعه ولا معنى للتحريم إلا إخباره ~~بعدم وقوعه # فقالت طائفة بالقول الثاني وهو قول من يطلق أن الله لا يجب عليه شيء ولا ~~يحرم عليه شيء # وقالت طائفة بل هو أوجب على نفسه وحرم كقوله تعالى {كتب ربكم على نفسه ~~الرحمة} {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} وفي الحديث يا عبادي إني حرمت الظلم ~~على نفسي # أما أننا نوجب عليه أو نحرم عليه فلا # فمن قال لا يجب عليه ولا يحرم أمتنع عنده أن يكون فاعلا لقبيح أو مخلا ~~بواجب ومن قال هو أوجب على نفسه أو حرم عليها بإخباره إيانا فاتفقوا على ~~أنه لا يخل بما إلتزمه # PageV01P046 # ولكنك سلكت مسلك أمثالك تحكي الشيء بطريق الإلزام وتقول أهل السنة ما لم ~~يقولوه فاستنبطت من قولهم لا يجب عليه شيء ولا يقبح منه شيء ما ادعيت عليهم ~~أي يفعل ما هو قبيح عندك # وأيضا فأهل السنة يقولون بإثبات القدر ويصرحون بأنه ما شاء الله كان وما ~~لم يشأ لم يكن وأن الهدي تفضل منه # وأنتم تقولون إنه يجب عليه أن يفعل بكل عبد ما تظنونه واجبا عليه ويحرم ~~عليه ضد ذلك فأوجبتم عليه أشياء وحرمتهم عليه أشياء وهو لم يوجبها على نفسه ~~ولا علم وجوبها عليه بشرع ولا عقل # ثم تحكون عن من لم يوجبها أنه يقول إن الله يخل بالواجب وهذا تلبيس # وأما قولك ذهبوا إلى أنه لا يفعل لغرض ولا لحكمة البتة # فيقال أما تعليل أفعاله وأحكامه بالحكم ففيه قولان لأن السنة والغالب على ~~العلماء عند الكلام في الفقه التعليل # وأما في الأصول فمنهم من يصرح بالتعليل # وأما الغرض فالمعتزلة تصرح به وهم من القائلين بإمامة الشيخين # وأما الفقهاء ونحوهم ms019 فهذا اللفظ يشعر عندهم بنوع من النقص فلا يطلقونه ~~فإن كثيرا من الناس إذا قيل لهم فلان له غرض أو فعل لغرض أرادوا أنه يفعل ~~بهوى أو مراد مذموم والله منزه عن ذلك # وأما قولك يفعل الظلم والعبث فما قال بها مسلم تعالى الله عن ذلك # بل يقولون خلق أفعال عباده إذ قال {هو خالق كل شيء} التي هي ظلم من ~~فاعلها لا هي ظلم من خالقها كما أنه إذا خلق عبادتهم وحجهم وصومهم لم يكن ~~هو حاجا ولا صائما ولا عابدا وكذا إذا خلق جوعهم لم يسم جائعا # فالله تعالى إذا خلق في محل صفة أو فعلا لم يتصف هو بتلك الصفة ولا بذلك ~~الفعل ولو كان كذلك لا تصف بكل ما خلقه من الأعراض # وهنا زلت المعتزلة وأتباعهم الذين قالوا ليس لله كلام إلا ما خلقه في ~~غيره وليس له فعل إلا ما كان منفصلا عنه # فلا يقوم به عندهم لا قول ولا فعل بل جعلوا كلامه الذي # PageV01P047 # كلم به ملائكته ورسله وأنزله على أنبيائه هو ما خلقه في غيره # فقيل لهم الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل لا علي غيره فإذا ~~خلق حركة في محل كان هو المتحرك لا خالق الحركة وكذلك إذا خلق لونا أو ريحا ~~أو علما أو قدرة في محل كان هو المتلون والمتروح والقادر والعالم لا خالق ~~ذلك فكذلك إذا خلق كلاما في محل كان المحل هو المتكلم بذلك الكلام # واحتجت المعتزلة بالأفعال فقالوا كما أنه عادل محسن بعدل وإحسان يقوم ~~بخلقه فكذلك الكلام # فكان هذا حجة على من سلم الأفعال لهم كالأشعرية فإنه ليس عندهم فعل يقوم ~~به بل يقول الخلق هو المخلوق لا غيره # وهو قول طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد # لكن الجمهور يقولون الخلق غير المخلوق وهو مذهب الحنفية وهذا ذكره عن أهل ~~السنة # ولما قال الأشعري هذا لزمه أن يقول إن أفعال العباد فعل الله إذ كان فعله ~~عنده مفعوله فجعل أفعال العباد فعلا لله ms020 ولم يقل هي فعلهم إلا علي المجاز ~~بل يقول هي كسبهم وفسر الكسب بأنه ما حصل في محل القدرة المحدثة مقرونا بها ~~وأكثر الناس زيفوا هذا وقالوا عجائب الكلام ثلاثة طفرة النظام وأحوال أبي ~~هاشم وكسب الأشعري # وقال جمهور السنة أفعال العباد فعل لهم حقيقة # PageV01P048 # وهو قول آخر للأشعري # وقولك إنهم يقولون إنه لا يفعل الأصلح لعباده بل ما هو الفساد كفعل ~~المعاصي والكفر وأن ذلك مسند إليه تعالى الله عن ذلك # قلنا إن هذا قول بعض السنة كما أنه قول لطائفة من الشيعة # وجمهور أئمة السنة لا يقولون ما ذكرت بل يقولون إنه تعالى خالق كل شيء ~~وربه ومليكه فهو خالق العباد وحركاتهم وعباداتهم وإراداتهم # والقدرية ينفون عن ملكه خيار ما في ملكه وهو طاعة ملائكته وأنبيائه ~~وأوليائه فيقولون لم يخلقها ولا يقدر أن يستعمل العبد فيها ولا يلهمه إياها ~~ولا يقدر أن يهدي أحدا # وإبراهيم عليه السلام يقول {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة ~~لك} وقال {رب اجعلني مقيم الصلاة} # وأما كونه لا يفعل ما هو الأصلح لهم فذهبت طائفة ممن أثبتت القدر إلى ذلك ~~وقالوا خلقه وأمره متعلق بمحض المشيئة لا يتوقف على مصلحة # وذهب جمهور العلماء إلى أنه إنما أمر العباد بما فيه صلاحهم ونهاهم عما ~~فيه فسادهم وأرسل الرسل للمصلحة العامة وإن كان في ذلك ضرر على بعض الناس ~~ففيه حكم وهذا قول أكثر الفقهاء وأهل الحديث والتصوف والكرامية ويقولون وإن ~~كان في بعض ما يخلقه ما فيه ضرر كالذنوب فلا بد في ذلك من حكمة ومصلحة ~~لأجلها خلقه الله # وهذا الذي أوردته ليس من كيس شيوخك الرافضة بل هو من المعتزلة ردوا به ~~على الأشعرية الذين بالغوا في مسائل القدر حتى نسبوا إلى الجبر وأنكروا ~~الطبائع والقوى التي في الحيوان وأن يكون للمخلوقات حكمة وعلة ولهذا قيل ~~إنهم أنكروا أن يكون الله يفعل ما يفعل لجلب منفعة لعباده أو دفع مضرة # وهم لا يقولون إنه لا يفعل مصلحة بل # PageV01P049 # يقولون إن ذلك ms021 ليس بواجب عليه ويقولون إنه لا يفعل شيئا لأجل شيء بل لمحض ~~الإرادة # وقولك إنهم يقولون إن المطيع لا يستحق ثوابا والعاصي لا يستحق عقابا بل ~~قد يعذب النبي ويرحم إبليس فهو فرية على أهل السنة وما فيهم من يقول إنه ~~يعذب نبيا ولا أنه يثيب إبليس # بل قالوا يجوز أن يعفو عن المذنب وأن يخرج أهل الكبائر من النار فلا يخلد ~~فيها من أهل التوحيد أحدا # وأما الإستحقاق فهم يقولون إن العبد لا يستحق بنفسه على الله شيئا # ويقولون إنه لا بد أن يثيب المطيعين كما وعد فإن الله لا يخلف وعده # وأما إيجاب ذلك على نفسه وإمكان معرفة ذلك بالعقل فهذا فيه نزاع لكن لو ~~قدر أنه عذب من يشاء لم يكن لأحد منعه كما قال تعالى {قل فمن يملك من الله ~~شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا} وهو تعالى ~~لو ناقش من ناقشه من خلقه لعذبه كما قال صلى الله عليه وسلم من نوقش الحساب ~~عذب وقال لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله قالوا # ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته # والتحقيق أنه قدر أن الله عذب أحدا فلا يعذبه إلا بحق لأنه يتعالى عن ~~الظلم # وقولك إنهم يقولون إن الأنبياء غير معصومين فباطل بل اتفقوا على عصمتهم ~~فيما يبلغونه وهو مقصود الرسالة # وقد يقع منهم الذنب ولا يقرون عليه ولا يقرون على خطأ ولا فسق أصلا فهم ~~منزهون عن كل ما يقدح في نبوتهم # وعامة الجمهور الذين يجوزون عليهم الصغائر يقولون إنهم معصومون من ~~الإقرار عليها # وقد كان داود بعد التوبة أفضل منه قبلها # وإن العبد ليفعل السيئة فيدخل بها الجنة # ولكن الرافضة أشبهت النصارى فإن الله أمر بطاعة الرسل فيما أمروا ~~وتصديقهم فيما أخبروا ونهى الخلق عن الغلو والإشراك فبدلت النصارى وغلوا في ~~المسيح حتى أشركوا به وبدلوا دينه فعصوه فصاروا عصاة بمعصيته وخارجين عن ~~الدين بالغوا فيه # والرافضة غلت في الرسل ms022 والأئمة حتى اتخذوهم أربابا وكذبوا النص فيما ~~أخبروا به من توبة الأنبياء وإستغفارهم فتراهم يعطلون # PageV01P050 # المساجد من الجمعة والجماعة ويعظمون المشاهد المتخذة على القبور فيعكفون ~~عليها ويحجون إليها حتى منهم من يجعل الحج إليها أعظم من حج البيت وقد قال ~~صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ~~يحذر ما فعلوا وقال إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين ~~يتخذون القبور مساجد رواه ابن حبان في صحيحه وقال اللهم لا تجعل قبري وثنا ~~يعبد اشتد غضب الله على قوم إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد رواه مالك في ~~الموطأ # وقد صنف شيخكم المفيد كتابا سماه حج المشاهد جعل قبور المخلوقين تحج كما ~~يحج البيت # وقولك إن أهل السنة يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على إمامة ~~أحد وإنه مات عن غير وصية فهذا ليس قول جميعهم بل ذهب من أهل السنة جماعة ~~أن إمامة أبي بكر ثبتت بالنص وذكر في ذلك أبو يعلى روايتين عن أحمد إحداهما ~~أنها ثبتت بالإختيار # PageV01P051 # والثانية أنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة وبه قال الحسن البصري وبكر ابن ~~أخت عبد الواحد وبعض الخوارج # قال ابن حامد الدليل على إثبات خلافة الصديق بالنص ما أسنده البخاري عن ~~جبير بن مطعم قال أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع ~~إليه فقالت أرأيت إن جئت ولم أجدك كأنها تريد الموت قال إن لم تجديني فأتى ~~أبا بكر وذكر أحاديث وقال وذلك نص على إمامته # قال وحديث حذيفة اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر وروى علي بن زيد بن ~~جدعان عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم يوما # أيكم رأى رؤيا فقلت أنا يا رسول الله رأيت كأن ميزانا دلي من السماء ~~فوزنت بأبي بكر فرجحت بأبي بكر ثم وزن أبو بكر بعمر فرجح أبو بكر ثم وزن ~~عمر بعثمان فرجح عمر ثم رفع الميزان # فقال النبي صلى ms023 الله عليه وسلم خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء ~~رواه أحمد في مسنده # قال وأخرج أبو داود عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ~~الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم ونيط عمر ~~بأبي بكر ونيط عثمان بعمر قال جابر # فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا أما الصالح فرسول ~~الله صلى الله عليه وسلم وأما نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث ~~الله به نبيه # قال ومن ذلك حديث صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله ~~عنها قالت دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم الذي بدأ به وجعه ~~فقال ادعى لي أباك واخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا # ثم قال يأبي الله والمسلمون إلا أبا بكر وهذا وفي الصحيحين وعن ابن أبي ~~مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت لما ثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم ~~قال ادعى لي عبد الرحمن بن أبي # PageV01P052 # بكر لأكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه ثم قال معاذ الله أن يختلف ~~المؤمنون في أبي بكر # ثم أورد أحاديث تقديمه في الصلاة وأحاديث أخرى لا تصح # قال ابن حزم اختلفوا في الإمامة فقالت طائفة إن النبي صلى الله عليه وسلم ~~لم يستخلف # وقالت طائفة لما استخلف أبا بكر على الصلاة كان دليلا على أنه أولاهم ~~بالإمامة والخلافة # وقال بعضهم لا ولكن كان أثبتهم فضلا فقدموه وقالت طائفة بل نص الرسول صلى ~~الله عليه وسلم على إستخلاف أبي بكر بعده نصا جليا وبه نقول لبراهين أحدها ~~إطباق الناس كلهم الذين قال الله تعالى فيهم {أولئك هم الصادقون} فقد اتفق ~~المشهود لهم بالصدق على تسميته خليفة رسول الله ومعنى الخليفة في اللغة هو ~~الذي استخلفه المرء لا الذي يخلفه بدون إستخلاف لا يجوز غير هذا البتة في ~~اللغة # يقال إستخلف فلان فلانا فهو خليفته ومستخلفه فإن قام مكانه دون أن ms024 ~~يستخلفه لم يقل إلا خلف فلان فلانا يخلفه فهو خالف # ومحال أن يعنوا بذلك الإستخلاف على الصلاة لأن أبا بكر لم يستحق هذا ~~الإسم على الإطلاق في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فتبين أنها غير خلافة ~~الصلاة # الثاني أن كل من استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم كعلي في غزوة تبوك ~~وابن أم مكتوم في غزوة الخندق وعثمان في غزوة ذات الرقاع وسائر من استخلفه ~~على اليمن أو البحرين وغير ذلك لم يستحق أحد منهم هذا الإطلاق فصح يقينا ~~أنها الخلافة بعده على الأمة ومن المحال أن يجمعوا على ذلك وهو لم يستخلفه ~~نصا # وأيضا فإن الرواية صحت أن امرأة قالت يا رسول الله إن رجعت فلم أجدك ~~كأنها تعني الموت قال # PageV01P053 # فأتى أبا بكر # قال ابن حزم وهذا نص جلي على إستخلاف أبي بكر # وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها في مرضه ~~لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك وأكتب كتابا وأعهد عهدا لكيلا يقول قائل ~~أنا أحق أو يتمنى متمن ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر فهذا نص على ~~إستخلاف أبي بكر على الأمة بعده # قلت بل هو نص على عدم إستخلافه إياه وإنما يدل على أنه رضي بأن يكون ~~الخليفة من بعده وعلم أن الأمة تجتمع عليه من بعده فسكت عن النص الجلي ~~واكتفى بما يجمع الله عليه أمته # قال وحجة من قال لم يستخلفه قول عمر إن أستخلف فقد إستخلف من هو خير مني ~~يعني أبا بكر وإن أترك فقد ترك من هو خير مني يعني رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم وبما روى عن عائشة رضي الله عنها إذا سئلت من كان رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم مستخلفا لو إستخلف قالت أبو بكر # قال ابن حزم لا يعارض قول عمر وعائشة إجماع الصحابة والحديثين المسندين ~~وقد خفي على عمر وعائشة ذلك وأرادا إستخلافا بعهد مكتوب # إلى أن قال شيخنا ابن تيمية ولا حجة للشيعة في القول ms025 بالنص فالرواندية ~~تقول بالنص على العباس كما قالت الإمامية بالنص على علي رضي الله عنه # قال القاضي أبو يعلى ذهب حماعة من الرواندية إلى أن النبي صلى الله عليه ~~وسلم نص على العباس بعينه وأعلن ذلك وأن الأمة كفرت بهذا النص وارتدت ~~وعاندت # ومنهم من قال بالنص على العباس وولده إلى أن تقوم الساعة # وروى ابن بطة بإسناده عن المبارك بن فضالة قال سمعت الحسن يحلف بالله أن ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم إستخلف أبا بكر # وعمدة القائلين بالنص الجلي على أبي بكر تسمية الصحابة له خليفة رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم قالوا إنما يقال ذلك لمن إستخلفه غيره # PageV01P054 # واعتقدوا أن الفعيل بمعنى المفعول وليس كذلك بل يقال لمن إستخلفه غيره ~~خليفة فلان ولمن خلف غيره أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهز ~~غازيا فقد غزا ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا هذا صحيح وصح قوله صلى الله ~~عليه وسلم اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل وقال تعالى {وهو ~~الذي جعلكم خلائف الأرض} وقال {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم} وقال ~~{إني جاعل في الأرض خليفة} وقال {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض} أي ~~خليفة عمن قبلك لا أنه خليفة عن الله كما يقوله بعض الإتحادية وأنه من الله ~~كإنسان العين من العين وأنه الجامع لأسماء الله الحسنى وذكروا قوله تعالى ~~{وعلم آدم الأسماء كلها} وأنه مثل الله تعالى الله عن المثلية فإن الله لا ~~يخلفه غيره فإن الخلافة إنما تكون عن غائب وهو سبحانه شهيد مدبر لخلقه وهو ~~سبحانه يخلف عبده إذا غاب عن أهله # ويروى أن أبا بكر قيل له يا خليفة الله قال بل أنا خليفة رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم وحسبي ذلك # ومما احتج به من قال إن خلافة أبي بكر بنص خفي قول النبي صلى الله عليه ~~وسلم الثابت عنه رأيت كأني على قليب أنزع منها فأخذها ابن أبي قحافة فنزع ~~ذنوبا أو ذنوبين ms026 # PageV01P055 # وفي نزعه ضعف والله يغفر له ثم أخذها ابن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر ~~عبقريا من الناس يفري فرية حتى صدر الناس بعطن وقوله صلى الله عليه وسلم ~~مروا أبا بكر يصلي بالناس فصلى بالناس مدة مرضه إنه صلى الله عليه وسلم كشف ~~ستر الباب يوم مات وهم يصلون خلف أبي بكر فسر بذلك # وقال صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لأتخذت أبا بكر ~~خليلا # لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر وفي سنن أبي داود من ~~حديث الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم ~~من رأى منكم رؤيا فقال رجل أنا رأيت كأن ميزانا نزل من السماء فوزنت أنت ~~وأبو بكر فرجحت ثم وزن أبو بكر وعمر فرجح أبو بكر الحديث ورواه أيضا من ~~حديث حماد بن سلمة عن ابن جدعان عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبيه نحوه ~~وفيه فقال خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء ورواه أبو داود من حديث ~~الزهري عن عمرو بن أبان عن جابر أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم قال أرى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط يعني علق برسول الله صلى الله ~~عليه وسلم ونيط عمر بأبي بكر ونيط عثمان بعمر قال فلما قمنا من عند رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم قلنا أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه ~~وسلم وأما نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه # وأخرج من حديث حماد بن سلعة عن الأشعث بن عبد الرحمن عن أبيه عن سمرة أن ~~رجلا قال يا رسول الله رأيت كأن دلوا دلي من السماء فجاء أبو بكر فأخذ ~~بعراقيها فشرب شربا ضعيفا ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها حتى تضلع ثم # PageV01P056 # جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانتشطت ~~فانتضح عليه منه شيء # وعن سعيد ms027 بن جمهان عن سفينة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافة ~~النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله ملكه من يشاء أو الملك قلت لسفينة إن هؤلاء ~~يعني بني مروان يزعمون أن عليا لم يكن بخليفة # فقال كذبت أسقاه بني الزرقاء # فلا ريب أن قول هؤلاء من أهل السنة أوجه من قول من يقول إن خلافة علي أو ~~العباس ثبتت بالنص فإن هؤلاء ليس معهم حجة إلا مجرد الكذب المعلوم بالضرورة ~~أنه باطل علم ذلك من عرف أحوال الإسلام وأيام الرسول صلى الله عليه وسلم # أو معهم إستدلال بألفاظ لا تدل كحديث إستنابة علي على المدينة نوبة تبوك # والتحقيق أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخلف وإنما دل المسلمين ~~وأرشدهم إلى أبي بكر بعدة أمور ورضي به وعزم أن يكتب له بالخلافة عهدا ثم ~~علم أن المسلمين يجتمعون عليه # فلو كان اليقين مما يشتبه على الأمة لبينه بيانا قاطعا للعذر كما قال ~~يأبي الله والمؤمنون إلا أبا بكر # على أن إتفاق الأمة مع رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ من العهد # وأما قولك يقولون إن الإمام بعده أبو بكر بمبايعة عمر برضى أربعة قلنا بل ~~بمبايعة الكل ورضاهم على رغم أنفك # ولا يرد علينا شذوذ سعد وحده فهذه بيعة علي # PageV01P057 # إمتنع منها خلق من الصحابة والتابعين ممن لا يحصيهم إلا الله تعالى أفذلك ~~قادح في إمامته ومذهب أهل السنة أن الإمامة تنعقد عندهم بموافقة أهل الشوكة ~~الذين يحصل بهم مقصود الإمامة وهو القدرة والتمكين # ولهذا يقولون من صار له قدرة وسلطان يفعل به مقصود الولاية فهو من أولى ~~الأمر المأمور بطاعتهم ما لم يأمروا بمعصية الله # فالإمامة ملك وسلطان برة كانت أو فاجرة والملك لا يصير ملكا بموافقة ~~ثلاثة ولا أربعة ولهذا لما بويع علي وصار معه شوكة صار إماما # قال أحمد بن حنبل في رسالة عبدوس العطار ومن ولي الخلافة فأجمع عليه ~~الناس ورضوا به ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين # فدفع ms028 الصدقات إليه جائز برا كان أو فاجرا # وقال أحمد وقد سئل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم من مات وليس عليه ~~إمام مات ميتة جاهلية تدري ما الإمام هو الذي يجمع عليه المسلمون كلهم # فالصديق مستحق الإمامة لإجماعهم عليه وإمامته مما رضي الله بها ورسوله ثم ~~أنه صار إماما بمبايعة أهل القدرة # وكذلك عمر صار إماما لما بايعوه وأطاعوه # ولو قدر أنهم لم ينفذوا عهد أبي بكر في عمر لم يصر إماما سواء كان ذلك ~~جائزا أو غير جائز فالحل والحرمة متعلق بالأفعال وأما نفس الولاية والسلطنة ~~فعبارة عن القدرة الحاصلة فقد تحصل على وجه يحبه الله ورسوله كسلطان ~~الخلفاء الراشدين وقد تحصل على غير ذلك كسلطان الظالمين # ولو قدر أن أبا بكر بايعه عمر وطائفة وامتنع سائر الصحابة من بيعته لم ~~يصر إماما بذلك وإنما صار إماما بمبايعة جمهور الناس ولهذا لم يضر تخلف سعد ~~لأنه لم يقدح في مقصود الولاية # وأما كون عمر بادر إلى بيعته فلا بد في كل بيعة من سابق ولو قدر أن آحاد ~~الناس كان كارها للبيعة لم يقدح ذلك فيها إذ الإستحقاق لها ثابت بالأدلة ~~الشرعية # وأما عهده إلى عمر فتم بمبايعة المسلمين له بعد موت أبي بكر فصار إماما # وقولك ثم عثمان فاختاره بعضهم # قلنا بل إجتمعوا على بيعته وما تخلف عنها أحد # قال أحمد بن حنبل في رواية حمدان بن علي ما كان في القوم أوكد بيعة من ~~عثمان كانت بإجماعهم # وصدق أحمد فلو قدر أن عبد الرحمن بايعه ولم يبايعه علي # PageV01P058 # وطلحة والزبير وأهل الشوكة لم يصر إماما وقد جعل عمر الأمر شورى بين ستة ~~ثم إنه خرج منهم ثلاثة بإختيارهم طلحة والزبير وسعد وبقي عثمان وعلي وعبد ~~الرحمن بن عوف فاتفق هؤلاء بإختيار منهم على أن عبد الرحمن لا يتولى ويولي ~~أحد الرجلين فأقام عبد الرحمن ثلاث يحلف إنه لم يغتمض فيها بنوم يشاور ~~السابقين الأولين والأنصار فيشيرون عليه بعثمان ثم بايعوه لا عن رغبة ~~أعطاهم إياها ولا ms029 عن رهبة أخافهم بها # وقولك ثم علي بمايعة الخلق له فتخصيص بلا مخصص # فكذلك جرى للثلاثة قبله وأعظم وأبلغ فإن عليا بويع عقيب قتل عثمان ~~والقلوب مضطربة مختلفة وأحضر طلحة إحضارا حتى قيل إنهم جاءوا به مكرها ~~واضطهدوه للبيعة وأهل الفتنة لهم بالمدينة شوكة ومنعة وكثير من الصحابة لم ~~يبايع كإبن عمر وغيره فكيف تقول في علي بمبايعة الخلق له ولا تقول مثل ذلك ~~فيمن قبله ثم إن عليا اضطرب عليه الذين بايعوه ونابذه طائفة منهم وامتنع ~~أهل الشام وغيرها من بيعته حتى ينصف من قتلة عثمان حتى قالت طائفة بصحة ~~إمامة علي ومعاوية معا وقالت طائفة لم يكن للناس إذ ذاك إمام عام بل كان ~~زمان فتنة وهو قول طائفة من أهل الحديث البصريين وقالت طائفة ثالثة بل علي ~~هو الإمام وهو مصيب في قتال من قاتله كطلحة والزبير وهم مصيبون بناء على أن ~~كل مجتهد مصيب كقول أبي الهذيل والجبائي وابنه وابن الباقلاني وأحد قولي ~~الأشعري وهؤلاء يجعلون معاوية مجتهدا مصيبا أيضا # وطائفة رابعة تجعل عليا إماما وأنه المصيب # PageV01P059 # وأن من قاتله مجتهد مخطيء وهذا قول خلق من الحنفية والمالكية والشافعية ~~والحنبلية # وطائفة خامسة تقول علي الخليفة وهو أقرب إلى الحق من معاوية وكان ترك ~~القتال منهما أولى لقول النبي صلى الله عليه وسلم ستكون فتنة القاعد فيها ~~خير من القائم ولقوله في الحسن إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين طائفتين ~~عظيمتين من المسلمين فأثنى عليه بالإصلاح فلو كان القتال واجبا أو مستحبا ~~لما مدح تاركه # قالوا وقتال أهل البغي لم يأمر الله به إبتداء ولم يأمر بقتال كل باغ قال ~~تعالى (وإن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما ~~على الأخرى فقاتلوا) فأمر أولا بالإصلاح فإن بغت إحداهما قوتلت حتى ترجع ~~إلى أمر الله ولهذا لم يصح للطائفتين بالقتال مصلحة وما أمر الله به لا بد ~~أن تكون مصلحته راجحة على المفسدة ولهذا قال ابن سيرين قال حذيفة ما أحد ~~تدركه الفتنة إلا ms030 وأنا أخافها عليه إلا محمد بن مسلمة فإني سمعت رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم يقول لا تضره الفتنة وقال شعبة عن أشعث بن سليم عن أبي ~~بردة عن ثعلبة بن ضبيعة قال دخلت على حذيفة فقال إني لأعرف رجلا لا تضره ~~الفتنة شيئا # فخرجنا فإذا قال فسطاط مضروب فيه محمد بن مسلمة فسألناه عن ذلك فقال ما ~~أريد أن يشتمل علي شيء من أمصارهم حتى تنجلي عما انجلت # فإبن مسلمة اعتزل القتال جملة فما ضرته الفتنة كما أخبر النبي صلى الله ~~عليه وسلم ولذلك اعتزل الفريقين سعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وابن عمر ~~وأبو بكرة وعمران بن حصين وأكثر من بقي من السابقين وهذا يدل على أنه ليس ~~هناك قتال واجب ولا مستحب وهذا قول جمهور أهل السنة والحديث ومالك وسفيان ~~الثوري وأحمد وغيرهم # ووراء هذه المقالات مقالة الخوارج التي تكفر عثمان وعليا وذويهما ومقال ~~الروافض التي تكفر جمهور السابقين الأولين أو تفسقهم ويكفرون كل من قاتل ~~عليا # ومقالة النواصب والأموية التي تفسق عليا وذويه ويقولون هو ظالم معتد # وطائفة # PageV01P060 # من المعتزلة تفسق إحدى الطائفتين من أهل وقعة الجمل لا بعينها # فكيف تكون مبايعة الخلق له أعظم من مبايعتهم لمن قبله # ثم أنت تزعم أن إمامته منعقدة بالنص والآن تقول إنعقدت بمبايعة الخلق له # وقولك ثم اختلفوا فقال بعضهم إن الإمام بعده الحسن وبعضهم قال معاوية ~~فيقال أهل السنة لم يتنازعوا في هذا بل يعلمون أن الحسن بايعه أهل العراق ~~مكان أبيه ثم إن الحسن سلمها طوعا إلى معاوية # وقولك ثم ساقوا الإمامة في بني أمية فيقال ما قال أهل السنة إن الواحد من ~~هؤلاء كان هو الذي تجب توليته وطاعته في كل ما أمر به بل كذا وقع # فيقولون تولى هؤلاء وكان لهم سلطان وقدرة فانتظم لهم الأمر وأقاموا مقاصد ~~الإمامة من الجهاد وإقامة الحج والجمع والأعياد وأمن السبل # ولكن لا طاعة لهم في معصية الله بل يعاونون على البر والتقوى ولا يعاونون ~~على الإثم والعدوان ms031 # ومن المعلوم أن الناس # PageV01P061 # لا يصلحون إلا بولاة وأن الإمام الظلوم خير من عدمه # ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال لا بد للناس من إمارة برة كانت أو ~~فاجرة قيل البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة قال تأمن بها السبل وتقام بها ~~الحدود ويجاهد بها العدو ويقسم بها الفيء ذكره علي بن معبد في كتاب الطاعة ~~والمعصية # فكل من تولى كان أنفع من معدومكم المنتظر الذي انطوت معه السنون والأعمار ~~وأنتم في الأماني الكاذبة والإنتظار # وآباؤه سوى علي فما كان لهم سلطان ولا تمكين ولا منعة بل كانوا عاجزين عن ~~الإمامة لا لهم حل ولا عقد رضي الله عنهم ولا حصل بهم مقصود الإمامة # وفي الصحيحين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى من ~~أميرة شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من خرج عن السلطان شبرا فمات إلا مات ~~ميتة جاهلية # ولمسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من خرج من الطاعة وفارق ~~الجماعة ثم مات مات ميتة جاهلية # ومن قتل تحت راية عمية يغضب للعصبية ويقاتل للعصبية فليس مني # وفي الصحيح عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم من خلع يدا من طاعة ~~لقي الله يوم القيامة ولا حجة له # ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية # وقال صلى الله عليه وسلم لا طاعة لأحد في معصية الله إنما الطاعة في ~~المعروف # وفي الصحيحين عن ابن عمر مرفوعا على المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ~~إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة # PageV01P062 ### | الفصل الثاني في المذهب الواجب الإتباع # قال الفصل الثاني إن مذهب الإمامية واجب الإتباع لأنه أحق المذاهب ~~وأصدقها ولأنهم باينوا جميع الفرق في أصول العقائد ولأنهم جازمون بالنجاة ~~أخذوا دينهم عن المعصومين # وغيرهم اختلفوا وتعددت آراؤهم وأهواؤهم فمنهم من طلب الأمر لنفسه بغير حق ~~وتابعه أكثر الناس طلبا للدنيا كما اختار عمر بن سعد بن مالك الذي لما خير ~~بينه وبين قتال الحسين ms032 مع علمه بأن قتلته في النار فإنه قال # (فوالله ما أدري وإني لصادق ... أفكر في أمري على خطرين) # (أأترك ملك الري والري منيتي ... أو أصبح مأثوما بقتل حسين) # (وفي قتله النار التي ليس دونها ... حجاب ولي في الري قرة عين) # وبعضهم إشتبه عليه الأمر ورأى طالب الدنيا فقلده وقصر في النظر فخفي عليه ~~الحق فاستحق المؤاخذة من الله تعالى # وبعضهم قلد لقصور فطنته ورأى الجم الفقير فبايعهم وتوهم أن الكثرة تستلزم ~~الصواب وغفل عن قوله تعالى {وقليل ما هم} وبعضهم طلب الأمر لنفسه بحق ~~وبايعه الأقلون الذين أعرضوا عن زينة الدنيا وأخلصوا واتبعوا ما أمروا به ~~من طاعة من يستحق التقديم فوجب النظر في الحق واعتماد الإنصاف وأن يقر الحق ~~بمستقره فقد قال تعالى {ألا لعنة الله على الظالمين} # فجعل المصنف الناس بعد نبيهم أربعة أصناف فكذب فإنه لم يكن في الصحابة ~~المعروفين أحد من هذه الأصناف # أما طالب الأمر بغير حق كأبي بكر في زعمه وأما # PageV01P063 # طالب الأمر بحق علي في زعمه فهذا كذب عليهما فلا علي طلب الأمر لنفسه ولا ~~أبو بكر # وجعل القسمين الآخرين إما مقلدا للدنيا وإما مقلدا لقصوره في النظر # فالإنسان يجب عليه أن يعرف الحق ويتبعه فإن اليهود عرفوا الحق وما تبعوه ~~فهم مغضوب عليهم وأما النصارى فجهلوا الحق وضلوا # وهذه الأمة خير الأمم فقال تعالى {كنتم خير أمة} فخيرها القرن الأول الذي ~~يليه بقوله صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني ثم الذين يلونهم وهؤلاء ~~الرافضة يقولون فيهم ما قد علمتم ويجعلونهم أقل الناس علما وأتبعهم للهوى ~~فلزم من قولهم أن الأمة ضلت بعد نبيها فإذا كان في هذا حكايتك لما جرى عقيب ~~نبيك فكيف سائر ما تنقله وتحتج به # وقولك تعددت آراؤهم بعدد أهوائهم فحاشاهم من ذلك # أتدري من تعني يا جويهل عنيت الذين قال الله فيهم {والسابقون الأولون من ~~المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه} وقال ~~{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} والثناء ms033 على ~~المهاجرين والأنصار في غير آية وعلى الذين يجيئون من بعدهم فيقولون {ربنا ~~اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} ويسألونه أن لا يجعل في قلوبهم ~~غلالهم # والرافضة لم يستغفروا لهم وفي قلوبهم الغل لهم # وروى الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس # PageV01P064 # قال أمر الله بالإستغفار لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهو يعلم أنهم ~~يقتتلون # وقال عروة عن عائشة أمروا أن يستغفروا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ~~فسبوهم # وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ~~تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه # وفي مسلم عن أبي هريرة نحوه مرفوعا # وفي مسلم عن جابر قال قيل لعائشة رضي الله عنها إن ناسا يتناولون أصحاب ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أبا بكر وعمر فقالت وما تعجبون من هذا ~~إنقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا يقطع عنهم الأجر # وروى الثوري عن نسير بن ذعلوق سمعت ابن عمر يقول لا تسبوا أصحاب محمد ~~فلمقام أحدهم ساعة يعني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من عمل أحدكم ~~أربعين سنة وقال تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ~~فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا} # أخبر سبحانه برضاه عنهم وبأنه علم ما في قلوبهم وكانوا ألفا وأربعمائة ~~فهم أعيان من بايع أبا بكر وقال صلى الله عليه وسلم فيما # PageV01P065 # ثبت عنه في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله لا يدخل أحد ممن بايع تحت ~~الشجرة النار وقال تعالى {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ~~الذين اتبعوه في ساعة العسرة} يعني غزوة تبوك وقال {إنما وليكم الله ورسوله ~~والذين آمنوا} وقال {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} فأمر بموالاتهم ~~والرافضة تبرأ منهم # وقد قال بعض الجهلة إن قوله تعالى {الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ~~وهم راكعون} نزلت في علي رضي الله عنه وذكر ms034 في ذلك خيرا موضوعا وأنه تصدق ~~بخاتمه في الصلاة فنزلت # قيل لا لأن الآية صيغة جمع وعلي واحد # ومن ذلك أن الواو ليست في {وهم راكعون} واو الحال إذ لو كان كذلك لتعين ~~بالبدء إعطاء الزكاة في الصلاة حال الركوع # ومنها أن المدح إنما يكون بعمل واجب أو مستحب وإيتاء الزكاة في نفس ~~الصلاة ليس كذلك بالإتفاق وإن في الصلاة شغلا # ومنها أن عليا لم يكن عليه زكاة زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا # PageV01P066 # كان له خاتم أو كان له فالخاتم زكاة ماذا لأن أكثر الفقهاء لا يجوزون ~~إخراج الخاتم في الزكاة # وفي حديثهم أنه أعطاه سائلا والمدح في الزكاة أن يخرجها إبتداء وعلى ~~الفور # ومنها أن الكلام في سياق النهي عن موالاة الكفار والأمر بموالاة المؤمنين ~~والرافضة يعادون المؤمنين ويوالون المنافقين مشركي التتار كما شاهدنا وقال ~~الله تعالى لنبيه {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم} ~~والرافضة تريد أن تفرق بين قلوب خيار الأمة بالأكاذيب # وقال تعالى {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} إلى قوله {ليكفر ~~الله عنهم أسوأ الذي عملوا} فهذا الصنف هم أشرف الأمة وقد وعدهم بأنه يكفر ~~عنهم أسوأ أعمالهم وعلي فعندهم معصوم فقولوا لم يدخل في الآية وقال {وعد ~~الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض} الآية فوعدهم ~~الإستخلاف وأخبر برضاه عنهم وبأنهم متقون وبأنه أنزل السكينة عليهم وهذه ~~النعوت منطبقة على الصحابة الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان فإنه إذ ذاك ~~الزمان حصل لهم الإستخلاف وتمكين الدين والأمن بعد الخوف إلى أن قهروا فارس ~~والروم وافتتحوا الشام والعراق ومصر والمغرب وخراسان وأذربيجان وغير ذلك # فلما قتل عثمان وحصلت الفتنة لم يفتحوا شيئا بل طمع فيهم الروم وغيرهم ~~وحدثت البدع من الخوارج والروافض والنواصب وأريقت الدماء فأين ما بعد قتله ~~مما قبله فإن قيل فالمنافقون كانوا مسلمين في الظاهر قلنا ما كانوا متصفين ~~بخير ولا كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم ولا كانوا مع المؤمنين قال ~~الله فيهم ms035 {ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما ~~في صدور العالمين وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين} وقال ~~{ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون} وقال {إن ~~المنافقين في الدرك الأسفل من النار} أخبر تعالى أن المنافقين ليسوا من ~~المؤمنين ولا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء بل مذبذبين وكذا ترى الرافضة # وقال {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة ~~لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين} # PageV01P067 # ) فلما لم يغره الله بهم ولم يقتلهم تقتيلا دل على أنهم انتهوا وما كان ~~معه يوم الشجرة منهم إلا الجد بن قيس فإنه إختبأ خلف بعيره # فبالجملة كان المنافقون مغمورين مقهورين مع الصحابة ولا سيما في آخر أيام ~~النبي صلى الله عليه وسلم وبعد تبوك لأن الله تعالى قال فيهم {يقولون لئن ~~رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} ثم قال الله {ولله العزة ~~ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} # فتبين أن العزة للمؤمنين لا للمنافقين فعلم أن العزة والقوة كانت لأصحاب ~~محمد صلى الله عليه وسلم وأن المنافقين كانوا أذلة بينهم # قال تعالى {يحلفون بالله لكم ليرضوكم} {يحلفون لكم لترضوا عنهم} وقال ~~{ولكنهم قوم يفرقون} # هذه صفات الذليل المقهور وأما السابقون الأولون من المهاجرون والأنصار ~~فما زالوا أعز الناس بعد نبيهم وقبل موته فلا يجوز أن يكون الأعزاء من خاصة ~~أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منافقين ولا أدلاء # بل هذه صفة الرافضة فشعارهم الذل ودثارهم النفاق والتقية ورأس مالهم ~~الكذب والإيمان الفاجرة إن لم يقعوا في الغلو والزندقة يقولون بألسنتهم ما ~~ليس في قلوبهم ويكذبون على جعفر الصادق أنه قال التقية ديني ودين آبائي وقد ~~نزه الله أهل البيت عن ذلك ولم يحوجهم إليه فكانوا من أصدق الناس وأعظمهم ~~إيمانا فدينهم التقوى لا التقية # فأما قوله تعالى {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن ~~يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم ms036 تقاة} (فهذا أمر بالإتقاء ~~من الكفار لا أمر بالكذب والتقية والله قد أباح لمن أكره على الكفر التكلم ~~به فأهل البيت ما أكرههم أحد على شيء حتى إن أبا بكر لم يكره أحدا منهم على ~~بيعته بل بايعوه لما أرادوا طوعا منهم ولا كان علي ولا غيره يذكرون فضل ~~الصحابة والثناء عليهم خوفا من أحد ولا أكرههم أحد بإتفاق الناس # وقد كان في زمن بني أمية وبني العباس خلق كثير دون علي في الإيمان ~~والتقوى يكرهون من # PageV01P068 # الخلفاء أشياء فلا يمدحونهم ولا يثنون عليهم ولا يحبونهم ولا كان أولئك ~~يكرهونهم # ثم إن الخلفاء الراشدين كانوا أبعد عن قهر الناس وعقوبتهم على طاعتهم من ~~سائر الخلفاء ثم هؤلاء أسرى المسلمين ملء أيدي النصارى وسائرهم يظهرون ~~دينهم فكيف يظن بعلي وبنيه أنهم كانوا أضعف دينا من الأسرى ومن رعية ملوك ~~الجور وقد علمنا بالتواتر أن عليا وبنيه ما أكرههم أحد على ذكر فضل الخلفاء ~~الثلاثة وقد كانوا يقولون ذلك ويترحمون عليهم ويتكلمون بذلك مع خاصتهم # فقولك فبعضهم طلب الأمر لنفسه بغير حق وبايعه أكثر الناس للدنيا يشير إلى ~~أبي بكر ومن المعلوم أن أبا بكر لم يطلب الأمر لنفسه بل قال قد رضيت لكم ~~إما عمر وإما عبد الرحمن وإما أبا عبيدة قال عمر فوالله لأن أقدم فتضرب ~~عنقي أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر وإنما اختاره عمر وأبو ~~عبيدة وسائر المسلمين وبايعوه لعلمهم بأنه خيرهم وقد قال النبي صلى الله ~~عليه وسلم يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر # ثم هب أنه طلبها وبايعوه فزعمك أنه طلبها وبايعوه للدنيا كذب ظاهر فإنه ~~ما أعطاهم دنيا وقد كان أنفق في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وقل ما ~~بيده والذين بايعوه فأزهد الناس في الدنيا قد علم القاصي والداني زهد عمر ~~وأبي عبيدة وأسيد بن حضير وأمثالهم # ثم لم يكن عند موت النبي صلى الله عليه وسلم بيت مال يبذله لهم # ثم كانت سيرته ومذهبه التسوية في قسم الفيء ms037 # وكذلك سيرة علي فلو بايعوا عليا أعطاهم كعطاء أبي بكر مع كون قبيلته أشرف ~~من بني تيم وله عشيرة وبنو عم هم أشرف الصحابة من حيث النسب كالعباس وأبي ~~سفيان والزبير وعثمان ابني عمته وأمثالهم # وقد كلم أبو سفيان عليا في ذلك ومت بشرفه فلم يجبه علي لعلمه ودينه # فأي رياسة وأي فائدة دنيوية حصلت لجمهور الأمة بمبايعة أبي بكر لا سيما ~~وهو يسوي بين كبار السابقين وبين آحاد المسلمين في العطاء وبقول إنما ~~أسلموا لله وأجورهم على الله وإنما هذا المتاع بلاغ # فأهل السنة مع الرافضة كالمسلمين مع النصارى فإن المسلمين يؤمنون بنبوة ~~عيسى ولا # PageV01P069 # يغلون فيه ولا ينالون منه نيل اليهود والنصارى تغلو فيه حتى تجعله إلها ~~وتفضله على نبينا بل تفضل الحواريين على المرسلين # فكذا الروافض تفضل من قاتل مع علي كالأشتر ومحمد بن أبي بكر على أبي بكر ~~وعمر والسابقين # فالمسلم إذا ناظر النصراني لا يمكنه أن يقول يقول في عيسى إلا الحق بخلاف ~~النصراني # فدع اليهودي يناظره فإنه لا يقدر أن يجيب اليهودي عن شبهته إلا بما يجيب ~~به المسلم وينقطع فإنه إذا أمر بالإيمان بمحمد ثم قدح في نبوته بأمر لم ~~يمكنه أن يقول شيئا إلا قال له اليهودي في المسيح ما هو أعظم من ذلك فإن ~~البينات لمحمد أعظم من البينات لعيسى وبعده عن الشبهة أعظم من بعد عيسى عن ~~الشبهة # ومن هذا أمر السني مع الرافضي في أبي بكر وعلي فإن الرافضي لا يمكنه أن ~~يثبت إيمان علي وعدالته ودخوله الجنة إن لم يثبت ذلك لأبي بكر وعمر وإلا ~~فمتى أثبت ذلك لعلي وحده خذلته الأدلة كما أن النصراني إذا أراد إثبات نبوة ~~المسيح دون محمد عليهما السلام لم تساعده الأدلة # فإذا قالت له الخوارج الذين يكفرون عليا والنواصب الذين يفسقونه إنه كان ~~ظالما طالبا للدنيا والخلافة وقاتل بالسيف عليها وقتل في ذلك ألوفا مؤلفة ~~من المسلمين حتى عجز عن إنفراده بالخلافة وتفرق عليه أصحابه وكفروا به ~~وقاتلوه يوم النهروان # فهذا الكلام ms038 إن كان فاسدا ففساد كلام الرافضي في أبي بكر أعظم فسادا فإن ~~كان كلامكم في أبي بكر وعمر متوجها فهذا مثله وأولى # ولما ذهب أبو بكر بن الباقلاني في السفارة بالقسطنطينية عرفوا قدره ~~وخافوا أن يمتنع من السجود للملك فأدخلوه من باب صغير ليدخل محنيا فقطن لها ~~فدخل مستدبرا بعجزه # ولما أراد بعضهم القدح في المسلمين فقال ما قيل في امرأة نبيكم يريد شأن ~~الإفك فقال نعم ثنتان رميتا بالزنا إفكا وكذبا مريم وعائشة فأما مريم فجاءت ~~بولد وهي عذراء واما عائشة فلم تأت # PageV01P070 # بولد مع أنه كان لها زوج # فبهت النصراني وظهر أن براءة عائشة أظهر من براءة مريم # فإذا قلت يا رافضي إن أبا بكر ومبايعيه طلبوا الدنيا والرياسة مع كونه ~~بويع بإختيارهم بلا سيف ولا عصا واستوسق له الأمر فلم يول أحدا من أقاربه ~~ولا خلف لورثته مالا وأنفق مالا كثيرا في سبيل الله وأوصى إلى بيت مالهم ما ~~كان لهم عنده وهو جرد قطيفة وأمه وبكر ونحو ذلك حتى قيل يرحمك الله أبا بكر ~~لقد أتعبت الأمراء بعدك # وما قتل مسلم على إمارته بل قاتل بالمسلمين المرتدين والكفار فلما احتضر ~~إستخلف على الأمة القوي الأمين العبقري عمر لا لقرابة ولا لنسابة ولا لدنيا ~~بل اجتهد للمسلمين فحمدت فراسته وشكر نظره بالذي إفتتح الأمصار ونصب ~~الديوان وملأ بيت المال وعم الناس بالعدل مع ملازمته لهدي صاحبه وخشونة ~~عيشه وعدم توليته أقاربه ثم ختم الله له بالشهادة # فإن ساغ للرافضي أن يقول كل ذا طلب للرياسة والدنيا ساغ للناصبي نظير ~~قوله في علي إنه كان طالبا للرياسة والدنيا فقاتل على الإمرة ولم يقاتل ~~الكفار # PageV01P071 # ولا افتتح مدينة # فإن قلت كان مريدا لوجه الله غير مداهن في أمر الله مجتهدا مصيبا وغيره ~~كان مخطئا قلنا وكذلك من قبله كان أبلغ وأبعد عن شبهة طلب الرياسة # وأين شبهة أبي موسى الذي وافق عمرا على عزل علي ومعاوية ورد الأمر شورى ~~من شبهة عبد الله بن سبأ وأمثاله الذين يدعون عصمته ms039 أو ألوهيته أو نبوته # وكل هذا مما يبين عجز الرافضي عن إثبات إيمان علي وعدالته مع نفي ذلك عمن ~~قبله # فإن إحتج بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده فقد تواتر مثل ذلك عن أبي ~~بكر # وإن قلت كانوا منافقين في الباطن معادين مفسدين للدين بحسب إمكانهم أمكن ~~الخارجي أن يقول في علي ذلك ويقول كان يحسد ابن عمه والعداوة في الأهل وأنه ~~كان يريد فساد دينه فلما تمكن أراق الدماء وسلك التقية والنفاق ولهذا قالت ~~الباطنية من أتباعه عنه أشياء قد أعاذه الله منها كما أعاذ الشيخين # ثم ما من آية يدعون أنها مختصة بعلي إلا أمكن إختصاصها بصاحبيه فباب ~~الدعوى مفتوح # وإن ادعوا ثبوت فضله بالآثار فثبوت فضلهما أكثر وأصح وهذا كمن أراد أن ~~يثبت فقه ابن عباس دون علي أو فقه عمر دون بن مسعود فما له طريق إلا بالظلم ~~والجهل كدأب الرافضة # ثم تمثيلك ذلك بقصة عمر بن سعد لما خيره عبيد الله بن زياد بين حرب ~~الحسين وبين عزله من أقبح القياس فإن عمر بن سعد كان طالبا للرياسة مقدما ~~على المحرم # PageV01P072 # معروفا بذلك # أفيلزم من تمثيلك به أن يكون السابقون بمثابته # وهذا أبوه سعد بن أبي وقاص كان من أزهد الناس في الإمارة والولاية بعد ما ~~فتح الله على يديه الأمصار ولما وقعت الفتنة اعتزل الناس بالعقيق في قصره ~~وجاءه ابنه هذا فلامه وقال له الناس يتنازعون الملك وأنت هنا فقال اذهب ~~فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يحب العبد التقي ~~الخفي الغني # هذا ولم يكن قد بقي أحد من أهل الشورى غيره وغير علي رضي الله عنهما وهو ~~الذي فتح العراق وأذل جنود كسرى وهو أخر العشرة موتا # فإذا لم يحسن أن يشبه بابنه عمر أيشبه به أبو بكر وعمر وعثمان هذا وهم لا ~~يجعلون محمد بن أبي بكر بمنزلة أبيه بل يفضلون محمدا ويعظمونه ويتولونه ~~لكونه آذى عثمان وكان من خواص أصحاب علي لأنه كان ربيبه ويسبون أباه ms040 أبا ~~بكر ويلعنونه # فلو أن النواصب فعلوا بعمر بن سعد مثل ذلك فمدحوه على قتل الحسين لكونه ~~كان من شيعة عثمان ومن المنتصرين له وسبوا أباه سعدا لكونه تخلف عن القتال ~~مع معاوية والإنتصار لعثمان هل كانت النواصب لو فعلت ذلك # PageV01P073 # إلا من جنس الرافضة بل الرافضة شر منهم فإن أبا بكر أفضل من سعد وعثمان ~~كان أبعد عن إستحقاق القتل من الحسين كلاهما مظلوم شهيد رضي الله تعالى ~~عنهما # ولهذا كان الفساد الذي حصل في الأمة بقتل عثمان أعظم من الفساد الذي حصل ~~في الأمة بقتل الحسين # وعثمان من السابقين الأولين وهو خليفة مظلوم طلب منه أن يعزل بغير حق فلم ~~ينعزل ولم يقاتل عن نفسه حتى قتل # والحسين رضي الله عنه لم يكن متوليا وإنما كان طالبا للولاية حتى رأى ~~أنها متعذرة وطلب منه أن يستأسر ليحمل إلى يزيد مأسورا فلم يجب إلى ذلك ~~وقاتل حتى قتل مظلوما شهيدا # فظلم عثمان كان أعظم وصبره وحلمه كان أكمل وكلاهما مظلوم شهيد # ولو مثل ممثل طلب علي والحسين الأمر بطلب الإسماعيلية كالحاكم وأمثاله ~~وقال إن عليا والحسين كانا ظالمين طالبين للرياسة بغير حق بمنزلة الحاكم ~~وأمثاله من ملوك بني عبيد أما كان يكون كاذبا مفتريا في ذلك لصحة إيمان علي ~~والحسين ودينهما ولنفاق هؤلاء وإلحادهم # وكذلك من شبه عليا والحسين ببعض من قام من الطالبيين أو غيرهم بالحجاز أو ~~الشرق أو الغرب يطلب الولاية بغير حق ويظلم الناس في أموالهم وأنفسهم أما ~~كان يكون ظالما كاذبا فالمشبه لأبي بكر وعمر بعمر بن سعد أولى بالكذب ~~والظلم ثم إن عمر بن سعد على بعده من الخير إعترف بكبير ذنبه وباء بمعصيته ~~وهو خير من المختار الكذاب الذي إدعى أن جبريل يأتيه بالوحي وأظهر الإنتصار ~~للحسين وتتبع قاتليه فهذا الشيعي شر من عمر بن سعد ومن الحجاج الناصبي لأن ~~الشيعي كذب على الله # PageV01P074 # ورسوله وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سيكون ~~في ثقيف كذاب ومبير ms041 فكان الكذاب هو المختار بن أبي عبيد وكان المبير هو ~~الحجاج بن يوسف الثقفي # ومن المعلوم أن عمر بن سعد أمير السرية التي قتلت الحسين مع ظلمه وتقديمه ~~الدنيا على الدين لم يصل في المعصية إلى فعل المختار بن أبي عبيد الذي أظهر ~~الإنتصار للحسين وقتل قاتله بل كان هذا أكذب وأعظم ذنبا من عمر بن سعد فهذا ~~الشيعي شر من ذلك الناصبي بل والحجاج بن يوسف خير من المختار بن أبي عبيد ~~فإن الحجاج كان مبيرا كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم يسفك الدماء بغير ~~حق والمختار كان كذابا يدعي الوحي وإتيان جبريل إليه وهذا الذنب أعظم من ~~قتل النفوس فإن هذا كفر وإن كان لم يتب منه كان مرتدا والفتنة أعظم من ~~القتل # وهذا باب مطرد لا تجد احدا ممن تذمه الشيعة بحق أو باطل إلا وفيهم من هو ~~شر منه ولا تجد أحدا ممن تمدحه الشيعة إلا وفيمن تمدحه الخوارج من هو خير ~~منه # فإن الروافض شر من النواصب والذين تكفرهم أو تفسقهم الروافض هم أفضل من ~~الذين تكفرهم أو تفسقهم النواصب # وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين ويتكلمون بعلم وعدل ليسوا من أهل ~~الجهل ولا من أهل الأهواء # ويتبرأون من طريقه الروافض والنواصب جميعا ويتولون السابقين الأولين كلهم ~~ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم ومناقبهم ويرعون حقوق أهل البيت التي شرعها ~~الله لهم ولا يرضون بما فعله المختار ونحوه من الكذابين ولا ما فعل الحجاج ~~ونحوه من الظالمين ويعلمون مع هذا مراتب السابقين الأولين فيعلمون أن لأبي ~~بكر وعمر من التقدم والفضائل ما لم يشاركهما فيه أحد من الصحابة لا عثمان ~~ولا علي ولا غيرهما # وهذا كان متفقا عليه في الصدر الأول إلا أن يكون خلاف شاذ لا يعبأ به حتى ~~إن الشيعة الأولى أصحاب علي لم يكونوا يرتابون في تقديم أبي بكر وعمر عليه ~~كيف وقد ثبت عنه من وجوه متواترة أنه كان يقول خير هذه الأمة بعد نبيها أبو ~~بكر وعمر # ولكن كانت طائفة من ms042 شيعة علي تقدمه على عثمان وهذه مسألة أخفى من تلك # ولهذا كان أئمة أهل السنة متفقين على تقديم أبي بكر وعمر كما هو مذهب أبي ~~حنيفة والشافعي ومالك وأحمد بن حنبل # PageV01P075 # والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وسائر أئمة المسلمين من أهل الفقه ~~والحديث والزهد والتفسير من المتقدمين والمتأخرين # وأما عثمان وعلي فكان طائفة من أهل المدينة يتوقفون فيهما وهي إحدى ~~الروايتين عن مالك # وكان طائفة من الكوفيين يقدمون عليا وهي إحدى الروايتين عن سفيان الثوري ~~ثم قيل إنه رجع عن ذلك لما اجتمع به أيوب السختياني وقال من قدم عليا على ~~عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار # وسائر أئمة السنة على تقديم عثمان وهو مذهب جماهير أهل الحديث وعليه يدل ~~النص والإجماع والإعتبار # وأما ما يحكى عن بعض المتقدمين من تقديم جعفر أو تقديم طلحة أو نحو ذلك ~~فذلك في أمور مخصوصة لا تقديما عاما وكذلك ما ينقل عن بعضهم في علي # وأما قوله وبعضهم إشتبه الأمر عليه ورأى لطالب الدنيا مبايعا فقلده ~~وبايعه وقصر في نظره فخفي عليه الحق فاستحق المؤاخذة من الله تعالى بإعطاء ~~الحق لغير مستحقه قال وبعضهم قلد لقصور فطنته ورأى الجم الغفير فتابعهم ~~وتوهم أن الكثرة تستلزم الصواب وغفل عن قوله تعالى {وقليل ما هم} {وقليل من ~~عبادي الشكور} # فيقال لهذا المفتري الذي جعل الصحابة الذين بايعوا أبا بكر ثلاثة أصناف ~~أكثرهم طلبوا الدنيا وصنف قصروا في النظر وصنف عجزوا عنه لأن الشر إما أن ~~يكون لفساد القصد وإما أن يكون للجهل والجهل إما أن يكون لتفريط في النظر ~~وإما أن يكون لعجز عنه # وذكر أنه كان في الصحابة وغيرهم من قصر في النظر حين بايع أبا بكر ولو ~~نظر لعرف الحق وهذا يؤاخذ على تفريطه بترك النظر الواجب # وفيهم من عجز عن النظر فقلد الجم الغفير يشير بذلك إلى سبب مبايعة أبي ~~بكر # فيقال له هذا من الكذب الذي لا يعجز عنه أحد # والرافضة قوم بهت # فلو طلب من هذا المفتري دليل على ذلك لم ms043 يكن له ذلك دليل # والله تعالى قد حرم القول بغير علم فكيف إذا # PageV01P076 # كان المعروف ضد ما قاله فلو لم نكن نحن عالمين بأحوال الصحابة لم يجز أن ~~نشهد عليهم بما لا نعلم من فساد القصد والجهل بالمستحق قال تعالى {ولا تقف ~~ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} وقال ~~تعالى {ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به ~~علم} فكيف إذا كنا نعلم أنهم كانوا أكمل هذه الأمة عقلا وعلما ودينا وقد ~~قال ابن مسعود إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه ~~وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه # ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء ~~نبيه يقاتلون على دينه فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه ~~المسلمون سيئا فهو عند الله سيء وقد رأى أصحاب محمد أن يستخلفوا أبا بكر # وعن ابن مسعود قال من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن ~~عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا والله أفضل هذه ~~الأمة وأبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا # قوم إختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في ~~آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم فإنهم كانوا على الهدى ~~المستقيم رواه ابن بطة بإسناد عن قتادة # وروى هو وغيره عن زر بن حبيش # فهذا بضد ما إدعاه هذا الجاهل عليهم من طلب الدنيا والجهل والعجز ~~والتفريط بل لهم كما العلم وحسن القصد وهم خير القرون ولكن ياما فعل الجهل ~~والرفض بأهله فنحمد الله على العافية فإن الرفض مأوى شر الطوائف كالنصيرية ~~والإسماعيلية والملاحدة الطرقية وأهل الجبل والبوادي والقرامطة ما بينهم ~~وبين العلم معاملة # قال ابن القاسم # PageV01P077 # سئل مالك عن أبي بكر وعمر فقال ما رأيت أحدا ممن أهتدي به يشك في ~~تقديمهما # ثم قلت وبعضهم تعني عليا طلب الأمر لنفسه بحق وبايعه ms044 الأقلون فهذا باطل ~~بلا ريب اتفقت السنة والشيعة على أن عليا لم يدع إلى مبايعته إلا بعد مقتل ~~عثمان ولا بايعه أحد إلا ذلك الوقت أكثر ما يقال كان فيهم من يختار مبايعته # قال وإنما كان مذهبنا واجب الإتباع لأنه أحق المذاهب وأصدقها وأخلصها عن ~~شوائب الباطل وأعظمها تنزيها لله ولرسوله وأوصيائه إعتقدنا أن الله هو ~~المخصوص بالقدم وأنه ليس بجسم ولا في مكان وإلا لكان محدثا إلى أن قال وأنه ~~غير مرئي بالحواس ولا في جهة وأن أمره ونهيه حادث لإستحالة أمر المعدوم ~~ونهيه وأن الأئمة معصومون كالأنبياء من الصغائر والكبائر أخذوا الأحكام عن ~~جدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلتفتوا إلى الرأي والقياس ~~والإستحسان # فيقال ما ذكرته لا تعلق له بالإمامة بل نقول في مذهب الإمامية من ينكر ~~هذا فإن هذا طريقه العقل وتعين الإمام طريقه السمع # ثم ما في هذا من حق فأهل السنة يقولون به وما فيه من باطل فمردود وغالبه ~~قواعد الجهمية والمعتزلة ومضمونه أن الله ليس له علم ولا قدرة ولا حياة ~~وأنه لا يتكلم ولا يرضى ولا يسخط ولا يحب ولا يبغض # وأما أهل السنة فيثبتون لله ما أثبته لنفسه من الصفات وينفون عنه مماثلة ~~المخلوقات إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل {ليس كمثله شيء} ردا # PageV01P078 # على المشبهة {وهو السميع البصير} ردا على المعطلة # والله منزه عن مشاركة العبد في خصائصه وإذا اتفقا في مسمى الوجود والعلم ~~والقدرة فهذا المشترك مطلق كلي في الذهن لا وجود له في الخارج والموجود في ~~الأعيان مختص لا إشتراك فيه # وهنا زل خلق حيث توهموا أن الإتفاق في مسمى هذه الأشياء يوجب أن يكون ~~الوجود الذي للرب هو الوجود الذي للعبد فظنت طائفة أن لفظ الوجود يقال ~~للإشتراك اللفظي وكابروا عقولهم # فإن هذه الأسماء عامة قابلة للتقسيم كما يقال الوجود ينقسم إلى واجب ~~وممكن وقديم وحادث # واللفظ المشترك كلفظ المشتري الواقع على الكوكب وعلى المبتاع لا ينقسم ~~معناه ولكن يقال لفظ المشتري يقال على كذا ms045 وعلى كذا # وطائفة ظنت أنها إذا سمت هذا اللفظ ونحوه مشككا لكون الوجود بالواجب أولى ~~منه بالممكن نجت من هذه الشبهة # وليس كذلك فإن تفاضل المعنى المشترك الكلي لا يمنع أن يكون مشتركا بين ~~إثنين # وطائفة ظنت أن من قال الوجود متواطيء عام فإنه يقول وجود الخالق زائد على ~~حقيقته ومن قال حقيقته هي وجوده # قال إنه مشترك إشتراكا لفظيا # فأصل خطأ الناس توهمهم أن هذه الأسماء العامة يكون مسماها المطلق الكلي ~~هو بعينه ثابتا في هذا المعين وهذا المعين وليس كذلك فإن مالا يوجد في ~~الخارج لا يوجد مطلقا كليا ولا يوجد إلا معينا مختصا وهذه الأسماء إذا سمي ~~الله تعالى بها كان مسماها مختصا به وإذا سمي بها العبد كان مسماها مختصا ~~به # فإذا قيل قد إشتركا في مسمى الوجود فلا بد أن يتميز أحدهما عن الآخر بما ~~يخصه وهو الماهية والحقيقة # قيل إشتراكا في الوجود المطلق الذهني لا إشتراكا في مسمى الماهية ~~والحقيقة والذات والنفس # فالغلط نشأ من جهة أخذ الوجود مطلقا وأخذ الحقيقة مختصة # PageV01P079 # وكل واحد منهما يمكن أخذه مطلقا ومختصا فالمطلق مساو للمطلق والمختص مساو ~~للمختص فالوجود المطلق مطابق للحقيقة المطلقة والوجود المختص مطابق لحقيقتة ~~المختصة والمسمى بهذا وهذا واحد وإن تعددت جهة التسمية كما يقال هذا هو ذاك ~~فالمشار إليه واحد لكن بوجهين مختلفين # والمقصود أن إثبات الصفات والأسماء لله لا يستلزم أن يكون الخالق مماثلا ~~لخلقه ولا مشتبها لهم فهو تعالى موصوف بصفات الكمال اللازمة لذاته وهي ~~قديمة أزلية واجبة بقدم الموصوف ووجوبه # وهذا حق لا محذور فيه فإثبات الأسماء دون الصفات سفسطة في العقليات ~~وقرمطة في السمعيات # قال الجمهور هذا خطأ وبدعة أعني هذا التقسيم فالذي عليه أهل الحق من ~~السنة أنه تعالى لا يوصف بالجسمية أصلا بل ولا في فطرة العرب العرباء ~~جاهليتها وإسلاميتها أن الله جسم أبدا تعالى الله عن ذلك # وقولك ليس بجسم فالجسم فيه إجمال قد يراد به المركب الذي كانت أجزاؤه ~~مفرقة فجمعت أو ما يقبل التفريق ms046 والإنفصال أو المركب من مادة وصورة # والله منزه عن ذلك كله # وقد يراد بالجسم ما يشار إليه أو ما يرى أو ما تقوم به الصفات فالله يشار ~~إليه في الدعاء وبالقلوب والعيون ويرى في الآخرة عيانا وتقوم به الصفات # فإن أردت ليس بجسم هذا المعنى قيل لك هذا المعنى الذي قصدت نفيه بهذا ~~اللفظ # PageV01P080 # معنى ثابت بصحيح المنقول وصريح المعقول وأنت لم تقم دليلا على نفيه # وأما اللفظ فبدعة نفيا وإثباتا فما في النصوص ولا في قول السلف إطلاق لفظ ~~الجسم على الله ولا نفيه وكذلك لفظ الجوهر والمتحيز # وكذلك قولك لا في مكان قد يراد بالمكان ما يحوي الشيء ويحيط به ويحتاج ~~إليه وقد يراد به ما فوق العالم وإن يكن أمرا موجودا فالأول الله منزه عنه ~~والثاني فنعم الله فوق خلقه # وإذا لم يكن إلا خالق أو مخلوق فالخالق بائن من المخلوق # فهو الظاهر ليس فوقه شيء وهو فوق سماواته فوق عرشه بائن من خلقه كما دل ~~عليه الكتاب والسنة واتفقت عليه الأئمة # وقولك وإلا لكان محدثا أي لو كان جسما أو في مكان لكان محدثا فما الدليل ~~على ما إدعيت فكأنك إكتفيت بالدليل المشهور لسلفك المعتزلة من أنه لو كان ~~جسما لم يخل عن الحركة والسكون وما لم يخل عن الحوادث فحادث لإمتناع حوادث ~~لا أول لها # ويقولون لو قام به علم وحياة وقدرة وكلام لكان جسما # والجواب إنه # PageV01P081 # عندك حي عليم قدير ومع هذا فليس بجسم مع أنك لا تعقل حيا عالما قادرا إلا ~~جسما # فإن كان قولك حقا أمكن له حياة وعلم وقدرة وأن يكون مباينا للعالم عاليا ~~عليه وليس بجسم فإن قلت لا أعقل مباينا عاليا إلا جسما قيل لك ولا يعقل حي ~~عليم قدير إلا جسم # وأيضا فإنه ليس إذا كان هذا الحادث ليس بدائم وهذا ليس بدائم باق يجب أن ~~يكون نوع الحوادث ليس دائمة باقية # وأيضا فإن ذلك يستلزم حدوث الحوادث بلا سبب وذلك ممتنع في صريح العقل # ولكن على الناس ms047 أن يؤمنوا بالله ورسوله ويصدقوه ويطيعوه فهذا أصل السعادة ~~كلها قال الله تعالى {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ~~بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد} فالله سبحانه بعث الرسل بما يقتضي ~~الكمال من إثبات أسمائه وصفاته المقدسة على وجه التفصيل والنفي على طريق ~~الإجمال للنقص والتمثيل # فالرب تعالى موصوف بنعوت الكمال التي لا غاية فوقها منزه عن النقص بكل ~~وجه ممتنع أن يكون له مثل في شيء من صفات الكمال # وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في الجنة ما لم يخطر على قلب بشر ~~فإذا كان هذا في المخلوق فما الظن بالخالق # وقال ابن عباس ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء # فإذا كان هذان المخلوقان متفقين في الإسم مع أن بينهما في الحقيقة تباينا ~~لا يعرف قدره في الدنيا فمن المعلوم أن ما يتصف به الرب من صفات الكمال ~~أعظم مباينة لما يتصف به العبد # إلى أن قال شيخنا فما ثبت عن الرسول وجب الإيمان به وما لم يثبت عنه فلا ~~يجب الحكم فيه بنفي ولا إثبات حتى يعلم مراد المتكلم وتعلم صحة نفيه ~~وإثباته # فالكلام في # PageV01P082 # الألفاظ المجملة بالنفي والإثبات دون الإستفصال يوقع في الجهل والضلاك ~~والقيل والقال # وقد قيل أكثر إختلاف العقلاء من جهة الإشتراك في الأسماء # ومثبتو الجسم ونفاته موجودون في الشيعة وفي السنة # وأول ما ظهر إطلاق لفظ الجسم من متكلم الرافضة هشام بن الحكم كذلك نقل ~~ابن حزم وغيره # قال الأشعري في مقالات الإسلاميين إختلف الروافض في التجسيم وهم ست فرق ~~فالأولى الهشامية أصحاب هشام بن الحكم يزعمون أن معبودهم جسم وله نهاية وحد ~~طوله كعرضه وعمقه وأنه نور ساطع كالسبيكة يتلألأ كاللؤلؤة المدروة ذو لون ~~وطعم وريح ومجسه # الفرقة الثانية زعموا أنه ليس بصورة ولا كالأجسام وإنما يذهبون في قولهم ~~إنه جسم إلى أنه موجود وينفون عنه الأجزاء والأبعاض ويزعمون أنه على العرش ~~بلا مماسة ولا كيف # الفرقة الثالثة من الرافضة يزعمون أنه على صورة الإنسان ويمنعون ms048 أن يكون ~~جسما # الفرقة الرابعة أصحاب هشام بن سالم الجواليقي يزعمون أنه على صورة ~~الإنسان وينكرون أن يكون لحما ودما ويقولون هو نور يتلألأ وأنه ذو حواس خمس ~~وله يد ورجل وأنف وفم وعين وسائر حواسه متغايرة # وحكى أبو عيسى الوراق أن # PageV01P083 # هشام بن سالم كان يزعم أن لربه وفرة سوداء وأن ذلك نور أسود # الفرقة الخامسة يزعمون أن له ضياء خالصا ونورا كالمصباح من حيث ما جئته ~~يلقاك بأمر واحد وليس بذي صورة ولا إختلاف في الأجزاء # الفرقة السادسة من الرافضة يزعمون أنه ليس بجسم ولا صورة ولا يتحرك ولا ~~يسكن ولا يماس وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة # قال الأشعري وهؤلاء قوم من متأخريهم فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون بما ~~حكيناه عنهم من التشبيه ولقد طول شيخنا هنا إلى الغاية وأطنب وأسهب واحتج ~~بمسألة القدر والرؤية والكلام إلى أن قال # وأما قوله إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الخطأ والسهو ~~والصغائر من أول العمر إلى آخره فيقال الإمامية متنازعون في هذا # قال الأشعري في المقالات اختلف الروافض في الرسول هل يجوز أن يعصي ففرقة ~~قالت يجوز ذلك وأن النبي صلى الله عليه وسلم عصى في أخذ الفداء يوم بدر # قالوا والأئمة لا يجوز عليهم ذلك فإن الرسول إذا عصى جاءه الوحي ورجع ~~والأئمة لا يوحى إليهم فلا يجوز عليهم سهو ولا غلط قال بهذا هشام بن الحكم ~~فنقول إتفق المسلمون على أنهم معصومون فيما يبغلونه فلا # PageV01P084 # يقرون على سهو فيه وبهذا يحصل المقصود من البعثة # أما وجوب كونه قبل النبوة لا يذنب ولا يخطيء فليس في النبوة ما يستلزم ~~هذا فمن إعتقد أن كل من لم يكفر ولم يقتل ولم يذنب أفضل من كل من آمن بعد ~~كفره واهتدى بعد ضلاله وتاب بعد ذنوبه فهو مخالف لما علم بالإضطرار من ~~الدين # فمن المعلوم أن السابقين أفضل من أولادهم الذين ولدوا في الإسلام وهل ~~يشبه أبناء المهاجرين والأنصار بآبائهم عاقل وأين المنتقل بنفسه من الكفر ~~إلى الإيمان ومن السيئات ms049 إلى الحسنات بنظره وإستدلاله وصبره وتوبته ~~ومفارقته عاداته ومعاداته لرفاقه إلى من وجد أبويه وأقاربه وأهل بلده على ~~دين الإسلام ونشأ في العافية قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما ينقض عرى ~~الإسلام من لم يعرف الجاهلية # وقد وعد الله من تاب من الموبقات وآمن وعمل صالحا بأن يبدل سيئاتهم حسنات # وجمهور الأمة ممن يقول بجواز الصغائر على الأنبياء عليهم السلام يقولون ~~هم معصومون من الإقرار عليها فما يزدادون بالتوبة إلا كمالا # فالنصوص والآثار وإجماع السلف مع الجمهور # والمنكرون لذلك يقولون في تحريف القرآن ما هو من جنس قول أهل البهتان ~~كقولهم في {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك} أي ذنب آدم {وما تأخر} ذنب أمتك ~~فأما آدم فنبي كريم فوقعوا فيما فروا منه فنفوا الذنب عن نبينا وألصقوه ~~بآدم # ثم إن آدم تاب الله عليه قبل أن يهبط إلى الأرض وقبل أن يولد نوح ~~وإبراهيم والله يقول {ولا تزر وازرة وزر أخرى} فكيف يضاف ذنب هذا إلى ذنب ~~هذا ثم إن هذه الآية لما نزلت قال أصحابه يا رسول الله هذا لك فما لنا ~~فأنزل الله {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع ~~إيمانهم} ثم كيف يقول من له مسكة عقل إن الله غفر ذنوب أمته جميعها # وقد علم أن منهم # PageV01P085 # من يدخل النار بذنوبه # فأين المغفرة # وأما قولك إن هذا ينفي الوثوق بهم ويوجب التنفير فليس بصحيح بل إذا أعترف ~~الكبير بما هو عليه من الحاجة إلى توبته # ومغفرة الله ورحمته # دل ذلك على صدقه وتواضعه وبعده من الكبر والكذب # بخلاف من يقول مالي حاجة إلى شيء من هذا فما صدر مني ما يحوجني إلى مغفرة ~~ولا توبة # فإن مثل هذا إذا عرف من رجل نسبه الناس إلى الكبر والجهل والكذب # وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله ~~قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه ~~وفضل # وثبت عنه ms050 صلى الله عليه وسلم أنه قال اللهم إغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي ~~في أمري وما أنت أعلم به مني اللهم أغفر لي هزلي وجدي # وخطأي وعمدي # وكل ذلك عندي متفق عليه # وقال صلى الله عليه وسلم كل بنى آدم خطاء # وخير الخطائين التوابون # وما ذكرته من عدم الوثوق والتنفير يحصل مع الإصرار والإكثار # لا مع ندور الذنوب المتبوعة بكثرة الإستغفار والتوبة # أما من إدعي البراءة والسلامة # فما أحوجه إلى الرجوع إلى الله والتوبة والإنابة # وما علمنا أن بني إسرائيل ولا غيرهم قدحوا في نبي من الأنبياء بتوبته في ~~أمر من الأمور # إلى أن قال فأما ما تقوله الرافضة من أن النبي قبل النبوة وبعدها لا يقع ~~منه خطأ ولا ذنب صغير # وكذلك الإثني عشر فهذا مما انفردوا به عن الأمة كلها وقد كان داود عليه ~~السلام بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة # وقال بعض المشايخ لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه ما ابتلى بالذنب ~~أكرم الخلق عليه # ولهذا تجد التائب الصادق أثبت على الطاعة وأشد حذرا من الذنوب من كثير ~~ممن لم يبتل بذنب فمن جعل التائب الذي إجتباه الله وهداه منقوصا فهو جاهل # PageV01P086 # وقولك والأئمة معصومون كالأنبياء فهذه خاصة الرافضة الإمامية التي ما ~~شركهم فيها أحد إلا من هو شر منهم كالإسماعيلية القائلين بعصمة بني عبيد ~~المنتسبين إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر قالوا بأن الإمامة بعد جعفر في محمد ~~بن إسماعيل دون موسى بن جعفر وهم ملاحدة زنادقة # وأما قولك لا يجوز على الأنبياء سهو فما علمت أحدا قاله # وأما أخذ المعصومين عن جدهم فيقال أولا القوم إنما تعلموا حديث جدهم من ~~العلماء وهذا متواتر فعلي بن الحسين يروي عن أبان بن عثمان عن أسامة بن زيد ~~ومحمد ابن علي يروي عن جابر وغيره # وثانيا فما فيهم من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم إلا علي وولداه # وهذا علي يقول إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لأن ~~أخر من السماء إلى الأرض أحب ms051 إلي من أن أكذب عليه # وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة ولهذا كان يقول القول ويرجع ~~عنه # وكتب الشيعة مملوءة بالروايات المختلفة عن الأئمة # وقولك إنكم تتناقلون ذلك خلفا عن سلف إلى أن تتصل الرواية بأحد المعصومين ~~فإن كان ما تقول حقا فالنقل عن المعصوم الواحد كاف فأي حاجة في كل زمان إلى ~~معصوم وإذا كان النقل كافيا موجودا فأي فائدة في المنتظر الذي لا ينقل عنه ~~كلمة وإن لم يكن النقل كافيا فأنتم في نقصان وجهل من أربعمائة وستين سنة # ثم الكذب من الرافضة على هؤلاء يتجاوزون به الحد لا سيما على جعفر الصادق ~~حتى كذبوا عليه كتاب الجفر والبطاقة وكتاب إختلاج الأعضاء وأحكام الرعود ~~والبروق ومنافع القرآن وصارت هذه معايش للطرقية فكيف يثق القلب بنقل من كثر ~~منهم الكذب إن لم يعلم صدق الناقل وإتصال السند وقد تعدى شرهم إلى غيرهم من ~~أهل الكوفة وأهل # PageV01P087 # العراق حتى كان أهل المدينة يتوقون أحاديثهم # وكان مالك يقول نزلوا أحاديث أهل العراق منزلة أحاديث أهل الكتاب لا ~~تصدقوهم ولا تكذبوهم # وقال له عبد الرحمن ابن مهدي يا أبا عبد الله سمعنا في بلدكم أربعمائة ~~حديث في أربعين يوما ونحن في يوم واحد نسمع هذا كله # فقال له عبد الرحمن من أين لنا دار الضرب التي عندكم دار الضرب تضربون ~~بالليل وتنفقون بالنهار # ومع هذا إنه كان في الكوفة وغيرها من الثقات الأكابر كثير # ومن كثرة الكذب الذي كان أكثره في الشيعة صار الأمر يشتبه على من لا يميز ~~بين هذا وهذا بمنزلة الرجل الغريب إذا دخل إلى بلد نصف أهله كذابون خوانون ~~فإنه يحترس منهم حتى يعرف الصدوق الثقة وبمنزلة الدراهم التي كثر فيها الغش ~~يحترس عن المعاملة بها من لا يكون نقادا # ولهذا كره لمن لا يكون له نقد وتمييز النظر في الكتب التي يكثر فيها ~~الكذب في الرواية # والضلال في الآراء ككتب البدع # وكره تلقي العلم من القصاص وأمثالهم الذين يكثر الكذب في كلامهم وإن ~~كانوا يقولون ms052 صدقا كثيرا # فالرافضة أكذب من كل طائفة بإتفاق أهل المعرفة بأحوال الرجال # وقولك فلم يلتفتوا إلى القول بالرأي والإجتهاد وحرموا القياس فالشيعة في ~~ذا كالسنة فيهم أهل رأي وأهل قياس وفي السنة من لا يرى ذلك # والمعتزلة البغداديون لا يقولون بالقياس وخلق من المحدثين يذمون القياس # وأيضا فالقول بالرأي والقياس خير من الأخذ بما ينقله من عرف بالكذب نقل ~~غير مصدق عن قائل غير معصوم # ولا ريب أن الإجتهاد في تحقيق الأئمة الكبار لمناط الأحكام وتنقيحها ~~وتخريجها خير من # PageV01P088 # التمسك بنقل الرافضة عن العسكريين فإن مالكا والليث والأوزاعي والثوري ~~وأبا حنيفة والشافعي وأحمد وأمثالهم رضي الله عنهم أعلم من العسكريين بدين ~~الله والواجب على مثل العسكريين أن يتعلموا من الواحد من هؤلاء # ومن المعلوم أن علي بن الحسين وأبا جعفر وجعفر بن محمد كانوا هم العلماء ~~الفضلاء وأن من بعدهم لم يعرف عنه من العلم ما عرف عن هؤلاء ومع هذا فكانوا ~~يتعلمون من علماء زمانهم ويرجعون إليهم # قال أما باقي المسلمين فقد ذهبوا كل مذهب فقال بعضهم وهم جماعة من ~~الأشاعرة إن القدماء كثيرون مع الله وهي المعاني التي يثبتونها موجودة في ~~الخارج كالقدرة والعلم وغير ذلك فجعلوه مفتقرا في كونه عالما إلى ثبوت معنى ~~هو العلم وفي كونه قادرا إلى ثبوت معنى هو القدرة وغير ذلك # ولم يجعلوه قادرا لذاته ولا عالما لذاته ولا حيا لذاته بل لمعان قديمة ~~يفتقر في هذه الصفات إليها # واعترض شيخهم فخر الدين الرازي عليهم بأن قال النصارى كفروا بأن قالوا ~~القدماء ثلاثة والأشاعرة أثبتوا قدماء تسعة # فيقال الكلام على هذا من وجوه # أحدها أن هذا كذب على الأشعرية ليس فيهم من يقول إن الله كامل بغيره ولا ~~قال الرازي ما ذكرته بل ذكره الرازي عمن اعترض به واستهجن الرازي ذكره وهو ~~إعتراض قديم من إعتراضات نفاة الصفات الجهمية ذكره الإمام أحمد في الرد على ~~الجهمية ثم قال لا نقول إن الله لم يزل وقدرته ولم يزل ونوره # بل نقول لم يزل الله ms053 بقدرته ونوره لا متى قدر ولا كيف قدر # فقالوا لا تكونون موحدين حتى تقولوا كان الله ولا شيء # فقلنا نحن نقول قد كان الله ولا شيء ولكن إذا قلنا إن الله لم يزل بصفاته ~~كلها أليس إنما تصف إلها واحدا بجميع صفاته وضربنا لهم في ذلك مثلا فقلنا ~~أخبرونا عن هذه النخلة أليس لها جذع وكرب # PageV01P089 # وليف وسعف وخوص وجمار واسمها إسم واحد وسميت نخلة بجميع صفاتها فكذلك ~~الله وله المثل الأعلى بجميع صفاته إله واحد لا نقول إنه كان في وقت من ~~الأوقات ولا يقدر حتى خلق قدرة ولا كان ولا يعلم حتى خلق لنفسه علما والذي ~~لا يقدر ولا يعلم عاجز جاهل ولكن نقول لم يزل الله عالما قدارا مالكا لا ~~متى ولا كيف الثاني أن يقال هذا القول المذكور ليس قول الأشعرية كلهم وإنما ~~هو قول مثبتي الحال منهم الذين يقولون إن العالمية حال معطلة بالعلم ~~فيجعلون العلم يوجب حالا آخر ليس هو العلم بل هو كونه عالما وهذا قول ~~الباقلاني والقاضي أبي يعلى وأول قولي أبي المعالي # وأما جمهور مثبتة الصفات فيقولون إن العلم هو كونه عالما ويقولون لا يكون ~~عالما إلا بعلم ولا قادرا إلا بقدرة أي يمتنع أن يكون عالما من لا علم له ~~أو قادرا من لا قدرة له أو حيا من لا حياة له فإن وجود اسم الفاعل بدون ~~المصدر ممتنع وهذا كما لو قيل مصل بلا صلاة وصائم بلا صيام وناطق بلا نطق # فإذا قيل لا يكون مصل إلا بصلاة لم يكن المراد أن هنا شيئين أحدهما ~~الصلاة والثاني حال معلل بالصلاة بل المصلي لا بد أن يكون له صلاة # وهم أنكروا قول نفاة الصفات الذين يقولون هو حي لا حياة له وعالم علم له ~~وقادر لا قدرة له # فمن قال هو حي عليم قدير بذاته وأراد بذلك أن ذاته مستلزمة لحياته وعلمه ~~وقدرته لم يحتج في ذلك إلى غيره # ومن تدبر كلام هؤلاء وجدهم مضطرين إلى إثبات الصفات وأنهم لا ms054 يمكنهم أن ~~يفرقوا بين قولهم وقول المثبتة بفرق محقق لأنهم أثبتوا كونه تعالى حيا ~~وكونه عالما وكونه قادرا ولا يجعلون هذا هو هذا ولا هذا هو هذا ولا هذه ~~الأمور هذه الذات فقد أثبتوا معاني زائدة على الذات المجردة فقولك أثبتوا ~~قدماء كثيرة لفظ مجمل يوهم أنهم أثبتوا آلهة غير الله في الأزل وأثبتوا # PageV01P090 # مع الله غيره وهذا بهتان عليهم # وإنما أثبتوا صفات قائمة به قديمة بقدمه فهل ينكر هذا إلا مخذول مسفسط ~~واسم الله يتناول الذات المتصفة بالصفات ليس هو اسما للذات المجردة # وقولك يجعلونه مفتقرا في كونه عالما إلى ثبوت معنى هو العلم فهذا يرد على ~~مثبتة الحال وأما الجمهور فعندهم كونه عالما هو العلم # وبتقدير أن يقال كونه عالما مفتقر إلى العلم الذي هو لازم لذاته ليس في ~~هذا إثبات فقر له إلى غير ذاته فإن ذاته مستلزمة للعلم والعلم مستلزم لكونه ~~عالما فذاته هي الموجبة لهذا فالعلم كمال وكونه عالما كمال فإذا أوجبت ذاته ~~هذا وهذا كان كما لو أوجبت الحياة والقدرة # وقولك لم يجعلوه عالما لذاته قادرا لذاته إن أردت أنهم لم يجعلوه عالما ~~قادرا لذات مجردة عن العلم والقدرة كما يقول نفاة الصفات إنه ذات مجردة عن ~~الصفات فهذا حق لأن الذات المجردة عن العلم والقدرة لا حقيقة لها في الخارج ~~ولا هي الله # وإن أردت أنهم لم يجعلوه عالما قادرا لذاته المستلزمة للعلم والقدرة فهذا ~~غلط عليهم بل نفس ذاته الموجبة لعلمه وقدرته هي التي أوجبت كونه عالما ~~قادرا وأوجبت علمه وقدرته فإن هذه الأمور متلازمة # وقولك فجعلوه محتاجا ناقصا في ذاته كاملا بغيره كلام باطل فإنه هو الذات ~~الموصوفة بالصفات اللازمة لها وما في الخارج ذات مجردة عن صفات وليست صفات ~~الله غير الله # وقول القائل إن النصارى قد كفروا بأن قالوا القدماء ثلاثة # والأشاعرة # PageV01P091 # أثبتوا قدماء تسعة # والنصارى لم يكفرهم الله بقولهم القدماء ثلاثة بل بقولهم {إن الله ثالث ~~ثلاثة وما من إله إلا إله واحد} فبين تعالى أنهم كفروا بأن ms055 قالوا الله ثالث ~~ثلاثة آلهة ولم يقل وما من قديم إلا قديم واحد ثم أتبع ذلك بكشف حال ~~الآخرين فقال {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه ~~صديقة كانا يأكلان الطعام} والإله يطعم ولا يطعم # وقال {يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ~~قال سبحانك} فليس في الكتاب والسنة ذكر لفظ القديم في أسماء الله وإن كان ~~المعنى صحيحا # ثم النصارى معترفون بأن مريم وعيسى عليهما السلام ولدا وحدثا فكيف يقولون ~~قديمان # ثم إن الذين أثبتوا الصفات لا يقولون ان الله تاسع تسعة قدماء بل اسم ~~الله عندهم يتضمن الذات والصفات ولا أطلقوا على الصفات أنها غير الله وقال ~~النبي صلى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد أشرك وثبت في الصحيح الحلف ~~بعزة الله وعمر الله فالحلف بذلك ليس حلفا بغير الله # والصواب أن الصفات لا تنحصر في ثمانية كما قال بعض الأشعرية بل ولا تنحصر ~~بعدد # ثم إن النصارى أثبتوا ثلاثة أقانيم إنها ثلاثة جواهر يجمعها جوهر واحد ~~وإن كل واحد منها إله يخلق ويرزق والمتحد بالمسيح هو أقنوم الكلمة والعلم ~~وهذا متناقض فإن المتحد إن كان صفة فالصفة لا تخلق ولا ترزق ولا تفارق ~~الموصوف وإن كان الصفة هوالموصوف فهو الجوهر الواحد وهو الأب فيكون المسيح ~~هو الأب وليس هذا قولهم فأين هذا ممن يقول الإله واحد وله الأسماء الحسنى ~~الدالة على صفاته العلى ولا خالق غيره ولا معبود سواه # PageV01P092 # ومما إفترته الجهمية على ابن كلاب لما صنف كتابا في الرد عليهم أنهم ~~وضعوا على أخته حكاية أنها نصرانية وأنه لما أسلم هجرته فقال لها يا أختي ~~إني أريد أفسد دين المسلمين # فرضيت عنه بذلك # ومقصود المفتري لهذه الحكاية أن يجعل قوله بإثبات الصفات هو قول النصارى ~~وبين القولين من الفرق كما بين القدم والفرق # قال الرافضي وقالت الحشوية المشبهة إن لله جسما له طول وعرض وعمق ويجوز ~~عليه المصافحة وأن الصلحاء يعاينونه في الدنيا ms056 # وحكي عن داود أنه قال اعفوني # PageV01P093 # عن الفرج واللحية وسلوني عما وراء ذلك # وقال معبودي جسم ولحم ودم وله جوارح حتى قالوا اشتكت عيناه فعادته ~~الملائكة وبكى على الطوفان حتى رمد # فيقال هذا بعينه قول هشام بن الحكم الرافضي كما قدمنا نقله الناقلون ~~للمقالات عنه مثل أبي عيسى الوراق وزرقان وابن النوبختي والأشعري وابن حزم # PageV01P094 # والشهرستاني وطائفة وقالوا أول من قال إنه جسم هشام بن الحكم # ونقلوا عن بيان ابن سمعان التميمي أحد غلاة الشيعة أن الله على صورة ~~الإنسان # وأنه يهلك كله إلا # PageV01P095 # وجهه # فقتله خالد بن عبد الله القسري # ونقلوا عن المغيرة بن سعيد أن معبوده رجل من نور على رأسه تاج من نور وله ~~أعضاء كالرجل وله جوف وقلب وأن حروف أبي جاد على عدد أعضائه وزعم أنه يحيي ~~الموتى وأراهم نيرنجيات ومخاريق فادعوا نبوته فقتله خالد بن عبد الله # وذكروا عن المنصورية أصحاب أبي منصور أنه قال آل محمد هم السماء والشيعة ~~هم الأرض وأنه عرج به إلى السماء فمسح معبوده رأسه ثم قال إذهب فبلغ عني # ويمين أصحابه إذا حلفوا لا والكلمة # وزعم أن عيسى أول من خلق الله ثم علي # وأن الرسل لا تنقطع # وزعم أن الجنة اسم رجل والنار كذلك # PageV01P096 # واستحل المحارم والدم والميتة والخمر وأن هذه أسماء أقوام حرم الله ولا ~~يتهم # وأسقط الفرائض وقال هي أسماء رجال تجب ولايتهم # قتله يوسف بن عمر # والنصيرية # PageV01P097 # يشبهون المنصورية # وذكروا عن الخطابية أصحاب أبي الخطاب بن أبي # PageV01P098 # زينب أنهم يزعمون أن الأئمة أنبياء مرسلون لا يزال منهم رسولان واحد ناطق ~~وآخر صامت # فالناطق محمد والصامت علي وعبدوا أبا الخطاب ثم خرج أبو الخطاب على ~~المنصور فقتله عيسى بن موسى بأرض الكوفة # وهم يدينون بشهادة الزور لمن وافقهم # PageV01P099 # وذكروا عن البزيعية أنهم يقولون إن جعفر بن محمد هو الله وأن كل مؤمن ~~يوحى إليه # قال الأشعري وقد قال قوم بإلهية سلمان الفارسي # قال وفي النساك من الصوفية من يقول بالحلول وأن الباري يحل في الأشخاص ms057 ~~وأنهم إذا رأوا ما يعجبهم قالوا ما ندري لعل الله حل فيه # ومالوا إلى إطراح الفرائض وزعموا أن العبد إذا وصل إلى معبوده سقطت عنه ~~الواجبات # قال ومن الغالية من يزعم أن روح القدس هو الله كانت في النبي ثم في علي ~~ثم في الحسن إلى أن ذكر المنتظر # قال وهؤلاء آلهة # PageV01P100 # عندهم كل واحد إله على التناسخ # ومنهم صنف يزعمون أن عليا هو الله ويشتمون النبي صلى الله عليه وسلم ~~ويقولون إن عليا وجه به ليبين أمره فادعى الأمر لنفسه # ومنهم من يقول إن الله حل في خمسة في النبي صلى الله عليه وسلم وعلي ~~والحسن والحسين وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين # ولهم خمسة أضداد أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وعمرو # ومنهم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ يزعمون أن عليا لم يمت وأنه يرجع ~~إلى الدنيا فيملأ الأرض عدلا وكان السيد الحميري يقول برجعة الأموات وهو ~~القائل # (إلى يوم يؤوب الناس فيه ... إلى دنياهم قبل الحساب) # ومنهم من يزعم أن الله وكل الأمور إلى محمد صلى الله عليه وسلم فخلق ~~الدنيا ودبرها ويزعمون أن الأئمة ينسخون الشرائع وتهبط عليهم الملائكة ~~بالوحي # ومنهم من يسلم على السحاب ويقول إذا مرت سحابة إن عليا فيها # وذكر الأشعري أشياء سوى ذلك ولم تكن حدثت النصيرية ولا الإسماعيلية بعد # ومن قول النصيرية # PageV01P101 # (أشهد ألا إله إلا ... حيدرة الأنزع البطين) # (ولا حجاب عليه إلا ... محمد الصادق الأمين) # (ولا طريق إليه إلا ... سلمان ذو القوة المتين) # ويقولون إن رمضان أسماء ثلاثين رجلا # وهذه المصائب أبو جادها الرفض # وأما ما نقلت فلا يعرف عن إمام معروف بالسنة ولا من الفقهاء ولا حفاظ ~~الحديث ولا مشايخ الطرق فما علمنا من قال فيهم بالجسم والطول والعمق # واتفقوا على أن الله لا يرى في الدنيا بل في الآخرة كما ثبت في الصحاح ~~قال النبي صلى الله عليه وسلم واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت # ومن أراد أن ينقل مقالة عن طائفة فليسم القائل وإلا فكل ms058 أحد يمكنه الكذب # وأما لفظ الحشوية فليس فيه ما يدل على شخص معين فلا يدري من هم هؤلاء وإن ~~أردت بالحشوية أهل الحديث فاعتقادهم هو السنة المحضة وما ثبت نقله وما فيهم ~~من يعتقد وله الحمد ما قلت فبان كذبك في هذا وغيره # وأما لفظ المشبهة فلا ريب أن أهل السنة متفقون على تنزيه الله عن مماثلة ~~الخلق فالمشبهة هم الذين يمثلون صفاته بصفات خلقه وأهل السنة يصفون الله ~~بما وصف به نفسه # PageV01P102 # أو رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل # بل إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل # قال الله تعالى {ليس كمثله شيء} يرد على الممثلة {وهو السميع البصير} يرد ~~على المعطلة # وينزهون الله عن صفات النقص مطلقا كالنوم والسنة والنسيان والعجز والجهل ~~ونحو ذلك # ويصفونه بصفات الكمال الواردة في الكتاب والسنة # ولكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبت صفة مشبها حتى إن الباطنية يقولون من ~~سمى الله بأسمائه الحسنى فهو مشبه ويقولون من قال حي عليم فقد شبهه ~~بالأحياء العالمين ومن وصفه بأنه سميع بصير فقد شبهه بالآدمي وإذا قال هو ~~رؤوف رحيم فقد شبهه بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى قالوا لا نقول هو موجود ~~حتى لا نشبهه بسائر الموجودات لاشتراكها في مسمى الوجود # وقالوا لا نقول معدوم ولا حي ولا ميت # فقيل لهم فقد شبهوه بالممتنع بل جعلوه في نفسه ممتنعا فإنه كما يمتنع ~~إجتماع النقيضين يمتنع إرتفاعهما فرجع الواجب الوجود إلى أنه ممتنع الوجود # ويقال للذين يقولون لا نقول هذا ولا هذا عدم قولكم لا يبطل الحقائق في ~~أنفسها بل هذا نوع من السفسطة ومن قال لا موجود ولا معدوم فقد جزم بعد ~~الجزم فالسفسطة أنواع ثلاثة نفي الحقائق أو الوقف فيها أو جعلها تابعة ~~لظنون الناس # وقد قيل بنوع رابع وهو القول بأن العالم في سيلان فلا يثبت # وأصل ضلال هؤلاء أن لفظ التشبيه فيه إجمال فما من شيئين إلا وبينهما قدر ~~مشترك يتفق فيه الشيئان في الذهن ولا يجب تماثلهما ms059 فيه بل الغالب تفاضل ~~الأشياء في ذلك القدر المشترك فإذا قيل في المخلوقات حي وحي وعليم وعليم لم ~~يلزم تماثلهما في # PageV01P103 # الحياة والعلم ولا أن يكون نفس حياة هذا وعلمه حياة الآخر وعلمه ولا ~~يكونا مشتركين في موجود في الخارج عن الذهن # وكان جهم لا يسمي الله بإسم يتسمى به الخلق إلا بالقادر والخالق لأنه كان ~~جبريا يرى أن العبد لا قدرة له # وربما قالوا ليس بشيء كالأشياء فقصدوا أن حقيقة التشبيه منتفية عنه # وتحقيق هذا الموضع بالكلام في معنى التشبيه والتمثيل والتمثيل قد نطق ~~الكتاب بنفيه في غير موضع كقوله {ليس كمثله شيء} {هل تعلم له سميا} {ولم ~~يكن له كفوا أحد} {فلا تجعلوا لله أندادا} {فلا تضربوا لله الأمثال} # وأما الجسم والجوهر والتحيز والجهة فلا نطق بها كتاب ولا سنة نفيا ولا ~~إثباتا ولا الصحابة والتابعون # فأول من تكلم بذلك نفيا وإثباتا الجهمية والمعتزلة ومجسمة الرافضة ~~والمبتدعة # فالنفاة نفوا هذه الأسماء وأدخلوا في النفي ما أثبته الله ورسوله من ~~صفاته كعلمه وقدرته ومشيئته ومحبته ورضاه وغضبه وعلوه وقالوا إنه لا يرى # ولا يتكلم بالقرآن ولا غيره # والمثبتة أدخلوا في ذاك ما نفاه الله ورسوله حتى أثبتوا رؤيته في الدنيا ~~بالأبصار وأنه يصافح ويعانق وينزل عشية عرفة على جمل وقال بعضهم إنه يندم ~~ويبكي ويحزن وذلك وصف للرب بصفات يختص بها الآدميون فكل ما اختص به المخلوق ~~فهو صفة نقص تعالى الله عن النقص أحد صمد فالأحد يتضمن نفي المثل والصمد ~~يتضمن جميع صفات الكمال # فالجسم في اللغة الجسد كما ذكره الأصمعي وأبو زيد وغيرهما وهو البدن # قال الله تعالى {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} وقال {وزاده بسطة في العلم ~~والجسم} وقال {عجلا جسدا له خوار} # وقد يراد به الكثافة تقول هذا أجسم من هذا # ثم صار الجسم في إصطلاح أهل الكلام أعم من ذلك فسموا الهواء جسما وإن ~~كانت العرب لا تسمي # PageV01P104 # ذلك جسما # ثم بينهم نزاع فيما يسمى جسما وهو مركب من جواهر منفردة متناهية كما ~~يقوله أكثر ms060 القائلين بالجوهر الفرد وإما متناهية كما يقوله النظام والتزم ~~الطفرة المعروفة به أو هو مركب من مادة وصورة كقول بعض المتفلسفة أو ليس ~~مركبا لا من هذا ولا من هذا كما يقوله الهشامية والكلابية والنجارية ~~والضرارية وكثير من الكرامية وكثير من الكتب ليس فيها هذا القول الثالث # والصواب أنه ليس مركبا من هذا ولا من هذا # وينبني على هذا أن ما يحدثه الله من الحيوان والنبات والمعادن فهي أعيان ~~مخلوقة على قول نفاة الجوهر الفرد فأما على قول من يثبته فإنما يحدث أعراضا ~~وصفات وإلا فالجواهر باقية ولكن اختلف تركيبها ويقولون لا تستحيل حقيقة إلى ~~حقيقة أخرى ولا تنقلب الأجناس بل الجواهر يغير الله تركيبها وهي باقية # والأكثرون يقولون بإستحالة بعض الأجسام إلى بعض وإنقلاب جنس إلى جنس كما ~~تنقلب النطفة إلى علقة والعلقة إلى مضغة ثم إلى عظام # وهذا قول الفقهاء والأطباء # فالنظار كلهم متفقون فيما أعلم على أن الجسم يشار إليه وإن اختلفوا في ~~كونه مركبا من الأجزاء المنفردة أو من المادة والصورة أو لا من هذا ولا من ~~هذا # وقد تنازع العقلاء أيضا هل يمكن وجود موجود قائم بنفسه لا يشار إليه ولا ~~يمكن أن يرى على ثلاثة أقوال فقيل لا يمكن ذلك بل هو ممتنع # وقيل هو ممتنع في المحدثات الممكنة التي تقبل الوجود والعدم # وقيل بل ذلك ممكن في الممكن والواجب وهذا قول بعض الفلاسفة ما علمت قاله ~~أحد من أهل الملل # ومثبتو ذلك يسمونها المجردات والمفارقات # وأكثر العقلاء يقولون وجود هذه في الأذهان لا في الأعيان وإنما يثبت ذلك ~~من وجود نفس الإنسان # PageV01P105 # التي تفارق بدنه # أما الملائكة فالمتفلسفة يقولون هي العقول والنفوس المجردات وهي الجواهر ~~العقلية # وأما المسلمون وغيرهم من أهل الملل فيثبتون الملائكة وأنهم مخلوقون من ~~نور كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث وهم كما قال تعالى ~~{وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون} وقد ذكر الملائكة في غير ~~موضع # وهؤلاء يقولون إن جبريل هو العقل الفعال ms061 أو هو ما يتخيل في نفس النبي من ~~الصور الخيالية وكلام الله كما يوجد في نفس النائم # ومن عرف ما جاء به الرسول علم ضلال هؤلاء وأنهم أبعد عن الإيمان من ~~المشركين # فإذا عرف تنازع النظام في حقيقة الجسم فلا ريب أن الله سبحانه ليس مركبا ~~من الأجزاء المنفردة ولا من المادة والصورة ولا يقبل الإنقسام ولا التفريق ~~ولا الإنفصال ولا كان مفرقا فاجتمع بل هو أحد صمد # والمعاني المعقولة من التركيب كلها منتفية عن الله تعالى # لكن المتفلسفة ومن وافقهم يزيدون على ذلك ويقولون إذا كان موصوفا بالصفات ~~كان مركبا وإذا كانت له حقيقة ليست هي مجرد الوجود كان مركبا فقال لهم ~~المسلمون المثبتون للصفات النزاع ليس في لفظ المركب فإن هذا اللفظ يقتضي أن ~~غيره ركبه ولا يقول عاقل إن الله مركب لهذا الإعتبار # أما كونه ذاتا مستلزمة لصفات الكمال من العلم والقدرة والحياة فهذا لا ~~يسمى مركبا فيما نعلم ولا عرف ذلك في اللغة # وإنما المركب ما كانت أجزاؤه متفرقة فجمع جمع إمتزاج أو غير جمع إمتزاج ~~كتركيب الأطعمة والأشربة والأدوية والأبنية واللباس والحلية # ثم إن جميع العقلاء مضطرون إلى إثبات معاني متعددة لله فالمعتزلي يسلم ~~أنه حي عالم قادر # فكونه حيا غير كونه قادرا # والفلسفي يقول إنه عاقل ومعقول وعقل ولذيذ ومتلذذ ولذة # وقال الطوسي # PageV01P106 # في شرح الإشارات العلم هو المعلوم ومعلوم فساد هذا بصريح العقل وبمجرد ~~تصوره التام # وليس فرارهم إلا من معنى التركيب وليس لهم قط حجة على نفي مسمى التركيب ~~بجميع هذه المعاني بل عمدتهم أن المركب يفتقر إلى أجزائه وأجزاؤه غيره ~~والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه بل يكون معلولا # وهذه الحجة جميع ألفاظها معلولة # فلفظ الواجب بنفسه يراد به الذي لا فاعل له ولا له علة فاعلة ويراد به ~~الذي لا يحتاج إلى شيء مباين له ويراد به القائم بنفسه الذي لا يحتاج إلى ~~مباين له # فعلى الأول والثاني فالصفات واجبة الوجود وعلى الثالث فالذات الموصوفة هي ~~الواجبة والصفة وحدها ms062 لا يقال إنها واجبة الوجود ولا تنفك عن الذات # فقولهم إذا كان له ذات وصفات كان مركبا والمركب مفتقر إلى أجزائه وأجزاؤه ~~غيره فلفظ الغير مجمل يراد به المباين # فالغيران ما جاز مفارقة أحدهما الآخر بزمان أو مكان أو وجود # ويراد بالغيرين ما ليس أحدهما الآخر أو ما جاز العلم بأحدهما مع الجهل ~~بالآخر # وهذا إصطلاح أكثر المعتزلة وغيرهم # وأما السلف كالإمام أحمد وغيره فلفظ الغير عندهم يراد به هذا ويراد به ~~هذا # ولهذا لم يطلقوا القول بأن علم الله غيره ولا أنه ليس بغيره فلا يقولون ~~هو هو ولا هو غيره لأن الجهمية يقولون ما سوى الله مخلوق وكلامه سواه فيكون ~~مخلوقا وقد ثبت في السنة جواز الحلف بالصفات كعزته وعظمته مع قول النبي صلى ~~الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد أشرك فعلم أن الصفات لا تدخل في مسمى ~~الغير عند الإطلاق # وإذا أريد بالغير أنه ليس هو إياه فلا ريب أن العلم غير العالم والكلام ~~غير المتكلم ويراد بالإفتقار التلازم بمعنى أنه لا يوجد أحدهما إلا مع ~~الآخر وإن لم يكن أحدهما مؤثرا في الآخر مثل الأبوة والبنوة # PageV01P107 # والمركب قد عرف ما فيه من الإشتراك فإذا قيل لو كان عالما لكان مركبا من ~~ذات وعلم فليس المراد به أن الذات والعلم كانا مفترقين فاجتمعا وتركبا ولا ~~أنه يجوز مفارقة أحدهما الآخر # بل المراد أنه إذا كان عالما فهناك ذات وعلم قائم بها # وقوله والمركب مفتقر إلى أجزائه فمعلوم أن إفتقار المجموع إلى أبعاضه ليس ~~بمعنى أن أبعاضه فعلته أو وجدت دونه أو أثرت فيه # بل بمعنى أنه لا يوجد إلا بوجود المجموع فإذا قيل الشيء مفتقر إلى نفسه ~~بهذا المعنى لم يكن هذا ممتنعا بل هذا هو الحق فإن نفس الواجب لا يستغني عن ~~نفسه # وإذا قيل هو واجب بنفسه فليس المراد أن نفسه أبدعت وجوبه بل المراد أن ~~نفسه موجودة بنفسها لم تفتقر إلى غير # وإذا قيل العشرة مفتقرة إلى العشرة لم يكن في هذا ms063 إفتقار لها إلى غيرها # وإذا قيل هي مفتقرة إلى الواحد الذي هو جزؤها لم يكن إفتقارها إلى بعضها ~~بأعظم من إفتقارها إلى المجموع الذي هو هي # فكون المبدع مستلزما لصفاته فهذا لم ينف حجة أصلا ولا هذا التلازم ينبغي ~~أن يسمى فقرا # وأيضا فتسمية الصفات القائمة بالموصوف جزءا ليس هو من اللغة المعروفة ~~إنما ذا إصطلاح لهم ولو تنزلنا وسميناه بإصطلاحهم لم يكن فيه محذور فلا ~~عبرة بتهويل الفلاسفة وأتباعهم # فالذين نفوا علمه بالأشياء قالوا لئلا يلزم التكثير # والذين نفوا علمه بالجزئيات قالوا لئلا يلزم التغير # فيهولون بلفظ التكثير والتغير وهما لفظان مجملان منكران يوهمان أنه يتكثر ~~الآلهة وأن الرب يتغير كما يتغير الإنسان وكما تتغير الشمس إذا اصفر لونها ~~ولا يدري السامع أنه عندهم إذا أحدث ما لم يكن محدثا سموه تغيرا وإذا سمع ~~دعاء عباده سموه تغيرا وإذا رأى ما خلقه سموه تغيرا وإذا كلم موسى سموه ~~تغيرا وإذا رضي عن الطائع سموه تغيرا # ثم إنهم ينفون ذلك بغير دليل أصلا كما اعترف به غير واحد والأدلة الشرعية ~~والعقلية توجب ثبوت ذلك # فدعوى المدعي على اللغة أن ما يشار إليه جسم مركب غير صحيح # وجمهور المسلمين القائلين ليس بجسم يقولون من قال إنه جسم وأراد بذلك أنه ~~موجود أو قائم بنفسه ونحو # PageV01P108 # ذلك أو قال إنه جوهر وأراد بذلك أنه قائم بنفسه فهو مخطيء في اللفظ لا ~~المعنى # أما إذا قال إنه مركب من جواهر منفردة ففي كفره تردد # ثم القائلون بأن الجسم مركب من جواهر قد تنازعوا في مسماه فقيل الجوهر ~~الواحد بشرط إنضمام غيره إليه يكون جسما كقول ابن الباقلاني وأبي يعلى ~~وغيرهما وقيل بل الجوهران فصاعدا وقيل بل أربعة فصاعدا وقيل بل ستة فصاعدا ~~وقيل بل ثمانية فصاعدا وقيل ستة عشر وقيل بل إثنان وثلاثون # فقد تبين أن في هذا اللفظ من المنازعات اللغوية والإصطلاحية والعقلية ~~والشرعية ما يبين أن الواجب الإعتصام بالكتاب والسنة قال الله تعالى ~~{واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} وقال تعالى ms064 {اتبعوا ما أنزل إليكم ~~من ربكم} وقال تعالى {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ~~رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} # قال ابن عباس تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل به أن لا يضل في الدنيا ولا ~~يشقى في الآخرة ثم قرأ {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} الآيات # فما أثبته الله ورسوله أثبتناه وما نفاه الله ورسوله نفيناه # فالنصوص نعتصم بها في الإثبات والنفي لفظا ومعنى أما ألفاظ تنازع فيها من ~~ابتدعها كالجسم والجوهر والتحيز والجهة والتركيب والتعين فلا تطلق نفيا ولا ~~إثباتا حتى ينظر في مقصود قائلها فإن أراد بالنفي أو الإثبات معنى صحيحا ~~موافقا للنصوص صوب المعنى الذي قصده بلفظه وزجر عن اللفظ المبتدع المجمل # إلا عند الحاجة في محاورة الخصم مع قرائن تبين المراد بها مثل أن يكون ~~الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها # وأما أن يراد بها معنى باطل فهذا ضلال وإن أريد بها حق وباطل عرف الخصم ~~وفسر له هذا من هذا # وإن اتفق شخصان على معنى وتنازعا في دلائله فأقربهما إلى الصواب من وافق ~~اللغة المنقولة # PageV01P109 # وأما المتحيز ففي اللغة ما تحيز إلى غيره كقوله تعالى {أو متحيزا إلى ~~فئة} وهذا لا بد أن يحيط به حيز وجودي فالباري تعالى لا يحيط به شيء من ~~مخلوقاته فلا يكون متحيزا في اللغة # وأما أهل الكلام فإصطلاحهم في المتحيز أعم من هذا يجعلون كل جسم متحيزا ~~والجسم عندهم ما يشار إليه فتكون السماوات والأرض وما فيهما متحيزا على ~~إصطلاحهم لا في اللغة # ويريدون بالحيز أمرا معدوما والمكان أمرا موجودا يخالف الحيز العدمي # فمجموع الأجسام ليست في شيء موجود فليست في مكان والفخر الرازي يجعل ~~الحيز تارة موجودا وتارة معدوما وقد علم بالعقل والنقل أن الله بائن من ~~خلقه لأنه كان قبل خلق السماوات والأرض فلما خلقها إما أن يكون قد دخل فيها ~~أو دخلت فيه وكلاهما ممتنع فتعين أنه بائن عنها والنفاة يدعون أنه ليس ~~مباينا ms065 لخلقه ولا مداخلا له وهذا ممتنع في العقول لكن يدعون أن القول ~~بإمتناع ذلك هو من حكم الوهم لا من حكم العقل # ثم إنهم تناقضوا فقالوا لو كان فوق العرش لكان جسما لأنه لا بد أن يتميز ~~مما يلي هذا الجانب # فقيل لهم معلوم بضرورة العقل أن إثبات موجود فوق العالم ليس بجسم أقرب ~~إلى العقل من إثبات قائم بنفسه ليس بمباين للعالم ولا بمداخل له # وكذلك لفظ الجهة يراد به أمر موجود كالفلك الأعلى ويراد به أمر عدمي كما ~~وراء العالم فإذا أريد به الثاني أمكن أن يقال كل جسم في جهة وإذا أريد ~~الأول إمتنع أن يكون كل جسم في جسم آخر # فمن قال الباري في جهة وأراد بها أمرا موجودا فكل ما سواه مخلوق له في ~~جهة بهذا التفسير فهذا مخطيء وإن أراد بالجهة أمرا عدميا وهو ما فوق العالم ~~وقال إن الله فوق العالم فقد أصاب وليس فوق العالم # PageV01P110 # موجود غيره فلا يكون سبحانه في شيء من الموجودات # وقد تنازع المتكلمون في الأسماء التي تسمى الله بها وتسمى بها عباده ~~كالموجود والحي والعليم والقدير فقال بعضهم هي مقولة بالإشتراك اللفظي حذرا ~~من إثبات قدر مشترك بينهما لأنهما إذا اشتركا في مسمى الوجود لزم أن يمتاز ~~الواجب عن الممكن بشيء آخر فيكون مركبا وهذا قول بعض المتأخرين كالشهرستاني ~~والرازي في أحد قوليهما وكالآمدي مع توقفه أحيانا ونقل ذلك عن الأشعري وأبي ~~الحسين البصري وهو غلط عليهما وإنما ذكروا ذلك عنهما لأنهما لا يقولان ~~بالأحوال ويقولان وجود الشيء عين حقيقتة فظنوا أن من قال ذلك يلزمه أن يقول ~~إن لفظ المشترك الموجود يقال بالإشتراك اللفظي عليهما لأنه لو كان متواطئا ~~لكان بينهما قدر مشترك فيمتاز أحدهما عن الآخر بخصوص حقيقته والمشترك ليس ~~هو المميز فلا يكون الوجود المشترك هو الحقيقة المميزة # والرازي والآمدي ونحوهما ظنوا أنه ليس في المسألة إلا هذا القول وقول من ~~يقول بأن اللفظ متواطيء ويقول وجوده زائد على حقيقته كما هو قول أبي هاشم ms066 ~~وأتباعه من المعتزلة والشيعة أو قول ابن سينا بأنه متواطيء مع أنه الوجود ~~المفيد لسلب الأمور الثبوتية # وذهب بعض الباطنية وغلاة الجهمية إلى أن هذه الأسماء حقيقة في العبد مجاز ~~في الرب # قالوا هذا في الحي ونحوه # وذهب أبو العباس الناشيء إلى ضد ذلك # وزعم ابن حزم أن أسماء الله لا تدل على المعاني فلا يدل عليم على علم ولا ~~قدير على قدرة بل هي أعلام محضة وكل هذا غلو في نفي التشبيه لزم منه نفي ~~صفات الرب وظنوا أن ثبوت الكليات المشتركة بني في الخارج # كما غلط الرازي فظن أنه إذا كان # PageV01P111 # هذا موجودا وهذا موجودا والوجود شامل لهما كان بينهما موجود مشترك كلى في ~~الخارج فلا بد من مميز يميز هذا عن هذا والمميز إنما هو الحقيقة فيجب أن ~~يكون هناك وجود مشترك وحقيقة مميزة # ثم إن هؤلاء يتناقضون فيجعلون الوجود ينقسم إلى واجب وممكن كما تنقسم ~~سائر الأسماء العامة الكلية لا كما تنقسم الألفاظ المشتركة كلفظ سهيل ~~المقول على الكوكب وعلى ابن عمرو إذ لا يقال فيها تنقسم إلى كذا وكذا لكن ~~يقال إن هذا اللفظ يطلق على هذا وهذا على هذا # وهذا أمر لغوي لا تقسيم عقلي # وهناك تقسيم عقلي تقسيم المعنى الذي هو مدلول اللفظ العام # وظن بعض الناس أنه يخلص من هذا بأن جعل لفظ الوجود مشككا لكون الوجود ~~الواجب أكمل كما يقال في لفظ السواد والبياض المقول على سواد القار وسواد ~~الحدقة وبياض الثلج وبياض العاج ولا ريب أن المعاني الكلية قد تكون متفاضلة ~~في مواردها وتخصيص هذا القسم بلفظ المشكك أمر إصطلاحي ولهذا كان من الناس ~~من قال هو نوع من المتواطيء لأن واضع اللغة لم يضع اللفظ بإزاء التفاوت ~~الحاصل لأحدهما بل بإزاء القدر المشترك # وبالجملة فالنزاع في هذا لفظي فالمتواطئة العامة تتناول المشككة فأما ~~المتواطئة التي تتساوى معانيها فهي قسيم المشككة # فالجمهور على أن هذه الأسماء عامة كلية سواء سميت متواطئة ومشككة ليست ~~ألفاظا مشتركة إشتراكا لفظيا فقط وهذا مذهب ms067 أهل السنة والمعتزلة والأشعرية ~~والكرامية ولقد طول شيخنا ابن تيمية هنا وما أبقى ممكنا إلى أن قال # وإذا تبين هذا فقول هذا المصنف وأشباهه قول المشبهة إن أراد بالمشبهة # PageV01P112 # من أثبت من الأسماء ما يسمى به الرب والعبد فطائفتة وجميع الناس مشبهة ~~وإن أراد به من جعل صفات الرب مثل صفات العبد فهؤلاء مبطلون ضالون وهم فيهم ~~أكثر منهم في غيرهم وأنت تتكلم بألفاظ لا تفهم معانيها ولا موارد إستعمالها ~~وإنما تقوم بنفسك صورة تبنى عليها وكأنك والله أعلم عنيت بالحشوية المشبهة ~~من ببغداد والعراق من الحنبلية دون غيرهم وهذا من جهلك فإنه ليس للحنبلية ~~قول إنفردوا به عن غيرهم من أهل السنة والجماعة بل كل ما يقولونه قد قاله ~~غيرهم من طوائف أهل السنة ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم معروف قبل أن ~~يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد فإنه مذهب الصحابة الذي تلقوه ~~عن نبيهم ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة فإنهم متفقون على ~~أن إجماع الصحابة حجة ومتنازعون في إجماع من بعدهم # وأحمد بن حنبل إن كان قد إشتهر بإمامة السنة والصبر في المحنة فليس ذلك ~~لأنه إنفرد بقول أو ابتدع قولا بل لأن السنة التي كانت موجودة معروفة قبله ~~علمها ودعا إليها وصبر على ما امتحن به ليفارقها وكان الأئمة قبل قد ماتوا ~~قبل المحنة فلما وقعت محنة الجهمية نفاة الصفات في أوائل المائة الثالثة ~~على عهد المأمون وأخيه المعتصم ثم الواثق ودعوا الناس إلى التجهم وإبطال ~~صفات الله وهو المذهب الذي ذهب إليه متأخروا الرافضة وكانوا قد أدخلوا معهم ~~من أدخلوه من ولاة الأمر فلم يوافقهم أهل السنة والجماعة حتى هددوا بعضهم ~~بالقتل وقيدوا بعضهم وعاقبوهم بالرهبة والرغبة وثبت أحمد بن حنبل على ذلك ~~الأمر حتى حبسوه مدة ثم طلبوا أصحابهم لمناظرته فانقطعوا معه في المناظرة ~~يوما بعد يوم # ولما لم يأتوا بما يوجب موافقته لهم وبين خطأهم فيما ذكروا من الأدلة ~~وكانوا قد طلبوا أئمة الكلام من أهل البصرة وغيرهم ms068 مثل أبي عيسى محمد بن ~~عيسى برغوث صاحب حسين النجار وأمثاله ولم تكن المناظرة مع المعتزلة فقط بل ~~كانت مع جنس الجهمية من # PageV01P113 # المعتزلة والنجارية والضرارية وأنواع المرجئة فكل معتزلي جهمي وليس كل ~~جهمي معتزليا لكن جهم أشد تعطيلا لأنه ينفي الأسماء والصفات والمعتزلة تنفي ~~الصفات # وبشر المريسي كان من كبار الجهمية وكان مرجئا لم يكن معتزليا وبسبب محنة ~~الإمام أحمد كثر الكلام والتدقيق والبحث في هذه الأشياء ورفع الله قدر ~~الإمام أحمد وأتباعه # ولكن الرافضي أخذ ينكت على كل طائفة بما ظن أنه يخرجها به من الأصول ~~والفروع وظن أن طائفته هي السليمة من القدح وقد اتفق عقلاء المسلمين على ~~أنه ليس في طوائف أهل القبلة أكثر جهلا وضلالا وكذبا وبدعا وأقرب إلى كل شر ~~وأبعد من كل خير من طائفته # ولهذا لما صنف الأشعري كتابه في المقالات ذكر أولا مقالتهم وختم بمقالة ~~أهل السنة والحديث وذكر أنه بكل ما ذكر من أقوال أهل السنة والحديث يقول ~~وإليه يذهب # فتسميته لأهل الآثار والإثبات مشبهة كتسميتهم لمن أثبت خلافة الثلاثة ~~ناصبيا بناء على إعتقادهم أنه لا ولاية لعلي إلا بالبراءة من الثلاثة وإنما ~~النصب هو بغض أهل البيت ومعاداتهم # والتشبيه هو جعل صفات الرب مثل صفات العبد # PageV01P114 # ومن أراد أن يمدح أو يذم فعليه أن يبين دخول الممدوح والمذموم في تلك ~~الأسماء التي علق الله ورسوله بها المدح والذم # أما إذا كان الإسم ليس له أصل في الشرع ودخول الداخل فيه مما ينازع فيه ~~المدخل بطلت كل من المقدمتين # والكتاب والسنة ليس فيهما لفظة ناصبة ولا مشبهة ولا حشوية بل ولا فيهما ~~لفظ رافضي # فنحن إذا قلنا رافضة نذكره للتعريف لدخول أنواع مذمومة بالنص فيه فبقي ~~علما على هؤلاء الجهلة الذين عدموا الصدق والتوفيق # وقولك داود الطائي فجهل وإنما هو الجواربي فقد قال الأشعري وقال داود ~~الجواربي ومقاتل بن سليمان أن الله جسم وأنه جثة وأعضاء على صورة الإنسان ~~لحم ودم وشعر وعظم له جوارح وأعضاء وهو مع هذا لا ms069 يشبهه شيء # وقال هشام بن سالم الجواليقي أنه على صورة الإنسان # وأنكر أن يكون لحما ودما وأنه نور يتلألأ وأنه ذو حواس خمس سمعه غير بصره ~~وكذلك سائر حواسه وله يد ورجل وعين وفم وأنف وأن له وفرة سوداء # قلت الأشعري ينقل هذه المقالات من كتب المعتزلة وفيهم إنحراف عن مقاتل # PageV01P115 # فلعلهم زادوا عليه وإلا فما أظنه يصل إلى هذا الحد وقد قال الشافعي من ~~أراد التفسير فهو عيال على مقاتل ومن أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة # وأما داود الطائي فكان فقيها زاهد عابدا ما قال شيئا من هذا الباطل ولا ~~دخل في هذا # قال وذهب بعضهم إلى أن الله ينزل كل ليلة جمعة بشكل أمرد راكبا على حمار ~~حتى أن بعضهم ببغداد وضع على سطحه معلفا يضع فيه شعيرا كل ليلة جمعة الجواز ~~أن ينزل الله على سطحه فيشتغل الحمار بالأكل ويشتغل الرب بالنداء هل من ~~تائب قلنا هذا وأمثاله إما كذب أو وقع لجاهل مغمور ليس بقول عالم ولا معروف ~~وقد صان الله علماء السنة بل وعامتهم من قول هذا الهذيان الذي لا ينطلي على ~~الصبيان # ثم لم يرو في ذلك شيء لا بإسناد ضعيف ولا بإسناد مكذوب ولا قال أحد إنه ~~تعالى ينزل ليلة الجمعة إلى الأرض ولا أنه في شكل أمرد # وهذا مثل حديث الجمل الأورق وأنه تعالى ينزل عشية عرفة فيعانق المشاة ~~ويصافح الركبان قبح الله من وضعه # وما أكثر الكذب في العالم ولكن تسعة أعشاره أو أقل أو أكثر بأيدي الرافضة # وأما أحاديث النزول إلى سماء الدنيا فمتواترة وحديث دنوه عشية عرفة ~~فأخرجه مسلم ولا نعلم كيف ينزل ولا كيف استوى # PageV01P116 # قال وقالت الكرامية إن الله في جهة فوق ولم يعلموا أن كل ما هو في جهة ~~فهو محدث محتاج إلى تلك الجهة فيقال له نعم هذا مذهبهم ومذهب كبار الشيعة ~~المتقدمين وأنت لم تذكر حجة على إبطاله # وجمهور الخلق على أن الله فوق العالم وإن كان أحدهم لا يلفظ بلفظ الجهة ms070 ~~فهم مفطورون مجبولون على أن معبودهم فوق كما قال أبو جعفر الهمداني لأبي ~~المعالي ما معناه إن الإستواء علم بالسمع ولو لم يرد به # PageV01P117 # لم نعرفه وأنت قد تتأوله فدعنا من هذا وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها ~~في قلوبنا فإنه ما قال عارف قط يا الله إلا وقبل أن ينطق لسانه يجد في قلبه ~~معنى يطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة فهل عندك من حيلة في دفع هذه ~~الضرورة عن قلوبنا فلطم المتكلم رأيته صوابه رأسه وقال حيرني الهمداني يعني ~~أن الدليل على نفي الفوقية نظري فكيف يعارض ضرورة الفطر بل وتواتر النصوص ~~فإن دفع الضروريات بالنظريات غير ممكن ولو قدح في الضروريات لكان ذلك قدحا ~~في أساس النظريات وهو من باب قدح الفرع في أصله فتبطل الضروريات والنظريات # وأيضا فإن هؤلاء قرروا ذلك بأدلة عقلية كقولهم كل موجودين إما متباينان ~~وإما متداخلان وقالوا إن العلم بذلك بضروري # وقالوا إثبات موجود لا يشار إليه مكابرة للحس والعقل # وهذا القرآن ينطق بالعلو في مواضع كثيرة جدا حتى قيل # PageV01P118 # إنها نحو ثلاثمائة موضع # والسنن ملأى بذلك وكلام السلف يقتضي إتفاقهم على ذلك # فمن يريد التشنيع على الناس ودفع الدلائل القاطعة لا بد أن يذكر حجة # فقولك إن كل ما هو في جهة فهو محدث ومحتاج إليها إنما يستقيم إذا كانت ~~الجهة أمرا ثبوتيا وجوديا وكانت لازمة له # فلا ريب أن من قال إن الباري لا يقوم إلا بمحل يحل فيه لا يستغني عنه فقد ~~جعله محتاجا # وهذا لم يقله أحد ولا علمنا أحدا قال إنه محتاج إلى شيء من مخلوقاته لأنه ~~خلق العرش فدل على أنه غني عنه قبل وبعد وإذا كان فوقه لم يجب أن يكون ~~محتاجا إليه # بل الله قد خلق العالم بعضه فوق بعض ولم يجعل عاليه محتاجا إلى سافله ~~فالأرض فوقها الهواء والسحاب ثم السماوات ثم العرش # ونحن نعلم أنه لا قوة إلا بالله وأن القوة التي في حملة العرش هو خالقها # ولو احتج عليك سلفك ms071 مثل علي بن يونس القمي الرافضي القائل بأن العرش ~~يحمله لم يكن عندك حجة فإنهم يقولون لم نقل إنه محتاج إليه ولكن قلنا إنه ~~على كل شيء قدير وإذا جعلناه قادرا على أن خلق شيئا يحمله كان ذلك وصفا له ~~بكمال الإقتدار لا بالحاجة # وقد قدمنا أن لفظ الجهة يراد به أمر موجود مخلوق وأمر معدوم # فمن قال إنه تعالى فوق العالم جميعه لم يقل إنه في جهة موجودة إلا أن ~~يراد بالجهة العرش ويراد بكونه فيها أنه عليها كما جاء أنه في السماء أي ~~على السماء # وهؤلاء أخذوا لفظ الجهة بالإشتراك وأوهموا أنه إذا كان في جهة كان في شيء ~~غيره كما يكون الإنسان في بيته ثم رتبوا على ذلك أن يكون محتاجا إلى غيره ~~وهذه مقدمات باطلة # وقالوا إنه لو كان في جهة لكان جسما وكل جسم محدث لأن الجسم لا يخلو من ~~الحوادث فهو حادث # وكل هذه مقدمات متنازع فيها فمن الناس من يقول قد يكون في الجهة من ليس ~~بجسم # فإذا قيل له هذا خلاف المعقول قال هذا أقرب إلى العقول من موجود لا داخل ~~العالم ولا خارجه # ومن الناس من لا يسلم أن كل جسم محدث كالكرامية وقدماء الشيعة ولا يسلمون ~~أن الجسم لا يخلو من الحوادث # وكثير من أهل الحديث والكلام والفلسفة # PageV01P119 # ينازعون في قولهم إن ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث # قال وذهب الأكثر منهم إلى أن الرب يفعل القبائح والكفر وأن جميع ذلك واقع ~~بقضاء الله وقدره وأن العبد لا تأثير له في ذلك وأن الله يريد المعاصي من ~~الكافر ولا يريد منه طاعة # قلنا قد تقدم أن مسائل القدر والتعديل والتجوير ليست ملزومة لمسائل ~~الإمامة ولا لازمة لها وأنت تعيدها وتبدئها # فإن خلقا ممن يقر بإمامة أبي بكر وعمر قدرية وخلقا من الرافضة بعكس ذلك ~~فليس أحد البابين مرتبطا بالآخر أصلا # والمنقول عن أهل البيت في إثبات القدر والصفات لا ينحصر # ولكن متأخرو الرافضة جمعوا إلى رفضهم التجهم والقدر كصاحب ms072 هذا الكتاب # وقولك عنهم إن العبد لا تأثير له في الكفر والمعاصي فنقل باطل بل جمهور ~~من أثبت القدر يقول إن العبد فاعل لفعله حقيقة وإن له قدرة واستطاعة # ولا ينكرون تأثير الأسباب الطبيعية بل يقرون بما دل عليه الشرع والعقل من ~~أن الله يخلق السحاب بالرياح وينزل الماء بالسحاب وينبت النبات بالماء ~~والله خالق السبب والمسبب # ومع أنه خالق السبب فلا بد له من سبب آخر يشاركه ولا بد له من معارض ~~يمانعه فلا يتم أثره مع خلق الله له إلا بأن يخلق الله السبب الآخر ويزيل ~~الموانع ولكن ما قلته هو قول الأشعري ومن وافقه لا يثبتون في المخلوقات قوى ~~ولا طبائع ويقولون إن الله فعل عندها لا بها ويقولون قدرة العبد لا تأثير ~~لها في الفعل # وأبلغ من ذلك قول الأشعري إن الله فاعل فعل العبد وإن فعل العبد ليس فعله ~~بل كسب له # PageV01P120 # وإنما هو فعل الله فقط # وجمهور الناس والسنة على خلاف قوله وعلى أن العبد فاعل لفعله حقيقة # وقولك يريد المعاصي من الكافر هو قول طائفة وهم الذين يجعلون الإرادة ~~نوعا واحدا ويجعلون المحنة والرضا والغضب بمعنى الإرادة وهو أشهر قولي ~~الأشعري وقول أكثر أصحابه # وأما جمهور السنة فيفرقون بين الإرادة والمحبة والرضا ويقولون إنه وإن ~~كان يريد المعاصي فهو لا يحبها ولا يرضاها بل يبغضها والمحققون يقولون ~~الإرادة في القرآن نوعان # إرادة قدرية كونية وإرادة شرعية دينية # فالشرعية هي المتضمنة للمحبة والرضا والقدرية هي الشاملة لجميع الحوادث ~~فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن # قال الله تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن ~~يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} وقال {إن كان الله يريد أن يغويكم} فهذه الإرادة ~~تعلقت بالإضلال والإغواء # وأما الشرعية فكقوله {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم} ~~وقوله {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج} {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ~~أهل البيت} فهذه غير تيك # قال وهذا يستلزم أشياء شنيعة ms073 منها أن يكون الله أظلم من كل ظالم لأنه ~~يعاقب الكافر على كفره وهو قدره عليه ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان فكما ~~أنه يلزم الظلم لو عذبه على كونه طوله وقصره يلزم أن يكون ظالما لو عذبه ~~على المعصية التي جعلها فيه # فيقال قد مر أن الجمهور في تفسير الظلم على قولين أحدهما أن الظلم ممتنع ~~لذاته غير مقدور كما صرح به الأشعري والقاضي أبو بكر وأبو المعالي والقاضي ~~أبو يعلى وابن الزاغوني ويقولون إنه غير قادر على الكذب والظلم والقبيح ولا ~~يصح وصفه # PageV01P121 # بشيء من ذلك # ودلالتهم على إستحالة وقوع ذلك منه أن الظلم والقبيح ما شرع الله وجوب ذم ~~فاعله وذم الفاعل لما ليس له فعله ولن يكون كذلك حتى يكون متصرفا فيما غيره ~~أملك به وبالتصرف فيه منه فوجب إستحالة ذلك في حقه من حيث لم يكن أمر الناس ~~بذمه ولا كان ممن يجوز دخول أفعاله تحت تكليف من نفسه لنفسه ولا يكون فعله ~~تصرفا في شيء غيره أملك به فثبت بذلك استحالة تصوره في حقه # وحقيقة قول هؤلاء أن الذم إنما يكون لمن تصرف في ملك غيره ومن عصى الأمر ~~والله يمتنع أن يأمره أحد ويمتنع أن يتصرف في ملك غيره فإن الأشياء له # وهذا القول يروى عن إياس ابن معاوية قال ما خاصمت بعقلي كله إلا القدرية ~~قلت أخبروني ما الظلم قالوا أن يتصرف الإنسان فيما ليس له # قلت فلله كل شيء # ثم هؤلاء يجوزون التعذيب لا لجرم فلا يرد عليه المعارضة بتعذيب القصير ~~لقصره ولا الأسود للونه لأنهم يجوزون ذلك لمحض المشيئة # القول الثاني أن الظلم مقدور لله منزه عنه كتعذيب الإنسان بذنب غيره كما ~~قال تعالى {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما} وهؤلاء ~~يقولون الفرق بين تعذيب الإنسان على فعله الإختياري وغير فعله الإختياري ~~مستقر في فطر العقول # ويقولون الإحتجاج بالقدر على الذنوب مما يعلم بطلانه بالعقل فإن الظالم ~~لغيره لو احتج بالقدر لاحتج ظالمه بالقدر أيضا ms074 # فالإحتجاج على فعل المعاصي بالقدر باطل بإتفاق الملل والعقلاء وإنما يحتج ~~به من اتبع هواه كما قيل أنت عند الطاعة # PageV01P122 # قدري وعند المعصية جبري أي مذهب وافق هواك تمذهبت به # ولو كان القدر حجة لفاعل الفواحش لم يحسن أن يلوم أحد أحدا ولا أن يعاقب ~~أحد أحدا # وقد يعرض ذلك لكثير من المدعين الحقيقة من الفقراء والصوفية والعامة ~~وغيرهم فيشهدون القدر ويعرضون عن الأمر والنهي # فلا عذر لأحد في ترك مأمور ولا فعل محظور بكون ذلك مقدرا عليه بل لله ~~الحجة البالغة على خلقه # فالمحتجون بالقدر على المعاصي شر من القدرية المكذبين بالقدر # ومن ثم اتهم بالقدر جماعة لم يكونوا قدرية لكن كانوا لا يقبلون الإحتجاج ~~على المعاصي بالقدر كما قيل للإمام أحمد كان ابن أبي ذئب قدريا فقال الناس ~~كل من شدد عليهم المعاصي قالوا هو قدري # ولهذا تجد الذين يشهدون القدر ينكرون على من أنكر المنكر ويقولون هؤلاء ~~قدر عليهم # فيقال لهذا وإنكار المنكر أيضا بقدر الله فنقضت قولك بقولك # ومن جهلة مشايخهم من يقول أنا كافر برب يعصى ولو قتلت سبعين نبيا ما كنت ~~مخطئا # ويقول آخر # (أصبحت منفعلا لما يختاره ... مني ففعلي كله طاعات) # ومن الناس من يظن أن إحتجاج آدم على موسى بالقدر كان من هذا الباب وهذا ~~جهل فإن الأنبياء من أعظم الناس أمرا بما أمر الله به ونهيا عما نهى عنه ~~فكيف يسوغ لأجد منهم أن يعصي الله بالقدر # وأيضا فإن آدم كان قد تاب من الذنب وتيب عليه ولو كان القدر حجة لكان حجة ~~لإبليس وفرعون وغيرهما ولكن كان ملام موسى لآدم لأجل المصيبة التي لحقتهم ~~بسبب أكله ولهذا قال له لماذا أخرجتنا وبنيك من # PageV01P123 # الجنة والعبد مأمور أن يرجع إلى القدر عند المصائب # لا عند الذنوب والمعايب فيصبر على المصائب ويتوب من الذنوب # قال الله تعالى {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك} ومعلوم أن الأفعال ~~الإختيارية تكسب نفس الإنسان صفات محمودة وصفات مذمومة بخلاف لونه وقصره ~~فإنها لا تكسبه ذلك ms075 # قال ابن عباس إن للحسنة نورا في القلب وضياء في الوجه وسعة في الرزق وقوة ~~في البدن ومحبة في قلوب الخلق فالله تعالى جعل أفعال العبد سببا لهذا وهذا ~~كما جعل أكل السم سببا للمرض والموت لكن قد يدفع ذلك بالترياق كما أن ~~السيئات قد يدفع مقتضاها بالتوبة والأعمال الصالحة الماحية والمصائب ~~المكفرة # وإذا قيل خلق الفعل مع حصول العقوبة عليه ظلم كان بمنزلة قولك خلق السم ~~ثم حصول التلف به ظلم # وقد دلت الدلائل اليقينية على أن كل حادث فالله خالقه وفعل العبد من جملة ~~الحوادث فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن # وإذا قيل حدث الفعل بإرادة العبد # قلنا الإرادة أيضا حادثة فلا بد لها من سبب # وإن شئت قلت الفعل ممكن فلا ترجيح لوجوده على عدمه إلا بمرجح # وكون العبد فاعلا له حادث ممكن # فلا بد له من محدث مرجح # ولا فرق في ذلك بين حادث وحادث # ومن المخلوقات ما قد يحصل به ضرر للبعض كالأمراض والآلام # وفي ذلك حكمة لله # فإذا كان العقاب على فعل العبد الإختياري لم يكن ظلما فالحادث بالنسبة ~~إلى الرب له فيه حكمة يحسن لأجل تلك الحكمة وذلك بالنسبة إلى العبد عدل ~~لأنه عوقب على فعله فما ظلمه الله ولكن هو الظالم # ولو عاقبه الوالي وقطع يده ورد إلى رب المال سرقته لعد حاكما بالعدل # ولو قال له السارق أنا قدر على لم يكن هذا حجة له ولا مانعا لحكم الوالي # فإذا اقتص الله من الظالم يوم القيامة كان عادلا ولا ينفع الظالم قوله ~~أنت # PageV01P124 # قدرت علي وليس القدر بعذر له # وإذا كان الله هو الخالق لكل شيء فذاك لحكمة أخرى له في الفعل فخلقه حسن ~~بالنسبة لما فيه من الحكمة # ولقد أنكر الأئمة على من قال جبر الله العباد كالثوري والأوزاعي والزبيدي ~~وأحمد بن حنبل وقالوا الجبر لا يكون إلا من عاجز كما يجبر الأب ابنته على ~~خلاف مرادها والله تعالى خالق الإرادة والمراد فيقال جبل الله العباد كما ms076 ~~جاءت به السنة ولا يقال جبر قال النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس ~~إن فيك لخلتين يحبهما الله الحلم والأناة # فقال أخلقين تخلقت بهما أم جبلت عليهما قال بل جبلت عليهما # فقال الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله # فجهة خلق الله وتقديره غير جهة أمره وتشريعه فإن أمره وتشريعه مقصوده ~~بيان ما ينفع العباد إذا فعلوه وما يضرهم # بمنزلة أمر الطبيب المريض بما ينفعه وحميته مما يضره # فأخبر الله على ألسن رسله بمصير السعداء والأشقياء وأمر بما يوصل إلى ~~السعادة ونهى عما يوصل إلى الشقاوة # وأما خلقه وتقديره فيتعلق به وبجملة المخلوقات فيفعل ما له فيه حكمة ~~متعلقة بعموم خلقه وإن كان في ضمن ذلك مضرة للبعض # كما أنه ينزل الغيث رحمة وحكمة وإن كان في ضمن ذلك ضرر للبعض بسقوط منزله ~~أو إنقطاعه عن سفره أو تعطيل معيشته # ويرسل الرسل رحمة وحكمة وإن كان في ضمن ذلك أذى قوم وسقوط رياستهم # فإذا قدر على الكافر كفره قدره لما في ذلك من الحكمة والمصلحة العامة ~~وعاقبه لإستحقاقه ذلك بفعله الإختياري ولما في عقوبته من الحكمة والمصلحة ~~العامة # PageV01P125 # وقياس أفعاله تعالى على أفعالنا خطأ ظاهر لأن السيد يأمر عبده بأمر ~~لحاجته إليه ولغرضه فإذا أثابه على ذلك كان من باب المعاوضة وليس هو الخالق ~~لفعل المأمور # والله غني عن العباد إنما أمرهم بما ينفعهم ونهاهم عما يضرهم أمر إرشاد ~~وتعليم فإن أعانهم على فعل المأمور فقد تمت نعمته وإن خذل ولم يعن العبد ~~حتى فعل الذنب كان له في ذلك حكمة أخرى وإن كانت مستلزمة تألم هذا فإنما ~~يألم بأفعاله التي من شأنها أن تورثه نعيما أو عذابا وإن ذلك الإيراث بقضاء ~~الله وقدره فلا منافاة بين هذا وهذا # بقي الكلام في نفس تلك الحكمة الكلية فهذه ليس على الناس معرفتها ويكفيهم ~~التسليم لمن قد عرفوا حكمته ورحمته وقدرته # فمن المعلوم ما لو علمه كثير من الناس لضرهم علمه فحكمته أكبر من العقول ~~قال تعالى {لا تسألوا ms077 عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} # وهذه المسألة مسألة غايات أفعال الله تعالى ونهاية حكمته ولعلها أجل ~~المسائل الإلهية وما ضلت القدرية إلا من جهة قياس الله بخلقه في عدلهم ~~وظلمهم كما ضلت الجبرية الذين لا يجعلون لأفعال الله حكمة ولا ينزهونه عن ~~ظلم ودين الله بين الغالي فيه والجافي عنه # وقولك عنهم ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان فهذا قاله من يقول # إن القدرة لا تكون إلا مع الفعل فمن لم يفعل شيئا لم يكن قادرا عليه ولكن ~~لا يكون عاجزا عنه # وليس ذا قول جمهور السنة بل يثبتون للعبد قدرة هي مناط الأمر والنهي غير ~~القدرة المقارنة للفعل وتلك القدرة تكون متقدمة على الفعل بحيث تكون لمن لم ~~يطع كما قال الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من إستطاع إليه سبيلا) ~~فأوجب الحج على المستطيع فلو لم يستطع إلا من حج لم يكن الحج إلا على من # PageV01P126 # حج ولا عوقب أحد على ترك الحج وقال {فاتقوا الله ما استطعتم} فأوجب ~~التقوى بحسب الإستطاعة فلو كان من لم يتق الله لم يستطع التقوى لم يكن قد ~~أوجب التقوى إلا على من اتقى # وأهل السنة متفقون على أن لله على عبده المطيع نعمة دينية خصه بها دون ~~الكافر وأنه أعانه على الطاعة قال تعالى {ولكن الله حبب إليكم الإيمان ~~وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} # وعند القدرية هذا التحبب والتزين عام في كل الخلق والآية تقتضي أنه خاص ~~بالمؤمنين # وقال تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} الآية وقال {أو من ~~كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} وقال {بل الله يمن ~~عليكم أن هداكم للإيمان} وقد أمرنا الله أن نقول {اهدنا الصراط المستقيم} ~~والدعاء إنما يكون لمستقبل غير حاصل وهذه الهداية غير الهدى الذي هو بيان ~~الرسول وتبليغه قال الله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد ~~أبدا ولكن الله يزكي من يشاء} وقال تعالى {وجعلناهم أئمة يهدون ms078 بأمرنا} ~~وقال {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} وهذا كثير جدا # ومما ورد في الإستطاعة قوله تعالى {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح ~~المحصنات المؤمنات} وقال {وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم} وقال ~~{فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا} وقال صلى الله عليه وسلم لعمران ابن ~~حصين صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب فإنما نفى ~~إستطاعة لا فعل معها فالإستطاعة المشروطة في الشرع أخص من الإستطاعة ~~المعلومة بالعقل فإن الشارع ييسر على عباده ويريد بهم اليسر فالمريض يستطيع ~~القيام مع تأخر برئه فهذا في الشرع غير مستطيع لأجل حصول الضرر عليه وإن ~~كان قد تسمى مستطيعا # PageV01P127 # فالشارع لا ينظر في الإستطاعة الشرعية إلى مجرد الإمكان بل يراعي لوازم ~~ذلك فإذا كان الشارع قد اعتبر في المكنة عدم المفسدة الراجحة فكيف يكلف مع ~~العجز ولكن هذه الإستطاعة مع بقائها إلى حين الفعل لا تكفي في وجود الفعل ~~إذ لو كفت لكان التارك كالفاعل بل لا بد من إحداث إعانة أخرى تقارن هذه مثل ~~جعل الفاعل مريدا فإن الفعل لا يتم إلا بقدرة وإرادة والإستطاعة المقارنة ~~للفعل تدخل فيها الإرادة الجازمة بخلاف المشروطة في التكليف فإنه لا يشترط ~~فيها الإرادة فالله يأمر بالفعل من لا يريده لكن لا يأمر به من يعجز عنه ~~كما أن السيد يأمر عبده بما لا يريده ولا يأمره بما يعجز عنه وإذا اجتمعت ~~الإرادة الجازمة والقوة التامة لزم وجود الفعل # ومن قال القدرة لا تكون إلا مع الفعل يقول كل كافر وفاسق قد كلف ما لا ~~يطاق وليس هذا الإطلاق قول جمهور أئمة السنة بل يقولون أوجب الله الحج على ~~المستطيع حج أو لم يحج وأوجب صيام الشهرين في الكفار كفر أو لم يكفر وأوجب ~~العبادة على القادر دون العاجز فعل أو لم يفعل # وما لا يطاق يفسر بشيئين بما لا يطاق للعجز عنه فهذا ما كلفه أحد # أو بما لا يطاق للإشتغال بضده فهذا الذي وقع به التكليف كما في أمر ms079 ~~العباد بعضهم لبعض فإنهم يفرقون بين هذا وهذا فلا يأمر السيد عبده الأعمى ~~بنقط المصاحف ويأمره عبده القاعد أن يقوم والفرق بينهما ضروري # قال الرافضي ومنها إفحام الأنبياء وإنقطاع حجتهم لأن النبي إذا قال ~~للكافر آمن بي وصدقني يقول له قل لربك يخلق في الإيمان والقدرة المؤثرة حتى ~~أفعل وإلا فكيف تكلفني الإيمان ولا قدرة لي عليه بل خلق في الكفر وأنا # PageV01P128 # لا أتمكن من مقاهرته # فينقطع النبي ولا يتمكن من جوابه # فيقال هذا مقام يكثر الخوض فيه وكثير من البطالين إذا أمر بما يجب عليه ~~تعلل بالقدر وقال حتى يقدرني الله على ذلك وكذا إذا نهي قال قد قضي علي ~~بذلك أي جبلة في # والإحتجاج بالقدر حجة داحضة لا يعذر بها العبد ولهذا لما قال المشركون ~~{لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} قال الله تعالى {قل ~~هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون قل ~~فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} فإن هؤلاء علموا بفطرهم أن ~~حجتهم داحضة فإن أحدهم لو ظلم الآخر في ماله أو فجر بامرأته أو قتل ولده أو ~~كان مصرا على الظلم فنهاه الناس فقال لو شاء الله لم أفعل لم يقبلوا منه ~~هذه الحجة ولا هو يقبلها من غيره ولوجبت عقوبته وإنما يحتج بها المحتج دفعا ~~للوم بلا وجه ولو كان الإحتجاج بالقدر عذرا لما حصل فرق بين الطائع والعاصي ~~فأثبت الله عليهم الحجة بقوله {قل فلله الحجة البالغة} ثم أثبت القدر بقوله ~~{فلو شاء لهداكم أجمعين} وكلاهما حق # قال ومنها تجويز أن يعذب الله سيد المرسلين على طاعته ويثيب إبليس على ~~معصيته لأنه يفعل لا لغرض فيكون فاعل الطاعة سفيها لأنه يتعجل بالتعب في ~~الإجتهاد في العبادة وإخراج ماله في عمارة المساجد والربط والصدقات من غير ~~نفع يحصل له لأنه قد يعاقبه على ذلك ولو فعل عوض ذلك ما يتلذذ به من ~~المعاصي قد يثيبه وهذا يؤدي إلى خراب العالم وإضطراب ms080 الدين # فيقال هذا باطل لم ينقل أحد منهم أن الله يعذب أنبياءه ولا أنه قد يعذبهم ~~بل اتفقوا على أنه يثيبهم لا محالة لأنه وعد بذلك وهو لا يخلف الميعاد # بل من الناس من يقول علمت إثابتهم بالسمع ومنهم # PageV01P129 # من قال بالعقل # وقال تعالى {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا ~~الصالحات} وهذا إستفهام إنكار على من يظن ذلك # فعلم أن التسوية بين أهل الطاعة وأهل الكفر مما يعلم بطلانه وإن ذلك من ~~الحكم السيء الذي تنزه الله عنه وقال تعالى {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا ~~الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار} {أفنجعل المسلمين ~~كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} # وقولك منها تجويز تعذيب الأنبياء إن أردت أنهم يقولون إنه قادر على ذلك ~~فأنت لا تنازع في القدرة وإن أردت أنا نشك هل يفعله أو لا يفعله فمعلوم أنا ~~لا نشك بل نقطع بدخول أنبياء الله وأوليائه جنته وبدخول إبليس وحزبه النار ~~وإن أردت أن من قال يفعل لا لحكمة يلزمه تجويز هذا فهذا قول لبعض المتكلمين ~~لكن أكثر أهل السنة لا يقولون ذلك # ثم الكل متفقون على أن وجود الطاعة نافع وعدمها مضر # قال # ومنها أنه لا يتمكن أحد من تصديق نبي لأن التوصل إلى ذلك إنما يتم ~~بمقدمتين إحداهما أن الله فعل المعجز على يد النبي لأجل التصديق والثانية ~~أن كل من صدقه الله فهو صادق # فكلا المقدمتين لا تتم على قولهم # لأنه إذا إستحال أن يفعل لغرض إستحال أن تظهر المعجزات لأجل التصديق وإذا ~~كان فاعلا للقبيح ولأنواع الضلال والمعاصي والكذب جاز أن يصدق الكذاب فلا ~~يصح الإستدلال على صدق نبي ولا نذير # قلنا قد تقدم أن أكثر أهل السنة المثبتين للقدر وغيرهم يقولون إن الله ~~يفعل لحكمة فهذا القول وضده لا يخرج عن أقوال السنة # وأيضا فلا نسلم أن تصديق النبي لا يمكن إلا بطريق الإستدلال بالمعجزات بل ~~الطرق الدالة على صدقه متعددة غير المعجزات ومن قال لا طريق إلا ذلك فعلى ms081 ~~النافي الدليل # ثم إن دلالة المعجزة على الصدق دلالة ضرورية # PageV01P130 # لا تحتاج إلى نظر فإن إقتران المعجزة بدعوى النبوة يوجب علما ضروريا أن ~~الله أظهرها لصدقه كما أن من قال لملك من الملوك إن كنت أرسلتني إلى هؤلاء ~~فانقض عادتك وقم واقعد ثلاث مرات ففعل ذلك الملك علمنا بالضرورة أنه فعل ~~ذلك لأجل تصديقه # وقولك إذا كان فاعلا للقبيح جاز أن يصدق الكذاب قلنا ما في المسلمين من ~~يقول إن الله يفعل قبيحا # ومن قال أنه خالق أفعال العباد يقول ذلك الفعل قبيح منهم لا منه كما أنه ~~ضار لهم لا له # ثم الآخرون يقولون إن ذلك الفعل مفعول له وهو فعل للعبد # وأما نفس خرق العادة فليست فعلا للعباد حتى يقال إنها قبيحة منهم # وتصديق الكذاب إنما يكون بإخباره أنه صادق سواء كان ذلك بقول أو فعل يجري ~~مجرى القول وذلك ممتنع منه لأنه صفة نقص والله منزه عن الناقص # قال ومنها أنه لا يصح أن يوصف الله أنه غفور حليم عفو لأن وصفه بهذا إنما ~~يثبت لو كان مستحقا لعقاب الفساق بحيث إذا أسقطه عنهم كان غفورا عفوا وإنما ~~يستحق العقاب إذا كان العصيان من العبد لا من الله # فنقول الجواب من وجوه # أحدها أن كثيرا من أهل السنة يقول لا نسلم أن وصفه بهذه إنما يثبت لو كان ~~مستحقا بل الوصف بها يثبت إذا كان قادرا على العقاب مع قطع النظر عن ~~الإستحقاق فيفعل ما يشاء ويحكم ما يريد # الثاني أن قول القائل يستحق العقاب يعني به أن عقابه للعصاة عدل منه أو ~~يعني به أنه محتاج إلى ذلك # أما الأول فمتفق عليه فعفوه ومغفرته بفضل وإحسان منه وهذا يقول به من ~~يقول إنه خالق أفعالهم والقائلون بأنها أفعال له كسب لهم متفقون على أن ~~العقاب عدل منه # الثالث أن يقال المغفرة والعفو والرحمة إما أن يوصف بها مع كون العقاب ~~قبيحا # PageV01P131 # على قول من يقول بذلك وإما أن لا يوصف بها إلا إذا كان العقاب سائغا ms082 # فإن كان الأول لزم أن لا يكون غفارا لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ~~لأن عقاب هؤلاء قبيح والمغفرة لهم واجبة عند أهل هذا القول ويلزم أن لا ~~يكون رحيما ولا غفورا للأنبياء ويلزم أن لا يكون رحيما غفورا لمن ظلم ثم ~~بدل حسنا بعد سوء # وقد ثبت أنه غفار للتوابين رحيم بالمؤمنين فعلم أنه موصوف بالمغفرة ~~والرحمة مطلقا # الرابع أن العصيان من العبد بمعنى أنه فاعله عند الأكثر وبمعنى أنه كاسبه ~~عند البعض # وبهذا القول يستحق الآدمي أن يعاقب الظالم فإستحقاق الله عقاب الظالم ~~أولى بذلك # وأما كونه خالقا لذلك فذاك أمر يعود إليه وله فيه حكمة عند الجمهور ~~القائلين بالحكمة أو لمحض المشيئة عند من لا يعلل بالحكمة # قال ومنها أنه يلزم تكليف ما لا يطاق لأنه تكليف الكافر بالإيمان ولا ~~قدرة له عليه وهو قبيح عقلا وقال تعالى {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} ~~فالجواب أن المثبتين للقدر لهم في قدرة العبد قولان أحدهما أن قدرته لا ~~تكون إلا مع الفعل وعلى هذا فالكافر الذي قد سبق في علم الله أنه لا يؤمن ~~لا يقدر على الإيمان أبدا # الثاني أن القدرة المشروطة في التكليف تكون قبل الفعل وبدونه وإلى حين ~~وقوعه # والقدرة المستلزمة للفعل فلا بد أن تكون معه # وأصل قولهم أن الله خص المؤمن بنعمة يهتدي بها لم يعطها الكافر وأن العبد ~~لا بد أن يكون قادرا حين الفعل خلافا لمن زعم أنه لا يكون قادرا إلا قبل ~~الفعل وأن النعمة على الكافر والمؤمن سواء إلى أن قال وعلى قول جمهور السنة ~~القائلين بأن الكافر يقدر على الإيمان يبطل # PageV01P132 # هذا الإيراد وعلى قول الآخرين فيلتزمونه # وأي القولين كان الصواب فهو غير خارج عن أقوال أهل السنة # وأيضا فتكليف ما لا يطاق كتكليف الزمن المشي وتكليف الآدمي الطيران فغير ~~واقع في الشريعة عند جماهير أهل السنة المثبتين للقدر وليس فيما ذكره ما ~~يقتضي لزوم وقوع هذا # وأما ما لا يطاق للإشتغال بضده كإشتغال الكافر بالكفر الصاد ms083 عن الإيمان ~~وكالقاعد في حال قعوده فإن إشتغاله بالقعود يمنع أن يكون قائما والإرادة ~~الجازمة لأحد الضدين تنافي إرادة الآخر وتكليف الكافر الإيمان من هذا الباب ~~ومثل هذا لا نسلم أنه قبيح عقلا بل العقلاء متفقون على أن أمر الإنسان ~~ونهيه بما لا يقدر عليه حال الأمر والنهي لإشتغاله بضده إذا أمكن أن يترك ~~ذلك الضد ويفعل المأمور به ممكن سائغ # الخامس أن تكليف ما لا يطاق إذا فسر بأنه الفعل الذي ليس له قدرة عليه ~~تقارن مقدورها كان دعوى إمتناعه بهذا التفسير مورد نزاع فيحتاج نفيه إلى ~~دليل # قال ومنها أن تكون أفعالنا الإختيارية الواقعة بحسب قصودنا ودواعينا مثل ~~حركتنا يمنة ويسرة كالأفعال الإضطرارية مثل حركة النبض وحركة الواقع من ~~شاهق والفرق بينهما ضروري # قلنا هذا يلزم من يقول العبد لا قدرة له على أفعاله الإختيارية وليس هذا ~~قول إمام معروف ولا طائفة من السنة والمثبتة للقدر إلا ما يحكى عن الجهم بن ~~صفوان وغلاة المثبتة أنهم سلبوا العبد قدرته وقالوا حركته كحركة الأشجار # وأشد الطوائف قربا من هؤلاء الأشعري وهو مع هذا يثبت للعبد قدرة محدثة ~~ويقول الفعل كسب العبد لكنه يقول لا تأثير لقدرته في إيجاد المقدور # PageV01P133 # فما أثبته من الكسب لا يعقل # ونحن لا ننكر أن بعض أهل السنة قد يخطيء لكن لا يتفقون على الخطأ كما ~~تتفق الإمامية على الخطأ بل كل مسألة خالفت فيها الإمامية أهل السنة ~~فالصواب فيها مع أهل السنة # فالجمهور على أن العبد له قدرة حقيقة وهو فاعل حقيقة والله خالق فعله ~~لقوله تعالى {خالق كل شيء} وقال تعالى عن إبراهيم {ربنا واجعلنا مسلمين لك} ~~وقال {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} وقال تعالى {وجعلناهم أئمة يهدون ~~بأمرنا} وقال {وجعلني مباركا أين ما كنت} وقال {وجعلناهم أئمة يدعون إلى ~~النار} وقال تعالى {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله} أثبت مشيئة العبد وأخبر ~~أنها لا تكون إلا بمشيئة الرب تعالى وقد أخبر أن العباد يفعلون ويعملون ~~ويؤمنون ويكفرون ويصدقون ويكذبون في مواضع ms084 جمة وأن لهم قوة واستطاعة # وشناعاته تلزم من لا يفرق بين فعل الرب ومفعوله أو يقول إن أفعال العباد ~~فعل الله أو يقول ليس في المخلوقات قوى ولا طبائع وقد دلت النصوص على ذلك ~~والعقول قال تعالى {سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل ~~الثمرات} وقال {فأحيا به الأرض بعد موتها} وقال تعالى {يهدي به الله من ~~اتبع رضوانه} وقال {يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا} وقال {أولم يروا أن الله ~~الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} وقال # {خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة} وقال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد ~~القيس إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة # إلى أن قال شيخنا فأفعال العباد حادثة بعد أن لم تكن فحكمها حكم سائر ~~الحوادث وهي ممكنة من الممكنات فحكمها حكم سائر الممكنات فما من دليل استدل ~~به على أن بعض # PageV01P134 # الحوادث الممكنات مخلوقة لله تعالى إلا وهو يدل على أن أفعالنا مخلوقة ~~لله تعالى فإنه قد علم أن المحدث لا بد له من محدث وهذه مقدمة ضرورية عند ~~الجمهور وكذلك الممكن لا بد له من مرجح تام فإذا كان فعل العبد حادثا فلا ~~بد له من محدث وإذا قيل المحدث هو العبد يكون العبد صار محدثا له بعد أن أم ~~لم يكن فهو أيضا أمر حادث فلا بد له من محدث إذ لو كان العبد لم يزل محدثا ~~له لزم دوام ذلك الفعل الحادث وإذا كان إحداثه له حادثا من فلا بد له من ~~محدث وإذا قيل المحدث إرادة العبد قيل فإرادته أيضا حادثة لا بد لها من ~~محدث # وإن قيل حدثت بإرادة من العبد قيل وتلك الإرادة لا بد لها أيضا من محدث ~~فأي محدث فرضته في العبد فالقول فيه كالقول في الحادث الأول # وإن جعلته قديما أزليا كان هذا ممتنعا لأن ما يقوم بالعبد لا يكون قديما # وإن قلت هو وصف العبد وهي قدرته المخلوقة فيه والقول فيها كالقول في ~~الإرادة فلا ms085 بد أن يكون المرجح التام من الله تعالى # ودقق العلامة شيخنا النظر هنا واستوعب وساق تسلسل الحوادث # قال المصنف ومنها أنه لا يبقى فرق بين من أحسن غاية الإحسان عمره وبين من ~~أساء غاية الإساءة عمره ولم يحسن منا شكر الأول وذم الثاني لأن الفعلين ~~صادران من الله تعالى # فيقال هذا باطل # فإن إشتراك الفعلين في كون الرب خلقهما لا يستلزم إشتراكهما في الحكم فإن ~~جميع ما سوى الله مشترك في كون الله خلقه قال تعالى {وما يستوي الأعمى ~~والبصير ولا الظلمات ولا النور} الآية والله خالق الجنة والنار وخالق ~~العالم والجاهل وخالق العسل والسم واللذة والألم وخالق آدم وإبليس # وإذا كان الشرع والعقل متطابقين على أن ما جعل الله فيه منفعة ومصلحة يجب ~~مدحه وإن كان جمادا فكيف لا يكون من جعله محسنا غاية الإحسان إلى الخلق # PageV01P135 # أحق بالمدح # وكذلك في جانب الشر # والقدري يقول لا يكون العبد محمودا على إحسانه ولا مذموما على إساءته إلا ~~بشرط ألا يكون الله جعله محسنا إلينا ولا من به علينا إذا فعل الخير ولا ~~ابتلانا به إذا فعل الشر # وحقيقة قولهم إنه حيث يشكر العبد لا يشكر الرب وحيث يشكر الرب لا يشكر ~~العبد وأنه لا منة لله علينا في تعليم الرسول وتبليغه إلينا والله تعالى ~~يقول {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} الآية # ويقول لا تكون لله نعمة على عباده بإستغفار الملائكة لهم وتعليم العلماء ~~وعدل الولاة عليهم ويقولون لا يقدر الله أن يجعل الملوك عادلين ولا جائرين ~~ولا يقدر أن يصير أحدا محسنا إلى أحد ولا مسيئا إلى أحد وعلى لازم قولهم لا ~~يستحق الله أن يشكر بحال لأن الشكر إنما يكون على النعم الدينية أو ~~الدنيوية أو الأخروية فالدنيوية عندهم واجبة على الله والدينية فما فعلها ~~بنا ولا يقدر أن يجعل أحدا مؤمنا ولا يهدي أحدا ولا يجعل برا ولا تقيا ولا ~~يقدره على خير أصلا # وأما النعم الأخروية فالجزاء واجب عليه # فالحمد لله ms086 الذي هدانا للحق وجنبنا هذه الضلالات فالمقرون بالقدر يمدحون ~~المحسن ويذمون المسيء مع إتفاقهم على أن الله خالق الفعلين # فقوله يلزمهم أن لا يفرقوا بين هذه وهذا لزوم مالا يلزم وغاية الأمر أن ~~يكون الله جعل هذا مستحقا للمدح والثواب وهذا مستحقا للذم والعقاب فإذا كان ~~كذلك لم يمتنع أن يمدح ذا ويذم ذا # قال # ومنها التقسيم الذي ذكره مولاي الإمام موسى الكاظم وقد سأله أبو حنيفة ~~رحمه الله تعالى وموسى صبي فقال المعصية ممن فقال إما من العبد او من الله ~~أو منهما # فإن كانت من الله قالله أنصف من أن يظلم عبده ويؤاخذه بما لا يفعل # وإن كانت منهما فهو شريكه والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف وإن كانت من ~~العبد # PageV01P136 # وحده فعليه وقع الأمر وإلبه يتوجه الذم # فقال أبو حنيفة ذرية بعضها من بعض فيقال ما ذكرت بسندها فنعلم صحتها ~~ولعلها كذب فإن أبا حنيفة مقر بالقدر وقد رد على القدرية في الفقة الأكبر ~~فكيف يستصوب قول من يقول إن الله لم يخلق أفعال العباد ثم موسى بن جعفر ~~وسائر علماء أهل البيت مثبتون القدر وكذلك قدماء الشيعة وإنما قالوا بالقدر ~~في دولة بني بويه حين خالطوا المعتزلة # وأيضا فهذا الكلام المحكي عن موسى بن جعفر يقوله أصاغر القدرية وصبيانهم ~~وهو معروف من حين حدثت القدرية قبل أن يولد موسى بن جعفر # والقدرية حدثوا زمن ابن الزبير وعبد الملك وقول القائل المعصية ممن لفظ ~~مجمل فإن المعصية والطاعة عمل وعرض قائم بغير فلا بد له من محل يقوم به وهي ~~قائمة بالعبد لا محالة وليست قائمة بالله تبارك وتعالى بلا ريب # ومعلوم أن كل مخلوق يقال هو من الله بمعنى أنه خلقه بائنا عنه لا بمعنى ~~أنه قام به واتصف به كما في قوله تعالى {وسخر لكم ما في السماوات وما في ~~الأرض جميعا منه} وقوله تعالى {وما بكم من نعمة فمن الله} # قال ومنها أنه يلزم أن يكون الكافر مطيعا بكفره لأنه فعل ما هو مراد الله ms087 ~~فهذا مبني على أن الطاعة هل هي موافقة للأمر أو موافقة للإرادة وهي مبنية ~~على أن الأمر هل يستلزم الإرادة أم لا وقد قدمنا أن الله خالق أفعال العباد ~~بإرادته وقد يخلق مالم يأمر به # وأجمع العلماء أن الرجل لو حلف ليقضينه حقه في غد إن شاء الله فخرج الغد ~~ولم يقضه مع قدرته على القضاء لم يحنث # ولو كانت مشيئة الله بمعنى أمره لحنث لأنه مأمور # PageV01P137 # بذلك وكذلك سائر الحلف على فعل مأمور إذا علقه بالمشيئة قال الله تعالى ~~{ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا} مع أنه قدر أمرهم بالإيمان فعلم ~~أن الأمر غير المشيئة # كذلك قوله {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا} دليل على أنه أراد إضلاله ~~وهو لم يأمره بالضلالة # وقد ذكرنا أن الإرادة وردت بمعنيين إرادة قدرية وإرادة شرعية فهذه متضمنة ~~للمحبة والرضا لا الأولى # قال ومنها أنه يلزم نسبة السفه إليه تعالى لأنه يأمر الكافر بالإيمان ولا ~~يريده منه # قلنا قد قررنا أن الإرادة نوعان إرادة الخلق وإرادة الأمر # قال ومنها أنه يلزم أن نستعيذ بإبليس من الله ولا يحسن قوله تعالى ~~{فاستعذ بالله من الشيطان} لأنههم نزهوا إبليس والكافر عن المعاصي وأضافوها ~~إلى الله فيكون شرا على عبده من إبليس # تعالى الله عن ذلك # فيقال # هذا كلام ساقط فإما أن يكون لأبليس فعل أو لا فإن لم يكن له فعل امتنع أن ~~يستعاذ به فإنه لا يفعل شيئا فلا يعيذ حينئذ أحدا وإن كان له فعل بطل ~~تنزيهه عن المعاصي فسقط الإعتراض به على قول من أثبت القدر أو نفاه # ويقال إنما تحسن الإستعاذة بإبليس لو كان يمكنه أن يعيذهم من الله سواء ~~كان الله خالقا لأفعال العباد أو لا وهؤلاء القدرية كالمصنف وأمثاله مع ~~قولهم إن إبليس يفعل ما لا يقدره الله ويفعل بغير إرادة الله وأن الله لا ~~يقدر على أن يغير أحدا من عمل إلى عمل لا من خير إلى شر ولا من شر إلى خير ~~وفي ms088 الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول أعوذ برضاك من سخطك ~~وبمعافاتك من عقوبتك وبل وبك منك فاستعاذ ببعض صفاته # PageV01P138 # وأفعاله من بعض حتى استعاذ به منه فكيف يمتنع أن يستعاذ به من بعض ~~مخلوقاته ثم أهل السنة لا ينكرون أن يكون دعاء العبد لربه وإستعاذته به ~~سببا لنيل المطلوب ودفع المرهوب والله أرحم لعباده من الوالدة بولدها ~~فيستعاذ به من شر أسباب الشر التي قضاها بحكمته # فمن قال بالحكمة والعلة يقولون خلق إبليس كما خلق الحيات والعقارب والنار ~~لما في خلقه ذلك من الحكمة وامرنا أن ندفع الضرر عنا بكل ما نقدر عليه ومن ~~أعظم الأسباب إستعاذتنا به حكمة ورحمة # ومن لا يقول بالعلة والحكمة فإنه يقول خلق إبليس الضار لعباده وجعل ~~إستعاذتنا طريقا إلى دفع ضرره كما جعل إطفاء النار طريقا إلى دفع حريقها ~~والترياق طريقا إلى دفع السم فهو خالق النافع والضار وأمرنا بما ينفعنا ثم ~~إن أعاننا كان محسنا وإلا فله أن يفعل ما شاء # وقوله نزهوا إبليس والكافر من المعاصي فهذا فرية فإنهم متفقون على أن ~~العاصي هو المتصف بالمعصية والمذموم عليها وأن الأفعال يوصف بها من قامت به ~~لا من خلقها وأن إضافة الصفة إلى الموصوف بها الذي قامت به من إضافة ~~المخلوق إلى خالقه # ثم أخذ القدري يسهب في هذيانه وغيه فقال ومنها أنه لا يبقي وثوق بوعد ~~الله ووعيده لأنهم جوزوا إسناد الكذب في العالم إليه فجاز أن يكذب في ~~إخباراته كلها فتنتفي فائدة بعثة الرسل # قلت الفرق بين الخالق وبني الفاعل معلوم بين العقلاء فإذا خلق الله لغيره ~~حركة لم يكن هو المتحرك وإذا خلق للرعد صوتا لم يكن هو المصوت وإذا خلق ~~الألوان في النبات والحيوان لم يكن هو المتصف بتلك الألوان وإذا خلق في ~~غيره علما وحياة وقدرة لم تكن تلك المخلوقات في غيره صفات له وإذا خلق في ~~غيره عمى وصمما لم يكن هو الموصوف بالعمى والصمم وإذا خلق في غيره صوما ~~وطوافا وخشوعا لم ms089 يكن هو الصائم ولا الطائف ولا الخاشع # أما قوله تعالى (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) معناه ما أصبت إذ حذفت ~~ولكن # PageV01P139 # الله هو الذي أصاب فمنه الحذف باليد ومن من الله الإيصال إلى العدو كلهم ~~وليس المراد بذلك ما يظنه بعض الناس أنه لما خلق الرامي والرمي كان هو ~~الرامي في الحقيقة فإن ذلك لو صار في كل فعل لكنت تقول ما مشيت إذ مشيت ~~ولكن الله مشى وما ركبت إذ ركبت ولكن الله ركب وما لا نهاية له وبطلان ذلك ~~معلوم بالضرورة ولهذا يروى أن عثمان كانوا يرمونه بالحجارة لما حصر فقال # علام ترمونني فقالوا ما رميناك ولكن الله رماك فقال إن الله لو رماني ~~لأصابني ولكن أنتم ترمونني فتخطئونني # الوجه الآخر أنهم يجوزون أنه تعالى يخلق القدرة على الكذب مع علمه بأن ~~صاحبها يكذب وكذا القدرة على الظلم والفحش # ومعلوم أن الواحد منا يجري تمكينه من القبائح وإعانته عليها مجرى فعله ~~لها فمن أعان غيره على الكذب والظلم كان الفاعل قال تعالى {ولا تعاونوا على ~~الإثم والعدوان} فإن قالوا إنما أعطاه القدرة ليطيع لا ليعصي قيل إذا كان ~~عالما بأنه يعصي كان بمنزلة من أعطى آخر سيفا ليقاتل به الكفار مع علمه ~~بأنه يقتل نبيا وهذا لا يجوز في حقنا فتعالى الله عن ذلك # الثالث أن يقال ليس كل ما كان قادرا عليه وهو ممكن نشك في وقوعه بل نعلم ~~أنه لا يفعل أشياء مع أنه قادر عليها وهي ممكنة فلا يقلب البحر زئبقا ~~والجبال ياقوتا وعلمنا بأنه تعالى منزه عن الكذب وأنه ممتنع عليه قطعا # الرابع نحن نعلم بأنه موصوف بصفات الكمال وأن كل كمال ثبت لموجود فهو أحق ~~به وكل نقص منزه عنه # ونعلم أن الحياة والعلم والقدرة صفات كمال فهو أحق بها وكذلك الصدق كما ~~قال تعالى {ومن أصدق من الله حديثا} وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أصدق ~~الكلام كلام الله # الخامس أن كلامه قائم بذاته غيرمخلوق عند أهل السنة فإن ms090 الكلام صفة # PageV01P140 # كمال فلا بد أن يتصف بها سواء قالوا إنه لا يتعلق بمشيئته وقدرته وهو ~~معنى قائم بالنفس أو حروف او أصوات قديمة أو قالوا إنه متعلق بمشيئته وأنه ~~تكلم بعد أن لم يكن متكلما أو أنه لم يزل متكلما إذا شاء # والكذب صفة نقص كالصمم والبكم والعمى ومع أنه يخلق خلقه متصفين بذلك ولا ~~يقوم به فكذلك يخلق الكذب في الكاذب ولا يقوم به # السادس أن هذا السؤال وارد عليكم فإنكم تقولون يخلق في غيره كلاما يكون ~~كلامه مع كونه قائما بغيره وهو مخلوق وأن الكلام الذي يتكلم به العباد ليس ~~هو كلامه ولا مخلوقا له فإذا كان هذا صدقا وهذا صدقا فلا بد أن يعترفوا أن ~~هذا كلامه وهذا ليس بكلامه # وقولك وجاز إرسال الكذاب فنقول لا ريب أن الله يرسل الكذاب كقوله {ألم تر ~~أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} وكقوله {بعثنا عليكم عبادا ~~لنا} لكن لا يكون ذا إلا مقرونا بما يبين كذبهم كما في مثل مسيلمة والأسود ~~العنسي وليس في إرسالهم ما يمنع التمييز بين الصادق والكاذب # وإذا خلق من يدعي النبوة وهو كاذب فإن قالوا يجوز إظهار أعلام الصدق عليه ~~كان هذا ممنوعا وهو باطل بالإتفاق وإن قالوا لا لم يكن مجرد إدعاء النبوة ~~بلا علم على الصدق ضارا فإن مدعي الطب أو أنه صانع بلا علم يدل على صدقه لم ~~يلتفت إليه فكيف مدعي النبوة # وإن قالوا إذا جوزتم عليه أن يخلق الكذب في الكذاب فجوزوا عليه أن يظهر ~~على يديه أعلام الصدق قيل هذا ممتنع # لأن أدلة الصدق تستلزم الصدق إذ الدليل مستلزم للمدلول وإظهار أعلام ~~الصدق على الكذاب ممتنع لذاته # وإن قالوا جوزوا أن يظهر على يديه خارق قلنا نعم فنحن نجوز ذلك لمدعي ~~الإلهية كالدجال ويجوز الخارق لمدعي النبوة لكن على وجه لا يدل على صدقه ~~كالساحر والكاهن # PageV01P141 # السابع أن دلائل النبوة وما به يعرف صدق النبي لم يتخصص في الخوارق بل ~~يتنوع كما تتنوع معرفة الكذب # قال ms091 ومنها أنه يلزم تعطيل الحدود والزواجر عن المعاصي فإن الزنا إذا كان ~~واقعا بإرادة الله والسرقة إذا صدرت عن الله وإرادته هي المؤثرة لم يجز ~~للسلطان المؤاخذة عليها لأنه يصد السارق عن مراد الله فلو صد أحدنا عن ~~مراده لتألم ويلزم أن يكون الرب مريدا للنقيضين لأن المعصية مرادة له ~~والزجر عنها مراد له # قلنا قد مر ما يبين هذا # ونقول ما قدره وقضاه من ذلك هو ما وقع دون ما لم يكن وما وقع لم يقدر أحد ~~أن يرده وإنما يرد بالحدود والزواجر ما لم يقع بعد # فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن # فقولك يصد السارق عن مراد الله كذب لأنه إنما يصده عما لم يقع وما لم يقع ~~يرده الله # ولهذا لو حلف ليسرقن هذا المال إن شاء الله ولم يسرقه لم يحنث بالإجماع ~~لأن الله لم يشأ سرقته # ولكن القدرية لا تكون عندهم الإرادة إلا بمعنى الأمر فيزعمون أن السرقة ~~إذا كانت مرادة كانت مأمورا بها # وقد تيقنا أن الله لم يأمر بالسرقة ومن قال أمر بها فقد كفر # وأيضا فإن من المقدور بالإتفاق ما يحسن رده وزواله كالمرض فإنه من فعل ~~الله ويحسن بنا دفعه بالدتاوي والإجتناب لأسبابه ففي هذا إزالة لمراد الله ~~وكذا إطفاء النار التي تريد أن تحرق وإقامة الجدار الذي يريد أن يقع وكذا ~~رد البرد بالدفء والحر بالظل فيدفع مراد بمراد والكل من قدر الله وقد قيل ~~للنبي صلى الله عليه وسلم أرأيت أدوية نتداوى بها # ورقي نسترقي بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا قال هي من قدر ~~الله وقال تعالى (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) # PageV01P142 # وقولك يلزم أن يكون مريدا للنقيضين كلام ساقط فإن النقيضين ما لا يجتمعان ~~ولا يرتفعان أو ما لا يجتمعان وهما المتضادان # والزجر ليس عما وقع وأريد بل عقوبة على الماضي وزجر عن المستقبل # والزجر الواقع بإرادته إن حصل مقصوده لم يحصل المزجور عنه فلم ms092 يرده فيكون ~~المراد الزجر فقط وإن لم يحصل مقصوده لم يكن زجرا تاما بل يكون المراد فعل ~~هذا الزجر وفعل ذاك كما يراد ضرب هذا لهذا بالسيف وحياة هذا وكما يراد ~~المرض المخوف الذي قد يكون سببا للموت ويراد معه الحياة # قال ومنها قد تقدم بالضرورة إستناد أفعالنا إلينا ووقوعها بحسب إرادتنا ~~فإذا أردنا الحركة يمنة لم تقع يسرة وبالعكس والشك في ذلك سفسطة # فيقال جمهور أهل السنة قائلون بهذا فإن أفعالنا مستندة إلينا ونحن محدثون ~~لها والنصوص بذلك كثيرة في القرآن # فاعلم أن كون العبد مريدا فاعلا بعد أن لم يكن مريدا فاعلا أمر حادث فإما ~~أن يكون له محدث أو لا فإن لم يكن له محدث لزم حدوث الحوادث بلا محدث وإن ~~كان له محدث فإما أن يكون العبد أو الله فإن كان العبد فالقول في إحداثه ~~لتلك الفاعلية كالقول في إحداثها ويلزم التسلسل وهو هنا باطل لأن العبد كان ~~بعد أن لم يكن فيمتنع أن تقوم به حوادث لا أول لها فتعين أن يكون الله هو ~~الخالق لكون العبد مريدا فاعلا فأهل السنة يقولون بهذا العلم الضروري ~~فيقولون العبد فاعل والله خلقه فاعلا # وإنه مريد والله خلقه مريدا # قال تعالى {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله} وقال {رب اجعلني مقيم الصلاة} # فإرادة العبد ثابتة لكن لا توجد إلا بمشيئة الله # ومن زعم أن الإرادة لا تعلل كان قوله لا حقيقة له لأن الإرادة أمر حادث ~~فلا بد له من محدث # وقالوا إن الباري يحدث إرادة لا في محل بلا سبب اقتضى حدوثها ولا إرادة ~~فارتكبوا ثلاث محالات حدوث حادث بلا إرادة من الله وحدوث # PageV01P143 # حادث بلا سبب حدث وقيام الصفة بنفسها لا في محل # فإن قيل كيف يكون الله محدثا لها والعبد محدث لها قيل إحداث الله لها هو ~~خلقها فيصير العبد فاعلا لها بقدرته ومشيئته التي خلقت فيه وكل من ~~الإحداثين مستلزم للآخر فخلق الرب لفعل العبد يستلزم وجود الفعل وكون العبد ~~فاعلا له بعد أن ms093 لم يكن يستلزم كون الرب خالقا له # قال الإمامي والقرآن مملوء من إسناد أفعال البشر إليهم كقوله {ادخلوا ~~الجنة بما كنتم تعملون} {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها} وذكر آيات # قلنا هذا كله حق والقرآن أيضا مشحون بما يدل على أن أفعالنا حادثة بمشيئة ~~الله كقوله (ولو شاء الله ما اقتتلوا) (ولو شاء الله ما أشركوا) (فمن يرد ~~الله أن يهديه يشرح صدره) # فلا يجوز أن تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعض ولو كانت المشيئة بمعنى الأمر ~~لحنث من حلف وقال إن شاء الله وقال تعالى (يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا) ~~(واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) # قال الإمامي فقال الخصم القادر يمتنع أن يرجح أحد مقدوريه من غير مرجح ~~ومع الترجيح يجب الفعل فلا قدرة # ولأنه يلزم أن يكون الإنسان شريكا لله ولقوله (والله خلقكم وما تعملون) # فقلنا الجواب عن الأول لمعارضة بالله فإنه قادر فإن افتقرت القدرة إلى ~~المرجح وكان المرجح موجبا للأثر لزم أن يكون الله موجبا لا مختارا فليزم ~~الكفر # والجواب عن الثاني أي شركة هنا والله هو القادر على قهر العبد وإعدامه # والجواب عن قوله تعالى (والله خلقكم) أنها إشارة إلى الأصنام التي كانوا ~~ينحتونها فأنكر عليهم فقال # PageV01P144 # (أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون) # قال شيخنا ابن تيمية رحمه الله تعالى لم يذكر من ادلة أهل الإثبات إلا ~~يسيرا ومع هذا فالأدلة الثلاثة ليس لهم عنها جواب صحيح # أما الأول فإن المستدل بذلك الدليل لا يقول إذا وجب الفعل فلا قدرة فإن ~~عامة أهل السنة يقولون إن العبد له قدرة حتى الجبرية لكن يقولون لا تأثير ~~لها # وقد مر أن لها تأثيرا من جنس تأثير الأسباب في مسبباتها ليس لها تأثير ~~الخلق والإبداع # ويوجب هذا الدليل أن القادر يمتنع أن يرجح مقدوره إلا بمرجح وذلك المرجح ~~لا يكون من العبد فتعين أن يكون من الرب وعند وجود المرجح التام يجب وجود ~~الفعل ويمتنع عدمه فإنه إذا كان بعد وجود المرجح يمكن وجود ms094 الفعل وعدمه كما ~~كان قبل المرجح كان ممكنا والممكن لا يترجح وجوده على عدمه إلا بمرجح تام # وأما معارضة ذلك بفعل الله فالجواب أن هذا برهان عقلي يقيني واليقينيات ~~لا تعارض ولا يوجد لها معارض وأيضا فإن قدرة الرب تفتقر إلى مرجح لكن ~~المرجح هو إرادة الله وإرادة الله لا يجوز أن تكون من غيره بخلاف إرادة ~~العبد # وإذا كان المرجح إرادة الله كان فاعلا بإختياره لا موجبا بذاته بدون ~~إختياره وحينئذ فلا يلزم الكفر ثم نقول ما تعني بقولك يلزم أن يكون الله ~~موجبا بذاته أتعني بذلك أن يكون موجبا للأثر بلا قدرة ولا إرادة أو تعني به ~~أن يكون الأثر واجبا عند وجود المرجح الذي هو الإرادة مثلا مع القدرة فإن ~~عنيت الأول لم نسلم التلازم فإن الفرض أنه قادر وأنه مرجح بمرجح # فهنا شيئان قدرة وامر آخر وقد فسرنا ذلك بالإرادة فكيف يقال إنه مرجح بلا ~~قدرة ولا إرادة # وإن أردت أنه يجب وجود الأثر إذا حصلت الإرادة مع القدرة فهذا حق وهو ~~مذهب المسلمين فما شاء الله وجوده وجب وجوده بمشيئته وقدرته # PageV01P145 # وما لم يشأ وجوده إمتنع وجوده لعدم مشيئته وقدرته # فالأول واجب بالمشيئة والثاني ممتنع لعدمها # وأما ما يقوله القدرية من أن الله يشاء ما لا يكون ويكون ما لا يشاء فهذا ~~ضلال فإذا أراد حدوث مقدور فإما أن يجب وجوده أو لا فإن وجب حصل المطلوب ~~وتبين وجود الأثر عند المرجح وسواء سميت ذا موجبا بالذات أو لم تسمه # وإن لم يجب وجوده كان ممكنا قابلا للوجود والعدم فلا بد له من مرجح وهكذا ~~هلم جرا # ثم نقول ما ذكرته من الحجة العقلية وهو إستناد أفعالنا الإختيارية إلينا ~~ووقوعها بحسب إختيارنا معارض بما ليس من أفعالنا كاللون فإن الإنسان يحصل ~~اللون الذي يريد حصوله في الثوب بحسب إختياره وهو مستند إلى صنعته ومع هذا ~~فليس اللون مفعولا له # وأيضا فما ينبت من الزرع والشجر قد يحصل بحسب إختياره وهو مستند إلى ~~إزدراعه وليس الإنبات ms095 من فعله # فليس كل ما استند إلى العبد ووقع بحسب إختياره كان مفعولا له # وهذه معارضة عقلية # وأما قوله أي شركة ها هنا فيقال إذا كانت الحوادث حادثة بغير فعل الله ~~ولا قدرته فهذه مشاركة لله صريحة ولهذا شبه هؤلاء بالمجوس الذين يجعلون ~~فاعل الشر غير فاعل الخير فيجعلون لله شريكا آخر ولهذا قال ابن عباس ~~الإيمان بالقدر نظام التوحيد وقول القدرية يتضمن الإشراك والتعطيل فإنه ~~يتضمن إخراج بعض الحوادث عن أن يكون لها فاعل ويتضمن إثبات فاعل مستقل غير ~~الله وهاتان شعبتان من شعب الكفر فإن أصل كل كفر التعطيل والشرك وهذا كما ~~تقول الفلاسفة من أن الأفلاك تفعل بطريق الإستقلال وأنها هي المحدثة ~~للحوادث التي في الأرض # والعجب إنكارهم على القدرية قولهم ما زال الرب عاطلا عن الفعل حتى أحدث ~~العالم وهم يقولون ما زال ولا يزال معطلا عن الإحداث بل عن الفعل فإن ما ~~لزم ذاته كالعقل والفلك ليس هو # PageV01P146 # في الحقيقة فعلا له إذ الفعل لا يعقل إلا شيئا بعد شيء فأما ما لزم الذات ~~فهو من باب الصفات كلون الإنسان وطوله فإنه يمتنع أن يكون فعلا له بخلاف ~~حركاته فإنها فعل له # وإن قدر أنه لم يزل متحركا كما يقال في نفس الإنسان أنها لم تزل تتحرك من ~~حال إلى حال وأن القلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا # فكون الفاعل الذي هو في نفسه يقوم به فعل يحدث شيئا بعد شيء مفعولا بخلاف ~~ما لزمه لازم يقارنه في الأزل فهذا لا يعقل أن يكون مفعولا له # فتبين أنهم في الحقيقة لا يثبتون للرب فعلا أصلا فهم معطلة حقا # وأرسطو وأتباعه إنما أثبتوا العلة الأولى من جهة كونها علة غائية لحركة ~~الفلك فإن حركة الفلك عندهم بالإختيار كحركة الإنسان فلا بد لها من مراد ~~فيكون هو مطلوبها فقالوا إن العلة الأولى هي التى يتحرك الفلك لأجلها أي ~~للتشبيه بها # بل غاية ما يثبتونه أن يكون شرطا في وجود العالم فهي علة له تحركه كما ms096 ~~يحرك المعشوق العاشق بمنزلة الرجل الذي إشتهى طعاما فمد يده إليه او رأى من ~~يحب فذلك المحبوب هو المحرك لكون المتحرك أحبه # وحيئنذ فلا يكونون قد أثبتوا لحركة الفلك محدثا أحدثها غير الفلك كما لم ~~تثبت القدرية لأفعال الحيوان محدثا غير الحيوان فلهذا كان الفلك عندهم ~~حيوانا كبيرا # فتبين أن الفلاسفة قدرية في جميع حوادث العالم وأنهم أصل الشر ولهذا ~~يضيفون الحوادث إلى الطبائع التي في الأجسام كما تقول القدرية في الحيوان ~~ولا يثبتون محدث الحوادث وغايتهم أن جعلوا الرب شرطا في وجود العالم ومنهم ~~من قال الفلك واجب الوجود لكن أثبتوا علة إما غائية وإما فاعلية وعند ~~التحقيق لا حقيقة لما أثبتوه فهم أجهل الناس بالله # PageV01P147 # ومن دخل في أهل الملل منهم كالفارابي وابن سينا وموسى بن ميمون اليهودي ~~ويحيى بن عدي النصراني ومتى فهم مع إلحادهم أسد عقلا ونظرا من أرسطو ~~وأتباعه المشائين # ودخل بعض المتكلمة معهم في الباطل وخرجوا عن الحق كتوحيد الإلهية وإثبات ~~حقائق أسماء الله وصفاته ولم يعرفوا من التوحيد إلا توحيد الربوبية وهو ~~الإقرار بأن الله خالق كل شيء وربه وهذا توحيد أقر به المشركون قال تعالى ~~(ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) وقال تعالى (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا ~~وهم مشركون # وإنما التوحيد المطلوب توحيد الإلهية المتضمن توحيد الربوبية وإن توحيد ~~الله أن يعبد وحده فلا يخاف إلا هو ولا يدعي إلا هو # والعبادة تجمع غاية الحب والذل والتوحيد يتضمن إثبات نعوت الكمال لله ~~والإخلاص له (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) # وأصل الشرك إما تعطيل مثل تعطيل فرعون موسى والذي حاج إبراهيم في ربه ~~وإما الإشراك وهو كثير في الأمم أكثر من التعطيل وأهله خصوم جميع الأنبياء ~~وفي خصوم إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم معطلة ومشركة لكن التعطيل المحض ~~للذات قليل وأما الكثير فهو تعطيل صفات الكمال وهو مستلزم لتعطيل الذات ~~فإنهم يصفون واجب الوجود بما يجب أن يكون ممتنع الوجود # ثم إن كل من كان إلى الرسول صلى ms097 الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم ~~بإحسان أقرب كان أقرب إلى كمال التوحيد والإيمان والعقل والعرفان وكل من ~~كان عنهم أبعد كان عن ذلك أبعد # فمتأخرو متكلمة الإثبات الذين خلطوا الكلام بالفلسفة كالرازي والآمدي ~~ونحوهما هم دون أبي المعالي الجويني وأمثاله في تقرير التوحيد وإثبات صفات ~~الكمال وأبو المعالي وأمثاله دون القاضي أبي بكر # PageV01P148 # ابن الطيب وأمثاله في ذلك وهؤلاء دون أبي الحسن الأشعري في ذلك والأشعري ~~في ذلك دون أبي محمد بن كلاب وابن كلاب دون السلف والأئمة في ذلك # ومتكلمة أهل الإثبات الذين يقرون بالقدر هم خير في التوحيد وإثبات صفات ~~الكمال من القدرية من المعتزلة والشيعة وغيرهم لأن أهل الإثبات يثبتون لله ~~كمال القدرة وكمال المشيئة وكمال الخلق وأنه منفرد بذلك فيقولون إنه وحده ~~خالق كل شيء من الأعيان والأعراض ولهذا جعلوا أخص صفات الرب تعالى القدرة ~~على الإختراع # والتحقيق أن القدرة على الإختراع من جملة خصائصه ليس هي وحدها أخص صفاته # وأولئك يخرجون أحوال الحيوان عن أن تكون مخلوقة له وحقيقة قولهم تعطيل ~~هذه الحوادث عن خالق لها وإثبات شركاء لله يفعلونها وكثير من متأخرة ~~القدرية يقولون إن العباد خالقون لها ولكن سلفهم يحترزون عن ذلك # PageV01P149 # وطول الشيخ هنا بعبارات منطقية وبحوث دقيقة إلى أن ذكر دليل التمانع في ~~قوله (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) فقال إن دليل التمانع أنه لو كان ~~للعالم صانعان لكان أحدهما إذا أراد أمرا وأراد الآخر خلافه مثل أن يريد ~~أحدهما إطلاع الشمس من مشرقها ويريد الآخر إطلاعها من مغربها إمتنع أن يحصل ~~مرادهما إذ ذلك جمع بين الضدين فيلزم أن لا يحصل مراد واحد منهما فلا يكون ~~ربا # وكذا إذا أراد أحدهما تحريك شيء وأراد الأخر تسكينه # فإن قيل يجوز أن تتفق الإرادتان فنقول إذا فرض ربان فإما أن يكون كل ~~منهما قادرا بنفسه أو لا يكون قادرا إلا بالآخر # فإن لم يكن قادرا إلا بالآخر كان هذا ممتنعا لذاته مقتضيا للدور في العلل ~~والفاعلين فإنه يستلزم أن ms098 يكون كل منهما جعل الآخر قادرا ولا يكون أحدهما ~~فاعلا حتى يكون قادرا # فاذا كان كل منهما جعل الاخر قادرا فقد جعله فاعلا ويكون كل منهما جعل ~~الآخر ربا وهذا ممتنع من ربين واجبين بأنفسهما قديمين لأن هذا لا يكون ~~قادرا ربا فاعلا حتى يجعله الآخر كذلك وكذلك الآخر وهذا ممتنع ضرورة فالدور ~~القبلي ممتنع لذاته كالدور في الفاعلين والعلل فيمتنع أن يكون كل من ~~الشيئين علة للآخر وفاعلا له أو جزءا من العلة فإذا كان كل منهما لا يكون ~~قادرا أو فاعلا إلا بالآخر لزم أن يكون كل منهما علة فاعلة وعلة لتمام ما ~~به يصير الآخر قادرا فاعلا وذلك ممتنع ضرورة فلزم أن الرب لا بد أن يكون ~~قادرا بنفسه فإن أمكنه إرادة خلاف ما يريد الآخر أمكن إختلافهما وإن لم ~~يمكنه أن يريد إلا ما يريد الآخر لزم العجز فمتى فرض لزوم إتفاقهما أبدا ~~كان ذلك ممتنعا لذاته وقد يمكن هذا في مخلوقين بأن يجعلهما ثالث قادرين ~~فيكونان متعاونين كاليدين فإنه تحدث لهما قوة بإجتماعهما ويمتنع ذلك في ~~حالتين فإنه إن كان أحدهما قادرا على الإستقلال والإنفراد ولم يشترط في ~~فعله معاونة الآخر أمكن أحدهما أن يفعل ما لا يريده الآخر أو ما يريد خلافه ~~وإن لم يكن قادرا على الإنفراد إمتنع أن يحصل لهما عند الإجتماع قوة لما في # PageV01P150 # ذلك من الدور لأن هذا لا يقدر حتى يقدر ذاك ولا يقدر ذاك حتى يقدر هذا # وإذا قيل أحدهما يقدر على ما يوافقه عليه الآخر لم يكن قادرا إلا ~~بموافقته # وإذا قيل يقدر على ما يخالفه الآخر فيه كان كل منهما مانعا الآخر من ~~مقدوره فلا يكون واحد منهما قادرا # وإذا كان كل منهما مانعا ممنوعا لزم منه الجمع بين النقيضين # فيتبين إمتناع ربين سواء # وامتنع وقوع مؤثرين تامين مستقلين يجتمعان على أثر واحد بأن يقول كل ~~منهما إنه خاط هذا الثوب وحده # وهذا بخلاف المشتركين على عمل فعل واحد قال تعالى (وما كان معه من إله ms099 ~~إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض) فذكر سبحانه وجوب إمتياز ~~المفعولين ووجوب قهر أحدهما الآخر ولو إختلط مفعولهما لكانا كالحاملين خشبة ~~كل منهما مفتقر إلى الآخر حال الإجتماع فإذا قدر أن إرادة هذا وفعله مقارن ~~لإرادة الآخر وفعله فالتقدير أنه لا يمكنه أن يريد وأن يفعل إلا مع الآخر ~~فتكون إرادته وفعله مشروطا بإرادة الآخر وفعله فيكون بدون ذلك عاجزا عن ~~الإرادة والفعل فيكون كل منهما عاجزا حال الإنفراد # قال الرافضي وذهبت الأشاعرة إلى أن الله يرى بالعين مع أنه مجرد عن ~~الجهات وقد قال تعالى (لا تدركه الأبصار) وخالفوا الضرورة من أن المدرك ~~بالعين يكون مقابلا أو في حكمه # وقالوا يجوز أن يكون بين أيدينا جبال شاهقة مختلفة الألوان لا نراها ~~وأصوات هائلة لا نسمعها وعساكر متحاربة بحيث نمسهم ويمسوننا ولا نشاهد ~~صورهم وحركاتهم ويجوز أن نشاهد أصغر شيء كالذرة في المشرق ونحن في المغرب # وهذه سفسطة # قلنا أما رؤيته في الآخرة بالأبصار فهو قول السلف والأئمة وتواترت به ~~الأحاديث # ثم جمهور القائلين بالرؤية يقولون يرى عيانا مواجهة كما هو المعروف ~~بالعقل قال عليه السلام إنكم سترون ربكم عزوجل يوم القيامة كما ترون الشمس ~~لا تضامون # PageV01P151 # في رؤيته وفي لفظ كما ترون الشمس والقمر صحوا وفي لفظ هل تضارون في رؤية ~~الشمس صحوا ليس دونها سحاب قالوا لا # قال فهل تضارون في رؤية القمر صحوا ليس دونه سحاب قالوا لا # قال فإنكم ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر # والذين قالوا يرى بلا مقابلة هم الذين يقولون إنه ليس فوق العالم فلما ~~كانوا مثبتين للرؤية نافين للعلو إحتاجوا إلى الجمع بين هاتين المسألتين ~~وهو قول طائفة من الأشعرية وأئمتهم يقولون بأن الله فوق العرش # والمعتزلة نفت الفوقية والرؤية # فإذا عرضنا وجود موجود لا يشار إليه ولا يصعد إليه شيء ولا ينزل منه أمر ~~ولا هو داخل العالم ولا خارجه ولا ترفع الأيدي إليه على أي الفطر والعقول ~~أنكرت ذلك جدا # وأما قول الأشعرية فقالوا إنه تعالى ms100 قادر على أن يخلق بحضرتنا ما لا نراه ~~ولا نسمعه من الأجسام والأصوات # وأن يرينا ما بعد منا من الذر فلا يقولون هذا واقع وتجويز وقوع الشيء غير ~~الشك في الوقوع # قال وذهبت الأشعرية إلى أن الله أمرنا ونهانا في الأزل ولا مخلوق عنده ~~قائلا يا أيها الناس اتقوا ربكم يا أيها النبي اتق الله يا أيها الذين ~~آمنوا اتقوا الله # ولو جلس شخص وحده ولا غلام عنده فقال يا غانم قم يا نجاح كل # قيل لمن تنادي فيقول لعبيد أشتريهم بعد سنة لنسب إلى الحمق والسفه # قلنا هذا قول الكلابية وهم طائفة من الذين يقولون القرآن مخلوق كالمعتزلة ~~لا من يقول هو كلام الله غير مخلوق كالكرامية والسالمية والسلف وأهل الحديث ~~من أهل المذاهب # PageV01P152 # الآربعة وغيرهم فليس في ذكر مثل هؤلاء حصول مقصود الرافضي # ثم كثير من الرافضة يقول به وهو الثابت عن أئمة أهل البيت # ثم إن الكلابية والأشعرية قالوا هذا لموافقتهم للمعتزلة في الأصل ~~لإتفاقهم على صحة دليل حدوث الأجسام فلزمهم القول بحدوث ما لا يخلو عن ~~الحوادث ثم قالوا وما تقوم به الحوادث لا يخلو منها فإذا قيل الجسم لم يخل ~~من الحركة والسكون قالوا والسكون الأزلي يمتنع زواله لأنه موجود أزلي وكل ~~موجود أزلي يمتنع زواله # وكل جسم يجوز عليه الحركة فإذا جاز عليه الحركة وهو أزلي وجب أن تكون ~~حركته ازلية لإمتناع زوال السكون الأزلي ولو جاز عليه الحركة الأزلية لزم ~~حوادث لا أول لها وذاك ممتنع فلزم أنه تعالى لا تقوم به الحوادث # وقد علموا قطعا أن الكلام يقوم بالمتكلم كما يقوم العلم بالعالم والحركة ~~بالمتحرك وأن الكلام الذي يخلقه الله في غيره ليس كلاما له بل لذلك المحل ~~فلما ثبت عندهم أن الكلام لا بد أن يقوم بالمتكلم وقد وافقوا المعتزلة على ~~أن الحوادث لا تقوم بالقديم لزم من الأصلين أن يكون الكلام قديما قالوا ~~وقدم الأصوات ممتنع لأن الصوت لا يبقى زمانين فتعين أن يكون الكلام القديم ~~معنى ليس بحرف ولا ms101 صوت وإذا كان كذلك كان معنى واحدا لأنه لو زاد على واحد ~~لم يكن له حد محدود ويمتنع وجود معاني لا نهاية لها فهم يقولون نحن ~~وافقناكم على إمتناع أن يقوم بالرب ما هو مراد له مقدور وخالفناكم في كون ~~كلامه مخلوقا منفصلا عنه فلزمت المناقضة # فإن كان الجمع بين هذين ممكنا لم نتناقض وإن تعذر لزم خطأنا في إحدى ~~المسألتين ولم يتعين الخطأ فيما خالفناكم فيه بل قد نكون أخطأنا فيما ~~وافقناكم عليه من كونه لا يتكلم بمشيئته وقدرته بكلام يقوم به مع أن إثبات ~~هذا القول هو قول جمهور أهل # PageV01P153 # الحديث وطوائف من المتكلمين والكرامية والشيعة بل لعله قول أكثر الطوائف # وإذا اضطررنا إلى موافقة إحدى الطائفتين كانت موافقتنا لمن يقول إن الرب ~~يتكلم إذا شاء خير من موافقتنا لمن يقول إن كلامه إنما هو ما يخلقه في غيره ~~لظهور فساده عقلا وشرعا # ووجه آخر أن يقال الخطاب لمعدوم لم يوجد بعد وبشرط وجوده أقرب إلى العقل ~~من متكلم لا يقوم به كلامه ومن كون الرب مسلوبا صفات الكمال فما خلق الله ~~عرضا في جسم إلا كان صفة للجسم لا للخالق # وأما خطاب من لم يوجد بشرط وجوده فإن الموصي قد يوصي بأشياء ويقول أنا ~~آمر الوصي بعد موتي أن يعمل كذا ويعمل كذا وإذا بلغ ولدى فلان يكون هو ~~الوصي وأنا آمره بكذا وكذا # بل يقف وقفا يبقى دهرا ويأمر الناظر الذي لم يخلق بعد بأشياء # وأما القائل يا غانم يا نجاح فإن قصد به خطاب حاضر فهذا قبيح وإن قصد به ~~خطاب من سيكون مثل أن يقول قد أخبرني الصادق أن أمتي تلد غلاما ويسمى غانما ~~فإذا ولدته فهو حر وقد جعلته وصيا على أولادي وأنا آمرك يا غانم بكذا وكذا ~~لم يكن هذا ممتنعا لأنه خطاب لحاضر في العلم وإن كان مفقودا في العين # والإنسان يخاطب من يستحضره في نفسه ويذكر أشياء له ويقول يا فلان أما قلت ~~لك كذا وروى عن علي كرم الله ms102 وجهه ورضي عنه أنه لما مر بكربلاء قال صبرا ~~أبا عبد الله يعني الحسين رضي الله عنه # والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال وخروجه وقال يا عباد الله اثبتوا ~~ولم يوجد بعد عباد الله أولئك # قلت وذا كثير في القرآن من إخباره تعالى عن نفسه وعن عباده وملائكته ~~بصيغة الماضي بما سيكون بعد الساعة كقوله تعالى (ونادى أصحاب الجنة أصحاب ~~النار) (وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن) (وقال الذين في النار لخزنة ~~جهنم) # PageV01P154 # قال الرافضي وذهب من عدا الإمامية والإسماعيلية إلى أن الأنبياء والأئمة ~~غير معصومين فجوزوا بعثة من يجوز عليه الكذب والسهو والسرقة # فيقال ما ذكرته عن الجمهور في تجويز ذلك على الأنبياء كذب فأنهم متفقون ~~على عصمة الأنبياء عليهم السلام في تبليغ الرسالة وطاعتهم واجبة إلا عند ~~الخوارج والجمهور يجوزون عليهم الصغائر وأنهم لا يقرون عليها # وأما عصمة الأئمة فنعم كما قال لم يقل بها إلا من ذكر وناهيك بقول عرى عن ~~الحجة # قالوا إن الله لم يخل العالم من أئمة معصومين لما في ذلك من المصلحة ~~واللطف # قلنا فهذا الغائب المنتظر المفقود لم يحصل به شيء من المصلحة واللطف سواء ~~كان ميتا كما نقول أو حيا كما تزعمه الإماميه # وكذلك أجداده تم يحصل بهم ذلك كما حصل بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم لم ~~يحصل بعده أحد من الإثني عشر له سلطان إلا علي كرم الله وجهه ومن المعلوم ~~بالضرورة أن حال اللطف والمصلحة التي كان المؤمنون فيها زمن الخلفاء ~~الثلاثة أعظم مما كان في زمانه من الفرقة والفتنة والقتال والله قد أمرنا ~~بالرد عند التنازع إلى الله والرسول ولو كان للناس معصوم غير الرسول لوجه ~~الرد إليه وفي الصحيحين أن أبا ذر قال # أوصاني خليلي أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف ولمسلم عن ~~أم الحصين أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول ولو ~~استعمل عليكم عبد أسود مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا واطيعوا وللبخاري عن ~~أنس بنحوه ms103 # والإمامية وغيرهم يجوزون أن يكون نواب الإمام غير معصومين وأن لا يكون ~~الإمام عالما بعصمتهم # بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ولى الوليد بن عقبة ثم أخبر ~~بمحاربة الذين أرسله إليهم # وعلي كرم الله وجهه ورضي عنه كان كثير من نوابه يخونونه وفيهم من هرب عنه # فاشتراط العصمة في الأئمة ليس بمقدور ولا مأمور ولم تحصل به منفعة # PageV01P155 # قال وهم يرون القول بالقياس والرأي فأدخلوا في دين الله ما ليس منه ~~وحرفوا أحكام الشريعة وأحدثوا مذاهب أربعة لم تكن في زمن النبي صلى الله ~~عليه وسلم وأهملوا أقاويل الصحابة # فالجواب إن هذا وارد عليكم فالزيدية تقول بالقياس # ثم القياس خير من تقليد من لم يبلغ في العلم مبلغ المجتهدين كما لك ~~والثوري والشافعي وأحمد وأبي عبيد وهم أعلم وأفقه من العسكريين وأمثالهما # ثم قوله أدخلوا في دين الله ما ليس منه وحرفوا فهذا ليس في طائفة أكثر من ~~الرافضة فإنهم كذبوا على الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يكذبه غيرهم ~~وردوا من الصدق ما لا يحصى وحرفوا حيث قالوا (مرج البحرين) علي وفاطمة ~~(يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) الحسن والحسين (في إمام مبين) علي (وآل عمران ~~على العالمين) أل أبي طالب وسموا أبا طالب عمران # (والشجرة الملعونة) بنو أمية (أن تذبحوا بقرة) عائشة (لئن أشركت ليحبطن ~~عملك) لئن أشركت بين أبي بكر وعمر ونحو ذلك مما وجدته في كتبهم ومن ثم دخلت ~~الإسماعيلية في تأويلات الواجبات والمحرمات فهم أئمة التحريف # وأما قوله واحدثوا مذاهب أربعة وأهملوا أقاويل الصحابة فيقال له متى كانت ~~مخالفة الصحابة منكرا عندكم ومن الذي يخالف إجماع الصحابة نحن أو أنتم ومن ~~الذي كفرهم وضللهم إن أهل السنة لا يتصور أن يتفقوا على مخالفة إجماع ~~الصحابة # وأما الإمامية فلا ريب أنهم متفقون على مخالفة إجماع العترة النبوية مع ~~مخالفة إجماع الصحابة فإنه لم يكن في العترة النبوية بني هاشم على عهد رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ms104 من يقول ~~بإمامة إثني عشر ولا بعصمة أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولا بكفر ~~الخلفاء الثلاثة بل ولا من يطعن في إمامتهم بل ولا من # PageV01P156 # ينكر الصفات ولا من يكذب بالقدر # فلإمامية بلا ريب متفقون على مخالفة العترة النبوية مع مخالفتهم لإجماع ~~الصحابة # فكيف ينكرون على من لا يخالف إجماع الصحابة ولا إجماع العترة # وأما المذاهب فإن أراد أنهم اتفقوا على إحداثها مع مخالفة الصحابة فهذا ~~كذب عليهم فإن الأربعة لم يكونوا في وقت واحد ولا كان فيهم من يقلد الآخر ~~ولا من أمر الناس اتباعه بل كل منهم يدعو إلى متابعة الكتاب والسنة ويرد ~~على صاحبه وإن قلت إن الناس اتبعوا الآربعة فهذا أمر اتفاقي # وأما الشيعة فكل ما خالفوا فيه الجمهور فهم مخطئون فيه # والأربعة لم يخترعوا علما لم يكن بل جمعوا العلم فأضيف ذلك إلى الواحد ~~منهم كما تضاف كتب الحديث إلى من جمعها كالبخاري ومسلم وأبي داود وكما تضاف ~~القراءات إلى من إختارها كنافع وعاصم # ثم لم يقل أهل السنة إن إجماع الأربعة حجة معصومة ولا إن الحق منحصر في ~~قولهم وإن ما خرج عنه باطل # والمجتهدون يتنازعون ويختلفون في فهم كلام الرسول ثم الصحابه قد ثبت عنهم ~~القول بالرأي والقياس كما ثبت عنهم ذم ما ذموه من القياس # فالمذموم منه ما عارض النص وكذلك القياس الذي لا يكون فيه الفرع مشاركا ~~للأصل في مناط الحكم # ولا شك أن القياس فيه فاسد وليس ذلك يوجب بطلان جميعه كما أن وجود ~~الموضوعات في المرويات لا يوجب بطلان جميع الحديث # قال وذهبوا بسبب ذلك إلى أمور شنيعة كإباحة البنت من الزنا # وسقوط # PageV01P157 # الحد عمن نكح أمه وأخته عالما بالتحريم # وعن اللائط # وإلحاق نسب المشرقية بالمغربي فإذا زوج الرجل بنته وهي في المشرق برجل هو ~~وأبوها في المغرب ولم يفارقه لحظة حتى مضت له ستة أشهر فولدت البنت ألحق ~~المولود بالرجل # وإباحة النبيذ والوضوء به مع مشاركته الخمر في الإسكار # والصلاة في جلد الكلب وعلى العذرة اليابسة ms105 وأباحوا الغصوب فقالوا لو دخل ~~سارق طاحونا فطحن القمح ملك ذلك فلو جاء الملك فنازعه كان ظالما فلو تقاتلا ~~فقتل السارق كان شهيدا ولو قتل اللص المالك كان هدرا # وأوجبوا الحد على الزاني إذا كذب الشهود وأسقطوه إذا صدقهم فأسقطوا الحد ~~مع إجتماع الإقرار والبينة # وأباحوا أكل الكلب واللواط بالعبيد وأباحوا الملاهي # والجواب ما من مسألة من هذه المسائل إلا وجمهور السنه على خلافها ثم يقال ~~وأنتم يوجد فيكم معشر الرافضة إما إتفاقا وإما إختلافا أضعاف ذلك كترك ~~الجمعة والجماعة وتعطلون المساجد وتعمرون المشاهد التي على القبور # كما # PageV01P158 # صنف منكم المفيد كتابا سماه مناسك حج المشاهد وفيه الكذب والشرك # ومنها تأخير صلاة المغرب # وتحريم ذبائح الكتابيين # وتحريم نوع من السمك # وتحريم بعضهم لحوم الإبل # وجعلهم الميراث كله للبنت دون العم # وصوم بعضهم بالعدد لا بالأهلة # وإحلال المتعة # وأن الطلاق المعلق بشرط لا يقع مع قصد إيقاعه عند الشرط وأنه لا يقع ~~بكتابة ويشترط فيه الإشهاد # فأما المخلوقة من الزنا فمردة للشافعي رضي الله عنه ولم يكن أحمد بن حنبل ~~رضي الله عنه يظن فيها خلافا بحيث أنه أفتى بقتل من يفعل ذلك # وأما عقدة على ذوات المحارم فأبو حنيفة رضي الله عنه جعل ذلك شبهة لدرء ~~الحد لوجود صورة العقد # وأكثر السلف يقتلون اللائط وقيل ذلك إجماع الصحابة وهو مذهب مالك رضي ~~الله عنه وأصح الروايتين عن أحمد وأحد قولي الشافعي رضي الله عنه والآخر هو ~~زنا وهو قول أبي يوسف ومحمد وسقوط الحد من مفردات أبي حنيفة رضي الله عنه # وكذا إلحاق ولد المشرقية بالذي بالمغرب وعنده أن النسب يقصد به الميراث # وهذه الشناعات إن كانت باطلا فجمهور الأئمة على خلافها وإن كانت حقا لم ~~تخرج عن قول أهل السنة وأبو حنيفة لم يجعل الأبوة لكونه خلق من مائه # ثم يا رافضي منذ ساعة كنت تنكر القياس وهنا تحتج به على أبي حنيفة وتقول ~~في النبيذ مع مشاركته للخمر في الإسكار فهلا احتججت بالنص كل مسكر خمر وكل ~~خمر ms106 حرام # وأما جلد الكلب المدبوغ فقالت طائفة من العلماء بعموم الحديث أيما إهاب ~~دبغ فقد طهر # فلو قيل لك هات دليل التحريم لوقفت # واما ما قلت من مقاتلة الغاصب والمالك فكذب بل إذا تنازعا رفعا إلى ~~الحاكم # وأما الحد مع الشهود فمأخذ أبي حنيفة أنه إذا أقر سقط حكم الشهادة ولا ~~يؤخذ بالإقرار إلا بأربع مرات # وأما # PageV01P159 # الجمهور فيقولون الإقرار يؤكد حكم الشهادة # وأما اللواط بالعبيد فكذب ما قاله وكأنه قصد التشنيع فإن بعض الجهلة ~~يرويه عن مالك إشتبه عليه بمسألة الحشوش ولا يختلف مذهب مالك والأئمة رضي ~~الله عنهم أجمعين أن من إستحل المماليك يكفر # قال الوجه الثاني في الدلالة على وجوب إتباع مذهب الإمامية ما قاله شيخنا ~~الأعظم خواجه نصير الدين محمد بن حسن الطوسي قدس الله روحه وقد سألته عن ~~المذاهب فقال بحثنا عنها وعن حديث ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فوجدنا ~~الفرقة الناجية الإمامية لأنهم باينوا جميع المذاهب # فيقال لا تنس أنك قد كفرت من قال إن الله موجب بالذات وشيخك هذا ممن يقول ~~بأن الله موجب بالذات # ويقول بقدم العالم قرره في شرح الإشارات له # PageV01P160 # وقد كان وزير الملاحدة الإسماعيلية بالألموت ثم صار منجما مسيرا لهولاكو ~~فأشار عليه بقتل الخليفة والعلماء إلى غير ذلك من الطامات # وأمر النصير وأتباعه أشهر عند المسلمين # وقد قيل إنه إنصلح في أواخر عمره وكان يحافظ على الصلوات ويشتغل بتفسير ~~البغوي وبالفقه # وأما قوله باينوا جميع المذاهب فهذيان وكذا الخوارج باينوا جميع المذاهب ~~وكذا المعتزلة وغيرهم # وإن عني أنهم إختصوا بجميع أقوالهم فليس كذلك فقد وافقوا في التوحيد ~~المعتزلة وفي القدر # ووافقوا الجهمية # ثم بينهم من الإختلاف مالا يوصف # ومن العجب أن هذا المصنف الرافضي الكذاب المفتري يذكر أبا بكر وعمر ~~وعثمان وسائر السابقين والتابعين وسائر أئمة المسلمين من أهل العلم والدين ~~بالعظائم التي يفتريها عليهم هو وإخوانه ويجيء إلى من إشتهرت عند المسلمين ~~محاربته لله ورسوله يقول عنه قال شيخنا الأعظم ويقول قدس الله روحه مع ~~شهادته له ms107 بالكفر ومع لعنه طائفة خيار المؤمنين من الأولين والآخرين وهؤلاء ~~داخلون في معنى قوله تعالى (ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا ~~سبيلا # أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا) # PageV01P161 # ويقال مباينتهم لجميع المذاهب هو على فساد قولهم أدل منه على صحة قولهم ~~فإن مجرد إنفراد طائفة عن جميع الطوائف بقول لا يدل على أنه هو الصواب ~~وإشتراك أولئك في قول لا يدل على أنه باطل # قال الرافضي الثالث أن الإماميه جازمون بحصول النجاة لهم ولأئمتهم قاطعون ~~بذلك وأهل السنة لا يجزمون بذلك # وضرب لذلك مثلا ثم قال فمتابعة هؤلاء أولى # والجواب أن يقال إن كان أتباع أئمته الذين تدعي لهم طاعة المطلقة صوابا ~~وأن ذلك يوجب لهم النجاة كان أتباع خلفاء بني أمية الذين كانوا يوجبون طاعة ~~أئمتهم مطلقا ويقولون إن ذلك يوجب النجاة مصيبين لأنهم كانوا يعتقدون أن ~~طاعة الأئمة واجبة في كل شيء وان الإمام لا يؤاخذه الله بذنب وأنهم لا ذنب ~~لهم فيما أطاعوا فيه الإمام # بل أولئك أولى بالحجة من الشيعة لأنهم كانوا مطيعين أئمة أقامهم الله ~~ونصبهم وأيدهم وملكهم # فإذا كان من مذهب القدرية إن الله لايفعل إلا ما هو الأصلح لعباده كان ~~تولية أولئك مصلحة لعباده # ومعلوم أن اللطف والمصلحة التي حصلت بهم أعظم من اللطف والمصلحة التي ~~حصلت بإمام معدوم أوعاجز # ولهذا حصل لأتباع خلفاء بني أميه من المصلحه في دينهم ودنياهم أعظم مما ~~حصل لأتباع المنتظر فإن هؤلاء لم يحصل لهم # PageV01P162 # إمام يأمرهم بشيء معروف ولا ينهاهم عن شيء من المنكر ولا يعينهم على شيء ~~من مصلحة دينهم ولا دنياهم # بخلاف أولئك فإنهم إنتفعوا بأئمتهم منافع كثيرة في دينهم ودنياهم أعظم ~~مما انتفع هؤلاء بأئمتهم # فنبين أنه إن كان حجة هؤلاء المنتسبين إلى مشايعة علي رضي الله عنه صحيحة ~~فحجة أولئك المنتسبين إلى مشايعة عثمان رضي الله عنه أولى بالصحة # وإن كانت باطلة فهذا أبطل منها # فإذا كان هؤلاء الشيعة متفقين مع سائر أهل السنة على ms108 أن جزم أولئك ~~بنجاتهم إذا إدعوا لتلك الأئمة طاعة مطلقة خطأ وضلال فخطأ هؤلاء وضلالهم ~~إذا جزموا بطاعتهم لمن يدعي أنه نائب المعصوم والمعصوم لا عين له ولا أثر ~~أعظم وأعظم # فإن الشيعة ليس لهم أئمة يباشرونهم بالخطاب إلا شيوخهم (الذين يأكلون ~~أموالهم بالباطل ويصدون عن سبيل الله) # ويقال قوله إنهم جازمون بحصول النجاة لهم دون أهل السنة فإنه إن أراد ~~بذلك أن كل واحد ممن إعتقد إعتقادهم يدخل الجنة وإن ترك الواجبات وفعل ~~المحرمات فليس هذا قول الإمامية ولا يقوله عاقل # وإن أراد أن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة فلا يضره ترك الصلوات ولا ~~الفجور بالعلويات ولا نيل أغراضهم بسفك دم بني هاشم إذا كان يحب عليا # فإن قالوا المحبة الصادقة تستلزم الموافقة عاد الأمر إلى أنه لا بد من ~~أداء الواجبات وترك المحرمات # وإن أراد بذلك أنهم يعتقدون أن كل من إعتقد الإعتقاد الصحيح وأدى ~~الواجبات وترك المحرمات دخل الجنة فهذا إعتقاد أهل السنة فإنهم جزموا ~~بالنجاة لكل من اتقى الله تعالى كما نطق به القرآن وإنما توقفوا في شخص ~~معين لعدم العلم بدخوله في المتقين فإذا علم أنه مات على التقوى علم أنه من ~~أهل # PageV01P163 # الجنة ولهذا يشهدون بالجنة لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم ولهم ~~فيمن استفاض في الناس حسن الثناء عليه قولان # فنبين أنه ليس في الإمامية جزم محمود اختصوا به عن أهل السنة والجماعة # فإن قالوا إنما نحزم لكل شخص رأيناه ملتزما للواجبات عندنا تاركا ~~للمحرمات بأنه من أهل الجنة من غير أن يخبرنا بباطنه معصوم # قيل هذه المسألة لا تتعلق بالإمامية بل إن كان إلى هذا طريق صحيح فهو ~~طريق أهل السنة وهم بسلوكه أحذق # وإن لم يكن هناك طريق صحيح إلى ذلك كان ذلك قولا بلا علم ولا فضيلة فيه ~~بل في عدمه # ففي الجملة لا يدعون علما صحيحا إلا واهل السنة أحق به وما ادعوه من ~~الجهل فهو نقص وأهل السنة أبعد عنه # والقول بكون الرجل المعين ms109 من أهل الجنة قد يكون سببه إخبار المعصوم وقد ~~يكون سببه تواطؤ شهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض كما في ~~الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا ~~فقال وجبت وجبت # ومر عليه بجنازة فأثنوا شرا فقال وجبت وجبت # فقالوا يا رسول الله ما قولك وجبت وجبت قال هذه الجنازة أثنيتم عليها ~~خيرا فقلت وجبت لها الجنة وهذه الجنازة أثنيتم عليها شرا فقلت وجبت لها ~~النار # أنتم شهداء الله في الأرض # PageV01P164 # وإن أهل السنة يجزمون بحصول النجاة لأئمتهم أعظم من جزم الرافضة وذلك أن ~~أئمتهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم هم السابقون الأولون من المهاجرين ~~والأنصار وهم جازمون بحصول النجاة لهؤلاء فإنهم يشهدون أن العشرة المبشرة ~~في الجنة ويشهدون أن الله تعالى قال لأهل بدر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ~~بل يقولون إنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما ثبت ذلك في الصحيح عن ~~النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء أكثر من ألف وأربعمائة إمام لأهل السنة ~~يشهدون أنه لا يدخل النار منهم أحد وهي شهادة بعلم كما دل على ذلك الكتاب ~~والسنة # وأهل السنة يشهدون بالنجاة إما مطلقا وإما معينا شهادة مستندة إلى علم # وأما الرافضة فإنهم إن شهدوا شهدوا بما لا يعلمون وشهدوا بالزور الذي ~~يعلمون أنه كذب فهم كما قال الشافعي رحمه الله تعالى ما رأيت قوما اشهد ~~بالزور من الرافضة # وإن الإمام الذي شهد له بالنجاة إما أن يكون هو المطاع في كل شيء وإن ~~نازعه غيره من المؤمنين أو هو مطاع فيما يأمر به طاعة الله ورسوله وفيما ~~يقوله بإجتهاد إذا لم يعلم أن غيره أولى منه ونحو ذلك # فإن كان الإمام هو الأول فلا إمام لأهل السنة بهذا الإعتبار إلا رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم فإنه ليس عندهم من يجب أن يطاع في كل شيء إلا رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون كما قال مجاهد والحكم ومالك وغيرهم كل ms110 ~~أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا # PageV01P165 # رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشهدون لإمامهم أنه خير الخلائق ويشهدون ~~بأن كل من ائتم به ففعل ما أمر به وترك ما نهى عنه دخل الجنة وهذه الشهادة ~~بهذا وهذا هي أتم من شهادة الرافضة للعسكرين وأمثالهما بأن من أطاعهما دخل ~~الجنة # فثبت أن إمام أهل السنة أكمل وشهاداتهم له إذا أطاعوه أكمل ولا سواء وإن ~~أرادوا بالإمام الإمام المقيد فذاك لا يوجب أهل السنة طاعته إن لم يكن ما ~~أمر به موافقا لأمر الإمام المطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم إذا ~~أطاعوه فيما أمر الله بطاعته فيه فإنما هم مطيعون لله ورسوله فلا يضرهم ~~توقفهم في الإمام المقيد هل هو في الجنة أم لا كما لا يضر أتباع المعصوم ~~إذا أطاعوا نوابه مع أن نوابه قد يكونون من أهل النار لا سيما ونواب ~~المعصوم عندهم لا يعلمون أنهم يأمرون بما يأمر به المعصوم لعدم العلم بما ~~يقوله معصوم # وأما أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم فهي معلومة فمن أمر بها فقد علم ~~أنه وافقها ومن أمر بخلافها علم أنه خالفها وما اختلف فيه منها فاجتهد فيه ~~نائبه فهذا خير من طاعة نائب لمن يدعي له العصمة ولا أحد يعلم بشيء مما أمر ~~به هذا الغائب المنتظر فضلا عن العلم بكون نائبه موافقا أو مخالفا # فإن ادعوا أن النواب عاملون بأمر من قبلهم فعلم علماء الأمة # PageV01P166 # بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم وأكمل من علم هؤلاء بقول من يدعون ~~عصمته # ولو طولب أحدهم بنقل صحيح ثابت بما يقولونه عن علي أو عن غيره لما وجدوا ~~إلى ذلك سبيلا وليس لهم من الإسناد والعلم بالرجال الناقلين مالأهل السنة # قال الرافضي الرابع أنهم أخذوا مذهبهم عن المعصومين وقد كان كرم وجهه ~~يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة مع شدة إبتلائه بالحروب # وكان زين العابدين وكان الباقر وعدد لهم مناقب بعضها مكذوب # فيقال لا نسلم أنكم أخذتم مذهبكم عن أهل البيت فأنكم ms111 تخالفون عليا وأئمة ~~أهل بيته في الأصول والفروع فإنهم يثبتون الصفات والقدر وخلافة الثلاثة ~~وفضلهم إلى غير ذلك # وليس لكم أسانيد متصلة حتى ننظر فيها والكذب فمتوفر عندكم فإن ادعوا ~~تواتر نص هذا على هذا ونص هذا على هذا كان هذا معارضا بدعوى غيرهم مثل هذا ~~التواتر فإن سائر القائلين بالنص إذا ادعوا مثل هذه الدعوى لم يكن بين ~~الدعويين فرق # ثم هم محتاجون في مذهبهم إلى مقدمتين إحداهما عصمة من يضيفون المذهب إليه ~~والثاني ثبوت ذلك النقل عنه # وكلاهما لا دليل لهم عليهما # PageV01P167 # وقد ثبت لعلي وبنيه من المناقب ما لم يذكره المصنف وذكر أشياء كذبا وجهلا ~~مثل قوله نزل في حقهم (هل أتى) # وهي مكية بإتفاق وعلي لم يدخل بفاطمة إلا بعد بدر وولد له الحسن في السنة ~~الثانية من الهجرة والحسين في السنة الرابعة من الهجرة بعد نزول (هل أتى) ~~بسنين كثيرة # فقول القائل إنها نزلت فيهم من الكذب الذي لا يخفى على من له علم بنزول ~~القرآن واحوال هذه السادة الأخيار # وأما آية (ويطهركم تطهيرا) فليس فيها إخبار بذهاب الرجس وبالطهارة بل ~~فيها الأمر لهم بما يوجبهما وذلك كقوله تعالى (ما يريد الله ليجعل عليكم من ~~حرج ولكن يريد ليطهركم) (يريد الله ليبين لكم ويهديكم) (يريد الله أن يخفف ~~عنكم) # فالإرادة هنا متضمنة للأمر والمحبة والرضا ليست هي الملتزمة لوقوع المراد ~~ولو كان كذلك لتطهر كل من أراد الله طهارته وهذا على قول شيعة زماننا اوجه ~~فإنهم معتزلة يقولون إن الله يريد مالا يكون # فقوله تعالى (يريد الله ليذهب عنكم الرجس) إذا كان بفعل المأمور وترك ~~المحظور كان ذلك متعلقا بإرادتهم وبأفعالهم فإن فعلوا ما أمروا به طهروا # ومما يبين أن ذلك مما أمروا به مما أخبر بوقوعه أن النبي صلى الله عليه ~~وسلم أدار الكساء على علي وفاطمة والحسن والحسين ثم قال اللهم هؤلاء أهل ~~بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهركم تطهيرا رواه مسلم من حديث عائشة ورواه أهل ~~السنن من حديث أم سلمة وفيه دليل ms112 على أنه تعالى قادرا على إذهاب الرجس ~~والتطهير وأنه خالق أفعال العباد ردا على المعتزلي # وما يبين أن الآية متضمنة للأمر والنهي قوله في سياق الكلام (يا نساء ~~النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة إلى قوله ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ~~وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم ~~الرجس أهل البيت ويطهركهم نتطهيرا # وإذ واذكرن ما يتلى في بيوتكن) فهذا السياق # PageV01P168 # يدل على أن ذلك أمر ونهي وأن الزوجات من أهل البيت فإن السياق إنما هو في ~~مخاطبتهن # ويدل الضمير المذكر على أنه عم غير زوجاته كعلي وفاطمة وابنيهما كما أن ~~مسجد قبا أسس على التقوى ومسجده أيضا أسس على التقوى وهو اكمل في ذلك # فلما نزلت (لمسجد أسس على التقوى) تناول اللفظ مسجد قبا ولمسجده بطريق ~~الأولى وأصح الروايتين عن أحمد أنهن من أهل بيته # وفي الصحيحين اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته # وأما إيجاب المودة فثبت أن ابن عباس سئل عن الآية فقال إنه لم يكن بطن من ~~قريش إلا فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهم قرابة فقال تعالى قل لا ~~أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوني في القرابة التي بيني وبينكم # ويدل على ذلك أنه لم يقل إلا المودة لذي القربى بل قال في القربى # ألا ترى أنه لما أراد ذوي قرابة قال) {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله ~~خمسه وللرسول ولذي القربى} # وليست موالاتنا لأهل البيت من أجر النبي صلى الله عليه وسلم في شيء # وهو عليه السلام لا يسألنا أجرا وإنما اجره على الله تعالى (قل لا أسألكم ~~عليه من أجر) # ثم إن الآية مكية ولم يكن علي تزوج بفاطمة بعد ولا ولد لهما # وزعم أن عليا كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ولم يصح ذلك ونبينا صلى ~~الله عليه وسلم كان لا يزيد في الليل على ثلاث عشرة ركعة ولا يستحب قيام كل ~~الليل بل يكره قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله ms113 بن عمرو بن العاص إن ~~لجسدك عليك حقا وقد كان عليه السلام يصلي في اليوم والليلة نحو أربعين ركعة ~~وعلي كان أعلم بسننه وأتبع لهديه من أن يخالفه هذه المخالفة لو كان ذلك ~~ممكنا فكيف وصلاة ألف ركعة مع القيام بسائر الواجبات غير ممكن إذ عليه حقوق ~~نفسه من مصالحها ونومها واكلها وشربها وحاجتها ووضوئها ومباشرته أهله ~~وسراريه والنظر لأولاده وأهله ورعيته مما يستوعب نصف الزمان تقريبا فالساعة ~~الواحدة لا تتسع لثمانين ركعة إلا أن تكون بالفاتحة فقط وبلا طمأنينة # PageV01P169 # وعلي كرم الله وجهه أجل من أن يصلي صلاة المنافقين التي هي نقر ولا يذكر ~~الله فيها إلا قليلا كما في الصحيحين # وأما قوله وواخاه فموضوع فإنه عليه السلام لم يواخ أحدا ولا آخى بين ~~المهاجرين بعضهم من بعض بل مع الأنصار # وأما قوله وجعله الله نفس رسوله حيث قال (وأنفسنا وأنفسكم) فهذا خطأ ~~وإنما هذا مثل قوله (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) ~~وكقوله تعالى (فاقتلوا أنفسكم) (ولا تخرجون أنفسكم من دياركم) فالمراد ~~بالأنفس الإخوان نسبا أو دينا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للعلي أنت ~~مني وأنا منك وقال إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو جمعوا ما كان معهم في ~~ثوب ثم قسموه بالسوية فهم مني وأنا منهم وقال في جليبيب هذا مني وأنا منه ~~والخبران في الصحيح # وأما تزويج علي بفاطمة ففضيلة له وكذلك تزويج عثمان بأختيها فضيلة له ~~وكذلك تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بإبنة أبي بكر وإبنة عمر فضيلة لهما ~~فالخلفاء الأربعة أصهاره صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين # PageV01P170 # قال وله معجزات كثيرة فإن عني الكرامات فعلي أفضل من كثير من ذوي ~~الكرامات # ثم قال حتى ادعي قوم فيه الربوبية وقتلهم # قلنا معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أعظم وما ادعيت فيه ولله الحمد ~~الربوبية # ثم مدعو ربوبية علي عدد يسير فحرقهم ومكفروه ألوف من الخوارج فما فيهما ~~خير # والخوارج متقيدون بالإسلام ولهم تعبد والذين عبدوه زنادقة # قال وأخذ النبي ms114 صلى الله عليه وسلم يوما بيد الحسين وولده إبراهيم على ~~فخده فنزل جبريل فقال إن الله لم يكن ليجمع لك بينهما فاختر فقال إذا مات ~~الحسين بكيت أنا وعلي وفاطمة وإذا مات إبراهيم بكيت أنا فأختار موت إبراهيم # فمات بعد ثلاث # قلت هذا لا يعرف له إسناد وهو كذب ركيك من أحاديث الجهال فليس في جمع ~~الله بين إبراهيم والحسين أعظم مما في جمعه بين الحسن والحسين # ثم ذكر تسمية النبي صلى الله عليه وسلم علي بن الحسين بزين العابدين # قلنا هذا لا أصل له ولا رواه عالم # وأما ذكره أبا جعفر وأنه أعلم أهل زمانه فهذه دعوى # فالزهري كان في عصره وهو أعلم عند الناس منه # ونقل تسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياه الباقر كذب # وكذلك حديث تبليغ جابر له السلام هو من الموضوعات عند أهل الحديث # ثم قال وجعفر بن محمد نشر فقه الإمامية والمعارف والعقائد فها الكلام ~~يستلزم إما أنه ابتدع ما لم يعلمه من قبله وإما أن يكون من قبله قصر # بل الآفة وقعت # PageV01P171 # من الكذابين على جعفر ونسبوا إليه كتاب البطاقة وكتاب الجفر وكتاب الهفت ~~واختلاج الأعضاء وفي النجوم وغير ذلك حتى أن قوما زعموا أن رسائل إخوان ~~الصفا مأخوذة عنه وهي معمولة بعده بنحو مائتي سنة عند ظهور دولة الباطنية ~~الذين ملكوا مصر فأظهروا اتباع الشريعة وأن لها باطنا مخالفا # وباطن أمرهم الفلسفة وعلى هذا وضعت هذه الرسائل وضعها جماعة وقد ذكروا ~~فيها ما استولى عليه النصارى من الشام # وأما موسى بن جعفر فقد قال فيه أبو حاتم ثقة إمام من أئمة المسلمين # وقال ابن سعد ليس له كبير رواية # وأما من بعده فلم يؤخذ عنهم من العلم ما يذكر في أخبارهم ولا لهم فتاوى ~~بل لهم من الفضائل والمحاسن ما هم له أهل # وذكر أن بشرا الحافي تاب على يد موسى وهذا من كذب من لم يعرف الأمور فإن ~~موسى أقدمه الرشيد العراق وحبسه # قال وكان علي بن موسى أزهد الناس وأعلمهم ms115 # فيقال من المصائب التي ابتلى بها ولد الحسين إنتحال الرافضة إياهم ~~وتعظيمهم لهم وإطراؤهم بالدعاوي والغلو # وكان علي كبير القدر وقد كان في زمانه الشافعي وغيره ممن هو أعلم منه ~~ومعروف الكرخي وأبو سليمان الداراني ممن هو أزهد منه # وقد وضعوا عليه نسخا عن آبائه # ثم قال # أخذ عنه فقهاء الجمهور كثيرا # فهذا بهت ما أخذ عنه إلا آحاد الناس كأبي الصلت الهروي # ثم قال في أثناء كلامه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن فاطمة أحصنت ~~فرجها فحرم الله ذريتها على النار # وهذا كذب واللاتي أحصن فروجهن لا يحصيهن إلا الله تعالى ومن ذريتهن البر ~~والفاجر # ففضل فاطمة ليس بمجرد إحصان فرجها # ثم الرافضة تشهد على كثير من أولادها بالكفر والفسوق وهم أهل السنة كما ~~رفضت الرافضة زيد بن علي ونابذوه # ثم ذكر المهدي وأنه محمد المنتظر # قلنا ذكر ابن جرير وابن قانع وغيرهما أن # PageV01P172 # الحسن بن علي العسكري لم يعقب والإمامية تزعم أنه كان له ولد دخل سرداب ~~سامرا وهو صغير له سنتان أو ثلاث أو خمس وهذا لو كان موجودا معلوما لكان ~~الواجب في حكم الله تعالى أن يكون في حضانة أمه ونحوها من أهل الحضانة وأن ~~يكون ماله عند # PageV01P173 # من يحفظه # فكيف يكون من يستحق الحجر والحضانة معصوما إماما للأمة ثم هذا إن قدر ~~وجوده أو عدمه لا ينتفعون به في دين ولا علم ولا دنيا ولا حصل به لطف ولا ~~مصلحة # فإن قيل بسبب ظلم الناس احتجب عنهم قيل كان الظلم في زمن آبائه وما ~~احتجبوا # ثم المؤمنون به قد طبقوا الأرض فهلا إجتمع بهم في وقت وكان يمكنه أن يأوي ~~إلى بقعة فيها شيعته فما حصل بهذا المعلوم مصلحة أصلا غير الإنتظار الطويل ~~ودوام الحسرة والألم والدعاء بالمستحيل لأنهم يدعون له بالخروج والظهور من ~~نحو أربعمائة وخمسين سنة ولا يجابون # ثم ذكر حديث ابن عمر يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي الحديث # PageV01P174 # قلنا ذا حجة عليكم فإن لفظه يواطيء إسمه إسمي وإسم ms116 أبيه إسم أبي يعني ~~إسمه محمد بن عبد الله لا محمد بن الحسن # ثم قد روي عن علي رضي الله عنه أنه من ذرية الحسن لا الحسين # ثم قال فهؤلاء الأئمة المعصومون الذين بلغوا الغاية في الكمال ولم يتخذوا ~~ما اتخذه غيرهم من الأئمة المشتغلين بالملك وأنواع المعاصي والملاهي وشرب ~~الخمور والفجور # قالت الإمامية فالله يحكم بيننا وبين هؤلاء وهو خير الحاكمين # وما أحسن قول بعض الناس # (إذا شئت أن ترضي لنفسك مذهبا ... وتعلم أن الناس في نقل أخبار) # (فدع عنك قول الشافعي ومالك ... وأحمد والمروي عن كعب أحبار) # (ووال أناسا قولهم وحديثهم ... روى جدنا عن جبرئيل عن الباري) # PageV01P175 # والجواب من وجوه أحدها أن دعوى العصمة في هؤلاء لم يذكر عليها حجة إلا ما ~~ادعاه من أنه يجب على الله أن يجعل للناس إماما معصوما ليكون لطفا ومصلحة ~~في التكليف # وقد تبين فساد هذه الحجة من وجوه أدناها أن هذا أي اللطف والمصلحة مفقود ~~لا موجود فإنه لم يوجد إمام معصوم حصل به لطف ولا مصلحة # ولو لم يكن في الدليل على إنتفاء ذلك إلا المنتظر الذي قد علم بصريح ~~العقل أنه لم ينتفع به أحد لا في دين ولا دنيا ولا حصل لأحد من المكلفين به ~~مصلحة ولا لطف لكان هذا دليلا على بطلان قولهم فكيف مع كثرة الدلائل على ~~ذلك # الثاني أن قوله كل واحد من هؤلاء قد بلغ الغاية في الكمال هو قول مجرد عن ~~الدليل # والقول بلا علم يمكن كل أحد أن يقابله بمثله # وإذا ادعى هذا الكمال فيمن هو أشهر في العلم والدين من العسكريين ~~وأمثالهما من الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين كان ذلك أولى بالقبول # ومن طالع أخبار الناس علم أن الفضائل العلمية والدينية المتواترة عن غير ~~واحد من الأئمة أكثر مما ينقل عن العسكريين وأمثالهما من الصدق # الثالث أن قوله هؤلاء الأئمة إن أراد به أنهم كانوا ذوي سلطان وقدره معهم ~~السيف فهذا كذب ظاهر وهم لا يدعون ذلك بل يقولون إنهم عاجزون ms117 ممنوعون ~~مغلوبون مع الظالمين لم يتمكن أحد منهم من الإمامة إلا علي بن أبي طالب مع ~~أن أمورا استصعبت عليه ونصف الأمة أو أقل أو أكثر لم يبايعوه بل كثير منهم # PageV01P176 # قاتلوه وقاتلهم وكثير منهم لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه وكان فيهم من ~~فضلاء المسلمين من لم يكن مع علي بل الذين تخلفوا عن القتال معه وله كانوا ~~أفضل ممن قاتل معه # وإن أراد به أنهم كان لهم علم ودين يستحقون به أن يكونوا أئمة فهذه ~~الدعوى إن صحت لا توجب كونهم أئمة يجب على الناس طاعتهم كما أن إستحقاق ~~الرجل أن يكون إمام مسجد لا يجعله إماما وإستحقاقه أن يكون قاضيا لا يصيره ~~قاضيا وإستحقاقه أن يكون أمير حرب لا يجعله أمير حرب والصلاة لا تصح إلا ~~خلف من يكون إماما بالفعل لا خلف من ينبغي أن يكون إماما # وكذلك الحكم بين الناس إنما يفصله ذو سلطان وقدرة لا من يستحق أن يولى ~~القضاء # وكذلك الجند إنما يقاتلون مع أمير عليهم لا مع من لم يؤمر وإن كان يستحق ~~أن يؤمر # وفي الجملة الفعل مشروط بالقدرة وكل من ليس له قدرة وسلطان على الولاية ~~والإمارة لم يكن إماما وإن كان إستحق أن يجعل له قدرة حتى يتمكن # فكونه يشرع أن يمكن أو يجب أن يمكن ليس هو نفس التمكن # والإمام هو المتمكن القادر وليس في هؤلاء من هو كذلك إلا علي كما تقدم # الرابع أن يقال ما تعنون بالإستحقاق أتعنون أن الواحد من هؤلاء كان يجب ~~أن يولى الإمامة دون سائر قريش أم تريدون أن الواحد منهم من جملة من يصلح ~~للخلافة فإن أردتم الأول فهو ممنوع مردود # وإن أردتم الثاني فذلك قدر مشترك بينه وبين خلق كثير من قريش # الخامس أن يقال الإمام هو من يقتدي به # وذلك على وجهين أحدهما أن يرجع إليه في العلم والدين بحيث يطاع بإختيار ~~المطيع لكونه عالما بأمر الله عزوجل آمرا به فيطيعه المطيع لذلك وإن كان ~~عاجزا عن إلزامهم الطاعة # والثاني ms118 أن يكون صاحب يد وسيف بحيث يطاع طوعا وكرها قادرا على إلزام ~~المطيع بالطاعة # وقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي ~~الأمر منكم) قد فسر أولو الأمر بذوي القدرة كأمراء الحرب وفسر بأهل العلم ~~والدين # وكلاهما حق # PageV01P177 # وهذان الوصفان كانا كاملين في الخلفاء الراشدين فإنهم كانوا كاملين في ~~العلم والعدل والسياسة والسلطان وإن كان بعضهم أكمل في ذلك من بعض فأبو بكر ~~وعمر أكمل في ذلك من عثمان وعلي # وبعدهم لم يكمل أحد في هذه الأمور إلا عمر بن عبد العزيز # بل قد يكون الرجل أكمل في العلم والدين ممن يكون له سلطان وقد يكون أكمل ~~في السلطان ممن هو أعلم منه وأدين # وهؤلاء إن أريد بكونهم أئمة أنهم ذوو سلطان فباطل وهم لا يقولونه # وإن أريد بذلك أنهم أئمة في العلم والدين يطاعون مع عجزهم عن إلزام غيرهم ~~بالطاعة فهذا قدر مشترك بين كل من كان متصفا بهذه الصفات # ثم إما أن يقال قد كان في أعصارهم من هو أعلم منهم وأدين إذ العلم ~~المنقول عن غيرهم أضعاف العلم المنقول عنهم وظهور آثار غيرهم في الأمة أعظم ~~من ظهور آثارهم في الأمة # والمتقدمون منهم كعلي بن الحسين وابنه أبي جعفر وابنه جعفر بن محمد قد ~~أخذ عنهم من العلم قطعة معروفة وأخذ عن غيرهم أكثر من ذلك بكثير كثير # وأما من بعدهم فالعلم المأخوذ عنهم قليل جدا ولا ذكر لأحد منهم في رجال ~~أهل العلم المشاهير بالرواية والحديث والفتيا ولا غيرهم من المشاهير بالعلم # وما يذكر لهم من المناقب والمحاسن فمثله يوجد لكثير غيرهم من الأمة # وأما أن يقال أنهم أفضل الأمة في العلم والدين # فعلى التقديرين فإمامتهم على هذا الإعتبار لا ينازع فيها أهل السنة فإنهم ~~متفقون على أنه يؤتم بكل أحد فيما يأمر به من طاعة الله ويدعو إليه من دين ~~الله ويفعله مما يحبه الله # فما فعله هؤلاء من الخير ودعوا إليه من الخير فإنهم أئمة فيه يقتدي بهم ~~في ذلك قال ms119 تعالى (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا ~~يوقنون) وقد قال تعالى لإبراهيم (إني جاعلك للناس إماما) ولم يكن ذلك أن ~~جعله ذا سيف يقاتل به جيمع الناس بل جعله بحيث يجب على الناس أتباعه # PageV01P178 # سواء أطاعوه أم عصوه # فهؤلاء الأئمة في الدين أسوة أمثالهم فأهل السنة مقرون بإمامة هؤلاء فيما ~~دلت الشريعة على الأئتمام بهم فيه كما أن هذا الحكم ثابت لأمثالهم مثل أبي ~~بكر وعمر وعثمان وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ وأبي الدرداء وأمثالهم من ~~السابقين الأولين ومثل سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعبيد الله بن عبد ~~الله وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبي بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن ~~زيد وهؤلاء فقهاء المدينة ومثل علقمة والأسود بن زيد وأسامة ومحمد بن سيرين ~~والحسن البصري ومثل سالم بن عبد الله ابن عمر ومثل هشام بن عروة وعبد ~~الرحمن بن القاسم والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبي الزناد ومثل مالك ~~والأوزاعي والليث بن سعد وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق بن إبراهيم ~~وغيرهم # لكن المنقول الثابت عن بعض هؤلاء من الحديث والفتيا قد يكون أكثر من ~~المنقول الثابت عن الآخر فتكون شهرته لكثرة علمه أو لقوة حجته أو نحو ذلك ~~وإلا فلا يقول أهل السنة إن يحيى بن سعيد وهشام بن عروة وأبا الزناد أولى ~~بالإتباع من جعفر بن محمد ولا يقولون إن الزهري ويحيى بن أبي كثير وحماد بن ~~أبي سلمة وسليمان بن يسار ومنصور بن المعتمر أولى بالإتباع من أبيه أبي ~~جعفر الباقر ولا يقولون إن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وسالم بن عبد ~~الله أولى بالإتباع من علي بن الحسين بل كل واحد من هؤلاء ثقة فيما ينقله ~~مصدق في ذلك وما بينه من دلالة # PageV01P179 # الكتاب والسنة على أمر من الأمور هو من العلم الذي يستفاد منه فهو مصدق ~~في الرواية والإسناد وإذا أفتى بفتيا وعارضه غيره رد ما تنازعوا فيه إلى ~~الله ورسوله كما أمر الله بذلك وهذا حكم الله ms120 ورسوله بين هؤلاء جميعهم وكذا ~~كان المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين ~~رضي الله عنهم # السادس أن يقال قوله لم يتخذوا ما اتخذه غيرهم من الأئمة المشتغلين ~~بالملك والمعاصي كلام باطل # وذلك أنه إن أراد أن أهل السنة يقولون إنه يؤتم بهؤلاء الملوك فيما ~~يفعلونه من معصية الله فهذا كذب عليهم فإن علماء أهل السنة المعروفين ~~بالعلم عند أهل السنة متفقون على أنه لا يقتدى بأحد في معصية الله ولا يتخذ ~~إماما في ذلك # وإن أراد أن أهل السنة يستعينون بهؤلاء الملوك فيما يحتاج إليه في طاعة ~~الله ويعاونونهم على ما يفعلونه من طاعة الله فيقال له إن كان إتخاذهم أئمة ~~بهذا الإعتبار محذورا فالرافضة أدخل منهم في ذلك فإنهم دائما يستعينون ~~بالكفار والفجار على مطالبهم ويعاونون الكفار والفجار على كثير من مآربهم ~~وهذا أمر مشهود في كل زمان ومكان # ولو لم يكن إلا صاحب هذا الكتاب منهاج الندامة وإخوانه فإنهم يتخذون ~~المغل والكفار والفساق والجهال أئمة بهذا الإعتبار # PageV01P180 # السابع أن يقال الأئمة الذين هم مثل هؤلاء الذين ذكرهم في كتابه وادعى ~~عصمتهم ليس لهم سلطان تحصل به مقاصد الإمامة ولا يكفي الإئتمام بهم في طاعة ~~الله ولا في تحصيل ما لا بد منه مما يعين على طاعة الله # فإذا لم يكن لهم ملك ولا سلطان لم يمكن أن تصلى خلفهم جمعة ولا جماعة ولا ~~يكونون أئمة في الجهاد ولا في الحج ولا تقام بهم الحدود ولا تفصل بهم ~~الخصومات ولا يستوفي الرجل بهم حقوقه التي عند الناس والتي في بيت المال ~~ولا يؤمن بهم السبيل فإن هذه الأمور كلها تحتاج إلى قادر يقوم بها ولا يكون ~~قادرا إلا من له أعوان على ذلك # وهؤلاء لم يكونوا قادرين على ذلك بل القادر على ذلك كان غيرهم فمن طلب ~~هذه الأمور من إمام عاجز كان جاهلا ظالما ومن استعان عليها بمن هو قادر ~~عليها كان مهتديا مسددا # فهذا يحصل مصلحة دينه ودنياه والأول تفوته مصلحة ms121 دينه ودنياه # الثامن أن يقال دعوى كون جميع الخلفاء كانوا مشتغلين بما ذكره من الخمور ~~والفجور كذب عليهم والحكايات المنقولة في ذلك فيها ما هو كذب # وقد علم أن فيهم العدل والزاهد كعمر بن عبد العزيز والمهتدي بالله ~~وأكثرهم لم يكن مظهرا لهذه # PageV01P181 # المنكرات من خلفاء بني أمية وبني العباس وإن كان أحدهم قد يبتلى ببعض ~~الذنوب وقد يكون تاب منها وقد تكون له حسنات كثيرة تمحو تلك السيئات وقد ~~يبتلى بمصائب تكفرها عنه # ففي الجملة الملوك حسناتهم كثيرة وسيئاتهم والواحد من هؤلاء وإن كان له ~~ذنوب ومعاص لا تكون لآحاد المؤمنين فلهم من الحسنات ما ليس لآحاد المسلمين ~~من الأمر بالمعروف والهني عن المنكر وإقامة الحدود وجهاد العدو وإيصال كثير ~~من الحقوق إلى مستحقيها ومنع كثير من الظلم وإقامة كثير من العدل ونحن لا ~~نقول إنهم كانوا سالمين من ذلك لكن نقول وجود الظلم والمعاصي من بعض ~~المسلمين ولاة الأمور وعامتهم لا يمنع أن يشارك فيما يعمله من طاعة الله # وأهل السنة لا يأمرون بموافقة ولاة الأمور إلا في طاعة الله لا في معصيته # ولا ضرر على من وافق أحدا في طاعة الله إذا إنفرد عنه بمعصية لم يشركه ~~فيها # كما أن الرجل إذا حج مع الناس فوقف معهم وطاف لم يضره كون بعض الحجاج له ~~مظالم وذنوب ينفرد بها # وكذلك إذا شهد مع الناس الجمعة والجماعة ومجالس العلم وغزا معهم لم يضره ~~كون بعض المشاركين له في ذلك له ذنوب يختص بها # فولاة الأمور بمنزلة غيرهم يشاركون فيما يفعلونه من طاعة الله ولا ~~يشاركون فيما يفعلونه من معصية الله # وهذه كانت سيرة أهل البيت مع غيرهم # PageV01P182 # فمن اتبعهم في ذلك فهو المقتدي بهم دون من تبرأ من السابقين الأولين ~~وجمهور أهل العلم والدين وظاهر على عداوتهم الكفار والمنافقين كما يفعله من ~~الرافضة الضالين # التاسع أن يقال إمام قادر ينتظم به أمر الناس في أكثر مصالحهم بحيث يؤمن ~~به السبيل ويقام به ما يقام من الحدود ويدفع به ما ms122 يدفع من الظلم ويحصل به ~~ما يحصل من جهاد العدو ويستوفي به ما يستوفي من الحقوق خير من إمام معدوم ~~لا حقيقة له # والرافضة يدعون إلى إمام معصوم وليس عندهم في الباطن إلا إمام معدوم وفي ~~الظاهر إمام كفور أو ظلوم # فأئمة أهل السنة ولو فرض ما فرض فيهم من الظلم والذنوب خير من الأئمة ~~الظاهرين الذين تعتمدهم الرافضة وخير من إمام معدوم لا حقيقة له # وأما الأئمة الباقون الذين كانوا موجودين فأولئك يأتم بهم أهل السنة كما ~~يأتمون بأمثالهم فهم وأمثالهم أئمة ومن أئتم بهؤلاء وأمثالهم من سائر ~~المسلمين كان خيرا ممن أئتم بهم وحدهم فإن العلم رواية ودراية كلما كثر فيه ~~العلماء واتفقوا عليه كان أقوى وأولى بالإتباع # فليس عند الشيعة خير إلا وأهل السنة يشركونهم فيه والخير الذي اختص به ~~أهل السنة لا يشركهم فيه الشيعة # العاشر أن يقال ما ذكره هذا الإمامي يمكن كل واحد من أهل السنة أن يعارضه ~~بما هو أقوى منه فإنه يقال عن مثل سعيد بن المسيب وعلقمة والأسود والحسن ~~البصري وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن سيرين ومطرف بن الشخير ومكحول والقاسم ~~بن محمد وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله وما شاء الله من التابعين ~~وتابعيهم هؤلاء أئمة فيما يمكن الأئتمام فيه بهم من الدين وعلي بن الحسين ~~وابنه وجعفر بن محمد وغيرهم هم أيضا أئمة أهل السنة والجماعة بهذا الإعتبار # فلم تأتم الشيعة بإمام ذي علم وزهد # PageV01P183 # إلا وأهل السنة يأتمون به وبجماعة آخرين يشاركونهم في العلم والزهد بل هم ~~أعلم منه وأزهد # وما اتخذ أهل السنة إماما من أهل المعاصي إلا وقد اتخذت الشيعة إماما من ~~أهل المعاصي شرا منه # فأهل السنة أولى بالأئتمام بأئمة الظلم في غير ما هم ظالمون فيه فهم خير ~~من الشيعة في الطرفين # الحادي عشر قوله قالت الإمامية فالله يحكم بيننا وبين هؤلاء وهو خير ~~الحاكمين فيقال للإمامية إن الله حكم بينهم في الدنيا بما أظهره من الدلائل ~~والبينات وبما يظهر أهل الحق ms123 عليكم # فهم ظاهرون عليكم بالحجة والبيان وباليد واللسان كما أظهر دين نبيه على ~~سائر الأديان قال تعالى (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على ~~الدين كله) ومن كان دينه قول أهل السنة الذي خالفتموهم فيه فإنه ظاهر عليكم ~~بالحجة واللسان كظهور دين محمد صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان # ولم يظهر دين محمد صلى الله عليه وسلم قط على غيره من الأديان إلا بأهل ~~السنة كما ظهر في خلافه أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ظهورا لم يحصل ~~لشيء من الأديان # وعلي رضي الله عنه مع أنه من الخلفاء الراشدين ومن سادات السابقين ~~الأولين لم يظهر في خلافته دين الإسلام بل وقعت الفتنة بين أهله وطمع فيهم ~~عدوهم من الكفار والنصاري والمجوس بالشام والمشرق # وأما بعد علي فلم يعرف أهل علم ودين ولا أهل يد وسيف نصر الله بهم ~~الإسلام إلا أهل السنة # وأما الرافضة فإما أن تعاون أعداء الإسلام # PageV01P184 # وإما أن تمسك عن نصر الطائفتين # ولا ريب أن الله تعالى يحكم يوم القيامة بين السابقين الأولين من ~~المهاجرين والأنصار وبين من عاداهم من الأولين والآخرين كما يحكم بين ~~المسلمين والكفار # الثاني عشر أن يقال هذا التظلم ممن هو إن قلتم ممن ظلم عليا كأبي بكر ~~وعمر على زعمكم فيقال لكم الخصم في ذلك علي وقد مات كما مات أبو بكر وعمر ~~وهذا أمر لا يتعلق بنا ولا بكم إلا بطريق بيان الحق وموالاة أهله ونحن نبين ~~بالحجج الباهرة أن أبا بكر وعمر أولى بالعدل من كل أحد سواهما من هذه الأمة ~~وأبعد عن الظلم من كل من سواهما وأن عليا لم يكن يعتقد أنه إمام الأمة ~~دونهما كما نذكر هذا في موضعه إن شاء الله # وإن قلتم نتظلم من الملوك الذين منعوا هؤلاء حقوقهم من الإمامة فهذا فرع ~~على كون هؤلاء الإثني عشر كانوا يطلبون الإمامة أو كانوا يعتقدون أنهم أئمة ~~الأمة المعصومون وهذا كذب على القوم # وسواء كان صدقا أو كذبا فالله يحكم بين ms124 الطائفتين إن كانوا مختصمين (قل ~~اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما ~~كانوا فيه يختلفون) ( # وإن كان التظلم من بعض الملوك الذين بينهم وبين هؤلاء منازعة في ولاية أو ~~مال فلا ريب أن الله يحكم بين الجميع # PageV01P185 # كما يحكم بين سائر المختصمين فإن نفس الشيعة بينهم من المخاصمات أكثر مما ~~بين سائر طوائف أهل السنة وبنو هاشم قد جرى بينهم نوع من الحروب وجرى بين ~~بني حسن وبني حسين من الحروب ما يجري بين أمثالهم في هذه الأزمان والحروب ~~في الأزمان المتأخرة بين بعض بني هاشم وبين غيرهم من الطوائف أكثر من ~~الحروب التي كانت في أول الزمان بين بعض بني أمية وبعض بني هاشم لا لشرف ~~نسب أولئك فإن نسب بني هاشم أشرف لكن لأن خير القرون هو القرن الذي بعث فيه ~~النبي صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم # فالخير في تلك القرون أكثر والشر فيما بعدها # PageV01P186 # أكثر # وإن كان التظلم من أهل العلم والدين الذين لم يظلموا أحدا ولم يعاونوا ~~ظالما ولكن يذكرون ما يجب من القول علما وعملا بالدلائل الكاشفة للحق فلا ~~يشك من له أدنى عقل أنه من شبه مثل مالك والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة ~~والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وأمثالهم بمثل هشام بن الحكم وهشام بن ~~سالم وأمثالهما من شيوخ الرافضة إنه لمن أظلم الظالمين # وكذلك من شبه القدريين النغمى والكراجكي وأمثالهما بمثل أبي علي وأبي ~~هاشم والقاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري إنه لمن أظلم الظالمين # وهؤلاء شيوخ المعتزلة دع محمد هيضم وأمثاله والقاضي أبا بكر بن الطيب ~~وأمثاله من متكلمة أهل الإثبات دع أهل الفقه والحديث والتصوف كأبي حامد ~~الإسفرايني وأبي زيد المروزي وأبي عبد الله بن بطة وأبي بكر عبد العزيز ~~وأبي بكر الرازي وأبي الحسن القزويني وأبي محمد بن أبي زيد وأبي بكر ~~الأبهري وأبي الحسن الدارقطني وأبي عبد الله # PageV01P187 # ابن منده وأبي الحسين بن ميمون وأبي طالب المكي وأبي عبد ms125 الرحمن السلمي ~~وأمثال هؤلاء فما من طائفة من طوائف أهل السنة على تنوعهم إذا اعتبرتها إلا ~~وتحققتها أعلم وأعدل وأبعد عن الجهل والظلم من طائفة الروافض فلا يوجد في ~~أحد منهم معاونة ظالم إلا وهو في الرافضة أكثر ولا يوجد في الشيعة عدل عن ~~ظلم ظالم إلا وهو في هؤلاء أكثر وهذا أمر يشهد به العيان والسماع لمن له ~~إعتبار ونظر # ولا يوجد في جميع الطوائف أكذب منهم ولا أظلم منهم ولا أجهل منهم # وشيوخهم يقرون بألسنتهم يقولون يا أهل السنة أنتم فيكم فتوة # لو قدرنا عليكم ما عاملناكم بما تعاملونا به عند القدرة علينا # PageV01P188 # الثالث عشر أن يقال هذا الشعر الذي استشهد به واستحسنه هو قول جاهل فإن ~~أهل السنة متفقون على ما روى جدهم عن جبريل عن الباري # بل هم يقبلون مجرد قول الرسول صلى الله عليه وسلم ويؤمنون به ولا يسألونه ~~من أين علمت هذا لعلمهم بأنه معصوم (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) ~~وإنما سموا أهل السنة لأتباعهم سنته صلى الله عليه وسلم # لكن الشأن في معرفة ما رواه جدهم فهم يطلبون ذلك من الثقات الأثبات فإن ~~كان عند العلويين علم شيء من ذلك إستفادوه منهم وإن كان عند غيرهم علم شيء ~~من ذلك إستفادوه منه # وأما مجرد كون جدهم روى عن جبريل عن الباري إذا لم يكونوا عالمين به فما ~~يصنع لهم والناس لم يأخذوا قول مالك والشافعي وأحمد وغيرهم إلا لكونهم ~~يسندون أقوالهم إلى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فإن هؤلاء من أعلم ~~الناس بما جاء به وأتبعهم لذلك وأسد إجتهادا في معرفة ذلك وأتباعه # وإلا فأي غرض للناس في تعظيم هؤلاء وعامة الأحاديث التي يرويها هؤلاء ~~يرويها أمثالهم وكذلك عامة ما يجيبون به من المسائل كقول أمثالهم ولا يجعل ~~أهل السنة قول واحد من هؤلاء معصوما يجب إتباعه بل إذا تنازعوا في شيء ردوه ~~إلى الله والرسول # واعتبر ذلك بما تشاهده في زمانك من أهل العلم بالقرآن ms126 والحديث والفقه ~~فإنك تجد كثيرا من بني هاشم لا يحفظ القرآن ولا يعرف من حديث النبي صلى ~~الله عليه وسلم إلا ما شاء الله ولا يعرف معاني ذلك # فإذا قال هذا # PageV01P189 ### | روى جدنا عن جبرئيل عن الباري # قيل نعم وهؤلاء أعلم منكم بما روى جدكم عن جبرائيل وأنتم ترجعون في ذلك ~~إليهم # وإذا كان كل من الأولين والآخرين من بني هاشم قد يتعلم بعض ما جاء به إلا ~~كعلم أمثالهم فبمن يأتم الناس وعمن يأخذون أيأخذون عمن يعرف ما جاء به جدهم ~~أو عمن لا يعرف ذلك والعلماء هم ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يورثوا ~~درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بخط وافر # PageV01P190 # وإن قال مرادي بهؤلاء الأئمة الإثنا عشر قيل له ما رواه علي بن الحسين ~~وأبو جعفر وأمثالهما من حديث جدهم فمقبول منهم كما يرويه أمثالهم ولولا أن ~~الناس وجدوا عند مالك والشافعي وأحمد أكثر مما وجدوه عند موسى بن جعفر وعلي ~~بن موسى ومحمد بن علي لما عدلوا عن هؤلاء إلى هؤلاء وإلا فأي غرض لأهل ~~العلم والدين أن يعدلوا عن موسى بن جعفر إلى مالك بن أنس وكلاهما من بلد ~~واحد في عصر واحد وجدوا عند موسى بن جعفر من علم الرسول ما وجدوه عند مالك ~~مع كمال رغبة المسلمين في معرفة علم الرسول # ونفس بني هاشم كانوا يستفيدون علم الرسول من مالك بن أنس أكثر مما ~~يستفيدونه من ابن عمهم موسى بن جعفر # ثم الشافعي جاء بعد مالك وقد خالفه في أشياء وردها عليه حتى وقع بينه ~~وبين أصحاب مالك ما وقع وهو أقرب نسبا من بني هاشم من مالك ومن أحرص الناس ~~على ما يستفيده من علم الرسول من بني عمه وغير بني عمه ولو وجد عند أحد من ~~بني هاشم أعظم من العلم الذي وجده عند مالك لكان أشد الناس مسارعة إلى ذلك ~~فلما كان يعترف بأنه لم يأخذ عن أحد أعلم من مالك وسفيان بن عيينة وكانت ~~كتبه مشحونة ms127 بالأخذ عن هذين الإثنين وغيرهما وليس فيها شيء عن موسى بن جعفر ~~وأمثاله من بني هاشم علم أن مطلوبه من علم الرسول صلى الله عليه وسلم كان ~~عند مالك أكثر مما هو عند هؤلاء # وكذلك أحمد بن جنبل قد علم كمال محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ~~ولحديثه ومعرفته بأقواله وأفعاله وموالاته لمن يوافقه ومعاداته لمن يخالفه ~~ومحبته لبني هاشم # وتصنيفه في فضائلهم حتى صنف فضائل علي والحسن والحسين كما صنف فضائل ~~الصحابة ومع هذا فكتبه مملوءة عن مثل مالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد ~~ووكيع بن الجراح ويحيى # PageV01P191 # ابن سعيد القطان وهشيم بن بشير وعبد الرحمن بن مهدي وأمثالهم دون موسى بن ~~جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وأمثالهم فلو وجد مطلوبه عند مثل هؤلاء ~~لكان أشد الناس رغبة في ذلك # فإن زعم زاعم أنه كان عندهم من العلم المخزون ما ليس عند أولئك لكن كانوا ~~يكتمونه فأي فائدة للناس من علم مكتوم فعلم لا يقال به ككنز لا ينفق منه ~~فكيف يأتم الناس بمن لا يبين لهم والعلم المكتوم كالإمام المعدوم وكلاهما ~~لا ينتفع به ولا يحصل به لطف ولا مصلحة # وإن قالوا بل كانوا يثبتون ذلك لخواصهم دون هؤلاء الأئمة قيل أولا هذا ~~كذب عليهم فإن جعفر بن محمد لم يجيء بعده مثله وقد أخذ العلم عن هؤلاء ~~الأئمة كمالك وابن عيينة وشعبة والثوري وابن جريج ويحيى بن سعيد وأمثالهم ~~من العلماء والمشاهير الأعيان # ثم من ظن بهؤلاء السادة أنهم يكتمون العلم عن مثل هؤلاء ويخصون به قوما ~~مجهولين ليس لهم في الأمة لسان صدق فقد أساء الظن بهم فإن في هؤلاء من ~~المحبة لله ولرسوله والطاعة له والرغبة في حفظ دينه وتبليغه وموالاة من ~~والاه ومعاداة من عاداه وصيانته عن الزيادة والنقصان مالا يوجد قريب منه ~~لأحد من شيوخ الشيعة وهذا أمر معلوم بالضرورة لمن عرف وهؤلاء هؤلاء # واعتبر هذا مما # PageV01P192 # تجده في كل زمان من شيوخ السنة وشيوخ الرافضة كمصنف هذا الكتاب فإنه ms128 عند ~~الإمامية أفضلهم في زمانه بل يقول بعض الناس ليس في بلاد المشرق أفضل منه ~~في جنس العلوم مطلقا ومع هذا فكلامه يدل على أنه من اجهل خلق الله تعالى ~~بحال النبي صلى الله عليه وسلم # PageV01P193 # وأقواله وأعماله فيروى الكذب الذي يظهر أنه كذب من وجوه كثيرة فإن كان ~~عالما بأنه كذب فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من حدث عني بحديث ~~وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين وإن كان جاهلا بذلك دل على أنه من أجهل ~~الناس بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم كما قيل # (فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم) # وأما الأبيات التي أنشدها فقد قيل في معارضتها # (إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهبا ... تنال به الزلفى وتنجو من النار) # (فدن بكتاب الله والسنة التي ... أنت عن رسول الله من نقل أخيار) # (ودع عنك داعي الرفض والبدع التي ... يقودك داعيها إلى النار والعار) # (وسر خلف أصحاب الرسول فإنهم ... نجوم هدى في ضوئها يهتدي الساري) # (وعج عن طريق الرفض فهو مؤسس ... على الكفر تأسيسا على جرف هار) # (هما خطتان إما هدى وسعادة ... وإما شقاء مع ضلالة كفار) # (فأي فريقينا أحق بأمنه ... وأهدى سبيلا عندما يحكم الباري) # (أمن سب أصحاب الرسول وخالف الكتاب ... ولم يعبأ بثابت الأخبار) # (أم المقتدي بالوحي يسلك منهج الصحابة ... مع حب القرابة الأطهار) # PageV01P194 # إلى أن قال ومنع أبو بكر فاطمة إرثها والتجأ إلى رواية إنفرد بها وكان هو ~~الغريم لها لأن الصدقة تحل له لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال نحن معاشر ~~الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة على ما رووه عنه والقرآن يخالف ذلك لأنه ~~تعالى قال (يوصيكم الله في أولادكم) وهذا عام وكذب روايتهم فقال (وورث ~~سليمان داود) وقال (فهب لي من لدنك وليا يرثني) # والجواب عن قوله رواية إنفرد بها بأنه كذب رواه عن النبي صلى الله عليه ~~وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعيد وعبد الرحمن بن عوف ~~والعباس وأزواج ms129 النبي صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة رضي الله عنهم وأرضاهم ~~أجمعين # وقوله كان الغريم لها كذب فإن أبا بكر لم يدع التركة لنفسه وإنما هي صدقة ~~لمستحقها # وأيضا فتيقن الصحابة وأولهم علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه ~~وسلم لا يورث ولهذا لما ولي علي الخلافة لم يقسم تركة النبي صلى الله عليه ~~وسلم ولا غيرها عن مصرفها # PageV01P195 # وعموم آية الميراث قد خص منه هذا وأنه لا يرث الكافر ولا القاتل عمدا ولا ~~العبد وغير ذلك # ثم إن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قد أعطيا عليا وبنيه رضي الله عنهم من ~~المال أضعاف ما خلفه النبي صلى الله عليه وسلم # وما خلفه النبي صلى الله عليه وسلم فقد سلمه عمر إلى علي والعباس رضي ~~الله عنهم يليانه ويفعلان فيه ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله # وهذا مما ينفي التهمة عن أبي بكر وعمر # ثم لو قدر أن أبا بكر وعمر متغلبان موثبان على الأمر لكانت العادة تقضي ~~بأن لا يزاحما الورثة المستحقين للولاية والتركة في ذلك المال بل يعطيانهم ~~ذلك وأضعافه ليكفوا عن المنازعة في الولاية # ثم قوله تعالى (وورث سليمان داود) لا يدل إذ الإرث اسم جنس تحته أنواع ~~والدال على ما به الإشتراك لا يدل على ما به الإمتياز # فإذا قيل هنا حيوان لم يدل على إنسان أو فرس فإن لفظ الإرث يستعمل في لفظ ~~إرث العلم والملك وغير ذلك # قال تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا) وقال تعالى (وتلك الجنة التي ~~أورثتموها) (وأورثكم أرضهم) (إن الأرض لله يورثها من يشاء) (وأورثنا القوم ~~الذين كانوا يستضعفون) # وأخرج أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الأنبياء لم يورثوا ~~دينارا ولا ودرهما وإنما ورثوا العلم # ثم يقال بل المراد إرث العلم والنبوة لا المال # إذ معلوم أنه كان لداود أولاد كثيرة غير سليمان فلا يختص سليمان بماله ~~وليس في كونه ورث ماله صفة مدح لهما فإن البر والفاجر يرث أباه والآية ms130 سيقت ~~في بيان مدح سليمان وما خص به وإرث المال من الأمور العادية المشتركة بين ~~الناس # ومثل ذلك لا يقص علينا لعدم فائدته # وكذلك قوله # PageV01P196 # (يرثني ويرث من آل يعقوب) لأنه لا يرث من آل يعقوب أموالهم إنما يرثهم ~~أولادهم وذريتهم # ثم زكريا لم يكن ذا مال إنما كان نجارا ويحيى كان من أزهد الناس # قال ولما ذكرت أن أباها وهبها فدك قال هاتي شاهدا فجاءت بأم أيمن فقال ~~امرأة لا يقبل قولها وقد رووا جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ~~أم أيمن امرأة من أهل الجنة # فجاءت بعلي فشهد لها فقال هذا بعلك يجره إلى نفسه # وقد رووا جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي مع الحق والحق ~~معه يدور حيثما دار لن يفترقا حتى يردا علي الحوض # فغضبت فاطمة وانصرفت وحلفت أن لا تكلمه حتى تلقى أباها وتشكو إليه # وقد رووا جميعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا فاطمة إن الله يغضب ~~لغضبك ويرضى لرضاك # ورووا إن فاطمة بضعة مني الحديث # ولو كان حديث لا نورث صحيحا لما جاز له ترك البغلة التي خلفها النبي صلى ~~الله عليه وسلم وسيفه وعمامته عند علي ولما حكم له بها # PageV01P197 # إذا ادعاها العباس # وبعد ذلك جاء مال البحرين وعنده جابر فأعطاه بقوله عدة النبي صلى الله ~~عليه وسلم بلا بينة # والجواب أن ما هذا بأول إفتراء الرافضة ولا بهتهم # ثم إن فاطمة إن كانت طلبت فدك بالإرث بطلت الهبة وإن كانت هبة بطل الإرث # ثم إذا كانت هذه هبة في مرض الموت فرسول الله صلى الله عليه وسلم منزه إن ~~كان يورث كما يورث غيره أن يوصي لوارث أو يخصه في مرض موته بأكثر من حقه # وإن كان في صحته فلا بد أن تكون هذه هبة مقبوضة وإلا فإذا وهب الواهب ~~بكلام ولم يقبض الموهوب إليه شيئا حتى مات كان ذلك باطلا عند جماهير ~~العلماء # فكيف يهب النبي صلى الله عليه وسلم فدك ms131 لفاطمة ولا يكون ذلك أمرا مشهورا ~~عند أهل بيته والمسلمين حتى تختص بمعرفته أم أيمن أو علي رضي الله عنهما بل ~~ذلك كذب على فاطمة في إدعائها ذلك # وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يورث فالخصم في ذلك أزواجه وعمه ولا ~~تقبل عليهم شهادة امرأة واحدة ولا رجل واحد بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله ~~عليه وسلم وإتفاق المسلمين # وإن كان لا يورث فالخصم في ذلك المسلمون فكذلك لا تقبل عليهم شهادة امرأة ~~واحدة ولا رجل واحد بإتفاق المسلمين ولا رجل وامرأة # نعم يحكم في مثل ذلك بشهادة ويمين الطالب عند فقهاء الحجاز وفقهاء أهل ~~الحديث # وشهادة الزوج لزوجته فيها قولان مشهوران أن للعلماء هما روايتان عن أحمد ~~إحداهما لا تقبل وهي مذهب أبي حنيفة ومالك والليث بن سعد والأوزاعي وإسحاق ~~وغيرهم رضي الله عنهم والثانية تقبل وهي مذهب الشافعي وأبي ثور وابن المنذر # فعلى هذا لو قدر صحة هذه القضية لما جاز للإمام أن يحكم بشهادة رجل واحد ~~او امرأة بالإتفاق لا سيما وأكثرهم لا يجيزون شهادة الزوج # وقوله وقد رووا جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أم أيمن امرأة ~~من أهل الجنة # PageV01P198 # فهذا إحتجاج جاهل يريد أن يحتج لنفسه فيحتج عليها فإن هذا القول لو قاله ~~الحجاج ابن يوسف أو المختار بن أبي عبيد وأمثالهما لكان قد قال حقا فإن ~~امرأة واحدة لا يقبل قولها في الحكم بالمال لمدع يريد أن يأخذ ما هو في ~~الظاهر لغيره فكيف إذا حكي مثل هذا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه # وأما الحديث الذي ذكره وزعم أنهم رووه جميعا فهذا الخبر لا يعرف في شيء ~~من دواوين الإسلام ولا نعرف عالما من العلماء رواه # وأما أيمن هي أم أسامة بن زيد وهي حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي من ~~المهاجرات ولها حق حرمة لكن الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تكون ~~بالكذب عليه وعلى أهل العلم وقول القائل رووا جميعا لا يكون إلا ms132 في خبر ~~متواتر فمن ينكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يورث وقد رواه أكابر ~~الصحابة ثم يقول إنهم جميعا رووا هذا الحديث إنما يكون من أجهل الناس ~~وأعظمهم جحدا للحق # وبتقدير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنها من أهل الجنة فهو ~~كإخباره عن غيرها أنه من أهل الجنة وقد أخبر عن كل واحد من العشرة أنه في ~~الجنة وقال لا يدخل أحد النار ممن بايع تحت الشجرة وهذا الحديث في الصحيح ~~ثابت عن أهل العلم بالحديث وحديث الشهادة لهم بالجنة رواه أهل السنن من غير ~~وجه من حديث عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد # فهذه الأحاديث هي المعروفة عند أهل العلم بالحديث # ثم هؤلاء يكذبون من علم أن الرسول شهد لهم بالجنة وينكرون عليهم كونهم لم ~~يقبلوا شهادة امرأة زعموا أنه شهد لها بالجنة فهل يكون أعظم من جهل هؤلاء ~~وعنادهم ثم يقال كون الرجل من أهل الجنة لا يوجب قبول شهادته لجواز أن يغلط ~~في الشهادة ولهذا لو شهدت خديجة وفاطمة وعائشة ونحوهن ممن يعلم أنهن من أهل ~~الجنة لكانت شهادة إحداهن نصف شهادة رجل كما حكم بذلك القرآن # كما أن ميراث إحداهن نصف ميراث رجل وديتها نصف دية رجل وهذا كله بإتفاق ~~المسلمين # فكون المرأة من أهل الجنة لا يوجب قبول شهادتها لجواز الغلط عليها فكيف ~~وقد يكون الإنسان ممن يكذب # PageV01P199 # ويتوب من الكذب ثم يدخل الجنة # وقوله إن عليا شهد لها فرد شهادته لكونه زوجها فهذا مع كونه كذبا لو صح ~~لم يقدح إذ كانت شهادة الزوج مردودة عند أكثر العلماء ومن قبلها منهم لم ~~يقبلها حتة يتم النصاب إما برجل آخر أو بإمرأة مع امرأة # وأما الحكم بشهادة رجل وامرأة مع عدم يمين المدعي فهذا لا يسوغ # وقوله إنهم رووا جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي مع الحق ~~والحق يدور معه حيث دار ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض من أعظم الكلام كذبا ~~وجهلا ms133 فإن هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بإسناد ~~صحيح ولا ضعيف فكيف يقال أنهم جميعا رووا هذا الحديث وهل يكون أكذب ممن ~~يروى عن الصحابة والعلماء أنهم رووا حديثا والحديث لا يعرف عن أحد منهم ~~أصلا بل هذا من أظهر الكذب # ولو قيل رواه بعضهم وكان يمكن صحته لكان ممكنا وهو كذب قطعا على النبي ~~صلى الله عليه وسلم وينزه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أولا فلأن ~~الحوض إنما يرده عليه أشخاص أما الحق فليس من الأشخاص الذين يردون الحوض ~~والحق الذي يدور مع الشخص ويدور الشخص معه فهو صفة لذلك الشخص لا يتعداه ~~وأيضا فالحق لا يدور مع شخص غير النبي صلى الله عليه وسلم ولو دار الحق مع ~~علي حيثما دار لوجب أن يكون معصوما كالنبي صلى الله عليه وسلم وهم من جهلهم ~~يدعون ذلك ولكن من علم أنه لم يكن بأولى بالعصمة من أبي بكر وعمر وعثمان ~~وغيرهم وليس فيهم من هو معصوم علم كذبهم # وفتاويه من جنس فتاو ي أبي بكر وعمر وعثمان ليس هو أولى بالصواب منهم ولا ~~في أقوالهم من الأقوال المرجوحة # PageV01P300 # أكثر مما قاله ولا كان ثناء النبي صلى الله عليه وسلم ورضاه عنه بأعظم من ~~ثنائه عليهم ورضائه عنهم # بل لو قال القائل إنه لا يعرف من النبي صلى الله عليه وسلم أنه عتب على ~~عثمان في شيء وقد عتب على علي في غير موضع لما أبعد # فإنه لما أراد أن يتزوج بنت أبي جهل واشتكته فاطمة لأبيها وقالت إن الناس ~~يقولون إنك لا تغضب لبناتك فقام خطيبا وقال إن بني هشام بن المغيرة ~~استأذنوني أن يزوجوا بنتهم علي بن أبي طالب وإني لا آذن ثم لا آذن ثم لا ~~آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي ويتزوج ابنتهم فإنما فاطمة ~~بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس ~~فقال حدثني فصدقني ms134 ووعدني فوفي لي # وهو حديث صحيح أخرجاه في # PageV01P201 # الصحيحين # وكذلك لما طرقه وفاطمة ليلا فقال ألا تصليان فقال له علي إنما أنفسنا بيد ~~الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا # فانطلق وهو يضرب فخذه ويقول (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا) # وأما الفتاوي قد أفتى أن المتوفي عنها زوجها وهي حامل تعتد أبعد الأجلين # وهذه الفتيا كان قد أفتى بها أبو السنابل بن بعكك على عهد النبي صلى الله ~~عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم كذب أبو السنابل # وأمثال ذلك كثيرة # ثم بكل حال لا يجوز أن يحكم بشهادته وحده كما لا يجوز له أن يحكم لنفسه # وإن ما ذكره عن فاطمة أمر لا يليق بها ولا يحتج بذلك إلا رجل جاهل يحسب ~~أنه يمدحها وهو يجرحها # فإنه ليس فيما ذكر ما يوجب الغضب عليه إذا لم يحكم لو كان ذلك صحيحا إلا ~~بالحق الذي لا يحل لمسلم أن يحكم بخلافه # ومن طلب أن يحكم له بغير حكم الله ورسوله فامتنع فغضب وحلف أن لا يكلم ~~الحاكم ولا صاحب الحاكم لم يكن هذا مما يحمد عليه ولا مما يذم به الحاكم بل ~~هذا إلى أن يكون جرحا # PageV01P202 # أقرب منه إلى أن يكون مدحا ونحن نعلم أن ما يحكى عن فاطمة وغيرها من ~~الصحابة من القوادح كثير منها كذب وبعضها كانوا فيه متأولين وإذا كان بعضها ~~ذنبا فليس القوم معصومين بل هم مع كونهم أولياء الله من أهل الجنة لهم ذنوب ~~يغفرها الله لهم # وكذلك ما ذكره من حلفها أنها لا تكلمه ولا صاحبه حتى تلقى أباها وتشتكي ~~إليه أمر لا يليق أن يذكر عن فاطمة رضي الله عنها فإن الشكوى إنما تكون إلى ~~الله تعالى كما قال العبد الصالح (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) وفي دعاء ~~موسى عليه السلام اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث # وعليك التكلان وقال النبي صلى الله عليه وسلم لإبن عباس إذا سألت فاسأل ~~الله وإذا استعنت فاستعن بالله ولم يقل سلني ms135 واستعن بي وقد قال تعالى (فإذا ~~فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) # ومن المعلوم أن طالبا إذا طلب مالا من ولي الآمر فلم يعطه إياه لكونه لا ~~يستحقه عنده وهو بأخذه لم يعطه لأحد من أهله ولا أصدقائه بل أعطاه لجميع ~~المسلمين وقيل إن الطالب غضب على الحاكم كان غاية ذلك أنه غضب لكونه لم ~~يعطه مالا وقال الحاكم إنه لغيرك لا لك فأي مدح للطالب في هذا الغضب ولو ~~كان مظلوما محضا لم يكن غضبه إلا للدنيا # وكيف والتهمة عند الحاكم الذي لا يأخذ لنفسه أبعد من التهمة عند الطالب ~~الذي يريد أن يأخذ لنفسه فكيف تحال التهمة على من لا يأخذ لنفسه مالا ولا ~~تحال على من يطلب لنفسه المال وكذلك الحاكم يقول إنما أمنع لله لأني لا يحل ~~لي أن آخذ المال من مستحقه فأدفعه إلى غير مستحقه # والطالب # PageV01P203 # يقول إنما أغضب لحظ قليل من المال # أليس من يذكر مثل هذا عن فاطمة ويجعله من مناقبها جاهلا او ليس الله قد ~~ذم المنافقين الذين قال فيهم (ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها ~~رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون # ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من ~~فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون) فذكر قوما رضوا أن أعطوا وغضبوا أن لم ~~يعطوا فذمهم بذلك # فمن مدح فاطمة بما فيه شبه من هؤلاء إفلا يكون قادحا فيها فقاتل الله ~~الرافضة وانتصف لأهل البيت منهم فإنهم ألصقوا فيهم من العيب والشين ما لا ~~يخفى على ذي عين # ولو قال قائل فاطمة لا تطلب إلا حقها لم يكن هذا بأولى من قول القائل أبو ~~بكر لا يمنع يهوديا ولا نصرانيا حقه فكيف يمنع سيدة نساء العالمين حقها فإن ~~الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قد شهد لأبي بكر أنه ينفق ماله لله ~~فكيف يمنع الناس أموالهم وفاطمة رضي الله عنها قد طلبت من النبي صلى الله ~~عليه وسلم مالا فلم يعطها إياه ms136 كما ثبت في الصحيحين عن علي رضي الله عنه في ~~حديث الخادم لما ذهبت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فلم ~~يعطها خادما وعلمها التسبيح # وإذا جاز أن تطلب من النبي صلى الله عليه وسلم ما يمنعها النبي صلى الله ~~عليه وسلم إياه ولا يجب أن يعطيها إياه جاز أن تطلب ذلك من أبي بكر خليفة ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم أنها ليست معصومة أن تطلب مالا يجب ~~إعطاؤها إياه وإذا لم يجب عليه الإعطاء لم يكن مذموما بترك ما ليس بواجب ~~وأن كان مباحا # أما إذا قدرنا أن الإعطاء ليس بمباح فإنه يستحق أن يحمد على المنع # وأما أبو بكر فلم يعلم أنه منع أحدا حقه لا في حياة رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم ولا بعد موته # PageV01P204 # وكذلك ما ذكره من إيصائها أن تدفن ليلا ولا يصلى عليها أحد منهم لا يحكيه ~~عن فاطمة ويحتج به إلا رجل جاهل يطرق على فاطمة ما لا يليق بها وهذا لو صح ~~لكان بالذنب المغفور أولى منه بالسعي المشكور فإن صلاة المسلم على غيره ~~زيادة خير يصل إليه ولا يضر أفضل الخلق أن يصلى عليه شر الخلق # وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه الأبرار والفجار والمنافقون ~~وهذا إن لم ينفعه لم يضره # وهو يعلم أن في أمته منافقين ولم ينه أحدا من أمته عن الصلاة عليه بل قال ~~وأمر الناس كلهم بالصلاة والسلام عليه مع أن فيهم المؤمن والمنافق فكيف ~~يذكر في معرض الثناء عليها والإحتجاج لها مثل هذا الذي لا يحكيه ولا يحتج ~~به إلا مفرط في الجهل # ولو أوصى موص بأن المسلمين لا يصلون عليه لم تنفذ وصيته فإن صلاتهم عليه ~~خير له بكل حال # ومن المعلوم أن إنسانا لو ظلمه ظالم فأوصى بأن لا يصلى عليه ذلك الظالم ~~لمن يكن هذا من الحسنات التي يحمد عليها ولا ذلك مما أمر الله به رسوله فمن ~~يقصد مدح فاطمة وتعظيمها كيف يذكر ms137 مثل هذا الذي لا مدح فيه بل المدح في ~~خلافه كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع # وأما قوله رووا جميعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا فاطمة إن الله ~~يغضب لغضبك ويرضى لرضاك فهذا كذب منه ما رووا هذا عن النبي صلى الله عليه ~~وسلم ولا يعرف هذا في شيء من كتب الحديث المعروفة ولا الإسناد معروف عن ~~النبي صلى الله عليه وسلم لا صحيح ولا حسن # ونحن إذا شهدنا لفاطمة بالجنة وبأن الله يرضى عنها فنحن لأبي بكر وعمر ~~وعثمان وطلحة والزبير وسعيد وعبد الرحمن بن عوف بذلك نشهد ونشهد بأن الله ~~تعالى أخبر برضاه عنهم في غير موضع كقوله تعالى (والسابقون الأولون من ~~المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) وقوله ~~تعالى # PageV01P205 # (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) وقد ثبت أن النبي صلى ~~الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راض ومن رضي الله عنه ورسوله لا يضره غضب أحد ~~من خلقه كائنا من كان ولأن من رضي الله عنه يكون رضاه موافقا لرضا الله فهو ~~راض عن الله بحكم الله وحكم الله موافق لرضاه وإذا رضوا بحكمه غضبوا لغضبه ~~فإن من رضي بغضب غيره لزم أن يغضب لغضبه فإن الغضب إذا كان مرضيا لك فعلت ~~ما هو مرضي لك وكذلك الرب تعالى وله المثل الأعلى إذا رضي عنهم غضب لغضبهم ~~إذ هو راض بغضبهم # وأما قوله رووا جميعا أن فاطمة بضعة مني من آذاها آذاني ومن آذاني آذى ~~الله فإن هذا الحديث لم يرو بهذا اللفظ بل روي بغيره كما ذكر في حديث خطبة ~~علي لإبنة أبي جهل لما قام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال إن بني ~~هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب وإني لا آذن ~~ثم لا آذن ثم لا آذن # إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها # إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ms138 ابنتهم # وفي رواية إني أخاف أن تفتتن في دينها # ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فقال حدثني ~~فصدقني ووعدني فوفى لي # وإني لست أحل حراما ولا أحرم حلالا ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله ~~وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من رواية ~~علي بن الحسين زين العابدين والمسور بن مخرمة # فسبب الحديث خطبة علي رضي الله عنه لإبنة أبي جهل والسبب داخل في اللفظ ~~قطعا إذ اللفظ الوارد على السبب لا يجوز إخراج سببه بل السبب يجب دخوله ~~بالإتفاق # وقد قال في الحديث يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ومعلوم قطعا أن خطبة ~~إبنة أبي جهل عليها رابها وآذاها والنبي صلى الله عليه وسلم رابه ذلك وآذاه ~~فإن كان هذا وعيدا لاحقا بفاعله لزم أن يلحق هذا الوعيد علي بن أبي طالب # PageV01P206 # وإن لم يكن وعيدا لاحقا بفاعله كان أبو بكر أبعد عن الوعيد من علي # وإن قيل إن عليا تاب من تلك الخطبة ورجع عنها قيل فهذا يقتضي أنه غير ~~معصوم # وإذا جاز أن من راب فاطمة وآذاها يذهب ذلك بتوبته جاز أن يذهب بغير ذلك ~~من الحسنات الماحية فإن ما هو أعظم من ذلك الذنب تذهب به الحسنات الماحية ~~والتوبة والمصائب المكفرة # وذلك أن هذا الذنب ليس من الكفر الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة ولو كان ~~كذلك لكان علي والعياذ بالله قد ارتد عن الإسلام في حياة النبي صلى الله ~~عليه وسلم # ومعلوم أن الله تعالى نزه عليا من ذلك # والخوارج الذين قالوا إنه ارتد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لم ~~يقولوا أنه ارتد في حياته إذ من ارتد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فلا ~~بد أن يعود إلى الإسلام أو يقتله النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لم يقع # وإذا كان هذا الذنب هو مما دون الشرك فقد قال تعالى (إن الله لا يغفر أن ~~يشرك به ويغفر ms139 ما دون ذلك لمن يشاء) # وإن قالوا بجهلهم إن هذا الذنب كفر ليكفروا بذلك أبا بكر لزمهم تكفير علي ~~واللازم باطل فالملزوم مثله # وهم دائما يعيبون أبا بكر وعمر وعثمان ويكفرونهم بأمور قد صدر من علي ما ~~هو مثلها أو أبعد عن العذر منها فإن كان مأجورا أو معذورا فهم أولى بالأجر ~~والعذر # وإن قيل بإستلزام الأمر الأخف فسقا أو كفرا كان إستلزام الأغلظ لذلك أولى # وأيضا فيقال إن فاطمة رضي الله عنها إنما عظم أذاها لما في ذلك من أذى ~~أبيها فإذا دار الأمر بين أذى أبيها وأذاها كان الإحتراز عن أذى أبيها أوجب # وهذا حال أبي بكر وعمر فإنهما إحترزا أن يؤذيا أباها أو يريباه بشيء فإنه ~~عهد عهدا وأمر أمرا فخافا إن غيرا عهده وأمره أن يغضب لمخالفة أمره وعهده ~~ويتأذى بذلك # وكل عاقل يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حكم بحكم وطلبت فاطمة ~~أو غيرها ما يخالف ذلك الحكم # PageV01P207 # كان مراعاة حكم النبي صلى الله عليه وسلم أولى فإن طاعته واجبة ومعصيته ~~محرمة ومن تأذى لطاعته كان مخطئا لتأذيه بذلك وكان الموافق لطاعته مصيبا في ~~طاعته # وهذا بخلاف من آذاها لغرض بعينه لا لأجل طاعة الله ورسوله # ومن تدبر حال أبي بكر في رعايته لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه إنما ~~قصد طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لا لأمر آخر علم أن حاله أكمل وأفضل ~~وأعلى من حال علي رضي الله عنه وكلاهما سيد كبير من أكابر أولياء الله ~~المتقين وحزب الله المفلحين وعباد الله الصالحين ومن السابقين الأولين ومن ~~أكابر المقربين الذين يشربون بالتسنيم ولهذا كان أبو بكر رضي الله عنه يقول ~~والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن أصل قرابتي # وقال ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته # رواه البخاري عنه # لكن المقصود أنه لو قدر أن أبا بكر آذاها فلم يؤذها لغرض نفسه بل ليطيع ~~الله ورسوله ويوصل الحق إلى مستحقه ms140 وعلي رضي الله عنه كان قصده أن يتزوج ~~عليها فله في أذاها غرض # بخلاف أبي بكر # فعلم أن أبا بكر كان أبعد أن # PageV01P208 # يذم بأذاها من علي # وأنه إنما قصد طاعة الله ورسوله بما لا حظ له فيه بخلاف علي فإنه كان له ~~حظ فيما رابها به # وأبو بكر كان من جنس من هاجر إلى الله ورسوله وهذا لا يشبه من كان مقصوده ~~امرأة يتزوجها # والنبي صلى الله عليه وسلم يؤذيه ما يؤذي فاطمة إذا لم يعارض ذلك أمر ~~الله تعالى فإذا أمر الله تعالى بشيء فعله وإن تأذى من تأذى من أهله وغيرهم ~~فهو في حال طاعة الله يؤذي ما يعارض طاعة الله ورسوله # وهذا الإطلاق كقوله من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني # ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني # ثم قد بين ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم إنما الطاعة الأولى في المعروف # فقوله من آذاها فقد آذاني يحمل على الآذى في المعروف بطريق الأولى ~~والأخرى لأن طاعة أمرأئه فرض وضدها معصية كبيرة # وأما فعل ما يؤذي فاطمة فليس هو بمنزلة معصية أمر رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم وإلا لزم أن يكون علي فعل ما هو من معصية الله ورسوله فإن معصية ~~أمرائه معصيته ومعصيته معصية الله # أما قوله لو كان هذا الخبر صحيحا لما جاز له أن يترك البغلة والسيف ~~والعمامة عند علي حين حكم له بها لما إدعاها العباس فيقال ومن نقل أن أبا ~~بكر وعمر حكما بذلك لأحد أو تركا ذلك عند أحد على أن يكون ملكا له فهذا من ~~أبين الكذب عليهما # بل غاية هذا أن يترك عند من ترك عنده كما تركا صدقته عند علي والعباس ~~ليصرفاها في مصارفها الشرعية # وأما قوله ولكان أهل البيت الذين طهرهم الله في كتابه مرتكبين ما لا يجوز # PageV01P209 # فيقال له أولا إن الله تعالى لم يخبر أنه طهر جميع أهل البيت وإذهب عنهم ~~الرجس فإن هذا كذب على الله ms141 كيف ونحن نعلم أن من بني هاشم من ليس بمطهر من ~~الذنوب ولا أذهب عنهم الرجس لا سيما عند الرافضة لأن عندهم كل من كان من ~~بني هاشم يحب أبا بكر وعمر رضي الله عنهم ليس بمطهر ولأن إنما قال فيها ~~(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) وقد تقدم أن هذا مثل قوله (ما ~~يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ويتم نعمته عليكم لعلكم ~~تشكرون) وقوله (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب ~~عليكم) ونحو ذلك مما فيه أن الله يحب ذلك لكم ويرضاه لكم ويأمركم به فمن ~~فعله حصل له هذا المراد المحبوب ومن لم يفعله لم يحصل له ذلك وقد بسط هذا ~~في غير الموضع وبين أن هذا ألزم لهؤلاء الرافضة القدرية فإن عندهم أن إرداة ~~الله بمعنى أمره لا بمعنى أنه يفعل ما أراد فلا يلزم إذا أراد الله تطهير ~~أحد أن يكون ذلك قد تطهر ولا يجوز عندهم أن يطهر أحد أحدا بل من أراد الله ~~تطهيره فإن شاء طهر نفسه وإن شاء لم يطهرها ولا يقدر الله عندهم على تطهير ~~أحد # وأما قوله إن الصدقة محرمة عليهم فيقال له أولا المحرم عليهم صدقة الفرض ~~وأما صدقة التطوع فقد كانوا يشربون من المياه المسبلة بين مكة والمدينة ~~ويقولون إنما حرم علينا الفرض ولم يحرم علينا التطوع # وإذا جاز أن ينتفعوا بصدقات الأجانب التي هي تطوع فإنتفاعهم بصدقة النبي ~~صلى الله عليه وسلم أولى وأحرى فإن هذه الأموال لم تكن زكاة مفروضة على ~~النبي صلى الله عليه وسلم وهي أوساخ الناس التي حرمت عليهم وإنما هي من ~~الفيء الذي أفاءه الله على رسوله والفيء لهم والنبي صلى الله عليه وسلم جعل ~~ما جعله الله له من الفيء صدقة وغايته أن يكون ملكا للنبي صلى الله عليه ~~وسلم تصدق به على المسلمين وأهل بيته أحق بصدقته فإن الصدقة على المسلمين ~~صدقة والصدقة على القرابة صدقة وصلة # PageV01P210 # وأما معارضته لحديث جابر ms142 رضي الله عنه فيقال جابر لم يدع حقا لغير ينتزع ~~من ذلك الغير ويجعل له وإنما طلب شيئا من بيت المال يجوز للإمام أن يعطيه ~~إياه ولو لم يعده به النبي صلى الله عليه وسلم فإذا وعده به كان أولى ~~بالجواز فلهذا لم يفتقر إلى بيته ولهذا كان أبو بكر وعمر يعطيان عليا ~~والعباس وبني هاشم كما أعطي جابرا من بيت المال # قال الرافضي وسموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما استخلفه في ~~حياته ولا بعد وفاته ولم يسموا عليا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ~~أنه إستخلفه على المدينة وقال له إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك # وأمر أسامة على جيش فيه أبو بكر وعمر ولم يعزله ولم يسموه خليفة رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم # ولما تولى أبو بكر غضب أسامة وقال إني أمرت عليك فمن إستخلفك علي فمشى ~~إليه هو وعمر حتى إسترضياه # والجواب أن الخليفة معناه الذي يخلف غيره كما هو المعروف في اللغة أو أن ~~يكون من إستخلفه غيره كقول الشيعة وبعض الظاهرية # فعلى الأول أبو بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه بعد موته ~~وقام مقامه وكان أحق بها وأهلها فكان هو الخليفة دون غيره ضرورة فإن الشيعة ~~وغيرهم لا ينازعون في أنه هو صار ولي الأمر بعده وصار خليفة له يصلي ~~بالمسلمين ويقيم فيهم الحدود ويقسم عليهم الفيء ويغزو بهم # PageV01P211 # ويولي عليهم العمال والأمراء وغير ذلك من الأمور التي يفعلها ولاة الأمور # فهذه بإتفاق إنما باشرها بعد موته صلى الله عليه وسلم أبو بكر فكان هو ~~الخليفة للرسول صلى الله عليه وسلم فيها قطعا # وعلى الثاني إن بعض أهل السنة يقولون إستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم ~~بنص جلي أو خفي ودعوى أولئك للنص الجلي أو الخفي على أبي بكر أقوى وأظهر ~~بكثير من دعوى الشيعة للنص على علي لكثرة النصوص الثابتة الدالة على خلافة ~~أبي بكر # وإن عليا لم يدل على خلافته إلا ما ms143 يعلم أنه كذب أو يعلم أنه لا دلالة ~~فيه # وعلى هذا التقدير فلم يستخلف بعد موته أحدا إلا أبا بكر فلهذا كان هو ~~الخليفة فإن الخليفة المطلق هو من خلفه بعد موته أو إستخلفه بعد موته وهذان ~~الوصفان لم يثبتا إلا لأبي بكر فلهذا كان الخليفة # وأما إستخلافه عليا على المدينة فليس خاصا به فقد إستخلف عليها ابن أم ~~مكتوم وعثمان بن عفان وأبا لبابة بن عبد المنذر وهذا ليس هو إستخلافا مطلقا ~~ولهذا لم يقل في أحد من هؤلاء إنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ~~مع التقييد # والنبي صلى الله عليه وسلم # PageV01P212 # إنما شبه عليا بهارون في أصل الإستخلاف لا في كماله وإلا فإستخلاف موسى ~~لهارون كان على بني إسرائيل إذ ذهب إلى المناجاة بخلاف النبي صلى الله عليه ~~وسلم وعلى أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم غالب الناس # وأما قوله إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك فهذا كذب موضوع فقد كان علي ~~معه في بدر وخيبر وحنين وغير ذلك واستعمل غيره عليها # PageV01P213 # ولم يكن أبو بكر في جيش أسامة بل كان النبي صلى الله عليه وسلم إستخلفه ~~في الصلاة من أول مرضه وامراء السرايا كأسامة وغيره لم يسموا خلفاء لأنهم ~~لا خلفوا الرسول بعد موته ولا خلفوه في كل شيء في حياته # وأما غضب أسامة فكذب بارد لأن أسامة كان أبعد شيء عن الفرقة والخلاف وقد ~~اعتزل القتال مع علي ومع معاوية ثم لم يكن قرشيا ولا ممن يصلح للخلافة بوجه # ثم لو قدر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره على أبي بكر ثم مات واستخلف ~~أبو بكر فإلى الخليفة إنفاذ الجيش وحبسه وتأمير أسامة وعزله وهذا لا ينكره ~~إلا جاهل # والعجب من هؤلاء المفترين ومن قولهم إن أبا بكر وعمر مشيا إليه واسترضياه ~~مع قولهم إنهما قهرا عليا والعباس وبني هاشم وبني عبد مناف ولم يسترضوهم ~~وأي حاجة بمن قهروا أشراف قريش أن يسترضوا ضعيفا ابن تسع عشرة سنة ms144 لا مال ~~له ولا رجال فإن قالوا إسترضياه لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ~~وتوليته له قيل فأنتم تدعون أنهما بدلا عهده ووصيته # PageV01P214 # قال وسموا عمر الفاروق ولم يسموا عليا بذلك مع قول النبي صلى الله عليه ~~وسلم فيه هذا فاروق أمتي # قلنا ما هذا بأول حديث كذبتموه ولا نعرف له إسنادا البتة # فما محبتكم عليا إلا من جنس محبة النصارى عيسى بن مريم أطروه وبالغوا ولم ~~يرضوا له بالمنزلة التي جعلها الله له وبهذا يتبين الحديث الذي رواه مسلم ~~عن علي أنه قال لعهد النبي الأمي إلى أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا ~~منافق فإن الرافضة لا تحبه على ما هو عليه وتبغض نعته من وجه كما كان ~~النصارى واليهود يبغضون من صدق بالنبي صلى الله عليه وسلم وأقر به فموسى ~~وعيسى عليهما السلام مقران بذلك # وكما أن عليا يحب أبا بكر وعمر قطعا والرافضة يبغضون من أحبهما فهم ~~داخلون في قوله صلى الله عليه وسلم لا يبغضك إلا منافق # وهكذا نجد كل من أحب شيخا على صفة ما هو قائم بهما في نفس الأمر كمن ~~إعتقد أن شيخه يشفع في كل مريديه وأنه يرزقه وينصره ويفرج كربته ويعينه في ~~الضرورات أو أنه يعلم المغيبات # وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله اليوم ~~الآخر ودعا لأبي هريرة وأمه أن يحببهما الله إلى عباده المؤمنين # وقال روى ابن عمر قال ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغضهم عليا فهذا يعلم ~~كل عالم أنه كذب إذ للنفاق علامات كثيرة وقد قال عليه السلام آية النفاق ~~بغض الأنصار وقال آية المنافق ثلاث وقد قال تعالى في القرآن في صفة ~~المنافقين (ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا) (ومنهم الذين ~~يؤذون النبي) صلى الله عليه وسلم (ومنهم من يقول أئذن لي ولا تفتني) ومنهم ~~من يقول (أيكم زادته هذه إيمانا) وذكر لهم سبحانه وتعالى في سورة براءة ~~وغيرها من العلامات والصفات ما ms145 لا يسع هذا # PageV01P215 # الموضع بسطه بل لو قال كنا نعرف المنافقين ببغض علي لكان متجها كما أنهم ~~يعرفون أيضا ببغض الأنصار بل وببغض أبي بكر وعمر وببغض غير هؤلاء فإن كل من ~~أبغض ما يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويواليه وأنه كان يحب النبي ~~صلى الله عليه وسلم ويواليه كان بغضه شعبة من شعب النفاق والدليل يطرد ولا ~~ينعكس # ولهذا كان أعظم الطوائف نفاقا المبغضين لأبي بكر لأنه لم يكن في الصحابة ~~أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم منه ولا كان فيهم أعظم حبا للنبي صلى ~~الله عليه وسلم منه فبغضه من أعظم آيات النفاق # ولهذا لا يوجد المنافقون في طائفة أعظم منها في مبغضيه كالنصيرية ~~والإسماعيلية ونحوهم # قال وعظموا أمر عائشة على باقي نسوانه صلى الله عليه وسلم وقد كان يكثر ~~من ذكر خديجة # قلنا أهل السنة لم يجمعوا على أن عائشة أفضلهن وحجة من فضلها قوله عليه ~~السلام فضل عائشة على النساء كفضل الثريد يعني اللحم والخبز على سائر ~~الطعام # وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه قلت يا رسول الله أي النساء أحب إليك ~~قال عائشة # قلت ومن الرجال قال أبوها # قلت ثم من قال عمر # وسمى رجالا # وهؤلاء يقولون قوله لخديجة ما أبدلني الله خيرا منها إن صح فمعناه ما ~~أبدلني خيرا لي منها # فإن خديجة نفعته في أول الإسلام نفعا لم يقم غيرها فيه مقامها فكانت خيرا ~~له من هذا الوجه لكونها نفعته وقت الحاجة وعائشة صحبته في آخر # PageV01P216 # النبوة وكمال الدين فحصل لها من العلم والإيمان ما لم يحصل لمن يدرك إلا ~~أول النبوة # فكانت أفضل لهذه الزيادة فإن الأمة إنتفعت بها أكثر مما إنتفعت بغيرها ~~وبلغت من العلم والسن ما لم يبلغه غيرها فخديجة كان خيرها مقصورا على نفس ~~النبي صلى الله عليه وسلم لم تبلغ عنه شيئا ولم تنتفع بها الأمة كما إنتفعت ~~بعائشة ولأن الدين لم يكن قد كمل حتى تعلمه ويحصل لها من كمالاته ما حصل ms146 ~~لمن علم وآمن به بعد كماله # ومعلوم أن من إجتمع همه على شيء واحد كان أبلغ ممن تفرق همه في أعمال ~~متنوعه فخديجة رضي الله عنها خير له من هذا الوجه لكن أنواع البر لم تنحصر ~~في ذلك ألا ترى إن من كان من الصحابة أعظم إيمانا وأكثر جهادا بنفسه وماله ~~كحمزة وعلي وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وغيرهم وهم أفضل ممن كان يخدم النبي ~~صلى الله عليه وسلم وينفعه في نفسه أكثر منهم كأبي رافع وأنس بن مالك ~~وغيرهما # وفي الجملة الكلام في تفضيل عائشة وخديجة ليس هذا موضع إستقصائه لكن ~~المقصود هنا أن أهل السنة مجمعون على تعظيم عائشة ومحبتها وأن نساءه أمهات ~~المؤمنين اللواتي مات عنهن كانت عائشة أحبهن إليه وأعظمهن حرمة عند ~~المسلمين # PageV01P217 # وقد ثبت في الصحيح أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة لما يعلمون ~~من محبته إياها حتى إن نساءه غرن من ذلك وأرسلن إليه فاطمة رضي الله عنها ~~تقول له نساؤك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة فقال لفاطمة أي بنية أما ~~تحبين ما أحب قالت بلى # قال فأحبي هذه الحديث في الصحيحين # وفي الصحيحين أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا عائشة هذا جبرئيل ~~يقرأ عليك السلام # قالت وعليه السلام ورحمة الله ترى مالا نرى # ولما أراد فراق سوده بنت زمعة وهبت يومها لعائشة رضي الله عنها بإذنه صلى ~~الله عليه وسلم وكانت في مرضه الذي مات فيه يقول أين أنا اليوم إستبطاء ~~ليوم عائشة ثم استأذن نساءه أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فمرض فيه ~~وفي بيتها توفي بين سحرها ونحرها وفي حجرها وجمع بين ريقها وريقه # وكانت رضي الله عنها مباركة على أمته حتى قال أسيد بن حضير لما أنزل الله ~~آية التيمم بسببها ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر ما نزل بك أمر تكرهينه ~~إلا جعل الله فيه للمسلمين بركة # وقد كانت نزلت آية براءتها قبل ذلك لما رماها أهل الإفك فبرأها ms147 الله من ~~فوق سبع سموات وجعلها من الصينات وبالله التوفيق # PageV01P218 # قال وأذاعت سر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني قوله تعالى (وإذ أسر ~~النبي إلى بعض أزواجه حديثا) وثبت في الصحيح أنها عائشة وحفصة # قال وقال لها النبي صلى الله عليه وسلم إنك تقاتلين عليا وأنت ظالمة له ~~فخالفت أمر الله (وقرن في بيوتكن) وخرجت في ملأ تقاتل عليا لأن المسلمين ~~أجمعوا على قتل عثمان وكانت هي كل وقت تأمر بقتله وتقول اقتلوا نعثلا # وكيف إستجاز طلحة والزبير وعشرة آلاف من المسلمين مطاوعتها على قتال علي ~~وبأي وجه يلقون رسول الله صلى الله عليه وسلم والواحد منا لو تحدث مع امرأة ~~غيره واخرجها من بيتها وسافر بها كان أشد الناس عداوة له وكيف طاوعوها ولم ~~ينصر أحد منهم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر لما طلبت حقها ~~قلنا أما أهل السنة فإنهم قائمون بالقسط وقولهم عدل لا يتناقض # وأما الرافضة وأهل البدع فذوو أهواء وتناقض # فمن ذلك أن أهل السنة عندهم أن اهل بدر في الجنة وكذلك أمهات المؤمنين # ويقولون ليس من شرطهم سلامتهم عن الخطأ بل ولا عن الذنب بل يجوزون أن ~~يذنب الرجل منهم ذنبا صغيرا أو كبيرا ويتوب منه وهذا متفق عليه بين ~~المسلمين # ولو لم يتب منه فالصغائر تمحي باجتباب الكبائر عند جماهيرهم # بل وعند الأكثرين منهم أن الكبائر تمحي بالحسنات التي هي أعظم منها ~~وبالمصائب المكفرة وغير ذلك # وإذ كان هذ أصلهم فيقولون ما ذكر عن الصحابة من السيئات كثير منه كذب ~~وكثير منه كانوا مجتهدين فيه ولكن لا يعرف كثير من الناس وجه إجتهادهم # وما قدر أنه كان فيه ذنب من الذنوب لهم فهو مغفور لهم إما بتوبة وإما ~~بحسنات ماحية وإما بمصائب مكفرة وإما بغير ذلك # فإنه قد قام الدليل الذي يجب القول بموجبه أنهم # PageV01P219 # من أهل الجنة فامتنع أن يفعلوا ما يوجب النار لا محالة # وإذا لم يمت أحدهم على موجب النار لم يقدح ذلك في إستحقاقهم ms148 للجنة # ونحن قد علمنا أنهم من اهل الجنة ولو لم يعلم أن أولئك المعينين في الجنة ~~لم يجز لنا أن نقدح في إستحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار فإن ~~هذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة وليس لنا أن ~~نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك فكيف يجوز ذلك في خيار ~~المؤمنين والعلم بتفاصيل أحوال كل واحد منهم باطنا وظاهرا وحسناته وسيئاته ~~وإجتهاداته أمر يتعذر علينا معرفته فكان كلامنا في ذلك كلاما فيما لا نعلمه ~~والكلام بلا علم حرام فلهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيرا من الخوض ~~في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال إذ كان كثير من الخوض في ذلك أو أكثره ~~كلاما بلا علم وهذا حرام لو لم يكن فيه هوى ومعارضة الحق المعلوم فكيف إذا ~~كان كلاما لهوى يطلب فيه دفع الحق المعلوم وقد قال النبي صلى الله عليه ~~وسلم القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة # رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في ~~النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار فإذا كان هذا في قضاء بين إثنين ~~في قليل المال أو كثيره فكيف القضاء بين الصحابة في أمور كثيرة فمن تكلم في ~~هذا الباب بجهل أو بخلاف ما يعلم كان مستوجبا للوعيد ولو تكلم بحق بقصد ~~الهوى لا لوجه الله تعالى أو يعارض به حقا آخر لكان أيضا مستوجبا للذم ~~والعقاب # ومن علم ما دل عليه القرآن والسنة من الثناء على القوم ورضا الله عنهم ~~وإستحقاقهم الجنة وأنهم خير هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس لم ~~يعارض هذا المتيقن المعلوم بأمور مشتبهة منها ما لا يعلم صحته ومنها ما ~~يتبين كذبه ومنها ما لا يعلم كيف وقع ومنها ما يعلم عذر القوم فيه # ومنها ما يعلم توبتهم منه ومنها ما يعلم أن لهم من الحسنات ما يغمره # فمن سلك سبيل أهل السنة ms149 إستقام قوله وكان من أهل الحق والإستقامة ~~والإعتدال وإلا حصل في جهل ونقص وتناقض كحال هؤلاء الضلال # PageV01P220 # وأما قوله وأذاعت سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ريب أن الله تعالى ~~يقول (وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه ~~عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم ~~الخبير) وقد ثبت في الصحيح عن عمر أنها عائشة وحفصة # فيقال أولا هؤلاء عمدوا إلى نصوص القرآن التي فيها ذكر ذنوب يتأولون ~~النصوص بأنواع التأويلات # وأهل السنة يقولون بل أصحاب الذنوب تابوا منها ورفع الله درجاتهم بالتوبة # وهذه الآية ليست بأولى في دلالتها على الذنب من تلك الآيات فإن كان تأويل ~~ذلك سائغا كان تأويل هذه كذلك وإن كان تاويل هذه باطلا فتأويل تلك أبطل # ويقال ثانيا بتقدير أن يكون هناك ذنب لعائشة وحفصة فتكونان قد تابتا منه ~~وهذا ظاهر لقوله تعالى (أن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) فدعاهما الله ~~تعالى إلى التوبة فلا يظن بهما أنهما لم تتوبا مع ما ثبت من علو درجتها ~~وأنهما زوجتا نبينا في الجنة وأن الله خيرهن بين الحياة الدنيا وزينتها ~~وبين الله ورسوله والدار الآخرة فاختزن الله ورسوله والدار الآخرة ولذلك ~~حرم عليه أن يستبدل بهن غيرهن وحرم عليه أن يتزوج عليهن واختلف في إباحة ~~ذلك له بعد ذلك ومات عنهن وهن أمهات المؤمنين بنص القرآن # ثم قد تقدم أن الذنب يزول عقابه بالتوبة والحسنات الماحية والمصائب ~~المكفرة # ويقال ثالثا المذكور عن أزواجه كالمذكور عمن شهد له بالجنة من أهل بيته ~~وغيرهم من أصحابه # فإن عليا لما خطب إبنة أبي جهل على فاطمة وقام النبي صلى الله عليه وسلم ~~خطيبا فقال إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا عليا إبنتهم وإني ~~لا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق إبنتي ويتزوج ~~إبنتهم # فإن فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ms150 فلا يظن بعلى أنه ~~ترك الخطبة في الظاهر فقط بل تركها بقلبه وتاب # PageV01P221 # بقلبه عما كان طلبه وسعى فيه # وكذلك لما صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين يوم الحديبية وقال ~~لأصحابه انحروا واحلقوا رءؤسكم فلم يقم أحد فدخل مغضبا على أم سلمة فقالت ~~من أغضبك أغضبه الله فقال مالي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا يطاع فقالت يا ~~رسول الله ادع بهديك فانحره وأمر الحلاق فليحلق رأسك # وأمر عليا أن يمحو اسمه فقال والله لا أمحوك # فأخذ الكتاب من يده ومحاه # ومعلوم أن تأخر علي وغيره من الصحابة عما أمروا به حتى غضب النبي صلى ~~الله عليه وسلم إذا قال القائل هذا ذنب كان جوابه كجواب القائل إن عائشة ~~أذنبت في ذلك # فمن الناس من يتأول ويقول إنما تأخروا متأولين لكونهم كانوا يرجون تغيير ~~الحال بأن يدخلوا مكة وآخر يقول لو كان لهم تأويل مقبول لم يغضب النبي صلى ~~الله عليه وسلم بل تابوا من ذلك التأخر ورجعوا عنه مع أن حسناتهم تمحو مثل ~~هذا الذنب وعلي داخل في هؤلاء رضي الله عنهم أجمعين # وأما قوله تقاتلين عليا فكذب فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال وإنما ~~خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين # ثم # PageV01P222 # تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى # فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها # وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال فندم طلحة والزبير ~~وعلي رضي الله عنهم أجمعين # ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في القتال ولكن وقع الإقتتال بغير إختيارهم # PageV01P223 # وأما قوله وخالفت أمر الله في قوله تعالى (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج ~~الجاهلية الأولى) فهي رضي الله عنها لم تتبرج تبرج الجاهلية الأولى والأمر ~~بالإستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها كما لو خرجت للحج ~~والعمرة او خرجت مع زوجها في سفر فإن هذه الآية نزلت في حياة النبي صلى ~~الله عليه وسلم وقد سافر النبي صلى الله ms151 عليه وسلم بهن بعد ذلك في حجة ~~الوداع سافر بعائشة رضي الله عنها وغيرها وأرسلها مع عبد الرحمن أخيها ~~فأردفها خلفه وأعمرها من التنعيم # وحجة الوداع كانت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأقل من ثلاثة أشهر ~~بعد نزول هذه الآية ولهذا كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يحججن كما ~~حججن في خلافة عمر رضي الله عنه وكان عمر يوكل بقطارهن عثمان أو عبد الرحمن ~~بن عوف # وإذا كان سفرهن لمصلحة جائزا فعائشة اعتقدت أن ذلك السفر مصلحة للمسلمين ~~فتأولت في هذا # وهذا كما أن قول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم ~~بينكم بالباطل) وقوله (ولا تقتلوا أنفسكم) يتضمن قتل المؤمنين بعضهم بعضا ~~كما في قوله (ولا تلمزوا أنفسكم) وقوله (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون ~~والمؤمنات بأنفسهم خيرا) وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم إن دماءكم ~~وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ~~وقوله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في ~~النار قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال كان حريضا علي قتل ~~صاحبه # فلو قال قائل إن عليا ومن قاتله قد التقيا بسيفيهما وقد إستحلوا دماء ~~المسلمين فيجب أن يلحقهم الوعيد # PageV01P224 # فجوابه أن الوعيد لا يتناول المجتهد المتأول وإن كان مخطئا فإن الله ~~تعالى يقول في دعاء المؤمنين (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قد فعلت # وقد عفا للمؤمنين عن النسيان والخطأ والمجتهد المخطيء مغفور له خطأه وإذا ~~غفر خطأ هؤلاء في قتال المؤمنين فالمغفرة لعائشة لكونها لم تقر في بيتها إذ ~~كانت مجتهدة أولى # وأيضا لو قال قائل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المدينة تنفي ~~خبثها وتنصع طيبها وقال لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله ~~خيرا منه أخرجه في الموطأ وقال إن عليا خرج منها ولم يقم بها كما أقام ~~الخلفاء قبله ولهذا لم تجتمع عليه الكلمة لكان الجواب إن المجتهد ms152 إذا كان ~~دون علي لم يتناوله الوعيد فعلي أولى أن لا يتناوله الوعيد لإجتهاده # وبهذا يجاب عن خروج عائشة رضي الله عنها وإذا كان المجتهد مخطئا فالخطأ ~~مغفور بالكتاب والسنة # وأما قوله خرجت تقاتل عليا على غير ذنب فهذا إفتراء عليها ولو قدر أن ~~الطائفتين قصدتا القتال لكان هو القتال المذكور في قوله تعالى (وإن طائفتان ~~من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا ~~التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينها بالعدل وأقسطوا إن ~~الله يحب المقسطين # إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) فجعلهم مؤمنين إخوة مع الإقتتال # وأما قوله أجمعوا على قتل عثمان فهذا كذب سمج فإن الجمهور لم يأمروا ~~بقتله ولا رضوه ولم يكن أكثر المسلمين بالمدينة بل كانوا بالأمصار من بلد ~~المغرب إلى خراسان ولم يدخل خيار المسلمين في ذلك وإنما قتله طائفة من ~~المفسدين في الأرض من أوباش القبائل ورءوس الشر # وعن علي قال اللهم العن قتله عثمان في البر والبحر والسهل والجبل # غاية ما يقال إنهم لم ينصروه وفتروا عن إعانته بما # PageV01P225 # رأوه وما ظنوا أن الأمر يبلغ إلى قتله # ومن المعلوم أن المسلمين أجمعوا على بيعة عثمان # PageV01P226 # وما أجمعوا على قتله فهلا كان الإجماع على بيعته يا معشر الرافضة حقا ~~لتيقن الإجماع عليها وأيضا فإجماع الناس على بيعة أبي بكر أعظم من إجماعهم ~~على بيعة علي وعلى قتل عثمان فإنه ما تخلف عن أبي بكر إلا جماعة كسعد بن ~~عبادة والله يغفر له # وقد قدمنا أن الرجل المشهود له بالجنة قد يذنب لإنتفاء العصمة # وما قولك يا جاهل إن عثمان قتل بالإجماع إلا كما قال ناصبي قتل الحسين ~~بإجماع المسلمين لأن الذين قاتلوه وقتلوه لم يدفعهم أحد عن ذلك فلم يكن ~~كذبه بأظهر من كذب المدعي الإجماع على # PageV01P227 # قتل عثمان فإن الحسين لم يعظم إنكار الأمة لقتله كما عظم إنكارهم لقتل ~~عثمان ولا انتصر له جيوش كالجيوش الذين انتصروا لعثمان ولا انتقم أعوانه من ~~أعدائه كما انتقم ms153 أعوان عثمان من أعدائه ولا حصل بقتله من الفتنة والشر ~~والفساد ما حصل بقتل عثمان # PageV01P228 # ولا كان قتله أعظم إنكارا عند الله وعند رسوله وعند المؤمنين من قتل ~~عثمان فإن عثمان من أعيان السابقين الأولين من المهاجرين من طبقة علي وطلحة ~~والزبير وهو خليفة للمسلمين أجمعوا على بيعته بل لم يشهر في الأمة سيفا ولا ~~قتل على ولايته أحدا وكان بغزو بالمسلمين الكفار بالسيف وكان السيف في ~~خلافته كما كان في خلافة أبي بكر وعمر مسلولا على الكفار مكفوفا عن أهل ~~القبلة # ثم إنه طلب قتله وهو خليفة # PageV01P229 # فصبر ولم يقاتل دفعا عن نفسه حتى قتل # ولا ريب أن هذا أعظم أجرا وقتلته أعظم إنما ممن لم يكن متوليا فخرج يطلب ~~الولاية ولم يتمكن حتى قاتله أعوان الذين طلب أخذ الأمر منهم فقاتل عن نفسه ~~حتى قتل # ولا ريب أن قتال الدافع عن نفسه وولايته أقرب من قتال الطالب لأن يأخذ ~~الأمر من غيره وعثمان ترك القتال دفعا عن ولايته فكان حاله أفضل من حال ~~الحسين وقتله أشنع من قتل الحسين # كما أن الحسن رضي الله عنه وهو لم يقاتل على الأمر بل أصلح بين الأمة ~~بترك القتال مدحه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال إن ابني هذا سيد ~~وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين # والمنتصرون لعثمان معاوية وأهل الشام والمنتصرون من قتلة الحسين # PageV01P230 # المختار بن أبي عبيد الثقفي وأعوانه # ولا يشك عاقل أن معاوية رضي الله عنه خير من المختار فإن المختار كذاب ~~ادعى النبوة # وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال # PageV01P231 # يكون في ثقيف كذاب ومبير فالكذاب هو المختار والمبير هو الحجاج بن يوسف # PageV01P232 # وهذا المختار كان أبوه رجلا صالحا وهو أبو عبيد الثقفي الذي قتل شهيدا في ~~حرب المجوس وأخته صفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر امرأة صالحة ~~وكان المختار رجل سوء # PageV01P233 # وأما قوله إن عائشة كانت في كل وقت تامر بقتل عثمان وتقول في كل ms154 وقت ~~اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ولما بلغها قتله فرحت بذلك # فيقال أولا أين النقل الثابت عن عائشة بذلك ويقال ثانيا إن المنقول عن ~~عائشة يكذب ذلك ويبين أنها أنكرت قتله وذمت من قتله ودعت على أخيها محمد ~~وغيره لمشاركتهم في ذلك # ويقال ثالثا هب أن واحدا من الصحابة عائشة أو غيرها قال في ذلك كلمة على ~~وجه الغضب # PageV01P234 # لإنكاره بعض ما ينكر فليس قوله حجة ولا يقدح في إيمان القائل ولا المقول ~~له بل قد يكون كلاهما وليا لله تعالى من أهل الجنة ويظن أحدهما جواز قتل ~~الآخر بل و \ يظن كفره وهو مخطيء في هذا الظن كما ثبت في الصحيحين عن علي ~~وغيره في قصة حاطب ابن أبي بلتعة وكان من أهل بدر والحديبية وفي حديث علي ~~أن حاطبا كتب إلى المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم لما أراد غزوة الفتح فاطلع الله نبيه على ذلك فقال لعلي والزبير إذهبا ~~حتى تأتيا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب # فلما أتيا بالكتاب قال ما هذا يا حاطب فقال والله يا رسول الله ما فعلت ~~هذا إرتدادا ولا رضا بالكفر ولكن كنت امرءا ملصقا في قريش ولم أكن من ~~أنفسهم وكان من معك من المهاجرين لهم بمكة قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت ~~إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي # فقال عمر رضي الله عنه دعني أضرب عنق هذا المنافق # فقال إنه شهد بدرا وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما ~~شئتم فقد غفرت لكم وأنزال الله تعالى في أول سورة الممتحنة (يا أيها الذين ~~آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما ~~جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم ~~جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم ~~وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل) الآيات # وهذه القصة مما اتفق أهل العلم ms155 على صحتها # وهي متواترة عندهم معروفة عند علماء التفسير وعلماء المغازي والسير ~~والتواريخ وعلماء الفقه وغير هؤلاء وكان علي رضي الله عنه يحدث بهذا الحديث ~~في خلافته بعد الفتنة وروى ذلك عنه كاتبه عبيد الله بن أبي رافع ليبين لهم ~~أن السابقين مغفور لهم ولو جرى منهم ما جرى # وعثمان وطلحة والزبير أفضل # PageV01P235 # بإتفاق المسلمين من حاطب بن أبي بلتعة وكان حاطب مسيئا إلى مماليكه وكان ~~ذنبه في مكاتبه المشركين وإعانتهم على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ~~أعظم من الذنوب التي تضاف إلى هؤلاء ومع هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى ~~عن قتله # وكذب من قال إنه يدخل النار لأنه شهد بدرا والحديبية وأخبر بمغفرة الله ~~لأهل بدر # ومع هذا فقال عمر رضي الله عنه دعني أضرب عنق هذا المنافق فسماه منافقا ~~واستحل قتله ولم يقدح ذلك في إيمان واحد منهما ولا في كونه من أهل الجنة # وكذلك في الصحيحين وغيرهما في حديث الإفك لما قام النبي صلى الله عليه ~~وسلم خطيبا على المنبر يعتذر من رأس المنافقين عبد الله بن أبي ابن سلول ~~فقال من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي والله ما علمت على أهلي إلا خيرا # ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا فقام سعد بن معاذ سيد الأوس وهو ~~الذي اهتز لموته عرش الرحمن وهو الذي كان لا تأخذه في الله لومة لائم بل ~~حكم في حلفائه من بني قريظة بأن يقتل مقاتلهم وتسبى ذراريهم وتغنم أموالهم # حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة ~~أرقعة فقال يا رسول الله نحن نعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان ~~من أصحابنا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك # فقام سعد بن عبادة فقال كذبت لعمرو الله لا تقتله ولا تقدر على قتله # فقال أسيد بن حضير فقال كذبت لعمرو الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن ~~المنافقين # وكادت تثور فتنة بين الأوس والخزرج حتى نزل ms156 النبي صلى الله عليه وسلم ~~وخفضهم # وهؤلاء الثلاثة من خيار السابقين الأولين وقد قال أسيد بن حضير لسعد بن ~~عبادة إنك منافق تجادل عن المنافقين وهذا مؤمن ولي لله من أهل الجنة وذاك ~~مؤمن ولي لله من أهل الجنة فدل على أن الرجل قد يكفر أخاه بالتأويل ولا ~~يكون واحد منهما كافرا # PageV01P236 # وقول بعض الصحابة في مالك بن الدخشم وودوا أن النبي صلى الله عليه وسلم ~~دعا عليه فيهلك فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته وقال أليس يشهد أن ~~لا إله إلا الله وأني رسول الله # وليس من شرط الرجل الكبير أن لا يذنب ولا يخطيء بإجتهاد ولا نحن ادعينا ~~العصمة في عثمان # والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل لا بجهل وظلم كحال أهل البدع # فإن الرافضة يعمدون إلى أقوام متقاربين في الفضيلة يريدون أن يجعلوا ~~أحدهم معصوما من الذنوب والخطايا والآخر مأثوما فاسقا أو كافرا فيظهر جهلهم ~~وتناقضهم # كاليهودي أو النصراني إذا أراد أن يثبت نبوة موسى أو عيسى مع قدحه في ~~نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فإنه يظهر عجزه وجهله وتناقضه فإنه ما من ~~طريق يثبت بها نبوة موسى وعيسى إلا وتثبت نبوة محمد بمثلها أو بما هو أقوى ~~منها # ولا من شبهة تعرض في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا وتعرض في نبوة ~~موسى وعيسى عليهما السلام بما هو مثلها أو أقوى منها # وكل من عمد إلى التفريق بين المتماثلين أو مدح الشيء وذم ما هو من جنسه ~~أو ما هو أولى بالمدح منه أو بالعكس أصابه مثل هذا التناقض والعجز والجهل # وهكذا أتباع العلماء والمشايخ إذا أراد أحدهم أن يمدح متبوعه ويذم نظيره ~~أو يفضل أحدهم على الآخر بمثل هذا الطريق # وأما قوله إنها سألت من تولى الخلافة فقالوا علي # فخرجت لقتاله على دم عثمان وأي ذنب كان لعلي في ذلك # يقال له أولا قول القائل إن عائشة وطلحة والزبير إتهموا عليا بأنه قتل ~~عثمان وقاتلوه على ذلك كذب # بل ms157 إنما طلبوا القتلة الذين كانوا تحيزوا إلى علي وهم يعلمون أن براءة ~~علي من دم عثمان كبراءتهم وأعظم لكن # PageV01P237 # القتلة كانوا قد أووا إليه فطلبوا قتل القتلة ولكن كانوا عاجزين عن ذلك ~~هم وعلي لأن القوم كانت لهم قبائل يذبون عنهم والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء ~~فيها عن دفع السفهاء فصار الأكابر رضي الله عنهم عاجزين عن إطفاء الفتنة ~~وكف أهلها وهذا شأن الفتن كما قال تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا ~~منكم خاصة) وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله # وأيضا فقوله أي ذنب كان لعلي في قتله تناقض منه فإنه يزعم أن عليا ممن ~~يستحل قتله وقتاله وممن ألب عليه وقام بذلك فإن عليا قد نسبه إلى قتل عثمان ~~كثير من شيعته وشيعة عثمان هؤلاء لتعصبهم لعثمان وهؤلاء لتعصبهم لعلي # وأما جماهير الإسلام فيعلمون كذب الطائفتين على علي # والرافضة تقول إن عليا كان ممن يستحل قتل عثمان بل وقتل أبي بكر وعمر ~~وترى أن الإعانة على قتله من الطاعات والقربات # PageV01P238 # فكيف يقول من هذا إعتقاده أي ذنب كان لعلي في ذلك وإنما يليق هذا التنزيه ~~لعلي بأقوال أهل السنة # لكن الرافضة من أعظم الناس تناقضا # وأما قوله وكيف إستجاز طلحة والزبير وغيرهما مطاوعتها على ذلك وبأي وجه ~~يلقون رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن الواحد منا لو تحدث مع امرأة ~~غيره أو أخرجها من منزلها أو سافر بها كان أشد الناس عداوة له فيقال هذا من ~~تناقض الرافضة وجهلهم فإنهم يعظمون عائشة في هذا المقام طعنا في طلحة ~~والزبير ولا يعلمون أن هذا إن كان متوجها فالطعن في علي بذلك أوجه فإن طلحة ~~والزبير كانا معظمين عائشة موافقين لها مؤتمرين بأمرها وهما وهي من أبعد ~~الناس عن الفواحش والمعاونة عليها فإن جاز للرافضي أن يقدح فيهما بقوله بأي ~~وجه يلقون رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن الواحد منا لو تحدث مع امرأة ~~غيره حتى أخرجها من منزلها وسافر ms158 بها إلخ كان للناصبي أن يقول بأي وجه يلقى ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاتل امرأته وسلط عليها أعوانه حتى عقروا ~~بها بعيرها وسقطت من هودجها وأعداؤها حولها يطوفون بها كالمسبية التي أحاط ~~بها من يقصد سباءها ومعلوم أن هذا في مظنه الإهانة لأهل الرجل وذلك أعظم من ~~إخراجها من منزلها وهي بمنزلة الملكة المبجلة المعطمة التي لا يأتي إليها ~~أحد إلا بإذنها ولم يكن طلحة والزبير ولا غيرهما من الأجانب يحملونها بل ~~كان في المعسكر من محارمها مثل عبد الله بن الزبير ابن أختها وخلوته بها ~~ومسه لها جائز بالكتاب والسنة والإجماع # وكذلك سفر المرأة مع ذي محرمها جائظ بالكتاب والسنة والإجماع # وهي لم تسافر إلا مع ذي محرمها # وأما العسكر الذين قاتلوها فلولا أنه كان في العسكر محمد بن أبي بكر مد ~~يده إليها لمد يده إليها الأجانب # ولهذا دعت عائشة رضي الله عنها على من مد يده إليها وقالت يد من هذه # PageV01P239 # أحرقها الله بالنار فقال أي أخت في الدنيا قبل الآخرة فقالت في الدنيا ~~قبل الآخرة فاحرق بالنار بمصر # ولو قال المشنع أنتم تقولون إن آل الحسين سبوا لما قتل الحسين # ولم يفعل بهم إلا من جنس ما فعل بعائشة حيث استولى عليها وردت إلى بيتها ~~وأعطيت نفقتها وكذلك آل الحسين إستولى عليهم وردوا إلى أهليهم وأعطوا ~~نفقتهم فإن كان هذا سبيا وإستحلالا للحرمة النبوية فعائشة قد سبيت واستحلت ~~حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم # وهم يشنعون ويزعمون أن بعض أهل الشام طلب أن يسترق فاطمة بنت الحسين ~~وأنها قالت لاها لله حتى نكفر بديننا # وهذا إن كان وقع فالذين طلبوا من علي أن يسبوا من قاتهلم من أهل الجمل ~~وصفين ويغنموا أموالهم أعظم جرما وكان في ذلك لو سبوا عائشة وغيرها # ثم إن هؤلاء الذين طلبوا ذلك من علي كانوا متدينين به مصرين عليه إلى أن ~~خرجوا على علي وقاتلهم على ذلك # وذلك الذي طلب إسترقاق فاطمة بنت الحسين واحد مجهول لا ms159 شوكة له ولا حجة ~~ولا فعل هذا تدينا # ولما منعه سلطانه من ذلك إمتنع # فكان المستحلون لدماء المسلمين وحرمهم وأموالهم وحرمة رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم في عسكر علي أعظم منهم في عسكر بني أمية # وهذا متفق عليه بين الناس # فإن الخوارج الذين مرقوا من عسكر علي رضي الله عنه هم شر من شرار عسكر ~~معاوية رضي الله عنه ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم وأجمع ~~الصحابة على قتالهم والرافضة أكذب منهم وأظلم وأجهل وأقرب إلى الكفر ~~والنفاق لكنهم أعجز منهم وأذل وكلا الطائفتين عن عسكر علي # وبهذا وأمثاله ضعف علي وعجز عن مقاومة من كان بإزائه # والمقصود هنا أن ما يذكرونه من القدح في طلحة والزبير ينقلب ما هو أعظم # PageV01P240 # منه في حق علي # فإن أجابوا عن ذلك بأن عليا كان مجتهدا فيما فعل وأنه أولى بالحق من طلحة ~~والزبير قيل نعم وطلحة والزبير كانا مجتهدين وعلي وإن كان أفضل منهما ولكن ~~إن كان فعل طلحة والزبير معهما ذنبا ففعل علي أعظم ذنبا # فإن قالوا هما أحوجا عليا إلى ذلك لأنهما أتيا بها فما فعله علي مضاف ~~إليهما لا إلى علي قيل وهكذا معاوية قيل له قتلت عمارا وقد قال النبي صلى ~~الله عليه وسلم تقتلك الفئة الباغية قال أو نحن قتلناه إنما قتله الذين ~~جاءوا به حتى جعلوه تحت سيوفنا # فإن كانت هذه الحجة مردودة فحجة من احتج بأن طلحة والزبير فعلا بعائشة ما ~~جرى عليها من إهانة عسكر علي لها وإستيلائهم عليها مردودة أيضا # وإن قبلت هذه الحجة قبلت حجة معاوية رضي الله عنه # والرافضة وأمثالهم من أهل الجهل والظلم يحتجون بالحجة التي تستلزم فساد ~~قولهم وتناقضهم فإنه إن احتج بنظيرها عليهم فسد قولهم المنقوض بنظيرها وإن ~~لم تحتج بنظيرها بطلت هي في نفسها لأنه لا بد من التسوية بين المتماثلين # ولكن منتهاهم مجرد الهوى الذي لا علم معه (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير ~~هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ms160) # وأما قوله # كيف أطاعها عشرة آلاف من المسلمين وساعدوها على حرب أمير المؤمنين ولم ~~ينصر أحد منهم فاطمة لما طلبت حقها من أبي بكر ولا شخص واحد كلمه بكلمة ~~فهذا من أعظم الحجج عليه # فإنه لا يشك عاقل أن القوم كانوا يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~ويعظمونه ويعظمون قرابته وبنته أكثر وأعظم مما يعظمون أبا بكر وعمر # ولا يرتاب # PageV01P241 # عاقل أن العرب كانت تدين لبني عبد مناف في الجاهلية والإسلام أعظم مما ~~تدين لبني تيم وبني عدي # ولهذا لما تولى أبو بكر قال أبوه أو قحافة أرضيت بنو مخزوم وبنو عبد شمس ~~قالوا نعم قال ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء # ولهذا جاء أبو سفيان إلى علي فقال أرضيتم أن يكون هذا الأمر في بني تيم ~~فقال علي يا أبا سفيان إن الإسلام ليس كأمر الجاهلية أو كما قال # فإذا كان المسلمون كلهم فيهم من قال إن فاطمة مظلومة ولا إن أبا بكر ~~ظلمها ولو فرضنا أنهم عاجزون عن نصرها كما زعمت فلا أقل من المقال فإذا لم ~~يقع شيء من النصرة ولا القول قطعنا بأنها لم تظلم # هذا وأبو بكر لم يكن ممتنعا من سماع كلام أحد ولا كان معروفا بالجبروت ~~وإتفاق الكل مع توفر دواعيهم علي بغض فاطمة مع قيام الأسباب الموجبة ~~لمحبتها مما يعلم إمتناعه بالضرورة # وكذلك علي ولا سيما وجمهور قريش والأنصار والعرب لم يكن إلى علي منهم ولا ~~منه إليهم إساءة لا في الجاهلية ولا في الإسلام # وأما عمر فكان أشد على الأعراب وأكثر عداوة لهم من علي وكلامهم فيه وفي ~~حدته معروفة ومع هذا تولى عليهم فما مات إلا وكلهم يثنى عليه وتوجع الكل ~~لمصرعه # وهذا ما يبين أن الأمر على نقيض ما تقوله الرافضة وأن القوم كانوا يعلمون ~~أن فاطمة لم تكن مظلومة أصلا # ثم كيف يقتص القوم لعثمان حتى سفكت دماؤهم ولا ينتصرون للرسول صلى الله ~~عليه وسلم وأهل بيته وكيف يقاتلون مع معاوية حتى سفكت دماؤهم معه وقد اختلف ms161 ~~عليه بنو عبد مناف ولا يقاتلون مع علي رضي الله عنه حتى تسفك دماؤهم وبنو ~~عبد مناف معه فالعباس بن عبد المطلب أكبر بني هاشم وأبو سفيان بن حرب أكبر ~~بني أمية وكلاهما # PageV01P242 # كانا يميلان إلى علي فلم لا قاتل الناس معه إذ ذاك والأمر في أوله ~~والقتال إذ ذاك لو كان حقا مع علي أولى وولاية علي أسهل فإنه لو عرض نفر ~~قليل منهم وقالوا علي هو الوصي كما ادعت الرافضة ونحن لا نبايع إلا له ولا ~~نعصي نبينا صلى الله عليه وسلم ولا نقدم الظالمين أو المنافقين من بني تيم ~~على بني هاشم لأستجاب جمهور الناس بل عامتهم لا سيما وأبو بكر ليس عنده ~~رغبة ولا رهبة # ثم هب أن عمر وجماعة كانوا معه فما هم بأكثر ولا أعز من الذين كانوا مع ~~طلحة والزبير ومعاوية ومع هذا فقد قاتلهم علي # إنه لو كان الحق كما تقوله الرافضة لكان أبو بكر وعمر والسابقون الأولون ~~من شرار أهل الأرض وأعظمهم جهلا وظلما حيث عمدوا بعد موت نبيهم صلى الله ~~عليه وسلم فبدلوا وظلموا وكل هذا مما يعلم بالإضطرار فساده من دين الإسلام ~~وهو مما يبين أن الذي ابتدع مذهب الرافضة كان زنديقا ملحدا عدوا لدين ~~الإسلام وأهله ولم يكن من أهل البدع المتأولين كالخوارج والقدرية وإن كان ~~قول الرافضة راج بعد ذلك على قوم فيهم إيمان لفرط جهلهم # PageV01P243 # ثم يقال وأي داع كان للقوم حتى نصروا عائشة على علي ولا ينصرون فاطمة على ~~أبي بكر ولو كان قيامهم للرئاسة والدنيا لكان قيامهم مع أشرف العرب وهم بنو ~~هاشم أولى # ولهذا قال صفوان بن أمية الجمحي يوم حنين # والله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من ثقيف # فصفوان رأس الطلقاء لأن يربه رجل من بني عبد مناف أحب إليه من أن يربه ~~رجل من بني تيم وهلا قدموا العباس فإنه كان أقرب إلى أغراضهم من أبي بكر ~~إذا فرضتم أن قيامهم للدنيا فدل ذلك على ms162 أنهم وضعوا الحق في نصابه وأقروه ~~في إهابه وأتوا إليه من بابه # قال وسموها أم المؤمنين ولم يسموا غيرها بذلك # قلنا هذا بهتان واضح لكل أحد وجهل منك # بل ما زالت الأمة قديما وحديثا يسمون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ~~أمهات المؤمنين اتباعا لنص تسميتهم بالقرآن سوى الرافضة وما ينكر هذا إلا ~~من يقول الحسين ليس بإبن فاطمة كما قال بعض النصيرية وما كان الحسن والحسين ~~أولاد علي بل أولاد سليمان الفارسي # ومنهم من قال ليس أبو بكر وعمر مدفونين عند النبي صلى الله عليه وسلم إن ~~ورقية وأم كلثوم ليستا بنتي النبي صلى الله عليه وسلم بل بنتا خديجة # PageV01P244 # من غيره # قال ولم يسموا أخاها محمد بن أبي بكر خال المؤمنين وسموا معاوية خال ~~المؤمنين # قلنا هذا إنما يقوله جهلة السنة نكاية فيكم وإلا فلا فرق # وقد تنازع العلماء في إخوتهن هل يقال لأحدهم خال المؤمنين فجوز ذلك بعضهم ~~ولو جوزنا ذلك لاتسع الخرق ولكثر أخوال المؤمنين وخالاتهم ولقيل في أبي بكر ~~وعمر جد المؤمنين ولحرم التزوج بخالات المؤمنين وهذا لا يقوله بشر وذلك أنه ~~لم يثبت لأزواجه صلى الله عليه وسلم أحكام النسب وإنما ثبت لهن الحرمة ~~والإسم وتحريم نكاحهن دون المحرمية # وإنما قال هذا بعض السنة في معاوية خاصة لما رأوا من إستحلال الرافضة ~~لعنه وتكفيره فهلا ذكرت من هو أفضل من معاوية ومحمد بن أبي بكر وهو عبد ~~الله بن عمر وكان سبب إختصاص محمد بن أبي بكر بعلي لأنه ربيبه وابن زوجته ~~فإن عليا تزوج بأمه أسماء بنت عميس بعد أبي بكر ثم إنه جلده عثمان في حد ~~فبقي في نفسه عليه حتى خرج عليه # ثم إنه ولي مصر من جهة علي فذهب إليها فحاربوه ثم قتل وأحرق فحصل له # PageV01P245 # خير وتكفير رحمه الله تعالى والرافضة تغلو في تعظيمه على عادتهم الفاسدة ~~في أنهم يمدحون رجال الفتنة الذين قاموا على عثمان ويبالغون في مدح من قاتل ~~مع علي حتى يفضلون محمد بن أبي بكر ms163 على أبيه أبي بكر فيلعنون أفضل الأمة ~~بعد نبيها ويمدحون ابنه الذي ليس له صحبة ولا سابقة ولا فضيلة ويتناقضون ~~بذلك في تعظيم الأنساب فإن كان الرجل لا يضره كفر أبيه أو فسقه لم يضر ~~نبينا ولا إبراهيم ولا عليا كفر آبائهم وإن ضرهم لزمهم أن يقدحوا في محمد ~~بن أبي بكر بأبيه وهم يعظمونه وابنه القاسم بن محمد وابن ابنه عبد الرحمن ~~بن القاسم خير عند المسلمين منه # ولا يذكرونهما بخير لكونهما ليسا من رجال الفتنة # وأما قوله وعظم شأنه فإن أراد عظم نسبه فالنسب عندهم لا حرمة له لقدحهم ~~في أبيه وأخته # وأما أهل السنة فإنما يعظمون الناس بالتقوي لا بمجرد النسب قال تعالى (إن ~~أكرمكم عند الله أتقاكم) # وإن أراد عظم شأنه بسابقيته وهجرته ونصرته فهو ليس من الصحابة لا من ~~المهاجرين ولا من الأنصار # وإن أراد بعظم شأنه أنه كان من أعظم الناس وأدينهم فليس الأمر كذلك وليس ~~هو معدودا من أعيان العلماء والصالحين الذين في طبقته # وإن أراد بذلك شرفة في المنزلة # PageV01P246 # لكونه كان له جاه ومنزلة ورياسة فمعاوية كان أعظم جاها ورياسة ومنزلة منه ~~بل معاوية خير منه وأدين وأحلم وأكرم فإن معاوية رضي الله عنه روى الحديث ~~وتكلم في الفقه وقد روى أهل الحديث حديثه في الصحاح والمساند وغيرها وذكر ~~بعض العلماء فتاويه وأقضيته # وأما محمد بن أبي بكر فليس له ذكر في الكتب المعتمدة في الحديث والفقه # وأما قوله وأخت محمد وأبوه أعظم من أخت معاوية وأبيها فيقال هذه الحجة ~~باطلة على الأصلين وذلك أن أهل السنة يفضلون الرجل إلا بنفسه فلا ينفع ~~محمدا قربه من أبي بكر وعائشة ولا يضر معاوية رضي الله عنه أن يكون ذلك ~~أفضل نسبا منه # وهذا أصل معروف لأهل السنة # كما لا يضر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين أنفقوا من قبل ~~الفتح وقاتلوا كبلال وصهيب وخباب وأمثالهم أن يكون من تأخر عنهم من الطلقاء ~~وغيرهم كأبي سفيان بن حرب وابنيه معاوية ويزيد وأبي سفيان ابن ms164 الحارث بن ~~عبد المطلب وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ونحوهم أعظم ~~نسبا منهم فإن هؤلاء من بني عبد مناف أشرف قريش بيتا وأولئك ليس لهم نسب ~~شريف ولكن فضلهم بما فضل الله به من أنفق من قبل الفتح وقاتل على الذين ~~أنفقوا من بعد وقاتلوا فكيف على من بعد هؤلاء # وأما الرافضة فإنهم إن اعتبروا النسب لزمهم أن يكون محمد بن أبي بكر ~~عندهم شر الناس نسبا لقبح قولهم في أبيه وأخته # فعلي أصلهم لا يجوز تفضيله بقربه منهما # وإن ذكروا ذلك من طريق الإلزام # PageV01P247 # لأهل السنة فهم يفضلون من فضله الله حيث قال (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ~~ثم قال إن النبي صلى الله عليه وسلم لعن معاوية الطليق ابن الطليق وقال إذا ~~رأيتموه على منبري فاقتلوه # وسموه كاتب الوحي ولم يكتب له كلمة من الوحي بل كان يكتب له رسائل # قلنا هذا الحديث ليس في شيء من كتب الإسلام وهو عند الحفاظ كذب وذكره ابن ~~الجوزي في الموضوعات # ثم قد صعد المنبر من هو شر من معاوية وما أمر بقتله # وأما قولك الطليق بن الطليق فما هذا بصفة ذم فإن الطلقاء غالبهم حسن ~~إسلامهم كالحارث بن هشام وابن أخيه عكرمة وسهيل بن عمرو وصفوان بن أمية # PageV01P248 # ويزيد بن أبي سفيان وحكيم بن حزام وأمثالهم وكانوا من خيار المسلمين ~~ومعاوية ممن حسن إسلامه وولاه عمر بعد أخيه يزيد ولم يكن عمر والله ممن ~~يحابي ولا تأخذه في الله لومة لائم ولا كان يحب أبا سفيان وقد حرص على قتله ~~لما جاء به العباس ولو كان ممن يحابي لولي أقاربه من بني عدي ثم إن معاوية ~~بقي على دمشق وغيرها عشرين سنة أمير وعشرين سنة خليفة ورعيته يحبونه ~~لإحسانه وحسن سياسته وتأليفه لقلوبهم حتى إنهم قاتلوا معه عليا وعلي أفضل ~~من أمثاله وأولى بالحق منه وهذا يعترف به غالب جند معاوية ولكنهم قاتلوا مع ~~معاوية لظنهم أن عسكر علي فيه قتلة عثمان وفيه ظلمة ولهذا ms165 لم يبدأوا ~~بالقتال حتى بدأهم أولئك فقاتلوهم دفعا لصيالهم عليهم وقتال الصائل جائز # ولهذا قال الأشتر النخعي إنهم ينصرون علينا لأنا نحن بدأناهم بالقتال ~~وعلي كان عاجزا عن قهر الظلمة من العسكرين ولم يكن أمراؤه وأعوانه يوافقونه ~~على كثير مما يامر به وأعوان معاوية يوافقونه # قال وقاتل عليا وعلي عندهم رابع الخلفاء إمام حق وكل من قاتل إمام حق فهو ~~باغ ظالم # قلنا نعم والباغي قد يكون متأولا معتقدا أنه على حق وقد يكون بغيه مركبا ~~من تأويل وشهوة وشبهة وهو الغالب # وعلى كل تقدير فهذا لا يرد وإنا لا ننزه هذا الرجل ولا من هو أفضل منه عن ~~الذنوب والحكاية مشهورة عن المسور بن مخرمة أنه خلا بمعاوية فطلب منه ~~معاوية أن يخبره بما ينقمه عليه فذكر المسور أمورا فقال يا مسور ألك سيئات ~~قال نعم # قال أترجو أن # PageV01P249 # يغفرها الله قال نعم # قال فما جعلك أرجى لرحمة الله مني وإني مع ذلك والله ما خيرت بين الله ~~وبين سواه إلا اخترت الله على ما سواه # ووالله لما أليه من الجهاد وإقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن ~~المنكر أفضل من عملك # وأنا على دين يقبل الله من أهله الحسنات ويتجاوز لهم عن السيئات # ثم إن قالت لكم الخوارج والنواصب ما الدليل على عدالة علي وإيمانه مالكم ~~حجة إلا ما تواتر من إسلامه وعبادته # فإن قالوا لكم فقد تواتر ذلك من أبي بكر وعمر أيضا وطائفة ممن تقدحون في ~~إيمانهم فما الفرق بيننا وبينكم فإن احتججتم بالظواهر القرآنية فهي متناولة ~~لهؤلاء وهؤلاء وأنتم أخرجتم جماعة كبيرة ونحن أخرجنا واحدا وإن قالوا بما ~~جاء عن الصحابة من فضائله قلنا فقد ورد أيضا فضائل أولئك فاقبلوا الكل وإن ~~طعنتم في الصحابة فردوا الكل # فإن احتججتم بمبايعة الناس له قلنا من المعلوم أن مبايعة الناس للثلاثة ~~قبله أعظم وأكثر فإن أهل الشام ما بايعوه ولا أكثر أهل مصر # ثم النواصب يقولون بل علي الباغي قاتل على الأمان وبدأ بالقتال وسفك دماء ~~الأمة وكان ms166 السيف في دولته مسلولا على الأمة مكفوفا عن المشركين # ثم الخوارج تقدح في الطائفتين معا وعمرو بن عبيد وجماعة من المعتزلة ~~يقولون فسق أحدهما لا بعينه # قلت يعني يوم الجمل # وأما يوم صفين فقال عمرو بن عبيد وواصل ابن عطاء وأبو الهذيل العلاف أصاب ~~في قتال معاوية # نقله ابن حزم # وخلق من الخوارج قالوا كان الحق مع علي فلما حكم الحكمين كفر # فإن قيل هؤلاء بغاة لأن النبي # PageV01P250 # صلى الله عليه وسلم قال لعمار تقتلك الفئة الباغية قلنا الخير صحيح وقد ~~تكلم فيه بعضهم وبعضهم تأوله على أن الباغي الطالب وهذا لا شيء # وأما السلف كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم فيقولون لم يوجد شرط قتال ~~الطائفة الباغية فإن الله يأمر بقتالها إبتداء بل أمر إذا اقتتلت طائفتان ~~أن يصلح بينهما ثم إن بغت إحداهما قوتلت # ولهذا كان هذا القتال عند أحمد ومالك قتال فتنة # وأبو حنيفة يقول لا يجوز قتال البغاة حتى يبدأوا بقتال الإمام وهؤلاء لم ~~يبدأوه # ثم أهل السنة تقول الإمام الحق ليس معصوما ولا يجب على الإنسان أن يقاتل ~~معه كل من خرج عن طاعته ولا أن يعطيه الإنسان فيما يعلم أن معصية وأن يتركه ~~أولى # PageV01P251 # وعلى هذا ترك جماعة من الصحابة القتال مع علي لأهل الشام # والذين قاتلوه لا يخلو إما أن يكونوا عصاة أو مجتهدين مخطئين أو مصيبين # وعلى كل تقدير فهذا لا يقدح في إيمانهم ولا يمنعهم الجنة بقوله تعالى ~~(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على ~~الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما ~~بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين # إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) فسماهم إخوة # وأما قولك لم يكتب له كلمة من الوحي فدعوى كنظائرها # قال وكان باليمن يوم الفتح يطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب ~~إلى أبيه أبي سفيان يعيره بالإسلام ويقول أصبوت إلى دين محمد وكتب إليه هذه ~~الأبيات # (يا صخر لا تسلمن طوعا فتفضحنا ... بعد ms167 الذين ببدر أصبحوا فرقا) # (جدي وخالي وعم الأم يالهم ... قوما وحنظلة المهندي لنا أرقا) # (فالموت أهون من قول الوشاة لنا ... خلى ابن هند عن العزى لقد فرقا) # وأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه فلما لم يجد مأوى صار إلى النبي صلى ~~الله عليه وسلم مضطربا فأظهر الإسلام قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم ~~بخمسة أشهر وطرح نفسه على العباس إلى أن قال وعن ابن عمر عن النبي صلى الله ~~عليه وسلم يطلع عليكم رجل يموت على غير سنتي فطلع معاوية وقام النبي صلى ~~الله عليه وسلم خطيبا فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد وخرج فقال النبي صلى الله ~~عليه وسلم لعن الله القائد والمقود إلى أن قال وبالغ في محاربة على وقتل ~~جمعا من خيار الصحابة # PageV01P252 # ولعن علي على المنبر واستمر ثمانين سنة حتى قطعه عمر بن عبد العزيز # وسم الحسن وقتل ابنه مولاي الحسين ونهب وسبى وكسر أبوه ثنية النبي صلى ~~الله عليه وسلم وأكلت أمه كبد حمزة فيقال سبحان من خلق الكذب وسلمه إلى ~~الرافضة # فأما أبو سفيان فإنه أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة بمر ~~الظهران ليلة نزل بها وقال العباس إن أبا سفيان يحب الشرف فقال النبي صلى ~~الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن ~~ألقى السلاح فهو آمن # وأبو سفيان كان عنده من دلائل النبوة ما سمعه # PageV01P253 # من هر قل قبل إسلامه بأشهر وما كان عنده من أمية بن أبي الصلت # لكن الحسد # PageV01P254 # منعه من الإيمان حتى أدخله الله عليه وهو كاره # بخلاف معاوية فإنه لم يعرف عنه شيء من ذلك ولا عن أخيه يزيد # وهذا الشعر كذب عليه قطعا # ثم لا يجوز الطعن على من تأخر إسلامه كصفوان بن أمية # PageV01P255 # والحارث بن هشام # PageV01P256 # ثم نفس هذا الشعر يدل على وضعه فإنه لا يشبه نفس الصحابة # وإسلام معاوية عام الفتح بإتفاق الناس # ثم قد تقدم قولك إنه من المؤلفة قلوبهم والمؤلفة إنما ms168 أعطاهم النبي صلى ~~الله عليه وسلم من غنائم حنين وكانت بعد الفتح بأيام فلو كان هاربا لم يكن ~~من المؤلفة وقد قال قصرت عن النبي صلى الله عليه وسلم على المروة بمشقص ~~وهذا والله أعلم كان في عمرته عليه السلام من الجعرانة في ذي القعدة سنة ~~ثمان # وأما قوله وقد روى عبد الله بن عمر قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ~~فسمتعه يقول # PageV01P257 # يطلع عليكم رجل يموت على غير سنتي فطلع معاوية وقام النبي صلى الله عليه ~~وسلم خطيبا فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد وخرج ولم يسمع الخطبة فقال النبي صلى ~~الله عليه وسلم لعن الله القائد والمقود أي يوم يكون للأمة مع معاوية ذي ~~الإساءة # فالجواب عليه أولا نحن نطالب بصحة هذا الحديث فإن الإحتجاج بالحديث لا ~~يجوز إلا بعد ثبوته # ويقال ثانيا هذا الحديث من الكذب الموضوع بإتفاق أهل المعرفة بالحديث ولا ~~يوجد في شيء من دواوين الحديث التي يرجع إليها في معرفة الحديث ولا له ~~إسناد معروف # وهذا المحتج به لم يذكر له إسنادا # ثم من جهله أن يروى مثل هذا عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمر من أبعد ~~الناس عن ثلب الصحابة وأروى الناس لمناقبهم وقوله في مدح معاوية معروف ثابت ~~عنه حيث يقول ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية # قيل له ولا أبو بكر وعمر فقال كان أبو بكر وعمر خيرا منه وما رأيت بعد ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود من معاوية # قال أحمد بن حنبل السيد الحليم يعني معاوية # وكان معاوية كريما حليما # ثم إن خطب النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن واحدة بل كان يخطب في الجمع ~~والأعياد والحج وغير ذلك ومعاوية وأبوه يشهدان الخطب كما يشهدها المسلمون ~~كلهم أفتراهما في كل خطبة كانا يقومان ويمكنان من ذلك هذا قدح في النبي صلى ~~الله عليه وسلم وفي سائر المسلمين إذ يمكنون إثنين دائما يقومان ولا يحضران ~~الخطبة ولا الجمعة وإن ms169 كانا يشهدان كل خطبة فما بالهما يمتنعان عن سماع ~~خطية واحدة قبل أن يتلكم بها ثم من المعلوم من سيرة معاوية أنه كان من أحلم ~~الناس وأصبرهم على من يؤذيه وأعظم الناس تأليفا لمن يعاديه فكيف ينفر عن ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه أعظم الخلق مرتبة في الدين والدنيا ~~وهو محتاج إليه في كل أموره فكيف لا يصبر على سماع كلامه وهو بعد الملك ~~يسمع كلام من # PageV01P258 # يشتمه في وجهه فلماذا لم يسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكيف يتخذ ~~النبي صلى الله عليه وسلم كاتبا من هو في هذه الحالة # وقوله إنه أخذ بيد ابنه يزيد فمعاوية لم يكن له يومئذ ابن اسمه يزيد # وأما ابنه يزيد الذي تولى الملك وجرى في خلافته ما جرى فإنما ولد في ~~خلافة عثمان بإتفاق أهل العلم ولم يكن لمعاوية ولد على عهد رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم # قال الحافظ أبو الفضل بن ناصر خطب معاوية رضي الله عنه في زمن رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم فلم يزوج لأنه كان فقيرا وإنما تزوج في زمن عمر رضي ~~الله عنه وولد له في يزيد في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة سبع ~~وعشرين من الهجرة # ثم نقول ثالثا هذا الحديث يمكن معارضته بمثله من جنسه بما يدل ع لى فضل ~~معاوية رضي الله عنه # قال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي في كتاب الموضوعات قد تعصب قوم ممن يدعي ~~السنة فوضعوا في فضل معاوية رضي الله عنه أحاديث ليغيظوا الرافضة وتعصب قوم ~~من الرافضة فوضعوا في ذمه أحاديث وكلا الفريقين على الخطأ القبيح # PageV01P259 # وأما محاربته عليا فلأمور لا تخرجه عن الإسلام وإن كان علي أقرب إلى الحق ~~وأولى به منه كما في الصحيحين تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم ~~أولى الطائفتين بالحق فهؤلاء المارقة هم الذين خرجوا على علي وقاتلوه يوم ~~النهروان فدل الحديث على أن عليا وطائفته أقرب إلى الحق من طائفة معاوية # وفي ms170 البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحسن إن ابني هذا ~~سيد وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين فمدح الحسن بالإصلاح ~~الذي جرى على الجماعة من الفئتين وسماهما مؤمنين # وهذا يدل أيضا على أن الإصلاح بينهما هو المحمود لا القتال الذي جرى # وقال صلى الله عليه وسلم ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم الحديث # وقال يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ~~يفر بدينه من الفتن # والذين رووا أحاديث القعود في الفتنة والتحذير منها كسعد بن أبي وقاص ~~ومحمد بن مسلمة وأسامة لم يقاتلوا إلا مع علي ولا مع معاوية # ثم الذين قاتلوا مع علي أخف جرما من الذين قتلوا عثمان صبرا وأنت تمدحهم ~~وترضى فعلهم يا جاهل # فإن قلت إن عثمان فعل أشياء أنكرت عليه قيل فعل علي أشياء أخرت هؤلاء عن ~~مبايعته فرضي الله عن الرجلين # ثم إن عليا بادر بعزل معاوية وكان لا بأس به في ولايته محببا إلى رعيته # وقد # PageV01P260 # استعمل علي من هو دون معاوية كزياد بن أبيه # وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من علي واستعمل أبا سفيان على ~~نجران ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان أمير عليها # وكان كثير من أمراء النبي صلى الله عليه وسلم على الأعمال من بني أمية ~~فإنه استعمل على مكة عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية واستعمل خالد بن ~~سعيد بن العاص وأبان بن سعيد بن العاص # وولاه عمر رضي الله عنه ولا يتهم لا في دينه ولا في سياسته وقد ثبت في ~~الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خيار أئمتكم الذين تحبونهم ~~ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم # وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتعلنونهم ويلعنونكم قالوا ~~ومعاوية كانت رعيته يحبونه وهو يحبهم ويصلون عليه وهو يصلي عليهم # وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تزال طائفة من ~~أمتي ظاهرين ms171 على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم قال مالك بن يخامر ~~سمعت معاذا يقول هم بالشام # قالوا وهؤلاء كانوا عسكر معاوية # وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يزال أهل الغرب ~~ظاهرين حتى تقوم الساعة # قال أحمد بن حنبل أهل الغرب # PageV01P261 # هو أهل الشام # وقد بسطنا هذا في موضع آخر # وهذا النص يتناول عسكر معاوية # قالوا ومعاوية أيضا كان خيرا من كثير ممن استنابه علي فلم يكن يستحق أن ~~يعزل ويولي من هو دونه في السياسة فليت عليا تألف معاوية وأقره على الشام ~~وحقن الدماء # فإذا قيل إن عليا كان مجتهدا في ذلك قيل وعثمان كان مجتهدا فيما فعل # وأين الإجتهاد في تخصيص بعض الناس بولاية أو إمارة أو مال من الإجتهاد في ~~سفك المسلمين بعضهم دماء بعض حتى ذل المؤمنون وعجزوا عن مقاومة الكفار حتى ~~طمعوا فيهم وفي الإستيلاء عليهم ولا ريب أنه لو لم يكن قتال بل كان معاوية ~~مقيما على سياسة رعيته وعلي مقيما على سياسة رعيته لم يكن في ذلك من الشر ~~أكثر مما حصل بالإقتتال فإنه بالإقتتال لم تزل هذه الفرقة ولم يجتمعوا على ~~إمام بل سفكت الدماء وقويت العداوة والبغضاء وضعفت الطائفة التي كانت أقرب ~~إلى الحق وهي طائفة علي وصاروا يطلبون من الطائفة الأخرى من المسالمة ما ~~كانت تلك تطلبه إبتداء # ومعلوم أن الفعل الذي تكون مصلحته راجحة على مفسدته يحصل به من الخير ~~أعظم مما يحصل بعدمه # وهنا لم يحصل بالإقتتال مصلحة بل كان الأمر مع عدم القتال خيرا وأصلح منه ~~بعد القتال وكان علي وعسكره أكثر وأقوى ومعاوية وأصحابه أقرب إلى موافقته ~~ومسالمته ومصالحته # فإذا كان مثل هذا الإجتهاد مغفورا لصاحبه فإجتهاد عثمان أن يكون مغفورا ~~أولى وأحرى وأما معاوية وأعوانه فيقولون إنما قاتلنا عليا قتال دفع عن ~~أنفسنا وبلادنا # PageV01P262 # فإنه بدأنا بالقتال فدفعناه بالقتال ولم نبتدئه بذلك ولا اعتدينا عليه # فإذا قيل لهم هو الإمام الذي كانت تجب طاعته عليكم ومبايعته وأن لا ms172 تشقوا ~~عصا المسلمين قالوا ما نعلم أنه إمام تجب طاعته # لأن ذلك عند الشيعة إنما يعلم بالنص ولم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه ~~وسلم نص بإمامته ووجوب طاعته # ولا ريب أن عذرهم في هذا ظاهر فإنه لو قدر أن النص الجلي الذي تدعيه ~~الإمامية حق فإن هذا قد كتم وأخفي في زمن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله ~~عنهم فلم يجب أن يعلم معاوية وأصحابه مثل ذلك لو كان حقا فكيف إذا كان ~~باطلا # وأما قوله إن معاوية قتل جمعا كثيرا من خيار الصحابة فيقال الذين قتلوا ~~من الطائفتين # قتل هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء # وأكثر الذين كانوا يختارون القتال من الطائفتين لم يكونوا يطيعون عليا ~~ولا معاوية # وكان علي ومعاوية رضي الله عنهما أطلب لكف الدماء من أكثر المقتتلين لكن ~~غلبا فيما وقع # والفتنة إذا ثارت عجز الحكماء عن إطفاء نارها # وكان في العسكرين مثل الأشتر النخعي وهاشم بن عتبة المرقال وعبد الرحمن ~~بن خالد بن الوليد وأبي الأعور # PageV01P263 # السلمي ونحوهم من المحرضين على القتال قوم ينتصرون لعثمان غاية الإنتصار ~~وقوم # PageV01P264 # ينفرون عنه وقوم ينتصرون لعلي وقوم ينفرون عنه # ثم قتال أصحاب معاوية معه لم يكن لخصوص معاوية بل كان لأسباب أخرى # وقتال الفتنة مثل قتال الجاهلية لا تنضبط مقاصد أهله وإعتقاداتهم كما قال ~~الزهري وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فأجمعوا ~~أن كل دم أو مال أو فرج أصيب بتأويل القرآن فإنه هدر # أنزلوهم منزلة الجاهلية # وأما ما وقع من لعن علي فإن التلاعن وقع من الطائفتين فكان هؤلاء يلعنون ~~رءوس هؤلاء في دعائهم وهؤلاء يلعنون رءوس هؤلاء # والقتال باليد أعظم من التلاعن وهذا كله سواء كان ذنبا أو إجتهادا مخطئا ~~أو مصيبا فإن مغفرة الله ورحمته تتناول ذلك بالتوبة والحسنات الماحية ~~والمصائب المكفرة وغير ذلك # ومن العجيب أن الرافضة تنكرسب علي وتسب الثلاثة قبله أبا بكر وعمر وعثمان ~~وتكفرهم ومعاوية وحزبه ما كفروا عليا إنما كفرته الخوارج المارقون من الدين ~~وقال ms173 النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق ~~أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه # PageV01P265 # قال وسم معاوية الحسن فهذا قيقل ولم يثبت فيقال إن امرأته سمته وكان ~~مطلاقا رضي الله عنه فلعلها سمته لغرض والله أعلم بحقيقة الحال وقد قيل إن ~~أباها الأشعث بن قيس أمرها بذلك فإنه كان يتهم بالإنحراف في الباطن عن علي ~~وابنه الحسن # وإذا قيل إن معاوية أمر أباها كان هذا ظنا محضا والنبي صلى الله عليه ~~وسلم قال إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث # وبالجملة فمثل هذا لا يحكم به في الشرع بإتفاق المسلمين فلا يترتب عليه ~~أمر ظاهر لا مدح ولا ذم # ثم إن الأشعث بن قيس مات سنة أربعين وقيل سنة إحدى وأربعين ولهذا لم يذكر ~~في الصلح الذي كان بين معاوية والحسن بن علي في العام الذي كان يسمى عام ~~الجماعة وهو عام أحد وأربعين وكان الأشعث حما الحسن بن علي فلو كان شاهدا ~~لكان يكون له ذكر في ذلك وإذا كان قد مات قبل الحسن بنحو عشر سنين فكيف ~~يكون هو الذي أمر ابنته # وأما يزيد فلم يأمر بقتل الحسين بإتفاق أهل النقل ولكن كتب إلى ابن زياد ~~أن يمنعه عن ولاية العراق والحسين رضي الله عنه كان يظن أن أهل العراق ~~ينصرونه # PageV01P266 # ويوفون له بما كتبوا إليه فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل فلما قتلوا ~~مسلما وغدروا # PageV01P267 # به وبايعوا ابن زياد أراد الرجوع فأدركته السرية الظالمة فطلب أن يذهب ~~إلى يزيد أو يذهب إلى الثغر أو يرجع إلى بلده فلم يمكنوه من ذلك حتى يستأسر ~~لهم ولكن هو رضي الله عنه أبى أن يسلم نفسه وأن ينزل على حكم عبيد الله بن ~~زياد وقاتل حتى قتل شهيدا مظلوما رضي الله عنه # ولما بلغ ذلك يزيد أظهر التوجع وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريما ~~أصلا بل جهزهم وأعطاهم وبعثهم إلى وطنهم # وكان معاوية وصى يزيد برعاية حق الحسين وإجلاله ms174 # وقوله إن أبا سفيان كسر ثنية النبي صلى الله عليه وسلم فإنما كسرها عتبة ~~بن أبي وقاص # ولاكت هند كبد حمزة ولفظتها ثم من الله عليها بالإسلام وكان النبي صلى ~~الله عليه وسلم يكرمها أنها حماته قال الله تعالى (قل للذين كفروا إن ~~ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) وفي مسلم من حديث عمرو بن العاص أن النبي صلى ~~الله عليه وسلم قال له الإسلام # PageV01P268 # يهدم ما كان قبله وفي صحيح البخاري لما أسلمت هند أم معاوية رضي الله ~~عنهما قالت والله يا رسول الله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن ~~يذلوا من أهل خبائك ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلى أن ~~يعزوا من أهل خبائك # قال الرافضي وسموا خالدا سيف الله عنادا لأمير المؤمنين الذي هو أحق بهذا ~~منه وقال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم علي سيف الله وسهم الله # وقال علي على المنبر أنا سيف الله على أعدائه وخالد لم يزل عدوا للرسول ~~مكذبا له وهو كان السبب في قتل المسلمين يوم أحد # ولما تظاهر بالإسلام بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني جذيمة فخانه ~~وخالف أمره وقتل المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم إني أبرأ ~~إليك مما صنع خالد # فأما تسمية علي سيف الله فلم يصح ولا عرفناه في كتاب # وأما تسمية خالد سيف الله فليس هو مختصا به بل هو سيف من سيوف الله سله ~~على الله المشركين كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه ذلك من حديث ~~حميد بن هلال عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن ~~رواحة وعيناه تذرفان قال ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليه ~~وهذا لا يمنع أن يكون غيره سيفا لله بل هو يتضمن أن سيوف الله متعددة ولا ~~ريب أن خالدا قتل من الكفار أكثر مما قتل غيره وكان سعيدا في حروبه وأسلم ~~قبل ms175 الفتح وهاجر # ومن حين أسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤمره # ولقد انقطع في يده يوم مؤتة تسعة أسياف # أخرجه البخاري # PageV01P269 # ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من فعله ببني جذيمة # ولكن ما عزله # ولا ريب أن عليا من سيوف الله فمن نازعك في ذا وهو أفضل من خالد فإن له ~~من العلم والبيان والسابقة والإيمان والمشاهد ما لا يخفى # ثم السيف خاصيته القتال وعلي كان القتال بعض فضائله وخالد كان أخص نعوته ~~القتال وبه تقدم فلهذا عبر عنه بأنه سيف من سيوف الله # وهذا البراء بن مالك قتل مائة رجل مبارزة سوى من شرك في قتله وقال النبي ~~صلى الله عليه وسلم صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة وقال إن لكل نبي ~~حواريا وحواري الزبير # والرافضة متناقضون فإنهم يقولون علي الناصر لرسول الله صلى الله عليه ~~وسلم الذي لولاه لما قام دينه # ثم يصفونه بالعجز والتقية المنافي لذلك # وكان النبي صلى الله عليه وسلم أرسل خالدا بعد الفتح إلى بني جذيمة فلم ~~يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فقالوا صبأنا صبأنا فلم يقبل ذلك وقال ليس ذلك ~~بإسلام فقتلهم فأخطأ في إجتهاده # ثم أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليا بمال فأعطاهم نصف الديات وضمن لهم ~~ما تلف حتى ميلغة الكلب # وحاشا خالدا أن يكون معاندا للنبي صلى الله عليه وسلم بل كان مطيعا له ~~وإن أخطأ في هذه المرة كما أخطأ أسامة بن زيد في قتل ذلك الرجل الذي قال لا ~~إله إلا الله وقتل السرية لصاحب الغنيمة الذي قال أنا مسلم فنزلت فيهم (يا ~~أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى ~~إليكم السلام لست مؤمنا) الآية # قال ولما سار لقتال أهل اليمامة قتل منهم ألفا ومائتين مع تظاهرهم ~~بالإسلام # PageV01P270 # وقتل مالك بن نويرة وهو مسلم وعرس بإمرأته # وسموا بني حنيفة أهل الردة لأنهم منعوا الزكاة أبا بكر إذا لم يعتقدوا ~~إمامته فسموا مانع الزكاة مرتدا ولم يسموا ms176 من استحل دماء المسلمين ومحاربة ~~أمير المؤمنين مرتدا مع قول النبي صلى الله عليه وسلم يا علي حربك حربي ~~فمحارب الرسول كافر بالإجماع # فيقال الله أكبر على هؤلاء المرتدين المفترين أتباع أهل الردة الذين ~~برزوا بمعاداة الله ورسوله وكتابه ودينه ومرقوا من الإسلام ونبذوه وراء ~~ظهورهم وشاقوا الله ورسوله وعباده المؤمنين وتولوا أهل الردة والشقاق فإن ~~هذا الفصل وأمثاله مما يحقق أن الرافضة المتعصبين على أبي بكر كالمرتدين ~~الذين قاتلهم الصديق وذلك أن أهل اليمامة آمنوا بمسيلمة الكذاب الذي صنف ~~قرآنا وفعل العظائم فبعث أبو بكر الصديق الذي من أفضل أعماله عند الله ~~تعالى قتاله هؤلاء الكفرة جيشا من أفضل الصحابة وعليهم خالد سيف الله على ~~رغم أنفك يقاتلون مسيلمة بعد أن قاتلوا طليحة الأسدي الذي تنبأ أيضا وأتبعه ~~أهل نجد ثم أسلم طليحة وصلح أمره واستشهد في حرب مسيلمة مثل زيد بن الخطاب ~~وثابت بن قيس وأسيد بن حضير وسالم ومولاه أبو حذيفة وأبو دجانة # وقرآن مسيلمة ضحكة مثل يا ضفدع بنت ضفدعين نقي كم تنقين لا الماء تكدرين ~~ولا الشارب تمنعين رأسك في الماء وذنبك في الطين # إن الأرض بيننا # PageV01P271 # وبين قريش ولكن نصفين ولكن قريشا قوم لا يعدلون # ومثل قوله والطاحنات طحنا والعاجنات عجنا والخابزات خبزا واللاقمات لقما # ومثل والفيل وما أدراك ما الفيل له زلوم طويل إن ذلك من خلق ربنا الجليل # ولما سمع أبو بكر هذا الكلام قال ويلكم أين يذهب بكم إن هذا كلام لم يخرج ~~من إل وفي الجملة فأمر مسيلمة الكذاب وإدعاؤه النبوة واتباع بني حنيفة له ~~باليمامة وقتال الصديق لهم على ذلك أمر متواتر مشهور قد علمه الخاص والعام ~~كتواتر أمثاله وليس هذا من العلم الذي تفرد به الخاصة بل علم الناس بذلك ~~أظهر من علمهم بقتال الجمل وصفين فقد ذكر عن بعض أهل الكلام أنه أنكر الجمل ~~وصفين وهذا الإنكار وإن كان باطلا فلم نعلم أحدا أنكر قتال أهل اليمامة وأن ~~مسيلمة الكذاب إدعى النبوة وأنهم قاتلوه على ذلك # لكن ms177 هؤلاء الرافضة لجحدهم هذا وجهلهم به بمنزلة إنكارهم كون أبي بكر وعمر ~~دفنا عند النبي صلى الله عليه وسلم وإنكارهم موالاة أبي بكر وعمر للنبي صلى ~~الله عليه وسلم ودعواهم أنه نص على علي بالخلافة # بل منهم من ينكر أن تكون زينب ورقية وأم كلثوم من بنات النبي صلى الله ~~عليه وسلم ومنهم من # PageV01P272 # يقول إن الصحابة بعجوا بطن فاطمة حتى طرحت وهدموا سقف بيتها على من فيه ~~فهم يعمدون إلى الأمور الثابتة المتواترة فينكرونها وإلى الأمور المعدومة ~~أو المختلقة فيثبتونها فلهم أوفر نصيب من قوله تعالى (ومن أظلم ممن افترى ~~على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه) فتراهم يؤمنون والله بالكذب ويكذبون ~~بالحق وهذا حال المرتدين # وهم يدعون أن أبا بكر وعمر ومن اتبعهما ارتدوا عن الإسلام وقد علم الخاص ~~والعام أن أبا بكر هو الذي قاتل المرتدين فيالله كيف نخاطب من يزعم أن أهل ~~اليمامة مظلومون مسلمون # وقوله إنهم سموا بني حنيفة مرتدين لأنهم لم يحملوا الزكاة إلى أبي بكر ~~فهذا من أظهر الكذب وأبينه فإنه إنما قاتل بني حنيفة لكونهم آمنوا بمسيلمة ~~الكذاب وإعتقدوا نبوته وأما مانعو الزكاة فكانوا قوما آخرين غير بني حنيفة ~~وهؤلاء كان قد وقع لبعض الصحابة شبهة في جواز قتالهم واما بنو حنيفة فلم ~~يتوقف أحد في وجوب قتالهم # وأما قولك ولم يسموا من استحل دماء المسلمين ومحاربة أمير المؤمنين مرتدا ~~مع أنهم سمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم يا علي حربي حربك وسلمي سلمك ~~ومحارب رسول الله # PageV01P273 # صلى الله عليه وسلم كافر بالإجماع فيقال دعواهم أنهم سمعوا هذا الحديث من ~~النبي صلى الله عليه وسلم أو عنه كذب عليهم فمن الذي نقل عنهم أنهم سمعوا ~~ذلك وهذا الحديث ليس في شيء من كتب الحديث المعروفة ولا روى بإسناد معروف ~~بل هو كذب موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم بإتفاق أهل العلم بالحديث # ثم علي لم يكن قتاله يوم الجمل وصفين بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ~~بل بإجتهاده ms178 قال يونس عن الحسن عن قيس بن عباد قال قلت لعلي أخبرنا عن ~~مسيرك هذا أعهد عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم أم رأى رأيته قال ما ~~عهد إلي شيئا ولكن رأى رأيته # فلو كان محارب علي محاربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مرتدا لكان علي ~~حكم فيهم بسيرة المرتدين بل تواتر عنه يوم الجمل أنه ما اتبع مدبرهم ولم ~~يجهز على جريحهم ولا غنم أموالهم ولا سبى ذراريهم # وهذا مما أنكره عليه الخوارج وقاوا إن كانوا مؤمنين فلم قاتلتهم وإن ~~كانوا كفارا فلم حرمت نساءهم وأموالهم # فبعث ابن عمه ابن العباس يناظرهم فقال لهم قد كانت عائشة فيهم فإن قلتم ~~إنها ليست أمنا كذبتم القرآن وإن قلتم هي أمنا واستحللتم سبيها ووطئها ~~كفرتم # وكان يقول في أصحاب الجمل إخواننا بغوا علينا طهرهم السيف # ونقل عنه أنه صلى على قتلى الطائفتين # ثم إن كان أهل صفين مرتدين كيف جاز للإمام المعصوم عندكم وهو الحسن أن ~~ينزل عن الخلافة ويسلمها إلى مرتد ثم الله قد سماهم مؤمنين في قوله (وإن ~~طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) وقال الرسول صلى الله عليه ~~وسلم إن ابني هذا سيد وسيصلح # PageV01P274 # الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين # فلو قالت لهم النواصب أخزاهم الله فعلي استحل الدماء وقاتل برأيه على ~~رياسته وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وقال ~~لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فماذا تردون عليهم # وأعلم أن طائفة من الفقهاء الحنفية والشافعية والحنبلية جعلوا قتال مانعي ~~الزكاة وقتال الخوارج من قتال البغاة وجعلوا قتال الجمل وصفين من ذلك # وهذا القول خطأ وخلاف نص أبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم ومخالف للسنة فإن ~~الخوارج أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم # PageV01P275 # واتفق على ذلك الصحابة # وأما قتال الجمل وصفين فهو قتال فتنة ليس فيه أمر الرسول ولا إجماع من ~~الصحابة وأهل صفين لم يبدأوا عليا بقتال ثم أبو حنيفة وغيره لا يجوزون قتال ~~البغاة ms179 إلا أن يبدأوا الإمام # وأبو حنيفة وأحمد ومالك لا يجوزون للإمام قتال من قام بالواجب إذا كانت ~~طائفة ممتنعة وقالت لا نؤدي زكاتنا إلى فلان # فيجب الفرق بين قتال المرتدين وقتال الخوارج المارقين # أما قتال مانعى الزكاة فآكد من قتال الخوارج إذا كانوا لم يخرجوها ~~بالكلية ولم يقروا بها # وأما قتال البغاة المذكور في القرآن فنوع ثالث غير هذا وهذا فإنه تعالى ~~لم يأمرنا بقتال البغاة ابتداء بل بالإصلاح وليس هذا حكم المرتدين ولا ~~الخوارج # وقتال الجمل وصفين هل هو من قتال البغاة أو من قتال الفتنة التي القاعد ~~فيها خير من القائم فمن قعد من الصحابة وجمهور أهل الحديث يقولون هو قتال ~~فتنة # PageV01P277 # وقوله تعالى (فإن بغت إحداهما) يعني إحدى الطائفتين المقتتلتين لا طائفة ~~مؤمنة لم تقاتل فإن هذه ليس في الآية أمر بقتالها فإن كان قوله (فإن بغت) ~~بعد الإصلاح فهو أوكد وإن كان بعد الإقتتال حصل المقصود # فأصحاب معاوية إن كانوا قد بغوا إذ لم يبايعوا عليا فما في الآية أمر ~~بقتالهم # ولو قدرنا أنهم بغوا بعد القتال فما وجد أحد يصلح بين الطائفتين # قلت لكن سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بغاة في قوله لعمار تقتلك الفئة ~~الباغية وهذه مباحث لا ترجع إلى تفكيرهم بوجه # ومما يبين كذب هذا القول أنه لو كان حرب علي حربا للرسول والله قد تكفل ~~بنصر رسوله كما قال (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا) (ولقد سبقت كلمتنا ~~لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون) لوجب # PageV01P277 # أن يغلب محارب الرسول وما كان الأمر كذلك بخلاف الخوارج فإنهم من جنس ~~المحاربين لله ورسوله فاقتصر عليهم وقد قال تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون ~~الله ورسوله) يعني قطاع الطريق ومع هذا فلا نكفرهم بذلك ولو كفرناهم ~~لقتلناهم ولا بد # قال وقد أحسن بعض الفضلاء حيث يقول شر من إبليس من لم يسبقه في سالف طاعة ~~وجرى معه في ميدان معصية قال ولا شك بين العلماء أن إبليس كان أعبد ~~الملائكة وكان يحمل العرش وحده ستة آلاف سنة ms180 ثم استكبر ولعن # ومعاوية لم يزل في الإشراك وعبادة الأصنام إلى أن أسلم ثم استكبر عن طاعة ~~الله في نصب أمير المؤمنين علي إماما فكان شرا من إبليس # فنقول هذا الكلام فيه من الجهل والضلال والخروج عن دين الإسلام وكل دين ~~بل وعن العقل الذي يكون لكثير من الكفار ما لا يخفى على من تدبره # فإن إبليس أكفر الكفرة ومن كفر فإنما هو من أتباعه وقتلاه فكيف يكون أحد ~~شرا منه وقول القائل شر من إبليس من لم يسبقه إلى طاعة هذا يقتضي أن كل من ~~عصى الله فهو شر من إبليس # ثم نقول إن أحدا من البشر لا يجري مع إبليس في ميدان معصيته كلها ولا ~~يتصور أن بشرا يساويه في معصيته لأنه عاند ربه كفاحا ثم تفرغ لإغواء الخلق ~~إلى يوم القيامة # ثم عبادته المتقدمة حبطت بكفره # وأيضا فمن الذين قال إن إبليس كان أعبد الملائكة وأنه حمل العرش وحده ~~وأنه كان طاوس الملائكة وأنه ما ترك في السماء رقعة ولا في الأرض بقعة إلا ~~وله فيها سجدة وركعة هذا مبناه على النقل ولم تأت آية ولا حديث بذلك # ثم يفترى ويكذب ويقول لا شك بين العلماء فهذا إن كان قاله بعض الوعاظ أو ~~المصنفين في الرقائق أو بعض من ينقل في التفسير من الإسرائيليات ما لا أصل ~~له # PageV01P278 # فمثل هذا لا يحتج به في جرزة بقل فكيف يحتج به في جعل إبليس خيرا من كل ~~من عصى الله من بني آدم ويجعل الصحابة من هؤلاء الذين إبليس خير منهم فما ~~وصف الله ولا رسوله إبليس بخير قط ولا كان من حملة العرش فضلا عن أن يحمله ~~وحده هذه خرافة وهذيان # ثم إبليس حبط عمله ومعاوية محي كفره بإيمانه كغيره من الصحابة فما خطأك ~~في زعمك ارتداد معاوية وعثمان وصفوة الصحابة المشهود لهم بالجنة إلا كخطأ ~~الخوارج في تكفيرهم عليا # وعلى زعمك يكون ما زال علي مغلوبا مع المرتدين ويكون الحسن قد خلع نفسه ~~وسلم الأمر لمرتد وعلى ms181 زعمك يكون نصر الله لخالد أعظم من نصره عليا وما كل ~~من عصى الله يكون مستكبرا عن طاعته # قال وتمادى بعضهم في التعصب حتى إعتقد إمامة يزيد ومع ما صدر عنه من قتل ~~الحسين وسبى نسائه في البلاد على الجمال بغير قتب وزين العابدين مغلول # فيقال لم نعتقد أنه من الخلفاء الراشدين كما قاله بعض الجهلة من الأكراد ~~وكما قيل هو نبي فهؤلاء نظراء من إدعى نبوة علي أو إلهيته # PageV01P279 # وحكي عن بعض أتباع بني أمية أن الخليفة تقبل منه الحسنات ويتجاوز له عن ~~السيئات # فهؤلاء مع ضلالهم أقل ضلالا ممن يعتقد عصمة المنتظر الذي يقولون إنه في ~~السرداب من أربعمائة وخمسين سنة وهو معدوم # PageV01P280 # وقد ذهبت المرجئة وهم خلائق إلى أن التوحيد لا يضر معه شيء ونحن نقول ~~خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم صارت ملكا كما ورد في الحديث # وإن عنيت بإعتقاد إمامة يزيد أنه كان ملك وقته وصاحب السيف كأمثاله من ~~المروانية والعباسية فهذا أمر متيقن وحكم يزيد على حوزة الإسلام سوى مكة ~~فإنه غلب عليها ابن الزبير وامتنع عن بيعة يزيد ولم يدع إلى نفسه حتى بلغه ~~موت يزيد # PageV01P281 # فكون الواحد من هؤلاء إماما بمعنى أنه كان سلطانا ومعه السيف يولى # PageV01P282 # ويعزل ويعطي ويحرم ويحكم وينفذ ويقيم الحدود ويجاهد الكفار ويقسم الأموال # PageV01P283 # أمر مشهور متواتر لا يمكن جحده وهذا معنى كونه إماما وخليفة وسلطانا كما ~~أن إمام الصلاة هو الذي يصلي بالناس فإذا رأينا رجلا يصلي بالناس كان القول ~~بأنه إمام أمرا مشهودا محسوسا لا تمكن المكابرة فيه # وأما كونه برا أو فاجرا مطيعا أو عاصيا فذاك أمر آخر # فأهل السنة إذا اعتقدوا إمامة الواحد من هؤلاء يزيد أو عبد الملك أو ~~المنصور أو غيرهم كان بهذا الإعتبار # ومن نازع في هذا فهو شبيه بمن نازع في ولاية أبي بكر وعمر وعثمان وفي ملك ~~كسرى وقيصر والنجاشي وغيرهم # وأما كون الواحد من هؤلاء معصوما فليس هذا إعتقاد أحد من العلماء # وكذلك كونه عادلا له كل أموره مطيعا ms182 في جميع أفعاله ليس هذا إعتقاد أحد ~~من المسلمين # وكذلك وجوب طاعته في كل ما يأمر به وإن كان معصية لله ليس هو إعتقاد أحد ~~من المسلمين # ولكن مذهب أهل السنة والجماعة أن هؤلاء يشاركون فيما يحتاج إليهم فيه من ~~طاعة الله فنصلي خلفهم الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات التي يقيمونها ~~هم لأنها لو لم تصل خلفهم أفضى إلى تعطليها # ونجاهد معهم الكفار # ونحج معهم البيت العتيق # ويستعان بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود # فإن الإنسان لو قدر أن يحج في رفقه لهم ذنوب وقد جاءوا يحجون لم يضره هذا ~~شيئا # وكذلك الغزو وغيره من الإعمال الصالحة إذا فعلها البر وشاركه في ذلك ~~الفاجر لم يضره ذلك شيئا فكيف إذا لم يمكن فعلها إلا على هذا الوجه ويستعان ~~بهم أيضا في العدل في الحكم والقسم فإنه لا يمكن عاقلا أن ينازع في أنهم ~~كثيرا ما يعدلون في حكمهم وقسمهم ويعاونون على البر والتقوى # PageV01P284 # ولا يعاونون على الإثم والعدوان فإذا غلب على الأمر خليفة كيزيد وعبد ~~الملك والمنصور فإما أن يقال يجب منعه من الأمر وقتاله وهذا رأي فاسد يؤدي ~~إلى سفك الدماء وإن كان الخارج دينا وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ~~ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير كالذين خرجوا على يزيد في ~~المدينة وكإبن # PageV01P285 # الأشعث الذي خرج على عبد الملك في العراق وكإبن المهلب الذي خرج على أبيه ~~بخراسان وكأبي مسلم صاحب الدعوة الذي خرج عليهم بخراسان أيضا وكالذين خرجوا ~~على المنصور بالمدينة والبصرة وغاية هؤلاء إما أن يغلبوا وإما أن يغلبوا ثم ~~يزول ملكهم فلا يكون لهم عاقبة # فإن عبد الله بن علي العباسي وأبا مسلم قتلا خلقا كثيرا وكلاهما قتله أبو ~~جعفر المنصور # وأما أهل الحرة وابن الأشعث وابن المهلب فهزموا وهزم أصحابهم فلا أقاموا ~~دينا ولا أبقوا دنيا # والله تعالى لا يأمر بأمر لا يحصل به صلاح الدين وصلاح الدنيا # وإن كان فاعل ذلك من ms183 عباد الله المتقين ومن أهل الجنة فليسوا أفضل من علي ~~وطلحة والزبير وعائشة وغيرهم ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال وهم ~~أعظم قدرا عند الله وأحسن نية من غيرهم # وكذلك أهل الحرة كان فيهم من أهل العلم والدين خلق وكذلك أصحاب ابن ~~الأشعث كان فيهم خلق من أهل العلم والدين والله يغفر لهم كلهم # وقد قيل للشعبي في فتنة ابن الأشعث أين كنت يا عامر قال كنت حيث يقول ~~الشاعر # (عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... وصوت إنسان فكدت أطير) # أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء # وكان الحسن البصري يقول إن الحجاج عذاب الله فلا تدافعوا عذاب الله ~~بأيديكم ولكن عليكم بالإستكانة والتضرع فإن الله يقول (ولقد أخذناهم ~~بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) # وكان طلق بن حبيب يقول اتقوا الفتنة بالتقوى # فقيل له أجمل لنا التقوى # فقال أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو رحمة الله # وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عذاب الله # رواه أحمد وابن أبي الدنيا # وكان أفاضل # PageV01P286 # المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة كما كان عبد الله بن عمر ~~وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد # وكما كان الحسن ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث ولهذا ~~استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن ~~النبي صلى الله عليه وسلم وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم ويأمرون بالصبر على ~~جور الأئمة وترك قتالهم وإن كان قد قاتلهم في الفتنة خلق كثير من أهل العلم ~~والدين # وباب قتال أهل البغي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشتبه بالقتال في ~~الفتنة وليس هذا موضع بسطه # ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ~~الباب واعتبرا أيضا أولي الأبصار علم أن الذي جاءت به النصوص النبوية خير ~~الأمور # ولهذا لما أراد الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى أهل ms184 العراق لما كاتبوه ~~كتبا كثيرة أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين كإبن عمر وابن عباس عباس وأبي ~~بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن لا يخرج وغلب على ظنهم أنه يقتل ~~حتى أن بعضهم قال أستودعك الله من قتيل وقال بعضهم لولا الشناعة لأمسكتك ~~ومنعتك من الخروج # وهم بذلك قاصدون نصيحته طالبون لمصلحته ومصلحة المسلمين # والله ورسوله إنما يأمر بالصلاح لا بالفساد لكن الرأي يصيب تارة ويخطيء ~~أخرى # فتبين أن الأمر على ما قاله أولئك إذ لم يكن في الخروج مصلحة لا في دين ~~ولا في دنيا بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم حتى قتلوه مظلوما شهيدا وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يحصل لو ~~قعد في بلده فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء بل زاد ~~الشر بخروجه وقتله ونقص الخير # PageV01P287 # بذلك وصار سببا لشر عظيم وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن كما كان قتل ~~عثمان مما أوجب الفتن # وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر على ~~جور الأئمة وترك قتالهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش ~~والمعاد وأن من خالف ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد ولهذا ~~أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الحسن بقوله إن ابني هذا سيد وسيصلح ~~الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ولم يثن على أحد لا بقتال في فتنة ~~ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا بمفارقة الجماعة # وقد ثبت في البخاري من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أول جيش ~~يغزون القسطنطينية مغفور لهم فأول من غزا القسطنطينية جيش بعثهم معاوية ~~وعليهم ابنه يزيد وفيهم من سادات الصحابة أبو أيوب الأنصاري فحاصروها # ثم الفتن كالجمل وصفين والحرة ومقتل الحسين ووقعة مرج راهط وقتلة ~~التوابين بعين الورد وفتنة ابن الأشعث وأضعاف ذلك مما يطول ذكره ms185 وأعظم من ~~ذلك فتنة عثمان ولهذا جاء في الحديث المرفوع الذي رواه الإمام أحمد في ~~المسند وغيره ثلاث من نجا منهن فقد نجا موتى وقتل خليفة مضطهد بغير حق ~~والدجال # وأما قوله السبي والحمل على الجمال بلا أقتاب فهذا من الكذب الواضح ما ~~استحلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم سبي هاشمية وإنما قاتلوا الحسين خوفا ~~منه ومن أن يزيل عنهم الملك # فلما استشهد فرغ الأمر وبعث بآله إلى المدينة # ولكن جهل الرافضة إليه المنتهى # ولا ريب أن قتل الحسين من أعظم الذنوب وفاعله والراضي به مستحق للعقاب # لكن ليس قتله بأعظم من قتل أبيه وقتل زوج أخته عمر وقتل زوج خالته عثمان # PageV01P288 # قال وأنزل في الحسن والحسين (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في ~~القربى) فهذا باطل فإن الآية مكية بلا ريب نزلت قبل أن يتزوج علي بفاطمة ~~رضي الله عنهما وقبل أن يولد له الحسن والحسين # فإن عليا إنما تزوج فاطمة بالمدينة بعد الهجرة في العام الثاني ولم يدخل ~~بها إلا بعد غزوة بدر في شهر رمضان سنة إثنتين وقد تقدم الكلام على الآية ~~الكريمة وأن المراد بها ما بينه ابن عباس رضي الله عنها من أنه لم تكن ~~قبيلة من قريش إلا وبينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة فقال ~~(لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) إلا أن تودوني في القرابة التي ~~بيني وبينكم # رواه البخاري وغيره # قال وتوقف جماعة في لعنته يعني يزيد مع أنه عندهم ظالم وقد قال تعالى ~~(ألا لعنة الله على الظالمين) وقد سأل مهنا أحمد بن حنبل عن يزيد فقال هو ~~الذي فعل ما فعل # وقال له ولده صالح إن قوما ينسبوننا إلى تولي يزيد فقال يا بني وهل يوالي ~~يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر فقال لم لا تلعنه قال وكيف لا ألعن من ~~لعنه الله قال تعالى (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا ~~أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) فهل ms186 يكون فساد أعظم ~~من نهب المدينة وسبي أهلها وقتل سبعمائة من قريش والأنصار وقتل عشرة آلاف ~~ممن لم يعرف من عبد أو حر حتى وصلت الدماء إلى قبر # PageV01P289 # رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتلأت الروضة # ثم ضرب الكعبة بالمنجنيق وهدمها وأحرقها # وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قاتل الحسين في تابوت من نار عليه ~~نصف عذاب أهل النار # وقد قال صلى الله عليه وسلم إشتد غضب الله وغضبي على من أراق دم أهلي ~~وآذاني في عترتي # فيقال القول في لعنة يزيد كالقول في لعنة أمثاله من الملوك والخلفاء ~~وغيرهم # ويزيد خير من غيره كالمختار الذي انتقم من قتلة الحسين فإنه ادعى أن ~~جبريل ينزل عليه # وخير من الحجاج # ومع هذا فيقال غاية يزيد وأمثاله من الملوك أن يكونوا فساقا فلعنة الفاسق ~~المعين ليست مأمورا بها إنما جاءت السنة بلعنة الأنواع مثل لعن الله السارق ~~يسرق البيضة فتقطع يده # لعن الله آكل الربا وموكله # لعن الله المحلل والمحلل له # لعن الله الخمر وعاصرها وغير ذلك # وذهب طائفة من الفقهاء إلى جواز لعنة المعين وقيل إنه لا يجوز كما قال ~~ذلك طائفة أخرى والمعروف عن أحمد كراهية لعن المعين وأنه يقول كما قال الله ~~تعالى (ألا لعنة الله على الظالمين) # وفي البخاري أن رجلا كان يدعي خمارا وكان يشرب الخمر وكان يؤتي به النبي ~~صلى الله عليه وسلم فيضربه # فقال رجل لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ~~تلعنه فإنه يحب الله ورسوله فنهى صلى الله عليه وسلم عن لعنة هذا المعين مع ~~كونه لعن شارب الخمر مطلقا # ومن المعلوم أن كل مسلم لا بد أن يحب الله ورسوله إلا أن يكون منافقا ~~فذاك ملعون # ومن جوز لعنة المعين لفسقه يقول ألعنه وأصلي عليه فإنه مستحق للعقاب ~~فيلعن ومستحق للثواب من وجه الإسلام فيصلي عليه # وهذا مذهب الصحابة وسائر أهل السنة والكرامية والمرجئة ومذهب كثير من ~~الشيعة الذين يقولون إن الفاسق لا ms187 يخلد في النار # وقالت الخوارج والمعتزلة وبعض الشيعة يخلد وأجمعوا على أنه إذا تاب لم ~~يخلد # والذي يلعن يزيد ونحوه يحتاج إلى ثبوت أنه فاسق ظالم وأن لعنة الفاسق ~~الظالم المعين جائزة وإلى أن يزيد مات ولم يتب مما اجترم # ثم العذاب قد يرتفع موجبه لمعارض راجح كحسنات # PageV01P290 # ماحية ومصائب مكفرة وقد قال تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما ~~دون ذلك لمن يشاء) وقد صح أن أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور لهم وأول جيش ~~غزاها كان أميرهم يزيد ونحن نعلم أن أكثر المسلمين لا بد لهم من ظلم فإن ~~فتح هذا الباب ساغ أن يلعن أكثر موتى المسلمين والله تعالى أمر بالصلاة على ~~موتى المسلمين لم يأمر بلعنتهم # ثم الكلام في لعنة الأموات أعظم من لعنة الحي وقد صح عنه صلى الله عليه ~~وسلم أنه قال لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا # وأما نقلك عن أحمد فالثابت عنه من رواية ابنه صالح أنه قال ومتى رأيت ~~أباك يلعن أحدا ونقل عنه لعنته من رواية منقطعة ليست ثابتة عنه # وقوله تعالى (أولئك الذين لعنهم الله) لا يدل على لعن معين ولو كان كل ~~ذنب لعن فاعله يلعن المعين الذي فعله للعن جمهور الناس وهذا بمنزلة الوعيد ~~المطلق لا يستلزم ثبوته في حق المعين إلا إذا وجدت شروطه وانتفت موانعه ~~وهكذا اللعن # هذا بتقدير أن يكون يزيد فعل ما يقطع به الرحم # ثم إن هذا تحقق في كثير من بني هاشم الذين تقاتلوا من العباسيين ~~والطالبيين فهل يلعن هؤلاء كلهم وكذلك من ظلم قرابة له لا سيما وبينه وبينه ~~عدة آباء أيلعنه بعينه ثم إذا لعن هؤلاء لعن كل من شمله ألفاظه وحينئذ ~~فيلعن جمهور المسلمين # وقوله تعالى (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ~~أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) وعيد عام في كل من فعل ذلك ~~فقد فعل بنو هاشم بعضهم ببعض أعظم مما فعل يزيد فإن قلت بموجبه ms188 لعنت ما شاء ~~الله من العباسيين والعلويين وغيرهم # PageV01P291 # من المؤمنين # ولإبن الجوزي كتاب في إباحة لعن يزيد يرد فيه على عبد المغيث الحربي فإنه ~~كان ينهى عن ذلك وقيل إن الخليفة الناصر لما بلغه نهي الشيخ عبد المغيث عن ~~ذلك قصده وسأله عن ذلك وعرف عبد المغيث أنه الخليفة ولم يظهر أنه يعلمه ~~فقال أنا قصدي كف الألسنة عن لعن خلفاء المسلمين وولاتهم وإلا لو فتحنا هذا ~~الباب لكان خليفتنا أحق باللعن لفعله العظائم وجعل يعدد مظالم الخليفة حتى ~~قال له ادع لي يا شيخ وذهب # وأما فعله بأهل الحرة فإنهم لما خلعوه وأخرجوا نوابه وحاصروا # PageV01P292 # عشيرته أرسل إليهم مرة بعد مرة يطلب الطاعة فامتنعوا وصمموا فجهز # PageV01P293 # إليهم مسلم بن عقبة المري وأمره أن ينذرهم ويهددهم فإن أبوا قاتلهم فإذا ~~ظهر عليهم # PageV01P294 # أنهب المدينة ثلاثا وهذه من كبائره ولهذا قيل لأحمد أنكتب الحديث عن يزيد ~~فقال لا ولا كرامة أو ليس هو الذي فعل بأهل المدينة ما فعل لكن لم يقتل ~~جميع الأشراف ولا بلغ القتلى عشرة آلاف ولا وصلت الدماء إلى المسجد بل ولا ~~كان القتل في المسجد بل بظاهر المدينة # ولكن ديدنكم أنكم لا تنقلون صدقا وإن كان صدقا طرزتموه بكذب # وأما الكعبة فلم تقصد بإهانة وإنما قصدوا ابن الزبير # ولم يهدم يزيد الكعبة ولا أحرقها بإتفاق المسلمين # ولكن طارت إلى الأستار شرارة من نار من امرأة فاحترقت الكعبة # PageV01P295 # فهدمها ابن الزبير وأعادها أحسن مما كانت على الوجه الذي وصفه النبي صلى ~~الله عليه وسلم # وأما خبر قاتل الحسين في تابوت من نار فهو من كذب من لا يستحي من ~~المجازفة فهل يكون على واحد نصف عذاب أهل النار ما بقي لإبليس ولفرعون ~~ولقتلة الأنبياء ولأبي جهل فقاتل عمر وعثمان وعلي أعظم جرما من قاتل الحسين ~~بل هذا الغلو الزائد يقابل بغلو الناصبة الذين يزعمون أن الحسين من الخوارج ~~الذين شقوا العصا وأنه يجوز قتله لقوله صلى الله عليه وسلم من أتاكم وأمركم ~~على رجل واحد يريد أن ms189 يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه كائنا من كان أخرجه مسلم # وأهل السنة يقولون قتل مظلوما شهيدا وقاتلوه ظلمة معتدون وأحاديث قتل ~~الخارج لم تتناوله فإنه لم يفرق الجماعة ولم يقتل إلا وهو طالب للرجوع أم ~~المضي إلى يزيد داخلا فيما دخل فيه سائر الناس معرضا عن تفريق الكلمة # وكذلك الحديث لم يصح ولا ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا جاهل ~~فإن العاصم لدم الحسين من الإيمان والتقوى أعظم من مجرد القرابة فقد قال ~~صلى الله عليه وسلم لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها فقد أخبر عن أعز أهله عليه ~~بحكم الله الذي لا فرق فيه بين الشريف والدني فلو زنا العلوي المحصن رجم ~~ولو قتل قتل # قال النبي صلى الله عليه وسلم المسلمون تتكفأ دماؤهم # وكذلك إيذاء الرسول في عترته وصحابته وسنته من العظائم # PageV01P296 # قال فلينظر العاقل أي الفريقين احق بالأمن الذي نزه الله وملائكته ~~وأنبياءه وأئمته ونزه الشرع عن المسائل الرديئة ومن يبطل الصلاة بإهمال ~~الصلاة على أئمتهم ويذكر أئمة غيرهم أم الذي فعل ضد ذلك # فنقول ما ذكرته من التنزيه إنما هو تعطيل وتنقيص لله ولرسوله وذلك قول ~~نفاة الصفات يتضمن وصفه تعالى بسلب صفات الكمال التي يشابه فيها الجمادات ~~والمعدومات # فإذا قالوا لا تقوم به حياة ولا علم ولا قدرة ولا كلام ولا مشيئة ولا حب ~~ولا بغض ولا رضا ولا سخط ولا يرى ولا يفعل بنفسه فعلا ولا يقدر أن يتصرف ~~بنفسه كانوا قد شبهوه بالجمادات المنقوصات فكان تنقصيا وتعطيلا # وإنما التنزيه أن ينزه عن النقائص المنافية للكمال فينزه عن الموت والنوم ~~والسنة والعجز والجهل والحاجة كما نزه نفسه في كتابه وتنزه عن أن يكون له ~~فيها مثل # وأما الأنبياء فإنكم سلبتم ما لهم من الكمال وعلو الدرجات بحقيقة التوبة ~~والإستغفار والإنتقال من كمال إلى ما هو أكمل منه وكذبتم بما أخبر الله به ~~من ذلك وحرفتم الآيات وظننتم أن إنتقال الآدمي من الجهل إلى العلم ومن ~~الضلال إلى الهدى ومن الغي إلى الرشد نقص ms190 ولم تعلموا أن الذي يذوق الخير ~~والشر ويعرفهما يكون حبه للخير وبغضه للشر أعظم ممن لا يعرف إلا الخير كما ~~قال عمر إنما تنقض عرى # PageV01P297 # الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية # وأما تنزيه الأئمة فمن الفضائح التي يستحي من ذكرها لا سيما إمام لا ~~ينتفع به في دين ولا دنيا أو هو شيء معدوم # فأما تنزيه الشرع فقد مر أن أهل السنة ما اتفقوا على مسألة رديئة بخلاف ~~الرافضة # ثم بالضرورة يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالصلاة على علي ~~ولا على الإثني عشر لا في صلاة ولا في خارجها معينا وأن الصحابة والتابعين ~~ما فعلوا ذلك في صلاة قط فمن أوجب الصلاة على الإثني عشر في صلاته أو أبطل ~~الصلاة بإهمال الصلاة عليهم فقد بدل الدين # فإن قيل المراد أن يصلي على آل محمد قيل فيدخل فيهم بنو هاشم وأمهات ~~المؤمنين # والإمامية يذمون بني العباس # والعجب من هؤلاء الرافضة يدعون تعيظم آل محمد وهم سعوا في مجيء التتار ~~حتى قتلوا خلقا من آل محمد صلى الله عليه وسلم من بني على وبني العباس ~~وسبوا نساءهم وأولادهم وقتلوا ألف ألف وثمانمائة ألف # وفي الصحيح # PageV01P298 # قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صلي على محمد وعلى آل ~~محمد وأزواجه وذريته # الحديث # واتفق المسلمون على أن آل العباس من ذوي القربي وكذا بني الحارث بن عبد ~~المطلب وأنهم من آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة # وعند بعض المالكية والحنبلية آل محمد أمته # وعند طائفة من الصوفية هم الأتقياء من أمته # ثم جمهور الفقهاء لا يوجبون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله في ~~الصلاة ومن أوجب الصلاة على آل عموما لم يجوز الإقتصار على بعض الآل # وكذلك إبطا الصلاة بالصلاة على خليفة من الخلفاء معين قول باطل فلو دعا ~~لمعين أو عليه لم تبطل صلاته عند أكثر العلماء فقد قنت النبي صلى الله عليه ~~وسلم يدعو لقوم ويلعن آخرين بأسمائهم ms191 # PageV01P299 ### | الفصل الثالث في إمامة علي رضي الله عنه # قال الرافضي إن الإمامية لما رأوا فضائل أمير المؤمنين وكمالاته لا تحصى ~~قد رواها الموافق والمخالف ورأوا الجمهور قد نقلوا عن غيره مطاعن ولم ~~ينقلوا في علي طعنا اتبعوه وجعلوه إماما لهم وتركوا غيره # فنذكر منها شيئا يسيرا مما هو صحيح عندهم ليكون حجة عليهم يوم القيامة # فمن ذلك ما رواه أبو الحسن الأندلسي في الجمع بين الصحاح الستة عن أم ~~سلمة أن قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) نزلت في ~~بيتها وهي جالسة عند الباب فقلت يا رسول الله ألست من أهل البيت فقال إنك ~~إلى خير إنك من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم # قالت وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين فجللهم بكساء وقال اللهم هؤلاء ~~أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا # فنقول الأحاديث الثابتة في الفضائل لأبي بكر وعمر أكثر وأعظم من الفضائل ~~الثابتة لعلي # ثم أكثر الأحاديث التي أوردها وذكر أنها في معتمد قول الجمهور من أبين ~~الكذب على علماء الجمهور وما صح منها ليس فيه ما يدل على فضل علي على أبي ~~بكر وغير علي فيها مشارك # وأما فضائل الشيخين فخصائص لهما ولا سيما فضائل أبي بكر فإن عامتها خصائص ~~لم يشركه فيها غيره وأما ما ذكره من المطاعن فلا يمكنه أن يوجه على الثلاثة ~~من مطعن إلا وجه الناصبي على علي مثله # وأما قوله إنهم جعلوه إماما لهم حيث نزهه المخالف والموافق وتركوا غيره ~~حيث يروى فيه من يعتقد إمامته من المطاعن ما يطعن في إمامته فيقال هذا كذب ~~بين فإن عليا رضي الله عنه لم ينزهه المخالفون بل القادحون في علي طوائف ~~متعددة وهم أفضل # PageV01P200 # من القادحين في أبي بكر وعمر وعثمان # والقادحون فيه أفضل من الغلاة فيه # فإن الخوارج متفقون على كفره وهم عند المسلمين كلهم خير من الغلاة الذين ~~يعتقدون إلهيته أو نبوته # بل هم والذين قاتلوه من الصحابة والتابعين خير عند جماهير المسلمين من ~~الرافضة الإثني عشرية ms192 الذين اعتقدوه إماما معصوما # وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما ليس في الأمة من يقدح فيهما إلا الرافضة # والخوارج المكفرون لعلي يوالون أبا بكر وعمر ويترضون عنهما # والمروانية الذين ينسبون عليا إلى الظلم ويقولون إنه لم يكن خليفة يوالون ~~أبا بكر وعمر مع أنهما ليسا من أقاربهما # فكيف يقال مع هذا إن عليا نزهه الموافق والمخالف بخلاف الخلفاء الثلاثة ~~ومن المعلوم أن المنزهين لهؤلاء أعظم وأكثر وأفضل وأن القادحين في علي حتى ~~بالكفر والفسوق والعصيان طوائف معروفة وهم أعلم من الرافضة وأدين والرافضة ~~عاجزون معهم علما ويدا فلا يمكن الرافضة أن تقيم عليهم حجة تقطعهم بها ولا ~~كانوا معهم في القتال منصورين عليهم # والذين قدحوا في علي رضي الله عنه جعلوه كافرا وظالما ليس فيهم طائفة ~~معروفة بالردة عن الإسلام # بخلاف الذين يمدحونه ويقدحون في الثلاثة كالغالية الذين يدعون إلهيته من ~~النصيرية # PageV01P301 # وغيرهم وكالإسماعيلية الملاحدة الذين هم شر من النصيرية وكالغالية الذين ~~يدعون نبوته فإن هؤلاء كفار مرتدون كفرهم بالله ورسوله ظاهر لا يخفى على ~~عالم بدين الإسلام # فمن اعتقد في بشر الإلهية أو اعتقد بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ~~فهذه المقالات # PageV01P302 # ونحوها مما يظهر كفر أهلها لمن يعرف الإسلام أدنى معرفة بخلاف من يكفر ~~عليا ويلعنه من الخوارج وممن قاتله ولعنه من أصحاب معاوية وبني مروان ~~وغيرهم فإن هؤلاء كانوا مقرين بالإسلام وشرائعه يقيمون الصلاة ويؤتون ~~الزكاة ويصومون رمضان ويحجون البيت العتيق ويحرمون ما حرم الله ورسوله وليس ~~فيهم كفر ظاهر بل شعائر الإسلام وشرائعه ظاهرة فيهم معظمة عندهم وهذا أمر ~~يعرفه كل من عرف أحوال الإسلام فكيف يدعي مع هذا أن جميع المخالفين نزهوه ~~دون الثلاثة # بل إذا اعتبر الذين كانوا يبغضونه ويوالون عثمان والذين كانوا يبغضون ~~عثمان ويحبون عليا وجد هؤلاء خيرا من أولئك من وجوه متعددة ولو تخلى أهل ~~السنة عن موالاة علي رضي الله عنه لم يكن في المتولين له من يقدر أن يقاوم ~~المبغضين له من الخوارج والأموية والمروانية فإن هؤلاء طوائف ms193 كثيرة # ومعلوم أن شر الذين يبغضونه هم الخوارج الذين كفروه واعتقدوا أنه مرتد عن ~~الإسلام واستحلوا قتله تقربا إلى الله تعالى حتى قال شاعرهم عمران بن حطان # (يا ضربة من تقى ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا) # (إني لأذكره يوما فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا) # فعارضه شاعر أهل السنة فقال # (يا ضربة من شقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش خسرانا) # (إني لأذكره يوما فألعنه ... لعنا وألعن عمران بن حطانا) # وهؤلاء الخوارج كانوا موجودين في زمن الصحابة والتابعين يناظرونهم ~~ويقاتلونهم والصحابة اتفقوا على وجوب قتالهم ومع هذا فلم يكفروهم ولا كفرهم ~~علي بن أبي طالب رضي الله عنه # PageV01P303 # وأما الغالية في علي رضي الله عنه فقد اتفق الصحابة وسائر المسلمين على ~~كفرهم وكفرهم علي بن أبي طالب نفسه وحرقهم بالنار وأما الخوارج فلم يقاتلهم ~~علي حتى قتلوا واحدا من المسلمين وأغاروا على أموال الناس فأخذوها # فأولئك حكم فيهم علي وسائر الصحابة بحكم المرتدين وهؤلاء لم يحكموا فيهم ~~المرتدين # وهذا مما يبين أن الذين زعموا أنهم والوه دون أبي بكر وعمر وعثمان يوجد ~~فيهم من الشر والكفر بإتفاق على وجميع الصحابة ما لا يوجد في الذين عادوه ~~وكفروه وتبين أن جنس المبغضين لأبي بكر وعمر شر عند علي وجميع الصحابة من ~~جنس المبغضين لعلي # وحديث الكساء صححه الترمذي # وأما مسلم فأخرجه من حديث عائشة قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن والحسين فأدخلهما معه ثم ~~جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم ~~الرجس) الآية # وهذا الحديث قد شركه فيه فاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم فليس هو من ~~خصائصه # ومعلوم أن المرأة لا تصلح للإمامة فعلم أن هذه الفضيلة لا تختص بالأئمة ~~بل يشركهم فيها غيرهم # ومضمونه الدعوة بأن يذهب الله عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا والصديق قد أخبر ~~الله عنه بأنه (الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى) وما ms194 دخل علي في الأتقى حينئذ ~~لأنه لم يكن له مال حينئذ بل دخل فيها إذ فتحت خيبر وصار ذا مال # قال وفي قوله تعالى (إذ ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) قال ~~علي ما عمل بهذه الآية غيري # فيقال الأمر بالصدقة لم يكن واجبا على المسلمين حتى يكونوا عصاة بتركه ~~وإنما أمر بها من أراد النجوى فاتفق أنه لم يرد النجوى حينئذ إلا علي فتصدق ~~لأجلها وهذا كوجوب الهدي لمن أراد المتعة # PageV01P304 # ووجوبه على من أحصر ووجوب الفدية على من به أذى ووجوب الكفارة على من حنث # ثم لم تطل مدة الأمر بالصدقة عند النجوى فما اتفق ذلك إلا لعلي رضي الله ~~عنه فتصدق بدرهمين أو نحوهما # وهذا أبو بكر قد تصدق مرة بماله كله وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم ~~فقال له ما أبقيت لأهلك قال الله ورسوله # قال وعن محمد بن كعب القرظي قال افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار ~~والعباس وعلي فقال طلحة معي مفاتيح البيت ولو أشاء بت فيه # وقال العباس أنا صاحب السقاية ولو أشاء لبت في المسجد # وقال علي لقد صليت إلى القبلة ست أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد # فنزلت (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم ~~الآخر وجاهد في سبيل الله) # فيقال هذا اللفظ لا يعرف في شيء من كتب الحديث المعتمدة بل دلالات الكذب ~~عليه ظاهرة # منها أن طلحة بن شيبة لا وجود له وإنما خادم الكعبة هو شيبة بن عثمان بن ~~أبي طلحة وهذا مما يبين لك أن الحديث لم يصح # ثم فيه قول العباس لو أشاء بت في المسجد فأي كبير أمر في مبيته في المسجد ~~حتى يتبجح به ثم فيه قول علي # PageV01P305 # صليت ستة أشهر قبل الناس فهذا مما يعلم بطلانه بالضرورة فإن بين إسلامه ~~وإسلام زيد وأبي بكر وخديجة يوم أو نحوه فكيف يصلي قبل الناس بستة أشهر ~~وأيضا فلا يقول أنا صاحب الجهاد وقد شاركه فيه عدد كثيرا جدا ms195 فهذا الحديث ~~موضوع # ويرد عليه ما في صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال كنت عند منبر رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل لا أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام ~~إلا أن أسقي الحاج # وقال آخر ما أبالي أن لا أعمل عملا في الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام ~~وذكر آخر الجهاد وقال هو أفضل مما قلتم فزجرهم عمر وقال لا ترفعوا أصواتكم ~~عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة ولكن إذا صليت ~~الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه # فأنزل الله تعالى (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن ~~بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله) فهذا ليس من خصائص علي إذ الذين ~~آمنوا وجاهدوا كثير وقد قال تعالى (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل ~~الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله) ولا ريب أن جهاد أبي بكر بماله ~~ونفسه أبلغ من جهاد علي غيره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث ~~الصحيح إن أمن الناس علينا في صحبته وذات يده أبو بكر وقال صلى الله عليه ~~وسلم ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر وأبو بكر كان مجاهدا بلسانه ويده ~~وهو أول من دعا إلى الله وأول من أوذي في الله بعد رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم وأول من دافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مشاركا لرسول الله ~~صلى الله عليه وسلم في هجرته وجهاده حتى كان هو وحده معه في العريش يوم بدر ~~وحتى إن أبا سفيان يوم أحد لم يسأل إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي ~~بكر وعمر لما قال أفيكم محمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه # فقال أفيكم ابن أبي قحافة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه # فقال أفيكم ابن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه # فقال أما هؤلاء فقد كفيتموهم # فلم يملك عمر نفسه فقال كذبت يا عدو الله إن ms196 الذي عددت أحياء وقد أبقى ~~الله لك ما يحزنك # PageV01P306 # ذكره البخاري وغيره # قال الرافضي ومنها ما رواه أحمد بن حنبل أن أنسا قال لسلمان سل النبي صلى ~~الله عليه وسلم من وصية فسأله فقال يا سلمان من كان وصى موسى قال يوشع # قال فإن وصيي ووارثى علي قلنا هذا الحديث كذب موضوع بإتفاق أهل المعرفة ~~بالحديث ليس هو في مسند الإمام أحمد بن حنبل وأحمد قد صنف كتابا في فضائل ~~الصحابة ذكر فيه فضل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وجماعة من الصحابة وذكر فيه ~~ما روى في ذلك من صحيح وضعيف للتعريف بذلك وليس كل ما رواه يكون صحيحا # ثم إن في هذا # PageV01P307 # الكتاب زيادات من رواية ابن عبد الله وزيادات من رواية القطيعي عن شيوخه ~~وهذه الزيادات التي زادها القطيعي غالبها كذب كما سيأتي ذكر بعضها # وشيوخ القطيعي يروون عمن في طبقة أحمد # وهؤلاء الرافضة جهال إذا رأوا فيه حديثا ظنوا أن القائل لذلك أحمد بن ~~حنبل ويكون القائل لذلك هو القطيعي وشيوخ القطيعي الذين يروون عمن في طبقة ~~أحمد # وكذلك في المسند زيادات زادها ابنه عبد الله لا سيما في مسند علي بن أبي ~~طالب رضي الله عنه فإنه زاد زيادات كثيرة فالحديث من كذب الدجاجلة ولا حدث ~~به والله أحمد فهذا مسنده بل وهذا الكتاب الذي صنفه في فضائل الصحابة # قال وعن يزيد بن أبي مريم عن علي قال انطلقت أنا ورسول الله صلى الله ~~عليه وسلم حتى أتينا الكعبة فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكبي ~~فذهبت لأنهض فرأى منى ضعفا فنزل وجلس لي فصعدت على منكبه فنهض بي حتى صعدت ~~على البيت وعليه تمثال نحاس فجعلت أزاوله ثم قذفت به فتكسر وانطلقنا نستبق ~~حتى توارينا قلنا إن صح هذا فما فيه شيء من خصائص الأئمة فقد كان النبي صلى ~~الله عليه وسلم يصلي وهو حامل أمامة بنت # PageV01P308 # أبي العاص على منكبيه وسجد مرة فجاء الحسن فارتحله فإذا كان يحمل الطفلة ~~والطفل لم يكن ms197 في حمله لعلي ما يوجب أن يكون ذلك من خصائصه وإنما حمله لعجز ~~علي عن حمله فهذا يدخل في مناقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضيلة من ~~يحمل النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من فضيلة من يحمله النبي صلى الله عليه ~~وسلم كما حمله يوم أحد من حمله من الصحابة مثل طلحة بن عبيد الله فإن هذا ~~نفع النبي صلى الله عليه وسلم وذاك نفعه النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم ~~أن نفعه بالنفس والمال أعظم من إنتفاع الإنسان بنفس النبي صلى الله عليه ~~وسلم وماله # قال وعن ابن أبي ليلى قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الصديقون ثلاثة ~~حبيب النجار ومؤمن آل فرعون وعلي وهو أفضلهم # قلنا وهذا كذب # وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف أبا بكر بأنه صديق وصح من حديث ~~ابن مسعود مرفوعا لا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ~~فالصديقون بهذا كثير وقال تعالى في مريم وهي امرأة (وأمه صديقة) # قال وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي أنت مني وأنا منك قلنا ~~نعم أخرجاه في الصحيحين من حديث البراء لما تنازع علي وجعفر وزيد في ابنة ~~حمزة فقضى بها لخالتها وكانت تحت جعفر وقال أنت مني وأنا منك وقال لجعفر ~~اشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد أنت أخونا ومولانا لكن هذا اللفظ قد قاله النبي ~~صلى الله عليه وسلم لطائفة من أصحابه وفي الصحيحين من حديث أبي موسى أن ~~النبي صلى الله عليه وسلم قال في الأشعريين هم مني وأنا منهم # قال وعن عمرو بن ميمون قال لعلي عشر فضائل ليست لغيره قال له النبي # PageV01P309 # صلى الله عليه وسلم لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله ~~ويحبه الله ورسوله فاستشرف لها من استشرف فقال أين علي بن أبي طالب قالوا ~~هو أرمد في الرحى يطحن وما كان أحد يطحن فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر قال ~~فنفث في عينيه ثم هز ms198 الراية ثلاثا وأعطاها إياه فجاء بصفية بنت حيي # قال ثم بعث أبا بكر بسورة براءة فبعث عليا خلفه وقال لا يذهب بها إلا رجل ~~هو مني وأنا منه # وقال لبني عمه أيكم يواليني في الدنيا والآخرة قال وعلي جالس معهم فأبوا ~~فقال علي أنا أواليك في الدنيا والآخرة قال فتركه ثم أقبل على رجل رجل منهم ~~فقال أيكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا فقال علي أنا أواليك في الدنيا ~~والآخرة فقال أنت ولي في الدنيا والآخرة # قال وكان علي أول من أسلم من الناس بعد خديجة # قال وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة والحسن ~~والحسين فقال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ~~قال وشرى علي نفسه ولبس ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه ~~وكان المشركون يرمونه بالحجارة # وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس في غزاة تبوك فقال له علي أخرج ~~معك فقال لا فبكى علي فقال له أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ~~إلا أنك لست بنبي لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي # وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت وليي في كل مؤمن بعدي # قال وسد أبواب المسجد إلا باب علي # قال وكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره # وقال له من كنت مولاه فعلي مولاه # وعن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا أنه بعث أبا بكر في براءة إلى مكة ~~فسار لها ثلاثا ثم قال لعلي الحقه فرده وبلغها أنت ففعل فلما قدم أبو بكر ~~على النبي صلى الله عليه وسلم بكى وقال يا رسول الله حدث في شيء قال لا ~~ولكن أمرت أن لا يبلغها إلا أنا أو رجل مني # قلنا هذا الخبر مرسل لو ثبت عن عمرو بن ميمون # ومنه ألفاظ منكرة منها # PageV01P310 # لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي فإن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ~~غيره غير مرة # وكذلك ms199 قوله سدوا الأبواب إلا باب علي فإنه من وضع الشيعة # فإن في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم ~~قال في مرضه الذي مات فيه إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر ولو كنت ~~متخذا خليلا لأتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام ومودته # لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر # ورواه ابن عباس في الصحيحين # ومنه قال أنت وليي في كل مؤمن بعدي فهذا موضوع بإتفاق أهل المعرفة ~~بالحديث # وباقي الحديث ليس هو من خصائصه مثل كونه يحب الله ورسوله وإستخلافه على ~~المدينة وكونه بمنزلة هارون من موسى # ومثل كون براءة لا يبلغها إلا هاشمي إذا كانت العادة جارية بأنه لا ينقض ~~العهود إلا رجل من قبيلة المطاع # PageV01P311 # قال ومنها ما رواه أخطب خوارزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا علي ~~لو أن عبدا عبد الله مثل ما قام نوح في قومه وكان له مثل أحد ذهبا فأنفقه ~~في سبيل الله وحج ألف مرة على قدميه ثم قتل بين الصفاة والمروة مظلوما ثم ~~لم يوالك لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها # فيقال أخطب خوارزم هذا له مصنف في هذا الباب فيه من المكذوبات ما لا يوصف ~~وهذا والله منها # قال وقال رجل لسلمان ما أشد حبك لعلي # قال سمعت نبي الله يقول من أحبه فقد أحبني # وعن أنس مرفوعا خلق الله من نور وجه علي سبعين ألف ملك يستغفرون له ~~ولمحبيه إلى يوم القيامة # وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب عليا قبل الله ~~منه صلاته وصيامه وقيامه واستجاب دعاءه ألا ومن أحب عليا أعطاه الله بكل ~~عرق من بدنه مدينة في الجنة ألا ومن أحب آل محمد أمن الحساب والميزان ~~والصراط ألا ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله في الجنة مع الأنبياء ومن # PageV01P312 # أبغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله # وعن ms200 ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سئل بأي لغة خاطبك ~~ربك ليلة المعراج قال خاطبني بلغة علي فألهمني أن قلت يا رب أنت خاطبتني أم ~~علي فقال يا محمد أنا شيء ليس كالأشياء لا أقاس بالناس ولا أوصف بالأشياء ~~خلقتك من نوري وخلقت عليا من نورك فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد إلى قلبك ~~أحب من علي خاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك # وعن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن الرياض أقلام ~~والبحر مداد والجن حساب والإنس كتاب ما أحصوا فضائل علي # وقال إن الله جعل الأجر على فضائل علي لا يحصى فمن ذكر فضيلة من فضائله ~~فقرأها غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر والنظر إلى وجهه عبادة وذكره عبادة ~~لا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه # وعن حكيم بن حزام مرفوعا لمبارزة على عمرو بن ود يوم الخندق أفضل من عمل ~~أمتي إلى يوم القيامة # قلنا هذه الأحاديث والله العظيم كذب يلعن الله من افتراها ولعن من لا يحب ~~عليا # وأنت قد قدمت أنك لا تذكر إلا ما هو صحيح عندنا فمن أين جئت بهذه ~~الخرافات ولكنا تيقنا بأن الرافضة أجهل الطوائف وأكذبهم وأنت زعيمهم ~~وعالمهم وهذا حالك # قال وعن سعد بن أبي وقاص أن معاوية أمره بسب على فأبى فقال ما يمنعك قال ~~ثلاث قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلى ~~من حمر النعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي وقد خلفه في بعض ~~مغازيه فقال تخلفني مع النساء والصبيان فقال أما ترضى أن تكون مني بمنزلة ~~هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي # وسمعته يقول لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ~~فتطاول لها الناس فقال ادعوا لي عليا فأتاه وبه رمد فبصق في عينيه ودفع ~~إليه الراية # PageV01P313 # ففتح الله عليه وأنزلت هذه الآية الكريمة (فقل تعالوا ندع أبناءنا ~~وأبناءكم) فدعا ms201 رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة والحسن والحسين ~~فقال هؤلاء أهلي # قلنا أما هذا فصحيح رواه مسلم وسقته بجهلك بين الموضوعات كمن نظم درة بين ~~بعر # ولكن هذه المناقب ليست من خصائصه فإنه استخلف جماعة على المدينة وتشبيهه ~~بهارون ليس بأعظم من تشبيه أبي بكر بإبراهيم وعيسى وتشبيه عمر بنوح وموسى # فإن هؤلاء الأربعة أفضل من هارون وكل من أبي بكر وعمر شبه بإثنين لا ~~بواحد فكان هذا التشبيه أعظم من تشبيه علي مع أن إستخلاف علي له فيه أشباه ~~وأمثال من الصحابة وهذا التشبيه ليس لهذين فيه شبيه فلم يكن الإستخلاف من ~~الخصائص ولا # PageV01P314 # التشبيه بنبي في بعض أحواله من الخصائص # وفي الحديث رد على النواصب الذين لا يتولونه ولا يحبونه وعلى الخوارج ~~الذين كفروه لكن هذا لا يتم على قول الرافضة الذين جعلوا النصوص الدالة على ~~فضل الصحابة كانت قبل ردتهم فإن الخوارج كذا تقول في علي وهذا باطل لأن ~~الله لا يحب ولا يرضى عمن يعلم أنه يموت كافرا # وكذا المباهلة شاركه فيها ولداه # فإن قيل فلم تمنى سعد واحدة منهن قيل لأن شهادة النبي صلى الله عليه وسلم ~~لعلي ظاهرا وباطنا بالإيمان والنبي صلى الله عليه وسلم إذا شهد لمعين ~~بشهادة كانت من أعظم مناقبه كما صلى صلى الله عليه وسلم على ميت فقال اللهم ~~اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه إلخ قال عوف بن مالك فتمنيت أن أكون أنا ذلك ~~الميت # وهذا الدعاء لم يكن مختصا بذلك الميت # قال وعن عامر بن واثلة قال قال علي يوم الشورى لأحتجن عليكم بما لا ~~يستطيع أحد تغيير ذلك # ثم قال أنشدكم بالله أفيكم أحد وحد الله قبلي قالوا اللهم لا وذكر الحديث ~~بطوله وفيه فأنشدكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف ~~من الملائكة وجبريل وميكال وإسرافيل حيث جئت بالماء إلى رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم من القليب غيري قالوا اللهم لا ومنه ما رواه أبو عمر الزاهد عن ~~ابن ms202 عباس قال لعلي أربع خصال ليست لأحد من الناس غيره هو أول من صلى مع ~~النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان معه لواؤه في كل زحف وهو الذي صبر ~~معه يوم حنين وهو الذي غسله وأدخله قبره # وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال مررت ليلة المعراج بقوم تشرشر # PageV01P315 # أشداقهم فقلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء قوم يقطعون الناس بالغيبة # قال ومررت بقوم قد ضوضوا فقلت لجبريل من هؤلاء قال الكفار # ثم عدلنا عن الطريق فلما انتهينا إلى السماء الرابعة رأيت عليا يصلي فقلت ~~يا جبريل من هذا علي قد سبقنا قال لا ليس هذا عليا بل إشتاقت الملائكة إلى ~~رؤيته لما سمعوا مناقبه وخاصة قول النبي صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن ~~تكون مني بمنزلة هارون من موسى فخلق الله ملكا على صورته # وعن ابن عباس قال إن المصطفى قال ذات يوم أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى ~~يعني عليا # وهو معنى قول جبريل في يوم بدر وقد عرج إلى السماء وهو فرح وهو يقول لا ~~سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي # وعن ابن عباس قال رأيت أبا ذر وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول من عرفني ~~فقد عرفني أنا أبو ذر ولو صمتم حتى تكونوا كالأوتار وصليتم حتى تكونوا ~~كالحنايا ما نفعكم ذلك حتى تحبوا عليا # فيقال حديث واثلة كذب بإتفاق الحفاظ وما قال علي يوم الشورى شيئا من ذلك ~~بل قال عبد الرحمن بن عوف لئن أمرتك لتعدلن قال نعم # قال وإن بايعت عثمان لتسمعن وتطيعن قال نعم # وقال مثل ذلك لعثمان # ومكث ثلاثة أيام يشاور المسلمين # وأما حديث ابن عباس فباطل فلواء النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد كان مع ~~مصعب بن عمير بإتفاق ولواؤه يوم الفتح كان مع الزبير أخرجه البخاري # ويوم حنين لم يكن أحد أقرب إلى بغلة النبي صلى الله عليه وسلم من عمه ~~العباس وأبي سفيان بن الحارث والعباس آخذ بركابه # وأما ما ذكره عن ms203 المعراج فكذب سمج وفيه ما يبين وضعه وهو أن الكروبيين ~~لما سمعوا مناقبه وخاصة قول النبي صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تكون مني ~~بمنزلة هارون من موسى اشتاقت إلى علي فخلق لها ملكا على صورة علي # PageV01P316 # فالمعراج كان بمكة من المسجد الحرام وقوله أما ترضى قاله له في غزوة تبوك ~~وهي آخر الغزوات سنة تسع # وكذا خبر لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي كذب والفتى ليس من أسماء ~~المدح ولا الذم # بل هو كقولك الشاب والكهل وقول المشركين (سمعنا فتى يذكرهم) لم يقصدوا ~~مدحه بذلك # وحديث مواخاة النبي لعلي وأبي بكر لعمر من الأكاذيب وإنما آخى بين ~~المهاجرين والأنصار # وذو الفقار سيف كان لأبي جهل غنمه المسلمون يوم بدر فلم يكن ذو الفقار ~~يوم بدر من سيوف المسلمين روى أحمد والترمذي من رواية ابن عباس أن النبي ~~صلى الله عليه وسلم نقل سيفه ذا الفقار يوم بدر ثم إن النبي صلى الله عليه ~~وسلم كان بعد النبوة كهلا وقول أبي ذر لم يصح مع أن حب علي فرض كما أن حب ~~أبي بكر فرض وحب الأنصار فرض قال النبي صلى الله عليه وسلم آية الإيمان حب ~~الأنصار وفي صحيح مسلم عن علي أنه لعهد النبي الأمي إلى أنه لا يحبني إلا ~~مؤمن ولا يبغضني إلا منافق # قال ومنها ما نقله صاحب الفردوس عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم حب ~~علي حسنة لا تضر معها سيئة وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة قلنا كتاب الفردوس ~~مصنفه شيرويه بن شهريار الديلمي المحدث فيه موضوعات جمة هذا منها ولا بقوله ~~المصطفى المعصوم بل هذا المؤمن الذي يحب الله ورسوله ومع ذلك تضره السيئات ~~ويحد في الخمر وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بضرب حمار في الخمر فسبه ~~رجل فقال صلى الله عليه وسلم دعه فإنه يحب الله # PageV01P317 # ورسوله # وأيضا فقد كان أبو طالب يحب ابنه عليا وضره الشرك حتى دخل النار # وهؤلاء الغلاة يزعمون أنهم ms204 يحبونه وهم من أهل النار # وحب الرسول أعظم من حب علي ويدخل خلق من محبيه النار ثم يخرجون بشفاعته # وكذلك الحديث الذي أورده عن ابن مسعود حب آل محمد يوما خير من عبادة سنة ~~موضوع # وحديث أنا وعلي حجة الله على خلقه كذب أيضا والله تعالى يقول (لئلا يكون ~~للناس على الله حجة بعد الرسل) # وكذلك قوله لو اجتمع الناس على حب علي لم تخلق النار فقد رأينا من محبيه ~~من الإسماعيلية وغيرهم خلقا من طعام النار # ونحن نحبه ونخاف النار # ثم خلق ممن صدق الرسل يدخلون الجنة وما عرفوا عليا # وكذلك الحديث الذي ذكره في العهد الذي عهده الله في علي وأنه راية الهدى ~~وإمام الأولياء والكلمة التي ألزمها للمتقين # فصاحب الحلية قد روى في فضائل الأربعة عدة موضوعات وإنما كلمة التقوى لا ~~إله إلا الله # قال الرافضي وأما المطاعن في الجماعة فقد نقل أتباعهم منها كثيرا حتى صنف ~~الكلبي كتابا في مثالب الصحابة # قلنا الكلبي وابنه هشام كذابان رافضيان # PageV01P318 # وإن ما ينقل عن الصحابة من المثالب نوعان أحدهما إما كذب كله وإما محرف ~~قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن # وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون ~~المعروفون بالكذب مثل أبي مخنف لوط بن يحيى ومثل هشام بن محمد بن السائب ~~الكلبي ولهذا استشهد هذا الرافضي بما صنفه هشام الكلبي في ذلك وهو من أكذب ~~الناس وهو شيعي يروى عن أبيه وعن أبي مخنف وكلاهما متروك كذاب # وقال الإمام أحمد في هذا الكلبي ما ظنت أن أحدا يحدث عنه إنما هو صاحب ~~سمر ونسب # وقال الدارقطني متروك # وقال ابن عدي هشام الكلبي الغالب عليه الأسمار ولا أعرف له في المسند ~~شيئا وأبو أيضا كذاب # وقال زائدة والليث وسليمان التيمي هو كذاب # وقال يحيى ليس بشيء # PageV01P319 # كذاب ساقط # وقال ابن حبان وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه # النوع الثاني ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها ms205 معاذير تخرجها عن أن ~~تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الإجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران ~~وإن أخطأ فله أجر # وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب وما قدر من هذه ~~الأمور ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من ~~أهل الجنة لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة منها ~~التوبة الماحية وقد ثبت عن أئمة الإمامية أنهم تابوا من الذنوب المعروفة ~~عنهم # ومنها الحسنات الماحية للذنوب فإن الحسنات يذهبن السيئات وقد قال تعالى ~~(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) ومنها المصائب المكفرة ~~ومنها دعاء المؤمنين بعضهم لبعض وشفاعة نبيهم # فما من ذنب يسقط به الذم والعقاب عن أحد من الأمة إلا والصحابة أحق بذلك ~~فهم أحق بكل مدح ونفي كل ذم ممن بعدهم من الأمة # ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لهم ولسائر الأمة فنقول # لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل ~~ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت وإلا فيبقى في كذب وجهل بالجزئيات وجهل وظلم في ~~الكليات فيتولد فساد عظيم # والناس قد تكلموا في تصويب المجتهدين وتخطئتهم وتأثيمهم وعدم تأثيمهم في ~~مسائل الفروع والأصول # ونحن نذكر أصولا جامعة نافعة # الأصل الأول أنه هل يمكن كل أحد أن يعرف بإجتهاده الحق في كل مسألة فيها ~~نزاع وإذا لم يمكنه فاجتهد واستفرغ وسعه فلم يصل إلى الحق بل قال ما اعتقد ~~أنه هو الحق في نفس الأمر ولم يكن هو الحق في نفس الأمر هل يستحق أن يعاقب ~~أم لا هذا أصل هذه المسائل # وللناس في هذا الأصل ثلاثة أقوال كل قول عليه طائفة من النظار الأول قول ~~من يقول إن الله قد نصب على الحق في كل مسألة دليلا يعرف به يمكن كل من ~~اجتهد واستفرغ وسعه أن يعرف الحق وكل من لم يعرف # PageV01P320 # الحق في مسألة أصولية أو فروعية فإنما هو لتفريطه فيما يجب عليه لا لعجزه # وهذا ms206 القول هو المشهور عن القدرية والمعتزلة وهو قول طائفة من أهل الكلام ~~غير هؤلاء والقول الثاني في أصل المسألة أن المجتهد المستدل قد يمكنه أن ~~يعرف الحق وقد يعجز عن ذلك # لكن إن عجز عن ذلك فقد يعاقبه الله وقد لا يعاقبه وهذا قول الجهمية ~~والأشعرية وكثير من الفقهاء أتباع المذاهب الأربعة والقول الثالث في هذا ~~الأصل أنه ليس كل من اجتهد واستدل يتمكن من معرفة الحق ولا يستحق الوعيد ~~إلا من ترك مأمورا أو فعل محظورا # وهذا قول الفقهاء والأئمة وهو القول المعروف عن سلف الأمة وقول جمهور ~~المسلمين # وهذا القول يجمع الصواب من القولين # الأصل الثاني قول من يقول إن الله لا يعذب في الآخرة إلا من عصاه بترك ~~المأمور أو فعل المحظور والأصل الذي عليه السلف والجمهور أن الله لا يكلف ~~نفسا إلا وسعها فالوجوب مشروط بالقدرة والعقوبة لا تكون إلا على ترك مأمور ~~أو فعل محظور بعد قيام الحجة # وقد ذكرنا في غير هذا الموضع حكم الناس في الوعد والوعيد والثواب والعقاب ~~وأن فاعل السيئات تسقط عنه عقوبة جهنم بنحو عشرة أسباب فإذا كان هذا الحكم ~~في المجتهدين وهذا الحكم في المذنبين حكما عاما في جميع الأمة فكيف في ~~أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا كان المتأخرون من المجتهدين ~~والمذنبين يندفع عنهم الذم والعقاب بما ذكر من الأسباب فكيف بالسابقين ~~الأولين من المهاجرين والأنصار # ونحن نبسط هذا وننبه بالأدنى على الأعلى فنقول كلام الذام للخلفاء ~~ولغيرهم من الصحابة من رافضي وغيره هو من باب الكلام في الأعراض وفيه حق ~~لله تعالى لما يتعلق به من الولاية والعداوة والحب والبغض وفيه حق للآدميين ~~أيضا # ومعلوم أنا إذا تكلمنا فيمن هو دون الصحابة مثل الملوك المختلفين على ~~الملك والعلماء والمشايخ المختلفين # PageV01P321 # في العلم والدين وجب أن يكون الكلام بعلم وعدل ولا بجهل وظلم # فإن العدل واجب لكل أحد على كل أحد في كل حال والظلم محرم مطلقا لا يباح ~~قط بحال قال تعالى (ولا يجرمنكم شنآن ms207 قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب ~~للتقوى) # فإذا كان البغض الذي أمر الله به قد نهى صاحبه أن يظلم من يبغضه فكيف في ~~بغض مسلم بتأويل وشبهة أو بهوى نفس فهو أحق أن لا يظلم بل يعدل عليه # وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق من عدل عليهم في القول والعمل ~~والعدل مما اتفق أهل الأرض على مدحه ومحبته والثناء على أهله ومحبتهم # والظلم مما اتفق على ذمه وتقبيحه وذم أهله وبغضهم والمقصود أن الحكم ~~بالعدل واجب مطلقا في كل زمان ومكان على كل أحد ولكل أحد والحكم بما أنزل ~~الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو عدل خاص وهو أكمل أنواع العدل وأحسنها ~~والحكم به واجب على النبي وكل من اتبعه ومن لم يلتزم حكم الله ورسوله فهو ~~كافر وهذا واجب على الأمة في كل ما تنازعت فيه من الأمور الإعتقادية ~~والعملية قال تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) فالأمور ~~المشتركة بين الأمة لا يحكم فيها إلا الكتاب والسنة ليس لأحد أن يلزم الناس ~~بقول عالم ولا أمير ولا شيخ ولا ملك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ~~القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاضيان في الجنة # فمن علم الحق وقضى به فهو في الجنة ومن علم الحق وقضى بخلافه فهو في ~~النار ومن قضى للناس على جهل فهو في النار # وإذا حكم بعلم وعدل فإذا اجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر ~~كما ثبت ذلك في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجهين # وإذا وجب فيما شجر بين المؤمنين أن لا يتكلم إلا بعلم وعدل ويرد ذلك إلى ~~الله والرسول فذاك في أمر الصحابة أظهر والرافضة سلكوا في الصحابة مسلك ~~التفرق فوالوا بعضهم وغلوا فيه وعادوا بعضهم وغلوا في معاداته وهذا كله من ~~التفرق والتشيع الذي نهى الله عنه ورسوله فقال تعالى (إن الذين فرقوا دينهم ~~وكانوا شيعا لست منهم في شيء) وقال تعالى (ولا تكونوا كالذين تفرقوا ms208 ~~واختلفوا من بعد # PageV01P322 # ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم # يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم ~~فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون # وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) قال ابن عباس ~~تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن ~~النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله يرضى لكم ثلاثا أن تعبدوه ولا ~~تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ~~ولاه الله أموركم # والله تعالى قد حرم ظلم المسلمين أحيائهم وأمواتهم وحرم دماءهم واموالهم ~~وأعراضهم # وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع ~~إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في ~~بلدكم هذا # ألا هل بلغت ألا ليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع وقد قال ~~تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا ~~بهتانا وإثما مبينا) فمن آذى مؤمنا حيا أو ميتا بغير ذنب يوجب ذلك فقد دخل ~~في هذه الآية # ومن كان مجتهدا لا إثم عليه فإذا آذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب # ومن كان مذنبا وقد تاب من ذنبه أو غفر له بسبب آخر بحيث لم يبق عليه ~~عقوبة فآذاه مؤذ فقد آذاه بغير ما اكتسب وقد قال تعالى (ولا يغتب بعضكم ~~بعضا) وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الغيبة ذكرك ~~أخاك بما يكره # قيل أرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد إغتبته وإن ~~لم يكن فيه فقد بهته # فمن رمى أحدا بما ليس فيه فقد بهته فكيف إذا كان ذلك في الصحابة ومن قال ~~عن مجتهد إنه تعمد الظلم أو تعمد معصية الله ورسوله ومخالفة الكتاب والسنة ~~ولم يكن كذلك فقد بهته # وإذا كان فيه ذلك فقد إغتابه # لكن يباح من ذلك ما أباحه الله ms209 ورسوله وهو ما يكون على وجه القصاص والعدل ~~وما يحتاج إليه لمصلحة الدين ونصيحة المسلمين # فالأول قول المشتكي المظلوم فلان ضربني # PageV01P323 # وأخذ مالي ومنعني ونحو ذلك قال الله تعالى (لا يحب الله الجهر بالسوء من ~~القول إلا من ظلم) وقد نزلت فيمن ضاف قوما فلم يقروه لأن قرى الضيف واجب ~~كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة فلما منعوه حقه كان له ذكر ذلك وأما الحاجة ~~مثل إستفتاء هند بنت عتبة كما ثبت في الصحيح أنها قالت يا رسول الله إن أبا ~~سفيان رجل شحيح لا يعطيني وبنى ما يكفيني بالمعروف فقال النبي صلى الله ~~عليه وسلم خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة ~~فلم ينكر عليها قولها وهو من جنس قول المظلوم # وأما النصيحة فمثل قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس لما استشارته ~~فيمن خطبها فقالت خطبني أبو جهم ومعاوية فقال صلى الله عليه وسلم أما ~~معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وفي لفظ يضرب ~~النساء إنكحي أسامة فلما إستشارته فيمن تتزوج ذكر ما تحتاج إليه # وكذلك من إستشار رجلا فيمن يعامله # والنصيحة مأمور بها ولو لم يشاوره فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في ~~الحديث الصحيح الدين النصيحة الدين النصيحة ثلاثا # قالوا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم # وكذلك بيان أهل العلم لمن غلط في رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ~~تعمد الكذب عليه أو على من ينقل عنه العلم # وكذلك بيان من غلط في رأي رآه في أمر الدين من المسائل العلمية والعملية # فهذا إذا تكلم فيه الإنسان بعلم وعدل وقصد النصيحة فالله تعالى يثيبه على ~~ذلك لا سيما إذا كان المتكلم فيه داعيا إلى بدعة فهذا يجب بيان أمره للناس ~~فإن دفع شره عنهم أعظم من دفع شر قاطع الطريق # وحكم المتكلم بإجتهاده في العلم والدين حكم أمثاله من المجتهدين # ثم قد يكون مجتهدا مخطئا أو مصيبا ms210 وقد يكون كل من الرجلين المختلفين ~~باللسان أو اليد مجتهدا يعتقد الصواب معه وقد يكونان جميعا مخطئين مغفورا ~~لهما كما ذكرنا نظير ذلك مما كان يجري بين الصحابة # ولهذا ينهى عما شجر بين هؤلاء سواء كانوا من الصحابة أو من # PageV01P324 # بعدهم فإذا تشاجر مسلمان في قضية ومضت ولا تعلق للناس بها ولا يعرفون ~~حقيقتها كان كلامهم فيها كلاما بلا علم ولا عدل يتضمن أذاهم بغير حق ولو ~~عرفوا أنهما مذنبان أو مخطئان لكان ذكر ذلك من غير مصلحة راجحة من باب ~~الغيبة المذمومة # لكن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أعظم حرمة وأجل قدرا وأنزه أعراضا ~~وقد ثبت من فضائلهم خصوصا وعموما ما لم يثبت لغيرهم فلهذا كان الكلام الذي ~~فيه ذمهم على ما شجر بينهم أعظم إثما من الكلام في غيرهم # فإن قيل فأنتم في هذا المقام تسبون الرافضة وتذمونهم وتذكرون عيوبهم # قيل ذكر الأنواع المذمومة غير ذكر الأشخاص المعينة فإنه قد ثبت عن النبي ~~صلى الله عليه وسلم لعن أنواع كثيرة وقال الله تعالى (أن لعنة الله على ~~الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا) فالقرآن والسنة مملوءان ~~من ذم الأنواع المذمومة وذم أهلها ولعنهم تحذيرا من ذلك الفعل وإخبارا بما ~~يلحق أهله من الوعيد # ثم المعاصي التي يعرف صاحبها أنه عاص يتوب منها والمبتدع الذي يظن أنه ~~على حق كالخوارج والنواصب الذين نصبوا العداوة والحرب لجماعة المسلمين ~~ابتدعوا بدعة وكفروا من لم يوافقهم عليها فصار بذلك ضررهم على المسلمين ~~أعظم من ضرر الظلمة الذين يعلمون أن الظلم محرم والرافضة أشد بدعة من ~~الخوارج وهم يكفرون من لم تكن الخوارج تكفره كأبي بكر وعمر ويكذبون على ~~النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة كذبا ما كذب أحد مثله والخوارج لا ~~يكذبون لكن الخوارج كانوا أصدق وأشجع وأوفى بالعهد منهم فكانوا أكثر قتالا ~~منهم وهؤلاء أكذب وأجبن وأعذر وأذل وهم يستعينون بالكفار على المسلمين كما ~~جرى لجنكز خان ملك الترك الكفار فإن الرافضة أعانته على المسلمين وأما ~~إعانتهم لهولاكو ابن ms211 ابنه لما جاء إلى خراسان والعراق والشام فهذا أظهر ~~وأشهر من أن يخفى على أحد فكانوا بالعراق وخراسان من أعظم أنصار # PageV01P325 # باطنا وظاهرا وكان وزير الخليفة ببغداد الذي يقال له ابن العلقمي منهم ~~فلم يزل # PageV01P326 # يمكر بالخليفة والمسلمين ويسعى في قطع أرزاق عسكر المسلمين وضعفتهم وينهى ~~العامة عن قتالهم ويكيد أنواعا من الكيد حتى دخلوا فقتلوا من المسلمين ما ~~يقال إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان أو أكثر أو أقل ولم ير في الإسلام مثل ~~ملحمة الترك الكفار # PageV01P327 # المسمين بالتتر وقتلوا الهاشميين وسبوا نساءهم من العباسيين وغير ~~العباسيين # فهل يكون مواليا لآل الرسول صلى الله عليه وسلم من يسلط الكفار على قتلهم ~~وسبيهم وعلى سائر المسلمين وهم يكذبون على الحجاج وغيره أنه قتل الأشراف ~~ولم يقتل الحجاج هاشميا قط مع ظلمه وغشمه فإن عبد الملك نهاه عن ذلك وإنما ~~قتل ناسا من أشراف العرب غير بني هاشم وقد تزوج هاشمية وهي بنت عبد الله بن ~~جعفر فما مكنه بنو أمية من ذلك وفرقوا بينه وبينها وقالوا ليس الحجاج كفئا ~~لشريفة هاشمية # والرافضة فيهم من هو متعبد متورع زاهد لكن ليسوا في ذلك مثل غيرهم من أهل ~~الأهواء فالمعتزلة أعقل منهم وأعلم وأدين والكذب والفجور فيهم أقل منه في ~~الرافضة # والزيدية من الشيعة خير منهم وأقرب إلى الصدق والعدل والعلم # وليس في أهل الأهواء أصدق ولا أعبد من الخوارج ومع هذا فأهل السنة ~~يستعملون معهم العدل والإنصاف ولا يظلمونهم فإن الظلم حرام مطلقا كما تقدم # بل أهل السنة لكل طائفة من هؤلاء خير من بعضهم لبعض بل هم للرافضة خير ~~وأعدل من بعض الرافضة لبعض # وهذا مما يعترفون هم به ويقولون أنتم تنصفوننا ما لا ينصف بعضنا بعضا # وهذا لأن الأصل الذي اشتركوا فيه أصل فاسد مبني على جهل وظلم # وهم مشتركون في ظلم سائر المسلمين فصاروا بمنزلة قطاع الطريق المشتركين ~~في ظلم الناس # ولا ريب أن المسلم العالم العادل أعدل عليهم وعلى بعضهم من بعض # والخوارج تكفر أهل الجماعة وكذلك ms212 أكثر المعتزلة يكفرون من خالفهم وكذلك ~~أكثر الرافضة # ومن لم يكفر فسق وكذلك أكثر أهل الأهواء يبتدعون رأيا ويكفرون من خالفهم ~~فيه # وأهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول ولا يكفرون من خالفهم ~~فيه بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق كما وصف الله به المسلمين بقوله (كنتم ~~خير أمة أخرجت للناس) قال أبو هريرة كنتم خير الناس للناس # وأهل السنة نقاوة المسلمين # PageV01P328 # فهم خير الناس للناس # وقد علم أنه كان بساحل الشام جبل كبير فيه ألوف من الرافضة يسفكون دماء ~~الناس ويأخذون أموالهم # ولما انكسر المسلمون سنة غازان أخذوا الخيل والسلاح # PageV01P329 # والأسارى وباعوهم للكفار والنصارى بقبرص وأخذوا من مر بهم من الجند ~~وكانوا أضر # PageV01P330 # على المسلمين من جميع الأعداء وحمل بعض أمرائهم راية النصارى وقالوا له ~~أيما خير # PageV01P331 # المسلمون أو النصارى فقال بل النصارى # فقالوا له مع من تحشر يوم القيامة فقال مع النصارى # وسلموا إليهم بعض بلاد المسلمين # ومع هذا فلما إستشار بعض ولاة الأمر في غزوهم وكتبت جوابا مبسوطا في ~~غزوهم وذهبنا إلى ناحيتهم وحضر عندي جماعة منهم وجرت بيني وبينهم مناظرات ~~ومفاوضات يطول وصفها فلما فتح المسلمون بلدهم وتمكن المسلمون منهم نهيتهم ~~عن قتلهم وعن سبيهم وأنزلناهم في بلاد المسلمين متفرقين لئلا يجتمعوا # فما أذكره في هذا الكتاب في ذم الرافضة وبيان كذبهم وجهلهم قليل من كثير ~~مما أعرفه منهم ولهم شر كثير لا أعرف تفصيله # ومصنف هذا الكتاب وأمثاله من الرافضة إنما نقابلهم ببعض ما فعلوه بأمة ~~محمد صلى الله عليه وسلم سلفها وخلفها فإنهم عمدوا إلى خيار أهل الأرض من ~~الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين وإلى خير أمة أخرجت للناس فافتروا ~~عليهم العظائم وجعلوا حسناتهم سيئات وجاءوا إلى شر من انتسب إلى الإسلام من ~~أهل الأهواء وهم الرافضة بأصنافها غاليها وإماميها وزيديها والله يعلم وكفى ~~بالله عليما ليس في جميع الطوائف المنتسبة إلى الإسلام مع بدعة وضلالة شر ~~منهم لا أجهل ولا أكذب ولا أظلم ولا أقرب إلى الكفر والفسوق والعصيان وأبعد ms213 ~~عن حقائق الإيمان منهم فزعموا أن هؤلاء هم صفوة # PageV01P332 # الله من عباده فإن ما سوى أمة محمد كفار وهؤلاء كفروا الأمة كلها أو ~~ضللوها سوى طائفتهم التي يزعمون أنها الطائفة المحقة وأنها لا تجتمع على ~~ضلالة فجعلوهم صفوة بني آدم فكان مثلهم كمن جاء إلى غنم كثيرة فقيل له ~~أعطنا خير هذه الغنم لنضحي بها فعمد إلى شر تلك الغنم إلى شاة عوراء عجفاء ~~عرجاء مهزولة لا نقى لها فقل هذه خيار هذه الغنم لا تجوز الأضحية إلا بها ~~وسائر هذه الغنم ليست غنما وإنما هي خنازير يجب قتلها ولا تجوز الأضحية بها # وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من حمى مؤمنا من ~~منافق حمى الله لحمه من نار جهنم يوم القيامة # وهؤلاء الرافضة إما منافق وإما جاهل فلا يكون رافضي ولا جهمي إلا منافقا ~~أو جاهلا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكون فيهم أحد عالما بما ~~جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مع الإيمان به فإن مخالفتهم لما جاء به ~~الرسول وكذبهم عليه لا يخفى قط إلا على مفرط في الجهل والهوى # وشيوخهم المصنفون فيهم طوائف يعلمون أن كثيرا مما يقولونه كذب ولكن ~~يصنفون لهم رياستهم عليهم # وهذا المصنف يتهمه الناس بهذا ولكن صنف لأجل أتباعه # فإن كان أحدهم يعلم أن ما يقوله باطل ويظهره ويقول إنه حق من عند الله ~~فهو من جنس علماء اليهود الذين (يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من ~~عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما ~~يكسبون) # وإن كان يعتقد أنه حق دل ذلك على نهاية جهله وضلاله # ولما قال السلف إن الله أمر بالإستغفار لأصحاب محمد فسبهم الرافضة كان ~~هذا كلاما حقا # وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لا تسبوا أصحابي يقتضي ~~تحريم سبهم # مع أن الأمر بالإستغفار للمؤمنين والنهي عن سبهم عام ففي الصحيحين عن ابن # PageV01P333 # مسعود عن النبي صلى الله ms214 عليه وسلم قال سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وقد ~~قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا ~~منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا ~~بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان # ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) # فقد نهى عن السخرية واللمز والتنابز بالألقاب واللمز العيب والطعن ومنه ~~قوله تعالى (ومنهم من يلمزك في الصدقات) أي يعيبك ويطعن عليك وقال تعالى ~~(ويل لكل همزة لمزة) وإذا قال المسلم (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين ~~سبقونا بالإيمان) يقصد كل من سبقه من قرون الأمة بالإيمان وإن كان قد أخطأ ~~في تأويل تأوله فخالف السنة أو أذنب ذنبا فإنه من إخوانه الذين سبقوه ~~بالإيمان فيدخل في العموم وإن كان من الثنتين والسبعين فرقة # فإنه ما من فرقة إلا وفيها خلق كثير ليسوا كفارا بل مؤمنين فيهم ضلال ~~وذنب يستحقون به الوعيد كما يستحقه عصاة المؤمنين # والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخرجهم من الإسلام بل جعلهم من أمته ولم ~~يقل أنهم يخلدون في النار # فهذا أصل عظيم ينبغي مراعاته فإن كثيرا من المنتسبين إلى السنة فيهم بدعة ~~من جنس بدع الرافضة والخوارج # وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وغيره لم يكفروا ~~الخوارج الذين قاتلوهم بل أول ما خرجوا عليه وتحيزوا بحروراء وخرجوا # PageV01P334 # عن الطاعة والجماعة قال لهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه إن لكم علينا ~~أن لا نمنعكم من مساجدنا ولا حقكم من الفيء # ثم أرسل إليهم ابن عباس فناظرهم فرجع نحو نصفهم ثم قاتل الباقي وغلبهم ~~ومع هذا لم يسب لهم ذرية ولا غنم لهم مالا ولا سار فيهم سيرة الصحابة في ~~المرتدين كمسيلمة وأمثاله وعن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال كنت عند علي ~~حين فرغ من قتال أهل النهروان فقيل له أمشركون هم قال من الشرك فروا # فقيل أمنافقون قال المنافقون لا يذكرون الله إلا قليلا # قيل ms215 فما هم قال قوم بغوا علينا فقاتلناهم فقد صرح علي رضي الله عنه بأنهم ~~مؤمنون ليسوا كفارا ولا منافقين وهذا بخلاف ما كان يقوله بعض الناس كأبي ~~إسحاق الإسفرايني ومن اتبعه يقولون لا نكفر إلا من يكفرنا # فإن الكفر ليس حقا لهم بل هو حق لله وليس للإنسان أن يكذب على من يكذب ~~عليه ولا أن يفعل الفاحشة بأهل من فعل الفاحشة بأهله لأن هذا حرام لحق الله ~~ولو سب النصارى نبينا لم يكن لنا أن نسب المسيح # والرافضة إذا كفروا أبا بكر وعمر فليس لنا أن نكفر عليا # روى سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه الباقر قال سمع على يوم الجمل أو يوم ~~صفين رجلا يغلو في القول فقال لا تقولوا إلا خيرا إنما هم قوم زعموا أنا ~~بغينا عليهم وزعمنا أنهم بغوا علينا فقاتلناهم وعن مكحول أن أصحاب علي ~~سألوه عمن قتل من أصحاب معاوية ما هم قال هم المؤمنون وعن عبد الواحد بن ~~أبي عون قال مر علي وهو متكيء على الأشتر على قتلى صفين فإذا حابس اليماني ~~مقتول فقال الأشتر إنا لله وإنا إليه راجعون هذا حابس اليماني معهم يا أمير ~~المؤمنين عليه علامة معاوية أما والله لقد عهدته # PageV01P335 # مؤمنا # قال علي والآن هو مؤمن # قال رووا عن أبي بكر أنه قال على المنبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ~~يعتصم بالوحي وإن لي شيطانا يعتريني فإن استقمت فإعينوني وإن زغت فقوموني # فكيف تجوز إمامة من يستعين بالرعية على تقويمه # قلنا هذا من أكبر فضائله وأدلها على أنه لم يكن طالب رياسة ولا كان ظالما ~~فقال إن استقمت على الطاعة فأعينوني عليها وإن زغت عنها فقوموني # كما قال أطيعوني ما أطعت الله # فالشيطان الذي يعتريه يعتري غيره فإنه ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من ~~الجن وقرينه من الملائكة والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم # فمقصوده بذلك أني لست معصوما وصدق رضي الله عنه والإمام ليس ربا لرعيته ~~حتى يستغنى عنهم ms216 بل يتعاونون على البر والتقوى كإمام الصلاة إن استقام ~~تبعوه وإن سها سبحوا به وقوموه # ثم يقال إستعانة علي برعيته وحاجته إليهم كانت أكثر من إستعانة أبي بكر ~~وكان تقويم أبي بكر لرعيته وطاعتهم له # PageV01P336 # أعظم من تقويم علي لرعيته وطاعتهم له # فإن أبا بكر كان إذا نازعوه أقام عليهم الحجة حتى يرجعوا إليه كما أقام ~~الحجة على عمر في قتال مانعي الزكاة وغير ذلك وكانوا إذا أمرهم أطاعوه وعلي ~~رضي الله عنه لما ذكر قوله في أمهات الأولاد وأنه اتفق رأيه ورأي عمر على ~~أن لا يبعن ثم رأى أن يبعن قال له قاضيه عبيدة السلماني رأيك مع عمر في ~~الجماعة أحب إلينا من رأيك وحده في الفرقة # وكان علي يقول اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الخلاف جتى يكون الناس ~~جماعة أو أموت كما مات أصحابي وكانت رعيته كثيرة المخالفة له ويشيرون عليه ~~فيخالفهم ثم يتبين له أن الصواب قولهم # وكان الحسن أشار عليه بأن لا يخرج من المدينة وأن لا يعزل معاوية # ولا يشك عاقل أن السياسة انتظمت لأبي بكر وعمر ما لم تنتظم لعلي رضي الله ~~عنهم أجمعين # قال وقال أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم # فإن كانت إمامته حقا فإستقالته معصية وإن كانت باطلة لزم الطعن # قلنا هذا كذب ولا له إسناد # بل ثبت عنه أنه قال يوم السقيفة بايعوا أحد هذين الرجلين أبا عبيدة أو ~~عمر بن الخطاب # فقال له عمر بل أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم # ثم يقال فهلا استخلف عليا عند الموت # وللإمام أن يقتال لطلب الراحة من أعباء الإمرة # وتواضع المرء لا يسقط رتبته # PageV01P337 # قال وقال عمر كانت بيعة أبي بكر فلته وقى الله شرها فمن عاد إلى مثلها ~~فاقتلوه # قلنا هذا القول الأخير إفتراء وكذب وإنما قال وليس فيكم من تقطع إليه ~~الأعناق مثل أبي بكر # ومعناه أن بيعة الصديق بودر إليها من غير إنتظار وتريث لكونه كان متعينا # قال وقال أبو بكر ليتني كنت ms217 سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ~~للأنصار في هذا الأمر حق قلنا هذا كذب # ثم نقول هذا يقدح فيما تدعونه من النص على علي إذ لو كان نص صلى الله ~~عليه وسلم على علي لبطل حق الأنصار وغيرهم # قال وقال عند إحتضاره ليت أمي لم تلدني يا ليتني كنت تبنة في لبنة # مع أنهم رووا أنه ما من محتضر إلا ويرى مقعده من الجنة والنار # قلنا وهذا عنه باطل بل قال لما إحتضر وتمثلت عائشة بقول الشاعر # (لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر) # فكشف عن وجهه فقال ليس كذلك ولكن قولي (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما ~~كنت منه تحيد) # وأما قول ليت أمي لم تلدني فنقل عنه أنه قاله في صحته ومثل هذا نقل عن ~~جماعة من السلف قالوه خوفا وهيبة وفرقا من الله وروى الإمام أحمد عن أبي ذر ~~أنه قال والله لوددت أني شجرة تعضد وقال عبد الله بن مسعود لو وقفت بين ~~الجنة والنار فقيل لي أختر في أيهما تكون أو تكون رمادا لأخترت أن أكون ~~رمادا # PageV01P338 # قلت وقد جاء عن علي إلى الله أشكو عجرى وبجري # قال وقال ليتني يوم بني ساعدة ضربت بيدي على يد أحد الرجلين فكان الأمير ~~وكنت الوزير # قلنا قائل هذا يقوله هضما لنفسه وتواضعا وخوفا من الله فلو كان عنده نص ~~من الرسول بعلي لكان في حال خوفه وإنابته ينقس بعلي ولما ذكر الرجلين إذ ~~توليتهما مع علمه بالنص على علي كما تزعمون إضاعة للإمامة منه وكان يكون ~~وزيرا لظالم غيره ويبيع آخرته بدنيا غيره ولا يفعل هذا من يخاف الله وينيب ~~إليه # قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته مرات أنفذوا جيش أسامة ~~لعن الله المتخلف عن جيش أسامة وكانت الثلاثة معه ومنع أبو بكر عمر من ذلك # قيل هذا كذب عند كل عارف بالسيرة فكيف يرسل أبا بكر في جيش أسامة وقد ~~إستخلفه على الصلاة فصلى بهم ms218 إثني عشر يوما بالنقل المتواتر وقد كشف ~~الستارة يوم الإثنين وقت الصبح وهم يصلون خلف أبي بكر ووجهه كأنه ورقة مصحف ~~وسر بذلك لما رآهم بالصلاة فكيف يتصور أن يأمره بالخروج وهو يأمره بالصلاة ~~بالناس # وإنما أنفذ جيش أسامة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم أبو بكر غير أنه ~~استأذنه في أن يأذن لعمر بن الخطاب في الإقامة لأنه ذو رأي ناصح للإسلام ~~فأذن له # وأشار عليه بعضهم بترك الغزاة فإنهم خافوا أن يطمع الناس في الجيش بموت ~~النبي صلى الله عليه وسلم فامتنع أبو بكر وقال لا أحل لواء عقده النبي صلى ~~الله عليه وسلم # PageV01P339 # قال ولم يول النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر عملا قط بل ولي عليه عمرو ~~بن العاص مرة وأسامة أخرى # ولما أنفذه بسورة براءة رده بوحي من الله # قلنا هذا من أبين الكذب # فمن المعلوم قطعا أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل أبا بكر على الحج ~~عام تسع فكان هذا من خصائصه كما أن إستخلافه على الصلاة من خصائصه وكان علي ~~من رعيته في الحج المذكور فإنه لحقه فقال أمير أو مأمور قال علي بل مأمور # وكان علي يصلي خلف أبي بكر مع سائر المسلمين في هذه الحجة بل خص بتبليغ ~~سورة براءة # وأما قصة عمرو بن العاص فإن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله في سرية وهي ~~غزوة ذات السلاسل وكانت إلى بني عذرة أخوال عمرو فأمره رجاء أن يطيعوه ~~ويسلموا ثم أردفه بأبي عبيدة ومعه أبو بكر وعمر وقال لأبي عبيدة تطاوعا ولا ~~تختلفا ثم كانوا يصلون خلف عمرو مع علم كل أحد أن هؤلاء خير من عمرو وتولية ~~المفضول لمصلحة تجوز كما أمر صلى الله عليه وسلم أسامة ليأخذ بثأر أبيه # PageV01P340 # قال وقطع سارقا ولم يعلم أن القطع لليد اليمنى # قلنا من اظهر الكذب أن يجهل هذا أبو بكر # ثم لو قدر أن أبا بكر كان يجيز ذلك لكان سائغا لأن القرآن ليس في ظاهره ~~ما يعين اليمين ms219 لكن تعيين اليمين في قراءة ابن مسعود فاقطعوا أيمانهما ~~وبذلك مضت السنة ولكن أين النقل بذلك عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قطع ~~اليسرى وأين الإسناد الثابت بذلك وهذه كتب أهل العلم بالآثار موجودة فليس ~~فيها ذلك ولا نقل أهل العلم بالإختلاف ذلك قولا مع تعظيمهم لأبي بكر رضي ~~الله عنه # قال وأحرق الفجاءة السلمي بالنار مع النهي عن ذلك # قلنا إحراق علي الزنادقة بالنار أشهر فقد ثبت في الصحيح أن عليا أتي بقوم ~~زنادقة فحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهى النبي صلى ~~الله عليه وسلم أن يعذب بعذاب الله ولضربت أعناقهم لقول النبي صلى الله ~~عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه # قال وخفي عليه أكثر أحكام الشريعة فلم يعرف حكم الكلالة وقال أقول فيها ~~برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمنى ومن الشيطان # وقضى في الجد بسبعين قضية وهذا يدل على قصوره # قلنا هذا بهتان عظيم كيف يخفي عليه أكثر الأحكام ولم يكن من يقضي ويفتي ~~بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم إلا هو ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ~~أكثر مشاورة لأحد منه له ولعمر وقد تقدم النقل عن منصور بن عبد الجبار ~~السمعاني وذكر عن غير واحد الإجماع على أنه أعلم الأمة وهذا بين فإن الأمة ~~لم تختلف في ولايته في مسألة إلا فصلها بعلم يبينه لهم من الكتاب والسنة ~~كما بين لهم موت النبي # PageV01P341 # صلى الله عليه وسلم وموضع دفنه وثبتهم على الإيمان وقرأ عليهم الآية وبين ~~لهم قتال مانعي الزكاة وأن الخلافة في قريش # ولولا علمه بالمناسك والصلاة لما استعمله عليهما الرسول صلى الله عليه ~~وسلم وعلم المناسك أدق ما في العبادات ولم يستخلف غيره لا في حج ولا في ~~صلاة وكتابه في الصدقة أخذه أنس من أبي بكر وهو أصح ما روى فيها وعليه ~~اعتمد الفقهاء وفي الجملة لا تعرف مسألة من الشريعة غلط فيها بخلاف غيره # وأما قوله لم يعرف حكم الكلالة ms220 فيقال هذا من أعظم علمه فإن الرأي الذي ~~رآه عليه جماهير العلماء وأخذوا بقوله وهو أنه من لا ولد له ولا والد # وأما الجد فإنما هذا قضاء عمر وأما أبو بكر فإنه لم يختلف قوله أن جعله ~~أبا وهو قول بضعة عشر صحابيا ومذهب أبي حنيفة وبعض الشافعية والحنابلة وهو ~~الأظهر في الدليل وقال مالك والشافعي وأحمد بقول زيد بن ثابت # وأما قول علي في الجد فلم يذهب إليه الأئمة # فلما أجمع المسلمون على أن الجد الأعلى أولى من الأعمام كان الجد الأدنى ~~أولى من الإخوة # ثم القائلون بمشاركة الإخوة للجد لهم أقوال متناقضة # قال فأي نسبة له بمن قال سلوني قبل أن تفقدوني سلوني عن طرق السماء فإني ~~أعرف بها من طرق الأرض # قلنا إنما قال علي سلوني لأهل الكوفة ليعلمهم الدين فإن غالبهم كانوا ~~جهلة # وأما أبو بكر فكان الذين حول منبره أكابر الصحابة فكانت رعيته أعلم الأمة ~~وأدينها # وأما الدين كان علي يخاطبهم فهم من جملة عوام الناس التابعين وكان كثير ~~منهم من شرار التابعين ولهذا كان علي رضي الله عنه # PageV01P342 # يذمهم ويدعو عليهم # وكان التابعون بمكة والمدينة والشام والبصرة خيرا منهم وقد جمعت الفتاوى ~~المنقولة عن الخلفاء الأربعة فوجدوا أصوبها وأدلها على علم صاحبها أمور أبي ~~بكر ثم عمر والأمور التي وجد نص يخالفها عن عمر أقل مما وجد عن علي وأما ~~أبو بكر فلا يكاد يوجد نص يخالفه وكان هو الذي يفصل الأمور المشتبهة عليهم ~~ولم يكن يعرف منهم إختلاف على عهده # قال قال أبو البحتري رأيت عليا صعد منبر الكوفة وعليه مدرعة كانت لرسول ~~الله صلى الله عليه وسلم متقلدا سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معتما ~~بعمامته وفي إصبعه خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكشف عن بطنه فقال ~~سلوني من قبل أن تفقدوني فإنما بين الجوانح مني علم جم # هذا سفط العلم هذا لعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ما زقني رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم زقا ms221 من غير وحي إلي فوالله لو ثنيت وسادة فجلست ~~عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم وأهل الإنجيل بإنجيلهم حتى تنطق التوراة ~~والإنجيل فتقول صدق علي قد أفتاكم بما أنزل الله في # قلت هذا كذب فاحش وعلي أعلم بالله من أن يحكم بالتوراة والإنجيل وإذا ~~تحاكم إليه أهل الكتابين لم يجز له أن يحكم بغير القرآن ومن نسب عليا إلى ~~أن يحكم بالتوراة والإنجيل بين اليهود والنصارى أو يفتيهم بذلك ويمدحه بذلك # PageV01P343 # إما أن يكون من أجهل الناس بالدين وبما يمدح به صاحبه وإما أن يكون ~~زنديقا ملحدا أراد القدح في علي بمثل هذا الكلام الذي يستحق صاحبه الذم ~~والعقاب دون المدح والثواب # قال وروى البيهقي بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أراد أن ~~ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في تقواه وإلى إبراهيم في حلمه وإلى موسى في ~~هيبته وإلى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي # قلنا وهذا خبر منكر فهاتوا إسناده إن كنتم صادقين ويقال ثانيا هذا الحديث ~~كذب موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا ريب عند أهل العلم بالحديث ~~ولهذا لا يذكره أهل العلم بالحديث وإن كانوا حراصا على جمع فضائل على ~~كالنسائي فإنه قصد أن يجمع فضائل علي في كتاب سماه الخصائص والترمذي قد ذكر ~~أحاديث متعددة في فضائله ومنها ما هو ضعيف بل موضوع ومع هذا لم يذكروا هذا ~~ونحوه # قال وقال أبو عمر الزاهد قال أبو العباس لا نعلم أحدا قال بعد نبيه سلوني ~~من شيث إلى محمد إلا عليا فسأله الأكابر أبو بكر وعمر وأشباههما حتى انقطع ~~السؤال ثم قال بعد هذا يا كميل بن زياد إن ها هنا علما جما لو أصبت له حملة # والجواب أن هذا النقل إن صح عن ثعلب فثعلب لم يذكر له إسنادا حتى يحتج به ~~وليس ثعلب من أئمة الحديث الذين يعرفون صحيحه من سقيمه حتى يقال صح عنده بل ~~من هو أعلم من ثعلب من الفقهاء يذكرون أحاديث كثيرة لا ms222 أصل لها فكيف ثعلب ~~وهو قد سمع هذا من بعض الناس الذين لا يذكرون ما يقولون عن أحد وعلي لم ~~يقول هذا في # PageV01P344 # خلافة أبي بكر وعمر ولا عثمان بل قال نحوه بالكوفة فكان يأمرهم بطلب ~~العلم والسؤال كما في حديث كميل بن زياد ولم يصحبه إلا بالكوفة فإنه قال يا ~~كميل إن هاهنا لعلما لو أصبت له حملة # وأما أبو بكر فلم يكن يسأله عليا عن شيء وأما عمر فكان يشاوره كما يشاور ~~غيره # قال وأهمل أبو بكر حدود الله فلم يقتص من خالد بن الوليد حيث قتل مالك بن ~~نويرة وأشار عمر بقتله فلم يقبل # فنقول إن كان ترك قتل قاتل المعصوم مما ينكر على الأئمة كان هذا من أكبر ~~حجج شيعة عثمان على علي فإن عثمان خير من أمثال مالك بن نويرة وقد قتل ~~مظلوما شهيدا وعلي لم يقتص من قتلته ولذا امتنع الشاميون من مبايعته # فإن عذرتموه فاعذروا أبا بكر فإنا نعذرهما # وكذلك إنكاركم على عثمان حيث لم يقتص من عبيد الله بن عمر بالهرمزان ثم ~~إن عمر أشار عليه بإجتهاد منه # قال وخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم في توريث بنته ومنعها فدك # قلنا جميع المسلمين مع أبي بكر فيما فعل خلا جهلة الشيعة وذلك لرواية ~~جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا نورث # قال ومنها ما رواه عن عمر وهو في كتاب الحلية أنه لما احتضر قال يا ليتني ~~كنت كبشا لقومي فذبحوني فهل هذا إلا مثل قول الكافر (يا ليتني كنت ترابا) # وقال ابن عباس لما احتضر عمر قال لو أن لي ملء الأرض ذهبا لأفتديت به من ~~هول # PageV01P345 # المطلع # وهذا مثل قوله تعالى (ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه ~~لأفتدوا به) فلينظر المنصف قول الرجلين عند احتضارهما وقول على متى ألقى ~~الأحبة محمدا وحزبه # متى ألقاها متى ينبعث أشقاها وقوله حين قتله فزت ورب الكعبة والجواب أن ~~في هذا الكلام من الجهالة ms223 ما يدل على فرط جهل قائله # فما نقله عن علي قد نقل مثله عمن هو دونه بل قاله أيضا بعض الخوارج # وقال بلال عتيق أبي بكر عند الإحتضار وامرأته تقول واحزناه وهو يقول ~~واطرباه غدا ألقى الأحبة محمد وحزبه # وفي البخاري عن المسور بن مخرمة قال لما طعن عمر جعل يألم فقال ابن عباس ~~وكأنه يجزعه أي يزيل جزعه يا أمير المؤمنين لئن كان ذلك لقد صحبت رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض # ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض # ثم صحبت المسلمين فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون # فقال أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه فإن ذلك من ~~من الله من به علي # وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإن ذلك من من الله من به علي وأما ~~ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك # والله لو أن لي طلاع الأرض لأفتديت به من عذاب الله قبل أن أراه # فقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنه راض ومات هو ورعيته عنه ~~راضون مقرون بعدله والله عنه راض وخشيته من الله وخوفه منه لكمال علمه فإن ~~الله تعالى يقول (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقد كان النبي صلى الله ~~عليه وسلم يصلي ولصدره أزيز كأزيز أرجل من البكاء # وفي صحيح مسلم أنه لما قتل عثمان بن مظعون قال النبي صلى الله عليه وسلم ~~والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم وقال لو تعلمون ما أعلم ~~لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وعن أبي ذر قال # وددت أني شجرة تعضد # وأما # PageV01P346 # الكافر فإنه يقول (يا ليتني كنت ترابا) في القيامة وكذلك (لو أن لهم ما ~~في الأرض لأفتدوا به) يوم القيامة # وأما الدنيا فمن جعل خوف المؤمن من ربه كخوف الكافر في الآخرة فهو كمن ~~جعل الظلمات كالنور والظل كالحرور # ومن ولي ms224 الأمة فعدل عدلا يشهد به عامتهم وهو في ذلك خائف وجل من أن يكون ~~ظلم أفضل ممن يقول كثير من رعيته إنه ظلم وهو في نفسه مدل بعمله # وبعدل عمر يضرب المثل # قلت وقال ابن عيينة عن جعفر الصادق عن أبيه عن جابر أن عليا دخل على عمر ~~وهو مسجي فقال صلى الله عليك # وهذا من أصح الأخبار # وقال ابن المبارك وغيره عن عمر بن سعيد بن أبي حسين النوفلي المكي عن ابن ~~أبي مليكة عن ابن عباس قال وضع عمر على سريره فتكنفه جماعة يدعون ويثنون ~~فلم يرعني إلا رجل أخذ بمنكبي فإذا علي فترحم على عمر وقال ما خلفت أحدا ~~أحب إلى أن ألقى الله بمثل عمله منك وهذا أيضا صحيح # قال وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه ائتوني ~~بدواه وبيضاء لأكتب لكم كتابا لا تضلون من بعدي # فقال عمر إن الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله # فكثر اللغط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا عني لا ينبغي ~~التنازع لدي # قال ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب النبي صلى الله ~~عليه وسلم # وقال عمر لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات محمد ولا يموت حتى ~~يقطع أيدي رجال وأرجلهم # فلما نهاه أبو بكر وتلا عليه قوله تعالى (إنك ميت وإنهم ميتون) وقوله ~~تعالى (أفإن مات أو قتل انقلبتم) قال كأني ما سمعت هذه الآية # فيقال أما عمر فقد ثبت من علمه وفضله ما لم يثبت لأحد غير أبي بكر قال ~~النبي صلى الله عليه وسلم قد كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي ~~أحد فعمر قال ابن وهب معناه ملهمون # أخرجه مسلم عن عائشة # PageV01P347 # وقال النبي صلى الله عليه وسلم قد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل ~~رجال يكلمون فان يكن في أمتي منهم أحد فعمر أخرجه البخاري من حديث أبي ~~هريرة وقال صلى الله عليه وسلم بينما أنا ms225 نائم أتيت بقدح من لبن فشربت منه ~~حتى أني لأرى الري يخرج من أظفاري ثم أعطيت فضلى عمر # قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم # أخرجه البخاري # وفي الصحيح عن أبي سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أنا نائم ~~رأيت الناس يعرضون على وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ~~ذلك # ومر عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره # قالوا ما أولت ذلك يا رسول الله قال الدين # وفي الصحيحين أن عمر قال وافقت ربي في ثلاث في مقام إبراهيم وفي الحجاب ~~وفي أساري بدر # فأما قصة الكتاب فقد جاء مبينا في الصحيحين من حديث عائشة قالت قال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ادعى لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا فإني ~~أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر # وفي صحيح البخاري قالت عائشة وارأساه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وادعو لك # فقلت واثكلاه والله إني لأظنك تحب موتي فلو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ~~ببعض أزواجك # فقال صلى الله عليه وسلم بل أنا وارأساه لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر ~~وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون ويأبى الله والمؤمنون # وفي صحيح مسلم عن ابن أبي مليكة سئلت عائشة رضي الله عنها من كان رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم مستخلفا لو استخلف قالت أبو بكر # قيل لها فمن بعده قالت عمر # PageV01P348 # قيل لها من بعد عمر قالت أبو عبيدة # وأما عمر فاشتبه عليه هل كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة ~~المرض أو كان من أقواله المعروفة والمرض جائز على الأنبياء # ولهذا قال ما له أهجر فشك في ذلك وما جزم والشك يجوز على عمر إذ لا معصوم ~~بعد النبي صلى الله عليه وسلم فجوز أن يكون كلامه من وجع الحمى ولذلك ظن ~~أنه لم يمت حتى تبين ms226 أنه قد مات # والنبي صلى الله عليه وسلم كان قد عزم على أن يكتب الكتاب الذي ذكره ~~لعائشة فلما رأى أن الشك قد وقع علم أن الكتاب لا يرفع الشك فلم يبق فيه ~~فائدة وعلم أن الله يجمعهم على ما أراد كما قال ويأبى الله والمؤمنون إلا ~~أبا بكر # وقول ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم وبين أن يكتب الكتاب يقتضي أن الحائل كان رزية وهي في حق من شك في ~~خلافة أبي بكر أو اشتبه عليه الأمر فإنه لو كتب كتابا لزال الشك # فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه ولله الحمد ومن توهم أن هذا ~~الكتاب كان بخلافة علي فهو ضال بإتفاق عامة الناس من علماء السنة والشيعة ~~أما أهل السنة فمتفقون على تفضيل أبي بكر وتقديمه # وأما الشيعة القائلون بأن عليا كان هو المستحق للإمامة فيقولون إنه قد نص ~~على إمامته قبل ذلك نصا جليا ظاهرا معروفا وحينئذ فلم يكن يحتاج إلى كتاب # وإن قيل إن الأمة جحدت النص المعلوم المشهور فلأن تكتم كتابا حضره طائفة ~~قليلة أولى وأحرى # وأيضا فلم يكن يجوز عندهم تأخير البيان إلى مرض موته ولا يجوز له ترك ~~الكتاب لشك من شك فلو كان ما يكتبه في الكتاب مما يجب بيانه وكتابته لكان # PageV01P349 # النبي صلى الله عليه وسلم يبينه ويكتبه ولا يلتفت إلى قول أحد فإنه أطوع ~~الخلق له فعلم أنه لما ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجبا ولا كان فيه من ~~الدين ما تجب كتابته حينئذ إذ لو وجب لفعله # وما مثل عمر بأعظم ممن يفتي ويقضي مجتهدا بأمور يكون النبي صلى الله عليه ~~وسلم قد حكم بخلافها إذ الشك في الحق أخف من الجزم بنقيضه والكل من الخطأ ~~المغفور فقد قضي علي في الحامل المتوفى عنها زوجها أنها تعتد أبعد الأجلين ~~مع صحة خبر سبيعة ولكنه لم يبلغه وقضى في المفوضة أن مهرها يسقط بالموت مع ~~قضاء الرسول ms227 صلى الله عليه وسلم في بروع بأن لها مهر نسائها وأراد أن ينكح ~~ابنة أبي جهل حتى غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع عن ذلك وأمثال هذا ~~مما لم يقدح في علي ولا غيره من أولي العلم إذا اجتهدوا وقال إذا اختارت ~~المرأة زوجها فهي طلقة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم خير نساءه ولم يكن ~~ذلك طلاقا والأمور التي كان ينبغي لعلي أن يرجع عنها أعظم بكثير من الأمور ~~التي كان ينبغي لعمر أن يرجع عنها مع أن عمر قد رجع عن عامة تلك الأمور ~~وعلي عرف رجوعه عن بعضها فقط كرجوعه عن خطبة بنت أبي جهل وأما بعضها كفتياه ~~بأن الحامل المتوفى عنها تعتد أبعد الأجلين وأن المفوضة لا مهر لها إذا مات ~~الزوج وقوله إن المخيرة إذا اختارت زوجها فهي واحدة فهذه لم يعرف إلا بقاؤه ~~عليها حتى مات # وكذلك مسائل كثيرة ذكرها الشافعي في كتاب اختلاف علي وعبد الله وذكرها ~~محمد بن نصر المروزي في كتاب رفع اليدين في الصلاة وأكثرها موجودة في الكتب ~~التي تذكر فيها أقوال الصحابة إما بإسناد أو بغير إسناد مثل مصنف عبد ~~الرزاق وسنن سعيد بن منصور ومصنف وكيع ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة # PageV01P350 # وسنن الأثرم ومسائل حرب وعبد الله بن أحمد وصالح وأمثالهم مثل كتاب ابن ~~المنذر وابن جرير الطبري وابن حزم وغير هؤلاء # قال ولما وعظت فاطمة أبا بكر في فدك كتب لها كتابا بها وردها عليها # فخرجت من عنده فلقيها عمر فحرق الكتاب فدعت عليه بما فعله به أبو لؤلؤة # قلنا هذا والله من أقبح الكذب الذي اختلقته الرافضة أفيعير عمر بأن أكرمه ~~الله بالشهادة على يد أبي لؤلؤة الكافر بعد ثلاث عشرة سنة من وفاة فاطمة ~~كما أكرم عليا بالشهادة رضي الله عنهم أجمعين # قال وعطل عمر الحدود فلم يحد المغيرة بن شعبة قلنا إن جماهير العلماء على ~~ما فعله عمر في قصة المغيرة وإن البينة إذا لم تكمل حد الشهود وفعل ذلك ms228 ~~بحضرة الصحابة علي وغيره فأقروه عليه بدليل أنه لما جلد الثلاثة أعاد أبو ~~بكرة القذف وقال والله لقد زنا فهم عمر بجلده ثانيا فقال له علي إن كنت ~~جالده فارجم المغيرة # يعني يكون تكراره للقول بمنزلة شاهد آخر فيتم النصاب ويجب الرجم # وهذا دليل على رضا علي بحدهم لأنه ما أنكره وعمر قد أقام الحد على ابنه ~~في الخمر لما شرب بمصر بعد أن كان عمرو بن العاص ضربه الحد لكن كان ضربه ~~سرا في البيت وكان الناس يضربون علانية فبعث عمر إلى عمرو يزجره ويتهدده ~~لأنه حابي ابنه ثم طلبه فضربه # PageV01P351 # مرة ثانية وكان لا تأخذه في الله لومة لائم وعدله متواتر لا ينكره إلى ~~رافضي وكذلك لا ينكر على علي في تركه إقامة الحد على قتله عثمان لأنه مجتهد ~~كعمر # قال وكان يعطي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بيت المال أكثر مما ~~ينبغي ويعطي عائشة وحفصة في السنة عشرة آلاف # قلنا كان مذهبه التفضيل في العطاء كما كان يعطي بني هاشم أكثر من غيرهم ~~ويبدأ بهم ويقول ليس أحد أحق بهذا المال من أحد وإنما هو الرجل وعناؤه ~~والرجل وبلاؤه والرجل وسابقته والرجل وحاجته # وكان يعطي ابنه عبد الله أنقص مما يعطي أسامة بن زيد فوالله ما كان عمر ~~يتهم في تفضيله لمحاباة ولا صداقة # قال وغير حكم الله في المنفيين # قلنا النفي في الخمر تعزيز يسوغ للإمام فعله بإجتهاد وقد ضرب الصحابة في ~~الخمر أربعين وضربوا ثمانين وصح أن عليا قال وكل سنة # وقد قال العلماء الزيادة على أربعين حد واجب وبه يقول أبو حنيفة ومالك ~~وإحدى الروايتين عن أحمد # وقال الشافعي الزائد تعزير وللإمام أن يفعله وكان عمر يحلق في الخمر ~~وينفي # وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بقتل الشارب في الرابعة واختلف في ~~نسخه # وكان علي يحد أكثر من الأربعين وقال ما أحد أقيم عليه الحد فيموت فأجد في ~~نفسي إلا شارب الخمر فإنه لو مات لوديته فإنه شيء فعلناه بآرائنا ms229 # رواه الشافعي واستدل به على أن الزيادة من باب التعزير الذي يفعل ~~بالإجتهاد # قال وكان قليل المعرفة بالأحكام أمر برجم حامل حتى نهاه علي # قلنا إن كانت هذه القضية وقعت فلعل عمر لم يعلم يحملها والأصل عدم الحمل ~~أو غاب عنه الحكم حتى ذكره علي فكان ماذا بمثل هذا فيقدح في أئمة الهدى ~~وعلي قد خفي عليه من السنة أضعاف هذا وأدى إجتهاده إلى أن قتل يوم الجمل ~~وصفين نحو من تسعين ألفا فهذا أعظم مرارا من خطأ عمر في قتل ولد زنا ولم ~~يقتله ولله الحمد # PageV01P352 # قال وأمر برجم مجنونة فقال له علي إن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق ~~فأمسك وقال لولا علي لهلك عمر # قلنا هذه الزيادة ليست معروفة فإن كان عمر لا يعلم بخبرها فلا ضير أو علم ~~وذهل أو اجتهد فله أسوة بغيره وما هو بمعصوم # قال وقال في خطبة له من غالي بمهر امرأة جعلته في بيت المال فقالت له ~~امرأة كيف تمنعنا ما أعطانا الله في كتابه حين قال (وآتيتم إحداهن قنطارا) ~~فقال كل أحد أفقه من عمر # قلنا هذا من كمال فضله وتقواه حيث رجع إلى كتاب الله إذ تبين له وأنه ~~يقبل الحق حتى من امرأة ويتواضع ويعترف # وما من شرط الأفضل أن لا ينبهه المفضول فقد قال هدهد لسليمان (أحطت بما ~~لم تحط به) ورحل موسى إلى الخضر وهو دونه ليتعلم منه # وما كان قد رآه عمر فهو مما يقع مثله للمجتهد الفاضل فإن الصداق فيه حق ~~لله ليس من جنس الثمن والأجر # قال ولم يحد قدامة في الخمر لأنه تلا عليه قوله تعالى (ليس على الذين ~~آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا) فقال له علي ~~ليس قدامة من أهل هذه الآية فلم يدركم يحده فقال له علي حده ثمانين # والجواب علم عمر في هذا أبين من أن يحتاج إلى دليل فقد جلد في الخمر مرات # والذي نعرفه من القصة ما رواه أبو إسحاق الجوزجاني عن ms230 ابن عباس أن قدامة ~~بن مظعون شرب الخمر فقال له عمر ما حملك على ذلك قال إن الله تعالى يقول ~~(ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا) وأنا ~~من المهاجرين الأولين فقال عمر أجيبوه # PageV01P353 # فسكتوا فقال لإبن عباس أجبه فقال إنما أنزلها الله عذرا للماضين لمن ~~شربها قبل التحريم # ثم سأل عمر عن الحد فيها فقال علي إذا شرب هذي وإذا هذي افترى فاجلده ~~ثمانين فجلده عمر ثمانين # فإن كان علي أشار بالثمانين فإن الذي ثبت في الصحيح أن عليا جلد أربعين ~~عند عثمان لما جلد الوليد بن عقبة وأنه أضاف الثمانين إلى عمر وثبت في ~~الصحيح أن ابن عوف أشار بالثمانين فلم يكن جلد عمر مستفادا من علي # وقد ذكرنا أن عليا قال لو مات في جلد الخمر أحد لوديته لأن النبي صلى ~~الله عليه وسلم لم يسنه لنا # قال وأرسل إلى حامل يستدعيها فأسقطت خوفا منه فقال له الصحابة نراك مؤدبا ~~ولا شيء عليك # ثم سأل عليا فأوجب الدية على عاقلته # قلنا هذه من مسائل الخلاف والإجتهاد وما زال عمر يشاور مثل عثمان وعلي ~~وابن مسعود وزيد وابن عباس وهذا من كماله # وقد أتى بامرأة أقرت بالزنا فاتفقوا على رجمها فقال عثمان أراها تستهل به ~~إستهلال من لا يعلم أن الزنا محرم فلم يحدها لكونها جهلت التحريم وكذا لم ~~يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم أسامة لما قتل الذي قال لا إله إلا الله ~~لإعتقاده جواز قتله ومن ذلك قتل خالد بني جذيمة وقتله مالك بن نويرة # قال وتنازعت امرأتان في طفل ولم يعلم الحكم وفزع فيه إلى أمير المؤمنين ~~فاستد على المرأتين ووعظهما فلم ترجعا فقال ائتوني بالمنشار أقده بينكما ~~نصفين فقالت واحدة الله الله يا أبا الحسن قد سمحت لها به # فقال على الله أكبر هو ابنك ولو كان ابنها لرقت عليه # قلنا هذه قضية لا تعرف لعمر بل هي معروفة لسليمان عليه السلام كما جاء في ~~الصحيح من حديث أبي ms231 هريرة مرفوعا وفيها # PageV01P354 # أن الله فهم سليمان من الحكم ما لم يفهمه داود كما قال تعالى (ففهمناها ~~سليمان) وكان سليمان قد سأل الله حكما يوافق حكمه فأعطاه وما نعلم أن ~~سليمان أفضل من داود وقد جاء أن داود عليه السلام كان أعبد البشر # قال وأمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر فقال له على إن خاصمتك بكتاب الله ~~خصمتك إن الله يقول (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) وقال تعالى (والوالدات ~~يرضعن أولادهن حولين) # قلنا كان عمر يستشير الصحابة وبهذا مدح الله المؤمنين بقوله (وأمرهم شورى ~~بينهم) # والناس متنازعون في المرأة إذا ظهر بها حمل ولم يكن لها زوج ولا سيد ولا ~~ادعت شبهة فمذهب مالك أنها ترجم وهو رواية عن أحمد وقال أبو حنيفة والشافعي ~~لا ترجم فلعلها مستكرهة أو حملت بلا وطء والأول هو الثابت عن الخلفاء ~~الراشدين # وفي الصحيحين أن عمر خطب في آخر عمره وقال الرجم حق على من زنى إذا قامت ~~البينة أو كان الحبل أو الإعتراف # وكذا اختلفوا في الشارب إذا تقيأها # ولعل عمر جوز أن تلد امرأة لدون ستة أشهر ورآه من النادر كما وجد في ~~النادر من حملت أربع سنين ومن حملت سبع سنين وفي حد ذلك نزاع بين العلماء # قال وكان يضطرب في الأحكام فقضى في الجد بمائة قضية # والجواب أن عمر أسعد الصحابة المختلفين في الجد بالحق # فإن الصحابة في الجد مع الإخوة على قولين أحدهما أن يسقط الإخوة وهذا قول ~~أبي بكر وأبي موسى وأبي عباس وطائفة ومذهب أبي حنيفة وابن سريج من الشافعية ~~وأبي حفص البرمكي من الحنابلة وهو الحق فإن نسبة بني الإخوة من الأب إلى ~~الجد كنسبة الأعمام بني الجد إلى الجد وقد اتفق المسلمون على أن الجد هنا ~~أب والأب أولى من الأعمام فيجب أن يكون أبو الأب أولى # PageV01P355 # من الإخوة # وأيضا فإن الإخوة لو كانوا لكونهم يدلون ببنوة الأب بمنزلة الجد لكان ~~أولادهم وهم بنو الأخوة كذلك # ألا ترى أن ابن الإبن أولى من الجد فكان ابنه ms232 بمنزلته # وأيضا فإن الجدة كالأم فيجب أن يكون الجد كالأب ولأن الجد يسمى أبا # وهذا القول هو إحدى الروايتين عن عمر # القول الثاني أن الجد يقاسم الإخوة # وهذا قول عثمان وعلي وزيد وابن مسعود # ولكن اختلفوا في التفصيل إختلافا متباينا والجمهور على مذهب زيد كمالك ~~والشافعي وأحمد # وأما قول علي في الجد فلم يذهب إليه أحد من أئمة الفقهاء إنما يذكر عن ~~ابن أبي ليلى # وإن صح أن عمر قضى فيها بمائة قضية لم يرد الراوي أنه قضى في مسألة واحدة ~~بمائة قول إذ ليس ذلك بممكن وليس في مسألة الجد نزاع أكثر مما في مسألة ~~الخرقاء أم وأخت وجد وكل الأقوال فيها ستة فعلم أنه أراد مائة حادثة من ~~حوادث الجد لكن لم يخرج قوله عن قولين أو ثلاثة # وقول علي في الجد مختلف أيضا والمسائل التي لعلي فيها أقوال كثيرة وأهل ~~الفرائض يعلمون هذا مع أن الأشبه أن هذا كذب فإن وجود جد وإخوة في الفريضة ~~قليل جدا في الناس وعمر إنما تولى عشر سنين وكان قد أمسك عن الكلام في الجد ~~وثبت عنه في الصحيح أنه قال ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ~~بينهن لنا الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا # ومن كان متوقفا لم يحكم فيها بشيء # قال وكان يفضل في الغنيمة والعطاء وأوجب الله التسوية # قلنا أما الغنيمة فلم يكن هو يقسمها بل أمراء جيوشه القائمون بعد الخمس ~~ثم يرسل إليه الخمس # وقد تنازع العلماء هل يفضل بعض الغانمين لمصلحة وذلك روايتان عن أحمد # وإلى الجواز ذهب أبو حنيفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفل في بدايته ~~الربع بعد الخمس وفي رجعته # PageV01P356 # الثلث بعد أن خمس # وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى سلمة بن الأكوع سهم فارس ~~وراجل في غزوة الغابة وكان راجلا لأنه أتى من القتل والغنيمة وإرهاب العدو ~~بما لم يأت به غيره # وقال مالك والشافعي لا يكون إلا من خمس الخمس # وأين مثل ms233 عمر الذي ضرب الله الحق على لسانه وقلبه وكان يجعل الناس مراتب ~~في العطاء وأبو بكر كان يسوي وهي مسألة إجتهاد # وقوله أوجب الله التسوية مجرد دعوى فهو لم يذكر على ذلك دليلا ولو ذكر ~~دليلا لتكلمنا عليه كما نتكلم في مسائل الإجتهاد # قال وقال بالرأي والحدس والظن # قلنا هذا لم يختص به وقد كان علي من أقولهم بالرأي فمن ذلك سيره إلى صفين ~~فقال لم يعهد إلي فيه نبي الله بشيء ولكنه رأي رأيته # وأما قتاله الخوارج فكان معه فيه حديث # وأما قتال الجمل وصفين فلم يرو أحد منهم فيه نصا # إلا القاعدون فإنهم رووا الأحاديث في ترك القتال في الفتنة # ومعلوم أن الرأي إن لم يكن مذموما فلا لوم على من قال به وإن كان مذموما ~~فلا رأى أعظم ذما من رأى أريق به دم ألوف مؤلفة من المسلمين ولم يحصل ~~بقتلهم مصلحة للمسلمين لا في دينهم ولا في دنياهم بل نقص الخير عما كان ~~وزاد الشر على ما كان # فإذا كان مثل هذا الرأي لا يعاب به فرأي عمر وغيره في مسائل الفرائض ~~والطلاق أولى أن لا يعاب مع أن عليا شركهم في هذا الرأي وامتاز برأيه في ~~الدماء وقد كان ابنه الحسن وأكثر السابقين الأولين لا يرون القتال مصلحة ~~وكان هذا الرأي أصلح من رأي القتال بالدلائل الكثيرة # ومن المعلوم أن قول على في الجد وغيره من المسائل كان بالرأي وقد قال ~~اجتمع رأيي ورأي عمر على المنع من بيع أمهات الأولاد # PageV01P357 # والآن فقد رأيت أن يبعن فقال له قاضيه عبيدة السلماني رأيك مع رأي عمر في ~~الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك في الفرقة وفي صحيح البخاري من حديث عبيدة ~~عن علي قال اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الإختلاف حتى يكون للناس جماعة ~~أو أموت كما مات أصحابي رواه ابن سيرين عن عبيدة فكان ابن سيرين يرى أن ~~عامة ما يروى عن علي الكذب # واما حديث تقتيل الناكثين والقاسطين والمارقين فموضوع على النبي صلى ms234 الله ~~عليه وسلم وقد قال ابن عمر ما رأيت عمر يقول لشيء إني لأراه كذا وكذا إلا ~~كان كما يقول فالنصوص والإجماع والإعتبار يدل على أن رأي عمر أجود من رأي ~~عثمان وعلي وطلحة والزبير ولهذا كانت آثار رأيه محمودة وما يتمارى في كمال ~~سيرته وعلمه من له أدنى مسكة من إنصاف ولا يطعن على أبي بكر وعمر إلا جاهل ~~غر او ملحد منافق توسل بالطعن فيهما إلى الطعن في الرسول ودين الإسلام # وهذا حال من ابتدع الرفض وحال الباطنية # وإذا قال الرافضي علي معصوم لا يقول برأيه بل كل ما قاله فهو مثل النص # قيل له نظيرك في الطرف الآخر الخوارج الذين كفروه # قال وجعل بعده الأمر شورى وخالف فيه من تقدمه وتأسف على سالم مولى أبي ~~حذيفة وقال لو كان حيا لم يختلجني فيه شك وأمير المؤمنين علي حاضر وذكر ~~فصلا طويلا # والجواب أن هذا الكلام كله لا يخرج عن قسمين إما كذب في النقل وإما قدح ~~في الحق فإن منه ما هو كذب معلوم الكذب أو غير معلوم الصدق # وما علم أنه صدق فليس فيه ما يوجب الطعن على عمر رضي الله عنه بل ذلك ~~معدود من فضائله ومحاسنه التي ختم الله له بها عمله # ولكن هؤلاء القوم لفرط جهلهم وهواهم يقلبون الحقائق في المنقول والمعقول ~~فيأتون إلى الأمور التي وقعت وعلم أنها # PageV01P358 # وقعت فيقولون ما وقعت # وإلى أمور ما كانت ويعلم أنها ما كانت فيقولون كانت # ويأتون إلى الأمور التي هي خير وصلاح فيقولون هي فساد # وإلى الأمور التي هي فساد فيقولون هي خير وصلاح # فليس لهم عقل ولا نقل بل لهم نصيب من قوله تعالى (وقالوا لو كنا نسمع أو ~~نعقل ما كنا من أصحاب السعير) # وأما قول الرافضي وجعل الأمر شورى بعده وخالف فيه من تقدمه # فالجواب أن الخلاف نوعان خلاف تضاد وخلاف تنوع # فالأول مثل أن يوجب هذا شيئا ويحرمه الآخر # والنوع الثاني مثل القراءات التي يجوز كل منها وإن كان هذا يختار ms235 قراءة ~~وهذا يختار قراءة كما ثبت في الصحاح بل استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم ~~أنه قال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف وثبت أن عمر وهشام بن ~~حكيم بن حزام اختلفا في سورة الفرقان فقرأها هذا على وجه وهذا على وجه فقال ~~لكليهما هكذا أنزلت ومن هذا الباب تصرف ولي الأمر للمسلمين ولهذا استشار ~~النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم بدر فأشار عليه أبو بكر رضي الله عنه ~~بأخذ الفداء وشبهه النبي صلى الله عليه وسلم بإبراهيم وعيسى وأشار إليه عمر ~~رضي الله عنه بالقتل وشبهه صلى الله عليه وسلم بنوح وموسى ولم يعب واحدا ~~منهما بما أشار عليه به بل مدحه وشبهه بالأنبياء ولو كان مأمورا بأحد ~~الأمرين حتما لما استشارهم فيما يفعل ثم إن الإجتهاد يختلف ويكون جميعه ~~صوابا كما أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان رأيه أن يولى خالد بن الوليد ~~في حروبه وكان عمر يشير عليه بأن يعزله فلا يعزله ويقول إنه سيف سله الله ~~على المشركين # ثم إن عمر لما تولى عزله وولى أبا عبيدة بن الجراح # وما فعله كل منهما كان أصلح في وقته فإن أبا بكر كان فيه لين وعمر كان ~~فيه شدة وكانا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرهما # وروى عنه أنه قال إذا اتفقتما على شيء لم أخالفكما # وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في بعض مغازيه إن ~~يطع القوم أبا بكر وعمر يرشدوا # وفي رواية في الصحيح # PageV01P359 # كيف ترون القوم صنعوا حين فقدوا نبيهم وأرهقتهم صلاتهم قلنا الله ورسوله ~~أعلم # قال أليس فيهم أبو بكر وعمر إن يطيعوهما فقد رشدوا ورشدت أمتهم وإن ~~يعصوهما فقد غووا وغوت أمتهم قالها ثلاثا # وقد روى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس عن عمر قال لما كان يوم بدر نظر ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه وهم ثلاثمائة ~~وتسعة عشر رجلا فاستقبل رسول ms236 الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه ~~فجعل يهتف بربه اللهم انجز لي ما وعدتني اللهم آتني ما وعدتني اللهم إنك إن ~~تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض # فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبلا القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه ~~فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال يا ~~نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك # فأنزل الله تعالى {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من ~~الملائكة مردفين} فأمده الله بالملائكة # وكان السلف متفقين على تقديم أبي بكر وعمر حتى شيعة علي رضي الله عنه # وروى ابن بطة عن شيخه المعروف بأبي العباس بن مسروق حدثنا محمد بن حميد ~~حدثنا جرير عن سفيان عن عبد الله بن زياد بن حدير قال قدم أبو إسحاق ~~السبيعي الكوفة قال لنا شمر بن عطية قوموا إليه فجلسنا إليه فتحدثوا # فقال أبو إسحاق خرجت من الكوفة وليس أحد يشك في فضل أبي بكر وعمر ~~وتقديمهما وقدمت الآن وهم يقولون ويقولون ولا والله ما أدري ما يقولون وعن ~~ضمرة عن سعيد بن حسن قال # PageV01P360 # سمعت ليث بن أبي سليم يقول أدركت الشيعة الأولى وما يفضلون على أبي بكر ~~وعمر أحدا # وقال أحمد بن حنبل حدثنا سفيان بن عيينة عن خالد بن سلمة عن مسروق قال حب ~~أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة # ومسروق من أجل تابعي الكوفة وكذلك قال طاوس # وقد روى ذلك عن ابن مسعود # وكيف لا تقدم الشيعة الأولى أبا بكر وعمر وقد تواتر عن أمير المؤمنين علي ~~بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم وعمر # وقد روى هذا عنه من طرق كثيرة قيل إنها تبلغ ثمانين طريقا # وقد روى البخاري عنه في صحيحه من حديث الهمدانيين الذين هم أخص الناس ~~بعلي حتى كان يقول # (ولو كنت بوابا على باب جنة ... لقلت لهمدان ادخلي بسلام) # فقد ms237 رواه البخاري من حديث سفيان الثوري وهو همداني عن منذر وهو همداني عن ~~محمد بن الحنيفة قال قلت لأبي يا أبت من خير الناس بعد رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم فقال يا بني أو ما تعرف فقلت لا # قال أبو بكر # فقلت ثم من قال عمر # وهذا يقوله لإبنه بينه وبينه ليس هو مما يجوز أن يقوله تقية # ويرويه عن أبيه خاصة # وقاله على المنبر # وعنه أنه كان يقول لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد # PageV01P361 # المفترى # وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر ~~وعمر # ولهذا كان أحد قولي العلماء وهو إحدى الروايتين عن أحمد أن قولهما إذا ~~اتفقا حجة لا يجوز العدول عنها وهذا أظهر القولين # كما أن الأظهر أن اتفاق الخلفاء الأربعة أيضا حجة لا يجوز خلافها لأمر ~~النبي صلى الله عليه وسلم بإتباع سنتهم وكان نبينا صلى الله عليه وسلم ~~مبعوثا بأعدل الأمور وأكملها فهو الضحوك القتال وهو نبي الرحمة ونبي ~~الملحمة # بل أمته موصوفون بذلك في مثل قوله تعالى (أشداء على الكفار رحماء بينهم) ~~وقوله تعالى (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) فكان النبي صلى الله ~~عليه وسلم يجمع بين شدة هذا ولين هذا فيأمر بما هو العدل وهما يطيعانه ~~فتكون أفعالهما على كمال الإستقامة فلما قبض الله نبيه وصار كل منهما خليفة ~~على المسلمين خلافة نبوة كان من كمال أبي بكر رضي الله عنه أن يولى الشديد ~~ويستعين به ليعتدل أمره ويخلط الشدة باللين فإن مجرد اللين يفسد ومجرة ~~الشدة تفسد ويكون قد قام مقام النبي صلى الله عليه وسلم فكان يستعين ~~بإستشارة عمر وبإستنانة خالد ونحو ذلك # وهذا من كماله الذي صار به خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم # ولهذا اشتد في قتال أهل الردة شدة برز بها على عمر وغيره حتى روى أن عمر ~~قال له يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم تألف الناس # فقال علام أتألفهم ms238 أعلى حديث مفتري أم على شعر مفتعل وقال أنس خطبنا أبو ~~بكر عقيب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وإنا لكالثعلب فما زال يشجعنا حتى ~~صرنا كالأسود # وأما عمر رضي الله عنه فكان شديدا في نفسه فكان من كماله إستعانته باللين ~~ليعتدل أمره فكان يستعين بأبي عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وأبي عبيدة ~~الثقفي والنعمان بن مقرن وسعيد بن عامر وأمثال هؤلاء من أهل الصلاح والزهد ~~الذين هم أعظم زهدا وعبادة من مثل خالد بن الوليد وأمثاله # ومن هذا الباب أمر الشورى فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان كثير ~~المشاورة للصحابة فيما لم يتبين له فيه أمر الله ورسوله فإن الشارع نصوصه ~~كلمات جوامع وقضايا كلية وقواعد عامة يمتنع أن ينص على كل فرد من جزئيات ~~العالم إلى يوم القيامة فلا بد # PageV01P362 # من الإجتهاد في المعينات هل تدخل في كلماته الجامعة أم لا وهذا الإجتهاد ~~يسمى تحقيق المناط وهو مما اتفق عليه الناس كلهم نفاة القياس ومثبتته فإن ~~الله إذا أمر أن يستشهد ذوا عدل فكون الشخص المعين من ذوي العدل لا يعلم ~~بالنص العام بل بإجتهاد خاص # وكذلك إذا أمر أن تؤدى الأمانات إلى أهلها وأن تولى الأمور من يصلح لها ~~فكون هذا الشخص المعين صالحا لذلك أو راجحا على غيره لا يمكن أن تدل عليه ~~النصوص بل لا يعلم إلا بإجتهاد خاص # والرافضي إن زعم أن الإمام يكون منصوصا عليه وهو معصوم فليس هو أعظم من ~~الرسول ونوابه وعماله ليسوا معصومين # ولا يمكن أن ينص الشارع على كل معينة ولا يمكن النبي ولا الإمام أن يعلم ~~الباطن في كل معينة واما علي رضي الله عنه فظهور الأمر في الجزئيات بخلاف ~~ما ظنه كثير جدا # فعلم أنه لا بد من الإجتهاد في الجزئيات من المعصومين وغير المعصومين # وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنكم تختصمون إلي ولعل ~~بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضى بنحو مما أسمع فمن قضيت ms239 له من ~~حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار # فحكمه في القضية المعينة إنما هو باجتهاده ولهذا نهى المحكوم له أن يأخذ ~~ما حكم له به إذا كان الباطن بخلاف ما ظهر # وعمر رضي الله عنه إمام وعليه أن يستخلف الأصلح للمسلمين فاجتهد في ذلك ~~ورأى أن هؤلاء الستة أحق من غيرهم وهو كما رأى فإنه لم يقل أحد إن غيرهم ~~أحق منهم وجعل التعيين إليهم خوفا أن يعين واحدا منهم ويكون غيره أصلح لهم ~~فإنه ظهر له رجحان الستة دون رجحان التعيين وقال الأمر في التعيين إلى ~~الستة يعينون واحدا منهم # وهذا أحسن إجتهاد إمام عادل ناصح لا هوى له رضي الله عنه # وأيضا فقد قال تعالى (وأمرهم شورى بينهم) وقال (وشاورهم في الأمر) فكان ~~ما فعله من الشورى مصلحة وما كان فعله أبو بكر رضي الله عنه من تعيين عمر ~~هو المصلحة أيضا فإن أبا بكر تبين له من كمال عمر وفضله وإستحقاقه للأمر # PageV01P363 # ما لم يحتج معه إلى الشورى وظهر أثر هذا الرأي المبارك الميمون على ~~المسلمين فإن كل عاقل منصف يعلم أن عثمان او عليا أو طلحة أو الزبير أو ~~سعدا أو عبد الرحمن بن عوف لا يقوم مقام عمر فكان تعيين عمر في الإستحقاق ~~كتعيين أبي بكر في مبايعتهم له # ولهذا قال عبد الله بن مسعود أفرس الناس ثلاثة بنت صاحب مدين حيث قالت ~~(يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) وامرأة العزيز حيث قالت ~~(عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا) وأبو بكر حيث استخلف عمر # وقالت عائشة رضي الله عنها في خطبتها أبي وما أبي والله لا تعطوه الأيدي # ذاك طود منيف وفرع مديد # هيهات كذبت الظنون # أنجح إذ أكديتم وسبق إذ ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد # فتى قريش ناشئا وكهفها كهلا يفك عانيها ويريش مملقها ويرأب شعبها حتى ~~جلبته قلوبها # ثم استشرى في دينه فما برحت شكيمته في ذات الله تعالى # PageV01P364 # تشتد حتى اتخذ بفنائه ms240 مسجدا يحيى فيه ما أمات المبطلون # وكان رحمه الله غزير الدمعة وقيذ الجوانح شجي النشيج فتتقصف عليه نسوان ~~مكة وولدانها يسخرون منه ويستهزئون به (الله يستهزيء بهم ويمدهم في طغيانهم ~~يعمهون) # فأكبرت ذلك رجالات قريش فحنت له قسيها وفوقت له سهامها وانتبلوه غرضا فما ~~فلوا له صفاة ولا قصفوا له قناة # ومر على سيسائه حتى إذا ضرب الدين بجرانه # PageV01P365 # وألقى بركه ورست أوتاده ودخل الناس فيه أفواجا ومن كل فرقة أرسالا ~~وأشتاتا اختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده # فلما قبض الله نبيه ضرب الشيطان روقه ومد طنبه ونصب حبائله # فظن رجال أن قد تحققت أطماعهم ولات حين الذي يرجون وأنى والصديق بين ~~أظهرهم فقام حاسرا مشمرا فجمع حاشيته وضم قطريه فرد نشر الإسلام على غره ~~ولم شعثه بطبه وأقام أوده بثقافه فوقذ النفاق بوطأته وانتاش الدين بنعشه # فلما أراح الحق على أهله وقرر الرءوس على كواهلها وحقن الدماء في أهبها ~~أتته منيته فسد ثلمه بنظيره # PageV01P366 # في الرحمة وشقيقه في السيرة والمعدلة ذاك ابن الخطاب لله أم حفلت له ودرت ~~عليه لقد أوحدت به # فقبح الكفر وشرد الشرك شذر مذر وبعج الأرض وبخعها فقاءت أكلها ولفظت ~~خبيئها ترأمه ويصد عنها وتصدى له ويأباها ثم ورع فيها وودعها كما صحبها # فأروني ما تريبون وأي يومي أبي تنقمون أيوم إقامته إذ عدل فيكم أو يوم ~~ظعنه وقد نظر لكم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم # روى هذه الخطبة جعفر بن عون عن أبيه عن عائشة وهؤلاء رواة الصحيحين # وأما عمر رضي الله عنه فرأى الأمر في الستة متقاربا # صح عنه أنه قال إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر وإن ~~أترك فقد ترك من هو خير مني يعني النبي صلى الله عليه وسلم # والخلاف ما زال في القراءات والفقه وغير ذلك حتى إن العالم الواحد يقول ~~قولين مختلفين وما زالت آراء الكبار تختلف # وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بعض المغازي إن ms241 يطع القوم أبا ~~بكر وعمر يرشدوا وروى عنه أنه قال لهما لواتفقتما على شيء لم أخالفكما وقال ~~اقتدوا باللذين من بعدي أبو بكر وعمر فما فعله أبو بكر من إستخلافه عمر كان ~~المصلحة لكمال عمر وشفوفه وإستحقاقه وظهر أثر ذلك عند كل عاقل منصف # وكان ما فعله عمر هو المصلحة فإنه لم يترجح عنده أحد من الستة على ~~الباقين ورآهم متقاربين وفي كل فضيلة ليست في الآخر وترك التعيين خوفا ~~وورعا وفعل من المصلحة بحسب الإمكان # ثم إن الصحابة اجتمعوا على عثمان وكانت ولايته أرجح مصلحة وأقل مفسدة من ~~غيره والواجب أن يقدم أكثر الأمرين مصلحة وأقلهما مفسدة ولا يجب على ~~الخليفة أن يستخلف بعد موته فقال الأمر شورى بين هؤلاء الستة الذين توفي ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض # PageV01P367 # وأما ما زعمت من ذكر سالم مولى أبي حذيفة فمعلوم أن الصحابة يعلمون ~~الإمامة في قريش كما استفاضت بذلك السنن وذلك مما احتجوا به على الأنصار ~~يوم السقيفة فكيف يظن بعمر أنه يولى مولى فأبين يذهب عقلك بل من الممكن أنه ~~كان يوليه ولاية جزئية أو يستشيره فمن يولى ونحو ذلك من الأمور التي يصلح ~~لها سالم مولى أبي حذيفة فإن سالما كان من خيار الصحابة # وقولك جمع بين الفاضل والمفضول فهذا عندك وأما عندهم فكانوا متقاربين ~~ولهذا كانوا في الشورى مترددين # فإن قلت علي هو الفاضل وعثمان المفضول قيل لك فكيف أجمع المهاجرون ~~والأنصار على تقديم مفضول وقال بعض العلماء من قدم عليا على عثمان فقد أزرى ~~بالمهاجرين والأنصار # وفي الصحيحين عن ابن عمر قال كنا نفاضل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ~~فنقول أبو بكر ثم عمر ثم عثمان وفي لفظ ثم ندع أصحاب النبي صلى الله عليه ~~وسلم فلا نفاضل بينهم # فهذا ينقل ما كان عليه الصحابة على عهد نبيهم وظهر أثر ذلك فإنهم بايعوا ~~عثمان من غير رغبة ولا رهبة واتفقوا عليها وكانوا كما نعتهم الله (يحبهم ~~ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة ms242 على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا ~~يخافون لومة لائم) حتى قال ابن مسعود ولينا أعلانا ذا فوق ولم نأل وفيهم ~~العباس بن عبد المطلب وفيهم من النقباء عبادة بن الصامت وأمثاله وفيهم مثل ~~أبي أيوب الأنصاري وكل من هؤلاء ومن غيرهم لو تكلم بالحق لم يكن هناك عذر ~~يسقطه عنه فقد كان يتكلم من يتكلم منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم في ولاية من يولى وهو مستحق للولاية ولا يحصل لهم ضرر وتكلم طلحة ~~وغيره في ولاية عمر لما استخلفه أبو بكر وتكلم أسيد بن حضير في ولاية أسامة ~~بن زيد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانوا يكلمون عمر فيمن يوليه ~~ويعزله وعثمان بعد ولايته وقوة شوكته وكثرة أنصاره وظهور بني أمية كانوا ~~يكلمونه فيمن يوليه ويعطيه منهم ومن غيرهم # ثم في آخر الأمر لما # PageV01P368 # اشتكوا من بعضهم عزله ولما اشتكوا من بعض من يأخذ بعض المال منعه فأجابهم ~~إلى ما طلبوه من عزل ومنع من المال وهم أطراف من الناس وهو في عزة ولايته ~~فكيف لا يسمع كلام الصحابة أئمتهم وكبرائهم مع عزتهم وقوتهم لو تكلموا في ~~ولاية عثمان وكان في ولايته من الفتوحات والخيرات ما لا يوصف # وما حصل منه من تأمير أقاربه وإكثار جوائزهم فقد حصل بعده من غيره من ~~إيثار بعص الناس بولاية أو مال مضافا إلى ما جرى من الفتنة # والصحابة ما كانوا يسكتون كلهم على مضض ألا تراهم تكلموا في عمر إذ ~~استخلفه أبو بكر وتكلموا مع الصديق وقالوا ماذا تقول لربك إذا وقدمت عليه ~~وقد وليت علينا عمر فظا غليظا فقال أبالله ترهبونني أقول وليت عليهم خير ~~أهلك # قالوا هذا ومن شأن الناس أن يراعوا من ترشح للولاية فيحابونه خوفا من أن ~~ينتقم بعد منهم فكيف يحابون عثمان وهو بعد ما بيده أمر فدل على أنهم إنما ~~قدموه بإستحقاق # وهذا شيء إذا تدبره الخبير إزداد به بصيرة وعلما فأما الجاهل وصاحب الهوى ~~فقد أعمى الله قلبه ms243 واما من كان عالما بما وقع وهو مستحضر للأدلة عالم ~~بطريقة النظر فإنه يقطع بما بيناه # PageV01P369 # ثم قال وطعن في كل واحد ممن إختاره للشورى وأظهر أنه يكره أن يتقلد أمر ~~المسلمين بعد موته ثم تقلده بأن جعل الإمامة في ستة # فيقال لم يطعن فيهم طعن من يرى غيرهم أحق بالأمر وإنما بين عذره في عدم ~~التعيين # ثم قال فناقض وجعلها في أربعة ثم في ثلاثة ثم في واحد # فجعل إلى ابن عوف الإختيار بعد أن وصفه بالضعف # فيقال ينبغي لمن احتج بالمنقول أن يثبته أولا # والثابت في البخاري ليس فيه من هذا شيء بل فيه ما يدل على نقيض هذا وأن ~~الستة هم الذين ردوا الأمر إلى الثلاثة ثم الثلاثة جعلوا الإختيار إلى عبد ~~الرحمن بن عوف بلى قال عمر فإن أصابت سعدا الخلافة وإلا فليستعن به من ولى ~~فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة # ثم قال أوصى الخليفة من بعدي بتقوى الله # وأوصيه بالمهاجرين الأولين # PageV01P370 # الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم أن يعرف لهم حقهم وأن يحفظ لهم حرمتهم ~~وذكر الحديث وكان عمر في حياته لا يخاف أحدا # والرافضة تسميه فرعون هذه الأمة قاتلهم الله # فإذا كان في حياته لا يخاف أحدا فكيف يخاف من تقديم عثمان لو أراد أن ~~يقدمه عند موته والناس كلهم مطيعوه وأي غرض يكون لعمر في عثمان دون علي فقد ~~أخرج من الأمر ابنه ولم يدخل سعيد بن زيد في أهل الشورى وهو أقرب الناس ~~إليه فلأي شيء يحابي كما افتريتم عليه وهو في تلك الحال وفي آخر ساعة من ~~الدنيا وقت يسلم فيه الكافر ويخشع فيه الفاجر # فلو علم أن لعلي حقا دون غيره بنص أو بأولوية لقدمه توبة إلى الله أو ~~ابتغاء رضوان الله # وليس في العادة أن الرجل يفعل عند لقاء الله ما يعلم أنه يعاقب عليه مما ~~لا ينفعه في دين ولا دنيا # ولو قدر أنه كان عدوا مبغضا للرسول فلا ريب أنه بسبب النبي صلى الله عليه ~~وسلم ms244 نال من السعادة ما نال # ثم إن عمر كان من أذكى خلق الله تعالى ودلايل النبوة من اظهر الأمور فهو ~~يعلم أنه إن استمر على معاداته يعذب في الآخرة وليس له وقت الموت غرض في ~~ولاية عثمان ونحوه فكيف استفرغ وسعه في عداوة بيت نبي الله وابن عمه وهو ~~الذي لزم العيش الخشن والثوب القطني والصبر على العدل وعن جمع الأموال وعلى ~~مجافاة الأشراف بحيث أنه قد تركه الحق وما له من صديق # ثم نقول على ما زعمت لولا علي لهلك عمر قال أبو المعالي الجويني ما دار ~~الفلك على شكل عمر وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول لعمر ما لقيك ~~الشيطان سالكا فجا إلا سلك غير فجك # وأمر أمير المؤمنين عمر أبين من الشمس # PageV01P371 # وما زال بنو هاشم وبنو أمية متفقين في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وفي ~~إمرة الشيخين حتى إن أبا سفيان لما خرج من مكة عام الفتح يكشف الخبر ورآه ~~العباس أخذه وأركبه خلفه وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وطلب من النبي ~~أن يشرفه بشيء لما قال له إن أبا سفيان يحب الشرف # وكل هذا من محبة العباس لأبي سفيان وبني أمية إذ القبيلان من بني عبد ~~مناف وحتى إنه كان بين علي وبين رجل من المسلمين منازعة في حد فخرج عثمان ~~في موكب فيهم معاوية ليقفوا على الحد فابتدر معاوية وسأل عن معلم من معالم ~~الحد هل كان هذا على عهد عمر فقالوا نعم فقال لو كان هذا ظلما لغيره عمر # فانتصر معاوية لعلي في تلك الحكومة ولم يكن علي حاضرا بل كان وقد وكل ابن ~~جعفر وكان علي يقول إن للخصومات قحما وإن الشيطان يحضرها وكان قد وكل عنه ~~عبد الله بن جعفر في المحاكمة وبهذا احتج الشافعي وغير واحد من الفقهاء على ~~جواز التوكيل في الخصومة بدون إختيار الخصم كما هو مذهب الشافعي وأصحاب ~~أحمد وأحد القولين في مذهب أبي حنيفة # فلما رجعوا ذكروا ذلك لعلي فقال ms245 أتدري لم فعل ذلك معاوية فعل لأجل ~~المنافية أي لأجل أنا جميعا من بني عبد مناف # وكانت قد وقعت حكومة شاورني فيها بعض قضاة القضاة وأحضر لي كتابا فيه هذه ~~الحكومة ولم يعرفوا هذه اللفظة لفظة المنافية فبينتها لهم وفسرت لهم معناها # والمقصود أن بني عبد مناف كانوا متفقين في أول الأمر على عهد النبي صلى ~~الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر # ثم إن عليا وعثمان إتفقا على رد الإختيار إلى عبد الرحمن بن عوف من غير ~~أن يكره أحدهما الآخر # وقولك إن عمر علم أن عبد الرحمن لا يعدل عن أخيه وابن # PageV01P372 # عمه فهذا كذب بارد وجهل بالنسب إذ عبد الرحمن ليس أخا لعثمان ولا ابن عم ~~ولا هو من قبيلته أصلا وبنو زهرة إلى بني هاشم أميل فإنهم أخوال النبي صلى ~~الله عليه وسلم وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سعد هذا خالي # بلى سعد زهري من قبيلة ابن عوف فهلا آثره بها # ثم قلت إنه أمر بضرب أعناقهم إن تأخروا عن البيعة ثلاثة أيام قلنا أين ~~النقل الثابت بهذا إنما المعروف أنه أمر الأنصار أن لا يفارقوهم حتى ~~يبايعوا واحدا منهم # أو كان عمر يأمر بقتل ستة هم عنده أفضل أهل الأرض ثم كيف يطيعه أنصار ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته في قتلهم ولو أمر بقتلهم لذكر بعد ~~موتهم من يصلح لها غيرهم # ثم أيضا من الذي يتمكن من قتل هؤلاء الذين كل واحد منهم سيد عشيرته فأنت ~~قد رأيت ما جرى في الوجود بقتل واحد منهم وهو عثمان # ثم لو فرضنا أن الستة لم يقول أحد منهم فلم يجز قتلهم بل ولا جاز قتل ~~واحد منهم وإنما يولى غيرهم # ولا سمعنا في العالم أن أحدا امتنع من الخلافة فقتل # فتبين أن هذا كذب # ثم العجب من الرافصة يزعمون أن الستة مستحقو القتل سوى علي # ثم العجب أنه يجابيهم بالولاية ثم يأمر بقتلهم وكذا فليكن الجمع بين ~~الضدين ثم قد ms246 تخلف سعد بن عبادة عن بيعة أبي بكر ولم يضربوه ولا حبسوه فضلا ~~عن القتل # وتربص علي عن البيعة مدة ولم يقل له أبو بكر شيئا حتى جاء وبايعه ولم ~~يكرهه أحد وما زال أبو بكر يكرمه ويجله وكذلك عامله عمر # ويقول أبو بكر أيها الناس ارقبوا محمدا في أهل بيته # ويذهب أبو بكر وحده إلى بيت علي وعنده بنو هاشم فيذكر فضلهم ويعترفون ~~بإستحقاقه الخلافة ولو أراد هو أو عمر إيذاء علي في خلافتهما لكانا أقدر ~~على ذلك من صرف الأمر عنه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ولكنهما أتقى ~~لله من ذلك # فهؤلاء # PageV01P373 # الجهلة يزعمون أنهما ظلماه في حال كان فيها أقدر على دفع الظلم عن نفسه ~~وكانا أعجز عن ظلمه لو شاءاه فهلا ظلماه في قوتهما وطاعة الخلق لهما كما ~~جرت عادة الملوك من الفعل بمن يخافون منه ولو أرادا ذلك لما عجزا ولكان ~~أسهل عليهما من منعه إبتداء مع وجود النص بزعمكم بل ما زالا يعاملانه ~~بالجميل بكل طريق ولم يحفظ عنه كلمة سوء في حقهما ولا تظلم منهما أبدا بل ~~تواتر عنه محبتهما وإجلالهما ظاهرا وباطنا وهذا أمر معروف عند من يدري ~~الأمر ويعرف الأخبار # أما من رجع إلى الأكاذيب وبهتان الرافضة الذين هم أجهل الأمة بالمنقولات ~~وأبعد الناس عن معرفة الأثر وأنقلهم للكذب المستحيل المتناقض الذي لا يروج ~~إلا على البهائم كترويج قصاص الطرقية على العوام وأهل القرى والجبل وأهل ~~البادية فلا قوة إلا بالله # قال وأما عثمان فإنه ولي من لا يصلح حتى ظهر من بعضهم الفسق والخيانة ~~وقسم الولايات بين أقاربه وعوتب فلم يرجع واستعمل الوليد بن عقبة فصلى ~~بالناس سكران واستعمل سعيد بن العاص على الكوفة فظهر منه ما أدى إلى إخراجه # PageV01P374 # منها وولي عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر فظلم وتشكوا # PageV01P375 # منه فكاتبه سرا أن يستمر على ولايته وأن يقتل محمد بن أبي # PageV01P376 # بكر # وولي معاوية الشام فأحدث من الفتن ما أحدث # PageV01P377 # وولي عبد الله بن عامر ms247 بن كريز البصرة ففعل من المناكر ما فعل وولي مروان ~~ودفع إليه خاتمه فحدث من ذلك قتله # وكان يؤثر أهله بالأموال الكثيرة حتى دفع # PageV01P378 # إلى أربعة زوجهم بناته أربعمائة ألف دينار # وكان ابن مسعود يطعن عليه ويكفر ولما حكم ضربه حتى مات وضرب عمارا حتى ~~صار به فتق وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عمار جلدة بين عيني تقتله ~~الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي وكان عمار يطعن عليه # وطرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم عم عثمان فآواه عثمان إلى ~~المدينة ونفي أبا ذر إلى الربذة وضربه مع قول النبي صلى الله عليه وسلم ما ~~أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر # وضيع الحدود فلم يقتل عبيد الله بن عمر بالهرمزان مولى أمير المؤمنين ~~وأراد # PageV01P380 # أن لا يحد الوليد على الخمر حتى حده علي وقال لا يبطل حد الله وأنا حاضر # وزاد الأذان يوم الجمعة وهي بدعة وخالفه المسلمون حتى قتل وعابوا أفعاله ~~وقالوا له غبت عن بدر وهربت يوم أحد ولم تشهد بيعة الرضوان # والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى # PageV01P381 # والجواب أن نواب علي قد خانوه وعصوه أكثر مما خان عمال عثمان له وعصوه ~~وذهب بعضهم إلى معاوية # وقد ولي علي رضي الله عنه زياد بن أبي سفيان أبا عبيد الله بن زياد قاتل ~~الحسين وولي الأشتر وولي محمد بن أبي بكر ومعاوية خير من هؤلاء كلهم # ومن العجب أن الشيعة ينكرون على عثمان ما يدعون أن عليا كان أبلغ فيه من ~~عثمان فيقولون إن عثمان ولي أقاربه من بني أمية وعلي ولي أقاربه من قبل ~~أبيه وأمه كعبد الله وعبيد الله ابني عمه العباس وقثم بن العباس وثمامة ابن ~~العباس # وولي على مصر ربيبه محمد بن أبي بكر الذي رباه في حجره وولد أخته أم ~~هانيء ثم إن الإمامية تدعي أن عليا نص على أولاده في الخلافة # ومن المعلوم أنه إن كان تولية الأقربين منكرا فتولية الخلافة العظمى أعظم ms248 ~~من إمارة بعض الأعمال وتولية الأولاد أقرب إلى الإنكار من تولية بني العم ~~وإذا دعى لعلي العصمة ونحوها مما يقطع عنه ألسنة الطاعنين كان ما يدعي ~~لعثمان من الإجتهاد الذي يقطع ألسنة الطاعنين أقرب إلى المعقول والمنقول # وأما عثمان فله أسوة في إستعمال بني أمية بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد ~~استعمل عتاب بن أسيد الأموي على مكة وأبا سفيان على نجران واستعمل خالد بن ~~سعيد بن العاص حتى إنه استعمل الوليد بن عقبة حتى نزلت (إن # PageV01P382 # جاءكم فاسق بنبأ) الآية فيقول عثمان أنا لم أستعمل إلا من استعمله النبي ~~صلى الله عليه وسلم ومن جنسهم ومن قبيلتهم وكذلك أبو بكر وعمر بعده فقد ولى ~~أبو بكر يزيد بن أبي سفيان بن حرب في فتوح الشام وأقره عمر ثم ولي عمر بعده ~~أخاه معاوية # وهذا النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في إستعمال هؤلاء ثابت مشهور عنه ~~بل متواتر عند أهل العلم فكان الإحتجاج على جواز الإستعمال من بني أمية ~~بالنص الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أظهر عند كل عاقل من دعوى كون ~~الخلافة في واحد معين من بني هاشم بالنص لأن هذا كذب بإتفاق أهل العلم ~~بالنقل وذاك صدق بإتفاق أهل العلم بالنقل وأما بنو هاشم فلم يستعمل النبي ~~صلى الله عليه وسلم منهم إلا عليا على اليمن وجعفر على غزوة مؤتة مع مولاه ~~زيد وابن رواحة # ثم نحن لا ندعي أن عثمان معصوم بل له ذنوب وخطايا يغفرها الله له وقد ~~بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبه # والرافضة يغلو في الشخص حتى يجعل ذنوبه حسنات ويعمد إلى الشخص فينسى ~~سوابقه التي وجبت له بها الجنة ويعدد ذنوبه وهذا عين الظلم # وقد اتفقت الأمة على أن الذنوب تمحى بالتوبة وما يمكن أحدا أن يقول إن ~~عثمان ما تاب من ذنوبه # وهنا آيات وأحاديث دالة على أن الله يغفر الذنوب جميعا وأن الصلوات تكفر ~~وغير ذلك # فإن قيل إذا كفرت الصلوات ما ms249 بينها فأي شيء تكفر الجمعة أو رمضان أو صوم ~~عرفة أو عاشوراء وبعض الناس يجيب عن هذا بأنه يكتب لهم درجات إذا لم تجد ما ~~تكفره من السيئات # فيقال أولا العمل الذي يمحو الله به الخطايا هو المتقبل والله يقول (إنما ~~يتقبل الله من المتقين) والناس لهم في الآية ثلاثة أقوال فالخوارج ~~والمعتزلة يقولون لا يتقبل الله إلا من اتقى الكبائر ويقولون صاحب الكبائر ~~لا تقبل له حسنة بحال # والمرجئة يقولون من # PageV01P383 # اتقي الشرك فهو من المتقين وإن عمل الكبائر وترك الصلاة # والسلف والأئمة يقولون لا يتقبل الله إلا ممن اتقاه في ذلك العمل ففعله ~~كما أمر به مخلصا # قال الفضيل بن عياض في قوله (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) قال أخلصه وأصوبه # قال فإن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يتقبل وإذا كان صوابا لم ~~يكن خالصا لم يتقبل والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة # وفي السنن عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الرجل لينصرف من صلاته ~~ولم يكتب له إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها حتى قال إلا عشرها # وقال ابن عباس ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها # وكذلك الحج والجهاد والصوم # فالمحو والتكفير يقع بما يتقبل والسعيد من أكثر الناس من يكتب له نصف ~~صلاته فيكفر بما يقبل منها وما يقبل من الجمعة ورمضان # والمحو يكون للصغائر تارة وتارة للكبائر بإعتبار الموازنة # وفي حديث صاحب البطاقة أنها ترجح بكل ذنوبه فهذه حال من قالها بإخلاص ~~وصدق وعبودية وذل كما قالها هذا الرجل وإلا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار ~~كلهم كانوا يقولونها # وكذلك المرأة البغي التي سقت الكلب بموقها بإيمان خالص فغفر لها وما كل ~~بغي سقت كلبا يغفر لها بذلك # وإن الرجلين ليكونان في الصلاة وبين صلاتهما كما بين المشرق والمغرب # وقال صلى الله عليه وسلم في أصحابه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد ~~أحدهم ولا نصيفه # وقال أبو بكر بن عياش # ما سبقهم # PageV01P384 # الصديق ms250 بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في قلبه # وفي مسلم عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع رأسه إلى ~~السماء فقال النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد # وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون # وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون # وفي الصحيح قال صلى الله عليه وسلم ليأتين على الناس زمان يغزو فيه فئام ~~من الناس فيقال هل فيكم من صحب النبي صلى الله عليه وسلم فيقال نعم # فيفتح لهم # ثم يأتي على الناس زمان يغزو فيه فئام من الناس فيقال هل فيكم من رأى ~~أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم # فيفتح لهم # والثلاث الطبقات متفق عليها في جميع الطرق وأما الطبقة الرابعة فمذكورة ~~في بعض طرق الصحيح # وقد ثبت ثناؤه صلى الله عليه وسلم على القرون الثلاثة في عدة أحاديث # والمقصود أن فضل الأعمال ليس بمجرد صورها بل بحقائقها في القلوب # والناس يتفاضلون في ذلك تفاضلا عظيما وهذا مما يحتج به من رجح كل واحد من ~~الصحابة على كل واحد ممن بعدهم فإن العلماء متفقون على أن جملة الصحابة ~~أفضل من جملة التابعين لكن هل يفضل كل واحد من الصحابة على كل واحد ممن ~~بعدهم ويفضل معاوية على عمر بن عبد العزيز ذكر القاضي عياض وغيره في ذلك ~~قولين وأن الأكثر يفضلون كل واحد من الصحابة وهذا مأثور عن ابن المبارك ~~وأحمد بن حنبل وغيرهما # ومن حجة هؤلاء أن أعمال التابعين وإن كانت أكثر وعدل عمر بن عبد العزيز ~~أظهر من عدل معاوية وهو أزهد من معاوية لكن الفضائل عند الله بحقائق ~~الإيمان الذي في القلوب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لو أنفق أحدكم ~~مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه # قالوا فنحن قد نعلم أن أعمال بعض من بعدهم أكثر من أعمال بعضهم لكن من ~~أين نعلم أن ما في قلبه من الإيمان أعظم مما في ms251 قلب ذلك والنبي صلى الله ~~عليه وسلم يخبر أن جبل ذهب من التابعين الذين أسلموا بعد الحديبية لا يساوي ~~نصف مدمن السابقين # ومعلوم فضل النفع # PageV01P385 # المتعدى بعمر بن عبد العزيز أعطى الناس حقوقهم وعدل فيهم فلو قدر أن الذي ~~أعطاهم ملكه وقد تصدق به عليهم لم يعدل ذلك مما أنفقه السابقون إلا شيئا ~~يسيرا وأين مثل جبل أحد ذهبا حتى ينفقه الإنسان وهو لا يصير مثل نصف مد ~~ولهذا يقول من يقول من السلف # غبار دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمل عمر ~~بن عبد العزيز # وهذه المسألة تحتاج إلى بسط وتحقيق ليس هذا موضعه إذ المقصود هنا أن الله ~~سبحانه مما يمحو به السيئات الحسنات وأنة الحسنات تتفاضل بحسب ما في قلب ~~صاحبها من الإيمان والتقوى وحينئذ فيعرف أن من هو دون الصحابة قد تكون له ~~حسنات تمحو مثل ما يذم من أحدهم فكيف الصحابة # ومن أسباب التكفير الدعاء للمؤمن والصلاة عليه بعد موته والإستغفار له أو ~~إستغفار النبي صلى الله عليه وسلم لمعين # ومن ذلك ما يفعل بعد موت المؤمن من إهداء عمل صالح له كصدقة وحج وصوم فقد ~~ثبت في الحديث وصول ذلك إليه # وهذا غير دعاء ولده فإن ذلك من عمله ومن كسبه # ومن ذلك مصائب الدنيا فإنها تكفر كما تواترت بذلك النصوص # وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سألت ربي ثلاثا ~~فأعطاني إثنتين ومنعني واحدة سألته أن لا يهلك أمتي بسنة عامة فأعطانيها ~~وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فيجتاحهم فأعطانيها وسألته أن لا ~~يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها # وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما نزل قوله تعالى (قل هو ~~القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) قال النبي صلى الله عليه وسلم ~~أعوذ بوجهك (أو من تحت أرجلكم) قال النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بوجهك ~~(أويلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) قال هذا أهون ms252 وأيسر # فهذا أمر لا بد منه للأمة عموما # الصحابة رضي الله عنهم كانوا أقل فتنا من سائر من بعدهم فإنه كلما تاخر ~~العصر عن # PageV01P386 # النبوة كثر التفرق والخلاف ولهذا لم يحدث في خلافة عثمان بدعة ظاعرة فلما ~~قتل وتفرق الناس حدثت بدعتان متقابلتان بدعة الخوارج المكفرين لعلي وبدعة ~~الرافضة المدعين لإمامته وعصمته أو نبوته أو إلاهيته # ثم لما كان في آخر عصر الصحابة في إمارة ابن الزبير وعبد الملك حدثت بدعة ~~المرجئة والقدرية # ثم لما كان في أول عصر التابعين في أواخر الخلافة الأموية حدثت بدعة ~~الجهمية والمشبهة الممثلة # ولم يكن علي عهد الصحابة شيء من ذلك # وكذلك فتن السيف فإن الناس كانوا في ولاية معاوية رضي الله عنه متفقين ~~يغزون العدو فلما مات معاوية قتل الحسين وحوصر ابن الزبير بمكة ثم جرت فتنة ~~الحرة بالمدينة ثم لما مات يزيد جرت فتنة بالشام بين مروان والضحاك بمرج ~~راهط ثم وثب المختار على ابن زياد فقتله وجرت فتنة ثم جاء مصعب بن الزبير ~~فقتل المختار وجرت فتنة ثم ذهب عبد الملك إلى مصعب فقتله وجرت فتنة وأرسل ~~الحجاج إلى ابن الزبير فحاصره مدة ثم قتله وجرت فتنة ثم لما تولى الحجاج ~~العراق خرج عليه محمد بن الأشعث مع خلق عظيم من العراق وكانت فتنة كبيرة # فهذا كله بعد موت معاوية # ثم جرت فتنة ابن المهلب بخراسان وقتل زيد بن علي بالكوفة وقتل خلق كثير ~~آخرون ثم قام أبو مسلم وغيره بخراسان وجرت حروب وفتن يطول وصفها # فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خيرا من معاوية ولا كان الناس في زمان ملك ~~من الملوك خيرا منهم في زمن معاوية إذا نسبت أيامه إلى أيام من بعده # وأما إذا نسبت إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل # ومعاوية على ذنوبه لم يأت بعده مثله ملك # فعن قتادة قال لو أصبحتم # PageV01P387 # في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي # وقال أحمد بن جواس حدثنا أبو هريرة المكتب قال كنا عند الأعمش فذكروا عمر ~~بن ms253 عبد العزيز وعدله فقال الأعمش فكيف لو أدركتم معاوية قالوا في حلمه قال ~~لا والله بل في عدله # وقال أبو أسامة الثقفي حدثنا ثقة عن أبي إسحاق السبيعي أنه ذكر معاوية ~~فقال لو أدركتموه لقلتم كان المهدي # وروى أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق قال ما رأيت بعده مثله # يعني معاوية # وقال البغوي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا ضمام بن إسماعيل عن أبي قيس قال ~~كان معاوية قد جعل في كل قبيل رجلا وكان رجل منا يكنى أبا يحيى يصبح كل يوم ~~فيدور على المجالس هل ولد فيكم الليلة ولد هل حدث الليلة حادث هل نزل بكم ~~اليوم نازل قال فيقولون نعم نزل رجل من أهل اليمن بعياله يسمونه وعياله ~~فإذا فرغ من القبيل كله أتى الديوان فأوقع أسماءهم في الديوان # وروى محمد بن عوف الطائي حدثنا أبو المغيرة حدثنا ابن أبي مريم عن عطية ~~بن قيس قال سمعت معاوية ابن أبي سفيان يخطبنا يقول إن في بيت مالكم فضلا ~~بعد أعطياتكم وإني قاسمه بينكم فإن كان يأتيكم فضل عاما قابلا قسمناه عليكم ~~وإلا فلا عتبة علي فإنه ليس بمالي وإنما هو مال الله الذي أفاء عليكم # وفضائل معاوية في حسن السيرة والعدل والإحسان كثيرة وفي الصحيح أن رجلا ~~قال لإبن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية إنه أوتر بركعة قال ابن عباس ~~أصاب إنه فقيه # حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر عن قيس ~~بن الحارث الصنابحي عن أبي # PageV01P388 # الدرداء قال ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من ~~إمامكم هذا # يعني معاوية # فهذه شهادة الصحابة بفقهه ودينه والشاهد بالفقه ابن عباس وبحسن الصلاة ~~أبو الدرداء وهما هما # والآثار الموافقة لهذا كثيرة # هذا ومعاوية ليس من السابقين الأولين بل قد قيل إنه من مسلمة الفتح وقيل ~~بل أسلم قبل ذلك وكان يعترف أنه ليس من فضلا الصحابة وهذا سيرته في عموم ~~ولايته فإنه كان في ولايته من ms254 خراسان إلى بلاد أفريقية بالمغرب ومن قبرص ~~إلى اليمن # ومعلوم بإجماع المسلمين أنه ليس قريبا من عثمان وعلى فضلا عن أبي بكر ~~وعمر فكيف يشبه غير الصحابة بهم وهل توجد سيرة أحد من الملوك مثل سيرة ~~معاوية # وجمهور الصحابة وساداتهم تأخروا عن الفتنة # قال أيوب السجستاني عن ابن سيرين قال هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم عشرة آلاف فما خف لها منهم مائة بل لم يبلغوا ثلاثين # فهذا يقوله محمد بن سيرين مع ورعه الباهر في منطقه # وقال منصور بن عبد الرحمن قال الشعبي لم يشهد الجمل من أصحاب النبي صلى ~~الله عليه وسلم غير علي وعمار وطلحة والزبير فإن جاءوا بخامس فأنا كذاب # كأنه عني من المهاجرين السابقين # وقال عبد الله بن أحمد حدثنا أبي حدثنا أمية بن خالد قال قيل لشعبة إن ~~أبا شيبة روى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال شهد صفين من أهل بدر ~~سبعون رجلا قال شعبة كذب والله ذاكرنا الحكم ما وجدنا شهد صفين من أهل بدر ~~غير خزيمة بن ثابت # قلت هذا النفي يدل على قلة من حضرها # ومن أسباب النجاة من النار ما يبتلى به العبد في قبره من الضغطة وسؤال ~~منكر ونكير ومن أهوال الموقف وكربه ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين أن المؤمنين ~~إذا # PageV01P389 # عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص بعضهم من بعض فإذا ~~هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة # فهذه الأمور لا تفوت كلها من المسلمين إلا الأقل فما الظن بالصحابة الذين ~~هم خير القرون وصح أن رجلا نال من عثمان عند ابن عمر وقال إنه فر يوم أحد # فقال ابن عمر فقد عفا الله عنه # قال ولم يشهد بدرا # قال إن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على بنته وضرب له بسهم # قال فما شهد بيعة الرضوان # فقال إنما كانت البيعة بسبب عثمان وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم عنه ~~بيده ويد النبي صلى الله عليه وسلم ms255 خير من يد عثمان # فعامة ما يعاب به الصحابة إما تعنت كهذا وهو معفو عنه وكثير من ذلك مكذوب ~~عليهم # وقولهم استعمل من لا يصلح قلنا كان مجتهدا فأخطأ ظنه والله يغفر له # وقد كان عبد الله بن سعد ارتد ثم جاء مسلما فقبل النبي صلى الله عليه ~~وسلم ذلك منه بعد أن كان أهدر دمه # وعلي تبين له من عماله ما لم يظنه فيهم # ثم إن عثمان لما علم أن الوليد سكر طلبه وحده # وقولهم قسم المال في أقاربه قلنا هذا غايته أن يكون ذنبا لا يعاقب عليه ~~في الآخرة فكيف إذا كان من موارد الإجتهاد لعله اجتهد فإن الناس تنازعوا ~~فيما # PageV01P390 # كان للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته هل يستحقه ولي الأمر بعده على ~~قولين # وكذلك تنازعوا في ولي اليتيم هل له أن يأخذ من مال اليتيم إذا كان غنيا ~~أجرته مع غناه والترك أفضل أو الترك واجب على قولين # ومن جوز الأخذ من مال اليتيم مع الغنى جوزه للعامل على بيت مال المسلمين ~~وجوزه للقاضي وغيره من الولاة # ومن قال لا يجوز ذلك من مال اليتيم فمنهم من يجوزه من مال بيت المال كما ~~يجوز للعامل على الزكاة الأخذ مع الغنى فإن العامل على الزكاة يجوز له أخذ ~~جعالته مع غناه # وولي اليتيم قد قال تعالى فيه (ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا ~~فليأكل بالمعروف) # وأيضا فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن سهم ذوي القربى هو لقرابة الإمام كما ~~قاله الحسن وأبو ثور وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي أقاربه بحكم ~~الولاية وسقط حق ذوي قرباه بموته كما يقول ذلك كثير من العلماء كأبي حنيفة ~~وغيره # ثم لما سقط حقه بموته فحقه الساقط قيل إنه يصرف في الكراع والسلاح ~~والمصالح كما كان يفعل أبو بكر وعمر # وقيل إن هذا مما تأوله عثمان # ونقل عن عثمان رضي الله عنه نفسه أنه ذكر هذا وأنه يأخذ بعمله وأن ذلك ~~جائز وإن كان ما فعله أبو ms256 بكر وعمر أفضل فكان له الأخذ بهذا وهذا # وكان يعطي أقرباءه مما يختص به فكان يعطيهم لكونهم ذوي قربى الإمام على ~~قول من # PageV01P391 # يقول ذلك # وبالجملة فعامة من تولى الأمر بعد عمر كان يخص بعض أقاربه إما بولاية ~~وإما بمال وعلي ولي أقاربه أيضا # وأما قيام أهل الكوفة على سعيد بن العاص حتى أخرجوه منها فلا يدل على ذنب ~~ولا بد فإن القوم كانوا أعنت شيء لأمرائهم حتى قاموا على سعيد ونقلوه وأين ~~مثله # وأما قولك كاتب ابن أبي سرح سرا أن يستمر على ولايته خلاف ما كتب به من ~~عزله فيقال هذا كذب فقد حلف عثمان أنه لم يكتب ذلك وهو الصادق بل قيل إن ~~مروان كتب بغير علمه وأنهم طلبوا مروان ليقتلوه فامتنع # فإن كان قتل مروان لا يجوز فقد أصاب وإن كان يجوز ولا يجب فقد فعل الجائز ~~وإن كان قتله واجبا فقد اجتهد ولم يثبت ما يجب به قتل مروان # وهب أن هذا من ذنوب عثمان فما ادعينا عصمته وله سوابق وهو من البدريين ~~المغفور لهم # وأما قولك أمر بقتل محمد بن أبي بكر فهذا إفتراء ومن عرف سيرته وأحواله ~~عرف بطلان هذا فقد سعوا في قتله وهو كاف عنهم بكل حال فكيف يبتديء بقتل ~~معصوم وإن ثبت أنه أمر بقتله فلمصلحة رآها من دفع شره # PageV01P392 # وأما معاوية فإنما ولاه الشام واستمر عليها إلى أن سلم إليه الحسن ~~الخلافة # وكان محببا في رعيته لحلمه وكرمه وخبرته بالأمور وهو خير من الأشتر ~~النخعي ومن محمد ابن أبي بكر ومن عبيد الله بن عمر ومن أبي الأعور السلمي ~~ومن بشر بن أرطاة # وأما ابن مسعود فإنه بقي في نفسه عليه لأجل المصاحف إذ فوض كتابتها إلى ~~زيد ابن ثابت دونه وجمهور الصحابة كانوا مع عثمان وكان زيد أحفظ للعرضة ~~الأخيرة # PageV01P393 # من غيره # وقد انتدبه قبل عثمان أبو بكر وعمر لجمع المصحف في الصحف # وأيضا فكان ابن مسعود أنكر على الوليد بن عقبة لما شرب الخمر ثم قدم ابن ms257 ~~مسعود المدينة بعد وحادثة عثمان لم تتفق وعرض عليه عثمان التزويج # ثم نقول بتقدير أن يكون ابن مسعود طعن على عثمان فليس جعل ذلك قدحا في ~~عثمان بأولى من جعله قدحا في ابن مسعود بل كل منهما مجتهد وهما بدريان ~~كبيران مغفور لهما والكف عما شجر بين السابقين أولى كما قال عمر بن عبد ~~العزيز تلك دماء طهر الله يدي منها فأكره أن أخضب بها لساني # ونقل عن عمار قال لقد كفر عثمان كفرة صلعاء وأن الحسن بن علي أنكر ذلك ~~على عمار # وكذلك نقل عن علي أنه قال يا عمار أتكفر برب آمن به عثمان وقد علمنا أن ~~الرجل المؤمن الولي قد يكفر الرجل المؤمن الولي فيخطيء بذلك ولا يقدح هذا ~~في إيمان واحد منهما # فقد ثبت في الصحيح أن أسيد بن حضير قال لسعد بن عبادة بحضرة النبي صلى ~~الله عليه وسلم إنك منافق تجادل عن المنافقين # وثبت أن عمر قال لحاطب دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال إنه ~~شهد بدرا # وأما قولك ضرب ابن مسعود حتى مات فهذا من أسمج الكذب المعلوم # وقيل إن عثمان ضرب عمارا وابن مسعود فإن صح فهو إمام له أن يعزز بإجتهاده ~~أصاب أو أخطأ # وقد ضرب عمر أبيا بالدرة لما رأى الناس يمشون خلفه وقال فتنة للمتبوع ~~ومذلة للتابع # وقد شهد عمار أن عائشة زوجة نبي الله في الدنيا والآخرة وقال ولكن الله ~~ابتلاكم بها لينظر إياه تطيعون أم إياها # فمع حض عمار الناس على قتالها لمصلحة شهد # PageV01P394 # لها بالجنة # وأما عمار فصح أنه صلى الله عليه وسلم قال تقتلك الفئة الباغية وباقي ذلك ~~كذب مزيد في الحديث # وأما قولك وطرد رسول الله الحكم وابنه من المدينة فنقول كان لمروان سبع ~~سنين أو أقل # فكما كان له ذنب يطرد عليه # ثم لم نعرف أن أباه هاجر إلى المدينة حتى يطرد منها فإن الطلقاء ليس فيهم ~~من هاجر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا هجرة بعد الفتح ms258 ولما قدم ~~صفوان بن أمية مهاجرا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى مكة # وقصة طرد الحكم ليس لها إسناد نعرف به صحتها فإن كان قد طرده فإنما طرده ~~من مكة لا من المدينة ولو طرده من المدينة لكان يرسله إلى مكة # وقال طعن كثير من أهل العلم في نفيه وقالوا هو ذهب بإختياره # والطرد هو النفي والنفي قد جاءت به السنة في الزاني وفي المخنثين وكانوا ~~يعزرون بالنفي # وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عزر رجلا بالنفي لم يلزم أن يبقى ~~منفيا طول الزمان فإن هذا لا يعرف في شيء من الذنوب ولم تأت الشريعة بذنب ~~يبقى صاحبه منفيا دائما بل غاية النفي المقدر سنة والزاني ولو كان صحابيا ~~مجاهدا فيعزر بالنفي سنة # ويعلم قطعا أن عثمان ما أذن للحكم في إتيان المدينة معصية للرسول ولا ~~مراغمة للإسلام # بل رأى أنه قد صلح حاله فلعل هذا خطأ من الإجتهاد أو صواب # PageV01P395 # وكان مروان على هناته مسلما ظاهرا وباطنا يقرأ القرآن ويتفقه فلا ذنب ~~لعثمان في إتخاذه كاتبا ثم بدت منه أمور # وأما أبو ذر فثبت عن عبد الله بن الصامت قال قالت أم ذر والله ما سير ~~عثمان أبا ذر إلى الربذة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له إذا بلغ ~~البناء سلعا فأخرج منها # وقال الحسن البصري معاذ الله أن يكون أخرجه عثمان # ولا ريب أن أبا ذر كان صالحا زاهدا وكان مذهبه بذل ما فضل عن الحاجة وأن ~~إمساكه كنز يكوى به صاحبه ويتلو (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها ~~في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم # يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما ~~كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) ويذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم ~~يا أبا ذر ما أحب أم أحدا ذهبا يمضي علي ثالثة وعندي منه دينار وقوله ~~الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا ولما توفي ~~عبد الرحمن ms259 بن عوف # PageV01P396 # وحلف مالا عد ذلك أبو ذر من الكنز الذي يعاقب عليه وعثمان يناظره في ذلك ~~حتى دخل كعب فوافق عثمان فضربه أبو ذر # وكان قد وقع بينه وبين معاوية بالشام أيضا بهذا السبب # وأما سائر الأمة فعلى خلاف رأى أبي ذر وقالوا الكنز ما لم يزك # وقد قسم الله المواريث في كتابه ولا يكون الميراث إلا لمن خلف مالا # وقد كان خلق من الصحابة لهم مال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وما ~~أنكر عليهم # وكان جماعة من الأنبياء لهم المال # وتوسع أبو ذر في الإنكار حتى نهاهم عن المباح ثم اعتزلهم وكان مؤمنا فيه ~~ضعف كما قال له النبي صلى الله عليه وسلم إني أراك ضعيفا وإني أحب لك ما ~~أحب لنفسي لا تأمرن على إثنين ولا تولين على مال يتيم وقال أيضا المؤمن ~~القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير فأهل الشورى أقوياء ~~بالنسبة إلى أبي ذر وهم أفضل منه # وأما قولك ضيع الحدود فلم يقتل عبيد الله بن عمر بالهرمزان مولى علي قلنا ~~هذا كذب لم يكن مولى علي وإنما أسره المسلمون فمن عليه عمر وأعتقه وأسلم # ولا سعى لعلي في رقه ولا في عتقه # وذكر لعبيد الله بن عمر أنه رؤى عند الهرمزان حين قتل وكان الهرمزان ممن ~~اتهم بالمعاونة على قتل عمر وهذا ابن عباس يقول لعمر # PageV01P397 # إذ قال له كنت أنت وأبوك تحبان أن تكتر العلوج بالمدينة فقال أنقتلهم قال ~~كذبت أبعد أن تكلموا بلسانكم وصلوا إلى قبلتكم فهذا ابن عباس مع فقهه ~~يستأذن عمر في قتل العلوج لما اتهموهم بالفساد فكيف لا يعتقد عبيد الله ~~جواز قتل الهرمزان فلما قتله وبويع عثمان استشار الناس في قتله فأشار عليه ~~عدة في أن لا يقتله وقالوا قتل أبوه بالأمس ويقتل هو اليوم فيكون في هذا ~~فساد # وكأنهم وقعت لهم شبهة في عصمة الهرمزان ولو قدر أنه معصوم الدم ولكن ~~القاتل اعتقد حل قتله لشبهة صارت تدرأ القتل عن ms260 القاتل كما أن أسامة لما ~~قتل ذلك الرجل بعد ما قال لا إله إلا الله عزره الرسول بالقول ولم يقتله به # وأيضا فإن هذا والهرمزان لم يكن لهما من يطالب بالدم ولكن الإمام ولي ~~الدم فله القتل أو العفو والدية فعفا عثمان وترك الدية لآل عمر وإذا حقن ~~عثمان دمه فلا يباح بحال # PageV01P398 # ومن العجب أن دم الهرمزان المتهم تقام فيه القيامة ودم عثمان وهو إمام ~~المسلمين المقتول صبرا لا حرمة له وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ~~ثلاث من نجا منهن فقد نجا موتى وقتل خليفة مضطهد بغير حق والدجال رواه أحمد ~~في مسنده # وأما الوليد فإنما حده علي بأمر عثمان كما ثبت في الصحيح # وقول القائل أن عليا قال لا يبطل حد الله وأنا حاضر فمن الكذب # ثم أنتم تدعون أن الحدود ما زالت تبطل وعلي حاضر وهو يسكت تقية وخوفا حتى ~~في ولايته تدعون أنه يدع الحدود تقية ويترك القول بالحق تقية # فإن كان قال هذا بحضرة عثمان فما قاله إلا لعلمه بأن عثمان وأعوانه ~~يوافقونه على إقامة الحدود ولو كان يتقيهم لما قال هذا # وقولك زاد الأذان وهو بدعة قلنا فعلي ممن وافق على ذلك في خلافته ولم ~~يزله وإبطال هذا كان أهون عليه من عزل معاوية وغيره ومن قتالهم # فإن قيل إن الناس لا يوافقونه على إزالة الأذان قلنا فهذا دليل على أن ~~الناس وافقوا عثمان على الإستحباب حتى مثل عمار وسهل بن حنيف والسابقين # وإن اختلفوا فهي من مسائل الإجتهاد # وإن قيل هي بدعة قيل وقتال أهل القبلة بدعة لم تكن قبل # وأنتم فقد زدتم في الأذان بدعة لم يأذن بها الرسول وهي حي على خير العمل ~~غاية ما يقال إن صح النقل إن ابن عمر ربما قال ذلك أحيانا كما كان بعضهم ~~يقول بين الأذان والإقامة حي على خير العمل الصلاة حي على الفلاح وهذا يسمى ~~نداء الأمراء وكرهه أكثر العلماء # وأما قولك وخالفه المسلمون كلهم حتى قتل فإن أردت أنهم ms261 خالفوه خلافا يبيح ~~دمه فهذا كذب وزور فإنه ما قتله إلا شرذمة ظالمة باغية ولم يرض به السابقون # PageV01P399 # قال ابن الزبير لعنت قتلة عثمان خرجوا عليه كاللصوص من وراء القرية ~~فقتلهم الله كل قتلة ونجا من نجا منهم تحت بطون الكواكب # يعني هو هربوا ليلا وأكثر المسلمين كانوا غائبين # وأكثر أهل المدينة الحاضرين لم يكونوا يعلمون أنهم يريدون قتله حتى قتلوه ~~وأيضا فما خالفه كل المسلمين بل كثير منهم وافقه فما من شيء أنكر عليه إلا ~~وقد وافقه عليه كثير من المسلمين بل من علمائهم الذين لا يتهمون بمداهنة ~~والذين وافقوا عثمان على ما أنكر عليه أكثر وأفضل ن المسملين الذين وافقوا ~~عليا على ما أنكر عليه إما في كل الأمور أو في غالبها # وقولك وقالوا له غبت عن بدر وهربت يوم أحد ولم تشهد بيعة الرضوان قلنا ~~هذا ما قاله إلا جهلة الرافضة ممن قاتله وقد أجابهم عثمان وابن عمر بأنه ~~غاب يوم بدر بأمر الرسول ليمرض بنته ويوم الحديبية فإن النبي صلى الله عليه ~~وسلم بعثه رسولا إلى مكة فبلغه أنهم قتلوه فبايع أصحابه على الموت وقال ~~تعالى في الذين تولوا يوم أحد (ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ~~ذو فضل على المؤمنين) (ولقد عفا الله عنهم إنه غفور حليم) # وأما قولك إنه صلى الله عليه وسلم قال جهزوا جيس أسامة لعن الله من تخلف ~~عنه فهذا كذب وسبحان من جعل الرافضة أقبل شيء للكذب وأرد شيء للصدق بل ~~أسامة الذي توقف وقال كيف أذهب وأنت هكذا أسأل عنك الركبان فأذن له في ~~التخلف ثم ذهب جميعهم معه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم # فلو عزم على أسامة في المسير لبادر هو والجيش معه # وقولك أول خلاف كان في الإسلام الإمامة قلنا لم يختلفوا ولله الحمد ~~وأجمعوا # PageV01P400 # على خلافة أبي بكر وعمر وعثمان إجماعا لم يتهيأ مثله لعلي فإنه استشهد ~~وأهل الشام لم يبايعوه قط # ومع هذا فقد سب بعض شيعته أهل الشام بحضرته فنهاه ms262 علي وقال لا تسبوهم فإن ~~فيهم الأبدال # وقال مرة أخرى إخواننا بغوا علينا # وقال الله تعالى {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} # وبالجملة خلافة علي حق وهو إمام راشد وإن تأخر عن بيعته طائفة كبيرة ~~فإنما الإعتبار بجمهور أهل الحل والعقد # قال والخلاف الخامس في فدك والتوارث ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم ~~لا نورث ما تركناه صدقة # قلنا هذا إختلاف أيضا في مسألة شرعية وقد زال الإختلاف فيها والخلاف فيها ~~دون الخلاف في ميراث الإخوة مع الجد والعم والحمارية وميراث الجدة مع ابنها ~~وحجب الأم الأخوين وجعل الجد مع الأم كالأب ونحو ذلك فاختلافهم في هذه ~~المسائل أعظم لوجوه أحدها أنهم تنازعوا في ذلك ثم لم يتفقوا لأنهم ما روى ~~لهم فيها من النصوص مثل ما روى لهم في أن النبي لا يورث # وأيضا فإن الخلاف في هذا لا يتكرر بل هي قضية واحدة وفي مال قليل وقد ~~أعطاهم أبو بكر وعمر من مال الله بقدر الميراث مرات وإنما يهول هذه القضية ~~أهل الجهل والشر فقد استخلف علي بعد ذلك وصارت فدك وغيرها تحت حكمه وما ~~أعطاها أولاد فاطمة ولا قسم تركه النبي صلى الله عليه وسلم بين الورثة فهلا ~~أزال هذه المظلمة على رأيكم # قال والخلاف السادس في قتال مانعي الزكاة قاتلهم أبو بكر واجتهد عمر في ~~خلافته فرد السبايا والأموال إليهم واطلق المحبوسين # قلنا هذا من الكذب البين فإن أبا بكر وعمر اتفقا على قتالهم كما في ~~الصحيحين واحتجا بقوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن # PageV01P401 # أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله # فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله # وقال أبو بكر من حقها الزكاة فقاتلهم بموافقة سائر الصحابة له ثم أقر ~~أولئك بالزكاة بعد وما سبي لهم ذرية ولا حبس منهم أحدا ولا كان بالمدينة ~~حبس في عهد أبي بكر فكيف يموت وهم في حبسه # ثم قال في الخلاف السابع في تنصيص أبي بكر على ms263 عمر بالخلافة فمن الناس من ~~قال وليت علينا فظا غليظا فيقال إن جعل مثل هذا خلافا من أبرد الأشياء ~~وأدلها على جهل المتكلم وهواه فقد طعن بعض الصحابة في تأمير أسامة وأبيه ~~فكان ماذا ثم إن المنكر كان طلحة وقد رجع فكان من أشد الناس تعظيما لعمر # وقوله الخلاف الثامن الشورى واتفقوا بعد الإختلاف على عثمان # قلنا وهذا من الكذب الذي هو هجيراكم فما اختلف أحد في بيعة عثمان وقد بقي ~~عبد الرحمن يشاور الناس ثلاثة أيام وأخبر أن الناس لا يعدلون بعثمان ولو ~~اختلفوا لنقل كما نقل قول الأنصار منا أمير ومنكم أمير يوم السقيفة # قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى لم يتفق الناس على بيعة كما ~~اتفقوا على بيعة عثمان # قال ووقعت إختلافات كثيرة منها رد عثمان الحكم إلى المدينة # قلنا مثل هذا إن جعلته خلافا فاجعل كل حكم حكم به خليفه وخالفه غيره ~~خلافا فهو شيء لا ينحصر # قال ومنها تزويجه مروان بإبنته وإعطاؤه خمس غنائم إفريقيه وهي مائتا ألف ~~دينار # قلنا وأي شيء من الإختلاف في تزويجه بابنته ومن الذي نقل أنه أعطاه # PageV01P402 # هذا المال ونحن لا ننكر أن عثمان كان يحب أقاربه ويصلهم ويعطيهم وقد ولي ~~علي أقاربه وشيعته وأعطاهم وقاتل بإجتهاده وجرت أمور صعبة وكلاهما من أهل ~~الجنة وليسا بمعصومين وما فعلاه فمن مسائل الإجتهاد والخلاف # وقال ومنها إيواؤه ابن أبي سرح بعد أن أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه # قلنا الذي أهدر دمه هو الذي حقن دمه وعفا عنه بشفاعة عثمان فلا ملام إذن # وقد كان هاجر وكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم ثم ارتد ولحق ~~بالمشركين وافترى على النبي صلى الله عليه وسلم فأهدر دمه فلما كان يوم ~~الفتح أتى به عثمان فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ~~بايع عبد الله # فأعرض عنه مرتين أو ثلاثا ثم بايعه ثم قال أما كان منكم رجل رشيد ينظر ~~إلي وقد أعرضت عن هذا فيضرب عنقه ms264 فقال رجل من الأنصار هلا أومضت إلي فقال ~~ما ينبغي للنبي أن يكون له خائنة الأعين # ثم إنه حسن إسلامه ولم يؤثر عنه بعدها إلا الخير # وكان محمود النقيبة في مغازيه وقد كان غيره أشد عداوة كصفوان وأبي سفيان ~~وقال تعالى (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله ~~قدير) على تطييب القلوب (والله غفور رحيم) # قال الخلاف التاسع في زمن علي بعد الإتفاق عليه فخرج طلحة والزبير # ثم الخلاف بينه وبين معاوية وحرب صفين وغدر عمرو بأبي موسى الأشعري # ثم خلاف المارقين # وبالجملة كان علي على الحق والحق معه وظهر في زمانه الخوارج عليه مثل # PageV01P403 # الأشعث بن قيس ومسعر بن فدكي التميمي وزيد بن حصن الطائي السنبسي وظهر في ~~زمانه الغلاة كعبد الله بن سبأ ومن الفرقتين ابتدأت البدع والضلال # فنقول أيضا وبالجملة فكان الثلاثة قبله على الحق والحق معهم وألا فتخصيص ~~علي بذلك دعوى بلا برهان وقولك وقع الاختلاف عليه بعد الاتفاق فمن المعلوم ~~أن كثيرا من المسلمين ما بايعوه كالشاميين برمتهم وطائفة من أهل المدينة ~~وكثير من المصريين وأهل المغرب وغير ذلك # ثم تعرض بالطعن على طلحة وذويه من غير أن يذكر لهم عذرا ولا رجوعا # وأهل العلم يعلمون أنهم لم يقصدوا حرب علي ولا علي قصد حربهم لكن وقع ~~القتال بغتة فإنهم تعاتبوا واتفقوا هم وعلي على المصلحة وإقامة الحد على ~~قتلة عثمان فتواطأت القتلة على إقامة الفتنة إذن كما أقاموها أولا فحملوا ~~على طلحة والزبير وعسكرهما فحملوا دفعا للصائل فأشعر القتلة عليا أنهما ~~حملا عليه فحمل علي دفعا عن نفسه فكان كل منهم قصده دفع الصيال لا الإبتداء ~~بالقتال # ولكن الرافضة بهائم فلا في النقل يصدقون ولا للصدق يقبلون أتباع كل ناعق ~~يعادون سادة الصحابة ويوالون أعداء الإسلام والتتار ويستعينون بهم على أذية ~~أهل السنة وعامتهم ولهم اليد الطولى في خراب العراق وغيرها كما فعل # PageV01P404 # ابن العلقمي الوزير وكاتب هلاكو وقوي عزمه حتى وطيء البلاد وأباد العباد ~~وأجرى السيول من الدماء وسبى ms265 الحريم والعلويات والعباسيات ونشأ في الكفر ~~والشرك أطفال المسلمين فهم خبيئة سوء للإسلام وأهله يعظمون الملاحدة وغلاة ~~الرافضة ويبغضون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم كما قال الله ~~تعالى (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ~~ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) فكيف الحيلة فيمن ~~يحتج علينا بالكذب المحض ولا يقبل من المنقولات إلا ما وافق هواه جهلا ~~بمعرفة الأسانيد وصناعة الحديث فإذا قال قائلهم قولا من الصدق أو الكذب لا ~~يطالبونه بحجته من الكتاب والسنة ولا يلتفتون إلى ما يعارضه أصلا وإذا ~~خاطبهم المخالف واحتج عليهم بالسنن الثابتة كذبوها هوى وعنادا أو بالآيات ~~حرفوها # فإن قوى نفسه وخافوا منه أدنى خوف قالوا صدقت والحق ما قلت وبهذا ندين ~~لله تعالى وتبرأوا من الإمامية في الحال # فمن الذي ينتصف من هؤلاء المنافقين في المناظرة وهم الذين قد أصلوا لهم ~~ثلاثة أصول أحدها أن أئمتهم معصومون # الثاني أن كل ما ينقلونه فإنه نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم # والثالث أن إجماع العترة حجة # وهؤلاء هم العترة فصاروا بهذا لا يخرجون إلى دليل ولا تعليل فسلبوا خاصية ~~التفقه والتحقيق وعدموا العلم والتوفيق فلا تجدهم ينفردون بمسألة في دينهم ~~إلا وعمدتهم فيها على هذه الأصول الثلاثة المردودة بالكتاب والسنة والعقل ~~وإجماع الطوائف سواهم # قال الرافضي الفصل الثالث في الأدلة على إمامة علي فنقول يجب أن يكون ~~الإمام معصوما ومتى كان ذلك كان الإمام هو علي لأن الإنسان لا يمكن أن يعيش ~~مفردا لإفتقاره في بقائه إلى مأكل وملبس ومسكن فيضطر إلى مساعد ليتم قيام ~~النوع # PageV01P405 # ولما كان الإجتماع في مظنه التغالب والتغابن بأن كل واحد قد يحتاج إلى ما ~~في يد غيره فتدعوه القوة الشهوانية إلى أخذه قهرا فيؤدي إلى الهرج والفتن ~~فلا بد من نصب إمام معصوم يصدهم وينصف ويوصل الحق إلى ذويه لا يجوز عليه ~~الخطأ ولا السهو وإلا لأفتقر إلى إمام آخر لأن العلة المحوجة إلى نصبه هي ~~جواز الخطأ ms266 على الأمة فلو جاز عليه الخطأ لأحتاج إلى إمام فإن كان معصوما ~~فهو الإمام وإلا لزم التسلسل # وأبو بكر وعمر وعثمان ما كانوا معصومين اتفاقا وعلي معصوم فيكون هو ~~الإمام فالجواب نقول الرسول هو المعصوم وطاعته هي الواجبة في كل وقت على ~~الخلق وعلم الأمة بأوامره أتم من علم البعض بأوامر المنتظر # فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإمام المعصوم وأوامره معلومة ~~فاستغنت الأمة به وبأوامره وبعلمه عن كل أحد وأولو الأمر منفذون لدينه ليس ~~إلا # ومعلوم قطعا أنه كان نوابه في اليمن وغيرها يتصرفون في الرعية بإجتهادهم ~~وليسوا بمعصومين ولم يتول على الأمة من ادعيت له سوى علي وكان من نوابه على ~~رعيته بالبلاد النائية من لا يدري بما أمر ولا بما نهى بل كانوا يتصرفون ~~بما لا يعرفه هو # ثم الإمام الذي وصفته لا يوجد في زماننا مفقود غائب عندكم ومعدوم لا ~~حقيقة له عند سواكم ومثله لا يحصل به شيء من مقاصد الإمامة بل الإمام الذي ~~يقوم وفيه جهل وظلم أنفع لمصالح الأمة ممن لا ينفعهم بوجه والإمام يحتاج ~~إليه للعلم ليبلغه وللعمل ليطاع في سلطانه # وقولك لا بد من نصب إمام معصوم أتريد أن لا بد أنن يخلق الله ويقيم ~~معصوما أم يجب على الناس أن يبايعوا من يكون كذلك وغاية ما عندكم أن تدعوا ~~عصمة علي لكن الله ما مكنه في زمن الثلاثة بل ولا في خلافته فيكون الله ~~عندكم قد أيد الثلاثة الظلمة بزعمكم حتى فعلوا ما فعلوه من المصالح ولم ~~يؤيده حتى يفعل ذلك وحينئذ فما خلق الله هذا المعصوم المؤيد الذي اقترحتموه ~~على الله # وإن قلتم إن # PageV01P406 # الناس يجب عليهم إعانته وإقامته قلنا فما فعلوا ذلك عصوا أو أطاعوا فما ~~حصل به مقصود # بل نقول إذا كان ما حصل مجموع ما به تحصل المقاصد بل فات كثير من شروطها ~~فلم لا يجوز أن يكون الفائت هو العصمة وإذا كان المقصود فائتا بعدم العصمة ~~أو بعجز المعصوم فلا فرق بين عدمها ms267 بهذا أو بهذا فمن أين يعلم بدليل العقل ~~كما ادعيت أنه يجب على الله أن يخلق إماما معصوما وإن كان خلقه فأين ~~المصلحة واللطف به وقد أنكره الجمهور ومقتوا شيعته ووقع به من الشر أشياء # فدع عنك خدعة المعتزلة الذين يوجبون على الله ذلك بعقولهم الصغيرة وغلطوا ~~من حيث لم يفرقوا بين المصلحة العامة الكلية وبين المصلحة الجزئية # وقول الرافضة من جنس النصارى حيث قالوا إن الإله تجسد ونزل أو أنزل ابنه ~~ليصلب ويكون الصلب مغفرة لذنب آدم ليدفع الشيطان بذلك فقيل لهم إذا كان ~~قتله وصلبه وتكذيبه من أعظم الشر والضلال يكون قد أراد أن يزيل ذنبا صغيرا ~~بذنب هو أكبر منه بكثير وهو مع ذلك لم يغير الشر بل زاده فكيف يفعل ذلك ~~لمقصود فوقع ضد المقصود # وقولك إذا كان الإنسان مدنيا بالطبع وجب نصب المعصوم ليزول الشر عن أهل ~~المدينة # فنقول هل تقولون إنه لم يزل في كل مدينة خلقها الله معصوم يدفع ظلم الناس ~~أم لا فإن قلتم بالأول كان هذا مكابرة ظاهرة فهل في بلاد الكفار من ~~المشركين وأهل الكتاب معصوم وهل كان في الشام عند معاوية معصوم وإن قلت له ~~نواب في المدائن كلها كابرت الحس وإن قلت في البعض قيل فما الفرق إذا كان ~~واجبا على الله والحاجة سواء ولو سلمنا أفتقول بعصمتهم أم لا فإن كانوا غير ~~معصومين فأين نفع أهل المدائن بالإمام وهم يصلون خلف غير معصوم ويطيعونه ~~فإن قيل # PageV01P407 # ترجع الأمور إلى المعصوم قلنا لو كان قادرا كأبي بكر وعمر وغيرهما لم ~~يتمكن من إيصال العدل إلى الكل وقد لا يجد لكل بلد عادلا قويا فإذا لم يجد ~~سقط عنه فكيف يجب على الله ذلك كيف والمعصوم عندكم عاجز وعندنا معدوم # ووجه آخر أن يقال صده غيره عن الظلم وإنصافه الرعية فرع على منع ظلمه ~~واستيفاء حقه # فإذا كان عاجزا مقهورا عن دفع الظلم عن نفسه فما الظن برعيته كيف وهو ~~عندكم خائف لا يمكنه الظهور من أربعمائة وستين سنة ms268 خوفا من القتل # والله لا يقع منه ظلم ولا يخل بواجب فقد فعل الواجب ومع هذا فما خلق ما ~~تحصل به هذه المصالح المقصودة من المعصوم فإن كانت هذه المصالح تحصل بمجرد ~~خلقه وهي لم تحصل لزم أن لا يكون خلقه واجبا وإن كانت لا تحصل إلا بخلقه ~~وخلق أمور أخرى حتى يحصل بالمجموع المطلوب فما خلق ذلك المجموع والإخلال ~~بالواجب ممتنع عليه في القليل والكثير فلزم على التقديرين أنه لا يجب عليه ~~خلق الموجب لهذه المطالب وإذا لم يجب عليه ذلك فلا فرق بين أن يخلق معصوما ~~لا يحصل به ذلك وبين أن لا يخلقه فلا يكون ذلك واجبا عليه وحينئذ فلا يلزم ~~وجوده فالقول بوجوب وجوده باطل على كل تقدير # وإن قيل الله فعل ر ما يجب عليه من خلق المعصوم لكن الناس فوتوا المصلحة ~~بمعصيتهم له قيل أولا إذا كان # PageV01P408 # يعلم أن الناس لا يعاونونه حتى تحصل المصلحة بل يعصونه فيعذبون لم يكن ~~خلقه واجبا بل ولا حكمة على قولهم # ويقال ثانيا ليس كل الناس عصاة بل بعضهم عصوه ومنعوه وبعضهم يؤثر طاعته ~~ومعرفة ما يقوله فكيف لا يمكن هؤلاء من طاعته فإن قيل أولئك الظلمة منعوا ~~هؤلاء قيل فإن كان الرب قادرا على منع الظلمة فهلا منعهم على قولهم وإن لم ~~يكن ذلك مقدورا فهو يعلم أن حصول المصلحة غير مقدورة فلا يفعله فلم قلتم ~~على هذا التقدير إنه يمكن خلق معصوم غير نبي فهذا لازم لكم # فإن قلتم إن الله خالق أفعال العباد أمكنه صرف دواعي الظلمة حتى يطاع وإن ~~قلتم ليس هو خالق أفعال العباد قيل فالعصمة إنما تكون بأن يريد الفاعل ~~الحسنات ولا يريد السيئات وهو عندكم لا يقدر أن يغير إرادة عبده فلا يقدر ~~على جعله معصوما فبطل المعصوم على أصل القدرية إذ العصمة أن يريد العبد ~~الحسنات فقط فإذا كان هو المحدث لإرادة نفسه فالله عندهم لا يقدر على إحداث ~~إرادة أحد امتنع منه أن يجعل أحدا معصوما # وإذا قالوا بخلق ms269 ما تميل به إرادته إلى الخير قيل إن كان ذلك ملجئا زال ~~التكليف وإلا لم ينفع # وإن كان ذلك مقدورا عندكم فهلا فعل ذلك بجميع العباد فإنه أصلح لهم إذا ~~أوجبتم عليه فعل الأصلح بكل عبد وذلك لا يمنع الثواب عندكم كما لا يمنعه في ~~حق المعصوم # وجه ثامن أن يقال حاجة المرء إلى تدبير بدنه بنفسه أعظم من حاجة المدينة ~~إلى تدبير رئيسها وإذا كان الله لم يخلق نفس الإنسان معصومة فكيف يجب عليه ~~أن يخلق رئيسا معصوما مع أن الإنسان لا يمكنه أن يكفر بباطنه ويعصي بباطنه # وجه تاسع أن يقال هل المطلوب من المعصوم إعدام الفساد أم تقليله فالأول ~~ما وقع في العالم والثاني يحصل بلا معصوم كزمن أبي بكر وعمر أكثر مما حصل ~~بعلي أو مثله وحصل بسائر الخلفاء ما حصل بسائر الأئمة الإثني عشر كما قيل ~~ستون سنة # PageV01P409 # من إمام جائر خير من ليلة بلا إمام # وقولك ولو لم يكن الإمام معصوما لأفتقر إلى إمام معصوم فنقول لم لا يجوز ~~أن يكون إذا أخطأ الإمام كان في الأمة من ينبهه بحيث لا يحصل إتفاق الكل ~~على الخطأ كما إذا أخطأ أحد الرعية نبهه إمامه أو نائبه وتكون العصمة ثابتة ~~للمجموع بحيث لا يحصل اتفاقهم على الخطأ كما يقوله أهل السنة والجماعة ~~ونظيره أن كل واحد من أهل خبر التواتر يجوز عليه الخطأ والكذب ولا يجب ذلك ~~على المجموع في العادة فإثبات العصمة للمجموع أولى من إثباتها للواحد وبذلك ~~يحصل المقصود من عصمة الإمام فلا تتعين عصمة الإمام # ومن جهل الرافضة أنهم يوجبون عصمة واحد من المسلمين ويجوزون على مجموع ~~المسلمين إذا لم يكن فيهم معصوم الخطأ وقد ذكر غير واحد أن أول من ابتدع ~~الرفض والقول بالنص على علي وعصمته كان زنديقا أراد إفساد الدين وأراد أن ~~يصنع بالمسلمين كما صنع بولص بالنصارى فلم يتأت له ما تأتى لبولص لضعف عقول ~~النصارى كلهم فإن المسيح صلى الله عليه وسلم رفع ولم يتبعه خلق كثير يعلمون ms270 ~~دينه ويقومون به علما وعملا فلما ابتدع بولص الغلو في المسيح اتبعه خلق ~~ودخلت معهم ملوك فأنكر عليهم طائفة فقتلهم الملوك وبعضهم داهن الملوك ~~واعتزلوا في الصوامع # وأمتنا هذه ولله الحمد لا تزال منها طائفة ظاهرة على الحق فلا يتمكن ملحد ~~ولا مبتدع من إفساده بغلو أو إنتصار على الحق ولكن يضل من يتبعه على ضلاله # وأيضا فنوابه غير معصومين في الجزئيات وهم الذين يفصلون في غالب أمور # PageV01P410 # الناس في الدنيا بل بسائرها # بقيت العصمة في الكليات والله قادر على أن ينص على الكليات بحيث لا يحتاج ~~في معرفتها إلى الإمام وقادر أن يجعل نص النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من ~~نص الإمام فاستغنينا عن عصمة الإمام في الكليات والجزئيات # ثم خبرنا ما عصمة الإمام أهي فعله للطاعات بإختياره وتركه للمعاصي ~~بإختياره مع أن الله عندكم لا يخلق إختياره أم هي خلق الإرادة له أو سلبه ~~القدرة على المعصية وعندك أن الله لا يخلق إختيارنا فلزمك أن الله لا يقدر ~~على خلق معصوم # وإن نقضت قولك في القدر لزمك أن يكون المعصوم لا يثاب على طاعة # وقولك ليس بمعصوم غير علي إتفاقا ممنوع بل كثير من العباد والعامة ~~يعتقدون عصمة شيوخهم مثلكم مع إعتقادهم أن الصحابة أفضل منهم فاعتقادهم ذلك ~~في الخلفاء من الصحابة أولى والإسماعيلية يعتقدون عصمة أئمتهم وهم غير ~~الإثني عشر وأتباع بني أمية كانوا يقولون إن الخليفة لا حساب عليه ولا عذاب # ومن كان إعتقاده أن كل ما يأمر به الإمام فإنه يجب طاعته فيه لم يحتج إلى ~~معصوم ويقول يكفيني عصمة الإمام الذي افتديت به أو شيخي أو أميري ويقرأون ~~قوله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) # فإن قلت هؤلاء لا يعتد بخلافهم لم يسمع منك فإنهم اقتدوا بموجود منتظركم ~~المعدوم الذي ما انتفعتم به بحال # وأيضا فما في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال بعصمة علي ولا ~~في التابعين ولا أئمة العلم وإنما انفرد بهذا جهلة الإمامية كما انفرد ms271 ~~بتكفيره ضلال الخوارج وبتفسيقه خلق من النواصب # ويقال لكم إما أن يجب وجود المعصوم أولا # فإن لم يجب بطل قولكم وإن وجب لم نسلم أنه علي دون الثلاثة قبله # بل إن كان هذا القول حقا لزم أن يكون # PageV01P411 # المعصوم أبا بكر وعمر فإن أهل السنة متفقون على تفضيلهما عليه وإن كانت ~~العصمة منتفية عنهما فهي عنه أبعد # وهذا كنبوة موسى وعيسى فإن المسلمين لا يسلمون بنبوتهما إلا مع نبوة محمد ~~صلى الله عليه وسلم وكذلك لا نسلم إيمان علي إلا مقرونا بإيمان الثلاثة ولا ~~ننفي العصمة عنهم إلا مقرونة بنفيها عن علي # فما قولك إمامة علي ثابتة بالإجماع بخلاف الثلاثة إلا كقول اليهود نبوة ~~موسى ثابتة بالإجماع بخلاف نبوة محمد وإلا كقول النصارى الإلهية منتفية عن ~~موسى ومحمد بالإجماع وتنازعنا في عيسى وإلاهيته # فنحن نعلم بالضرورة أنه ليس لعيسى مزية يستحق بها الإلهية دون موسى ومحمد ~~كما نقطع أن عليا رضي الله عنه ليس له مزية يستحق بها العصمة دون الثلاثة # ونسألك من أين علمت عصمة علي دون الثلاثة فإن قلت بالإجماع على إنتفاء ~~عصمة سواه قلنا إن لم يكن الإجماع حجة أبطلت قولك وإن كان حجة في إثبات ~~عصمة على التي هي الأصل أمكن أن يكون حجة في المقصود بعصمته من حفظ الشرع ~~ونقله فأنت تحتج بالإجماع ولا تقبل كون الإجماع حجة # وإن ادعيت التواتر عندكم عن النبي صلى الله عليه وسلم في عصمته فهو ~~كدعواك تواتر النص على إمامته # وأيضا فالإجماع عندكم ليس حجة إلا أن يكون قول المعصوم فيه فإن لم يعرفوا ~~ثبوت المعصوم إلا به لزم الدور فإنه لا يعرف أنه معصوم إلا بقوله ولا يعرف ~~أن قوله حجة إلا إذا عرف أنه معصوم فلا يثبت واحد منهما وترجع حقيقة قولكم ~~فلان معصوم لأنه قال أنا معصوم وغيري ليس بمعصوم وهذا كل أحد يمكن أن بقوله ~~وهذا كقول القائل أنا صادق في كل ما أقوله فإن لم يعلم صدقه بغير قوله لم ~~يعلم صدقة فيما يقوله ms272 # وادعت الإسماعيلية مثل هذا فادعوا أن الإمام المعلم المعصوم وقالوا إن ~~طرق العلم بالسمع والعقل لا يعرف صحتها إلا المعصوم وبتعليمه # فإذا طولبوا بتعيين معصوم وبالدليل على أنه معصوم دون غيره لم يأتوا بحجة ~~أصلا وتناقضت أقوالهم # ولو تنازلنا ورضينا بقول علي إني معصوم فمن الذي نقل عنه أنه قال إني # PageV01P412 # معصوم بل المتواتر عنه خلاف ذلك وأنه أقر قضاته على أن يحكموا بخلاف رأيه ~~وصح عنه أنه قال اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن وقد رأيت ~~الآن أن يبعن # فقال له قاضيه عبيدة السلماني رأيك مع عمر في الجماعة أحب إلينا من رأيك ~~وحدك في الفرقة # وكان شريح يقضي بإجتهاده ولا يراجعه وهو يقره على ذلك وكان يفتي ويحكم ~~باجتهاده ثم يرجع عن ذلك بإجتهاده # وهذه أقواله في ذلك ثابتة عنه بأصح الأسانيد # قال الرافضي ويجب أن يكون الإمام منصوصا عليه لما بينا من بطلان الإختيار ~~فإنه ليس بعض المختارين لبعض الأئمة أولى من البعض المختار لآخر وإلا أدى ~~إلى التنازع والتشاجر # وغير علي من أئمتهم لم يكن منصوصا عليه بالإجماع فتعين أن يكون هو الإمام # قلنا الجواب بمنع المقدمتين # فقد ذهب خلق من السلف والخلف إلى النص على أبي بكر وذهبت طائفة قليلة إلى ~~النص على العباس فأين الإجماع # ثم نقول لا يخلو إما أن يعتبر النص في الإمامة أو لا # فإن اعتبر منعنا المقدمة الثانية وقلنا النص لأبي بكر # وإن لم يعتبر بطلت المقدمة الأولى # ثم الإجماع عندكم ليس بحجة وإنما الحجة قول المعصوم فيعود الأمر إلى ~~إثبات النص بقول الذي تدعى له العصمة فلا يثبت نص ولا عصمة بل بقول قائل ~~أنا معصوم وأنا الذي نص علي # ويقال ما تعني بقولك يجب أن يكون معصوما منصوصا عليه أتعني أنه لا بد من ~~أن يقول هذا الخليفة من بعدي أم لا يصير إمام حتى تعقد له الإمامة مع ذلك ~~فإن قلت بالأول قيل لا نسلم وجوب النص بهذا الإعتبار والزيدية مع الجماعة ~~تنكر ms273 هذا النص وما هم بل ولا نحن بمتهمين على علي # PageV01P413 # وقولك إذا لم يكن كذلك أدى إلى التنازع والتشاجر # فيقال النصوص التي تدل على أولويته مع النظر والإستدلال يحصل بها المقصود # ثم إذا كانت الأدلة واضحة في أولويته كفت وكذلك كان الصديق # ومن نازع من آحاد الأنصار فما نازع في أن أبا بكر أفضل وإنما رام التقدم ~~مع وجود الأفضل # فإن قيل إذا كان لهم هوى منعه دلالة النصوص قيل وإذا كان لهم هوى عصوا ~~النصوص كما ادعيتم عليهم فمع قصدهم الحق يحصل المقصود ومع العناد لا ينفع ~~النص ثم إن كان الإمام معصوما فنوابه خلق ولا عصمة لهم فالحاجة باقية # وأيضا فنص الرسول على إمام بعده كتوليته واحدا في حياته ونحن لا نشترط ~~العصمة لا في هذا ولا في هذا # ثم إنكم أوجبتم النص قطعا للتشاجر المفضي إلى الفساد الكبير فوقع الأمر ~~بالعكس فإن أبا بكر تولى ثم عمر ثم عثمان مع إنتفاء الفساد والتشاجر ووقع ~~بعضه في آخر أيام عثمان وإنما اشتد وعظم في أيام من ادعيتم له النص والعصمة # فما أصلتموه حصل معه نقيض المقصود وحصل المقصود بدون وسيلتكم # ونقول النص يزيل الفساد ويكون على وجوه أحدها إخبار النبي صلى الله عليه ~~وسلم بولاية شخص ويثني عليه في ولايته فتعلم الأمة أنه إن تولى كان محمودا ~~فيرتفع النزاع وإن لم يقل ولوه # وهذا الخبر وقع لأبي بكر وعمر # الثاني أن يخبر بأمور تستلزم صلاح الولاية وهذه النصوص وقعت في خلافة أبي ~~بكر وعمر بفتح فارس والروم وغير ذلك # الثالث أن يأمر من يأتيه بعد موته بأن يأتي شخصا فيدل ذلك على أنه ~~الخليفة من بعده وهذا وقع لأبي بكر # الرابع أن يهم بكتابة عهد بالخلافة ثم يقول يأبى الله والمؤمنون إلا أبا ~~بكر فوقع كما أخبر # الخامس أن يأمر بالإقتداء من بعده بشخص فيكون هو الخليفة ن بعده # السادس أن يأمر بإتباع سنة الخلفاء الراشدين من بعده ويجعل خلافتهم إلى ~~مدة معينة فيدل على أن المتولين في ms274 تلك المدة هم الخلفاء الراشدون ~~والمهديون # السابع أن يخص # PageV01P414 # شخصا بأمور تقتضي أنه هو المقدم وهذا موجود في أبي بكر # الثامن أن ترك النص أولى بالرسول لأنه إن كان النص ليكون معصوما فلا ~~معصوم بعده وإن كان بدون العصمة فقد يحتج بالنص على وجوب اتباعه في كل ما ~~يقول ولا يمكن أحدا بعد موت الرسول مراجعة الرسول ليرده أو يعزله بخلاف من ~~ولاه في حياته فإنه إذا أخطأ أو أذنب أمكن الرسول بيان خطأه وعزله ولو نص ~~الرسول بعده أيضا على معين لنأخذ عنه الدين كما تقول الرافضة بطلت حجة الله ~~إذ ذاك ولا يقوم به غير الرسول لأنه لا معصوم إلا هو # الجواب التاسع أن النص على الجزئيات لا يمكن والكليات قد نص عليها # فلو نص على معين وأمر بطاعته في تعيين الكليات كان هذا باطلا وإن أمر ~~بطاعته في الجزئيات سواء وافقت الكليات أو خالفتها كان باطلا وإن أمر ~~بطاعته في الجزئيات إذا طابقت الكليات فهذا حكم كل متول ولو نص على رجل ~~لكان من يتولى من بعده قد لا يطاع كطاعة الأول لعدم النص في الثاني وإن قلت ~~كل واحد ينص على من بعده فهذا إنما يمكن إذا كان الثاني معصوما ولا عصمة ~~بعد الرسول لأحد فالقول بالنص فرع على القول بالعصمة وذاك من أفسد الأقوال ~~فكذاك النص الذي تدعيه الرافضة وهو الأمر بطاعة المتولي في كل ما يقوله من ~~غير رد إلى الكتاب والسنة إذا نوزع اما إذا رددنا قولنا إلى الكتاب والسنة ~~كما أمرنا عند التنازع فلا حاجة إلى النص فإن الدين محفوظ ولا يمكن أن بشرا ~~يعلم كل علم الرسول أو يأتيه وحي فلا سبيل إلى معرفة ما جاء به إلا من جهته # قال الثالث أن الإمام يجب أن يكون حافظا للشرع لانقطاع الوحي وقصور ~~الكتاب والسنة عن تفاصيل الجزئيات فلا بد من إمام منصوص من الله تعالى ~~معصوم لئلا يترك أو يزيد عمدا أو سهوا وغير علي لم يكن كذلك بالإجماع # قلنا لا ms275 نسلم أنه # PageV01P415 # يجب أن يكون حافظا للشرع بل يجب أن تكون الأمة حافظة للشرع وذلك يحصل ~~بالمجموع كما يحصل بالواحد # بل الشرع إذا نقله أهل التواتر كان خيرا من نقل واحد # ولا نسلم أن عليا كان أحفظهم للشرع بل كان أبو بكر وعمر أعلم منه فبطل ~~إجماعك # وإن زعمت أنه معصوم فلا تعلم صحة شيء من الشرع إلا بنقله لزم من ذلك أن ~~الحجة لا تقوم على أهل الأرض إلا بنقله ولا نعلم صحة نقله حتى نعلم أنه ~~معصوم ولا نعلم أنه معصوم إلا بالإجماع على نفي عصمة من سواه فإن كان ~~الإجماع معصوما أمكن حفظ الشرع به وإن لم يكن معصوما لم نعلم عصمته # ثم أخبرنا هل يمكن الإمام تبليغ الشرع إلى من ينقله عنه بالتواتر أم لا ~~يزال منقولا نقل آحاد من معصوم إلى معصوم فإن كان الإمام يمكنه ذلك فالرسول ~~يمكنه بطريق الأولى فحينئذ لا حاجة إلى نقل الإمام # وإن قلت لا يمكنه ذلك لزم دين الإسلام أنه لا ينقله إلا واحد بعد واحد من ~~أقرباء الرسول الذين يمكن القادح في نبوته أن يقول إنهم يقولون عليه ما ~~شاءوا وإنه كان طالب ملك أقامه أقاربه وعهد إليهم بما يقيمون به دولته # ونقول الحاجة ماسة إلى العصمة في حفظ الدين ونقله فلماذا لا يجوز أن يكون ~~الصحابة هم المعصومين الذين حصل بهم مقصود الدين وبلغوه ولماذا لا تكون ~~العصمة في الحفظ والبلاغ لكل طائفة بحسب ما حملوه فالقراء معصومون في حفظ ~~القرآن وتبليغه والمحدثون معصومون في حفظ الصحاح وتبليغها والفقهاء معصومون ~~في فهم الكلام والإستدلال وهذا هو الواقع المعلوم الذي أغنى الله به عن ~~واحد معدوم # ثم إنه إذا كان لا يحفظ الشرع ويبلغه إلا معصوم عن معصوم والمنتظر له ~~أربعمائة # PageV01P416 # وستون سنة لم يأخذ أحد عنه مسألة فمن أين علمتم القرآن والشرع في طول هذه ~~المدة ولم لا يجوز أن يكون هذا القرآن الذي تقرأونه ليس الذي أنزل وأيضا من ~~أين لكم العلم بشيء من أحوال الرسول ms276 وابن عمه وأنتم لم تسمعوا شيئا من ذلك ~~من معصوم فإن قلتم تواتر ذلك عندنا قيل فإذا كان تواتر ذلك عن أئمتكم يوجب ~~حفظ الشرع فلماذا لا يجوز أن يكون تواتر الأمة كلها عن نبيها أولى وأحرى من ~~غير إحتياج إلى نقل واحد عن واحد وقولك لقصور النصوص عن تفاصيل الأحكام # قلنا وكل إمام بهذه المنزلة فإن الأمير إذا خاطب الناس فلا بد أن يخاطبهم ~~بما يعم الأعيان والأفعال إذ من الممتنع أن يعين كل فعل من فاعل في كل وقت ~~فما بقي إلا الخطاب الكلي وذلك ممكن من الرسول # وإن زعمت أن نصوص الرسول ليست عامة كلية قيل لك هذا ممنوع وبتقدير أن ~~يمنع هذا من نصوص الرسول فأنت مضطر في خطاب الإمام إلى إثبات عموم الألفاظ ~~أو عموم المعاني بالإعتبار فأيهما كان أمكن إثباته من خطاب الرسول فلا حاجة ~~إلى الإمام # والحجة قد قامت على الخلق بالرسول قال تعالى (لتبين للناس ما نزل إليهم) ~~والله قد ضمن حفظ ما أنزله من الذكر فصار ذلك مأمونا من التبديل والتغيير # ثم قد علم بالإضطرار من الدين أن أكثر المسلمين بلغهم القرآن والسنن بدون ~~نقل علي فإن عمر لما فتح الأمصار بعث إليها من علمهم وفقههم ثم اتصل العلم ~~من أولئك إلى المسلمين وعلي بلغ جملة من ذلك كما بلغ ابن مسعود ومعاذ ابن ~~جبل وأبي وخلائق فتبارك الله ما أجهل الرافضة # قال والله قادر على نصب معصوم والحاجة داعية إليه ولا مفسدة فيه فيجب ~~نصبه # وغير علي لم يكن كذلك فتعين هو # قلنا هذا تكرار منك وقد مر أن الإجماع إن كان معصوما أغنى عن عصمة علي ~~وإن لم يكن معصوما بطلت دلالته على عصمة علي # وإن زعمت أن حال الأمة مع وجود المعصوم أكمل فلا ريب أن حالهم مع # PageV01P417 # عصمة نوابه أكمل وحالهم مع عصمة أنفسهم أكمل وأكمل # ولا يجب على الله ذلك # وإذا ادعيت أن مع عدمه يدخلون النار ولا يعيشون في الدنيا أو يشتد البلاء ~~فيقال هب ms277 أن الأمر كذلك فلم قلت إن إزالة هذا واجب ومعلوم أن الأمراض ~~والهموم موجودة والغلاء والجوائح والمصائب كثيرة وليس ما يصيب المظلوم من ~~الضرر بأعظم مما يصيبه من هذه الأمور والله لم يزل ذلك وحوائج البشر داعية ~~إلى ما لا نهاية له من الصحة والقوة والمال والسرور # وعلى أصلك الفاسد إن الله لا يقدر على خلق مؤمن ولا كافر فكيف يقدر على ~~خلق معصوم # وقد تقدم هذا وبان تناقضكم حيث جمعتم بين إيجاب خلق معصوم على الله وبين ~~قولكم إن الله لا يقدر على جعل أحد معصوما بإختياره بحيث يثاب على فعله ~~للطاعات وتركه للمعاصي # ثم يقال الذي تدعو إليه الحاجة أهو القادر على تحصيل المصالح وإزالة ~~المفاسد أم هو المعصوم وإن كان عاجزا عن ذلك الثاني ممنوع فإن العاجز لا ~~تحصل به فائدة بل القدرة شرط في ذلك # والأول لم يوجد وإن وجد لم يفعل ذلك فهو عاص أو عاجز قطعا # قال والإمام يجب أن يكون أفضل من رعيته وعلي فاضل أهل زمانه فهو الإمام ~~لقبح تقدم المفضول على الفاضل عقلا ونقلا # قلنا لا نسلم أنه أفضل أهل زمانه فإنه قال على منبر الكوفة خير هذه الأمة ~~بعد نبيها أبو بكر ثم وعمر # ثم كثير من العلماء لا يوجبون تولية الأفضل ومنهم من يقول بولاية المفضول ~~إذا كان فيها مصلحة راجحة كما تقوله الزيدية # قال المنهج الثاني في الأدلة من القرآن على إمامة علي قوله تعالى (إنما ~~وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم ~~راكعون) وقد أجمعوا أنها نزلت في علي # روى الثعلبي بإسناده إلى أبي ذر رضي الله عنه # PageV01P418 # قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بهاتين وإلا صمتا يقول علي قائد ~~البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله # أما إني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الظهر فسأل سائل في ~~المسجد فلم يعطه أحد شيئا فرفع يده إلى السماء وقال اللهم اشهد أني سألت في ~~مسجد نبيك ms278 فلم أعط شيئا # وكان علي راكعا فأومأ إليه بخنصره فأقبل فأخذ الخاتم وذلك بعين رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم # فلما فرغ رفع رأسه إلى السماء وقال اللهم إن موسى سألك (واجعل لي وزيرا ~~من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري) فأنزلت عليه قرآنا ناطقا ~~(سنشد عضدك بأخيك) اللهم وأنا نبيك وصفيك اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري ~~واجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد به ظهري فما استتم كلامه حتى نزل عليه ~~جبريل بهذه الآية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون ~~الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) # ونقل الفقيه ابن المغازلي عن ابن عباس أن الآية نزلت في علي # والولي المتصرف وقد أثبت له الولاية في الأمة كما أثبتها الله لنفسه ~~ولرسوله # والجواب إن قولك أجمعوا أنها نزلت في علي من أعظم الدعاوي الكاذبة بل ~~أجمعوا على أنها لم تنزل في علي بخصوصه وإن الخبر كاذب وفي تفسير الثعلبي ~~من الموضوعات ما لا يخفى وكان حاطب ليل وكذا تلميذه الواحدي # ثم سائر ما سقته من البراهين باطل لا يروج إلا على من أعمى الله قلبه من ~~الصم البكم أولى الهوى والجهل # ولهذا دخلت عامة الزنادقة من باب الرفض وتسلطوا بتلك الأكاذيب على الطعن ~~في الإسلام وصارت شبها عند الجهلة وبها ضلت النصيرية والإسماعيلية وكان ~~منشأ ضلالهم تصديقهم الرافضة بيت الكذب فيما ينقلونه من التفسير والفضائل ~~والمثالب فيشرعون في التوجع لآل محمد ثم ينتقلون إلى سب الصحابة والقدح ~~فيهم ثم ينتقلون إلى القدح في علي لأنه سكت ثم إلى القدح في الرسول ثم في ~~الإله كما رتبه لهم صاحب البلاغ الأكبر والناموس الأعظم # ثم هبك اعتضدت بالثعلبي # PageV01P419 # فقد نقل الثعلبي عن ابن عباس قال إنها نزلت في أبي بكر # ونقل عن عبد الملك قال سألت أبا جعفر الباقر عن الآية فقال هم المؤمنون # قلت فإن ناسا يقولون هو علي # فقال علي من الذين آمنوا # وعن الضحاك مثله # وروى عن علي بن أبي طلحة عن ابن ms279 عباس في هذه الآية قال كل من أسلم فقد ~~تولى الله ورسوله والذين آمنوا # ثم نعفيك من ادعائك الإجماع ونطالبك بسند واحد صحيح # وما أوردته عن الثعلبي واه فيه رجال متهمون # وأما ابن المغازلي الواسطي فقد جمع في كتابه من الكذب ما لا يخفى على من ~~له أدنى معرفة بالحديث # ولو كان المراد بالآية أن يؤتي الزكاة في حالة الركوع لوجب أن يكون ذلك ~~شرطا في الموالاة ولا يتولى المسلم إلا عليا فقط فلا يتولى الحسن ولا ~~الحسين # ثم قوله (الذين يقيمون) صيغة جمع فلا تصدق على واحد فرد # وأيضا فلا يثنى على المرء إلا بمحمود وفعل ذلك في الصلاة ليس بمستحب ولو ~~كان مستحبا لفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولحض عليه ولكرر علي فعله # وإن في الصلاة لشغلا فكيف يقال لا ولي لكم إلا الذين يتصدقون في حال ~~الركوع ثم قوله (ويؤتون الزكاة) يدل على وجود زكاة وعلي ما وجبت عليه زكاة ~~قط في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان فقيرا وزكاة الفضة إنما تجب ~~على من ملك النصاب حولا وعلي لم يكن من هؤلاء ثم إعطاء الخاتم في الزكاة لا ~~يجزى عند الأكثر ثم إن الآية بمنزلة قوله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا ~~الزكاة واركعوا مع الراكعين) وكقوله تعالى (اقنتي لربك واسجدي واركعي مع ~~الراكعين) # ثم من المعلوم المستفيض عند المفسرين أنها نزلت في النهي عن موالاة ~~الكفار ووجوب موالاة المؤمنين وسياق الكلام يدل على ذلك لمن تدبر فإنه ~~تعالى قال (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم ~~أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) ~~فهذا نهي عن موالاة اليهود والنصارى ثم قال (فترى الذين في قلوبهم مرض ~~يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصينا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح # PageV01P420 # أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) إلى أن قال (إنما ~~وليكم الله) فهذا وصف عام للمؤمنين ولا بد لكن علي وأبو بكر ms280 والسابقون أولى ~~الأمة بالدخول فيها # ومن تأمل الحديث وركنه لاح له كذبه ولو كان حقا لكان من خذله ومنعه حقه ~~من النصر مخذولين ولم يكن الأمر كذلك بل نصروا وافتتحوا البلاد فارس والروم ~~والقبط # فالشيعة يدعون أن الأمة كلها خذلته إلى أن قتل عثمان # ومن المعلوم أن الأمة إلى أن قتل عثمان كانت منصورة نصرا عظيما لم ينصر ~~بعده مثله أبدا فلما قتل عثمان تفرقت الأمة فحزب مع علي وحزب عليه وحزب ~~انعزلوا لا له ولا عليه # ومن المعلوم أن إيمان الناس بالرسول وطاعتهم له ما كان لأجل علي كما كان ~~هارون مع موسى فإن بني إسرائيل كانوا يحبون هارون جدا ويهابون موسى وكان ~~هارون يتألفه ويداريه # والرافضة تدعي أن المسلمين كانوا يبغضون عليا وأنهم لبغضهم له لم يبايعوه ~~وكتموا النص عليه فكيف يقال إن النبي احتاج إليه كما احتاج موسى إلى هارون ~~وهذا أبو بكر أسلم على يديه خمسة من العشرة المبشرين بالجنة عثمان وطلحة ~~وسعد وعبد الرحمن وأبو عبيدة ولم نعلم أن أحدا من السابقين أسلم على يد علي ~~وهذا مصعب بن عمير أحد السابقين قد أسلم على يديه أسيد بن حضير وسعد بن ~~معاذ # وأما الموالاة فقد قال تعالى) وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل ~~وصالح المؤمنين) فبين الله أن كل صالح من المؤمنين فهو مولى رسول الله ~~والله مولاه وجبريل مولاه # وليس في كون الصالح من المؤمنين مولى أن يكون متوليا على رسول الله ولا ~~متصرفا فيه # وقال تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) فكل مؤمن تقي فهو ولي ~~الله والله وليه قال تعالى (الله ولي الذين آمنوا) وقال (ألا إن أولياء ~~الله لا خوف عليهم) # PageV01P421 # وما في هذه الآيات أن من كان ولي الآخر كان متوليا عليه دون الناس والفرق ~~بين الولاية والولاية معروف فالأمير يسمى الوالي ولا يسمى الولي # واختلف الفقهاء إذا اجتمع في الجنازة الوالي والولي أيهما يقدم فالموالاة ~~ضد المعاداة # قال الرافضي البرهان الثاني قوله تعالى (يا ايها الرسول بلغ ms281 ما أنزل ~~إليك) اتفقوا على نزولها في علي روى أبو نعيم بإسناده إلى عطية أنها نزلت ~~في علي # وفي تفسير الثعلبي (بلغ ما أنزل إليك) في فضل عي فلما نزلت أخذ بيد علي ~~فقال من كنت مولاه فعلي مولاه والنبي مولى أبي بكر وعمر والصحابة بالإجماع ~~فيكون علي مولاهم فيكون هو الإمام # ومن تفسير الثعلبي قال لما كان يوم غدير خم نادى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم الناس فاجتمعوا فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه فشاع ذلك ~~وطار في البلاد وبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري فأتى رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم فأناخ بالأبطح فنزل وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ~~ملأ من أصحابه فقال يا محمد أمرتنا بالشهادتين وبالصلاة والزكاة والصيام ~~والحج فقبلنا منك ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت من ~~كنت مولاه فعلي مولاه فإن كان هذا من الله فحدثنا فقال أي والله من أمر ~~الله # فولي الحارث وهو يقول (إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من ~~السماء أو ائتنا بعذاب أليم) # فما وصل حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله وأنزلت ~~(سأل سائل بعذاب) وقد روى هذا النقاش في تفسيره # قلنا هذا أعظم كذبا وفرية من الأول # فقولك اتفقوا على نزولها في علي كذب بل ولا قاله عالم # وفي كتاب أبي نعيم والثعلبي والنقاش من الكذب ما لا يعد والمرجع في النقل ~~إلى أمناء حديث رسول الله كما أن المرجع في النحو إلى أربابه وفي القراءات ~~إلى حذاقها وفي اللغة إلى أئمتها وفي الطب إلى علمائه فلكل فن رجال وعلماء ~~الحديث اجل وأعظم تحريا للصدق من كل أحد علم ذلك من علمه فما # PageV01P422 # اتفقوا على صحته فهو الحق وما أجمعوا على تزييفه وتوهينه فهو ساقط وما ~~اختلفوا فيه نظر فيه بإنصاف وعدل فهم العمدة كمالك وشعبة والأوزاعي والليث ~~والسفيانين والحمادين وابن المبارك ويحيى القطان وعبد الرحمن ms282 بن مهدي ووكيع ~~وابن علية والشافعي وعبد الرزاق والفريابي وأبي نعيم والقعنبي والحميدي ~~وأبي عبيد وابن المديني وأحمد وإسحاق وابن معين وأبي بكر بن أبي شيبة ~~والذهلي والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي داود ومسلم وموسى بن هارون ~~وصالح جزرة والنسائي وابن خزيمة وأبي أحمد بن عدي وابن حبان والدارقطني ~~وأمثالهم من أهل العلم بالنقل والرجال والجراح والتعديل # وقد صنف في معرفة الرجال كتب جمة كالطبقات لإبن سعد وتاريخي البخاري ~~وكلام ابن معين من رواية أصحابه عنه وكلام أحمد من رواية أصحابه عنه وكتاب ~~يحيى بن سعد القطان وكتاب علي بن المدايني وتاريخ يعقوب الفسوي وابن أبي ~~خيثمة وابن أبي حاتم والعقيلي وابن عدي وابن حبان والدارقطني # والمصنفات في الحديث على المسانيد كمسند أحمد وإسحاق وأبي داود وابن أبي ~~شيبة والعدني وابن منيع وأبي يعلى والبزار والطبراني وخلائق # وعلى الأبواب كالموطأ وسنن سعيد بن منصور وصحيحي البخاري ومسلم والسنن ~~الأربعة وما يطول الكتاب بتعداده # وفي الجملة ليس في فرق الأمة أجهل بالآثار ورجالها وأقبل للباطل وأدفع ~~للصحيح من الرافضة # ثم أضدادهم من الخوارج وإخوانهم من المعتزلة يتحرون الصدق ولا يحتجون ~~بخبر مكذوب بل ولا بالصحيح بل لهم طرق وقواعد مبتدعة وعقول في الجملة # وهؤلاء الرافضة لا عقل ولا نقل # فالآثار ومعرفتها والأسانيد من خصائص السنة والجماعة وعلامة صحة الحديث ~~عند الرافضي أن يوافق هواه # قال عبد الرحمن بن مهدي # أهل العلم يكتبون مالهم وما عليهم وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم # ثم نقول لهم ما يرويه مثل النقاش والثعلبي وأبي نعيم ونحوهم أتقبلونه ~~مطلقا لكم وعليكم أم تردونه مطلقا أو تأخذون بما وافق أهواءكم وتردون ما ~~خالف فإن قبلوه مطلقا ففي ذلك من فضائل الشيخين جملة من الصحيح والضعيف وإن ~~ردوه مطلقا بطل إعتماده بمل ينقل عنهم وإن قبلوا ما يوافق مذهبهم أمكن ~~المخالف رد ما قبلوه والإحتجاج # PageV01P423 # بما ردوه # والناس قد كذبوا في المناقب والمثالب أكثر من كل شيء # ثم هذا الحديث كذب بإتفاق أهل الحديث ولهذا لم يرو ms283 في شيء من كتب الحديث ~~المرجوع إليها وإنما يجوز صدقه من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ~~على مذهب أحد الأربعة وإن أبا حنيفة ونحوه كانوا قبل النبي صلى الله عليه ~~وسلم أو كما تظن طائفة من التركمان أن حمزة له مغاز عظيمة وينقلونها بينهم ~~وحمزة ما شهد إلا بدرا واستشهد يوم أحد # ومثل ما يعتقد كثير من العوام أن أبي بن كعب وأم سلمة زوج النبي صلى الله ~~عليه وسلم في مغائر دمشق أو أن عائشة كانت تحدث الناس في باب القبة التي ~~بجامع دمشق أو أن قبر علي رضي الله عنه بباطن النجف وأهل العلم يعلمون أن ~~عليا ومعاوية وعمرو بن العاص دفن كل واحد منهم بقصر الإمارة خوفا عليه من ~~نبش الخوارج # PageV01P424 # واتفق الناس على أن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بغدير خم كان مرجعه ~~من حجة الوداع # ألا ترى أن الشيعة تجعل يوم ثاني عشر ذي الحجة عيدا فبعد ذلك لم يرجع ~~النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة # وهذا الحديث المكذوب فيه ما يبين كذبه من قوله فجاءه الحارث وهو بالأبطح # ثم قوله ونزلت (سأل سائل) وهي إنما نزلت قبل الهجرة بمكة # ثم قوله تعالى (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق) نزلت عقيب بدر ~~بالإتفاق # وأهل التفسير متفقون على أنها نزلت بسبب ما قاله المشركون للنبي صلى الله ~~عليه وسلم بمكة كأبي جهل وذويه # ثم لم تنزل عليهم حجارة من السماء ولو كان هذا المجهول قد نزل عليه حجر ~~خرق هامته وخرج من دبره لكان آية من جنس أصحاب الفيل وذلك مما تتوفر الهمم ~~والدواعي على نقله # قال البرهان الثالث قوله (اليوم أكملت لكم دينكم) الآية # روى أبو نعيم بإسناده إلى أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ~~الناس إلى غدير خم وأمرنا بحت الشجر من الشوك فقام فأخذ بضبعي علي فرفعهما ~~حتى نظر الناس إلى باطن إبطي رسول الله ثم لم يتفرقوا حتى نزلت (اليوم ~~أكملت ms284 لكم دينكم) فقال الرسول الله أكبر على إكمال الدين ورضي الرب برسالتي ~~وبالولاية لعلي من بعدي # ثم قال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وانصر من نصره واخذل ~~من خذله # قلنا وهذا من الكذب بإتفاق أهل المعرفة بالموضوعات # وقد ثبت أن الآية نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة قبل ~~يوم الغدير بسبعة أيام # ثم ليس فيها دلالة على علي رضي الله عنه بوجه ولا على إمامته # فدعواك أن البراهين دلت عليه من القرآن من الكذب الواضح وإنما يكون ذلك ~~من الحديث لو صح # قال البرهان الرابع قوله (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى) روى # PageV01P425 # الفقيه علي بن المغازلى الشافعي بإسناده عن ابن عباس قال كنت جالسا مع ~~فئة من بني هاشم عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا انقض كوكب من السماء ~~فقال من انقض هذا الكوكب في منزله فهو الوصي من بعدي فإذا هو قد انقض في ~~منزل علي # قالوا يا رسول الله قد غويت في حب علي فأنزل الله تعالى (والنجم إذا هوى) # قلنا وهذا من أبين الكذب والقول على الله بلا علم حرام قال الله تعالى ~~(ولا تقف ما ليس لك به علم) فكل من احتج بحديث عليه أن يعلم صحته قبل أن ~~يستدل به وإذا احتج به على غيره فعليه بيان صحته وإذا عرف أن في الكتب ~~الكذب صار الإعتماد على مجرد ما فيها مثل الأستدلال بشهادة الفاسق الذي ~~يصدق ويكذب # ثم هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات بلفظ آخر من حديث محمد بن ~~مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما عرج بالنبي صلى الله عليه ~~وسلم إلى السماء السابعة وأراه الله من العجائب فلما أصبح جعل يحدث فكذبه ~~من أهل مكة من كذبه فانقض نجم من السماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم في ~~دار من وقع هذا النجم فهو خليفتي من بعدي فوقع في دار علي فقال أهل مكة ضل ms285 ~~محمد وغوى وهوى أهل بيته ومال إلى ابن عمه فنزلت (والنجم) # قال ابن الجوزي هذا موضوع # فما أبرد من وضعه وما أبعد ما ذكر # وفي إسناده ظلمات منها أبو صالح وكذلك الكلبي ومحمد بن مروان السدي # والمتهم به الكلبي # قال أبو حاتم بن حبان كان الكلبي من الذين يقولون إن عليا لم يمت وإنه ~~يرجع إلى الدنيا وإن وأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها لا يحل الإحتجاج ~~به # قال والعجب من تغفل من وضع هذا الحديث كيف رتب ما لا يصلح في المعقول من ~~أن النجم يقع في دار ويثبت إلى أن يرى ومن بلهه أنه وضع هذا الحديث على ابن ~~عباس # PageV01P426 # وكان ابن عباس زمن المعراج إبن سنتين فكيف يشهد تلك الحالة ويرويها قلت ~~إذا لم يكن هذا الحديث في تفسير الكلبي المعروف عنه فهو مما وضع بعده وهذا ~~هو الأقرب # قال أبو الفرج وقد سرق هذا الحديث بعينه قوم وغيروا إسناده ورووه بإسناد ~~غريب ثم إنه لم ينقض قط كوكب إلى الأرض بمكة ولا بالمدينة ولا غيرهما ولما ~~بعث نبي الله صلى الله عليه وسلم كثر الرمي بالشهب ومع هذا لا يروى مثل هذا ~~البهتان إلا أوقح الناس وأقلهم حياء # ثم لو كان هذا جرى لكان يغني عن الوصية يوم غدير خم # قال البرهان الخامس قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل ~~البيت) فروى أحمد في مسنده عن واثلة بن الأسقع قال طلبت عليا في منزله ~~فقالت فاطمة ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاءا جميعا فدخلت ~~معهما فأجلس عليا عن يساره وفاطمة عن يمينه والحسن والحسين بين يديه ثم ~~التفع عليهم بثوبه وقال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ~~ويطهركم تطهيرا) اللهم إن هؤلاء أهلي # وعن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها الحديث وفي ~~آخره إنك إلى خير # ففي هذه الآية دلالة على العصمة مع التأكيد بلفظة إنما وإدخال اللام في ~~الخبر # وغيرهم ليس ms286 بمعصوم فتكون الإمامة في علي ولأنه ادعاها في عدة من أقواله ~~كقوله والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من ~~الرحى # وقد ثبت نفي الرجس عنه فيكون صادقا # قلنا الحديث صحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم لهم ورواه مسلم في صحيحه ~~عن عائشة # وفي السنن عن أم سلمة # وليس فيه دلالة على عصمتهم ولا إمامتهم أصلا # فنقول قوله (إنما يريد الله) كقوله (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ~~ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته # PageV01P427 # عليكم) وكقوله تعالى (يريد الله بكم اليسر) وقوله (يريد الله ليبين لكم) ~~(والله يريد أن يتوب عليكم) فإرادته في هذه الآيات متضمنة لمحبته لذلك ~~المراد ورضائه به وأنه شرعه ليس في ذلك أنه خلق هذا المراد ولا أنه قدره ~~وأوجده # والنبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية قال اللهم هؤلاء أهل بيتي ~~فأذهب عنهم الرجس فطلب من الله ذلك فلو كانت الآية تتضمن الوقوع ولا بد لم ~~يحتج إلى الدعاء # وهذا على قول القدرية أظهر فإن إرادة الله عندكم لا تتضمن وجود المراد بل ~~قد يريد ما لا يكون ويكون ما لا يريد # أفنسيت أصلك الفاسد أما على قولنا فالإرادة نوعان شرعية تتضمن محبة الله ~~ورضاه كما في الآيات وإرادة كونية قدرية تتضمن خلقه وتقديره كقوله (إن كان ~~الله يريد أن يغويكم) (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن ~~يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) # ثم إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مذكورات في الآيات فبدأ بهن وختم ~~بهن وسائر الخطاب لهن وإرادة إذهاب الرجس وتطهير أهل البيت ليس بمختص ~~بالأزواج بل متناول لكل أهل البيت وعلي وفاطمة وحسن وحسين أخص من غيرهم ~~ولذلك خصهم بالدعاء وثبت في الصحيح أنه علمهم الصلاة عليه اللهم صلى على ~~محمد وأزواجه وذريته # فإن قيل هب أن القرآن لا يدل على طهارتهم وإذهاب الرجس عنهم لكن دعاؤه ~~لهم يدل على وقوعه قلنا المقصود أن القرآن بمفرده لا يدل ms287 على ذلك فضلا عن ~~أن يدل على العصمة والإمامة # ثم هب أن القرآن دل على طهارتهم فأين لزوم العصمة وأن لا يجوز عليهم خطأ ~~ولا سهو والدليل عليه أن الله لم يرد بما أمر به الزوجات أن لا يصدر # PageV01P428 # من واحدة منهن خطأ وسياق الآية يدل على أن الله يذهب عنهم الخبث والفواحش ~~ويطهرهم منها ونحن نعلم أن الله أذهب عن أولئك السادة الشرك والخبائث ~~والرجس وطهرهم من هذه الفواحش وليس من شرط المتقى أن لا تقع منه صغيرة ~~ويستغفر منها ولو كان ذلك شرطا لعدم المتقون من أمة محمد صلى الله عليه ~~وسلم فمن فعل ما يكفر سيئاته كان من المتقين # وقال تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وقد يكون من تمام ~~تطهيرهم صيانتهم عن الصدقة فإنها أوساخ الناس # وبالجملة فالتطهير الذي في الآية ودعا به الرسول ليس هو العصمة بالإتفاق ~~فإن أهل السنة يثبتونها للرسول والشيعة لا يثبتونها لغير النبي صلى الله ~~عليه وسلم إلا لعلي أو للإمام فانتفت عن الزوجات والبنات وغيرهم وإذا كان ~~كذلك امتنع أن يكون التطهير المدعو به للأربعة متضمنا للعصمة المختص بها ~~النبي والإمام # ثم الدعاء بالعصمة من الذنوب ممتنع على أصل القدرية بل والتطهير فإن ~~الأفعال الإختيارية التي هي فعل الواجبات وترك المحرمات عندهم غير مقدورة ~~للرب فلا يمكنه أن يجعل العبد متطهرا ولا طائعا ولا عاصيا فامتنع على أصلهم ~~الدعاء بفعل الخيرات وترك المنكرات # وإنما المقدور عندهم قدرة تصلح لهذا وهذا كالسيف يصلح لقتل المسلم ~~والكافر والمال يمكن بذله في الطاعة والمعصية ثم العبد يفعل اشاء من خير أو ~~شر بتلك القدرة # والحديث حجة عليهم في إبطال هذا القول حيث دعا النبي صلى الله عليه وسلم ~~لأهل بيته بالتطهير وإن قالوا المراد بذلك أنه يغفر لهم ولا يؤاخذهم كان ~~ذلك أدل على بطلان دلالته على العصمة ويمتنع عندهم سؤال الله العصمة من ~~المعاصي ولو قدر ثبوت العصمة فقد قدمنا أنه لا يشترط في الإمام العصمة # PageV01P429 # وقولك إن عليا ادعاها ms288 وقد ثبت نفي الرجس عنه فيكون صادقا فلا نسلم أنه ~~ادعاها بل نعلم بالضرورة أنه ما ادعاها حتى قتل عثمان # وإن كان قد يوده بقلبه لكن ما قال أنا الإمام ولا أنا معصوم ولا إن ~~الرسول جعلني الإمام بعده ولا أنه أوجب على الناس متابعتي ولا نحو هذه ~~الألفاظ بل نحن نعلم بالإضطرار أن من نقل هذا ونحوه عنه فهو كاذب عليه # ونحن نعلم أن عليا أتقى لله من أن يدعى الكذب الظاهر الذي يعلم الصحابة ~~كلهم أنه كذب # وقولك عنه لقد تقمصها إلخ فلم يقله وأين إسنادك به وإنما يوجد هذا في نهج ~~البلاغة وأهل العلم يعلمون أن أكثر خطب هذا الكتاب مفتراة على علي ولهذا لا ~~يوجد غالبها في كتاب قديم ولا لها إسناد معروف # فهي بمنزلة من يدعي أنه علوي أو عباسي ولا نعلم أحدا من سلفه ادعى ذلك قط ~~فيعلم كذبه # فإن النسب يكون معروفا من أصله حتى يتصل بفرعه # وفي هذه الخطب أشياء قد علم يقينا من علي ما يناقضها ولم يوجب الله على ~~الخلق أن يصدقوا بما لم يقم دليل على صدقه وإن ذلك من تكليف ما لا يطاق # وكيف يمكننا أن نثبت إدعاء علي الخلافة بمثل حكاية منبعها من متهمين # ثم هب أنه قال ذلك فلم قلتم إنه أراد أني إمام منصوص عليه فيجوز عليه أنه ~~أراد أنه # PageV01P430 # أحق من غيره وحينئذ لا يكون مخبرا عن أمر تعمد فيه الكذب ولكن يكون تكلم ~~بإجتهاد منه لكن هذا كله لو صح شيء منه لم يصح إلا بمقدمات ليست في القرآن ~~فأين براهينك القرآنية # قال البرهان السادس قوله (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح ~~له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) # روى الثعلبي بإسناده عن انس وبريدة قالا قرأ رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم هذه الآية فقام رجل فقال أي بيوت هذه يا رسول الله قال بيوت الأنبياء # فقال أبو بكر يا رسول الله ms289 هذا البيت منها يعني بيت علي وفاطمة قال نعم ~~من أفضلها # قلنا نطالبك بصحة النقل فلا سبيل لك إلى ذلك # والثعلبي كحاطب ليل فكيف والحديث كذب بلا ريب # ثم الآية بإتفاق الناس هي في المساجد ولو قدر أن عليا من رجال لا تلهيهم ~~تجارة ولا بيع لما لزم من ذلك أنه أفضل الأمة بعد نبيها # ثم لفظ الآية رجال لم يقل رجل واحد ولو قدر أنه أفضل فلم قلت بوجوب إمامة ~~الأفضل # قال البرهان السابع قوله (لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) # وروى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية قالوا يا ~~رسول الله من قرابتك التي وجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وابناهما # وكذا في تفسير الثعلبي ونحوه في الصحيحين # وغير علي من الصحابة لا تجب مودته فيكون علي أفضل فيكون هو الإمام # ومخالفته تنافي المودة وطاعته مودة فيكون واجب الطاعة # فالجواب قولك في مسند أحمد كذب بين على المسند وكذا قولك في الصحيحين ~~إفتراء عليهما بل فيهما وفي المسند ما يناقض ذلك فكيف العمل بخطاب جهال ~~كذبة ولكن أحمد صنف كتابا في فضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم فيه الصحيح ~~والسقيم # ثم زاد ابنه عبد الله فيه احاديث وزاد القطيعي فيه جملة كثيرة # PageV01P431 # واهية ومكذوبة فظن الجهلة أن الكل من رواية أحمد وهذا خطأ قبيح فإن ~~زيادات عبد الله تظهر بكونها عن غير أبيه وزيادات القطيعي تعرف بروايته لها ~~عن غير عبد الله بن أحمد # وأيضا فالآية في الشورى وهي مكية بإتفاق وعلي ما تزوج فاطمة إلا في ~~المدينة والحسن ولد سنة ثلاث والحسين سنة أربع فكيف يفسر النبي صلى الله ~~عليه وسلم الآية المكية بوجوب موده من لا يعرف ثم تفسير الآية في الصحيحين ~~أن ابن عباس سئل عنها فقال له سعيد بن جبير إلا أن تودوا محمدا في قرابته ~~فقال ابن عباس عجلت إنه لم يكن بطن من قريش إلا ولرسول الله صلى الله عليه ~~وسلم فيهم قرابة فقال (لا أسألكم ms290 عليه أجرا) لكن أسألكم مودة القرابة التي ~~بيني وبينكم # فهذا ابن عباس ترجمان القرآن وأعلم أهل البيت بعد علي يقول ما تسمع # وأيضا فإنه قال (إلا المودة في القربى) لم يقل إلا المودة للقربى ولا ~~المودة لذوي القربى فلو أراد ذلك لقال هكذا كما قال الله تعالى (واعلموا ~~أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) وقال (فلله وللرسول ~~ولذي القربى) (فآت ذا القربى حقه) (وأتي المال على حبه ذوي القربى) فجميع ~~ما أوصى به من حق ذوي قربى النبي أو ذوي قربى الإنسان هكذا # فلما ذكر قوله (إلا المودة) بالمصدر دون الإسم دل على أنه لم يرد ذوي ~~القربى ولو أراد لقال المودة لذوي القربى ولم يقل في فإنه لا يقال لا أسألك ~~المودة في فلان ولا في قربى فلان بل لفلان # ونقول الرسول لا يسأل على تبليغ الرسال أجرا البتة بل أجره على الله كما ~~قال (قل ما أسألكم عليه من اجر) وقال (أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون) ~~وقال (إن أجرى إلا على الله) ولكن الإستثناء منقطع كقوله (قل ما أسألكم ~~عليه من اجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا) # ولا ريب أن محبة أهل البيت واحبة لكن لم يثبت وجوبها بهذه الآية ولا ~~محبتهم أجر الرسول بل هو مما أمرنا به فهو من العبادات # PageV01P432 # وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم خطب بغدير خم فقال أذكركم الله في أهل ~~بيتي قالها ثلاثا وفي السنن أنه قال والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى ~~يحبوكم لله ولقرابتي ولو كانت مودتنا لهم أجرا له لم نثب عليها لأنا أعطينا ~~أجره الذي إستحقه بالرسالة فهل يقول هذا مسلم سلمنا أن عليا تجب مودته ~~بدليل آخر فما في ذلك ما يوجب إختصاصه بالإمامة والفضيلة # وقولك والثلاثة لا تجب مودتهم ممنوع بل تجب أيضا مودتهم وموالاتهم فإنه ~~ثبت أن الله يحبهم ومن كان الله يحبه وجب علينا أن نحبه والحب في الله ~~والبغض في الله واجب ms291 وهو أوثق عرى الإيمان وهم من أولياء الله الكبار وثبت ~~أن الله رضي عنهم وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل ~~المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو ~~تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر # والرافضي لا يقدر أن يركب الحجة على الخارجي والناصبي فإذا قالا له بأي ~~شيء علمت أن عليا ولي الله فإن قال بالتواتر لإسلامه وحسناته قالا له ~~فالنقل المتواتر في أبي بكر وأمثاله كذلك # فإن قال بالقرآن # قالا القرآن يدل بعمومات أنت تخرج منها أكابر الصحابة فإخراج واحد أسهل # وإن قال بالأحاديث الدالة على فضائله # قيل أحاديث فضل أولئك أكثر وأصح وقد قدحت فيها وما ورد فيه إنما نقله ~~الصحابة الذين تقدح فيهم فإن صح قدحك بطل النقل وإن صح النقل بطل القدح # وإن قال صح بنقل الشيعة # قيل الصحابة عندك مطعون فيهم سوى بضعة عشر نفسا فقد يقال إن البضعة عشر ~~تواطأوا على ما نقلوه # ومن قدح في نقل الجمهور كيف يمكنه إثبات نقل نفر قليل ونحن علينا أن نحب ~~من أحبه الله ورسوله كعلي وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي ~~الناس أحب إليك قال عائشة # قيل فمن الرجال قال أبوها # وفي الصحيح أن عمر قال لأبي بكر يوم السقيفة بل أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا ~~إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا من ~~هذه الأمة خليلا لأتخذت أبا بكر خليلا # PageV01P433 # وقولك مخالفته تنافي المودة إلخ فالجواب إن كانت المودة توجب الطاعة فقد ~~وجبت مودة ذوي القربى فتجب طاعتهم فيجب أن تكون فاطمة أيضا إماما وإلا ~~فالمودة ليست مستلزمة للإمامة فإن كانت ملزوم الإمامة وإنتفاء الملزوم ~~يقتضي إنتفاء اللازم فلا تجب مودة إلا من يكون إماما معصوما # وقولك المخالفة تنافي المودة فنقول إذا لم تكن المخالفة قادحة في المودة ~~إلا إذا كان واجب الطاعة فحينئذ يجب أن نعلم وجوب الطاعة أولا فإذا ثبت ~~وجوبها بمجرد وجوب المودة ms292 كان دورا إلا إذا علم أنه إمام # ثم المخالفة تقدح في المودة إذا امرنا ونحن نعلم أنه لم يأمرنا بطاعته في ~~زمن أبي بكر وعمر وعثمان فتجب مودتهم أيضا وطاعتهم ومخالفتهم تقدح في ~~مودتهم بل تقدح في محبة الله ورسوله # قال البرهان الثامن قوله (ومن الناس من يشرى نفسه إبتغاء مرضاة الله) قال ~~الثعلبي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة استخلف عليا ~~لقضاء ديونه ورد الودائع وأمره ليلة خرج إلى الغار وأحاطوا بالديار أن ينام ~~على فراشه ويتشح ببرده الأخضر وقال إنه لا يخلص إليك منهم مكروه ففعل فأوحى ~~الله إلى جبريل وميكائيل إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من ~~الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة فاختار كلاهما الحياة # فقال ألا كنتما مثل علي آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ~~ويؤثره الحياة اهبطا إلى الأرض فاحفظاه # فنزلا فكان جبريل عند رأسه وميكائيل عند رجليه # فقال جبريل بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة فأنزل ~~الله على نبيه وهو متوجه إلى المدينة فيه (ومن الناس من يشرى نفسه إبتغاء ~~مرضاة الله) وقال ابن عباس إنها نزلت في علي لما هرب النبي صلى الله عليه ~~وسلم إلى الغار وهذه فضيلة لم تحصل لغيرة تدل على أفضليته # فيكون هو الإمام # والجواب المطالبة بصحة النقل وعزوك ذلك إلى الثعلبي لا يجدي شيئا # PageV01P434 # فالنبي لما هاجر لم يكن لقريش غرض في طلب علي إنما كان مطلوبهم النبي صلى ~~الله عليه وسلم وأبا بكر فجعلا في كل واحد منهما ديته لمن جاء به كما صح لا ~~كما سقت من الكذب السمج فترك عليا على فراشه ليظنوا أن النبي صلى الله عليه ~~وسلم في البيت فلا يطلبوه فلما أصبحوا وجدوا عليا فظهرت خيبتهم ولم يؤذوا ~~عليا بل سألوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا علم لي به # ولو كان لهم في علي غرض لآذوه فلما لم يتعرضوا له دل على أنه ms293 لا غرض لهم ~~فيه # والذي كان يقصد الدفع بنفسه هو أبو بكر بلا ريب وكان يذكر الطلب فيكون ~~خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر الرصد فيكون امامه # ثم غير واحد من الصحابة قد فدوا النبي صلى الله عليه وسلم بأنفسهم في ~~الحروب فمنهم من قتل بين يديه ومنهم من شلت يده كطلحة # وهذا واجب على المؤمنين # وفي السيرة لإبن إسحاق قال فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا ~~تبت الليلة على فراشك # فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه ~~فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامهم قال لعلي نم على فراشي واتشح ~~ببردي هذا فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم # وعن محمد بن كعب القرظي قال لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل قال إن محمدا ~~يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد ~~موتكم فجعلت لكم جنات كجنات الأردن وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح ثم بعثتم ~~من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها # قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فأخذ حفنة من تراب ثم قال ~~نعم أنا أقول ذلك أنت أحدهم # وأخذ الله بأبصارهم عنه فلا يرونه ولم يبق منهم رجل إلا وضع التراب على ~~رأسه ثم انصرف إلى حيث أراد # فأتاهم آت فقال ما تنتظرون ها هنا قالوا محمدا قال خيبكم الله قد والله ~~خرج ثم ما ترك منكم رجلا إلا وضع على رأسه ترابا فنظروا فرأوا التراب # ثم جعلوا يطعلون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد النبي صلى الله عليه ~~وسلم فيقولون والله إن هذا لمحمد نائم عليه برده # فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا # فقام علي فقالوا والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا وأنزلت قوله تعالى (وإذ ~~يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله # PageV01P435 # والله خير الماكرين) # فهذا يوضح لك أن النبي صلى الله عليه وسلم وعده أنه ms294 لا يصيبه مكروه ~~فاطمأن إلى قول الصادق # ثم ما أوردته هذيان باطل لا سيما محاورة جبريل وميكائيل ومؤاخاتهما ~~وأعمارهما ثم مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي لم تصح # ومع ذلك فيروى أنها كانت بالمدينة كما رواه الترمذي وذلك بعد الهجرة # ثم قوله تعالى (ومن الناس من يشرى نفسه إبتغاء مرضاة الله) في البقرة وهي ~~مدنية بإتفاق وقيل نزلت الآية لما هاجر صهيب وطلبه المشركون فأعطاهم ماله ~~وأتى المدينة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ربح البيع أبا يحيى وهذه ~~القصة في عدة تفاسير # وعن قتادة قال نزلت في المجاهدين المهاجرين # وقال عكرمة نزلت في صهيب وأبي ذر حين أخذ أهل بدر أبا ذر فانفلت منهم ~~فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رجع مهاجرا عرضوا له بمر الظهران ~~فانفلت منهم أيضا # وأما صهيب فأخذه أهله فافتدى منهم بماله # وأيضا فلفظ الآية مطلق فكل من باع نفسه إبتغاء مرضاة الله فقد دخل فيها # وأهل بيعة الرضوان بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت أخرجه ~~البخاري # ولا ريب أن الفضيلة التي حصلت لأبي بكر في الغار والهجرة انفرد بها فتكون ~~هذه الأفضلية ثابتة له دون عمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة فيكون هو ~~الإمام # فهذا هو الدليل الصدق الذي لا كذب فيه قال الله تعالى (إلا تنصروه فقد ~~نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني إثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه ~~لا تحزن إن الله معنا) فأين مثل هذه الخصيصة لغير الصديق بنص القرآن # PageV01P436 # ثم إن عليا لم يؤذ في مبيته على فراش النبي صلى الله عليه وسلم وقد أوذي ~~غيره في وقايتهم النبي صلى الله عليه وسلم # قال البرهان التاسع قوله (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل ~~تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) الآية # نقل الجمهور أن (أبناءنا) إشارة إلى الحسن والحسين (ونساءنا) إلى فاطمة ~~(وأنفسنا) إلى علي # وهذه الآية أدل دليل على ثبوت الإمامة له لأن الله ms295 جعله نفس الرسول ~~والإتحاد محال فبقي المراد بالمساواة له الولاية # وأيضا فلو كان غير هؤلاء مساويا لهم وأفضل منهم لاستجابة الدعاء لأمره ~~تعالى بأخذهم معه لأنه في موضع الحاجة # وإذا كانوا هم الأفضل تعينت الإمامة فيهم # فهل تخفى دلالة هذه الآية على المطلوب إلا على من استحوذ الشيطان عليه # الجواب أما أخذه عليا وفاطمة وابنيهما في المباهلة ففي مسلم من حديث سعد ~~بن أبي وقاص لما نزلت هذه الآية دعاهم فقال اللهم هؤلاء أهلي ولكن لا دلالة ~~في ذلك على الإمامة ولا على الأفضلية # وقولك جعله نفس الرسول قلنا لا نسلم أنه لم يبق إلا المساواة ولا دليل ~~على ذلك بل حمله على ذلك ممتنع لأن أحدا لا يساوي الرسول وهذا اللفظ في ~~اللغة لا يقتضي المساواة قال الله تعالى (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون ~~والمؤمنات بأنفسهم خيرا) ولم يوجب ذلك أن يكون المؤمنون والمؤمنات متساوين ~~وقال تعالى (فاقتلوا أنفسكم) أي يقتل بعضكم بعضا ولم يوجب ذلك تساويهم ولا ~~أن يكون من عبد العجل مساويا لمن لم يعبده وكذلك (ولا تقتلوا أنفسكم) أي لا ~~يقتل بعضكم بعضا وإن كانوا غير متساوين بل بينهم من التباين ما لا يوصف ~~ومنه # PageV01P437 # (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم) فهذا اللفظ يدل على المجانسة والمشابهة في ~~أمور # فقوله تعالى (ندع أبناءنا أبناءكم وأنفسنا وأنفسكم أي ورجالنا ورجالكم أي ~~الرجال الذين هم من جنسنا في الدين والنسب والمراد التجانس في القرابة مع ~~الإيمان فذكر الأولاد والنساء والرجال الأقربين ولم يكن عنده أحد أقرب إليه ~~من العصبات من على ثم أدار عليهم الكساء # والمباهلة إنما تحصل بالأقربين إليه وإلا فلو بأهلهم بالأبعدين في النسب ~~وإن كانوا أفضل لم يحصل المقصود # وآية المباهلة سنة عشر لما قدم وفد نجران ولم يكن النبي صلى الله عليه ~~وسلم قد بقي من أعمامه غير العباس والعباس لم يكن له سابقة ولا دلالة ~~اختصاص على النبي # وقولك لو كان غير هؤلاء مساويا لهم لأمر بأخذهم معه قلنا نحن نعلم ~~بالإضطرار أنه لو ms296 دعا أبا بكر وعمر وطائفة من الكبار لكانوا من أعظم شيء ~~إستجابة لأمره لكن لم يؤمر بأخذهم لأن ذلك لا يحصل بع مقصود المباهلة فإن ~~أولئك يأتون بمن يعز عليهم طبعا كأقرب الناس إليهم فلو دعا الرسول قوما ~~أجانب لأتى أولئك بأجانب ولم يكن يشتد عليهم نزول المباهلة بأولئك الأجانب ~~كما يشتد عليهم نزولها بالأقربين فإن طبع المرء يخاف على أقربيه ما لا يخاف ~~على الأجانب والناس عند المهادنة تقول كل طائفة للأخرى أرهنوا عندنا ~~أبناءكم ونساءكم فلو رهنت أجانب لم يرض أولئك ولا يلزم أهل الرجل أن يكونوا ~~أفضل عند الله من غيرهم # فدع عنك التشبث بألفاظ مجملة ولا تزغ عن النصوص الصريحة ولا تظنن أحدا ~~مساويا للرسول أصلا # ولو كان باقي بناته في الحياة لباهل بهن ولو كان ابنه إبراهيم يعرف لباهل ~~به ولو كان عمه حمزة حيا لباهل به # قال البرهان العاشر قوله (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) روى ابن ~~المغازلي بإسناد عن ابن عباس قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلمات ~~فقال سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي فتاب عليه # وفيه مساواته # PageV01P438 # للنبي في التوسل به # الجواب المطالبة بصحة ذلك وأنى لك صحته فإنه من أقبح الكذب على الله ~~ورسوله # وقد ساقه ابن الجوزي في الموضوعات من أفراد أبي الحسن على بن عمر ~~الدارقطني فإن له كتبا في الأفراد والغرائب # قال الدارقطني تفرد به حسين الأشقر راوي الموضوعات عن الإثبات عن عمرو بن ~~ثابت وليس بثقة ولا مأمون # فأما الكلمات فقد جاءت في القرآن مفسرة في قوله تعالى (قالا ربنا ظلمنا ~~أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) ومن المعلوم أن من هو ~~دون آدم من الكفار والفساق إذا تاب أحدهم إلى الله توبة نصوحا تاب الله ~~عليه وإن لم يقسم عليه بأحد ونبينا ما أمر أحدا في توبته بمثل هذا الدعاء # قال البرهان الحادي عشر قوله تعالى (إني جاعلك للناس إماما قال ومن ~~ذريتي) روى ms297 ابن المغازلي الشافعي عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم انتهت الدعوة إلي وإلى علي لم يسجد أحدنا لصنم فاتخذني نبيا واتخذ ~~عليا وصيا وهذا نص في الباب # الجواب إن هذا كذب بإتفاق الحفاظ فإن أريد إنتهاء الدعوة إلى علي لزم أن ~~لا يكون باقي الإثني عشر أئمة # وسائر الأمة لم يسجدوا لصنم كخلق من الفساق # بل عامة الصحابة الذين سجدوا للصنم أفضل من أولادهم بإتفاق وقد ذكر الله ~~أن لوطا آمن لإبراهيم وهو نبي وقال شعيب (قد افترينا على الله كذبا إن عدنا ~~في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها) # PageV01P439 # قال البرهان الثاني عشر قوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ~~سيجعل لهم الرحمن ودا) روى أبو نعيم بإسناده إلى ابن عباس قال نزلت في علي ~~والود محبته في القلوب المؤمنة # ومن تفسير الثعلبي عن البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ~~علي قل اللهم اجعل عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة # فأنزلت الآية # ولم يثبت ذلك لغيره فيكون هو الإمام # قلنا لا بد من إقامة الدليل على صحة المنقول وإلا فالاستدلال بما لم تثبت ~~مقدماته باطل وهو من القول بلا برهان # ثم ما أوردته موضوع عند أهل المعرفة # ثم قوله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) عام فكيف تقصره على علي ~~بل يتناول عليا كما يتناول غيره ويتناول الحسن والحسين وفاطمة فعلم ~~بالإجماع عدم إختصاصها بواحد والله لا يخلف الميعاد فقد وعد بأن يجعل لهم ~~الود في القلوب فقد جعله في قلوب جماهير المسلمين للصحابة والسابقين لا ~~سيما الخلفاء رضي الله عنهم ولا سيما أبو بكر وعمر وعامة الصحابة وأولهم ~~علي يودون أبا بكر وعمر وما علمنا أحدا من الصحابة سبهما ولم يتفق ذلك ~~للإمام علي بل نال جماعة من الصحابة من علي وسبوه كما جرى لعثمان فعلمنا أن ~~المودة التي جعلها الله لأبي بكر وعمر أعظم من المودة التي جعلها للآخرين # قال البرهان الثالث عشر قوله (إنما أنت منذر ms298 ولكل قوم هاد) ففي كتاب ~~الفردوس عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا المنذر وعلي ~~الهاد بك يا علي يهتدي المهتدون # وروى نحوه أبو نعيم # وهو صريح في ثبوت الإمامة # والجواب أنك ما ذكرت دليلا على صحته # وأجمع العلماء أن الخبر مجرد كونه في كتاب كذا لا يدل على ثبوته # وكتاب الفردوس للديلمي محشو بالموضوعات كغيره وهذا من أقبحها ولا تحل ~~نسبته إلى الرسول # فإن قوله وأنت الهاد وما بعده ظاهره أنهم يهتدون بك دوني وهذا لا يقوله ~~مسلم # وإن قلت معناه يهتدون به كهدايتهم بالرسول # PageV01P440 # اقتضي المشاركة والله بنص كتابه قد جعل محمدا هاديا فقال (وإنك لتهدي إلى ~~صراط مستقيم) # وقولك وبك يهتدي المهتدون ظاهره أن كل مسلم اهتدى فبعلي اهتدى وهذا كذب ~~فإن محمد صلى الله عليه وسلم قد اهتدى به أمم ودخلوا الجنة ولم يأخذوا عن ~~علي مثله # ثم لما فتحت الأمصار اهتدى الناس بمن سكنها من الصحابة وعلي مقيم ~~بالمدينة لم يروه فكيف يسوغ أن يقال بك يهتدي المهتدون # ثم قوله تعالى (ولكل قوم هاد) عام في كل الطوائف فكيف يجعل عليا هاديا ~~للأولين والآخرين ثم الإهتداء بالشخص قد يكون بغير تأمره عليهم كما يهتدي ~~بالعالم فدعواك دلالة القرآن على علي باطل # قال البرهان الرابع عشر قوله (وقفوهم إنهم مسئولون) من طريق أبي نعيم ~~الحافظ عن الشعبي عن ابن عباس قال مسئولون عن ولاية علي # وكذا في كتاب الفردوس عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وإذا ~~سئلوا عن الولاية يوم القيامة وجب أن تكون ثابتة له فيكون هو الإمام # قلنا وهذا كذب فانظر إلى سياق الآيات في قريش (ويقولون أإنا لتاركوا ~~آلهتنا لشاعر مجنون إلى قوله احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون ~~من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون) فهذا نص في ~~المشركين المكذبين بيوم الدين فهؤلاء يسألون عن التوحيد والإيمان وأي مدخل ~~لحب علي في سؤال هؤلاء أتراهم لو أحبوه مع شركهم لكان ms299 ذلك ينفعهم ومعاذ ~~الله أن يفسر كتاب الله بمثل هذا # قال البرهان الخامس عشر قوله تعالى (ولتعرفنهم في لحن القول) روى أبو ~~نعيم بإسناده عن أبي سعيد قال يبغضهم عليا # ولم يثبت لغيره من # PageV01P441 # الصحابة ذلك فيكون هو الإمام # قلنا وهذا كذب على أبي سعيد ونعلم بالإضطرار أن عامة المنافقين لم يكن ما ~~يعرفون به في لحن القول هو بغض علي # ثم لم يكن علي بأعظم معاداة لهم من عمر فبغضهم لعمر أوكد وصح أن النبي ~~صلى الله عليه وسلم قال أيسر النفاق بغض الأنصار فكان معرفة المنافقين في ~~لحنهم ببغض الأنصار أولى وكذلك لا يبغض عليا إلا منافق وعلامات النفاق ~~كثيرة فهذا منها ومنها الكذب ومنها الخيانة وخلف الوعد والفجور # فنقول من أحب عليا لم يستحقه من المحبة من إيمانه وجهاده أو أحب الأنصار ~~لذلك فذلك من علامات إيمانه # ومن أبغض عليا أو الأنصار لإيمانهم وجهادهم ونصرهم الرسول فهو منافق # أما من أحبهم لأمر طبعي مثل قرابة أو دنيا فذلك كمحبة أبي طالب النبي صلى ~~الله عليه وسلم وكذا من غلا في المسيح أو في موسى أو علي فأحب من اعتقد فيه ~~فوق مرتبته فذاك محب مطر بما لا وجود له # فالمسيح الذي أطرته النصارى أفضل من علي ولا ينفعهم حبه ولا ينفع إلا ~~الحب في الله لا الحب مع الله # وكذا من أبغض الأنصار أو أحدا من كبار الصحابة لأمر سمعه غير مطابق كان ~~مخطئا ضالا جاهلا ولم يكن منافقا # قال البرهان السادس عشر قوله تعالى (والسابقون السابقون أولئك المقربون) ~~عن ابن عباس قال سابق هذه الأمة علي # قلنا هذا لم يصح ولا ذكرت سنده # ولو صح لم تكن فيه حجة والله يقول (والسابقون الأولون من المهاجرين ~~والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم) فالسابقون هم الذين أنفقوا ~~من قبل الفتح وقاتلوا ودخل فيهم أهل بيعة الرضوان فكيف يقال إن سابق هذه ~~الأمة واحد وأول من سبق إلى الإسلام ملى الرجال أبو بكر ومن النساء خديجة ~~ومن الصبيان ms300 علي ومن الموالي زيد # وإسلام الصبي فيه نزاع وإسلام أبي بكر كان أكمل وأنفع # PageV01P442 # قال البرهان السابع عشر قوله تعالى (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا ~~بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة) الآية # روى رزين بن معاوية في الجمع بين الصحاح الستة أنها نزلت في علي فيكون ~~أفضل ويكون هو الإمام # الجواب المطالبة بصحة النقل ورزين قد يزيد أشياء من عنده # بل الذي في الصحيح ما رواه النعمان بن بشير قال كنت عند منبر رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم فقال رجل لا أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن ~~أسقى الحاج وقال آخر لا أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمر ~~المسجد الحرام وقال آخر الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم # فزجرهم عمر وقال لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه فأنزل الله ~~تعالى (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم ~~الآخر وجاهد في سبيل الله) الآية # رواه مسلم # فهذا يقتضي أن قول علي الذي فضل به الجهاد على السدانة والسقاية أصح من ~~قول من فضل السدانة والسقاية وأن عليا كان أعلم بالحق في هذه المسألة ممن ~~نازعه فيها # وهذا عمر قد وافق ربه عزوجل في عدة أمور يقول شيئا وينزل القرآن بموافقته ~~مقام إبراهيم والحجاب وأسارى بدر وقوله (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا ~~خيرا منكن) # وهب أن عليا اختص بمزية فما ذلك من خصائص الإمامة ولا بموجب أن يكون أفضل ~~الأمة فإن الخضر لما علم مسائل لم يعلمها موسى لم يكن أفضل من موسى # بل هذا الهدهد قال لسليمان نبي الله (أحطت بما لم تحط به) # بل الآية بأبي بكر أولى من علي فإن عليا كان فقيرا لا مال له وأبو بكر ~~أنفق في سبيل الله # قال البرهان الثامن عشر قوله تعالى (إذا ناجيتم الرسول فقدموا # PageV01P443 # بين يدي نجواكم صدقة) فعن ابن عباس قال حرم الله كلام رسوله ms301 إلا بتقديم ~~صدقة وبخلوا أن يتصدقوا وتصدق علي ولم يفعل ذلك غيره # وعن ابن عمر قال كان لعلي ثلاث لإن تكن في واحدة منهن أحب إلي من حمر ~~النعم تزويجه بفاطمة وإعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى # وعن علي قال ما عمل بهذه الآية غيري وفي خفف الله عن الأمة # وهذا يدل على فضيلته عليهم فيكون أحق بالإمامة # قلنا عمل بالآية ونسخت # وما فيها إيجاب الصدقة لكن أمرهم إذا ناجوا أن يتصدقوا ومن لم يناج لم ~~يكن عليه أن يتصدق ولم تكن المناجاة واجبة فلا لوم على أحد إذا ترك ما ليس ~~بواجب # ومن كان منهم عاجزا عن الصدقة ولكن لو قدر لناجى فتصدق فله نيته وأجره # ومن لم يعرض له سبب يناجي لأجله لم يجعل ناقصا # ولكن من عرض له سبب اقتضى المناجاة فتركه بخلا فهذا قد ترك المستحب # ولا يمكن أن يشهد على الخلفاء أنهم كانوا من هذا الضرب ولا يعلم أنهم ~~ثلاثتهم كانوا حاضرين عند نزول هذه الآية بل يمكن غيبة بعضهم ويمكن حاجة ~~بعضهم ويمكن عدم الداعي إلى المناجاة وبتقدير أن يكون أحدهم ترك المستحب ~~أفكل من أدى مستحبا يكون أفضل الأمة وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال من ~~أصبح منكم صائما قال أبو بكر أنا # قال هل فيكم من شيع جنازة قال أبو بكر أنا # قال هل فيكم من تصدق بصدقة قال أبو بكر أنا # فقال ما اجتمعت هذه الخصال لعبد إلا كان من أهل الجنة # وثبت أنه قال ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر # وكذلك قوله في الصحيحين إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر # ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لأتخذت أبا بكر خليلا لكن أخوة الإسلام ~~ومودته # لا يبقين باب في المسجد إلا سد إلا باب أبي بكر وفي سنن أبي داود أن ~~النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل ~~الجنة # PageV01P444 # من أمتي # وفي الترمذي وسنن أبي داود ms302 عن عمر رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق مني مالا فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته # قال فجئت بنصف مالي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت ~~مثله # وأتى أبو بكر بكل ما عنده # فقال يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك قال الله ورسوله # قلت لا أسابقه إلى شيء أبدا # وفي الترمذي مرفوعا لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره وتجهيز ~~عثمان بألف بعير أعظم من صدقة النجوى بكثير فإن الإنفاق في الجهاد كان فرضا ~~بخلاف الصدقة أمام النجوى فإنه مشروط بمريد النجوى فمن لم يردها لم يكن ~~عليه أن يتصدق # وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بينما رجل يسوق ~~بقرة وقد حمل عليها التفتت إليه فقال إني لم أخلق لهذا إنما خلقت للحرث # فقال الناس سبحان الله تعجبا وفزعا أبقرة تتكلم فقال صلى الله عليه وسلم ~~فإني أؤمن به أنا وأبو بكر وعمر # وقال صلى الله عليه وسلم بينما راع في غنمه غدا عليه الذئب فأخذ منها شاة ~~فطلبه الراعي حتى استنقذها فالتفت إليه الذئب فقال من لها يوم السبع يوم ~~ليس لها راع غيري فقال الناس سبحان الله # فقال إني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمر # وما هما ثم # وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رجلا من الأنصار بات به ضيف فلم يكن له إلا ~~قوته وقوت صبيانه فقال لامرأته نومي الصبية وأطفئي السراج وقربي للضيف ما ~~عندك ففعلت فأنزلت (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) وهذا أعظم من ~~صدقة النجوى # قال البرهان التاسع عشر قال تعالى (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ~~أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) قال ابن عبد البر وأخرجه أبو نعيم أيضا ~~أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء ثم ~~قال سلهم يا محمد على ماذا بعثتم قالوا بعثنا على شهادة أن لا إله إلا ms303 الله ~~وعلى الإقرار بنبوتك والولاية # PageV01P445 # لعلي # وهذا صريح بثبوت الإمامة لعلي # الجواب لا شك أن هذا وأمثاله من الكذب ولو لم يكن كذبا لم يسغ أن يحتج به ~~حتى تثبت صحته # ثم كيف يسألون عما لا يدخل في أصل الإيمان فقد أجمع المسلمون على أن ~~الرجل لو آمن بالرسول وأطاعه ومات ولم يعلم أن الله خلق أبا بكر وعليا لم ~~يضره ذلك في إيمانه فكيف يقال إن الأنبياء يجب عليهم الإيمان بواحد من ~~الصحابة والله أخذ عليهم الميثاق لئن بعث محمدا وهم أحياء ليؤمنن به ~~ولينصرنه قاله ابن عباس وغيره في قوله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ~~لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) ~~الآية # ثم إن لفظ الآية (واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) ليس في هذا سؤال لهم ~~بما بعثوا بل بما نص عليه في الآية # قال البرهان العشرون قوله تعالى (وتعيها أذن واعية) في تفسير الثعلبي قال ~~النبي صلى الله عليه وسلم سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي # وذكر نحوه من طريق أبي نعيم # وهذه فضيلة لم تحصل لأحد غيره فيكون هو المقدم # والجواب هذا موضوع # وقوله تعالى (لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية) خطاب لبني آدم لم يرد ~~واحدا من الناس فإن حمل نوح وقومه في السفينة من أعظم الآيات # نعم أذن علي واعية كآذان أبي بكر وعمر وخلق من الأمة بلا ريب أترى أذن ~~نبينا صلى الله عليه وسلم ليست واعية ولا أذن الحسن والحسين وعمار وأبي ذر ~~فانتفى التفرد والأفضيلة # فكم تبنى أمرك على مقدمات واهية متلاشية كدأب أئمتك فما برحتم كذلك فما ~~تنفق حججكم إلا على تلميذ أو صاحب هوى وعصبية ولهذا يقال ليس للرافضة عقل ~~ولا نقل ولا دين صحيح ولا دولة منصورة # قال البرهان الحادي والعشرون سورة (هل أتى) في تفسير الثعلبي بطرق قال ~~مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما وعامة العرب فقالوا يا أبي الحسن لو نذرت ~~على ولديك # فنذر صوم ms304 ثلاثة أيام وكذلك نذرت أمهما وجاريتهم فضة فبرئا وليس عند # PageV01P446 # آل محمد قليل ولا كثير فاستقرض علي ثلاثة آصع من شعير فعملت منه فاطمة ~~خمسة أقراص وصلى علي مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب # ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف فسأل فأعطوه ~~الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئا إلا الماء # فلما كان اليوم الثاني قامت فاطمة وخبزت صاعا وجاء علي فأتى يتيم فوقف ~~بالباب وقال يا أهل بيت محمد يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم ~~العقبة أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة # فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين # فلما كان اليوم الثالث طحنت الصاع الثالث وخبزته وأتى علي فوضع الطعام إذ ~~أتى أسير فقال أطعموني فإني أسير محمد أطعمكم الله على موائد الجنة فأمر ~~علي بإعطائه فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة أيام بلياليها لم يذوقوا شيئا إلا ~~الماء # فلما كان اليوم الرابع ونفد ما عندهم أخذ علي الحسن بيده اليمنى والحسين ~~بيده اليسرى وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يرتعشون كالفراخ ~~من الجوع فانطلق معهم إلى منزل فاطمة وقد لصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها من ~~الجوع فهبط جبريل فقال يا محمد خد ما هناك الله في أهل بيتك فأقرأه (هل أتى ~~على الإنسان) وهي تدل على فضائله جمة لم يسبق إليها فيكون هو الإمام ~~والجواب المطالبة بصحة هذا فإنه من وضع الطرقية لا يرتاب حافظ في وضعه ولا ~~أراك تنقل من مسند معتبر ولا من كتاب محدث # هذا كتاب خصائص علي رضي الله عنه للنسائي وفيه الصحيح والواهي ولكن ما ~~فيه مثل هذه الخرافات التي تأتي بها وكذلك أبو نعيم في الخصائص وابن أبي ~~حشمة وكذلك في جامع الترمذي أشياء ضعيفة في مناقب علي وفي صفاته ولكن ~~حاشاهم ما أوردت أنت من الإفك # وأصحاب السير كإبن إسحاق وغيره يذكرون من فضائله أشياء ضعيفة ولم يذكروا ~~مثل هذا ولا رووا مما قلنا فيه أنه موضوع بإتفاق أهل النقل # ومن المعلوم أن عليا ms305 إنما تزوج بفاطمة بالمدينة و (هل أتى على الإنسان) ~~مكية بإتفاق المفسرين فلاح كذب # PageV01P447 # الحديث # ثم قد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال ~~إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل فالله مدح الوفاء بالنذر لا ~~على نفس عقده كما ينهى المرء على الظهار فإذا ظاهر وادى الكفارة الواجبة ~~مدح # ثم لم تكن لفاطمة جارية اسمها فضة ولا نعرف أنه كان بالمدينة جارية اسمها ~~فضة وإنما هي بمنزلة ابن عقب أسماء موضوعة لمعدومين وقد ثبت في الصحيحين عن ~~علي رضي الله عنه أن فاطمة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم ~~خادما فعلمها أن تسبح عند المنام وتكبر وتحمد مائة وقال هذا خير لكم من ~~خادم # ثم ترك الأطفال ثلاثة أيام بلا غذاء خلاف الشرع وتعرض للتلف والنبي صلى ~~الله عليه وسلم قال ابدأ بنفسك ثم بمن تعول # وأيضا فكان يمكنهم أن يواسوا السائل بقرص يكفيه ثم قول اليتيم استشهد أبي ~~يوم العقبة هذا من الكذب الظاهر المهتوك فليلة العقبة كانت مبايعة محضة ~~ليست غزوة فقبح الله من وضعه ثم إنه لم يكن في المدينة أسير قط يسأل الناس ~~بل كان المسلمون يقومون بالأسير الذي يستأسرونه فدعوى المدعي أن أسراهم ~~كانوا محتاجين إلى مسألة الناس كذب عليهم وقدح فيهم # وقد كان جعفر بن أبي طالب أكثر إطعاما للمساكين من غيره حتى قال له النبي ~~صلى الله عليه وسلم أشبهت خلقي وخلقي وحتى قال أبو هريرة رضي الله عنه ما ~~احتذى أحد النعال بعد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر # يعني في الإحسان والبر # ومع هذا فما هو أفضل من علي # ثم إنفاق أبي بكر أمواله في الله متواتر وتلك النفقة ما بقي يمكن مثلها ~~ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو ~~أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه # قال البرهان الثاني والعشرون قوله تعالى (والذي جاء بالصدق ms306 # PageV01P448 # وصدق به أولئك هم المتقون) من طريق أبي نعيم عن مجاهد (وصدق به) قال علي # فهذه فضيلة اختص بها فيكون هو الإمام قلنا قول مجاهد وحده ليس بحجة أن لو ~~ثبت عنه كيف والثابت عنه خلاف هذا وهو أن الصدق القرآن والذي صدق به هو من ~~عمل به # ثم ما ذكرت معارض بما هو أشهر منه عند المفسرين وهو أن الذي صدق به أبو ~~بكر الصديق ذكره ابن جرير الطبري وغيره # وبلغنا عن أبي بكر بن عبد العزيز ابن جعفر الفقيه غلام الخلال أنه سئل عن ~~هذه الآية فقال نزلت في أبي بكر # فقال السائل بل في علي فقال أبو بكر الفقيه اقرأ ما بعدها # فقرأ إلى قوله (ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا) فقال علي عندك معصوم لا ~~سيئة له فما الذي يكفر عنه فبهت السائل # ولفظ الآية عام مطلق دخل في حكمها أبو بكر وعلي وخلق # قال البرهان الثالث والعشرون قوله تعالى (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) ~~فمن طريق أبي نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال مكتوب على العرش محمد ~~عبدي ورسولي أيدته بعلي # وهذه من أعظم الفضائل فيكون هو الإمام # والجواب أين ثبوت النقل وإن احتججت بأبي نعيم وما رواه في الفضائل وفي ~~الحلية من مناقب الصحابة مطلقا يهدم بنيانك # ونحن نشهد بالله أن هذا كذب على أبي هريرة نجد عندنا علما ضروريا بذلك لا ~~تقدر أن تدفعه عن قلوبنا ومن لم يكن أعلم بنقل الآثار فلا يدخل معنا كما أن ~~الناقد الجهبذ يحلف على ما يعلم أنه مغشوش # ثم الله يقول (أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم) فهذا نص في عدد ~~مؤلف بين قلوبهم فصرفه إلى واحد تحريف وتبديل # ثم من المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان قيام دينه ~~وتأييده بمجرد موافقة علي بل ولا بأبي بكر ولكن بالمهاجرين والأنصار # قال البرهان الرابع والعشرون قوله (حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) فمن ~~طريق أبي نعيم قال نزلت في علي وهذه ms307 فضيلة لم تحصل لأحد من الصحابة غيره ~~فيكون هو الإمام # والجواب المنع من صحة النقل وإنما معنى # PageV01P449 # الآية إن الله حسبك أيها النبي وحسب من اتبعك من المؤمنين كقول الشاعر # (فحسبك والضحاك ... سيف مهند) # وذلك أن حسب مصدر فلما أضيف لم يحسن العطف عليه إلا بإعادة الجار ويندر ~~بدونه # وقد ظن بعض العارفين أن معنى الآية إن الله والمؤمنين حسبك ويكون من ~~اتبعك رفعا عطفا على الله وهذا خطأ قبيح مستلزم للكفر فإن الله وحده حسب ~~جميع الخلق كما قال تعالى (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم ~~فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) ثم لو فرضنا أن (ومن ~~اتبعك من المؤمنين) فاعل معطوف على الله لما كان مختصا بعلي إذ كان وقت ~~نزول الآية قد اتبع الرسول من المؤمنين عدد كثير جدا ولم يقل عاقل إن عليا ~~وحده كان يكفي الرسول في جهاد الكفار ولو لم يكن معه إلا علي لما ظهر فقد ~~كان معه بمكة بضع عشرة سنة هو وطائفة وما قام الدين وانتصر إلا بعد الهجرة ~~بل هذا علي ومعه أكثر جيوش الإسلام ما قدر على أخذ الشام من معاوية # وهؤلاء الرافضة يجمعون بين النقيضين جهلا وظلما يجعلون عليا رضي الله عنه ~~أكمل البشر قدرة وشجاعة وأن الرسول كان محتاجا إليه وأنه الذي أقام الدين ~~ثم يصفونه بالعجز والتقية بعد ظهور الإسلام # فمن يقهر عندكم المشركين والجن والإنس في مبدأ الإسلام وقلة أهله وكثرة ~~أعدائه كيف لا يقهر طائفة بغت عليه فتبين أنه وحده لم يقهر المشركين فلا ~~تغتر بتلك الغزوات التي ينفق بها الطرقية فوالله ما لها وجود قاتل الله من ~~افتراها # ونظير هذا جعل النصارى عيسى إلها ثم يجعلون أعداءه صفعوه ووضعوا الشوك ~~على رأسه وصلبوه وأنه بقي يستغيث فلا يغيثونه # فإن كان تسمير هذا الرب برضاه وإرادته فتلك طاعة وعبادة من اليهود الذين ~~صلبوه فيمدحون على ذلك لا يذمون # وهذا من أعظم الجهل والكفر وهكذا تجد كثيرا من الشيوخ والفقراء ms308 الجهلة في ~~غاية الدعاوي # PageV01P450 # ونهاية العجز كما صح في الحديث ثلاثة لا ينظر الله إليهم فذكر الفقير ~~المختال وفي لفظ وعائل مستكبر وهذا كما يقال الفقر والزنطرة فيشطح أحدهم ~~حتى كأنه رب ويعزل الرب عن ربوبيته والنبي عن رسالته ثم آخرته شحاذ يطلب ما ~~يقيته أو متلقح على أبواب الرؤساء كما قال الله تعالى (مثل الذين اتخذوا من ~~دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت ~~لو كانوا يعلمون) وكل من تكبر عوقب بالذل قال الله تعالى (ضربت عليهم الذلة ~~أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت ~~عليهم المسكنة بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك ~~بما عصوا وكانوا يعتدون) فالجهل والغلو والتصديق بالأباطيل دين النصارى ~~والكبر والحسد ورد الحق والذلة والتقية دين اليهود وهؤلاء الرافضة قد ~~التقطوا الكل وتمسكوا به # اللهم اهدنا وإياهم صراطك المستقيم فيا ما يعمل الجهل والهوى بأهله # قال البرهان الخامس والعشرون قوله تعالى (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ~~ويحبونه) قال الثعلبي إنما نزلت في علي وهذا دليل على أنه أفضل فيكون هو ~~الإمام قلنا هذا إفتراء على الثعلبي وإنما قال الرجل في هذه الآية (فسوف ~~يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) قال علي بن أبي طالب وقتادة والحسن إنهم أبو ~~بكر وأصحابه # وقال مجاهد هم أهل اليمن وبلا ريب إن عليا ممن يحب الله ورسوله ويحبه ~~الله ورسوله كأبي بكر وعمر وغيرهما من السابقين والتابعين وقوله (أذلة على ~~المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم) ~~أيقول عاقل إنها # PageV01P451 # نزلت في واحد واللفظ صيغة جمع # قال البرهان السادس والعشرون قوله تعالى (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك ~~هم الصديقون والشهداء عند ربهم) روى أحمد بإسناده عن ابن أبي ليلى عن أبيه ~~قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصديقون ثلاثة حبيب النجار مؤمن آل ~~ياسين وحزقيل مؤمن آل فرعن وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم وهذه فضيلة تدل على ms309 ~~إمامته # والجواب المطالبة بصحة الحديث فما كل حديث رواه أحمد صحيح # ثم هذا لم يروه أحمد لا في المسند ولا في الفضائل ولا رواه أبدا # وإنما زاده القطيعي عن الكديمي حدثنا الحسن بن محمد الأنصاري حدثنا عمرو ~~بن جميع حدثنا ابن أبي ليلى عن أخيه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه ~~مرفوعا فذكره # ثم قال القطيعي كتب إلينا عبد الله بن غنام حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن ~~أبي ليلى المكفوف حدثنا عمرو بن جميع فعمرو هذا قال فيه ابن عدي الحافظ ~~يتهم بالوضع والكديمي يتهم معروف بالكذب # فسقط الحديث # ثم قد ثبت في الصحيح تسمية غير علي صديقا وفي الصحيحين أن النبي صلى الله ~~عليه وسلم صعد أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال النبي صلى الله ~~عليه وسلم اثبت أحد فما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان # وصح أنه صلى الله عليه وسلم # PageV01P452 # قال لا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا # وأيضا فقد سمى الله مريم صديقة وقد سمى الله النبيين كذلك فقال (إنه كان ~~صديقا نبيا) وإخبار الله تعالى في الآية عام فقال (والذين آمنوا بالله ~~ورسله أولئك هم الصديقون) فهذا يقتضي أن كل من آمن بالله ورسله فهو صديق # ثم إن كان الصديق هو الذي يستحق الإمامة فأحق الناس بهذا الإسم أبو بكر ~~وهو الذي ثبت له هذا الإسم والإمامة # قال البرهان السابع والعشرون قوله تعالى (الذين ينفقون أموالهم في الليل ~~والنهار سرا وعلانية) من طريق أبي نعيم بإسناده إلى ابن عباس أنها نزلت في ~~علي كان معه أربعة دراهم فأنفق درهما بالليل ودرهما بالنهار ودرهما سرا ~~ودرهما علانية فلم يحصل ذلك لغيره فيكون هو الإمام # قلنا أين ثبوت ما نقلت كيف وهو كذب والآية عامة في كل من ينفق أمواله ~~فيمتنع أن يراد بها واحد لم يكن صاحب مال # ثم ما نسبته إلى علي يمتنع عليه إذ من فعل ذلك كان جاهلا بمعنى الآية فإن ~~الذي ينفق سرا ms310 وعلانية ينفق ليلا ونهارا ومن أنفق ليلا ونهارا فقد أنفق سرا ~~وعلانية فالدرهم ينصف نصفين ولا يتحتم أن يكون المراد أربعة دراهم ولو كان ~~كذلك لقال وسرا بالواو وعلانية بل هما داخلان في الليل والنهار سواء قيل ~~نصبا على المصدر أي إسرارا وإعلانا أو قيل على الحال مسرا ومعلنا # وهب أن عليا فعل ذلك فباب الإتفاق مفتوح إلى قيام الساعة فأين الخصوصية ~~ولو كان إنفاق أربعة دراهم خاصا به فلم قلت أنه صار بذلك أفضل الأمة # قال البرهان الثامن والعشرون ما رواه أحمد بن حنبل عن ابن عباس قال ليس ~~في القرآن (يا أيها الذين آمنوا) إلا وعلي رأسها وأميرها # ولقد عاتب الله أصحاب محمد في القرآن وما ذكر عليا إلا بخير وهذا يدل على ~~أنه أفضل فيكون هو الإمام # PageV01P453 # الجواب المطالبة بصحة النقل فإنك زعمت أن أحمد بن حنبل رواه وإنما ذا من ~~زيادات القطيعي رواه عن إبراهيم بن شريك عن زكريا بن يحيى الكسائي حدثنا ~~عيسى عن علي ابن بذيمة عن عكرمة عن ابن عباس فهذا كذب على ابن عباس فإن ~~زكريا ليس بثقة والمتواتر عن ابن عباس تفضيله الشيخين على علي وله معاتبات ~~ومخالفات لعلي # ولما حرق علي الزنادقة قال لو كنت أنا لقتلتهم لنهي النبي صلى الله عليه ~~وسلم أن يعذب بعذاب الله # اخرجه البخاري # ثم هذا الكلام ما فيه مدح لعلي فقد قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم ~~تقولون ما لا تفعلون) فإن كان علي رأس هذه الآية فقد عاتبه الله وهو مخالف ~~لما في حديثك من أن الله ما ذكره إلا بخير # وقال (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) وثبت أنها نزلت ~~في حاطب بن أبي بلتعة وأمثال هذا كثير وإنما اللفظ شامل للمؤمنين # وفي بعض الآيات آيات عمل بها ناس قبل علي وفيها آيات لم يعمل بها علي # وقولك لقد عاتب الله الصحابة وما ذكر عليا إلا بخير كذب ظاهر فما عاتب ~~أبا بكر في القرآن قط # وعن النبي ms311 صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته أيها الناس اعرفوا لأبي ~~بكر حقه فإنه لم يسؤني يوما قط # وهذا بخلاف خطبة بنت أبي جهل فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة ~~المعروفة وما حصل مثل هذا في حق أبي بكر قط # وأيضا فعلي لم يكن يدخل في الأمور الكبار مع رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم كما كان يدخل معه أبو بكر وعمر فإنهما كانا كالوزيرين وعلي صغير في سن ~~ولديهما # وفي الصحيحين عن علي لما مات عمر جاء علي فقال والله إني لأرجو أن يحشرك ~~الله مع صاحبيك فإني كنت كثيرا ما أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول دخلت ~~أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر وذهبت انا وأبو بكر وعمر # وقد شاور عليا في أمر يخصه كما شاوره في قصة الإفك في شأن عائشة فقال لم ~~يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك # PageV01P454 # وشاور فيها أسامة بن زيد فقال أهلك ولا نعلم إلا خيرا # فنزل القرآن ببراءتها وإمساكها كما أشار أسامة # ومع هذا فأين أسامة من علي # قال البرهان التاسع والعشرون قوله (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا ~~أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) فمن صحيح البخاري عن كعب ابن ~~عجرة قلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت قال قولوا اللهم صلى ~~على محمد وعلى آل محمد # ولا شك أن عليا أفضل آل محمد فيكون أولى بالإمامة # قلنا هذا حق وإن عليا من آل محمد الداخلين في قوله اللهم صل على محمد ~~وعلى آل محمد # ولكن ليس هذا من خصائصه فإن جميع بني هاشم داخلون في هذا كالعباس وولده ~~والحارث بن عبد المطلب وكبنات النبي صلى الله عليه وسلم زوجتي عثمان رقية ~~وأم كلثوم وبنته فاطمة وكذلك أزواجه # وفي الصحيحين اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته فالصلاة على الآل ~~عامة فلا يختص بها علي ثم يدخل فيها مثل عقيل بن أبي طالب وأبي سفيان بن ~~الحارث ms312 ومعلوم أن دخول كل هؤلاء في الصلاة والتسليم لا يدل على أنه أفضل من ~~كل من لم يدخل في ذلك ولا أنه يصلح بذلك للإمامة فضلا عن أن يكون مختصا بها # ألا ترى أن عمارا والمقداد وأبا ذر وغيرهم ممن اتفق أهل السنة والشيعة ~~على فضلهم لا يدخلون في الصلاة على الآل ويدخل فيها عقيل والعباس وبنوه ~~وأولئك أفضل من هؤلاء بإتفاق أهل السنة والشيعة # وكذلك يدخل فيها عائشة وغيرها من أزواجه ولا تصلح امرأة للإمامة وليست ~~أفضل الناس بإتفاق أهل السنة والشيعة فهذه فضيلة مشترطة بينه وبين غيره ~~وليس كل من اتصف بها أفضل ممن لم يتصف بها # البرهان الثلاثون قوله (مرج البحرين يلتقيان) من تفسير الثعلبي وطريق أبي ~~نعيم عن ابن عباس قال علي وفاطمة (بينهما برزخ) النبي صلى الله عليه وسلم # PageV01P455 # (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) الحسن والحسين ولم تحصل لغيره من الصحابة ~~هذه الفضيلة فيكون أولى بالإمامة الجواب أن هذا هذيان ما هو تفسير للقرآن ~~بل هو من وضع الملاحدة # ونظيره قول الجهلة المنتسبين إلى السنة حيث فسروا وما فسروا فقالوا ~~(الصابرين) محمد صلى الله عليه وسلم و (الصادقين) أبو بكر و (القانتين) عمر ~~و (المستغفرين بالأسحار) على # وكقولهم (محمد رسول الله والذين معه) أبو بكر (أشداء على الكفار) عمر ~~(رحماء بينهم) عثمان (تراهم ركعا سجدا) علي # وكقولهم (والتين والزيتون) أبو بكر وعمر (وطور سينين) عثمان (وهذا البلد ~~الأمين) علي # وكذا (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا) أبو بكر (وعملوا ~~الصالحات) عمر (وتواصوا بالحق) عثمان (وتواصوا بالصبر) علي # وكقول تيوس الرافضة (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) علي # و (الشجرة الملعونة) بنو أمية # ونحن نجد ضرورة لا تندفع أن ابن عباس ما قال هذا # ثم سورة الرحمن مكية بإجماع المسلمين وإنما اتصل علي بفاطمة بالمدينة # ثم تسمية هذين بحرين وهذا اللؤلؤ وهذا مرجان وجعل النكاح مرجا أمر لا ~~تحتمله لغة العرب بوجه # ثم نعلم أن آل إبراهيم كإسماعيل وإسحاق أفضل من آل علي فلا توجب ms313 الآية ~~تخصيصا ولا أفضلية لو تنازلنا وخاطبنا من لا يعقل ما يخرج من رأسه # ثم إن الله تعالى قد ذكر (مرج البحرين) في آية أخرى فقال (هذا عذب فرات ~~وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا) فأيهما الملح الأجاج عندك أعلي أم فاطمة ~~ثم قوله (لا يبغيان) يقتضي أن البرزخ هو المانع من بغي أحدهما على الآخر ~~وهذا بالذم أشبه منه بالمدح # PageV01P456 # قال البرهان الحادي والثلاثون قوله (ومن عنده علم الكتاب) عن ابن الحنفية ~~قال هو علي # وفي تفسير الثعلبي عن عبد الله بن سلام قال قلت من ذا الذي عنده علم ~~الكتاب فقال إنما ذاك علي # قلنا أين صحة النقل بهذا عنهما وما هما بحجة مع مخالفة العلماء # كيف وهذا كذب عليهما باطل فلو كان المراد علي لكان النبي صلى الله عليه ~~وسلم يستشهد على الكفار بإبن عمه ولو شهد له بالرسالة لما كان حجة عليهم ~~ولا حصل لهم دليل ينقادون له ولقالوا إنما الذي عند ابن عمك علي مستفاد منك ~~فتكون أنت الشاهد لنفسك ولعله داهنك وحاباك وأين براءته من التهمة بذلك ~~وأما أهل الكتاب الذين عندهم علم به إذا شهدوا بما تواتر عندهم عن الأنبياء ~~كانت شهادتهم نافعة كما لو كان الأنبياء موجودين وشهدوا له لأن ما ثبت ~~بالتواتر فهو بمنزلة شهادتهم أنفسهم ولهذا نحن نشهد على الأمم مما علمناه ~~من جهة نبينا # ثم إن الله تعالى ذكر الإستشهاد بأهل الكتاب في أماكن كقوله تعالى (وشهد ~~شاهد من بني إسرائيل) وقال (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين ~~يقرأون الكتاب من قبلك) # ثم هب أن عليا هو الشاهد أيلزم أن يكون هو أفضل الصحابة فكما أن أهل ~~الكتاب الذين يشهدون بذلك كعبد الله بن سلام وسلمان وكعب الأحبار وغيرهم ~~ليسوا بأفضل من الباقين فكذا هذا # قال البرهان الثاني والثلاثون قوله (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا ~~معه) عن ابن عباس قال أول من يلبس من حلل الجنة إبراهيم بخلته ومحمد لأنه ~~صفوة الله ثم علي ms314 يزف بينهما إلى الجنان ثم قرأ (يوم لا يخزي الله النبي ~~والذين آمنوا معه) # قلنا قبح الله من اختلق هذا على ابن عباس الذي نجزم بأنه ما قاله # ثم النص عام في المؤمنين فلا تثبت بها أفضلية واحد # قال البرهان الثالث والثلاثون (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم ~~خير البرية) روى أبو نعيم بإسناده إلى ابن عباس قال لما نزلت هذه الآية قال ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي هم أنت وشيعتك يأتون يوم القيامة راضين ~~ويأتي # PageV01P457 # خصماؤك غضابا مفحمين # وإذا كان خير البرية وجب أن يكون الإمام # والجواب المطالبة بصحته وإن كنا جازمين بوضعه # ثم هو معارض بمن قال إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم الخوارج والنواصب # ويقولون من تولى عليا فهو كافر # ويحتجون على ذلك بقوله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ~~قالوا ومن حكم الرجال في دين الله فقد حكم بغير ما أنزل الله فيكون كافرا # وقال (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) # وقال هو وعثمان وشيعتهما مرتدون بقول النبي صلى الله عليه وسلم ليذادن ~~رجال عن حوضي كما تذاد الإبل الغريبة فأقول رب أصحابي أصحابي فيقال إنك لا ~~تدري ما أحدثوا بعدك وبقوله لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فهذا ~~وإن كان باطلا فحجج الرافضة أبطل منه # وقد صنف الجاحظ كتابا للمروانية وذكر حججا لهم لا يمكن الرافضي نقضها بل ~~يحتاج إلى أهل السنة حتى ينقضوها # قال البرهان الرابع والثلاثون قوله (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله ~~نسبا وصهرا) في تفسير الثعلبي عن ابن سيرين قال نزلت في النبي صلى الله ~~عليه وسلم زوج عليا فاطمة ولم يثبت لغير على ذلك فكان أفضل فيكون هو الإمام ~~قلنا وهذا من الكذب على ابن سيرين والسورة مكية قبل زواجه بفاطمة بدهر ~~والآية مطلقة فإن تناولت مصاهرة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي فقد تناولت ~~مصاهرته لعثمان مرتين ولأبي العاص مرة وتناولت مصاهرة أبي بكر وعمر للنبي ~~صلى الله عليه وسلم فإنه ms315 تزوج بإبنتيهما فمصاهرته ثابتة للخلفاء الأربعة ~~فانتفت الخصوصية # قال البرهان الخامس والثلاثون قوله (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) أوجب ~~الله علينا الكون مع المعلوم منهم الصدق وليس إلا المعصوم إذ لا معصوم من ~~الأربعة سواه # وعن ابن عباس أنها نزلت في علي قلنا الصديق مبالغة # PageV01P458 # في الصادق وأبو بكر صديق بأدلة عدة فهو أول من تناولته الآية فيجب أن ~~نكون معه # وإن كان الأربعة صديقين لم يكن على مختصا بذلك بل الآية إنما نزلت في قصة ~~كعب لما تخلف عن غزوة تبوك وتيب عليه ببركة الصدق وذلك ثابت في الصحيح # ثم إنه قال (وكونوا مع الصادقين) ولم يقل وكونوا مع الصادق ومعناها ~~فاصدقوا كما يصدق الصادقون لا تكونوا مع الكاذبين # كما قال (واركعوا مع الراكعين) ولم يرد المعية في كل شيء فلا يجب على ~~الإنسان أن يكون مع الصادقين في المباحات والملبوسات ونحو ذلك ومثل ذلك كن ~~مع الأبرار كن مع المجاهدين أي ادخل معهم في هذا الوصف وجامعهم عليه # قال البرهان السادس والثلاثون قوله تعالى (واركعوا مع الراكعين) عن ابن ~~عباس أنها نزلت في علي والنبي صلى الله عليه وسلم وهما أول من صلى وركع # قلنا لا نسلم صحته # ثم الآية في القرة وهي مدنية وسياقها مخاطبة بني إسرائيل فنزلت بعد وجود ~~خلق من الراكعين ولو أراد الله نبيه وعليا لقال مع الراكعين # وصيغة الجمع لا يراد بها التثنية فقط # ثم قد قال لمريم (واركعي مع الراكعين) # ثم لو أراد الركوع معهما لانقطع حكم الآية بعد موتهما # ثم أكثر الناس على أن أبا بكر صلى مع نبي الله قبل علي # قال البرهان السابع والثلاثون (واجعل لي وزيرا من أهلي) فمن طريق أبي ~~نعيم عن ابن عباس أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي وبيدي ونحن بمكة ~~وصلى أربعا ثم رفع يديه إلى السماء فقل اللهم إن موسى سألك وأنا أسألك أن ~~تجعل لي وزيرا من أهلي علي بن أبي طالب أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري # قال ms316 ابن عباس فسمعت مناديا ينادي يا أحمد قد أوتيت سؤلك # قلنا علماء الحديث يعلمون وضع هذا بالضرورة # ثم ابن عباس كان بمكة قبل الهجرة رضيعا وبعد الهجرة فكان الله قد شد أزر ~~نبيه وأغناه وأيده # وإن زعموا أن عليا كان شريك النبي صلى الله عليه وسلم في أمره كما كان ~~هارون شريك موسى فهذا نص في نبوة علي وإن قالوا كان شريكه في الأمر سوى # PageV01P459 # النبوة فهذا يعطي أنه صلى الله عليه وسلم ما كان مستقلا بأمر الأمة في ~~حياته ثم قلنا يا أحمق فهذا نص في الباب فأي الشريكين تعني # قال البرهان الثامن والثلاثون (إخوانا على سرر متقابلين) من مسند أحمد ~~بإسناده إلى زيد بن أبي أوفى قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ~~مسجده فذكر قصة مؤاخاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي لقد ذهبت ~~روحي وانقطع ظهري حين فعلت بأصحابك ما فعلت غيري فإن كان هذا من سخطك علي ~~فلك العتبى # فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بعثني بالحق ما اخترتك إلا ~~لنفسي فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي # وأنت أخي ووارثي وأنت معي في قصري في الجنة ومع ابنتي # ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إخوانا على سرر متقابلين ( # فلما اختص علي بمؤاخاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام # قلنا هذا ما رواه أحمد قط # وإنما هو من زيادات القطيعي التي غالبها ساقط فقال حدثنا عبد الله بن ~~محمد بن عبد العزيز البغوي حدثنا حسين بن محمد الدراع حدثنا عبد المؤمن بن ~~عباد أخبرنا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى وقد ~~أسقطت منه يا رافضي فإن فيه فقال يا رسول الله وما أرث منك قال ما ورث ~~الأنبياء قبلي كتاب الله وسنة نبيهم وهو مكذوب بإتفاق أهل المعرفة وأحاديث ~~المؤاخاة كلها كذب ولا آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين مهاجري ومهاجري ms317 ~~ولكن بين المهاجرين والأنصار # ثم قوله ووارثى لا يستقيم فإن أراد ميراث المال بطل قولهم إن فاطمة ورثته ~~وكيف يرث ابن العم مع وجود العم وهو العباس وما الذي خصه بالإرث دون سائر ~~بني العم الذين هم في درجة واحدة # وإن أراد وارث علمه أو الولاية بطل احتجاجهم بقوله (وورث سليمان داود) ~~وبقوله (يرثني ويرث من آل يعقوب) # PageV01P460 # وما ورثة الرسول من العلم لم يختص به علي بل كل واحد من الصحابة حصل له ~~نصيب وحفظ ابن مسعود من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة # ثم ليس العلم كالمال بل الذي يرثه هذا يرثه الآخر ولا يتزاحمان بخلاف ~~المال # ثم قد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمولاه زيد أنت ~~أخونا ومولانا وقال له أبو بكر لما خطب ابنته ألست أخاك قال بلى وابنتك ~~حلال لي # وفي الصحيح أنه قال ولكن أخوة الإسلام أفضل وفي الصحيح أيضا وددت أني قد ~~رأيت إخواني قالوا أو لسنا إخوانك قال لا أنتم أصحابي ولكن إخواني قوم ~~يأتون بعدي يؤمنون بي ولم يروني # وقال تعالى (إنما المؤمنون إخوة) وقال النبي صلى الله عليه وسلم المسلم ~~أخو المسلم وقال كونوا عباد الله إخوانا # ومطلق المؤاخاة لا يقتضي التماثل من كل وجه ولا المناسبة # وإذا كان كذلك لم قيل مؤاخاة علي لو كانت صحيحة توجب الإمامة أو الأفضلية ~~وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا ~~لأتخذت أبا بكر خليلا # وصح أنه سئل من أحب الناس إليك من الرجال قال أبو بكر # وتواتر أن عليا قال خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر أخرجه البخاري # ولن يرتاب في هذه النصوص الثابتة إلا من لا يعلم أو غلبه الهوى # ونقل البيهقي بإسناده إلى الشافعي قال لم يختلف أحد من الصحابة والتابعين ~~في تفضيل أبي وبكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة # وهذا قول أبي حنيفة ومالك وأحمد والثوري والليث والأوزاعي وإسحاق وداود ~~وابن ms318 جرير وأصحابهم من الأئمة والسلف والخلف وهذا مالك يحكي الإجماع عمن ~~لقيه أنهم لم يختلفوا في تقديم أبي بكر وعمر وابن جرير ومسلم بن خالد ~~الزنجي وابن عيينة وعلماء مكة على ذلك وبه يقول ابن أبي عروبة والحمادان ~~وغيرهم من علماء البصرة وابن أبي ليلى وشريك وجماعة من علماء الكوفة التي ~~هي دار الشيعة وعمر بن الحارث والليث بن سعد وابن وهب من علماء مصر # PageV01P461 # والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وغيرهما من علماء الشام ومن لا يحصى عددهم ~~إلا الله تعالى # وقال البرهان التاسع والثلاثون (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ~~ذريتهم) الآية # ففي كتاب الفردوس عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم ~~الناس متى سمى علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله سمى أمير المؤمنين وآدم ~~بين الروح والجسد قال الله (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ~~وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) قالت الملائكة بلى فقال تعالى ~~أنا ربكم ومحمد نبيكم وعلي أميركم وهذا صريح في الباب # والجواب منع الصحة بل هو كذب بإتفاق أهل المعرفة والنقد # ثم إن الذي في القرآن أنه قال (ألست بربكم قالوا بلى) لم يتعرض لذكر نبي ~~ولا أمير فهذا ميثاق التوحيد خاصة ألا تراه قال (أن تقولوا إنما أشرك ~~آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم) فدل على أنه ميثاق التوحيد خاصة ليس فيه ~~ميثاق النبوة فكيف ما دونها # وأيضا فإن الميثاق أخذ على الذرية كلها أفيكون علي أميرا على الأنبياء ~~كلهم من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم وهذا كلام المجانين # فإن أولئك ماتوا قبل أن يخلق الله عليا فكيف يكون أميرا عليهم وغاية ما ~~يمكن أن يكون أميرا على أهل زمانه أما الإمارة على من خلق قبله وعلى من خلق ~~بعده فهذا من كذب من لا يعقل ما يقول ولا يستحي مما يقول # ومن العجب أن هذا الحمار الرافضي هو أحمر من عقلاء اليهود الذين قال الله ~~فيهم (مثل ms319 الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) ~~والعامة معذورون في قولهم الرافضي حمار اليهودي والعاقل يعلم أن هذا ~~وامثاله باطل عقلا وشرعا وإنما هذا نظير قول ابن عربي الطائي وأمثاله إن ~~الأنبياء كانوا يستفيدون العلم بالله من مشكاة خاتم الأولياء الذي خلق ~~بعدهم بدهور فغلو هؤلاء في الولاية كغلو أولئك في # PageV01P462 # الإمامة # ثم يقول هو صريح في الباب فهل يكون هذا حجة عند أحد ويحتج بهذا في جزرة ~~بقل والله حسبك وحسبنا على ما تقول # قال البرهان الأربعون قوله (فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) ~~أجمع المفسرون على أن عليا صالح المؤمنين روى أبو نعيم بإسناده إلى أسماء ~~بنت عميس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ (فإن الله هو مولاه ~~وجبريل وصالح المؤمنين) علي بن أبي طالب # واختصاصه بهذا يدل على أفضليته فيكون هو الإمام والآيات في هذا المعنى ~~كثيرة # والجواب أن نقلك الإجماع إفتراء منك فما أجمعوا على هذا بل كتب التفسير ~~بنقيض هذا فقال مجاهد وغيره هو أبو بكر وعمر نقله ابن جريج وغيره # وقيل هم الأنبياء # ولم يثبت القول بتخصيص علي به عمن قوله حجة # والحديث المذكور كذب بيقين # ثم قوله (وصالح المؤمنين) اسم يعم كل صالح من المؤمنين كما في الصحيحين ~~عن النبي صلى الله عليه وسلم إن آل فلان ليسوا بأوليائي إنما وليي الله ~~وصالح المؤمنين # ثم يقال إن الله جعل في الآية صالح المؤمنين مولى رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم كما أخبر أن الله مولاه والمولى يمتنع أن يراد به المولى عليه ~~فلم يبق المراد به إلا الموالى # ومن المعلوم أن كل من كان صالحا من المؤمنين كان مواليا للنبي صلى الله ~~عليه وسلم قطعا فإنه لو لم يواله لم يكن من صالحي المؤمنين بل قد يواليه ~~المؤمن وإن لم يكن صالحا # وقولك والآيات في هذا المعنى كثيرة فغاية ذلك أن يكون المتروك من جنس ~~المذكور والذي أوردته خلاصة ما عندك وباب الكذب لا ينسد ولكن الله ms320 يقذف ~~بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون # وحكاية قاسم بن زكريا المطرز مشهورة أنه دخل على عباد بن يعقوب الأسدي ~~الرواجني الرافضي وكان # PageV01P463 # صدوقا في الحديث على بدعته فقال لي من حفر البحر قلت الله تعالى # قال هو كذلك ولكن من حفره قلت يذكر الشيخ # فقال حفره علي فمن أجراه قلت يفيد الشيخ قال أجراه الحسين وكان عباد ~~مكفوفا فرأيت سيفا وجحفة فقلت لمن هذا قال أعددته لأقاتل به مع المهدي فلما ~~فرغت من سماع ما أردت منه دخلت عليه فقال لي من حفر البحر قلت معاوية ~~وأجراه عمرو بن العاص # ثم وثبت وعدوت أصيح أدركوا الفاسق عدو الله فاقتلوه # قلت هذه حكاية صحيحة رواها ابن مظفر عن القاسم # وقد قال محمد بن جرير سمعت عباد بن يعقوب يقول # من لم يتبرأ في صلاته كل يوم من أعداء آل محمد حشر معهم # قال الرافضي المنهج الثالث في الأدلة المسندة إلى الحديث # فمن ذلك ما نقله الناس كافة لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع رسول # PageV01P464 # الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب في دار أبي طالب وهم أربعون رجلا ~~وامرأتان فصنع لهم طعاما وكان الرجل منهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق من ~~الشراب فأكلت الجماعة كلهم من ذلك اليسير حتى شبعوا ولم يتبين ما أكلوا ~~فبهرهم ذلك وتبين لهم أنه صادق في نبوته فقال يا بنى عبد المطلب إن الله ~~بعثنى إلى الخلق كافة وبعثنى إليكم خاصة فقال (وأنذر عشيرتك الأقربين) # وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ثقيلتين في الميزان تملكون ~~بهما العرب والعجم وتنقاد لكم بهما الأمم وتدخلون بهما الجنة وتنجون بهما ~~من النار شهادة أن لاإله إلا الله وأني رسول الله عن يجيبني إلى هذا الأمر ~~ويؤازرني عليه يكن أخي ووصيتي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي # فقال علي أنا يا رسول الله # والجواب المطالبة بصحة النقل فلا هو في السنن ولا في المسانيد ولا في ~~المغازي فأين قولك فيه نقله الناس كافة وإنما ms321 هو من الموضوعات ثم إن بني ~~عبد المطلب لم يبلغوا أربعين رجلا وقت نزول الآية ولا كانوا أربعين في حياة ~~الرسول أبدا # وجميع بني عبد المطلب من أولاد العباس وأبي طالب والحارث وأبي لهب فكان ~~لأبي طالب أربعة على وجعفر وعقيل وطالب فطالب لم يدرك الإسلام والعباس كان ~~أولاده رضعا أو لم يولد له # والحارث كان له ثلاثة أبو سفيان وربيعة ونوفل # وأبو لهب كان له ولدان أو ثلاثة # فكل بني هاشم إذ ذاك لم يبلغوا بضعة عشر فأين الأربعون ثم قوله في الحديث ~~كل رجل منهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق من اللبن # PageV01P465 # كذب ليس بنو هاشم معروفين بكثرة الأكل بل ولا واحد منهم يحفظ عنه هذا # ثم لفظ الحديث ركيك يشهد القلب ببطلانه فإنه عرضه كما زعمت على أربعين ~~رجلا فلو فرضنا أنهم أجابوه كلهم من الذي يكون الخليفة منهم ثم في الصحيحين ~~ما يبين بطلان هذا عن أبي هريرة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ~~نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال يا بني كعب ~~بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار يا ~~بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني ~~لا أملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها وفي الصحيحين لما ~~نزلت هذه الآية قال يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغنى عنكم من ~~الله شيئا # يا بني عبد المطلب لا أغني عنكم من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله لا ~~أغني عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت رسول الله لا أغنى عنك من الله شيئا ~~سلاني ما شئتما من مالي وأخرجه مسلم من حديث قبيصة ابن مخارق وزهير وعائشة ~~وفيه أنه قام على الصفا فنادى # قال الخبر الثاني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت (يا أيها ~~الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) خطب بغدير خم وقال ms322 أيها الناس ألست أولى ~~منكم بأنفسكم قالوا بلى قال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه ~~وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله # فقال عمر بخ بخ أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة # والمراد بالمولى هنا التصرف لتقدم التقرير منه بقوله ألست أولى منكم ~~بأنفسكم # والجواب عن هذا قد تقدم وأن الآية قد نزلت قبل يوم الغدير # PageV01P466 # عدة وإن كانت من المائدة ألا ترى أن في سياقها (والله يعصمك من الناس) ~~وهذا شيء كان في أوائل الإسلام ثم صدر الحديث رواه الترمذي وأحمد في المسند # وأما اللهم وال من والاه إلخ فلا ريب في كذبه # ونقل الأثرم في سننه عن أحمد أن العباس سأله عن حسين الأشقر وأنه حدث ~~بحديثين هذا أحدهما والآخر قوله لعلي إنك ستعرض على البراءة مني فلا تبرأ ~~مني فأنكره أبو عبد الله جدا ولم يشك أن هذين كذب وقد صنف ابن عقدة مصنفا ~~في جمع طرق الحديث وقال ابن حزم الذي صح في فضائل على أنت مني بمنزلة هارون ~~من موسى ولأعطين الراية وعهده أن عليا لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا ~~منافق وصح نحوه في الأنصار وأما من كنت مولاه فلا يصح # إلى أن قال وأما سائر الأحاديث التي يتعلق بها الروافض فموضوعة يعرف ذلك ~~من له أدنى علم بالأخبار ونقلتها # فإن قيل فما ذكر ابن حزم قوله أنت مني وأنا منك وحديث المباهلة والكساء ~~قيل مراد ابن حزم ما يذكر فيه علي وحده # ونحن نقول إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا يوم الغدير فلم يرد ~~به الخلافة قطعا إذ ليس في اللفظ ما يدل عليه دلالة ظاهرة ومثل هذا الأمر ~~العظيم ينبغي أن يبين بيانا واضحا فالمولى كالولى وقد قال الله تعالى (إنما ~~وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) وأن المؤمنين أولياء الله وأن بعضهم ~~أولياء بعض # فالموالاة ضد المعاداة وهي تثبت من الطرفين وإن كان أحد المتواليين أعظم ~~قدرا وولايته إحسان وتفضل وولاية الآخر طاعة ms323 وعبادة فمعنى كونه تعالى ولي ~~المؤمنين ومولاهم وكون نبيه وليهم ومولاهم وكون علي مولاهم هي الموالاة ~~التي هي ضد المعادة والمؤمنون أيضا يتولون الله ورسوله الموالاة المضادة ~~للمعاداة وهذا حكم ثابت لكل مؤمن فعلي من كبارهم يتولاهم ويتولونه ففيه رد ~~على الخوارج # PageV01P467 # والنواصب لكن ليس في الحديث أنه ليس للمؤمنين مولى سواه وقد قال النبي ~~صلى الله عليه وسلم أسلم وغفار ومزينه وجهينة وقريش والأنصار موالي دون ~~الناس ليس لهم مولى دون الله ورسوله # قال الثالث قوله أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي # ومن جملة منازل هارون أنه كان خليفة لموسى ولو عاش بعده لخلفه # ولأنه خلفه مع وجوده وغيبته مدة يسيرة فعند موته تطول الغيبة فيكون أولى ~~بأن يكون خليفة الجواب هذا الحديث في الصحيحين وقاله له صلى الله عليه وسلم ~~في غزوة تبوك وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غاب عن المدينة يستخلف ~~عليها رجلا فلما كان في غزوة تبوك لم يأذن لأحد في التخلف فما تخلف عنه إلا ~~معذور بالعجز أو منافق وأولئك الثلاثة كذا كان الإستخلاف في غزوة الفتح ~~أيضا وفي حجة الوداع فما علميا من يذكر تخلف ولم يبق بالمدينة طائفة من ~~المؤمنين وكان هذا الإستخلاف دون الإستخلافات المعتادة منه فخرج علي إلى ~~النبي صلى الله عليه وسلم يبكي وقال أتخلفني مع النساء والصبيان وقيل إن ~~بعض المنافقين طعن فيه وقال إنما خلفه لأنه فبين له الرسول صلى الله عليه ~~وسلم إني إنما أستخلفتك لأمانتك عندي وإن الإستخلاف ليس ببغض فإت موسى ~~استخلف هارون على قومه فطيب قلبه # ولم يكن الإستخلاف كإستخلاف هارون لأن ذلك كان على كل قوم موسى وذهب هو ~~للمناجاة وإستخلاف علي كان على من ذكرنا وسائر المسلمين كانوا مع نبيهم # وقول القائل هذا بمنزله هذا أو مثل هذا أو كهذا تشبيه للشيء بالشيء ويكون ~~بحسب ما دل عليه السياق ولا تقتضي المساواة في كل شيء ألا ترى إلى ما ثبت ~~من قول النبي صلى الله ms324 عليه وسلم في حديث الأساري حين استشار أبا بكر فأشار ~~بالفداء واستشار عمر فأشار بالقتل فقال مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم إذ قال ~~(فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) ومثلك يا عمر مثل نوح إذ ~~قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) الحديث # PageV01P468 # فقد جعل هذين مثلهما ولم يرد أنهما مثلهما في كل شيء لكن فيما دل عليه ~~السياق من الشدة واللين وكذلك علي إنما هو بمنزلة هارون فيما دل عليه ~~السياق وهو إستخلافه في مغيبه وهذا الإستخلاف ليس من خصائص علي ولا هو مثل ~~سائر إستلافاته # ولا أولئك المستخلفون منه بمنزلة هارون من موسى وتخصيصه لعلي بالذكر هنا ~~هو مفهوم اللقب وهو نوعان لقب هو جنس ولقب يجري مجرى العلم مثل زبد وأنت ~~وهذا المفهوم أضعف المفاهيم # ولهذا كان جماهير الأصوليين على أنه لا يحتج به # وقول القائل إنه جعله بمنزلة هارون من موسى في كل شيء إلا النبوة باطل ~~فإن قوله أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى دليل على أنه يسترضيه ~~بذلك ويطيب قلبه أي مثل منزلة هارون ولو كان مثل هارون مطلقا لما أمر عليه ~~أبا بكر في حجة سنة تسع فكان يصلي خلف أبي بكر ويطيع أمره وخصه بنبذ العهود ~~إلى العرب فقط فإنه كان من عادتهم أن لا يعقد العقود ولا ينبذها إلا السيد ~~المطاع أو رجل من أهل بيته # وقولك ولأنه خليفته مع وجوده وغيبته مدة يسيرة فعند موته بطول الغيبة ~~يكون أولى بأن يكون خليفة # فيقال هو مع وجوده وغيبته قد استخلف غير واحد سوى علي فالإستخلاف على ~~المدينة ليس من خصائصه وليس كل من صلح للإستخلاف في الحياة على بعض الأمة ~~يصلح أن يكون خليفة بعد الموت # قال الرابع أنه صلى الله عليه وسلم إستخلفه على المدينة مع قصر مدة ~~الغيبة فيجب أن يكون خليفة له بعد موته وليس غير علي إجماعا ولأنه لم يعزله ~~عن المدينة فيكون خليفته بعد موته فيها وإذا ms325 كان خليفة في المدينة كان ~~خليفة في غيرها إجماعا # قلنا هذه حجة داحضة كأمثالها من جنس نسيج العنكبوت # والجواب عنها من وجوه أحدها أن نقول على أحد القولين إنه استخلف أبا بكر ~~بعد موته # وإن قلت بل استخلف عليا قيل والراوندية من جنسك قالوا استخلف عمه العباس # وكل من له علم # PageV01P469 # بالمنقولات الثابتة يعلم أن الأحاديث الدالة على إستخلاف أحد بعد موته ~~إنما تدل على إستخلاف أبي بكر ليس فيها شيء يدل على إستخلاف علي ولا العباس # وإن لم يكن استخلف فقد ترك مباحا أما الإستخلاف في الحياة فإنه نيابة ولا ~~بد منه لكل إمام عزما # وبعد موته انقطع التكليف عنه كما قال المسيح (وكنت عليهم شهيدا ما دمت ~~فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) # وقولك لم يعزله عن المدينة قول زيف فإنه بمجرد مجيء النبي صلى الله عليه ~~وسلم انعزل علي كما كان غيره من نواب الرسول على المدينة ينعزلون بمقدمه ~~وقد أرسله بعد ذا ببراءة إلى الموسم وبعثه عاملا على اليمن ثم وافاه في حجة ~~الوداع # قال الخامس ما رواه الجمهور بأجمعهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ~~لعلي أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي وقاضي ديني # والجواب أولا المطالبة بصحة هذا فقد شطحت وانتفخت إذ قلت رواه الجمهور ~~بأجمعهم فإن أردت علماء الحديث فقد افتريت وإن أردت أن أبا نعيم رواه في ~~الفضائل والمغازلي أو خطيب خوارزم فليس حجة بإتفاق ثم بطلانه معلوم قال ابن ~~الجوزي في كتاب الموضوعات لما روى هذا # PageV01P470 # الحديث من طريق أبي حاتم البستي حدثنا محمد بن سهل بن أيوب حدثنا عمار بن ~~رجاء حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا مطر بن ميمون الإسكاف عن أنس أن النبي ~~صلى الله عليه وسلم قال إن أخي ووزيري وخليلي من أهلي وخير من أترك من بعدي ~~يقضي ديني وينجز موعدي على بن أبي طالب # وهذا موضوع # قال ابن حبان مطر يروى الموضوعات لا تحل الرواية عنه # ورواه من طريق ابن عدي بنحوه ms326 ومداره على مطر هذا مع أنه ليس في لفظه ~~وخليفتي ووصيي وأما في تلك الطريق وخليفتي في أهلي # قال السادس حديث المؤاخاة روى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان ~~يوم المباهلة وآخى بين المهاجرين والأنصار وعلي واقف يراه ويعرفه ولم يؤاخ ~~بينه وبين أحد فانصرف باكيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل أبو ~~الحسن قالوا انصرف باكي العين فقالت له فاطمة ما يبكيك قال آخى النبي صلى ~~الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار ولم يؤاخ بيني وبين أحد # قالت لا يخزيك الله لعله إنما ادخرك لنفسه # فقال بلال يا علي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم # فأتي فقال # ما يبكيك يا أبا الحسن فأخبره فقال إنما ادخرك لنفسي ألا يسرك أن تكون ~~أخا نبيك قال بلى # فأخذ بيده فأتى المنبر فقال # اللهم هذا مني وأنا منه ألا إنه مني بمنزلة هارون من موسى ألا من كنت ~~مولاه فعلي مولاه # فانصرف فاتبعه عمر فقال بخ بخ يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل مسلم # فالمؤاخاة تدل على الأفضلية فيكون هو الإمام # قلنا هذا موضوع باطل والمباهلة إنما كانت سنة تسع أو نحوها والمؤاخاة بين ~~المهاجرين والأنصار في أول الهجرة ثم لم تقع مباهلة لكن دعي نصارى نجران ~~إليها فاستمهلوا حتى يشتوروا فلما خلوا قالوا هو نبي وما باهل قوم نبيا إلا ~~استؤصلوا فأقروا بالجزية وذهبوا # PageV01P471 # قال السابع حديث فتح خيبر على يديه فأورده بلفظ منكر وفيه أروني رجلا يحب ~~الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ولا ريب أن عليا يحبه الله ففيه رد على ~~الخوارج والأموية # قال الأشعري في كتاب المقالات أجمعت الخوارج على كفر علي وليس هذا الحديث ~~مما يختص به على بل غيره يحبه الله وكون الفتح على يديه يدل على فضيلته لا ~~أفضليته # قال الثامن خبر الطائر روى الجمهور كافة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى ~~بطائر فقال اللهم ائتني بأحب الخلق إليك وإلي يأكل معي من هذا الطائر فجاء ~~علي # فنقول ms327 حديث الطائر من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق ~~النقل وسئل الحاكم عن حديث الطير فقال لا يصح # مع أن الحاكم منسوب للتشيع لكن تشيعه وتشيع أمثاله من أهل العلم بالحديث ~~كالنسائي وابن عبد البر وأمثالهما لا يبلغ إلى تفضيل علي على أبي بكر وعمر ~~فلا يعرف في علماء الحديث من يفضله عليهما # ثم إما أن يكون الرسول كان يعرف أن عليا أحب الخلق إلى الله تعالى أولا # فإن كان يعرف هلا أرسل خلفه أو هلا قال اللهم ائتني بعلي فأراح أنفسا من ~~الإحتمال والرجاء الباطل ثم في لفظه أحب خلقك إليك وإلي فكيف لا يعرف أحب ~~الخلق إليه لا سيما وفي الصحاح ما يناقض هذا كقوله لو كنت متخذا خليلا من ~~الأمة لأتخذت أبا بكر خليلا وهذا متواتر جاء من حديث ابن مسعود وابن عباس ~~وأبي سعيد وابن الزبير والخلة كمال الحب # وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الناس أحب إليك قال ~~عائشة # قيل فمن الرجال قال أبوها # وقال له عمر يوم السقيفة بحضرة الملأ أنت خيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم فما أنكره على عمر منكر # وقال الله تعالى (وسيجنبها الأتقى الذي يؤتى ماله يتزكى وما لأحد عنده من ~~نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى) # PageV01P472 # وأئمة التفسير يقولون هذا أبو بكر # فنقول الأتقى قد يكون نوعا فتدخل فيه جماعة # وقد يكون شخصا معينا فإما أن يكون أبا بكر أو عليا فلا يصح أن يكون عليا ~~لأنه قال (الذي يؤتى ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى) وهذا وصف منتف ~~عن علي لأن السورة مكية وعلي كان بمكة فقيرا في عيال النبي صلى الله عليه ~~وسلم ضمه إليه لما أصابت أهل مكة سنة فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم عنده ~~نعمة تجزى دنيوية ونعمة الدين لا تجزى بل أجرها على الله وحده فالوصف ثابت ~~للصديق دون علي # وعلي أتقى من غيره لكن أبو بكر أكمل في ms328 الوصف هنا منه قال النبي صلى الله ~~عليه وسلم ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر وقال إن أمن الناس علينا في ~~صحبته وذات يده أبو بكر واشترى أبو بكر سبعة من المعذبين في الله ابتغاء ~~وجه الله # فإن قلنا الأتقى اسم جنس فأبو بكر أول داخل فيه وسادة الصحابة وتابعوهم # قال التاسع ما رواه الجمهور من أنه أمر الصحابة بأن يسلموا على علي وقال ~~إنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين # وقال هذا أولى بكل مؤمن من بعدي # فيكون هو الإمام # والجواب المطالبة بإسناد هذا وبيان صحته فما هو في كتاب صحيح ولا في مسند ~~معتبر بل رواه آحاد الناس بإسناده فيه متهم بالكذب ومهو موضوع عند من له ~~أدنى معرفة بالحديث ولا تحل نسبته إلى الرسول المعصوم # ولا نعلم أحدا هو سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين غير ~~نبينا صلى الله عليه وسلم واللفظ مطلق ما قال فيه من بعدي ولا في اللفظ ما ~~يدل على ذلك ولأن خير المسلمين والمتقين والمحجلين هم القرن الأول والرسول ~~قائدهم بل وقائد من بعدهم في القيامة فلمن يقود علي وعندكم جمهور الأمة ~~المحجلين كفار وفساق فكيف يقودهم وقال صلى الله عليه وسلم يأتون غرا محجلين ~~يوم القيامة من آثار الوضوء وأنا فرطكم # PageV01P473 # على الحوض فهذا يبين أن كل من توضأ وغسل وجهه ويديه ورجليه فإنه من ~~المحجلين وهؤلاء جماهير أمة محمد سواكم فإنكم لا تغسلون الأرجل فلا تكونون ~~من المحجلين في الأرجل فلا يقودكم الرسول ولا علي وإنما الحجلة في الرجل ~~كهي في اليد قال النبي صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب وبطون الأقدام من ~~النار ومعلوم أن الفرس لو لم يكن له لمعة في يده أو في رجله لم يكن محجلا ~~فمن لم يغسل إلى الكعبين لم يكن من المحجلين # ومما يوضح أن الحديث كذب ما ثبت من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ~~يفضل على علي أبا بكر وعمر تفضيلا ظاهرا عرفه الخاص والعام حتى ms329 المشركون # وفي الصحيحين عن ابن عباس قال وضع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون له ~~ويثنون عليه ويصلون عليه قبل أن يرفع وأنا فيهم فلم يرعني إلا برجل قد أخذ ~~بمنكبي من ورائي فالتفت فإذا هو علي فترحم على عمر وقال ما خلفت أحدا أحب ~~إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع ~~صاحبيك وذلك أني كثيرا ما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول جئت أنا ~~وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر # فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما فلم يكن تفضيلهما عليه وعلى أمثاله ~~مما يخفى على أحد ولهذا كانت الشيعة الأول مع فرط حبهم لعلي يقدمون أبا بكر ~~وعمر عليه وإنما يفضلونه على عثمان كما قال عبد الرزاق كفى بي أزرا أن أحبه ~~وأخالف قوله خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ولو شئت أن أسمي الثالث ~~لسميته # ولما كان يوم أحد واستظهر أبو سفيان أمير المشركين قال أفي القوم محمد ~~أفي القوم محمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه # فقال أفي القوم ابن أبي قحافة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه # فقال أفي القوم ابن الخطاب فقال لا تجيبوه فقال أبو سفيان لأصحابه أما ~~هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه أن قال كذبت يا عدو الله إن الذين ~~عددت لأحياء وقد بقي لك ما يسؤوك الحديث أخرجه البخاري # فهذا رأس العدو لا يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة فدل على عظمهم عند المشركين ~~بخلاف # PageV01P474 # غيرهم # وكذلك قوله هو ولي كل مؤمن بعدي كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ~~هو في حياته وبعد مماته ولي كل مؤمن وكل مؤمن وليه في المحيا والممات # فالولاية التي هي ضد العداوة لا تختص بزمان فأما الولاية التي هي الإمارة ~~فإنما يقال فيها وإلى كل مؤمن # وأما قوله لعلي أنت مني وأنا منك فصحيح وفي الحديث قال ms330 لزيد أنت أخونا ~~ومولانا وقال لجعفر بن أبي طالب أشبهت خلقي وخلقي وفي الصحيحين أن النبي ~~صلى الله عليه وسلم قال إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو وجمعوا ما عندهم ~~في ثوب ثم قسموه بالسوية هم مني وأنا منهم فعلمنا أن هذا اللفظ مدح ولا يدل ~~على الإمامة # وقال في جليبيب هذا مني وأنا منه # قال العاشر ما رواه الجمهور من قوله صلى الله عليه وسلم إني تارك فيكم ما ~~إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض # وقال أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق # وسيد أهل بيته علي فيكون واجب الطاعة على الكل فيكون الإمام # قلنا إنما لفظ الحديث في مسلم عن زيد بن أرقم قال قام فينا رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم خطيبا بخم فقال إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ~~كتاب الله # وأما قوله وعترتي فهذا رواه الترمذي تفرد به زيد بن الحسن الأنماطي عن ~~جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر # والأنماطي قال فيه أبو حاتم منكر الحديث # وأخرجه الترمذي من حديث ابن فضيل حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ~~زيد بن أرقم عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني ~~تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله ~~حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي ~~الحوض # PageV01P475 # فانظروا كيف تخلفوني فيهما # حسنه الترمذي # وأما حديث سفينة نوح فغير صحيح ولا هو في شيء من الكتب المعتمدة # وقوله صلى الله عليه وسلم لن يتفرقا يدل على أن إجماع العترة حجة وهو قول ~~طائفة من أصحابنا # وذكر القاضي في المعتمد والعترة هم بنو هاشم كلهم ولد علي وولد العباس ~~وولد الحارث بن عبد المطلب # وسيد العترة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابن عباس أفقه العترة ~~وكان يخالف ms331 عليا في مسائل وعلي ما كان يوجب على أحد طاعته فيما يفتي به # ثم العترة ما اجتمعوا على إمامته ولا علي أفضليته بل ابن عباس بل هو نفسه ~~يقولان إن أفضل الأمة أبو بكر وعمر وإن خلافتهما حق # وكذلك سائر العباسيين وأكثر العلويين والحسن والحسين وعلي بن الحسين ~~وابنه وحفيده جعفر الصادق والنقول بذلك متواترة عنهم وقد صنف الدارقطني ~~كتاب ثناء الصحابة على القرابة وثناء القرابة على الصحابة # ثم إجماع الأمة والعترة بعضهم حجة بلا نزاع وأفضلهم أبو بكر فإن كانت ~~الطائفة التي إجماعها حجة يجب أتباع أفضلها مطلقا فهو أبو بكر وإن لم يكن ~~بطل ما ذكرتم في إمامة علي رضي الله عنه # قال الحادي عشر ما رواه الجمهور من وجوب محبته وموالاته روى أحمد في ~~مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين فقال من أحبني ~~وأحب هذين وأحب أباهما وأمهما فهو معي في درجتي يوم القيامة قلنا مجرد ~~رواية أحمد له لا توجب صحته مع أنه ما رواه أبدا وإنما زاده القطيعي في ~~كتاب الفضائل وذكره ابن الجوزي في الموضوعات من رواية علي بن جعفر عن موسى ~~بن جعفر وله يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المجازفة أصلا من كون ~~المسلم الخطاء يصير في درجة المصطفى بمجرد الحب # قال وروى ابن خالويه عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ~~أحب أن يتمسك بقضيب الياقوت الذي خلقه الله بيده ثم قال له كن فكان فليتول ~~عليا من # PageV01P476 # بعدي # فهذا من كذب الطرقية فما أرك لفظه مع عدم فائدته فكيف يقال خلقه بيده ثم ~~قال له كن فكان بل قد جاء في الأثر أن الله لم يخلق بيده إلا آدم والقلم ~~وجنة عدن ثم قال لسائر الخلق كن فكان # قال وعن أبي سعيد مرفوعا أنه قال لعلي حبك إيمان وبغضك نفاق وأول من يدخل ~~الجنة محبك وأول من يدخل النار مبغضك # قلنا وهذا من المكذوبات فهل يقول مسلم إن ms332 الخوارج والنواصب يدخلون النار ~~قبل فرعون وأبي جهل ورءوس الكفر أم يقول مسلم إن أول من يدخل الجنة قبل ~~الأنبياء غلاة الإسماعيلية وكذبة الرافضة وفسقه الإمامية وهذا من جنس قول ~~الناصبي أن لو قال من أحب يزيد والحجاج أو قول الخارجي من أحب ابن ملجم دخل ~~الجنة ومن أبغضهم دخل النار بهذا الحب والبغض # قال وروى أخطب خوارزم بإسناده عن أبي ذر قال رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم من ناصب عليا الخلافة فهو كافر وقد حارب الله ورسوله # وعن أنس قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فرأى عليا مقبلا فقال أنا ~~وهذا حجة الله على أمتي يوم القيامة # وعن معاوية بن حيدة القشيري قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلي ~~لا تبال من مات ببغضك أن يموت يهوديا أو نصرانيا # فإذا رأينا المخالف يورد مثل هذه الأحاديث ونقلنا نحن أضعافها عن رجالنا ~~الثقات وجب علينا المصير إليها وحرم العدول عنها والجواب أنا نتنزل وبطالب ~~بصحة النقل فإن مجرد رواية الموفق خطيب خوارزم لا تدل على الثبوت كيف وقد ~~حشا تأليفه بالموضوعات التي يتعجب منها المحدث الصادث ويقول سبحانك هذا ~~بهتان عظيم # ومن كان خبيرا بما جرى ومهر في الآثار علم باضطرار أن هذا وأمثاله مما ~~ولده الكذابون بعد إنقراض عصر الصحابة والتابعين # وتقول علمنا بالتواتر أن المهاجرين والأنصار كانوا يحبون الله ورسوله وأن ~~الرسول كان يحبهم ويتولاهم أعظم # PageV01P477 # من علمنا بهذه الأخبار الملفقة وأن الإمام بعده أبو بكر بإتفاق من أولئك ~~السادة فكيف يجوز رد ما علمناه يقينا بأخبار لا نعلم صدقها كيف وقد علمنا ~~أنها كذب وأنها لا توجد في كتاب معتمد بإسناد مقارب # ثم هذا كتاب الله يشهد في غير موضع بأن الله رضي عن المهاجرين والأنصار ~~والذين اتبعوهم بإحسان ورضوا عنه وبأنه رضي (عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت ~~الشجرة) وقال تعالى (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ~~يبتغون فضلا من الله ورضوانا) الآية وقال (لقد تاب الله على النبي ~~والمهاجرين والأنصار ms333) وأمثال ذلك فكيف يجوز رد هذه النصوص بأخبارك المفتراة ~~ثم منها ما يقدح بعلي ويوجب أنه مكذب بالله ورسوله # أما الذين ناصبوه الخلافة إذا قلت هم كفار فما عمل هو بموجب النص بل كان ~~يجعلهم هو مسلمين # وشر من قاتلهم الخوارج ومع هذا فما حكم فيهم بحكم الكفار بل حرم أموالهم ~~وسبيهم # ولما قتله ابن ملجم قال إن عشت فأنا ولي الدم # ولم يقتله # ولو كان ارتد لبادر إلى قتله # وتواتر عنه أنه نهى عن اتباع مدبر أهل الجمل أو أن يجهز على جريحهم أو ~~تغنم أموالهم فإن كانوا كفارا بأحاديثك هذه فعلي أول من كذب بها ولم يعمل ~~بمقتضاها # وكذلك أهل صفين كان # PageV01P478 # يصلي على قتلاهم ويقول فيما بلغنا عنه # إخواننا بغوا علينا طهرهم السيف # ونعلم بالإضطرار أن علينا ما كفر الذين قاتلوه # وكذا لو كانوا كفارا عند السيد الحسن لما حل له أن يسلم إليهم الخلافة ~~طوعا منه في عزه ومنعته وكثرة جيشه ولكن بأن سؤدده بقول جده فيه إن ابني ~~هذا سيد وسيصلح الله به بين قبيلتين عظيمتين من المسلمين أخرجه البخاري # وعندك أنه إنما أصلح الله به بين المؤمنين والمرتدين ثم إنكم تدعون أن ~~الإمام المعصوم لطف من الله لعباده فعلي ما زعمت إنما كان نقمة لا لطفا ~~ورحمة فإن الذين خالفوه صاروا مرتدين والذين وافقوه مقهورين منافقين أذلاء ~~فأي مصلحة في ذلك وأنتم تقولون أن الله يجب عليه أن يفعل الأصلح للعباد وهو ~~تعالى يمكن الخوارج حتى كفروه وقاتلوه ويجعل الأئمة المعصومين تحت القهر ~~والخوف والتقية بمنزلة أهل الذمة بل أهل الذمة يظهرون دينهم في الجملة فأين ~~اللطف والمصلحة التي أوجبتها على الله تعالى ثم تزعم أنهم حجج الله على ~~عباده وأن لا هدى إلا منهم ولا نجاة إلا بمتابعتهم وخاتمهم قد غاب من دهور ~~لم ينتفع به أحد في دينه ولا دنياه فصح أن الرفض ما وضعه إلا زنديق ولهذا ~~فإن صاحب دعوة الباطنية أول ما يدعو المستجيب إلى التشيع فإذا طمع فيه قال ms334 ~~علي مثل غيره فدعاه إلى القدح فيه فإذا استوثق منه دعاه إلى القدح في ~~الرسول إلى إنكار الصانع # وكل عاقل يعلم أن أهل الدين والجمهور ليس لهم غرض والله لا مع علي ولا مع ~~غيره ولا غرضهم تكذيب نبيهم ولا رد ما أمر به ولو علموا أن الرسول نص لهم ~~على علي لكانوا أسبق شيء إلى أمره وإلى التصديق به # غاية ما يقدر أنه خفي عليهم هذا الحكم فكيف يكون من خفي عليه جزء من ~~الدين مثل اليهود والنصارى بل يكفي من وضع ما جئت به قول المصطفى صلى الله ~~عليه وسلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار # نعم ومن كتم ما نص عليه الرسول مراغمة لله ورسوله فهو من أصحاب النار # PageV01P479 # وقولك ونقلنا أضعافها عن رجالنا الثقات فنقول نحن ننقد رجالنا من أهل ~~السنة والحديث نقدا لا مزيد عليه ولنا مصنفات كثيرة جدا في تعديلهم وضعفهم ~~وصدقهم وغلطهم وكذبهم ووهمهم لا نحابيهم أصلا مع صلاحهم وعبادتهم ونسقط ~~الإحتجاج بالرجل منهم لكثرة غلظه وسوء حفظه ولو كان من أولياء الله # وأنتم حد الثقة عندكم أن يكون إماميا سواء غلط أو حفظ أو كذب أو صدق # فغاية رجالكم أن يكونوا مثل رجالنا فيهم وفيهم فإذا كان من المعلوم ~~بالإضطرار أن أهل السنة فيهم كذابون وأنتم أكذب منهم بكل حال حرم علينا ~~العمل بالأحاديث حتى ننظر في أسانيدها # فمن أين لك يا مغتر أن توثق من لا تعرفه ولا تعرف أن تتهجى اسمه بل ولا ~~ذكر في الثقات # وغالب ما في أيديكم صحف وأخبار على ألسنتكم مكذوبة أو لم تعلم صحتها كدأب ~~أهل الكتابين سواء # وكذب الرافضة مما يضرب به المثل # ونحن نعلم أن الخوارج شر منكم ومن هذا فما نقدر أن نرميهم بالكذب لأننا ~~جربناهم فوجدناهم يتحرون الصدق لهم وعليهم وأنتم فالصادق فيكم شامة قال ابن ~~المبارك الدين لأهل الحديث والكلام والحيل لأهل الرأي والكذب للرافضة # فأهل السنة والحديث لا يرضون بالكذب ولو وافق أهواءهم فكم قد روي لهم ms335 من ~~فضائل أبي بكر وعمر وعثمان بل ومعاوية وغيرهم أحاديث بالأسانيد يرويها مثل ~~النقاش والقطيعي والثعلبي والأهوازي وأبي نعيم والخطيب وابن عساكر وأضعافهم ~~ولم يقبل منها علماء الحديث شيئا ويبينون الكذب منه بل إذا كان في إسناد ~~الحديث واحد مجهول الحال توقفوا في الحديث # وأنتم شرط الحديث عندكم أن يوافق أهواءكم غثا كان أو سمينا وإن أتيتم بنص ~~ثابت فلا يدل على ما قلتم # ونحن عمدتنا نصوص القرآن وما يثبت من السنة أو أجمع عليه المسلمون سواكم ~~فإذا جاءنا ما يناقض ذلك رددناه # قال أبو الفرج بن الجوزي فضائل علي الصحيحة كثيرة غير أن الرافضة لا تقنع ~~فوضعت له ما يضع لا ما يرفع وحوشيت حاشيته من الإحتياج إلى الباطل # وأنت أيها الرافضي لم تورد كل ما قيل ونحن نعرف أحاديث عدو ساقطة أدل على ~~مقصودك # فمن أماثل الموضوعات ما رواه # PageV01P480 # النسائي في كتاب خصائص علي من حديث العلاء بن صالح عن المنهال بن عمرو عن ~~عباد ابن عبد الله الأسدي قال قال علي انا عبد الله وأخو رسوله وانا الصديق ~~الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب # صليت قبل الناس سبع سنين # ورواه أحمد في الفضائل وفي رواية له ولقد أسلمت قبل الناس بسبع سنين # قال ابن الجوزي هذا موضوع والمتهم به عباد قال ابن المديني وكان ضعيف ~~الحديث # والمنهال تركه شعبة # وقال الأثرم سألت أبا عبد الله عن هذا الحديث فقال اضرب عليه فإنه حديث ~~منكر # ثم نقول علي كان أبر وأصدق من أن يقول هذا فالناقل إما متعمد الكذب او ~~أخطأ سمعه # ونظير هذا ما رواه عبد الله في المناقب حدثنا يحيى بن عبد الحميد حدثنا ~~شريك عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله # وأخبرنا أبو خيثمة حدثنا أسود بن عامر حدثنا شريك عن الأعمش عن المنهال ~~عن عباد عن علي قال لما نزلت (فأنذر عشيرتك الأقربين) دعا رسول الله صلى ~~الله عليه وسلم رجالا من أهل بيته إن كان الرجل لآكلا جذعة ولشاربا ms336 فرقا ~~إلخ وهذا كذب على علي لم يروه قط وكذبه ظاهر من وجوه # وقد رواه أحمد في الفضائل حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن ~~المغيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي # وساق ابن الجوزي من طريق أجلح عن سلمة بن كهيل عن حبة بن جوين سمع عليا ~~يقول أنا عبدت الله مع رسوله قبل أن يعبده رجل من هذه الأمة خمس سنين أو ~~سبع سنين # قال ابن الجوزي وحبة لا يساوي حبة قال يحيى ليس بشيء وقال السعدي غير ثقة ~~وأما الأجلح فقال أحمد وقد روى غير حديث منكر # قال أبو الفرج ومما يبطل هذه # PageV01P481 # الأحاديث انه لا خلاف في تقدم إسلام خديجة وأبي بكر وزيد وأن عمر أسلم في ~~سنة ست من النبوة بعد أربعين رجلا فكيف يصح أن عليا صلى قبل بسبع سنين # ثم ذكر حديثا مرفوعا أن عليا الصديق الأكبر وهو من كذب أحمد بن نصر ~~الذراع # وحديثا يقول فيه أنا أقومهم بأمر الله وأقسمهم بالسوية # قال وهو موضوع المتهم به بشر بن إبراهيم رماه بالوضع ابن عدي وابن حبان # وحديثا يقول فيه أنت أول من يصافحنى يوم القيامة وأنت الصديق الأكبر وأنت ~~الفاروق وأنت يعسوب المؤمنين وقال هذا موضوع وفيه عباد بن يعقوب وعلي بن ~~هاشم وغيرهما ممن تكلم فيه # وفي طريقه الآخر عبد الله بن داهر قال ابن معين لا يكتب عنه # فصل وهنا طريق يكن سلوكها لمن له معرفة بالأخبار فإن كثيرا من العلماء ~~يتعذر عليهم التمييز بين الصدق والكذب ومن جهة الإسناد وإنما ينهض بذلك ~~جهابذة الحفاظ # نقدر أن الأخبار المتنازع فيها لم تكن فنرجع إلى ما هو معلوم بالتواتر أو ~~بالعقل والعادات أو ما دلت عليه النصوص المتفق عليها فنقول من المتواتر أن ~~أبا بكر لم يطلب الخلافة برغبة ولا برهبة فلا بذل فيها مالا ولا شهر عليها ~~سيفا ولا كانت له عشيرة ضخمة ولا عدد من الموالى تقوم بنصره كما جرت عادة ~~طلاب الملك بل ولا ms337 قال # PageV01P482 # بايعوني وإنما أشار ببيعة عمر أو بيعة أبي عبيدة ثم من تخلف عن مبايعته ~~لم يؤذه ولا أكرهه عليها كسعد بن عبادة # ثم الذين طائعين بايعوه هم الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~تحت الشجرة الذين رضي الله عنهم فقاتل بهم المرتدين وفارس والروم وثبت ~~الإسلام وأهله ولا أكل منها ولا لبس إلا كعادته وعيشه # فلما جاءه اليقين خرج منها أزهد مما دخل فيها لم يستأثر منها بشيء عنهم ~~ولا آثر بها قرابة بل نظر إلى أفضلهم في نفسه فولاه عليهم فأطاعوه كلهم ~~ففتح الأمصار وقهر الكفار وأذل أهل النفاق وبسط العدل ووضع الديوان والعطاء ~~لازما لعيش من قبله في مأكله ومشربه وملبسه حتى خرج منها شهيدا لم يتلوث ~~لهم بمال ولا ولي أحدا من أقاربه ولاية # هذا أمر يعرفه من يعرف وينصف # ثم بايعوا عثمان كلهم طوعا منهم فسار وبني على أمر قد استقر قلبه بسكينة ~~وحلم وهدى ورحمة وكرم ولين لكن لم تكن فيه قوة عمر ولا سياسته التي بهرت ~~العقول ولا كمال عدله الذي ملأ الوجود ولا فرط زهده الذي ما ينكره إلا جاهل ~~فطمع فيه الناس بعض الطمع وتوسعوا في الدنيا وكثرت عليهم الأموال ودخل بسبب ~~توليته أقاربه عليه الداخل وأنكرت منهم أمور ما اعتادها الناس قبله وتولد ~~من رغبة بعض الناس في الدنيا وضعف خوفهم من الله تعالى ومنه ومن ضعفه هو ~~بالنسبة إلى كمال الذين قبله ومما حصل من أقاربه في الولاية والمال ما ~~استحكم به الشر وحرك الفتنة حتى قتل مظلوما وذبحوه صبرا # فتولى علي رضي الله عنه والفتنة قائمة وأتهم بالتخلي عن عثمان حتى قتل ~~وبعضهم اتهمه بدمه والله يعلم براءته من دمه # PageV01P483 # ثبت عنه أنه لم يرض بقتله ولا أعان عليه # فلم تصف قلوب كثير منهم ولا أمكنه هو قهرهم حتى يطيعوه ولا اقتضى رأيه ~~الكف عن القتال حتى ينظر ما يأول إليه أمره كما أشار عليه ولده الحسن فظن ~~أن الطاعة تحصل والأمة تجتمع بالقتال فما زاد ms338 الأمر إلا شدة وافتراقا حتى ~~خرج عليه من جنده ألوف ومرقوا وكفروه وقاتلوه قاتلهم الله حتى كان في آخر ~~أمره يطلب هو أن يكف عن قتال من لم يطعه فكان آخر الخلفاء الراشدين الذين ~~ولايتهم خلافة النبوة # ثم آل الأمر إلى معاوية أول الملوك كما قال صلى الله عليه وسلم الخلافة ~~بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا # وسيرة معاوية من أجود سير الملوك بالنسبة # فإذا جاء القادح فقال في أبي بكر وعمر كانا طالبين للرياسة مانعين للحقوق ~~ظلما المنصوص عليه ومنعا أهل البيت إرثهم أوشك أن يقول قادح النواصب نحوا ~~من ذلك في علي أنه قاتل على الرياسة وسفك الدماء ولم ينل غرضه # فإذا كنا ندفع من يقدح في علي بهذه الشبهة فلأن ندفع من يقدح في أبي بكر ~~وعمر بطريق الأولى لأنهما أبعد عن التهمة إذ لم يقاتلا على الإمارة ~~وأطاعهما علي والكبار # وإذا كنا نظن بعلي أنه كان قاصدا الحق غير مريد علوا ولا فسادا في الأرض ~~فلأن نظن ذلك بهما بطريق الأولى # فدع عنك المكابرة والهوى # طريق آخر وهو أن يقال دواعي المسلمين بعد موت نبيهم كانت متوجهة إلى ~~أتباع الحق قطعا وليس لهم ما يصرفهم عن الحق وهم قادرون على ذلك # وإذا حصل الداعي إلى الحق وانتفى الصارف مع القدرة وجب الفعل فعلم أن ~~المسملين خير القرون اتبعوا الحق فيما فعلوه لأنهم خير الأمم أكمل الله لهم ~~الدين وأتم عليهم النعمة # بايعوا أبا بكر تدينا لا لرغبة ولا لرهبة فلو فعلوا بموجب الطبع لقدموا ~~عليا أو العباس لشرف بني هاشم على بني تيم # ولما قيل لأبي قحافة وكان بمكة شيخا كبيرا إن ابنك ولي الخلافة قال ورضيت ~~بنو أمية وبنو هاشم وبنو مخزوم قالوا نعم # فعجب وقال # PageV01P484 # ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء # لعلمه بأن بني تيم أضعف القبائل والإسلام إنما يقدم بالتقوى لا بالنسب # طريق آخر تواتر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال خير هذه الأمة قرني ثم ~~الذين يلونهم ثم الذين يلونهم فخير ms339 الأمم بلا نزاع القرن الأول # ومن تأمل حال المسلمين في القرن الثاني بالنسبة إلى الأول علم تباين ما ~~بينهما # فإن كان القرن الأول قد جحد حق الإمام المنصوص عليه ومنعوا آل نبيهم ~~ميراثهم وبايعوا فاسقا ظالما ومنعوا عادلا عالما عنادا ودفعا للحق فهؤلاء ~~شر الخلق وهذه الأمة شر أمة أخرجت للناس # طريق آخر عرف بالتواتر الذي لا يخفى أن أبا بكر وعمر وعثمان كان لهم ~~بالنبي صلى الله عليه وسلم اختصاص عظيم وخلطة وصحبة ومصاهرة لهم وما عرف ~~عنه أنه كان يذمهم ولا يمقتهم بل يثني عليهم ويحبهم فإما أن يكونوا على ~~الإستقامة ظاهرا وباطنا معه وبعده أولا فالأول هو المطلوب والثاني إما أنه ~~علم وداهنهم أو لم يعلم # وأيهما قدر فهو من أعظم القدح في الرسول صلى الله عليه وسلم وإن كانوا ~~انحرفوا بعد الإستقامة فهذا خذلان من الله لنبيه في خواص أمته فمن قد أخبر ~~بما سيكون أين كان عن علم ذلك فأين الإحتياط للأمة حتى لا يولى هؤلاء ومن ~~وعد أن يظهر دينه على الأديان كيف يكون أكابر خواصه مرتدة هذا من أعظم ~~القدح في الرسول والطعن فيه ليقول الباطني والزنديق رجل سوء كان له أصحاب ~~سوء ولو كان صالحا لكانوا مثله ولهذا قال أهل العلم إن الرفض دسيسة الزندقة # PageV01P485 # وطريق آخر أن يقال الأسباب الموجبة لولاية علي إن كان هو الأولى قوية ~~والصوارف منتفية والقدرة موجودة # ومع توفر الدواعي والقدرة وانتفاء الصوارف يجب الفعل # وذلك أن عليا هو ابن عم نبيهم وأفضلهم نسبا وله السبق والجهاد والصهر مع ~~إنتفاء عداوتهم له ولم يقتل أحدا من بني تيم ولا من بني عدي بل الذي قتل ~~منهم بنو عبد مناف وكانوا يوالونه ويختارون ولايته لقربهم منه وكلمه في ذلك ~~أبو سفيان فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم نص على ولايته أو كان هو ~~الأفضل الأولى كان ذلك موجبا لإنبعاث إرادتهم إلى ولايته والحالة هذه # ولو قدر أن الصارف كان في نفر قليل فغالبهم لم يكن لهم صارف ms340 يصرفهم عنه ~~بل هم قادرون على ولايته # ولو قالت الأنصار علي أحق بها من سعد ومن أبي بكر ما أمكن أولئك النفر من ~~المهاجرين أن يدافعوهم ولقام أكثر الناس مع علي بل جمهور الذين في قلوبهم ~~مرض يبغضون عمر لشدته عليهم فالقياس أن لا ينقادوا لبيعته وبعد هذا فلما ~~استخلفه أبو بكر أطاعوه # PageV01P486 # كلهم حتى إن طلحة قال لأبي بكر ماذا تقول لربك وقد وليت علينا فظا غليظا ~~فقال أجلسوني أبالله تخوفوني أقول وليت عليهم خيرهم # فإذا فرضنا أن غالب المسلمين قاموا مع علي فمن الذي يغلبه هب أنهم لو ~~قاموا ولم يغلبوا أما كانت الدواعي المعروفة في مثل ذلك توجب القيام أو أن ~~يجري في ذلك قيل وقال ونوع جدال اما ذلك أولى بالكلام منه في تولية سعد ~~وإذا كان الأنصار بشبهة ما طمعوا أن يتأمر سعد فمن يكون معه الحق وفيه النص ~~من الرسول كيف لا يكون أعوانه أطمع في تأميره فإذا لم يتكلم أحد ولم يدع ~~داع إلى علي لا هو ولا غيره واستمر الأمر إلى أن وصلت النوبة إليه فقام هو ~~أوأعوانه وقاتل ولم يسكت حتى جرى ما جرى علم بالإضطرار أن سكوتهم أولا كان ~~لعدم المقتضى لا لوجود المانع # وقد كان أبو بكر أبعد من الممانعة بكثير من معاوية لو كان لعلي حق منصوص # ولو قام أبو بكر وهو ظالم يدافع عليا وهو محق لكان الشرع والعقل يقضي أن ~~يكون الناس مع المحق المعصوم المنصوص عليه على أبي بكر المعتدي الظلوم لو ~~كان الأمر كذلك # فاسلك التحقيق ودع بنيات الطريق فالسفسطة أنواع احدها النفي والجحد ~~والتكذيب إما بالوجود وإما بالعلم به # والثاني الشك والريب وقول لا ندري فهذه طريقة اللاأدرية فلا ينفون ولا ~~يثبتون فهم في الحقيقة قد نفوا ما يعلم # الثالث قول من يجعل الحقائق تبعا للعقائد فيقول من اعتقد العالم قديما ~~فهو قديم ومن اعتقده محدثا فهو محدث # وإذا كان كذلك فالقدح فيما علم من أحوال الرسول وخلفائه الراشدين وسيرتهم ~~بأخبار ترويها الرافضة ms341 وتكذبهم فيها جماهير الأمة من أعظم السفسطة # وكذلك من روى لمعاوية وأصحابه من الفضائل ما يوجب تقديمه على علي وأصحابه ~~كان مسفسطا كاذبا # قال المنهج الرابع في الأدلة الدالة على إمامته من أحواله فذكر أنه كان ~~أزهد الناس وأعبدهم وأعلمهم وأشجعهم # وذكر أنواعا من خوارق العادات له # فيقال بل كان أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر فإنه ~~كان له مال يتجر به # PageV01P487 # فأنفقه كله في سبيل الله # وولى الخلافة فذهب إلى السوق على يديه برود يبيع ويتكسب فأخبر بذلك ~~المهاجرون ففرضوا له شيئا فاستخلف عمر أبا عبيدة فخلف له أنه يباح له أخذ ~~درهمين كل يوم # قال ابن زنجويه كان علي فقيرا في أول الإسلام ثم استفاد الرباع والمزارع ~~والنخيل واستشهد رضي الله عنه وعنده تسع عشرة سرية وأربع نسوة # وقال شريك عن عاصم بن كليب عن محمد بن كعب القرظي قال قال علي لقد رأيتني ~~على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربط الحجر على بطني من شدة الجوع ~~وإن صدقة مالي لتبلغ اليوم أربعين ألفا # وروى إبراهيم بن سعيد الجوهري فقال لتبلغ أربعة آلاف دينار # فأين هذا من هذا وإن كانا زاهدين # وتلا عمر أبا بكر في زهده وكذا أبو عبيدة وأبو ذر بخلاف غيرهم من الصحابة ~~فإنهم توسعوا في الدنيا وتمتعوا واتخذوا الأموال # قال ابن حزم من جملة عقار علي ينبغ كانت تغل كل سنة ألف وسق تمر سوى ~~زرعها # والزهد عزوف النفس عن حب الصوت وعن المال واللذات وعن الميل إلى الولد ~~والحاشية فلا معنى للزهد إلا هذا وأبو بكر قد أنفق ماله قيل كان أربعين ~~ألفا حتى بقي في عباءة قد خللها بعود إذا جلس افترشها وغيره اقتنى الرباع ~~والضياع # ثم إنه ولى الخلافة فما اتخذ جارية ولا توسع في مال وأما علي فتوسع فيما ~~يحل له ومات عن زوجات وتسع عشرة أم ولد وعبيد وخدم وتوفي عن أربعة وعشرين ~~ولدا من ذكر وأنثى وترك لهم من العقار ما ms342 أغناهم # هذا أمر مشهور لا يقدر أحد على إنكاره # ثم قد كان لأبي بكر من الولد مثل عبد الرحمن ومن القرابة مثل طلحة أحد ~~العشرة فما # PageV01P488 # استعمل هذا ولا هذا في جهاته وهي مكة والمدينة واليمن وخيبر والبحرين ~~وحضرموت وعمان والطائف واليمامة # ثم جرى عمر على مجراه ولم يستعمل من بني عدي أحدا على سعة عمله وقد فتح ~~الشام ومصر والعراق إلى خراسان إلا النعمان بن عدي العدوي وحده على ميسان ~~ثم أسرع عزله وكان فيهم مثل سعيد بن زيد أحد العشرة وأبي جهم بن حذيفة ~~وخارجة بن حذافة ومعمر بن عبد الله وولد عبد الله بن عمر # ثم كل منهما لم يستعمل ابنه من بعده على الأمة وقد رضي بإبن عمر رضي الله ~~عنهما بعض الناس وكان أهلا لذلك ولو استخلفه لما اختلف عليه أحد # ووجدنا عليا استعمل أقاربه ابن عباس على البصرة وعبيد الله بن عباس على ~~اليمن وقثما ومعبدا ابني عباس على الحرمين وابن أخته جعده بن هبيرة على ~~خراسان وابن امرأته وأخا ولده محمد بن أبي بكر على مصر ورضي ببيعة المسلمين ~~لإبنه بعده ولسنا ننكر أهليته وزهده وعظمته ولا أهلية عبد الله ابن عباس ~~للخلافة ولكنا نقول إن أبا بكر وعمر أتم زهدا وأعزف عن الدنيا من زاهد يفعل ~~المباحات # قال وعلي عليه السلام قد طلق الدنيا ثلاثا وكان قوته جريش الشعير ولبسه ~~خشن الثياب ورقع مدرعته وكان حمائل سيفه ليفا وكذا نعله # وروى أخطب خوارزم عن عمار قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا ~~علي إن الله زينك بالزهد في الدنيا وبغضها إليك وحبب إليك الفقراء فرضيت ~~بهم أتباعا ورضوا بك إماما # طوبى # PageV01P489 # لمن أحبك وصدق عليك والويل لمن أبغضك وكذب عليك # الحديث # وقال سويد ابن غفلة دخلت على علي فوجدت بين يديه صفحة فيها لبن أجد ريحه ~~من شدة حموضته وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه # الحديث بطوله # وقال ضرار دخلت على معاوية بعد قتل علي فقال لي ms343 صف لي عليا # فقلت كان بعيد المدى شديد القوى يقول فضلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من ~~جوانبه وتنطق الحكمة عن نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل ~~ووحشته # كان غزير العبرة طويل الفكرة يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما قشب # وكان فينا كأحدنا # وذكر أشياء # فبكى معاوية وقال رحم الله أبا الحسن لقد كان والله كذلك فما حزنك عليه ~~يا ضرار قال حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها # والجواب لا نزاع في زهد علي لكنه لا يبلغ زهد أبي بكر كما ذكرنا # وبعض ما أوردته كذب عليه ولا مدح فيه # أما كونه قد طلقها ثلاثا فمن المشهور عنه أنه قال يا صفراء يا بيضاء قد ~~طلقتك ثلاثا غري غيري لا رجعة لي فيك # فهذا لا يدل على أنه أزهد ممن لم يقل هذا فإن نبينا وعيسى وغيرهما ممن هو ~~أزهد الأنبياء لم يقولوا هذا والسكوت أجمل وأقرب إلى الإخلاص # وقولك كان يقتات خبز الشعير بلا أدم فكذب عليه ثم لا مدح فيه فالرسول صلى ~~الله عليه وسلم إمام الزهاد وكان يأكل ما اتفق أكل لحم الغنم ولحم الدجاج ~~والحلوى والعسل وكان يحب ذلك وإذا حضر طعام فإن اشتهاه أكل وإلا تركه فلا ~~يرد موجودا ولا يكلف مفقودا وربما ربط الحجرعلى بطنه من الجوع # وفي الصحيحين إن رجالا قال أحدهم أما أنا فأصوم ولا أفطر وقال آخر أما ~~أنا فأقوم ولا أنام وقال آخر أما أنا فلا أتزوج وقال آخر أما أنا فلا آكل ~~اللحم فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال لكني أصوم وأفطر وأنام وأتزوج ~~النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني # فكيف تظن بعلي أنه رغب عن سنة ابن عمه بل النقل عنه بخلاف ما أوردت # وقولك في حديثك كان حمائل سيفه ونعله ليفا # PageV01P490 # فكذب # ثم قد كان نعل سيف النبي صلى الله عليه وسلم فضة # والله قد يسر ووسع عليهم فأي مدح في أن يعدل عن السيور ms344 مع كثرتها بالحجاز ~~وإنما يمدح هذا عند العدم كما قال أبو أمامة لقد فتح البلاد أقوام كانت خطم ~~خيلهم الحبال وركبهم العلابي # رواه البخاري # قال وبالجملة زهده لم يلحقه أحد فيه ولا سبق إليه # وإذا كان كذلك كان هو الإمام # قلنا كلا المقدمتين باطلة لم يكن أزهد من أبي بكر ولا كل من كان أزهد كان ~~أحق بالإمامة # قال عبد الله بن أحمد بن حنبل أخبرنا علي بن حكيم حدثنا شريك عن عاصم بن ~~كليب عن محمد بن كعب سمعت عليا يقول إن صدقتي اليوم لتبلغ أربعين ألفا # وخلف عند موته سراري وعبيدا وأملاكا ووقوفا # لكن لم يترك من المال إلا سبعمائة درهم # وهذا عمر قد وقف نصيبه من خيبر ما علمنا له عقارا غيره ومات وعليه من ~~الديون ثمانون ألفا # قال وكان أعبد الناس يصوم النهار ويقوم الليل # ومنه تعلم الناس صلاة الليل ونوافل النهار # وأكثر العبادات والأدعية المأثورة عنه تستوعب الوقت وكان يصلي في ليله ~~ونهاره ألف ركعة إلى أن قال وجمع بين الصلاة والزكاة فتصدق وهو راكع إلى أن ~~قال وأعتق ألف عبد من كسب يده وكان يؤجر نفسه # PageV01P491 # وينفق على رسول الله في الشعب # قلنا في هذا من الأكاذيب ما لا يخفى على العالم # ثم لا مدح فيه لمخالفة أكثره السنة # ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ~~ألم أخبرك أنك تقول لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت قال بلى # قال فلا تفعل الحديث # وفي الصحيحين عن علي قال طرقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة فقال ~~ألا تقومان تصليان فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن ~~يبعثنا بعثنا # فولي وهو يضرب فخذه ويقول (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا) # فهذا دليل على نومه بالليل وأن الرسول ما أعجبه مجادلته له # وقولك ومنه تعلم الناس إن أردت بعض المسلمين فهكذا الكبار يعلمون أتباعهم ~~وإن أردت الكل منه تعلموا فهذا من أسمج الكذب فإخوانه من ms345 الصحابة أخذوا عن ~~نبيهم وأما التابعون فخلائق منهم لم يروه # ثم قلت والأدعية المأثورة عنه تستوعب الوقت # قلنا عامتها موضوع عليه هو كان أجل من أن يدعو بهذه الأدعية التي لا تليق ~~بحاله # وأفضل الأدعية المأثورة ما ثبت عن الرسول وهي بحمد الله كثيرة فيها غنى # وأما قولك يصلي ألف ركعة فباطل فهذا نبي الله صلى الله عليه وسلم كان ~~مجموع صلاته # PageV01P492 # في اليوم والليلة أربعين ركعة والزمان لا يتسع لألف ركعة من أمير الأمة ~~مع سياستهم ومصالحة في أهله ونفسه إلا أن تكون صلاته صلاة نقر نزه الله ~~عليا عنها # وأما قولك جمع بين الصلاة والزكاة فكذب كما تقدم ولا مدح فيه ولا يشرع ~~لنا فعله # وقولك أعتق ألف عبد من كسب يده كذب لا يروج إلا على الجهلة بل ولا أعتق ~~مائة ولم يكن له كسب بيده يقوم بعشر هذا وكان مشغولا بالجهاد وبغيره وما ~~علمناه يتجر ولا له صنعة فمن أين هذا # وقولك كان يؤجر نفسه وينفق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الشعب ~~كذب بين فإنهم لم يكونوا يخرجون من الشعب ولا ثم من يستأجرهم وكان أبوه أبو ~~طالب معهم ينفق عليه وكانت خديجة موسرة تنفق من مالها وكان علي زمن الشعب ~~له نحو من خمس عشرة سنة أقل أو أكثر # قال وكان أعلم الناس # قلنا بل أبو بكر وعمر فإنه لم يكن أحد يقضي ويخطب ويفتي بحضرة رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر # وقد شك الناس في موت نبيهم فبينه أبو بكر # ثم توقفوا في دفنه فبينه أبو بكر ثم شكوا في قتال مانعي الزكاة فبينه ~~بالنص وأوضح قوله (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله # PageV01P493 # آمنين لعمر وبين لهم قول النبي صلى الله عليه وسلم إن عبدا خيره الله بين ~~الدنيا والآخرة وفسر لهم الكلالة وحمل علي عنه شيئا من العلم ففي السنن عن ~~علي قال كنت إذا سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ينفعني الله بما ~~شاء ms346 أن ينفعني منه وإذا حدثني غيره استحلفته فإذا حلف لي صدقته # وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من ~~مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله إلا غفر له ثم قد نقل ~~غير واحد الإجماع على أن أبا بكر أعلمهم وحكاه منصور بن السمعاني # وقال صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر # وفي صحيح مسلم أن المسلمين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ~~فقال إن يطع القوم أبا بكر وعمر بن الخطاب يرشدوا # وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي بكر وعمر إذا اتفقتما على أمر ~~لم أخالفكما وثبت عن ابن عباس أنه كان إذا لم يجد نصا أفتى بقول أبي بكر ~~وعمر # وثبت في حق ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له اللهم فقهه في ~~الدين وعلمه التأويل # وعن ابن أبي شيبة أخبرنا أبو معاوية حدثنا الأعمش حدثنا إبراهيم أخبرنا ~~علقمة عن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر رضي الله ~~عنه في الأمر من أمور المسلمين وأنا معه # وفي هجرة الرسول وخوفه لم يصحب غير أبي بكر # ولم يبق معه يوم بدر في العريش غيره # وفي الصحيحين عن أبي الدرداء قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم ~~إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبتيه فقال النبي صلى الله ~~عليه وسلم أما صاحبكم فقد غامر فسلم وقال إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ~~فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي # وإني أتيتك # فقال يغفر الله لك يا أبا بكر ثلاثا # ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فلم يجده فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ~~فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم # PageV01P494 # يتمعر حتى أشفق أبو بكر وقال أنا كنت أظلم يا رسول الله مرتين فقال النبي ~~صلى الله عليه وسلم ms347 إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت ~~وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي فهل أنتم تاركو لي صاحبي فما ~~أوذي بعدها # قال البخاري غامر سبق بالخير # وقال غيره غامر خاصم # وقد سأل الرشيد مالك بن أنس عن منزله أبي بكر وعمر من النبي صلى الله ~~عليه وسلم فقال منزلتهما منه في حياته كمنزلتهما منه بعد مماته ولم يحفظ ~~لأبي بكر قول يخالف نصا فهذا يدل على غاية البراعة والعلم وأما غيره فله ~~أقوال مخالفة للنصوص لكونها لم تبلغهم # وثبت في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم قد كان في الأمم قبلكم محدثون ~~فإن يكن في هذه الأمة أحد فعمر # وفي الصحيحين رأيت كأني أتيت بقدح فيه لبن فشربت حتى أني لأرى الري يخرج ~~من أظفاري # ثم ناولت فضلي عمر # قالوا ما أولته يا رسول الله قال العلم # وفي الترمذي من حديث بكر بن عمرو عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن عامر قال ~~قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان بعدي نبي لكان عمر حسنه الترمذي # وفي الصحيحين أن أبا سعيد الخدري قال كان أبو بكر أعلمنا بالنبي صلى الله ~~عليه وسلم # وقال علي لا يبلغني أن أحدا فضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري # وقد روى عن علي من نحو ثمانين وجها أنه قال على منبره خير هذه الأمة بعد ~~نبيها أبو بكر وعمر وقال البخاري حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان # PageV01P495 # حدثنا جامع بن شداد حدثنا منذر الثوري عن محمد بن الحنفية قال قلت لأبي ~~يا أبة من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بني أو ما ~~تعرف فقلت لا # فقال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر # قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم أقضاكم علي # والقضاء مستلزم للعلم والدين قلنا لم يصح له إسناد تقوم به الحجة وقوله ~~صلى الله عليه وسلم أعلمكم بالحلال والحرام معاذ أصح منه والعلم بالحلال ~~والحرام ms348 أعظم # وحديثك لم يروه أحد في السنن المشهورة ولا المساند المعروفة لا بإسناد ~~صحيح ولا ضعيف وإنما جاء من طريق من هو متهم # وقول عمر علي أقضانا والقضاء إنما هو فصل الخصومات في الظاهر مع جواز أن ~~يكون الحكم في الباطن بخلافه كما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنكم ~~تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما ~~أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار ~~فقد أخبر سيد القضاة أن حكمه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا # وحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها أضعف وأوهى ولهذا إنما يعد في ~~الموضوعات وإن رواه الترمذي # وذكره ابن الجوزي وبين أن سائر طرقه موضوعة والكذب يعرف من نفس متنه فإن ~~النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مدينة العلم ولم يكن لها إلا باب واحد ~~ولم يبلغ العلم عنه إلا واحد فسد أمر الإسلام ولهذا اتفق المسلمون على أنه ~~لا يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحدا بل يجب أن يكون المبلغون أهل ~~التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب وخبر الواحد لا يفيد العلم بالقرآن ~~والسنن المتواترة # وإذا قالوا ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخبره قيل لهم فلا بد من العلم ~~بعصمته أولا وعصمته لا تثبت بمجرد خبره قبل أن تعرف عصمته لأنه دور ولا ~~نثبت بالإجماع فإنه # PageV01P496 # لا إجماع فيها # ثم علم الرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة قد طبق الأرض وما ~~انفرد به علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسير قليل # وأجل التابعين بالمدينة هم الذين تعلموا في زمن عمر وعثمان # وتعليم معاذ للتابعين ولأهل اليمن أكثر من تعليم علي رضي الله عنه وقدم ~~علي على الكوفة وبها من أئمة التابعين عدد كشريح وعبيدة وعلقمة ومسروق ~~وأمثالهم # قال أبو محمد بن حزم احتج الرافضة بأن عليا رضي الله عنه كان أكثرهم علما # قال وهذا كذب وإنما يعرف علم الصحابي ms349 بكثرة روايته أو بفتاويه وكثرة ~~استعمال الرسول صلى الله عليه وسلم له # فنظرنا فوجدناه قد استعمل أبا بكر على الصلاة أيام مرضه بمحضر من عمر ~~وعلي وابن مسعود وأبي والكبار # وهذا خلاف استخلافه عليا إذ غزا لأن ذلك كان على النساء وذوي الأعذار فقط ~~فوجب ضرورة أن نعلم أن أبا بكر أعلم بالصلاة وهي عمود الإسلام # وأيضا فاستعمله على الصدقات وعلى الحج فصح أنه أعلم من جميع الصحابة بذلك ~~وهذه دعائم الإسلام # ثم وجدناه استعمله على البعوث فصح أن عنده من أحكام الجهاد مثل ما عند ~~سائر من استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على البعوث إذ لا يستعمل إلا ~~عالما بالعمل فعند أبي بكر من علم الجهاد كالذي عند علي وسائر أمراء البعوث ~~لا أقل # وإذا صح التقدم لأبي بكر على علي وغيره في العلم والصلاة والزكاة والحج ~~وساواه في الجهاد فهذه عمدة للعلم # وكان شديد الملازمة للرسول صلى الله عليه وسلم فشاهد فتاويه وأحكامه أكثر ~~من مشاهدة على لها فصح ضرورة أنه أعلم بها فهل # PageV01P497 # بقيت من العلم بقية إلا وأبو بكر المقدم فيها والمشارك وأما الرواية ~~والفتوى فتوفي أبو بكر بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بسنتين ونصف ولم يحتج ~~إلى ما عنده لأن رعيته صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم مثله وقد روى عنه ~~مائة وأربعون حديثا وجملة فتاوى # وعلي روى له خمسمائة وستة وثمانون حديثا لكونه عاش بعد النبي صلى الله ~~عليه وسلم ثلاثين سنة وكثر لقاء الناس له واحتاجوا إلى علمه لذهاب جمهور ~~الصحابة وسألوه بالمدينة والبصرة والكوفة وبصفين # فإذا نسبنا مدة أبي بكر من حياته وأضفنا تقري علي البلاد بلدا بلدا وكثرة ~~سماع الناس منه إلى لزوم أبي بكر موطنه وأنه لم تكثر حاجة من حواليه إلى ~~الرواية عنه ثم نسبنا عدد حديثه من عدد حديثه وفتاويه من فتاويه علم كل ذي ~~حظ من علم أن الذي عند أبي بكر من العلم أضعاف ما كان عند علي منه # وبرهان ذلك أن من عمر ms350 من الصحابة عمرا قليلا قل النقل عنه ومن طال عمره ~~منهم كثر النقل عنه # وعمر ما برح بالمدينة بل جاء إلى الشام وقد روى له عن النبي صلى الله ~~عليه وسلم خمسمائة وسبعة وثلاثون حديثا وذلك نحو مما روى علي رضي الله عنه ~~ولكنه مات قبل علي بسبع عشرة سنة وخلق من علماء الصحابة أحياء بعد فكل ما ~~زاد حديث علي على حديث عمر تسعة وأربعون حديثا في هذه المدة ولم يزد عليه ~~في الصحيح إلا حديث أو حديثان # وفتاوى عمر موازية لفتاوى علي في أبواب الفقه # فإذا نسبنا مدة من مدة وضربنا في البلاد من ضرب فيها وأضفنا حديثا إلى ~~حديث وفتاوى إلى فتاوى علم كل ذي حس علما ضرويا أن الذي كان عند عمر من ~~العلم أضعاف ما كان عند علي # ثم نظرنا عائشة رضي الله عنها لتأخرها روت أكثر من ألفي حديث وكذلك ابن ~~عمر وأنس # ووجدنا أبا هريرة روى نحو خمسة آلاف مسند وثلاثمائة مسند # ولإبن مسعود ثمانمائة ونيف وله ولعائشة ولإبن عمر من الفتاوى أكثر مما ~~لعلي لتأخر حياتهم وكذا لإبن عباس أزيد من ألف وخمسمائة حديث ولا يحصى ماله ~~من الفتاوى والتفسير وغير ذلك # فبطل قول # PageV01P498 # الرافضة # نعم قد استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم عليا أيضا ولا يستعمل إلا عالما ~~واستعمل معاذا وأبا موسى على اليمن # قال وكان في غاية الذكاء شديد الحرص على التعلم ملازما للرسول صلى الله ~~عليه وسلم من الصغر إلى أن مات # فيقال من أين علم أنه أذكى من أبي بكر وعمر وأرغب في العلم منهما وأن ~~استفادته من النبي صلى الله عليه وسلم أكثر منهما # وفي الصحيحين في علمهما أحاديث ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم عن أبي ~~سعيد الخدري رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما ~~دون ذلك وعرض علي عمر وعليه قميص يجره # قالوا فما أولته يا رسول الله قال الدين # وقال ابن مسعود لما مات عمر إني لأحسب أن ms351 هذا بتسعة أعشار العلم وشارك ~~الناس في العشر الباقي # قال وقال صلى الله عليه وسلم العلم في الصغر كالنقش في الحجر فتكون علوم ~~علي أكثر من غيره لحصول القابل الكلي والفاعل التام # فيقال هذا من فضول الحديث فإن هذا مثل سائر ما قاله ليس من كلام الرسول ~~صلى الله عليه وسلم والصحابة قد تعلموا القرآن والسنن مع الكبر فيسر الله ~~ذلك عليهم وكذلك على فما كمل الوحي حتى صار لعلي نحو من ثلاثين سنة وإنما ~~حفظ أكثر ذلك في كبره # وقد اختلف في حفظه لجميع القرآن # وهذا أبو هريرة قد حفظ في أكثر من ثلاث سنين ما لم يحفظه غيره # قال وأما النحو فهو واضعه قال لأبي الأسود الكلام كله ثلاثة أشياء اسم ~~وفعل وحرف وعلمه وجوه الإعراب قلنا ليس هذا من علوم النبوة وإنما هو # PageV01P499 # علم مستنبط ولم يكن في زمن الخلفاء الثلاثة لحن فلم يحتج إليه فلما سكن ~~علي الكوفة وبها الأنباط روي أنه قال لأبي الأسود الدؤلي ذلك وقال له انح ~~هذا النحو # كما أن غيره استخرج للخط الشكل والنقط وعلامة المد والشد ونحوه للحاجة ~~وكما استخرج الخليل العروض # قال والفقهاء كلهم يرجعون إليه # قلنا هذا كذب فليس في الأئمة الأربعة ولا غيرهم من يرجع إلى فقهه # أما مالك فعلمه عن أهل المدينة وأهل المدينة لا يكادون يأخذون بقول علي ~~بل مادتهم من عمر وزيد وابن عمر وغيرهم # وأما الشافعي فإنه تفقه أولا على المكيين أصحاب ابن جريج وابن جريج أخذ ~~عن أصحاب ابن عباس # ثم قدم الشافعي المدينة وأخذ عن مالك # ثم كتب كتب أهل العراق واختار لنفسه # وأما أبو حنيفة فشيخه الذي اختص به حماد بن أبي سليمان صاحب إبراهيم ~~النخعي وإبراهيم صاحب علقمة وعلقمة صاحب ابن مسعود # وأخذ أبو حنيفة عن عطاء بمكة وعن غيره # وأما أحمد بن حنبل فكان على مذهب أئمة الحديث أخذ عن هشيم وابن عيينة ~~ووكيع والشافعي وغيرهم واختار لنفسه وكذا فعل ابن راهويه وأبو عبيد # وقولك إن المالكية أخذوا ms352 علمهم من علي وأولاده فكذب هذا الموطأ ليس فيه ~~عن علي وأولاده إلا اليسير وكذلك الكتب والسنن والمسانيد جمهور ما فيها # PageV01P500 # عن غير أهل البيت # وقولك إن أبا حنيفة قرأ على الصادق كذب فإنه من أقرانه مات جعفر قبله ~~بسنتين ولكن ولد أبو حنيفة مع جعفر بن محمد في عام ولا نعرف أنه أخذ عن ~~جعفر ولا عن أبيه مسألة واحدة بل أخذ عمن كان أسن منهما كعطاء بن أبي رباح ~~وشيخه الأصلي حماد بن أبي سليمان # وجعفر بن محمد كان بالمدينة # وقولك إن الشافعي أخذ عن محمد بن الحسن فما جاءه الشافعي إلا وقد صار ~~إماما فجالسه وعرف طريقته وناظره وألف في الرد عليه # وفي الجملة فهؤلاء لم يأخذوا عن جعفر مسائل ولا أصولا ولكن رووا عنه ~~أحاديث يسيرة رووا عن غيره أضعافها # ولم يكذب على أحد ما كذب على جعفر بن محمد الصادق مع براءته مما كذب عليه # PageV01P501 # فنسب إليه علم البطاقة والهفت والجدول واختلاج الأعضاء والجفر ومنافع ~~القرآن والرعود والبروق وأحكام النجوم والقرعة والإستقسام بالأزلام ~~والملاحم # قال وعن مالك أنه قرأ على ربيعة وربيعة على عكرمة وعكرمة على ابن عباس ~~وابن عباس تلميذ علي # قلنا هذه كذبة ما أخذ ربيعة عن عكرمة شيئا بل عن سعيد بن المسيب وسعيد ~~كان يرجع في علمه إلى عمر وزيد وأبي هريرة # وقولك علي تلميذه ابن عباس باطل فإن روايته عن علي يسيرة وغالب أخذه عن ~~عمر وزيد وكان يفتي في أشياء بقول أبي بكر وعمر وينازع عليا في مسائل # قال وأما علم الكلام فهو أصله ومن خطبه تعلم الناس وكان الناس تلاميذه ~~قلنا هذا كذب ولا فخر فيه فإن الكلام المخالف للكتاب والسنة قد نزه الله ~~عليا عنه فما كان في الصحابة ولا التابعين أحد يستدل على حدوث العالم بحدوث ~~الأجسام ويثبت حدوث الأجسام بدليل الأعراض والحركة والسكون وأن الأجسام ~~مستلزمة لذلك بل أول ما ظهر هذا الكلام من جهة جعد بن درهم والجهم بن صفوان ~~بعد المائة الأولى ثم ms353 صار إلى عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وهما لما تكلما ~~في إنفاذ الوعيد وفي القدر صار ذلك وهذا إلى أبي الهذيل العلاف والنظام ~~وبشر المريسي وهؤلاء المبتدعة # وليس في الخطب الثابتة عن علي شيء من أصول المعتزلة الخمسة وقدماء ~~المعتزلة لم يكونوا يعظمون عليا بل كان فيهم من يشكون في عدالته ويقفون ~~ويقولون في أهل الجمل فسق إحدى الطائفتين لا بعينها # والشيعة القدماء يثبتون الصفات ويقرون بالقدر حتى # PageV01P502 # صرح منهم هشام بن الحكم بالتجسيم # وثبت عن جعفر الصادق أنه سئل عن القرآن فقال ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه ~~كلام الله # ولا ريب أنا أبا الحسن الأشعري كان تلميذا لأبي علي الجبائي لكنه فارقه ~~ورجع عنه وأخذ الحديث والسنة عن زكريا ابن يحيى الساجي وذكر في المقالات ~~أنه معتقد مذهب السلف # لا كما فعلت أنت وأصحابك إذ جمعتم أخس المذاهب مذهب الجهمية في الصفات ~~ومذهب القدرية في أفعال العباد ومذهب الرافضة في الإمامة والتفضيل # فتبين أن ما نقل عن علي من الكلام فهو كذب عليه ولا مدح فيه # وأبلغ مما افتريت على علي أن هؤلاء القرامطة والإسماعيلية ينسبون قولهم ~~إلى علي وأنه أعطي علما باطنا مخالفا للظاهر # وقد ثبت عنه أنه قال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عهد إلي النبي صلى ~~الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس إلا ما في هذه الصحيفة إلا فهما ~~يؤتيه الله عبدا في كتابه # ولا يوصف ما قد كذب على أهل البيت حتى أن اللصوص العشرية يزعمون أن معهم ~~كتابا من علي بالإذن لهم في السرقة كما زعمت اليهود الخيابرة أن معهم كتابا ~~من علي بإسقاط الجزية # أفبعد هذا ضلال ومما يقوله الباطنية المنتمون إلى علي يجعلون منتهى ~~الإسلام وغايته هو الإقرار بربوبية الأفلاك وأنها مدبرة للعالم وأنه ليس ~~وراءها صانع لها ويجعلون هذا باطن دين الإسلام الذي بعث به محمد وأنه ألقاه ~~على علي وألقاه علي إلى الخواص حتى اتصل محمد بن إسماعيل بن جعفر وهو عندهم ~~القائم # PageV01P503 # وبنو عبيدهم ملوكهم ms354 الذين استولوا على المغرب ثم على مصر أكثر من مائتي ~~سنة وصنف فيهم القاضي أبو بكر بن الطيب والقاضي عبد الجبار بن أحمد والقاضي ~~أبو يعلى والغزالي وابن عقيل وأبو عبد الله الشهرستاني وكشفوا أستارهم ~~وأصحاب الألموت منهم وسنان من دعاتهم # وشعارهم الظاهر الرفض وباطن أمرهم الزندقة والإنحلال وكان من أعظم ما به ~~دخل هؤلاء على المفسدين وأفسدوا الدين هو طريق الشيعة لفرط جهلهم وأهوائهم ~~وبعدهم من دين الإسلام # ولهذا وصوا دعاتهم أن يدخلوا # PageV01P504 # على المسلمين من باب التشيع وصاروا يستعينون بما عند الشيعة من الأكاذيب ~~والأهواء ويزيدون هم على ذلك ما ناسبهم من الإفتراء حتى فعلوا في أهل ~~الإيمان ما لم يفعله عبدة الأوثان والصلبان # قال وعلم التفسير إليه يعزى لأن ابن عباس كان تلميذه فيه # قال ابن عباس حدثني أمير المؤمنين في تفسير الباء من اسم الله من أول ~~الليل إلى آخره # قلنا هذا كذب صراح وهذا يرويه من يؤمن بالمجهولات من جهلة الصوفية كما ~~يروون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ~~وأبو بكر يتحدثان وكنت كالزنجي بينهما # وينقلون عن عمر أنه تزوج بامرأة أبي بكر ليسألها عن عمله في السر فقالت ~~كنت أشم منه رائحة الكبد المشوية # وهذا من أبين الكذب وإنما تزوج بامرأة أبي بكر أسماء بنت عميس بعده علي # وقد أخذ ابن عباس عن عدد كبير من الصحابة وأخذ التفسير عن ابن مسعود وعن ~~طائفة من الصحابة والتابعين وما يعرف بأيدي الأمة تفسير ثابت عن علي وما ~~ورد عنه من التفسير فقليل # وأما ما ينقل أبو عبد الرحمن السلمي الصوفي في حقائق التفسير عن جعفر ~~الصادق فكذب عليه # قال وعلم الطريقة إليه منسوب فإن الصوفية إليه يسندون الخرقة # قلنا الخرق متعددة أشهرها خرقتان خرقة إلى عمر وخرقة إلى علي # فخرقة عمر لها إسناد إلى أويس القرني وإلى أبي مسلم الخولاني # وأما المنسوبة إلى علي فإسنادها إلى الحسن البصري # والمتأخرون يصلونها إلى معروف الكرخي ومن بعده منقطع فإنهم ms355 تارة يقولون ~~إنه صحب علي بن موسى الرضا وهذا باطل قطعا ومعروف كان منقطعا ببغداد وعلي ~~بن موسى كان في صحبة المأمون بخراسان ومعروف أسن من علي ولا نقل ثقة أنه ~~اجتمع به أو أخذ عنه شيئا بل ولا يعرف أنه رآه ولا كان والله معروف بوابه ~~ولا أسلم على يديه # وأما إسنادها الآخر فيقولون إن معروفا صحب داود الطائي # PageV01P505 # وهذا أيضا لا أصل له ولا عرف أنه رآه # وفي إسناد الخرقة أيضا أن داود الطائي صحب حبيبا العجمي وهذا أيضا لم ~~يعرف له حقيقة # وفيها أن حبيبا العجمي صحب الحسن البصري وهذا صحيح فإن الحسن كان له ~~أصحاب كثيرون مثل أيوب السختياني ويونس بن عبيد وعبد الله بن عوف ومثل محمد ~~بن واسع ومالك بن دينار وحبيب العجمي وفرقد السبخي وغيرهم من عباد البصرة # وفيها أن الحسن صحب عليا وهذا باطل ما جالسه قط وما روى أن عليا دخل ~~البصرة فأخرج القصاص من جامعها إلا الحسن كذب بين بل ما طلب الحسن العلم ~~إلا بعد وفاة علي مع أنه رأي عثمان يخطب # وقد أفرد ابن الجوزي تأليفا في مناقبه # وأوهى من هذا نسبة لباس الفتوة إلى علي بإسناد مظلم يعلم بطلانه # ولهم إسناد آخر بالخرقة إلى جابر منقطع ساقط # وقد علمنا قطعا أن الصحابة لم يكونوا يلبسون مريدهم خرقة ولا يقصون ~~شعروهم ولا فعله التابعون بل جالسوا الصحابة وتأدبوا بآدابهم كل طائفة ~~أخذوا عمن في بلدهم من الصحابة فأخذ أهل المدينة عن عمر وأبي وزيد وأبي ~~هريرة # ولما ذهب علي إلى الكوفة كان أهلها قد تخرجوا في دينهم بإبن مسعود وسعد ~~وعمار وحذيفة وأخذ أهل البصرة عن عمران ابن حصين وأبي موسى وأبي بكرة وابن ~~مغفل وخلق وأخذ أهل الشام دينهم عن معاذ وأبي عبيدة وأبي الدرداء وعبادة بن ~~الصامت وبلال # فكيف تقول إن طريق أهل الزهد والتصوف متصل به دون غيره وكتب الزهد كثيرة ~~جدا مثل الزهد للإمام أحمد والزهد لإبن المبارك ولوكيع بن الجراح ولهناد بن ~~السري ms356 # ومثل كتب أخبار الزهاد كحلية الأولياء وصفة الصفوة فيها خبر كثير عن ~~المهاجرين والأنصار وتابعيهم بإحسان وليس الذي فيها لعلي أكثر مما فيها ~~لأبي بكر وعمر ومعاذ وابن مسعود وأبي بن كعب وأبي ذر وأبي أمامة وأمثالهم ~~من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين # PageV01P506 # قال وأما علم الفصاحة فهو منبعه حتى قيل كلامه فوق كلام المخلوق ودون ~~كلام الخالق # قلنا لا ريب أنه كان من أخطب الصحابة وكان أبو بكر خطيبا وكان عمر خطيبا ~~وكان ثابت بن قيس خطيبا بليغا ولكن كان أبو بكر يخطب عن النبي صلى الله ~~عليه وسلم في حضوره وغيبته ونبي الله ساكت يقره على ما يقول # وقد خطب أبو بكر يوم السقيفة فأبلغ حتى قال عمر كنت قد هيأت مقالة ~~أعجبتني فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه وكنت ~~أداري منه بعض الحدة # فتكلم فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري ~~إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها # وقال أنس بن مالك خطبنا أبو بكر ونحن كالثعالب فما زال يثبتنا حتى صرنا ~~كالأسد # وكان ثابت بن قيس يسمى خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أن حسان بن ~~ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم # وكان زياد بن أبيه من أخطب العرب وأبلغهم حتى قال الشعبي ما تكلم أحد ~~فأحسن إلا تمنيت أن يسكت خشية أن يسيء إلا زيادا كان كلما أطال أجاد # أو كما قال الشعبي # وكانت عائشة من أخطب الناس وأفصحهم حتى كان الأحنف بن قيس يتعجب من ~~بلاغتها وقال ما سمعت الكلام من مخلوق أفحم ولا أفصح منه من عائشة # وكان ابن عباس من أخطب الناس والبلغاء في العرب جماعة قبل الإسلام وبعده ~~وعامة هؤلاء لم يأخذوا من علي شيئا وإنما الفصاحة موهبة من الله ولا كان ~~علي ولا هؤلاء يتكلفون الأسجاع ولا التجنيس الذي يسمى علم البديع بل يخطبون ~~بطباعهم ولا يقصدون سجعا # وإنما حدث هذا في # PageV01P507 # المتأخرين ms357 وتكلفوا له وتتبعوه # فقولك إنه منبع الفصاحة مجرد دعوى بل أنصح الناس رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم # وليست الفصاحة التشدق في الكلام والتقعير ولا البلاغة التجنيس والسجع بل ~~البلاغة بلوغ المطلوب بأتم عبارة فيجمع صاحبها بين تكميل المعاني المقصودة ~~وبين تبيينها بأحسن وجه # ثم غالب الخطب التي يأتي بها صاحب نهج البلاغة كذب على علي وعلي أعلى ~~قدرا من أن يتكلم بذلك الكلام ولكن هؤلاء وضعوا أكاذيب وظنوا أنها مدح فلا ~~هي صدق ولا هي له مدح # وقولك إن كلامه فوق كلام المخلوق كلام ملعون فيه إساءة أدب على الرسول ~~وهذا مثل ما قال ابن سبعين هذا كلام يشبه بوجه ما كلام البشر # وهذا ينزع إلى أن يجعل كلام الله ما في نفوس البشر وليس هذا من كلام ~~المسلمين # وأيضا فالمعاني الصحيحة التي توجد في كلام علي موجودة في كلام غيره لكن ~~صاحب نهج البلاغة وأمثاله أخذوا كثيرا من كلام الناس فجعلوه من كلام علي ~~ومنه ما يحكى عن علي أنه تكلم به ومنه ما هو كلام حق يليق به أن يتكلم به ~~ولكن هو في نفس الأمر من كلام غيره وفي كتاب البيان والتبيين للجاحظ كلام ~~كثير منقول عن غير علي وصحب نهج البلاغة يأخذه ويلصقه بعلي وهذه الخطب ~~المنقولة في كتاب نهج البلاغة لو كانت كلها عن علي من كلامه لكانت موجودة ~~قبل هذا المصنف منقولة عن علي بالأسانيد وبغيرها فإذا عرف من له خبرة ~~بالمنقولات أن كثيرا منها بل أكثرها لا يعرف قبل هذا علم أن هذا كذب وإلا ~~فليبين الناقل لها في أي كتاب ذكر ذلك ومن # PageV01P508 # الذي نقله عن علي وما إسناده وإلا فالدعوى المجردة لا يعجز عنها أجد # ومن كانت له خبرة بمعرفة طريقة أهل الحديث ومعرفة الآثار والمنقول ~~بالأسانيد وتبين صدقها من كذبها علم أن هؤلاء الذين ينقلون مثل هذا عن علي ~~من أبعد الناس عن المنقولات والتمييز بين صدقها وكذبها # قال وقال سلوني قبل أن تفقدوني # سلوني عن طرق السماء فإني ms358 أعلم بها من طرق الأرض فنقول لا ريب أن عليا لم ~~يكن يقول هذا بالمدينة بين سادة الصحابة الذين يعلمون كما يعلم # وإنما قال هذا لما صار إلى العراق بين قوم لا يعرفون كثيرا من الدين وهو ~~الإمام الذي يجب عليه أن يعلمهم ويفقههم # وقوله أنا أعلم بطرق السماء إن كان قاله فمعناه أعلم بما يتقربون به من ~~الأمر والنهي والعبادة والجنة والملائكة ما لا أعلمه في الأرض # ليس مراده أنه صعد ببدنه إلى السماء هذا لا يقوله مسلم وهذا كأنه موضوع ~~ولا يعرف له إسناد وقد تضل به الغلاة الذين يعتقدون نبوته فيحتجون بهذا بل ~~وكثير من العوام والنساك يعتقدون في بعض الشيوخ نحو هذا # قال وإليه رجع الصحابة في مشكلاتهم ورد عمر في قضايا كثيرة قال فيها لولا ~~علي لهلك عمر # فيقال ما رجع الصحابة إليه في شيء من دينهم بل كانت النازلة تنزل فيشاور ~~عمر عليا وعثمان وابن عوف وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبا موسى وجماعة حتى ~~كان يدخل ابن عباس معهم مع صغر سنه وهذا مما أمر الله به المؤمنين ومدحهم ~~عليه بقوله (وأمرهم شورى بينهم) ولهذا كان رأي عمر وحكمه وسياسته من أسد ~~الأمور وقد أجاب ابن عباس عن مشكلات أكثر مما أجاب علي بكثير لطول مدته ~~واحتاج الناس إلى علمه وكان عمر يشاورهم مع أنه أعلم منهم وكثيرا ما كانوا ~~يرجعون إلى قوله كالعمريتين والعول وغيرهما فإن عمر وهو أول من أجاب في زوج ~~وأبوين او امرأة وأبوين بأن للأم ثلث الباقي واتبعه أكابر الصحابة # PageV01P509 # وأكابر الفقهاء كعثمان وابن مسعود وعلي وزيد والأئمة الأربعة وخفي قوله ~~على ابن عباس فأعطى الأم الثلث ووافقه طائفة وقول عمر أصوب # وقولك رد عمر في قضايا كثيرة قال فيها لولا على لهلك عمر فهذا لا يعرف أن ~~عمر قاله إلا في مسألة واحدة إن صح ذلك وقد كان عمر يقول نحو هذا كثيرا لمن ~~هو دون علي قال للمرأة التي عارضته في الصداق رجل أخطأ وأصابت امرأة ms359 # وأما قولك معرفة القضايا بالإلهام بمعنى أنه من ألهم أنه صادق حكم بذلك ~~بمجرد الإلهام فلا يحل الحكم بهذا في دين الإسلام ولو كان الإلهام طريقا ~~كان الرسول أحق من قضى به وكان الله يوحى إليه من هو صاحب الحق فلا يحتاج ~~إلى بينة # فإن قلت معناه أنه يلهم الحكم الشرعي فهذا أيضا لا بد فيه من دليل شرعي # وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد كان قبلكم في الأمم محدثون ~~فإن يكن في أمتي أحد فعمر ومع هذا فلم يكن يجوز لعمر أن يحكم بالإلهام ولا ~~يعمل بمجرد ما يلقي في قلبه حتى يعرض ذلك على الكتاب والسنة فإن وافقه قبله ~~وإن خالفه رده # وأما ما ذكره من الحكومة في البقرة التي قتلت حمارا فلم يذكر له إسنادا ~~ولا نعلم صحته بل الأدلة المعلومة تدل على إنتفائه قال النبي صلى الله عليه ~~وسلم جرح العجماء جبار فالحيوان من بقرة أو شاة أو حمار إذا كان يرعى في ~~المراعي المعتادة فأفلتت نهارا من غير تفريط حتى دخلت على زرع فأفسدته لم ~~يكن على صاحبها ضمان بالإجماع فإنها عجماء ومالكها لم يفرط # وإن خرجت ليلا ضمن عند مالك والشافعي وأحمد # وذهب أبو حنيفة وابن حزم إلى أنه لا يضمن # قال وكان أشجع الناس وبسيفه ثبتت قواعد الإسلام وتشيدت أركان الإيمان كشف ~~الكروب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يفر كما فر غيره إلخ # والجواب لا ريب في شجاعته ونصره للإسلام وقتله جماعة # لكن ما هذا من خصائصه بل شاركه # PageV01P510 # فيه عدة # وأشجع الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت من حديث أنس وفيه ولقد ~~فزع أهل المدينة يوما فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم راجعا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عرى في عنقه ~~السيف وهو يقول لم تراعوا # وفي المسند عن علي قال كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله فيكون ~~أقربنا إلى العدو ms360 # والشجاعة قوة القلب والثبات عند المخاوف أو شدة البطش وإحكام صناعة الحرب # ومع هذا فما قتل النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي بن خلف # ومن فرط شجاعته أن أصحابه انهزموا يوم حنين وهو راكب بغلة لا تكر ولا تفر ~~ويقدم عليها إلى ناحية العدو ويسمي نفسه ويقول # (أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب) # وإذا كانت الشجاعة المطلوبة من الإمام شجاعة القلب فلا ريب أن أشجع ~~الصحابة أبو بكر فإنه باشر الأهوال التي كان الرسول يباشرها من أول الإسلام ~~ولم يجبن ولا جزع بل يقدم على المخاوف ويقي الرسول بنفسه ويجاهد بلسانه ~~وبيده وبماله # ولما كان مع الرسول في العريش يوم بدر قام نبي الله يدعو ويستغيث بربه ~~ويقول اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض ~~وجعل أبو بكر يقول له يا رسول الله كفاك مناشدتك ربك إنه سينجز لك ما وعدك # وهذا يدل على كمال يقينه وثباته # ولا نقص على الرسول في إستغاثته بربه بل ذلك كمال له # فالإلتفات إلى الأسباب صح في التوحيد ومحو الأسباب أن تكون أسبابا تقدح ~~في العقل والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع # فعلى الرسول أن يجاهد ويقيم الدين بكل ممكن بنفسه وماله ودعائه وتحريضه ~~المؤمنين # والإستنصار بالله والإستعانة به أعظم الجهاد وأعظم أسباب النصر وهو مأمور ~~بذلك # والقلب إذا غشيته الهيبة والمخافة والتضرع قد يغيب عن شهود ما يعلمه # ومقام أبي بكر دون هذا وهو معاونة الرسول والذب عنه وإخباره بأنا واثقون ~~بنصر الله والنظر إلى جهة العدو # PageV01P511 # هل قاتلوا بعد ولما مات النبي صلى الله عليه وسلم عظمت النازلة واضطربوا ~~إضطراب الأرشية في الطوى البعيدة القعر وطاشت العقول ووقعوا في نسخة ~~القيامة وكأنها قيامة صغرى مأخوذة من القيامة الكبرى وارتدت الأعراب وذلت ~~الحماه # فقام الصديق بقلب ثابت الجأش قد جمع له الصبر واليقين وأخبرهم بأن الله ~~اختار لنبيه ما عنده وقال لهم من كان يعبد محمدا فإن محمد قد مات ومن كان ms361 ~~يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله ~~الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر ~~الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) فكأن الناس لم يسمعوها # ثم خطبهم فثبتهم وشجعهم وبادر إلى تنفيذ جيش أسامة # وأخذ في قتال المرتدين مع إشارتهم عليه بالتربص حتى كان عمر مع فرط ~~شجاعته يقول له يا خليفة رسول الله تألف الناس # وهذا باب واسع وأما القتل فلا ريب أن غير علي من الصحابة قتل أكثر منه من ~~الكفار فإن من نظر المغازي والسيرة وأمعن النظر عرف ذلك فالبراء بن مالك ~~أخو أنس قتل مائة رجل مبارزة سوى من شرك في دمه # وأما خالد بن الوليد فلا يحصى عدد من قتله وقد انكسر في يده يوم مؤتة ~~تسعة أسياف # وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير # وقال صلى الله عليه وسلم صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة # وقال ابن حزم وجدناهم يحتجون بأن عليا كان أكثر الصحابة جهادا وقتلا ~~والجهاد ثلاثة أقسام أعلاها الدعاء إلى الله باللسان وثانيها الجهاد عند ~~اليأس بالرأي والتدبير الثالث الجهاد باليد # فوجدنا الجهاد الأول لا يلحق فيه أحد بعد # PageV01P512 # النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر فإن أكابر الصحابة أسلموا على يد أبي ~~بكر # وأما عمر فإنه حين أسلم عز الإسلام قال ابن مسعود ما زلنا أعزة منذ أسلم ~~عمر # فقد انفرد الشيخان بالجهادين اللذين لا نظير لهما ولا حظ لعلي في هذا ~~أصلا # وأما الرأي والمشورة فخالص لأبي بكر وعمر # بقي الثالث فكان أقل عمل الرسول لا عن جبن ووجدنا عليا لم ينفرد بالسبق ~~فيه بل شاركه فيه غيره شركة العنان كطلحة والزبير وسعد وحمزة وعبيدة بن ~~الحارث بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وسعد بن معاذ وسماك أبي دجانة # ووجدنا أبا بكر وعمر قد شركاه في ذلك بحظ وإن لم يلحقا بحظوظ هؤلاء وإنما ~~ذلك لشغلهما بالأفضل ms362 من ملازمة الرسول ومؤازرته وقد بعثهما على البعوث أكثر ~~مما بعث عليا وما نعلم لعلي بعثا إلا إلى بعض حصون خيبر ففتحه # فصل # وقولك إنه بسيفه ثبت قواعد الإسلام وتشيدت أركان الإيمان فكذب بين لكل من ~~عرف أيام الإسلام بل سيفه جزء من أجزاء كثيرة جدا من أسباب تثبيت قواعد ~~الإسلام وكثير من الوقائع التي ثبت الله بها الإسلام لم يكن لسيفه فيها أثر ~~وكان سيفه يوم بدر سيفا من سيوف كثيرة وغزوات القتال كلها تسع وبعد الرسول ~~لم يشهد حرب فارس ولا الروم ولا شيئا من تلك الملاحم المهولة # وكان نصره في مغازيه تبعا لنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم # وحروبه الكبار في خلافته الجمل وصفين والنهروان فكان منصورا لأن جيشه كان ~~أكثر عددا من المقاتلين له ومع ذلك فما استظهر على أهل الشام بل كان وهم ~~كفرسى رهان # PageV01P513 # وقولك ما انهزم قط فهو في ذلك كأبي بكر وعمر وجماعة لم يعرف لواحد منهم ~~هزيمة # وإن كان قد وقع شيء خفيف خفي ولم ينقل فيمكن أن عليا وقع منه ما لم ينقل ~~يوم حنين ويوم أحد # وقولك وطالما كشف الكروب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوى كاذبة ~~من عبارات الطرقية بل ما علمنا كشف كربة واحدة بل ولا أبو بكر ولا عمر # نعم دفع أبو بكر عنه لما أراد المشركون أن يضربوه ويقتلوه بمكة فحال ~~بينهم وبينه وجعل يقول {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} حتى ضربوا أبا بكر # ووقاه طلحة يوم أحد بيده حتى شلت وكان يقول نحرى دون نحرك يا رسول الله # أما أن يكون المشركون أحاطوا برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خلصه ~~منهم علي بسيفه أو أبو بكر فهذا لم يقع # ولكنك طالعت فيما أحسب الغزوات التي للقصاص أو تنقلات الأنوار للبكري مما ~~هو من جنس سيرة البطال وعنترة وأحمد الدنف وهذه الأخلوقات التي يكتريها ~~صبيان الكتاب ليتمرنوا في القراءة ويطير النوم عنهم لفرط ما فيها من السخف ~~والإفك # قال ms363 وفي غزوة بدر كان لعلي سبع وعشرون سنة فقتل من المشركين ستة وثلاثين ~~رجلا وحده وهم أكثر من نصف المقتولين وشرك في الباقين # فيقال هذا من الكذب البين بل قد ثبت في الصحيح قتل جماعة لم يشرك على في ~~قتلهم منهم أبو جهل وعقبة بن أبي معيط وعتبة بن ربيعة وأبي بن خلف # ونقلوا أن عليا قتل يؤمئذ نحو العشرة # قال يوم أحد انهزم الناس كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عليا ورجع ~~إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر أولهم عاصم بن ثابت وأبو دجانة وسهل ~~بن حنيف وجاء عثمان # PageV01P514 # بعد ثلاثة أيام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد ذهبت فيها ~~عريضة وتعجبت الملائكة من ثبات على فقال جبريل لا سيف إلا ذو الفقار ولا ~~فتى إلا على # وقتل على أكثر المشركين في هذه الغزاة وكان الفتح على يديه وروى قيس بن ~~سعد عن علي قال أصابني يوم بدر ست عشرة ضربة وسقطت إلى الأرض فجاءني رجل ~~فأقامني # وذكر الحديث وأن الرجل جبريل فيقال هذا الرجل ما يستحي من الله ولا ~~يراقبه في نقل هذه الأكاذيب التي لا تنفق إلا على البقر كقوله وقتل علي ~~أكثر المشركين وكان الفتح فأين قتل المشركين وأين الفتح بل كانت غزوة أحد ~~على المسلمين لا لهم كما قال تعالى (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها ~~قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم) هزم المسلمون العدو أولا وكان نبي الله ~~قد وكل بثغر الجبل الرماة وأمرهم أن لا يبرحوا # فلما إنهزم المشركون طلبت الرماة الغنيمة فنهاهم أميرهم عبد الله بن جبير ~~فلم يطيعوه وكر العدو عليهم من ظهورهم وصاح الشيطان قتل محمد فاستشهد يومئذ ~~نحو السبعين وشج النبي صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على ~~رأسه ودخلت حلقتا المغفر في وجنته حتى قال كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم ~~وهو يدعوهم إلى الله فنزلت (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم) ولم يبق ms364 ~~معه يؤمئذ غير إثني عشر رجلا منهم أبو بكر وعمر وطلحة وسعد وقتل حوله جماعة ~~وقال رئيس المشركين اعل هبل اعل هبل # يوم بيوم بدر # يعني أخذنا بالثأر # ولم يقتل يؤمئذ من المشركين إلا بضعة عشر رجلا ولم يجرح علي يؤمئذ ولا ~~أقامه جبريل فأين الإسناد بهذا وفي أي كتب الموضوعات هو # وقولك إن عثمان جاء بعد ثلاث كذب آخر # وقولك إن جبريل قال لا سيف إلا ذو الفقار كذب آخر فإن ذا الفقار لم يكن ~~لعلي بل كان لأبي جهل غنمه المسلمون يوم بدر # فعن ابن عباس قال تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم ~~بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد قال رأيت في سيفي ذي الفقار فلا ~~فأولته فلا # PageV01P515 # يكون فيكم # ورأيت أني مردف كبشا فأولته كبش الكتيبة # ورأيت أني في درع حصينة فأولته المدينة # ورأيت بقرا تذبح فبقر والله خير والله خير # أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد في مسنده # قال وفي غزاة الأحزاب أقبلت قريش ومن معها في عشرة آلاف ونزلوا من فوق ~~المسلمين ومن تحتهم # فخرج صلى الله عليه وسلم بالمسلمين وهم ثلاثة آلاف وعملوا الخندق وركب ~~عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل ودخلا من مضيق في الخندق وطلبا المبارزة ~~فقام علي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إنه عمرو # فسكت # ثم طلب المبارزة ثانيا وثالثا ويقوم علي فأذن له النبي صلى الله عليه ~~وسلم # فقال يا عمرو كنت عاهدت الله تعالى أن لا يدعوك قرشي إلى إحدى خلتين إلا ~~أجبت إلى واحدة منهما وأنا أدعوك إلى الإسلام # قال لا حاجة لي به # قال فأدعوك إلى النزال # قال ما أحب أن أقتلك # ثم نزل وتجاولا فقتله علي وانهزم عكرمة ثم انهزم المشركون # فقال صلى الله عليه وسلم قتل علي عمرا أفضل من عبادة الثقلين # يقال قد طرزت القصة بعدة أكاذيب منها أنه لما قتل عمرا انهزموا وهذا كذب ~~بارد فإنهم ما انهزموا بل بقوا محاصرين المسلمين حتى ms365 خبب بينهم نعيم بن ~~مسعود الغطفاني وأرسل الله عليهم الريح والملائكة فترحلوا (ورد الله الذين ~~كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال) # فتبين أن المشركين ما ردهم الله بقتال ولا هزمهم المسلمون # والحديث الذي روات به كذب بيقين وحاشا الرسول من هذه المجازفة أيكون قتل ~~واحد أفضل من عبادة الإنس والجن فما بقي لمن قتل أبا جهل وصناديد قريش ~~الذين فعلوا بنبي الله الأفاعيل # PageV01P516 # وعمرو ما عرف له شر ينفرد في عداوة الرسول # قال وفي غزاة بني النضير قتل علي رامي قبة النبي صلى الله عليه وسلم بسهم ~~وقتل بعده عشرة وانهزم الباقون # قلنا وهذا من الكذب الواضح فإن بني النضير هم اليهود الذين نزلت فيهم ~~سورة الحشر بالإجماع وقصتهم قبل أحد وكان المسلمون قد حاصروهم وقطعوا نخلهم ~~ولم يخرجوا من حصونهم حتى يقال انهزموا ثم صالحوا على الجلاء فأجلاهم ~~الرسول # أفما تقرأ السورة وتتدبرها وحملوا من أموالهم ما استقلت به إبلهم إلا ~~السلاح وكان الرجل منهم يخرب بيته عن نجاف بابه فيضعه على بعيره فخرجوا إلى ~~خيبر والشام # قال وفي غزوة السلسلة جاء أعرابي فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ~~جماعة قصدوا أن يكبسوا عليه المدينة فقال من للوادي فقال أبو بكر أنا # فدفع إليه اللواء وضم إليه سبعمائة فلما وصل إليهم قالوا ارجع إلى صاحبك ~~فإنا في جمع كثير # فرجع # فقال صلى الله عليه وسلم من للوادي فقال عمر أنا # فبعثه # ففعل كالأول # فقال في اليوم الثالث أين علي فدفع إليه الراية فمضى فلقيهم فقتل منهم ~~ستة أو سبعة وانهزم الباقون # وأقسم الله بفعل أمير المؤمنين فقال (والعاديات ضبحا) # قلنا وهذا أيضا من الباطل فلا وجود لهذه الغزوة أصلا بل هي من جنس غزاوت ~~الطرقية الذين يحكون الأكاذيب الكثيرة كسيرة عنترة والبطال # وقد إعتنى بأيام الرسول صلى الله عليه وسلم عروة والزهري وابن إسحاق ~~وموسى بن عقبة وأبو معشر السندي والليث بن سعد وأبو إسحاق # PageV01P517 # الفزاري والوليد بن مسلم والواقدي ويونس بن بكير وابن عائذ ms366 وأمثالهم وما ~~أبقوا دقا ولا جلا ولا غثا ولا ثمينا وما ذكروا هذه الغزوة ولا نزلت فيها ~~(والعاديات) بل نزلت بالإجماع بمكة بل المشهور عن علي في التفاسير أنه قال ~~العاديات إبل الحجاج وعدوها من مزدلفة إلى منى # وكان ابن عباس والأكثرون يفسرونها بالخيل التي تغزو في سبيل الله # قال وقتل من بني المصطلق مالكا وابنه وسبى كثيرا من جملتهم جويرية قلنا ~~هذا من أخبار الرافضة التي لا إسناد لها # ولو وجد للشيء من أخبارهم إسناد فإما أن تكون ظلمات ومجاهيل أو عن كذاب ~~أومتهم فإنه لم ينقل أحد أن عليا فعل هذا في غزوة بني المصطلق ولا سبي ~~جويرية بنت الحارث # وهي لما سبيت كاتبت على نفسها فأدى عنها النبي صلى الله عليه وسلم وعتقت ~~من الكتابة وأعتق الناس السبي لأجلها وقالوا أصهار رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم # قال وغزاة خيبر كان الفتح فيها على يده دفعت إلى أبي بكر فانهزم ثم إلى ~~عمر فانهزم وعالج علي باب الحصن فاقتلعه وجعله جسرا على الخندق وكان الباب ~~يغلقه عشرون رجلا وقال صلى الله عليه وسلم ما اقتلعه بقوة جسمانية بل بقوة ~~ربانية # وكان فتح مكة على يديه بواسطته # قلنا لم تفتح خيبر كلها في يوم بل كانت حصونا مفرقة بعضها فتح عنوة ~~وبعضها صلحا # ثم كتموا ما صالحهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم فصاروا محاربين ولم ~~ينهزم أبو بكر ولا عمر # وقد روى أن عليا اقتلع الباب أما كونه يغلقه عشرون رجلا وأنه جعل جسرا ~~فلا أصل له # وأما فتح مكة فلا أثر لعلي فيه أصلا إلا كباقي # PageV01P518 # الصحابة والأحاديث المتوافرة في غزوة الفتح تبين هذا # قال أبو هريرة فجعل النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد يؤمئذ على ~~الميمنة والزبير على الميسرة وأبا عبيدة على الساقة وبطن الوادي فقال يا ~~أبا هريرة ادع لي الأنصار فدعاهم فجاءوا يهرولون فقال هل ترون أوباش قريش ~~قالوا نعم # قال انظروا إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا وأكفأ بيده ووضع ms367 يمينه على ~~شماله وقال موعدكم الصفا # قال فما أشرف لهم يومئذ أحد إلا أناموه # قال فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا وجاءت الأنصار فأطافوا ~~بالصفا فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيدت خضراء قريش لا قريش بعد ~~اليوم فقال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق ~~عليه بابه فهو آمن # متفق عليه # قال ويوم حنين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرة آلاف فعانهم أبو ~~بكر وقال لن نغلب اليوم من كثرة فانهزموا ولم يبق مع النبي صلى الله عليه ~~وسلم إلا تسعة من بني هاشم وابن أم أيمن وكان علي بين يديه فقتل من ~~المشركين أربعين وانهزموا # قلنا هذا كذب مفترى فهذه المسانيد والسير والتفاسير ما ذكر فيها أن أبا ~~بكر عانهم # واللفظ الذي قاله بعض المسلمين لن نغلب بعد اليوم من قلة لم يقل من كثرة ~~وقولك بقي معه تسعة باطل بل قال ابن إسحاق بقي معه نفر من المهاجرين ~~والأنصار وأهل بيته فثبت معه أبو بكر وعمر وعلي والعباس وأبو سفيان وربيعة ~~ابنا الحارث وأسامة وأيمن # وقولك إن عليا قتل بين يديه أربعين كذب ما قال هذا أحد يعتد به وفي ~~الصحيحين من حديث البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل يومئذ عن بغلته ~~ودعا واستنصر وهو يقول # (أنا النبي لا كذب ... أنا أبن عبد المطلب) # PageV01P519 # اللهم أنزل نصرك # قال البراء وكنا إذا احمر البأس نتقي به وكان الشجاع منا الذي يحاذيه ~~يعني النبي صلى الله عليه وسلم # ولمسلم من حديث سلمة بن الأكوع قال لما غشوا النبي صلى الله عليه وسلم ~~نزل ثم قبض قبضة من التراب واستقبل به وجوههم فقال شاهت الوجوه فما خلق ~~الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين # فصل # قال الخامس إخباره بالغيب والكائن قبل كونه أخبر أن طلحة والزبير لما ~~استأذنا في الإعتمار قال ما تريدان العمرة وإنما تريدان البصرة # وكان كما قال # وأخبر ms368 وهو جالس بذي قار يبايع يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون ~~ولا ينقصون يبايعونني على الموت # فكان كذلك آخرهم أويس القرني # وأخبر بقتل ذي الثدية # وأخبر بقتل نفسه الشريفة # وأخبر ابن شهريار اللعين بقطع أربعته وصلبه ففعل به معاوية ذلك # وأخبر ميئم التمار بأنه يصلب عاشر عشرة وأراه النخلة التي يصلب عليها ~~فوقع كذلك # وأخبر رشيدا الهجري بصلبه فصلب # وأن الحجاج يقتل كميل بن زياد # وأن قنبرا يذبحه الحجاج فوقع # فقال للبراء # PageV01P520 # ابن عازب إن ابني الحسين يقتل ولا تنصره فكان كذلك # وأخبر بملك بني العباس يسر لا عسر فيه لو اجتمع عليهم الترك والديلم ~~والسند والهند على أن يزيلوا ملكهم لما قدروا حتى يشذ عنهم مواليهم وأرباب ~~دولتهم ويسلط عليهم ملك من الترك يأتي عليهم من حيث بدأ ملكهم لا يمر ~~بمدينة إلا فتحها ولا ترفع لحربه راية إلا نكسها الويل ثم الويل لمن ناوأه ~~فلا يزال كذلك حتى يظفر ثم يدفع ظفره إلى رجل من عترتي يقول بالحق ويعمل به # وكان الأمر كذلك حيث ظهر هلاكو من ناحية خراسان # فيقال أما الإخبار ببعض المغيبات فيقع ممن هو دون علي من الصلحاء وغيرهم ~~ممن لا يصلح للإمامة وأبو هريرة وحذيفة وغيرهما كانوا يحدثون بأضعاف ذلك ~~وأبو هريرة بسنده وحذيفة يسنده مرة وتارة لا يسنده فما أخبر به هو أو غيره ~~قد يكون مما سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم قد يكون مما كوشف به علي ~~وعمر # وفي الزهد لأحمد بن حنبل والحلية لأبي نعيم وكرامات الأولياء لإبن أبي ~~الدنيا والخلال واللالكائي جملة من ذلك عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم # وما أورده عن # PageV01P521 # علي فلا نسلم صحته ومنه ما يعرف كذبه فإن هلاكو ما دفع ظفره إلى علوي ~~ومما يبين أن عليا ما كان يعلم المستقبلات أنه كان في خلافته وحروبه يظن ~~أشياء فيتبين له الأمر بخلاف ظنه فلو عرف أنه يجري ما جرى من قتل الناس ولم ~~يحصل المقصود لما قاتل فإنه كان لو لم يقاتل ms369 أعز وأنصر # ولو علم أنه إذا حكم الحكمين يحكمان بما حكما به لم يحكمهما فأين علمه ~~بالكوائن بعده وأين كشفه الكرب عن وجه الرسول صلى الله عليه وسلم بسيفه حتى ~~ثبت قواعد الدين وهو مع جيشه الذين هم تسعون ألفا لم يظفر بمعاوية بل ~~الرافصة تدعي فيه الشيء ونقيضه فتغلو فيه حتى يقولوا بعصمته وأنه لا يقع ~~منه سهو وأنه يعلم المغيبات وما يقنعون له بما أعطاه الله من الشجاعة حتى ~~يحملوه ما لا يطيقه بشر ولا يقبله عقل عاقل بإفتراء الطرقية ثم يذكرون عجزه ~~عن مقاومة أبي بكر مع عدم مال أبي بكر وقلة رجاله وكذلك فليكن التناقض ~~وإنما قال تعالى (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم) فأيده ~~الله بالمؤمنين كلهم علي وغيره # ومما يبين أنه لم يكن يعلم المستقبلات قوله # (لقد عجزت عجزة لا أعتذر ... سوف أكيس بعدها وأستمر) # (وأجمع الرأي الشتيت المنتشر ... ) # وكان يقول ليالي صفين يا حسن ما ظن أبوك أن الأمر يبلغ هذا لله در مقام ~~قامه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر إن كان برا إن أجره لعظيم وإن كان إثما ~~إن خطره ليسير # وتواتر عنه أنه كان يتململ من إختلاف أصحابه ورعيته عليه # وقد دل الواقع على أن رأي ولده حسن من ترك القتال كان أجود وأنفع للأمة # وقد قعد عن القتال # PageV01P522 # مثل سعد وسعيد وابن عمر ومحمد بن مسلمة وزيد بن ثابت وعمران بن حصين ~~وجماعة ودلتهم النصوص على القعود ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ~~ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم # ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا # مع أن عليا لم يكفر أحدا ممن قاتله حتى الخوارج الذين كفروه ولا سبى لهم ~~ذرية # وكان يترضى عن طلحة والزبير ويدعو على معاوية وعمرو من غير أن يكفرهما # فصل قال السادس أنه كان مستجاب الدعاء دعا على بشر بن أرطأة أن يسلبه ~~الله عقله فخولط ودعا على العيزار بالعمى فعمى ودعا على أنس لما كتم شهادته ~~بالبرص ms370 فبرص وعلى زيد بن أرقم بالعمى فعمى # قلنا هذا موجود في الصحابة والصالحين فلا ينكر لعلي # وكان سعد بن أبي وقاص لا تخطيء له دعوة لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ~~له اللهم سدد رميته واجب دعوته # والبراء بن مالك كان يقسم على الله فيبر قسمه كما في الصحيح إن من عباد ~~الله من لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك وقد بارز مائة مبارزة # والعلاء بن الحضرمي نائب رسول الله ثم نائب أبي بكر على البحرين مشهور ~~بإجابة الدعاء # قال وروى الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى بني المصطلق ~~فنزل بقرب واد وعر وهبط جبريل وأخبره أن طائفة من كفار الجن قد إستنبطوا ~~الوادي يريدون كيده فدعا بعلي وأمره بنزول الوادي فقتلهم # فيقال علي أعظم من هذا # وإهلاك الجن لمن هو دونه # لكن هذا من الأكاذيب المعلومة بالضرورة ولم يقاتل أحد من الإنس الجن وهو ~~من جنس قتاله للجن ببئر ذات العلم وهذه الموضوعات لا تروج علينا # PageV01P523 # نعم تروج علي إخوانك أهل الجرد وجزين وعلي أرفع قدرا من أن تثبت له الجن ~~وقد سأل شيعي المحدث أبا البقاء خالد بن يوسف النابلسي عن قتال علي الجن ~~فقال أنتم معشر الشيعة أما لكم عقل أيما أفضل عندكم عمر أو علي قال بل علي # فقال إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعمر ما رآك الشيطان سالكا ~~فجا إلا سلك فجا غير فجك فإذا كان الشيطان يهرب من عمر فكيف يقاتل بنوه ~~عليا وقد روى ابن الجوزي في الموضوعات حديثا طويلا في محاربته الجن وأنه ~~كان عام الحديبية وأنه حاربهم ببئر ذات العلم من طريق محمد بن أحمد المفيد ~~أخبرنا محمد بن جعفر السامر حدثنا عبد الله بن محمد السكوني حدثنا عمارة بن ~~يزيد حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق حدثني يحيى بن عبيد الله بن ~~الحارث عن أبيه عن ابن عباس قال لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ms371 إلى ~~مكة عام الحديبية أصاب الناس عطش وحر فنزل الجحفة فقال من يمضي في نفر ~~بالقرب فيردون بئر ذات العلم وأضمن لهم الجنة # فذكر حديثا طويلا فيه أنه بعث رجلا ففزع من الجن ورجع ثم آخر فرجع ثم ~~أرسل عليا فنزل البئر وملأ القرب بعد هول شديد وأن النبي صلى الله عليه ~~وسلم قال الذي هتف بك من الجن هو سماعة بن غراب الذي قتل عدو الله مسعرا ~~شيطان أصنام قريش # قال ابن الجوزي وهذا موضوع # والمفيد ومحمد بن جعفر والسكوني مجروحون # قال أبو الفتح الأزدي وعمارة يضع الحديث # فصل # قال ورجوع الشمس له مرتين إحداهما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم # روى جابر # PageV01P524 # وأبو سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه جبريل يناجيه وتوسد ~~فخذ علي فلم يرفع رأسه حتى غابت الشمس فصلى علي العصر إيماء فلما استيقظ ~~نبي الله قال له سل الله يرد عليك الشمس لتصلي العصر قائما فدعا فردت الشمس ~~وصلى # وأما الثانية فلما أراد أن يعبر الفرات ببابل إشتغل كثير من أصحابه ببعض ~~دوابهم وصلى لنفسه في طائفة من أصحابه العصر وفات كثيرا منهم فتكلموا في ~~ذلك فسأل الله رد الشمس فردت # ونظمه السيد الحميري فقال # (ردت عليه الشمس لما فاته ... وقت الصلاة وقد دنت للمغرب) # (حتى تبلج نورها في وقتها ... للعصر ثم هوت هوى الكوكب) # (وعليه قد ردت ببابل مرة ... أخرى وما ردت لخلق مغرب) # قلنا علمنا اليقيني بفضل علي لا يحتاج معه إلى هذا الكذب # فأما رد الشمس له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكره طائفة بلفظ ~~آخر كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما وعدوا ذلك من معجزات الرسول صلى الله ~~عليه وسلم # لكن الحذاق يعلمون أن هذا لم يكن # والحديث في ذلك ذكره ابن الجوزي في الموضوعات من طريق عبيد الله بن موسى ~~عن فضيل ابن مرزوق عن إبراهيم بن الحسن عن فاطمة بنت الحسين عن أسماء بنت ~~عميس قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ms372 يوحى إليه ورأسه في حجر علي ~~فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم إنه كان ~~في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس # قالت أسماء فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت # قال أبو الفرج بن الجوزي وهذا موضوع بلا شك وقد إضطربوا فيه فرواه سعيد ~~بن مسعود المروزي عن عبيد الله ابن موسى عن فضيل عن عبد الرحمن بن عبد الله ~~بن دينار عن علي بن الحسين عن فاطمة بنت الحسين عن أسماء نحوه # وفضيل بن مرزوق ضعفه يحيى وقال أبو حاتم بن حبان يروي الموضوعات ويخطيء ~~على الثقات # قال أبو الفرج وهذا الحديث مداره على عبيد الله بن موسى عنه # وعن ابن عقدة أخبرنا أحمد بن يحيى الصوفي حدثنا عبد الرحمن # PageV01P525 # ابن شريك حدثني أبي عن عروة بن عبد الله بن قشير قال دخلت على فاطمة بنت ~~علي بن أبي طالب فحدثني أن عليا # وذكر حديث رجوع الشمس # قال أبو الفرج وهذا باطل أما ابن شريك فقال أبو حاتم واهي الحديث وأنا لا ~~أتهم بهذا الإ ابن عقدة فإنه كان رافضيا يحدث بمثالب الصحابة قال ابن عدي ~~سمعت أبا بكر بن أبي غالب يقول ابن عقدة لا يتدين بالحديث كان يحمل شيوخا ~~بالكوفة على الكذب يسوي لهم نسخا ويأمرهم أن يرووها # وسئل الدارقطني عنه فقال رجل سوء # وقد روى داود بن فراهيج عن أبي هريرة وداود ضعفه شعبة # قلت لم يصح أن داود حدث به رواه يزيد النوفلي عنه وهو واه وعن يزيد ابنه ~~يحيى وهو ضعيف # فإن قيل في الصحيحين رد الشمس لبعض الأنبياء قلنا ما ردت له ولكن # PageV01P526 # تأخر غروبها وبورك له في النهار وطول النهار وقصره قد يختفي وإنما علمنا ~~وقوفها ليوشع صلى الله عليه وسلم بالنص فإن ثبت نص قلنا به فلا مانع من ذلك ~~لكن الشأن هل وقع الحادث العظيم أن الشمس غربت ثم طلعت وما نقله أهل ~~التواتر كما نقلوا إنشقاق القمر ونطق به القرآن # ثم ms373 إن يوشع كان محتاجا إلى ذلك لأن القتال كان محرما عليه بعد الغروب ~~لأجل ما حرم الله عليهم من العمل ليلة السبت وأما أمتنا فلا حاجة بهم إلى ~~ذلك فإن الذي فاتته العصر إن كان مفرطا لم يسقط ذنبه إلا بالتوبة ومعها ~~يستغني عن رد الشمس وإن لم يكن مفرطا كالنائم والناسي فلا ملام عليه في ~~صلاتها بعد الغروب # ثم نفس غروب الشمس يخرج الوقت المضروب للصلاة فالمصلى بعد ذلك لا يكون ~~مصليا في الوقت # ولو عادت وطلعت بعد غروبها حصل بغروبها إفطار الصائم وصلاة المسلمين ~~المغرب # فبعد طلوعها أيبطل صوم الصائم وصلاته وهذا تقدير ما لم يوجد # وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فاتته العصر يوم الخندق وصلاها ~~قضاء هو وكثير من أصحابه وما سأل الله أن يرد له الشمس وقد دعا على من شغله ~~عنها وتألم لذلك # فإن كانت الشمس احتجبت قبيل الغروب بغيم ثم انكشفت فيمكن فلعلهم ظنوا ~~أنها غربت ثم كشفت الغمام عنها # ولهذا الخبر إسناد آخر رواه جماعة عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أخبرنا ~~محمد بن موسى القطري عن عون بن محمد عن أمه أم جعفر عن جدتها أسماء بنت ~~عميس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع رأسه في حجر علي فلم يحركه حتى ~~غابت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم # PageV01P527 # اللهم إن عبدك عليا احتسب نفسه على نبيه فرد عليه شرقها # قالت أسماء فطلعت حتى وقفت على الجبال والأرض فقام علي فتوضأ وصلى العصر ~~ثم غابت الشمس وذلك بالصهباء في غزوة خيبر # عون بن محمد هو ابن الحنيفة وأمه هي ابنة محمد بن جعفر بن أبي طالب # والخبرمنكر # وعون وأمه ليسا ممن يعرف حفظهم وعدالتهم ولا من المعروفين بنقل العلم ولا ~~يحتج بحديثهم في أهون الأشياء فكيف في مثل هذا ولا فيه سماع المرأة من ~~أسماء بنت عميس فلعلها سمعت من يحكيه عن أسماء فذكرته # وهذا المصنف ذكر عن ابن أبي فديك أنه ثقة وعن القطري أنه ms374 ثقة ولم يمكنه ~~أن يذكر عمن بعدهما أنه ثقة وإنما ذكر أنسابهم ومجرد المعرفة بنسب الرجل لا ~~توجب أن يكون حافظا ثقة # قلت ولفظ ابن المطهر من أن عليا صلاها للوقت ما علمت أحدا رواه # وأما رد الشمس لعلي ببابل فهذا من أباطيل الرافضة # قال وزاد الماء بالكوفة وخافوا الغرق فركب علي بغلة رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم والناس معه فنزل علي على شاطيء الفرات فصلى ودعا وضرب صفحة الماء ~~بقضيب فغاض الماء وسلم عليه كثير من الحيتان ولم ينطق الجزي فسئل عن ذلك ~~فقال أنطق الله لي ما طهر من السمك وأصمت ما أخرسه وأنجسه وأبعده # قلنا أين إسناد هذا وإلا فمجرد الحكايات يقدر عليه كل أحد ولا يعني شيئا # ثم هو باطل ولو وقع لتوفرت الدواعي والهمم على نقله # ثم السمك كله طاهر مباح اجمعوا على حله فكيف يقال إن # PageV01P528 # الله أنجسه أفنحرم ما احل الله بمثل هذه الخرافة ونقول نطق السمك ليس هو ~~مقدورا له عادة بل من الخوارق فالله أنطق ما أنطق منه بقدرته وما بقي فعلى ~~الأصل أن لو كان ذلك وقع فأي ذنب للسمك وقد قلنا إن عليا أجل قدرا من أن ~~يحتاج إلى هذه الموضوعات # قال وروى جماعة أن عليا كان يخطب على منبر الكوفة فظهر ثعبان فرقي المنبر ~~وخاف الناس وأرادوا قتله فمنعهم علي فخاطبه ثم نزل فسأل الناس عنه عليا ~~فقال هو حاكم الجن التبست عليه مسألة فأوضحتها له # وكان أهل الكوفة يسمون الباب الذي دخل منه باب الثعبان فأراد بنو أمية ~~إطفاء هذه الفضيلة فنصبوا على ذلك الباب قتلى كثيرة مدة طويلة حتى سمي باب ~~القتلى # فيقال من هو دون علي تحتاج الجن إليه وتستفتيه وهذا معلوم قديما وحديثا # فإن كان هذا وقع فقدره أجل من ذلك وإن لم يكن وقع لم ينقص فضله بذلك ولكن ~~أئمتك المعتزلة تنكر كرامات الأولياء ومن جحد وقوعها من صالحي الأمة فقد ~~كابر # ولكن أكرم الناس عند الله أتقاهم وإن لم تقع له ms375 كرامة # قال والفضائل إما نفسانية أو بدنية أو خارجية # وأمير المؤمنين جمع الكل فجمع الزهد والعلم والحكمة فهذه النفسانية # وجمع العبادة والشجاعة والصدقة فهذه البدنية # وأما الخارجية كالنسب فلم يلحق فيه وتزوج بابنة سيد البشر سيدة نساء ~~العالمين # وقد روى أخطب خوارزم بإسناده على جابر قال لما تزوج علي فاطمة زوجه الله ~~إياها من فوق سبع سماوات وكان الخاطب جبريل والشهود ميكائيل وإسرافيل في ~~سبعين ألفا فأوحى إلى شجرة طوبي انثري ما فيك من الدر والجوهر ففعلت ~~والتقطه الحور العين # قلنا الأمور الخارجة عن نفس الإيمان والتقوى لا يحصل بها فضل عند # PageV01P529 # الله بمجردها # قال النبي صلى الله عليه وسلم ألا لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى # وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكرم الناس قال أتقاهم قيل ليس عن ~~هذا نسألك فقال يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله خليل الله # فإبراهيم أكرم على الله من يوسف وأين ما بين أبويهما فليس في بني آدم من ~~حيث النسب مثل يوسف وإذا فرضنا إثنين أحدهما أبوه نبي والآخر أبوه كافر ~~وتساويا في التقوى والطاعة من كل وجه كانت درجتهما في الجنة سواء # ولكن أحكام الدنيا بخلاف ذلك في الإمامة والزوجية والشرف وتحريم الصدقة ~~ونحو ذلك # والخير في الأشراف أكثر منه في الأطراف قال الله تعالى (إن الله اصطفى ~~آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) وقد قال أيضا (ولقد أرسلنا ~~نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم ~~فاسقون) وقال (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) كما أنت راء في العلوية ~~العبد الصالح والمسرف على نفسه # دعنا من ذا أما هؤلاء اليهود المغضوب عليهم من أولاد الأنبياء قال الله ~~تعالى (واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ~~إن وعد الله حق) # ونحن إذا قلنا العرب أفضل من العجم فلكثرة ما في الصنف من الخير والتقوى ~~والمحاسن التي هي فيهم أكثر منها في ms376 غيرهم # وعن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وغيره قال لا فضل لعربي ~~على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا ~~بالتقوى # الناس من آدم وآدم من تراب # وقال صلى الله عليه وسلم إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها ~~بالآباء # الناس رجلان مؤمن تقي وفاجر شقي # ونحن لا ننازع أن عليا في الدرجة العليا من الكمال وإنما النزاع في أنه ~~أكمل من الثلاثة وأحق بالإمامة منهم # وليس فيما ذكره ما يدل على ذلك # وهذا # PageV01P530 # الباب للناس في طريقان منهم من يقول إن تفضيل بعض الأشخاص على بعض عند ~~الله لا يعلم إلا بالتوقيف فإن حقائق ما في القلوب ومراتبها عند الله مما ~~استأثر الله به فلا يعلم ذلك إلا بخبر الصادق ومنهم من يقول قد يعلم ذلك ~~بالإستدلال وأهل السنة يقولون إن كلا من الطريقين إذا أعطي حقه من السلوك ~~دل على أن كلا من الثلاثة أكمل من علي أما الطريق التوقيفي فالنص والإجماع ~~والإجماع على أفضلية أبي بكر وعمر اتفقت عليه الأمة سواكم والتوقيف فقد مر ~~عدة نصوص بذلك وفي الصحيحين عن ابن عمر الذي هو أصدق من برأ الله في زمانه ~~أنه قال كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أفضل الأمة بعد النبي ~~صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم وعمر وفي لفظ ثم يبلغ ذلك النبي صلى الله ~~عليه وسلم فلا ينكره # وأما عثمان فقال جماعة من العلماء كان عثمان أعلم بالقرآن من علي وعلي ~~أعلم بالسنة # وعثمان أعظم جهادا بماله وعلي اعظم جهادا بنفسه # وعثمان أزهد في الرياسة وعلي أزهد في المال # وسيرة عثمان أرجح وهو أسن من علي ببضع وعشرين سنة وأجمت الصحابة على ~~تقديمه على علي فثبت أنه أفضل # قالوا علي أفضل لقرابته قلنا حمزة من أكبر السابقين وهو أقرب نسبا وروى ~~أنه سيد الشهداء فيكون أفضل # قالوا في عثمان فعل وفعل وولي أقاربه وأسرف في العطاء قلنا إجتهاد ms377 عثمان ~~في ذلك أقرب إلى المصلحة فإن الأموال أخف خطرا من الدماء فلهذا كانت خلافته ~~هادئة ساكنة كثيرة الجهاد والفتوحات الكبار كثيرة الفيء ولكنها لا تقارب ~~خلافة من قبله # والذين خرجوا عليه فسقوه والذين خرجوا على علي كفروه ولا خير في ~~الطائفتين # PageV01P531 ### | الفصل الرابع في إمامة باقي الإثني عشر # قال لنا في ذلك طرق أحدها النص وقد توارثته الشيعة في البلاد خلفا عن سلف ~~عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للحسين هذا إمام ابن إمام أخو إمام ~~أبو أئمة تسعة قائمهم اسمه كإسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ~~ملئت جورا وظلما # والجواب هذا أولا كذب على الشيعة فإن هذا لم تقله إلا شرذمة من الشيعة ~~وأكثرهم يكذب به مثلنا والزيدية بأسرها تكذب هذا وهم أعقل الشيعة وأعلمهم ~~وخيارهم والإسماعيلية يكذبون به # والشيعة نحو من سبعين فرقة # وإنما هذا من إختلاق المتأخرين وضع لما مات الحسن بن علي العسكري وتكلم ~~بغيبة ابنه محمد بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم بمائتين وخمسين سنة # وعلماء السنة ونقلة الآثار الذين هم أضعاف أضعاف الشيعة يعلمون أن هذا ~~كذب على الرسول قطعا ويباهلون على ذلك # ثم من شرط التواتر حصول من يقع به العلم من الطرفين والوسط # وقبل موت الحسن العسكري لم يكن أحد يقول بإمامة المنتظر وإنما كان ~~المدعون يدعون النص على علي أو على ناس بعده أما دعوى النص على الإثني عشر ~~وهذا الخلف في الحجة المعدوم آخرهم فهذا لا نعرف أحدا قاله متقدما ولا نقله ~~ناقل فأين دعواك التواتر بل المتواتر ما جاء في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان ~~وعلي # وقيل إن أول ما ظهرت الشيعة الإمامية المدعية النص # PageV01P532 # في أواخر أيام الخلفاء الراشدين إفترى ذلك عبد الله بن سبأ وطائفته # والذي علمناه من حال أهل البيت علما لا ريب فيه أنهم لم يكونوا يدعون ~~أنهم منصوص عليهم كجعفر الصادق وأبيه وجده زين العابدين على بن الحسين ~~وأبيه # وأخرجا في الصحيحين عن جابر ابن سمرة سمع النبي ms378 صلى الله عليه وسلم يقول ~~لا يزال أمر الناس ماضيا عزيزا ما وليهم إثنا عشر رجلا ثم تكلم بكلمة خفيت ~~علي فسألت أبي عنها فقال كلهم من قريش فلا يجوز أن يراد إثنا عشر الرافضة ~~فإن عند الرافضة أنه لم يقم أمر الأمة في مدة أحد من هؤلاء بل ما زال أمر ~~الأمة فاسدا يتغلب عليه الظالمون بل الكافرون وأهل الحق أذل من اليهود # وأيضا فعندهم أن ولاية المنتظر دائمة إلى آخر الدهر # قال وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يخرج في آخر الزمان رجل ~~من ولدي اسمه كإسمي كنيته كنيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جوارا فذلك هو ~~المهدي # فنقول # PageV01P533 # الأحاديث التي تحتج بها على خروج المهدي صحيحة رواها أحمد وأبو داود ~~والترمذي منها حديث ابن مسعود مرفوعا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول ~~الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه إسمي واسم أبيه اسم ~~أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما # وأخرجه أبو داود والترمذي من حديث أم سلمة وفيه المهدي من عترتي من ولد ~~فاطمة # ورواه أبو داود من طريق أبي سعيد وفيه يملك الأرض سبع سنين # وعن علي أنه نظر إلى الحسن فقال سيخرج من صلبه رجل يسمى بإسم نبيكم يشبهه ~~في الخلق ولا يشبهه في الخلق يملأ الأرض قسطا # فاما حديث لا مهدي إلا عيسى ابن مريم فضعيف فلا يعارض هذه الأحاديث وفيها ~~كما ترى أن اسمه محمد ابن عبد الله فهو ر على من يزعم أنه المنتظر محمد بن ~~الحسن # ثم هو من ولد الحسن لا من ولد الحسين # وادعت الباطنية أنه هو الذي بنى المهدية وإنما هو دعي وهو من ولد ميمون ~~القداح فادعوا أن ميمونا هذا هو ابن محمد بن إسماعيل بن جعفر الذي تنتمي ~~إليه الإسماعيلية وهم كفار ركبوا مذهبهم من مجوسية وفلسفة وصابئة # صنف جماعة في مخازيهم كإبن الباقلاني والقاضي عبد الجبار والغزالي # وهذا محمد بن عبد الله ms379 بن تومرت البربري عمل له نسبا إلى الحسن بن علي ~~وتلقب بالمهدي وادعى العصمة # وابن المنصور محمد بن عبد الله لقب بالمهدي للحديث # قال قد بينا أنه يجب في كل زمان إمام معصوم ولا معصوم غير هؤلاء إجماعا # الجواب منع المقدمة الأولى كما مر # ثم لا إجماع في غيرهم # ثم نقول بالموجب فهذا المعصوم الذي تدعونه في وقتنا هذا وله من أربعمائة ~~وستين سنة وما ظهر له أثر بل آحاد الولاة وقضاة البر أكثر تأثيرا منه فأي ~~منفعة للوجود بمثل هذا لو كان موجودا كيف وهو معدوم فأي لطف حصل لكم به وأي ~~مصلحة نالت الأمم قديما وحديثا به فما زال مفقودا عندكم ومعدوما عندنا ولا ~~حصل به نفع أصلا # PageV01P534 ### | الفصل الخامس تخرصات الشيعة في إمامة الصديق والفاروق وذي النورين # قال إن من تقدمه لم يكن إماما لوجوه # قلنا بل كانوا أئمة صالحين للإمامة فتح الله بهم البلاد والأقاليم وكانوا ~~خلفاء راشدين وما خالف في هذا مسلم سواكم معشر الرافضة وكانوا أحق بها ~~وأهلها نقطع بذلك ولا يمكن أن يعارض لا بدليل ظني ولا قطعي # أما القطعيات فلا يتناقض موجبها ومقتضاها وأما الظنيات فلا تعارض قطعيا # وجملة ذلك أن كل ما يورده القادح فلا يخلو عن أمرين إما نقل لا نعلم صحته ~~أو لا نعلم دلالته على بطلان إمامتهم # وأي المقدمتين لم يكن معلوما لم يصلح لمعارضة ما علم قطعا # وإذا نفينا الإعتراض على إمامتهم بالقطع لم يلزمنا الجواب على الشبهة ~~المفصلة فإن بينا وجه فساد الشبهة كان زيادة علم وتأييدا للحق في النظر ~~والمناظرة # قال فمنها قول أبي بكر إن لي شيطانا يعتريني فإن استقمت فأعينوني وإن زغت ~~فقوموني # ومن شأن الإمام تكميل الرعية فكيف يطلب منهم الكمال قلنا المأثور أنه قال ~~إن لي شيطانا يعتريني يعني الغضب فإذا إعتراني فاجتنبوني لا أوثر في ~~أبشاركم # وقال أطيعوني ما أطعت الله فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم # وهذا القول من أفضل ما مدح به يخاف عند الغضب أن يعتدي على ms380 أحد # وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقضي القاضي بين اثنين ~~وهو غضبان فأمر الحاكم باجتناب الحكم حال الغضب والغضب يعتري بني آدم كلهم ~~حتى قال سيد ولد آدم إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر متفق عليه # ولمسلم أن رجلين دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغضباه فلعنهما ~~وسبهما وذكر الحديث فمن عصى أبا بكر وأحرجه جاز له تأديبه # PageV01P535 # كما أن من عصى عليا فأغضبه جاز له تأديبه # وفي الصحيح عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما منكم من أحد ~~إلا وقد وكل به قرينه من الجن # قالوا وأنت يا رسول الله قال وأنا إلا ألا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا ~~يأمرني إلا بخير # وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه # وقوله فإن زغت فقوموني من كمال عدله وتقواه وإنصافه # وقولك ومن شأن الإمام تكميل الرعية # فكيف يطلب منهم التكميل قلنا لا نسلم لا يكملهم ولا يكملونه بل يتعاونون ~~على البر والتقوى وإنما التكميل من الله الغني بنفسه الذي لا يحتاج إلى أحد # وقد كان الرسول يشاور أصحابه ويعمل برأيهم # وقال ومنها قول عمر كانت بيعة أبي بكر فلتة وقي الله شرها فمن عاد إلى ~~مثلها فاقتلوه وهذا يوجب الطعن # قلنا إنما لفظ عمر الذي في الصحيحين بلغني أن قائلا منكم يقول لو قد مات ~~عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة فتمت ~~ألا وإنها كانت كذلك ولكن وقى الله شرها وليس منكم من تقطع إليه الأعناق ~~مثل أبي بكر # فصل # قال وقوله تعالى (لا ينال عهدي الظالمين) أخبر تعالى أن عهد الإمامة لا ~~يصل إلى الظالم والظالم كافر لقوله تعالى (والكافرون هم الظالمون) ولا شك ~~أن الثلاثة كانوا كفارا يعبدون الأصنام إلى أن ظهر النبي صلى الله عليه ~~وسلم # والجواب أيها الرويفضي المغتر من وجوه أحدها أن الكفر الذي يعقبه الإيمان ~~لم يبق ms381 على صاحبه منه ذم فإن الإسلام يجب ما قبله وهذا معلوم # PageV01P536 # بالإضطرار من الدين وليس كل من ولد على الإسلام بأفضل ممن أسلم بنفسه ~~وإلا لزم أن يكون أفضل من الصحابة وقد ثبت أن خير الناس القرن الأول الذين ~~بعث فيهم الرسول وسائرهم أسلموا بعد الكفر وهم أفضل بلا شك ممن ولد على ~~الإسلام ولهذا قال الأكثرون يجوز على الله أن يبعث نبيا ممن آمن بالأنبياء ~~قال تعالى (فآمن له لوط) وقد قال شعيب (قد افترينا على الله كذبا إن عدنا ~~في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها) ثم إنه إذ نبيء رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم لم يكن أحد من قريش مؤمنا لا كثير ولا صغير وإذا قيل عن رجالهم إنهم ~~يعبدون الأصنام فصبيانهم كذلك علي وغيره # فإن قيل كفر الصبي لا يضره قيل ولا إيمان الصبي مثل إيمان الرجل فالرجل ~~يثبت له حكم الإيمان بعد الكفر وهو بالغ والصبي يثبت له حكم الكفر والإيمان ~~وهو دون البلوغ والطفل بين أبويه الكافرين يجري عليه حكم الكفر في الدنيا ~~بالإجماع فإذا أسلم قبل البلوغ فهل يجري عليه حكم الإسلام قبل البلوغ على ~~قولين للعلماء # بخلاف البالغ فإنه يصير مسلما إذا أسلم بالإجماع # ثم لا يمكن الجزم بأن عليا ما سجد لصنم وكذا الزبير فإنه أسلم وهو مراهق # فمن أسلم بعد كفره واتقي وآمن لم يجز أن يسمى ظالما # فقوله تعالى (لا ينال عهدي الظالمين) أي ينال العادل دون الظالم فإذا قدر ~~أن شخصا كان ظالما ثم تاب وصار عادلا تناوله العهد وصار ممدوحا بآيات المدح ~~لقوله (إن الأبرار لفي نعيم) (إن المتقين في مقام أمين) # فمن قال المسلم بعد إيمانه كافر فهو كافر بإجماع الأمة # قال ومن ذلك قول أبي بكر أقيلوني فلست بخيركم ولو كان إماما لم يجز له ~~طلب الإقالة # قلنا أين صحة هذا وإلا فما كل منقول صحيح # فإن صح # هذا عنه لم يجز معارضته بقولك لا يجوز له طلب الإقالة إذ ذلك مجرد دعوى # PageV01P537 # قال ms382 وقال عند موته ليتني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ~~للأنصار في هذا الأمر حق وهذا يدل على شكه في صحة بيعة نفسه مع أنه الذي ~~دفع الأنصار يوم السقيفة قلنا أما قول النبي صلى الله عليه وسلم الأئمة من ~~قريش فهو حق # ومن الذي يقول إن الصديق شك في هذا وفي صحة إمامته ولكن ما نقلته كذب ~~عليه فإن المسألة عنده وعند الصحابة واضحة ظاهرة # وإن قدر أنه قاله ففيه فضيلة له لأنه لم يكن يعرف أن الأئمة من قريش ~~فاجتهد فوافق إجتهاده النص # وفيه أنه ليس عنده نص من الرسول صلى الله عليه وسلم بعلي # قال وقال عند موته ليتني كنت تركت بيت فاطمة لم أكشفه وليتني في سقيفة ~~بني ساعدة كنت ضربت على يد أحد الرجلين فكان هو الأمير وكنت الوزير # وهذا يدل على إقدامه على بيت فاطمة عند إجتماع علي والزبير وغيرهما ويدل ~~على أنه كان يرى الفضل لغيره # قلنا لا يقبل القدح إلا إذا ثبت النقل # ونحن نعلم يقينا أن أبا بكر لم يقدم على علي والزبير بشيء من الأذى بلى ~~ولا على سعد بن عبادة الذي مات ولم يبايعه # وغاية ما يقال إنه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي أمر ~~بقسمته ثم رأى أنه لو تركه لهم جاز # والجهلة يقولون إن الصحابة هدموا بيت فاطمة وضربوا بطنها حتى طرحت أفيسوغ ~~في عقل عاقل أن صفوة الأمة يفعلون هذا بإبنة نبيهم لا لأمر فلعن الله من ~~وضع هذا ومن إفتعل الرفض # قال وقال صلى الله عليه وسلم جهزوا جيش أسامة وكرر ذلك وكان فيهم أبو بكر ~~وعمر ولم ينقذ عليا لأنه أراد منعهم من التوثب على الخلافة بعده فلم يقبلوا ~~منه # قلنا أين صحة هذا فمن احتج بالمنقول لا يسوغ له إلا بعد العلم بصحته كيف # PageV01P538 # وهذا كذب لم يكن أبو بكر في جيش أسامة أصلا بل قيل إنه كان فيهم عمر رضي ~~الله عنه # وقد تواتر عن ms383 النبي صلى الله عليه وسلم أنه استخلف أبا بكر على الصلاة ~~حتى مات وصلى أبو بكر بهم الصبح يوم توفي وقد كشف صلى الله عليه وسلم سجف ~~الحجرة فرآهم خلف أبي بكر فسر بذلك فكيف يمكن مع هذا أن يكون من جيش أسامة ~~الذين شرعوا في الرحيل ولو أراد النبي صلى الله عليه وسلم تولية علي لكان ~~هؤلاء أعجز من أن يدفعوا أمره ولكان جماهير الأمة أطوع لله ولرسوله من أن ~~يدعوا أحدا يتوثب على من نص الرسول لهم عليه # ثم لو كان أراد توليته لكان أمره بالصلاة بالمسلمين أيام مرضه ولما كان ~~يدع أبا بكر يصلي به # قال ولم يول أبا بكر عملا وولي عليه # قلنا وأي ولاية فوق ولاية الصلاة والحج والزكاة وقد ولي جماعة دون أبي ~~بكر بكثير مثل عمرو بن العاص والوليد ابن عقبة وأبي سفيان بن حرب # وعدم ولايته لا يدل على نقصه # ولأنه كان وزيره وكان لا يستغني عنه في مهمات الأمور ويليه عمر # قال وأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأداء سورة براءة ثم أنفذ عليا ~~وأمره برده وأن يتولى هو ذلك # ومن لا يصلح لأداء سورة كيف يصلح للخلافة # الجواب إن هذا إفتراء محض ورد للتواتر فإن الرسول استعمل أبا بكر على ~~الحج سنة تسع فما ردة ولا رجع بل هو الذي حج بالناس فكان على من جملة رعيته ~~إذ ذاك يصلي خلفه ويسير بسيره فالعلم بهذا لم يختلف فيه إثنان فكيف تقول ~~إنه أمر برده ولكن أردفه بعلي لينبذ إلى المشركين عهدهم لأن عادتهم كانت ~~جارية أن لا يعقد العهود ولا يحلها إلا المطاع أو رجل من أهل بيته فبعث ~~عليا # PageV01P539 # ببراءة # فيالله إذا كنت تجهل مثل هذا من أحوال الرسول وأيامه وسيرته فإيش عندك من ~~العلم وكان السكون أولى بك وبأشباهك أفأملك أن أعمى الله قلبك إذ خبثت ~~سريرتك فلا تبرز بفائدة ولا تأتي بخير ولكنك معرق في الرفض فلله الحمد على ~~العافية # ثم تقول والإمامة متضمنة لأداء جميع ms384 الأحكام إلى الأمة # سبل الأحكام كلها تلقتها الأمة عن نبيها لا تحتاج فيها إلى الإمام وإنما ~~الإمام منفذ لما شرعه الرسول # والصديق كان عالما بعامة ذلك وإذا خفي عليه الشيء اليسير سأل الصحابة عنه ~~كما سأل عن ميراث الجدة فأخبر أن نبي الله أعطاها السدس # وما عرف له قول خالف نصا وقد عرف لعمر وعثمان من ذلك أشياء وعرف لعلي ~~أكثر مما عرف لهما كقوله إن الحامل المتوفى عنها تعتد أبعد الأجلين وحديث ~~سبيعة في الصحيحين بأنها تحل إذا وضعت # PageV01P540 # وقد جمع الشافعي رحمه الله تعالى كتابا في خلاف على وابن مسعود وجمع بعده ~~محمد بن نصر المروزي أكثر من ذلك فإنه كان إذا ناظره الكوفيون يحتج بالنصوص ~~فيقولون نحن أخذنا بقول علي وابن مسعود فجمع لهم أشياء كثيرة من قول علي ~~وابن مسعود تركوه أو تركه الناس يقول إذا جاز لكم خلافهما في تلك المسائل ~~لقيام الحجة على خلافهما فكذلك في سائر المسائل # ولا يعرف لأبي بكر مثل هذا # ثم القرآن بلغه كل أحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيمتنع أن يقال لم ~~يصلح أبو بكر لتبليغه ولا يجوز أن يقال إن تبليغ القرآن يختص بعلي فإن ~~القرآن لا يثبت بخبر الواحد # قال ومن ذلك قول عمر إن محمدا لم يمت وهو يدل على قلة علمه # وأمر برجم حامل فنهاه علي فقال لولا علي لهلك عمر # قلنا قد أوردنا لك نصوصا عدة في مكانة عمر من العلم فكان أعلم الناس بعد ~~الصديق # وأما كونه ظن أن الرسول لم يمت فهذا كان ساعة ثم تبين له موته # وعلي قد ظن أشياء ثم ظهرت له بخلاف ذلك ولم يقدح بمثل هذا في إمامتهما # وأما الحامل فلم يدر أنها حاملة فنبهه علي وقد نزل الكتاب بموافقة عمر في ~~مواضع وقال صلى الله عليه وسلم لو كان بعدي نبي لكان عمر ولما وضع علي ~~سريره أثنى عليه واحب أن يلقى الله بمثل صحيفة عمر # وقال وابتدع التراويح مع أن النبي صلى الله ms385 عليه وسلم قال يا أيها الناس ~~إن الصلاة بالليل في رمضان جماعة بدعة وصلاة الضحى بدعة فلا تجمعوا في ~~رمضان ليلا ولا تصلوا الضحى وخرج عمر ليلا فرأى المصابيح في المساجد فقال ~~ما هذا فقيل إنهم اجتمعوا لصلاة التطوع # فقال بدعة ونعمت البدعة هي # فيقال ما رؤى في الطوائف أجرأ من هذه الطائفة على الكذب حتى على نبيها ~~بوقاحة مفرطة مع فرط الجهل # فأين إسناد هذا وأين صحته وأنى له صحة وهو للكذب إلا كسير الذي يعمل منه ~~الكذب # لم يروه عالم # وأدنى العلماء يعلمون أنه موضوع ولا له إسناد # فقد ثبت أن الناس كانوا # PageV01P541 # يصلون جماعة بالليل في رمضان على عهد نبيهم وثبت أنه صلى بالمسلمين ~~ليلتين او ثلاثا فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج ~~إليهم خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا # متفق عليه من حديث عائشة # وخرج البخاري من حديث عبد الرحمن بن عبد القاريء قال خرجت مع عمر ليلة ~~رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل ~~فيصلي بصلاته رهط # فقال عمر إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قاريء واحد لكان أمثل # ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب # ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال نعمت البدعة هذه ~~والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون # يريد بذلك آخر الليل # وهذا الإجتماع لم يكن فسماه بدعة وما هو بالبدعة الشرعية التي هي ضلالة ~~إذ هي ما فعل بلا دليل شرعي # ولو كان قيام رمضان جماعة قبيحا لأبطله أمير المؤمنين على وهو بالكوفة بل ~~روى عنه أنه قال نور الله على عمر قبره كما نور علينا مساجدنا # وعن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا دعا القراء في رمضان فأمر منهم رجلا ~~يصلي بالناس عشرين ركعة # قال وكان علي يوتر بهم # وعن عرفجة الثقفي قال كان علي بن أبي طالب يأمر بقيام رمضان ويجعل للرجال ~~إماما وللنساء إماما فكنت أنا إمام النساء # رواهما البيهقي في سننه # وأما الضحى فرغب ms386 فيها الرسول صلى الله عليه وسلم كما صح عنه في أحاديث # قال وفعل عثمان أمورا لا تجوز حتى أنكر عليه المسلمون كافة واجتمعوا على ~~قتله # قلنا وهذا من جهلك وإفترائك فإن الناس بايعوا عثمان وما اختلف في # PageV01P542 # بيعته إثنان ولا تخلف عنها أحد كما تخلف شطر الناس عن بيعة غيره # فمن الذي اجتمع على قتل عثمان هل هم إلا طائفة من أولي الشر والظلم ولا ~~دخل في قتله أحد من السابقين # بل الذين قاتلوا عليا وأنكروا عليه أضعاف أولئك وكفرة ألوف من عسكره ~~وخرجوا عليه # وقتل في الآخر كما قتل ابن عمته عثمان قاتل الله من قتلهما ### | الفصل السادس في الحجج علي إمامة أبي بكر # قال احتجوا بالإجماع # والجواب منعه فإن جماعة من بني هاشم لم يوافقوا على ذلك وجماعة كسلمان ~~وأبي ذر والمقداد وعمار وحذيفة وسعد بن عبادة وزيد بن أرقم وأسامة وخالد بن ~~سعيد بن العاص حتى أن أباه أنكر ذلك وقال من استخلف الناس قالوا ابنك # قال وما فعل المستضعفان إشاره إلى علي والعباس قالوا اشتغلوا بتجهيز رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم ورأوا أن ابنك أكبر منه # وبنو حنيفة كافة ولم يحملوا الزكاة إليه حتى سماهم أهل الردة وقتلهم ~~وسباهم فأنكر عليه عمر ورد السبايا أيام خلافته # قلنا من له أدنى خبرة وسمع هذا جزم بأن قائله أجهل الناس أو من أجرأ ~~الناس على البهتان # فالرافضة ذوو جهل وعمي فمن حدثهم بما يوافق أهواءهم صدقوه ولو كان الدجال ~~ومن أورد عليهم بمخالفة أهوائهم كذبوه ولو كان صديقا # وإن إعتقدوا صدقه قالوا نعم وقالوا لإخوانهم إنما نقول هذا الذي نقوله ~~مداراة وتقية للنواصب # فكيف يرجى فلاح من هذا حاله أم كيف نؤمل عافية من هذا مرضه فلهم أوفر ~~نصيب من قوله تعالى (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب بالحق لما ~~جاءه) # PageV01P543 # ولنا إن شاء الله أوفى حظ من التمثل بقوله (والذي جاء بالصدق وصدق به ~~اولئك هم المتقون) أفسمع قط بمثل هذا فقد علم ms387 كل عالم كفر بني حنيفة أتباع ~~مسيلمة وإرتدادهم وهذا يعدهم من اهل الإجماع # وإنما قتلهم وسباهم لإمتناعهم عن بيعته ولأنهم لم يحملوا الزكاة إليه # فنعوذ بالله من البهتان ونقل الهذيان وتضييع الزمان في الرد على هذا الذي ~~هو غير إنسان # (إذا محاسني اللائي أدل بها ... كانت ذنوبا فقل لي كيف أعتذر) # ومن أعظم مناقب الصديق قتل هؤلاء الأرجاس وسبيهم وما قاتلهم على منع زكاة ~~بل على إيمانهم بمسيلمة وكانوا نحو مائة ألف # والحنفية سرية علي أم محمد بن الحنفية من سبيهم فأما الذين قاتلهم على ~~منع الزكاة فطوائف من العرب غير بني حنيفة إستباحوا ترك الزكاة بالكلية ~~فقاتلهم # وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهما إذا قال قوم نحن نزكي ولا ندفعها ~~إلى الإمام لم يجز قتالهم # فهلا عددت يا في المتخلفين عن بيعة أبي بكراليهود والبربر وكسرى وقيصر ~~فأمر بني حنيفة قد خلص إلى العذارى في الخدور وأنت لا تعي # وكتاب الردة لسيف بن عمر مشهور والردة للواقدي # ثم قولك إن عمر أنكر قتال اهل الردة ورد عليهم من البهتان وإنما توقف مع ~~الصديق في قتال مانعي الزكاة فناظرة فرجع عمر إلى قوله # وأما الذين سميتهم وأنهم تخلفوا عن بيعة الصديق فكذب عليهم ما تخلف إلا ~~سعد بن عبادة ومبايعة هؤلاء لأبي بكر ثم عمر أشهر من أن تنكر # وأسامة ما سار بذلك الجيش حتى بايع الصديق # PageV01P544 # وكان خالد بن سعيد نائبا للنبي صلى الله عليه وسلم فلما مات قال لا أنوب ~~لغيره ووقد علم بالتواتر أنه ما تخلف عن بيعة الصديق سوى سعد # وأما علي وبنو هاشم فلم يمت أحد منهم إلا وهو مبايع له لكن قيل تأخرت ~~بيعتهم ستة أشهر وقيل بايعوه ثاني يوم طوعا منهم ثم الجميع أيضا بايعوا عمر ~~سوى سعد ومات سعد في خلافة عمر وكان قد رامها يوم السقيفة ولم يدر أن ~~الخلافة في قريش # وما ذكره عن أبي قحافة فباطل ولم يكن ابنه أسن الصحابة كان أصغر من النبي ~~صلى الله عليه ms388 وسلم بقليل # والعباس أكبر من النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين # لكن المأثور عن أبي قحافة أنه لما قبض نبي الله ارتجت مكة فسمع أبو قحافة ~~فقال ما للناس قالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم # قال أمر جلل فمن ولي بعده قالوا ابنك # قال وهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة قالوا نعم # قال لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع # وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت أرسلت فاطمة إلى أبي بكر تسأل ~~ميراثها من أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه ~~بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~قال لا نورث ما تركنا صدقة وإنما يأكل آل محمد من هذا المال # وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها ~~التي كانت عليه في عهده # ولست تاركا شيئا كان يعمل به إلا عملت به إني أخشى إن تركت شيئا من أمره ~~أن أزيغ # فوجدت فاطمة على أبي بكر فلم تكلمه حتى توفيت # وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر # فلما توفيت دفنها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر # وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة فلما ماتت إستنكر علي وجوه الناس ~~فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر ~~أن ائتنا ولا تأتنا ومعك أحد كراهية عمر فقال عمر لأبي بكر والله لا تدخل ~~عليهم وحدك # فقال أبو بكر ما عساهم أن يفعلوا بي # PageV01P545 # والله لآتينهم # فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي ثم قال إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضلك وما ~~أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ولكنك استبددت بالأمر علينا # وكنا نرى أن لنا فيه حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم # فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر # فلما تكلم أبو بكر ms389 قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي # وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم ~~أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته # فقال علي موعدك العشية للبيعة # فلما صلى أبو بكر الظهر قام قائما على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه ~~عن البيعة وعذره الذي اعتذر به # ثم استغفر # وتشهد علي فعظم حق أبي بكر وأن لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ~~ولا إنكار عليه للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى أن لنا في الأمر نصيبا ~~فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا # فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت # وكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر بالمعروف # ولا ريب أن الإجماع المعتبر في الإمامة لا يضر فيه تخلف الواحد والإثنين ~~ولو اعتبر ذلك لم تكن تنعقد إمامة بخلاف الإجماع على الأحكام العامة فهل ~~يعتد بخلاف الواحد أو الإثنين فعن أحمد روايتان إحداهما لا يعتد بخلافهما ~~فيه وهو قول محمد بن جرير الطبري وغيره # الثاني يعتد بخلاف الواحد والإثنين في الأحكام # ثم الواحد # PageV01P546 # إذا خالف النص كان خلافه شاذا كخلافة سعيد بن المسيب في أن المطلقة ثلاثا ~~إذا نكحت زوجا غيره أبيحت للأول بمجرد العقد # وأيضا فلا يشترط في صحة الخلافة إلا إتفاق أهل الشوكة والجمهور قال صلى ~~الله عليه وسلم عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة وقال عليكم بالسواد ~~الأعظم ومن شذ شذ في النار # ثم إجتماع الأمة على بيعة أبي بكر أعظم من إجتماعهم على بيعة علي فإن ثلث ~~الناس أو أرجح لم يبايعوه وقاتلوه وخلق من الكبار لم يقاتلوا معه واعتزلوا ~~فإن جاز القدح في الإمامة بتخلف بعض الأمة عن البيعة كان القدح في إمامة ~~علي أولى بكثير # فإن قلت إمامته ثبتت بالنص فلا يحتاج إلى الإجماع # قلنا قد مرت النصوص الدالة على تقديم أبي بكر تلويحا أو تصريحا مع ~~أولويته ms390 وإجماعهم على بيعته وعلى تسميته خليفة رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم # والكلام في إمامة الصديق إما أن يكون في وجودها وإما أن يكون في إستحقاقه ~~لها # أما الأول فهو معلوم بالتواتر وإتفاق الناس بأنه تولى الأمر وقام مقام ~~رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفه في أمته وأقام الحدود واستوفى الحقوق ~~وقاتل الكفار والمرتدين وولى الأعمال وقسم الأموال وفعل جميع ما يفعل ~~الإمام بل هو أول من باشر الإمامة في الأمة # وأما إن أريد بإمامته كونه مستحقا لذلك فهذا عليه أدلة كثيرة غير الإجماع ~~فلا طريق يثبت بها كونه علي مستحقا للإمامة إلا وتلك الطريق يثبت بها أن ~~أبا بكر مستحق للإمامة وأنه أحق بالإمامة من علي وغيره # وحينئذ فالإجماع لا يحتاج إليه لا في الأولى ولا في الثانية وإن كان ~~الإجماع حاصلا # قال وأيضا الإجماع ليس أصلا في الدلالة بل لا بد له من مستند إما عقلي ~~وما في العقل ما يدل على إمامته وإما نقلي وعندهم أن رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم مات عن غير وصية ولا نص على إمام فلو كان الإجماع متحققا لكن خطأ ~~فتنتفي دلالته # PageV01P547 # قلنا إن أردت بقولك الإجماع ليس أصلا في الدلالة أن أمير المؤمنين لا تجب ~~طاعته لنفسه وإنما تجب لكونه دليلا على أمر الله ورسوله فهذا صحيح ولكنه لا ~~يضر فإن أمر الرسول كذلك لا تجب طاعته لذاته بل لأن من أطاعه فقد أطاع الله ~~ففي الحقيقة لا يطاع أحد لذاته إلا الله (له الخلق والأمر) (إن الحكم إلا ~~لله) # وإن أردت أنه قد يكون موافقا للحق وقد يكون مخالفا فهذا قدح في كون ~~الإجماع حجة ودعوى أن الأمة تجتمع على الخطأ كما يقوله النظام وبعض الرافضة ~~خطأ # ونحن لا نحتاج في إمامة الصديق إلى هذا ولا نشترط لأحد فنقول ما من حكم ~~الإجماع إلا وقد دل عليه النص والإجماع دليل على نص موجود والناس مختلفون ~~في جواز الإجماع عن إجتهاد لكن لا يكون النص خافيا عن الكل # وخلافة ms391 الصديق من هذا الباب فإنه ورد فيه نصوص تدل على أن خلافته حق ~~وصواب وهذا مما لا خلاف فيه وإنما اختلفوا هل العقد بنص خاص أو بالإجماع ~~ومستند قولنا النص والإجماع متلازمان قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس ~~تأمرون بالمعروف وتنهون) عن المنكر فهذا ينبغي أنهم يأمرون بكل معروف ~~وينهون عن كل منكر والواجب والمحرم داخل في ذلك قطعا فيجب أن يوجبوا كل ما ~~أوجبه الله ويحرموا كل ما حرمه الله وأن لا يسكتوا عن الحق فكيف يجوز عليهم ~~التكلم بنقيضه من الباطل فلو كانت ولاية أبي بكر حراما منكرا لوجب عليهم ~~النهي وامتنع عليهم السكوت # ولو كانت طاعة علي وتقديمه واجبا لكان ذلك من أعظم المعروف الذي يجب أن ~~يأمروا به # وقال تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف ~~وينهون عن المنكر) وقال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على ~~الناس) فمن جعلهم الرب شهداء على الناس فلا بد أن يكونوا عالمين بما يشهدون ~~به فلو كانوا يحللون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله ويسقطون ما أوجب ~~ويوجبون ما أسقط لما صلحوا أن يكونوا شهداء على الناس وكذلك إذا كانوا ~~يجرحون الممدوح ويمدحون # PageV01P548 # المجروح # فإذا شهدوا بإستحقاق أبي بكر وجب أن يكونوا صادقين وكذا إذا شهدوا كلهم ~~أن هذا صالح وهذا عاص وجب قبول شهادتهم # وقال تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل ~~المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم) فتوعد على إتباع غير سبيله كما توعد على ~~مشاقة الرسول فكل منهما مذموم فإذا أصفقوا على تحريم أو حل وخالفهم مخالف ~~فقد أتبع غير سبيلهم فيذم # وقال (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) فلو كانوا في حال الإجتماع ~~كالتفرق لم يبق فرق # وقال (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) جعل موالاتهم كموالاة الله ~~والرسول والله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة # وأحق الناس بهذا الصحابة فثبت أن ما فعلوه من خلافة أبي بكر حق وقال صلى ~~الله عليه وسلم من ms392 أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا ~~وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض # قال وأيضا الإجماع إنما يعتبر فيه قول الكل وهذا لم يحصل وقد أجمع أكثر ~~الناس على قتل عثمان # قلنا أجبنا على هذا وإنه لا يقدح في إتفاق أهل الحل والعقد شذوذ من خالف # وأما عثمان فإنما قتله طائفة قليلة باغية ظالمة # قال وكل واحد يجوز عليه الخطأ فأي عاصم لهم عن الكذب عند الإجماع قلنا ~~إذا حصل بالإجماع من الصفات ما ليس للآحاد لم يجز أن يجعل حكم الواحد حكم ~~الإجماع # فالآحاد يجوز عليهم الغلط والكذب فإذا انتهوا إلى حد التواتر إمتنع عليهم ~~الغلط والكذب # وكل واحد من اللقم لا يشبع وبالإجتماع يحصل الشبع # والواحد لا يقدر قتال العدو فإذا إجتمع عدد قدروا # فالكثرة تؤثر قوة وعلما # قال تعالى (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) وقال صلى الله عليه ~~وسلم الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد # ومعلوم أن السهم الواحد يكسره # PageV01P549 # الإنسان وبضمه إلى سهام كثيرة يتعذر # وأيضا فإن كان الإجماع قد يكون خطأ لم تثبت لك عصمة علي فإنه إنما علمت ~~عصمته بالإجماع كما زعمت وأن لا معصوم سواه # فإن جاز الخطأ على الإجماع أمكن أن يكون غيره معصوما وإن قد حتم في ~~الإجماع بطل أصل مذهبكم وإن قلتم هو حجة فقد أجمعوا على الثلاثة قبل علي # قال وقد بينا ثبوت النصوص الدالة على إمامة علي فلو أجمعوا على خلافه ~~لكان خطأ # قلنا قد تقدم بيان توهية كل ما تزعم أنه ثابت وأتينا بنصوص ثابتة بخلاف ~~ذلك # ثم نصوصنا معتضدة بالإجماع فلو قدر خبر يخالف الإجماع لعلم أنه باطل أو ~~لا يدل # ومن الممتنع تعارض النص المعلوم والإجماع المعلوم فإن كليهما حجة قطعية ~~والقطعيات لا يجوز تعارضها وإلا لزم الجمع بين النقيضين # وكل نص أجمعت الأمة على خلافه فهو منسوخ بنص آخر أما إن يبقى في الأمة نص ~~معلوم والإجماع بخلافه فهذا لم يقع فالإجماع والنص على خلافة الصديق مبطلان ms393 ~~بالضرورة لما افترته الرافضة من النص على علي # قال ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اقتدوا باللذين من بعدي ~~أبي بكر وعمر والجواب المنع من الرواية ومن دلالتها على الإمامة إذ ~~الإقتداء بالفقهاء لا يلزم منه الخلافة وهما قد اختلفا كثيرا فلا يمكن ~~الإقتداء بهما # ثم هو معارض بما رووه أصحابي كالنجوم # قلنا هذا بكل حال أقوى من النص الذي تزعمونه فإن هذا رواه أحمد وأبو داود ~~والترمذي # والنص في علي باطل حتى قال ابن حزم # ما وجدنا هذا النص إلا رواية واهية عن مجهول إلى مجهول يكنى أبا الحمراء ~~لا نعرف من هو في الخلق # وأمره بالإقتداء بهما دال على كونهما غير ظالمين ولا مرتدين إذ من هو ~~كذلك لا يكون قدوة # ولا يكاد يعرف إختلاف بين أبي بكر وعمر إلا في النادر كالجد مع الإخوة ~~وقسمة الفيء بالسوية أو التفضيل وإختلافهما في تولية خالد # PageV01P550 # وعزله فاختلف إجتهادهما # والحديث يوجب الإقتداء بهما فيما اتفقا عليه # وحديث أصحابي كالنجوم ضعفه أئمة الحديث فلا حجة فيه # قال وذكروا ليلة الغار وقوله تعالى (وسيجنبها الأتقى) وقوله (قل للمخلفين ~~من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد) والداعي هو أبو بكر وكان ثاني ~~الإثنين في العريش يوم بدر وأنفق ماله على النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم ~~في الصلاة # فلا فضيلة له في الغار لجواز أن يستصحبه حذرا منه لئلا يظهر أمره والآية ~~تدل على نقصه وخوره وقلة صبره لقوله (لا تحزن) فإن كان الحزن طاعة إستحال ~~أن ينهي عنه الرسول وإن كان معصة عادت الفضيلة رذيلة # وأيضا فإن القرآن حيث ذكر السكينة شرك مع الرسول فيها المؤمنين إلا هنا ~~ولا نقص أعظم منه # وقوله (وسيجنبها الأتقى) فالمراد به من أبو الدحداح حيث اشترى نخلة لشخص ~~لأجل جاره # وأما (قل للمخلفين) فالمراد من تخلف عن الحديبية التمسوا أن يخرجوا إلى ~~غنيمة خيبر فمنعوا بقوله (قل لن تتبعونا) لأن الله جعل غنيمة خيبر لمن شهد ~~الحديبية فمنعوا بقوله (قل لن تتبعونا ms394) ثم قال (قل للمخلفين من الأعراب ~~ستدعون) يريد سندعوكم فيما بعد فدعاهم الرسول إلى غزوات كثيرة كمؤتة وخيبر ~~وتبوك ويجوز أن يكون الداعي لهم أمير المؤمنين حيث قاتل # وأما كونه أنيسه في العريش فإنما كان أنسه بالله لكن لما عرف الرسول أنه ~~إن أمر أبا بكر بالقتال يؤدي إلى فساد حيث هرب عدة مرار فأيما أفضل القاعد ~~عن القتال أو المجاهد وأما إنفاقه فكذب لأنه لم يكن له مال فإن أباه كان ~~فقيرا في الغاية فلو كان غنيا لكفى أباه وكان أبو بكر في الجاهلية مؤدبا ~~وفي الإسلام خياطا فلما ولوه منعوه من الخياطة فقال إني محتاج إلى القوت ~~فجعلوا له في كل يوم ثلاثة دراهم من بيت المال # والرسول كان غنيا بمال خديجة قبل الهجرة وبعد الهجرة لم يكن لأبي بكر شيء ~~ولو أنفق لنزل فيه قرآن كما نزل في علي (هل أتى) # ومن المعلوم أن الرسول أشرف # PageV01P551 # من الذين تصدق عليهم أمير المؤمنين والمال الذين يدعون إنفاقه أكثر فحيث ~~لم ينزل فيه قرآن دل على كذب النقل # وأما تقديمه في الصلاة فخطأ لأن بلالا لما أذن أمرته عائشة أن يقدم أباها ~~فلما أفاق نبي الله سمع التكبير فقال أخرجوني فخرج بين علي والعباس فنحاه ~~عن القبلة وعزله عن الصلاة وتولى هو الصلاة # فهذه حال أدلة الجمهور # فلينظر العاقل بعين الإنصاف ويقول طلب الحق دون إتباع الهوى ويترك تقليد ~~الآباء والأجداد # والجواب أن في هذا الكلام من البهتان والقحة ما لا يعرف لطائفة فلا ريب ~~أن الرافضة فيهم شبه من اليهود فإنهم قوم بهت يريدون أن يطفئوا نور الله ~~بأفواههم ويريدون قلب الحقائق فهم أعظم المبتدعة ردا للحق وتصديقا للكذب # فأما الغار ففضيلة ظاهرة باهرة لقوله (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله ~~معنا) وفي الصحيحين أن أبا بكر قال نظرت إلى أقدام المشركين على رءوسنا ~~ونحن في الغار فقلت لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا فقال يا أبا بكر ما ~~ظنك بإثنين الله ثالثهما # والمعية هنا خاصة ms395 كقوله تعالى (إنني معكما أسمع وأرى) والمعية العامة ~~بالعلم كقوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) قال ابن عيينة عاتب الله الخلق ~~كلهم في نبيه إلا أبا بكر فقال (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين ~~كفروا ثاني إثنين) الآية # قال أبو القاسم السهيلي وغيره هذه المعية الخاصة لم تثبت لغير أبي بكر # وفي قوله (إذ يقول لصاحبه) دليل على أن الصديق في ذروة سنام الصحبة فإنه ~~صحبه من أول ما بعث إلى أن مات كما يقال ما فارقه لا في الحياة ولا في ~~الممات # وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال هل أنتم تاركوا لي صاحبي # وفي الصحيحين عن عائشة قالت لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين ولم يمض ~~علينا يوم إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا فيه طرفي النهار # وفي حديث صلح الحديبية الذي أخرجه البخاري أن عمر قال يا رسول الله ألسنا ~~على الحق وعدونا على الباطل قال بلى # قال فلم نعطي الدنية # PageV01P552 # في ديننا إذن فقال إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري # قال فقلت أو ليس كنت تحدثنا أنا نأتي البيت فنطوف به قال بلى فأخبرتك أنك ~~تأتيه العام قلت لا # قال فإنك آتيه ومطوف به # قال فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا قال بلى # قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل قال بلى # قلت لم نعطي الدنية في ديننا قال أيها الرجل إنه رسول الله ولن يعصي ربه ~~وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق # وذكر الحديث # فبهذا وأشباهه إستحق أبو بكر أن يسمى صديقا # وللبخاري عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيها الناس # اعرفوا لأبي بكر حقه فإنه لم يسؤني قط # وإذا تدبر العاقل ما صح من الأحاديث وأمعن النظر لاح له الصدق من الكذب # ومن شرك الحفاظ وجهابذة الحديث في علمهم علم بعض ما قالوه وعرف بعض قدرهم ~~وتحريهم وإلا فليسلم القوس إلى باريها كما يسلم إلى ms396 الأطباء طبهم وإلى ~~النحاة نحوهم وإلى الصيارفة نقدهم مع أن جميع أرباب الفنون يجوز عليهم ~~الخطأ إلا الفقهاء والمحدثين فلا هؤلاء يجوز عليهم الإتفاق على مسألة باطلة ~~ولا هؤلاء يجوز عليهم التصديق بكذب ولا التكذيب بصدق # فمن تأمل وجد فضائل الصديق كثيرة وهي خصائص له مثل (إن الله معنا) # وحديث المخالة وحديث أنه أحب الرجال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~وحديث الإتيان إليه بعده وحديث كتابة العهد له وحديث تخصيصه بالصديق إبتداء ~~والصحبة وتركه له وهو قوله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي وحديث دفعه عنه عقبة ~~بن أبي معيط إذ وضع الرداء في عنقه وحديث إستخلافه في الصلاة والحج وشأن ~~ثباته بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وإنقياد الأمة له وحديث خصال ~~الخير # PageV01P553 # التي إتفقت له في يوم # ثم له مناقب يشركه فيها عمر كحديث شهادته بالإيمان له ولعمر وحديث علي ~~يقول كثيرا ما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول خرجت أنا وأبو بكر ~~وعمر وحديث نزعه من القليب وحديث إني أؤمن بهذا أنا وأبو بكر وعمر ومناقب ~~علي على كثرتها ليس فيها شيء خصائص # وللصديق في الصحاح نحو عشرين حديثا أكثر خصائص فمناقبه جمة وفضائله عدة ~~استوجب بها أن يكون خليل رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الخلق لو كانت ~~المخالة ممكنة # فلو كان مبغضا له كما يقول الرافضي لما حزن بل كان يظهر الفرح والسرور ~~فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله معهما وهذا إخبار بأن الله معهما ~~بنصره وحفظه # ومعلوم أن أضعف الناس عقلا لا يخفى عليه حال من يصحبه في مثل هذا السفر ~~الذي قد عاداه فيه أولئك الملأ فكيف يصحب واحدا ممن يظهر له موالاته دون ~~غيره وهو عدو له في الباطن هذا لا يفعله إلا أغبى الناس وأجهلهم فقبح الله ~~من جوز هذا على أكمل الخلق عقلا وعلما # وقول الرافضي يجوز أن يستصحبه حذرا منه لئلا يظهر أمره فهذا باطل من وجوه ~~عدة أحدها أنه قد علم ms397 بدلالة القرآن موالاته ومحبته وعلم بالتواتر المعنوي ~~أنه كان محبا للرسول مؤمنا به مختصا به أعظم مما علم من سخاء حاتم وشجاعة ~~عنترة # ولكن الرافضة قوم بهت حتى إن بعضهم جحدوا أن يكون أبو بكر وعمر دفنا في ~~الحجرة النبوية وأيضا فما قاله هذا الرافضي يدل على فرط جهله عموما وخاصة ~~بما وقع وقت الهجرة فإنه اختفى هو وصاحبه الغار وعرف بذلك أهل مكة وأرسلوا ~~الطلب من الغد في كل فج وجعلوا الدية فيه وفي أبي بكر لمن أتى بواحد منهما ~~فهذا دليل على علمهم بموالاته للرسول صلى الله عليه وسلم ومعاداتهم له ولو ~~كان مباطنهم لما بذلوا فيه الدية # وأيضا فإنه كان خرج ليلا لم يدر به أحد فماذا يصنع بإستصحاب أبي بكر فإن ~~قيل لعله علم بخروجه قيل يمكنه أن # PageV01P554 # يخفى ذلك عنه كما خفى عن سائر المشركين # وفي الصحيحين أن أبا بكر استأذن في الهجرة فأمره أن يصبر ليهاجر معه # وفي الصحيحين عن البراء عن أبي بكر قال سرينا ليلتنا حتى قام قائم ~~الظهيرة وخلا الطريق حتى رفعت لنا صخرة لها ظل فنزلنا عندها فسويت بيدي ~~مكانا ينام فيه النبي صلى الله عليه وسلم في ظلها ثم بسطت فروة ثم قلت نم ~~يا رسول الله فنام # إلى أن قال فارتحلنا بعد الزوال واتبعنا سراقة بن مالك ونحن في جلد من ~~الأرض فقلت يا رسول الله أتينا # فقال (لا تحزن إن الله معنا) فدعا عليه فارتطمت فرسه إلى بطنها فقال إني ~~قد علمت أنكما دعوتما علي فادعوا لي ولكما أن أرد عنكما الطلب # فدعا الله فنجا # فرجع لا يلقى أحدا إلا وقال قد كفيتم ما ها هنا # وذكر الحديث # وفي البخاري عن عائشة قالت فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا إلى ~~الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال أين ~~تريد يا أبا بكر قال أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي الحديث ~~بطوله # وأيضا فلما كان في الغار كان ms398 يأتيهما بالخبر عبد الرحمن بن أبي بكر ~~ومعهما عامر بن فهيرة فكان يمكنه أن يعلمهم بخبره # ثم لما جاء الكفار ورأى أقدامهم هلا خرج إليهم وأسلمه فلا مثلها # فسبحان من أعمى بصيرتك # وقولك الآية تدل على نقصه وقلة صبره فهذا تناقض بينا أنت قائل استصحبه ~~حذرا منه لئلا يظهر أمره إذ جعلته قليل الصبر ذاخور فبالله على أي شيء تحسد ~~لا علم ولا فهم # وأعلم أنه لم يكن في المهاجرين منافق وذلك كالمستحيل فإن العز والمنعة ~~كانت بمكة للمشركين # ومن دخل في الإسلام تعب بهم وآذوه بكل طريق فلا يدخل أحد في الإسلام إلا ~~إبتغاء وجه الله لا لرهبة إذ الرهبة من الطرف # PageV01P555 # الآخر # وإنما كان النفاق في أهل المدينة لأن الإسلام فشا بها وعز وعلا على الشرك ~~فبقي أناس في قلوبهم زيغ وغل لم يؤمنوا فأسلموا في الظاهر تقية وخوفا من ~~السيف والمهاجرون ما أكرههم أحد ولا خافوا من المسلمين بل هم كما قال الله ~~تعالى (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من ~~الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون) وأبو بكر أفضلهم ~~وكلهم خاطبوه بخليفة رسول الله فمن سماهم الله صادقين لا يتفقون على ضلالة # وقولك يدل على نقصه نعم كلنا ناقص بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم ولم ندع عصمته كما فعلتم # ثم الله قد قال لنبيه (ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون) وقال ~~للمؤمنين عامة (ولا تهنوا ولا تحزنوا) وقال لنبيه (لا تمدن عينيك إلى ما ~~متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم) ولا ينافي الحزن الإيمان # ومن شبه يقين الصديق وصبره بغيره من الصحابة فهو جاهل والصديق أرفع من ~~عثمان بكثير في المناقب وبعد ذا فقد صبر عثمان وثبت ثباتا ما مثله حاصروه ~~وراموا طعنه وقتله وهو يمنع أنصاره ومواليه عن حربهم إلى أن ذبحوه وهو صابر ~~محتسب موقن # ثم إن قوله (لا تحزن) لا يلزم منه وقوع الحزن وكذا النهي عن كل شيء كقوله ~~(يا ms399 أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين) (ولا تدع مع الله ~~إلها آخر) (فلا تكونن من الجاهلين) # وهب أنه حزن فكان حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يقتل فيذهب ~~الإسلام # روى وكيع عن نافع عن ابن عمر عن ابن أبي مليكة قال لما هاجر النبي صلى ~~الله عليه وسلم أخذ طريق ثور فجعل أبو بكر يمشي خلفه ويمشي أمامه أماه فقال ~~النبي صلى الله عليه وسلم مالك فقال يا رسول الله أخاف أن تؤتي من خلفك ~~فأتأخر وأخاف أن تؤتي من أمامك فأتقدم # فلما انتهيا إلى الغار قال # يا رسول الله كما أنت حتى أقمه # قال نافع فحدثني رجل عن ابن أبي مليكة أن أبا بكر رأى جحرا في الغار ~~فألقمه قدمه وقال يا رسول الله إن كانت لدغة كانت في # وفي الصحيحين لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من # PageV01P556 # ولده ووالده والناس أجمعين فحزن الصديق على النبي صلى الله عليه وسلم ~~لاحتمال أن يؤذي يدل على كمال محبته وذبه عنه # وقد أخبر الله عن يعقوب أنه قال (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) # ثم أنتم تحكون عن فاطمة رضي الله عنها من الحزن على أبيها ما لا يوصف ~~وأنها اتخذت بيت الأحزان وتصفونها بما لا يسوغ # فالجاهل يريد أن يمدح فيقدح # وإن قلت حزن أبي بكر على نفسه من القتل دل ذلك على أنه مؤمن ولم يكن ~~مباطنا لقريش # ونبي الله قال وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون # والحزن مباح وعلى ذلك تدل النصوص # وقلتم قوله (لصاحبه) لا يدل على إيمان وذكرتم (إذ يقول لصاحبه وهو ~~يحاوره) # قلنا لفظ الصاحب عام ومنه قوله (والصاحب بالجنب) # لكن آية الغار بسياقها تدل على صحبة المودة والموالاة # وأما قولك (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) فلأنهم كانوا ~~إنهزموا فلو قال (على رسوله) وسكت لما دل الكلام على نزول السكينة عليهم ~~وأما هنا فلم يحتج إلى هذا لأنه كان تابعا مطيعا فهو صاحبه والله معهما ~~فإذا حصل للمتبوع ms400 هنا سكينة وتأييد بالملائكة كان ذلك التابع أيضا بحكم ~~اللازم # وأبو بكر لما نعت بالصحبة المطلقة الدالة على كمال الملازمة ونوه بها في ~~أحق الأحوال أن يفارق الصاحب فيها مصحوبه وهو حال شدة الخوف كان هذا دليلا ~~بطريق الفحوى على أنه صاحبه وقت النصر والتأييد والتمكين ولهذا لم ينصر ~~الرسول في موطن إلا كان أبو بكر أعظم المنصورين بعده ولم يكن أحد من ~~الصحتبة أعظم يقينا وثباتا منه ولهذا قيل لو وزن إيمانه بإيمان أهل الأرض ~~لرجح كما في السنن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هل رأى أحد ~~منكم رؤيا فقال رجل أنا رأيت كأن ميزانا من السماء نزل فوزنت أنت وأبو بكر ~~فرجحت به ثم وزن أبو بكر وعمر فرجح أبو بكر ثم وزن عمر وعثمان فرجح عمر ثم ~~رفع الميزان # PageV01P557 # وقولك (وسيجنبها الأتقى) لا يجوز أن تكون الآية خاصة بأبي الدحداح دون ~~أبي بكر كيف والسورة مكية وأبو الدحداح كانت قصته بالمدينة بإتفاق فإن قال ~~أحد إنها نزلت فيه فمعناه أنه ممن شملته الآية فإن كثيرا ما يقول بعض ~~الصحابة والتابعين نزلت في كذا ويكون المراد أي دلت على هذا الحكم وتناولته ~~ومنهم من يقول قد تنزل الآية مرتين بسببين # وقد ذكر ابن حزم بإسناده عن عبد الله بن الزبير وغيره أنها نزلت في أبي ~~بكر وكذلك ذكر الثعلبي ونقله عن عبد الله وعن سعيد بن المسيب # وقال ابن عيينة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه قال أعتق أبو بكر سبعة كلهم ~~يعذب في الله بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وابنتها وزبيرة وأم عميس وأمه ~~بني المؤمل فأما زبيرة فكانت رومية وكانت لبني عبد الدار فلما أسلمت عميت ~~فقالوا أعمتها اللات والعزى قالت فهي تكفر باللات والعزى فرد الله بصرها # وأما بلال فاشتراه وهو مدفون في الحجارة فقالوا لو أبيت إلا أوقية ~~لبعناكه # فقال أبو بكر لو أبيتم إلا مائة أوقية لأخذته # قال وفيه نزلت (وسيجنبها الأتقى) إلى آخر السورة # وأسلم وله أربعون ms401 ألفا فأنفقها في سبيل الله # وأيضا فلم يقل أحد إن أبا الدحداح أتقى الأمة بل العشرة وغيرهم أفضل منه ~~فقول من قال نزلت في أبي بكر أصح فإنه أتقى الصحابة وأكرمهم عند الله # وفي الصحيح ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر وفي البخاري أن النبي صلى ~~الله عليه وسلم خرج في مرض موته فقعد على منبره وقال إنه ليس أحد أمن علي ~~في نفسه وماله من أبي بكر ولو كنت متخذا خليلا لأتخذته خليلا ولكن خلة ~~الإسلام أفضل سدوا عني كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر # وصحح الترمذي عن عمر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ~~فوافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما # فجئت بنصف مالي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله # وأتى أبو بكر بماله كله فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك ~~قال أبقيت لهم الله ورسوله # فقلت لا أسابقك إلى شيء أبدا # PageV01P558 # وأما آية (قل للمخلفين) فقد استدل بها على خلافة الصديق الشافعي والأشعري ~~وابن حزم واحتجوا بأن الله قال (فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك ~~للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود ~~أول مرة فاقعدوا مع الخالفين (قالوا فأمر الله نبيه في هؤلاء بهذا نعلم أن ~~الداعي لهم إلى القتال ليس هو فوجب أن يكون من بعده وليس إلا أبا بكر أو ~~عمر دعوا إلى قتال فارس والروم وغيرهم أو يسلمون # وهؤلاء جعلوا المذكورين في الفتح هم المخاطبين في براءة ومن هنا صار في ~~الحجة نظر والفتح نزلت في قصة الحديبية بإتفاق # وبحث هنا شيخنا وطول ودقق إلى أن قال في الآية إنها لا تتناول القتال مع ~~علي قطعا لأن الله قال (تقاتلونهم أو يسلمون) والذين حاربهم علي كانوا ~~مسلمين بنص القرآن قال الله (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا ~~بينهما) الآية فوصفهم بالإيمان مع الإقتتال والبغي وأخبر أنهم ms402 إخوة # وقال صلى الله عليه وسلم في الحسن وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين ~~فجرى كذلك ودل عليه أن ما فعله السيد الحسن كان أرضى لله من القتال # وأما ما موهت به هذيانك ونقلك الكذب الذي هو هجيراك وديدنك من أمر العريش ~~فقولك هرب عدة مرار في غزواته فغزاة بدر أول مغازي الرسول فلا غزا هو ولا ~~أبو بكر قبلها فمتى هرب كلا لم يهرب قط # حتى يوم أحد ما انهزم لا هو ولا عمر بل عثمان تولى وعفا الله عنه بالنص # وكان أبو بكر أحد من ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين كما تقدم # ولو كان في الجبن بهذه المثابة لم يخصه الرسول بأن يكون معه في العريش # بل قوله للرسول إذ رآه يستغيث بالله يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه ~~سينجز لك ما وعدك دال على ثباته وقوة يقينه # وكان هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من شهد بدرا مع كونهما لم ~~يقاتلا فما كل من قاتل أفضل ممن لم يقاتل # فإن كنت # PageV01P559 # يا رافض تصفه بالهروب مرارا وبالخور والفشل والفقر والإفلاس وبكونه خياطا ~~وكان ليس بذي عشيرة ولا بيته كبيت بني عبد مناف وبني مخزوم ولا قريبا من ~~ذاك ولا له عبيد ولا خدم فبالله لماذا خضع له السابقون الأولون وبايعوه ~~وقالوا يا خليفة رسول الله ما ذاك والله إلا النص فيه # ولولا أفضليته عليهم في نفوسهم كما قال عمر والله لأن أقدم فتضرب عنقي لا ~~يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر # قال الرافضي واما إنفاقه على الرسول فكذب لأنه لم يكن له مال فيقال من ~~أعظم البلايا إنكار المتواتر المستفيض القطعي # فمن ذا الذي نقل من الثقات أو الضعفاء ما زعمت أفبالوقاحة والمباهتة ينكر ~~جود حاتم وشجاعة علي وحلم معاوية وغنى أبي بكر وفضله بل هؤلاء لا ذكر لهم ~~في القرآن # وهو فيه نص صريح بفضله وغناه ففي الصحيحين أن مسطحا ms403 كان أبو بكر ينفق ~~عليه وكان أحد من تكلم في الإفك فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه # فأنزل الله قوله (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتو أولي القربى ~~والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر ~~الله لكم) فقال أبو بكر بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي # فأعاد عليه النفقة # وقد اشترى بماله سبعة من المعذبين في الله # وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر # ولما هاجر استصحب ما بقي من ماله قيل كانت ستة آلاف وكان يتجر # وقولك كان مؤدبا كذب ولو كان كذلك لما شانه # والمعروف أن أهل مكة كانت الكتابة فيهم قليلة جدا ولو كان أبو بكر معلما ~~لأوشك أن ينشأ في قريش خلق كثير يكتبون # ولا كان خياطا أيضا والخياطة في قريش نادرة لقلة الحاجة فإن عامة ثيابهم ~~الأزر والأردية # ولما استخلف أراد أن يتجر لعياله ففرض له المسلمون من مال # PageV01P560 # الله كفايته لئلا يشتغل بالتجارة عن أعباء الخلافة # وفي الصحيحين أن أبا بكر لما ابتلي المسلمون بمكة خرج مهاجرا حتى إذا بلغ ~~برك الغماد لقيه ابن الدغنة سيد القارة وقال مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا ~~يخرج إنك تكسب المعدم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب ~~الحق وإني لك لجار ارجع واعبد ربك ببلدك # فرجع به ابن الدغنة وطاف في قريش فأجاره فقالوا له مر أبا بكر فليعبد ~~الله ربه في داره ولا يؤذنا ولا يستعلن بعبادته فإنا نخشى أن يفتن نساءنا ~~وأبناءنا الحديث بطوله # وقولك لو أنفق لوجب أن ينزل فيه قرآن كما نزل في علي (هل أتى) والجواب أن ~~حديث نزول هل أتى من الموضوعات كما قدمنا # ولو وجب أن ينزل قرآن في كل قضية لكان المصحف عشرين سفرا كبارا # وقولك تقديمه في الصلاة كان من أمر عائشة فمن باب الإفتراء والمكابرة ~~وجحد المتواتر فمن نقل لك ما ذكرته إسناد ثابت أم من نقل ms404 شيوخك المفيد ~~والكراجكي وأمثالهما الذين تصانيفهم مشحونة بالكذب # أفكانت صلاة واحدة حتى يقال فيها هذا # وأهل العلم يعلمون أن أبا بكر صلى بالناس أياما متعددة بقرب الحجرة ~~النبوية بحيث يسمع الرسول صلى الله عليه وسلم قراءته ولا تخفى عليه إمامته # وتواتر أن ذلك بإذنه والنصوص في ذلك كثيرة جمة # وقد قال نبي الله في مرضه ذلك على ما في الصحيحين عن عائشة أنه قال ادعى ~~لي أباك وأخاك حتى أكتب لهم كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا ~~أولى # PageV01P561 # ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر # فهذا من إخباره بالكوائن بعده ولهذا أعرض عن الكتابة لأبي بكر لما علم أن ~~الله يجمعهم عليه وأن المؤمنين يبايعونه ولا يختلفون عليه لا في الأول ولا ~~في الآخر عندما استخلف عليهم بعده خيرهم # أماتنا الله وإياكم على حب الأربعة فإن المرء مع من أحب # آخره والله أعلم # والحمد لله على الإسلام والسنة # صلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وآله وصحابته وأزواجه وذريته الطيبين ~~الظاهرين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين # فرغ منه مؤلفه ومنتقيه من كتاب شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن تيمية ~~أسكنه الله الجنة وأجزل له المنة في نصره أئمة السنة في الرد على ابن ~~المطهر البغدادي الشيعي # والأصل نحو من تسعين كراسة # وهذا المنتقى فيه كفاية بحسب همم الناس والأصل فبحسب همة الشيخ تغمده ~~الله برحمته آمين # ملكه بالإبتياع الشرعي من فضل الله المفتقر إلى الله محمد بن الحسن ~~الشافعي # وكان الفراغ من هذه النسخة وتحريرها على يد فقير عفو الله تعالى يوسف ~~الشافعي عفا الله عنه في سلخ جمادى الأولى عام أربع وعشرين وثمانمائة # والحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافي مزيده # وحسبنا الله ونعم الوكيل PageV01P562 ms405