######OpenITI# #META# 000.SortField :: Shamela_0121378 #META# 000.BookURI :: NOCODE #META# 010.AuthorAKA :: NODATA #META# 010.AuthorNAME :: أبو الطاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي (المتوفى: بعد 536هـ) #META# 011.AuthorBORN :: NOTGIVEN #META# 011.AuthorDIED :: NOTGIVEN #META# 019.AuthorDIED :: NODATA #META# 020.BookTITLE :: التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات #META# 020.BookTITLESUB :: NODATA #META# 021.BookSUBJ :: فقه مالكي #META# 022.BookVOLS :: 2 #META# 025.BookLANG :: NODATA #META# 029.BookTITLEalt :: NODATA #META# 030.LibURI :: Shamela_0121378 #META# 030.LibURIextra :: NODATA #META# 031.LibREADONLINE :: http://shamela.ws/browse.php/book-121378 #META# 031.LibURL :: http://shamela.ws/index.php/book/121378 #META# 031.LibURLFILE :: NODATA #META# 031.LibURLextra :: NODATA #META# 040.EdALL :: NODATA #META# 040.EdEDITOR :: الدكتور محمد بلحسان #META# 041.EdNUMBER :: الأولى، 1428 هـ - 2007 م #META# 041.EdNumber :: NODATA #META# 043.EdPUBLISHER :: دار ابن حزم، بيروت - لبنان #META# 044.EdPLACE :: NODATA #META# 045.EdYEAR :: NODATA #META# 049.EdISBN :: NODATA #META# 049.EdPAGES :: NODATA #META# 049.EdPHYSICAL :: NODATA #META# 049.EdVOLUME :: NODATA #META# 090.RecMISC :: NODATA #META# 999.MiscINFO :: NODATA #META#Header#End# # PageV01P207 # # كتاب الطهارة # PageV01P209 # # بسم الله الرحمن الرحيم # وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما # الحمد لله الذي أبدع الأنام (1)، وشرع الأحكام، وأسبغ الإنعام على ~~المتفقهين في الحلال والحرام. فصيرهم قدوة الأنام، ومصابيح الظلام. والصلاة ~~على المبعوث لبيان شرائع الإسلام وعلى آله وصحبه [البررة الكرام] (2) ~~المرافقين له في دار السلام (3). # وبعد، فإنه لما انتهض إلى الطلب من لم يمارس قراءة الكتاب (4)، ابتدأنا ~~(5) لهم موعدا بقصد الإيجاز [والاختصار] (6) دون التطويل والتكرار (7)، ~~وفيه من تحرير الدلائل وتقرير المسائل ما تشوكوا (8) إلى نقله، وضعفوا عن ~~حمله. فرأيت أن أملي عليهم من خلاف أهل المذهب ما يحصل به PageV01P211 # # للجمهور الاستقلال، منبها على أوائل التوجيه والاستدلال. وسميته "كتاب ~~التنبيه على مبادئ التوجيه"، وهو كالمدخل إلى كتابي المسمى "بالأنوار ~~البديعة في أسرار الشريعة" (1). وفي هذا الإملاء (2) لمن اقتصر عليه ما ~~يخرجه من زمرة أهل التقليد، وفي ذلك لمن ترقى إليه ما يبلغه رتبة المبرز ~~المجيد، ومن الله سبحانه أستمد (3) المعونة والتأييد وإياه أسال التوفيق ~~والتسديد، إنه جل ذكره الجواد المجيد. PageV01P212 # ### | كتاب الطهارة # ] (1) ### | أقسام الحكم # أحكام الشريعة تنحصر في ثلاثة أقسام: مطلوب فعله، ومطلوب تركه، ومأذون في ~~فعله وتركه. # والمطلوب فعله ينقسم قسمين: مطلوب طلبا لا خيرة للمكلف في تركه وهذا هو ~~الفرض، ومطلوب طلبا للمكلف خيرة في تركه وهذا هو المندوب. # والمطلوب تركه ينقسم قسمين: مطلوب طلبا لا خيرة للمكلف فيه وهذا هو ~~الحرام، ومطلوب طلبا للمكلف فيه خيرة وهذا هو المكروه. # والمأذون في فعله وتركه وهو المباح. ولا تقسيم فيه. # والفرض يسمى (2) على الحقيقة واجبا ولازما وحتما، والحرام يسمى محظورا ~~وممنوعا. # والمندوب ينقسم ثلاثة أقسام: أحدها: ما تعظم أجوره، فيسمى سنة. والثاني: ~~ما تقل أجوره فيسمى نافلة. والثالث: ما يتوسط في الأجر بين هذين فيسمى ~~فضيلة، ورغيبة، وقد قيل في الفرق بين هذه أن كل ما واظب PageV01P213 # # عليه الرسول عليه السلام على فعله مظهرا له فهو سنة بلا خلاف. وما نبه ~~عليه وأجمله في أفعال الخير فهذا نافلة، وما واظب على فعله (1) في أكثر ~~الأوقات ms001 وتركه في بعضها فهو فضيلة، ويسمى رغيبة (2). وما واظب على فعله غير ~~مظهر له ففيه قولان: أحدهما: تسميته سنة (3) التفاتا إلى المواظبة، ~~والثاني: تسميته فضيلة التفاتا إلى ترك إظهاره وهذا كركعتي الفجر. # وحدود الواجب والحرام والمندوب والمكروه والمباح على التقريب؛ أن الواجب: ~~ما أمرنا بذم تاركه ومدح فاعله. والحرام: عكسه. والمندوب: ما أمرنا بمدح ~~فاعله من غير ذم تاركه. والمكروه: ما أمرنا بمدح تاركه من غير ذم فاعله. ~~والمباح: ما أنبأنا مالك الأعيان (4) بأن فعله وتركه سيان. # وواجبات الشريعة على قسمين؛ قسم مراد لنفسه كالصلاة والصيام والزكاة ~~والحج، وقسم مراد لغيره كالطهارة وستر العورة واستقبال القبلة. ولما كانت ~~الصلاة من أشرف معالم الدين وجبت البداية بها لكنها لا تجزي إلا بالطهارة، ~~ولا تجب الطهارة إلا بعد دخول وقت الصلاة. وقد اختلفت طرق المؤلفين في ~~الفقه فجمهورهم على الابتداء بالطهارة لما كانت شرطا في صحة الصلاة. وابتدأ ~~مالك في موطئه وابن المواز (5) في كتابه (6) بأوقات الصلاة. لما تعلق وجوب ~~الطهارة بدخول الوقت، ولنجر على سنن الكتاب (7) فنقول: PageV01P214 # ### | (أقسام الطهارة) # الطهارة على قسمين: طهارة حدث، وطهارة خبث، وطهارة الحدث على قسمين: صغرى ~~وكبرى، وقد ابتدأ في المدونة بالصغرى وفاقا للابتداء بها في آية الطهارة ~~ولأنها تتكرر ما لا تتكرر الطهارة الكبرى. والصغرى تشتمل على ثلاثة أقسام: ~~فروض وسنن وفضائل. ### | (فروض الطهارة الصغرى) # ففروضها على المشهور (1) سبعة وهي: النية، والماء الطاهر، وغسل الوجه، ~~وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، وموالاة ~~فعلها مع الذكر. ### | (سننها) # وسننها سبع وهي: غسل اليدين قبل إدخالها في الإناء، والمضمضة، ~~والاستنشاق، ومسح داخل الأذنين، وتجديد الماء لهما، ورد اليدين في مسح (2) ~~الرأس من مؤخره إلى مقدمه، والترتيب. ### | (فضائلها) # وأكثر ما قيل في الفضائل (3) إنها سبع وهي: التسمية، والسواك، ووضع ~~الإناء على اليمين، وألا يتوضأ في موضع نجس، والابتداء بالميامن، والابتداء ~~بمقدم الرأس في المسح، وتكرار (4) المغسول (5) ثلاثا. PageV01P215 # # وغرضنا محاكاة الكتاب وقد ابتدأ بحكم المغسول في القدر المجزي والتكرار؛ ~~فأما القدر المجزي فإنه الإسباغ بالإجماع، وهو ms002 عموم العضو بالماء والدلك ~~(1). ### | (نهاية تكرار المغسول) # وأما الفضيلة فنهايتها الثلاثة، فمن عم العضو مرة واحدة فقد أتى بالفرض. ~~ووقع لمالك كراهية الاقتصار على الواحدة وعلل بوجهين: أحدهما: خيفة ألا يعم ~~بها، أو خيفة أن يراه من لا يحسن فيقتدي به فلا يعم بواحدة. والثاني: أن ~~المقتصر على الواحدة تارك للفضل جملة وتارك الفضل مقصر، فلا يجوز الاقتصار ~~على الواحدة بإجماع كما لا تجوز الزيادة على الثلاث إذا عم بها بإجماع. # وبأي نية يكرر؟ لا تخلو من ثلاثة أقسام: إما يتيقن أنه عم بالأولى، أو ~~يتيقن أنه لم يعم، أو يشك. فإن تيقن أنه عم [بالأولى] (2) نوى بالزيادة ~~الفضيلة (3)، وإن تيقن أنه لم يعم نوى بالزيادة الفرض، وإن شك نوى بالزيادة ~~الفرض (4). لأن الطهارة في ذمته بيقين فلا يبرأ منها إلا بيقين الكمال، ~~ومتى شك وجب عليه الإكمال فينوي الوجوب. فإن نوى الفضيلة في موضع تجب عليه ~~نية الفرض فقولان؛ أحدهما: الإجزاء، والثاني: عدم الإجزاء. ومنه الخلاف (5) ~~في من اغتسل لجمعته ناسيا لجنابته. # ولا يكرر غسل الرجلين على المعروف من المذهب، لأن المطلوب منهما (6) ~~الإنقاء وقد لا يحصل بالثلاث. PageV01P216 # ### | (حكم تكرار الممسوح) # وكذلك لا يكرر الممسوح لأن مبنى أمره على التخفيف، والتكرار (1) تثقيل. ~~وفي حديث عبد الله بن زيد (2) أنه "مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ ~~بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ... " ~~(3). وهذا يظهر منه التكرار. ولمحاذرته (4) رأى الشيخ عبيد الله بن الجلاب ~~(5) أنه إذا ذهب بهما إلى قفاه، رفع راحتيه عن فوديه- وهما جانبا رأسه- ~~فإذا رد يديه رفع أصابع يديه عن وسط رأسه ومسح جانبى رأسه حتى يسلم من ~~التكرار بالمسح على موضع واحد. والذي قاله خلاف لجميع أهل المذهب. واتفاق ~~أهل المذهب أن يمر بيديه على جميع رأسه ذاهبا وعائدا ليحصل المسح على جميع ~~وجه الشعر، إذ الشعر منصب من وسط الرأس إلى جهة الوجه ومن الوسط أيضا إلى ~~جهة القفا. وفي تفسيره في هذا الحديث لصفة المسح ms003 مناقضة لما ابتدأ به لأنه ~~قال أقبل وأدبر، ثم فسره بالإدبار والإقبال. وخير ما يؤول لذلك بأن الواو ~~لا توجب رتبة الترتيب. فقال: أقبل وأدبر، ومراده أدبر وأقبل، فابتدأ في ~~اللفظ بذكر الإقبال تفاؤلا. # ... PageV01P217 # ### | فصل # وقد قدمنا ذكر الفروض والسنن والفضائل جملة، ومنها ما فصل (1) في المدونة ~~فيترك الكلام عليه إلى بابه، ومنها ما لم يقصد تفصيله (2) كالوجه. والنظر ~~فيه في شيئين (3): أحدهما: حده، والثاني: حكم الشعور النابتة عليه. ### | (حد الوجه) # فأما حده طولا فمن منابت الشعر المعتاد إلى آخر الذقن. واحترزنا بالمعتاد ~~من الأغم -وهو من نبت الشعر على بعض وجهه- فيجب عليه غسل ما غطاه (4) الشعر ~~من الوجه. ومن الأنزع -وهو من انحسر الشعر عن بعض رأسه- فلا يجب عليه غسل ~~ما انحسر (5) عنه الشعر من رأسه. # فأما حده عرضا ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه من الأذن إلى الأذن، ~~والثاني: أنه من العذار إلى العذار (6)، فيخرج من ذلك ما بين العذار ~~والأذن، والثالث: أنه كالقول الأول في حق النقي الخد من الشعر، وكالقول ~~الثاني في حق الملتحي. # وسبب الاختلاف اختلافهم في اسم الوجه على أي شيء يقع. # وزاد القاضي أبو محمد (7) قولا رابعا، وهو أن غسل ما بين العذار ~~PageV01P218 # # والأذن سنة. وهذا وجهه أمره - صلى الله عليه وسلم - بإطالة التحجيل ~~والغرة (1)؛ وهو ما يبدو على أعضاء الوضوء من النور في الآخرة. فمن زاد على ~~المقدار المفروض كثر نوره. ولهذا كان - صلى الله عليه وسلم - إذا غسل يديه ~~شرع في العضد (2). ### | (حكم الشعور النابتة على الوجه) # فأما الشعور النابتة على الوجه إن كانت خفيفة بحيث تظهر منها البشرة عند ~~التخاطب وجب إيصال الماء إلى البشرة، وإن كانت كثيفة بحيث لا تظهر منها ~~البشرة فقولان: المشهور أن الفرض انتقل إلى الظاهر من الشعر لأنه الذي تحصل ~~به المواجهة الآن. والثاني: أنه يجب عليه إيصال الماء إلى البشرة لأنها محل ~~الوجوب قبل نبات الشعر. # وهل يجب غسل ما طال من شعر اللحية؟ قولان: أحدهما: الوجوب اعتبارا بحكم ~~ما نبتت عليه، والثاني ms004: أنه لا يجب عليه اعتبارا بحكم ما يحاذيه من الصدر. ~~وكذلك القولان فيما طال من شعر الرأس. وأما حكم الوجه واليدين والرجلين ~~وحكم الموالاة فنؤخر الكلام عليها إلى موضعها في الكتاب. ### | (غسل اليدين قبل إدخالهما في الأناء) # والمشهور من المذهب أن غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء سنة في حق من ~~لم تكن في يديه نجاسة، فإن كان في يديه نجاسة أمرناه بإزالتها حذارا من أن ~~يلاقي بها الماء وتنظيفا لليد من النجاسة. وهل يسن غسلهما للقريب العهد ~~بغسلهما كمن توضأ ثم أحدث في أثناء وضوءه؟ قولان: PageV01P219 # # أحدهما: يسن له ذلك وهو (1) المشهور، كغسل الجمعة فإنه يسن لكل من تلزمه ~~الجمعة وإن كان أنظف الناس بدنا. والثاني: أنه لا يسن له ذلك لأن المقصود ~~بالغسل نظافة اليدين عن الأوساخ التي يمكن أن يلاقيها من جولانها في البدن. # وهل يغسلهما مجتمعتين أو كل واحدة بانفراد؟ قولان: أحدهما: الجمع لأنه ~~أبلغ في النظافة، والثاني: الإفراد قياسا على سائر أعضاء الوضوء. وفي حديث ~~عبد الله بن زيد في ذكر غسل اليدين روايتان: إحداهما: أنه قال: "فغسل يديه ~~مرتين مرتين" (2)، فهذا يقتضي الإفراد. والثانية: "فغسل يديه مرتين" (3) - ~~من غير تكرار- وهذا يقتضي جمعهما. وأما حكم المضمضة والاستنشاق وبقية سائر ~~السنن فنؤخر الكلام عليها إلى موضعه من الكتاب. ### | (حكم السواك) # وأما السواك فهو من الفضائل في الوضوء، ولا يجب عند فقهاء الأمصار، لأنه ~~ليس مذكورا في الآية نصا ولا تنبيها (4). وهذا عمدتهم (5) في إسقاط فريضة ~~كل غير مذكور في الآية (6) وعمدتهم في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ~~"لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ كما أمره الله تعالى" (7) فأحال على ~~الآية. ### | (اختلاف المذهب في التسمية) # وأما التسمية ففي المذهب فيها ثلاثة أقوال؛ أحدها: عدها فضيلة- كما ~~PageV01P220 # # قدمنا- لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا وضوء لمن لم ~~يذكر اسم الله [عليه] " (1) (2)، والثاني: إنكارها، لأن الحديث لم يثبت. ~~وأيضا فهو محمول على الذكر بالقلب، وهو النية، والثالث: أنه مخير إن شاء ms005 ~~سمى وإن شاء لم يسم. فيعد من نوافل [الخير] (3) ولا يلحق بالفضائل لأنه لم ~~يثبت أمر به. ### | (وضع الإناء على اليمين) # وأما وضع الإناء على اليمين فالصحيح أنه لا يلحق بدرجة الفضائل لأنه لم ~~يرد أمر بذلك، وقد لا يتيسر في كل الأواني. ### | (الوضوء بموضع نجس) # وكذلك محاذرة الوضوء بموضع نجس لا يعد من الفضائل، وإنما ينبغي أن يقال ~~إن خاف أن تصيبه النجاسة فلا يتوضأ فيه بوجه، وإن أمن ذلك فالأولى تركه. ~~ولا يلحق برتبة الفضائل. ### | (مشروعية الابتداء بالميامين) # وأما البداية بالميامن فهو من نوافل الخير، ولا يختص ذلك بالوضوء بل ~~يستحب الابتداء باليمين في كل أفعال الخير. # وأما الابتداء بمقدم الرأس فهو الوارد في حديث عبد الله بن زيد كما تقدم. ~~ويمكن أن يبدأ به لأنه أول العضو (4)، فلا يلحق بالفضائل لهذا (5) الإمكان. ~~PageV01P221 # # وقد تقدم الكلام على تكرار المغسول. وقد استحب مالك وعبد العزيز (1) ما ~~ورد من صورة المسح في حديث عبد الله بن زيد، وقالا: هذا أحسن ما سمعنا في ~~مسح الرأس وأعمه عندنا. وإنما قالا ذلك، لاشتمال تلك الصفة على جميع الرأس. ~~و [أما] (2) الابتداء بالمقدم وهو فضيلة على ما قدمناه، والرد من المؤخر ~~وهو سنة. # ... ### | فصل [في أحكام المياه] # (3). # والماء ما دام على أصله فله صفة (4) الطهارة والتطهير، واجتمعت على ذلك ~~الأمة. # فإن خالطه شيء فلا يخلو أن يكون المخالط [له] (5) قراره وما عادته أن ~~يتولد فيه كالحمأة (6)، أو غير قراره. فإن كان [من] (7) غير قراره فلا يخلو ~~أن PageV01P222 # # يكون طاهرا أو نجسا، ولا يخلو أن يتغير الماء به (1) أو لا يتغير. فإن ~~كان المخالط قرار الماء وما عادته أن يتولد فيه، فإن كان حل فيه من غير نقل ~~ناقل نقله إليه فالماء طاهر مطهر، تغير أو لم يتغير، وإن نقله ناقل إليه ~~فإن لم يتغير (2) فلا حكم له، وإن تغير فقولان: المشهور أنه لا بأس (3) به ~~والماء باق على أصله، لأنه لا ينفك الماء عن جنسه، ولأنه إنما يجاور الماء ~~ولا يخالطه ولا يمازجه ms006 حتى لو ترك الماء لتميز عنه. والقول الثاني أنه يسلب ~~للماء التطهير لأنه إنما غيره بفعل فاعل فأشبه ما ينقل إلى الماء من سائر ~~المائعات. # وإن كان المخالط غير قرار الماء وما يتولد فيه والمخالط طاهر كسائر ~~الأطعمة والأدهان؛ فإن لم يتغير الماء فهو طاهر مطهر. فهذا هو المعروف من ~~المذهب. وكرهه الشيخ أبو الحسن القابسي (4) إذا كان الماء يسيرا. # وإن تغير فهو طاهر غير مطهر، لأنه قد يسلب الرقة والنظافة فأشبه سائر ~~المائعات. ### | (حكم الماء الذي خالطته النجاسة) # وإن كان المخالط نجسا فإن غير لون الماء أو طعمه كان نجسا بإجماع. وإن ~~غير رائحته فكذلك يكون نجسا على المعروف من المذهب. وحكى أبو الحسن اللخمي ~~عن ابن الماجشون (5) أنه لا ينجس بتغيير [الريح] (6). وهذه الرواية محمولة ~~على تغيير الريح بالمجاورة لا بحلول PageV01P223 # # النجاسة في الماء. وإن لم يتغير والماء كثير بحيث إنه إذا حرك [أحد] (1) ~~طرفيه لم يتحرك في الحال الطرف الثاني فهو باق على الطهارة والتطهير. # فإن كان الماء يسيرا ولم يتغير. ففي المذهب ثلاثة أقوال: أحدهما: إنه نجس ~~وهو مقتضى مذهب المدونة. والثاني: إنه طاهر مطهر لكنه يكره للخلاف. ~~والثالث: مشكوك في حكمه فيجمع بينه وبين التيمم. # فوجه الحكم بنجاسته قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغ الماء قلتين ~~لم يحمل خبثا" (2)، ليبين إذا كان الماء دون (3) القلتين حمل الخبث. وأيضا ~~فإن النفوس تعاف الماء اليسير إذا حلته النجاسة اليسيرة ومبنى النجاسات على ~~ما تعافه النفوس وتستقذره الطباع. ووجه الحكم بطهارته قوله - صلى الله عليه ~~وسلم -: "خلق الله [تعالى] (4) الماء طهورا لا ينجسه شيء" (5)، وهذا عموم ~~في كل المياه. ومن رواية البغداديين في هذا الحديث: إلا ما غير طعمه أو ~~لونه أو ريحه" (6). PageV01P224 # # وهذا نص [في] (1) أنه باق على الطهارة والتطهير ما لم يتغير أحد هذه ~~الصفات، فهذه مبادئ أدلة المذهب. ووجه الحكم بالشك (2) فلتعارض الأدلة. # وحكى أبو الحسن اللخمي عن أبي مصعب (3) أنه طاهر مطهر من غير كراهة. وهذا ~~لا يوجد في المذهب بل مقول البغداديين ms007 على رواية أبي مصعب. وقد قالوا ~~بالكراهة مراعاة للخلاف. # وكيف يفعل على مذهب القائلين بالشك إذا لم يجد غير هذا الماء المشكوك ~~فيه؟ لهم طريقان: أحدهما: أنه يتيمم ويصلي ثم يتوضأ به ويصلي [صلاة] (4) ~~ثانية لئلا يلاقي الأعضاء، يريد بذلك الماء قبل الصلاة بالتيمم. [والطريقة] ~~(5)، الثانية: أنه يتوضأ به حتى يتلفه في الأعضاء ثم يتيمم ويصلي صلاة ~~واحدة. # وسبب الخلاف بين الطريقتين، هل الماء طاهر وإنما يتيمم مراعاة (6) ~~للخلاف؟ أو هو نجس وإنما يصلي مراعاة للخلاف؟ فإن جعلنا الأصل الطهارة كان ~~الأولى الابتداء [به] (7) ثم يتيمم ويصلي واحدة، وإن جعلنا الأصل النجاسة ~~كان الأولى [أن يصلي بتيمم] (8) ثم يعيد الصلاة بالوضوء به. # ... PageV01P225 # ### | فصل (هل الملح كالتراب؟ أو كالطعام) # واختلف المتأخرون (1) في الملح هل هو كالتراب فلا ينقل حكم الماء على ~~المشهور من المذهب؟ أو كالطعام فينقله إلى غيره؟ ولهم في ذلك ثلاثة طرق؛ ~~أحدها: أنه كالتراب، والثانية: أنه كالطعام، والثالثة: أن المعدني منه ~~كالتراب والمصنوع منه كالطعام. واختلف من بعدهم هل ترجع هذه الطرق إلى قول ~~[واحد] (2)، فيكون من جعله كالتراب يريد المعدني ومن جعله كالطعام يريد ~~المصنوع؟ أو يرجع في ذلك إلى ثلاثة طرق (3) كما تقدم تفصيله؟ ووجهها أن ~~الالتفات إلى أصله يلحقه بالتراب، والالتفات إلى استعماله في الطعام ~~وإلحاقه بالربويات (4) يلحقه بالطعام. والتفصيل لأن المعدني لم ينضف إليه ~~زائد (5)، والمصنوع قد انضاف إليه زائد فأخرجه عن بابه. # ... # فصل (حكم الماء المستعمل في الطهارة) # وأما الماء المستعمل في الطهارة، فإن كان الذي استعمله (6) نجس الأعضاء ~~فيكون الذي (7) سقط عن أعضائه ماء حلته النجاسة فيعود إلى ما تقدم. وإن كان ~~وسخ الأعضاء غير نجس (8) فهو ماء حلته أوساخ طاهرة، فيرجع إلى PageV01P226 # # ما تقدم من حكم الماء يحله [شيء] (1) طاهر. وإن كان نقي الأعضاء من ~~الأوساخ والنجاسة ففي المذهب ثلاثة أقوال: المشهور: أنه طاهر مطهر يكره ~~استعماله مع وجود غيره للخلاف فيه، والثاني: أنه طاهر غير مطهر، وعلل ~~بثلاثة أوجه؛ أحدها: أنه لا يسلم من الأوساخ تحل (2) فيه وإن قلت فتضيفه ms008 ~~(3)، والوجه الثاني: أنه ماء أتلف (4) قواه في عبادة فلا تعاد به عبادة ~~أخرى، كالعبد يعتق في عبادة فلا يصح عتقه (5) لأخرى. ولا يلزم على هذا في ~~الثوب [ألا يصلي] (6) به، فإنا قد قلنا نفدت قواه في عبادة والثوب إنما ~~المراد منه ستر [العورة] (7)، فحكمه في ذلك باق (8)، والوجه الثالث: أن ~~الأولين لم يذكر عن واحد منهم أنه جمع ما سقط عن أعضائه من الماء ثم ~~استعمله مع كونهم بالحجاز والماء يعوز (9) فيها. وافتقارهم إلى الوضوء ~~والطهارة الكبرى، وتركهم ذلك يشعر بأن هذا الماء لا يجوز استعماله مرة ~~أخرى. # والقول الثالث بأنه مشكوك في حكمه وتطهيره (10)، فيجمع بينه وبين التيمم ~~ويصلي صلاة واحدة، وهذا لتعارض الأدلة؛ إذ القياس الجلي يقتضي بقاءه على ~~أصله، وما ذكرناه من الثلاثة الأوجه يقتضي كونه غير مطهر، فلما تعارض ذلك ~~حكم بالشك في تطهيره. # ... PageV01P227 # ### | فصل في تمييز الطاهر عن النجس # وجميع الموجودات لا تخلو (1) من أن تكون جمادات؛ أعني بذلك (2) ما لم ~~تحله حياة أو ينفصل عن ذي حياة، وحيوانات (3)، وأجزاء حيوانات، ومنفصلات عن ~~الحيوانات (4). ### | (حكم الجمادات) # فأما الجمادات فجميعها طاهر إلا الخمر وما في معناه عند مالك رحمه الله، ~~والشافعي كل مسكر. ### | (حكم الحيوانات الحية) # فأما الحيوانات فما دامت مستصحبة للحياة فهي طاهرة ونعني بذلك أعراقها ~~وأسآرها وما ينفصل (5) عن أنوفها إذا لم تستعمل النجاسات، هذا هو المشهور ~~من المذهب من غير استثناء شيء من الحيوانات. واستثنى سحنون (6) الكلب ~~والخنزير تعويلا على الأمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب. وألحق به الخنزير ~~فحكم لهما بالنجاسة. ورأى في المشهور أن الأمر بالغسل سببه أنهم كانوا في ~~العصر الأول يخالطون الكلاب استمرارا منهم على عادة الأعراب (7)، فقال عليه ~~السلام: "من PageV01P228 # # اقتنى كلبا لغير (1) زرع ولا ضرع نقص من أجره قيراط" (2)، فلم ينتهوا عن ~~ذلك فكلفوا غسل الأواني (3) لينتهوا من اتخاذهم الكلاب؛ لأنهم متى اتخذوها ~~ولغت في الأواني، وغسلها سبعا شاق. ولهذا قدر الغسل [بالسبع] (4) بخلاف غسل ~~سائر النجاسات (5). ### | (حكم الحيوان فاقد الحياة) # فإن فقد الحيوان الحياة فهو على ms009 قسمين؛ بري وبحري، فالبحري على قسمين ~~(6): قسم تطول حياته في البر بعد مفارقته الماء، وقسم لا تطول حياته. ~~والبري على قسمين: قسم لا دم فيه، ويعبر عنه بأنه لا نفس له سائلة، وقسم له ~~نفس سائلة (7). ### | (حكم الحيوان البحري) # فأما البحري الذي لا تطول حياته في البر فهو طاهر بعد الموت كهو في ~~الحياة. وأما ما (8) تطول حياته في البر كالسلحفاة والسرطان فالمشهور من ~~المذهب إلحاقه بالأول، والقول الثاني إلحاقه بحيوان البر. واختلف في ~~افتقاره إلى الذكاة، وسبب الخلاف أن الذكاة شرعت في الحيوان لإراقة الدم، ~~أو لإزهاق الروح بسرعة. وما تطول حياته في البر من البحري لا دم ~~PageV01P229 # # فيه يطلب إخراجه، لكنه مفتقر إلى إزهاق روحه بسرعة. فمن رأى أن المطلوب ~~الأول في الذكاة إراقة (1) الدم لم يفتقر عنده إلى ذكاة، ومن رأى أن ~~المطلوب الأول (2) إزهاق الروح بسرعة افتقر عنده إلى الذكاة. ### | (حكم الحيوان البري) # وأما البري فما لا نفس له سائلة لا ينجس بالموت بلا خلاف في المذهب. # وما له نفس سائلة فإن كان مأكول اللحم ومات بذكاة فهو طاهر، وإن كان غير ~~مأكول اللحم فهو نجس بالموت، وكذلك ما لم يذك من المأكول اللحم. وفي ~~المدونة في خشاش الأرض أنه لا ينجس ما مات فيه [من الماء] (3). وإن وقع في ~~قدر فيها طعام كل ما فيها (4). # وذكر عن أبي عمران أنه قال سقط (5) من المدونة: "لا"، وإنما الأصل أنه لا ~~يؤكل ما فيها لأنه لا ينجس الماء في الاستعمال، ويمنع شربه وأكل الطعام ~~لعلة أنه لا يؤكل إلا بذكاة. # وهذا الذي قاله صحيح على أصل المذهب (6) لكنه بعيد أن يقال سقطت لفظة ~~"لا" من جميع الكتب وأغفلها الرواة، وإنما (7) معنى إجازة الأكل إذا لم ~~يتحلل من الخشاش شيء، ولو تحلل لم يجز الأكل. وإنما سئل في [الكتاب] (8) عن ~~مجرد الموت فجاوب بأنه لا يفسد بخلاف ما له PageV01P230 # # نفس سائلة. وفي الكتاب [أيضا] (1) في حيتان ملحت (2) فأصيب (3) فيها ~~ضفادع ميتة لابأس بأكلها (4). واختلف الأشياخ هل يعود الضمير ms010 في أكلها على ~~الحيتان أو على الضفادع؛ فأما الحيتان فيجوز أكلها بلا خلاف، وأما الضفادع ~~فإن كانت ميتة جاز أكلها عند مالك وإن لم تحصل لها ذكاة، وعلى الرواية ~~الشاذة (5) المتقدم ذكرها فيما تطول حياته في البر (6) لا تؤكل هذه الضفادع ~~إذا وجدت ميتة. # ... ### | فصل [في أجزاء الحيوان] # (7) # وأما أجزاء الحيوانات فلا شك أن حكم البعض حكم الجملة، إلا أن يكون (8) ~~البعض يؤخذ (9) من حي فيكون نجسا إذا كان المأخوذ منه بريا ذا نفس سائلة. ### | (حكم الشعور) # وأما الشعور فهي طاهرة عند مالك، ولأن الحياة لا تحلها فأشبه النبات هذا ~~في كل شعر. وفي معناه الأصواف والأوبار إلا شعر الخنزير ففيه قولان في ~~المذهب؛ أحدهما: طهارته إلحاقا له بسائر الشعور، والثاني: نجاسته أخذا ~~بعموم تحريم الخنزير. PageV01P231 # ### | (حكم العظام) # وأما العظام فهي عند مالك بمنزلة اللحوم فمتى كان اللحم طاهرا حكمنا ~~للعظام بذلك، ومتى كان اللحم نجسا حكمنا للعظام بها، لأنها مما تحله ~~الحياة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {قال من يحي العظام وهي رميم} (1) ~~والظاهر إضافة الحياة [إلى نفس العظام] (2). لكن في الآية {قل يحييها الذي ~~أنشأها أول مرة} (3) فأضاف الحياة إلى الدار الآخرة والإنشاء إلى دار ~~الدنيا. والإنشاء تركيب لا إحياء لكن اجتمعت الأمة على أن العودة في حلول ~~الحياة كالبداية، فيكون معنى إنشائها هنا إحياءها. والبلاغة تقتضي تغيير ~~اللفظ وإن اتحد المعنى. وقال المتأخرون من أهل المذهب ينبغي أن تكون أطراف ~~الأظلاف وأطراف القرون كالشعور؛ لأنها لا تحلها الحياة. ### | (حكم الريش) # وأما الريش فما اتصل من أصله بالجسم فهو كالعظم لأنه تحله الحياة. وما لم ~~يتصل بذلك من أطرافه (4) فهو كالشعور. ### | (حكم ناب الفيل) # واختلف المذهب في استعمال ناب الفيل والتجر فيه على ثلاثة أقوال؛ مذهب: ~~أنه لا يستعمل ولا يتجر به، وهو المشهور من المذهب، والثاني: أنه يتجر به ~~ويستعمل، قاله عبد الملك (5)، والثالث: أنه إن سلق جاز استعماله، قاله مطرف ~~(6)، وهذا خلاف هل تحله الحياة أم لا؟ وكأن من اشترط سلقه بناء على أنه ~~تحله الحياة ms011 لأن السلق عنده كالدباغ. وهذا حكم الحيوانات وأجزائها وما يتصل ~~بها. PageV01P232 # ### | (هل ينجس الآدمي بالموت؟) # واختلف في الآدمي هل ينجس بالموت قياسا على ما في معناه من الحيوان أو لا ~~ينجس (1) تكرمة له؟ وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2) على سهيل ~~بن بيضاء (3) في المسجد، ولو كان نجسا لم يدخله المسجد (4). # ... ### | فصل (حكم الفضلات المنفصلات من الحيوان) # وأما فضلات منفصلات (5) من الحيوان فهي على قسمين: قسم له مقر في الجسم ~~يستحيل فيه ثم يخرج أو يبقى هناك، وقسم يخرج إلى سطح الجسم من غير أن يكون ~~له مقر يستحيل فيه. # فأما ما له مستقر (6) في الباطن يستحيل فيه فهو على قسمين: قسم يستحيل ~~إلى فساد، كالدم والعذرة والبول، وقسم يستحيل إلى صلاح كاللبن. ### | (حكم الدم المسفوح وغيره) # فأما ما يستحيل إلى فساد كالدم؛ فالمسفوح منه نجس بإجماع الأمة. وأما غير ~~المسفوح -وهو ما يبقى في العروق- ففيه قولان: أحدهما: أنه PageV01P233 # # نجس أخذا بعموم قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم} (1) فعم. والثاني: ~~أنه غير نجس، لأنه تعالى قيد التحريم في موضع ثان فقال: {أو دما مسفوحا} ~~(2). وبين الأصوليين خلاف في رد المطلق إلى المقيد هل يجب أم لا؟ ### | (حكم دم الحوت) # وكذلك اختلفوا في نجاسة دم الحوت على قولين: أحدهما- وهو المشهور- إلحاقه ~~بسائر الدماء في النجاسة. وقال أبو الحسن القابسي: هو طاهر. وهذا يحتمل أن ~~يبنيه على شهادة يتأكد منها أنه غير مسفوح، أو لأن الذكاة غير مشروعة فيه، ~~والذكاة مشروعة لإخراج الدم، ولم يطلب إخراج دم هنا، وذلك دليل على أن دمه ~~غير نجس. ### | (حكم بول وروث الحيوان) # وأما البول والعذرة عند (3) مالك فهي نجسة من كل حيوان محرم الأكل، طاهرة ~~من كل حيوان غير محرم الأكل (4). فإذا كان الحيوان مكروه [الأكل] (5) ففي ~~المذهب قولان: أحدهما الحكم بنجاسة بوله وروثه، والثاني الحكم بكراهية ذلك ~~كاللحوم. والأصل في طهارة روث ما يؤكل لحمه وبوله أمر رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - العرنيين أن يشربوا من أبوال الإبل (6)، وطاف ms012 - صلى الله عليه ~~وسلم - PageV01P234 # # على بعير، وموضع الطواف من المسجد (1)، ولا يؤمن أن يكون من البعير في ~~حين (2) الطواف بول أو روث. # هذا إذا لم يستعمل [الحيوان] (3) المأكول اللحم نجاسة، فإن أكل نجسا أو ~~شربه ففي بوله وروثه قولان: المشهور نجاستهما (4)، والشاذ طهارتهما. وهذا ~~جار في كل نجاسة انقلبت أعراضها، كعرق السكران، ورماد الميتة، وما يستخفي ~~(5) في أواني الخمر، في جميع ذلك قولان: التنجيس التفاتا إلى الأصل، والحكم ~~بالطهارة التفاتا إلى ما انتقلت إليه. ### | (طهارة المسك) # ولا خلاف في المذهب في طهارة المسك. وكان يقتضي هذا الأصل أن يختلف فيه ~~لأنه خراج يتولد من (6) حيوان ثم يستحيل مسكا، لكن حكموا بطهارته لأن أصل ~~النجاسات ما يستقذر، والمسك يذهب الاستقذار فلم يختلف فيه. ### | (نجاسة المني) # والمني حكموا بنجاسته وهذا لأحد وجهين؛ إما لأنه يسير (7) على نجاسة ~~البول، وإما لأنه يستحيل إلى فساد. فإن عللنا بالأول كان مني ما ~~PageV01P235 # # يؤكل لحمه (1) طاهرا، وإن عللنا بالثاني كان مني ما يؤكل لحمه وما لا ~~يؤكل (2) نجسا. وهكذا قال المتأخرون من أهل المذهب. ### | (حكم الألبان) # وأما ما يستحيل إلى صلاح كالألبان فهو على ثلاثة أقسام؛ قسم منها طاهر ~~بإجماع [الأمة] (3)، وهو لبن ما يؤكل لحمه، وما حرم لحمه لحرمته كبنات آدم، ~~وقسم نجس بإجماع كلبن الخنزير، وقسم مختلف فيه وهو ما عدا ما ذكرناه. وفي ~~المذهب فيه ثلاثة أقوال: أحدها أن لبنها طاهر لقوله تعالى: {من بين فرث ودم ~~لبنا خالصا} (4)، فأخبر أنه خالص عن الدم والفرث، والدم نجس من كل الحيوان، ~~وهذا طاهر مما (5) تقدم ذكر طهارته بإجماع، فدل على أنه لا يراعى (6) أصله، ~~وقد قال تعالى فيه: {خالصا سائغا للشاربين} (7) فعم كل لبن. والثاني أن ~~لبنها تابع للحومها في التحريم والكراهة لأنها فضلة الغذاء فأشبه اللحم. ~~والثالث أنه مكروه، وهذا مراعاة للخلاف. ### | (حكم البيض) # وأما البيض فلا شك في طهارته لأنه متولد من كل حيوان مأكول اللحم. # ... PageV01P236 # ### | فصل (في أحكام أسآر الحيوان) # وقد تقدم أن أسآر الحيوان طاهرة، وهذا إذا لم تستعمل النجاسة ms013، فإن أكلت ~~نجاسة، أو شربتها، أو كانت من عادتها تستعمل النجاسة، فلا تخلو من قسمين؛ ~~أحدهما: أن تدعو الضرورة إلى غشيانها الأواني، كالهرة والفأرة، فهذه يحكم ~~بطهارة سؤرها إلا أن تعاين (1) النجاسة فيه أو في أفواهها وقت الشرب، فإن ~~أبصر ذلك فيه فاليتوق ما (2) حلته النجاسة. ويكون حكمه ما تقدم في الماء ~~إذا حلته نجاسة. وفي المدونة لا بأس بالخبز من سؤر الفأرة (3). ويروى بضم ~~الخاء وبفتحها، ومعنى الضم نفس الخبز إذا أكلت منه فإنه يؤكل، وهذا ما لم ~~ير فيه أثر النجاسة، فإن رأى ذلك طرح موضع النجاسة إن تميز، فإن لم يتميز ~~كان طعاما حلته النجاسة، فإن كان يسيرا طرح، وإن كان كثيرا فقولان: أحدهما: ~~أنه كالماء لا تفسده النجاسة اليسيرة، والثاني: أنه بخلاف الماء لأن الماء ~~يذهب النجاسة بخلاف الطعام. # ومعنى الفتح في الخبز أنها إذا شربت من ماء فيجوز أن يعجن به، وصوب بعض ~~الأشياخ هذه الرواية معولا على أن الفأرة إذا شربت من الماء فإن ما يلتقي ~~فمها من الماء يتنجس ثم تجتلبه بالشرب فيبقى ما بعده طاهرا، وإذا أكلت من ~~خبز فلا يزول (4) أثر فمها. فيفارق حكم الماء حكم الطعام. # وهذا مما لا يعول عليه، وإنما يلتفت إلى ما قدمناه والروايتان صحيحتان. # ... PageV01P237 # ### | [فصل] (1) حكم ما يمكن الاحتراز منه) # والقسم الثاني: أن يكون الحيوان مما يمكن الاحتراز منه، فهذا لا يخلوا من ~~ثلاثة أحوال (2): أحدها: أن يتيقن سلامة فمه من النجاسة فلا يفسد ما أكل ~~منه أو شرب، والثاني: أن يتيقن نجاسة فمه فيكون ما أكل منه أو شرب على ما ~~تقدم مما تحله النجاسة. # والثالث: أن يشك (3) هل فيه نجاسة أم لا؟ فهذا في المذهب فيه ثلاثة ~~أقوال: أحدها: الحكم بطهارته لأن أصل الحيوان الطهارة، ومتى وقع الشك فيه ~~رجع إلى الأصل، والثاني: الحكم بنجاسة فمه (4) نظرا إلى الغالب، والغالب ~~استعماله النجاسة، والثالث: التفرقة بين الماء والطعام، ينطرح الماء ~~ليسارته ويستعمل الطعام لحرمته، وهذا مذهب المدونة. ولكن حكم للماء الذي ~~شربت منه الدجاج المخلاة ms014 (5) أن يترك وينتقل إلى التيمم. ثم جعل المصلي به ~~يعيد في الوقت خاصة. وهذا كالمتنافض لأن الانتقال إلى التيمم يقتضي الحكم ~~بنجاسته والإعادة في الوقت تقتضي طهارته (6) على كراهية فيه. وقد أجيب (7) ~~عن هذا الاعتراض بثلاثة أوجه: أحدها: أن مراده بالتيمم لا يقتصر عليه دون ~~أن يتوضأ، وإنما تجوز في الكتاب بقوله يتيمم ويتركه. ومراده يجمع بينه وبين ~~التيمم، قاله القاضي أبو محمد عبد الوهاب. هذا وإن ساعده الفقه فهو بعيد عن ~~مقتضى اللفظ. والجواب الثاني: أنه حكم بنجاسته على أصله فقال يتيمم ويتركه ~~ثم إذا صلى به أحد وقعت صلاته جائزة عند من يقول بطهارته، وهو أحد قولي ~~PageV01P238 # # مالك. وجعل (1) فعل المكلف كحكم الحاكم بصحته فيعيد في الوقت ليخرج من ~~الخلاف. فإذا خرج الوقت فلا يعيد لنفوذ الحكم بذلك وهذا جار على أصل المذهب ~~في مراعاة الخلاف، والجواب الثالث: أن الإعادة إنما هي (2) لأنه صلى ~~بنجاسة، ولذلك (3) يترك الماء لأن فيه نجاسة لا يدري موضعها. فإذا استعملت ~~فقد حصلت تلك النجاسة على بعض جسده، فيكون كالمصلي بنجاسة يعيد- إن لم ~~يعلم- في الوقت. وهكذا (4) نقل البراذعي في تهذيبه في هذا الموضع (5)، ~~فقال: ومن صلى (6) ولم يعلم أعاد في الوقت. واستدرك الأشياخ عليه زيادته ~~(7): "ولم يعلم". وإنما عول في ذلك على ما في كتاب الصلاة الأول من ~~المدونة، وقد اشترط هناك عدم العلم، وسيأتي بيانه في موضعه إن شاء الله. ~~وهذا الجواب أشار إليه الباجي (8) وهو معترض، لأن النجاسة إذا حلت بالماء ~~تختلط بأجزائه فلا تبقى في مكان واحد، وأيضا فإن القائلين بتنجيسه يجعلون ~~الجميع في حكم النجاسة. # ... PageV01P239 # ### | فصل (حكم سؤر الكلب) # وقد انفرد سؤر الكلب بحكم أوجبه أمره - صلى الله عليه وسلم - بغسل الإناء ~~من ولوغه (1) سبعا (2)، وقد اختلف المذهب هل الأمر بغسله على سبيل التوقي ~~منه (3) وترك مخالطته- على (4) ما تقدم- أو لنجاسة فيه؟ قولان؛ المشهور: أن ~~ذلك للتوقي لا للنجاسة، والشاذ: أنه للنجاسة، وهو قول سحنون. فإن قلنا إن ~~ذلك (5) للتوقي فهل يعد واجبا أو ندبا؟ قولان ms015. والذي في المدونة أنه ندب، ~~لقوله: "إن كان يغسل سبعا ففي الماء وحده وكان يضعفه" (6). وقال بعض ~~الأشياخ: ويحتمل قوله "وكان يضعفه" ثلاثة أوجه: أحدهما: ضعف الحديث ~~لمعارضته ظاهر القرآن في إباحة أكل ما صاد ولم يشترط غسله، والثاني: ضعف ~~وجوب الغسل لأنه بمنزلة غيره من الحيوان، والثالث: ضعف الغسل الوارد في ~~الحديث لأنه مقدر، والتقدير خلاف الأصول. وسبب الخلاف أمره - صلى الله عليه ~~وسلم - بالغسل من ولوغه. فاختلف الأصوليون هل تحمل [أوامره - صلى الله عليه ~~وسلم -] (7) على الوجوب أو على الندب، وإذا أوجبنا أو قلنا بالندب فهل يختص ~~ذلك بالمنهي عن اتخاذه، أو يكون عاما في سائر الكلاب؟ قولان. وسببهما: هل ~~العلة ورود النهي في المخالطة، أو لأن سؤر الكلب مما يستقذر غالبا؟ وهو ~~أيضا مما لا يتوق النجاسة غالبا، فيسري (8) ذلك في كل كلب. PageV01P240 # # وهل يغسل الإناء إذا كان فيه طعام أو لا يغسل إلا إذا كان فيه ماء؟ ~~قولان: المشهور أنه لا يغسل إلا من الماء، والقول الثاني أنه يغسل كان فيه ~~ماء أو غيره. وسبب الخلاف: هل يخصص العموم بالعادة- لأن العادة أن الكلاب ~~لا تجد من أواني العرب الذين ورد فيهم الحكم إلا ما فيها ماء، وأما أواني ~~الطعام فإنهم يتحفظون عليها فلا يجدها الكلاب- أو لا يخص العموم بالعادة ~~فيكون ذلك جار في كل الأواني؟ # ولو ولغت كلاب كثيرة في إناء واحد، فهل يغسل لجميعها سبعا، أو يغسل لكل ~~واحد سبعا؟ قولان. وسببهما هل الألف واللام في قوله - صلى الله عليه وسلم ~~-: "إذا ولغ الكلب" للجنس؟ فيكون مراده - صلى الله عليه وسلم - إذا ولغ ~~الكلاب غسل سبعا، أو الألف واللام للعهد؟ فيكون المشار بها إلى كلب واحد ~~مفرد. وعلى هذا اختلف هل يؤمر سامع الأذان بحكايته وإن تكرر الأذان أو لا ~~يؤمر إلا بحكاية الأول خاصة؟ وكذلك الخلاف فيمن اشترى مصراة (1) فوجب له ~~ردها، هل يرد لجميعها إذا كانت كثيرة صاعا أو لكل واحدة منها صاعا (2)؟ ~~وهذا يتبين في موضعه إن شاء الله. # واختلف ms016 المذهب أيضا إن ولغ الكلب في الإناء هل يجوز غسله بذلك الماء الذي ~~ولغ فيه أو يغسل بماء ثان؟ # وسبب الخلاف هل الغسل للتعبد المحض، أو لما يمكن أن يكون ولغ فيه من ~~النجاسة ولأنه مما يستقذر (3)؟ ### | (حكم سؤر الخنزير) # واختلف أيضا في الخنزير هل يلحق بالكلب في هذا الحكم (4)، أم يكون حكمه ~~حكم سائر الحيوانات على التفصيل المتقدم؟ PageV01P241 # # والخلاف على ما ذكرناه (1) من أنه إن جعل غسل الأواني للتعبد المحض، لم ~~يلحق به الخنزير، وإن جعل للاستقذار والنهي عن مخالطته لحق بذلك الخنزير. # ... ### | فصل في آداب الأحداث # وهي على ثلاثة أقسام: قسم سابق، وقسم مقارن، وقسم متأخر. ### | (حكم استقبال القبلة للبول والغائط) # ولنقصد إلى ما ذكره (2) في الكتاب دون غيره، وهو أن لا يستقبل القبلة ~~لبول ولا لغائط. وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك (3)، ~~وثبت أن ابن عمر أشرف على بيت حفصة فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على ~~لبنتين مستقبلا (4) لبيت المقدس ومستدبرا للكعبة (5). # وقد بني مالك هذين الحديثين، فرأى أن المنع على صفة، والجواز على صفة ~~ثانية. وما هي الصفة؟ لا يخلو إما أن يكون الموضع لا مراحيض PageV01P242 # # فيه ولا ساتر (1) [فلا يجوز الاستقبال فيه ولا الاستدبار، أو تكون ~~المراحيض والساتر] (2) فيجلس بحسب ما تقتضيه المراحيض، أو يكون ذا مراحيض ~~ولا ساتر، فيجلس أيضا بحسب ما تقتضيه المراحيض للضرورة، أو يكون ذا ساتر ~~ولا مراحيض فيه ففي المذهب قولان: أحدهما: جواز الاستقبال أو الاستدبار، ~~والثاني: أنه لا يستقبل ولا يستدبر. # وسبب الخلاف هل العلة في المنع لحرمة القبلة فلا يجوز على (3) هذا ~~الاستقبال ولا الاستدبار، أو العلة (4) المصلون إلى القبلة، فإذا وجد ~~الساتر بينه وبينهم جاز الاستقبال والاستدبار [على الإطلاق] (5). ### | (حكم استقبال القبلة أثناء المجامعة) # واختلف أيضا في المجامعة (6) هل يجوز فيها الاستقبال والاستدبار على ~~الإطلاق؟ أو يكون فيها من التفصيل ما قدمنا في الحدث؟ # وسبب الخلاف هل العلة في الحدث نفس العورة فتكون المجامعة بمنزلته، أو ~~العلة ما يخرج من الحدث ms017 فتكون المجامعة بخلاف ذلك؟ # وفي المدونة ما يؤخذ منه الجواز في المجامعة على الإطلاق؛ لأنه لما سأله ~~عن المجامعة قال لا بأس بذلك (7). لكنه عقيب (8) قوله، شبهه بالحدث. وقد ~~تعلق باللفظ الأول بعض الأشياخ فأجازوه على الإطلاق، وتعلق آخرون بالتشبيه ~~فألحقوه بالحدث. # ... PageV01P243 # ### | فصل (في إزالة الأذى) # ومن آداب الإحداث المتأخرة إزالته. والأولى في ذلك الجمع بين الحجارة (1) ~~والماء، يبدأ بالحجارة لإزالة العين ثم بالماء لإزالة الأثر، وذلك أبلغ في ~~سرعة الإزالة وأذهب للرائحة. فإن أراد [مريد] (2) الاقتصار، فالأولى ~~الاقتصار على الماء، لأنه يذهب العين والأثر. وإن أراد الاقتصار على ~~الأحجار، فإن فقد الماء جاز له ذلك، وإن وجده فقولان: المشهور جواز ~~الاقتصار، والشاذ منعه وهو مذهب ابن حبيب (3). وقد ثبت أنهم كانوا يقتصرون ~~في العصر (4) الأول على الأحجار. وهل ذلك لأن الماء كان يعوز عليهم، أو ~~لأنهم كانوا يبعدون- بخلاف أهل الوقت- أو ذلك رخصة لأن هذه الأحداث (5) ~~كثيرا ما تطرأ على الإنسان في الطرقات وحيث لا ماء؟ فرخص في ذلك لإزالة عين ~~هذه الأحداث بالأحجار. واستمر (6) العمل حيث يوجد الماء ويفقد، وهذا الذي ~~يظهر من فعل الأولين. # وإذا جاز له الاقتصار على الأحجار فهل يقوم في ذلك غيرها مقامها؟ # قولان: المشهور أنه يقوم مقامها كل شيء (7) طاهر ليس بمطعوم ولا ذي حرمة ~~[ولا يتعلق به حق الغير] (8)، والشاذ أنه لا يكفي إلا الأحجار. والوارد في ~~الأحاديث [الأحجار] (9) لكنه رخصة. PageV01P244 # # وقد اختلف الأصوليون هل يقاس على الرخص أو يقتصر عليها وعلى ما وردت؛ فمن ~~قال بالقياس ألحق بذلك غير الأحجار، ومن قصرها على ما ورد قال لا يكفي إلا ~~الأحجار. وإذا قلنا بالقصر فهل يطلب في ذلك عدد؟ قولان: أحدهما: أنه لا ~~يكفي دون الثلاث (1)، فإن لم يحصل الإنقاء بثلاثة طلب الزائد وإن حصل بأقل ~~من ذلك طلب الثلاثة، وقيل يجزي إن حصل الإنقاء بواحد. والمشهور في الأحاديث ~~طلب الثلاث لكن في بعضها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر من معه ~~أن يأتي بثلاثة أحجار فأتاه بحجرين وروثة ms018 فأخذ الحجرين ورمى بالروثة وقال ~~إنها رجس (2) ولم يذكر في الحديث أنه طلب ثالثة (3). وخرج أبو داود (4) عنه ~~- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا ~~فلا حرج" (5). وهذا يقتضي إباحة الاقتصار، وما قدمناه يقتضي طلب الثلاثة ~~وهو مقتضى (6) التعبد. وإذا أوجبنا الثلاثة فهل ينوب في دلك حجر ذو ثلاث ~~شعب (7)؟ قولان: أحدهما: الاكتفاء به لأنه PageV01P245 # # يحصل به ما يحصل بالثلاثة (1)، والثاني: أنه لا يكتفى به جمودا على ما ~~ورد من طلب الثلاثة. # وهل يكتفي للمخرجين بثلاثة أو يطلب لكل واحد ثلاثة؟ قولان. وهو خلاف في ~~شهادة، هل يتلطخ الحجر بأحدهما فلا يكفي في الآخر (2)، أو يمكن أن يحصل ~~الانقاء في الموضعين بثلاثة. # وكذلك اختلف في صورة الفعل؛ فقيل يمسح بكل حجر جميع الموضع (3)، وقيل بل ~~يمسح بأحدهما وسط (4) الموضع، وبالاثنين الجانبين. وهذا ينبغي أن يحال فيه ~~على ما هو الإنقاء والأذهب للعين فيفعل. # ولا يجب الاستنجاء من الريح لأنه ليس بذي جسم تطلب إزالته. # وإن تعدى الخارج المخرجين إلى وسط (5) الجسم وانتشر كثيرا فلا يزال إلا ~~بالماء، [وإن قل انتشاره فقولان: قيل هو كالموضع فيزال بالأحجار، وقيل ~~كالمنتشر كثيرا فلا يزال إلا بالماء (6). وهذا على الخلاف في ما قارب الشيء ~~هل يعطى حكمه أم لا؟ # وفي الكتاب في من استجمر بالحجارة ولم يغسل ما هنالك بالماء حتى صلى أن ~~صلاته مجزية، ويغسل ما هنالك لما يستقبل (7). وهذا إنما يصح إذا كان يمكنه ~~أن يغسل ولا يمس الذكر، والثاني: إن افتقر إلى مسه فإنه يعيد الوضوء على ~~مذهب من أوجب الوضوء من مسه. # ... PageV01P246 # ### | باب ما يجب منه الوضوء # (1) # الوضوء يجب من شيئين: أحداث، وأسباب أحداث. فالأحداث ما يخرج من القبل ~~والدبر. والخارج من القبل ثلاثة وهو: البول، والودي (2) والمذي (3). ~~والخارج من الدبر ثلاثة: الغائط، والصوت، والريح. # وأسباب الأحداث ثلاثة وهي: مس الذكر، ولمس النساء، والنوم، وفي معناه ~~فقدان العقل بالجنون والسكر والإغماء. # واختلف في الردة هل تقتضي نقض الوضوء إذا عاد إلى الإسلام ms019؟ # وكذلك اختلفوا في رفض الوضوء هل يؤثر أو لا؟ ### | (حكم مس الذكر) # ونؤخر الردة والرفض إلى استفاء أحكام الأحداث وأسبابها، ونجري على ترتيب ~~الكتاب. وقد ابتدأ بأسباب الأحداث وقدم حكم مس الذكر، وقد ورد فيه حديثان: ~~أحدهما: حديث بسرة (4)، وهو يقتضي نقض الوضوء بمسه. والثاني: حديث طلق بن ~~علي (5)، وهو يقتضي عدم النقض بمسه، PageV01P247 # # لأنه ذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن مس الذكر هل يوجب ~~الوضوء؟ فقال: "وهل هو إلا بضعة منك" (1). # وقد بني المالكية الحديثين فرأوا أنه ينقض بمسه الوضوء على صفة دون صفة. ~~وما هي الصفة؟ فلهم أربعة أقوال؛ أحدهما: اعتبار اللذة، فإن وجد اللذة بمسه ~~انتقض، وهو رأي البغداديين (2) من أهل المذهب. والثاني: مراعات العمد، فإن ~~مسه عامدا انتقض وضوءه، وإن كان ناسيا (3) لم ينتقض، وهو مذهب مالك في أحد ~~أقواله وسحنون (4). والثالث: مراعاة باطن الكف، فان مسه بغيره لم ينتقض وهو ~~مذهب أشهب، والرابع: مراعاة باطن الكف وباطن الأصابع، فإن مسه بغيرهما لم ~~ينتقض، وهو مذهب الكتاب (5). وكأن الجميع يراعون اللذة. فراعى البغداديون ~~وجودها وعدمها. وراعى من فرق بين العمد والنسيان أن اللذة توجد غالبا مع ~~العمد بخلاف النسيان. وراعى أشهب باطن الكف لأن فيه من لطافة الحس (6) ما ~~ليس في سائر الأعضاء. والغالب وجود اللذة به بخلاف غيره من الأعضاء. وراعى ~~(7) في الكتاب أن باطن الأصابع بمنزلة باطن الكف، إذ فيها من لطافة الحس ما ~~فيها. وقد استدل هؤلاء بما ورد في بعض الطرق: "من PageV01P248 # # أفضى بيده إلى فرجه فعليه الوضوء" (1)، والإفضاء إنما يكون بباطن الكف، ~~وفي معناه الأصابع. ### | (حكم مس الدبر وسائر البدن) # ولا يجب الوضوء بمس شئ من البدن ولا من الدبر على المشهور. وذكر حمديس ~~(2) أنه يلزم على قول من أوجب الوضوء على المرأة إن مست فرجها أن يقول يلزم ~~الوضوء من مس الدبر. وهذا الذي قاله غير صحيح لأن الفرج ينطلق (3) عليه ~~تسميته. وقد ورد في بعض الطرق: "ومن مس فرجه توضأ" (4)، وأيضا فإنه مما (5) ~~يمكن اللذة ms020 بمسه بخلاف الدبر. # وقد اختلف في مس المرأة فرجها، فقيل: يجب عليها الوضوء، وقيل: لا يجب ~~عليها، وقيل: إن ألطفت وجب عليها وإن لم تلطف لم يجب عليها. واختلف ~~المتأخرون هل (6) المذهب على ثلاثة أقوال كما ذكرناها أو يرجع الجميع إلى ~~(7) قول واحد؟ فمعنى قول من منع (8) الوجوب: إذا لم تلطف، ومن أثبته: إذا ~~ألطفت. فكأن طريقه من بني الأمر في اللمس على وجود اللذة وعدمها؛ هذا إن ~~مسه من غير حائل، فإن مسه PageV01P249 # # دون حائل؛ فإن وجد اللذة توضأ، وإن فقدها- والحائل يمنع وصول شيء من اليد ~~إلى الذكر- لم يجب عليه الوضوء. # فإن مسه ثم صلى قبل أن يتوضأ فأربعة أقوال؛ أحدها: أنه لا إعادة عليه، ~~والثاني: أنه يعيد في الوقت، والثالث: أنه يعيد وإن خرج الوقت، والرابع: ~~أنه يعيد بعد اليومين والثلاثة، فإن طال لم يعد. # والإعادة على ترك مراعاة الخلاف، وإسقاط الإعادة على مراعاته، وكذلك ~~الإعادة في الوقت. وأما من قال يعيد بعد اليومين والثلاثة دون أن يطول فهو ~~أضعف الأقوال، لكنه رأى مراعاة الخلاف إلا أن تطول الأيام، فيكون كحكم ~~استقر ومر عليه دهر فلا ينتقض. # ... ### | فصل (في حكم النوم) # وأما النوم فالمشهور من المذهب أنه سبب للحديث وليس بحدث في نفسه، والشاذ ~~أنه حدث، وهو قول ابن القاسم (1) في كتاب ابن القصار (2) ورواية (3) أبي ~~الفرج عن مالك. ويعتمد قائل ذلك على أحد التفسيرين في قوله تعالى: {إذا ~~قمتم إلى الصلاة} (4) أن المراد بذلك إذا قمتم من النوم. وعمومه يقتضي ~~النوم الكثير واليسير، ووقع في بعض الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - ~~ذكر PageV01P250 # # موجبات الوضوء فعد البول والغائط والنوم (1). وعطف النوم على هذين يقتضي ~~على هذا كونه حدثا بمنزلتهما. # لكن اختلف الأصوليون في العطف هل يفيد التشريك في المعنى كما يفيده في ~~الإعراب أم لا يفيده؟ وإنما تكون فيه حجة متى قلنا بأنه يفيده. على أن ~~الحديث لم يثبت. ومعتمد (2) المشهور من المذهب على أن النوم يذهب التمييز، ~~ويمكن معه خروج الريح من غير أن ms021 يعلم، فإذا أمكن ذلك وجب (3) الوضوء، وإليه ~~الإشارة بما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "العينان وكاء السه ~~فإذا نامت العينان استطلق الوكاء" (4). # وهذا الحديث وإن لم يخرجه أهل الصحاح فقد اشتهر وهو منبه على العلة، فإذا ~~ثبت ذلك فيكون النوم ينقض على صفة دون صفة. وما هي الصفة؟ وقع التحديد في ~~المذهب بطريقتين؛ إحداهما: [أنه] (5) لا يخلو من أن يكون طويلا ثقيلا فينقض ~~الوضوء من غير خلاف، أو قصيرا خفيفا فلا ينقضه، أو قصيرا ثقيلا ففيه قولان، ~~أو طويلا خفيفا ففيه قولان أيضا. وحكى أبو الحسن اللخمي في هذه الصورة ~~استحباب الوضوء، (6) والقولان فيهما كما ذكرناه (7). PageV01P251 # # وسبب الخلاف في الصورتين البناء على من أيقن بالوضوء وشك في الحدث، وفيه ~~خلاف في المذهب؛ فمن أوجب الوضوء بالشك أوجبه في هاتين الصورتين لأن القصير ~~(1) يقتضي عدم خروج الحدث إلا أن يشعر به والثقيل يقتضي خروجه، فقد اجتمع ~~هاهنا [الأمران] (2)؛ موجب ومسقط. فكانا يتحرى إن شكا (3)، وكذلك في الصورة ~~الثانية. ومن أسقط الوضوء عن الشاك أسقطه في الصورتين. # والطريقة الثانية الالتفات إلى الهيئات فإن كانت هيئة النائم تقتضي خروج ~~الحدث والطول- كالساجد- وجب (4) الوضوء، وإن كانت لا تقتضي ذلك كالقائم ~~والمحتبي (5) غير مستند لم يجب [الوضوء] (6)، وإن كانت تقتضي (7) خروج ~~الحدث ولا تقتضي (8) الطول كالراكع ففيه قولان: وإن كانت تقتضي الطول دون ~~خروج الحدث كالجالس المستند (9) ففيه قولان، وهذا كالأول. ولكن (10) هذه ~~الطريقة أوفق بمقتضى (11) الروايات. ### | (وجوب الوضوء بالجنون والسكر والإغماء) # وأما فقدان العقل بالجنون والسكر والإغماء فيوجب الوضوء على أي حالة كان، ~~لأنه يقتضي عدم العلم بخروج (12) الحدث. وأراد أبو الحسن PageV01P252 # # اللخمي أن يجعل فيه خلافا إذا لم يطل، وعول في ذلك على كلام القاضي أبي ~~محمد (1) أن ذلك سبب حدث (2). وهذا الذي قاله ليس بشيء، لأن القاضي لما قال ~~إنه سبب للحديث [ساوى بين قليله وكثيره في نقض الوضوء، وفرق في النوم. ~~وإنما أراد به] (3) [أنه سبب حدث] (4) لكنه سبب يقتضيه ولا بد (5)، وذلك ~~حقيقة السببية (6). ### | (هل تنقض ms022 الطهارة الكبرى بفقدان العقل؟) # وهل يقتضي فقدان العقل نقض الطهارة الكبرى؟ المشهور أنه لا يقتضيه. ورأى ~~ابن حبيب أنه يقتضيه في حق المصروع، لأنه رأى أن الغالب خروج المني من أهل ~~هذه العلة متى صرعوا. وهذا إنما يعول فيه (7) على وجدان المني بعد الإفاقة ~~وعدم وجدانه. والمشهور أيضا من المذهب أن المني متى عري (8) عن اللذة لم ~~يوجب غسلا على ما نفصله [بعد] (9). # ... ### | فصل (حكم لمس المرأة) # ويلحق اللمس بسبب الأحداث، وإن أخره في الكتاب. وهو (10) يوجب عند مالك ~~رحمه الله - إذا كان غير عار من اللذة- نقض الوضوء. PageV01P253 # # والمعتمد في ذلك قوله تعالى: {أو لامستم النساء} (1). وتفصيل المذهب (2) ~~أن اللمس لا يخلو من أربع صور؛ إحداها: أن يقصد به اللذة وتوجد، فيجب ~~الوضوء بلا خلاف. والثانية: أن يجد ولا يقصد، فكذلك أيضا (3) يجب الوضوء. ~~والثالثة: ألا يقصد ولا يجد، فلا يجب الوضوء. والرابعة: أن يقصد ولا يجد ~~فيها، هنا مقتضى الروايات وجوب الوضوء. والأشياخ يحكون عن المذهب قولين: ~~الإيجاب والإسقاط، وإنما يعولون في ذلك على الخلاف في الوضوء هل يرفض (4) ~~بالنية، وفي المذهب في ذلك قولان. وهذا الذي يعولون عليه (5) ليس بشيء، لأن ~~اللمس هاهنا قد وجد منه فعلا (6) بخلاف الرفض بمجرد النية من غير فعل. # وهذا التفصيل المتقدم في حق اللامس، وأما الملموس فلا تفصيل فيه، وإنما ~~يقال إن وجد اللذة توضأ وإن لم يجد فلا وضوء عليه. ### | (حكم القبلة) # وكذلك أيضا لا تفصيل أيضا في القبلة على الفم على المشهور من المذهب، بل ~~توجب الوضوء إذا كانت فيمن توجد اللذة بقبلته على الإطلاق. وهذا لأن الغالب ~~وجود اللذة بها، فإن شذت نادرة فلا يلتفت إليها. وقيل: هي بمنزلة اللمس؛ ~~فإن فقدت اللذة والقصد إليها لم ينتقض الوضوء، وهذا على الخلاف هل تراعى ~~الصور النادرة أو يعطي الحكم للغالب. ومتى كان اللمس دون حائل فإنما يراعى ~~فيه وجود اللذة [فيجب الوضوء] (7)، أو (8) فقدانها فلا يجب. PageV01P254 # ### | (حكم الإنعاظ) # وأما الإنعاظ (1) من غير مس ففيه قولان: أحدهما: إيجاب الوضوء، والثاني ms023: ~~إسقاطه. قال الأشياخ: وإنما ينبغي أن ينظر الإنسان إلى حاله، فإن اعتاد ~~وجود المذي متى كان منه ذلك توضأ، وإن اعتاد فقده لم يتوضأ. ### | (حكم اللذة من غير مس) # وأما اللذة من غير لمس كمن يتذكر (2) فيتلذذ أو (3) ينظر فيتلذذ، فإن كان ~~عن ذلك مذي وجب الوضوء، وإن لم يكن مذي ولا إنعاظ لم يجب الوضوء على ~~المشهور والمعروف من المذهب. وأوجبه أبو العباس الإبياني (4) وابن بكير ~~(5). وهذا لا أصل له وهو يؤدي إلى الحرج الذي تسقطه الشريعة السمحة. # ... PageV01P255 # ### | فصل (في حكم من يعتريه المذي) # وأما الأحداث التي قدمنا تعدادها فإن خرجت على وجه العادة أوجبت (1) ~~الوضوء بإجماع، وإن خرجت على غير العادة كالمستنكح، فلا يخلو من كانت به ~~تلك العلة من أن يقدر على رفعها كمن يعتريه المذي لطول عزبة (2) وهو قادر ~~على إزالة العزبة بالتزويج أو التسري [أو لا يقدر على رفعها كمن لا يمكنه ~~التزويج أو التسري] (3)، وكمن يعتريه ذلك لإبردة (4) أو يعتريه شيء من ~~الأحداث ويلازمه، فإن قدر على إزالة (5) ذلك بالتداوي كما قلنا ففيه قولان: ~~المشهور إيجاب الوضوء، لأن قدرته على الرفع تلحق ذلك بالمعتاد، والشاذ ~~إسقاط الوضوء لأنه خارج على غير العادة فأشبه من لا يقدر. وقد يقال هاهنا ~~أن هذا على الخلاف فيمن ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ وإن كان لا يقدر ~~على الرفع فلا يخلو من أن يلازمه ذلك ولا يفارقه، أو يفارقه في بعض الأوقات ~~(6) ويلازمه في بعضها؛ فإن لازم ولم يفارق فلا يجب الوضوء منه ولا يستحب، ~~لأنه لا معنى للوضوء وهو يسيل (7) معه بعد (8) فراغه، وإن كان يلازم ويفارق ~~فلا يخلو من ثلاث صور؛ إحداها: أن تكون ملازمته أكثر، فهذا يستحب منه ~~الوضوء ولا يجب. والثانية: أن تكون مفارقته أكثر، فهذا فيه قولان: المشهور ~~إيجاب الوضوء، والشاذ -وهو رأي جماعة من البغداديين- إسقاطه، وهو خلاف في ~~حصول الحرج بذلك. فمن رآه حاصلا أسقطه، ومن رآه غير حاصل لم يسقط (9) بذلك ~~الوجوب. PageV01P256 # # والثالثة: أن تكون ملازمته ومفارقته ms024 سيان (1)، فهاهنا قولان؛ أحدهما: ~~الإيجاب (2)، وهو (3) شهادة [بأن الحرج غير (4) حاصل، والثاني: الإسقاط وهو ~~شهادة] (5) بحصول الحرج. والبغداديون يرون أن هذه الأحداث إنما توجب متى ~~خرجت على العادة، فإن خرجت على غير العادة (6) وصارت علة فلا يتعلق عليها ~~حكم على كل الأحوال. # واختلف في إسقاط (7) الوضوء هل يكون ذلك رخصة للإنسان في نفسه لا يتعداه، ~~أو سقوط (8) ذلك يجعل الخارج كالعدم؟ فيه قولان، وعليه يختلف هل يجوز له ~~الإمامة لغيره وكذلك الحكم في من كانت تنفصل (9) عنه النجاسة لا يقدر على ~~الاحتراز منها، كمن به قروح؛ ففيه قولان (10): هل تجوز له الإمامة أو لا؟ ~~وقد أخبر عمر رضي الله عنه أنه يجد ذلك في الصلاة فلا ينصرف حتى يقضي ~~صلاته، وهذا يشعر بكونه مستنكحا. وقد كان إماما، ولم يذكر أنه ترك الإمامة ~~بسبب ذلك. وهذا يشهد لأحد القولين. وفي المدونة عنه هذا وعنه الأمر بغسله ~~والوضوء منه (11) وتأول بعض الأشياخ على أن إخباره [عنه] (12) على حالتين ~~مختلفتين، وهذا لا يفتقر إليه لأنه إنما أخبر في أحد الأثرين عن حالته ~~(13)، وأمر في الأثر الثاني غيره. فتكلم على حكم نفسه في الاستنكاح وعلى ~~حكم غيره إذا لم PageV01P257 # # يكن مستنكحا. وقد تقدم القولان في الردة هل تنقض الوضوء أم لا؟ # وسبب الخلاف اختلاف آيتين؛ قال تعالى: {لئن أشركت ليحبطن عملك} (1)، وهذا ~~يقتضي الإحباط [بنفس الارتداد] (2)، وقال تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه ~~فيمت وهو كافر} (3)، فقد اشترط الوفاة على الارتداد. وهذا يقتضي أنه لا ~~يكون الإحباط (4) بنفس الردة. ويعتذر هؤلاء عن الآية الأخرى (5) بأن ~~المخاطب بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ولما كانت معرفته أكثر طرقا ~~(6) كانت عقوبته لو تصورت الردة أشد. واعتذر الأولون عن هذا بأن المخاطب ~~الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمراد غيره، لأنه - صلى الله عليه وسلم - ~~لا تصح عليه الردة. وهكذا اختلف في حكم المرتد (7) إذا عاد إلى الإسلام هل ~~يعود كأنه لم يزل مسلما، أو يكون كمبتدئ الإسلام الآن؟ # وأما الاختلاف في الرفض فسببه أن النية فرض في ms025 الوضوء على المشهور من ~~المذهب، لكن هل المقصود بها تصحيح الفعل (8) وقد حصل (9) ذلك، أو تكون كجزء ~~من أجزاء الوضوء يجب استصحاب حكمها ما دام وضوؤه (10) باقيا؟ فإذا أتى بما ~~يناقضها (11) كان ذلك كبطلان جزء من أجزاء الوضوء، وبطلان جزء منه كبطلان ~~جميعه. # ... PageV01P258 # ### | ([فصل] (1) هل يكون المذي بمنزلة البول والودي؟) # وقد اختلف في المذي هل يكون بمنزلة البول والودي، أو يختص بأحكام ينفرد ~~بها؟ وإذا قلنا إنه بمنزلتهما فلا تفريع، وإذا قلنا إنه يخالفهما ففي أي ~~شيء تقع المخالفة؟ المشهور أنه لا يجوز (2) فيه الاستجمار بالحجارة، لأنه ~~في الغالب إنما يأتي مستجلبا بخلاف البول والغائط فإنهما (3) يخرجان بطبع ~~(4) الغذاء. والمشهور أيضا من مذهب المغاربة (5) من المالكية أنه يغسل منه ~~جميع الذكر، ومذهب البغداديين أنه يجزي منه غسل موضع الأذى. # وسبب الخلاف [ما ورد] (6) في الحديث من قوله - صلى الله عليه وسلم -: ~~"اغسل ذكرك" (7)، والذكر له أول وآخر. وبين الأصوليين خلاف في الأسماء هل ~~تحمل على الأوائل أو على الأواخر؟ فمن حملها على الأوائل قال يقصر الغسل ~~على مخرج الأذى، ومن حملها على الأواخر قال بغسل جميعه. ### | (حكم من صلى وقد غسل ذكره بلا نية) # واختلف القائلون بغسل جميعه هل يفتقر إلى نية أم لا؟ وسبب الخلاف هل غسل ~~جميعه تعبد، أو هي عبادة تعدت محل سببها فأشبهت (8) PageV01P259 # # الوضوء والغسل في افتقارهما إلى النية؟ أو غسله لتنقطع مادة المذي فلا ~~يفتقر إلى نية؟ # واختلف القائلون بالافتقار إلى النية لو صلى وقد غسله بلا نية؛ هل يعيد ~~الصلاة أم لا؟ ومقتضى إيجاب النية أن يعيد الصلاة، وترك الإعادة مراعاة ~~الخلاف. واستقرأ بعض المتأخرين من المدونة أنه يغسل الذكر من المذي عند ~~إرادة الوضوء، فإن غسله قبل ذلك لم يجزه وعول في ذلك على قوله في المدونة: ~~ولا يلزم غسل الأنثيين عند الوضوء، إلا أن يخشى أن يكون أصابهما شيء، وإنما ~~عليه غسل ذكره (1). فعول على هذا الكلام ظانا أن مراده إنما عليه غسل ذكره ~~إذا أراد الوضوء. وهذا الاستقراء فيه بعد، لأن ms026 مراده أنه لا يغسل الأنثيين ~~وإنما يغسل الذكر خاصة. وقوله: إلا أن يخشى أن يكون أصابهما شيء، يقتضي ~~أنهما مع الشك هل أصاب الجسد نجاسة (2) فيغسله، بخلاف الثوب فإن الثوب يجزي ~~فيه النضح. وفي الجسد قولان: أحدهما: إجزاء النضح، والثاني: وجوب الغسل. # ونقل بعض المتأخرين (3) ما في المدونة على تحقيق الإصابة فقال إلا أن ~~يصيبهما (4) شيء. # والمذي ماء إلى الصفرة أميل بين الدقة (5) والثخانة يخرج عند اللذة ~~الصغرى كالقبلة والمباشرة. # والودي ماء إلى البياض أميل وفيه ثخانة يخرج عقيب (6) البول، فقد يعتريه ~~من كثرة البردة (7)، أو من حصار (8) عن النكاح. PageV01P260 # # والمني الموجب للغسل ثخين أبيض في الغالب يخرج عند اللذة الكبرى ورائحته ~~كرائحة الطلع وكرائحة العجين. # ... ### | فصل (في حكم الشاك في الوضوء) # والشاك في الوضوء لا يخلو شكه من أن يكون في جملة الوضوء أو في بعضه، ولا ~~يخلو من أن يكون سالم الخاطر أو موسوسا (1)؛ فإن شك في الجملة وهو سالم ~~الخاطر فلا يخلو [شكه] (2) من ثلاثة أقسام: أحدها: أن يوقن بالحدث ويشك هل ~~توضأ بعده فيجب عليه الوضوء بإجماع. والثاني: أن يوقن بالوضوء ويشك في ~~الحدث، فهذا فيه قولان: أحدهما: الإيجاب للوضوء، والثاني: استحبابه. ~~[والقسم الثالث أن يشك في الحدث والوضوء جميعا، فهذا يطرح ما شك فيه ويبني ~~على ما كان حاله قبل الشك؛ فإن كان محدثا لزمه الوضوء، وإن (3) كان متوضئا ~~كان كالقسم الثاني] (4). وحكى أبو الحسن اللخمي عن المذهب خمسة أقوال فيمن ~~أيقن بالوضوء وشك في الحدث: أحدها: وجوب الوضوء، والثاني: إسقاطه. والثالث: ~~استحبابه، والرابع: وجوبه إلا أن يكون في صلاة، والخامس التفرقة بين أن ~~يستند شكه إلى سبب متقدم أو سبب في الحال؛ فإن استند شكه إلى سبب متقدم ~~[كمن شك هل كان أحدث قبل وقته فيجب عليه الوضوء، وإن استند إلى سبب في ~~الوقت] (5) كمن شك هل خرج منه ريح أم لا فإنه يعتبر هل سمع صوتا أو وجد ~~ريحا، فإن لم ير أثرا من ذلك فلا وضوء عليه. # وهذا لا يوجد في المذهب ms027 على ما حكاه أبو الحسن اللخمي من PageV01P261 # # الخمسة الأقوال. وإنما في المدونة القولان (1) خاصة، ومن قال بإسقاط ~~الوضوء لا شك أنه يستحبه، ومن يفرق بين الصلاة وغيرها فإنما يبني على أنه ~~مستحب فلا يقطع الصلاة بسببه. # وسبب القولين استصحاب حالتين: أحدهما: وجوب الصلاة في ذمته فلا يخرج عنها ~~إلا بوضوء متيقن، والثاني: وجود الوضوء فلا ينتقض إلا بتيقن الزوال وإن شك ~~في البعض. والأصل أنه لم يقع فلا يبرأ (2) إلا بكماله، فتجب عليه الإعادة، ~~وهذا كله إذا لم يكن موسوسا (3). فإن كان موسوسا فانه يبني على أول خاطره، ~~فإن سبق إلى نفسه أنه أكمل فلا يعيد، وإن سبق إلى نفسه أنه لم يكمل أعاد، ~~لأنه في الخاطر الأول مشابه للعقلاء (4)، وفي الثاني مفارق لهم. # ... ### | فصل (في طهارة سؤر الحائض والجنب) # وقد تقدم أن كل حي (5) طاهر، فسؤر الحائض والجنب طاهر. وقد تقدم حكم من ~~عادته يستعمل النجاسة، والنصراني من ذلك القبيل. # ... ### | فصل (في حكم ترتيب الوضوء) # وقد تقدم أن ترتيب الوضوء سنة وهو المشهور، وفي المذهب قولان آخران: ~~أحدهما: أنه فرض، والثاني: أنه يجب مع الذكر ويسقط مع PageV01P262 # # النسيان. فإن قلنا بالفرضية فمن نكس بطل وضوءه ولا تجزيه الصلاة بالوضوء ~~المنكس، وإن فرقنا بين العمد والنسيان أجزأه مع النسيان دون العمد، وإن ~~بنينا على المشهور من المذهب فإن صلى أجزأته صلاته. وهل (1) يعيد الوضوء؟ ~~إن كان عامدا (2) أعاده من أوله ليأتي بالسنة على وجهها، وإن كان ناسيا فلا ~~يخلو أن يكون بحضرة الماء أو بعد أن تباعد عنه؛ فإن كان بحضرة (3) الماء ~~أعاد ما نكس وما يليه، وإن تباعد وكان مثلا (4) غسل يديه [قبل وجهه] (5) ثم ~~مسح برأسه وغسل رجليه فمذهب ابن القاسم أنه يعيد غسل يديه خاصة، ومذهب ابن ~~حبيب أنه يعيد اليدين وما بعدهما (6). وقد اعترض بعض الأشياخ قول ابن ~~القاسم ورأوا أنه لا يحصل بذلك الترتيب بل يبقى على فساده (7)؛ لأنه إذا ~~أعاد اليدين خاصة صارتا واقعتين بين الرأس والرجلين وذلك فساد للترتيب. # وإنما أوتي على هؤلاء ms028 من قبل أنهم ظنوا إعادة اليدين للترتيب [الذي] (8) ~~بينهما وبين سائر الأعضاء، وإعادتهما هاهنا إنما هي لتقع بعد الوجه، وإلا ~~فقد حصل الترتيب بينهما وبين الرأس والرجلين بالغسل (9) الأول، وإنما فساد ~~الترتيب بينهما وبين الوجه كما قلناه، فإذا أعادهما (10) ذهب ذلك الفساد. # ... PageV01P263 # ### | فصل (في حكم المضمضة والاستنشاق) # وقد قدمنا أن المضمضة والاستنشاق سنتان، فمن تركهما لم يبطل وضوؤه ولا ~~صلاته؛ هذا إذا تركهما ناسيا، فإن تركهما متعمدا فينبغي أن يختلف في (1) ~~ذلك على الخلاف فيمن ترك السنن متعمدا. ولا خلاف أنه لا يعيد (2) الصلاة ~~بعد الوقت. وإنما وقع الخلاف في المذهب في الإعادة (3) في الوقت. ويمكن أن ~~يقال ليس يلزم إذا قيل في سنة تجب الإعادة بعد الوقت أن يلزم (4) ذلك في كل ~~سنة، لأن السنن متباينة الترتيب في التأكيد. وحقيقة ما يعاد من السنن ~~المتروكة في الوضوء وما لا يعاد أن كل سنة متى تركت ولم يؤت [بها] (5) في ~~محلها بعوض فإنها تعاد (6)؛ وهذا كالمضمضة (7) ومسح داخل الأذنين، ~~والترتيب. وكل سنة عوضت (8) في محلها كغسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء ~~وكمسح الرأس عائدا من المؤخر إلى المقدم فلا يعاد، لأن محله قد حصل فيه ~~الغسل والمسح. وتكرار (9) المضمضة والاستنشاق على ما قدمناه في تكرار ~~المغسول. وله أن يجمعهما في غرفة واحدة أو يفرقهما فيأتي بكل واحد منهما ~~بغرفة. ### | (حكم ترك مسح داخل الأذنين) # وأما داخل الأذنين فلا خلاف أنهما سنتان؛ فمن ترك مسحهما لم تبطل طهارته ~~(10) على ما قدمناه في المضمضة والاستنشاق، ويعيدهما لما PageV01P264 # # يستقبل. وأما خارج الأذنين ففيهما قولان: أحدهما: أن مسحهما فرض، ~~والثاني: أنه سنة. وفي الحديث: "الأذنان من الرأس" (1)، ويحتمل أن يريد ~~بذلك أنهما تمسحان كمسحه أو هما مفروضتان كفرضيته (2). والمعول على كونهما ~~سنة على قوله تعالى: {وامسحوا برءوسكم} (3). # والأذنان لا تنطلق عليهما التسمية حقيقة، وأما هذا الحديث فلم يثبت. وإذا ~~قلنا إنهما فرض؛ فإن تركا فالمشهور صحة الصلاة لأنهما ممسوحتان من الرأس، ~~والممسوح مبني على التخفيف وليسارتهما، وقال ابن الجلاب: القياس يوجب ~~الإعادة. وكأنه يوجب ms029 تعميم الرأس بالمسح، وإن تركهما كان كتارك [مسح] (4) ~~بعض رأسه. ويجدد لهما الماء، فإن لم يجدد فلا يعيد كما قدمناه. وفي المذهب ~~قول أنه لا يجدد. # ... ### | فصل (في حكم ترك مسح بعض الرأس) # وفي تارك مسح بعض رأسه أربعة أقوال: المشهور: أنه لا يجزيه، والثاني: أنه ~~يجزيه إن مسح الثلثين، قاله محمد ابن مسلمة (5)، والثالث: أنه PageV01P265 # # يجزيه إن مسح الثلث، قاله أبو الفرج، والرابع: أنه يجزيه إن مسح مقدم ~~رأسه خاصة، ولا يجزيه في غيره، رواه أشهب عن مالك. وكان وجوب مسح الجميع ~~[يقتضي] (1) ألا يجزيه البعض، وهو مقتضى قوله تعالى: {وامسحوا برءوسكم} (2) ~~إذا قلنا ليس المراد (3) بذلك البعض بل الجميع، وإن قلنا المراد البعض ~~فينبغي أن تجزي الشعرة الواحدة كما قال الشافعي. لكن هذه (4) الأقوال التي ~~في المذهب بناء على أن مبنى المسح على التخفيف فأكثره يجزي عن أقله. وفي ~~المذهب (5) قولان في الثلث هل هو في حد الكثير أو في حد القليل (6). وأما ~~رواية أشهب فلما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "مسح بمقدم رأسه" ~~(7)، فقصره (8) على ما ورد. # ... ### | فصل (حكم الموالاة) # وقد قدمنا أن الموالاة فرض مع الذكر. والموالاة أن يفعل الوضوء كله في ~~فور واحد من غير تفريق، وفي المذهب في ذلك خمسة أقوال: أحدها: وجوب ~~الموالاة على الإطلاق، والثاني: إسقاطها على الإطلاق، PageV01P266 # # والثالث: التفرقة بين أن يتركها لعذر أو لغير عذر (1)، والرابع: أنها ~~تؤثر (2) بين المغسولات دون الممسوحات من غير مراعاة الممسوح ما كان، ~~والخامس: أنها تؤثر بين المغسولات والممسوحات إذا كانت الممسوحات بدلا كمسح ~~الخفين والمسح في التيمم، ولا تؤثر إذا كان الممسوح أصلا كالرأس، وإنما ~~يجري على قانون الأصول. # وأما القول بوجوب الموالاة وبإسقاطها، بالتفرقة (3) بين العذر وغيره. # وسبب الخلاف بين الوجوب والسقوط مبني على خلاف الأصوليين في الأمر هل ~~يقتضي الفور أو للمكلف (4) التراخي؛ فإن قلنا إنه يقتضي الفور وجبت ~~الموالاة، وإن قلنا إنه يقتضي التراخي لم تجب. وكذلك أيضا وضوؤه (5) - صلى ~~الله عليه وسلم - ثم قال: "هذا وضوء لا ms030 يقبل الله الصلاة إلا به" (6) وقد ~~والى؛ فإن كانت الإشارة إلى الفعل وصفته وجبت الموالاة، وإن كانت الإشارة ~~إلى مجرد الفعل لم تجب. وعلى هذا أيضا يجري الخلاف في الترتيب لأنه - صلى ~~الله عليه وسلم - توضأ مرة ثم قال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به". ~~وأما الالتفات إلى جهة المعنى فإن غلبنا على الوضوء حكم النظافة لم تجب ~~الموالاة، وإن غلبنا عليه حكم العبادات أوجبنا الموالاة كالصلاة. وأما ~~PageV01P267 # # التفرقة بين العذر وغيره فلأنه يرى أن باب الموالاة [من] (1) باب ~~المنهيات، والمنهيات يتفرق (2) بين عمدها ونسيانها قياسا على الكلام في ~~الصلاة فإنه يفرق بين عمده وسهوه. وأما التفرقة بين الممسوح والمغسول فلأن ~~الممسوح مبناه على التخفيف وقياس هذا يقتضي أنه لا يفسد بترك الموالاة. ومن ~~فرق بين أن يكون الممسوح أصلا أو الممسوح بدلا، فلأن الممسوح إذا كان بدلا ~~يعطى (3) حكم أصله وهو المغسول. # وإذا فرقنا بين العذر وغيره فما هو العذر؟ لا يخلو أن يكون نسيانا أو عجز ~~ماء؛ فأما النسيان فلا خلاف (4) في المذهب المشهور أنه يعذر به، وأما عجز ~~الماء فإن ابتدأ بما ظن أنه كفايته فعجز عنه ففيه قولان: أحدهما: أنه يعذر ~~بذلك، والآخر: أنه لا يعذر به. وهذا على الخلاف في الاجتهاد هل يرفع الخطأ ~~أم لا؟ فإن ابتدأ بماء كاف بلا شك فغصب (5) أو أهريق له، فالصحيح أن يعذر ~~به. وفي المذهب قول لبعض المتأخرين أنه لا يعذر به. وهذا أولى بالعذر من ~~الناسي لأن الناسي معه بعض تفريط وهذا غير مفرط. ### | (حكم مسح الرأس وعليه حائل) # ولا يجزي من مسح رأسه على (6) حائل كالمرأة تمسح على خمارها أو على حناء، ~~أو رجل مسح على عمامته. فإن وقع ذلك ثم صلى بذلك الوضوء لم تصح الصلاة. # وهل يبطل الوضوء؟ إن (7) فعل ذلك عمدا [أبطل الوضوء] (8) على PageV01P268 # # المشهور من المذهب (1)، [وإن فعل ذلك سهوا لم يبطل الوضوء] (2)، وإن فعل ~~ذلك جهلا ففي المذهب قولان في الجاهل؛ هل حكمه حكم المتعمد أو حكم الناسي؟ # وقد ms031 قال مالك في الكتاب في الماسحة على خمارها أنها تعيد الوضوء والصلاة ~~(3). قالوا وإنما أعادت الوضوء لأنها جاهلة، وهذا أحد القولين اللذين ~~ذكرناهما. وفي المدونة في من صلى وذكر في الصلاة أنه نسي مسح رأسه فلا ~~يجزيه أن يمسح رأسه بما في لحيته من بلل (4). وهذا لا شك (5) أنه يقطع ~~الصلاة لأنه صلي بوضوء ناقص، وإذا قطع فإن كان ليس في لحيته من الماء (6) ~~ما يكفي لمسح رأسه فلا شك أنه يطلب الماء لذلك، وإن كان فيها من البلل ما ~~يكفي لمسحه فهل يمسح بذلك أم لا؟ أما إن كان بحضرة ماء فإنه لا يمسح بذلك. ~~وأما إن بعد عن الماء فيجري على الخلاف في الوضوء بالماء المستعمل، وقد ~~تقدم. # وإن طال (7) طلب هذا الماء فهل تبطل طهارته (8) أم لا؟ للمتأخرين قولان: ~~أحدهما: الإبطال، والثاني: أنها لا تبطل. وهو على ما قدمناه من الخلاف فيمن ~~غصب ماؤه أو أهريق (9). # ... PageV01P269 # ### | [فصل] # (1) # وإذا قلنا إن من عجز ماؤه لا يبني، وإنه إن طال طلبه للماء ابتدء، وإن ~~قرب بني. # وما حد القرب؟ فيه قولان: قيل: هو أن لا يجف وضوؤه في زمان معتدل، وقيل: ~~ما يعد طولا، وهذا هو الأصل. والحد بعدم الجفاف رفع للنزاع. ### | (حكم المسح بالمنديل بعد الوضوء) # وقال في المدونة لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء (2). وإنما نبه على ~~خلاف الشافعي، لأنه كره في أحد قوليه أن يمسح بالمنديل لأنه أثر عبادة فلا ~~يزال كدم الشهيد. ### | (حكم تقليم الأظافر وحلق الرأس بعد الوضوء) # وفي المدونة في من قلم أظفاره أو حلق رأسه أنه ليس عليه أن يمسح (3) إذا ~~كان قد توضأ أولا (4). وقال عبد العزيز: هذا من لحن الفقه (5). ويروى بفتح ~~الحاء، والمراد به الصواب (6)، ويحتمل أن يريد من صواب الفقه قول من قال ~~بالإعادة، أو من صواب الفقه قول مالك لأنه قال لا يعيد. ويروى بإسكان الحاء ~~وهو ينطلق على الصواب والخطإ؛ فإن حمل على الصواب كان كالأول، وإن حمل على ~~خطإ PageV01P270 # # احتمل أن يريد من خطإ الفقه ms032 قول مالك أنه لا يعيد، أو من خطئه قول من قال ~~يعيد. # والذي يحكي أرباب مسائل الخلاف عن عبد العزيز أنه يقول بالإعادة، وفي ~~المدونة في باب جامع الوضوء: وسمعت مالكا يذكر قول الناسي في الوضوء حتى ~~يقطر أو يسيل، قال: فسمعته يقول قطر قطر! استنكارا لذلك (1). وتقدم [له] ~~(2) نحو هذا الكلام في باب سلس البول والمذي. وقد اختلف الأشياخ هل كلامه ~~في الناسي (3) بين محمول على أنه ليس من شرط وجوب الوضوء من المذي أن يقطر ~~أو يسيل؟ [أو على أنه في الناسي محمول على أنه ليس من شرط كمال الوضوء أن ~~يقطر أو يسيل بل من شرطه الإصباغ؟ ولهذا قال في باب المذي: هل حد لكم مالك ~~في هذا أنه لا يجزي ما لم يقطر أو يسيل] (4). # وقوله يجزي يدل على أن مراده ما يجزي من الماء في الوضوء. وقيل كل كلام ~~محمول على ما يليق ببابه؛ فالأول: المراد به المذي، والثاني: المراد به ما ~~يجزي من الماء. ولهذا عقبه بأن قال وقد كان بعض من مضى (5) يتوضأ بثلث ~~المد. قالوا: يريد به مد هشام (6)، ولم يرد به مد النبي - صلى الله عليه ~~وسلم -. ### | (حد ما يجزي من الماء) # ولا حد لكثير ما يجزي من الماء. وأما قليله ففيه قولان: أحدهما: ~~PageV01P271 # # أنه محدود بالمد (1) في الوضوء، والصاع (2) في الغسل. والثاني: وهو ~~المشهور أنه غير محدود. # ووجه الخلاف أنه - صلى الله عليه وسلم - "كان يتوضا بالمد ويغتسل بالصاع" ~~(3). ويحتمل أن يكون فعل ذلك تنبيها على أقل ما يجزي أو لأن أقل ما يجزي ~~ذلك المقدار. # وقد تقدم الكلام على حكم الشعور النابتة على الوجه. وفي الكتاب ها هنا ~~تحريك اللحية من غير تخليل (4)، قالوا وإنما حركت لئلا ينبو (5) الماء عن ~~الشعر. # ... ### | فصل (حكم القلس والقيء) # والقلس هو ما يخرج عند الامتلاء إذا برد المزاج، وقد يكون فيه طعام غير ~~متغير فهو ليس بنجس. لكنه إن خرج في الصلاة وكثر قطع. ليس لنجاسته بل لأنه ~~مشغل (6) عن الصلاة، وإن قل ms033 لم يقطع. # وأما القيء المتغير عن حال الطعام فهو نجس. وقال أبو الحسن PageV01P272 # # اللخمي: إذا شابه أحد أوصاف العذرة (1). وهذا غير صحيح لأنه إذا شابه ذلك ~~عاد من جنس الرجيع. ولا يكون ذلك إلا لعلة ويخرج عن حد القيء. وقد اختلف ~~المتأخرون هل يوجب إذا شابه الرجيع نقض الطهارة، وهو على خلاف في الصور ~~النادرة هل تراعى أم لا؟ ### | (مشروعية غسل موضع المحاجم) # وقد قال مالك في موضع المحاجم (2) أنه يغسله، ولا يجزيه أن يمسحه. فإن ~~مسحه وصلى أعاد في الوقت، وقيل: لا إعادة عليه. وهو دم يسير في مواضع ~~كثيرة؛ فمن التفت إلى يسارته أسقط الإعادة، ومن التفت إلى كثرة مواضعه ~~أوجبه. واختلف الأشياخ هل يعيد في الوقت وإن كان عامدا ليسارته، أو يكون ~~بمنزلة من صلى بنجاسة؟ فإن كان متعمدا أعاد أبدا، وإن كان ناسيا أعاد في ~~الوقت. # ... ### | فصل (في أحكام النجاسة) # أحكام النجاسة في المذهب على أربعة أقسام: # قسم يزال عينه دون أثره إن شاء المكلف وهو ما على المخرجين وقد تقدم ~~حكمه. # وقسم يزال الكثير منه واليسير، لكنه إن صلى بيسيره لم يعد كالدم. واختلف ~~في المذهب في المقدار اليسير منه؛ فأما ما فوق الدرهم منه فهو PageV01P273 # # كثير بلا خلاف، وأما مقدار الخنصر فهو يسير، وما بين الخنصر إلى الدرهم ~~ففيه قولان: قيل يسير قياسا على المخرجين، وقيل هو كثير لأن الضرورة إنما ~~تدعو غالبا إلى مقدار الخنصر. وقسم لا يؤمر بإزالته إلا على طريق الاستحباب ~~وهو كل ما تدعو الضرورة إليه، ولا يمكن الإنفكاك عنه، وهو الجرح يمصل (1) ~~والدمل (2) يسيل وسلس الأحداث. وألحقوا بذلك المرأة ترضع ولدها. # وقسم يزال قليله وكثيره وعينه وأثره، ومتى صلى باليسير منه أعاد الصلاة ~~على ما نفصله. وهذا ككل نجاسة غير داخلة في الأقسام التي ذكرنا أولا. # واختلف المذهب في الخف يطأ به (3) على روث الدواب وأبوالها، هل يؤمر ~~بغسله أم يكفي فيه المسح؟ فإن وطئ به على دم أو عذرة فالروايات متفقة على ~~وجوب الغسل. واختلف في علة الفرق ms034 بين الدم والعذرة [(4) وبين ما تقدم فيه ~~الخلاف؛ فقيل لأن الدم والعذرة نجاسة بإجماع، وأرواث الدواب وأبوالها مختلف ~~فيها هل هو نجس أو مكروه؟ وقيل لأن الطرقات تخلو من الدم والعذرة ولا تخلو ~~من أرواث الدواب وأبوالها. وعلى هذا التعليل لو اتفق أن يكون موضع كثير ~~الدم والعذرة حتى لا ينفك عنه يجري على الخلاف في أرواث الدواب وأبوالها. ~~واختلف على القول بجواز المسح هل يكون النعل في ذلك بمنزلة الخف لأنه تدعو ~~الضرورة إلى المشي به، أو يجب غسله على كل حال وإزالته، لأن الخف يشق نزعه ~~بخلاف النعل. وخرج المتأخرون على هذا الخلاف في الرجل هل يجزي مسحها أو يجب ~~غسلها. وهذا في من تدعوه الضرورة إلى الخف (5). PageV01P274 # # وفي المدونة لا بأس بطين المطر وإن كان فيه الدم أو العذرة (1). وقال أبو ~~محمد ابن أبي زيد: ما لم تكن غالبة أو عينا قائمة. وهذا يمكن أن يكون ~~تفسيرا ويمكن (2) أن يبقى ما في الكتاب على ظاهره وإن كان غالبا أو عينا ~~قائمة إذا تساوت الطرقات في وجود ذلك فيها، وكان لا يمكن الإنفكاك عنه. # واختلف المذهب في المرأة تطيل ذيلها للستر في السير فتمر به على المكان ~~القذر إذا كان رطبا هل يطهره [ما بعده؟ ولا خلاف فيما إذا كان يابسا أنه ~~يطهره ما بعده. وقد] (3) ثبت أن الرسول عليه السلام سئل عن درع المرأة (4) ~~تمر به على الموضع القذر، فقال: "يطهره ما بعده" (5)؛ فمن حمله على عمومه ~~ساوى بين الرطب واليابس، ومن لم يقل بالعموم فرق بين الرطب واليابس، لأن ~~الرطب لا يزيله إلا الماء واليابس ينثر ما يتعلق به إذا مر به بعد ذلك على ~~موضع جاف طاهر. # ... ### | فصل (حكم إزالة النجاسة) # واضطرب المتأخرون في النقل عن المذهب في إزالة النجاسة هل هي سنة أو فرض؟ ~~فحكى القاضي أبو محمد في إشرافه أنها فرض بلا خلاف في المذهب، وإنما الخلاف ~~في الإعادة، على الخلاف هل هي شرط في صحة الصلاة أو ليس بشرط. وإلى هذا مال ms035 ~~ابن القصار وحكى القاضي أبو PageV01P275 # # محمد أيضا في شرح الرسالة أن المذهب كله على أنها سنة، وإنما الخلاف في ~~الإعادة فيمن ترك السنن متعمدا. وأما أبو الحسن اللخمي فحكى أن المذهب على ~~ثلاثة أقوال: أحدها: إزالة النجاسة فرض، وهو مذهب ابن وهب (1) القائل أن من ~~صلى بها يعيد في الوقت وبعده عامدا كان أو ناسيا. والقول الثاني: أن ~~إزالتها سنة، وهو مذهب أشهب القائل إن من صلى بها لا يعيد إلا في الوقت وإن ~~كان متعمدا. والقول الثالث: إن إزالتها سنة مع النسيان فرض مع الذكر (2)، ~~وهو مذهب المدونة لأنه يقول: من صلى بها عامدا أعاد وإن خرج الوقت، وإن كان ~~ناسيا أعاد في الوقت، (3) وهذا الذي قاله أبو الحسن اللخمي يشهد بصحته (4) ~~هذه الرواية. # فإذا ثبت ذلك فلا يخلو أن يرى النجاسة قبل الدخول في الصلاة أو بعد ~~الدخول فيها أو بعد كمالها؛ فإن رأى ذلك قبل الدخول في الصلاة أمر بغسلها ~~على ما قدمناه، وإن رأى ذلك بعد الدخول في الصلاة- فإن كان [دما] (5) ~~يسيرا- تمادى ولا يقطع ولا ينزع الثوب إن كانت فيه، إلا أن يشاء، ويخف (6) ~~نزعه. وإن كان دما كثيرا أو يسيرا (7) أو غيره من النجاسات، أو كثيرها فهل ~~يقطع الصلاة أو يتمادى؟ PageV01P276 # # في المذهب ثلاثة أقوال: أولها وجوب القطع، وهو مذهب ابن القاسم في ~~المدونة. والثاني: أنه يتمادى ويعيد. والثالث: أنه إن خف نزعه (1) نزعه، ~~وإن لم يمكن ذلك أو كان في الجسد، قطع. # وسبب الخلاف هل يقال إن كل جزء من الصلاة عبادة قائمة بنفسها، أو يقال ~~صحة أوائلها موقوفة على صحة أواخرها؟ فإن قلنا إن كل جزء منها قائم بنفسه ~~فها هنا لا يجب أن يقطع إذا أمكنه النزع، وإن قلنا إن الأوائل موقوفة على ~~الأواخر قطع. ومن قال بالتمادي والإعادة فإنما راعى الخلاف لإشكال الأمر ~~عليه. # ومما اعترض به (2) مذهب ابن القاسم أنه يقول من صلى به ناسيا فإنه يعيد ~~في الوقت. # وإذا ذكر في الصلاة قطع. وكيف يوجب القطع وهو ms036 فيما مر من الصلاة (3) ~~ناسيا؟ والجواب أنه في الحالة التي أبصر النجاسة صار مصليا بها مع الذكر ~~فبطل ذلك الجزء من الصلاة، وإذا بطل جزء منها بطلت كلها. # وإن رأى النجاسة بعد كمال الصلاة؛ فأما الدم اليسير فلا يعيد منه كما ~~قررناه، وهذا في سائر الدماء إلا دم الميتة والحيض فقيل إنهما كهذه الدماء ~~(4)، وهو المشهور. وقيل بخلافه لعموم تحريم الميتة ولأن دم الحيض يلاقي ~~مخرج البول، وأيضا فهذان (5) لا تدعو الضرورة إليهما بخلاف غيرهما من ~~الدماء التي تنفصل من الأجسام الحية. وأما غير ذلك من النجاسات فقد قدمنا ~~الثلاثة الأقوال متى (6) تكون الإعادة. PageV01P277 # # وإن بنينا على المشهور أن الناسي يعيد في الوقت والعامد يعيد وإن خرج ~~الوقت فما الوقت؟ # أما الظهر والعصر فيعيدهما ما لم تصفر الشمس، وإن اصفرت فقولان: مذهب ~~المدونة أنه لا يعيدهما (1) بعد ذلك، ومذهب ابن وهب أنه يعيدها. # وسبب الخلاف تقابل المكروهين لأن الصلاة بالنجاسة مكروهة والإعادة بعد ~~الاصفرار مكروهة، فأيهما يغلب؟ فهذا محل الخلاف. وعلى القول بأن الصلاة ~~[بعد الاصفرار يحرم تأخيرها إليه لا يعيدها. # واختلف في المغرب والعشاء هل المذهب كله على أنهما تعادان ما لم يطلع ~~الفجر، أو يختلف فيهما بعد مضي نصف الليل كما اختلف فيما بعد الاصفرار] (2) ~~في الظهر والعصر؟ للمتأخرين في ذلك قولان. # وكذلك اختلف في الصبح هل يعيد ما لم تطلع الشمس، أو يختلف فيما بعد ~~الإسفار كما اختلف فيما بعد الاصفرار؟ والصحيح أن المغرب (3) والعشاء ~~تعادان ما لم يطلع الفجر (4)، والصبح (5) ما لم تطلع الشمس لأنه لم يقل أحد ~~من أهل المذهب إن التأخير إلى ذلك الوقت محرم. # ولا خلاف أن الماء تحصل به إزالة النجاسة. ولا خلاف بين جمهور العلماء ~~أنه متعين لطهارة الحدث ولا ينوب غيره منابه إلا نبيذ التمر عند أبي حنيفة. # وهل تزال النجاسة بالمائعات القلاعة كالخل وما في معناه؟ قولان في ~~المذهب: المشهور تعيين الماء قياسا على طهارة الحدث، والشاذ صحة ~~PageV01P278 # # الإزالة بكل مائع قلاع، لأن المطلوب زوال النجاسة، فبأي شيء حصل ms037 الزوال ~~(1) حصل المطلوب. # ... ### | فصل (في مشروعية النضح في الثوب) # وإذا تحقق إزالة النجاسة فالمأمور به ما قلناه (2) من الغسل. فإن شك في ~~الجسد (3) هل أصابته نجاسة أم لا فقد قدمنا القولين. وإن شك في الثوب فلا ~~خلاف في إجزاء النضح. # ولا يخلو الناضح من ثلاثة أقسام: إما أن يوقن بأن شيئا أصابه ولا يدري هل ~~هو نجس أم لا؟ فهذا فيه قولان: أحدهما: أنه يلزم النضح، والثاني: أنه لا ~~يلزم. # والقسم الثاني: أن يشك هل أصابه أم لا؟ ويشك هل الذي أصابه نجس أم لا؟ ~~فهاهنا لا يلزمه النضح لضعف الشك. # والثالث: أن يوقن بالنجاسة ويشك هل أصابته أم لا؟ فهذا يلزمه النضح فيه ~~بلا خلاف في المذهب. والنضح كان على خلاف القياس لأن فيه تكثير النجاسة من ~~غير إزالة لها، وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بنضح ~~الحصير الذي اسود من طول ما لبس (4). وقد رأى المالكية أن النضح خيفة (5) ~~أن PageV01P279 # # يكون أصابته نجاسة من تصرف اليتيم الذي كان في الموضع عليه، وكأن مالكا ~~استند (1) في النضح فيما شك فيه إلى العمل فقال: هو الشأن وهو طهور لكل ما ~~شك فيه (2). # ولا خلاف في المذهب أن إزالة النجاسة لا تفتقر إلى نية. وهل يفتقر النضح ~~إلى نية؟ للمتأخرين قولان: أحدهما: وجوب النية لأنه تعبد، والثاني: ~~إسقاطها. قال ابن محرز: (3) لأنه لا يخلو أن يكون أصابه شيء أم لا؟ فإن ~~أصابه فلا يفتقر إلى نية، وإن لم يصبه فلا شيء عليه. وهذا الذي قاله هو ~~القياس لولا أن النضح تعبد (4) والتعبد (5) يفتقر إلى نية. # ... ### | ### | فصل # : في المسح على الجبائر # [وقد أجمعت الأمة على وجوب إمساس الماء بالأعضاء إلا أن يمنع من ذلك ~~مانع] (6). ومن أصاب عضوا من أعضاء طهارته ما يمنعه أن يلاقيه بالماء فلا ~~يخلو من أن يثبت (7) عليه ساتر يمكن ملاقاة الساتر بالماء، أو لا يثبت عليه ~~ذلك؛ فإذا ثبت عليه مسح الساتر وناب ذلك عن غسله. ولا يفتقر في موضع (8) ~~الساتر عليه أن ms038 يكون على طهارة كما يفتقر إلى ذلك في المسح على الخفين، لأن ~~هذا قد يطرأ على الإنسان من غير اختياره. والخفان إنما يلبسهما مختارا. وإن ~~افتقر إلى شد العصائب على الساتر مسح PageV01P280 # # على العصائب. وإن وقع الرباط على غير الموضع المألوم. وهكذا حكم العضد ~~إذا لم يمكنه مباشرة الموضع بالماء وافتقر إلى شده بعصائب فستر شيئا من ~~ذراعه، فإنه يمسح على تلك العصائب ويجزيه (1). وإن كان الموضع المألوم لا ~~يمكن أن يجعل عليه ساترا فإن جعل ذلك لم يمكنه مباشرة ذلك الساتر بالماء ~~ولم يمكنه أن يعصب عليه، فهذا لا يخلو أن يكون في أعضاء (2) التيمم كالوجه ~~واليدين، أو في غير أعضاء التيمم؛ فإن كان في أعضاء التيمم فيغسل ما صح ~~ويترك ما لم يصح، لأنه لو انتقل إلى التيمم لصلى بطهارة ناقصة (3). وإذا ~~كان لا بد من النقص فنقص طهارة الماء أولى من نقص طهارة التيمم (4). فإن ~~كان الألم (5) في غير أعضاء التيمم كالرأس والرجلين فها هنا اختلف ~~المتأخرون على ثلاثة طرق: أحدها: أن يتوضأ ويترك الموضع المألوم، والثاني: ~~أنه ينتقل إلى التيمم، والثالث: أنه إن كان الموضع المألوم يسيرا توضأ ~~وتركه، وإن كان كثيرا انتقل إلى التيمم. وهذا لتقابل (6) المكروهين؛ ~~أحدهما: الانتقال إلى التيمم مع (7) وجود الماء. وطهارة الماء أولى من ~~طهارة التراب، والمكروه الثاني: ترك جزء من موضع الطهارة غير مغسول ولا ~~ممسوح، وذلك غير مشروع. فاختلف طرق هؤلاء، أي المكروهين أخف يرتكب (8)؟ ومن ~~فرق بين اليسير والكثير رأى أن الأقل تابع للأكثر، فإذا كان المتروك يسيرا ~~كان في حكم العدم. # ... PageV01P281 # ### | فصل ### | (حكم من سقطت جبيرته في الصلاة) # وإذا مسح على الجبيرة ثم دخل في الصلاة فسقطت الجبيرة عن موضعها قطع ~~الصلاة، لأنه صار كالمصلي بطهارة ناقصة، إذ يجب عليه إعادة الجبيرة ومسحها. ~~وكذلك لو صح ما تحت الجبيرة لوجب (1) عليه إزالتها وغسل ما تحتها. ولو صح ~~في الصلاة لقطع الصلاة كما قلناه. ### | (حكم الشجة إذا صح صاحبها) # و [فرق] (2) في الكتاب فيمن أصابته شجة وكان ينكب ms039 عنها الماء في غسله من ~~الجنابة أنه إذا صح غسلها. فإن لم يغسلها حتى صلى صلوات كثيرة ناسيا ~~لغسلها، فإن كانت تلك الشجة في مواضع الوضوء فإنه تجزيه الصلاة، وإن كانت ~~في غير مواضع الوضوء كالظهر فإنه يغسل مواضع الشجة ويعيد ما صلى من يوم صح ~~(3). # قال الأشياخ: وهذا إذا كانت الشجة في الموضع المغسول من أعضاء الوضوء، ~~وأما لو كانت في عضو ممسوح لم تجز فيه الطهارة الصغرى عن الكبرى، لأن ~~الواجب فيه في الكبرى الغسل كالرأس، والواجب فيه في الصغرى المسح ولا يجزي ~~المسح عن الغسل. ومما ألزم (4) الأشياخ على مذهب التناقض بين هذه المسألة ~~وبين مسألة باب التيمم لأنه قال في هذه المسألة: يجزي الغسل للطهارة الصغرى ~~عن الغسل للطهارة الكبرى، وقال [هناك] (5): من تيمم للصلاة ناسيا الجنابة ~~لا يجزيه. وقياس ما قال في PageV01P282 # # مسألة الجبيرة أن يجزيه، وقياس ما قال في مسألة التيمم ألا يجزي في ~~الجبيرة. # وقد فرق بين المسألتين بوجهين: أحدهما: أن الفعل وإن اتحد في مسألة (1) ~~التيمم واتحد في مسألة الجبيرة فإن النية تختلف في التيمم لأن التيمم بدل ~~عن الغسل. وإذا قصد به البدل عن الوضوء فلا يجزي لأن الوضوء في أربعة أعضاء ~~والغسل في الجسد كله، وعليه في التيمم أن يقصد المبدل (2) منه. وأما مسألة ~~الجبيرة فلا بدل منه يجب عليه (3) قصده، وإنما عليه غسل ذلك الموضع. فإذا ~~غسله في الوضوء (4) أجزأه عن الطهارة الكبرى. # والوجه الثاني: أن التيمم إنما يستبيح (5) به الصلاة فعليه أن ينوي ما ~~ترتب [عليه] (6) من طهارة كبرى أو طهارة صغرى ليكون التيمم مؤثرا في ~~الاستباحة مما (7) ترتب في ذمته. # وهذان الفرقان إنما يفتقر إليهما لئلا يكون ما في المدونة اختلاف قول، ~~وإلا ففي مسألة التيمم خلاف نذكره في موضعه إن شاء الله. # ... ### | فصل (في حكم اليدين) # وقد تقدم أن غسل اليدين من الفروض والنظر في حكم اليدين في ثلاثة أوجه ~~(8): PageV01P283 # ### | (حكم المرفقين) # أحدها: هل يجب إدخال المرفقين في الغسل أم لا؟ في المذهب ثلاثة أقوال: ~~أحدها ms040: وجوب إدخالهما وهو المشهوو، لقوله في المدونة في قطع المرفقين: إنه ~~لا يغسل ما بقي إلا أن تعرف (1) العرب والناس أنه بقي شيء من المرفق فيغسل ~~(2)، والقول الثاني: أنه لا يجب غسل المرفقين، والقول الثالث: أنه يجب عليه ~~غسلهما ليس لفرضيتهما بل لأنه لا يتوصل إلى غسل جميع الفرض إلا بغسلهما. ~~وهذا هو القول بإسقاط فرضيتها لكن أوجبها لغيرها. # وسبب الخلاف في فرضيتهما هل (إلى) في قوله تعالى: {فاغسلوا وجوهكم ~~وأيديكم إلى المرافق} (3) لانتهاء (4) الغاية أو للجمع؟ قال سيبويه: (5) إن ~~(إلى) إن تقدم قبلها (من) كانت لبيان الغاية وخرج ما بعدها عن (6) حكم ما ~~قبلها، وإن لم يتقدم (من) احتملت الغاية واحتملت الجمع. ومن الجمع قوله ~~تعالى: {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} (7)، وقوله تعالى: {من أنصاري إلى ~~الله} (8) معناه مع أموالكم، ومع الله. (وإلى) في الآية لم يتقدمها ذكر ~~(من) فهي تحتمل التحديد والجمع. وإذا احتملت أمكن أن يقال الذمم على ~~PageV01P284 # # البراءة فلا تعمر إلا بدليل. أو يقال الموضع موضع عبادة فيؤخذ فيه ~~بالأحوط حتى يقوم دليل على الإسقاط. # واحتج المشهور من المذهب بقول المبرد أن ما بعد (إلى) إذا كان من جنس ما ~~قبلها وجب دخولها في حكم ما قبلها، وإن كان من غير جنسه لم يجب ذلك. # والمرفقان من الساعدين على أنه قد تردد بعض أهل اللغة في اسم المرفق على ~~ما ينطلق؛ فقيل على طرف الساعد، وقيل على مجمع الساعد والعضد. فإن قلنا إنه ~~على طرف الساعد كان في قول المبرد حجة. وأشار ابن القاسم بقوله: إلا أن ~~تعرف الناس والعرب، إلى ما قلنا (1) من التردد. ### | (حكم تخليل الأصابع) # والوجه الثاني: من النظر في اليدين حكم (2) تخليل الأصابع، وفيه قولان: ~~الوجوب، والإسقاط. وعلة الوجوب ليحصل (3) الدلك، وعلة الإسقاط إنما بناء ~~على أن التدلك غير واجب، أو لأن الأصابع تضطرب في حين الغسل، فيحصل التدلك ~~(4) وإن لم يقصد. ### | (هل تجب إزالة الخاتم؟) # والوجه الثالث: الخاتم يكون في الأصابع هل تجب إحالته؟ ثلاثة أقوال: ~~أحدها: وجوب الإحالة، والثاني: إسقاطها ms041، والثالث: التفرقة. # فإن كان واسعا لم تجب الإحالة، وإن كان ضيقا وجبت، وإيجابها لطلب التدلك، ~~وإسقاطها لأن الماء لطيف الجوهر فهو يحصل تحت الخاتم وإن لم يحل. # وهذا لا يكفي في طلب التدلك وإنما ينبغي أن يقال هذا إما لأن PageV01P285 # # المكان يسير فيعفى عن تدلكه مراعاة للخلاف، وإما لأنه ملبوس مستدام فأجزأ ~~إصابة ظاهره بالماء قياسا على الخف. # والقياس على الخف ينبني على اختلاف الأصوليين في الرخص هل يقاس عليها أم ~~لا؟ # ووقع لمحمد بن عبد الحكم (1) أنه يزيل الخاتم في وضوءه وهذا إما على طريق ~~الاستحباب ليكون ذلك أبلغ في إصابة الموضع بالماء والتدلك، وإما لأنه يحتمل ~~أن الإحالة لا تؤثر في ذلك. # ... ### | فصل (في حكم الرجلين) # وأما الرجلان فالنظر فيهما من وجهين: ### | (حكم الكعبين) # أحدهما: حكم الكعبين في وجوب غسلهما، والنظر في ذلك كالنظر في المرفقين. ~~لكن اختلفوا في الكعبين ما هما على قولين؟ المشهور أنهما الناتئان في ~~الساقين، وحكى القاضي أبو محمد (2) عن مالك أنهما اللذان عند معقد الشراك. ~~والكعب عند العرب كل ناتئ ومنه سميت الكعبة، والمرأة كاعبا وهي التي برز ~~ثديها عند الإدراك. وكل موضع مما قيل ها هنا فيه PageV01P286 # # بروز، لكن بروز اللذين في الساق أكبر، فلهذا كان وقوع التسمية عليهما ~~أشهر (1). وفي المدونة: يغسل أقطع الرجلين الكعبين وما بقي من القطع، لأن ~~(2) القطع تحتهما (3). وهذا على أنهما اللذان في الساقين. وأما على القول ~~الثاني فلا يغسل لأن القطع يأتي عليهما. ### | (حكم تخليل أصابع الرجلين) # والوجه الثاني: تخليل الأصابع وظاهر المذهب (4) على ثلاثة أقوال: أحدهما: ~~استحبابه، والثاني: إنكاره، والثالث: وجوبه. فأما الوجوب فلطلب (5) التدلك، ~~وأما الإنكار فلأنه رأى أن ما بين أصابع الرجلين في حكم الباطن، فغسله (6) ~~من الغلو الذي تنهى عن مثله الشريعة. وأما الاستحباب فلكونه في حكم الباطن. ~~وقد ورد في الحديث التخليل (7) فيحمل على الاستحباب لأنه أبلغ في النظافة. # ... ### | فصل (في حكم بول الصغير الذي لم يأكل الطعام) # وقد تقدم أن بول الآدمي وروثه نجسان، وهذا في من لم يكن PageV01P287 # # صغيرا ms042 لم يأكل الطعام. وأما الصغير الذي على هذه الصفة، ففي نجاسة بوله ~~ثلاثة أقوال: أحدها: الحكم بنجاسته قياسا على الكبير. والثاني: الحكم ~~بطهارته، لما ورد في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أوتي بصبي ~~لم يأكل الطعام فبال على ثوبه فنضحه، وفي بعض الطرق: ولم يغسله (1). ~~والثالث: التفرقة بين بول الصبي وبول الصبية فيحكم بطهارة بول الذكر (2) ~~للحديث، ويقصره على ما ورد خاصة، ويحكم بنجاسة بول الأنثى طردا (3) للأصل. ~~ولم يرد فيها حديث (4). وقد علل هذا المذهب بأن الذكر خلق من تراب والأنثى ~~من ضلع، فإذا لم يأكلا الطعام ردا إلى أصلهما، فالتراب طاهر والضلع (5) ~~نجس. وهذا ليس بشيء لأنه يقتضي الحكم بطهارة الرجيع وأجمعت الأمة على ~~نجاسته. وإنما الخلاف في البول. وأيضا فإن المخلوق [من تراب ومن ضلع هما ~~أصل الخلقة، آدم وحواء. وأما من بعدهما فهو مخلوق من نطفة وهو] (6) يتغذى ~~(7) في الرحم بدم الحيض، فلا يقال فيه يرجع إلى الأصل. # ... PageV01P288 # ### | فصل (في النهي عن البول قائما) # ونذكر (1) هاهنا من آداب الأحداث البول قائما. وقال الأشياخ: لا يخلو ~~الموضع المقصود بالبول من أربعة أقسام: أحدها: أن يكون طاهرا رخوا، أو صلبا ~~نجسا، أو صلبا طاهرا، أو رخوا نجسا؛ فإن كان طاهرا رخوا فالأولى أن يجلس ~~للبول لأنه أقرب إلى الستر، ولا يحرم عليه القيام. وإن كان الموضع صلبا ~~نجسا فينبغي أن يترك ويقصد غيره، لأنه إن قام خاف أن يتطاير عليه وإن جلس ~~خاف أن يتلطخ بنجاسة الموضع، فإن كان صلبا طاهرا فليس إلا الجلوس لأنه يأمن ~~التلطخ بالنجاسة [إن جلس] (2) ولا يأمن منها (3) إن قام، لأنه يتطاير عليه. ~~وإن كان الموضع رخوا نجسا فهاهنا ليس إلا القيام، لأنه يأمن التطاير وإن ~~جلس خاف التلطخ. ومحصول هذا أنه يجتنب النجاسة ويفعل ما هو أقرب للستر. ~~واجتناب النجاسات آكد من الستر إذا كان بموضع لا يرى فيه. وقد روي عن النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - أنه بال قائما (4). وقالت عائشة رضي الله عنها: "من ~~حدثكم أن النبي ms043 عليه السلام بال قائما فلا تصدقوه" (5). وإنما حكت عن أكثر ~~أحواله أو ما لم تر غيره (6). وأما بوله قائما ففي الحديث ما يدل على أن ~~ذلك كان لعلة وهي كون الموضع نجسا لأنه قال: أتى سباطة (7) قوم فبال قائما، ~~والسباطة هي المزبلة والغالب كونها رخوة نجسة. # ... PageV01P289 # ### | فصل (في أحكام المياه الجارية والراكدة) # وقد مر الكلام على حكم المياه ولم نفصل (1) هناك حكم الجاري والراكد، ~~وهذا موضع تفصيله لنحاذي به الكتاب. وذلك أن الماء لا يخلو من أن يكون ~~جاريا أو راكدا؛ فإن كان راكدا فلا يخلو من أن تكون له مادة أو لا مادة له، ~~فإن كان جاريا (2) فإن حكمه فيما تحل فيه النجاسة حكم الماء الكثير، فيجتنب ~~المتغير منه دون غير المتغير، لأن هذا الماء غير ثابت والنجاسة غير ثابتة ~~فيه في موضع متعين (3)، فينظر إلى محل أثرها، فإن أثرت اجتنب موضع التأثير ~~دون غيره. # فإن كان راكدا ولا مادة له فهو راجع إلى الأصل الذي قدمناه (4)، فإذا ~~حلته النجاسة وهو يسير كان فيه ما قدمناه من الخلاف إذا (5) لم يتغير. وإن ~~كان كثيرا فإن تغير فهو نجس وإن لم يتغير (6) فهو طاهر. غير أنهم (7) قد ~~فرقوا بين وقوع النجاسة فيه وبين موت الحيوان الذي له نفس سائلة؛ فرأوا أن ~~لموت هذا الحيوان تأثير البلة [التي] (8) تنفصل منه عند خروج نفسه. ولهذا ~~أمر بأن يراق منه مقدار من الماء لأن تلك البلة دهنية تصعد على وجه الماء ~~فتزال بما يراق منه. وما وقع في بعض الروايات من تحديد القدر المراق ~~بالأربعين لا أصل له، إلا لئلا يكثر العامي الموسوس إراقة الماء ويقله ~~المتساهل. ولهذا نقل عن ابن الماجشون أنه كان متى استفتاه أحد في مثل هذا ~~قال له أرق منه أربعين دلوا أو خمسين أو ستين [أو سبعين] (9). PageV01P290 # # وإنما كان يقول ذلك لئلا يفهم من التحديد أنه قانون شرعي لا يتعدى، وذلك ~~يختلف بكثرة الماء وقلته وصغر الدابة الميتة وعظمها (1). فإن كان الماء له ~~مادة كماء الآبار فإنه يرجع ms044 إلى ما قدمناه (2)، فإن كان كثيرا ولم (3) ~~يتغير حكمنا بالطهارة، وإن كان يسيرا فعلى الخلاف المتقدم. وإذا حكمنا ~~بالنجاسة على أحد الأقوال أو تغير الماء فإنا نأمره (4) بإزالة جميع الماء ~~المتغير النجس (5) حتى يخلفه غيره. ولو تغير الماء بنجاسة ثم زال التغيير ~~ففيه قولان: قيل حكم النجاسة باق، وقيل إذا زال تغييره زال حكم النجاسة، إذ ~~زوال التغيير يشعر بغلبة الماء وقهره للنجاسة. # ... ### | فصل (في حكم الطعام تحله النجاسة) # وأما حكم الطعام تحله النجاسة، فإن كثرت النجاسة وقل الطعام وتخللت (6) ~~جميع أجزائه فلا خلاف في الحكم بنجاسته. # وإن قلت النجاسة وكثر الطعام ففي المذهب قولان: أحدهما: الحكم بنجاسته، ~~لأنه لا يدفع عن نفسه ولا جزء منه إلا ويمكن أن تحله النجاسة. فلا يجوز ~~الإقدام على استعمال شيء منه لإمكان أن تكون النجاسة حلته. # والقول الثاني: الحكم بطهارته ليسارة النجاسة وكثرة الطعام، فهي ~~كالمستهلكة (7)، وهي كما نقول فيمن اختلط ذات محرم له مع نساء العالم وجهل ~~عينها (8) فإنه يسوغ له الزواج بلا خلاف. وإن أمكن أن يتزوج ذات محرم منه. ~~PageV01P291 # # وإذا راعينا حكم النجاسة في الطعام فإنه لا يخلو أن يكون مما تسري ~~النجاسة في جملته كالذائبات من الأدهان وغيرها، أو لا تسري في جملته ~~كالجامدات؛ فإن كان مما تسري في جملته حكمنا بنجاسته جميعه، وإن كان مما لا ~~تسري في جملته حكمنا بنجاسة ما سرت فيه دون غيره، وهذا كالعسل يكون (1) ~~جامدا فتقع فيه فيحكم بنجاسة ما سرت فيه دون غيره. ولو كان مما تسري فيه مع ~~طول المكث نظرنا إلى طول المكث وقصره (2)، وهذا كالسمن الجامد. ### | (حكم بيع واستعمال الطعام النجس) # وإذا حكمنا بنجاسة الطعام فهل يباح استعماله وبيعه؟ أما استعماله ففيه ~~قولان مشهوران: أحدهما: أنه يستعمل ويتوقى من نجاسته كما قالوا في الزيت ~~تموت فيه الفأرة، فإنه يستصبح به في غير المساجد. وقالوا في العسل تموت فيه ~~الفأرة أيضا تعلف به النحل. والثاني: أنه لا يستعمل أصلا، وهذا لما ثبت عنه ~~- صلى الله عليه وسلم - أنه قال عام ms045 الفتح وهو بمكة إن الله [ورسوله] (3) ~~حرم بيع الخمر والخنزير والميتة والأصنام فقيل له: يا رسول الله، أرأيت ~~شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها، فقال: "لا ~~هو حرام"، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -[عند ذلك] (4): "قاتل الله ~~اليهود إن الله لما حرم عليهم الشحوم أجملوها ثم باعوها وأكلوا ثمنها" (5). ~~PageV01P292 # # وقد تعلق بهذا الحديث كل واحد من الفريقين وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم ~~- حرم البيع أولا ثم سئل عن الاستعمال فقال: لا. فيحتمل أن يريد بذلك تحريم ~~الاستعمال وهو أقرب المذكورات، ويحتمل أن يريد تحريم البيع، وعنه جاوب ~~بقوله: "لا" لأنه ذكر (1) فعل اليهود في إجمال الشحوم وبيعها وأكل ثمنها، ~~فما ابتدأ به الحديث وختمه يقتضي تحريم البيع خاصة، وقوله "لا" لما سئل عن ~~الاستعمال يقتضي تحريم الاستعمال وتحريم البيع. فإذا أجزنا الاستعمال فهل ~~نجيزه للمكلفين كالاستصباح بالزيت [النجس] (2) وما في معنى ذلك؟ أو إنما ~~نجيزه لغير المكلفين كإطعام الطعام النجس للدواب؟ في ذلك قولان. وفي كتاب ~~مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بما عجن من الخبز من ماء آبار (3) ~~ثمود أن يعلف به الإبل (4). وهذا يحتج به من يقول إن الاستعمال إنما يجوز ~~لغير المكلفين. # ويعتذر الآخرون عن هذا بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بذلك ~~عقوبة، لأنه نهى عن الاستقاء (5) من تلك الآبار ولم يكن ذلك لنجاستها. # وفي تمكين اليهود والنصارى من ذلك قولان: أحدهما: جوازه، والثاني: منعه. ~~وهذا على الخلاف هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟ # ... PageV01P293 # ### | فصل (في حكم ما كانت نجاسته أصلية) # فكل ما تقدم من الخلاف جار في كل نجس كانت نجاسته غير أصلية، بل كان ~~طاهرا ثم تنجس بما حل (1) فيه كالزيت وسائر الأدهان والخبز يعجن بالماء ~~النجس. # وأما ما كانت نجاسته أصلية كالعذرة وشحم الميتة فالمعروف من المذهب أنه ~~لا يستعمل بوجه. والكلام عليه (2) محال على كتاب البيوع الفاسدة. # وهل يطهر الزيت وسائر الأدهان بعد تنجيسها بماء يقع فيها؟ في المذهب ~~قولان ms046: المشهور أنه لا يطهر، والشاذ أنه يطهر وهو خلاف في شهادة ترجع إلى ~~الحس، وذلك أن الأدهان لا تمتزج بها النجاسة امتزاجا لا يمكن انفصالها ~~عنها، بخلاف امتزاج سائر الأطعمة. وإذا تقرر ذلك فهل يمكن أن يبلغ إذا غسل ~~منها مبلغا يذهب النجاسة (3) ويبقى الدهن على أصله؟ هذا محل الخلاف وهو ~~محال على شهادة. # وينخرط في هذا السلك قولان في اللحم (4) يطبخ بماء نجس هل يطهر بالغسل؟ ~~وسبب الخلاف في هذا هل يبلغ الماء الطاهر منه مبلغا يذهب بالنجاسة التي ~~داخلته أم لا؟ ومنه أيضا الزيتون يملح بماء نجس هل يطهر بعرضه على الماء ~~الطاهر؟ ومنه أواني الفخار تستعمل في الأشياء النجسة الغواصة (5) كالخمر، ~~هل تطهر بعرضها على الماء؟ في جملة ذلك قولان. وهذا كله خلاف في شهادة ترجع ~~إلى الحس. ويلاحظ هذا المعنى (6) في البيض الطاهر يسلق مع النجس، هل ينجس ~~بذلك الطاهر أم لا؟ وهو خلاف يرجع إلى الحس من وجه آخر هل يمكن أن ينفصل من ~~PageV01P294 # # النجس شيء يدخل في أجسام (1) الطاهر فينجسه أم لا؟ # ... ### | فصل (في حكم المبيت في الثوب النجس) # والمبيت في الثوب النجس لا يمنع لنفسه وإنما يمنع خوفا من تحلل النجاسة ~~فتصيب الجسد فينجس. فإن كان الوقت مما يمكن أن يعرق (2) فيه فينبغي ألا ~~يرقد فيه (3) لئلا يتعرض للتلطخ بالنجاسة. وإذا نام فيه مع نجاسته (4) وقطع ~~على سلامته من التلطخ بذلك فلا شيء عليه، وإن قطع على تلطخه غسل النجاسة من ~~موضعها إن كان معينا، فإن لم يكن معينا غسل سائر الجسد، فإن شك نضح. وكذلك ~~حكم الثوب الذي تصاب فيه النجاسة (5) فإنه يغسل ما يتيقن من نجاسته وينضح ~~ما ترك فيه. وقد قدمنا حكم النضح فإن صلى (6) قبل النضح فهل يعيد أم لا؟ ~~فيه قولان: قيل لا إعادة عليه لأن النضح استحباب، وقيل يعيد لأنه مأمور به ~~(7) كما هو مأمور بغسل النجاسة. # ... ### | باب في حكم الطهارة الكبرى # (8) # وهي ثلاثة أقسام: واجب وسنة وفضيلة؛ فتجب عند خمسة مواضع: أحدها: إنزال ~~الماء الدافق للذة ms047 في يقظة أو منام، وهذا مجمع عليه. PageV01P295 # # والثاني: مغيب الحشفة وإن لم يكن أنزل، وهذا يختص باليقظة دون المنام، ~~فمن رأى أنه يجامع ثم لم (1) ينزل فلا غسل عليه [وأما إن جامع ولم ينزل] ~~(2) فعلى وجوب الغسل فقهاء الأمصار. والثالث: انقطاع دم النفاس. والرابع: ~~انقطاع دم الحيض. والغسل في هذين الموضعين مجمع على وجوبه. ولو خرج الولد ~~ولم يصحبه دم ولا كان بعده ففي وجوب الغسل بخروجه قولان. والخامس: الإسلام، ~~وهذا فيه قولان في المذهب: المشهور من المذهب إيجاب الغسل، والشاذ (3) ~~استحبابه. # ... ### | ### | فصل # (في مشروعية الغسل للجمعة والعيدين والحج) # ويسن الغسل للجمعة. واختلف في العيدين؛ فقيل الغسل فيهما سنة، وقيل ~~فضيلة. والمشهور من المذهب أن ما بعد ذلك من الاغتسال لا يلحق مرتبة السنن؛ ~~وهي على ثلاثة: الغسل للإحرام، والغسل لدخول مكة، والغسل للوقوف بعرفة. ~~وعدها بعض أهل المذهب من السنن. ولا شك أن هذه الاغتسالات متفاوتة (4) ~~المراتب في الشريعة؛ فآكدها غسل الجمعة، وقد أوجبه جماعة من أهل الظاهر ~~(5)، ويلحق بذلك غسل العيدين. والظاهر أنه لم يوجبه أحد. ويلحق بذلك الغسل ~~للإحرام وهو آكد (6) ما في الحج. وأما الغسل لدخول مكة والوقوف بعرفة ~~فرتبتهما متساوية. وإذا عرضت هذه الاغتسالات (7) على ما قدمناه في الفرق ~~بين السنة والفضيلة علمت (8) أن PageV01P296 # # غسل الجمعة والعيدين يمكن تسميتهما سنة لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم ~~- داوم على فعلهما غير مستتر لذلك بل مظهر له. وأما غسل الحج فلم يتكرر منه ~~تكرارا (1) يقتضي له (2) أن يلحق برتبة السنن، بل لم يتكرر أصلا. # وإذا حقق الإنسان ما قدمناه علم معنى تسمية السنة (3) والفضيلة والنافلة، ~~وأن اغتسال الحج يكاد (4) أن لا يلحق بالفضائل، بل هو في رتبة النوافل. ~~وإنما اتفقوا على غسل الجمعة واختلفوا في العيدين لما ورد في غسل الجمعة من ~~الألفاظ التي تقتضي تأكيده حتى ظن منها أهل الظاهر الوجوب (5). # ... ### | فصل # والغسل الواجب يشتمل على ثلاثة أقسام: فروض وسنن وفضائل، كما اشتملت ~~عليها الطهارة الصغرى. ويشارك [الغسل] (6) الطهارة الصغرى في النية والماء ~~الطاهر والموالاة. وأما ms048 الطهارة الكبرى فتنفرد بفريضة عموم سائر الجسد ~~بالماء. ### | (حكم إمرار اليد على سائر الجسد) # وهل يجب إمرار اليد على سائر الجسد بالماء؟ المشهور من المذهب وجوبه، ~~والشاذ إسقاطه. ووقع لأبي الفرج أنه يجب لا لنفسه؛ بل ليوصل الماء إلى سائر ~~الجسد، إذ يمكن أن ينبو الماء عن بعضه لولا إمرار اليد. PageV01P297 # # وسبب هذا الخلاف التحاكم إلى اللغة (1) هل يسمى صب الماء من غير تدلك ~~غسلا أو لا يسمى بذلك إلا إذا قارنه التدلك؟ ويحتج من يسميه غسلا بقولهم ~~غسلت الأمطار ما تمر عليه، وهو صب الماء من غير زيادة. ويحتج الآخرون ~~بتفريقهم بين الانغماس والاغتسال، ولا فرق إلا إمرار اليد وعدم إمرارها. ~~ويعتذر آخرون عن هذا أن التفرقة ترجع إلى (2) غير إمرار اليد؛ وذلك أن ~~المغتسل قد عم جميع جسده والمنغمس قد يعم جميع [جسده] (3)، وقد لا يعم. ~~والثابت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفيض الماء على جسده ولم ~~يثبت عنه التدلك. وقد روي عنه أيضا (4) - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر ~~بالتدلك وقد لا يثبت (5) ذلك. واحتج من أوجب التدلك [أيضا] (6) بقوله - صلى ~~الله عليه وسلم -: " ... أنقوا البشر" (7). وهذا لا دليل فيه، والمطلوب منه ~~إيصال الماء إلى جميع أجزاء الجسد. هذا (8) ما يتعلق بالمسألة من جهة ~~اللغة، وأما الالتفات إلى المعنى فلا شك أن المطلوب من الغسل النظافة ~~وإزالة الأوساخ وإنقاء البدن. وهل يحصل ذلك من غير تدلك أم لا؟ فمن أوجب ~~التدلك رأى أنه لا يحصل [الإنقاء إلا به ومن لم يوجبه رأى أن ذلك يحصل] (9) ~~بمجرد صب الماء. # وأما التحاكم إلى اللغة في تسمية الغسل فلا شك في حصوله وإن لم ~~PageV01P298 # # يوجد التدلك (1). وهل يجزي التدلك على القول بايجابه (2) وإن لم يكن ~~مقارنا لصب الماء بل كان عقيبه؟ للأشياخ قولان: أحدهما: أنه لا بد من ~~مقارنة التدلك بصب الماء، فلو انغمس المتطهر في ماء ثم تدلك عقيب ذلك من ~~غير تأخير (3) لم يجز عند هؤلاء. والثاني: أنه يجزيه إمرار اليد والتدلك ~~إذا (4) كان عقيب ms049 صب الماء أو الانغماس. وهذا خلاف في التسمية هل يحصل ~~التدلك عقيب صب الماء أو لا يحصل إلا بأن يقارن صب الماء. [والصحيح أنه ~~يجزئ التدلك عقيب صب الماء وتكليف غير ذلك من الحرج الذي تسقطه الشريعة] ~~(5). # وإذا أوجبنا التدلك فكان (6) في الجسد موضع لا يصيبه ذلك لقصر في اليد أو ~~لعلة مانعة منه، وإن لم يقدر الإنسان على أن يستنيب من يدلك له [ذلك] (7) ~~الموضع، ولم يقدر على أن يمسح ذلك بحائط أو ما في معنى ذلك فلا خلاف في ~~سقوط التدلك في الموضع الذي لا يقدر على تدلكه. # وإن كان يقدر على الاستنابة (8) أو على مسحه كما قلناه فهاهنا ثلاثة ~~أقوال: أحدها: أنه يستنيب، والثاني: أنه لا يلزمه (9) الاستنابة، والثالث: ~~[أنه] (10) إن كان يسيرا لم يلزمه ذلك وإن كان كثيرا لزمه. والقولان ~~الأولان مبنيان على شهادة هل يحصل بطلب الاستنابة الحرج [فيسقط ذلك أم لا ~~يحصل به حرج فلا يسقط] (11). PageV01P299 # # وأما التفرقة بين اليسير والكثير فبناء على أن القليل معفو عنه لا سيما ~~إذا قارنه ما قد يعد حرجا. # ... ### | فصل (في حكم الشعور الكثيفة) # واختلف في تخليل الشعور الكثيفة في الغسل، هل يجب ذلك؟ فالمشهور إيجابه ~~في الغسل بخلاف الوضوء، والشاذ إسقاطه. ويستوي في هذا شعر اللحية وشعر ~~الرأس- إن كانت وفرة- وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ~~يخلل في الغسل من الجنابة أصول شعر رأسه (1). وقد اختلف الأصوليون هل تحمل ~~أفعاله التي قصد بها القربة على الوجوب أو على الندب؟ # وأجاز في المدونة للمرأة أن تغتسل ولا تنقض ضفرها (2) ولكن تضغثه بيديها ~~(3). ومعناه تخلله بأصابعها وتعركه (4) حتى يصل الماء إلى أصوله، وهذا إذا ~~لم يكن عليه حائل يمنع وصول الماء إلى أصوله؛ فإن كان هناك حائل أزيل وإن ~~أدى إلى نقض الضفر. # وكذلك يجري الحكم في مسح الرأس في الوضوء. فإنه أجاز في المدونة أن تمسح ~~على ضفرها (5). وهذا إذا لم يكن عليه حائل يمنع من وصول الماء إليه؛ فإن ~~كان هناك حائل ms050 جرى نقضه [وعدم نقضه على الخلاف في وجوب إيعاب جميع الرأس ~~فقد تقدم. # ... PageV01P300 # ### | ### | فصل # (ما يفعل من بيده نجاسة وليس معه ما يغرف به الماء) # وأما سنن الطهارة الكبرى؛ فمنها غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء وذلك ~~مما تشترك فيه الطهارتان الصغرى والكبرى] (1) وقد قدمنا صفة الغسل. # ولو أتى الجنب إلى بئر قليلة الماء [أو ما في معناها] (2) وبيده نجاسة ~~وليس معه ما يغرف به [الماء] (3). قال في المدونة: [يحتال حتى يغتسل أو ~~يغرف] (4) ولم يذكر كيف يحتال. وفي غير المدونة أنه يتوصل إلى غسل يديه بأن ~~يرمي في الموضع ما يقبض به الماء إن أمكن ذلك؛ فإن لم يمكن أنزل [في] (5) ~~الماء خرقة طاهرة إن كانت معه ويغسل يديه بما يعتصر (6) من الخرقة، فإن لم ~~يمكنه ذلك وأمكنه أن يأخذ بفيه ماء ففيه قولان: [أحدهما:] (7) أن له ذلك ~~(8) بفيه فيصب على يديه. والثاني: أنه لا يجزيه ذلك. فإذا أجزنا غسل ~~النجاسة بغير الماء من المائعات (9) فلا شك في جواز ذلك. فإن اقتصرنا على ~~الماء فيختلف في هذه المسألة. # وسبب الخلاف [في] (10) شهادة بأن [الماء] (11) المنفصل عن الفم هل ~~PageV01P301 # # يخالطه من الريق ما يضيف الماء (1) أو لا يخالطه قدر ذلك. # فإن لم يقدر على تناول الماء بوجه من الوجوه إلا بأن يدخل يده فيه؛ فإن ~~كان في يده من النجاسة مقدار ما يغير الماء فإنه يتيمم ويتركه، وإن كان ~~الماء لا يتغير بذلك والماء يسير فيجري على الخلاف المتقدم في الماء اليسير ~~تحله النجاسة ولا تغيره. وقد تقدم الثلاثة الأقوال: أحدها: أنه طاهر [مطهر] ~~(2) فيستعمله هذا. والثاني: أنه نجس فيتركه هذا، وينتقل إلى التيمم. ~~والثالث: أنه مشكوك في حكمه (3) فيختلف هل يتيمم ويصلي [صلاة واحدة على ما ~~قدمناه] (4) ثم يغتسل به ويصلي صلاة ثانية؟ أو يغتسل به ويتيمم ويصلي صلاة ~~واحدة على ما قدمناه؟ # وأما المضمضة والاستنشاق فهما عندنا (5) سنتان في الغسل كما هما # في الوضوء. وكذلك مسح داخل الأذنين. وأما خارجهما فلا خلاف في # فرضيتهما في الغسل. والداخل هاهنا ms051 الصماخ (6). # ... ### | فصل # وأما فضائل الغسل فهي الابتداء بالوضوء قبله. ### | (حكم الرجلين في الغسل) # وهل يكمل أعضاء الوضوء أو يبقي الرجلين حتى يغسلهما في آخر غسله؟ في ~~المذهب في ذلك قولان. وقد روت عائشة رضي الله عنها PageV01P302 # # عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يكمل وضوءه (1). وروت عنه ميمونة (2) ~~رضي الله عنها أنه كان يبقي غسل رجليه إلى آخر غسله (3). والحديثان ثابتان ~~عنهما ولا تاريخ يوجب النسخ (4)؛ فيحمل فعله على جواز الأمرين. وقد قيل: إن ~~ذلك يختلف فإن كان بموضع لا أوساخ فيه فيقدم غسل الرجلين، وإن كان في موضع ~~فيه أوساخ فيؤخر ذلك؛ لأن تقديم غسلهما غير مفيد إذ يتلطخان بالأوساخ. ~~وإنما ابتدأ بأعضاء الوضوء تشريفا لها. فمن رأى أن حقيقة التشريف أن يكمل، ~~رأى أن يكمل وضوءه. ومن رأى أن حقيقة التشريف أن يبدأ بها ويختم بها قال ~~يؤخر غسل رجليه إلى آخر غسله. وهكذا قيل في هذا. وقد قدمنا أن الحديثين ~~يقتضيان التخيير. # وهل يعيد غسل أعضاء الوضوء إذا بدأ بها؟ أما إذا نوى به الفضيلة؛ فيعيد ~~غسلها، وإن نوى الفرض فلا تلزمه الإعادة. وإن قلنا إنه يؤخر غسل رجليه [إلى ~~آخر غسله،] (5) فإنه إذا غسل وجهه وغسل ذراعيه أفاض الماء على رأسه ولم ~~يمسح. # وإن قلنا يكمل وضوءه فإنه يمسحه، ولا شك أنه لا يجزيه المسح عن الغسل، ~~فيعيد غسله على كل الأحوال (6). PageV01P303 # ### | فصل (في أن الغسل يجزي عن الوضوء) # والغسل يجزي عن الوضوء؛ فلو اغتسل ولم يبدأ بالوضوء ولا ختم به (1) أجزأه ~~غسله عن الوضوء لاشتماله عليه. هذا إن لم يحدث بعد غسل شيء من أعضاء ~~الوضوء. وأما إن أحدث فلا يخلو من ثلاث صور: أحدها: أن يحدث قبل غسل شيء من ~~أعضاء الوضوء؛ فهذا الذي قلنا فيه يجزيه الغسل عن الوضوء. والثانية: أن ~~يحدث بعد كمال غسله (2) فهو كالمحدث يلزمه أن يجدد وضوءه. والثالثة: أن ~~يحدث في أثناء غسله، فهذا إن لم يرجع فيغسل ما غسله من أعضاء الوضوء قبل ~~حدثه فإنه لا يجزيه. # وهل ms052 يفتقر هذا في غسل ما تقدم من أعضاء الوضوء إلى نية أم تجزيه نية ~~الغسل عن ذلك؟ فيه قولان للمتأخرين. وقال أبو محمد بن أبي زيد إنه يفتقر ~~إلى نية. ورأى (3) أبو الحسن بن القابسي أنه لا يفتقر إلى ذلك. وهذا على ~~الخلاف هل يرتفع الحدث عن كل عضو بإكماله؛ فيكون هذا إذا غسل بعض الأعضاء ~~قبل حدثه (4) ثم أحدث فقد ارتفع الحدث عن الأعضاء المغسولة، وما طرأ من ~~الحدث يوجب استئناف غسلها فيفتقر فيه إلى نية، أولا يرتفع الحدث إلا بإكمال ~~الطهارة فيكون هذا إذا أحدث بعد أن غسل بعض الأعضاء، عد ذلك الغسل كالعدم، ~~فإذا عاد انسحبت نية غسل الجنابة عليه. وهذا جار في كل الأحداث من مس الذكر ~~وغيره (5). # ... PageV01P304 # ### | فصل (في فضيلة الابتداء بما بدأ به النبي - صلى الله عليه وسلم -) # ومن فضائل الغسل الابتداء بما بدأ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ~~أن يغسل الأعلى من جسده فالأعلى والأيمن فالأيمن، وهذا لا أعلم خلافا (1) ~~في أنه لا يعد من الفروض. وقد قدمنا حكم الموالاة في الوضوء. وذلك بعينه ~~جار (2) في الغسل. # ... ### | فصل (حكم النية في الطهارة الكبرى والصغرى) # وقد قدمنا أن النية من فروض الوضوء، وأن الغسل يشاركه في ذلك. وهذا هو ~~المشهور من المذهب. وحكى ابن المنذر (3) عن مالك في كتابه "الوسيط" (4) أن ~~النية غير واجبة في الوضوء، وكذلك يكون [على هذا حكمها في الغسل] (5). # وسبب الخلاف في هذا أن الطهارة الكبرى والصغرى (6) فيهما شوب (7) من ~~العبادة والنظافة؛ فمن غلب عليهما شوب العبادة أوجب النية PageV01P305 # # كالصلاة، ومن غلب عليهما حكم (1) النظافة لم يوجب [النية] (2) كغسل ~~النجاسة (3). # وإذا أوجبنا النية فما محلها؟ أما محلها من المكلف القلب، والنية هي ~~القصد، ومحل القصد (4) القلب. وأما محلها من العبادات فأولها هذا فيما يبدأ ~~منه بالفروض كالصلوات، وهاهنا يبدأ بالسنة (5) كغسل اليدين قبل إدخالهما في ~~الإناء والمضمضة والاستنشاق. # واختلف هل يبدأ بالنية في مبادئ الوضوء لأنه فعل متصل؟ أو تكون البداية ~~بها (6) عند الآخر في الفروض لأن النية ms053 إنما تفرض للفرض (7) فلا يبدأ بها ~~عند النوافل؟ والجمع بين القولين أن يبدأ بها في أول الوضوء، ثم يداوم ~~ذكرها إلى غسل الوجه. ولا يضر بعد الابتداء بها في محلها أن تختلس (8) بعد ~~ذلك. هذا إذا قصد بنيته جملة الطهارة. # وهل للمكلف أن يفرق النية على أعضاء الوضوء؟ في ذلك قولان: أحدهما: أنه ~~لا يجوز كالصلاة؛ فإنه لا يجوز أن يفرق النية على أجزائها، بل عليه أن ينوي ~~جملتها. والثاني: أنه يجوز بخلاف الصلاة، لأن كل عضو قائم بنفسه. وهذا ~~يلتفت إلى ما قدمناه من الخلاف في الأعضاء هل يرتفع عن كل عضو منها الحدث ~~بكماله أو لا يرتفع إلا بكمال جميعها. وفي المدونة فيمن أبقى (9) غسل رجليه ~~من طهارته فخاض بهما نهرا PageV01P306 # # فدلكهما فيه ولم ينو غسلهما للطهارة (1) أنه لا يجزيه حتى ينوي بهما ~~الطهارة (2). وأخذ القاضي أبو محمد [عبد الوهاب] (3) من هذا جواز تفرقة ~~النية على أعضاء الطهارة. ولولا (4) أن هذا الذي أبقى (5) غسل رجليه فرق ~~نيته [على] (6) الأعضاء لانسحبت (7) النية الأولى على الرجلين لكان لا ~~يفتقر في غسلهما إلى تجديد نية. وقد اعتذر عن هذا بأن النية إنما تنسحب (8) ~~ما لم تحصل التفرقة. وأما إذا حصلت التفرقة بطل (9) حكم الانسحاب. # وإذا قلنا بأن محل النية أول الطهارة؛ فإن قارنت فلا شك في الإجزاء، وإن ~~تأخرت فلا شك في الإبطال، لأن ما تقدم من الوضوء خال عن النية، وإن تقدمت ~~فلا يخلو من قسمين: أحدهما: أن تتقدم بالزمان الطويل أو بالزمان القصير. ~~فإن طال الزمان لم تجز، وإن قصر فقولان: أحدهما: الإجزاء، وهذا بناء على أن ~~ما قارب الشيء حكمه حكما لشيء، أو مراعاة لقول من [لم] (10) يوجب النية. ~~والثاني: عدم الإجزاء، لأن النية عرض لا تبقى وقتين (11). فإذا لم يستدم ~~ذكرها حتى تقارن الفعل فهي في حكم العدم. ولا خلاف في صحة الصوم وإن لم ~~تقارن النية أول جزء منه. والمنصوص في [الصلاة] (12) وجوب مقارنة النية ~~لأولها. وكأن الوضوء فرع بين هذين؛ فمن رده إلى الصوم فلا ms054 خلاف في عدم لزوم ~~مقارنة النية فيه (13) PageV01P307 # # أو جاز أن تتقدم النية، ومن رده إلى الصلاة فلا. لأن الصوم يشق محاذاة ~~أوله بالنية، والوضوء لا يشق فيه ذلك، ولذلك أوجبت المقارنة. # ... ### | فصل (في المطلوب من النية في الطهارة) # والمطلوب من النية في الطهارة أن ينوي أحد ثلاثة أشياء: إما رفع الحدث، ~~أو استباحة الصلاة، أو امتثال (1) الأمر. وهذه متى حضر (2) ذكر جميعها فلا ~~يمكن أن يقصد (3) أحدها دون الآخر بل هي متلازمة، وإن حضر بباله بعضها أجزأ ~~عن جميعها كما قدمناه. ولو خطر بباله جميعها وقصد بطهارته بعضها ناويا عدم ~~حصول الإجزاء فالطهارة أيضا باطلة. لأن النية غير حاصلة، ومثاله أن يقول ~~أرفع الحدث ولا أستبيح الصلاة، أو [أستبيح الصلاة] (4) ولا أرفع الحدث، أو ~~أمتثل أمر الله في الإيجاب ولا أستبيح ولا أرفع، فهذا أتى بنية متضادة شرعا ~~[وحكما] (5) فتتنافى (6) النية وتكون كالعدم. # ولو توضأ أو اغتسل قاصدا بالاستباحة صلاة (7) دون غيرها فإن لم يحضر ~~الغير (8) بباله استباح كل صلاة، ولو حضر بباله وقصد أنه لا يتطهر له ~~ومثاله أن يقول: أتطهر للظهر دون العصر؛ ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه ~~يجزيه ويصلي به سائر الصلوات، والثاني: أنه لا يجزيه ولا PageV01P308 # # يصلي به ظهرا (1) ولا غيره. والثالث: أنه يصلي به ما نوى دون غيره. وهذا ~~بناه الأشياخ في الرفض للطهارة على الخلاف هل يؤثر أم لا؟ لأنه إذا قصد ~~الظهر (2) مثلا دون العصر فكأنه يقول (3) أستبيح الظهر فبعد (4) استباحتها ~~أرفض وضوئي، ولكنه أتى بالاستباحة والرفض في حالة واحدة. فمن التفت إلى سبق ~~الإباحة غلب حكمها وقال: تجزي لكل صلاة. وما قصده من الرفض مخالف لحكم ~~الشرع فيبطل. ومن التفت إلى وقوع القصدين [المتضادين] (5) في حالة واحدة ~~حكم بالتنافي كما قلناه فيمن نوى رفع الحدث دون استباحة الصلاة. ومن صحح ~~الرفض ورأى أن للاستباحة رتبة السبق (6) حكم بإجزاء الصلاة الأولى دون ~~الثانية (7). # ... ### | فصل (هل تجزي النية لغير الصلاة للصلاة؟) # وإذا حكمنا بأن النية لصلاة (8) واحدة من غير خطور (9) غيرها بالبال تجزي ~~عن ms055 سائر الصلوات، فهل يحل غير الصلاة (10) في محلها في ذلك (11)؟ ~~PageV01P309 # ### | (حكم ما تشترط له الطهارة) # الأفعال على ثلاثة أقسام: قسم لا يصح إلا بالطهارة، كالصلاة على اختلاف ~~أنواعها من فرض وسنة وفضيلة ونافلة وصلاة جنازة وسجود القرآن، وكذلك مس ~~المصحف والطواف بالكعبة ودخول المسجد في حق الجنب والحائض. فهذا كله إن قصد ~~إلى استباحة بعضه استباح بذلك سائر ما تشترط فيه الطهارة. ### | (ما لا تشترط له الطهارة ولا تستحب) # وقسم لا تشترط فيه الطهارة ولا تستحب (1) كالمشي إلى السوق والأكل ~~والشرب، فهذا لا يجزي القصد إلى استباحته. ومتى قصد إلى ذلك بطهارته لم ~~يستبح بذلك شيئا من الأفعال التي تشترط فيها الطهارة. ### | (ما تستحب له الطهارة) # وقسم ثالث تستحب (2) فيه الطهارة؛ كمن توضأ مجددا أو اغتسل للجمعة ناسيا ~~للجنابة أو توضأ لقراءة القرآن طاهرا أو توضأ للدخول على السلطان، ولا يقصد ~~(3) غير ما ذكرناه؛ ففيه قولان: أحدهما: أنه يستبيح كل ما الطهارة شرط فيه، ~~والثاني: ألا يستبيح به شيئا مما تفرض الطهارة له. # وسبب الخلاف الالتفات إلى أن الطهارة غير واجبة لهذا القبيل ولا يجزي ~~القصد إلى طهارة غير واجبة عن القصد إلى طهارة واجبة. والثاني: الالتفات ~~إلى أنه قصد أن يكون على طهر، بل قصد إلى أن يكون على أكمل حال من الإجزاء. ~~وقد تضمنت نيته الإجزاء زيادة فتجزي. # ... PageV01P310 # ### | فصل (حكم تعدد المقاصد في رفع الحدث) # ومتى قصد إلى رفع الحدث، فإن اتحد [الحدث] (1) فلا تفريع. وإن تعدد القصد ~~فلا يخلو من أن يكون من جنس واحد أو من جنسين؛ فإن كان من جنس واحد فإن نوى ~~رفع واحد منها ارتفع جميعها، هذا إذا لم يخطر بباله إلا ما نوى. فإن خطر ~~غيره [بباله] (2) وقصد رفع البعض دون البعض جرى على ما قدمناه إذا قصد ~~استباحة الصلاة دون رفع الحدث، وإن كان جنس الحدث مختلفا. فأما ما يوجب ~~الطهارة الصغرى؛ فالمختلف منه كالمتفق لأن حكم الواجب منه (3) متحد وهو ~~الوضوء، وما يمنعه متحد وهو كل ما يشترط فيه الوضوء ms056. وأما ما يوجب الطهارة ~~الكبرى إذا اختلف جنسه كالحيض والجنابة فإن وقعت النية لهما أجزأت، وإن ~~نويت إحداهما دون الأخرى فثلاثة أقوال: أحدها: الإجزاء لأن الواجب عنهما ~~متحد وهو غسل جميع الجسد، والثاني: عدم الإجزاء لأن الحيض يختص بمنع الجماع ~~والطلاق، والجنابة تختص بمنع قراءة القرآن ظاهرا (4) على المشهور. والثالث: ~~أن القصد إلى الحيض يجزي دون القصد إلى الجنابة، وهذا لأن الحيض يمنع مما ~~قلناه بلا خلاف، والجنابة قد قيل إن الحيض يشاركها في المنع من قراءة ~~القرآن ظاهرا. # ومن كان عليه غسل جنابة وجمعة؛ فإن قصد الاغتسال للجنابة (5) ناسيا ~~للجمعة ففي ذلك قولان: أحدهما: الإجزاء؛ لأنه قصد الآكد. والثاني: عدم ~~الإجزاء، لأنه قصد واجبا. والغسل للجمعة سنة ولا يحصل إلا بحصول الواجب فهو ~~أكمل ولا يحصل الأكمل إلا بالقصد إليه. # وأما إن قصد الجمعة دون الجنابة فقد تقدم القولان. فإن قصدهما ~~PageV01P311 # # جميعا ففي المذهب قولان: أحدهما: الأجزاء، وهو المشهور، لأنه قد نوى كل ~~واحد منهما والغسل متحد ونية الأجزاء والكمال لا تتنافى. والثاني: أنه لا ~~يجزي، وهذا يرى تنافي النية هاهنا لأن الفرض واجب تحصيله والسنة غير واجب ~~تحصيلها. فكأنه يقول في الغسل أغتسل لواجب غير واجب (1) في حالة واحدة وذلك ~~متناف (2). وما الذي يفعله على هذا القول؟ ينبغي أن يقصد الجنابة ويعتقد ~~أنه نائب (3) عن الجمعة. # ... ### | فصل (حكم الغسل إذا فقدت اللذة المعتادة) # وقد تقدم أن الغسل يجب بإنزال الماء الدافق للذة مقارنة، فإن فقدت اللذة ~~المعتادة وغير المعتادة ولم تكن مقارنة ولا سابقة (4) فهاهنا قولان: ~~المشهور أن الغسل غير واجب والشاذ إيجابه. وهذه صورة نادرة فهل يعلق الحكم ~~عليها؟ بين الأصوليين خلاف في ذلك؛ فمن علق الحكم على الصورة النادرة رأى ~~إسقاط الوجوب هاهنا، لأن اللذة متى فقدت جملة لحق بسلس الأحداث (5)، وأيضا ~~فإن هذا إذا خلا ما يخرج منه عن اللذة جملة فهو كالودي صورة ومعنى، فلا ~~يوجب (6) غسلا. ومن رأى إجراء الحكم على الغالب طردا للقاعدة (7) الكلية ~~أوجب الغسل، لأن الشريعة علقت وجوب الغسل على ms057 المني والغالب حصوله بلذة، ~~فإن حصل بغيرها فذلك نادر. وقد تكون اللذة متقدمة لسبب فلم يعر من لذة. ~~PageV01P312 # # فإن قارن مادة غير معتادة كمن يسابق فيمني أو ينزل حوض الحمام (1) أو ~~تلدغه عقرب فيكون منه ذلك، فهذا فيه قولان: إيجاب الغسل بحصول (2) اللذة، ~~وإسقاطه. لأن وجود المني عن ذلك نادر، فيلحق بالصور النادرة. فإن كانت ~~اللذة معتادة لكنها سابقة، كمن يجامع فيجد اللذة (3) ولا يكون منه ماء، أو ~~يتلذذ بغير الجماع ولا يكون منه ذلك، ثم بعد ذهاب تلك اللذة جملة يكون منه ~~الماء؛ ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: وجوب الغسل التفاتا (4) إلى اللذة ~~المتقدمة، ولأنها (5) قد أثرت انفصال الماء عن موضعه، وإنما عجزت الطباع عن ~~إبرازه (6) في الحال. والقول الثاني: إسقاط الغسل لأن الماء لا حكم له ما ~~لم يبرز، فإذا برز عاريا من اللذة لحق بما (7) فقدت فيه اللذة جملة. والقول ~~الثالث: أنه إن كان عن جماع ثم اغتسل له قبل بروز الماء ثم برز فلا يعيد ~~الغسل، وإن كان عن غير جماع فلم يغتسل له فإنه (8) يغتسل عند بروزه وهذا ~~لأنه (9) يوجب الغسل له لكنه لا يكون غسلان لحدث واحد. # وإذا أسقطنا الغسل فهل بجب منه الوضوء؟ في المذهب قولان: أحدهما: إيجابه، ~~لأن أدنى مراتبه أن يكون كالودي (10). والثاني: إسقاطه لأنه كسلس المذي ~~(11). PageV01P313 # # وإذا صلى بعد وجود اللذة ثم برز (1) الماء، فهل يعيد تلك الصلاة؟ في ~~المذهب قولان: أحدهما: الإعادة، وهو بناء على أن لانفصاله من موضعه حكما ~~كما تقدم. والثاني: أنه لا يعيد تلك الصلاة وهو بناء على أن المراعى وقت ~~بروزه. # ... ### | فصل (مشروعية الوضوء للجنب قبل النوم) # ولا خلاف أن الجنب مأمور بالوضوء قبل النوم، وهل الأمر بذلك وجوب أو ندب؟ ~~(2) المذهب قولان: وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر الجنب ~~بالوضوء قبل النوم (3). وبين الأصوليين خلاف في أمره هل يحمل على الوجوب أو ~~على الندب؟ واختلف في علة أمره بالوضوء قبل النوم؛ فقيل: لينشط للغسل. وعلى ~~هذا لو فقد الماء لم يؤمر ms058 بالتيمم. وقيل: ليبيت على إحدى الطهارتين لأن ~~النوم موت أصغر فشرعت فيه الطهارة الصغرى كما شرعت في الموت الطهارة ~~الكبرى. فعلى هذا فإن فقد الماء تيمم. # ... ### | فصل (هل يجبر المسلم زوجته الكتابية على الغسل؟) # ولا يجبر المسلم زوجته الكتابية على الغسل من الجنابة. وهل يجبرها # على الغسل من الحيضة؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه يجبرها لأنها ~~PageV01P314 # # بتزويجه كالملتزمة للأحكام الواجبة (1) فيما بينها وبين زوجها. واعترض ~~المتأخرون قول من (2) أوجب عليها الغسل بأن غسلها يفتقر إلى النية وهي ممن ~~لا يصح منها القصد إلى الغسل. والجواب عن هذا أن كل غسل يتعلق بالمغتسل (3) ~~يفتقر إلى نية، وما يتعلق بغيره فلا يفتقر إلى ذلك كغسل الإناء من ولوغ ~~الكلب وغسل الميت. # ... ### | فصل (حكم من استيقظ فوجد ماء في ثوبه) # ومن انتبه فوجد ماء فإن أيقن أنه مني اغتسل. وإن أيقن أنه مذي توضأ. وإن ~~شك جرى على الخلاف فيمن أيقن بالوضوء وشك في الحدث، فإن قلنا بإيجاب الوضوء ~~هناك وجب الغسل على هذا، وإن قلنا باستحبابه هناك استحب الغسل لهذا (4). ~~ولو وجد منيا في ثوبه الذي ينام فيه ولا يدري من أي نوم كان؟ ففيه قولان ~~أيضا: أحدهما: إيجاب إعادة ما صلى من أول زمن نام. والثاني: إيجاب إعادة ما ~~صلى من آخر نومة (5) نام فيه. وهو على الخلاف فيمن أيقن بالوضوء وشك في ~~الحدث، لأن هذا على يقين من طهارته المتقدمة، وشك هل كان المني في أول نوم ~~نامه في الثوب أو آخر نوم. ووقع (6) في بعض الروايات أنه إذا كان ينزع ~~الثوب في النهار فإنه يعيد (7) من آخر نومه (8)، وإن كان لا ينزع فمن أول ~~نوم (9). PageV01P315 # # وهذا بناء على وجوب الغسل بالشك. وإنما رأى أنه متى كان ينزعه ولم ير فيه ~~جنابة دل ذلك على أن الموجود فيه من آخر نوم. # ... ### | فصل (حكم وطء المسافر زوجته مع فقد الماء) # ومنع في الكتاب المسافر من أن يطأ أهله إلا أن يكون معه من الماء ما ~~يكفيه، ولم يجز له الوطء والانتقال ms059 إلى (1) التيمم، وأجاز ذلك لمن به شجة ~~وهو ينتقل عن غسل موضعها إلى المسح، وكذلك لو كان ينتقل إلى التيمم. وفرق ~~بطول أمر صاحب الشجة وحاجته إلى وطء أهله (2). قال الأشياخ: ولو علم أنه ~~يطول سفره وفقد الماء (3) لكان بمنزلة صاحب الشجة. وفي الكتاب في المسألة ~~الأولى أنه لا يطأ زوجته ولا جاريته كانا على وضوء أو على (4) غير وضوء ~~(5). ثم قال: وكل ذلك سواء. وللأشياخ هاهنا قولان: هل تعود تسويته (6) على ~~المتوضئ والمحدث، أو على الزوجة والجارية (7)، لأن الزوجة لها حق في الوطء ~~والجارية لا حق لها في ذلك. ولا شك أن مراده (8) التسوية في الجميع. # ... PageV01P316 # ### | فصل (حكم قراءة القرآن ظاهرا للجنب والحائض) # واختلف في الجنابة والحيض؛ هل يمنعان قراءة (1) القرآن ظاهرا؟ على ثلاثة ~~أقوال: أحدها: أنهما يمنعان من ذلك. والثاني: أنهما لا يمنعان. والثالث: أن ~~الجنابة تمنع بخلاف الحيض. وقد تقرر أنهم كانوا في العصر الأول يمتنعون (2) ~~من قراءة ما كثر من القرآن إذا كانوا جنبا. وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم ~~- أنه قال في الجنب: "إن المؤمن لا ينجس" (3)، وهذا يقتضي الإباحة. لكن ما ~~ورد من فعلهم لا يتطرق إليه التأويل، وهذا إنما خرج على سبب وذلك أن أبا ~~هريرة كان يماشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (4) فانسل (5) عنه فسأله ~~عن سبب ذلك فقال: كرهت أن أماشيك جنبا فقال - صلى الله عليه وسلم -: "سبحان ~~الله إن المؤمن لا ينجس" (6). وهذا عموم ورد على سبب. وبين الأصوليين خلاف ~~في تعديته أو قصره على سببه. # وأما التفرقة فلأن الجنب يقدر على رفع جنابته والحائض لا تقدر على ذلك، ~~فلو منعت القراءة (7) لأدى. إلى تضييع أجور تريد حصولها وقد يؤدي إلى ~~نسيانها. ### | (هل يباح للجنب دخول المسجد؟) # وهل يباح للجنب دخول المسجد عابري سبيل؟ فيه قولان: المشهور منعه، والشاذ ~~جوازه. وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا أحل المسجد لجنب ~~PageV01P317 # # ولا لحائض" (1)، وهذا نص. ولكن يعارضه ما قدمناه من قوله: "إن المؤمن لا ~~ينجس"، وقوله تعالى ms060: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} ~~(2) الآية. واختلف المفسرون هل المراد نفس الصلاة، أي لا تقربوا الصلاة ~~بجنابة إلا [أن تكونوا] (3) عابري سبيل، أي مسافرين فتيمموا وصلوا. وقيل: ~~المراد موضع الصلاة فيكون على هذا دليلا على جواز دخول الجنب للمسجد (4) ~~عابري سبيل. # ... ### | فصل (حكم من أم الناس جنبا) # والمعروف من المذهب أن صلاة المأموم متعلقة (5) بصلاة الإمام. والشاذ عدم ~~الارتباط، وهو مذهب الشافعي. ولهذا لا يجوز عندنا أن يأتم المفترض ~~بالمتنفل. # واختلف في إمام صلى بالناس جنبا؛ فقيل: إن كان عامدا بطلت الصلاة، وإن ~~كان ناسيا لم تبطل الصلاة، هذا في حقهم. وأما صلاته فباطلة بإجماع. وقيل ~~صلاتهم صحيحة. وقيل باطلة. والقول بالصحة يقتضي أن PageV01P318 # # كل مصل صلى (1) لنفسه كما يقول الشافعي. والقول بالإبطال يقتضي تعلق ~~الصلاتين. # والتفرقة بين العمد والنسيان لم يظهر للشيخ أبي القاسم السيوري وجهها ~~فقال: هما قولان [جميعا] (2) في التأليف، وإنما قال مالك بالإبطال (3) لما ~~سئل عن صلاة العامد في وقت لو سئل فيه عن صلاة [الناسي لقال تبطل، وقال ~~بالصحة لما سئل عن الناسي في وقت لو سئل فيه عن صلاة] (4) العامد لقال ~~بالصحة. # وهذا تأويل بعيد وتجهيل لمؤلف المدونة، فإنه فصل بين العامد والناسي ~~وتفصيله فلا بد يقتضي اختلاف الحكم عنده. وقد اعتذر القاضي (5) أبو محمد عن ~~الفرق بأن الناسي غير عاص والعامد فاسق (6) لعمده فتبطل الصلاة بناء على ~~بطلان إقامة الفاسق. وهذا الاعتذار إذا أدير عليه التقسيم فإنه لا يخلو من ~~أن يقال بتعلق الصلاتين أو بعدم تعلقهما؛ فإن تعلقتا وجب البطلان، وإن لم ~~تتعلقا (7) وجبت الصحة، وإن كان فاسقا. # وخير ما اعتذر به أن الناسي، قاصد (8) إلى الصلاة فتساوى القصدان، وإن ~~كان باطلا عند الله فلا يضر ذلك مع تساوي القصدين. فإذا كان عامدا (9) ولم ~~يقصد الصلاة فاختلف القصدان. ومتى اختلفت بطلت الصلاة عندنا. PageV01P319 # ### | (حكم الإمام يذكر جنابه في الصلاة) # ولو ذكر الإمام جنابة في أثناء الصلاة فعلى القول (1) ببطلان صلاة ~~المأمومين مع النسيان يقطع. وعلى القول بصحتها يستخلف ms061 كما قال في الكتاب. ~~فإن لم يفعل وتمادى بطلت الصلاة. ولو علم أحد ممن خلفه بجنابته لبطلت صلاة ~~العالم بذلك. قالوا ولو طرأ لأحد من المأمومين العلم في الصلاة أوجب على من ~~طرأ له ذلك أن يعلم الإمام حتى يستخلف. وتبطل صلاة هذا لأنه في وقت العلم ~~صار مقتديا بمن لا يصح الاقتداء به. # ... ### | فصل (حكم من صلى بثوب نجس أو حرير) # وقد قدمنا حكم المصلي بنجاسة ومتى يعيد؛ فإن كان إنما صلى بذلك عجزا عن ~~القدرة على غسل النجاسة (2)، أو عجز عن ثوب طاهر يستر به فهاهنا قولان: ~~أحدهما: أنه كالناسي يعيد في الوقت الذي يعيد فيه الناسي. والثاني: أن هذا ~~يعيد الظهر والعصر أجمع (3) بخلاف الناسي، لأن هذا معه عقله الذي يتلقى به ~~التكليف. وبين الأصوليين خلاف في تكليف غير المستطيع. من قيل إن الناسي غير ~~مكلف. # والصلاة بالحرير المحض لا تجوز للرجل ولا لباسه في كل الأحوال إلا أن ~~تدعو لذلك الضرورة، كحكة تمنع ملاقاة الجسم بغير الحرير. ففي المذهب قولان: ~~أحدهما: الإجازة (4) لأنها ضرورة. والثاني: المنع. وأصل مبنى هذا شهادة على ~~(5) أن الضرورة لا تتصور حتى تمنع أن يلاقي الجسم PageV01P320 # # بغير الحرير. وكذلك القولان في لباسه في الجهاد؛ الجواز لأنه موضع ترهيب ~~وإظهار قوة، والمنع أخذا بعموم ما ورد في الحديث من النهي (1). # فمن لم يجد إلا ثوب حرير [طاهر] (2) وثوب نجس فبأيهما يصلي؟ قولان: ~~أحدهما: أنه يصلي بالحرير من جهة أنه طاهر، ثم يعيد إذا قدر على غيره في ~~الوقت. والثاني: أنه يصلي بالنجس، ثم يعيد إذا قدر على غيره أو على غسل ~~النجاسة في الوقت أيضا. وهذا خلاف (3) في المكروهين إذا تقابلا أيهما ~~يرتكب. والنجاسة تختص بالمنع في الصلاة دون غيرها فلها تأكيد بالاختصاص ~~(4). والحرير يحرم لباسه في كل الأوقات، فلهذا (5) تأكد بعموم (6) الأوقات. ~~وهذا يتعلق بمسألة أصولية وهي الصلاة في الدار المغصوبة هل تصح أم لا؟ وذلك ~~ينبني على الخلاف في النهي هل يدل على فساد المنهي عنه أم لا؟ # وإذا صلى بالحرير ms062 مع القدرة على غيره من الثياب الطاهرة فهل تبطل صلاته ~~أم لا؟ ثلاثة أقوال: أحدها: البطلان، والثاني: الصحة مع العصيان، والثالث: ~~إن كان عليه ما يستره من غير الحرير صحت الصلاة، وإن لم يكن عليه ما يستره ~~بطلت. # فالصحة والبطلان مبنيان على الخلاف في النهي هل يدل على فساد المنهي عنه ~~أم لا؟ وأما التفرقة بين أن يكون عليه ما يستره أم لا، فإنه متى صار (7) ~~عريانا عن غيره صار كالمكشوف العورة شرعا، ومتى كان مستور PageV01P321 # # العورة بغيره كان (1) مرتكبا للنهي فاعلا لما يلزمه في الصلاة من ستر ~~العورة. # ... ### | فصل (حكم الصلاة أثناء مدافعة الخبث) # ولا يجوز أن يصلي وهو يدافع خروج الحدث؛ فإن فعل ففي الكتاب يعيد بعد ~~الوقت (2). قال الأشياخ: وهذا على ثلاثة أقسام (3): أحدها: (4) أن يمنع ~~الحدث إتمام الفروض، وهذا يعيد في الوقت وبعده. والثاني: أن يمنعه من إتمام ~~السنن، فهذا يعيد في الوقت لا بعده (5). وينبغي أن يختلف في هذا على الخلاف ~~في تارك السنن [متعمدا] (6) هل يعيد بعد الوقت؟ والثالث: أن يمنعه من إتمام ~~الفضائل، فهذا لا إعادة عليه. وسيأتي بيان الفروض والسنن والفضائل في أول ~~كتاب الصلاة إن شاء الله. # ... ### | فصل (في مشروعية أداء صلوات متعددة بوضوء واحد) # ولا قائل اليوم (7) بوجوب الوضوء لكل صلاة، وإنما يحكى ذلك عن علي رضي ~~الله عنه، والعلماء غيره (8) متفقون على أن في الآية إضمارا. PageV01P322 # # واختلفوا في المضمر (1) ما هو؟ فقيل: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين (2) ~~ليكون ذلك إجمالا لجميع الأحداث، ثم جاء التفصيل بعده. وقيل: إذا قمتم إلى ~~الصلاة من المضاجع، أي من النوم، لأن الأحداث قد ذكرت في الآية ولم يذكر ~~النوم. وإن قلنا إنه المحذوف اشتملت (3) على جميع الأحداث. وإنما اضطر ~~العلماء إلى هذا لما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يصلون ~~بالوضوء الواحد صلوات، ما لم يحدثوا. وقد فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم ~~- يوم فتح مكة، وسأله عمر رضي الله عنه عن ذلك فقال: "عمدا صنعته يا عمر" ~~(4). وأراد أن يقتدى ms063 به في ذلك. وتجديد الوضوء مستحب بلا خلاف. # ... ### | فصل (حكم ثياب أهل الذمة) # وقد قدمنا الخلاف في صور من عادته يستعمل النجاسة إذا شك هل معه نجاسة أم ~~لا؟ فإن الخلاف في ذلك على الخلاف في الرجوع إلى الأصل والغالب. وقد حكموا ~~(5) في ثياب أهل الذمة إذا أخذها المسلم أنه لا يصلي بها، هذا فيما لبسوه. ~~وأما ما نسجوه فأجازوا الصلاة بها. وإن أمكن أن يلاقوه بالنجاسة ولا يوجد ~~فرق إلا أحد (6) وجهين؛ إما لأن السلف كانوا يلبسون ما نسجه أهل الذمة من ~~غير غسل، وهذا لمشقة غسل الجديد. وأما لأن الغالب فيما لبسوه التنجيس ~~والغالب فيما نسجوه الطهارة، فإن شذت صورة فالحكم للأغلب. # ... PageV01P323 # ### | فصل (حكم الغسل لمن أسلم من الكفار) # وقد قدمنا الخلاف في وجوب الغسل على من أسلم من الكفار، والمشهور وجوبه، ~~واستحبه إسماعيل القاضي. ثم اختلف القائلون بالوجوب هل ذلك لنفس الإسلام أو ~~لأن الكافر جنب لا يغتسل فإذا أسلم وجب عليه غسل جنابته؟ وعلى هذا اختلف ~~فيمن أسلم وقد علم بأنه لم تصبه جنابة؛ فعلى (1) جعل التعليل بوجوب الغسل ~~للإسلام لقوله تعالى: {إنما المشركون نجس} (2) والنجس لا يقرب الصلاة إلا ~~بعد غسل نجاسته فيجب الغسل على الكافر وإن لم تتقدمه (3) جنابة. وعلى ~~التعليل بالجنابة لا يجب على مثل هذا غسل. ويعتذر هؤلاء عن قوله جل ذكره: ~~{إنما المشركون نجس}، أي إنهم نجس لشركهم. فإذا زال الشرك طهروا بالإسلام. # ومعول إسماعيل القاضي على أن الإسلام يجب ما قبله. وقد ألزمه الأشياخ أن ~~يسقط الوضوء عن من أسلم حتى يحدث بعد إسلامه. واعتذر عن هذا بأن الوضوء يجب ~~للصلاة، فعلى كل قائم إليها أن يتوضأ إلا أن يتقدم له وضوء، والغسل إنما ~~يجب للجنابة، وهذا قد سقط عنه حكم الجنابة بالإسلام. وهذا الذي قيل في ~~الوضوء يضمحل (4). وإذا قدرنا في الآية محذوفا وهو إما محدثين (5) أو من ~~المضاجع. ويقال هاهنا هذا غير محدث لأن الإسلام يجب ما قبله. # وفي الكتاب فيمن أجمع على الإسلام ثم اغتسل أنه يجزيه ms064 ذلك الغسل لإسلامه ~~(6). ومعنى أجمع هنا أي اعتقد الإسلام بقلبه. ولا شك أنه متى أوجبنا الغسل ~~وفقد الماء فإنه يتيمم. [وما الذي ينوي بتيممه؟ فيه من PageV01P324 # # الخلاف ما تقدم؛ منهم من يقول: ينوي الطهارة الكبرى فإن نوى الطهارة ~~الصغرى لم يجزه، ومنهم من يقول: ينوي الوضوء بتيممه. والله أعلم بالمطلوب] ~~(1). # ... ### | فصل (حكم من صلى على النجاسة) # وقد تقدم حكم من صلى بالنجاسة. وهكذا يكون حكم من صلى عليها إذا كانت ~~النجاسة في موضع يلاقيه بعضو من أعضائه عند القيام أو عند الجلوس أو عند ~~السجود. اهذا إذا كان مصليا على ما هو ثابت كالأرض. وأما لو صلى على حصير ~~متصل بطرفه نجاسة؛ فبين الأشياخ خلاف، هل تكون أفعاله تقتضي أنه كالمصلي ~~على نجاسة (2) أو لا يكون كذلك لسلامة موضعه. ### | (حكم ثياب من يشرب الخمر أو لا يصلي) # وعلى ذكر ثياب أهل الذمة فقد قال الأشياخ فيما معناه فيمن يشرب الخمر من ~~المسلمين فيغسل جميع ما لبسه من الثياب. وأما من لا يشرب الخمر ولا يصلي ~~فجميع ثيابه نجس إلا ما يكون برأسه. فالغالب عدم النجاسة فيه. فإن كان ممن ~~يصلي فلا يغسل ما اشترى من ثيابه إلا ما يحاذي المخرجين (3) منه، لأن ~~الغالب منه عدم المعرفة بالاستبراء من البول، وكذلك ما ينام فيه، لأن ~~الغالب وجود النجاسة في مثل ذلك. # ... PageV01P325 # ### | باب في حكم الرعاف # والرعاف لا يخلو من قسمين: أحدهما: أن يعلم أن الدم لا ينقطع عنه، ~~والثاني: أن يعلم أنه ينقطع: ### | (حكم من لا ينقطع عنه الدم) # فإن علم أنه لا ينقطع فهذا لا يخرج من الصلاة لرعافه لأن خروجه لا يفيد، ~~ويتم الصلاة على حاله. وهل يجوز له الإيماء أم يجب عليه الركوع والسجود؟ ~~فإن كان ركوعه وسجوده يضر به في جسده جاز له بلا خلاف. وإن كان ذلك لا يضر ~~به في جسده، فهاهنا قولان: قيل يجوز له ذلك لئلا يلطخ ثيابه، وقيل لا يجوز ~~له الانتقال إلى الإيماء إلا لمضرة جسم لا لتلطخ ثياب. ### | (حكم من ms065 ينقطع عنه الدم) # وأما القسم الثاني وهو أن يعلم أن الدم ينقطع، وفي معناه إذا شك في ذلك، ~~فإنه لا يخلو أن يقطر الدم أو يسيل، أو لا يقطر أو لا يسيل (1). فإن لم ~~يقطر ولم يسل فإنه يفتل الدم (2) ويمضي على صلاته. وإن قطر أو سال؛ فإن ~~تلطخ له الكثير من جسده أو ثيابه قطع الصلاة، وإن لم يتلطخ به ذلك فهاهنا ~~الأولى أن يقطع، فإن أحب التمادي على صلاته بأن يخرج ويغسل الدم عنه ثم ~~يعود إلى الصلاة فله ذلك عند مالك، ولكن بشروط نذكرها: وهو أن المصلي لا ~~يخلو أن يكون منفردا أو في جماعة؛ فإن كان في جماعة فلا يخلو من أن يعقد من ~~صلاة الجماعة ركعة أو لا يعقد ركعة. فإن كان في جماعة وعقد ركعة فلا خلاف ~~في المذهب في أن له التمادي. وإن كان فذا، أو لم يعقد ركعة فهاهنا قولان: ~~أحدهما: أنه يبني إن شاء، PageV01P326 # # وهو ظاهر الكتاب (1). والثاني: أنه لا يبني. وسبب الخلاف هل التمادي ~~لحرمة الصلاة أو لحرمة الجماعة؟ فإن قلنا إن ذلك لحرمة الصلاة بني هذا، وإن ~~قلنا إن ذلك لحرمة الجماعة لم يبن هذا. وإذا أجزنا البناء فإنه يخرج ممسكا ~~لأنفه غير متكلم ولا ماش على نجاسة، فيغسل الدم في أقرب المواضع. فإن (2) ~~تكلم عمدا بطلت صلاته إجماعا، وإن تكلم سهوا ففي بطلان صلاته ثلاثة أقوال: ~~أحدها: أنه بمنزلة من تكلم في صلاته [سهوا] (3)، والثاني: أنه تبطل (4) ~~صلاته، والثالث: أنه إن تكلم في مسيره لم تبطل (5) وإن تكلم في عودته بطلت ~~(6). # وإن مشى على نجاسة كان بمنزلة المتكلم على ما فصلناه في الصحة، لأن حكم ~~الصلاة (7) مستدام. والبطلان (8) لأن الأثر ورد أنه يبني ما لم يتكلم. # والتفرقة فلأن السائر لغسل الدم ذاهب (9) عن الصلاة، فضعفت استدامة ~~حكمها. والعائد قد غسل الدم وتهيأ للصلاة، فقويت الاستدامة. # وإن خرج (10) على أن يغسل الدم في موضع قريب فذهب إلى أبعد منه بطلت ~~صلاته، لأنه زاد زيادة مستغنى عنها. # فإذا غسل الدم ms066 فهل يرجع إلى المسجد أو إلى [الإمام] (11) أو يصلي ~~PageV01P327 # # في موضع يمكنه (1) الصلاة فيه؟ فلا يخلو أن يعلم أن الإمام باق في الصلاة ~~أو قد أكملها؛ فإن كان [علم] (2) أن الإمام باق في الصلاة عاد إلى حيث فارق ~~الإمام، لأنه لا يجوز له أن يتم الصلاة فذا وقد ابتدأ الصلاة في جماعة. وإن ~~علم أن الإمام فرغ من الصلاة فلا يخلو أن تكون جمعة أو غيرها؛ فإن كانت ~~جمعة فهاهنا ثلاثة أقوال: المشهور: أنه يعود (3) إلى الجامع، والثاني: أنه ~~يتم بموضعه، والثالث: أنه إن حال بينه وبين العودة حائل أجزأته الصلاة (4) ~~في موضعه، وإن لم يحل بينه وبين العودة حائل عاد إلى الجامع. وهذا على ~~الخلاف في شروط الجمعة هل تلزم (5) في جملتها أو في أوائلها. # وإن كانت غير جمعة فإنه لا يعود إلى الموضع الذي (6) فارق الإمام فيه، ~~فإن عاد بطلت صلاته لأنها زيادة مستغنى عنها. وحكم الظن في إكمال الإمام أو ~~عدم إكماله كحكم (7) العلم. [ولو اجتهد فأداه اجتهاده إلى أن الإمام قد ~~أكمل ثم تبين له خلاف ما ظنه لعذر بذلك. وكذلك] (8) لو اجتهد فأداه اجتهاده ~~إلى أن الإمام لم يكمل لعذر أيضا. ولو اجتهد فخالف ما ظهر له بطلت (9) ~~صلاته، لأنه يصير قد زاد في الصلاة عمدا إلا أن يتأول وجوب الرجوع فيختلف ~~في ذلك على الخلاف في الجاهل هل هو كالعامد أو كالناسي؟ # وما يصنعه إذا عاد إلى إصلاح الصلاة؟ أما (10) إن وجد الإمام لم ~~PageV01P328 # # يفرغ فإنه يساويه في الفعل ويكون كالمسبوق، وإن وجد الإمام قد أكمل فإنه ~~يبتدئ الصلاة على حكم نفسه فيعود إلى حيث فارق الصلاة. # فإن صلى بعض ركعة فهل يكملها أو يستأنفها؟ قولان. # وسبب الخلاف تقابل المكروهين: أحدهما: الزيادة في الصلاة من غير ضرورة، ~~والثاني: التفرقة بين أجزاء الركعة. فإن راعينا الزيادة أكمل الركعة، وإن ~~راعينا التفرقة ابتدأ. وعلى هذا الخلاف فيمن ذكر في تشهده سجدة لا يدري من ~~أي الركعات (1)؛ فقال ابن القاسم: يسجد (2) سجدة ثم يقوم (3) فيأتي بركعة ~~لئلا ms067 تكون السجدة من آخر ركعة (4). فإذا لم يصلها فرق بين أجزاء الركعة. ~~وقال أشهب: يأتي بركعة من غير سجود لأنه إذا أتى بركعة اكتفى بها والسجدة ~~زيادة مستغنى عنها. # ... ### | فصل # وإذا رجع إلى تلافي (5) ما فاقه، فكيف يلافي ذلك؟ أما إن لم يفته (6) من ~~أول الصلاة شيء فيبني، ولا شك أن ما أدرك أول صلاته. ### | (حكم من رعف في صلاة الجمعة) # وإذا رعف في صلاة الجمعة فإن عقد مع الإمام ركعة بسجدتيها ولم يعقد ~~الثانية حتى رعف؛ فإنه إذا غسل الدم عنه قضى الثانية على نحو ما ~~PageV01P329 # # كان يصليها (1) مع الإمام فيقرأ فيها بأم القرآن وسورة، فإن نسي السورة ~~سجد لسهوه قبل السلام، فإن نسي أم القرآن فقال في الكتاب يتمها (2) ويعيد ~~ظهرا أربعا (3). والخلاف في هذه المسألة محال على كتاب الصلاة الأول. # وإن لم (4) يعقد مع الإمام ركعة حتى رعف وأجزنا (5) له البناء فإنه يعود ~~بعد غسل الدم. فإن وجد الإمام وأدرك معه ركعة بسجدتيها، قام بعد سلام ~~الإمام فأتى (6) بركعة على نحو ما فاتته (7). # ويستحب [له] (8) أن يقرأ فيها بسورة الجمعة بعد أم القرآن. وإن لم يدرك ~~مع الإمام ركعة فهل يبني على ما يأتي به من الظهر على ذلك التكبير الذي ~~كبره للجمعة؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه يبني على التكبير [الذي كبره] ~~(9)، والثاني: أنه يسلم ثم يبتدئ (10). وسبب الخلاف هل الجمعة بدل من (11) ~~الظهر، وأعداد الركعات غير مراعاة (12)، فيبني على الإحرام (13) المتقدم. ~~أو الجمعة فرض قائم بنفسه وأعداد الركعات مراعاة (14) فيقطع ويبتدئ. # ... PageV01P330 # ### | فصل (في اجتماع البناء والقضاء) # وإذا اجتمع البناء والقضاء فبأيهما يبدأ؟ في المذهب قولان: أحدهما: ~~الابتداء بالقضاء لأنه أول الصلاة، وإنما يمنعه من الابتداء (1) به لئلا ~~يخالف الإمام فإذا انقضى (2) حكم الإمام ابتدأ به. [والثاني] (3): الابتداء ~~(4) بالبناء استصحابا لحكم الإمام وكأنه باق. ويتصور ذلك بأن يفوت الراعف ~~(5) أول الصلاة ثم يرعف فيفوته آخرها. ولذلك ثلاث صور. أحدهما: أن يفوته من ~~الصلاة الرباعية الركعة الأولى والركعة الآخرة ويدرك الوسطيين، فهاهنا ~~قولان: أحدهما: أنه إذا غسل ms068 الدم صلى ركعة يقرأ فيها بأم القرآن وسورة، ثم ~~يقوم فيصلي ركعة بأم القرآن. خاصة. والثاني: أنه يبتدئ بالتي بأم (6) ~~القرآن خاصة. والصورة الثانية: أن تفوته الأولى والآخرتان ويدرك التالية ~~فيختلف هل يبتدئ إذا غسل الدم عنه بالركعة الأولى أم بالآخرتين على نحو ما ~~تقدم (7). والصورة الثالثة: أن تفوته الأوليان والآخرة ويدرك الثالثة ~~فيختلف هل يبتدئ بالأوليين أم بالآخرة؟ فإن قلنا إنه يبتدئ بالأوليين فإنه ~~يصلي ركعة يقرأ فيها بأم القرآن وسورة ثم يجلس ثم يقوم فيصلي ركعة بأم ~~القرآن وسورة أيضا. ثم يقوم فيصلي ركعة بأم القرآن خاصة، وكملت صلاته؛ ~~فيكون قاضيا في القراءة بانيا في الجلوس، وإن قلنا إنه يبتدئ بالآخرة فإنه ~~يصلي ركعة بأم القرآن خاصة ويجلس ثم يقوم فيأتي بركعتين بأم القرآن وسورة ~~في كل واحدة منهما. # ولا خلاف في الصورة الأولى والثالثة أن الحكم فيهما ما ذكرناه ~~PageV01P331 # # [... في الصورة الأولى] (1). وأما الصورة الثانية (2) فعلى القول ~~بالابتداء بالقضاء لا تفريع، وعلى القول بالابتداء بالبناء فهل تصير صلاته ~~كلها جلوسا أم لا؟ فيه قولان: أحدهما: أنه يقوم فيأتي بركعة بأم القرآن ~~خاصة ثم يجلس لأنها ثانية صلاة نفسه (3)، ثم يقوم بعد ذلك فيأتي بركعة بأم ~~القرآن وحدها (4)، ثم يجلس لأنها آخر صلاة الإمام، وقد كان الإمام يجلس في ~~هذا الموضع، وأيضا فإنه يقوم منها إلى القضاء ولا يقوم إليه إلا من الجلوس. ~~والقول الثاني: إنه لا يجلس اعتبارا بحكم نفسه والإمام غير حاضر فيراعى ~~حكمه. ويتصور هذا التنزيل في مسألتين: إحداهما: الحاضر يدرك من صلاة ~~المسافر الركعة الثانية فيجتمع عليه القضاء والبناء فيختلف بأيهما يبدأ. ~~وهل يبني في الجلوس على حكم نفسه أو لا يقوم للقضاء إلا من الجلوس؟ فيه ~~قولان. # والمسألة الثانية: الإمام يصلي صلاة الخوف في الحضر فيدرك إنسان الركعة ~~الثانية، فإنه يجتمع قضاء وبناء فيختلف فيه على نحو ما قلناه. # ... ### | باب في حكم المسح على الخفين # واجتمعت الأمة على وجوب ملاقاة العضو بالماء إلا أن تدعو الضرورة إلى ~~ستره كالجبيرة. وهل يجوز أن يمسح ms069 على العمامة من لم يضطر إلى ذلك؟ فمذهب ~~فقهاء الأمصار أنه لا يجوز. # وأما الخفان ففي المذهب في مسحهما ثلاثة أقوال: أحدها: جواز المسح للحاضر ~~والمسافر، والثاني: جوازه (5) للمسافر دون الحاضر، وهذان PageV01P332 # # في المدونة (1). والثالث: أنه لا يمسح في حضر ولا سفر، حكاه ابن وهب (2) ~~وأشهب عن مالك، وهذه الرواية ينبغي أن تتناول على أن قصده: الغسل أولى. وقد ~~قال ابن القصار: إنكار المسح فسق. وقال ابن حبيب: لا ينكره إلا مخذول (3). ~~وقال أبو حامد الغزالي (4): أجمع فقهاء الأمة (5) عليه، وإنما يخالف فيه ~~الروافض. وحكى ابن القصار أن رواته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعون ~~نفسا رووه قولا وفعلا، ولهذا لم يختلف مذهب أبي حنيفة في جوازه مع أنه ~~زيادة على النص والزيادة على النص نسخ عنده، لكنه رأى أن الحديث عنده في ~~حيز التواتر، فذلك الذي أوجب أن قال به. وأكثر الأحاديث يقتضي المسح في ~~السفر (6). وفي بعضها ما يدل على المسح في الحضر (7). وبين الأصوليين خلاف ~~في زيادة العدل هل تقبل أم لا؟ # وإذا ثبت ذلك فالنظر في المسح في وجهين (8): أحدهما: صورته، والثاني: ~~شروطه. PageV01P333 # ### | (صورة المسح) # فأما صورته فالمذهب فيها (1) على ثلاثة أقوال: أحدهما: أن (2) يبتدئ من ~~مقدم الرجلين حتى ينتهي إلى العقب ويجعل يده اليمنى من أعلى الخف، واليسرى ~~من أسفله. والثاني (3): أنه يجعل الابتداء بالعقب فيجعل اليمنى من أعلى ~~الخف واليسرى من أسفلها حتى ينتهي إلى مقدم الرجل. والثالث: أنه يجعل ~~اليمنى من أعلى القدم (4). واليسرى من [أسفل] (5) العقب ويذهب بهما مخالفا. ~~واستحسن الأشياخ هذا لئلا يكون في أسفل الخف ما يلوث به ما يستر العقب. ~~وإذا ابتدأ منه فإنه لا يلوثه شيء. وفي الكتاب في صفته (أن مالكا أراهم ~~المسح على الخفين فوضع يده اليمنى على أطراف أصابعه من ظاهر قدميه، ووضع ~~اليسرى من تحت أطراف أصابعه من باطن خفيه ومر بهما وبلغ باليسرى حتى بلغ ~~بهما إلى عقبيه وأمرهما على عقبه إلى موضع الوضوء، وذلك أصل الساق وحد ~~الكعبين) (6). وظاهر هذا أنه ms070 يمسح (7) الرجلين في مرة واحدة. وهكذا تأوله ~~أبو القاسم ابن شلبون (8)، وحمله أبو محمد بن أبي زيد وغيره من الأشياخ على ~~كل رجل تفرد بالمسح (9)، وإنما جمعهما في اللفظ، ولا يتبع غضون الخف (10) ~~-وهو ما PageV01P334 # # تكسر (1) منهما وانطوى بعضه على بعض- فإن اقتصر على الأعلى دون الأسفل أو ~~اقتصر على الأسفل دون الأعلى ففي المذهب في جملة ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: ~~الإجزاء، وهو رواية أشهب، وعدم الإجزاء [حتى يوعب الأعلى والأسفل وهو بناء ~~من هذا القائل على المسح إنما هو عوض عن الغسل، والغسل يجب استيعابه فليكن ~~المسح كذلك. والقول الثالث المقتصر على الأسفل لا يجزي، والمقتصر على ~~الأعلى يجزيه، وهو المشهور من المذهب] (2). # والخلاف في هذا كالخلاف في مسح الرأس. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله ~~عنه أنه قال: "لو كان هذا الدين يؤخذ بالقياس لأجزأ مسح أسفل الخفين عن ~~أعلاهما ولم يجز أعلاه عن أسفله" (3). وهذا إشارة إلى إجزاء الأعلى عن ~~الأسفل. وعدم إجزاء الأسفل عن الأعلى توقيف، ولا يكون توقيفا إلا ما علم من ~~جهة [صاحب] (4) الشريعة. # وإذا قلنا بإجزاء مسح الأعلى فهل يعيد المقتصر عليه في الوقت أم لا؟ ~~قولان: أحدهما: إنه لا يعيد، والثاني: إنه يعيد مراعاة للخلاف. # ... ### | فصل (في شروط المسح) # وأما شروط المسح فشرطان (5): أحدهما: يرجع إلى الماسح، والثاني: ~~PageV01P335 # # إلى المسموح؛ فأما ما يرجع إلى الماسح فمنه كونه مسافرا، وقد تقدم. ومنه ~~كونه كامل الطهارة. فإن غسل رجلا فأدخلها في الخف ثم غسل الأخرى فأدخلها، ~~فالمشهور أنه لا يمسح، والشاذ أنه يمسح. وهو على الخلاف في ارتفاع الحدث عن ~~كل عضو بإكماله أو بإكمال الطهارة. وكذلك يختلف فيمن نكس وضوءه فغسل رجليه ~~ثم أدخلهما الخفين ثم [غسل] (1) بقية الأعضاء. ولو أدخلهما بعد التيمم ففي ~~المذهب قولان: المشهور أنه لا يمسح، والشاذ أنه يمسح. وهو على الخلاف في ~~التيمم هل يرفع الحدث أم لا (2)؟ # ويشترط في جواز المسح أن يلبسهما لضرورة المشي فإن لبسهما بغير ضرورة ~~ذلك، كالمرأة تلبس الخفين وقد خضبت ms071 بالحناء، وكذلك الرجل يريد أن ينام أو ~~يحدث فيلبس خفيه ليمسح عليهما. فلا يجوز لهما ذلك ابتداء. فإن فعلاه فهل ~~تصح صلاتهما بذلك المسح أم لا؟ ففيه قولان: أحدهما: الصحة لما ثبت من جواز ~~المسح مطلقا، والثاني: أنه لا تجزيه (3) الصلاة لأن المسح رخصة وردت في ~~اللابس لضرورة المشي فلا يلحق به (4) غيره. # وأما ما يرجع إلى الممسوح فأن يكون خفا من خفاف العرب (5)، صحيحا أو ~~مقطوعا قطعا يسيرا لا يظهر منه القدم، ويمكنه مداومة المشي فيه، ويكون ~~ساترا لمحل الغسل، ولا يكون عاصيا بلبسه. فإن كان من غير أخفاف العرب (6) ~~كالجوربين، فإن لم يكن على محل الفرض جلد فلا يجوز المسح، وإن كان عليه جلد ~~ففيه قولان. # واختلف قوله في المدونة في الجرموقين يكون عليها جلد مخروز هل يجوز المسح ~~عليهما أم لا؟ (7). PageV01P336 # # واختلف في مراده بالجرموقين فقيل: هما الجوربان، وقيل: هما خف على خف، ~~وقيل: هما خفان دون الساقين غليظان، لا ساق لهما يستعملهما المسافرون ~~مشاتا. وجميع هذه الصفات مختلف في المذهب في جواز المسح عليهما. # وسبب الخلاف أن المسح رخصة. وبين الأصوليين خلاف في الرخص (1) هل تقتصر ~~على ما وردت أو يقاس عليها؟ وأما صفة (2) الخف فلا يشترط فيها عندنا إلا ما ~~قدمته. لكن اختلف المذهب هل يشترط في ذلك ألا يبدو (3) القدم -وهو الذي عول ~~عليه في الكتاب (4) - أو يشترط إمكان مداومة المشي به، وهو الذي اعتمده ~~البغداديون من أهل المذهب. وأما اشتراط كونه ساترا لمحل فرض الغسل فهو ~~المعروف من المذهب. وقد روى الوليد بن مسلم (5) عن مالك في المحرم يقطع ~~الخفين أسفل من الكعبين، أنه يمسح على الموجود منهما ويغسل ما ظهر من موضع ~~الغسل. وقد أنكر الباجي وغيره هذه الرواية. ورأوا أنها غلط عن مالك والوليد ~~هذا أكثر صحبة (6) للأوزاعي فكثيرا ما ينقل مذهب الأوزاعي (7) ويغلط في ~~نسبته (8) إلى مالك. PageV01P337 # # والجمع بين الغسل والمسح كأنه خلاف الإجماع لأن الإجماع منعقد على أنه ~~يغسل الرجل أو يمسحها (1) على مذهب من قال به، إلا أن ms072 يسترها الخف ففيه ما ~~قدمناه من الخلاف. وأيضا فإن مسح الخف إنما رخص فيه لمشقة النزع، وإذا قطع ~~الخف دون الكعبين فلا مشقة في نزعه. # وإن لبس خفين عاصيا بلبسهما كالمحرم يلبسهما من غير ضرورة؛ ففي جواز ~~المسح له قولان: المشهور أنه لا يمسح، والشاذ أنه يمسح. وفي المذهب أصل ~~مطرد في كل عاص هل تباح له الرخص بما يعود بالرفق له، كالمسافر سفرا محرما ~~يريد قصر الصلاة أو الإفطار في رمضان في [معصية] (2) ففي المذهب قولان: ~~المشهور أنه لا يترخص بذلك. والشاذ أنه يترخص به. # وسبب الخلاف هل شرعت هذه الرخص معونة على الأفعال فلا يستعين على ما هو ~~فيه عاص، أو شرعت تخفيفا على الإطلاق فيترخص بها جميع من وجدت فيه الصفات ~~التي جعلت علامة على الترخيص؟ # ... ### | فصل (حكم نزع الخف بعد غسلهما) # وإذا غسل رجليه فلبس (3) خفيه ثم نزعهما فلا يؤمر بإعادة الغسل. ولو أحدث ~~بعد لبس الخفين ثم توضأ ومسح على الخفين ثم نزعهما فإنه يؤمر بغسل رجليه، ~~فإن أخر غسلهما (4) جرى على الخلاف في PageV01P338 # # الموالاة، وكذلك يجري في حكم ابتداء الوضوء بنزع الخفين على القول بأن ~~التفرقة تفسد الطهارة لعذر كان أو لغير عذر. هكذا رواه بعض الأسكندرانيين ~~(1) عن مالك أن نازع الخف يبتدئ الوضوء من أوله، فإن أخرج رجلا وامتنع عليه ~~نزع الرجل الأخرى حتى خاف إن اشتغل بذلك فوات الوقت؛ ففي المذهب ثلاثة ~~أقوال: أحدها: أنه يغسل الرجل المنزوعة ويمسح الأخرى قياسا على الجبيرة، ~~والثاني: أنه ينتقل إلى التيمم لأن الرجلين في حكم العضو الواحد، ولا يجتمع ~~في العضو الواحد أصل وبدل (2)، والثالث أنه يمزق الخف ويغسل الرجل. وهذا ~~كله على الخلاف في القياس على الرخص؛ فمن قاس على ذلك قال بالمسح على الخف ~~فيكون كالجببرة، ومن لم يقس عليها ولم يلتفت إلى إضاعة المال في طلب فروض ~~الصلاة قال يمزق الخف، ومن التفت إلى إضاعة المال ردها إلى أصل التيمم، فإن ~~الإنسان له السفر في المفازات التي لا ماء فيها، يطلب بذلك ms073 الربح في المال. ~~فقال: هاهنا ينتقل إلى التيمم. ### | (مدة المسح) # والمشهور من المذهب أن المسح غير مؤقت بزمان، وله أن يستديمه ما لم يلزمه ~~غسل الجنابة. لكن يستحب له إن كان حاضرا (3) - وجوزنا له المسح على القول ~~بجواز المسح للحاضر- أن ينزعهما لكل جمعة لغسل الجمعة. # وروي عن مالك أن المسح مؤقت للمسافر بثلاثة أيام وللحاضر يوم PageV01P339 # # وليلة. وأكثر الأحاديث تقتضي نفي التوقيت (1). وفي صحيح مسلم أنه - صلى ~~الله عليه وسلم - وقت للحاضر والمسافر بما ذكرناه (2). وبين الأصوليين خلاف ~~في زيادة العدل هل تقبل أم لا. # ... ### | باب في أحكام التيمم # التيمم طهارة ترابية تتوجه (3) مع الاضطرار دون الاختيار. والنظر فيها ~~ينحصر في خمسة فصول: الأول: صفتها، والثاني: وقتها، ومن يباح له الانتقال ~~إليها، وبأي شيء يكون، ولماذا تفعل؟ ### | (صفة التيمم) # فأما صفة التيمم فهي مسح الوجه (4) واليدين. واختلف المذهب هل ~~PageV01P340 # # يكتفي لهما بضربة واحدة يجعل يديه على الأرض ثم يمسح وجهه ثم يديه أم ~~يفتقر (1) إلى ضربة ثانية لمسح اليدين؟ والمشهور الافتقار إلى ذلك، والشاذ ~~أنه لا يفتقر إلى ذلك. # وسبب الخلاف اختلاف الأحاديث؛ ففي أكثرها ضربة للوجه وضربة لليدين (2). ~~وفي بعضها الاقتصار على ضربة واحدة (3). وبين الأصوليين خلاف في قبول زيادة ~~العدل (4). وإذا قلنا فإنه لا يقتصر على واحدة فاقتصر؛ فثلاثة أقوال: ~~أحدها: أنه لا يعيد في وقت (5) ولا غيره، والثاني: أن يعيد في الوقت، ~~والثالث: أنه يعيد وإن خرج الوقت. وهذا طرد للقول بإيجاب الضربتين. وترك ~~الإعادة اختصاصها بالوقت مراعاة للخلاف. ولا خلاف أيضا في إيعاب (6) جميع ~~الوجه بالمسح. # وأما اليدان فاختلف في المقدار الواجب منهما في التيمم؛ فقيل: إلى ~~المرفقين، وقيل: إلى الكوعين. # وسبب الخلاف هل يرد المطلق إلى المقيد فيجب المسح إلى المرفقين، ~~PageV01P341 # # أو يؤخذ بأوائل الأسماء فيجب إلى الكوعين؟ وإذا أمرناه بالمسح إلى ~~المرفقين واقتصر على الكوعين؛ فثلاثة أقوال: أحدها: الإعادة في الوقت، ~~والثاني: لا إعادة في وقت ولا غيره، والثالث: الإعادة وإن ذهب (1) الوقت. ~~وهذا طرد إيجاب المسح إلى المرفقين. والأول مراعاة للخلاف (2). # وهيأة ms074 المسح في الوجه لا تختلف. وأما اليدان فقال محمد بن عبد الحكم: ~~هيأتهما غير محصورة. وأراهم صفة التيمم فابتدأ بالكفين وعم سائر اليدين. ~~وفي الكتاب (3) أنه ابتدأ باليسرى على اليمنى فيمرها من فوق الكعبين إلى ~~المرفقين ويمرها أيضا من باطن المرفقين إلى الكوعين ويمر أيضا اليمنى على ~~اليسرى كذلك. # وقد اختلف الأشياخ هل مقتضى هذا أنه إذا وصل إلى الكوع اليمنى لم يكملها، ~~بل يجعل أصابع يده اليمنى على اليسرى، فإذا وصل إلى الكوع (4) اليسرى مسح ~~كفيه أحدهما: بالأخرى وخلل أصابعه؟ أو يمسح اليمنى حتى يكملها، ثم يمسح ~~اليسرى كذلك؟ # وقد احتج الأولون بقوله: ويمرها أيضا من باطن المرفقين إلى الكوعين. ووقف ~~(5) عند ذلك. واعتذر الآخرون عن هذا بأن مراده إلى آخر (6) الكوعين أنه جعل ~~ذلك غاية يقف عندها. قالوا: ولو اتبعنا الظاهر من غير هذا التأويل لوجب أن ~~يترك الكفين (7) من غير مسح؛ لأنه قال بعد قوله إلى الكوعين: ويمر أيضا ~~اليمنى على اليسرى كذلك. والجمود على ظاهر قوله يقتضي مسح اليدين جميعا إلى ~~الكوعين من غير أن يمسح PageV01P342 # # الكفين، وهذا لم يقله أحد. وإنما يقول: إنه لا يكمل مسح الأولى، ابن حبيب ~~(1). لأنه يشترط (2) المسح بالتراب. والمشهور أنه لا يشترط. # وإذا مسح على إحدى هذه الصفات فإنه يخلل أصابع يديه. وقد اشترط الشافعية ~~وضع اليدين على الأرض مضمومتي الأصابع في الضربة للوجه ومفتوحتها (3) في ~~الضربة لليدين. وإنما راعوا المسح بالتراب. وإذا فتح أصابعه في الضربة ~~للوجه علق التراب ما بين الأصابع فيصير مسح ذلك الموضع بتراب قصد به الوجه. ~~وهذا لا يشترط على المشهور. وقد يلزم من مراعاة التراب اشتراطه. وإن كان في ~~الأصابع خاتم أزيل. هذا هو المنصوص من المذهب. وإن لم يزله لم يجزه التيمم. ~~وقال محمد بن مسلمة: إن ترك شيئا (4) من أعضاء التيمم أجزأه. واستقرأ (5) ~~أبو الحسن اللخمي من هذا أنه إن لم ينزع الخاتم أجزأه (6). # ... ### | [فصل (وقت التيمم) # أما وقت التيمم فالمشهور أنه لا يجوز قبل دخول وقت الصلاة؛ لأنه (7) لا ~~يجوز إلا ms075 بعد الطلب وفقد الماء، وذلك لا يجب إلا بعد دخول الوقت. والشاذ ~~جوازه بناء على أنه يرفع الحدث. # ومتى يجوز؟ على المشهور من المذهب فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا يتيمم ~~قبل دخول (8) الوقت، والثاني: أنه يتيمم اليائس من الماء وسط PageV01P343 # # الوقت، وغيره آخره (1)، والثالث: هو المشهور فيه تفصيل (2)؛ وذلك أن فاقد ~~(3) الماء أو فاقد القدرة على استعماله لا يخلو من أن يكون عالما باستدامة ~~الفقد إلى أن يخرج الوقت، أو ظانا لاستدامته، أو عالما بوجود القدرة في ~~الوقت، أو ظانا لذلك، أو مترددا؛ فإن كان عالما للفقد (4)، أو ظانا له تيمم ~~أول الوقت. وإن كان عالما بالوجود، أو ظانا له تيمم آخره. وإن كان مترددا ~~تيمم وسط الوقت. # فإن وجد الماء من أمرناه بالتيمم أول الوقت فلا إعادة عليه، وإن وجده من ~~أمرنا بالتيمم وسط [الوقت] (5)، [أو] (6) وجد القدرة على ذلك؛ فإن كان ~~الأصل عنده الوجود والفقد متردد فيه، أعاد في الوقت. وهذا كالعالم بموضع ~~الماء ويخاف أن لا يدركه في الوقت، وكالمريض يكون عنده الماء ولا يجد من ~~يناوله إياه ويتردد هل يجد في الوقت من يناوله أم لا؟ وإن كان الأصل عنده ~~الفقد والوجود متردد، كالمتردد هل بين يديه ماء يبلغه أم لا؟ فهذا لا إعادة ~~عليه. # وإن تيمم في أول الوقت من أمرناه بالتأخير إلى آخر الوقت؛ فأما العالم ~~ففيه قولان: أحدهما: أنه يعيد وإن خرج الوقت، والثاني: أنه لا يعيد إلا في ~~الوقت. ويمكن تخريج هذا على الخلاف في الوجوب هل يتعلق بأول الوقت أو هو ~~وجوب موسع؟ وأما الظان فإنه يعيد في الوقت فإن خرج الوقت فلا إعادة عليه] ~~(7). # ... PageV01P344 # ### | فصل (في حكم المتيمم يجد الماء) # والمتيمم يجد الماء لا يخلو من أن يكون الموجود منسيا في رحله أو لم ~~يتقدم له به علم؛ فإن كان منسيا في رحله فلوجوده ثلاث صور: إحداها: أن يجده ~~قبل التلبس بالصلاة، والثاني: أن يجده في أثنانها، والثالث: أن يجده بعد ~~إكمالها؛ فإن وجده قبل التلبس بها (1) فلا شك ms076 أنه يجب عليه استعماله، وإن ~~وجده في أثنائها فقولان: أحدهما: أنه يقطع ثم يستعمله ويبدأ، لأنه مفرط ~~بنسيانه. والثاني: أنه يتم صلاته، لأنه فاقد للماء [فيعذر] (2)، والناسي لا ~~يلزمه التكليف. # وإن وجده بعد إكمال الصلاة ففي الإعادة ثلاثة أقوال: أحدها: سقوطها قياسا ~~على الناسي، والثاني: وجوبها وإن خرج الوقت بناء (3) على أنه غير معذور ~~بالتفريط (4)، وقياسا على المظاهر ينسى رقبة في ملكه فيصوم أو يطعم، ثم ~~يعلم بها فإنه يجب عليه إعتاقها. والثالث: أنه يعيد في الوقت. والفرق بين ~~هذا وبين الرقبة أن الإعتاق غير مؤقت بوقت والصلاة مؤقتة (5). فإذا ذهب ~~الوقت فقد فات التلافي. # وإن لم يتقدم له بالماء علم؛ فإن وجده قبل التلبس بالصلاة فكما قلنا في ~~الناسي، وإن وجده في أثنائها لم يقطع على المنصوص في المذهب، لأنه غير ~~مفرط، وإن وجده بعد إكمالها فالأصل ألا إعادة إلا على ما قلناه (6) في ~~تفصيل المشهور. # ... PageV01P345 # ### | فصل (من يباح له التيمم) # وأما من يباح له التيمم فحصره على سبيل الإجمال أنه كل من لزمته الصلاة ~~وتعذر عليه استعمال الماء بفقده، أو لفقده القدرة على استعماله. # وأما التفصيل؛ فإن المسافر والمريض إذا فقدا الماء فأجمعت الأمة على أن ~~لهما الانتقال إلى التيمم عوضا عن الوضوء، وكذلك عند فقهاء الأمصار عوضا عن ~~الطهارة الكبرى. # وأما الحاضر يفقد الماء ولا مرض به فهل يجوز له التيمم؟ لمالك قولان. ~~وإذا أجزنا له التيمم ففعل وصلى ثم وجد الماء بعد الوقت فهل يعيد أم لا؟ ~~قولان في المدونة. # وسبب الخلاف في إجازة التيمم له خلاف الأصوليين في دليل الخطاب (1)؛ هل ~~يقال به أم لا؟ إذ قال الله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر} (2)؛ فإن ~~قلنا بدليل الخطاب لم يجز التيمم للحاضر الصحيح، وإن لم نقل بدليل الخطاب ~~أو قلنا به، ولكن (3) يحمل ما في الآية على أنه خرج على الغالب وفهمنا قطعا ~~أن المقصود إدراك الوقت بالتيمم، فالتيمم بدل عن الوضوء فأجزنا للحاضر أن ~~يتيمم. وأما الإعادة وإن خرج (4) الوقت مع إجازة التيمم ms077 فجواب من أشكل عليه ~~الأمر وأخذ بالاحتياط فأمر بأداء الصلاة في الوقت وقضائها بعده ليجمع بين ~~القولين. ### | (حكم من فقد الماء والتراب) # وقد اختلف المذهب فيمن فقد الماء والتراب أو ما في معناه على PageV01P346 # # أربعة أقوال: أحدها: أنه لا يصلي، ولا يعيد، والثاني: أنه يصلي ويعيد، ~~والثالث: أنه يصلي ولا يعيد، والرابع: أنه لا يصلي ويعيد. # وسبب الخلاف هل الطهارة شرط في الوجوب فيسقط الأمر بالصلاة ولا تجب ~~إعادتها، أو شرط في الأداء فيسقط الأمر بها وتجب إعادتها، أو ليس بشرط إلا ~~مع القدرة فيؤمر بها ولا يعيد؟ والإعادة مع الأمر بها جواب من (1) أشكل ~~عليه الأمر فاحتاط بأدائها في الوقت وقضائها بعده. وقد أجرى أبو إسحاق ~~التونسي (2) هذا الخلاف في الحاضر يفقد الماء إذا قلنا إنه ليس من أهل ~~التيمم. ### | (متى ينتقل المسافر إلى التيمم مع وجود الماء؟) # وينتقل المسافر إلى التيمم وإن وجد الماء وذلك بشروط منها: أن يخاف إن ~~استعمله من لصوص أو سباع، فهذا إذا خاف على نفسه. فإن خاف على ماله فقولان: ~~أحدهما: إجازة الانتقال قياسا على السفر لطلب الأرباح مع تجويز فقد الماء. ~~والثاني: أنه لا ينتقل. وهذا يرى أن ذهاب المال لا يقابل الصلاة بالتيمم، ~~وهو مذهب بعيد. # وأولى ما نزل على (3) عدم تيقن الخوف أو غلبة الظن؛ منها: أن يجد ويخاف- ~~متى استعمله- العطش على نفسه أو على حيوان معه [أو] (4) آدمي أو غيره. وهذا ~~يبيح التيمم بلا خلاف في المذهب. PageV01P347 # # ومنها أن يجد الماء لكن بثمن خارج عن المعتاد بما يجحف به لقلة دراهمه أو ~~لكثرة الزيادة في الثمن. وقد قرر ابن الجلاب التحديد المزيد بمقدار ثلث ~~الثمن. ولا أصل لذلك. وقد يهون ثمن الماء فيكون زيادة ثلاثة (1) أمثاله ~~فأكثر ليس بمجحف. ولو وجد المسافر أو الحاضر - إذا ألحقناه بالمسافر- الماء ~~(2)، لكنه في موضع يفتقر إلى إخراجه. ومتى اشتغل بإخراجه فإنه يفوت وقت ~~الصلاة؛ فإنه يتيمم لأنه معدم في وقت الصلاة. فإن كان بين يديه ولا يفتقر ~~إلى إخراجه لكنه لو ms078 اشتغل باستعماله لفاته الوقت؛ ففيه قولان: مذهب ~~المغاربة يستعمله لأن الله تعالى قال: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} (3)، وهذا ~~واجد. ومذهب البغداديين أنه يتيمم. إلا أن المقصود قطعا إدراك الصلاة في ~~الوقت ولولا هذا المقصود لما أبيح التيمم، لأنه متى فقد الماء ولم يراع ~~الوقت أمهل حتى يجد الماء. ### | (حكم المريض الذي يخاف استعمال الماء) # وأما المريض فإن خاف من استعمال الماء تلف نفسه فلا خلاف في المذهب أنه ~~لا يستعمله وينتقل إلى التيمم. وإن خاف زيادة مرض، فالمشهور أنه ينتقل. ~~والشاذ أنه لا ينتقل. وهذا لتقابل المكروهين. والصحيح انتقاله، لأن استعمال ~~الماء على هذه الصفة من الحرج الذي تسقطه الشريعة. وإذا بنينا على المشهور ~~فله استعمال التيمم متى خاف أحد أربعة أوجه: حدوث مرض، أو زيادته إن كان ~~مريضا، أو تأخير برء، أو إتلاف نفس. # ووجدان ما لا يقوم بجميع الطهارة كفقدان الجميع عند مالك. # ... PageV01P348 # ### | فصل (في ما يتيمم به) # وأما ما يتيمم به. فإن تيمم بتراب طاهر منبت غير منقول عن وجه الأرض إلى ~~الأواني فلا خلاف في الإجزاء. فإن لم يكن على الأرض تراب ففيه قولان: ~~المشهور أنه غير مشترط، والشاذ اشتراطه. # وقد اختلف أهل اللغة في الصعيد ما هو؟ فهل كل ما صعد على [وجه] (1) الأرض ~~ترابا كان أو غيره إذا كان من أجزائها؟ وقيل: وإن لم يكن من أجزائها إذا ~~اتصل بها نباتا أو سقوطا معتادا كالثلج (2) أو الجليد. وقيل: هو التراب. # واختلف في معنى قوله تعالى: {طيبا} (3) فقيل: منبتا. وقيل: طاهرا، وهو ~~الأظهر. لكن احتج من قال هو المنبت بقوله تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته ~~بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا} (4). وفي الحديث قوله - صلى الله ~~عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" (5). وفي بعض الطرق "وتربتها ~~طهورا" (6). وبين الأصوليين خلاف في قبول زيادة العدل. # وإذا قلنا بأن التيمم على غير التراب جائز فهل يجوز مع وجود التراب ومع ~~فقده؟ في المذهب قولان: أحدهما: جوازه، وهو الأصح (7) على هذا المذهب. ~~والثاني: كراهيته، مراعاة ms079 للخلاف. # وعلى ما قلناه في الآية والأحاديث اختلف المذهب هل يشترط التراب ~~PageV01P349 # # كما قاله ابن شعبان؟ (1) أو يشترط وجه الأرض [و] (2) ما كان من أجزائها ~~أو [من غير أجزائها؟ أو يكون] (3) يجوز التيمم بالخشب والحشيش والثلج ~~والجليد (4) والحجر (5). وأما المعادن على القول بأنا لا نشترط التراب فإذا ~~خلت منه جاز التيمم بها ما دامت مصاحبة لسطح الأرض. وكذلك الأحجار ~~واليواقيت. فإن نقلت المعادن وصارت عقاقير أو معدة للاستعمال واللباس خرجت ~~عن حكم الصعيد. ### | (حكم التيمم بالملح) # وفي الملح ثلاثة أقوال: قال أبو الحسن ابن القصار (6): يتيمم به، وحكى ~~الباجي وغيره أنه لا يتيمم به، وفصل الباجي (7) بين المعدني فأجاز التيمم ~~به وبين المصنوع فمنع التيمم به فجعله كالثلج أو الماء بل اشترط فيه من ~~الصناعة. وهذا كما اختلف في حلوله في الماء هل يكون كقراره أو كالمائعات. # وإن نقل التراب لمن يتيمم به ففي جواز التيمم قولان: أجازه ابن القاسم في ~~كتاب محمد (8) لأنه من الصعيد، ومنعه ابن بكير. واحتج بقول PageV01P350 # # النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا". ولا يكون ~~ذلك إلا بمباشرتها بالكف. # ... ### | فصل (لأي شيء يكون التيمم؟) # وأما لأي شيء يكون؟ فإذا تعينت الصلاة جاز التيمم لها (1)، وهذا يختص ~~بصلاة الفرض ويعم كل من ذكرنا أنه من أهل التيمم اتفاقا. وعلى قول من أجازه ~~وإن لم يتعين فلا يجوز التيمم لها إلا المسافر الفاقد للماء يصير من أهل ~~التيمم فإنه يتيمم لكل ما يفتقر إلى طهارة. # وهل يتيمم من فقد الماء لصلاة الجمعة حذرا من فواتها؟ في المذهب قولان: ~~أحدهما: أنه لا يتيمم، قاله أشهب. وهذا لأنه يراها بدلا من الظهر فإن (2) ~~لم يمكن أداؤها بشرطها انتقل إلى الأصل. والثاني: أنه يتيمم، حكاه ابن ~~القصار وأبو جعفر الأبهري (3). وهذا لأنها صلاة قائمة بنفسها، وفي المذهب ~~قولان في ذلك. # وفي جوازه للسنن في حق الحاضر قولان: مذهب الكتاب أنه لا يجوز، على ~~المشهور في المذهب. والشاذ أنه يجوز، قاله ابن سحنون (4). ولعل هذا لأنه ~~مطلوب بالصلاة ms080 ومطالب بتحصيل (5) الأجر فيستوي أن يكون مطلوبا بها جزما أو ~~ندبا. PageV01P351 # # وأما صلاة الجنازة فإن لم يتعين الوجوب جرت على القولين، والمشهور (1) ~~أنه لا يتيمم لها لأنها وإن قلنا بفرضيتها على الكفاية فإذا لم تتعين لحقت ~~في عدم التعين بالسنن. وإن تعينت فحكى ابن القصار أن القياس يوجب جواز ~~التيمم. قال: ويحتمل أن يقال لا يجوز (2) لأن من الناس من يجوز الصلاة على ~~القبر، وقد روي ذلك عن مالك. فيدفن الميت، ثم إذا وجد الماء توضأ وصلى على ~~القبر. # ... ### | فصل (هل يصلى بالتيمم أكثر من فرض) # وقد تقدم الخلاف في التيمم هل يرفع الحدث أم لا؟ والاتفاق على توجه (3) ~~الطلب؛ ولهذا يقول أهل المذهب إذا تيمم لاستباحة فرض فلا يصلي به فرضا ~~غيره، لأنه يتوجه عليه الطلب للثانية (4). فبعد الفقد يلزمه التيمم ثانية، ~~وإن اتحد وقت الفرضين بأن يكونا مجموعين أو كانت فروضا فائتة؛ ففي المذهب ~~قولان: المشهور أنه لا يجمع بينهما بناء على أن التيمم لا يرفع الحدث، ~~والشاذ أنه يجمع بينهما، وهي قولة لمالك، وهو بناء على أنه يرفعه. # فإن أمرناه بأن يجمع فجمع فهل يعيد الثانية؟ ثلاثة أقوال: أحدها: الإعادة ~~في الوقت، قاله مالك في كتاب محمد. وقال ثانية (5): يعيد أبدا. وقال أصبغ ~~(6): إن كانتا مشتركتي الوقت كالظهر والعصر، وكالمغرب PageV01P352 # # والعشاء الآخرة أعاد الآخرة [في الوقت. وإن كانتا غير مشتركتي الوقت ~~كالصبح والظهر أعاد الآخرة] (1). وإن خرج الوقت فالإعادة بعد الوقت على نفي ~~مراعاة الخلاف، والتخصيص بالوقت مراعاة له، والتفرقة لأن الطلب يتوجب إذا ~~افترق وقتهما. ولم يختلف المذهب أنهما لا يجتمعان. # ومعلوم أنه لا يصلي الفريضة بتيمم النافلة، هذا على القول أنه لا يرفع ~~الحدث. أما على القول بأنه يرفعه فيلزم أن يصلي بذلك الفرض إلا أن يقال ~~يتوجه الطلب للفرض فلا نظر إذا لم يتوجه في حق العاجز. وكذلك (2) لو تيمم ~~للفريضة فصلى قبلها نافلة للزمته الإعادة للفريضة لتوجه الطلب، فإن صلى ~~بتيممه الفريضة فله أن يصلي به النافلة (3)، لأن النوافل في حكم التبع ~~للفرائض ms081 (4) فينسحب عليها حكمها. # ... ### | فصل (هل تصلى السنن بتيمم الفرض؟) # فإن تيمم لصلاة الصبح، فهل له أن يصلي بذلك التيمم ركعتي الفجر المشهور ~~أنه لا يجوز له لما قدمناه من توجيه (5) الطلب. وروى يحيى بن يحيى (6) عن ~~مالك إجازته استحبابا. وهذا لأنه رآها في حكم التبع، وهي PageV01P353 # # بدل من (1) الأخيرتين من الرباعية. وهل له أن يصلي السنن كالوتر بما صلى ~~به الفرض؟ فالمشهور من المذهب جوازه، واستحب سحنون إعادة التيمم للوتر (2)، ~~وهذا لتأكيده. ### | (هل توطأ الحائض إذا انقطع دمها وتيممت؟) # وعلى الخلاف في رفع التيمم للحديث اختلف هل يجوز وطئ الحائض إذا انقطع ~~دمها وتيممت؟ فالمشهور منعه، والشاذ جوازه. ### | (حكم إمامة المتيمم بالمتوضئين) # وكذلك الخلاف في إمامة المتيمم بالمتوضئين؛ فالمشهور كراهيته، والشاذ ~~جوازه. # ... ### | فصل (في مسائل متفرقة من أحكام التيمم) # وحكم التيمم في وجوب النية حكم الوضوء لكنه، [لا]، (3) يقصد بالتيمم على ~~المشهور إلا استباحة الصلاة دون رفع الحدث. وعلى الشاذ: له أن يقصد رفع ~~الحدث. وقد قدمنا أن مذهب المدونة فيمن تيمم للحدث الأصغر ولم (4) يذكر أنه ~~جنب لا يجزيه. وقيل: يجزيه، وهذا لاتحاد PageV01P354 # # الفعل. وإذا نفينا الإجزاء فصلى، فمقتضى الكتاب الإعادة. وهكذا نص عليه ~~في مختصر ابن عبد الحكم. وقيل: يعيد في الوقت مراعاة للخلاف. # وكذلك حكم الموالاة والترتيب في التيمم كحكمها (1) في الوضوء. وفي ~~المدونة فيمن نكس تيممه وصلى، تجزيه صلاته ويعيد التيمم لما يستقبل (2). ~~وهذا مما يسأل عنه فيقال: أليس يعيد التيمم؛ لأنه يتيمم لكل صلاة فما معنى ~~أمره بإعادته ها هنا؟ والجواب إن مراده استحباب الإعادة إذا أراد أن يصلي ~~به نافلة. وفي المدونة في اليائس من الماء يتيمم في أول الوقت ثم يجد الماء ~~قال: لا إعادة عليه (3). وقال الأشياخ: معناه أنه وجد ماء غير الذي أيس (4) ~~منه، وإلا لو وجده بعينه لأعاد (5)؛ لأنه ظن فأخطأ. وفي المذهب قولان في ~~رفع الخطأ بالاجتهاد، وهو على خلاف بين الأصوليين في تصويب المجتهدين. # وقال في الكتاب في المريض والخائف والمسافر يتيممون في وسط الوقت (6). ~~قال ابن عبدوس ms082 (7) وغيره: معناه وقت الاختيار (8). وقال فيمن غربت عليه (9) ~~الشمس إن طمع أن يدرك الماء قبل مغيب الشفق مضى PageV01P355 # # إليه (1). وهذا يؤخذ منه أن وقت المغرب ممتد إلى مغيب الشفق. وفي المذهب ~~في ذلك قولان. وقد يقال: إنه قال ذلك مراعاة للخلاف، إذ أحد القولين أن ~~الحاضر لا يتيمم (2)، وهذا حاضر. على أن المذهب اختلف هل من شرط السفر ~~المبيح للتيمم كونه مما تقصر فيه الصلاة، أو ليس من شرطه ذلك؟ # وقوله في الكتاب: وقد كان ابن مسعود يقول غير هذا ثم رجع إلى أنه يغتسل. ~~فاختلف الأشياخ ما مراده بذلك فقيل: كان ابن مسعود يقول: إنه إذا وجد الماء ~~لا يغتسل لأن تيممه يرفع الحدث ثم رجع إلى أنه يغتسل. وقيل: إن مراده أن ~~ابن مسعود يقول: يغتسل ويعيد الصلاة، ثم رجع إلى أنه يغتسل فقط، فلا إعادة ~~عليه (3). # وقوله في الكتاب: لا يعيد الجنب الصلاة إذا وجد الماء. قال أبو الحسن ابن ~~القابسي: هذا إن لم يكن في بدنه نجاسة، وإلا لو كانت لأعاد في الوقت. وقال ~~أبو بكر ابن اللباد (4): وإن لم تكن في بدنه نجاسة لكنه أجنب من وطئ في ~~الفرج فإن فرجه ينجس من بلة فرج المرأة. وهذا عندنا فيه قولان: أحدهما: ~~الحكم بنجاسته لأن النجاسة تمر عليه، والثاني: أنه غير نجس لأنه ولوج لا ~~يتعلق به نجاسة. # وقوله في المدونة: [ولا بأس]، (5) في الطين الخضخاض (6) يخفف PageV01P356 # # وضع يديه عليه (1). قال ابن حبيب: ثم يرفع يديه ويخففهما لينثر (2) ما ~~فيه من الأذى خيفة أن يتعلق (3) بوجهه، ويفعل في الضربة لليدين كذلك. # ... ### | باب في حكم الحيض والنفاس # وينفصل من الفرج دمان: أحدهما: لا يوجب حكما، وهو دم علة وفساد، ويعبر ~~عنه بالاستحاضة. وإنما يستحب منه الوضوء عندنا لكل صلاة. والثاني: دم الحيض ~~والنفاس، وهما يمنعان من ثمانية أشياء، واختلف في تاسع: يمنع من وجوب ~~الصلاة وأدائها، وأداء الصوم، والطواف، والاعتكاف، ومس المصحف، ودخول ~~المسجد، والجماع، والطلاق. # واختلف هل للحائض أن تقرأ القرآن ظاهرا؟ والمشهور من المذهب جوازه ms083 لأنها ~~مضطرة وتخاف النسيان. وهل يمنع الجماع في الفرج وغيره؟ أما الفرج فلا خلاف ~~في منعه. وأما ما فوق الإزار فلا خلاف في جوازه، أما تحت الإزار مما دون ~~الفرج ففي المذهب فيه قولان: المشهور منعه، والشاذ جوازه. # وسبب الخلاف قوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} (4) الآية. ~~واختلف هل المراد به موضع الحيض أو زمانه؟ فإن قلنا المراد به موضعه اختص ~~الفرج بالتحريم، وإن قلنا المراد زمانه اقتضى تحريم الجملة، لكن خص ما فوق ~~الإزار بالحديث. PageV01P357 # # فإن انقطع دم الحائض ولم تغتسل بالماء ففي تحريم وطئها قولان: المشهور ~~تحريمه تعويلا على قراءة من قرأ (يطهرن) بالتشديد، وعلى قوله تعالى: {فإذا ~~تطهرن}. والشاذ أنه لا يحرم. قاله ابن بكير تعويلا على قراءة من قرأ ~~{يطهرن} بالتخفيف، لكنه كرهه مراعاة للخلاف. # ... ### | فصل (في حد الطهر والحيض) # ولا حد لكثير الطهر بإجماع. وكذلك لا حد عندنا ليسير الحيض فيما يرجع إلى ~~العبادات. وأما ما يرجع إلى العادة (1)؛ فيسيره محدود بما بيانه (2) محال ~~على موضعه. # وأما كثير الحيض فهو محدود. والمشهور حده إما بالرجوع إلى العادة وإما ~~بخمسة عشر يوما. وقال ابن نافع (3): تستظهر (4) على الخمسة عشر يوما بثلاثة ~~أيام. وهذا يدل على أن أكثره ثمانية عشر يوما. والصحيح هو المشهور. لقوله - ~~صلى الله عليه وسلم -: "أن (5) النساء يتركن الصلاة شطر عمرهن (6) "، وقد ~~PageV01P358 # # خرج مخرج الذم، فيكون منبئا على أكثر الحيض وأقل الطهر. # وفي أقل الطهر قولان: أحدهما: حده بما يثبت بالعادات، والثاني: حده (1) ~~بالأيام. وإذا حددناه بالأيام فما عددها؟ أربعة أقوال: أحدها: خمسة أيام، ~~قاله ابن الماجشون. والثاني: ثمانية أيام، قاله سحنون واستقرأه أبو محمد بن ~~أبي زيد من المدونة. والثالث: عشرة أيام، قاله ابن حبيب. والرابع خمسة عشر ~~يوما، قاله محمد بن مسلمة. وهذه الأقوال لا أصل لها إلا الرجوع إلى العادة، ~~وكذلك جميع ما اتفق فيه من مسائل الحيض والاستحاضة، وجميع ما اختلف فيه. ~~فإنما يرجع الاتفاق إلى اتفاقهم في العادة، والاختلاف إلى اختلافهم فيها؛ ~~لأن دم الحيض فضلات ms084 الغذاء يجمع في الرحم ثم ينفصل بعد الاجتماع. وذلك على ~~عادة أجراها الله تعالى في النساء. # ومتى استمرت على العادة فهو دم الحيض، ومتى خرجت عن العادة فهو دم ~~الاستحاضة. وإنما يعول في ذلك على العوائد نفيا وإثباتا؛ فمرة يرد مالك ~~الأمر إلى العادة من غير جزم، ومرة يجزم هو أو أحد أصحابه بحسب ما ثبت ~~عندهم. فإن ثبتت عادة فلا إشكال فيما (2) اتفقوا. وإن اختلفت شهد كل واحد ~~بما ثبت عنده من العادة. وقد احتج لمذهب ابن مسلمة بأن الله سبحانه جعل عدة ~~من تحيض ثلاثة قروء واليائسة ثلاثة أشهر، وهي بدل من (3) القرء. والتقسيم ~~يؤدي (4) إلى أن الشهر يقوم مقام (5) أكثر الحيض وأقل الطهر. وأيضا فالحديث ~~المتقدم يشهد لذلك. # ... PageV01P359 # ### | فصل (في حكم الدم الخارج ممن لا تحيض أو ممن تحيض) # وإذا رأت المرأة دما فلا يخلو من ثلاثة أقسام: إما أن تكون ممن لا تحيض ~~لصغر، وإما أن تكون ممن لا تحيض لكبر، وإما أن يكون سنها من من تحيض (1)؛ ~~فالأولى لا حكم لدمها لأنه دم علة [وفساد] (2)، والثانية فيها قولان فيما ~~يرجع إلى العبادة (3) لا إلى العدد: أحدها: أنه كدم الحيض. رواه ابن المواز ~~عن مالك (4) لأن ترك العبادة تنزيه عن (5) قربها مع وجود دم، والكبيرة (6) ~~أولى بذلك. والثاني: أنه كدم العلة، قاله في كتاب العدة من المدونة، وبه ~~قال ابن حبيب (7). وهذا قياس على الصغيرة وعلى حكم العدة (8). # وهل تغتسل على هذا القول لانقطاعه؟ قال ابن القاسم: لا غسل عليها، وهذا ~~هو الأصل. وقال ابن حبيب: عليها الغسل وهذا احتياط. # وكم سن اليائسة؟ قال ابن شعبان (9): خمسون سنة. محتجا بقول عمر: بنت ~~خمسين عجوزا في الغابرين. وقالت عائشة: قل من تجاوز الخمسين فتحيض إلا أن ~~تكون فارهة (10) والثالثة: هي التي في سن من تحيض، فيحمل (11) ما تراه من ~~الدم على الحيض بإجماع، إلا أن يعرض ما PageV01P360 # # ينقله عن ذلك على ما نفصله. وإن حكمنا بكونه حيضا (1)،وانقطع اغتسلت وصلت ~~وكانت طاهرا. # وكيف يعلم انقطاعه؟ لانقطاعه علامتان ms085: الجفوف وهو أن تدخل الخرقة فتخرجها ~~جافة. والقصة البيضاء وهي أن الدم يكون في أول الحيض أسودا غليظا ثخينا، لا ~~يزال يدق ويصفر حتى يكون في آخره كالقصة (2) وهو الجير. وإن كانت المرأة ~~معتادة لأحدهما فرأت عادتها حكمت بانقطاعه. وإن رأت غير عادتها فقولان: ~~أحدهما: أن القصة أبلغ من الجفوف؛ فمن اعتادت بالجفوف طهرت بالقصة البيضاء، ~~ومن اعتادت بالقصة لم تطهر بالجفوف، قاله ابن القاسم. والثاني: عكس هذا وهو ~~أن الجفوف أبلغ، قاله ابن عبد الحكم. [وإن كانت غير معتادة فلا تطهر إلا ~~بالجفوف، قاله ابن القاسم وابن الماجشون. وقال الباجي: وهو نزوع (3) إلى ~~قول ابن عبد الحكم] (4). وكل هذا مبني على عوائد النساء كما قدمناه، ولكن ~~إن رأت غير عادتها وقلنا لا تطهر بذلك فإنما معناه أن تنتظر الثاني، ما لم ~~تخف فوات وقت الصلاة. # وما هو الوقت؟ حكى أبو محمد عبد الحق عن أشياخه قولين: أحدهما: أنه الوقت ~~المختار، والثاني: الضروري. وهذان وجههما (5) كون أحد الأمرين يسد مسد ~~الآخر. لكن طلب المعتاد (6) من باب الأولى والأسد (7) وعند الضرورة وخوف ~~الفوات الكلي. # ... PageV01P361 # ### | فصل (حكم الدم المتمادي) # وإن تمادى الدم فلم ينقطع فلا يخلو من أن تكون مبتدئة أو معتادة؛ فإن ~~كانت مبتدأة ففي الكتاب أنها تمكث خمسة عشر يوما ثم هي مستحاضة (1). وروى ~~علي بن زياد وابن وهب عن مالك أنها تمكث أيام عادتها وهي أترابها (2). وإذا ~~قلنا بهذا فهل تستظهر وإن كانت معتادة؟ في الكتاب قولان: أحدهما: أنها تقيم ~~خمسة عشر يوما، والثاني: أنها تمكث أكثر عادتها. وهل تستظهر على ذلك؟ ~~روايتان كما قلنا في المبتدئة. وهل تكون فيما بين أيام العادة (3) وبين ~~الخمسة عشر يوما كالطاهر (4) على الإطلاق أم لا؟ روايتان عن مالك رحمه ~~الله: أحداهما: أنها طاهر مطلقا، وهو مقتضى المدونة على ما سنذكره. ~~والثاني: أنها تحتاط، تصوم وتقضي، وتصلي ولا تقضي، وتمنع من وطء الزوج (5). # وإذا قلنا إنها تجلس أيام عادتها وتستظهر، فإن الاستظهار بثلاثة (6) أيام ~~ما لم تزد على خمسة عشر يوما على المعروف ms086 من المذهب. وقد قدمنا قول ابن ~~نافع. # فإن انقطع عنها الدم عند الخمسة عشر يوما فهل تعيد الغسل؟ أما (7) على ~~القول بأنها تحتاط فلا شك في وجوب الغسل، وأما على القول بأنها طاهر على ~~الإطلاق فلا يلزم الغسل إلا مراعاة للخلاف. # وقد اختلف (8) في دم الاستحاضة ينقطع. وفي الكتاب قولان (9): PageV01P362 # # إسقاط الغسل وهو الأصل؛ لأنه دم علة وفساد لا يوجب (1) غسلا. والثاني: ~~استحباب الغسل مراعاة للخلاف. # وكل هذا الخلاف راجع إلى عوائد كما قدمناه مع (2) الرجوع إلى أحد ثلاثة ~~أصول (3): إما إلى الاحتياط في لزوم العبادة (4)، فلا تسقط مع الشك، وإما ~~النظر إلى الأصل والأصل (5) فقد دم الحيض. فمتى وقع الشك رجعنا إلى أصل ~~الحقيقة (6). وأما استصحاب وجود دم الحيض فلا يحكم بزواله إلا مع تيقن ~~الزوال. فتصرف هذه الأقوال إلى هذه الأصول. # ... ### | فصل (حكم الدم الذي ينقطع ثم يعود) # وإذا انقطع الدم ثم عاد نظرنا؛ فإن كان بين انقطاعه وعودته مقدار أقل ~~الطهر على ما قدمناه من الخلاف حكمنا بأن الثاني حيض مستأنف. وإن كان ما ~~بينهما أقل من ذلك (7) حكمنا بأن الثاني مضاف إلى الأول. لكن إن كمل من ~~الأول أكثر من [مدة] (8) الحيض على ما قدمناه فالثاني استحاضة، وإن لم يكمل ~~فالثاني تكميل للحيض الأول. # فإن كانت المرأة ممن ترى الدم يوما أو يومين والطهر يوما أو يومين، فإن ~~كانت أيام الدم أكثر من أيام الطهر فلا خلاف أنها مستحاضة لأن المرأة ~~PageV01P363 # # لا تحيض أكثر من زمان طهرها. وإن كانت أيام الطهر كأيام الحيض أو أكثر، ~~فهاهنا قولان: المشهور أنها مستحاضة، ومذهب محمد بن مسلمة أنها طاهرة حقيقة ~~في أيام انقطاع الدم، وحائض حقيقية في أيام وجوده. وهذا راجع إلى عادة كما ~~قدمناه. # ... ### | ### | فصل # (مدة الاستحاضة) # وإذا حكمنا بالاستحاضة فإن حكمها مستصحب ما لم يتغير الدم. وإن تغير بعد ~~زمن بينه وبين الحيض السابق أقل من الطهر لم يلتفت إلى تغييره، وإن كان ~~زمان مقدار الطهر فأكثر فالثاني حيض مبتدأ. وإذا حكمنا بأن الدم المتغير ~~حيض وتمادى ms087 فعلى القول الأول بأن من تمادى بها الدم تجلس خمسة عشر يوما فلا ~~تستظهر (1) إلا على ما قاله ابن نافع. وعلى القول بأنها تجلس أيام عادتها ~~فهل تستظهر؟ قولان: أحدهما: أنها لا تستظهر، قاله محمد بن مسلمة. والثاني: ~~أنها تستظهر، قاله ابن عبد الحكم. وأشار الباجي إلى أن هذا الخلاف على ~~القول بأن من لم يحكم [لها] (2) بالاستحاضة تستظهر. وهذا لأن تلك إنما ~~تستظهر لعل الدم زاد زيادة يسيرة فتستظهر رجاء أن ينقطع الدم، وإذا حكمنا ~~باستحاضتها فالرجاء في ذلك ضعيف. # ... ### | فصل (حكم الدم المنفصل من الحامل) # والذي تقدم حكم الحائل. وأما الحامل فالدم المنفصل من فرجها عندنا على ~~حكم الحيض، فإن انقطع فكما قلناه في الحائل، وإن تمادى فلا تخلو إما أن ~~تتغير عادتها بالحمل أو لا تتغير؛ فإن لم تتغير فحكمها حكم PageV01P364 # # الحائل، وإن تغيرت فهاهنا قولان: مذهب أشهب أنها بحكم الحائل لكون الحمل ~~عندنا (1) يذهب الدم. ولهذا شبهه بالرضاع والمرض. ورواية ابن حبيب عن مالك ~~وهو مذهب ابن القاسم وابن وهب أنه ليس كذلك، وإنما يجتمع الدم ثم يندفع ~~وليس أول الحمل كآخره. # وكم مقدار ما تجلس؟ ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تجلس بعد الشهرين والثلاثة ~~الأشهر خمسة عشر يوما ونحوها. وإذا جاوزت الستة الأشهر فرأته فإنها تترك ~~الصلاة ما بين العشرين أو نحو ذلك، قاله ابن القاسم. # والثاني: إن رأته في أول شهور الحمل جلست قدر أيامها والاستظهار. وإن ~~رأته في الثاني فمثلي ذلك ولا تستظهر. وإن رأته في الثالث فثلاثة أمثال ~~ذلك. وفي الرابع أربعة (2) أمثاله حتى تبلغ ستين يوما فلا يزاد عليها. قاله ~~مالك عند ابن حبيب. # والثالث: أنها في آخر الحمل تضعف أيام حيضتها ثم تغتسل لأن دمها أكثر من ~~[دم]، (3) الحيض. وكأن قول ابن القاسم وابن وهب مبنيان على أن الدم وإن ~~اجتمع فهو ينقص باغتذاء الولد منه. وقول مالك عند ابن حبيب مبني على أن ~~الدم يجتمع ثم يندفع. ولمالك قول رابع في المبسوط (4) ينفي التحديد، لكن ~~تجلس ما لم تسترب من ms088 طوله، ويرى أنه سقم حدث، وليس مما يعرض للنساء في ~~الحمل، فإذا رأت (5) ذلك حكمت بالاستحاضة. وهذا جواب من لم يثبت عنده عادة ~~مستقرة (6) فأحال على حال من اعتادت ذلك وما يظهر من أمره. PageV01P365 # ### | فصل ### | (حكم دم النفاس المنقطع والمتمادي) # وقد تقدم أن دم النفاس كدم الحيض وهو متى انقطع كان حكمه كحكم انقطاع دم ~~الحيض (1)، فإن تمادى ففي المذهب قولان: أحدهما: أن أقصاه ستون يوما، فإن ~~زاد على ذلك كان دم علة وفساد. وهذا لتقرر العادة عنده بذلك. والثاني: ~~الإحالة على الرجوع إلى أهل المعرفة بالعوائد من النساء وغيرهن. وهو جواب ~~من لم يتقرر عنده عادة [يجري عليها الحكم] (2). وإذا عاد الدم بعد إنقطاع ~~دم النفاس؛ فإن كان بين الانقطاع والعودة مقدار أقل الطهر على الأقوال ~~المتقدمة عد الثاني حيضا مؤقتا، وإن كان بينهما أقل من ذلك [فإن] (3) كمل ~~دم النفاس بما قدمناه من الأجل فالثاني استحاضة، وإن لم يكمل أكملته من ~~الثاني (4). فإن انقطع عند الكمال فهو دم النفاس وإن زاد فهو دم استحاضة. ~~وقد قدمنا القولين في خروج الولد نقيا عن دم. ### | (حكم من ولدت وبقي في بطنها آخر) # وما حكم من ولدت ولدا وبقي في بطنها آخر والدم ينبعث؟ في المدونة قولان: ~~أحدهما: أن حكمها حكم الحامل تحيض لأن الحمل باق. والثاني: أن حكمها حكم ~~النفساء (5) لانفصال الولد (6). # ... PageV01P366 # ### | تنبيهات # منها: اختلاف الأشياخ في مقتضى مذهب المدونة في حكم الأيام التي بين أيام ~~الاستظهار والخمسة عشر؛ أما ابن وهب فلا شك أن مقتضى روايته الأخذ ~~بالاحتياط، لقوله: تصلي (1) وليست عليها أحب إلى من أن تترك الصلاة وهي ~~عليها. وأما رواية ابن القاسم في كتاب الطهارة فلا تدل تصريحا على أحد ~~أمرين (2)، لكن في كتاب الحج إذا حاضت المرأة قبل الطواف حبس عليها كريها ~~(3) قدر أيامها والاستظهار. وأخذ أبو موسى ابن قناس من هذا كونها طاهرا ~~مطلقا؛ لأنها إذا طافت بعد أيام الاستظهار فأجزأها فهي لا شك طاهر مطلقا. ~~وذكر أبو محمد عبد الحق مخالفة غيره من الأشياخ ms089 لهذا التأويل. وقال: معنى ~~حبس الكري (4) هذه المدة لعل الدم ينقطع فإذا لم ينقطع فسخ الكري لأنه ضرر ~~بالكري. # ومنها: قوله في الكتاب في امرأة رأت الدم خمسة عشر يوما ثم رأت الطهر ~~خمسة أيام ثم رأت الدم أيامها (5) ثم رأت الطهر (6) سبعة أيام. قال: هذه ~~مستحاضة (7). فاستقرأ أبو محمد بن أبي زيد من هذا أنها لو رأت الطهر ثمانية ~~أيام لم تكن مستحاضة. وإن أقل الطهر ثمانية أيام لاقتصاره على سبعة. وأنكر ~~أبو عمران وغيره من الأشياخ هذا الاستقراء لأن ذكر السبعة [إنما] (8) جرى ~~في السؤال ولم يقصد به التحديد. وإنما يؤخذ من ذلك أن السبعة الأيام لا ~~تكون طهرا. PageV01P367 # # واختلف المتأخرون أيضا في قوله: هذه مستحاضة هل في الأيام التي أتاها ~~فيها الدم بعد الخمسة؟ أو فيما بعد السبعة؟ ولا شك أنها مستحاضة في الجميع. # ومنها: حكمه في الكتاب فيمن اختلط عليها الطهر والحيض لأنها مستحاضة، ~~واختلف الأشياخ لو طلقها الزوج في أيام انقطاع الدم هل يكون طلاقه مباحا ~~ولا يجبر على الرجعة قاله غير واحد من الشيوخ الصقليين، أو يكون طلاقه ~~محرما (1) فيجبر على الرجعة؟ قاله غير واحد من القرويين. وهذا على (2) ~~الخلاف في تحريم الطلاق في الحيض هل ذلك خيفة تطويل العدة فيكون [على] (3) ~~هذا محرما، أو شرع غير معلل فيكون هذا مباحا. وعلى هذا اختلف متقدموا أهل ~~المذهب (4) في طلاق التي لم يدخل بها هل يجوز في الحيض إذ لا عدة يخاف ~~تطويلها أو يحرم لأن ذلك غير (5) معلل؟ # ومنها: قول أشهب في الحامل لا تستظهر إلا أن تكون استرابت. وروي بإسقاط ~~"لا" (6). وأكثر الأشياخ على أن إثبات"لا" هو الصواب ولا معنى لإسقاطها. ~~وحكى أبو محمد عبد الحق عن بعض القرويين أنه التمس لإسقاطها وجها فقال: ~~معنى استرابتها أنها شكت في كون دمها دم حيض أو دم [نفاس] (7) سقط. ومتى ~~استرابت هذه الريبة فإنها تقيم أيامها وتستظهر عليها ولا تجلس أكثر من ذلك ~~وإن كانت قد شكت. وتبقى على جلوس الحائض دون جلوس النفساء ms090. وهذا بعيد عن ~~مقصد أشهب. والصحيح إثبات "لا" لأنها متى لم تسترب كانت كالحائل كما قدمناه ~~فتستظهر بناء على أحد القولين. PageV01P368 # # ومنها: قوله في الكتاب (وإذا جاوزت الستة أشهر من حملها. ثم رأته تركت ~~الصلاة ما بين العشرين يوما أو نحو ذلك) (1) فاختلف الأشياخ في حكم الستة ~~الأشهر هل تكون كحكم ما بعدها؛ لأن الوضع (2) قد يكون فيها، ولأن أفعال من ~~بلغتها في الثلث كفعل من جاوزتها. وقيل: حكم الستة كحكم ما قبلها لأنه قيد ~~في الكتاب مجاوزة (3) الستة. والأول: مذهب ابن التبان (4) وغيره من ~~الصقليين. والثاني: مذهب ابن أبي زيد تم كتاب الطهارة بحمد الله وحسن عونه. ~~PageV01P369 # ### | كتاب الصلاة # PageV01P371 # # بسم الله الرحمن الرحيم ### | كتاب الصلاة الأول ### | (تعريف الصلاة) # وهي في اللغة عبارة عن الدعاء، وفي الشريعة عبارة عن دعاء على صفة (1) ~~مخصوصة (2). ولهذا قال بعض أصحابنا: إن معنى لفظ الصلاة في الشرع كمعناه في ~~اللغة. لكن تصرفت الشريعة فيه بالاستعارة والتخصيص، وهو تصرف لغوي. فسمت ~~الدعاء ساجدا أو جالسا (3) صلاة، وسمت القيام والركوع وسائر الأركان صلاة ~~لما كان المقصود منها الطلب والسؤال كالمقصود من الدعاء. وقيل: سميت صلاة ~~أخذا من الصلوين وهما عظمان (4) ينحنيان عند الركوع. وقيل: سميت صلاة أخذا ~~من المصلي في الخيل، وهو ثاني (5) السابق، وكذلك الصلاة في الشريعة ثانية ~~الشهادتين بالألوهية [والرسالة] (6). PageV01P373 # ### | (أصناف الصلاة) # والصلاة تنقسم إلى فروض وغير فروض. والفروض قسمان: فروض أعيان وفروض ~~كفاية؛ ففروض الأعيان الخمسة الواجبة في اليوم والليلة. واختلف في عد صلاة ~~الجمعة صلاة سادسة لأنها قائمة بنفسها أو ردها إلى الخمس؛ لأنها ظهر مقصور. ~~وسيأتي بيان ذلك، ونذكر فائدة هذا الخلاف إن شاء الله. # وأما فرض الكفاية فصلاة الجنازة. # وغير الفروض ثلاثة أصناف: سنن، وفضائل، ونوافل. # فالسنن خمس وهي الوتر، وركعتا الفجر، وصلاة العيدين، وصلاة كسوف (1) ~~الشمس، وصلاة الاستسقاء. ولا خلاف في عد أربعة من هذه [سنة] (2). وأما ~~ركعتي الفجر ففيهما قولان: أحدهما: إلحاقهما بالسنن، والثاني: عدهما فضيلة. ~~وقد قدمنا سبب ذلك في أول كتاب الطهارة. # والفضائل خمسة وهي: صلاة ms091 قيام رمضان، وركوع الضحى، وتحية المسجد، وصلاة ~~خسوف القمر، وسجود القرآن. وفي السجود قولان: أحدهما: عده فضيلة كما ذكرنا. ~~والثاني: عده سنة، وسيأتي في أول كتاب الصلاة الثاني إن شاء الله تعالى. # فما عدا هذا نافلة إلا ركعتي الإحرام (3) بالحج، وركعتي الطواف فإنهما ~~يلحقان بالسنن. ### | (شروط الصلاة) # وفروض الأعيان تجب بالعقل والبلوغ والإسلام ودخول الوقت. واشتراطنا ~~البلوغ بعد ذكر العقل يجري على خلاف الأصوليين هل يوصف PageV01P374 # # غير البالغ بالعقل أم لا؟ فإن قلنا إنه موصوف (1) بذلك فيشترط البلوغ. ~~وإن قلنا: إنه غير موصوف بذلك فيكتفى باشتراط العقل. وأما اشتراط الإسلام ~~فيجري على الخلاف في الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟ وإن قلنا: ~~إنهم مخاطبون فلا يشترط الإسلام، وإن قلنا: إنهم غير مخاطبين فيشترط. # وأما الأوقات فلا يتوجه الخطاب قبل دخولها بالإجماع. # ... ### | فصل (حكم تارك الصلاة) # ومن ترك الصلاة فإن كان ذلك جحودا فهو كافر بإجماع يحكم فيه بحكم المرتد. ~~وإن أقر وامتنع من الصلاة ففي المذهب قولان: المشهور أنه لا يعد كافرا لأنه ~~لا يكفر بالذنوب. وعده ابن حبيب كافرا (2). وهذا لظواهر وردت بمقتضى تكفيره ~~وجميعها لا يعوز (3) تأويلها والعمدة الملجئة (4) إلى التأويل قوله تعالى: ~~({إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (5). وإذا لم ~~نحكم بتكفيره فإنا نأمره بالصلاة في الوقت. فإن لم يصل حتى خيف فوات الوقت ~~قتل، لكنا نقتله حدا لا كفرا. # وما هو الوقت؟ في المذهب ثلاثة أقوال: المشهور المعروف في المذهب أن يبقى ~~للصلاة مقدار من ركعة من الوقت الضروري، ومثاله: أن يبقى للظهر والعصر ~~مقدار خمس ركعات في حق الحاضر، أو ثلاث في PageV01P375 # # حق المسافر قبل غروب الشمس. وحكى ابن خويز منداد (1) عن المذهب قولين ~~آخرين: أحدهما: أن يبقى من الوقت الضروري مقدار الصلاة بجملتها، والثاني: ~~أن يخاف فوات وقت الاختيار. وهذا بعيد عن الأصول جدا؛ لأن التأخير عن ذلك ~~لا يحرم فكيف نريق دما محقونا بارتكاب مكروه. # ... ### | باب في أحكام الأوقات ### | (أوقات الصلاة من القرآن) # وقد ms092 أجملها الله سبحانه في كتابه وبينها على لسان نبيه - صلى الله عليه ~~وسلم - وأجمل تعالى ذكر الأوقات في ثلاثة مواضع؛ منها قوله تعالى: {فسبحان ~~الله حين تمسون} (2)، فقيل المراد به صلاة المغرب والعشاء (3)، {وحين ~~تصبحون} (4) المراد به صلاة الصبح {وعشيا} (5) المراد به صلاة العصر، {وحين ~~تظهرون} المراد به صلاة الظهر. ومنها قوله تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار ~~وزلفا من الليل} (6)، فقيل: تناولت (7) صلاة الصبح وهي طرف وصلاة المغرب ~~PageV01P376 # # وهي طرف لأنها تؤدى عند الطرف. وصلاة العشاء وهي المراد بالزلف من الليل، ~~وقيل: الطرف الثاني الظهر والعصر. فتتناول على هذا أربع صلوات. وقيل الزلف ~~من الليل يتناول المغرب والعشاء فتتناول الآية على هذا خمس صلوات. وقال ~~تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر} (1) (2)، فقيل ~~المراد بالدلوك الظهر والعصر والمراد بغسق الليل العشاء الآخرة، وقيل: ~~المراد به المغرب، وقرآن الفجر المراد به صلاة الصبح. وهذا الخلاف على خلاف ~~بين الأصوليين في الأوامر هل تتعلق بوقت الكراهة عند إطلاقه أم لا؟ ### | (أوقات الصلاة من السنة) # فهذا ما يتعلق بالأوقات من القرآن. وأما ما يتعلق بذلك من السنة فيخرج عن ~~الحصر، لكن تلقت الأمة بالقبول الحديث المروي عنه - صلى الله عليه وسلم - ~~أنه صلى به جبريل عليه السلام عند البيت يومين، فبين في اليوم الأول أوائل ~~الأوقات، وفي اليوم الثاني أواخرها إلا المغرب فإنه صلاها في اليومين في ~~وقت واحد وذلك عند مغيب الشمس (3). وكذلك بين (4) - صلى الله عليه وسلم - ~~للسائل فصلى PageV01P377 # # في اليوم الأول في أول الوقت وفي الثاني في آخره (1). ### | (تفصيل أحكام الأوقات) # ولنرجع إلى تفصيل أحكام الأوقات فنقول هي على قسمين: وقت أداء ووقت قضاء؛ ~~فوقت الأداء على قسمين: وقت اختيار ووقت اضطرار؛ فوقت الاختيار على أربعة ~~أقسام: وقت فضيلة، ووقت إباحة، ووقت رخصة، ووقت سنة. ### | (وقت القضاء) # فأما وقت القضاء فهو بعد مضي الاختياري والضروري. وذلك في الظهر والعصر ~~بعد مغيب الشمس (2). وفي المغرب والعشاء بعد طلوع الفجر. وفي الصبح بعد ~~طلوع الشمس. ### | (الوقت الضروري) # وأما الوقت ms093 الضروري فهو في الظهر بعد مضي القامة الأولى في قول، وبعد ~~مضيها ومضي مقدار أربع ركعات في قول ثان. وهو في العصر بعد مضي القامة ~~الثانية في قول، وبعد اصفرار الشمس في قول ثان. وهو في المغرب بعد إكمال ~~(3) أدائها في قول، وبعد مغيب الشفق في قول. وهو PageV01P378 # # في العشاء الآخرة بعد مضي ثلث الليل في قول، ونصفه في قول. وهو في الصبح ~~بعد الإسفار (1) في قول، وفي قول لا وقت ضرورة (2) لها. ### | (وقت الرخصة) # وأما وقت الرخصة فهو وقت الجمع للمسافر وللمريض والأئمة في المساجد ليلة ~~المطر. ### | (وقت السنة) # وأما وقت السنة فهو عند الزوال في حق الحاج بعرفة، فإنه يجمع حينئذ بين ~~الظهر والعصر [وبعد مغيب الشفق بمزدلفة فإنه يجمع حينئذ بين المغرب ~~والعشاء] (3). ولكل واحد من هذه الأوقات موضع من الكتاب يأتي بيانه فيه إن ~~شاء الله تعالى. # ... ### | فصل ### | (أوقات الاختيار والفضيلة) ### | (الوقت الاختياري لصلاة الظهر) # ولنبين وقت الاختيار ووقت الفضيلة منه. ولنبدأ بالظهر كما بدأ بها جبريل ~~عليه السلام في صلاته بالنبي عليه السلام، ولهذا سميت الأولى. وأول وقتها ~~زوال الشمس والزوال يعرف بأن يقيم الإنسان قائما (4)، فإنه يكون ظله أول ~~النهار مستطيلا في جهة المغرب (5) ثم لا يزال ينقص PageV01P379 # # وينقبض (1) إلى أن يقف في جهة (2) دبر القبلة، مائلا إلى المشرق وقوفا ~~تدركه الأبصار (3) فإذا وقف على مقدار لا ينقص (4) بعده كان ذلك وسط النهار ~~واستوت الشمس في كبد السماء، فإذا زاد على مكان وقوفه زيادة تظهر للبصر (5) ~~فحينئذ كان الزوال ودخل وقت الظهر. وفيه صلى جبريل عليه السلام بالنبي - ~~صلى الله عليه وسلم - في اليوم الأول. ثم لا يزال الظل يستطيل إلى جهة ~~المشرق فيقاس من الموضع الذي وقف عليه فإذا كانت الزيادة على مقدار القائم ~~فحينئذ خرج (6) وقت الظهر المختار ودخل وقت العصر. ### | (الوقت الاختياري لصلاة العصر) # فإذا صارت الزيادة مثلي القائم فهاهنا قولان: أحدهما: أن ذلك آخر وقت ~~العصر المختار (7). والثاني: أن آخر وقتها ما لم تصفر الشمس على الجدران ~~والأراضي. ### | (الوقت الاختياري ms094 لصلاة المغرب) # ووقت المغرب إذ غاب قرص (8) الشمس في موضع لا جبال فيه. وأما موضع تغرب ~~فيه خلف جبال فينظر إلى جهة المشرق؛ فإذا طلعت الظلمة كان دليلا على مغيب ~~الشمس. ثم اختلف المذهب هل يمتد وقتها كامتداد أوقات الصلوات أم ليس لها ~~إلا وقت واحد؟ فإذا قلنا بامتداده فإنه يمتد إلى مغيب الشفق. PageV01P380 # # وما الشفق؟ المشهور المعروف من المذهب أن الشفق الذي يدخل لغروبه وقت ~~العشاء الآخرة هو الحمرة. وعند ابن شعبان عن مالك أن أكثر جوابه في الشفق ~~أنه الحمرة. وعنه أيضا في سماع ابن القاسم أنه أرجو أن تكون الحمرة والبياض ~~الذي (1) لا شك فيه. وأخذ أبو الحسن اللخمي من هذا قولا ثانيا أن الشفق هو ~~البياض (2) كما يقوله أبو حنيفة. ويحتمل أن يكون كما قال، ويحتمل أيضا أن ~~يريد ابن شعبان عن مالك أن أكثر جوابه على التصميم من غير مراعاة الخلاف، ~~ولا تردد أنه الحمرة. وقد يراعي الخلاف ويتردد كما في سماع ابن القاسم. # واختلف في آخر وقت العشاء؛ فقيل إذا ذهب ثلث الليل الأول، وقيل إذا ذهب ~~نصفه. ### | (الوقت الاختياري لصلاة الصبح) # ووقت الصبح إذا طلع الفجر الثاني وهو الفجر الصادق- والأول وهو (3) ذنب ~~السرحان- وإنما سمي بذلك لأنه يظهر (4) مستطيلا تأنس الأبصار به ثم يظهر ~~أنه قد غاب، وليس كذلك؛ بل هو أول ما يطلع من نور الشمس إذا قرب دنوها (5) ~~من الأفق ثم إذا زاد الدنو كثر الضوء واستطال في الأفق، فسمي هذا المستطيل ~~الفجر الصادق، وبه (6) يتعلق حكم الإمساك عن الطعام (7) وحكم الصلاة. ~~والأول لا يتعلق عليه حكم. واختلف في آخر وقت الصبح؛ فقيل الإسفار الأعلى ~~وهو قبل طلوع الشمس. وقيل آخر وقتها طلوعها (8). PageV01P381 # # واختلف أيضا في الظهر هل يشارك العصر بمقدار أربع ركعات من القامة ~~الثانية أولا يشاركها؟ ففي المذهب في ذلك قولان. كذلك اختلف في مشاركة ~~المغرب للعشاء الآخرة في مقدار ثلاث ركعات بعد (1) مغيب الشفق. وهذا على ~~القول بأن وقتها ممتد. فيتحصل من هذا أن أول الأوقات لا ms095 خلاف فيه إلا ما ~~زاد (2) أبو الحسن اللخمي في العشاء الآخرة. ولا خلاف أيضا أن أوقاتها (3) ~~المختارة ممتدة إلا المغرب، ففي امتدادها (4) قولان. وآخر أوقات الصلاة ~~كلها فيه قولان. # وسبب الخلاف اختلاف في آثار واعتبار؛ وأما الآثار فمنها صلاة جبريل ~~بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقتضي أن الظهر تشارك العصر لأنه قال: ~~"وصلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله كوقت (5) العصر ~~بالأمس" (6). ويقتضي أن آخر وقت العصر آخر القامة الثانية؛ لأنه قال: "فصلى ~~بي العصر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثليه". ويقتضي أن المغرب لا ~~يمتد وقتها؛ لأنه صلى به المغرب في اليومين حين غابت الشمس. ويقتضي أن آخر ~~وقت العشاء ثلث الليل؛ لأنه حينئذ صلى به في اليوم الثاني. ويقتضي أن آخر ~~وقت صلاة الصبح الإسفار؛ لأنه صلى به في اليوم الثاني حين أسفر. ومنها حديث ~~عبد الله بن عمرو بن العاص (7). وهو يقتضي عدم الاشتراك بين الظهر والعصر ~~لأنه قال في وقت الظهر ما لم PageV01P382 # # يحضر وقت العصر، وقال في العصر ما لم تصفر الشمس. ويقتضي امتداد وقت ~~المغرب لأنه قال في وقتها ما لم يسقط نور الشفق. ويقتضي امتداد وقت العشاء ~~الآخرة إلى نصف الليل لأنه بذلك حده. ويقتضي امتداد وقت الصبح إلى طلوع ~~الشمس لأنه بذلك حده أيضا. # وأما الخلاف في الشفق ما هو؟ فإن الشفق ينطلق على الحمرة والبياض. وقد ~~ورد في الشريعة تعليق صلاة العشاء الآخرة بمغيب الشفق. وبين الأصوليين ~~خلاف؛ هل يؤخذ بأوائل الأسماء فيحمل الأمر هاهنا على الحمرة، أو بآخرها ~~فيحمل على البياض؟ # وأما الاعتبار فمن ينفي الاشتراك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ~~يقيس على نفيه ماعدا ذلك من الصلوات، ومن يثبته فلما ثبت من الجمع بين هذه ~~الصلوات بعرفة والمزدلفة وفي الأعذار كالسفر والمرض. ولولا إشراك الأوقات ~~لم يجمع بينهما كما لم يجمع بين الصبح والظهر و [لا] (1) العصر والمغرب و ~~[لا] (2) العشاء والصبح. # ... ### | فصل (وقت الفضيلة لكل صلاة) # وأما وقت ms096 (3) الفضيلة [فهو] (4) في الظهر بعد مضي ربع القامة هذا في حق ~~الجماعة؛ لأن هذه الصلاة تدرك الناس في القائلة والاشتغال. فكان تأخيرها من ~~المصلحة ليتأهب الناس لها ويدرك جماعتها الجمهور. # وأما الفذ ففي وقت الفضيلة (5) له قولان: أحدهما: كالجماعة، طردا ~~PageV01P383 # # لهذه القاعدة الكلية. والثاني: أنه يختص بأول الوقت، لفقدان العلة في ~~التأخير. والمبادرة إلى أداء العبادات أفضل لقوله تعالى: {وسارعوا إلى ~~مغفرة من ربكم} (1)، وقوله - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن أفضل الأعمال ~~فقال: "الصلاة لأول وقتها" (2). # وهو في العصر بعد تحقيق دخول الوقت. ولا خلاف فيه في المذهب (3) ويستوي ~~في ذلك الفذ والجماعة؛ لأن هذه الصلاة تأتي على الناس وهم متأهبون لها. # وهو في المغرب عند سقوط الشمس ومغيبها عن الأبصار. ولا خلاف بين أهل ~~السنة في ذلك. # واختلف في وقت الفضيلة في العشاء الآخرة؛ فقيل هو أول الوقت لما ذكرناه ~~من الظواهر. وقيل آخره لما ورد (4) عنه - صلى الله عليه وسلم - لقوله: ~~"لولا أن أشق على أمتي لأخرت [صلاة العشاء] (5) إلى ثلث الليل" الحديث (6). ### | (معنى الإسفار بالفجر) # وهو في الصبح أول الوقت إذا تحقق دخوله ولم توجد ريبة. ولا شك في ~~الامتناع من الأداء مع وجود الريبة. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ~~"أسفروا بالفجر فإنه PageV01P384 # # أعظم للأجر" (1). وإنما أراد الإسفار بمعنى الكشف والوضوح. ومنه أسفرت ~~المرأة أي أبدت عن وجهها (2) وكشفت عنه النقاب. وهي صلاة يؤذن لها قبل ~~وقتها ليأتي أول الوقت والناس متأهبون لها. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - ~~يصليها فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس (3). # ... ### | فصل (معنى الإبراد بالظهر) # وإذا اشتد الحر [كان] (4) الأولى الإبراد بالظهر؛ وهو أن يؤخر (5) ربع ~~القامة. وهل ينتهي تأخيرها بذلك (6) إلى آخر الوقت أو إلى وسطه، في المذهب ~~قولان. وهما خلاف في حال؛ فمن البلاد ما يفتقر فيه إلى التأخير لآخر وقتها ~~لشدة حرها، ومنها ما لا يفتقر فيه إلى ذلك، فكذلك اختلف في الإبراد بالعصر ~~وهو خلاف في حال (7) أيضا على حسب شدة (8) الحر وخفته ms097. # ... PageV01P385 # ### | باب في أحكام الأذان ### | (سبب ثبوت الأذان) # ولنقدم مقدمة في سبب ثبوته ثم نعقد أركانه؛ أما المقدمة فإن المسلمين لما ~~كثروا وافتقروا إلى علم [على (1) أوقات الصلاة والدعاء إليها وتشاوروا ~~فذكروا النار والناقوس، فذكروا مشابهة النصارى والمجوس، فافترقوا عن غير ~~رأي مبرم. فرأى عبد الله بن زيد وهو بين المستيقظ والنائم كأن ملكا نزل من ~~السماء وفي يده ناقوس فقال عبد الله: تبعني (2) هذا. فقال الملك: وما ~~تصنعون به؟ فقال نجعله علما على أوقات الصلاة. فقال ألا تؤذنون؟ فقال: ما ~~صفة الأذان؟ ثم أذن واستأخر قليلا فأقام. فأتى عبد الله بن زيد النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - فأخبره، فأمره أن يلقيه على بلال لأنه أندى (3) صوتا. قال ~~عبد الله: فاستأذنته أن أؤذن مرة واحدة، فأذنت بإذنه فجاء (4) عمر يجر ~~رداءه فأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى كتلك (5) الرؤيا، ثم ~~تتابع بضعة عشر من الصحابة يخبرونه بذلك (6)، فاستمر الأذان في الشريعة. ~~وهذا وإن PageV01P386 # # كان أصله رؤيا فإن إثبات الرسول - صلى الله عليه وسلم - له إما لأنه أوحي ~~إليه بصحته، أو لأن اجتهاده أداه إلى ذلك (1) على خلاف الأصوليين هل له أن ~~يحكم باجتهاده أم لا؟ ### | (حكم الإقامة والأذان) # ولا خلاف في المذهب أن الإقامة سنة في حق الرجال، وأما الأذان فهل هو من ~~السنن أو من فروض الكفاية؟ ووقع لمالك في الموطأ فإنما يجب الأذان في مساجد ~~الجماعة، فحمله أبو محمد بن أبي زيد وغيره من المتأخرين من أهل المذهب على ~~ظاهره في الوجوب. وتأوله القاضي أبو محمد عبد الوهاب على أن مراده وجوب ~~السنن لا وجوب الفرائض. قال أبو الوليد الباجي: الأولى حمله على ظاهره. # ويجب الأذان على وجهين (2): أحدهما: [في مساجد الجماعات] (3) # لأنه شعار الإسلام، ويجب إظهار الشعار. وقد كان - صلى الله عليه وسلم - ~~يستمع فإن سمع أذانا (4) أمسك وإلا أغار (5). والوجه الثاني: أنه علم على ~~الأوقات في PageV01P387 # # مساجد الجماعات. ولا يجوز (1) إهمال الأوقات ولو تمادى أهل بلد على ~~إهمالها لقوتلوا (2) عليها (3). ### | (أركان الأذان) # فإذا تقررت هذه ms098 المقدمة قلنا بعدها أحكام الأذان تنحصر في أربعة أركان: ~~أحدها: صفته. والثاني: وقته. والثالث: من يؤمر به. والرابع: في صفة المؤذن. # فأما صفة الأذان فهي معلومة. لكن اختلف (4) في ثلاث مسائل: أحدها: هل ~~يبتدئ بالتكبير بصوت مرتفع ثم يخفض الصوت يسيرا في التشهدين (5)، أو يبتدئ ~~مخفض الصوت؟ للمتأخرين في ذلك قولان. # وسبب الخلاف الاعتماد على النقل. والصحيح الابتداء برفع الصوت وهو مقتضى ~~النقل. لأن سبب الخفض في الشهادتين أن أبا محذورة كان في جاهليته كثير ~~الأذى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي بعض الروايات أنه كان في ~~الجاهلية إذا سمع الأذان يستهزئ به. فلما أسلم أمره - صلى الله عليه وسلم - ~~بالأذان فخفض صوته بالشهادتين (6) حياء من قومه وما كانوا يعلمون منه في ~~الوحدانية (7) والرسالة من الطعن قبل الإسلام (8). فأمره النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - بأن يعود إلى الشهادتين رافعا صوته فعاد فرفع، فشرع ذلك في ~~الأذان. وهذا يقتضي أنه كان الأذان في بدئه يرفع الصوت به بالابتداء. وهذا ~~لا ينكر أيضا في الجاهلية (9) PageV01P388 # # قول (1) "الله أكبر" وإنما ينكر الوحدانية [والرسالة] (2). # المسألة الثانية: هل يثني قوله في أذان الصبح "الصلاة خير من النوم" ~~قياسا على سائر ألفاظ الأذان، أو يفرده قياسا على قوله:"قد قامت الصلاة" ~~لأنه تنبيه على معنى زائد على ألفاظ الأذان فأشبه الإخبار بقيام الصلاة؟ ~~والمشهور تثنيته، ولابن وهب إفراده. # والمسألة الثالثه: هل يفرد قوله "قد قامت الصلاة" -وهو المشهور- أو يثني ~~ذلك -وهو رواية المصريين عن مالك رحمه الله؟ # وسبب الخلاف ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه "أمر بلالا أن يشفع ~~الأذان ويوتر الإقامة" (3). وفي بعض الطرق ويوتر الإقامة. وبين الأصوليين ~~خلاف في زيادة الراوي العدل هل تقبل أم لا؟ # ولو أراد أن يؤذن فأخطأ فأقام فإنه يعيد. وإن أراد الإقامة فأخطأ فأذن؛ ~~في المذهب قولان: أحدهما: أنه يعيد قياسا على الأول، والثاني: أنه لا يعيد. ~~وهذا مراعاة لقول من يقول أن الإقامة مثناة. # ... ### | فصل [وقت الأذان] # وأما (4) وقت الأذان فإنه عند دخول وقت ms099 (5) الصلاة. ولا يؤذن لصلاة قبل ~~وقتها إلا الصبح. فعندنا يؤذن لها قبل وقتها لقوله - صلى الله عليه وسلم: ~~"إن بلالا ينادي PageV01P389 # # بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي (1) ابن أم مكتوم" (2). # ومتى يجوز الأذان لها؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدهما: إنما يؤذن لها في ~~سدس الليل الآخر لأن المقصود التأهب لها، وذلك يحصل في هذا الوقت. والثاني: ~~أن يؤذن لها بعد خروج الوقت (3) المختار للعشاء الآخرة. والقول الثالث: أنه ~~يؤذن لها بعد صلاة العشاء الآخرة، وإن صليت في أول وقتها. والصحيح هو ~~الأول، ولا يحصل الغرض من التأهب على هذين القولين. ولعلهما يتعلقان بقوله ~~- صلى الله عليه وسلم -: "إن بلالا ينادي بليل" ولم يعين، فكان الليل جميعه ~~محلا للأذان إلا أن تكون العشاء لم تصل فيمتنع لئلا يختلط أذان الصبح مع ~~أذان العشاء، وهذا رأي الوقار (4). وألا يكون (5) وقت العشاء لم يخرج، إذ ~~لا ينادى للصلاة في (6) وقت غيرها، وهذا رأي ابن حبيب (7). # ... ### | فصل (من يؤمر بالأذان) # وأما من يؤمر بالأذان فكل من يؤمر بالدعاء إلى الصلاة. وذلك يختص بالأئمة ~~حيث كانوا، أو بمساجد الجماعة. وأما الفذ والجماعة PageV01P390 # # المجتمعون بموضع ولا يريدون دعاء غيرهم إلى الصلاة فوقع في المذهب لفظان: ~~أحدهما: أنهم إن أذنوا فحسن. والثاني: أنهم لا يؤذنون. فأراد (1) أبو الحسن ~~اللخمي أن يجعل المذهب على قولين، (2) وليس كذلك. بل لا يؤمرون بالأذان كما ~~يؤمر به الأئمة وفي مساجد الجماعات. فإن أذنوا فهو ذكر، والذكر لا ينهى عنه ~~من أراده، لا سيما إذا كان (3) من جنس المشروع. ### | (استحباب الأذان للمسافر) # واستحب متأخرو أهل المذهب الأذان للمسافر وإن كان فذا، لما روي عنه - صلى ~~الله عليه وسلم - أنه أمر أبا سعيد الخدري بالأذان إذا كان في غنمه أو ~~باديته (4). ولما قاله سعيد بن المسيب (5) من أنه إذا أذن وأقام صلى خلفه ~~أمثال الجبال من الملائكة (6). وهذا لا يمكن أن يقوله إلا على توقيف لأن ~~القياس لا يتسلط على مثل هذا. وإذا صح ذلك صار الأذان في حق هذا دعاء إلى ~~الجماعة وهم ms100 الملائكة. # ... PageV01P391 # ### | فصل (يقام للفوائت ولا يؤذن لها) # ولا يؤذن عندنا للفوائت لأن الجماعة غير مشروعة فيها، ولأن الأذان يزيدها ~~فواتا. ولا يؤذن إلا للفرائض الوقتية. وأما الإقامة فإنها مشروعة لكل مصل ~~صلاة فرض وقتية (1) أو فائتة، لكن حكمها في الجماعة آكد منها في الانفراد، ~~وحكمها على الرجال آكد منه على النساء. وفي الكتاب في المرأة إن أقامت فحسن ~~(2). # والفرق بين الأذان والإقامة أن الأذان إعلام بحضور وقت الصلاة، والإقامة ~~إعلام للنفس للتأهب للصلاة. فلهذا اختص الأذان بما ذكرناه وشرعت الإقامة ~~للجميع. # وإذا جمع الإمام الصلاتين فهل يؤذن لكل واحدة منهما؟ في المذهب في ذلك ~~ثلاثة أقوال: أحدها: الأذان والإقامة لكل واحدة (3). والثاني: أن يكتفي ~~بالأذان الأول والإقامة لكل صلاة. والثالث: أنه يستغني عن الأذان وتكفيه ~~الإقامة. # وسببه اختلاف (4) الأحاديث في جمعه - صلى الله عليه وسلم - بعرفة، هل كان ~~بأذانين وإقامتين؟ أو بأذان وإقامة؟ (5) [أو بإقامتين] (6). وروى ابن عمر ~~(7) عنه أنه كان بإقامة واحدة للصلاتين جميعا وبه أخذ (8). # ... PageV01P392 # ### | فصل (صفة المؤذن) # وأما صفة المؤذن فالمقتدى به في الأوقات يجب أن يكون ذا دين (1)، عارفا ~~بالأوقات. ومن كماله أن يكون بالغ (2) الصوت، حسنه؛ لأن الأذان لغة وشرعا ~~للإعلام، ومنه قوله تعالى: {وأذن في الناس بالحج} (3)، أي أعلمهم. وإذا كان ~~المقصود الإعلام فالبالغ (4) بالصوت أكمل في ذلك، والنفوس مجبولة على الميل ~~إلى حسن الصوت. فلذلك قلنا من كماله أن يكون حسنا. ### | (أمور ينبغي للمؤذن مراعاتها) # ويستحب للمؤذن أن يستقبل القبلة عند التكبير والتشهد (5). وأما دورانه ~~ووضع أصبعيه في أذنيه فإن قصد بذلك المبالغة في الإبلاغ (6) فهو مشروع. ~~ويكره التطريب المخرج عن باب الأذان إلى باب الأغاني. ولا يتكلم في أذانه ~~إلا أن يضطر إلى الكلام بأن يخاف هلاكا على نفسه (7) أو على غيره أو على ~~ماله. فإن تكلم بنى إلا أن يطول الكلام (8) طولا يخرج الأذان عن بابه. # وهل يرد السلام إشارة؟ قولان: المشهور أنه لا يرده. والشاذ أنه يرده ~~كالمصلي. والفرق بينه وبين المصلي على المشهور أن المصلي ممنوع من الكلام ~~فجاز ms101 له الانتقال إلى الإشارة، والمؤذن غير ممنوع كالمصلي، فلا PageV01P393 # # يجوز ابتداء السلام عليه لأنه بين أن يترك الرد فيأثم أو يتكلم ردا فيفسد ~~(1) نظم الأذان، فإذا تعدى المسلم فسلم عليه قوبل على عدوانه بترك الرد ~~عليه. # ولا يؤذن جالسا لأن المقصود الإبلاغ، وهو غير كامل من الجالس. ويؤذن ~~راكبا. ولا يقيم إلا نازلا لئلا يفرق بين الإقامة والصلاة بالنزول، إلا أن ~~يكون ممن يصلي على الراحلة للضرورة فيقيم على راحلته. # وهل يجوز أذان الجنب والصبي؟ في المذهب قولان: الكراهية، والجواز؛ فأما ~~الكراهية فلأن المؤذن داع إلى صلاة وهذان ليسا ممن يستحق الدعاء إليها. ~~والجواز لأنه ذكر وهذان من أهله. # وأعداد المؤذنين بحسب سعة الوقت وضيقه. ولهذا نأمر في المغرب بأن يجتمع ~~جميعهم في أذان واحد. ### | (هل يجوز أخذ الإجارة على الأذان) # وهل يجوز أخذ الإجارة على الأذان؟ في المذهب قولان: المشهور جوازه، ~~والشاذ كراهيته؛ فالجواز لما يتكلف من مراعاة الأوقات، والكراهية لأنه ذكر. ~~وكذلك أمره - صلى الله عليه وسلم - بأن يتخذ مؤذنا لا يتخذ (2) على أذانه ~~الأجرة (3). # ولا تجوز الإجارة على صلاة الفرض على المشهور من المذهب. PageV01P394 # # لكن تجوز الإجارة على الأذان والصلاة جميعا فتكون الصلاة بالأجرة على حكم ~~التبع. # واختلف المتأخرون لو طرأ عليه ما يمنعه الإمامة هل يسقط نصيبها من الأجرة ~~أو لا يسقط؟ وهو على الخلاف في الأتباع هل لها قسط من الثمن أم لا؟ ### | فصل (في حكاية الأذان) # ويؤمر سامع الأذان بحكايته، لكن اختلف في منتهى ما يحكي السامع؛ فالمشهور ~~أنه إلى آخر التشهدين (1). وهل يكرر التشهدين لتكرار المؤذن، أو يكرر إذا ~~تكرر الأذان؟ في ذلك قولان: [أحدهما: التكرار في جميع ألفاظه، وبه تحصل ~~الحكاية كما (2) يفعل المؤذنون، والقول الثاني: أنه يكفيه حكايته إلى ~~التشهدين. وكذلك الخلاف في المذهب أيضا هل يحكي جماعة من المؤذنين أو يكفيه ~~واحد؟ فيه قولان في المذهب. ينشأ (3) على مسألة أصولية وهي أن الألف واللام ~~هل للجنس أو للعهد؟ في ذلك قولان] (4)، وقد مر عليه الكلام في سؤر الكلاب. ~~والشاذ أنه ms102 يحكيه إلى آخر الأذان لما روى عمر عن النبي (5) من وصفه لما ~~يحكيه السامع إلى أن يبلغ "فقال السامع لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل ~~الجنة"، ويعوض عن الحيعلتين بالحوقلتين (6). وإنما ذلك لأن سائر ألفاظ ~~الأذان ذكر وهو يفيد PageV01P395 # # الحاكي، وأما قول المؤذن "حي على الصلاة حي على الفلاح" فمعنى ذلك هلموا ~~إلى الصلاة هلموا إلى الفلاح فلا يفيد الحاكي قولها فيما بينه وبين نفسه، ~~فيعوض عن ذلك بأن يقول كلاما يناسب قول المؤذن ويكون جوابا له بأن يبرأ من ~~الحول والقوة على إتيان الصلاة والفلاح إلا بحول الله تعالى وقوته. ### | (هل يحكي الأذان من كان في الصلاة) # وهل يحكي الأذان من كان في صلاة؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا ~~يحكيه (1) في الفرض ولا في النفل. والثاني: أنه يحكيه فيهما. والثالث: أنه ~~يحكيه في النفل دون الفرض (2)، وهو المشهور. وهاهنا عبادتان: إحداهما ما هو ~~فيه من الصلاة، والثانية [ما أمر به من حكاية قول] (3) المؤذن؛ فمن غلب حكم ~~الصلاة، قال لا يحكي، ومن التفت إلى أنه ذكر- والصلاة محل الأذكار- قال ~~يحكيه (4)، ومن فرق فلتأكيد الفرض وخفة الأمر في النفل. # وإذا قلنا يحكيه في الصلاة فإنما يبلغ إلى آخر التشهدين. ولو قال في ~~الصلاة حي على الفلاح (5) فإنها تبطل، وهذا إذا كان عامدا وأما الناسي فلا ~~تبطل. والجاهل يجري على القولين (6) في الجهل هل حكمه هو حكم PageV01P396 # # العمد أم حكم النسيان؟ ولاشك أن من أمر بالأذان فتركه لا تبطل صلاته. # وأما من أمر بالإقامة فتركها فإن كان سهوا لم تبطل صلاته. وأما العامد ~~ففيه قولان: المشهور أنها لا تبطل، والشاذ أنها تبطل، وهو على الخلاف في ~~تارك السنن متعمدا هل يعد عابثا فتبطل عبادته أم لا يعد كذلك؛ لأنه غير ~~مأثوم في الترك فلا تبطل؟ # ... ### | باب في ذكر فروض الصلاة وسننها وفضائلها ### | (فروض الصلاة) # ولنذكر ما قال الناس في ذلك جملة ثم نأخذ في تفصيله. وأما الفروض فهي ~~قسمان: أحدهما: ما ليس من نفس الصلاة، والآخر ms103: من نفسها؛ والذي ليس من نفس ~~الصلاة قسمان: قسم سابق، وقسم مقارن؛ فالسابق ثلاثة: طهارة الحدث، وطهارة ~~الخبث، وستر العورة. والمقارن ثلاثة: استقبال القبلة، والنية، وترتيب ~~الأداء. والذي هو من نفس الصلاة عشرة أشياء وهي: تكبيرة الإحرام، والقيام ~~لها، وقراءة أم القرآن، والقيام لها، والركوع، والرفع منه، والسجود، والرفع ~~منه، وقدر ما يوقع فيه [السلام] (1) من الجلسة الآخرة، والسلام. ### | (سنن الصلاة) # وسننها عشرة: وهي ماعدا تكبيرة الإحرام من التكبيرات، وقول الإمام سمع ~~الله لمن حمده، وقراءة السورة التي مع أم القرآن، والقيام لها، والجهر فيما ~~يجهر فيه، والإسرار فيما يسر فيه، والتشهد الوسط، والجلوس له. والزائد على ~~مقدار الفرض من الجلوس الآخر، والتشهد فيه. وفي PageV01P397 # # الطمأنينة، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - قولان: قيل هما من ~~الفروض، وقيل: من السنن. ### | (فضائل الصلاة) # وفضائلها سبع: وهي رفع اليدين في الافتتاح، وترتيب القراءة بأن يطيل (1) ~~في الصبح، ويقصر في المغرب (2)، والظهر تلي الصبح، والعشاء الآخرة تليها، ~~والعصر تلي العشاء الآخرة، وقول المأموم آمين، وقوله ربنا ولك الحمد، ~~والتسبيح في الركوع، والدعاء في السجود، والقنوت. # وهذه الفروض والسنن والفضائل منها مجمع عليه، ومنها مختلف فيه؛ فأما ~~الطهارة من الحدث فقد تقدم أنها من المجمع عليه، وأما الطهارة من الخبث فقد ~~تقدم الخلاف في فرضيتها. وأما ما عدا هاتين (3) فنبين حكمه عند أبوابه على ~~محاذاة (4) ترتيب الكتاب. # ... ### | باب في أحكام التكبير # وقد قدمنا أن تكبيرة الإحرام فرض من فروض الصلاة وما عداها سنة (5) كما ~~يحكي جميع أهل المذهب. وقال أبو الوليد الباجي: مقتضى مسائلهم وجوب التكبير ~~جميعه. وإنما عول على أن السجود يجب عوضا عن تركه (6). فمتى (7) ترك السجود ~~بطلت الصلاة على قول. وهذا يأتي بيانه في باب السهو إن شاء الله. ~~PageV01P398 # # ولا خلاف في وجوب تكبيرة الإحرام في حق الفذ والإمام. وأما المأموم ففي ~~حمل الإمام لها عنه قولان: المشهور أنه لا يحملها قياسا على الركوع ~~والسجود. والشاذ أنه يحملها قياسا على القراءة. ### | (حكم العاجز عن لفظ التكبير) # وأما لفظ التكبير عندنا ms104 فمتعين لا يجزي غيره من الأذكار؛ لأنه الوارد به ~~والموضع موضع عبادة فيقتصر على ما ورد. ولا يجزي أن يؤتى من التكبير بلفظ ~~سوى اللفظ المعلوم ولا يعوض ب "الأكبر" ولا ب "الكبير" لما قلناه من وجوب ~~التعيين، هذا في حق القادر. وأما العاجز عن التكبير لامتناع (1) الكلام ~~عليه فلا شك أنه يدخل في الصلاة بالنية، وإن كان عجزه لأنه (2) لا يحسن ~~العربية ففي المذهب قولان: أحدهما: يعوض بلسانه الذي يحسنه؛ لأن المعنى هو ~~المطلوب في حقه. والثاني: أنه لا يعوض بلسانه الذي يحسنه جمودا على ما ورد. ~~ولا خلاف أنه لا يعوض عن القراءة بلسان غير عربي؛ لأن الإعجاز في اللفظ ~~العربي. لكن اختلفوا هل يعوض أذكارا أم لا على قولين؟ # وسبب (3) الخلاف ما ورد في بعض الطرق عنه - صلى الله عليه وسلم - في ~~تعليم الأعرابي الذي لم يحسن الصلاة فإنه أمره بالقراءة أو بذكر الله تعالى ~~إن لم يحسنها (4) ولم يرد ذلك في أكثر الطرق. وبين الأصوليين خلاف في زيادة ~~العدل هل تقبل أم لا؟ # ... PageV01P399 # ### | فصل (تكبيرة الإحرام للمأموم) # وإذا قلنا بوجوب تكبيرة الإحرام في حق المأموم، فإن كبر للركوع [ناويا ~~للإجزاء عن تكبيرة الإحرام] (1) صح له ذلك، وإن كبر ولم ينو فلا يخلو من أن ~~يعلم أنه لو عاد (2) إلى القيام أمكنه تكبيرة الإحرام وإدراك الإمام، أو ~~يعلم أنه لا يدركه؛ فإن علم أنه لا يدركه فهل يعود إليه؟ فيه قولان. ~~وسببهما هل يراعى الخلاف فلا يعود- لأن أحد قولي مالك أنه يجزيه- أو لا ~~يراعي فيعود. # وإذا قلنا إنه يعود فهل يسلم أم لا؟ قولان: وجوب السلام - وهو مقتضى ~~الأخذ بالمذهب- ومراعاة قول من اجتزى بالأول. وتركه هو بناء على ترك مراعاة ~~الخلاف بالجملة. وإذا قلنا إنه يتمادى ولا يعود أو قلنا بالتمادي لأنه خاف ~~فواتها مع الإمام فإنه يتم الصلاة ويعيد. # وهل الإتمام هو الواجب والإعادة احتياطا أو بالعكس؟ للمتأخرين قولان. # وفائدة الخلاف لو بطلت الصلاة التي تمادى عليها وصحت الأخرى (3)، أو بطلت ~~المعادة وصحت ms105 التي تمادى عليها ففي الإجزاء بالصحيحة قولان (4). وهو على ما ~~قدمنا من كون الإعادة واجبة والتمادي أحتياط أو بالعكس. # وإن لم يكبر للركوع فعلى المشهور يقطع متى علم، وعلى رواية ابن وهب تجزيه ~~الصلاة. هذا في حق المأموم، وأما الإمام فلا يجزيه إلا تكبيرتان: أحدهما: ~~للإحرام، والثانية: للركوع، وهذا هو المعروف (5) من PageV01P400 # # المذهب. وقال أبو الفرج: هذا على القول بأن القراءة فرض في كل ركعة يريد ~~(1)، وعلى القول بأنها ليست بفرض (2) في كل ركعة (3) يكون الإمام والمأموم ~~بمنزلة واحدة تجزيهما تكبيرة الركوع إذا قصد بها تكبيرة الإحرام. ### | (حكم القيام لتكبيرة الإحرام) # وهل يجب القيام لتكبيرة الإحرام؟ (4) أما الفذ والإمام فيجب ذلك في ~~حقهما، وهذا يظهر على القول بأن قراءة أم القرآن عليهما فرض في كل ركعة. ~~وأما المأموم؛ ففي المذهب فيه قولان: فمذهب المدونة أنه لا يجب القيام في ~~حقه لتكبيرة الإحرام (5) لأن القيام يجب عنده للقراءة وهذا لا تجب القراءة ~~في حقه. وفي كتاب ابن المواز وجوب القيام لها قياسا على الإمام والفذ. ### | (ما يفعل من شك في تكبيرة الإحرام) # وما يفعله من شك في تكبيرة الإحرام؟ أما الفذ فإن شك [قبل] (6) أن يركع ~~كبر (7) من غير سلام وأجزى. وإن ركع ففي قطعه وابتدائه قولان كالإمام. وأما ~~المأموم فلا يقطع. وقد تقدم حكمه إذا أيقن بترك [تكبيرة] (8) الإحرام. ولا ~~شك مع شكه في الإتيان بها أنه يتمادى ويعيد. وأما الإمام ففيه قولان: ~~أحدهما: أنه يتمادى ويعيد هو ومن خلفه إذا شكوا كشكه. والثاني: أنه يقطع ~~ويقطعون ولا يصح استخلافه هاهنا؛ لأنه إذا لم يكبر لا تجزيهم الصلاة. وأيضا ~~فقد يمكن أن يكون كبر فيصير كالقاطع عمدا PageV01P401 # # بخلاف استخلافه إذا ذكر أنه على غير طهارة (1). وأبو الحسن اللخمي يجعل ~~حكمه (2) كحكم الطهارة (3). وقد فرقوا في الروايات بينهما، ولعل الفرق أن ~~التكبيرة [ركن] (4) من نفس الصلاة والطهارة لست كذلك. فإذا ترك التكبير فقد ~~أسقط ركنا من الصلاة وهو الموجب (5) لانعقادها. فإذا لم تنعقد في حقه فلا ~~يصح الاقتداء به بخلاف إن ms106 سقط شرط لها وهو يظن أنه لم يسقطه. على أن قياس ~~الشك في التكبير هو قياس الشك في الطهارة. # وبالجملة فقد فرقوا بين الطهارة وبين التكبير، والفرق ما ذكرت. وإذا سلم ~~الشاك ثم ذكر أنه كان كبر ففي إجزائه قولان: أحدهما: الحكم بالإجزاء. حكاه ~~ابن المواز عن مالك وأصحابه. وهذا لأنه ابتدأ الصلاة بنية جزما والحكم ~~للابتداء (6). والثاني: أنه لا يجزيه لأنه أتم الصلاة على تردد فتبطل ويجب ~~عليه ابتداء صلاة لا شك فيها. # ... ### | فصل (حكم مسابقة الإمام ومساواته في تكبيرة الإحرام) # ومن حكم الإمام أن يتقدم في تكبيرة الإحرام، فإن كبر المأموم من قبله فلا ~~تجزيه الصلاة عندنا. ومتى علم بذلك قطع وابتدأ. وهل يقطع بسلام؟ قولان: ~~مذهب الكتاب أنه يقطع بغير سلام (7) وهذا جواب من لا يراعي الخلاف (8). ~~وقال سحنون: يقطع بسلام. وهو جواب من يراعي PageV01P402 # # الخلاف. وألزمه أبو الحسن اللخمي أن يقول بصحة صلاته لنفسه لو (1) تمادى ~~على (2) ذلك الإحرام. وحكي عنه أنه قال: لا تصح الصلاة. قال أبو الحسن: ~~وهذا اختلاف قول، أو أنه بني على مذهب مالك؛ (3) يعني أنه يقطع بغير سلام. ~~وهذا الذي قاله غير صحيح، وإنما مذهب سحنون أن ذلك التكبير لا يجزي كما ~~قاله جميع أهل المذهب. لكنه يقطعه بسلام، ليس لأنه صحيح في نفسه ولكن ~~مراعاة لمذهب الشافعي القائل بصحته. # وإن تساوى الإمام والمأموم في تكبيرة الإحرام ففي صحة صلاته في المذهب ~~قولان. والقول بالصحة قياسا على سائر أركان الصلاة، فإنه لو ساواه فيها لم ~~يقل أحد من أهل المذهب ببطلان صلاته. والبطلان هو الصحيح؛ لأن حكم الإمامة ~~يقتضي التقدم. فإذا كبرا معا لم يحصل التميز الذي يوجبه حكم الإمامة. على ~~أن المساواة في سائر الأركان إنما لم تفسد به الصلاة لأنهم سحبوا حكم السبق ~~في التكبير على سائر (4) الأركان، وإلا فالقياس يقتضي نفي الصحة. # ولو سبق المأموم الإمام في الأركان كالركوع والسجود، فإن المنصوص في ~~المذهب أمر المأموم بالعودة إلى ما فعله قبل إمامه حتى يكون فاعلا بعده. ~~فإن لم ms107 يفعل (5) فالمنصوص صحة (6) الصلاة، وهذا مما ألزمت فيه بعض الأشياخ ~~(7)، البطلان. لأنه لم يحصل الاقتداء به في الأركان، فالتزموه على القول ~~بأن الحركة إلى الأركان مقصودة. قال: وعلى PageV01P403 # # القول بأن [الحركة إلى الأركان] (1) غير مقصودة تصح الصلاة. وهو معنى ما ~~وقع في الروايات (2). # ... ### | فصل (ما قيل في رفع اليدين في الصلاة) # واختلف في رفع اليدين في الصلاة على خمسة أقوال: فقيل: لا يرفع في تكبيرة ~~الإحرام ولا في غيرها. وهذا في مختصر ابن شعبان. وتأوله بعض الأشياخ على ~~المدونة لقوله: وكان رفع اليدين عند مالك ضعيف (3). لكنه قد نص على ضعفه في ~~غير تكبيرة الإحرام. والقول الثاني: أنه يرفع في تكبيرة الإحرام خاصة. ~~والقول الثالث: أنه يرفع فيها، وفي الرفع من الركوع. والرابع: أنه يرفع ~~فيهما وفي القيام إلى الثالثة (4). والخامس: أنه يرفع في ذلك وفي الانحطاط ~~إلى الركوع. وقد وردت أحاديث تقتضي هذه الأقوال. # وقد قدمنا أن الرفع من الفضائل. وسببه إما تأهب (5) لما يقدم عليه من ~~الصلاة ورهبة، وإما نبذ للدنيا على ما نذكره في صفة الرفع. فيمكن أنه - صلى ~~الله عليه وسلم - كان يرفع بحسب ما يكون عليه من الأحوال من رغبة أو رهبة، ~~أو ما يخطر بباله من نبذ الدنيا وطرحها. وهذا (6) خير ما تأولت عليه هذه ~~الأحاديث الواردة المختلفة في صفة الرفع. PageV01P404 # ### | (ما ورد في صفه الرفع) # وإذا قلنا بالرفع ففي صفته قولان: أحدهما: أنه يبسط يديه فيجعل ظهورهما ~~مما يلي السماء وبطونهما مما يلي الأرض، وهذه صفة الراهب. والثاني: أنه ~~يرفعهما منتصبتين فيجعل أصابعهما مما يلي السماء (1)، وهذه صفة النابذ ~~للدنيا وراء ظهره. واستحسن هذه الصفة المتأخرون؛ لأنه يمكن بها الجمع بين ~~الأحاديث الواردة على منتهى الرفع. وقد اختلف المذهب في منتهاه على قولين: ~~أحدهما: إلى الصدر، والثاني: إلى المنكبين (2). فقد روي عنه - صلى الله ~~عليه وسلم -: "أنه كان يرفع يديه حذو صدره" (3). وروي "حذو منكبيه" (4). ~~وروي عنه "حذو أذنيه" (5). وقد جمع بين هذه الأحاديث مالك رحمه الله فقال: ~~يكون الكوع حذو الصدر وطرف ms108 الكف حذو المنكبين والأصابع حذو الأذنين. وهذا ~~إنما يعم على القول بأن الرفع صفته نصب الكفين كما تقدم. # ... PageV01P405 # ### | فصل (ماذا يفعل بعد التكبير) # وإذا كبر فما يفعل؟ (1) المشهور من المذهب كراهية الدعاء وغير ذلك من ~~الأذكار بين التكبير وأم القرآن، وكذلك لا يقرأ {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ ~~هديتنا} (2)، ولا يقول: "سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا ~~إله غيرك" (3)، ولا يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} في الفريضة سرا ولا ~~جهرا. وقد رويت أحاديث تقتضي الفصل بين التكبير والقراءة ببعض هذه، فأنكرها ~~مالك خيفة أن يظن وجوب قراءتها (4) كما تجب قراءة الفاتحة (5). # لما (6) روي عنه [من] (7) أنه كان يقول بعضها. وقوله (8) في المبسوط إن ~~من جهر بالبسملة (9) لا شيء عليه، ليس بخلاف كما ظنه أبو الحسن اللخمي، بل ~~نهى في المبسوط (10) حرصا على النفوس من أن تعتقد ذلك PageV01P406 # # فرضا (1)، ولم ير بأسا على قائله لأنه (2) ذكر والصلاة محل الأذكار. # ... ### | باب في أحكام القراءة في الصلاة # والمعروف من المذهب وجوب القراءة في الصلاة. وقد وقع لابن زياد (3) ما ~~يؤخذ منه أنها لا تجب، لكن كلامه على صلاة من لم يقرأ. ويمكن (4) أن يحكم ~~بالصحة مراعاة للخلاف. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه صلى فلم يقرأ، فقيل له ~~في ذلك، فسأل عن الركوع والسجود هل أكملت؟ فقيل له أكملت، فقال: لا بأس ~~إذا. وقد تأول المالكية ذلك على أنه أعاد. وهذا بعيد؛ لأنه يبطل معنى سؤاله ~~عن الركوع والسجود. وتأوله الشافعية على أنه ترك الجهر ولم يترك القراءة ~~جملة. وهذا أقرب من التأويل الأول. وإذا قلنا بوجوب القراءة فهي (5) متعينة ~~عندنا فلا يقوم مقام أم القرآن غيرها. ### | (ذكر الخلاف في قراءة الفاتحة في الصلاة) # وهل تجب في كل ركعة (6)؟ ثلاثة أقوال: أحدها: أنها تجب في كل PageV01P407 # # ركعة. والثاني: أنها تجب في ركعة واحدة. والثالث: أنها تجب في الجل دون ~~الكل؛ فأما تعينها على الجملة فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل صلاة لم ~~يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير ms109 تمام" (1). وقوله - صلى الله عليه وسلم ~~-: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" (2). وبين الأصوليين خلاف في النفي هل ~~يقتضي [الإجمال] (3) ويقتضي نفي الصحة أو نفي الكمال (4) على أقوال بيانها ~~محال على موضعه. لكن قوله: "لا صلاة" يحتمل أن يريد به جملة الصلاة فتكون ~~القراءة (5) في كل ركعة [واحدة] (6) لازمة (7). ويحتمل أن يريد الركعة ~~الواحدة لأنها تسمى صلاة. وأما القول بالإجزاء إذا قرأ في الجل؛ فهو بناء ~~على أن الأتباع تقتضي (8) حكم متبوعها لا حكم نفسها. وفي حديث جابر: "كل ~~ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصليها إلا وراء الإمام" (9). فقد اختلف ~~في رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحيح إيقافه على جابر. وبين ~~الأصوليين خلاف في قول الصحابي هل هو حجة أم لا؟ PageV01P408 # # فإذا صلى وترك أم القرآن في جميع الصلاة فقد قدمنا ما في ذلك من الخلاف ~~وبطلانها على المشهور. وإن تركها في ثلاث ركعات أيضا من الرباعية فالمشهور ~~أيضا أنها لا تجزيه. وعلى القول بالإجزاء بالأقل (1) تجزيه، وقد نص عليه ~~علي بن زياد. وإن تركها في ركعتين فلا شك على قول ابن زياد في الإجزاء. ~~[وأما على] (2) المشهور، إن ذكر ذلك بعد الإكمال أعاد بعد أن يسجد لسهوه ~~قبل السلام. والسجود مراعاة لقول (3) من يقول إنها تجزيه. وإن ذكر ذلك وهو ~~في الصلاة فهل يلغي الركعتين اللتين تركهما فيهما ويبني على ما قرأ فيه أو ~~يتمادى ويعيد. في المذهب قولان؛ فالإلغاء بناء على فرضيتها في الكل أو الجل ~~(4) وترك مراعاة الخلاف، والتمادي والإعادة بناء على مراعاة الخلاف. وإن ~~تركها في ركعة من الصلاة الرباعية ففي المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يلغي ~~تلك الركعة المتروكة فيها. والثاني: يسجد لسهوه ويكتفي بصلاته. والثالث: ~~أنه يسجد لسهوه ويعيد. والسجود (5) نص عليه في كتاب ابن المواز. والإلغاء ~~بناء على فرضيتها في كل ركعة من غير مراعاة للخلاف. والاجتزاء بها بناء على ~~فرضيتها في الجل. والتمادي [والإعادة] (6) بناء على مراعاة الخلاف. لكن ~~يحتمل أن يكون مذهبه في هذا القول أنها ms110 تجزيه، ولكن يراعى قول من يقول بعدم ~~الإجزاء فيؤمر بالإعادة، أو يكون مذهبه أنها غير مجزية (7). لكن يتمادى ~~مراعاة لقول من يقول إنها مجزية (8). ### | (ثمرة الخلاف) # ويكون ثمرة الخلاف لو تبين له بطلان إحدى الصلاتين هل يكتفي PageV01P409 # # بالأخرى (1) أو تكون الإعادة في الوقت أو فيه وبعده؟ وعلى القول بالإلغاء ~~هل يكون سجوده قبل السلام أو بعده؟ ينظر؛ فإن جلس بعد ركعتين صحيحتين قرأ ~~فيهما بأم القرآن [وسورة] (2) فسجوده (3) بعد السلام لأنه تمخضت له الزيادة ~~بما ألقاه، وإن لم يحصل له الجلوس بعد ركعتين صحيحتين [قرأ فيهما بأم ~~القرآن] (4) فقد اجتمعت له الزيادة- وهي الركعة الملغية والنقص وهو الجلوس- ~~فيكون سجوده قبل السلام. فهذا أخصر ما قيل [فيه] (5) من التطويل. وكل (6) ~~هذا إذا لم يذكر ما ترك من القراءة حتى ركع فرفع رأسه من الركوع. وإن لم ~~يرفع رأسه فهل يعود إلى القيام ويقرأ؟ يجري على القولين في عقد الركعة [ما ~~هو] (7)؟ هل هو وضع اليدين على الركبتين فلا يعود؟ أو رفع الرأس فيعود؟ # وأما إن لم يركع وذكر ذلك بعد ما قرأ السورة فإنه يعود ويقرأ أم القرآن. ~~وهل يعيد قراءة السورة [لوضعها في غير موضعها أو لا إعادة عليه لأنه قرأها؟ ~~قولان. وإذا قلنا يعيد قراءتها هل يسجد أم لا؟ قولان أيضا. قال سحنون: يسجد ~~لطول القيام (8). فإذا قلنا لا يعيدها فهل يسجد] (9) ويعد كالتارك لقراءة ~~السورة لوضعها في غير موضعها أو لا سجود عليه لأنه قد قرأها؟ قولان. # فإن ترك أم القرآن في ركعة من الصلاة الثنائية كالصبح وصلاة المسافر ~~وصلاة الجمعة، في المذهب قولان: أحدهما: أنه كالتارك لقراءتها في شطر ~~PageV01P410 # # الصلاة الرباعية لأن نسبة الواحدة من الثانية كنسبة اثنتين إلى [اثنتين] ~~(1) من الرباعية. والثاني: أنه كالتارك لقراءتها في ركعة من الرباعية. # والاختلاف في هذا اختلاف في النظر إلى الركعة في نفسها، أو نسبتها إلى ما ~~معها من الركعات؛ فإن نظر إليها في نفسها فهي يسيرة (2) وإن نظر إليها ~~بالنسبة إلى ما معها فهي كثيرة (3). # ... ### | فصل (فيمن ترك ms111 السورة في الركعتين الأوليين) # وأما السورة التي مع أم القرآن في الركعتين الأوليين فقد تقدم أنها من ~~السنن. وحكى أبو الحسن اللخمي عن المذهب قولين آخرين: أحدهما: أنها واجبة. ~~والثاني: أنها مستحبة (4). وهذا لا نجده في المذهب، وإنما عول في الوجوب ~~على ما نذكره من إعادة الصلاة لتركها عمدا، وإن كان بعد الوقت. والاستحباب ~~على سقوط السجود في تركها. وتركها (5) لا يخلو من ثلاثة أقسام: # إما أن يكون عمدا؛ ففي المذهب ثلاثة أقوال: المشهور: صحة صلاته ولا سجود ~~عليه، بل يؤمر أن يستغفر لينوب (6) له ثواب الاستغفار على ما فاته من ~~تركها. والقول الثاني: أنه يعيد وإن خرج الوقت. وهذا بناء على أن من ترك ~~السنن عامدا يجب عليه الإعادة أبدا. والقول الثالث: أنه يسجد قبل السلام ~~كالتارك لها ناسيا (7). وهذا لأنه يرى أن السجود ورد في PageV01P411 # # الناسي تنبيها على أن العامد أحرى وأولى أن يتدارك الترك بالسجود. وإما ~~أن يكون سهوا فالمشهور الأمر بالسجود قبل السلام. وفي مختصر ابن شعبان: لا ~~سجود عليه. ومنه أخذ أبو الحسن اللخمي الاستحباب. ويحتمل أن يكون بناء على ~~ما قاله [أولا] (1) أو لأن السجود لم يرد في ذلك، ولا يتعدى به ما ورد فيه. ~~وهذا هو الظاهر، وهو قول [مالك] (2) والشافعي. وإما أن يكون جهلا. وفي ~~الجاهل قولان: هل هو كالعامد أو كالناسي؟ والمشهور أن قراءة غير أم القرآن ~~في الركعتين الآخرتين لا تستحب. ومن قرأ بغير أم القرآن فيهما لم يكن عليه ~~السجود ولا غيره. ووقع لمحمد بن عبد الحكم ما يقتضي استحباب القراءة. ولعله ~~يرى أن الصلوات محل الأذكار، والقراءة من أفضل الأذكار. وتكثيرها في الصلاة ~~مأمور به ما لم يؤد إلى التطويل المخرج للصلاة عن بابها. # ... ### | فصل (هل يؤمن الإمام) # ويؤمر (3) الفذ والمأموم عند ختم أم القرآن بأن يقول: "آمين" بلا خلاف. ~~وهل يؤمن الإمام؟ في المذهب قولان: المشهور أنه لا يؤمن، والشاذ أنه يؤمن. # وسبب الخلاف اختلاف ظواهر [الآثار] (4). وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - ~~أنه قال: "فإذا قال ms112 الإمام ولا الضالين فقولوا آمين" (5). وهذا يقتضي ظاهره ~~أن الإمام PageV01P412 # # لا يؤمن. وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أمن الأمام ~~فأمنوا" (1). وظاهره أن الإمام يؤمن. وقد تؤول الأول على أن المقصود به ~~بيان محل تأمين المأموم. وأنه بعد قول الإمام "ولا الضالين" لا بعد تأمين ~~الإمام. فعلى هذا لا تكون فيه حجة على أن الإمام لا يؤمن. وتؤول الثاني على ~~أن معناه إذا بلغ الإمام التأمين لا أنه يؤمن (2). والصحيح عند المتأخرين ~~أن الإمام يؤمن لقول ابن شهاب: "وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~يقول: آمين" (3). هذا وإن كان من المراسيل، فإن الصحيح عند الأصوليين القول ~~بها لا سيما مراسيل مثل ابن شهاب. ### | (ما يقول المصلي عند الرفع من الركوع) # وينخرط في سلك هذا الخلاف في قول: "ربنا ولك الحمد". ولمالك في ذلك ~~قولان. وقد روي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ذلك (4). وفي ~~كتاب مسلم عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول إذا رفع رأسه من الركوع ~~يقول: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملئ ~~السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد لا مانع لما ~~أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" (5). وما وقع لمالك من ~~كراهية أن يقول المصلي: "حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه" (6). فإنما كرهه لئلا ~~يعتقد أنه من فروض الصلاة أو من فضائلها. وما ورد لابن شعبان من أن ~~PageV01P413 # # قائل ذلك تبطل صلاته لا معنى له، لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من ~~الثناء، على قائل ذلك. وهل يقول المأموم والفذ والإمام على أحد القولين: ~~"ربنا لك الحمد"، أو "ربنا ولك الحمد" بزيادة الواو، أو هو مخير في ذلك؟ ~~واختلفت الروايات عن مالك في ذلك أيهما المستحب؟ فاستحب في رواية ابن ~~القاسم زيادة الواو، وفي رواية إسقاطها. وهو على الخلاف في معنى قول ~~الإمام: سمع الله لمن حمده؛ هل هو دعاء فيكون المستحب ms113 إضافة الواو لأن معنى ~~ذلك: اللهم استجيب لنا ولك الحمد على استجابتك، [أو كأنه خبر] (1) فكانه ~~يقول الله سامع لمن حمده فلا يضاف الواو؛ لأن معنى ذلك مجرد التحميد من غير ~~دعاء ولا حمد على الاستجابة (2). # ... ### | باب في حكم من جاء والإمام راكع # والمطلوب في حق هذا إدراك الركعة والوصول إلى الصف. وقد اختلف المذهب إذا ~~لم يمكنه الإتيان بهما أيهما الأولى؟ فقيل إدراك الركعة هو المقدم، فيركع ~~حيث انتهى. وقيل: إدراك الصف هو المقدم، فلا يركع إلا أن يدرك الصف. وإذا ~~أمرناه بالركوع فهل يدب إلى الصف؟ أما إن بعد فلا يدب إليه، وأما إن قرب دب ~~إليه. # ومتى يفعل ذلك هل في حالة الركوع أو بعد رفع رأسه منه؟ فيه قولان: ~~أحدهما: أنه يدب راكعا كي (3) لا يرفع الإمام رأسه وهو غير مستو في الصف. ~~والثاني: أنه يدب بعد رفع رأسه؛ لأن فعل ذلك راكعا مما يشق، وقد يشوش المشي ~~على حالة الركوع. # وما حد القرب في المذهب روايتان (4): إحداهما: أنه الصفان. PageV01P414 # # والثانية: أنه ثلاثة صفوف. وظنه أبو الحسن خلافا، وليس كذلك؛ بل المقصود ~~جواز الندب إذا كان قريبا، والاثنان (1) من الثلاثة قريب، ولا أصل للتحديد ~~إلا ما يعد قريبا. # ... ### | باب في أحكام الركوع والسجود والجلوس. # وقد قدمنا الخلاف في الطمأنينة في أركان الصلاة هل هي فرض أو سنة. وسبب ~~الخلاف تعارض قوله تعالى: {اركعوا واسجدوا} (2). وقوله - صلى الله عليه ~~وسلم - للأعرابي: "ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا واجلس ~~حتى تطمئن جالسا فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك" (3). وبين الأصوليين خلاف في ~~الألفاظ هل تطلق على أوائل الأسماء أو على أواخرها؛ فإن قلنا بانطلاقها على ~~أواخر الأسماء كانت الآية والحديث متفقين. وإن قلنا بانطلاقها على الأوائل ~~فيجزي أقل (4) ما يقع عليه اسم ركوع بظاهر الآية ويعارضها نص الخبر، وهو من ~~أخبار الآحاد. وبين الأصوليين خلاف في المقدم منها. # وكذلك الخلاف في الاعتدال في الرفع من الركوع والسجود هل يجب أم لا على ~~هذا؟ # وإذا ms114 قلنا بوجوب الطمأنينة فما مقدارها؟ هو أن تستقر الأعضاء في أماكنها ~~وتسكن (5). وإذا حصل ذلك وزاد المكلف عليه فهل تعد الزيادة PageV01P415 # # فرضا لأنها من جنس الفرض ولا فاصل أو تعد نفلا لأن الفرض ما لا يسوغ ~~تركه؟ وهذا مما لو تركه لم يأثم في ذلك، قولان. وهذا النظر في المقدار ~~المجزي من الركوع والسجود والاعتدال منهما. # ويسجد على الأنف والجبهة جميعا، فإن اقتصر على أحدهما ففي المذهب ثلاثة ~~أقوال: أحدها: أنه لا يجزي إلا السجود عليهما جميعا لقوله - صلى الله عليه ~~وسلم -: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم" (1). فذكر الجبهة، وأشار إلى الأنف. ~~والثاني: إجزاء أحدهما عن الآخر. والثالث: إجزاء الجبهة عن الأنف دون الأنف ~~عن الجبهة. والقولان مبنيان على أن الأمر هل ينطلق على المندوب؟ وقوله - ~~صلى الله عليه وسلم -: "أمرت" يحتمل أن يريد [أمرت] (2) ندبا، والذمم على ~~البراءة فلا تعمر إلا بيقين (3). لكن التفرقة لأن الوجه (4) على الجملة به ~~تحصل حقيقة السجود. وفي الحديث: "عفر وجهك (5) في التراب" (6). وتخصيص ~~الجبهة يدل على أن السجود على الأنف غير واجب. # وأما مقدار الكمال في الركوع والسجود فهي (7) في الركوع انتصاب الظهر بعد ~~انحنائه ومساواة الرأس حتى لو مد خيط مستقيم على الظهر والرأس لمد. ووضع ~~اليدين على الركبتين. وهو في السجود أن يسجد على الرجلين والركبتين والكفين ~~والأنف والجبهة، ويفرج بين بطنه وفخذيه، ويجافي بضبعيه وهما عضداه ومرفقاه ~~عن جنبيه. ومن أهل المذهب من لا يستحب التفريج للمرأة لأن تركه لها (8) ~~أستر بخلاف الرجال. # وأين يضع يديه في سجوده؟ لم يحد مالك في ذلك حدا. وروي عن PageV01P416 # # رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يسجد بين كفيه، واستحب ذلك ~~المتأخرون من أهل المذهب. # ... ### | فصل (في هيئة الجلوس) # وهيئة الجلوس (1) عندنا على صفة واحدة في الجلسة الوسطى والآخرة وبين ~~السجدتين. وهو التورك فيفضي بإليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمنى ويجعل ~~باطن إبهامها (2) مما يلي الأرض، ويثني اليسرى، ويضع يديه على ركبتيه. أما ~~في جلوسه بين السجدتين فيضعهما مبسوطتين. وأما في ms115 جلوسه للتشهدين فيبسط ~~اليسرى ويقبض اليمنى. وصورة ما يفعل أن يقبض ثلاثة أصابع وهي الوسطى ~~والخنصر وما بينهما، ويبسط المسبحة، ويجعل جانبها مما يلي السماء، ويمد ~~الإبهام على الوسطى، وهذا كالعاقد (3) ثلاثة [وعشرين] (4). وهل يشير ~~بالمسبحة أو يمدها غير محرك لها؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدهما: أنه يشير ~~بها. فقيل المراد بذلك طرد الشياطين وقمعها. وهذا أيضا تحقيق معناه أنه ~~يقرر (5) على نفسه PageV01P417 # # ما يذكر من التشهد (1). ويذكرها بالتقصير عن معاني ما يذكره ويمنعها أيضا ~~من الغفلة عن ذلك. والقول الثاني: أنه [يبسط (2) مسبحته (3) غير محرك (4) ~~لها. قيل المراد بذلك الإشارة إلى الوحدانية. والقول الثالث: أنه] (5) ~~يبسطها موحدا إلى أن يبلغ قوله: "أشهد أن لا إله إلا الله" فيشير بأصبعه ~~مقررا على نفسه جميع ما يلزمه الإيمان به. وهذا كله لا ينبغي أن يعد خلافا، ~~وإنما يعد هيئات (6). وهي عنوان على ما في الباطن فيعتقد (7) الإنسان منها ~~بقدر ما يكون في باطنه في تلك الحالة من التقرير على النفس، والإشارة إلى ~~التوحيد أو تنبيه النفس على الغفلة عن الذكر. # ... ### | باب في أحكام الناعس والغافل والزاحم # (8) # وقد قدمنا أن المشروع متابعة (9) الإمام لا مسابقته ولا مقارنته. وذكرنا ~~حكم المسابقة والمساواة في تكبيرة الإحرام، وحكمها فيما عدا ذلك من ~~الأركان. والمتابعة (10) أن يفعل المأموم الأركان عقيب فعل الإمام. فإن لم ~~يمكنه ذلك لأنه نعس نعاسا لا ينقض وضوءه أو زوحم أو غفل، فلا يخلو أن يطرأ ~~له ذلك بعد أن عقد الركوع وعند أخذ الإمام في السجود، أو قبل PageV01P418 # # أن يعقد مع الإمام الركوع؛ فإن طرأ له بعد أن عقد الركوع فهاهنا يتبع ~~الإمام في السجود ما لم يعقد الإمام الركعة الثانية. # وفي عقدها قولان: أحدهما: أنه رفع الرأس منها. والثاني: أنه وضع اليدين ~~على الركبتين. وإن طرأ له ذلك قبل أن يعقد معه الركوع؛ فأما الناعس والغافل ~~ففي تلافي ما فاته من الركوع ثلاثة أقوال: # أحدها: أنه لا يتلافى بوجه، صحت له مع الإمام ركعة أو لم تصح. لأن ~~المشروع أن ms116 يفعل عقيب الإمام، وهذا قد تأخر عنه. وانشغاله بتلافي ما مضى ~~مخالفة عليه. وإنما يشتغل باتباعه فيما يأتي به. # والقول الثاني: أنه يتبعه، صحت له مع الإمام ركعة أم لا. وهذا بناء على ~~أن المتابعة (1) إنما تلزم مع القدرة عليها. فإن (2) لم يتبعه فيصير زائدا ~~في صلاته زيادة مستغنى عنها. وكأن هذين القولين مبنيان على تقابل مكروهين: ~~أحدهما: مخالفة الإمام، والثاني: محاذرة زيادة مستغنى عنها. # والقول الثالث: أنه إن عقد مع الإمام ركعة بسجدتيها اتبعه لأنه بانعقادها ~~تنسحب عليها حرمة الجماعة. وإن لم يعقد معه ركعة [بسجدتيها] (3) فلا يتبعه؛ ~~لأن حرمة الجماعة غير حاصلة. وهذا مذهب الكتاب. # وإذا قلنا إنه يتبعه فإلى أي مكان؟ في المذهب قولان: أحدهما: ما لم يرفع ~~رأسه من السجود. والثاني: ما لم يعقد (4) الركعة الثانية. # وسبب الخلاف هل القيام فرض في حق المأموم وإنما يسقط عنه إذا كان مسبوقا ~~للضرورة (5) فيتبعه هاهنا ما لم يرفع رأسه من السجود؟ أو القيام ~~PageV01P419 # # في حقه غير فرض للاتفاق على إدراك المسبوق فيتبعه هاهنا ما لم يعقد ~~الركعة الثانية؟ # وإذا قلنا إنه يتبعه ما لم يرفع رأسه من السجود فهل المراد بذلك السجدتان ~~جميعا أو السجدة الأولى؟ الظاهر من المذهب أنهما جميعا. وقال بعض المتأخرين ~~من الأندلسيين المراد السجدة الأولى؛ لأنه إذا رفع رأسه منها حال بينه وبين ~~الاتباع فرض كامل وهو أحد السجدتين. وإذا قلنا إنه يتبعه ما لم يعقد الركعة ~~الثانية فهل عقدها وضع اليدين على الركبتين أو رفع الرأس منها؟ قولان ~~متقدمان (1). ### | (حكم الزاحم) # وأما الزاحم ففيه قولان: أحدهما: أنه معذور كالغافل والناعس، بل عذره ~~أظهر إذ لا مبدأ (2) تفريط عنده. والثاني: أنه غير معذور فلا يتبعه بوجه. ~~وهذا بناء على ما قدمناه من أن الحاضر العقل المتلقي للخطاب لا يتعذر الفعل ~~عليه وهذا إشارة إلى جواز تكليف ما لا يطاق. وقد قدمنا الخلاف فيمن أهريق ~~ماؤه، هل يكون بمنزلة الناسي أو بمنزلة العامد؟ وكذلك المفرق ناسيا إذا ذكر ~~فطال طلبه للماء. # ... ### | باب في صفة أداء ms117 الصلاة # ويؤمر المصلي بالخشوع باطنا وظاهرا، وإكمال (3) الأركان، وتحسين السنن ~~(4) والفضائل، وملازمة الهيئات. على أن مالكا كثيرا ما كان يهرب من ~~التحديدات التي لم يشتهر كونها فضيلة أو سنة (5). ويحاذر أيضا من ظهور ~~PageV01P420 # # الخشوع على الظاهر دون الباطن. ولهذا لم يحد أين يضع [المصلي] (1) بصره. ~~وأنكر وضع اليدين إحداهما على الأخرى في القيام في الفرائض، وأجازه فيما ~~إذا طال القيام في النوافل. ولم يحد في البداية عند الانحطاط إلى السجود ~~حدا. وحكي في كتاب ابن حبيب أن ابن عمر كان يبتدئ (2) بوضع ركبتيه على ~~الأرض ثم يديه (3). وفي المبسوط استحباب الابتداء باليدين قبل الركبتين. ~~قال الأشياخ: وهو أقرب إلى الخشوع. وقد وقع في المذهب أيضا خلاف؛ هل يستحب ~~الاعتماد على اليدين عند القيام إلى الثانية والرابعة لأنه أقرب إلى ~~الخشوع، أو لا يستحب ذلك إذ لا تحديد ثابت فيه يقتضي كراهية غيره. ومن ~~التواضع وضع أعز الأعضاء على الأرض وهي الجبهة والأنف. وفي معنى الأرض كل ~~ما تنبته مما لا يقصد به الترفه. # وقد اختلف في ثياب الكتان والقطن، هل يكره وضع الجبهة والكفين عليهما ~~لأنهما خرجا بالصنعة عما تنبته الأرض، أو لا يكره ذلك التفاتا إلى أصلهما؟ ~~وقال المحققون من المتأخرين: إذا كان الأصل كراهية الرفاهية فكل ما فيه ~~ترفه ولو كان مما تنبته الأرض كحصر السمان فإنه يكره، وكل ما لا ترفه فيه ~~فإنه لا يكره. وإن كان مما لا تنبته الأرض كالصوف وما يصنع منه مما لا يخرج ~~إلى ما يقصد به الترفه. وهذا إنما يكره في حق الوجه والكفين، وأما غيرهما ~~من الأعضاء فيجوز أن يضعه على كل طاهر. والفرق أن الخشوع والتذلل يحصل بوضع ~~الوجه واليدين على الأرض وما في معناها. وأما غير ذلك من الأعضاء فالرجلان ~~مما لا خشوع (4) في وضعهما على الأرض. والركبتان مما شرع سترهما، وعلى هذه ~~الأعضاء السجود. والأصل في هذا المعنى الذي قدمناه كون المسجد الحرام محصبا ~~من غير حائل بين المصلي وبين الأرض. وقوله - صلى الله عليه وسلم -:"عفر ms118 ~~وجهك (5) في PageV01P421 # # الأرض" (1). ويكره ستر اليدين بالكمين في السجود إلا أن تدعو إلى ذلك ~~ضرورة من حر أو برد. # ... ### | فصل (حكم السجود على كور العمامة) # ويكره السجود على كور العمامة؛ وهو طاقتها. فإن سجد عليها فلا تبطل صلاته ~~إلا أن تكثر الطاقة جدا بحيث تكون كالحائل بين الوجه وبين الأرض، فيصير ~~كأنه أومأ، وفرضه السجود فتبطل صلاته. # ... ### | فصل (في حكم من اعتمد على حائط أو عصا) # ومن صفة الأداء أن لا يعتمد (2) على حائط أو عصا في قيامه وجلوسه، فإن ~~اعتمد على ذلك فإن كان اعتماده بحيث لو أزيل المعتمد عليه لسقط بطلت صلاته. ~~لأنه لم يأت بحقيقة القيام ولا الجلوس. وإن كان بحيث لو أزيل لم يسقط صحت ~~صلاته على كراهية (3) فيها. وهذا في حق من يفرض عليه القيام؛ وهو القادر ~~عليه في صلاة (4) الفرض. وأما من يعجز عن القيام أو الجلوس إلا معتمدا ~~ففرضه الاعتماد، وله الجلوس مع الاختيار في النافلة (5)، فأحرى أن يجوز له ~~القيام معتمدا. لكن في المذهب قولان: هل يجوز له الاضطجاع في النافلة مع ~~القدرة على الجلوس؟ فعلى PageV01P422 # # القول بجواز ذلك لا شك في جواز الاعتماد في الجلوس، وعلى القول بمنع ~~الاضطجاع مع الاختيار قد يمنع الاعتماد في الجلوس. إلا أن يقال إن النافلة ~~محل الرخص وهذا منه. وإنما الخلاف في جواز الاضطجاع، فيه (1) خلاف في وروده ~~على ما سيأتي بيانه. # ... ### | باب في أحكام المريض # وقد قدمنا تحديد الفروض جملة وتفصيلا، وذلك في حق القادر. وأما العاجز ~~فقد ذكرنا حكمه في التكبير والقراءة، وأما غير ذلك من الأركان فإن عجز عن ~~جميعها بالمرض أو ما في معناه، فلا يخلو من أن يقدر على حركة بعض أعضائه، ~~كرأسه أو يديه أو حاجبه أو غير ذلك من الأعضاء، فهذا لا خلاف أنه يصلي، ~~ويؤمر بما قدر على حركته. وإن عجز عن جميع الحركات ولم يبق له سوى النية ~~بالقلب فهذه الصورة لا نص فيها في المذهب. وأوجب الشافعي عليه إيجاب القصد ~~إلى الصلاة بقلبه لأن روح ms119 الصلاة القصد [وبه تتم] (2). فمقصودها حالة تحصل ~~بالقلب. # وأسقط أبو حنيفة الصلاة عن من وصل إلى هذه الحالة. لأن الصلاة أقوال ~~وأفعال، والنية قصد إلى التقرب بالأقوال والأفعال. فإذا عجز عن التقرب بها ~~فلا مقصود هاهنا يتميز بالنية. # وقد طال بحثنا عن مقتضى المذهب في هذه المسألة. والذي عولنا عليه في ~~المذاكرات موافقة مذهب الشافعي مع العجز عن نص يقتضيه في المذهب. فالمسالة ~~في غاية الإشكال من [جهة أن التكليف لا يمكن إلا متمكنا ولا يقع التكليف ~~إلا بممكن (3). ولكن] (4) الاحتياط مذهب الشافعي، PageV01P423 # # والرجوع إلى براءة الذمة هو مقتضى مذهب أبي حنيفة. ولا يبعد أن يختلف ~~المذهب في هذه المسألة [وإن وجد فيها نص] (1). # وإن قدر على بعض الأركان دون بعض أتى بالمقدور عليه وسقط عنه المعجوز ~~عنه. لكن اختلف الأشياخ في من قدر على القيام فإن ركع وسجد لم يقدر على ~~النهوض إلى القيام في باقي الركعات، وإن أومأ استمر على القيام؛ فقال ~~بعضهم: يركع ويسجد ويسقط عنه القيام في باقي الصلاة؛ لأن الركوع والسجود ~~فرض وله حق السبق في الحال، فلا يسقطه (2) القيام. وفيه خلاف هل هو فرض ~~لنفسه أو للقراءة. وفي القراءة خلاف هل هي فرض أم لا؟ # وقال بعضهم: بل يكمل صلاته إيماء لأنه يأتي بالبدل عن الركوع والسجود وهو ~~الإيماء، والقيام لا بدل عنه, لأن الجلوس حالة من أحوال الصلاة، وليس من ~~جنس القيام بسبيل. وعلى هذا الرأي يركع ويسجد في الركعة الآخرة لأنه لا يجب ~~عليه القيام فيعود إليه. # ولو قدر على القيام والجلوس ولم يقدر على الركوع والسجود جملة؛ فإنه يومئ ~~للركوع والسجود. وكيف صفة إيمائه؟ قال الأشياخ: يومئ للسجدة الأولى (3) من ~~القيام وللسجدة الثانية من الجلوس إن أمكنه ذلك. وهذا لأنه يخر إلى السجدة ~~الأولى من قيام، فيفعل في الإيماء ما كان يفعله في السجود. وهل عليه أن ~~يبلغ في الإيماء منتهى وسعه؟ ظاهر المذهب على قولين: أحدهما: أنه ليس عليه ~~ذلك. وأخذ من قوله في الكتاب: ويجعل إيماؤه للسجود أخفض منه ms120 للركوع (4) ~~والثاني: عليه استيفاء ما في وسعه. وأجرى أبو الحسن اللخمي هذا الخلاف على ~~الخلاف في الحركة إلى الأركان. وهل هي مقصودة أم لا؟ وفي ذلك نظر لأن ~~المطلوب هاهنا PageV01P424 # # إيماء يكون (1) عوضا عما عجز عنه. وقد عجز عن كمال السجود فيطالب بكمال ~~الإيماء. وكماله هو المعنى المفروض كنفس السجود، وليس هو في حق هذا كالحركة ~~إلى الأركان، بل هو الركن في نفسه. والذي في الكتاب إنما ذكر فيه أن يفرق ~~فيه بين الإيماء للركوع وبين الإيماء للسجود. فيمكن أن يريد أنه يبلغ وسعه ~~في إيمائه إلى السجود ويقصر عن ذلك في الركوع للفرق بين الركعتين مما كان ~~في المنزلة [لو كان صحيحا] (2). # ... ### | فصل (في المريض يصلي حسب ما تيسر له) # ويصلي المريض بحسب ما يمكنه ويتدرج في إسقاط الفروض والسنن والفضائل بحسب ~~ما تدعو الضرورة إلى إسقاطها. فإن قدر على القيام لكن عجز عن تطويل القراءة ~~(3) في الصبح والظهر مثلا، فيصلي بأم القرآن وسورة [من] (4) القصار (5) أو ~~بأم القرآن خاصة. فإن عجز عن كمال القيام بأم القرآن (6)، فهاهنا مقتضى ~~الروايات أنه ينتقل إلى الجلوس. وهذا ظاهر على القول بأن قراءة أم القرآن ~~فرض في كل ركعة. وأما على القول بأنها فرض في ركعة واحدة فإنه ينبغي أن ~~يقوم بمقدار ما يمكنه إلا في ركعة (7) واحدة فإنه يجلس ليأتي بأم القرآن. # لكن اختلف المذهب هل القيام مقصود لنفسه وعليه يتخرج ما قلناه، أو هو ~~مقصود للقراءة فإذا لم يمكن (8) الإتيان بها سقط؟ وهكذا يجري الأمر ~~PageV01P425 # # إن قلنا إن القراءة فرض في الجل فيختلف في الأقل على حسب ما بيناه (1). # ولو عجز عن القيام إلا متوكئا ففرضه (2) التوكؤ. فإن جلس أعاد أبدا ولو ~~عجز عن الجلوس إلا مستندا ففرضه الاستناد. فإن اضطجع أعاد أبدا (3). # وفي الكتاب لا يستند بحائض ولا جنب (4)، فإن فعل أعاد في الوقت. واختلف ~~في علة ذلك. فقال أبو محمد بن أبي زيد إنما هذا إذا (5) كان في ثيابهما ~~وأبدانهما نجاسة. وعلى هذا لا فرق بين الحائض والجنب ms121 وغيرهما. وقال القاضي ~~أبو محمد عبد الوهاب: إنما ذلك لأنهما معينات للمصلي. فيستحب أن يكون ~~المعين على أكمل الأحوال، كما يؤمر حامل الجنازة بأن يتوضأ ليكون على (6) ~~أكمل الأحوال. وألزم على هذا ألا يستند إلا إلى متوضئ. والظاهر أنه خص ~~الجنب والحائض بالكراهية لمخالفتهم حالة (7) المصلي. فإن استند بهما فقد ~~صار مرتكبا لنهي الكراهية. فيتلافى (8) ارتكابه لذلك بأن يعيد في الوقت ~~استحبابا. وأجاز أشهب الاستناد إلى الحائض والجنب. وعلى طريقة (9) أبي محمد ~~ابن أبي زيد لا يعد خلافا لأن معنى الإجازة إذا لم تكن معهما نجاسة، وعلى ~~الطريقة الأخرى يكون خلافا. PageV01P426 # ### | (كيف يستلقي المريض في صلاته) # وإن لم يقدر إلا على الاستلقاء بالأرض فيصلي مستلقيا. وكيف صفته؟ فيه ~~قولان: فقيل يبدأ بجنبه الأيمن تعويلا على قوله تعالى: {فاذكروا الله قياما ~~وقعودا وعلى جنوبكم} (1)، وحمل الذكر هاهنا على الصلاة، وقياسا على الدفن. ~~وقيل يبدأ بالاستلقاء على الظهر ويجعل رجليه مما يلي القبلة حتى لو أقيم ~~لكان مستقبلا. وهذا لأنه يشير برأسه ويديه. وبهذه الصورة تحصل الإشارة إلى ~~القبلة. ويحمل قائل هذا الذكر (2) [في الآية] (3) على أنه في غير الصلاة ~~لقوله تعالى: {فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله} (4)، وظاهره ذكر بعد انقضاء ~~الصلاة. # وإذا قلنا إنه يبتدئ بالجانب الأيمن فإن لم يستطع فهل يصلي مستلقيا على ~~ظهره لما قلنا من حصول الإشارة إلى القبلة أو على الجانب الأيسر لاشتمال ~~الآية في أحد التأويلين عليه؟ في ذلك قولان. # ومتى افتتح الصلاة على صورة الكمال فطرأ له العجز أو بالعكس أتم على حسب ~~ما عادت إليه حالته بلا خلاف عندنا. وإن عجز عن استقبال القبلة بنفسه حول ~~إليها، فإن عجز عن تحويله سقط حكم الاستقبال في حقه كالمسايف. وفي الكتاب ~~إذا صلى إلى غير القبلة أعاد ما دام في الوقت بمنزلة الصحيح (5). فأما من ~~صلى (6) وهو قادر على التحويل أو التحول فينبغي أن يعيد أبدا. وأما من لم ~~يقدر على ذلك لفقد من يحوله فينبغي أن يختلف في إعادته كما اختلف في ~~[إعادة] (7) المريض يعدم ms122 من يناوله الماء فيتيمم ويصلي ثم يجد من يناوله. ~~وقد مر الخلاف في ذلك. PageV01P427 # ### | (صفة جلوس المريض) # وإذا قدر المريض على الجلوس ولم يقدر على التخيير (1) في صفته صلى بحسب ~~ما يمكنه. فإن قدر على التخيير؛ فالمشهور من المذهب فيه وفي المتنفل جالسا ~~أنه يتربع في موضع القيام. وعول في ذلك على فعل ابن عمر. وقد كان يتربع، ~~وهو كثير الاقتداء بأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وحكى محمد بن عبد ~~الحكم أن الأولى أن يجلس في موضع القيام كجلوسه في موضع الجلوس، واستحبه ~~(2) المتأخرون؛ لأنه أقرب إلى التواضع والمتربع مخالف لصفة المتواضع. وقد ~~قيل: إن ابن عمر إنما كان يجلس كذلك لعلة كانت برجله تمنعه من التربع. لكن ~~هذا الذي حكاه محمد بن عبد الحكم لا يحصل به الفرق بين جلوس القيام وجلوس ~~التشهد. # وحكى الشافعي في الاختيار في الجلوس ثلاثة أوجه: أحدها: ما حكاه ابن عبد ~~الحكم. والثاني: أنه يجلس ويضم ركبتيه إلى صدره كالمحتبي. والثالث: أنه ~~يجلس ضاما لركبته اليمنى إلى صدره وثانيا لركبته اليسرى، كالجالس بين يدي ~~أستاذه. # وبالجملة فالمقصود صفة تفرق بينهما وبين الجلوس للتشهد وتكون صفة تقتضي ~~التواضع، ومتى خولفت لم تبطل الصلاة بلا خلاف (3). # ... ### | ### | فصل # (إذا تعذر عليه السجود) # وإذا امتنع [السجود] (4) لعلة بالوجه، فإن المشروع (5) الإيماء كما ~~PageV01P428 # # قدمناه. فإن أبدل الإيماء بأن رفع إلى وجهه شيئا، ففي الكتاب لا إعادة ~~عليه (1). وقال أشهب: إنما ذلك إذا أومأ، فإن لم يومئ أعاد أبدا. وقد قدمنا ~~هل يجب عليه كمال ما في وسعه من الإيماء أم لا؟ # ... ### | فصل # وهذا حكمه إذا كان لم يدخل المرض على نفسه، فإن أدخله بأن قدح (2) الماء ~~من عينه حتى صار يصلي مستلقيا؛ ففي المذهب قولان: أحدهما: صحة صلاته ولا ~~إعادة عليه، قاله أشهب وغيره من أهل المذهب، كالمسافر يطلب الأرباح لأنه ~~يسافر طلبا لنماء المال وشق المفازات فينتقل إلى التيمم، فأحرى أن يجوز له ~~الانتقال إلى الإيماء لطلب الصحة للجسم. # ومذهب المدونة يعيد (3) أبدا. ولعل هذا بناء على ms123 أن الرخص لا يقاس عليها. ~~وعلل بأن القادح لا يوقن (4) بالبرء، والعادة جارية بذلك غالبا. فكأنه ~~انتقل عن الكمال إلى أمر متردد في نجحه وعدم نجحه، بخلاف الأسفار في طلب ~~الأرباح فإن الغالب وجودها. وقائل هذا الأمر لم يقف على حقيقة الأمر في ~~القدح. والغالب وجود المنفعة به. والدواء فيه أظهر نجحا من غيره فأحرى أن ~~يجوز له أن ينتقل إلى الإيماء ليطلب الصحة. ومذهب المدونة أنه يعيد أبدا. ~~وهل هذا بناء منه على أن الرخص لا يقاس عليها أو بناء منه على أنه لا ينجح ~~في طلب المقصود، وأن العادة عنده جارية بذلك فلا يجوز له أن ينتقل إلى ~~الإيماء وكذلك التيمم؟ # ... PageV01P429 # ### | باب في الصلاة على الدابة # ومن اضطر إلى الصلاة على الدابة لعدم القدرة على النزول إما لمرض أو ~~لخوفه، صلى الفريضة عليها. فإن قدر على التحول إلى القبلة تحول، وإلا سقطت ~~في حقه. فإن أمن الخائف في الوقت فهل يعيد؟ قولان: أحدهما: أنه يعيد في ~~الوقت. وهذا لظهور الأمن في الوقت. وحقه أن يؤخر إليه. والثاني: أنه لا ~~يعيد قياسا على الخائف من العدو. وإن قدر المريض على النزول إلى الأرض ~~وكانت صلاته بالأرض أكمل من صلاته على الدابة، فلا خلاف أنه يجب عليه ~~النزول. فإن لم يفعل بطلت صلاته. وإن تساوت حالاته وكانت صلاته على الدابة ~~كصلاته على الأرض لأنه لا يمكنه الإيماء، فهاهنا قولان: أحدهما: أنه ينزل ~~لقوله عليه السلام: "جعلت لي الأرض (1) مسجدا وطهورا" (2). والثاني: أنه لا ~~ينزل لتساوي حالته. والحديث محمول على بيان جواز الصلاة (3) بكل مكان من ~~غير اختصاص بمكان مخصوص. وقد حمل أبو محمد بن أبي زيد على المدونة أنه متى ~~تساوت حالته صلى على الدابة. وإنما تكلم في الكتاب على أنه مختلف الحالة، ~~وحمل عليها غيره من الأشياخ أنه ينزل وإن تساوت حالته حتى يباشر الأرض ~~ليظهر التواضع. وهذا الكلام في الفرض. # وأما النافلة فلا يصلي عندنا على الدابة اختيارا في الحضر والسفر الذي لا ~~تقصر فيه الصلاة، وقد ثبتت ms124 في رخص الشريعة. وهي على ثلاثة أقسام: قسم تقرر ~~الإجماع أنه لا يختص بالسفر كأكل الميتة للمضطر ومسح الجبيرة، عند من ~~أجازه. وقسم تقرر الإجماع على اختصاصه بالسفر كقصر الصلاة والفطر في رمضان. ~~وقسم اختلف في اختصاصه وعدم اختصاصه كالمسح على الخفين. وقد تقدم الخلاف ~~فيه. والتيمم تقدم الخلاف فيه PageV01P430 # # أيضا. وتبديل هيئة الصلاة للخوف، وقد اختلف الناس فيه، وفي المذهب قولان. # والجمع في السفر لا اختلاف في تخصيصه من حيث الجملة، لكنه اختلف المذهب ~~هل (1) يختص بسفر القصر أو يعم كل سفر. # وأما الجمع للمريض فإنه مما يعم السفر والحضر. والجمع للمطر (2) اختلف ~~الناس فيه (3)، والمذهب جوازه. وإذا أجزناه عم الحضر والسفر. # وأما ما نحن بسبيله هو التنفل على الدابة؛ فيختص عندنا بالسفر كما تقدم ~~إذ لم يثبت في غير سفر وإنما ورد في السفر. فإذا ثبت جوازه فلا يتعدى به ما ~~ورد. ولهذا لا يؤمر المصلي على الدابة بالركوع والسجود، بل يجزيه الإيماء. ~~وإن أمكنه التربع في موضع القيام والتهيئ للإيماء والتورك في موضع الجلوس ~~فعل، وإلا سقط عنه ذلك. ويصلي حيث ما توجهت به دابته، ولا يلزمه التوجه ~~للقبلة للإحرام ولا في غيره إذا كان توجهه إلى غير القبلة. لكن يجعل المكان ~~الذي توجه إليه كالقبلة في حقه فلا يلتفت عنه. وقد حمل قوله تعالى: {فأينما ~~تولوا فثم وجه الله} (4)، على التنفل على الدابة. وله أن يضرب الدابة التي ~~تحته أو غيرها إن احتاج إلى ذلك ويركض ما تحته، لكن يلزم ترك الكلام، وهذا ~~لأنه يفعل ما هو من مصلحة سفره بحسب ما تدعو الضرورة إليه ويترك ما لا تدعو ~~إليه الضرورة. # ... PageV01P431 # ### | فصل (هل تقاس السفينة على الدابة) # وقد (1) ثبت جواز صلاة النافلة إلى غير القبلة على الدابة. وهل يجوز ذلك ~~في السفينة إذا دعت الضرورة إليه؟ فيه قولان: المشهور منعه، والشاذ جوازه. ~~ومبناه على الخلاف في القياس على الرخص هل يقاس عليها أم لا؟ فمن منع منه ~~جاء منه (2) ما في المشهور، ومن أجازه جاء منه ms125 الشاذ. ### | (جواز التنفل جلوسا) # ولا خلاف (3) في جواز ترك القيام في النافلة. وقد ثبت عنه - صلى الله ~~عليه وسلم - أنه كان يصليها جالسا مع القدرة على القيام، وأخبر أن صلاة ~~الجالس على النصف من صلاة القائم (4). لكن اختلف أهل المذهب هل انحطاط ~~الأجر مختص بالقادر لأنه تارك (5) لحظه من القيام، أو يعم القادر والعاجز ~~لعموم الحديث؟ فهذا إذا افتتح الصلاة جالسا. # ولو افتتحها قائما ثم شاء الجلوس؛ ففي المذهب قولان: أجازه في الكتاب ~~(6)، ومنعه أشهب. # وسبب الخلاف هل تمادي القيام كالعمل المتصل فيلزم تمامه على ما ابتدأ به ~~قياسا على صلاة النافلة والصوم والحج، أو كل جزء من القيام PageV01P432 # # عبادة قائمة بنفسها فلا يلزمه تمامه على ما ابتدئ به إلا أن ينذره بلفظه؟ ~~(1) ولا شك أن من افتتح الصلاة جالسا فله القيام، وقد ثبت عنه - صلى الله ~~عليه وسلم - أنه كان يفعله (2). ### | (الخلاف في التنفل للمضطجع) # وهل يجوز التنفل مضطجعا؟ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه لا يجوز على الإطلاق؛ ~~لأنها صفة لم ترد. والثاني: جوازه على الإطلاق، قياسا على ترك فرض القيام، ~~وأيضا فلما ورد في بعض الطرق من أن صلاة القائم على النصف من صلاة الجالس ~~(3)، وصلاة المضطجع على النصف من صلاة الجالس (4). لكن بين الأصوليين خلاف ~~في زيادة العدل هل تقبل أم لا؟ والثالث: جوازه لمن لا يمكنه الجلوس دون ~~القادر، قياسا على صلاة الفرض. # وكذلك اختلف في جواز الإيماء في النافلة مع القدرة على الركوع والسجود؛ ~~فقيل: يجوز قياسا على ترك القيام [في النافلة] (5)، وقيل: يمنع إذ لم يرد ~~إلا في السفر على الدابة. # وفي الكتاب لا بأس بالاحتباء في النوافل للجالس بعقب تربعه (6). ~~PageV01P433 # # ومن صلى فرضه جالسا وهو يقدر على القيام أعاد أبدا. وقد روي بعقب تربعه ~~بالباء، وقد روي تعقب تربعه بالتاء المعجمة باثنتين (1). فالرواية الأولى ~~تقتضي أنه يحتبي بعد التربع. والثانية: تقتضي أنه يتنقل من التربع إلى ~~الاحتباء ومن الاحتباء إلى التربع. على أن معنى الروايتين متقاربة في ~~التحقيق. # ... ### | باب صلاة الإمام أرفع مما عليه ms126 أصحابه # (2). # وروي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلي الإمام على شيء أرفع ~~(3) مما عليه أصحابه. وكأنه أشار بذلك إلى ما أحدثه بعده بنو أمية من ~~التكبر عن مساواة الناس، وكانوا يتخذون موضعا مرتفعا عن محل من يقتدون (4) ~~بهم تكبرا وعبثا. ولا خلاف في المذهب أن القصد إلى ذلك محرم، وأنه متى قصد ~~ذلك (5) بطلت الصلاة. وكذلك قالوا: لو صلى المقتدون على موضع مرتفع قصدا في ~~التكبر عن المساواة فإن صلاة المقاصد إلى ذلك باطلة. فإن صلى الإمام غير ~~قاصد إلى التكبر؛ فإن كان الارتفاع يسيرا صحت الصلاة بلا خلاف. وإن كان ~~الارتفاع كثيرا فللمتأخرين قولان: صحة الصلاة أخذا من قوله في تعليل ~~البطلان "لأن هؤلاء يعبثون". وقيل بالبطلان لعموم النهي في الحديث المتقدم. # ولو ساوى الإمام قوما في الارتفاع وصلى غيرهم على موضع (6) PageV01P434 # # مرتفع. فإن قصد المرتفعون التكبر بطلت الصلاة، وإن لم يقصدوا ذلك ففي ~~إعادة الصلاة في الوقت قولان. وهكذا قال ابن حبيب في الإمام يصلي في ~~السفينة يقوم قوم معه في مكان وقوم فوق السفينة أن المرتفعين يعيدون في ~~الوقت. ويحتمل أن يريد بالإعادة أنهم لا يرون فعل الإمام. # وقد اختلف قوله في المدونة في الإمام يصلي في المسجد ويصلي قوم فوق ~~المسجد بصلاته فكرهه مرة وأجازه أخرى. وعلة الكراهية بالبعد عن الإمام ~~وتفرقة الصفوف وعدم التحقيق لمشاهدة أفعال الإمام. فعلى هذا يكون الجواز ~~إذا قرب أعلى (1) المسجد من أسفله، فيكون خلاف (2) في حال. وكذلك كره في ~~[الكتاب] (3) الصلاة على أبي قبيس (4) وقعيقعان (5) بصلاة الإمام في المسجد ~~الحرام (6). # واختلف الأشياخ في صلاة من فعل ذلك؛ فمنهم من قال: بالصحة، ومنهم من قال: ~~بالبطلان، وهو خلاف في حال. فإن أمكنهم مراعاة فعل الإمام صحت الصلاة، وإن ~~تعذر عليهم ذلك بطلت الصلاة، وهذا يعلم بالمشاهدة. # وكره في الكتاب الصلاة بين يدي الإمام في دور محجورة (7)، وأجازه إن كان ~~في دور دبر القبلة إذا كانت هناك كوى ينظرون منها إلى أفعال الإمام. وفي ~~هذا تفرقة الصفوف. وقد أجيزت ms127 إذا تقارب الموضعان (8) نحوه كالنهر والطريق ~~الصغير. PageV01P435 # # وأجازوا لمن في السفن أن يجتمعوا على الإئتمام بإمام في إحداهما؛ فإن ~~استصحبوا الدوام أتموا صلاتهم، وإن فرقهم الريح كانوا كمن طرأ على إمامهم ~~ما يمنعه الائتمام (1) فيستخلفون لأنفسهم. وإن صلوا أفرادا صحت صلاتهم، وإن ~~اجتمعوا بعد التفريق والإمام لم يكمل فلا يرجعون إلى إمامته، ويجزيهم ~~التمادي على ما هم عليه. [قالوا] (2) بخلاف المأموم يظن أن إمامه أكمل ~~فيقوم يقضي لنفسه، ثم تبين له أن الإمام لم يكمل فإن هذا لا يعتد بما فعله ~~قبل إكمال الإمام ويرجع إلى اتباعه إن بقي له من الصلاة شيء. والفرق ظهور ~~عذر من في السفن وتفريط الظان لإكمال الإمام. # ... ### | فصل (حكم الصلاة بالمسمع) # وهل تجوز الصلاة بالمسمع؟ للمتأخرين ثلاثة أقوال: أحدها: صحة الصلاة لأنه ~~نائب عن الإمام، فعله كفعله. وعمدتهم اقتداء أبي بكر رضي الله عنه بالنبي - ~~صلى الله عليه وسلم - واقتداء الناس بأبي بكر وهو كالمسمع (3). وهذا يدل ~~على أن أبا بكر خرج عن الإمامة، ولأن العمل استمر في سائر الأمصار على تكرر ~~الإعصار على الصلاة بالمسمع. والثاني: بطلان الصلاة لأنه إنما شرع الإقتداء ~~بالإمام لا بعوض منه. والثالث: صحة الصلاة إن أذن الإمام للمسمع، فحينئذ ~~يكون كوكيله، وبطلانها إن لم يأذن له إذ لا تصح الوكالة من غير إذن. # وكذلك اختلفوا على هذا في صحة صلاة المسمع نفسه لنفسه. # ... PageV01P436 # ### | باب في أحكام الإمامة ### | (من الأحق بالإمامة) # ويفتقر الإمام إلى صفتين بعد حصول البراءة عن النقص الذي نذكره بعد. ~~والصفتان: العلم والورع؛ فبالعلم يحصل الأداء، وبالورع تحصل الشفاعة. وقد ~~قال - صلى الله عليه وسلم -: "أئمتكم شفعاؤكم فانظروا بمن تستشفعون به" ~~(1). فإذا وجد من فيه هاتين الصفتين قدم، وإن شاركه غيره فيهما نظر إلى غير ~~ذلك من الفضائل الشرعية والخلقية والمكانية؛ فالشرعية كالشرف في النسب ~~والسن، والخلقية ككمال الصورة، ويلحق به حسن اللباس، والمكانية كمالك رقبة ~~الدار ومنافعها. # وإذا اجتمع الأقرأ والأعلم، فالأعلم هو المقدم عندنا على الأقرأ. وما ورد ~~عنه - صلى الله عليه وسلم - من ms128 قوله: "يؤم القوم أقرؤهم" (2)، محمول عند ~~العلماء على أن الأقرأ في ذلك الزمان هو الأعلم إذ كانوا يتعلمون مع ~~التلاوة ما يتعلق بها من الأحكام والمعاني. # فإن اجتمع فقيه وصالح فالفقيه أولى، إذا لم يكن فيه مانع يمنع الإجزاء ~~على ما نذكره. # وإن اجتمع الأصلح والأفقه فلم أر في المذهب نصا في هذه المسألة. ~~وللشافعية قولان: أحدهما: تقديم الأفقه مراعاة لقدرته على مراعاة إصلاح ما ~~يعرض له (3) في الصلاة من المفسدات الشواذ. والثاني: تقديم الأصلح إذا كان ~~قبله من الفقه (4) ما يمكن به أداء الصلاة وإصلاح ما يعرض له فيها ~~PageV01P437 # # من المفسدات المتكررة والتي (1) ليست شاذة جدا. وكان هذا التفاتا إلى ~~مراعاة الطوارئ البعيدة، وفي المذهب في مراعاتها قولان. وظاهر ما قدمناه أن ~~من كان فقيها صالحا شريفا في نسبه (2)، كبيرا في سنه، كامل الصورة، حسن ~~اللباس، عارفا بالقرآن، مالكا للموضع إن كان الموضع مملوكا؛ هو أولى ~~بالإمامة. فإن نقص من هذه وكان أكمل من غيره قدم. # ومتى اجتمع من تساوت صفاتهم فتشادوا على المتقدم أقرع بينهم إذا كان ~~مطلوبهم حيازة فضل الإمامة لا طلب الرئاسة الدنيوية. # ... ### | فصل (النقص المانع من الإجزاء في الإمامة) # وأما النقص المانع من الإمامة فهو على قسمين: نقص يمنع الإجزاء، ونقص ~~يمنع (3) الكمال. # فأما ما يمنع الإجزاء فهو نوعان: نوع يرجع إلى الخلق، ونوع يرجع إلى ~~الخلق. # فأما ما يرجع إلى الخلق فهو صنفان: صنف يمنع إكمال الفرض، وصنف لفقد ~~الذكورية. # وما يمنع إكمال (4) [الفرض] (5) قسمان: قسم يمنع أحد الأركان كعلة تمنع ~~القيام أو الركوع أو السجود أو جميع ذلك، وقسم يمنع النطق بالقراءة على ~~حقيقتها. PageV01P438 # # وأما ما يرجع (1) إلى الخلق صنفان: صنف يرجع إلى الاعتقاد، وصنف يرجع إلى ~~الجوارح. # وقد يحصل من هذا خمسة أقسام: # أحدها: ما يمنع كمال أحد الأركان أو جميعها. فإن منع القيام فهل تصح ~~الإمامة أم لا؟ أما إن كان (2) المقتدون به قادرون على القيام فالمشهور من ~~المذهب أن الاقتداء به لا يصح. وهذا لما روي عنه - صلى الله عليه ms129 وسلم - من ~~قوله: "لا يؤم أحد (3) بعدي جالسا" (4). والشاذ: صحة الاقتداء به. ويفعل ~~المقتدون به من القيام ما يقدرون عليه. وهذا لما روي من صلاته - صلى الله ~~عليه وسلم - في مرضه بالناس وهو جالس وهم قيام. لكن اختلف فيمن كان إماما ~~هل أبو بكر أو النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدمت الإشارة إليه. وإن ~~كان المقتدون به عاجزين كعجزه فقولان: أحدهما: صحة الاقتداء به لتساوي ~~الحالات ولا مخالفة، والثاني: عدم الصحة لقوله: "لا يؤم أحد بعدي جالسا". # وإذا صححنا الإقتداء به فصح (5) بعض المقتدين فما يفعل؟ قولان: قيل يقوم ~~فيتم لنفسه فذا؛ لأنه افتتح الصلاة بوجه (6) جائز، ولا يصح إتمامه مقتديا. ~~والثاني: أنهم يتمون معه الصلاة قائمين. وهذا تعويلا على صحة الإقتداء به ~~أولا، ومراعاة (7) لقول من يقول يجوز الاقتداء بالجالس وإن كان المقتدي به ~~قائما. ويجري فيه قول ثالث: أنه يقطع الصلاة كالأمة تعتق في الصلاة وليس ~~عليها ما يستر عورة الحرة. # وإن فقد الإمام عضوا من الأعضاء التي يسجد عليها كقطع اليد PageV01P439 # # فالمشهور من المذهب أن ذلك لا يمنع الإجزاء لأنه يكمل الفروض. وظاهر ~~رواية ابن وهب أنه يمنع الإجزاء لأنه قال: لا يصلى وراءه، واحتج بالحديث: ~~"أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء" (1)، وذكر منها اليدين. فإن كان لا يقدر على ~~الإيماء واضطجع (2) فلا تصح إمامته بوجه. # والقسم الثاني: ما يمنع النطق بالقراءة على حقيقتها، وهذا إن كان للجهل ~~بها فلا تصح إمامته بوجه. ومن ائتم به بطلت صلاته لأن القراءة فرض، وهذا ~~ممن لا يمكنه الإتيان بذلك. وهل يجب عليه في نفسه أن يأتم بمن يحسن ~~القراءة؟ قولان: قيل يجب عليه ذلك إن قدر عليه؛ لأن قراءة الإمام قراءة له ~~فعليه تحصيل الفرض في نفسه، أو تحصيل ما فيه النيابة عن هذا الفرض وهو ~~الاقتداء. وقيل لا يجب عليه؛ لأنه خوطب بما قدر عليه من الفرض. # وإن كان للكنة في لسانه فالمنصوص صحة الصلاة. وحكي عن إسماعيل القاضي أنه ~~قال: إذا لم تكن اللكنة في القراءة ms130. وهذا إن صح فيكون في المسألة قولان: ~~صحة (3) الإقتداء لأن اللكنة لا تغير المعنى [عندهم] (4)، وعدم الصحة لأن ~~المطلوب النطق بالحروف، وهو عاجز عن ذلك. # وأما اللحان في القراءة ففي صحة الصلاة وراءه أربعة أقوال: أحدها: أنها ~~لا تصح تنزيلا للحسن منزلة التبديل، وكذلك قال أبو الحسن ابن القابسي وأبو ~~محمد ابن أبي زيد فيمن لا يميز الظاء من الضاد. والثاني: صحتها لأن البدل ~~حركات لا أصل الحروف. والثالث: التفرقة بين أن يكون لحنه في أم القرآن فلا ~~تصح الصلاة لأنها فرض، وبين أن يكون في غيرها فتصح الصلاة لأنه [سنة] (5). ~~وإن أخرجه اللحن إلى الكلام فهو كالذكر. والرابع: PageV01P440 # # الإبطال إن كان اللحن يغير المعنى لأنه حينئذ يصير كالكلام، والصحة إن ~~كان لا يغير المعنى لأنه لم يخرج القرآن عن المعنى. # والقسم الثالث: ما يفقد الذكورية. ولا تكون المرأة إماما للرجال عندنا ~~لنقصها، ولأن صوتها عورة، وقياسا على الخلافة فإن الأمة مجتمعة على أنها لا ~~تكون خليفة، وقد قاس الصحابة الخلافة على الإمامة في الصلاة. وهل تصح ~~إمامتها للنساء (1)؟ قولان: المشهور عدم الصحة طردا للحكم الكلي، وروى ابن ~~أيمن (2) عن مالك أنها تؤم النساء (3). وهذا لأنه عول على أن المنع من كون ~~صوتها عورة، وهو مفقود هاهنا. # وأما الخنثى فإن حكم له بحكم أحد الصنفين عول عليه؛ إما الذكورية وإما ~~الأنوثية. فإن كان حكم عليه بالذكورية فللمتأخرين في إمامته قولان: المشهور ~~صحتها قياسا على الميراث الذي بذلك الصفة يرث. والقول الثاني (4) بالمخ ~~للرجال؛ إذ يحتمل أن يكون أنثى. # وإن أشكل الأمر فلا يصح أن يؤم الرجال ولا النساء على المشهور ويؤمهن على ~~الشاذ. # والقسم الرابع: ما يرجع إلى الاعتقاد؛ فإن كان كفرا فلا شك أن إمامة ~~الكافر لا تصح، لكنه (5) إن أم مستترا بكفره فهل يجعل ذلك علما على إسلامه؟ ~~فإن تماد يترك، وإن لم يتماد قتل بعد الاستتابة. أو لا يجعل علما على ~~إسلامه؟ في ذلك قولان. PageV01P441 # # وسبب الخلاف اختلافهم هل أنزلت الشريعة الصلاة منزلة الشهادتين لقوله - ~~صلى الله ms131 عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ~~وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة" الحديث (1)، فقد ساوى بين الشهادتين ~~والصلاة. لكن بين الأصوليين خلاف في الواو هل يقتضي الاشتراك (2) في الحكم ~~كما يقتضيه في الإعراب أم لا؟ وإذا حكمنا بإسلامه وتمادى عليه، فهل يعيد من ~~صلى خلفه؟ قولان: الإعادة لأنه يمكن أن يبتدئ الإيمان في ساعته بعد أن يصلي ~~عبثا (3)، وترك الإعادة لأن الصلاة علم على الإيمان كالشهادتين وقد أقر ~~بأنه مسلم. # وإن كان بدعة، فقد اختلف الأصوليون في معتقد البدعة كالخوارج والمعتزلة؛ ~~فللقاضي (4) في تكفيرهم قولان. وكذلك اختلف قول الفقهاء؛ فعن مالك في ذلك ~~روايتان، ومثلهما عن الشافعي. وقال أبو إسحاق التونسي وغيره من متأخري أهل ~~المذهب: سبب الخلاف هل يكفرون بما آل القول إليه أم لا؟ ومعنى ذلك: أن ~~المعتزلة والخوارج متفقون على نفي الصفات المعنوية في حق الباري؛ فينكرون ~~كون الباري سبحانه عالما بعلم وقادرا بقدرة إلى غير ذلك من الصفات. إلا ~~أنهم لا ينكرون أنه عالم ولا قادر ولا حي ولا مريد. فمن رأى إنكارهم أن ~~يكون عالما يؤدي إلى نفي العلم عنه جملة، [وقولهم] (5) أما يؤدي إليه مبدأ ~~أقوالهم كفرهم. ومن لم PageV01P442 # # يقولهم] (1) ما يؤدي إليه مبدأ قولهم، لم يحكم بتكفيرهم وحكم بتفسيقهم ~~(2). # وقد سئل أبو المعالي (3) عن هذه المسألة فحكى خلاف الأئمة فيها، ثم قال: ~~وقد نبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - على وقوع هذا الخلاف بقوله في ~~الخوارج "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" (4)، وقال في آخر ~~الحديث: "وتتمارى في الفوق" (5). وهذه إشارة إلى خلاف الناس في تكفيرهم ~~والمناظرة فيه؛ فلا شك أن من حكم بكفرهم حكم ببطلان الإقتداء بهم، ومن حكم ~~بأنهم غير كفار فلا يحكم ببطلان الصلاة وراءهم كالزنديق. # وفي المذهب في صلاة من اقتدى بهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يعيد أبدا، ~~وهذا على القول بتكفيرهم. والثاني: أنه يعيد في الوقت، وهذا على القول بعدم ~~كفرهم، لكن يعيد في الوقت لنقصهم بالفسق. والثالث: أنه ms132 لا يعيد في وقت ولا ~~غيره، وهذا بناء على ما بني عليه في القول الثاني، لكن فسقهم لا يسري إلى ~~نقص في الصلاة. PageV01P443 # # وفي الكتاب: في الإمام القدري أنه لا يصلى خلفه. قال: ولا الجمعة إن ~~استيقنت ذلك (1)، وإن كنت تتقيه وتخافه على نفسك فصلها معه (2) وتعيدها ~~ظهرا أربعا. وعقب المسألة قول ابن القاسم: ورأيت مالكا إذا قيل له في إعادة ~~الصلاة خلف أهل البدع يقف ولم يجب في ذلك (3). وهذا كأنه مناقض للأول لأنه ~~أجاب أولا بإعادته ظهرا، ووقف بعد ذلك. وقد قال الأشياخ: إنما أعاد الأولى ~~لأنه دخل على الصلاة تقية (4) فهو كالمصلي بنية الإعادة، فتجب عليه. ~~والثاني: صلى ولا علم عنده من حال الإمام فدخل على الإجزاء، فلهذا وقف مالك ~~في إعادته لأنه أشكل عنده في تلك الحال الأمر في كفرهم أو فسقهم (5). # والقسم الخامس: ما يرجع إلى الجوارح؛ وهو الفاسق بجوارحه، كشارب الخمر ~~وما في معنى ذلك من الكبائر. وفي صحة الصلاة خلف من هذه حاله قولان: ~~أحدهما: أنها لا تصح الصلاة؛ لأنه إذا ارتكب كبيرة أمكن أن يترك ما يؤتمن ~~عليه من فروض الصلاة كالطهارة والنية. والثاني: صحة إمامته؛ لأن فسقه غير ~~متعلق بأحكام الصلاة. وهو خلاف في حال، وإنما ينبغي أن يعتبر حاله؛ فإن كان ~~من أهل التهاون والاستجراء (6) بحيث يمكن (7) أن يترك بعض الفروض كما تقدم ~~فلا تصح إمامته، وإن كان ممن اضطهره هوى غالب (8) إلى ارتكاب كبيرة مع ~~براءته من التهاون والجرأة صحت إمامته، وهذا يعلم بقرينة الحال. ~~PageV01P444 # # وإمامة السكران في حال سكره ينظر فيها هذا النظر، وفيه زيادة إذ عرقه ~~مختلف فيه هل هو نجس أم لا؟ وهذا إنما يصح في النشو (1). وأما السكران على ~~الحقيقة فهو فاقد للتمييز (2) فلا تصح صلاته في نفسه ولا إمامته. ولا شك ~~أننا نمنع صحة الصلاة وراء المجنون والصبي والفاقد للتمييز. # وأما الصبي المميز الذي يؤمر بالصلاة؛ ففي جواز إمامته في النوافل قولان: ~~المشهور منعه إلا أن يكون بالغا؛ لأنه لو قطع النافلة لم يأثم ms133. والبالغ ~~يأثم بقطعها بعد الدخول فيها. وكأن هذا التفاتا إلى ما بعد الدخول. ~~والإتمام فرض في حق الداخل، فصار المؤتم به كالمفترض وراء المتنفل. والشاذ ~~جواز إمامته نظرا إلى ما قبل الدخول، وهي نافلة في حقهما. # أما إمامة غير البالغ في الفرائض؛ وهو ممن يؤمر بالصلاة في الفريضة فلا ~~تجوز ابتداء. فإن وقعت ففي بطلان الصلاة قولان: المشهور بطلانها لسقوط ~~الفرض عن الصبي ووجوبه على البالغ. وقال أبو مصعب: تصح الصلاة. واحتج له ~~بما في البخاري عن عمرو بن سلمة (3) أنه كان يؤم قومه وهو دون البلوغ (4). ~~لكنه كان غائبا عن حضرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ويمكن أن يكون لم ~~يبلغه ذلك، وإنما يكون حجة لو بلغه فأقره. وقال أبو الوليد الباجي: ويحتمل ~~هذا القول أن يكون بناء على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل، ويحتمل أن يكون ~~بناء على المشهور لكون (5) الصبي معتقدا للوجوب، فلم يكن اقتداء مفترض ~~بمتنفل. # ... PageV01P445 # ### | فصل (1) (النقص المانع من الكمال) # وأما النقص المانع من الكمال على المشهور من المذهب فهو (2) أربعة # أقسام: عدم الحرية، وقد اختلف في جواز كون العبد إماما راتبا في غير ~~الجمعة؛ فالمشهور من المذهب كراهية ذلك التفاتا إلى كونه (3) لا يصلح ~~للخلافة ولا تكمل في حقه الفروض، إذ (4) تسقط عنه الجمعة عندنا والحج. ~~والشاذ: جوازه، لتساوي حكمه وحكم الأحرار في فرضية الصلاة. # والقسم الثاني: ما يلحق من نقص الأعضاء (5) بالأنوثية كالخصي. وفي جواز ~~اتخاذه إماما راتبا قولان: المشهور كراهيته، التفاتا إلى عدم الكمال في ~~حقه. والشاذ جوازه، التفاتا إلى حال الصلاة. # والقسم الثالث: ما يحط المنزلة، ويسرع إلى صاحبه الألسنة كولد الزنا. وقد ~~اختلف في جواز كونه إماما راتبا؛ فالمشهور كراهيته، والشاذ جوازه، وهو ~~كالخلاف المتقدم. وينخرط في هذا السلك كراهية الإتمام بالمأبون (6) والأغلف ~~(7). # والقسم الرابع: اختلف في تحديده (8) هل يرجع إلى نقص الفروض أو إلى الجهل ~~بالسنن. وهو ما كرهه في المدونة (9) من اتخاذ الأعرابي إماما PageV01P446 # # راتبا. وأبو الوليد الباجي يرى أن العلة في الكراهية كالعلة في كراهة ~~العبد، هو مداومته ms134 على ترك بعض الفروض كالجمعة، وإكمال الصلاة (1) لكثرة ~~أسفاره. وابن حبيب وغيره من أهل المذهب يعللون لجهله بالسنن (2). ولو صح ما ~~قالوه لمنعت إمامته؛ لأنه إذا جهل أحكام الصلاة كان الإتمام به معرضا ~~للبطلان. # ... ### | فصل (في العبد يكون إماما راتبا في جمعة) # ولا يجوز اتخاذ العبد إماما راتبا في جمعة بلا خلاف في المذهب، لأنه ليس ~~من أهلها. فإن حضرها فهل يجوز ابتداء الإتمام به؟ وهل تجزي الصلاة وراءه إن ~~وقعت أو لا تجزي؟ في المذهب ثلاثة أقوال: المشهور أنها لا تجزي. ووقع لأشهب ~~قولان: أحدهما: إجزاؤها إن وقعت، والثاني: جوازها ابتداء. # فأما عدم الصحة فلأنها ليست فرضا عليه. والنية (3) وإن قارنت الافتتاح ~~فلا بد من تقدمها عليه. ولا يصح أن ينوي الوجوب بحقيقته، فيصير العبد مخيرا ~~بين أداء الجمعة بدلا عن الظهر الواجب في حقه وبين أداء الظهر. والحر تتعين ~~عليه الجمعة من غير تخيير فلا يصح أن يأتم ملتزم بمتخير، وهو من باب اقتداء ~~مفترض بالمتنفل. وأما الصحة إن وقعت فنظر إلى تعيين الوجوب بالدخول. وأما ~~الجواز ابتداء فبناء على أن سقوط الفرض في حق العبد لتعلق حق السيد، فإذا ~~حضر موضع الجمعة فلا حق للسيد في منعه من نفس الصلاة فتصير حينئذ واجبة ~~عليه. PageV01P447 # # وقد اختلف المذهب هل الجمعة واجبة في الأصل في حق العبد وإنما تسقط لحق ~~السيد، أو هي ساقطة لكن العبد يأتي بها بدلا عن الظهر. وهذا على الخلاف بين ~~الأصوليين في تناول الألفاظ الواردة للعبد. # ... ### | فصل (في بيان موقف المأموم من الإمام) # ومقامات المقتدين بالإمام تختلف؛ فإن كن نساء فخلفه (1) أو خلف الرجال إن ~~كان معه رجال، كانت امرأة (2) واحدة أو أكثر. وأما الرجال فإن انفرد الواحد ~~مع الإمام فمقامه (3) عن يمينه، فإن قام عن يساره أداره عن يمينه، وتكون ~~الإدارة من وراء الإمام، لان كانوا أكثر من واحد قاموا وراءه. ولا فرق بين ~~البالغ وغيره إذا كان ممن يؤمر بالصلاة ويثبت فيها (4). # ... ### | فصل (متى تجب نية الإمامة؟) # ولا يلزم الإمام عندنا القصد ms135 إلى اعتقاد الإمامة إلا في ثلاثة مواضع وهي: ~~الجمعة؛ لأنها لا تجوز إلا بالجماعة، وصلاة الخوف لما يفعله الإمام من ~~الانتظار للطائفة الثانية، ومخالفة الهيئة على ما نبينه في حكم صلاة الخوف، ~~والموضع الثالث أن يكون مأموما فيستخلف على الائتمام، فهذا يلزمه اعتقاد ما ~~عاد إليه لتبدل حالته. وأما المأموم فيلزمه اعتقادا الإقتداء لأنه مكلف ~~بمراعاة فعل الإمام، بخلاف الفذ والإمام فإنهما لا يراعيان غير فعل ~~أنفسهما. PageV01P448 # ### | باب في إعادة الصلاة في جماعة # مذهب فقهاء الأمصار أن صلاة الجماعة سنة، فتجزي الفرد صلاته بلا خلاف ~~عندهم. والدليل القاطع على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الجماعة ~~تفضل صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين (1) درجة أو سبع وعشرين درجة" (2)، على ~~ما وقع في الحديث. فقد ضاعف صلاة الجماعة بالنسبة لصلاة الفذ. ولو كانت ~~صلاة الفذ غير مجزئة لما صح تضعيف الأجر بالنسبة إليها؛ لأن الباطل كلما ~~نسب إليه وضوعف كان باطلا مثله لكن ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر ~~من صلى وحده بإعادة الصلاة في جماعة (3)، ليكمل ما فاته من الأجر. وكأن ~~الإنسان أمر بأن يؤدي الصلاة على صفة يحصل له بها أجر صلاة واحدة، أو على ~~صفة يحصل له بها أجر سبعة وعشرين صلاة؛ فإن حصل أجر الواحدة كانت له ~~الإعادة لتحصيل سبعة وعشرين (4). # وعلى هذا النظر اختلف في الإعادة بأي نية تكون على أربعة أقوال: قيل: ~~بنية النافلة لأن الفرض قد حصل، ومحال أن يعتقد تحصيله (5) بعد أن ~~PageV01P449 # # حصل، فيكون كأنه ابتدأ الفرض من نفسه، وذلك ليس إليه. # وقيل: بنية الفرض لأنه إنما يطلب تحصيل أجر فرض مضعف، وذلك لا يحصل بنية ~~النافلة. وهذان القولان مبنيان على صحة الرفض (1)؛ فمن صححه قال: يعيد بنية ~~الفرض، ومن أبطله قال: يعيد بنية النافلة. لكن مدار (2) الخلاف ومأخذه ما ~~نبهنا عليه. # والقول الثالث: أنه يفوض الأمر في ذلك إلى الله تعالى ليثبت له منهما ما ~~شاء. وهذا مذهب المدونة. # والقول الرابع: أنه يعيد بنية إكمال الفرض، قاله أبو الوليد الباجي ms136. وهو ~~جار على القانون الذي نبهنا عليه في وجه الإعادة. # وفائدة هذا الخلاف لو أعاد ثم ذكر بطلان أحد الصلاتين لكونها عارية عن ~~شرط كالطهارة (3)، أو ركن كركعة، أو جزء منهما تبطل الصلاة بتركه. فإن ~~قلنا: يعيد بنية النافلة راعينا صحة الصلاة الأولى دون الثانية، وبالعكس إن ~~قلنا يعيد بنية الفرض فتلزمه المحافظة على الصلاة الثانية دون الأولى. كان ~~قلنا يفوض الأمر إلى الله تعالى فيراعي صحة الصلاتين؛ لأنه لا يدري أيتهما ~~المكتوبة. ولا شك على ما قاله أبو الوليد أنه إن بطلت الأولى لزمته الإعادة ~~(4)، وإن بطلت الثانية فهو مخير؛ إن شاء اكتفى بالأولى، وإن شاء طالب (5) ~~تكميل الأجر فأعاد. ### | (الصلوات التي تعاد في الجماعة) # وقد اختلف المذهب هل يعيد كل الصلوات على الإطلاق أو بعض الصلاة دون بعض ~~على قولين: فالمشهور أنه يعيد كل الصلوات إلا المغرب PageV01P450 # # والعشاء إذا أوتر بعدها. وقال المغيرة (1): يعيد المغرب. وألزمه الأشياخ ~~إعادة العشاء وإن أوتر. وكأن المغيرة التفت إلى عموم أمره - صلى الله عليه ~~وسلم - بالإعادة، لكنه عموم خرج على سبب لم تكن الصلاة المأمور بها ~~بالإعادة شبها (2) إلى صلاة المغرب. وبين الأصوليين خلاف في العموم الوارد ~~على سبب هل يقصر عليه أو يتعدى إلى غيره، وأيضا فوجه المشهور من حيث (3) ~~القياس أن أحد الصلاتين نافلة فلا بد أن [يشفعها] (4). والنافلة لا تكون ~~بثلاث ركعات ولا بركعة واحدة. على أنه قد اختلف لو أعاد العشاء الآخرة هل ~~يعيد الوتر أم لا؟ وهو خلاف بالإعادة بأية نية تكون وإن قلنا بنية الفرض ~~أعاد الوتر، وإن قلنا بنية النافلة لم يعده. واختلف أيضا إذا أعاد المغرب ~~على القول بأنها لا تعاد؛ فقيل: يعيدها ثالثة (5)، وهو مذهب ابن وهب. فبذلك ~~تحصل وترا. وقيل: إن كان بالقرب أضاف إليها ركعة وإن تباعد لم يضف إليها ~~شيئا ولم يعد، وهذا هو المشهور وكأنه يرى أن إعادتها ثالثة تكثير النافلة ~~(6) بثلاث، ومن منع هرب من إعادتها (7). وهذا إذا كان لم يعلم بقبح ما صنع ~~إلا بعد كمال الصلاة ms137؛ فإن علم بذلك (8) وهو مع الإمام فهل يقطع بعد ركعة أو ~~بعد ركعتين، أو يتمادى؟ قولان. وهما على تغليب أحد المكروهين لأن الإعادة ~~عنده لا تجوز وقطع الصلاة فيه مخالفة للإمام وإبطال العمل. PageV01P451 # ### | فصل # وقد قدمنا أن صلاته قد (1) تجزيه. ولا شك على هذا أن من صلى فذا فلا ~~تلزمه الإعادة في جماعة. هذا ما لم يلزمه حكم الإمام بأن يدخل المسجد؛ فإن ~~دخله لزمته الإعادة لأنها صلاة مأمور بها في حقه فأشبهت ما لم يصله من ~~الصلوات؛ فإنه إذا أقيمت الصلاة التي لم يصلها حرم عليه الخروج من المسجد. ### | (حكم من دخل في صلاة النفل وأقيمت الصلاة) # فإن أقيمت الصلاة وهو في المسجد يصلي فذا، فلا يخلو أن تكون الصلاة التي ~~هو فيها نفلا أو فرضا؛ فإن كانت نفلا، فقال في الكتاب: إن لم يركع وكان ممن ~~يخفف في (2) إتمامها (3) ويدرك الإمام أتمها، وإلا قطعها (4). وإن صلى منها ~~ركعة أضاف إليها أخرى، أو سلم ودخل مع الإمام. وهذا كله إذا علم أنه يدرك ~~الإمام في الركعة الأولى. ### | (حكم ذلك إذا كان في صلاة المغرب) # فإن علم أنه لا يدركه قطعها. وهكذا في كل ما نذكره بعد من التفصيل، إنما ~~يتمادى إذا علم أنه يدرك الإمام في الركعة الأولى. # فإن كان في فرض وهي التي أقيمت عليه فلا يخلو أن يكون المغرب أو غيرها من ~~الصلوات؛ فإن كانت المغرب فلا شك- على قول المغيرة- أنها كغيرها. وأما على ~~المشهور فإنه إن لم يركع قطع، وإن ركع فقولان: المشهور أنه يقطع. والشاذ: ~~أنه يضيف إليها ركعة أخرى. وهذا لتقابل PageV01P452 # # المكروهين: أحدهما: التنفل قبل المغرب. والثاني: الانصراف من ركعة واحدة. ~~وإن صلى ركعتين فقولان: المشهور أنه يضيف إليهما ثالثة لينصرف. والشاذ أنه ~~يسلم ويدخل مع الإمام. وهذا أيضا لتقابل المكروهين: التنفل قبل المغرب، ~~والمخالفة على الإمام بأن يصلي غيرها الإمام (1) ولا يتبعه. وإن قام إلى ~~الثالثة فلا شك على المشهور أنه يتم (2)، وعلى القول الثاني أنه يرجع إلى ~~الجلوس ثم يسلم ويدخل ms138 مع الإمام. وإن ركع ولم يرفع رأسه، اختلف (3) على ~~القول بأنه يسلم من الاثنتين؛ هل يتم هاهنا (4) أم يرجع إلى الجلوس. وهو ~~على الخلاف في عقد الركعة هل هو وضع (5) اليدين على الركبتين أو رفع الرأس ~~منها. # ... ### | فصل (إذا أقيمت صلاة غير المغرب) # وإن كانت غير المغرب، فإن لم (6) يركع فقولان: أحدهما: أنه يكمل اثنتين ~~ثم يدخل مع الإمام، ومذهب الكتاب أنه يقطع. وفرق بين الفرض والنفل، فقيل في ~~الفرق وجهان: أحدهما: أنه في الفرض يقطع ليأتي بها على صفة الكمال، وفي ~~النافلة إذا قطع لا يعود إليها. والثاني: أن التأثير إنما يكون بين ~~متجانسين (7) لا بين فرض ونفل، وأيضا أنه في الفرض لا بد أن يقطع على أقل ~~مما دخل (8) عليه. PageV01P453 # # وفي النفل إذا أتمها اثنتين فقد أتى بما استفتح عليه. وإن ركع ركعة أتم ~~اثنتين (1). وإن أتم الركعتين سلم ودخل مع الإمام. وإن قام إلى الثالثة رجع ~~إلى الجلوس وسلم ودخل مع الإمام. وإن ركع في الثالثة ولم يرفع رأسه فيجري ~~على القولين في عقد الركعة ما هو. وإن رفع رأسه أتم أربعا ودخل مع الإمام. # ويقطع في جميع ما ذكرناه بسلام. فإن لم يسلم بطلت صلاته لأنه أضاف صلاة ~~إلى صلاة. ولو تكلم عامدا لكان بمنزلة السلام. وإن أقيمت (2) غير التي هو ~~فيها فإنه (3) محال على [حكم] (4) قضاء الفوائت من كتاب الصلاة الثاني. # ... ### | فصل (لا إعادة لمن صلى في جماعة) # ولا يعيد عندنا من صلى في جماعة؛ لأن الإعادة لما قدمناه من التلافي لما ~~فاته من الأجر بصلاته وحده. وإذا كانت الصلاة في جماعة فلا فائت يتلافى. ~~قال ابن حبيب: إلا أن تكون الصلاة الأولى في غير المساجد الثلاثة: الكعبة ~~ومسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومسجد بيت المقدس، ثم يدرك الجماعة في ~~أحد هذه المساجد؛ فإنه يعيد لعظم الأجر في هذه بخلاف غيرها (5). # وألزمه أبو الحسن اللخمي أن يعيد في هذه المساجد فذا، وإن صلى ~~PageV01P454 # # أولا في غيرها في جماعة لتفاوت فضل الجماعة والانفراد في غيرها ms139 (1). ~~وألزمه ذلك من طريق القياس (2) إلا أن يقال: إنما ورد الأمر بإعادة الفذ في ~~جماعة، وهذا عكسه. والموضع موضع عبادة فلا يتعدى به ما ورد. # ويتساوى الأمر في الصلاة الأولى بين أن تحصل فيها الجماعة وجوبا ويحصل ~~ذلك بالواحد فأكثر، أو حكما ويحصل ذلك بالإمام يصلي في الموضع الذي عادته ~~الإمامة فيه، ولا يصلي معه غيره فله حكم الجماعة. ### | (حكم من صلى معه صبي أو صلى بأهله) # واختلف الأشياخ في صورتين حولهما؛ لو صلى إنسان (3) واقتدى به صبي صغير، ~~هل يعيد البالغ في جماعة لأن المقتدي به غير مفترض عليه فهو في حكم العدم، ~~أو لا يعيد لأن الجماعة حاصلة؟ # وقد قدمنا تردد الباجي في صلاة الصبي هل ينظر فيها إلى مقصده وهو يقصد ~~الفرض، أو إلى حكم العدم. أو لا يعيد لأن الجماعة حاصلة. # والصورة الثانية (4): لو صلى في داره بأهله هل يعيد إذا أتى المسجد لعموم ~~قوله - صلى الله عليه وسلم - "صل معنا وإن كنت قد صليت في أهلك" (5)، أو لا ~~يعيد لأنه صلى في جماعة؟ # ... PageV01P455 # ### | فصل (لا يقتدي مفترض بمتنفل) # وإذا صلى وحده فلا يؤم عندنا غيره في تلك الصلاة، لإمكان أن تكون الثانية ~~نفلا؛ [فيكون قد أتم بمن ينوي فرضا وهو ينوي نفلا]، (1). وقد يلزم من قال ~~إنه يعيد بنية الفرض [أن تصح إمامته. وقد أشار أبو القاسم بن الجلاب وغيره ~~إلى خلاف في المسألة. وهذا راجع] (2) إلى صحة الرفض أن يؤم فيها، هذا (3) ~~إذا لم يراع الخلاف، فإن أم فيها على القول بأنه لا يجوز فيعيد من ائتم به. ~~قال ابن حبيب: ويعيدون أفرادا؛ وهذا لأن الصلاة الأولى تجزيهم عند الشافعي ~~وغيره، فإذا أعادوها في جماعة صاروا عند هؤلاء كمعيد في جماعة بعد أن صلى ~~في جماعة، فراعى في الإعادة مذهب المخالف لا مذهب نفسه. # ... ### | باب في تكرار الجمع في المسجد الواحد # ولا خلاف أن ذلك ممنوع إذا كان للمسجد إمام راتب، واختلف في علة منعه؛ هل ~~حماية من تطرف أهل البدع للجمع بإمامهم والامتناع ms140 من الصلاة بأئمة العدل؟ ~~أو حماية من الأذى للأئمة بأن يترك أهل البدع أو غيرهم الاقتداء بهم إظهارا ~~لبغضهم (4). # وينتج من هذا الخلاف أن الأئمة متى أذنوا في الجمع هل يجوز أم لا؟ فعلى ~~التعليل الأول لا يجوز إلا أن يعلم براءة من يرى الجمع من كونهم مبتدعين، ~~وعلى التعليل الثاني يجوز مع إذن الأئمة. ويستوي في هذا PageV01P456 # # حكم وجود الجماعة الراتبة بالصورة أو بالحكم كما قدمنا، مثاله إذا صلى ~~فيه الإمام ولم يقتد به أحد، فإن كان المسجد لا إمام له راتب فأجازوا الجمع ~~في نصوص المذهب، وذلك بين إذا عللنا بإذاية الإمام (1). وإذا عللنا ~~بالجماعة من تطرف المبتدعين، فينبغي أن يمنع الجمع ثانيا، إلا مع العلم ~~بالسلامة من الابتداع. # ولو كان المسجد مما يجمع فيه بعض الصلوات دون بعض فهل يجوز [فيه] (2) ~~تكرار الجمع فيما ليس العادة أن يجمع فيه؟ في المذهب قولان: أحدهما: ~~الجواز؛ لأنه في تلك الصلاة كمسجد ليس له إمام راتب. والثاني: المنع؛ لأنه ~~له إمام راتب في بعض الصلاة [دون بعض] (3)، فإذا جمع في غيرها فليس لمن أتى ~~بعده الجمع. وكأنه مبتدئ الترتيب فيما جمع فيه. وللإمام الراتب أن يجمع إذا ~~تعدى غيره فجمع قبله (4) إذ لا حرمة للمتعدي. # ... ### | فصل (للأئمة حرمة يلزم مراعاتها) # وينخرط في هذا السلك النظر إلى مراعاة حرمة الأئمة في حكم لزوم الاقتداء ~~بهم لمن أقيمت عليه الصلاة وهو في المسجد. وسواء كان لم يصل تلك الصلاة أو ~~صلاها فذا على ما قدمناه، فإن صلى في جماعة جاز له الخروج. # ومنه أيضا المخالفة على الإمام (5) بأن يجلس أو يصلي وهو غير مقتد ~~PageV01P457 # # به. وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن ركعتي الفجر بعد الإقامة، فقال: ~~"أصلاتان معا" (1). ولهذا قال أهل المذهب إنه لا يركع الفجر (2) إذا كان ~~الإمام يصلي الصبح في المسجد، ولا في رحابه وأفنيته المتصلة به. # ومن هذا القبيل أيضا تعدي المسجد المجاور إلى غيره، ولا يجوز ذلك إلا إذا ~~كان إمامه ممن لا يجوز الاقتداء به؛ فإن ms141 فعل فلا تبطل الصلاة عندنا وقوله - ~~صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" (3)، محمول عند ~~فقهاء الأمصار على نفي الكمال لا نفي الإجزاء. # ... ### | باب في المواضع التي تكره فيها الصلاة # وفي الترمذي وكتاب ابن سحنون عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~"نهى عن الصلاة في سبع مواضع: المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي ~~الحمام ومعاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله الحرام" (4). والأحكام في هذه ~~تختلف. ### | (حكم الصلاة في المزبلة والمجزرة وقارعة الطريق) # فأما المزبلة والمجزرة وقارعة الطريق النهي عن الصلاة فيها؛ لأن ~~PageV01P458 # # الغالب نجاستها. ومن صلى فيها؛ فإن تيقن بوجود النجاسة جرى على ما قدمناه ~~من الخلاف فيمن صلى بنجاسة أو عليها، فإن لم يتيقن بوجود النجاسة فهل يكون ~~كالمتيقن نظرا إلى الغالب؟ هذا مذهب عبد الملك بن حبيب (1). أو يرجع إلى ~~الأصل، والأصل عدم النجاسة. ولا يعيد إلا في الوقت عامدا كان أو غيره. هذا ~~هو المشهور. وهو على ما قدمناه من النظر إلى الأصل أو إلى الغالب. ### | (حكم الصلاة في المقبرة) # وأما المقبرة؛ فإن كانت غير منبوشة وأمن في موضع الصلاة من شيء من أجزاء ~~المقبورين (2)؛ ففي المذهب قولان: الجواز، وهو المشهور. والكراهية، وهو ~~الشاذ. وكأن الكراهية التفاتا إلى عموم النهي، ولأن أصل عبادة الأصنام ~~اتخاذ قبور الصالحين مساجد. والجواز للأمن من ذلك على هذه الأمة، وحمل ~~الحديث على توقي النجاسة. # فإن كان في موضع الصلاة شيء من أجزاء المقبورين، فيجري حكم الصلاة فيها ~~على الخلاف في الآدمي هل ينجس بالموت أم لا؟ فإن قلنا بنجاسته كان المصلي ~~فيها مصليا على نجاسة، وإن قلنا بطهارته لم يكن كذلك. ولكنه تكره الصلاة ~~هناك كراهية لوطء أعضاء الميت. هذا في مقابر المسلمين. # وأما مقابر الكفار فكره عند عبد الملك بن حبيب الصلاة فيها (3). وعلل ~~بأنه حفرة من حفر النار. ولكن من صلى فيها وأمن من النجاسة فلا تفسد صلاته ~~وإن لم يأمن كان جاريا على ما قدمناه في المصلي على نجاسة. PageV01P459 # ### | (حكم الصلاة ms142 في الحمام) # وأما الحمام فتكره الصلاة فيه ابتداء؛ لأنه محل الأوساخ. وفي المذهب خلاف ~~في [البخار] (1) المتصعد إلى أعلاه هل يكون ما يقطر منه نجس أم لا؟ وهو على ~~الخلاف في رماد الميتة وما في معناه. وقد قدمنا سبب الخلاف في ذلك. فإن ~~التجأ إلى الصلاة فيه، وسلم موضعه من النجاسة، صحت الصلاة. # وأما معاطن الإبل؛ فقد وقع في الحديث النهي عن الصلاة فيها ونهى عنها أهل ~~المذهب. ولكن اختلفوا في علة النهي على أربعة طرق: أحدها: أن الناس يستترون ~~بها عند البراز؛ فعلى هذا إن أمن من نجاسة الموضع جازت الصلاة، وإن تيقنت ~~النجاسة لم تجز. وإن لم يتيقن فكان الغالب وجودها جرى على ما قدمنا من ~~الخلاف التفاتا إلى الأصل والغالب. # والطريقة الثانية أن العلة كونها خلقت من جان، وهذا لا يؤدي إلى منع ~~الصلاة بل إلى كراهيتها (2) إن صحت. # والثالثة: لزفور (3) رائحتها. والمستحب في الصلاة النظافة والبعد عن ~~الأقذار، وهذا أيضا لا يؤدي إلى المنع. # والرابعة: شدة نفورتها (4) فلا يأمن أن يثبت على جسمه (5)، وإن لم يثبت ~~فسدت الصلاة. وهذا قد يؤدي إلى المنع. # وقد اختلف المذهب هل يعيد من صلى في معاطنها عامدا وإن ذهب PageV01P460 # # الوقت، ومثله الجاهل، وهذا رأي ابن حبيب. ولا يعيد إلا في الوقت ~~استحبابا. وهذا الخلاف يجري على التعليل الأول بالالتفات إلى النجاسة. وجمع ~~القاضي أبو محمد في بعض كتبه هذا التعليل فقال: لا يصلي في معاطنها، وذكر ~~العلل الأربعة فساقها مساقا واحدا. # ... ### | فصل (في الصلاة فوق الكعبة وفي جوفها) # وأما الصلاة فوق الكعبة فالنهي عنها لمعنى آخر، وهو أن المذهب اختلف هل ~~المقصود سمت (1) الكعبة أو عينها؟ وقد اختلف المذهب في الصلاة على ظهر ~~الكعبة هل هي منهي عنها على الإطلاق؟ أو يشترط ألا يجعل عليها [بين يديه] ~~(2) قائما يقصده المصلي، والأول: رأي الجماعة، والثاني: تأويل القاضي أبي ~~محمد على المذهب، فكأنه يرى أنه متى أقيم عليها قائم يستقبله المصلي صار ~~كالمصلي إلى فنائها (3) فتكون الصلاة هناك إلى الفناء (4) لا إلى ms143 السمت، ~~فهذا وإن صح له حكم الاتصال فإنه يكون المصلي إليه قد ترك بعض سمت القبلة ~~(5) وراء ظهره فأشبه المصلي في الكعبة. وفي المذهب خلاف في المصلي في ~~الكعبة هل تبطل صلاته فيعيد وإن ذهب الوقت أو تصح صلاته فلا يعيد؟ أو يعيد ~~في الوقت دون غيره؟ وقد رواه بلال عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى ~~النافلة في الكعبة (6). PageV01P461 # # وروى ابن عباس أنه لم يصل (1)، وهي دخلة واحدة. لكن بناء الحديثين على أن ~~بلالا حكى ما رأى وشهد، وقد دخل معه - صلى الله عليه وسلم -. وحكى ابن عباس ~~ما ظنه, لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يطل الجلوس، ولقرب خروجه ظنه لم ~~يصل. وقيل: وفيه معنى قول بلال صلى يعني صلاة لغوية وهي الدعاء؛ فمن عول ~~على رواية بلال تأول ما حكاه ابن عباس، ورأى أن الفريضة كالنافلة في وجوب ~~الاستقبال في الحضر مع الاختيار لم (2) يؤمر بالإعادة. وتأول أبو الحسن ~~اللخمي على [رواية] (3) أشهب جواز الصلاة ابتداء (4) وهو مقتضى [هذا] (5) ~~الذي ذكرناه، ومن عول على رواية ابن عباس وتأول ما حكاه بلال قال بمنع ~~الصلاة وأوجب الإعادة بعد الوقت لوجود (6) الاقتصار عن استقبال القبلة. ومن ~~صلى في جوفها لم يستقبل حقيقة. # ومن ترجح الأمر عنده أمر بالإعادة في الوقت. ويحتمل أن يبني على المنع ~~لكن إذا صلى أوقع ما اختلف الناس فيه، ولا (7) تجب الإعادة إلا في الوقت، ~~أو يبني على الصحة ولكن يؤمر بالإعادة ليخرج من الخلاف احتياطا. هذا ~~الالتفات إلى الآثار. # وأما الاعتبار فقد سلك أهل المذهب في تعليل المنع طريقين: أحدهما: أن ~~المصلي في الكعبة مستدبر لبعضها، وقد أمر باستقبال جميعها، وهذا تعليل ~~متقدمي أهل المذهب. والثاني: أن المصلي في الكعبة يستحيل في حقه التكليف؛ ~~لأنه حيثما أدار وجهه كان إلى جدار الكعبة، وإنما يصح PageV01P462 # # التكليف متى كان المكلف قادرا على الامتثال وتركه، وهاهنا (1) لا يقدر ~~على الترك. وهذا مذهب عبد المنعم ابن خلدون (2). # وهذا الذي قاله لا يشترط على أصلنا في التكليف، وأيضا فإن ms144 المصلي في ~~الكعبة قادر على الخروج منها جملة إلا أن يمنع الخروج. فيتصور ما قاله ابن ~~خلدون. وحكم الحجر حكم البيت وهو ما في فناء الكعبة. أصله منها (3)، عجزت ~~الجاهلية عن إدخاله فيها لما بنتها بعد أن هدمها السيل. وقد أعاده عبد الله ~~بن الزبير (4) إلى ما كان عليه قديما من اشتمال الكعبة عليه لما سمعه من ~~قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضي الله عنها: "لولا حدثان قومك ~~بالكفر لنقضت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم عليه السلام" (5). فلما ~~استولى عليه الحجاج (6) هدم ما بناه وأخرج الحجر فأعاده على ما بنته ~~الجاهلية. PageV01P463 # # ولا يصلى فيه ولا في الكعبة السنن، فإن صلى فيها أو صلى فيه ركعتي الطواف ~~فهل يكتفي بهما أو يعيدهما؟ في المذهب قولان. وهو على ما قدمناه في المصلي ~~في الكعبة هل يعيد أبدا أم لا؟ # ... ### | فصل (حكم من صلى إلى غير قبلة) # وقد تقدم أن من فروض الصلاة استقبال القبلة، وذكرنا حكم المريض العاجز. ~~ولا خلاف بين الأمة في وجوب استقبال القبلة مع القدرة والإمكان. فإن صلى ~~مصل إلى غير القبلة فهل يعيد؟ لا يخلو أن يكون اجتهد فأخطأ، أو تعمد، أو ~~نسي، أو جهل؛ فإن اجتهد فأخطأ فلا يخلو أن يعيد (1) بعد المعرفة بخطئه (2) ~~إلى يقين أم لا يأمن الخطأ في الإعادة كما لو لم يأمنه في الأولى (3)؟ فإن ~~رجع إلى [اليقين في الاستقبال فإنه يعيد في الوقت (5)، وهل يعيد] (4) بعد ~~الوقت؟ قولان. فظاهر الكتاب أنه يعيد في الوقت (5)، ولأصبغ وغيره أنه يعيد ~~وإن خرج الوقت، وهو على الخلاف في حصول العذر بالاجتهاد. وإن انتقل إلى ~~الاجتهاد مع القدرة على طلب اليقين أعاد أبدا بلا خلاف. PageV01P464 # # قالوا: وهكذا يجري الحكم في مدينته - صلى الله عليه وسلم - إذ كون قبلتها ~~صحيحة مقطوعا بها؛ لأن جبريل عليه السلام أقامها (1) وألحق بهذا المتأخرون ~~من أهل المذهب بيت المقدس. ولو اجتهد فتبين له أنه استدبر القبلة؛ فإنه ~~يعود هاهنا إلى يقين كون القبلة في غير الجهة التي استقبلها. ### | (كيفية ms145 الاجتهاد في معرفة القبلة) # وكيف الطريق إلى الاجتهاد؟ أما العارف بأحكام الطوالع والمغارب وعروض ~~البلاد ونسبتها إلى الكعبة فيحال إلى معرفته في حق هذا. والطريق إلى ~~المعرفة في هذا أدق ويطول. ولكن يتوصل منها إلى اليقين، أو ما يقاربه. وأما ~~غير هذا فقد قرب إليه بأن ينظر إلى نهاية الشمس في منتهى أرتفاعها في وسط ~~النهار، فيقوم قائما فينظر إلى ظله فيعلم أنه أخذ من القبلة إلى الدبور. ~~وهذا لا يتحصل منه ما يقارب اليقين لاختلاف الظلال في البلاد وبالشتاء ~~والصيف. وأوضح من هذا أن ينظر إلى القطب (2) الشمالي وهو: نجم خفي يدور ~~عليه بنات نعش (3) وهو: وسط السمكة (4) فيجعلها على كتفه الأيسر ثم يستقبل ~~الجنوب فيكون وجهه إلى القبلة. فهذا صحيح في قطر الشام والمغرب (5). فإن ~~فقد هذا بوجود السحاب استدل بالجبال والرياح، فإن عميت عليه طرق الأدلة ~~فهاهنا قولان: أحدهما: أنه يصلي أربع صلوات إلى الجهات الأربع لأنه لا يأمن ~~الخطأ في أحدهما: والثاني: أنه يختار جهته فيصلي إليها. وهذا لأن الواجب في ~~ذمته صلاة واحدة، وهو PageV01P465 # # معذور لخفاء الأدلة (1). وقد حمل على هذه الصورة قوله تعالى: {فأينما ~~تولوا فثم وجه الله} (2). # ... ### | فصل (حكم من أعاد الصلاة ولم يتيقن بالجهة) # وإن كان لا يأمن الخطأ في الإعادة بأن يكون اجتهد في غير مكة والمدينة ~~فأخطأ بأن شرق أو غرب، فالمنصوص من المذهب أنه لا يعيد إلا في الوقت؛ لأنه ~~يرجع من اجتهاد إلى اجتهاد. وهذا أوضح في حق غير العارف. فأما العارف فكما ~~قلناه. ويتصور في رجوعه إلى اليقين، لكن أحكام الشريعة لا تبنى على ~~الالتفات إلى معرفة مثل هذا، وإنما تبنى على ما يذكره الجمهور. وفي المذهب ~~(3) قولان في الالتفات إلى نوادر بعض الصور. وأشار بعض البغداديين إلى أن ~~من أدرك العلم برؤية الأهلة بحسابه أنه (4) يصوم على حسابه. وهذا من ذلك ~~القبيل. # ومن استقبل غير القبلة ناسيا؛ فظاهر المذهب أنه يعيد وإن خرج الوقت، ولا ~~شك في ذلك في العامد، وهكذا حكم الجاهل. وحكى أبو الحسن ms146 اللخمي قولين في ~~الناسي (5)، فكذلك [في] (6) الجاهل هل يعيد كل واحد منهما في الوقت وبعده؟ ~~ولا يوجد (7) خلاف في ذلك، وإن ما يقع في هذا الباب محمول على المجتهد، ~~وهكذا حمله أبو الحسن اللخمي (8). PageV01P466 # ### | باب فى حكم وقت الضرورة وما يتعلق به من النظر في صلاة أهل (1) الأعذار # وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أدرك ركعة من الصبح قبل ~~أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح (2)، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب ~~الشمس فقد أدرك العصر" (3)، ولا خلاف في تناول (4) الحديث لأصحاب الضرورة. ~~وهل يتناول أهل الاختيار؟ في ذلك قولان يأتي بيانهما. واختلف أيضا في ~~الركعة المشار إليها هل هي كمال الركعة بسجدتيها، وهو المشهور؟ أو مجرد ~~الركوع، وهو مذهب أشهب؟ وهذا على الخلاف في الألفاظ الواردة هل تحمل على ~~العرف الشرعي أو على مقتضاها لغة؟ فمن حملها (5) على العرف الشرعي حصل (6) ~~منه المشهور، ومن حملها على مقتضى اللغة حصل منه القول الشاذ. ويلتفت (7) ~~هذا إلى الخلاف في حمل الألفاظ على الأقل أو على الأكثر. وقد قال المحققون ~~في الانتصار (8) للمشهور إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل ~~مدرك الصلاة قبل الطلوع أو قبل الغروب بالركعة لأن الركعة صلاة كاملة؛ فيها ~~تكبير وقيام وقراءة وركوع وسجود، وهذه (9) جملة أحكام الصلاة. ثم الركعات ~~بعدها تكرير لهذه الأفعال من غير زيادة، وإنما تكررت لحصول تأثيرها في ~~النفس وهي في PageV01P467 # # معنى الأول قطعا، فالمدرك للركعة حصلت له جملة الصلاة في الوقت، وتحصيل ~~المقصود من التأثير بالتكرير بعد الوقت، ولا يكون ذلك مفيتا للصلاة. # ... ### | [فصل] (1) (أصحاب الأعذار الخمسة) # وأصحاب الأعذار [هم] (2) خمسة: الحائض تطهر، والصبي يحتلم، والكافر يسلم، ~~وفاقد عقله يفيق، والناسي يذكر. وهؤلاء إذا بقي لهم من الوقت الضروري الذي ~~حددناه في أول الكتاب مقدار جملة الصلاة أو ركعة منها على ما حددناه من ~~الاختلاف وجب عليهم القضاء (3). وهل يقدر لهم للإدراك بعد كمال تحصيل شروط ~~الصلاة؟ أما الحائض فيقدر لها ذلك بلا خلاف، وأما ما ms147 عدا ذلك (4) ففي تقدير ~~ذلك قولان. وقد اختلف المتأخرون هل يجري الخلاف في الحائض ويكون سببه في ~~الجميع هل الطهارة شرط في الوجوب فلا يلزم هؤلاء الصلاة إلا لبقاء ركعة بعد ~~كمال الطهارة، أو شرط في الأداء فيراعى زوال الأعذار دون أن تحصل الطهارة؟ ~~أو لا يجري الخلاف فيها فيكون الفرق بين الحائض وبين من ذكر معها أن الكافر ~~قادر على أن يشهد بالشهادة في أول النهار فلا يرخص له من جهة أنه متعذر. ~~وهذا يجري على الخلاف فيه هل هو مخاطب بفروع الشريعة فلا يراعى إلا زوال ~~عذره، أو هو غير مخاطب فيراعى كمال طهارته؟ # والصبي كان ممن خوطب بالصلاة قبل البلوغ مخاطبة مثله إذ يؤدب # على تركها. فمن التفت إلى هذا لم يراع إلا زوال عذره ووجود الاحتلام. ~~PageV01P468 # # ففي المذهب قولان في الصبي يبلغ بعد أن أدى الصلاة في أول الوقت ويكون ~~بلوغه في الوقت. هل تجب عليه الإعادة أم لا؟ وإسقاط الإعادة يقتضي أنه ~~مخاطب بالصلاة في أول الوقت؛ فمن التفت إلى هذا قال بمراعاة زوال العذر كما ~~قدمنا، ومن التفت إلى حقيقة الوجوب وأنه لا يحصل إلا بعد البلوغ راعى تحصيل ~~الغسل. # وللفاقد للعقل قد قال بعض المخالفين يجب عليه القضاء، فمن التفت إلى هذا ~~الخلاف لم يراع إلا زوال عذره. # ولا خلاف في الحائض أنها غير مخاطبة بالصلاة في حال الحيض ولا تقضيها، ~~فلهذا اتفق على مراعاة تحصيل الغسل. وإذا راعينا (1) ذلك فيراعى فيه القدر ~~المأمور به دون مراعاة حال المتطهر في وسوسته وتطويله. ولا خلاف في الناسي ~~يذكر، أنه لا يراعي إلا زوال عذره دون تحصيل الشروط. وظاهر حكم الصلاة ~~الواحدة كالصبح أنه يراعى بقاء ركعة لطلوع الشمس. فإن كان في الذمة صلاتان ~~كالظهر والعصر، أو المغرب والعشاء؛ فأما الظهر والعصر فاشترط أن يدرك جميع ~~صلاة (2) الأول، وركعة من الآخر. وذلك مقدار خمس ركعات للحاضر وثلاث ركعات ~~للمسافر. # وأما المغرب والعشاء؛ فإن أدرك جميع الأولى وركعة من الآخرة كان مدركا ~~للصلاتين. وهذا كأربع ركعات ms148 في حق المسافر (3). # وأما الحاضر يدرك أربع ركعات والمسافر يدرك ثلاثا ففي سقوط الأول من ~~الذمة قولان. # وسبب الخلاف هل يجعل الوقت الذي زال فيه العذر لأول الصلاتين أو ~~لآخرتيهما؛ فإن جعلنا الوقت للآخرة سقط المغرب في حق الحاضر يدرك أربع ~~ركعات ووجبت الصلاتان في حق المسافر يدرك ثلاثا، وإن PageV01P469 # # جعلنا (1) الوقت لأول الصلاتين وجبت الصلاتان في حق الحاضر يدرك أربع ~~ركعات وسقطت الأولى في حق المسافر يدرك ثلاثا. فهو على الخلاف في الاشتراك ~~لأصحاب الضرورات هل يقدر من أول وقتي الصلاتين أو بعد مضي زمان مقدار ~~الأول. # وعلى هذا الخلاف لو صلت العصر أولا ثم حاضت وقد بقي مقدار أربع ركعات هل ~~يسقط الظهر لأن هذا الوقت مستحق لها، أو تكون مقررة (2) في ذمتها لأن هذا ~~الوقت مختص بالعصر ووقوعها أولا قبل الظهر كأنها وقعت في غير محلها؟ # ... ### | فصل (متى يجب على الحائض قضاء الصلاة) # وقد قدمنا ما في المذهب من مراعاة تحصيل الشروط لأصحاب الأعذار. فلو حصل ~~للحائض تطهير أو لغيرها التطهر ثم أحدثت، وكانت إذا أعادت الطهر فات وقت ~~الصلاة، فالقضاء واجب عليها باتفاق. لأنها بعد التطهر مطلوبة بالصلاة. ~~فإحداثها كإحداث من هو مطلوب بالصلاة، وقد تعينت عليها فيجب عليها العودة ~~للتطهر (3) وقضاء الصلاة. ولو تطهرت بماء نجس ثم علمت به بعد أن أكملت ~~طهرها وكانت لو أخذت في الظهر لانقضى الوقت، فهاهنا قولان: أحدهما: وجوب ~~القضاء في ذمتها. والثاني: نفيه وهذا على الخلاف في المخطىء مجتهدا هل يعذر ~~بخطئه؟ وذلك إنما يتصور إذا لم يكن الماء متغير أحد الأوصاف أو كان متغيرا ~~بنجاسة فظن أنه متغير لقراره (4). ولو علمت بتغيره لم يكن إشكال في ~~PageV01P470 # # وجوب القضاء عليها. ويجري على قول من حكم بطهارة الماء حلته النجاسة ولم ~~تغير أحد أوصافه أن تصلي هذه (1) من غير إعادة. وعلى قول من جعله مشكوكا ~~فيه أن تصلي به ثم تتطهر (2) بغيره وتصلي إن وجدت. وإن لم تجد فيجري على ~~الخلاف هل تصلي به وبالتيمم صلاة واحدة، أو بكل واحد ms149 منهما صلاة على ما ~~قدمنا؟ ويظهر هاهنا أنها إذا ذكرت ذلك بعد التطهر به أنها تتيمم وتصلي (3) ~~صلاة واحدة لحصوله في الأعضاء. # ... ### | [فصل] (4) (تعويل أصحاب الأعذار على التقدير) # وأصحاب الأعذار يعولون على (5) التقدير بغلبة الظن؛ فإن ثبت في ظنونهم أن ~~الوقت بقي منه ما يدركون (6) به الصلاتين جميعا كما قدمناه عولوا على ما ~~ثبت في ظنونهم، فإن قدرت الحائض مثلا أن الوقت بقي منه مقدار خمس ركعات ~~فعولت على صلاة الظهر والعصر، فلما صلت ركعة (7) غربت الشمس، أنها تنصرف من ~~صلاة الظهر وتصلي العصر. # وهل الأولى انصرافها من شفع أو تقطع بعد وتر إن شاءت؟ في المذهب قولان. ~~وهاهنا التمادي إلى الشفع مأمورة (8) به لحق الابتداء، والقطع مأمورة (9) ~~به لحق الصلاة الواجبة حقيقة. وفي العصر فيمن تقابل PageV01P471 # # عنده الأمران خير، ومن ترجح عنده حكم الابتداء (1) وكان الانصراف على وتر ~~عنده ممنوعا أمر بالتمادي. # ولو قدرت بالعكس فظنت أن الباقي من الوقت يسع الصلاة الثانية دون الأولى ~~فبدأت بالثانية ثم ظهر لها اتساع الوقت للصلاتين فلا يخلو أن يظهر لها ذلك ~~في الصلاة أو بعد كمالها؟ فإن ظهر في الصلاة انصرفت عنها وأتت بالأولى ثم ~~بالثانية. # وهل تنصرف على شفع؟ يجري على الخلاف الذي قدمناه. وإن ظهر (2) ذلك بعد ~~كمال العصر، أعادت الظهر. وهل تعيد العصر؟ قولان. وهذا على (3) ما قدمناه ~~في الوقت. وهل يقال إن أوله مستحق للأولى لا تشاركها الثانية فيه فيجب ~~عليها هاهنا قضاء الصلاتين جميعا، لأن الزمان الذي طهرت فيه مقدر بالزوال ~~في حق المختار. فإذا أدت فيه صلاة العصر فكأنها أوقعتها في وقت الظهر ~~المختص بها، فلا تجزيها. # ويقال: إن الوقت يقع فيه الاشتراك من بدايته إلى نهايته، فصارت موقعة ~~للصلاة في وقتها حقيقة فتجزيها وتعيد الظهر. فتكون كأنها صلت صلاة العصر ~~وأكملته، ثم ذكرت ظهرا من يوم ثان ولم يبق من الوقت إلا مقدار ما يسع ~~الصلاة المنسية، فإنها لا تعيد العصر. وأما لو صلت العصر ناسية الظهر ولا ~~حيض بها أو غيرها من سائر ms150 الناس ثم ذكرت الظهر، ولم يبق من الوقت إلا ما ~~يسع الظهر خاصة فهل تعيد العصر؟ قولان وهما على ما قدمناه أيضا. # ... ### | فصل (هل يبتدأ بالحاضرة أو المنسية عند ضيق الوقت) # ولو بقي من الوقت مقدار صلاة واحدة ثم ذكر أصحاب الأعذار صلاة منسية. فهل ~~يبتدؤون بالحاضرة أو بالمنسية؟ قولان توجيههما محال على PageV01P472 # # حكم قضاء الفوائت. وإذا قلنا بالابتداء بالحاضرة -وهو الشاذ- فلا شك أن ~~هؤلاء يصلون الحاضرة ثم المنسية بعد الوقت. فإذا قلنا بالابتداء بالمنسية ~~فضاق الوقت على قضائها فهل عليهم قضاء الحاضرة بعد الوقت؟ [قولان: أحدهما: ~~وجوب القضاء لتوجبه الصلاة في] (1) الوقت، وإنما بدئ بالمنسية لحق الرتبة ~~(2) في الصلاة المنسية. والثماني: سقوط القضاء؛ لأن الوقت [مستحق للمنسية ~~ولم يبق للحاضرة بعده شيء. وكان الأعذار إنما ارتفعت بعد خروج الوقت (3). # ... ### | فصل (حكم المسافر يقدم والحاضر يسافر) # وقد ألحق أهل المذهب بأصحاب الأعذار المسافر يقدم وقد [بقي من النهار ~~مقدار خمس ركعات فيؤدي الصلاتين حضريتين (4). والحاضر يسافر وقد بقي من ~~النهار مقدار ثلاث ركعات فيؤديها سفريتين؛ فهذا يقتضي تنزيل قوله - صلى ~~الله عليه وسلم -:"من أدرك ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك الصلاة" الحديث ~~(5) كما تقدم على عمومه في أصحاب الأعذار. والاختيار يقتضي هذا من قولهم أن ~~مؤخر الصلاة إلى أن يبقى من الوقت مقدار ركعة مؤد غير قاض. وحكى أبو الحسن ~~اللخمي الاتفاق على تأثيم من فعل ذلك عمدا. وما قاله أهل المذهب في حكم ~~الحاضر والمسافر يقتضي خلاف PageV01P473 # # قوله. وما قاله أيضا يشبه قول أبي إسحاق التونسي أن من أخر صلاة العصر ~~إلى الاصفرار يكون آثما مع كونه مؤديا. ولا يتفق الأداء والتأثيم؛ لأن معنى ~~الأداء موافقة الأمر، والتأثيم إنما يحصل لمخالفته. فكان بعض الأشياخ (1) ~~يقول: لو قيل إن مؤخر الصلاة عن الأوقات التي حددها جبريل عليه السلام في ~~صلاته بالنبي عليه السلام يكون آثما لكان صوابا. # وما ورد من الجمع بعرفة والمزدلفة، والجمع في السفر والمرض والمطر، فذلك ~~يقتضي اختصاص هذه الأوقات بهذه الضرورات ولا يلحق ms151 بها غيرها. وإلى هذا يميل ~~أبو الحسن اللخمي (2). وهو مذهب الإصطخري (3) من أصحاب الشافعي. ولكن ~~الجمهور على خلافه، معولين على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك ركعة ~~من العصر الحديث"] (4). # ... ### | فصل (هل يحصل انعكاس الأمر بطرء الأعذار) # وقد قدمنا حكم ارتفاع الأعذار. وهل يحصل (5) انعكاس الأمر بطرء (6) ~~الأعذار؟ أما الحائض فظاهر انعكاس الأمر فيها بأن تكون طاهرا (7) فتحيض أو ~~حائضا فتطهر. وكذلك العاقل يجن، والمجنون يفيق، والحاضر PageV01P474 # # يسافر، والمسافر يحضر، والذاكر ينسى. ويتصور في هذا الطرد والعكس دون ~~غيره، ولا يصح بعد الوقت. ولا يصح ذلك في الصبي يحتلم ولا ينعكس الأمر في ~~حقه، ولا الكافر يسلم. # وأما الناسي يذكر فيتصور انعكاس الأمر في حقه. لكن إن نسي بعد ذكره فلا ~~يسقط عنه قضاء الصلاة، بخلاف الطاهر تحيض، والعاقل يفقد عقله. وما قالوا ~~أيضا في الطاهر والعاقل يقتضي كونهما مؤديين وإن أخرا الصلاة حتى لو لم يبق ~~إلا [مقدار] (1) ركعة واحدة. لذلك ما وجبت الصلاة في ذمتيهما متى ظهرت ~~أعذارهما ولو لم يبق إلا مقدار ركعة في حق الصلاة الواحدة أو صلاة كاملة، ~~وركعة في حق الصلاتين جميعا. ثم يجري الخلاف في هذين وفي المسافر يقدم ~~والحاضر يسافر إذا بقي لطلوع الفجر أربع ركعات، أو ثلاث ركعات على ما قدمنا ~~من الخلاف في جعل (2) الوقت لآخر الصلاتين أو لأولهما. # ولو أخرت الطاهر مثلا العصر حتى لم يبق إلا مقدار ركعة واحدة فقامت ~~تصليها، فلما أكملتها وغربت الشمس حاضت قبل إكمال الصلاة، فهل يجب عليها ~~قضاء هذه الصلاة لأنها حاضت بعد (3) وقتها أو لا يجب عليها قضاؤها؟ في ذلك ~~قولان. # ومثار هذا الخلاف في مدرك ركعة من الوقت هل يكون مؤديا لجميع الصلاة؟ وهو ~~مقتضى سقوط القضاء عنها، أو مؤديا للركعة وقاضيا للثلاث (4) الواقعة بعد ~~الوقت، وهو مقتضى وجوب القضاء عليها. # ... PageV01P475 # ### | باب في حكم ستر العورة وخصوصها بالصلاة ### | (تعريف العورة لغة) # والعورة في اللغة (1) هو ما يحاذر الإنسان التطرق إليه منه، والنظر إليه ~~والتطلع عليه. قال الله تعالى: {يقولون إن ms152 بيوتنا عورة وما هي بعورة} (2)، ~~ومعنى ذلك ما يحاذر الاطلاع عليه، وهو مقصودنا (3)، وما يحاذر النظر إليه. # والنظر في هذا الباب في ثلاثة أركان: أحدها: [ما هي] (4) العورة؟ ~~والثاني: متى يجب عليه سترها؟ والثالث: في المقدار الساتر لها. ### | (ما هي العووة؟ وذكر الخلاف في تحديدها) # فأما العورة ما هي؟ فإن المكلفين صنفان: رجال ونساء، والنساء قسمان: ~~أرقاء وحرائر (5). فأما الرجال فاجتمعت الأمة على أن السوأتين منهم عورة، ~~واختلفوا في ما عدا ذلك. وفي المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: لا عورة إلا ما ~~ذكرناه. والثاني: العورة من السرة (6) إلى الركبة، والسرة والركبة داخلتان ~~في ذلك. والثالث: هذا التحديد، ولكن السرة والركبتين غير داخلتين. # ومثار هذا الخلاف اختلاف ظواهر [الآثار] (7) "فأجرى رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - PageV01P476 # # فرسا (1) حتى بدا فخذه" (2)، وكان جالسا بين جماعة من أصحابه وركبته ~~مكشوفة حتى دخل عثمان بن عفان فغطاها، فأعلم أنه استحيت منه ملائكة السماء ~~رضي الله عنه (3)، وهذا يدل على أنها ليست بعورة ولكن تغطيتها من باب ~~الأولى. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - (4) لجرهد (5): "غط فخذك فإنه ~~عورة" (6)، وهذا نص. ولكن ذكر البخاري رحمه الله أن سند الحديث الأول أقوى، ~~وهو يحتمل أن يكون بدا منه فخذه - صلى الله عليه وسلم - وهو غير عالم بذلك، ~~ويحتمل الحديث الآخر أن يكون غافلا عن كشف ركبته حتى دخل عثمان رضي الله ~~عنه فنبهه لذلك. لكن هذا الاحتمال فيه بعد. وكان - صلى الله عليه وسلم - ~~شديد التحفظ ومحفوظ من كشف ما لا يسوغ كشفه، ولما كشف عورته في حال الصبا ~~يستعين بذلك على نقل الحجارة لبناء الكعبة سقط إلى الأرض وفتحت (7) عيناه ~~إلى السماء فلم ير بعد ذلك مكشوف العورة. فهذا يدل على أنه كان محفوظا مما ~~ذكرناه في تأويل الحديثين المتقدمين. # وبالجملة فمثار الخلاف الترجيح بالنص (8) الذي لا يحتمل التأويل أو ~~PageV01P477 # # صحة (1) السند. وبين الأصوليين خلاف في أيهما يقدم. # هذا النظر في الآثار, وأما الاعتبار فالرجوع فيه إلى العوائد؛ فما جرت ~~العادة أنه يستر منه (2) ويحاذر من ms153 انكشافه فهو عورة. فلا شك في المحاذرة ~~من انكشاف السوأتين. وتختلف العوائد فيما عداهما مما ذكرنا من الخلاف. ~~ولهذا قال أبو حنيفة: إن العورة على قسمين: مثقلة وهي السوأتان، ومخففة وهي ~~ما عداهما. # مراده أن الإعادة (3) تجب في كشف السوأتين دون ما عداهما. وروى أبو ~~الوليد الباجي أن المذهب يشير إلى ما قال أبو حنيفة. وقد قالوا في الرجل ~~يصلي بادي الفخذ أنه يعيد في الوقت في قول، ولو كان بادي السوأتين أعاد ~~أبدا. # وفي الحرة تصلي بادية الشعر أو ظهور القدمين تعيد في الوقت، فإن بدا غير ~~ذلك مما لا تبديه لذوي المحارم أعادت أبدا. وقالوا في الأمة تصلي بادية ~~الفخذ إنما تعيد في الوقت، بخلاف الرجل فإنه لا يعيد. وهذا كله يقتضي ~~انقسام العورة إلى ما قاله أبو حنيفة. # وأما الأرقاء فحكمهم حكم الرجال الأحرار ذكورا كانوا أو نساء. وقد ذكرنا ~~حكم الأمة. # وأما ستر الحرائر؛ فيجب عليهن ستر سائر أجسادهن إذ كلهن عورة إلا الوجه ~~والكفين؛ فلا يجب عليهن سترها في مقصودنا، وهو الصلاة. # ... ### | فصل (متى يجب ستر العورة؟) # وأما متى يجب عليه ستر العورة؟ فيجب عن أعين الإنسان بإجماع (4). ~~PageV01P478 # # وهل يجب في الخلوة لحرمة الملائكة؟ حكى (1) أبو الحسن اللخمي استحبابه ~~(2). والذي سمعناه في المذاكرات القولين؛ الوجوب والندب. وقد قال - صلى ~~الله عليه وسلم - "إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم"، (3)، يعني ~~الملائكة. ثم قال في آخر الحديث: "فاستحيوهم وأكرموهم"، هذا أمر. وبين ~~الأصوليين خلاف في مقتضاه هل الوجوب أو الندب. وأيضا فمن أوجب قاس على ~~الإنسان، ومن أسقط الإيجاب رأى أن التزامه من المشقة التي تسقطها الشريعة ~~السمحة. # وأراد أبو الحسن اللخمي أن يجعل المذهب على قولين: هل يجب (4) ستر العورة ~~في الصلاة أو ليس (5) كذلك، إذا كان المصلي في الخلوات حيث لا ناظر (6). ~~وإنما عول على قول من قال من أهل المذهب: من صلى بادي العورة أعاد في ~~الوقت، وليس كما ظنه". وإنما المذهب على قول واحد في وجوب الستر. لكن ~~الخلاف في وجوب الإعادة ms154 في الوقت، أو فيه وبعده على الخلاف في ستر العورة ~~هل هو من شروط الصحة أم لا؟ # فإذا تقرر هذا قلنا: لا يخلو مريد الصلاة من أن يكون عاجزا عن الستر أو ~~قادرا. ### | (حكم العاجز عن ستر العورة) # فإن كان عاجزا فلا يخلو أن يكون بحيث لا آدمي ينظر إليه، أو بحيث ينظر ~~إليه. وهذا لا يخلو إما أن يكون في ليل أو نهار. فإن كان PageV01P479 # # عاجزا أو لا ناظرا صلى على حالته باتفاق ولا يسقط عنه فرض من الفروض إلا ~~ما عجز عنه من ستر العورة. وهذا (1) حكمه إذا كان في ليل مظلم يأمن النظر ~~إليه. فإن كان هناك جماعة وأرادوا الجمع جمعوا وتقدمهم إمامهم إن علموا أن ~~الظلام ساتر. وإن كان الأكمل في الستر أن يصلوا صفا واحدا صلوا كذلك. # وإن كان النهار أو الليل المقمر والناظر موجود، فإن أمكنهم التباعد حتى ~~يصلوا بموضع لا ينظر بعضهم إلى بعض طلبوا ذلك الموضع، ولا يصلوا جماعة إن ~~خافوا مع الجمع نظر بعضهم إلى عورة بعض. ولا فرق في هذا بين الرجال ~~والنساء. # وإن جمعهم موضع ولم يمكنهم التباعد، فهل ينتقلون إلى الجلوس والإيماء أو ~~يصلون قياما ويؤمر كل واحد منهم أن يغض بصره؟ هاهنا للمتأخرين قولان. ~~وسببهما تغليب أحد المكروهين؛ فالقيام والركوع والسجود فرض، والستر عن أعين ~~المخلوقين فرض. فمن قال يصلون جلوسا إنما رأى ذلك أولى إذ ما انتقل (2) عنه ~~من فروض الصلاة فقد أتى بأبدالها، وهي تقوم مقامها عند الضرورة. ومن قال ~~يقومون، نظر إلى كثرة المتروك من الفروض. وأيضا فيقدروا على الستر بأن يغض ~~كل واحد منهم بصره، فإن لم يفعل أثم الناظر منهم. # وإذا أمرنا العاجز بالصلاة على حاله وافتتح كذلك ثم وجد وهو في الصلاة ما ~~يستر به فهل يتمادى ويعيد؟ أو يقطع ويستأنف؟ قولان في المذهب: التمادي ~~قياسا على طرء الماء في الصلاة في التيمم، والإعادة هاهنا في الوقت. ويجري ~~على قول (3) أنه لا يعيد قياسا على المتيمم. # والقطع هاهنا إذ لا بدل ms155- بخلاف المتيمم (4) [إذ هناك وجود البدل ~~PageV01P480 # # يقوم مقام الماء، وفي العورة لم يجزه ذلك إذ لا بدل لها بخلاف الماء] (1) ~~فإنه يرجع فيه إلى البدل (2) وهو ما أتى به من التيمم. # ... ### | [فصل] (3) (القادر يلزمه الستر على كل حال) # وأما القادر فيلزمه الستر، أما إذا كان بحيث لا يأمن النظر إليه فلا شك ~~أنه فرض، وأما إن كان بحيث يأمن ذلك، فقد قدمنا أن المذهب على قولين (4) في ~~فرضيته، وما قاله (5) أبو الحسن اللخمي في ذلك. وما حكيناه هو رأي أهل ~~التحقيق من البغداديين ومن لقيناه من المشايخ. وذكر أبو القاسم بن محمد (6) ~~أن المذهب على قولين في ستر العورة: هل هو من فروض الصلاة، أو من سننها. ~~ومراده أنه إن كان فرضا فليس يشترط في الصحة (7) على أحد القولين. وإن أراد ~~ما قاله أبو الحسن فقد بينا ما فيه. لكن المذهب المشهور أنه لا يلزم إلا ~~ستر العورة خاصة، وغير ذلك شرط في الكمال لا شرط في الإجزاء. وفي المذهب ~~قول ثان أنه يلزم ستر سائر PageV01P481 # # الجسد (1) لقوله تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} (2). وقد اختلف ما ~~المراد بالمساجد هاهنا؟ هل هو ظاهر ما يدل عليه، أو المراد به الصلاة؟ وهذا ~~مقتضى القول الشاذ. وهذا أمر، وبين الأصوليين خلاف في حمله على الوجوب أو ~~الندب؛ فإن حملناه على الوجوب جاء منه الشاذ. وإن حملناه على الندب جاء منه ~~المشهور. # وإذا أوجبنا ستر العورة فصلى باديها مع القدرة، هل يعيد أبدا أو في ~~الوقت؟ قولان، وهما على ما حكيناه من الخلاف. # والستر هل هو من شرط صحة الصلاة، أو هو فرض، من تركه أثم لكنه ليس بشرط ~~في صحة الصلاة؟ وقد قدمنا القولين في الرجل يصلي بادي الفخذين هل يعيد في ~~الوقت، أو لا إعادة عليه؟ فأما الإعادة في الوقت فيحتمل أن يكون بناء على ~~أن الفخذين ليسا بعورة ولكنه يعيد مراعاة للخلاف، أو على أنه عورة لكن ~~يقتصر على الإعادة في الوقت مراعاة للخلاف. وأما ترك الإعادة فيحتمل أن ~~يكون ms156 بناء على أن الفخذين ليسا بعورة وهو الظاهر أو على أنه عورة، لكنها ~~عورة خفيفة. ولا شك أنه يجري فيه قول ثالث بوجوب الإعادة وإن خرج الوقت ~~بناء على أنه عورة على ترك مراعاة الخلاف. # وقد قدمنا أيضا أن عورة الأمة كهي من الرجل. وأراد أبو الحسن اللخمي أن ~~يجعل المذهب على قولين: أحدهما: ما قدمناه. والثاني: وجوب ستر سائر الجسد ~~في الصلاة (3). وعول على ألفاظ وقعت في المدونة منها قوله: "لا تصلي الأمة ~~إلا وعلى جسدها ثوب يستر جميع جسدها" (4)، وهذا يحتمل أن يريد به الكمال لا ~~الإجزاء. ولا شك أن من قال في الرجل يلزمه ستر جميع جسده في الصلاة يكون ~~لزوم ذلك في الأمة أولى وأحرى عنده. PageV01P482 # # فإن افتتحت الأمة الصلاة على حالها التي تؤمر بها ثم طرأ عليها العلم ~~بالعتق في أثناء الصلاة؛ فلا يخلو العتق الطارئ من أن يكون سابقا للدخول في ~~الصلاة لكنها إنما علمت (1) في أثنائها، أو يكون غير سابق وإنما وقع حيث ~~علمت به. فإن سبق لها افتتاح الصلاة فهاهنا قولان: قيل تقطع (2)، وقيل ~~تتمادى. # وسبب الخلاف هل يعد النسخ واجبا من حين البلوغ، فتكون هذه كالمعتقة في ~~أثناء الصلاة؟ أو يعد من حين النزول والوجود، فتكون هذه كالحرة تدخل في ~~الصلاة غير ساترة لما يجب عليها فيلزمها القطع؟ # وإن كان العتق غير سابق، وإنما وقع في أثناء الصلاة؛ فإن قلنا تتمادى في ~~الصلاة في المسألة الأولى (3) فأحرى أن تتمادى هاهنا؛ لأنها دخلت في الصلاة ~~بوجه جائز وهي أمة حقيقة في الظاهر والباطن، وإن قلنا تقطع [في] (4) تلك، ~~ففي هذه قولان: هل تقطع، أو تتمادى؟ # وسبب الخلاف هل كل جزء من الصلاة قائم بنفسه، أو أولها موقوف على كمالها؟ ~~وإذا قلنا في الصورتين: تتمادى، فذلك ظاهر إذا وجدت ما تستر به في الصلاة، ~~فإن لم تجد فهاهنا قولان: أحدهما: أنها تتمادى لدخولها (5) بوجه جائز قياسا ~~على المتيمم يطرأ عليه الماء في أثناء الصلاة، والثاني: أنها تقطع مراعاة ~~للأجزاء الباقية، والمتيمم معه بدل ms157 فهاهنا لا بدل. # ... ### | فصل (حكم من انكشفت عورته في الصلاة) # وينخرط في هذا السلك لو انكشفت عورة المصلي في الصلاة؛ فإن ترك الستر وهو ~~قادر عليه كان كمفتتح الصلاة بادي العورة، وإن تستر في PageV01P483 # # الحال فهاهنا قولان: أحدهما: [وجوب] (1) القطع نظرا إلى الحالة التي ~~انكشفت فيها العورة. وهذا لما قدمناه في ذكر النجاسة في الصلاة. والثاني: ~~التمادي، نظرا إلى كونه معذورا (2) في حال كشف عورته. # ووقع لسحنون في هذه المسألة بطلان صلاة من نظر إلى عورة المنكشف. فاعترضه ~~الأشياخ فقالوا: يلزم على قياس قوله: أن تبطل (3) صلاة كل من عصى في حال ~~صلاته. فلا يبعد أن يلزم ذلك سحنون متى تصورت المعصية في أثناء الصلاة. # ... ### | فصل (المقدار الساتر للعورة) # وأما المقدار الساتر فله صفتان: صفة إجزاء وصفة كمال؛ فأما صفة الإجزاء ~~فقد تقدم حكمها، وأن المذهب على قولين: أحدهما: وجوب ستر العورة لا غير، ~~والثاني: وجوب ستر سائر الجسد في حق من جسده غير عورة. ومن (4) صفة الساتر ~~أن يكون صفيقا [كثيفا] (5) بحيث لا يشف ولا يصف. وإن كان خفيفا يشف فإنه ~~كالعدم مع الانفراد، وإن كان خفيفا بحيث يصف ولا يشف فهو مكروه، ولا يؤدي ~~إلى بطلان الصلاة. وقد كره مالك رحمه الله الصلاة بالسراويل منفردا (6) ~~وخصه بالكراهة دون الإزار. وقيل في وجه الكراهية إنه من لباس الأعاجم. ~~والظاهر أن مراده بذلك أنه PageV01P484 # # يصف، وإلا فقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جبة شامية ضيقة ~~الأكمام، وهي من لباس الأعاجم (1). # وأما صفة الكمال فأن يأخذ الإنسان الهيئة المعتادة من كمال الزي. وكره ~~مالك رحمه الله للأئمة الصلاة بغير رداء، والرداء مستحب في غير (2) الأئمة ~~إذا كان ذلك زيهم المعتاد. ومن الكمال حل الشعر إن كان معقوصا (3)، وإرسال ~~الثياب إن كانت مشمرة. ويكره كفت (4) الشعر والثوب لأجل الصلاة- والكفت هي ~~التشمر (5) - لكن إن شمرت الثياب وستر (6) الشعر لأنه من الزي المعتاد ~~عندهم، أو الحالة (7) التي أدركته الصلاة عليها، فلا يكره ذلك. # والإكمال إرسال (8) الثياب والشعر كما قدمناه، وروي ms158 عنه - صلى الله عليه ~~وسلم - أنه قال: "أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء ولا أكفت (9) شعرا ولا ثوبا" ~~(10). PageV01P485 # # وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الصلاة والشعر معقوص (1). وقيل ~~في هذا: إن الشعر يسجد (2). والإشارة بذلك [إلى] (3) الاسترسال وملاقاة محل ~~الصلاة بما يكره الإنسان من شعر وثوب؛ لأن في سترهما (4) رفاهية وكبرا عن ~~ملاقاة محل السجود بهما، وأيضا ففعل ذلك خروج عن حالة المتذلل الخاضع. # ومن صفات الكمال إبراز اليدين حتى يلاقي بهما محل السجود. وفي الحديث ~~النهي عن اشتمال الصماء (5). وصورتها أن يشتمل بالثوب الواحد من غير أن ~~يبرز يديه للسجود أو غيره، وهي مكروهة بالاتفاق لو (6) لم يكن عليه إزار ~~يستر به عورته، فإن كان عليه إزار حتى يمكنه إبداء يديه من تحت ثوبه في حين ~~السجود ففيه قولان: الكراهية والجواز. والكراهية لعموم النهي، والجواز ~~لقدرته على إبراز اليدين. ولا يقدر على ذلك من ليس عليه إزار؛ لأنه إن فعل ~~ذلك بدت عورته. وعلل النهي عن اشتمال الصماء بوجهين: أحدهما: ما أشرنا إليه ~~من ستر اليدين عند السجود، والثاني: لأنه قد يعرض للإنسان ما يفتقر إلى ~~مدافعته بيديه ولا يمكنه ذلك مع سترهما. وعلى هذا التعليل يكره اشتمال ~~الصماء في الصلاة وفي غيرها. ولو بدت أحد اليدين لكان مكروها أيضا، وهو من ~~باب الاشتمال. فالأكمل (7) إذا لم يكن على المصلي سوى ثوب أن (8) يتوشح به ~~ويعقده على صدره إن افتقر PageV01P486 # # إلى عقده. وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك بهذه الصفة ~~التي تسمى في العرف حراثية (1) وبالله التوفيق. # ... ### | باب في حكم المسبوق وقضائه بعد إكمال إمامه # وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا ~~تأتوها وأنتم تسعون (2) وأتوها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا ~~وما فاتكم فأتموا" (3)، وفي طريق آخر: "وما فاتكم فاقضوا" (4). وقوله: ~~"فأتموا" يقتضي ظاهره أن ما أدرك أول صلاته وأن الذي يقضي هو آخرها، ويحتمل ~~أن يريد بالتمام إكمال الصلاة فلا يكون فيه دليل على أن الذي ms159 يأتي به بعد ~~سلام الإمام هو آخرها. وقوله: "فاقضوا" يقتضي ظاهره أن ما أدرك هو آخر ~~الصلاة، وما يأتي به هو أولها. ويحتمل أن يعبر بالقضاء عن التمام والوفاء ~~كما تقول: قضيت الحج وقضيت الدين إذا أديت ووفيت. ### | (اختلاف المذهب في المدرك هل هو أول الصلاة أم آخرها) # وإذا تقرر هذا قلنا بعده؛ اختلف المتأخرون في مقتضى المذهب على ثلاثة ~~طرق: أحدها: أن المذهب كله على قول واحد، وهو البناء في الأفعال والقضاء في ~~الأقوال. وإذا أرادوا حكمه في القراءة قالوا: إن الذي أدرك هو آخر صلاته ~~ويقضي ما فاته على نحو ما فاته. فإذا أرادوا حكمه في الجلوس قالوا: إن الذي ~~أدرك هو أول صلاته فيكون مؤديا. وهذا معنى PageV01P487 # # ما وقع في المذهب من اختلاف الألفاظ وهي طريقة أبي محمد بن أبي زيد وجل ~~المتأخرين. # والثانية: أن المذهب على قولين في القراءة خاصة وعلى قول واحد في الجلوس. ~~وعلى أحد القولين أن ما أدركه آخر صلاته، ويقضي ما فاته على نحو ما فاته في ~~(1) القراءة. والقول الثاني: إن ما أدرك هو أول صلاته ويقرأ فيما يأتي بعد ~~سلام الإمام على نحو ما كان يقرأ مع إمامه لو كان حاضرا. وهذه طريقة بعض ~~القرويين. # والطريقة الثالثة: أن المذهب على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه بان في الأقوال ~~والأفعال فيكون ما أدركه هو أول صلاته، وما يأتي به بعد سلام الإمام وهو ~~آخرها. والثاني: أنه قاض فيهما، فيكون ما أدرك فهو آخر (2) صلاته، وما يأتي ~~به فهو [أولها] (3). والثالث: أنه قاض في القراءة بان في الأفعال كما قاله ~~في المدونة وفي غيرها من الكتب المشهورة، فهذه طريقة أبي الحسن اللخمي (4). # فأما الأولون فاعتمدوا على ما في المدونة والكتب المشهورة من أن المدرك ~~لركعة (5) من الصلاة الرباعية إذا سلم الإمام قام وأتى بركعة بأم القرآن ~~[وسورة ثم يجلس ثم يقوم ويأتي بركعة بأم القرآن وسورة] (6)، ولا يجلس. ثم ~~يقوم ويأتي بركعة بأم القرآن وحدها خاصة ويجلس ويسلم. فقد جعله بان في حكم ~~الجلوس ms160، فجعل ما أدرك أول صلاته، وقاض في حكم القراءة، وجعل ما أدرك في ذلك ~~آخر صلاته. # وأما من جعل المذهب على قولين فيعتمد على نص الخلاف فيمن PageV01P488 # # فاتته سجدة مع الإمام حتى وجب عليه قضاء ركعة وكانت الأولى أو الثانية. ~~فإن أصحاب مالك اختلفوا فيما يأتي به من تلك الركعة هل يقرأ فيها بأم ~~القرآن خاصة. وهذا يقتضي أنه بان، أو بأم القرآن وسورة وهذا يقتضي أنه قاض. ~~ولا فرق عند هؤلاء بين هذا وبين المسبوق لتساويهما في وجوب القضاء بعد سلام ~~الإمام. # وقد فرق (1) الأولون بين المسألتين بأن هذا التارك للسجدة (2) قرأ بأم ~~القرآن وسورة مع الإمام أو حضر قراءتها، فلا يعيد إلا المقدار الواجب خاصة ~~في قول (3)، وهي أم القرآن. والمسبوق لم يقرأ ولم يحضر [القراءة] (4). فأمر ~~بتلافي ما فاته من القراءة. # وأما أبو الحسن اللخمي فاعتمد على ألفاظ وقعت في المذهب؛ منها قول القاضي ~~أبي محمد عبد الوهاب في تلقينه ما أدرك هو آخر صلاته وما يأتي به هو أولها، ~~(5) وحكى في الإشراف قولين هذا أحدهما، والقول الثاني أن ما أدرك هو أول ~~صلاته وما فاته هو آخرها. # فأما ما احتج به مما (6) في التلقين فلا حجة فيه لأنه في المدونة قال: ما ~~أدرك هو أول (7) صلاته، إلا أنه يقضي بمثل الذي فاته. وقد جعل ما أدرك أول ~~الصلاة، وإنما يريد في حكم الجلوس، وجعل يقضي مثل الذي فاته، فإنه يريد (8) ~~في القراءة. # وأما ما احتج به من القولين اللذين في "الإشراف" فيحتمل أن يكون في ~~القراءة خاصة، ويكون ذلك حجة من جعل المذهب على قولين. لكن PageV01P489 # # هذه المسألة نزلت قديما فطال بحثنا (1) عن روايات المذهب فيها، وخالفني ~~بعض أشياخي ودافع ما قاله (2) أبو الحسن كل المدافعة. وإنما اعتمدت له على ~~أن ما قاله القياس، إذا لا بالروايات (3). فأخرجت من كتاب "الإملاء" لابن ~~سحنون أن من أدرك ركعة من المغرب يقوم فيأتي بركعتين بأم القرآن وسورة في ~~كل واحدة منهما يجهر بالقراءة ولا يجلس بينهما، وهذا نص ms161 في صحة طريقة أبي ~~الحسن اللخمي إذ جعل في هذه الرواية أن ما أدرك آخر صلاته في القراءة ~~والجلوس جميعا. # ولم يكن عند من خالفني (4) في هذه المسألة أكثر من قوله لبعض تلامذته ~~(5): الكتب لا تقوم بأنفسها. والمشكل في هذه المسألة مذهب المدونة في ~~تفريقه بين الأقوال والأفعال، ولا يتخرج له معنى إلا أن يقال إن ما أدرك هو ~~أول صلاته حقيقة، فلهذا يبني عليه [في] (6) الجلوس. لكنه يزيد فيما يأتي به ~~بسورة مع أم القرآن، إذ لا تفسد الصلاة ولا ينقص كمالها بزيادة السورة، بل ~~ينقص الكمال (7) نقصها. فيأتي بالسورة ليتلافى ما فاته من الكمال. وقد ~~قدمنا في باب الرعاف حكم اجتماع القضاء والبناء وتفصيل ذلك مستوفى (8). # ... ### | [فصل] (9) (هل يقوم المسبوق بتكبيرة أو بغير تكبيرة) # والنظر في هذا الباب هل يقوم المسبوق بتكبير أو بغير تكبير؟ أما ~~PageV01P490 # # كل من حصل له ركعتان مع الإمام فإن جلوسه (1) في موضع الجلوس، فيقوم ~~بتكبير. وإن حصل له أقل من ركعتين أو أكثر (2) فها هنا جلس (3) في غير موضع ~~جلوسه. وفي قيامه بالتكبير قولان: المشهور أنه يقوم بغير تكبير؛ لأنه ليس ~~موضع جلوسه (4) وإنما جلس لئلا يخالف الإمام. والشاذ أنه يقوم بتكبير؛ لأن ~~التكبير (5) جعل متى وجب حركة من ركن إلى ركن فها هنا قد وجب (6). وقد ~~استقرأه بعض أشياخي (7) من المدونة [في قوله] (8) فيمن أدرك الإمام في ~~التشهد الآخر أنه يقوم بتكبير، وهو في جلوسه تابع للإمام وليس بجلوس [له] ~~(9) كما قال حيث قال: موضع جلوس [له] (10). # ... PageV01P491 # ### | باب في أحكام النوافل ### | (صفة النوافل) # والنظر في هذا الباب في فصلين: أحدهما: في صفة النوافل، والثاني: ~~أوقاتها. وأما صفاتها فمنها العدد. ### | (عدد النوافل) # والنوافل عندنا ركعتان ولا مزيد عليها في ليل ولا نهار، فإن زاد ثالثة في ~~نهار فلا خلاف في المذهب نعرفه أنه يؤمر بإكمال الرابعة. وهذا إذا انعقدت ~~له الثالثة على اختلاف في عقدها هل هو وضع اليدين على الركبتين أو رفع ~~الرأس من الركوع؟ وإذا أكمل فإنه يسجد لسهوه إذا زاد ms162 سهوا. ومتى يكون ~~السجود؟ ففيه قولان: أحدهما: أن يكون قبل السلام لنقصه التسليم بعد ~~الاثنين. والثاني: أنه بعد السلام لزيادة ركعتين (1)، وسيأتي بيانه في باب ~~السهو. # وإن كانت الزيادة في ليل فهل يكمل الرابعة؟ قولان: المشهور (2) أنه ~~يكملها مراعاة للخلاف، إذ من المخالفين من يقول إن النافلة أربع ركعات في ~~الليل والنهار، وهو قول مشهور. والشاذ أنه لا يكملها لقوله - صلى الله عليه ~~وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثنى" (3). وهذا القول يقتضي كون الشاذ في الدليل ~~لا يراعي القول المشهور في نفسه وهو في مقابلة الحديث فالتفت هذا إلى ~~الحديث لا إلى شهرة (4) القول. # ولو زاد على أربع ركعات ركعة أخرى أو أكثر من ذلك؛ فإنه يرجع PageV01P492 # # متى ذكر ثم يجلس ثم يسلم ويسجد بعد السلام للزيادة. وهذا ترك مراعاة قول ~~من يقول إن النافلة أكثر من أربع ركعات. ### | (حكم الجهر والإسرار بالنافلة) # ومن صفاتها الجهر بالقراءة والسر. والجهر غير مكروه فيها بالليل بلا ~~خلاف. واختلف في كراهية الجهر بالنهار على قولين، والقول بالكراهة قياسا ~~على الفريضة. ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة النهار عجماء" (1). ~~وهذا عموم يتناول النافلة والفرض. ومن قال بالجواز يقصر عنده الحديث على ~~الفريضة، وقياسا على جوازه في الليل. وهذا ما لم تعرض له حالة تمنع من ~~الجهر، وهي فساد النية معه. ولا خلاف في جواز السر ليلا ونهارا. وقد كان ~~الصديق رضي الله عنه يسر في تنفله بالليل، وكان الفاروق يجهر فسألهما رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - عن موجب فعلهما، فقال الصديق رضي الله عنه: ~~أسمع من أناجي، وقال الفاروق رضي الله عنه: أوقظ الوسنان (2) وأطرد الشيطان ~~(3). فاستحسن رسول الله فعلهما. ومتى كان فعل المتنفل وقصده يناسب هذا ~~المقصود جاز له السر والجهر بالليل والنهار. PageV01P493 # ### | (حكم الجماعة للنافلة) # ومن صفاتها الانفراد والجماعة، ولا خلاف في جواز الانفراد مطلقا. وأما ~~الجمع فلا خلاف في جوازه في نافلة رمضان، لكن الانفراد عند مالك رحمه الله ~~أفضل. وأما غير ذلك من النوافل فإن كان الجمع في الموضع الخفي ms163 والجماعة ~~يسيرة جاز. وقد تنفل (1) - صلى الله عليه وسلم - في بيته واقتدى به ابن ~~عباس (2). وصلى عليه السلام في بيت (3) من بيوت أصحابه واقتدى به الصبي ~~والرجل والمرأة (4). وإن كان الموضع مشهورا والجماعة كثيرة فكرهه عبد الملك ~~بن حبيب وهو مقتضى المذهب. ومنه ما يفعل في بعض البلاد من الجمع ليلة نصف ~~شعبان وليلة عاشوراء. ولا يختلف المذهب في كراهيته. وينبغي للأئمة ~~[والفقهاء] (5) أن يتقدموا في النهي عنه ولا يرخصوا فيه لأحد من الناس فإن ~~فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في نافلة البيوت إنما كان ليتبرك به (6) ~~في صلاته ولا يعتقد المعتقد أنه يفعل ذلك في المساجد أو عند كثرة الجماعة ~~في البيوت فإن ذلك بدعة (7). # ... PageV01P494 # ### | فصل (أوقات النوافل) # وأما أوقات النوافل فإنه يحرم أداؤها عند طلوع الشمس وعند الغروب بإجماع. ~~واختلف الناس فيما عدا ذلك، ولسنا للاختلاف، ولكن نذكر ما في المذهب فنقول: ~~النافلة تمنع لثلاثة أشياء: # أحدها: مخالفة (1) الإمام، فمتى كان الإمام في جماعة وأقيمت (2) الصلاة ~~امتنعت النافلة حيث (3) الإمام. وقد قدمنا حكم من افتتح النافلة ثم أقيمت ~~عليه الصلاة. # والثاني: المحاذرة من ذوات وقت الفضيلة في المغرب والصبح، فلا يجوز عندنا ~~التنفل قبل صلاة المغرب وإن غربت الشمس ولا بعد طلوع الفجر، لكن أجاز مالك ~~رحمه الله أن يتلافى [من فاته] (4) حزبه من ليل فيصلي في هذا الوقت إن كان ~~مغلوبا على الفوات. ### | [حكم تحية المسجد بعد طلوع الفجر] # واختلف المذهب في الداخل في المسجد قبل صلاة الصبح وبعد (5) طلوع الفجر ~~هل يؤمر بالتحية للمسجد قبل ركعتي الفجر، أولا (6) يفعل إلا ركعتي الفجر ~~خاصة؟ وجمهور أهل المذهب أن لا يؤمر بذلك لما روي عن النبي عليه السلام من ~~قوله: "إما طلع الفجر فلا ركوع إلا ركعتي الفجر" (7)، وانفرد القابسي رحمه ~~الله بتحية المسجد، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -:" إذا جاء أحدكم ~~PageV01P495 # # المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس" (1). # وإن ركع في بيته للفجر ثم أتى المسجد فهاهنا قولان مشهوران: أحدهما: أنه ~~يركع في المسجد ركعتين للأمر بالتحية ms164. والثاني: أنه لا يركع للحديث المتقدم ~~في نفي الركوع بعد الفجر. وإذا قلنا بأنه يركع فهل ينوي بركوعه النافلة، أو ~~إعادة ركعتي الفجر؟ فيه قولان للمتأخرين. ونية النافلة تعويلا على الأمر ~~بتحية المسجد، ولأن ركعتي الفجر قد أديتا فلا معنى لإعادتهما. ونية الإعادة ~~بناء على القول بصحة الرفض، وقدمنا القول في صحته. # والثالث: المحاذرة من تمادي الركوع حتى يقع في الوقت المنهي عنه بإجماع، ~~ولهذا يمنع من النافلة بعد صلاة الصبح إلى الطلوع وبعد صلاة العصر إلى ~~الغروب. وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن ذلك (2). ### | (حكم النافلة عند الزوال) # وهل تكره النافلة عند الزوال (3)؟ قولان: المشهور جوازها قياسا على اتصال ~~العمل بالتنفل في هذا الوقت يوم الجمعة. وروي عن مالك كراهية ذلك لما ثبت ~~عنه - صلى الله عليه وسلم - أن الشمس تطلع على قرني الشيطان، وقال في ~~الحديث: "فإذا استوت قارنها" (4)، ونهى عن الصلاة حينئذ. ولكن هذا ~~PageV01P496 # # الحديث في بعض (1) طرقه لم يذكر الاستواء وذكره في بعضها. وبين الأصوليين ~~خلاف في انفراد العدل بزيادة هل تقبل أم لا؟ ### | (حكم النافلة عقب صلاة الجمعة) # ومما يلحق بهذا القسم كراهية التنفل عقيب صلاة الجمعة فهو للأئمة أشد ~~كراهية. فلم يكن - صلى الله عليه وسلم - يتنفل بعدها. وعللت الكراهية ~~بالمحاذرة من التطرق إلى إظهار صلاة الجمعة وقصد (2) صلاة الظهر، وهذا ~~يقصده أهل البدع إذا صلوا مع أئمة الحق ويقصده (3) الإمام إن كان مبتدعا. ### | (حكم الصلاة عقب الوتر) # ومنه أيضا [كراهية] (4) الصلاة عقيب الوتر، والمستحب أن يكون الوتر آخر ~~صلاة الليل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي ~~أحدكم الصبح فليصل ركعة توتر له ما قد صلى" (5). # واختلف المذهب فيمن تنفل بالليل بعد أن أوتر؛ المشهور أنه لا يعيد الوتر؛ ~~لأنه متى أعاده صار شفعا. وقال ابن نافع: يعيده، وهو مقتضى ظاهر الحديث. ~~وبالله التوفيق. # ... ### | باب في حكم الأفعال [والأقوال] (6) الواقعة في الصلاة من غير جنس أقوالها وأفعالها # ومن فعل فعلا في الصلاة- فإن كثر- أفسدها ms165، عمدا كان أو سهوا أو ~~PageV01P497 # # جهلا. وإن قل جدا ولم تدع إليه ضرورة وليس من مصلحتها كره، ولا يفسدها. ~~وإن دعت إليه الضرورة كقتل ما يحاذر منه أو إنقاذ نفس أو مال فلا يكره، ~~وتصح الصلاة. وإن لم يكن يسيرا جدا كالمشي اليسير إلى ذلك والمدافعة ~~اليسيرة إن احتاج (1) إليها. وإن كان من مصلحة الصلاة كمشي المسبوق إلى ما ~~يستتر به بعد سلام إمامه؛ فإنه لا يكره أيضا إذا كان لا يفسد نظام الصلاة. # ... ### | فصل (تفصيل في الكلام يقع في الصلاة) ### | (حكم الكلام إذا كان قرآنا أو ذكرا) # وأما الكلام يقع في الصلاة؛ فإن كان قرآنا أو ذكرا ولم يقصد به إفهام ~~مخلوق، بل قصد به الواجب أو المندوب إليه في الصلاة فهو مشروع فيها، وإن ~~قصد به إفهام مخلوق كمن يسبح أو يتلو قرآنا ليفهم عنه الغير حاجته (2)، ففي ~~جوازه قولان. ومنه فتح المصلي على من ليس معه في الصلاة. ### | (حكم الكلام من غير القرآن والذكر) # وإن كان الكلام غير القرآن والذكر فلا يخلو وقوعه في الصلاة من أربعة ~~أقسام: إما أن يقع عمدا لغير إصلاح الصلاة، أو عمدا لإصلاحها، أو سهوا، أو ~~جهلا؛ فإن وقع عمدا لغير إصلاح الصلاة، فلا خلاف في بطلانها. وإن وقع عمدا ~~لإصلاحها، ففي المذهب ثلاثة أقوال، وسيأتي بيانها في باب السهو إن شاء ~~الله. فإن وقع سهوا فكثر جدا أبطل الصلاة، PageV01P498 # # وإن قل صحت الصلاة وأجزأ عنه سجود السهو [بعد السلام] (1)، وإن كان جهلا ~~أجزأ على القولين في الجاهل هل حكمه حكم العامد أو حكم الناسي. # وهل يتنزل التنحنح بمنزلة الكلام. أما إن كان بغلبة فلا خلاف في صحة ~~الصلاة، وأما إن كان بغير غلبة، ففي المذهب قولان: أحدهما: أنه بمنزلة ~~الكلام، ينظر (2) في السهو والعمد إلى ما قدمناه. والثاني: أنه ليس ~~بمنزلته، وهو خلاف في شهادة تصوره (3) هل تتركب منه حروف كما تتركب (4) من ~~الكلام، أم لا يتركب ذلك؟ وهكذا اختلفوا في النفخ هل يتنزل منزلة الكلام، ~~وهو على ما قدمناه. ### | (حكم ms166 الضحك في الصلاة) # وأما الضحك فإن كان قهقهة فلا خلاف في بطلان الصلاة بعمده. واختلفوا في ~~سهوه وغلبته؛ فقيل: هما بمنزلة الكلام، وقيل: تبطل الصلاة بالقهقهة على ~~الإطلاق وردها إلى الكلام لأن أعلى مراتبها أن يتركب منها حروف تشبه (5) ~~الكلام. والبطلان به مطلقا؛ لأنها تناقض مقصود الصلاة وهو الخشوع. # وإن كان تبسما فلا يبطل الصلاة، وإن كان تعمدا فهل يسجد لسهوه؟ قولان: ~~أحدهما: نفي السجود إذ ليس بزيادة قول ولا فعل. وقيل: بإثبات السجود. ~~واختلف هؤلاء متى يكون محله؟ فقيل: قبل السلام لأنه نقص خشوع (6)، وقيل: ~~بعد لأنه زيادة حركات وإن قلت. PageV01P499 # ### | (حكم الإشارة في الصلاة) # واختلف في الإشارة في الصلاة بالسلام وغيره؛ فالمشهور جوازها، والشاذ ~~النهي عنها، إذ يحصل (1) بها ما يحصل بالكلام وهو الإفهام. # ... ### | فصل (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء) # وإذا اضطر المصلي إلى تنبيه الإمام أو غيره؛ فإن كان رجلا يسبح، وإن كانت ~~امرأة فقولان: أحدهما: أنها تسبح كالرجل، والثاني: أنها تنبه بالتصفيق. وفي ~~الحديث لما صفق الرجال فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنما التصفيق ~~للنساء" (2). وتؤول على وجهين، أحدهما: أن معناه إنما التصفيق من شأن ~~النساء، أي في غير الصلاة. والثاني: أن معناه هو المشروع (3) للنساء في ~~الصلاة، إذ أصواتهن عورة. وقد قدمنا الخلاف في القهقهة هل تتنزل منزلة ~~الكلام أو تبطل الصلاة بكل حال، وإن قلنا بالإبطال؛ فإن كان المصلي فذا ~~قطع، وإن كان مأموما فقولان: قيل يقطع، وقيل لا يقطع ويتمادى ويعيد مراعاة ~~للخلاف. وإن كان إماما فالقولان أيضا في التمادي والقطع. وإذا أجزنا القطع ~~فهل يستخلف أو يبطل ما تقدم من الصلاة؟ قولان: الاستخلاف لأنه مغلوب عند ~~القائل به كغلبة الحدث، والبطلان لمناقضتها لمقصود الصلاة كما قدمناه. إذا ~~قلنا بالتمادي فلا شك في إعادة من خلفه. وإذا تثاوب المصلي فقد قال في ~~الكتاب: لا أدري ما فعله في الصلاة بعد أن كان حكى أنه رأى مالكا رحمه الله ~~يضع يده على فمه، وينفث في غير الصلاة (4). وفي غير المدونة أنه يضع يده ~~على ms167 فيه في الصلاة أيضا، وإن احتاج إلى النفث في الصلاة ففي طرف ثوبه. ~~PageV01P500 # ### | فصل (حكم من اضطر للبصاق في المسجد) # ويجب تنزيه المسجد عن كل ما يستقذر، ومنه البصاق. فإن اضطر الإنسان إلى ~~البصاق وهو في المسجد؛ فإن كان في صلاة فالأولى أن يبصق في طرف ثوبه، فإن ~~لم يفعل وكان المسجد محصبا بحيث يمكنه دفنه فلا يبصق أمامه، والأولى أن ~~يبصق على يساره، وله أن يبصق على يمينه ثم يدفنه. وإن لم يكن المسجد محصبا ~~فلا ينبغي أن يبصق فيه بحال وإن دلكه؛ لأن تدليكه لا يذهب أثره. # ... ### | فصل (أمر الصبيان بالصلاة لسبع) # ويؤمر الصبيان بالصلاة لسبع سنين على جهة التمرين للصلاة؛ لأن الصلاة ~~متكررة. فإن لم يعودوها في الصغر شق عليهم في الكبر ملازمتها. وهذا السن ~~فيه مبادئ التميز (1) غالبا. وإذا بلغ عشر سنين تأكد أمرهم بها وعوقبوا على ~~تركها معاقبة ناجزة بالضرب كما ورد في الحديث (2). ويؤمرون بالتزام شروطها ~~من الطهارة وستر العورة كما يؤمر بها البالغون. فإن صلوا بغير ذلك أمروا ~~بالإعادة. وهل يعيدون أبدا كالبالغين؟ أو ما لم تطل الأيام؟ قولان: الإعادة ~~أبدا إلحاقا لهم بحكم الكبار البالغين، والقول الثاني أن الأمر بالصلاة ليس ~~عليهم لأنهم مكلفون، بل للتمرين (3). فإذا طالت الأيام فإنما يفتقرون إلى ~~أداء صلاة الوقت لا قضاء ما فات. PageV01P501 # # وهل يؤمرون على التمرين بالصيام ويتعودونه قبل البلوغ؟ قولان: المشهور ~~أنهم لا يؤمرون بذلك لأنه ليس بمتكرر، وإنما يأتي مرة في العام، بخلاف ~~الصلاة. والشاذ أنهم يؤمرون بذلك قياسا على الصلاة. # ومتى يفرق بينهم في المضاجع هل السبع أو العشر؟ قولان. وسبب الخلاف قوله- ~~صلى الله عليه وسلم -: "مروا الصبيان بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ~~سنين وفرقوا بينهم في المضاجع". وبين الأصوليين خلاف في المستثنى (1) ~~والإحالة والضمائر. وهذه الجملة (2) التي هي: "وفرقوا بينهم في المضاجع"، ~~ولم يذكر حد ذلك. وقد تقدم حدان (3) وهل يعود على أقرب المذكورات أو على ~~أبعدها (4)، وبالله التوفيق. # ... ### | فصل (حكم قتل البرغوث والقمل في المسجد) # وقد قدمنا أن ما ms168 لا نفس له سائلة لا ينجس [بالموت] (5) عندنا، والبرغوث ~~من هذا القبيل. هذا إذا لم يجلب دما فإن اجتلبه فقولان: فقيل هو طاهر نظرا ~~إلى أصله، وقيل نجس نظرا إلى الدم الحاصل معه. وعلى هذا يجري حكم قتل ~~البرغوث في المسجد. وأما طرحه فيه [حيا] (6) فجائز؛ لأنه مما يعيش في ~~التراب، فليس في إلقائه تعذيب له، ولا هو يثبت في مكان واحد فيتأذى به ~~الغير. ولا يخاف موته فيكون نجاسة ألقيت في المسجد. وهو غير نجس كما قلناه ~~بخلاف القملة؛ فإنها لا تقتل في المسجد إذ هي ميتة وهي نجسة. ولا تلقى فيه ~~إذ في إلقائها تعذيب لها. PageV01P502 # # وما وقع له في بعض الروايات من جواز طرحها في المسجد فقد يكون لظن دوام ~~حياتها، أو يكون صاحب هذا القول حكم لها بأنها لا تنجس بالموت. وقد بقيت ~~علة أخرى وهي تقذير المسجد، إذ لو جوزنا ذلك لأدى إلى أن كل من يأتي إلى ~~المسجد يلقي قملة وذلك يضر بالناس. # ... ### | فصل (حكم القنوت في الصلاة) # وقد قدمنا أن القنوت من فضائل الصلاة، هذا هو المعروف من المذهب. وقال ~~يحيى بن يحيى: إنه ليس بمشروع كما قاله أبو حنيفة. # وسبب الخلاف أنه شرع دعاء (1) على قبائل الكفار. وبين الأصوليين خلاف في ~~العلة هل إذا ارتفعت هل يرتفع حكمها أم لا؟ فمن قال بالارتفاع جاء منه ~~الشاذ، ومن قال بعدم الارتفاع جاء منه المشهور. وإذا قلنا إنه مشروع فليس ~~فيه دعاء مؤقت (2)، لكن يستحب الابتداء بالدعاء المشهور فيه. فإن أبدله أو ~~أضاف إليه غيره، فلا بأس. وإن تركه جملة هل يسجد أم لا؟ قولان: المشهور لا ~~يسجد له بناء على أنه فضيلة. وقال سحنون: يسجد له، وهذا بناء على أنه سنة. ~~وقال علي بن زياد: تبطل (3) صلاة من تركه متعمدا. وهذا بناء على أحد ~~القولين في تارك السنن متعمدا. # وقد قنت الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل الركوع وبعده (4)، والمصلي ~~مخير في PageV01P503 # # ذلك. ولكن استحبه مالك رحمه الله قبل الركوع ليدرك المسبوق. # وهل ms169 يقنت في الوتر في النصف الآخر من رمضان؟ قولان: المشهور أنه لا يقنت؛ ~~لأنه لم يكن معمولا به في زمن الرسول عليه السلام، والشاذ أنه يقنت، لما ~~ورد عن السلف أنهم كانوا يلعنون الكفار في النصف الآخر من رمضان. # ... ### | فصل (حكم من انصرف بسبب رعاف أو حدث) # ومن ظن بطلان تماديه برعاف (1) أو حدث فانصرف ثم تبين له بطلان ظنه؛ فأما ~~في الرعاف إذا لم يتكلم ولم يمش على نجاسة فإنه ينظر، فإن كان بحيث يميز ~~(2) صحة ما في ظنه أو بطلانه (3) قبل انصرافه فانصرف قبل التمييز بطلت ~~صلاته بلا خلاف. وإن كان بحيث لا يمكنه التمييز؛ لأنه في ليل مظلم، واجتهد ~~فأخطأ ففي بنائه قولان: أحدهما: أنه لا يبني، وهو المشهور. والثاني: أنه ~~يبني، وهو الشاذ. وهما على ما قدمناه في المجتهد هل يعد (4) باجتهاده أم ~~لا؟ وأما في الحدث فإن لم يطل فعله بعد الظن كان كالرعاف، وإن طال فعله أو ~~تكلم عامدا بطلت صلاته؛ لأن هذا انصرف (5) على أن صلاته باطلة، والراعف ~~انصرف على أنه يغسل الدم ثم يبني. # ... PageV01P504 # ### | فصل (ما يلزم المصلي حين يعقد النية) # واختلف المذهب هل يلزم المصلي في حين عقد النية التعرض (1) لعدد الركعات ~~أم لا يلزمه ذلك؟ وعليه الخلاف فيمن افتتح ينوي القصر فأتم أو بالعكس، هل ~~تجزيه الصلاة أم لا؟ وعليه أيضا الخلاف فيمن أحرم للجمعة فلم تصح له شروط ~~الجمعة، هل يتم عليها ظهرا أربعا؟ وقد قدمنا الخلاف في ذلك. وذكرنا أن هذا ~~يلتفت فيه إلى أصل ثان [وهو] (2) هل الجمعة صلاة قائمة بنفسها؟ أو هي ظهرا ~~مقصورة؟ وعلى هذين الأصلين يجري الخلاف فيمن دخل مع الإمام والإمام يصلي ~~الجمعة فظنها الداخل الظهر، أو كان الإمام في الظهر فظنه الداخل الجمعة. في ~~ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: إنها لا تجزيه فيهما. والثاني: إنها تجزيه فيهما. ~~والثالث: إنها تجزيه إن كان الإمام في الظهر فظن الداخل الجمعة ولا تجزيه ~~إذا كان الأمر بالعكس. والقولان الأولان على ما قدمناه من الخلاف والتفرقة، ~~لأن ms170 الجمعة تفتقر إلى شروط لا يفتقر إليها الظهر. وتجزيه إذا قصد الأكمل عن ~~الأنقص ولا تجزيه بالعكس. # وأصل مذهب مالك رحمه الله تعلق صلاة المأموم بصلاة الإمام، ولهذا لا يجزي ~~أن يقتدي المفترض بالمتنفل ولا من يصلي الظهر مثلا بمن يصلي العصر. وقد ~~قدمنا ما في تعليق صلاة المأموم بصلاة الإمام، وأن بعض الأشياخ كالباجي ~~وأبي الحسن اللخمي يحكي الخلاف في ذلك في المذهب (3). فعلى هذا يختلف في ~~صلاة المفترض بالمتنفل، وفي الاقتداء بمن هو في صلاة غير ما ينويه المأموم. # وإذا بنينا على المشهور، فذكر اثنان صلاتي ظهر مثلا من يومين مختلفين، ~~فهل لأحدهما أن يقتدي بالآخر؟ ذكر البغداديون قولين: أحدهما: على الخلاف، ~~PageV01P505 # # هل يلزم التعريض في النية [لتعيين] (1) اليوم الذي ترك (2) فيه الصلاة، ~~فيقصد أحدهما: الأحد ويقصد الآخر مثلا الخميس (3) أو غيره من الأيام (4). # ... ### | فصل (حكم المصلي يقرأ ما كتب بين يديه) # وإذا نظر المصلي إلى مكتوب بين يديه [فقرأه] (5)؛ فإن كان المكتوب قرآنا ~~لم تبطل صلاته، وسواء نطق بالقراءة أو قرأها في قلبه. وإن كان غير قرآن ~~فقرأ في قلبه ولم ينطق به (6) لم تبطل صلاته، إلا أن (7) يطول جدا فتبطل ~~صلاته لاشتغاله عن الصلاة بالقراءة (8). فإن نطق بلسانه كان كالمتكلم. فإن ~~تعمد بطلت صلاته، وإن كان ناسيا لم تبطل إلا أن يطول ذلك كما قدمنا في ~~الكلام. ويسجد بعد السلام. وحكم المنصرف من الركعتين يأتي في باب السهو ~~مستوفيا (9). # ... ### | فصل (الأمر بتسوية الصفوف) # والتراص في الصفوف والاستواء مأمور به، ولا يجوز التقدم في PageV01P506 # # الصف ولا التأخر عنه. وقد كانت الصحابة رضوان الله عليهم تتقايس (1) في ~~الصفوف بالمناكب والأقدام. واختلف في معنى قوله تعالى: {إن الله يحب الذين ~~يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص (4)} (2)؛ فقيل: المراد صفوف ~~الصلاة. وقيل: المراد صفوف الجهاد. ويحتمل أن يتناولهم اللفظ؛ لأن الكل ~~جهاد إما الكفار وإما للشياطين من الجن والإنس. لكن من صلى وحده وترك الصف ~~أجزأته صلاته عندنا، لأن التسوي (3) في الصف مندوب إليه وليس بواجب. ولو لم ~~يجد ms171 فرجة فإنه لا يجر إليه أحدا إذ الصلاة تجزيه وليس له التعدي بإخراج ~~المستوي في الصف. ### | (حكم الصلاة بين الأساطين) # والصلاة بين الأساطين مكروهة إلا أن يضيق المسجد. واختلف في علة الكراهية ~~فقيل: أنها محل الشياطين والنجاسات إذ كانوا يلقون هناك نعالهم، وقيل إنما ~~كرهت لتقطيع الصفوف ولا تفسد الصلاة على هذا التعليل. وإن عللنا بنجاسة ~~الموضع تفسد (4) الصلاة. ### | (حكم تقدم الرجال أو النساء على الإمام) # ولا تفسد الصلاة عندنا مخالفة الترتيب في مقامات الإمام مع المأمومين. ~~وقد قدمنا ذلك. ولو خالفت امرأة بأن صلت أمام الإمام أو بين الصفوف لم تفسد ~~صلاتها (5) عندنا، ولا صلاة من هي بين يديه إلا أن ثمر (6) صلاتها هناك ~~تذكر من (7) هي بين يديه حتى يؤديه تذكره إلى نقض طهارته. وكذلك حكم ~~الجماعة من النساء. PageV01P507 # ### | فصل (لا يمنع النساء من حضور الجماعات إلا لسبب) # ولا يمنع النساء من حضور الجماعات إلا أن يغلب (1) عليهن الفساد فيجب ~~منعهن. فأما السنن (2) كالعيدين والاستسقاء فلا تمنع منهما المتجالة (3) ~~التي لا حظ فيها للرجال. ### | (حكم الاستماع للمخبر في الصلاة) # ومن استمع لمخبر في الصلاة فإن طال جدا بطلت صلاته لأنه كالمشتغل عن ~~الصلاة بالكلية، وإن خف جدا فلا بأس به. وإن كان بين ذلك أمرناه بالسجود ~~بعد السلام لأنه أطال لغير مصلحة الصلاة. ### | (حكم زخرفة المساجد) # وقد قدمنا أنه يجب تنزيه المساجد عن كل ما يستقذر. وقد قال الله تعالى: ~~{في بيوت أذن الله أن ترفع} (4) الآية. فقيل: معناها يرفع مقدارها عن ~~المستقذرات. وقيل: ترفع بالبنيان والتشييد. وليس من هذا تزويقها بما يلهي ~~المصلي ولا منفعة فيه. وفي ذلك أيضا تشبيه بالكنائس والبيع وهو منهي عنه. ~~وتجب صيانة المسجد عن كل من لم يعرف حقه (5) وحرمته كالصغير والمجنون. وقد ~~ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "جنبوا مساجدكم صبيانكم" (6)، ~~ولكنه يعارضه ما ثبت عنه مدونا في الصحاح أنه حمل أمامة بنت ابنته وهو في ~~الصلاة (7)، فقيل: كانت صلاة فرض، وقيل: كانت نافلة. PageV01P508 # # وفي الكتاب في الصبي يأتي ms172 أباه وهو صغير في الصلاة المكتوبة إنه ينحيه ~~عنه، ولا بأس بتركه في (1) النافلة. وهذا يقتضي تأويله للحديث على أن ذلك ~~كان في النافلة. ولو اضطر الإنسان إلى حمل طفل وهو في الصلاة (2) لحمله. ~~وعلى الاضطرار تأول ما ورد (3) في الحديث من حمل أمامة في الفريضة (4). # ... ### | فصل (متى يفتح على الإمام؟) # وقد قدمنا أنه لا يفتح على من ليس معه في صلاة، وإن طلب منه الفتح، فإن ~~فتح عليه فهل تبطل صلاة الفاتح؟ قولان. وهما على ما قدمناه في الخلاف في ~~القرآن يقصد به إفهام الغير. وهل يفتح على من معه في صلاته؟ أما إن أخطأ ~~الإمام في غير أم القرآن فإنه لا يفتح عليه إلا أن يغير المعنى أو يطلب منه ~~الفتح. وإن أخطأ في أم القرآن فإنه يفتح عليه لأن الصلاة لا تجزي إلا بها. ~~ولو ترك الإنسان آية من أم القرآن فحكى إسماعيل القاضي قولين: أحدهما: أنه ~~يسجد لسهوه، والثاني: لا سجود عليه. وهذا لأنه رأى أن الأقل تبع للأكثر على ~~مراعاة الإتباع في أنفسها أن تبطل صلاته. # ... PageV01P509 # ### | فصل (حكم الالتفات في الصلاة) # وقد قدمنا وجوب استقبال القبلة وحكم من صلى إلى غيرها. والنظر هاهنا في ~~الالتفات في الصلاة، وهو (1) يفسد الصلاة إن خرج المصلي عن الاستقبال، ولا ~~يفسدها إن لم يخرج عنه. ولو كان الالتفات بسائر الجسد لكان يكره جملة إذ هو ~~كالتارك لأدب الوقوف بين يدي ملك الملوك. ### | (حكم الصفد في الصلاة) # وقد روي في بعض الأحاديث النهي عن الصفد (2) في الصلاة وهو أن يصلي قارنا ~~قدميه معتمدا عليهما. وقد عابه مالك رحمه الله في المدونة واستحبه في ~~غيرها. وعاب الوقوف على الرجل الواحدة (3) معتمدا عليها. ولعله قال: هذا ~~لما لم يثبت عنده الحديث، فكره التحديد بالاعتماد على الرجل الواحدة كعادته ~~في الكراهة. # ... ### | فصل (حكم تحبيس المساجد وغيرها) # واجتمعت الأمة على جواز تحبيس السقايات والمساجد؛ فمن بني مسجدا فلا يخرج ~~عن ملكه بنفس البناء إلا أن يظهر منه قول أو فعل يدل على أنه قصد ms173 إخراجه عن ~~ملكه وتحبيسه. ومن الفعل أن يخلي بين الناس وبينه. # وسقف المسجد لاحق به (4) في تحبيسه. ولهذا لا يحل أن يملك ما فوقه، ويجوز ~~ملك ما تحته إذ الأسفل لا يسري إليه حكم التحبيس. PageV01P510 # ### | (حكم سجود الشكر) # وهل يجوز السجود عند البشرى بما يسر (1) به الإنسان. في المذهب قولان: ~~المشهور كراهيتها، وهذا لأنه لم يثبت أن السجود مشروع (2). والشاذ جوازه. ~~وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه فعله (3). وروى ذلك عن جملة من ~~الصحابة رضوان الله عليهم (4). PageV01P511 # ### | كتاب الصلاة الثاني ### | (حكم سجود التلاوة) # وقد بدأ فيه بأحكام سجود التلاوة (1)، وأجمعت الأمة على أنها مشروعة (2). ~~واختلفوا هل هي واجبة أو مندوب إليها؟ ومذهب مالك رحمه الله إسقاط الوجوب ~~معولا على قول عمر رضي الله عنه: "إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء" ~~(3). وقد ترك السجود بحضرة الصحابة، وقال ما حكيناه عنه وهو على المنبر، ~~ولم ينكر عليه أحد. وقد اختلف الأصوليون هل يعد قوله هذا إجماعا لترك ~~الإنكار أم لا يعد؟ # وإذا تقرر أن المذهب إسقاط وجوبها فهل تلحق بالسنن، أو تنزل عنها إلى ~~الفضائل؟ للمتأخرين قولان: # أحدهما: عدها فضيلة، قاله القاضي أبو محمد. وهذا طريق أبي القاسم ابن ~~الكاتب. واحتج بقول مالك رحمه الله تعالى في المدونة: يستحب له إن قرأها في ~~أثناء الصلاة ألا (4) يدع سجودها (5) فأطلق عليها في الكتاب لفظة ~~الاستحباب. وهذا يدل على أنها فضيلة. PageV02P512 # # والقول الثاني: أنها سنة، قاله أبو القاسم ابن محرز (1). واحتج بما في ~~المدونة من أنه يسجد لها بعد الصبح ما لم يسفر، وبعد العصر ما لم تصفر ~~الشمس. وشبهها بالجنائز. وهذا التشبيه يقتضي أنها سنة كالجنائز. ولا يسلم ~~هذا الذي قاله من الاعتراض لأنه يمكن أن يحمل التشبيه على جواز السجدة (2). ~~والأمر به في هذا الوقت، لا على أنها تشبه الجنائز في كل الأحكام. وقد ~~قدمنا سبب الخلاف فيما يلحق بالسنن أو يعد من الفضائل، وهو ما يدوم من فعل ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن في غير ms174 الجماعات. وسجود التلاوة (3) ~~من هذا القبيل. وإذا تقرر هذا قلنا: أحكام السجود تنحصر في أربعة فصول: ~~أحدها: أعداده. والثاني: مواضعه من الآي. والثالث: شروطه وصفاته ومن يؤمر ~~به. والرابع: أوقاته. ### | (أعداده) # فأما أعداده فقد اختلف المتقدمون من أهل المذهب في ذلك على ثلاثة أقوال: ~~فالمشهور: أن أعداده إحدى عشرة [سجدة] (4) ليس في المفصل منها شيء، أولها ~~آخر الأعراف، وآخرها حم تنزيل (5). والقول الثاني: أن أعداده خمس عشرة يضاف ~~إلى ما سميناه سجود آخر الحج، وثلاثة في المفصل: آخر النجم، وآخر العلق ~~(6)، وسجدة في الانشقاق. ونذكر الخلاف في مواضعها بعده. PageV02P513 # # والقول الثالث: أن أعداده أربعة عشر موضعا فأسقط مما ذكرناه سجدة آخر ~~الحج (1). وجمهور متأخري أهل المذهب يرون أن هذا خلاف، وأن المشهور ترك ~~السجود فيما عدا الأحد عشر موضعا. والقاضي (2) أبو محمد يرى أن السجود ~~مأمور به في جميع الخمسة عشر، لكنه في الأحد عشر آكد منه في الباقي. وعليه ~~يتأول المشهور. ويحتج بقول مالك في موطئه:"عزائم سجود القران إحدى عشرة ~~سجدة" (3). وهذا يدل على أن في القرآن سجود [غيرها] (4)، لكنه ليس من ~~العزائم. فيصير المذهب عنده على أن السجود مشروع في الأحد عشر موضعا ~~متأكدا، وفي غيره من الأربعة مواضع غير متأكد. وهو غير مشروع في غير هذه ~~المواضع. # وسبب الخلاف على ما قاله الجمهور اختلاف آثار؛ فحكى زيد بن ثابت وابن ~~عباس وغيرهما أن الرسول عليه السلام لم يسجد بعد الهجرة في المفصل (5). ~~وحكى أبو هريرة وغيره أنهم سجدوا في المفصل خلف رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - (6) وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل هل في الحج سجدتان؟ ~~فقال: نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأ (7). وهذا يقتضي تأكيد السجود وثبوته في ~~PageV02P514 # # آخر الحج. لكن هذا الحديث لم تثبت فيه شروط الصحة. والذي صوبه المحققون ~~من المتأخرين ومن لقيته من الأشياخ ثبوث السجود في المفصل. لأن من حكى نفي ~~حكم السجود إنما ذكر ما رأى، ومن أثبت أولى ممن نفى، ولا سيما وقد يترك (1) ~~السجود ليبين ms175 أنه ليس بواجب ويسجد (2) ليبين أنه مشروع. فإذا أمكن صرف ~~الترك إلى هذا المعنى لم يكن فيه دليل على انحصار السجود في الأحد عشر ~~موضعا. # ... ### | فصل (مواضعه من الآي) # وأما مواضع السجود من الآي فاختلف فيه في ثلاثة مواضع: أحدها: سجدة ص، ~~فقيل يسجد عند قوله جل ذكره {وخر راكعا وأناب (24)} (3)، وقيل: يسجد عند ~~قوله {وحسن مآب (29)} (4). والثاني: سجدة {حم (1) [تنزيل]} (5)، فقيل: يسجد ~~عند قوله: {إن كنتم إياه تعبدون (172)} (6)، وقيل: عند قوله عز وجل: {وهم ~~لا يسأمون (38)} (7). والثالث: سجدة الانشقاق، فقيل: يسجد في آخر السورة، ~~وقيل: عند قوله: {وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون (21)} (8). # وسبب الخلاف هل النظر إلى سبب السجود فيسجد عند كمال الآية PageV02P515 # # بعد ذكر السجود، أو النظر إلى كمال الثناء على المطيع (1) والذم للعاصي، ~~فيسجد عند كمال ذلك؟ # ولم يختلف في محل السجود في غير ما ذكرناه، فيسجد في الأعراف عند ختمها. ~~وإذا سجد وكان في الصلاة ثم قام فهو غير إن شاء أن يركع (2) من غير أن يقرأ ~~شيئا من غيرها، وإن شاء قرأ ثم ركع. # والسجدة في الرعد عند قوله تعالى: {وظلالهم بالغدو والآصال} (3)، وفي ~~النحل: {ويفعلون ما يؤمرون} (4)، وفي سبحان: {ويزيدهم خشوعا} (5)، وفي ~~مريم: {وبكيا} (6)، وفي الحج: {إن الله يفعل ما يشاء} (7). وإن أثبتنا ~~السجدة في آخرها فعند قوله تعالى: {لعلكم تفلحون} (8). وفي الفرقان: ~~{وزادهم نفورا} (9)، وفي النمل: {رب العرش العظيم} (10)، وفي ألم السجدة: ~~{وهم لا يستكبرون} (11)، وفي النجم آخرها. وهو مخير بعد الرفع كما ذكرناه ~~بين أن يركع أو يقرأ من غيرها. وكذلك في سورة القلم. وخيره ابن حبيب بين ~~السجود والركوع فينوب له ذلك عن ركوع الصلاة وعن سجود التلاوة. وهذا كأنه ~~ترك السجود. # ... PageV02P516 # ### | فصل (شروط السجود) # وأما شرط (1) السجود فهو جزء من الصلاة، فيشترط فيه عندنا جميع ما يشترط ~~في الصلاة؛ من طهارة الحدث والخبث، وستر العورة، واستقبال القبلة. وهل يحرم ~~له ويسلم منه؟ أما الإحرام الزائد على التكبير للهوي (2) فلا يشترط عندنا. ~~وكذلك لا يشترط السلام إذ لم يثبت، وإنما ms176 هو مجرد سجود. وهل يكبر له عند ~~الإهواء والرفع منه؟ أما إن كان في صلاة فيكبر، وإن كان في غير صلاة ففيه ~~ثلاثة أقوال: في الكتاب الأمر بالتكبير، وكراهيتها، (3) وخيره ابن القاسم. # وسبب الخلاف القياس على سجود الصلاة وسجود التلاوة إذا كان في صلاة، فعلى ~~هذا يكبر، والقياس (4) على الإحرام والتسليم، فلا يكبر. وأيضا فإن التكبير ~~مشروع في الصلاة الكاملة، وهذا ليس منها. والتخيير لتعارض ما قلناه. ### | (من يؤمر بالسجود) # ويؤمر به كل تال للقرآن في غير صلاة فريضة إذا مر بإحدى الآي التي ~~قدمناها (5). وهذا إذا كان في وقت يجوز فعله فيه على ما نبينه، وهو على ~~الصفات التي قدمناها في شروط الصلاة. # وهل يؤمر به مستمع القراءة؟ أما إن لم يقصد الاستماع فلا يؤمر، وإن قصد ~~وكان الثاني ممن لا تصح إمامته فلا يؤمر، وإن كان ممن تصح إمامته وسجد ~~الثاني أمر به، وإن لم يسجد فقولان: المشهور أن يؤمر به PageV02P517 # # لأن الاستماع كالتلاوة، وأصلها اكتفاء المأموم بقراءة الإمام (1). والقول ~~الثاني أنه لا يؤمر، لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - "أنه قرأ رجل عنده ~~آية من القرآن فيها سجدة فسجد الرجل وسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~معه، ثم قرأ آية أخرى فيها سجدة وهو عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~فانتظره النبي (2) أن يسجد فلم يسجد فقال له في ذلك فقال النبي - صلى الله ~~عليه وسلم -: كنت إمامنا ولو سجدت لسجدت معك" (3). وقال بعض الشافعية: إنما ~~ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السجود لينبه القارئ أنه أخطأ بتركه ~~إياه، وإنما كان القارئ هو المأمور به أولا والمستمع في حكم التبع. وهو غير ~~واجب فلا يبعد تركه لقصد البيان. ### | (كراهيه قراءة آية السجدة وحدها لأجل السجود) # وقد كره في المدونة أن يقرأ الرجل السجدة وحدها ليسجد لها (4). واختلف ~~الأشياخ هل يريد لفظ السجدة خاصة وموضع السجود منها أو كل الآية؟ فلهم في ~~ذلك قولان: أحدهما: أنه إذا قرأ الآية جميعها جاز، وجاز السجود لأنه حصل ~~تاليا ms177 لذلك. والثاني: أنه لا يجوز له ذلك؛ لأن حكم التلاوة لم يحصل له، ~~وإنما حصل لمن استمر على قراءة السورة (5). ### | (حكم قراءة السورة التي فيها السجدة في الصلاة) # وهل تجوز قراءة السورة التي فيها السجدة في الصلاة؟ أما في صلاة النافلة ~~فلم يختلف المذهب في جواز ذلك. وهذا إذا كان فردا أو كان في PageV02P518 # # جماعة يأمن التخليط فيها فظاهر، وإن كان في جماعة لا يأمن ذلك فيها، ~~فالمنصوص أيضا جوازه لما ثبت من فعل الأولين في صلاة النفل في رمضان وهم ~~مجتمعون فيمرون بالسجدة فيسجدون. # وأما في الفريضة فإن كانت صلاة سر أو جهر وخاف أن يخلط على من خلفه، فلا ~~يجوز له ذلك. لأنه قد يؤدي إلى بطلان الصلاة، وكل ما أدى إلى بطلانها ~~فممنوع. وأما إن أمن التخليط وكانت صلاة جهر، أو كان فردا ففيه قولان: ~~المشهور النهي عنه، والشاذ جوازه. وقد علل المشهور بأنه إذا قرأ السجدة ~~وسجد بها، كان زائدا في أعداد الفريضة، وذلك لا يجوز. والصحيح جوازه (1) ~~لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من أنه كان يداوم على قراءة ألم تنزيل ~~السجدة في الركعة الأولى من صلاة الصبح (2). وعلى هذا كان يواظب الأخيار من ~~أشياخي وأشياخهم. # وإذا منعناه أن يقرأ بالسجدة في صلاة السر فإنه إذا قرأ ووصل إلى السجدة ~~فينبغي له أن يجهر إذا عول على السجود لها ليعلم من خلفه أنه إنما سجد ~~للتلاوة. وإن لم يجهر وسجد فهل يتبع في السجود؟ للمتأخرين قولان: أحدهما: ~~أنه يتبع فيه للزوم متابعة الإمام، والثاني: أنه لا يتبع لجواز أن يكون سجد ~~ساهيا ولم يقرأ آية السجدة. ### | (حكم من نسي سجود التلاوة في الصلاة) # وإذا أبحنا له أن يقرأ في النافلة بما فيه السجدة فقرأ ثم نسي أن يسجد في ~~موضع السجود فلا يخلو من أن يذكر ذلك قبل التطاول (3) أو بعده، وقبل أن ~~ينحني للركوع أو بعد ما انحنى للركوع ولم يرفع رأسه، أو بعد ما رفع رأسه. ~~فإن ذكر قبل أن يتطاول سجد ms178 عند ذكره ولم يؤمر بإعادة PageV02P519 # # آية السجدة (1). وإن ذكره بعد التطاول أمر بإعادة قراءة الآية التي فيها ~~ذكر السجود [وسجد] (2). وإن ذكر بعد أن خر للركوع فهل يتمادى على ركوعه ~~ويترك السجدة، أو يخر إلى السجدة؟ فيه قولان. وهما على الخلاف في عقد ~~الركعة ما هو؟ هل هو وضع اليدين على الركبتين؟ أو رفع الرأس منها؟ فإن قلنا ~~عقد الركعة وضع اليدين على الركبتين، تمادى على ركوعه. وإن قلنا عقدها رفع ~~الرأس منها، خر للسجود ساجدا. وعكس هذا أن يريد السجود فيركع فهل يجزيه هذا ~~الانحطاط على الانحطاط إلى الركوع فيه قولان (3). وهما على الخلاف في ~~الحركة إلى الأركان هل هي مقصودة فلا يجزيه، أو غير مقصودة فيجزيه. # وإن ذكر السجدة وقد رفع رأسه من الركوع فلا يسجدها في الحال، لكن إن كانت ~~هذه الركعة هي الأولى من النافلة قرأها في الركعة الثانية ويسجد لها. ومتى ~~يقرأها هل قبل أم القرآن أو بعدها؟ للمتأخرين قولان: أحدهما: أنه يقرأها ~~قبل أم القرآن؛ لأنها قضاء عن الركعة (4). وإنما يكره أن يقدم على أم ~~القرآن غيرها إذ لم يكن له سبب مثل هذا، وإذا ظهر له السبب جاز له التقدم. ~~والثاني: لا يقرأها إلا بعد أم القرآن، إذ أصل المذهب (5) أن المشروع أنه ~~يأتي بها عقيب التكبير من غير فاصل. فإن كانت الركعة هي الثانية من ~~النافلة، فإن كان يركع بعدها نافلة أخرى قرأ بها وسجد، وإلا فقد فات موضع ~~السجود. # ... ### | فصل (أوقاته) # وأما أوقات السجود؛ فإنه يجوز في كل وقت يجوز فيه أداء النوافل. ويجوز ~~بعد طلوع الفجر، وقبل صلاة الصبح، وبعد مغيب الشمس قبل PageV02P520 # # صلاة المغرب. وهل يجوز بعد صلاة الصبح إذا لم يسفر، وبعد صلاة العصر إذا ~~لم تصفر الشمس؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدهما: أنه لا يجوز، قاله في ~~الموطأ. والثاني: جوازه، وهو مذهب الكتاب (1). والثالث: التفرقة، فيجوز بعد ~~الصبح ولا يجوز بعد العصر، قاله ابن حبيب. وقد قدمنا ما قاله أبو القاسم ~~ابن محرز من [أن] (2) السجود بعد ms179 الصبح وبعد العصر يقتضي كونه سنة، ولهذا ~~شبهت بصلاة الجنائز. وعلى هذا يكون النهي في السجود في هاذين الوقتين يقتضي ~~كونه فضيلة. وأما تفرقة ابن حبيب فلأن النهي عن الصلاة بعد العصر أشد من ~~النهي عنها بعد الصبح. إذ (3) اختلف المذهب هل تأخير الفريضة إلى الاصفرار ~~محرم أو مكروه. وتأخيرها إلى الإسفار لم يختلف أنه غير محرم. وإنما اختلف ~~هل هو جائز أو مكروه. # ... ### | فصل (وجوب الوضوء عند لمس القرآن) # ولا خلاف في الأمر بالوضوء لمن أراد مس القرآن. وهل ذلك الأمر واجب؟ ~~المشهور من مذاهب العلماء وجوبه. وروى مالك رحمه الله في موطئه أن في ~~الكتاب الذي كتبه الرسول عليه السلام لعمرو بن حزم (4) أن لا يلمس القرآن ~~إلا طاهر (5). واختلف في معنى قوله تعالى: {لا يمسه إلا PageV02P521 # # المطهرون (79)} (1)؛ فقيل: هو على ظاهره من الخبر، والمراد بالمطهرين ~~الملائكة، وهو رأي مالك رحمه الله في موطئه. وأكثر أهل المذهب على حمل ~~الآية على الأمر، وإن كان ظاهرها الخبر. ويكون موافقا للحديث المتقدم. فإذا ~~أوجبنا الوضوء (2) لمس المصحف، فهل ذلك في حق كل مريد لمسه؟ # أما غير المتعلم والمعلم فذلك واجب في حقه بلا خلاف، إلا أن يمسكه مع ~~أشياء كثيرة ولم يقصد إلى حمله. وإنما قصد حمل ما معه كالرحل يكون فيه ~~المصحف. فإن قصد إلى حمل المصحف منع إلا بطهارة. # وأما المتعلم فلا خلاف في المذهب في جواز مسه للمصحف بغير طهارة، لأنه ~~مضطر إلى مسه ويشق عليه تكرار الوضوء. وأما المعلم ففيه قولان: أحدهما: أنه ~~كالمتعلم. والثاني: أنه لا ضرورة به إلى ذلك كسائر الناس. وهذا ينبغي أن ~~يكون خلاف في حال. فإن كان حافظا يستغني عن مطالعة المصحف فهو كغير (3) ~~المتعلم. وإن كان مفتقرا إلى مطالعته لقلة حفظه وهو يحتاج إلى العلم لأجل ~~(4) معجل أو مؤجل، فهو كالمتعلم. # وإذا منعنا غير المتوضئ من مس المصحف فأحرى أن يمنع من على غير الإسلام ~~من مسه. وقد قدمنا الكلام على قراءة [الجنب] (5) القرآن طاهرا، ومن يجوز له ~~ومن لا ms180 يجوز له. # ... ### | باب في أحكام السترة في الصلاة # وأجمعت الأمة على وجوب السترة في حق المصلي على الجملة. PageV02P522 # # وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه متى صلى في غير الجدار ركزت له ~~الحربة [أو العنزة] (1) فيصلي إليها. وكان يصلي إلى بعيره (2). ونهى عن ~~المرور بين يدي المصلي، وقال: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه ~~لكان أن يقف أربعين خيرا له" (3). وشك الراوي هل أراد أربعين سنة، أو ~~أربعين يوما، أو أربعين شهرا. فأمر بدفع من يمر بين يدي المصلي، وقال: "فإن ~~أبى فليقاتله فإنما هو شيطان" (4). واختلف في معنى المقاتلة هاهنا فقيل: هي ~~على ظاهرها، والمراد أوائلها وهو الدفع بعنف ما لم يؤد إلى العمل الكثير في ~~الصلاة. وقيل: معناه اللعنة، وهو المراد بقوله تعالى: {قاتلهم الله أنى ~~يؤفكون} (5). أي يلعنهم الله. # فإذا ثبت ذلك فالنظر في السترة ينحصر في أربعة فصول: أحدها: من يؤمر بها؟ ~~وما المقدار المجزي عنها؟ وكيف صورة الاستتار فيها؟ وحكم المصلي والمار في ~~الإثم والدفع [عن المرور] (6). ### | (من يؤمر بها؟) # وأما من يؤمر بها فكل مصل في موضع لا يأمن المرور بين يديه إذا كان فذا ~~أو إماما، فإن أمن المرور ففي المذهب قولان: المشهور أنه لا يؤمر بالسترة ~~إلا أن يشاء، والشاذ أمره بها. # وسبب الخلاف هل جعلت السترة حريما للمصلي حتى يقف عندها PageV02P523 # # البصر فلا يتعداها؟ أو جدارا من مرور مار، فيشتغل به عن صلاته. فإن قلنا ~~إنها جعلت حريما للصلاة وجبت السترة وإن أمن المرور، وإن قلنا إنها جعلت ~~جدارا من الانشغال بالمار لم يجب مع الأمن. # فإن صلى في موضع مرتفع- على القول بأنها [لا] (1) تجب مع الأمن - فإن كان ~~من يمر لا يظهر من أشخاصهم شيء للمصلي لم تجب السترة، وإن كان يظهر منها ~~شيء وجبت السترة. # ولا يؤمر بها المأموم بلا خلاف. وقد ثبت عن ابن عباس أنه مر بين يدي ~~الصفوف راكبا حماره أتانا، فلم ينكر عليه أحد، وكان النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - إماما ms181 والمقتدون الصحابة (2). # واختلفت ألفاظ أهل المذهب في علة سقوط السترة عن المقتدين؛ فقال بعضهم: ~~لأن سترة الإمام سترة لهم، وقال بعضهم: لأن الإمام سترة لهم. واختلف ~~المتأخرون هل العبارتان بمعنى واحد، أو يختلف معناهما. فيكون معنى أولى أن ~~السترة التي جعلها الإمام بين يديه هي سترة للمأموم، وإذا سقطت صار حينئذ ~~مصليا إلى غير سترة. ومعنى الثانية أن الإمام هو الساتر للمأموم. فإذا سقطت ~~سترته كان المأموم باقيا على حكم الاستتار، وإن ذهبت سترة الإمام. # ... ### | فصل (ما المقدار المجزئ فيها؟) # وأما المقدار المجزي من السترة فأقله مقدار عظم الذراع في غلظ الرمح إذا ~~كان يثبت ولا يقع. وكره مالك رحمه الله السوط؛ لأنه لا يثبت. PageV02P524 # # ولا تنفع السترة بالخط. وفي الحديث الخط باطل (1). وتجوز السترة بكل ظاهر ~~ثابت غير متنقل لا يخاف منه مضرة ولا يؤدي إلى بطلان الصلاة. وهذه التحرزات ~~من الاستتار بالنجاسة كقصبة (2) المرحاض وما في معناها، أو الصلاة إلى حلقة ~~المتحدثين المستقبل وجوههم، أو المرأة غير ذات المحرم. # وهل تجوز الصلاة إلى الحلقة الدائرة؟ في المذهب قولان: الجواز، لأنه ~~يستقبل ظهر الجالس. والكراهة؛ لأنه يستقبل وجه المقابل (3) للجالس. ومن ذلك ~~الصلاة للنائم والمجنون. وبالجملة غير المميز لأنه لا يؤمن ما يحدث من ~~هؤلاء من ريح ونحوه. [وكذلك الصبي الجميل الصورة والمخنث، فإنهما يلحقان ~~بالمرأة] (4). # وبالجملة كل من لا يؤمن معه التذكر فيما يفسد الصلاة، فإنه لا يجوز ~~الاستتار به. وقد أجازوا الصلاة إلى الطائفين (5) لأنهم في حكم المصلين. # ... PageV02P525 # ### | فصل (صورة الاستتار بالسترة) # وأما صورة الاستتار فإن كانت السترة شيئا منفردا كحجر أو عود، فينبغي أن ~~يجعل على اليمين. ولا يصلي منتصبا إليه، محاذرة من التشبه بالأصنام. وقد ~~كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى إلى شيء من هذا النحو جعله ~~عن يمينه أو عن يساره ولا يصمد له صمدا (1)، ويؤمر المصلي بالدنو من (2) ~~سترته. وقد اختلفت الأحاديث في المقدار الذي كان بينه - صلى الله عليه وسلم ~~- وبين سترته فروى بلال ثلاثة أذرع (3)، وروى سهل بن ms182 سعد ممر الشاة (4). ~~واختلف في الجمع بين الحديثين؛ فقال أكثر الأشياخ: معنى الحديث الأول أنه ~~كان بينه وبين سترته مقدار ثلاثة أذرع عند القيام. فإذا سجد كان بين رأسه ~~وبين سترته قدر ممر الشاة. وروى أبو الطيب بن خلدون أن معنى الحديثين أنه ~~كان عليه السلام إذا قام دنا من سترته حتى يكون بينه وبينها ممر الشاة. ~~فإذا أراد الركوع بعد عنها حتى يكون بينه وبينها مقدار ثلاثة أذرع. وكان ~~أبو الطيب هذا المذكور يفعل ذلك ويرى أنه عمل يسير من مصلحة الصلاة، لأن ~~الدنو من السترة أحفظ للبصر (5) وأجمع للقلب. PageV02P526 # ### | فصل (حكم من ترك السترة ومن مر بين يديه) # فأما حكم تعلق الإثم بمن صلى إلى غير السترة، وبالمار بين يدي المصلي؛ ~~فإن صلى إلى غير سترة بحيث لا يؤمن المرور، وللمار مندوحة عن مروره، فقد ~~أثما جميعا. وإن كان بحيث يأمن المرور وليس للمار مندوحة عن مروره فمر لم ~~يأثما (1). وإن كان بحيث لا يأمن المرور وليس للمار مندوحة أثم المصلي. وإن ~~كان بالعكس أثم المار. ومن المرور بين يدي المصلي مناولة الشيء من بين يديه ~~وأخذ ما هو هناك. ومنه تحدث من على (2) جانبه. # وينبغي للمصلي أن يمنع المار بين يديه بالإشارة، فإن فعل وإلا دفعه إن ~~كان قريبا، دفعا لطيفا. وإن كان بعيدا اكتفى بالإشارة، ولا يفرط في دفعه. ~~وقد روي أنه رفع إلى عثمان رضي الله عنه إنسان دفع مارا وهو في الصلاة فكسر ~~أنفه. فقال: لو تركته لكان أهون من هذا (3)، ولم يذكر في الآثار أنه ألزمه ~~الدية. وقال أهل المذهب: لو دفعه فسقط فمات لكان كقتل الخطأ، وتكون ديته ~~على العاقلة. وأجراه أبو محمد عبد الحق على الخلاف في من عض إنسانا، فأخرج ~~المعضوض يده فكسر سن العاض؛ ففيه قولان: هل يكون على الكاسر ديته أم لا؟ ~~وهذا أصل مختلف فيه في المذهب. وهو في كل من أذن له إذن خاص في فعل يفعله ~~فأدى إلى الإتلاف؛ ففيه قولان: هل يرفع الإذن ما ms183 كان عنه من الإتلاف (4). # ... PageV02P527 # ### | باب الجمع للأعذار # وهي أربعة: المطر والمرض والسفر والخوف. وقد قدمنا أحكام الأوقات وأوقات ~~الفضيلة منها، وإلى أي زمن يمتد وقت الاختيار. فمن شاء الجمع بأن (1) يؤخر ~~أحد الصلاتين المشتركتي الوقت كالظهر والعصر، والمغرب والعشاء. فيؤدي الظهر ~~في آخر وقتها، والعصر في أول وقتها جاز ذلك له. وإن كان تاركا للفضيلة في ~~أداء الظهر في أول الوقت المستحب. وأما المغرب فهل له أن يؤخرها؟ يجري على ~~الخلاف هل يمتد وقتها فيجوز التأخير، أو لا يمتد فلا يجوز؟ وأما الجمع ~~بتقديم الصلاة الثانية إلى وقت الأولى، وتأخير الأولى إلى وقت الثانية، ~~فهذا لا يجوز إلا مع الأعذار على ما نبينه. # واجتمعت الأمة أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين المتباينتين؛ كالصبح ~~والظهر، والعصر والمغرب، والعشاء والصبح. # ... ### | فصل (الجمع للمطر) # وإذا تقرر ما قلناه، فهل يجمع للمطر أم لا؟ المشهور جواز الجمع على ~~الجملة، والشاذ أنه لا يجمع إلا في مسجد الرسول عليه السلام حيث ورد الجمع. ~~والتفت في المشهور إلى علة الجمع وهو المطر، وذلك مما تتساوى فيه البقاع ~~والأوقات. والتفت في الشاذ إلى أن الجمع لتحصيل فضيلة الجماعة في بقعة ~~مخصوصة يختص بمزيد فضيلة لا توجد في غيرها، فقصر الجمع عليها. ### | (هل يجمع بين الظهر والعصر أم لا؟) # وإذا قلنا بالجمع فهل يجمع بين الظهر والعصر كما يجمع بين المغرب ~~PageV02P528 # # والعشاء؟ المنصوص في المذهب أنه لا يجمع بين الظهر والعصر. وقد ثبت عنه - ~~صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في غير ~~خوف ولا سفر (1). قال مالك رحمه الله: أراه كان في المطر. وقد أخذ من هذا ~~أبو القاسم (2) ابن الكاتب وأبو الوليد الباجي جواز الجمع بين الظهر والعصر ~~لعلة المطر. وهو مقتضى تأويل مالك رحمه الله. وفرق في نصوص المذهب لأن ~~المغرب والعشاء يختص بوقت يقل التصرف فيه إلا لإدراك الجماعة فجاز مع وجود ~~العذر تحصيلها في وقت يخف التصرف فيه ولا تدرك به مشقة. والظهر والعصر [لا ~~تختص بذلك] (3). وأيضا فإن ms184 تقديم العشاء فيه فائدة الانصراف في الضوء. وهذا ~~حاصل في وقتي الظهر والعصر، إذا لم يقدم أحدهما إلى الآخر. أو راعى في ~~القول المخرج مشقة التصرف إلى المسجد، وهي تحصل بالتكرار إلى محل الصلاة. # ... ### | فصل (في وقت الجمع) # وإذا تقرر حكم الجمع فالنظر فيه في ثلاثة فصول: أحدها: وقته، والثاني: ~~صفته، والثالث: سببه. # فأما وقته في المغرب والعشاء فاختلف المذهب فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: ~~أداء المغرب في أول وقتها ثم العشاء بعدها من غير تأخير. والثاني: تأخير ~~المغرب يسيرا ثم أداء العشاء بعدها. والثالث: تأخير المغرب إلى آخر وقتها ~~وأداء العشاء حينئذ. PageV02P529 # # وقال المتأخرون: الصواب القول الأول، ولا معنى لتأخير المغرب يسيرا [ثم ~~أداء العشاء بعدها] (1)؛ إذ في ذلك خروج الصلاتين عن وقتهما. أما (2) ~~المغرب ففي (3) وقتها المستحب، وأما العشاء ففي وقتها الواجب [لولا الضرورة ~~المجيزة للجمع حيث ينصرف الناس بعد الفراغ من غير حرج ولا ظلام يشق عليهم] ~~(4)، ولا معنى لتأخيرها إلى آخر وقتها أيضا؛ لأن في ذلك تركا لوقتها ~~المستحب مع عدم الفائدة في الجمع؛ لأنهم متى فعلوا ذلك أدى إلى انصرافهم في ~~الظلمة من غير أداء المغرب في وقتها المستحب. # ... ### | فصل: في صفة الجمع # وأما صفة الجمع فقد قدمنا الخلاف في الأذان لصلاتين جميعا، فإن المذهب ~~فيه على ثلاثة أقوال. فإذا قلنا بالآذان في العشاء فأين محله؟ في المذهب ~~قولان: أحدهما: أنه داخل المسجد إذ لا يقصد به الإعلام في خارجه. والثاني: ~~أنه خارجه مع خفض الصوت يسيرا لأن المشروع في الأذان أن لا يكون داخل ~~المسجد. # وهل يجوز التنفل فيما بين المغرب والعشاء إذا اتسع ما بينهما لذلك؟ في ~~المذهب قولان: المشهور ترك التنفل إذ كذلك ورد، وأيضا فقد يؤدي التنفل إلى ~~مخالفة الإمام بأن يتنفل وهو يصلي العشاء. وأجازه ابن حبيب لأنه وقت ~~النافلة إذا اتسع ولم يؤد إلى مخالفة الإمام، فلا معنى لمنع النفل. ~~PageV02P530 # # وهل يجوز الجمع وإن [لم] (1) يقصد قبل أداء المغرب؟ في المذهب قولان: # أحدهما: جوازه؛ لأنه جائز لعلة الضرورة، فإذا ms185 وجدت جاز. والضرورة هاهنا ~~إنما هي في تقديم العشاء، وإلا فالمغرب على حالها. والثاني: منعه؛ لأن ~~الجمع يشعر بجمع الصلاتين وإلحاق أحدهما بالآخر. فإذا لم يقصد من الأول فلا ~~يجوز، فتظهر ثمرة الخلاف في فرعين: أحدهما: لو صليت المغرب ثم وجد سببا ~~يقتضي الجمع، فعلى القول الأول يجوز تقديم العشاء. وعلى القول الثاني لا ~~يجوز. # والثاني: لو دخل المسجد من صلى في بيته المغرب فوجدهم في صلاة العشاء، هل ~~له أن يجمع أم لا؟ يجري على القولين. ويجمع كل من لزمه حكم المسجد، ولهذا ~~يجمع المعتكف. # وهل يجوز للمرأة والشيخ الكبير أن يصليا في بيوتهما الجمع بالمسمع (2)؟ ~~للمتأخرين قولان: أحدهما: جوازه لإدراك الصلاة في جماعة. والثاني: منعه لأن ~~الجمع ورد لمشقة الخروج إلى المسجد فهاهنا منتفية. # ... ### | فصل (سبب الجمع) # وأما سبب الجمع ففي (3) ثلاثة أشياء: مطر، وطين، وظلمة. فإذا اجتمعت أو ~~اثنان منها جاز الجمع بلا خلاف على رأي من حكم بالجمع. وأن انفرد واحد ~~منهما؛ فأما المطر بانفراده [فيبيح الجمع بلا خلاف، وأما الظلمة بانفرادها ~~فلا تبيح الجمع بإجماع، وأما الطين بانفراده] (4)؛ فإن كان PageV02P531 # # معه وحل جاز الجمع، وإن لم يكن فقولان. وهما على خلاف في شهادة هل يكون ~~مع انفراد الطين مشقة التصرف في وقت العشاء الآخرة أو لا؟ وذلك يختلف ~~باختلاف الأماكن والبقاع. # ... ### | فصل (هل يتنفل في المسجد بعد الجمع) # ولا يتنفل في المسجد بعد أداء الصلاتين من جمع (1) بينهما ولا يوتر، بل ~~يؤخر التنفل والوتر (2) إلى محله في غير الجامع (3). ولو (4) جاز الجمع ~~لعذر المطر فلما صليت المغرب ارتفع. وقال المتأخرون: يجوز (5) التمادي على ~~الجمع؛ لأنه لا يؤمن عودته. وهذا إحالة على شهادة. فينبغي أن ينظر هل تؤمن ~~عودته أم لا؟ # ... ### | فصل (جواز الجمع للمريض) # ويجوز الجمع للمريض باتفاق أهل المذهب؛ لأن المشقة تلحقه (6) بأداء ~~الصلاتين في وقتهما، وهي أشد من مشقة المطر والسفر. ومتى وقع (7) الجمع لا ~~يخلو أن يكون الجمع أرفق به، ولا يخاف أن يغلب على عقله، أو يخاف أن يغلب ~~على عقله ms186. فإن كان الجمع أرفق به خاصة فقولان: PageV02P532 # # المشهور أنه يجمع بينهما بتأخير الظهر وتقديم العصر على وقتها. والشاذ ~~أنه يجمع بينهما أول الوقت كالمغلوب على عقله. وهذا قياس على جمع الصلاتين ~~بعرفة، وهو مما شرع للرفق. والأول مبني على أن صلاة عرفة مختصة بما ورد فيه ~~إلا أن تدرك (1) الضرورة التي يخاف معها من الغلبة على الصلاة الثانية، أو ~~على وقتها. # وإذا قلنا بتأخير الظهر، فإلى أي وقت تؤخر؟ في المذهب قولان: في المدونة ~~أنها تؤخر إلى وسط وقتها، وأمر سحنون بطرحه [من المدونة] (2) وأثبت في ~~موضعه أنها تؤخر إلى آخر وقتها (3). وكذلك عند ابن حبيب (4). # واختلف المتأخرون في مراده في المدونة ب "وسط الوقت" فقيل ربع القامة، ~~وقيل نصفها. وهذا على ما قدمناه من الخلاف في تقدير ظهور الظل. وقد تقدم في ~~أول كتاب الصلاة الأول. والظاهر قول سحنون وابن حبيب لأنه يكون (5) حينئذ ~~قد أدى (6) كل صلاة في وقتها المختار. ويمكن أن يكون وجه ما في المدونة أنه ~~أبقى الصلاة الأولى على وقت الفضيلة منه، وأمر بتقديم العصر إلى ذلك الوقت ~~لا سيما على قول من قال: وسط الوقت ربع القامة، ولكنه لم يقل في المغرب ~~والعشاء ذلك، بل قال تؤخر المغرب إلى مغيب الشفق، فيجمع حينئذ. وهذا يشهد ~~بصحة قول سحنون وابن حبيب. إلا أن يقال إنما جاز تقديم العصر قياسا على ما ~~ورد من تقديم العصر يوم عرفة، ولم ير ذلك في العشاء بوجه. PageV02P533 # # وإن كان المريض يخاف أن يغلب على عقله فقولان: أحدهما: تقديم العصر، ~~فيؤدي الصلاتين وقت الزوال، وتقديم العشاء ويؤدي الصلاتين عند مغيب الشمس. ~~والثاني: أنه يؤخر فيجمع في آخر وقت الأولى وأول وقت الثانية. وفي المذهب ~~قول ثالث أنه يؤدي كل صلاة لوقتها، فإن فقد عقله عند وقت الثانية سقطت عنه. ~~فرأى في القول الأول أن أداء الصلاتين في أول الوقت أولى حذارا من تعذر ~~أداء الثانية. ورأى في القول الثاني أنه يجوز له التأخير مع الصحة، فأحرى ~~مع المرض. ورأى في ms187 القول الثالث أن الأولى أداء كل صلاة في وقتها، فإن غلب ~~على الثانية فهو غير مكلف بها. # ... ### | فصل (متي يجوز الجمع للسفر) # ويجوز الجمع للسفر. وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع لذلك ~~(1). وعند ابن شعبان من أهل المذهب جوازه للنساء وكراهيته للرجال. والصحيح ~~جوازه لما قدمناه من ثبوته في الآثار. # ومتى يجوز؟ لا يخلو المسافر من أن يكون له وقت يرتحل فيه لا ينزل بعده ~~إلى وقت ثان وينزل فيه نزولا كليا، أو تتساوى أوقاته. فإن كان له وقت يرتحل ~~فيه ووقت ينزل فيه؛ فإن ارتحل قبل الزوال وكان ينزل قبل الاصفرار، أخر ~~الظهر وجمع بينها وبين العصر في وقت نزوله. فإن كان ارتحاله في وقت الزوال ~~وهو لا ينزل إلا بعد الاصفرار أدى الصلاتين عند ارتحاله. هذا هو المشهور من ~~المذهب. وقيل بل يؤدي كل صلاة في وقتها، فإن كان ارتحاله بعد الزوال ونزوله ~~قبل الاصفرار أدى كل صلاة في وقتها. وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - ~~أنه كان إذا ارتحل بعد الزوال جمع بين الصلاتين، PageV02P534 # # وإذا ارتحل قبله أخر الأولى إلى وقت الثانية (1). وهذا حجة المشهور (2). ~~وما روي عنه أنه كان يؤدي كل صلاة لوقتها (3)، فلعله كان يخف عليه النزول ~~بعد الارتحال، إذ لا ضرورة في تلك السفرة تلجيء إلى دوام السير. # وهل يجري حكم المغرب والعشاء على حكم الظهر والعصر؟ قال ابن القاسم في ~~المدونة: "لم يذكر في المغرب والعشاء مثل ما ذكر في الظهر والعصر عند ~~الرحيل من المنهل" (4). وقال سحنون: الحكم متساو. واختلف الأشياخ هل قول ~~سحنون رحمه الله تفسير أو خلاف (5). والفرق أن العادة الارتحال عند الزوال ~~لا عند مغيب الشمس، وهذا محال على شهادة بعادة. # فإن تساوت أوقات المسافر فإنه يجمع بين الصلاتين بتأخير الأولى إلى آخر ~~وقتها وتعجيل الثانية في أول وقتها، فيدرك (6) الوقت المختار للصلاتين. # وبأي عذر يجوز له الجمع؟ أما إن جد به السير وخاف فوات حاجته جاز له أن ~~يجمع [بلا خلاف في المذهب] (7)، وإن ms188 جدبه السير ولم يخف ذوات حاجته في ~~المذهب قولان: أحدهما: جواز الجمع، والثاني: منعه. وهذا قد يرجع إلى خلاف ~~في شهادة هل يجد [به] (8) السير لعذر، PageV02P535 # # فيكون مبيحا للجمع. أو يتفق من غير عذر، فلا يكون مبيحا. # ... ### | فصل (جواز الجمع للخوف) # ويجوز الجمع للخوف. قال ابن القاسم: لو أخذ (1) به أحد لكان مذهبا. وهو ~~جواب متردد؛ لأنه لم يرد. وقد اختلف في القياس على الرخص. وإذا قلنا يجوز ~~الجمع، فمتى يكون وقته؟ وقد يجري على حكم المريض والمسافر، فينظر هل يتصل ~~به الخوف أو لا يتصل فيتفرع على ما قدمناه في حكم الجمع في العذر بين ~~المتقدمين. # ... ### | باب في أحكام القصر في السفر # (2). # والأصل فيه الكتاب والسنة وإجماع الأمة. أما الكتاب فقوله تعالى: {وإذا ~~ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} (3). وقد اختلف ~~الصحابة ومن بعدهم في القصر المشار إليه هاهنا، هل القصر في العدد للسفر ~~(4) وإن لم يكن خوف، أو القصر في الهيئة مع الخوف؟ والجمهور على أن المراد ~~به قصر العدد. وقيده تعالى بالخوف. وقد قال بعضهم: إن الآية نزلت أولا من ~~غير ذكر الخوف، ثم بعد حين نزلت فقيدت بالخوف. وهذا إن (5) صح، فإنه لا ~~يفيد إطراح الشرط، بل قد يقتضي تأكيده. لكن بين الأصوليين خلاف في دليل ~~الخطاب؛ هل يعول عليه أم لا؟ فإن قلنا PageV02P536 # # بالتعويل (1) عليه، فرأى هاهنا أن المقصود قصر الهيئة للخوف. وإن قلنا ~~بعدم التعويل (2) عليه فرأى هاهنا قصر العدد. وقد يترك القول بدليل الخطاب ~~إذا كان خارجا عن المعتاد غالبا. والغالب في زمن الرسول عليه السلام خوفهم ~~في الأسفار من فتنة المشركين. فيكون اللفظ واردا على الموجود غالبا. فلا ~~يكون فيه دليل على أن ما عداه يخالفه. # وأما السنة فمنها ما أخرجه أهل الحديث الصحيح (3) عن عائشة رضي الله عنها ~~قالت: "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت الصلاة في السفر وزيد في الحضر ~~(4) "، وهذا نص. لكن أنكره أبو المعالي رحمه الله، وقال: لو ثبت هذا لنقل ~~متواترا؛ لأن الصلاة من ms189 أشرف معالم الدين، وأعدادها من أهم ما يعتنى به. ~~وقد نقل الناس نقلا متواترا ما نسخ من الأحكام التي ليست لها مقدار الصلاة. ~~وكيف ينفرد الآحاد بنقل ما نسخ من أعداد الصلاة بالزيادة والاقتصار؟ ويمكن ~~أن يعتذر عن هذا بأن الأعداد نقلت بالفعل لا بالقول، فاكتفوا بنقلها بالفعل ~~عن نقلها [بالقول] (5) كيف كانت في الأصل، وانتقالها إلى الزيادة. ومما رد ~~(6) به حديث عائشة رضي الله عنها هذا أنها كانت تتم في السفر (7). وكيف ~~تفعل ذلك مع روايتها أن الصلاة فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر. والظاهر من ~~هذا الحديث كون القصر فرضا، واعتذر عن هذا بأن قولها: أقرت صلاة السفر، ~~PageV02P537 # # أي: أقرت على جواز الاقتصار على ركعتين للمسافر، بخلاف الحاضر فإنه لا ~~يجوز له الاقتصار. # وقد اعتذر عن إتمامها باعتذارات: # فمنها أنها كانت تعتقد كونها أم المؤمنين، فلا تحل إلا بوطن لها. ومن لم ~~يحل إلا في وطنه فلا يقصر. وهذا ليس بشيء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- كان يقصر وهو أمير كل بلد حل فيه ومالكه. هكذا قيل في الاعتراض على هذا ~~التأويل. ولا يلزم؛ لأن الوطنية بالأمومية آكد منها بالإمارة. فيمكن أن ~~تتناول عائشة رضي الله عنها ما قلناه وترى أنها مخالفة في ذلك للرسول عليه ~~السلام في حكم الوطنية. # ومنها أنها كانت تعتقد التخيير بين القصر والإتمام فالتزمت أحدهما، وهو ~~جائز في حق من يعتقد التخيير، وسنبين الخلاف في ذلك. # ومنها: أنها كانت تخاف أن يراها الجاهل فيعتقد أن الصلاة في كل موطن ~~ركعتان، إذ (1) كان ذلك الزمن فيه الأعاجم وأجلاف الأعراب وهم قريبوا العهد ~~بالإسلام، ولم تستقر الشرائع عندهم، فأتمت خيفة أن يقتدي الجاهل بها. # ومثل هذه التأويلات تأول على عثمان (2) رضي الله عنه في إتمامه بمنى ~~وعرفة، فزيد إلى ما تقدم أنه كان متما متى كان له أهل بمنى. وكان يعتقد أن ~~السفر من مكة إلى عرفة لا تقصر فيه الصلاة لقصره. وسيأتي [سبب جواز القصر ~~في] (3) مثل هذا في المسافة التي بين مكة وعرفة ms190 أو منى في كتاب الحج إن شاء ~~الله تعالى. # وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قصر الصلاة في السفر ثبوتا لا ريب ~~فيه ولا إشكال، بل هو متواتر في المعنى. PageV02P538 # # وأما الإجماع، فقد اجتمعت الأمة على قصر الصلاة في السفر على الجملة وإن ~~اختلفوا في التفاضل (1). ### | (حكم القصر في الصلاة) # وإذا تقرر ما قلناه فقد اختلف المذهب في حكم القصر في السفر، هل هو سنة ~~أو فرض أو مستحب أو مباح؛ في المذهب أربعة أقوال. # وسبب الخلاف [اختلاف] (2) الآثار. واحتج من قال بالفرضية (3) بحديث عائشة ~~رضي الله عنها المتقدم. وقد قدمنا ما فيه. واحتج من قال بأنه سنة بما ثبت ~~من دوام (4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مظهرا له في الجماعة. وبهذا ~~تتبين السنن. واحتج من قال بالاستحباب بما قاله عمر وابنه رضي الله عنهما ~~وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم من أن القصر رخصة. والرخص لا تلحق ~~بالسنن. # واحتج من قال بالتخيير بقول أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم كانوا يسافرون ~~مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنهم المقصرون، ومنهم المتممون ولا ~~يعيب بعضهم على بعض (5). وهذا يقتضي التخيير. وقد قدمنا ما يعترض به على ~~هذا القول في حكم السجودة هل الطمأنينة (6) فيه فرض أو مندوب إليه. وذكرنا ~~الانفصال. PageV02P539 # ### | (حكم من أتم في السفر) # وإذا تقررت هذه الأقوال فما حكم من أتم؟ أما على القول بالتخيير وعلى ~~القول بأن القصر مستحب فلا إعادة عليه، وأما على القول بأن القصر فرض فتجب ~~الإعادة وإن ذهب الوقت إلا أن يراعى الخلاف، وأما على القول بأن القصر سنة ~~فلا تجب الإعادة إلا في الوقت. لكن يتخرج على الخلاف فيمن ترك السنن متعمدا ~~إذا أتم (1) [هذا] (2) متعمدا. ### | (هل يقتد المقصر بإمام متم؟) # وهل لمن حكمه القصر أن يقتدي (3) بإمام حكمه الإتمام؟ أما على القول ~~بالتخيير فجائز، بل (4) الأولى إذا لم يجد غير الاقتداء به؛ لأنه تساوى على ~~هذا القول القصر والإتمام، فيقتدي به متطلبا فضل الجماعة. # وأما على القول ms191 بأن القصر مستحب فيقتدي به أيضا؛ لأن الجماعة سنة وهي آكد ~~من استحباب القصر على هذا القول. # وأما على القول بأن القصر سنة ففي جواز الإقتداء به (5) ثلاثة أقوال: ~~أحدها: أنه يقتدي به، والثاني: أنه لا يقتدي به، والثالث: إن كانت الجماعة ~~كثيرة والإمام فاضل جاز الإقتداء وإلا فلا. وهذا الخلاف ترجيح بين مزيد (6) ~~الفضل. ورجح في القول الثالث بمزيد (7) الجماعة، وفضل الإمام. وهو رأي ابن ~~حبيب أن الجماعة يختلف حكمها بالفضل في القلة PageV02P540 # # والكثرة. وأما على القول بأن القصر واجب فلا ينبغي أن يقتدي بالإمام، وإن ~~اقتدى به فهل يقتصر على الركعتين ويجلس حتى يسلم الإمام (1) ويسلم معه أو ~~يتم معه؟ فقولان. وسببهما ترجيح واجبين: إما الإتمام لئلا يخالف الإمام، ~~وإما الجلوس لأنه كمن زاد في صلاته ركعتين. # ... ### | فصل (إذا اقتدى مقصر بمتم هل يلزمه الالتفات إلى عدد الركعات في ابتداء صلاته أم لا؟) # وقد قدمنا حكم الالتفات إلى عدد الركعات في ابتداء الصلاة هل يلزم أم لا؟ ~~ويجري على ذلك ما نحن بسبيله أن المسافر إذا قلنا إنه مخير بين القصر ~~والإتمام، أو يستحب له القصر، فابتدأ بنية القصر فأتم، أو بنية الإتمام ~~فقصر؛ فلا يخلو أن يكون فعل هذا عمدا، أو سهوا، أو جهلا. # فإن فعل عمدا ففيه قولان: أحدهما: أن صلاته باطلة؛ وهذا على القول بأن ~~عليه القصد إلى عدد الركعات. والثاني: أن صلاته صحيحة؛ وهذا على القول بأنه ~~لا يلزمه القصد إلى عدد الركعات، وإن قصد عددا فله أن (2) ينتقل عنه. # وإن فعله سهوا فعلى القول بأنه تجزي العامدة فإنه يجزي هذا (3) بلا شك. ~~وعلى القول بأن العامد لا يجزيه؛ فإن كان هذا افتتح على الإتمام فقصر صار ~~كأنه نقص من صلاته ركعتين، فإن كان قريبا أتى بما نقص وسجد لسهوه، وإن بعد ~~فإن لم يراع الخلاف ابتدأ الصلاة وإن ذكر في الوقت أو بعد الوقت، وإن راعى ~~الخلاف فلا يعيد إلا في الوقت. وإن كان PageV02P541 # # ابتدأ على القصر فأتم فيصير هاهنا كأنه زاد في ms192 صلاته مثلها. وفي المذهب ~~قولان فيمن زاد في صلاته؛ هل تبطل إذا كانت الزيادة مثل نصف الصلاة وكانت ~~سهوا؟ أحدهما: تبطل، والثاني: أنها تجبر بالسجود، لكن هناك خلاف في الزيادة ~~المتفق على منعها، وهذه زيادة مختلف فيها. وهكذا وقع في بعض الأقوال في هذه ~~المسألة أن الصلاة تصح، وعلل بأنها زيادة غير مجمع عليها. فيكون الخلاف في ~~مسألة المسافر أشهر منه في مسألة من زاد في صلاته مثلها. # وإن كان فعل ذلك جهلا فقد يظن هاهنا أنه يجري على الخلاف في الجاهل هل ~~حكمه حكم العامد أم حكم الناسي؟ وليس كذلك؛ لأن الجاهل هاهنا يعذر فلا ~~يختلف أن حكمه حكم الناسي. فإن كان فاعل ذلك إماما وخلفه المسافرون فزاد ~~على الركعتين فهاهنا قولان: أحدهما: أنهم يتبعونه، وهذا بناء على أن زيادته ~~لا تبطل الصلاة. والثاني: أنهم لا يتبعونه، وهذا بناء على أن زيادته تبطل ~~الصلاة. وإذا قلنا إنهم لا يتبعونه فإنهم يسبحون له ليرجع إليهم، فإن لم ~~يرجع سلموا وتركوه. # وعلى القول بأنهم يتبعونه هل يعيدون الصلاة في الوقت؟ في المذهب قولان: ~~أحدهما: نفي الإعادة، وهو بناء على ما قدمناه من أن [تلك] (1) الزيادة لا ~~تبطل الصلاة. والثاني: الأمر بالإعادة في الوقت، هذا إما مراعاة للخلاف، ~~وإما على قول من أمر بالإعادة في الوقت. وفي المذهب [قولان] (2) فيمن أتم ~~الصلاة من المسافرين هل يعيد في الوقت؟ وهو على القول بأن القصر سنة، أو لا ~~يعيد؟ وهو على القول بأن القصر مخير فيه أو مستحب. وقد تقدم ذلك. # ... PageV02P542 # ### | فصل (تفصيل الكلام في أحكام القصر) # وجميع ما ذكرناه في حكم توطئة الباب والمقدمة (1)، وها نحن نأخذ في ~~تفصيله، فنقول: النظر في القصر في ثلاثة أركان؛ أحدها: سببه، والثاني: ~~محله، والثالث: شرطه. ### | (سبب القصر) # أما سبب القصر فهو السفر، وينظر في السفر في ثلاثة فصول: أحدها: في صفته. ~~والثاني: في مبدئه. والثالث: في منتهاه. ### | (صفة القصر) # فأما صفة السفر من الجواز وغيره، فإنه ينقسم إلى انقسام أحكام الشريعة من ~~الوجوب والندب والتحريم والكراهية ms193 والإباحة. ويقصر عندنا في ثلاثة أقسام من ~~هذه بلا خلاف؛ وهي السفر الواجب كحج الفريضة والغزو المتعين، والمندوب إليه ~~كالجهاد إذا لم يتعين وغير الفريضة من الحج والعمرة، والمباح كالسفر لطلب ~~الأرباح. وأما السفر المحرم كالسفر لإيذاء المسلمين أو ما في معناه، فهل ~~يباح فيه القصر أو لا؟ المشهور أنه لا يقصر فيه. وكذلك الحكم في جميع الرخص ~~التي تتعلق بالسفر كالفطر [وأكل الميتة] (2) وما في معناه مما تقدم تنبيهنا ~~عليه. وهذا لأن هذه الرخص جعلت معونة على السفر، فلا يستعين بها العاصي في ~~سفره. والشاذ أنه يقصر كالمطيع، وهذا بناء على أن السفر لا يكتسب صفة من ~~الطاعة والعصيان، وإنما يكفي في جواز الرخص وجود السفر فقد وجد. ~~PageV02P543 # # وأما السفر المكروه كالصيد للهو، ففي جواز القصر فيه قولان أيضا. وفي ~~المدونة أنه لا يقصر (1). ولم يجب في المدونة على حكم السعاة في أخذ (2) ~~الزكاة وصرفها (3)، فرآه سفرا منهيا عنه (4). ولعل سكوته عن الجواب (5) ~~محاذرة من ولاة وقته. # ولو ابتدأ السفر غير عاص به ثم عرضت له نية المعصية به لامتنع عن الرخص ~~على المشهور من وقت قصد (6) بسفره المعصية. # ... ### | فصل (مسافة القصر) # وأما صفة السفر من الطول أو القصر؛ فالمشهور من مذهب العلماء # أنه لا يقصر في كل سفر بل في سفر يختص بالطول. وما حده؟ في # المذهب خمس روايات: أحدها: أنه يقصر في مسيرة اليومين، والثانية (7): # [في] (8) مسيرة اليوم والليلة، والثالثة (9) [في] (10) مسيرة أربعة برد ~~(11) وهي PageV02P544 # # ثمانية وأربعون ميلا (1)، [والرابعة رواية أشهب يقصر في خمس] (2) وأربعين ~~ميلا، [والخامسة رواية أبي قرة (3) عن مالك يقصر في اثنين وأربعين] (4) ~~ميلا. # فأما الروايات الثلاث الأولى فجمهور العلماء أنها ترجع إلى قول واحد. ~~وأنه إنما قدر السير للقوافل بالمعتاد، وهو في اليوم أربعة وعشرون ميلا. ثم ~~رأى أن تحديد سيره باليوم والليلة أقرب إلى الحصر؛ لأن اليومين قد يطولان ~~وقد يقصران. وإذا حد باليوم والليلة كان طول أحدهما في قصر الآخر، ثم رأى ~~أن الحصر بالأميال أولى لاختلاف مسير الرفاق، فحد بالثمانية ms194 والأربعين ~~ميلا. # وأما الروايتان الباقيتان فلا شك أنهما خلاف للثمانية والأربعين. ولعل ~~وجهها التفاتا للعوائد في مسير (5) الرفاق في اليوم والليلة فرآه مرة ~~ثمانية وأربعين ميلا، ومرة خمسة وأربعين ميلا، ومرة أربعين. # واختلف قوله لما اختلفت العوائد [عنده] (6) في مشي الرفاق. فليس ~~PageV02P545 # # هذا التحديد راجعا (1) إلى دليل ظاهر، وإنما عول فيه مالك رحمه الله على ~~آثار ابن عمر وغيره. واحتج أهل المذهب لهذا التحديد بقوله (2) - صلى الله ~~عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوما وليلة ~~مع غير ذي محرم منها" (3). قالوا فتحديده باليوم والليلة يدل على أن ما دون ~~ذلك في حكم الحضر، لا في حكم السفر. # وهذا إذا كان السفر في البر. فإن كان في البحر؛ ففي أكثر الروايات أن ~~حكمه حكم البر. وفي المبسوط لمالك رحمه الله أنه يقصر في مسيرة اليوم ~~والليلة لأن الأميال (4) لا تعرف فيه. وهذا عند الأشياخ ليس بخلاف. وأنما ~~ينظر؛ فإن [كان مع السواحل بحيث يميز مقداره بالأميال فهو كالبر، وإن] (5) ~~كان في وسط البحر بحيث لا يميز الأميال فكما قال في المبسوط. # فإن جمع السفر بين المسير في البر والبحر لفقهما. وكيف صورة التلفيق؟ ~~فأما إن كانت البداية لسفر البحر فيقدر منه المقدار الذي قدمنا تحديده، ~~وأما إن كانت البداية في البر؛ فإن كان إذا وصل إلى البحر سار بالريح ~~وبغيره، فإنه يقصر في الأول، وإن كان ليس في سفر البر مقدار سفر القصر؛ فإن ~~كان لا يسير إلا بالريح فقال ابن المواز: لا يقصر حتى يكون في سفر البر ~~مقدار سفر القصر؛ لأنه رأى أن سفره بالريح قد (6) يتعذر ولا يجد سبيلا (7) ~~إليه، أو لا تطول إقامته فيكون غير عازم على سفر تقصر فيه الصلاة. ~~PageV02P546 # # وإذا سافر أقل مما حددناه فقصر، هل تبطل صلاته أم لا؟ أما أن قصر في دون ~~ستة وثلاثين ميلا؛ فإنه يعيد وإن ذهب الوقت. قال في الراويات لأنه لم يختلف ~~فيما دون ذلك، وإنما يعني (1) في أقوال أهل العلم المشهورين. وقال ms195 أبو ~~الحسن اللخمي: يعني لم يختلف المذهب (2). وليس كما قال، بل ما من أحد من ~~أهل (3) العلم يقول إنه يقصر فيما دون الأربعين ميلا (4). فإن قصر في الستة ~~والثلاثين ميلا، ففي وجوب الإعادة وإن خرج الوقت قولان: أحدهما أنه لا ~~يعيد، والثاني؛ أنه يعيد. وهذا على الخلاف في مراعاة الخلاف. # ... ### | فصل (بعض أحكام مسافة القصر) # ويشترط فيما قدمناه من المقدار أن يتعلق القصد بنهاية ويكون قصده ~~PageV02P547 # # جزما (1) لا تردد فيه، ولا يحتسب بالرجوع من ذلك السفر وإن لم يقم بعد ~~وصوله إلا دون ما تحصل به الإقامة. بل يحسب تماديه على مسيرة واحدة إلى ~~نهاية يقصدها. وإن كان في ذلك ما حددناه من الطول قصر وإلا فلا. فإن تخلل ~~سفره إقامة؛ فلا يخلو أن يكون (2) دون ما يوجب الإتمام، أو مقدار ما يوجب ~~الإتمام. فإن كان دون ما يوجب الإتمام كاليوم واليومين والثلاثة، فلا خلاف ~~أنه يحاسب بالمسير ويطرح الإقامة، فإن كان في جملة مسيره مقدار ما تقصر ~~الصلاة فيه قصر وإلا فلا. # وإن كانت الإقامة مما يوجب الإتمام كالأربعة الأيام وما فوق، فهل يطرح ~~تلفيق المسير؟ في المذهب قولان: أحدهما: إطراحه وتلفيق المسير، لأنه يحصل ~~منه مقدار يقصر فيه الصلاة وإن لم يتم إلا بنية العزيمة على السفر. ~~والثاني: نفي التلفيق، لأن السفر الأول تعلق بنهاية لا تقصر فيه الصلاة، ~~والعزيمة على السفر بعد الإقامة عزيمة ثانية، فيعطى لكل سفر حكمه. # وهذا إذا لم تكن الإقامة في وطن، فإن كانت في وطن فلا يختلف في اطراح ~~التلفيق ومراعاة الإقامة. ولو كان الأمر بالعكس؛ وهو أن يخلل إقامته سفر ~~فهل يلفق الإقامتين (3) أم لا؟ في المذهب قولان. ومثاله مسألة المدونة في ~~الذي أوطن مكة ثم بدا له أن يتنقل عنها فيذهب إلى الجحفة (4) ويعتمر منها ~~ويعود إلى مكة ثم يخرج منها. فإنه لا شك بأنه يقصر في خروجه إلى الجحفة ~~ورجوعه منها إذ ذلك مقدار تقصر فيه الصلاة. PageV02P548 # # وهل يتم في الأيام التي يقيم فيها بمكة بعد العودة إليها معتمرا ms196؟ (1) في ~~المدونة قولان (2). وهما على ما قدمنا من الخلاف في تلفيق الإقامة. # ومنه أيضا من سافر في البحر من موضع، ثم ردته الريح [إلى الموضع الذي ~~سافر منه] (3) فهل يقصر فيه أو يتم؟ أما إن كان وطنه فلا خلاف أنه يتم، وإن ~~كان غير وطنه ولم ينو فيه دوام الإقامة فهل يقصر؟ قولان، هما على ما قدمناه ~~من الخلاف في تلفيق الإقامة. # ولو خرج المسافر بنية أن يبلغ موضعا لا تقصر في مثله الصلاة ينتظر أصحابه ~~فيه. فلا يخلو من أن يكون عازما على السفر من ذلك الموضع، سافر أصحابه أم ~~لا؟ فهذا لا خلاف بأنه يقصر وإن لم ينو الإقامة في ذلك الموضع مدة توجب ~~الإتمام، أو يكون لا يسير إلا يسير أصحابه. فإن لم يسر ورجع، فلا خلاف أنه ~~لا يقصر إلا بعد انفصاله من موضعهم (4)، ويكون مقدار سفره من ذلك الموضع ~~مدة تقصر فيه الصلاة. أو يكون مترددا هل يسافر أم لا؟ فهذا يحكي الأشياخ ~~فيه قولين: أحدهما: الالتفات إلى العزيمة الأولى، وهو عليها حتى يتيقن ~~بالعودة. والثاني: الالتفات إلى أن الأصل الإقامة، فلا ينتقل عن حكمها إلا ~~بيقين التمادي على السفر. # ... ### | فصل [في مبدأ السفر] # (5). # وإذا بدأ (6) السفر بحضرة الصلاة فمن أين يقصر؟ فلا يخلو إما أن ~~PageV02P549 # # يكون سفره من مصر من الأمصار، أو من قرية، أو من بيوت العمود (1). فإن ~~كان سفره من مصر من الأمصار ولا بناء حول المصر ولا بساتين، فهل يقصر ~~الصلاة لمفارقته [السور] (2)، أم لا حتى يجاوز ثلاثة أميال وهو المقدار ~~الذي يجب منه إتيان الجمعة؟ في المطب قولان: المشهور أنه يقصر بالمفارقة ~~(3) لأنه قد خرج عن حكم الحضر، وقال ابن الماجشون: "لا يقصر حتى يجاوز ~~البلد بثلاثة أميال". ورأى أن هذا المقدار لما وجبت الجمعة على من فيه كان ~~في حكم البلد. ولم يلتفت إلى ذلك في المشهور؛ لأن الجمعة إنما وجبت علي من ~~(4) كان في مثل هذا المقدار، لأن النداء أبلغ إليه. # وإن كان حول المصر بناء معمورة وبساتين ms197؛ فإن اتصلت به وكان في حكمه فلا ~~يقصر حتى يجاوزها [بثلاثة أميال] (5)، وإن لم تتصل به وكانت قائمة بأنفسها ~~قصر وإن لم يجاوزها. # فإن كان الموضع [الذي سافر منه] (6) قرية لا تقام فيها الجمعة ولا بناء ~~متصل بها ولا بساتين، [قصر إذا فارق بيوت القرية بلا خلاف، وإن كان متصلا ~~بها بنيان (7) أو بساتين] (8) فكما قدمناه في المصر. # وإن كان السفر من بيوت العمود، فإذا فارق البيوت التي سافر عنها قصر بلا ~~خلاف في المذهب. # ... PageV02P550 # ### | فصل (في منتهى السفر) # وأما منتهى السفر فهو العودة منه. ففي كل موضع يجوز له القصر بمفارقته ~~فيجوز له القصر إذا عاد إليه. ويختلف إذا كان بينه وبين المصر ثلاثة أميال ~~على الخلاف الذي قدمناه. # ... ### | فصل (في محل القصر) # وأما الركن الثاني: فهو محل القصر. [ومحل القصر] (1) في الصلاة الرباعية، ~~فلا تقصر المغرب ولا الصبح بإجماع الأمة. ### | (شروط القصر) # وأما الركن الثالث: وهو شرط القصر، فإن السفر إذا حصل على الصفات التي ~~قدمناها جاز القصر، كان متكلفا للمشقة بسفره أو مترفها. وقد قال مالك رحمه ~~الله في النواتية (2) يسافرون [في البحر] (3) معهم الأهل والولد أنهم ~~يقصرون (4). وكذلك لو سافر في البر (5) بأهله وولده فكان على غاية الرفاهية ~~والتنعم لجاز له القصر. فإن وصل إلى موضع إقامة؛ فإن كان وطنا له أتم به ~~ولو لم يقم فيه إلا مقدار صلاة واحدة. # وبأي شيء يحصل الوطن؟ أما إن كان بموضع فيه زوجته أو سريته فهو وطنه. وإن ~~كان ولده وخدمه وما في معناهم فلا يكون وطنا بمجرد PageV02P551 # # ذلك حتى يتخذه موضع الاستيطان. وكذلك لو لم يكن له بالموضع أحد واستوطنه ~~لكان حكمه حكم الوطن. # وإن كان الموضع ليس بوطن له فلا يزال يقصر (1) وإن طالت إقامته به إذا لم ~~يعول على إقامة أربعة أيام، وإن عول على إقامتها فلا خلاف عندنا أنه يتم. ~~وهذا لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى المهاجرين عن الإقامة بمكة ~~واستبدالها بالمدينة، فأجاز لهم إقامة ثلاثة أيام (2). فأخذ أصحابنا من هذا ~~أن ثلاثة ms198 أيام في حكم السفر، ولا يحصل به الاستيطان. وأن ما زاد على ذلك في ~~حكم الإقامة الموجبة للإتمام. وهل (3) يراعى مقدار صلاة الأربعة أيام، أو ~~يراعى كمالها؟ في المذهب قولان: أحدهما: مراعاة الصلاة وهو المعول عليه، ~~والحكم متعلق بها. والثاني: أن المراعى كمال الأيام لأنها المنصوص عليها في ~~الحديث الذي جعلناه أصلا. ومثال هذا أن يدخل في يوم وقد صلى الصبح والظهر ~~مثلا وينوي الخروج في اليوم الرابع بعد أن يصلي الصبح والظهر فهاهنا قولان: ~~أحدهما: الإتمام، والثاني: القصر. # وتحصل الإقامة بالنية لأنه الأصل، بخلاف السفر فإنه لا يحصل إلا بالنية ~~والفعل؛ لأن الأصل الإقامة والسفر طارئ، فلا يكفي فيه مجرد النية. وهذا كما ~~قالوا في السلع (4) إنما تعود إلى القنية بمجرد النية ولا تعود (5) إلى ~~التجارة بمجرد النية. لأن الأصل في السلع (6) القنية لا التجارة (7). ~~PageV02P552 # # فإذا نوى المسافر الإقامة فإن كان في غير صلاة أتم من وقت نيته، وإن كان ~~في صلاة افتتحها على اثنتين. فهل له إتمامها أربعا؟ في المذهب قولان. وهما ~~جاريان على ما قدمناه من الالتفات إلى عدد الركعات في ابتداء الصلوات. فإذا ~~قلنا لا يتمها، فهل تجزي الركعتان لأنه افتتحها بوجه جائز؟ في ذلك قولان. ~~وإذا قلنا لا تجزيه، فهل يقطع ويبتدئ الصلاة أو يتمها بنية النافلة؟ فيه ~~قولان. # وسبب الخلاف أنه هاهنا لا بد من القطع. إما في الفعل أو في النية، فأيهما ~~يغلب؟ هذا موضع الخلاف [للمتقدمين من الأصحاب] (1). فإذا قلنا إنه يقطع ~~ويبتدئ؛ فإن كان إماما استخلف من يتم بالقوم. قال في الرواية: "ويرجع هو ~~وراء المستخلف فيقتدي به بعد أن يقطع الأول، وإذا قلنا بأنه يتمها أربعا ~~فهل يجتزي بها أو يعيد؟ في ذلك قولان. والإعادة لمراعاة الخلاف. # ... ### | فصل (علة قصر الحاج إذا خرج من مكة للوقوف بعرفة) # وقد قدمنا من كان في نهاية سفره دون ما تقصر فيه الصلاة، فإنه لا يقصر. ~~وإن عول على العودة من غير إقامة فلا يضيف إلى ذلك مسافة العودة. والمذهب ~~بلا خلاف أن المكي ms199 إذا خرج للوقوف بعرفة وأفعال الحج قصر، وليس بينه وبين ~~عرفة من المسافة ما تقصر فيه الصلاة. وقد قيل في علة قصر هذا (2) ثلاثة ~~أوجه: # أحدها: أنه يتردد في أفعال الحج ترددا لازما لا يجوز له قطعه. ومسافة ~~تردده أكثر مما تقصر فيه الصلاة. وهذا يحسب تردده [من مكة إلى عرفة، ومن ~~عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى، ومن منى إلى مكة. PageV02P553 # # وهذا تردد] (1) لازم (2) له شرعا، بخلاف غيره من الأسفار التي يجوز قطعها ~~متى شاء. # والثاني: لا يصل إلى عرفة إلا بعد اليوم والليلة، واليوم والليلة مما ~~تقصر فيه الصلاة، وإقامته أيضا في السفر هذه المدة إقامة لازمة في هذا ~~السفر، فكان كالقطع للطريق (3) في ذلك. # والثالث: أن العودة هاهنا لازمة شرعا فاحتسب بها، بخلاف ما لا يلزمه فيه ~~(4) العودة. # والفرق بين هذا وبين الوجه الأول، أن الأول راعى فيه تصرفاته في المسير، ~~وهذا راعى فيه المسير والعودة. على أن الأوجه الثلاثة تتداخل على الحقيقة. ~~وقد اختلف المذهب في المدني والمكي يصليان في المحصب (5)، هل يقصران هناك ~~أم لا؟ وخرج أبو الوليد الباجي هذا على الخلاف في التحصيب؛ وهو النزول ~~بالمحصب، هل هو مشروع فيقصران للزوم الصلاة فيه، أو غير مشروع فلا يقصران؟ # ... ### | فصل (في المسافر يحضر وفي ذمته الظهر والعصر وقد ضاق الوقت) # وقد قدمنا أن المراعى في الخطاب بالصلاة بقاء الوقتين الاختياري ~~والضروري. وعلى هذا من حضر من المسافرين وقد بقي في الوقت للظهر ~~PageV02P554 # # والعصر مقدار خمس ركعات، فإنه يصليهما حضريتين. وإن كان مقدار أربع ~~[ركعات] (1) فأقل صلى الأولى سفرية وإذا وقتها فات فيقضيها على نحو ما ~~وجبت. والثانية حضرية. # فلو بقي للثانية مقدار الركوع خاصة فهل يكون مدركا لها؟ يجري على القولين ~~اللذين قدمناهما في الحائض تطهر. ولو خرج لراعى في وقتي الصلاتين كما ~~يراعيه إذا دخل، لكن الخارج يحسب كل (2) صلاة ركعتين. # وأما المغرب والعشاء فقد قدمنا الخلاف هل يجعل الوقت لآخر الصلاتين أو ~~لأولهما، فيفرع على ما هناك. # ولو صلى المسافر مثلا العصر ms200 ناسيا للظهر ودخل، وقد بقي من الوقت مقدار ~~صلاة واحدة، فهل يصلي (3) التي في ذمته (4) سفرية أو حضرية؟ فيه قولان. ~~وهما على الخلاف في الاشتراك، هل هو من الزوال، أو من بعد مضي مقدار الصلاة ~~الأولى؟ وقد استوفينا هذا في حكم أصحاب الضرورات. وهكذا لو دخل ولم يبق إلا ~~مقدار إحدى الصلاتين، فإنه يختلف هل يبتدئ بالأولى لحق الترتيب -وهو ~~المشهرر- أو بالثانية لحق الوقت. ويلحق أيضا هذا الخلاف في الاشتراك متى ~~يقع. # ويختلف عليه هل يصلي الأولى إذا بدأ بها سفرية أو حضرية؟ فإن بدأ ~~بالثانية صلى الأولى سفرية بلا خلاف؛ لأنها قد استقرت في ذمته. ولنقبض (5) ~~عنان البيان عن هذا المكان، وقد خرجنا في هذا الباب عن مقصود الكتاب. # ... PageV02P555 # ### | فصل (جواز ركوب البحر) # وركوب البحر للأسفار مباح على الجملة، ما لم يعرض عارض ما، يمنع من ~~الركوب. ومن الأعراض الإخلال بالصلاة بالميد (1)، فمن يعلم من حاله أنه ~~يميد حتى تفوته الصلاة في أوقاتها، أو لا يقدر على أدائها جملة، فإن ~~المنصوص من المذهب أنه لا ينبغي له ركوبه إلا إلى حج أو جهاد. وهذا لأنه ~~يطلب فرضا فيعطل فروضا آكد منه. وإن كان لا يقدر على الأداء إلا بإخلال فرض ~~من الفروض والانتقال منه إلى بدل، كمن يعلم أنه لا يصلي قائما، فهذا إن وجد ~~عنه مندوحة لم يركب، وإن لم يجد فقد يختلف فيه على الخلاف في القياس على ~~الرخص؛ فمن قال بالقياس أجاز الركوب، كما له أن ينتقل عن طهارة الماء إلى ~~طهارة التراب في السفر في المفازات والقفار، وإن حمله على ذلك طلب الدنيا. ~~ومن لم يقل بالقياس عليها منع الركوب إذا كان يؤدي إلى إخلال ببعض الفرائض ~~(2). # وإن شك في أمره هل يسلم من الميد أم لا؟ فقد قالوا: يكره له الركوب ولا ~~يمنع؛ لأن الأصل السلامة والقدرة على الأداء. وقد قدمنا حكم الصلاة في ~~السفينة الواحدة والسفن في الجمع. وإذا فرقت الريح السفن فهاهنا في الكتاب ~~في قوم يكونون في السفينة إن صلوا ms201 جمعوا وحنوا (3) رؤوسهم، وإن صلوا على ~~ظهرها لم يمكنهم الجمع، إن الصلاة على ظهرها أفذاذا أولى (4). وهذا محمول ~~على أن الانحناء كثير، وأما لو كان يسيرا لكان الجمع أولى. وإن أمكن من ~~مكان في السفينة الخروج إلى الشاطئ خرج إليه وإن أدى الصلاة في السفينة على ~~الكمال؛ لأن الصلاة على الشاطئ أقرب إلى الخشوع والأمن من طريان المفسدات. ~~فإن صلى PageV02P556 # # في السفينة [وكمل] (1) أجزته صلاته. وإن أخل بفروض مع قدرته على الخروج ~~بطلت صلاته، وإن لم يقدر صحت. وقد قدمنا حكم صلاة النافلة في السفينة هل ~~يلزم فيه التوجه إلى القبلة أم لا؟ # ... ### | فصل (في حكم ركعتي الفجر) # وقد قدمنا كثيرا من أحكام ركعتي الفجر منها؛ هل هي سنة أم لا؟ وحكم من ~~صلاها أو لم يصلها ثم أتى المسجد. ولا خلاف أن وقت ركعتي الفجر بعد طلوع ~~الفجر وإن صلاهما قبله عامدا (2) أو ناسيا لأعادهما، وإن تحرى فأخطأ الوقت ~~هل يعيد؟ قولان: المشهور: أنه يعيدهما، والثاني: الاجتزاء بهما. فقاسهما في ~~الأول على الفرائض، وعده في الثاني بالخطأ في الاجتهاد؛ لأنه مأذون له في ~~التحري. # وبأي شيء يقرأ فيهما؟ استحب مالك رحمه الله في المشهور الاقتصار على أم ~~القرآن في كل ركعة، لما روي عن عائشة رضي الله عنها من أن رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - كان يخففهما حتى أقول هل قرأ فيهما بأم القرآن أم لا؟ (3) ~~وفي مختصر ابن شعبان: يقرأ فيهما بأم القرآن وسورة في كل ركعة من قصار ~~المفصل. وهذا لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم -: أنه قرأ في الأولى بقل ~~يا أيها الكافرون (4)، والثانية بقل هو الله أحد (5). وروي عنه - صلى الله ~~عليه وسلم - أنه قرأ في الأولى: PageV02P557 # # {آمنا بالله} الآية (1)، وفي الثانية: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى ~~كلمة} الآية (2)، وهذا يدل على أن جميع هذا جائز. ولا شك أن القراءة إذا لم ~~تتعين في الفرائض فلا تتعين في النوافل، يعني القراءة الزائدة على أم ~~القرآن. وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ms202 كان يضطجع ضجعة خفيفة بين ~~ركعتي الفجر وصلاة الصبح (3). واختلف هل هي مشروعة أم لا؟ المشهور أن رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - إنما فعلها على جهة الراحة لا للتقرب فتكون ~~[غير] (4) مشروعة. وبين الأصوليين خلاف في أفعاله كلها هل يقتدى به فيها أو ~~يختص الأمر بالاقتداء بما يظهر منه قصد القربة؟ فهذا مذهب جمهورهم وهو ~~موافق للمشهور في هذه المسألة. # ... ### | باب في أحكام الوتر ### | (حكم الوتر) # والمنصوص من المذهب أنه غير واجب، والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه ~~وسلم -: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة" (5) ~~PageV02P558 # # الحديث، وقوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي وقد ذكر له فرض الخمس ~~صلوات، فقال: "هل علي غيرهن؟ فقال: لا إلا أن تطوع" (1) الحديث. وأيضا فإن ~~من خصائص الفرائض الواجبات ألا تؤدى على الراحلة. ومن يخالفنا في هذه ~~المسألة يجيز أداء الوتر على الراحلة، فدل ذلك على إلحاقه بغير الفرائض. ~~وفي المذهب لسحنون أنه يجرم تاركه، ولأصبغ أنه يؤدب. فاستقرأ أبو الحسن ~~اللخمي من هذا الوجوب (2). فيحتمل ما قال، ويحتمل أن يريد أن من تركه ~~متهاونا بعد معرفته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يواظب عليه دل ~~تركه إياه على تهاونه وعلى فساد حاله. وقد قال ابن خويز منداد في تارك ~~السنن: إنه يفسق. ولا يظهر له وجه إلا ما قلناه. # واختلف الأصوليون أيضا هل يجب الأمر بالمعروف فيما طريقه الندب، أو يكون ~~الأمر بذلك مندوبا إليه ككون (3) الشيء في نفسه. ولعل أصبغ بني التأديب على ~~أحد القولين في وجوب الأمر بالمعروف، وإن كان المأمور به من قبل المندوبات. ### | (وقت الوتر) # وإذا تقررت هذه المقدمة قلنا: النظر في الوتر ينحصر في فصلين؛ أحدهما: في ~~أوقاته، والثاني: في صفاته. فأما وقته فأوله لا خلاف فيه، وهو إذا صليت ~~العشاء الآخرة في وقتها المشروع، احترازا من الجمع قبل الشفق. وأما آخر ~~وقته، فالاختيار منه ما لم يطلع الفجر. وهل يكون له وقت ضرورة وهو ما بعد ~~الطلوع إلى أن يصلي الصبح؟ في ms203 المذهب قولان؛ المشهور أنه يصلي الوتر ما لم ~~يصلي الصبح. والشاذ أنه لا يصليه بعد طلوع الفجر، وهذا لقوله - صلى الله ~~عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل ركعة توتر ~~له ما قد PageV02P559 # # صلى" (1). فظاهر الحديث حصر وقته على ما قبل طلوع الفجر، لكن ثبت عن ~~جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أنهم قضوه بعد طلوع الفجر وقبل صلاة ~~الصبح. وبين الأصوليين خلاف في قول الصحابي هل هو مما يعتمد عليه؟ وإذا ~~قلنا بالاعتماد حملنا الحديث على ما هو الأولى، ولا شك أن الأولى أن يؤدى ~~قبل الفجر. وقد قال ابن الجهم (2): إن قضاء الوتر بعد طلوع الفجر إنما هو ~~على الخلاف في الزمان الذي هو بين طلوع الفجر وبين طلوع الشمس؛ هل هو من ~~الليل، أو من النهار، أو زمان (3) قائم بنفسه؟ وهذا إشارة إلى أن قضاءه بعد ~~طلوع الفجر يجري على (4) الخلاف الذي ذكرناه. # وإذا قلنا: إنه يصلي بعد الفجر ما لم يصل الصبح، فإن لم يصله حتى افتتح ~~الصبح (5)، فهل يتمادى أو يقطع؟ في كل واحد من الفذ، والإمام، والمأموم، ~~قولان: أحدهما: أنه يقطع، والثاني: أنه يتمادى على صلاته، وقد فات الوتر. ~~وإن جمعت الثلاثة قلت: أربعة أقوال: أحدها: أنهم يقطعون، والثاني: أنهم لا ~~يقطعون، وقد فات الوتر، والثالث: أن الفذ والإمام يقطع والمأموم يتمادى، ~~والرابع: أن الفذ يقطع خاصة والإمام والمأموم لا يقطعون. PageV02P560 # # وسبب الخلاف ترجيح الأمر [بالوتر] (1)، وهو إذا تمادى فاته. والأمر ~~بالتمادي على العمل الذي هو فيه، وهو منهي عن قطعه. ومن فرق بين الفذ ومن ~~هو في جماعة فلتأكد ما دخله من العمل بمزيد (2) فضل الجماعة. ومن قصر ~~التمادي على المأموم فلأنه تابع لغيره والإمام ليس بتابع وهو في حكم الفذ. ~~وأيضا فإن الإمام إذا قطع أمكنه أن يصلي في جماعة والمأموم لا يمكنه ذلك. ~~وهذا الذي حكيناه من الخلاف فيما إذا عقد ركعة من الصلاة أو لم يعقدها، في ~~بعض الروايات التفرقة بين أن يعقد ركعة أم لا ms204؟ # وقد قدمنا الخلاف في تكبيرة الإحرام هل هي من الأركان التي يحافظ على ~~التمادى بسببها أم لا؟ وإن أكمل الصلاة فلا خلاف عندنا أن وقته فات ولا ~~يصليه بعد الصبح، إذ لا يؤدى شيء هناك من النوافل، وهو وتر لنافلة الليل، ~~وقد انقطع حكمها فلا يقضيه بعد ذلك؛ لأن القضاء- على الصحيح من مذاهب ~~الأصوليين- بأمر ثان، ولم يرد القضاء فيه. وإن اعترض هذا بما في المدونة من ~~جواز قضاء ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس (3). فقد قال الأبهري: إن القضاء ~~هاهنا يجوز وإنما يصلي ركعتين، ولعل أجرهما ينوب عما فاته من أجر ركعتي (4) ~~الفجر. والوتر ركعة واحدة فلا يجوز أن يتنفل بركعة تنوب له عن ذلك. ولو صلى ~~الوتر ثم تنفل بعده قبل طلوع الفجر لكان في الأمر بإعادته قولان. # وسبب الخلاف حديثان: أحدهما: لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ~~قال: "لا وتران في ليلة" (5)، وهذا يقتضي نفي الإعادة. والثاني: قوله - صلى ~~الله عليه وسلم -:"صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة ~~توتر له ما قد PageV02P561 # # صلى" (1)، وهذا يقتضي أن الوتر ينبغي أن يكون آخر صلاته، فإذا صلى ثم ~~تنفل أوتر ثانية ليكون آخر صلاته. # ولو صلى العشاء الآخرة ثم أوتر فذكر بعد وتره أنه صلى العشاء على غير ~~وضوء فأعادها لوجب عليه إعادة الوتر وإن صلاه على وضوء؛ لأن وقت الوتر بعد ~~(2) العشاء الآخرة، وهي إذا وقعت على غير وضوء كالعدم. # وإذا قلنا بجواز الوتر بعد طلوع الفجر ما لم يصل الصبح، فإن ذكر الوتر- ~~وقد ضاق وقت صلاة الصبح- فإن أمكن أن يؤدي ركعتي الفجر والوتر بشفعه وصلاة ~~الصبح جميعا قبل طلوع الشمس فعل جميع ذلك، فإن لم يمكنه إلا ركعة من صلاة ~~[الصبح] (3) خاصة ترك الوتر وركعتي الفجر وصلى الفرض، وإن أمكنه أن يؤدي ~~ركعتي الفجر وركعة الوتر (4) من غير شفع وجميع صلاة [الصبح] (5) قبل طلوع ~~الشمس، فهل يركع بدل ركعتي الفجر ركعتي الشفع أم لا؟ لا يخلو أن يكون تنفل ~~بعد ms205 العشاء الآخرة أو لم (6) يتنفل؟ فإن كان لم يتنفل أسقط ركعتي الفجر ~~وصلى ركعتي الشفع وأوتر وصلى الصبح، فإن تنفل فهاهنا قولان: قيل يجزيه ~~الشفع وإن لم يكن متصلا بالوتر فيركع ركعتي الفجر، وقيل: لا يجزيه إلا ~~متصلا به فيركع بدلهما ركعتي الشفع. # وإن كان لو اشتغل بركعتي الشفع لم يمكنه أن يصلي من الصبح قبل طلوع الشمس ~~إلا ركعة واحدة، فهل يوتر بواحدة ويصل جميع صلاة الصبح PageV02P562 # # [قبل طلوع الشمس] (1)، أو يشفع ويوتر وإن أدى الركعة الثانية بعد طلوع ~~الشمس؟ في ذلك قولان. ويلتفت فيه إلى حكم من أدرك ركعة من الصلاة قبل ~~الطلوع أو قبل الغروب، هل يكون قاضيا أو مؤديا؟ وقد قدمنا ما في ذلك. لكن ~~أحد القولين هاهنا بأنه يشفع يدل على أن مؤخر الصلاة إلى أن لا يبقى من ~~الوقت إلا مقدار ركعة ليس بآثم، كما حكى أبو الحسن اللخمي الاتفاق على ذلك. ~~لأنه لو كان آثما لما قدم عليه ركعتي الشفع. وأعلى أمرهما أن يكونا سنة. # وإن لم يمكنه إلا ركعة الوتر وركعة من صلاة الصبح فهل يركع للوتر وإن أدى ~~الركعة الثانية من الصبح بعد طلوع الشمس؟ المنصوص أنه يركع الوتر. ويجري ~~على القول (2) بتأثيم مؤخر الصلاة إلى هذا الوقت أنه يسقط الوتر إذ لا ~~يلزمه أن يشتغل بسنة فيقع في ممنوع (3). # ... ### | فصل (صفة الوتر) # وأما صفة الوتر؛ فمنه عدده. والمذهب كله على أنه ركعة واحدة قائمة ~~بنفسها. وأبو الحسن اللخمي حكى عن المذهب قولين: أحدهما: هذا، والثاني: أنه ~~ثلاث ركعات لا يفصل بينهما (4). ويعول في ذلك على ألفاظ وقعت في المذهب ~~مطلقة؛ أنه يوتر بثلاث ركعات. والمراد (5) أن الوتر لا يؤتى (6) به وحده، ~~بل يشفع قبله. ولو سئل عن الفصل بينه وبين الشفع لأمكن أن يجيب يالفصل كما ~~وقع له صريحا. PageV02P563 # # وإذا ثبت أنه ركعة واحدة، فهل يكتفي به المعذور (1) من غير تقديم نافلة ~~بعد العشاء الآخرة؟ في ذلك قولان. ومثار الخلاف، هل هي وتر للنفل المختص ~~بالليل فيتقدم قبلها شفع ولا ms206 يجزي الاقتصار عليها؟ وفي الحديث أنه - صلى ~~الله عليه وسلم - "نهى عن البتر" (2)، وهي الركعة الواحدة من غير شفع ~~قبلها. أو هي وتر لصلاة العشاء الآخرة، فيكتفي بها؟ وإنما يؤمر بالتنفل ~~قبلها مع الاختيار. # وإذا قلنا بتقديم شفع فلا بد. فهل يلزم اتصاله بالوتر؟ أو يجوز وإن فرق ~~بينهما بالزمان الطويل؟ في المذهب قولان: أحدهما: لزوم الاتصال، لقوله - ~~صلى الله عليه وسلم -: "مثنى مثنى" الحديث (3)، فظاهر هذا، الأمر بالاتصال. ~~والقول الثاني جواز الانفصال؛ لأنها ركعة مستقلة بنفسها فأشبهت صلاة المغرب ~~التي هي وتر الفرائض. فلا يفتقر إلى تقدم شيء متصل بها. # وإذا كان من حكمها الشفع فهل يلزم أن يوتر بشفع يختص (4) بها، أو ينوب ~~منابه (5) كل نافلة؟ في المذهب قولان. والصحيح أنه مخير إن شاء PageV02P564 # # أتى بشفع مختص (1) بها إذ كان - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك. وإن شاء ~~أتى بها بعد نافلة غير مختصة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل ~~مثنى مثنى" الحديث. # وهل يجوز له أن يوتر بركعة افتتحها بنية الشفع أو يشفع ركعة (2) افتتحها ~~بنية الوتر؟ في المذهب قولان. وهما على ما قدمناه من الخلاف في أعداد ~~الركعات هل تراعى في ابتداء الصلاة. # ومن شك هل هو في الركعة الأولى من الشفع أو في الثانية، فإن كان سالم ~~الخاطر بني على يقينه وأتى بركعة ثانية وسجد بعد السلام، وقام وأتى بركعة ~~الوتر. وإن كان موسوسا بني على أول خاطره كما قدمناه في كتاب الطهارة. ~~ويأتي في باب السهو. # وإن شك هل هو في ثانية الشفع أو في الوتر سجد بعد السلام وبنى على أنها ~~ثانية الشفع. واختلف في علة سجوده على ثلاثة أقوال: أحدها: أن السجود (3) ~~لإمكان الزيادة، وأنه لم يسلم بين الشفع والوتر. والثاني: أن السجود أتى به ~~ليكون شافعا لركعة الوتر، إن كانت هي التي هو فيها، لئلا يؤتى بالوتر بعدها ~~مكررا فيكون شفعا. والثالث: أن السجود على أحد الأقوال في الشاك أنه يسجد ~~بعد السلام. وسيأتي تمامه. # ومن صفات الوتر القراءة، واختلف ms207 المذهب هل يقتصر بمعين زائد عن أم ~~القرآن؟ فقيل يختص بالإخلاص والمعوذتين. وقيل لا يختص. والصحيح اختصاصه ~~بثلاث سور. ويحمل (4) القول الثاني على كراهية التحديد، من غير أن يثبت في ~~الشريعة كونه فرضا أو سنة. وهذا شأن مالك رحمه الله في مثل هذا. # وهل يختص الشفع بقراءة أم لا؟ إن قلنا إن الوتر لا يختص بشفع PageV02P565 # # معين، فلا شك أنه لا يختص. وإن قلنا إنه يختص بشفع معين فالأولى أن يقرأ ~~في الشفع بعد أم القرآن ب {سبح اسم ربك الأعلى (1)} و {قل يا أيها الكافرون ~~(1)}. وإن اقتصر في الوتر على أم القرآن؛ فإن فعله ساهيا سجد لسهوه قبل ~~السلام، وإن فعله عامدا فعلى القولين فيمن ترك السنن متعمدا هل تبطل صلاته ~~أم لا؟ # ولو زاد في الوتر ركعة ناسيا لكان في بطلان وتره قولان، بمنزلة من قرأ في ~~صلاته مثلها. لكن الركعة يسيرة إن أعتبرت في نفسها، وكثيرة (1) إن إعتبرت ~~بالنسبة إلى ركعة الوتر، إذ هي مثلها. وقد قدمنا ذلك في تارك أم القرآن في ~~ركعة من الصبح. # وحكم الوتر الجهر بالقراءة إن كان منفردا، فإن كان مع جماعة، فإنه يصلي ~~سرا لئلا يخلط عليهم. وإن أسر ناسيا سجد لسهوه قبل السلام، وإن كان عامدا ~~فقولان: أحدهما: صحة الوتر، والثاني: بطلانه، قاله الإبياني. وهو بناء على ~~بطلان صلاة من ترك السنة متعمدا. # ... ### | باب في قضاء [الصلاة المنسية] # (2). # والأصل في قضائها الكتاب والسنة؛ والإجماع. # أما الكتاب فقوله تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} (3) الآية، وإن احتملت فقد ~~ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها ~~إذا ذكرها" (4)، فإن الله تعالى: يقول: {وأقم الصلاة لذكري} ". [وهذا يقتضي ~~PageV02P566 # # أن المراد بالآية إذا ذكرتك إياها، وقيل في تأويل الآية: إن معناها أقم ~~الصلاة لتذكرني فيها، وقيل؛ لنذكرك بها. وقراءة ابن شهاب: {أقم الصلاة ~~للذكرى} (1) يحتمل هذه الأوجه] (2). # وأما السنة فمنها الحديث المتقدم آنفا. وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم ~~- أنه نام عن صلاة الصبح ثم قضاها بعد ms208 طلوع الشمس (3). # وأما الإجماع فقد اجتمعت الأمة على وجوب قضاء المنسية من الصلوات إذا ~~كانت خمسا فدون. ومذهب فقهاء الأمصار وجوب القضاء وإن زادت على الخمس قياسا ~~على المجمع عليه ووجوب قضاء ما تعمد تركه؛ لأنهم رأوا أن الآية تقتضي ~~العموم [في العمد] (4) وغيره إذا حملناها على موافقة ما ورد في الحديث من ~~التأويل، ولأن القضاء إذا ثبت في PageV02P567 # # المنسية والتي نام عنها - وإن كان الإثم ساقطا- فأحرى أن يجب في المتعمد ~~تركها بثبوت الإثم في الترك [عامدا] (1). واقتصاره في الحديث على ذكر ~~المنسيات والتي نام عنها من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى. # وإذا ثبتت هذه المقدمة فإن النظر في هذا الباب ينحصر في ثلاثة فصول: ~~أحدها: أوقات القضاء، والثاني: لزوم الترتيب، والثالث: حكم المنسيات في ~~ترتيب بعضها على بعض. وإذا اعترى الشك في أيامها وأعيانها وأعدادها (2). ### | (أوقات قضاء المنسيات) # فأما أوقات المنسيات فهي متى ذكرت من ليل أو نهار، وإن بدا حاجب الشمس أو ~~غرب بعضها. وهذا لقوله عليه السلام: "فليصلها إذا ذكرها" (3)، فإن ذلك ~~الوقت وقتها، وهو يقتضي عموم سائر الأوقات. # ... ### | فصل (حكم الترتيب في القضاء بين المنسية والوقتية) # وأما لزوم الترتيب الذي يحكيه البغداديون من أهل المذهب ففيه قولان: ~~أحدهما: أن الترتيب بين المنسية وبين الوقتية واجب، والثاني: أنه مستحب. ~~وتحقيق المذهب في هذا يؤخذ مما نقوله في التفصيل. وهو أن الذاكر للصلاة ~~المنسية لا يخلو أن يذكرها قبل التلبس بالوقتية أو بعده؛ فإن ذكرها قبل ~~التلبس بالوقتية فلا يخلو أن تكون كثيرة جدا أو يسيرة جدا أو متوسطة بين ~~ذلك، فإن كانت كثيرة جدا بدأ بالوقتية، ولا يلزمه (4) الاشتغال بقضاء هذه ~~الكثيرة في فور واحد. وهذا كالخمسة عشرة صلاة فصاعدا. PageV02P568 # # وقال محمد بن مسلمة: يبدأ بالمنسية وإن كانت كثيرة مثل (1) صلاة شهرين. ~~فهذا يقتضي وجوب الترتيب، ويلزم عنده أداء هذا المقدار في فور واحد. # وإن كانت يسيرة جدا بدأها ما لم يخف فوات وقت الحاضرة الاختياري ~~[والضروري] (2). وإن خاف فواته فهاهنا قولان: المشهور الابتداء بالفائتة ~~وإن ms209 فات وقت الحاضرة. وهذا يشعر بوجوب الترتيب في هذا المقدار. والشاذ ~~الابتداء بالحاضرة. وهذا يشعر بأن الترتيب مستحب فيؤمر به ما لم يخف ذوات ~~الحاضرة. ولأشهب قول ثالث أنه مخير بين الابتداء بالمنسية أو بالوقتية. ~~وهذا لتقابل حق (3) الترتيب وحق الوقت. # وكم عدد اليسير؟ أما الأربعة فدون فلا خلاف في كونها يسيرة، وأما الستة ~~فلا خلاف في كونها كثيرة، وأما الخمس ففيها قولان: أحدهما: إلحاقها ~~بالكثيرة؛ لأنها صلاة يوم كامل. والثاني: إلحاقها باليسيرة، إذ لا تكرر ~~فيها. # وأما المتوسطة مقدار عشر صلوات، فإنه يبدأ بها ما لم يخف فوات وقت ~~الحاضرة. وهل يراعي فوات وقتها الاختياري أو الضروري؟ في المذهب قولان. ~~وهذا يشعر باستحباب الترتيب لكن قدمنا الخلاف في مؤخر الصلاة إلى الوقت ~~الضروري، هل يتعلق به الإثم أم لا؟ وهذا في التأخير إلى الاصفرار. فمن علق ~~الإثم راعى فوات الوقت الاختياري. ومن لم يعلقه (4) راعى فوات الوقت ~~الضروري. ### | (حكم من ذكر صلاة بعد التلبس بأخرى) # وإذا ذكرها بعد التلبس بالصلاة فلا يخلو إما أن يكون مما لا يجب تقديمها ~~على الوقتية أو مما يجب؟ فإن لم يجب تقديمها فلا تأثير للمذكورة ~~PageV02P569 # # في الصلاة التي هو فيها، فإن كانت مما يجب تقديمها فلا يخلو الذاكر لذلك ~~من أن يكون مأموما، أو فذا، [أو إماما] (1). # فإن كان مأموما تمادى على أتباع إمامه ولم يقطع، وهل تبطل عليه هذه ~~الصلاة التي تمادى فيها؟ في المذهب قولان جاريان على الخلاف في الترتيب هل ~~يجب أو يستحب؟ # وإن كان فذا فلا يخلو أن يكون قبل الركوع أو بعده (2)، فإن كان قبل ~~الركوع (3) فقولان: أحدهما: أنه يقطع، والثاني: أنه يتم ركعتين نافلة. وهذا ~~على الخلاف في تكبيرة الإحرام، هل هي ركن يحافظ على ثبوته أم لا؟ وإن لم ~~يرفع رأسه كان على الخلاف في عقد الركعة ما هو؟ فإن قلنا وضع اليدين على ~~الركبتين أتم ركعتين نافلة، وأن قلنا رفع الرأس كان بمنزلة من لم يركع، وإن ~~صلى ركعتين جعلهما نافلة وقطع، وإن صلى ثالثة ms210 فقولان: أحدهما: أنه يتمادى ~~إلى أربع ثم يصلي المنسية ويعيد التي كان فيها، والثاني: أنه يقطع من ~~الثلاث. وهذا الخلاف في وجوب الترتيب؛ فمن أوجبه ورأى أن تحقيق أثره ألا ~~يتم الصلاة المذكورة فيها أمر بالقطع، ومن لم يوجبه أو راعى الخلاف أمر ~~بالتمادي. وأذا أمرنا بالتمادي هل يجب عليه إعادة الصلاة التي كان فيها أو ~~يستحب؟ قولان. وهما على وجوب الترتيب واستحبابه. # وإن كان إماما فهل يقطع أو يتمادى؟ قولان. وهما على ما قدمناه من وجوب ~~الترتيب. وإذا قلنا بالقطع فهل يلزم ذلك من خلفه أو له أن يستخلف من يتم ~~بهم وتصح لهم؟ قولان. فمن التفت إلى وجوب القطع ولم يراع الخلاف قال ~~بالاستخلاف قياسا على الحدث، ومن راعى الخلاف أمرهم بالقطع لأنه يصير ~~كالمتعمد في الإبطال عند من (4) أوجب التمادي. PageV02P570 # # وإذا قلنا بالتمادي فهل يعيد واجبا أو استحبابا؟ قولان. وهما على ما ~~قدمنا في حكم الترتيب. # وإذا أعاد فهل يلزم المقتدين (1) الإعادة؟ قولان. وهما على الخلاف في ~~تعلق صلاة المأموم بصلاة الإمام. وهذا الذي قلنا جار فيما كان [من] (2) ~~صلاة اليوم أو مما فاته وقته. قال ابن حبيب: أما لو كانت صلاة اليوم كمن ~~يذكر الظهر مثلا في يومه وهو في العصر فإنه يقطع ولو كان وراء الإمام ~~فينصرف وأن كان على وتر. وعلل ذلك بأن التمادي يفوت صلاة يومه وهي مستحقة ~~الترتيب. والوقتية (3) بخلاف المنسية فإنها وأن استحقت الترتيب فإنها لا ~~تستحق الوقت. ورأى في المشهور أن التمادي يلزم لمتابعة الإمام ولأنه دخل ~~بوجه جائز. # فإن كانت الصلاة التي هو فيها نافلة وذكر صلاة لا يخلو من أن يكون عقد ~~[ركعة] (4) من التي هو فيها أم لا. وإن عقد ركعة أضاف إليها أخرى وسلم، وإن ~~لم يعقد ركعة فقولان: أحدهما: القطع، والثاني: أنه يضيف إليها ثانية. وهما ~~على الخلاف المتقدم في المحافظة على الإحرام (5). # وقد أحلنا في باب إعادة الصلاة في جماعة بيان حكم من أقيمت عليه الصلاة ~~وهو في صلاة أخرى على هذا الباب. واختلف ms211 المذهب في ذلك على قولين: أحدهما: ~~أنه يتمادى على التي هو فيها ولا يقطعها، فإذا أكملها مخففا نظر؛ فإن بقي ~~من صلاة الإمام شيئا دخل معه وإلا صلى لنفسه، وهذا هو الشاذ. والثاني: أن ~~الصلاة التي أقيمت (6) تؤثر في التي هو فيها. ويختلف في صفة التأثير على ~~قولين: أحدهما: أنه يريد من أقيمت PageV02P571 # # عليه الصلاة التي هو فيها، وقد تقدم بيانه. والثاني: أنه يتمادى على التي ~~هو فيها ما لم يخف فوات جملة الصلاة مع الإمام. فأما الخلاف في التأثير ~~وعدمه فلتقابل مخالفة الإمام بأن يكون في صلاة وهو في صلاة أخرى لوجوب ~~التمادي- على ما افتتحه- واستحقاق الترتيب، وكونه يدخل مع الإمام فيما لا ~~يعتد به. والثاني: بالتمادي (1) ما لم يخف فوات صلاة الإمام مراعاة لقول من ~~يقول يتمادى جملة. والقطع إذا خاف ذوات ركعة مع الإمام بتقديم وجوب اتباع ~~الإمام وقد قدمنا أن ذكر صلوات كثيرة لا يؤثر ذكرها في الصلاة التي هو ~~فيها، فلو ذكر صلوات كثيرة فقضاها حتى لم يبق منها إلا اليسير فنسي فدخل في ~~صلاة وقتية لكان بمنزلة من ذكر صلوات يسيرة، لأن ما قضاه كأنه أوقعه في ~~وقته، وكأنه ليس في ذمته إلا ما بقي. وهكذا يكون حكمه لو ذكر هذا الباقي ~~اليسير وهو في ضيق من وقت الصلاة الحاضرة لابتدأ بالمنسية على المشهور. ### | (حكم من ذكر صلاة منسية وهو في الجمعة) # ولو ذكر صلاة منسية وهو في الجمعة فالمنصوص أنه إن طمع بإدراك ركعة من ~~الجمعة بعد قضاء المنسية قطع وقضى ثم عاد إلى الجمعة، فإن لم يطمع تمادى، ~~فإذا أكمل الجمعة صلى المنسية خاصة. # وهذا يجري فيه الخلاف على ما قدمنا التنبيه عليه (2). فإن قلنا بأن ~~الترتيب واجب فينبغي أن يتمادى لحق الإمام ثم يعيد الجمعة بعد قضاء ~~المنسية، ويعيدها ظهرا أربعا. ويلتفت في الإعادة أيضا إلى الخلاف في ~~الجمعة؛ هل هي صلاة قائمة بنفسها أو بدل عن الظهر؟ فإن قلنا إنها صلاة ~~قائمة بنفسها فيقوى نفي الإعادة، وإن قلنا هي ms212 بدل عن الظهر فيقوى وجوب ~~الإعادة. وقد تقدم الخلاف فيمن صلى الجمعة [بنجاسة] (3) ناسيا ثم علم ~~PageV02P572 # # في الوقت هل يعيد ظهرا أربعا أم لا؟ وإذا صلى الوقتية ثم ذكر المنسية ~~فصلاها فإنه يعيد الوقتية ما بقي من وقتها شيء. وهل يراعي في ذلك وقت ~~الاختيار أو وقت الضرورة؟ في المذهب قولان. [وهما] (1) على الالتفات إلى ~~وجوب الترتيب، فيعيد ما لم تفت جملة الوقت، واستحبابه فيعيد ما لم يفت ~~الوقت الاختياري. # ... ### | فصل (بأي صلاة يبدأ في قضاء المنسيات) # وإذا ذكر صلوات منسية فلا خلاف أنه مأمور بترتيبها (2) الأولى فالأولى، ~~لكن اختلف في الأمر هل هو واجب أو ندب، وبأي صلاة يبدأ؟ في المذهب قولان: ~~أحدهما: أنه يبدأ بصلاة الظهر؛ لأنها التي ابتدأ بها جبريل عليه السلام ~~بالرسول عليه السلام، وبهذا سميت الأولى. والثاني: أنه يبدأ بالصبح؛ لأنها ~~صلاة أول اليوم. وهذا على الخلاف في الزمن الذي بين طلوع الفجر وبين طلوع ~~الشمس هل هو من الليل أو من النهار؟ فإن قلنا إنه من الليل بدأ بالظهر، وإن ~~قلنا إنه من النهار بدأ بالصبح. ثم يرتب الأولى فالأولى. فإن شك في عدد ~~الصلوات أو في أيامها أو في أعيانها. فقد أطال الناس الأنفاس في هذا الباب ~~وصوروا من شواذ النوازل ما يفتقر إلى ذكر دقيق الحساب. ونحن نذكر مبادئه ~~بحسب ما يليق بهذا المجموع فنقول: # اختلف المذهب هل يلزم تعيين الأيام في الصلوات أو لا يلزم ذلك، وإنما ~~يلزم القصد إلى صلاة الوقت من غير التفات إلى اليوم. وقد قدمنا أيضا الخلاف ~~في القصد هل هو مباح أو مأمور به؟ وهل الأمر واجب أو ندب؟ فإذا تقرر ذلك ~~قلنا: من نسي صلاتين من يومين ظهرا أو عصرا PageV02P573 # # مثلا، وشك أيتهما قبل صاحبتها؟ فلا يخلو أن يذكر يومين بأعيانها، أو لا ~~يذكر اليومين. وإن ذكر اليومين فشك مثلا هل الظهر من السبت والعصر من ~~الأحد، أو بالعكس؟ فهاهنا قولان: أحدهما: أنه يصلي أربع صلوات: الظهر للسبت ~~ثم العصر للأحد، ثم الظهر للأحد ثم ms213 العصر للسبت. وهذا بناء على مراعاة ~~الأيام. والقول الثاني: أنه يصلي ظهرا بين عصرين، أو عصرا بين ظهرين. وهذا ~~على القول بأن الأيام لا تراعى. # وإن لم يذكر الأيام بأعيانها فهذا لا خلاف فيه أنه يصلي ظهرا بين عصرين ~~أو عصرا بين ظهرين، فيحصل (1) بذلك الترتيب، لأن العصر إن كانت (2) هي ~~السابقة فقد صلى بعدها الظهر، وإن كانت هي المتأخرة فقد صلى قبلها الظهر. ### | (حكم من ذكر صلاة لا يدري يومها) # ولو ذكر صلاة لا يدري يومها بعينه (3) لاكتفى بصلاة واحدة بلا خلاف. كان ~~شك هل هي من السبت مثلا أو من الخميس؟ فهاهنا قولان: أحدهما: أنه يصلي ~~ظهرين ينوي بكل واحدة [منهما يوما من المشكوك فيهما، ويبدأ بالأولى من ~~اليومين. والثاني] (4) أنه يصلي ظهرا واحدا يوما ولا يضيفها إلى يوم معين. ### | (حكم من ذكر صلاة لا يدري أهي حضرية أم سفرية) # ولو ذكر صلاة يوم ونسي هل هي من حضر أو سفر؛ فعلى القول بأنه مخير بين ~~القصر والإتمام له أن يصلي صلاة يوم حضرية ويكتفي بها، وكذلك على القول بأن ~~القصر مستحب. لكن الأولى هاهنا أن يصلي كل يوم صلاة. وأما على القول بأن ~~القصر فرض أو سنة، فيصلي صلاة يوم PageV02P574 # # حضرية وصلاة يوم سفرية، ولا يعيد الصبح ولا المغرب لتساوي أمرهما في ~~الحضر والسفر. # ولو ذكر ظهرا أو عصرا ولم يذكر كونهما حضريتين أو سفريتين لجرى حكم ~~إعادتهما على ما قدمناه. فإن شك في يومهما وشك في تقدم إحداهما على الأخرى، ~~أو شك هل هما حضريتان أو سفريتان (1) أو إحداهما حضرية أو سفرية؟ فإنه يصلي ~~ست صلوات. لكن اختلفوا في صورة ترتيبها؛ هل يصلي ظهرا أربعا حضرية ثم هي ~~سفرية، ثم عصرا حضرية ثم هي سفرية، ثم ظهرا حضرية وسفرية. # وإن بدأ بالعصر فعل فيها ما فعل بالظهر، أو تكون صورة ترتيبها أن يصلي ~~ظهرا حضرية ثم عصرا سفرية ثم ظهرا سفرية ثم عصرا حضرية ثم ظهرا حضرية ثم ~~عصرا سفرية. فتقع له صلاة سفر بين صلاتي ms214 حضر وبالعكس. وهذا كله طلبا لتحصيل ~~الترتيب، وهو لازم على القول بوجوبها. # وأما على القول باستحبابها فإن تكثير الصلوات إنما هو من باب الأولى ~~فيكتفي على القول بالتخيير بصلاتين ظهرا وعصرا حضريتين. وعلى القول بأن ~~القصر فرض أو سنة فأربع صلوات؛ ظهرا حضرية وسفرية وعصرا كذلك. # ولو ذكر صلاة يوم وليلة ويعلم أن أحدهما قبل الأخرى، ولا يدري اليوم قبل ~~الليلة أو بالعكس؛ فإنه يصلي صلاة زمان منهما بين صلاة زمانين لتحصيل ~~الترتيب. وهل يبدأ بصلاة الصبح في اليوم أو بصلاة الظهر؟ في المذهب قولان. ~~وقد قدمناهما. # ولنقتصر على هذا المقدار من ترديد (2) هذه المسائل، فإن الخروج عنه ~~اشتغال بعلم الحساب ولسنا له. # ... PageV02P575 # ### | باب في أحكام السهو # وهو وإن كثرت فروعه ودقت بعض مسائله فإنه يهون مع الالتفات إلى أصوله ~~وقوانينه. وهو لا يخلو من أن يكون بزيادة أو نقصان. فإن كان بزيادة فلا ~~يخلو أن تكون الزيادة كلاما أو فعلا، وإن كانت كلاما فقد قدمنا أنها إن ~~كثرت جدا أبطلت الصلاة، وإن كان ما دون ذلك أجزأ (1) عنه [عندنا] (2) ~~السجود. وكنا قدمنا في الكتاب الأول حكم الكلام عمدا، وأنه يكون لغير ~~[إصلاح] (3) الصلاة أو لإصلاحها (4)، وأحلنا حكم الذي يكون لاصلاحها على ~~هذا الباب فلنبدأ به فنقول: ### | (حكم الإمام يسلم سهوا من الصلاة قبل كمالها) # من كان إماما فسلم من صلاته قبل كمالها، فقال له بعض المقتدين: إنك لم ~~تكمل صلاتك، فقال: بل أكملت، وسأل غير المتكلم أولا، فأخبره أنه لم يكمل. ~~فهل تصح هذه الصلاة أو تبطل؟ في المذهب ثلاثة أقوال: المشهور صحتها، والشاذ ~~بطلانها. وقال سحنون: إن جرى ذلك في الصلاة الرباعية (5) بعد ركعتين صحت ~~الصلاة، وإن كان من غير الرباعية أو ليس بعد الركعتين بطلت. ووجه المشهور ~~الاعتماد على الحديث في أنه - صلى الله عليه وسلم - سلم من اثنتين فقال له ~~ذو اليدين (6): أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله PageV02P576 # # فقال: "كل ذلك لم يكن"، فقال ذو اليدين: قد كان بعض ذلك. فسأل (1) الناس ~~فأخبروه بصحة ما ms215 قال ذو اليدين ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ~~إكمال صلاته (2). # ووجه الشاذ إما لأن الحديث لا يحكم بصحته. وقد تكلم عليه أصحاب أبي حنيفة ~~[من جهة] (3) أن الراوي أبو هريرة رضي الله عنه، ولهم في ذلك معان لسنا ~~لها. وإما لأنه انفرد بنقله الآحاد. وإما لأن القياس مقدم عليه. وبين ~~الأصوليين خلاف في تقديم القياس على خبر الآحاد. وإما لأن القصة جرت في (4) ~~زمن يجوز فيه النسخ ولم يتكلم ذو اليدين إلا وهو يجوز النسخ فعذر بذلك. ~~بخلاف من يطرأ له ذلك بعد تقرر الشرائع واستحالة النسخ. وعلى هذا عول (5) ~~ابن كنانة (6) القائل ببطلان الصلاة، وأجاب ابن القاسم عن هذا بأن غير ذي ~~اليدين من الصحابة تكلموا بعدما علموا بأن الصلاة لم تقصر. # وأما وجه قول سحنون، فهو أن القياس بطلان الصلاة، وقد وردت صحتها في صورة ~~فيقتصر على ما وردت. ولا يجري (7) القياس فيما عداها. PageV02P577 # # وإذا تكلمنا على حديث ذي اليدين فنستوفي ما يتعلق به بحسب هذا المجموع، ~~وذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجع إلى قول المخبرين فأتم. والمصلي ~~إذا أخبره غيره أنه لم يتم فلا يخلو أن يخبره من معه في صلاة (1)، أو من ~~ليس معه في صلاة؛ فإن أخبره من معه في صلاة فلا يخلو من أن يكون موقنا ~~بخلاف ما قاله، أو موقنا بصحة ما قاله، أو شاكا. فإن أيقن بخلاف ما قاله ~~المخبر فإنه يرجع إلى يقينه ولا يلتفت إلى يقين المخبر، إلا أن يكثر (2) ~~المخبرون جدا حتى يكونوا ممن يقع بهم العلم الضروري (3). فيعلم حينئذ أن ~~يقينه ليس بصحيح، وإنما ظن أنه أيقن وليس كذلك. # وإن كان موقنا بصحة ما قاله رجع إليه، وكذلك إن شك. [وهذا إذا] (4) طرأ ~~له الشك واليقين بصحة ما قالوه بعد أن سلم، وإلا فلو سلم على الشك هل أكمل ~~أم لا، أو على اليقين بأنه لم يكمل، بطلت صلاته. ويحمل رجوع الرسول عليه ~~السلام إلى المخبرين في قصة ذي اليدين على أنه شك ms216 بعد أن أخبروه، أو أيقن ~~بصحة ما قالوه ولذلك سلم وقال: كل ذلك لم يكن. # وإن كان المخبرون ليسوا معه في صلاة فإن أيقن ببطلان ما قالوه لم يرجع ~~إليه، فإن شك أو أيقن بصحة ما قالوه رجع إلى يقينه لا إلى خبر المخبر. [وهل ~~يرجع إلى الخبر] (5) فيكون من باب الشهادة، وذلك (6) إذا لم يتصور له يقين ~~ولا شك؟ في المذهب قولان: المشهور أنه لا يرجع إليه لأنه ليس معه في صلاة ~~وإنما يرجع إلى من معه في صلاة لأنهم في حكم المصلي الواحد. والشاذ أنه ~~يرجع إليه لأنه من باب الشهادة. وإذا حكمنا بالرجوع بعد أن سلم من اثنتين، ~~فإن طال الأمر وكثر الفعل بطلت الصلاة PageV02P578 # # واستأنفها على المشهور. وقيل: لا تبطل وإن طال (1). وإن قرب بني كما ما ~~قدمناه. ### | (هل يفتقر في البناء إلى تكبيرة الأحرام) # وإذا حكمنا بأنه يبني فهل يفتقر إلى تكبيرة أم لا؟ أما إن كان قريبا جدا ~~فلا يفتقر إلى تكبيرة بلا خلاف؛ لأن حكم التكبير الأول منسحب عليه. وإن بعد ~~بعدا لا يقتضي بطلان الصلاة ففي أفتقاره إلى إحرام جديد قولان: أحدهما: أنه ~~لا يفتقر إليه، لانسحاب حكم الإحرام للصلاة (2) عليه. والثاني: افتقاره ~~إليه؛ لأن الصلاة تخللها فعل من غير جنسها فضعف حكم انسحاب الإحرام الأول، ~~وصارت كالمستأنفة. # وإذا قلنا إنه يحرم فهل يأتي به قائما أو جالسا؟ في المذهب قولان. ~~والقيام قياس على الإحرام الأول، والجلوس لأنه على تلك الحالة فارق الصلاة ~~فيرجع إليها. # فإذا قلنا إنه يحرم قائما فهل يجلس بعد (3) القيام؟ في المذهب قولان: ~~أحدهما: أنه يرجع إلى الجلوس ثم ينهض منه إلى إكمال الصلاة. والثاني: أنه ~~لا يرجع إلى الجلوس، بل يتمادى على القيام. وهذا على الخلاف في الحركات إلى ~~الأركان هل هي مقصودة فيرجع إلى الجلوس حتى ينهض في صلاة، أو غير مقصودة ~~فيتمادى على القيام؟ وما ذكرنا من التقسيم في اليقين (4) والشك وأصل المذهب ~~والمعول عليه وما يذكر (5) من القولين في رجوعه إلى العدد اليسير ممن ms217 خلفه، ~~فإنما يتصور ذلك مع غلبة الظن. PageV02P579 # # وإذا التفت إلى أصل المذهب في أن المصلي لا يرجع إلى غلبة الظن وإنما ~~يبني على يقينه، فهذا يرجع مع غلبة الظن إلى يقينه، واليقين أنه لم يكمل، ~~فلا يختلف في ذلك. فالحق أن يقال إن أيقن بالإكمال لم يرجع (1) على التفصيل ~~المتقدم، وإن شك أو غلب (2) على ظنه الإكمال بني على يقينه ورجع إلى قول ~~المخبر هاهنا. وهو إنما يبني على أن الأصل عنده عدم الإكمال فيكمل. # وإذا طرأ (3) له الشك بعد أن سلم فهل يسأل من خلفه أم لا؟ في المذهب ~~قولان: أحدهما: أنه لا يسأل بل يبني على طرح ما شك فيه والاعتماد على ما ~~يتيقن. والثاني: أنه يسألهم فيستفيد منهم علما. وهذا تعويل على سؤال رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - في قصة ذي اليدين وحمل السؤال على حالة الشك. # وإذا قلنا إنه يرجع إلى المخبرين وإن كانوا ليسوا معه في صلاة فهل يكتفي ~~في ذلك بخبر الواحد؟ فيكون بابه باب الإخبار، أولا بد من مخبرين فأكثر ~~فيكون بابه باب الشهادة؟ في المذهب قولان. ### | (حكم الزيادة من جنس الصلاة) # ولنرجع (4) إلى أصل التقسيم ونقول: إن كانت الزيادة فعلا فلا يخلو من أن ~~تكون من جنس الصلاة أو من غير جنسها؛ فإن كانت من جنس الصلاة-[فإن قلت] (5) ~~- فلا تبطلها، وهذا كزيادة الركعة في الصلاة الرباعية. وإن كثرت فلا تخلو ~~أن تكون صلاة رباعية أو ثنائية أو ثلاثية. فإن كانت رباعية فزاد فيها ~~مثلها؛ فالمشهور من المذهب بطلان الصلاة بكثرة PageV02P580 # # الأفعال (1) وإلحاقها بأفعال غير مجانسة للصلاة، والشاذ صحة الصلاة. وهذا ~~لأن المحاذرة فعل يشوش نظم الصلاة، وهذا ليس من ذلك القبيل. وإن كانت ~~الزيادة مثل نصفها كمن يصلي الظهر مثلا ست ركعات، فهاهنا قولان: أحدهما: ~~بطلان الصلاة نظرا إلى كثرة الزيادة، والثاني: الصحة نظرا إلى أنه ليس ~~بمشوش، وإنما المزيد يسيرا بالنسبة إلى عدد الركعات. # وإن كانت الصلاة ثنائية فزاد مثلها كمن يصلي الصبح أربع ركعات؛ فإن قلنا ~~إنه إذا ms218 زاد في الرباعية مثلها لا تبطل، فأحرى هاهنا ألا تبطل [فإن قلنا إن ~~تلك تبطل فهاهنا قولان: قيل تبطل كتلك، والثاني: أنها لا تبطل] (2). وهذا ~~نظرا إلى قدر المزيد في نفسه، أو بالنسبة (3) إلى ما زاد عليه. ولو زاد في ~~هذه ركعة ففيها أيضا قولان: البطلان؛ لأنه زاد مثل نصف الصلاة. والثاني: ~~أنها لا تبطل؛ لأن الزيادة يسيرة في نفسها. # وهل تكون الثلاثية كالرباعية أو كالثنائية؟ في المذهب قولان. فإن حكمنا ~~في جميع هذه المسائل بصحة الصلاة فيكون عليه السجود بعد السلام؛ لأنها ~~زيادة، وكل هذا إذا زاد سهوا، أما لو كانت الزيادة عمدا بطلت الصلاة ولو ~~زاد مثلا سجدة واحدة. وإن كانت جهلا جرى على الخلاف في حكم الجاهل هل يلحق ~~بالعامد أو بالناسي؟ # وإن كانت من غير جنس الصلاة وفعلت عمدا، فقد قدمنا حكم الفعل في الصلاة ~~إذا قصد إليه. وإن فعلت سهوا فقد قدمنا أيضا أنها إن كثرت بطلت، وإن قلت ~~أجزى عنها سجود السهو، وفي كتاب الصلاة الأول أنه إذا سلم من اثنتين فأكل ~~أو شرب بطلت صلاته (4)، وفي هذا الكتاب إذا أكل في الصلاة أو شرب أن صلاته ~~صحيحة ويجزيه سجود السهو (5). PageV02P581 # # وقد اختلف الأشياخ هل هذا اختلاف قول أو بين المسألتين فرق؟ وإذا قلنا ~~بالفرق فهاهنا طريقان: أحدهما: أن ما في الكتاب الأول حصل بعد السلام من ~~الصلاة وكثر الفعل، وما في هذا الكتاب انفرد الأكل أو الشرب فقل (1)، ~~والثاني (2): أن ما في [الكتاب] (3) الأول فعل كثير لأنه جمع بين الأكل ~~والشرب [والسلام، وفي الكتاب الثاني إنما فعل أحدهما: فصار يسيرا، وبالجملة ~~إن المسألة محل الإشكال] (4). # ... ### | ### | فصل # (السهو بالنقصان) # وإن كان السهو بنقصان فلا يخلو من أن يكون نقص فريضة، أو سنة، أو فضيلة، ~~أو هيئة. فإن نقص فريضة لم ينسب عنها إلا الإتيان بها، فإن فاته محلها من ~~الركعة بطلت الركعة. وقد قدمنا حكم من نقص تكبيرة الأحرام أو أخل بأم ~~القرآن. وإن أخل بالركوع أو السجود فإنه يتلافى ما أخل به، فإن ms219 لم يفعل ~~بطلت الركعة التي أخل بذاك فيها. # ومتى يتلافى؟ [فإنه يلافي] (5) ما لم يعقد الركعة (6) التي بعد هذه التي ~~أسقط منها. وما (7) عقدها؟ فيه قولان: أحدهما: وضع اليدين على الركبتين. ~~والثاني: رفع الرأس منها. وقد تقدم. # وإن أخل بالركوع مثلا من ركعة، والسجود من الركعة التي بعدها، ~~PageV02P582 # # فهل يجزيه ركوعه للثانية عن الركوع للأولى (1)؟ لا شك أنه لا يجزيه؛ لأنه ~~أخل بالترتيب. وإن أخل بالسجود من الأولى والركوع من الثانية فهل يجزيه ~~سجود الثانية عن سجود [الاولى]؟ (2) المنصوص أنه لا يجزيه. ووقع لمحمد بن ~~مسلمة فيمن نسي السجود من الرابعة (3) وسجد للسهو أن ذلك [السجود] (4) ~~يجزيه عما أخل به من سجود الركعة. فأخذ من هذا أبو الحسن اللخمي أن السجود ~~للركعة الثانية ينوب عن السجود للركعة الأولى (5). ورأيت من فرق بينهما [من ~~الأشياخ] (6) وقال إن سجود السهو لم يقصد به (7) ركعة بعينها فيجزيه وإن ~~كان ليس بفرض، بخلاف ما قصد به ركعة بعينها. [[وهذا القول غير صحيح. # ... ### | [فصل] # (8). # وفي المذهب قولان في الإمام والفذ يخلان بركن من الأولى أو من الثانية ~~حتى يفوتهما (9) تلافيه فحجب عليهما قضاء تلك الركعة، هل يقضونها (10) بأم ~~القرآن وسورة أو بأم القرآن خاصة؟ فقد قصدوا إلى أن تكون الركعة أولى [أو] ~~(11) ثانية فعادت على قول أخيرة فكذلك يكون حكم PageV02P583 # # السجود. [وإن قصد به ركعة بعينها]] (1) ينوب مناب ما أخل به] (2) من ~~الفروض في الركعة التي قبلها (3). # وفي المذهب أيضا قولان فيمن ظن أنه قد أكمل صلاته فأتى بركعتين نافلة، ~~[ثم ذكر أنه لم يصل الفريضة] (4) إلا ركعتين، فقيل: تجزيه هاتان الركعتان ~~عما بقي عليه من صلاته، وقيل: لا تجزيه. وكذلك لو تعمد أن يأتي بركعتين ~~نافلتين، وقد علم أنه قد أخل بركعتين من الفريضة، فقيل: حكم النية منسحب ~~(5) في جميع هذا، فيجزيه عن الفريضة. وقيل: لا يجزيه؛ لأن النية إنما تنسحب ~~ما لم يأت بنقيضها، [وإلا إذا أتى بنقيضها] (6) بطل حكم الانسحاب (7). # ... ### | فصل (الشك في النقصان حكمه كحكم تيقن وقوعه) # وحكم الشك في النقصان ms220 كحكم تيقن وقوعه. فإذا شك هل أخل بركن وجب عليه ~~الإتيان به، كما يجب على من تيقن أنه أخل به. وهذا إذا لم يكن موسوسا. وأما ~~الموسوس فإنه يبني على أول خاطر به، كما سبق في الشك في الحدث وغيره. ولو ~~ذكر في الركعة الرابعة أنه أخل بسجدة، أو شك هل أخل بها، ولم يدر محلها. ~~هاهنا قولان: أحدهما: أنه يأتي بسجدة لئلا تكون من هذه الركعة، ثم يأتي ~~بركعة لئلا تكون من ركعة غيرها. والثاني: أنه يأتي بركعة خاصة تجزيه عما ~~أخل به كيف تقدر أمره. PageV02P584 # # وسبب الخلاف تقابل المكروهين: أحدهما: التفرقة بين أجزاء الركعة، ~~والثاني: الزيادة في الصلاة. فمن راعى حكم التفرقة قال: يأتي بسجدة، ومن ~~راعى حكم الزيادة قال تسقط السجدة ويأتي بركعة خاصة. # ولو سلم من الصلاة ثم ذكر سجدة من الركعة الآخرة فهل يكون السلام حائلا ~~بينه وبين التلاقي؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه حائل (1) فيقوم فيأتي ~~بركعة، والثاني: أنه لا يكون حائلا فيأتي بسجدة وتجزيه. فمن التفت إلى كونه ~~ركنا قائما بنفسه عده حائلا، ومن التفت إلى كونه قصيرا لم يعده حائلا. # هذا حكم الإخلال بالأركان على الجملة، وبقي منها حكم الإخلال بالسلام. ~~ومتى أخل به ولم يطل الأمر سلم وأجزأه، وإن طال فقد قدمنا القولين هل تبطل ~~الصلاة؟ وهو المشهور، أو لا تبطل؟ وهو الشاذ. # ... ### | فصل (حكم من أخل بالسنن) # وإن أخل بالسنن فإن كان عامدا ففي بطلان صلاته قولان، وقد تقدما. وإن ~~قلنا بالصحة فهل يسجد؟ قولان: المشهور أنه لا يسجد؛ لأن السجود إنما ورد في ~~السهو. والشاذ أنه يسجد؛ لأنه إذا سجد للسهو ولا أثر له فيه فأحرى أن ~~يتلافى في العمد بالسجود. # وإن أخل بها سهوا فإن كانت فعلا فلا خلاف في أنه مأمور بالسجود، وإن كانت ~~قولا فقولان: المشهور أنه مأمور بالسجود كالفعل، والشاذ أنه لا سجود عليه. ~~فمن استعمل القياس أمر بالسجود، ومن لم يستعمله رأى أن السجود إنما ورد في ~~نقص الفعل دون القول (2). فإن قلنا بالسجود ms221 فأين PageV02P585 # # محله؟ قولان: أنه قبل السلام كنقص (1) الأفعال. والشاذ أنه بعده لضعف ~~الأمر به فأخر لئلا تكون الزيادة في الصلاة. وهذا ما لم تقل الأقوال، فإن ~~قلت كالتكبير ونحوها ففي الأمر بالسجود قولان: المشهور نفيه ليسارة ~~المتروك، والشاذ إثباته حكما له بإلحاقه بالسنن في الحكم. ولا شك على ما ~~قدمناه أن من سها عن الجلسة الوسطى سجد قبل السلام لاشتماله على أقوال ~~وأفعال. # ومتى يحصل تاركا له؟ أما إن نسي فنهض، فإن لم يفارق الأرض فإنه يعود إليه ~~ولا سجود على المشهور، وقيل يسجد. وهذا بناء على الأمر بالسجود وإن قل ~~الفعل. # وإن استقلى قائما فلا خلاف في المذهب أنه لا يعود إلى الجلوس. وقد تقرر ~~السجود في ذمته. # وإن كان بين الجلوس والقيام فهل يرجع إلى الجلوس أو يتمادى [على القيام] ~~(2)؟ قولان: أحدهما: أنه يرجع لسبق (3) الجلوس ولم يحصل رتبة الفريضة وهي ~~القيام (4) والثاني: أنه يتمادى إلى القيام؛ لأنه فرض وقد (5) أخذ في ~~الحركة إليه. # فإن رجع بعد القيام فلا يخلو رجوعه من ثلاثة أقسام: إما أن يكون عامدا ~~ففي بطلان صلاته قولان: أحدهما: [أنها] (6) لا تبطل صلاته، وهذا مراعاة ~~لقوله من يقول إنه يرجع. والثاني: الحكم بالبطلان؛ لأنه وجب عليه التمادي ~~على (7) القيام ورجع إلى الجلوس وقد فات محله، [فكأنه زاد في PageV02P586 # # صلاته متعمدا. وإن رجع سهوا فلا تبطل صلاته بلا خلاف] (1). فإن رجع جهلا، ~~يجري (2) على الخلاف في حكم الجاهل هل هو كالناسي أو كالعامد؟ (3). ويتصور ~~السهو هاهنا بأن يذهل عن حقيقة الأمر أو يظن أنه قام من الجلسة الآخرة. # [فإذا رجع] (4) وحكمنا بصحة صلاته فمتى يكون سجوده؟ قولان: أحدهما: يسجد ~~قبل السلام؛ لأن الجلوس فات محله ورجوعه لا يتلافاه، فهي زيادة محضة. ~~والثاني (5) أنه بعد السلام، وهذا بناء على أن الجلوس الذي عاد إليه يسد ~~مسد الأولى (6). # وإن أخل بالفضائل أو الهيأة فلا سجود عليه، وتجزيه الصلاة لضعف أمر ~~المتروك. ### | (قاعدة المذهب في الزيادة والنقصان) # هذا حكم السهو في الزيادة والنقصان، وقاعدة المذهب أن السجود للزيادة ms222 بعد ~~السلام والنقصان قبله، إلا ما قدمناه في ترك الأقوال. وفي المجموعة (7) ~~لمالك رحمه الله ما يشير إلى أن هذه التراتيب ليست بمتعينة، بل يجوز أن ~~تخالف فيؤتي بالجميع قبل السلام أو بعد السلام. والأصل المعول عليه في ~~المشهور أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث ذي اليدين سجد بعد ~~السلام، وقد زاد خامسة فسجد أيضا بعد السلام (8). وقد قام أيضا من اثنتين ~~PageV02P587 # # فسجد قبل السلام. وهذا كالنقص بمقتضى المشهور. وأيضا فإن النقص ينبغي أن ~~يؤتى بعوضه في نفس الصلاة ليسد مسده، والزيادة لم تؤثر في الصلاة تأثيرا ~~يجب (1) تلافيه إلا بالاستغفار أو ما يرغم الشيطان، فكان السجود لذلك (2) ~~بعد السلام. ### | (حكم اجتماع النقص والزيادة) # فإن اجتمع النقص والزيادة غلب المتأكد منهما، وهو النقص، فيسجد قبل ~~السلام. وإنما أخر سجود السهو ولم يؤت به عقيب سببه لإمكان أن يتكرر السهو، ~~فيكفي عن جميعه سجدتان. وهذا في سجود النقص، وأما في سجود الزيادة فمحله ~~بعد الصلاة، فمن ضرورته التأخير. # ... ### | فصل (هل يتشهد ويحرم لسجود السهو) # وهل يتشهد لسجود السهو؟ أما اللتان بعد السلام فلا خلاف أنه يتشهد لهما ~~لأنهما مستقلتان بنفسهما، وأما اللتان قبل السلام ففي التشهد لهما قولان: ~~أحدهما: الأمر به، إذ المشروع أن السلام لا يكون عقيب السجود (3). والثاني: ~~نفيه، إذ لا يكون تشهدان في جلوس واحد. # وهل يحرم لهما؟ أما اللتان قبل السلام فحكم الصلاة منسحب عليهما فلا يحرم ~~لهما وإنما يكبر للخفض وللرفع. لكن إذا نسي إيقاعهما قبل السلام فذكر بعد ~~السلام من غير طول فلا يحرم لهما. وإن طال طولا لا يفسد الصلاة جرى على حكم ~~الإحرام على ما قدمناه في الرجوع إلى إكمال الصلاة. وأما اللتان بعد السلام ~~ففي الإحرام لهما قولان: أحدهما: أنه لا PageV02P588 # # يحرم قياسا على سجود التلاوة، والثاني: أنه يحرم لأن السلام فيهما مشروع ~~عنده. وإذا ثبت الأمر بالسلام منهما وجب أن يؤمر بالإحرام. # وكيف صورة السلام؟ فيه قولان: أحدهما: أنه كالسلام من الصلاة في السر ~~والجهر، والثاني: أن المشروع في ms223 ذلك السر. فمن قاسها على الصلاة قال ~~بالأول، ومن قاسها على صلاة الجنازة أيضا قال بالثاني. والجامع [بينهما] ~~(1) أن كل واحد منهما جزء من الصلاة [قال ينبني] (2) على أنه [قد] (3) ~~اختلف في صلاة الجنازة أيضا هل المشروع الإسرار بالسلام (4)، أو يكون ~~كالسلام من الصلاة؟ والرجوع في ذلك إلى الإتباع. # فإن قدم اللتين بعد السلام فسجدهما قبل السلام فهل تبطل صلاته؟ أما إن ~~كان ناسيا فلا تبطل (5)، وإن كان عامدا ففي ذلك قولان. وهما على مراعاة ~~الخلاف. فمن راعى الخلاف نفى البطلان، ومن لم يراع أثبته. # وإن أخر اللتين قبل السلام فسجدهما بعد السلام؛ فإن كان ناسيا صحت صلاته، ~~وإن كان عامدا أجري على القولين في الإبطال والصحة. وهذا الموضع أولى ~~بالصحة. ### | (حكم من نسي أن يسجد لسجود السهو) # ولو نسي أن يسجد سجود السهو فلم يسجده حتى طال الأمر؛ فأما اللتان بعد ~~السلام فيسجدهما متى ما ذكر، وأما اللتان قبله فهل تبطل الصلاة PageV02P589 # # لتركها متى طال (1) الأمر؟ في المذهب خمسة أقوال: أحدها: أنها تبطل، وهو ~~المشهور. والثاني: أنها لا تبطل، وهو الشاذ. والثالث: أنها تبطل إن كان ~~السجود واجبا عن نقص فعل، ولا تبطل إن كان عن نقص قول. والرابع: أنها تبطل ~~لنقص الجلوس الأوسط وأم القرآن من ركعة واحدة، ولا تبطل إن كان من نقص غير ~~ذلك. والخامس: أنها تبطل إن كان النقص في القول أو في الفعل، إلا أن تكون ~~التكبيرتان وما في معناهما من قول: "سمع الله لمن حمده". # فأما القولان بالبطلان ونفيه فبناء على أن السجود واجب لأن الرسول - صلى ~~الله عليه وسلم - أمر به فتبطل الصلاة لتركه. أو على أنه ليس بواجب لأنه ~~بدل على غير واجب فلا تبطل الصلاة لتركه. وهذاالذي قلناه من كون المبدل (2) ~~غير واجب هو أصل المذهب وقاعدته. وانفرد أبو الوليد الباجي فرأى أن القول ~~بالبطلان يقتضي أن المبدل عنه واجب، ورأى أن الصلاة على ثلاثة أضرب؛ منها ~~إن كان لا يجزيه عنها إلا الإتيان بها ونفي ما قدمنا من الفروض ms224. ومنها ~~واجبات ينوب عنها السجود، وهذه التي عددناها آنفا. ومنها فضائل هيئة لا ~~تجبر. وهذا قياس على الحج فإنه على هذه الثلاثة الأقسام. # وأما الأقوال الأخيرة فمبناها على تأكيد المتروك وعدم تأكده، فتأكد عند ~~قوم لكونه فعلا، وعند قوم لهذا أو بالخلاف في فرضيته كأم القرآن (3) في ~~ركعة، وعند قوم بهاذين (4)، وبكثرة الأقوال. ### | (حكم من ذكر سجود السهو من صلاة وهو في صلاة ثانية) # ومن (5) ذكر سجود السهو من صلاة وهو في صلاة ثانية؛ فإن كان من ~~PageV02P590 # # زيادة تمادى على صلاته فإذا انتهى سجدهما. فإن كانتا من نقص يجري حكم ~~بطلان هذه الصلاة التي هو فيها والرجوع إلى الأول على ما قدمناه من الخلاف ~~في بطلان الصلاة بترك السجدتين اللتين من النقص. وقد استوفينا حكم السهو في ~~الزيادة والنقصان على قدر هذا المجموع. وقد شذت مسائل ونحن نستوفيها فنتبع ~~مسائل الكتاب. # ... ### | فصل (فيمن شك في صلاته ولم يدر أصلى ثلاثا أم أربعا) # ومن شك في صلاته فلم يدر أثلاثا أم أربعا، فلا يخلو من أن يكون شكه ~~موسوسا أو سالم الخاطر؛ فإن كان موسوسا بني على أول خاطريه، فإن سبق إلى ~~نفسه أنه أكمل بني على ذلك، فإن سبق إلى نفسه أنه لم يكمل أتى بما شك فيه، ~~وهذا لأنه في الخاطر الأول مساو (1) للعقلاء وفيما بعد ذلك مخالف لهم. ~~والتزامه البناء على اليقين مع كثرة وساوسه، قد يؤدي إلى الحرج وقد لا يحصل ~~له يقين. فإذا سبق إلى نفسه الإكمال فبنى عليه فهل يسجد أم لا؟ قولان: قيل ~~لا سجود عليه, لأنه سقط عند البناء على اليقين للحرج فسقوط السجود بالحرج ~~أولى. وقيل عليه السجود إذ لا مشقة عليه في سجدتين. # ومتى يسجد إن أمرناه [بالسجود؟] (2) قولان: أحدهما: أنه يسجد قبل السلام ~~لأنه سجود (3) للنقص. والثاني: بعد لأن هذا النقص (4) مطرح، وإنما السجدتان ~~ترغيما للشيطان. # وإن كان سالم الخاطر فلا خلاف عندنا أنه يطرح المشكوك فيه ويبني على حصول ~~المتيقن. فإذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا؟ فاليقين إنما ms225 حصل PageV02P591 # # بالثلاث والرابعة لا يقين بها، فعليه أن يأتي بها. ومتى يكون سجوده؟ ~~المشهور أنه بعد السلام لأنه بين أمرين، إما عدم الزيادة، وإما وجودها. ولا ~~نقص بوجه. والشاذ أنه قبل السلام، وهذا لما روي في الحديث أنه - صلى الله ~~عليه وسلم - قال في مثل هذا:"أن يسجد سجدتين قبل أن يسلم" (1)، وقد تأول ~~ذلك على أنه أشار إلى سجود الصلاة، أو على أنه أشار إلى السلام من ~~السجدتين. والتأويلان بعيدان، ولا معنى لتخصيص الأمر بسجود الصلاة، لأن ذلك ~~معلوم من الشريعة (2).والسجود لا يكون إلا قبل السلام منه فلا معنى لهذا ~~التأويل إلا على بعد ولسنا له. ويحتمل أن يقال هذا نقص معنوي في حال المصلي ~~فقدر كنقص للفعل أو القول، فكان السجود فيه قبل السلام. ### | (عدم وجوب اتباع الإمام إذا قام للركعة الخامسة) # وإذا قام إلى الخامسة (3) فإنه يرجع متى ذكر بلا خلاف ويسجد بعد السلام ~~عندنا. وإن كان إماما فاختلف حال المقتدين به، فجلس قوم ولم يتبعوه، واتبعه ~~آخرون لكن منهم من اتبعه سهوا، ومنهم من اتبعه عمدا. أما من جلس فصلاته ~~صحيحة وكذلك من اتبعه سهوا وأما من اتبعه عمدا فإن علم أنه لا يجوز له ~~اتباعه بطلت صلاته. فإن جهل فظن أنه يلزمه اتباعه ففي بطلان صلاته قولان. ~~وهما على الخلاف في الجاهل هل هو كالعامد أو كالناسي؟ # ولو قال الإمام إنما قمت لأني نسيت من إحدى الركعات الأولى سجدة مثلا؛ ~~فأما من جلس فلا يخلو من أن يوقن بصحة صلاتهم وصلاة إمامهم، وما قال من (4) ~~إسقاط السجدة باطل، أو يوقنوا بصحة صلاتهم دون صلاة إمامهم، أو يشكوا؛ فإن ~~أيقنوا بصحة صلاتهم وصلاة إمامهم لم PageV02P592 # # يلزمهم اتباعه وكانت صلاتهم صحيحة. فإن (1) كانوا ممن يقع بخبرهم العلم ~~الضروري وجب على الإمام اتباعهم، ويرجع إليهم ولا يعول على يقينه. وإن كان ~~عنده أنه أيقن بإسقاط السجدة، فإن يقينه هاهنا محال. وإن كان من لايقع ~~العلم بخبرهم بني على ما تيقنه على ما قدمناه. # وإن أيقنوا بصحة صلاتهم ms226 دون صلاة إمامهم فهل يلزمهم اتباعه فيما يقضيه ~~ويكون ما أتوا به من السعير مغن عنهم؟ في المذهب قولان: أحدهما: اكتفاؤهم ~~بصحة صلاتهم لأنهم إنما يلزمهم الاقتداء ما دام مكملا لصلاتهم، فإن أخل ~~وأكملوا اقتدوا (2) بأنفسهم. والثاني: أن جميعهم في حكم المصلي الواحد وهم ~~تبع لإمامهم؛ فإذا أخل تعدى الإخلال إليهم. وإن شكوا في صلاتهم وصلاة ~~إمامهم لزمهم اتباعه ثم النظر في بطلان صلاتهم وصحتها فكل موضع لا يلزم فيه ~~اتباع الإمام تصح فيه صلاتهم، وكل موضع يلزمهم فيه اتباعه فالمنصوص أنه لا ~~تصح صلاتهم. وقال أبو الحسن اللخمي: تصح صلاتهم لأنهم معذورون في ترك ~~الإتباع (3). وقد يجري الخلاف في هذه المسألة على ما قدمناه (4) في حكم ~~المتبعين (5) في الخامسة على جهة التأويل هل تصح [صلاتهم] (6) أم لا؟ # وأما من اتبعه عمدا، فإن علم بإسقاطه واتبعه على ذلك فلا شك في صحة ~~صلاته. ومتى لم يعلم بإسقاطه [واتبعه على ذلك، فإن شك] (7) أو قصد إلى ~~العمد في الاتباع فيجري على الخلاف فيمن تعمد زيادة في صلاته فانكشف وجوب ~~تلك الزيادة عليه لإخلاله بشيء مما تقدم، وفي ذلك قولان. PageV02P593 # # أما من اتبعه سهوا فتصح صلاته، وهل يلزمه قضاء ركعة متى لزمه حكم ما ~~أسقطه الإمام من السجود؟ في ذلك قولان: أحدهما: أن هذه الركعة التى اتبع ~~فيها الإمام سهوا تنوب له عما يلزمه من القضاء. والثاني: أنه لا تنوب له. ~~وهو على الخلاف فيمن ظن أنه أكمل فأتى بركعتين نافلتين، فذكر أيضا أنه إنما ~~صلى ركعتين في نيابة هذه النافلة عما وجب عليه، قولان وقد تقدما. # وإذا وجب على الإمام الإتيان بهذه الخامسة لأنه أسقط سجودها (1) كما قال، ~~وكان من المقتدين مسبوق فاتبعه، هل تنوب له عن ركعة مما سبق به؟ قولان: ~~أحدهما: أنه لا تنوب، فهذا بناء على أن الإمام في هذه (2) الركعة قاض. ~~والثاني: أنه تنوب له، وهذا بناء على أنه يكون بانيا فهي آخر صلاته، فتجزي ~~المسبوق لأنه واجب عليه الاقتداء به فيها. # ... ### | فصل (صفة العود إلى تلافي ms227 الركوع والسجود إذا نسيهما) # وقد قدمنا حكم من نسي الركوع والسجود، ومتى يعود إلى تلافيهما، ومتى لا ~~يعود. نذكر هاهنا صفة عوده. فإن نسي الركوع فهل يعود إلى القيام، أو يعود ~~إلى حال الركوع؟ في المذهب قولان. وهما على الخلاف في الحركات إلى الأركان ~~هل هي مقصودة فيعود إلى القيام حتى يركع منه، أو غير مقصودة فيعود إلى حال ~~الركوع؟ # ولو نسي السجود فأين يعود؟ في المذهب قولان: قيل إلى القيام حتى ينحط منه ~~إلى السجود كما كان يفعل لو لم ينسه، وقيل إلى حالة السجود. وهما على ما ~~قدمناه من الخلاف في الحركة إلى الأركان هل هي مقصودة PageV02P594 # # أم لا؟ ومن هذا القبيل أن ينسى السجدة الثانية فهل يعود إلى الجلوس حتى ~~ينحط (1) منه إلى السجود؟ قولان. وهما على ما تقدم. # وإذا قلنا في ناسي الركوع إنه يرجع إلى القيام، فهل يؤمر بالقراءة؟ لا ~~خلاف أنه لا يؤمر بها على جهة الوجوب لأنه قد أكملها. وهل يستحب له؟ في ~~المذهب قولان: الاستحباب، وهذا يتخرج من الخلاف بأن يأتي بالركعة من أولها. ~~ونفي الاستحباب لما قلناه من تقدم القراءة. # ... ### | فصل (فيمن نسي التشهد الآخر) # وقد تقدم أن التشهد الآخر سنة، وهذا هو المعروف من المذهب. وفي المبسوط: ~~من تركه حتى انتقض وضوءه بطلت صلاته. ولم يفصل هل تركه ساهيا أو عامدا. فإن ~~كان مراده العامد، فهو على أحد القولين فيمن ترك السنن عامدا هل تبطل صلاته ~~أم لا؟ فإن حملناه (2) على إطلاقه فهو قول ثان في أن التشهد الآخر فرض، ~~وإذا قلنا إنه سنة فهل يسجد تاركه؟ قولان. وهما على ما قدمناه في ترك ~~الأقوال. لكن هذا إنما يؤمر بالسجود إذا أسقطه جملة، وأما لو أتى باليسير ~~من الذكر لم يلزمه السجود. وإذا قلنا إنه فرض فإنه يعود إليه. # وهل يعود بتكبير؟ (3) يجري على ما تقدم في العودة إلى إصلاح الفرض (4). ~~وهل تبطل صلاته مع الطول؟ يجري على ما قدمناه من القولين. ولو نسي السلام ~~لكان الحكم في الرجوع إليه ms228 على ما قدمناه في الرجوع إلى إصلاح الصلاة من ~~لزوم الإحرام وعدمه. PageV02P595 # # وهل يحرم (1) قائما أم لا؟ وهل يعود (2) مع الطول أم لا؟ # ... ### | فصل (حمل الإمام لسهو المأموم) # ولا خلاف أن الإمام يحمل سهو المأموم، ولهذا يلزمه (3) حكم سهو الإمام ~~ولو لم يسه معه أو لم يحضر سهوه بأن يكون مسبوقا. # والمسبوق يسجد سجود إمامه إن كان قبل السلام، وأما إن كان بعد السلام فلا ~~يسجد معه. وخيره مالك في المدونة أن يجلس حتى يسلم إمامه من سجدتي السهو، ~~أو يقوم عند سلامه من الصلاة. واستحب ابن القاسم أن يقوم, لأن الصلاة قد ~~انقضت بسلامه منها (4). # وإذا سجد معه [لأن السجود] (5) قبل السلام، ثم سها المأموم فيما يقضيه ~~فهل يلزمه السجود لسهوه أم لا؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه لا يلزمه فيما ~~يقضيه لأنه تنسحب عليه أحكام الإمام، والثاني: أن يسجد لأنه منفرد. ولعل ~~هذا يجري على الخلاف فيما يأتي به هل يكون فيه قاضيا فيكون حكم الإمام ~~منسحبا عليه، أو بانيا فيكون كالمنفرد؟ وإذا كانت سجدتا الإمام بعد السلام ~~ولم يسجدهما معه ثم سها المأموم سهوا بزيادة، فإن سجدتين تجزيان عنه. وإن ~~سها بنقص فالمنصوص من المذهب أنه يسجد بعد السلام تغليبا لحكم الإمام. وإذا ~~قلنا إن له حكم المنفرد فيما يقضيه وجب عليه أن يسجد قبل, لأنه قد اجتمع ~~عليه زيادة وهي ما لزمه من حكم الإمام، ونقص وهو ما طرأ له في نفسه. # ... PageV02P596 # ### | فصل (حكم من لم يذكر السجود القبلي حتى دخل في صلاة أخرى) # وقد تقدم حكم من ترك السجود قبل السلام فلم يذكر حتى دخل في صلاة [أخرى] ~~(1)، فإن ذلك يجري على الخلاف فيمن ترك السجود [قبل] (2) هل تبطل صلاته أم ~~لا؟ وإذا قلنا الإبطال كان بمنزلة من ذكر [صلاة في صلاة. وإذا قلنا بعدم ~~الإبطال كان بمنزلة من ذكر] (3) بعض الصلاة وهو متلبس بصلاة أخرى. وإذا كان ~~كذلك فلا يخلو أن تكون الصلاتان فرضا أو نفلا، أو إحداهما نفلا والأخرى ~~فرضا. فإن كانتا جميعا ms229 فرضا، فإن لم يطل في الثانية رجع إلى إصلاح الأولى. ~~ومأخذ الطول في ذلك أربعة أقوال: أحدها: أنه يعتبر بما يعد طولا، فإن أطال ~~القراءة بطلت الأولى. والثاني: أنه معتبر بعقد الركعة من الصلاة الثانية. ~~وأما عقد الركعة يجري على القولين المتقدمين. والثالث: أنه يرجع وإن عقد ~~ركعة وأتمها إذا اختصرها، وهذا كله يرجع إلى القول الأول. والرابع (4): أنه ~~يعود إلى إصلاح الصلاة الأولى ولو عقد ثلاث ركعات مثلا. وهذا القول الآخر- ~~بناء على ما قدمناه من الطول- لا يمنع من إصلاح الصلاة التي أخل منها بشيء. ~~والثلاثة المتقدمة متقاربة المعنى، وإنما مقصودها أنه إذا طال لم يرجع إلى ~~الأولى لبطلانها. فهل (5) يبتدئ بها [أم لا؟ يجري على ما تقدم في ذاكر صلاة ~~في صلاة] (6). وإن لم يطل بني على ما تقدم له منها. واختلفوا في مقدار ~~الطول كما قدمنا. PageV02P597 # # وإن ذكر ذلك من نافلة وهو في نافلة؟ فإن طال تمادى على نافلته، وإن لم ~~يطل فهل يرجع إلى الأولى أو يتمادى على هذه؟ قولان: أحدهما: أنه يرجع لوجوب ~~الأولى بالدخول فيها وهي كالفرض. والثاني: أنه لا يرجع لأن هذه الثانية ~~تنوب عنها. # وإن ذكر ذلك من فرض وهو في نافلة؟ فقولان منصوصان: أحدهما: أنه بالإحرام ~~للنافلة بطلت الأولى. والثاني: عكسه، وأنه يرجع إلى إصلاح الأولى ولو صلى ~~ست ركعات مثلا، فرأى في الأول أن النافلة مضادة للفريضة، وأذا أحرم فيها ~~بطلت الفريضة. ورأى في القول الثاني أنه يرجع إلى إصلاح الفريضة وإن طال ~~وبنى على القول الشاذ. # وإن ذكر ذلك من نافلة وهو في فريضة؛ فإن كان بعد أن طال تمادى على فريضته ~~وقد بطلت النافلة، وإن كان لم يطل فهل يرجع إلى النافلة؟ قولان: أحدهما: ~~أنه يرجع للزومها بالدخول فيها، والثاني: أنه يتمادى على فريضته لتأكيدها ~~بالفرضية. وقد قدمنا فيمن صلى النافلة أربعا هل يكون سجوده قبل السلام أو ~~بعده؟ وكذلك الخلاف أيضا فيمن صلاها خامسة. فمن نظر إلى أنه نقص السلام من ~~الركعتين أو الجلوس إذا لم ms230 يأت به جعله قبل. ومن عول على مذهب نفسه ورأى أن ~~كل ما أتى به بعد الركعتين زيادة قال: يسجد بعد السلام. # وقد استوفينا كثيرا من أحكام السهو ولا يشذ عنه إلا نوادر الصور. ومن حقق ~~الأصول التي قدمنا لم يشذ عنه شيء من هذا الباب. # ... ### | باب في أحكام الاستخلاف # وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه "ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح ~~بينهم فتقدم أبو بكر رضي الله عنه وصلى بالناس، فوصل النبي-صلى الله عليه ~~وسلم-وهو في الصلاة، وتأخر أبو بكر، وأشار إليه النبي-صلى الله عليه وسلم- ~~أن أثبت مكانك، فلم يثبت" # PageV02P598 # # الحديث كما ورد (1). وجعل هذا أصلا في أن الإمام له أن يستخلف إذا طرأ ~~عليه ما يمنعه الإتمام. وهذا من خصائص الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذ له ~~من الفضل ما لا نسبة بينه وبين أبي بكر رضي الله عنه. فكان التقدم (2) بين ~~يديه لا يصح، فصار أبو بكر مضطرا إلى التأخر كالإمام إذا طرأ عليه ما يمنعه ~~من إتمام الصلاة. وهذا إما أن يكون أبو بكر اعتقده، وإما أن يكون لأن ~~الأولى ذلك لا الأوجب، إذ ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى مقتديا ~~بعبد الرحمن بن عوف (3) وقد اختلف الناس في صلاته - صلى الله عليه وسلم - ~~في مرضه هل كان أبو بكر رضي الله عنه هو الإمام؟ أو خرج عن الإمامة فصار ~~النبي-صلى الله عليه وسلم- هو الإمام (4)؟ فتكون هذه PageV02P599 # # القصة والقصة (1) الأولى سواء. # ومن جهة المعنى إن الإمام استحق رتبة المتقدم، فإذا طرأ عليه ما يمنعه ~~التمادي (2) كان له أن يستخلف من ينوب عنه. والمقتدون قد دخلوا على الصلاة ~~(3) في جماعة، وإن لم تحصل لهم بالإمام الأول صح تحصيلها بإمام غيره. # فإذا تقرر هذا قلنا (4) أحكام هذا الباب تنحصر في ثلاثة فصول: أحدها: من ~~يجوز استخلافه؛ والثاني: ما يفعله المستخلف؛ والثالث: حكم قضاء المستخلف ~~إذا كان مسبوقا [ببعض الصلاة] (5) من المقتدين. # ... ### | فصل (من يجوز استخلافه؟) # فأما من ms231 يجوز استخلافه؟ فكل من صحت إمامته ابتداء جاز أن يستخلف، وذلك ~~(6) إن انسحب عليه حكم الإمام قبل أن يطرأ على الإمام ما يمنعه التمادي ~~(7). [وهذا احتراز من أن يكون إنسانا مسبوقا فيحرم بعد أن طرأ على الإمام ~~ما يمنعه التمادي] (8)، فهذا لا يجوز استخلافه لأنه لم PageV02P600 # # ينسحب عليه حكم الإمام. فإذا استخلفه صار المقتدون به كأنهم أحرموا قبل ~~إمامهم. وينخرط في سلكه أن يسبقه الإمام بالركوع ثم يدخل معه فيطرأ على ~~الإمام ما يمنعه التمادي، فلا يجوز استخلافه لأن هذا السجود الذي يأتي به ~~في ابتداء أمره لا يعتد به. والمقتدون يعتدون به فيصير كالمتنفل بالمفترض. ~~والمشهور من المذهب لا يجزيهم، وقيل يجزيهم. وقد قدمنا ما فيه من الخلاف ~~المستقرى، ويمكن تخريج هذا عليه. ### | (كيف يتم الاستخلاف؟) # والطارئ على الإمام إما أن يمنعه الإمامة خاصة، أو يمنعه التمادي على ~~الصلاة جملة. والمانع من الإمامة هو تقصيره عن فرض من الفروض، كمن عجز عن ~~القيام مثلا. والمانع من التمادي جملة هو غلبة الحدث، أو الرعاف. فيؤمر ~~حينئذ بأن يستخلف. والأولى أن يستخلف بالإشارة، وإن تكلم لم تصح صلاته وصح ~~استخلافه, لأنه بالطارئ قد خرج عن أن يكون إماما. والأولى أن يستخلف من ~~يقرب من موضعه منه، لئلا يكون المستخلف إن حل في (1) محل الإمام يعمل عملا ~~كثيرا في الصلاة. فإن استخلف من بعد، أتم الصلاة في موضعه. # ولو طرأ على الإمام ما يقتضي الاستخلاف وهو في حالة الركوع أو حالة ~~السجود، فهل يستخلف على تلك الحالة أو بعد أن يرفع رأسه؟ في المذهب قولان. ~~وإذا قلنا إنه يستخلف بعد الرفع فإنه يرفع غير مكبر لئلا يرفعوا برفعه ~~فيكونون مقتدين به (2)، وهو ممن لا يصح الاقتداء به في هذه الحالة. ولو فعل ~~(3) فاقتدوا به لجرى على الخلاف في الحركة إلى الأركان، هل هي مقصودة فتبطل ~~صلاتهم، أو غير مقصودة فلا تبطل؟ PageV02P601 # ### | (ما الحكم إذا لم يستخلف الإمام؟) # فإن خرج الإمام ولم يستخلف، أمروا بأن يستخلفوا من يتم بهم، فإن لم ~~يفعلوا وأتموا ms232 وحدانا فلا يخلو أن تكون الجمعة أو غيرها؛ فإن كانت جمعة ~~بطلت الصلاة على المشهور سواء عقدوا مع الإمام ركعة أم لا، ولا تبطل على ~~الشاذ وأن عقدوا ركعة. وهذا على الخلاف في أحكام الجمعة وشروطها؛ هل يلزم ~~في جميع أجزاء الصلاة، أو يجزي حصولها في ركعة منها؟ وسيأتي هنا مستوعبا ~~(1) إن شاء الله. # [وإن كانت غير الجمعة فالمنصوص صحة صلاتهم، وقد أساءوا. وكذلك إن استخلف ~~قوم واحدا منهم، فأتم الباقون أو واحد من الجماعة وحدانا تصح صلاتهم على ~~المشهور. وقال محمد بن عبد الحكم: من لزمه أن يتم صلاته في جماعة فأتم فذا ~~بطلت صلاته] (2).وقد أخذ من هذا أبو الوليد الباجي وأبو الحسن اللخمي بطلان ~~صلاتهم إذا لم يستخلفوا بإمام، وبطلان صلاة من أتم فذا (3). ويحتمل أن يريد ~~من يخرج عن إمامة الإمام الأول والمستخلف بعد أن أقتدوا به. وأنما أراد ~~التشبيه على قول الشافعية أن للمأموم الخروج عن الاقتداء. فإذا احتمل ذلك ~~لم يلزم [منه] (4) الاستقراء. ### | (ما الحكم إذا استخلف الإمام إنسانا فتقدم غيره؟) # ولو استخلف الإمام إنسانا فتقدم غيره فأم فاقتدى به من استخلف الإمام ~~لصحت الصلاة على المنصوص في المذهب. وهذا يدل على أن المستخلف لا تصح له ~~رتبة الإمام بنفس الاستخلاف حتى يقبله ويفعل بعض الفعل. وقد سئل ابن القاسم ~~عن هذه المسألة في المدونة فأخبر أنه لم PageV02P602 # # يسمع من مالك فيها شيئا ولم يجب. والحكم ظاهر إذا لم يقبل المستخلف ما ~~أسند إليه. والظاهر أنه إذا قبل (1) استحق رتبة الإمام وإن لم يفعل شيئا. ~~ولعل [مجمل] (2) ما قدمناه من الرواية على أنه لم يفعل فاستدل على عدم ~~قبوله بكونه اقتدى بالمتقدم من ذات نفسه. # ... ### | فصل (ما يفعله المستخلف؟) # وأما حكم المستخلف فيما يفعل، فإنه متم لصلاة الإمام، فعليه أن يصليها من ~~حيث انقطعت (3). فإن كان الإمام لم يقرأ افتتح القراءة، وإن قرأ أتم من حيث ~~وصل إن كانت صلاة جهر. وإن كانت صلاة سر ففي العتبية أنه يبتدئ القراءة، ~~وعلل بإمكان سهوه عنها ms233. ولعل التعليل [المحقق] (4) كونه لا يعلم مكانا ~~انقطعت القراءة منه، ولو علم لكانت كالجهرية. وإن ركع ولم يرفع تقدم راكعا ~~(5) وكذلك السجود والجلوس. # وإن كان مسبوقا أتم صلاته على حكم إمامه، فقرأ بما كان يقرأ الإمام وجلس ~~حيث كان يجلس، ولم يبن علي حكم نفسه حتى يتم ما بقي من صلاة الإمام على ما ~~كان يتمها الإمام. وبالجملة فهو وكيل على فعل الإمام [فيحاذي فعله ولا يخرج ~~عنه بوجه] (6). # ... PageV02P603 # ### | فصل (حكم قضاء المستخلف إذا كان مسبوقا ببعض صلاة المقتدين) # وأما حكم [المسبوق من] (1) المقتدين والمستخلف إن كان مسبوقا، فإن ~~المسبوق يقضي بعد إتمام (2) هذا المستخلف. وهل يقضي بعد سلامه من جملة ~~صلاته وإن كان مسبوقا؟ أو بعد إكمال صلاة الإمام؟ في المذهب قولان: أحدهما: ~~أن المستخلف إذا أكمل صلاة الإمام أشار إلى المقتدين أن اجلسوا، فإذا أكمل ~~صلاته قاموا (3) لأنفسهم. والثاني: أنهم يقومون إذا أكمل صلاة الإمام. # وسبب الخلاف أنهم لا يقضون إلا بعد تمام صلاة إمامهم، وقد حصل لهذا ~~الثاني رتبة الإمامة، فهل يكون حكمه في كل الأحوال كحكم الإمام الأول فكأنه ~~هو، فإذا أتم صلاته صار كالمقتدين فيقضون عند قضائه؟ أو تراعى حالته في ~~نفسه لحصول الرتبة فلا يقضون إلا بعد تمام صلاته؟ فهذا مثار الخلاف. # وإذا قلنا إنهم يقضون معه ولا يقتدون به لأنه إنما يقضي ما فاته من صلاة ~~الإمام فحكمه أن يكون فيما يقضيه فذا، فإذا اقتدوا به فهل يجزيه أم لا؟ في ~~المذهب قولان: أحدهما: نفي الإجزاء، وهذا لما قدمناه من وجوب كونه فيما ~~يقضيه فذا (4). والثاني: الإجزاء، وهذا بناء على أنه فيما يأتي به بان ~~,ومراعاة لحصول الرتبة له ومساواتهم له بما يأتي به في النية. # وإن كان المستخلف مسبوقا دون المقتدين أو دون بعضهم، فإنه إذا أكمل صلاة ~~الإمام وقام للقضاء سلموا وانصرفوا. وهذا تغليب لحكم الإمام، وكأنه هو ~~الموجود إلى آخر صلاته. وهذا قياس على أحد القولين PageV02P604 # # في صلاة الخوف. والمشهور في هذه أنهم لا يسلمون إلا بعد قضائه، وهذا ~~مراعاة ms234 لحكم نفسه. ### | (هل يجوز لإمام أن، يرجع للإمامة بعد زوال العذر؟) # ولو ناب الإمام ما أوجب الاستخلاف واستخلف ثم ذهب. فإن زال عذره ثم تمادى ~~فأخرج المستخلف وأتم هو الصلاة. فقد اختلف المذهب في هذه الصورة هل تبطل ~~الصلاة لأن الإمام قد يعزل باستخلافه، فإذا عاد صار كأن الإمام استخلفه ~~بغير موجب فتبطل الصلاة. أو تصح لأن المستخلف وكيل الإمام فإذا عاد انعزل ~~الوكيل ورجع الأمر إلى موكله؟ # وقد احتج لهذا القول بما قدمناه من خروج أبي بكر وتقدم النبي-صلى الله ~~عليه وسلم-. وقد اختلف هل ذلك من خصائصه أو متعد إلى غيره؟ وعليه يتخرج هذا ~~الخلاف. # ... ### | فصل (إذا ذكر الإمام الأول أنه أسقط من الصلاة ما يوجب بطلانها) # وإذا استخلف مسبوقا فأكمل الصلاة التي استخلفه عليها فلما أكملها أتى ~~الإمام الأول فذكر أنه أسقط من الأولى أو من الثانية ما يوجب بطلانها ~~كالركوع والسجود، فأما المستخلف فلا علم عنده من صحة قوله، وأما غيره من ~~المأمومين فلا يخلو من ثلاثة أقسام: أما إن تيقنوا سلامة صلاتهم وصلاة ~~إمامهم فلا يلزمهم إتباعه فيما يقوله، وإما أن يشكو في سلامة صلاتهم ~~وصلاته، ومثله أن يتيقنوا الآن بصحة قوله فيلزمهم التدارك، وإما إن تيقنوا ~~سلامة صلاتهم دون صلاة إمامهم فقد قدمنا القولين في لزوم التدارك له. وإذا ~~لزمهم التدارك فإنهم يتبعون المستخلف فيما يأتي به من إصلاح صلاة الإمام. # وهل يكون فيما يأتي به من ذلك قاضيا فيقرأ بأم القرآن وسورة، أو # PageV02P605 # # بانيا فيقرأ بأم القرآن خاصة؟ وقد قدمنا القولين في ذلك وهما منصوصان ~~هاهنا. # ومتى يكون سجوده؟ لا شك أنه يسجد قبل السلام لأنه أتى بالجلوس في غير ~~موضعه، فكأنه لم يجلس فقد حصل نقص الجلوس. ومتى يكون سجوده هل بعد إكمال ~~صلاة الإمام، أو بعد إكمال صلاة نفسه؟ في ذلك قولان. وهما على ما قدمناه من ~~تغليب حكم الإمام، أو النظر إلى حصول الإمامة له. # ... ### | فصل (في المسبوق يقوم للقضاء ظانا أن إمامه أكمل) # وإذا قام المسبوق إلى القضاء ms235 ظانا أن إمامه أكمل وسلم وانكشف الغيب (1) ~~أنه لم يكمل. فإن كان إمامه لم يسلم رجع إلى صلاته (2) وطرح ما فعله، وإن ~~لم يشعر حتى سلم فلا خلاف أنه يطرح ما فعله ويبتدئ الآن في القضاء. وهل ~~يلزمه سجود أم لا؟ قولان: أحدهما: أنه يلزمه لما فعله من القضاء قبل سلام ~~إمامه. والثاني: أنه لا يلزمه سجود. وهذا تغليب لانسحاب حكم الإمام عليه. ~~وإذا قلنا إنه يلزمه السجود فأين محله؟ قولان: أحدهما: أنه قبل السلام، ~~وعلل بأنه نقص النهضة التي حقه أن يأتي بها بعد سلام الإمام. والثاني: أنه ~~بعد السلام إذا (3) زاد في صلاته زيادة قد ألغاها. # وإذا تقرر هذا رجعنا إلى ما نحن بسبيله من مسائل الاستخلاف فقلنا: لو ~~استخلف الإمام مسبوقا فقام للقضاء، ثم أتى الإمام فأخبره أنه أسقط من صلاته ~~شيئا يلزمه تلافيه، فإن كان موجب استخلافه [طريان ما أفسد صلاته اعتد هذا ~~المستخلف بما فعله وقضى ما أسقط الإمام على نحو ما قدمناه، PageV02P606 # # وإن كان موجب استخلافه رعافا] (1) فإن قطع الإمام صلاته فتعمد الكلام أو ~~ما في معناه فهو بمنزلة ما قدمناه من اعتداد المسبوق بما فعله، وإن كان لم ~~يقطع صلاته فإن أتى بعد أن طال المستخلف طولا يفوت الإمام به التلافي فإنه ~~يقتدي بما فعله، وإن كان لم يطل لم يعتد بما فعله ورجع إلى تلافي ما يقضيه ~~الإمام، فإذا أتى به رجع إلى قضاء ما سبق به. # ... ### | باب في أحكام التشهد والسلام ### | (بعض أحكام التشهد) # وقد قدمنا أن التشهد الأوسط سنة بلا خلاف عندنا. وذكرنا أن الآخر كذلك ~~على المشهور، وما فيه من استقراء (2) الوجوب. ولا شك أنه لا يتعين فيه لفظ، ~~لكن الأولى التعويل على ما ثبت به النقل من تشهد عمر بن الخطاب رضي الله ~~عنه، وهو معلوم فلا نطول بنقله. وقد أضاف إليه العلماء من الشهادة ما ~~يعتقده أهل السنة. والمروي في الصلاة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- ما حكاه ~~ابن أبي زيد وغيره. وقد قدمنا أيضا الخلاف ms236 في الصلاة على النبي-صلى الله ~~عليه وسلم- هل هي من فروض الصلاة أو من سننها، وقد قدمنا أيضا حكم من ترك ~~التشهد وذلك في حق الإمام والفذ. فأما المأموم فإذا لم يتشهد حتى سلم إمامه ~~[فمقتضى أهل المذهب أنه يسلم ويجزيه تشهد الإمام. وفي العتبية رواية ابن ~~القاسم عن مالك رحمه الله أنه يتشهد بعد سلام إمامه ولا يدعو بعده ثم يسلم] ~~(3) وهذا تدارك التشهد بعد سلام الإمام. وظاهره يقتضي وجوب التشهد عليه. ~~وقد قدمنا متى يتدارك المأموم ما فاته به الإمام من الفروض. وعندنا في ~~السلام قولان: هل يمنع من التدارك كعقد الركعة PageV02P607 # # الثانية لأنه ركن أو لا يمنع لأن المانع في عقد الركعة الثانية مخالفة ~~الإمام وهاهنا لا يخالف؟ وإذا وجد الخلاف في منع سلام الإمام من التدارك ~~للفروض فأحرى أن يمنع التدارك في التشهد. # وقد قدمنا كراهية الدعاء قبل التشهد، وكذلك البسملة مكروهة عندنا أيضا ~~قبل التشهد. وإذا أكمل تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الجلسة الوسطى ~~فهل يجوز الدعاء بعده كما يجوز في الجلسة الآخرة؟ في المذهب قولان: ~~الكراهية، والجواز. فالكراهية إذ فيه تطويل لا سيما إن كان إماما, والجواز ~~لأن الصلاة مظنة الدعاء وقياسا على الجلوس الآخر. ### | (معنى التحية) # ويفتقر إلى تفسير لفظ التحية، والتحية تطلق على ثلاثة معان: السلام، ~~والملك، والبقاء. وقد اختلف في معنى السلام فقيل هو: اسم من أسماء الله ~~تعالى، وقيل: هو بمعنى السلامة. وإن قلنا بمعنى السلامة؛ فإن التحيات في ~~التشهد قد يراد فيها الثلاثة معان التي ذكرناها، وإن قلنا اسم من أسماء ~~الله تعالى كان المقصود بالتحية الملك والبقاء. # ... ### | فصل (حكم السلام في الصلاة وصفته) # والسلام عندنا من فروض الصلاة وقد تقدم ذلك. والأصل في فرضيته قوله - صلى ~~الله عليه وسلم -:وتحليلها التسليم" (1) واستمرار العمل [به] (2). ولفظه ~~متعين عندنا. وهل يجوز أن يؤتى به على جهة التنكير؟ المشهور من المذهب أنه ~~لا يؤتى به إلا معرفا. والشاذ جواز تنكيره. وإذا نكره على المشهور فهل ~~PageV02P608 # # يجزي من ms237 التحليل؟ قال ابن أبي زيد: لا يجزي. وقال ابن شبلون: يجزي. وفي ~~المدونة: لا يجزي من السلام إلا السلام عليكم (1). وهذا يقتضي ما قاله ابن ~~أبي زيد وقد تأول على أن القصد به تعيين السلام على الجملة تنبيها على خلاف ~~أبي حنيفة القائل: إن كل فعل مضاد للصلاة ينوب مناب التسليم. ومقتضى المذهب ~~تعيين لفظ السلام بالتعريف قياسا على الإحرام. # وهل يسلم الإمام والفذ واحدة أو اثنتين؟ في المذهب قولان: المشهور من ~~المذهب الاقتصار على واحدة. واحتج مالك رحمه الله بأن ذلك الذي اتصل به ~~العمل من زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: وإنما أحدثت التسليمة ~~الثانية في زمن بني هاشم. والشاذ أن الثانية مشروعة. وفي صحيح مسلم عنه - ~~صلى الله عليه وسلم - أنه "كان يسلم تسليمتين" (2). وهذا الأولى على مقتضى ~~النظر لأن من حكى (3) الثانية زاد، ومن زاد أولى ممن نقص (4). PageV02P609 # # فإذا قلنا بالاقتصار على الواحدة فهيئة الإشارة بها أن يسلم قبالة وجهه ~~ويتيامن قليلا. ويقصد الإمام الخروج بها من الصلاة والسلام على الملائكة ~~ومن معه من المقتدين. ويقصد الفذ الخروج من الصلاة والسلام على الملائكة. ~~وأما المأموم فيسلم أولا تسليمة يسير بها إلى يمينه. ثم اختلف (1) هل يبتدئ ~~بعدها بالرد على الإمام أو السلام على من على يساره من الملائكة والمصلين. ~~وإذا قلنا إنه يبتدىء بالرد على الإمام فلا يسلم عن يساره إلا أن يكون هناك ~~أحد من المقتدين فيرد عليه، وهذا راجع إلى النقل. ولا حرج في تخيير أحد ~~الأمرين. # وإذا كان المأموم مسبوقا فهل يرد على الإمام ومن على يساره بعد قضائه. ~~قولان (2). وهما على النظر إلى مقصود السلام هل هو مجرد الرد، أو هو مشروع ~~للصلاة؟ ولو ابتدأ المأموم (3) بالسلام مشيرا به إلى جهة يساره ثم تكلم (4) ~~فهل تبطل صلاته أم لا؟ [في المذهب] (5) قولان، [وهما على النظر إلى قصده] ~~(6)؛ فإن قصد بذلك التسليم (7) التحليل من الصلاة صحت لأنه إنما (8) خالف ~~الهيئة، وإن قصد بها مجرد الرد لم تصح الصلاة لأنه تكلم قبل أن ms238 يتحلل. # وهل ينسحب حكم النية على السلام أو يفتقر إلى نية مجددة؟ (9) في المذهب ~~قولان؛ فمن (10) سحبها رأى أن ركن النية متعلق (11) بسائر PageV02P610 # # الأركان، ومن لم يسحبها نظر إلى كونه قطع للصلاة. والنية إنما تنسحب على ~~ما هو من الصلاة دون ما يقطعها (1). # والمشروع (2) للإمام التنحية عن موضعه عقيب السلام. وقد اختلف في عله ذلك ~~فقيل: إنه موضع فضيلة، وإنما استحقها برتبة الإمامة فإذا انقطعت صار ~~كالمعزول عنها، فعلى هذا يزول عن موضعه فلا بد. وقيل: ليراه من لا يسمع ~~تسليمه فيعلم انقطاع الصلاة. فعلى هذا لو قام أو تزحزح عن موضعه بحيث ما ~~ينظر أجزأه. # ... ### | باب في صلاة الجمعة وأحكامها ### | (حكم صلاة الجمعة) # وهي واجبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة. فأما الكتاب فقوله تعالى: {إذا ~~نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} (3)، فأمر بالسعي ونهى عن ~~البيع، وفي معناه كل شغل (4). وإذا قلنا إن الأمر على الوجوب فلا يفتقر إلى ~~غير الآية. وإن لم نقل بذلك فقرينة الوجوب هاهنا الإجماع. وهذا إذا قلنا إن ~~صلاة الجمعة صلاة قائمة بنفسها. وإن قلنا إنها عوض عن الظهر كان الدليل ~~أيضا على وجوبها ما ورد في وجوب الصلاة من الآي. وقد قال بعض العلماء إنها ~~المراد (5) بالصلاة الوسطى. # وأما السنة فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -الأمر بها والمواظبة ~~عليها، وفعله لها PageV02P611 # # متواتر النقل. ويكاد قوله أن يكون متواتر المعنى. وقد ثبت أنه - صلى الله ~~عليه وسلم -توعد على تركها ثلاثا بالطبع على القلب (1). وهذا مبالغة في ~~تقرير الوجوب. # واجتمعت الأمة على وجوبها في الجماعة، والجمهور أنها واجبة على الأعيان ~~لا على الكفاية، إذ ما ورد من الآي [والاخبار] (2) يقتضي ذلك، وهو مما شرع ~~لإقامة أبهة (3) الإسلام وتمكينه في النفوس وتفخيم أمره. ولهذا شرع فيها ~~البناء المخصوص والخطبة والجهر بالقراءة وإن كانت صلاتها نهارية. # وإذا تقرر ما قلناه فالنظر في هذا الباب ينحصر في ثلاثة أركان (4): ~~أحدها: شروط وجوبها، والثاني: شروط أدائها، والثالث: صفة الأداء وحكم ~~الأعذار المبيحة للتخلف عنها ms239. # ... ### | فصل (شروط الوجوب) # فأما الفصل الأول في شروط الوجوب فإن عددها ستة وهي: الإسلام، والعقل، ~~والبلوغ، والذكورية، والحرية، والإقامة. # فأما الإسلام فنعده شرطا في الوجوب إن قلنا إن الكفار غير مخاطبين بفروع ~~الشريعة. وإن قلنا إنهم مخاطبون، عددناه في شروط الأداء. وهكذا PageV02P612 # # عده القاضي أبو محمد [عبد الوهاب] (1). ولا خلاف في عد البلوغ شرطا في ~~الوجوب. وأما العقل فإن قلنا: إن من ليس ببالغ غير عاقل، فيكتفى بلفظ العقل ~~عن ذكر البلوغ. وإن قلنا: إنه قد يكون عاقلا، فلا بد من ذكرهما. وبين ~~الأصوليين خلاف في ذلك. وأما الذكورية فلا خلاف عندنا في عدها شرطا في ~~الوجوب. وأما الحرية فالمعروف من المذهب عدها شرطا ولا تجب الجمعة عندنا ~~على العبد. وقد قدمنا الخلاف في سقوطها عنهم في الأصل ووجوبها. وإنما سقطت ~~لحق السيد. وذكرنا ما في المذهب من إمامة العبد في الجمعة. وفي مختصر ابن ~~شعبان: أن المشهور من مذهب مالك رحمه الله سقوط الجمعة عن العبد. قال أبو ~~الحسن اللخمي رحمه الله: يريد أنه اختلف قوله في ذلك (2). وفي مختصر ابن ~~شعبان أنه قال: يؤمرون بها ويقامون إليها. ويحتمل أن يكون ذلك في وجوبها ~~عليهم، [أو] (3) على جهة الندب. وقد قدمنا أن هذا الخلاف في دخول العبيد في ~~خطاب الأحرار. وأما الإقامة فهي مشروطة في وجوب الجمعة، ولا نعلم في ذلك ~~خلافا. واستدل على سقوطها عن المسافر بأن الرسول عليه السلام وقف يوم ~~الجمعة بعرفة فصلى صلاة المسافر ولم يصل صلاة الجمعة (4). فإذا ثبت ذلك فهل ~~يجزي المسافر إذا شهدها وتنوب له عن صلاة الظهر؟ في المذهب قولان: المشهور ~~أنها تنوب عن ذلك قياسا على نيابتها للعبد والمرأة، والشاذ أنها لا تنوب. ~~وهذا على الخلاف هل دخل المسافر في ثبوت الوجوب ثم سقطت عنه لعذر السفر ~~فإذا شهدها نابت له، أو لم يتوجه عليه الخطاب بها أصلا؟ فينظر هاهنا هل هي ~~صلاة قائمة بنفسها فلا تنوب، أو هي ظهر مقصورة؟ فيختلف في إجزائها عنه على ~~الخلاف فيمن ترك السنن ms240 تعمدا لأنه صلى ركعتين جهرية (5) والواجب عليه في ~~الأصل أن يسر. PageV02P613 # ### | (حكم إمامة المسافر في صلاة الجمعة) # وإذا قلنا بصحة النيابة فهل تصح إمامته فيها إذا حضرها؟ ثلاثة أقوال: # أحدها: لا تصح بوجه ابتداء ولا استخلافا. وهذا بناء على سقوطها أصلا لكن ~~نابت لأنها ظهر مقصورة. أو بناء على أنه لما خير في التزامها عدمه صار ~~كالمتنفل مثلا يؤم المفترض. # والثاني: تصح ابتداء واستخلافا، وهذا بناء على أنه مخاطب بها، لكن سقطت ~~لعذر السفر. فإذا شهدها والتزمها صار كالمقيم. # والثالث: أنها تصح إن استخلف بعد أن عقدها مع الإمام، ولا تصح قبل أن ~~يعقدها, لأنه بعد الدخول وجب عليه إتمامها، وقبل الدخول مخير. ### | (حكم الوالي الأعظم يمر بقريه يوم الجمعة) # ولو مر الوالي الأعظم بقرية تجب عليهم الجمعة وهو مسافر لكان له أن يجمع ~~بهم لأن المولى على الصلاة في تلك القرية خليفته والنائب عنه فإذا حضر ~~المستخلف فهو بالإمامة أولى. وإن كانت ممن لا تجب (1) فيها الجمعة لم يجمع ~~بهم لأنه مسافر والقوم حاضرون والجمعة ساقطة عنهم. وإن جمع بهم فقولان: ~~أحدهما: أنها لا تصح له ولا لهم، والثاني: أنها تصح له دونهم. قال الأشياخ: ~~وهذا على الخلاف فيمن جهر في صلاته متعمدا هل تصح أم لا؟ لأن هذا الإمام ~~مسافر، فصلاته ركعتان لكنها سرية وقد جهر. ويغلب على ظني أني رأيت في ~~المنتخبة ليحيى بن عمر (2) قولا PageV02P614 # # ثالثا أنها تجزيه وتجزيهم. فهذا مما ينظر فيه. فإن صح وظهرت صحته فهو إما ~~بناء على أن الإمام وطنه حيث ما حل، وإما بناء على وجوب الجمعة في الأصل ~~وإنما سقطت تخفيفا عن المسافرين ومن في معناهم من القاطنين (1) بمكان (2) ~~[لا يمكنهم مداومة إلزامه (3)، والاستغناء] (4) عن غيره. # ... ### | فصل (الركن الثاني شروط الأداء) # وأما شروط الأداء فهي خمسة: إمام، وجماعة، وموضع الاستيطان، وجامع، ~~وخطبة. ### | (الشرط الأول: الإمام) # فأما الإمام فقد قدمنا في الركن الأول حكم من تجب عليه الجمعة عندنا في ~~الأصل، ومن لا تجب عليه، والخلاف في صحة إمامته، ويشترط فيها ms241 ما يشترط في ~~الإمامة لسائر الصلوات. وليس من شروطه عندنا أعلى المشهور] (5) أن يكون ~~إماما تؤدى إليه الطاعة، أو مولى من قبل إمام. وقد قال مالك:"لله فروض في ~~أرضه لا يسقطها، وليها إمام، أو لم يلها، منها الجمعة" (6). ومذهب محمد بن ~~مسلمة ويحيى بن عمر اشتراط الإمام الذي تؤدى إليه الطاعة. قال يحيي بن عمر ~~(7): ويخاف جانبه. وقال محمد بن مسلمة: أو مولى من قبل الإمام. PageV02P615 # # والأصل في هذا الخلاف فيها أو في ما يأتي بعدها أن الجمعة وقعت في ابتداء ~~الإسلام في مصر بإمام تؤدى إليه الطاعة وخطبة وجامع. وهذا يحتمل أن يكون ~~اتفاقا، ويحتمل أن يكون مقصودا إليه. وقد اختلف في أفعاله - صلى الله عليه ~~وسلم - هل تحمل على الوجوب إلا ما قام الدليل أنه ندب، أو تحمل على الندب ~~إلا ما قام الدليل أنه واجب. ### | (الشرط الثاني: الجماعة) # وأما الجماعة فلا خلاف في اشتراطها على الجملة. وهل هي محدودة أم لا؟ في ~~المذهب قولان: المشهور أنها غير محدودة بعدد، لكن لا يجزي منها اثنان ولا ~~ثلاثة ولا أربعة وما في معنى ذلك. والشاذ أنها محدودة بعدد. وما هو؟ قولان: ~~أحدهما: ثلاثون، وقد روي حديث في هذا التحديد (1) وإن لم تكن فيه شروط ~~الصحة. والثاني: أنها خمسون (2)، وهذا تحديد على مقدار تتقرى بهم القرية ~~ويمكنهم فيها مداومة الثوى (3)، ويستغنون عن غيرهم ويحصل بجماعتهم إقامة ~~أبهة الإسلام في موضعهم. # وهل يشترط في الجماعة المشار إليها كونهم فيمن تلزمهم الجمعة وتنعقد بهم ~~وإن كانوا لا تلزمهم ابتداء لكن تنوب لهم كالصبيان والعبيد ومن في معناهم ~~من المسافرين؟ في المذهب قولان. وهما على ما قدمناه من PageV02P616 # # سقوطها عنهم في الأصل ولا تنعقد بهم، أو تجب عليهم (1) لكن سقطت للأعذار، ~~وهذا في غير الصبيان. ولعل الخلاف في الصبيان على ما قدمناه في تعلق (2) ~~الوجوب عليهم بحسب حالهم، أو لأن المراعى وجود الجماعة في الجملة (3). # وهل يشترط بقاء الجماعة إلى إكمال الصلاة، أو يشترط انعقاد ركعة بهم؟ في ~~المذهب قولان: المشهور اشتراط ms242 ذلك إلى الكمال, لأن شروط الصلاة إذا وجبت في ~~الابتداء وجبت في الانتهاء كالطهارة وستر العورة واستقبال القبلة. والشاذ ~~الاكتفاء بذلك في ركعة قياسا على المسبوق. ### | (الشرط الثالث: موضع الاستيطان) # وأما موضع الاستيطان فإنه شرط في الجمعة، وهل شرط ذلك الموضع أن يكون ~~مصرا؟ في المذهب قولان: المشهور أنه لا يشترط ذلك، بل يجمع في القرى إذا ~~كانت على الصفة المتقدمة من إمكان الثوى والاستغناء لمراعاة العدد كما تقدم ~~آنفا. وهذا الخلاف على ما قدمنا في الالتفات إلى إقامة الرسول عليه السلام. # وهل يحصل ذلك بالإقامة وإن لم يكن الاستيطان؟ حكى أبو الوليد الباجي ~~قولين، ومثاله قرية خالية مر بها جماعة تنعقد بهم الجمعة ونووا الإقامة ~~شهرا فهل يجمعون أم لا؟ قولان (4). وحكى عن ابن القاسم أنهم يجمعون. ولا شك ~~أن المعروف من المذهب أنهم لا يجمعون. # وإذا صح كون الموضع ممن تلزم أهله الجمعة، فهل يلزم ما قاربهم من ~~القاطنين شهودها؟ أما من قرب حتى يكون ممن يسمع النداء غالبا فيلزمه ذلك. ~~وحده أهل المذهب بثلاثة أميال وما قاربها. ولا يلزم من بعد إلا أن ~~PageV02P617 # # يشاء شهودها فتجزيه عن ظهره. وهل يشترط هذا المقدار من المنار أو من سور ~~المصر؟ وقع في المذهب قولان. وإذا كان المعول على سماع الأذان فينبغي أن ~~يحال على الوجوب (1) ويراعى موضع المنار. ويظهر أن المقصود شهود من يشتمل ~~عليه (2) حكم المصر، ويتكرر في حاجته حتى يكون كالساكن فيه. وهذا يحصل لمن ~~كان على المقدار المذكور. ويراعى في ذلك بعده من السور لا من المنار. ### | (حكم السفر يوم الجمعة) # وهل يجوز للمخاطب بالجمعة أن ينشئ السفر قبل شهودها؟ أما ما لم يطلع ~~الفجر من يوم الجمعة فذلك جائز له بلا خلاف. وأما إذا زالت الشمس فذلك ~~ممنوع بلا خلاف في المذهب. وذكر أبو الحسن قولا بالكراهية وعول فيه على ~~اختلاف الرواية كشأنه في الاستقراء من المحتملات. ويمكن تنزيل الرواية على ~~ما قبل الزوال. وأما ما بين طلوع الفجر إلى الزوال فالمذهب على قولين: ~~الكراهية ms243، لما يفوته من فضيلة الجمعة، والجواز, لأنه حينئذ غير مخاطب. ولو ~~أنشا السفر فحضر الوقت قبل أن يجاوز ثلاثة أميال فقال الباجي: مقتضى المذهب ~~لزوم الجمعة؛ وفيه نظر لأنه رفض الإقامة وحصل له حكم السفر فعلا ونية. # وعكس هذا أن يكون مسافرا فيقدم إلى وطنه فهل يلزمه شهود الجمعة؟ أما من ~~لم يصل الظهر فإنه يؤمر بشهودها بلا خلاف [إذا أدرك منها ركعة] (3)، وأما ~~من صلاها [ظهرا ثم دخل من سفره قبل صلاة الجمعة، فاختلف فيه على] (4) ثلاثة ~~أقوال: أحدها: أنه يلزمه شهود الجمعة إذا أدرك منها ركعة. والثاني: أنه لا ~~يلزمه، وقد أدى فرضه. والثالث: قول سحنون: PageV02P618 # # إنه إن صلاها وقد بقي بينه وبين موضعه ثلاثة أميال فأقل فإنه يلزمه شهود ~~الجمعة، وإن كان فوق ذلك فلا يلزمه. # فنظر في الأول إلى كونه مخاطبا بالإدراكة للجمعة، وفي الثاني إلى وقوع ~~الصلاة في السفر وقد أدى فرضه. ويلتفت في هذين إلى تعلق الوجوب بأول الوقت ~~أو بآخره. ونظر في الثالث إلى قدر المسافة؛ فإن كانت مما لا يسقط شهود ~~الجمعة لم يكتف بالصلاة الأولى، وبالعكس فيكتفي. ### | (الشرط الرابع: الجامع) # وأما الجامع فهو من شروط الأداء. وحكى أبو الوليد الباجي نفي الخلاف في ~~ذلك إلا ما ذكره القزويني (1) عن أبي بكر الصالحين (2) من ذكر الخلاف في ~~اشتراطه وأنكر هذه الحكاية، وذكر أن الصالحي هذا غير معروف. قال: وإنما عول ~~على ما في المدونة من حكايته ابن القاسم أن مالكا رحمه الله قال مرة في صفة ~~القرية التي يجمع فيها, إنها المتصلة البنيان التي فيها الأسواق، ومرة لم ~~يذكر الأسواق (3). ولم يذكر في القولين المسجد، وذلك دليل على أنه غير ~~مشروط وعول أبو الوليد الباجي على أن مقصده في هذه الرواية صفة القرية التي ~~يجمع فيها، وهي من شروط الأداء. إلا أنه ذكر جميع الشروط، والجامع شرط ~~[غير] (4) متعلق بصفة القرية. وإذا ثبت اشتراط الجامع فمن شرطه (5) البناء ~~المخصوص. ويضاف PageV02P619 # # إلى ذلك كونه مما يجمع فيه. وأما المساجد التي لا تؤدى فيها ms244 الجمعة فلا ~~تكون شرطا في الأداء ولا تقام الجمعة فيها. ولو طرأ على الناس ما يمنعهم ~~إقامة الجمعة في المسجد المعتاد فلا تجزيهم إقامتها في غيره من المساجد إلا ~~أن يعولوا على إدامة الإقامة فيه فحينئذ يحصل له حكم الجامع المشروط في ~~الجمعة. # ولا تؤدى في جامعين [في بلد واحد] (1) إلا أن يكون المصر كبيرا [جدا بحيث ~~يكون الجامع الواحد لا يسع الناس للصلاة، ويكون بينهم ثلاثة أميال] (2). ~~فظاهر المذهب فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه كمصر صغير، والثاني: إجازة ~~الإقامة في الجامعين، والثالث أنه إن كان ذا جانبين أو جوانب وبينهما نهر ~~وما في معناه مما يتكلف فيه المشقة إذا قطع، جاز إقامتها في موضعين أو في ~~مواضع بحسب الحاجة. وإن لم يكن كذلك فليس إلا كونه كالصغير. وهذا كله تجويز ~~على غير احتياج إلى إقامتها في موضعين. فإن ظهرت ضرورة إلى ذلك جاز، وإلا ~~منع. وإلى هذا ترجع الأقوال. # وإذا اشترطنا إقامتها في موضع واحد وكان بالقرب من المصر موضع فيه قوم ~~مستوطنون، لهم حكم الاستقلال بأنفسهم، وأرادوا أن يجمعوا في موضعهم؛ فإن ~~كان بين الموضعين ثلاثة أميال فأقل رجع إلى ما حكيناه في المصر الكبير، فإن ~~قلنا باتحاد موضع الجمع لم (3) يجمعوا، وإن أجزنا الجمع في موضعين جمع ~~هؤلاء. # وإن كانت المسافة أكثر من ذلك كان لهم أن يجمعوا في جامعهم. وكم مقدار ~~هذه المسافة؟ ثلاثة أقوال: أحدها: ما فوق الثلاثة أميال، وهذا نظر إلى كون ~~الجمعة (4) لا تلزمهم. والثاني: ستة أميال، وهذا نظر إلى أن PageV02P620 # # لكل مسجد مقدارا وهو كالحريم، فيلزم منه إتيان الجمعة وهو (1) ثلاثة ~~أميال. فيحصل من تقدير ذلك للمسجدين (2) ستة أميال. والثالث: أنه البريد، ~~وهو (3) التفات إلى حصول ما يشعر بانقطاع أحد المسجدين عن الآخر. وتحديد ~~البريد تقريب [لذلك لا مسافة التحقيق. # وهل تجزئ الجمعة على ظهر المسجد؟ في المذهب قولان: المشهور عدم الإجزاء، ~~إذ ذلك] (4) الموضع لا يحصل له البناء المخصوص. والشاذ الصحة، إذ حرمة أعلى ~~المسجد كحرمة أسفله. # ولا شك في عدم ms245 الإجزاء في المواضع المنقطعة من المسجد إذا لم تتصل ~~الصفوف. فإن اتصلت وضاق المسجد بأهله ولم تكن تلك المواضع محجورة بالملك ~~صحت صلاة من صلى بها. وإذا لم يضق المسجد واتصلت الصفوف وكان الموضع قريبا ~~كالأفنية، ففي المذهب قولان: المشهور صحة الصلاة، والشاذ عدم صحتها. وهذا ~~على الخلاف فيما قرب الشيء هل له حكمه أم لا؟ وإن كانت المواضع محجورة ففي ~~المذهب قولان أيضا: نفي الصحة، وهو المشهور, لأنها بالحجر منقطعة عن ~~المسجد. والشاذ الحكم بالصحة، للقرب والاتصال. واحتج قائل ذلك بما ثبت من ~~صلاة الجمعة في حجر أزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-كعمرو وهي محجورة ~~بالملك، ورأى في المشهور أن حكمها حكم المسجد، وعلى هذا بنيت. ### | (الشرط الخامس: الخطبة) # وأما الخطبة ففي كونها فرضا قولان. فإن قلنا بفرضيتها كانت شرطا في ~~الأداء، وإن قلنا بنفي الفرضية كانت سنة وليست فرضا. والخلاف في هذا على ما ~~قدمناه من النظر إلى فعل الرسول عليه السلام. فإن قلنا بأنها PageV02P621 # # شرط فهل تشترط فيها الطهارة الصغرى؟ قولان. وهما على ما قدمناه؛ فمن نفى ~~الاشتراط عول على أنها ذكر وقراءة فلا يشترط الوضوء لذلك، ومن أثبته عول ~~(1) على أنها بدل عن الركعتين في الظهر، وقد احتج لفرضيتها بقوله تعالى: ~~{وتركوك قائما} (2). قال الناقلون: إنه قائم في الخطبة فذمهم على الهروب ~~عنه - صلى الله عليه وسلم-في حال الخطبة. وذلك يدل على وجوبها ولا يستقل ~~[من] (3) هذا دليل، إلا على أن (4) الهروب حينئذ غير جائز. وأما وجوب ~~الخطبة فلا يظهر منه. # وهل من شرطها حضور الجماعة لها؟ قال القاضي أبو محمد وغيره من ~~البغداديين: مقتضى المذهب اشتراطه مع عدم النص عليه. واستقرأه أبو الوليد ~~الباجي من المدونة من قول مالك رحمه الله: ولا تجزئ الجمعة إلا بالجماعة ~~والإمام يخطب (5). ولا شك أن مقتضى هذا اللفظ في اللسان ما قاله, لأن قوله: ~~والإمام يخطب، معناه: الحال. فيكون بجماعة في حال خطبة الإمام. وهذا لو عول ~~عليه من كلام صاحب الشرع لكان له وجه. ولا يخفى ms246 أن ألفاظ المدونة لا يعول ~~فيها على مثل هذا. على أن ظاهر المسألة من أولها يشهد بخلاف ما قال، ولأنه ~~قال في الإمام يخطب فيهرب الناس عنه ولا يبقى معه إلا الواحد أو الاثنان ~~وما لا عدد له من الجماعة وهو في خطبته أو بعد ما فرغ منها: أنهم إن لم ~~يرجعوا إليه [فيصلي بهم (6) الجمعة، صلى ظهرا أربعا. قال: لأن الجمعة لا ~~تكون إلا بالجماعة والإمام يخطب. فظاهر هذا أنهم إن لم يرجعوا إليه] لم يصل ~~بهم الجمعة. فهذا يشهد بأن الجماعة مشروطة في الصلاة لا في الخطبة، على ~~أننا لا ننازعه في أن اللفظ محتمل لما قال. PageV02P622 # # ولا خلاف أن الخطبة إذا اشتملت على حمد الله تعالى [والثناء عليه] (1) ~~والصلاة على نبيه عليه السلام وشيء من الوعظ ومن تلاوة القرآن أنها مجزية. ~~ولا يوجد في المذهب نص على اشتراط خطبتين حتى لا يجوز دونهما. وحكى أبو ~~الحسن اللخمي في ذلك قولين (2). وهذا لو ساعدته الروايات لكان له وجه, لأن ~~الرسول عليه السلام خطب خطبتين، فيجري على ما قدمناه من الالتفات إلى ~~أفعاله. وإن أتى منها بما لا بال له، مثل أن يقول الحمد لله وشبهه فهل ~~يجزي؟ قولان. والرجوع في ذلك إلى لسان العرب، ولا شك أن مثل هذا المقدار لا ~~يسمى خطبة. ### | فصل (الركن الثالث: صفة الأداء، والأعذار المبيحة للتخلف عنها) # وأما الركن الثالث وهو صفة (3) الأداء وحكم الأعذار، فنذكر ما يفعل في ~~الجمعة (4) من فاتحة أمرها إلى خاتمته. ### | (حكم الغسل يوم الجمعة) # أجمعت الأمة على أن الغسل والطيب مشروعان لها. وأن الغسل آكد من الطيب. ~~وقد ثبت عنه- صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"غسل الجمعة واجب على كل محتلم" ~~(5)، وفي بعض الطرق: "على كل مسلم" (6). وهذه الألفاظ صريحة في الوجوب. ~~والمذهب كله على أنه سنة لا واجب. وحكى أبو الحسن اللخمي عن أبي جعفر (7) ~~PageV02P623 # # أنه حكى (1) اختلاف أصحابنا في غسل الجمعة فقال بعضهم: سنة مؤكدة لا يجوز ~~تركها إلا بعذر، وقال بعضهم: مستحب. وعول على ms247 أن المذهب مختلف في وجوبه، ~~أخذا من حكاية أبي جعفر هذه (2). وليست صريحة في الوجوب كما ظنه، بل ظاهرها ~~على غير الوجوب. وإنما يؤخذ من هذا أن المذهب على قولين: أحدهما: أن الغسل ~~سنة، والثاني: مستحب. وهكذا قال أبو الحسن اللخمي في كتاب الطهارة. وقد ~~يقال: إن ما حكاه أبو جعفر يقتضي الوجوب. وقوله: سنة، أي مما علم (3) وجوبه ~~بالسنة، كقول سحنون (4) إن الوضوء من البول سنة، يريد: مما علم وجوبه ~~بالسنة، وليس من قبل المندوبات. ولا شك أن ذلك محتمل، لكن الأظهر الأول. ~~وإنما خرج فقهاء الأمصار عن ظواهر تلك (5) الألفاظ المتقدمة المقتضية ~~للوجوب بما ثبت من قوله عليه السلام في الجمعة:"لو اغتسلتم" (6). وهذا لفظ ~~يشعر بنفي الوجوب، إذ لا يقال في الواجب لو فعلت. ولقوله عليه السلام:"من ~~توضأ للجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل" (7). وهذا نص صريح في إسقاط ~~الوجوب، وهو أيضا يقصده القائل بالاستحباب. وبما ثبت من قول عمر رضي الله ~~عنه للداخل وهو يخطب "أي ساعة هذه؟ فقال ما زدت على أن توضأت، فقال عمر رضي ~~الله عنه: PageV02P624 # # الوضوء أيضا، وقد علمت أن الرسول عليه السلام أمر بالغسل" (1) ثم لم ~~يأمره بالخروج ليغتسل. وكان ذلك والصحابة متوافرون ولم ينكر منهم أحد. وهذا ~~عند بعض الأصوليين كالإجماع. واختلفوا في الداخل من هو؟ فقيل عثمان، وقيل ~~غيره. # وإذا قلنا إن الغسل سنة فمتى يفعل؟ لم يختلف المذهب أنه إذا اغتسل قبل ~~الفجر أنه لا يجزيه، وإذا اغتسل [بعد الفجر] (2) ثم راح إلى الصلاة فلا ~~خلاف أيضا أنه يجزيه. وإن اغتسل بعد الفجر وأخر رواحه إلى الزوال فهل يجزيه ~~أم لا؟ في المذهب قولان: نفي الإجزاء وهو المشهور، والشاذ إثباته. وهو خلاف ~~في حال هل يزول الغسل في هذا المقدار من الزمان أم لا؟ وأراد أبو الحسن ~~اللخمي أن يجعل المذهب على ثلاثة أقوال: [القولان اللذان تقدما] ~~(3)،والثالث: أن الغسل لا يجزي إلا أن يتصل بالرواح إذا راح بعد الزوال لا ~~في أول النهار (4).وهذا الذي ms248 قاله في الرواح لا يجزيه، وإنما أخذه من قول ~~مالك: إن المشي إلى الجمعة لا ينبغي أن يكون أول النهار. وهذا الذي قلناه ~~في الرواح إذا كانت مسافته إلى الجامع قريبة، فإن بعدت حتى يزول أثر الغسل ~~فعلى المشهور من المذهب أنه يؤمر بإعادته، وعلى مذهب ابن وهب القائل ~~بالإجزاء أنه بعد الفجر يجزيه. # واختلف هل يغلب على غسل الجمعة حكم النظافة فلا يفتقر إلى نية ويجزئ ~~بالماء المضاف إلى الرياحين والطيب، وهذا هو الشاذ. أو يغلب PageV02P625 # # عليه حكم العبادة ويفتقر إلى النية ولا يجزي إلا بالماء المطهر (1)، وهذا ~~هو المشهور. ولا شك أن المقصود الأول من هذا الغسل النظافة، لكنه مشروع وإن ~~كان المكلف أنظف الناس بدنا وأطيبهم ريحا. فالالتفات إلى أصله يقتضي تغليب ~~النظافة وإلى استرساله إلى سائر المكلفين يقتضي [تغليب] (2) العبادة. ### | (استحباب التبكير للجمعة) # وقد ثبت عنه عليه السلام أنه قال: "من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى ~~فكأنما قرب بدنه" الحديث كما ورد (3). واختلف المذهب هل أراد الساعة ~~السادسة (4) فيكون الرواح من أول النهار؟ أو هي ساعة قدرها الشرع عقيب ~~الزوال؟ وهذا هو المشهور من المذهب. والأول قول ابن حبيب. ولفظ الرواح ~~يقتضي القول المشهور لأن المشي (5) قبل الزوال لا يسمى رواحا. ~~وقوله:"الساعة الأولى" يقتضي قول ابن حبيب. ولا بد من التجويز في أحد ~~اللفظين. وقد احتج فيها للمشهور بأن قول ابن حبيب يقتضي أن تكون الصلاة قبل ~~الزوال لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -جعل آخر الرواح الساعة السادسة؛ ~~قال:"إذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" والساعة السادسة هي قبل ~~الزوال لا بعده. وهذا الذي قلناه في الرواح بعد الزوال جاز في PageV02P626 # # حق من يمكنه إدراك الجمعة إذا راح حينئذ. وأما من لا يمكنه إلا بالرواح ~~قبل ذلك، فيجب عليه الرواح متى علم أنه لو أخر لفاتته الجمعة. # ولا تفوت عندنا إلا بأن يرفع الإمام رأسه من الركعة الثانية، ولكن لا ~~يجوز لكل الناس التراخي إلى هذا المقدار. ولا بد من افتتاح الصلاة ms249 بجماعة ~~تنعقد بهم الجمعة وقد قدمنا حكم اشتراط الجماعة في حضور الخطبة. ### | (تحريم البيع وقت تعين السعي للجمعة) # وإذا تعين السعي حرم البيع وما في معناه من الاشتغال على كل من تجب عليه ~~الجمعة. فإن وقع البيع حينئذ هل يقضي أو يفسخ؟ في المذهب قولان، وهما على ~~الخلاف في النهي هل يدل على فساد المنهي عنه أم لا؟ وإذا قلنا يفسخ [فإن ~~فات] (1) فهل يمضي بالثمن أو تكون فيه القيمة؟ في المذهب قولان. ومضيه ~~بالثمن إذ لا فساد في ثمنه ولا مثمونه، وإنما يرجع إلى القيمة لأنها عوض من ~~عينه، فالرجوع إلى ما تراضوا به من الثمن أولى من مضيه بالقيمة, لأنه متى ~~أمضيناه بالثمن [كانا متممين العقد] (2) الفاسد. والقيمة جعلتها الشريعة ~~عوضا من رد العين. وإذا قلنا: إن فيه القيمة فمتى تكون؟ قولان: أحدهما: وقت ~~القبض، وإن وقع في وقت يحرم فيه البيع ويقدر جواز البيع حينئذ. والثاني: ~~أنه بعد انقضاء الصلاة، إذ لا قيمة شرعية في وقت النداء إلى انقضاء الصلاة. # وثمرة هذا الخلاف لو اختلفت الأسواق فيما بين الوقتين. # وهل تنزل سائر العقود كالنكاح والصلح والخلع وما في معنى ذلك منزلة البيع ~~في التحريم؟ لا شك في نزولها منزلته لأنها مشغلة، والمفهوم من الآية قطعا ~~تحريم المشغلات، وذكر البيع لأنه السبب الذي نزلت فيه الآية وهو الشغل في ~~الأكثر. PageV02P627 # # ولكن اختلف في فسخ هذه العقود على القول بفسخ البيع على قولين: أحدهما: ~~أنه يفسخ قياسا على البيع، والثاني: لا يفسخ لأنها مشبهة به، والمشبه ~~بالشيء دونه في المرتبة. قال الأشياخ: هكذا يجري الأمر في الصلوات وغيرها ~~من العبادات إذا تعين وقتها واشتغل عنها ببيع أو غيره. وهذا فيه نظر, لأن ~~الشريعة شأنها الالتفات إلى الكليات وحماية الذرائع ومنع المشغلات وهذا ~~يظهر في الجمعة. وأما ما سواها فصوره نادرة. والصور النادرة لا يعلق (1) ~~عليها مثل هذه العقوبات كفسخ البيع وما في معناه. قال الأشياخ أيضا: ومما ~~ينخرط في مثل البيع الشرب من السقاء بعد النداء إذا كان بثمن ms250، وإن لم يدفع ~~إليه الثمن في الحال. وهذا الذي قالوه ظاهر ما لم تدع إلى الشرب ضرورة. ### | (النداء للجمعة) # وللجمعة نداء وهو المشروع في زمان الرسول عليه السلام، وهو عند جلوس ~~الإمام على المنبر. ولما كثرت العمارة في أحوال المدينة أمر عثمان رضي الله ~~عنه بالنداء عند الزوال ليأخذ الناس في الأهبة إلى الصلاة والسعي إليها. ~~والأحكام تتعلق بالنداء الثاني لا بالأول. وإذا خرج الإمام فلا خلاف أن ~~[المشروع له] (2) يسلم على الناس عند خروجه من المقصورة. وإذا صعد على ~~المنبر فهل يسوغ له أن يسلم على الناس؟ في المذهب قولان: المشهور: أنه لا ~~يسلم لاشتغاله بما هو أهم مما صرف إليه. والثاني: أنه يسلم لأنه بموضع ~~يبصره من لا يبصره أولا، ويسلم على الجميع ثم يجلس. # ولا خلاف في الجلوس الأول في خطبة الجمعة، وأما غير ذلك من الخطب ~~كالاستسقاء والعيدين ففيها قولان: أحدهما: الأمر بالجلوس قياسا على الجمعة. ~~والثاني: نفيه؛ لأن الجمعة إنما جلس في أول الخطبة انتظارا للفراغ من ~~الأذان، وهاهنا لا أذان ينتظره. لكن الجلوس أولى إذ به تسكن PageV02P628 # # حواس الخطيب (1) ويمكنه المقصود من الوقار (2). ### | (حكم النافلة وتحية المسجد بعد صعود الخطيب المنبر) # ولا خلاف عندنا أن النافلة تمنع بصعود الخطيب على المنبر، وفي المذهب ~~قولان: هل تمنع بخروجه من موضعه قاصد إلى الصعود، فلا شك أن امتناعها قبل ~~أخذه في الخطبة حماية للذريعة. والظاهر أن (3) الحماية للذريعة لا تتعدى ~~إلى خروجه، وإنما يمكن أن يتعلق على صعود المنبر. فإذا صلى فصل النافلة في ~~الوقت الذي ذكرنا أنه ممنوع فهل يقطع أو يتمادى؟ في المذهب قولان، وهما على ~~مراعاة الخلاف؛ فمن لم يراعه أمر بالقطع، ومن راعاه أمر بالتمادي. وقد كان ~~الشيخ أبو القاسم السيوري [رحمه الله] (4) يقول (5) إن الأولى جواز الركوع ~~لداخل المسجد (6) وإن كان الإمام في الخطبة، لما ثبت عنه - صلى الله عليه ~~وسلم -أنه [أمر] (7) الداخل وهو يخطب بالركوع (8)،وما ذكره أصحابنا من أن ~~الداخل [كان صعلوكا وهو رجل] (9) فقير رث الهيئة فأراد ms251 رسول الله -صلى الله ~~عليه وسلم-أن يبصر (10) حاله فيتصدق عليه [يرده ما وقع في بعض الطرق من ~~قوله عليه السلام: "إذا جاء أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس وإن ~~كان الإمام يخطب", لكن هذا لم [يقطع PageV02P629 # # به] (1) في بعض الطرق (2) وبين الأصوليين خلاف في انفراد العدل بالزيادة ~~هل تقبل أم لا؟ ### | (حكم الكلام بعد افتتاح الخطبة) # ولا يمنع الكلام بصعود الإمام على المنبر حتى يفتح الخطبة، فإذا افتتحها ~~حرم الكلام إلا أن يكون مجاوبة للإمام. والأصل في ذلك قوله- صلى الله عليه ~~وسلم -:" إذا قال أحدكم لصاحبه أنصت والإمام يخطب فقد لغا" (3).وهذه مبالغة ~~في منع الكلام, لأن المراد بالإنصات أمر بالمعروف، فإذا عد لغوا فأحرى أن ~~يعد غيره من الكلام لغوا. # وإذا تقرر ذلك قلنا بعده: لا يخلو أن يتكلم الإنسان في حال الخطبة ~~بالقرآن والذكر أو بغيرهما؛ فإن كان كلامه قرآنا أو ذكرا وطال فإنه ممنوع ~~لأن فيه اشتغال عن الإنصات للخطبة، وإن لم يطل فإنه جائز، والأولى تركه ~~[خوفا من أن يستدرجه إلى ما هو أكثر ويشغله ذلك عن الخطبة. وهذا إذا أسر ~~به] (4) ,وإن جهر فقولان: الكراهية, لأن فيه اشتغالا عن السماع واشتغالا ~~بغيره. والجواز، ليسارته وهو من جنس المسموع. وإن كان كلامه بغير هذين فإنه ~~ممنوع على كل الأحوال. # وينسحب حكم المنع على حالة جلوس الإمام بين الخطبتين، إذ لو أبحنا (5) ~~الكلام حينئذ لأمكن تماديه إلى قيام حال الإمام إلى الخطبة الثانية. فإذا ~~لغا الإمام بسب (6) أحد وذكر ما لا يجوز ذكره له، فهل يحرم الكلام ~~PageV02P630 # # حماية للذريعة، أو يجوز لأنه أخذ فيما لا يلزم (1) استماعه؟ في المذهب ~~قولان. ويلزم من لا يسمع الخطبة من الصمت ما يلزم سامعها لانسحاب حكم ~~السماع عليه. فإن تكلم أحد فلا يأمره من سمعه بالصمت نطقا. وفيه ورد ~~الحديث. وله أن يشير إليه بذلك. # ويستحب للإمام في حال خطبته أن يتوكأ على قوس أو عصا وما في معنا ذلك. ~~وبه استمر العمل. وفيه شغل عن العبث باليدين ms252. ويخطب قائما وإن جلس عصى (2). # وقد قدمنا ما يجزئ من الخطبة. ولا تقع الخطبة قبل الزوال، فإن فعل كان ~~كمن لم يخطب. وقد قدمنا القولين هل هي فرض أو سنة فيجري إجزاء الصلاة بعد ~~الخطبة قبل الزوال على ما تقدم من ذلك؟ ولا تقدم الصلاة عن الخطبة، فإن فعل ~~كان أيضا كمن لم يخطب. # ولو أكمل الخطبة ثم وصله كتاب عزله قبل الصلاة فهل يعيد المولى الخطبة؟ ~~أو يجتزي بما تقدم؟ في المذهب قولان. خرجه (3) أصحابنا على الخلاف في النسخ ~~متى يكون؛ هل وقت النزول والحصول، أو وقت البلاغ (4)؟ فإن قلنا: إن النسخ ~~وقت النزول أعاد الخطبة، وإن قلنا: إنه وقت البلوغ لم يعد. وإذا حققنا هذا ~~التعليل وقلنا بطرده لزم إعادة الصلاة وإن أكملها على القول بأن النسخ من ~~وقت النزول. وإنما حقيقة الأمر في هذه المسألة أن يجري على كون الخطبة ~~كالجزء من الصلاة فلا يصح أن يخطب إماما ويصلي غيره إلا عند الضرورة التي ~~توجب الاستخلاف، أو يقال إن الخطبة ذكر منفصل عن الصلاة فكيفما حصل أجزى. ~~وإذا قلنا بإعادة الخطبة فلم يعدها حتى صلى؛ فإن لم يراع الخلاف كان بمنزلة ~~من صلى بغير خطبة، ولو راعينا الخلاف صحت الصلاة. PageV02P631 # # وإذا أكمل الإمام الخطبة وأقيمت الصلاة لم يحرم الكلام حينئذ عندنا، لأن ~~منعه من حين الخطبة لاشتغاله عن الاستماع. ### | (عدد ركعات الجمعة) # ومعلوم أن صلاة الجمعة ركعتان، فإن صليت أربعا فإن كان عمدا فلا شك في ~~بطلانها، وإن كان سهوا جرى على القولين فيمن زاد على الصلاة الثنائية ~~مثلها. وإن تصور أن يكون جاهلا جرى على القولين في الجاهل؛ هل حكمه حكم ~~الناسي، أو حكم العامد؟ ### | (ما يقرأ في الجمعة وحكم الإسرار به) # والقراءة فيها جهرا، فإن أسر جرى على ما قدمناه في حكم من أسر في الصلاة ~~الجهرية. واستحب أن يقرأ فيها في الركعة الأولى (سورة الجمعة) بعد (فاتحة ~~الكتاب) لما فيها من أحكام الجمعة، فإن لم يفعل فلا شيء عليه. وأما الركعة ~~الثانية فاستحب مالك ms253 رحمه الله مرة: {هل أتاك حديث الغاشية (1)}، ومرة ~~(سورة الأعلى). وحكي أن قوما يقرأون (سورة المنافقين). وقد روي ذلك عن رسول ~~الله -صلى الله عليه وسلم- (1). وبالجملة لا تحديد (2) في ذلك. PageV02P632 # ### | (وقت الجمعة) # وأول وقت الجمعة عند فقهاء الأمصار إذا زالت الشمس. وما روي أن الصحابة ~~كانوا يقيلون قائلة الضحى بعد صلاة الجمعة (1) لا يقتضي أنها تؤدى قبل ~~الزوال. بل معناه أنهم كانوا يؤخرون القائلة المعتادة في سائر الأيام حتى ~~يأتون بها بعد صلاة الجمعة. # والمستحب أن تصلى بعد الزوال من غير تأخير اقتداء بالرسول عليه السلام. ~~فإذا اشتد الحر فهل يبرد بها كسائر الأيام؟ في المذهب قولان. # وسبب الخلاف النظر إلى فعله عليه السلام، ولم يرو أنه كان يبرد. والنظر ~~إلى عموم قوله-صلى الله عليه وسلم -: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن ~~شدة الحر من فيح جهنم" (2). واختلف في آخر وقتها التي تفوت لفواتها على ~~ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الوقت المختار للظهر، والثاني: آخر وقت الضرورة ~~للظهر, والثالث: أنه ما لم يبق بعد كمالها أربع ركعات للعصر. ومر بنا على ~~ما قدمناه من الالتفات إلى فعل الرسول عليه السلام. ولا شك أنه لم يأت بها ~~بعد القامة [أو] (3) قياسا على الظهر في سائر الأيام. وهو يرجع أيضا إلى ~~الخلاف؛ هل هي صلاة مستقلة بنفسها، أو بدل عن الظهر. وأما النظر إلى بقاء ~~أربع ركعات للعصر، فيكاد أن (4) يكون لا وجه له إلا أن يقال هي صلاة تفتقر ~~إلى خطبة وجماعة (5)، وفي ذلك بعض التطويل. وإذا أخرت عن هذا المقدار لم ~~يكن أداؤها على هيأتها المشروعة. # والمستحب إيجاز الخطبة واختصارها وإكمال الصلاة، وفي الحديث PageV02P633 # # أن ذلك [من فقه الإمام] (1). ### | (الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة) # وقد قدمنا حكم شروط الوجوب والأداء ولا شك أنها متى تعذرت (2) أو أحدها: ~~سقطت الجمعة. وقد تسقط لغير ذلك من الأعذار. ويجمعها الخوف (3) على النفس ~~أو على المال أو الاشتغال بما يتوجه (4) الاشتغال به. ومثال الخوف على ~~النفس أن يخاف في سعيه أو حضوره من ms254 غاصب ولصوص وما في معناهم. ومتى تحقق ~~الخوف على نفسه بذلك سقطت الجمعة عنه بإجماع. وكذلك إن خاف منهم على ماله ~~أو مال غيره. وإما الاشتغال بما يتوجه عليه كاشتغاله بالقيام على مريض يقرب ~~منه ويحاذر أن يموت في غيبته. # وقد اختلف في مسائل هل [تنتهض] (5) عذرا أم لا؟ منها مسألة العروس، تأتي ~~الجمعة وهو في أسبوعه؛ فالمشهور من المذهب أنه يخرج إليها، والشاذ إسقاطها ~~عنه. وأراد أبو الحسمن اللخمي أن يجعل القول بالسقوط على القول بأن الجمعة ~~فرض على الكفاية لا على الأعيان (6). وهذا لا يقوله أحد من أهل المذهب، ~~وإنما يقوله أهل الظاهر وبعض PageV02P634 # # أصحاب الشافعي، وجمهور الأمة على خلافه. والخلاف في التخلف على مقابلة ~~لزوم حق المرأة ولزوم فرض الجمعة. # ومنها: إذا اشتد المطر وكثر الوحل هل تسقط الجمعة لذلك أم لا؟ قولان. ~~وهما على خلاف في حال؛ فإن أكثر ذلك وبعدت الطريق حتى يكون السعي إليها ~~حرجا سقطت، وإن كان الأمر بالعكس لم تسقط. # ومنها: اتفاق العيد والجمعة. واختلف هل للإمام أن يأذن لمن شهد العيد ممن ~~بعدت داره عن محل الجمعة وإن كانت تلزمه فيكتفي بشهود العيد. والمشهور أنه ~~لا يأذن في ذلك ولا ينتفع بإذنه [إن فعل. والشاذ] (1) صحة إذنه. وقد أذن ~~عثمان بن عفان رضي الله عنه لأهل العوالى في التخلف (2). وهو أيضا خلاف في ~~حال هل يؤدي رجوعهم إلى أمكنتهم ثم عودتهم إلى الجمعة إلى مشقة أم لا؟ # ومنها: أن يقيم الحاج بمكة مدة يحصل بها حكم إتمام الصلاة فتأتي الجمعة ~~يوم التروية؛ ففيه قولان: المشهور وجوب شهود الجمعة، والشاذ أنه يخرج فيصلي ~~ظهرا. وهو خلاف في مقابلة الجمعة بما أمروا به من المناسك. فإن لم يقم (3) ~~ما يوجب إتمام الصلاة، فلا خلاف أنه لا يلزمه شهود الجمعة. # ووقع لسحنون فيمن خاف إن شهد الجمعة أن يحبس في دين عليه إنه لا يسقط عنه ~~شهود الجمعة، وسواء كان مليئا بالدين أو فقيرا (4). واعترض أبو الحسن ~~اللخمي قوله في الفقير (5). ولعل سحنون [إنما ms255] (6) تكلم على PageV02P635 # # صورة ولم يظهر (1) فقره فيها، وإذا ظهر ترك. أو على صورة يتوجه عليه ~~الحبس لأنه مظهر للفقر. وأما لو تحقق فقره وعلم أنه لو ظهر تحققه لم يترك ~~فلا شك في سقوط الجمعة عنه, لأن هذا من الضرر البين. # وألحقوا بالأعذار أن يفقد الأعمى قائدا ولا شك أنه إن لم يمكنه السعي إلا ~~بمن يقوده أو كان عليه في الانفراد مشقة كبيرة فتسقط عنه الجمعة. ### | (حكم من فاتتهم الجمعة) # وأما إذا فاتت صلاة الجمعة فهل لمن فاتتهم أن يجمعوا ظهرا؟ إن شئت قلت ~~المذهب على ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم يجمعون مطلقا لإدراك فضل الجماعة. ~~والثاني: أنهم لا يجمعون حماية للذريعة لئلا يتخلف أهل البدع فيظهرون ~~أعذارا ثم يجمعون لأنفسهم. والثالث: أنهم يجمعون إن ظهر العذر، ولا يجمعون ~~إن لم يظهر العذر. لأنهم متى ظهر لم يكن في ذلك تطرقا لأهل البدع. # وإن شئت قلت إن لم يظهر العذر فقولان: [المشهور أنهم لا يجمعون، والشاذ ~~أنهم (2) يجمعون. وإن ظهر العذر فقولان] (3): المشهور هاهنا عكس المشهور ~~الأول. ### | (حكم من صلى الجمعة ظهرا قبل إقامتها) # وإذا صلى الظهر من تجب عليهم الجمعة قبل إقامتها فقولان: المشهور من ~~المذهب بطلان صلاته ووجوب الإعادة، والشاذ الاكتفاء بها. ويمكن إجراء هذا ~~على الخلاف في النهي؛ هل يدل على (4) فساد المنهي PageV02P636 # # عنه، أو على الخلاف في صلاة الجمعة هل هي عوض عن الظهر. فإذا رجع إلى ~~الأصل أجزأه؟ أو هي صلاة قائمة بنفسها فإذا أدى الظهر قبل فوات الجمعة كان ~~مصليا لغير ما وجب عليه؟ وقد نجز (1) غرضنا من أحكام الجمعة بقدر هذا ~~المجموع، ولعل ما قدمنا يأتي على مسائلها تصريحا وتلويحا. وبالله التوفيق. # ... ### | باب في أحكام صلاة الخوف # ولا خلاف أن للخوف تأثيرا في الصلاة على الجملة، وعندنا أنه يؤثر في ~~الهيئة لا في العدد. والمسافر يصلي ركعتين، والحاضر على ما نبينه يصلي ~~أربعا. والخوف على قسمين: ### | (الخوف الذي يمنع من الجمع وأداء الصلاة على هيئتها) # قسم يمنع الجمع، ويعجز (2) عن إكمال الصلاة على ms256 هيئتها المعهودة. وذلك ~~بأن يكون من وجب عليه إكمال الصلاة في حال المطاعنة والمضاربة وما في ~~معناه، فهذا يمهل المكلف عندنا حتى إذا خاف فوات الوقت صلى بحسب ما أمكنه، ~~ولا يشترط استقبال القبلة إن لم يمكنه الاستقبال للركوع والسجود، ولا ~~القيام، ولا لزوم موضع واحد، ولا ترك فعل يحتاج إليه من الطعن والضرب والكر ~~والفر، أو قول يفتقر إليه من التنبيه لغيره والتحذير لعدوه إن افتقر إلى ~~ذلك بالجملة بقول أو فعل كل ما يضطر إليه. ويترك من أحكام الصلاة كل ما هو ~~مضطر إلى تركه، وتجزيه صلاته. # والأصل في ذلك قوله تعالى: {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا} (3) ,وما ~~PageV02P637 # # روي عنه -صلى الله عليه وسلم -أنه أخر الصلاة في يوم الخندق حتى غربت ~~الشمس (1)، فإنما ذلك قبل نزول حكم صلاة الخوف. # ويستوي في هذا حكم الحاضر والمسافر. [ولا أعلم بين المتأخرين] (2) خلافا ~~في حكم هذه الصلاة على الجملة، وأن الخوف الذي هو صفته مؤثر في الصلاة، وإن ~~اختلفوا في التفاصيل. # فإذا افتتحت الصلاة على هذه الصفة لوجود الخوف، ثم ارتفع في أثنائها ولم ~~يبق ما يخاف ولا ما يطلب، فإنهم يتمونها على حالة الكمال وتجزي. ويكون ذلك ~~بمنزلة من افتتح صلاته جالسا (3) أو مضطجعا ثم صح في أثنائها. # وإن انهزم العدو في أثناء الصلاة فهل يباح إكمالها مع الاشتغال والطلب، ~~أو يشتغل بإكمال الصلاة على هيئتها من غير خوف؟ في المذهب قولان. والظاهر ~~أنها خلاف في حال لا في فقه؛ فإن علم انهزام العدو وأمنت عودته وكان إن ترك ~~لا يخشى [مضرته (4) في أثناء حال الاشتغال بإكمال الصلاة (5) وإن لم تؤمن] ~~(6) عودته أو خيف إن لم يستأصل عودته ومضرته جاز طلبه مع مخالفة هيئة ~~الصلاة. ### | (الخوف الذي يتوقع فيه مضرة العدو) # والقسم الثاني خوف يتوقع فيه مضرة (7) العدو إن اشتغل (8) الكل ~~PageV02P638 # # بالصلاة، فإن أرادوا أن يصلوا أفذاذا فذلك (1) لهم إذا كان الموضع مما ~~[لا] (2) يشتمل عليه حكم الإمام. وهكذا لو أرادوا أن تصلي طائفة [بإمام ~~وأخرى بإمام] (3) جاز كما ms257 قدمناه. وإن أراد الإمام أن يصلي بالكل جماعة ~~يفرقهم لطائفتين؛ فإن كانوا في سفر، فجمهور العلماء على جواز ذلك على ~~الجملة، والأصل في ذلك فعل الرسول عليه السلام وإقتداء الصحابة في بعده. ~~وقد صلاها علي وغيره من الصحابة بطائفتين على ما سنذكره. وقوله تعالى: ~~{وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} (4) الآية لا يقتضي عند الجمهور اختصاص ~~الوصول عليه السلام بذلك، بل خوطب بهذه الآية الإمام, وكل من كان إماما ~~بعده فإنه حال محله في هذا المعنى. قال ابن القصار: المروي عنه -صلى الله ~~عليه وسلم - أنه صلاها في عشرة مواضع (5) والذي عول PageV02P639 # # عليه العلماء وثبت عندهم ثلاثة مواضع: ذات الرقاع (1) وعسفان (2) وذات ~~النخيل. PageV02P640 # # وهل يصليها إمام واحد بطائفتين في الحضر؟ في المذهب قولان: المشهور ~~جوازه، والشاذ منعه. # وسبب الخلاف ما قدمناه من الخلاف في تأويل قوله تعالى: {وإذا ضربتم في ~~الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} (1)؛ هل هو قصد عدد، أو قصد ~~هيئة؟ فإن قلنا إنه قصد عدد جاء منه المشهور، وإن قلنا إنه قصد هيئة جاء ~~منه اختصاص السفر بالصلاة والخوف كما في الشاذ. ويحتج هؤلاء بأن الرسول - ~~صلى الله عليه وسلم - لم يصليها كذلك يوم الخندق مع حاجته إلى صلاتها ~~بطائفتين. وقد قدمنا ما قيل بأن ذلك كان قبل نزول صلاة الخوف. ### | (كيفية الجمع في الخوف) # وإذا تقرر ما قلناه وأوجب [الخوف] (2) منع الجمع إلا أن تكون طائفة ~~مواجهة العدو، فكيف صورة أدائها؟ لا خلاف عندنا أن الإمام يقسم الجيش إلى ~~قسمين فيصلي بالقسم الأول شطر الصلاة إن كانت ثنائية أو رباعية، وبالقسم ~~الثاني شطرها. وإن كانت صلاة ثلاثية كصلاة المغرب صلى الأول ركعتين ~~وبالثاني (3) ركعة. وإذا صلى بالأول كما قلنا فهل يتمون لأنفسهم أم ينصرفون ~~قبل الإتمام؟ (4) في المذهب قولان: المشهور أنهم يتمون لأنفسهم ثم ينصرفون ~~وقد كملوا الصلاة. والقول الثاني أنهم ينصرفون قبل أن يكملوا فيكونوا ~~مواجهة العدو وهم في حكم الصلاة. # وسبب الخلاف اختلاف الرواية في الحديث عن صلاته - صلى الله عليه وسلم ms258 -في ~~ذات الرقاع، فروى ابن عمر أن الطائفة الأولى لم تكمل إلا بعد صلاة الإمام، ~~PageV02P641 # # كالقول (1) الشاذ. وروى القاسم بن محمد (2) ويزيد بن رومان (3) أنهم ~~أكملوا. والآية محتملة للقولين، فقوله تعالى: {فإذا سجدوا} (4) يحتمل أن ~~يريد: سجدوا مع الإمام، ويحتمل أن يريد: سجدوا لأنفسهم. والعبارة بالسجود ~~هاهنا عن إكمال الركعة، وآخر ما يفعل منها السجود. # ومن جهة المعنى لأنه لا بد من الوقوع في أحد المكروهين؛ إما السلام قبل ~~الإمام وأصول الشريعة تقتضي منعه، وإما العمل من المشي والحراسة والانتظار ~~وأصول الشريعة تقتضي منعه، والنظر إلى التغليب هو مثار الخلاف. # وإذا قلنا إنهم يكملون لأنفسهم فإن كانت صلاة [حضر] (5) أو صلاة المغرب ~~فهل يجلس الإمام حتى تأتي الطائفة الثانية بعد كمال هذه، أو يقوم فينتظرهم ~~قائما؟ في المذهب قولان. وسببهما أيضا تقابل مكروهين. ومنها زيادة جلوس ~~مستغنى عنه أو وقوف كذلك. # وإذا قلنا إنه يقوم، فهل يقرأ أو يسبح أو يذكر الله تعالى؟ في المذهب ~~قولان. وهما على ذلك الأصل أيضا, لأن المشروع افتتاح الصلاة بالقراءة، ومتى ~~فعل (6) ذلك، فاتت الطائفة الثانية القراءة، ولا بد من الوقوع في أحد ~~PageV02P642 # # المكروهين. وإن كانت صلاة سفر (1) أو الصبح قام بلا خلاف. # ويختلف هل يقرأ أو يسبح (2) كما قدمنا؟ قال بعض الأشياخ: أما حيث لا تكون ~~القراءة إلا بفاتحة الكتاب فينبغي أن يسبح، لأنه إن لم يفعل ذلك فاتت ~~القراءة جملة. وأما حيث تكون القراءة بأم القرآن وسورة فيفتح بالقراءة, ~~لأنهم يدركون بعضها. # وإذا قلنا إنهم لا يكملون، فمتى يكون قضاؤهم اختلف في التأويل عن (3) ~~أشهب وهو القائل بأنهم لا يكملون فقيل: تقضي الطائفتين إذا أكمل الإمام ~~بالطائفة الثانية ويكون الإمام وحده [مواجهة العدو] (4)، وقيل تقضي الطائفة ~~الثانية ثم ينصرف فتأتي الأولى فتقضي. وهذا هو الصحيح، ولو لم يفعل ذلك ~~واشتغلت الطائفتان بالقضاء، لخيف معرفة العدو ولم يكن للتفريق فائدة. # واختلف على القول بأن الطائفة الأولى تكمل الصلاة ثم تأتي الثانية فيصلي ~~بهم هل يسلم عند انقضاء صلاته، أو ينتظرهم حتى إذا أكملوا ms259 سلم بهم؟ # وسبب الخلاف اختلاف الروايتين رواية القاسم ورواية يزيد؛ ففي رواية ~~القاسم أنه صلى الله عليه وسلم عند إكمال صلاته (5)، وفي رواية يزيد أنه ~~PageV02P643 # # انتظرهم (1). والأصل السلام (2) عند الإكمال، وأما الانتظار فليحصل لهم ~~من الفضل بسلام الإمام ما حصل للأولين بالإحرام. ### | (كيف يسجد للسهو في صلاة الخوف) # ولو طرأ في هذه الصلاة سهو؛ فأما على القول إنهم لا يكملون فيكون سجود ~~الجميع بعد السلام (3) إن كان السجود بعد السلام، فإن كان قبله فتتابعه ~~الطائفة الثانية فيه، وتسجد الأولى إذا كملت لنفسها. وأما على القول بأنهم ~~يكملون فتسجد الطائفة الأولى عند انقضاء صلاتها إن كان قبل، أو بعد السلام ~~إن كان بعد. وأما الطائفة الثانية فعلى رواية القاسم يسجدون مع الإمام إن ~~كان قبل [السلام] (4) عند انقضاء صلاته، وإن كان بعد، كان حكمهم حكم ~~المسبوق، ويسجد الإمام ولا يسجدون معه إلا بعد أن يكملوا ويسلموا. # وأما على رواية يزيد فإن كان السجود بعد السلام فإذا سلم بهم سجدوا، وإن ~~كان قبل فالمنصوص أنه يسجد (5) بهم عند إكماله. وأجراه أبو الحسن اللخمي ~~على الخلاف في المسبوق المستخلف هل يسجد بهم عند انقضاء صلاة الإمام أو عند ~~انقضاء صلاته؟ وهذا ليس من هذا الباب لأن الخلاف في مسألة المستخلف على ~~تغليب حكم الإمام الأول وحكم الإمام الثاني، وهاهنا لا حكم إلا لإمام واحد، ~~وإنما أخر السلام لتنال الطائفة الثانية فضل السلام معه، فكأنه إنما سلم ~~بعد صلاته. ### | (بعض فروع هذا الباب) # هذا أصل الكلام في صلاة الخوف على المذهب وفاقا وخلافا. وينظر ~~PageV02P644 # # بعده في فروع منها: لو خولفت (1) هذه الرواية (2) فصلى المغرب بثلاث ~~طوائف، صلت معه كل طائفة بركعة. أو صلى في الحضر الصلاة الرباعية بأربع ~~طوائف بكل طائفة ركعة. # فأما الطائفة الأولى في المغرب (3) والطائفة الثانية في الرباعية فصلاتهم ~~باطلة باتفاق أهل المذهب. وهذا لأنهم وجب عليهم أن يأتوا بالركعة الأخرى ~~مقتدين فأتوا بها أفذاذا من غير عذر يطرأ على إمامهم، وذلك مما يبطل ~~الصلاة. # وأما الإمام والطائفة الثانية في المغرب ms260 وفي الصلاة الرباعية والرابعة في ~~الصلاة الرباعية ففي صحة صلاتهم قولان: أحدهما: أنها صحيحة, لأنهم ~~كالمسبوقين في صلاة الخوف. والثاني: أنها باطلة، لمخالفتهم سنة الصلاة. # ومنها: لو اجتمع على بعض القضاء والبناء، بأيهما يبدأ؟ وقد قدمنا ذلك ~~مستوفيا في باب الرعاف، وذكرنا ما فيه من الخلاف. لكن اختلف في مدرك الركعة ~~الثانية من المغرب أو من (4) الصلاة الرباعية في الحضر هل يقوم للقضاء أو ~~البناء (5) إذا تمت الطائفة الأولى؟ أو يمهل بالقضاء حتى يفرغ الإمام من ~~سائر صلاته، إذ لا يمكن القضاء إلا بعد سلام الإمام؟ في ذلك قولان. # ومنها: لو صلى بالطائفة الأولى فأحدث (6) حتى افتقر إلى الاستخلاف، فإن ~~كان قد كمل صلاة الطائفة الأولى فإنه لا يستخلف لأن حكم إمامته على (7) ~~المقتدين به قد انقضى، وإنما [يجدد] (8) الإمام بالطائفة الثانية فلا ~~PageV02P645 # # يستخلف قبل حصول كونه إماما. وإن كان لم يكملا صلاته بالطائفة الأولى ~~فإنه يستخلف لبقاء حكم الإمامة. # ومنها: لو صلى بالطائفه الأولى مع وجود الخوف فذهب الخوف؛ فهل للطائفة ~~الثانية أن يدخلوا معه لو بقي الخوف؟ في المذهب قولان: أحدهما: صحة دخولهم ~~معه، ويكونون كالمسبوقين. والثاني: [أنهم لا] (1) يدخلون معه, لأنهم إنما ~~عولوا على الاقتداء به ما دام الخوف باقيا، فإذا ذهب الخوف فهو خلاف ما ~~عولوا عليه أولا، ويتم بالطائفة الأولى إن كانت لم تفعل لأنفسها شيئا, فإن ~~فعلت أمهلت حتى يصلي الإمام لنفسه ما عليه (2) ثم يقتدوا به إن كان بقي ~~عليها (3) من صلاتها شيء. # ومنها: لو طرأ (4) الخوف ثم انكشف الغيب بعدمه فالمنصوص من المذهب صحة ~~الصلاة وإسقاط الإعادة. واستحب ابن المواز الإعادة في الوقت؛ وقد يقال: ~~يجري الخلاف في الإعادة بعد (5) الوقت على الخلاف في الاجتهاد هل يرفع ~~الخطأ أم لا؟ ولعل هذا لم يقل به أحد من أهل المذهب, لأنهم ما صلوا الخوف ~~إلا وهم مجوزون بالخوف فلا يأمنون عودته وإن انكشف خلافه. وعكس هذا لو صلى ~~بهم صلاة أمن فطرأ الخوف وهم في الصلاة، فالحكم أن تنقطع طائفة فتكون بوجهة ~~العدو ms261 ويصلي الإمام بالذين معه، ثم يصلي على ترتيب صلاة الخوف. وهذا إذا ~~كان لم يشرع في النصف الثاني من الصلاة, وأما إن شرع فيه حتى ركع أو سجد ~~فلا بد من قطع طائفة، ويتم بالأولى وتصلي الطائفة الثانية لنفسها إما ~~أفذاذا وإما بإمام آخر. # ... PageV02P646 # ### | باب في صلاة الكسوف ### | (تعريف الكسوف) # وهي عبارة عن ظلمة أحد المنيرين (1)، الشمس والقمر، أو بعضهما (2). وقد ~~اختلف في لفظ الكسوف والخسوف، فقيل: هما مترادفان على معنى واحد، وقيل: هما ~~مختلفان. وأختلف على القول بالاختلاف فقيل: الخسوف يختص بالقمر والكسوف ~~بالشمس، وقيل: الخسوف ظلمة جميع الشمس والقمر. والكسوف ظلمة البعض. ~~والتحاكم في هذا إلى [أهل] (3) اللغة. ### | (حكم صلاة الكسوف) # ومقصودنا أحكام الصلاة المتعلقة بهذا الحادث. وقد ثبت عن رسول-صلى الله ~~عليه وسلم-أنه صلى عند الكسوف فقال:"إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ~~يخسفان لموت أحد ولا لحياته. فإذا رأيتم ذلك بهما فافزعوا إلى الصلاة" (4)، ~~وفي حديث آخر:"فصلوا وادعوا وتصدقوا" (5)، إلى ما في هذا المعنى. وقد قدمنا ~~أن الصلاة عند كسوف الشمس سنة وعند خسوف القمر فضيلة. ولا خلاف في كسوف ~~الشمس، وأما خسوف (6) القمر فأكثر PageV02P647 # # أهل المذهب على ما قلناه. وقال أبو الحسن اللخمي إنه سنة (1). وقد قدمنا ~~ما يؤخذ (2) منه سبب الخلاف إن ثبت هذا الخلاف. وقد قال بعض أهل العلم: إن ~~الشريعة أرادت إلحاق صلاة الكسوف وصلاة العيدين بالصلاة الرباعية. لكن قد ~~يؤدي كونها في صفة الرباعية إلى أن يعتقد فرضيتها، فأتت بما يشعر بإلحاقها ~~إلى الرباعية ومخالفتها لها ليعلم أنها مقصرة عن الفروض. ولهذا شرعت صلاة ~~الكسوف ركعتين وجعلت في كل ركعة ركوعين. وشرعت في صلاة العيدين من التكبير ~~عدد ما يستوفي عدد تكبيرات الصلاة الرباعية. # وهذا الذي قاله وإن كان يروق فهو حكاية عن مقصود صاحب الشريعة بما لم ينص ~~عليه، وقد يكون غير مقصود وإنما من محكاة الشريعة حتى تنقاد القلوب إلى ~~العبودية بفعل [ما] (3) لم يعلم سببه [في صفة صلاة الكسوف] (4). ### | (صفة صلاة الكسوف) # وصفة ms262 صلاة الكسوف عندنا أن يجمع الإمام الناس. واختلف في موضع الجمع؛ ~~فقيل المسجد، وقيل يبرز لها كالعيدين والاستسقاء. فالأول: التفات إلى ~~الاحترام بالمسجد, لأنها آية كبيرة ولا يؤمن ما يكون عقيبها. والثاني: ~~قياسا لها على العيدين والاستسقاء، فيفتتح (5) بهم الصلاة. # واختلف هل يسر القراءة وهو المشهور، أو يجهر بها وهو الشاذ؟ # وسبب الخلاف اختلاف الأحاديث؛ فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جهر في ~~أكثر الطرق، وأنه أسر. واستدل على ذلك بكون الرواة يقدرون مقدار قراءته. ~~ولو جهر لصرحوا بما قرأ به. ولا خلاف في المذهب عندنا أن القراءة ~~PageV02P648 # # تكون أطول (1) منها في سائر الصلوات (2). والذي نص في المشهور أنه يقرأ ~~في القيام الأول بسورة البقرة أو نحوها، ثم يرتب [قراءته] (3) على نحو ~~ترتيب السور. والذي قاله القاضي أبو محمد يطيل طولا لا يضر بمن خلفه. وعد ~~هذا أبو الحسن اللخمي خلافا، (4) والظاهر أنه ليس بخلاف. ولا ينبغي، أن ~~يطيل إذا أضر (5)، ولا يقصر إذا لم يضر (6). وعلى أي حال كانت القراءة فإنه ~~يركع الركوع الأول ويكبر به ثم يطيل ويجعل طوله [دون] (7) طول قراءته ولا ~~يقرأ في الركوع بل يسبح. وهل يدعو؟ يجري على ما قدمناه من الخلاف في جواز ~~الدعاء في الركوع. ثم يرفع رأسه ويقول: سمع الله لمن حمده، كما يفعل في ~~سائر الصلوات. ويقول المقتدون: ربنا ولك الحمد. # ثم اختلف هل يفتح القيام الثاني بقراءة الفاتحة، أو يتركها ويقرأ السورة؟ ~~فالمشهور أنه يقرأ الفاتحة لأنه قيام بعد ركوع فأشبه القيام إلى الركعة ~~الثانية، والشاذ أنه يقتصر على السورة. وهذا لأن هذا القيام متصل بالقيام ~~الأول، وهو في حكم القيام الواحد. والدليل على ذلك اتفاق أهل المذهب على أن ~~من أدرك القيام الثاني تصح له الركعة ولا قضاء عليه للركوع الأول. ويجعل ~~قراءته في القيام الثاني دون قراءته في القيام الأول. وهكذا يرتب في سائر ~~الصلوات، ويطيل الركوع الثاني، [وهو] (8) دون الركوع الأول. ثم إذا رفع من ~~الركوع الثاني اعتدل كسائر الصلوات ولم يزد على ذلك ثم ms263 يخر للسجود. # واختلف هل يطيله كطول الركوع أو يسجد كسائر سجود النوافل؟ في PageV02P649 # # المذهب قولان: مذهب الكتاب أنه يطيل، (1) وفي مختصر ابن عبد الحكم لا ~~يطيله. # وسبب الخلاف أن أكثر الأحاديث تقتضي عدم الطول في السجود، وفي بعضها أنه ~~أطال. وقد ذكرنا الاختلاف في زيادة العدل هل يلزم العمل بها أم لا؟ ويفعل ~~في الثانية كما فعله في الأولى، ولا يطيل الجلوس بين السجدتين بلا خلاف ~~أعلمه. # وهذا (2) الذي قلناه من أنه يفعل في الركعة الثانية ما فعله في الأولى إن ~~بقي الكسوف لم ينجل. فإن انجلى بعد أن كمل الركعة [الأولى] (3)، فهل يتم ~~الثانية على سنة صلاة الكسوف، أم على سنة صلاة النوافل؟ [في المذهب قولان: ~~أحدهما: أنه يتمها على سنة صلاة الخسوف [وفاقا لما دخل] (4) عليه، والثاني: ~~أنه يتمها على سنة صلاة النوافل] (5)،لزوال سبب تغيرها عن حكم النوافل. # وهل يؤمر بهذه الصلاة كل مكلف لقوله-صلى الله عليه وسلم-"فافزعوا إلى ~~الصلاة" (6)، فعم. أولا يؤمر بها إلا من تلزمه الجمعة, لأن المقصود بها ~~الاجتماع هكذا ورد في الشريعة الجمع لها في المذهب قولان (7). # ومتى يجوز فعلها؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: ما لم تزل الشمس، قياسا ~~على الاستسقاء والعيدين. والثاني: ما لم تصل العصر, كسائر النوافل. ~~والثالث: ما لم تصفر الشمس. وقد قدمنا الخلاف في السنن هل تفعل بعد العصر ~~أم لا؟ # ... PageV02P650 # ### | فصل (في صلاة الخسوف) # وأما خسوف القمر فالمذهب على أن الصلاة له كسائر النوافل من غير تغيير. ~~وقال عبد العزيز بن أبي سلمة تغير على حسب صلاة كسوف الشمس. ولم يثبت عنه ~~صلى الله عليه وسلم التغيير من طريق صحيح، لكن جمعهما في اللفظ، وقال: ~~"فافزعوا إلى الصلاة" كما تقدم. وبين الأصوليين خلاف في الجمع هل يقتضي ~~التشريك في الحكم أم لا. # واختلف هل يجمع لخسوف القمر أو ينهى عن الجمع؟ في المذهب قولان: المشهور ~~أنه لا يجمع لاستمرار العمل عليه. والشاذ أنه يجمع قياسا على صلاة كسوف ~~الشمس. # ... ### | باب في صلاة الاستسقاء # ولا خلاف ms264 بين الأمة في جواز الاستسقاء بالدعاء إذا احتيج إليه، بل هو ~~مشروع مأمور به. ويؤمر به في كل الأحوال إذا احتيج إليه. وقد استسقى رسول ~~الله -صلى الله عليه وسلم-في خطبة الجمعة، واستصحى (1) في خطبة ثانية. وأما ~~الاستسقاء بصلاة وخطبة فيختص به مذهبنا. ومذهب الشافعي أنه مشروع. وهو سنة ~~على الجمله (2). ويكون عند الحاجة إلى الماء للمشقة (3)، أو يستسقى للثمار ~~والزرع، ويطلب نزول الغيث [لملء العيون والأنهار] (4)، ويجوز تكراره إن ~~احتيج إلى التكرار. PageV02P651 # ### | (صفة الاستسقاء) # ونحن نذكر صفة الاستسقاء من مبتدئه إلى مختتمه [خلافا ووفاقا] (1)، وذلك ~~أن الناس إذا افتقروا إلى الماء بما قدمناه فيستحب للإمام أو لمن إليه ~~الأمر أن يأمرهم بالتوبة والنزوع (2) عن الآثام. # وهل يقدم قبله صيام ثلاثة أيام؟ في المذهب قولان: المشهور أنه لا يقدم. ~~واستحبه ابن حبيب. ولا شك أن الصوم من أجل القرب، وإنما كرهه في المشهور ~~على عادته في كراهية التحديد في المواضع التي لم يثبت التحديد بها لئلا يظن ~~أنها فرض أو سنة. فإذا فعل الناس ما أمروا به برز من إليه الصلاة بالناس ~~إلى موضع يجتمعون فيه فيكون في غير المسجد، وهي السنة. ويبرز الناس والإمام ~~على حالة التورع (3) والسكينة والتضرع، لا مظهرين للزينة، بل بعكسها. # وهل يكبر الإمام في طريقه إلى الموضع الذي يصلي فيه؟ في المذهب قولان ~~المشهور: أنه لا يكبر, لأن التكبير مشروع لإظهار شعار الإسلام، وذلك لائق ~~بالعيدين لا بالاستسقاء. والشاذ أنه يكبر قياسا على العيدين. # ولا خلاف في خروج من يكلف بالصلاة من الرجال. وأما الأطفال والنساء ~~والبهائم فهل يؤمر بإخراجهم؟ قولان: المشهور أنهم لا يخرجون، إذ من سنتها ~~الصلاة [وخروج غير المتجالة (4) من النساء عورة] (5) والشاذ الأمر بخروجهم ~~توسلا إلى الله تعالى بمن لا ذنب له، وهذا في غير النساء. وأما النساء فلا ~~يختلف في منع خروج من يخاف الفتنة بخروجها. PageV02P652 # ### | (حكم استسقاء أهل الكتاب) # وهل يباح الاستسقاء لأهل الكتاب؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه يباح، ~~لافتقارهم إلى ما يفتقر إليه المسلمون، ولأن الله ms265 تعالى يدر (1) رزقه على ~~المسلم والكافر. والثاني: أنه لا يباح خروجهم, لأنهم أعداء الله، ولا يتوسل ~~إلى الله بهم. وإذا أجزنا خروجهم فهل ينفردون بيوم أو يخرجون مع الناس ~~فيكونوا في ناحية؟ في المذهب قولان. وانفرادهم لما قدمناه من وجه خروجهم، ~~ومنع انفرادهم لئلا يتفق [القدر بسقيهم فيفتتن ضعفاء المسلمين] (2). ### | (حكم التنفل بموضع الاستسقاء) # وإذا وصل الناس إلى موضع الاستسقاء فهل يتنفلون قبل الصلاة وبعدها؟ في ~~المذهب قولان: المشهور جواز التنفل، إذ لا مانع منه لا بمحل ولا بوقت. ~~والشاذ كراهيته قياسا على العيدين. ### | (صفه هذه العبادة) # وهل يبتدئ الإمام بالصلاة قبل الخطبة أو بالعكس؟ في المذهب قولان: ~~المشهور أنه يبتدئ بالصلاة توسلا إلى الله تعالى بها، وقد روي ذلك عن ~~النبي-صلى الله عليه وسلم- (3). والشاذ الابتداء بالخطبة، وقد روي ذلك عن ~~الرسول عليه السلام أيضا (4)، وقياسا على صلاة الجمعة. # ومن صفة الخطبة؛ القيام والجلوس بين أثنائها كصفة الجمعة. وقد ~~PageV02P653 # # قدمنا الخلاف في الجلوس في ابتدائها. لكن يكثر في هذه الخطبة من ~~الاستغفار والتضرع. والأصل في الاستغفار قوله تعالى: {استغفروا ربكم إنه ~~كان غفارا} (1)، وقوله تعالى: {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء ~~عليكم مدرارا} (2)، فجعل السقي جزءا من الاستغفار. # ولا يدعو في هذه الخطبة إلا بكشف ما نزل بهم، لا لأحد من المخلوقين. ~~ويحول رداءه بعد أن يستقبل القبلة بوجهه. ومتى يفعل ذلك؟ في المذهب ثلاثة ~~أقوال (3): أحدها: أنه بين الخطبتين لئلا يزيد خطبة ثالثة (4)، [والثاني: ~~أنه في أثناء الخطبة الثانية لا بعد تمام الخطبة، والثالث] (5): أنه بعد ~~إكمال الخطبتين لئلا يقطع خطبته بعمل ليس من جنسها. # ومن يحول رداءه؟ لا خلاف أن الإمام يفعل ذلك، والمشهور أن من وراءه من ~~الرجال يفعلون ذلك. وقال الليث بن سعد (6): يكتفي بذلك الإمام، لما روي أن ~~الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في تحويل ردائه (7). # ولا يحول النساء أرديتهن، إذ فيه كشف (8) لهن. وهذا التحويل تفاؤلا ~~PageV02P654 # # بالانتقال من الجدب إلى الخصب. وصفة التحويل؛ يخفض (1) الحاشية التي على ~~رأسه أو ms266 على كتفه ويود ما يلي جسده من ردائه إلى جهة السماء، وبالعكس ما ~~يلي السماء. فإذا فعل ذلك فقد أكمل الاستسقاء. ### | (ماالعمل إذا اجتمع الخسوف والاستسقاء والعيد والجمعة) # وإن افتقر إلى إعادته أعيد لما تقدم. وقد نزل (2) أبو محمد عبد الحق حكم ~~اجتماع الخسوف والاستسقاء والعيد وصلاة الجمعة. وهذا الذي ذكره في الخسوف ~~تأباه العادة عند من تعلق بحساب المنجمين، لأن خسوف الشمس لا يكون على ~~استمرار العادة إلا في يوم تسعة وعشرين من الشهر، وهذا واضح عند أهل الحساب ~~العارفين بهذا الشأن وهذا الذي قاله نزل مثله الشافعي، واعتذر عنه أبو حامد ~~الغزالي بوجهين: أحدهما: أنه تكلم على ما يقتضيه الشرع والعقل غير ملتفت ~~إلى ما يقتضيه حساب المنجمين. والثاني: أنه عرف العادة في ذلك، لأنه تكلم ~~على ما يقتضيه الفقه لو كان يتأتى الوقوع (3). وذكر أبو محمد عبد الحق في ~~حكم الاجتماع الابتداء بصلاة الخسوف (4) لئلا تتجلى الشمس، ثم بالعيدين، ثم ~~بالجمعة، ويترك الاستسقاء إلى الغد. لأن حكم العيدين والجمعة إظهار الزينة ~~والمباهاة، وحكم الاستسقاء بالعكس، ولا يجمع بينهم. ### | (وقت الاستسقاء) # واختلف هل يجوز الاستسقاء بعد الزوال وبعد الغروب؟ والمشهور (5) من ~~المذهب أنه لا يجوز قياسا على العيدين، والشاذ جوازه في كل وقت PageV02P655 # # [تجوز فيه الصلاة؛ لأنه صلاة] (1) ودعاء فيجوز في كل وقت على ما ذكرناه # ... ### | باب في صلاة العيدين وما يتعلق بهما ### | (حكمها) # وهي سنة عندنا لا فرض كفاية. وقد قيل: إنها المراد بقوله: {فصل لربك ~~وانحر (2)} (2)، وقوله تعالى: {قد أفلح من تزكى (14) وذكر اسم ربه فصلى ~~(15)} (3). ولا يبعد أن يقال إنها فرض على الكفاية، لأنها إظهار لشعائر ~~الإسلام وإقامة أبهته. وإذا قيل إن الأذان فرض لإظهار شعائر الإسلام، فكذلك ~~تكون هذه, لأن المذهب كما قدمناه. وإذا ثبت ذلك فمن يؤمر بها؟ أما من تلزمه ~~الجمعة فلا خلاف أنهم مأمورون بها. وأما من لا تلزمهم؛ ففي المذهب قولان: ~~أحدهما: أنهم مأمورون بها لأنها نافلة اليوم، والثاني: أنهم غير مأمورين ~~بها لأن معناها لا يحصل إلا بالجمع كالجمعة ms267. وإذا قلنا بأنهم غير مأمورين ~~بها فهل يستحب لهم فعلها أم يكره؟ في المذهب قولان: أحدهما: استحبابه, لأن ~~أقل أمورها أن تكون كالنافلة. وإنما فيها زيادة تكبير. والثاني: أنه مكروه, ~~لأنها صلاة معتبرة تحصل فائدتها مع الجماعة لا للفذ، فيكره فعلها كما تمنع ~~صلاة الجمعة إلا مع الجماعة. والكراهية في هذه لأنها سنة، والمنع في ذلك ~~لأنها فرض. ### | (مكان إقامتها) # وإذا توجه الأمر بها فهل تقام في المسجد أو في خارج البلد؟ أما ~~PageV02P656 # # سائر أهل الآفاق فسنتهم أن يقيموها (1) خارج البلد إلا من ضرورة, لأنها ~~أبهة [الإسلام ومحاسن الشريعة] (2). وأما أهل مكة فيقيمونها في المسجد لئلا ~~يخرجوا عن الحرم. والحرم أفضل من خارجه. # وسنتها أن تقام في موضع واحد من المصر، ولا تقام في موضعين ولا أكثر, لأن ~~المطلوب بها المباهاة وإظهار شرف الإسلام وقوة شوكته كالجمعة. وإذا خرج ~~الناس إليها فالمستحب لمن يدرك الصلاة بخروجه بعد طلوع الشمس ألا يخرج ~~قبلها. والمستحب للإمام أن يخرج لها بقدر ما إذا بلغ موضعها حلت الصلاة. # وإذا صليت خارج البلد فلا يتنفل قبلها ولا بعدها. وإن صليت في المسجد ~~فثلاثة أقوال: أحدها: منع التنفل، قياسا على المصلى. والثاني: جوازه, لأنه ~~محل النافلة. والثالث: جوازه بعد لا قبل، محاذرة من تطويل النافلة حتى يفوت ~~وقت الصلاة المستحب. ### | (بعض أحكام سنة صلاة العيدين) # ومن خرج بعد طلوع الشمس أكثر في طريقه تكبيرا يسمع نفسه ومن يليه، ليقتدى ~~به، فإن خرج قبل الطلوع فهل يكبر؟ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يكبر إن خرج قبل ~~صلاة الفجر, لأن المشروع التكبير في الطريق إليها. والثاني: أنه يكبر إذا ~~أسفر بعد لا قبله، اقتداء بأهل المشعر الحرام. والثالث: أنه لا يكبر إلا ~~بعد طلوع الشمس, لأنه الوارد عن السلف. # ويخرج الإمام من طريق ويرجع في ثان، وهكذا يستحب لغيره من الناس. وقد كان ~~الرسول-صلى الله عليه وسلم- يفعله (3)، وقيل في تأويل ذلك معان كثيرة: ~~PageV02P657 # # منها أنه يقصد التهيب للكفار، ومنها أنه يقصد مساواة الطريقين فلا فضل ~~سيره فيهما ms268، ومنها أنه يقصد التصدق على أهل الموضعين، ومنها أنه كان -صلى ~~الله عليه وسلم - يسأل في طريقه عن الشرائع فأراد حصول العلم إلى أهل ~~الطريقين، إلى غير ذلك من التأويلات التي في معنى هذا. ويحتمل أن يقصد ~~أحدها أو جميعها. # والمستحب في هذه والاستسقاء والجمعة أن يمضي ماشيا، لأنه قاصد إلى الله ~~تعالى. فإذا عاد، فله أن يركب. وإذا وصل وحلت الصلاه بدأ بها قبل الخطبة، ~~وهي السنة. وإنما بدأ بالخطبة بنو أمية لمعان قصدوها لسنا لذكرها. وقد ~~أنكرها أبو سعيد الخدري (1) على مروان (2) والقصة مشهورة (3). # والمستحب أن يأتي الصلاة (4) إذا طلعت الشمس وابيضت، ولا ينبغي ~~PageV02P658 # # تأخيرها عن ذلك. ويقطع الناس التكبير بخروج الإمام. واختلف المتأخرون هل ~~بخروجه في محل العبد ماضيا إلى الصلاة، أو بعد حلوله في محل صلاته؟ وقد ~~قدمنا الخلاف في قطع النافلة يوم الجمعة، وهذا نحوه. # وإذا استوى الإمام في محله الذي يصلي فيه افتتح الصلاة كما يفتتح سائر ~~الصلوات, فيكبر (1) في الأولى سبعا بتكبيرة الإحرام، والثانية ستا بتكبيرة ~~القيام، ويوالي بين التكبير بحسب ما يكبر المقتدون به، ثم يقرأ في الأولى ب ~~(سبح) ونحوها، وفي الثانية ب (الشمس وضحاها)، بعد قراءة أم الكتاب (2) ~~فيهما. وقد روي عن الرسول عليه السلام أنه كان يقرأ بذلك (3) وروي عنه أنه ~~كان يقرأ في الأولى بعد أم القرآن ب (ق)، وفي الثانية ب (اقتربت الساعة) ~~(4). ولا بأس [بذلك إن لم يخش] (5) التطويل. # فإن لم يكبر حتى قرأ، فإن ذكر [قبل أن يركع] (6) أعاد التكبير. وهل يعيد ~~القراءة؟ في المذهب قولان. وقد تقدما، وإذا أعاد التكبير، فهل يسجد أم لا؟ ~~قولان. فإن لم يذكر حتى ركع ولم يرفع رأسه، جرى على الخلاف في عقد الركعة ~~ما هو؟ وإن رفع رأسه تمادى، وجرى سجوده على الخلاف في ترك الأقوال قبل ~~السلام، ويكبر المقتدون به. # فإن أتى المسبوق (7) بعد أن أكمل التكبير، فهل التكبير في حال قراءة ~~PageV02P659 # # الإمام؟ قولان: أحدهما: أنه يكبر في حال قراءة الإمام، إذ لا (1) مخالفة ~~للإمام في ذلك ms269، وإن لم يفعل فاته التكبير. والثاني: أنه لا يكبر بل يشتغل ~~بالسماع، قياسا على ما يفوته من أفعال الإمام وأقواله، فإنه لا يشتغل ~~بتلافيها. وإن أدركه في التشهد كبر وجلس (2). فإذا قام بعد سلام الإمام، ~~فهل يكبر ستا لأنه كبر للإحرام، أو سبعا لأن المشروع في [غير] (3) صلاة ~~العيد أن يقوم بتكبير؟ في المذهب قولان. # فإذا أكمل الصلاة صعد الإمام على المنبر إن كان هناك منبر. والأولى في ~~الاستسقاء أن يخطب على الأرض لقصد الذلة والخضوع. ولا بأس في العيدين ~~باتخاذ المنابر كما فعله عثمان رضي الله عنه (4) , لأن المقصود فيها إقامة ~~أبهة الإسلام. ويفتتح الخطبة بالتكبير. وهل هو محصور؟ لا خلاف أنه لا يلزم ~~حصره، لكن في المستحب منه قولان: قيل لا عدد له، وقيل بل عدده سبع. ثم يكبر ~~في أثناء خطبته. وهل يكبر الناس بتكبيره أم لا؟ قولان: أحدهما: أنهم يكبرون ~~كما يفعلون في دبر الصلوات في أيام التشريق. والثاني: أنهم لا يكبرون، بل ~~يشتغلون بالسماع كخطبة الجمعة. وتكون الخطبة بعد حمد الله والصلاة على نبيه ~~مشتملة على تعليم أحكام العيد، وما يشرع فيه من واجب ومستحب. # وإن خطب قبل الصلاة استحب له الإعادة. فإن لم يعد أجزأ وبئس ما صنع في ~~تركه السنة. # وإن زالت الشمس ولم يصل العيد فلا تقضى غدا, لأن القضاء يفتقر إلى أمر ~~ثان على الصحيح عند الأصوليين، ولم يرد. وأيضا قياسا على صلاة الجمعة إذا ~~ذهب وقتها. # ... PageV02P660 # ### | فصل (مشروعية التكبير في أيام التشريق) # والتكبير مشروع في أيام التشريق، وهي أيام النحر. أما لأهل منى ففي سائر ~~الأوقات. وأما لغيرهم فمشروع دبر الصلوات. وفي جوازه في سائر الأوقات ~~قولان: المشهور: أنه غير مشروع، لاستمرار العمل في ذلك. والثاني: أنه ~~مشروع، اقتداء بأهل منى. ولا خلاف عندنا أن أوله صلاة الظهر [يوم النحر] ~~(1). واختلف في آخره؛ فقيل: صلاة الصبح من اليوم الرابع من يوم النحر. ~~وقيل: صلاة الظهر. وهذا راجع إلى النقل، وقد استمر العمل في المدينة ~~[بالأول] (2). وإذا نسي صلاة من أيام ms270 التشريق فذكرها، فهل يكبر بعدها أم ~~لا؟ قولان: أحدهما: أنه يكبر على حسب ما كان (3) يؤديها. والثاني: أنه لا ~~يكبر، إذ أوان التكبير فات. # وصفة التكبير إن شاء أن يقول الله أكبر، ثلاثا. وإن شاء أضاف إلى ذلك ~~التهليل والتحميد، فكل ذلك لا يمنع (4)، ولم ترد سنة بتحديده. ولنحل الصلاة ~~بعرفة على كتاب الحج. PageV02P661 # ### | كتاب الجنائز # قال الإمام الفقيه الجليل أبو الطاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير مؤلفه ~~رحمة الله عليه (1): # وقد كانت الرتبة أن يبتدأ بما يفعل في حق الميت من حين احتضاره إلى حين ~~إكمال مواراته، لكن نترك ذلك لمحاذاة مسائل الكتاب ما أمكن. ### | (حكم توجيه الميت إلى القبلة وتلقينه الشهادة والقراءة عليه) # وقد اختلف المذهب في توجيه الميت إلى القبله عند الاحتضار؛ فأستحب، وكره. ~~ولا معنى لكراهية ذلك إلا خوف (2) التحديد خوفا أن يظن أنه من الفروض أو من ~~السنن. وإذا قلنا بالتوجيه فهل يوجه على ظهره أو على جنبه الأيمن؟ قولان ~~كما قدمناه [فى صلاة المضطجع المريض. ويستحب تلقينه الشهادة لقوله - صلى ~~الله عليه وسلم -:لقنوا موتاكم شهادة ألا إله إلا الله" (3)، ولقوله: "من ~~كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" (4). وهل يستحب PageV02P662 # # أن يقرأ عند (1) المحتضر شيئا من القرآن كسورة (يس)، أو ما في معناها؟ ~~قولان أيضا: الجواز، والكراهة لما قدمناه من] (2) كراهية التحديد. # وإنما بدأنا بهذا لما كان غير مذكور في الكتاب. ولنأخذ في أحكام الصلاة ~~على الميت، وهي تنحصر في مقدمة وثلاثة فصول. ### | (حكم الصلاة على الميت) # أما المقدمة؛ فقد اختلف المذهب في الصلاة على الميت هل هي فرض كفاية أو ~~سنة؟ وسبب الخلاف أمره -صلى الله عليه وسلم - بالصلاة وفعله (3). وقد اختلف ~~الأصوليون هل يحملان على الوجوب أو على الندب. واحتج محمد بن عبد الحكم ~~لوجوب الصلاة بقوله تعالى: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} (4). وإذا حرمت ~~الصلاة على غير المؤمنين وجب ضدها، وهو الصلاة على المؤمنين, لأن النهي عن ~~الشيء أمر بضده. وتعقب هذا أبو الحسن اللخمي ms271 بأن النهي عن الشيء أمر بضده ~~(5) إذا كان له ضد واحد، وإلا متى كانت له أضداد فلا يكون النهي أمر بالضد. ~~قال: وترك الصلاة على غير المؤمنين لها أضداد. وعد من أضدادها إباحة الصلاة ~~على المؤمنين، والندب إلى ذلك، والوجوب. وإذا ثبت النهي في حق غير المؤمنين ~~أمكن أن يكون محمولا على أحد أضداده في حق المؤمنين. إما الندب أو الإباحة ~~أو الوجوب (6). فهذه غلطة فاحشة لأن الضد في (7) PageV02P663 # # الحقيقة إنما هو الأمر، فإن كان النهي مقتضيا للتحريم كان الأمر مقتضيا ~~لضده، وضد التحريم الوجوب (1). وإن كان النهي مقتضيا للكراهة كان الأمر ~~مقتضيا للندب. ولو قال إن النهي [عن الصلاة] (2) على غير المؤمنين ضدها ~~الأمر في حقهم لكان مصيبا. على أن الصحيح عند أبي المعالي رحمه الله ومن ~~حقق تحقيقه، أن الأمر بالشيء لا يكون نهيا عن ضده، ولا بالعكس. وتحقيق هذا ~~محال على [فن الأصول] (3). # واحتج من قال بإسقاط الوجوب يكون الصلاة على الجنازة جزءا من أجزاء ~~الصلاة، فلم يكن واجبا قياسا على سجود السهو والتلاوة. وهذا قياس شبه، وبين ~~الأصوليين في قبوله خلاف. # وإذا تقررت هذه المقدمة قلنا بعدها: النظر في الصلاة على الموتى ينحصر في ~~ثلاثة فصول: أحدها: من يصلى عليه، والثاني: صفة الصلاة، والثالث: من أحق ~~بها. ### | فصل (من يصلى عليه ومن لا يصلى عليه) # فأما من يصلى عليه؟ فإن الآدمي على الجملة تشرع الصلاة عليه، إلا أن يمنع ~~منها مانع. والمانع قسمان: كمال، ونقص. ### | (تفصيل في الصلاة على الشهداء) # فأما الكمال فهو الشهادة في حرب الكفار. وقد ثبت عنه - صلى الله عليه ~~وسلم - أنه لم يصل على شهداء أحد (4). وقيل في علة ذلك: إن الله تعالى أخبر ~~أن PageV02P664 # # الشهيد حي يرزق. فترك الصلاة عليه تحقيق لكونه حيا، إذ لا يصلى على الحي. ~~هذا إذا كان المسلمون هم الفائزون. وأما إن غزا المشركون بلاد (1) المسلمين ~~واستشهد بعض المسلمين، فهل يصلى عليهم؟ في المذهب قولان: المشهور (2) أنهم ~~كالأولين لا يصلى عليهم لتساويهم في معنى الشهادة. والشاذ أنه ms272 يصلى عليهم. ~~ووجهه أن هؤلاء يدافعون عن أنفسهم، فلم يلحقوا في الفضيلة بمن غزا الكفار ~~مختارا. فإن احتج على هذا القول بأن غزوة أحد كان المشركون هم الغازون لهم، ~~فالجواب أن الرسول- صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المسلمين لم يقيموا في ~~أوطانهم، بل خرجوا منها إلى ملاقاة العدو. وقيل: إن قاتلوا فقتلوا حكم لهم ~~(3) بالشهادة، وإن وجدهم الكفار نياما فقتلوهم لم يحكم لهم بالشهادة. # وهذا إذا مات القتيل في المعترك فلم تكن له حياة بعده، فإن حيي بعده حياة ~~متيقنة ولم تنفذ مقاتله كان كحكم من يصلى عليه من غير الشهداء، وإن أنفذت ~~مقاتله فلم يحي حياة متيقنة كان كالشهداء في المعترك، وإن أشكل أمره ففيه ~~قولان: أحدهما: أنه يصلى عليه, لأن الأصل الأمر بالصلاة، إلا أن يثبت الموت ~~من الشهادة، وهذا مشكوك في حكمه. والثاني: أنه لا يصلى عليه, لأن الظاهر ~~موته من الطارئ عليه في المعترك حتى يثبت خلافه. وفي المذهب قول ثالث أنه ~~لا تترك الصلاة عليه، إلا أن يموت في المعترك. وأما إن بقيت به حياة بعده ~~فإنه يلحق بسائر الموتى. ويمكن أن يرى هذا أن الحديث إنما جاء فيمن مات في ~~المعترك خاصة، أو يرى أنه لا يقطع بالموت من الشهادة إلا لمن مات في ~~المعترك دون غيره. فيرجع إلى التقسيم الأول، وهذا إذا لم يكن جنبا. # فإن كان جنبا فهل يغسل؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه لا PageV02P665 # # يغسل، لقوله صلى الله عليه وسلم:"زملوهم في ثيابهم" (1)، والثاني: أنه ~~يغسل لإخباره - صلى الله عليه وسلم - عن حنظله بن أسيد (2) أن الملائكة ~~غسلته، وكان يعرف بنوه ببني غسيل (3) الملائكة. وسئل عن علة غسله فقيل: إنه ~~كان جنبا (4). ### | (تحريم الصلاة على الكفار وتفصيل القول في أبنائهم) # وأما النقص المانع من الصلاة فهو على أربعة أقسام أحدها: ما يرجع إلى ~~الاعتقاد. ولا يصلي على الكفار بالإجماع. وأما أولاد الكفار، فإن كان معهم ~~أباؤهم ألحقوا بهم، [فإن لم يكن معهم الآباء حكم لولدهم الذين لم يعقلوا ~~دينهم ms273 (5) بالإسلام] (6).وإن أسلم الأب حكم لولده الذي لم يعقل دينه ~~بالإسلام. وأما إن أسلمت الأم فهل يحكم لهم بالإسلام؟ في المذهب قولان: ~~المشهور أنه لا يحكم لهم بذلك لأن الدين معناه التعصيب، ولا تعصيب للأم. ~~والشاذ أنه يحكم لهم بالإسلام، لأنها أحد الأبوين، فأشبهت الأب, وقياسا على ~~الحرية والرق. # فإن لم يكن معهم آباؤهم وولدوا في ملك أهل الإسلام، فهل يحكم بإسلامهم؟ ~~قولان: أحدهما: أنه يحكم بإسلامهم لقوله - صلى الله عليه وسلم - "كل مولود ~~PageV02P666 # # يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه" (1)، وقيل: لا يحكم ~~بإسلامهم. والفطرة في الحديث معناها السلامة (2) من دين من الأديان ~~[الرديئة] (3). ويكون معنى الحديث على هذا أن كل مولود فهو مهيأ لقبول كل ~~دين. وعلى القول الأول المراد بالفطرة الملة الحنيفية. # فإن ولد بين أبويه فاشتراه مسلم، فهل يحكم له بالإسلام بملك المسلم له؟ ~~في المذهب قولان: المشهور: أنه لا يحكم له بذلك حتى تظهر منه علامة تدل على ~~قبوله الإسلام، والشاذ رواية معن (4) بن عيسى (5) في بعض رواية المدونة: ~~يحكم له بالإسلام. فالأول نظر إلى أنه [غير] (6) متدين بدين، فلم يحكم ~~بإسلامه (7)، وهو غير مسلم قطعا. والثاني: نظر إلى مالكه (8) , لأنه إذا لم ~~يعقل دينه فمعلوم بالعادة تدينه بالإسلام. وهكذا يحكم في كبار المجوس من ~~الأعاجم الذين يعلم بالعادة تدينهم بدين ملاكهم. # وعكس هذا لو ارتد أحد من أولاد المسلمين قبل البلوغ، ففي الحكم له بما ~~ارتد إليه قولان: أحدهما: أنه لا يحكم له بذلك, لأنه يجبر على الرجوع إلى ~~الإسلام بمآله إليه، والثاني: أنه يحكم له بذلك نظرا إلى PageV02P667 # # الحال. وقد يلتفت إلى هذا على خلاف الأصوليين في الصبي قبل البلوغ فهل ~~يحكم له بالعقل أم لا؟ # ولو أسلم بعض أولاد الكفار قبل بلوغهم وهم بين أبويهم، ففي قبول إسلامهم ~~قولان، وهما عكس ما قدمناه. وكل من حكمنا بإسلامه أجريناه على حكم المسلمين ~~في الصلاة عليه، وأكل ذبيحته [ووطء الأمة] (1) إلى غير ذلك من أحكام ~~الإسلام. # وأما الخوارج، فقد قدمنا خلاف المذهب في كفرهم ms274 أو فسقهم. فإن حكمنا لهم ~~بالكفر لم يصل عليهم وجروا على حكم الكفار، وإن حكمنا بفسقهم أمرنا ~~بالامتناع من الصلاة عليهم تأديبا لهم. فإن خيف أن يضيعوا صلي عليهم وفعل ~~بهم ما يفعل بالمسلم. ### | (الصلاة على العصاة ومن قتل حدا) # والقسم الثاني ما يرجع من النقص إلى الجوارح وهي المعاصي، فينبغي لأهل ~~الفضل أن يجتنبوا الصلاة على مظهري الكبائر ليرتدع بذلك أمثالهم. وأما من ~~قتله الإمام في حد فإن كان حده دون القتل لكنه مات منه جازت الصلاة عليه، ~~ولا يجتنب إلا أن يكون مظهرا للكبائر فيرجع إلى ما قدمناه. وإن كان حده ~~القتل فهل يجوز للإمام المتولي حده الصلاة عليه؟ في المذهب قولان: المشهور ~~أنه لا يصلي عليه. وقال محمد بن عبد الحكم يصلي عليه. واحتج بأن الرسول ~~عليه السلام صلى على ماعز والغامدية وقد قتلهما في حد الزنا (2). وعلل ~~المشهور بأن الصلاة عليهم للإمام مناقضة للحكم بقتله [ويشفع فيه] (3). ### | (حكم الصلاة على السقط) # والقسم الثالث ما يرجع إلى عدم الحياة وهو السقط، فلا يصلى عليه ~~PageV02P668 # # إذا لم تعلم حياته بعد خروجه، فإن علمت صلي عليه. وهذا لأنه إذا لم تعلم ~~حياته [لا يحكم له بالموت، ونحن إنما نصلي على الموتى. # وبأي شيء تعلم حياته؟] (1) أما الصراخ فيحكم بحياة من وجد منه. وأما ~~الحركة؛ فإن قلت فكانت كالاختلاج فلا يحكم بالحياة لمن وجدت منه، وإن كثرت ~~فظاهر المذهب على قولين. وكذلك اختلف في العطاس والرضاع. وأصل هذا أن كل ~~حالة يقطع بها أنها لا تكون إلا من حي، فلا يختلف فيها. وكذلك كل حالة قد ~~تكون من غير الحي، فلا يحكم بحياة من وجدت منه. ومع الإشكال فالأصل عدم ~~الحياة. والخلاف فيما قدمناه خلاف في حال؛ هل يوجد بعضه من غير حي، أو لا ~~يوجد إلا من حي؟ ### | (حكم الصلاة على بعض أجزاء الميت) # القسم الرابع نقص الجسد بأن يوجد بعضه؟ فإن وجد جله صلي عليه بلا خلاف، ~~إلا عند ابن حبيب أنه قال لو كان مقطعا فإنه لا ms275 يصلي عليه. وعلل بأن الصلاة ~~لا تكون إلا بعد الغسل، وهذا لا يمكن غسله. # وإن كان أقله [أو بعضه] (2). ففي المذهب قولان: أحدهما: أنه يصلى عليه ~~وينوى بها الجميع. والثاني: لا يصلى عليه, لأنه قد يوجد الباقي فيؤدي إلى ~~تكرار الصلاة عليه. وقد اعترض بعض الأشياخ ترك الصلاة على الشطر, لأنه يؤدي ~~إلى ترك الصلاة جملة. وينخرط في هذا السلك الصلاة على الغريق ومن أكلته ~~السباع ومن في معناه. وفي المذهب قولان: أحدهما: لا يصلى عليهم, لأن الصلاة ~~إنما شرعت في حق الحاضرين الأبدان (3). والثاني: يصلى عليهم، لئلا يتركوا ~~بلا صلاة. وإنما يصلى على الحاضر مع القدرة. PageV02P669 # ### | (حكم الصلاة على الغائب) # وإذا فقد (1) جازت الصلاة وإن كان غائبا، كما فعله -صلى الله عليه وسلم- ~~في صلاته على النجاشي (2). وفي المذهب في الصلاة على الغائب قولان أيضا. ~~واعتذر القائلون بنفي الصلاة بأن النبي-صلى الله عليه وسلم- زويت له الأرض ~~حتى كان مشاهدا له وإن كان غائبا عن موضعه. ومن هذا المعنى [تكرار] (3) ~~الصلاة على القبر (4). والمشهور من المذهب أنه لا يصلى عليه، إذ لو جاز ذلك ~~لكررت (5) الصلاة على النبي-صلى الله عليه وسلم- والشاذ أنه يصلى عليه ~~قياسا على صلاة النبي-صلى الله عليه وسلم-على قبر السوداء (6). هذا إذا صلي ~~عليه قبل الدفن. # فإن دفن بغير صلاة أو بصلاة ناقصة فهل يصلى عليه؟ قولان. وإذا قلنا لا ~~يصلى عليه فهل يخرج؟ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يخرج إلا أن يخاف تغيره. ~~والثاني: أنه لا يخرج. والثالث: أنه إن طال لم يخرج، وإن لم يطل أخرج. ~~ويلحق بهذا حكم من دفن معه ما يعز ثمنه أو تمس الحاجة إليه. # وقد اختلف فيه هذا الاختلاف؛ فإجازة الصلاة ابتداء مراعاة للخلاف، ولأنه ~~أهون من إخراجه. ومنعها لئلا يتطرق بها إلى الصلاة على القبر. وأما ~~PageV02P670 # # الخلاف في إخراجه؛ فمن منع فللخوف أن يطلع من حاله على أمر يسوء من يخلفه ~~فيغتمون (1) به. وقد حكي ذلك عن جماعة أنهم أخرجوا فوجدوا على حالات من ms276 ~~أنواع العذاب. ومن لم يصحح هذا ورأى أن الغالب عدمه نظر إلى تغيره وعدم ~~تغيره. وكأن القول بالنظر إلى الطول (2) يرجع إلى مراعاة التغيير. # ... ### | فصل (صفة الصلاة على الميت) # وأما صفة الصلاة فتبتدئ بالتكبير. وهن عندنا أربع، لما ثبت عنه -صلى الله ~~عليه وسلم - من أنه صلى على النجاشي وكبر عليه أربعا (3). فإذا زاد الإمام ~~تكبيرة فهل ينتظر حتى يسلم أو يسلم المأموم؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه ~~ينتظر، لأنه زاد ما اختلف الناس في ثبوت زيادته. والتكبير لا يبطل الصلاة ~~على الجملة. والثاني: أنه لا ينتظر, لأن هذه التكبيرات صارت شعارا لأهل ~~الشيعة، فيجب أن تحمى الذرائع في موافقتهم. # وإن سلم من ثلاثة؛ فإن لم يطل كبر الرابعة وسلم، وإن طال أعاد الصلاة ما ~~لم يدفن. فإن دفن جرى على الخلاف؛ هل يصلى عليه، أو يخرج، أو يترك. وأحرى ~~هاهنا [بالاتفاق] (4) أن تترك الصلاة لقول من قال بالاكتفاء بالثلاث. # وهل يرفع يديه في تكبيره في الصلاة على الجنازة؟ ثلاثة أقوال: ~~PageV02P671 # # أحدها: ترك الرفع في الجميع، وهو شاذ، ذكره ابن شعبان في مختصره. والرفع ~~في الجميع. والرفع في الأول خاصة. هذان القولان في المدونة (1). وقد قدمنا ~~الخلاف في رفع اليدين في تكبيرة الصلاة. وينخرط في هذا السلك إذا أتى ~~المسبوق في جنازة فوجد الإمام يكبر دخل معه بلا خلاف. وإن وجده في الدعاء ~~بين التكبيرتين؛ فهل يدخل حينئذ، أو ينتظر حتى يكبر؟ يجري على الخلاف في ~~التكبيرة هل هو كالركعات فلا يدخل، أو كتكبير الصلاة فيدخل؟ وهذا فيه نظر, ~~لأن المشروع دخوله مع الإمام وإن كان في أثناء الركعة. فلعل من قال لا يدخل ~~هاهنا رأى أن الدعاء لا يستقل الاقتداء به (2) إلا بعد انعقاد التكبير مع ~~الإمام، أو عقيبه. ولا خلاف أن المقصود الأول من صلاة الجنازة الدعاء. # وهل يستحب أن يفتتح بتحميد ثم بالصلاة على الرسول عليه السلام؟ في المذهب ~~قولان: أحدهما: استحبابه، لما ورد في بعض الطرق من إثباته، ولأنه أمر ذو ~~بال. وفي الحديث أن كل ms277 أمر ذي بال لم يفتتح بحمد الله فهو أبتر (3). ~~والثاني: الاقتصار على الدعاء خاصة, لأنه الثابت عن الرسول - صلى الله عليه ~~وسلم -. # وهل يدعو بعد التكبيرة الرابعة أو يسلم عقبها من غير دعاء؟ في المذهب ~~قولان. والدعاء قياسا على سائر التكبيرات، ونفيه لأن التكبيرات جعلت في هذه ~~الصلاة كالركعات [من غيرها] (4). فلو دعا بعد الرابعة لافتقر إلى تكبيرة ~~يختم بها بعد الدعاء. # ولا خلاف أنه لا يستحب دعاء معين. وقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه ~~وسلم - أنه PageV02P672 # # صلى على جنازة فدعا بدعاء مخصوص، فجمعه أهل العلم، واستوفاه أبو محمد بن ~~أبي زيد في رسالته، ورتبة (1) فلا نطول بذكره. # وهل يقرأ قبل الدعاء بأم القرآن؟ في المذهب قولان: المشهور أنه لا يقرأ, ~~لأن المقصود الدعاء، ولأن هذا جزء من الصلاة المفروضة، فلا يقرأ فيها بأم ~~القرآن قياسا على سجود التلاوة. وقال أشهب: يقرأ فيها بأم القرآن، وهذا ~~لعموم قوله-صلى الله عليه وسلم-: "كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي ~~خداج" (2)، ولأن ابن عباس رضي الله عنه صلى على جنازة فقرأ بأم القرآن ~~فقال: "إنما فعلته لتعلموا أنها سنة" (3). وبين الأصوليين خلاف في الصحابي ~~إذا قال: من السنة كذا، هل يضاف إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويكون ~~سنته؟ أو يكون كقول الصحابي يختلف فيه هل يكون حجة أم لا؟ # وقد قدمنا الخلاف في صفة السلام من الصلاة على الجنازة هل يجهر به أو ~~يسر؟ [وإذا قلنا إنه يسر] (4)، فيعلم المقتدون كمال الصلاة بانصراف الإمام. # ومن صفة الصلاة حكم وضع الجنائز. والفضل عندنا في القرب إلى الإمام. فإن ~~كانت الجنائز من جنس واحد كالرجال أو النساء (5) فالإمام بالخيار بأن يجعل ~~صفا واحدا ويلي الإمام أفضلهم، أو يقوم وسط الصف ويجعل قيامه عند أفضلهم، ~~ويجعل الذي يلي الإمام من يليه في الأفضل، PageV02P673 # # ويرتبهم ويجعل الأفضل يليه ومن بعده قدامه إلى القبلة، هكذا ترتيب الفضل. # فإن كانوا ذكورا وإناثا وأحرارا وعبيدا بالغين وغير بالغين، قدم الذكور ~~الأحرار البالغين، ثم الصغار ms278 [الأحرار] (1)، ثم الأرقاء، ثم أحرار النساء، ~~ثم الصغار من النساء الأحرار من بعده على الترتيب الأول. والأصل تقريب ~~الأفضل إلى الإمام، والأفضل في هؤلاء على ما رتبناه. فإن كان فيهم خنثى ~~مشكل جعل بين الذكور والإناث. # وإن أفردت جنازة واحدة فإن كان ذكرا قام عند وسط الجنازة، وإن كانت أنثى ~~فقولان: قيل كالرجال، وفيه ستر لها ممن يليه. وقيل عند منكبيها، هذا حذار ~~من تذكر ما يقدح في الصلاة. وقد تقدم الخلاف في الصلاة على الجنائز بعد ~~الصبح وبعد العصر. # ... ### | فصل (من أحق بالصلاة على الميت؟) # ولا خلاف عندنا أن وصي الميت أولى بالصلاة عليه إذا قصد الميت الترغيب في ~~الصلاح والخير، فإن قصد مراغمة (2) الولي لم يلتفت إلى وصيته. والولي أولى ~~في الأصل، وإنما تنفذ وصية الميت متى قصد ما ينتفع به من جهة الآخرة، فإن ~~قصد غير ذلك رجع إلى الأصل. # وإذا اجتمع الولي والوالي، فالوالي أولى إذا كان الذي تؤدى إليه الطاعة، ~~فإن كان ممن دونه كالمولى على الصلاة والقاضي ومن في معناهم فثلاثة أقوال: ~~أحدها: أن الولي أولى [وغيره من الولاة، من حيث إنه يعصبه، وقد يجتهد له ~~بالدعاء أكثر من غيره] (3). والثاني: أن صاحب الصلاة [والقاضي أولى، من ~~PageV02P674 # # جهة أنه جعله الحاكم لمثل هذه.] (1) والثالث: أن الولي أولى، إلا أن يكون ~~صاحب الصلاة هو القاضي. وهو على الخلاف فيمن استحق أمرا من [باب] (2) ~~الولاية فنقله إلى غيره؛ هل ملكه ذلك كملك المال يتصرف فيه بالنقل، أو لا ~~يكون له التصرف فيه بالنقل لأنه إنما ملك لمعنى فيه، فإذا نقله إلى من ليس ~~فيه ذلك المعنى بطل نقله؟ ومن تؤدى إليه الطاعة هو المالك للصلاة لحق ~~الولاية. وقد نقلها هنا إلى من جعل إليه الصلاة. # وأما التفرقة بين القاضي وغيره، فلأن القاضي مستحق النظر في الشريعه، فهو ~~كالوالي الذي تؤدى إليه الطاعة. # وعلى هذا الخلاف اختلف في الوالي إذا قدم غيره ممن له ولاية، لكن في ~~الحضور (3) من هو أولى من المقدم؛ هل يكون الأقرب أولى ms279 أو المقدم؟ وعلى هذا ~~الأسلوب الخلاف في التي تستحق الحضانة إذا سلمتها لغيرها، وثم من هو أقرب ~~من المسلم إليه. وعليه الخلاف أيضا في الوصي (4) هل يكون أولى بالنكاح من ~~الولي لأوليائه (5)، أو يكون هو والولي سيان؟ في المذهب ثلاثة أقوال. # وإذا اجتمع الأولياء فأولاهم أقعدهم (6) بالتعصيب. فالابن وابنه أولى من ~~الأب، والأب أولى من الأخ، [والأخ أولى من ابن الأخ] (7) وابن الأخ أولى من ~~الجد، والجد أولى من العم، والأقرب من كل هؤلاء أولى ممن بعده. فإن تساووا ~~في القعدد فأولاهم أهل الفضل. ومعرفة الفضل مما قدمنا، لا في استحقاق ~~الإمامة. هذا نص في المذهب. وولاية النكاح PageV02P675 # # تستحق عندنا بالتعصيب. وقد اختلف في المذهب هل ابن الابن مقدم على الأب، ~~أو بالعكس؟ وهل الجد مقدم على الأخ أو بالعكس؟ المشهور هناك تقدمة الابن ~~والأخ. والشاذ تقدمة الأب والجد. ولا يبعد أن يجري الخلاف هاهنا على الخلاف ~~في ولاية النكاح. # وإذا اجتمعت جنائز ولها أولياء؛ فإن كانت الجنائز جنسا واحدا قدم الأفضل، ~~فإن تساووا في الفضل فلهم الاقتراع. وكذلك إن كان للميت الواحد أولياء ~~يتساوون في القعدد والفضل. فإن كان أحد الجنازتين ذكرا والآخر أنثى؛ فهل ~~ينظر إلى الفضل في الأولياء ويقدم ولي الذكر وإن كان ولي الأنثى أفضل منه؟ ~~في المذهب قولان. وتقدمة ولي الرجل نظرا إلى الفضل من جهة الميت, لأنه ~~بسببه يستحق الصلاة. وتقدمة الأفضل نظرا إلى جهة الأولياء ولهم الولاية، ~~فينظر (1) إلى الأفضل منهم. # وقد قدمنا الخلاف في نجاسة الميت وطهارته، وعليه ينبني القولان في الصلاة ~~عليه في المسجد. # ... ### | باب في أحكام الغسل ### | (حكم غسل الميت) # والخلاف في وجوبه أو كونه سنة كالخلاف في الصلاة. وقد أمر رسول الله -صلى ~~الله عليه وسلم- (2). وبين الأصوليين خلاف في أمره كما تقدم. والنظر فيه ~~PageV02P676 # # أيضا ينحصر في ثلاثة فصول: أحدها: من يغسل، والثاني: صفة الغسل، والثالث: ~~من يستحقه. # فأما من يغسل؛ فإن كان ممن يصلى عليه يستحق الغسل على الجملة، ومن لا ~~يصلى عليه فإنه لا يغسل، سواء ms280 كان المانع للصلاة نقص أو كمال. ### | (موانع تغسيل الميت) # وقد تعرض معان تمنع من الغسل فينتقل إلى بدله إن أمكن. ومن المعاني أن ~~يكون الجسد مقطوعا. وقد قدمنا الخلاف، هل يمنع ذلك من الصلاة كما يمنع من ~~الغسل، أو (1) يكون ذا علة تمنع من الغسل. ومنها أن يكون الميت ذكرا وهو مع ~~نساء من ذوات محارمه [أو غيرهن؛ فإن كن من ذوات محارمه] (2) فهل يغسلنه أو ~~يقتصرن على التيمم؟ قولان. [وهما] (3) على الالتفات إلى تقابل مكروهين؛ إما ~~ترك الغسل، وإما الاطلاع على ما لا يحل النظر إليه. فإن قلنا بالغسل غسلنه ~~من فوق الثوب، وقيل من تحته، وتستر عورته [وإن كن (4) غير ذوي محارمه ~~يممنه، مخافة أن يطلعن علي ما لا يحل النظر لهن إليه. هذا إن كان بالغا. # وأما الصغير الذي لا حظ للنساء في مثله فيغسلنه. وما حده؟ قيل: إذا كان ~~ممن لا يمكنه الوطء. وقيل: إذا كان ممن لا يؤمر بستر عورته] (5). وكأن هذين ~~يرجعان إلى معنى واحد، وهو النظر إلى عدم الشهوة من النساء في رؤية جسده. # ومنها أن تكون المرأة مع رجال ليس معهم نساء من ذي محارمها ولا ~~PageV02P677 # # من غيرهن؛ فإن كانت مع ذوي محارمها [من الرجال] (1) فهل يغسلونها أو ~~ييممونها؟ ثلاثة أقوال: أحدها: وجوب الغسل، والثاني: الانتقال إلى التيمم، ~~والثالث: التفرقة بين أن تكون الحرمة من النسب فيغسلونها، أو من الصهر فلا ~~يغسلونها. والقولان على ما قدمنا أولا. وأما التفرقة فلأن النفس مجبولة على ~~احترام ذوي الأنساب، والصهر مشبه بهم. وإنما شبهته الشريعة لضرورة ~~الاختلاط، فهو في هذا كالأجنبي. # وأما إن كانوا غير ذي محارمها ييممونها إلى الكوعين (2) في اليدين، لأن ~~ما عدا ذلك عورة. # وأما النساء فيممن الرجل [الأجنبي] (3) إلى المرافق، إذ ليس بعورة ولا ~~موضع يشتهى منه. # فإن كانت صغيرة جدا فهل تكون كالكبيرة؟ في المذهب قولان: أحدهما: إنها ~~كالطفل الصغير في حق النساء يغسلها الرجال، والثاني: أنها تيمم كالكبيرة. ~~وهذا خلاف في شهادة؛ هل تتحرك دعاوى الشهوة [إلى من كان ms281 في هذا الحد؟] (4). ~~ولا يختلف فيمن كانت (5) في المهد مثلا، إذ دواعي الشهوة لا تتحرك إليها. ~~وكذلك لو كانت فوق هذا المقدار باليسير. ولا يختلف فيمن كانت تطيق الوطء ~~أنها كالكبيرة. # ... ### | فصل (صفة الغسل) # وأما صفة الغسل؛ فإنها صب الماء والتدلك على حكم غسل الجنابة. ~~PageV02P678 # # وهل يجرد [للغسل أو تستر العورة؟ وأما النساء مع النساء والرجال مع ~~الرجال ففي الاقتصار على ستر العورة، أو التجريد قولان. وأما العكس] (1) ~~إذا قلنا بالغسل كما تقدم، فلا يجرد. ويغسل الرجل في الثوب، وكذلك المرأة. ~~ويجافي الثوب عن أجسادهما، ويصب الماء لئلا يلتصق بأجسادهما. وهذا فيما (2) ~~قدمناه. # ولو كانت الزوجة تولت غسل زوجها، أو بالعكس لكشفت عن جسده. وهل تستر ~~عورته؟ في المذهب قولان: أحدهما: الأمر بالستر, لأن النظر إنما كان مباحا ~~أولا، تبعا (3) للوطء. والثاني: لا تؤمر به لأنه أبلغ في الإنقاء. ولو حرم ~~النظر لما جاز لواحد منهما غسل الآخر. # وأما غسل الرجال لأمثالهم والنساء لأمثالهن، فذهب مالك رحمه الله تعالى ~~إلى أن التجريد من الثياب مشروع في حق الرجال. وقد روي مثله عن الرسول عليه ~~السلام؛ وما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - غسل في ثوبه فذلك من خصائصه. ~~ولأنه أبلغ في الإنقاء، وبه تحصل حقيقة الغسل. وتستر عورة المغسول. وقد ~~قدمنا الخلاف في العورة ما هي؟ ويجرد ما عدا ذلك. وهل تجعل خرقة على صدره؟ ~~وقع في قول استحبابها، وهذا لئلا يطلع منه على ما يسوءه النظر إليه لو كان ~~حيا. واستحسنه بعض المتأخرين فيمن طال مرضه وانتهكته العلة. ويفضي الغاسل ~~بيده إلى عورته إن افتقر إلى ذلك، وإلا فيمر على الموضع خرقة. وقال ابن ~~حبيب: لا يباشر عورته وإن احتاج إلى ذلك (4). وهذا لتقابل مكروهين. ولا ~~ينبغي أن يكثر حاضروا الغسل [لحرمة المغسول] (5). # وهل يستحب أن يتوضأ قبل الغسل؟ في المذهب قولان: المشهور PageV02P679 # # استحبابه، قياسا على غسل الجنابة. والشاذ نفي استحبابه؛ لأن المقصود منه ~~النظافة لسائر الجسد. وإذا قلنا باستحبابه فهل يكرر بتكرار الغسلات؟ (1) ~~قولان: أحدهما: أنه يكرر لأن ms282 الوضوء مستحب في ابتداء الغسل، والتكرار ~~مستحب، فيكرر الوضوء بتكرار الغسل. والثاني: أنه لا يستحب, لأن المطلوب ~~افتتاح الغسل به، وذلك يحصل بكونه في الأول. قال بعض المتأخرين: وإذا قلنا ~~إنه لا يكرر بتكرار الغسل (2) فيستحب تكراره في الأول ثلاثا، وإذا قلنا ~~بتكراره فإنه لا يكرر أولا، بل يتوضأ مرة واحدة في ابتداء كل غسلة. # ولا تقلم أظفار الميت، ولا يزال شيء من شعره، إذ فيه تغيير لخلقته، ولا ~~حاجة إليه بعد الموت، [إلا أن يفعل هذا] (3) قبل موته لحاجته إليه، ليس ~~للموت على هذا. # واختلف المذهب في الغسل هل المقصود منه النظافة المحضة أو العبادة كغسل ~~الجنابة؟ وعلى هذا اختلف هل يغسل أولا [بالماء القراح (4) ثم فيما بعد يزاد ~~إلى الماء السدر والكافور، أم يجعل ذلك من الأول؟ وهل يغسل، (5) بماء الورد ~~أو الريحان، أم لا؟ # واختلف في كراهية غسله بماء زمزم. وسبب الخلاف ما قدمناه من الحكم ~~بنجاسته؛ فإن حكمنا بها كرهنا غسله لكراهية استعمال الماء في النجاسة. وأهل ~~مكة يحكون أن من استنجى به حدث به البأس. وإن حكمنا بطهارته أجزنا غسله به. ~~وعلى هذا القولان في نجاسة الثوب الذي يجف (6) فيه PageV02P680 # # ولا خلاف أن الغسلة الواحدة تجزي، لكن يستحب التكرار لقوله- صلى الله ~~عليه وسلم - في ابنته "اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن" ~~الحديث (1)، وكره مجاوزة السبع (2) والاقتصار على الواحدة. والأوتار مستحب ~~(3). قال ابن حبيب: يغسل أولا بالماء القراح، ثم يخلط في الثاني السدر إن ~~وجد، فإن لم يوجد فالغاسول، وفي الثلاثة الكافور. وهذا على رواية في ~~الابتداء بالماء القراح (4). وإن كرر غسل الميت فلم يحصل الإنقاء بالتكرار ~~لأوساخه أو ما يخرج منه، أعيد التكرار حتى يحصل الإنقاء. # ... ### | فصل (من الأحق بتغسيل الميت) # والمقدم في غسل الميت الزوج والزوجة (5). وهل يقضى لهما بذلك؟ ثلاثة ~~أقوال: القضاء مطلقا, لأنه حق لازم فيقضى به [له] (6). ونفي القضاء، ولعل ~~هذا لعدم فائدته الدنيوية. والقضاء به للزوج دون الزوجة، ولعل هذا لما روي ~~من بقاء الزوجية ms283 بينهما. قال هذا سحنون، وعلل بأن الزوج يحفظ زوجته حية ~~وميتة، بخلاف الزوجة في حق الزوج. وهذا إذا كانا حرين، فإن كانا عبدين أو ~~أحدهما فإن لم يأذن السيد له بالغسل لم يقض به, لأن منافع المملوك لا يتصرف ~~فيها إلا بإذن السيد. فإن أذن، فعلى القول بنفي القضاء في حق الحرين لا شك ~~في نفيه هاهنا، وعلى القول بثبوته هناك [فيكون هاهنا] (7) قولان: أحدهما: ~~إثباته قياسا على PageV02P681 # # الحرمين، والثاني: نفيه لعدم ثبوته في الأصل. وهذا إذا كان النكاح صحيحا ~~ولم تقع فرقة، وإن كان فاسدا وهو مما يجب فسخه من غير تخيير أحد الزوجين ~~فلا يغسل أحدهما الآخر إلا أن يثبت قبل الموت ما يرفع فسخه. وإن كان الخيار ~~لأحدهما؛ فالمنصوص وجوب الغسل. وخرجه أبو الحسن اللخمي على الخلاف في فوات ~~الخيار بالموت. فإن قلنا باستقرار النكاح وفوات الاختيار بالموت غسل كل ~~واحد منهما الآخر، فإن قلنا ببقاء الخيار وصحت الزوجية نظر إلى ما يختاره ~~الباقي منهما إن كان الخيار له، وإن كان الخيار للميت فلا يغسله الباقي ~~منهما. # وإن وقع الفسخ أو الطلاق البائن قبل الموت انتفى الغسل، وإن كان الطلاق ~~رجعيا فقولان: أحدهما: وجوب الغسل لبقاء حكم الزوجية. والثاني: نفيه لوقوع ~~التحريم بالواحدة ما لم تقع الرجعة. وعندنا قولان في [الخلوة] (1) بالمطلقة ~~طلاقا رجعيا هل يجوز أم لا؟ وهذا ينخرط في سلكه. # وإذا لم يكن الزوج أو الزوجة موجودين أو امتنعا من الغسل فالغسل إلى ~~الأولياء إن أحبوه، وهو على الترتيب في الولاية. لكن المشروع أن يغسل ~~الرجال أمثالهم والنساء أمثالهن، فتكون الابنة وابنة الابن في حق المرأة ~~كالابن في حق الرجل. ويجري ذلك على ترتيب الأولياء كما قلنا في الصلاة. # وإذا كان الرجل مع النساء أو بالعكس [كما قدمناه] (2)، ومعهم ذمي من جنس ~~الميت؛ فهل يباح للذمي الغسل ويفعل بالميت ما قدمناه؟ في المذهب قولان. ~~وهما على الخلاف؛ هل المقصود العبادة فلا يغسله الذمي، أو النظافة فيغسله. # ... PageV02P682 # ### | باب في أحكام الكفن والحنوط وما يتعلق به # ولا ms284 خلاف في وجوب ستر الميت. ولا يختص الوجوب بعورته كما يختص بالحي. ~~وهذا معلوم من دين الأمة [ضرورة] (1)، فقد نقل قولا وفعلا. ### | (اختصاص الشهيد بالدفن في ثيابه) # ويختص الشهيد بمواراته في الثياب التي مات فيها من غير زيادة عليها ولا ~~نقص منها، وهذا إذا كانت ساترة له جميع جسده، جارية على اللباس المعتاد. ~~وإن قصرت عن ستر الجسد زيد فيها ما يستره، وهذا لما ثبت من أن مصعب (2) بن ~~عمير استشهد يوم أحد وليس له إلا بردة (3) إن غطي بها رأسه بدت رجلاه (4)، ~~فأمر رسول-صلى الله عليه وسلم- أن يغطى رأسه ويجعل على ماعدا ذلك الإذخر ~~(5).واختلف هل يزال عنه الدرع والخفاف والقلنسوة والمنطقة (6)، في المذهب ~~قولان: أحدهما: إزالتها، والثاني: تركها. وقد قال النبي-صلى الله عليه وسلم ~~-"زملوهم بثيابهم (7) " فلهذا لم يختلف في اللباس المعتاد. والدرع؛ وإن سمي ~~ثوبا لغة فلا يسمى عرفا. وبين الأصوليين خلاف في تخصيص الألفاظ (8) ~~وتنزيلها على العرف. ومن يقول لا ينتزع عنه شيء يفهم من اللفظ دفنهم على ~~هيئتهم من غير نقص لزيهم، حتى يجيء يوم الحشر على الحالة التي استشهد ~~عليها، وهذا مفهوم من الحديث قطعا. ومن عول على اللفظ قال لا يدفن إلا في ~~الثياب خاصة. PageV02P683 # # وأما الخاتم فخرجه أبو الحسن اللخمي (1) على الخلاف فيما قدمناه. ~~والمنصوص أنه إن كان ذا فص ثمين نزع ولا يترك. وقد يكون هذا بناء على أحد ~~القولين في نزع ما عدا المعتاد. لكنه إذا كان ذا فص ثمين نزع، ولا يختلف ~~فيه للحاجة إلى ثمنه. وهذا الحكم يختص بالشهيد في قتال العدو، ويجري حكمه ~~على ما قدمناه في غسله والصلاة عليه، فينظر إلى موضع موته وحالة موته كما ~~تقدم من الخلاف والاتفاق. ### | (ما يفعل بمن مات محرما في الحج) # ولا يجري هذا الحكم (2) عندنا في المحرم بالحج، وإن كان ورد فيه حديث ~~يقتضي اختصاصه به، وقال-صلى الله عليه وسلم- في الذي وقصته ناقته فاندق ~~عنقه: إنه يبعث يوم القيامة ملبيا" (3) وأمر بدفنه على حاله ms285. فإن أصحابنا ~~قالوا هذه من العلل المعينة، فيقتصر بها على ما وردت، ولا يتعدى بها (4). ~~وألزموا هذا المعنى في الشهيد، فإن النبي-صلى الله عليه وسلم- علل أيضا ~~بعلة معينة، فكان ينبغي أن يختص بقتلى أحد، وقال:"أنا شهيد (5) على هؤلاء" ~~(6). وجاوب أصحابنا PageV02P684 # # عن ذلك بأن الأصل كان قصر الحكم عليهم لولا اتصال عمل أهل المدينة ~~وغيرهم، فأجري هذا الحكم في كل شهيد قتله العدو. # ... ### | فصل (في كفن غير الشهيد) # وغير الشهيد يفتقر إلى كفن مخصوص، والنظر فيه من أين يكون ثمنه أو عينه. ~~وفي جنسه، وعدده وصفته. ### | (من أين يكون ثمن الكفن أو عينه؟) # فأما ثمنه أو عينه (1) ففي (2) حق الواحد من رأس ماله. هذا في المقدار ~~الواجب، وأما الزائد على الواجب فلا يقضى به مع مشاحة الورثة أو الغرماء، ~~إلا أن يوصي الميت مع فقد الدين المستغرق للتركة؛ فإن [فقد الدين المستغرق ~~للتركة] (3) وأوصى، كان الزائد على الواجب في ثلثه إلا أن يكون سرفا، ففي ~~إنفاذه من الثلث قولان: أحدهما: أنه ينفذ، لملكه الثلث. والثاني: أنه لا ~~ينفذ، للنهي عن السرف. # فإن كفن ثم سرق كفنه بعد دفنه، فهل يعاد من رأس ماله كفن ثان مع التشاح؟ ~~في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يعاد. والثاني: أنه لا يعاد. والثالث: ~~أنه يعاد إن لم يقسموا التركة، ولا يعاد إن قسموا التركة. فالأول نظر إلى ~~وجوب الستر بالكفن، ولا تحصل الفائدة به إلا بعد وصوله إلى محله [وبقاء ~~ستره] (4). والثاني: نظر إلى أن الواجب قد أخرج أولا، وهي جائحة طرأت على ~~الميت بعد أن استحق ما عدا الكفن (5). والثالث: PageV02P685 # # نظر إلى أن حقيقة الاستحقاق إنما تحصل بالقسمة، فإن وجدت فلا ينزع الملك ~~من أربابه. وإذا أعيد ثم وجد بعد الدفن فهو موروث. وإن لم يعد فلا شك أنه ~~يكفن به. ### | (على من يكون كفن الزوجة؟) # وهذا الذي قدمناه في حق جميع الموتى غير الزوجة، فإنه اختلف من أين تكفن ~~(1) على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه من مال الزوج، والثاني: أنه من ms286 مالها، ~~والثالث: كالأول إن كانت فقيرة، وكالثاني إن كانت مليئة. # وسبب الخلاف عده من اللباس المفتقر إليه، فيجب كوجوبه في الحياة. أو ~~النظر إلى انقطاع العصمة بالموت وانقطاع توابعها، فلا يجب. ورجح في القول ~~الثالث الوجوب بالفقر. ولعل الأصوب (2) في التعليل الالتفات إلى ما دخل ~~عليه من أول العقد. وقد علل بأن النفقة إنما وجبت معاوضة عن الاستمتاع، ~~وكذلك الكسوة، وقد انقطعت بانقطاع الاستمتاع. وهذا يروق لولا وجود القولين ~~فيمن وجبت نفقته من القرابة كالأب والابن ومن في معناهما هل يجب تكفينهم أم ~~لا؟ وهذا نظر إلى حكم الكفن هل هو من بقايا الحياة فيكون كالكسوة الواجبة ~~للحي، أو ينقطع حكم الحياة لانقطاعها (3) فيسقط الكفن. ### | (على من يكون كفن الفقير؟) # فإن كان الميت لا مال له لم يجب كفنه على غيره كما قدمناه، ووجب أن يكون ~~(4) من بيت المال إن كان، أو على سائر المسلمين إن لم يكن. ويكون هذا من ~~فروض الكفاية. PageV02P686 # # ولو كانت له ثياب يكفن فيها لكنها مرهونة؛ فمن هي بيده أولى بها لتعلق ~~دينه بعينها. وإن كانت غير مرهونة وعليه من الدين ما يستغرقها، فالكفن أولى ~~بها. كما لا تباع كسوته [للغرماء] (1). # ... ### | فصل (في جنس الكفن) # وأما جنس الكفن، فكل ملبوس جائز لباسه في حالة الحياة. وهل يجوز الكفن في ~~الحرير؟ ثلاثة أقوال: الجواز للرجال والنساء، والمنع لهم، والجواز للنساء ~~خاصة (2). # فالأول: نظر إلى انقطاع التكليف بالموت. والثاني: نظر إلى أنه زينة، وهو ~~ممنوع في [حق] (3) الرجال وجائز في [حق] (4) النساء للزينة، وقد انقطعت. ~~والثالث: حكم الكفن كحكم لباس الحياة, لأنه من توابعها. # ... ### | فصل (عدد الكفن) # وأما عدده فله أقل وأكثر؛ فأقله ثوب ساتر لسائر الجسد، وأكثره سبعة ~~أثواب، والزيادة سرف. لكن لا (5) يظهر من المذهب أنه ممنوع بل مكروه. ولا ~~يقتصر على الأقل إلا مع الفقر، أو مع (6) وصية الميت بالاقتصار. ~~PageV02P687 # # ووقع لسحنون أنه إذا أوصى بثوب فزاد بعض الورثة ثيابا فلا ضمان عليه إن ~~كان في المال محمل. وهذا يشعر بأن الاقتصار [على ثوب ms287 واحد] (1) منهي عنه. ~~فإن أوصى به؛ فإن لم ينعت (2) وصيته، وكان له أكثر من ثوب، لم يقتصر عليه ~~وإن استغرق الدين ماله. قال (3) في شرح ابن مزين: ويكفن مع الوجود في ثلاثة ~~أثواب وإن نازع الغرماء. وقاس ذلك على كسوته التي لا تباع (4). وينبغي أن ~~يختلف في ذلك حال الناس كما يختلف حالهم في حال (5) الحياة. وإذا لم ينقص ~~من الثلاثة [للغرماء] (6) فأحرى ألا ينقص لحق الورثة. وكذلك قال في ~~الرواية: إن طلب الغرماء تكفينه في خشن الثياب لم يمكنوا من ذلك. وهذا ~~ينبغي أن يختلف في [حق الموتى] (7) كما أشرنا إليه في العدد. # ... ### | فصل (صفة الكفن) # فأما [صفة] (8) الكفن؛ فأفضله البياض من الكتان والقطن، وبذلك أمر رسول ~~الله -صلى الله عليه وسلم- في الحياة والموت، وذكر أن البياض [من الكتان ~~والقطن] (9) أحب اللباس إلى الله سبحانه. وإن كفن في غير البياض فجائز، إلا ~~المعصفر (10) PageV02P688 # # [ففي المذهب النهي عنه بخلاف المصبوغ بالورس (1) والزعفران. قال: والفرق ~~أن المعصفر] (2) زينة، وليس محلها. وأجازه في قول ثان قياسا على سائر ~~الألوان. وكره السواد لجهة التفاؤل. # وهل يجعل في كفن الميت القميص والعمامة؟ لا خلاف أنه لا يحرم ولا يجب. ~~واختلف في الأول على قولين. وسببهما ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كفن ~~في ثلاثة أثواب بيض سحولية (3) ليس فيها قميص ولا عمامة. قيل: معناه ليس ~~فيها معدود، بل كان القميص والعمامة زائدين على هذا العدد. وقيل: ليس فيها ~~موجود. وعلى ذكر الثلاث (4) فالإيتار عندنا مستحب. ولكن إن لم يوجد إلا ~~اثنان فهما أفضل من الواحد, لأنهما أكمل سترا. والثلاثة أفضل من الأربعة، ~~لكونهما وترا. وعلى هذا الترتيب يكون الحكم فيما بعد ذلك. # ... ### | فصل (الحنوط وما يتعلق به) # والحنوط مأمور به، ولا ينتهي إلى رتبة الوجوب. ويجوز بكل طيب طاهر؛ ~~كالكافور. وهو المقدم, لأنه أحنط (5) من العنبر والمسك وإن كان خارجا من ~~حيوان، فقد انقلبت (6) أعراضه. ولا خلاف عندنا في طهارته، PageV02P689 # # وإن اختلف فيما أصله النجاسة إن انقلبت أعراضه، كما قدمنا في كتاب ms288 ~~الطهارة. ولعل هذا الالتفات (1) إلى أن الأصل في النجاسة ما يستقذر. وبهذا ~~تزال (2) المستقذرات. # والعنبر وإن كان روث الدابة البحرية كما يقال فهو طاهر عندنا. # ومحل الحنوط مواضع السجود وهي المقدمة، (3) ومغابن البدن، ومرافقه ~~كالآباط والأفخاذ وفي ما معنى ذلك مما يدق جلده ويكون محلا للأوساخ، ~~والحواس كالعين والأنف والفم والأذنين، وسائر الفخذين (4). ويجعل بينه وبين ~~الأكفان، ولا يجعل على ظاهر الكفن, لأنها زينة، ولا معنى لها هاهنا. # ... ### | فصل (حمل الميت وتشييعه) # واختلف المذهب هل في حمل الميت رتبة (5) تستحب؟ المشهور لا رتبة (6) في ~~ذلك. والشاذ استحباب الحمل من الجوانب الأربع، وقد نقل (7) عن بعض السلف. # واختلف هل الأفضل في تشييع الجنازة المتقدم عليها، أو التأخير؟ على ثلاثة ~~أقوال: أحدها: أن الأولى المتقدم. والثاني: بالعكس، وهما شاذان. والثالث: ~~هو المشهور، أن المشاة يتقدمون والركبان يتأخرون. وعلل PageV02P690 # # استحباب التقدم بأنهم كالشفعاء، والتأخير لتحصيل الاعتبار. والتفرقة بين ~~الراكب وغيره؛ بأن الراكب مخطئ في ركوبه، ولم يستحق رتبة الشفاعة، فأمر (1) ~~بالتأخير، هذا حكام الرجال. # وأما النساء فمأمورات بالتأخير على الإطلاق. ومتى خيف من خروجهن الفتنة ~~منعن، وإن لم يخف من ذلك وكانت من القواعد جاز خروجهن مطلقا، فإن يكن كذلك ~~كره خروجهن إلا على القريب جدا كالأب والزوج والابن ومن في معناهم. # وإذا لم يحضر الجنازة إلا النساء صلين عليها. وهل أفرادا أو تؤمهن واحدة ~~منهن؟ [جرى] (2) على القول (3) في جواز إمامة المرأة للنساء. # وإذا قلنا بصلاتهن أفرادا؛ فهل يصلين واحدة واحدة ولا (4) يصلين في وقت ~~واحد؟ قولان للمتأخرين. وظاهر المدونة [يقتضي] (5) أنهن يصلين واحدة بعد ~~واحدة في غير (6) اجتماعهن (7). # ... ### | فصل (حكم بقر بطن الأم الميتة إذا رجيت حياة الولد) # وإذا رجيت حياة الولد بإخراجه من بطن أمه الميتة، فهل يبقر بطنها أم لا؟ ~~ففي المذهب قولان. وسبهما تقابل مكروهين: أحدهما: انتهاك حرمة الميت، ~~والثاني: إماتة من ترجى حياته. وهكذا الخلاف في الإنسان يحصل في جوفه ~~PageV02P691 # # شيء من الدنانير أو جوهر له ثمن، هل يستخرج أم لا؟ وهذا إذا كان له من ~~أين ms289 يؤديه، وإلا فلا ينبغي أن يختلف في وجوب استخراجه. وفي المبسوط: إن قدر ~~أن يستخرج الولد من حيث يخرج في الحياة بقر (1) عليه. قال أبو الحسن ~~اللخمي: وهذا لا يمكن. وما قلناه في البقر على المال إذا علمت يقينا أو ~~ببينة. فإن شهد به شاهد واحد، فإن أبا عمران أجراه على الخلاف في وجوب ~~القصاص من الجراح بالشاهد الواحد. ووقع لابن القصار أن المضطر إلى أكل ~~الميتة لا يجد إلا لحم الآدمي لا يأكله (2) وإن خاف التلف. فاعترضه بعض ~~الأشياخ. وهو يجري على الخلاف [في البقر على الجنين والشق. # ... ### | فصل (صفة حفر القبر) # ويجوز في صفة حفر القبر اللحد والشق] (3)؛ وهو مساواة اتساع أعلاه لأسفله ~~(4). واللحد هو الحفر في أحد الجانبين للقبر من أسفله. واللحد أفضل, لأنه ~~صفة قبر النبي-صلى الله عليه وسلم-. # وقد كان صاحبان (5)؛ أحدهما: يلحد، وآخر: يشق، فلما توفي رسول الله -صلى ~~الله عليه وسلم- اتفق الصحابة على أن يحفر له السابق منهما، فسبق الذي ~~يلحد. ففعل كل واحد منهما ما (6) يختص به يدل على الجواز, لأنه لا يكاد ~~يخفى هذا من حالهما على الرسول-صلى الله عليه وسلم-. وما اختار الله له لا ~~شك أنه الأفضل. لكن قد لا يتفق اللحد في كل تربة (7)، فإن اتفق فهو أفضل. ~~PageV02P692 # ### | (حكم البناء على القبور) # وليست القبور موضع زينة ولا مباهاة [ولهذا] (1) ينهى عن بنيانها على وجه ~~يقتضي المباهاة. والظاهر أنه يحرم مع هذا القصد. ووقع لمحمد بن عبد الحكم ~~فيمن أوصى أن يبنى على قبره (2) أنه تبطل وصيته. [وقال لا تجوز وصيته. ~~وظاهر هذا التحريم، (3)، وإلا لو كان مكروها لنفذت وصيته. ونهي عنها ~~[ابتداء] (4). # وأما البناء الذي لا يخرج إلى حد المباهاة؛ فإن كان قصد به تمييز الموضع ~~حتى ينفرد بحيازته، فجائز. وإن كان القصد به تمييز القبر عن غيره، فحكى أبو ~~الحسن اللخمي عن المذهب قولين: الكراهية، وأخذها من إطلاقه (5) في المدونة ~~(6). والثاني: الجواز، وهو في غير المدونة. والظاهر (7) أنه متى قصد ذلك لا ~~يكره، وإنما ms290 كره في المدونة البناء الذي لا يقصد به العلامة، وإلا فكيف ~~يكره ما يعرف الإنسان به قبر وليه ويميز به القبر حتى يحترم ولا يحفر عليه ~~إن احتيج إلى قبر ثان. ### | (حكم الدفن في الموضع المملوك) # وموضع القبر إن كان مملوكا لغير الدفن فلا يجوز دفن غير المالك فيه، إلا ~~بإذنه كسائر أملاكه. وإن ملكه مالكه للدفن فهو حبس (8). فإن حفر قبر في ~~الموضع المملوك ملكا أصليا فدفن فيه غير من حفر [له] (9) وأراد PageV02P693 # # ذلك المالك إخراجه فله ذلك؛ لأنه لا يستحق الدفن إلا بإذنه. وعليه أشد ~~ضررا في بقاء (1) ذلك المدفون في ذلك الموضع. وإن كان فيها (2) ملك للدفن؛ ~~فللمتأخرين في ذلك ثلاثة أقوال بعد اتفاقهم على أنه لا يخرج: أحدها: أنه ~~على من يستحق القيام على المدفون حفر قبر ثان. والثاني: أن عليه قيمة ~~الحفر. والثالث: أن عليه الأقل (3) منها؛ والقيمة هي أصل المذهب، والحفر ~~كأنه قضاء بالمثل، ولكن لما كان القصد تحصيل موضع الدفن وتقاربت القيمة ~~والحفر قضي فيها بالمثل كما قضي في المذهب بالمثل في الجلد (4) المستثنى ~~(5) في البوادي وحيث لأكثره ثمن له (6). والحكم بالأقل (7) نظرا إلى ~~المقصود لمن أتلف عليه (8) حفر قبر ثان، ويحصل ذلك بغرامة الأقل (9). ورأى ~~أبو الحسن اللخمي أن يكون عليه الأكثر لتعديه، والظالم أحق أن يحمل عليه. ### | (حكم دفن السقط) # واختلف المذهب في جواز دفن السقط (10) في الدور؛ وفي الكتاب المنع، وأجيز ~~(11) في غيره. # فالمنع لأنه ليس بميت يحترم، ولا يساقط الحرمة جملة. وقد PageV02P694 # # يؤدي (1) دفنه إلى انتهاك حرمته (2)،وبيع الدار، وتصرف الأملاك فيتمادى ~~به المالك بعد، وليس ممن تجب مراعاته (3) حتى يكون موضعه حبسا كسائر ~~الموتى. # والجواز، قياسا على الميت؛ فإن دفن الميت في دار ثم بيعت ولم يعلم ~~المشتري بموضع القبر، فالذي نص عليه في الرواية أن المشتري بالخيار في ~~القبول والرد، كالعيوب الكثيرة. واعترضه أبو محمد عبد الحق، ورأى أن العيب ~~يسير، ومقتضاه في الدور الرجوع بقيمته. والذي في الرواية صحيح لأنه (4) عيب ~~لازم لا يمكن إزالته، فهو ms291 لهذا المعنى كثير. فإن كان المدفون سقط فهل يكون ~~عيبا فيه؟ قولان. وهما منزولان على الخلاف في جواز دفنه في الدور. # وقد أتينا على الغرض من [هذا] (5) الكتاب، ولا يشذ عما حصرنا (6) إلا ~~مسائل أتينا على أصولها ونبهنا على محصولها. PageV02P695 # ### | كتاب الصيام ### | (تعريف الصوم وحكمه والدليل على ذلك) # والصوم في اللغة: الإمساك مطلقا، وهو في الشرع: عبارة عن إمساك مخصوص في ~~زمن مخصوص على وجه مخصوص. وصوم رمضان من معالم الشريعة وأركان الإسلام. ~~ووجوبه معلوم من دين الأمة ضرورة، ومن يجحد الوجوب فهو كافر قطعا (1)؛ فإن ~~أقر بالوجوب وامتنع من الصوم فهل يكون كافرا؟ يجري على ما قدمناه من الخلاف ~~في المقر بوجوب الصلاة التارك لها. ويجبر على فعله عند القائلين بنفي ~~التكفير، كما يجبر على فعل الصلاة. # والأصل في وجوبه الكتاب والسنة وإجماع الأمة؛ فأما الكتاب فقول الله ~~تعالى: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} (2)، وفيه: {أياما ~~معدودات} (3)، وقد اختلف هل الإشارة بها إلى رمضان. وهو يسير بالنسبة إلى ~~شهور السنة، فلهذا عبر عنه بأيام معدودات، أو إلى غيره. واختلف القائلون ~~بذلك على ثلاث طرق: أحدها: أنها ثلاثة أيام من كل شهر غير معينة (4)، ~~والثاني: أنها أيام PageV02P696 # # البيض (1)، والثالث: أنها يوم عاشوراء. وجمعت لأنها تتكرر في العد (2). # فمن قال: الإشارة بها إلى رمضان (3)، جعل ما بعدها من النص على أشهر ~~بيانا [للإجمال (4) المتقدم] (5)، ومن قال الإشارة بها إلى غيره (6) جعل ما ~~بعدها من تعيين الشهر ناسخا. # واختلف في قوله تعالى {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} (7) هل هو ~~منسوخ أم لا؟ وهؤلاء يرون أنه كان في أول الإسلام المكلف يخير بين أن يصوم ~~أو يفطر ويطعم، ثم نسخ (8) بقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} (9). ~~وهو غير منسوخ، ومعنى يطيقونه أي يلزمون به [ويكلفون به، وإن كان عليهم في ~~الأداء مشقة. وقد قرئ يطوقونه (10) أي يلزمونه] (11). وسيأتي الخلاف في ~~موضعه. والحامل والشيخ الكبير هل تلزمهما (12) الفدية أم لا؟ وهو جار على ~~هذا. # وأما السنة فقد نقل ms292 وجوبه متوترا، وتلقته الأمة بالقبول لقوله - صلى الله ~~عليه وسلم -: "بني الإسلام على خمس" (13) فذكر فيها صوم رمضان. PageV02P697 # # وأما الإجماع فهو ثابت قطعا. قال أبو المعالي: المقصود بالصوم في الشريعة ~~وجهان: أحدهما: كسر الشهوتين؛ شهوة البطن والفرج، فإنهما إذا أرسلا على ~~شهواتهما ولم تعود النفوس كسرها دعتا إلى الوقوع في المحظور. وإذا تعود ~~الإنسان إمساكهما عن المباح وأخذ نفسه بذلك قدر على إمساكهما عن الممنوع. ~~فكأن الصوم في الشريعة إمساك عن مباح ليكون حمى للممنوع، وعليه نبه -صلى ~~الله عليه وسلم-:"ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه" (1). ~~والوجه الثاني: أن المقصود أيضا كسر الشهوتين. لكن ليس للاعتياد، بل يحصل ~~من نفس الكسر قمع النفس عن شهواتها ومنعها من الاسترسال على لذاتها. وإليه ~~الإشارة بقوله-صلى الله عليه وسلم- "الصوم جنة" (2). # وإذا ثبتت هذه المقدمة، قلنا بعد هذا: المقصود من الكتاب ينحصر في خمسة ~~فصول: أحدها: شروط الصوم، والثاني: أركانه، والثالث: تفصيل ممنوعاته، ~~والرابع: حكم ما يجب بارتكاب الممنوعات، والخامس: حكم مقتضيات الفطر. لكن ~~شأننا في هذا الإملاء أن ننبه على الترتيب الواجب ثم نحاذي رتبة الكتاب ~~فنقول [ما أمكن. ولنذكر هذه الفصول جملة فنأخذ على تفصيلها في ترتيب الكتاب ~~فنقول:] (3). # ... ### | أما (4) الفصل الأول: (شروط الصوم) # فإن للصوم شرطين: شرط وجوب، وشرط أداء؛ فأما شرط الوجوب فالبلوغ (5)، فلا ~~يجب الصوم على غير البالغ. وهل يؤمر به المطيق قبل PageV02P698 # # البلوغ للتمرين (1)؟ في المذهب قولان (2)، وقد تقدما. # وهل العقل من شروط الوجوب أو الأداء؟ في المذهب قولان. وذلك أن من لم ~~يبلغ مطبقا (3) وقلت سنون جنونه وجب عليه القضاء بلا خلاف في المذهب، فإن ~~بلغ مطبقا أو كثرت (4) السنون ففي المذهب ثلاثة أقوال: القضاء مطلقا وهو ~~المشهور ونفيه مطلقا مع كثرة السنين ومثلوها بالعشرة ونحوها، وإثباتها مع ~~قلتها ومثلوها بالخمسة ونحوها. وكان من يوجب القضاء مطلقا يرى أن القضاء ~~واجب بالأمر الأول، والعقل شرط في الأداء لا في الوجوب. ومن يفرق بين أن ~~يبلغ مطبقا ويرى (5) أن المطبق لا ms293 يتعلق به الوجوب بوجه. وهذا يرى أن ~~الوجوب إذا تعلق يوما ما استرسل تعلقه، فيكون عنده العقل شرطا في الوجوب. ~~لكن إن وجد، تعلق الوجوب مطلقا. وأما من يفرق بين كثرة السنين وقلتها يرى ~~[رأي] (6) الأول لكنه أسقط القضاء مع التكرار للمشقة. # وهل الإسلام شرط في الوجوب أو في الأداء؟ يجري على اختلاف الأصوليين في ~~الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة فيكون شرطا في الأداء؟ أو غير مخاطبين ~~بها فيكون شرطا في الوجوب؟ # وأما الصحة والإقامة والنقاء عن دم الحيض فقد اتفق الكل على وجوب القضاء ~~في حق المفطر من هؤلاء. واختلف الأصوليون هل يقال إن PageV02P699 # # الواجب متعلق بهؤلاء أو غير متعلق، أو يتعلق بالمسافر خاصة، أو به ~~وبالمريض المستطيع للصوم بكلفة، وتحقيق هذا محال على [فنه] (1). # ... ### | ### | فصل # (أركان الصوم) # وأما أركان الصوم، فالنية (2). وهل يشترط تكرارها (3) على عدد الأيام أو ~~يكتفى إن نوى في مبتدأ الصوم؟ في المذهب تفصيل وبيانه (4) في موضعه من (5) ~~الكتاب. # والإمساك عن الإيلاج، ونعني به إدخال الطعام والشراب من الحلق إلى المعدة ~~(6)، وإيلاج الحشفة في قبل أو دبر. وتفصيل ذلك يأتي في موضعه أيضا. ~~والإمساك عن الإخراج، ونعني به إخراج المني أو القيء. وتفصيله يأتي أيضا. # ... ### | فصل (ما يجب بارتكاب الممنوعات) # وأما التفصيل في ممنوعات الصوم، فنؤخر الكلام عليها. وهي على الجملة ~~الإخلال بركن من أركان الصوم. # ... PageV02P700 # ### | [فصل] # (1) # وأما ما يجب بارتكاب الممنوعات، فنأتي فيه بكلام جلي يكتفي به الذكي. ~~ونحيل غيره على التفصيل. وذلك أن الصوم لا يخل من أن يكون واجبا أو غير ~~واجب، والواجب لا يخلو أن يكون واجبا بإيجاب الله تعالى أو واجبا بإيجاب ~~المكلف على نفسه، والواجب بإيجاب الله تعالى لا يخلوا من أن يكون معينا وهو ~~رمضان أو غير معين وهو ما يجب في الكفارة والواجب بإيجاب المكلف على نفسه ~~لا يخلو أيضا من أن يكون معينا وهو أن ينذر أياما بأعيانها أو غير معين وهو ~~أن ينذر أياما بغير أعيانها والواجب بإيجاب الله تعالى أو بإيجاب المكلف ~~على ms294 نفسه لا يخلو من أن يكون متتابعا أو غير متتابع. # ويتعلق بارتكاب الممنوعات ثلاثة أشياء: القضاء والكفارة وقطع التتابع، ~~ولا يخلو المرتكب من أن يكون معذورا أو غير معذور؛ فإن كان معذورا بالنسيان ~~أو بالغلط في التقدير وجب القضاء في جميع أقسام الصيام إلا في التطوع فلا ~~يجب بلا خلاف على هذا. وهل يستحب؟ في المذهب قولان، وهكذا نقل. ولا ينبغي ~~أن يختلف في استحبابه, لأنه فعل بر. لكن النظر هل هو قضاء أو ابتداء فعل ~~خير (2)؟ وهل ينقطع التتابع؟ في المذهب قولان. وهل تجب الكفارة؟ أما غير ~~رمضان فلا تتعلق به الكفارة، وأما رمضان فإن كان فطره ناسيا بأكل أو شرب ~~فلا كفارة بلا خلاف. وإن كان بجماع فقولان: المشهور نفيها، والشاذ وجوبها. ~~فإن كان غير معذور كالمتعمد، فالقضاء في الجميع، وقطع (3) التتابع فيما يجب ~~تتابعه. ولا كفارة في الجميع إلا في رمضان فتجب الكفارة فيه على الإطلاق. # ... PageV02P701 # ### | فصل (مقتضيات الفطرة) # وأما مقتضيات الفطر فهي على الجملة ثلاثة: المرض وينخرط في سلكه الحامل ~~والمرضع، والسفر، ووجود دم الحيض. وتفصيل ذلك يأتي في موضعه إن شاء الله. # ... ### | باب في النظر في زمن الصوم # وهو قسمان: عام وخاص. ### | (اليوم زمن الصوم العام) # فأما العام، فهو في اليوم، ولا يصام الليل بالإجماع. والنهار على الجملة ~~محل للصوم. وأما مبدؤه فاجتمعت الأمة على أن الفجر الأول المستطيل (1) الذي ~~سمته العرب ذنب السرحان لا يتعلق به الصوم ولا الصلاة. وعلى أن الفجر ~~الثاني المعترض (2) في الأفق هو الموجب للإمساك ولصلاة الصبح. لكن حكي عن ~~بعض السلف خلاف في الفجر الثاني، وقد انعقد الإجماع بعده (3). # ولا يخلو مريد الصوم أن يكون بحيث ينظر الدلائل على الفجر، أو بحيث لا ~~يبصر؛ فإن كان بحيث يبصر فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام: إما أن يتيقن بطلوع ~~الفجر [فيجب عليه الإمساك، وإما أن يتيقن بعدم الطلوع فيباح له الأكل] (4). ~~PageV02P702 # ### | (حكم الشك في طلوع الفجر) # وأما إن شك فهاهنا قولان: كراهية الأكل، وتحريمه. ورأى ابن حبيب أن ~~القياس الإباحة ms295. # وسبب الخلاف استصحاب حالين: أحدهما: إباحة الأكل، والثاني: وجوب الصوم؛ ~~فمن نظر إلى استصحاب زمن الليل أجاز الأكل أو كرهه (1) مراعاة للخلاف، ومن ~~نظر إلى وجوب استصحاب الصوم منع إلا أن يتيقن بالجواز. # فإن أكل ثم علم أن الفجر لم يطلع فلا شك في نفي القضاء، وإن علم بطلوعه ~~فلا شك في إثباته، وإن أشكل عليه جرى وجوب القضاء واستحبابه على الخلاف ~~المتقدم. ### | (حكم من طلع له الفجر وهو يأكل) # فإن طلع له الفجر وهو آكل أو شارب فالمنصوص أنه يلقي ما في فيه ولا قضاء ~~عليه. وفي المذهب قولان: هل يجب إمساك جزء من الليل؛ لأنه لا يتوصل إلى ~~إمساك جميع أجزاء النهار إلا به، أو لا يجب. فإن نفينا الوجوب فلا شك في ~~نفي القضاء، وإن أثبتناه فيمكن أن يقال إنه واجب لغيره. فإذا لم يحصل تعلق ~~الإثم ولا قضاء. ويمكن أن يقال وجب القضاء لانسحاب الوجوب عليه. وقد تعلق ~~من أباح الأكل أو كرهه مع الشك بقوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم ~~الخيط الأبيض من الخيط الأسود} (2)، ومع البيان لا شك. وظاهر الآية جواز ~~الأكل إلى أن يستيقن (3). واعتذر عن (4) هذا بأن المقصود في الآية جواز ~~الأكل وما ذكر معه في جميع أجزاء الليل, لأنها ناسخة لما كان في ~~PageV02P703 # # أول الإسلام من أن الإنسان إذا نام وجب عليه الإمساك وإن قام في آخر ~~الليل، وتعلق أيضا بقوله-صلى الله عليه وسلم -"كلوا واشربوا حتى ينادي ابن ~~أم مكتوم", وفي الحديث:"كان رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال أصبحت" (1). فهذا ~~دليل على جواز الأكل مع الشك والإشكال حتى يصبح (2) الصباح. واعتذر عن هذا ~~بأن معناه قاربت الصبح (3). ونحن مضطرون إلى هذا التأويل؛ إذ لو بقي على ~~ظاهره لكان مقتضيا بجواز الأكل بعد اليقين بوجود الصباح، وهذا لا يختلف ~~فيه. # وإذا منعنا الأكل وما في معناه مع الشك، فإذا تعدى المكلف هذا المنع فهل ~~تلزمه الكفارة أم لا؟ وأما إن تأول فلا، وإن قصد إلى انتهاك حرمة الصوم ms296 (4) ~~مع تعويله على التحريم فقد يختلف فيه على الخلاف في مراعاة الخلاف. # ولا يختلف في طرف النهار الآخر، وهو آخره إذا شك [هل غابت الشمس أو لا]؟ ~~(5) إذ المستصحب هاهنا بكل وجه منع الأكل. # لكن اختلفوا هل يلزم إمساك جزء من الليل (6) كما اختلفوا في الطرف ~~الثاني؟ وعلى هذا الذي قلناه لو أكل في آخر النهار [مجتهدا] (7) ثم تبين له ~~الخطأ أو الصواب بني على ما تبين له من الخطأ أو الصواب؛ فإن أشكل وجب ~~القضاء. # ... PageV02P704 # ### | فصل (حكم من لا دليل له على الفجر) # وإذا كان بحيث لا دليل له على الفجر فله أن يقتدي بالمستدل (1). وفيه ورد ~~الحديث:"إن بلالا ينادي بليل" الحديث كما ورد (2). فإن لم يكن له من يسمعه ~~الأذان] (3) فله التحري ويأخذ بالأحوط. ومتى شك أو أشكل عليه، فإن كان بحيث ~~يمكنه التوصل إلى المعرفة وجب عليه إذا أراد أن يستبيح الأكل وما في معناه، ~~وإن كان بحيث لا يمكنه التوصل إلى المعرفة فقد يقال إن هذا مثل الأسير إذا ~~وقع في مهواة، وسيأتي بيان حكمه. ### | (حكم من طلع عليه الفجر وهو يجامع) # وقد بينا حكم من طلع عليه الفجر وهو آكل أو شارب، فإن طلع عليه وهو ~~يجامع؛ فإن استدام كان كالمتعمد في أجزاء النهار، وإن نزع فلا كفارة على ~~المشهور. وهل عليه القضاء؟ قولان: أحدهما: نفيه لأنه معذور وقد فعل أقصى ما ~~في وسعه (4)، وأيضا فإن النزع ليس بوطء. والثاني: وجوب القضاء، وهذا لأنه ~~يعد النزع وطئا. وهل تجب على هذا الثاني الكفارة؟ يجري على الخلاف في ~~المعذور، وسنبين ذلك مفصلا وإن أجملنا أولا. # ... ### | فصل (حكم البياض الذي قبل الفجر والذي بعد العمرة بالليل) # وفي الكتاب: قال مالك رحمه الله: "وإنه ليقع في قلبي وما هو إلا شيء فكرت ~~فيه منذ قريب، أن الفجر يكون قبله (5) بياض ساطع، فذلك لا يمنع الصائم من ~~الأكل. [فكما لا يمنع الصائم ذلك البياض من الأكل PageV02P705 # # حتى] (1) يتبين الفجر المعترض في الأفق، فكذلك البياض الذي يبقى بعد ~~الحمرة ms297 لا يمنع مصل أن يصلي العشاء" (2). وغرضه بهذا، الرد على أهل العراق ~~في قولهم: إن الشفق هو البياض. وقد قدمنا ذلك في كتاب الصلاة الأول وذكرنا ~~ما في المذهب (3). ولم يسلم أبو الحسن اللخمي هذا القياس، بل رأى أن ~~الطوالع أربعة: البياض الأول وهو ذنب السرحان والفجر الصادق، والحمرة [لا ~~يتعلق بها حكم] (4) والشمس. والغوارب كذلك [أربعة] (5):الشمس، والحمرة، ~~والبياض الباقي بعدها، والبياض المشرق وراء (6) ذنب السرحان. # وبالجملة، فإن الذي استعمله مالك رحمه الله قياس الشبه. وبين الأصوليين ~~خلاف في التعويل عليه. وقد ظن من لا تحقيق عنده أنه قياس عكس، وسبب ظنهم ~~(7) أن الطوالع ضد الغوارب، وإنما [شبه] (8) طالعا بالغوارب. وإنما قياس ~~العكس ما قاله المغيرة في المدونة في كتاب الزكاة في مسألة من له عشرة ~~دنانير أنفق خمسة واشترى سلعة بخمسة فباعها بخمسة عشرة، وبيانها يأتي في ~~موضعه. # ... ### | [فصل] (9) (رمضان زمن الصوم الخاص) # وأما الزمان الخاص فهو رمضان. والنظر أيضا في أوله وآخره. والطريق إلى ~~معرفة الأول بالرؤية والعدد. PageV02P706 # ### | (ما تثبت به رؤية الهلال) # أما الرؤية، فتحصل بالخبر المشتهر (1) وهو الكمال فيها ولا يفتقر في ذلك ~~إلى شهادة، وأما الشهادة فلا يخلو أن يكون الموضع به من يلتفت إلى أحكام ~~الشريعة ومواقيت العبادة، أو ليس به ذلك. فإن كان به من يلتفت إلى ذلك فلا ~~خلاف منصوص في المذهب أن حكم ثبوت الأهلة راجع إلى حكم الشهادة لا إلى حكم ~~الإخبار، وإن لم يكن به من يلتفت إلى هذا فظاهر المذهب [على] (2) قولين: ~~أحدهما: أن الحكم كالأول، والثاني: التعويل على الشهادة إن أمكنت، وإن لم ~~تمكن عول على الخبر، هذا في حكم ما يثبت به حكم (3) الهلال. # فإن ثبت عند الحاكم أو في بلد من البلدان فنقل، فظاهر المذهب أيضا على ~~قولين: أحدهما: أنه يفتقر نقله إلى ما تفتقر إليه الشهادة، والثاني: أنه لا ~~يفتقر إلى ذلك، هذا تحقيق نقل المذهب. ولما كان القياس عند المتأخرين من ~~أهل المذهب رد ثبوت الهلال إلى باب الأخبار [رأوا أن] (4) الفرق ms298 بين [باب] ~~(5) الأخبار وبين باب الشهادة أن كل ما خص المشهود عليه فبابه باب الشهادة، ~~وكل ما عم ولزم القائل به (6) ما يلزم (7) المقول [له] (8) فبابه باب ~~الأخبار، فأرادوا (9) أن يجعلوا في المذهب قولة بقبول [خبر] (10) الواحد في ~~الهلال ولا يجدوه إلا في النقل PageV02P707 # # عما (1) ثبت (2) عند الإمام فينقل (3) إلى أهله أو إلى (4) غيرهم. ولعل ~~هذا لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إذا شهد شاهدان فافطروا ~~وصوموا" (5) الحديث. ولا يستقل الحكم إلا بثبوته بالشهادة. # ثم ما بعد ذلك من فروع الباب يختلف فيها هل تعطى حكم (6) أصولها فيكون ~~بابها (7) باب الشهادة، أو تنقل إلى باب الأخبار للاضطرار. إذ لو كلف كل ~~أحد أن يسمع من الإمام أو من شاهدين لأدى ذلك إلى الحرج، أو لم يمكن (8). ~~فنقل ذلك الخبر عن الواحد. ### | (إذا ثبتت الرؤية في بلد هل تلزم سائر البلاد؟) # وإذا ثبتت رؤية الهلال في بلد، فهل يلزم سائر البلاد إذا بلغهم؟ أما إن ~~كان ذلك برؤية مشهورة فلا خلاف عندنا أنه يلزم [سائر] (9) البلاد. أما إن ~~كان بشهادة وحكم؛ فإن ثبت عند الخليفة الذي يلزم [سائر الناس طاعته، أو عند ~~قاضيه، أو حاكمه، لزم الكل بلا خلاف عندنا. وإن ثبت عند من لا يلزم] (10) ~~الكل طاعته ففيه قولان: المشهور اللزوم؛ إذ هذا حكم [ثابت بالشهود فيلزم ~~تعميمه قياسا على سائر الأحكام] (11)، وليس مما PageV02P708 # # يفتقر فيه إلى كون المحكوم عليه في عمالة الحاكم. والشاذ إلحاقه بسائر ~~الأحكام، ولا يلزم إلا المولى عليه خاصة. # وإذا ثبت أن ثبوت الهلال لا يحصل إلا بالشهادة فيشترط في الشهود ما يشترط ~~في سائر الشهادات. وتفصيل ذلك محال (1) على موضعه. ### | (حكم الشاهدين في المصر الكبير) # لكن اختلف المذهب في قبول الشاهدين في المصر (2) [الكبير والسماء مصحية؛ ~~فالمشهور قبولهما، وقيل لا يقبلان. وهذا خلاف في حال (3). فإن نظروا إلى ~~صوب واحد وانفرد برؤيته اثنان فذلك ريبة ترد شهادتهما، وإن انفردا بالنظر ~~إلى موضع قبلت شهادتهما. ### | (حكم الشاهد الواحد) # وإذا رآه الإنسان المنفرد، وجب ms299 عليه أن يرفع [شهادته] (4) إن كان عدلا، ~~وكذلك إن كان مستورا يرجو قبول شهادته، ولا يكتم لانفراده، لأنه قد يكون ~~غيره يراه وهو منفرد أيضا. فإن كان مكشوف الحال في عدم العدالة فهل يؤمر ~~بالرفع؟ قولان: أحدهما: أنه لا يرفع خوفا من كشف نفسه، والثاني: يرفع رجاء ~~أن يقتدى به [مع] (5) غيره، ولعل ذلك يكثر فيؤدي إلى الانتشار الذي لا تطلب ~~فيه (6) العدالة. # وإذا انفرد ولم يقبل قوله لانفراده، أو لأنه غير عدل، يجب عليه الإمساك. ~~فإن لم يمسك، فلا يخلو أن يكون عامدا غير متأول أو متأولا. PageV02P709 # # فإن لم يتأول كان عليه القضاء والكفارة، وإن تأول فقولان: أحدهما: وجوب ~~الكفارة، والثاني: نفيها. وهو على الخلاف في الجاهل هل حكمه حكم العامد أم ~~لا؟ # وإن انفرد بهلال شوال ولم يثبت به فإن لم يخف له الفطر فلا يفطر بلا ~~خلاف، وإن كان مسافرا أو له عذر في الإفطار فمقتضى المذهب أنه يفطر، وإن لم ~~يكن له عذر وخفي له الفطر وأمن من الاطلاع عليه، فالمشهور [من المذهب] (1) ~~أنه لا يفطر، وهذا حماية للذريعة لئلا يطلع عليه غيره فيفطر على التهاون ~~فيدعي الرؤية. والشاذ أنه يفطر لوجوب الفطر عليه. ### | (رؤيه الهلال على غير عادته في الطلوع) # وإذا رؤي الهلال مخالفا لعادته في الطلوع؛ فإن كان بعد الزوال فلا يختلف ~~المذهب بأنه من الليلة القابلة، وإن كان قبل الزوال ففي المذهب قولان: ~~المشهور: أنه كالأول، والثاني: أنه لليلة الماضية. وكأن هذا ركون إلى أن ~~السماء [كروية] (2) وهذا [على] (3) التعويل على رأي المنجمين، والأول نظرا ~~إلى تجويز خلقته (4) كبيرا أو صغيرا من غير أن يلتفت إلى العادة في وقت ~~طلوعه؛ لأن هذه العادة قد لا تثبت. # ولو شهد اثنان بالهلال فقبلا، ثم عد الناس ثلاثين يوما فلم يبصروا، ~~والسماء مصحية، فذلك دليل على ريبة الشهادة. وفيها قال (5) مالك رحمه الله: ~~هما شاهدا سوء. # ولو شهد شاهد على الهلال أول الشهر وشهد [آخر] (6) على هلال PageV02P710 # # آخره، فإن كانت شهادة الثاني بعد تسعة وعشرين يوما ms300 من شهادة الأول لم ~~تلفق لأنهما لم يجتمعا على شيء واحد، وإن كانت بعد ثلاثين يوما جرى ~~تلفيقهما على الخلاف في تلفيق الشهادة على الأفعال. # ... ### | فصل (في عدم الالتفات إلى كلام المنجمين) # وأما العدد فهو إكمال الشهر ثلاثين يوما، وذلك يرجع إليه عند تعذر ~~الرؤية. وإن اتفقت شهور كثيرة [في عدم الرؤية] (1) والسماء مصحية [أو ~~متغيمة] (2) استمر الناس على إكمال العدد ثلاثين. ولا يلتفت [عند تعذر ~~الرؤية] (3) في ذلك إلى أحكام المنجمين بالمفارقة وشهادتهم بإمكان الرؤية ~~وتعددها، فإن أحكام المنجمين مذمومة [على تبيين الشرع] (4). وإلى نفي ~~التعويل على أقوالهم أشار- صلى الله عليه وسلم -بقوله: "نحن أمة أمية لا ~~نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا" (5). وأشار بيده منشورة (6) الأصابع ثم ~~قال هكذا وهكذا [وهكذا] (7) وقبض في الآخرة أصبعا من الأصابع، ليعلم أن ~~التعويل على ما يشترك الكل في معرفته لا ما ينفرد به بعض الناس (8). ~~PageV02P711 # ### | (نفي التعويل على الحساب) # ونفي (1) التعويل على الحساب إما لأنه مما ينفرد به الآحاد، وإما لأنه ~~مسامحة لقبول أحكام المنجمين في مبادئ قد ينصرفون (2) منها إلى أواخر تصادم ~~الشرع، وجمهور الأمة إلى منع الالتفات إلى حسابهم في هذا الشأن فقد قال - ~~صلى الله عليه وسلم -: "فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" (3)، وما وقع ~~في بعض الطرق: "فإن غم عليكم فاقدروا له" (4) معناه إكمال العدة كما ورد في ~~هذا الحديث، خلافا لمن فسره بالرجوع إلى التقدير والحساب (5). والدليل على ~~بطلان [هذا] (6) ما قدمناه. وهذا دليل قطعي في هذا الشأن. وما ذكرناه من ~~إكمال ثلاثين فهو معبر للحديث الآخر. وقد ركن بعض أصحابنا البغداديين إلى ~~أن الإنسان إذا تحقق عنده بالحساب رجع إليه مع الغيم. وهذا باطل بما قدمناه ~~(7). ### | (تبييت نية الصوم في يوم الشك) # وإذا التمس الناس فلم يروا الهلال والسماء مصحية فلا شك، وإن كانت متغيمة ~~فالشك (8) حاصل. وينبغي تبييت الإمساك ليستبين ما يأتي به النهار من أخبار ~~السفار، فإن ثبت نفي الرؤية عول عليه، وإن ثبت إثباتها استديم الإمساك ولا ~~يجزي ذلك اليوم. والفرق ms301 بين ما يجب فيه الإمساك PageV02P712 # # وما يجوز فيه استدامة الفطر أن كل من عول على الفطر بإباحة الشرع مع ~~العلم بأن اليوم من رمضان، فإنه يستديم الفطر، كالحائض تطهر والصبي يحتلم ~~والمجنون يفيق والمسافر يقدم. وفي الكافر يسلم قولان: قيل يجب عليه الإمساك ~~بقية النهار إن أسلم فيه، وقيل لا يجب عليه. وهما على الخلاف في مخاطبتهم ~~بفروع الشريعة. # ومن عول على الفطر جهلا بأن اليوم ليس من رمضان، ثم ثبت أنه منه وجب عليه ~~الإمساك. فإن أفطر وقد علم بوجوب الإمساك عليه؛ فإن تأول فلا كفارة عليه، ~~وإن لم يتأول فقولان: أحدهما: وجوب الكفارة لوجوب الإمساك، والثاني: نفيها ~~لأن اليوم لم تنعقد حرمته في حقه. # ... ### | فصل (حكم صوم يوم الشك) # ويصوم يوم الشك من نذره، أو من (1) استدام الصوم. وهل يصومه للتطوع (2) ~~أم لا؟ قولان: الكراهية (3) محاذرة من موافقة أهل البدع في صومهم، والجواز ~~لأنه محل الصوم على الجملة. وإنما يصومه أهل البدع لاعتقادهم أنه من رمضان. ~~ونصوص المذهب على النهي عن (4) صومه على التحري. واستقرأ أبو الحسن اللخمي ~~وجوب (5) صومه من أحد الأقوال في وجوب الإمساك على من شك في طلوع الفجر ~~وعدم طلوعه. وهذا الاستقراء غير صحيح، لأن إمساك هذا الجزء لا محاذرة فيه ~~من موافقة بدعي بخلاف يوم الشك. واستقرأه أيضا من مسألة هي أشبه (6) من ~~الأولى، PageV02P713 # # وهي إحدى الأقوال في الحائض يتمادى بها الدم حتى يتجاوز عادتها ولا تبلغ ~~الخمسة عشرة يوما أنها تصوم وتصلي. والجامع (1) أن (2) صوم الحائض محرم ~~وصوم يوم الشك منهي عنه محاذرة (3) من موافقة المعولين على التنجيم (4). ~~وقد أمر مالك رحمه الله الحائض بالاستظهار [وبالصوم] (5) خوفا من أن يكون ~~واجبا عليها، ثم أمرها بالقضاء لئلا تكون حائضا. وكذلك نأمره (6) بأن يصوم ~~يوم الشك خوفا من أن يكون من رمضان، ويمكن أن يفرق بينهما بأن محاذرة ~~الموافقة لأهل الحساب (7) أشد من محاذرة الوقوع في الإمساك مع الحيض، لأن ~~موافقة أولئك تعم [ضرورة] (8)، وضرورة الحائض لا تعم. وأيضا فنحن متعبدون ~~بأن لا نصوم ms302 إلا مع (9) كمال العدة أو الرؤية، وهاهنا لا واحد من هاذين. ~~والحائض إذا تمادى [بها] (10) الدم وقد تيقنت أن الزمان يجب صومه على ~~الجملة وهي تشك (11) هل وجب عليها في نفسها أم لا؟ فتأخذ بالاحتياط (12)، ~~فإن صام المكلف يوم الشك احتياطا فالمنصوص لا يجزيه (13). قال (14) أشهب: ~~بمنزلة من بادر فصلى PageV02P714 # # الظهر مع الشك هل دخل الوقت [أم لا] (1) فإنها لا تجزيه، وإن تبين أنه ~~صلى في الوقت. وأنكر أبو الحسن اللخمي هذا التشبيه لأن المأمور بالصلاة ~~عنده لا ينبغي له المبادرة مع الشك، وصائم يوم الشك مأمور (2) بالمبادرة. ~~ورأى (3) أن المشبه ليوم الشك مسألة من تطهير أو توضأ لما شك هل وجب عليه، ~~أو صلى لما (4) ظن أنه وجب عليه. # وفي المذهب قولان: إن تيقن بالوجوب فهل (5) يكتفي بما قدمه (6) مع الشك ~~أم لا؟ وهذا الذي قاله غير صحيح. وتشبيه أشهب واقع؛ لأن صوم يوم الشك منهي ~~عنه، وهو أبلغ في النهي من الشاك هل دخل وقت الصلاة (7) أم لا؟ وما ذكره من ~~المسائل لا خلاف أنه مأمور بتحصيل ما شك فيه. وإنما الخلاف في وجوب أمره أو ~~ندبه، وعليه يبنى الإجزاء. # وقد ألحقنا حكم يوم الشك بهذا الباب لما استوفينا فيه النظر في زمان ~~الصوم العام والخاص. # وقد احتج مالك رحمه الله على الشافعي المجيز لشهادة الواحد في الصوم دون ~~الفطر، بأنه إذا قبل في الصوم ثم عد الناس ثلاثين يوما فلم يروه، فهل ~~يفطرون فيصير الإفطار بواحد والمخالف ينكره، أم (8) يصومون فيصير الصوم ~~إحدى وثلاثين يوما؟ وذلك مما تنكره الشريعة. # وللشافعية في هذه المسألة (9) قولان: أحدهما: الفطر بعد الثلاثين بشهادة ~~الأول؛ لأنه حكم قد استقل بالواحد فيمضي على ما هو به. PageV02P715 # # والثاني: يصومون إحدى وثلاثين يوما لئلا يفطروا بشهادة الواحد. ويكون ~~المعول على أن الحكم في تفصيل كل (1) نازلة بما يوجبه الشرع. وعندنا ما ~~يشير إلى هذا الخلاف، وهو قبول الشاهد واليمين وشهادة النساء في كل موضع ~~تقع الشهادة على غير مال، والحاصل عنها مال أو بالعكس. وبيانه ms303 يأتي في ~~موضعه إن شاء الله. # ... ### | باب في تفصيل ما يجب الإمساك عنه من الجماع وحكم مبادئه # ولا خلاف أن الجماع وما في معناه من استدعاء المني محرم في الصوم. وأما ~~مبادئه وهي: الفكر والنظر والقبلة والملاعبة والمباشرة؛ فإن استدامه حتى ~~استجلب به المني رجعت إلى ما قدمنا من تحريم استدعائه. فإن لم يستدم؛ فأما ~~الفكر والنظر فلا يختلف أنهما لا يحرمان في الصوم (2). # وأما القبلة وما بعدها ففي المذهب اضطراب هل تحرم أو تكره أو يختلف حال ~~الشيخ والشاب. وتحقيق المذهب في ذلك: أن من علم سلامته من الإنعاظ (3) وما ~~بعده لم تحرم في حقه، ومن علم أنه لا يسلم حرمت في حقه، ومن شك ففيه قولان: ~~التحريم، نظرا إلى تقرر الصوم (4) في الذمة (5)، فيجب عليه محاذرة كل ما ~~يفسده. والكراهية، نظرا إلى أن PageV02P716 # # الفساد غير متيقن، ولا يحرم إلا مع تيقن الفساد. على أنه [قد] (1) اختلف ~~في توجه القضاء مع الإمذاء (2)، هل يجب، أو يندب إليه على ما يأتي. ونبدأ ~~بأوائل الجماع ومقتضيات الشهوة على الترتيب، ونذكر ما يكون عنها، الأول ~~فالأول فنقول: ### | (حكم التفكر في الجماع وما في معناه) # إن فكر فالتذ بقلبه فلا حكم للذة، وهذا مما تسقطه الشريعة لأن تكليفه من ~~الحرج. وإن أنعظ فكذلك أيضا. وإن أمذى (3) نظر هل استدام أو لم يستدم، فإن ~~استدام كان بمنزلة من أمذى قصدا، فيؤمر بالقضاء. وهل يجب [القضاء] (4) أم ~~لا؟ قولان: الوجوب؛ لأن المذي علامة [على تحرك] (5) المني عن موضعه، ونفي ~~الوجوب لأن الحكم يتعلق بالمني لا بالمذي. والدليل عليه سقوط الكفارة فيه. # وإن لم يستدم فلا شيء عليه، لأنه لو كلف القضاء لأدى إلى الحرج الذي ~~تسقطه الشريعة السمحة، وإن أمنى [فإن استدام] (6) قضى وكفر عندنا، وإن لم ~~يستدم فالقضاء بلا كفارة إلا أن يكثر ذلك عليه فيسقط القضاء للمشقة. ### | (حكم النظر) # فإن نظر فالتذ بقلبه فلا حكم لما قلناه (7) من الحرج، وإن أنعظ فكذلك ~~أيضا، وإن أمذى فاستدام النظر فالقضاء مأمور به. وهل هو (8) PageV02P717 # # واجب ms304؟ يجري على الخلاف المتقدم. وإن لم يستدم [النظر] (1)، استحب له ~~القضاء ولا يجب. وإن أمنى؛ فإن استدام فالقضاء والكفارة، وإن لم يستدم ~~فالقضاء. وهل يكفر؟ جمهور المذهب على أنه لا يكفر، وألزمه الكفارة أبو ~~الحسن القابسي رحمه الله، وتأوله على ابن القاسم إذا قصد إلى النظر. ورأى ~~أن قوله بالسقوط (2) إنما هو مع عدم القصد. # وسبب الخلاف تعليق الحكم على النوادر، فتجب الكفارة. أو عدم تعليقه على ~~ذلك، فتسقط. ### | (حكم القبلة) # وإن قبل فالتذ بقلبه فلا شيء عليه؛ إذ لا حكم للذة بانفرادها، فإن أنعظ ~~فقولان: وجوب القضاء وإسقاطه. وهذا خلاف في حال؛ هل يمكن (3) الإنعاظ من ~~غير مذي؟ وهاهنا قارن الإنعاظ [قبلة] (4)، فهل يقتضي تعلق الحكم عليه، ~~بخلاف إذا فكر ونظر (5). وإن أمذي أمر بالقضاء. وهل يجب؟ قولان كما تقدم. ~~فإن أمنى وجب القضاء، وهل تجب الكفارة؟ أما إن استدام فهي واجبة؛ لأنه ~~[قاصد لفعل] (6) يوجد معه المني غالبا. وإن لم يستدم فقولان: وجوب الكفارة، ~~وإسقاطها. وهما خلاف في حال، هل يوجد المني من القبلة غالبا أم لا؟ وذلك ~~يختلف باختلاف أحوال الناس. ### | (حكم المباشرة والملاعبة) # وأما إن باشر أو لاعب ولم يمذ فلا قضاء إلا أن ينعظ ففيه قولان كما تقدم ~~في القبلة. وإن أمذى أمر بالقضاء. وهل يجب؟ قولان كما تقدم. PageV02P718 # # وإن أمنى وجبت الكفارة على الإطلاق، إذ الغالب مع هذا الفعل وجود المني. ~~أو يكون ذلك موجودا كثيرا وإن لم يكن غالبا. وقال أشهب: لا كفارة، كالقبلة ~~عنده. ### | (حكم الجماع فيما دون الفرج) # وإن جامع فيما دون الفرج فلا كفارة إلا أن ينزل، فإن أنزل كفر بلا خلاف ~~عندنا. وهل يجب القضاء مع [عدم] (1) الإنزال؟ [ظاهر مذهب البغداديين الخلاف ~~في وجوب القضاء إذا لم يكن إلا المذي. أما إذا كان المني فلا خلاف في هذا] ~~(2). ### | (حكم الجماع في الفرج) # وإن جامع في الفرج وجبت الكفارة بمغيب الحشفة؛ أنزل أو لم ينزل. ولا خلاف ~~عند جمهور الأمة في وجوبها مع العمد. أما الإكراه والنسيان ففي المذهب ~~قولان ms305: المشهور عدم الوجوب، والشاذ إثباته. # وسبب الخلاف قول النبي-صلى الله عليه وسلم- للقائل جامعت أهلي في رمضان ~~"كفر" (3). ولم يسأله هل جامع عمدا أو نسيانا. وبين الأصوليون خلاف في ~~PageV02P719 # # ترك [الاستفصال] (1) هل يتنزل منزلة العموم في المقال أم لا (2)؟ فإن ~~قلنا إنه يتنزل منزلته جاء منه الشاذ، وإن لم نقل بذلك وحملناه على العمد ~~لما في بعض الطرق من قول السائل احترقت (3) (4) جاء منه المشهور، إذ لا ~~يقول في الظاهر احترقت إلا إذا كان عامدا. # فإن جامع أهله مكرها لها كفر عن نفسه، وهل يكفر عنها؟ أما إن قلنا بأن ~~المكره يكفر فلا شك في وجوب الكفارة عليه عنها، وأما إن قلنا إن المكره لا ~~يكفر فهاهنا قولان: أحدهما: أنه لا يلزمه عنها (5) كفارة لأنها مكرهة (6). ~~والثاني: لزومها له لأنه قاصد إلى انتهاك حرمة اليوم في حقه وحقها فتلزمه ~~كفارتان (7). # ... ### | باب في أحكام الطعام وغيره مما يصل إلي المعده والحلق # ولا خلاف أن الفطر يحصل بإيصال الطعام إلى المعدة أو إلى الحلق من منفذ ~~واسع مع القصد والعمد. وفي معنى الطعام كل مغذ. وهل يلحق PageV02P720 # # به غير المغذي، كالتراب والحصى والدراهم وما في معنى ذلك؟ في المذهب ~~قولان: الإلحاق، حماية للذريعة وحسما لباب التناول (1). وعدم الإلحاق، لأن ~~هذا النوع مما لا تتشوف النفوس إلى جنسه، ولا معنى لحماية الباب [فيه] (2). # وقولنا: "من منفذ واسع"، احترازا مما يصل [إلى المعدة] (3) من المنافذ ~~الضيقة كالعين والإحليل، والمنافذ الواسعة: الفم والأنف والأذن. # وهل تلحق بذلك الحقنة؟ في المذهب قولان: أحدهما: الإلحاق بذلك لأنه في ~~معنى المنافذ المتقدمة. والثاني: عدم الإلحاق لأنه (4) لا يصل إلى المعدة. ~~وإنما يصل إلى مستقر الأثفال (5). # وقولنا: "مع القصد والعمد"، لما ذكرناه من (6) عدم الخلاف. ومذهبنا إلحاق ~~النسيان بالعمد في حصول الفطر المقتضي للقضاء. وأما الكفارة فتحصل (7) في ~~هذا الباب عندنا بالعمد، وما يدخل من (8) الفم. هذا النظر في هذا الباب على ~~الجملة. # وأما تفصيله فإنا نقول: أما ما يصل إلى الفم؛ فلا يخلو أن يكون متناولا ~~من ms306 خارج الفم أو مبتلعا من الفم، [ولا يخلو من أن يكون مستخرجا من الحلق أو ~~متناولا من خارج، ولا يخلو من أن يكون من جنس ما يغذي أو من جنس ما لا ~~يغذي] (9)، ولا يخلو أن يكون مقدورا على الاحتراز منه أو غير مقدور. ~~PageV02P721 # ### | (حكم المتناول من خارج الفم أو المبتلع منه) # فإن كان متناولا من خارج، وهو من جنس ما يغذي، ففي عمده القضاء والكفارة ~~عندنا، وفي سهوه القضاء. # وإن كان مبتلعا من الفم كالفلقة (1) من الطعام تكون بين أسنانه، ففيه ~~قولان: أحدهما: أنه كالمتناول من خارج [الفم لأن (2) الفم له حكم الظاهر في ~~الصوم، وإذا ابتلع منه شيئا صار كالمتناول من خارج] (3)، وأيضا فإن أصلها ~~من خارج الفم. والثاني: أنها ليست كالمتناول من خارج؛ لأنها لما استقرت في ~~الفم صارت في حكم الريق. فإذا (4) قلنا إنها ليست كالمتناول من خارج، فهل ~~تسقط الكفارة ويجب القضاء أو يسقطان جميعا؟ في المذهب قولان: سقوطها، لما ~~عللنا به من أنها كالريق. ووجوب القضاء، لأنها في حكم ما يمكن الاحتراز ~~منه، فأشبه (5) المتناول ناسيا (6). ### | (حكم تناول غير المغذي) # وأما غير المغذي فقد قدمنا ما فيه من الخلاف. وإذا قلنا إنه ليس كالمغذي، ~~فهل يكون فيه [القضاء] (7) خاصة أم لا؟ في المذهب قولان: أحدهما: وجوب ~~القضاء، [إذ ليس كالمغذي] (8) في عمده دون الكفارة. [والثاني: وجوب القضاء ~~والكفارة] (9)، وهذا مراعاة للخلاف، ولأن الكفارة PageV02P722 # # إنما جعلت في الشريعة] (1) زجرا عن تناول ما تدعو النفوس إليه، وهذا مما ~~لا تدعو النفوس إليه. # وأما ما استخرج من الحلق كالبلغم (2)؛ فإن لم يقدر على طرحه فلا حكم له ~~إن استرده، وإن أمكن طرحه ففيه من الخلاف ما في غير المغذي، كالفلقة بين ~~الأسنان. ### | (حكم ما لا يمكن الاحتراز منه) # وإن كان مما لا يمكن الاحتراز منه، فإن عم وكان من جنس ما لا يغذي كغبار ~~الطريق، فلا خلاف في سقوط حكمه (3). وإن كان من جنس ما يغذي كغبار الدقيق ~~فيه قولان في المذهب: أحدهما: وجوب القضاء، لأن [أقصى ms307] (4) أمره أن يكون ~~كالنسيان. والثاني: نفيه، لأنه لا يمكن الاحتراز منه كغبار الطريق. وأما ~~غبار [الجير والدباغ] (5) وما في معناه من كل ما لا يغذي وينفرد بالاضطرار ~~إليه بعض الناس، فهل يكون كغبار [الدقيق فيكون فيه الحكم كما قدمته أو يكون ~~كغبار الطريق فلا حرج فيه ولا حكم؛ فإنه] (6) إن عللنا غبار الطريق بأنه من ~~جنس ما لا يغذي فهذا مثله، وإن عللنا بعموم الاضطراب إليه فهذا بخلافه. # ... ### | فصل (حكم الواصل إلى المعدة أو الحلق من غير الفم) # ولا خلاف في سقوط الكفارة في الواصل إلى المعدة أو الحلق من غير الفم، ~~إلا ما قاله أبو مصعب فيما دخل من منفذ واسع. وهو بعيد PageV02P723 # # جدا، لأن هذا مما لا تتشوف النفوس إليه، فتتعلق الكفارة به. وإنما ظن أن ~~الشريعة علقت الكفارة بوصول الشيء إلى المعدة مع القصد والعمد. وفي إثبات ~~القضاء فيما استدخل من منفذ واسع كالأنف والأذن قولان. وقد قدمنا القولين ~~في الحقنة، وذلك إذا كانت مما يماع (1) [ويحصل الاغتذاء به] (2). وأما إذا ~~كانت مما لا يماع فلا يختلف في سقوط حكمه. # وكذلك الاكتحال بما لا يتحلل ولا يصل، وأما ما يتحلل ويصل فهل يجب عند ~~الاكتحال به القضاء؟ في المذهب قولان. وهما خلاف في شهادة، هل يمكن أن يصل ~~من العين إلى الحلق شيء بتوصيل العقاقير الغواصة، أو لا يمكن ذلك لضيق ~~المنفذ؟ وإذا قلنا بإسقاط القضاء، فهل يجوز ذلك ابتداء أم لا؟ في المذهب ~~قولان: فمن أجاز شهد (3) بعدم الوصول، ومن منع فلعله راعى الخلاف ورأى أن ~~الواصل يسير لا حكم له في إيجاب القضاء، لكنه ينهى عنه ابتداء. وإنما سقطت ~~الكفارة في الواصل من غير الفم؛ لأن الكفارة إنما جعلت في الشريعة زجرا ~~وردعا عن تناول ما تدعو النفوس إلى تناوله، وهذا القبيل مما لا تدعو النفوس ~~إليه إلا عند الحاجة، فيكون الإنسان كالمضطر إليه. والفطر إنما يقع بوصول ~~جرم المتناول إلى الحلق لا بوصول ريحه. ولهذا نقول: إن ذوق (4) ما له طعم ~~مكروه، لكن لا ms308 يحصل الفطر بذوقه إلا أن يصل منه شيء إلى الحلق والمعدة. # ... ### | فصل (حكم القيء) # وأما [القيء] (5) الضروري فحكمه (6) ساقط إلا أن يسترجع (7) شيء ~~PageV02P724 # # بعد إمكان طرحه ففيه من الخلاف ما قدمناه في الخارج من الحلق يسترد. وأما ~~المستدعي ففيه القضاء في الصوم الواجب لإمكان أن يرجع منه شيء. واختلف ~~البغداديون هل الأمر بالقضاء على الوجوب أو على الاستحباب. ولعل هذا التردد ~~في رجوع شيء منه فيكون (1) بمنزلة من شك هل وجب عليه شيء أم لا؟ وهل (2) ~~فيه الكفارة [أم لا؟] (3) أما إن كان استدعى لعذر أوجبه فلا كفارة عليه، ~~وأما إن كان لغير عذر ففي الكفارة قولان: المشهور إسقاطها، والشاذ وجوبها. ~~قال [أبو الفرج] (4) البغدادي: هو القياس. وتأوله على مذهب مالك رحمه الله. ~~ولعل هذا خلاف في شهادة هل يمكن أن يسلم مستدعي القيء من أن يرجع إلى حلقه ~~شيء أم لا، أو نقول: وإن رجع يجري الخلاف في هذا القبيل هل في عمد رده بعد ~~إمكان طرحه كفارة أم لا؟ وإثباتها حماية للذريعة، ونظرا إلى القاعدة الكلية ~~لوجوب الكفارة في العمد، وإسقاطها لأن النفوس تأباه بطبعها. # ... ### | فصل (حكم المضمضة والسواك) # ولا خلاف في إباحة المضمضة للصائم. ولو تمضمض في وضوء أو غيره فسبقه ~~الماء وجب عليه القضاء عندنا، لأنا نوجب (5) القضاء مع النسيان والغلبة، ~~وهذا منه. ولا كفارة إلا أن يتعمد وصول الماء من غير غلبة. # والسواك مباح عندنا قبل الزوال وبعده، إذا كان مما لا يتحلل منه ما ~~PageV02P725 # # يصل إلى الحلق أو طعمه، فإن كان [بما] (1) يتحلل فإن سلم منه كره ولا ~~قضاء، وإن وصل إلى الحلق شيء كان على التفصيل الذي ذكرناه في المضمضة. # ... ### | باب الصيام في السفر # ولا خلاف بين الأمة أن السفر من مقتضيات الفطر [على الجملة] (2)، ~~وجمهورهم على إباحة الصوم فيه. وقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على ~~سفر فعدة من أيام أخر} (3) معناه: فأفطر. وهذا يسميه الأصوليون لحن الخطاب، ~~وكذلك قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية ms309 من صيام} ~~معناه: فلحق (4)، وكذلك قوله تعالى: {ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم} (5) ~~معناه: فحنثتم. وما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الصوم في ~~السفر كالفطر في الحضر" لم (6) يثبت (7)، ولو ثبت لحمل (8) على من يشق عليه ~~الصوم حتى يؤديه إلى مضرة كبيرة. وما ثبت (9) عنه - صلى الله عليه وسلم - ~~أنه قال: PageV02P726 # # "ليس من البر (1) الصوم (2) في السفر" (3) خارج على سبب، وهو أنه رأى ~~رجلا قد جهده الصوم فقال هذا القول. فهو عموم خرج على سبب. وبين الأصوليين ~~خلاف هل يقصر على سببه، أو يتعدى؟ فإن قصرناه على سببه كان حجة للمشهور ~~(4)، وإن عديناه إلى (5) غير هذا الموضع فنقصره هاهنا إما لقوله تعالى: ~~{وأن تصوموا خير لكم} (6) وسنذكر ما في هذه الآية وإما لما ثبت أن الصحابة ~~رضوان الله عليهم كانت تسافر (7) معه - صلى الله عليه وسلم - فمنهم الصائم ~~والمفطر ولم يعب بعضهم على بعض (8). وإما لما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم ~~- سأله حمزة بن عمرو الأسلمي عن الصيام في السفر فقال له: "إن شئت فصم وإن ~~شئت فأفطر" (9). ### | (أيهما أفضل للمسافر الإفطار أم الصيام؟) # وإذا [تقرر] (10) جواز الصوم في السفر على الجملة فهل هو أفضل، أو الفطر، ~~أو يتساويان؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أن الصوم أفضل، وهو المشهور. ~~والثاني: عكسه. والثالث: أنهما سيان. # وسبب الخلاف الآثار والاعتبار: أما الآثار فإنه - صلى الله عليه وسلم - ~~صام في رمضان PageV02P727 # # فلما بلغ الكديد أفطر، فقال الراوي: "كان الناس يأخذون بالأحدث فالأحدث ~~من فعله - صلى الله عليه وسلم -" (1) [فتعلق من رأى أن الصوم أفضل بأنه ~~ابتدأ [به] (2)، ومن عكس فلأنه يرجع (3) إليه، وقال الراوي ما قال. وهو ~~دليل على أنهم فهموا ترك الصوم والانتقال إلى أن الأولى الفطر. لكن في بعض ~~الطرق أنه - صلى الله عليه وسلم -] (4) إنما أمرهم بذلك فأفطر ليقتدوا به ~~وقصد التقوي على لقاء العدو (5). وهذا يشعر بأن الصوم أفضل، لكنه تركه (6) ~~لهذه العلة، والحديث متنازع فيه على أي المذهبين يدل كما بيناه. # ومن قال بالتخيير احتج ms310 بما قال - صلى الله عليه وسلم - من تخيير السائل ~~وقد تقدم وبما حكى أنس عن الصحابة رضي الله عنهم من انقسامهم إلى الصائم ~~والمفطر كما تقدم، ولم يعب بعضهم بعضا. ومثل هذا لا يكاد يخفى عنه - صلى ~~الله عليه وسلم - من فعلهم، وإقراره دليل على الجواز. ويحتج للمشهور أيضا ~~بقوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم} (7). لكن قد قدمنا الخلاف، هل كان صوم ~~رمضان أولا لازما فلا بد، أو يجوز للقادر عليه أن يفطر ويفتدي؟ فعلى القول ~~بلزوم الصوم يكون في الآية حجة، وعلى القول بالتخيير بينه وبين الفدية ~~PageV02P728 # # يكون (1) محمل الآية على القادر ويكون ذلك منسوخا كما تقدم. # وأما الاعتبار؛ فمن رأى الفطر أفضل قاسه على القصر في السفر والمشهور أنه ~~أفضل كما تقدم والفرق بينهما على المشهور أن القاصر يؤدي فريضة الوقت ويخرج ~~عن عهدة (2) التكليف، والمفطر لا يؤدي فريضة الوقت بل (3) تبقى ذمته معمورة ~~(4) به، ولا يجد أياما توازي رمضان في الفضل. ### | (نية السفر لا تبيح الإفطار) # وإذا تقرر ذلك فقد قدمنا أن مجرد النية لا تكفي في السفر حتى بصحبه ~~الفعل. فمن عزم على السفر فأفطر قبل أن يشرع فيه فهل عليه الكفارة؟ في ~~المذهب أربعة أقوال: أحدهما: وجوب الكفارة مطلقا. والثاني: إسقاطها (5) ~~مطلقا. والثالث: إيجابها إن لم يتم [على] (6) السفر وإسقاطها إن تم. ~~والرابع: إيجابها إن لم يأخذ في أهبة السفر وإسقاطها إن أفطر بعد أن أخذ في ~~أهبة السفر. # هذه الأقوال ترجع إلى الانتفاع بالتأويل وعدم الانتفاع به. وإذا (7) قلنا ~~إن مجرد النية من غير شروع في السفر لا يقتضي الفطر؛ فمن (8) أوجب الكفارة ~~مطلقا فبناء (9) على الأصل ولم يعذره (10) بالتأويل، ومن أسقطها مطلقا عذره ~~بالتأويل، ومن فرق بين أن يتم على السفر أو يبدو له أعطى PageV02P729 # # أول النهار حكم آخره، فإذا تم على السفر صار اليوم لا حرمة له في حق هذا، ~~إذ الكفارة إنما تجب لانتهاك الحرمة، ومن فرق بين أن يأخذ في أهبة السفر، ~~أو لا يعد الأخذ في الأهبة ضربا في ms311 (1) الشروع في زمان السفر، فتسقط به ~~الكفارة. # فإن سافر فلا يخلو أن يكون سافر قبل طلوع الفجر (2) أو بعده. فإن سافر ~~قبل الطلوع فهو مخير بين أن يعقد الصوم أو الفطر. وإن سافر بعد الطلوع ~~فعليه أن يعقد الصوم قبل الطلوع. فإن أفطر قبل سفره فقد تقدم الخلاف فيه. ~~وإن أفطر بعده؛ فإن تأول فظاهر المذهب ألا كفارة عليه، وإن لم يتأول ~~فقولان: أحدهما: إيجاب الكفارة. والثاني: إسقاطها. وهو خلاف في كون الصوم ~~كالجزء الواحد والحكم فيه الأول (3)، فتجب الكفارة لانعقاده في الحضر. أو ~~كل جزء منه عبادة قائمة بنفسها، فلا تجب الكفارة، لأنه صام أولا حاضرا ~~وأفطر لما خرج للسفر (4)، والسفر يبيح الفطر. ### | (هل يباح الفطر لمن أصبح صائما في السفر) # وإن (5) أصبح صائما في السفر فهل يباح له الفطر في أثناء النهار؛ أما إن ~~طرأ عليه عذر يقتضي الفطر ومنه التقوي للقاء العدو كما فعله - صلى الله ~~عليه وسلم - فيباح الفطر، وأما إن لم يكن له عذر فقولان: المشهور منع ~~الفطر، والشاذ جوازه. وهو على الخلاف في كون الصوم، هل هو كالجزء الواحد أو ~~كل جزء منه قائم بنفسه، فيكون السفر مبيحا للفطر في كل وقت وإن عقد الصوم. ~~ويحتج من أباح الفطر أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أفطر (6) بعد أن عقد ~~الصوم، PageV02P730 # # ويرى الفطر (1) من باب الأولى، لأنه بلغ إلى حالة تقتضي الفطر فلا بد. # وإذا قلنا بمنع الفطر فأفطر هل تجب الكفارة؟ ثلاثة أقوال: أحدها: الوجوب، ~~والثاني: نفيه، والثالث: إن أفطر بالجماع وجبت وإن أفطر بالأكل لا تجب. # فأما الوجوب، فلما قدمنا من المنع. وأما نفيه، فلعله بناء على أن الفطر ~~مكروه لا يحرم وقد قيل بذلك أو مراعاة الخلاف. وأما التفرقة، فهي لابن ~~الماجشون وهو القائل بوجوب الكفارة مع النسيان والعذر، فلعله بناء على ذلك. ~~أو لأن (2) الفطر بالأكل والشرب يتأول على التقوي على السفر، والجماع ليس ~~كذلك. وإذا جاز إنشاء الصوم في السفر في رمضان جاز أيضا لسائر أنواع الصوم. ### | (حكم المسافر يفتتح ms312 صوما في غير رمضان) # وإن افتتح صوما في غير رمضان فلا يخلو أن يكون واجبا أو غير واجب. [فإن ~~كان واجبا] (3) كالنذر أو صوم الكفارة؛ فالمنصوص أنه لا يجوز له الإفطار ~~بعد افتتاحه، ويلزم على قول مطرف أنه يجوز فطره كما قال في الصيام في السفر ~~في رمضان. وإذا أفطره فلا شك في وجوب القضاء إلا أن يفطره لمرض؛ [فإن أفطره ~~لمرض] (4) ففي [قضاء] (5) المعين منه قولان: أحدهما: الأمر بالقضاء خوفا أن ~~يكون السفر أهاج (6) عليه المرض. والثاني: نفي القضاء، نظرا إلى المرض. ~~وينبغي أن يكون هذا (7) خلافا (8) في حال. PageV02P731 # # فإن تبين أن السفر أهاجه (1) أمر بالقضاء، وإلا فلا قضاء عليه. وسيأتي ~~الخلاف في قضاء اليوم المعين في حق الناسي والمريض والحائض. # فإن كان الصوم المفتتح تطوعا، فالمنصوص أيضا أنه لا يجوز إفطاره، ويجري ~~على قول مطرف أنه يفطره. وإذا افتتح الصوم ثم أفطر في الحضر ثم سافر؛ فأما ~~التطوع ففي جواز الفطر فيه قولان: أحدهما: أنه لا يجوز فطره، فإن أفطر قضى. ~~والثاني: أنه يجوز ولا قضاء عليه إن أفطر، وهو (2) على ما قدمناه من النظر ~~إلى حالة الانعقاد، فلا يجوز له الفطر. ويلزم القضاء أو الحكم بأن (3) كل ~~جزء قائم بنفسه، فيجوز الفطر وينتفي (4) القضاء. # وأما الصوم الواجب؛ فقد قدمنا الخلاف في لزوم الإمساك في رمضان، هل هو ~~واجب أو مندوب إليه؟ فاحرى أن يجري الخلاف هاهنا. لكنه متى أفطر وكان الصوم ~~مما يجب متابعته بطل جميعه وابتدأه (5). وهكذا يجري الأمر في القسم الأول ~~(6)، وهو (7) إذا افتتح الصوم في السفر. # ... ### | فصل (حكم المريض) # و [من] (8) مقتضيات الفطر المرض. ويحرم الصوم معه إذا أدى إلى ~~PageV02P732 # # التلف والإيذاء الشديد. وأما إن كان فيه مشقة ولا يؤدي إلى ذلك فلا يحرم ~~تكلفه. وللإنسان الفطر متى خاف الموت، أو تمادي المرض، أو زيادته، أو حدوث ~~مرض. ونؤخر الكلام على حكم الحائض إلى موضعه من الكتاب إن شاء الله. # ... ### | باب في أحكام صوم الأسير # ولا شك أنه [إذا كان مطلقا] (1) فيبني على الرؤية ms313 أو (2) العدد كما ~~قدمناه. فإن كان في مهواة لا يمكنه التوصل إلى الرؤية بني على العدد وأكمل ~~كل شهر ثلاثين. فإن التبست عليه المشهور اجتهد وبنى على غلبة ظنه، وإن لم ~~يغلب على ظنه شيء فأجراه اللخمي (3) على قولين: أحدهما: أنه يصوم سائر ~~الشهور. والثاني: أنه يتحرى شهرا ليصومه (4). وهذا كما قدمناه فيمن التبست ~~عليه دلائل القبلة. وكما اختلف في من نذر يوما من الجمعة (5) ثم نسي عينه؛ ~~فقيل: يتحرى يوما فيصومه، وقيل: يصوم آخر يوم من الجمعة (6) حتى يكون قضى ~~إن لم يكن هذا اليوم (7). وقيل يلزمه صوم الدهر (8) إن نذر يوما (9) مؤبدا. ~~فعلى هذا فلا بد أن يلزمه سائر الشهور. # فان تحرى شهرا، أو صام باجتهاده؛ فلا يخلو أن يتبين له أنه أخطأ ~~PageV02P733 # # أو أصاب، أو يخفى عليه ذلك بعد خروجه إلى حيث يمكنه النظر. فإن تبين له ~~الخطأ فإن أخطأ وصام (1) ما بعد رمضان أجزأه، وكان قضاء. وإن أخطأ بصوم ما ~~كان قبله فلا يجزيه إلا أن تكون شهورا عدة صام منها مثلا عن ثلاثة شهور ~~شعبان، وأما الشهر الآخر فلا خلاف في المذهب أنه يقضيه لأنه صام قبله. وأما ~~الأول والثاني: ففي وجوب قضائهما قولان: المشهور وجوب القضاء. وقال (2) ابن ~~الماجشون: لا يجب (3) ويكون الصوم الثاني والثالث قضاء عن الأول [والثاني] ~~(4). # وهذا خلاف في وجوب تعيين الشهر بالنية. وقد قدمنا الخلاف في وجوب تعيين ~~اليوم بعينه (5) في الصلاة. وذكرنا (6) أن ثمرة ذلك لو نسي صلاة لا يدري هل ~~هي من السبت أو من الأحد مثلا. فلا (7) شك أنه إذا تبين له أنه أصاب فلا ~~شيء عليه، وإن أشكل عليه؛ فإن بقي على ما كان عليه في حال صومه من غير أن ~~تظهر أمارة ريبة، فلا شيء عليه ويستصحب الإجزاء، هكذا قاله أبو الحسن. وإن ~~بدت (8) له أمارة ريبة فهاهنا قولان: أحدهما: أنه يجب عليه القضاء حتى ~~يستيقن ببراءة (9) ذمته فإن أصاب الشهر أو صام بعده قضى عنه. والثاني: نفي ~~القضاء حتى يستيقن أنه صام قبله. وهذا ms314 على ما قدمناه من الخلاف في حكم من ~~أيقن بالوضوء وشك في الحدث. وقد وقعت الروايتان مطلقا، ولم يفصل قائلها بين ~~ظهور ريبة وعدم ظهورها. وفصل أبو الحسن اللخمي كما قلناه. ولا شك أن وجهه ~~PageV02P734 # # بين؛ لأنه إذا لم يسترب فلا شك، وإنما الشك مع تعارض خاطرين: أحدهما: أنه ~~يقتضي أمرا، والآخر: يقتضي ضده، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر. # ... ### | فصل (من اضطر للفطر هل يتمادى في الفطر أم لا؟) # وقد قدمنا حكم من أصبح مفطرا في رمضان لجهله باليوم أو لعذر أوجب الفطر. ~~وهل [على المفطر] (1) إمساك بقيمة اليوم أو لا يلزمه؟ وأعطينا في ذلك قولا ~~كليا. لكن اختلف المذهب فيمن اضطر إلى الفطر لغلبة عطش أو أمر بين الضرر ~~فأفطر (2) حتى ذهبت ضرورته، هل يجوز له التمادي على الفطر لأنه إنما أفطر ~~للضرورة فأشبه (3) الحائض والمسافر؟ أو لا يجوز له، لأنه إنما أفطر لعذر ~~وقد انصرف بعد فتنعقد (4) عليه حرمة اليوم. وهكذا يلاحظ الخلاف فيمن اضطر ~~إلى أكل الميتة؛ هل يجوز له الشبع منها [والتزود] (5)، أو إنما يجوز له ~~تناول [ما يمسك] (6) القوت؟ # ... ### | فصل (حكم الجنابة والحيض) # وجمهور الأمة على أن حدث الجنابة لا يناقض الصوم، وكذلك غيره من الأحداث. ~~والدليل عليه قول عائشة رضي الله عنها فيما حكته عن PageV02P735 # # رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنه كان يصبح جنبا في رمضان من جماع من ~~غير احتلام" (1). # وأما حدث الحيض بعد ارتفاع الدم فهل يناقض الصوم؟ لا يخلو من أن ينقطع ~~الدم قبل الفجر بزمان يمكن فيه الغسل، أو بزمن لا يمكن فيه الغسل، فإن أمكن ~~ففي المذهب قولان: أحدهما: أنه لا يناقضه، وهو المشهور قياسا على حدث ~~الجنابة. والثاني: هو الشاذ، أنه يناقضه، ولا ينعقد الصوم إلا بعد الاغتسال ~~قياسا على الصلاة. وإن لم يمكن الاغتسال فقولان: المشهور صحة الصوم. والشاذ ~~عدم الصحة. وهذا نظرا إلى أن الصوم لا ينعقد إلا بعد المخاطبة [بالصلاة] ~~(2)، وإذا لم يمكن الغسل فلا تخاطب (3) على نصوص المذهب. فإن اجتمعت (4) ~~قلت: [المذهب على ms315] (5) ثلاثة أقوال: أحدها: صحة الصوم وإن بقي حدث الحيض. ~~والثاني: عدم الصحة. والثالث: التفرقة بين إمكان الغسل وعدم إمكانه. # وفي الكتاب فيمن أصبحت فشكت أطهرت قبل الفجر أو بعده، فلتصم يومها ذلك ~~وتقضيه. واستقرىء من (6) هذه المسألة فرعان: أحدهما: وجوب صوم يوم الشك ~~للاحتياط ثم يقضي. وهذا كما قدمناه من استقراء أبي الحسن اللخمي وجوب الصوم ~~(7) من أحد الأقوال في التي لا ينقطع PageV02P736 # # عنها الدم بعد عادتها هل تصوم وتقضي فيما بينها وبين (1) الخمسة عشر ~~يوما. وقد قدمنا في ذلك. والاستقراء من مسألة الشاكة هل طهرت قبل الفجر ~~أضعف (2)، لأنها لا دم معها. والظاهر براءتها لعدم (3) الدم. # والفرع الثاني: أن الحائض لا يجب عليها تجديد النية للصوم؛ بل تكتفي بما ~~تقدم في أول الشهر. وفي ذلك خلاف يأتي في باب النية [في الصوم] (4). # ... ### | فصل (5) (حكم الجنون والنوم والإغماء) # ولا خلاف أن الجنون مناقض لانعقاد الصوم، لكن حكم القضاء قد قدمنا ما في ~~المذهب فيه (6). ولا خلاف أن النوم لا يناقض الصوم. وأما الإغماء فإن كان ~~بمرض استغرق جميع أجزاء النهار فلا خلاف في المذهب أنه يناقض الصوم، ولا ~~ينعقد معه، قياسا على الجنون. وإن كان بغير مرض فالمشهور أنه كالأول، ~~والشاذ أنه كالنوم. وهو خلاف في شهادة؛ هل يستغرق الإغماء بغير مرض حتى ~~يذهب العقل [جملة ويخرج] (7) عن حالة النوم بالكلية، أم لا؟ فإن كان ~~الإغماء في اليسير من النهار؛ فإن سلم طرفه الأول فلا خلاف في المذهب أنه ~~كالنوم وهذه (8) شهادة بأنه مع هذه الحالة لا يستغرق العقل، فإن كان في ~~طرفه الأول حتى كان الإغماء [من] (9) قبل PageV02P737 # # طلوع [الفجر] (1) ففي المذهب قولان: أحدهما: أنه لا يناقض، والثاني: أنه ~~يناقض. فمن قال إنه لا يناقض قاسه على الكائن في آخر النهار (2). ومن قال ~~إنه يناقض نظر إلى حالة الانعقاد، فمتى سلمت عد ما يطرأ بعدها كالنوم. وإن ~~أتى الإغماء على شطر (3) النهار ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يناقض [كالنوم] ~~(4). والثاني: أنه يناقض [كالجنون] (5). وهو خلاف في شهادة هل يعم ms316 هذا ~~المقدار أجزاء العقل حتى يكون كالجنون أو لا يعم، إلا أن يكون مستغرقا لكل ~~النهار. وفي الجل قولان أيضا (6): وجوب القضاء، واستحبابه. وهما على ما ~~قدمناه. # ... ### | فصل (حكم من أفطر متأولا) # ولا خلاف في وجوب الكفارة عندنا مع القصد إلى انتهاك حرمة الصوم. فإن ~~أفطر متأولا فإن قرب تأويله واستند إلى أمر موجود فلا كفارة عليه. وهذا كما ~~مثله في الكتاب فيمن أفطر ناسيا فظن بطلان صومه فأفطر متعمدا، أو المرأة ~~ترى الطهر ليلا في رمضان فلم تغتسل فتظن أن من لم تغتسل ليلا (7) فلا صوم ~~لها فتأكل، والرجل يدخل من سفره ليلا فيظن أنه لا صوم له إلا أن يدخل نهارا ~~فيفطر. والعبد يخرج راعيا على مسيرة أميال فيظن أنه سفر يبيح له الفطر، فلا ~~كفارة على جميع هؤلاء. وقال ابن القاسم: "وكلما رأيت مالكا رحمه الله يسأل ~~عنه من هذا الوجه على التأويل PageV02P738 # # فلم أره يجعل فيه الكفارة" (1). وإن بعد تأويله ففي المذهب قولان: إيجاب ~~الكفارة، والثاني: إسقاطها. وهذا كما قدمناه في من رأى الهلال وحده فرد ~~الإمام شهادته فأفطر، ظانا أن الصوم لا يجب عليه. فإن إستند تأويله إلى سبب ~~معقول (2) ففيه قولان: أحدهما: إيجاب الكفارة، وهو المشهور نظرا إلى الحال. ~~والشاذ إسقاطها، نظرا إلى المآل. وهذا كمسألة المفطرة تعويلا على أنه يوم ~~حيضتها، وكالمفطر تعويلا على أن اليوم تنوبه (3) فيه الحمى. وهو يلاحظ ~~مسألة من الكلام وهو من بلغ فأهمل النظر والاستدلال به (4) عند بلوغه ~~فاحتلم قبل إكمال أجزاء (5) النظر [لو أفتتحه] (6). واختلف القائلون بإيجاب ~~النظر هل يحكم بعصيانه نظرا إلى حالة التفريط أو ينتفي العصيان نظرا إلى ~~أنه لو بادر لما أغنى عنه ولم يصل إلى المقصود (7). PageV02P739 # ### | فصل (حكم الحامل والمرضع) # وينخرط حكم الحامل والمرضع في سلك (1) المريض؛ فأما الحامل فمتى أدى ~~صومها إلى الخوف على نفسها أو على ما في بطنها أفطرت، ويجب عليها الإفطار ~~في كل حالة يجب على المريض، وقد قدمناه. وهل تكون عليها الفدية الصغرى؛ وهي ~~مد لكل يوم؟ في ms317 المذهب أربعة أقوال: أحدها: نفي الوجوب، قياسا على المريض. ~~والثاني: إيجابه، لأن النص ورد في المريض، وقد ورد عنه - صلى الله عليه ~~وسلم - إيجاب الفدية على الحامل. والثالث: التفرقة بين أن تخاف على نفسها ~~فتسقط الفدية لأنها مريضة، أو تخاف على ما في بطنها فتجب لأنها في هذه ~~الحالة كالمرضع والمرضع لا يتعلق عليها (2). والرابع: تطعم إن احتاجت إلى ~~الفطر قبل ستة أشهر، ولا تطعم إن احتاجت إليه بعد ستة أشهر، لتحقق حالة ~~المرض بعد [ستة أشهر] (3). # فأما المرضع فإن شق عيها الصوم وأدى إلى حالة المرض؛ فإن قدرت، أو قدر من ~~يلزمه إرضاع الصبي المولود على أن يستأجر له من تقوى (4) على الإرضاع ~~والصيام، أو مرضعا (5) حائضا أو كتابية، وكان المولود يقبل غير أمه، وجب ~~الاستئجار ولم يجز الفطر. # وإن لم يوجد من يستأجر [أو بما يستأجره] (6) أو لم يقبل غير أمه أفطرت ~~الأم وأرضعته. وفي وجوب الفدية عليها قولان. وهي مطيقة في نفسها غير ~~PageV02P740 # # مطيقة لضرورة (1) الولد؛ فمن نظر إلى حالتها أوجب الفدية، ومن نظر إلى ~~حالة الولد أسقطها. وقد قدمنا الخلاف في قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه ~~فدية طعام مسكين} (2) هل هو محمول على القادر على الصوم، أو أنه كان يخير ~~بين الصيام (3) والإطعام ثم نسخ، أو معناه يلزمونه وإن عجزوا عنه (4). # وعليه أيضا القولان في المتعطش والشيخ الكبير. وبالجملة، كل من لا مرض ~~به، ويعلم من حالته أنه لا يمكنه إكمال صوم اليوم، هل تلزمه الفدية أم لا ~~تلزمه؟ # ... ### | فصل (لا تصوم الزوجة تطوعا إلا بإذن زوجها) # والنكاح معاوضة بين الزوجين، ملك به الزوج الانتفاع بالزوجة والاستمتاع، ~~فليس لها أن تفعل ما يؤدي (5) إلى تعطيل ملكه إلا بإذنه. فلهذا لا تصوم ~~تطوعا إلا بإذنه، أو تعلم من حاله أنه لا يحتاج إليها في النهار. فإن صامت ~~من غير إذنه فمقتضى المذهب أنه يجبرها على الفطر. وهكذا يكون العبد ليس له ~~أن يصوم تطوعا إلا بإذن سيده، وهذا إذا كان صومه يضر بسيده في عمله، وأما ~~إن ms318 كان غير مضر فقد قالوا لا يمنعه. # وينبغي أن ينظر هل يضر ذلك في المال أو يضر في الحال؛ فإن كان يضر في ~~المآل فله أن يمنعه، وليس للزوج ولا للسيد المنع من الصوم الواجب لتقديم حق ~~[الله تعالى] (6) لأنه (7) على ذلك دخل. PageV02P741 # # وهل له المنع في تعجيل القضاء؟ وهذا مما تردد فيه المتأخرون هل له ذلك ~~لما كان تعجيل القضاء لا يجب، أو ليس له ذلك للمحاذرة من أن يحرم (1) أو ~~يعجز عن القضاء حتى يدخل عليه شهر آخر فيكون مفرطا (2). وسنذكر الخلاف في ~~من صح من الأيام ما يمكن له فيه القضاء، ثم توالى عليه المرض حتى دخل عليه ~~شهر آخر، هل يكون مفرطا أم لا؟ # ... ### | باب في أحكام القضاء # ولا خلاف أنه لا يجب على الفور. والأصل في ذلك ما أخبرت به عائشة رضي ~~الله عنها عن نفسها أنها كانت تؤخر قضاء رمضان إذا أفطرت فيه فما تقضيه إلا ~~في شعبان لشغلها بالرسول - صلى الله عليه وسلم - (3). فإن بادر المكلف فقد ~~سلمت ذمته وبرئ، وإن أخر ثم أمكنه القضاء قبل دخول رمضان الثاني فقضى فلا ~~فدية عليه، وإذا كان معذورا بالمرض أو السفر جميع السنة فلا فدية عليه، وإن ~~صح عند تعين (4) القضاء فلم يقضه وهو في شعبان فعليه الفدية بلا خلاف ~~عندنا، وإن زال عذره في أثناء السنة ومرض أو سافر عند تعين القضاء فلم يقضه ~~ففي وجوب الفدية عليه قولان للمتأخرين. وهما على الخلاف فيما وجب وجوبا ~~موسعا هل يتعلق الإثم بفواته إذا أمكن الإتيان به قبل تعيين (5) فعله ~~للأصوليين (6) في ذلك قولان. PageV02P742 # # وإذا وجبت الفدية فمتى يؤمر بإخراجها؟ قولان في المذهب: أحدهما: عند تقرر ~~(1) القضاء واستقراره في الذمة (2) لأنه سبب الوجوب. الثاني: عند الأخذ في ~~القضاء بعد رمضان الثاني، [إذ] (3) حينئذ وجب القضاء فتجب الفدية متابعة ~~له. وإذا وجبت (4) الفدية فأوصى بها كانت مبداة. لكن (5) النظر في حكم ~~التبدية محال يأتي في كتاب الوصايا. وإذا لم [تجب فأوصى بها لم تكن] (6) ~~مبداة. # لكن اختلف ms319 إذا اجتمع على المكلف صوم عن تمتع وما في معناه وقضاء رمضان ~~ولم يتعين زمن القضاء؛ هل يبدأ بالصوم عن التمتع، أو بالصوم للقضاء، ~~فالتبدية بالتمتع (7) لأنه مأمور بتعجيله في أيام الحج. فإذا فاته، أمر ~~بالمبادرة إليه وتبدية قضاء رمضان؛ لأنه بدل عما هو أكبر من صوم المتمتع. # ... ### | فصل (زمن القضاء) # وكل زمن يخير الإنسان في صومه أو فطره؛ فإنه يصح أن يكون محلا للقضاء. ~~واحترزنا بقولنا "يخير" من صوم [يوم] (8) العيدين، فإن الفطر فيهما واجب. ~~وأما الثلاثة الأيام التي بعد يوم النحر ففيها خلاف نذكره؛ وذلك أن اليومين ~~يصح صومهما للمتمتع. وهل يصومهما من نذرهما [لا يخلو أن PageV02P743 # # ينذرهما بعينهما أو تبعا (1) للشهر أو تبعا للسنة؛ فإن نذرهما بعينهما ~~ففي المذهب قولان: المشهور أنه لا يصومهما قياسا على يوم العيد. والشاذ ~~يصومهما قياسا على المتمتع. وكذلك القولان أيضا في ناذر ذي الحجة وناذر ~~السنة. والقول أنه يصومهما [هاهنا شاذ جدا] (2)، وأما اليوم الرابع من يوم ~~النحر؛ ففي صيامه على النذر قولان: المشهور [جواز] (3) صومه، لأنه ليس محلا ~~للنحر عندنا. ولا يتناوله قوله - صلى الله عليه وسلم -: في أيام [النحر] ~~أنها أيام أكل وشرب [وتبعل] (4). والشاذ أنه لا يصومه، لأنه ملحق باللذين ~~قبله في حكم الرمي بالجمار. وكذلك الخلاف في هذه الثلاثة الأيام هل يصومها ~~من وجبت عليه الكفارة فافتتح الصيام قبل العيد وكان معذورا حتى لا يبطل ~~تتابعه؟ # وهل يصح القضاء في هذه الثلاثة أيام؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه ~~لا يصح، والثاني: أنه يصح، والثالث: التفرقة فيصح في اليوم الرابع، ولا يصح ~~في اليومين اللذين قبله. ومعرفة سبب الخلاف يؤخذ مما تقدم. ### | (حكم تتابع القضاء) # ولا يجب تتابع القضاء عندنا بل يستحب. والأصل في هذا أن القضاء إنما ثبت ~~من غير شرط التتابع فيه، فلا تعمر الذمة بتتابعه إلا أن يثبت ما ~~PageV02P744 # # يقتضيه. وما يقوله أهل المذهب من أن كل صوم في القرآن ينقص (1) عن الشهر ~~فلا يجب تتابعه، وما أكمل فيه الشهر وجب تتابعه، فإنما هو ms320 على التقريب وليس ~~ذلك علة في وجوب التتابع وعدم وجوبه. وإنما وجب التتابع في ما كان شهرا أو ~~شهرين للنص على وجوب التتابع. ويرجع إلى الاحتراز [بالتخيير] (2) بين الصوم ~~والفطر فيما يجب صومه ولا يصح (3) فيه القضاء، وهذا كرمضان ثان. ولو نوى به ~~القضاء عن الأول [فالمذهب على ثلاثة أقوال: الإجزاء عن هذا، ويكون أداء. ~~والإجزاء عن الأول] (4)، ويكون قضاء. وقد تؤولا جميعا على المدونة؛ لأنه ~~قال: ويكون عليه قضاء رمضان الآخر، ويروى بكسر الخاء، فيكون معناه: الإجزاء ~~عن القضاء. ويروى بفتحها، ويكون معناه (5): الإجزاء عن الأداء. وقيل لا ~~يجزي عن واحد منهما. وخرج الباجي قولين بالإجزاء عن الأول والثاني، على ~~خلاف في المذهب؛ هل تجزي نية القضاء عن نية الأداء، أو عكسه [عدم الخلاف هل ~~يجزيه نية الأداء عن نية القضاء] (6). ومثله الأسير يصوم شهرا، ثم يتبين له ~~أنه صام شعبان. وقد قدمنا الخلاف في ذلك. والذي يعول عليه في هذا. أما في ~~مسألة الأسير فما قدمناه. # وأما مسألة القضاء؛ فإن هذا قاصدا إلى الصوم مع العلم بوجوب صوم هذا ~~الشهر عليه؛ فمن قال بالإجزاء على الأداء رأى أن حقيقة النية قد حصلت (7)، ~~وحكم بأن الصوم للقضاء حكم بخلاف الشريعة وهو مردود. # ومن قال بالإجزاء عن القضاء أعطاه حكم قصده وراعى حكم النية، PageV02P745 # # ولا صوم إلا بها عندنا فيجزيه عن القضاء، وإن أخطأ (1) بتأخير الأداء. # وأما من نفى الإجزاء فلأنه رأى تعيين الشهر يقتضي صومه عن الأداء. والقصد ~~[وقع] (2) بخلاف ذلك وحصل التنافي بين العلم بوجوب (3) الأداء والقصد إلى ~~القضاء. ومتى حصل التنافي [بين العلم بوجوب الأداء والقصد إلى القضاء] (4) ~~بطل. # وخرج أبو الحسن اللخمي على هذا الخلاف فيما لو قصد أن يصوم رمضان عن نذر ~~أو عن كفارة ظهار أو غيرهما. والمنصوص في هذا عدم الإجزاء على الجميع. ولعل ~~هذا لا يجري فيه الخلاف لبعد ما بين الوجوب هاهنا، بخلاف ما إذا قصد ما هو ~~من جنس واحد. # ... ### | فصل (كيف يقضي الشهر كاملا من عول على التتابع) # ولا ms321 خلاف أن من أفطر في رمضان أياما لا يجب عليه إلا عدتها، فإن أفطر ~~جميع الشهر وابتدأ القضاء متفرقا أو في أثناء شهر ثان؛ فلا يجب عليه إلا ~~عدد الأيام. فإن ابتدأ القضاء في شهر شوال وعول على المتابعة من أوله، فإن ~~كان كعدد الأول فلا شك في الإجزاء، وإن كان هذا الثاني أكمل فهل يجب عليه ~~صيام جميعه؟ [وهل يكتفي به إذا نقص؟] (5) في المذهب قولان: أحدهما: أنه ~~يراعي عدد الأيام ولا حكم للشهر، لقوله تعالى: {فعدة من أيام أخر} (6). ~~والثاني: أنه يراعي حكم الشهر؛ لأنه ليس في PageV02P746 # # ذمته إلا شهر. ويلتفت هذا الخلاف (1) في القضاء، هل يجب بالأمر الأول ~~فيكون عليه عدد الأيام، أو بأمر ثان فيراعي الشهر. # ... ### | باب في أحكام النية في الصوم # (2). # ولا خلاف [عندنا] (3) في وجوب النية للصائم وعدم الإجزاء مع غير قصدها ~~(4) إلا ما ذكره ابن الماجشون وأحمد بن المعذل (5) في الصوم المتعين. وهذا ~~لأن الصوم عبادة محضة، وهو يقع عبادة وعادة. والنية للتمييز بين العبادات ~~والعادات. ثم لا خلاف أنه لا تجزي عندنا إلا أن تتقدم النية على سائر ~~أجزائه، فإن طلع الفجر ولم ينو لم يجزه في سائر أنواع الصيام إلا يوم ~~عاشوراء ففيه قولان: المشهور من المذهب أنه كالأول، وهذا لعموم قوله - صلى ~~الله عليه وسلم -: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" (6) على أنه قد ~~اختلف في مقتضى هذا النفي. وتحقيقه محال على فنه من PageV02P747 # # الأصول. والشاذ اختصاص يوم عاشوراء بصحة الصوم وإن وقعت النية في النهار، ~~لقوله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء: "أنا صائم فمن شاء فليصم ومن ~~شاء فليفطر" (1). وظاهره يقتضي إباحة الصيام لمن لم يبيته، ولعله يحتمل هذا ~~في المشهور (2) على بيان الحكم في عدم الوجوب، ويكون معناه: فمن شاء أن يصم ~~في عام ثان لا في هذا اليوم. ### | (محل النية) # وإذا ثبت اشتراط تقدم النية. فلا خلاف عندنا أن محلها الليل، ومتى عقدت ~~فيه أجزأت ولا يشترط مقارنتها للفجر بخلاف الصلاة والطهارة والحج، فإنا ms322 (3) ~~نشترط المقارنة والتقدم بالزمان اليسير على ما تقدم تفصيله. والفرق بين ~~الصوم وبين سائر [هذه] (4) العبادات أن الغالب [مجيء] (5) أول زمن (6) ~~الصيام والناس (7) نيام. وفي تكليفهم المقارنة كبير مشقة عليهم، تسقط مثلها ~~الشريعة. ### | (هل يجزي تبييت النية في أول رمضان علي سائره أم لا؟) # لكن اختلف المذهب هل يجزي التبييت في أول رمضان على سائره، أو لا بد لكل ~~ليلة من التبييت؛ فالمشهور: الإجزاء. والشاذ اشتراط التبييت في كل (8) ~~ليلة، [لأن الليل زمان لا يصح صومه، فهو كالتابع للنهار] (9). PageV02P748 # # وسبب الخلاف النظر إلى تخلل الفطر، وهو يقتضي منع اتصال العبادة، فيفتقر ~~إلى التبييت كل ليلة. أو النظر إلى أن الليل زمن لا يصح صومه، فهو كالتابع ~~للنهار، أو في حكم العدم معه. أو النظر إلى اتصال الصيام، أو التعويل على ~~صوم جميع تلك الأيام. ### | (هل يفتقر سارد الصوم إلى تبييت النية كل ليلة؟) # وعلى هذا التعليل اختلف في من شأنه سرد الصوم، أو من نذر صوم يوم بعينه، ~~هل يفتقر إلى التبييت كل ليلة أو يكفيه التعويل من أوله؟ ولا شك على الشاذ ~~من المذهب أنه يفتقر إلى التبييت. وإنما هذا الخلاف على المشهور، فمن علل ~~في رمضان بوجوب اتصال الصيام أوجب التبييت في حق من شأنه سرد الصوم وفي حق ~~ناذر يوم بعينه، ومن علل بالتعويل على إدامة الصيام لم يوجبها في حق من ~~يسرد الصوم وأوجبها في حق الناذر ليوم بعينه، ومن عول على التعويل (1) على ~~صوم الأيام أسقط التبييت عن جميع هؤلاء. # وفي المذهب في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: إيجاب التبييت إلا في رمضان كما ~~تقدم. والثاني: نفي إيجابها عن سارد الصوم وعن الناذر يوما بعينه. والثالث: ~~إسقاطه عن الناذر (2) دون غيره. # ولو طرأ في رمضان ما أباح الفطر فهل يفتقر إلى [إعادة] (3) التبييت؟ في ~~المذهب قولان. وقد قدمنا مسألة الحائض تشك هل طهرت قبل الفجر أو بعده؟ وأن ~~الأشياخ أخذوا منها أن إعادة التبييت لا يلزم، لأنه إنما علل في المدونة ~~وجوب القضاء بأنها لا تدري ms323 أطهرت قبل الفجر أو بعده، ولم يلتفت إلى النية. ~~وهذا الاستقراء ظاهر على أنه قد يعلل [بعلة] (4) ثم يعول PageV02P749 # # على غيرها. وهذا كما قدمناه في الإمام أن يقرأ الإمام سورة فيها سجدة (1) ~~في صلاة الفرض خيفة التخليط. ثم سئل عن الفذ فكرهه أيضا. والتخليط مأمون في ~~حقه. # وسبب الخلاف في وجوب إعادة النية (2) النظر إلى التعويل على إدامة الصوم ~~في الأول ووجوبه. وما طرأ من الفطر غير مؤثر في النية الأولى، ولا يفتقر ~~إلى تبييت. أو النظر إلى تخلل زمان يصح (3) صومه [وفطره] (4)، فصار قاطعا ~~للنية الأولى. # وقد فرق بعض المتأخرين بين الحائض وغيرها بوجهين: أحدهما: أنها معولة في ~~الغالب على وجود الحيض فتفطر فيه، ثم تعود إلى الصيام وكأنها قاصدة في ~~الأول إلى التبييت بعد انقطاع الحيض، بخلاف المريض والمسافر وهذا ظاهر في ~~المريض وأما المسافر فإن عول من (5) أول رمضان في أول صومه على أنه يسافر، ~~فهو كالحائض. # والثاني: أن زمن الحيض لا يصح صومه فأشبه الليل، بخلاف المسافر والمريض. ~~وإذا قلنا بصحة التبييت من الأول فإنما يجتزي بذلك ما لم يأت بما يناقض ~~نيته (6). # وإن أتى بما يناقض، وقصد إلى الفطر؛ فإن كان بعد انعقاد الصوم في أثناء ~~النهار فقولان: أحدهما: أن ذلك لا يضره، والثاني: أنه يبطل صومه. وهما على ~~الخلاف في الصوم، هل كل جزء منه قائم بنفسه أو أواخره مبنية على أوائله. ~~فإن قلنا إن كل جزء يعطى حكم نفسه أبطلنا الصوم. وإن قلنا إن أواخره مبنية ~~على أوائله اختلف في هذا على الخلاف في رفض العبادة PageV02P750 # # هل يؤثر أم لا؟ وإن كان قصده إلى رفض النية قبل الفجر فلا يصح صومه. وفي ~~هذا نظر إذا قلنا إن جميع الشهر في حكم اليوم [الواحد] (1)، فعلى هذا يختلف ~~فيه وإن قصد إلى الرفض قبل الانعقاد وقبل طلوع الفجر. # ... ### | باب في أحكام الكفارة # (2) # والنظر فيها ينحصر في فصلين: أحدهما: على من تجب، والثاني: في صفتها. ~~فأما الأول فقد تقدم [الكلام] (3) عليه، وأما الثاني فهي صغرى وكبرى ms324. ~~فالصغرى مد عن كل يوم بمد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما الكبرى فقد ~~اختلف المذهب في صفتها؛ فالمشهور: أنه ليس فيها إلا الإطعام. لكن اختلف ~~المتأخرون هل ذلك من باب الأولى ويجزئ غيره، أو من باب الأوجب فلا يجزئ ~~غيره. والشاذ أن يكون بالإطعام وغيره. وإذا قلنا بهذا فهل تتنوع بقدر (4) ~~أنواع الموجب، أو تكون على حد سواء. في المذهب قولان: والأشهر تساويهما وإن ~~اختلف الموجب. والشاذ أنها بالإطعام إن كانت بغير جماع، وعتق أو صيام (5) ~~إن كانت بالجماع. وإذا قلنا بالتساوي فهل هي على التخيير ككفارة الأيمان أو ~~على الترتيب ككفارة الظهار؟ في ذلك قولان. وإذا قلنا بالتخيير هل يبتدأ ~~بالطعام أولا أو بالعتق؟ في ذلك قولان. # وسبب الخلاف اختلاف ظواهر، [فعول في] (6) المشهور على قوله {وعلى الذين ~~يطيقونه فدية طعام مسكين} تعالى: (7)، وحمله على الكفارة PageV02P751 # # الكبرى بتعمد الفطر. وقد قدمنا الخلاف في معنى الآية. # ومن فرق بين الموجب (1) رأى أن الآية محمولة على الفطر بغير الجماع، ~~والأحاديث تقتضي الفطر بالجماع، ونظر أيضا إلى أن الأشد والآثم [يجب على ~~الأشد في الارتكاب] (2) والجماع أشد والشهوة فيه أغلب، فكان الواجب عنه ~~أكبر (3) من الواجب عن غيره. ومن قال بالترتيب عول على ما في بعض الطرق من ~~أنه - صلى الله عليه وسلم - سأل المستفتي له هل يستطيع إعتاق رقبة؟ فلما ~~أخبره بعدم قدرته على ذلك سأله عن استطاعته الصوم، فلما أخبره بالعجز عنه ~~سأله عن القدرة عن الإطعام. فهذا يقتضي الترتيب ككفارة الظهار، ولأنها أيضا ~~تنوعت بأنواع الظهار ومقدرة (4) بقدرها فتجب المساواة بينهما. # ومن خير فلما في بعض الطرق من التخيير، وكأن من يرى أن الأولى الابتداء ~~بالعتق يراعي مذهب المرتبين، ومن يرى الابتداء بالإطعام يراعي مذهب ~~المقتصرين عليه. هذا مبادئ سبب الخلاف بحسب ما يليق بهذا المجموع. # والإطعام [ستون مدا] (5) لستين مسكينا كما في الظهار، وكذلك في الحديث ~~عنه - صلى الله عليه وسلم - (6). وهل تكون من عيش المكفر أو من غالب عيش ~~الناس PageV02P752 # # إن اختلف ذلك. قال أبو الحسن ms325 اللخمي: "يجري على الخلاف في الكفارة في ~~زكاة الفطر". # وأما الرقبة فيشترط فيها السلامة [والإيمان] (1) كما يشترط في سائر ~~الكفارات. وبيان ذلك يأتي في كتاب الإيمان والظهار. # ... ### | فصل (تعدد الكفارة) # وعندنا أن الكفارة تتعدد بتعدد الأيام. وهل تتعدد بتعداد الانتهاك في ~~اليوم الواحد؟ أما إن انتهك قبل أن يكفر فلا خلاف أنها لا تتعدد، وأما إن ~~كفر ثم انتهك، فإن أكل أو شرب أو جامع فللمتأخرين قولان: أحدهما: إيجاب ~~كفارة ثانية وثالثة وإن أكثر الانتهاك تكررت (2) الكفارة. والثاني: ~~الاقتصار على كفارة واحدة وهو خلاف في عودة حرمة اليوم بإخراج الكفارة أو ~~نفي عودتها. ### | (عقوبة من ظهر عليه الأفطار متعمدا) # وتجب العقوبة على من ظهر عليه الإفطار في رمضان متعمدا. وإن جاء مستفتيا ~~[تائبا] (3) فأجراه أبو الحسن اللخمي على الخلاف في شاهد الزور إذا جاء ~~مستفتيا. وفي عقوبته قولان. والظاهر هاهنا نفي العقوبة لأن الرسول - صلى ~~الله عليه وسلم - يعاقب المستفتي له في ذلك (4). وأيضا، فإن شهادة الزور ~~أكبر من انتهاك حرمة الصوم لتعلقها بالغير (5)، ولأن الرسول عليه السلام ~~PageV02P753 # # عدها من أكبر الكبائر ثم ردد قوله: "ألا وقول الزور" حتى تمنى الحاضرون ~~سكوته" (1). # وإذا وجبت العقوبة كان مصروفة إلى الاجتهاد بقدر جرأة الفاعل وعدم جرأته. ### | (وجوب الكفارة على السفيه) # وتجب الكفارة على كل مكلف وإن كان سفيها. ويكفر عنه وليه بالإطعام إن ~~قلنا إنه متعين، أو يأمره بالصيام إن قلنا بأن الكفارة على التخيير. وأما ~~إن قلنا إنها على الترتيب فتجري على حكم كفارة الظهار. وفيها خلاف هل يجزي ~~على السفيه الصيام عنه وإن كان واجدا للرقبة، أو لا تجزيه إلا الرقبة؟ ~~وبيانه يأتي في موضعه. # ... ### | باب في أحكام نذر الصيام والتطوع # والأصل في النذر أنه إلزام من المكلف، فيحاذي فيه قصده وما نص عليه. وإن ~~لم يقصد شيئا (2)، وكان اللفظ محتملا الأقل والأكثر فبأيهما يلزم؛ في ~~المذهب قولان: أحدهما: أنه يلزمه (3) الأكثر حتى ينص على الأقل أو يقصد؛ ~~لأنه عمر ذمته، ولا تبرأ إلا بالأكثر. والثاني: أنها تبرأ بالأقل حتى ms326 ينص ~~على الأكثر أو يقصده (4). PageV02P754 # # هذا القانون في هذا الباب وإليه ترجع أكثر مسائله، ومنها أنه لو نذر (1) ~~صياما ونص على لزوم التتابع فيه أو قصده فلا يختلف في لزوم ذلك، فإن نص على ~~عدم التتابع أو قصده فلا يختلف فيه أنه لا يلزم. # وإن أتى بلفظ محتمل ولم يقصد شيئا ففي المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه ~~يلزمه التتابع، ذكر أعواما أو شهورا جملة أو واحدا [أو أياما. والثاني: أنه ~~لا يلزمه التتابع في الثلاث صور. والثالث: أنه إن ذكر أعواما أو شهورا جملة ~~أو آحادا] (2) لزمه التتابع. وبالعكس إن ذكر أياما فقولان في اللزوم ونفيه، ~~راجعان إلى الأصل المتقدم. وأما (3) التفرقة فلأن الأيام عند هذا القائل ~~يصح تواليها وعدم تواليها. والشهور والأعوام تقتضي ألفاظها الموالاة. وهذا ~~شهادة وحكم على اللغة والتحاكم إليها، [وكأن هذا القائل] (4) يرى أنه كالنص ~~على التتابع إذا ذكر شهرا أو شهورا أو أعواما، أو كالآتي بلفظ يقتضي ظاهره ~~ذلك. فخرج عنده اللفظ عن أن يكون مستجملا (5) لا يقتضي شيئا. # وينخرط في هذا السلك أن ينذر شهرا ويبدأه (6) في أثناء الشهر لا في أوله، ~~ففيه قولان: أحدهما: أنه يجزيه تسعة وعشرين يوما لأنها الأقل. والثاني: أنه ~~يلزمه (7) إكمال ثلاثين يوما لأنه الأكمل. ومنه أيضا أن ينذر نصف شهر ففيه ~~قولان (8): أحدهما: هل يبرأ بأربعة عشر يوما، أو لا يبرأ إلا بخمسة عشر ~~يوما. PageV02P755 # # وكذلك [اختلف] (1) لو حلف ألا يفعل فعلا إلى (2) نصف شهر؛ ففيه القولان ~~كما تقدم. ومن هذا الأسلوب أيضا أن ينذر سنة بعينها، فهل يلزمه أن يقضي ~~الأيام التي لا يصح صومها؟ في ذلك قولان. ولو نص على القضاء أو قصده لم ~~يختلف فيه، [ولو نص على [نفي] (3) القضاء أو قصده لم يختلف فيه أيضا] (4)، ~~وإنما الكلام على نفي النص والقصد إليه، وكلامنا (5) على قضاء يومي ~~العيدين. وأما اليومان اللذان بعد يوم النحر فحكمهما الفطر على المشهور من ~~المذهب. وقد قدمنا ما فيهما من الخلاف. وأما اليوم الرابع من يوم النحر ~~فيصومه هذا، على ms327 المشهور من المذهب، فقد قدمنا ما فيها من الخلاف أيضا. # فإذا (6) قلنا إنه يقضي من الأيام التي يفطر فيها، فهل يلزمه قضاء شهر ~~رمضان أيضا لأنه يصومه لغير النذر؟ للمتأخرين فيه قولان: أحدهما: أنه لا ~~يلزمه القضاء؛ لأنه نذر أن يصوم وقد صام. والثاني: لزومه (7). # وكل ما رأيت من الخلاف بين الأقل والأكثر فهو جار على هذا الأسلوب الذي ~~ذكرناه، وعليه يجري حكم (8) الأيمان [في ذلك] (9) هل يبدأ فيها بالإقل أو ~~بالأكثر؟ في المذهب في ذلك قولان. وسيأتي بيانه في [كتاب] (10) النذور إن ~~شاء الله. # ... PageV02P756 # ### | فصل (كراهية النذر) # وكره مالك رحمه الله توقيت منذور من صيام أو غيره، وهذا إن كان لأمر ~~يرجوه المكلف أو يخافه، ففي الحديث النهي عن ذلك. وقال - صلى الله عليه ~~وسلم -: "إنما يستخرج ذلك من البخيل" (1) معناه: أن هذه الأشياء تكون ~~كالمعاوضة، وأن المكلف إذا فعل منها فعلا استحق أن يعاوض (2) عنها بمطلوبه. ~~والله تعالى يجل عن الأعواض والانتفاع بالعبادات. وإن كان النذر لغير ذلك ~~فكراهيته لئلا يأتي وقت العبادة في زمان يشق على الإنسان أداؤها فيه، ~~فيأتيها مسخطا أو مكرها، فيكون حينئذ إلى العقوبة أقرب منها إلى المثوبة ~~(3). لكن من نذر [من ذلك] (4) شيئا فعليه الوفاء بنذره لقوله - صلى الله ~~عليه وسلم -: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" (5). وهذا إذا نذر ما يكون طاعة ~~ويصح انعقاده. ومثاله في الصوم أن ينذر صيام يوم قدوم فلان فيقدم ليلا، ~~فإنه [يصح صيامه] (6) صبيحة تلك الليلة. وإن قدم نهارا فلا يصح انعقاد ~~الصوم لذلك اليوم عندنا. وهل عليه قضاؤه؟ في المذهب قولان، وهما على الخلاف ~~في القصد هل يتعلق باليوم بعينه فلا يكون عليه القضاء، أو يتعلق بوجوب صوم ~~يوم شكرا لله تعالى؟ فإن صح صوم يوم القدوم صامه، وإلا صام يوما مكانه. ولو ~~قدم في الأيام الممنوع صومها كيومي العيدين؛ فالمنصوص نفي القضاء. وخرجه ~~أبو الحسن اللخمي على الخلاف، وهو بين على ما عللناه. PageV02P757 # ### | (من نذر يوما بعينه فنسيه) # ومن مواقع (1) الخلاف في النذور أن ينذر ms328 يوما بعينه ثم ينساه؛ ففي المذهب ~~ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يصوم يوما من أيام الجمعة كائن ما كان، وهذا نظرا ~~إلى أن المقصود يوما (2) وهي متساوية. والثاني: أنه يصوم سائر الأيام؛ لأنه ~~عين يوما وجهله، فلا يتحصل له إلا بصوم جميع الأيام. وكان هذين القولين ~~جاريان على ما تقدم في براءة الذمة بالأقل أو بالأكثر. والثالث: أنه يصوم ~~آخر يوم [من الجمعة] (3)، فيجعله قضاء إن لم يكن هو. وهذا نظرا إلى المقصود ~~(4)، لكنه راعى التعيين. # ... ### | فصل (ما يقطع التتابع) # وقد قدمنا الخلاف في صيام أيام التشريق لمن نذرها أو قضى فيها رمضان، ~~وذلك الخلاف جار في صومها عن الكفارات. وإذا كانت الكفارة مما يلزم تتابعها ~~فلا تبتدئ في أول ذي الحجة ولا في أول ذي القعدة، للعلم بأن التتابع ~~سينقطع. فإن (5) ابتدأت قصدا، فلا شك في قطع التتابع ووجوب الابتداء. وإن ~~ابتدأ قبل ذلك فطرأ مرض أو عذر اقتضى الإفطار حتى [رجع إلى الصيام] (6) في ~~ذي الحجة وتخلل يوم النحر (7) فهل ينقطع بذلك التتابع؟ في المذهب [قولان، ~~وهما على PageV02P758 # # الخلاف في الإفطار لعذر النسيان أو غيره هل ينقطع به التتابع أم لا؟ في ~~المذهب] (1) ثلاثة أقوال: انقطاعه، وعدم انقطاعه، والتفرقة بين أن يقع (2) ~~الإفطار [مع القصد، ظانا] (3) أن الزمان ليس بزمان الصوم، فينقطع (4) ~~التتابع. [أو يقع النسيان مع العلم بأن الزمان زمان الصوم، فلا ينقطع ~~التتابع] (5). # ويمكن تخريج هذا على الخلاف في الصيام والنذر، هل بابه من أبواب ~~المأمورات فلا يفترق عمده من نسيانه، أو من باب المنهيات فيفترق كما قدمناه ~~في كتاب الطهارة؛ وأما التفرقة فلأن ناسي العدد أو جاهل الزمن معه ضرب من ~~التفريط، فلا يصح عذره. # ... ### | [فصل] (6) (حكم من أفطر في صوم نذر) # ومن أفطر في صوم نذرة فإن كان عمدا (7) [عصى ووجب] (8) عليه القضاء، وإن ~~كان نسيانا أو لعذر؛ فإن كان النذر غير معين وجب القضاء، وإن كان معينا ~~فأربعة أقوال: أحدها: وجوب القضاء مطلقا قياسا على رمضان، ولأن في ذمته ~~صوما لم يوف به. والثاني ms329: نفي القضاء، وهو بناء على أن بابه باب المنهيات. ~~والثالث: إيجاب القضاء في النسيان ونفيه في الحيض والمرض؛ لأن الناسي معه ~~ضرب من التفريط. والرابع: النظر إلى PageV02P759 # # أن المقصود هل هذا اليوم لمعنى فيه فلا يجب القضاء، أو إنما المقصود ~~[صوم] (1) يوم فيجب القضاء. # ... ### | فصل (إجازة مالك صوم الأبد) # والتطوع بالصوم لا شك أنه مشروع. وأجاز مالك رحمه الله وأصحابه صوم ~~الأبد. وحكى أبو الحسن اللخمي عن غير واحد منعه، وليس كما قال، [بل مذهب] ~~(2) فقهاء الأمصار جوازه. وإنما حكى البغداديون الخلاف عن أهل الظاهر (3). ~~وما ورد في الحديث من النهي عن صيام الأبد (4) محمول عند المجيزين على ~~أشخاص معينين علم - صلى الله عليه وسلم - من أحوالهم العجز عنه، أو لحوق ~~المضرة بهم. PageV02P760 # ### | (ما يستحب صيامه) # ومما ورد في الشريعة التحضيض (1) على صيام يوم عرفة. وثبت عنه - صلى الله ~~عليه وسلم - أنه قال فيه: "يكفر السنتين (2) الماضية والمستقبلة" (3). ~~ويليه في الفضل يوم عاشوراء، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كصوم سنة ~~(4). ويلحق به صوم يوم التروية. ومن المرغب فيه صوم الأشهر الحرم (5) ~~وشعبان؛ فإنه كان - صلى الله عليه وسلم - يكثر الصيام فيه (6)، وثبت عنه - ~~صلى الله عليه وسلم - الترغيب في صوم ستة أيام من شوال (7) وهي ما بعد يوم ~~الفطر وأنه كصيام الدهر، وهذا لأن الحسنة بعشر (8) أمثالها. فيحصل بصيام ~~رمضان وبصيام هذه الستة الأيام ثلاث مائة وستون يوما. # وقد كره مالك صيامها، وهذا على رأيه في كراهية التحديد، لا سيما فيما ~~يلحقه الجاهل بالفرائض. وأجاز مطرف صيامها. PageV02P761 # ### | (كراهية إفراد الجمعة بالصوم) # ومما وقع النهي عنه في الحديث إفراد يوم الجمعة بالصوم، لئلا يعظم كتعظيم ~~(1) اليهود للسبت، وأجازه مالك. قال الداودي (2) وإنما أجاز إفراده بالصوم ~~لأنه لم يبلغه الحديث. يريد أنه لو بلغه لنهى عنه. # ومما ثبت الترغيب فيه صوم ثلاثة أيام من كل شهر. وقد قدمنا أن بعض ~~المفسرين يقول هي المراد بقوله تعالى: {أيام معدودات} (3). وإنما رغب في ~~صيامها لما قلنا من الحسنة بعشر (4) أمثالها. فيحصل من ms330 ذلك صيام الأبد. لكن ~~اختلف في أي الأيام يتعين (5) الصوم؛ فروت عائشة رضي الله عنها عنه - صلى ~~الله عليه وسلم -: "أنه كان لا يعين من الشهر يوما بعينه" (6)، وروى عنه ~~أبو الدرداء أنه حضه (7) على الأيام البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر ~~والخامس عشر (8). وكان أبو الدرداء رضي الله عنه يصوم الأول والحادي عشر ~~والواحد والعشرين. واستحب أبو الحسن القابسي أن يصوم من أول الشهر للمبادرة ~~(9) إلى الأعمال خشية القواطع (10). وهذه الآثار تقتضي نفي التعين. ~~PageV02P762 # ### | فصل (في قيام رمضان) # وقد تقدم أن قيام رمضان من الفضائل. والانفراد به في البيوت أفضل لأنه ~~أسلم للنية، إلا لمن صحت نيته، أو إذا كان الانفراد يؤدي إلى تعطيل القيام ~~في المساجد. ولا يلزم القيام بجميع القرآن، لكنه الأولى مع القدرة عليه. ~~ولا يترك من يستكمله ويصلي وراء غيره إلا أن يكون في ذلك الغير معنى من ~~الصلاح، أو ما في معناه ليس في المستكمل. ويجوز أن يقوم من المصحف إذا ~~استمر على القراءة فيه، لا أن ينظر فيه (1) عندما يشكل عليه لأن في هذا ~~شغلا كثيرا. # وليس في أعداد الركعات شيء (2) مؤقت لا يجوز غيره. [وقد روي: إحدى عشر ~~ركعة كقيام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وروي ثلاثة وعشرون، وروي تسعة ~~وثلاثون. وهذا الذي استحب مالك] (3). وبالجملة ليس فيها (4) توقيت كما ~~قدمناه. وإذا كثرت الركعات قلت القراءة، وبالعكس. وما يتعلق بالقنوت وغير ~~ذلك من الأحكام قد تقدم في كتاب الصلاة. PageV02P763 # ### | كتاب الاعتكاف ### | (تعريف الاعتكاف ومشروعيته) # وهو في اللغة: اللزوم مطلقا، وفي الشرع: لزوم العبادات المختصة (1) ~~بالإنسان في الأماكن المختصة بالعبادات. وهو ثابت في شرعنا بقوله تعالى: ~~{وأنتم عاكفون في المساجد} (2). وقد كان في شرع من قبلنا، دليله قوله ~~تعالى: {وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود} (3). وقد وقع لمالك ~~رحمه الله ما ظاهره الكراهة له، وعلل بأحد الوجهين: إما لأنه من الرهبانية ~~التي نهت عنها الشريعة، والظاهر بطلان هذا التعليل لما ثبت عنه - صلى الله ~~عليه وسلم - أنه اعتكف واعتكف جماعة من السلف. وإما ms331 لأنه عبادة شاقة قد ~~يعجز عنها الداخل فيها فيؤدي إلى قطعها وإبطالها بعد التزامها، فيلحقه الذم ~~كما لحق مبتدع الرهبانية، لقوله تعالى: {فما رعوها حق رعايتها} (4). # فإذا تقررت هذه المقدمة قلنا بعدها: النظر في هذا الكتاب ينحصر في فصلين: ~~أحدهما: أركان الاعتكاف وشروطه. والثاني: مفسداته. # ... PageV02P764 # ### | فصل (في أركانه وشروطه) # فأما أركانه وشروطه فنذكرها جملة، ثم نأخذ في تفصيلها. وهي بالقول الجلي ~~لزوم المعتكف (1) المسجد صائما مدمنا على العبادة ليله ونهاره، مشتغلا بكل ~~عبادة، لا يتعلق (2) بغير نفسه. # وأما تفصيل هذا؛ فإن المعتكف يدخل المسجد وقد هيأ (3) أسباب معيشته وما ~~يفتقر إليه من اللباس إن كان قادرا على ذلك. وإن كان عاجزا فهل يجوز له ~~الاعتكاف ثم ينظر النظر اليسير في أسباب المعيشة وغسل ثيابه؟ في المذهب ~~قولان: أحدهما: إجازته للضرورة، والثاني: المنع لأن اشتغاله بما قلنا خروج ~~عن حقيقة الاعتكاف. ### | (مدة الاعتكاف) # وأكمل الاعتكاف في عشرة أيام والزيادة عليها خروج إلى حد الرهبانية ~~وزيادة على فعل الرسول عليه السلام. وقد يؤدي ذلك إلى العجز فيبطل الجميع. ~~فإن فعل ووفى به فلا حرج. # وهل يجوز اعتكاف يوم واحد؟ في المذهب قولان: الإجازة، لأنه -صلى الله ~~عليه وسلم- أمر بذلك عمر رضي الله عنه (4). والكراهية، اقتداء بفعل الرسول ~~عليه السلام، ولم يعتكف أقل من عشرة أيام. # فإن نذر اعتكاف ليلة فهل يبطل نذره لأنه نذر ما لا يجوز (5) في ~~PageV02P765 # # الاعتكاف، إذ من شرطه الصوم، أو يصح ويلزمه اعتكاف يوم وليلة لارتباط ~~أحدهما بالآخر؟ في ذلك قولان. ### | (مكان الاعتكاف) # فإن اعتكف دون العشرة وكان لا يتخلل اعتكافه جمعة جاز أن يعتكف في سائر ~~المساجد. فإن اعتكف عشرة أو دونها وكان يتخلل اعتكافه يوم جمعة فهل يجوز له ~~أن يعتكف في غير مسجد يجمع فيه؟ (1) في المذهب قولان: المشهور أنه لا يجوز، ~~والشاذ جوازه. وهو خلاف في الخروج إلى الجمعة هل هو مباح لأنه من العبادة ~~المتعلقة بنفس الإنسان، أو لا يجوز لأنه تصرف مستغنى عنه بأن يعتكف في موضع ~~تجمع فيه الجمعة؟ # فإن ms332 (2) اعتكف في غير الجامع ثم أتت الجمعة، أو ابتدأ الاعتكاف في غيره ~~ثم ظن أن الجمعة لا تأتيه فمرض أو حاضت المرأة ثم أتتهم الجمعة أمروا ~~بالخروج إليها. وهل يبطل بذلك اعتكافهم أم لا؟ قولان: أحدهما: البطلان لأنه ~~مخالف [لحقيقة] (3) الاعتكاف، والثاني: الصحة لأنه أمر ضروري كحاجة ~~الإنسان. وإذا قلنا بصحة الاعتكاف فهل يعود إلى موضع اعتكافه أو يتم في ~~الجامع؟ قولان: أحدهما: العودة لأنه تعين بالقصد والإتمام في الجامع ~~[مخالفة لحقيقة الاعتكاف. والثاني: الصحة والإتمام في الجامع] (4) لأنه ~~مساو للأول، والرجوع عمل مستغنى عنه. ### | (حكم ابتداء الاعتكاف ونهايته) # ولا خلاف عندنا أن من دخل موضع اعتكافه بعد طلوع الفجر لا يعتد بذلك ~~اليوم؛ لأن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم، والصوم يفتقر إلى نية قبل الفجر. ~~وإن دخل قبل غروب الشمس اعتد باليوم. وإن دخل بعد الغروب PageV02P766 # # وقبل الفجر، فهل يعتد به أم لا؟ في المذهب قولان: أحدهما: الاعتداد لأن ~~المقصود (1) [دخوله في زمن يصح فيه عقد] (2) الصوم وهو حاصل بذلك. والثاني: ~~نفي الاعتداد به لأن المشروع فيها أن يجمع بين الليل والنهار، ولا يصح ~~استيفاء جميع أجزاء الليل (3) إلا أن يدخل قبل الغروب. # هذا حكم ابتداء الاعتكاف، وأما نهايته؛ فإن اعتكف غير العشر الأواخر من ~~رمضان؛ فإن المذهب أجاز خروجه إذا غربت الشمس من آخر اعتكافه. ورأى أبو ~~الحسن اللخمي أنه لا يخرج إلا بعد طلوع الفجر. وعول على قول أبي سعيد ~~الخدري رضي الله عنه: فلما كانت (4) ليلة إحدى وعشرين وهي التي يخرج الرسول ~~عليه السلام في (5) صبيحتها من اعتكافه (6). ولعل أهل المذهب لم يعولوا على ~~هذا؛ لأنه ليس بإخبار عن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ولعله إنما ~~قام تلك الليلة لالتماس (7) ليلة القدر. وقد قالوا إنه (8) المقصود ~~بالاعتكاف لأن (9) المعتكف مواظب على العبادة ولا PageV02P767 # # يتركها إلا مغلوبا (1). وإذا اعتكف في زمان (2) يظن أن ليلة القدر فيه ~~حصل له (3) التماسها بالعمل. # وإن كان الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان فهل يخرج عند غروب الشمس ~~قياسا على الأول ms333 أو بعد طلوع الفجر؛ في المذهب قولان: البقاء إلى طلوع ~~الفجر؛ لأنه المروي عن الرسول عليه السلام. وإذا قلنا إنه يبقى إلى الطلوع ~~فهل على جهة الوجوب أو على جهة الندب؟ في المذهب قولان. وهما على الخلاف في ~~أفعاله - صلى الله عليه وسلم -، هل تحمل على الوجوب أو على الندب. # وثمرة الخلاف لو فعل بعد خروجه فعلا يضاد الاعتكاف فهل يفسد اعتكافه ~~ويبتدئه من الأول أم لا؟ فإن أوجبنا الإقامة فسد اعتكافه وابتدأه من الأول، ~~وإن قلنا باستحبابه لم يفسد. وقيل إنه يفسد بنفس الخروج. # ومعنى قولنا: "إنه يخرج بعد طلوع الفجر"، أن يخرج إلى شهود العيد، فإذا ~~شهده رجع منه إلى أصله (4). ### | (اشتراط الصوم للاعتكاف) # ومن شروط الاعتكاف ألا يكون إلا بصوم، لكنه لا يختص الصوم به لأنه - صلى ~~الله عليه وسلم - اعتكف في رمضان. وقد استدل أصحابنا على اشتراط كونه في ~~صوم بقوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} (5). وهذا يقتضي ~~تعلق الاعتكاف بالصوم لأن النهي عن المباشرة إنما المقصود بها (6) في الآية ~~منع الصيام. وهذا الاستدلال يفتقر إلى مزيد نظر لسنا له الآن، لكن المعول ~~PageV02P768 # # في ذلك على فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعل السلف. وهذا إذا كان ~~الاعتكاف تطوعا، فإن نذره فلا يخلو أن ينذره معلقا بزمن [الصوم] (1) كمن ~~نذر اعتكاف أيام من رمضان، أو أيام من صيام واجب عليه لكفارة أو لنذر، فهذا ~~كالأول. أو ينذره مطلقا. فهل يختص بصيام (2) يكون له خصوصا؟ في المذهب ~~قولان: أحدهما: كالأول. وإنما يتعلق النذر بالاعتكاف خاصة لا بصوم (3). ~~لكنه لا يوقع إلا في الصوم. والثاني: اشتراط صوم يختص به. ويرى هذا أن نذر ~~الاعتكاف يتضمن نذر الصوم، فيلزمه صوم (4). # وهذا الذي قلناه من اشتراط الصوم إنما يلزم في الاعتكاف الذي لا يقصد به ~~الجوار. كالجوار في مكة، يلتزم البيت للنظر إليه (5) وذلك عبادة، ثم ينقلب ~~ليلا إلى أهله، فهذا لا يلزمه (6) صوم. وكذلك إن لزم غير البيت من المساجد ~~فقصد التحرم (7) ببيت الله تعالى ولم يقصد ms334 الاعتكاف الشرعي. فهذا أيضا لا ~~يلزمه فيه الصوم. # وإذا لزم الصوم كما قلنا فطرأ ما يمنع منه كالحيض والمرض؛ فأما الحائض ~~فلا شك أنها تفارق المسجد في زمان الحيض. فإن انقطع عنها الدم فاغتسلت في ~~أثناء النهار فهل يلزمها الرجوع إلى المسجد عند انقطاع الدم والاغتسال، وإن ~~كانت لا تصوم ذلك اليوم؟ وكذلك المريض يقدر على لزوم المسجد ولا (8) يمكنه ~~الصوم، أو يصح في بعض اليوم (9). PageV02P769 # # وكذلك المعتكف في آخر رمضان يبقى عليه شيء من اعتكافه حتى يجب عليه ~~إتمامه في شوال، هل يجلس يوم العيد في المسجد؟ في ذلك كله قولان: أحدهما: ~~وجوب الجلوس في المسجد لأنه عبادة، فلا تسقط بسقوط عبادة أخرى وهي الصوم. ~~والثاني: أنه لا يلزمه ملازمة المسجد لأن ذلك الزمن غير معتد به في (1) ~~الاعتكاف، والإعتكاف (2) لا يكون إلا بصوم فتسقط الملازمة في ذلك الزمن. ### | (هل يخرج المعتكف لصلاة العيد وغيره من العبادات أم لا؟) # وإذا أوجبنا الملازمة يوم العيد هل يخرج إلى صلاة العيد أم لا؟ قولان. ~~والخروج مراعاة لقول من يقول لا يلزمه [اللزوم وإلا فصلاة] (3) العيد سنة. ~~فلا (4) ينبغي أن يخرج إليها مع وجود اللزوم والاعتكاف متصل. فيلزم المنوي ~~منه بالدخول فيه كما تلزم العبادة المتصلة بالدخول فيها. # ولو [نوى] (5) اعتكاف عشرة أيام مثلا فدخل فيها لزمه إتمامها كما يلزم ~~إتمام الحج والركعتين من النافلة واليوم في صوم التطوع إذا دخل فيه. ولو ~~نوى صوم عشرة أيام لم يلزمه تمامها بالدخول في أولها لأنها غير متصلة بقطع ~~الليل. وقد قدمنا أن الاعتكاف عبارة عن لزوم العبادات التي تختص بالنفس، ~~ولا ينقطع عنها إلا مضطرا، ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان أو لأخذ المعيشة عن ~~قرب إن افتقر إلى ذلك، ولا يترك ما هو فيه لعبادة تختص بالغير كتشييع ~~الجنازة أو عيادة المريض والحكومة بين الناس وأداء الشهادة إذا افتقر ~~أداؤها إلى الخروج واشتغال. فإن كان لا يفتقر إلى خروج وقل الاشتغال جاز. # واختلف المذهب في صلاة المعتكف على الجنازة في موضع اعتكافه، PageV02P770 # # فأجيز ms335 لأنه من جنس الصلاة، وكره لأنها فرض على الكفاية تتعلق بالغير. # واختلف أيضا في صعود المؤذن المنارة إذا كان معتكفا. فأجيز لأنه ذكر، ~~ومنع لأنه غير متعلق بالنفس وله محل مخصوص يؤدى فيه. # ... ### | فصل (مفسدات الاعتكاف) # وأما (1) مفسدات الاعتكاف، فكل ما يوجب الكفارة في الصيام يفسد الاعتكاف ~~بلا خلاف. وأما ما يقتضي القضاء فهو على قسمين: أكل وشرب وما في معناهما. ~~فلا يفسد (2) الاعتكاف نسيانهما (3) وإن أوجب القضاء عندنا. وقبلة ومباشرة ~~وما في معناهما تبطل الاعتكاف عندنا على أي حال وقعت؛ في ليل أو نهار، ~~لقوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} (4). والمقصود بهذه ~~الآية عند أصحابنا مقدمات النكاح. ولا شك أن النهي عن أواخره تضمنته الآية ~~من باب أولى. # ويناقض الاعتكاف زوال العقل بأي وجه كان، لكنه إن كان سببه مكتسب كالسكر، ~~أفسده جملة وبدأ من أوله. وإن كان سببه من الله تعالى كالإغماء والجنون، ~~كان كالمرض يجب قضاء الزمن الذي فقد فيه عقله على ما نفصله فيما بعد. # وأما المعاصي التي لا تفسد الصيام ولا تفقد العقل؛ فالصغائر منها لا تبطل ~~الاعتكاف، وفي الكبائر منها قولان: رأي المغاربة أنها لا تبطله، قياسا على ~~الصوم. ورأي البغداديين أنها تبطله؛ لأنها مناقضة لمعنى الاعتكاف. ~~[وتنازعا] (5) قوله في الكتاب: "وإن سكر ليلا فصح عقله قبل الفجر فسد ~~PageV02P771 # # اعتكافه"، هل ذلك لأنه أتى بسبب يفقد به عقله فعطل زمنا من الاعتكاف، أو ~~لأنه أتى بكبيرة؟ وقول ابن شهاب وعطاء أو يحدث (1) ذنبا مما نهي عنه. وهذا ~~يساعد (2) رأي البغداديين. # واختلف في خروجه مضطرا لما يتعين عليه من حق الله تعالى كالجهاد، أو في ~~حق آدمي كالسجن في دين، هل يبطل اعتكافه لأنه قاطع لاتصاله كقطع الصلاة ~~بفعل يضادها (3)، أو لا يبطل لأنه لضرورة كالمرض والحيض؟ # وهذا إذا لم يقصد بالاعتكاف هروبا من حق وجب عليه، وإن قصد ذلك بطل ~~اعتكافه، ولا يختلف فيه. # وإذا بطل الاعتكاف وجب القضاء على الإطلاق، وإن طرأ ما يقطع الاتصال ولا ~~يفسده (4) كالمرض والحيض. # فكل موضع ms336 يجب فيه قضاء الصيام [يجب فيه قضاء الاعتكاف، [وكل موضع لا يجب ~~فيه قضاء الصيام] (5)، أو يختلف فيه كالنذر المعين يمرض فيه أو تحيض المرأة ~~فيختلف في قضاء الاعتكاف] (6) كما اختلف في قضاء الصوم. ### | (جواز عقد النكاح للمعتكف) # و [أجازوا] (7) للمعتكف أن يعقد النكاح ويتطيب بخلاف المحرم. والفرق أن ~~المعتكف في موضع لا يخالط فيه النساء ولا يرى من يفتنه، PageV02P772 # # فيكفيه الاحتراز بموضعه. والمحرم في موضع متعرض لمخالطة (1) النساء، فنهي ~~عن عقد النكاح ودواعيه من الطيب وما في معناه. # ... ### | فصل (المقصود بالاعتكاف إحياء ليلة القدر) # والمقصود بالاعتكاف إحياء ليلة القدر وإصابتها بالعمل. وقد كان النبي ~~-صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواسط من رمضان، ثم أعلم أن مطلوبه في ~~الأواخر فاعتكف (2) في العشر الأواخر (3). # واختلف في العشر الأواخر، وسنذكر خلاف الناس فيها. وشذ بعضهم فقال إنها ~~كانت في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم رفعت. وهذا غير صحيح؛ لأن ~~النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالتماسها، وأخبر أن أمته أنها اعطيتها لما ~~[تقلص من] (4) أعمارها حتى تنوب لها منابة طول أعمار الأمم الماضية. وهذا ~~يدل على بقائها لأمته. # ودونه في الشذوذ من قال إنها في جميع السنة. ويرده قوله PageV02P773 # # تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر (1)} (1)، والقرآن أنزل جميعه إلى ~~السماء الدنيا في رمضان. وهذا يقتضي أن ليلة القدر فيه (2). # ودونه في الشذوذ من قال إنها في جميع الشهر، ويرده أمره - صلى الله عليه ~~وسلم - بالتماسها في العشر الأواخر. # ودونه في الشذوذ من قال إنها في جميع العشر الأواخر ويرده أيضا أمره - ~~صلى الله عليه وسلم - بالتماسها في الأوتار. [واختلفا القائلون بأنها في ~~الأوتار] (3) هل تتعين لها ليلة أم لا؟ فقيل تتعين. واختلف القائلون بذلك ~~على أعداد [أوتار] (4) العشر الأواخر؛ فقيل لا تتعين، وهو مذهب جمهور ~~المتأخرين. واختلف هؤلاء؛ هل تنتقل في المشهور أو لا تنتقل، بل تكون في ~~ليلة معينة لكنها مجهولة عندنا. وفي الجهل بها فائدة كبرى (5) لئلا يتكل ~~المكلف عليها فيترك العمل، فإذا طلبت في زمن يظن ms337 كونها فيه حصلها وحصل ~~غيرها. وقد روي في الحديث الأمر بالتماسها في التاسعة والسابعة والخامسة ~~(6). فاختلف هل المقصود ظاهر هذا اللفظ، أو لتسع بقين، أو لسبع بقين، أو ~~لخمس بقين. فيكون المقصود ليلة إحدى وعشرين، أو ليلة ثلاث وعشرين، أو ليلة ~~خمس وعشرين، وهو قول مالك في الكتاب. والصحيح فيها، وفي الصلاة الوسطى، وفي ~~الساعة التي في يوم الجمعة أنها مجهولة عند المكلفين لفائدة كبرى، وهي كثرة ~~الأعمال كما قدمناه. وقد نجز عرضنا من الاعتكاف. PageV02P774 # ### | كتاب الزكاة ### | (تعريف الزكاة) # [قال الفقيه الجليل الإمام مؤلفه رضي الله عنه] (1): الزكاة في اللغة: ~~عبارة عن الزيادة والنماء. وفي الشريعة: عبارة عن [نقص] (2) مخصوص (3) ~~بإخراج جزء من المال، لكن سمتها الشريعة زكاة؛ إما لأنها تعود بنماء المال، ~~وتركها يعود بنقصانه كما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما ~~خالطت الزكاة مالا إلا فجعته" (4)، وإما لأنها منمية للأجور، وإما لأنها ~~مكملة (5) للأخلاق بالتطهير عن رذيلة (6) البخل. ### | (حكمتها) # وشرعت إرفاقا (7) للمساكين وشكرا لله تعالى. وإليه الإشارة بقوله تعالى: ~~PageV02P775 # # {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه} (1). وتطهرا من رذيلة (2) البخل، وهو ~~المراد بقوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} (3) الآية. ### | (حكمها) # وكل ما دل على وجوب الصلاة دل على وجوب الزكاة، وهما قرينان في الكتاب ~~(4) والسنة وإجماع الأمة، وباقترانها استدل الصديق رضي الله عنه على وجوب ~~مقاتلة مانعي الزكاة. ### | (بعض حكمها وأسرارها) # وقد عدلت الشريعة فيها بين أرباب المال والمساكين فلم تعلقها بغير النامي ~~من المال. ولهذا تعلقت بثلاثة أنواع: النماء المحض، وهو النبات والمعدن. ~~وما ينمو بطبعه، وهي الماشية. وما هو معد (5) للنماء، وهو العين؛ الذهب ~~والفضة. وأسقطتها من العروض إلا أن يقصد بها التجارة فتكون راجعة إلى حكم ~~العين (6)؛ لأن نماء هذا النوع (7) يصرفه في العروض، ولا شك أن ما هو نماء ~~في نفسه لا يفتقر إلى ضرب الحول بل تجب الزكاة عند حصوله. وما ينمو بطبعه ~~أو بالتحريك لا يحصل فيه كمال النماء المقصود إلا بعد أن يحول عليه الحول، ~~ولهذا ضربت ms338 الشريعة الأحوال للعين والماشية، وأوجبت زكاة المعدن والنبات ~~عند حصولها. # ثم لو أوجبت الزكاة في اليسير والكثير لم يتميز الآخذ عن المعطي، وأدى ~~إلى الإجحاف بمالك اليسير، فقدرت النصاب. ولا خلاف أنها مقدرة PageV02P776 # # في النبات والماشية، وكذلك عندنا هي مقدرة في سائر الأموال التي تتعلق ~~بها الزكاة. # ولا خلاف أن نصاب الورق مائتا درهم، وهذا لما ثبت عنه - صلى الله عليه ~~وسلم - أنه قال: "ليس فيما دون خمس أواق من الورق (1) صدقة" (2)، والأوقية ~~مقدرة بأربعين درهما. # وأما الذهب فنصابه عند جمهور الأمة عشرون دينارا، وقد روي عنه - صلى الله ~~عليه وسلم - حديث موافق لهذا التقدير لكن لم يثبت سنده، والمعول على تقدير ~~(3) صرف الدينار بعشرة دراهم خالصة (4). # ... ### | فصل (زكاة العين) # وإذا تقرر [ما قدمنا] (5) قلنا بعده النظر في هذا الكتاب وهو زكاة العين، ~~ينحصر في ركنين: أحدهما: أحكام النصاب والأحوال، والثاني: أحكام الفوائد ~~والديون والتجارات وتميزها مع الاختلاط. وهذا الركن كأنه فرع للأول. ### | (نصاب العين) # ونبدأ بالنظر في نصاب العين وتفصيل أحكامه ثم نحاذي ترتيب الكتاب. وقد ~~قدمنا مقدار نصاب العين وهو إن كان كاملا لا نقص فيه وزنا ولا صفة وجبت ~~الزكاة كما قدمناه ثم الزائد عليه يؤخذ منه بحسابه. PageV02P777 # ### | (نصاب العين الناقصة إذا كان التعامل بالوزن) # ولا خلاف أن المأخوذ ربع العشر، وهو من العشرين دينار نصف دينار، ومن ~~المائتي درهم خمسة دراهم، وما زاد على ذلك أخذ بحسابه. # وإن نقصت الدنانير والدراهم عن هذا المقدار فلا يخلو [من] (1) أن يكون ~~التعامل بها بالوزن أو بالعدد؛ فإن كان التعامل بها بالوزن وكان النقص يؤثر ~~في انحطاطها عن الحاصل بالكامل (2) لم يختلف في أن الزكاة غير واجبة. وإن ~~كان لا يؤثر فإن كان النقص كثيرا فلا خلاف أن الزكاة غير واجبة. وهذا القسم ~~كأنه لا يتصور إذ لا يتعامل بالوزن ويكثر النقص ثم يتوصل بالناقصة إلى ما ~~يتوصل إليه بالوازنة إلا أن ينظر إلى القيمة. ولا خلاف عندنا أنه لا تراعى ~~القيمة في التقدير. وحكى الغزالي عن مالك رحمه ms339 الله مراعاتها، وأن الشافعي ~~أطنب في الرد عليه، ولا يوجد ما قاله في المذهب وإنما رأى ما في الموطأ من ~~أنها إذا نقصت وكانت تجوز بجواز الوازنة وجبت الزكاة، فظن أن النقص في ~~المقدار والجودة (3) في الصفة، لأنها بارتفاع قيمتها تلحق بالوازنة. وهذا ~~الذي ظنوه باطل قطعا وليس هو مراد أهل المذهب، وإنما مرادهم (4) ما نفصله. # وإن قل النقص فلا يخلو من أن تتفق الموازين عليه (5) أو تختلف، فإن اتفقت ~~عليه وهو يسير ففي المذهب قولان: أحدهما: وجوب الزكاة التفاتا إلى حصول ~~الأغراض بها كما تحصل بالكاملة، والثانى: سقوطها التفاتا إلى النصاب المقدر ~~(6) في الحديث. وهذا ناقص عنه. فكأنه في القول الأول لاحظ المعنى وفي القول ~~الثاني لاحظ اللفظ وحمله على اتباع ما ورد. PageV02P778 # # فإن اختلفت الموازين وكانت في بعضها كاملة (1) وفي بعضها ناقصة فالمنصوص ~~للبغداديين وجوب الزكاة تعويلا على الكمال. ولا يبعد أن يجري، على قولين. ~~وبين الأصوليين خلاف إذا اجتمع شيئان: أحدهما: موجب، والثاني: مسقط، هل ~~يغلب الموجب أو بالعكس؟ ### | (نصاب العين الناقصه إذا كان التعامل بالعمد) # فإن كان التعامل بالعدد فلا يخلو من أن ينقص في العدد أو ينقص في الوزن؛ ~~فإن نقصت في العدد فلا خلاف في سقوط الزكاة، وإن نقصت في الوزن ولم تجز ~~بجواز الوازنة فلا خلاف في سقوط الزكاة، وإن جازت بجواز الوازنة فثلاثة ~~أقوال: أحدهما: وجوب الزكاة مراعاة للمعنى (2) كما قدمناه. والثاني: سقوطها ~~نظرا إلى ما ورد. والثالث: وجوبها مع النقص اليسير لا بالعكس (3). وهذا ~~نظرا إلى أن اليسير في حكم المعفو عنه. ### | (نصاب العين الناقصة إذا كان النقص في الصفة) # وإن كان النقص في الصفة فلا يخلو من أن يكون أصلا في المعدن (4) بأن يكون ~~رديئا أو فيه من الغش [يسير] (5). فإن كان (6) من أصل الخلقة وقد اصطلح ~~الناس على التعامل به من غير التفات إلى ذلك النقص، أو يكون بإضافة غش ~~إليه؛ فإن كان في أصل المعدن كما قدمنا فمقتضى المذهب إلحاقه بالكامل في ~~الصفة، فإن كان مضافا إليه فإن ms340 كان يسيرا جدا وقد مر الناس على ترك مراعاته ~~كما يقال في الدنانير المرابطية فهو كالأول لا يلتفت إليه. فإن كان كثيرا ~~فالمذهب على قولين: أحدهما: الاحتساب بما فيه من الخالص وإطراح الغش، فإن ~~كمل PageV02P779 # # من (1) الخالص مقدار النصاب وجبت الزكاة، وبالعكس إن لم يكمل. وهذا هو ~~المشهور. والثاني: النظر إلى الأكثر فيجعل [الأقل] (2) تبعا له؛ فإن كان ~~الأكثر هو الخالص فيجعل الجميع في حكمه وبالعكس. وهذا على الخلاف في ~~الأتباع هل تعطى حكم أنفسها أو حكم متبوعاتها. على أن هذا القول بعيد هاهنا ~~لأن المقصود بالنصاب حصول الغنى به، وقد قدرته الشريعة. فإذا وجد الغش فلا ~~شك أن الغنى (3) المطلوب شرعا غير حاصل فكيف يقال إن الزكاة واجبة. # ومقتضى المذهب أيضا أن المراعى في الوزن ما كان في الزمان الأول، ولو قيل ~~إن الإجماع عليه لما بعد (4). ووقع لابن حبيب ما يقتضي مراعاة أوزان كل ~~بلد. وتعقبه أبو الوليد الباجي، وألزم عليه وجوب الزكاة متى اجتمع للإنسان ~~عشرون رباعيا في قطر صقلية ومن كان مثلهم؛ لأنهم يعتدون هناك بالرباعي وبه ~~يتعاملون. وهذا الذي ألزمه غير صحيح لأن أهل صقلية لا يعتدون بالرباعي بدل ~~الدنانير، وإنما يجعلونه جزءا من الدينار، لكنهم يتعاملون به على أنه جزء ~~كما قلنا، ولا يقتضي أن يعتدوا به كاملا. # ... ### | فصل (هل يكمل بالقيمة النصاب) # وهل تراعى قيمة الذهب والفضة فيكمل بالقيمة النصاب وإن قصرت في الوزن؟ ~~أما المكسور (5) فلا خلاف في المذهب أنه لا يلتفت إلى قيمته بل إلى وزنه، ~~وكذلك التبر (6) ### | ........................... # PageV02P780 # # والمسكوك (1) إن تصور فيهما زيادة قيمة. # وأما المصوغ فإن كانت الصياغة غير مباحة فلا تعتبر قيمتها أيضا بلا خلاف. ~~وإن كانت مباحة فظاهر المذهب على قولين: أحدهما: ترك اعتبار قيمتها إلحاقا ~~لذلك بالمسكوك، والثاني: اعتبارها لأنها كالسلعة المملوكة ويقدر على بيعها ~~وتحصيل العوض عنها. # وإذا قلنا باعتبار القيمة فكيف صورة ذلك؟ المنصوص أنها كالعروض فإذا بيعت ~~وجبت الزكاة حينئذ، ولا يكمل بها الأنصاب. ويتخرج في المذهب قول ثان أنه ~~يكمل به النصاب قياسا ms341 على ما قيل في الحلي تكون فيه الأحجار التي لا يقدر ~~على تخليصها أنها تزكى زكاة العين على ما سيأتي بيانه إن شاء الله. # ... ### | فصل (جمع الذهب والفضة في تكميل النصاب) # ولما (2) كان النقدان متفقين في حال (3) المقاصد وأنهما ثمن للمبيعات ~~وقيم المتلفات، وهذا هو المقصد الأول [بهما] (4)، ولا يختلفان إلا من باب ~~كثرة القيمة وقلتها وجب عندنا أن يجمعا في الزكاة فيكمل النصاب من أحدهما ~~بالآخر. لكن المراعى في ذلك الوزن دون القيمة، ويقدر الدينار بعشرة دراهم. ~~ووقع لأشهب أن (5) أوقية الدنانير أربعة (6) [دنانير] (7)، وإنما عول على ~~أن صرف الدينار في حكم الزكاة بعشرة دراهم. وأوقية الدراهم PageV02P781 # # على ما ورد في الحديث [في حكم الزكاة] (1) أربعون درهما، لكن قد قدمنا ~~حكم مراعاة [قيمة] (2) الصياغة. ### | (حكم إخراج القيمة في الزكاة أو أحد النقدين عن الآخر) # وإذا وجب إكمال النصاب منهما فهل يخرج أحدهما عن الآخر في الزكاة؟ في ~~المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: الجواز، والثاني: المنع، والثالث: الجواز في ~~إخراج الورق عن الذهب لا بالعكس (3). # والمعلوم من مذهبنا منع إخراج القيمة في الزكاة؛ فمن منع مطلقا رأى أن ~~إخراج أحدهما عن الآخر كإخراج القيمة في الزكاة، ومن أجاز مطلقا رأى أنهما ~~لو تساويا في إكمال النصاب كانا كالشيء الواحد لأن المطلوب منهما متفق كما ~~تقدم. ومن فرق فلأن الورق أيسر على الأخذ في التصرف (4) بخلاف الذهب. # وإذا قلنا بجواز الإخراج فهل يراعى الصرف الأول؛ الدينار بعشرة دراهم، أو ~~صرف وقت الإخراج؟ ثلاثة أقوال: أحدها: مراعاة الصرف الأول نظرا إلى أنه ~~كالشرع الثابت في الزكاة. والثاني: التعويل على صرف الوقت لأن النظر إلى ~~تحصيل المقصود من المقدار الواجب، وهذا لا يحصل إلا بصرف الوقت. والثالث: ~~النظر إلى صرف الوقت إلا أن يكون المخرج دون الصرف الأول، فيلزمه أن يخرج ~~الصرف الأول، ومثاله أن يلزمه مثلا نصف دينار فيريد أن يخرج عنه ورقا. فإن ~~(5) كان صرفه أكثر من خمسة دراهم أخرج مقدار الصرف، وإن كان أقل خير بين أن ~~يخرج خمسة أو [يخرج ms342] (6) نصف دينار. وهذا أحتياط للزكاة فيعطى للمساكين ~~الأكثر. PageV02P782 # # وإذا أراد أن يخرج من الجنس فإن كان المزكى مسكوكا ووجب فيه مقدار دينار ~~(1) كامل أخرجه من [الجنس] (2) فإن وجب بعض الدينار فهاهنا [لا يمكن من] ~~(3) كسره إن كان التعامل بالدينار الكامل. # وأما إن كان التعامل ببعض الدينار كما يتعامل في بعض البلاد بالرباعية، ~~فإن وجد منها مقدار كامل أخرجه. وإن لم يكن إلا بفضة فهل يجوز كسره؟ في ~~المذهب قولان، مع الاتفاق أنه لا يجوز كسر الدينار الكامل. والإجازة في حق ~~البعض؛ لأنه لما كان غير كامل فهي قطع فلا يفعل فيها (4) أكثر مما هي عليه، ~~والمنع لأن تلك الأبعاض مسكوكة فأشبهت الدينار الكامل. # وإن كان التعامل بالكامل كما قلنا ووجب البعض هل يلزم إخراج قيمة السكة ~~إن أخرج ذهبا؟ في المذهب قولان. والذي عند ابن حبيب أنه لا يلزمه ذلك لأن ~~السكة غير مراعاة في إكمال النصاب بهذا، وكذلك لا تراعى هاهنا. ورأى أبو ~~الحسن القابسي مراعاة السكة، فلا يجوز أن يعطى عنده للمساكين قطعة ذهب غير ~~مسكوكة؛ لأنهم كالشركاء للمزكي. والمذهب مختلف في هذا الأصل؛ هل المساكين ~~كالشركاء بمضي الحول، أو ليس كالشركاء؛ وإنما يجب على المكلف في ذمته ~~مقدار، متى أوصله إليهم سقط من ذمته. لكنه إنما يتعلق بالذمة يحوال (5) ~~العين الذي في يده. وإن أخرج ورقا أخرج قيمته مسكوكا بلا خلاف عندنا. # وإن كان المزكى مصوغا فله أن يخرج عنه قطعة ذهب، لكن كسر المصوغ جائز. ~~وإن أراد أن يخرج قيمته ورقا فإن كانت الصياغة آنية فهي PageV02P783 # # على قسمين كما نبينه فيما بعد (1) محرمة ومختلف فيهاة فالمحرمة في حكم ~~المكسورة (2)، ولا تراعى قيمة صياغتها. # وإن كانت حليا فللمتأخرين قولان: أحدهما: أن الصياغة كالعروض يقومها ~~المدير (3) ويتركها غيره إلى أوان البيع فيزكيها إذا باع، والثاني: أن ~~الصياغة متابعة للعين، وهذا على ما قلناه في إعطاء الأتباع حكم متبوعاتها ~~أو حكم أنفسها. # وإذا قلنا إنها تتبع العين فهل يزكي قيمة الصياغة إن أخرج ورقا أو يزكي ~~قيمة الذهب مكسورا ms343؟ قال أبو القاسم بن الكاتب وغيره: يزكي قيمة الواجب عليه ~~مصوغا. وقال أبو عمران وغيره: يزكي قيمة الواجب مكسورا. وقد كثرت مناظرتهم ~~في هذه المسألة حتى ألف بعضهم على بعض. # ونكتة ما عول عليه كل واحد منهم نذكره؛ وذلك أن ابن الكاتب ومن قال بقوله ~~قاسوا المسألة على حكم جزاء الصيد، إذ المكلف مخير فيه بين أن يخرج المثل ~~من النعم أو عدل الصيد طعاما، فإن اختار المثل أخرجه، وإن اختار إخراج ~~الطعام فإنما يقدر الأصل لا المثل، فكذلك هاهنا هو مخير بين أن يخرج قطعة ~~ذهب [أو قيمتها دراهم، فإن أخرج قطعة الذهب PageV02P784 # # أجزأه، وإن أخرج القيمة رجع إلى الأصل وأخرج، (1) قيمة المصوغ. # وأبو عمران ومن قال بقوله التفتوا إلى المسألة في نفسها فقالوا: لا يخلو ~~أن يكون للمساكين حق في الصياغة، فلا يجوز للمكلف أن يعطي مما وجب عليه ~~ذهبا غير مصوغ، أو يكون لا حق لهم فيها فيجوز، وإذا اتفقا على جواز إعطاء ~~الذهب غير المصوغ فكذلك يلزم أن يعطي القيمة إذا تبين بما قلناه أن لا حق ~~للمساكين في الصياغة وهذا هو الأصل (2) في المسألة. ولا مناسبة بين جزاء ~~الصيد وبين هذه المسألة؛ لأن الواجب هناك أحد شيئين؛ يعني إذا اختار المثل ~~أو الطعام وكل (3) واحد منهما أصل فيقدر كل واحد منهما بالأصل، وهاهنا ~~القيمة إنما تجب عن الواجب في الذمة، والواجب إخراجه. فإذا جاز إخراج غير ~~مصوغ فكذلك ينبغي أن تجزي قيمته. ### | (حكم اختلاف السكك) # وإذا اختلفت السكك فكان يملك نوعا منها فأراد أن يخرج من نوع آخر؛ فإذا ~~اتفقت في السلامة من الغش أو في مقدار الغش إن (4) كانت غير سالمة فلا شك ~~في الجواز. فإن اختلفت (5) فأراد إخراج الأدنى عن الأجود؛ فإن أخرج من ~~الأدنى عن وزن (6) الواجب عليه فلا شك في المنع، [لأنه أخرج دون ما يجب ~~عليه. وإذا أخرج قيمة الواجب فللمتأخرين قولان: أحدهما: الجواز، والثاني: ~~المنع] (7). وهذا على ما قدمناه من الخلاف هل PageV02P785 # # المساكين شركاء في المقدار الواجب فلا يخرج ms344 القيمة (1) لأنه يكون ربا ~~(2). وإنما يجب لهم في ذمته مقدار معلوم، فله أن يعطيهم من أي الأنواع شاء. ~~ولا شك أنه إن أراد أن يعطي الأجود عن الأدنى وأخرج مقدار الوزن فيجزيه، ~~لأنه سلم من الربا وأعطى الأفضل، وإن أراد أن يخرج بالقيمة فيجزي على ~~القولين. # ... ### | باب زكاة الحلي وما يتعلق به ### | (عدم وجوب الزكاة في الحلي المتخذ للباس ووجوبها في المتخذ للتجارة والكراء) # وقد قدمنا وجوب الزكاة في العين: الذهب والفضة وأن ذلك لكونهما متهيئين ~~للنماء. وإذا صيغا فجوهرهما يقتضي وجوب الزكاة، وصورتهما تقتضي إسقاطها؛ ~~لأنهما بالصياغة لحقا بالعروض. وقد غلب مالك رحمه الله في الحلي المباح ~~اتخاذه حكم الصورة فأسقط الزكاة، وهذا إذا اتخذ للباس ناجزا أو متاخرا؛ فإن ~~اتخذ للتجارة فالإجماع على وجوب الزكاة؛ لأنها إذا وجبت في عروض التجارة ~~وأصلها عدم الوجوب فأحرى أن تجب في الحلي المتخذ للتجارة، إذ أصله وجوب ~~الزكاة. # فإن اتخذ للكراء ليصرف في معنى مقتضاه المعاوضة والحاصل فيه غير مربوح ~~فيه، كمن يتخذ ليصدقه امرأته، أو اتخذ لحاجة إن عرضت [فيباع فيها] (3)، ففي ~~ذلك قولان: أحدهما: وجوب الزكاة نظرا إلى أصله، ولأنه لم يتخذ للقنية ~~والثاني: إسقاطها نظرا إلى أنه لم يتخذ للتجارة. هذا في غير المكري. ~~PageV02P786 # # وأما ما اتخذه للكراء ففيه النماء وهو يلحقه بما اتخذ للتجارة، وبقاء ~~العين وهو يلحق بالمقتنى للباس، ففيه شبهة من موجب ومسقط، وقد تقدم خلاف ~~الأصوليين أيهما يغلب؟ # ولا خلاف أن العروض لا تنتقل من القنية إلى التجارة بالنية. وأما الحلي ~~المباح ففيه قولان: أحدهما: أنه كالعروض، ولا تنتقل إلى التجارة إن كان ~~أصله القنية بمجرد النية. والثاني: أنه ينتقل، لأن النية فيه تعيده إلى ~~أصله. والأصل (1) في هذه وجوب الزكاة. # ... ### | فصل (تمييز المصوغ المباح من غيره) # ولما كان المصوغ يتنوع فتجب الزكاة فيما لا يباح منه وتسقط فيما يباح، ~~وجب أن يبين المباح من غيره، وهو على قسمين: آنية وحلي. # فالآنية إن اتخذت للاستعمال فجمهور الأمة على تحريمها، وإنما يخالف داود ~~(2) في الأكل ms345 دون الشرب. وقوله باطل قطعا. وإن اتخذت للزينة فالمذهب على ~~قولين: الجواز لأن الحديث وارد في الاستعمال، وعموم قوله تعالى: {قل من حرم ~~زينة الله} (3) يقتضي الجواز، والمنع قياسا على الاستعمال. # وأما الحلي فهو مباح للنساء بلا خلاف وذلك فيما يلبسنه ويتعلق ~~PageV02P787 # # بلباسهن كالأزرار أو ما في معناها. وأما ما يتخذ لغير اللباس فهو في حكم ~~الأواني المتقدم بيانها. ### | (حكم تحلية السيف والخاتم والمصحف) # وأجمعت الأمة على إباحة تحلية السيوف والخاتم والمصحف. # فأما السيف فلا خلاف في جواز تحليته بالفضة، وهل يجوز بالذهب؟ قولان: ~~أحدهما: الجواز قياسا على الفضة؛ لأنه استقني للترهيب على العدو، وهو ~~بالذهب أشد إرهابا. والثاني: المنع لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في ~~الذهب والحرير: "هذان حرام على ذكور أمتي، حلال لإناثها" (1). # وأما الخاتم فلا يجوز للرجال اتخاذه ولا جزء منه (2) بالذهب لعموم الحديث ~~المتقدم. # وأما المصحف فيجوز تحليته بالذهب والفضة. # وهل يلحق بالسيف جميع ما يتخذ (3) آلة للحرب؟ في المذهب ثلاثة أقوال: ~~أحدها: اختصاص السيف بالجواز دون غيره. والثاني: إلحاق آلة الحرب به. ~~والثالث: قصر الجواز على ما يطاعن به ويضرب به، دون ما يتقى به ويتخذ ~~للتحزم. والقولان بالإلحاق والقصر على الخلاف في الرخص، هل يقاس عليها؟ ~~والقول الثالث فلأن حقيقة القياس رد الشيء إلى مثله، ومثل السيف ما يطعن به ~~ويضرب دون غيره. # وإذا تقرر هذا فكل ما يباح تسقط منه الزكاة، وكل ما يحرم تجب فيه ~~PageV02P788 # # الزكاة لأنه مكسور شرعا، وكلما اختلف فيه فيجري على الخلاف، هل تجب فيه ~~الزكاة أم لا؟ # ... ### | فصل (حكم زكاة الحلي المربوط بالجواهر) # وإن كان الحلي مربوطا بشيء من الجواهر؛ فإن كان مما يمكن نزعه من غير ~~فساد، وكان مما تجب فيه الزكاة زكي ما فيه من الذهب والفضة زكاة العين، وما ~~فيه من الحجارة زكاة العروض. فإن لم يمكن نزعه إلا بفساد فهاهنا ثلاثة ~~أقوال: أحدها: تغليب حكم الجواهر التي فيه، فيزكى زكاة العروض. والثاني: ~~مراعاة الأكثر، فيعطى الحكم. والثالث: إعطاء كل نوع حكم نفسه فيتحرى ms346 ما فيه ~~من العين فيزكى، وما فيه من الحجارة يجري على حكم العروض. وهذان القولان ~~على الخلاف في الأتباع هل تعطى حكم نفسها أو حكم متبوعاتها؟ وأما القول ~~الأول فغلب فيه أحكام الحجارة إلحاقا لها بالعروض لمشابهته لها بالصورة ~~والاختلاط بالحجارة. # وفي الكتاب: روى ابن القاسم وعلي بن زياد وابن نافع: إذا اشترى [رجل] (1) ~~حليا للتجارة أو ورثه فحبسه للبيع، كلما احتاج إليه باع، أو للتجارة (2). # وأكثر الروايات (3) على أن عقيب هذا الكلام: وروى أشهب معهم فيمن اشترى ~~حليا للتجارة وهو مربوط (4) بالحجارة ولا يستطاع نزعه فلا زكاة عليه [فيه] ~~(5) حتى يبيعه (6). PageV02P789 # # فيفهم من هذا الكلام أن الحلي إذا كان للقنية ولم يكن للتجارة فإنه يزكيه ~~حين يبيعه، ولا خلاف أن سلع القنية ليست كذلك. وفي رواية ابن وضاح (1) ~~زيادة "زكاة" بين قوله "أو للتجارة" وبين "وروى أشهب" (2). # وعلى هذه الرواية يكون الحكم بينا؛ فتحمل رواية ابن القاسم وعلي بن زياد ~~وابن نافع على حلي غير مربوط بحجارة، وهو للتجارة فيزكى. ورواية أشهب (3) ~~على الحلي المربوط بالحجارة (4). وتكلم فيها على الشراء خاصة، ولا زكاة فيه ~~حينئذ إلا أن يبيعه على القول أنه كالعروض، إذا لم يستطع نزعه إلا بفساد. ~~ورواية الجماعة محمولة على الحلي غير المربوط. والجواب في رواية أشهب أنه ~~يزكيه كالعين. وهذا حكم الحلي [المربوط] (5) نظرا إلى أصله. وقد قدمنا ~~الخلاف في الحلي إذا كان للقنية هل ينتقل إلى التجارة بالنية بخلاف العروض ~~أو لا ينتقل؟ # ... PageV02P790 # ### | باب في أحكام نماء المال والفوائد # ولا خلاف [عندنا] (1) أن الأولاد تزكى (2) على حول الأمهات، وسيأتي حكمها ~~في زكاة الماشية. وأما الأرباح فالمعروف من المذهب أنها كالأولاد تزكى على ~~حول الأصل، والشاذ أنها كالفوائد يستقبل بها حولا من يوم الحصول. وهذا على ~~ما يقوله الأشياخ على الخلاف في المترقبات هل تعد حاصلة من يوم ترقبها أو ~~من يوم حصولها؟ والصحيح أن الأرباح مضافة إلى أصولها لأن العين إنما تعلقت ~~بها الزكاة لكونها معدة للنماء، ولا تنمى إلا بالأرباح، والأرباح أولى بأن ~~تجري ms347 فيها الزكاة لأنها في حكم ما يستخرج من المعدن وما يحصل من النبات. ~~وإنما تخيل من قال بالاستقبال إن صح على أنه لا يكاد [يوجد] (3) نماء أن ~~الأرباح حاصلة يوم نضوضها (4) وهي ليست جزءا من المال، فأشبهت الفوائد. # وإذا تقرر أن الأرباح مزكاة على حول الأصول (5) فهل تضاف إلى يوم ملك ~~المال وتعد كأنها موجودة في ذلك الوقت، أو إلى يوم تحريك المال والشراء به، ~~أو إلى يوم الحصول فيعتبر هل جميع النصاب باق في يده؟ في المذهب ثلاثة ~~أقوال: مذهب المغيرة وهو غير المذكور في المدونة أنها PageV02P791 # # كالموجودة يوم ملك الأصل، ومذهب ابن القاسم أنها كالموجودة يوم الشراء، ~~ومذهب أشهب أنها يعتبر وجودها عند الحصول. # وعلى هذا اختلف في مسألة من حال عليه الحول وعنده عشرة دنانير فأنفق منها ~~خمسة ثم اشترى بخمسة سلعة فباعها بخمسة عشر، واشتراها قبل الإنفاق. فمذهب ~~المغيرة وجوب الزكاة إن تقدم الشراء أو بالعكس (1)، ومذهب ابن القاسم وجوب ~~الزكاة إن تقدم الشراء لا بالعكس (2)، وهو على ما قلناه. ومذهب أشهب يعتبر ~~الوجود عند الحصول (3). # وهذه المسألة فيها قياس العكس للمغيرة؛ لأنه قال في الكتاب: فكما لا يحسب ~~ما أنفق قبل الحول فكذلك لا يترك أن يحسب ما أنفق بعد الحول قبل الشراء أو ~~بعده. فاستعمل الشيء وعكسه قبل الحول وقاس عليه مثله بعد الحول (4)، وهذا ~~هو حقيقة قياس العكس (5) عند الأصوليين. وبينهم خلاف في قبوله. # وقد ذكرنا ما قيل في مسألة كتاب الصيام هناك أنها قياس عكس، وبينا أن ذلك ~~ليس بصحيح، وإنما هناك قياس طرد. وإنما قاس فيها الغوارب على الطوالع، فظن ~~من لا تحقيق عنده أنه قياس عكس لما كان الغارب ضد الطالع وعكسه، وليس كذلك. ~~وإنما حقيقة قياس العكس هذا (6) الذي ذكره المغيرة، وهو كما قال أصحابنا في ~~الرد على أبي حنيفة في قوله: إن القيء لا ينقض الوضوء، بأن يقولوا: كل ما ~~لا ينقض الطهارة قليله، فلا ينقض كثيره، أصله الدم وعكسه البول. وإنما هذا ~~لأن أبا حنيفة PageV02P792 # # يقول: إن ms348 اليسير من القيء لا ينقض الطهارة ولا ينقضها (1) الكثير منه. ~~وهو متفق معنا على أن البول يستوي قليله وكثيره في النقض، والدم يستوي ~~قليله وكثيره في عدم النقض، فألزمه أصحابنا استواء قليل القيء وكثيره في ~~عدم النقض (2). # فكذلك ألزم المغيرة أن يستوي الإنفاق بعد (3) الحول قبل الشراء أو بعده ~~في إيجاب (4) الزكاة، كما يستوي الإنفاق قبل الحول قبل الشراء أو بعده في ~~إسقاط الزكاة. # ... ### | فصل (حكم من تسلف مالا فتاجر به فربح) # وإذا تقرر أن حكم الأرباح حكم الأصول فإنما ذلك إذا اشترى بمال يملكه ~~ونقده (5). فإن تسلف مالا وليس عنده عوضه (6) فنقده في سلعة ثم باعها فربح ~~فهل يستقبل به حولا أو يعد كالمالك له من يوم الشراء؟ في المذهب ثلاثة ~~أقوال: # أحدها: أنه يستقبل به حولا؛ [كان الذهب كله مسلوفا] (7)، أو كان يملك ~~بعضه وتسلف البعض. لكنه إنما يستقبل الحول بما يقابل الذي تسلف، وأما ما ~~يقابل ملكه فيزكيه على حول أصله إن كمل به النصاب. والقول الثاني: أنه يضيف ~~ربح السلف إلى يوم الشراء. والقول الثالث: أنه إن نقد شيئا من عنده زكى ~~جميع الربح على حول يوم الشراء، وإن لم ينقد PageV02P793 # # من عنده شيئا استقبل بالربح حولا. وهذا يقتضي خلافا في الأرباح هل تعد ~~حاصلة يوم (1) الشراء أو يوم الحصول إذا كانت مسندة إلى ذمة لا إلى [مال ~~الزكاة] (2)، [وكأن من أسقط الزكاة رأى] (3) أن الربح لا يزكى إلا أن يستند ~~إلى ملك فيعد كأنه نما عنه ويشبه الولادة، ومن أوجبها رأى أن الذمة كالملك ~~الحقيقي فأسند الربح إليها، ومن فرق بين أن ينقد شيئا من عنده أو لا ينقد ~~راعى الإسناد إلى مال على الجملة (4)، فمتى وجد أضيف إليه الربح فإذا فقد ~~لم يوجد ما يضاف إليه فاستقبل به حولا. # ومن (5) اشترى على مال يملكه لكنه لم ينقد وإنما اشترى بدين فثلاثة ~~أقوال: أحدها: أن الربح مضاف إلى يوم ملك الأصل وإن لم ينقده. والثاني: أنه ~~يضاف إلى يوم الشراء. والثالث: أنه يستقبل به حولا ms349. ولا شك أن من قال في ~~المسألة الأولى بوجوب الزكاة فالوجوب عنده في هذه [المسألة] (6) أولى، وأما ~~من قال هناك بالاستقبال فتختلف أقواله في هذه المسألة الثانية، لأنه إنما ~~اشترى على مال وإن لم ينقده، فمن عد استعداده للنقد كالنقد أوجب (7) ~~الزكاة، ومن نظر إلى أنه مشتر بدين ولم يعد الاستعداد للنقد كالمنقود، ~~فيختلف قوله هاهنا هل يضاف إلى يوم الشراء أو إلى يوم الحصول. # وعلى هذا اختلف على قولين فيمن اشترى بدين ولا يملك ما ينقد فباع بربح هل ~~يضاف الربح إلى يوم الحصول أو إلى يوم الشراء؟ # وبقيت مسائل تلحق بهذا الباب لكن تعلقها بباب الفوائد أشبه فنؤخر الكلام ~~عليها إلى باب الفوائد. # ... PageV02P794 # ### | فصل (حكم من ضاع ماله أو بعضه بعد الحول) # ولا خلاف أن الزكاة لا تجب قبل حلول الحول، فمن ضاع ماله أو بعضه حتى قصر ~~عن النصاب قبل حلول الحول لم يتعلق بذمته شيء. فإن ضاع بعد حلول الحول وبعد ~~إمكان الأداء تعلقت الزكاة بذمته، وإن ضاع بعد حلول الحول وقبل إمكان ~~الأداء ففي تعلقها بالذمة قولان: المشهور أنها (1) لا تتعلق، والشاذ أنها ~~تتعلق. # وهو على الخلاف في إمكان الأداء هل هو شرط في الوجوب أم لا؟ وإذا قلنا ~~إنها تتعلق فإنما تتعلق هاهنا بالقدر الباقي فيجب ربع عشره خاصة، ويلتفت في ~~هذا إلى الخلاف في كون المساكين كالشركاء في المال بقدر الزكاة أو ليس ~~بالشركاء، وقد تقدم ذلك. # ولو حال الحول على نصاب فلم يؤد زكاته حتى اشترى به سلعة فربح فيها فإنه ~~يؤدي على العام الأول (2) على مقدار النصاب، فيؤدي مثلا عن عشرين دينارا ~~نصف دينار وكان اشترى [بها] (3) سلعة فباعها مثلا بأربعين دينارا (4)، فإن ~~كان عنده من العروض ما يقابل النصف الدينار الذي وجب عليه في الزكاة زكى ~~على العام (5) الثاني وعن أربعين، فإن لم يكن عنده فالمنصوص أنه لا يزكي ~~للعام الثاني إلا عن تسعة وثلاثين ونصف، ويجري على الخلاف في الدين الواجب ~~في الزكاة، هل يسقط الزكاة أم لا؟ وسيأتي ms350 بيانه في موضعه [إن شاء الله] ~~(6). قال ابن عبد الحكم يستقبل بالربح حولا (7) PageV02P795 # # من يوم حصوله، ومنها (1) أخذ القول بأن الربح كالفائدة (2) # ... ### | فصل (حكم زكاة العبد) # والعبد لا يملك ملكا حقيقيا لأن للسيد انتزاع ما بيده، فلهذا نقول لا ~~زكاة عليه فيما بيديه ولا على السيد؛ لأنه لم يملك ملكا أيضا وإنما ملك أن ~~يملك. # وهكذا نقول في المديان لا يزكي لأنه يملك عليه انتزاع ما في يده وهذا ~~يختص في حق المديان (3) بزكاة العين. ولا يسقط الدين زكاة الحرث والماشية ~~على ما سيأتي بيانه في حكم الدين. # ولا خلاف عندنا أن العبد لا تجب عليه زكاة في كل ما في يده [وهذا لأن ~~الانتزاع يتوجه في كل ما في يده] (4)، ويجري مجراه كل من كان فيه بقية رق. ~~وإن أعتق استقبل بما في يديه من الناض حولا، وكذلك الماشية على ما سيأتي ~~بيانه. # وأما زكاة الثمار فالخلاف [فيها] (5) عندنا هل تجب بالطيب، أو باليبس، أو ~~بالجذاذ؛ فإن أعتق قبل الطيب وجبت عليه الزكاة، وإن أعتق قبل الجذاذ لم تجب ~~عليه، وإن أعتق فيما بين ذلك فعلى الخلاف، وسيأتي بيان هذه. الأقوال ~~وتوجيهها في كتاب الزكاة الثاني. # ... PageV02P796 # ### | فصل (حكم زكاة مال الصبي والمفقود والأسير) # ومذهبنا تغليب إرفاق المساكين في الزكاة، فلهذا نقول بوجوبها على [كل] ~~(1) من ملك ملكا حقيقيا كان مكلفا أو غير مكلف كالصبيان والمجانين، وهذا لا ~~خلاف فيه عندنا (2) في سائر أنواع الزكاة. # وقال أبو الحسن اللخمي: أما الحرث والماشية فلا يختلف في وجوب الزكاة ~~فيهما عليهم؛ لأنهما ناميان بأنفسهما. وأما العين فإن كان ممن يتولاه ويتجر ~~به وجبت الزكاة بلا خلاف أيضا، وإن كان لا يتجر به جرى على الخلاف في المال ~~المعجوز عن تنميته (3). وهذا الذي قاله غير صحيح لأن المال هاهنا مهيأ ~~للنماء، وإنما العجز من قبل المالك. ولا خلاف أن من كان من المكلفين عاجزا ~~عن التنمية أنه تجب عليه الزكاة، وهذا الإجماع عليه. وإنما الخلاف إذا لم ~~يقدر على المال حتى يعدم فيه ms351 التهيؤ للنماء على ما سيأتي بيانه. # وقد قالوا في مال المفقود والأسير أن الناض منه لا يزكى لإمكان سقوط ~~الزكاة منه بدين أو غيره، ويزكى الحرث والماشية. وعلل أبو الحسن اللخمي ~~سقوطه لإمكان موت المالك، (4) وهذه العلة يجب طردها في الجميع لأنه لا يعلم ~~الوارث بعينه ولا مقدار ما يرث حتى تجب فيه الزكاة أو تسقط. وإنما علل في ~~الرواية [بما ذكرناه من إمكان] (5) سقوط الزكاة في العين. # وقد قال الأشياخ إن الوصي يحترز في إخراج الزكاة من خلاف أبي حنيفة فإن ~~خفي [له] (6) وأمن من المطالبة أخرج من غير مطالبة الحاكم (7). PageV02P797 # # وإن حاذر المطالبة فمذهب المخالف يرجع إلى الحاكم وعولوا على قوله في ~~المدونة في الوصي يجد في التركة خمرا أنه يرفع أمرها إلى الحاكم حتى يتولى ~~كسرها وهذا محاذرة من مذهب المجيز تخليلها (1). # ... ### | باب في زكاة العروض ### | (وجوب الزكاة في عروض التجارة وعدم وجوبها في عروض القنية ودور النية في ذلك) # ولا خلاف [بين الأمة] (2) أن عروض القنية غير مزكاة، وقد قال - صلى الله ~~عليه وسلم -: "ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة" (3)، وقد فهمت ~~الأمة من هذا سقوط الزكاة في عروض القنية، وهذا لما قدمناه من اختصاص ~~الزكاة بالأموال النامية لئلا يؤدي إخراجها من غير النامي إلى فنائه ~~بالزكاة. # وأما عروض التجارة فتتعلق بها الزكاة على الجملة عند جمهور الأمة، ولنبين ~~(4) ما يحصل به العروض ووصف التجارة [حتى تتعلق بها الزكاة] (5) فنقول: من ~~ملك عرضا فلا يخلو أن يملكه بغير معاوضة [كالميراث والهبة والصدقة وما في ~~معنى ذلك، أو بمعاوضة. # فإن ملكه بغير معاوضة] (6) لم يتعلق به حكم الزكاة وإن قصد به التجارة، ~~كما قدمنا في غير هذا الباب من أن النية بمجردها لا تنقل PageV02P798 # # العروض عن الأصل، والأصل في العروض سقوط الزكاة وكونها معدة للقنية. # وإن ملكه بمعاوضة فلا يخلو المدفوع عنه من أن يكون عوضا أو عينا؛ فإن كان ~~عينا انصرف بالنية إلى ما تصرفه إليه من التجارة أو القنية، لأن النية ~~هاهنا ms352 ترده إلى أصل ما دفع فيه، فإن كان عرضا فإن كان للتجارة فهو كالعين، ~~وإن كان للقنية بنوا بالمأخوذ عند القنية فلا شك في انصرافه إليها. # وإن نوى به التجارة فهل ينصرف إليها؟ قولان: أحدهما: أنه لا ينصرف لأنه ~~مأخوذ عن عرض قنية، فحكمه حكمه. والثاني: أنه ينصرف إلى التجارة بحصول ~~المعاوضة على الجملة. # ثم ما ينصرف بالنية لا يخلو من أن ينوي به التجارة أو القنية أو الغلة، ~~أو لا ينوي شيئا؛ فإن نوى به القنية فلا شك في انصرافه إليها كما قدمنا، ~~وإن نوى به التجارة تعلقت به الزكاة، وإن نوى به الغلة (1) ففي تعلق الزكاة ~~به إن بيع قولان: أحدهما: أنها تتعلق به لأنه معد للتنمية فأشبه عروض ~~التجارة، والثاني: أنها لا تتعلق به لأنه باق العين فأشبه عروض القنية. # فإن فقدت النية منه لم تتعلق الزكاة به لأنه يرجع إلى الأصل، والأصل عدم ~~الزكاة في العروض. # وإن نوى به اثنين مما قدمناه القنية والتجارة، [أو القنية والغلة، أو ~~الغلة والتجارة] (2)؛ فإن جمع بين القنية والتجارة ففي تعلق الزكاة به إن ~~بيع قولان: # أحدهما: أنها لا تتعلق، والثاني: أنها تتعلق، وهما على الخلاف في اجتماع ~~موجب ومسقط أيهما يغلب؟ وإن نوى القنية والغلة؛ فعلى مذهب PageV02P799 # # من يسقط الزكاة من المغتل تسقط هاهنا، وعلى مذهب من يوجبها يجتمع هاهنا ~~موجب ومسقط، فقد يختلف فيه (1) قوله إلا أن يراعي الخلاف فيوجب. [وإن نوى ~~الغلة والتجارة فعلى مذهب من يزكي المغتل تجب الزكاة هاهنا بلا شك، وعلى ~~مذهب من لا يزكيه يجتمع موجب ومسقط فقد يختلف (2) قوله إلا أن يراعي الخلاف ~~فيوجب] (3). # وتنتقل العروض التي للتجارة إلى القنية بالنية على ما قدمناه من أن النية ~~ترد إلى الأصل، ولا تنتقل عروض القنية إلى التجارة بالنية لكن إن نوى بعرض ~~التجارة القنية ثم عاد فنوى بها التجارة ففي رجوعها إلى ذلك قولان: أحدهما: ~~أنها لا ترجع إذ لا تنتقل بالنية عن الأصل كما قدمنا. والثاني: أنها تنتقل ~~(4) لأن أصلها هاهنا التجارة ms353 فتعود إليها. ### | (حكم غلة ما اشتري أو كري للتجارة أو غيرها) # واختلف في غلة ما اشتري للتجارة هل يكون فائدة يستقبل بها حولا لأن ~~التجارة إنما تتعلق بعينه لا بغلته، أو يزكيه على حول الأصل [كما يزكي ثمنه ~~لو بيع] (5)، [وإذا تقرر هذا قلنا بعده:] (6) وأما غلة ما اشتري للتجارة ~~فلا خلاف أنها مزكاة على حول (7) الأصل. وإذا تقرر هذا قلنا بعده من اكترى ~~أرضا أو كانت له، فزرعها؛ فلا يخلو من أن يكون الكراء للتجارة والزرع ~~للتجارة، أو يكون الكراء (8) للاستعمال والغلة للأكل، أو يكون أحدهما ~~للتجارة والآخر لغير التجارة. PageV02P800 # # فإن كانا جميعا للتجارة نظر، فإن حصل من الزرع [دون ما] (1) تجب فيه ~~الزكاة أزكى ثمنه إذا بيع على حول أصله (2)، وإن كان مقدار ما تجب فيه ~~الزكاة زكاه عند حصاده وبنى [على] (3) حول ثمنه إذا باعه] (4) على أصل زكاة ~~عينه. # وإن كانا جميعا للقنية استقبل بالثمن حولا، كان الحاصل منه مقدار ما تجب ~~الزكاة في عينه أو لا تجب. # وإن كان أحدهما للتجارة والآخر لغير التجارة فقد اختلف؛ هل يعطى حكم ~~الزرع للبذر والعمل، أو للأرض. فإن أعطينا الحكم للأرض نظر؛ فإن كانت ~~للتجارة زكى، وإن كانت للقنية استقبل بالثمن حولا. وإن أعطينا الحكم للبذر ~~والعمل راعاهما على ما قدمناه في الأرض. # والمحكي عن أبي محمد عبد الحميد رحمه الله (5) أنه كان يسقط الزرع على ~~البذر والعمل والأرض، ويعطي لكل واحد منهما حظا من الزرع، فعلى هذا المذهب ~~ينبغي أن ينظر إلى مقدار ما يقابل الشيء الذي للتجارة فيزكي ثمنه عند بيعه ~~والذي للقنية يستقبل به حولا. # وقد يقال هاهنا إنه قد اجتمع موجب ومسقط فيختلف هل يغلب الموجب أو المسقط ~~على ما قدمناه ثم ينظر؛ فإن وافق حكم الأرض حكم البذر فذلك بين، وإن خالفه ~~فأجراه على ما تقدم. PageV02P801 # ### | فصل (حكم زكاة من اشترى أصول التجارة فأثمرت) # ولو اشترى أصولا للتجارة فأثمرت فعلى مذهب من يجعل القنية (1) كفوائد ~~يستقبل بالثمن حولا، كانت مما تجب الزكاة في عينها ms354 أو لا تجب. وعلى مذهب من ~~يوجب الزكاة على حكم الأصول ينظر، فإن لم تجب الزكاة في العين لأنها دون ~~النصاب أو لأنها مما لا تجب الزكاة في عينه زكى ثمنها إذا باعها على حول ~~الأصول، فإن وجبت الزكاة في عين الثمن (2) بني حولها إذا باعها على يوم ~~زكاها. # وقد كانت هذه المسائل بباب الفوائد أشبه، لكن ألحقناها بهذا الباب لما ~~تعلق بها من حكم القنية والتجارة. # ... ### | فصل (حكم زكاة العروض التي يترصد بها الأسواق دون إدارتها) # فإذا تقرر الفرق بين ما تتعلق به الزكاة من العروض أو لا تتعلق، ~~واستوفينا ذلك خلافا ووفاقا، قلنا بعده: الزكاة تتعلق عندنا بعروض التجارة ~~على صفتين راجعتين (3) إلى اختلاف حكم المتجر؛ فإن كانت العروض يترصد بها ~~الأسواق وزيادتها دون إدارتها فلا تجب الزكاة حتى تباع، فتجب حينئذ إن تم ~~حول أصلها، أو ينتظر تمامه إن لم يتم. ولو أقامت أحوالا لم تبع لم تجب إلا ~~زكاة واحدة. وهذا لأن الزكاة قد فهم من الشريعة أنها متعلقة بالنماء ~~وبالعين لا بالعروض، فإذا قامت أحوالا لم تبع فإنه لم يحصل فيها النماء إلا ~~مرة واحدة، فلا تجب إلا زكاة واحدة. وهي قبل البيع عرض، والزكاة لا تتعلق ~~بالعروض، فإذا باع وجبت الزكاة. PageV02P802 # ### | (عدم جواز إخراج الزكاة قبل البيع وزكاة الدين قبل حلوله) # ولا يجوز عندنا أن يتطوع بالإخراج قبل البيع، فإن فعل فهل يجزيه؟ # قولان: المشهور عدم الإجزاء، [وهذا لأن الزكاة لم تجب بعد. وأما الإجزاء] ~~(1) فيمكن أن يكون مراعاة للخلاف أو بناء على جواز الإخراج قبل الحول. # وكذلك القولان عندنا في إخراج زكاة الدين قبل حلوله؛ المشهور (2) المنع، ~~لما قلنا من أن الزكاة لم تجب بعد. والإجزاء، إما مراعاة للخلاف وإما لأنها ~~إنما تمنع من الإخراج لئلا يتلف (3) الدين، أو يمنع مانع من اقتضائه. فإذا ~~أخرج وسلم الدين واقتضى، تبين صحة الإخراج وأنه واقع موقعه. # ... ### | فصل (حكم زكاة المال المدار) # وإن اكتسب العروض لإدارتها بالبيع والخلف، ويبيع بسعر الوقت ولا يرتصد ~~الأسواق فهذا يجب ms355 عليه عندنا زكاة القيمة في العروض. لكن اختلف المذهب؛ هل ~~تجب عليه الزكاة لعدم تحصيل حول يزكي فيه، أو لأنه لما أكثر الإدارة في ~~العروض صارت في حقه كالعين؟ وعلى هذا اختلف المذهب فيمن كان يبيع العروض ~~بالعروض ولا ينض له عين، هل يجب عليه التقويم أم لا؟ المشهور أنه لا يجب. # فمن جعل الزكاة لاختلاط الأحوال قال لا تجب، ومن قال إنها صارت في حكم ~~العين أوجب التقويم. وإذا قلنا إن التقويم لا يجب فهل PageV02P803 # # ينتقل بذلك عن حكم الإدارة؟ في المذهب قولان: المشهور أنه لا ينتقل بل ~~يكون على حكم الإدارة، [باقيا عليه] (1)، فإذا نض له [درهم] (2) واحد أو ~~أقل منه وجب عليه التقويم. والشاذ أنه لا يجب عليه حتى ينض له مقدار النصاب ~~فيزكي حينئذ ما نص [له] (3)، ثم كلما باع زكى. وهذا حكم بأنه خرج عن حكم ~~الإدارة. # وسبب الخلاف هل كونه لا ينض له عين فيجعل العروض كالبائرة (4) القيمة ~~فيخرجها عن حكم الإدارة ويجعلها كأنها باقية لم تزل، أولا يلحقها بذلك ~~لأنها قد تبدلت أعيانها فهي على الحقيقة متجر بها، لكن لا يقومها حتى يحصل ~~عينا فيجعلها تابعة له. وإذا راعينا حصول العين جعلناها باقية على حكم ~~الإدارة، فهل يراعى حصول العين في إبان وجوب (5) الزكاة أو حصولها على ~~الجملة متى حصل؟ في المذهب قولان: المشهور أنه متى حصل وجب التقويم، إذ ~~بحصوله خرجت عن حكم البوار، وقد حصل ما يزكى عينه في الحول. والشاذ مراعاة ~~آخر الحول إذ به يتحصل الخطاب بالإخراج. # وإذا قلنا بوجوب الزكاة وإن لم ينض له شيء، فهل يخرج عرضا بقيمته أو يبيع ~~ويخرج عينه (6)؟ في المذهب قولان. # والجاري على أصل هؤلاء أنه يخرج من العروض، إذ جعلوه في حكم العين. ومن ~~قال بالبيع وإخراج العين، فإنما راعى الخلاف. ### | (ما الحكم إذا بارت عروض المدير؟) # وإذا بارت عروض المدير فهل يخرج بذلك عن حكم الإدارة ويرجع PageV02P804 # # إلى النوع الأول الذي تجب فيه الزكاة بالبيع؟ في المذهب قولان. وسبب ~~الخلاف هل ms356 يعطى الحكم للنية والنية (1) فيها الإدارة ولا ينتقل عنها إلا ~~بنية الادخار، أو يعطى الحكم للموجود، وقد وجد (2) فيه الادخار. وقال أبو ~~الحسن اللخمي: إنما هذا (3) إذا بار الأقل، فيختلف فيه هل يجعل تبعا للأكثر ~~أم لا؟ وعنده أنه إذا بار الجميع أو الأكثر لا يختلف في خروجها عن حكم ~~الإدارة (4). والمذهب يختلف على الإطلاق كما قلناه. وإذا (5) قلنا بخروجها ~~عن حكم الإدارة فهل مدة البوار الذي يحصل له بذلك محدوده [أم لا] (6)؟ في ~~المذهب قولان: أحدهما: أنها غير محدودة، وهذا رجوع إلى العادة. والثاني: ~~أنها محدودة بالعامين، وهذا تقريب، والأول هو الأصل. ### | (حكم المال الذي بعضه مدار وبعضه غير مدار) # وإذا كان المال على أسلوب واحد؛ إما إدارة، وإما ادخارا للتجارة فحكمه ما ~~تقدم. فإن اختلف لكون بعضه مدارا وبعضه غير مدار، فإن تساويا أعطي كل نوع ~~حكمه من غير خلاف، وإن اختلفا فثلاثة أقوال: أحدها: أنه كالأول يعطي كل ~~واحد حكم نفسه. والثاني: أن الأقل [تبع للأكثر، وهذا على الخلاف في الأتباع ~~هل تعطى حكم أنفسها أو حكم متبوعاتها. والثالث: أنه ينظر فإن كان الأقل هو ~~المدار] (7) زكى (8) القيمة، وإن كان الأقل غير المدار جعل تبعا للمدار، ~~وهذا تغليب لإيجاب الزكاة، PageV02P805 # # إذ المخالف يوجب الزكاة في العروض التي للتجارة سواء كانت مدارة أو غير ~~مدارة، وإن كان الأقل غير مدار (1) أعطي حكم التبع تغليبا لإيجاب الزكاة، ~~وإن كان المدار الأقل بقي الأكثر على حكمه فلم يزكيه زكاة القيمة وزكى ~~المدار على حكم نفسه. ### | (حكم زكاة دين المدير) # وهل يزكي المدير دينه؟ لا يخلو الدين من أن يكون مقصودا به النماء ~~كالبيع، أو غير النماء بالسلف (2)؛ فإن قصد به النماء فالمشهور من المذهب ~~أنه يزكيه إن كان يرجو (3) اقتضاءه، والشاذ أنه لا يزكيه. # وسبب الخلاف هل يلحق الدين بالسلع وهو أقل منازله فيزكى، أو يلحق بما بار ~~منها، أو يجعل (4) في حكم العدم ما لم يقبضه فلا يزكيه. وإذا قلنا إنه ~~يزكيه فهل بالقيمة أو بالعدد وإن كان ناضا ms357. أما الحال فيزكى عدده، وأما ~~المؤجل ففيه قولان: المشهور أنه تزكى قيمته لا عدده، والشاذ أنه يزكى عدده، ~~وهو على الخلاف فيما في الذمم، هل يعد كالحال أم لا؟ وفي المذهب [في ذلك] ~~(5) قولان وبيانهما يأتي في البيوع إن شاء الله. # وإن كان الدين لم يقصد به النماء كالسلف؛ فللمتأخرين قولان: أحدهما: أنه ~~لا خلاف في المذهب أنه لا يزكى؛ لأنه خارج عن حكم قصد التجارة. والثاني: أن ~~المذهب على قولين. وقد أطلق في المدونة زكاة الدين ولم يفصل، وفصل في غير ~~المدونة فقال: يقوم ما كان من بيع دون ما كان من سلف. ولعل هذا الخلاف في ~~غير المدار (6) إذا كان يسيرا، هل PageV02P806 # # يعطى حكم نفسه أو حكم الأكثر؟ فيشترط في السلف على هذا أن يكون يسيرا، ~~فإن كان كثيرا لم تجب الزكاة فيه قبل قبضه بلا خلاف. # وهل يقوم المدير ما كان من الدين (1) طعاما من بيع؟ للمتأخرين قولان: ~~أحدهما: أنه لا يقومه، لأن تقويمه بيع الطعام قبل قبضه. والثاني: أنه ~~يقومه؛ لأن تقويمه هاهنا إنما هو يتميز حق المساكين. ولعل هذا على الخلاف ~~في القسمة هل هي بيع أم لا؟ وفي ذلك قولان في المذهب. # وهل يقوم المدير ما استغله من الثمار والحب؟ أما ما (2) فيه زكاة العين ~~فلا يقومه إن بلغ النصاب، وأما ما ليس فيه زكاة العين أو لم (3) يبلغ ~~النصاب فإن كان أكثر التجارة قوم الغلة كما تقدم، وإن كانت غلة المشترى ~~للتجارة جرى على ما قدمناه من القولين (4) هل غلتها فائدة يستقبل بها حولا ~~أم لا؟ ### | (حكم آلات المدير) # واختلف المتأخرون في آلات المدير كأنوال (5) الحائك وآلة العطار وما أشبه ~~ذلك، فقال بعضهم لا يقومها لدوام بقاء أعيانها وأنه غير متجر بها، وقال ~~بعضهم يقومها لأنها معينة على السلع المدارة. وهذا يجري على الخلاف فيما ~~(6) اشتري من السلع للكراء، وقد تقدم في ذلك القولان. # ... PageV02P807 # ### | باب في زكاة الدين وزكاة الفوئد ### | (تعريف الدين وحكم زكاته) # ونحن نفرد كل واحد منهما بالكلام على أحكامه، ثم ms358 نذكر حكم اختلاطها؛ فأما ~~الدين فهو عبارة عن كل ما يخرج (1) عن يد المالك إلى ذمة، فلا يزكيه (2) ما ~~دام في تلك الذمة حتى يقبضه بعد عام فأكثر، فإن قبضه وكان نصابا أو مضافا ~~إلى مال عنده قد جمعه وأتاه (3) الحول فكمل به النصاب فيزكيه زكاة واحدة. ~~وقد قدمنا الخلاف إذا زكاه قبل قبضه [وقد مر عليه الحول. وقد ذكرنا أن سبب ~~الخلاف هل وجبت الزكاة فيه قبل قبضه] (4)، وإنما لم يخاطب بتعجيلها خيفة أن ~~لا يقبضه أو يكون كعروض التجارة لا تجب الزكاة فيه إلا بعد القبض. وعلى هذا ~~الأسلوب اختلف لو قبض منه عشرة لا يملك غيرها، ثم قبض عشرة أخرى هل يكون ~~حول الجميع من يوم قبض الآخرة أو يكون حول كل واحدة منها من يوم قبضها؟ ~~والمشهور أن حول الجميع من يوم قبض الآخرة، وهذا بناء على أن الزكاة غير ~~واجبة إلا بعد القبض. والشاذ أن حول كل واحدة [من] (5) يوم قبضها، وهذا (6) ~~بناء على أن الزكاة واجبة. لكن لا يؤمر بتعجيلها خيفة [ألا يقتضي، فإذا ~~اقتضى تبيين أنه كان مخاطبا بها، فيبقى كل مال على [حول أصله] (7). # وعليه أيضا الخلاف لو اقتضى عشرة فضاعت، ثم اقتضى عشرة PageV02P808 # # أخرى هل تجب الزكاة أم لا؟ فمن رأى أنه مخاطب في الأول لكن لا يؤمر ~~بالإخراج خيفة] (1) ألا يقتضي أوجب الزكاة وإن (2) ضاعت، ومن رأى أنه غير ~~مخاطب لم يوجبها إلا أن يبقى المال في يده حتى يكمل فيه النصاب. # وأما لو أنفق العشرة فالمذهب أنه (3) على إيجاب الزكاة لأنه نصاب قد جمعه ~~ملك وحول، وقد أنفق بعضه مختارا. فيصير كالمفرط في إخراج الزكاة بعد الحول، ~~فتجب في ذمته. # ورأى بعض المتأخرين جريان الخلاف وإن أنفق، وهو القياس على ما قدمناه من ~~سبب الخلاف في الضياع. لكن فرقوا بينهما في الروايات كما قدمناه من أن ~~الضياع قد يكون بغير سبب ولم ينتفع به، والإنفاق بسببه وقد انتفع به. ويكون ~~كالمفرط في الإخراج بعد مضي الحول. لكن قال سحنون ms359 بالمساواة بين الضياع ~~بسببه أو بغير سببه. وينبغي أن يكون الضياع بسببه (4) كالإنفاق. ### | (قاعدة المذهب في حكم الدين) # ونرجع إلى قاعدة المذهب في حكم الدين فنقول إن ما ذكرناه أنه عبارة عن كل ~~مال خرج من يد المالك، احترازا من دين وجب في ذمته قبل أن يحصل في يد ~~المالك. وهذا القسم يكون حوله من يوم قبضه ولا يزكيه عند قبضه، لأنه فائدة. ~~ولو كان الدين حاصلا عن سلعة كانت للقنية فبيعت؛ فإن بيعت بنقد فحول ثمنها ~~من يوم قبضه، وإن بيعت بدين فمتى حول ثمنها؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه ~~يكون من يوم قبضه كالأول. والثاني: أنه يكون من يوم البيع. وهو على الخلاف ~~في بيع النسيئة (5)، هل PageV02P809 # # هو نوع من أنواع التجارة أم لا؟ وهو خلاف في حال. وينبغي أن ينظر هل زاد ~~في الثمن للتأخير فيكون مال أصرفه في شيء وجبت تنميته فتجب الزكاة، أو لم ~~يزد في الثمن فلم تحصل التنمية فلا تجب الزكاة. هكذا يقوله بعض الأشياخ. ~~وينبغي أن يكون هذا جاريا على أصل آخر، وهو من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم ~~لا؟ فإن عددناه مالكا كان هذا كالقابض لثمن النقد ثم صرفه في دين، فيكون ~~حوله من يوم البيع. وإن لم نعده مالكا لم يحصل له الثمن إلا بعد قبضه، ولا ~~أصل له مزكى (1) يبني عليه وليستقبل به الحول من يوم قبضه. # ... ### | فصل (زكاة بعض الدين المقبوض) # وإذا استحق الدين أن يزكى بعد (2) قبضه لأنه من الصنف المملوك أصله، [أو ~~ثمن سلعة للتجارة، أو غير سلعة القنية] (3) بيعت بالدين على أحد القولين ~~(4). فإنه إن قبض منه عشرين دينارا زكاها بلا شك، كان عنده مال يضيفه إليه ~~أم لا. فإن قبض دون ذلك، فإن كان عنده مال قد جمعه وأتاه الحول فكمل به ~~النصاب زكى، وإلا لم يزك حتى يكمل ما يقبضه عشرين دينارا. وأما إن أضافه ~~إلى مال عنده كمل النصاب على ما قدمناه، وإذا كمل له من المقبوض، أو منه ~~ومما ms360 في يديه النصاب فيزكى حينئذ. فإن ما يقتضيه من دينه إن بقي منه شيء ~~يكون حوله يوم قبضه ولو كان دينارا واحدا مثلا. # وإذا زكى النصاب الأول فهل يبقيه على حوله ويكون حوله من يوم PageV02P810 # # زكاه، أو يضيفه إلى ما بعده لأنه نقص عن النصاب بالزكاة؟ في المذهب ~~قولان: والمشهور أنه يبقيه على حوله، والشاذ أنه يضيفه إلى ما بعده. # وسبب الخلاف هل تراعى الطوارئ أم لا؟ فمن لم يراعها أبقاه على حوله فزكاه ~~إذا حل، ومن راعاها أضافه إلى ما بعده؛ لأنه لا يأمن على ما بعده التلف. ~~وان تلف لم تجب في الأول زكاة لأنه دون النصاب. # وإذا اختلطت عليه أحوال الاقتضاءات أضاف الآخر منها إلى الأول، لأن أكثر ~~العلماء يوجبون الزكاة في الدين وإن لم يقبض. # وإذا اختلطت أحوال الفوائد ففيها قولان: المشهور عكس هذا وأن الأول ~~[منها] (1) يضاف إلى الآخر، والشاذ أنها كالديون. وإنما فارقت الديون على ~~المشهور لأن جمهور الأمة لا يوجبون زكاتها حتى يمضي الحول بخلاف الديون. # وأما القول الآخر فيمكن أن يكون مبناه على مراعاة الخلاف الشاذ. وفي ~~المذهب قولان في مراعاته. # أو يكون (2) سبب الخلاف اجتماع موجب ومسقط وفي المذهب قولان أيهما يغلب؟ ~~وقد تقدم ذلك. واستحسن أبو الحسن اللخمي أن يجعل في الجميع حولا وسطا لا ~~ينبني على أول الاقتضاءات والفوائد ولا على آخرها (3). # وهذا له وجه أن يحصل الوسط (4) في ذلك وهو جار على أصل المذهب في مال ~~تنازعه اثنان أنه يقسم بينهما, لأن التعجيل والتأخير قد تنازعه (5) ~~المساكين ورب المال، ولا يمكن تغليب (6) أحد الجانبين مع PageV02P811 # # الشك، فيقسم بينهما. وهذا بناء على [إسقاط] (1) مراعاة الخلاف. ولو لم ~~يكن لرب الدين (2) غيره، فاقتضى منه دينارا ثم آخر فاشترى بالأول سلعة ثم ~~بالثاني كذلك، فباع السلعة الأولى بعشرين دينار والثانية كذلك مثلا. فإن ~~كان شراؤه بالدينار الثاني بعد أن باع السلعة الأولى لم يترك (3) إلا إحدى ~~وعشرين دينارا لأن التجر في الثاني وقع بعد أن وجبت الزكاة [في الأول] (4)، ~~ويستقبل بالربح ms361 الثاني حولا من يوم وجبت الزكاة. # وإن كان شراؤه بالثاني قبل أن يبيع فإنه يزكي أربعين, لأن الربح وسببه ~~حاصل قبل وجوب الزكاة في الأصل. وهذا على أن الأرباح مضافة إلى أصول (5) ~~الأموال. وأما على القول بأنها فوائد، يستقبل بالأرباح حولا. وهكذا روى ابن ~~نافع وأشهب عن مالك (6) رحمه الله في هذه المسألة. # ولو كان الشراء بالثاني (7) أولا، ثم بالأول؛ فإن اشترى بالأول قبل أن ~~يبيع المشترى بالثاني، فلا شك أنه يزكي الأربعين كما قدمناه على المشهور. ~~وأما على قول أشهب الذي يرى أن النصاب إذا أكمل بالثاني، يبقى الأول على ~~حوله. وإن كان دون النصاب فينبغي أن لا يزكي إلا إحدى وعشرين [دينارا]، ~~(8)؛ لأن الغيب كشف أنه إنما اشترى بالأول بعد أن وجبت فيه الزكاة. # وأما إن كان شراؤه بالأول بعد أن باع المشترى بالثاني فلا شك أنه لا ~~PageV02P812 # # يزكي على القولين إلا إحدى وعشرين. هذا حكم الاقتضاءات على الجملة إذا ~~انفردت. # ... ### | فصل (زكاة الفوائد) # وجمهور الأمة على أن الفوائد يستقبل بها حولا ولا يزكى عند ملكها، لما ~~ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من إسقاط الزكاة قبل مضي الحول (1) لأن ~~الشريعة سامحت أرباب الأموال فلم توجب عليهم إخراج الزكاة قبل انتفاعهم ~~بالأموال. فإذا انتفعوا وكمل النماء المقصود وجبت الزكاة. والفوائد عبارة ~~عن كل ما لم يتقدم (2) عليه ملك ولا على أصله، كالغلات (3) مثلا. وقد قدمنا ~~أن غلات السلع المقتناة فوائد، والقولان في غلات التجارة. وهذا الذي ~~أجملناه يتضمن جميع أنواع الفوائد من العطايا والمواريث وما يجب في الدم من ~~أروش الجنايات وأثمان السلع المقتناة وأنول الغلات. # وفي كتابة المكاتب خلاف، هل هي ثمن لرقبته أو حكمها حكم الغلة؛ فإن قلنا ~~إنها ثمن لرقبته فيكون حكمها حكم أثمان الرقاب، فينظر هل المكاتب للتجارة ~~أو للقنية، ويجري على حكم ما تقدم. وإن قلنا إنها كالغلات فيجري على حكم ~~الغلات، وقد تقدمت. ### | (حكم من أفاد نصابا) # وإذا ثبت هذا قلنا [بعده] (4) من أفاد مالا فلا يخلو من أن يكون نصابا أو ms362 ~~دون النصاب، فإن كان النصاب أو عنده ما يكمل به النصاب جعل حوله ~~PageV02P813 # # من يوم أفاده، وإن كان دون النصاب فإن أفاد بعده ما يكمل به النصاب أضاف ~~الأول إلى الثاني على مذهب ابن القاسم، وزكى الأول على حوله (1) على مذهب ~~أشهب على ما قدمناه في مقتضي عشرة من دينه ثم عشرة، هل تعود العشرة (2) ~~الأولى إلى حولها؟ # فإذا أكمل النصاب من غير زيادة عليه ثم أفاد بعده فائدة وزكى النصاب ~~الأول بربع عشرة، فهل يعود (3) لنقصه بجزء الزكاة إلى حول ما بعده؟ فيه ~~قولان كما قدمناهما في من اقتضى عشرين ثم عشرة. والمشهور من المذهب أن ~~الأول يبقى (4) على حوله. والشاذ أنه ينتقل إلى حول ما بعده. # وإذا بنينا على المشهور فإنه يزكي كل فائدة على حولها إلا أن يصيرا جميعا ~~إلى ما ليس فيه الزكاة. ومثاله (5) أن يستفيد عشرين في المحرم مثلا ثم عشرة ~~في رجب، فإذا حل حول المحرمية زكاها [ثم إذا حل حول الرجبية زكاها، فإن حل ~~حول المحرمية مرة أخرى نظر ما إن لو أضافه إلى الرجبية كمل النصاب بها، ~~زكاها] (6) حينئذ على المشهور من المذهب، ولم يزكها على القول الثاني حتى ~~يحل حول الرجبية. ثم إذا حال حول الرجيبة نظر أيضا؛ فإن كان فيها وفي ~~المحرمية نصاب زكاها حينئذ، وإن لم يكن فيهما النصاب لم يترك. # وإذا مر الحول بالأولى (7) فاعتبرهما (8) فقصر عن النصاب حتى أتى ~~PageV02P814 # # حول الثانية وهما على نقصهما (1) عادا إلى حول واحد إن كان فيهما بعد ذلك ~~النصاب بتجر، فإن وقع التجر قبل ذلك أضاف الحول إلى يوم وقع الربح. ولا ~~يخلو من أن يحصل قبل حلول حول الثانية أو بعده أو معه؛ فإن حصل قبل حلول ~~الثانية انتقل حول الأولى إليه وبقيت الثانية على حولها، وإن حصل بعد حول ~~(2) الثانية صار حولهما جميعا واحدا، وإن حصل مع حول الثانية فكذلك أيضا ~~يصير حولهما جميعا واحدا. # والتمثيل (3) بما قدمناه في العشرين المحرمية والعشرة (4) الرجبية فإذا ~~جاء المحرم فاعتبرهما فوجدهما ناقصين عن ms363 النصاب فإنه لا يزكي، وإن اتجر ~~فيهما أو في أحدهما فكمل النصاب [في ربيع] (5) انتقل حول المحرمية إليه، ~~وبقي حول الرجبية على حاله، فإن بقي على نقصهما (6) حتى أتى حول الرجبية ~~وهما كذلك، ثم اتجر بهما أو بأحدهما فكمل النصاب في شعبان مثلا، صار حولهما ~~جميعا شعبان. وإن كمل النصاب في رجب صارتا جميعا رجبتين. # ولو (7) زكى الأول [في المحرم] (8) لأن معه منها ما فيه النصاب، ثم نقصا ~~(9) بعد ذلك حتى أتى رجب، فاعتبرهما فلم يكن فيهما النصاب، ثم اتجر بهما أو ~~بأحدهما فكمل نصابه قبل المحرم، فإنه ينتقل حول الثانية إلى يوم كمال ~~نصابه، [ويبقى حول الأول على حاله. وأصل هذا أنهما يبقيان على حولهما ما لم ~~يمر حول الأولى] (10) وحول الثانية، وليس فيهما مقدار PageV02P815 # # النصاب. وأن الأرباح مزكاة على حول الأول (1) فإذا حصل الإكمال (2) ~~بالربح عد (3) كأنه لم يزل حاصلا. لكن لا تجب الزكاة إلا يوم الحصول فجعل ~~الحول من يوم حصل الإكمال وتفصيل هذا الإجمال (4) ما قدمناه. # ... ### | فصل (حكم زكاة فائدتين جمعتا في ملك وحول) # وإذا جمع الفائدتين في ملك وحول زكيت إحداهما بالأخرى من غير خلاف. لكن ~~هل يكون حولهما واحدا أو يعود حول الأول إلى يوم استفادهما؟ وقد قدمنا ~~الخلاف في ذلك؛ ومثاله مسألة العشرتين (5). فإن لم يجمعهما حول واحد ~~واجتمعا في ملك، ومثاله أن يستفيد عشرة فتقيم عنده في يده ستة (6) أشهر، ثم ~~يستفيد عشرة فتقيم الثانية ستة أشهر، فبعدها ينفق الأولى أو تضيع، ثم تبقى ~~الثانية إلى تمام الحول. فابن القاسم يسقط الزكاة لأنه لم يكمل عنده نصاب ~~حال عليه الحول، وأشهب يوجبها. وهو بناء على ما قدمناه من أصله أن الزكاة ~~الأولى قد وجبت، وإنما لم يؤمر بالإخراج خوفا من ضياع الثانية. # ... ### | فصل (حكم اجتماع اقتضاءات وفوائد) # وإذا اجتمعت اقتضاءات وفوائد، وقد اجتمعت الفوائد وأصل الديون ~~PageV02P816 # # في ملك وحول فإنه ينظر فإن كان في كل صنف من الاقتضاءات والفوائد مقدار ~~النصاب لم يضف حول شيء منها إلى الأخرى، إلا أن يتفق حول ms364 الفوائد (1) ووقت ~~الاقتضاءات. وإن قصرت عن النصاب متفرقة وأكملته مجموعة، فإنه يضيف الفوائد ~~إلى ما بعدما (2) والاقتضاءات إلى ما قبلها من صنفها، وهذا لأن الدين حال ~~الحول على أصله. وإنما لم يزد (3) ما يقتضي منه وإن (4) كان دون النصاب؛ ~~إما خوفا ألا يقتضي، وإما لأنه لا يعد مستقرا في ذمته إلا بعد اقتضائه. ~~فإذا اقتضاه تبين وجوب الزكاة فيرده إلى ما قبله. والفوائد لم يحل (5) على ~~أصلها حول فيضيفها إلى ما بعدها مما حال عليه الحول؛ ومثال هذا أن يقبض (6) ~~عشرة ثم عشرة فإنه يزكي العشرة الثانية، أنفق الأولى أو أبقاها على ما ~~قدمناه. لأن الثانية مضافة إليها. # وإن استفاد عشرة ثم اقتضى عشرة فلا يضيف الفائدة إلى الدين إلا أن تبقى ~~في يده حتى يحول عليه الحول عند ابن القاسم (7)، وحتى يقضي عند أشهب على ما ~~قدمناه (8) في المال إذا جمعه ملك ولم يجمعه حول. # ولو اجتمعت فوائد وديون ولو أضاف الفوائد مفردة إلى ما بعدها (9) لم يكمل ~~منهما النصاب ولو أضاف الدين إلى ما قبله، لكنه إن أضاف بعضه إلى بعض كمل ~~به النصاب. # وقد اختلف المتأخرون على قولين: فمنهم من أوجب الزكاة لما كان ~~PageV02P817 # # الدين يقتضي الإضافة إلى ما قبله، والفوائد تقتضى الإضافة إلى ما يضاف ~~بعضه إلى بعض من الدين. وأسقط بعضهم اعتبارا بكل صنف منفردا إلى ما يضاف ~~إليه، ومثال هذا أن يقتضي عشرة ثم بعدها يستفيد عشرة ثم يقضي خمسة، وقد ~~أنفق العشرة التي اقتضى أولا. فهذه الخمسة إذا أضفناها إلى العشرة الأولى ~~المقتضاة لم تكن فيها زكاة. وإن أضيفت العشرة (1) إليها فكذلك أيضا. فمن ~~اعتبرهما أسقط، وإن أضيفت العشرة الفائدة إليها صارت خمسة عشرة؛ فالخمسة ~~مضافة (2) إلى ما قبلها فكأنها واسطة بين الفائدة والاقتضاء الأول، فتجب ~~إضافتها إلى كل واحد منهما، فيقتضي ذلك إضافة الجميع. # فمن اعتبر هذا أوجب الزكاة، لكن إنما اختلفوا هل تجب الزكاة في الخمسة ~~المقتضاة خاصة، لأنها تزكى بالملكيين. وسمعنا في المذاكرات وجوب الزكاة في ~~الجميع عند بعض الأشياخ ms365، وهو مقتضى ما عللنا به بعد. # وكذلك لو اقتضى عشرة ثم استفاد عشرة ثم بعدها اقتضى دينارا فيجري هذا ~~الخلاف في الدينار أو في (3) الجميع حسب ما ذكرناه. ولو كان الاقتضاء عشرة ~~لم يختلف في وجوب الزكاة في الجميع لأنها كيفما أضيفت على الانفراد وعلى ~~(4) الاجتماع وجبت الزكاة. وعلى هذا القانون (5) تجري مسائل خلافية في زكاة ~~خليط الخليط هل توجب الواسطة اجتماع (6) الجميع أم لا؟ وسيأتي بيانه في حكم ~~زكاة الخليط. # ... PageV02P818 # ### | فصل (مسائل خلافية من الفوائد) # ولنذكر (1) من الفوائد مسائل خلافية وهي: ### | (حكم المال الموروث) # المال الموروث، وقد قدمنا أنه فائدة يستقبل به حولا وذلك إذا قبضه من وجب ~~له عند استحقاقه، أو قبضه وكيله بإذنه وأتاه به من غير حبس عنه. فإن حبسه ~~فقولان: أحدهما: أنه كالأول يزكيه من يوم قبضه وكيله لأن يده كيده، ~~والثاني: أنه يزكيه للسنة الواحدة وإن أقام في يد الوكيل أعواما تشبيها ~~بالدين. وإن تأخر قبضه أو قبض وكيله عن يوم الاستحقاق حتى قام عاما أو ~~أعواما، فلا يخلو من أن يكون علم به أو لم يعلم. # فإن لم يعلم به ولم يوقفه السلطان له فلا خلاف أنه يستقبل به حولا من يوم ~~قبضه. هذه نصوص الروايات. وأبو الحسن اللخمي يحكي قولا ثانيا: أنه يزكيه من ~~يوم وجب له (2). وهذا إن صح فإنما يكون وجهه أنه مال يملكه، وهو مهيأ ~~للتنمية. وعجز مالكه عن تنميته لا يوجب إسقاط الزكاة كالعاجز عن تنمية ما ~~في يده. # وإن علم فقولان: أحدهما: أنه يكون كالمقبوض، وهذا يظهر إذا قدر على أخذه ~~فلم يفعل. والثاني: أنه لا يكون كالمقبوض لأنه لم يحصل فيه النماء المقصود ~~أو القدرة عليه إلا يوم يقبضه. # وإن أوقفه السلطان، فهل يكون قبض الموقوف عنده كقبضه؟ قولان: أحدهما: أنه ~~لا يكون كذلك لأنه بكل حال عاجز عن التنمية. والثاني: أنه يكون كقبضه لأنه ~~عمل فيه أقصى المقدور عليه، وقبض السلطان للغائب كقبضه. PageV02P819 # # وإذا قلنا إنه يكون كقبضه فأقام أعواما، فهل يزكيه لسنة (1) واحدة ~~كالديون ms366 أو لجميع الأعوام؟ فيه قولان. وتزكيته لجميع الأعوام تحقيق لأن ~~المقام قبض (2) كقبضه. وهذا حكم من يقبض لنفسه من الرشداء. وأما الصغار ~~والسفهاء فهل يكون قبض الأوصياء ومن أقيم لهم قبضا؟ لا خلاف في ذلك إذا قبض ~~الوصي أو المقام لهم نصيبهم خاصة. # وأما إن قبض نصيبهم ونصيب الأكابر مختلطا ففي ذلك قولان: أحدهما: أنه ~~يكون قبضا لهم. والثاني: أنه لا يكون كذلك. وهو على الخلاف في قسمته على ~~الجميع هل تصح وإن لم يحضر الأكابر. # ومما يلاحظ هذا الأصل المال المغصوب يقيم (3) عن صاحبه. فأما حكم الحرث ~~والماشية فنحيل الكلام عليها على الكتاب الثاني، وأما العين فلا خلاف في ~~المذهب أنه لا يزكيه لكل عام. وهل يزكيه لعام واحد أو يستقبل به حولا؟ في ~~المذهب قولان: أحدهما: أنه يزكيه لعام واحد, لأنه ملكه في طرفي الحول (4) ~~كالدين، وهو المشهور. والثاني: أنه يستقبل به حولا, لأنه مال معجوز عن ~~تنميته من غير اختيار لمالكه. ### | (حكم المال يضيع ثم يعود إلى صاحبه) # ويلحق به المال يضيع عن صاحبه فيلتقط ثم يعود إليه، هل يستقبل به حولا أو ~~يزكيه (5) لعام واحد أو لكل عام؟ فيه ثلاثة أقوال هي جارية على ما تقدم. # وهل يزكيه ملتقطه إذا كان له عروض يجعل ما في ذمته فيها؟ أما إن لم ينو ~~(6) تملكه فلا شك أنه لا يزكيه. وأما إن نوى تملكه أو تسلفه أو PageV02P820 # # تصرفه فيه فلا إشكال أنه يزكيه، وأما إن نوى ولم يتصرف فقولان: أحدهما: ~~أنه يزكيه. والثاني: أنه لا يزكيه. وهما على الخلاف في مجرد النية هل تؤثر، ~~وينتقل [حكم] (1) الحيازة أم لا؟ لأنه كان أولا يحفظه لصاحبه ثم قصد انتقال ~~اليد (2) ففي هذا الأصل في المذهب قولان. # ومن هذا القبيل المال يدفنه صاحبه ثم يجده بعد أعوام؛ ففيه أربعة أقوال: ~~أحدها: أنه يزكيه لما مضى من السنين لأنه مفرط. والثاني: أنه يزكيه لسنة ~~واحدة تشبيها بالدين. والثالث: أنه إن دفنه في موضع صحراء زكاه لما مضى من ~~السنين لأنه عرضه للتلف ms367، وإن دفنه في بيت أو ما في معناه لم يزكه لما مضى ~~من السنين, لأنه لم يفرط. والرابع: عكس هذا، ويرى أنه إذا دفنه في موضع ~~يحاط به فكأنه مقصر (3) في وجوده، فهذا كالمقدور عليه، وإذا دفنه في صحراء ~~أو ما في معناها فهو كالتالف. ### | (حكم المال المهيأ للتنمية) # وقد يحصل من جميع ما تقدم أن المال [إذا تهيأ للتنمية وكان مالكه قادرا ~~على تنميته] (4) غير عاجز لا لتقصير (5) في المالك إن وجد فلا خلاف في ~~المذهب أنه يزكيه لكل عام. وهذا كالمال يكون في يد المالك وتحت قدرته. ~~وسواء كان صغيرا أو كبيرا، سفيها أو رشيدا. وقد قدمنا ما قال أبو الحسن ~~اللخمي في الصغير والسفيه، وتخريج الخلاف فيهما ضعيف. ### | (حكم المال المعجوز عن تنميته) # وإن كان المال في نفسه مهيئا للتنمية لكن عجز مالكه عن تنميته لأنه غير ~~قادر على التصرف فيه للمنع أو لعدم العلم أو لبعد مكانه عنه؟ فثلاثة ~~PageV02P821 # # أقوال على الجملة: وجوب الزكاة لكل عام، ووجوبها لعام واحد، وسقوطها. وهل ~~يعتد (1) عليه من غير علمه وتفريطه من غير تفريطه فيه التفصيل المتقدم. # ولم (2) يختلف في المذهب في العين المغصوب أنه لا يزكيه لكل عام (3) ~~وإنما يختلف (4) هل يستقبل به حولا أم لا؟ ولم يختلف في الدين أنه يزكيه ~~لعام واحد كما قدمناه. واختلف فيمن عليه دين فوهب له عند حلول الحول هل ~~يستقبل به حولا (5) أم لا؟ وهذا لأن المديان لا يزكي لأنه غير كامل الملك ~~لقدرة من له عليه دين على أن ينتزع (6) ماله من يديه. فإذا وهب له (7) فهل ~~يكون كأن لم يزل مالكا لما وهب له لظهور الأمن من الانتزل أو كأنه إنما ~~ملكه الآن؟ وهذا على الخلاف في المترقبات متى يعد حصولها حقيقة. وأما ~~الخلاف في المال المحال [به] (8) فنؤخر الكلام عليه إلى زكاة المديان. # ... ### | فصل (حكم زكاة المنافع) # واختلف المذهب في الواجب في (9) المنافع هل يقدر استقرار ملكه يوم قبضه ~~أو يوم استفاء العوض عنه؟ وعلى هذا اختلف المذهب فيمن ms368 PageV02P822 # # استأجر (1) نفسه ثلاث سنين مثلا بستين دينارا فقبض (2) جميعها ثم مر حول، ~~هل يزكي العشرين خاصة إذا كانت الأحوال (3) متساوية إذ لم تجب حقيقة غيرها؟ ~~أو عن الجميع لأن الأصل السلامة وهي على الأصل الذي قدمناه؟ وذلك الأصل ~~أيضا مبني على حكم المترقبات متى يعد حصولهما، أو يلتفت إلى حكم الطوارئ هل ~~تراعى أم لا؟ # وينخرط في هذا السلك لو استأجر دارا لسنين (4) وقبض جميع الكراء في أول ~~الحول هل يزكي الجميع أو لسنة واحدة فيبقى ما قابل غيرها لأنه دين عليه؟ أو ~~يجعل دينه في مقابلة الدار؟ وهل هي صحيحة أم مهدومة لتعرضها للانهدام؟ في ~~المذهب في ذلك أربعة أقوال: # أحدها: أنه يزكي الجميع، وهذا بناء على أن الإجارة وجبت يوم القبض، ولا ~~يلتفت إلى الطوارئ. وبتخرج هذا أيضا على القول بأن من له عين مختلفة ~~الأحوال وعليه دين، أنه يزكي ما حل حوله ثم يجعل دينه فيه، ثم يزكي المال ~~الآخر فكذلك هذا. وفي مسألة المستأجر نفسه يزكي عن (5) سنة واحدة إذا كان ~~في الواجب عنها مقدار النصاب أو كان (6) يملك ما يتم به النصاب، ثم يجعل ~~دينه فيما زكاه، [ويزكي الباقي إن كان ما زكاه يوفي دينه. # والقول الثاني: في مسألة المستأجر (7) للدار أنه لا يزكي غير ما حل حوله ~~من السنة الأولى وهذا بناء على أنه لم يجب غيرها، والباقي لم يجب، ويلتفت ~~(8) على الشاذ من المذهب أن الدين] (9) يجعل في العين لا في العروض. ~~PageV02P823 # # والثالث: أنه يزكي ما قابل (1) السنة ويجعل الدين الذي عليه في قيمة ~~الدار صحيحة, لأن الأصل صحتها وانهدامها طارئ، وهو بناء على ترك مراعاة ~~الطوارئ. # والقول الرابع: أنه يجعل دينه في قيمة الدار مهدومة لجواز انهدامها. وهذا ~~مبني على مراعاة الطوارئ وإن بعدت. # وقد أتينا بأحكام الفوائد مستوفا (2) تصريحا وتلويحا، ولا يكاد يشذ من ~~أحكامها شيء عما أتينا به. # ... ### | باب في أحكام الزكاة في الدين # (3) # وقد قدمنا أنه يراعى في المالك كمال الملك، فإن كان كاملا وجبت الزكاة، ~~وان كان ناقصا ms369 لم تجب. وقد قدمنا أن النقص يكون بالتعرض لانتزاع ما في يد ~~المالك، وهذا كالعبد والمديان. ولا تجب الزكاة عندنا على العبد في [كل] (4) ~~أمواله. فأما المديان فتسقط عنه زكاة العين الحولي إذا استغرقه (5) الدين، ~~أو لم (6) يبق منه نصاب، واحترزنا بالحولي عما يخرج من المعدن فإنه لا يسقط ~~الدين زكاته. وقد رويت أحاديث تقتضي سقوط الزكاة بالدين (7). PageV02P824 # # والفرق المحقق بين العين الحولي وما عداه أن الدين خفي ولو كان معلوما ~~بالبينة، فإن خلو الذمة عما يقابله لا يكاد يقطع به. فلما كان هذا مما يخفى ~~سقط (1) زكاة ما يخفى من الأموال. وأما ما لا يخفى فلا تسقط زكاته لئلا ~~يتطرق المتساهلون في إخراج الزكاة إلى إظهار الدين، فيمتنع من إخراج زكاة ~~ما ظهر من أموالهم. يعضد (2) هذا بأن السلف كانوا يبعثون أرباب الزكاة لأخذ ~~الزكاة ولا يراعون ديون أرباب الأموال. وقد قدمنا [أن] (3) الإشارة إلى ما ~~روي من الأحاديث في أن الدين يسقط الزكاة. وكان عثمان رضي الله عنه وغيره ~~يأمر بأداء الدين عند حلول الأحوال حتى تجب الزكاة. فيؤخذ من مجموع هذا ~~وجوب الزكاة في غير المال الحولي، وإسقاطها فيه على مقتضى المذهب. # وإذا تقرر ما قدمناه (4) فإن المقصود من الباب ينحصر في فصلين: أحدهما: ~~في حكم الدين المسقط للزكاة، والثاني: في حكم العروض التي يجعل فيه الدين. ~~وهل يحصل في العين؟ # ... ### | فصل (الدين المسقط للزكاة) # فأما الدين المسقط للزكاة، فهو كل دين وجب في معاوضة. ويخرج عن هذا، ~~الدين الواجب للمساكين في الزكاة. وفي المذهب فيه قولان: # أحدهما: أنه كدين المعاوضة يسقط الزكاة، لأنا قد عللنا إسقاط الزكاة ~~بقدرة من له الدين على انتزاع ما في يد المالك، وهذا من ذلك القبيل. ~~PageV02P825 # # والثاني: أنه لا يسقط (1)، وهذا لضعف أمر هذا الدين. إذ لا يلزم بعد ~~الموت من رأس المال، بل من الثلث (2) لإمكان إخراجه. ولا يخرج عن (3) ~~الديون الواجبة من قيم المتلفات وأروش الجنايات، لأن هذه وإن لم يؤخذ عنها ~~معاوضة فقد أتلف (4) عنها عوضا. ولا يخرج ms370 عنها (5) أيضا نفقة الزوجات، لأن ~~النفقة في حقهن في مقابلة الاستمتاع، فهي كالمعاوضة. # وهل يلحق بذلك نفقة من تجب نفقته من الأقارب؟ أما نفقة الولد فإن قضي بها ~~واستقر الطلب (6) فلا خلاف في المذهب أنها تسقط الزكاة، لأنها واجبة في ~~الأصل، وقد تقررت بالطلب. وأما نفقة (7) الأبوين فإن لم يقض بها لم تسقط، ~~لأنها غير واجبة في الأصل. وأنما تجب بعد المطالبة بها والقضاء. فإذا قضي ~~بها فقولان: أحدهما: أنها تسقط لتقررها بالقضاء، والثاني: أنها لا تسقط ~~نظرا إلى أنها غير واجبة في الأصل. فإن لم يقض بنفقة الولد فهل تسقط ~~الزكاة؟ قولان: أحدهما: أنها لا تسقط نظرا إلى أنها لم تجب عن معاوضة، فلا ~~تقرر إلا بقضاء. والثاني: تسقط لوجوبها في الأصل. # وهل يسقط [الدين] (8) الزكاة ما العادة أنه لا يبادر لأخذه بل يبقى في ~~الذمم إلى الأجل البعيد، كمهور النساء؟ فيه قولان: أحدهما: (9) أنه يسقط، ~~لقدرة مالكه على المطالبة به. والثاني: أنه لا يسقط نظرا إلى أن العادة ترك ~~المطالبة به إلى موت أو فراق. # ... PageV02P826 # ### | فصل (ما يجعل الدين فيه) # وأما ما يجعل (1) الدين فيه، فالمشهور في المذهب أنه [يجعل] (2) في ~~العروض دون العين. وهذا لأن العروض تباع عليه في الدين، وهو مليء بها ويبقى ~~العين لا دين عليه فيه فيخرج زكاته. والشاذ أنه يجعل دينه في العين إذ ~~للغرماء جعل ديونهم [في العين ولا يؤخرونها لبيع العروض. وإذا قلنا إنه ~~يجعل دينه] (3) في عروضه فهل يشترط فيها أن يملكها من أول الحول أو يجعل ~~(4) دينه فيهما؟. # وإن ملكها عند توجه (5) الزكاة، في المذهب قولان: أحدهما: مراعاة ملكها ~~من أول الحول, لأنها إن لم تكن كذلك لم يقدر استقرار ملكه على العين إلا ~~يوم ملك العروض. فقد حال الحول [على] (6) ما لم يستقر ملكه عليه. # والثاني: أنه يترك مراعاة ذلك، وهذا بناء على أن المترقبات تعد كأنها لم ~~تزل. وقد قدمنا الخلاف لو وهب له الدين هل تجب عليه زكاته؟ فهذا من ذلك ~~القبيل. # والعروض التي يجعل فيها ms371 دينه كل ما يباع عليه في الدين، ويترك عليه من ~~كسوته ما لا يعد سرفا لمثله وثوبي جمعته (7) إن لم يكن سرفا (8) فيتركان. ~~PageV02P827 # # وهل يترك له خاتمه؟ في المذهب قولان. وهما خلاف في حال، فمن الأشخاص من ~~يكون الخاتم في حقه سرفا، ومنهم من عكسه. # ولو كان له عين مختلف (1) الأحوال كما تبين، مثلا حول أحدهما المحرم ~~والآخر رجب وعليه مائة، فهل (2) يزكي (3) الأولى ثم يجعل دينه فيها، ثم ~~يزكي الثانية إلا ما نقصه (4) مقدار الزكاة؟ في المذهب قولان: وجوب الزكاة ~~فيهما احتياطا لها. والقياس على أصل المذهب أنه لا يزكي إلا مائة، وهو أحد ~~القولين. # فإن كان له دين وعليه دين وبيده عين جعل دينه في الدين (5) الذي له على ~~المشهور من المذهب، وعلى الشاذ الذي قدمناه يجعل دينه فيما بيده [من العين ~~كما قدمناه] (6). وإذا قلنا إنه يجعل دينه في ما له (7) فهل قيمته أو عدده؟ ~~في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يراعي قيمة دينه، والثاني: عدده، ~~والثالث: أنه إن كان حالا وكان على مليء روعي عدده، وإن كان مؤجلا أو على ~~غير مليء روعيت قيمته، وهذا هو الأصل. # ويمكن أن يكون تفسيرا للقولين. ولو كان له مال لا تسقط الزكاة منه للدين ~~لجعل دينه فيه، وهذا إذا كان مالا معدنيا لم يختلف فيه، وأما إن كان حرثا ~~أو ماشية فالحكم كالأول على مشهور المذهب، وعلى الشاذ: لا يجعل فيه الدين ~~بل في العين. # ولو كان له مكاتب لجعل فيه دينه على المشهور من المذهب. وفي أي شيء يجعل ~~دينه؟ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يجعل في قيمته عند إمكان PageV02P828 # # رجوعه إلى الرق بالعجز، وهذا احتياطا للزكاة. والثاني: أنه يجعله في قيمة ~~كتابته لأنها هي التي يملك (1) بيعها. والثالث: أنه يجعله في قيمته مكاتبا ~~لأنه (2) يملك بيعها [كذلك] (3). # وأما المدبر (4) ففيه قولان: أحدهما: أنه لا يجعله في رقبته بوجه (5)، ~~وهذانظرا إلى أن بيعه [لا] (6) يمكن من غير التفات إلى إمكان رجوعه إلى ~~الرق. والثاني: أنه يجعل فيه (7). # وإذا قلنا ms372 بذلك [ففي أي شيء يجعله؟] (8) قولان: أحدهما: أنه يجعله في ~~رقبته لضعف عقد الحرية [التي فيه] (9)، إذ قد يرده الدين بعد الموت. ~~والثاني: أنه يجعله في قيمة خدمته, لأنها المملوك (10) بيعها الآن. وهذا ~~كله إذا تقدم التدبير على الدين. وأما إن تأخر عنه فلا يختلف فيه أنه يجعل ~~دينه في قيمة رقبته، إذ تباع للدين السابق على التدبير. # وأما المخدم (11) فإن كان له عبد فأخدمه، فالمنصوص أنه يجعل دينه في مرجع ~~رقبته. وقد يختلف في ذلك لترقب (12) موته قبل الرجوع. وإن كانت الرقبة ~~لغيره وإنما أعطي الخدمة، فيجعل دينه في الخدمة. PageV02P829 # # وأما المعتق (1) إلى أجل فإن قلنا في المدبر إنه لا يجعل فيه دينه فأحرى ~~ألا يجعل دينه في هذا. وإن قلنا إنه يجعل دينه فيه فيجعله (2) هاهنا في ~~قيمة خدمته. # فإن كان له آبق (3) فإن كان غير مرجو، فلا يجعل دينه فيه. وإن رجيت عودته ~~أو القدرة عليه فظاهر المذهب على قولين: أحدهما: أنه يجعل دينه فيه. ~~والثاني: أنه لا يجعله. وهما على النظر إلى أصل الملك، ورجاء العودة أو ~~النظر إلى عدم القدرة الآن. # وقد قدمنا الخلاف فيمن كان عليه دين فوهب له بعد حلول الحول، هل يزكيه؟ ~~ويختلف أيضا في الواهب هل يلزمه زكاته, لأنه يعد (4) كأنه قبضه ثم وهبه. ~~وهو على الخلاف فيمن ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ # وعلى هذا نزلوا حكم مال يزكيه ثلاثة، وهو أن يكون على إنسان ديون وهو ~~مليء وله (5) عروض يجعل فيها دينه، وعلى (6) الطالب له بالدين دين أيضا وله ~~عروض يجعل ما عليه فيها، فأحال الوسط منهم طالبه على مديانه الأول فقبضه ~~بعد حلول الحول (7). # فأما من عليه الدين وهو المقبوض منه، ومن له وهو القابض، فيزكيان بلا ~~خلاف. # وأما المحيل فهل يزكي أم لا؟ ففيه قولان، وهما على الخلاف فيمن ~~PageV02P830 # # ملك أن يملك، فإن عددناه مالكا تصور أنه قبض ثم دفع لمن يطلبه فتجب عليه ~~الزكاة، وإن قلنا لا يعد مالكا لم يعد قدرته على القبض ms373 كالقبض (1) فلا يزكي ~~(2). # ... ### | باب في [أحكام] (3) زكاة القراض # والنظر فيه في شيئين: أحدهما: هل تجب الزكاة أو تسقط؟ والثاني: متى يؤمر ~~بإخراجها؟ # أما الأول، فلا خلاف أن رب المال متى كان مخاطبا بالزكاة على انفراده، ~~والعامل كذلك أيضا أن الزكاة واجبة في الجميع. فإن سقط عنهم الخطاب لدين ~~عليهما أو لكونهما عبدين، فلا خلاف أيضا في سقوط الزكاة. وإن خوطب أحدهما ~~دون الثاني فهاهنا ثلاثة أقوال: # أحدها: مراعاة رب المال، فمتى [توجه عليه الخطاب توجهت الزكاة عليه، وفي ~~ربح المال. وإن كان ممن لا يخاطب بها ولم يتوجه] (4) خطابه، سقطت الزكاة عن ~~العامل أيضا. # والثاني: مراعاة حكم العامل في نفسه، فإن كمل له النصاب وكان ممن يخاطب ~~بالزكاة وجبت عليه، وإلا لم تجب. # والثالث: مراعاتهما جميعا، فمتى توجب سقوطها عن أحدها سقطت عن العامل في ~~الربح. PageV02P831 # # وسبب الخلاف النظر إلى المترقبات متى يعد حصولها، هل يوم ترقبها أو يوم ~~تقررت؟ فإن عددنا حصولها يوم تقررت جعلنا (1) المال على ملك ربه، وكأن ~~العامل لم يملك منه شيئا إلا يوم قبضه. وقد وجبت الزكاة قبل ذلك وعلى هذا ~~يراعى حلول الحول على رب المال، ولا يراعى أن يعمل العامل حولا. فإن عددنا ~~الحصول يوم ترقبت كان العامل كالمالك لما وجب له من الربح يوم ابتدأ عمله. ~~فيراعى حكم نفسه، فإن عمل حولا وكمل له (2) النصاب زكى. ولا يراعى على هذا ~~سقوط الزكاة عن رب المال. # وأما طريق القول الثالث وعليه حمل الأشياخ مذهب ابن قاسم فإنه متوسط بين ~~المذهبين. فلا يجعل العامل مالكا حقيقة إلا إذا توجهت الزكاة على رب المال، ~~وكأنه راعى مجموعها. لأن وجود الملك للعامل إنما هو على تقدير كونهما ~~كالمالك الواحد، وإذا صار كالمالك الواحد فمتى أمكن سقوط الزكاة من أحد ~~الجانبين سقط حكمها عن العامل. # وحكى أبو القاسم بن محرز أن المذهب لم يختلف في سقوطها متى كان رب المال ~~مديانا أو عبدا أو نصرانيا. وهذا إن أراد به [أنهم] (3) لم ينصوا (4) على ~~الخلاف (5) فكما قال، وإن ms374 أراد أنه لا يلزمه (6) ذلك ففيه نظر. والقياس ~~جريان الخلاف إلا أن يقال إن الربح مضاف حقيقة إلى المال على المشهور من ~~المذهب. وإذا استحق أصل المال [ألا] (7) يزكى فأحرى ألا يزكى ما هو مسند ~~إليه. وملك العامل للربح وإن عددناه من يوم التحريك فإنما يصح إذا أسندناه ~~(8) إلى أصل المال، وأصل المال هاهنا غير PageV02P832 # # مزكى. ولا شك أن هذا الاختلاف جار على أن الأرباح مضافة إلى أصول ~~الأموال، وإلا فعلى القول بأنها فائدة لا يزكي العامل إلا بعد أن يمر له ~~حول (1) من يوم يقبض ربحه. ### | (حكم اشتراط الزكاة على أحدهما) # وإذا اشترطت الزكاة [إن وجبت] (2) على أحدهما، فإن كان الشرط على رب ~~المال أن يزكي ربح العامل فقولان: الجواز, لأنه يرجع إلى جزء مسمى (3). ~~والمنع, لأن [الحال يختلف، فقد تتوجه] (4) الزكاة على العامل، وقد لا ~~تتوجه. لا سيما والخلاف في المسألة كما تقدم. ولا يدرى ما يكون مذهب المعول ~~على قوله عند توجه الزكاة. # وأما إن اشترط على العامل ما يخص رب المال فلا يجوز قولا واحدا, لأنه قد ~~يستغرق ذلك مقدار ربحه، أو لا يجد ربحا فيزكي من عنده وهذا أكثر غررا. # ... ### | فصل (متى يؤمر بالإخراج) # وأما متى يؤمر بالإخراج؟ فلا يخلو من أن يكون مديرا أو غير مدير؛ فإذا ~~(5) كان مديرا فلا يخلو من أن يكون موافقا لحال رب المال أو مخالفا، وكذلك ~~إذا كان غير مدير. فإن كان غير مدير وهو مخالف (6) لحال رب المال فبلا خلاف ~~في المذهب أنه لا يزكي قبل الانفصال ولو أقام أعواما، PageV02P833 # # ولو كان المال الذي في يد العامل عينا عند حلول الحول. # ورأى أبو الحسن اللحمي أنه يلزم من قال يزكي المدير عند حلول الحول أن ~~يزكي غير المدير إذا كان ما بيده عينا، قال: لأن نهاية الأمر في عروض ~~المدير أن تكون كالعين (1). وهذا لا يلزم لأنهم في المذهب حكموا لما في يد ~~العامل بحكم الدين الذي لا يزكى قبل أن يقبضه، وإذا حكموا له بذلك، فالمدير ~~يقوم ms375 دينه، وغير المدير لا يقومه. فقد صار حكم المدير في هذا المعنى أقوى ~~من حكم غيره. وإذا اختلف في العامل إذا كان مديرا فلا يلزم عليه الاختلاف ~~إذا كان في يده عينا, لأنه بمنزلة الدين كما قلنا. # وإن كان العامل مديرا (2) وهو موافق [لحال] (3) رب المال فهل يقوم ما في ~~يديه عند حلول الحول؟ قولان كما ذكرناهما. والتقويم لأن نهاية هذا أن يكون ~~كالدين، والدين يقوم على المشهور من المذهب. ونفي التقويم لأنه لا يدري ما ~~يحصل فيه من النماء والنقص فيرجئه إلى المفاصلة. وإن قلنا بأنه يقوم فمن ~~أين يخرج الزكاة؟ هل منه أو من مال رب المال؟ أجراه أبو الحسن اللخمي على ~~قولين. وسنتكلم على هذا في حكم زكاة الماشية وزكاة الفطر إذا كان العبيد ~~والماشية قراضا. # وإذا كان حال العامل في الإدارة وغيرها مخالفا لحال رب المال (4) فأشار ~~أبو المقاسم بن محرز إلى إجرائه على ما تقدم من الخلاف إذا كان لرجل مالان، ~~أحدهما مدار والآخر غير مدار. وقد قدمنا تفصيل المذهب وما فيه من الخلاف. ~~وهذا الذي قاله بين إن قلنا إن الحكم في الزكاة مراعاة حكم رب المال. وأما ~~إن راعينا حال العامل في نفسه فنعطيه فيما يختص بربحه وفي (5) جميع ما في ~~يديه حكم نفسه في الإدارة وعدمها. PageV02P834 # # وإذا لم يزك حتى مرت أحوال لأنه غير مدير، وقلنا إن المدير لا يقوم، فهل ~~يزكي لسنة واحدة أو لما تقدم من السنين؟ في المذهب قولان. والحكم بزكاة ~~واحدة قياسا على الدين، والحكم بزكاة ما تقدم من السنين، لأن الدين لا نماء ~~فيه، وهذا مال ينمى لربه. وإذا قلنا إن فيه زكاة واحدة فإنه (1) يراعى ما ~~يحصل حالة الانفصال. وإذا قلنا إنه يزكى لكل عام، فإن تساوى مقداره في سائر ~~الأعوام (2) زكى كذلك، وحكمه بين. # وإن اختلف مقداره فإن كان أولا أكمل متن حاله يوم الانفصال لم يراع ذلك ~~الكمال لأنه لم يحصل، وإن كان الأمر بالعكس، وكان في السنين الماضية ناقصا ~~ثم كمل، زكى عن ms376 كل سنة عما كان فيها. لأنه إنما يخاطب الآن عما تقدم من ~~السنين. ومثل هذا أن يكون له مال قارض (3) به، وهو مائة فمر به عام ثم صار ~~مائتين (4) ثم عام فصار ثلاثمائة. فإنه يزكي عن العام الأول عن المائة، وعن ~~الثاني عن المائتين إلا ما نقص منها مقدار الزكاة، وعن الثالث عن ~~الثلاثمائة [إلا ما نقص منها مقدار الزكاة] (5) بحسب ما قلناه. ولو كانت ~~ثلاثمائة في العام الأول ثم مائتين ثم مائة، لم يزك إلا عن المائة. ولو ~~كانت في العام الأول مائتين وفي الثاني مائة وفي الثالث ثلاثمائة، زكى عن ~~العامين الأولين عن مائة، وعن العام الثالث عن ثلاثمائة. وأصل هذا أن يراعى ~~في النقص حالة خوطب بالأخراج، وكذلك يراعى في الزيادة. ولكنه مع الزيادة لا ~~يجب عليه، لما (6) تقدم من الأعوام مراعاتها لأنه غير مالك [لها] (7). # ... PageV02P835 # ### | باب في "أحكام النية في الزكاة [وحكم مانعها] (1) وأين تفرق؟ ### | (حكم النية في الزكاة) # والأصل في النية أنها تختص بما لا تظهر فيه الأغراض، وإنما تمحض (2) فيه ~~العبادة. ولهذا اجتمعت الأمة على وجوب النية في الصلاة والصوم، واجتمعت على ~~نفي الوجوب في قضاء الديون ورد الودائع، واختلفوا فيما سوى ذلك نظرا إلى ~~كونه مشوبا بين (3) حكم العبادة والأغراض المعجلة. فمن غلب عليه حكم ~~العبادة أوجب النية، ومن غلب عليه حكم الأغراض الدنيوية أسقطها. وهذا كما ~~قدمناه في الطهارة، وكما نحن نسرده في الزكاة، وقد حكى أبو الحسن ابن ~~القصار عن المذهب افتقارها إلى النية. وعن بعض أصحابنا أنها لا تفتقر إليها ~~وعابه وتأول عليه (4) أنه إنما أخذ ذلك من قول مالك رحمه الله أن الإمام ~~يأخذ من مال مانع الزكاة وتجزيه. ورأى أن هذا لا يؤخذ منه إسقاط النية, ~~لأنه إذا أخذ الإمام ذلك مع علم من وجبت عليه بالوجوب فذلك المقصود بالنية. ~~واستقرأ الوجوب من قول مالك رحمه الله فيمن وجبت عليه كفارتان، فأعتق عن ~~واحدة بعينها، ثم غلط فأعتق عنها. أنها (5) لا تجزيه للأخرى. قال وإذا ~~افتقر إلى النية ms377 في تمييز أحد الفرضين عن الآخر، فأحرى أن يفتقر إليها في ~~تمييز الفرض عن النفل. وقد قدمنا الخلاف في كون المساكين شركاء بمقدار ~~الزكاة. فإذا راعينا هذا وغلبنا [عليها] (6) رفق المساكين وأنها تكون كرد ~~الوديعة وقضاء الدين فلا تفتقر إلى نية، وإن غلبنا عليها حكم العبادة ~~PageV02P836 # # بما قدمناه في أول الكتاب من [أن] (1) القصد بها التقرب إلى المساكين ~~فافتقرت إلى النية. فلا خلاف في المذهب أن الإمام يأخذها ممن وجبت عليه ~~وتجزيه. وهذا إن بنيناه على أنها لا تفتقر إلى النية فوجهه ظاهر، وإن ~~بنيناه على افتقارها إلى النية فوجهه ما قاله أبو الحسن بن القصار. وهذا ~~صحيح إذا أخذها وهو عالم، وأما إن لم يعلم فأجراه أبو الحسن اللخمي على ~~الخلاف فيمن أعتق عن إنسان في كفارة من غير إذنه، وفيمن ذبح أضحية إنسان ~~بغير إذنه. والأولى في هذا أن يجري على الخلاف في افتقارها إلى النية، وعلى ~~الخلاف فيمن أعتق عن إنسان بغير إذنه. # وأما الأضحية (2)، فسبب الخلاف في هذا هل تتعين الأضحية بالشراء أو ~~بالنية؟ فتكون كالهدي لا يفتقر إلى النية عند الذبح، أو لا تتعين إلا ~~بالذبح فتفتقر إلى النية. # ... ### | فصل (ما يفعل مع من امتنع عن الزكاة) # ومن امتنع من أداء الزكاة، فإن كان بحيث يمتنع فلا يقدر عليه إلا ~~بالمقاتلة والمحاربة لجماعته أو لمنعة موضعه، وجب قتاله كما فعل الصديق رضي ~~الله عنه، ووافقه عليه الصحابة (3). وإن كان مقدورا عليه أخذت من ~~PageV02P837 # # ماله كرها كما قدمنا. هذا فيما يظهر من الأموال، وأما ما يخفى فإن علم به ~~وأنه ممن لا يؤدي أخذت منه كالأول، وإن أظهر الفقر واطلع منه على خلاف ذلك، ~~ولم يعلم مقدار الواجب عليه أو لم يوجد ماله، عوقب وحبس حتى يؤدي ما عليه. ~~وهذا لأنه دين الله تعالى، فيحبس فيه كما يحبس في دين الآدميين. # فإن ظهر له مال فادعى أنه مديان أو عبد، فإن ظهر ما قاله عول عليه، وإن ~~ظهر ضده أخذت منه الزكاة، وإن أشكل أمره لم ms378 تؤخذ منه. # وهل يحلف؟ قولان، وهما على الخلاف في أيمان المتهم. وفي المذهب على ما ~~ينقله كثير من الأشياخ ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يحلف المتهم وغيره. ~~والثاني: أنه لا يحلف واحد منهما. والثالث: يحلف المتهم دون غيره. # ... ### | فصل (من يتولى توزيع الزكاة؟) # وهل للإنسان تفرقة زكاته بيده أو يؤديها إلى الإمام؟ أما إن كان الإمام ~~جائرا فلا يؤديها إليه، وإن خفي له إخراجها أخرجها. وإن لم يخف له وأخذها ~~منه جبرا فإن كان يعدل في إخراجها (1) أجزأته. وأما إن لم يعدل فهل تجزيه؟ ~~قولان. وهما على الخلاف في قسمة الغاصب هل تصح؟ فمن صححها حكم بالإجزاء, ~~لأن هذا أخذ نصيب المساكين، وميزه من نصيب رب المال، ثم جار فيه. ومن لم ~~يصححها حكم بعدم الإجزاء. وإن أداها إليه طوعا لم تجزه إذا كان يجور في ~~تفريقها. وأما إن كان الإمام عدلا فلا شك في إجزائها إذا أديت إليه. # وهل للإنسان أن يتولى إخراجها؟ أما المال الظاهر كالحرث والماشية فهو إلى ~~الإمام، وأما العين ففيه قولان: أحدهما: أنه كالأول لقوله PageV02P838 # # تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} (1)، وولاة أئمة العدل بمنزلة الإمام في ~~هذا. والثاني: أنها إلى أرباب الأموال لأن الإمام كالوكيل، فإذا أخرجها ~~الإنسان وأصاب مواضع الزكاة أجزأته. وإذا أخرجها من وجبت عليه واجتهد في ~~إعطائها فظهر صحة اجتهاده أجزأته. وإن ظهر عكس ذلك فقولان: أحدهما: أنها لا ~~تجزيه، والثاني: أنها تجزيه. وكذلك في الكفارة إذا دفعها مجتهد، ثم تبين أن ~~آخذها غير مستحق لها ففيه قولان: أحدهما: أنها تجزيه، والثاني: عكسه. وهو ~~على الخلاف في الاجتهاد هل يرفع الخطأ أم لا؟ وهذا إذا فاتت في يد آخذها ~~ولم يقدر على استرجاعها، وأما إن قدر على ذلك أخذها منه وأديت إلى مستحقها. # ... ### | فصل (حكم نقل الزكاة إلى مكان آخر) # وإذا وجبت الزكاة فأديت إلى فقراء الموضع الذي وجبت فيه أجزت بلا خلاف. ~~فإن أديت إلى غيرهم؛ فإن كان بأهل الموضع حاجة وغيرهم ليس بمنزلتهم لم تجز، ~~وإن تساوت الحالات فهل يجزي إخراجها ms379 إلى غير الموضع الذي وجبت فيه؟ فالمذهب ~~على قولين. وسبب الخلاف قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ "فأخبرهم -يعني ~~أهل اليمن- أن الله أوجب عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم" ~~(2)، فهل يحمل ذلك على فقراء المسلمين أو فقراء أهل الموضع؟ هذا سبب ~~الخلاف. # وإن نزلت بقوم حاجة فقد أمر مالك أن ينقل إليهم من الزكاة. وظاهر ~~PageV02P839 # # قول سحنون أنها لا تجزي إذا كان حيث وجبت فقراء. وقال ابن الماجشون: تفرق ~~في موضع (1) يصيب الفقراء والمساكين. # وأما ما يجب لبقية الأصناف فذلك إلى الأئمة يفرقونه إلى [أمهات] (2) ~~البلاد التي فيها ذلك، وهذا إن أراد به أن الزكاة يجب تفريقها على كل من ~~سمي في الآية حتى يجب لكل صنف ثمن الواجب فليس هو مذهبنا وإنما هو مذهب ~~الشافعي، وإن أراد أنه يفرق على هؤلاء الأصناف متى أدى الاجتهاد إلى ~~التفرقة عليهم فقد لا يخالف في ذلك، وإنما كلام الآخرين على نصيب الفقراء ~~والمساكين. # وهل يعتبر في وجوبها بالمال أو بالمالك (3)؟ في المذهب قولان. ومثاله أن ~~تجب الصدقة على إنسان غائب عن موضع وجوبها، فإن كان يخرج عنه حيث وجبت فلا ~~يخرج، وإن كان لا يجد من أين يخرج حيث هو ولو تسلف لم يجد من يسلفه، أو ~~يخشى أن يضطر إلى ما في يديه لم يخرجها. # وإذا كان يقدر على إخراجها من غير ضرورة فقولان. وهما على ما قدمناه من ~~اعتبار موضع المال لأنه سبب الوجوب، أو اعتبار موضع المالك لأنه مخاطب بها. # ... ### | فصل (حكم إخراج الزكاة قبل حلول الحول) # وغلب أهل المذهب حكم العبادات على الزكاة وأنها لا تجزي قبل أن يحل الحول ~~بالزمن الكثير، لأنهم رأوا أن الحول ضرب رفقا بأرباب الأموال وتعبدا وطهورا ~~لتعبد فيه، لكن اختلفوا إن أخرجها قبل الحول بالزمان اليسير PageV02P840 # # هل تجزيه أم لا؟ فيه قولان: أحدهما: أنها لا تجزيه، وهذا محض (1) ~~العبادات. وقاسها [في هذه الرواية] (2) على صلاة الظهر في أنها لا تجزيه ~~قبل الزوال. والقول الثاني: أنها تجزي، وهذا إما مراعاة ms380 للخلاف وإما تغليب ~~لشوب العبادة مع الالتفات إلى رفق أرباب الأموال، ولأن ما قارب الشيء، حكمه ~~حكم الشيء. وقد اختلف في هذا الأصل على قولين. # وكم مقدار [الزمان] (3) اليسير؟ حد باليومين والثلاثة وهو أقل ما قيل ~~وبالشهر وبالخمسة أيام ونحوها، وبنصف شهر. فهذا كله على جهة التقريب، ولا ~~يقتضيه أصل محقق، وإنما هو خلاف في حد المقاربة. # ... ### | باب في عشور أهل الذمة والحربيين ### | (أحكام عشور أهل الذمة) # والكفار على ضربين (4) معاهدين وغير معاهدين؛ فالمعاهدون صنفان: أهل ذمة ~~وغيرهم، فأما أهل الذمة إذا سافروا نظر، فإن سافروا في قطرهم الذي فيه (5) ~~ذمتهم لم يكن عليهم غرم، فإن خرجوا إلى غيره لزمهم الغرم. لكن اختلف المذهب ~~هل يلزمهم لحق الوصول (6) إلى القطر الثاني، أو لحق (7) الانتفاع فيه. وفي ~~ذلك قولان: والمشهور أنه لحق الانتفاع فيه (8). وتظهر ثمرة الخلاف إذا ~~وصلوا ولم يبيعوا ما معهم أو لم يشتروا بما قدموا PageV02P841 # # به من العين هل يلزمهم العشر؟ والمشهور أنه لا يلزمهم حتى يبيعوا أو ~~يشتروا، والشاذ أنه يلزمهم. وإذا قلنا بالمشهور فوصلوا (1) بمتاع كف عنهم ~~(2)، فإن باعوا أخذ منهم عشر الثمن، وإن لم يبيعوا ورجعوا إلى قطرهم لم ~~يؤخذ منهم شيء. وعلى القول الثاني يؤخذ منهم وإن رجعوا به على حالهم (3)، ~~وإن كان معهم رقيق فعلى المشهور لا يحال بينهم وبين ما يحدثونه فيه من ~~استخدام أو وطء، وعلى القول الثاني يحال بينهم وبين ذلك. # وإن وصلوا بعين غير مسكوك فأرادوا أن يضربوه في بلد الإسلام؛ فعلى ~~المشهور إن ضربوه أخذ منهم مقدار إجارة عشر، ومثاله أن يصل (4) واحد منهم ~~بمائة دينار تبرا (5) فيضربها، فلمن يلي أمر المسلمين أن يأتي بعشرة (6) ~~فيضرب للمسلمين (7)، أو يأخذ من الذمي أجرة عشرة (8). وعلى القول الثاني ~~يأخذ منه عشرة كاملة. # وإن أتى بمسكوك فعلى المشهور إن اشترى سلعا فوقع في الرواية يأخذ عشرها. ~~وفي نقل أبي محمد بن أبي زيد يأخذ [قيمة] (9) عشرها. وقال بعض المتأخرين: ~~أما إن كانت تنقسم فيأخذ عشرها، وإن كانت لا تنقسم فيأخذ تسعها ms381 قيمة. وهذا ~~بناء على التقريب؛ لأنه رأى أن تقويم العشر بيع للسلعة، فوجب أن يؤخذ [منه ~~قيمة] (10) العشر المقوم ثم يؤخذ PageV02P842 # # [عشر ما] (1) بعده، هكذا حتى يدور. فقصاره (2) أن يرجع إلى قيمة التسع من ~~الأول. فهذا خيال بعيد, لأن الواجب عليه عشر واحد، ومتى تصرف بعده لم يلزمه ~~شيء مادام في ذلك القطر إلا أن يسافر لقطر ثان. وتقديم العشر نهايته أن ~~يكون كشراء سلعة بما ودى عشره إلا أن يكون ودى العشر (3) من مال آخر معه، ~~فلما قاله هذا وجه. # ولو كان انتفاع الذمي بغلة كمن له ظهر [بهائم] (4) يكريه فهل يلزمه عشر ~~الكراء أم لا؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه يلزمه، وهو المشهور. والثاني: ~~أنه لا يلزمه. # وقد قدمنا الخلاف فيما يقتنيه من الغلات، هل حكمها حكم الرقاب أم لا؟ ~~وإذا قلنا باللزوم فكيف صفته؟ ثلاثة أقوال: أحدها: إن عقد الكراء في قطره ~~لم يلزمه، وإن عقده في القطر الثاني لزمه. والقول الثاني: بالعكس. والثالث: ~~أنه ينظر فيما سار في قطره الأول لم يلزمه عشر، وما سار في القطر الثاني ~~الذي سافر إليه لزمه عشر ما أخذ فيه من الكراء. # والخلاف في هذا على الخلاف في الكراء (5) متى يستقر وجوبها، هل بالعقد؟ ~~فلا يلزمه على المشهور إلا إن عقد في غير قطره. أو باستفاء (6) المنافع؟ ~~فيكون الحكم بالعكس. أو ينظر فكل ما وفي به لزمه مقداره لاستحقاقه له فيفض ~~(7) الكراء على ما سار (8) في القطرين. ولو ترددوا في أقطار المسلمين لوجب ~~أن يؤخذ منهم العشر في كل قطر على ما قدمنا. PageV02P843 # # والأصل في هذا فعل عمر رضي الله عنه (1). ولم يخالفه عليه مخالف. وبين ~~الأصوليين خلاف هل يعد هذا إجماعا أو لا؟ # والمأخوذ العشر كما قدمناه. هذا في كل الأشياء، وفي كل قطر إلا الطعام ~~إذا وصلوا به إلى المدينة ففيه قولان: أحدهما: أنه كالأول، والثاني: أنه ~~يؤخذ منهم نصف العشر. وكذلك كان يفعل عمر رضي الله عنه ليكثر جلبه (2) إلى ~~المدينة للحاجة إليه (3). وأما القول الثاني فوجهه ms382 شهادة بالاستغناء عنهم ~~في هذا الزمان. # ... ### | فصل (حكم المعاهدين) # وأما المعاهدون فإن قدر لهم مقدار فليس عليهم إلا هو، وإن لم يقدر لهم ~~فهم كالحربيين، وقد اختلف المذهب هل حكم هؤلاء حكم أهل الذمة في العشر أو ~~يصرف ذلك إلى اجتهاد الإمام؟ والأصل في هذا المأخوذ، فعل عمر رضي الله عنه، ~~لكنه إنما فعله مع ذميين؛ فمن التفت إلى المشاركة في الكفر ساوى بينهم، ومن ~~التفت إلى أن أموال أهل الحرب مباحة إلا بالعقد (4) صرف ذلك إلى اجتهاد ~~الإمام. والمشهور من المذهب أنه يؤخذ منهم، باعوا أو لم يبيعوا، بخلاف أهل ~~الذمة. وهو بناء على أنهم يوقفون (5) على العشر. والشاذ أنهم كأهل الذمة ~~إنما يؤخذ منهم إن باعوا وانتفعوا، كما تقدم في أهل الذمة. # وإن قدموا بما لا يجوز لأهل الإسلام تملكه ولا التصرف فيه مثل ~~PageV02P844 # # الخمر والخنزير؛ فإن أرادوا بيعه [من أهل الإسلام لم يمكنوا من ذلك بلا ~~خلاف. ومن أراد بيعها] (1) من كفار أهل الذمة فهل يمكنون من ذلك ويؤخذ منهم ~~من أثمانه؟ في المذهب قولان: المشهور تمكينهم منه، وهذا لأنهم كفار يعاملون ~~أمثالهم. والشاذ أنهم لا يمكنون منه. # ويمكن تخريج هذا على الخلاف هل هم مخاطبون بفروع الشريعة فلا يمكنهم منه، ~~أو غير مخاطبين فيمكنهم. # ... ### | باب في أحكام مصارف الزكاة ### | (الأصناف المستحقين للزكاة) # وقد بين الله تعالى صفة المستحقين، وأنهم ثمانية أصناف، فقال (2) تعالى: ~~{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي ~~الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل} (3) الآية، وهذه اللام عندنا ~~لام الصرف (4) لا لام التمليك، ولهذا نقول: لا يجب أن تقسم الصدقات على ~~ثمانية أصناف فيعطى لكل صنف قسم، بل لو أعطيت لصنف واحد أجزأ، وإنما تصرف ~~بحسب الاجتهاد. فالتعبد هاهنا إخراجها إلى من يستحقها من هذه الأصناف بخلاف ~~ما نقوله في الكفارات؛ فإن الأعداد المذكورة في القرآن مستحقة، ولهذا لو ~~أعطى كفارة الظهار لأقل من ستين مسكينا لم تجزه، وإن كان مقدار ما يعطيه هو ~~الواجب لستين. وسيأتي بيانه ولنتكلم على أحكام ms383 الأصناف الثمانية على ~~الترتيب الوارد في القرآن. PageV02P845 # ### | (هل الفقراء والمساكين اسمان لمسمى واحد أم لا؟) # وقد سمى الله تعالى في كتابه الفقراء والمساكين، وقد اختلف في المذهب هل ~~هما اسمان لمسمى واحد أو لمسميين مفترقين (1) في المعنى، في المذهب في ذلك ~~قولان. والجمهور على أنهما مختلفان في المعنى. ويشهد لهذا أن الله تعالى ~~ذكرهما بواو العطف. فلولا اختلاف معناهما لم يكن للتكرار معنى. وإذا قلنا ~~إنهما مختلفان فإلى أي شيء يرجع الخلاف؟ هاهنا طريقان: أحدهما: أنه يرجع ~~إلى شدة الحاجة وضعفها. لكن اختلف هؤلاء أيهم أشد حاجة؟ هل المسكين لأنه ~~مأخوذ من سكون الحركة، وهذه الحالة (2) إنما تكون مع الموت، [أو الفقير (3) ~~الذي لا وجدان معه حتى يكون مشبها بالميت] (4)، ويحتج هؤلاء بقول القائل: # أما الفقير الذي (5) كانت حلوبته ... وفق العيال ولم يترك له سبد (6) # وقد أخبر بكونه فقيرا وأن له حلوبة. # أو الفقير مأخوذ من فقار الظهر ومعناه أنه انكسر فقاره. ومن وصل إلى تلك ~~الحال فلا يحيى. ويحتج هؤلاء بقوله تعالى: {أما السفينة فكانت لمساكين ~~يعملون في البحر} (7) فسماهم مساكين وأخبر أن لهم سفينة. واعتذر الأولون عن ~~قول الشاعر بأن الفقر مختلف فله بداية ونهاية ولذلك لم يذكر مطلقا، وإنما ~~ذكره مضافا إلى المعنى (8) الذي وصفه به. واعتذر الآخرون PageV02P846 # # عن قوله تعالى: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} (1) بأنهم ~~كانوا أجراء لا مالكين. # والطريق الثانية: أنه يرجع إلى صفة الحال (2) فالفقير الذي يسأل، ~~والمسكين الذي لا يسأل، وقد قيل الفقير الذي يعلم به فيتصدق عليه والمسكين ~~الذي لا يعلم به واحتج هؤلاء بما ورد في الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - ~~قال: "ليس المسكين الذي ترده اللقمة ولا اللقمتان، ولكن المسكين الذي لا ~~يعلم به، فيتصدق عليه ولا يسأل"، الحديث كما ورد. ### | (بعض شروط الفقراء والمساكين) # وإذا تقرر كونهما بمعنى أو بمعنيين فلا خلاف أنه يشترط فيهما الإسلام، ~~والحرية، وهل يشترط فيهما عدم القدرة على الكسب، في المذهب قولان: أحدهما: ~~أنه لا يشترط. والثاني: أنه يشترط، وهو ms384 يجري على الخلاف في من ملك أن يملك ~~هل يعد مالكا أم لا؟ فمن لم يعده مالكا لم يشترط عدم القدرة. ومن عده مالكا ~~اشترطها. ويحتج من يشترطها بما روى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ~~"لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة ... " وهذا الحديث لو صح لكان كالنص لأحد ~~القولين في اشتراط عدم القدرة على الكسب. # ولا خلاف أنها تشترط الحاجة ولا شك أن ذلك يوجب اسم الفقر أو المسكنة. # وهل من شروط المحتاج أن يكون غير مالك للنصاب؟ في المذهب قولان: أحدهما: ~~أن ذلك من شروطه لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "وأخبرهم أن الله ~~تعالى فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم" وهذا يقتضي تمييز ~~من تؤخذ منه الزكاة ممن ترد عليه، وكونهما صنفين. ولا يحصل ذلك إلا إذا لم ~~تعط لمن يملك نصابا. والقول الثاني: أن ذلك ليس PageV02P847 # # من شرطه لأن المقصود بالزكاة إغناء المحتاج، وهذا إذا لم يكفه ما بيديه ~~فهو محتاج حقيقة. ولا شك على القول بأن من له نصاب لا يعطى، أنه لا يدفع ~~إلى الفقير الواحد نصابا كاملا. وأما على القول الثاني فإنه يدفع إليه نصاب ~~إذا كان في القدر المخرج سعة، وكان الآخذ محتاجا إلى النصاب. # ولا شك أن من كان في عيال غيره، والنفقة تلزم من هو في عياله لا يعطى من ~~الزكاة, لأنه وإن كان فقيرا فإنه مليء بلزوم نفقته لغيره (1). فإن كان لا ~~تلزم نفقته غيره، فإن عول على الاستدامة فلا يستحق أخذ الزكاة، وإن عول على ~~الانقطاع عن نفقة من هو في عياله أو صرفه المنفق، فإنه يستحق أخذ الزكاة. ### | (حكم إعطاء أحد الزوجين للآخر من الزكاة) # ولا شك أن الزوج لا يعطي زوجته لأنها مليئة بماله. وأما المرأة فهل تعطي ~~زوجها؟ منعه في الكتاب، (2) وحمله ابن القصار على الكراهية، وفرق أشهب (3) ~~بين أن تعطيه فيعيده في النفقة عليها، أو يصرفه في منافع غير ذلك. فمنع في ~~الأول، وأجاز في الثاني. والمنع؛ لأن منفعته ms385 (4) عائدة عليها. وأما الكراهة ~~فإنه مطالب بالنفقة، فهي تأخذ بغير الوجه الذي تدفعه إليه به. وأما التفرقة ~~فراعى فيها ما راعى في القول الأول، لكن لم يلتفت إلى المعونة على ما يصرف ~~إليها، بل إلى نفس المصروف. وبين من هذا أنه لا يعطي لقرابته الذين تلزمه ~~نفقتهم. ### | (حكم من لا تلزمه نفقته) # وأما من لا تلزمه نفقته؛ فإن كانوا في عياله فلا يعطيهم النفقة ولا ~~الكسوة إن كان يكسوهم، فإن كان لا يكسوهم أعطاهم الكسوة. فإن كانوا ~~PageV02P848 # # ليسوا في عياله فهل يعطيهم؟ لا يختلف أنه لا يمنع من ذلك. وهل يجوز أم لا ~~(1)؟ في المذهب ثلاثة أقوال: الكراهية في الكتاب، وعلل بخشية المدح (2). ~~وفي غيره قولان: الجواز لمساواتهم لغيرهم في الاستحقاق، والاستحباب ~~لانفرادهم بحق القرابة. وفي الحديث أنهم أفضل من صرفت إليهم الصدقة (3). ~~وقد يكون هذا خلاف في حال، فإن قصد المن أو فضلهم وهم ليسوا في الحاجة ~~كغيرهم كره، وإن أمن المن وأعطاهم لسد الحاجة (4) ولمساواتهم لغيرهم في ~~الحاجة فالأولى هاهنا الاستحباب لما لهم من حق القرابة. # ... ### | فصل (العاملون على جمع الزكاة) # والصنف الثالث: العاملون على الزكاة وهم جباتها وموصلوها إلى الإمام ~~ليفرقها أو يتولون تفريقها. ولا خلاف أن الصدقة تحل لهذا الصنف وإن كانوا ~~أملياء. # وهم أحد الخمسة الذين استثناهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أخذ ~~الزكاة وإن كانوا أملياء. لكن اختلف في العبد والنصراني؛ هل يجوز ~~استعمالهما عليها أم لا؟ فأما العبد فالخلاف فيه مبني على أخذ (5) ~~المستعمل؛ هل يغلب عليه حكم الإجارة المحضة [أو يضاف إلى ذلك] (6) كونه ممن ~~يستحق على الجملة؟ فإن قلنا بتغليب حكم الإجارة أعطي منها، وإن قلنا بتغليب ~~PageV02P849 # # ذلك وإضافة كونه ممن يستحق على الجملة فإنه لا يستعمل عليها. # وأما الذمي ففي استعماله ولاية له، ولا تحل ولايته. لكن إن كان خادما ~~بحيث لا يكون له سلطان على أحد من المسلمين فيختلف فيه على الخلاف في ~~العبد. # وإن استعمل عليها فقيرا أعطي لحق الفقر والاستعمال. وإن كان غنيا أعطي ~~أجره ms386 (1) بحسب الاجتهاد، ولا يزاد على قدر ما يستحقه بالعمل. # ... ### | فصل (المؤلفة قلوبهم وهل حكمهم باق أو منسوخ) # والصنف الرابع: هم المؤلفة قلوبهم. وقد اختلف هل حكمهم باق أو منسوخ ~~لاستغناء المسلمين عنهم. وإنما كان ذلك في زمن حاجة الرسول - صلى الله عليه ~~وسلم - إليهم. والصحيح بقاء حكمهم، لكن إنما يعطون وقت الحاجة إليهم، قاله ~~القاضي أبو محمد. # واختلف في صفتهم فقيل هم قوم من الكفار يعطون ليستألفوا (2) على الإسلام. ~~وكانوا لا يسلمون بالسيف والقهر، لكن يسلمون بالعطايا والإحسان. وقيل: هم ~~قوم أسلموا في الظاهر ولم يستقر الإسلام في قلوبهم، فيعطون ليتمكن الإسلام ~~في قلوبهم. وقيل هم قوم من عظماء المشركين أسلموا ولهم أتباع يعطون ~~ليستألفوا أتباعهم على الإسلام. # وهذه الأقوال كلها متقاربة المعنى، والقصد بها الإعطاء لمن لا يتمكن ~~الإسلام عنده حقيقة (3) إلا بالعطاء، فكأنه ضرب من الجهاد. وقد علمت ~~الشريعة أن المشركين ثلاثة أصناف: صنف يرجع بإقامة الدليل وإظهار ~~PageV02P850 # # البرهان، وصنف بالقهر والسيف، وصنف بالعطاء والإحسان. فيستعمل الإمام ~~بالنظر (1) ما يكون للمسلمين مع كل صنف ما يكون لسبب نجاته من الكفر ~~وتخليصه. # ... ### | فصل (عتق الرقاب) # والصنف الخامس: الرقاب. ولا خلاف عندنا في الإجزاء إذا اشتروا رقبة سليمة ~~من العيوب، مؤمنة، ليس فيها عقد حرية. فأعتقها عن المسلمين حتى يكون ولاؤها ~~لهم. فإن كانت معيبة فهل تجزي؟ في المذهب قولان: أحدهما: الإجزاء لتناول ~~العموم لها، والمنع (2) قياسا على الكفارات (3)، وكذلك إن كانت كافرة (4). ~~فإن كان فيها عقد حرية كالكتابة، أو عتق البعض، أو التدبير فهل يجزى ~~الإعطاء في ثمن حريتها؟ في المذهب ثلاثة أقوال: الجواز، لتناول العموم له. ~~ومنع الإجزاء, لأن الولاء ليس للمسلمين لكن لمن ابتدأ الحرية. والتفرقة بين ~~أن يعطي لإكمال العتق (5) فيجزي، أو لغير إكماله (6) فلا يجزي. وهذا نظرا ~~إلى أن المقصود تحرير الرقبة لا الولاء. فإن حصلت الحرية بالعطية أجزأ وإلا ~~لم يجزي. # وإن أعتق عن نفسه فهل يمضي عتقه مجزيا عن الزكاة ويكون ولاؤه للمسلمين، ~~أو يمضي العتق عنه ويكون [الولاء] (7) له ولا يجزى عن ms387 المسلمين ويعيد ~~الزكاة؟ في المذهب قولان: أحدهما: مضيها عن الزكاة، PageV02P851 # # ويكون ولاؤه للمسلمين, لأن المال لهم فيغلب حكمه لأنه المخطئ في اشتراط ~~الولاء له. والثاني: نفي الإجزاء عن الزكاة تغليبا للقصد. ### | (هل يعطى الأسير لفك رقبة) # وهل يعطى منها الأسير لفك (1) رقبته؟ قولان: المشهور: أنه لا يعطى، وهو ~~نظرا إلى اشتراط الولاء للمسلمين ولا ولاء هاهنا. والثاني: أنه يعطى لأنه ~~فك لرقبته (2)، وقال ابن عبد الحكم: إنه إذا أخرج زكاته ثم افتقر، فإنه لا ~~يأخذ (3) منها. وإن أسر افتكت منها رقبته. وهذا لأن المال غير عائد إلى ~~الأسير في الفك وعائد إليه في الفقر. # ... ### | فصل (الغارمون) # والصنف السادس: الغارمون. ولا خلاف (4) أن من عرف بالدين (5) وكثر عليه، ~~واستدانه من الآدميين في غير فساد أنه يستحق [أخذ] (6) الزكاة لأداء دينه، ~~وإن كان عنده مال يؤدي (7) منه دينه لكنه إذا أداه كان فقيرا؛ فإن استدانه ~~في فساد، فإن كان على حالته لم يعط، وإن نزع عنها فهل يعطى؟ في المذهب ~~قولان: أحدهما: أنه لا يعطى لأن استدانته غير مباحة بل محرمة، والثانى: أنه ~~يعطى. وهذا نظرا إلى حالته التي فيها الآن. والأول نظرا إلى ابتداء أمره ~~(8). # وإن كان الدين لله تعالى كالكفارة والزكاة التي فرط فيها فهل يعطى ~~PageV02P852 # # لذلك؟ في المذهب قولان. وقد قدمنا الخلاف في هذا الدين هل يسقط الزكاة أم ~~لا؟ وهذا جار عليه. # وإن مات مستدينا فهل يؤدى دينه من الزكاة، في المذهب قولان: أحدهما: أنه ~~لا يؤدى، وهذا حمل الآية على الحي لا على الميت، والثاني: أنه يؤدى، وهذا ~~نظر إلى كونه غارما في حين الاستدانة (1). # وهل من صفات الغارم أن يكون محتاجا؟ ذكر الداودي عن مالك قولين: أحدهما: ~~مراعاة ذلك. والثاني: أنه يشير إلى أنه لا يراعى، بل إن (2) كان مديانا وله ~~من المال ما يؤدي منه دينه وفوق (3) ذلك أنه يعطى، قال ولا يفصح (4) به، ~~وفي الكتاب فيمن بيده ألف أدينار، (5) وعليه ألفان وله دار وخادم يساويان ~~(6) ألفان، أنه لا يعطى من الزكاة إلا أن (7) يؤدي ms388 الألف في دينه فتبقى ~~عليه ألف فحينئذ يعطى ويكون من الغارمين (8). وقال أشهب يعطى وإن لم يؤد. ~~وهذا يشير إلى الخلاف الذي ذكره (9) الداودي. # وسبب الخلاف النظر (10) إلى الحال أو إلى المآل. ولا شك في مراعاة كونه ~~لا يستدين لأخذ الزكاة لأنه إن استدان لذلك صار قاصدا لأخذ الزكاة بالدين، ~~فلا يمكن من ذلك. ومراعاة الحاجة كما قدمناه قد يلحق (11) الغارم بالفقير ~~والمسكين، ولهذا قال في القول الثاني لا يراعى ذلك. # ... PageV02P853 # ### | فصل (المراد بسبيل الله) # والصنف السابع: سبيل الله [تعالى] (1). وهو محمول على الجهاد عند الجمهور ~~من العلماء، فيصرف إلى المجاهدين وآلة الحرب. ولا خلاف في ذلك أن المغازي ~~يعطى من ذلك، وإن كان غنيا ببلده [إذا كان فقيرا بموضعه. وإن كان غنيا ~~بموضعه] (2) فهل يعطى؟ قولان: أحدهما: أنه لا يعطى، لعدم حاجته. والثاني: ~~أنه يعطى، إذ لو لم يعط مع ملائه لكان هذا الصنف راجعا (3) إلى صنف ابن ~~السبيل. وأيضا فإنه يعطى على سبيل الإجارة على الغزو فيأخذها وإن كان غنيا. # وهل تصرف في بناء الأسوار التي يتقى بها مضرة (4) العدو، وإنشاء الأساطيل ~~التي المقصود بها مجرد الغزو وما في معنى ذلك من مجرد الآلات (5)؟ ظاهر ~~المذهب على قولين: والمشهور: أنها لا تعطى لذلك، وهذا لأنهم فهموا من هذا ~~الصنف نفس الجهاد دون ما يستعان به عليه. والثاني: أنها تعطى لذلك، وهذا ~~لأن الأساطيل مما يستعان بها على الجهاد، وفي الأسوار تحصن من العدو، وهذا ~~(6) داخل في عموم قوله تعالى: {في سبيل الله}. # ... ### | فصل (ابن السبيل) # والصنف الثامن: ابن السبيل. والمراد به من كان بغير بلده، يعطى ~~PageV02P854 # # ليستعين بذلك على الوصول إلى بلده، أو على (1) استدامة سفره. فإن كان ~~فقيرا بموضعه ولا يجد من يسلفه، فإنه لا خلاف أنه يعطى. وإن وجد من يسلفه ~~وهو مليء بموضعه فهل يعطى؟ قولان: أحدهما: أنه لا يعطى، والثاني: أنه يعطى. ~~وهو خلاف يرجع إلى أحد وجهين: إما إلى الشهادة بمشقة السلف (2) وعدم مشقته، ~~أو إلى رده إلى الفقير. لكنه ذكر صنفا مفردا ms389 (3) لكونه فقيرا في موضعه الذي ~~هو به دون بلده، أو لا يرجع (4) إلى ذلك لأنه لو روعي فقره لم يكن لعده (5) ~~صنفا معنى. # وإن كان غنيا بمكانه الذي هو به فهل يعطى؟ في المذهب قولان: المشهور: أنه ~~لا يعطى إذ لا حاجة تدعوه إلى ذلك، والثاني: أنه يعطى، وهذا نظرا إلى ~~العطاء بمجرد (6) السفر إذ يتناوله قوله تعالى: {وابن السبيل}. # ... ### | فصل (هل يعطى لآل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الزكاة) # وهل يعطى من ذلك لآل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المذهب أربعة ~~أقوال: أحدها: أنهم لا يعطون من سائر الصدقات الواجبة والتطوع. والثاني: ~~أنهم يعطون من الجميع. والثالث: أنهم يعطون من صدقة التطوع دون الواجبة. ~~والرابع: بالعكس فالمنع لقوله - صلى الله عليه وسلم - للحسين رضي الله عنه ~~وقد أخذ تمرة من تمر الصدقة "أما علمت أن الصدقة لا تحل لآل محمد" (7). ~~PageV02P855 # # ومن حمل ذلك على عمومه منع في التطوع والواجبة، ومن قصره على الغالب من ~~كونه من الصدقة الواجبة قصره على الواجب دون التطوع. ويدل عليه تعليله - ~~صلى الله عليه وسلم - للمنع لأنها أوساخ الناس. وأما الجواز مطلقا فمعلل ~~بأنهم إنما منعوا منها لما كانت الأرزاق الواجبة لهم جارية عليهم، والآن ~~انقطعت فحلت لهم الصدقة. وأما التفرقة في إجازة الواجبة دون التطوع فإن ~~الواجبة لا منة فيها بخلاف التطوع، فجاز لهم أخذ ما لا منة فيه. # ... ### | فصل (من هم آل الرسول - صلى الله عليه وسلم -) # وإذا قلنا بمنعهم، فمن الممنوع منهم؟ لا خلاف في المذهب أن بني هاشم ~~ممنوعون، وأن ما فوق غالب (1) غير ممنوعين، وما بين ذلك فيه (2) قولان: ~~أحدهما: المنع، والثاني: الإجازة. وسبب الخلاف، هل تتناولهم لفظة "الآل" ~~لقوله - صلى الله عليه وسلم - "لا تحل الصدقة لآل محمد". # وهل يمنع الموالي كما يمنع الأحرار؟ في المذهب قولان: أحدهما: المنع، ~~لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مولى القوم منهم" (3). والثاني: الجواز. ~~وقد أجازه ابن القاسم فاحتج [عليه] (4) بما ذكرناه من الحديث فقال: فقد جاء ~~في حديث PageV02P856 # # آخر: "ابن ms390 أخت القوم منهم" (1)، وإنما يريد في المعونة والقرب. # ... ### | فصل (كيفية توزيع الزكاة) # وإذا تقرر أن هذه الأصناف تستحق أخذ الزكاة، فإن الوالي والمزكي لنفسه ~~يجتهد فينظر إلى مواضع الحاجة بحسب الوقت فيصرف فيه الزكاة، ويختلف ذلك ~~باختلاف الأعصار والأمصار. ولا يجوز للإنسان أن يمسك صدقته حتى يخرجها عن ~~مستحقها، بل الواجب عليه أن يبادر إلى إخراجها إذا وجد مستحقها. والأفضل ~~لمن وجبت عليه أن يوليها غيره، وهذا لخوف المحمدة والثناء. وقد يجب ذلك إذا ~~كان ممن يجهل مواضعها، أو لا يسلم من قصد الرياء (2). ### | (حكم من دفعت له الزكاة فزال السبب الذي من أجله دفعت له) # وقد قدمنا الخلاف إذا اجتهد فأخطأ، فإن دفعها إلى من يستحقها لمعنى، فلم ~~يصرفها فيه حتى زال المعنى الذي أخذها لسببه، فإنها تؤخذ منه. وهذا كابن ~~السبيل، يأخذها فلا ينفق منها حتى يصل موضعه، أو يصله ماله على القول بأنه ~~لا يأخذها إن كان غنيا في موضعه. والغازي يأخذها للغزو ثم يقعد عنه. وتردد ~~أبو الحسن اللخمي في الغارم يسقط دينه أو يؤديه من غيرها، هل تسترد منه إذا ~~كان غير محتاج على أحد القولين (3). وإنما أخذها بمجرد الدين فينبغي أن ~~تؤخذ (4) منه إذا سقط دينه أو أداه من غيرها كالغازي. # ... PageV02P857 # ### | باب في أحكام (1) المعدن والركاز ### | (تعريف المعدن والركاز) # وأصل لفظة المعدن في اللغة الإقامة، يقال عدن بالمكان، أي: أقام به، ومنه ~~{جنات عدن} (2)، أي: جنات إقامة. # وأما الركاز فقال الخليل (3) إنه كل مال مدفون في الأرض إما بفعل آدمي، ~~أو قطع الذهب والفضة تجمع في الأرض. وحكى أن المعدن غير هذا. وليس أحد من ~~أهل اللغة سمى المعدن ركازا، وهو مذهب مالك والشافعي أنه لا يسمى المعدن ~~ركازا (4). لكن اختلف المذهب في الركاز ما هو؟ [فقيل كقول الخليل المتقدم ~~و] (5) قيل إنه كل مال مدفون دفنه آدمي، وليس ما يجمع في الأرض بفعل الله ~~تعالى من ذلك. وقيل إنه مختص بالذهب والفضة دون غيرهما من الأموال، وعليه ~~يجري الخلاف [في المذهب] في الندرة ms391 (6) توجد في المعدن، وفي الركاز يكون ~~فيه غير الذهب والفضة، وسيأتي بيانه. # ... PageV02P858 # ### | فصل (من الذي يملك المعدن) # والنظر في المعدن في وجهين: أحدهما: لمن يكون؟ والثاني: في حكم ما يؤخذ ~~منه؟ فأما الوجه الأول فإنه لا يخلو من أن يوجد في أرض مملوكة أو في أرض لا ~~ملك فيها (1) لأحد؛ فإن كانت الأرض مملوكة فلا يخلو من أن يكون ملكا لمعين ~~أو لغير معين كأرض العنوة. فأما غير المملوكة فحكم المعدن الموجود فيها ~~للإمام بلا خلاف في المذهب، وهذا لأنها من مصالح المسلمين، والإمام موكل ~~على النظر في ذلك، فيقطعها (2) لمن يراه نظرا (3) ويكلف من يعملها ~~للمسلمين. # فإن كانت مملوكة لغير معين ففيها قولان: أحدهما: أنها كالأول لأنها لا ~~يملكها أحد معين، فعادت كغير المملوكة، والثاني: أنها لمن افتتح تلك الأرض ~~أو لورثتهم، وهذا بناء على أن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها. # وإن وجد في أرض مملوكة (4) لمالك معين ففيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه ~~للإمام كالأول. والثاني: أنها لمالك الأرض. والثالث: أنه إن كان ذهبا وفضة ~~فهو للإمام، وإن كان غير ذلك من الجواهر فهو لمالك الأرض. والقولان الأولان ~~بناء على الخلاف فيمن ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا؟ فإن قلنا إنه ~~لا يملكه، وكان هذا لا ملك عليه لأحد فرجع إلى الأول. وإن قلنا إنه يملك ~~الباطن كملكه للظاهر فهو لمالك الأرض. وأما التفرقة فلأنه رأى أن العين ~~تؤخذ منه الزكاة والأخذ للإمام، فقد دخل فيه نظر الإمام على (5) الجملة ~~فيدخل على التفصيل. # ... PageV02P859 # ### | فصل (ماذا يجب في المعدن) # وأما الوجه الثاني فإن المستحق عندنا فيما يوجد في المعدن ويتكلف فيه عمل ~~وتصفية، الزكاة (1). وروى ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن (2) غير واحد: "أن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع لبلال ابن الحارث المعادن القبلية" (3) ~~فتلك لا يؤخذ منه [إلا] (4) الزكاة إلى الآن، وثبت عنه - صلى الله عليه ~~وسلم - أنه قال: "العجماء جبار [والمعدن جبار والبئر جبار] (5) وفي الركاز ~~الخمس" (6). وقد تعلق أصحابنا بهذا الحديث في أن ms392 المعدن غير الركاز, لأن ~~النبي- صلى الله عليه وسلم - سماهما باسمين مختلفين. والظاهر أنه لا دليل ~~في ذلك بل [يكاد أن] (7) يكون حجة لأبي حنيفة القائل بأن ما يوجد في المعدن ~~فيه الخمس, لأنه - صلى الله عليه وسلم - تكلم على حكمين مختلفين فأخبر بأن ~~ما سقط في المعدن أو يسقط عليه المعدن، فهو جبار لا دية فيه. ثم أخبر أن في ~~الركاز الخمس، أي في الركاز الذي يكون في المعدن. وبهذا يحسن تأليف النظم ~~في الحديث، ولسنا لإكمال الحجاج، وإنما نبهنا على أوائله. # واختلف المذهب في الندرة توجد في المعدن على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه فيه ~~الزكاة، والثاني: أن فيه الخمس، والثالث: أنها إن كثرت ففيها الخمس، وإن ~~قلت ففيها الزكاة. والقولان على ما قدمنا من الخلاف في الركاز. PageV02P860 # # وما هو؟ هل هو دفن الآدميين فيكون في هذه الزكاة؟ أو كل مال مجتمع فيكون ~~في هذه الخمس؟ والركاز مأخوذ من ركزت الشيء في الأرض؛ فمن حمله على ما دفنه ~~دافن لم بسم الندرة ركازا، ومن حمله على كل مال مركوز سماها ركازا. فأما ~~التفرقة فلأن اليسيرة في حكم التبع للموجود في المعادن. ### | (هل يكمل نصاب معدن بمعدن آخر؟) # وقد قدمنا أنه لا يعتبر فيه الحول، لكن اختلف المذهب هل يجمع [ما يوجد] ~~(1) في معادن مختلفة فيكمل به (2) النصاب إذ (3) يعتبر فيه النصاب عندنا؟ ~~أو لا يجمع؟ في المذهب قولان. ولا خلاف أنه لا يجمع ما أخذ من معدن واحد ثم ~~انقطع ثم أدرك نيلا آخر، فهذا لأنه إذا انقطع صار الموجود منه كمعدن ثان ~~(4)، ولم يجتمعا في حين الأخذ. والنظر هاهنا في المال الحولي (5). فمن نفى ~~الجمع في المعدنين قاسه على نفيه في المعدن ينقطع نيله ثم يوجد نيل آخر، ~~ومن أتبعه نظر إلى حصول النيلين (6) في وقت واحد، والالتفات (7) إلى ملك ما ~~يكون به غنيا (8) من هذا المال. # وإن أخذ من معدن واحد ذهبا وفضة واتفق ذلك، فذكر ابن الجلاب أنه يضاف ~~أحدهما إلى الآخر فيكمل به النصاب. وأجراه ms393 أبو الوليد الباجي على الخلاف في ~~ضم ما يوجد في أحد المعدنين إلى الآخر. ولا شك في صحة تخريجه إذا كان الأخذ ~~في وقت واحد، وأما إن كان في وقتين فيكون بمنزلة المعدن إذا انقطع نيله. ~~PageV02P861 # # وإذا كان المعدن لنظر الإمام (1) أو لمالك معين فعمل فيه جماعة فهل ~~يكونون كالشركاء في الزرع لا تجب فيه الزكاة إلا على من [في حصته نصاب ~~كامل؟ أو تجب إذا كان في الجميع نصاب؟ فيه قولان: أحدهما: أنه يعتبر نصاب ~~(2) كل إنسان في نفسه، والثاني] (3): وجوب الزكاة مطلقا إذا كان في الجميع ~~نصاب. # وعلى هذا أيضا يختلف لو كان العامل عبدا أو ذميا، هل تجب عليه الزكاة؟ ~~وسبب الخلاف هل يعطى الحكم لمالك المعدن ويكون هؤلاء كالأجراء فيه فيراعى ~~حكم المالك الواحد، أو يكونون كالمالكين فيراعى حكمهم في أنفسهم. وهذا ~~ينبني على الخلاف هل يجوز أن يدفع المعدن لمن يعمله بالجزء كالقراض وبأجرة ~~معلومة، في المذهب في ذلك قولان. # ... ### | فصل (لمن يكون الكنز؟) # والنظر أيضا في الكنز (4) من وجهين: أحدهما: لمن يكون؟ والثاني: حكم (5) ~~المستحق منه؛ فأما الوجه الأول فإنه لا يخلو على الجملة من أن يجده مالك ~~الأرض التي وجد فيها أو غيره؛ فإن وجده المالك فلا خلاف أنه لواجده، وإن ~~وجده غيره فقولان: أحدهما: أنه للواجد، والثاني: أنه لمالك الأرض. وهما على ~~الخلاف المتقدم في من ملك ظاهر الأرض، هل يملك باطنها أم لا؟ وأما على ~~التفصيل فإنه لا يخلو من أن تظهر عليه علامة [تدل على أنه لأهل الكفر وهو ~~من دفنهم، أو علامة تدل على أنه PageV02P862 # # للمسلمين، وهو من دفنهم، أو يشكل الأمر. ولا يخلو من أن يكون (1) في ~~فيافي الأرض، أو في ملك معين لمسلم، أو في أرض عنوة، أو في أرض صلح] (2). # فإن كان عليه علامة من أهل الكفار (3) ووجد في فيافي الأرض فهو لواجده ~~بلا خلاف، إذ لا ملك عليه لأحد فهو كالصيد والحشيش يستحقه من سبق إليه ~~وأخذه. # وإن كان في ملك إنسان معين ووجده غير ms394 المالك فيختلف فيه كما تقدم، وفيه ~~القولان، فإن وجده المالك فهو له بلا خلاف. وإن كان في أرض عنوة فيختلف ~~فيه، هل يكون لواجده أو للجيش الذين فتحوا الأرض أو لورثتهم إن وجدوا، وإن ~~لم يوجدوا وعرف به، فإن فقدوا جملة رجع إلى جملة المسلمين (4). وفيه ~~القولان وهما على ما تقدم. # وإن وجد في أرض الصلح فإن وجده المالك للأرض وهو من أهل الصلح [عليها] ~~(5) ففيه قولان: أحدهما: أنه يكون لجميع أهل الصلح، والثاني: أنه يكون ~~لمالك الأرض، وهما على الخلاف المتقدم. وينظر في هذا أيضا هل صالحوا على ~~الأرض (6) جملة؟ أو كل إنسان صالح عن موضعه؟ فإن صالحوا عن الجميع فيتفق ~~هاهنا أنه لجميع أهل الصلح، وإن صالح كل إنسان على ما يستحقه فاتفق القول ~~هاهنا أنه لواجده. # وإن وجده غير المصالح (7) وهو يملك تلك الأرض (8) فيختلف فيه PageV02P863 # # هل يكون لواجده لأنه ملك الأرض وقد ملك باطنها، أو لجميع أهل الصلح لأنهم ~~صالحوا عليه. # وإن كان لا يملك وإنما وجد في ملك غيره فيختلف فيه على قولين: أحدهما: ~~أنه لواجده، بناء على أن من ملك ظاهر الأرض لا يملك الباطن، والثاني: أنه ~~لرب الأرض أو لجملة أهل الصلح على ما بيناه من التفصيل على أية صفة وقع ~~صلحهم. # وهذا إذا لم يكن من أموال هؤلاء المصالحين. فإن كان من أموالهم فاتفق أنه ~~يكون لهم أو لمالكه المعين (1) إن علم. # وإن علم أنه من دفن (2) أهل الإسلام، فليس بكنز (3) يكون لواجده بل يرد ~~لربه إن عرف، فإن لم يعرف كان كاللقطة يعرف به. وإن أشكل أمره بحيث لا يكشف ~~عن حقيقته (4)، فإن لم يظهر له ما يدل على شيء كان حكمه حكم الركاز، ويحمل ~~على أنه من دفن الجاهلية. # ... ### | فصل (الواجب في الكنز) # وأما المأخوذ منه فهو الخمس إن كان ذهبا أو فضة، فإن كان غير ذلك من ~~الأموال ففيه قولان في الكتاب (5)، وهما على ما قدمناه من الخلاف في اسم ~~الركاز على ماذا يطلق. هذا حكم الركاز. ### | (حكم ما ms395 لفظه البحر وما لم يتقدم عليه ملك لأحد) # وأما ما لفظه البحر وما لم يتقدم عليه ملك لأحد، فهو لواجده ولا ~~PageV02P864 # # خمس فيه. وإن تقدم عليه ملك لمسلم ففيه قولان، هل يكون لواجده لأنه في ~~حكم المستهلك أو لمالكه؟ وهذا حكم كل ما ترك بموضعه في البحر والبر وعجز ~~عنه ربه وهو تارك له (1)، وسيأتي بيانه في حكم أكرية السفن في كتاب ~~الأقضية. # وإن كان الملك المتقدم لذمي فحكمه حكم المسلم، وإن كان لحربي فإن وجد معه ~~أربابه؛ فإن أخذه واجده بقتال، ولولا قتاله لم يقدر عليه، وجابه (2) أربابه ~~فهو كالفيء يخمس. وإن أخذه بغير قتال ولو ترك لم يقدر أربابه على أن ~~يتخلصوا من قبضة أهل الإسلام (3)، فالنظر فيه للإمام. وهو كأموالهم التي ~~انجلوا (4) عنها ولم يوجف (5) عليهم بخيل ولا ركاب. وإن لم يكن معه أربابه ~~فهو لواجده ولا شيء عليه فيه. # ... ### | فصل (أقسام الأموال التي ينظر فيها الإمام وكيفية تقسيمها) # وقد تقدم أنه لا زكاة في غير الأموال النامية وأن كل ما استفيد وهو عين ~~استقبل به حولا، فإن كان عرضا (6) فلا زكاة عليه حتى يباع ويستقبل به حولا ~~وقد تقدم ذلك. # والأموال التي ينظر فيها الإمام على ثلاثة أقسام: PageV02P865 # # قسم: يحل للأغنياء والفقراء بلا خلاف؛ وهو المال المأخوذ من الكفار ~~الحربيين والمعاهدين، كالخمس من الغنيمة، وما انجلى عنه أهله، وخمس الركاز، ~~والجزية، وما يؤخذ من تجارتهم (1)، وما يؤخذ من أرض العنوة وأرض الصلح. # وقسم: لا يحل إلا للفقراء بلا خلاف، إلا من ذكر معهم في آية الزكاة، وهذا ~~كالزكاة. # وقسم: اختلف المذهب فيه على قولين: هل هو كالثاني, لأنه مال أصله ~~للمسلمين فأشبه الزكاة؟ أو هو كالأول, لأنه لم يؤخذ من مالكه بالطوع ولا ~~يعرف مالكه بعينه، فأشبه الفيء وهو كأموال مستغرقي الذمة، واللقطة إذا لم ~~يعرف ربها وعرفت؟ # وإذا ثبت أن الفيء وما ذكر معه يستحقه الأغنياء والفقراء فهل يقسمها ~~الإمام على التفضيل أو المساواة, في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يقسمه ~~على المساواة، وهكذا كان ms396 فعل الصديق رضي الله عنه (2)، والثاني: أنه يقسمه ~~على التفضيل بقدر الفضائل ويفضل بقدر الفضائل الشرعية والغنى عن المسلمين، ~~ويسبق الفاضل عن الأدنى، وهذا فعل عمر رضي الله عنه (3). والثالث: أن ~~الإمام مخير بين المساواة والتفضيل، وهذا لأنه راعى أن فعل كل واحد منهما ~~حجة. وإنما قدم من قدم أو ساوى من ساوى على جهة النظر والاجتهاد، فيجتهد ~~الإمام في ذلك بحسب ما يراه. ولهذا أخبر عمر أنه [إن بقي] (4) ساوى بين ~~الناس كما فعله أبو بكر. وقد تأولوا المساواة على الابتداء بالفقير كما ~~يساوى بينه وبين الغني ليس أن يعطى كما يعطى الآخر. # وبالجملة إن هذا مال يحل للأغنياء فينبغي أن ينظر الإمام فيما هو ~~PageV02P866 # # الأصلح للمسلمين فيفعله، فيبدأ في خراج الأرض بالموضع الذي جبي فيه فيسد ~~حاجته، وإن فضلت فضلة نقله إلى غيره، وإن نزل بقوم حاجة صرف إليهم ما يدفع ~~(1) حاجتهم كما فعل عمر رضي الله عنه في أهل الحجاز زمان الرمادة (2)، فإنه ~~نقل إليهم أموال مصر. وسيأتي الكلام على الجزية مفصلا في كتاب الجهاد. # [تم كتاب الزكاة الأول بحمد الله وحسن عونه] (3). # **** PageV02P867 # ### | كتاب الزكاة الثاني ### | (اختصاص وجوب الزكاة بالنعم) # وقد تقدم أن الشريعة علقت الزكاة بالأموال النامية، وإن منها النعم (1) ~~فلا تجب الزكاة عندنا إلا فيها. وهذا لاختصاص النص بها، ولأنها المعدة ~~للنماء غالبا، وفيها الدر والنسل والأصواف والأشعار والأوبار. وغير ذلك من ~~الحيوان، لا يوجد فيها كمال النماء على هذه الصفة. لكن إن [ضرب] (2) نوع من ~~الوحش في نوع من هذه حتى كان عنه النتاج، فهل تجب في المتولد عنها زكاة أم ~~لا؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: وجوب الزكاة، والثاني: إسقاطها، ~~والثالث: وجوبها إذا كانت الأمهات من النعم، وسقوطها إن كانت من الوحش. وقد ~~استقرئ هذا القول من المدونة لقوله: كل ذات رحم فولدها بمنزلتها (3). وسبب ~~الخلاف ما قدمناه من اجتماع موجب ومسقط أيهما يغلب؟ وأما القول الثالث فإن ~~الأصول تقتضي أن الولد تبع للأم في الحرية والرق، وأيضا فإن النطفة ~~كالمستهلك (4) والولد جزء ms397 (5) من الأم. ولعل وجه الإسقاط أيضا أن النسل لا ~~يكون [إلا] (6) من هذا المتولد، والنسل هو معظم النماء. PageV02P868 # ### | فصل (نصاب الإبل والواجب فيها) # وإذا تقرر اختصاص الزكاة بالنعم (1)، فالنظر فيها أولا في ركنين: أحدهما: ~~النصاب الذي تعلق به الزكاة (2)، والثاني: في قدر المخرج (3). # وأما النصاب فاجتمعت الأحاديث على بيانها، وتعلق بها أيضا حكم المخرج على ~~الجملة. ولنبينها ثم نذكر مواضع الخلاف؛ فأما الإبل فلا شيء فيما دون الخمس ~~منها، فإذا بلغت خمسا ففيها شاة إلى تسع، فإذا بلغت عشرة ففيها شاتان إلى ~~أربعة عشر، فإذا زادت واحدة (4) ففيها [ثلاث شياه إلى تسع عشرة، وإذا زادت ~~واحدة ففيها (5) أربع شياه إلى أربع وعشرين، فإذا زادت واحدة ففيها] (6) ~~بنت مخاض (7)، فإن لم توجد فابن لبون ذكر إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت واحدة ~~ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين، فإذا ~~زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا لبون ~~إلى تسعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا زادت واحدة ~~فهاهنا وقع في الحديث في كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون (8). ~~PageV02P869 # # واختلف المذهب في الزيادة المعتبرة على العشرين ومائة، هل تكون بالعشرات ~~أو بالواحدة؟ في المذهب في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: اعتبار الزيادة ~~بالعشرة، فلا تنتقل عن الحقتين إلى أن تبلغ ثلاثين ومائة، والثاني: أنها ~~تنتقل فيكون فيها ثلاث بنات لبون، والثالث: أنها صورة (1) يخير فيها الساعي ~~بين أخذ حقتين أو ثلاث بنات لبون. # وسبب الخلاف أنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا زادت"، ومقتضى اللفظ ~~اعتبار زيادة الواحدة فأكثر، لكنه قال: "في كل خمسين حقة وفي كل أربعين ~~ابنة لبون"، فراعى زيادة العشرات (2)؛ فمن التفت إلى اللفظ الأول غير ~~بزيادة (3) الواحدة، ومن التفت إلى اللفظ الثاني راعى زيادة العشرة (4)، ~~وقد اختلف المتأخرون في توجيه القول الثالث؛ فمنهم من يراه مبنيا على الشك ~~والتردد وإجمال (5) الحديث، ومنهم من يراه مبنيا على أنه مقتضى الحديث، ~~ويكون الساعي مخيرا في ms398 هذا المقدار كتخيره إذا بلغت مائتين (6) على ما ~~سنذكره. ومبنى هذا الاختلاف نذكره فيما بعد. # فإذا بلغت ثلاثين ومائة ففيها حقة وابنتا لبون. ولا خلاف في المذهب في ~~هذا المقدار. ثم لا تتغير (7) الزيادة بعد ذلك إلا بالعشرات. وتقريب النظر ~~في ذلك أن الثلاثين ومائة فيها حقة وابنتا لبون كما ذكرنا، فكلما ~~PageV02P870 # # زادت عشرة أزيلت (1) بنت لبون وجعل مكانها حقة. فإذا صار الجميع حقاقا ~~(2) وزادت عشرة، رد الكل بنات لبون وزيد في العدد واحدة. ثم إن زادت عشرة ~~أزيلت بنت لبون ورد في مكانها حقة. هكذا أبدا. # ومثال ذلك إذا زادت على الثلاثين ومائة عشرة، وجبت فيها حقتان وبنت لبون. ~~فقد أزلنا بنت لبون ورددنا مكانها حقة، فإذا زادت عشرة وجبت ثلاث حقاق، ~~فإذا زادت عشرة صار المأخوذ أربع (3) بنات لبون، فإذا زادت عشرة وجبت حقة ~~وثلاث (4) بنات لبون. هكذا أبدا. وأصله على التقريب ما قلناه. والمعول عليه ~~قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون". ~~وإذا بلغت مائتين فهاهنا إن عددت بالأربعينات كان فيها خمس بنات لبون، فإن ~~عددت بالخمسينات كان فيها أربع حقاق، فيكون الساعي مخيرا. وفي المذهب تفصيل ~~نذكره بعد. # ... ### | فصل (أسنان الإبل وحكمها) # ويفتقر إلى معرفة الأسنان المذكورة في الحديث، وولد الناقة في أول السنة ~~يسمى حوارا، وهذا هو المحتاج إليه على ما ذكره الفقهاء في كتبهم، وإن كان ~~له تفصيل أسماء يفتقر إليها في علم اللغة (5). فإذا دخل في السنة الثانية ~~سمي ابن مخاض والأنثى بنت مخاض، ومعنى ذلك أن الأم صارت في حد المخاض لأنها ~~تحمل سنة وتغب (6) أخرى. فإذا دخل في السنة الثالثة سمي ابن لبون، بمعنى أن ~~أمه صارت في حد من لها لبن ترضع به. PageV02P871 # # فإذا دخل في السنة الرابعة سميت الأنثى منه حقة، بمعنى أنها استحقت الحمل ~~للحمولة، والفحل تلقح (1) حينئذ. وإن كان الذكر لا يلقح إلا في السنة ~~السادسة. فإذا دخلت في الخامسة سميت جذعة، وهي آخر ما تؤخذ في الزكاة. وفي ~~السنة ms399 السادسة ثنية (2)، ولا حاجة لنا إلى ذلك ولا ما بعده، إذ لا يتعلق به ~~حكم الزكاة. ### | (بعض حكم ذلك) # وقد تصرفت الشريعة في هذه النصب (3) تصرفا مناسبا يعقل معناه على الجملة ~~وإن كان فيه شوب (4) التعبد على التفصيل. فعد مالك الأربعة فدون فقيرا، كما ~~عد مالك دون العشرين [دينارا] (5) فقيرا، ومالك الخمس (6) غنيا فيستحق أن ~~يؤخذ منه. لكن إن أخذ من عين المال أجحف به. والشركة أيضا في الحيوان مضرة ~~فيعوض عن القدر الواجب بشاة، ثم لا يجب في الزيادة القليلة شيء بخلاف العين ~~لأن إخراج الجزء من العين ممكن، وهاهنا لا يمكن إلا بالشركة، ففيها مضرة. ~~فراعت الشريعة زيادة الخمسة إلى أن تبلغ خمسا وعشرين فحينئذ يستحق الإخراج ~~من الإبل، فيؤخذ من الخمسة وعشرين بنت مخاض، إذ ما قبلها لا يستغني عن أمه ~~ولا يقدر الساعي على حمله (7). ثم يراعى الزيادة بالعشرة كرتين، ثم بالخمسة ~~عشرة كرتين، ولا يؤخذ ما فوق الجذعة لأنها من كرائم (8) الأموال. وإنما ~~تكررت بنت لبون وحقة فتؤخذان مرتين مرتين إذا أثنى العدة (9) التي وجبت فيه ~~أولا. وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - على أن الشرف PageV02P872 # # يحصل في المأخوذ بالأنوثية أو بزيادة السن, فقال: "في الخمسة والعشرين ~~بنت مخاض، فإن لم توجد فابن لبون ذكر" (1). ونبه بالذكورية هاهنا لأنه إنما ~~انتقل (2) إلى السنن الأعلى مع فقد السنن الأدنى لكون الأنوثية فضلا ~~والذكورية نقصا. وهذا التعليل أهم (3) مما قيل من أنه إنما ذكر الذكوربة ~~احترازا من الخنثى، وهذا يعلم بطلانه قطعا، وأن صاحب الشريعة لا يتعرض لمثل ~~هذه الصورة إذ هي نادرة تكاد ألا توجد، نعم ولو وجدت لم يكن للاحتراز منها ~~فائدة. # ... ### | فصل (المأخوذ من الإبل عند فقد بعض الأصناف أو وجودها) # وإذا وصلت (4) الإبل خمس وعشرين، فلا يخلو من أن يوجد فيها بنت مخاض وابن ~~لبون جميعا، أو يفقدا جميعا، أو يوجد أحدهما ويفقد الآخر. # فإن وجدا جميعا فلبس إلا بنت مخاض، إلا أن يرضى الساعي بابن اللبون ويراه ~~نظرا للمساكين، ففيه قولان: أحدهما ms400: أنه يجزي، والثاني: أنه لا يجزي. وهذا ~~بناء على أن القيم لا تجزي بدلا عن الأعيان الواجبة في الزكاة. وأما القول ~~الأول فهو بناء على أن القيم تجزي، أو على أن هذا قد يجب يوما [ما] (5). ~~ولم يخرج بالكلية عن النوع الواجب مخالف (6) القيم. # فإن فقدا جميعا، فالمنصوص من المذهب أن على رب المال أن يأتي بابنة مخاض، ~~طاع أو كره. وتأول ابن المواز على أن ابن القاسم أنه قال: PageV02P873 # # إن أتى بابن لبون قبل منه. وأنكره بعض المتأخرين ورأوا أن المذهب كله على ~~ما ذكرناه من المنصوص. ويحتمل أن يكون المذهب على قولين، ويكون سبب الخلاف ~~قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن لم توجد فابن لبون" هل معناه: فابن لبون ~~إذا وجد فيها، أو ابن لبون مطلقا سواء كان فيها أو لم يكن. # وإن وجد أحدهما دون الثاني، فليس إلا ما وجد، وهذا لا خلاف فيه لتناول ~~الحديث له نصا ومفهوما. # ... ### | فصل (مسألة التخيير فيما زاد من الإبل على المائة والعشرين إلى المائة والثلاثين) # وقد قدمنا الخلاف في ما بين العشرين ومائة (1) إلى الثلاثين ومائة، ~~وذكرنا أن أحد الأقوال (2) التخيير. واختلف المتأخرون: هل القول بالتخيير ~~شك في المقدار الواجب فيكون للساعي أن يبتدئ النظر عند نزول المسألة، أو هو ~~(3) قول يقتضيه لفظ الحديث والنظر. وعلى هذا اختلف (4)؛ هل يكون التخيير ~~ثابتا وإن لم يكن في الإبل إلا أحد السنين، أو إنما (5) يكون التخيير مع ~~وجودهما جميعا. وفي المذهب في ذلك قولان. فإن قلنا إن التخيير شك في ~~المقدار، وإنما يبتدئ الساعي النظر عند وقوع النازلة، فإذا قوي في نفسه أحد ~~الأمرين، كلف رب الإبل (6) أن يأتي بحقتين (7) أو ثلاث بنات لبون على قدر ~~ما يؤديه إليه اجتهاده. PageV02P874 # # وإن قلنا إن التخيير من مقتضى الحديث والنظر، فأيهما دفع رب المال أجزأه، ~~وإن لم يوجد فيها إلا أحد السنين لم يكلف الآخر. # ... ### | فصل (من المخير في الواجب في المائتين؟) # وقد قدمنا أن الواجب في المائتين؛ إما أربع حقاق، أو خمس بنات ms401 لبون. وهل ~~يكون الساعي في ذلك مخيرا أو رب المال؟ في المذهب ثلاثة أقوال: # أحدها: تخيير الساعي (1)، والثاني: تخيير رب المال، والثالث: تخيير ~~الساعي إذا وجدا جميعا. وأما إن فقدا جميعا أو فقد أحدهما، فالتخيير لرب ~~المال. # والأول نظرا إلى أن الواجب أحد السنين، فيختار وكيل المسلمين (2). ~~والثاني: نظرا إلى أن اختياره (3) قد يضر بصاحب الإبل وكل صنف منها واجب ~~حقيقة (4). وهذا المعنى راعاه في القول الثالث فرأى أنه لا مضرة عليه إذا ~~كانا جميعا موجودين في الإبل. # ... ### | فصل (المأخوذ في الإبل المزكاة بالغنم) # وإذا كانت الإبل مزكاة بالغنم، وهي المسماة شنقا (5)، فهل يؤخذ ~~PageV02P875 # # من المعز أو من الضأن؟ أما إن تطوع (1) المزكي بالأفضل أخذ منه، وإن طلب ~~الأدنى (2) فأراد إخراج المعز، فإن كانت هي كسبه وكسب أهل البلد أخذت منه. ~~وإن كان كسبه مخالفا لكسب أهل البلد فقولان: أحدهما: مراعاة كسبه لأنه ~~المأخوذ به، وفي تكليفه إخراج ما ليس في ملكه مشقة عليه، والثاني: مراعاة ~~كسب أهل البلد, لأن كسبه نادر والنادر لا يراعى. # ... ### | فصل (حكم إعطاء أفضل من الواجب) # وإذا وجبت على إنسان سن فبدل أفضل منها ورضي به المصدق، فلا شك في ~~الإجزاء. وإن أخذ على الفضل (3) ثمنا، أو أعطى النقص وأكمل النقص بالثمن، ~~فهل يجزي؟ في المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يجزي وجائز ابتداء. والثاني: ~~أنه مكروه، وإن وقع أجزأه. والثالث: أنه لا يجزي إلا أن يعطي أفضل ويأخذ ~~ثمنا فيرد الثمن المأخوذ. وهذا مع فوات المأخوذ. # وأما إن كان قائما، فيسترده على هذا القول ويخرج مقدار هذا الواجب. ونفي ~~الإجزاء مبني على منع إخراج القيم. وأما الإجزاء فمبني على أحد الأمرين: ~~إما لجواز إخراج القيم، وإما لأنه قد أخرج النوع على الجملة. وأما الكراهية ~~فهي مراعاة الخلاف مع [كون] (4) القول بالإجزاء. # ... PageV02P876 # ### | باب في زكاة البقر # وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أسقط [عنها] (1) الزكاة قبل ~~بلوغها ثلاثين (2)، فإذا بلغتها ففيها جذع (3)، ثم لا زيادة (4) حتى تبلغ ~~أربعين ففيها مسنة (5)، ثم لا زيادة (6) [فيها ms402] (7) حتى تبلغ ستين ففيها ~~جذعان (8)، ثم لا زيادة (9) فيها حتى تبلغ سبعين ثم يكون (10) الحساب في كل ~~أربعين مسنة وفي كل ثلاثين تبيع (11) ويكون الحكم على ما قدمناه في الإبل، ~~سواء كما (12) قدمنا في الحساب. # وإذا بلغت عشرين ومائة، فهاهنا يتفق العددان، فإن عددت بالأربعينيات كان ~~فيها ثلاث مسنات، وإن عددت بالثلاثينيات كان فيها أربع توابع. فيكون الحكم ~~كما قدمناه في المائتين من (13) الإبل. PageV02P877 # # واختلف في سن الجذع [منها] (1)، وهو التبيع؛ فقيل ابن سنتين، وقيل ما ~~أوفاهما ودخل في الثالثة. وكذلك اختلف في المسنة؛ فقيل بنت ثلاث سنين، وقيل ~~ما أوفتهما ودخلت في الرابعة. والتحاكم في هذا إلى أهل اللغة. و [أصل] (2) ~~القول الثاني هو الصحيح عندهم. # ولا يجزي في الأربعين إلا مسنة أنثى، ويجزي في الجذع في الثلاثين ذكر. ~~وهل تؤخذ الأنثى؟ أما إن طاع بها ربها فلا يختلف في جواز أخذها، وأما إن ~~امتنع فهل ذلك من حق الساعي إذا كانت في البقر؟ في ذلك قولان: أحدهما: أنه ~~لا يكلف ذلك إذ في الحديث النص على الذكر، والثاني: أنه يكلف قياسا على ~~المأخوذ من (3) الإبل [فإنها الإناث] (4). # ... ### | باب في زكاة الغنم ### | (نصاب الغنم والواجب فيها) # وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أسقط عنها الزكاة قبل أن تبلغ ~~أربعين؛ فإذا بلغتها ففيها شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت (5) واحدة ففيها ~~شاتان إلى مائتي شاة، وإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، ثم ما ~~زاد ففي كل مائة، شاة. ويكاد [ألا] (6) يظهر في هذا التقدير إلا حقيقة ~~التعبد. واختلف في ### | صفة المأخوذ # منها على ثلاثة أقوال: فقيل: يجزي الجذع والثني من المعز والضأن ذكرا كان ~~أو أنثى، وقيل لا يجزي إلا أنثى، لكن PageV02P878 # # تجزي جذعة كانت أو ثنية من المعز أو الضأن. وقيل: حكمها حكم الأضحية لا ~~يجزي إلا الجذع من الضأن ذكرا كان أو أنثى، والثني من المعز ذكرا كان أو ~~أنثى [إلا أن يكون تيسا] (1) فالقول الأول بناء على أن النظر إلى الجذع، ~~والثني هو ms403 العدل بين خيار المال وشراره. ولم يثبت ما يقتضي أخذ شيء بعينه، ~~فرجع في ذلك إلى العدل بين الشرار والخيار. # والثاني، التفاتا إلى أن هذا عدل لكن المنصوص في الإبل أنها لا تؤخذ إلا ~~إناثا، فيرد هذا الحكم إليها. وأيضا فقد روي مثله عن الرسول - صلى الله ~~عليه وسلم -, وفي سنده ضعف. # وأما القول الثالث فوجهه القياس على الأضاحي. وإنما فرق فيها بين المعز ~~والضأن, لأن المعز لا يلقح منها الجذع، ويلقح من الضأن. فكأن كمال المنفعة ~~لا يحصل في المعز إلا إذا صارت إلى سن الثني. والمطلوب في العبادات ما هو ~~كامل المنفعة. ### | (صفة المأخوذ) # ولا تؤخذ كرائم الأموال كالأكولة والفحولة والربا (2) وهي التي لها ولد ~~وذات (3) اللبن، ولا يؤخذ شراره كالسخال والتيوس والعجفاء وذات العوار (4). ~~وهذا إذا كان في المال رديئا وجيدا. # فإن كان من جنس واحد رديئة كلها أو جيدة كلها، فهل يؤخذ منها إن جمعت؟ ~~قلت أربعة أقوال: أحدها: أنه يؤخذ منها على الإطلاق حتى لو كانت سخالا، ~~قاله ابن عبد الحكم، لكنه ذكر أنه يراعى في قوله ترك الإيجاب (5) والثاني: ~~أنه لا يؤخذ منها بل يكلف رب المال شراء الوسط PageV02P879 # # على ما تقدم. والثالث: يؤخذ منها إلا أن تكون عجافا فلا يؤخذ منها، بل ~~يكلف أن يشتري غيرها. والرابع: أنه يأخذ من الجميع إلا أن تكون كلها سخالا. # وسبب الخلاف هل يقاس ذلك على الحبوب فيؤخذ من كل نوع منها (1)، أو يرجع ~~ذلك إلى عموم ما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه يؤخذ من الوسط. وأما التفرقة ~~بين العجاف وغيرها؛ فإن العجاف لا منفعة فيها فهي كالعدم، وأما التفرقة بين ~~السخال وغيرها فلأن السخال لا تجلب (2) ولا تقوم بأنفسها. وقد نص عمر رضي ~~الله عنه على أنها لا تؤخذ. ### | (هل تؤخذ الزكاة سنة الجدب) # وقد اختلف المذهب هل يبعث السعاة إلى أخذ الزكاة في سنة الجدب على قولين: ~~أحدهما: أنهم لا يبعثون تخفيفا عن أرباب الأموال، إذ أنها معدومة في مثل ~~هذه السنة، [ولأن ms404 المأخوذ يكاد لا تكون فيها منفعة] (3)، والثاني: أنهم ~~يبعثون لوجود أعيان الماشية التي تجب فيها الزكاة. # ... ### | فصل (سن الجذع والثنية من الضأن) # وسن الجذع من الضأن (4) فيه أربعة أقوال: أحدها: أنه ابن ستة أشهر. ~~والثاني: أنه ابن ثمانية أشهر والثالث ابن عشرة أشهر والرابع ابن سنة ~~كاملة. والرجوع في ذلك إلى اللغة فيعول على قول أربابها. وأما الثنية فهي ~~التي طرحت ثناياها. # ... PageV02P880 # ### | باب في أجتماع الأصناف # وأصناف النوع يضاف بعضها إلى بعض فيكمل به النصاب، وتكون كالصنف الواحد ~~كالبخت (1) والعراب (2) والبقر والجواميس والضأن والمعز. لكن النظر في ~~اجتماعها من أيها يؤخذ؟ # ولنبدأ بالغنم؛ فإذا كانت في أول فرضها وهي أربعين (3) وكانت مختلطة، ~~فهاهنا يراعى الأكثر بلا خلاف، فيؤخذ منه إن كان الضأن أو المعز. فإن كانت ~~متساوية فالمنصوص أن الخيار للساعي يأخذ أيها شاء. ورأى أبو الحسن اللخمي ~~أن القياس أن يؤخذ من كل واحدة نصفها، إذ لا ترجيح لأحد الصنفين على الآخر، ~~وفي تخيير الساعي مضرة على رب الغنم (4). وهذا الذي قاله صحيح لولا أنه وقع ~~(5) في مخالفة الأصول من مشاركة الفقراء لرب الغنم. وقد قدمنا أن الأوقاص ~~(6) إنما ضربت في الغنم حتى تجب العين الكاملة، فإن زادت الغنم على ذلك، ~~وهي إذا انفرد كل صنف لا يجب فيه شيء أو تجب في صنف دون آخر، فالحكم كما ~~قدمناه ينظر إلى الأكثر. ويخير الساعي عند التساوي، وهذا (7) كالتسع ~~والسبعين، PageV02P881 # # فإن الأربعين يجب فيها لو انفردت، والتسع والثلاثين [إذا انفردت] (1) لا ~~يجب فيها شيء، أو السبعين مثلا، فإن كل واحدة لو انفردت لم يجب فيها شيء، ~~أو يكون أحد الصنفين أكثر فتجب فيه دون غيره، فإن كملت ثمانين وأحد الصنفين ~~أكثر أخذ من الأكثر أيضا بلا خلاف. وإذا كانت متساوية كان الساعي مخيرا كما ~~قدمناه. # وإن زادت على ذلك فهل يبقى حكم التخيير أو يؤخذ من الأكثر، هاهنا قولان: ~~المشهور أنه يؤخذ من الأكثر، والشاذ تخيير الساعي. وهذا مثلا في أربعين ~~معزة وثمانين ضائنة (2) فينظر في المشهور إلى أن الشاة ms405 واجبة في الجميع، ~~والضأن أكثر فيؤخذ منه. وكذلك إن قلنا إن الشاة واجبة في الأربعين خاصة وما ~~زاد عليها وقص لا يجب فيه شيء، فإن القسمة تقتضي كثرة الضأن إذا قسمنا ~~المأخوذ منها كما يقسم الزائد. ورأى في الشاذ أن كل واحد من الصنفين مستقل ~~في الإيجاب، والزائد عليه غير مؤثر. فإن زادت على ذلك فلا يخلو من أن يكون ~~الصنفان (3) مستقلين في الإيجاب وهما (4) متساويان، أو يكون أحدهما أكثر ~~لكنهما مستقلان أيضا، أو يكون أحدهما مستقلا والآخر غير مستقل؛ فإن استقلا ~~وتساويا كمن له خمس وستون ضائنة (5) ومن المعز مثلها (6)، فهاهنا تؤخذ ~~واحدة من كل صنف بلا خلاف. وإن استقلا وأحدهما أكثر من الآخر، فهاهنا ~~قولان: مذهب الكتاب أنه تؤخذ شاة من الأكثر، وينظر إلى الباقي فإن كان ~~الصنف الثاني مستقلا بنفسه والباقي [من] (7) المأخوذ منه دونه أخذت شاة من ~~الصنف الثاني، فإن كانا متساويين خير الساعي، وإن كان المأخوذ منه أولا ~~أكثر (8) أخذ PageV02P882 # # منه (1). ومذهب سحنون أنه يؤخذ من المأخوذ منه على الإطلاق فيؤخذ من ~~الأكثر شاتان. ومثال هذه أن يكون للإنسان عشرون ومائة ضائنة وأربعون معزة ~~فإنه يؤخذ منه على المشهور ضائنة ومعزة، وعلى مذهب سحنون ضائنتان، أو يكون ~~له مائة وثلاثون (2) ضائنة وأربعون معزة فيكون الخلاف كما قدمناه وإن كان ~~له ثلاث مائة وأربعون ضائنة وأربعون معزة فيكون الخلاف كما قدمناه، وإن كان ~~له ثلاثمائة وأربعون ضائنة وستون معزة فيؤخذ منه بلا خلاف ثلاث ضوائن على ~~أصليهما, لأنه إذا أفرد الباقي عن ما وجبت (3) فيه الشاتان من (4) الضأن ~~كان أكثر من المعز. وعلى ما قدمناه عن ابن مسلمة (5) تكون عليه ضائنتان، ~~وخير الساعي في المعزة. # ومثار (6) الخلاف بين ابن القاسم وسحنون أن ابن القاسم يقدر الأخذ من ~~الأكثر حتى يكمل به تمام النصاب، ثم يلتفت إلى التقدير في الباقي فينظر إلى ~~الكثرة والتساوي. وسحنون يقدر الوجوب في حالة واحدة فيفض (7) الأكثر على ~~الأقل. وإذا فض ذلك أخذ من الأكثر على الإطلاق. وقد ألزم أبو الوليد الباجي ms406 ~~ابن القاسم مذهب سحنون في قوله في الكتاب فيمن له أربعون جاموسا وعشرون ~~بقرة: إنه يأخذ تبيعا من كل واحد منهما (8). وهذا الإلزام ليس بشيء لأن ابن ~~القاسم استمر على أصله, لأنه PageV02P883 # # أخذ تبيعا من ثلاثين، وبقي عشرون وعشرة من الأربعين. والواجب فيها تبيع ~~فيؤخذ من الأكثر منهما، والعشرون بلا شك أنه أكثر، وإنما يجب أخذ تبيعين من ~~الأكثر على مذهب سحنون القائل بالفض (1) كما تقدم. # وألزم ابن القاسم أيضا أبو الحسن اللخمي أن يقول فيمن له اثنان وثمانون ~~ضائنة وتسع وثلاثون معزة أن يأخذ من ذلك ضائنة ومعزة، واستقرأه من مسألة ~~الجواميس والبقر, لأنه يأخذ عن مائة وعشرين شاة واحدة، ويبقى الزائد مع ~~المعز فيؤخذ منه شاة أو يأخذ من الثمانين ضائنة وتبقى الاثنان والتسع ~~والثلاثين فيأخذ منها معزة لأنه الأكثر (2). وهذا الذي قاله صحيح إن قلنا ~~إن الأوقاص مزكاة، وإن قلنا إنها غير مزكاة فإنه يقع الأخذ هاهنا عن ~~الأربعين ثم يبقى من الضأن اثنان وأربعون فيؤخذ منها. وإن أضيف إليها المعز ~~فهو يسير بالنسبة إليها، وإن ظن أن الأربعين إذا أخذ منها بقي ما بعدها ~~وقصا، فليس تقدير الباقي وقصا بأولى من تقدير المعز وقصا. # وبالجملة فالتسع والثلاثون (3) غير قائمة بنفسها والاثنان والثمانون أكثر ~~فيؤخذ منها الشاتان (4) جميعا. ويختلف لو كان يملك عشرين ومائة ضائنة ~~وأربعين معزة هل تؤخذ الشاتان من الضأن، وهذا بناء على أن الأوقاص غير ~~مزكاة. لكن يجعل المعز هاهنا وقصا، أو يؤخذ من كل واحد شاة لأن الواحدة (5) ~~مأخوذة عن مائة وعشرين ضائنة والأخرى عن الأربعين معزة. وقد قدمنا أن ابن ~~القاسم يقول في هذه الصورة: تؤخذ شاة من كل واحدة منهما. وأن سحنون يقول: ~~تؤخذ شاتان من الأكثر. وبينا وجه قوله وهو ينبني (6) أيضا في هذه الصورة ~~على القول بأن الأوقاص غير مزكاة، وهكذا PageV02P884 # # يجري الأمر في البقر والجواميس ويسهل الحساب فيها لقرب النصاب (1) وكذلك ~~في الإبل [والبخت] (2). # ولو كان للإنسان أربعون من نوع البقر وعشرة من نوع آخر لأخذ من الأكثر ms407، ~~وإن تساويا خير الساعي. وإن كان له عشرون من نوع وعشرة من آخر فلا شك أنه ~~يؤخذ من الأكثر. # وقد قدمنا ما يجري من الخلاف إذا كان له أربعون من نوع وعشرون من نوع ولو ~~كان بدل العشرين ثلاثون لم يختلف المذهب هاهنا أنه يؤخذ عن الأربعين منها ~~وعن الثلاثين منها. وهكذا يجري الأمر كلما كثرت. # وإن كانت الإبل مما تجب فيه الزكاة (3) من سن واحد كحقتين أو بنتي لبون، ~~يجري الأمر أيضا على ما تقدم في الغنم. ولو كان له أربعون بختا ومثلها عراب ~~وجبت بنتا لبون، واحدة من كل صنف. وكذلك لو كانت خمسة وأربعين من صنف ~~ومثلها من صنف آخر، لكان الحكم كالأول. ولو كانت له خمسون بختا وثلاثون ~~عرابا لكان الحكم أيضا كما تقدم, لأن كل واحدة لو انفردت وجبت فيها بنت ~~لبون. وهذا بين على مذهب ابن قاسم. وأما على رأي سحنون الذي يقدر الفض (4) ~~[فيها ويفض هاهنا الأكثر على الأقل] (5) ويوجب بنتا (6) لبون من الأكثر، ~~ولو كانت أربعا وخمسين بختا وستا وثلاثين عرابا يجري على القولين. وهكذا ~~يجري الأمر في الحقاق. وفيما قدمناه كفاية بحسب هذا المجموع. # ... PageV02P885 # ### | فصل (حكم زكاة القراض إن كانت ماشية) # وقد قدمنا حكم زكاة القراض إذا كان عينا أو عرضا، فإن كان ماشية ومر به ~~الحول فلا يختلف هاهنا أنها تؤخذ منها الزكاة معجلة، وتؤخذ من الماشية إن ~~كان القدر المأخوذ موجودا فيها، فإن لم يوجد كلف ربها بأن يأتي بما يجب ~~عليه، وإذا أخذ فهل تلغى كأنها خسارة وقعت في المال، أو يحسب على رب المال ~~في رأس مالها، أو يحسب عليه وعلى العامل بحسب ربحه؟ في المذهب ثلاثة أقوال، ~~وهي على ما تقدم. # فمن (1) رأى أن الزكاة واجبة في النماء وهو موجود في المال ألغاها جملة ~~وقدرها [كالذاهب] (2) من جملة المال. # ومن اعتد بها (3) رأى أن المساكين كالشركاء وقد أخذوا جزءا من المال. لكن ~~هل يقدر ملك العامل للربح من يوم التحريك أو عند حصوله؟ وقد قدمنا الخلاف ms408 ~~في ذلك، فإن قدرناه مالكا من يوم التحريك حوسب بجزء الزكاة في نصيبه، وإن ~~لم يقدره مالكا إلا (4) يوم الحصول كان ذلك على رب المال خاصة. # ... ### | فصل (زكاة الماشية إذا كانت للتجارة) # زكاة الماشية مأخوذة من (5) عينها، ولهذا نقول (6) إنها إذا كانت نصابا ~~فأكثر أخذت منها زكاة العين لا زكاة القيمة, لأن زكاة العين هي الأصل وزكاة ~~PageV02P886 # # القيمة إنما تؤخذ على تقدير كون العروض كالعين على ما تقدم. فمن ملك ~~ماشية؛ فإن كانت دون النصاب جرت على حكم العروض، وإن كانت للقنية فلا زكاة ~~فيها، وإن كانت للتجارة قومها المدير وزكى غيرها (1) إذا باع. وإن كانت ~~للقنية. جرت على القولين فيما اتخذ من العروض للقنية (2)، هل تكون فيه ~~الزكاة إذا بيعت أم لا (3)؟ وإن كانت نصابا وهي للقنية (4) لا للتجارة ~~زكاها زكاة العين [إذا مر بها الحول. وإن كانت للتجارة فكذلك أيضا. ولا ~~تقوم (5) وإن كان مديرا لما قلناه من تقويم زكاة العين] (6). لكن إن باع ~~التي للتجارة قبل أن يحول الحول أو قبل إتيان الساعي رجعت إلى حكم أصلها في ~~التجارة، وإن باع التي للقنية فهل يستقبل بها حولا أو يبني حول ثمنها على ~~حول عينها؟ في المذهب خلاف نذكره في الباب الذي يلي هذا إن شاء الله. # ... ### | باب في حكم (7) بدل الماشية # ومن ملك ماشية فأبدلها بعين أو بماشية فرارا من الزكاة، فإنه يؤمر (8) ~~بزكاة الأول، ولا يمكن من قصده إلى سقوط الزكاة، وهذا بلا خلاف. فإن لم يكن ~~فرارا فلا يخلو من أن يبدلها بعين أو ماشية، فان أبدلها بماشية فلا يخلو من ~~أن تكون من نوعها أو من غير نوعها، ولا يخلوا أن يتخلل ذلك عين أو لا ~~يتخلله. PageV02P887 # # فإن أبدل ماشية بعين والماشية للتجارة فقد قدمنا أنه يبني على حكم حول ~~الأصل، ولا يختلف في ذلك. وإن كانت لغير التجارة وهي دون النصاب يستقبل ~~بالثمن حولا، وإن كان فيه نصاب أو (1) أضافه إلى ما يكمل به النصاب, لأن ~~هذه لا زكاة في أصلها المبيع فيضاف ms409 الثمن إليه. # فإن كانت نصابا فباعها بعين فهل يستقبل به حولا أو يبني على حول الماشية؟ ~~في الكتاب قولان، (2) فمن التفت [إلى أن] (3) الأولى مزكاة والثانية كذلك ~~حكم بالإضافة، ومن التفت إلى اختلاف أحكام الزكاة وأنها غيرها (4) حقيقة ~~وإنما زكيت الأولى وإن كانت في معنى العروض لوجود النماء فيها عدها كالعروض ~~للقنية. وهكذا القولان أيضا لو كانت الأولى عينا فاشترى بها ماشية فهل تزكى ~~أم لا؟ وهما على ما قدمناه. # وإن كانت الأولى ماشية وأبدلها بماشية من غير صنفها كإبل وغنم أو بالعكس، ~~فلا يخلو من أن يكون كل واحد منهما نصابا، أو غير نصاب، أو أحدهما [نصابا] ~~(5) دون الآخر؛ فإن كانت كل واحدة نصابا فقولان: المشهور الاستقبال ~~بالثانية حولا، والشاذ بناؤها على حول الأولى. وهما على ما قدمناه من ~~الالتفات إلى جريان الزكاة [فيهما] (6). [والثاني بناء على الالتفات إلى ~~اختلاف [معناهما في] (7) الزكاة. # فإن (8) كانتا جميعا دون النصاب فلا شك في الأحكام (9) للزكاة] (10) ~~PageV02P888 # # وكذلك إذا كانت الثانية دون النصاب ولم يقصد الفرار. وقد قدمنا الحكم (1) ~~إذا قصده. # وإن كانت الأولى دون النصاب والثانية نصابا فقولان على القول بجريان ~~الزكاة: أحدهما: سقوط بناء الثانية على [حول] (2) الأولى لما كانت الأولى ~~[لا] (3) تجب فيها الزكاة، والثاني: وجوب البناء على أصل ملكه الأول (4)، ~~ويعد (5) هذا إكمال النصاب (6) كالربح. # وإن كانت الماشية الثانية من نوع الأولى (7)؛ فالمشهور من المذهب بناء ~~حول الثانية على حول الأولى لأنهما لما تجانسا فكان الثانية هي الأولى ~~بعينها (8). والشاذ الاستقبال بالثانية حولا]] (9). # وهذا اشتراط أن يمضي على العين الواحدة حولا دون أن تبدل، وهذا إذا كانت ~~الأولى نصابا، فإن كانت دونه فلا شك على القول بالاستقبال بالثانية حولا، ~~وإن كانت الأولى نصابا فإنه يستقبل هاهنا. وأما على القول الثاني ففي ~~البناء والاستقبال قولان. وسببهما ما قدمناه من عد الزيادة كالربح ~~والالتفات (10) إلى سقوط الزكاة في الأولى. فإن تخلل ذلك عين كمن باع ماشية ~~بعين ثم يشتري بالذهب (11) ماشية، فهل يبني على حول الأولى أو يستقبل؟ ~~قولان: المشهور أنه ms410 يستقبل إلا أن يكون الأول للتجارة، وهما PageV02P889 # # [على] (1) ما قدمناه [من الخلاف إذا اشترى بالعين ماشية] (2)، فهاهنا ~~أحرى (3) بالبناء إذا التفت إلى الأصل [الأول] (4) والذي بعده وألغى (5) ~~الوسط. فإن استهلكت لإنسان ماشية وأخذ عنها ماشية بدلا عن قيمتها، فهل يكون ~~ذلك كبدل ماشية بماشية، أو كبيع الأول بالعين ثم يشتري بالعين ماشية (6)؟ ~~في الكتاب قولان وهما على الخلاف فيمن خير بين شيئين هل يعد كأنه لم يأخذ ~~إلا ما وجب له فيكون هو (7) كالبدل أو يعد كالتارك للقيمة والآخذ عنها ~~ماشية فيكون كالمتنقل من شيء إلى شيء وفي هذا الأصل في المذهب قولان. # ... ### | باب في زكاة فوائد الماشية # ولا تخلو الماشية من أن تصادف عند مستفيدها شيئا (8) من نوعها أو لا ~~تصادف؛ فإن لم تصادف فبين أنه يستقبل بما أفاده حولا، وإن صادفت عنده شيئا ~~من نوعها فإن كانت الأولى دون النصاب أضافها إلى الثانية بلا خلاف واستقبل ~~بها حولا، ويستوي (9) في هذا حكم العين والماشية. # وإن كانت الأولى نصابا فهل يضيف الثانية إليها فيزكيها لحول الأولى أو ~~يستقبل بها حولا؟ في المذهب قولان: المشهور أنه يزكيها لحول الأولى ~~PageV02P890 # # بخلاف العين. ومذهب ابن عبد الحكم أنه يستقبل بها حولا بمنزلة العين. وقد ~~اختلف في وجه الفرق بينهما على طريقين: أحدهما: أن العين لا سعاة له، فإذا ~~تبقى كل فائدة (1) على حولها, لأنه يخرج الزكاة متى حل حول كل واحدة (2). ~~والماشية لها سعاة فإذا أبقى كل واحدة (3) على حولها أمكن أن تحل الأحوال ~~في وقت لا سعاة فيه فيتأخر إخراج الزكاة عن وقتها، فكان عدلا بين أرباب ~~الأموال والمساكين أن تضاف الثانية إلى الأولى. وأيضا فقد يدعي المالك أنه ~~استفاد البعض بعد لتسقط الزكاة عنه وقت (4) مجيء الساعي، ثم يستمر السقوط ~~إلى العام الثاني فلم يمكن من ذلك [بحمية] (5) الذرائع. والطريقة الثانية ~~أن الماشية لها أوقاص، فلو بقي كل منها على حوله لأدى ذلك إلى مخالفة ~~النصاب الذي قدره النبي- صلى الله عليه وسلم - مثال ذلك أن يكون للإنسان ~~أربعون شاة ms411 ثم بعد مضي نصف الحول مثلا يستفيد أربعين فلو أبقى كل فائدة (6) ~~على حولها لأدى إلى أن يخرج من ثمانين شاتين، وهذا خلاف حكم الشريعة. [وقد ~~يستفيد أربعين أخرى، فيخرج شاة أخرى عنها لو قدر بقاء كل فائدة على حولها، ~~فيصير في عشرين ومائة ثلاث شياه، وهذا خلاف حكم الشريعة] (7). فكان على هذا ~~إضافة الثانية إلى النصاب الأول عدلا بين أرباب الأموال والمساكين. وعلى ~~اختلاف حكم الطريقتين يختلف الحكم بين من لهم سعاة وبين من لا سعاة لهم؛ ~~فإن عللنا بالأول وجب على من لا سعاة لهم أن يزكوا كل مال على حوله، وعلى ~~التعليل الثاني يستوي الأمر فيهما فيضيف الثانية إلى الأولى. [ووجب على من ~~لا سعاة لهم أن يزكوا كل مال على حوله] (8)، وقد نص عليه في PageV02P891 # # المستخرجة (1). ولا يمكن أن يختلف في أن الأوقاص تزكى على الروايتين ~~جميعا، وإنما تزكى الثانية على حولها إذا كانت زائدة على الوقص أو كمل ~~بالأول النصاب. ومثال هذا أن يكون للإنسان أربعون ثم يستفيد أربعين فلا ~~يختلف أنه لا يزكي إلا واحدة, لأن الفائدة الثانية لا تؤثر. وكذلك أيضا لو ~~كانت الفائدة الثانية ثمانين. وإن كانت أكثر من ذلك فهاهنا ينظر إلى اختلاف ~~التعليلين على ما قدمناه؛ فإن كان في موضع فيه سعاة فلا يختلف أنه يضيف ~~الثانية إلى الأولى على المشهور من المذهب. فإن لم يكن له سعاة فهل يزكي عن ~~الأولى شاة فإذا حل حول الثانية زكاها أيضا، هاهنا يتصور الخلاف على اختلاف ~~التعليلين؛ فمن علل بمجيء السعاة زكى كل مال على حاله (2)، ومن علل ~~بالأوقاص أجرى (3) الحكم على المنصوص في المذهب [وإن لم يكن سعاة] (4). # ... ### | فصل (هل يشترط لوجوب الزكاة إتيان الساعي) # وإن لم يكن للماشية سعاة كان حولها كحول العين، وهو مرور الزمان. فإذا حل ~~عليه الحول وجبت الزكاة، فإن كان لها سعاة فهل يشترط في وجوب الزكاة إتيان ~~الساعي؟ في المذهب قولان: المشهور اشتراط ذلك، وإنما لا تجب إلا بوجهين: ~~أحدهما: حلول الحول، والثاني: مجيء الساعي ms412. والشاذ مراعاة الحول خاصة. وهذا ~~قياس على سائر الأموال، والأول نظرا إلى ما استقر في الزمان واستمر عليه ~~العمل. وأيضا فلما كان رب المال ممنوعا من إخراج الزكاة قبل إتيان السعاة، ~~صار الوجوب إنما يتقرر بعد إتيانهم. وعلى هذا اختلف لو مات من حال الحول ~~على ما عنده PageV02P892 # # من الماشية قبل (1) إتيان الساعي فعلى المشهور من المذهب لا يجب عليه ~~شيء، وهكذا قال في الكتاب (2). ولو أوصى بها لكانت في الثلث غير مبدأة (3) ~~على الوصايا لأنها لم تجب، بخلاف أن يوصي بزكاة فرط فيها فإنما تكون مبدأة ~~على الوصايا. القول الثاني أنه يجب إخراجها وإن لم يوص بها، وهذا على ما ~~قدمناه. وعلى هذا أيضا اختلف إذا تخلف السعاة لعذر هل تجزي المخرج أم لا؟ ~~والمشهور أنه لا يجزيه، والشاذ أنه يجزيه. ### | (مسائل تنخرط في هذا السلك) # ومما ينخرط في هذا السلك أن يمر الساعي بإنسان فيجد عنده دون النصاب ثم ~~يعود في رجوعه فيجدها قد كملت بولادة. والمشهور أنه لا يزكي إذ ليس له أن ~~يعود إليه. وقد استقر (4) الأمر أنه لا زكاة (5) عليه في هذا الحول، والشاذ ~~أنه يؤخذ منه, لأن مروره الأول (6) لا يوجب حكما إذ ليس من أهل الزكاة، ~~وإنما يوجبها المرور الثاني. # وينخرط (7) في هذا أيضا أن يمر به الساعي فيسأله عما عنده فيخبره ثم يصبح ~~فيعد عليه فيجد بعضها قد مات أو زادت بولادة؛ فأما إن مات بعضها فالمنصوص ~~أنه يحتسب بما يجد لا بما أخبره. قال بعض الأشياخ: وهذا إذا كان في أعيانها ~~المأخوذ [منها] (8). وأما إن كانت إبلا تزكى بالغنم فإنه يأخذ عما أخبره به ~~لا (9) عما وجد بعد أن أصبح. وفي المذهب قول PageV02P893 # # أنه إن صدقه (1) فيما أخبره به فيأخذ به ولا يلتفت إلى الزيادة والنقصان، ~~وإن لم يصدقه ولم يثق بقوله فإنه يأخذ بما وجد لا بما أخبره. وهذا يحتمل أن ~~يكون تفسيرا ويحتمل أن يكون خلافا، وكذلك عده أبو عمران. # وبالجملة هذه المسألة تجري على ما قدمناه في زكاة ms413 العين إذا ضاعت بعد ~~الحول وقبل إمكان الأداء. وقد تقدم أن المشهور من المذهب أنه لو بقي دون ~~النصاب لم يأخذ منه شيئا، و [أن] (2) الشاذ أنه يأخذ مما بقي بحسابه. # وكذلك يختلف إذا ماتت وبقي منها دون النصاب، هل يأخذ مما بقي معولا على ~~خبر رب المال أو لا يأخذ وهو المشهور من المذهب؟ وإنما يكون ذلك إذا عول ~~على خبره، وأما إن لم يعول عليه وعول على أنه يعد فيأخذ بما وجد، فإنه [لا] ~~(3) يختلف أنه لا يلتفت إلى ما كان قبل العدد. وأما لو زادت. بالولادة، فإن ~~لم يعول على خبره إخذ بما يجد عند العدد، وإن عول عليه ووفق به فهاهنا ~~للمتأخرين قولان: أحدهما: أن المذهب على قول واحد، أنه ينظر إلى ما عول ~~عليه. والثاني: أن المذهب على قولين: أحدهما: أنه لا يلتفت إلى خبره, لأن ~~هذا من الأموال الظاهرة، فلا يلتفت فيها إلا إلى الموجود لا إلى خبر ~~المالك. والثاني: أنه إن كان موثوقا بقوله وصدقه فقد صار حكما بأن الواجب ~~عليه مقدار ما أخبره به، لا سيما أن الأمر (4) على ما أخبره، وإنما زادت ~~بالولادة [أو نقصت بإتلاف] (5). # ولو أخذ الساعى في العدد بعد النظر وبقي الشطر الآخر لم يعده حتى (6) تلف ~~بعض المعدود أو زاد بالولادة، فهل يكون عدها كالحكم بأن الواجب فيه ما ~~استقر عنده من عدد؟ فيه للمتأخرين قولان: أحدهما: أنه PageV02P894 # # كحكم استقر عنده فلا يلتفت إلى زيادته ولا نقصانه بمنزلة ما لو عد ~~الجميع. والثاني: أنه يعول على الزيادة والنقصان؛ لأنه لا يستقر الوجوب إلا ~~بعد عد الجميع. # إذا قلنا باستقرار الوجوب في المعدود فتلف منه البعض حتى لم يبق من ~~الجميع إلا مقدار دون النصاب، أو تلف طير المعدود فكان المعدود دون النصاب، ~~فهل يزكي ما بقي؟ هذا يجري على الخلاف الذي قدمناه في العين يتلف منه شيء ~~بعد حلول الحول، وقبل إمكان الأداء. وكذلك أجراه الأشياخ على هذا المعنى، ~~وتقدم في ذلك القولان. # ... ### | باب في أحكام الخلطة ms414 في الماشية ### | (معنى النهي عن الجمع بين المفترق) # وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع ~~خشية الصدقة" (1). وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية. ولا ~~خلاف أن للخلطة تأثيرا في زكاة الماشية على الجملة وإن اختلف في التفاصيل. ~~ومعنى نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الجمع بين المفترق عند مالك وأصحابه ~~أن يكون اثنان لهما غنم يجب في افتراقهما أكثر مما يجب في اجتماعهما، فإذا ~~أطلهما (2) الساعي جمعا ليخففا عن أنفسهما، كاثنين، لكل واحد منهم أربعون ~~أو ستون فتجب عليهما في الافتراق شاتان ومع الاجتماع واحدة. فنهيا عن الجمع ~~ليسقطا بعض ما وجب عليهما. ### | (معنى النهي عن التفريق بين المجتمع) # ومعنى النهي عن التفريق أن يكونا خليطين لواحد مثلا مائة وعشرون ~~PageV02P895 # # وللآخر إحدى وثمانون، فإذا أطلهما الساعي فرقا ليؤدي كل واحد منهما شاة، ~~وفي الاجتماع يجب عليهما ثلاث شياه. # فإذا فعلا ما نهيا عنه من التفريق أو من الجمع فالمذهب أن يأخذا بزكاة ما ~~كانا عليه في الأول. واستقرأ أبو الحسن اللخمي من مسألة البائع ماشيته ~~فرارا، أنهما يؤخذان هاهنا بزكاة ما رجعا إليه، كما قاله في مختصر ابن ~~شعبان في مسألة البائع فرارا، أنه يؤخذ بزكاة العين (1). وهذا الاستقراء لا ~~يلزم لأن تلك الماشية قد أخذت فيها الزكاة، وقد لا يختلف الحال بين زكاة ~~الماشية وزكاة العين، وربما كانت زكاة العين أنفع للمساكين. وفي مسألة ~~الخلط يختلف اختلافا بينا كما مثلنا به. ### | (بما يعرف القصد إلى الفرار) # وبأي معنى يحصل ظهور القصد إلى الفرار بالتفريق أو الجمع؟ أما إن قامت ~~(2) قرينة حال تدل على القصد بذلك فينبغي أن يعول عليها ولا يلتفت إلى ~~الزمان، وأما إن لم تقم قرينة حال فهل يرجع إلى الزمان أم لا؟ في المذهب ~~قولان: المشهور أنه يستدل على ذلك بقرب الزمان، والشاذ أنه لا يستدل عليه ~~بزمان أصلا بل ينظر إلى ما يظهر من قرينة الحال، ولا شك أن هذا هو الأصل. ~~وإنما مراعاة الزمان [طلبا ms415 للاستدلال على قصد الفرار من الزكاة بقرب ~~الزمان. وإذا قلنا بمراعاة الزمان] (3)، فما مقداره؟ ثلاث روايات: أحدها: ~~أنه الشهران ونحوهما، والثاني: أنه الشهر، والثالث: أنه دون الشهر. # ولا يظهر لهذا التحديد معنى يؤدي إليه حتى يكون غيره في حد الطرح (4)، بل ~~تحريم الجمع (5) على قرب الزمان. فكل منهم شهد بنوع، والأصل كما قلناه ~~مراعاة ظهور القصد. PageV02P896 # # وإذا وقع الإشكال في هذا القصد، هل تجب اليمين أم لا؟ يجري على الخلاف في ~~أيمان التهم، وقد تقدم أن فيها ثلاثة أقوال. # ... ### | فصل (أقسام الخلطة) # وإذا تقرر ما قدمناه، قلنا بعده: الخلطة على قسمين: أحدهما: الاشتراك في ~~أعيان الماشية، فهؤلاء يسمون خلطاء وشركاء، والثاني: الاشتراك في الانتفاع، ~~فهؤلاء يسمون خلطاء ولا يسمون شركاء. ومحمل (1) الحديث المتقدم في التراجع ~~إلى القسم الثاني لا إلى الأول. وفيه يصح التراجع إذا أخذ من ماشية أحدهما. ~~وأما مع (2) الاشتراك، فلا يأخذ إلا مما هما (3) مشتركين فيه، ولا معنى ~~للتراجع. وقال أبو الحسن اللخمي: يصح التراجع بين الشريكين على أحد قولي ~~مالك رحمه الله أن الأوقاص غير مزكاة، (4) (5) إذا كان لأحد الشريكين ثلث ~~وللآخر الثلثان، والجملة عشرون ومائة من الغنم، فإنه هاهنا إذا أخذ شاة يجب ~~أن يكون نصفها على صاحب [الثلث والنصف على صاحب] (6) الثلثين. فإذا أخذها ~~من الجملة فقد فضل صاحب الأربعين بسدس شاة (7) يرجع عليه بها, لأن الواجب ~~على صاحب الأربعين (8) نصف وهو إنما أدى على الحقيقة الثلثين. # ... PageV02P897 # ### | فصل (أحكام الخلطة) # وإذا تقرر ما قلناه، قلنا ما بعده من أحكام الخلطة تحصر (1) في ثلاثة ~~فصول: أحدها: ما يوجب الخلطة، والثاني: [في] (2) حكم المأخوذ من الخليطين ~~(3). والثالث: في حكم الخليط يكون له خليط آخر وماشيته منفردة عن الاختلاط ~~(4). ### | (موجبات الخلطة) # فأما الفصل الأول؛ فإن موجبات الخلطة خمسة وهي: الراعي والفحل والدلو ~~والمراح والمبيت. ومعنى هذه: أما الراعي فأن (5) يكون راعي الغنم واحدا أو ~~جماعة مشتركين بإذن أرباب الأموال. واشترط أبو الوليد الباجي الافتقار (6) ~~إلى جميعهم، فإذا حصل هذا المعنى عد هذا شرطا من شروط الخلطة. فأما ms416 الفحل ~~فأن يكون فعل جميع الغنم واحدا أو جماعة يشتركون في أعيانها (7)، أو يكون ~~كل واحد منها (8) يضرب [في] (9) الجميع، واشترط أيضا أن يفتقر إلى الجميع. # وأما الدلو فمعناه السقي، ومقتضى اللفظ أن يسقى الجميع بدلو واحد، لكن ~~ألحق بذلك الاشتراك في الماء، إما أن يكون موضعه مملوكا أو تكون المنفعة ~~فيه مشتركة. PageV02P898 # # وأما المراح فاختلف فيه على قولين: أحدهما: أنه الموقع (1) الذي تقيل فيه ~~الغنم، والثاني: أنه الذي تجمع فيه ثم تنصرف منه إلى المبيت. ويشترط فيه ~~أيضا أن يكون مملوك الرقبة لجميعهم أو مملوك المنفعة. فإن كانت مواضع ~~كثيرة، فيفتقر أن يكونوا محتاجين إلى جميعها، وكذلك الحكم في المبيت. # وقد (2) أضيف إلى هذه الشروط، [المسرح (3) وهو الموضع الذي ترعى فيه. ~~وهذا يكفي فيه اتحاد (4) الراعي أو تعاون الرعاة. وإذا تقررت هذه الشروط] ~~(5)، فلا خلاف أنه لا يشترط في ثبوت الخلطة وجود جميعها. واختلف المذهب بعد ~~ذلك في المعول عليه منها على أربعة أقوال: أحدها: أنه جلها، والثاني: أنه ~~اثنان ما كان منهما، والثالث: أنه الراعي، والرابع: أنه الراعي والمرعى. ~~وهذا كله تحريض (6) على حصول الاشتراك في المنفعة التي تجعل المالكين ~~كالمالك الواحد. # فمن التفت إلى كثرة الاشتراك اشترط الجل حتى يكون ما يفترقان (7) فيه ~~تابعا، ومن التفت إلى حصول الاشتراك جملة اشترط أثنين لأن الواحد لا يحصل ~~به المقصود، ومن التفت إلى الراعي فلأنه يرى أنه إذا اجتمعت فيه حصل [به] ~~(8) الاجتماع في غيره، وكان إضافة المرعى (9) إليها إنما ما هو تتميم، وإلا ~~فإذا اجتمعت في الراعي لا بد أن يجمعها في المرعى. ويمكن أن ترجع هذه ~~الأقوال إلى معنى واحد، وهو اجتماع الجل. ويكون المذهب على قولين: أحدهما: ~~اشتراط الجل، والثاني: اشتراط اثنين، والتفات الجميع PageV02P899 # # إلى حصول الاختلاط فيما يجعل المالكين في المرافق كالمالك الواحد. # ... ### | فصل (شروط زكاة الخلطة) # وأما أحكام (1) زكاة الخلطاء فقد قدمنا أن شروط الخلطة إذا حصلت عد الملك ~~كالمتحد، وذلك عندنا بشروط: أن يكون كل واحد من الخلطاء مخاطبا بالزكاة, ~~لأنه ملك النصاب ms417، وقد حل على [غنمه] (2) حول. فإن لم يكن كذلك فلا تأثير ~~لخلطته. ### | (حكم من كان خليطه يهوديا أو ذميا) # واختلف المذهب لو كان يهوديا أو ذميا أو عبدا هل يزكي خليط المسلم زكاة ~~الانفراد أو زكاة من له خليط؟ والمشهور من المذهب أنه يزكي زكاة المنفرد. ~~والشاذ أنه يزكي زكاة من له خليط. واستقرأ أبو الحسن اللخمي من هذا مراعاة ~~الخلطة (3) إذا نقص نصيب أحدهما عن النصاب، أو لم يحل على غنمه الحول. ~~والجامع عنده أن كل واحد من الذمي والعبد والمالك دون النصاب والذي لم يحل ~~(4) على غنمه الحول غير مخاطب بالزكاة. فإذا اختلف في أحد هؤلاء وجب إجراء ~~الخلاف في الباقي (5). وليس كما قاله لأن الذمي قد اختلف فيه الأصوليون ~~والمذهب هل هو مخاطب بفروع الشريعة أم لا؟ والخلاف [في مراعاة] (6) خلطته ~~على هذا الأصل؛ فمن قال إنه غير مخاطب [جعل خلطته غير مؤثرة ومن قال إنه ~~PageV02P900 # # مخاطب] (1) حكم بتأثيرها. لكن يوجب على من خالطه من المسلمين ما يلزمه ~~ويكون الذمي كالظالم للمساكين بإمساك ما يلزمه. ### | (حكم زكاة ما بيد العبد) # والعبد قد اختلف الناس في زكاة ما بيده، فقيل: تجب على سيده لأنه غير ~~مالك أصلا، وقيل: عليه في نفسه لأنه مالك حقيقة، وقيل وهو المذهب لا يجب ~~عليه شيء. والقول بمراعاة خلطته مبني على مراعاة الخلاف، والإجماع على أن ~~من قصرت غنمه عن النصاب أو لم يحل عليها الحول لا يجب في نفسه شيء، فكيف ~~يقاس بعضهم على بعض؟ ومقتضى حكمها (2) بأن الخلطاء كمتحدي الملك, لأن ~~أحدهما لو كان معه معز وللآخر ضأن لكانا كالمالك الواحد وجرى في حكم ما ~~تقدم على حكم المالك (3) تكون غنمه مختلطة. وهذا نص في كتاب ابن سحنون. ### | (حكم زكاة الأوقاص) # واختلف المذهب في الأوقاص هل هي مزكاة أم لا؟ وعلى هذين القولين سيأتي ما ~~في الكتاب في خليطين؛ لأحدهما تسع (4) من الإبل وللآخر خمس (5) هل يقتسمان ~~المأخوذ منهما على أربعة عشر جزءا أو على التساوي؟ (6) فإن حكمنا بزكاة ~~الأوقاص فعلى ms418 التفاضل، وإن حكمنا أنها غير مزكاة فعلى التساوي. # وسبب الخلاف إلغاؤها قبل كمال النصاب الثاني والاعتداد (7) بها بعد ~~كماله، فمن نظر إلى الإلغاء قال لا شيء فيها، ومن نظر إلى الاعتداد ~~PageV02P901 # # أوجب. ولا خلاف في الاعتداد بما لو كان لأحدها تسعة والآخر ستة, لأن ~~الأوقاص هاهنا أثرت زيادة الشاة فلولا الواحدة والأربعة الزائدة على خمسة ~~كل واحد لم يجب إلا شاتين، وإنما لفقت الأوقاص [هاهنا] (1) لما قدمناه من ~~عد الخليطين كالمالك الواحد. وهكذا تنقلهم الخلطة إلى أن يخرجا من الإبل , ~~وإن كان الانفراد يقتضي إخراج الغنم أو يخرج أحدهما، وقد ينقلها من فرض إلى ~~فرض وهذا بين إذا اعتبر. # ... ### | فصل (2) (حكم أخذ الساعي من الخليطين ما لا يجب عليهم) # وإذا تقرر أن أصلنا اشتراط النصاب في حق كل واحد منهما، فإذا اجتمعا (3) ~~وليس لكل واحد منهما نصاب فلا زكاة عليهما، وإن كان لأحدهما نصاب والآخر ~~دونه فالزكاة على من في حظه نصاب. فإن خالف الساعي هذا الحكم فأخذ ولا يجب ~~الأخذ (4) فلا يخلو من أن يكون المجتمع عنهما غير نصاب أو نصابا، فإن قصرا ~~(5) عن النصاب فهو غاصب، تكون (6) مصيبتها من أخذت من غنمه. # وإن أكمل باجتماعهما نصاب فإن قصد إلى الغصب فالحكم كالأول, وإن أخذ ~~بتأويل فالمذهب أنهما يتراجعان في المأخوذ، وهذا على مراعاة الخلاف، أو لأن ~~(7) الساعي كالحاكم في مضي حكمه (8) بلا خلاف. PageV02P902 # # وإن كان لأحدهما نصاب وللآخر دونه، فلا يخلو من أن يضر الذي له النصاب ~~بالآخر حتى يوجب بالتأويل زائد أو لا يضره؛ فإن ضره كمن له مائة وعشرون من ~~الغنم وللآخر إحدى عشر، [فجاء الساعي فأخذ شاتين فإن أخذهما بغير تأويل ~~فواحدة على رب النصاب، والثانية مصيبة ممن أخذت] (1) منه، وإن أخذها بتأويل ~~ففي المذهب قولان: أحدهما: أنهما يتراجعان في الشاتين، إذ كذلك قصد الآخذ ~~فيمضي حكمه (2) يكون كحكم (3) بما اختلف الناس فيه. والثاني: أن واحدة تكون ~~ممن له النصاب لأن ذلك هو الواجب عندنا، والثانية يتراجعان فيها لأنها [من] ~~(4) التي وقع فيه التأويل. # وأجرى ms419 الأشياخ المتأخرون على هذا ما لو كان لأحدهما اثنان وثلاثون من ~~الإبل وللآخر أربعة فجاء الساعي وأخذ بنت لبون؛ فعلى القول الأول يتراجعان ~~فيها، وعلى القول الثاني يكون على صاحب الأكثر بنت مخاض، وينظر إلى قيمة ما ~~زادت بنت لبون عليها فيتراجعان فيها. قال أبو الحسن اللخمي: ويجري فيها قول ~~ثالث: - يعني في مسألة الغنم - أن الشاة الزائدة (5) يكون على كل واحد ~~منهما نصفها، قال: بمنزلة ما لو شهد أربعة بالزنا واثنان بالإحصان ثم رجعوا ~~ففي الدية قولان: أحدهما: أنها تكون على [عدد] (6) الرؤوس، والثاني: أنها ~~تكون نصفين: نصف علي الشهود بالزنا, ونصف على الشهود بالإحصان (7) والجامع ~~عنده أن كل واحد في الخليطين مؤثر في أخذ الزائد، كما أن كل فريق من هؤلاء ~~الشهود مؤثر في وجوب الرجم. # ولا يلزم ما قاله لأن القول [بكون] (8) الدية (9) شطرين نظرا إلى أن ~~PageV02P903 # # الإحصان يستقل بالإثنين كاستقلال (1) الزنا بالأربعة فهم في المعنى ~~كالمتشاطرين (2). ومسألة الخليطين، لا شك أن لزيادة العدد تاثيرا في وجوب ~~الزكاة، وفي (3) تأويل المصدق فتقسمت (4) على الأعداد. # وإن كان صاحب دون النصاب غير مضر بالآخر، فإن أخذ الساعي مقدار الواجب ~~فلا شك في اختصاص من له النصاب [به] (5)، وإن (6) زاد عليه فهو ظلم محض ~~يكون ممن أخذ منه. # وقد تقدم أن من وجبت له غنم بأعيانها فالزكاة فيها من يوم الوجوب. وحكم ~~المرأة تتزوج على غنم بأعيانها جارية على هذا الأسلوب. فإذا ما طلقها الزوج ~~فصار إليها نصف صداقها لأن الطلاق قبل الدخول فهل يستقبل حولا من يوم عادت ~~إليه أو يبني على ما تقدم له؟ في المذهب قولان. وهو على الخلاف في المرأة ~~هل تملك الكل بالعقد أو نصفه؟ فإن قلنا إنها تملك الكل استقبل الزوج حولا، ~~وإن قلنا إنها تملك النصف خاصة يبني على الحول الأول. وإذا قلنا إنه يبني ~~على الحول الأول فمن أين يجعله، هل من وقت ملك أو زكى أو من يوم أصدق؟ ~~للمتأخرين قولان: والأكثر وهو الصحيح أنه من يوم ملك أو زكى. وقال ms420 بعض ~~المشايخ من وقت عقد. ويكاد أن لا يكون له وجه إلا أنه يحتمل أنه بالعقد صار ~~كأنه ملك مفتتح فيبنى على ذلك الوقت. # ... ### | فصل (حكم الخليط يكون له خليط آخر) # أما حكم الخليط تكون له ماشية منفردة أو يكون له خليط آخر فيها؛ ~~PageV02P904 # # فإن كان له خليط آخر ففي المذهب أربعة أقوال: # أحدها: أنهم يعدون كلهم خلطاء، ومثاله أن يكون لواحد أربعون وللآخر ~~ثمانون. أربعون منها خالط بها صاحب الأربعين، وأربعون خالط بها الآخر. وإذا ~~عد الجميع [خلطاء] (1) زكوا شاتين على كل واحد من صاحبي الأربعين نصف شاة، ~~وعلى صاحب الثمانين شاة. # والقول الثاني: أن كل واحد من صاحبي الأربعين لا يحتسب بالآخر، وإنما ~~يحتسب بغنم صاحبه الخالط له خاصة. فيكون على كل واحد من صاحبي الأربعين ثلث ~~شاة وعلى صاحب الثمانين [ثلثا] (2) شاة لأنه لا يحسبها مع (3) كل واحد من ~~صاحبي الأربعين. # القول الثالث: أن كل واحد من صاحبي الأربعين لا يحتسب إلا بما معه خاصة، ~~فيكون عليه نصف شاة وعلى صاحب الثمانين شاة (4) , لأنه يجمع (5) جميع ملكه ~~فيضيف بعضه إلى بعض. # والقول الرابع: أن صاحب الثمانين لا يجمع ملكه بعضه إلى بعض، لكن يزكى كل ~~ملك خالط به الآخر كأنه لا يملك غيره. # ولكن هذا القول يوافق القول الأول في هذه الصورة، فيكون عليهما (6) ~~شاتان، على كل واحد من صاحبي الأربعين نصف (7)، وعليه نصفان. والطريق إلى ~~الموافقة في هذه الصورة مختلف (8) , لأنه في القول PageV02P905 # # الأول يجعل الجميع مختلطين (1)، وفي الرابع يجعلهم كالمنفردين بالاختلاط ~~ولا يجمع (2) مالك الثمانين بعضه إلى بعض. وتتصور المخالفة لو كان لواحد ~~خمسة عشر من الإبل خالط (3) بخمسة منها صاحب خمسة، وبعشرة صاحب خمسة أخرى. # فعلى القول الأول يكون على الجميع بنت مخاض، وعلى القول الرابع تكون ~~زكاتهم بالغنم فيزكي كل واحد من صاحبي [الخمسة] (4) شاة واحدة، ويزكي صاحب ~~الخمسة عشر ثلاثة شياه. وأما إذا كان إنسانا مخالطا ببعض غنمه, ونمثله ~~بالصورة الأولى فيكون له ثمانون، خالط بالأربعين [منها من له أربعون] (5)، ~~ولم يخالط ms421 بالأربعين الأخرى. فيجري هاهنا ثلاثة أقوال: أحدها: أنه يكون ~~عليهما شاة، على صاحب الثمانين ثلثاها وعلى صاحب الأربعين ثلثها، والثاني: ~~أن يكون عليهما شاة وسدس، على صاحب الثمانين ثلثان وعلى صاحب الأربعين نصف ~~(6)، والثالث: أنهما يخرجان شاة ونصفا (7)، على صاحب الثمانين شاة وعلى ~~صاحب الأربعين نصف. ### | (مآخذ هذه الأقوال) # وقد تقدم مآخذ (8) هذه الأقوال في أحكام الاقتضاءات، لكنا ننبه عليه ~~هاهنا، وذلك أنه اجتمع في هذه أمران كالمتناقضين: أحدهما: أن الخليط الأوسط ~~يجب ضم ملك بعضه إلى بعض [مع عدم الخلطة، والطرفان ليس PageV02P906 # # بينهما خلطة، فلا يجب ضم ملكيهما بعضه إلى بعض] (1). # فمن غلب حكم الوسط ورأى أن كل واحد منهما يجب ضم ملكه (2)، وهو يجب ضم ~~ملكه (3) بعضه إلى بعض، قال (4) يكون الجميع كالخلطاء. # ومن غلب حكم الطرفين المنفردين أفرد ملك الوسط فجعله كالمالكين أربعين ~~[أربعين] (5) ولم يضم ملكه [بعضه] (6) إلى بعض (7)، وهذا هو القول الرابع. ~~ومن رأى أن الوسط قد حصل لكل واحد من صاحب الأربعين خلطة (8). والخليط يجب ~~أن يضاف جميع ما يملكه إلى ما خالط به، جاء منه القول الثاني. ومن وجب عنده ~~ضم ملك الواحد بعضه إلى بعض وأفرد حكم الخليط لما خالط به، جاء منه القول ~~الثالث. # ... ### | باب في الهارب بماشيته من السعاة # ولا شك أنه متعد في الهروب، فالواجب عليه متعلق بذمته. فلا يختلف المذهب ~~في ذلك، لكن اختلف إذا زادت نعمه بعد أن كانت ناقصة في أعوام، هل يؤخذ بما ~~يوجد في يده من الزيادة على سائر الأعوام؟ وهو الشاذ من المذهب، أو يؤخذ عن ~~كل عام بما في يده؟ وهو المشهور. وكان المشهور هو القياس لأنه إنما يؤخذ ~~بما تعدى عليه، فإذا ظلم فلا ينبغي أن يظلم فيزاد عليه PageV02P907 # # فوق الواجب. لكن أشهب القائل بالمذهب الثاني قد يرى أنه غير مصدق في ~~دعواه النقص في السنين الماضية، أو يقيس (1) ذلك على المشهور من المذهب في ~~من (2) تخلف عنه السعاة، أنه يؤخذ بما تقدم من السنين بما في يديه الآن. ~~وسيأتي بيانه ms422 في الباب الذي يلي هذا. وإذا قلنا إنه لا يؤخذ عن كل سنة إلا ~~بما يملك فيها، فإن كان الأخذ ينقص ما في يديه إما لما أنقص، وإما لأن تسقط ~~(3) عنه بعض السنين لتقصيرها عن النصاب، فهل يبتدئ بالحساب من أول سنة ~~فيؤخذ منه عنها ثم يكون نعمه بعد ذلك لا يجب فيها شيء؟ أو يجب [فيها دون أن ~~يبتدئ بالسنة الآخرة.] (4) ولم يؤخذ عما تقدم لتقرره في ذمته؟ في المذهب ~~قولان. ومثاله أن يكون لرجل إحدى وأربعون شاة فيفر بها أربع سنين ولا تزيد، ~~فيأتي المصدق ويقوم (5) عليه، فالمشهور أنه يبتدئ بالسنة الأولى فيأخذ شاة، ~~ثم شاة عن الثانية فينقص (6) غنمه عن الصدقة، فلا يلزمه غير ذلك. والشاذ ~~أنه يبتدئ بالسنة الآخرة ويأخذ عن جميع ما تقدم لتقرره في ذمته. # وكأن سبب الخلاف في هذا أن الدين يسقط زكاة العين ولا يسقط زكاة الماشية. ~~وقد قدمنا الخلاف أيضا في الدين إذا كان من زكاة هل يسقط الزكاة أم لا؟ ~~وهاهنا الدين من زكاة (7) لكنه متعلق بأعيان الماشية، بخلاف الدين الثابث ~~في الذمة؛ فمن (8) رأى أن الدين لا يسقط زكاة الماشية (9) PageV02P908 # # جعل هذا كالمتقرر في الذمة لم تسقط به الزكاة، ومن رآه] (1) متعلقا ~~بأعيان الماشية بخلاف الدين الثابت في الذمة أسقط به. وقد قدمنا الخلاف في ~~جزء الزكاة هل يتعلق بعين المال حتى يكون المساكين كالشركاء، أو يتعلق ~~بالذمة. وهذا جار على ذلك [الأسلوب] (2). وإذا بنينا على المشهور من المذهب ~~أنه لا يؤخذ من الهارب إلا عما يملك في كل عام فانصرف هاربا بألف شاة، ثم ~~قدر عليه وبيده أربعون، فقال نقصت من وقت الانصراف، فالمذهب أنه لا يصدق، ~~وأنه يؤخذ عن جميع الأعوام على كمال الأنعام [إلا العام الآخر] (3)، وهذا ~~لأنه متعد في الهروب (4)، وقوله غير موثوق به. والأصل الكمال إلا في الوقت ~~الذي نقصت فيه. # ولو انصرف مثلا بأربعين ثم أتى بالألف، وقال إنما استفدتها قريبا فهل ~~يصدق تعويلا على ما تقدم، أو لا يصدق تعويلا على ما ms423 وجد في يده الآن؟ في ~~المذهب قولان. # ... ### | باب في أحكام من تخلف عنه السعاة ### | (حكم من تخلف عنه السعاة فزادت الماشية أو نقصت) # وقد قدمنا الخلاف في السعاة، هل مجيؤهم (5) شرط في الوجوب أو في الأداء؟ ~~والمشهور من المذهب عدهم شرطا في الوجوب، وهذا في بلد فيه سعاة. وأما بلد ~~لا سعاة فيه فلا يختلف أنهم غير معدودين شرطا أصلا. PageV02P909 # # وإذا بنينا (1) على المشهور أن عدهم شرطا [في الأداء] (2)، فإذا تعذر ~~إرسالهم في بعض السنين حتى أقام (3) أرباب الماشية أعواما لم يؤدوا ثم أتى ~~السعاة فإنهم يأخذون (4) عن جميع ما تقدم من الأعوام. وهل ينظر إلى ما يوجد ~~(5) عند أرباب الماشية فيقدر كأنه ملكوه [في] (6) كل عام؟ أما إن كانت ~~الماشية فيما تقدم أكمل، فلا خلاف أنهم لا يضمنون أرباب الأموال وإنما ~~يأخذون عن الأنقص. وأما إن كانت أنقص فكملت فهاهنا قولان: المشهور متن ~~المذهب أنهم ينظرون إلى حالة الموجود (7) فيزكون على مقدارها لما تقدم من ~~السنين. والشاذ أنهم يزكون عن كل عام بقدر المملوك فيه، وهذا [هو] (8) ~~القياس، لأن من تخلف عنه السعاة غير متهم (9).وإذا كان كذلك فلا يؤخذ عنه ~~عن أعوام كانت ناقصة بالإكمال. # ومثال هذا أن يتخلف السعاة عن من يملك ألفا من الغنم مثلا، فيقيم عشرة ~~أعوام ثم يأتي وليس في يده إلا أربعون، فلا خلاف هاهنا أنه لا يزكي إلا ~~شاة، وإن كان بالعكس فكانت أولا أربعين ثم كملت في العام الأخير فالقولان ~~كما قدمناه: هل يؤخذ منه بالألف (10) عن (11) الأعوام كلها، أو إنما يزكي ~~شاة واحدة عن الأعوام المتقدمة وفي العام الأخير تسع شياه، وهذا هو الشاذ, ~~وهو القياس. وأما المشهور فوجهه (12) العدل بين PageV02P910 # # أرباب المواشي (1) والمساكين، فكما لا يضمن أرباب الماشية النقص فكذلك ~~يحاسبون بالزكاة عما تقدم. # وبالجملة تجعل الأعوام كالعام الواحد، وأيضا فقد تخلفت السعاة [للفتنة ~~(2) ثم بعثوا فأخذوا من الناس على ما في أيديهم. فيعد هذا كالإجماع ~~المستقر. وهذا إن (3) تخلفت عنه السعاة] (4) وعنده نصاب , فإن كان عنده ~~دونه ثم ms424 أتت السعاة وقد كمل نصابه أو زاد, فإن كان الكمال بفوائد (5) فلا ~~خلاف أنه لا يحسب عليه إلا من يوم الكمال، وإن (6) كان بولادة فهل يكون ~~كالفائدة أو يجعل جميع الأعوام كالعام الواحد؟ في المذهب قولان. وهكذا إن ~~تخلف عنه وفي يده نصاب ثم نقص في بعض الأعوام ثم كمل بعد نقصه (7)، فيجري ~~على ما قدمناه في هذا من التفصيل؛ فمن عد جميع الأعوام كالعام الواحد أوجب ~~الزكاة ولم يلتفت إلى النقص، ومن علل بالعمل أو التعديل بين أرباب الأموال ~~والمساكين لم يوجب شيئا إلا بعد الكمال. # ولو غاب أعواما عدة مثلا عمن (8) له خمسة وعشرون من الإبل ثم جاء، فإن ~~وجد فيها بنت مخاض أو بنت (9) لبون أخذ ما وجد وزكى ما بقي بالغنم، وإن لم ~~يجد ذلك كلف رب المال الشراء من غيرها. وهل يزكي لجميع الأعوام بالإبل أو ~~يكون الحكم كالأول؟ في المذهب قولان، وهما على الخلاف في تعلق الزكاة بعين ~~المال أو بالذمة؛ فمن علقها بعين المال أوجب عن عام واحد زكاة الإبل ويكون ~~الشراء من غيرها هاهنا PageV02P911 # # كالتعويض (1)، ومن علقها بالذمة أوجب عن الأعوام كلها زكاة الإبل. ### | فصل (متى يبعث السعاة) # وقد تقدم أن أرباب الماشية ينقسم حالهم إلى من لهم سعاة، وإلى من لا سعاة ~~لهم. وذكرنا أن من لا سعاة لهم يكون حالهم في الإخراج كالمالك للعين، وتحل ~~الزكاة عليهم بمضي الحول. وقد ذكرنا الخلاف في مجيء السعاة هل هو شرط في ~~الوجوب أو في الأداء. فمن لا سعاة لهم يزكون بلا خلاف وقت حلول الحول، وأما ~~من له سعاة فمذهبنا أنهم يبعثون في [استقبال] (2) الصيف حين تطلع الثريا ~~بالغداة. وهذا تخفيف عن أرباب الأموال وعن السعاة؛ لأن أرباب الماشية ~~يقيمون (3) في هذا الزمان على مياههم [بالغدو] (4) ويجمعون ماشيتهم، فيهون ~~على السعاة تحصيل مقاديرها وعلى أرباب الأموال إخراج ما يجب عليهم. ### | (وجوب إخراج العين الواجبة لا قيمتها) # وأصل المذهب أن الزكاة لا تخرج بالقيمة وإنما يخرج [الإنسان] (5) العين ~~الواجبة عليه، فإن أخرج قيمتها ms425؛ فأما في الدنانير إذا أخرج عنها دراهم أو ~~بالعكس فقد تقدم الخلاف فيه، فأما الماشية والحرث فالمشهور من المذهب أنه ~~إذا أخرج طوعا القيمة فلا تجزيه، والشاذ أنها تجزيه. وهذا يحتمل طريقين: ~~أحدهما: أنه جائز ابتداء، فيكون وجهه تغليب إرفاق المساكين، ويكون وجه ~~المنع تغليب حكم العبادة. ويحتمل أن يكون غير جائز ابتداء لكن إذا وقع فقد ~~نزل ما اختلف فيه الناس، فيمضي مراعاة للخلاف. PageV02P912 # # وإن أخرج القيمة كرها فلا يخلو أن يكون آخذوها يعدلون في الإصراف أو لا؛ ~~فإن كانوا يعدلون فالمذهب على الإجزاء (1) لأنه [حكم بما] (2) اختلف الناس ~~فيه، وإن كانوا لا يعدلون فهاهنا قولان: أحدهما: الإجزاء، والثاني: عدمه. ~~وهما نظرا إلى أن التعدي على الإخراج يعود بالعداء (3) في الأخذ. وقد قدمنا ~~الخلاف في ولاة الجور يأخذون الزكاة هل يجزي أم لا؟ وإذا أخذوا القيمة ~~فالإجزاء هاهنا يجري على كل أصل ثان وهو حكم الجائر (4) من الولاة إذا قصد ~~إلى الحكم وحكم فأصاب هل يمضي حكمه لأنه وافق الحق، أو يرد لأنه معزول ~~شرعا؟ ### | فصل (حكم زكاة الماشية تغصب وترد لصاحبها) # وقد تقدم الخلاف في المال العين يغصب أو يضيع، ثم يرجع إلى ربه، هل يزكيه ~~لكل عام أم لا؟ أما الماشية تغصب ثم ترد إلى ربها فهل يزكيها لعام واحد أو ~~لما تقدم من الأعوام؟ قولان. وأجراهما الأشياخ على الخلاف في رد الغلات إلى ~~المغصوب منه، وإنما (5) لم يقل واحد من أهل المذهب أن الزكاة ساقطة جملة ~~لأنه [لا] (6) خلاف في رد الأولاد، وهو من أعظم النماء إلا على ما يقوله ~~أبو القاسم السيوري ويستقرئه من مسألة كتاب العيوب في المدونة، وبيانه يأتي ~~في موضعه. ### | (حكم الشجر المغصوب) # وإن كان المغصوب شجرا فهل (7) المذهب متفق (8) على وجوب الزكاة ~~PageV02P913 # # فيها؟ للمتأخرين قولان (1)، وجمهورهم على أنها عارية عن الخلاف, لأن ~~الغلات إن كانت مردودة على ربها فالنماء حاصل له فتجب عليه الزكاة، وقال ~~بعضهم يجري على الخلاف. فإن كان مراده أن الخلاف هل يزكيها المغصوب منه أو ~~الغاصب؟ فيكون ms426 هذا بناء على الخلاف في رد الغلات، فله وجه. وأن أراد أن ~~المغصوب منه لا يزكيه (2) وإن ردت عليه الغلات فبعيد، يكاد أن لا يكون له ~~وجه. # ... ### | فصل (زكاة الماشية المردودة بالعيب) # وقد اختلف المذهب في الرد بالعيب، هل هو نقض للبيع من أصله أو نقض له ~~الآن؟ وكذلك في البيع الفاسد إذا نقض هل يكون كالمنتقض من الأصل أو يوم ~~الحكم؟ وكذلك المردودة (3) بالفلس. وعلى هذا اختلف المذهب في الماشية ترد ~~بعيب أو ينقض البيع الفاسد فيها أو يأخذها ربها لفلس المشتري بعد أن قامت ~~في يد المشتري عاما أو أعواما، هل تزكيه على ملك المشتري أو على ملك ربها؟ ~~وهل ببني ربها على ما تقدم له فيها أو يستقبل فيها حولا؟ وفي كل ذلك قولان. # ... ### | فصل (على من يكون كراء نقل الزكاة) # وقد تقدم الخلاف في سنة الجدب، هل يؤخذ فيها من الماشية أم لا؟ وإذا قلنا ~~بالأخذ بعثت السعاة، وإذا قلنا بنفيه فلا تبعث. وإذا كان من له PageV02P914 # # ماشية بموضع لا تبلغه السعاة؛ فإن كان هناك مساكين أدى إليهم، فإن لم ~~يكونوا وافتقروا إلى النقل فهل يكون كراء النقل عليه لأن الزكاة في ذمته، ~~فعليه أن يوصلها إلى مستحقها؟ أو لا يكون عليه ذلك، بل يكون الكراء من بيت ~~المال إن كان، أو من الزكاة إن لم يكن لأن الزكاة متعلقة بالعين والمساكين ~~كالشركاء [فيها (1)؟ في المذهب في ذلك قولان. وقد قدمنا الخلاف في هذا ~~الأصل (2). # ... ### | باب في زكاة الحبوب والثمار # وقد أجمعت الأمة على وجوب الزكاة في النبات على الجملة، وإن اختلفت في ~~التفاصيل. وقد قال تعالى: {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات} (3) ~~الآية، لكن قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} (4)، ظاهر في تعلق الحق، ~~ومجمل في جنسه ومقداره. وقد أخذ أبو حنيفة من الآية ومن قوله - صلى الله ~~عليه وسلم - "فيما سقت السماء العشر" (5) أن الزكاة واجبة في جميع النبات ~~إلا الحشيش والقصب الهندي، إلى ما قاله من التفصييل الذي لسنا نذكره لأن ~~القصد ms427 بيان المذهب والإشارة إلى مذهب المخالف. وساعده ابن الماجشون [على ~~الإيجاب] (6) في كل ذي أصل كالرمان والسفرجل والتفاح وسائر الثمار، وخالفه ~~في البقول. وعول في هذا على الآية. وألزم أن يقول PageV02P915 # # بما قاله أبو حنيفة في البقول، لقوله تعالى: {وغير معروشات} (1) الآية، ~~لكن قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} (2). وقد اعتذر المشهور من المذهب ~~عما تقتضيه الآية، بأنه تعالى علق الحق بيوم الحصاد؛ فإنما يكون ذلك فيما ~~يكون فيه الحصاد، وأيضا فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد روي عنه أنه ~~استثنى البقول والفواكه فأسقط منها الزكاة (3). # ومن جهة المعنى (4) أن الزكاة تتعلق بالأموال الشريفة (5) التي هي قوام ~~الحيوان (6)، أو قوام معيشته كافية [كالعين] (7) والنعم، ويجب أن يختص من ~~النبات بما فيه هذا المعنى وليس إلا الأقوات. # ... ### | فصل (أركان هذا الباب) # وإذا تقررت هذه المقدمة (8) قلنا بعدها النظر في هذا الباب ينحصر في ~~ثلاثة أركان (9): أحدها: ما تجب فيه الزكاة، والثاني: ما المقدار الواجب، ~~والثالث: في صفة الإخراج. PageV02P916 # ### | (ما الذي تجب فيه الزكاة) # فأما الركن الأول، فقد تقدم آنفا قول ابن الماجشون في الفواكه ومخالفة ~~المشهور له. وإذا قلنا بالمشهور فقد اختلفت طرق المتأخرين في الحكاية عن ~~المذهب؛ فالجمهور متفقون على أن المذهب على إيجاب المزكاة في كل مقتات متخذ ~~للعيش غالبا، وأما أبو الحسن اللخمي فحكى على المذهب ثلاثة أقوال: أحدها: ~~ما قدمناه، والثاني: تعلق ذلك (1) بما يخبز من الحبوب دون ما لا يخبز، فيرى ~~أن القطاني (2) مختلف في وجوب الزكاة فيها لأنها لا تخبز إلا في النادر، ~~والثالث: التعلق بكل مقتات وإن لم يكن للعيش غالبا (3). ويضيف هذا القول ~~إلى القاضي أبي محمد [عبد الو هاب] (4). # وهذا الذي عول عليه إنما يقع في إطلاق روايات يظهر في تفصيلها أن المذهب ~~على قول واحد، لكن اختلف في مسائل [على] (5) الخلاف في ردها إلى قبيل ~~المقتات نادرأ أو (6) المقتات غالبا. وقد قدمنا الخلاف في النادر هل تتعلق ~~به الأحكام أو لا؟ # وتفصيل هذا الإجمال أنه لا خلاف في المذهب في ms428 إيجاب الزكاة في القمح ~~والشعير والسلت (7) والعلس (8) والقطاني. لكن اختلف في البسيلة وهي: ~~الكرسنة (9)، هل تعد من القطاني أم لا؟ وهو خلاف في شهادة. ولا PageV02P917 # # خلاف أيضا في التمر والزبيب. واختلف في التين؛ وقد ترجح قول مالك فيه، ~~فقال ابن القصار وغيره: إنما تكلم مالك على بلده، والتين غير ثابت فيه، ~~وإنما تجلب إليه وهو في بلاد الشام وغيرها من الأقطار مقتاتا غالبا. وقد ~~نزل أبو الوليد الباجي هذا على (1) النظر إلى المقتات (2) في زمن نزول ~~الأحكام وقوت (3) أهلها، والنظر إلى (4) كل قطر وعادته. وهذا (5) ينتقض ~~عليه بالزيتون فإنه لا خلاف عندنا في وجوب الزكاة فيه، وإن لم يكن بالمدينة ~~وأحوازها. وتجب الزكاة في كل ما فيه زيت، كالزيتون والجلجلان (6). وأما حب ~~الفجل الأحمر (7) وزريعة الكتان، والقرطم وهو زريعة العصفر، ففي المذهب ~~فيها ثلاثة أقوال: أحدها: إيجاب الزكاة, وإسقاطها، والتفرقة بين أن يكثر ~~زيتها أو يقل. هذا خلاف في حال هل يكون في هذا من الزيت ما يلحق في الكثرة ~~والمنفعة بالزيتون والجلجلان (8) أم لا؟ # وكذلك يختلف أيضا فيما لا يتزبب من العنب, وما لا يخرج زيتا من الزيتون، ~~وما لا يثمر من النخل تتعلق الزكاة به نظرا إلى الغالب أو لا تتعلق نظرا ~~إلى الشيء في نفسه؟ وهو على الخلاف في تعليق الأحكام على النوادر، وهذا ~~حقيقة المذهب إجمالا وتفصيلا. # ... PageV02P918 # ### | فصل (المقدار الواجب) # وأما المقدار الواجب فهو العشر فيما يسقى من غير تكلف مشقة، ونصف العشر ~~فيما يسقى بمشقة. وما كان يشرب سيحا (1)، أو من السماء، أو بعروقه ففيه ~~العشر، وما كان يشرب بالغرب وهو الدلو (2) والدواليب (3) وغير ذلك من أنواع ~~نزع المياة، ففيه نصف العشر. # فإن كان يشرب بالسيح لكن رب الأصول لا يملك الماء وإنما يشتريه بالثمن ~~ففيه قولان: والمشهور وهو الصحيح أنه يزكي بالعشر، إذ فيه نص الحديث. وذكر ~~أبو الحسن اللخمي أنه سئل عما يتكلف في إجرائه نفقة, فأجاب أنه يزكي للستة ~~الأول (4) نصف العشر، وفي ما بعدها العشر. ومن أوجب هاهنا نصف العشر فإنما ms429 ~~يعول (5) على الالتفات إلى المعنى, وأن مقصود الحديث أن ما فيه كلفة ففيه ~~نصف العشر، وما لا كلفة (6) فيه ففيه العشر [كاملا] (7). وهذا ظاهر [ما لم] ~~(8) يصادم النص؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل (9) فيما يشرب ~~بالعيون [أو بالبعل] (10) العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر (11)، فينيغي ~~أن ينظر إلى المعنى لكن من غير أن يعود التعليل PageV02P919 # # بمصادمة النص. وقد قال المحققون إن كل علة تعود على النص بالإبطال فهي ~~باطلة، وأيضا قد يكون الخلاف في النوادر، هل تعطى حكم الغالب أو تعلق عليها ~~الأحكام في أنفسها؟ # وإن سقى شيئا من النبات بالوجهين جميعا: العين والنضح أو ما في معنى ذلك. ~~فلا يخلو من أن يتساوى الأمران، أو يكون أحدهما تبعا؛ فإن تساويا فقولان: ~~أحدهما: أنه ينظر إلى ما حيي به النبات فيعلق الحكم عليه، والثاني: أنه ~~يزكى بثلاثة (1) أرباع العشر فيعطى لكل سقي حكمه. وهذا هو القياس، إلا أن ~~يكون الذي حيي به النبات هو المقصود، والثاني: في حكم اللغو. # وإن كان أحدهما تبعا للآخر فثلاثة أقوال: أحدها: أن الأقل لا يلتفت إليه ~~وينظر إلى الأكثر. والثاني: ينظر إلى ما حيي به النبات. والثالث: إعطاء كل ~~شيء (2) حكم نفسه. والقولان مبنيان على الخلاف في الأتباع هل تعطى حكم ~~متبوعاتها أم لا؟ وأما النظر إلى ما حيي به النبات فعلى ما قدمناه. ### | (اعتبار النصاب) # ولا خلاف عندنا في اعتبار النصاب فلا يزكى من وجد دونه، وهو خمسة أوسق ~~(3). وقدر الأشياخ الوسق قفيزا، وبالقروي أربعا. فتكون الزكاة PageV02P920 # # في ست أقفزة وربع بالقروي، فإن نقص عن ذلك لم تجب وهذا لقوله - صلى الله ~~عليه وسلم -: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" (1)، وما زاد على ذلك أخذ ~~بقدره كما يفعل في العين. وكل ما العادة فيه الكيل حكمه ما قدمناه. وأما ما ~~العادة فيه الوزن فإنه ينسب من الكيل، فإذا بلغ المقدار الذي ذكرناه وجبت ~~فيه الزكاة. ويعتبر ما العادة فيه التجفيف حال جفافه، وذلك جار في العنب ~~والبسر (2) والتين إذا قلنا بإيجاب ms430 الزكاة في التين. وأما الزيتون فإنما ~~يعتبر (3) فيه حالة كماله، والكمال فيه الطيب، والجفاف نقص عن الكمال، فلا ~~(4) يعتبر [فيه] (5). # والذي قلناه في البسر والعنب والتين إذا كان الجفاف فيه متأتيا، و ~~[العنب] (6) إذا (7) كان لا يتأتى فيه ذلك فهل يحسب حالة كماله التي لا ~~يزيد عليها، أو يعتبر جفافه لو كان الجفاف فيه متأتيا؟ في المذهب قولان. ~~وهما على الخلاف في مراعاة النادر في نفسه، فيعتبر [حالة كماله التي لا ~~يزيد عليها] (8)، أو يعتبر الأكثر من غير نظر إلى النادر فيعد (9) تأتي ~~الجفوف (10) فيه. PageV02P921 # # وإذا اجتمع النصاب من صنف واحد وجبت الزكاة، وإن اجتمع من أصناف فهاهنا ~~ينقسم [النبات] (1) الذي يجب فيه الزكاة إلى ثلاثة أقسام: قسم لا خلاف فيه ~~أنه لا يضاف بعضه إلى بعض، [وقسم لا خلاف أنه يضاف بعضه إلى بعض، وقسم فيه ~~قولان. ### | (ما لا يضاف بعضه إلى بعض لتكملة النصاب) # وأما ما لا يضاف بعضه إلى بعض، (2)؛ فالزبيب لا يضاف إلى التين، [ولا هما ~~إلى الزيتون] (3) ولا جميعها إلى التمر، ولا الزيتون إلى الجلجلان، ولا ~~جميع ذلك إلى زريعة الكتان، إن قلنا إن فيه الزكاة. # وبالجملة أن كل صنف من هذه الأصناف منفرد بنفسه. وأصله أن (4) ما تباين ~~في الجنس والمنفعة فلا يضاف بعضه إلى بعض. وكذلك لا يضاف جميع ما ذكرناه ~~إلى الحبوب. ### | (ما يضاف بعضه إلى بعض) # وأما ما يضاف بعضه إلى بعض فالقمح والشعير والسلت يضاف بعضه إلى بعض ~~عندنا. على نصوص المذهب، [وأصله أن ما استوت المنفعة فيه أو تقاربت] (5). ~~ولا خلاف أن أنواع التمر والزبيب والزيتون يضاف كل صنف منها بعضه إلى بعض. ### | (الأنواع المختلف فيها) # وأما المختلفة فيه فمنه العلس وهو الأشقلية، وقد اختلف المذهب فيه هل ~~يضاف إلى القمح وما ذكر معه أو يكون صنفا قائما بنفسه؟ ومنه الأرز ~~PageV02P922 # # والدخن والذرة؛ في المذهب قولان في إضافة بعضها إلى بعض في [أحكام الربا. ~~وخرج [منه] (1) أبو الوليد الباجي في إضافة بعضه إلى بعض في] (2) الزكاة. ~~ولا شك في ms431 صحة هذا التخريج. # وأما القطاني فهل يضاف بعضها إلى بعض؟ قد اختلف قول مالك رحمه الله في ~~الإضافة في أحكام الربا، واختلف متأخرو أصحابه هل يجري مثل ذلك في الزكاة؟ ~~فحكى أبو الوليد الباجي قولين، وروى القاضي أبو محمد جريانه في الزكاة. قال ~~أبو الوليد الباجي: الصواب أنه لا يجري (3)، وعول على ما ذكره في الموطأ ~~[من أن الدنانير والدراهم] (4) جنسان في الربا، ويضاف بعضها إلى بعض في ~~الزكاة بلا خلاف. وهذا يدل على أن الربا يشترط فيه من تقارب المنفعة ما لا ~~يشترط في الزكاة. وهذا الذي قاله واضح. # هذا النظر في إضافة [الأصناف. وأما إضافة الملك بعضه إلى بعض فإن اتفق ~~الشرع في النبات والحصاد فلا شك في إضافة] (5) بعضه إلى بعض. وينبني (6) ~~على هذا أن ما يوجد (7) من الأشجار يضاف بعضه إلى بعض إذا اتفقا في ظهور ~~الثمرة. ### | (حكم ما يثمر بطنين) # وإن كان المزروع بطنين [أو بطونا] (8) فهل يعتبر فيه الفصول، فيضاف ~~الشتوي منه إلى النابت في زمانه، وكذلك الصيفي والربيعي والخريفي؟ أو ينظر ~~إلى ما اتفق في زمن النبات ويضاف إليه؟ فإن زرع ونبت قبل حصاد ما ~~PageV02P923 # # قبل (1)، في المذهب في ذلك قولان. والنظر إلى الفصول بناء على ما زرع في ~~كل فصل، حكمه في السقي والمنفعة منفرد عن حكم ما زرع في فصل غيره. والنظر ~~إلى [الاجتماع في النبات كالنظر إلى الاجتماع في الحول والملك كما تقدم في ~~أحكام الفوائد. وإذا اعتبرنا الاجتماع] (2) في النبات فكان الزرع في ثلاثة ~~أزمنة؛ أول وثان وثالث. فلا شك أنه إذا زرع الثالث قبل حصاد الأول أن الكل ~~(3) يضاف بعضه إلى بعض، وأما (4) إذا زرع الثالث بعد حصاد الأول وقبل ~~الثاني، فإذا كان أضيف كل واحد من الطرفين منفردا إلى الوسط وجبت الزكاة ~~[لكمال النصاب] (5) لم يختلف على هذا في الوجوب. فإن كان لم يجتمع من إضافة ~~أحد الطرفين إلى الوسط ما تجب فيه الزكاة، ولا يجتمع من الكل أيضا، فلا شك ~~في السقوط. وإن كان يجتمع من ms432 إضافة الكل ولا يجتمع (6) من إضافة أحد ~~الطرفين منفردا إلى الوسط، ويجري (7) على ما قدمنا في زكاة الخلط إذا كان ~~إنسان له خليطان فهل يعد الجميع خلطاء (8) أم لا؟ وقد تقدم ذلك وما فيه من ~~الأقوال، وكذلك حكم الاقتضاءات والفوائد. # ... ### | فصل (صفة الإخراج) # وأما صفة الإخراج، فإن النبات كله إذا كان على ساق كالحنطة وما ذكر معها ~~فتؤخذ الزكاة من حبه. وتجب فيه بالطيب على [قول، وبالحصاد PageV02P924 # # على قول، على] (1) ما سنبينه إلا أن يكون الحب يعصر زيته كالجلجلان أو ~~زريعة الكتان وما ذكر معهما (2) على قول من أوجب الزكاة فيها، فإن المذهب ~~في هذه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه تؤخذ من الندب، والثاني: أنه يؤخذ من ~~الزيت إذا كمل (3) الحب النصاب، والثالث: أنه كيفما أخذ أجزأ، إما من الحب ~~وإما من الزيت. وكذلك الخلاف في الزيتون. # وأما الأشجار كالتمر والزبيب والتين فإنهما على قسمين: أحدهما: أن تكون ~~ثمرتها تبلغ الكمال، والثاني: أن تكون لا تبلغه، كما لا يثمر من النخل ولا ~~يزبب من العنب ولا يجف من التين. فإن كانت تبلغ النهاية أخذ منها إذا بلغت ~~النهاية، وإن كانت لا تبلغه فيها هاهنا قولان: أحدهما: أنه تؤخذ من التمر، ~~والثاني: أنه تؤخذ من الكامل (4) عنها. # وسبب الخلاف فيما يعتصر زيته أنه له (5) كمالين: أحدهما: كونه حبا مما ~~يصح ادخاره، والثاني: كونه زيتا، وهو المقصود والغاية التي يراد لها. فمن ~~نظر إلى حالته التي يدخر عليها وعده كمالا أوجب منه، ومن نظر إلى نهايته ~~أوجب من زيته، ومن رأى أن كل واحد منها [كمال] (6) خير، ويعتمد القول ~~بإخراجه حبا لقوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} (7)، وأما القول الثاني ~~بناء على ما لا يعتصر. # وأما الخلاف فيما لا يجف فهو على ما قدمناه من النظر إلى كل صورة في ~~نفسها أو النظر إلى الأكثر، والنوادر لا تراعى. ### | (زكاة الحب المبيع) # وإذا أوجبنا الزكاة من الحب فباعه ربه؛ فإن باعه ربه قبل الطيب ~~PageV02P925 # # وجبت الزكاة على المشتري لا على البائع لأنه خرج ms433 عن ملكه قبل وجوب الزكاة ~~عليه، فإن باعه بعد الطيب فالزكاة على البائع، وهل يجزيه أن يخرج من ثمنه، ~~أو يكلف بأن يأتي بحب مثله؟ في المذهب قولان. والتكليف بأن يأتي بحب هو (1) ~~الأصل؛ لأنه باع نصيب المساكين، فعليه أن يعوض ما أتلف. وأما القول بأنه ~~يخرج من الثمن فقد رآه (2) بعض المتأخرين على طريقين: إما على القول بإجزاء ~~(3) القيم، وإما على أن البيع جائز. فصار كالوكيل للمساكين فيمضي بيعه (4) ~~ويؤخذ من الثمن (5). # فإن أفلس البائع ولم يوجد عنده ما يؤخذ منه فهل يؤخذ من المشتري مقدار ~~الزكاة؟ في المذهب قولان: أحدهما: أنه يؤخذ منه، والثاني: أنه لا يؤخذ منه. ~~وهما على الخلاف هل يعد المساكين كالشركاء في العين فإذا أفلس البائع رجعوا ~~إلى عين ما لهم فأخذوا منه؟ أو ليس كالشركاء فيتبع بذلك البائع متى أيسر؟ # وذوات الأصول على قسمين: أحدهما: ما يخرص كالتمر والعنب، والثاني: ما لا ~~يخرص كالزيتون. واختلف في وجه الفرق فقيل: إن التمر والعنب ظاهر النبات ~~متميز عن الأوراق، فيحصل مقداره بالخرص (6)، وقيل: بأن حاجة (7) أهله إلى ~~أكله من حيث يبتدي الطيب. # وأما ما كان على ساق فإنه بمنزلة الزيتون. ### | (ما يخرص وما لا يخرص) # ولو احتاج أصحاب ما ذكرناه أنه لا يخرص إلى الأخذ منه قبل PageV02P926 # # كماله، فهل يخرص لذلك؟ قولان: أحدهما: أنه يخرص، والثاني: أنه لا يخرص. ~~وهما على الخلاف في علة الخرص ما هي؟ هل هي حاجة أهله (1) إلى التصرف فيه ~~قبل الكمال؟ أو تمييزه عن الأوراق؟ فإن قلنا الحاجة (2) إلى الأكل قبل ~~الكمال خرص سائر الأشياء إذا افتقر أهلها إلى الأكل، وإن قلنا إنه للتمييز ~~فلا يخرص. # ويكفي في الخرص عندنا الواحد لأنه كالحاكم، بخلاف حكمي (3) الصيد. فإنهما ~~كمقومي العيب. وإن خرصه خارصون (4) فاختلفوا، ففي الرواية إذا خرص ثلاثة ~~(5) فاختلفوا أخذ منه ثلث ما يقوله كل واحد. وهذا إذا تساووا كلهم في ~~المعرفة، فأما إن اختلفوا فيؤخذ بقول الأعرف منهم. # وإذا خرص الخارص ثم تبين له أنه أخطأ؛ فإن كان غير ms434 عارف رجع إلى ما تبين ~~له بلا خلاف، وإن كان عارفا فهل يؤخذ بقوله أو يرجع إلى ما تبين؟ في المذهب ~~قولان. وهما على الخلاف في المجتهد يخطئ هل ينقض اجتهاده أو يعذر به. ### | (متى يستقر وجوب زكاة الحبوب) # واختلف المذهب متى يستقر وجوب الزكاة هل بالخرص أو بالطيب أو بالجذاذ؟ ~~ومن نظر إلى مبتدأ (6) الانتفاع وأوائل الكمال أوجب بالطيب، ومن قال الخارص ~~كالساعي أوجب بالخرص. والذي سمعناه في المذاكرات يدل على القول بالإيجاب ~~باليبس لأنها نهاية الكمال. ومن عول على قوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} ~~(7) ورأى أن الجذاذ بمنزلة الحصاد، PageV02P927 # # أوجب بالجذاذ. وفائدة هذا لو مات رب الثمرة أو باع في أثناء ذلك؛ فإن ~~كانت لم تطب فلا شيء عليه، فإن جذت فعليه [الزكاة] (1) باتفاق. وإن كانت ~~بين ذلك فعلى الخلاف. وقد قدمنا حكم العبد يعتق، وأنه يجري حكم ثمرته بعد ~~العتق على هذا المعنى. # ولا خلاف عندنا أن الحب يؤخذ من عينه كيف كانت حالته. وأما التمر والزبيب ~~فإن كان وسطا أخذ منه، وإن كان مختلطا، أو جيدا كله، أو رديئا كله، فثلاثة ~~أقوال: أحدها: أنه يؤخذ منه قياسا على الحب، والثاني: أنه يؤخذ من الوسط ~~عدلا بين أرباب الأموال والمساكين، وقياسا على الماشية تؤخذ (2) من الوسط، ~~والثالث: أنه إن كان مختلطا أخذ من الوسط، وإن كان صنفا واحدا أخذ منه, لأن ~~الوسط يمكنه إخراجه من المختلط، ولا يمكن ذلك في الجيد والرديء إلا بأن ~~يشتري من غيره، وفي ذلك مشقة على أرباب الأموال. # ... ### | فصل (حكم النبات يضيع بعد وجوب الزكاة) # وقد تقدم في الكتاب الأول حكم الأموال يضيع منه شيء بعد الحول من غير ~~تفريط أو بتفريط. وعلى هذا الأسلوب يجري حكم النبات، لكن وقع في الروايات ~~اضطراب إذا حصد أو جذ ثم عزل نصيب المساكين، أو أدخله إلى موضع خزينه، ففي ~~بعضها يضمن المفرط دون غيره، وفي بعضها إن كان القسم والإخراج إليه فلا ~~ضمان عليه، وإن كان إلى المصدق يضمن. وتحقيق هذا إن عمل ms435 ما في وسعه من غير ~~تفريط أو تأخير عن وقت إمكان الخروج فلا ضمان عليه إن ضاع المال (3) أو ~~نصيب المساكين PageV02P928 # # إن عزله، وكان عزله نظرا. لكن يختلف هل تتعلق الزكاة بالباقي وإن قصر عن ~~النصاب؟ وهو على الخلاف الذي قدمناه في إمكان الإخراج هل هو شرط في الوجوب ~~أو شرط في الأداء؟ وإن فرط تعلق بذمته بلا خلاف. # ... ### | باب في أحكام الأموال المحبسة ### | (حكم النبات المحبس) # وهي إما أن تكون نباتا (1) أو [نعما] (2) أو عينا؛ فإن كانت نباتا (3) ~~فلا يخلو أن يكون ربها يتولى التفرقة على المحبس عليهم أو غيره؛ فإن تولاه ~~بنفسه وجبت الزكاة عليه على أصل ملكه، ولا يراعى مقدار ما يصير لكل إنسان، ~~فإن كان غيره فهل تجب الزكاة؟ لا يخلو من أن يكون المحبس عليهم ممن يستحق ~~أخذ الزكاة أم لا؟ فإن كانوا ممن يستحق الأخذ فهل تجري فيها الزكاة أم لا؟ ~~قولان: المشهور جريان الزكاة، والشاذ أنها لا تجري. فنظر (4) في المشهور ~~إلى [أن] (5) أخذ الزكاة بطريق غير طريق التحبيس، فلم يسقطها وإن استحقوا ~~الأخذ. ورأى في الشاذ أنه لا فائدة في أن تؤخذ منهم وهم ممن يستحق أن ترد ~~عليهم. # وإن كانوا ممن لا يستحق الأخذ، أو كانوا ممن استحقه على المشهور؛ فلا ~~يخلو من أن يكونوا معينين أو غير معينين؛ فإن كانوا معينين فهل يراعى جزء ~~كل إنسان في (6) نفسه، فإن بلغ حظه نصابا وجبت الزكاة وإلا سقطت، أو لا ~~يراعى ذلك وتجب الزكاة إذا كان في الجملة نصابا، في المذهب قولان. ~~PageV02P929 # # وسبب الخلاف هل ملك المعين ذلك بظهور (1) الثمرة، أو لا يملك إلا بالوصول ~~إليه وإن قلنا بالظهور؟ وبالجملة قبل الوصول إليه روعي حظ كل إنسان في ~~نفسه. وإن قلنا لا يملك إلا عندما يعطى نصيبه روعيت الجملة. وهذا ينظر فيه ~~إلى قصد المحبس أو المعطي. وإن كانوا غير معينين روعيت الجملة بلا خلاف, ~~لأنهم لا يملكون إلا بالوصول إليه. ### | (حكم الأنعام المحبسة) # وأما الإبل المحبسة فلا تخلو من قسمين: إما ms436 أن تكون حبست لتفرق فمر بها ~~الحول قبل التفريق، أو لتفرق (2) منافعها وأولادها. فإن حبست لتفرق فمر بها ~~الحول؛ فإن كانت على معينين ففيها قولان كما ذكرناه في الثمار، وإن كانت ~~على غير معينين زكيت إذا كان في الجميع نصابا. وإن كان المعطى أولادها ~~ومنافعها زكيت الأصول بلا خلاف إذا كان فيها النصاب، وجرى حكم أولادها على ~~الخلاف في الأصول. والتفصيل إذا كانت تفرق (3). ### | (حكم العين المحبسة) # وأما العين الموقوف (4) فإن كان ليفرق فلا زكاة فيه, لأنه قد خرج عن ملك ~~ربه ولم يقبضه من هو له ولا تنمية فيه، وإنما تجب الزكاة إذا أمكن النماء. ~~فإن أوقف ليسلفه من احتاج إليه زكي إذا كان فيه النصاب. # ... PageV02P930 # ### | باب في أحكام زكاة الفطر ### | (حكم زكاة الفطر) # ولا خلاف في الأمر بها, لكن اختلف الناس والمذهب هل هي فرض أو سنة؟ في ~~المذهب قولان. وقد اختلف هل يتناوله قوله تعالى: [{وءاتوا الزكوة} (1)، ولا ~~شك إن قلنا بتناولها أنها تكون فريضة، وقيل هي المراد بقوله تعالى] (2): ~~{قد أفلح من تزكى (14) وذكر اسم ربه فصلى (15)} (3)، والمشار بالذكر ~~والصلاة [إلى] (4) تكبير العيد وصلاته، وعلى هذا يحتمل الوجوب والندب, لأن ~~الفلاح يحصل بما فيه أجر، والأجر يكون بالفرض والنفل. وروي عنه - صلى الله ~~عليه وسلم - أنه أمر بالنداء أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم (5) وهذا ~~كالنص في الفريضة. وقال ابن عمر رضي الله عنه: فرض رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - صدقة الفطر من رمضان (6). # وقد اختلف هل قوله فرض؛ محمول على ظاهره، أو معناه قدر. والتقدير يحتمل ~~الوجوب والندب. لكن الظاهر حمله على ظاهره. وقد تأول بعضهم ما وقع لمالك من ~~أنها سنة [على أنها مما] (7) علم كونه فرضا بالسنة لا بالقرآن، كما وقع ~~لابن سحنون أن الوضوء من البول سنة معناه: أنه علم ثبوته بالسنة (8). وفي ~~الحديث أنها إرفاق للمساكين، وطهارة للصائمين. PageV02P931 # # والمقصود الأول هاهنا (1) مشاركة الفقراء للأغنياء في عدم الحاجة زمن (2) ~~العيد. ونبه عليه السلام بقوله: "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم ms437" (3) فإنها ~~من باب المواساة. ولا شك أن المواساة تجب متى تعينت، وإن كان المقصود بها ~~الزيادة (4) على مقدار القوت ليشاركوا الأغنياء في التوسع، فيكون بابها ~~الندب قياسا على الصدقة من لحم الأضاحي. # ... ### | فصل (المقصود من هذا الباب) # وإذا تقررت هذه المقدمة قلنا بعدها: ينحصر المقصود من هذا الباب في ثلاثة ~~أركان: أحدها: متى يقع [بها] (5) الخطاب، والثاني: من يؤمر بها، والثالث: ~~في حكم القدر (6) الواجب منها صفة ومقدارا. ### | (زمان الخطاب بها) # فأما زمان الخطاب بها ففي المذهب اضطراب يؤخذ من مسائل مفردة في المذهب. ~~ويتحصل من ذلك أربعة أقوال: أحدها: أنها تجب بغروب الشمس من ليلة الفطر، ~~[والثاني: من طلوع الفجر، والثالث: من طلوع الشمس، والرابع: أنها تجب بغروب ~~الشمس من ليلة الفطر] (7)، PageV02P932 # # لكن وجوبا موسعا آخره غروب الشمس من يوم الفطر. # وسبب الخلاف النظر إلى كونها طهرة من الرفث في الصوم يجب عند خاتمته، أو ~~إلى كونها مضافة إلى اليوم. والقصد بها إرفاق المساكين فيه. فيختلف على هذا ~~هل تجب بطلوع الفجر [من النهار أو بطلوع الشمس] (1) على القول بأن ما بعد ~~الفجر إلى طلوع الشمس من الليل. وأما القول الرابع فنظر إلى جميع المعاني. # وفائدة هذا الخلاف فيمن ولد أو أسلم أو مات أو بيع [من العبيد] (2) في ما ~~بين هذه الأزمان، هل تجب (3) فطرته؟ أو لا (4) تجب على المولود والداخل في ~~الإسلام؟ وهل (5) تسقط عن الميت؟ # والحكم فيمن هلك (6) يجري على هذه الأقوال التي قدمناها. وانفرد أشهب ~~فقال: لا تجب على من لم يصم يوما (7) من رمضان. وهذا باطل بغير المكلف، ~~فإنما تجب عليه وإن لم يلزمه صيام. فإن علل أشهب بأنها طهرة للصائمين، ومن ~~أسلم أو ولد ولم يمض له زمن يصح صومه فلا طهرة عليه، وغير المكلف أيضا لا ~~يفتقر إلى تطهير إلا أن يقول تلزم من كان موجودا تجري عليه أحكام المسلمين ~~ولو يوما. فهذه مراعاة لحكم الإسلام لا لحكم الصوم. # واختلف القول في العبد يباع بيعا فاسدا فيمضي عليه يوم الفطر وهو عند ms438 ~~المشتري ثم ينقض البيع فيه، هل تكون صدقة الفطر على البائع أو على ~~PageV02P933 # # المشتري؟ وهذا على الخلاف في البيع الفاسد إذا نقض هل هو نقض له الآن أو ~~نقض من الأصل؟ ### | (وقت الإخراج) # ومتى تخرج صدقة الفطر؟ لا خلاف أن المستحب إخراجها قبل الغدو إلى المصلى ~~وبعد الفجر. قال مالك وأصبغ: له أن يخرجها قبل الصلاة أو بعدها. وظن أبو ~~الحسن اللخمي أن هذا خلاف (1). وليس كما ظنه، وإنما تكلم على المستحب فذكر ~~ما قدمناه وإجزاء إخراجها قبل الصلاة أو بعدها على وجه التوسعة. # وهل يجوز إخراجها قبل يوم الفطر باليومين والثلاثة وتجزي من أخرجها كذلك؟ ~~قولان. والخلاف في هذا (2) على ما قدمناه من الخلاف في إخراج الزكاة ~~المالية قبل حلول الحول. وقد قدمنا أن ذلك على النظر إلى تغليب إرفاق ~~المساكين أو تغليب العبادة. # ... ### | فصل (من يؤمر بالإخراج) # وأما من يؤمر بالإخراج بها؟ فقد تقدم في زمان الوجوب متى يتوجه عليه ~~الخطاب. وهل تجب على الفقير أم لا؟ لا خلاف في المذهب أنا لا نشترط في ~~الخطاب بها ملك النصاب لأنها طهرة للأبدان وإرفاق بجزء يسير لا يشترط في ~~وجوب الإرفاق به ملك النصاب. # وهل تجب على الفقير إذا وجد زائدا على قوت يومه؟ قولان: المشهور: وجوبها، ~~وأنه إن قدر على السلف تسلف أيضا، وهذا لأن المفهوم PageV02P934 # # من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم" اشتراك ~~(1) الكل في مقدار القوت. والثاني: أنها لا تجب على من هذه حالته, لأنه لا ~~يحتمل حال (2) المواساة. ومن كان فقيرا إلى هذا المقدار فابتداؤه بإغناء ~~نفسه آكد عليه. # وإذا قلنا بهذا القول فما المراعى في حاله؟ قولان: أحدهما: أن كل من تحل ~~له صدقة الفطر لا يجب عليه إخراجها، إذ لا فائدة في أن يأخذها ثم يخرجها. ~~والثاني: أن من يجحف به في معيشته وحاله فلا يجب عليه إخراجها. ولعل هذين ~~القولين يرجعان إلى معنى واحد. ### | (من يحل له أخذها) # وقد اختلف في صفة من يحل له أخذها على ms439 قولين: أحدهما: أنه من يحل له أخذ ~~الزكاة، والثاني: أنه الفقير الذي لم يأخذ منها في يومه ذلك. وعلى القول ~~الأول يجوز أن يعطى أكثر من صدقة إنسان واحد، وعلى القول الثاني لا يجوز أن ~~يأخذ أكثر من ذلك. # ولا شك في وجوبها على الإنسان في نفسه. وأما من تلزمه نفقته، فإن كان ~~اللزوم لحق القرابة كالأبوين والبنين لزمه ذلك. ### | (ما يلزم الإنسان الإنفاق عليه وما لا يلزمه) # وهل يلزمه الإنفاق على زوجة أبيه، فيه قولان: وعلى هذا يجري حكم إخراج ~~الفطرة عنها على المشهور من المذهب. # وهل يلزمه الإنفاق على عبيد بنيه؟ أما من لا يحتاجون إلى خدمتهم فلا ~~تلزمه. وأما من يحتاجون إليه ففيه قولان: أحدهما: إلزام الفطرة لأن الإخدام ~~لابنه واجب عليه، وإن كان لهم من يخدمهم وجب عليه نفقة العبيد. والثاني: ~~أنه لا يجب عليه لأنهم أملياء بالعبيد. PageV02P935 # # وأما من تجب عليه النفقة لغير حق القرابة؛ فإن كانت النفقة للمعاوضة ~~[المحضة] (1) كنفقة الأجير فلا يلزمه إخراج الفطرة عنه. # وأما الزوجة ففيها قولان: المشهور: أنه يجب عليه إخراج الفطرة عنها, لأن ~~النفقة لها عليه واجبة على الدوام فأشبه القرابة. والثاني: أنه لا تجب ~~الفطرة عليه عنها لأن نفقتها غير واجبة في الأصل، وإنما وجبت [طوعا] (2) ~~عوضا عن الاستمتاع، فأشبهت نفقة الأجير. ويجب عليه إخدامها والنفقة على ~~خادمها إذا تعين عليه الإخدام. # وهل تجب [عليه] (3) النفقة والفطرة ونفقة الخادم قبل الدخول؟ أما إن كان ~~ممنوعا من الدخول فلا يجب ذلك عليه. وأما إن كان دعي إليه وامتنع فيجب ذلك ~~عليه إذا طلبته الزوجة. وأما مع المساكنة ففيه قولان: أحدهما: أنه كالمدعى ~~للدخول فتجب عليه النفقة والفطرة. والثاني: أنه كالممنوع، فلا تجب عليه، ~~وهو على النظر إلى الظاهر هل وجود العقد كالتمكين من الدخول أم لا؟ وذلك ~~راجع إلى اختلاف العوائد. # ولا خلاف في لزومها عن المملوك الرقبة والخدمة إن كان مسلما، فإن كانت ~~خدمته مملوكة فلا يخلو من أن يكون مرجع رقبته إلى حرية أو إلى رق؛ فإن ms440 كانت ~~إلى حرية وجبت الزكاة على مالك الخدمة (4) لأنه محبوس بها، وإن كان مرجعها ~~إلى الرق فهل تكون الفطرة والنفقة على من يملك الرقبة؟ (5) ثلاثة أقوال: ~~أحدها: أنها على من يملك الرقبة، لأنها المقصود. والثاني: أنها على من يملك ~~الخدمة, لأنه المنتفع بها فأجزأ. والثالث: أن زمن الخدمة إن طال كانت ~~النفقة والفطرة على مالك الخدمة, لأن رجوع الرقبة مترقب، وإن قصر فهو ~~كالعدم فيكون ذلك على مالك الرقبة. PageV02P936 # # فإن كان العبد بين الشركاء ففطرته على مالكيه. وهل (1) على التساوي أو ~~على مقدار الإملاك؟ في المذهب قولان. والحكم بالتساوي لأنه محبوس على كل ~~واحد منهم. والحكم بالنظر إلى الإملاك لأن الفطرة واجبة لحق الملك، فينظر ~~إلى قدر ما يملك كل إنسان. فإن كان مملوك البعض والباقي حر فثلاثة أقوال: ~~أحدها: أن الفطرة على المالك كاملة لأنه محبوس بسببه، والثاني: أنها على ~~العبد والمالك كالخارج (2)، والثالث: أن على المالك نصيبه ولا شيء على ~~العبد لأنه غير كامل (3) الحرية. # فإن كان في العبد عقد حرية وجبت على من هو محبوس لسببه إلا المكاتب ففيه ~~قولان: أحدهما: أن الفطرة عليه كالنفقة، والثاني: أنها على سيده لأن مرجع ~~الرقبة إليه. # ... ### | فصل (قدر الفطرة وجنسها) # فأما قدر الفطرة وجنسها فإنه صاع من غير البر. وأما البر ففيه قولان: ~~أحدهما: أنه كغيره وهو المشهور. وهذا لما ورد في الحديث صاعا من طعام (4). ~~والعرف أن الطعام محمول على البر. والشاذ أن الواجب منه مدان لأنه قيمة (5) ~~الصالح من غيره، وهذا حمل لما ورد في الحديث على أن المقصود به ذكر الطعام ~~على الجملة. ثم فسره بما بعده من الشعير والتمر والإقط (6). إلى غير ذلك ~~مما ذكر في الحديث. PageV02P937 # # وأما جنسها فتجزي من المقتات غالبا. وإن كان اقتياته نادر؛ فإن كان ~~مقتاتا في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أجزأ بلا خلاف، وإن لم يكن ~~مقتاتا في زمانه ففي إجزائه قولان. وعلى هذا اختلفوا في القطانى إذا اقتيتت ~~والتين. # وسبب الخلاف مراعاة الصور النادرة. # وهل يجزي الدقيق؟ أما ms441 إن أخرجه ناقصا (1) عما يخرجه من القمح وما في ~~معناه فلا يجزي، وأما إن أخرجه كاملا ففيه قولان: الإجزاء لأنه نفع ~~المساكين بالطحين، وعدم الإجزاء نظرا إلى الاقتصار على ما في الحديث. # ويخرج كل إنسان من قوته إذا وافق قوت أهل البلد، أو كان أفضل ورضي بإخراج ~~ذلك. فإن كان قوت أهل البلد أفضل من قوته؛ فإن تقوت بالأقل شحا لم يلتفت ~~إلى قوته، فإن كان لغير ذلك فقولان: أحدهما: مراعاته في نفسه، والثاني: ~~مراعاة الأكثر. وهما على الخلاف في مراعاة الصور النادرة أو النظر إلى ~~الجمهور. # ... PageV02P938 # ### | وبعد # ها أنا ذا آتي على نهاية هذا العمل، وقد كان من أهم نتائجه ما يلي: # أولا: إخراج نص فقهي مالكي نفيس، تضمن أقوال المذهب، وتوجيهها وأسباب ~~الخلاف داخل المذهب. # ثانيا: التعريف بالكتاب المحقق، وإبراز قيمته العلمية، والمنهجية التي ~~سلكها صاحبه فيه. # ثالثا: التعريف بإمام من أئمة المالكية لم يلق عناية من السابقين ويجهله ~~الكثير من اللاحقين، وإزالة كثير من الغموض عن جوانب من حياته وإظهار ~~مكانته العلمية ومنزلته داخل المذهب. # رابعا: إعطاء فكرة عن عصر ابن بشير، سواء على المستوى السياسي أو ~~الثقافي. # هذه باختصار شديد أهم ما جاء في هذا العمل. وهي مساهمة متواضعة ولبنة في ~~مشروع ضخم يهدف إلى إخراج مصادر الفقه وربطه بأصوله وقواعده، لإعادة الحياة ~~له مرة ثانية، ونفض غبار الجمود الذي أصابه بسبب قصر المتأخرين له على ~~الشروح والحواشي. # والله أسال أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه وأن ينفع به، آمين. # *** # PageV02P939 ms442