######OpenITI# #META# bkid: 36052 #META# Shamela_short_metadata_record: #META# الكتاب: الرهص والوقص لمستحل الرقص ¶ تأليف: الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي ¶ تحقيق: الدكتور جميل عبد الله عويضة ¶ 1430ه / 2009م ¶ ملاحظة: [هذا الكتاب من كتب المستودع بموقع المكتبة الشاملة] #META# ملاحظة: [هذا الكتاب من كتب المستودع بموقع المكتبة الشاملة] #META# auth: إبراهيم الحلبي #META# Lng: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي الحنفي #META# تأليف: الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي #META# max: 23 #META# bk: الرهص والوقص لمستحل الرقص #META# authinf: إبراهيم الحلبي (000 - 956 ه = 000 - 1549 م) ¶ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي: فقيه حنفي، من أهل حلب، تفقه بها وبمصر، ثم استقر في القسطنطينية وتوفي بها عن نيف وتسعين عاما. أشهر كتبه (ملتقى الأبحر - ط) فقه، و (غنية المتملي في شرح منية المصلي - ط) وله (مختصر طبقات الحنابلة) و (تلخيص القاموس المحيط) و (تلخيص الفتاوي التاتارخانية - خ) و (تلخيص الجواهر المضية في طبقات الحنفية - خ) في الرياض (الفيلم 63) عن عارف حكمت ¶ نقلا عن : الأعلام للزركلي #META# ndata: الرهص وا6BDCBF77ه وسلم . #META# bkord: 10185 #META# archive: 23 #META# الكتاب: الرهص والوقص لمستحل الرقص #META# authno: 1681 #META# ad: 956 #META# idx: 1 #META# comp: 1 #META# higrid: 956 #META# cat: بحوث ومسائل - مرقم آليا #META# iso: الرهص والوقص لمستحل الرقص #META# digitization_comments: 1430ه / 2009م #META# تحقيق: الدكتور جميل عبد الله عويضة #META# DownloadSource: Abū Yaʿqūb's Shamela database #META# DownloadDate: 2017? #META# ConversionDate: 2020-10-01 #META#Header#End# # بسم الله الرحمن الرحيم PageV01P001 ~~... الحمد لله الملك العلي الكبير ، الحكم العدل اللطيف الخبير ، العالم ~~الذي لا يعزب عن علمه كبير ولا صغير ، المطلع على ما يفوه به اللسان ، وما ~~يكنه الضمير ، له الخلق والأمر ، وبيده النفع والضر ، وله الحكم في خلقه ~~والتدبير ، أحمده على ما هدانا إليه من اتباع الشرع المنير ، وأشهد أن لا ~~إله إلا الله الذي حمانا ووقانا من ابتداع كل شيطان مبير ، وأشهد أن سيدنا ~~محمدا عبده الداعي إلى كل ما فيه الرشد والجزألة الناهي عن كل بدعة وضلالة ~~، المبجل بالتعظيم والتوقير ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه ~~التابعين لسنته ، المتمسكين بمحاسن شرعته ، المتحامين عن زيغ الشيطان ~~وبدعته ، المتحلين بكل أمر خطير ، وبعد... # فهذه رسالة مسماة بالرهص (¬1) والوقص (¬2) لمستحل الرقص ، وذلك أن طائفة ~~ممن يدعي التصوف ، وهو فيه دعي بالتصلف قد اتخذوا الرقص واللعب ديدنا ، ~~واعتقدوه تدينا ، وخلطوا العبادة باللعب ، وافتروا على الله الكذب ، يأخذ ~~بعضهم بيد بعض ، ويتحلقون حلقة، ويدورون محركين أيديهم إلى وراء وقدام ، ~~ورؤوسهم بالتصعيد / والتسفيل ، والتلوي كالهيئة التي يفعلها بعض2 ب النصارى ~~في لعب لهم يسمونه بركض الديك ، ساء ما يصنعون . # فصل : PageV01P002 # ... ... الفعل الاختباري القصدي إن لم يتعلق به غرض صحيح بأن لم يتوقف عليه ~~فائدة دينية ، ولا دنيوية ، فهو دائر بين العبث واللعب واللهو ، ولم يفرق ~~بينها في كتب اللغة ، ولا بد من الفرق لعطف اللهو على اللعب وعكسه في ~~القرآن ، واختلف فيه ، قال الحدادي (¬1) : العبث كل لعب لا لذة فيه ، فأما ~~الذي فيه لذة فهو لعب ، وفي الكفاية نقلا عن الكردري (¬2) ، العبث : الفعل ~~الذي فيه غرض لكن ليس بشرعي ، وما قاله الحدادي أنسب ، فإن العبث إنما يقال ~~لما لا فائدة فيه أصلا ، قال الإمام أبو زيد الدبوسي (¬3) في التقويم في ~~تقسيم قبح المنهي عنه : أما الأول فكالسفه والعبث ، فواضع اللغة وضع ~~الاسمين لفعلين قبيحين لذاتهما عقلا ، وقال شمس الأئمة السرخسي (¬4) PageV01P003 ~~في أصوله بيان القسم الأول ، يعني ما هو قبيح لعينه في العبث والسفه ، ~~فإنهما قبيحان شرعا ؛ لأن واضع اللغة وضع ms01 هذين الاسمين لما يكون خاليا عن ~~الفائدة ، ومبنى الشرع على ما هو حكمه ناتج عن فائدة ، فما يخلو من ذلك ~~قطعا يكون قبيحا شرعا ، انتهى . # ... واللعب قد يقصد منه فائدة نفسانية ، لا نفع لها ، واللهو مثله ، إلا ~~أن فيه زيادة حظ للنفس ، بحيث تشتغل به عما يهتمها ، والكل حرام ، إلا ما ~~استثنى الشارع لخاصية فيه ، تميزه عن نوعه ، على ما نذكره إن شاء الله ~~تعالى ، وذلك أن هذه الأشياء الثلاثة لم تذكر في القرآن إلا على سبيل الذم ~~، سوى موضع واحد، هو من المستثنى من اللعب في قوله صلى الله عليه وسلم : ( ~~كل شيء من لهو الدنيا باطل إلا ثلاثة : انتضاء لك بقوسك ، وتأديبك فرسك ، ~~وملاعبتك أهلك فإنهن من الحق ) رواه الحاكم من حديث أبي هريرة ، وقال : ~~صحيح على شرط مسلم ، وفي رواية جابر ، أخرجه النسائي : (كل شيء ليس من ذكر ~~الله فهو لهو ولعب إلا أربعة : ملاعبة / الرجل امرأته ، وتأديب 3 أالرجل ~~فرسه ، ومشي الرجل بين الفرضين ، وتعلم الرجل السباحة ) وكذلك رواه إسحاق ~~ابن راهويه ، والموضع المستثنى في القرآن قوله تعالى حكاية عن إخوة يوسف : ~~[أرسله معنا غدا يرتع ويلعب] (¬1) PageV01P004 ~~على قراءة النون ، فإن المراد باللعب أحد ما استثني في هذا الحديث ، فإن ~~المفسرين أجمعوا على أن المراد به الاستباق بالرمي والصيد ، ولقد بالغوا في ~~تقبيح العبث حتى إن الإمام فخر الإسلام البزوري وغيره قرنه مع اللعب في ~~القبح ، حيث قال في أصوله : والنهي في صفة القبح ينقسم انقسام الأمر ، ما ~~قبح لعينه وضعا ، مثل الكفر والكذب والعبث ، انتهى . # ... وتقدم كلام الشيخ أبي زيد الدبوسي في التقديم ، وكلام شمس الأئمة ، ~~وصرح الإمام جواهر زاده (¬1) في حواشي القدوري بحرمته ، حيث قال : المحرمات ~~أربعة : العبث والسفه والجهل والظلم ، انتهى . # ... وهذا كله ظاهر عند من له أدنى عقل . # فصل : PageV01P005 # ... وحيث علم حرمة اللعب واللهو والعبث ، علم حرمة الرقص والدوران الذي ~~تفعله هذه الطائفة بلا شك ، فإنه داخل في العبث واللعب ، وهو بالعبث أنسب ، ~~بخلوه عن اللذة التي في اللعب ، اللهم إلا أن تكون ms02 نفوسهم تستلذه بتسويل ~~الشيطان ، فليدخل حينئذ في حد اللعب ، وقد قررنا حرمته ما لم يكن مما ~~استثناه الشرع ، والتصريح بحرمة الرقص مشهورة في كتب أئمتنا رحمهم الله ~~وغيرها ، قال البزازي (¬1) PageV01P006 ~~والقرطبي على أن هذا الغناء ، وضرب القضيب والرقص حرام بالإجماع عند مالك ~~والشافعي وأحمد في مواضع من كتابه ، وسيد الطائفة شيخ أحمد النسوي صرح ~~بحرمته ، ورأيت فتوى شيخ الإسلام ، جلال الملة والدين الكيلاني أن مستحل ~~هذا الرقص كافر ، ولما علم أن حرمته بالإجماع لزم أن يكفر مستحله ، وللشيخ ~~الزمخشري في كشافه كلمات فيهم تقوم بها عليهم الطامة ، ولصاحب النهاية ، ~~والإمام المحبوبي أيضا أشد من ذلك ، وقال في شرح الكنز بعدما ذكر / قوله ~~عليه الصلاة والسلام ( كل 3ب لعب ابن آدم حرام إلا ثلاثة : ملاعبة الرجل ~~أهله ، وتأديبه لفرسه ، ومناضلته بقوسه ) ، وهذا نص صريح في تحريم الرقص ~~الذي يسميه المتصوفة الوقت وسماع الطيب ، وإنما هو سماع فيه أنواع الفسق ، ~~وأنواع العذاب في الآخرة ، وقال في اليتيمة سئل الحلواني عن من يسمون (¬1) ~~أنفسهم بالصوفية ، واختصوا بنوع لبسة ، واشتغلوا باللهو والرقص ، وادعوا ~~لأنفسهم المنزلة ، فقال : افتروا على الله كذبا أم بهم جنة ، فليس النبي ~~صلى الله عليه وسلم من الدد ، ولا الدد (¬2) منه ، ونهى عليه الصلاة ~~والسلام عن لبس الشهرتين ، فقال ليس (¬3) بشيء ، ألا ساء ما يزرون ، وسئل ~~إن كانوا زائغين عن الطريق المستقيم ، هل ينفون من البلاد لقطع فتنتهم عن ~~العامة ، فقال : إماطة الأذى أبلغ في الصيانة ، وأمثل في الديانة ، وتمييز ~~الخبيث من الطيب أزكى وأولى ، وذكر في التاتار خانية عن النصاب ، هل يجوز ~~الرقص والسماع ؟ الجواب لا يجوز ، وذكر في الذخيرة أنه كبيرة ، ومن أباحه ~~من المشايخ فذلك للذي حركاته كحركات المرتعش ، انتهى . # فصل : PageV01P007 # ... وما ذكره البزازي من الإجماع عن تحريم الرقص محمول على ما إذا اقترن ~~بشيء من اللهو كالدف والشبابة ، ونحو ذلك ، أو بالتكسر والتمايل ، وأما ~~مجرد الرقص فمختلف في حرمته ، مذهبنا ومذهب الجمهور أنه حرام لما تقدم من ~~الأدلة ، فأنه داخل في اللهو والعبث واللعب غير مستثنى ، وعن ms03 بعض الشافعية ~~أباحته بشرط أن لا يكون فيه تكسر وبشرط أن لا يعتاده ، واستدلوا عليه بحديث ~~رقص الحبشة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ينظر إليهم ، وبقصة علي ~~وجعفر وزيد ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد أنت أخونا ومولانا ، ~~فحجل ، وقال لجعفر : أشبهت خلقي وخلقي ، وقال لعلي : أنت مني وأنا منك ، ~~فحجل ، والحجل أن يرفع رجلا ، ويقفز على الأخرى ، فهو رقص بلا تكسر ، ~~والجواب من وجوه : الأول أن المحرم مرجح / على 4 أالمبيح عند التعارض ، ~~والثاني أن القول مرجح على الفعل عند التعارض أيضا ، الثالث أن رقص الحبشة ~~لم يكن مجرد رقص بل كان لعبا بالدرق والحراب ، قال البخاري رحمه الله ، باب ~~الحراب : والدرق يوم العيد ، ثم ذكر الحديث عن عائشة رضي الله عنها ، إلى ~~أن قالت : وكان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدرق والحراب ، فإما سألت رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم ، وإما قال تشتهين تنظرين ، فقلت نعم ، فأقامني ~~وراءه ، خدي على خده ، وهو يقول : دونكمم يا بني أرفدة ، حتى إذا مللت قال ~~: حسبك ، قلت : نعم ، قال : فاذهبي ، انتهى . # فحينئذ هو من جنس ما استثني في الحديث ، فإنه من الاستعداد للحرب والجهاد ~~، وكالرمي ، والقوس ، وتأديب الفرس ، وإليه أشار الشيخ الإمام العلامة شرف ~~الدين إسماعيل ابن المقري اليمني الشافعي في قصيدته في ذم الرقص بقوله : # قالوا رقصنا كما الأحبوش قد رقصوا ... بمسجد المصطفى قلنا بلا كذب # قلنا بلا كذب فالحبش ما رقصوا لكنهم لعبوا من آلة الحرب بالآلات واليلب PageV01P008 ~~وذلك اللعب مندوب تعلمه في الشرع للحرب تدريبا لكل غبي # الرابع : أن كلا من الحديثين حكاية حال ، محل للاحتمال ، فلا يصلح ~~للاستدلال ، كما تقرر في الأصول ، فسلمت دلائل الجمهور النقلية والعقلية عن ~~المعارض ، على أن هيئة الرقص التي تفعلها الطائفة المذكورة خالية عن ~~الشرطين اللذين شرطهما القائل بالإباحة ، فإنها مشتملة على التكسر والتخلع ~~والتمايل ، وكانوا اتخذوا ذلك عادة ، كما لا يخفى ، فكانت مجمعا على ~~تحريمها ، ولقد كان اللائق على تقدير أن الجمهور هم القائلون بالإباحة ، ~~وبعض الأئمة قال ms04 بالتحريم أو الكراهة أن يتحرز من يدعي التصوف عنه أشد ~~التحرز، ويكون أبعد الناس عنه، فكيف والإجماع على تحريمه بالصفة المذكورة ، ~~ولكن التوفيق من الله تعالى وحده . # فصل : PageV01P009 # ومن جملة الحماقة استدلال بعض من يدعي العلم منهم على إباحة الرقص والدوران ~~المذكور بقوله تعالى : [الذين يذكرون /الله قياما وقعودا 4 ب وعلى جنوبهم] ~~(¬1) وهذا الاستدلال منه أبعد شيء عن العلم ، فإن مفهوم الآية تعميم ~~الأحوال التي اعتوارها على الإنسان ضروري بالذكر ، وأين هي من حالة زائدة ~~ذمها الشرع ، والعقل ، يجب تنزيه الذكر عنها ، كما يجب تنزيهه عن حالة ~~التغوط ، ومخالطة النجاسات ، وسائر أنواع الفسق ، فإن الرقص المذكور من ~~جملة الفسق ، على ما تقرر ، ومن جملتها أنه يزول عن ذلك بقوله تعالى : ~~[وترى الملائكة حافين من حول العرش] (¬2) ، ويقيس دورانهم الشنيع على طواف ~~الملائكة بالعرش ، وعلى الطواف بالكعبة ، فانظر إلى هذه الحماقة ، كيف يقيس ~~المعصية على الطاعة ، ويشبه القبيح بالحسن ، ولا يدري أن هذا الفعل لو فرض ~~أنه غير قبيح في ذاته لما جاز قياسه على الطواف؛ لأن الطواف أمر تعبدي ، ~~ليس للرأي فيه مدخل ، قال الشيخ حافظ الدين في منع التشبيه بالواقفين بعرفة ~~: هذه عبارة مخصوصة بمكان ، ولا تتصور عبادة في غيره ، فإن من طاف حول مسجد ~~ينوي الكعبة يخشى عليه الكفر ، انتهى . # وكذلك يستدل أيضا بما هو كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، وباطل ~~بإجماع أهل العلم ، وهو الحديث الذي ذكره صاحب العوارف أن النبي صلى الله ~~عليه وسلم أنشد بين يديه : # قد لسعت حية الهوى كبدي ... ... فلا طبيب لها ولا راق # إلا الحبيب الذي شغفت به ... ... فعنده رقيتي وترياقي PageV01P010 ~~فتواجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وتواجد الأصحاب حتى سقط رداءه عن منكبه ~~إلى آخره (¬1) ، PageV01P011 ~~مع أن صاحب العوارف قد تبرأ من عهدته ، ونبه على ما يجب التنبيه عليه ، ~~فقال بعدما رواه : فهذا الحديث أوردناه مسندا كما سمعناه ووجدناه ، وقد ~~تكلم في صحته أصحاب الحديث ، وما وجدنا شيئا نقل عن رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم يشاكل وجد أهل ms05 الزمان ، وسماعهم ، واجتماعهم ، وهيئتهم إلا هذا / ~~وما أحسنه حجة للصوفية ، وأهل الزمان في سماعهم5 أوتمزيقهم الخرق ، وقسمتها ~~أن لوصح ، والله أعلم ، ويخالج سري أنه غير صحيح ، ولم أجد فيه ذوق اجتماع ~~النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ، وما كانوا يعتمدونه على ما بلغنا في ~~هذا الحديث ، ويأبى القلب قبوله ، والله أعلم وأحكم ، انتهى . # ... فانظر إلى هذا الذي يدعي العلم والتصوف والتدين ، كيف يستدل بهذا ~~الحديث على رؤوس المسلمين ، ويذكر إيراد صاحب العوارف له ، ويسكت عما ذكره ~~صاحب العوارف من الطعن فيه ، وعدم قبوله له ، وهذا عين الخيانة ، والغش ~~للأمة بالتلبيس عليهم ، فيا للعجب [ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم ~~يوم يقوم الناس لرب العالمين ] (¬1) قال السروجي في شرح الهداية : ومن ~~الموضوعات حديث تمزيق الرداء ، والطرب للغناء ، وقال ابن أبي حجلة في كتابه ~~غيث العارض : وكذلك ما يرويه بعضهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنشده منشد : # قد لسعت حية الهوى كبدي ، الى آخره . # فإنه كذب باتفاق أهل العلم بالحديث ، وقال الدميري من الشافعية في شرح ~~المنهاج : ومن نسب السماع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤدب أدبا ~~شديدا ، ويعزر تعزيرا بليغا ، ويدخل في زمرة الكذابين عليه ، صلى الله عليه ~~وسلم ، فليتبوأ مقعده من النار . # فصل : PageV01P012 # ... ... واعلم أن صنيعهم هذا قد اشتمل على جملة من القبائح منها : عدم ~~المروءة ، والتشبه بالنساء والصبيان ، قال سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن ~~عبد السلام : الرقص لا يتعاطاه إلا ناقص العقل ، ولا يصلح إلا للنساء ، ~~ومنها التشبه بالبهائم كالقردة والدباب (¬1) ، والتشبيه بالنصارى كما تقدم ~~، ومنها خلط المعصية بالعبادة ، ومنها اعتقاد ذلك عبادة وقربة ، فكان من ~~هذه الحيثية أشد من الفسق الذي يعتقده فاعله فسقا ، ولقد بلغني عن من أنكرت ~~ذلك عليه أنه قال بعدما غبت عنه : لا ينكرون / على من يشرب الخمر ، وينكرون ~~علينا 5ب أو كما قال ، فأقول لو تأمل هذا المسكين تأمل المصنفين لوجد هذا ~~الفعل أشد ضررا عليه من شرب الخمر ، فإن شارب الخمر يعتقد حرمة فعله ، ~~فربما ms06 يستغفر منه ، ويندم عليه ، ويحصل له الذلة والانكسار ، ويقابل من ~~الخلق باللوم والاحتقار ، بخلاف هؤلاء ، فإنهم باعتقادهم أنه عبادة لا ~~يستغفرون منه ، ولا يندمون ، بل يتباهون به ، ويتطاولون ، وينالون عند ~~الناس المنزلة والاعتبار ، والتعظيم ، وهذا ما يذكر عن إبليس أنه قال : ~~قصمت ظهور بني آدم بالمعاصي ، فقصموا ظهري بالاستغفار ، فأحدثت لهم ذنوبا ~~لا يستغفرون منها ، وهي البدع ، ومنها إظهارهم الوجد من غير وجد ، وهو رياء ~~وشرك ، حتى قال في العوارف (¬2) : PageV01P013 # إنه عين النفاق ، وذكر عن النصر اباذي أنه كان كثير الولع بالسماع ، فعوتب ~~في ذلك ، فقال : نعم ، هو خير من أن تقعد وتغتاب ، فقال له أبو عمرو بن ~~نجيد وغيره من إخوانه : هيهات يا أبا القاسم ، زلة في السماع شرمن كذا وكذا ~~سنة تغتاب الناس ، وذلك أن زلة السماع إشارة إلى الله تعالى ، وتدبج حال ~~بصريح المحال ، وفي ذلك ذنوب متعددة ، منها أنه يكذب على الله أنه وهب له ~~شيئا ، وما وهب له ، والكذب على الله تعالى من أقبح الزلات ، ومنها أن يغر ~~بعض الحاضرين ، فيحسن به الظن ، والغرور جناية ، قال عليه الصلاة والسلام : ~~من غشنا فليس منا ، إلى آخر ما ذكر صاحب العوارف . # ... أقول إذا كان هذا بالسماع المباح ، فكيف بمن هو متلبس بفعل حرام ، ~~وهو الرقص المذكور ، ومن جملة القبائح ، وأقبحها الافتراء على الله في أن ~~مثل هذا الرقص مباح ، أو قربة ، فإن واضع الإحكام هو الله تعالى وحده ، لا ~~حكم لغيره فيها ، فإباحة ما حرمه ، أو العكس افتراء عليه ، وإسناد إليه ما ~~لم يفعله [ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا] (¬1) ونحن قد أغنى الدليل من ~~الكتاب والسنة ، والإجماع على حرمته متى كان بالصفة المذكورة ، فإنه لهو ~~ولعب/ 6أ وعبث ، وقد ذم ذلك سبحانه في كتابه ، ورسوله في سنته ، وأولوا ~~العلم والعقل في كلامهم ، [ ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور] (¬2) . # فصل : PageV01P014 # ... ... وكثير من هؤلاء الجهال يظنون أن الرقص من السماع ، ويستدلون عليه ~~بورود السماع عن المشايخ المعتبرين ، كونه في الكتب المعتمدة ، وهذا جهل ms07 ~~منهم لاللغة والاصطلاح ، فإن السماع في اللغة هو إدراك القوة السامعة ~~للأصوات ، وكذلك هو في اصطلاح الصوفية ، ولهذا تراهم يفتحون الكلام فيه ~~بقوله تعالى : [الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه] (¬1) وذلك بأن ينشد ~~بعضهم من الأشعار المباحة ، ويستمع الباقون ، فيحصل لكل منهم ما يقتضيه ~~حاله ، وإنما حركات الأعضاء مسببة عن الوجد ، الذي يثيره السماع ، ولا يسمى ~~سماعا أصلا ، ولا يحل إلا إذا صارت الحركات كحركات المرتعش ، بحيث لا ~~يتعداه ، يمسك نفسه عنها على ما صرح به في العوارف وغيره ، وقال الشيخ عز ~~الدين بن عبد السلام في مختصر القواعد : وقد يصيح بعضهم لغلبة الحال عليه ، ~~وإلجائها إياه إلى الصياح ، ومن صاح لغير ذلك فمتصنع ، ليس من القوم في شيء ~~، وكذا من أظهر شيئا من الأحوال رياء وتسميعا فإنه ملحق بالفجار دون ~~الأبرار . # فصل : # ... ... البدعة ، قال في القاموس : الحدث في الدين بعد الإكمال ، أو ما ~~استحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال زين العرب : البدعة ما أحدث ~~على غير قياس ، أصل من أصول الدين ، وقال الهروي : البدعة الرأي الذي لم ~~يكن له من الكتاب ، ولا من السنة سند ظاهر أو خفي مستنبط . # ... أقول : مرادهما البدعة المكروهة ، أو المحرمة التي ذكرها النبي صلى ~~الله عليه وسلم في قوله : (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي ~~هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة )، ~~فأراد إخراج البدعة الحسنة ، فإنها لا بد أن تكون على أصل وسند ظاهر أو خفي ~~أو مستنبط على ما سنذكر إن شاء الله تعالى . PageV01P015 # ... اعلم أن المعصية إذا عملها صاحبها مع اعتقاد أنها معصية / يسمى 6ب ~~فاسقا ، ولا يسمى مبتدعا ، فإن اعتقد مع ذلك كونها مشروعة في الدين جوازا ~~أو ندبا أو وجوبا فهو مبتدع ، فالفسق أعم من البدعة ، فكل بدعة فسق ، ولا ~~عكس ، فيكون هؤلاء بفعلهم هذا فساقا مبتدعين ؛ لعملهم المعصية معتقدين أنها ~~طاعة ، ومن بدعهم الجهر بالذكر قدام الجنازة ، وقدام العروس ، وشبه ذلك في ~~الطرقات ، أما الذكر جهرا قدام الجنازة فمنصوص عليه ms08 في مذاهب الأئمة ~~الأربعة ، قال قاضي خان في الفتاوى : ويكره رفع الصوت بالذكر ، فإن أراد أن ~~يذكر الله تعالى يذكره في نفسه ، وعن إبراهيم : كانوا يكرهون أن يقول الرجل ~~وهو يمشي معها : استغفروا له ، غفر الله لكم ، ونحوه في الفتاوى الظهيرية ، ~~وذكر في النهاية والكفاية عن الإمام التمرتاشي : ويكره لمشيعها رفع الصوت ~~بالذكر ، والقراءة ؛ لأنه فعل الكتابي ، ويركز في نفسه ، والتشبه بالكافر ~~فيما لنا منه بد مكروه ، وقال في المنهاج للشافعية : ويكره اللفظ في ~~الجنازة ، قال شارح الدميري : وهو ارتفاع الأصوات ، لما روى البيهقي أن ~~أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يكرهون رفع الصوت عند الجنازة ، ~~وعند القتال ، وعند الذكر ، قال : وقال المصنف : المختار ما كان عليه السلف ~~من السكوت في حال السير بالجنازة بغير رفع صوت بقراءة ولا بذكر ، وقال في ~~الكتاب المسمى بالفروع للحنابلة : ويستن الذكر والقراءة سرا ، وإلا فالصمت ~~، ويكره رفع الصوت ولو بالقراءة اتفاقا ، قاله شيخنا ، وحرمه جماعة من ~~الحنفية ، وغيرهم ، انتهى . PageV01P016 # ... وقال في الكتاب المسمى بالمدخل للمالكية : وليحذر من هذه البدعة الأخرى ~~، التي يفعلها أكثرهم ، وهي أنهم يأتون بجماعة يسمونهم بالفقراء الذاكرين ، ~~يذكرون أمام الجنازة جماعة على صوت واحد، يتصنعون في ذكرهم ، وينطقون به ~~على طرق مختلفة ، إلى آخر ما ذكر ، وإذا تقرر كراهة رفع الصوت بالذكر مع ~~الجنازة في مذاهب الأئمة الأربعة ، ففي نحو الذكر قدام العروس بالطريق ~~الأولى ، وبالجملة فالذكر بالصوت الشديد في الطرقات بدعة ، لكونه غير معهود ~~/ في زمنه عليه الصلاة والسلام ، ولا في القرون 7 أالمشهود بخيريتها دلالة ~~سند ظاهر ، ولا خفي ، ولا يجوز قياسه على التلبية والتكبير في طريق العيد ~~لعدم شرط القياس ، على أن التلبية والتكبير لم يشرع الجهر بهما إلا لكل فرد ~~بنفسه ، لا بهيئة الاجتماع والاتفاق في الصوت بالرفع والخفض، ومراعاة ~~الأنغام ، والزيادة والنقص ، والتمطيط، والإبدال في الحروف، لأجل ذلك فإن ~~ذلك كله حرام في الذكر ، كما يحرم في قراءة القرآن . # فصل : PageV01P017 # ... ... وقد اعتاد هؤلاء وأمثالهم الجواب لمن قال لهم : إن هذه بدعة لم تكن ~~في ms09 زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، بأن يقولوا : هذه بدعة حسنة ، ~~وذلك لجهلهم بالبدعة الحسنة ، وعدم فرقهم بينها وبين السيئة ، فيظنون أن كل ~~ما استحسنه نفر منهم ، فهو حسن ، وربما استدلوا بحديث ( ما رآه المسلمون ~~حسنا فهوعندالله حسن )، وقد تقدم أن البدعة الحسنة ما كان على قياس أصل من ~~أصول الشرع ، والحديث المذكور موقوف من قول ابن مسعود ، رضي الله عنه ، ~~أخرجه أحمد في كتاب السنة ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود، قال : ( إن الله ~~نظر في قلوب العباد ، فاختار محمدا صلى الله عليه وسلم ، فبعثه برسالته ، ~~ثم نظر في قلوب العباد ، فاختار له أصحابا ، فجعلهم أنصار دينه ، ووزراء ~~نبيه ، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون قبيحا ، ~~فهوعند الله قبيح ) وكذا أخرجه الفراري ، والطيالسي ، والطبراني، وأبو نعيم ~~، ولا شك أن ليس اللام في( المسلمون ) لمطلق الجنس ، ولا للاستغراق الحقيقي ~~، بل إما للعهدالمذكور في قوله : فاختار له أصحابا ، فيكون المراد الصحابة ~~فقط ، وإما لاستغراق خصائص الجنس ، وهي التي تخلفها كل مجازا ، نحو زيد ~~الرجل علما ، أي الكامل في هذه الصفة ، ومنه قوله : # وإن الذي حانت بفبج دماؤهم ... همالقوم كل القوم يا أم مالك (¬1) PageV01P018 ~~فيراد أهل الاجتهاد والعلماء العاملون في كل زمان ، فهم الكاملون في صفة ~~الإسلام ، ومثل قوله عليه الصلاةوالسلام : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة) ، ~~كان المراد به أهل الاجماع ، على أن هذا يصح أن يراد به جميع الأمة / أي لا ~~7ب تجتمع جميع أمتي في زمان من الأزمنة على ضلالة ، كما اجتمع اليهود ~~والنصارى على الضلالة في بعض الأزمنة ، ليكون موافقا لقوله عليه ~~الصلاةوالسلام : ( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من ~~خذلهم ، ولا من خالفهم حتى يلأتي أمر الله )، فعلم أن المراد ما رآه ~~الصحابة ، أو أهل الإجماع في كل عصر حسنا ، فهو عند الله حسن ، وما رآه ~~قبيحا فهوعند الله قبيح ، وقد قررنا أنهم أجمعوا على كراهة رفع الصوت ~~بالذكر مع الجنازة ، فيكون عند الله مكروها . # فصل : PageV01P019 # ... ... البدعة غير ms10 السيئة تنقسم إلى فرض كفاية كتعلم علم الكلام للرد على ~~أهل البدع والإلحاد ، وإلى مستحب كتصنيف كتب العلم ، وبناء المدارس والربط ~~ونحو ذلك ، وإلى مباح كالتوسع في الأطعمة ونحوها من المباحات ، وعند ~~الاستقراء لا يوجد ذلك في العبادات الخالصة البدنية ، كالصلاة والصوم ، ~~وقراءة القرآن ، والذكر ، وأوصافها ، وذلك لأن البدع الغير السيئة إنما ~~تكون فيما حدث سببه بعد الصدر الأول ، أو زال المانع منه ، والعبادات ~~الخالصة البدنية ليست كذلك ، فلا تكون البدعة فيها إلا سيئة ؛ لأنها ~~كالاستدراك على أهل الصدر الأول ، إذ ترك الفعل لا يكون إلا لعدم الحاجة ~~إليه ، أولمانع يمنع عنه ، أو لعدم التنبيه له ، أو للتكاسل ، أولكراهته ، ~~والأولان منتفيان في العبادات المحضة ؛ لأن الحاجة إلى التقرب بها إلى الله ~~لا تنقطع ، ولم يكن منها مانع بعد ظهور الإسلام ، وغلبة أهله ، وكذا ~~الاستدراك بعدم التنبه أو التكاسل ، إذ لا يجوز ظن ذلك بالنبي صلى الله ~~عليه وسلم ، وجميع أصحابه ، فلم يبق إلا الكراهة ، وذلك [ ما ] (¬1) أراد ~~عبدالله بن مسعود رضي الله عنه لما أخبر بالجماعة الذين ذكروا له أنهم ~~يجلسون في المسجد بعد المغرب ، فيهم رجل يقول : كبروا الله كذا وكذا ، ~~وسبحوا الله كذا وكذا ، واحمدوا الله كذا وكذا ، فيفعلون ، فحضرهم ، فلما ~~سمع ما يقولون قام ، فقال لهم : أنا عبد الله بن مسعود ، والله الذي لا إله ~~غيره لقد جئتم ببدعة ظلما ، أولقد فقتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما .. PageV01P020 # إلى آخره ، فكأنه قال : إما أن يكون ما جئتم به بدعة / وإما أنكم استدركتم ~~على الصحابة ما فاتهم ؛ لعدم تنبههم ، أو 8أ لتكاسلهم ، ففقتموهم من حيث ~~العلم بطرق العبادة ، والثاني منتف ، فتقرر الأول ، وهو أنه بدعة ، فهكذا ~~يقال : كل من أتى في العبادات بصفة لم تكن في زمن الصحابة ، كالجهر بالذكر ~~قدام الجنازة ، ونحوها ، ومنه عد حكم العلماء على ذلك بكونه بدعة مكروهة ، ~~مع أنه في ذاته عبادة ، فلو كان وصف العبادة في الفعل المبتدع يقتضي كونه ~~بدعة حسنة لم يوجد في العبادة ما هو بدعة مكروهة ، وقد ms11 وجد البدعة المكروهة ~~فيها إجماعا ، ولم يوجد عبادة خالصة هي بدعة حسنة إجماعا، فعلم أن كل بدعة ~~في العبادات الخالصة ، فهي مكروهة ، وإلا لما فاتت أهل الصدرالأول، والقرون ~~التي شهد الصادق المصدوق بخيريتها ، ولأنها لا بد أن تدافع سنة ، وكل بدعة ~~دافعت سنة فهي سيئة ، فالخبر المذكور يدافع السنة الثابتة بالحديث المتقدم ~~ذكره الذي خرجه البيهقي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ~~يكرهون رفع الصوت عندالجنازة ، وعند القتال ، وعند الذكر ، وإذا استقرئت ~~(¬1) البدع التي في العبادات المحضة فلا بد من أن يوجد فيها مزاحمة لسنة ، ~~ولو لم تكن تلك السنة إلا متابعة الصحابة لكان فيها كفاية لأمره صلى الله ~~عليه وسلم بالاقتداء بهم ، بخلاف غير العبادات المحضة فإنها قد تكون لسبب ~~تجدد بعدهم ، أو كان تركهم لها لمانع ، ثم زال على ما تقدم. # فصل : PageV01P021 # ... ... ثم إن بعض هؤلاء المبتدعة قد زاد في شططه ، وتجاوز حدود نمطه حيث ~~اعترض على مثل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، بسبب ما تقدم عنه من القصة ~~، وفي بعض رواياتها أنه قال لهم : ما عهدنا ذلك على عهد النبي صلى الله ~~عليه وسلم ، وما أراكم إلا مبتدعين ، فما زال يكرر ذلك حتى أخرجهم من ~~المسجد ، فطعن فيه هذا المبتدع ، وقال في حقه : إنه كان متعصبا ، وهذا من ~~غاية الجرأة على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، الذين قال عليه الصلاة ~~والسلام في حقهم: ( الله الله في أصحابي/لا تتخذوهم8ب غرضا بعدي ، فمن ~~أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد آذاني ، ومن ~~آذاني فقد آذى الله ، يوشك أن يأخذه ) ، وخصوصا مثل عبد الله بن مسعود الذي ~~هو من أكابر الصحابة ، وفقهائهم ، ومن أهل بدر ، وخادم النبي صلى الله عليه ~~وسلم ، وصاحب سره ، وقال في حقه ما حدثكموه ابن مسعود فصدقوه ،ولما أمره ~~النبي صلى الله عليه وسلم ، فصعد شجرة ضحكوا من حموشة ساقيه ، فقال رسول ~~الله صلى الله عليه وسلم : (هما في الميزان يوم القيامة أثقل من أحد ) ، ~~وقال ms12 علقمة : كان عبد الله يشبه النبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله ~~وسمته ،وقال أبو موسى الأشعري : مكثت حينا وما أحسب ابن مسعود وأمه إلا من ~~أهل البيت ، إلى غير ذلك من فضائله ، التي يطول ذكرها ، فكيف يجوز التكلم ~~في حق مثله بما فيه شين ما ، بل يجب أن يعد من جملة مناقبه الحمية لإقامة ~~السنة ، وإزالة البدعة ، وأما الاعتراض بأن فعله ذلك يدخله تحت قوله تعالى ~~: [ ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ] (¬1) فناشيء عن عدم ~~التأمل في معنى الآية باعتبار تركيبها ، فإن محل [أن يذكر] النصب ، على أنه ~~ثاني مفعولي منع ، وحينئذ يفهم من السلب الكلي ، وهو ينتقض بالإيجاب الجزئي ~~، فإن من قال : منعت فلانا عطائي ، PageV01P022 ~~لا يصدق إذا أعطاه نوعا من العطاء ، وإنما يصدق بمنع جميع أنواع العطاء ، ~~فعلى هذا لا يصدق عليه أنه مانع مساجد الله ذكر اسم الله إلا بمنع جميع ~~أنواع الذكر ، لا بمنع نوع واحد من الذكر ، وهي البدعة المخالفة لطريقة ~~النبي صلى الله عليه وسلم ، وطريقة أصحابه ، مع عدم منع ما سواه من أنواعه ~~، وكذا إن كان نصبه بنزع الخافض ، أي من أن يذكر ، فهو بمنزلة قولك منعته ~~من عطائي ، وإن نصب على أنه مفعول له ، وكراهة أن يذكر فيها اسمه ، فأظهر ، ~~فإن فعله رضي الله عنه ليس لأجل كراهة ذكر اسم الله ، بل إنما هو لكراهة ~~البدعة ، التي ينبغي تطهير/المساجد منها ، وإذا وجب صون9 المساجد عن الأمور ~~المباحة كالبيع والشراء ، وإنشاد الضالة ، فصونها عن فعل البدع المكروهة ~~أوجب وأوجب . # ... وبالله التوفيق ، عصمنا الله من أفعال المبتدعين ، وحشرنا في زمرة ~~الذين لم يزالوا للسنة متبعين بمنه وكرمه ، إنه أرحم الراحمين . # ... تمت الرسالة ولله الحمد على يد محررها الفقير إلى رحمة ربه الغني ، ~~إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي إمام الجامع المحمدي بقسطنطينية ~~المحروسة وقت الضحوة الكبرى ، يوم الأحد خامس ربيع الآخر ، سنة أربع ~~وثلاثين وتسعمائة ، وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه وسلم . PageV01P023 ms13