######OpenITI# #META# max: 400 #META# higrid: 1332ه/1914م #META# comp: 1 #META# المؤلف: نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي (المتوفى : 1332ه/1914م #META# authno: 512 #META# authinf: نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي العماني ¶ مجدد أمة ومحيي إمامة #META# Shamela_short_metadata_record: #META# الكتاب : بهجة الأنوار ¶ المؤلف : نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي (المتوفى : 1332ه/1914م ¶ شهرته : ¶ المحقق : ¶ شهرته : ¶ دار النشر : ¶ البلد : ¶ الطبعة : ¶ سنة الطبع : ¶ عدد الأجزاء : ¶ التصنيف : ¶ العلم : ¶ ملاحظات : #META# ndata: بهجة الأB730434Eحمد الله #META# ad: 1332 #META# archive: 1 #META# bkord: 62 #META# Lng: نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي #META# auth: نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي #META# الكتاب: بهجة الأنوار #META# iso: بهجه الانوار لنور الدين السالمي محققا #META# cat: العقيدة #META# bk: بهجة الأنوار لنور الدين السالمي محققا #META# bkid: 38 #META# ScrapeDate: 13-03-2020 #META# ScrapedFrom: ShamelaIbadiyya #META#Header#End# # نص # الكتاب # بسم الله الرحمن الرحيم PageV01P030 لك الحمد يا من نور عقولنا بالدين، ~~وطهر قلوبنا من زيغ الملحدين، وصفى عقائدنا من ضلالات المبتدعين، وخلص ~~أعمالنا من أقاويل المبطلين، وجعلنا من القوم الهادين المهتدين، والصلاة ~~والسلام على خير مبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وعلى تابعيهم إلى يوم الدين. # وبعد؛ فهذه منظومة من علي بها الرحمن المنان، في قواعد التوحيد وأصول(_( ~~) سقطت من (ب) كلمة أصول. _) الأديان، سالكة أعلى منهج في هذا الشأن، واردة ~~أعذب منهل يجلو الأذهان، تنطق بالصدق في كل نادي، وتصدع بالحق بين الحاضر ~~والبادي، قريبة المأخذ للمتناول، بعيدة الغور عن اعتراض المجادل، سميتها ~~(أنوار العقول)، وما أجدرها بما فيها أقول: # هذه الأنوار لا نجم زهر # فلها ألباب أرباب العلى # قربت في فنها ما قد نأى # ليت أشياخي الألى قد سلفوا # ورأوا تنقيحها في جمعها # فلهم فيها مجال واسع # لا ولاإشراق شمس أوقمر # مطلع زانت به تلك الفكر # وحوت كل مهم معتبر # شهدوا وضع مبانيها الغرر # وانتخابي لمعانيها الدرر # ولها عندهم أعلى قدر # _ # وقد كنت شرحتها شرحا مختصرا، على معاني أبياتها مقتصرا، ثم إني زدت على ~~نظمها زيادات، وألحقته جملة أبيات، فرجعت إلى ذلك الشرح فنقحته وإلى هذا ~~المزيد فشرحته، فهاك نظما محررا وشرحا مهذبا مختصرا سميته (بهجة الأنوار) ~~جعله الله لي ذخرا في دار القرار، وهو حسبي ونعم الوكيل. # (بسم الله الرحمن الرحيم)(_( ) في (أ) كتب بعد البسملة "رب يسر وأعن ~~ياكريم" وهي ساقطة من (ب) ويحتمل أن هذه اللفظة من زيادة الناسخ أو أنها ~~زيدت فيما بعد كما يظهر من تغير الخط إلا أن يقال أن المصنف كان قد أتى بها ~~في أول نظمه ل"أنوار العقول" وأدرجها هنا. _) # (الباء) للإستعانه متعلقة بمحذوف مقدم عند النحويين، ومؤخر عند البيانيين ~~لفائدة القصر والإهتمام، وهل ذلك المحذوف اسم أو فعل؟، والحق انه فعل مناسب ~~لغرض المبسمل تقديره بسم الله أبتديء أو أألف أو نحو ذلك. PageV01P031 # وإضافة اسم إلى الله للبيان أو للحقيقة أو للإستغراق كما في "الهميان"(_( ~~) هيميان ms001 الزاد (1/54 و55)._) وصرح في "حاشية الشذور" أن الإضافة تأتي لما ~~تأتي عليه ال من المعاني، و(الله) علم على الذات الواجب الوجود المستحق ~~لجميع المحامد. # (الرحمن الرحيم) هل هما اسمان من اسماء الله؟ أو صفتان ؟ وعلى كلا ~~القولين فليسا بعلمين؛ لأن كل واحد منهما كلي ينحصر فيه فرد، والعلم ليس ~~كذلك، وهل هما في أوجه الإعراب صفتان لله ؟ اوبدلان منه ؟ او عطفا بيان؟ ~~وجوه..وهل الرحمن أبلغ معنى من الرحيم؟ أو الرحيم أبلغ معنى من الرحمن؟. أو ~~هما مترادفان في المعنى؟ كما يعلم من المطولات. PageV01P032 # وابتدأ بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز، وعملا بما جاء في الرواية عنه - ~~صلى الله عليه وسلم - : (كل أمر ذي بال لايبدؤ فيه ببسم الله فهو أبتر((_( ~~) الحديث رواه التاج السبكي بسنده في "طبقات الشافعية الكبرى" (1/12) بلفظ: ~~"لايبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع". ورواه عبد القاهر الرهاوي ~~في "الأربعين" كما في "كنز العمال" للمتقي الهندي برقم [2491]. قال السيوطي ~~في تفسيره "الدر المنثور" عند الكلام على البسملة من سورة الفاتحة: "وأخرج ~~الحافظ عبد القاهر الرهاوي في "الأربعين" بسند صحيح! عن أبي هريرة قال: قال ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله ~~الرحمن الرحيم أقطع«" ا.ه. _)، وفي رواية (أقطع(، وفي رواية (أجذم(، ~~والمعنى متحد في كلها أي منقطع عن البركات وإن تم بناء لايتم معنى، وكذلك ~~يكون الإبتداء بالحمدلة بعد البسملة اقتداء بالكتاب العزيز؛ فإنها في أول ~~الفاتحة، وعملا بما في الرواية عنه - صلى الله عليه وسلم - : (كل أمر ذي ~~بال لايبدؤ فيه بحمد الله والصلاة علي فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة((_( ~~) الحديث بهذا اللفظ رواه الخليلي في "الإرشاد" ص(118 /دار الفكر) عن أبي ~~هريرة - رضي الله عنه - . ومن طريقه التاج السبكي في "الطبقات الكبرى" ~~(1/15) ورواه الرهاوي في "الأربعين" كما في "كنز العمال" للهندي برقم ~~[2510]. # وجاء بلفظ: »كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد أقطع«. رواه ابن ماجة برقم ~~[1894] والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/296) والتاج السبكي ms002 في "الطبقات ~~الكبرى" (1/7) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . وعند الطبراني في "الكبير" ~~(19/72) من طريق كعب بن مالك - رضي الله عنه - . PageV01P033 # وبلفظ: »بحمد الله فهو أقطع« النسائي في "السنن الكبرى" برقم [10328] وهو ~~أيضا في "عمل اليوم والليلة" له برقم [498] والبيهقي في "شعب الإيمان" برقم ~~[4372] وابن حبان في صحيحه برقم [1و2/ الإحسان] والدارقطني في سننه برقم ~~[872] والخليلي في "الإرشاد" ص(117) وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" ~~(19/218 مع التاريخ) من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - . # كما جاء بلفظ: »كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم« رواه أبو داود ~~في سننه برقم [4840] من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - وحسنه النووي في ~~"رياض الصالحين" عند كتاب: حمد الله تعالى وشكره ورواه أيضا ابن أبي شيبة ~~في "المصنف" برقم [26674] بلفظ (أقطع) وكذا الخليلي في "الإرشاد" ص(381) ~~ومن طريقه التاج السبكي في "الطبقات الكبرى" (1/12) و (1/15) عن أبي هريرة ~~- رضي الله عنه - . # وبلفظ: »كل كلام لا يبدأ في أوله بذكر الله فهو أبتر« النسائي في "السنن ~~الكبرى" برقم [10331] ومثله في "عمل اليوم والليلة" له برقم [501] وهو في ~~هذين الموضعين من مراسيل الزهري وهي بمنزلة الريح عند يحي القطان. # وجاء بلفظ: »كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله عزوجل فهو أبتر أو ~~قال: أقطع« هكذا في مسند الإمام أحمد (2/359 القديمة) و(2/477 برقم 8733/ ~~الكتب العلمية). ومن طريقه التاج السبكي في "الطبقات" (1/16) ورواه أيضا ~~الدارقطني في سننه برقم [873] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . # وجاء بلفظ: »كل كلام لايذكر الله فيه فيبدأ به ويصلى علي فيه فهو أقطع ~~أكتع ممحوق من كل بركة«. رواه أبو الحسين أحمد بن محمد بن ميمون في "فضائل ~~علي" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - كما في "كنز العمال" للمتقي الهندي ~~برقم [6463]. PageV01P034 # وقد أطال الكلام عن الروايتين اللتين ذكرهما المصنف هنا التاج السبكي ~~في "طبقات الشافعية الكبرى" (1/5 24 تحقيق الحلو والطناحي) فليطالعه من ~~أراد التوسع في طرق الحديث وأسانيده. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ~~(8/278 /الكتب العلمية) بعد ms003 نقله لكلام النووي عن روايات هذا الحديث: ~~"والحديث الذي أشار إليه أخرجه أبو عوانة في صحيحه وصححه ابن حبان أيضا وفي ~~سنده مقال، وعلى تقدير صحته فالرواية المشهورة فيه بلفظ (حمد الله) وما عدا ~~ذلك من الألفاظ التي ذكرها النووي وردت في بعض طرق الحديث بأسانيد واهية". ~~وأنظر أيضا كلام الشوكاني في "نيل الأوطار" (1/14و15) و (3/300) و كلام ~~المناوي في "فيض القدير" (5/13و14)._) (_( ) في (ب) زيادة :وهذه المنظومة ~~فقال شعرا. _). # (1)(الحمد لله الذي قد أشرقا شمس الأصول في نهى ذوي التقى) PageV01P035 ~~قال الملوي(_( ) أحمد بن عبد الفتاح بن يوسف المجيري الملوي أبو العباس ~~شهاب الدين، الأزهري شافعي المذهب، ولد في القاهرة سنة 1088ه وتوفي بها عام ~~1181ه وصفه الجبرتي بأنه: إمام وقته في حل المشكلات، المعول عليه في ~~المعقولات والمنقولات. له تصانيف كثيرة منها "شرحان لمتن السلم" في المنطق ~~كبير وصغير، و"شرح عقيدة الغمري" و "منهل التحقيق في مسألة الغرانيق" و ~~"عقد الدرر البهية في شرح الرسالة السمرقندية" وغيرها. (الأعلام 1/152)._): ~~"الحمد هو الثناء بغير الحادث المطبوع". فدخل فيه الثناء على الله بصفاته ~~القديمة فإنه من أجل المحامد، وبهذا يعترض على غير هذا التعريف من التعاريف ~~فإنها تخرج هذا الحمد وإن كان قد أجيب عن ذلك بتعسفات في بعضها سوء أدب مع ~~الرب تعالى وليس هذا محل بسطه. وخرج عن الثناء وصف من هو في الدرك الأسفل ~~من النار بما(_( ) في (ب) : لما. _) تضمنه { ذق انك أنت العزيز الكريم } ~~الدخان : 49 فإنه ليس بثناء بل تنقيص له وسخرية. والشكر فعل ينبئ عن تعظيم ~~المنعم بسبب الإنعام وقيل لابد أن يكون الإنعام على الشاكر فعلم أن بينهما ~~عموما من وجه. # و(ال) في الحمد إما للعهد والمعهود حينئذ الحمد القديم، وإما للجنس وهو ~~مذهب الزمخشري(_( ) تأتي ترجمته عند التعليق على البيت رقم (143). _) في ~~"كشافه" وعليه فجائز تارة وممتنع أخرى على حسب الإحتمالات كما في ~~"الهميان". PageV01P036 # وإما للإستغراق فيكون المعنى كل فرد من أفراد الحمد لله - وهو الحق - ~~وعليه اعتمد القطب(_( ) هو العلامة ms004 المغربي محمد بن يوسف اطفيش أحد كبار ~~علماء الإباضية في الجزائر نابغة زمانه كان حريصا على العلم في صغره ولما ~~بلغ سن الخامسة عشرة من عمره جلس للتدريس في حلقات العلم يقول الأستاذ ~~الراحل عدون جهلان في كتابه "الفكر السياسي" ص (105): "وحين بلغ العشرين ~~كان أكبر عالم في وادي ميزاب المنطقة التي يقطنها إباضية الجزائر ففتح ~~دارا للتعليم وعكف على التأليف وشمر للإصلاح الإجتماعي والسير بالنهضة ~~الحديثة، وليس هذا بالأمر الهين على مفكر أعزل نشأ في وطن عظمت فيه المحن ~~وانعدمت وسائل الراحة وقلت مذكيات المواهب بل عاش في وسط كثير الفتن اشتدت ~~فيه وطأة الإضطهاد للعلماء العاملين .." انتهى وما بين الشرطتين مني ~~للتوضيح. وأزيد هنا بأن هذا العالم كان له دور كبير في النضال ضد الفرنسيين ~~وكان السلطان العثماني عبد الحميد الثاني ممن يجله ويحترمه وكذا سلاطين ~~عمان في تلك الفترة وتوفي سنة 1332ه وله من المؤلفات ما يشار إليه بالبنان ~~عند الإباضية ك"شرح النيل" في الفقه المقارن طبع في 17ج "وهيميان الزاد" في ~~التفسير طبع في 15ج و"تيسير التفسير" في التفسير أيضا طبع في 15ج و"شرح ~~لامية الأفعال" في فن التصريف طبع في 3ج و "شرح لشرح مختصر العدل والإنصاف ~~للشماخي" في أصول الفقه بلغ 6ج - لم يطبع للأسف - وغيرها كثير. # وكلمة القطب هي اللقب الذي اشتهر به، ولا يعني الإباضية بهذا اللقب ~~المعنى الذي فسر به الصوفية لمصطلح القطب عندهم، فالقطب هو الذي تدور عليه ~~الأشياء قال في "مختار الصحاح" ص (541): "وقطب القوم سيدهم الذي يدور عليه ~~أمرهم، وصاحب الجيش قطب رحى الحرب" ا.ه. وإنما لقبوه بهذا للمنزلة التي ~~بلغها من العلم حتى صار مدار الفتوى عليه في ذلك الوقت، قال ابن دريد في ~~مقصورته: # فإن سمعت برحى منصوبة للحرب فاعلم أنني قطب الرحى PageV01P037 أما عند ~~الصوفية فلهذا الإسم تفسير خاص بهم فترى المناوي يصفه في "التوقيف على ~~مهمات التعاريف" ص (586) بقوله: "القطب: وقد يسمى غوثا؛ باعتبار التجاء ~~الملهوف إليه، عبارة عن الواحد ms005 الذي هو موضع نظر الله تعالى في كل زمان ~~أعطاه الطلسم الأعظم من لدنه، وهو يسري في الكون وأعيانه الباطنة والظاهرة ~~سريان الروح في الجسد، بيده قسطاس الفيض الأعم، وزنه يتبع علمه، وعلمه يتبع ~~علم الحق، وعلم الحق يتبع الماهيات الغير مجعولة، فهو يفيض روح الحياة على ~~الكون الأعلى والأسفل، وهو قلب إسرافيل من حيث حصته الملكية الحاملة مادة ~~الحياة والإحساس لا من حيث إنسانيته، وحكم جبريل فيه كحكم النفس الناطقة في ~~النشأة الإنسانية، وحكم ميكائيل فيه كحكم القوة الجاذبة فيها، وحكم عزرائيل ~~فيه كحكم القوة الدافعة فيها". انتهى بنصه وفيه مغالاة وانحراف فتبين الفرق ~~ولا تخلط بين مراد الإباضية وتفسير الصوفية._) في "الهميان" ويؤيده قوله ~~تعالى: { وما بكم من نعمة فمن الله } النحل : 53 وينصره ما حكى الملوي في ~~حاشيته مما وجده مكتوبا بخط شيخه: "قال الإمام الفخر(_( ) تأتي ترجمته عند ~~البيت رقم (125)._): الحمد معرفا لايقال إلافي حق الله عز وجل ولا يجوز أن ~~يقال الحمد لزيد. قاله سيبويه". # واللام في (لله) للإختصاص وينصره تقديم الجار والمجرور في سورة التغابن ~~وذلك [عند](_( ) زيادة مني للسياق. _) قوله تعالى { له الملك وله الحمد } ~~التغابن : 1 و(أشرقا..الخ) الهمزة للصيرورة فكان المعنى صير الأصول التي هي ~~كالشمس في الاهتداء بها مشرقة؛ فإن قلت: قد جعلت الشمس من باب المشبه به ~~فلم لم تجعلها من باب الإستعارة؟. قلت: لايصح أن يكون من باب الإستعارة إلا ~~حيث يطوى ذكر المشبه أصلا وهو هنا مذكور وهوالاصول، والاضافة بينهما من باب ~~اضافة المشبه به الى المشبه. PageV01P038 # و(الأصول) جمع أصل وهو ما عرف حكم غيره به. و(النهى) جمع نهية وهي(_( ) ~~في (ب): وهو ._) العقل، و(التقى) اسم بمعنى التقوى وهو(_( ) في (أ): وهي. ~~_) الزهد عن المحارم والمسارعة إلى تأدية اللوازم؛ وفيه اشارة إلى أن العلم ~~النافع لايعطى لغير المتقي لأن وعاء العلم الورع؛ وفي الخبر: (يلهمه الله ~~السعداء ويحرمه الأشقياء((_( ) مقطع من خبر موقوف من كلام معاذ بن جبل - ~~رضي الله عنه - أوله: "تعلموا العلم فإن ms006 تعلمه لله تعالى خشية وطلبه عبادة ~~ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ...الخ" رواه ~~أبو نعيم الأصفهاني في "حلية الأولياء" (1/302 برقم 809 دار الكتب ~~العلمية) وعزاه الشيخ أبو سته محمد بن عمر في "حاشية الترتيب" (1/44) لأبي ~~الشيخ الأصفهاني وابن عبد البر. والله أعلم._) # وفي قوله (شمس الأصول) براعة الاستهلال؛ وهي أن يجعل المتكلم في أول ~~كلامه اشارة إلى مقصوده، وأحسنها مايكون على وجه التورية. # (2)(فأبصروا بنورها المسالكا وجانبوا بسرها المهالكا) # قوله: (فأبصروا) المراد بالبصيرة لابالبصر، والباء في قوله: (بنورها) ~~للسببية أوللمصاحبة، و(الهاء) منه عائدة إلى الأصول لا إلى الشمس كما قد ~~يتوهم، و(المسالك) جمع مسلك وهو مكان السلوك، و(جانبوا) فاعل من المجانبة ~~وهي المباعدة؛ فإن قلت: لم أتيت بفاعل في هذا المقام مع أنه موضوع للمفاعلة ~~غالبا ولم تأت بافتعل مع أنه موضوع للتجنب والاتخاذ ونحوهما؟ قلت: الإتيان ~~بفاعل في هذا الموضع أولى من التعبير بافتعل لكونه أبلغ معنى وأنجح فائدة ~~وأوفى بتأدية المقصود؛ ألا ترى أن المعنى حينئذ كأن المهالك جانبتهم بنفسها ~~بسبب ذلك السر الذي أودع في الأصول فلم تتعرض لهم أصلا وبهذا يظهر لك ~~المقصود و(المهالك) جمع مهلك وهو موضع الهلاك. # (3)(حتى استووا على بساط القرب في حضرة قدسية فى القرب) # ( PageV01P039 الاستواء) هو الاعتدال، و (بساط القرب) عبارة عن كون ~~الوصول(_( ) في (ب) الأصول. وهو تصحيف. _) إلى خير مأمول إلى مقام المشاهدة ~~ودرجة المكاشفة، وتقرب العبد إلى مولاه امتثاله لأمره وزجره، وتقريب الله ~~لعبده توفيقه اياه لطاعته واعانته له وتخليصه له من كثيف الأغيار، و ~~(الحضرة) عبارة عن دائرة الكمال. # قال الدمنهوري(_( ) أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهوري، شيخ ~~الجامع الأزهر وأحد علماء مصر المكثرين من التصنيف، كان يعرف بالمذاهبي ~~لعلمه بالمذاهب الأربعة. ولد في دمنهور عام 1101ه وتعلم بالأزهر، وولي ~~مشيخته. من تصانيفه: "نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف خ" و "الفيض ~~العميم في معنى القرآن العظيم خ" و "إيضاح المبهم من معاني السلم ط" في ~~المنطق ms007، و"حلية اللب المصون بشرح الجوهر المكنون ط" و "سبيل الرشاد إلى ~~نفع العباد ط" وغيرها. توفي بالقاهرة عام 1192ه. (الأعلام للزركلي ~~1/164)._): "المراد بالحضرة ويعبر عنها بحضرة القدس وهي الحالة التي اذا ~~وصل اليها السالك سمي عارفا وواصلا أن يكون في حالة لايرى فيها الا المولى ~~سبحانه وتعالى". والمراد بقوله(_( ) أي الدمنهوري. _): (لايرى فيها الا ~~المولى(. أي لايرى صدور الأشياء على الحقيقة الا منه تعالى فانيا عن ~~الأكوان؛ متوجها بقلبه إلى الرحمن، متلقفا ما يلقيه المولى سبحانه وتعالى ~~في قلبه من لطائف العرفان، ولاشك أن الوسيلة إلى هذه الحالة ذكر المولى ~~سبحانه وتعالى، و(القدسية) نسبة إلى القدس وهو البعد عما لايليق بها، ولا ~~ايطاء في البيت لأن القرب الأول بمعنى التقرب الذي هو فعل العبد والقرب ~~الثاني بمعنى التقريب الذي هو فعل الله. # (4)(فانتعشت عقولهم بالذكر وبسقت أسرارهم بالفكر) PageV01P040 يقال انتعش ~~العاثر اذا نهض من عثرته، و (العقول) جمع عقل وقد اختلف فيه فقال الشافعي: ~~"هو آلة خلقها الله في عباده يميزون بها بين الأشياء وأضدادها ركبها فيهم ~~سبحانه ليستدلوا بها بين الأمور الغائبة بالعلامات، نصبها لهم منا منه ~~ونعمة". وقال قوم: هو معين(_( ) في (أ): معنى. والتصحيح من (ب). _) في ~~القلب وسلطانه في الدماغ؛ لأن أكثر الحواس في الرأس، ولذلك قد يذهب بالضرب ~~على الدماغ. وقال آخرون: هو قوة وبصيرة في القلب منزلته منه منزلة البصر من ~~العين ويسمى عقلا لكونه مانعا للنفس عن فعل ماتهواه مأخوذ من عقال الناقة ~~المانع لها أن تذهب حيث شاءت وهومخلوق في الإنسان أن يزداد وينتقص جميع ~~المعلومات بحس وغيره اليه مرجعها وهو يميزها ويقضي عليها. # و(الذكر) القرآن العظيم وهو أصل للعلوم بأسرها فما من أصل إلا وهو مستنبط ~~منه؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(العلم كله القرآن وهو الأصل ~~والتنزيل وما بعده من العلم تفسير له وتأويل((_( ) لم يتيسر لي العثور ~~عليه. _)، وسماه ذكرا لقوله تعالى: { وهذا ذكر مبارك أنزلناه } الأنبياء : 50 . # وقول الناظم: (بسقت) أي طالت كما عن ms008 مجاهد وعكرمة في تفسير قوله تعالى: : ~~{ والنخل باسقات } ق : 10 ، والمراد ب (الأسرار) العقول وضع الظاهر في موضع ~~المضمر على لفظ غير الأول وهو أحسن ما يكون فيه، و(الفكر) حركة النفس في ~~المعقولات، وحركتها في المحسوسات تخييل. # (5)(فأبرزوا نتائج الأفكار فأعربت عن شرف المقدار) # (الإبراز) نقيض الإستار، و (النتائج) هي التي تنشأ عن الفكر جمع نتيجة؛ ~~وهي لغة الثمرة واضافة النتائج إلى الأفكار من باب اضافة المتسبب إلى ~~السبب، (فأعربت) أي أبانت، و(شرف المقدار)(_( ) تصحفت هذه العبارة في (أ) ~~فكتبت: أي أبانت فأعربت المقدار. والتصحيح من (ب). _) عبارة عن الرتبة ~~العالية التي وصلوا اليها ووقفوا لديها بواسطة العلم. # ( PageV01P041 6)(ثم صلاة الله مع سلامه مصطحبان بسنا انعامه) # (7)(ممتزجان بالثنا الجميل على النبي المصطفى الجليل) # الصلاة من الله رحمة ومن الملائكة استغفار ومن الناس دعاء، وقيل بل صلاة ~~الملائكة دعاء أيضا وفي معناه قلت: # صلاة الله رحمته وأما صلاة الخلق معناها الدعاء # وجملة (الصلاة) خبرية لفظا انشائية معنى، و(السلام) التحية، ورفع ~~(مصطحبان) على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هما(_( ) في (ب): هنا. وهو ~~خطأ._) مصطحبان و(السناء) بفتح السين الضوء، و(الانعام) بفتح الهمزة جمع ~~نعمة، وبكسرها مصدر أنعم عليه، واضافة السناء إلى الانعام من باب اضافة ~~الصفة إلى موصوفها، والمعنى فيه مصطحبان بانعامه السنية، ورفع (ممتزجان) ~~على أنه خبر لمبتدأ أيضا، والنبي انسان أوحي اليه بشرع؛ فإن أمر بتبليغه ~~سمي رسولا(_( ) الظاهر أن الصواب مع من قال أن النبي مبعوث بدعوة من سبقه ~~من الرسل إذ لا معنى في أن يوحى إليه بشرع خاص له وحده هذا إذا صح التعريف ~~في عدم مطالبته بالتبليغ أما لو طلب منه التبليغ فيحتمل أن يكون بشرع من ~~سبقه فيلازمه وصف النبوة لأجل التمييز بينه وبين الرسول في كون الثاني له ~~تشريع مستقل أو أن يكون بشرع خاص وحينها يسمى رسولا وهذه القواعد لا يوجد ~~لها ضابط من النصوص حتى يوصف مخالفها بمجانبة الصواب إلا أنها ترجع إلى ~~تحري الأنسب بما يتلائم مع ms009 الطرفين، قال العلامة الثميني في (معالم الدين): ~~(2/50) بعد ذكر الخلاف في المسألة: "وقيل هما بمعنى"ا.ه أي النبوة والرسالة ~~بمعنى واحد. ومن أوضح أدلة القائلين بأن النبي هو الذي يحكم بشريعة من قبله ~~قوله تعالى: { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين ~~أسلموا للذين هادوا } (المائدة : 44) فذكر سبحانه أن التوراة هي شريعة ~~الأنبياء من بني إسرائيل، فيظهر منه أن النبي يحكم بشرع من قبله. والله أعلم. PageV01P042 # _) أيضا، وهو بالهمزة من النبأ اي الخبر فيصح أن يكون بمعنى فاعل باعتبار ~~أنه مخبر بكسر الباء عن الله عزوجل أو بمعنى مفعول باعتبار أن جبريل ~~أخبره عن الله تعالى .. وبالنبأ من النبوة وهي الرفعة؛ فيصح أن يكون بمعنى ~~مفعول لأنه مرفوع الرتبة عن غيره أوفاعل لرفعة غيره إذ ما من مرفوع الا ~~وباب رفعته النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و(المصطفى) الخالص(_( ) الخالص ~~. سقطت من (ب). _)، و(الجليل) العظيم. # (8)(محمد سيد كل من شفع والآل والصحب الرضى ومن تبع) # (محمد) مفعل من الحمد؛ علم لخاتم النبيين والمرسلين - صلى الله عليه وسلم ~~- ، وسمي بذلك لكثرة خصاله المحمودة، و(سيد كل من شفع) أي أشرفهم وأفضلهم؛ ~~قال - صلى الله عليه وسلم - :(أنا سيد ولد آدم ولا فخر((_( ) الحديث بهذا ~~اللفظ رواه ابن ماجة برقم [4308] عن أبي سعيد - رضي الله عنه - ورواه ابن ~~أبي شيبة في "المصنف" برقم [31940] والحارث في "مسنده" برقم [937 بغية ~~الباحث] كلاهما عن السيدة عائشة رضي الله عنها، والبيهقي في "شعب الإيمان" ~~برقم [1488] عن ابن عباس - رضي الله عنه - ، وابن أبي عاصم في "سنته" [793] ~~عن عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - . # وجاء بلفظ: »أنا سيد الناس يوم القيامة« رواه البخاري في "صحيحه" برقم ~~[4712] ومسلم في "صحيحه" [194] كلاهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، ~~والحاكم في "المستدرك" برقم [82] عن عبادة و[8712] عن حذيفة - رضي الله عنه - . PageV01P043 # وجاء بلفظ: »أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر« رواه الامام أحمد في ~~"مسنده" برقم [2550 و 2696] وابن حبان [6444] كلاهما عن ابن عباس - رضي ms010 ~~الله عنه - ، والترمذي في "سننه" برقم [3148 و 3615] عن أبي سعيد - رضي ~~الله عنه - ، ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" برقم [1489] عن أنس - رضي ~~الله عنه - وأبو يعلى في "مسنده" [1256 المقصد العلي] عن عبدالله بن سلام ~~- رضي الله عنه - ، ومسلم في "صحيحه" برقم [2278] عن أبي هريرة - رضي الله ~~عنه - دون لفظة "ولا فخر" . # وجاء بلفظ: »أنا سيد ولد آدم« عند أبوداود في "السنن" برقم [4673] عن أبي ~~هريرة - رضي الله عنه - وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" برقم [7] عن ~~عائشة رضي الله عنها. .. وغيرهم._)، و(الآل) المراد بهم آله - صلى الله ~~عليه وسلم - وهم هنا كل من كان على طريقته، متمسكا بشريعته بدليل ما في ~~الرواية عنه - صلى الله عليه وسلم - :(آل محمد كل مؤمن(، وفي رواية (آل ~~محمد كل تقي((_( ) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (2/218 برقم 2873) عن ~~أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~عن آل محمد؟. فقال: »كل تقي«. وقال البيهقي عقب ذلك: "وهذا لا يحل الاحتجاج ~~بمثله؛ نافع السلمي أبو هرمز بصري كذبه يحي بن معين وضعفه أحمد بن حنبل ~~وغيرهما من الحفاظ." ورواه أيضا تمام الرازي في "الفوائد" برقم [1567] عن ~~أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~من آل محمد؟. فقال: »كل تقي من أمة محمد«. ورواه عنه كذلك ابن مردويه في ~~"تفسيره" واسناده تراه في "تفسير ابن كثير" (2/293 الأنفال/34) ورواه ابن ~~عدي في "الكامل" (7/41) والعقيلي في "الضعفاء" (4/287) بلفظ »كل مؤمن تقي« ~~بأسانيد فيها ضعفاء. PageV01P044 # وروى البيهقي في "السنن الكبرى" (2/217 برقم 2872) موقوفا على جابر بن ~~عبدالله - رضي الله عنه - قال: "آل محمد - صلى الله عليه وسلم - أمته". ~~وفيه (2/217 برقم 2869) من طريق عبدالرزاق قال: سمعت رجلا يقول للثوري: من ~~آل محمد؟. قال: قد اختلف الناس فمنهم من يقول: أهل البيت. ومنهم من يقول: ~~من أطاعه وعمل بسنته. # ( وله شاهد عن عمرو بن العاص قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- جهارا غير سر يقول: »إن آل ms011 أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله ~~وصالح المؤمنين. قال عمرو: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ولكن ~~لهم رحم أبلها ببلالها« يعني أصلها بصلتها". أخرجه الإمام البخاري في ~~"صحيحه" [5990] والامام أحمد في "مسنده" (4/249 برقم 17821) وأبو عوانة في ~~"مسنده" (1/96). والشاهد في هذه الرواية أن قوله »إن آل أبي فلان« التي لا ~~يبعد أن الرواة أبهموها مشعرة بقرابتهم من النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~بدليل قوله : »ولكن لهم رحم«. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح ~~الباري" (10/514 و515 /الكتب العلمية): "قلت: قال أبو بكر بن العربي في ~~(سراج المريدين): كان في أصل حديث عمرو بن العاص: »إن آل أبي طالب« فغير ~~»آل أبي فلان«. كذا جزم به، وتعقبه بعض الناس وبالغ في التشنيع ونسبه إلى ~~التحامل على آل أبي طالب، ولم يصب هذا المنكر فإن هذه الرواية التي أشار ~~إليها ابن العربي موجودة في (مستخرج أبي نعيم) من طريق الفضل بن الموفق عن ~~عنبسة بن عبدالواحد بسند البخاري عن بيان بن بشر عن قيس بن أبي حازم عن ~~عمرو بن العاص رفعه: »إن لبني أبي طالب رحما أبلها ببلالها« وقد أخرجه ~~الإسماعيلي من هذا الوجه أيضا لكن أبهم لفظ "طالب" وكأن الحامل لمن أبهم ~~هذا الموضع ظنهم أن ذلك يقتضي نقصا في آل أبي طالب وليس كما توهموه." ا.ه # ( PageV01P045 وله شاهد آخر: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان ~~لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليان حبشي وقبطي فاستبا يوما فقال ~~أحدهما: يا حبشي. وقال الآخر: يا قبطي. فقال رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - : »لا تقولا هكذا، إنما أنتما رجلان من آل محمد - صلى الله عليه ~~وسلم - «. رواه الطبراني في "المعجم الصغير" برقم [564] وفي "الأوسط" أيضا ~~وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/462 دار الفكر): "رواه الطبراني في ~~الصغير والأوسط ورجاله موثقون". ا.ه ويكفي في هذا المقام قوله تعالى: { إن ~~أولياؤه إلا المتقون } (الأنفال : 34). والله أعلم. _) وعلى هذا المعنى ~~أنشدوا: # آل النبي هم أتباع ملته من ms012 الأعاجم والسودان والعرب # لو لم يكن آله الا قرابته صلى المصلي على الغاوي أبي لهب # و(الصحب) بفتح المهملة الأولى واسكان الثانية اسم جمع لصاحب بمعنى ~~الصحابي، قال المناوي(_( ) زين الدين محمد عبدالرؤوف بن تاج العارفين بن ~~علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي أحد علماء الشافعية ولد بالقاهرة ~~سنة 952ه من مؤلفاته: "فيض القدير ط" شرح الجامع الصغير للسيوطي وهو ~~أشهرها، و"التيسير ط" اختصار للأول، و "كنوز الحقائق ط" و"شرح الشمائل ~~للترمذي ط" و"الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية ط" و"التوقيف على ~~مهمات التعاريف ط" وغيرها وتوفي سنة 1031ه. # ("الأعلام" للزركلي 6/204 مقدمة د. رضوان الدايه على كتاب "التوقيف" ~~للمناوي ص 5 7 وهو ينقل هناك من "خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر" ~~للمحبي)._) في "التيسير": "هو من لقيه بعد النبوة وقبل موته مؤمنا به" ~~(انتهى). و(الرضى) بكسر الراء مصدر رضي بفتحها صفة للآل والصحب على حد ~~زيد عدل، ويجوز أن تقول على حذف مضاف تقديره أهل الرضى ونحوه. PageV01P046 # وقوله: (ومن تبع) أراد التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، فإن قلت قد ~~جعلت آله كل من كان على طريقته متمسكا بشريعته ونفيت أن يكون آله على ~~الخصوص أهل بيته تشريفا لهم على غيرهم فما الفائدة في عطف الصحب على الآل ~~؟. قلت: هذا العطف من باب عطف الخاص على العام لنكتة يدريها من خاض رياض ~~جنان علم البيان؛ وقد ورد مثل هذا في القرآن الكريم منها قوله تعالى: { ~~حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } البقرة : 238 . # (9)(وبعد فالدين أهم مقصدا وأنه أجل علم قصدا) # (10)(لأنه يعرب للانسان عن كل ما كلف بالبرهان) # ( PageV01P047 الواو) من قوله: وبعد إما عاطفة والمعطوف حينئذ قصة على ~~قصة، وإما نائبة عن إما التفضيلية؛ وهذا الوجه أحسن من الأول لاقترانها ~~بالفاء، وعليه فيكون المعنى على مذهب سيبويه(_( ) إمام النحو أبو بشر عمرو ~~بن عثمان بن قنبر الفارسي الأصل والحارثي بالولاء من أهل البصرة الشهير ~~بسيبويه وهي كلمة فارسية تعني رائحة التفاح. ولد سنة 148ه في ms013 إحدى قرى ~~شيراز وانتقل إلى البصرة، واستملى على حماد بن سلمة وأخذ النحو عن عيسى بن ~~عمر، ويونس بن حبيب ولازم الخليل بن أحمد وأخذ عن أبي الخطاب الأخفش الكبير ~~(والأخافشة ثلاثة). وصفه العيشي بقوله: "كنا نجلس مع سيبويه النحوي في ~~المسجد وكان شابا جميلا نظيفا قد تعلق من كل علم بسبب، وضرب في كل أدب بسهم ~~مع حداثة سنه وبراعته في النحو". وقال الذهبي: طلب الفقه والحديث مدة ثم ~~أقبل على العربية فبرع وساد أهل العصر؛ وألف فيها كتابه الكبير الذي لا ~~يدرك شأوه فيه. ورحل إلى بغداد وجرت بينه وبين الكسائي وأصحابه مناظرة. من ~~تصانيفه كتابه الشهير في النحو المسمى "الكتاب ط" وتوفي سنة 180 على ~~الصحيح قيل في شيراز وقيل في البصرة والله أعلم. ("تاريخ بغداد" للخطيب ~~البغدادي 12/190 الكتب العلمية "سير النبلاء" للذهبي 7/583 الفكر ~~"الأعلام" للزركلي 5/81)._) مهما يكن من شيء مهم بعد حمد الله والصلاة ~~والسلام على رسول الله وعلى أولياء الله فهو علم الدين لشدة الاحتياج اليه ~~وكثرة التعويل عليه، وقوله: (فالدين) أي فعلم الدين..الخ. والدين هو وضع ~~الهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى ما هو خير لهم بالذات. PageV01P048 # ويسمى شريعة باعتبار أن الله شرعه لنا دينا، ويسمى ملة باعتبار أن الملك ~~أملاه على النبي، أو باعتبار املاء النبي على أمته فالمعنى واحد، واختلاف ~~العبارات باختلاف الإعتبارات، وقوله: (أهم مقصدا) أي مقصده أهم أي أشد هما ~~من مقصد غيره، والهم هنا بمعنى العزم، وقوله: (وانه أجل علم) أي وأن علم ~~الدين أعظم [من](_( ) زيادة مني للسياق. _) كل علم طلب لينتفع به، وقوله: ~~(يعرب) أي يبين، و(الانسان): هو الحيوان الناطق، والمراد به هنا المكلف، ~~و(التكليف): هو إلزام الله العبد ما يشق على النفس فعله، وعرفه بعضهم بأنه ~~الأمر والنهي اللذان يجب بهما العقاب والثواب. وفيه نظر لأن التكليف شيء ~~غير الأمر والنهي، و(البرهان) هو ما أثبت المعنى في النفس وهو والحجة ~~والدليل ألفاظ متحدة المعنى. # (11)(وقد نظمت دررا في أصله إن تدرها جزت ms014 طريق عدله) # (النظم) لغة لف الشيء إلى الشيء؛ يقال نظمت اللؤلؤ في السلك اذا ضممت ~~بعضه إلى بعض، وفي الاصطلاح: وزن مخصوص على قافية مخصوصة. و (الدرر) اللؤلؤ ~~شبه المسائل التي نظمها بالدرر واستعار لها اسمها، وقوله: (في أصله) أي في ~~أصوله؛ والضمير عائد إلى الدين لأنه شامل للأصول والفروع، أي وقد نظمت هذه ~~المسائل التي هي كالدرر في حسنها وصفائها في علم أصول الدين: وهو معرفة ما ~~للنفس وما عليها اعتقادا؛ وانما سمي هذا العلم أصول الدين لأن الدين كله ~~مبني عليه صحة وفسادا فلا دين لمن لا اعتقاد له، وقوله: (ان تدرها) أي ~~تعلمها من درى الشيء اذا علمه، و (جزت) بمعنى سلكت. و(طريق عدله) عبارة عن ~~الاستقامة في الدين. # (12)(لقطتها من زاخر الآثار عن الكرام السادة الأبرار) # ( PageV01P049 التلقيط) الأخذ شيئا فشيئا من حيث لا يحس، والضمير في ~~لقطتها عائد إلى الدرر بمعنى المسائل، و(الزاخر) الطامي يقال زخر البحر اذا ~~طمى، و(الآثار) جمع أثر وهو في الأصل الخبر المروي عن رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - ، وهو معنى قولهم لاحظ للنظر مع ورود الأثر، ثم نقل في ~~اصطلاحنا إلى كلام العلماء(_( ) وهو اصطلاح تجده في كتب أئمة المذهب ~~الإباضي فحيث يقول المتقدمون: [في الأثر] فإنما يعنون به كلام أجلة علماء ~~المذهب السابقين، ولا أريد القارئ الكريم أن يبعد النجعة فيظن أن الإباضية ~~يجعلون كلام أئمتهم السابقين في درجة تتساوى مع سنة النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - بحيث يجعلون من كلامهم أمرا لا يمكن التغاضي عنه، فإن الواقع بخلاف ~~ذلك، ولئن كان من رجالات المدارس الأخرى من ينبذ التقليد في إلتزام أقوال ~~الأئمة عند ظهور ما يخالف ذلك من الحجج والبراهين فإن الإباضية كانوا أحرص ~~الفرق على رد أقوال السابقين من العلماء إذا كانت تلك الأقوال مخالفة ~~للدليل القطعي، ولكن هذا التعبير بالأثر إنما هو إصطلاح درجوا عليه ليس ~~إلا وكما يقال: لا مشاحة في الإصطلاح. بخلاف الشيعة الذين يجعلون المنقول ~~عن أئمتهم مكمل للسنة فلا ms015 تختلط عليك الأمور._) في الأحكام الشرعية، وقوله: ~~(عن الكرام) جمع كريم؛ فهو لغة من إذا سئل أعطى، ثم نقل إلى التقي لقوله ~~تعالى: { ان أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات : 13 ، و (السادة) جمع سيد ~~وهو من فاق قومه بفضيلة، و(الأبرار) جمع بر بفتح الموحدة ؛ وهو من أصلح ما ~~بينه وبين ربه. # (13)(والله بالقبول فيها يقضي حتى أراها في غد من قرضي) # (14)(ومنه أرجو أن يعم نفعها كل الورى وأن يتم صنعها) # ( PageV01P050 القبول) الثواب على الشيء، و (يقضي) أي يحكم، وقوله: (حتى ~~أراها) أي كي أجدها، فحتى بمعنى كي كقولك للكافر أسلم حتى تدخل الجنة. ~~و(غد) اسم لليوم الذي بعد يومك الذي أنت فيه، وأراد به هنا الآخرة، وفي ~~التعبير به عنها تنبيه على سرعة اضمحلال الدنيا واقبال الأخرة، و (قرضي) أي ~~عملي الصالح؛ وأصل القرض هو ما أعطيته غيرك لتقتضيه منه، شبه به العمل ~~الصالح بجامع أن كلا منهما راجع إلى صاحبه بنفعه؛ اقتباسا من قوله تعالى: { ~~من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم } الحديد : 11 ، ~~والهاء من قوله (ومنه) عائد إلى اسم الجلالة، و (الورى) الخلق. و(الصنع) ~~اسم بمعنى الصناعة. # الركن الأول # في العلم وما يشتمل عليه # وفيه أربعة أبواب # قدم ركن العلم على ركن الجملة مع أنها هي العروة الوثقى لمن تمسك بها، ~~وهي السلامة لمن لم ينقضها؛ لكون العلم أصلا لها، وبه تقوم الحجة بها على ~~المكلف، وإن كانت حجة معناها تقوم بخاطر البال فهو أيضا علم. # واختلف في حد العلم فقال قوم إنه لاحد له، وقيل بل يحد وحده ادراك ~~المعلوم على ما هو به(_( ) قال البدر الشماخي رحمه الله تعالى في (مختصر ~~العدل والإنصاف) ص 8: "العلم إدراك الشيء بحيث لا يحتمل النقيض، خلافا لم ~~قال: لا يحد. وهو ضربان: قديم صفة ذات لله تعالى. ومحدث"ا.ه وحاصله أن ~~العلم هو القائم على الجزم واليقين الموافق لحقيقة الشيء._)، وقيل الادراك ~~والاحاطة والاستبانة، قال في "الأدلة والبيان" وهو الصحيح. # الباب ms016 الأول # في أقسام العلم وأحكامه # [ PageV01P051 الأحكام](_( ) ليست في المخطوطتين وإنما زيدت للسياق. _) ~~جمع حكم وهو النسبة التامة بين الشيئين. وشرعا: هو أثر خطاب الله تعالى ~~المتعلق بفعل العباد، كان اقتضاء كالإيجاب والتحريم والندب والتكريه أو ~~تخييرا كالاباحة، قدم ذكر العلم على الجهل مع أن الجهل موجود طبعا في ~~الانسان لقوله تعالى: { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا } ~~النحل : 78 تنبيها على شرف العلم وفضيلته وارتفاع رتبته وعلو درجته. # (15)(ومحدث العلم ضروري بلا تأمل ونظري تؤملا) # ينقسم العلم الحادث بالنسبة إلى حصوله إلى قسمين: ضروري ونظري؛ ~~(فالضروري) هو الذي غير محتاج إلى تأمل أي تفكر واكتساب، وهو أنواع أقواها ~~علم الانسان نفسه وما هو عليه من حالاته ثم الفرق بين الموجود والمعدوم، ~~وأن الشيء يستحيل كونه في مكانين في وقت واحد وموجود ومعدوم في وقت واحد، ~~وقائم وقاعد في حال، ثم ما وقع عند تواترالأخبار كالعلم بالبلدان النائية ~~والملوك الماضية، ثم العلم بحاجة البناء إلى بان والكتابة إلى كاتب. PageV01P052 # و(النظري) هو الذي يحتاج في تحصيله إلى تأمل واكتساب، وفي "الأدلة ~~والبيان": "هو الذي يعلم بالإستدلال"، واحترز بمحدث العلم عن علمه تعالى ~~فانه لاتقسيم له ولا يوصف بأنه ضروري ولا نظري. وقسم العلم الإمام ~~الخليلي(_( ) الإمام المحقق سعيد بن خلفان بن أحمد بن صالح الخليلي من نسل ~~الإمام العادل الخليل بن شاذان والإمام الصلت بن مالك الخروصي، فهو من أسرة ~~عريقة خدمت الإسلام علما وعملا، أحد علماء الإباضية بعمان، ولد في بوشر من ~~ضواحي مسقط عام 1231ه ونشأ بها حيث كان ملازما للشيخ سعيد بن عامر الطيواني ~~وبعدها انتقل الى الشيخ حماد بن محمد البسط ولما آنس منه شيخه تبحره في ~~علوم اللغة طلب منه نظم كتاب الكافي في العروض الذي شرحه بعد في كتاب "مظهر ~~الخافي"، ثم لازم العلامة الكبير الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي وتخرج ~~على يديه كما تأثر به في أسلوبه، وكان مناضلا لخدمة دين الله وأكبر شاهد ~~على ذلك ما بذله من جهد ومال في ms017 إقامة الخلافة العادلة في عمان حيث قام ~~بمساعدة بعض العلماء في تنصيب الإمام عزان بن قيس إماما على عمان وتفاصيل ~~نضاله تجدها في "تحفة الأعيان" (2/ 193 227) للشيخ السالمي . من جملة ~~تلاميذه الشيخ صالح بن علي الحارثي والشيخ عبدالله بن محمد الهاشمي والشيخ ~~محمد بن خميس السيفي النزوي، من تصانيفه: "تمهيد قواعد الإيمان ط" وهو ~~جامع في الفقه والعقيدة، و"النواميس الرحمانية ط" و"لطائف الحكم في صدقات ~~النعم ط" و"كرسي أصول الدين" (مخطوط) و"مقاليد التصريف ط" و"مظهر الخافي ~~في العروض والقوافي" (مخطوط) و"إغاثة الملهوف في الأمر بالمعروف والنهي عن ~~المنكر" (مخطوط) وغيرها استشهد في عام 1287ه. ("شقائق النعمان" للخصيبي ~~2/333 "قراءات في فكر الخليلي" استفادة عامة من بحوث الندوة وبالأخص بحث ~~د. مبارك الراشدي)._) إلى ثلاثة أقسام: إلى وهبي وضروري ومكتسبي. PageV01P053 # فكان جوابه لمن سأله عن الفرق بينهما بأن قال: "الوهبي يلقيه الله تعالى ~~في قلب عبده فيض نوراني ومدد رحماني، والضروري لايمكن أن يتصور لذي بال ~~خلافه بأن الاثنين اكثر من الواحد، والكسبي ماعرف بالتعليم والتحفظ ~~والاجتهاد فحصل بسمع من المسموعات أو نظر من المرئيات أو بفكرة من المقدمات ~~لأهل الاستدلال والنظر" (انتهى). وعند التحقيق فالوهبي راجع إلى الضروري ~~وداخل في حده(_( ) أصل التفرقة بين القسمين من حيث منشأهما فالضروري ناشئ ~~بسبب الضرورة بحسب نوعها والوهبي ناشئ من المنحة الإلهية بلا تكسب وعليه ~~فكلام المحقق الخليلي لا غبار عليه، نعم هما متفقان من حيث كون من حصلا له ~~جازم بكذب مخالفهما إن كان في حكم يقتضي تكذيب مخالفه. _). # (16)(والكل من ذين له تعبد في الشرع معروف كما سنورد) PageV01P054 اختلف ~~في دخول ال على كل وبعض فأجازه قوم ومنعه آخرون كذا ذكره العطار(_( ) هو ~~حسن بن محمد بن محمود العطار من علماء مصر .. أصله من المغرب ومولده ~~بالقاهرة سنة 1190ه. وكان أبوه عطارا فتبع أباه في تجارته بادئ الأمر.. ثم ~~انصرف إلى الأدب والعلم. وله رسالة في "كيفية العمل بالاسطرلاب والربعين ~~المقنطر والمجيب والبسائط" وكتاب في "الإنشاء والمراسلات ms018 ط" و"ديوان شعر" ~~و حواش في العربية، والمنطق، والأصول أكثرها مطبوع. وتوفي بالقاهرة سنة ~~1250ه. (بتصرف من "الأعلام" للزركلي 2/220)._) في "حاشيته على الأزهرية". ~~ولفظة (ذين) اشارة إلى الضروري والنظري أي كل من الضروري والنظري له تعبد ~~تدرك معرفة ذلك التعبد من علم الشرع، فتعبد الضروري كالايمان بالله ~~وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وكالاعتقاد بأنه لا يصح محسن مسيء في ~~حالة واحدة، ولا مؤمن كافر في حالة واحدة؛ اللهم الا أن يراد بالايمان ~~اللغوي لا الشرعي، ولا شقي سعيد في حالة واحدة إلى غير ذلك من الاضداد ~~ونحوها، وتعبد النظري هو كالمعرفة بتفاصيل الصلاة وحدودها والمعرفة بالصيام ~~وحدوده وتفاصيله والمعرفة بالحج ومواقيته وفرائضه وسننه والمعرفة بالزكاة ~~وتفاصيلها، إلى غير ذلك مما يدرك علمه بالاستدلال والتعلم والتفكر. # (17)(والعلم منه لازم قد وجبا تعليمه والثاني نفل ندبا) # (18)(فكل شيء لم يسعنا جهله فواجب وما عداه نفله) PageV01P055 ينقسم ~~العلم(_( ) ينبغي تقييده ب(العلم النافع أو الشرعي) كما هنا؛ لأن في اطلاقه ~~يحتمل الأحكام الشرعية الخمسة فيدخل فيه ما هو محرم وهو ما كان موصلا للشرك ~~أو لإرتكاب المحرمات كالسحر في الغالب مثلا، وما هو مكروه كتعلم ما لا ~~فائدة فيه وتعلم الحيل التي تبطل بها الحقوق وهذا يحرم فيه فعل تلك الحيل ~~دون التعلم ، وكذا الإباحة في البعض الآخر وله أمثلة كثيرة منها تعلم ~~الحرف المتعددة وهو قد يرقى الى الوجوب والندب بحسب النية وكذا بحسب توقف ~~أمور الدين عليه ._) بالنسبة إلى الحكم الشرعي إلى واجب ومندوب اليه. ~~(فالواجب)هو علم كل شيء غير واسع الجهل به، وهو المراد بقوله - صلى الله ~~عليه وسلم - : (العلم فريضة على كل مسلم(، وفي رواية: (طلب العلم فريضة على ~~كل مسلم((_( ) جاء من طريق أنس بن مالك - رضي الله عنه - رواه ابن ماجة في ~~"سننه" [224] و البيهقي في "شعب الإيمان" [1663 و 1664 و 1665 و1666] وأبو ~~نعيم في "الحلية" [12506] والخطيب في "تاريخ بغداد" (4/378 و 429 7/398 ~~9/113 و 369 10/373 11/421] وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد (18/87 مع ~~التاريخ) والقضاعي في "الشهاب" [175] والعقيلي في "الضعفاء ms019" (4/250). # كما جاء من طريق أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - رواه البيهقي في ~~"الشعب" [1667] والخطيب (5/193) والقضاعي [174]. # ورواه الطبراني في "الصغير" [22] عن السيدة عائشة رضي الله عنها، والخطيب ~~في "التاريخ" (1/424) من طريق الإمام علي، و الامام أبو حنيفة في "مسنده" ~~عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، والعقيلي في "الضعفاء" (2/58) عن ابن عمر ~~- رضي الله عنه - و(3/410) عن ابن عباس - رضي الله عنه - ، وجاء مرسلا عن ~~الحسين بن علي عند الطبراني في "الصغير" [61] والخطيب في "تاريخ بغداد" ~~(5/414). PageV01P056 # رواه الطبراني في "الكبير" [10439]_)وقوله: (اطلبوا العلم ولو في ~~الصين((_( ) رواه الامام الربيع الفراهيدي في "مسنده" برقم [18] والبيهقي ~~في "شعب الإيمان" برقم [1663] والخطيب في "تاريخ بغداد" (9/369 دار الكتب ~~العلمية) والشجري في "الأمالي الخميسية" (1/57) والعقيلي في "الضعفاء" ~~(2/230) وابن عدي في "الكامل" (4/118) من طريق أنس بن مالك - رضي الله عنه ~~- وهو حديث صحيح ثابت لاتصاله برواية العدول الثقات في "مسند" الربيع ~~الفراهيدي، أما بقية طرقه فلا تخلو من مقال._) وهذا القسم مهما لزم أحد ~~لايسعه التأخير عن طلبه إلا بعذر بين كما سيأتي ان شاء الله. # و(المندوب) هو علم كل شيء واسع الجهل به، ولكن في تعليمه منفعة دينية أو ~~صلاح للعالم، فمن طلبه من غير تضييع لفرض كقوت عيال إلى غيره من الفرائض ~~الحاضرة كان له الفضل العظيم كما سيأتي ان شاء الله، وهذا القسم هو المشار ~~اليه بقوله تعالى: { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون إنما يتذكر ~~أولو الألباب } الزمر : 9 ويصح على تأويل آخر أن يحمل معنى الآية على ~~الوجوب. # (19)(والبحث للواجب حتما يلزم لقادر بترك ذاك يأثم) # (20)(والحد للقدرة أن يرى له معبرا وان نأى يمضي له) # (21)(في الصح مع وجدان ما يحمله ومأمن مع قوت من يكفله) # ( PageV01P057 البحث) طلب باجتهاد؛ أي يلزم طلب العلم الواجب لزوما حتميا ~~على من قدر عليه، ومن تركه مع القدرة على طلبه فهو آثم هالك إلا أن يتوب، ~~وحد القدرة في هذا أن يجد من يعلمه علم ذلك وإن بعد هذا المعلم لزمه أن ~~يرحل اليه ms020 فيتعلم منه ما لزمه علمه؛ ولايلزم المسير اليه الا اذا كان صحيحا ~~واجدا للراحلة والأمان في الطريق وواجدا للقوت الذي يتركه لمن يلزمه عوله ~~إلى أن يرجع إليهم، فقوله (يرى) أي يجد له، وقوله: (معبرا) أي من يعبر له ~~علمه بعبارة يعقلها والا فلا يلزمه. وقوله: (وان نأى) أي بعد ذلك المعبر عن ~~بلده. وقوله: (يمضي له) أي يرحل اليه. وقوله: (في الصح) بضم الصاد اسم ~~بمعنى الصحة. وقوله: (مع وجدان) مصدر وجد. وقوله: (ما يحمله) أي مع وجوده ~~الذي يحمله اليه وهو المركوب؛ وذلك اذا لم يستطع المشي اليه. وقوله: ~~(ومأمن) مصدر أمن بمعنى الأمان. وقوله: (مع قوت من يكفله) أي مع وجدانه ~~قوتا يتركه لمن يكفله أي لمن يلزمه عوله، فهذه خمسة شروط وهي: وجود المعبر، ~~والصحة، والمركوب اذا لم يستطع المشي، والأمان، وقوت العيال، وترك شرطا ~~سادسا وهو الزاد المبلغ إلا أنه تنطوي عليه عبارته بالمأمن، فان ترك الزاد ~~مخوف. وهذا الذي ذكره الناظم مما تقوم فيه الحجة بالسماع، وأما الذي تقوم ~~عليه فيه الحجة من العقل فغير منفس لأحد فيه بالسؤال بعد خطور البال كما ~~سيأتي ان شاء الله في موضعه. PageV01P058 # فان قلت: هل يلزم أحدا علم ما يطمئن اليه قلبه أنه لو عاش يلزمه ذلك(_( ) ~~كأن يسئل من كان قبل وجود الطائرات مثلا عن حكم الصلاة في الطائرة ~~وكيفيتها._) ويخاف عند لزومه أن لا يجد من يعبر له اياه؟. قلت: لا يلزمه ~~ذلك الا أنه من باب الفضيلة والوسيلة، ولو كان يلزمه ذلك للزمه أن يعرف ما ~~هو أبعد منه فيتمشى هذا القول إلى أن يلزمه أن يعرف جميع ما في علم الله؛ ~~وهذا محال والدائن به دائن بضلال. وبما أورده الامام أبو سعيد(_( ) العلامة ~~الكبير أبو سعيد محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد الناعبي الكدمي من كبار ~~علماء الإباضية بعمان، وكدم إحدى ضواحي ولاية الحمراء ولد عام 305ه تقريبا ~~ونشأ في ظلال حكومة الإمام العادل سعيد بن عبد الله وكان مؤازرا له منذ ms021 ~~بلوغه الحلم ويبدو أنه تتلمذ عليه في بداية أمره إذ كان هذا الإمام موصوفا ~~بأنه عالم لا يشق له غبار، كما أخذ عن الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسن و ~~عاصر إمامة الإمام الرضي راشد بن الوليد، وكان أبو سعيد عالم يشار إليه ~~بالبنان ولا أدل على ذلك من قوة التأثير الذي خلفه من بعده حيث لاقت فتاواه ~~وأجوبته ومصنفاته صدورا رحبة فكان تراثه محط اهتمام عند أهل عمان ويندر أن ~~ترى المصنفات التي جاءت بعده إلا وتولي فتاواه اهتماما بالغا وهو المقصود ~~ب(أبي سعيد) إذا اطلق عند الإباضية، وكان زاهدا متورعا بحق يصفه الشيخ ~~السالمي في "تحفة الأعيان" (1/191) بقوله: "وكان لأبي سعيد يومئذ نخلة ~~وخمرة وهي شجرة العنب، قيل انه يأكل من تمر النخلة بلا خبز ولا حلاء [وهو ~~اللحم بأنواعه]، وله ثلاث نسوة موسرات لا يأكل من مالهن شيئا، وقد أخذنه ~~لأجل علمه وأحسب أنه كان يقسم ثمرة النخلة على السنة والخمرة [شجرة العنب] ~~للكسوة فيما قيل، هذا هو الزهد لمن عقله" ا.ه. PageV01P059 # من تصانيفه "المعتبر ط" و "الإستقامة ط" و "زيادات الأشراف خ" وفيه ~~تتبع كتاب الإشراف على مذاهب أهل العلم لابن المنذر النيسابوري وعلق عليه ~~كحاشية يبرز فيها رأي المذهب الإباضي وقد أورد صاحب "بيان الشرع" بعض هذا ~~الكتاب. كما له مجموعة أجوبة بعنوان "الجامع المفيد في أحكام أبي سعيد ط" ~~جمعه الشيخ سرحان بن سعيد الازكوي. وتوفي سنة 355ه تقريبا ولا يزال قبره ~~معروف ببلد العارض من كدم. ("تحفة الأعيان" للسالمي 1/191 "إتحاف اعيان" ~~للبطاشي 1/215 225)._) رضي الله عنه في كتاب "الاستقامة"(_( ) انظر ~~"الاستقامة" للإمام أبي سعيد الكدمي (2/214 وما بعدها). _) كفاية من أن ~~نطيل بالتفصيل له هاهنا. # (22)(وفضله ليس له احصاء جاءت به من ربنا الأنباء) # الهاء من قوله (وفضله) عائدة إلى العلم، و(الإحصاء) بالكسر الضبط ~~والحصر، و(الأنباء) بالفتح الأخبار أي فضل العلم ليس له ضبط لمن رام ضبطه، ~~ولا حصر لمن شاء حصره لعظم ما من الله بسببه من النعم على صاحبه ms022 دلت على ~~ذلك الآيات القرانية والأحاديث النبوية. PageV01P060 # أما الآيات فقد قال عزوجل: { شهد الله أنه لا اله الا هو والملائكة ~~وأولوا العلم قائما بالقسط } آل عمران : 18 فانظر كيف بدأ سبحانه وتعالى ~~بنفسه وثنى بالملائكة وثلث بأهل العلم، وناهيك بهذا شرفا وفضلا، وقال ~~تعالى: { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } المجادلة ~~: 11 قال ابن عباس رضي الله عنه : "للعلماء درجات فوق درجات المؤمنين ~~بسبعمائة درجة ما بين الدرجتين مسيرة خمسمائة عام". وقال الله عزوجل: { قل ~~هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون } الزمر : 9 ،وقال: { انما يخشى ~~الله من عباده العلماء } فاطر : 28 ،وقال تعالى: { قل كفى بالله شهيدا بيني ~~وبينكم ومن عنده علم الكتاب } الرعد : 43 ، وقال تعالى: { وقال الذي عنده ~~علم من الكتاب أنا آتيك به } النمل : 40 تنبيها على أنه اقتدر بقوة العلم، ~~وقال عزوجل: { وقال الذين اوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل ~~صالحا } القصص : 80 وفيه أن عظم قدر الآخرة يعلم بالعلم، وقال تعالى: { ~~وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون } العنكبوت : 43 وقال ~~تعالى: { ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه ~~منهم } النساء : 83 رد حكمه في الوقائع إلى استنباطهم وألحق رتبتهم برتبة ~~الأنبياء في كشف حكم الله. PageV01P061 # وأما الأخبار النبوية فقد أورد الحافظ ابن حجر(_( ) تأتي ترجمته في ~~التعليق على البيت رقم (285). _) منها جملة مسرودة محذوفة الإسناد فها نحن ~~نوردها على طريقته: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من يرد الله ~~به خيرا يفقهه في الدين«(_( ) بهذا اللفظ جاء من طريق معاوية بن أبي سفيان ~~رواه الربيع الفراهيدي في "مسنده" برقم [26] والبخاري في "صحيحه" [71 ~~و3116] ومسلم في "صحيحه" [1037 و1038 و1923] وأحمد في "مسنده" [16843 ~~و16852 و16856 و16866 و16884 و16915 و16934] وابن حبان في "صحيحه" [89] و ~~الدارمي في "سننه" [224 و226] وابن أبي شيبة في "المصنف" [31036 و31037] ~~وعبد بن حميد في "مسنده" [412/ المنتخب] والبيهقي في "شعب الإيمان" [4870 ~~و10307] والقضاعي في "الشهاب" [346 و954] والآجري في "أخلاق العلماء" ص(15). # وجاء من طريق ابن عباس - رضي الله عنه ms023 - رواه الإمام أحمد في "مسنده" ~~[2794] والترمذي في "سننه" [2645] والدارمي في "سننه" [225] والآجري في ~~"اخلاق العلماء" ص(15). # وجاء من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد برقم [7212] ~~وابن ماجة في "سننه" [220] والطبراني في "الصغير" [797] والقضاعي في ~~"الشهاب" [345] والآجري في "الأربعين" الحديث الأول منها وفي "أخلاق ~~العلماء" له ص(15). # وجاء من طريق أنس بن مالك - رضي الله عنه - رواه الإمام الربيع في ~~"مسنده" برقم [25] ولفظه: »من أراد الله به ..«._) »اذا أراد الله بعبد ~~خيرا فقهه في الدين وألهمه رشده«(_( ) بهذا اللفظ من طريق أبي هريرة - رضي ~~الله عنه - رواه النسائي في "السنن الكبرى" برقم [5839] وابن ماجة في ~~"سننه" [220] وعبد الرزاق الصنعاني في "المصنف" [20851]. ومن طريق معاوية ~~بن أبي سفيان رواه الإمام أحمد [16840 و16848 و16880 و16886] دون لفظة: ~~"وألهمه رشده" ورواه أيضا أبو نعيم في "الحلية" [6714]. PageV01P062 # ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" [31039] من كلام عبيد بن عمير وفي ~~[31040] من كلام محمد بن كعب. # قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/327 دار الفكر): "رواه البزار ~~والطبراني في الكبير ورجاله موثقون". ا.ه ولعله فيما لم يطبع من "الكبير" ~~للطبراني. _) »أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع((_( ) رواه الطبراني ~~في "الصغير" برقم [1086] عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال الهيثمي في "مجمع ~~الزوائد" (1/325): "رواه الطبراني في الثلاثة وفيه محمد بن أبي ليلى ضعفوه ~~لسوء حفظه". ولم أجده في مطبوعة "الكبير" فلعله فيما لم يطبع. # ورواه القضاعي في "الشهاب" [1290] عن ابن عمر وابن عباس كلاهما بسند ليس ~~فيه ابن أبي ليلى هذا. # _) وفي حديث سنده مختلف فيه والجمهور على قبوله: (فضل العلم خير من فضل ~~العبادة وخير دينكم الورع((_( ) الحديث بهذا اللفظ جاء من طريق حذيفة - رضي ~~الله عنه - رواه الحاكم في "المستدرك" برقم [317] وأبو نعيم في "الحلية" ~~[2087] وابن عدي في "الكامل" (4/198) والطبراني في "الأوسط" والبزار في ~~"مسنده" وعنهما يقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/325): "رواه الطبراني في ~~"الأوسط" والبزار وفيه عبد الله بن عبدالقدوس وثقه البخاري وابن حبان وضعفه ~~ابن معين وجماعة". # ورواه الحاكم في "المستدرك" برقم ms024 [314 و315 و316] عن سعد بن أبي وقاص - ~~رضي الله عنه - بلفظ: "أحب إلي". وعنه يقول الذهبي في "تلخيص المستدرك" ~~معه : على شرطهما. أي البخاري ومسلم. كما رواه ابن عساكر في "البلدانية" ~~البلد السادس عشر ص(94) عن ثوبان - رضي الله عنه - بلفظة: "أفضل من". بدلا ~~من: "خير من". PageV01P063 # وروي بلفظ: »أفضل العلم خير من فضل العبادة وملاك دينكم الورع« رواه ابن ~~أبي شيبة في "مصنفه" [26106 و34396] عن عمرو بن قيس - رضي الله عنه - . ~~والقضاعي في "الشهاب" [40] والخطيب في "تاريخ بغداد" (5/203) بدون لفظة ~~"أفضل" كلاهما عن ابن عباس - رضي الله عنه - . والشجري في "أماليه" (1/59) ~~عن ابن عمر - رضي الله عنه - . # _) و(من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، وان ~~الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا لما يطلب وان العالم ليستغفر له من ~~في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل ~~القمر على سائر الكواكب وان العلماء ورثة الأنبياء، وان الأنبياء لم يورثوا ~~دينارا ولا درهما، وانما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ أوفر((_( ) الحديث ~~بتمامه هكذا جاء من طريق أبي الدرداء - رضي الله عنه - رواه الترمذي في ~~"سننه" [2682] وأبوداود في "السنن" [3641] وابن ماجة في "سننه" [223] وابن ~~حبان في "صحيحه" [88/ الإحسان] والدارمي في "سننه" [342] والبيهقي في "شعب ~~الإيمان" [1696 و1697] والخطيب في "تاريخ بغداد" (1/414). # وجاء قوله - صلى الله عليه وسلم - : »من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل ~~الله له طريقا إلى الجنة« مفردا من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - عند ~~الربيع الفراهيدي في "مسنده" [20] وأحمد في "مسنده" [7445 و8336] وابن حبان ~~[84] وابن أبي شيبة في "مصنفه" [26108]. وهو موقوف على ابن عباس - رضي الله ~~عنه - عند الدارمي [345]. PageV01P064 # وجاء قوله - صلى الله عليه وسلم - : »إن الملائكة لتضع أجتحتها لطالب ~~العلم رضا لما يطلب« مفردا من طريق أنس - رضي الله عنه - عند الربيع [19] ~~ومن طريق صفوان بن عسال - رضي الله عنه - عند أحمد [18113 و18122 و18124] ~~وغيرهم._). ووقع للناس في هذا الحديث اختلاف كثير قال صفوان ms025 بن عسال(_( ) ~~الصحابي الجليل صفوان بن عسال من بني الربض بن زاهر المرادي، غزا مع النبي ~~- صلى الله عليه وسلم - اثنتي عشرة غزوة. وسكن الكوفة، روى عنه من الصحابة ~~عبدالله بن مسعود، وأما بقية الرواة الذين أخذوا عنه فأشهرهم زر بن حبيش ~~وعبدالله بن سلمة وعبيدالله بن خليفة وغيرهم. ويقال إنه من بني جمل بن ~~كنانة بن ناجية بن مراد. ("الإستيعاب" لابن عبدالبر 2/279 "تهذيب التهذيب" ~~لابن حجر 4/393). _): يا رسول الله جئت أطلب العلم. قال: (مرحبا بطالب ~~العلم، ان طالب العلم لتحفه الملائكة بأجنحتها ثم يركب بعضهم بعضا حتى ~~يبلغوا سماء الدنيا من محبتهم لما يطلب«(_( ) هذا الحديث روي مرفوعا عند ~~الطبراني في "الكبير" (8/54 برقم 7347) وابن عدي في "الكامل" (6/331) عن ~~ابن مسعود - رضي الله عنه - ورواه الآجري في "أخلاق العلماء" ص(22) والحاكم ~~في "المستدرك" برقم [341] عن زر بن حبيش. وقد روي هذا الحديث موقوفا من ~~كلام صفوان بن عسال - رضي الله عنه - عند طائفة من أصحاب الحديث.. يقول ~~الذهبي عن رواية الحاكم في تلخيصه بحاشية "المستدرك" (1/180 دار الكتب ~~العلمية): "خالفه شيبان فقال: ثنا الصعق، عن علي، عن المنهال، عن زر عن ابن ~~مسعود قال: حدث صفوان بن عسال قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~. ورواه أبو جناب الكلبي عن طلحة بن مصرف عن زر موقوفا على صفوان .. والذين ~~أسندوه أحفظ." بل إن الحاكم نفسه بعدما أورد رواية موقوفة يقول في ~~"المستدرك" (1/181): " .. فقد أسنده جماعة وأوقفه جماعة والذي أسنده أحفظ ~~والزيادة منهم مقبولة". ا.ه PageV01P065 وعن رواية الطبراني المتقدمة يقول ~~الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/344): "رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله ~~رجال الصحيح." ا.ه._) »يا أبا ذر لئن تغدوا فتعلم آية من كتاب الله خير لك ~~من أن تصلي مائة ركعة، ولئن تغدو فتعلم بابا من العلم عمل به أو لم يعمل ~~خير لك من أن تصلي ألف ركعة«(_( ) رواه ابن ماجة في "السنن" برقم [219] عن ~~أبي ذر - رضي الله عنه - .. وفي اسناده عبدالله بن زياد البحراني تكلموا ~~فيه وعلي بن ms026 زيد بن جدعان "ضعيف" كما في "تقريب التهذيب" لابن حجر (2/37) ~~وعليه يكون الحديث ضعيفا والله أعلم. _) »الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ~~ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما«(_( ) جاء من طريق أبي هريرة - رضي ~~الله عنه - رواه ابن ماجة [4112] والبيهقي في "شعب الإيمان" [1708] ~~والعقيلي في "الضعفاء" (2/326) كما رواه أيضا الترمذي في "سننه" [2322] ~~بزيادة : »ألا إن الدنيا ..«. # وجاء بلفظ: »الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا متعلم خيرا ومعلمه« موقوف ~~على كعب - رضي الله عنه - رواه الدارمي في "سننه" [322] وابن أبي شيبة في ~~"مصنفه" [35321]. # وجاء بلفظ: »الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا عالم وذكر الله وما والاه« ~~من طريق ابن مسعود - رضي الله عنه - رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه يقول ~~الهيثمي في "مجمعه" (1/328): "رواه الطبراني في "الأوسط" وقال: لم يروه عن ~~ابن ثوبان عن عبدة إلا أبو المطرف المغيرة بن المطرف. قلت: لم أر من ذكره." ~~ا.ه._) »ان مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، أو ~~ولدا صالحا تركه، أو مصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه ~~، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد ~~موته«(_( ) جاء من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه ابن خزيمة في ~~"صحيحه" برقم [2490] وابن ماجة برقم [242]. PageV01P066 # وفي "حلية الأولياء" لأبي نعيم الأصفهاني برقم [2675] عن أنس بن مالك ~~قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »سبع يجري أجرها للعبد بعد ~~موته وهو في قبره: من علم علما، أو أجرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، ~~أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته«. _) »خير ما ~~يخلف الرجل من بعده ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة تجري يبلغه أجرها، وعلم ~~يعمل به من بعده«(_( ) جاء من طريق أبي قتادة - رضي الله عنه - رواه ابن ~~خزيمة في "صحيحه" برقم [2495] وابن حبان في "صحيحه" [93 و4882/ الإحسان] ~~وابن ماجة [241] والطبراني في "الصغير" [387] دون لفظة: "ثلاث" وجاء من ~~طريق أبي ms027 هريرة - رضي الله عنه - عند الشجري في "أماليه" (1/69). _) »علماء ~~هذه الأمة رجلان رجل آتاه الله علما فبذله للناس ولم يأخذ عليه طمعا ولم ~~يشتر به ثمنا؛ فذلك يستغفر له حيتان البحر ودواب البر والطير في جو السماء، ~~ورجل آتاه الله علما فبخل به عن عباد الله وأخذ عليه طمعا واشترى به ثمنا؛ ~~فذلك يلجم يوم القيامة بلجام من نار، وينادي مناد هذا الذي آتاه الله علما ~~فبخل به عن عباد الله وأخذ عليه طمعا واشترى به ثمنا، وكذلك حتى يفرغ ~~الحساب«(_( ) رواه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس - رضي الله عنه - يقول ~~الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/332 دار الفكر): "رواه الطبراني في "الأوسط" ~~وفيه عبد الله بن خراش ضعفه البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وابن عدي ووثقه ~~ابن حبان". ا.ه ولا يعتد بتوثيق ابن حبان إذا تفرد لاشتهاره بتوثيق ~~المجاهيل وابن خراش ضعفه أيضا الساجي والنسائي والدارقطني والموصلي كما في ~~"تهذيب التهذيب" لابن حجر (5/177/ العلمية) ولخص حاله في "التقريب" (1/412) ~~فقال: "ضعيف، وأطلق عليه ابن عمار: الكذاب." ا.ه و قال الذهبي في "الكاشف" ~~(2/74): "ضعفوه" ا.ه. وعليه فيكون الحديث ضعيفا والله أعلم. PageV01P067 # _) »فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم«(_( ) جاء من طريق أبي أمامة ~~- رضي الله عنه - رواه الترمذي في "سننه" برقم [2685] والطبراني في ~~"الكبير" (8/233 برقم 7911). ورواه الدارمي في "سننه" برقم [289] عن مكحول ~~مرسلا و[340] عن الحسن مرسلا أيضا مع اختلاف يسير._) »إن الله وملائكته ~~وأهل السماوات وأهل الأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في الماء ليصلون ~~على معلمي الناس الخير«(_( ) رواه أيضا الترمذي والطبراني في الموضعين ~~المتقدمين كما رواه الشجري في "أماليه" (1/54) كلهم من طريق أبي أمامة - ~~رضي الله عنه - . _) »يقول الله عزوجل للعلماء يوم القيامه: اني لم أجعل ~~علمي وحلمي فيكم الا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي((_( ~~) رواه الطبراني في "الكبير" (2/84 برقم 1381) من طريق ثعلبة بن الحكم. ~~وجاء بألفاظ مقاربة عند الطبراني في "الصغير" برقم [582] عن أبي موسى ~~الأشعري. وأبو حنيفة ms028 في "مسنده" ص(39/ الكتب العلمية) عن ابن مسعود - رضي ~~الله عنه - . والروياني في "مسند الصحابة" (1/210 برقم 542) عن أبي موسى ~~أيضا. ورواه العقيلي في "الضعفاء" (3/372) عن ابن عباس - رضي الله عنه - ~~وابن عدي في "كامله" (4/111) عن أبي موسى الأشعري. وتأمل كلام السيوطي في ~~"اللآلي المصنوعة" (1/201 و202 دار الكتب العلمية)._) واضافة العلم والحلم ~~الذين فيهم اليه تعالى صريح في أنهم كانو عاملين مخلصين.(العلم علمان؛ علم ~~في القلب فذلك العلم النافع، وعلم في اللسان فذلك حجة الله على ابن آدم«(_( ~~) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (5/108) عن جابر بن عبدالله - رضي ~~الله عنه - وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" (17/34 مع التاريخ) والشجري ~~في "أماليه" (1/60) كلاهما عن أنس - رضي الله عنه - . PageV01P068 # ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" [1825] من كلام الفضيل بن عياض. كما رواه ~~الدارمي في "سننه" [364 و365] و ابن أبي شيبة في "مصنفه" [34350] كلاهما من ~~طريق الحسن البصري مرسلا. وأسانيده لا تحتمل التصحيح والله أعلم._) »من غدا ~~إلى المسجد لا يريد الا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما ~~حجه«(_( ) جاء من طريق أبي أمامة - رضي الله عنه - رواه الطبراني في ~~"الكبير" (8/94 برقم 7473) وعنه يقول الهيثمي في "مجمعه" (1/329): "رواه ~~الطبراني في "الكبير" ورجاله موثقون كلهم". كما رواه أبو نعيم في "حلية ~~الأولياء" (6/102) والشجري في "أماليه" (1/56) ورواه الحاكم في "المستدرك" ~~برقم [311] عن أبي أمامة - رضي الله عنه - بلفظ: »من غدا إلى المسجد لا ~~يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له أجر معتمر تام العمرة، فمن راح إلى ~~المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيرا أو يعلمه فله أجر حاج تام الحجة«. قال ~~الذهبي في "تلخيصه" له: "على شرط البخاري". ا.ه_) »من خرج في طلب العلم فهو ~~في سبيل الله حتى يرجع«(_( ) جاء من طريق أنس بن مالك - رضي الله عنه - ~~رواه الترمذي في "سننه" برقم [2647] والطبراني في "الصغير" [372] والآجري ~~في "أخلاق العلماء" ص(24) والعقيلي في "الضعفاء" (2/17). # وجاء من طريق صفوان بن عسال - رضي الله عنه - بلفظ: »من غدا يطلب ms029 علما ~~كان في سبيل الله حتى يرجع« رواه الطبراني في "الكبير" (8/67 برقم 7388). # وجاء من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: »من دخل مسجدنا هذا ~~ليتعلم خيرا أو يعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ..« رواه ابن حبان في ~~"صحيحه" برقم [87/ الاحسان] والحاكم في "المستدرك" رقم [309 و310] وقال ~~عقبه: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا بجميع رواته ولا أعلم علة ~~له.". وقال الذهبي في "تلخيصه" عليه: "وهو على شرطهما ولا أعلم له علة". ا.ه. PageV01P069 # _) »من غدا يريد العلم يتعلمه لله فتح له بابا إلى الجنة وفرشت له ~~الملائكة أكتافها وصلت عليه ملائكة السموات وحيتان البحر وللعالم من الفضل ~~على العابد كفضل القمر ليلة البدر على أصغر كوكب في السماء والعلماء ورثة ~~الأنبياء لأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكنهم ورثوا العلم فمن ~~أخذه أخذ بحظ وافر وزاد البيهقي(_( ) الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن ~~علي بن موسى البيهقي الخسروجردي وبيهق من نواحي نيسابور عالم بالحديث لكنه ~~غلب عليه الإنتصار لمذهب الشافعي، قال أبو المعالي الجويني: ما من شافعي ~~إلا وللشافعي عليه منة إلا أحمد البيهقي فإن له على الشافعي منة لتصانيفه ~~في نصرة مذهبه وأقاويله. ولد سنة 384ه سمع الحاكم وأبا بكر بن فورك وأبا ~~علي الروذباري وغيرهم، من تصانيفه: "السنن الكبرى ط" و"دلائل النبوة ط" ~~و"شعب الإيمان ط" و "الأسماء والصفات ط" وغيرها وتوفي سنة 458ه. ("تذكرة ~~الحفاظ" للذهبي 3/1132 "تبيين كذب المفتري" لابن عساكر 265 "طبقات ~~الشافعية" للتاج السبكي 4/8)._): وموت العالم مصيبة لاتجبر وثلمة لا تسد ~~وهو نجم طمس، موت قبيلة أيسر من موت عالم«(_( ) الحديث بهذا التمام رواه ~~البيهقي في "شعب الإيمان" (2/264) برقم [1699] عن أبي الدرداء - رضي الله ~~عنه - واسناده ضعيف جدا لأن فيه خالد بن يزيد بن أبي مالك وعنه يقول الإمام ~~أحمد: ليس بشيء. وقال ابن معين: بالعراق كتاب ينبغي أن يدفن، وبالشام كتاب ~~ينبغي أن يدفن، فأما الذي بالعراق فكتاب "التفسير" عن ابن الكلبي عن أبي ~~صالح عن ابن عباس ms030، وأما الذي بالشام فكتاب "الديات" لخالد بن يزيد بن أبي ~~مالك؛ لم يرض أن يكذب على أبيه حتى كذب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه ~~وآله وسلم. قال ابن أبي الحواري: وكنت قد سمعت من خالد بن يزيد كتاب ~~"الديات" فأعطيته لابن عبدوس العطار فقطعه. وقال النسائي: ليس بثقة وقال ~~الفسوي والدارقطني: ضعيف. PageV01P070 # وقال أبو داود: ضعيف. وقال أيضا: متروك الحديث. وعده جماعة في الضعفاء ~~كما في "تهذيب" ابن حجر (3/115 و116) ،وشيخه عثمان بن أيمن لم أر من ذكره. # لكن الذي يتأمل عبارات الحديث يجد أنه رواية بالمعنى لحديث: »من سلك ~~طريقا يلتمس فيه علما ... الخ« بتمامه الذي تقدم فهو شاهد له، وزيادة: »موت ~~العالم مصيبة لا تجبر وثلمة ... الخ« رواها الطبراني في "الكبير" قال ~~الهيثمي في "مجمعه" (1/473): "رواه الطبراني في "الكبير" وفيه عثمان بن ~~أيمن لم أر من ذكره وكذلك اسماعيل بن صالح." ا.ه وهي في القسم الذي لم ~~يطبع من المعجم لأن أحاديث أبي الدرداء ليست في المطبوع ورواها أيضا أبو ~~يعلى في "مسنده" كما في "المطالب العالية" لابن حجر (3/133) لكن يبدو أن ~~هذه الزيادة غير ثابتة لبقاء العلل المتقدمة كما يفهم من كلام الهيثمي. ~~وجاء في معناها عند البيهقي في "الشعب" [1719] موقوفا على ابن مسعود - رضي ~~الله عنه - وعند الدارمي [324] عن الحسن قال: "كانوا يقولون: موت العالم ~~ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار". ولا تصلح أن تكون ~~شواهد لتلك الزيادة والله أعلم. PageV01P071 # _) »نضر الله امرئ أي رزقه النضارة والبهجة والحسن سمع مقالتي فوعاها ~~فأداها كما سمعها؛ فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس ~~بفقيه، ثلاث لايغل عليهن قلب مسلم؛ اخلاص العمل لله، ومناصحة اولاة الأمر، ~~ولزوم الجماعة فإن دعوتهم لاتحبط وفي رواية: تحفظ من ورائهم ومن كانت ~~الدنيا نيته فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا ~~الا ما كتب الله له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله أمره وجعل غناه في ms031 قلبه ~~وأتته الدنيا وهي راغمة«(_( ) الحديث بهذا التمام جاء من طريق زيد بن ثابت ~~- رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد في "مسنده" برقم [21645] وابن حبان في ~~"صحيحه" [679] والدارمي في "سننه" [229] والبيهقي في "شعب الإيمان" [1736 ~~و1737] وتمام الرازي في "الفوائد" [1461]. # ومن قوله - صلى الله عليه وسلم - : »نضر الله .... حتى : تحفظ من ورائهم« ~~جاء من طريق جبير بن مطعم - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد [16743 ~~و16759] وابن ماجة في "سننه" [3056] والدارمي [227 و228] والحاكم في ~~"المستدرك" [294 و295 و296] وابن حبان في "المجروحين" (1/5). # ومن طريق زيد بن ثابت - رضي الله عنه - رواه ابن ماجة [230] وابن حبان ~~[67] وابن أبي عاصم في "سنته" [94]. # ومن طريق ابن مسعود - رضي الله عنه - رواه الترمذي في "سننه" [2658] ~~والشافعي في "مسنده" ص(240 /غير المرتب) والحميدي في "مسنده" [88] والبغوي ~~في "تفسيره" (2/89) ومن طريق أنس - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد ~~[13355]. ومن طريق أبي الدرداء - رضي الله عنه - عند الدارمي [230]. ومن ~~طريق جندرة بن خيشنة - رضي الله عنه - عند الطبراني في "الصغير" برقم ~~[292]. ومن طريق النعمان بن بشير - رضي الله عنه - في "المستدرك" للحاكم [297]. PageV01P072 # وقوله: »من كانت الدنيا ...الخ« دون ما قبلها جاء من طريق أنس بن مالك - ~~رضي الله عنه - عند ابن أبي الدنيا في جزء "ذم الدنيا" [399] وعند الترمذي ~~[2465] بتقديم الآخرة على الدنيا . وجاء من طريق زيد بن ثابت - رضي الله ~~عنه - عند الطبراني في "الكبير" (5/143 برقم 4891) وعند ابن ماجة [4105] ~~والبيهقي في "الشعب" [10338] والأخيرين بلفظ: »من كانت الدنيا همه..«._) ~~»فمن دل على خير فله مثل أجر فاعله أو قال: عامله «(_( ) جاء من طريق أبي ~~مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - رواه الإمام مسلم في "صحيحه" برقم [1893] ~~والامام أحمد في "مسنده" [17088 و22402 و22414] والترمذي [2671] وأبوداود ~~[5129] وابن حبان [289 و1666] وعبدالرزاق في "مصنفه" [20054] والطيالسي ~~[611] والطبراني في "الكبير" (17/225 227) برقم [622 و623 و624 و625 و626 ~~و627 و630] والبيهقي في "السنن الكبرى" [17843 و17844] وفي "شعب الايمان" ~~[7655] والبخاري في "الأدب المفرد" [242] وابن عدي في "الكامل" (2/329 دار ~~الفكر) والعقيلي في "الضعفاء" (1/236)._) »الدال على الخير كفاعله والله ~~يحب اغاثة اللهفان«(_( ) الحديث ms032 بتمامه جاء من طريق أنس بن مالك - رضي الله ~~عنه - رواه أبو يعلى في "مسنده" [م1041 المقصد العلي (زوائده)] وابن أبي ~~الدنيا في جزء "قضاء الحوائج" برقم [27]. ومن طريق بريدة - رضي الله عنه - ~~رواه تمام الرازي [1583] وابن عدي في "الكامل" (3/298). ومن طريق ابن عباس ~~- رضي الله عنه - رواه البيهقي في "الشعب" [7657]. PageV01P073 # أما عبارة »الدال على الخير كفاعله« دون ما بعدها فقد رويت من طريق أبي ~~مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - عند الامام أحمد [22423] والطبراني في ~~"الكبير" (17/227 228) برقم [628 و629 و631 و632] والبيهقي في "شعب ~~الايمان" [7656] والقضاعي في "الشهاب" برقم [86] والخطيب في "تاريخ بغداد" ~~(7/394) وابن عدي (2/342). ومن طريق بريدة - رضي الله عنه - رواه أحمد ~~[23091] وأبوحنيفة في "مسنده" ص(226) والروياني في "مسند الصحابة" برقم ~~[6]. ومن طريق أنس - رضي الله عنه - عند الترمذي [2670]. ورواه العقيلي في ~~"الضعفاء" (3/306) عن سهل بن سعد وطلحة بن عبيدالله._) (من دعا إلى هدى كان ~~له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا((_( ) جاء من ~~طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه مسلم في "صحيحه" [2674] والامام أحمد ~~في "مسنده" [9184] والترمذي [2674] وأبوداود [4609] وابن ماجة [206] وابن ~~حبان [112/ الاحسان] والدارمي [513] وابن أبي عاصم في "سنته" [113]. # وجاء من طريق أنس بن مالك - رضي الله عنه - عند ابن ماجة برقم [205] ~~باختلاف يسير . _). # الباب الثاني # في السؤال # وهو لغة: الطلب، قال الشاعر: # سألناكم قبل الرماح حقوقنا فلما أبيتم كان حاكمنا السمر # وفي الاصطلاح: هو ما يبرهن به في العلم ومنه اشتقاق المسألة ثم استعمل ~~لفظ المسألة علما عاما على طائفة مخصوصة من الكلام فهي من أعلام الأشخاص ~~كأسماء سائر التراجم، وإنما قدم المصنف هذا الباب على الذي يليه لأن السؤال ~~سبب للفتوى، والسبب مقدم على مسببه. # (23)(سؤالنا قسمان قسم حجرا والثاني تفويض المجيب قررا) PageV01P074 ~~ينقسم السؤال بالنسبة إلى مطالبة الجواب إلى سؤال حجر وسؤال تفويض؛ ~~فالأول نحو سؤال الرجل عن العالم بفتح اللام هل هو محدث أم لا؟ فكأنه حجر ~~على المجيب الا أن يجيبه بأحد الوجهين. و (التفويض) هو نحو ms033 سؤال الرجل عن ~~الدلالة [على حدوث العالم فيجيب المجيب بأي دلالة](_( ) ساقطة من (أ) ~~والتكملة من (ب). _) شاء فكأنه فوضه في ذلك. وفي شرح قصيدة فتح بن نوح(_( ) ~~يأتي عند البيت رقم (31). _) قال: "وقسمه آخرون على خمسة؛ فقالوا: سؤال ~~فائدة، وسؤال تعنت، وسؤال استفهام، وسؤال تقرير، وسؤال إجلال(_( ) في (أ) : ~~الإجلال. والتصحيح من (ب). _)، ومثل هذا من المعاني فكأنهم عبروا عن العلة ~~التي بها سأل السائل؛ إما أن يسئل ليستفهم أو ليتعنت وليس هذا الوجه من ~~أقسام السؤال، وانما هو من أقسام العلة التي لها سأل السائل" (انتهى). # أقول: ولا مانع من تقسيم السؤال إلى ما ذكر باعتبار غرض السائل، والله أعلم. # (24)(وباعتبار الشرع في التعبد للازم قسم ونفل تهتدي) PageV01P075 ينقسم ~~السؤال بالنسبة إلى الإعتبار الشرعي في التعبد أي التكليف إلى قسمين؛ ~~لازم ونفل، (فاللازم) هو السؤال عن كل ما لا يسع جهله من دين الله. ~~و(النفل) هو السؤال عما عدا ذلك وعبارة الناظم تخرج السؤال المكروه ~~والمحجور كالسؤال عما لا فائدة فيه والتجسس عن العورات، قال القاضي نجاد(_( ~~) العلامة القاضي أبو المعالي نجاد بن موسى بن الشيخ نجاد بن ابراهيم ~~المنحي أحد علماء الإباضية من أهل عمان في القرن الخامس الهجري. تتلمذ على ~~علماء عصره ومنهم القاضي أبو علي الحسن بن أحمد بن نصر الهجاري، واشتغل ~~بالعلم حتى بلغ فيه مرتبة عليا وكان قاضيا للإمام محمد بن أبي غسان .. وفي ~~رسالة من أهالي الباطنة لهذا الإمام قالوا فيها: ".. وعضده بالهزبر الضرغام ~~والسيد القمقام والبطل المقدام؛ القاضي الأجل سيف الإسلام وعين العلماء ~~والحكماء، ذي البصيرة والرشاد والصلاح والسداد، المبارز يوم الجلاد أبي ~~المعالي نجاد بن موسى بن نجاد .. الخ". ويعد الشيخ نجاد أبرز العاقدين على ~~الإمام محمد بن الإمام خنبش بن محمد بل كان ممن يشار إليهم بالبنان في زمن ~~والده الإمام خنبش وهو الذي كتب عهدا للشيخ نجاد يقول فيه: "بسم الله ~~الرحمن الرحيم .. هذا ما يقول الإمام خنبش بن محمد بن هشام للقاضي نجاد بن ~~موسى: إني ms034 قد جعلتك قاضيا بالحق وحاكما بين الناس بالعدل، ووليتك جميع أمور ~~عمان برها وبحرها وسهولها وجبالها؛ على أن تعمل في هذه الولاية التي ~~وليتكها بكتاب الله الجبار وسنة نبيه المختار - صلى الله عليه وسلم - ما ~~انفصل ظلام الليل عن ضوء النهار. فالله فاتق وإليه فالتج وبه فاكتف وعليه ~~فتوكل وبه فاعتصم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.". ا.ه ومن ~~مصنفاته كتاب "الأكلة وحقائق الأدلة خ" يقول السالمي في "اللمعة المرضية": ~~"يقال إنه في خمسة أجزاء ولم أجد منه إلا جزءا واحدا جمع فيه بين أصول ~~الفقه وأصول الدين وحقق فيه مباحث علم الكلام.". PageV01P076 # وكتاب "الإرشاد ؟" في أصول الدين وكتاب "الحوالة ؟" وله السيرة ~~المعروفة ب"سيرة نجاد ؟" في الرد على المخالفين. وكان مقتله في 13 رجب سنة 513ه. # ("السيرة" لابن مداد ص32 33 "اللمعة المرضية" للسالمي ص24 "تحفة ~~الأعيان" للسالمي 1/223 و237 و244 "اتحاف الأعيان" للبطاشي 1/277 278)._) ~~في "الأكلة وحقائق الأدلة": "والسؤال سؤالان؛ سؤال مأمور به، وسؤال منهي ~~عنه، فالمأمور به على ضربين؛ سؤال عن واجب فهو واجب، وسؤال عن مندوب اليه ~~فهو سؤال ندب، فمن اعتقد ترك السؤال عن المندوب اليه فهو هالك باجماع، ~~والسؤال المنهي عنه هو ما عفي العباد عن السؤال عنه مما في البحث عنه ايجاب ~~حكم أو تحريم أمر قد كان لولا السؤال حلالا، قال الله تعالى: { ياأيها ~~الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.. الآية } "المائدة : 101 ~~(انتهى). # أقول: المراد بقوله: فمن اعتقد ترك السؤال عن المندوب اليه فهو هالك ~~باجماع أي من اعتقد ذلك دينا فانه لا شك في هلاكه بذلك لأنه دان لله بخلاف ~~ما أمره به وندبه اليه والمتقرب إلى الله بخلاف ما أمره به هالك اجماعا، ~~وليس المراد بقوله: فمن اعتقد ترك السؤال..الخ. من عزم على تركه، لأن ~~العازم على ترك المندوب من غيردينونة بتركه مع تأدية ما وجب عليه وترك ما ~~حرم عليه سالم اجماعا. والله أعلم. # (25)(أسقط سؤالا إن أتى خمس به تناقض أو جاء باضطرابه) # (26)(اثبات ms035 أو جمع سؤالين معا أو كونه من المحال وقعا) PageV01P077 ينقسم ~~السؤال بالنظر إلى نفس لفظه إلى سؤال صحيح وإلى سؤال ساقط؛ فأما السؤال ~~الصحيح هو ما خلا من هذه الأشياء الخمسة وحقه أن يجاب إلا اذا حصل له مانع ~~من غير لفظه كتعنت في السائل ونحو ذلك، وأما السؤال الساقط فهو ما كان في ~~لفظه أحد هذه الخمسة وهي؛ التناقض، والإضطراب، والإثبات، وجمع سؤالين ~~مختلفين في سؤال واحد ويطلب لهما جوابا واحدا، والسؤال عن المحال، فاذا كان ~~في السؤال أحد هذه الخمسة كان ساقطا وحقه أن لا يجاب. # فأما ( التناقض) فهو أن يكون آخر السؤال مناقضا لأوله، مثال ذلك أن يقول ~~السائل: اذا كان العالم محدثا فما الدليل علىقدمه؟!. أو يقول: اذا كان ~~الجماد غير متحرك فما الدليل على تحركه؟!. # وأما (الإضطراب) فهو أن يدخل السائل في سؤاله الأعم في الأخص مثال ذلك أن ~~يقول: ما الدليل الذي صار به العرض حركة! وما الدليل الذي صار به العالم ~~جسما؟! فالعرض أعم من الحركة، والعالم أعم من الجسم، وفي ادخال كل منهما في ~~صاحبه اضطراب. # وأما (الإثبات) فهو أن يسأل عن زيادة فائدة والمسئول ينفي أصل ذلك الشيء؛ ~~مثال ذلك أن يقول: ما الدليل على ثبوت رؤية الله في الآخرة؟!. والمسئول ~~ينفي الرؤية أصلا. وما الدليل على خروج أهل الكبائر من النار؟!. والمسئول ~~لايقول بذلك. # وأما (جمع السؤالين معا) فهو أن يسأل عن شيئين مختلفين ويريد لهما علة ~~واحدة ودليلا واحدا في الوجه الذي اختلفا فيه، مثال ذلك أن يقول: ما العلة ~~التي صار بها الجسم مؤلفا والعرض مضمحلا؟!. وما الدليل على حدوث العالم ~~وصدق الرسل؟!. # وأما السؤال عن (المحال) فهو أن يسأل عن شيء يحيل العقل وجوده، مثال ذلك ~~أن يقول: هل يقدر الله أن يخلق له شريكا؟!. وهل يقدر الله أن يجعل الإنسان ~~ناطقا صامتا في حالة واحدة؟!.والله أعلم. # (فصل) # في الألفاظ الممتنع بها السؤال عن المولى جل وعلا # (27)(امنع بكيف، لم، وهل سؤالا من، أي، متى عن ms036 ربنا تعالى) # ( PageV01P078 28)(أين، ومن أين، وكم؛ فكيفا عن هيئة، وعلة لم تلفا) # يمتنع السؤال عن الله عزوجل بأشياء لدلالتها على معنى حادث، فالسؤال بها ~~من خواص الحادثات، وتلك الأشياء هي؛ كيف، و لم بكسر اللام وفتح الميم ~~وتسكينه في الشعر شائع لاستقامة الوزن، وهل، ومن بفتح الميم ، وأي بفتح ~~الهمزة ، ومتى، وأين، ومن أين، وكم. فهذه تسعة ألفاظ وترك عاشرا وهو(ما)وهي ~~سؤال عن ماهية الشيء أي حقيقته، وكل واحدة من هذه الألفاظ لها معنى بخلاف ~~غيرها ولها جواب بخلاف جواب الأخرى، وكلها غير جائز في حق المولى جل وعلا ~~وكذلك لا تجوز هذه الألفاظ سؤالا عن صفاته الذاتية لأن صفاته هي ذاته لا ~~غيرها كما يأتي ان شاء الله فكل ما لايجوز في حقه تعالى لايجوز في صفاته ~~الذاتية لما تقدم. PageV01P079 # واختلف في السؤال بلم من هذه الألفاظ عن صفاته الفعلية فأجازه قوم ومنعه ~~آخرون، والمنع مذهب الإمام أبي عبدالله محمد بن محبوب(_( ) العلامة أبو ~~عبدالله محمد بن محبوب بن الرحيل بن سيف بن هبيرة القرشي الخزومي، من علماء ~~الإباضية العمانيين في القرن الثالث الهجري. وهو سليل العلامة الكبير محبوب ~~بن الرحيل فهي أسرة علم وصلاح، يقول الشيخ البطاشي: "شيخ المسلمين ومرجعهم ~~في الرأي والفتوى وكان مضرب المثل في العلم والزهد والتقوى." ولد في صحار ~~ونشأ بها أيام دولة الإمام العادل غسان بن عبدالله وتألق نجمه أيام الإمام ~~الصلت بن مالك حيث كان على رأس العلماء الذين عقدوا له البيعة سنة 237ه ~~وتقلد له القضاء على مدينة صحار وتوابعها. ونهل من معارف والده في بداية ~~الأمر ثم تابع تعليمه عند الشيخ موسى بن علي الأزكوي وتزوج من ابنته التي ~~رجع بها إلى بلده صحار. وتلاميذه كثر منهم ولداه العلامتان بشير وعبدالله، ~~والشيخ عزان بن الصقر والعلامة أبو المؤثر الصلت بن خميس والعلامة الفضل بن ~~الحواري والشيخ أبو جابر محمد بن جعفر الأزكوي. ومن مسائله الفقهية التي ~~شهرت عنه ما ذكره العلامة العوتبي في "الضياء" قال: "قيل لما دخل ms037 أهل الهند ~~في الإسلام قال لهم محمد بن محبوب: اذهبوا فصلوا وقولوا (سبحان الله) في ~~قيامكم وركوعكم وسجودكم؛ حتى تتعلموا ..". # وله كتاب يقع في سبعين جزءا مفقود قال السالمي في "اللمعة المرضية" ص ~~(19): "وكتاب محمد بن محبوب يذكرون أنه سبعون جزءا قال البرادي: رأيت منه ~~جزءا واحد." ا.ه وله بعض المسائل المنثورة مبثوثة في الجوامع الفقهية التي ~~دونها العلماء بعده كما توجد له رسالة ضمن "السير والجوابات" (2/ 223 ~~268). وكانت وفاته في ظل دولة الإمام الصلت بن مالك في الثالث من محرم سنة 260ه. # ( PageV01P080 "السيرة" لابن مداد ص 30 "الفتح المبين" لابن رزيق ص 233 ~~"اللمعة المرضية" للسالمي ص19 "اتحاف الأعيان" للبطاشي 1/191)._) رحمه ~~الله ، وقيل ان كان السؤال بها عن الصفات الفعلية انكارا لفعله تعالى فلا ~~يجوز، وان كان تعلما وتفهما واستدلالا على قدرته تعالى فذلك جائز، واحتج ~~القائلون بالمنع بقوله تعالى: { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } الأنبياء : ~~23 وسيأتي الفرق بين الصفات الذاتية والفعلية عند ذكر الناظم لها ان شاء الله. # وقوله: (فكيفا عن هيئة) هذا شروع في الكلام على تفصيل معاني هذه الألفاظ ~~أي فكيف سؤال يطلب بها(_( ) في (ب) : به. _) تعيين الهيئة؛ وهي الحالة التي ~~عليها المسئول عنه، فاذا قلت مثلا: كيف زيد؟. فكأنك سألت عن حالته فيقال لك ~~صحيح أو سقيم أو حي أو ميت، وهذا كله غير جائز في حقه تعالى. # وقوله: (وعلة لم تلفا) أي توجد، قال تعالى: { انهم ألفوا أبائهم ضالين } ~~الصافات : 69 أي وجدوا، والعلة هي التي لأجلها يكون ذلك الشيء يعني أن لم ~~سؤال عن علة وهي مركبة من لام الجر وما الاستفهامية فحذف ألفها بدخول حرف ~~الجر عليها كما في القانون النحوي . # (29)(وهل لتصديق، ومن عن جنس، وأي لشركة وأجزا النفس) # (30)(متى سؤال جاء عن زمان، أين، ومن أين عن المكان) # (31)(وكم سؤال عدد، وانه فرد قديم قاهر سبحانه) PageV01P081 هل سؤال يطلب ~~بها التصديق(_( ) التصديق عند المناطقة هو: ادراك تتصور فيه شيئين مفردين ~~بينهما علاقة ما، كأن تتصور أن (الشجرة خضراء) أو أن (الشمس ms038 مضيئة) أو أن ~~صديقك (محمد يحضر اليوم) ...الخ، فأنت في كل هذه الادراكات تتصور شيئين ~~بينهما علاقة، أو بعبارة أخرى تحكم بشيء على شيء، ففي مثال الشجرة تحكم ~~بالاخضرار على الشجرة، ومثل هذا الحكم يسمى في المنطق التصديق، فالتصديق ~~ادراك لأمرين معا وفيه حكم بشيء على شيء وهذا يعني أن التصديق يشتمل على ~~تصورين ومن علاقة تربط هذين التصورين. ("مدخل لدراسة المنطق القديم" د. ~~أحمد الطيب ص 11 "البصائر النصيرية" للساوي ص 26)._) وهو طلب النسبة بخلاف ~~التصور(_( ) التصور عند المناطقة هو: ادراك بسيط لمعنى شيء مفرد مثل (كتاب) ~~و (منزل) و (رجل) أو ما شئت من المعاني المفردة التي تخطر ببالك حين تسمع ~~عنها فأنت حين تسمع لفظة (جامعة) فانك تتخيل مبنى يشتمل على العديد من ~~الكليات والقاعات وبه أساتذة وطلبه ويحتوى على وسائل للكتابة مع جملة من ~~الكتب. وهذا هو الذي يعرف عند المناطقة بالتصور وهو لشيء مفرد فأنت هنا ~~تصورت معنى جامعة فقط، ولو اضفت إليها معنى آخر لاصبح تصديقا كما لو قلت: ~~(جامعة اسلامية) فانك هنا تتصور لوازم الجامعة مع وصفها بأنه اسلامية وهو ~~شيء يختلف عن الجامعة لكن صارت بينهما علاقة وهذا هو التصديق وقد تقدم ~~أما التصور فهو لشيء مفرد فقط. # يقول الفخر الرازي في "شرح عيون الحكمة" (1/43): "اعلم أنا إذا أدركنا ~~أمرا من الأمور، فإن لم نحكم عليه بحكم البتة نفيا كان أو اثباتا فذاك هو ~~التصور. وان حكمنا عليه بحكم نفيا كان أو اثباتا فذاك هو التصديق". ا.ه ~~("شرح عيون الحكمة" للرازي 1/43 "مدخل لدراسة المنطق القديم" د. أحمد ~~الطيب ص 11 "البصائر النصيرية" للساوي ص 26). PageV01P082 # _) فانه طلب التعيين بعد العلم بالنسبة وله من الأدوات ما عدا هل. وقوله: ~~(ومن عن جنس) أي سؤال يراد به تشخيص الجنس، فقولك: من هذا؟ تريد تشخيصه ~~ونسبته. ومن جبريل؟ تريد من أي جنس هو، فيقال لك: انه من جنس الملائكة، ~~وإلى هذا قصد اللعين في سؤاله لموسى عليه السلام حين قال: { فمن ربكما يا ~~موسى } طه : 49 أراد من ms039 أي جنس. # وقوله: (وأي لشركة..الخ البيت) يعني أن أي سؤال عما يميز المتشاركين ~~كقوله تعالى: { أي الفريقين خير مقاما } مريم : 73 أي أنحن أم أصحاب محمد ~~لأنهما شريكان في الفريقية، ويسأل بها أيضا عن أجزاء النفس كقولك أي أجزاء ~~زيد أحسن؟. فيقال لك: وجهه أو يده أو نحو ذلك. وقوله: (متى سؤال) أي لفظة ~~متى سؤال يطلب بها تعيين الزمان ماضيا كان أو مستقبلا، كقولك: متى كان ~~هذا؟.فيقال لك: أمس. أو متى يكون؟ فيقال لك: غدا. PageV01P083 # وقوله: (أين.. الخ البيت) يعني أن أين ومن أين بكسر الميم سؤالان يطلب ~~بهما تعيين المكان، قال السيوطي(_( ) العلامة أبو الفضل جلال الدين عبد ~~الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الخضيري الأسيوطي من كبار علماء ~~الشافعية في وقته ولد سنة 849ه ونشأ في القاهرة يتيما حيث توفي وهو في سن ~~الخامسة، وكان الكمال بن الهمام الحنفي صاحب "فتح القدير" أحد الأوصياء ~~عليه، توفي سنة 911ه وصلى عليه الشعراني بالقاهرة. أما تصانيفه فأكثر من أن ~~تحصى قيل بلغت ستمائة مصنف ما بين رسالة صغيرة ومجلدات ومن أشهرها "الدر ~~المنثور ط" في التفسير، والنصف الأول من "تفسير الجلالين ط" و"الإتقان في ~~علوم القرآن ط" و "تدريب الراوي ط" في مصطلح الحديث و "الآلي المصنوعة في ~~الأحاديث الموضوعة ط" وغيرها كثير. (تقدمة الشيخ عبد الوهاب عبداللطيف على ~~"تدريب الراوي" 1/10 29 "الأعلام" للزركلي 3/301 "مسالك الحنفا" للسيوطي ~~ضمن "الحاوي للفتاوي" 2/229)._) في "شرح عقوده": "قال الشيخ بهاء الدين(_( ~~) قاضي القضاة بهاء الدين عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن محمد القرشي ~~الهاشمي الشهير ب ابن عقيل نسبة إلى عقيل بن أبي طالب الهمذاني الأصل ~~والمصري النشأة والوفاة ولد بالقاهرة سنة 698ه وهو من كبار أئمة النحو حتى ~~قال عنه ابن حيان: ما تحت أديم السماء أنحى من ابن عقيل. تولى قضاء الديار ~~المصرية فترة .. له "شرح ألفية ابن مالك" في النحو متداول مشهور، و ~~"التعليق الوجيز على الكتاب العزيز" تفسير لم يكمله و "الجامع النفيس" في ~~فقه الشافعية ms040 لم يتمه، و"المساعد خ" شرح التسهيل في النحو، وغيرها وكانت ~~وفاته بالقاهرة سنة 769ه. ("الأعلام" للزركلي 4/96 تقدمة الشيخ محي الدين ~~عبد الحميد على "شرح ابن عقيل" 1/7)._): والفرق بين أين ومن أين؛ أن أين ~~سؤال عن المكان الذي حل فيه الشيء ومن أين سؤال عن المكان الذي برز منه ~~الشيء".(انتهى). PageV01P084 # وقوله: (وكم) أي لفظة كم سؤال يطلب بها تعيين العدد كقوله تعالى: { كم ~~لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم } الكهف : 19 فهذه الألفاظ كلها يمتنع ~~السؤال بها عن الباري سبحانه، وكذلك ما كان بمعناها (كأنى) {فانها تارة ~~بمعنى كيف كقوله تعالى: { فأتوا حرثكم أنى شئتم } البقرة : 223 وأخرى بمعنى ~~من أين كقوله تعالى: { أنى لك هذا } آل عمران : 37 أي من أين لك ~~هذا.و(كأيان) فإنها بمعنى متى مطلقا عند النحويين نحو قوله تعالى: { ~~يسئلونك عن الساعة أيان مرساها } الأعراف : 187 أي متى، وكقوله تعالى: { ~~يسأل أيان يوم القيامة } القيامة : 6 أي متى يكون. و(كحتى) فانها بمعنى إلى ~~متى يكون هذا الشيء قال في "شفاء الحائم على بعض الدعائم": "..وقد قالوا إن ~~السؤال كله عن تسعة أشياء أولها السؤال بهل وهو لأنك انما تسأل أولا عن عدم ~~الشيء ووجوده وجوابه موجود أو معدوم، فان قال معدوم فقد بطل وان قال موجود ~~فحينئذ تسأل بما هو، وانما تسأل بها عن الجنس خاصة فتقول: ما هو ؟. تعني أي ~~جنس هو، فيقال: إنه محدث، جسم، حيوان، إنسان، عرض، حركة، سكون. فإذا سأل ~~بمن؛ فإنما يسأل عن انسان خاصة، فيقال له: أعرابي، تركي، أخ، ابن. فإذا سأل ~~بأي فإنما سأل عن قصد واشارة، فيقال له: هذا وذاك. فإذا سأل عن كم هو ؟ ~~فإنما سأل عن عدد، فيقال له: واحد اثنان ثلاثة.فإذا سأل بكيف؛ فإنما سأل عن ~~حال وصفة، فيقال له: حي أو ميت، أبيض أو أسود، حلو أو حامض. PageV01P085 # فإذا سأل بأين؛ فإنما سأل عن مكان فيقال له: في مكان كذا وكذا بالمشرق أو ~~بالمغرب أو بمكة أو بالمدينة. فإن: سأل لم كان ؟. فإنما ms041 سأل عن علة، فيقال ~~له لعلة كذا وكذا.فإذا سأل بمتى فإنما سأل عن زمان ماض أو مستقبل، فيقال ~~له: كان في الأمس أو يكون غدا؛ وقد ذكرها أبو نصر النفوسي(_( ) العلامة أبو ~~نصر فتح بن نوح الملوشائي، من علماء الإباضية عاش في النصف الأول للقرن ~~السابع الهجري وولد في مدينة (تملوشايت) من ضواحي "نفوسة" في ليبيا حاليا، ~~تلقى المبادئ الأولية في بيته ثم انتقل إلى المدرسة الكبرى التي كان يشرف ~~عليها خاله أبو يحي زكريا بن ابراهيم فكان نعم التلميذ لنعم الأستاذ، وله ~~على أستاذه هذا مرثية رائعة وكان أبو نصر لغويا حتى أنه قرظ كل ما ألفه ~~شعرا. قال الشيخ علي معمر: "بلغ في الدراسة مبلغا لا يصله إلا القليل من ~~عباد الله المختارين؛ ثقافة واسعة وخلق رضي، وإيمان قوي وشدة في دين الله، ~~وقيام بالحق لا يقوم به إلا عدد ضئيل من أصحاب المبدأ والدين والضمير. إذا ~~ترافع إليه الناس للخصومة جعل بينه وبينهم سترا من باب أو جدار أو غيره حتى ~~لا يغلبه الحياء فيميل مع أحدهم .. أما ليله الذي يبتدئ بعد نهاية الدروس ~~التي يلقيها في المسجد بعد صلاة العشاء لعموم الناس، فقد كان يقسمه قسمين؛ ~~قسم لمذاكرة العلوم ومراجعة الأسفار الضخمة والتحقيق العلمي الذي يحتاج ~~إليه. وأما القسم الآخر فخاص بعبادة ربه يناجيه فيه ويستلهمه الهداية ~~والتوفيق والبركة، وعند الصباح كان يشتغل بالتدريس لينشئ جيلا من الشباب ~~الواعي يتحمل عنه رسالة الإسلام". ا. PageV01P086 # ه من آثاره: "القصيدة النونية" أجود المتون في العقيدة عند إباضية المغرب ~~وهي مدرجة في نهاية كتاب "الدعائم ط" لابن النضر وقام بشرحها العلامة ~~الكبير أبو طاهر اسماعيل بن موسى الجيطالي ولا يزال شرحه مخطوطا، وشرحها ~~العلامة ضياء الدين الثميني في كتابه "النور ط/ حجرية"، وله "منظومة ~~رائية" في فقه الصلاة مع "الدعائم" أيضا وله قصيدة "نونية" في قضية خلق ~~القرآن، وله قصائد في الوعظ، وفي أيامه أو قبله بقليل ورد كتاب "الحل ~~والإصابة" لابن وصاف وهو شرح على كتاب "الدعائم ms042" فأصلح ما حرفه النساخ ~~وأنشد عليه أبياتا.. ومن أبياته في "النونية" في العقيدة يقول: # "نظرت إلى قرائنا فوجدتهم بفقه المعاش مولعين بألسن # تناسوا أصول الدين من أجل انها صعاب وما فيها ثمار لمن يجن". # ويقول في "رائيته" في فقه الصلاة: # "أحب فتى ماضي العزيمة حازما لدنيا وأخرى عاملا بالتشمر # وأما أخو النومات لا مرحبا به ولا بالجثوم الراكد المتدثر". # ("السير" للشماخي 2/189 190 "الإباضية في موكب التاريخ" الحلقة الثانية ~~(الإباضية في ليبيا) القسم الثاني 97 101 للشيخ علي يحي معمر والمنظومتين ~~"النونية" و"الرائية" في نهاية كتاب "الدعائم" لابن النضر العماني ص 139 ~~211)._) في بيت فقال: # وتسع سؤالات عن الله فانفها سأجمعها في البيت نظما على ضمن # فهل، من، أي، كيف، أين، متى، لم وتاسعها كم فاحرز وتفطن PageV01P087 ~~انتهى". وقول الناظم: (وأنه فرد..إلى آخره) أتى بالخبر مؤكدا لاقتضاء ~~المقام ذلك؛ فإنه لما ذكر أولا الألفاظ التي لا تجوز على الله سبحانه سارع ~~في تنزيهه عن كل ما لا يليق به فحسن تأكيد الخبر وقوله: (فرد) لاشريك له ~~ولا أجزاء فيسأل عنه بكم وأي، وقوله: (قديم) أي سابق على كل شيء فلا يسأل ~~عنه بكيف، ولا جنس فيسأل بمن، ولا حادث فيسأل عنه بلم ومتى، وقوله: (قاهر) ~~أي غالب لامكان له(_( ) والعلو الحسي الذي يعتقده البعض والذي رفضه الكثير ~~من الأعلام على اختلاف مذاهبهم يرده في هذا الزمن اكتشاف أن الأرض كروية ~~وإن كان قد نبه على هذا أيضا من المتقدمين العلامة أبو يعقوب الوارجلاني في ~~"الدليل والبرهان" وابن حزم الأندلسي في "الفصل" إلا أن بعض الناس يعتقد أن ~~الأرض مسطحة وأن السماء فوقها وأن العرش والذات العلية فوق ذلك كما هو تصور ~~الناس في الأزمنة الغابرة، وهذا تنكره الهيئة التي خلق الله تعالى عليها ~~هذه البسيطة ويردها العلم الحديث ففكرة العلو مردودة بهذا الأمر الذي لا ~~مماحكة فيه، فاختلاف جهة العلو على مستوى بلدان العالم لا انفكاك عنه ~~لكروية الأرض، فمن تشبث بفكرة العلو الحسي فليبين أي اتجاه يريد العلو أهو ~~الذي يتناسب مع ms043 بلاد الصين واليابان أم العلو الذي الذي يتناسب مع بلاد ~~الجزائر والمغرب فإن علو هذا معاكس لعلو ذاك، فليفق من يزعم غير هذا، وأدلة ~~الإباضية وبعض الأشاعرة في نفي العلو الحسي وإرادة العلو المعنوي مبسوطة في ~~كتبهم انظر (معالم الدين) للعلامة الثميني (1/172 ط التراث). PageV01P088 # ولفظة (أين الله) في حديث الجارية الذي يستدل به البعض رد عليها العلماء ~~بأنها شاذة وذلك لورود روايات لتلك الواقعة من طرق صحيحة يقول لها النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - فيها: »أتشهدين أن لا إله إلا الله؟« بدلا من لفظة: ~~(أين الله). التي أتت من رواية الحديث بالمعنى عند ناقلها وقد روى حديث ~~الجارية بلفظ: »أتشهدين أن لا إله إلا الله؟«. من طرق صحيحة عند الإمام ~~أحمد في "مسنده" برقم [15749] والإمام مالك في "الموطأ" ص(777 ط.عبدالباقي) ~~والدارمي في "سننه" برقم [2348] والطبراني في "الكبير" برقم [12369] ~~وعبدالرزاق في "مصنفه" برقم [16814 و16815] وغيرهم وعن سند الإمام أحمد ~~يقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/445): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". # وجاء أيضا بطرق ثابتة بلفظ: (»من ربك؟«. قالت: الله). فقد رواها بهذه ~~اللفظة الإمام أحمد في "مسنده" برقم [19474 و19484 دار الكتب العلمية] وابن ~~حبان في "صحيحه" [1207 زوائده: موارد الظمآن] وهي في ترتيبه "الإحسان" ~~برقم [4296] والنسائي في "السنن الصغرى" (6/252) برقم [3653] والبيهقي في ~~"الكبرى" برقم [15266] والطبراني في "المعجم الكبير" (7/320) برقم [7257] ~~وفي (17/136) برقم [338]. # وأما رواية: (أين الله؟. قالت: في السماء أو فأشارت إلى السماء). التي في ~~"صحيح مسلم" فهي مدرجة فيه ممن توهم أن فيه نقصا ولذا فهي ليست ثابتة يدلك ~~على هذا قول البيهقي في "الأسماء والصفات" ص(422): "قد أخرجه مسلم مقطعا من ~~حديث الأوزاعي وحجاج الصواف عن يحي بن أبي كثير دون! قصة الجارية!!". ~~والبيهقي لم يشتري كتابه من المطابع والمكتبات بل كانوا يتلقون مثل هذه ~~الكتب بالسماع عن الشيوخ ويعرضونها عليهم، على الخصوص إذا كان الأمر يتعلق ~~بالصحيحين فيكون كلامه حجة هنا. PageV01P089 # وعلى تقدير ثبوتها فيه فهي شاذة، ولو قيل كيف تكون رواية شاذة وهي في ~~"صحيح مسلم"! فالجواب أن هناك ms044 بعض الروايات التي حكم عليها العلماء بالشذوذ ~~منها ما هو في "صحيح" مسلم كرواية: "ثم يطوي الأرضين بشماله!". برقم [2788] ~~فقد حكم بعضهم بشذوذ لفظة: "بشماله" بمن فيهم الألباني في "تخريج المصطلحات ~~الأربعة الواردة في القرآن" للمودودي. # وقد تكلم الكوثري باسهاب عن رواية (أين الله) في تعليقه على "السيف ~~الصقيل (أعيد طباعته في المكتبة الأزهرية للتراث - القاهرة)" للتقي السبكي ~~ص(94 95) وللسيد حسن بن علي السقاف رسالة مطبوعة بعنوان "تنقيح الفهوم ~~العالية بما ثبت وما لم يثبت في حديث الجارية" أفاض فيها عن ملابسات هذه ~~الرواية، وله أيضا تعليقات قيمة على كتاب "العلو للعلي الغفار" للذهبي أبطل ~~فيه النصوص الت يحتج بها المجسمة في إثبات العلو الحسي للذات العلية، ~~فليراجعها من شاء والله المستعان._) يحويه فيسأل عنه بأين ومن أين، وقوله: ~~(سبحانه) أي تنزيها له عن ما لا يليق به تعالى عن جميع ذلك علوا كبيرا. # الباب الثالث # في الاجتهاد والفتوى # (الفتوى) بالواو مع فتح الفاء، وبالياء مع ضم الفاء هي تبيين الحق ~~للسائل، وأما (الاجتهاد) فهو استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل حادثة بشرع. ~~ولما كان مستمد الاجتهاد والفتوى الأصول الثلاثة بلا خلاف}(_( ) هذه القطعة ~~بين هاتين الحاصرتين سقطت من (أ) بسبب تمزق فيها. _) بدأ بها فقال: # (32)(والأصل للفقه كتاب الباري إجماع بعد سنة المختار) PageV01P090 أصول ~~الفقه ثلاثة: كتاب الله، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، واجماع ~~المهتدين من الأمة؛ فأما الكتاب: فلأنه معجز وهو من عند الله ولا شك ولا ~~يسع جهله بل ولا الشك فيه لمن قامت عليه حجتة. واختلف في وجه اعجازه هل هو ~~من حيث التراكيب على أنه أفحم البلغاء فيها، أو من حيث الإخبار بالغيب، أو ~~من حيث اخباره عن الأمم الخالية، أو من حيث عدم التناقض فيه مع طوله.. ~~أقوال؛ والظاهر أن كل ذلك معجز. # وأما السنة: فلثبوت أصلها من الكتاب قال تعالى: { من يطع الرسول فقد أطاع ~~الله } النساء : 80 .وقال: { وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى } النجم ~~: 3 . وقال: { وما آتاكم الرسول ms045 فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } الحشر : 7 ~~.وقال: { وما أرسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله } النساء : 64 . # وأما الإجماع: فلثبوت أصله من الكتاب والسنة؛ فمن الكتاب قوله تعالى: { ~~وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس } البقرة : 143 كما أن ~~الرسول شهيد عليهم وقوله تعالى: { ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا ~~الرسول وأولي الأمر منكم } النساء : 59 فقرن الله سبحانه طاعتهم بطاعتة ~~وطاعة رسوله. وقوله: { ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه ~~الذين يستنبطونه منهم } النساء : 83 . PageV01P091 # ومن السنة قوله - صلى الله عليه وسلم - : (لاتجتمع أمتي على ضلاله( وفي ~~رواية: (لايجمع الله أمتي على ضلالة( وفي حاشية الترتيب(_( ) في "حاشية ~~الترتيب" (1/62) طبعة وزارة التراث القومي والثقافة. وهو شرح لمسند الامام ~~الربيع الفراهيدي للشيخ أبي عبدالله محمد بن عمر المعروف بأبي سته والشهير ~~بالمحشي لكثرة حواشيه التي وضعها على كتب الاباضية. _): (ما كان ليجمع أمتي ~~على ضلال((_( ) جاء من طريق ابن عباس - رضي الله عنه - رواه الامام الربيع ~~الفراهيدي في "مسنده" رقم [39] بلفظ »ما كان الله ليجمع أمتي على ضلال« ~~ورواه الحاكم في "المستدرك" رقم [398 و399] بلفظ »لا يجمع الله أمتي على ~~ضلالة أبدا ..«. # وجاء من طريق ابن عمر - رضي الله عنه - رواه الحاكم في "المستدرك" برقم ~~[391 و392 و393 و394 و395 و396 و397] وأبو نعيم في "حلية الأولياء" برقم ~~[3088] بألفاظ متقاربة. _)، وقوله: (ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله ~~حسن((_( ) هذا الحديث روي من طريق أنس - رضي الله عنه - مرفوعا عند الخطيب ~~في "تاريخ بغداد" (4/387 دار الكتب العلمية) ولفظه هناك: »إن الله نظر في ~~قلوب العباد فلم يجد قلبا أتقى من أصحابي ولذلك اختارهم فجعلهم أصحابا، فما ~~استحسنوا فهو عند الله حسن، وما استقبحوا فهو عند الله قبيح« واسناده ليس بذاك. PageV01P092 # وجاء موقوفا على ابن مسعود - رضي الله عنه - عند البيهقي في "الاعتقاد" ~~ص(183 /الكتب العلمية) والطيالسي في "مسنده" برقم [246] وكذا في "مسند" ~~الامام أحمد (1/493 برقم 3599) والطبراني في "الكبير" (9/113 برقم 8583) ~~ولفظه »... فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا فهو ms046 عند ~~الله سيئ«. قال الهيثمي في "مجمعه" (1/428) بعدما أورد خبر ابن مسعود - رضي ~~الله عنه - : "رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجاله موثقون" ~~ا.ه._)، فالمراد بأصل الفقه في كلام المصنف هو أدلة الفقه من حيث استناده ~~اليها واضافته اليها، والمراد بالفقه ما يعم العلم بالعمليات والعقائد ~~والأخلاق. # و(الكتاب) هو الكلام المنزل للإعجاز على رسولنا محمد - صلى الله عليه ~~وسلم - المنقول عنه تواترا. و(السنة) هي أقواله - صلى الله عليه وسلم - ~~وأفعاله وتقريراته. و(الإجماع) هو اتفاق مجتهدي الأمة على أمر في عصر، وكل ~~واحد من هذه الأصول الثلاثة يكون قطعي الدلالة ويكون ظنيها. # فأما القطعي من الكتاب فهو ما كان نصا على شيء بعينه؛ كما في قوله تعالى: ~~{ حرمت عليكم الميتة والدم..الآية } المائدة : 3 ، وأما الظني من الكتاب ~~فهو ما لم يكن نصا في شيء بعينه وانما استخرج منه ذلك الشيء من طريق ~~الإستدلال والإستنباط وذلك كما في قوله تعالى: { ووصينا الإنسان بوالديه ~~إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا } الأحقاف : ~~15 فاستنبط العلماء من هذه الآية أن أقل الحمل ستة أشهر؛ وذلك لما علموا من ~~قوله تعالى: { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين..الآية } البقرة : 233 ~~أن مدة الرضاع حولان اسقطوا الحولين من ثلاثين شهرا فبقيت ستة أشهر وليست ~~الآية نصا في هذا كله، ولكن العلماء استنبطوا منها ذلك بالإشارة اليه ~~فدلالتها على ذلك ظنية. PageV01P093 # وأما القطعي من السنة فهو ما نقله التواتر عنه - صلى الله عليه وسلم - ، ~~أو أجمعت الأمة على أنه عنه عليه السلام كحديث:(من كذب علي متعمدا فليتبوأ ~~مقعده من النار((_( ) هذ الحديث جاء بهذا اللفظ من عدة طرق أهمها: # من طريق ابن عباس - رضي الله عنه - رواه الربيع الفراهيدي برقم [738] ~~وأحمد [2679 و2979] والترمذي [2951] والدارمي [232] وابن أبي شيبة في ~~"مصنفه" [26244] والطبراني في "الكبير" [12393 و12394]. # من طريق المغيرة بن شعبة رواه الامام البخاري في "صحيحه" [1291] ومسلم ~~برقم [4] وأحمد في "مسنده" [18164 و18229] وابن أبي شيبة [26245] والطبراني ~~في "الكبير" (20/408 رقم 974 و975). # من طريق عبدالله بن عمرو ms047 - رضي الله عنه - رواه البخاري [3461] وأحمد في ~~"مسنده" [6493 و6600 و6902 و7022] والترمذي [2669] وابن أبي شيبة [26232]. # من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه البخاري [110 و6197] ومسلم برقم ~~[3] واحمد [9336 و9369 و10067 و10739] والنسائي في "الكبرى" [5915] ~~والطيالسي في "مسنده" [2421 /دار المعرفة]. # من طريق علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رواه الامام أحمد في "مسنده" [586 ~~و1079] والترمذي [3715]. # من طريق الزبير بن العوام رواه أحمد في "مسنده" برقم [1417] وأبوداود في ~~"سننه" [3651] والنسائي في "الكبرى" [5912] وابن ماجة [36] والدارمي [233] ~~وابن أبي شيبة [26233]. # من طريق أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - رواه أحمد برقم [11098 و11350 ~~و11410 و11542] وابن ماجة [37] وابن أبي شيبة [26238]. # من طريق أنس - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد في "مسنده" [11948 و12117 ~~و12161 و12708 و12770 و12806 و13104 و13194 و13969 و13978 و13988] والترمذي ~~[2661] والنسائي في "الكبرى" [5194] وابن ماجة [32] وابن حبان في "صحيحه" ~~[31/ الاحسان] والدارمي [235 و236 و238] وابن أبي شيبة [26230 و26243] ~~والطيالسي [2084]. PageV01P094 # من طريق جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد [14265] وابن ~~ماجة [33] والدارمي [231] وابن أبي شيبة [26242]. # من طريق عقبة بن عامر - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد [17441] وابن ~~حبان في "صحيحه" [1049 و2546 و5412] والطبراني في "الكبير" (17/327 رقم ~~904) و(19/296 رقم 657). # من طريق زيد بن أرقم - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد [19288] والحاكم ~~[258] وابن أبي شيبة [26246] والطبراني في "الكبير" [5017 و5018 و5019 ~~و5020 و5055]. # من طريق ابن مسعود - رضي الله عنه - رواه الترمذي في سننه" [2257 و2659] ~~وابن ماجة [30] والطبراني في "الكبير" [10074] والطيالسي [342 و362]. # من طريق عتبة بن غزوان - رضي الله عنه - رواه الحاكم في "المستدرك" ~~[5141]. ومن طريق ابن عمر رواه ابن أبي شيبة [26229]. # من طريق عبدالله بن الحارث - رضي الله عنه - رواه الإمام الربيع ~~الفراهيدي في "مسنده" [739]. # كما رواه الدارمي أيضا في "سننه" برقم [234] عن يعلى بن مرة و[237] عن ~~أبي قتادة - رضي الله عنه - . # وروي من طريق مسلم مولى خالد بن عرفطة عند الحاكم [5222] وابن أبي شيبة ~~[26234]. # ورواه الحافظ الطبراني في "المعجم الكبير" برقم [204] عن طلحة بن ~~عبيدالله. و[4100] عن خالد بن عرفطه. و[6679] عن ms048 السائب بن يزيد - رضي الله ~~عنه - . و[7302] عن صهيب - رضي الله عنه - . و[8181] عن طارق بن أشيم ~~الأشجعي - رضي الله عنه - . و(17/139 رقم 346) عن العرس بن عميره - رضي ~~الله عنه - . و(18/187 رقم 442) عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - . ~~و(19/393 رقم 922) عن معاوية. و(22/263 رقم 675) عن يعلى بن أمية التميمي - ~~رضي الله عنه - . # ورواه كذلك ابن سعد في "الطبقات الكبرى" والخطيب البغدادي في "تاريخ ~~بغداد" والحميدي في "مسنده" وابن عدي في "كامله" والعقيلي في "الضعفاء" وقل ~~أن يوجد كتاب من كتب السنة إلا وروى هذا الحديث. PageV01P095 # وللطبراني جزء مطبوع بعنوان "طرق حديث من كذب علي متعمدا". وعد هذا ~~الحديث جماعة من العلماء من قبيل المتواتر فقد رواه من الصحابة تسعة وتسعون ~~صحابيا سرد أسماءهم الزبيدي في كتابه "لقط الآلي المتناثرة .. في الأحاديث ~~المتواترة" ص(261 263دار الكتب العلمية) وانظر كلام النووي حول هذا الحديث ~~في "شرح مسلم" (1/65)._). وأما الظني من السنة فهو ما نقل عنه - صلى الله ~~عليه وسلم - من طريق الآحاد أو من طريق التواتر لكنه ليس نصا(_( ) في (ب): ~~لكنه نص في المطلوب. وهذا خطأ والتصحيح من (أ) ومعناه أن المتواتر يكون ظني ~~الدلالة إذا لم يكن نصا في حكم بعينه والعكس بالعكس فإذا كان المتواتر نصا ~~في حكم بعينه كان قطعي الدلالة والله أعلم. _) في المطلوب. # وأما القطعي من الإجماع فهو ما كان في شي لم يتقدم فيه خلاف ولم ينازع ~~فيه أحد من المجمعين لاقبل انعقاده ولا بعده حتى انقرض عصرهم على ذلك، ولم ~~يكن مخالفا لنص من الكتاب أو السنة؛ فان خلاف النصوص حرام ولا ينعقد على ~~مخالفتها اجماع. وأما الظني من الإجماع فهو ما عدا ما ذكرته. # ولما كان مخالفة القطعي من كل واحد من هذه الثلاثة الأصول حراما وضلالة ~~بإجماع من اعترف بالإجماع من الأمة المحمدية أشار إلى ذلك فقال: # (33)(والاجتهاد عند هذي منعا وهالك من كان فيها مبدعا) PageV01P096 تقدم ~~أن الاجتهاد هو استفراغ الفقيه الوسع في استحصال حادثة بشرع، وفي هذا البيت ~~اشارة ms049 إلى حكمه الشرعي فيحرم الاجتهاد في مواضع ورد نص الكتاب أو السنة أو ~~الاجماع القطعي في بيان حكمها، ويجب التسليم لها والقبول لبيانها، ويجوز ~~الاجتهاد في الأشياء التي لم يرد فيها نص من هذه الثلاثة، ويجب على من بلغ ~~الاجتهاد(_( ) هذا وقد تفاوت الناس في افساح المجال أمام الاجتهاد ففريق ~~يضع أمامه العقبات وفريق يجعله في متناول كل أحد والحق بين المنهجين إذ لا ~~بد من حصول بعض الآلات فيمن أراد الإجتهاد وإلا لأصبح الشرع مهزلة لكل ~~متقول، يقول سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله تعالى: "لاريب أن ~~الإجتهاد ركن ركين من أركان الفقه الاسلامي، لتوفر الدواعي إليه في كل عصر، ~~ولاسيما هذا العصر ...؛ ولكن لابد من ضوابط ....؛ لأن الناس في قضية ~~الإجتهاد بين منطلق وجامد. فالإنطلاق يجب أن يكون في حدود، والجمود أيضا ~~غير محمود، وخير الأمور أوسطها. PageV01P097 # فمن أنواع الإنطلاق أن يقال بأن أي أحد كان ولو كان عاميا يجب عليه أن ~~يستخرج الحكم بنفسه من الكتاب ومن السنة، ومن إجماع الأمة، وألا يتقيد ~~بمذهب. هذا أمر عسير، لأن الناس لا يكلفون ما لا يستطيعون، وأنى لهذا ~~العامي، وكثير من المسلمين لسانهم غير اللسان العربي لسان القرآن ولسان ~~الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، لا يفهمون معاني القرآن وإن تلوا القرآن. ~~وهذا العامي العربي أنى له أن يعرف الناسخ من المنسوخ، والمحكم من ~~المتشابه، والمطلق من المقيد، والمجمل من المبين، والعام من الخاص، ويرد كل ~~شيء إلى نصابه، فإلزام عوام الناس وجهلتهم أن يجتهدوا من غير أن تتوفر لهم ~~القدرة على الإجتهاد أمر فيه إفراط، وذلك يؤدي وقد أدى فعلا إلى تنطع كثير ~~من العوام على علماء المسلمين؛ إذا قرأ أحدهم حديثا لم يعرف في أي مناسبة ~~قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك الحديث. أو تلا آية لم يعرف سبب ~~نزول الآية انطلق وقال في الآية أو قال في الحديث برأيه. مع أن أجلة ~~الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يتوقفون أن يفسروا القرآن بما تدلهم عليه ms050 ~~عقولهم من غير أن يستندوا إلى ركائز ثابتة وأدلة يستضيؤن بها. # والجمود أيضا أن يقول القائل بأن الواجب على العالم أن يقلد من قبله، فإن ~~من سبق كان أكثر علما وأوسع إطلاعا، وأطول باعا، وأعمق نظرا، وأرحب صدرا. ~~نعم لا ينكر مقام السلف ولكن كل أحد متعبد إن أطاق الإجتهاد وقدر عليه ألا ~~يقلد غيره، ولا تقليد إلا للمعصوم." ا.ه نقلا عن كتاب "ندوة الفقه ~~الاسلامي" نشر وزارة العدل والأوقاف بسلطنة عمان ص (98 99)._) واحتاج ~~إلى العمل أو الفتوى أو الحكم بما لم يرد به نص من الأصول الثلاثة. # وقوله:(هالك..الخ) أي من ابتدع حكما مع ورود أحد هذه الأصول فهو هالك؛ ~~لأن مخالفتها حرام وضلال..ولما كان الاجتهاد في غيرها قد يكون جائزا، وقد ~~يكون واجبا أشار إلى النوعين فقال: # ( PageV01P098 34)(والرأي في غير الأصول جوزا وواجب أن نتحرى الأجوزا) # المراد ب(الرأي) هنا الاجتهاد الفقهي، وب(التحري) طلب ما هو الأولى في ~~العمل، أي يجوز الاجتهاد في الأشياء التي لم يرد فيها نص أحد الأصول ~~الثلاثة لمن شاء أن يجتهد ويجب على من بلغ رتبة الاجتهاد فأراد العمل أو ~~الفتوى أو الحكم بما لم يرد فيه نص أحد الثلاثة الأصول؛ فاذا اجتهد المجتهد ~~فعليه أن يأخذ بما أداه اليه اجتهاده وان خالف غيره، ولا يجوز له أن يترك ~~الأعدل في اجتهاده وان خالفه من خالفه في ذلك خلافا لما في "أجوبة" الامام ~~ابن محبوب - رضي الله عنه - لأهل المغرب(_( ) مدرجة في كتاب "السير ~~والجوابات" (2/223 268) وكلامه حول هذا الموضوع في ص(234)._) وتابعه على ~~ذلك أبو الحسن البسياني(_( ) العلامة أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد ~~بن الحسن البسيوي من علماء الإباضية بعمان في القرن الرابع الهجري لازم ~~العلامة أبي محمد عبدالله بن محمد بن بركة فتعلم على يديه حتى صار ممن يشار ~~إليه بالبنان، وحين تقدم به السن ثقل سمعه حتى كانوا أحيانا إذا أرادوا ~~استفتاءه كتبوا له في الأرض فيجيبهم بحسب ما كتبوا له، من تصانيفه ms051 "الجامع" ~~مطبوع في 4ج و"المختصر" مطبوع أيضا وله بعض الرسائل مدرجة في "السير ~~والجوابات" المجلد الثاني 1 ص(5 8). 2 ص(62 112). 3 ص(124 222) ونشرت ~~الجميع وزارة التراث العمانية، وكانت وفاته في مطلع القرن الخامس الهجري ~~التأريخ بالسنوات غير متوفر . ("اتحاف الأعيان" للبطاشي 1/229 "نشأة ~~التدوين للفقه" د.مبارك الراشدي ص190 ضمن كتاب ندوة الفقه الإسلامي )._) في ~~"سيرته"(_( ) مدرجة في كتاب "السير والجوابات" (2/124 222) وكلامه حول هذا ~~الموضوع في ص(194). _) وذلك أنهما قالا: إن الحاكم يترك رأيه إن لم يوافقه ~~عليه أحد من الجماعة ويأخذ بقولهم.! PageV01P099 # ولا يخفى ما فيه من العدول عن ذروة التحقيق إلى حضيض التقليد، ثم انه ~~أشار إلى هذا المعنى بعينه فقال: # (35)(ولم يجز خلافنا للأعدل مما نرى وميلنا للأهزل) # (36)(في غير ما قد حكم الحاكم أو كان خلاف كافر فيما رأوا) # (37)(أو من طريق الزهد كان أفضلا وان حكمت فاقصدن الأعدلا) # (38)(وذاك مثل الأكل للسباع قد رأيت حلها وإن نهي ورد) # (39)(حملته على سبيل الأدب كمثل ما اختار امام المذهب) # يحرم على المجتهد العدول عن الرأي الذي يرى أنه الأقرب إلى العدل للأدلة ~~التي عنده عليه؛ والأخذ بالرأي الذي يرى أنه أبعد عن الصواب في نظره ~~لمخالفته الأدلة التي عنده، لأن الله عزوجل كلف كل واحد من المجتهدين أن ~~يأخذ عند الحاجة إلى الأخذ بما أداه اليه اجتهاده فهو فرض في حقه، والعدول ~~إلى غيره عدول عن فرضه، لكن استثنى بعضهم من هذه القاعدة ثلاثة أشياء وذكر ~~أن فيها جواز العدول عن الأعدل إلى الأهزل في نظر المجتهد: # أحدها: فيما اذا حكم عليك حاكم عدل وكان ممن يجوز له الحكم في المختلف ~~فيه فإنه يجب عليك اتباعه فيما حكم به، ولا يجوز لك مخالفته في ذلك وان ~~كنت ترى أن الذي حكم به هو الأهزل والأبعد من الأدلة. ويبحث فيه بأن هذا ~~غير خارج من تلك القاعده؛ ألا ترى أنه اذا حكم لك بشيء ترى أنه لغيرك لا ~~يجوز لك أخذه غاية ما فيه أن الواجب في الصورة الأولى الإنقياد لحكم ms052 الحاكم ~~لا ترك الأعدل في نظره. PageV01P100 # وثانيها: أنه اذا كان في الرأي الذي يرى أنه أبعد من الأدلة مخالفة لكافر ~~قال يجوز له ترك ما هو الأعدل في نظره والأخذ بما هو أهزل فيخالف الكافر في ~~ذلك كان الكافر مشركا أو فاسقا، ونصب للأول دليلا "يهودي مر على رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه واقفون ~~عند دفن ميت، فقال اليهودي هكذا تفعل أحبارنا. قال: فقعد رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - وأمر أصحابه بالقعود مخالفة لليهود"(_( ) جاء من طريق ~~عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - رواه أبوداود في "سننه" برقم [3176] ~~والترمذي في "سننه" برقم [1020] وابن ماجة في "سننه" [1545] والبيهقي في ~~"السنن الكبرى" [4/44 برقم 6890] والحازمي في "الاعتبار" ص(328 بتحقيق د. ~~قلعجي). # قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/233 دار الكتب العلمية): PageV01P101 # "وقد ورد معنى النهي من حديث عبادة قال: »كان النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- يقوم للجنازة فمر به حبر من اليهود فقال: هكذا نفعل. فقال: اجلسوا ~~وخالفوهم« أخرجه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي، فلو لم يكن اسناده ضعيفا ~~لكان حجة في النسخ.." ا.ه ويشتم منه ضعف هذا الحديث والله أعلم._). ونصب ~~للثاني دليلا ما روي أن جابر بن زيد (_( ) الإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد ~~الأزدي اليحمدي العماني مولدا ووفاة قضى أكثر عمره في البصرة حاضرة العلم ~~آنذاك، وهو من طبقة كبار التابعين روى عن ابن عمر والسيدة عائشة وابن ~~الزبير والحكم بن عمرو الغفاري وأكثر من مجالسة ابن عباس - رضي الله عنه - ~~فكان أحد أقرب تلاميذه، أخذ عنه قتادة وعمرو بن دينار ويعلى بن مسلم وأبو ~~عبيدة مسلم بن أبي كريمة وخلق كثير، شهد له ابن عباس - رضي الله عنه - ~~بقوله: "لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم علما من كتاب ~~الله". وقال ابن عمر فيه: "يا جابر إنك من فقهاء البصرة ...". وفي ~~"الضعفاء" للساجي عن يحي بن معين: كان جابر إباضيا وعكرمة صفريا. وفي كتاب ~~"الزهد ms053" لأحمد: لما مات جابر بن زيد قال قتادة: "اليوم مات أعلم أهل الأرض. ~~مات سنة 93ه. (العبر 1/80 وتذكرة الحفاظ للذهبي 1/72 تهذيب التهذيب ~~لابن حجر 2/35 طبقات الدرجيني 2/205). PageV01P102 # *(تنبيه) كلام يحي بن معين إمام الجرح والتعديل الدال على نسبة الإمام ~~جابر إلى الإباضية رواه عنه أيضا الحافظ ابن عدي في كتابه "الكامل" (4/71) ~~دار الفكر بيروت الطبعة الثالثة 1988م._) رضي الله عنه خالف الحسن ~~البصري(_( ) أبو سعيد الحسن بن يسار البصري من كبار التابعين وأمه خيرة ~~مولاة أم سلمة ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، ونشأ بالمدينة فحفظ كتاب ~~الله في خلافة عثمان، وسمعه يخطب مرات، وكان يوم الدار ابن أربع عشرة سنة ~~ثم كبر ولازم الجهاد ولازم العلم والعمل وكان أحد الشجعان، انتقل إلى ~~البصرة وعظمت هيبته في القلوب. أثنى عليه أنس بن مالك - رضي الله عنه - ~~بقوله: "سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا". كان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم ~~لا يخاف في الحق لومة لائم، وله مع الحجاج بن يوسف مواقف وقد سلم من أذاه، ~~وصفه النسائي بتدليس الإسناد، وقال البزار: "سمع الحسن البصري من جماعة، ~~وروى عن آخرين لم يدركهم، وكان يتأول فيقول: حدثنا وخطبنا. يعني قومه الذين ~~حدثوا وخطبوا بالبصرة. قال: ولم يسمع من ابن عباس، ولا الأسود بن سريع، ~~ولاعبادة، ولاسلمة بن المحبر، ولا عثمان، ولا أحسبه سمع من أبي موسى، ولا ~~من النعمان بن بشير، ولا من عقبة بن عامر، ولا سمع من أسامة، ولا من أبي ~~هريرة، ولا من ثوبان، ولا من العباس". فعلى هذا تكون روايته عنهم من قبيل ~~المنقطع. قال الذهبي: "قلت: وهو مدلس فلا يحتج بقوله: (عن) في من لم يدركه، ~~وقد يدلس عمن لقيه ويسقط من بينه وبينه ..". وله كلمات سائرة وكتاب في ~~"فضائل مكة خ" توفي عام 110ه. ("ميزان الإعتدال" 1/527 و"تذكرة الحفاظ" ~~للذهبي 1/71 "طبقات المدلسين" برقم (40) و"تهذيب التهذيب" لابن حجر 2/ ~~243)._) حين قال له وقد حضر معه في مرضه الذي مات فيه : قل يا جابر لا إله ~~إلا الله. PageV01P103 # فأمسك جابر ms054 مع قدرته على النطق مخافة أن يقال تبع الحسن على مذهبه(_( ) ~~هذا الكلام لا يؤخذ على علاته فالامام جابر بن زيد كان صديقا حميما للحسن ~~البصري ولم يكن الحسن يختلف معه في كثير من القضايا كما يظهر من مطالعة بعض ~~مواقفه وكان الامام جابر يكن له من الاحترام والود يتضح ذلك من طلبه له عند ~~حضور أجله ولو كان الحسن البصري يختلف مع الامام جابر في قضايا حرجة لما ~~كلف نفسه هذا الطلب .. # والحق أن امساك الامام جابر كان تقريرا لمبدأ يعتقده وهو أن من ظهرت له ~~شيء من علامات انتهاء أجله كان ذلك مؤذنا بأنه يموت على ما كان عليه قبلها ~~ولا تنفع التوبة بعد معاينة أسباب الموت كما حصل لفرعون عندما غرق مثلا ~~يتضح ذلك من نقل العلامتين الدرجيني في "طبقات المشائخ" (2/207) والشماخي ~~في "كتاب السير" (1/69) للواقعة وهي كما يلي: # [ PageV01P104 لما حضرت جابر بن زيد الوفاة أتاه ثابت البناني وقال: يا ~~أبا الشعثاء هل تشتهي شيئا؟. قال: إني لا أشتهي شيئا إلا أن ألقى الحسن قبل ~~أن أموت. قال فخرج ثابت البناني فدخل على الحسن فأعلمه بقول جابر بن زيد، ~~قال: وكان الحسن إذ ذاك مستخفيا، فقال: كيف لي بذلك؟. قال: اركب بغلتي على ~~السرج وأنا أردف خلفك، وأعطيك طيلساني وأرجو أن لا يعرض لنا. قال ففعل، ~~ودخل على أبي الشعثاء وهو مضطجع فانكب عليه الحسن وهو يقول: يا أبا ~~الشعثاء؛ قل لا إله إلا الله. فرفع جابر عينيه، فقال: أعوذ بالله من غدو ~~ورواح إلى النار. فقال له الحسن: يا أبا الشعثاء؛ قل لا إله إلا الله. ~~فقال: أعوذ بالله من غدو ورواح إلى النار. ثم قال: يا أبا سعيد { يوم يأتي ~~بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها ~~خيرا } الانعام : 158. قال: فقال الحسن: هذا والله الفقيه العالم، ثم قال: ~~يا أبا سعيد حدثني بحديث ترويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ~~المؤمن إذا حضرته الوفاة ms055. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »إن ~~المؤمن اذا حضرته الوفاة وجد على كبده بردا« فقال جابر: الله أكبر، والله ~~إني لأجد بردا على كبدي.]. ا.ه # وقد حصل موقف مشابهه لموقف الامام جابر مع ثابت البناني كما في "حلية ~~الأولياء" لابي نعيم (2/366 رقم 2584) و"مسند ابن الجعد" برقم [1398] : "عن ~~محمد بن ثابت البناني قال: ذهبت ألقن أبي وهو في الموت قال: قلت: يا أبت قل ~~لا إله إلا الله. قال: يا بني خل عني فإني في وردي السادس أو السابع." # والشاهد أن تلقين الميت لفظة التوحيد لا يفيده إن كان غارقا طول حياته في ~~مخالفة شرع الله وهذا الذي كان يرمي إليه الامام جابر، فإن كان المصنف يعني ~~مخالفة الإمام جابر للحسن في هذه النظرة و الاختيار في المسائل الشرعية ~~يسمى مذهبا فكلامه لا غبار عليه. والله أعلم._). PageV01P105 # ويبحث فيه بأن هذا كله خلاف ما عليه القاعدة، فإن القاعدة هي أنه لا يجوز ~~للمجتهد أن يخالف ما رآه أنه هو الحق في نظره وأن ما عداه خلاف الحق في ~~نظره؛ وقعوده - صلى الله عليه وسلم - وامساك جابر عن القول ليس حراما قبل ذلك. # وثالثها: أنه اذا كان في الرأي الذي يرى أنه الأهزل في نظره نوع زهد ~~وتنزه وفي الرأي الذي يرى أنه الأرجح والأعدل ترك لذلك التنزه والورع قال ~~فهاهنا يجوز له أن يترك ما يرى أنه الأعدل فيأخذ بما في نظره أنه الأهزل، ~~وضرب لذلك مثلا بمسألة تحليل السباع وتحريمها على أنه قد ورد النهي من ~~الشارع عن أكلها، وقد اختلف العلماء في تأويل هذا النهي فذهب بعضهم إلى أن ~~هذا النهي للتحريم فحرم أكل السباع لذلك وذهب آخرون منهم إمام المذهب أبو ~~سعيد محمد بن سعيد الكدمي إلى حمل هذا النهي على الكراهية والتنزه ~~فأجازوا(_( ) على أن الشيخ نفسه رجع عن هذا القول فحكم بحرمة لحوم السباع ~~في مصنفاته المتأخرة فمثلا يقول في "جوهر النظام" (1/221): # وإنمايحرم منه الضرر والنجس الخبيث ثم المسكر # والدم والميتة ms056 والخنزير والضاريات الوحش والطيور # وهي من السباع ذات الناب كالأسد والفهود والذئاب # وذات مخلب من الطيور كالباز والعقاب والنسور._) أكل لحوم السباع وقالوا ~~فيها بالتكريه، فاذا رأى المجتهد جواز أكلها وأن هذا النهي للكراهية كما ~~عليه هذا الامام رضوان الله عليه كان جائزا له أن يتمسك بما رأى فيأكل، ~~وأن يدع أكلها تنزها لما في أكلها من الكراهية؛ هذا في الحكم الذي يخصه ~~بنفسه، أما اذا حكمه غيره وولي الحكومة في ذلك وجب عليه أن يحكم بما يرى ~~أنه الأقرب للصواب. PageV01P106 # مثال ذلك اذا تخاصم اليه رجلان اصطاد أحدهما سبعا(_( ) السبع بضم الباء ~~وفتحها وسكونها المفترس من الحيوان .. كما في "القاموس المحيط" ~~للفيروزأبادي (مادة: سبع). _) فأطلقه منه الآخر فطلب المصطاد حقه من الذي ~~أطلق سبعه كان على هذا الحاكم أن يحكم لهذا المصطاد على هذا الذي أطلقه ~~بضمان سبعه. ويبحث فيه بأن ما ذكر من جواز الترك للأكل ليس من هذا الباب ~~الذي نحن بصدده، فان ترك هذا المجتهد أكل هذه السباع إنما هو لإمتثال النهي ~~الوارد عن الشرع فلا يلزم من الامتناع عن أكلها القول بأن أكلها حرام، ألا ~~ترىأنه حين صار حاكما وجب عليه الأخذ بما رأى أنه الأرجح في نظره فيلزمه ~~الحكم به، ولأجل هذه الايرادات على هذه المستثنيات أشار المصنف للتبري من ~~استثنائها بقوله: (فيما رأوا) أي فيما رأى المستثنون لهذه الخصال، ولما فرغ ~~من بيان الأحكام التي تخص المجتهد شرع في بيان حكم الضعيف عن الاجتهاد فقال: # (40)(والخلف إن لم نعرفن الأعدلا هل جائز بما نشا أن نعملا) # (41)(أو لا اذا التحري في ذا يعدم بل نستشير واجبا من يعلم) PageV01P107 ~~اختلف العلماء في الضعيف الذي لاقدرة له على الاجتهاد ولا استطاعة له على ~~ترجيح الأقوال؛ وقد أراد أن يعمل بشيء من الأشياء التي قد اختلف العلماء ~~في حكمها : فذهب بعضهم إلى أن لهذا الضعيف أن يأخذ بأي قول شاء من تلك ~~الأقوال الموجوده في مسألته، ولا يلزمه في كل قضية أن يستعين بالفقيه ~~الحاضر، واحتج ms057 لذلك بأن قوله ليس بأثبت فيه ممن تقدمه فيه فأورده أثرا ~~صحيحا فيحسن اتباعه لمن بعده بل قد يمكن أن يكون الأول أكثر علما وأصح نظرا ~~وبالعكس فاستوى الأمران فيما وجده من أثر صحيح أو نقله له عن الأوائل من ~~الاختلاف صريح(_( ) في (ب): صحيح. _) أو أخبره الفقيه الحي بوجود الاختلاف ~~فيه وسكت عن التعديل فيما يحكيه، وحكم ما عدله بعض علماء السلف وعدل غيره ~~الفقيه الحاضر من الخلف حكم ما اختلف الفقهاء في تعديله ويرجع الأمر فيه ~~إلى جواز الأمرين، هذا كله اذا لم يكن لهذا الضعيف قدرة على معرفة الأعدل، ~~وكانت المسألة مما وجد الاختلاف فيها، أما اذا شاء العمل بشيء لم يوجد في ~~بيان حكمه شيء عن العلماء فهاهنا يجب عليه مشاورة أهل العلم في ذلك ولا ~~يجوز له أن يعمل بهوى نفسه. # وذهب آخرون إلى أنه يجب على هذا الضعيف اذا شاء العمل بما يختلف فيه أن ~~يشاور من قدر على مشورته من الفقهاء، وأن يستعين في طلب الأعدل من الأقوال ~~والدليل على ذلك قوله تعالى: { ولوردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ~~لعلمه الذين يستنبطونه منهم } النساء : 83 لأن الاستنباط لا يكون الا من ~~الفقهاء العلماء به، وقد أمر الضعفاء برد الأمر فيه إليهم والأخذ فيه ~~بقولهم فهم الحجة فيه لهم وعليهم ويدل على ذلك قوله تعالى: { فاسألوا أهل ~~الذكر ان كنتم لا تعلمون } النحل : 43 . PageV01P108 # أقول: وهذا المذهب أقوى دليلا وأقوم سبيلا من الذي قبله لهذه الأدلة، ~~ولما في مشورة العالم من امكان الإطلاع على دليل القول الذي يرشده عليه ~~ويأمره بالأخذ به، فيكون بذلك آخذا بالدليل الذي سمعه فينزل في وجوب ~~المشاورة للعالم عند وجوده منزلة القادر على الاجتهاد، ولا يخفى أن حكم من ~~كان مجتهدا ولم يطلع على الأدلة في شيء من الأحكام أن حكمه في ذلك حكم ~~الضعيف لأنه في ذلك الحكم ضعيف أيضا بناء على القول بتجزئ الاجتهاد وهو ~~مذهب الامام الكدمي - رضي الله عنه - وفي قول ثان ان الاجتهاد لا يتجزأ ms058 فلا ~~يكون مجتهدا حتى يكون عالما بجميع الأدلة من الكتاب والسنة، والأول هو ~~المختار والله أعلم. # (42)(وخطأ العالم في الفتوى همل والوزر والضمان للذي عمل) # الخطأ نوعان؛ أحدهما: أن يكون صاحبه معتقدا اصابة الحق فيما أفتى به ويظن ~~أنه صواب وهو مخالف للحق، فهذا غير معذور من الأثم والضمان كان عالما أو ~~جاهلا اذا حرم ما أحل الله أو أحل ما حرم الله، وقد حصل التحرز من هذا ~~النوع بقول الناظم:(وخطأ العالم) لأن صاحب هذا النوع وان كان عالما في غيره ~~فهو جاهل به. PageV01P109 # وثانيهما: أن يكون المفتي عالما بذلك الشيء الذي أخطأ فيه وبأصوله فأخطأ ~~بلسانه وهو يعلم أن لو انتبه أنه مخطئ فيه فهذا مختلف في تضمين صاحبه، ~~والذي عليه الجمهور من الجهابذة أنه لاضمان عليه، وأما الإثم فلا نعلم أن ~~أحدا قال به في هذا الموضع، والذي وجدناه عن علمائنا انه لا إثم عليه بدليل ~~قوله - صلى الله عليه وسلم - : (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان.. الحديث((_( ) ~~تخريجه يأتي مع مماثله في التعليق على البيت رقم (304)._)وباشارة قوله ~~تعالى حكاية عن المؤمنين : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } البقرة ~~: 286 وما أحسن قول الصائغي(_( ) الشيخ سالم بن سعيد بن علي الصائغي، من ~~علماء الإباضية بعمان عاش في القرن الثالث عشر الهجري، كان على درجة عالية ~~من العلم والوقار وكان مهابا في زمانه قائما بالأمر بالمعروف والنهي عن ~~المنكر، من تصانيفه الأرجوزة التي قام بتنقيحها الشيخ السالمي في كتابه ~~جوهر النظام وأرجوزته هذه تبلغ ما يقارب عشرة الآف بيت يقول عنها السالمي ~~في تقديمه للكتابه جوهر النظام: # وبعد إن خير نظم بالغ في الفهم مبلغا نظام الصائغي # فإنه حوى بيان الشرع من واجب وجائز ومنع # وانصب في سهولة الألفاظ وطاب حفظه لدى الحفاظ ..الخ # وله كذلك "الإرشاد" لا يزال مخطوطا ترى بعض فصوله مدرجة في "قاموس ~~الشريعة" للسعدي، وله كتاب "المضنون به على غير أهله" مخطوط وهو في أصول ~~الدين والفقه والآداب في ثلاثة أجزاء. (تعليق الشيخ أبو ms059 اسحاق الجزائري على ~~"جوهر النظام" 1/ بداية الكتاب "شقائق النعمان" للخصيبي 3/8)._): # وزلة العالم في فتواه مرفوعة عنه وما أولاه(_( ) البيت برمته في "جوهر ~~النظام" (1/34 بتحقيق الشيخ ابراهيم بن سعيد العبري) وهو من أرجوزة الصائغي ~~تراه في "قاموس الشريعة" للعلامة السعدي (2/63 التراث)._). PageV01P110 # وقول الناظم: (في الفتوى) احتراز من خطأ العالم في الحكم فإنه لا يعذر من ~~ضمانه، أما الإثم فمعذور عنه في الحالتين وإنما كان عليه الضمان في الحكم ~~دون الفتوى(_( ) على أن الفتوى أمرها خطير فهي لا تتأتى من كل من تعلم بعض ~~المسائل كما هو الحال في هذا الزمن حيث يتصدر لهذا الشأن من لا يصلح أن ~~يكون طالبا بين يدي علماء السلف، وليس بغريب أن يتواجد في بعض الدول في ~~الشارع الواحد العشرات ممن نصب نفسه للفتيا وهذا من التلاعب بأمور الشرع ~~والعياذ بالله واستسهال الحال مع عدم ادراك خطورة ما هم بصدده، وإن كان غير ~~خفي أن الصحابة وخيار التابعين كانوا يتدافعون الفتيا فيما بينهم وكان ~~الواحد منهم يتمنى لو كفاه غيره، هذا وقد شرط الفحول من العلماء للإجتهاد ~~والفتوى شروطا حتى لا يكون الدين لعبة لكل من هب ودب فهذا العلامة أبو ~~اسحاق الشيرازي الشافعي يقول في كتابه "اللمع .. PageV01P111 # في أصول الفقه" ص (127): "وينبغي أن يكون المفتي عارفا بطرق الأحكام وهي ~~الكتاب، والذي يجب أن يعرف من ذلك ما يتعلق بذكر الأحكام والحلال والحرام ~~دون ما فيه من القصص والأمثال والمواعظ والأخبار، ويحيط بالسنن المروية عن ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيان الأحكام، ويعرف الطرق التي يعرف ~~بها ما يحتاج إليه من الكتاب والسنة من أحكام الخطاب وموارد الكلام ومصادره ~~من الحقيقة والمجاز، والعام والخاص، و المجمل والمفصل، والمطلق والمقيد، ~~والمنطوق والمفهوم، ويعرف من اللغة والنحو ما يعرف به مراد الله تعالى ~~ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما تقتضيه، ومعرفة الناسخ من ذلك من ~~المنسوخ، وأحكام النسخ وما يتعلق به، ويعرف اجماع السلف وخلافهم، ويعرف ما ~~يعتد به من ذلك وما لا يعتد به ms060، ويعرف القياس والإجتهاد والأصول التي يجوز ~~تعليلها وما لا يجوز، والأوصاف التي يجوز أن يعلل بها وما لا يجوز، وكيفية ~~انتزاع العلل، ويعرف ترتيب الأدلة بعضها على بعض وتقديم الأولى منها ووجوه ~~الترجيح، ويجب أن يكون ثقة مأمونا لا يتساهل في أمر الدين." ا.ه وقال ابن ~~أمير الحاج الحنفي في "التقرير و التحبير" (3/341): "قال ابن السمعاني: ~~المفتي من استكمل فيه ثلاث شرائط؛ الإجتهاد، والعدالة، والكف عن الترخيص ~~والتساهل. وللمتساهل حالتان: احداهما أن يتساهل في طلب الأدلة وطرق الأحكام ~~ويأخذ ببادئ النظر وأوائل الفكر فهذا مقصر في حق الاجتهاد ولا يحل له أن ~~يفتي ولا يجوز أن يستفتى، والثانية أن يتساهل في طلب الرخص وتأول السنة ~~فهذا متجوز في دينه وهو آثم من الأول. ا.ه وفي أصول ابن مفلح: قال أصحابنا ~~وغيرهم: يحرم تساهل المفتي وتقليد معروف به . وفي شرح البديع للهندي: ويجب ~~أن يكون عدلا ثقة حتى يوثق فيما يخبر به من الأحكام ..الخ" ا. PageV01P112 # ه وقد تكلم في مثل هذا غيرهم من العلماء على اختلاف مذاهبهم وتباين ~~مشاربهم، وتهوين الأمر لا يكون إلا ممن لا يبالي بهذا الدين متلاعب بأحكامه ~~أو ممن يخدع نفسه فيوهمها بلوغه تلك المنزلة وهي أبعد من النجوم في أفلاكها ~~عنه، أما من يبحث عن الرخص أينما كانت فحدث عنهم ولا حرج، حتى صار التورع ~~عن التخليط في أمور الشرع والأخذ بالعزائم والعمل بالأحوط من مخلفات الماضي ~~عند كثير من الناس والله المستعان._) لما في الحكم من جبر المحكوم عليه على ~~قبول قول الحاكم دون الفتوى فإنه ليس فيها جبر. وقوله: (والوزر ~~والضمان..الخ) أي إثم ذلك الخطأ وضمانه انهما على من قبله من العالم وعمل ~~به أو حكم لأنه لا يجوز لأحد أن يقبل خلاف الحق أو يعمل به، ولو قال به من ~~قال من العلماء فالعلماء إنما هم حجة في الحق لا في الباطل. ولما صرح ~~بتأثيم العامل بخلاف الحق وتضمينه استدرك ذلك ببيان توبته فقال: # (43)(وان خفي بطلانه عليه فالتوب ms061 مجملا أتى اليه) # (44)(ان كان مما حجة السماع به ولم يجد معبرا فلتنتبه) # الهاء من قوله: (بطلانه) عائدة إلى الخطأ وكذلك في قوله: (اليه)، والهاء ~~من قوله: (عليه) عائدة إلى الذي عمل وانتصب مجملا على الحال من فاعل أتى أي ~~لا يخلو ذلك الخطأ إما أن يكون مما تقوم به الحجة من العقل أو مما تقوم ~~حجته من السماع فالأول: غير معذور صاحبه مهما خطر بباله الا باعتقاده الحق ~~فيه. والثاني: نوعان؛ 1 تأدية مفروض.2 وترك محجور. # فأما تأدية المفروض فاذا لم يجد معبرا يعبر له اياه ولم يأت له من قبل ~~بصيرته بإلهام ونحوه فهو معذور، كما سيأتي اذا اعتقد في جملته السؤال عن ~~جميع ما يلزمه من دين الله. PageV01P113 # وأما ترك المحجور فقد قيل انه لا يسع أحدا أن يرتكبه عالما بحجره كان أو ~~جاهلا مستحلا أو محرما، ومن ارتكبه فهو هالك ظالم لأنه قد ورد في الأثر ~~المجتمع عليه: يسع الناس جهل ما دانو بتحريمه ما لم يركبوه أو يتولوا راكبه ~~أو يبرأوا من العلماء اذا برؤا من راكبه، وهذا قد ارتكب ذلك المحجور عليه ~~ارتكابه فلا عذر له بجهل، ولا بفتوى مخطئ لأن المفتي اذا أخطأ وجه الصواب ~~فليس بحجة. وقيل اذا لم يجد من المعبر في هذا ونحوه وكان قد اعتقد في جملته ~~المتاب عن جميع ما لزمته فيه التوبة والسؤال عن جميع ما لزمه فيه السؤال ~~فهو سالم، وفي هذا سئل الامام الخليلي رحمه الله : # السؤال # نسائل شمس العصر أعني سعيدنا سلالة خلفان الخليلي الممجدا # عن الراكب المحجور جهلا ولم يزل مقيما عليه مدة الدهر سرمدا # يجالس أعلام الأنام ولم يسل وموطنه دار بها العلم والهدى # يدارس للآثار طول زمانه ولكنه لما يراه مسودا # ولم يسمع التحريم فيه ولم يكن خطورا له بالبال كي يتعبدا # ويحسبه فعلا حلالا وأنه تقي كريم خائف موقع الردى # أيسلم عند الله ان مات هكذا ويدخله الفردوس فيها مخلدا # فقل ما أراك الله فيها مصرحا صفات قيام الحجة الكل مرشدا ms062 # فلا زلت محبورا وحبرا موفقا لكشف مهمات خليفة أحمدا # عليه صلاة الله ما ناحت الربا نسيم الصبا أو جابت العيس فدفدا # فأجاب رضوان الله عليه : # اليك بحمد الله نظما مؤيدا بحكم كتاب الله، من شرع أحمدا # عليه صلاة الله ثم سلامه وأهليه والأصحاب أفضل من هدى # فمن ركب المحجور جهلا بحجره من الحكم من مشروع ربي تعبدا # وضيع مفروض السؤال وأنه على قدرة منه فقد ضل واعتدى # وما عذره بالجهل شيئا يفيده من الحق إلا أن يبشر بالردى # كزان ولم يدر الزناء محرما وواطئ أدبار النساء تعمدا # فذلك بالإجماع لا شك هالك اذا لم يسل من قبل فعل به ابتدا # وهذا عليه حجة الله ربنا أقيمت وما في الجهل عذر له بدا PageV01P114 ولو ~~سقط التكليف عن كل جاهل لكان اقتناء الجهل للنفع أعودا # ولا تبغ في ذاك اختلافا فانه ضلال وكن أهل الجدال مفندا # فهذا بإجماع على نص محكم ال كتاب وما فيه اعوجاج تأودا # وان تاب من قبل الذهاب فربنا حليم غفور ذنب من تاب واهتدى # ودعنى من ذكر الذي ليس واجدا له أحدا ممن يعبر للهدى # فهذا له حكم يخص عمومها ولكن أراه لم يكن لك مقصدا # فجئت بحمد الله بالحق واضحا سلام على هادي البرية أحمدا # وقال في موضع آخر من "فتاويه": "..وأما النوع الثاني وهو ركوب المحجور في ~~دين الله تعالى من أصول ما لا تقوم به حجج العقول فقيل في هذا على الاطلاق ~~بهلاك فاعله من المتعبدين لأنه يفعل ما لايجوز له في دينه وقد نقض الدين، ~~وفي الأثر المجتمع عليه (يسع الناس جهل ما دانوا بتحريمه مالم يركبوه..الخ) ~~وهذا قد ركبه فضاق عليه ولم يسعه جهل بحكم ظاهره وإلا فالجهل أشرف بضاعة ان ~~كان به عذر لمن أطاعه فهو أولى بالكرامة لأنه مطية السلامة؛ ويأبى الله ذلك. PageV01P115 # وفي قول آخر: فعسى ان لم تقم عليه الحجة بحرامه أن لا يبلغ به إلى هلاكه ~~وآثامه إن دان لله تعالى بالتوبة منه بعينه ان كان ms063 في الدين حراما، ~~وبالسؤال عنه بعينه أيضا إن هدي إلى ذلك في أحد الوجهين أو فيهما تاما وإلا ~~ففي الجملة، ولابد أن يدين في جملته التي تعبده بها أن يطيعه في كل شيء من ~~أمره ويسأل مع القدرة عما يجب عليه السؤال عنه من دينه ويتوب اليه من كل ~~معصية علمها أو جهلها في حينه مع الدينونة له بما يجب عليه في ذلك إن لزمه ~~شيء هنالك، أو هدي اليه حال وجوبه بالتعيين، أو في الجملة من أصل ما به ~~يدين فإذا دان لله تعالى بما يجب من هذا في الجملة إلا أنه لعدم قيام الحجة ~~عليه بحرمة ما ركبه لم يهد إلى حكمه فأتاه على غير عمد منه للمعصية وإنما ~~وقع منه لقصور علمه، وكذلك إن أخذ فيه بفتيا من دله على غير عدله لا مقلدا ~~له على حال ولا مدعيا على الله فيه بمحال لكونه فيه على غير استحلال ولا ~~مهملا عليه اعتقاده فيه على الخصوص أو في الجملة إلا لعذر كما سبق في مثله ~~من مقال فتكون الفتيا في هذا المقام لباطلها حكم لاشيء فكأنها لم تكن في ~~الأحكام شيئا فكان ذلك من خطأ المفتي على ما يعذر به، أم يلام فقابل ذلك ~~على حجره وإن لم يكن هذا من عذره إلا أنه ما لم تقم الحجة عليه به وهو غير ~~مقصر في الواجب من عقيدته، ففي قول الشيخ أبي نبهان(_( ) الشيخ الرئيس أبو ~~نبهان جاعد بن خميس بن مبارك بن يحي من نسل الإمام العادل الخليل بن شاذان ~~بن الإمام الصلت بن مالك الخروصي من علماء الإباضية بعمان ولد عام 1147ه ~~وتتلمذ على يد الشيخ سعيد بن أحمد الكندي والشيخ حبيب بن سالم النزوي، وصفه ~~الشيخ السالمي في "تحفة الأعيان" (2/147) بقوله: ".. PageV01P116 # ان أبا نبهان كان المتقدم على أهل زمانه بالعلم والفضل والشرف، واتخذه ~~الناس قدوة في مراشد دينهم ومصالح دنياهم، وقلده الأفاضل أمرهم لما علموا ~~من علمه وورعه ... " وهو والد العلامة الكبير ناصر بن أبي نبهان ms064 تأتي ~~ترجمته ، توفي عام 1237ه بعد حياة قضاها في كفاح الظلم ونشر العلم من ~~تصانيفه: "دقاق أعناق أهل النفاق خ" ورسالة في "أحكام الذبائح ؟" وكتاب ~~"الحج ولوازمه" (نشر مصورا عن مخطوطته) وجزء في "تفسير سورة الفاتحة" ~~وأكثرها لم تنشر بعد. ("الفتح المبين" لابن رزيق ص(150) "تحفة الأعيان" ~~للسالمي 2/147 "شقائق النعمان" للخصيبي 1/139)._) رحمه الله عليه في غير ~~موضع من "أجوبته" ما دل أن يحسن ظنه في الله؛ يرجو أن لا يهلك من أجله بشرط ~~ما ذكرناه من التزام طريق النجاة في عقيدته، وقد صرح في هذا وفي غيره من ~~جوابه بوجود الاختلاف في هذا وبابه، وقوله صحيح وآثار الشيخ أبي سعيد رحمه ~~الله تشهد له بصوابه، وكفى بهما قدوة لمن أراد الله به الهداية وبأثارهما ~~نور يهدي كما له هو أهل، وبحمده نتوسل اليه أن ينقذنا من الجهل وبمحمد وآله ~~عليهم أفضل الصلاة والسلام.". PageV01P117 # هذا كلامه وبه تعلم أن ما في كلامه المنظوم محمول على من أتى الحرام بعد ~~قيام الحجة عليه به(_( ) في هذا التوجيه نظر وذلك لأن المحقق الخليلي صرح ~~هناك بأن هذا المقارف ممن يجهل الحكم فيكون ممن لم تقم عليه الحجة به يدلك ~~على هذا قوله: "فمن ركب المحجور جهلا! بحجره!!" وقوله: "ولم يدر! الزناء ~~محرما" ومن قامت عليه الحجة لا يسمى جاهلا. والإستشهاد بقوله: "ودعني من ~~ذكر الذي ليس واجدا .." الخ لا تعلق له هنا بل حاصله أنه فرق بين من يمكنه ~~الوصول الى معرفة الحكم الشرعي بسبب وجود المعبر فترك السؤال، وبين من لا ~~يمكنه ذلك كالمنقطع في جزيرة فهذا له حكم خاص. والتوجيه الثاني الذي اختاره ~~المصنف أقرب من هذا بكثير وعموما لا جهل ولا تجاهل في الإسلام ولو كان في ~~الجهل عذر لكان أشرف من حيث أنه موصل للسلامة ويأبى الله ذلك، وعليه فالحكم ~~هنا يشمل من قامت عليه الحجة على الشيء بعينه ومن لم تقم عليه الحجة عليه ~~بعينه ما دام هناك من يوضح له الحكم الشرعي في الأشياء وما دام قد ms065 علم أن ~~في شرع الله حلالا وحراما والله أعلم._) لأنه هو موضع الهلاك بإجماع كما ~~يرشد إليه قوله: "ودعني من ذكر الذي ليس واجدا .."الخ، والذي في كلامه ~~المنثور محمول على من أتى الحرام والحال(_( ) في (ب): والحلال. وهو تصحيف. ~~_) أن الحجة لم تقم عليه في ذلك الشيء بعينه لكنها قامت عليه في الجملة، ~~وذلك كما لو علم أن في دين الله حلالا وحراما فارتكب شيئا لا يعلم حكم الله ~~فيه؛ فإذا هو حرام في دين الله فان هذا هو موضع النزاع والله أعلم. أو تقول ~~ان كلامه المنظوم محمول على من ضيع فرض السؤال وضيع اعتقاده بالإهمال، وما ~~في كلامه المنثور محمول على ما إذا لم يضيع مفروض السؤال ولم يهمل الإعتقاد ~~في إجتناب ما عدا الحلال ثم ظهر أن هذا الوجه هو أولى أن يحمل عليه كلام ~~هذا المحقق والله أعلم. PageV01P118 # ولما كان الجهل نقيض العلم وكانت أحكام العلم دائرة بينه وبين الجهل إذ ~~ما وجب علمه حرم جهله، وما حرم جهله وجب علمه، ختم هذا الركن بهذا الباب فقال: # الباب الرابع # في أقسام الجهل # وفيما يسع جهله وما لايسع # وبه يتم الكلام على الركن الأول إن شاء الله # (45)(والجهل قسمان بسيط سلما صاحبه والثاني فهو ما انتمى) # (46)(إلى مركب وليس يسلم صاحبه بفعله بل يأثم) # ينقسم الجهل؛ إلى بسيط وإلى مركب، (فالبسيط) هو عدم العلم بالشيء مما من ~~شأنه العلم حتى لا يتصور في باله شيء مما جهل به ولا يخطر بعقله شيء من ~~صفاته وصاحب هذا القسم معذور سالم لأن الحجة لم تقم عليه بعلم ما جهله، ولا ~~يكون التكليف الا بعد قيام الحجة؛ أما ما قيل من أن راكب المحجور في دين ~~الله هالك ولو لم يعلم بحجره فذلك محمول على من علم أن في دين الله حلالا ~~وحراما، لكنه لم يعلم الحكم فيما ارتكبه بعينه وهذا قد تقدم له تصور علم ~~بوجود جملة المحرمات فهلاكه انما كان بعد قيام الحجة عليه في الجملة وجهله ms066 ~~بما ارتكبه جهل مركب لا بسيط. وأما (المركب) فهو اعتقاد الشيء على خلاف ما ~~هو عليه، وإنما سمي هذا القسم مركبا لتركبه من عدم العلم بالشيء واعتقاد ~~أنه عالم، فصاحبه يظن أنه عالم بالشيء وهو جاهل به واليه الإشارة بقول ~~القائل: # ومن عجب الأيام أنك جاهل وأنك لا تدري بأنك لا تدري # وصاحب هذا القسم هالك ان كان جهله بما يلزمه العلم به، وانما كان هالكا ~~لقيام الحجة عليه بذلك الشيء واعتقاده فيه على خلاف حقيقته لا يكون عذرا له ~~بعد وجوب علمه، فالمراد بقوله: (والثاني فهو ما انتمى إلى مركب) أي القسم ~~الثاني من قسمي الجهل هو ما انتسب إلى مركب أي سمي بذلك، وقوله: (بل يأثم) ~~تأكيد لقوله وليس يسلم. # ولما فرغ من تقسيم الجهل بالنظر إلى حقيقته وحصوله في ذهن المكلف شرع في ~~بيان تقسيم الجهل المركب منه بالنظر إلى حكم الشارع فيه فقال: # ( PageV01P119 47)(وباعتباره لدى التكلف لواسع الجهل وضيق يفي) # الهاء من قوله: (وباعتباره) عائدة إلى القسم المركب من قسمي الجهل لأنه ~~أقرب مذكور، ولأن القسم الأول صاحبه معذور وسالم فلا يتأتى فيه هذا ~~الإنقسام، والمعنى أن الجهل المركب ينقسم بالنظر إلى حكم الشارع فيه إلى ~~قسمين؛ أحدهما سالم صاحبه والثاني هالك، فيسلم صاحبه إذا جهل بما لم يلزمه ~~العلم به، ويهلك إذا جهل بما يلزمه العلم به، وسيأتي بيان ما يلزمه العلم ~~به وما لا يلزمه مفصلا، ولك أن تقول ان الهاء من قوله: (وباعتباره) عائدة ~~إلى حقيقة الجهل مع قطع النظر عن التقسيم المذكور، والمعنى ينقسم الجهل من ~~حيث هو إلى واسع الجهل وهو الجهل البسيط وبعض المركب، وإلى ما لا يسع جهله ~~وهو بعض المركب. وقول الناظم: (في التكلف) أي في التكليف، ففي اطلاق التكلف ~~على التكليف مجاز إرسالي لعلاقة المسببية لأن التكلف مسبب للتكليف؛ يقال: ~~كلفته فتكلف. # ولما فرغ من بيان أقسام الجهل وأحكامه شرع في بيان الأشياء التي يسع ~~جهلها والأشياء التي لا يسع جهلها فقال: # (48)(وأي فرض فعله مؤقت فعلمه ms067 في وقته مثبت) # (49)(حجته تقوم ممن عبرا وقيل لا حجة ممن كفرا) # (50)(بل ما عدا البر أتى في المعتبر إن استطعته بلا نيل ضرر) # تنقسم الأشياء التي تعبدنا بها إلى قسمين: # أحدهما: تقوم حجته من عقل المكلف، وسيأتي الكلام عليه ان شاء الله تعالى ~~في بابه. # ثانيهما: تقوم حجته من السماع، وهو نوعان: 1)امتثال أمر، 2)وامتثال نهي؛ ~~فامتثال الأمر تأدية المفترضات من الأبدان والأموال؛ وهو أيضا نوعان: ~~أحدهما مؤقت العمل؛ أي يلزم أداؤه في وقت معين. وثانيهما ما ليس كذلك، ~~وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى . PageV01P120 # فأما الذي عمله مؤقت؛ كالصلاة والصوم فيلزمه عمله بدخول وقته وتقوم حجته ~~حينئذ من جميع المعبرين ولو كان المعبر كافرا أو طفلا أو سمع ذلك من لسان ~~طائر ففهمه أو وجده مكتوبا في كاغد وغيره، وهذا هو الذي أورده الإمام أبو ~~سعيد في "استقامته"(_( ) في "الاستقامة" للإمام الكدمي (2/215 216 /طبعة ~~وزارة التراث العمانية). _) وقيل إن الكافر ليس بحجة في هذا وغيره، بل ما ~~عدا البر بفتح الباء وهو الصالح في جميع أموره لا يكون حجة قاله في ~~"المعتبر"(_( ) في "المعتبر" للإمام الكدمي (1/71 / التراث العمانية). _) ~~محتجا له بقوله تعالى: { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } ~~النساء : 141 . # قال أبو بكر(_( ) العلامة أبو بكر أحمد بن عبدالله بن موسى بن سليمان ~~الكندي، من كبار علماء الإباضية العمانيين في القرن السادس الهجري، ولد ~~ونشأ في مدينة "نزوى" حاضرة العلم آنذاك. وهو ابن عم العلامة الكبير محمد ~~بن ابراهيم صاحب الكتاب الذائع الصيت "بيان الشرع" أشهر كتب الشرع عند ~~علماء عمان.. تتلمذ على يد الشيخ أحمد بن محمد بن صالح الغلافقي النزوي، ~~واستفاد كثيرا من ابن عمه المذكور حتى كان يعتني بكتبه ورسائله بل قيل إنه ~~هو الذي رتب "بيان الشرع" على هذا النسق. وتربى على يديه ثلة لا بأس بهم من ~~أهل عمان وكان له مقام بارز في الحياة السياسية وذكر غير واحد أنه توفي بعد ~~أن عقد للإمام محمد بن خنبش ببلدة "سوني" هو ومن حضر ms068 من الأجله، وأقام عنده ~~بسوني ستة أشهر ثم عرض له المرض الذي مات فيه فانحدر إلى أهله بنزوى فلبث ~~عندهم عشرة أيام ثم توفي وقبر ب"المض" من سمد نزوى. وكانت له مؤلفات راقية ~~تدل على همته العالية في العلم من أشهرها كتاب "المصنف /42ج/ التراث" في ~~الفقه وفي حقه يقول العلامة خلف بن سنان الغافري: # "ولما بلاني الله بالحكم لم أجد كمثل "بيان الشرع" لي و"المصنف" PageV01P121 # فيا رب فاجز بالكرامة مهجة المؤلف في يوم الجزا والمصنف". # وله كتاب "الجوهر المقتصر ط/التراث" وفيه مسائل كلامية، و"الإهتداء ط" ~~و "التخصيص في الولاية والبراءة ؟" و"التسهيل ؟" في الفرائض و "سيرة ~~البررة ؟" في الرد على من طعن في سيرتهم، وكتاب "التيسير ؟" في النحو، ~~و"الذخيرة ؟" كتاب ألفه للإباضية من أهل حضرموت .. ولم يظهر من هذه الكتب ~~في عالم المطبوعات إلا الثلاثة الأول. وتوفي كما تقدم سنة 557ه ودفن في سمد نزوى. # ("السيرة" لابن مداد ص31 "تحفة الأعيان" 1/244 "اللمعة المرضية" ~~للسالمي ص21 و22 "اتحاف الأعيان" للبطاشي 1/253 264)._) في "الإهتداء"(_( ~~) ص (3132). _): "ذهبت النزوانية إلى قيام الحجة به من كل معلم من كافر ~~أومسلم أو كتابة في حجر أو من(_( ) في الأصلين و المطبوع من "الإهتداء" : ~~(في). فأصلحته. _) فم طائر واعتلوا بأن الحق بنفسه حجة فحيث وجد كان حجة لا ~~يعتبرون في ذلك المعلم به، والحجة لهم في ذلك قول النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - : (اقبل الحق ممن جاءك به بغيضا كان أو حبيبا، ورد الباطل على من ~~جاءك به بعيدا كان أو قريبا((_( ) الحديث ذكره المتقي الهندي في "كنز ~~العمال" (15/794) وعزاه للديلمي. وهو في "الفردوس بمأثور الخطاب" للديلمي ~~(1/433 برقم 1762) عن ابن مسعود - رضي الله عنه - فذكره بدون سند . _) ~~قالوا: فلما كان الباطل غير مقبول ممن جاء به من مسلم أو كافر بإجماع كان ~~الحق مقبولا ممن جاء به من مسلم أو كافر. PageV01P122 # وذهبت الرستاقية إلى أن الحجة في تفسير ما تعبد الله به لا تقوم إلا من ~~الثقات؛ واحتجوا بقول الله تعالى: { ولن ms069 يجعل الله للكافرين على المؤمنين ~~سبيلا } النساء : 141 وبقوله سبحانه: { ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق ~~بنبأ فتبينوا } الحجرات : 6 قالوا فقد أمر بالتبين عند خبر الفاسق وهو عام ~~في كل نبأ حتى يصح التخصيص، قالوا: وفي أمره بالتبين عند خبر الفاسق دليل ~~على ترك التبين عند خبر غير الفاسق والله أعلم".(انتهى). أقول: وفي كل واحد ~~من هذين الاستدلالين نظر فليتأمل. # وقول الناظم: (إن استطعته ..الخ) أي إن قدرت على وجود(_( ) في (ب): ورود. ~~وهو تصحيف. _) المعبر من غير تحمل لمشقة خارجية ولا إصابة ضرر في النفس ~~والعيال، وقد تقدم ذكر الشروط لمن يجب عليه الخروج في طلب المعبر في الباب ~~الأول من هذا الركن فراجعه من هنالك. # (51)(واعتقد السؤال إن لم تستطع معبرا نور هداه تتبع) # (52)(لكن عليك أن تؤديه كما رأيت من أدائه متمما) # (53)(فإن تكن موافقا صدق العمل وفقك الباري وإلا فالبدل) # (54)(مختلف فيه ومع من أثبته قولان بالفور ودين مثبته) # أي اجعل في عقيدتك السؤال إذا لم تقدر على وجود المعبر حتى تتوصل اليه ~~بوجه من الوجوه، لكن عليك مع الاعتقاد للسؤال أن تؤدي ذلك المفترض الواجب ~~عليك فعله كما حسن في عقلك من أدائه، والأداء: فعل الشيء في وقته. والقضاء: ~~فعله بعد وقته أ) استدراكا والإعادة: فعله في وقته . ب) ثانيا لخلل. PageV01P123 # فإذا وجدت المعبر وعبر لك ذلك المفترض كما أديته أنت من قبل فقد وفقك ~~الله عليه ولا بدل عليك فيه، وإن عبر لك على خلاف ما أنت مؤد له فالبدل ~~مختلف فيه على قولين؛ هل هو عليك أو لا؟ أوجبه قوم ولم يوجبه آخرون، واختلف ~~المثبتون للبدل هل هو لازم على الفور أي في أسرع ما استطعت لأن الفور ~~تعجيل إنفاذ الواجب أو دين مثبت عليك متى ما شئت أن تؤديه فواسع لك ~~(قولان). والهاء في قول الناظم: (مثبته) للمبالغة كما في قوله تعالى: { بل ~~الإنسان على نفسه بصيره } القيامة : 14 . # ثم أشار إلى بيان النوع الثاني من نوعي الفرض الفعلي فقال: # (55)(وإن يكن غير ms070 مؤقت العمل فواسع جهلكه إلى الأجل) # (56)(مالم تكن معتقدا لتركه وقيل كالأول نظم سلكه) # (57)(وذاك مثل الحج والزكاة لأن وقت ذين للممات) # هذا النوع هو الثاني من نوعي امتثال الأمر وهو الفرائض الغير المؤقته أي ~~لم يكن عملها محدودا في وقت معلوم(_( ) يبحث فيه من جهة أن المختار كون ~~الحج على الفور لا على التراخي وفي حينه يكون وقته معلوم مضيق غير موسع على ~~المستطيع والله أعلم. _) كالحج والزكاة لأن وقتهما واسع إلى حضور الموت ~~لمن لم يدن بترك فعلهما أو يعتقده من غير دينونة، فإذا لزمك أحد هذين ~~الفرضين أو ما كان في معناهما فواسع جهلك بعلمه إلى الأجل أي إلى حضور وقت ~~انقضاء الأجل، فإذا حضر وقته لزمك علم ذلك المفترض، وكان عليك حجة جميع من ~~كان حجة في الصلاة والصوم اللازمين الحاضر وقتهما. وقيل بل يلزمك العلم بكل ~~مفترض عليك وإن وسعك التأخير في أدائه لئلا تكون جاهلا بما افترض عليك في ~~دين الله وهذا معنى قول الناظم: (وقيل كالأول.. إلى آخر البيت)، والمراد ~~ب(الأول) في قوله الفرض المؤقت فعله. PageV01P124 # وفيه قول ثالث: وهو أنه لا يسع تأخير أدائه بعد الإمكان، فيكون من ~~الفرائض المؤقته ويحتمله قول الناظم أيضا، وهذا القول لايبعد عندي في ~~الزكاة لإقترانها بالصلاة في أكثر آي القرآن، ولقوله تبارك وتعالى: { وويل ~~للمشركين ( الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون } فصلت : 6و7 وليس ~~من المشركين من يؤتي الزكاة، انما ذكرها هنا تحريضا للمؤمنين على المسارعة ~~في أدائها وتنبيها على لزوم فرضها إلا أن القول الأول من هذه الأقوال ~~الثلاثة هو الشهير المتداول وعليه الامام أبو سعيد رضي الله تعالى عنه في ~~"الإستقامه". # (58)(وواسع جهلك بالمحرم جميعه ما لم عليه تقدم) # (59)(كالدم والميتة والخنزير إن قائم العين وكالخمور) # (60)(وكالذي يذبح للأوثان في أي ما كان من المكان) # (61)(وذا لدى المضطر قد أبيحا والخلف في الخمر أتى صريحا) PageV01P125 ~~هذا النوع الثاني من النوعين اللذين تقوم بهما حجة السماع؛ وهو امتثال ~~النهي عن ارتكاب المحرمات ms071 جميعها، والجهل بها واسع لمن لم يقدم عليها ~~بارتكاب أو تحليل بقول دون ارتكاب، فإن كان شيء من ذلك فلا يسع جهلها ولزم ~~الفاعل علم تحريمها سواء كان إرتكابه إياها على علم بجنسها وجهل بتحريمها ~~أو علم بجنسها وجهل بتحريمها، وتلك المحرمات (كالدم) والمراد به الدم ~~المسفوح كما صرح به تعالى في سورة الأنعام، فإن قلت: من الدماء ما هو حرام ~~بإجماع كالمسفوح، ومنه ما هو حلال باتفاق كدم السمك، ومنه ما هو مختلف فيه ~~كدم المستجلبات؛ فكيف لا يسع جهله لراكبه مع وجود الإحتمال فيه؟! فالجواب: ~~أن الحكم فيه التحريم حتى يصح غيره. (وكالميتة) وهي التي لم تذك فدخل تحت ~~هذه العبارة المنخنقة والموقوذة وهي المضروبة بالعمد حتى ماتت والمتردية ~~وهي التي تتردى من علو إلى أسفل فماتت من غير تذكية والنطيحة وهي فعيلة ~~بمعنى مفعول من النطح وهو السدع(_( ) في (ب): الدع. والأنسب ما أثبته كما ~~في (أ)، قال الفيروزابادي في "القاموس المحيط" (مادة سدع): "السدع: كالمنع، ~~صدم الشيء بالشيء ...". وفي "لسان العرب" لابن منظور (مادة سدع): ~~"..والسدع: صدم الشيء بالشيء سدعه يسدعه سدعا" والنطح لا يكون بغير ~~اصطدام!. والله أعلم._) وما أكل السبع كالذئب والنمر ونحوهما إلا ما ~~ذكيتم(_( ) من قوله تعالى: { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل ~~لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ~~ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق ... الآية } ~~(المائدة : 3). PageV01P126 # _) أي إلا ما أدركتم ذكاته من هذه الأشياء فذكيتموه فهو حلال لكم وحد ما ~~يحل من هذه بالتذكية هو أن تتحرك المذكاة بعد التذكية ولو بجارحة قيل ولو ~~تحرك طرف عينها أي جفنها وأما سائر البدن الذي ليس بجارحة فلا اعتبار ~~بتحركه في تحليلها لأنه قد تكون تلك الحركة فيه وهو لحم مسلوخ، ويخرج عن ~~هذه العبارة ما كان مستثنى شرعا كميتة البحر لقوله تبارك وتعالى: { أحل لكم ~~صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة } المائدة : 96 فهو حلال على الاطلاق ~~لقوله - صلى الله عليه ms072 وسلم - وقد سئل عنه فقال: (هو الطهور ماؤه والحل ~~ميتته((_( ) جاء من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد في ~~"مسنده" [7252 و8756 و9123] والإمام مالك في "الموطأ" (1/22) وابن خزيمة في ~~"صحيحه" [111] والترمذي [69] وأبوداود [83] والنسائي في "الصغرى" [59 و332 ~~و4350] وفي "الكبرى" [58 و4862] وابن ماجة [386 و3246] وابن حبان [1240] ~~والحاكم في "المستدرك" [491 و492 و493 و497 و498] والدارمي [728 و729 ~~و2011] والبيهقي في "السنن الكبرى" برقم [1 و2 و18965]. # ومن طريق جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - رواه أحمد [15022] وابن خزيمة ~~[112] وابن ماجة [388] وابن حبان [1241 /الاحسان] والحاكم [500] والبيهقي ~~في "الكبرى" برقم [1195 و18966]. # ومن طريق ابن عباس - رضي الله عنه - رواه الإمام الربيع الفراهيدي في ~~"مسنده" [161]. # ورواه ابن ماجة [387] عن ابن الفراسي. ورواه الحاكم [499] عن علي. ورواه ~~عبدالرزاق في "مصنفه" [318] عن ابن عمرو - رضي الله عنه - . و[320] عن أنس ~~- رضي الله عنه - و[8656] عن يحي بن أبي كثير. كما رواه أحمد [23159] ولم ~~يسم الصحابي. PageV01P127 # وجاء من طريق بعض بني مدلج رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" [1378] ~~وعبدالرزاق برقم [321 و8657]._)، وكميتة الجراد للسنة(_( ) دليله قوله - ~~صلى الله عليه وسلم - : »أحلت لكم ميتتان ودمان فالميتتان الجراد والسمك، ~~والدمان الكبد والطحال«. والحديث جاء من طريق ابن عباس - رضي الله عنه - ~~رواه الإمام الربيع في "مسنده" برقم [618]. وجاء بألفاظ مقاربة من طريق ~~ابن عمر - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد [5725] وابن ماجة [3218 و3314] ~~وعبد بن حميد في "مسنده" [820 /المنتخب] والبيهقي في "السنن الكبرى" [1197 ~~و19697]. وغيرهم._) وما شابهه فهو مقيس عليه. وقول الناظم: (والخنزير إن ~~قائم العين) أي والخنزير إن كان قائم العين أي لم يتغير شخصه فهو من ~~المحرمات أيضا فلا يجوز لأحد أن يقدم على ارتكابه ولا تحليله بقوله سواء ~~علم به أو جهل، وأما إن كان غير قائم العين بأن كان لحما مقطعا فواسع جهله ~~لمن أكله اذا لم يعلم به أنه لحم خنزير وأكله من عند من تجوز ذبيحته إذ لا ~~فرق بين لحمه وبين لحم سائر الحيوانات؛ وما أحسن قول ابن النضر(_( ) ~~العلامة أحمد بن ms073 سليمان بن عبدالله بن أحمد بن العلامة الخضر بن سليمان بن ~~النضر وهو جدهم الذي ينتسبون إليه وأصلهم من النعب فهو ناعبي اشتهر بابن ~~النضر. أحد العلماء الإباضية من أهل عمان عاش في القرن السادس الهجري ونشأ ~~وترعرع في مدينة "سمائل" يقول السالمي في "تحفة الأعيان" (1/249): ".. PageV01P128 # وكان يتعلم عند الشيخ مبارك بن سليمان بن ذهل ومنه تعلم الشعر وله في ~~الحفظ ما فاق به أهل زمانه وكان عالما بأشعار العرب وسيرهم وتواريخهم ~~ومحاوراتهم، ناهيك بعلم اللغة فإنه أخذها بحذافيرها، وغاية ما حفظ من أشعار ~~العرب أربعين ألف بيت؛ ما كان من الثلاثة إلى الواحد، وأما القصائد الكبار ~~فلا تحصى، وكان ينظم القصيدة في ليلة وله ديوان أكثره تغزل فلما تبقر في ~~العلم مزقه ثم صرف قريضه في نظم الشريعة، وتفرقت قصائده في البلدان وذهب ~~أكثرها فمن الذاهب قصيدة في الولاية والبراءة غير اللامية المشهورة وقصائد ~~في الصلاة والأحكام تزيد على أربع قصائد وقصيدة في الضاد والطاء نحو مائتي ~~بيت، وقيل إنه تبقر في العلم وشاعت تصانيفه في الآفاق وهو ابن أربع عشرة ~~سنة والدعائم من آخر ما نظم، وقال ابن زكريا في حقه: إنه أشعر العلماء ~~وأعلم الشعراء. ونقل عن ابن النظر أنه قال: أنا أحفظ وقد نومتني أمي في ~~المهد، وقد علقت حول رأسي شمراخ بسر أبيض أي جزء من عذق فيه بسر وهو الرطب ~~قبل نضجه فانطلقت عنز فلاكته فصحت، فطردتها جارية عني، ثم رجعت فلاكت ~~الخرقة التي علي فصادفت ابهام رجلي فصحت فطردتها الجارية أيضا وأخذتني أمي ~~والدم يسيل من رجلي، فنظرت فإذا أنا ابن عشرين يوما!." ا.ه وكان معاصرا ~~للشيخ فاضل بن عبدالله القلهاتي وكان عالم عصره والشيخ أبي عمر النخلي الذي ~~ذكره في احدى قصائده وكان من أخص أصدقائه وكان يختلف إليه وهو عالم في الفقه. PageV01P129 # والسبب في ذهاب أكثر مؤلفاته ما حصل له حيث قتل فنهب بيته وخزانة كتبه ~~وأحرقت بالنار وذلك بيد السلطان الجائر خردلة بن سماعة بن محسن أخزاه الله ~~الذي ms074 كان من فسقه وجوره وتعسفه يأخذ من كل سبع نخلات نخلة، ويسقي مزارعه ~~بماء العباد، ويأكل أموال المساجد والمدارس والمقابر، ويأخذ نصف مهر المرأة ~~من العاجل إذا تزوجت، وإذا طلقت يخاصم في الآجل، ويأخذ نصف الحب والتمر ~~والقطن، ويكلف الناس حمل متاع بيت المال إلى الحصن بعنف، ويكلف أهل "قيقا" ~~و"بدبد" يحملون تمرهم وما يغتصبه منهم على دوابهم وظهورهم إليه ولا يبالي، ~~ويأخذ نصف حق المدعي، ولا يحلف المنكر بل ينوع له العذاب حتى يقر لغريمه ~~... وتصادف أن تزوجت ابنة أخت الشيخ ابن النضر على مهر قدره خمسين محمدية ~~عملة فضة فأرسل خردلة جنديا لأخذ نصفها من الشيخ أحمد فمنعها الشيخ ولم ~~يعطه، فأرسل خردلة مجموعة من الجند يطلبون منه مقابلته، فلما مثل بين يديه ~~طالبه بالدراهم وتهدده وأغلظ عليه، ومن بعض ما قاله: كنا أردنا منك الخمسين ~~فقط، والآن لم يكفنا إلا دمك. فقال الشيخ: الأمر لمن خلقك لا لك. فقال ~~الجبار: أو تهزأ بي؟!. فأشار إلى بعض الجند أن ألقوه من هذه الكوة النافذة ~~فكتفوه وألقوه وكانت كوة قصره شديدة العلو فوقع إلى الأرض ميتا رحمه الله ~~وهو شاب قيل عمره خمس وثلاثون عاما. # ثم أمر خردلة أن تدخل داره ويؤخذ ما فيها فأخذت كتبه ومصنفاته فأحرقت، ~~وكان له جملة مصنفات منها كتاب "سلك الجمان" في سير أهل عمان مجلدان لم ~~يجدوا منهما شيئا إلا تسعة كراريس محروقة. وكتاب "الوصيد في ذم التقليد" ~~مجلدان وكتاب "مرآة البصر في مجمع المختلف من الأثر" أربع مجلدات وجدت قطعة ~~منه ب"قيقا" وهي من بعض تساويده إنا لله وإنا إليه راجعون. # ومن كلام ابن زكريا يرثيه: # "فحسبك من تثني عله دفاتره وتفقده أقلامه ومحابره # فكم لبني الأيام والدهر ألسن أوائله تثني له وأواخره." PageV01P130 # ولم يبق من مؤلفاته غير "الدعائم ط" وهو مجموعة من القصائد في التوحيد ~~والفقه. وقصيدته "اللامية" في الولاية والبراءة وقد شرح الدعائم طائفة من ~~العلماء كابن وصاف وسماه "الحل والإصابة ط" و البرادي في "شفاء الحائم على ms075 ~~بعض الدعائم خ" وللقطب اطفيش شرح مخطوط. كما لهذا الأخير شرح على القصيدة ~~"اللامية في الولاية والبراءة" لابن النضر مخطوط أيضا. # ومما تميز به أنه يبتدئ القصيدة الفقهية بعبارات الزهد والحكمة فمثلا في ~~"الدعائم" يقول ص (46): # "أتأمل بعد شيب الرأس عمرا ومن آخيته قد مات طرا # فما زخرفت للدنيا فدعه وزخرف للبلى كفنا وقبرا # تظنك خالدا تحصي الليالي ومر شهورها شهرا فشهرا # فسوف يسوق أشهرهن يوم يسوق إليك مجزرة ونحرا # أخو الدنيا يبيت بها غريرا يقلب أمرها بطنا وظهرا. ..الخ" # ويقول في ص (125): # "دعيني عنك يا دنيا دعيني فإنك لا محالة تخدعيني # أيلسع مؤمن من جحر أفعى ويختدع اغترارا مرتين # أما في القارظين لنا اعتبار وموعظة وفي ذي الحيتين # وفي رب البحيرة والسبايا ورب الجنتين وذي رعين # صرعتيهم على البلواء منهم وأبقى بعدهم لا تصرعيني! # فهل تغنين عني من فتيل إذا الجرشاء جاش لها أنيني! # إليك إليك مالك من نصيب لدي فأيسي أو فارتجيني .. الخ" # ("خزانة الآثار" ضمن مقدمة كتاب "الدعائم" ص 4 "تحفة الأعيان" للسالمي ~~1/248 249 "اللمعة المرضية" للسالمي ص 25 و26 "شقائق النعمان" للخصيبي ~~2/324 "اتحاف الأعيان" للبطاشي 1/299 307)._): # كذلك الخنزير حيا على ذي الجهل حرم وذوي العقل # وواسع من بعد تقطيعه جهلك بالأعضاء والنشل PageV01P131 وحملو على الخنزير ~~القرد لاقترانهما في قوله تعالى: { وجعل منهم القردة والخنازير } المائدة : ~~60 واختلفوا في خنزير البحر فقال قوم هو حلال لأن الله أحل صيده على ~~الاطلاق، وذهب آخرون إلى التحريم لأن(_( ) في (أ): بأن. _) الله حرم ~~الخنزير على الاطلاق، وقيل فيه بالتكريه من غير تحريم وهو سائغ. وقوله: ~~(وكالخمور) جمع خمر أي كذلك الخمور فهي حرام في كتاب الله تعالى ولا يجوز ~~لأحد ارتكابها ولا تحليلها بجهل ولا علم، قال ابن النضر رحمه الله : # والخمر لاعذر لمن ذاقها في حال علم منه أو جهل # وكذلك كل مسكر لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (كل مسكر حرام ((_( ) جاء ~~من طريق أبي موسى الأشعري رواه الإمام البخاري في "صحيحه" [4343 و4344] ~~ومسلم [2001] وأحمد [19695 و19765] والنسائي في "الصغرى" [5602] وفي ~~"الكبرى" [5105 و5107 و5112 ms076 و6816] وابن ماجة [3391] والطيالسي [497 و498]. # ومن طريق جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - رواه الإمام مسلم [2002] ~~وأحمد [14892] ووالنسائي في "الصغرى" [5709] وفي "الكبرى" [6818] وابن حبان ~~[5336 /الاحسان]. # ومن طريق ابن عمر رضي الله عنهما رواه مسلم [2003] وأحمد [4644 و4862 ~~و5650 و5732 و5733 و5822 و6184 و6223] والترمذي [1861 و1864] وأبوداود ~~[3679] والنسائي في "الصغرى" [5582 و5583 و5585 و5586 و5587 و5605 و5700 ~~و5701] وفي "الكبرى" [5092 و5093 و5095 و5096 و5097 و5115 و6811 و6812 ~~و6813] وابن ماجة [3387 و3390 و3392] وابن حبان [5342 و5344 و5345 و5351]. # ومن طريق ابن عباس رضي الله عنهما رواه الإمام أحمد [2480 و3273] ~~وأبوداود [3680] وابن حبان [5341]. # ومن طريق عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه - رواه أحمد [6485 و6599 و6747] ~~وأبوداود [3685]. PageV01P132 # ومن طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد [9551] والنسائي ~~في "الصغرى" [5588 و5589] وفي "الكبرى" [5098 و5099] وابن ماجة [3401] وابن ~~أبي شيبة في "مصنفه" [23734]. # ومن طريق السيدة عائشة رضي الله عنها رواه أحمد [25045] والترمذي [1863 ~~و1866] وأبوداود [3687] والنسائي في "الصغرى" [5590] وفي "الكبرى" [5100] ~~وابن حبان [5341] وابن أبي شيبة [23731]. # ومن طريق بريدة - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد [23080] والترمذي ~~[1869]. ومن طريق أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - رواه أحمد [11612 ~~و11633] . ومن طريق السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها رواه الإمام ~~أحمد [26881 و26882]. ومن طريق أبي بردة - رضي الله عنه - رواه النسائي في ~~"الصغرى" [5595 و5597 و5604] وابن حبان [5353] وابن أبي شيبة [23728]. ~~والحديث في كتب أخرى لم تذكر هنا كمعجمي الطبراني "الصغير" و"الكبير" و"سنن ~~الدارقطني" و"تاريخ بغداد" للخطيب وغيرهم. # وجاء بلفظ: »كل شراب أسكر فهو حرام« من طريق السيدة عائشة رضي الله عنها ~~رواه الربيع الفراهيدي [629] ومالك في "الموطأ" (2/845) والنسائي في ~~"الكبرى" [5101 و5103 و5104] وابن حبان [5347 و5348] والطيالسي [1478] وابن ~~أبي شيبة [23729] وغيرهم. PageV01P133 # _)خلافا لأبي حنيفة(_( ) الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن النعمان بن ~~المرزبان التيمي بالولاء، إمام الحنفية (أهل الرأي) ولد بالكوفة سنة 80ه. ~~أراده المنصور العباسي على القضاء ببغداد فأبى، فحلف عليه ليفعلن، فحلف أبو ~~حنيفة أنه لا يفعل فحبسه إلى أن مات. فتوفي في السجن في ms077 بغداد سنة 150ه من ~~تصانيفه: "المسند ط" في الحديث جمعه تلاميذه و"رسالة البتي ط" وينسب له ~~"الفقه الأكبر" و"رسالة العالم والمتعلم ط". أسرف في ذمه الخطيب البغدادي ~~في "تاريخ بغداد" وانتصر له ثلة من علماء الحنفية آخرهم الكوثري في كتابه ~~"تأنيب الخطيب ط". ("مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه" للذهبي ص7 و9 مع ~~تعليقات الكوثري هناك "تهذيب التهذيب" لابن حجر 10/401 "الأعلام" للزركلي ~~8/36)._) في تحليله الخمر من غير الزبيب والتمر، قال ابن النضر: # والسكر مكروه حرام كله من كل مشروب ولو من ماء # وقوله: (وكالذي يذبح.. الخ البيت) أي وكذلك محرم ما ذبح للأوثان جمع وثن ~~وهو الصنم ومثله ما ذبح للنيران المعبودة في أي مكان كان ذلك المذبوح أي ~~بإزاء الصنم أو ناحية عنه بعيدة أو قريبة؛ ووجه القصد اليه قال ابن ~~النضر(_( ) الدعائم ص (176) وشرح ابن وصاف (2/508). _): # وما ذبحوا لغير الله حرم ولو ذكوه في الملأ الشهود PageV01P134 ومثل هذه ~~المحرمات الذي لم يذكر اسم الله عليه لقوله تعالى: { ولا تأكلوا مما لم ~~يذكر اسم الله عليه } الأنعام : 121 . وقوله: (وذا لدى المضطر) لفظة ذا ~~اشارة مكنى بها عن جميع ما تقدم من المحرمات فهي لمن اضطر إليها حلال لقوله ~~تعالى: { إلا ما اضطررتم إليه } الأنعام : 119 وحد الضرر أن يخاف على نفسه ~~الهلاك من الجوع ولم يجد ما يحي به نفسه الا أحد هذه المحرمات فجائز له بل ~~واجب عليه أن يتناول منها قدر ما يحيي به نفسه لا زيادة، فاذا كان في حالة ~~ضرر ووجد ميتة أنعام ولحم خنزير فليتناول من الميتة ويدع الخنزير وان كان ~~جائزا له التناول منه، ولا يجوز له أن يحي نفسه بميتة البشر، واختلف في ~~الخمر هل يجوز للمضطر التناول منها أو لا قولان واحتج القائلون بالمنع بأن ~~الخمر لا تعصم من الهلاك. # (62)(والجهل بالأنساب أي تحريمها فواسع لجاهلي علومها) # (63)(ما تركوا ارتكابها وضاق إن ارتكبوها جهلهم بها استبن) # أي يسع جهل تحريم نكاح الأنساب الوارد ذكرها في الكتاب والسنة والإجماع ~~لمن لم تقم ms078 عليه حجة علمها، وذلك كتحريم نكاح الأمهات والبنات والأخوات ~~والعمات والخالات نسبا ورضاعا، وكتحريم الربائب على من دخل بأمهاتهن، ويحرم ~~بالرضاع ما يحرم بالنسب، وكتحريم ذوات الصهر، هذا كله ما لم يرتكبه بتحليل ~~فيكون مستحلا لما حرم الله، أو بإنتهاك فيكون مضيعا لفرائض الله سواء علم ~~بالحرمة أو جهل اذا علم بأصل النسب، وحد مرتكب ذلك بجهل أو بعلم أن يقتل ~~بالسيف. PageV01P135 # قال في "شفاء الحائم": "..وفي مثل هذا الأثر المنقول في كتاب أبي ~~سفيان(_( ) العلامة والمؤرخ أبو سفيان محبوب بن الرحيل بن سيف بن هبيرة ~~القرشي المخزومي أحد كبار علماء الإباضية من طبقة أتباع التابعين نشأ في ~~البصرة وتتلمذ على يد الحافظ الربيع بن حبيب الفراهيدي حيث كان ربيبا له ~~وهو راوية مسنده الشهير. كما استفاد من علماء المسلمين في تلك الحقبة ~~وانتقل مع الحافظ الربيع الفراهيدي إلى عمان ولعله هو الذي شجعه عليها ~~فسكن في صحار على مقربة من غظفان القرية التي يسكنها الإمام الربيع .. وبقي ~~نسله في صحار حتى اليوم. وبعد وفاة الربيع توجه إلى مكة المكرمة حرسها الله ~~فسكن هناك مدة حتى توفاه الله وكان طائفة من الإباضية يستقرون بها. # وهو الجد الأكبر لأسرة آل الرحيل التي اشتهرت بسلسلة من العلماء الأفذاذ ~~وأئمة العدل الذين منهم ولداه العلامة محمد بن محبوب والشيخ محبر بن محبوب، ~~وحفيده العلامة بشير بن محمد بن محبوب، والإمام العادل سعيد بن عبدالله بن ~~محمد بن محبوب .. وغيرهم. قال عنه أبو العباس الدرجيني (2/279): "إن مناقب ~~أبي سفيان مغنية شهرتها عن المشاهرة فقد قامت مقام العيان". ا.ه وقال ~~الإمام أفلح بن عبد الوهاب: "عليكم بدراسة كتب أهل الدعوة لا سيما كتب أبي ~~سفيان" كما في "الطبقات" (2/290). ولم يبق من كتبه إلا رسائل متناثرة في ~~بطون الكتب، ورسالتين في كشف أحوال هارون بن اليمان ضمن "السير والجوابات" ~~(1/276 324 /التراث) ورسالة له بعثها للإمام عبدالله بن يحي الكندي؛ ذكرها ~~الدرجيني في "طبقات المشائخ" (2/279 289). # ( PageV01P136 "طبقات المشائخ" للدرجيني 2/278 290 كتاب "السير" ~~للشماخي 1/108 "حاشية الترتيب" لأبي ستة 8/1و2 "اتحاف ms079 الأعيان" للبطاشي ~~1/164 166)._) عن عبدالملك بن مروان(_( ) الملك الأموي أبو الوليد عبد ~~الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية. ولد سنة 26ه ونشأ في ~~المدينة وكان في بداية أمره يتصنع الفقه والعبادة فاستعمله معاوية على ~~المدينة وهو ابن ست عشرة سنة وانتقلت إليه الخلافة بموت أبيه سنة 65ه وكان ~~شديدا على مخالفيه وخلص له الملك عند وفاة ابن الزبير وهو أول من صك ~~الدنانير في الإسلام .. وفي "سير النبلاء" للذهبي (5/235): "قال ابن عائشة ~~أفضى الأمر إلى عبدالملك والمصحف بين يديه، فأطبقه! وقال: هذا آخر العهد ~~بك!!. قلت الذهبي : اللهم لا تمكر بنا". وفيه (5/236): "وعن يحي بن يحي ~~الغساني قال: كان عبد الملك كثيرا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر مسجد ~~دمشق فقالت: بلغني أنك شربت الطلا الخمر بعد النسك والعبادة!!. فقال: إي ~~والله والدماء ... قال الذهبي: كان من رجال الدهر ودهاة الرجال وكان الحجاج ~~من ذنوبه". ا.ه بل كان يوصي أبناءه بالحجاج حتى آخر رمق في حياته فمن كلامه ~~لهم كما في "الكامل" لابن الأثير (4/518): "... فأكرموا الحجاج فإنه الذي ~~وطأ لكم المنابر ودوخ لكم البلاد وأذل الأعداء ..". ويقول عنه ابن الأثير ~~في "الكامل" (4/522): "وكان عبد الملك أول من غدر في الإسلام وقد تقدم فعله ~~بعمرو بن سعيد، وكان أول من نقل الديوان من الفارسية إلى العربية وأول من ~~نهى عن الكلام في حضرة الخلفاء؛ وكان الناس قبله يراجعونهم، وأول خليفة بخل ~~وكان يقال له: رشح الحجارة. لبخله، وأول من نهى عن الأمر بالمعروف فإنه قال ~~في خطبته بعد قتل ابن الزبير: ولا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ~~ضربت عنقه!!." ا.ه وكانت وفاته سنة 86ه في دمشق واستمر ملكه 13 عاما. ( ~~PageV01P137 "الكامل" لابن الأثير 4/517 522 "سير أعلام النبلاء" 5/234 ~~236 "العبر" للذهبي 1/75 "الأعلام" للزركلي 4/165)._) والأعرابي الذي نكح ~~امرأة أبيه فأتى به عبدالملك فقال له: مالك نكحت أمك؟! فقال: ليست بأمي ~~وانما هي امرأة أبي فظننت أنها لي حلال. فضرب عنقه وقال: لا جهل ولا تجاهل ~~في الاسلام ms080. فبلغ ذلك أبا الشعثاء فقال: أجاد عبد الملك. أو قال أحسن". وفي ~~هذا الأثر أيضا ما يدل على أنه جائز للجبابرة إقامة الحدود. فجر (تحريمها) ~~في قول الناظم على البدلية من الأنساب أو عطف بيان، ويجوز أن يكون عطف نسق ~~بأي التفسيرية على مذهب الكوفيين وما من قوله: (ما تركوا) يجوز أن تكون ~~شرطية والجواب حينئذ محذوف بدلالة ما قبله تقديره إن تركوا ارتكابها فالجهل ~~لهم واسع، ويجوز أن تكون ظرفية مصدرية مقدرة بمدة الترك فتكون متعلقة ~~بواسع، وقوله: (جهلهم) فاعل ضاق وجملة الشرط معترضه بين الفعل وفاعله. ~~و(استبن) أمر بطلب البيان. # (64)(وواسع لجاهل الأنساب نكاح من شاء بلا ارتياب) # (65)( إن كان لم يقصد خلافا ورجع متى رأى حرام ما فيه وقع) # أي يسع من كان جاهلا بالنسب عالما بالحرمة أو جاهلا بها نكاح من شاء من ~~النساء بلا ارتياب أي بلا شك، وان أمكن أن تكون تلك المنكوحة في علم الله ~~ممن يحرم عليه نكاحه فلا يزيل هذا الإمكان الإباحة التي أحلها الله وذلك ~~مثلا أن يكون لرجل في قبيلة أو بلدة ذات محرم منه ولا يعرفها بعينها ولا ~~يستطيع ادراك معرفتها بعينها، فلا نقول أن ذلك الرجل يمنع من أن يتزوج من ~~تلك القبيلة أو البلدة مع امكان أن يقع في ذات المحرم، قال ابن النضر: # والجهل ان لم يعلموا واسع بالنسب الواشج في الأصل # فقد أحل الله من فضله وطئ ذوات الأعين النجل # من كل خود غضة بضة مهضومة ذات شوا خدل PageV01P138 هذا كله اذا كان ~~الفاعل لذلك معتقدا لموافقة دين الله ولم يقصد خلافا لما أحل الله وأنه متى ~~ظهر له حرام ما وقع فيه رجع عما كان عليه، ولا يجوز له الإقامة على ذلك بعد ~~العلم به طرفة عين، وحجة العلم في ذلك انما تقوم بالشاهدين العدلين، وما ~~دون ذلك لا يكون حجة على ذلك، ومن هنا قال الشافعي(_( ) الإمام أبو عبد ~~الله محمد بن ادريس بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعي المطلبي ms081 القرشي ~~إمام الشافعية وأحد الفقهاء الأربعة ولد بغزة في فلسطين سنة 150ه من ~~مؤلفاته "الأم ط" وقيل جمعه البويطي و "اختلاف الحديث ط" و "أحكام القرآن ~~ط" وله "المسند ط" وغيرها كثير وعموما فالرجل لا يحتاج إلى تعريف. ("سير ~~النبلاء" للذهبي 8/377423 "تهذيب التهذيب" لابن حجر 9/23 "الأعلام" ~~للزركلي 6/26)._): "اذا تزوج الرجل امرأة مجهولة النسب وكان أبوه غائبا ثم ~~رجع فقال: هذه ابنتي!. وقالت المرأة: هذا أبي!. فعلى الحاكم أن يحكم أنها ~~ابنة أبي الرجل وإنها زوجته(_( ) لكن لا بد من التفريق بينهما هنا والذي ~~يظهر من نقل المصنف عن الإمام الشافعي أنه لا يرى التفريق لأن البينة في ~~هذا تشترط بوجود العدلين وهاهنا ليس إلا الرجل وابنته. وفي هذا نظر._) فإن ~~مات أبوهما كان الإرث بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين". # (66)(ولم يسع جهل ضلالة المصر محرما أو مستحلا إذ أصر) # (67)(من بعد أن تعلم كفره ومع بعضهم ما لم تع الحكم يسع) # (68)(بشرط أن لا تتولاه ولا تبرأ ولا تمسك عمن ضللا) # (الاصرار) الإقامة على الذنب وفعل الذنب استخفافا به، والمصر فاعل ذلك، ~~وللمصر أربع مراتب على حسب أوجه الأحداث لأن الأحداث تخرج على أربعة أوجه: # أحدها: أن تكون في نفس الجملة أو في شيء منها، فهذا مما لا يسع من علمه ~~جهل ضلال راكبه ولا جهل ضلال المتولي له، ولا جهل ضلال الشاك فيهما أو في ~~أحدهما، حتى قال القائل بذلك انه لا يعلم فيه اختلافا. PageV01P139 # وثانيها: أن يكون الحدث في تفسير الجملة أو في شيء منه مما تقوم به الحجة ~~من العقل فهو كما مضى في الوجه الأول إلا أنه قد قيل فيه في بعض القول أنه ~~يسع من علمه جهل ضلال راكبه مالم يبن له علم ذلك والأول أكثر. # وثالثها: أن يكون الحدث على وجه الإستحلال من تحليل الحرام وتحريم الحلال ~~مما لا تقوم الحجة به في الأصل إلا بالسماع، فالقول فيه كالقول في الحدث في ~~تفسير الجملة من الإختلاف. # ورابعها: أن يكون الحدث على سبيل الإنتهاك لما ms082 يدين المحدث بتحريمه فيخرج ~~فيه ما قد ذكرنا من الأثر المرفوع عن الإمام جابر رحمه الله وسيأتي ذكر ~~الوجهين الأولين مرة أخرى عند ذكر الناظم لهما ان شاء الله تعالى. # واشارة الناظم تقتضي التسوية بين المحرم والمستحل على أنهما محادان ~~بإصرارهما قال تعالى: { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من ~~حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم.. إلى آخر الآية } المجادلة : 22 هذا كله ~~بعد العلم بحدث المصر وهو معنى قوله: (من بعد أن تعلم كفره) وأشار بقوله: ~~(ومع بعضهم مالم تع الحكم) إلى ما ذهب إليه بعض الفقهاء من أنه يسع جهل ~~ضلالة المصر محرما كان أو مستحلا اذا لم يعرف حكم الحدث الواقع فيه، أعني ~~هل هو من المكفرات أم لا؟ وهذا القول حسن أيضا إلا أنه معلق بشروط. # أحدها: أن لا تتولاه على فعله وان كان وليا لك فيما سلف. # ثانيها: أن لا تبرأ ممن برئ منه عالما كان أو ضعيفا. # ثالثها: أن لا تقف عن ولاية من برئ منه إذا كان وليا لك من قبل، فاذا كان ~~منك أحد هذه الأشياء فلا يسعك جهل ضلالته، وأما على القول الأول وإن لم يكن ~~منك أحد هذه الأشياء فلا يسعك جهل ضلالته بعد العلم بحدثه. # (69)(وواسع جهلك بالمحلل إن أنت عن تحليله لم تعدل) # (70)(كالبيع والملك وكالنكاح على شروطها وكالمباح) PageV01P140 أي يسع ~~جهلك بالمحللات في دين الله إن أنت لم تحرمها فتكون محرما لما أحل الله، ~~فحينئذ يلزمك أن تعلم تحليلها ولا يسعك جهل علمه وذلك كتحليل البيع على ~~شروطه التي هي: 1)أن يكون المبيع من جنس الحلال 2)وأن لا يكون المبيع ~~والمباع به من جنس واحد إلا يدا بيد، 3)وأن يكون البائع مالكا للمبيع قادرا ~~على تسليمه للمشتري. و(كالملك) والمراد به الرق على شروطه التي هي: أن يكون ~~الرقيق ممن أباح الشرع تملكه إما بإرث أو بشراء، أو بسبي وشرط هذا أن يكون ~~المسبي مشركا غير عربي. و(كالنكاح) على شروطه وهي أربعة؛ 1)الرضى من ~~الزوجين ms083، 2)والمهر، 3)واذن الولي، 4)وحضرة شاهدين، وما أحسن قول ابن النضر فيها: # فإن بانت فتزويج جديد بمهر والولي وشاهدين. # وترك الرضى(_( ) التارك هنا هو العلامة ابن النضر صاحب "الدعائم" ويقصد ~~بتركه أي في البيت المذكور له. _) تعويلا على أخذه من المقام. و(كالمباحات) ~~التي أباحها الله تعالى لعباده من غير ما ذكرنا، هذا كله مالم تقم حجة علمه ~~بوجه من الوجوه فإذا قامت فلا يسع دفعها. # (71)(وحرم ارتكاب مالم يعلم ومن يكن موافقا لم يأثم) # (72)(وإن يرد في قصده خلاف ما قد أوجب الباري عليه أثما) PageV01P141 ~~اعلم أن الأمور ثلاثة: 1 أمر بان لك رشده فاتبعه. 2 وأمر بان لك غيه ~~فاجتنبه. 3 وأمر أشكل عليك حكمه فقف عنه؛ ولا يجوز لك القدوم عليه حتى ~~يتضح لك حقه. فإذا ارتكب الراكب أمرا لم يعلم حقه من باطله فلا يخلو ذلك ~~الأمر من أحد أمرين؛ إما أن يكون باطلا في أصل دين الله أو حقا، فإن كان ~~باطلا فالراكب له هالك قصده أو لم يقصده إلا أن يتوب منه وقد تقدم في باب ~~الإجتهاد والفتوى شيء من هذا النوع فراجعه، وإن كان حقا فلا يخلو الراكب من ~~أحد أمرين أيضا إما أن يكون في قصده موافقة الحق فلا إثم عليه في هذا لأنه ~~قصد الحق فوفق اليه، وقيل ان عليه التوبة من قدومه على ما لا يعلم، والأول ~~هو الصحيح لأن كثيرا من الصحابة قد فعلوا أشياء لم يعلموا حكم الله فيها ~~فإذا هي حق عند الله فأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فعل ذلك ~~فهذا عمار بن ياسر رضي الله عنه تلفظ للمشركين بالشرك تقية ولم يعلم جواز ~~التقية يومئذ بدليل ما نقل عنه أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~: هلكت.. الحديث(_( ) يأتي تخريجه عند التعليق على البيت رقم (304). _). ~~وإما أن يكون في قصده مخالفا لدين الله فهذا هالك بنيته ولا تنفعه موافقة ~~الحق بل عليه التوبة من تلك النية. فالأمور أربعة؛ 1 موافقته للباطل مع ~~قصده له. 2 وموافقته له مع ms084 قصده الحق. 3 وموافقته للحق مع قصده له. 4 ~~وموافقته له مع قصده الباطل. وبين كلا الأمرين الأولين والآخرين واسطة وهي ~~نوعان؛ أحدهما: أن يكون الراكب مهملا أي لم يكن قاصدا لشيء دون شيء فيحكم ~~له وعليه بحكم ما ارتكبه. وثانيهما: أن يكون غير مبال أصاب حراما أم حلالا ~~فيحكم عليه بالهلاك عند موافقة الباطل وبالتوبة عند موافقة الحق. # خاتمة # (73)(وقد تقوم حجة العلم لما قد وسع الجهل بقول العلما) # (74)(لو كان واحدا له الفضل علا وقيل مالم تبصر الحق فلا) # ( PageV01P142 75)(ورجح الأول أن العلما كالأنبياء مقالهم قد لزما) # قيام الحجة عبارة عن وجودها، وأصل القيام الإنتصاب، و(الحجة) هي ما يقع ~~به للناظر حقيقة الشيء المنظور فيه، و(العلماء) جمع عالم أي تقوم حجة العلم ~~لما وسع جهله بقول العلماء ولو كان القائل واحدا على مذهب الإمام أبي ~~سعيد(_( ) تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (21). _) رضي الله تعالى عنه وهو ~~الأصح، وقيل لا تقوم بقول الواحد بل بقول العالمين، وقيل غير ذلك. # والعالم الذي تقوم به الحجة فيما يسع جهله هو الذي اشتهر في الناس عدله ~~وانتشر في الآفاق فضله(_( ) وقد حرر هذه المسألة أرباب الأصول فالمصنف نفسه ~~يقول في "طلعة الشمس" (2/294): "واعلم أنه يجب على المقلد البحث عن حال ~~المفتي في الصلاحية للفتوى وهل هو جامع للإجتهاد والعدالة أم لا؟ وقيل لا ~~يلزمه ذلك إذ لا طريق له إلى تحقيقه كما لا يلزمه البحث عن وجه الحكم. ورد ~~بأنه إن لم يبحث عن حال المفتي لا يأمن فسقه تصريحا أو تأويلا أو جهله ~~بعلوم الإجتهاد أو بعضها فلا يصلح للفتوى فيكون تقليده إقداما على ما لا ~~يؤمن قبحه ويكفيه في ذلك سؤال من يثق بخبره ويثمر الظن ويكفيه أيضا أن يرى ~~استفتاء الناس إياه معظمين له آخذين بقوله، قال صاحب "المنهاج": إذا كان في ~~بلد شوكته لأهل الحق الذين لا يسكتون على منكر، وإلا لم يأمن مع استفتاء ~~الناس إياه كونه غير صالح". ا.ه ويعني جواز استفتاء الناس وتعظيمهم لشخص ms085 مع ~~ابتلاءه بالفظائع كما هو الحال في هذا الزمن عند من ينصب مفتيا لبعض ~~الدول!!. PageV01P143 # ويقول أبو اسحاق الشيرازي الشافعي في "اللمع" ص (128): "وأما المستفتي ~~فلا يجوز أن يستفتي من شاء على الاطلاق لأنه ربما استفتى من لا يعرف الفقه، ~~بل يجب أن يتعرف حال الفقيه في الفقه والأمانة". ا.ه وللغزالي كلام جيد في ~~هذا الباب في "المستصفى" (2/390) على أنهم اختلفوا فيما إذا وجد في البلد ~~أكثر من متأهل للفتيا تساووا أم تفاضلوا هل على المقلد أن يختار أيهم شاء ~~كما نص عليه أكثر الشافعية أم عليه الاجتهاد في الترجيح بينهم فيسأل الأعلم ~~والأورع كما هو اختيار ابن سريج والقفال وإليه جنح أبو اسحاق الاسفراييني ~~والكيا ونص عليه ابن السمعاني وانتصر له الشاطبي في "الموافقات" (4/95 وما ~~بعدها / دار الكتب العلمية) وهذا مع وجود العلم والورع فكيف إذا انتفيا أو ~~انتفى أحدهما فحينه لا يجوز استفتاءه كما نص عليه غير واحد. راجع التحرير ~~لابن الهمام وشرحه لابن أمير الحاج المسمى "التقرير والتحبير" (3/345). # ( PageV01P144 تنبيه): المفتي في الشرع هو من بلغ مرتبة من العلم تؤهله ~~لبيان حكم الشرع في مسائل العبادات والمعاملات، وهل يشترط له الإجتهاد على ~~اختلاف مراتبه وأجزائه أم لا - كأن يفتي باجتهاد من سبقه عند فقدان المجتهد ~~كما في "طلعة الشمس" (2/295) - خلاف عريض بين أهل العلم، غير أنه لا يلي ~~هذا الأمر إلا من أحاط بكثير من المسائل، مع اطلاع واسع على طرق الإستدلال، ~~ومعرفة تامة بكيفية استنباط الأحكام من مظانها، وليس ذلك مقصورا على من ~~تنصبه الدول لهذه الوظيفة كما يتوهمه بعض الجهلة بل قد يكون غيره أولى منه، ~~وقد يشاركه واحد أو أكثر وإن لم ينصب، ففي زمن الصحابة - رضي الله عنهم - ~~والتابعين يتواجد في المصر الواحد أكثر من متأهل للفتوى، وكانوا يتدافعونها ~~بينهم خشية تبعتها. طالع "العدل والإنصاف" للإمام أبي يعقوب الوارجلاني ~~رحمه الله تعالى (2/20-21) و"المحصول" للفخر الرازي (2/525-532)، وحسب ~~العاقل ما جاء في الفتوى بغير علم الوعيد الوارد في قوله تعالى: { ولا ~~تقولوا لما تصف ms086 ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ~~إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون } [النحل : 116]._)، وهذا هو ~~معنى قول الناظم:(له الفضل علا)(_( ) في الأصلين: وفضله علا. وما أثبته من ~~كلمات الناظم، والعجيب أن المصنف كرر هذه العبارة أيضا في المشارق (1/266) ~~فكأن الشيخ غير في نظم البيت ليكون كالتالي: # لو كان واحدا وفضله علا وقيل ما لم تبصر الحق فلا. PageV01P145 # لكن متن المنظومة لم يتغير في المخطوطتين وكذا في المشارق (1/264) وعموما ~~فليس بين الهيئتين خلاف يذكر. _) أي ارتفع كناية عن اشتهاره، ولا يكون حجة ~~في هذا الموضع إلا على من بلغته شهرة علمه وعرف شخصه أنه هو المشهور بوجه ~~من الوجوه التي تتأتي بها المعرفة الصحيحة.. وقيل لا يكون العالم ولا ~~العلماء حجة فيما يسع جهله حتى يبصر المفتى بفتح التاء حق قول العالم، ~~وعلى القولين لا يجوزللمفتى رد قول العالم ولا تكذيبه، والكل من هذين ~~القولين قول صادر عن الفضلاء الكرام وهم أهل الإستقامة في الدين، واحتج ~~القائلون بالأول بأن العلماء يلزم قبول قولهم كما يلزم قبول قول الأنبياء ~~فيما جاءوا به، لأن العلماء ورثة الأنبياء(_( ) تقدم تخريج »العلماء ورثة ~~الأنبياء« مع أحاديث فضل العلم في البيت رقم (22) عند قوله - صلى الله عليه ~~وسلم - : »من سلك طريقا يلتمس فيه ...«. قال الحافظ ابن حجر في "فتح ~~الباري" (1/212 دار الكتب العلمية) بعدما أورد تبويب البخاري في "صحيحه" ~~في كتاب العلم باب (10) [وأن العلماء هم ورثة الأنبياء ورثوا العلم فمن ~~أخذه أخذ بحظ وافر] قال ابن حجر: "قوله: (وأن العلماء) بفتح أن ويجوز كسرها ~~ومن هنا إلى قوله: (وافر) طرف من حديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان ~~والحاكم مصححا من حديث أبي الدرداء، وحسنه حمزة الكناني، وضعفه عندهم سنده ~~(؟)، لكن له شواهد يتقوى بها، ولم يفصح المصنف بكونه حديثا فلهذا لا يعد في ~~تعاليقه، لكن إيراده له في الترجمة يشعر أن له أصلا، وشاهده في القرآن قوله ~~تعالى: { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } ومنا سبتة ms087 للترجمة من ~~جهة أن الوارث قائم مقام الموروث، فله حكمه فيما قام مقامه فيه". ا.ه. PageV01P146 # _) وينصره قوله - صلى الله عليه وسلم - في رواية أخرى :(علماء أمتي ~~كأنبياء بني اسرائيل((_( ) هذا الحديث باطل موضوع كما حققه غير واحد من أهل ~~الصنعة وعنه يقول الشوكاني في "الفوائد المجموعة" ص(286 /المكتب الاسلامي): ~~"حديث: علماء أمتي كأنبياء بني اسرائيل. قال ابن حجر والزركشي: لا أصل له. ~~وروي بسند ضعيف: أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد." ا.ه وقال ~~العجلوني في "كشف الخفاء" (2/64): "قال السيوطي في (الدرر): لا أصل له. ~~وقال [السخاوي] في (المقاصد): قال شيخنا يعني ابن حجر لا أصل له. وقبله ~~الدميري والزركشي. وزاد بعضهم: ولا يعرف في كتاب معتبر." ا.ه وما بين ~~الحاصرتين زيادة للتوضيح. _) واحتج القائلون بالثاني أن من لم يعرف بعض آي ~~الكتاب العظيم وكان قد آمن به مجملا أنه ليس عليه أكثر من ذلك، ولايجوز له ~~رد ما سمعه من الآي التي لم يعرفها فكذلك هذا المفتى لا يلزمه قبول قول ~~العلماء فيما يسعه جهله إذا لم يرد قولهم ولم يكذبهم. # قلت: وهذا قياس حسن إلا أن المقاس عليه مختلف فيه على قولين، فذهب قوم ~~إلى ما علمت من أن الإيمان بالقرآن مجملا يجزي لمن لم يعرف بعض آيه، وذهب ~~آخرون إلى أن الإيمان به مجملا لا يجزي لمن سمع منه الآية والآيتين بل عليه ~~أن يؤمن بكل ما سمع منه، فالأول من قول الناظم:(ورجح الأول) مفعول به ~~والفاعل أن وصلتها لأنها في تقدير بمصدر. # (76)(وكل شيء واسع جهلك به ثم رأيت حقه ضاق انتبه) # أي كل شيء من دين الله وسعك جهله بأن لم تقم عليك حجة العلم به أو لم ~~تركبه فرأيت حقه من باطله أي علمته. ضاق جهلك به لأن علمك بالشيء حجة عليك، ~~ولا يسعك الرجوع من العلم إلى الجهل وإن لم تعلم أن علمك حجة عليك كما أن ~~القرآن هدى وإن لم يهتد به أحد مثلا. # الركن الثاني # في ms088 الجملة وتفسيرها وما يشتمل عليها # وفيه ستة أبواب PageV01P147 أخر هذا الركن عن الذي قبله لما تقدم هناك، ~~وقدمه على ركن الولاية والبراءة لأن التعبد بها لازم بعد التعبد بالجملة، ~~فهي أحرى بالتقديم منهما وهما أجدر بالتأخير منها لما بينا. # الباب الأول # من الركن الثاني # في لزوم الجملة وكيفية قيام الحجة بها # الجملة هي كما ذكرها ابن وصاف(_( ) الشيخ محمد بن وصاف البزار النزوي من ~~علماء الإباضية في عمان عاش في النصف الثاني من القرن السادس الهجري وكان ~~معاصرا للعلامة أبي علي الحسن بن أحمد بن محمد العقري (ت 576ه). ومن ~~تصانيفه كتاب "الحل والإصابة ط" شرح لكتاب "الدعائم" لابن النضر وقد طبعته ~~وزارة التراث العمانية بتحقيق عبد المنعم عامر وهو مصري لكن مما يؤسف له ~~أن لا يذكر عنوان الكتاب في هذه الطبعة البتة بل البلية أن يقول هذا المحقق ~~في تقديمه للكتاب ص (ن): "وله كتاب اسمه "كحل ابن وصاف" معروف في بلاد ~~المغرب.". ا.ه ولم يدر الرجل أنه الكتاب الذي يحققه!! وليس "الكحل!؟!" بل ~~هو "الحل" فلينتبه لهذا وراجع "اللمعة المرضية" للسالمي ص (26). # هذا ولابن وصاف شرح مستقل على "لامية" ابن النضر في الولاية والبراءة ~~؟.وتوفي في نهاية القرن السادس الهجري ؟ . # (بتصرف من "اتحاف الأعيان" للبطاشي 1/437 438 "اللمعة المرضية" للسالمي ~~ص 26)._) حيث قال في "الحل": "..في الجملة التي لايسع جهلها ولا يسع تركها، ~~وهي التي يدعو اليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتدعو الأئمة إليها ~~بعده؛ أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأن محمدا عبده ~~ورسوله، وأن ما جاء به حق من عند ربه، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ~~واليوم الآخر والبعث والحساب والعقاب والجنة والنار، وأن الساعة آتية لا ~~ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، فهذا ما لا يسع جهله". PageV01P148 # قال البرادي(_( ) أبو الفضل أبو القاسم بن ابراهيم البرادي من علماء ~~الإباضية في الشمال الأفريقي عاش في النصف الأول من القرن التاسع فنشأ في ~~جبل دمر في الجنوب التونسي ms089 ثم رحل إلى جبل نفوسة موقع إباضية ليبيا حيث ~~درس على يد العلامة الكبير عامر بن على الشماخي مؤلف "الإيضاح" في الفقه ~~ثم عاد فنهل من مدرسة الشيخ يعيش بن موسى الزواغي في جزيرة جربة مكان ~~إباضية تونس وبعدها تولى التدريس في نفس المدرسة واستقر هناك حيث شارك في ~~عضوية مجلس العزابة من مؤلفاته "الجواهر المنتقاة" طباعة حجرية (غير متوفر) ~~وهو ذيل لطبقات العلامة الدرجيني و "رسالة الحقائق" طبع في الجزائر و"شفاء ~~الحائم شرح لكتاب الدعائم" مخطوط و"شرح العدل والإنصاف للورجلاني" في أصول ~~الفقه لم يتمه وغيرها. ("السير" للشماخي 2/210)._): "الخلاف في هذا بين ~~الأمة كثير وبين الإباضية أشد والمشهور عند أكثر أصحابنا هذا، ومنهم من ~~يزيد الإيمان بالقدر خيره وشره وأنه من الله تعالى، ويزيد بعضهم تحريم دماء ~~المسلمين ويوجب الإيمان به في العقيدة، ومن أصحابنا أيضا من اقتصر على ~~التلفظ بالشهادة بثلاث كلمات والإعتقاد لها لا غير: (لا إله إلا الله، محمد ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وما جاء به حق) وهي طريقة الإمام ~~عبدالرحمن بن رستم(_( ) الإمام عبدالرحمن بن رستم بن بهرام بن سام بن كسرى ~~الملك الفارسي فارسي الأصل، ومؤسس الدولة الرستمية كانت نشأته بأرض ~~القيروان في الشمال الأفريقي؛ وسبب وصوله هناك أن والده رستم بن بهرام قدم ~~مكة حاجا بزوجته وابنه عبدالرحمن فتوفي في الطريق ثم تزوجت والدته رجلا من ~~القيروان فحملها وابنها إلى بلاده. والإمام عبدالرحمن أحد تلاميذ الإمام ~~الكبير أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة الشيخ الثاني للإباضية حيث رحل ~~للبصرة وبقي ملازما له مع رفاقه الأربعة لمدة لا تقل عن خمس سنين .. PageV01P149 # وبعد رحيلهم عنه أجاز للإمام عبدالرحمن الإفتاء بما سمعه منه وما لم ~~يسمعه حين توسم فيه القدرة على الإجتهاد .. وأقيمت له البيعة سنة 160ه في ~~تيهرت التي أصبحت فيما بعد عاصمة للدولة الرستمية وصارت مدينة مليئة ~~بالعمران بعد أن كان الآهل فيها قليل .. وكان زاهدا متواضعا على سيرة ~~الخلفاء الراشدين ومن أخباره أن بعض أهل المشرق ساروا إليه ms090 ليطلعوا على ~~أحواله فلما بلغوا مدينة تيهرت ونزلوا بساحة هناك أناخوا جمالهم ووضعوا ~~أحمالهم فدخلوا يسألون عن دار الإمام إلى أن اهتدوا إليها وكانوا يظنون ~~أنها على شيء من العظمة كديار ملوك الشرق ولما وصلوها وجدوها دار زهد وورع، ~~ووجدوا عند الباب غلاما يعجن طينا ويناوله لآخر هو الإمام!! يصلح به بعض ~~خلل فيه فسلموا على الغلام، وطلبوا منه أن يستأذن لهم على الإمام ويخبره ~~بأنهم رسل اخوانه المشارقة إليه، فرفع الغلام رأسه نحو السطح وقد علم أن ~~الإمام سمع كلامهم فأشار إليه أن يصبرهم قليلا، فصبرهم إلى أن نزل وغسل ما ~~كان بيديه من الطين .. وبقي في الإمامة أحد عشر عاما ملأها عدلا ورخاء ~~للبلاد والعباد، ولما حضرته الوفاة جعل الخلافة من بعده شورى في ستة نفر ~~كصنع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وتوفي سنة 171ه. ("أخبار الأئمة ~~الرستميين" لابن الصغير المالكي ص28 42 "طبقات المشايخ" للدرجيني 1/19 ~~22 و40 47 "سير الأئمة" لأبي زكريا 81 85 "السير" للشماخي 1/124 126 ~~"الأزهار الرياضية" للباروني 2/132 150 "الأعلام" للزركلي 3/306). _) ~~فيما وجدت عنه وهو الأشهر عند أكثر الفرق" ا.ه. # أقول: وهذه الطريقة هي المراد من عبارة المصنف وعليها بنى الأحكام التي ~~ذكرها فيما سيأتي وعبر عما عداها من الأشياء التي ذكرها بتفسير الجملة. # (77)(والقول في الجملة ما لم يقم برهانها كغيرها لم تلزم) # (78)(إذ لم يكن جل مكلفا بلا برهان صدق يوضحن السبلا) # ( PageV01P150 79)(ولو يشا لكان منه عدلا كمثل ما قد كان هذا فضلا) # (القول) هنا بمعنى الحكم، و(الجملة) تقدم بيانها قريبا، و(البرهان) بمعنى ~~الحجة، والمراد ب(غيرها) سائر العبادات الاعتقاديات والعمليات والتركيات. ~~ومعنى (جل) أي عظم شأنه. و(مكلفا) أي ملزما للعباد ما يشق على أنفسهم فعله. ~~و(برهان صدق) أي دليل صادق. و(السبل) الطرق الموصلة إلى معرفة الله تعالى ~~ومعرفة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - . و(العدل) وضع الشيء في موضعه ~~من غير إعتراض على فاعله وضده الجور. PageV01P151 # و(الفضل) اعطاء بغير وجوب ولا ايجاب، والمعنى أن حكم الجملة من جهة ~~التكليف بها ms091 كحكم غيرها من سائر العبادات لا يلزم إعتقادها إلا بعد قيام ~~الحجة بها، والدليل على ذلك أنه عظم شأنه لم يكلف العباد بغير حجة وهو دليل ~~صادق لقوله تعالى: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } الإسراء : 15 وإذا ~~ثبت ما قررناه من أنه عزوجل لم يكلف العباد بغير حجة؛ وكان الزام الجملة من ~~جملة التكليفات وجب أن لا تلزم إلا بعد قيام الحجة إذ لم يقم دليل على ~~تخصيص التكليف بها بحكم يخالف التكليف بما عداها فتساوى حكم الله في ~~التكليف، فالجملة وغيرها في التكليف سواء، وتكليفه عزوجل إيانا بعد قيام ~~الحجة فضل منه تعالى تفضل به علينا، ولو شاء أن يكلفنا بغير حجة ولا برهان ~~كان ذلك عدلا منه، كما كان التكليف بعد قيام الحجة فضلا، خلافا للمعتزلة(_( ~~) المعتزلة أحد المذاهب الإسلامية التي نشأت في نهاية القرن الأول ومطلع ~~القرن الثاني للهجرة الشريفة وهو مذهب يعالج قضايا العقيدة مع ميل بارز ~~للعقل على حساب النصوص في بعض الأحيان وكان لهذا المذهب ظهور ذائع الصيت في ~~العهد العباسي حيث تبناه بعض ملوك تلك الفترة من أمثال المأمون (ت218ه) وهو ~~الذي نشطت في عهده فكرة القول بأن القرآن مخلوق واستعرض لأجلها الناس ~~وألزمهم بهذا القول حتى أنه أساء إلى طائفة من علماء الأمة آنذاك ولو لم ~~يفعل ما فعل لكان خيرا، واستمرت تلك العادة في عهد المعتصم (ت227ه) وغلا ~~فيها الواثق (ت 232ه) حتى جاء المتوكل (ت247ه) فغير المسار المتبع وكان ~~ملكه نكسة للمعتزلة. أما في عهد المأمون والمعتصم والواثق كان رجالات ~~المعتزلة يتمتعون بحصانة سياسية وكانوا يستغلون الفرصة للنيل من مخالفيهم ~~الذين عرفوا بالفقهاء. PageV01P152 # أما من الجهة العلمية فيقول عنهم الكوثري بإنصاف في تقدمته لكتاب ~~"تبيين كذب المفتري" لابن عساكر ص (18): "والمعتزلة على ضد الحشوية بخط ~~مستقيم أنتجها البحث العلمي، ساقهم شره عقولهم إلى محاولة اكتناه كل شيء ~~وعداؤهم الأصلي نحو الجمود وخطتهم دفع الآراء المتسربة من الخارج إلى ~~الإسلام بحجج دامغة وأدلة عقلية مفحمة ولهم مواقف شريفة في الدفاع عن ms092 الدين ~~الإسلامي ازاء الدهريين ومنكري النبوة والثنوية والنصارى واليهود والصابئة ~~وأصناف الملاحدة، وترى الذهبي يترحم على الجاحظ في سير النبلاء حين يذكر ~~كتابه في النبوة، ولم نر ما يقارب كتاب "تثبيت دلائل النبوة" للقاضي ~~عبدالجبار في قوة الحجاج وحسن الصياغة في دفع شكوك المشككين، وليس بجيد ~~الإعراض الكلي عن كتبهم وكم فيها من الفوائد التي لا تزال في أثوابه ~~القشيبة لم تبل بكرور الزمن عليها. وكم كان الاستاذ الامام يجد فيها ما ~~يدفع به خصوم العصر ولا يتحاشى عن الأخذ به من غير بخس لحقهم، إلا أنهم ~~لكثرة اشتغالهم بمناظرة الأخصام عدت منهم إلى عقولهم آراء ابتعدوا بها عن ~~الصواب وانغمسوا في بدع ردها الأصحاب. قال الخطابي صاحب معالم السنن: كانت ~~المعتزلة في الزمان الأول على خلاف هذه الأهواء وانما أحدثها بعضهم في ~~الزمان المتأخر." ا.ه PageV01P153 وجاءت تسميتهم بالنظر إلى طرد الحسن ~~البصري لشيخهم واصل بن عطاء حين قرر أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين ~~المنزلتين أي ليس بمؤمن خالص ولا كافر خالص فطرده الحسن من مجلسه فاعتزل ~~واصل إلى احدى السواري وجلس إليه أصحابه فسموا معتزلة، لكن هذا التفسير ~~لاقى معارضة من قبل كثير من الباحثين في القديم والحديث حيث يقول النديم في ~~"الفهرست" ص(282): "قال أبوبكر بن الاخشيد: ان الأعتزال لحق بالمعتزلة أيام ~~الحسن على ما ذكره قوم ولم يصح عندنا ولا رويناه. قال: والمشهور عند ~~علمائنا أن ذلك اسم حدث بعد الحسن. قال: والسبب فيه أن عمرو بن عبيد لما ~~مات الحسن وجلس قتادة مجلسه فاعتزله عمرو ونفر معه فسماهم قتادة المعتزلة. ~~واتصل ذلك بعمرو فأظهر تقبله والرضا به، وقال لأصحابه: إن الإعتزال وصف ~~مدحه الله في كتابه؛ فهذا اتفاق حسن فاقبلوه." ا.ه ويقول أبو الحسين الملطي ~~الشافعي في كتابه "التنبيه والرد" ص(36): "وهم سموا أنفسهم معتزلة وذلك ~~عندما بايع الحسن بن علي عليه السلام معاوية وسلم إليه الأمر اعتزلوا الحسن ~~ومعاوية وجميع الناس وذلك أنهم كانوا من أصحاب علي ولزموا منازلهم ومساجدهم ~~وقالوا: نشتغل ms093 بالعلم والعبادة فسموا بذلك معتزلة." ا.ه ويقول الكوثري في ~~تقديمه لكتاب "التنبيه والرد" للملطي ص(ج،د): "ويظهر من أن هذا لقب اختاروه ~~لأنفسهم فسايرهم الناس في هذا التلقيب مع أن المشهور في سبب تلقيبهم كونهم ~~يقولون بالمنزلة بين المنزلتين، أو اعتزالهم مجلس الحسن البصري وما في هذا ~~الكتاب في سبب التلقيب أقرب وأقعد في المعنى مع كونه من أقدم الروايات على ~~بعد المؤلف من التحيز لهم .. PageV01P154 # وقال (حاشية): وكون القول بالمنزلة بين المنزلتين سبب التلقيب غير واضح ~~كما أن صلة واصل زعيم المعتزلة بأبي هاشم عبدالله بن محمد ابن الحنفية ~~وانتماءهم إليه قبل صلتهم بالحسن البصري، وهذا يخدش أن يكون الثاني سبب ~~للتلقيب على أن المطرود من المجلس لا يصح عده معتزلا والله أعلم." ا.ه بيد ~~أن القاضي عبد الجبار (ت415ه) وهو من متأخري علماء المعتزلة يحكي في كتابه ~~"شرح الأصول الخمسة" الخلاف الحاصل في مسألة مرتكب الكبيرة وأن الحسن اختار ~~أنه منافق وذكر أن عمر بن عبيد ذهب إلى مثله وأنه كان من أصحاب الحسن ثم ~~قال في ص(138): "وقد جرت بين واصل وبين عمرو بن عبيد مناظرة في هذا فرجع ~~عمرو بن عبيد إلى مذهبه وترك حلقة الحسن واعتزل جانبا فسموه معتزليا. وهذا ~~أصل تلقيب أهل العدل بالمعتزلة." ا.ه فتراه يعزو إلى عمرو ترك حلقة الحسن ~~لا واصل والله أعلم بحقيقة التسمية. والمعتزلة اشتهروا بمبدأ من التزمه ~~عدوه منهم ومن خالفه أقصوه عنهم وهو مبدأ القول بالأصول الخمسة وهي: 1 ~~التوحيد. 2 العدل. 3 الوعد والوعيد. 4 المنزلة بين المنزلتين. 5 الأمر ~~بالمعروف والنهي عن المنكر. وهم في الجملة يتفقون مع الإباضية في انكار ~~رؤية الله في الآخرة والقول بخلق القرآن وأن مرتكب الكبيرة مخلد في النار ~~إذا لم يتب، وخالفوا الإباضية في القول بالصلاح والأصلح، والتحسين والتقبيح ~~العقليين وانفردوا كذلك بالقول بالقدر ونصهم على أن العبد خالق لأفعاله ~~ومرادهم تنزيه الله عن اثبات خلق الشر له. PageV01P155 # وليس بين الإباضية والمعتزلة صلة تذكر إلا اللهم في التوافق الحاصل في ms094 ~~المبادئ الثلاثة ولو كان ثمة ارتباط كما يظن البعض لاهتبل الإباضية الفرصة ~~أيام المأمون في فترة القول بخلق القرآن ولتبوؤا الماصب العليا في دولتهم ~~لكن شيئا من ذلك لم يحدث وفي كتب الإباضية كثير من المناظرات مع المعتزلة ~~ففي "طبقات المشائخ" للدرجيني الإباضي (2/246) يقول: "وحكى بعض أصحابنا أن ~~واصل بن عطاء المعتزلي صاحب عمرو بن عبيد كان يتمنى لقاء أبي عبيدة ويقول: ~~لو قطعته قطعت الإباضية. قال: فبينما هو في المسجد الحرام ومعه أصحابه، إذ ~~أقبل أبو عبيدة ومعه أصحابه؛ فقيل لواصل: هذا أبو عبيدة في الطواف. قال: ~~فقام إليه واصل فلقيه، وقال: أنت أبو عبيدة. قال: نعم. قال: أنت الذي بلغني ~~أنك تقول: إن الله يعذب على القدر. فقال أبو عبيدة: ما هكذا قلت؛ لكن قلت ~~إن الله يعذب على المقدور. فقال أبو عبيدة: وأنت واصل بن عطاء. قال: نعم. ~~قال: أنت الذي بلغني عنك أنك تقول: ان الله يعصى بالإستكراه. قال: فنكس ~~واصل رأسه فلم يجب بشيء. ومضى أبو عبيدة وأقبل أصحاب واصل على واصل يلومونه ~~يقولون: كنت تتمنى لقاء أبي عبيدة، فسألته فخرج وسألك فلم تجب!. فقال واصل: ~~ويحكم بنيت بناء منذ أربعين سنة فهدمه وأنا قائم فلم أقعد ولم أبرح مكاني." ~~ا.ه وللإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة الشيخ الثاني للإباضية مناظرات مع ~~جماعة من القائلين بالقدر فقد ناظر حمزة الكوفي ففي "الطبقات" أيضا ~~(2/241): "وقال: كان حمزة الكوفي يقول بشيء من القدر فهجره أبو عبيدة وأمر ~~بهجرانه، فقال يوما: عجبا لأبي عبيدة يأمر بهجراني وهؤلاء الفتيان يقولوا: ~~أراد، وشاء، وأحب، ورضي، وهو يدنيهم ولا يقول بمثل قولهم!. قال: فبلغ قوله ~~أبا عبيدة فقال: قبح الله رأيه؛ إن هؤلاء أرادوا اثبات القدر فقالوا فيه ~~وحمزة يريد ازالته وليس مثبته كمزيله". PageV01P156 # وناظر أيضا ابن الشيخ البصري وتفاصيلها في "الطبقات" للدرجيني (2/241) ~~مما يجزم العاقل بالإطلاع عليها أن التوافق الحاصل ليس فيه تأثير وتأثر ولو ~~قيل من ذلك شيء فإن الإباضية أسبق من المعتزلة في النشأة فلا يكون ms095 المتقدم ~~متأثرا بالمتأخر فيكون المعتزلة هم من أخذوا عن الإباضية على أنا لا نثبت ~~الأمرين ومن قال بغير هذا فعليه الدليل والله المستعان. _) في قولهم بوجوب ~~الصلاحية والأصلحية على الله تعالى. # (80)(وإن أتى برهانها امرءا فلا ينفسن لحظة ليسألا) # أي اذا قامت الحجة بتكليف الجملة على أحد ممن بلغ حد التكليف، وجب عليه ~~اعتقادها وحرم عليه جهلها وضاق عليه الشك فيها، ولم يوسع له في ترك ~~إعتقادها لحظة عين وإن قصد بذلك الترك السؤال عنها وعن حقها، بيانه أنه اذا ~~قامت الحجة بأن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأن ما جاء به محمد من ~~ربه حق، وجب على من قامت عليه إعتقاد ذلك فإن جهل أو شك أو توقف في ~~الإعتقاد حتى يسأل عن حق هذا الذي قامت به الحجة عليه كان بذلك كله كافرا، ~~وإن مات قبل التصديق واعتقاد حق الجملة مات هالكا والعياذ بالله. # فإن قيل: ما بال الجملة من بين سائر العبادات لا ينفس في السؤال عنها وما ~~عداها ينفس في السؤال عنه وقد قلتم إن الجملة كغيرها في التكليف.. قلنا: إن ~~الجملة كغيرها في قيام الحجة بها للتكليف بها ولم نقل بأن جميع أحكامها ~~كغيرها وانما خصت بالتضييق عن السؤال عنها بعد قيام الحجة لأن اعتقادها ~~مطلوب في الحال، وكان العذر واسعا قبل الحجة وقد قامت الحجة فلا عذر في ~~التأخير، أما ما عداها من العبادات العمليات والتركيات فربما يسع تأخيرها، ~~وربما يسلم صاحبها باعتقاد السؤال عنها والدينونة بالحق فيها لأدلة خاصة ~~بها نحو { ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } آل عمران : 135 . PageV01P157 # وأما تفسيرها الاعتقادي فبعض ضيق في السؤال عنه كما ضيق فيها ورأى أن ~~حكمه كحكمها، وبعض وسع في السؤال عنه وعنده أنه داخل تحت هذه الجملة فما لم ~~يرد شيء منه فهو واسع له ترك اعتقاده بعينه حتى يرسخ في ذهنه علم ذلك وحقه. # (81)(ومنكر الجملة بعدما نظر برهانها كفر جحود قد كفر) # أي ومن جحد الجملة بعد أن قامت ms096 عليه حجتها أو قبل ذلك فهو كافر كفر جحود ~~ولا ينفعه عذر في ذلك. أما من جهلها بعد قيام الحجة بها أو شك فيها فهو ~~كافر أيضا، لكن كفره يسمى شرك مساواه؛ وذلك لأنه قد جعل ما وجب عليه ~~اعتقاده ولزمه علمه بمنزلة الذي لم يجب عليه فيه شيء من ذلك فكأنه ساوى بين ~~الحكمين مع اختلاف الأمرين، والحكم في شرك الجحود وشرك المساواة متحد دنيا ~~وأخرى والفرق بينهما إنما هو في نفس التسمية خاصة، وسيأتي بيان حكمهما في ~~الباب السادس من الركن الثالث إن شاء الله . # (82)(ولم يسع جهل ضلاله ولا تشك فيه والذي له تلا) # (83)(كذاك جهل من يشك فيه على قياس شائع تلفيه) # هذا بيان لحكم الواقف على انكار منكر الجملة، فحكمه أنه يجب عليه أن يعلم ~~كفر منكر الجمله ولا يسعه الجهل بكفره ولا الشك في كفره، وكذلك لا يسع جهل ~~ضلال من صوبه على كفره ولا الشك فيه وهو معنى قول المصنف (والذي له تلا) أي ~~تبع، وكذلك لايسع جهل ضلال من شك في كفره، فإن حكم الشاك في كفره بعد علمه ~~بكفره حكم من صوبه على كفره لأنه لا يسع جهل ضلالة كل واحد منهما، وهذا ~~القياس أعني قياس الشاك في كفر منكر الجمله على مصوبه في عدم التوسعة في ~~جهل ضلالة كل واحد منهما قياس ظاهر جلي، ومثل منكر الجمله في هذا الحكم ~~الجاهل بالجمله بعد قيام الحجه بها والشاك فيها فإن كل واحد من هذين لا يسع ~~جهل ضلاله ولا ضلال من صوبه على ضلاله، ولا ضلال من شك في ضلاله ولا يسع ~~الشك في ضلال كل واحد من هؤلاء. PageV01P158 # واعلم أن مصوب المحدث في الجمله مشرك مثله، وأما الجاهل لضلاله والشاك في ~~ضلاله مع اعتقاده حق الجملة فهو فاسق منافق، وقول المصنف: (ولا تشك) بصيغة ~~النهي على جهة التحريم، وقوله: (والذى له) معطوف على الضمير المجرور على حد ~~قوله تعالى: { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } النساء : 1 بقراءة ~~جر الأرحام. وقوله ms097: (على قياس شائع) أي ظاهر، ومعنى (تلفيه) تجده. # (84)(والخلف في إيمانها بالقلب هل يجزيه دون نطقه إذا نزل) # (85)(تكليفه بها فبعض ذهبا للإجتزا والبعض منهم قد أبى) # اختلف العلماء في كيفية الإيمان بالجملة فذهب بعضهم إلى أن كيفية الإيمان ~~بها أن يعتقد صدقها في جنانه، ويظهر ذلك إقرارا بلسانه وأنه لا يكون مؤمنا ~~إلا بذلك، فالتلفظ بالشهادتين عند هؤلاء شرط لوجود الإيمان، وذهب آخرون إلى ~~أن الإيمان بها هو التصديق بها في القلب، فإذا اعتقد حقها بقلبه وصدقها ~~بجنانه كان ذلك مجزيا له فيما بينه وبين ربه، فإن مات على ذلك فهو من جملة ~~المؤمنين، وأما فيما بينه وبين الناس فإنه لا يكون معهم مؤمنا حتى يتلفظ ~~بالشهادتين ويلزمه التلفظ بها إذا طولب بذلك، هذا إذا كان منكرا للجملة ~~فيما تقدم من أمره أو شاكا فيها أو جاهلا بها بعد قيام الحجة عليه فيها، ~~أما إذا لم يتقدم منه شيء من هذا كله ولم يكن من اهل دار يحكم على أهلها ~~بالشرك فلا يلزمه التلفظ بالشهادتين وإن طولب ولا يسع لأحد أن يحكم عليه ~~بالشرك في عدم تلفظه بذلك ولا يسعه أن يبرأ منه لذلك، نعم يندب له أن يتلفظ ~~مهما طولب بذلك إذا لم يكن له مانع من التلفظ والله تعالى أعلم. # (86)(والخلف هل عليه أن يقررا تصديقه إن ذكرها قد خطرا) # (87)(أو يجتزي بالماضي مالم يحدث شيئا بها كعهدها لم ينكث) PageV01P159 ~~اختلف القائلون بإشتراط التلفظ للإيمان [بالجملة](_( ) من (ب). _)؛ فذهب ~~بعضهم إلى أن التلفظ بها والتصديق بها مجزئ مرة واحدة في عمره ولا يلزمه ~~تكرار ذلك مالم يأت بحدث ينقض به إيمانه فيكون به مرتدا إلى الشرك بعد ~~الإسلام، وذهب آخرون إلى أنه يجب تكرار الإيمان بها إذا جرى ذكر ذلك، وعند ~~هؤلاء يجب على من كان موحدا أن يتلفظ بالشهادتين إذا طولب بذلك، لكن يخرج ~~على قواعدهم أنه إذا لم يجبهم إلى التلفظ بالشهادتين لا يسعهم أن يحكموا ~~عليه بالشرك ولا أن يبرأوا منه لذلك، ووجه ذلك ms098 أن هذه المسألة اجتهادية ~~فلما أبى من التلفظ ولم يتقدم منه حالة يشرك بها احتمل له أن يكون مذهبه ~~عدم وجوب تكرار التلفظ أو أنه مقلد لم ير وجوب ذلك، ومع تمسكه بقول من أقول ~~المسلمين لا يحل لأحد أن يحكم عليه بالخروج من الدين. # هذا والصحيح عندي عدم وجوب تكرار التلفظ بها وإن جرى ذكرها معه إذا لم ~~يخرج عن الإسلام بحدث فيها لأن الصحابة رضوان الله عليهم لم ينقل عنهم مع ~~كثرة ذكرهم للجملة تكرار التلفظ بها كلما سمعوها وإنما المنقول عنهم وعن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا أسلم العبد وتلفظ بالشهادتين مرة ~~واحدة أدخلوه في حكم المسلمين ولم يطالبوه بعد ذلك بشيء والله تعالى أعلم. # (88)(وما عدا الجملة من تفسيرها كحكم ما رأيت من تعبيرها) # (89)(إلا لدى السؤال والجهل بما أحدث والشائع ما تقدما) # (90)(وما عدا الإيمان فاللازم في تفسيرها بالقلب في التكلف) # أي ما عدا الجملة من تفسيرها الإعتقادي المشتملة عليه والمندرج تحتها ~~كمعرفة كمالات الله عزوجل ومعرفة الأنبياء والرسل والملائكة والكتب المنزلة ~~والموت والبعث والحساب، وأن حساب الله لا يشبهه حساب، ومعرفة الجنة والنار ~~فحكمه حكم الجملة في جميع ما تقدم، ويخالفها في ثلاثة مواضع مستثناة من تلك ~~القاعدة: PageV01P160 # أحدها: في السؤال؛ فإن الجملة لا يلزم لها اعتقاد سؤال قبل قيام الحجة ~~ولا يوسع له في السؤال بعد قيام الحجة بخلاف تفسيرها، وقد تقدم في هذا ما ~~فيه كفاية إن شاء الله. # وثانيها: أن الحدث في الجملة لا يسع جهل ضلالة محدثه ولا الشك فيه كما ~~تقدم والحدث في تفسيرها قد قيل بأنه يسع جهل ضلالة محدثه ولو علم حدثه ما ~~لم تبن له ضلالته، إلا أن الأكثر فيه ما قيل في الجملة وهو المراد بقول ~~الناظم: (والشائع ما تقدما). # وثالثها: أن الإيمان في الجملة مختلف فيه هل يجزي بالقلب دون النطق ~~باللسان أو لا كما تقدم؟. ولم نعلم اختلافا في الإيمان بتفسيرها بل اللازم ~~فيه بالقلب فقط. # وانتصبت (الجملة) في قول الناظم ms099 على الإستثناء، ولما كان التكليف بالجملة ~~متوقفا على قيام الحجة أخذ في بيان كيفية قيام الحجة هنا فقال: # (91)(فالحجة السماع في ذا كله وحجة المعنى له من عقله) # اعلم أن قيام الحجة في كل شيء لا يكون الا من أحد طريقين، الطريق الأول: ~~العقل وهو طريق لقيام الحجة بالمعاني. # والطريق الثاني: النقل وهو طريق قيام الحجة بالألفاظ مع معانيها. # ولما كان أعظم طرق النقل هو السمع أطلق في التعبير عن النقل، على أن ~~النقل قد يكون من غير طريق السمع كالنظر وذلك مثلا أن يراه مكتوبا فإنه إن ~~عرف لفظ ذلك ومعناه كان في حكم من سمعه. PageV01P161 # ولما كانت الجملة وتفسيرها مشتملين على ألفاظ ومعاني ثبت قيام حجة ~~المعاني بهما من العقل، وتوقف قيام الحجة في ألفاظها على النقل، فمن خطر ~~بباله أن له صانعا وأن لصانعه رسولا يبلغ الخلق عنه، وأنه ليس كصانعه شيء ~~وأن لمن أطاع صانعه ثوابا ولمن عصا عقابا، وجب عليه أن يعتقد معنى ذلك، ولا ~~يجوز له أن ينكر شيئا منه ولا يلزمه معرفة شيء من أسماء هذه الأشياء حتى ~~تقوم عليه الحجة من طريق النقل أن اسم صانعه الله أو الرحمن أو نحو ذلك، ~~وأن اسم رسوله محمدا أو أحمد، وأن اسم ثوابه الجنة واسم عقابه النار، فإذا ~~قامت عليه الحجة من طريق النقل بشيء من هذه الأسماء وجب عليه معرفتها وضاق ~~عليه جهلها. # واعلم أن قيام الحجة من العقل بأن لله رسولا إنما هو مبني على مذهب بعض ~~الأصحاب، وذهب غيرهم إلى أن الحجة في ذلك إنما هي من طريق النقل وهو الصحيح ~~والله أعلم. # الباب الثاني # من الركن الثاني # في التوحيد # وفيه أربعة فصول وخاتمه # الفصل الأول # في نفي الأضداد والأنداد والأشباه عن الله تعالى # (92)(وهاك توحيدا لنا فلتقتبس من نوره وعن هوى النفس احتبس) # ( PageV01P162 ها) اسم فعل بمعنى خذ، و(الكاف) للخطاب، و(التوحيد) هو: ~~إثبات الوحدانية لله تعالى والاقرار له بالربوبية، ففي اثبات الوحدانية له ~~تعالى اثبات لكمالاته الذاتية لإنها ms100 أنواع وحدة الذات وفي اثباتها له تعالى ~~انتفاء المشابهة له تعالى، وانتفاء صفات العجز والحدوث في ذاته تعالى، ~~ووحدة الصفات، ووحدة الأفعال، وفي اثبات كل واحدة منهما اثبات للكمالات ~~الإلهية، وفي الإقرار له تعالى بالربوبية استلزام توجيه العبادة اليه، ~~ونفيها عمن سواه، فمن عبد غيره لم يكن موحدا، وقوله: (فلتقتبس) أي فلتتخذ ~~لك قبسا من نور هذا التوحيد فإنه نور في ظلمات الجهل، وقوله: (وعن هوى ~~النفس احتبس) أي امتنع عما تميل اليه نفسك من الباطل { وأما من خاف مقام ~~ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى } النازعات : 40 . # ولما كان الاقرار بالربوبية مستلزما لثبوت العبادة لله تعالى دون غيره ~~أخذ المصنف في بيان كيفية توجيهه العبادة لربه، فقال: # (93)(نعبده جل امتثال أمره سبحانه ونهيه وزجره) # (94)(فإن يشأ يرحمنا بفضله وإن يشأ عذبنا بعدله) # (95)(فالملك والعزة والسلطان له كذا القدرة والبرهان) PageV01P163 أي ~~نوجه عبادتنا اليه عظم شأنه لأجل إمتثال أمره الذي أمرنا به في الأشياء ~~العملية، ولأجل امتثال نهيه في الأشياء التي نهانا عن فعلها، فالفعل والترك ~~منا إنما هما لأجل الأمر والنهي فهما عبادة منا له تعالى، ومع ذلك فنحن ~~مفوضون الأمر اليه ومسلمون لحكمه وراضون بقضائه ومتوكلون عليه، فإن شاء أن ~~يرحمنا فذلك بمحض فضله علينا وان شاء أن يعذبنا فذلك بعدله فينا، فإن الملك ~~والغلبة والحجة والقدرة له تعالى، فلا يعترض عليه في شيء من ملكه ولا ~~يستطيع أحد لرد ما أراده وهو قادر على كل شيء، ومن كان مالكا للأشياء قادرا ~~على فعل ما يريد فيها غير محكوم عليه ولا معترض عليه في شيء من أفعاله؛ ~~فجميع ما فعله في ملكه إما عدل وإما فضل، ثم ان المصنف أخذ في بيان التنزيه فقال: # (96)(سبحانه ليس له مكان يحويه جل لا ولا زمان) # (97)(بخلقه لكل شيء نشهد وأنه في ملكه منفرد) # أي تنزيها له تعالى عن الحلول في الأمكنة، وعن الحدوث في الأزمنة، فإن ~~المكان والزمان خلق من خلقه، ومن ضرورة العقل وجوب تقدم الخالق على ms101 المخلوق ~~في الوجود، فلو كان تعالى حالا في مكان أو حادثا في زمان لوجب تقدم المكان ~~والزمان عليه لضرورة العقل بذلك فيستلزم خالقا غيره، وثبوت خالق غيره باطل ~~لما يلزم عليه من الأمور المستحيلة، وأيضا فلو كان تعالى حالا في مكان لكان ~~المكان حاويا له فيلزم عليه تحديده وتناهيه؛ ومن كان متحددا متناهيا فليس ~~بإله، ولو كان تعالى حادثا في زمان لوجب أن يكون له محدث غيره، ومن كان ~~محدثا فليس بإله. وفي قوله: (وأنه في ملكه منفرد) إشارة إلى ثبوت الوحدانية ~~له تعالى في مطلق التصرف، وهي وحدة الأفعال. # ولما نفى عنه تعالى صفتي الحلول والحدوث أخذ في نفي الصفات التي تلازمهما فقال: # (98)(ليس له شبه ولا نظير ولا وزير لا ولا مشير) # ( PageV01P164 الشبه) بالكسر هو المشارك لغيره ولو في صفة واحدة من ~~صفاته، و(النظير) هو المثل المساوي، و(الوزير) هو المعين في الأمر العظيم ~~بأرآءه الصائبة وأفكاره الثاقبة، و(المشير) هو الدال على فعل شيء أو على ~~تركه بدلالة خفية، والمراد بها هنا مطلق الدلالة والمعنى أنه تعالى ليس له ~~مشابه في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا مماثل له في ذلك، ولا معين ~~له على شيء من أفعاله التي فعلها أو سيفعلها، وأنه تعالى فعال لما يريد لا ~~لما يريد غيره، فلا مشير له في شيء من أفعاله ولا في شيء من الأشياء التي ~~لم يرد فعلها تعالى الله عن ذلك، وعن ابن مسعود أنه قال: "ما عرف الله من ~~شبهه بخلقه". نافع(_( ) الإمام الثقة أبو عبدالله نافع بن الفقيه العدوي ~~القرشي المدني مولى ابن عمر، من كبار التابعين في وقته، واختلف في محتده ~~على أقوال فقيل: هو بربري. وقيل: نيسابوري. وقيل: ديلمي. وقيل: طالقاني. ~~وقيل: كابلي. والأرجح أنه فارسي المحتد في الجملة. أصابه ابن عمر في بعض ~~مغازيه صغيرا ونشأ في المدينة، روى عن مولاه وعائشة وأبي هريرة ورافع بن ~~حديج وأبي سعيد الخدري وأم سلمة وأبي لبابة بن عبد المنذر وصفية بنت ms102 أبي ~~عبيد زوجة مولاه وسالم وعبدالله وعبيدالله وزيد أبناء عبدالله بن عمر ~~وغيرهم. وروى عنه الزهري وأيوب السختياني وعبدالله بن واقد وأخوه زيد وحميد ~~الطويل وابن جريج ويونس بن عبيد وعمر وأبوبكر ولدا نافع وابن أبي ذئب وجرير ~~بن حازم وجويرية بن أسماء ومالك والليث وغيرهم. PageV01P165 # روى الأصمعي قال: حدثنا العمري عن نافع قال: دخلت مع مولاي على عبدالله ~~بن جعفر فأعطاه في اثني عشر ألفا فأبى وأعتقني أعتقه الله. ولاه عمر بن عبد ~~العزيز صدقات اليمن كما بعثه أيضا إلى مصر ليعلم أهلها السنن. وهو من ثقات ~~الرواة. توفي على الصحيح سنة 117ه. ("تذكرة الحفاظ" 1/99 "سير النبلاء" ~~للذهبي 5/563 "تهذيب التهذيب" لابن حجر 10/368)._): "أن عبدالله بن عمر ~~كان جالسا في أناس فأتى رجل فقال: أيكم عبدالله بن عمر؟. فقال: أنا. فقال ~~الرجل: إني تاجر أبتغي من فضل الله وإني قدمت هذه البلدة هذه الليلة فاذا ~~أنا برجل توسمت فيه الخير فقعدت اليه فحدثني حديثا ضاق به صدري. فقال ~~عبدالله: وما هو؟فإنه لا اثم عليك إذا حدثت به من غيرك. فقال: قال لي؛ إن ~~الله تبارك وتعالى لما أراد أن يخلق آدم لم يدر كيف يخلقه حتى خلق مرآة ~~فنظر فيها إلى وجهه فخلق مثاله. فقال له ابن عمر: تعالى الله لا مثل لله ~~ألا إن هذا الشيطان أراد أن يدخلك في دينه ألا وإن الشيطان قد آيس منكم أن ~~تعبدوا أصناما ظاهرا فتعذرونه ولكنه يأتي الإنسان فيقول كيف ربك؟ فلا يزال ~~به حتى يصف ربه بصفة الخلق فيضل ويضل فان لقيته فأخبره أن ابن عمر بريء من ~~دينك ألا وان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الله عزوجل، فقال ~~الله عزوجل: { قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا ~~أحد } الإخلاص فإن وسوس الشيطان لكم فقولوا له كما قال رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - ".عن معاذ رضي الله عنه "أنه سيرجع أقوام من هذه الأمة ~~عند اقتراب الساعة كفارا فقال ms103 رجل: يا أبا عبدالرحمن أبالأحداث كفرهم أم ~~بالجحود؟ قال: لا ولكن بالجحود يجحدون خالقهم فيصفونه بالصورة والأعضاء ~~والمفاصل أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولهم عذاب عظيم". PageV01P166 # عن سعيد بن جبير(_( ) التابعي الجليل أبو عبد الله سعيد بن جبير بن هشام ~~الولبي الأسدي بالولاء الكوفي، ولد سنة 45ه روى عن ابن عباس وابن الزبير ~~وأنس وطبقتهم ويحتمل عن السيدة عائشة ولم يثبت سماعه من عبدالله بن معقل ~~ولا من عدي بن حاتم ولا من الإمام علي كرم الله وجهه ولا من أبي هريرة ~~وأبو موسى الأشعري وأبو مسعود الأنصاري وإنما روايته عنهم مرسلة، وأخذ عنه ~~طائفة منهم ابناه عبدالملك وعبدالله والأعمش وعطاء بن السائب وسماك بن حرب ~~والمنهال بن عمرو وآخرون، عن جعفر بن أبي المغيرة قال: كان ابن عباس بعدما ~~عمي إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه قال: تسألوني وفيكم ابن أم الدهماء؟!. ~~يعني سعيد بن جبير، وعن أشعث بن اسحاق قال: كان يقال لسعيد بن جبير جهبذ ~~العلماء. ولما خرج ابن الأشعث على عبد الملك بن مروان كان سعيد معه وكان ~~يقول يوم دير الجماجم: قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين ~~وتجبرهم على عباد الله وإماتتهم الصلاة واستذلالهم المسلمين. نقلا عن ~~"الطبقات الكبرى" لابن سعد (6/265 دار صادر) فلما انهزموا لحق سعيد بمكة ~~فأخذه خالد القسري وحمله إلى الحجاج الذي قتله في آخر سنة 94ه. ("الطبقات ~~الكبرى" لابن سعد 6/256267 دار صادر "تذكرة الحفاظ" للذهبي 1/76 "تهذيب ~~التهذيب" لابن حجر 4/10 الكتب العلمية)._) أنه قال: "أتى رهط من اليهود إلى ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا محمد هذا الله خلق الخلق فمن ~~خلقه؟. قال: فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتقع لونه ثم ~~واثبهم غضبا لربه، قال: فجاء جبرائيل صلى الله عليهما فسكنه وجاءه من الله ~~بجواب ما سألوه ب { قل هو الله أحد.. PageV01P167 # إلى تمام السورة } "(_( ) أخرجه بهذا اللفظ ابن جرير الطبري في "تفسيره" ~~(11/26 برقم 30229 دار الكتب العلمية) وفي اسناده شيخه محمد بن حميد وفيه ~~كلام ms104 قال الجوزجاني: ردئ المذهب غير ثقة ونسبه أبو زرعة إلى تعمد الكذب ~~وكان ابن خزيمة لا يروي عنه وقال النسائي: ليس بشيء. وقال البخاري: فيه ~~نظر. كما في "تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر (9/109 وما بعدها). _). # (99)(ليس له فوق ولا تحت ولا قبل ولا بعد فكل حظلا) # (100)(كذا يمين وشمال والذي اليه تعزى حادث بذا احتذي) # (الفوق) اسم لجهة العلو، و(التحت) اسم لجهة السفل، و(قبل) اسم للتقدم، ~~و(بعد) اسم للتأخر، ومعنى (حظل) منع، و(يمين) اسم للجهة اليمنى، و(شمال) ~~اسم للجهة اليسرى، ومعنى (تعزى) تنسب، ومعنى (حادث) أي موجود بعد عدم، ~~ومعنى (احتذ) أي اقتد. # والمعنى أنه تعالى ليس له جهة يكون فيها، لا جهة فوقية ولا تحتية ولا عن ~~يمين ولا عن شمال ولا أمام ولا وراء، وليس له تعالى قبل أي لا يقال إن ~~وجوده تعالى مسبوق بشيء حتى يقال إن قبله كذا ولا بعد له أي ليس وجوده ~~تعالى متناهيا حتى يقال ان بعد تناهي وجوده يكون كذا وهذه الصفات أعني ~~الجهات والقبلية والبعدية مستحيلة في حقه تعالى، لأن من نسب اليه شيء منها ~~واتصف به يكون حادثا قطعا فهي دليل الحدوث والرب تعالى قديم ليس بحادث، فلا ~~يصح أن يتصف بشيء منها خلافا للمشبهة القائلين بأنه تعالى في جهة الفوق ~~وإنه على العرش مستقرا إستقرار الملك على سريره تعالى الله عن ذلك، وقد ~~تلقوا هذه المقالة الشنيعة من اليهود أخزاهم الله تعالى. PageV01P168 # قال في "الضياء": "وبلغنا أن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه مر بحلقة ~~وفيهم رجل من اليهود يحدثهم، فقال: ما يحدثكم؟ قالوا: يحدثنا عن التوراة ~~وعن ربنا. قال: وعن ربكم بماذا؟ قالوا: يقول إن الله لما خلق السموات ~~والأرض صعد إلى السماء من بيت المقدس فوضع رجله على الصخرة التي فيه وإنه ~~ينزل في السماء الدنيا في النصف من شعبان. فقال ابن مسعود رضي الله عنه : ~~إنا لله وإنا اليه راجعون (ثلاث مرات) ثم قال: لا كفر بعد إيمان { ودوا لو ms105 ~~تكفرون كما كفروا فتكونون سواء } النساء : 89 فهلا قلتم كما قال ابراهيم ~~خليل الرحمن - صلى الله عليه وسلم - { لا أحب الآفلين } الأنعام : 76 ألا ~~فاتهموا اليهود والنصارى على دينكم، ولا تصدقوهم على ما يخالف كتابكم، ~~فإنهم سيضلون أكثر هذه الأمة، ألا إن ربكم ليس بزائل ومن وصف الله زائلا ~~فقد كفر، ومن شبهه بشيء من الأشياء فقد كفر". # (101)(ولم يزل وليس شيء معه وعالم من قبل أن يصنعه) # (102)(بكونه ولونه وشكله وما اليه صائر بفعله) # أي لم يزل تعالى ولا موجود سواه من جميع الأشياء، فهو تعالى متفرد ~~بالقدم، والقدم واجب له تعالى فيستحيل عليه العدم لأن ما وجب قدمه استحال ~~عدمه، وقوله: (وعالم.. الخ) أي وهو عالم أي لم يزل تعالى متصفا بالعلم من ~~قبل وجود الأشياء فعلمه تعالى صفة ذاتية له، والهاء من قوله (من قبل أن ~~يصنعه) عائدة إلى (الشيء) في قوله (وليس شيء معه) وقوله: (بكونه) متعلق ~~بعالم، ومعنى كونه وجوده بعد عدم، أي لم يزل تعالى وهو عالم بوجود الأشياء ~~التي سيوجدها، وعالم بالزمان الذي سيوجدها فيه، وبالمكان الذي ستكون فيه، ~~وعالم بلونها الذي ستتصف به، وعالم بصورتها التي يكون عليها شكلها من طول ~~وقصر وعرض وعالم بمصيرها الذي ستصير اليه بسبب أفعالها الحسنة وبسبب ~~أفعالها القبيحة، فالضمير من (كونه) ومن (لونه) ومن (شكله) وما بعدها كله ~~عائد إلى الشيء في قوله (وليس شيء معه). PageV01P169 # والمراد بالشيء هنالك جميع الموجودات مما عدا الخالق تعالى، وفي البيتين ~~تصريح بأنه تعالى عالم بما كان وما سيكون وما هو كائن. # الفصل الثاني # في البراهين # جمع برهان وهو ما تركب من مقدمات قطعية، وأل في البراهين للعهد الذهني أي ~~في البراهين المثبتة لمدعانا فيما تقدم. # (103)(لو أنه مشابه في ذاته جاز عليه وصف مخلوقاته) # (104)(إذ كل شبهين بوجه لزما في الكل ما لذلك الوجه انتمى) # هذا برهان استحالة المشابهة له تعالى المذكورة في قول المصنف: (ليس له ~~شبه.. الخ)، وصورة البرهان أنه لو كان تعالى مشابها في ذاته لجاز عليه ما ms106 ~~يجوز على مشابهه من الصفات، ولا موجود إلا وهو إما خالق أو مخلوق، وقد ثبت ~~بالبرهان أنه تعالى هو الخالق وأن جميع ما عداه مخلوق، فلو كان له مشابه ~~لكان ذلك المشابه هو أحد مخلوقاته فيستلزم أن يكون عزوجل يصح أن يتصف بصفات ~~مخلوقاته، وصفات مخلوقاته مستحيلة في حقه فالمشابه مستحيل أيضا ووجه ذلك أن ~~المتشابهين إذا تشابها في صفة وجب أن يتصف كل واحد منهما بموجب تلك الصفة، ~~وهذا معنى قوله: (إذ كل شبهين ..إلخ)، ومعنى قوله: (في الكل) أي من ~~المتشابهين، ومعنى (انتمى) انتسب. # (105)(لو كان ثان عنده في الأزل لكان كل صالحا لأن يلي) # (106)(ولا دليل خص واحدا فقط والحكم من غير مرجح غلط) # هذا برهان إستحالة الشريك معه تعالى في الأزل المذكور في قول المصنف: ~~(ولم يزل وليس شيء معه)(_( ) في البيت رقم (101). _) وصورة البرهان أنه لو ~~كان معه تعالى ثان في الأزل لكان كل واحد منهما صالحا لأن يتولى الأمر على ~~صاحبه فيتمانعان، وليس في واحد منهما خصوصية يستحق بها الإستبداد بالأمر ~~والإنفراد بالملك، وتخصيص واحد منهما بذلك دون الآخر مع صلاحية كل منهما له ~~وعدم المخصص ترجيح بلا مرجح، والترجيح بلا مرجح غلط لا يستقيم في المعقول ~~وبطلان استقامته ضروري. # (107)(لو أنه في أمره معان لزمه في ذاته النقصان) PageV01P170 هذا برهان ~~نفي العجز عنه تعالى واستحالته المشار اليه بقول المصنف: (ولا وزير لا ولا ~~مشير)(_( ) في البيت رقم (98). _)، وصورة البرهان أنه لو كان تعالى معانا ~~في أمره لكان ناقصا في ذاته، لكنه كامل في ذاته فهو غير معان في أمره، ووجه ~~ذلك أنه لا يحتاج إلى المعونة إلا من كان عاجزا عن إتمام الأمر، ومن كان ~~عاجزا عن إتمام أمره فليس بكامل في ذاته لأن من الكمال الذاتي وجود القدرة ~~الذاتية المنافية للعجز. # (108)(وهكذا يلزم في الزمان وفي الجهات الست للمكان) # هذا برهان نفي الحلول والحدوث عنه تعالى واستحالتهما في حقه المذكورين في ~~قول المصنف: (سبحانه ليس له مكان.. البيت)(_( ) في البيت رقم (96). _)، وفي ms107 ~~قوله: (ليس له فوق.. الخ)(_( ) في البيت رقم (99). _). وصورة البرهان أنه ~~لو كان تعالى حالا في مكان أو حادثا في زمان للزم اتصاف ذاته بغاية النقصان ~~تعالى عن ذلك. ووجه ذلك أنه لو كان تعالى حالا في مكان للزم أن يكون المكان ~~محيطا به ولو من جهة واحدة فيلزم تحديده وتناهيه وهما مستحيلان عليه تعالى، ~~وأيضا فلو كان تعالى حالا في مكان للزم أن يكون المكان أقوى منه لأنه هو ~~الذي حمله وكون غيره تعالى أقوى منه محال، ولو أنه حادث في زمان لاحتاج إلى ~~محدث، ومن كان محتاجا إلى محدث فهو عاجز ليس بإله، وأيضا فلا يخلو أن يكون ~~ذلك المحدث هو نفس هذا الحادث أو غيره، وكونه نفسه محال لأنه يومئذ معدوم ~~والمعدوم لا يفعل شيئا في غيره فضلا أن يفعله في نفسه فوجب أن يكون المحدث ~~غيره، فيكون أولى بالألوهية منه وهو باطل لما يلزم عليه من التسلسل. # (109)(لو أنه في ملكه مشارك كان فسادا ذلك التشارك) PageV01P171 هذا ~~برهان في نفي الشريك عنه تعالى في ملكه وبيان استحالته المذكور في قول ~~المصنف: (وأنه في ملكه منفرد)(_( ) في البيت رقم (97). _). وصورة البرهان ~~أنه لو كان معه تعالى شريك في ملكه لفسد هذا العالم البديع الإتقان البالغ ~~في الحكمة، لكن العالم غير فاسد فدل على أنه تعالى في ملكه غير مشارك، ووجه ~~ذلك أن الشريكين إذا تشاركا في شيء فلا يخلوان فيه من أحد أمرين: إما أن ~~يصطلحا على شيء فيه، وإما أن يتنازعان فيه، وإصطلاحهما على شيء فيه مع كون ~~كل [واحد](_( ) من (ب). _) منهما إلها محال، لإستلزامه عجز كل واحد منهما ~~فتسقط ألوهيتهما بسقوط قدرتهما فلم يبق إلا التنازع فيه، ومع التنازع يحصل ~~الفساد والمشاهد في العالم غير ذلك فانتفى الشريك ضرورة والله تعالى أعلم. # الفصل الثالث # في الصفات # أي في الصفات الجائزة في حقه تعالى، والواجبة في حقه، أما المستحيلة في ~~حقه فما تقدم في الفصل الأول، وقد أشار اليه هاهنا إجمالا فقال: # (110)(في الذات والصفات ms108 والأفعال مخالف لنا بكل حال) # أي أنه تعالى مخالف لخلقه في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله أي لا تشبه ذاته ~~ذواتهم ولا تشبه صفاته صفاتهم ولا تشبه أفعاله أفعالهم، فهو تعالى واحد في ~~ذاته، بمعنى أنه ليس كمثله في ذاته شيء، وواحد في صفاته بمعنى أنه ليس له ~~في أفعاله مشارك ولا مشابه فاستحال في حقه الشبيه من كل وجه وقد تقدم ~~براهين ذلك. # (111)(ولم يجز وصفكه بغير ما بينه من وصف نفسه اعلما) # أي لا يجوز لك أن تصفه تعالى بصفة لم يصف بها نفسه في كتبه أو على لسان ~~أحد من أنبيائه، [فما ورد من وصفه لنفسه في شيء من كتبه أو على لسان أحد من ~~أنبيائه](_( ) ساقطة من (ب). _) جاز لك وصفه به. # ومالم يرد كذلك فالتوقف عنه أولى والمنع فيه أظهر، هذا مذهب بعض وذهب ~~آخرون إلى أنه يجوز أن يصفه تعالى بصفة تدل على كمال ولو لم يرد الشرع بها ~~مالم يمنع من ذلك. PageV01P172 # حاصل ما في المقام أن الصفات [الكمالية](_( ) من (أ). _) إما أن يأذن ~~الشرع أن نصفه بها تعالى، وإما أن يمنع من وصفه بها، وإما أن يسكت عن ~~ذكرها، فإن أذن فهو جائز إجماعا، وإن منع فهو محرم إجماعا، وإن سكت فهو محل ~~النزاع والله تعالى أعلم. # (112)(وأي وصف جاز وصفه بما عانده فوصف فعل أحكما) # (113)(وما عدا ذاك بوصف الذات يعرف وهو كالعليم آت) # تنقسم صفاته تعالى إلى صفات ذاتية وإلى فعلية؛ فأما الصفات الفعلية فهي ~~كل وصف صح أن يتصف به وبضده تعالى كالإحياء والإماتة وإرسال الرسل وإنزال ~~الكتب ونحو ذلك، فإنه تعالى يجوز أن يتصف بهذه الأشياء وبأضدادها فتقول ~~محيي ومميت، مرسل الرسل غير مرسل لهم بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - ~~وهكذا. وأما صفات الذات فهي كل صفة استحال عليه تعالى الإتصاف بضدها، وذلك ~~ك(العليم) فإنه يستحيل عليه الإتصاف بضد العلم وهو الجهل وكالسميع ~~والبصير(_( ) (فائدة) خلاف المتكلمين العقيم في مسألة هل الإسم هو المسمى ~~أم غيره ms109؟. يحلله العلامة أبو المؤثر الصلت بن خميس (القرن الثالث) أحد ~~علماء الإباضية كما في "السير والجوابات" (2/288) فيقول: PageV01P173 # "إن كان يريد بالأسماء والصفات الألفاظ المسموعة والخطوط المكتوبة فهي ~~غيره، وهي محدثة مخلوقة، وإن كان يريد المعني بها فهو الله تبارك وتعالى. ~~وإن قال أفإسم هو أم جسم؟. قيل له: أما هو فليس بجسم، وأما قولك أفإسم؟. ~~فإن كنت تريد أهو اسم نفسه فقد مضى الجواب في ذلك أنك إن كنت تريد ما يسمع ~~ويكتب فهو غيره، وإن كنت تريد بقولك المعني بهذا المسموع والمكتوب فهو الله ~~تبارك وتعالى. وليس قولك أفإسم هو أم جسم؟. يوجب علينا أن نثبت لك أحد هذين ~~المعنيين، لأنك سألت عن معنيين كلاهما منفيين، لأن قولك جسم منفي عنه، ~~وقولك اسم منفي عنه، لا يجوز أن يقال إنه اسم على هذا اللفظ لأن الإسم لا ~~يكون إلا لمسمى، فإذا أطلقنا أنه اسم جعلناه اسما لغيره وهذا لا يجوز، وهذا ~~سؤال لا يسأل عنه أهل العلم، وإنما يسئل عن هذا السؤال جاهل أو متعنت، أو ~~يكون المسئول يتعدى إلى ما ليس له فيزيد في الحكم فدعه بذلك على جهة ما هو ~~أهله. وإنما كتبنا هذا لكم لأنه قد بلغكم أنه قد جرى في ذلك سؤال ودار ~~بينكم فيه كلام، أحببنا أن تأخذوا في ذلك بحظكم وتعرفوا الحق فيه. # ومثل هذا السؤال لو أن سائلا سأل فقال: أخبروني عن فلان أكاتب أم حاسب؟. ~~فإنه قد يمكن أن يكون كاتبا حاسبا، ويمكن أن يكون لا كاتبا ولا حاسبا، ~~ويمكن أن يكون فيه أحد الأمرين، فليس الجواب لازم فيه أن يقال هو كاتب ولا ~~هو حاسب، إلا أن يكون ذلك فيه، وليس هذا مثل قولك: فلان حي أم ميت؟. لأن ~~الحياة والموت ليس بينهما منزلة. وكذلك لو كان أكاتب هو أم غير كاتب وأنه ~~لا بد أن يكون كاتبا أو غير كاتب. # وكذلك لو سأل فقال: أخبروني عن الله أجسم هو أم غير جسم؟. قلنا: بل هو ~~غير جسم تبارك الله ms110 وتعالى.". ا.ه _) والمريد والقدير فإنه يستحيل عليه ~~الإتصاف بأضداد هذه كلها. PageV01P174 # وفرق بعضهم بين صفات الذات وصفات الأفعال بأن صفات الذات يجوز إتصافه ~~تعالى بها في الأزل بل يجب ذلك في حقه، وصفات الأفعال لا يجوز إتصافه بها ~~في الأزل إلا على معنى أنه سيفعل ذلك فتقول لم يزل الله حيا مريدا قادرا ~~عليما سميعا بصيرا، ولا تقول لم يزل محييا مميتا خالقا للخلق مرسلا للرسل ~~منزلا للكتب ونحو ذلك، إلا على معنى أنه قادر على الإحياء والإماتة إلى غير ~~ذلك ومنع بعض أصحابنا هذا الإطلاق مطلقا والله تعالى أعلم. # (114)(صفاته لذاته هي ذاته لا غيرها دلت بذا آياته) # (115)(إذ لم تكن فيه لئلا يلزم حلوله وليس منه نجزم) # (116)(ولا عليه فيكون أفقرا لغيره وذاك دأب الفقرا) PageV01P175 أي صفاته ~~تعالى الذاتية هي عين ذاته وليست هي غير ذاته كما زعمت الأشعرية القائلون ~~بأن صفات الذات معان حقيقية زائدة على الذات قائمة بها، وهذا القول باطل ~~لأنها لو كانت صفات ذاته تعالى غير ذاته للزم عليه إما أن تكون حالة في ~~ذاته العلية، وهو باطل لأن ذاته العلية لا يصح أن تكون محلا للأشياء، وإما ~~أن تكون بعضا من الذات العلية وهو باطل أيضا لأن ذاته العلية غير متبعضة ~~والتبعض عليها محال. وإما أن تكون شيئا زائدا على الذات لا حالا فيها ولا ~~بعضا منها، وهذا الوجه هو الذي اختاره الخصم وعولوا عليه وهو باطل أيضا ~~لأنه لو كانت شيئا زائدا على الذات للزم عليه افتقار الذات إلى ذلك الزائد، ~~والذات العلية كاملة بنفسها غير مفتقرة إلى غيرها، ومن كان مفتقرا إلى غيره ~~فليس بإله لأنه عاجز في نفسه محتاج إلى غيره، ومن كان عاجزا ومحتاجا إلى ~~غيره فهو بمعزل عن صفات الألوهية وعن الكمالات الذاتية، وأيضا فلو كانت ~~صفات ذاته غير ذاته للزم عليه اما أن تكون مقارنة لذاته في الوجود فيلزم ~~تعدد القدماء وهو باطل قطعا، وإما أن تكون سابقة على ذاته في الوجود فيلزم ~~عليه حدوث الذات ms111 العلية وهو باطل أيضا، وإما أن تكون موجودة بعد وجود الذات ~~العلية فيلزم عليه أن يكون الله عزوجل قبل حدوثها غير متصف بهذه الكمالات، ~~فيكون غير قادر وغير عالم إلى آخرها وهو باطل قطعا، فثبت ما قلناه وبطل زعم الخصم. # قالوا: يلزمك على هذا التقرير(_( ) في (ب): التقدير. بالدال. _) نفي ~~الصفات الذاتية. # قلنا: لا يلزمنا ذلك لأنا إنما ننفي الزيادة على الذات لا نفس الصفات. # قالوا: الزائد الذي نفيتموه هو نفس الصفات إذ لا يصح أن تكون الصفات عين ~~الذات، فلو كان ذلك لما كان لإتصاف الذات بالصفات معنى لأنه من إتصاف الشيء ~~بذاته فيكون معنى قولنا الله قادر بمعنى قولنا ذاته ذاته، ولا شك أن كل ~~عاقل ينكر تساويهما. PageV01P176 # قلنا: الصفات عين الذات لما قدمناه من البرهان ولا يلزم من ذلك ما ~~ذكرتموه من اتصاف الشيء بذاته لأن هذه الصفات لها معان اعتبارية، وللذات ~~كمالات ذاتية لا يدل عليها نفس لفظ (الذات)، ولكل واحد من تلك الكلمات معنى ~~اعتباري يعبر عنه بالصفة، فالصفات عبارة عن المعاني الإعتبارية الدالة على ~~الكمالات الذاتية، فبهذا الإعتبار لم يكن قولنا الله قدير بمنزلة قولنا ~~ذاته ذاته لما في قولنا قدير من التعبير عن المعنى الإعتباري المفيد للكمال ~~الذاتي، حاصل ما في المقام أن ذاته تعالى متصفة بالكمالات الذاتية قائمة ~~مقام ذات وصفة أي غنية بنفسها عن غيرها والله تعالى أعلم. # (117)(فهو عليم لا بعلم جلبا وهو سميع لا بسمع ركبا) # (118)(وهو بصير لا بعين نظرت وهو قدير لا بقدرة عرت) # (119)(وهكذا في سائر الصفات لأنها في الأصل عين الذات) # أي فإذا ثبت بما قررناه من البرهان أن صفاته تعالى الذاتية عين ذاته لا ~~غيرها كما زعم الغير، فنقول: انه تعالى عليم بذاته لا بعلم هو غيره؛ أي ~~ذاته عزوجل منكشفة لها المعلومات انكشافا تاما غير محتاجة في ذلك الإنكشاف ~~إلى واسطة بينها وبين المعلوم كما زعم الغير، وأنه تعالى سميع بذاته لا ~~بسمع مركب فيه أو زائد عليه؛ أي ذاته تعالى منكشفة لها ms112 المسموعات إنكشافا ~~تاما غير محتاجة في ذلك الإنكشاف إلى واسطة بينها وبين المسموعات كما زعم ~~الغير، وأنه تعالى بصير بذاته لا ببصر هو غيره أي ذاته تعالى منكشفة لها ~~المبصرات انكشافا تاما غير محتاجة في ذلك الإنكشاف إلى واسطة بينها وبين ~~المبصرات كما زعم الغير، وأنه تعالى قدير بذاته لا بقدرة هي غيره أي ذاته ~~تعالى منفعلة لها الأشياء ايجادا وانعداما غير محتاجة في ذلك التأثير إلى ~~واسطة بينهما وبين المؤثرات كما زعم الغير. PageV01P177 # وكذا القول في سائر الصفات فنقول هو تعالى مريد بذاته لا بإرادة هي غيره ~~أي ذاته العلية كافية في ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر غير محتاجة في ~~ذلك التأثير الخاص إلى واسطة بينهما وبين المؤثرات كما زعم الغير، ونقول هو ~~تعالى حي بذاته لا بحياة هي غيره أي ذاته العلية كافية للإتصاف بهذه ~~الكمالات غير محتاجة في الإتصاف بها إلى واسطة هي غيرها تسمى بالحياة كما ~~زعم الغير والله تعالى أعلم. # الفصل الرابع # في الرؤية # أي بيان استحالة رؤية الباري عزوجل، والرؤية هي اتصال شعاع الحدقة ~~بالمرئي، وقد جوز الأشعرية(_( ) نسبة للإمام أبي الحسن علي بن اسماعيل بن ~~اسحاق الأشعري الذي عاش في نهاية القرن الثالث الهجري حيث ولد سنة 260ه في ~~البصرة وتلقى مذهب المعتزلة في أول أمره حيث لازم الشيخ أبا علي الجبائي ~~المعتزلي ولم يفارقه لمدة طويلة حتى اشتهر وناظر على مذهب المعتزلة .. ثم ~~رجع عن مذهبهم وتركه وأعلن لنفسه مذهبا مستقلا لايميل فيه للمعتزلة ولا ~~للحشوية المجسمة، وصنف كتبه التي منها؛ "الإبانة عن أصول الديانة ط" و ~~"مقالات الاسلاميين ط" و"اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع ط" و"رسالة ~~أهل الثغر ط" وغيرها وكانت وفاته سنة 324ه. # واشتهر من بعده فريق من العلماء ساروا على نفس الطريق وعرفوا بالأشاعرة ~~فكان من أبرزهم: أبو الطيب الباقلاني (ت 403ه) وعبد القاهر البغدادي ~~(ت429ه) وأبو المعالي الجويني (ت478ه) والغزالي (ت505ه) والشهرستاني ~~(ت548ه) والفخر الرازي (ت606ه) والعضد الايجي (ت756ه). # وينص مذهب الأشاعرة على ms113 الآتي: # 1 ثبوت رؤية الله في الدار الآخرة. 2 أن القرآن قديم ليس بمخلوق. 3 أن ~~مرتكب الكبيرة غير مخلد في النار. 4 أن صفات الله معان قائمة زائة على ~~الذات لا هي هو ولا هي غيره. 5 أن الشفاعة حق للعصاة. 6 جواز خلف الوعيد. 7 ~~الصراط جسر على متن جهنم. 8 أن الميزان حسي يوزن به الأعمال يوم القيامة. PageV01P178 # للتوسع حول الفكر الأشعري انظر ["الفرق بين الفرق" للبغدادي ص312 366 ~~"مذاهب الاسلاميين" د. عبدالرحمن بدوي 1/487 568 "تاريخ المذاهب ~~الاسلامية" لابي زهرة 151 163 "الأعلام" للزركلي 4/263 "في علم الكلام" ~~د.أحمد محمود صبحي؛ حيث خصص الجزء الثاني للأشاعرة]._) اتصافه تعالى بها ~~وقالوا بوقوع ذلك في الآخرة للمؤمنين، وأكثر الاسلاميين على استحالتها عليه ~~تعالى وممن ذهب إلى ذلك المعتزلة والخوارج(_( ) الخوارج هم الذين يستحلون ~~دماء وأموال مخالفيهم ولذا قصرهم الإباضية على ثلاث فرق بارزة في القديم ~~اتصفت بهذه الصفات هي (الأزارقة) أتباع نافع بن الأزرق و(النجدات) أتباع ~~نجدة بن عامر و(الصفرية) أتباع زياد بن الأصفر، أما أتباع المذاهب الأخرى ~~فعدوا الإباضية من جملتهم وهو أمر يأباه أتباع هذه الفرقة لوجود البون ~~الشاسع بين مبادئ هذه الفرقة وفرق الخوارج، أما أن يعد الخوارج هم الذين ~~خرجوا عن الإمام علي فهذه مجازفة ليست بالهينة إذ يلزم عليها عد معاوية ~~خارجيا هو الآخر كيف لا وهو الخارج بجنده على الإمام علي وقاتله في موقعة ~~صفين، بل يتفاقم الأمر إلى حد أن يعتبر طلحة والزبير والسيدة عائشة خوارج ~~هم أيضا على هذا المقياس لحربهم له في معركة الجمل، وعلى هذا كان لا بد من ~~حصر هذه اللفظة على الطوائف الثلاث الشهيرة وهي (الأزارقة والنجدات ~~والصفرية) بسبب استحلالهم لأموال ودماء مخالفيهم ونظرتهم لمخالفيهم بأنهم ~~مشركون. وبيان تحليل الإباضية لهذه القضية في كتاب العلامة الكبير علي يحي ~~معمر "الإباضية بين الفرق الإسلامية" فقد فصل في هذا الكتاب بما يشفي ~~الغليل._) وغيرهم، واستحالتها هو الحق لما ستعلمه من الأدلة النقلية ~~والبراهين العقلية، وقد تعلق المثبتون للرؤية في حقه تعالى بظواهر آيات ~~وبموضوع روايات لا حاجة لنا بذكرها ms114 هاهنا خوف الإطالة فلنعد إلى بيان ~~البراهين العقلية والنقلية فنقول: # ( PageV01P179 120)(ورؤية الباري من المحال دنيا وأخرى احكم بكل حال) # (121)(لأن من لازمها التميزا والكيف والتبعيض والتحيزا) # (122)(في جهة تقابل الذي نظر فهذه وما أتى به السور) # (123)(من قول لا تدركه الأبصار ولن تراني فانتفى الإبصار) # (124)(لأنها مدح له ولا يصح زوال ما به الإله ممتدح) # (125)(لو جاز أن يزول مدحه لزم تبديل عزه بذل وشتم) # أي رؤية الباري تعالى من الأشياء التي لا يتصور في العقل صحة وجودها، لأن ~~العقل يحيل ذلك، وذلك ان من لوازم الرؤية ومن شرائطها أن يكون المرئي ~~متميزا أي متشخصا والرب تعالى يستحيل عليه التشخص، ومن لوازمها أيضا أن ~~يكون المرئي متكيفا أي ذا كيف؛ أي لون وذلك على الله محال، ومن لوازمها ~~أيضا أن يكون المرئي متبعضا أي ذا أبعاض؛ أي أجزاء لأن النظر اما أن يحيط ~~به كله وكل محاط به متبعض ضرورة، وإما أن يدرك بعضه فظهر فيه التبعيض حيث ~~أدرك البعض منه، وذلك في حقه تعالى محال، ومن لوازمها أيضا أن يكون المرئي ~~متحيزا في جهة من الجهات أي حالا فيها دون غيرها والتحيز في حقه تعالى ~~محال وكذا يستحيل عليه المكان أيضا(_( ) وقد اختلف المثبتون للرؤية في هذه ~~القضية فذهب الأشاعرة ومن وافقهم إلى اثبات الرؤية ونفوا استلزام الجهة ~~والمكان لها ويجيب عن هذا العلامة المنذري في "جواب السائل الحيران" ص(95 ~~96) فيقول: # "ثم ما قيل في نفي الإنحياز والتحديد عن الرؤية من أنه يرى لا في مكان ~~ولا على جهة وثبوت مسافة بين الرائي وذاته تعالى، فهذه عقيدة بديهية ~~السفسطة، إذ أقل ما يدحضها أن يرى في موضع الرائي له من بقاع المحشر، أو ~~فضاوات الجنان، أو داخل القصور والحوالي، وكلها مفيد للتحيز والتحديد أو ~~المسافة والتباين أو المماسات وجل تعالى عن ذلك.. PageV01P180 # ومع ذلك إن أريد به خروجه عن الأمكنة حال رؤيته كما هو المتبادر من وقوع ~~النكرة في سياق النفي من عموم أجناسه خروجا من المنفي عنه، فهو ms115 مع كونه ~~محالا في حقه تعالى نوع تحديد، إذ مما يلزم على ذلك التقدير أن خروج ~~الموجود عن شيء ووجوده في غيره فهو إبطال للوجود في الأول، وثبوته في ~~الثاني، وهو نوع تحويل وتحديد غير لآئق به تعالى. # وإن أريد أنه يرى لا في مكان واحد بل في جميع الأمكنة وجميع الجهات فقد ~~أحاطت به الجهات والأمكنة وتجزأ هو لها، إذ لا بد من اختصاص كل من أبعاضه ~~جهة ومكانا وتعالى الله عن ذلك، ثم نفي المسافة إثبات للإلصاق والإلتزاق ~~ولا تحقق معه للرؤية .. # وأجاب المثبت بأنه تعالى قادر على خرق العوائد، قال النافي: أما كونه ~~تعالى قادرا على ذلك فمما لا شك فيه ولا نزاع، وأما القول بالتعيين في غير ~~المعين كما هنا فمن الشهادة على الغيب { وما كنا للغيب حافظين } [يوسف : ~~81] والقول بالتعيين بناء على ما سلف من الظواهر محجوج بما سبق من التآويل ~~الصحيحة المنحاة عن التورط في الإهلاك ولله الحمد". ا.ه PageV01P181 ومعلوم ~~أن الأشاعرة منكرون للجهة والفوقية الحسية! وإلزامهم أن الرؤية لا تكون إلا ~~لما كان في جهة يسقط استدلالهم ولهذا تجد ابن القيم الجوزية يشنع على فكرة ~~الأشاعرة هذه - بكلام قبيح لا يليق بالعلماء - كما في "مختصر الصواعق ~~المرسلة" ص(172) فيقول: "فلا يجتمع الإقرار بالرؤية وإنكار الفوقية ~~والمباينة، ولهذا فإن الجهمية المغل تنكر علوه على خلقه، ورؤية المؤمنين له ~~في الآخرة، ومخانيثهم يقرون بالرؤية وينكرون العلو، وقد ضحك جمهور العقلاء ~~من القائلين بأن الرؤية تحصل من غير مواجهة المرئي ومباينته، وهذا رد لما ~~هو مركوز في الفطر والعقول". ا.ه على أن ابن القيم وشيخه ممن يثبت الرؤية ~~مع لوازمها المعهودة من وقوع المرئي في جهة ومكان ومقابلة وغيرها وهذا ~~متفرع من اعتقاد الجسمية لله تعالى عندهم والله المستعان._)، ومن لوازمها ~~أيضا أن تكون الجهة التي فيها المرئي مقابلة للرائي لأن الناظر لا يرى إلا ~~ما يقابله وذلك في حقه تعالى محال، فاستحالة الرؤية في حقه تعالى لإستحالة ~~لوازمها وشرائطها(_( ) واستدلالهم بأن هذه الشرائط ms116 ليست لازمة لكون القيامة ~~محل خرق العادات، لا يتم وعنه يقول العلامة المنذري أحد علماء الإباضية ~~في كتابه "جواب السائل الحيران" ص(72): "فنعم دون تحول صفات ذاته تعالى عما ~~هي، فلا يسمى ذلك خرقا بل نقصا وتخليفا لما وعد وأوعد، إذ أكدها على نفسه ~~مطلقا، وفهمت منها أزليته معها أبدا في عالم الأدنى والعقبى، كما أنه لم ~~يزل فيهما حكيما عزيزا قادرا سميعا بصيرا عادلا ونحوها، فكذا تعززه عن ~~إدراك البصر، وتنزهه عن الظلم والنقائص، كما أتى بها نص الكتاب بمحكم آيه، ~~إلا أن تأتينا بمحكم ينقضه فنعم، ولا تأتون به إلا بسلطان"ا. PageV01P182 # ه وقال ص(99) أيضا: "لكنه يستلزم الإعطاء فيما لا يتقدم فيه البرهان من ~~علم الغيب، إذ لا بد من تعينه ببرهان ... فيلزم من خرق العادة إبطال الحكمة ~~وتغيير الكتاب والسنة، ولزوم ما لم يتعين لزومه ببرهان المحجة، وذلك من ~~التعاطي بالمغيبات، وليس من شأننا إلا ببرهان فأقمه لنا على ما عينته نتبع، ~~إذ وعدنا الله أن نتبع برهان الكتاب والسنة، والحكم بما ظهر منهما لا بما ~~غاب، وما عليه السفسطة، وما ذلك إلا إلزام ما لا يلزم، قلبا للحجة ما لم ~~يكن له بالحق مناط". ا.ه ودعوى أن هذا النظر الذي يلزم له هذه الأشياء في ~~الشواهد أما في الغائب فلا، باطلة أيضا لأن الله تعالى تعبدنا بما نفهم ولا ~~نعقل من الرؤية إلا ما كان بهذه الطرق ومن قال بغير ذلك يلزمه الدليل، ~~وقولهم: "بلا كيف" لا طائل ورائها، وحسبك أن هذه العبارة لم يأت بها نص بل ~~هي من عند القائلين بالرؤية، والإنسان لا يؤمن بشيء يصادم المعقول فيما ~~جاءت فيه الأدلة متضاربة على هذه القاعدة، نعم فيما كانت الأدلة القطعية ~~غير قابلة للتأويل ولا تضارب بينها في مسائل لا يدرك العقل كنهها فهناك يصح ~~أن يقال هذا أما أن يزج بها في كل شيء وفيما كان الدليل له صوارف تصرفه فلا ~~يصح إثباته بهذه القاعدة ولو جاز الأخذ بها مطلقا لقال من ms117 شاء ما شاء. # ولو انطلت هذه القاعدة لقيل بأن الناس يرون علمه تعالى وقدرته وإرادته ~~وحياته وسائر صفاته العلية، وكل ذلك موجود وكل موجود يصح أن يرى في قولكم ~~وأنها ترى بلا كيف ... الخ وهذا ظاهر الفساد. # وأما تعلقهم بأن كل موجود يصح أن يرى فهو باطل أيضا لأن الموجودات خالق ~~ومخلوق وقياس الخالق على المخلوق في هذا ظاهر الفساد، وكان الأولى أن ~~يجعلوا قاعدتهم: كل مخلوق يصح أن يرى. وعليه فلا ينطلي على البارئ. وقياس ~~الغائب على الشاهد باطل عاطل ولابن الجوزي كلام جيد في هذا الباب في كتابه ~~"صيد الخاطر" في الفصل رقم [237] ص(326 وما بعدها). PageV01P183 # ثم تعلقوا بأشياء منها أنهم قالوا إن الله يخلق للإنسان حاسة سادسة يرى ~~بها، ويجاب بأن ذلك لو سلم فلما لم يوجدها الله لموسى عليه السلام كمعجزة ~~له مع مقامه الرفيع، فإن قيل إن ذلك من حالات يوم القيامة فالجواب أن خرق ~~العوائد بيد الله لا تحده الأزمنة ولذلك لما سئل ابراهيم ربه أن يريه كيف ~~يحي الموتى لم يرد عليه بالنفي لأنه من أعمال يوم القيامة، بل كان الجواب ~~كما تعلم، ومن الحادثتين تتبين أن طلب الرؤية لا يجوز بحال وسؤال ابراهيم ~~جائز لتحققه وكلاهما من خرق العوائد ومن أعمال يوم القيامة. # ومن كلام العلامة المنذري العماني في كتابه "جواب السائل" ص(100) ما ~~مفاده أن توقعهم قلب آلة الإدراك، كي تقدر على الرؤية ليس بشيء، لأن الآلة ~~بعد قلبها تكون آلة حاسة فتقتضي محسوسا لها، وهو نفس الرجوع إلى ما سبق ~~فتبقى شروط المقابلة والجهة. # وأما اعتلال البعض بأن كون موسى عليه السلام يسأل أمرا لا يجوز لا يتناسب ~~مع مقامه وعلمه، وهل المعتزلة ومن وافقهم أعرف من موسى بربهم؟. فهو لا يجدي ~~فتيلا لأن القائلين بإمتناع الرؤية قالوا إن موسى عليه السلام لم يسأل ~~الرؤية لنفسه بل سألها لقومه الذين ألحوا عليه حتى صرحوا له أنهم لن يؤمنوا ~~له حتى يريهم ربهم وقد جاء في القرآن ذلك في أمثال قوله ms118 تعالى: { فقد سألوا ~~موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم } [النساء ~~: 153] وأما قولهم: أنه لو سألها لهم لقال: رب أرهم ينظرون إليك. فالجواب ~~أن نفيها عنه يدل بطريق الأولى أنهم كذلك، وهي أبلغ وأقطع لطلبتهم، ومفادها ~~أن امتناعها عن نبي مرسل يلزم امتناعها عنكم أيضا، ولهذا أخذتهم الصاعقة!! ~~ولم تأخذه معهم كما في الآية المتقدمة، مع أن الطلب من موسى! عليه السلام ~~مما يدلك أنه سألها لقومه. PageV01P184 # وتحليل القائلين بثبوت الرؤية لسؤال موسى وقولهم إنه جهل وقتها!!. كلام ~~فج ولهذا يقول العلامة المنذري في "جواب السائل" ص(52): "وكفاك قولهم جهل ~~وقتها، ومن جاز عليه الجهل في البعض جاز في سائره". ا.ه فدل على أن الأنسب ~~في حق النبوة أن يقال أنه سألها لقومه لا له. مع أنهم يشنعون على المعتزلة ~~في هذا الباب ثم يقعون فيه إذا قالوا بجهله بوقتها!. ما هذا! # [للتوسع في مسألة إعتقاد الإباضية لعدم الرؤية يرجى مراجعة الكتب ~~التالية: "جواب السائل الحيران" للعلامة المنذري و"الحق الدامغ" للشيخ أحمد ~~الخليلي و"معالم الدين" للعلامة الثميني و"مشارق أنوار العقول" ~~للسالمي]._)؛ فهذه البراهين العقلية. # وأما ما أتى به السور من البراهين النقليه فأشياء منها قوله تعالى: { لا ~~تدركه الابصار وهو يدرك الأبصار.. الآيه } الأنعام : 103 ، فنفي عز وجل ~~إدراك الأبصار لذاته(_( ) وتأويل الإدراك بالإحاطة لا يصح البتة، ودونك ~~قوله تعالى: { حتى إذا اداركوا فيها جميعا } [الأعراف : 38] أي تلاحقوا ولا ~~يعقل أحاط بعضهم ببعض أو تحاوطوا ومشتقاته، بل أهل اللغة الذين إليهم ~~المرجع في هذه المعضلات متفقين على تفسير الإدراك باللحاق وما يقاربه ولم ~~يقل أحد بأنه يفيد الإحاطة ودونك كتب اللغة فراجعها ليتبين لك خطأ من قال ~~بأن الإدراك الإحاطة، ومعلوم أن الفرد إذا قال: أدركت حياة فلان. لا يعني ~~أنه أحاط بها من أولها إلى آخرها، بل يمكن أنه لقيه سنة أو حتى شهرا. وإذا ~~قيل أدرك السهم الصيد لا يعني أنه أحاط به. PageV01P185 # قال صاحب "مختار الصحاح" ص(203) دار ابن كثير ms119 بيروت: "درك: الإدراك ~~اللحوق. قلت: صوابه اللحاق يقال مشى حتى أدركه وعاش حتى أدرك زمانه، وأدركه ~~ببصره أي رآه!! .. وتدارك القوم تلاحقوا أي لحق آخرهم أولهم ..الخ"._) ~~وامتدح بذلك، فنفي الادراك مدح له تعالى لهذه الآيه، وما كان مدحا له تعالى ~~فلا يصح زواله عنه واتصافه بضده، لأن ما كان سببا للمدح فهو كمال وضده نقص، ~~ولا يصح أن يزول شيئ من الكمالات الإلهيه، ولا أن يتصف الإله بشئ من ~~اضدادها النقصانيه فلو جاز أن يزول ما كان سببا لمدحه تعالى للزم عليه جواز ~~تبديل عزه تعالى بالذل وحمده تعالى بالشتم، وهذا محال في حق صفاته تعالى، ~~فكذا الإتصاف بالرؤية في وقت من الأوقات او من شخص من الأشخاص محال قطعا، ~~لما يلزم عليه من تبديل موجب المدح، وجواز الإتصاف بموجب الذم، فصح ~~استدلالنا بالآيه وسقط اعتراضات الخصم علينا بمحتملات وهمية توهموا أنها ~~التحقيق في معنى الآية، حتى افتخر بعض متأخريهم بذلك فرحا بما لديه فقال: # لا تدرك الأبصار أكبر حجة لمقالهم معنى لها ما ألطفه # يدريه من خبر العلوم وراضها كابن الخطيب إمام أهل المعرفة PageV01P186 ~~وأراد بابن الخطيب الفخر الرازي(_( ) الإمام أبو عبدالله محمد بن عمر بن ~~الحسن بن الحسين التيمي البكري الطبري الأصل والرازي نسبة إلى مدينة الري ~~التي ولد بها عام 544ه ، اشتهر بلقب "ابن خطيب الري" وأحيانا تختصر إلى ~~"ابن الخطيب"، من تصانيفه: "التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب ط" و "المحصول ~~في أصول الفقه ط" و "أساس التقديس" وغير ذلك وكانت وفاته سنة 606 بمدينة ~~هراة. ("ميزان الإعتدال" للذهبي 3/340 "طبقات الشافعية" لابن السبكي 8/81 ~~"لسان الميزان" لابن حجر 4/426 "الأعلام" للزركلي 6/313)._) ، ومنها قوله ~~تعالى لكليمه عليه السلام: { لن تراني.. الآية } (_( ) ولن تفيد التأبيد ~~عند كثير من أهل اللغة حيث هي مركبة من (لا) النافية و(إن) المؤكدة، ومن ~~ذلك قوله تعالى: { لن يخلقوا ذبابا } [الحج : 73] وقوله تعالى: { فلن أكون ~~ظهيرا للمجرمين } [القصص : 17] وقوله تعالى: { فلن يخلف الله عهده } ~~[البقرة : 80] ففي الآيات المذكورة لا يصح حمل النفي بلن إلا على ms120 التأبيد ~~فالإنقطاع فيهما فاسد، وسلب التأبيد منها هو خلاف الأصل كما في قوله تعالى: ~~{ ولن يتمنوه أبدا } [البقرة : 95] وفي هذا يقول العلامة المنذري في "جواب ~~السائل الحيران" ص(57): "قال في الدرر: قلنا عدم استفادة التأبيد في الآية ~~من خارج ونحن لا ننكر تخلفه لدليل بل تأكيدها هو الظاهر أتى به الذوق ~~والإستعمال".ا.ه_)الأعراف : 143 حين قال له: { ربي أرني أنظر اليك } فلو ~~كانت الرؤية جائزة في حقه تعالى لما علقها بالمستحيل في جوابه لكليمه عليه ~~السلام، وذلك قوله تعالى: { ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ~~تراني } الأعراف : 143 فعلق الرؤية على استقرار الجبل، واستقرار الجبل في ~~علمه تعالى محال، والمعلق على المحال محال مثله، ألا ترى أن أحدنا يقول: ~~آتيك اذا شاب الغراب أي ابيض شعره وابيضاض شعر الغراب محال فالإتيان محال ~~مثله لتعلقه به. PageV01P187 # قالوا: استقرار الجبل ممكن في نفسه، والمعلق بالممكن ممكن مثله. # قلنا: إمكانه في نفسه إنما هو بحسب جهلنا بحقائق الأشياء أما عند من علم ~~الحقائق فاستقراره محال، فظهر أن الإستقرار ليس بممكن في نفسه، وإنما كان ~~إمكانه بالنظر إلى عدم إطلاعنا على الحقائق، والرب تعالى عالم بها وبعدم ~~استقرار الجبل، وعلق وقوع الرؤية عليه فصح ما قلناه والحمد لله. # (126)(ومن يدن بها بكفر النعم فاحكم له والشرك إن يجسم) # (127)(كأن يقول يده مثل يدي أو وجهه كوجه بعض الأعبد) # أي واحكم على من قال بجواز الرؤية(_( ) والإباضية ممن ينكرون الرؤية وبسط ~~رأيهم في المسألة في كتاب الشيخ أحمد بن حمد الخليلي "الحق الدامغ" وهو ~~مطبوع ومتداول وفيه من الرد على أدلة القائلين بالرؤية ما يشفي الغليل، بل ~~ما لا تجده مجموعا في كتاب آخر، وأما الأحاديث التي تعلق بها القائلون ~~بالرؤية ففيها ما هو ضعيف وما هو موضوع وما هومعلل بعلة أوشاذ بمرة كقوله - ~~صلى الله عليه وسلم - : »ثم يأتيهم في غير الصورة التي عليها فيقولوا ما ~~أنت ربنا ... الحديث« الذي مفاده أن الله يتشكل من صورة إلى صورة تعالى ~~الله عن ذلك ms121 وفيه علل قادحة تنبه لها حتى من غير الإباضية انظر تعليقات ~~السيد حسن بن علي السقاف الشافعي على "دفع شبه التشبيه" لابن الجوزي ص(157) ~~حيث قال: وهذا الحديث شاذ عندنا بمرة، لأن فيه اشكالات تعارض القرآن والسنة ~~الصحيحة المتواترة والمشهورة وغيرها والقواعد الثابتة في الكتاب والسنة، ~~وقد ذكرت له ستة عشر إشكالا ..الخ وقد أخرج الحديث المذكور البخاري ومسلم ~~في "صحيحيهما". PageV01P188 # كما أن بعض روايات الرؤية في سندها عند البخاري ومسلم فضلا عن غيرهما ~~(حماد بن سلمة) وهو خفيف الضبط، وله أوهام كما في "ميزان الذهبي" (1/590) ~~بل فيه (1/593) ما نصه: "الدولابي حدثنا محمد بن شجاع الثلجي، حدثني ~~ابراهيم بن عبدالرحمن بن مهدي، قال: كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه ~~الأحاديث يعني التي في الصفات، حتى خرج مرة إلى عبادان، فجاء وهو يرويها، ~~فلا أحسب إلا أن شيطانا خرج إليه من البحر فألقاها إليه". فمثله لا يستنام ~~إلى روايته. # وفي بعض روايات الرؤية عند الشيخين فضلا عمن سواهما بعض المدلسين أمثال ~~بقية بن الوليد والوليد بن مسلم وهما من الشهرة بمكان بحيث لا يحتاج إلى ~~نقل ما قيل فيهما، غير أن ما ينبغي التنبيه له أن الحافظ ابن حجر تراه في ~~مقدمة "فتح الباري" يحاول بشكل غريب أن يرفع عنهما التهم أثناء رده على ~~كلام الحافظ الدارقطني الذي ينص على رواية البخاري ومسلم عن طائفة من ~~الضعفاء والمدلسين بمن فيهما المذكورين هنا مع أن ابن حجر نفسه ينص في بقية ~~كتبه على ما فيهما من مساوئ وهذا من تعصبه لصحيح البخاري الذي اشتهر به عند ~~المحدثين فالله المستعان. # أما في كتاب "التصديق بالنظر" للآجري الذي هو قسم من كتابه "الشريعة" وقد ~~طبعه بعضهم مستقلا فأكثره من رواية أبوبكر عبدالله بن أبي داود الذي يقول ~~عنه والده الحافظ أبوداود السجستاني: "ابني عبدالله كذاب". كما في "لسان ~~الميزان" لابن حجر (3/348) وشهادته في ابنه تكفي من أراد الله له الهداية. # وكتاب "الرؤية" للدارقطني من رواية أبوطالب العشاري المغفل وابن كادش ~~العكبراوي الوضاع وكلاهما ms122 لا يؤمنان على سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~فالكتاب المذكور لا يعول عليه أهل النقد. PageV01P189 # وأما الرواية في صحيح مسلم [297/181] التي جاء فيها تفسير الزيادة ~~بالرؤية وفيها: » ... فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ~~ويجرنا من النار؟. فيكشف الله عنهم الحجاب فينظرون إلى الله، فما أعطاهم ~~شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجهه، وهي الزيادة«. فهي معلولة أيضا وقد تكفل ~~بالرد عليها المحدث القنوبي في كتابه "السيف الحاد" ص(148 167) ونقل كلامه ~~هنا يطول فليرجع إليه من شاء بل فيه من التوسعة أنه تعرض بالنقض لدعوى من ~~زعم أن لها شواهد وبين ما في ذلك من هفوات. # كما أن له كتاب خاص يبحث فيه الأحاديث الواردة في الرؤية وبيان ما فيها ~~من علل على طريقة المحدثين سيصدر قريبا بإذن الله مما يدلك أن الروايات في ~~الرؤية ليست ثابتة. # ولا يحتج هنا بأن روايات الرؤية جاءت في الصحيحين لأن كون الرواية أتت في ~~الصحيحين أو أحدهما لا يعني صحتها على الإطلاق بل الذي أطلق وصف الصحة ~~عليهما إنما أراد الغالب لا العموم وإلا فهناك ما يزيد على مائة عالم من ~~غير الإباضية وأكثرهم من أتباع! وأئمة! المذاهب الأربعة وفيهم أيضا ابن ~~تيمية وابن القيم وابن حزم والشوكاني وأمثالهم قد ضعفوا بعض الروايات في ~~الصحيحين كما نص على ذلك العلامة المحدث القنوبي في كتابه "السيف الحاد" ~~ص(181) وفي ذلك يقول: "هذا وقد وجدنا أكثر من مائة عالم من أصحاب المذاهب ~~الأربعة وغيرهم ضعفوا بعض أحاديث الشيخين، أو أنهم قالوا بوجود بعض ~~الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة فيهما، ولولا خوف الإطالة لذكرتهم مع بعض ~~الأحاديث التي ضعفوها، وسأفرد ذلك برسالة خاصة بإذن الله تعالى". ومفاده أن ~~الشيخ وقف على كلامهم ونصوصهم في ذلك، ثم سرد قائمة بأسمائهم تراها في ~~الموضع المذكور. PageV01P190 # ثم فصل كلامهم ونقل النصوص الصريحة التي تدل على ذلك في مطلع الجزء ~~الثالث من كتابه القيم (الطوفان) وقد صرح من المعاصرين أمثال المحدث ~~الغماري المالكي بمثل ذلك في كتابه "المغير على ms123 الأحاديث الموضوعة في ~~الجامع الصغير" و الألباني في "إرواء الغليل" وغيرهم ونقل بعض كلامهما ~~المحدث القنوبي العماني في كتبه الآنفة الذكر، والله الموفق._) في حقه ~~تعالى وعلى من قال بوقوعها في الآخرة بكفر النعمة وهو النفاق فإن مجوز ~~ذلك والقائل به لا شك أنه فاسق لمخالفته العقل والنقل، فقضى الشرع بفسق من ~~خالفه؛ هذا إذا لم يقل بتجسيم الباري أما إذا قال: إنه يرى على كثيب، أو ~~جالسا على كرسي، أو له صورة كصورة الإنسان، أو على صورة أحد من خلقه، أو له ~~وجه كأوجهنا، أو يد كأيدينا او نحو ذلك فهذا مشرك، وكذا من قال: انه يرى في ~~الدنيا مشرك أيضا لمكابرته العقل والنقل بلا شبهة يتمسك بها، وإنما لم نشرك ~~من قال بأنه يرى في الآخرة لتأوله الكتاب، والمتأول اذا لم يوافق الحق في ~~تأويله فليس بمشرك لكنه منافق والله سبحانه وتعالى أعلم. # الخاتمة # في تفسير ألفاظ تعلقت بها المشبهة من # كتاب الله عزوجل # (128)(فوجهه أي ذاته في قوله وعينه أي حفظه لفعله) # تعلقت المشبهة في تقرير تشبيههم بآيات من القرآن العظيم، وذلك أنهم ~~أثبتوا له تعالى وجها وعينا ويدا إلى غير ذلك من صفات خلقه تعالى عن ذلك، ~~واستدلوا في اثبات الوجه بقوله تعالى: { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ~~} الرحمن : 27 { كل شيء هالك إلا وجهه } القصص : 88 . PageV01P191 # قلنا: يأتي الوجه في اللغة على معان منها الجارحة المحدودة، وتفسير الوجه ~~في حقه تعالى بها محال للزومه التشبيه المصرح بنفيه قوله تعالى: { ليس ~~كمثله شيء } الشورى : 11 مع ما تقدم من البرهان العقلي، فوجب تفسير الوجه ~~بغير الجارحة في حقه تعالى، فقلنا معنى الوجه في الآيات إنما هو بمعنى ~~الذات فقوله تعالى: { ويبقى وجه ربك } أي ذات ربك، وقوله تعالى: { كل شيء ~~هالك إلا وجهه } أي ذاته وكذا في نظائرهما من الآيات. # وتعلقوا في اثبات العين له تعالى بقوله تعالى: { ولتصنع على عيني } طه : ~~39 { تجري بأعيننا } القمر : 14 . قلنا: معنى العين في الآيتين الحفظ، ~~فقوله تعالى: { ولتصنع على عيني } أي على ms124 حفظي، و { تجري بأعيننا } أي ~~بحفظنا، ولا يصح أن تكون العين هنا بمعنى الجارحة الباصرة لما تقدم من ~~البرهان العقلي والنقلي، ولأن الآيات لا يمكن حمل معناها على العين التي هي ~~بمعنى الباصرة، فإنه لا يشك عاقل في أنه ليس المراد أن موسى عليه السلام ~~مصنوع على العين الباصرة (أي فوقها!!) ولا أن السفينة تجري بالأعين الباصرة ~~أيضا، فلا بد لهؤلاء المشبهة من تأويل الآيتين قطعا، وقد فروا عن التأويل ~~فوقعوا فيما فروا منه وزادوا على ذلك تشبيه ربهم تعالى. # (129)(واليد منه قدرة أو قل نعم وقبضة والاستوا ملكا يسم) PageV01P192 أي ~~ومعنى اليد في قوله تعالى: { يد الله فوق أيديهم } الفتح : 10 القدرة؛ أي ~~قدرة الله فوق قدرتهم لا كما زعمت المشبهة بأنها جارحة تعالى الله عن ذلك، ~~وقد تأتي اليد بمعنى النعمة(_( ) ومما يجدر نقله هنا أن الامام مالك بن أنس ~~أنكر ونهى أن يحدث بحديث (الصورة) و(اليد) وحديث (يكشف عن ساقه) وإليك نصه ~~من كتاب "سير أعلام النبلاء" للحافظ الذهبي (7/417 دار الفكر): "أبو أحمد ~~بن عدي: حدثنا أحمد بن علي المدائني، حدثنا اسحاق بن ابراهيم بن جابر، ~~حدثنا أبو زيد بن أبي الغمر، قال: قال ابن القاسم: سألت مالكا عمن حدث ~~بالحديث الذين قالوا: "إن الله خلق آدم على صورته" والحديث الذي جاء: "إن ~~الله يكشف عن ساقه"، وأنه: "يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد". فأنكر ~~مالك ذلك إنكارا شديدا، ونهى أن يحدث بها أحد، فقيل له: إن ناسا من أهل ~~العلم يتحدثون به. فقال: من هو؟. قيل: ابن عجلان عن أبي الزناد. قال: لم ~~يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء، ولم يكن عالما. وذكر أبا الزناد فقال: لم ~~يزل عاملا لهؤلاء حتى مات. رواها مقدام الرعيني، عن ابن أبي الغمر، والحارث ~~بن مسكين، قالا: حدثنا ابن القاسم." ا.ه والله المستعان._) كما في قوله ~~تعالى: { بل يداه مبسوطتان } المائدة : 64 أي نعمتاه الظاهرة والباطنة، ~~والعرب تطلق اليد على القدرة وعلى النعمة كما لا يخفى على من ms125 تتبع لغة ~~العرب، لكن هؤلاء المشبهة لا يفهمون العربية لأن غالبهم أصله(_( ) في (ب): ~~كانوا. _) أعاجم فبهرتهم أنوار التنزيل، فوقعوا في مهاوي الضلال والعياذ ~~بالله وقوله: (وقبضة والإستوا.. PageV01P193 # الخ) إشارة إلى ما في قوله تعالى: { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة } ~~الزمر : 67 وإلى ما في قوله تعالى: { الرحمن على العرش استوى } طه : 5 أي ~~القبضة في تلك الآية والإستواء في هذه الآية وفي نظائرها بمعنى الملك(_( ) ~~وكذلك تجد ابن جرير الطبري يأول (الاستواء) بالملك والسلطان حين يقول في ~~تفسيره (1/228 229) ما نصه: "والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام ~~العرب في تأويل قول الله: { ثم استوى إلى السماء } الذي هو بمعنى العلو ~~والارتفاع، هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بالمعنى المفهوم ~~كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها إلى أن تأوله بالمجهول من ~~تأويله المستنكر. ثم لم ينج مما هرب منه! فيقال له: زعمت أن تأويل قوله: { ~~استوى } أقبل؛ أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟. فإن زعم أن ذلك ليس ~~بإقبال فعل، ولكنه اقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل؛ علا عليها علو ملك ~~وسلطان، لا علو انتقال وزوال." ا.ه PageV01P194 واستنكار البعض بأن لو أريد ~~بالإستواء الإستيلاء لجاء ولو في آية واحدة من آيات الإستواء، يجيب عليه ~~التقي السبكي حين يرد على ابن القيم في كتابه "السيف الصقيل" ص(86 87) ~~فيقول: "وهذا الذي قاله ليس بلازم، فالمجاز قد يطرد وحسنه أن لفظ استوى ~~أعذب وأخصر، وليس هذا من الإطراد الذي يجعله بعض الأصوليين من علامة ~~الحقيقة، فإن ذلك هو الإطراد في جميع موارد الإستعمال، والذي حصل هنا اطراد ~~استعمالها في آيات فأين أحدهما من الآخر، ثم إن استوى وزنه افتعل فالسين ~~فيه أصلية واستولى وزنها استفعل فالسين فيه زائدة ومعناه من الولاية، فهما ~~مادتان متغايرتان في اللفظ والمعنى، والإستيلاء قد يكون يحق وقد يكون ~~بباطل، والإستواء لا يكون إلا بحق، والإستواء صفة للمستوي في نفسه بالكمال ~~والإعتدال، والإستيلاء صفة متعدية إلى غيره، فلا يصح أن يقال: استولى. حتى ms126 ~~يقول: على كذا. ويصح أن يقول: استوى. ويتم الكلام، فلو قال: استولى. لم ~~يحصل على المقصود. # ومراد المتكلم الذي يفسر الإستواء بالإستيلاء، التنبيه على صرف اللفظ ~~الموهم للتشبيه، واللفظ قد يستعمل مجازا في معنى لفظ آخر ويلاحظ معه معنى ~~آخر في لفظ المجاز، ولو عبر عنه باللفظ الحقيقي لاختل المعنى، وقد يريد ~~المتكلم أن الإستواء من صفات الأفعال كالإستيلاء المتمحص للفعل من كل وجه، ~~فيكون السبب في لفظة الإستواء عذوبتها واختصارها فقط دون ما ذكرناه ولكن ما ~~ذكرناه أحسن وأمكن، مع مراعاة معنى الإستيلاء. وانظر قول الشاعر: # قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق # ولو أتى بالإستيلاء لم يكن له هذه الطلاوة والحسن، والمراد بالإستواء ~~كمال الملك وهو مراد القائلين بالإستيلاء، ولفظ الإستيلاء قاصر عن تأدية ~~هذا المعنى فالإستواء في اللغة له معنيان: PageV01P195 # أحدهما استيلاء بحق وكمال؛ فيفيد ثلاثة معان، ولفظ الإستيلاء لا يفيد إلا ~~معنى واحدا، فإذا قال المتكلم في تفسير الإستواء الإستيلاء مراده المعاني ~~الثلاثة، وهو أمر يمكن في حق الله سبحانه وتعالى، فالمقدم على هذا التأويل ~~لم يرتكب محذورا ولا وصف الله تعالى بما لا يجوز عليه، والمفوض والمنزه لا ~~يقدم على التفسير بذلك لاحتمال أن يكون المراد خالفه، وقصور أفهامنا عن ~~الوصف الحق سبحانه وتعالى مع تنزيهه عن صفات الأجسام قطعا. # والمعنى الثاني للإستواء في اللغة: الجلوس والقعود ومعناه مفهوم من صفات ~~الأجسام، لا يعقل منه في اللغة غير ذلك والله تعالى منزه عنها، ومن أطلق ~~القعود وقال إنه لم يرد صفات الأجسام. قال شيئا لم تشهد به اللغة، فيكون ~~باطلا وهو كالمقر بالتجسيم المنكر له، فيؤخذ بإقراره ولا يفيد إنكاره". ا.ه # ولابن العربي المالكي أيضا كلام جيد في تحليل الأسباب التي دعت إلى تفسير ~~الإستواء بالإستيلاء في كتابه "عارضة الأحوذي" (2/198 201) ونقل كلامه ~~يطول فمن أراد فليراجعه. PageV01P196 # _)، وكذا اليمين في قوله تعالى: { والسماوات مطويات بيمينه } الزمر : 67 ~~، فمعنى قوله تعالى: { والأرض جميعا قبضته يوم القيامه } أي يكون جميع ~~الأرض ملكه يوم القيامه وكذلك ms127 هي اليوم، وانما خص بذلك يوم القيامة لإنتفاء ~~مدعي الملك هنالك بخلافه في هذه الدنيا، فإن فيها من ادعى الملك لنفسه، ~~وإلى هذا المعنى الإشارة في قوله تعالى: { لمن الملك اليوم } غافر : 16 ~~ومعنى قوله تعالى: { والسماوات مطويات بيمينه } أي بقدرته(_( ) كما تأول ~~ابن عباس - رضي الله عنه - قوله تعالى: { والسماء بنيناها بأيد } حيث أول ~~الأيدي بالقوة. أخرج ذلك ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11/472) برقم ~~[32245] وذكر هناك تأويل اليدين بالقوة عن مجاهد برقم [32246] وعن قتادة ~~برقم [32247] وعن ابن زيد برقم [32249] وعن سفيان برقم [32250] راجع قسم ~~الدراسة: في قضية اثبات التأويل عند السلف. # _)، ومعنى قوله تعالى: { الرحمن على العرش استوى } أي استولى بمعنى ~~ملكه(_( ) أما من فسر الإستواء بالإستقرار والجلوس كحال الآدمي فكلامه باطل ~~وأكثر من ابتلي بهذه الآفة هم الحنابلة حتى أن ابن العربي المالكي يقول في ~~"العواصم من القواصم" [الطبعة الكاملة دار الثقافة - قطر]ص(209): "ولقد ~~أخبرني جماعة من أهل السنة، بمدينة السلام، أنه ورد بها الأستاذ أبو القاسم ~~عبد الكريم بن هوازن القشيري، الصوفي، من نيسابور فعقد مجلسا للذكر، وحضر ~~فيه كافة الخلق، وقرأ القارئ: { الرحمن على العرش استوى } . قال لي أخصهم: ~~فرأيتهم يعني الحنابلة يقومون في أثناء المجلس ويقولون: قاعد، قاعد. بأرفع ~~صوت، وأبعده مدى، وثار أهل السنة من أصحاب القشيري، ومن أهل الحضرة،وتثاور ~~الفئتان، وغلبت العامة، فأحجزوهم المدرسة النظامية، وحصروهم فيها، فرموهم ~~بالنشاب، فمات منهم قوم وركب زعيم القضاة، وبعض الدارية، فسكنوا ثورتهم، ~~وأطفوا نورتهم ... الخ". PageV01P197 # وقد تقدم أن في كتاب "السنة" لابن أحمد يقول: "وهل يكون الإستواء إلا ~~بالجلوس!". وابن القيم ينقل في "بدائع الفوائد" رواية فيها ما يفيد أن الله ~~يجلس على عرشه ولم يتعقبها بشيء بل تجده يقرر ما يريده هناك بتلك الرواية ~~فكأنه يرى ثبوتها، وكل أحد يعلم أن الجلوس والقيام والإستلقاء من صفات ~~البشر، ومنه تعلم أن القائلين بتفسيره بالإستيلاء أرادوا كف شغب القائلين ~~بالجلوس والقعود والله المستعان._)، والرب عزوجل مستول على العرش وعلى ~~غيره، وإنما خص العرش بالذكر في هذه ms128 الآية ونظائرها لأن العرش أعظم ~~المخلوقات، فناسب ذكره في مقام الإمتداح، وإذا كان تبارك وتعالى مالكا لما ~~هو أعظم المخلوقات ومستوليا عليه كان استيلاؤه على ما هو دون ذلك ثابتا ~~بطريق الأولى، ومعنى قوله (يسم) بالبناء للمفعول أي يدعى، أي كل واحد من ~~القبضة والإستوا يسمى ملكا أي يفسر بالملك والله سبحانه وتعالى أعلم. # (130)(وجده كوجهه أو قل عظم ومكره عقوبة لمن ظلم) # أي الجد المضاف اليه تعالى في قوله: { وإنه تعالى جد ربنا } الجن : 3 له ~~معنيان أحدهما: أن يفسر بالذات كما فسر بذلك الوجه في قوله تعالى: { ويبقى ~~وجه ربك } الرحمن : 27 وعليه فالمعنى وأنه تعالى ربنا، والمعنى الثاني: أن ~~يفسر بالعظمة، وعليه فالمعنى وأنه تعالى عظمة ربنا، فالعظم في البيت بكسر ~~العين المهملة وفتح الظاء المعجمة بمعنى العظمه. # وقوله: (ومكره عقوبة.. الخ) أي والمكر المسند اليه تعالى في نحو قوله ~~تعالى: { ومكروا ومكر الله } آل عمران : 54 إنما هو عقوبة للظالم لا غير ~~ذلك من المخادعة والإحتيال فمعنى قوله تعالى: { ومكر الله } أي وعاقبهم ~~الله، أي قضى بعقوبتهم وحكم بها من حيث لا يعلمون ذلك. # الباب الثالث # من الركن الثاني # في الأنبياء والرسل والملائكة والكتب # (131)( ثم من الجائز بعث الرسل يهدوننا إلى الصراط الأعدل) # ( PageV01P198 132)(مقرونة دعواهم تفضلا بمعجزات تبطل التقولا) # أي ثم إني أقول: إن من الجائز في حقه تعالى إرسال الرسل أي والإيحاء إلى ~~الأنبياء وانزال الكتب، ومعنى الجائز في حقه تعالى أي له أن يفعل ذلك وله ~~أن لا يفعله، ويصح اتصافه به وعدم اتصافه به خلافا لمن أوجب ذلك في حقه ~~تعالى ولمن أحاله والقائل باستحالة ذلك مشرك إجماعا، وقوله: (يهدوننا إلى ~~الصراط) الجملة في محل الحال من الرسل، والمعنى: هادين لنا إلى الصراط ~~الأعدل أي المستقيم وفي هذا تنبيه على حكمة ارسال الرسل، وقوله: (مقرونة ~~دعواهم) حال من (واو) يهدوننا أو من الرسل أيضا أي دعواهم بأنهم رسل من ~~الله تعالى مقرونة بمعجزة؛ وهي الخارق للعادة المتحدى به على الخصم، فخرج ~~بالخارق السحر فإنه غير خارق ms129 للعادة؛ وإنما هو أمر مترتب على أسباب من ~~أحكمها حصل له ذلك الأمر، والخارق ليس مترتبا على سبب لكن لما خفيت أسباب ~~السحر على كثير من الناس ظن أنه خارق وليس كذلك، وخرج بالمتحدى به.. الخ ~~كرامات الأولياء فإنها وإن كانت خارقة أيضا لا تكون على جهة التحدي، أي فلا ~~تحصل لمن يدعي النبوة منهم إذا لم يكن نبيا كذا جرت عادته سبحانه وتعالى ~~حفظا لرتبة النبوة وصونا لمقام الرسالة. # وقوله: (تفضلا) حال من قوله: بمعجزات. والعامل فيه مقرونة، أي مقرونة ~~دعواهم بمعجزات متفضلا بها عليهم، وقوله: (تبطل التقولا) نعت للمعجزات أي ~~تلك المعجزات مبطلة لتقول الخصم لإدعائه أنه يستطيع الإتيان بمثلها كما ~~ادعى فرعون في قوله لموسى عليه السلام { فلنأتينك بسحر مثله } طه : 58 ~~وكإدعاء مسيلمة أنه يأتي بمثل القرآن. # (133)(وواجب عليك أن تعرف ما يجوز للرسل وما قد لزما) # (134)(وما استحال عنهم فاللازم في حقهم نعتا هي المكارم) # (135)(كالصدق والتبليغ والأمانة والعقل والضبط وكالفطانة) # (136)(والمستحيل ضدها كالكذب وكالجنون وارتكاب الريب) # ( PageV01P199 137)(وما عدا ذلك فهو ممكن في حقهم إلا الذي يستهجن) # للرسل والأنبياء صفات واجبة في حقهم ولهم صفات مستحيلة في حقهم وصفات ~~ممكنة في حقهم، ويلزم المكلف معرفة كل واحد من هذه الصفات بعد قيام الحجة ~~به عليه، فيجب في حق الأنبياء والرسل (التبليغ) لما أمروا بتبليغه دون ما ~~لم يؤمروا بذلك، ودون ما خيروا في تبليغه، ويجب إتصافهم ب(الصدق) وهو ~~مطابقة خبرهم للواقع، ويجب اتصافهم ب(الأمانة) وهي حفظ ما ائتمنوا عليه ~~ووضعه في موضعه وأداؤه إلى أهله، ويجب اتصافهم ب(العقل) فلا يكون المجنون ~~رسولا ولا نبيا ولا يكون نبي صبيا أي متصف بصفة الصبيان من عدم الاتصاف ~~بموجبات العقل، فيخرج بهذا التقييد يحيى عليه السلام لقوله تعالى: { ~~وآتيناه الحكم صبيا } مريم : 12 وكذا من كان مثله. # حاصل ما في المقام أن الواجب الإتصاف بالعقل، فإذا حصل في أحد فلا عبرة ~~بكثرة عدد السنين وقلته، ويجب في حقهم (الضبط) أي حفظ ما أمروا بتبليغه ~~وضبطه حتى يؤدونه ms130 على وجه لا يكون فيه خلل، ويجب في حقهم (الفطانة) وهي ~~اليقظة في الأمور ليحصل لهم بذلك محاورة الخصم، ومجادلتهم بالتي هي أحسن، ~~ويستحيل في حقهم أضداد هذه الصفات من ذلك؛ (الكذب) وهو عدم مطابقة الخبر ~~لما في الواقع، ومن ذلك (الجنون) وهو زوال العقل، ومن ذلك (ارتكاب الريب) ~~أي المعاصي فإنهم لو ارتكبوها ما كانوا أمناء في أوامر ربهم في أنفسهم فلا ~~يكونون أمناء في غير ذلك، وما عدا هذه الصفات التي ذكرتها فهي في حقهم من ~~الممكن لهم والجائز اتصافهم بها، وذلك مثل النوم والأكل والشرب والجماع ~~والمشي بالأسواق وغير ذلك من المباحات، نعم يستثنى من ذلك ما كان مستقبحا ~~منها في العقل كالبول قياما فإن العقل يستقبح ذلك في أدنى البشر، فكيف ~~يستحسنه في أعلاهم، على أن الغرض إتصافهم بمكارم الأخلاق وليس هذا منها. # (138)(أفضلهم نبينا ثم الخليل ثم الكليم بعده عيسى الجليل) # ( PageV01P200 139)(وبعدهم نوح فباقي الرسل فالأنبيا ذوو المقام الأكمل) # وقع الإجماع على ثبوت تفاضل الرسل لقوله تعالى: { تلك الرسل فضلنا بعضهم ~~على بعض } البقرة : 253 ووقع الإجماع على أفضلية نبينا عليه الصلاة والسلام ~~على جميع الخلق لأدلة تخصه، ووقع الإتفاق على أن أفضل الرسل من بعده أربعة: ~~1 ابراهيم خليل الرحمن 2 وموسى كليم الله 3 وعيسى روح الله 4 ونوح نبي الله ~~عليهم الصلاة والسلام ثم وقع الخلاف في تفضيل بعض هؤلاء على بعض، واعتمد ~~الأكثر الطريقة التي اعتمدها المصنف، ووقف بعض عن تعيين الأفضل منهم وقال: ~~هذا باب لسنا بحكام فيه لأن أمر ذلك إلى التوقيف من الشارع، وهو حق فالتوقف ~~أولى فيما لم يرد فيه نص. وقوله: (فباقي الرسل) أي بعد هؤلاء الخمسة في ~~الفضل باقي الرسل، وعدد الرسل مع هؤلاء الخمسة ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولا ~~أولهم آدم وآخرهم محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وقوله: (فالأنبيا) أي بعد ~~الرسل في رتبة التفضيل الأنبياء؛ وهم الذين أوحي إليهم بشرع لم يؤمروا ~~بتبليغه، فان أمروا بالتبليغ كانوا رسلا أيضا، وعدد الأنبياء(_( ) عدد ~~الأنبياء والرسل والكتب الذي يتناقله المصنفون في ms131 العقيدة مأخوذ من الحديث ~~الذي رواه أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - الذي جاء فيه: # " ... قلت: يارسول الله كم الأنبياء؟. قال: مائة ألف وعشرون ألفا وفي ~~رواية: وأربعة وعشرون ألفا . قلت: يارسول الله كم الرسل؟. قال: ثلاثمائة ~~وثلاث عشر جما غفيرا. ... قلت: يا رسول الله كم كتاب أنزله الله تعالى؟. ~~قال: مائة كتاب وأربعة كتب." # وهذه الرواية بهذا التمام أخرجها ابن حبان في "صحيحه" برقم [94 موارد ~~الظمآن] وأبو نعيم في "الحلية" (1/221) برقم [551] وفي الروايتين ابراهيم ~~بن هشام بن يحي الغساني قال عنه أبو حاتم وغيره: كذاب كما في "موارد ~~الظمآن" ص(54) للهيثمي. PageV01P201 # وأخرجها من طريقه بعدد الرسل فقط أيضا الإمام أحمد في "مسنده" برقم ~~[21601 و21607] والطيالسي في "مسنده" برقم [478] وفيهن المسعودي وعنها يقول ~~الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/395): "رواه أحمد والبزار والطبراني في ~~"الأوسط" بنحوه وعند النسائي طرف منه، وفيه المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط". ا.ه # كما أخرج الإمام أحمد في "مسنده" رواية من طريق أبي أمامة - رضي الله عنه ~~- يحكي فيها عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - برقم [22351] وفيها ذكر ~~عدد الأنبياء والرسل دون الكتب، لكن في سنده علي بن يزيد وعنها يقول ~~الهيثمي في "مجمعه" (1/395): "رواه أحمد والطبراني في "الكبير" وقال: "كم ~~عدد الأنبياء؟. قال: مئة ألف وأربعة وعشرون ألفا". ومداره على علي بن يزيد ~~وهو ضعيف". ا.ه # ومنه تجد أن الروايات غير ثابتة في هذا الباب، بقي البحث هنا عن رواية ~~المسعودي والرواة عنه هل هم ممن روى قبل اختلاطه أم لا؟ فإن كان قبل ~~اختلاطه فلتصحيح الرواية مدخل وإن كان بعدها فلا._) على القول المشهور مائة ~~ألف وعشرون ألفا منهم الثلاثمائة والثلاثة عشر ، وقوله: (ذوو المقام ~~الأكمل) أي أصحاب المقام الكامل. # (140)(قد نسخت شرائع الجميع سوى الهدى بشرعنا البديع) # (141)(وما له أي شرعنا مغير فهو على الدوام لا يغير) PageV01P202 اعلم أن ~~شريعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ناسخة لشرائع الأنبياء من قبله أي ~~مبدلة لأحكامها بأحكام أخر، إما مخالفة لها وإما موافقة، إلا ما ms132 لا يصح ~~نسخه من ذلك كالتوحيد فإن صفاته تعالى لا يجوز عليها التغيير، فلا يصح ~~نسخ التعبد فيها فلا يمكن أن يتعبد أحد من أهل الملل أن يعتقدوا أنه لا يرى ~~ويتعبد آخرين أن يعتقدوا أنه يرى، وكمكارم الأخلاق فإن الله يأمر بالعدل ~~والإحسان ومكارم الأخلاق داخلة تحت العدل والإحسان فلا يصح أن يأمر بخلاف ~~المكارم، وهذا النوع ما لا يصح نسخه هو المراد من قول المصنف (سوى الهدى) ~~أي إلا الهدى فإنه لم ينسخ، أي لأنه لا يصح نسخه، وقوله: (وما له أي شرعنا ~~..الخ) أي لا يغير شرع نبينا - صلى الله عليه وسلم - ناسخ لأنه ليس بعده ~~نبي كما صرح به حديث: (لانبي بعدي((_( ) جزء من حديث جاء من طريق سعد بن ~~أبي وقاص - رضي الله عنه - رواه مسلم في "صحيحه" [2404] وأحمد في "مسنده" ~~[1605] وعبد الرزاق في "مصنفه" [20390] وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" ~~برقم [47] وأبو نعيم في "الحلية" [10300 و10301 و10302 و10303 و10304 ~~و10306 و10308 و10309]. # وجاء من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه الإمام البخاري في "صحيحه" ~~[3455]. وجاء من طريق ثوبان - رضي الله عنه - رواه أحمد [22457] والترمذي ~~[2219]. ومن طريق جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - رواه الترمذي [3730] ~~وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" [122]. PageV01P203 # ورواه الحاكم في "المستدرك" [4105أ] عن وهب بن منبه. وأبو نعيم في ~~"الحلية" [10307] عن علي. وابن سعد في "الطبقات" (3/17 /الكتب العلمية) عن ~~سعد بن مالك - رضي الله عنه - . ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" في ~~مواضع منه، وغيرهم._) وكما دل عليه قوله تعالى: { وخاتم النبيين } الأحزاب ~~: 40 فإن الخاتم لا يكون معقوبا، فثبت امتناع نسخ شرعه لإستحالة نبي بعده، ~~واعتقاد أنه لا نبي بعده وأن شريعته لا تنسخ من بعده واجب علينا، فلا يصح ~~جهل علمه بعد قيام الحجة به. # (142)(وبعدهم ملائك حباهم مولاهم بالقرب واجتباهم) # (143)(أفضلهم جبريل والذي زعم تفضيله على الحبيب قد غشم) PageV01P204 أي ~~بعد درجة الأنبياء في الفضل درجة الملائكة عليهم السلام فإنه قد أعطاهم ~~ربهم ومولاهم من الفضل الخاص بهم ما لم ms133 يعطه لغيرهم، واصطفاهم لخدمته ~~وفرغهم لإنفاذ أمره فلهم الفضل العظيم لهذا التبجيل والتعظيم، على أن الله ~~عزوجل قد مدحهم في كتابه العزيز بقوله: { يسبحون الليل والنهار لا يفترون } ~~الأنبياء : 20 وقوله: { لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } ~~التحريم : 6 فهم بهذا أفضل من سائر المؤمنين ممن عدا الأنبياء والمرسلين، ~~وفضل بعض أصحابنا وغيرهم المؤمنين عليهم، واستدل كل واحد من الفريقين بأدلة ~~ذكرناها في غير هذا المقام، ولا شك أن بعض الملائكة أفضل من بعض لقوله ~~تعالى حكاية عنهم : { وما منا إلا له مقام معلوم } الصافات : 164 وأفضلهم ~~على الإطلاق جبريل عليه السلام لأنه الرسول من الله إلى أنبيائه وان كان ~~غيره قد أرسل أيضا فإرساله هو أكثر من غيره، ولكثرة خصاله الفاضلة والفواضل ~~زعم الزمخشري(_( ) العلامة أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن محمد بن ~~أحمد الخوارزمي الزمخشري، من كبار علماء المعتزلة ولد في زمخشر احدى ضواحي ~~خوارزم سنة 467ه رحل وسمع ببغداد من نصر بن البطر، وحج وجاور بها زمنا فلقب ~~جار الله. قيل سقطت رجله فكان يمشي على عمود من خشب، وروى عنه بالإجازة أبو ~~طاهر السلفي وزينب بنت الشعري. PageV01P205 # قال ابن حجر في "لسان الميزان" (6/4): "وقد كان الزمخشري في غاية المعرفة ~~بفنون البلاغة وتصرف الكلام وكتابه (أساس البلاغة) من أحاسن الكتب وقد أجاد ~~فيه وبين الحقيقة من المجاز في الألفاظ المستعملة إفرادا وتركيبا، وكتابه ~~(الفائق في غريب الحديث) من أنفس الكتب؛ لجمعه المتفرق في مكان واحد مع حسن ~~الإختصار وصحة النقل، وله كتاب (الفصل في النحو) مشهور ورأيت له مصنفا في ~~المشتبه في مجلد واحد وفيه فوائد جليلة، وأما التفسير فقد أولع الناس به ~~وبحثوا عليه وبينوا دسائسه وأفردوها بالتصنيف، ومن رسخت قدمه في السنة وقرأ ~~طرفا من اختلاف المقالات انتفع بتفسيره ولم يضره" ا.ه قال السمعاني: برع في ~~الأدب وصنف التصانيف، وورد العراق وخراسان ما دخل بلدا إلا واجتمعوا عليه ~~وتلمذوا له، وكان علامة نسابة جاور مدة حتى هبت على كلامه رياح البادية. ~~مات ليلة ms134 عرفة سنة 538ه. من تصانيفه تفسيره الشهير وهو "الكشاف ط" و معجم ~~"أساس البلاغة ط" و"المقامات ط" و "المستقصى في الأمثال ط" و "الفائق في ~~غريب الحديث ط" و "أعجب العجب في شرح لامية العرب ط" وغيرها كثير. ~~("العبر" 2/455 و"سير أعلام النبلاء" للذهبي 14/596 و"لسان الميزان" لابن ~~حجر 6/4 و"الأعلام" للزركلي 7/178)._) أنه أفضل من حبيب الرحمن محمد - صلى ~~الله عليه وسلم - وقد خرق الإجماع بذلك ودخل مدخلا كان الواجب عليه أن يقف دونه. # (144)(بهم جميعا يجب الإيمان وبالذي أنزله الرحمن) # (145)(وهوكلام جاء بالنظم الأتم على معان فيه ارشاد الأمم) PageV01P206 ~~أي يجب التصديق على جهة الإذعان بالأنبياء جميعا وبالرسل جميعا، وبالملائكة ~~جميعا وبما أنزل الرحمن من الكلام على رسله، فالإيمان واجب بكل واحد من هذه ~~الأصناف جملة، ويجب علينا أن نخص محمدا - صلى الله عليه وسلم - وما أنزل ~~عليه بالإيمان، فلا يجزي الإيمان به مع جملة الرسل ولا الإيمان بالقرآن مع ~~جملة الكتب، وكذا يجب علينا أن نخص بالإيمان من قامت علينا الحجة برسالته ~~أو نبوته من الأنبياء والرسل الذين من قبله - صلى الله عليه وسلم - ، ~~وقوله: (وهو كلام دل.. الخ) هذا تفسير لما أنزل الرحمن؛ أي الذي أنزله ربنا ~~هو كلام دل بالنظم التام على معان ترشد الأمم إلى نجاتها وإلى فلاحها ~~وصلاحها، وجملة ما أنزل الله من الكتب على ما في بعض الروايات مائة كتاب ~~وأربعة كتب؛ خمسون منها على شيث، وثلاثون على ادريس فتلك ثمانون، وعشرة صحف ~~على إبراهيم، وعشرة على موسى قبل التوراة فتلك مائة، والتوراة على موسى، ~~والزبور على داود، والإنجيل على عيسى، والقرآن العظيم على نبينا الكريم ~~عليه وعليهم أفضل صلاة وأكمل تسليم. # (146)(والكل مخلوق لإمكان العدم ولإنفراده تعالى بالقدم) # أي كل واحد من الكلام المنزل على الرسل مخلوق، لا شيء منها متصف بالقدم، ~~لا التوراة ولا الإنجيل ولا الزبور ولا القرآن ولا غيرها من سائر الكتب، ~~وذلك لأدلة عقلية ونقلية؛ # أما العقلية فمنها أن الكلام المنزل ممكن فناؤه وكل ما أمكن عدمه ms135 استحال ~~قدمه، ومنها أنه تعالى منفرد بالقدم فلو كان الكلام أو شيء منه قديما للزم ~~بطلان انفراده تعالى بالقدم، وقد قام البرهان على وجوب انفراده بذلك فلا ~~قديم غيره. PageV01P207 # وأما النقلية فأشياء منها قوله تعالى: { خالق كل شيء } الأنعام : 102 ~~والكلام شيء فهو مخلوق لهذه الآية، ومنها قوله تعالى: { إنا كل شيء خلقناه ~~بقدر } القمر : 49 والكلام شيء، ومنها أنه موصوف بالإنزال كما في قوله ~~تعالى: { إنا أنزلناه } القدر : 1 وكل منزل منتقل من جهة إلى جهة، وكل ~~منتقل حادث وكل حادث مخلوق، إلى غير ذلك من الأدلة والله تعالى أعلم. # فصل # في المحكم والمتشابه # (147)(وفي القرآن محكم ومشتبه ومجمل مفصل نؤمن به) # (148)(كل أتى من ربنا والخلف في حديهما على أقاويل تفي) # (149)(مع اتفاق منهم أنهما نوعان أي مختلف حكمهما) # أي في القرآن آيات محكمة وفيه آيات متشابهة، وفيه آيات مجملة وفيه آيات ~~مفصلة أي مبينة ، ويجب الإيمان بجميعه محكمه ومتشابهه ومجمله ومفصله لقوله ~~تعالى: { منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم ~~زيغ فيتبعون ما تشابه منه.. الآية } آل عمران : 7 ، وقد اختلف العلماء في ~~بيان المحكم من المتشابه وفي تعريف كل واحد منهما على أقاويل تجئ في النظم، ~~وهم مع اختلافهم متفقون على أن المحكم غير المتشابه والمتشابه غير المحكم ~~فهما نوعان متغايران، وحكم كل واحد منهما يخالف حكم الآخر لأن الرب تعالى ~~رتب على كل واحد حكما. # ثم إنه أخذ في بيان حد المحكم وبيان حكمه فقال: # (150)(فالمحكم المتضح المعنى انقسم للنص والظاهر معنى فانحسم) # (151)(في النص حكم القطع بالمراد والظن في الظاهر للعباد) # (152)(وإن أتى بعكسه الدليل صير اليه وهو التأويل) # (153)(وهو قريبا أو بعيدا وقعا أو متعذرا فلن يتبعا) PageV01P208 أي ~~المحكم من الآيات ومن غيرها من الروايات هو ما اتضح معناه وهو قسمان؛ ~~لأنه إما أن يتضح المعنى ولم يحتمل معنى غيره وهو النص، وإما أن يحتمل معنى ~~ثانيا وإن كان احتمالا بعيدا مثلا فهو الظاهر، ولكل واحد من النص والظاهر ~~حكم، فحكم النص ms136 القطع بمراد المتكلم أي إذا سمعنا من الكلام ما لايحتمل إلا ~~معنى واحدا قطعنا بأن مراد المتكلم هو ذلك المعنى لا غيره لعدم احتمال ~~الكلام لغيره، والحكم في الظاهر الظن بأن ما ظهر من المعاني هو مراد ~~المتكلم، أي اذا سمعنا كلاما يحتمل معنيين لكن السابق إلى الذهن أحدهما ~~ظننا أن ذلك السابق إلى الذهن هو مراد المتكلم، وانما كان هذا كذلك لإحتمال ~~أن يكون المتكلم أراد المعنى الثاني؛ هذا إذا لم يقم دليل على أن مراد ~~المتكلم المعنى المرجوح فإن قام الدليل بذلك ترك المعنى الظاهر وصير إلى ~~المعنى الباطن لوجود ذلك الدليل الدال على أن الباطن هو المراد. # والمصير من الظاهر إلى المعنى الباطن هو التأويل(_( ) والتأويل فيه ما هو ~~حق يتحتم المصير إليه كما أن فيه الباطل الذي يجب التحذير منه فالأخذ به ~~دون ضوابط ومحاربته مطلقا كلاهما خطأ عظيم يقول المصنف في كتابه "طلعة ~~الشمس" (1/169 170 التراث): "وصرف الظاهر إلى المعنى الباطن بالدليل هو ~~المسمى عندهم بالتأويل، وهو في اللغة: مصدر أول وأصله من: آل يؤول إذا رجع، ~~كذا في "المنهاج". قال: وأما في الاصطلاح: فهو صرف اللفظ عن حقيقته إلى ~~مجازه لقرينة اقتضت ذلك الصرف، قال: وله شبه باللغوي أي المعنى كأنه رد ~~اللفظ من ذهابه على الظاهر، حتى يرجع إلى ما يريد به. PageV01P209 # أقول السالمي : والمراد بصرف اللفظ عن حقيقته هو أن يكون اللفظ موضوعا ~~فيصرف عنه في الاستعمال بدليل، ويشمل ذلك المفرد إذا استعمل في غير ما وضع ~~له كالأسد في الشجاع، وكالمطلق في المقيد، والعام إذا قصر على أفراده ونحو ~~ذلك، فاستعمال اللفظ من مفرد وغيره فيما وضع له هو (الظاهر) وصرفه إلى غيره ~~هو (التأويل). # والمراد بالقرينة هو الدليل الذي يصرف به الظاهر عن ظاهره؛ وهي إما: # عقلية : كما في قوله تعالى: { ولتصنع على عيني } فالعين حقيقة في الحاسة، ~~لكن لما منع العقل من وجود هذه الصفة فيه تعالى حكمنا بأن المراد بالعين في ~~الآية غير حقيقتها فقلنا: أنه أراد بالعين العلم ms137 أو الحفظ على سبيل التجوز. # وإما أن تكون القرينة مقالية: كما في قوله تعالى: { ليس كمثله شيء } فإن ~~هذه الآية قرينة صارفة للآيات التي ظاهرها التجسيم عن ظاهرها. # وقد يكون التأويل قريبا فيكفى في صحته ووجوب قبوله أدنى مرجح، كما ذكرنا ~~في تأويل العين بالعلم أو الحفظ لكونها طريقا إليهما، فإن هذا التأويل ~~مجازي قريب لقوة العلاقة. وقد يكون بعيدا وبعده بحسب غموض العلاقة التي ~~سوغت التجوز به، وبحسب ضعف القرينة التي لأجلها صرف اللفظ عن ظاهره فيحتاج ~~إلى مرجح أقوى مما ترجح به التأويل القريب، وسيأتي مثال البعيد. # وقد يكون التأويل خارجا عن التجوزات الدائرة في السن العرب فلا يقبل بل ~~يرد على قائله ويكذب بسبب ذلك؛ وذلك كما في تأويلات الباطنية أخزاهم الله ~~تعالى؛ ثعبان موسى صلوات الله عليه بحجته، ونبع الماء من بين الأصابع ~~بكثرة العلم، وتأويل قوله تعالى: { حرمت عليكم أمهاتكم } أن المراد ~~بالأمهات العلماء وتحريم مخالفتهم وانتهاك حرمهم ونحو ذلك من تقولاتهم كثير ~~... الخ" ا.ه PageV01P210 فليس التأويل عند القائلين به من أتباع الفرق ~~المعتدلة مفتوح على مصراعيه لكل من هب ودب بل كل ذلك مضبوط بضوابط، ~~ومحاربته بكل صوره ديدن من لا يعقل ما يخرج من رأسه._) وهو ينقسم إلى ثلاثة ~~أقسام: 1 تأويل قريب 2 وتأويل بعيد 3 وتأويل متعذر، كل ذلك بحسب قرب ~~الإحتمال للمعنى وبعده، فالتأويل القريب يترجح بأدنى دليل والتأويل البعيد ~~يحتاج إلى تأويل قوي والمتعذر منه لا يقبل. # فمن المتعذر تفسير الرافضة لقوله تعالى: { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان ~~اكفر } الحشر : 16 قالوا: الشيطان عمر بن الخطاب، والإنسان: أبو بكر قال له ~~خذ الخلافة وأنا معينك عليها. أخزاهم الله تعالى ورضي عن الشيخين(_( ) ~~الشيخان هما أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وهما أشهر من أن يعرفا صاحبي ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - وخليفتاه من بعده متفق على تقديمهما لم يشذ ~~في هذا إلا الشيعة فإنهم أساءوا إلى أنفسهم ببغضهما ففحش مذهب الشيعة إنما ~~أتى من موقفهم من هذين الصحابيين الذي تبناه الإثنى عشرية ms138 بخلاف الزيدية ~~قال الشيخ السالمي عنهم في منظومة "كشف الحقيقة": # "فيشتمون أفضل الأصحاب ويدعون أفضل الثواب"._) ولهم في تحريف القرآن ~~العظيم على هذا المنوال ما ينبغي أن ينزه مختصرنا هذا عن ذكره. # ولما فرغ من بيان حد المحكم وأحكامه شرع في بيان حد المتشابه وأحكامه فقال: # (154)(وذو اشتباه ما اختفى كالمجمل أو مفهم تشبيه مولانا العلي) # (155)(فمنه ما قيل بأنه الذي له احتمالان فصاعدا خذ) # (156)(ومنه أيضا ما يكون مبهما كتسع عشر أمرهم قد أبهما) # (157)(ومنه أنه الذي لم يعلم تأويله غير المهيمن اعلم) # (158)(فكل هذا أصله متحد وجعله أشياء ليس يحمد) # (159)(وقيل أحرف أوائل السور وقيل بالأمثال مع كل خبر) # (160)(وقيل ما قد كان منسوخا وما قد كان ناسخا يسمى محكما) PageV01P211 ~~المتشابه هو خلاف المحكم وعرفوه بأنه: هو الذي اختفى معناه، ولخفاء معناه ~~سببان؛ أحدهما اجمال اللفظ، وثانيهما أن يكون ظاهره مخالفا لدليل العقل ~~وذلك كما إذا كان في ظاهره تشبيه الباري عزوجل بخلقه كآية الإستواء، فهو ~~باعتبار سببه قسمان مجمل وما كان ظاهره التشبيه، وهذا الحد الذي ذكره ~~المصنف وهو أن المتشابه ما اختفى معناه شامل لأكثر التعاريف الواردة من ~~العلماء في المتشابه، فيدخل تحته قول من قال: إن المتشابه ما كان له ~~احتمالان فصاعدا يختفي فيه المعنى المراد منه ولا يعلم الا بدليل خارجي؛ ~~وهذا الدليل هو الذي نسميه بالبيان، ويدخل تحته أيضا من قال: إن المتشابه ~~هو ما كان مبهما وذلك كما في قوله تعالى: { عليها تسعة عشر } المدثر : 30 ~~فأبهم المعدود من هذه الآية فلم يدر ما هو واحتمل أن يكون تسعة عشر ملكا ~~وأن يكون تسعة عشر صفا إلى غير ذلك وكما في قوله تعالى: { ويحمل عرش ربك ~~فوقهم يومئذ ثمانية } الحاقة : 17 فحقيقة الثمانية مبهمة، ووجه دخول هذا في ~~تعريف المصنف إنما هو من حيث خفاء المعنى المراد، ويدخل تحته أيضا قول من ~~قال: إن المتشابه هو ما لا يعلم تأويله إلا الله كوقت الساعة وككيفية الحشر ~~وكحقيقة الثواب وحقيقة العقاب إلى غير ذلك ووجه ms139 دخوله فيما تقدم بجامع ~~الخفاء، ولذا قال المصنف: (فكل هذا أصله متحد) أي أصل هذه الأقاويل واحد ~~وهو الخفاء، وقوله: (وجعله أشياء.. الخ) أي جعل ما ذكر هاهنا أشياء متعددة ~~لمعان مختلفة غير محمود لأن كل واحد من تلك الأقوال انما اعتبر جهة من جهات ~~الخفاء، فالقدر المشترك بين الجميع هو الخفاء فينبغي أن يؤخذ في تعريف ~~المتشابه فتكون تلك الأقاويل أنواعا له كما صنع المصنف، وأما قوله: (وقيل ~~أحرف.. الخ) فهذه ثلاثة أقاويل في المتشابه خارجة عن ضابط الخفاء : PageV01P212 # أحدها: أن المتشابه هو الحروف المقطعة في أوائل السورك(الم المص الر ~~المر كهيعيص.. إلى آخرها) ووجه الخروج من ذلك الضابط هو أن القول به يفيد ~~حصر المتشابه في هذه الحروف دون ما عداها من الآيات.وثانيها: أن المتشابه ~~هو القصص والأمثال وهو معنى قوله: (وقيل بالأمثال مع كل خبر).وثالثها: أن ~~المتشابه هو ما كان منسوخا من الآيات، وأما ما كان منها ناسخا فيسمى محكما. # (161)(وحكمه الوقوف في الإجمال حتى يبين أظهر احتمال) # (162)(والرد للمحكم حكم الثاني أو يلزمن تناقض القرآن) # لما كان المتشابه قسمين ثبت لكل قسم حكم، فله أيضا حكمان فأما حكم المجمل ~~منه فهو الوقوف عن تعيين المراد منه وعن العمل به حتى يبين المراد منه ~~بدليل يسمى بيانا وهذا معنى قوله: (حتى يبين أظهر احتمال). وأما حكم النوع ~~الثاني منه وهو ما كان ظاهره التشبيه فحكمه أن يرد إلى المحكم من الآيات ~~فيفسر به لقوله تعالى: { منه آيات محكمات هن أم الكتاب } آل عمران : 7 ~~ومثال ذلك قوله تعالى: { الرحمن على العرش استوى } طه : 5 فإنه يجب أن يرد ~~إلى قوله تعالى: { ليس كمثله شيء } الشورى : 11 فيستحيل أن يفسر الإستواء ~~بالإستقرار لأنه لو فسر بذلك لكان مثله شيء في ذلك الوجه فيلزم تناقض ~~القرآن والقول بتناقضه باطل وهذا معنى قوله: (أو يلزمن تناقض القرآن). # الباب الرابع # من الركن الثاني # في الوعد والوعيد # وفيه أربعة فصول # الفصل الأول # في الموت والبعث والحساب # أي وفي غير ذلك من المعاني ms140 كبيان الرزق وعذاب القبر والحوض والكتب. # (163)(والموت حق يجب الإيمان به كذاك البعث والحسبان) PageV01P213 أي ~~الموت ثابت على كل ذي روح لا يشك في ثبوته أحد لأنه موجود ضرورة، فيجب ~~الإيمانه به تصديقا لقوله تعالى: { كل نفس ذائقة الموت } آل عمران : 185 ~~فنعتقد أن كل ذي روح يموت، وأما ما عدا ذوات الأرواح فالفناء في حقهم ثابت ~~فهم يفنون قطعا لقوله تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه } القصص : 88 فالموت ~~فناء خاص بذوات الأرواح، والفناء عدم عام لها ولغيرها، وكذلك البعث ثابت ~~بالبراهين النقلية فالإيمان به واجب، وكذلك الحساب بعد البعث ثابت ~~بالبراهين النقلية أيضا فالإيمان به واجب أيضا. # ثم إنه أخذ في بيان كيفية الموت والبعث فقال: # (164)(فالموت أن تفارق الروح الجسد والبعث ردها اليه للأبد) PageV01P214 ~~اي فالموت هو مفارقة الروح للجسد، لأن حياة الجسد إنما هي بسبب ممازجة ~~الروح له، قال في "القناطر"(_( ) قناطر الخيرات (3/522) بتصرف في النقل ~~وهو من تأليف العلامة أبو طاهر اسماعيل بن موسى الجيطالي النفوسي من علماء ~~الإباضية في النصف الأول من القرن الثامن الهجري وجيطال من مدن جبل نفوسة ~~(في ليبيا حاليا) مقر الإباضية هناك، درس على يد أبي موسى الطرميسي ومن ~~مدرسته تخرج واشتغل بالتدريس في مدرسة أبي زيد المزغورتي حيث شارك صديقه ~~وزميله العلامة أبي عزيز ثم انتقل إلى فرسطاء فقام فيها بالتدريس تسع سنوات ~~كاملة، وأخيرا انتقل إلى جزيرة "جربة" (في تونس حاليا) وبقي فيها إلى أن ~~وافاه الأجل المحتوم فلحق بربه سنة 750ه وصفه العلامة علي يحي معمر بقوله: ~~"كان يشتغل بالتدريس وكان لا يتوقف عن دروس الوعظ والإرشاد ولا يقف عن ~~الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد كان يعيش في مجتمعه عيشة حقيقية، ~~يعرف ما يقع فيه من هدى وضلال، ولذلك فقد كان يحارب أسباب الضلال حربا ~~متصلة لا تتوقف ولا تهادن، سواء كان هذا الضلال زيفا في العقيدة، أوانحرافا ~~في العمل، أو استهانة بالواجب أو جهلا بأحكام دين الله، وقد كان يغشى ~~الأسواق، ويدخل المجتمعات يبين للناس الحق من ms141 الباطل والحلال من الحرام ". ~~ووصفه الشماخي بأنه: "كان مستجاب الدعاء". من تصانيفه: "قناطر الخيرات ط ~~3ج" (على نسق "إحياء علوم الدين" للغزالي) و"قواعد الإسلام ط" في الفقه ~~و"شرح نونية أبي نصر" في التوحيد و"أجوبة الأئمة" في الفقه و"كتاب الحج ~~والمناسك" وكتاب في "الحساب والفرائض" (أي المواريث) وهذه الأربعة مخطوطة. ~~("السير" للشماخي 2/195 "الإباضية في موكب التأريخ" علي معمر (الحلقة ~~الثانية القسم الثاني( 107 "قواعد الإسلام" للجيطالي ج1/ مقدمة الشيخ ~~بكلي عبد الرحمن). PageV01P215 # _): "واختلفوا في كيفية قبض الروح فقال بعض العلماء: إن ملك الموت للروح ~~بمنزلة حجر المغناطيس في جذبه للحديد وأنه إذا ظهر الملك للروح طارت اليه، ~~وقال قوم: إن الله تعالى يخرج الروح فيتلقاها الملك. قال: والصحيح أن الله ~~سبحانه هو الذي يحيي ويميت وهو أعلم بكيفية ذلك "(انتهى). وفي تصحيحه رحمه ~~الله اشارة إلى التوقف عن القول بأحد القولين فهو مذهب ثالث له، ووجه ~~تصحيحه للتوقف أن هذا شيء لا يطلع عليه إلا بتوقيف من الشارع وكأنه لم يثبت ~~عنده توقيف فرأى التوقف أولى. # وقوله: (والبعث ردها إليه) أي رد الروح إلى الجسد خلقا ثانيا وإعادة ~~ابتدائية بعد إعدام محض، فهو ممكن عقلا وصرح بثبوته النقل قال تعالى: { كما ~~بدأنا أول خلق نعيده } الأنبياء : 104 وقال: { قل يحييها الذي أنشأها أول ~~مرة } يس : 79 فليست الإعادة أشد من الإنشاء الأول والكل في قدرته ممكن ~~وواقع بلا شك فالإيمان بالبعث واجب. وقوله: (للأبد) المراد بالأبد عدم ~~الغاية فيما يستقبل أي رد الروح للجسد بعد الموت هي حياة لا غاية لها إما ~~في نعيم وإما في جحيم، وهذا التأبيد خاص للمكلفين دون غيرهم من الحيوانات ~~والحشرات فإنها إنما تبعث ثم تصير ترابا، وأما أولاد المكلفين فحكمهم في ~~البعث حكم آباءهم لكن يخلد من لم يبلغ منهم في الجنة لعدم نقضهم الميثاق ~~الذي أخذ الله عليهم، وكذلك حكم المجانين في البعث حكم المكلفين فإنهم إما ~~أن يكونوا قد أتت عليهم حالة حكمهم فيها حكم البالغين فهم على ذلك الحكم من ~~خير ms142 أو شر، وإما أن يكونوا لم تأت عليهم حالة من ذلك فحكمهم حينئذ حكم من ~~لم يبلغ الحلم لعدم نقضهم الميثاق أيضا والله أعلم. # (165)(والقول بالإمساك في الروح أحق وما سوى التخمين للذي نطق) ~~PageV01P216 اختلف العلماء في بيان الروح، فوقف بعض عن تعيينها وخاض آخرون ~~في بيانها، والقول بالوقوف أولى وأثبت لعدم الدليل المصرح بتعيينها وبيان ~~كيفية حالها، فالخائضون في بيانها مع عدم النص المصرح بذلك ليس لهم مستند ~~غير التخمين وهو القول بالظن، ولأن الله لم يخبر نبيه بالروح وقد سئل عنها ~~فقال له ربه: { قل الروح من أمر ربي } الإسراء : 85 فالعلم بها مما استأثر ~~الله به ولم يطلع عليه أحدا. # أما الخائضون في بيان الروح فقالوا إنه تعالى لم يمت نبيه إلا وقد أطلعه ~~على حقيقة الروح وأما قوله: { قل الروح من أمر ربي } فذلك لموافقة ما في ~~التوراة ليكون موافقتها علما على نبوته؛ وذلك أن اليهود أمروا قريشا أن ~~يسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاث وقالوا: إن أجاب عنها ~~كلها فليس بنبي وإن سكت عنها كلها فليس بنبي وإن أجاب عن بعضها وسكت عن بعض ~~فهو نبي وتلك الثلاث هي: الروح وأصحاب الكهف وذو القرنين. فأفتاه ربه في ~~أصحاب الكهف وذي القرنين وأمره في الروح بقوله: { قل الروح من أمر ربي } ~~وكان في التوراة أن الروح من أمر الله فطابق جوابه ما في كتابهم(_( ) هذه ~~الرواية أخرجها ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8/174 175 دار الكتب العلمية) ~~من طريق ابن عباس - رضي الله عنه - [في أول تفسير سورة الكهف] وفي اسنادها ~~نظر ففي اسنادها مجهول، ويونس بن بكير فيه كلام، ومحمد بن اسحاق مدلس والله ~~أعلم. _). # قالوا: فالأمر بالوقوف عن الخوض في الروح إنما هو لهذا العارض لا لأن ~~العلم بالروح مما لم يطلع عليه أحدا. # قلنا: بعد تسليم ما قلتموه لا يطلع على حقيقة الروح إلا بتوقيف من ~~الشارع، ولم يرد التوقيف فالإطلاع متعذر فالكف عن الخوض فيها أولى وأحق. # (166)(ولم يمت قبل انقضا العمر ms143 أحد وقبل رزقه الذي له يحد) # (167)(كان حلالا أو حراما حجرا أو شبهة والله كلا قدرا) # (168)(إذ ليس في العالم شيء يصدر إلا وربنا له مقدر) PageV01P217 اعلم أن ~~الله تبارك وتعالى قد وقت الآجال وحدد الأعمار فلا يموت أحد قبل انقضاء ~~عمره، وقبل استيفاء أجله قال تعالى: { لكل أجل كتاب } الرعد : 38 وقال ~~تعالى: { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } النحل : 61 سواء ~~كان هذا الميت ميتا حتف أنفه أو مقتولا، وذهبت المعتزلة إلى أن المقتول ميت ~~في غير أجله وقبل انقضاء عمره وأنه لو لم يقتل لعاش إلى الوقت الذي حدد له، ~~وهو مذهب فاسد بينا بطلانه في غير هذا الكتاب. # وكذلك قدر الله الأرزاق فمن قدر له رزق فلا يموت قبل استيفاء رزقه الذي ~~قدر له كان ذلك الرزق (حلالا) وهو ما لم يرد في تناوله عقاب، (أو حراما) ~~وهو ما ورد في تناوله عقاب، (أو شبهة) وهو ما تجاذبه أصلان أصل يقتضي ~~تحليله وأصل يقتضي تحريمه ولم يترجح واحد منهما على الآخر، والله تعالى قدر ~~جميع ذلك فهو تعالى مؤجل للآجال ورازق العباد بأي جهة كان رزقهم إذ ليس ~~يوجد شيء من المخلوقات أو فيها إلا وربنا تعالى هو المقدر لذلك؛ هذا مذهبنا ~~ومذهب الأشعرية، وذهبت المعتزلة إلى أن الله تعالى لا يرزق الحرام لأن رزق ~~الحرام قبيح ومنعوا اطلاق اسم الرزق على الحرام. # قلنا: إن قبح ذلك متوقف على نهي الشارع عنه والرب تعالى غير محكوم عليه ~~بشيء؛ بل هو الحاكم في الأشياء وهو الفعال لما يريد والأشياء جميعها ملك له ~~لا معارض له في شيء منها والمتصرف في ملكه أو في شيء منه لا يكون فاعلا ~~لقبيح والله تعالى أعلم. PageV01P218 # أقول: وبعد أن نظمت هذه الأبيات بمدة وقفت على الشطر الأول من البيت منها ~~في "زبد" ابن رسلان(_( ) الشيخ أبو العباس شهاب الدين أحمد بن حسين بن حسن ~~بن علي بن أرسلان الرملي، فقيه شافعي. ولد بالرملة (بفلسطين) عام 773ه ~~وانتقل في كبره إلى القدس ms144، فتوفي بها. وكان زاهدا متهجدا، له "الزبد ط" ~~منظومة في الفقه ويقال لها "صفوة الزبد" و "شرح سنن أبي داود" و "منظومة في ~~علم القراآت" و "شرح البخاري" ثلاث مجلدات وصل فيه إلى باب الحج، و "طبقات ~~الشافعية" تراجم، و"تصحيح الحاوي" في الفقه، و "إعراب الألفية" نحو، وغير ~~ذلك، توفي سنة 884ه. (نقلا عن "الأعلام" للزركلي 1/117)._) ونصه: # ولم يمت قبل انقضا العمر أحد والروح تفنى ليس تبقى للأبد # فهو من توارد الخواطر والله أعلم. # (169)(ثم عذاب القبر مما جاء به تواتر الأخبار معنى فانتبه) # (170)(واعتقدن صدقه ولا تحل تعذيب ميت لوجوه تحتمل) PageV01P219 المراد ~~ب(عذاب القبر) هو عذاب الميت مطلقا كان مدفونا أو في بطون السباع والطيور ~~أو في بطون الحيتان أو على وجه الأرض، وعبر عن هذا كله بعذاب القبر لأنه ~~الغالب في الموتى، وإذا ثبت عذاب القبر بما سيأتي ثبت أيضا نعيمه لمن أراد ~~الله تنعيمه فيه من أهل السعادة إذ لا قائل بالفرق بينهما، وعذاب القبر قد ~~وردت في ثبوته الأحاديث النبوية وأشارت اليه الآيات القرآنية؛ فمن تلك ~~الآيات قوله تعالى: { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة ~~أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } غافر : 46 فقوله تعالى: { يعرضون عليها غدوا ~~وعشيا } دال على أن ذلك العرض قبل يوم القيامة وهو المطلوب . وأما ~~الأحاديث النبوية فقد قال صاحب "المعالم"(_( ) العلامة عبد العزيز بن الحاج ~~بن ابراهيم الثميني الملقب بضياء الدين أحد علماء الإباضية بالجزائر ولد ~~عام 1130ه بوادي ميزاب تتلمذ على يد الشيخ أبو زكريا يحي بن صالح وكان أكثر ~~ملازمة له حتى انتهت له الإمامة العلمية وأسند إليه رسميا مشيخة المسجد ~~ببلدته سنة 1201ه ومشيخة ميزاب بأسرها وعين رئيسا لمجلس (عمي سعيد) وهو ~~مجلس يشكله الإباضية لتنظيم أمورهم الدينية والدنيوية قائم على أساس الأمر ~~بالمعروف والنهي عن المنكر يعرف باسم مجلس العزابة ويضم خيار أهل البلد ~~والعزابة من العزوب عن الدنايا لا من العزب وهو غير المتزوج بل من شروط ~~أعضائه أن يكون متزوجا من تصانيفه ms145 "النور ط" شرح لمنظومة أبي نصر، ~~"ومعالم الدين ط في جزئين" وهما في العقيدة، و"النيل وشفاء العليل ط" ~~و"التكميل لما أخل به كتاب النيل ط" و"الورد البسام ط" و"التاج" اختصر ~~فيه منهج الطالبين للشقصي (مخطوط) وهي في الفقه، وغيرها وكتابه النيل هو ~~الذي قام بشرحه العلامة الجزائري قطب الأئمة. توفي يوم السبت 11 رجب من عام ~~1220ه. (مقدمة "شرح النيل وشفاء العليل" 1/6 و"معالم الدين" 1/9). PageV01P220 # _) رحمه الله تعالى : انها مما تواتر معنى.(_( ) في "معالم الدين" ~~للثميني (2/171 172 /التراث العمانية). _) أي معنى عذاب القبر قد بلغ حد ~~التواتر في الأحاديث التي جاءت به وإن اختلفت عباراتها، فمن تلك الأحاديث ~~قوله - صلى الله عليه وسلم - : (عذاب القبر حق((_( ) جاء من طريق السيدة ~~عائشة رضي الله عنها رواه البخاري في "صحيحه" [1372] وأحمد في "مسنده" ~~[24574 و25473] والطيالسي في "مسنده" [1411] وأبوبكر الشافعي في ~~"الغيلانيات" [352]. ورواه البيهقي في "الاعتقاد" ص(128 /الكتب العلمية) عن ~~أبي هريرة - رضي الله عنه - . ورواه الطبراني في "الكبير" (25/95 برقم 243) ~~عن أم خالد بنت خالد. وغيرهم._) وقوله: - صلى الله عليه وسلم - : (إن ~~الموتى ليعذبون في قبورهم.. الحديث((_( ) جاء من طريق ابن مسعود - رضي الله ~~عنه - رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/200 برقم 10459) وعنه يقول ~~الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/182 دار الفكر): "رواه الطبراني في الكبير ~~واسناده حسن". ا.ه. _). # وقوله: (واعتقدن صدقه) أي صدق عذاب القبر، أي إن من شأن ما تواترت به ~~الأخبار أن يقطع بصدقه، وقوله: (تحل تعذيب ميت) أي ولا تقل إن عذاب الميت ~~محال كما ذهبت اليه طائفة؛ لأنا نقول: إنه ليس بمحال فإنه يحتمل أن يرد ~~الله عليه روحه فيحس ألم العذاب، ويحتمل أن يخلق الله فيه حاسة يحس بها ألم ~~العذاب ويحتمل غير ذلك وهو معنى قوله: (لوجوه تحتمل) على أنه لم يرد النص ~~أن الميت يعذب وهو ميت في حال مفارقة روحه للجسد. # (171)(أما الحساب فهو تمييز العمل خيرا وشرا ليراه من فعل) PageV01P221 ~~أي حساب الله لخلقه يوم القيامه إنما هو تمييز الأعمال الحسنة من الأعمال ms146 ~~القبيحة فيرى الفاعل أعماله الخيرية وأعماله الشرية، وليس الحساب يومئذ ~~كحساب بعضنا لبعض لإستلزامه التشبيه الذي يحيله العقل ويبطله النقل، هذا ما ~~عليه الأصحاب رحمهم الله تعالى والذي أقوله: أنه لا بأس أن يكون الحساب ~~يوم القيامة هو الحساب المتعارف فيما بيننا، ويكون المحاسب يومئذ هو خلق من ~~خلقه تعالى جعله لذلك فلا يلزم على هذا المعنى ما ذكر من التشبيه والقول ~~به عندي أولى؛ لأن ظواهر الآيات والروايات دالة عليه فلو قيل بغيره لزم صرف ~~كثير من الآيات والروايات على خلاف ظاهرها مع امكان الأخذ بالظاهر، فمن تلك ~~الآيات قوله تعالى: { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها } النحل : 111 ففي ~~هذه المجادلة النص الصريح على ما قدمت ذكره من بيان الحساب ومنها قوله ~~تعالى: { حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا ~~يعملون ( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا.. الآية } فصلت : 20 و21 ففي هذه ~~الآية ما يدل على أن هنالك مخاطبة وتكلما وشهودا، وكذا قوله تعالى: { اليوم ~~نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم.. } يس : 65 وكذلك قوله ~~تعالى: { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } ق : 21 . PageV01P222 # ومن الروايات الدالة ظاهرها على ما قلته ما أخرجه الترمذي(_( ) الحافظ ~~أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمي الترمذي صاحب "السنن" أحد أئمة ~~الحديث وتفقه فيه على يد البخاري وسمع من قتيبة بن سعيد وابراهيم بن ~~عبدالله الهروي واسماعيل بن موسى السدي وآخرون وعنه أبو حامد المروزي ~~والهيثم بن كليب الشاشي وأحمد بن يوسف النسفي وآخرون قال ابن حبان: كان أبو ~~عيسى ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر. وقال الخليلي: ثقة متفق عليه وقال الادريسي: ~~كان أبو عيسى يضرب به المثل في الحفظ. وقال الحاكم: سمعت عمر بن علك يقول: ~~مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهد ~~بكى حتى عمي. من تصانيفه "السنن" مطبوع و "الزهد" (مفقود) و"الأسماء ~~والكنى" و"الشمائل المحمدية" مطبوع مات سنة 279ه ("تذكرة الحفاظ" للذهبي ~~برقم 658 "تهذيب التهذيب" لابن حجر برقم ms147 6497)._) وصححه: (لا تزول قدما ~~عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع؛ عن عمره فيما فيما أفناه، وعن علمه ما ~~عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه((_( ) ~~جاء من طريق أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - رواه الترمذي في "سننه" ~~[2417] والدارمي [537] وأبو نعيم في "الحلية" [15109] والخطيب البغدادي في ~~"اقتضاء العلم العمل" رقم [1] والآجري في "أخلاق العلماء" ص(56 /الكتب ~~العلمية). PageV01P223 # وجاء من طريق معاذ - رضي الله عنه - رواه الطبراني في "الكبير" (20/61 ~~رقم 111) والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" [28] وفي "اقتضاء العلم العمل" ~~برقم [2 و3] والآجري في "أخلاق العلماء" ص(55) وابن عساكر في "البلدانية" ~~البلد الثامن ص(72) والشجري في "أماليه" (1/69). وجاء عند الدارمي برقم ~~[538 و539] موقوف على معاذ - رضي الله عنه - ._) وما أخرجه البزار(_( ) ~~الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق البصري أحد علماء الحديث له ~~"البحر الزخار أو المسند المعلل" جاءت تسميته هذه لأنه يورد الحديث بسنده ~~فيتكلم على السند والمتن بطريقة العالم الناقد وقام الهيثمي بتلخيص هذا ~~الكتاب على هيئة اخراج زوائد الكتاب وهي الأحاديث التي انفرد بها صاحب ~~الكتاب عن الكتب الستة وسماه "كشف الأستار عن زوائد البزار" وطبع في 4ج ~~بتحقيق المحدث الأعظمي أما "المسند المعلل" فقد طبع منه بعض أجزاءه طبعت ~~منه 8ج نشرتها مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة قال عنه الخطيب ~~البغدادي: كان ثقة حافظا صنف المسند وتكلم على الأحاديث وبين عللها. وقال ~~أبو الشيخ: كان أحد حفاظ الدنيا رأسا. قدح فيه الدارقطني فقال: يخطئ في ~~الإسناد والمتن. حدث بالمسند بمصر حفظا ينظر في كتب الناس ويحدث من حفظه ~~ولم يكن معه كتب فأخطأ في أحاديث كثيرة. وقال أبو أحمد الحاكم: يخطئ في ~~الإسناد والمتن. وقال حمزة السهمي عن الدارقطني: كان ثقة يخطئ كثيرا ويتكل ~~على حفظه. توفي بالرملة سنة 292 هجرية ("ميزان الإعتدال" 1/124 و "تذكرة ~~الحفاظ" للذهبي 2/653 "لسان الميزان" لابن حجر 1/237)_): (يخرج لابن آدم ~~يوم القيامة ثلاثة دواوين: ديوان فيه العمل الصالح، وديوان فيه ذنوبه، ~~وديوان فيه النعم من الله عليه ms148. فيقول الله تبارك وتعالى لأصغر نعمه أحسبه ~~قال في ديوان النعم خذي ثمنك من عمله الصالح. PageV01P224 # فتستوعب عمله الصالح، ثم تنتحي وتقول: وعزتك ما استوفيت، وتبقى الذنوب ~~والنعم وقد ذهب العمل الصالح، فإذا أراد الله أن يرحم عبدا قال: يا عبدي قد ~~ضاعفت لك حسناتك وتجاوزت عن سيئاتك أحسبه قال: ووهبت لك نعمي ((_( ) أخرجه ~~البزار برقم [3444 /كشف الأستار] من طريق أنس - رضي الله عنه - . وعنه يقول ~~الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/648 دار الفكر): "رواه البزار وفيه صالح ~~المري وهو ضعيف". ا.ه # وله شواهد ضعيفة ففي "حلية الأولياء" لأبي نعيم (4/281 رقم 5579): "حدثنا ~~عبدالله حدثنا أحمد حدثنا أحمد حدثنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا المسعودي ~~عن عون قال: يخرج لابن آدم يوم القيامة دواوين؛ ديوان فيه الحسنات، وديوان ~~فيه السيئات، وديوان فيه النعم، فلا تخرج حسنة إلا خرجت نعمة تستوعبها، ~~وتبقى السيئات لله فيها المشيئة." ا.ه عون بن عبدالله تابعي والمسعودي فيه ~~كلام، فلا يصلح هذا الخبر أن يكون شاهدا. وأخرج أبويوسف القاضي صاحب أبي ~~حنيفة في "الآثار" ويسمى أيضا "مسند أبي يوسف" برقم [915] قال: "حدثنا يوسف ~~عن أبيه عن أبي حنيفة عن عون بن عبدالله عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه ~~قال: يقدم الناس يوم القيامة على ثلاثة دواوين؛ ديوان فيه الحساب، وديوان ~~فيه النعم، وديوان فيه الذنوب، فيقابل بالحساب النعم فيستغرقها وتبقى ~~الذنوب فهي التي فيها المغفرة". وهو تآلف أيضا عون بن عبدالله لم يدرك ابن ~~مسعود ويقال ان روايته عن الصحابة مرسلة بل ذكر الدارقطني أن روايته عن ابن ~~مسعود مرسلة كما هنا . كذا في "تهذيب التهذيب" لابن حجر (8/147). هذا ~~بالاضافة إلى أنه موقوف على ابن مسعود - رضي الله عنه - مع أن حقه أن يكون ~~مرفوعا إذ لا يصح الإخبار بهذا الإ بطريق الوحي. PageV01P225 # كما رواه أيضا أسد بن موسى في (الزهد) برقم [91]: "حدثنا أسد حدثنا يزيد ~~بن عطاء، عن أبان، عن بكر بن عبدالله المزني، عن أبي رافع قال: بلغنا أنه ~~يجاء يوم القيامة لابن آدم ms149 بثلاث دواوين: ديوان فيه النعم ... " فذكره لكن ~~أسدا نفسه تكلموا في حفظه وشيخه يزيد بن عطاء اليشكري لين الحديث كما في ~~التقريب (ص533 مؤسسة الرسالة) ومنه ترى ان الحديث لا يرقى لمرتبة الصحة. ~~والله أعلم._) وغير هذا من الأحاديث كثير فلا نطيل بإيراده هاهنا لأن ~~المقام إنما هو مقام اختصار..والله أعلم. # (172)(خص به مقصر ليعلما أو فاسق ليكثر التندما) # (173)(وما عداهما إلى الجنان بلا حساب أو إلى النيران) # أي خص بالحساب صنفان من الناس أحدهما: المؤمن المقصر التائب من ذنبه، ~~وثانيهما: الفاسق العاصي، والحكمة في حساب المؤمن المقصر هي أن يعلم نعمة ~~الله عليه بغفرانه ذنوبه وستر عيوبه، والحكمة من حساب الفاسق هي ازدياد ~~حسراته وتضعيف تنكيله بالتأسف على اضاعة عمله، فإنه متى ما رأى العمل ~~الموجب للغفران محبوطا بعمل صدر منه ازداد بذلك حسرة وندامة، ومن الحكمة في ~~هذا أيضا اظهار انصاف الله تعالى لخلقه فإنه لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس ~~أنفسهم يظلمون، وما عدا هذين الصنفين فهم إما في الجنة بلا حساب وهم ~~المؤمنون الموفون، وإما في النار بلا حساب وهم المشركون. PageV01P226 # هذا حاصل ما ذكره في "القواعد"(_( ) في "قواعد الإسلام" (1/17 18) ~~للجيطالي. _) وعليه جريت في النظم، وظاهره أن المشركين غير محاسبين ثم ظهر ~~لي بعد ذلك أنهم محاسبون لقوله تعالى: { وقفوهم إنهم مسئولون ( ما لكم لا ~~تناصرون } الصافات : 24 و 25 ولقوله تعالى: { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ~~قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم } التغابن : 7 ولغير ذلك من ~~الآيات، [ويحتمل أن يقال أن السؤال والإنباء الذي في الآيتين غير الحساب ~~المذكور ثم ظهر لي أن هذا الإحتمال هو الأولى فلا دليل في الآيتين على ~~المطلوب](_( ) ساقطة من (أ) والتكملة من (ب). _).. والله أعلم. # (174)(والخلف هل قد خلقا وهو الأصح أم يخلقان بعدما الفنا اتضح) # (175)(والوقف عن تعيننا ذاك المحل أولى بنا إذ لا دليل ثم دل) # (176)(وعدم التعيين ليس يقدح في قولنا إن الوجود أرجح) PageV01P227 اختلف ~~الناس في الجنة والنار هل هما مخلوقتان الآن أم ms150 لا؟، فذهب الجمهور منا ومن ~~غيرنا إلى أنهما مخلوقتان الآن واستدلوا بأحاديث عنه - صلى الله عليه وسلم ~~- تدل على وجود الجنة؛ قالوا: ومثلها في الوجود النار إذ لا قائل بالفرق ~~بينهما في ذلك(_( ) كحديث الحجر الذي كان يهوي في جهنم وسمع صوته الصحابة ~~فأخبرهم النبي بخبره. فليحرر._)، وذهب البعض منا وكثير من غيرنا إلى انهما ~~ليستا بمخلوقتين الآن وإنما هما ستخلقان(_( ) في الأصلين: سيخلقان. والمقام ~~يقتضي التأنيث فأصلحته. _) بعد وقوع الفناء العام قالوا: لو كانتا مخلوقتين ~~الآن للزم فناؤهما لقوله تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه } القصص : 88 وهما ~~مخلدتان فلا يصح أن تكونا موجودتين الآن، والأصح ما عليه الجمهور من ~~وجودهما الآن لما ثبت بالأدلة القاطعة أن آدم وحواء كانا في الجنة وقد ~~أهبطا منها، والقول بأن الجنة التي كانا فيها غير الجنة الموعود بها تكلف ~~لا دليل عليه، والجواب عما استدل به النافون لوجودهما الآن هو أن نقول أن ~~قوله تعالى: { كل شيء هالك } عام يحتمل التخصيص فالجنة والنار قد خصصا بعدم ~~الفناء بالأدلة القاطعة على بقائهما أبدا، أو نقول: إن الجنة والنار ~~قابلتان للفناء بحسب ذاتهما، والقابل للفناء فان في المعنى لجواز ذلك عليه ~~والجواب الأول أظهر، ثم اختلف القائلون بوجودهما الآن في محلهما الذي هما ~~فيه فعين بعضهم المحل ووقف قوم عن التعيين، والوقف عن تعيين محلهما هو ~~الأولى بنا إذ لا علم لنا إلا بما علمنا ولم يرد عن الشارع تعيين محلهما ~~وإن قدر أن هناك دليل فهو آحادي لا يفيد العلم، ووقوفنا عن تعيين المحل لا ~~يقدح في ترجيحنا القول بوجودهما الآن لأنه لا يلزم من علمنا بوجودهما علمنا ~~بتعيين محلهما والله أعلم. # (177)(والكتب صحف حوت الأعمالا والحوض حق فاترك الجدالا) # (178)(يرده من أمة الرسول من قد وفى بعهده المسئول) PageV01P228 أي ~~(الكتب) التي ذكر الله في كتابه العزيز في نحو قوله تعالى: { فأما من أوتي ~~كتابه بيمينه } الإنشقاق : 7 وأمثالها من الآيات هي صحف حاوية لأعمال ~~العباد من خير وشر لقوله تعالى: { وإذا الصحف نشرت } التكوير ms151 : 10 فذكر ~~تعالى في هذه الآية أن هنالك صحفا تنشر وهي الكتب المذكورة هنالك فلا ~~التفات إلى من جعلها عبارات عن ضبط أعمال العباد، لأن في جعل الكتب عبارات ~~عدولا عن الحقيقة إلى المجاز بلا دليل، نعم الدليل الذي ذكرناه يعضد جانب ~~الحقيقة فلا وجه للعدول وإنما عدل ذلك القائل بحمل الكتب على العبارات عن ~~المعنى المذكور إنما هو لأجل فراره عن احتياج الله تعالى إلى ضبط أعمال ~~العباد في صحف لأن ذلك شأن من يطرقه النسيان، ولا يلزم من ذلك ما توهمه فإن ~~في رسم الأعمال في الصحف المذكورة حكما كثيرة ولا يلزم منه أنه تعالى محتاج ~~الى ذلك. PageV01P229 # وقوله: (والحوض حق.. الخ) أي الحوض الذي هو لرسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - في الموقف حق ثابت جاءت به الأحاديث المستفيضة من رواية جابر وغيره، ~~فلا عبرة بمن أنكر وجوده أخرج الشيخان(_( ) الشيخان إذا أطلقا في معرض ~~إخراج حديث ما فالمراد بهما الإمامين البخاري ومسلم صاحبا الصحيحين وهما ~~المقصودان هنا، أما إذا أطلقا في معرض الحديث عن الخلافة والحكم فالمراد ~~أبو بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهما._): (حوضي مسيرة شهر وزواياه ~~سواء وماؤه أبيض من الورق وفي رواية: اللبن ( وفي أخرى صحيحة أيضا: وأحلى ~~من العسل. وفي أخرى صحيحة: (وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء من ~~شرب منه لا يظمأ أبدا وفي رواية صحيحة ولا يسود وجهه أبدا((_( ) هذا ~~الحديث برواياته المذكورة وما يقاربها جاء من طريق عبدالله بن عمرو - رضي ~~الله عنه - رواه البخاري في "صحيحه" [6579] ومسلم في "صحيحه" [2292] وابن ~~حبان [6418 /الاحسان] وابن مندة في "الايمان" [1076] وابن أبي عاصم في ~~"سنته" [728] والبغوي في "تفسيره" (4/534). وجاء من طريق جابر بن عبدالله - ~~رضي الله عنه - رواه أحمد في "مسنده" [15129]. ومن طريق ابن عباس - رضي ~~الله عنه - رواه الطبراني في "الكبير" [11249] وقال عنها الهيثمي في "مجمع ~~الزوائد" (10/666 دار الفكر): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد ~~بن عبدالوهاب الحارثي وهو ثقة". ا.ه._)، وقوله: (يرده.. الخ) أي يرد الحوض ~~من ms152 أمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو من وفى بعهد الله الذي أخذه ~~عليه وهو طاعة الله وطاعة رسوله في فعل الواجبات وترك المحرمات، بدليل ما ~~في تلك الروايات أن: (من شرب منه لا يظمأ أبدا، ولا يسود وجهه( ولا تكون ~~هاتان الخصلتان في الآخرة إلا لمن وفى بعهد الله والله أعلم. # الفصل الثاني # في الميزان والصراط # (179)(وإنما الميزان في الحسبان عدل وانصاف من الرحمن) # ( PageV01P230 180)(لا مثل قول ذي الخلاف إذ غدا يأولنه كفة وأعمدا) # (إنما) أداة قصر قصر بها تفسير الميزان يوم القيامة على العدل والإنصاف ~~وهوقصر قلب، وذلك أن بعض المخالفين ذهب إلى أن الميزان هو عمود وكفتان ~~ينصبه تعالى يوم القيامة لوزن أعمال العباد، وزعموا أن من رجحت كفة حسناته ~~على كفة سيئاته دخل الجنة ومن رجحت كفة سيئاته على كفة حسناته دخل النار ~~ووصفوا الميزان بأوصاف لا حاجة لذكرها هنا ورووا في ذلك أحاديث لم تثبت ~~عندنا، وتعلقوا من الكتاب بنحو قوله تعالى: { فمن ثقلت موازينه فأولئك هم ~~المفلحون ( ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون } ~~المؤمنون : 102 و103 ونحن نقول إن هذه الموازين المذكورة عبارة عن معنى ~~السعادة والشقاوة، فثقل الميزان كناية عن السعادة وخفته كناية عن الشقاوة ~~والعرب كانت تعبر بثقل الميزان عن علو الشأن وبخفته عن عكس ذلك قال الشاعر: # ولو يضعوا أباي في ميزانهم رجحوا وشال أبوك بالميزان # وقد تعبر بالوزن للشيء عن العلم به كما في قوله تعالى: { وانبتنا فيها من ~~كل شيء موزون } الحجر : 19 أي معلوم المقدار عنده تعالى، أما الوزن المفسر ~~عندنا بالعدل والإنصاف المشار اليه في النظم فهو ما في قوله تعالى: { ~~ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } الأنبياء : 47 فالقسط بدل من الموازين ~~لا نعت له كما يدل عليه قوله تعالى: { والوزن يومئذ الحق } الأعراف : 8 ~~وإنما عدلنا في تفسير الميزان عن حقيقته المشهورة الى ما ذكرناه من العدل ~~والإنصاف لأن حمله على حقيقته المشهورة محال(_( ) وقد حكى ابن جرير الطبري ~~في "تفسيره" (9/33) عند قوله تعالى: { ونضع ms153 الموازين القسط ليوم القيامة } ~~[الأنبياء: 47] أن ابن عباس - رضي الله عنه - فسر الميزان بأنه الحكم ~~بالقسط بين الناس وذلك في الرواية رقم [24609] ونصه: PageV01P231 # "عن ابن عباس قوله: { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة } إلى آخر الآية؛ ~~وهو كقوله: { والوزن يومئذ الحق } يعني بالوزن: القسط بينهم بالحق في ~~الأعمال والحسنات ..الخ" وفيه برقم [24610]: "عن مجاهد في قول الله: { ونضع ~~الموازين القسط ليوم القيامة } قال: إنما هو مثل؛ كما يجوز الوزن كذلك يجوز ~~الحق، قال الثوري: قال ليث عن مجاهد: { ونضع الموازين القسط } قال: العدل". # وجاء في "تفسيره" (5/432) عن مجاهد أيضا تفسير الميزان بالقضاء العادل ~~حيث يقول برقم [14333]: "حدثني المثنى قال: حدثنا أبوحذيفة قال: حدثنا شبل، ~~عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: { والوزن يومئذ } القضاء". # وبرقم [14334]: "حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن مجاهد: { ~~والوزن يومئذ الحق } قال: العدل". كما فسر الموازين بالحسنات في قوله برقم ~~[14339] و[14342]: "حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن مجاهد: { ~~فمن ثقلت موازينه } قال: حسناته". ا.ه # ولهذا عد بعضهم الميزان معيارا لبيان المحق من المبطل يوم القيامة وفي ~~هذا يقول أبو حامد الغزالي: "ميزان الأعمال معيار يعبر عنه بالميزان، وإن ~~كان لا يساوي ميزان الأعمال ميزان الجسم الثقيل، كميزان الشمس، وكالمسطرة ~~التي هي ميزان السطور، وكالعروض ميزان الشعر". ا.ه نقلا عن "سير أعلام ~~النبلاء" للذهبي (14/334). وقد أجاد أيما إجادة لأن الناس يسمون هذه ~~الأشياء موازين ومن ذا يقول أن ميزان العروض ميزان حسي، ومن الأدلة على أن ~~الميزان ينصرف إلى غير المعهود قوله تعالى: { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات ~~وأنزلنا معهم الكتاب والميزان } [الحديد : 25]وليس المراد هنا الحسي كما هو ~~معلوم، واعتبار القائلين بأنه ميزان حسي له كفتان وعمود يقابله أن العصر ~~الذي نعيشه يوجد به من الموازين الالكترونية ما هو أكثر دقة من الميزان ذي ~~العمود والكفتين ولكن حمل الناس الآية على ما هو مألوف لديهم هو الذي ~~أوقعهم في هذا. PageV01P232 # على أن القائلين بأن الوزن حسي اختلفوا في حقيقة الموزون فمنهم ms154 من قال إن ~~الأعمال تتجسد ومنهم من قال توزن الصحف ومنهم من قال يوزن الإنسان، وكل ذلك ~~لا يثبت بدليل قاطع والكل يعلم أن الصحابي ابن مسعود - رضي الله عنه - ~~عندما كان بعضهم يسخر من دقة ساقيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ~~»والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد« كما في "حلية الأولياء" ~~لأبي نعيم (1/175) ورواه كذلك الحاكم في "المستدرك" برقم [5385] وصححه هو ~~والذهبي في تلخيصه. وغيرهم ولا يتسنى للقائلين بأن الموزون هي الصحف وهم ~~الأكثرية التوفيق بين تلك الروايات فلا مناص من حمل الروايات الواردة في ~~هذا الباب على أن الوزن بيان صحة العمل وكشف صلاحيته من فساده وكم من مرائي ~~في الدنيا تجعل أعماله هباءا منثورا وإنما يتقبل الله من المتقين، فلا دخل ~~للصحف ولا للأجسام، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (13/659): # "وقد ذهب بعض السلف إلى أن الميزان بمعنى العدل والقضاء". ا.ه وبالله ~~التوفيق._)؛ ووجه ذلك أن أعمال العباد أعراض ووزن الأعراض محال، ولذا تردد ~~الخصم في حقيقة الموزون حتى زعم بعضهم أن الموزون هم الأشخاص، وبعضهم أن ~~الله يخلق في احدى الكفتين ظلمة وفي الأخرى نورا، وبعضهم أن الأعمال تتجسد ~~فتوزن الأجساد والكل باطل فوجب المصير الى التأويل. والمراد بقوله: (في ~~الحسبان) يوم القيامة لأنها محل الحساب، والمراد بقوله: (لا مثل قول ذي ~~الخلاف) أي لا أقول مثل قول صاحب الخلاف، وقوله: (كفة وأعمدا) عبر بالكفة ~~وهي مفرد عن مثنى(_( ) وهما الكفتان. _) وعبر بأعمد وهو جمع عن مفرد(_( ~~) وهو العمود. _) على سبيل المجاز وله محل في البلاغة، فمثال الأول قوله: # اذا ما القارض الغنوي آبا PageV01P233 عبر بالقارض عن القارضين فإن المثل ~~حتى يؤوب القارضان، ومثال الثاني قوله تعالى: { رب ارجعون } المؤمنون : 99 ~~أي رب ارجعني، وقول العرب: "شابت مفارقه" وليس له إلا مفرق واحد. # (181)(وقوله الصراط فهو الحق لا جسر كما بعضهم تأولا) # الضمير في (قوله) عائد إلى الرحمن في آخر قوله: (وإنما الميزان في ~~الحسبان..)(_( ) في البيت رقم (179). PageV01P234 # _) أي الصراط في ms155 قوله تعالى: { أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي ~~سويا على صراط مستقيم } الملك : 22 هو عبارة عن الحق وفي الآية تمثيل ~~لحالتي العاصي والطائع وعلى هذا يحمل ما ورد من الأحاديث في بيان الصراط، ~~لأنه إنما هو تمثيل لحالة الحق وبيان ما فيها من الخطر العظيم وتمثيل ~~لأحوال سالكيه ما بين موفق ومخذول، وزعم بعض منا وجمهور الأشاعرة أن الصراط ~~إنما هو جسر ممدود على متن جهنم(_( ) الذي يراه الإباضية أن الصراط هو ~~الدين القويم وهو معنى قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم } وتفسير ~~الصراط بأنه جسر على متن جهنم أحد من السيف وأدق من الشعر يمر عليه الخلائق ~~يوم القيامة من المؤمنين والمنافقين والمشركين، كل بقدر عمله، لا يتفق مع ~~كون المؤمنين آمنين من الفزع في ذلك اليوم المهول كما في قوله تعالى: { لا ~~يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي توعدون } [الأنبياء ~~: 103] ومع قوله تعالى: { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون، ~~لا يسمعون حسيسها } [الأنبياء : 101] ففي هذه الآيات يتضح أن المؤمنين ~~مبعدون عن النار فهم لا يسمعون حسيسها فضلا عن أن يمروا فوقها، ولا يفزعهم ~~شيء يوم القيامة ومرورهم على الصراط لا شك أن فيه فزع لهم بأي شكل من ~~الأشكال، والأحاديث الواردة في هذا الشأن قابلة للتأويل حتى لا تتعارض مع ~~المحكم الثابت من آيات الكتاب العزيز، قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" ~~(1/103): "أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعا على أن { الصراط المستقيم } هو ~~الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، وكذلك في لغة جميع العرب، فمن ذلك قول ~~جرير بن عطية الخطفي: # أمير المؤمنين على صراط إذا أعوج الموارد مستقيم # يريد: على طريق الحق. ومنه قول الهذلي أبي ذؤيب: # صبحنا أرضهم بالخيل حتى تركناها أدق من الصراط # ومنه قول الراجز: # فصد عن نهج الصراط القاصد PageV01P235 ... . ثم قال: والذي أولى بتأويل ~~هذه الآية عندي أعني: { اهدنا الصراط المستقيم } أن يكون معنيا به: وفقنا ~~للثبات على ما ارتضيته ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك ms156، من قول وعمل، وذلك ~~هو الصراط المستقيم، لأن من وفق لما وفق له من أنعم الله عليه من النبيين ~~والصديقين والشهداء، فقد وفق للإسلام، وتصديق الرسل، والتمسك بالكتاب، ~~والعمل بما أمر الله به، والإنزجار عما زجره عنه، واتباع منهج النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - ".ا.ه ثم ساق بعض الروايات عن النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- وعن صحابته الكرام كابن عباس وابن مسعود وجابر بن عبدالله - رضي الله ~~عنهم - تفسر الصراط بدين الإسلام وطريق الهداية. وعلى هذا النمط سار ~~الإباضية ففسروا الصراط بالطريق الواضح وهو دين الإسلام الذي لا يقبل الله ~~غيره ومثله في تفسير الطبري (1/105): "عن ابن الحنفية في قوله { اهدنا ~~الصراط المستقيم } قال: هو دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره". ا.ه ~~وعلى هذا فيكون تفسير قوله تعالى: { فاهدوهم إلى صراط الجحيم } عندهم أي: ~~قودوهم إلى طريق جهنم، ومن شاء المزيد حول تفسير الإباضية وتحليلهم ~~للأحاديث الواردة في هذا الشأن فعليه بكتاب "معالم الدين" للعلامة الثميني ~~(2/189و190)._).. الى آخر ما وصفوه به وحملوا ما ورد من الأحاديث في بيانه ~~على حقيقتها، وتأولوا بها قوله تعالى: { فاهدوهم الى صراط الجحيم ( وقفوهم ~~انهم مسئولون } الصافات : 23 و24 غاية الأمر أن هذه المسألة ومسألة الميزان ~~ليستا من المسائل القطعية لعدم ورود القاطع فيهما وإنما هما من المسائل ~~الظنية، فلا يجب اعتقاد شيء منها ولا يخطئ القائل فيهما برأيه والله أعلم. # الفصل الثالث # في الشفاعة # (182)(شفاعة الرسول للتقي من الورى وليس للشقي) PageV01P236 الشفاعة حق ~~والإيمان بها بعد قيام الحجة واجب، ووقوعها في المحشر قبل دخول أحد ~~الفريقين مسكنه، وهي مخزونة حتى يأتيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~فيكون أول من تجعل له ثم للأنبياء من بعده، وهي المقام المحمود الذي وعده ~~الله تعالى به على معنى ما ورد وثبوتها للمؤمن لا لغيره من أهل الكبائر ~~لقوله تعالى: { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } الأنبياء : 28 وقوله: { ما ~~للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } غافر : 18 ولقوله - صلى الله عليه وسلم - ~~: (لا تنال شفاعتي ms157 أهل الكبائر من أمتي((_( ) لم أجده بهذا اللفظ ولكن جاء ~~في "مسند" الإمام الربيع الفراهيدي برقم [1002] بلفظ: »لا تنال شفاعتي ~~سلطانا غشوما للناس ورجلا لا يراقب الله في اليتيم« وبرقم [1003] بلفظ: »لا ~~تنال شفاعتي الغالي في الدين ولا الجافي عنه« وكلا الموضعين من مراسيل ~~الامام جابر رحمه الله تعالى. # غير أن له شاهد صحيح يتقوى به بلفظ: »رجلان من أمتي لاتنالهما شفاعتي؛ ~~سلطان ظلوم غشوم، وآخر غال في الدين مارق منه« والحديث جاء من طريق معقل بن ~~يسار - رضي الله عنه - رواه ابن أبي عاصم في "سنته" [1/20 و23 برقم 35 و41] ~~والروياني في "مسند الصحابة" [2/223 برقم 1303 دار الكتب العلمية] ~~والطبراني في "الكبير" [20/214 برقم 495 و496]. وقال الهيثمي عن رواية ~~معقل - رضي الله عنه - عند الطبراني في "مجمع الزوائد" (5/424 دار الفكر): ~~"رواه الطبراني باسنادين في أحدهما؛ منيع قال ابن عدي: له أفراد وأرجوا أنه ~~لا بأس به. وبقية رجال الأول ثقات." ا.ه. # وجاء من طريق أبي أمامة - رضي الله عنه - أخرجه الروياني في "مسند ~~الصحابة" [2/183 برقم 1186] والطبراني في "الكبير" [8/281 برقم 8079] وعنها ~~يقول الهيثمي في "مجمعه" (5/424): "رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ~~ورجال "الكبير" ثقات." ا.ه. PageV01P237 # فهذه الرواية تعكر على استدلال من يثبت الشفاعة لأهل الكبائر مطلقا!! دون ~~تقييدها بالتوبة!!!!!._) وقوله: (ليست الشفاعة لأهل الكبائر من أمتي((_( ) ~~رواه الإمام الربيع الفراهيدي في "مسنده" برقم [1004] من مراسيل الإمام ~~جابر رحمه الله تعالى وقال عقبه: "يحلف جابر عند ذلك ما لأهل الكبائر شفاعة ~~لأن الله قد أوعد أهل الكبائر النار في كتابه، وإن جاء الحديث عن أنس بن ~~مالك: (أن الشفاعة لأهل الكبائر) فوالله ما عنى القتل والزنى والسحر وما ~~أوعد الله عليه النار وذكر أن أنس بن مالك يقول: إنكم لتعملون أعمالا هي ~~أدق في أعينكم من الشعر ما كنا نعدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - إلا من الكبائر." ا.ه # (تنبيه): عبارة الصحابي الجليل أنس بن مالك - رضي الله عنه - أخرجها ~~البخاري في "صحيحه" برقم [6492] قال: [حدثنا أبوالوليد حدثنا ms158 مهدي عن غيلان ~~عن أنس - رضي الله عنه - قال: "إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من ~~الشعر إن كنا لنعدها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - الموبقات" قال ~~أبوعبدالله البخاري : يعني بذلك المهلكات.] قال ابن حجر في "فتح الباري" ~~(11/400 دار الكتب العلمية): "ووقع للإسماعيلي من طريق ابراهيم بن الحجاج ~~عن مهدي: "كنا نعدها ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ~~الكبائر". ا.ه. # والامام جابربن زيد أعلم بالسنة وأعلم بمراد أنس بن مالك - رضي الله عنه ~~- من روايته للحديث المألوف عند البعض حيث نقل عنه مباشرة وكان أحد تلاميذه ~~الذين حملوا عنه العلم فهو أفقه للسنة من غيره لاينازع في هذا إلا متعصب. ~~وسيأتي عند تخريج رواية "شفاعتي لأهل الكبائر" في البيت رقم (186) توجيه ~~حسن لهذه القضية._). PageV01P238 # وفي الأثر »أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قعد على المنبر ثم قال: ~~الصلاة جامعة رحمكم الله، ثم قال: ياعباس عم رسول الله ويافاطمة بنت محمد ~~وياآل محمد جميعا، إني والذي نفسي بيده عند ربي لمطاع مكين، فلا تغرن امرئ ~~نفسه يقول: أنا عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . أو تقول: بنت محمد. ~~أو: من آل محمد. اشتروا أنفسكم من الله فإنكم إن لم تفعلوا هلكتم مع من ~~عرفتم هلاكه، إني على الحوض يوم القيامة فارط أي متقدم فيرد علي أناس من ~~أصحابي، ثم يأتيني رجل قد عرفته من أصحابي ليحتلقن نقرة رأسه، ثم لأخذن ~~بحجزته فأقول: أرسلوه إنه من أصحابي. فيؤخذ بيدي فكاكا: أرسل أرسل فإنه ~~والله ما مشى من بعدك قدما ولكنه مشى القهقري ليدخل جهنم. فلا أستطيع شيئا ~~الحذر الحذر يا آل محمد«(_( ) لم أجده بهذا التمام وللحديث شواهد تعضده من ~~طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - رواها الإمام البخاري في "صحيحه" [2753 ~~و4771] ومسلم [206] وأحمد في "مسنده" [8622 و8747 و9807 و10736] وغيرهم. # ( PageV01P239 تنبيه): أحاديث اختلاج بعض الصحابة الذين بدلوا وغيروا ~~عن حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - وابعادهم عنه ثابتة عنه - صلى الله ~~عليه وسلم ms159 - انظر مثلا "مسند" الإمام الربيع رقم [43] والبخاري في "صحيحه" ~~[6576 و6582 و6583 و6584 و6585 و6586 و6587 و6593] ومسلم في "صحيحه" [2297 ~~و2304] وعبد بن حميد في "مسنده" [1213 /المنتخب] وغيرهم. وقد أفاض في ~~تخريجها شيخنا المحدث القنوبي في كتابه الفذ "الإمام الربيع بن حبيب .. ~~مكانته ومسنده" ص(162 164 مكتبة الضامري) فليراجعه من أراد._). وذكر جابر ~~بن زيد رضي الله عنه أنه لما نزلت { وأنذر عشيرتك الأقربين } الشعراء : ~~214 جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفخذ أفخاذ قريش فخذا فخذا حتى ~~أتى على بني عبد المطلب، فقال: (يا بني عبدالمطلب إن الله أمرني أن أنذركم، ~~ألا وإني لا أغني عنكم من الله شيئا ألا وان أوليائي منكم المتقون، ألا ~~لأعرفن ما جاء الناس غدا بالدين وجئتم بالدنيا تحملونها على رقابكم، ~~يافاطمة بنت محمد وياصفية عمة محمد اشتريا أنفسكما من الله فإني لا أغني ~~عنكما من الله شيئا((_( ) الحديث بهذا اللفظ رواه الإمام الربيع في "مسنده" ~~[1005] وهو هناك من مراسيل الامام جابر. ورواه بنحوه ابن جرير الطبري في ~~"تفسيره" [9/485 برقم 26811/ الكتب العلمية] عن قتادة. PageV01P240 # وله شواهد من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - عند البخاري [2753 و4771] ~~والنسائي في "الصغرى" [3647] وفي "الكبرى" [6473 و6474] وابن حبان [6515] ~~وابن مندة في "الايمان" [933 و934 و935 و936 و937 و938 و939 و940 و941 و942 ~~و943 و944] وأبو عوانة في "مسنده" (1/94 95). ومن طريق السيدة عائشة رضي ~~الله عنها رواه النسائي في "الصغرى" [3648] وفي "الكبرى" [6475] وابن مندة ~~في "الايمان" [945 و946 و947 و948]. وغيرهم._) فإن قيل المؤمنون مستوجبون ~~للجنة بأعمالهم فلا معنى للشفاعة لهم، فالجواب أن الشفاعة لهم هي طلب ~~تنقلهم من المحشر ودخولهم الجنة بسرعة، ويمكن أن تكون هي طلب زيادة فضل لهم ~~وثواب يعطونه ونعيم في الجنة ورفع درجة فوق ما يستوجبون بأعمالهم(_( ) وجعل ~~النووي شفاعاته - صلى الله عليه وسلم - خمسة أقسام وما ذكره المصنف هنا هو ~~النوع الأول والخامس من أنواع الشفاعة. انظر "شرح صحيح مسلم" للنووي عند ~~شرح الحديث رقم [184]. ومثلها في "نشر البنود على مراقي السعود" للشنقيطي ~~(1/5 6 /الكتب العلمية) ومنه يتضح ms160 أنه لا خلاف في هذين النوعين وفيه الرد ~~على من قال: ما فائدة الشفاعة للمؤمنين الموفين. وما شابهه. # ويمكن أن يضاف قسم آخر وهو شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقبول ~~توبة التائبين وسيأتي الكلام عنه بعد قليل._)، اللهم اجعلنا من أهل شفاعة ~~نبيك - صلى الله عليه وسلم - . # (183)(ومن يقل بغير ذا فقد كفر كفر نعيم إن تأول ظهر) # (184)(وإن يكن بغير ما تأول فذاك شرك أي أشر منزل) # (185)(لأنه مخالف الكتاب وسنة الرسول والألباب) # (186)(كليس للظالم من حميم ولا شفيع من لظى الجحيم) PageV01P241 ومن يقل ~~بغير ما قلنا من أن الشفاعة للمؤمنين فخالف وقال بل هي لأهل الكبائر محتجا ~~بما رووه من طريق أنس: (أعددت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي((_( ) جاء بلفظ: ~~»شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي« وهو ليس في "الصحيحين" لكن جاء من طريق أنس ~~بن مالك - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد في "مسنده" [13227] وأبوداود ~~[4739] والحاكم [230] وابن خزيمة في "توحيده" ص(271) وفي اسنادهم بسطام بن ~~حريث وهو مجهول نص على ذلك الذهبي في "الميزان" (1/309) و"المغني" (1/158) ~~و"ديوان الضعفاء" ص(47)، وعنه أيضا الترمذي [2435] والحاكم [228] وابن ~~خزيمة في "توحيده" ص(270) وفي سندهم رواية معمر عن ثابت البناني وهي ضعيفه ~~ومضطربة نص عليه ابن معين كما في ترجمته من "التهذيب" (4/126 الرسالة)، ~~وعنه أيضا ابن حبان [6434] وابن خزيمة في "توحيده" ص(271) وفي سندهما عمرو ~~بن أبي سلمة قال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال الساجي: ضعيف. وقال العقلي: في ~~حديثه وهم. وصعفه ابن معين كما في "الميزان" للذهبي (3/262)، وعنه أيضا ~~الحاكم في "المستدرك" [229] وفي سنده سعيد بن أبي عروبة وقد اختلط ورمي ~~بالتدليس كما في "الميزان" (2/152) وعمر بن سعيد الأبح وهو ليس بالقوي كما ~~في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/111). # ومن طريق جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - رواه الترمذي [2436] والحاكم ~~[232] وفي اسنادهما محمد بن ثابت البناني وهو ضعيف وقال ابن معين: ليس بشيء ~~كما في "الميزان" (3/495)، وعنه أيضا الحاكم [231] والطيالسي [1669] وغيرهم ~~وبالجملة فأسانيده غير مستقيمة كذا أخبرني أحد مشائخنا ms161 حفظهم الله. # وقد تقدم نقل قول أنس بن مالك - رضي الله عنه - : "إنكم لتعملون أعمالا ~~هي أدق في أعينكم من الشعر؛ إن كنا لنعدها على عهد النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - الموبقات وفي رواية: من الكبائر ." كما في "مسند" الربيع [1004] ~~و"صحيح" البخاري [6492]. PageV01P242 # ومن كلام الامام جابر الذي تقدم في التعليق على البيت رقم (182) يتضح أن ~~أصحاب الكبائر التي هي مثل القتل والزنى والسرقة وشرب الخمر وعمل قوم لوط ~~وما شابهها ليس لهم شفاعة، على أن المتبصر في هذا الحديث والحديث الذي ذكر ~~سابقا بلفظ: »لا تنال شفاعتي سلطانا غشوما ..الخ« يتبين صحة موقف الإباضية ~~من قولهم بأن الشفاعة ليست لأهل الكبائر وهم إنما يعنون بهذا من مات على ~~كبيرته دون توبة؛ وإلا فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، لكن تبقى مسألة ~~مهمة وهي هل ستقبل توبته أم لا؟. والذي يظهر أن الشفاعة تكون أيضا لقبول ~~توبة التائب إذ لا خلاف أن الله لا يجب عليه شيء. فمن ذا يقول انه يجب على ~~الله قبول توبة فرد بعينه!!. فيبقى التائب في مشيئة الله إن شاء قبل توبته ~~وإن شاء لم يقبلها وهاهنا يكون للشفاعة دور مهما في ذلك الموقف العظيم وعلى ~~هذا التوجيه يقال: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي الذين تابوا من كبائرهم. PageV01P243 # وابن القيم يقول في "الجواب الكافي" ص (50): "وكثير من الجهال اعتمدوا ~~على رحمة الله وعفوه وكرمه، فضيعوا أمره ونهيه ونسوا أنه شديد العقاب، وأنه ~~لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، ومن اعتمد على العفو مع الاصرار على الذنب، ~~فهو كالمعاند، وقال معروف: رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق، ~~وقال بعض العلماء: من قطع عضوا منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم لا تأمن أن ~~تكون عقوبته في الآخرة على نحو هذا. وقيل للحسن: نراك طويل البكاء فقال: ~~أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي. ..الخ". ا.ه وقال ص (68) بعد أن نقل ~~طائفة من الروايات تثبت دخول النار للعصاة بمختلف أشكالهم: "والأحاديث في ~~هذا الباب ms162 أضعاف أضعاف ما ذكرنا، فلا ينبغي لمن نصح نفسه أن يتعامى!! عنها، ~~ويرسل نفسه في المعاصي ويتعلق بحسن الظن ..الخ" وقال ص (69): "وربما اتكل ~~بعض المغترين على ما يرى من نعم الله عليه في الدنيا وأنه يعتني به ويظن أن ~~ذلك من محبة الله له وأنه سيعطيه في الآخرة أفضل من ذلك فهذا من الغرور ... ~~. وقال بعض السلف: رب مستدرج بنعم الله عليه وهو لا يعلم، ورب مفتون بثناء ~~الناس وهو لا يعلم ورب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم". ا.ه # على أن الأحاديث مشتهرة في دخول مرتكبي الكبائر في النار، ولا حاجة هنا ~~لإيراد بعضها إذ لا ينكرها إلا مكابر وتبقى مسألة خلود الموحدين أم عدمه ~~وهو نزاع آخر بين مجوز للخروج مستدلا ببعض الروايات وبين منكر له وهو ~~الصحيح مستدل بصريح الايات القرآنية وطائفة من الروايات. # ( PageV01P244 تنبيه): هذا الموقف من الاباضية إنما كان للتوفيق بين ~~دلائل الكتاب والسنة لورود الآيات الناصة على لزوم التوبة وأن غير التائب ~~لا يتقبل الله منه { إنما يتقبل الله من المتقين } (المائدة : 27) ومرتكب ~~الكبيرة غير التائب ليس متق بلا شك، أضف إلى هذا ما ورد في التوبة نحو ~~قوله تعالى: { فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون ~~غيا ( إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا } ~~(مريم : 60) وقوله تعالى: { وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى } ~~(طه : 82) وقوله عز شأنه في وصف المؤمنين: { والذين لا يدعون مع الله إلها ~~آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق ~~أثاما ( يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا ( إلا من تاب وآمن ~~وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما } ~~(الفرقان : 70) وقوله سبحانه: { فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون ~~من المفلحين } (القصص : 67) والشاهد في هذه الآيات أن مرتكب الكبيرة لا ~~يغفر له بلا توبة وشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم ms163 - له لأجل المغفرة له ~~فيكون هذا معارضا لآيات الكتاب العزيز المتقدمة فتكون هذه الدلالة مجانبة ~~للصواب وتعين أن الشفاعة لا تكون إلا لمن سلفت منه التوبة من ذنوبه التي ~~قارفها وفائدتها التماس القبول من الله تعالى. PageV01P245 # أما من يتفلسف بلا حجة زاعما أن هذه الآيات واردة في حق المشركين مستشهدا ~~بقوله: { إلا من آمن } فهذا ينبغي أن يؤخذ بيده أو عينه لينظر ويتبصر في ~~قوله: { وعمل عملا صالحا } أم هل سيقال إن مرتكب الكبيرة صاحب عمل صالح!! ~~وما عسى أن يقول في قوله: { ولا يزنون } وقوله: { ولا يقتلون النفس } أم ~~ستلغى دلالة الكتاب لمجئ أحاديث المجال فيها رحب لتأويلها والجمع بينها ~~وبين مثل قوله تعالى: { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } (الأنبياء : 28) فهذا ~~كأنه يقول والعياذ بالله: لا يارب من يقتل ويزني سوف يشفع فيه النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - وستغفر له وتدخله الجنة!!!. ثم ما يثير الدهشة في هؤلاء ~~رمي مخالفيهم بأنهم أهل أهواء و هذا من العجب فكيف يكون الهوى في هذا ~~المبدأ الذي انتهجه الإباضية لقطع علائق الفساد وردع من يتهاون بحرمات الله ~~أليس العاقل يقول إن الهوى في التماس الحيل والمخارج لكل زنديق لم يعرف من ~~الاسلام إلا الشهادتين ثم عاش عمره لا يأتي من أوامر الله شيئا مقارفا ~~لكبائر الذنوب على اختلافها يصبح يعاقر الخمر ويبيت في أحضان العاهرات على ~~أمل موهوم يتخيل أن يشفع له النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة. ~~ويستشهد بأحاديث مهلهلة كحديث البطاقة!!!. PageV01P246 # لكن "الجاهل من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني" ولو كان الحال ~~كما يقول مخالفو الإباضية فارتكاب الكبائر ليس بمذموم! وكيف يكون ذلك ~~والنبي - صلى الله عليه وسلم - سينصب نفسه للدفاع عنه يوم القيامة؟!! ويكون ~~واسطة له مع ربه اللهم هذا بهتان عظيم، بل هذا مدخل لترويج المعاصي دون أن ~~يشعر القائل بهذا المبدأ، وليتأمل المنصف قوله تعالى: { وإذا جاءك الذين ~~يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم ~~سؤا بجهالة ms164 ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ( وكذلك نفصل الآيات ~~ولتستبين سبيل المجرمين } (الأنعام : 55) وخلاصة الكلام أن قوله - صلى الله ~~عليه وسلم - : »شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي« إن ثبت يحمل على الذين تابوا ~~من كبائرهم لا على من مات مصرا!! على مقارفة حرمات الله. _) وزعم أن أهل ~~الكبائر يخرجون من النار بشفاعة الرسول لهم، فهو كافر كفر نعمة إذا ظهر منه ~~هذا التأويل الفاسد(_( ) وقد قال بقريب من رأي الاباضية في هذه المسألة ~~الداعية الراحل محمد الغزالي في كتابه "عقيدة المسلم" وإليك بعض نصوصه ~~الممتعة: # يقول ص (228): "يلغط عوام المسلمين بأحاديث واردة في شفاعة النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - لبعض العصاة. وتعلق أولئك بأحاديث الشفاعة يخيل إليك أن ~~قوانين الجزاء بطلت، وأن نيران الجحيم توشك أن تتحول بردا وسلاما على عصاة ~~المؤمنين. PageV01P247 # وكثيرا ما يفرط هؤلاء الجهال في الفروض، ويقعون في أوخم الذنوب ثم ~~يقولون: أمة محمد بخير!. وهذا مسلك ساقط. ومحمد - صلى الله عليه وسلم - أول ~~من يستنكره ويحارب أصحابه، وينذرهم بأنهم أصحاب الجحيم. فأما أن الجزاء حق، ~~وأنه يتناول الذرة من الخير والشر، وأنه يعم الناس فذلك صريح القرآن: { فمن ~~يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } . والقول بأن ~~قوانين الجزاء توقف بالنسبة لأتباع نبي ما سخف فارغ، وقد كذب القرآن الكريم ~~في مواضع شتى مزاعم الأولين والآخرين لما جمحت بهم أمانيهم إلى هذا الوهم ~~الباطل.". ويقول ص (231): "والظاهر أن الشفاعة التي يرجوها النبي الكريم ~~إنما تدرك صنفا من الناس تأرجحت موازين الحق والباطل في أعماله، فهو بين ~~السقوط والنجاح. # ونحن في حياتنا ننظر إلى التلامذة الذين يقتربون من النهاية الصغرى ~~للنجاح نظرة رأفة، ونميل إلى منحهم درجة أو درجتين جبرا لنقصهم. أما الذين ~~يبتعدون عن المستوى الأدنى للنجاح مسافة بعيدة فإننا نحكم بسقوطهم فورا. # فلعل الشفاعة المنسوبة للرسول الكريم تنقذ أمثال هؤلاء المقاربين للنجاة، ~~وبهذا يتم الجمع بين النصوص." # ويقول ص (233): "إن أتباع الدين يجب أن يعرفوا أن الحساب الإلهي لا يغفل ms165 ~~الذرة من الخير أو الشر، وأن هذه الدقة تنفي كل تصرف ينطوي على الفوضى، ~~وكيل الجزاء جزافا. وقد ندد القرآن الكريم باليهود؛ لما سرت بينهم هذه ~~الآراء الغريبة، حتى ظن عامتهم أن الجنة حكر لهم ولذرياتهم لأمر ما ~~فأقبلوا على ملذات العيش الأدنى ينتهبونها ويقولون في يقين سيغفر ~~لنا!!.". # ويقول ص (234) : "والمؤسف أن هذا القطع بين العمل والجزاء رسب في أوهام ~~العامة، فأساؤوا به إلى أنفسهم وإلى دينهم، ثم إن عوج سلوك المنسوبين إلى ~~الدين وقلة فقههم، وسوء ذوقهم، مكن للإلحاد في الأرض، ورفع الثقة من ~~الأديان وممثليها جملة. PageV01P248 # والعجب للمسلمين يصابون بهذه اللوثة وهم يقرأون قول الله: { ليس بأمانيكم ~~ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ، ولا يجد له من دون الله وليا ~~ولا نصيرا } [النساء : 123].". ا.ه._)، فإن لم يظهر منه تأويل فهو كافر كفر ~~شرك لا يناكح ولا يوارث وهو المراد بقوله: (أي أشر منزل)، وكان تولد هذين ~~الحكمين إنما هما لمخالفة كتاب الله وسنة رسول الله وقد تقدم ذكرهما ~~ومخالفة الألباب وهي العقول إذ لو كانت الشفاعة لأهل الكبائر ما جاز لأحد ~~أن يسأل أن يكون من أهل الشفاعة لأنه أنما يسأل بذلك أن يكون من أهل ~~الكبائر على زعمهم وكتاب الله ناطق بتكذيبهم كقوله: { ما للظالمين من حميم ~~ولا شفيع يطاع } غافر : 18 . # الفصل الرابع # في خلود أهل الجنة والنار # (187)(ومن عصى ولم يتب يخلد في النار دائما بهذا نشهد) # افترقت الأمة في أهل الجنة والنار على أربع فرق، فذهبت فرقة إلى أن من ~~مات على طاعة الرحمن فهو مخلد في دار الرضوان، ومن مات على عصيان ربه مصرا ~~على ذنبه فهو مخلد في النار، لا فرق في ذلك بين أحد من الفجار كان من أهل ~~الشرك أو الفساق(_( ) والإباضية قائلون بإنفاذ الوعيد وعدم تخلفه وقد تقدم ~~بعض هذا وابن حزم يقول في كتابه "الإحكام" (م2/ج5/ص70): # "فمن يفسق القائلين بإنفاذ الوعيد فليبدأ بتفسيق ابن عباس، ومن فسق ابن ~~عباس فهو والله الفاسق ms166 حقا، وابن عباس البر ابن البر، الفاضل ابن الفاضل ~~رضي الله عنهما". ا.ه فتأمل._) وهذه الفرقة هي المحقة ومن قال بخلافها فهو ~~هالك، فالمراد بالعصيان في قول الناظم: (ومن عصى) إنما هو اتيان الكبيرة ~~والإصرار على الصغيرة لما سيأتي أن الصغائر مغفورة عند اجتناب الكبائر. PageV01P249 # وذهبت فرقة الى ان أهل الجنة وأهل النار زائلون والداران فانيتان بعد ~~دخول أهلهما فيهما، وسيأتي الرد على هذه الفرقة عند ذكر الناظم لها إن شاء ~~الله. وذهبت فرقة الى تخليد أهل الجنة في الجنة وعدم تخليد أهل النار في ~~النار مشركا كان أو منافقا وسيأتي الرد على هذه الفرقة أيضا . وذهبت فرقة ~~الى تخليد أهل الجنة والمشركين من أهل النار فيهما وزعموا أن أهل الكبائر ~~غير المشركين يخرجون من النار فيدخلون الجنة، والى الرد على هذه الفرقة ~~أشار بقوله: # (188)(وكافر بنعمة من فرقا ما بين ذي شرك ومن قد فسقا) # (189)(أعني لدى الخلود والفرق نشا لدى منازل العذاب وفشا) PageV01P250 أي ~~كافر كفر نعمة لا كفر شرك من قال بأن المشركين مخلدون في النار وما عداهم ~~من الفسقة وأهل الكبائر غير مخلدين في النار، كما يروى عن مالك بن أنس ~~الأصبحي(_( ) الإمام أبو عبدالله مالك بن أنس بن أبي عامر بن عمرو بن ~~الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح الأصبحي الحميري ~~المدني حليف بني تيم من قريش. وإليه تنتسب المالكية. ولد ونشأ في المدينة ~~سنة 93ه وهي السنة التي توفي فيها الصحابي الجليل أنس بن مالك - رضي الله ~~عنه - والإمام جابر بن زيد الأزدي من تصانيفه: "الموطأ ط" وهو أشهرها على ~~الإطلاق وله رسالة في "الوعظ ط" ورسالة في "القدر ؟" كتبها إلى ابن وهب. ~~ورسالة "الادآب" إلى الرشيد قال عنها الذهبي: "قلت: هذه الرسالة موضوعة. ~~وقال القاضي الأبهري: فيها أحاديث لو سمع مالك من يحدث بها لأدبه." وله ~~كتاب "السر ؟" من رواية ابن القاسم عنه، ورسالة إلى الليث في اجماع أهل ~~المدينة. وكانت وفاته في المدينة سنة 179ه ms167. ("سير أعلام النبلاء" للذهبي ~~7/382 437 "تهذيب التهذيب" لابن حجر 10/5 8 "الأعلام" للزركلي ~~5/257)._) أنه قال: "من مات على كبيرة فلا يخلو من أحد ثلاثة أمور: إما أن ~~يغفر الله له بعفوه، أو يشفع فيه الرسول، أو يعذب مقدار عمله ثم يخرج فيدخل ~~الجنة" وفي قول الشافعي: "أنه يكتب على جباههم (هؤلاء جهنميون) فيعيرهم أهل ~~الجنة على ذلك، فيسألون الله زواله، فيمحوه الله عنهم ويبدلهم مكانه نورا ~~يتلألا فيود أهل الجنة أن لو عملوا كعملهم"(_( ) يبدو أن هذا الكلام منتزع ~~من بعض الروايات الباطلة المصنوعة والأحاديث المخترعة الموضوعة وقد مر بي ~~شيء منها أثناء تخريجي لأحاديث الكتاب ومما يشهد ببطلانها قوله: "ثم ~~يعيرهم!! أهل الجنة". وهذه علة في المتن فضلا عن ما في أسانيد تلك الروايات ~~من الضعفاء. فأهل الجنة مبرؤن من هذا الوسخ (التعيير) فأنى يثبت. PageV01P251 # أضف الى هذا قوله: "فيود أهل الجنة أن لو عملوا! كعملهم!!" وهذا عين ~~الضلال كما قال المصنف وحسبك أن هذا القول مصادم لقوله تعالى: { أفنجعل ~~المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون } . والله أعلم. _). وهذا رأس الضلال ~~وعين المحال بأن جعلوا العاصي أشرف من الطائع وجمعوا بين الأضداد وكتاب ~~الله ناطق بخلاف ما زعموا قال تعالى: { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا ~~يستوون } السجدة : 18 وقال تعالى: { أفنجعل المسلمين كالمجرمين ( ما لكم ~~كيف تحكمون } القلم : 35 و36 وقال تعالى: { أم حسب الذين اجترحوا السيئات ~~أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ~~} الجاثية : 21 ولله در ابن النضر حيث قال: # كذبت لقد منتك نفسك ضلة خروجك من نار مؤججة حطم # وسكناك مع أهل السعادة في العلى فيصبح من صلى وصام كمن غشم # ومن أخلص التقوى الى الله راغبا كمن عبد الأوثان والجبت والصنم # لك الويل فارجع عن ضلالك تائبا فليس الذي أشقى الإله كمن عصم PageV01P252 ~~وقول الناظم: (أعني لدى الخلود.. الخ) أي لافرق بين المشرك والفاسق المنافق ~~في الخلود بل كل منهم مخلد لقوله تبارك وتعالى: { بلى من كسب سيئة وأحاطت ~~به خطيئته فأولئك أصحاب النار ms168 هم فيها خالدون } البقرة : 81 ولقوله تعالى: ~~{ ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا } الجن : 23 وإنما ~~الفرق بين أهل النار في منازل العذاب، إذ كل معذب بقدر عمله فللنار دركات ~~بعضها أشد عذابا من بعض وأكثر نكالا من غيرها حتى روي: »أن من أقل الناس ~~عذابا من ينعل بنعلين من النار فيفور منهما مخه من أعلى هامته«(_( ) جاء ~~بلفظ: »إن أهون أهل النار عذابا لرجل توضع في أخمص قدميه جمرة يغلي منها ~~دماغه وفي رواية: ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعله « وما ~~يقاربها من طريق النعمان بن بشير - رضي الله عنه - رواه البخاري في "صحيحه" ~~[6561 و6562] ومسلم [312] وأحمد [18420 و18443] والطيالسي [798] وابن أبي ~~شيبة في "مصنفه" [34121] وأبو نعيم في "الحلية" [5935] والحاكم في ~~"المستدرك" [8730 و8731 و8732 و8733]. ومن طريق ابن عباس - رضي الله عنه - ~~رواه مسلم [212] وأحمد في "مسنده" [2694]. ومن طريق أبي سعيد الخدري - رضي ~~الله عنه - عند الحاكم [8734] وابن أبي شيبة [34123]وغيرهم. _) والدليل على ~~الفرق بينهم في أنواع العذاب قوله عزوجل: { إن المنافقين في الدرك الأسفل ~~من النار } النساء : 145 وقوله: - صلى الله عليه وسلم - : (إن من أشد الناس ~~عذابا يوم القيامة المصورون((_( ) جاء من طريق ابن مسعود - رضي الله عنه - ~~رواه الإمام مسلم في "صحيحه" [2109] وأحمد في "مسنده" [4049] والحميدي في ~~"مسنده" [117] والبيهقي في "السنن الكبرى" [14567]. كما جاء من طريق ابن ~~عمر رضي الله عنهما رواه الإمام أحمد في "مسنده" [4791] والنسائي في ~~"الصغرى" [5364] وفي "الكبرى" [9795]._) فدلت الآية والحديث معا على أن ~~أحدا دون هذين الفريقين في العذاب. # ( PageV01P253 190)(كذاك من قال بأنه يجي وقت على النار بلا تأجج) # هذا البيت اشارة الى الرد على الفرقة القائلة بعدم تخليد أهل النار فيها، ~~وذلك أنهم زعموا أنه يأتي على النار وقت تصفق أبوابها وليس بها أحد فينبت ~~فيها شجر الجرجير، وتشبثوا في ذلك بحديث يروى من طريق ابن عمرو بن العاص: ~~»ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها، ليس فيها أحد وذلك بعدما لبثوا ~~فيها أحقابا«(_( ) حديث موضوع .. رواه ms169 ابن عدي في "الكامل" (5/221 دار ~~الفكر) من طريق أنس - رضي الله عنه - باسناد تالف فيه العلاء بن زيد ويقال ~~ابن زيدل الثقفي قال عنه البخاري: "العلاء بن زيدل الثقفي أبو محمد يعد في ~~البصريين، عن أنس، منكر الحديث" كما في ترجمته عند ابن عدي في "كامله" ~~(5/220) . وقال عنه ابن المديني: كان يضع الحديث. وقال أبو حاتم ~~والدارقطني: متروك الحديث. وقال ابن حبان: روى عن أنس نسخة موضوعة. كما في ~~"الميزان" للذهبي (3/99). PageV01P254 # وروى الطبراني في "الكبير" (8/247 برقم 7969) عن أبي أمامة - رضي الله ~~عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "ليأتين على جهنم يوم ~~كأنها زرع هاج واحمر تخفق أبوابها" وهو حديث موضوع لوروده من طريق الكذاب ~~جعفر بن الزبير الحنفي وإليك ما قيل فيه منقول من "تهذيب التهذيب" لابن حجر ~~(2/82 دار الكتب العلمية): "قال ابن معين: شامي لا يكتب حديثه. وقال في ~~رواية الدوري عنه: ليس بثقة. وفي رواية ابن الجنيد: ليس بشئ. وقال أحمد بن ~~سعيد الدارمي عن يزيد بن هارون: كان جعفر بن الزبير، وعمران بن حدير في ~~مسجد واحد مصلاهما وكان الزحام على جعفر بن الزبير، وليس عند عمران أحد، ~~وكان شعبة يمر بهما فيقول: يا عجبا للناس؛ اجتمعوا على أكذب الناس، وتركوا ~~أصدق الناس ... وقال غندر: رأيت شعبة راكبا على حمار فقيل له: أين تريد يا ~~أبا بسطام؟. قال: اذهب فأستعدي على هذا يعني جعفر بن الزبير وضع على رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - أربعمائة حديث كذبا ... وقال ابن عمار: ضعيف. ~~وقال أحمد: اضرب على حديث جعفر. وقال الجوزجاني: نبذوا حديثه. وقال ~~أبوزرعة: ليس بشيء، لست أحدث عنه. وأمر أن يضرب على حديثه. وقال أبو حاتم: ~~كان ذاهب الحديث لا أرى أن أحدث عنه وهو متروك الحديث. وقال البخاري: ليس ~~بذاك. وقال في موضع: متروك الحديث تركوه. وقال يعقوب بن سفيان: ضعيف متروك ~~مهجور. وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث. وقال النسائي في موضع آخر: ~~ليس بثقة"._) وبقوله تعالى في شأن ابليس : { وان عليك لعنتي ms170 الى يوم الدين ~~} ص : 78 قالوا فاللعنة مغياة بذلك اليوم فيفهم منه أنه لا لعن بعد ذلك ~~اليوم، وإذا ثبتت هذه الرحمة لإبليس فغير إبليس من سائر العصاة أولى بها وأحق.. PageV01P255 # والجواب عن الحديث أنه آحادي لا يعارض القطعيات فلو صح لم يفد علما(_( ) ~~مذهب جمهور الأمة أن الحديث الآحادي ليس حجة في العقائد وإنما يستدل به في ~~الفروع الفقهية التي تنبني على الظن كما يقولون، أما في الجوانب العقائدية ~~فلا يحتج به لأن العقائد ثمرة اليقين ويلزم فيها القطع بالحكم لا التذبذب ~~فيه، ويكمن السر في عدم الاحتجاج به في العقائد أن خبر الواحد ظني وإن كان ~~راويه ثقة عدلا ضابطا إذ يحتمل أن يخطئ أو يسهو أو ينسى أو يتوهم وهذا ناشئ ~~من تعذر العصمة لأحد خلا الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ولا ~~يخلو من تلك الآفات أحد غيرهم. وحسب المنصف أن كثيرا من الثقات الأمناء ~~أخطأوا وتوهموا خلاف الحقيقة من الصحابة فضلا عن غيرهم من ذلك حديث: »إن ~~الميت ليعذب ببكاء أهله عليه« الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما فقالت ~~السيدة عائشة رضي الله عنها كما في "صحيح مسلم" [932/27] : "يغفر الله ~~لأبي عبدالرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - على يهودية يبكى عليها فقال: »إنهم ليبكون عليها، ~~وإنها لتعذب في قبرها«." بل إن في بعض الروايات ما يفيد عدم الاطمئنان إلى ~~خبر الواحد فقد جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: »صلى بنا النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - الظهر أو العصر فسلم، فقال: ذو اليدين: الصلاة يا ~~رسول الله أنقصت؟. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: أحق ما ~~يقول؟. قالوا: نعم. ... الحديث«. ومنه يفهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم ~~- لم يكتف بخبر ذي اليدين وهو أحد الصحابة لم يطعن فيه أحد، هذا في مسألة ~~فقهية فرعية كما هو الظاهر فكيف بالمسائل الأصلية، والحديث رواه البخاري في ~~"صحيحه" برقم [1227] ومسلم [573] وغيرهم. PageV01P256 # قال أبوالمعالي الجويني ms171 في "البرهان" (1/231 دار الكتب العلمية): [ذهبت ~~الحشوية من الحنابلة، وكتبة الحديث إلى أن خبر الواحد العدل يوجب العلم، ~~وهذا خزي لا يخفى مدركه على ذي لب. فنقول لهؤلاء: أتجوزون أن يزل العدل ~~الذي وصفتموه ويخطئ؟؟. فإن قالوا: لا. كان ذلك بهتا وهتكا، وخرقا لحجاب ~~الهيبة، ولا حاجة إلى مزيد البيان فيه. والقول القريب فيه أن قد زل من ~~الرواة والأثبات جمع لا يعدون كثرة. ولو لم يكن الغلط متصورا لما رجع راو ~~عن روايته. والأمر بخلاف ما تخيلوه. # فإذا تبين إمكان الخطأ فالقطع بالصدق مع ذلك محال. ثم هذا في العدل في ~~علم الله تعالى، ونحن لا نقطع بعدالة واحد بل يجوز أن يضمر خلاف ما يظهر، ~~ولا متعلق لهم إلا ظنهم أن خبر الواحد يوجب العمل، وقد تكلمنا عليه بما فيه ~~مقنع.]ا.ه وهذا كلام في غاية الوضوح ومن شاء المزيد حول هذه المسألة فدونه ~~كتاب (السيف الحاد) للمحدث القنوبي - حفظه الله -._) فلا ينبني عليه اعتقاد ~~كيف وتأويله محتمل؛ بأن يقال انهم يخرجون من النار الى واد هو أشد عذابا ~~منها يقال له الزمهرير يعذبون فيه بالبرد، يروى: أنهم اذا دخلو فيه ~~استغاثوا منه الى النار. وأما الآية فلا تفيد ما ذكروه وعلى تقدير افادتها ~~لذلك فإنما هو مفهوم مخالفة(_( ) مفهوم المخالفة: هو دلالة الكلام على نفي ~~الحكم الثابت للمذكور عن المسكوت، لانتفاء قيد من قيود المنطوق، ويسمى دليل ~~الخطاب؛ لأن دليله من جنس الخطاب أو لأن الخطاب دل عليه. وله أنواع كثيرة ~~منها: مفهوم الصفة، ومفهوم الشرط، ومفهوم الغاية، ومفهوم العدد، ومفهوم ~~اللقب (الاسم)، ومفهوم الحصر. PageV01P257 # واختلف في حجيته في الفروع طبعا على رأيين الأول للجمهور وقالوا بحجيته ~~عدا مفهوم اللقب، وهل هذه الحجية أتت من اللغة أو من الشرع الصحيح أنه حجة ~~عندهم من حيث اللغة كما قال ابن السمعاني، وقال الفخر الرازي: لا يدل على ~~النفي بحسب اللغة، لكنه يدل عليه بحسب العرف العام. # وذهب الحنفية إلى القول بعدم حجية العمل بمفهوم المخالفة في النصوص ms172 ~~الشرعية ولا يجوز العمل به. بخلاف كلام الناس ومصطلحهم. راجع "أصول الفقه ~~الاسلامي" د.وهبة الزحيلي (1/362 و367 دار الفكر)._) واختلف في حجيته في ~~الظنيات فكيف يبنى عليه اعتقاد بل وكيف يعارض به القطعي الوارد في قوله ~~تعالى: { قال فالحق والحق أقول ( لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } ~~ص : 84 و85 والقطعي الوارد في قوله تعالى: { بلى من كسب سيئة وأحاطت به ~~خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة : 81 في أمثالها من ~~الآيات العديدة التي نبذوها وراء ظهورهم واستبدلوا عنها هوى أنفسهم فضلوا ~~وأضلوا فحكمهم أنهم كفار نعمة لما تقدم من تأويلهم، كذا قيل فيهم وعليه ~~مشيت في النظم ثم ظهر لي بعد ذلك أنهم مشركون (_( ) لعله يقصد هنا ~~الباطنية. _)وأن ذلك التأويل ليس بمستر لهم عن الكفر، فهم في حكم المكذبين ~~لهذه الآيات كلها والله أعلم. # (191)(وهكذا من قال كل يدخل فيها سعيد وشقي مبطل) PageV01P258 زعمت ~~المرجئة أن كل أحد يدخل النار سعيدا كان أو شقيا وقالوا ينجى منها السعيد ~~ويترك فيها الشقي، وتعلقوا في ذلك بقوله تعالى: { وإن منكم إلا واردها كان ~~على ربك حتما مقضيا ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } مريم ~~: 71 و72 ولا تعلق لهم في هذه الآية لأن الخطاب فيها للمتقدم ذكرهم ورد على ~~سبيل الإلتفات من الغيبة الى الحضور، وذلك أنه قدم ذكر المنكرين للبعث ~~فقال: { ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا ( أو لا يذكر الإنسان أنا ~~خلقناه من قبل ولم يك شيئا ( فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول ~~جهنم جثيا ( ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ( ثم لنحن أعلم ~~بالذين هم أولى بها صليا } مريم : 66 إلى 70 فهذه الآيات كلها خطاب لمنكري ~~البعث وكذلك آية الورود، فهي كما بيناه من أنها خطاب لهم ورد على سبيل ~~الإلتفات ومثل هذا كثير في القرآن منها قوله تعالى في خطابه لبني اسرائيل ~~: { وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما ~~رزقناكم } الأعراف : 160 ومن وجه آخر أن ms173 الورود يتصرف فيرد بمعنى الدخول ~~تارة كقوله تعالى: { فإنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها ~~واردون } الأنبياء : 98 وبمعنى المشارفة للشيء أخرى كقوله تعالى: { ولما ~~ورد ماء مدين } القصص : 23 وقول زهير: # ولما وردنا الماء زرقا جمامه وضعن عصي الحاضر المتخيم # وقول امرئ القيس: # فأوردها ماء قليلا أنيسه يحاذرن عمرا صاحب الفترات PageV01P259 فبطل حمل ~~الآية على الوجه الأول أن لو وافقناهم أن الخطاب في الآية للمؤمنين ~~والكافرين جميعا من حيث أنه يلزمهم القول بدخول الأنبياء النار مع المؤمنين ~~فيكون كتاب الله ناطقا بتكذيبهم في [قوله تعالى: { أولئك عنها مبعدون ( لا ~~يسمعون حسيسها } ](_( ) ساقطة من (ب). _) الأنبياء : 101 و102 وقوله تعالى: ~~{ يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا ( ونسوق المجرمين الى جهنم وردا } مريم ~~: 85 و86 ، وقوله تعالى: { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه } ~~التحريم : 8 وذكر في آية أخرى قوله: { ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته } ~~آل عمران : 192 فيلزمهم على مقالتهم هذه تناقض هاتين الآيتين وكلاهما خبر ~~لا يأتي النسخ على أحدهما، ولكنا لا نسلم أن الخطاب في الآية للمؤمنين ~~والكافرين بل لا نقول إلا أنه متوجه للكافرين فالورود عندنا هو الدخول نفسه ~~على هذا التأويل، فإن قيل: أما في قوله تعالى: { ثم ننجي الذين اتقوا ونذر ~~الظالمين فيها جثيا } مريم : 72 دليل على ما تعلقت به المرجئة. فالجواب أن ~~قوله { ننجي } ليس فيه دليل على دخولهم النار لأن التنجية تكون من الشيء ~~المخوف المترقب وقوعه كقولك: نجيت زيدا من القتل، فإن زيدا لم يقتل بعد ~~وإنما قارب ذلك الأمر الذي يترقب وقوعه، وللمثبتين للورود لجميع الأمة ~~أقاويل نضرب صفحا عن ذكرها مخافة التطويل، وبالجملة فحكمهم حكم من قبلهم من ~~أنهم كفار نعمة لا شرك مالم يظهر منهم رد لتنزيل فيحكم عليهم بالشرك، هذا ~~كله إذا قالوا إن الداخلين في النار هم المؤمنون والفاسقون جميعا(_( ) فلو ~~قالوا بدخول الأنبياء خيف عليهم الوقوع في كفر الشرك والعياذ بالله. _). # (192)(ومن يقل دار الخلود فانية أو أهلها ففاسق علانية) PageV01P260 هذا ~~بيان الرد على الفرقة ms174 القائلة بفناء الجنة والنار بعد دخول كل فيها وهم ~~الجهمية على ما وجدت في الأثر، والرد عليهم ظاهر من الكتاب وشاهد العقل قال ~~تبارك وتعالى: { وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند ~~الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون ( بلى من ~~كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة : ~~80 و81 وقال تعالى: { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها ~~أبدا } الجن : 23 وقال تعالى في وصف أهل الجنة : { عطاء غير مجذوذ } هود : ~~108 أي غير مقطوع، في أمثالها من الآيات. # وشاهد العقل يقضي أن الكريم إذا أنعم بنعمة قد وعد بعدم انقطاعها انه لو ~~قطعها لكان غير كريم، بل كان سفيها كذابا من حيث أنه يعد بالشيء فلا ينجز ~~وعده وهو قادر عليه، ولو قيل إنه غير قادر للزم عليه عجز الباري جل وعلا ~~وهو باطل، وبالجملة فهم متأولون فحكمهم حكم من قبلهم من الفرق من حيث أنهم ~~كفار نعمة لا شرك ما لم يظهر منهم رد لتنزيل أو تكذيب لرسول فيحكم عليهم ~~بالشرك كذا قيل وعليه جريت في النظم والظاهر أن هؤلاء مشركون لما في ~~مقالتهم هذه من رد الأدلة القطعية من الآيات القرآنية، وما تخيل لهم من ~~التأويل هي خيالات لا تدفع عنهم هذا الحكم إذ لم تكن هنالك شبهة يتمسكون ~~بها فيعطون حكم المتأولين، وليس كل من آثر هواه على دليل هداه يعطى حكم ~~المتأولين والله أعلم. # (193)(هذا إذا ما كان بالتأويل والشرك في الرد على التنزيل) PageV01P261 ~~الإشارة كناية عن الأحكام المتقدم ذكرها في أرباب المقالات الزائغة وأهل ~~الطرق الضالة، أي فهذا حكمهم إذا كانت مقالتهم ناشئة عن تأويل للأدلة ~~الشرعية فإن المتأول إذا أخطأ في تأويله بما لا يسعه الخطأ فيه من الدين ~~يكون كافرا كفر نعمة وفاسقا هالكا ولا يحكم عليه بالشرك حتى يظهر منه رد ~~لتنزيل أو تكذيب لرسول، فإن ظهر منه شيء من ذلك حكم عليه بالشرك إجماعا، ~~واختلفوا ms175 في المتأول إذا استلزم مذهبه رد الكتاب أو تكذيب الرسول فشركه قوم ~~ولم يشركه آخرون والله أعلم. # الباب الخامس # من الركن الثاني # في القضاء والقدر # (194)(وبالقضا نؤمن أيضا والقدر ولم يجز اغراقنا فيه النظر) # ومما يجب الإيمان به قضاء الله وقدره لأنهما أصلان من أصول الدين وركنان ~~من الإيمان، قال - صلى الله عليه وسلم - لعبادة بن الصامت: (إنك لن تجد ولن ~~تبلغ حقيقة الإيمان حتى تؤمن بالقدر خيره وشره أنه من الله تعالى. قال: يا ~~رسول الله وكيف لي أن أعلم خير القدر وشره؟. قال: تعلم أن ما أصابك لم يكن ~~ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فإن مت على غير ذلك دخلت النار((_( ) ~~الحديث رواه الإمام الربيع الفراهيدي في "مسنده" [72] من طريق عبادة بن ~~الصامت - رضي الله عنه - . PageV01P262 # وجاء موقوفا من كلام عبادة - رضي الله عنه - رواه أبوداود في "سننه" برقم ~~[4700] والبيهقي في "الاعتقاد" ص(70 /الكتب العلمية). وفيه ص(78) موقوف على ~~أبي بن كعب وذكر هناك أن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - رفعه. والصحيح رفعه ~~حيث لا يتأتى أن يكون من كلام الصحابة._)، وسئل رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - عن الإيمان فقال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ولقائه واليوم ~~الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره أنه من الله تعالى((_( ) جاء من طريق أبي ~~هريرة - رضي الله عنه - رواه البخاري في "صحيحه" [50] وابن خزيمة في ~~"صحيحه" [2244] وابن مندة في "الايمان" [15 و158]. وجاء من طريق عمر بن ~~الخطاب - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد [185] والنسائي في "الكبرى" ~~[11721] وابن حبان [168] والبيهقي في "شعب الايمان" [124 و180 و254]. وجاء ~~من طريق ابنه رضي الله عنهما رواه ابن مندة [5] والبيهقي في "الاعتقاد" ~~ص(68)._). PageV01P263 # والفرق بينهما أن القضاء عبارة عن وجود المكونات في اللوح إجمالا، والقدر ~~عبارة عن وجودها في المواد تفصيلا قال تعالى: { وإن من شيء إلا عندنا ~~خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم } الحجر : 21 وعليه قوله - صلى الله عليه ~~وسلم - وقد مر تحت جدار مائل فأسرع المشي فقيل: يارسول الله أتفر من ms176 قضاء ~~الله؟ فقال : (أفر من قضاء الله إلى قدره((_( ) لم أعثر على هذه الرواية .. ~~والمشهور أن القائل لهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين أراد الرجوع ~~من مسيره الى بلاد الشام عندما علم بظهور الوباء فيها، فقال له أبوعبيدة - ~~رضي الله عنه - : أفرارا من قدر الله يا عمر؟!. فقال عمر: لو غيرك قالها يا ~~أبا عبيدة! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ..الخ. ورواية ما حصل لعمر - ~~رضي الله عنه - صحيحة ثابتة أخرجها الإمام الربيع في "مسنده" برقم [641]._) ~~هذا في العرف الشرعي، وأما في اللغة فيتصرف كل منهما الى أوجه؛ فيرد القضاء ~~بمعنى الخلق وهو المراد هنا قبل النقل كقوله تعالى: { فقضاهن سبع سماوات في ~~يومين } فصلت : 12 ، ويرد بمعنى الحكم كقوله تعالى: { إن ربك يقضي بينهم ~~يوم القيامة } يونس : 93 ، ويرد بمعنى الأمر كقوله تعالى: { وقضى ربك أن لا ~~تعبدوا إلا إياه } الإسراء : 23 ، ويرد بمعنى الخبر كقوله تعالى: { وقضينا ~~الى بني اسرائيل في الكتاب } الإسراء : 4 ، وبمعنى الفراغ من الشيء كقوله ~~تعالى: { فإذا قضيت الصلاة } الجمعة : 10 وقول الشاعر: # قضينا من تهامة كل ريب وخيبر ثم أغمدت السيوف # وبمعنى الصنع للشيء كقوله تعالى: { فاقض ما أنت قاض } طه : 72 أي اصنع ما ~~أنت صانع، وقول الشاعر: # وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع # فتلك ستة معان وقد جمعتها بقولي: # قضا؛ خلق وحكم ثم أمر وإخبار وإفراغ وصنع PageV01P264 وأما القدر فيرد ~~على معان أيضا منها أنه بمعنى خلق ويمثل له بقوله تعالى: { والذي قدر فهدى ~~} الأعلى : 3 أي خلق الإنسان فهدى الذكر الى إتيان الأنثى وهذا الوجه هو ~~المقصود هنا قبل النقل، فالقضاء والقدر في هذا الموضع مترادفان لغة لا عرفا ~~كما تقدم، ومنها التقدير كقوله تعالى: { وأنزلنا من السماء ماء بقدر } ~~المؤمنون : 18 أي بتقدير، ومنها التصويركقوله تعالى: { فقدرنا فنعم ~~القادرون } المرسلات : 23 أي المصورون، ومنها الوجود كقوله تعالى: { إلا ~~أمرأته قدرنا انها لمن الغابرين } الحجر : 60 أي وجدناها من الهالكين وهذا ~~التفسير إنما يصح في سورة الحجر خاصة لأنه من خطاب الملائكة عليهم ms177 السلام ~~لخليل الرحمن عليه السلام وأما في سورة النمل فهو بمعنى [القضاء لأنه ~~خطاب من الله عزوجل، ومنها](_( ) ساقطة من (ب). _) القضاء كالآية المشار ~~اليها وكقوله تعالى: { فالتقى الماء على أمر قد قدر } القمر : 12 أي قضي، ~~ومنها التضييق كقوله تعالى: { وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه } الفجر : ~~16 أي ضيقه، ومنها المثل كقوله تعالى: { فسالت أودية بقدرها } الرعد : 17 ~~أي بمثلها فتلك سبعة أوجه وقد جمعتها أيضا فقلت: # معاني القدر سبع هاك نظما حواها وهي: خلق ثم يحلو # وتقدير، وتصوير، وجود، قضاء، ثم تضييق، ومثل # وفي القدر لغتان: فتح الدال وعليه بيت المتن، وسكونها وعليه البيت الأول ~~من هذين البيتين، وثم بفتح الثاء وتشديد الميم إشارة الى المكان البعيد ~~وإنما أتى بها مع كونه مشيرا الى القريب لتعظيم المقام وتجليله على حد قوله ~~تعالى: { ذلك الكتاب } البقرة : 2 ، أي معنى القدر الذي هو الخلق يحلو في ~~هذا المقام كما قدمنا، فمعنى قولنا: إن الله قدر المعصية. أي خلقها، وكذلك ~~معنى قولنا: إن الله قضى المعصية والطاعة. أي خلقهما. PageV01P265 # وقول الناظم: (لم يجز اغراقنا ..الخ) الإغراق بكسر الهمزة الإستقصاء في ~~الشيء والإحاطة بجميع صفاته، و(النظر) هنا الفكر وفيه اشارة الى قوله - صلى ~~الله عليه وسلم - : (يقول الله تبارك وتعالى: القدر سري ولا ينبغي لأحد أن ~~يطلع على سري((_( ) لم أعثر عليه بهذا اللفظ .. ويشبهه ما في "الكامل" لابن ~~عدي (7/191 دار الفكر): "عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - : »القدر سر الله من تكلم به يسأله عنه يوم القيامة، ومن ~~لم يتكلم به لم يسأله عنه«. وهو حديث ضعيف لوروده من طريق يحي بن أبي أنيسة ~~وقد ضعفه طائفة. قال الذهبي في "الكاشف" (3/220): "تالف". وقال ابن حجر في ~~"التقريب" (2/343): "ضعيف". وانظر تفاصيل أحواله في "الكامل" لابن عدي ~~(7/186 187). و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (11/162 163)._)، وقد كان - صلى ~~الله عليه وسلم - يقول: (إذا ذكر القدر فأمسكوا وإذا ذكرت النجوم ~~فأمسكوا((_( ) جاء بهذا اللفظ من طريق ابن مسعود - رضي الله عنه ms178 - رواه ~~الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" [782] وابن عدي في "كامله" (7/25). # ( وجاء بتقديم لفظة "النجوم" على لفظة "القدر" عند الطبراني في "الكبير" ~~[2/96 برقم 1427] عن ثوبان - رضي الله عنه - وعنها يقول الهيثمي في "مجمع ~~الزوائد" (7/411 دار الفكر): "رواه الطبراني وفيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف". ~~وفي "الكبير" أيضا [10/198 برقم 10448] عن ابن مسعود - رضي الله عنه - وعنه ~~يقول الهيثمي في "مجمعه" (7/412): "رواه الطبراني وفيه مسهر بن عبدالملك ~~وثقه ابن حبان وغيره وفيه خلاف وبقية رجاله رجال الصحيح". ا.ه. ورواه أبو ~~نعيم في "حلية الأولياء" [4953 دار الكتب العلمية] عن ابن مسعود - رضي الله ~~عنه - . # ( PageV01P266 وجاء بدون قوله: »وإذا ذكرت النجوم ..« رواه الحارث بن أبي ~~أسامة في "مسنده" [741 /بغية الباحث] عن ابن مسعود - رضي الله عنه - وابن ~~عدي في "كامله" (6/162) عن ابن عمر رضي الله عنهما._) وإنما كان ذلك مخافة ~~الخوض في القدر فيلحق الخائض التسمي بالقدري فيكون من القوم الذين قال فيهم ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لكل أمة مجوس، ومجوس هذه الأمة ~~القدرية((_( ) جاء بهذه الصيغة من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه ~~الآجري في "الشريعة" [359 و360] وابن عدي في "الكامل" (2/137 و2/316). # وجاء بلفظ: »لكل أمة مجوس والقدرية مجوس هذه الأمة« من طريق ابن عمر - ~~رضي الله عنه - عند الآجري في "شريعته" [356]. # ( وجاء بلفظ: »لكل أمة مجوس ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر إن ماتوا لا ~~تشهدوهم« من طريق ابن عمر - رضي الله عنه - رواه أحمد [5586] وأبوداود ~~[4692] وابن أبي عاصم في "سنته" [339] وعنده برقم [329] عن حذيفة - رضي ~~الله عنه - وبرقم [342] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . # ( وجاء بلفظ: »إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله« من طريق جابر بن ~~عبدالله - رضي الله عنه - رواه ابن ماجة في "سننه" [92] وابن أبي عاصم ~~[328] والآجري في "شريعته" [358]. وانظر "أجوبة الحافظ ابن حجر على أحاديث ~~المصابيح" في آخر الجزء الثالث من "مشكاة المصابيح" للتبريزي ص(1779)._)، ~~وقال - صلى الله عليه وسلم - : (المرجئة يهود هذه الأمة، والقدرية ~~مجوسها((_( ) جاء الشطر الأول من هذه الرواية في "مسند" الإمام ms179 الربيع ~~[944] من قول الإمام جابر. والشطر الثاني فيه برقم [798] بلا سند. PageV01P267 # وأخرجه أبوداود في "سننه" [4691] عن ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ: ~~»القدرية مجوس هذه الأمة«. وجاء عند الطبراني في "الأوسط" عن أنس بن مالك ~~قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »القدرية والمرجئة مجوس هذه ~~الأمة ..« وعن هذه الرواية يقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/421): "رواه ~~الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح غير هارون بن موسى الفروي وهو ~~ثقة". ا.ه._)، وقال - صلى الله عليه وسلم - : (لعنت القدرية على لسان سبعين ~~نبيا قبلي((_( ) لم أجده بهذا اللفظ وله شواهد لا تخلو من مقال فقد روى ~~الطبراني في "الكبير" [20/117 برقم 232] عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ~~- صلى الله عليه وسلم - : »ما بعث الله نبيا قط إلا وفي أمته قدرية ومرجئة ~~يشوشون عليه أمر أمته، ألا وان الله لعن القدرية والمرجئة على لسان سبعين ~~نبيا« قال الهيثمي في "مجمعه" (7/416): "رواه الطبراني وفيه بقية بن الوليد ~~وهو لين ويزيد بن حصين لم أعرفه". ا.ه كما رواه ابن أبي عاصم في "سنته" ~~برقم [325] وفيه نفس العلل. ورواه أيضا الآجري في "شريعته" برقم [286] وفي ~~سنده ضعف. PageV01P268 # وروى الإمام أبو حنيفة في "مسنده" ص(365/ الكتب العلمية): "عن علقمة بن ~~مرثد عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ~~»لعن الله القدرية وما نبي ولا رسول إلا لعنهم ..« وهذا السند الذي ساقه ~~أبو حنيفة جيد رجاله ثقات وهو متصل. على أنه يمكن القول بأن المراد هنا ~~بالقدرية من يكذب بأقدار الله وهذا لا يمكن حصره في أمته - صلى الله عليه ~~وسلم - دون من سبقه من الأنبياء. والله أعلم._)، قال في "شفاء الحائم"(_( ) ~~هو للعلامة أبو الفضل أبو القاسم بن ابراهيم البرادي وقد تقدمت ترجمته في ~~التعليق على البيت رقم (76) وكتابه هذا شرح لكتاب "الدعائم" لابن النضر ~~العماني، وعنوانه "شفاء الحائم على بعض الدعائم" والظاهر أنه لم يشرح كل ~~"الدعائم" وكتابه هذا لا يزال مخطوطا لم ينشر بعد. _): [وأول ms180 من تكلم في ~~القدر في أيام الصحابة غيلان الدمشقي(_( ) أبو مروان غيلان بن مروان بن ~~مسلم القبطي الدمشقي مولى لآل عثمان بن عفان، أحد القائلين بالقدر، معتزلي ~~المذهب قال الخياط في كتاب "الإنتصار والرد على ابن الراوندي" ص(190): ~~"وأما غيلان فكان يعتقد الأصول الخمسة التي من اجتمعت فيه فهو معتزلي وهذه ~~رسائلة قد طبقت الأرض .. ". وهو من القائلين بأن الإمامة تصلح في غير ~~القرشي وكل من كان قائما بالكتاب والسنة فهو مستحق لها. ومناظرته مع عمر بن ~~عبد العزيز - رضي الله عنه - التي أعلن فيها توبته تراها في "الشريعة" ~~للآجري برقم [473] و"التنبيه والرد" لأبي الحسين الملطي ص(168/ الأزهرية ~~للتراث) وهي التي تراجع فيها عن معتقده في القدر. صلبه هشام بن عبد الملك ~~بالشام وإنما فعل ذلك لا لعقيدته كما يتوهم من لا علم عنده بل سبب قتله هو ~~أن غيلان لما كتب إلى عمر بن عبد العزيز كتابا قال فيه: "أبصرت يا عمر". ~~فدعا عمر غيلان وقال: "اعني على ما أنا فيه". فقال غيلان: ولني بيع الخزائن ~~ورد المظالم. PageV01P269 # فولاه فكان يبيعها وينادي عليها ويقول: تعالوا إلى متاع الخونة!، تعالوا ~~إلى متاع الظلمة!، تعالوا إلى خلف الرسول في أمته بغير سنته! وسيرته!. ... ~~فمر به هشام بن عبد الملك فقال: أرى هذا يعنيني ويصيب أبائي والله إن ظفرت ~~به لأقطعن يديه ورجليه. فلما ولي هشام خرج غيلان وصاحبه صالح إلى أرمينية ~~فأرسل هشام في طلبهما فجئ بهما وقطع أيديهما! وأرجلهما!. طالع "طبقات ~~المعتزلة" لابن المرتضى ص(25-27). والغريب أن ابن حبان روى في كتابه ~~"المجروحين" (2/200): "... ابراهيم بن أبي جبلة قال: كنت عند عبادة بن نسي ~~فأتاه آت أن هشاما قطع يدي غيلان ورجليه. فقال: أصاب والله فيه القضاء ~~والسنة، ولأكتبن إلى أمير المؤمنين ولأحسنن له رأيه". ا.ه والحق أنه أخطأ ~~القضاء والسنة ولكنه التملق للملوك الذي ابتلي به كثير من الناس وإلا فإن ~~التمثيل! بالموتى محرم شرعا، وإن كان القطع قبل الصلب فلم يعرف في الشرع له ~~وجه إلا حد ms181 الحرابة!! وليس هذا محله، فيكون فعله مخالف للسنة لا موافق لها. ~~وقد وضع بعض الأفاكين في حق هذا الرجل حديثا ذكر في "الفوائد المجموعة" ~~للشوكاني ص(419): "سيكون في أمتي رجل يقال له وهب يهب الله له الحكمة، ورجل ~~يقال له غيلان هو أضر على أمتي من ابليس. قال الشوكاني: رواه أبو يعلى عن ~~عبادة بن الصامت مرفوعا، وهو موضوع. وقال ابن حبان: لا أصل له". ا.ه وذكر ~~النديم أن له رسائل مجموعة في نحو مائة ورقة. وكان قتله بعد سنة 105ه. ~~("المجروحين" لابن حبان 2/200 "الفرق بين الفرق" للبغدادي 206 و207 "لسان ~~الميزان" لابن حجر 4/424 "الإنتصار والرد على ابن الراوندي" للخياط ص189 ~~و190 مع كلام محققه "التبصير" للإسفرايني ص13 مع تعليق الكوثري عليه ~~"الأعلام" للزركلي 5/124)._)، ومعبد الجهني(_( ) هو معبد بن عبدالله بن ~~عكيم الجهني نزيل البصرة. PageV01P270 # اتهم بأنه أول من تكلم بالقدر في زمان الصحابة، حدث عن عمران بن حصين ~~ومعاوية وابن عباس وابن عمر وحمران بن أبان وطائفة. وروى عنه معاوية بن قرة ~~وزيد بن رفيع وقتادة ومالك بن دينار وعوف الأعرابي وسعد بن ابراهيم وآخرون، ~~وقد وثقه يحي بن معين، وقال أبو حاتم: صدوق في الحديث. وقال الجوزجاني: كان ~~قوم يتكلمون في القدر احتمل الناس حديثهم لما عرفوا من اجتهادهم في الدين ~~والصدق والأمانة ولم يتوهم عليهم الكذب وإن بلو بسوء رأيهم منهم معبد ~~الجهني وقتادة ومعبد رأسهم. وقال العجلي: تابعي ثقة كان لا يتهم بالكذب. ~~وقال مالك بن دينار: لقيت معبدا بمكة بعد فتنة ابن الأشعث وهو جريح قد قاتل ~~الحجاج في المواطن كلها. # وروى ضمرة عن صدقة بن يزيد قال: كان الحجاج يعذب معبدا الجهني بأصناف ~~العذاب ولا يجزع ثم قتله. وقيل إن عبدالملك بن مروان صلبه بدمشق على القول ~~بالقدر ثم قتله وكان ذلك في سنة 80ه. # والظاهر أن هذا ليس بصحيح فملوك بني أمية يهمهم الملك بالدرجة الأولى ~~يقول الكوثري في مقدمته لكتاب "تبيين كذب المفتري" لابن عساكر ص (10): "ولم ~~يكن بنو أمية كالراشدين في ms182 السهر على معتقد المسلمين إلا فيما يمس ~~بسياستهم". ومعبد هذا قد قاتل الحجاج كما تقدم فيكون قتله لسبب سياسي، وقد ~~يقال إنه قتل بسبب القول بالقدر لكي يشفع قتله بمبرر ينطلي على العوام مع ~~أن القتل بسبب معتقد لا بد له من شروط قاسية ولا بد من استتابة الرجل وما ~~إلى ذلك لا أن يؤتى بشخص فيحز رأسه ثم يقال قتل لكذا .. والله أعلم بحال الرجل. # ("سير النبلاء" 5/192 "ميزان الإعتدال" للذهبي 4/141 "تهذيب التهذيب" ~~لابن حجر 10/204 "الأعلام" للزركلي 7/264)._)، ويونس الاسواري(_( ) ذكره ~~الحافظ ابن حجر العسقلاني في "لسان الميزان" (6/335 الهندية) فقال: PageV01P271 # "يونس الاسواري أول من تكلم بالقدر، وكان بالبصرة فأخذ عنه معبد الجهني. ~~ذكره الكعبي في "طبقات المعتزلة" وذكر أنه كان يلقب سيبويه." ا.ه والمشهور ~~في كتب الفرق أن اسمه: علي الإسواري كما هو واضح من تردد ذكره في كتاب ~~"الإنتصار والرد على ابن الراوندي" للخياط المعتزلي و"مقالات الاسلاميين" ~~لابي الحسن الأشعري و"الفصل في الملل والأهواء والنحل" لابن حزم الأندلسي ~~ويبعد أن يكونا شخصين وعلي الاسواري هذا معدود في الطبقة السابعة من طبقات ~~المعتزلة التي ذكرها ابن المرتضى في "المنية والأمل" وذكر معه في هذه ~~الطبقة الجاحظ وثمامة بن أشرس وأحمد بن أبي داود ويوسف بن عبدالله بن اسحاق ~~الشحام [طالع "مذاهب الاسلاميين" د. عبدالرحمن بدوي (1/41 42)]._)، وبعدهم ~~أبو حذيفة واصل بن عطاء(_( ) أبو حذيفة واصل بن عطاء البصري الغزال من ~~موالي بني ضبة أو بني مخزوم، رأس المعتزلة ومن أئمة البلغاء والمتكلمين ولد ~~بالمدينة سنة 80ه وكان يلثغ بالراء غينا إذا تكلم ولكنه لاقتداره على اللغة ~~وتوسعه فيها يتجنب الوقوع في لفظة فيها راء حتى قيل فيه: # ويجعل البر قمحا في تصرفه وخالف الراء حتى احتال للشعر # ولم يطق مطرا والقول يعجله فعاذ بالغيث اشفاقا من المطر # وكان مع تلك الثغة فصيحا لسنا مقتدرا على الكلام حتى أنه يخطب الخطبة فلا ~~يورد فيها الراء أبدا. واشتهر بلقب الغزال ولم يكن غزالا بل سمي بذلك ~~لملازمته سوق الغزل، وكان طويل ms183 العنق حتى قال عنه عمرو بن عبيد: إن من هذه ~~عنقه لا خير عنده، فلما برع واصل وظهر فضله قال عمرو: ربما أخطأت الفراسة. ~~جالس أبا هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية ثم لازم مجلس الحسن البصري، وكان ~~لكثرة صمته يظن به الخرس، وقد تقدم عند التعريف بالمعتزلة بيان خطأ من قال: ~~إن الحسن طرده وقال: اعتزلنا واصل. وأن الصواب أن تسميتهم بالمعتزلة حصلت ~~بعد ذلك أو أنهم لقبوا أنفسم فليراجع الكلام على البيت رقم (79). PageV01P272 # هذا وقد اعتنى واصل بنشر مذهبه في الآفاق فبعث من أصحابه عبدالله بن ~~الحارث إلى المغرب وحفص بن سالم إلى خراسان والقاسم إلى اليمن وأيوب إلى ~~الجزيرة والحسن بن ذكوان إلى الكوفة وعثمان الطويل إلى أرمينية. وكان ممن ~~بايع لمحمد بن عبدالله بن الحسن في قيامه على أهل الجور. من مؤلفاته: كتاب ~~"المنزلة بين المنزلتين ؟" وكتاب "الفتيا ؟" وكتاب "التوحيد ؟" و "معاني ~~القرآن ؟" و"التوبة ؟" و"أصناف المرجئة ؟" و"طبقات أهل العلم والجهل ~~؟". ومات سنة 131ه. # ("الفهرست" لأبي الفرج النديم ص 283 284 "ميزان الاعتدال" للذهبي 4/329 ~~"سير النبلاء" للذهبي 6/242 "لسان الميزان" لابن حجر 6/214 "الأعلام" ~~للزركلي 8/108). # ( PageV01P273 تنبيه): أطلت في ترجمة هؤلاء النفر لكثرة شتمهم من قبل ~~مخالفيهم بحق وبباطل والحق أن ما زور عنهم كثير، ونحن وإن كنا لا نتولاهم ~~إلا أن نقل المكذوب على الخلق ليس من شيمنا، والله تعالى أعلم._) انتصب ~~لمذهب القدرية، وهو قد تتلمذ للحسن البصري ومكث في مجالسته عشرين سنة وهو ~~المقرر لقواعد القول بقدرة العبد وخلقه الفعل وقال: "إن الباري عادل حكيم ~~لا يجوز أن يضاف إليه شين ولا ظلم، ولا يجوز عليه أن يريد من العباد خلاف ~~ما يأمرهم به، ولا يجوز عليه أن يخلق للعباد شيئا ثم يجازيهم عليه، والعبد ~~هو الفاعل للخير والشر والطاعة والمعصية، والله سبحانه مجاز له بفعله" ~~وقال: "ليس من الحكمة أن يكون الله سبحانه يخلق الكفر للكافرين به وهو مبغض ~~للكفر معاد للكافرين فيكون في ذلك كمن أعان على شتم نفسه" . وقال جميع ~~الأمة قويها وضعيفها ms184 وصغيرها وكبيرها: القدر خيره وشره من الله تعالى وهو ~~الخالق للخير والشر والقاضي والمريد والمقدر والمكون له في أوقاته التي ~~يكون فيها، وهو مع هذا كله فعل العبد والعبد فاعله وهو له مريد مختار، قاصد ~~اليه متحرك أو ساكن به غير مجبور عليه ولا مضطر اليه إلا ما كان من الجهم ~~بن صفوان(_( ) ترجمته تأتي عند البيت رقم (204). _) وأصحابه فقد نقض ~~الإجماع وقال: "القدر خيره وشره من الله، لا ما على ما قاله الأولون بل على ~~جهة الجبر والإكراه والإضطرار للعباد الى أعمالهم، ولا قدرة للعبد في شيء ~~من ذلك ولا قصد ولا اختيار ولا إرادة" قالوا: "وماذا للعبد من الأفعال وهو ~~متصرف في قبضة القهر ومصرف بمقتضى العلم والإرادة والمشيئة؟" قالوا: "قد ~~وجدنا الله سبحانه يقول: { يضل من يشاء ويهدي من يشاء } النحل : 93 وقال: { ~~من يضلل الله فلا هادي له } الأعراف : 186 فمن شاء الله خلق له الخير ومن ~~شاء خلق له الشر". فهذه مقالتهم. PageV01P274 # ] (انتهى) فتلخص من كلامه أن الأمة في القدر على ثلاث فرق؛ فرقة تعلقت ~~بالأمر فزلوا وهم الذين قالوا إن الله لم يخلق أفعال العباد وإنما كان ذلك ~~من خلق أنفسهم فقدرتهم صالحة لإيجاد فعلهم، وفرقة تعلقت بالمشيئة فضلوا ولم ~~يجعلوا للمكلف اختيارا في فعله بل قالوا ذلك على طريق الجبر، فضلال أولئك ~~من حيث نفي القدر وضلال هؤلاء من حيث الغلو في اثباته فهما ضالتان وقد تعلق ~~كل منهما بآيات من القرآن نذكر كل شيء في محله إن شاء الله تعالى . وفرقة ~~جمعت بين الأمر والمشيئة وقالوا أفعال العباد خلق من الله واكتساب من العبد ~~فهدوا الى صراط مستقيم، وعن عكرمة(_( ) التابعي الشهير أبو عبد الله عكرمة ~~بن عبدالله البربري المدني مولى ابن عباس - رضي الله عنه - أصله من البربر ~~وهي القبائل التي تسكن الشمال الأفريقي قبل الإسلام فهو من طبقة التابعين. PageV01P275 # كان لحصين بن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس. روى عن مولاه ابن عباس ~~وعائشة وأبي هريرة وعبدالله بن عمر وابن عمرو وعقبة ms185 بن عامر رضي الله عنهم ~~وغيرهم وروى عنه ابراهيم النخعي والشعبي وأبو الشعثاء جابر بن زيد وقتادة ~~وأيوب السختياني وخلق كثير. وهو ممن أخرج البخاري ومسلم حديثه، وكان يفتي ~~في عهد ابن عباس .. لكن تكلم فيه بعضهم فاتهم برأي الخوارج الصفرية ففي ~~"سير النبلاء" للذهبي (5/517): "وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل قال خالد ~~الحذاء: كل ما قال محمد بن سيرين: نبئت عن ابن عباس. فإنما رواه عن عكرمة. ~~قيل: ما شأنه؟. قال: كان يرى رأي الخوارج رأي الصفرية ولم يدع موضعا إلا ~~خرج إليه خراسان والشام واليمن ومصر وافريقية. قال أحمد: وإنما أخذ أهل ~~أفريقية رأي الصفرية من عكرمة لما قدم عليهم". ا.ه وقد وثقه طائفة لابأس ~~بهم؛ قال عثمان بن سعيد الدارمي: قلت لابن معين: فعكرمة أحب إليك في ابن ~~عباس أو عبيدالله؟. قال: كلاهما. ولم يختر، قلت: فعكرمة أو سعيد بن جبير؟. ~~فقال: ثقة وثقة. وفي "سير النبلاء" للذهبي: ".. عن عثمان قال: كنت جالسا مع ~~أبي أمامة بن سهل إذ جاء عكرمة، فقال: يا أبا أمامة أذكرك الله؛ هل سمعت ~~ابن عباس يقول: ما حدثكم عني عكرمة فصدقوه فإنه لم يكذب علي؟. فقال أبو ~~أمامة: نعم". وروى سعيد عن قتادة قال: كان أعلم التابعين أربعة: كان عطاء ~~أعلمهم بالمناسك، وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير، وكان عكرمة أعلمهم ~~بسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان الحسن أعلمهم بالحلال والحرام. ~~وعن أيوب وقد سئل عن عكرمة فقال: لو لم يكن عندي ثقة لم أكتب عنه. وقال ~~حماد بن زيد: قيل لأيوب: أكنتم تتهمون عكرمة؟. قال: أما أنا فلم أكن أتهمه. ~~وكان أبو الشعثاء يقول: هذا عكرمة مولى ابن عباس هذا أعلم الناس. PageV01P276 # وقد أوضح حاله في الحديث ابن عدي في "الكامل" (5/ 271 272) فقال: "وعكرمة ~~مولى ابن عباس لم أخرج ها هنا من حديثه شيئا لأن الثقات إذا رووا عنه فهو ~~مستقيم الحديث إلا أن يروي عنه ضعيف فيكون قد أتي من قبل الضعيف لا من قبله ~~ولم يمتنع ms186 الأئمة من الرواية عنه، وأصحاب الصحاح أدخلوا أحاديثه إذا روى ~~عنه ثقة في صحاحهم وهو أشهر من أن يحتاج أن أجرح حديثا من حديثه وهو لابأس ~~به". ا.ه والله أعلم بحاله، مات سنة 105ه. ("الكامل" لابن عدي 5/271 272 ~~"سير النبلاء" 5/504 521/دار الفكر "ميزان الإعتدال" 3/93 97 "تذكرة ~~الحفاظ" للذهبي 1/95 "تهذيب التهذيب" لابن حجر 7/228 234 "الأعلام" ~~للزركلي 4/244). # ( PageV01P277 تنبيه): أورد المصنف السالمي هذا الخبر عن عكرمة عن ابن ~~عباس في كتابه "مشارق أنوار العقول" (2/172 دار الجيل) وقام محققه د. عبد ~~الرحمن عميرة بالترجمة لعكرمة هذا على أنه عكرمة بن أبي جهل!!. وهذا خطأ ~~فاحش! لأن عكرمة بن أبي جهل الصحابي - رضي الله عنه - استشهد عام 13ه يوم ~~مرج الصفر، وقيل عام 15ه يوم اليرموك. كما في "تهذيب التهذيب" لابن حجر ~~(7/223) وابن عباس من صغار الصحابة سنا فتكون رواية عكرمة عنه من قبيل ~~رواية الأكابر عن الأصاغر أن لو صحت فكيف وهي هنا متعذرة. وكم للدكتور ~~المذكور من أخطاء في تعليقه على المشارق على هذا الطراز. وقد طبع كتاب ~~المشارق طبعة أخرى بتحقيق عبد المنعم العاني ط/ دار الحكمة. ورأيته يشف من ~~أخطاء د. عبد الرحمن عميرة فيأخذ الغث ويترك الثمين، ومن تلك الأخطاء هذه ~~الترجمة!! والله المستعان._) عن ابن عباس رضي الله عنه سئل عن القدر ~~فقال: "الناس فيه على ثلاث منازل؛ من قال إن في الأمر المشيئة الى العباد ~~وان الأعمال مفوضة إليهم ولا قدر.. فقد ضاد الله في أمره، ومن أضاف الى ~~الله شيئا مما ينزه عنه فقد افترى عظيما على الله عزوجل، ورجل قال إن رحمت ~~فبفضل الله.. فذلك الذي سلم له دينه ودنياه". # (195)(ومن يقل إلهنا لم يخلق أفعالنا بعدا له من أحمق) # (196)(لقوله لكل شيء خالق سبحانه الرب المليك الرازق) # (197)(لو كان خالقا سواه لزما تعدد الإله قطعا حتما) # (198)(ولو تعدد الإله لظهر فساد هذا العالم الذي بهر) # (199)(لكن لنا في فعلنا اكتساب به الثواب وبه العقاب) # (200)(من ثم قد نيل به أعلى الرتب إلا النبوات فليس تكتسب) PageV01P278 ~~هذا بيان ms187 الرد على الفرقة الأولى من القدرية وهم القائلون أن الله لم يخلق ~~أفعال العباد وإنما ذلك خلق أنفسهم قالوا: إن الله أكرم من أن يخلق خلقا ~~فيعذبنا عليه. وتعلقوا في جواز أن يكونوا خالقين لأفعالهم وفي وقوع ذلك ~~بآيات من القرآن منها قوله عزوجل: { وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير } ~~المائدة : 110 . قلنا اسناد الخلق الى عيسى عليه السلام في الآية مجاز لا ~~حقيقة لأنه من اسناد الفعل الى سببه لا الى موجده، فعيسى عليه السلام سبب ~~لإيجاد تلك الهيئة لا موجد لها على الحقيقة وإنما الموجد لها هو الله تعالى. # ومنها قوله تعالى: { وتخلقون افكا } العنكبوت : 17 ، قلنا: معنى تخلقون ~~تفترون؛ أي وتفترون كذبا. ومنها قوله تعالى: { ويجعلون لله ما يكرهون } ~~النحل : 62 ، قلنا: معنى الجعل هنا الوصف لا الخلق؛ أي ويصفون الله بما ~~يكرهون من وجود البنات لهم والآية رد على المشركين في زعمهم أن الملائكة ~~بنات الله . ومنها قوله تعالى: { ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة } المائدة ~~: 103 أي ومن المعلوم أن العرب قد جعلوا البحيرة والسائبة فنفى ربنا أن ~~يكون هذا الجعل من فعله فصح أنه من فعلهم. قلنا: نفى ربنا عزوجل جعل ~~التبحير وما بعده دينا أي لم يشرع للعرب ذلك وإنما ابتدعوه من تلقاء ~~أنفسهم لا لأنهم الخالقون لصفة التبحير(_( ) في الأصلين: "الخالقون لها صفة ~~التبحير". فأصلحته. _) فالمنفي هو شرعية معتقدهم في البحيرة وما بعدها ليس ~~إلا. ومنها قوله تعالى في قصة يعقوب عليه السلام : { بل سولت لكم أنفسكم ~~أمرا } يوسف : 18 ، وقوله تعالى: { فطوعت له نفسه قتل أخيه } المائدة : 30 ~~، قلنا: أما تسويل النفس وتطويعها فالمراد به ترغيبها في ذلك الفعل وتزيينه ~~لفاعله لا أنها هي التي أوجدت فعل ذلك، فسقط تعلقهم بهذه الآيات والحمد لله. PageV01P279 # ومما استدلوا به من العقليات أنهم قالوا: "لا تخلو أفعال العباد من أحد ~~ثلاثة أمور: إما أن تنسب إليه تعالى وحده، أو تنسب إليه وإلى العبد معا، أو ~~تنسب الى العبد فقط، فبطل الأول لإستلزامه الجبر الآتي بيان بطلانه فيما ~~سيأتي قريبا ms188 إن شاء الله ، وبطل الثاني لإستلزامه مشاركة الله في أفعاله ~~وهو تعالى منزه عن ذلك، فببطلان هذين الوجهين ثبت الثالث". قلنا: لا نسلم ~~إستلزام مشاركة الله في أفعاله على ثبوت الوجه الثاني لأن لفعل العبد ~~جهتين: جهة ايجاد وهي الجهة التي يخرج بها فعل العبد من العدم الى الوجود ~~وبهذه الجهة تتعلق قدرة الباري تعالى، وجهة اكتساب وهي اضافة ذلك الفعل الى ~~العبد مع اختيار العبد لذلك وبهذه الجهة تتعلق قدرة العبد فالله تعالى إنما ~~يخلق الفعل للعبد حال اختيار العبد له وتوجيه القدرة اليه لإكتسابه، فالعبد ~~مكتسب والله تعالى موجد وإذا اختلفت الجهتان انتفت المشاركة فقد سقط بحمد ~~الله ما تعلقوا به ولنرجع الان إلى بيان استدلالنا عليهم. PageV01P280 # واستدلالنا في ذلك من طريقين: أحدهما: طريق النقل وهو المشار اليه بقول ~~الناظم: (لكل شيء خالق ..الخ البيت)، وثانيهما: طريق العقل وهو المشار إليه ~~بقوله: (لو كان خالق سواه.. الى آخر الأبيات)، أما قوله: (لكن لنا في فعلنا ~~اكتساب.. الخ) فاستدراك لما قد يتوهم من الإستدلال على نفي خلق العبد لفعله ~~أن الأفعال منسوبة اليه تعالى جبرا فرفع ذلك التوهم حيث أثبت للعبد في فعله ~~اكتسابا يثاب عليه ويعاقب عليه { لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } البقرة : ~~286 { تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم } البقرة : 134 ، ثم أخذ ~~في ثبوت تقرير هذا الإكتساب بقوله: (من ثم قد نيل به.. الخ) أي من أجل أن ~~الإكتساب ثابت للخلق في أفعالهم قد نالوا به أعلى الرتب وتفاوتوا في ذلك كل ~~بحسب اجتهاده، ثم استثنى من جملة ما ينال بالإكتساب النبوات وصرح بأنها ~~ليست مما يكتسب لأنها من الأشياء التي يختص بها ربنا من يشاء فيضعها حيث ~~يشاء من غير أن يتقدم للعبد اكتساب لأسبابها وتهيئ لمرتبتها إذ لا أسباب ~~لها حتى يصح تعاطيها بخلاف غيرها. PageV01P281 # فأما استدلالنا النقلي فقوله تعالى: { وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه ~~عليم بذات الصدور ( ألا يعلم من خلق } الملك : 13 و14 فدلت الآية أن جميع ~~ما أسره ms189 العباد وما أظهروه خلقه والإسرار والإجهار أفعال العباد والله ~~تعالى يقول: { ألا يعلم من خلق } أي كيف لا يعلم ذلك وهو قد خلقه وهل يخلق ~~من لا يعلم!؟، وقوله تعالى: { ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم ~~من فضله } الروم : 23 وكيف يكون الإبتغاء للفضل الذي هو فعل من أفعال ~~العباد من آياته وهو لم يخلقه ولم يدبره، وقوله تعالى: { هو الذي يسيركم في ~~البر والبحر } يونس : 22 وهو من فعلهم كما ترى فأضافه إليه، وقوله تعالى: { ~~ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها } ~~الحديد : 22 أي من قبل أن نخلقها، [وقوله عزوجل: { إنا كل شيء خلقناه بقدر ~~} ،القمر : 49 ](_( ) سقطت من (ب). _) وقوله(_( ) وأصرح ما ورد في هذه ~~القضية قوله تعالى على لسان ابراهيم - عليه السلام - مخاطبا قومه : { قال ~~أتعبدون ما تنحتون ( والله خلقكم وما تعملون } (الصافات : 96) فإن فيها ~~نسبة خلق الفعل لله صريحة لا تحتاج إلى بيان._) عزوجل: { خالق كل شيء } ~~الأنعام : 102. # وأما استدلالنا العقلي فهو أنه لو كان العبد خالقا لأفعاله للزم عليه ~~تعدد الخالقين ولكان كل من خلق شيئا فهو إله ذلك الشيء فيلزم عليه تعدد ~~الآلهة وتعددها باطل قطعا لما ثبت من البراهين العقلية والنقلية على وجوب ~~الوحدانية، ومن تلك البراهين أنه لو تعددت الآلهة للزم عليه فساد هذا ~~العالم الذي بهر الخلق صنعه لقوله تعالى: { لو كان فيهما آلهة إلا الله ~~لفسدتا } الأنعام : 21 ونحن نشاهد أن هذا العالم غير فاسد فصح أن الإله ~~واحد والله تعالى أعلم. # (201)(وفاسق من قال إن الله جل قد جبر الإنسان فيما قد فعل) # (202)(وأنه لم يجعل استطاعه له لكفر شاءه أو طاعه) # (203)(لأنه لو كان هذا بطلا أمر ونهي مع وعد جعلا) # ( PageV01P282 204)(وبطل الوعيد مع بعث الرسل وجاز تكليف الجماد كالنبل) # هذا بيان الرد على الفرقة الثانية من القدرية وهم الجهمية(_( ) نسبة ~~للجهم بن صفوان (قتل 128ه) الذي قال بالجبر والاضطرار إلى الأعمال وأنكر ~~الاستطاعات كلها وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان وزعم أيضا ms190 أن الايمان ~~هو المعرفة بالله تعالى فقط وأن الكفر هو الجهل به فقط .. # ومنهم طائفة قالوا: لا نقول إن الله قوي ولا شديد ولا حي ولا ميت ولا ~~يغضب ولا يرضى ولا يسخط ولا يحب ولا يعجب ولا يرحم ولا يفرح ولا يسمع ولا ~~يبصر ولا يقبض ولا يبسط ولا يضع ولا يرفع تعالى الله عن هذا ومنهم صنف ~~زعموا: أن الجنة والنار لم يخلقهما الله بعد وأنهما تفنيان بعد خلقهما ~~فيخرج أهل الطاعة من الجنة بعد دخولها إلى الحزن بعد الفرح وأن الجنة تخرب ~~بعد عمارتها حتى تصير رميما لا أحد فيها، ويخرج أهل النار بعد دخولها ~~فيصيروا إلى الفرح بعد الحزن وأن النار تخرب بعد ذلك حتى تخفق أبوابها وليس ~~فيها أحد، وأنكروا عذاب القبر ومنكر ونكير ... # وجماع أمرهم انكار صفات الله تعالى وقالوا إن الله لا يوصف بشيء مما يوصف ~~به العباد ولكن يوصف فيقال: موجد، فاعل، خالق، محي، مميت .. لأن هذه الصفات ~~لا تطلق على العبيد. # ثم استعمل لفظ الجهمية للنبز والتراشق به بين الفرق التي تبحث في مسائل ~~العقيدة والله المستعان. # ( PageV01P283 "التنبيه والرد" لابي الحسين الملطي 96 99 "التبصير في ~~الدين" للاسفراييني 64 "الفرق بين الفرق" للبغدادي ص211). _) نسبة لهم الى ~~الجهم بن صفوان(_( ) هو أبو محرز جهم بن صفوان السمرقندي من موالي بني راسب ~~وصفه الذهبي بقوله: "الضال المبتدع رأس الجهمية هلك في زمان صغار التابعين ~~وما علمته روى شيئا لكنه زرع شرا عظيما" ينسب إليه القول بالجبر وهو تلميذ ~~الجعد بن درهم، قال عبد القاهر البغدادي: "قال بالإجبار والإضطرار إلى ~~الأعمال وأنكر الإستطاعات كلها، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان، وزعم ~~أن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى فقط وأن الكفر هو الجهل به فقط، وقال: ~~لا فعل ولا عمل لأحد غير الله تعالى ... وزعم أن علم الله تعالى حادث، ~~وامتنع من وصف الله تعالى بأنه شيء أو حي أو عالم أو مريد وقال: لا أصفه ~~بوصف يجوز اطلاقه على غيره ." قتل بمرو سنة 128ه على يد ms191 سلم بن أحور بأمر ~~من نصر بن سيار. ("ميزان الإعتدال" للذهبي 1/426 "لسان الميزان" لابن حجر ~~2/142 "الفرق بين الفرق" لعبد القاهر البغدادي ص211)._) وهم القائلون ~~بالجبر المتعلقون بالمشيئة فقط قالوا: "إن الله قد جبر العبد على فعل ~~الطاعة والمعصية وأنه لم يجعل له استطاعة لما شاء أن يفعله من فعل المعاصي ~~والطاعات" فهو عندهم كالجماد لا يستطيع تحركا إلا أن يحرك وكالخيط المعلق ~~في الهواء تقلبه الرياح كيف شاءت، وإنما كان ذلك منهم مخافة أن يكون خالقا ~~غير الله كما كان من المعتزلة مقالهم مخافة أن ينسب إلى الله المعاصي وفعل ~~المكروه فكلا الفريقين ضال منافق. وقد تعلق هؤلاء بآيات من القرآن كما تعلق ~~أولئك؛ منها قوله تعالى: { وأنه هو أضحك وأبكى ( وأنه هو أمات وأحيا } ~~النجم : 43 و44 قالوا: "فالضحك والبكاء من أفعالنا قد أضافهما تعالى الى ~~نفسه كما أضاف الإماتة والإحياء فليس لنا فيهما تصرف". PageV01P284 # قلنا: أضافهما الله تعالى الى نفسه لكونهما خلقا له لا لنا، وإنما لنا من ~~ذلك الاكتساب المناط بالإختيار فالأفعال خلق منه واكتساب منا وخلقه للأفعال ~~لا يستلزم الجبرية كما سيأتي بيانه. ومنها قوله تعالى: { فأنى تؤفكون } ~~الأنعام : 95 ، وقوله تعالى: { فأنى تصرفون } يونس : 32 قالوا: "فمن يؤفكهم ~~ومن يصرفهم إلا الله. وقوله عزوجل: { من يضلل الله فلا هادي له } ~~الأعراف:186 وقوله: { من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا ~~مرشدا } الكهف : 17 والجواب عن هذه الآيات كلها هو عين الجواب عن الآية ~~الأولى. ومنها قوله تعالى: { ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها } السجدة : 13 ~~قلنا: لا تعلق لكم في هذه الآية ولا في شيء من نظائرها لأنها إخبار عن نفوذ ~~قدرته تعالى وتأثير إرادته، أي فلو شاء أن يفعل لهم الهداية لفعل لهم ذلك ~~لأنهم لا يعجزونه لكن اقتضت حكمته تخييرهم بين الهداية والضلالة وقد جعل ~~لهم قدرة صالحة لإكتساب أي واحد شاءوا فلا جبر.. وإذا عرفت تعلقهم بهذه ~~الآيات فارجع الى الوقوف على الإحتجاج عليهم وبيان ما يؤدي اليه مذهبهم ~~فاعلم أن الإحتجاج عليهم من ms192 الكتاب العزيز كثير منها ما أوردته المعتزلة ~~استدلالا لهم على خلق أفعالهم فإن جميع ما مر في ذلك مناف للجبر الذي زعمه ~~هؤلاء، ومنها آيات الإكتساب فإنها مصرحة بإضافة الكسب الى العبد قطعا وإذا ~~ثبت لهم الكسب انتفى الجبر لأنهما متضادان. PageV01P285 # وأما ما يؤدي اليه مذهبهم من البطلان فهو ما أشار اليه الناظم بقوله: (لو ~~كان هذا.. الخ) أي لو صح مذهب الجبرية وثبت القول بالجبر للزم عليه بطلان ~~الأمر والنهي والوعد والوعيد، لأن العبد إذا لم يكن له قدرة على فعل شيء من ~~المأمورات ولا على ترك شيء من المنهيات كان توجيه الأوامر والنواهي اليه ~~عبثا ينزه الباري تعالى عنه، وإذا بطل توجيه الخطاب اليه بالأمر والنهي بطل ~~توجيه الوعد والوعيد اليه لأن الوعد مترتب على فعل الأوامر والوعيد مترتب ~~على فعل المناهي، وإذا بطل هذا كله بطل إرسال الرسل لأنهم إنما يرسلون لذلك ~~ومع بطلان ذلك فلا فائدة ولا حكمة في الإرسال فيؤدي مذهبهم الى إبطال ~~النبوات كما ترى، نعم ويؤدي الى إبطال التكليف رأسا لأن من لا اكتساب له ~~ولا اختيار لا يصح في الحكمة تكليفه كما لا يصح تكليف النباتات والجمادات ~~وهذا معنى قوله: (وجاز تكليف الجماد كالنبل) جمع نبيل وهو العاقل. # ثم إنه لما كان للجبرية شبه في خلق الله تعالى لأفعالنا وفي علمه بهن وفي ~~ارادته لهن، أخذ يدفع وجه الشبهة في ذلك ويبين ان هذه الأشياء كلها لا ~~تستلزم الجبر ولا تنافي الاكتساب فقال: # (205)(وخلقه أفعالنا وعلمه بهن لا يوجب جبرا حكمه) # (206)(كذاك كونها له مرادا لأنه قد خير العبادا) # (207)(لو لم يكن يعلم ذا لجهله لو لم يكن خالقه من فعله) # (208)(لو لم يرد وقوعه ووقعا لكان مكرها على ما صنعا) # (209)(لكن لذا التخيير واكتسابنا قد انتفى الإجبار عن رقابنا) ~~PageV01P286 أي نعتقد أنه تعالى خالق لأفعالنا وأنه تعالى عالم بها ومريد ~~لها، ومع ذلك كله فهو قد خيرنا في فعلها وتركها، أي لم يجبرنا على واحد من ~~الأمرين فمن شاء فليؤمن ومن ms193 شاء فليكفر، وقد وعد بالثواب على امتثال أوامره ~~وترك مناهيه، وتوعد بالعقاب على فعل مناهيه أو ترك أوامره، ولا يلزم من ~~خلقه تعالى لأفعالنا ومن علمه بهن ومن إرادته لهن جبرنا على فعلهن ونفي ~~اكتسابنا لهن، لأنه تعالى لم يثبنا ولم يعذبنا على خلقه لهن ولا على علمه ~~بهن ولا على ارادته لهن، وإنما أثابنا وعذبنا على اختيارنا وكسبنا لهن وهو ~~تعالى قد جعل لنا اختيارا في ذلك وقدرة صالحة لإكتساب ذلك فلأجل هذا ~~الإختيار ولأجل هذه القدرة المكتسبة قد انتفى عنا الجبر على أفعالنا، وإنما ~~قلنا إن الله عالم بأفعالنا لأنه لو لم يكن عالما بها للزم أن يكون جاهلا ~~بها وهو تعالى متصف بالكمال الذاتي والجهل من صفات النقص يستحيل اتصافه به ~~تعالى وهذا معنى قول الناظم: (لولم يكن يعلم ذا لجهله)، وأما معنى قوله: ~~(لو لم يكن خالقه من فعله) أي لو لم يكن تعالى خالقا لأفعالنا فمن الخالق ~~لها إذا؟! هل من خالق غير الله؟ وقد تقرر فيما تقدم بطلان القول بأن العبد ~~خالق لفعله واذا بطل أن يكون العبد خالقا لفعله فبطلان أن يكون غيره من ~~المخلوقات خالقا لفعله أظهر، وإذا بطل هذان النوعان ثبت أن الخالق لذلك هو الإله. # وأما قوله: (لو لم يرد وقوعه.. الخ) أي لو لم يرد تعالى وقوع فعلنا ووقع ~~على خلاف مراده للزم عليه أن يكون مكرها على وقوع ذلك الفعل مغلوبا في ~~حدوثه والإكراه ينافي الإختيار والإرادة ومن كانت هذه حالته فليس بإله، على ~~أنه تقرر أن الإله متصف بالكمال الذاتي والإكراه يضاد ذلك وينافيه والله ~~تعالى أعلم. # الباب السادس # في الإيمان والإسلام # وبه يتم الكلام على الركن الثاني إن شاء الله تعالى # (210)(إيماننا التصديق، والإسلام إذعاننا لما دعا الأحكام) # ( PageV01P287 211)(ولهما في الشرع معنى ملتزم تصديق قول عملا إذا لزم) # (212)(ومن يكن مضيعا لواحد منها استحق هلكة المعاند) # اختلف الناس في الإيمان والإسلام هل هما شيء واحد؟ أو لا؟ وعلى القول ~~الثاني هل هما متخالفان أو مترادفان أو ms194 متلازمان؟ وقد أطالوا الكلام فيهما ~~فلنقتصر من ذلك على ما تحصل به الفائدة فنقول: PageV01P288 # الحق فيهما أن لهما استعمالين؛ أحدهما لغوي وهو المشار اليه بقول الناظم: ~~(إيماننا التصديق.. الخ) إيماننا معشر العرب هو التصديق والإسلام في لغتنا ~~هو الإذعان وترك التمرد، فهما في هذا الإستعمال متخالفان لا مترادفان ولا ~~متلازمان، والاستعمال الثاني هو ما عليه العرف الشرعي وذلك أن الشرع قد نقل ~~كل واحد من الإيمان والإسلام عن معناه اللغوي فاستعملهما معا في الوفاء ~~بالواجبات كانت الواجبات اعتقادية أو قولية أو عملية فهما في هذا ~~الإستعمال مترادفان واليه أشار الناظم بقوله: (ولهما في الشرع معنى ..الخ) ~~أي للإيمان والإسلام في العرف الشرعي معنى واحد؛ ملتزم التصديق بالجنان إذا ~~لزم والقول باللسان إذا لزم والعمل بالأركان إذا لزم، فمن كان صبيا مثلا أو ~~ناقص العقل لا يسمى كافرا بتركه التصديق في حاله ذلك لعدم لزومه عليه، ومن ~~كان عاقلا فصدق النبي عليه الصلاة والسلام فيما جاء به ولم يطالب بالنطق ~~بذلك باللسان ولم ينزل عليه التكليف بالعمل فهو مؤمن لعدم لزوم القول ~~والعمل عليه فهو موف بما لزمه، ومن تلفظ بالشهادتين عند وجوب ذلك عليه وبعد ~~تصديقه بالجنان ولم يلزمه شيء من العمليات بعد فهو مؤمن لوفائه بما وجب ~~عليه، ومن لزمه شيء من الأعمال فأداه كما شرع عليه بعد التصديق والتلفظ ~~الواجبين عليه فهو مؤمن لوفائه بجميع ما وجب عليه، ومن ضيع واحدة من هذه ~~الثلاث بعد وجوبها عليه فهو خارج عن الإيمان هالك في النيران وهذا معنى ~~قوله: (ومن يكن مضيعا..الخ) فلا منزلة عندنا بين الإيمان والكفر، أي فمن لم ~~يكن بمؤمن فهو كافر والمراد بالكفر ما يشمل كفر النعمة وكفر الشرك، ومن كان ~~كافرا بالله أو بنعمته فقد استحق ما يستحقه المعاند من الهلاك هذا مذهبنا ~~وهو الحق خلافا لمن قال: إن الإيمان قول وتصديق دون عمل. ولمن قال: إن ~~الإيمان التلفظ بالشهادتين وإن لم يطابقه اعتقاد. ولمن قال: إن الإيمان ~~التصديق فقط. PageV01P289 # والدليل على أن الإيمان ms195 والإسلام في العرف الشرعي مترادفان قوله تعالى: { ~~يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين } يونس : 84 وقوله ~~تعالى: { فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين ( فما وجدنا فيها غير بيت من ~~المسلمين } الذاريات : 35 و36 ولم يكن بالإتفاق هنالك إلا بيت واحد، وقوله ~~- صلى الله عليه وسلم - : (بني الإسلام على خمس((_( ) حديث: »بني الاسلام ~~على خمس« جاء من طريق ابن عمر رضي الله عنهما رواه البخاري في "صحيحه" برقم ~~[8] ومسلم [16] وأحمد في "مسنده" [4797 و5674 و6020] والترمذي [2609] وابن ~~خزيمة في "صحيحه" [308 و309] وابن حبان [158] وابن مندة في "الايمان" [40 ~~و41 و148 و149 و150] وعبد بن حميد في "مسنده" [823 /المنتخب] وأبوبكر ~~الشافعي في "الغيلانيات" [460] والبيهقي في "السنن الكبرى" [1675 و7221] ~~وفي "شعب الايمان" [20 و3567 و3972] والمروزي في "الصلاة" [411 و414 و415 ~~و416 و417] والطبراني في "الكبير" [13203 و13518]. # وجاء من طريق جرير بن عبدالله البجلي - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد ~~[19242 و19248] وأبو يعلى في "مسنده" [12 /المقصد العلي] والطبراني في ~~"الصغير" [769] وفي "الكبير" [2363 و2364 و2368] والمروزي في "الصلاة" [419 ~~و420 و421 و422]. PageV01P290 # وجاء من طريق ابن عباس - رضي الله عنه - رواه الطبراني في "المعجم ~~الكبير" [12800] وغيرهم._) وقد سئل - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان مرة ~~أخرى فأجاب بهذه الخمس(_( ) وذلك حين قدم عليه وفد عبد القيس "فقالوا: يا ~~رسول الله؛ إنا نأتيك من شقة بعيدة، وإن بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، ~~وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر الحرام، فمرنا بأمر فصل نخبر به من ~~وراءنا، ندخل به الجنة. قال: فأمرهم بأربع ونها هم عن أربع. قال أمرهم ~~بالإيمان بالله وحده. وقال: »هل تدرون ما الإيمان بالله؟. قالوا: الله ~~ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام ~~الصلاة، وايتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا الخمس من المغنم ... ~~الحديث«. وقد جاء من طريق ابن عباس رضي الله عنهما رواه البخاري في "صحيحه" ~~برقم [53 و87] ومسلم في "صحيحه" [17] باسنادين، وأحمد في "مسنده" [2025] ~~والترمذي في "سننه" [2611] وأبوداود [4677] وابن حبان في ms196 "صحيحه" [172/ ~~الاحسان] والبيهقي في "شعب الايمان" برقم [18] والمروزي في "الصلاة" [390]. ~~وفي هذا الحديث دليل صريح لمن قال بأن الايمان والاسلام شيء واحد لا فرق ~~بينهما._)، وما ورد من الآيات والأحاديث ما ظاهره مخالف لهذه الأدلة فهو ~~محمول على المعنى اللغوي جمعا بين الأدلة فإن الشارع تارة يعبر باللفظ عن ~~معناه اللغوي وتارة عن معناه الشرعي، كل ذلك بحسب مقتضى الحال فلا تنافي في ~~الكتاب العزيز ولا في السنة والله تعالى أعلم. # (213)(في وجهه الشرعي ليس ينقص لكن يزيد هكذا قد خصصوا) # (214)(لأنه إن هدم البعض انهدم جميعه وذا هو القول الأتم) PageV01P291 ~~اختلف الناس في الإيمان الشرعي فذهب بعض قومنا الى أن الإيمان الشرعي يزيد ~~وينقص وعليه جمهور الأشاعرة، وذهب بعضهم الى أن الإيمان لا يزيد ولاينقص ~~وعليه أبو حنيفة وإمام الحرمين(_( ) إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن ~~عبدالله بن يوسف بن محمد الجويني، من كبار علماء الشافعية ولد سنة 419ه من ~~تصانيفه "البرهان ط" في أصول الفقه و"الإرشاد في أصول الدين ط" و ~~"الشامل" في مذهب الأشاعرة طبع بعضه و" العقيدة النظامية ط" و "الورقات ~~ط" في أصول الفقه و"غياث الأمم والتياث الظلم ط" وتوفي عام 478ه. ("تبيين ~~كذب المفتري" لابن عساكر 278 "طبقات الشافعية" للتاج السبكي 5/165222 ~~"الأعلام" للزركلي 4/160)._) وبعض الأشاعرة، وذهب أصحابنا إلى أن الإيمان ~~يزيد ولا ينقص وبيان ذلك أن الإيمان عندنا هو الوفاء بجميع الواجبات فمن ~~وجب عليه فرض لا يكون مؤمنا حتى يؤديه على وجهه، ثم يزيد الإيمان بزيادة ~~التكاليف ولا يصح نقصه لأن نقصه اخلال ببعض الواجبات، وقد تقدم ان التارك ~~لبعض الواجبات عليه خارج عن الإيمان فالترك لبعضه ترك لجميعه أي لا ينتفع ~~ببعض إيمانه في الآخرة، والمراد بعدم انتفاعه بذلك في الآخرة هو أن بعض ~~الإيمان لا ينجيه من عذاب الله لا أنه لا يخفف عنه العذاب لأجل ذلك فإن ~~العذاب متفاوت في أهل المعاصي كل على قدر جنايته جزاء وفاقا وهذا معنى قول ~~الناظم: (إن هدم البعض .. PageV01P292 # الخ) لايقال إن ms197 المراد بنقصان الإيمان هو ارتفاع بعض الواجبات عن المكلف ~~لعذر كارتفاع وجوب الصلاة عن الحائض لأننا نقول: إن الإيمان في حق من رفع ~~عنه بعض الفرائض هو وفاؤه بما بقي عليه من الواجبات فإيمانه إن وفى بما ~~عليه كامل لا ناقص، لكن لو أن القائل بنقصان الإيمان أراد نقصانه بهذا ~~الإعتبار لكان الخلاف بيننا وبينهم لفظيا صورته أنهم يسمون من ارتفع عنه ~~وجوب بعض ما كان عليه ناقص الإيمان ونحن نمنع من تسميته بذلك والمراد واحد ~~لكنهم لم يريدوا ذلك وإنما أرادوا بنقصانه الإخلال ببعض الواجبات، وعلى هذا ~~فالخلاف معنوي مبني على الخلاف في حقيقة الإيمان فتفطن له والله تعالى اعلم. # الركن الثالث # في الولاية والبراءة # وما يشتمل عليهما وما يتولدان منه # وفيه ستة أبواب أيضا # أخر هذا الركن عن الذي قبله لما تقدم هنالك، وقدمه على ركن التوبة من حيث ~~أن وجوب التوبة بعد وجود ما تنتقض به الولاية وتجب به البراءة(_( ) ~~للإباضية عناية خاصة بمبدأ الولاية والبراءة، في الحكم على الأشخاص؛ من حيث ~~تولي المؤمنين الموفين وإعلان البراءة من المنحرفين عن الصراط السوي بما لا ~~يوجد عند غيرهم، وهذا الإهتمام البالغ إنما أتى للقضاء على علائق الفساد في ~~أوساط المجتمع، إذ يكفي كل من تسول له نفسه اقتراف شيء من الموبقات أن يصبح ~~المجتمع بأسره مناهضا له، وهذا المبدأ مأخوذ من أدلة الشرع وخبر الثلاثة ~~الذين تخلفوا في غزوة تبوك فنزل فيهم قوله تعالى: { وعلى الثلاثة الذين ~~خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم .. الآية } ~~[التوبة : 118] معلوم لدى الجميع، بل نظام الولاية والبراءة مأخوذ منه، ومن ~~مثل قوله تعالى: { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد ~~الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ... الآية ~~} [المجادلة : 22]. PageV01P293 # والتقسيمات التي تراها هي لضبط المسألة خصوصا أن هذا المبدأ يمس عقيدة ~~الإنسان في موالاة الطائعين وهجران العصاة، حتى لا تكون المسألة مهلهلة دون ضابط. # _)، فإن قيل: أليست التوبة شرطا للولاية توجد ms198 بوجودها وتنعدم بانعدامها؟. ~~فالجواب: إنما ذلك خاص عند وجود الذنب الموجب للبراءة ولا يجوز اطلاقه على ~~العموم ألا ترى أن من رأينا منه حق الموافقة وصدق المرافقة وجبت علينا ~~ولايته ولا يلزمنا أن نستتيبه إلا بعد أن يحدث حدثا يخرج به عن تلك ~~الموافقة، وكذلك في ولد الولي تجب علينا ولايته بولاية ابيه حتى يبلغ ويصح ~~منه ما تنتقض به الولاية، فإن قيل: أما قيل بالوقوف عنه بعد بلوغه حتى تصح ~~منه الموافقة؟. فالجواب: أن القائل بهذا لم يلزمنا استتابة هذا البالغ ~~وإنما كان معه وجود ولايته بسبب ولاية أبيه فلمابلغ وصار متعبدا بنفسه ~~انقطعت تلك الولاية معه بانقطاع سببها وصار عنده في حد الوقوف بالدين ~~بمنزلة مجهول الحال. # الباب الأول # في وجوب الولاية والبراءة وأقسام كل منهما # (215)(ولاية المؤمن فرض حققا وهكذا براءة اللذ)_( ) وردت في (ب): اللذي. ~~وفي "المشارق" (2/209): الذي. # واللذ والذي سيان؛ قال الرازي في "مختار الصحاح" ص(596): " ... وفيه أربع ~~لغات: الذي ،و(اللذ) بكسر الذال، و(اللذ) بسكونها، و(الذي) بتشديد ~~الياء"ا.ه وقال الجوهري: "واللذ واللذ، بكسر الذال وتسكينها، لغة في الذي" ~~كما في "لسان العرب" (13/193)._( فسقا) # الولاية: هي المحبة بالقلب والثناء باللسان والنصر والإعانة بالجوارح عند ~~القدرة على ذلك وعند ارتفاع الموانع. PageV01P294 # والبراءة: هي البغض بالقلب والشتم باللسان والردع بالجوارح. وهما فرضان ~~بالإجماع، لكن الوجوب الثابت في الولاية إنما هو نفس المحبة على الدين ~~والوجوب الثابت في البراءة إنما هو البغض بالقلب على فعل الكبائر من ~~الذنوب، وما عدا هذين من الثناء باللسان والشتم به ومن الإعانة بالجوارح ~~والردع بها فيلزم تارة ويرتفع أخرى كل ذلك بحسب المقامات والتكليف ~~بالفرائض، وباعتبار الأحوال الداعية لذلك فيلزم الثناء على الولي في موضع ~~يكون فيه ترك الثناء عليه ضررا به أو بوليه، ويلزم الإعانة والنصر في موضع ~~القدرة منه واحتياج الولي الى ذلك، ويلزم شتم العدو في موضع يكون فيه ترك ~~الشتم له مقويا لبدعة أو مفسدا لشيء من الدين أو مضرا بالنفس أو الولي، ~~ويلزم ms199 الردع بالجوارح في موضع يكون فيه المنكر قادرا على الإنكار والعدو ~~مقيما على فعل المنكر لاينفك عنه إلا بزجر رادع أو بسيف قاطع. # ولما كان كل واحد من الولاية والبراءة على أقسام شرع في بيان أقسام كل ~~منهما فقال: # (216)(والكل من ذين على أقسام ثلاثة تأتي على تمام) # (217)(حقيقة وهي التي قد نطقا بها كتاب أو رسول حققا) # (218)(والحكم بالظاهر فهو الثاني ثالثها عقيدة الإنسان) # ينقسم كل واحد من الولاية والبراءة الى ثلاثة أقسام: # القسم الأول # ولاية الحقيقة، وبراءة الحقيقة # ولا يتأتى كل واحد منهما إلا من أحد طريقين: # الطريق الأول: هو أن يرد كتاب من كتب الله بسعادة امرئ أو شقاوته وهو أنواع: # النوع الأول: أن يصرح الكتاب باسم السعيد واسم الشقي، مثال ذلك في جانب ~~الولاية التصريح بأسماء الأنبياء كآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد - ~~صلى الله عليه وسلم - ، ومثاله في جانب البراءة كإبليس وفرعون وهامان ~~وقارون. # النوع الثاني: من كنى عنهم دون تصريح بأسمائهم فمثال ذلك في جانب الولاية ~~أم موسى، ومثاله في جانب البراءة أبو لهب. PageV01P295 # النوع الثالث: ما جيء به منكرا لم يصرح فيه باسمه ولا بكنيته مثال ذلك من ~~جانب الولاية مؤمن آل فرعون وكالذي في قوله تعالى: { وجاء من أقصى المدينة ~~رجل يسعى قال ياقوم اتبعوا المرسلين.. الآية } يس : 20 ومثاله في جانب ~~البراءة قوله تعالى: { وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا ~~يصلحون } النمل : 48 وقوله تعالى: { فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر } القمر : 29. # الطريق الثاني: من طريقي الحقيقة في الولاية والبراءة: هو أن يقول رسول ~~من رسل الله إن فلانا من أهل الجنة أو من أهل النار، لا إذا قال إن فلانا ~~رجل صالح ولا إنه فاسق ولا اذا دعا له أو عليه فانه لايكون بهذا القول ~~متولى أو متبرى منه بالحقيقة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - يتولى ويتبرى ~~بحكم الظاهر وبالحقيقة وما كان محتملا للظاهر والحقيقة فلا يقطع بأنه(_( ) ~~في (أ): به. وفي (ب): به أنه. وأصلحته للسياق. _) من الحقيقة، أما قوله ms200: إن ~~فلانا من أهل الجنة أو من أهل النار فلا يحتمل إلا الحقيقة فإنه وإن جاز ~~لنا أن نقول بحسب الظاهر إن فلانا من أهل الجنة لمن علمنا منه خيرا وإن ~~فلان من أهل النار لمن علمنا منه ضد ذلك فإن هذا القول منا مجاز عبرنا به ~~عن فعل ما يؤدي الى ذلك والقرينة أحوالنا أو هي العلم بأنا لم نطلع على ~~الغيوب والعلم بأنا لم نرد حقيقة هذا القول، وهو - صلى الله عليه وسلم - ~~ممن اطلع على كثير من المغيبات فإذا صدر منه مثل هذا الكلام قطع بأن المراد ~~منه حقيقته إلا بدليل يصرفه عنها، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لو لم يرد ~~بهذا الكلام حقيقته مع إمكانها وعدم قرينة المجاز لكان هذا الكلام كذبا ~~بحسب الظاهر والكذب في حقه - صلى الله عليه وسلم - مستحيل؛ سلمنا أنه ليس ~~بكذب لكنه تلبيس على السامع بحيث يفهم الكل منه خلاف مراده والتلبيس في حق ~~الأنبياء عليهم السلام مستحيل أيضا. PageV01P296 # وأنواع هذا الطريق؛ هي أنواع الطريق الأول: حكم ما صرح باسمه في هذين ~~الطريقين أن يعتقد فيه باسمه ما اقتضاه النص فيه، وكذا حكم من صرح بكنيته ~~فإنا نعتقد في صاحب تلك الكنية ما اقتضاه النص فيه، وحكم ما جاء من ذلك ~~مبهما منكرا أن نعتقد فيه مقتضى النص بحسب تلك الصفة التي نعت بها ولا نصرح ~~باسمه ولا بكنيته في الإعتقاد حتى ينقل لنا التواتر أن هذا المذكور في هذا ~~النص هو فلان باسمه أو بكنيته أو تجتمع الأمة على ذلك فحينئذ(_( ) في ~~الأصلين: فإذن. وأصلحته للسياق. _) يلزمنا القطع به وقصده بذلك الحكم ~~بعينه. واعلم أن هذا الطريق لا يتأتى مقتضاه ولا يصح الحكم به إلا من أحد أمرين: # أحدهما: المشاهدة للرسول الناطق بهذا الكلام وشرطوا فيه أن ينظر شفتيه ~~عند النطق به، كل ذلك دفعا للإحتمال فإنه متى ما لم ينظره كذلك احتمل أن ~~يكون الناطق بذلك غير الرسول عليه السلام والحقيقة حكم قطعي لا ينبني على ~~الإحتمال عندهم. PageV01P297 # وثانيهما ms201: الشهرة القاضية بصدور ذلك الحديث من ذلك الرسول وكأنهم أرادوا ~~بهذه الشهرة التواتر فإنه هو الذي يقطع بصدقه، ويحتمل إنهم أرادوا ما يعم ~~المتواتر والمستفيض المتلقى بالقبول فإن المتلقى بالقبول بين الأمة مقطوع ~~بصدقه فلا معنى لما قاله الشيخ ناصر بن أبي نبهان(_( ) العلامة أبو محمد ~~ناصر بن الشيخ جاعد بن خميس بن مبارك بن يحي من نسل الإمام العدل الخليل بن ~~شاذان بن الإمام الصلت بن مالك الخروصي. أحد علماء الإباضية العمانيين ولد ~~سنة 1192ه ونشأ في بلدة "العليا" من وادي بني خروص التي تقع على سفح الجبل ~~الأخضر من جهة الشمال، تخرج على أبيه الذي كان علامة زمانه فلا غرو أن يكون ~~الشيخ ناصر هو الآخر عالم وقته. وهو عالم مفنن برع في أكثر العلوم مع تخصص ~~في علم الشرع. وبعد وفاة والده عانى من عدم الاستقرار وشظف المعيشة وسوء ~~الأحوال إثر تسلط بعض الجبابرة الذين أتلفوا أموال والده فتردد كثيرا يطوف ~~في بلاد أهله بني خروص وبين نزوى حتى ذكر المؤرخون أنه لشدة حالته كان يأكل ~~الخبز بالماء والليمون سنة في نزوى حين خرج من بلده خشية على نفسه وخوفا من ~~هدم بيته من الطاغية طالب بن أحمد وفي تلك الأيام يقول: # "معيشتنا؛ خبز لغالب قوتنا وماء وليمون وملح وقاشع # فإن حصلت مع صحة الجسم والتقى فيا حبذا هذا لمن هو قانع". PageV01P298 # وسافر إلى زنجبار حين استدعاه السلطان سعيد بن سلطان بعد علمه بما حصل ~~للشيخ قال السالمي في "تحفة الأعيان" (2/175): "وأما السلطان سعيد بن سلطان ~~فإنه بعد ما مضى قرب الشيخ ناصر وأدنى منزلته وضمه إليه وأكرمه وأنعم عليه ~~فكان إذا سار إلى السواحل الافريقية حمله معه فصلحت أموره بعد صحبته. ~~وكان الشيخ ناصر لهم فظا غليظا ينكر عليهم في حضرتهم، وكانوا يلينون له ولا ~~يظهرون له ما يكره.". ا.ه واشتهر من تلاميذه الذين عرفوا بعده العلامة ~~المحقق سعيد بن خلفان الخليلي، وترك مجموعة طيبة من المصنفات لم يكتب لها ~~النور بعد يذكرها المؤرخ ابن ms202 رزيق في "الفتح المبين" ص(150): "الكتاب ~~المسمى "حق اليقين" وكتاب "الجواب" وكتاب "الإخلاص" وكتاب "محك الأشعار" ~~وكتاب "مبتدأ الأسفار" وكتاب "التهذيب" وكتاب "الكشف" وكتاب "تفسير نظم ~~السلوك" وكتاب "الصفي المصفى" وكتاب "غاية المنى" وكتاب "المعارج" وكتاب ~~"سراج الآفاق" وكتاب "رسالة الصون" وكتاب "المستغرق للحجج" وكتاب "منتهى ~~الكرامات" وكتاب "المعارف" وكتاب "رسالة الأوضاع" وكتاب "طرف الألطاف" ~~وكتاب "السر العلي" وكتاب "السر المعظم" وكتاب "التنبيه" وكتاب "رسالة ~~الفوز" وكتاب "الرسالة المديدية" وكتاب "سلامة الحال"." ا.ه وله بعض ~~الرسائل مدرجة في "قاموس الشريعة / ط.التراث" للعلامة السعدي. وتوفي في يوم ~~الأحد 22 جمادي الأولى سنة 1263ه في زنجبار وقبره في "ميتوني" منها. # ( PageV01P299 "الفتح المبين" لابن رزيق ص 150 "تحفة الأعيان" للسالمي ~~2/175 "البوسعيديون" للفارسي ص90 "الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي .. وفكره" ~~د. مبارك الراشدي ضمن "قراءات في فكر الخليلي" ص116 118)._) من أن ~~الشهرة لا توجب ولاية الحقيقة وقد انفرد بهذا القول من بين سائر الأصحاب. ~~هذا وأما شهادة العدلين فإنها لا توجب الحقيقة في الولاية والبراءة لأنه لا ~~يصح القطع بصدق مقالهما، نعم يصير من شهدوا فيه بأن النبي - صلى الله عليه ~~وسلم - قال فيه كذا مما يوجب الحقيقة يصير متولى بالظاهر أو متبرى منه ~~بالظاهر حتى يعلم منه حدث يخالف ما شهدوا به فيحكم عليه وله بمقتضى حدثه. # القسم الثاني # الولاية بحكم الظاهر والبراءة بحكم الظاهر # ولهما طرق وصفات نذكرها في الباب الآتي إن شاء الله . # القسم الثالث # ولاية الجملة وبراءة الجملة # وصفتهما(_( ) في (ب): وصفاتها. وهو تصحيف. _) أن يعتقد المكلف أنه يتولى ~~المؤمنين من الأولين والآخرين إلى يوم الدين وأنه يبرأ من الفاسقين من ~~الأولين والآخرين إلى يوم الدين، وهذا القسم هو الذي عبر عنه الناظم ~~ب(عقيدة الإنسان) وسبب تعبيره عنه بذلك هو أن هذا القسم يجب على كل مكلف أن ~~يعتقده مع توحيده، فلا يعذر أحد بعد قيام الحجة به إلا إذا اعتقده كذلك، ~~أما ولاية الحقيقة وبراءتها وولاية الحكم بالظاهر وبراءته فلا يلزمان كل ~~أحد وإنما يلزمان من بلغه علم ms203 الحقيقة بأحد الطرق المتقدم ذكرها والتكليف ~~بحكم الظاهر من الطرق الآتي بيانها، فالأقسام ستة حاصلة من ضرب إثنين في ~~ثلاثة وهي؛ ولاية الحقيقة وبراءة الحقيقة وولاية الظاهر وبراءة الظاهر ~~وولاية الجملة وبراءة الجملة. # الباب الثاني # في وجوب الولاية والبراءة بحكم الظاهر # (219)(براءة الظاهر حكما تجب بواحد من أربع تعتقب) # (220)(عيان أو إقرار أو شهادة عدلين أو حق أتى بشهرة) # (221)(واستثن الإقرار لدى الولاية وإنما الوجوب بالثلاثة) PageV01P300 ~~لكل من الولاية والبراءة موجبات، فأما موجبات الولاية فهي الموافقة في ~~القول والعمل، وأما موجبات البراءة فهي المخالفة في القول والعمل أو في ~~أحدهما، ولكل واحد من هذه الموجبات طرق تتأدى منها فأما موجبات البراءة ~~فتتأدى من أحد أربعة طرق: # الطريق الأول: العيان؛ أي المعاينة للمعصية من العاصي بمعنى المشاهدة لها ~~وعبر بعضهم عن هذا الطريق بالخبرة وكلتا العبارتين سائغة، غير أن العبارة ~~الأخيرة محتملة للعموم فيدخل تحتها كل طريق من هذه الطرق لصدق الخبرة عليه ~~والعبارة الأولى أخص فالتعبير بها في هذا المقام أولى. # الطريق الثاني: الإقرار؛ وهو أن يقر العاصي بمعصيته إقرارا موجبا للبراءة ~~منه؛ لا لكونه مستعظما ذنبه نادما على تفريطه سائلا عما يلزمه في فعله فإن ~~هذا ليس من ذلك القبيل. # الطريق الثالث: شهادة العدلين كانا عالمين أو ضعيفين، وسيأتي ما على كلا ~~الفريقين عند قول الناظم: (لكن على العدول .. الخ). # الطريق الرابع: الشهرة القاضية المحقة لا كشهرة الشيع بالبراءة من أبي ~~بكر وعمر رضي الله عنهما فإنها وإن كانت قاضية عندهم فليست محقة، بل ~~بطلانها بحمد الله ظاهر والدافع لها من فضل الله شاهر، والشهرة المحقة هي ~~الخارج أصلها عن حق وكان جواب الإمام أبي سعيد رضي الله تعالى عنه وقد سئل ~~عنها فقيل له: وما معنى الشهرة التي تجب بها الولاية والبراءة؟. بأن قال: ~~"معي أنها تكون على معان كثيرة في وجوه كثيرة ومبلغ ثبوتها ووجوبها وورود ~~علمها على الممتحن فيها من المبتلى بها من تظاهر صحة الأخبار على غير تناكر ~~من أهلها الذين تقوم بهم الحجة فيها ms204 ولو كثر التناكر والإختلاف من غير ~~أهلها على سبيل الدعاوى وإنكار اليقين فيها فإذا ثبت العلم بغير ارتياب ممن ~~علمها فيها وفي وجوبها وعلمها عندي.."(انتهى). PageV01P301 # وأما موجبات الولاية فتتأدى من أحد ثلاث طرق مجتمع عليها وطريق رابع ~~مختلف فيه وسيأتي بعد إن شاء الله فأما الطرق المجتمع عليها فهي: العيان ~~بالتفسير المتقدم، وشهادة العدلين فما فوق، والشهرة المحقة وهذا هو معنى ~~قوله: (واستثن الاقرار..الخ) أي استثن من الطرق التي تتأدى بها موجبات ~~البراءة في موجبات الولاية الإقرار فإنه لا يوجبها ما لم يكن ثمة موجب آخر، ~~وقوله: (بواحد) متعلق بقوله: تجب، وقوله: (من أربع) متعلق بواحد، وجملة ~~(تعتقب) نعت لأربع، وتعتقب بالبناء للمفعول(_( ) البناء للمفعول والبناء ~~للمجهول بمعنى واحد وهو أن يسند الفعل الى المفعول به بعد ضم أوله وكسر ما ~~قبل آخره وحذف فاعله. _) أي يؤتى بها في عقب هذا الكلام، و(عيان) بدل تفصيل ~~من أربع وما بعده عطف عليه. # (222)(والخلف في رفيعة الولاية من واحد عدل بلا عناية) # (223)(وإن تكن عنيته فألزم وقيل لا لزوم ثم يعلم) PageV01P302 هذا هو ~~الطريق الرابع من الطرق التي تتأدى بها موجبات الولاية وهو الطريق المختلف ~~فيه؛ وهو رفيعة العالم الواحد بما يوجب الولاية لمعين، فذهب بعض الى أنه ~~حجة له وعليه وحملوه على معنى الشهادة في حقوق الله كصوم رمضان وكطهارة ~~الثياب من النجاسات فإن العدل في كل ذلك حجة، وذهب قوم إلى أن رفيعة العالم ~~العدل غير موجبة للولاية حتى يكونا عدلين فالوجوب حينئذ متحتم كالشهادة في ~~الحقوق، وذهب قوم الى التفصيل على أنه إن سئل هذا العدل عن ولاية معين وجبت ~~ولايته على السائل وإن لم يسأل عنها كأن ينطق بها ابتداء فلا وجوب قياسا ~~على المعدل(_( ) في علم الجرح والتعديل في الحديث أو غيره من القضايا ~~وأشباهها. _) إذا سئل عن عدالة معين وجب قبول قوله في التعديل وإن لم يسأل ~~فلا وجوب وهذا معنى قول الناظم: (وإن تكن عنيته فألزم) فالعناية هنا القصد ~~عبر بها عن ms205 السؤال لملازمتها له، وذهب آخرون الى التخيير في رفيعة العالم ~~العدل للولاية أي إن شاء المرفوع له قبلها فتولى وإن شاء تركها من غير ~~تكذيب للرافع وهو معنى: (وقيل لا لزوم.. الخ) فيدخل تحت هذا التأصيل رفيعة ~~الأعمى للولاية فقد قيل فيها أيضا باختلاف ورفيعة المرأة والعبد ففي رفيعة ~~كل واحد من هؤلاء للولاية اختلاف صرح به الأثر، الصحيح بشرط أن يكون كل ~~واحد من الرافعين عالما بالولاية والبراءة. # (224)(لكن على العدول ليس العلما تفصيل ما جاءوا به ليعلما) PageV01P303 ~~الاستدراك من قوله: (أو شهادة عدلين)(_( ) في البيت رقم: (220). _) في ~~الأبيات المتقدمة، أي ينقسم الرافعون للولاية والبراءة إلى قسمين؛ ضعفاء ~~وعلماء، فأما الضعفاء(_( ) وهم عوام الخلق. _) فعليهم تفصيل ما رفعوا من ~~الولاية والبراءة فإذا قالوا: إن فلانا ولي أو عدو مستوجب للبراءة فإنه ~~لايجوز لك أن تتولى أو تتبرى بقولهم هذا حتى يفصلوا أي يبينوا الأعمال ~~التي استوجب بها هذا المعين الولاية أو البراءة فتنظر أنت فيها إن كانت ~~موجبة لهما، وعلة ذلك المنع أن الضعيف لا يعرف الأمور التي توجب الولاية ~~ولا الأمور التي توجب البراءة، وقيل يقبل قولهم من غير تفصيل والعلة فيه ~~ثقتهم وعدالتهم على أنهم لا يقولون بشيء غير معلوم عندهم حكاه الشيخ ناصر ~~بن أبي نبهان، وأما العلماء وهم العالمون بأصول الولاية والبراءة وأحكامها ~~فليس عليهم تفصيل أي تبيين فيما رفعوا من ولاية أو براءة بل يجب قبول ~~قولهم ولو مجملا، اللهم إلا أن يكون هؤلاء العلماء رفعوا البراءة من رجل ~~عند وليه على غير وجه الشهادة عليه بها فإنهم يكونون بذلك مبطلين عنده ~~مخلوعين بتلك الرفيعة حتى يتوبوا أو يأتوا بشاهدي عدل على تصديق ما قالوه ~~أو أربعة شهود في الزنا.. PageV01P304 # ويستثنى من هذا المقام ما إذا كان المتولى مشاهدا لحدث وليه فلم يعرف ~~الحكم فيه فقال العالم إن هذا الحدث مكفر وان صاحب هذا الحدث كافر وأن ~~فلانا كافر بحدثه كذا وكذا فكل هذا من العالم فتوى تقوم به الحجة على ~~المتولي بكسر اللام ms206 على ترك ولاية المتولى بفتحها أو يتوب من حدثه ذلك، ~~فإن برئ العالم من ولي هذا المتولي بالحدث الذي شاهده منه من غير تبيين ولا ~~فتوى فلا يجوز لأحد ولا يلزمه أن يبرأ ببراءة العالم منه ولا يجوز للمتولي ~~أن يبرأ من العالم بسبب براءته من وليه بحدثه الذي علمه منه، فإن قيل ما ~~الفرق بين الحالتين فقد ألزمتموه بوجوب البراءة من وليه في الحالة الأولى ~~ولم تجوزوها له في الحالة الثانية؟ فالجواب: أن العالم في الحالة الأولى ~~مفتي والحجة قائمة من فتواه وفي الحالة الثانية حاكم ولا يجوز لأحد أن يحكم ~~بحكم الحاكم حتى يعلم الحكم في ذلك الشيء كعلم الحاكم فيه والله أعلم. # فصل # في أحوال الولي بالظاهر # (225)(وفي ولي وجبت ولايته على الورى سريرة براءته) # (226)(إن وجبت عليك والذي نطق بها جهارا للبراءة استحق) # (227)(ومن يبح براءة من نفسه فهالك وهو حري بخسه) # الأولياء بحكم الظاهر على صنفين؛ فصنف تجب لهم ولاية على العموم من أهل ~~الدار، وصنف لا تجب لهم ولاية على العموم وإنما تجب على الخصوص ممن عرف ~~منهم الموافقة وسيأتي بيان الحكم فيهم. PageV01P305 # فاما أهل الصنف الأول فلا يجوز لأحد البراءة منهم جهرا وإن أتوا ما ~~يستوجبون به البراءة في حكم الظاهر إذا لم يشتهر منهم ذلك، وإنما على من ~~علم منهم ذلك الحدث أن يبرأ منهم سرا ولا يجوز أن يظهر البراءة منهم مع أحد ~~من الناس إلا مع من علم كعلمه فيهم وهذا معنى قول الناظم: (سريرة براءته، ~~إن وجبت عليك)، وأشار بقوله: (والذي نطق بها.. الخ) الى حكم من أظهر ~~البراءة من أهل هذا الصنف عند من لم يعلم كعلمه فيهم، فحكم ذلك أنه مستحق ~~للبراءة منه ممن سمع منه ذلك القول لأنه في حكم الظاهر قاذف لوليه والقاذف ~~للولي مستحق للبراءة وإن كان هو في السريرة صادقا لأنه لايحل له أن يخالف ~~الحكم الظاهر، وليس له أن يأتي بفعل يبيح به من نفسه البراءة لأحد من الناس ~~ومن أتى بفعل ms207 يبيح به من نفسه البراءة فهو هالك في الآخرة ما لم يتب من ذلك ~~الفعل، وسبب هلاكه أنه قد خالف ما أمر الله به من وجوب تجنب المضلات في ~~الظاهر ومن خالف ما أوجب الله عليه فهو هالك، ومعنى (حري) بتخفيف الياء ~~للوزن حقيق؛ أي وهو حقيق بتلك الخسة التي أنزل نفسه فيها. # (228)(وإن يكن من الألى لم تلزم ولاية لهم على الكل اعلم) # (229)(فبعضهم رخص(_( ) في الأصلين: وسع. والتصحيح من "المشارق" (2/239) ~~وليس بين اللفظتين كبير فرق في هذا المقام. _) ما لم تعلم ولاية والبعض من ~~ذا يحتمي) PageV01P306 هذا هو الصنف الثاني من صنفي الأولياء بحكم الظاهر ~~وهم الذين لم تجب لهم ولاية على الكل لكن على الخصوص ممن علم منهم الموافقة ~~في الدين بالقول والعمل، فإذا علم أحد من أهل هذا الصنف ما يستوجبون به ~~البراءة فقد اختلف في جواز اظهار البراءة منهم عند من لم تعلم لهم ولاية ~~عنده؛ فبعضهم وسع في اظهار البراءة منهم عند من لم يعلم منه أنه يتولاهم ~~لأن الأصل عدم ثبوت ولايتهم على أحد من الناس، وبعضهم منع من اظهار البراءة ~~منهم مخافة أن يصادف من يتولاهم فيكون المتبري منهم مبيحا من نفسه البراءة ~~عند ذلك المتولي لهم. وأقول: إن هذا الإحتمال مع قربه لا يفيد المنع من ~~اظهار البراءة منهم ولا يكون المتبري منهم عند من لم يعلم أنه يتولاهم ~~مبيحا من نفسه البراءة لأنه إذا وسعه أن يتبرأ منهم وإن على قول لبعض ~~المسلمين فليس للمتولي لهم أن يبرأ من هذا المتبري منهم الآخذ بقول من ~~أقوال المسلمين، نعم إن أخبره بأن ذلك الذي يتبرأ منه ولي له فعلى هذا أن ~~يكف عن البراءة منه عنده فإن أصر عليها بعد ذلك كان حينئذ مبيحا من نفسه ~~البراءة عند من يتولاه ووجه ذلك أن من يدعي ولاية أحد من الناس فهو مصدق في ~~دعواه ما لم ينزل من يدعي هو ولايته منزلة من تجب البراءة منه بالشهرة أو ~~تقوم عليه البينة بحدثه ms208 المكفر والله أعلم. # (230)(وإن يكن كفرانه مشتهرا لا بأس إن بكفره قد جهرا) PageV01P307 ~~المراد ب(الكفران) الفعل الموجب للبراءة، والمراد ب(الكفر) ما يشتمل النفاق ~~والشرك؛ والمعنى إذا كان الفعل الموجب للبراءة مشتهرا بين الخاص والعام فلا ~~بأس على أحد بإظهار البراءة منه لأنه قد نزل في منزلة لا يصح لأحد أن ~~يتولاه عليها ولو كان في الأصل قبل الحدث ممن تجب على الخلق ولايته أو ممن ~~تمكن ولايته لأحد من الناس دون غيره والمدعي لولايته بعد شهرة حدثه غير ~~مسموع [له](_( ) زيادة مني لإيضاح المعنى._) فلا حجة له على المتبري منه ~~ولا حرمة لذلك المتبرى منه لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (مالكم وللمنافق ~~قولوا فيه ما فيه((_( ) لم يتيسر لي العثور عليه .. وجاء عن الحسن البصري ~~أنه قال: "ثلاثة ليست لهم حرمة في الغيبة: فاسق يعلن الفسق، والأمير ~~الجائر، وصاحب البدعة المعلن البدعة". رواه البيهقي في "شعب الايمان" ~~[9669] وابن أبي الدنيا في "الصمت" [235] وفي جزء "ذم الغيبة والنميمة" [98 ~~و101]._) ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : (أذيعوا بخبر الفاسق ليحذر الناس ~~شره((_( ) لم يتيسر لي العثور عليه بهذا اللفظ وجاء من طريق بهز بن حكيم عن ~~أبيه عن جده الصحابي معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - وبعض من خرجه جعله ~~مقطوعا عن بهز بلفظ: »أترعون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه كي يعرفه الناس ~~وفي رواية: يحذره الناس « وهذا رواه الطبراني في "الكبير" [19/418 برقم ~~1010] والبيهقي في "السنن الكبرى" [20914] وفي "شعب الايمان" [9666 و9667] ~~والخليلي في "الارشاد" ص(297) والخطيب في "تاريخ بغداد" (1/399 7/270 و271 ~~و278) وفي "الكفاية" ص(42) وابن أبي الدنيا في "الصمت" [221] وفي جزء "ذم ~~الغيبة" [84] وابن عدي في "الكامل" (2/173 3/289 5/134 و221). # ( PageV01P308 وورد بلفظ: »ليس للفاسق غيبة« من الطريق المذكورة رواه ~~الطبراني في "الكبير" [19/418 برقم 1011] والبيهقي في "الشعب" [9665] ~~والخطيب في "الكفاية" ص(42) والقضاعي في "الشهاب" [1185 و1186] وابن عدي في ~~"كامله" (2/174 5/221). # وهذه الروايات محل نظر فإن بهز بن حكيم مختلف فيه و كشف حاله في "ميزان ~~الاعتدال" للذهبي (1/353) فقال: # "وثقه ابن المديني، ويحي، والنسائي. وقال ms209 أبوحاتم: لا يحتج به. وقال ~~أبوزرعة: صالح. وقال البخاري: يختلفون فيه. وقال ابن عدي: لم أر له حديثا ~~منكرا، ولم أر أحدا من الثقات يختلف في الرواية عنه. وقال صالح جزرة: بهز ~~عن أبيه عن جده؛ اسناد أعرابي. وقال أحمد بن بشير: أتيت بهزا فوجدته يلعب ~~بالشطرنج. وقال ابن حبان: كان يخطئ كثيرا، فأما أحمد واسحاق فاحتجا به، ~~وتركه جماعة من أئمتنا ... وقال الحاكم: ثقة؛ انما أسقط من الصحيح لأن ~~روايته عن أبيه عن جده شاذة لا متابع له عليها" ا.ه وحسم حاله مرده الى ~~الحذاق المهرة، ولو كان له متابع لهاتين الروايتين لأمكن تحسين بعضها، ولا ~~أقوى على أكثر من هذا. والله أعلم._)، وأشار بقوله: (لابأس ..الخ) إلى أن ~~إظهار كفر من اشتهر كفره جائز لا واجب فالأمر في الحديثين إنما هو للإباحة ~~لا للوجوب والله أعلم. # (231)(ومتبر من ولي لك قل بكفره إن لم يتب عما فعل) PageV01P309 أي إذا ~~كان لك ولي فبرئ منه متبر فعليك أن تبرأ منه بعد أن تستتيبه(_( ) أي تستتيب ~~ذلك المتبري ممن توليته أنت، مثاله أن تكون متوليا لمحمد ثم علمت أن ~~عبدالله يتبرأ منه فعليك أن تستتيب عبدالله فإن لم يتب من البراءة من محمد ~~فعليك أن تبرأ من عبدالله هذا. _) فلم يتب، قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان(_( ~~) تقدمت ترجمت عند البيت رقم (218). _): "إذا قذف وليك قاذف استتبه فإن ~~امتنع فنبهه بوجوب التوبة عليه فإن امتنع فحينئذ عليك أن تبرأ منه". قلت: ~~والإستتابة قبل البراءة مستحسنة وفي وجوبها اختلاف من الفقهاء كما سيأتي ~~إن شاء الله تعالى في الباب الرابع من هذا الركن . # (232)(وفي ولي ترك الفرض اقتفي عذرا له، إن لم تجد عنه قف) # (233)(ثم استتبه إن يكن منك قبل ولتبر إن لم يرجعن عما عمل) # أي إذا أحدث الولي حدثا فلا يخلو ذلك الحدث من أحد أمرين: إما أن يكون ~~فيه حق لله جل فقط، أو لله وللعباد معا، وسيأتي بيان الأمر الثاني إن شاء ~~الله تعالى فإن ms210 أحدث حدثا فيه الحق لله وحده كترك فريضة من صلاة أو صيام ~~أو نحو ذلك ف(اقتفي) أي اتبع العذر له في ذلك؛ فإذا احتمل له وجه عذر من ~~نسيان ونحوه فهو على احتماله حتى يصح بطلانه، ولا يجوز لك أن تبرأ منه على ~~هذا فإذا انقطع العذر وارتفع الإحتمال فالمختار أن تستتيبه فإن تاب رجع الى ~~ولايته وإن امتنع فعليك أن تبرأ منه ولا يجوز لك التمسك بولايته ولا الوقوف ~~عنه في هذه الحالة. # (234)(وإن أتى الولي ما لله به حق وللعباد كالقتل انتبه) # (235)(توله والبعض منه يقف عنه، وفي البراءة منه ضعف) # (236)(كذاك إن أتى بفعل حجرا في أصله وعارض الحل يرى) # (237)(هذا إذا ما كان فعله احتمل حقا وباطلا وإلا حيث حل) PageV01P310 أي ~~إذا أحدث الولي حدثا يكون الحق فيه لله وللعباد كقتل النفس ونحوه؛ فلك فيه ~~ثلاث طرق إذا لم يصح عندك أن فعله ذلك حق أو يصح أنه باطل فإن صح حقه فليس ~~إلا الولاية وإن صح باطله فليس إلا البراءة وهذا معنى قول الناظم: (هذا إذا ~~ما كان.. البيت الى آخره)، ومعنى قوله: (وإلا حيث حل) أي وإن لم يحتمل حقه ~~وباطله فأنزله حيث نزل من حق أو باطل، وأما قوله: (كذاك إن أتى ..الخ) ففيه ~~الإشارة إلى حكم الولي إن أتى فعلا محجورا في الأصل لكن يصح أن تكون ~~الإباحة فيه عارضة فأشار الى أن حكم الولي عند هذه الحالة كحكمه فيما إذا ~~أتى بفعل فيه لله حق ولعباده حق أيضا أي فلك فيه الطرق الثلاثة؛ فمثال ~~ماكان أصله محجورا والإباحة فيه ممكنة لعارض هو أن ترى وليك يأكل لحما من ~~يد مجوسي، فإن اللحم من يده حرام في الأصل لمن لم يعلم أن المذكي لذلك ~~اللحم ممن تجوز ذكاته، والإباحة فيه ممكنة لإحتمال أن يكون الذابح هو غير ~~المجوسي فمن هنا صح في هذا الموضع الطرق الثلاثة: PageV01P311 # الطريق الأول: بقاؤه على حالته الأولى من الولاية وعليه الإمام أبوعلي(_( ~~) الإمام أبو علي موسى ms211 بن علي بن عزرة الأزكوي من كبار علماء الإباضية في ~~القرن الثاني الهجري، ولد في "إزكي" احدى المدن العريقة في عمان سنة 177ه ~~وتتلمذ في بادئ الأمر على يد والده الشيخ علي بن عزرة وعلى العلامة هاشم بن ~~غيلان السيجاني وفاق أهل زمانه وهو في سن مبكر، وكان مرجع الأئمة والعلماء ~~آنذاك فهو شيخ المسلمين في تلك الحقبة. كما عاصر من أئمة العدل الإمام غسان ~~بن عبدالله والإمام عبد الملك بن حميد والإمام المهنا بن جيفر ومات في ~~زمانه. وهو من أسرة عريقة تشتهر بالعلم حتى أن جده عزرة أحد العلماء الذين ~~يشار إليهم بالبنان. هذا وللإمام أبو علي كتاب "الجامع" يقول عنه الشيخ ~~البطاشي في "اتحاف الأعيان" (1/190): "وهذا الكتاب أظنه من جملة الكتب ~~المفقودة فقد بحثت عنه في كثير من المكتبات التي اطلعت عليها .. وما وجدته ~~.. مع شدة البحث، فلعله فقد أو احتكره من لا يعرف قيمة العلم وأهله". وله ~~كما في "تحفة الأعيان" للسالمي (1/97 101) رسالة مطولة للإمام عبد الملك ~~بن حميد يتجلى فيها أحوال أئمة وعلماء عمان حين يقوم العالم بإسداء النصيحة ~~المفترضة عليه لولاة الأمر بمن فيهم الإمام العادل نفسه ويكشف له بما أتاه ~~الله من نور البصيرة ما يؤدي إلى صلاح الدين والدنيا في الوقت نفسه ترى فيه ~~الإمام يتلقى من العالم ما يجود به من الأراء بصدر رحب في مشهد يعود ~~بالذاكرة إلى عهد الخلافة الراشدة التي لم تعرف الإستبداد بالرأي والإنفراد ~~بالملك. وترك من ولده الشيخين موسى بن موسى وأخيه محمد بن موسى وكانا من ~~العلماء البارزين. وكانت وفاته في عام 230ه وعمره 53 سنة. ("السيرة" لابن ~~مداد ص30 "تحفة الأعيان" للسالمي 1/97 101 "اتحاف الأعيان" للبطاشي ~~1/181 190). PageV01P312 # _) رضي الله تعالى عنه وصححه الإمام أبو سعيد رضي الله تعالى عنه في ~~"الإستقامة" وذلك أن ولايته وقعت بيقين ولا يزيل اليقين إلا يقين مثله. # الطريق الثاني: الوقوف عنه بالرأي لما دخل فيه من الإشكال مخافة أن تتولى ~~محدثا، قال الإمام أبو سعيد(_( ) تقدمت ترجمته تحت البيت رقم (21). _) رضي ~~الله ms212 عنه : "وهو أسلم". يعني أن الوقوف أسلم أي أقرب إلى السلامة . # الطريق الثالث: البراءة منه على أنه أتى محجورا في حكم الظاهر حتى يصح ~~أنه أتاه على وجه من وجوه الحق وعليه الإمام موسى بن أبي جابر(_( ) الشيخ ~~موسى بن أبي جابر الأزكوي من بني ضبة بن سامة بن لؤي بن غالب، أحد علماء ~~الإباضية من أهل عمان في القرن الثاني الهجري وهو جد الشيخ موسى بن علي ~~لأمه، وكان أحد النفر الأربعة الذين تلقوا علومهم في البصرة على يد الحافظ ~~الربيع بن حبيب الفراهيدي وعادوا إلى عمان. كان داعية للخير مصلحا لأحوال ~~الرعية مع اتصافه بأنه سياسي محنك استطاع بما أتاه الله من فضله أن يهيء ~~الظروف المناسبة لاسترجاع الإمامة العادلة بعد مقتل الإمام العادل الجلندى ~~بن مسعود وقد قتله خازم بن خزيمة قائد السفاح العباسي سنة 134ه تقريبا ~~وبعث برؤوسهم! إلى السفاح!! حتى أن خازما هذا لما حضرته الوفاة قيل له: ~~أبشر فقد فتح الله على يديك. فقال: غررتمونا في الحياة وتغرروننا في الممات ~~هيهات هيهات فكيف لي بقتل الشيخ!! العماني؟!. كما في "تحفة الأعيان" (1/65) ~~قال الشيخ خالد بن قحطان العماني في "سيرته" (ضمن "السير والجوابات" ~~1/121): PageV01P313 # ".. فلما اجتمع الناس في العسكر بنزوى واختلط الناس، وحضر العسكر من أهل ~~عمان رجال لهم أحدثة لا يؤمنون على الدولة، خاف موسى بن أبي جابر على ~~الدولة رئيسا من أهل عمان كانوا قد حضروا أن يغلبوا على الأمر ولا يكون ~~للمسلمين قول وتقع الفتنة. فقال: قد ولينا فلانا قرية كذا وكذا، وقد ولينا ~~فلانا قرية كذا وكذا حتى عدد الذين يخافهم وولينا ابن أبي عفان نزوى ~~وقريات الجوف وأحسب أنه قال: حتى تضع الحرب أوزارها. فقال بشير: كنا ~~نرجوا أن نرى ما نحب فقد رأينا ما نكره والحمد لله. فقال موسى: ما فعلنا ~~إلا ماتحب. ثم أعلمه إنما أراد أن يخرجهم من العسكر ويفرق بعضهم عن بعض.. PageV01P314 # فلما خرجوا من نزوى كتب موسى بن أبي جابر في آثارهم فعزلوا قبل أن يصلوا ms213 ~~القرى التي ولاهم موسى رحمه الله. وإنما كانت حيلة منه رحمه الله احتالها ~~للمسلمين حدثني بهذا ثقة من المسلمين من أهل العلم والورع، وبقي ابن ابي ~~عفان في العسكر فظهرت للمسلمين منه أحداث لم تعجبهم فلم يرضوا بسيرته، ~~وأخرجوه من نزوى عن وجوههم حيلة منهم، فلما خرج من نزوى اجتمعوا واختاروا ~~لأنفسهم إماما فقدموا وارث بن كعب إماما ..". ا.ه ومنه يتضح الدور الذي قام ~~به الشيخ موسى في ضبط أحوال الدولة وتنصيب الإمام العادل الوارث بن كعب وفي ~~"تحفة الأعيان" للسالمي (1/77): "لما أراد المسلمون أن يعزلوا محمد بن أبي ~~عفان حضر موسى بن أبي جابر العسكر وهو شيخ كبير مشدود على حاجبيه بعمامة ~~وهو نائم مستلق على سرير في العسكر، وقد خرج وارث يريد العسكر مناظرا ~~محتجا على ابن عفان إذ أرادوا عزله. فقالوا لموسى: من إمامنا؟. فقال موسى: ~~أنا إمامكم. فلما وصل وارث إلى نزوى أخذ موسى بيده فقدمه إماما، فما علمنا ~~أن أحدا من الناس عاب ذلك على وارث.". ومنه تتضح المكانة التي يحتلها الشيخ ~~في مجتمعه، وله تآليف لعبت بها عوادي الدهر لم يبق منها إلا مسائل متناثرة ~~في الجوامع الفقهية. وكانت وفاته في 11 محرم سنة 181ه عن عمر يبلغ 94 عاما. # ( PageV01P315 "السير والجوابات" 1/121 "السيرة" لابن مداد ص30 "تحفة ~~الأعيان" للسالمي 1/77 "طلقات المعهد الرياضي" للسيابي ص47 "اتحاف ~~الأعيان" للبطاشي 1/168)._) حيث قال: "أتولى المقتول وأبرأ من القاتل". وقد ~~ضعف هذا الطريق جدا الإمام أبو سعيد في "الإستقامة" يراجعه من أراد الوقوف ~~عليه، فإذا ادعى هذا القاتل على ذلك المقتول بعد قتله دعوى يصح بها تحليل ~~دم المقتول كأن يقول: إنه ارتد عن الإسلام أو جاءه ليقتله فسبقه أو أدركه ~~على امرأته فقتله ونحو ذلك، فإن كان المقتول وليا ففي كل هذا يكون القاتل ~~قاذفا مخلوعا عن حكم الإسلام حتى يأتي بشاهدي عدل تصديقا لمقالته في غير ~~الزنا وبأربعة شهود في الزنا، وإن كان المقتول غير ولي فلا بأس على من قال ~~فيه شيئا(_( ) في هذا نظر. _) من ذلك ms214 إلا إذا رماه بالزنا فإن القاذف ~~بالزنا مخلوع شرعا سواء كان المقذوف وليا أو غير ولي حتى يحضر الشهود على ~~ذلك والله أعلم. # (238)(وفي وليين تخالفا بما يوجب كفر واحد فانبهما) # (239)(تول بالرأي وإن شئت فقف وقوف رأي إن يكونا في ضعف) # (240)(وإن يكونا عالمين تلزم ولاية المحق فيما نعلم) # (241)(وأوجبن براءة من المصر وقيل من لم يتوله عذر) # اذا اختلف المختلفان في الدين فلا يجوز أن يكون كلاهما محقين، ويجوز أن ~~يكون كلاهما مبطلين وأن يكون أحدهما محقا والآخر مبطلا، فإذا وقع ذلك في ~~حضرتك أو بلغك(_( ) في (ب): أو معك علمه. والتصحيح من (أ). _) علمه [من حيث ~~لا تشك فيه](_( ) ساقطة من (ب). _) فلا يخلو هذان المختلفان من أحد أمرين؛ ~~إما أن يكونا غير وليين لك فيما تقدم فأنت في سلامة من أمرهما اللهم إلا ~~أن يكون المحق منهما عالما فيقيم الحجة عليك ببطلان من خالفه فحينئذ يلزمك ~~أن تبرأ من المبطل على المذهب المختار، أو يكون الحدث في الجملة فلا يسعك ~~الجهل بضلال المضل، أو يكون الحدث في شيء من تفسيرها فأنت على ما تقدم من ~~الإختلاف. PageV01P316 # وإن كانا وليين لك فيما تقدم فلا يخلوان من أحد أربعة أمور: 1 إما أن ~~يكونا ضعيفين معا. 2 أو عالمين معا. 3 أو المحق عالما والمبطل ضعيفا. 4 أو ~~العكس. فإن كانا ضعيفين معا فلك في أمرهما طريقان: # الطريق الأول: تنزيلهما من ولاية الدين إلى ولاية الرأي. # الطريق الثاني: أن تقف عنهما وقوف رأي، ومعنى وقوف الرأي أن تعتقد أنك ~~واقف عنهما لما عرض لك من الأمر المشكل بحيث لا يجوز أن يكونا فيه كلاهما ~~محقين وتعتقد مع ذلك أنك تتولى المحق منهما وتبرأ من المبطل، [فينبني](_( ) ~~من (ب). _) على ما ذكرنا أنك إذا توليتهما برأي يجوز لك أن تدعو لهما كما ~~كان للولي بشريطة(_( ) أي يدعو له مع تضمين أن تحققه مشروط بكونه وليا عند ~~الله أو كونه أحد مستحقي الجنة فإن لم يكن كذلك كأن يكون غير مستحق لهذا ~~الدعاء كالمرائي ms215 أو المنافق فلا. _)، وإذا وقفت عنهما بالرأي لا يجوز لك ~~أن تدعو لهما بما يستحقه الولي حتى يتبين لك المحق منهما فتواليه والمبطل ~~فتعاديه. # وإن كان كلاهما عالمين فلا يجوز لك إلا أن تتولى المحق منهما على ما كان ~~عليه من ولاية الدين وتبرأ من المبطل بدين وهذه إحدى طريقتين فيه، والطريقة ~~الثانية: لا تلزمك البراءة من المبطل منهما إذا لم يتبين لك ضلاله بل يجوز ~~لك أن تتولاه برأي وأن تقف عنه برأي وهذه الطريقة موقوفة على شرطين؛ ~~أحدهما: أن لا تجمع المختلفين في ولاية الدين. وثانيهما: أن لا تبرأ من ~~المحق منهما لأجل قوله بالحق وأن لا تقف عنه برأي ولا دين. # (وإن كان المحق عالما والمبطل ضعيفا فهما بمنزلة أن لو كانا عالمين. وإن ~~كان المبطل عالما والمحق ضعيفا فهما بمنزلة أن لو كانا ضعيفين والله أعلم. # (242)(ومن تولى محدثا لفعله قالوا فذاك هالك كمثله) PageV01P317 لا يجوز ~~لأحد أن يتولى محدثا حدثا من الأحداث القبيحة على حدثه ذلك، ومن فعل ذلك ~~فهو هالك كمثل المحدث ويطلق عليه من التسمية ما يطلق على المحدث قال تعالى: ~~{ قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } البقرة : 91 وكان هؤلاء المخاطبون في ~~زمن خاتم الرسل - صلى الله عليه وسلم - ولم يقتلوا نبيا بأيديهم وإنما ~~سماهم قتلة لولايتهم آباءهم القاتلين، وقال تعالى: { ومن يتولهم منكم فإنه ~~منهم } المائدة : 51 فقد حكم ربنا تعالى في هذه الآية على المتولي بحكم ~~المتولى فجعلهم سواء في الضلالة والله أعلم. # الباب الثالث # من الركن الثالث # في الوقوف وأقسامه وأحكامه # (243)(وقوف دين رأي أو سؤال اشكال أو شك على ضلال) # (الوقوف) اصطلاحا هو الإمساك عن الدخول في ولاية أحد بعينه وعن الدخول في ~~البراءة منه فيسمى الممسك عن ذلك واقفا وأقسامه خمسة: 1 وقوف الدين. 2 ~~ووقوف الرأي. 3 ووقوف السؤال. 4 ووقوف الإشكال. 5 ووقوف الشك. فهذه خمسة ~~وقوفات كلها جائزة إلا الأخير منها. # بدأ الناظم بوقوف الدين لكونه أصل الوقوفات ولأنه المجتمع عليه وعلى ~~وجوبه دون الثلاثة التي تليه فإنه مختلف في ms216 ثبوتها وفي وجوبها، وثنى بوقوف ~~الرأي لكون الرأي جزءا من الدين فهو عند من رأى ثبوته واجب ولا يجوز تركه ~~في موضعه عنده، وثلث بوقوف السؤال لكونه أخص مطلقا من وقوف الرأي وملازما ~~له فبعض من أوجب وقوف الرأي أوجب وقوف السؤال ونفاه آخرون منهم، وعقبه ~~بوقوف الإشكال لكونه أخص من وقوف الرأي أيضا ففي بعض صور وقوف الرأي يكون ~~وقوف الإشكال وفي بعضها لا يوجد، وختم بوقوف الشك ليتمكن من بيان حكمه كما ~~أشار الى ذلك بقوله: (أو شك على ضلال). # (244)(فالدين في كل فتى لم تعهد خيرا وشرا منه كيما تقتدي) PageV01P318 ~~هذا بيان وقوف الدين وبيان محله، فأما وقوف الدين فهو الكف عن ولاية معين ~~وعن البراءة منه كما تقدم ، وأما محله فإنه يكون في كل مكلف لم تعلم منه ~~من أعمال الخير ما يوجب الولاية ولا من أفعال الشر ما يوجب البراءة فإن حكم ~~مثل هذا الشخص الوقوف وجوبا، ولا يسعك فيه إلا ذلك لأن القدوم على ولاية ~~المجهول محجور دينا وكذا الإقدام على البراءة منه، ومعنى قوله: (كيما ~~تقتدي) أي لتقتدي بما علمت منه، أي لم يتقدم لك فيه علم خير يوجب الولاية ~~ولا علم شر يوجب البراءة فتقتدي بما علمت فيه، ف(ما) في قوله: (كيما) زائدة ~~والله أعلم. # (245)(والرأي في الولي إن تسنما أمرا عليك حكمه قد أبهما) # (246)(وقيل والسؤال مع ذا يلزم فهو حليف الرأي مع من ألزموا) # وقوف الرأي هو أن تقف عن الذي تقدمت له عندك ولاية بسبب ركوبه أمرا أشكل ~~عليك حكمه واستتر عنك علمه فلا تدري أهو حق فتواليه عليه أو باطل فتعاديه ~~عليه فإن أصحابنا من أهل المشرق رحمهم الله تعالى جوزوا لك في هذه الحالة ~~الوقوف عن وليك حتى تعلم حكم حدثه وسموا الوقوف بهذا المعنى وقوف الرأي، ~~وبعض من أجاز ذلك قد أوجب على الواقف أن يسأل عن حكم حدث وليه حتى يخرج عن ~~حيز الإشكال الى مقام البيان، وسموا الوقوف بالرأي مع اعتقاد السؤال عن ms217 حكم ~~الحدث وقوف السؤال وهذا معنى قوله: (وقيل والسؤال.. البيت)، وأما قوله: ~~(فهو حليف الرأي) أي فوقوف السؤال ملازم لوقوف الرأي عند الذين قالوا ~~بلزومه، أي لا يكون وقوف السؤال عند القائلين به إلا وهو مصاحب لوقوف الرأي ~~فإن كان مع وقوف الرأي اعتقاد سؤال سمي وقوف سؤال ووقوف رأي، وإن تجرد وقوف ~~الرأي عن اعتقاد السؤال فيسمى وقوف رأي ليس إلا والله أعلم. # (247)(وفي وليين تلاعنا احكم وقوف إشكال إذا لم يعلم) # (248)(بطلان كل منهما والشك أن لا تولى غير من يشك) PageV01P319 وقوف ~~الإشكال هو الوقوف عن الوليين إذا فعلا فعلا يوجب كفر أحدهما وذلك مثل أن ~~يلعن بعضهما بعضا أو يبرأ بعضهما من بعض ولم يعلم أيهما المبطل وأيهما ~~المحق في ذلك فإن الواجب على من يتولاهما إذا سمع منهما ذلك أن يقف عنهما ~~لهذا الإشكال الذي هما فيه، فإنه لابد من بطلان أحدهما فإذا تولاهما معا ~~كان ولا شك واقعا في ولاية مبطل وإذا تبرأ منهما معا خيف عليه الوقوع في ~~البراءة من المحق، هذا على قول من أثبت وقوف الإشكال من أصحابنا وهم ~~المشارقة رحمهم الله تعالى ومن أوجب اعتقاد السؤال عند وقوف الرأي أوجبه ~~هاهنا أيضا لكن لا على معنى التجسس على(_( ) في الأصلين: عن. وأصلحته ~~للسياق. _) المبطل من الوليين وإنما يعتقد السؤال عندهم في هذا الموضع لقصد ~~الخروج عما وقع فيه من الحال، فإذا عرفت هذا كله فاعلم أن وقوف الإشكال أخص ~~مطلقا من وقوف الرأي فإن وقوف الرأي يصدق على الوقوف عن الوليين إذا أحدثا ~~حدثا لا يكونان فيه محقين فلم يعلم من المبطل منهما ويصدق على الوقوف عن ~~الولي إذا أحدث حدثا لا تعرف حكمه؛ ووقوف الإشكال لا يصدق إلا على الوليين ~~إذا أحدثا حدثا لم يدر أيهما المبطل فيه، وتسمية الكل اصطلاح ولا مشاحة في ~~الإصطلاح.. أما قوله: (والشك..الخ) فهو اشارة الى بيان حقيقة وقوف الشك ~~وعرفه بأنه: ترك ولاية من لا يشك مثل شكك. أي فوقوف الشك هو أن ms218 تقف عن شيء ~~وتترك ولاية من دخل فيه بشرط أن يكون ذلك الشيء لا يوجب بطلان الداخل فيه، ~~وحكم هذا الوقوف أنه محرم لما فيه من ترك ولاية المحق لأجل حق دخل فيه وترك ~~ولايته بهذا المعنى حرام فوقوف الشك أيضا حرام والله تعالى أعلم. # الباب الرابع # من الركن الثالث # في أقسام الذنوب ومعرفة الصغائر والكبائر منها PageV01P320 ناسب ذكر هذا ~~الباب في هذا الركن إنما هو لأجل ما يترتب على معرفة الصغائر والكبائر من ~~أحكام الولاية والبراءة، على أني أقول: إن علم الولاية والبراءة إنما هو ~~منحصر في معرفة الصغائر والكبائر فالعالم بالصغائر والكبائر عالم بالولاية ~~والبراءة، ولا يكون عالما بالولاية والبراءة وإن أحاط بأقوال العلماء فيهما ~~حتى يكون عالما بالصغائر والكبائر. # هذا وأما البابان اللذان يليان هذا الباب إنما هما معه بمنزلة الجزء ~~من(_( ) في (أ): إلى. _) الكل وبمنزلة التفصيل مع الإجمال فإن كلا منهما في ~~بيان بعض مخصوص من الكبائر وفي بيان أحكام ذلك لكن لما كانت تلك الكبائر ~~المذكورة في البابين مختصة من بين سائر الكبائر بأحكام تترتب عليها افردهما ~~في التراجم كما لا يخفى ذلك على متأمل منصف والله أعلم. # ولما كانت جزئيات الكبائر والصغائر يفوت حصرها أخذ العلماء في بيان الفرق ~~بينهما إجمالا ليستدل الواقف عليهما بهذا الإجمال الذي ذكرته العلماء، وقد ~~أخذوا في تعريف الكبائر وعرفوها بحدود كثيرة أصحها ما أشار إليه الناظم ~~بقوله حيث قال: # (249)(والذنب قسمان كبير وجبا حد به والباري منه غضبا) # (250)(فأوجب اللعن عليه أو سخط أو قبح الرسول من به سقط) PageV01P321 ~~ينقسم الذنب الى صغير وكبير فأما الصغير فسيأتي بيانه، وأما ال(كبير) فهو ~~الذنب الذي ثبت لفاعله بسببه حد في الدنيا كالزنا والسرقة وشرب الخمر أو ~~وعيد في الآخرة وهو ما أشار اليه الناظم بقوله: (والباري منه غضبا) وذاك ~~مثل العقوق والربا، ويدخل تحت هذا النوع ما ترتب على فاعله بسبب فعله اللعن ~~كالشرك في قوله تعالى: { أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله .. الآية } آل ~~عمران : 87 وكذا أيضا ms219 ما اقترن بسخط من الله تعالى فوصفه بأنه كبير أو عظيم ~~وذلك كما في قوله تعالى: { إنه كان حوبا كبيرا } النساء : 2 { سبحانك هذا ~~بهتان عظيم } النور : 16 وكذا يدخل تحت هذا النوع أيضا الذنب الذي قال فيه ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبح الله فاعل كذا.. (_( ) يمكن التمثيل ~~له بما ورد من لعنه - صلى الله عليه وسلم - لبعض مرتكبي الموبقات ولا شك ~~أن اللعن أشد أنواع التقبيح : # ( كقوله - صلى الله عليه وسلم - : »لعن الله الخمر وبائعها ومشتريها ~~وعاصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها« جاء من طريق ابن عباس رضي الله ~~عنهما رواه الربيع الفراهيدي [625] والحاكم في "المستدرك" [2234]. ومن طريق ~~ابن عمر رضي الله عنهما رواه أحمد في "مسنده" [5718] وأبوداود [3674] ~~والحاكم [2235] والطبراني في "الصغير" [740] والبيهقي في "الكبرى" [10778] ~~وغيرهم. # ( PageV01P322 وقوله - صلى الله عليه وسلم - : »لعن الله النامصة ~~والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والمتفلجات للحسن« جاء ~~من طريق ابن عباس رضي الله عنهما رواه الربيع الفراهيدي [637]. وجاء بألفاظ ~~مقاربة من طريق ابن عمر رضي الله عنهما عند البخاري في "صحيحه" [5931 و5937 ~~و5940 و5943 و5947] ومسلم في "صحيحه" [2125] والترمذي [1759 و2783] ~~والنسائي في "الصغرى" [5109] وابن ماجة [1989] وابن حبان [5489] والطيالسي ~~[1825]. ومن طريق ابن مسعود - رضي الله عنه - عند أحمد [4342] وابن حبان ~~[5481] وهو موقوف عنه عند الدارمي [2647]. ورواه ابن حبان [5490] عن عائشة ~~رضي الله عنها. ورواه ابن ماجة [1988] عن أسماء رضي الله عنها._)فإن ~~التقبيح ونحوه لا يصدر من الشارع إلا على ما كان كبيرا من الذنوب والله ~~تعالى أعلم. # (251)(وعكسه الصغير مثل الكذب إن خف والرقص ومثل اللعب) # ( PageV01P323 الصغير) من الذنوب هو عكس الكبير فيقال في تعريفه: هو الذي ~~لم يثبت على فاعله حد في الدنيا ولا وعيد في الآخرة. وأنكر بعضهم وجود ~~الصغائر ونسب هذا الإنكار الى ابن عباس فروي عنه أنه قال: "كل معصية يعصى ~~الله بها كبيرة". وهذا الإنكار منه رضي الله عنه إنما هو إنكار لتسمية ~~الصغيرة صغيرة لا إنكار لحكمها فإن حكمها ثابت بنص الكتاب ليس لأحد رده، ~~وبعض أصحابنا قال بوجود ms220 الصغائر وأنكر تعيينها في الخارج فمعه أنها موجودة ~~غير معلومة للبشر قال: "ولو عينت لكان تعيينها اغراء على ارتكابها من حيث ~~أنها معفو عنها بإجتناب الكبائر". وذهب جمهور أصحابنا من أهل المشرق الى ~~أنها موجودة في الخارج معلومة للبشر ومثلوا لها بالكذب الخفيف وبالرقص ~~وباللعب الغير مباح وهذا معنى قول الناظم: (مثل الكذب إن خف ..الخ) والمراد ~~بالكذب الخفيف هو: الذي لم يبطل به حق ولم يعطل به حكم. فإن ترتب عليه أحد ~~هذين المذكورين فليس بخفيف ويكون حينئذ من كبائر الذنوب، والمراد باللعب ~~الغير مباح هو اللعب الذي لم ترد من الشارع إباحته فإن ما كان منه مباحا ~~فليس بمعصية أصلا وذلك مثل ملاعبة الرجل لفرسه وقوسه وعرسه وولده الصغير ~~وما أشبه ذلك، ولربما خرجت هذه الأشياء وما أشبهها من حد الإباحة الى حد ~~الندبية وربما خرجت عن الإباحة الى حكم(_( ) في (ب): حد التحريم. وهما سيان ~~إذ المقصود الإنتقال من الإباحة الى التحريم. _) التحريم بحسب النية والله ~~تعالى أعلم. # (252)(ومن أصر لصغير فكمن أتى الكبير في الكتاب والسنن) PageV01P324 ~~للصغائر من الذنوب أحكام كما أن لكبائرها أحكاما أيضا، فمن أحكام الصغائر ~~ماهو مشترك بينها وبين الكبائر وهو كون الإصرار عليها كبيرة فإن كون ~~الإصرار كبيرة موجود في الصغائر والكبائر، ومن أحكامها ما هو مختص بها دون ~~الكبائر وسيأتي بيانه عند قول الناظم: (والحكم للراكب ذنبا صغرا.. البيت) ~~، فأما الإصرار على الصغيرة فإنه يصيرها كبيرة من كبائر الذنوب لقوله ~~تعالى: { ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } آل عمران : 135 بعد قوله ~~تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا ~~لذنوبهم ..الآية } آل عمران : 135 فإن قوله تعالى: { ولم يصروا } معطوف على ~~قوله: { ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم } أي ذكروا عقاب الله فحملهم ذلك على ~~طلب الغفران والإقلاع عن الذنب وفعل ذلك واجب بعد فعل الفاحشة وبعد ظلم ~~النفس، ووجوب ذلك قطعي لهذه الآية وغيرها فوجوب المعطوف عليه قطعي لذلك، ~~هذا تحرير الإستدلال بالآية وفيه نظر لا يخفى على متأمل ms221 ووجه ذلك النظر أنه ~~لو سلم وجوب ترك الإصرار لما ذكر هاهنا فليس فيه دليل على تحريمه في ~~الصغيرة لأنه إنما سيق في مقام الإقلاع عن الفاحشة وظلم النفس وهما ~~كبيرتان، فالأحسن الرجوع الى الإستدلال بالسنة وإجماع الأمة على أنهم لا ~~يجتمعون على ضلالة بنص الشارع على ذلك .. فمن السنة الصريحة في ذلك قوله - ~~صلى الله عليه وسلم - : (هلك المصرون قدما الى النار((_( ) لم يتيسر لي ~~العثور عليه. _) وفي حديث: (لا صغيرة عند اصرار ولا كبيرة عند توبة ~~واستغفار((_( ) أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" برقم [853] من طريق ابن ~~عباس رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ: »لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع ~~اصرار«. وفي اسناده مقال. وجاء في "شعب الايمان" للبيهقي [7268] موقوفا على ~~ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة ~~بصغيرة مع الاصرار." وفي اسناده الخلالي والمنيعي لم أعرفهم. PageV01P325 # ويبدو أن هذا الحديث غير ثابت كما يفهم من كلام العجلوني في "كشف الخفاء" ~~(2/364) وما في "ميزان" الذهبي (4/537) والله أعلم._) وهذه الأحاديث وإن ~~كانت أحادية الإسناد فمعناها مستفيض(_( ) المستفيض والمشهور سيان عند بعض ~~العلماء ويعنون به ما ورد من طريق فيها أكثر من ثلاثة في الطبقة، قال ~~السخاوي في "فتح المغيث" (3/33 دار الكتب العلمية): "والمشهور بأكثر من ~~الثلاثة، سمي مشهورا لوضوح أمره يقال: شهرت الأمر. لشهرة، شهرا، وشهرة، ~~فاشتهر. وهو المستفيض على رأي جماعة من أئمة الفقهاء والأصوليين وبعض ~~المحدثين، سمي بذلك لانتشاره وشياعه في الناس، من فاض الماء يفيض فيضا، ~~وفيوضة إذا كثر حتى سال على صفة الراوي". ا.ه وبعضهم يجعل المستفيض أخص من ~~المشهور وحدوه بأنه ما تلقته الأمة بالقبول دون اعتبار العدد، ولذا قال أبو ~~بكر الصيرفي والقفال إنه هو والمتواتر بمعنى واحد. انظر "فتح المغيث" ~~(3/34)._) في الأمة وعليه أطبقت كلمة العلماء فلا تجد فيهم من يحلل الإصرار ~~أصلا ولا من يقول إن الإصرار صغيرة والله أعلم. # (253)(وراكب الكبير توبه فإن أبى إلى الله ببغضه فدن) # (254)(وبعضهم ضلله وتوبا ثم استمر إن ms222 عن التوب أبى) # هذا بيان حكم الكبائر من الذنوب؛ اعلم أن للكبائر أحكاما منها ما يكون في ~~الآخرة وهو الخلود في النار والعياذ بالله وقد تقدم بيان هذا الحكم في باب ~~الوعد والوعيد، ومنها ما يكون في الدنيا وهذا النوع ينقسم الى قسمين: ~~أحدهما: ما يكون من العقوبات العاجلة على فاعل ذلك كالقطع في السرقة والجلد ~~والرجم في الزنا والجلد في الخمر ونحو ذلك ومحل هذا القسم في الفقه فلا ~~حاجة لذكره هنا. وأما القسم الثاني: فهو: ما يتعلق من أحكامها بالإعتقاد ~~وهو المراد بقول الناظم: (وراكب الكبير .. البيتين) [وحاصل ما فيهما أن ~~العلماء اختلفوا في راكب الكبير](_( ) هذه القطعة سقطت من (ب). _) من ~~الذنوب على مذهبين: PageV01P326 # المذهب الأول: أن فاعل الكبيرة يستتاب من فعله فإن تاب قبل منه، وإن أصر ~~على معصيته وامتنع من التوبة برئ منه وهذا معنى قول الناظم: (توبه ..الخ)، ~~ومعنى (أبي) أي امتنع، ومعنى قوله: (إلى الله ببغضه فدن) أي اعتقد بغضه ~~دينا لله تعالى وهذا المذهب هو اختيار الإمام أبي سعيد رضي الله عنه ~~ومقتضى ظاهره أن فاعل الكبيرة يستتاب قبل البراءة منه كان وليا قبل فعلها ~~أو غير ولي. # المذهب الثاني: أن فاعل الكبيرة يبرأ منه من حين فعله ذلك ثم يستتاب فإن ~~تاب قبل منه وإن أصر مستمرا على ذنبه استمر على البراءة منه، وهذا معنى قول ~~الناظم: (وبعضهم ضلله ..الخ) أي وبعض العلماء حكم بضلال فاعل الكبيرة ~~واعتقد البراءة منه قبل أن يستتيبه ثم استتابه من بعد ذلك، ولابد من ~~الإستتابة عند الفريقين على من قدر عليها لأنها من باب الأمر بالمعروف ~~والنهي عن المنكر ويسقط فرضها عمن لا يقدر على فعلها والخلاف في وجوبها على ~~القادر الآيس من قبول الفاعل لها كل ذلك تخريج على مذاهبهم في الأمر ~~بالمعروف والنهي عن المنكر والله أعلم. # (255)(والحكم للراكب ذنبا صغرا إسلامه حتى يرى مستكبرا) PageV01P327 قد ~~تقدم بعض أحكام الصغائر وهو الحكم المشترك بينها وبين الكبائر وهذا محل ~~بيان الحكم الخاص بها، اعلم ms223 أن الحكم الخاص بالصغائر نوعان؛ دنيوي وأخروي ~~فأما حكمها الأخروي فهو أنها مغفورة باجتناب الكبائر لقوله تعالى: { إن ~~تجتنبوا [كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } النساء : 31 ولقوله ~~تعالى: { الذين يجتنبون](_( ) هذه القطعة ساقطة من (أ) فدمجت فيها الآيتان ~~وهو أردى أنواع التصحيف حين يكون في كتاب الله والتكملة من (ب)؛ أعني ~~بيان أن المؤلف أراد ذكر الآيتين معا. _) كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم ~~إن ربك واسع المغفرة } النجم : 32 واللمم هي صغائر الذنوب. وأما حكمها ~~الدنيوي فهو أنه يحكم لفاعلها ببقائه على الإسلام فلا يضلل ولا يفسق حتى ~~يعلم منه إصرار عليها وهذا معنى قوله: (حتى يرى مستكبرا) أي حتى يعلم منه ~~استكبار عن طاعة الله وعدم انقياد لأمر الله. ثم إن الناظم أخذ في بيان ~~حقيقة الإصرار فقال: # (256)(والخلف في الإصرار للصغير هل إذا مضى ولم يتب من العمل) # (257)(أو إن يكن أتاه باستخفاف والثاني عندهم بلا خلاف) PageV01P328 أي ~~اختلف العلماء في بيان حقيقة الإصرار الذي تصير به الصغائر كبائر ويستحق ~~فاعله التضليل والتفسيق فقال قوم: إن الإصرار على الذنب هو الإقامة عليه ~~وترك الإقلاع عنه، ومثل هذا المذهب ما يروى عن السدي(_( ) هو أبو محمد ~~اسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي القرشي مولاهم وهو السدي الكبير ~~كان يقعد في سدة باب الجامع فسمي السدي. روى عن أنس، وابن عياس ، ورأى ابن ~~عمر، والحسن بن علي، وأبا هريرة، وأبا سعيد، وروى عن أبيه وعطاء وعكرمة ~~وغيرهم وروى عنه شعبة والثوري وأبوعوانة وغيرهم. قال فيه ابن تغري بردي: ~~صاحب التفسير والمغازي والسير، وكان اماما عارفا بالوقائع وأيام الناس. وهو ~~مختلف فيه فقد وثقه أحمد ولينه بعضهم وضعفه ابن معين وكذبه الجوزجاني، مات ~~سنة 127ه أما السدي الصغير فهو محمد بن مروان الكوفي أحد المتروكين. ("سير ~~النبلاء" للذهبي 6/86 "تهذيب التهذيب" لابن حجر 1/283 "الأعلام" للزركلي ~~1/317)._) حيث قال: "إن الإصرار الإستمرار". وذهب آخرون الى أن الإصرار على ~~الذنب هو فعله بقصد الإستخفاف له واستحقاره، وهذا الوجه لا خلاف بينهم أنه ~~اصرار ms224 وإنما الخلاف في الوجه الأول، أما إذا أتى الذنب مستخفا لنهي الله ~~عنه فهو والعياذ بالله شرك فافهم الفرق بين الإستخفاف للذنب وبين الإستخفاف ~~لنهي الله عنه فإنه مزلة الأقدام، وعن الحسن(_( ) هو الحسن البصري تقدمت ~~ترجمته عند البيت رقم (39). _): "إن اتيان الذنب عمدا إصرار". وعليه فهو ~~مذهب ثالث وتحرير المقام أن فاعل الصغيرة لا يبرأ منه حتى ينزل منزلة لا ~~خلاف بين العلماء أنها إصرار لأن المختلف فيه لا يعد دينا والله تعالى أعلم. # (258)(والخلف في الولي إن أتاه فبعضهم في حكمه رآه) # (259)(ولم يتوبه وبعض ذهبا الى الوقوف قبل أن يتوبا) # (260)(وبعضهم أحسن ظنه به وبعد ذا استتابه من ذنبه) PageV01P329 الهاء في ~~قوله: (أتاه) عائدة الى الذنب الصغير لا الى الإصرار كما يعلم مما تقدم أن ~~الإصرار كبيرة والمعنى أن العلماء اختلفوا في الولي إذا أتى الذنب الصغير ~~فذهب بعضهم الى أنه باق على ولايته غير محتاج الى أن يستتاب من ذنبه وهذا ~~معنى قوله: (فبعضهم في حكمه رآه، ولم يتوبه) والمراد بحكمه أي الحكم الذي ~~كان عليه قبل ذلك الفعل وهو الولاية وهذا المذهب هو أصح المذاهب فيه، وذهب ~~قوم الى الوقوف عنه بالرأي حتى يستتاب فإن تاب قبل منه ورجع الى ولايته وإن ~~أصر برئ منه، وذهب آخرون الى أنه لايوقف عن ولايته ولكن يحسن به الظن ~~ويستتاب من ذنبه فإن تاب قبل منه وإن أصر برئ منه والله سبحانه وتعالى أعلم. # الباب الخامس # من الركن الثالث # في شيء من الكبائر وأحكام القاذف # (261)(وغيبة المؤمن والتجسس والقذف في الكل حرام أسسوا) # ذكر في هذا البيت من الكبائر ثلاثة أنواع أحدهما مختص بكونه كبير في ~~المؤمن لا ما عداه، والنوعان الآخران مشترك في حجرهما المؤمن والكافر وهما ~~التجسس والقذف بالزنا. # فأما الأول: فقد استدل على أنه محجور في المؤمن خاصة بقوله عزوجل: { ولا ~~يغتب بعضكم بعضا } الحجرات : 12 والخطاب للمؤمنين كما يعلم من أول الآية ~~والغيبة في المنافق والمشرك مباحة لمفهوم الآية ولقوله - صلى الله عليه ~~وسلم - : (أذيعوا ms225 بخبر الفاسق ليحذر الناس شره((_( ) تقدم الكلام عليه في ~~التعليق على البيت رقم (230)._) ولفظة الفاسق يشترك فيها المنافق والمشرك ~~واشترط في هذا أن يكون المتكلم غير متلذذ بغيبة هؤلاء بل يكون ناويا فيه(_( ~~) أي بذكر مثالب ذلك الذي تحل غيبته وجمعها بعضهم فقال: # القدح ليس بغيبة في ستة متظلم، ومعرف، ومحذر # ولمظهر فسقا، ومستفت، ومن طلب الإعانة في إزالة منكر_) تحذير الناس من أن ~~يقعوا في أحبولة غدره كما يعلم من الحديث. PageV01P330 # النوع الثاني: التجسس وهو سؤال عن أحوال الغير لقصد الإطلاع على عوراته، ~~وحكمه أنه محجور في المؤمن والكافر وإنما قلنا أن التجسس هو السؤال عن ~~أحوال الغير لقصد الإطلاع على عوراته ليخرج نحو ما ذكره الإمام أبو سعيد ~~رضي الله عنه في أن من خرج مستخبرا عن المؤمنين الماضين ليسلك منهاجهم وعن ~~الفسقة وأهل الأحداث ليجتنب اعوجاجهم أنه لا بأس عليه إذا كان على هذا ~~القصد وهذا عنده غير تجسس فإذا صادف ما تجب به الولاية لمعين تولاه به أو ~~البراءة لمعين تبرأ منه به. # النوع الثالث: القذف وهو نوعان؛ النوع الأول: قذف بزنا وهو محجور في الكل ~~أي من مسلم وكافر قال تعالى: { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة ~~شهداء ..الآية } النور : 4 . النوع الثاني: قذف بمكفرة غير الزنا وهو محجور ~~في المؤمن خاصة ويلحق بهم مجهول الحال لأن التكلم فيه كذب صريح وقد تقدم ~~ذكر هذا النوع في باب الولاية والبراءة والمقصود في هذا الباب بيان أحكام ~~فاعل النوع الأول. # (262)(وقاذف الولي إن حرا وإن عبدا وإن صبيا كفره زكن) # (263)(وإن يكن حرا ولم يكن ولي وبالغا كان فمثل الأول) # القاذف بالزنا له أربع منازل؛ المنزلة الأولى: يكفر فيها من حينه اتفاقا، ~~المنزلة الثانية: يختلف في كفره إلا بعد الإمتناع عن التوبة، المنزلة ~~الثالثة: [لا يكون فيها كافرا من حينه حتى يصر على قذفه اتفاقا، المنزلة ~~الرابعة:](_( ) هذه القطعة سقطت من (ب). _) لا يكون فيها كافرا أبدا ما لم ~~يكن مفتريا في قوله فإن كفره إذن ms226 من حيث الإفتراء وسيأتي تفصيل كل من ~~الثانية والثالثة والرابعة على التوالي . PageV01P331 # وأما المنزلة الأولى: وهي التي يكفر فيها القاذف من حينه فتقع في موضعين: ~~الموضع الأول: إذا قذف القاذف وليا سواء كان ذلك الولي حرا أو عبدا أو ~~صبيا ذكرا أو أنثى كانت ولايته واجبة على أهل الدار جميعا أو على أحد مخصوص ~~فيقذفه مع وليه(_( ) الأنسب: مع متوليه. _) وهذا معنى قول الناظم: (فكفره ~~زكن) أي علم، فأما الحر والعبد فقد تقع لهما ولاية من خاصية أنفسهم؛ وأما ~~الصبي فولايته بولاية أبيه بإجماع وقد اختلف في ولايته بأمه هل هي واجبة أو ~~لا؟.. قولان. هذا ما عليه الأصحاب في هذا المقام والذي يظهر لي من غير قصد ~~خلاف لهم أن قاذف الصبي لا يكون بنفس القذف فاسقا وإن كان الصبي وليا لأن ~~الزنى من الصبي نفسه إذا تيقن صدوره منه لا يخرجه عن حكم الولاية لارتفاع ~~التكليف عنه، وإذا لم يكن الصبي بذلك فاسقا فالقاذف له بذلك لا يكون في حكم ~~القاذف لمن هو يفسق بذلك(_( ) أي ليس كحكم القاذف بالزنى وغيره للبالغ. _) ~~والله أعلم. # الموضع الثاني: إذا قذف القاذف حرا بالغا من أهل الإقرار ولم يكن ذلك ~~المقذوف وليا فهو كالحكم الأول أي يكفر ذلك القاذف من حينه، وانتصب ~~(حرا..وعبدا..وصبيا) على أن كل واحد منهن خبر لكان محذوفة مع اسمها تقديره ~~إن كان الولي حرا وإن كان عبدا وإن كان صبيا. # (264)(وإن يك المقذوف عبدا أو صبي غير وليين ومشركا أبي) # (265)(فالخلف في تكفيره من قبل تتويبه مما أتى من فعل) PageV01P332 هذه ~~المنزلة الثانية وهي التي يختلف في كفر القاذف فيها من حينه أي قبل ~~الإمتناع عن التوبة وتقع في ثلاثة مواضع: الموضع الأول: إذا كان المقذوف ~~عبدا غير ولي. الثاني: إذا كان المقذوف صبيا غير ولي. الثالث: إذا كان ~~المقذوف مشركا. فإذا نزل القاذف بهذه المنزلة صح فيه ما علمت من الإختلاف ~~في كفره، فذهب قوم الى أنه يكفر من حين ما قذف، وذهب آخرون ms227 الى أنه لا يكفر ~~إلا بعد الإمتناع عن التوبة والإقامة على فعله ذلك، ومعنى قول الناظم: ~~(أبي) أي ممتنع فهو اسم فاعل من أبى يأبى إذا امتنع وكان على الناظم أن ~~يقف بالألف في صبي وأبي(_( ) كأن يقول: صبيا وأبيا._) بدلا من التنوين ~~الواقع بعد فتحة كما عليه الجمهور؛ وإنما عدل عن ذلك أخذا بلغة ربيعة لأن ~~من لغتهم عدم الإبدال في الوقف على المنصوب. # (266)(وإن يك المقذوف مجهولا فلا تحكم بكفر قاذف مستعجلا) # هذه المنزلة الثالثة وهي التي إذا نزل بها المقذوف لا يحكم بكفره قبل ~~الإمتناع عن التوبة وذلك متى ما كان المقذوف مجهول الحال أي لا يعلم أهو ~~ولي أم غير ولي، حر أم عبد، صبي أم بالغ، مسلم أو مشرك، فإذا نزل القاذف ~~بهذه المنزلة فهو على حالته الأولى أي التي كان عليها قبل القذف حتى يعلم ~~حال المقذوف فيحكم على القاذف بما يستوجبه أو يصر القاذف على ما كان منه، ~~وانتصب (مستعجلا) على الحالية من فاعل(_( ) أي تحكم أنت مستعجلا. _) تحكم. # (267)(والقذف عند مشرك لم يوجب كفران آتيه إذا لم يكذب) # (268)(كذاك مع من لم يكن مكلفا بحكمه مثل صبي فاعرفا) PageV01P333 هذه ~~المنزلة الرابعة وهي التي إذا نزل بها القاذف لا يكون كافرا أصلا من غير ~~اختلاف فيما علمناه وتقع في موضعين: الموضع الأول: إذا كان القذف عند مشرك ~~يستحل القذف. الموضع الثاني: إذا كان القذف عند من لم يكلف بحكمه كالصبي ~~والمجنون ويشترط في هذه المنزلة أن يكون القاذف غير كاذب فيما قال به، فإن ~~كان كاذبا فلا اشكال أنه كافر بكذبه وبهتانه. # (269)(هذا إذا ما القذف كان بالزنا أو يحضر الشهود في ذا معلنا) # هذا الحكم الذي ذكرناه في القاذف من أول الباب الى هنا إنما هو في القذف ~~بالزنا وذلك كأن يقول: فلان زان أو ابن زانية أو نحو ذلك، أما القذف بغير ~~الزنا فلا تدخل فيه هذه الأحكام المذكورة هنا، واعلم أن القاذف بالزنا إذا ~~أحضر الشهود على صدق قوله فشهدوا ms228 أنهم رأوا فرج المقذوف في المرأة كالميل ~~في المكحلة فلا يبرأ منه حينئذ وإنما يبرأ من المقذوف ويقام عليه بذلك ~~الحد، فإن لم يحضر الشهود برئ منه على حسب ما مر وأقيم عليه حد القاذف ولا ~~يجزي من الشهود في هذا المقام دون أربعة عدول ليس فيهم امرأة فإن شهد ثلاثة ~~ولم يشهد الرابع كانوا جميعا قذفة وأقيم عليهم الحد، وكذا إن شهد ثلاثة ~~معهم امرأة أو امرأتان أو أكثر والله تعالى أعلم. # الباب السادس # في انقسام الكبائر الى كفر نعيم وجحود # وبه يتم الكلام على الركن الثالث إن شاء الله تعالى # (270)(والكفر قسمان جحود ونعم وبالنفاق الثاني منهما وسم) # (271)(وامنعه في الأول حتما وهو ما لرد تنزيل ومرسل نما) PageV01P334 أي ~~تنقسم الكبائر من الذنوب الى قسمين: كفر جحود وكفر نعم؛ فأما الأول ويسمى ~~شركا فهو ما كان سببه رد تنزيل أي رد كتاب من كتب الله التي أنزلها على ~~رسله سواء رد جميعها أو صدق ببعضها ورد البعض أو صدق بها كلها ورد آية منها ~~أو حرفا واحدا أو حكما واحدا ففي جميع ذلك يكون الرد شركا وكذا ما كان ~~بسببه رد مرسل أي رسول من رسل الله الذين أوحى إليهم بالتبليغ سواء كان ~~الرد لجميع الرسل أو لبعضهم أو لحكم واحد منهم ففي جميع ذلك يكون الرد ~~شركا. وفي حكم الرسل الأنبياء فإنه يجب تصديقهم بأنهم أنبياء، وأن الله قد ~~أوحى إليهم والمكذب لواحد منهم مشرك إجماعا، ويدخل تحت هذين النوعين أعني ~~رد الكتب ورد الرسل جميع أنواع الشرك فإنه من صدق بالرسل والكتب ولم يرد ~~شيئا منها كان سالما من الشرك سواء كان عاملا بمقتضاها أو تاركا له، ولا ~~يكون المشرك مشركا إلا برده حكما من أحكام الله أو كتابا من كتب الله أو ~~بتكذيبه رسولا من رسل الله، ومن هنا اختلف في المشبهة المصدقين للرسل ~~والكتب لكنهم أظهروا التشبيه وصرحوا بالتجسيم فقال قوم: هم منافقون غير ~~مشركين لتسترهم بالتأويل وعدم ردهم للتنزيل، وذهب قوم الى أنهم ms229 مشركون لأن ~~تأويلهم قد خالف نص الكتاب فهم بذلك في حكم الراد للنص القطعي، والخلاف ~~موجود في كتب الأصحاب وفي كتب قومنا. PageV01P335 # وأما القسم الثاني: وهو كفر النعمة فهو ما كان من الكبائر وليس فيه رد ~~لتنزيل ولا تكذيب لرسول فإن هذا النوع يسمى كفر نعمة ويسمى أيضا نفاقا وهذا ~~معنى قوله: (وبالنفاق الثاني منهما وسم) أي علم، أي سمي القسم الثاني من ~~قسمي الكفر بالنفاق ولا يجوز إطلاق اسم النفاق على الشرك فلا يسمى المشرك ~~منافقا كما لايسمى المنافق مشركا وهذا معنى قوله: (وامنعه في الأول) أي ~~امنع اسم النفاق في القسم الأول من قسمي الكفر فإنه لا يجوز إطلاقه عليه، ~~وإنما امتنع إطلاق كل واحد من الاسمين على مسمى صاحبه لما يترتب على كل ~~واحد منهما من الأحكام ما لا يترتب على الآخر فللمنافق أحكام تخالف ~~المشرك(_( ) كقوله - صلى الله عليه وسلم - : »نهيت عن قتل المصلين«. كما أن ~~الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم الصحابة بأسماء المنافقين فكان ~~تعاملهم معهم بصورة عادية._) وكذا للمشرك أحكام تخالف أحكام المنافق، ~~فالمنافق يناكح ويوارث ويعامل في الدنيا بأحكام المؤمنين إلا في مواضع ~~مخصوصة وهي رد شهادته وترك ولايته ووجوب البراءة منه وحل قتله وإضاعة ماله ~~إذا صدر منه بغي [ولم يقدر على رده عن بغيه إلا بذلك](_( ) هذه القطعة من ~~(ب) وليست في (أ). _)، وأما أحكام المشرك فقد تكفل الناظم ببيانها فقال: # (272)(واحكم برجس أهله على الأبد واغتنمن في الحرب منهم السبد) # (273)(واسب ذراريهم وحرم ذبحهم تناكحا توارثا منا لهم) # (274)(وهكذا منهم لنا سواء في الحرب أو بجزية هم جاءوا) # اعلم أن لأهل الشرك أحكاما تخالف أحكام أهل النفاق بحكم الظاهر: PageV01P336 # أحدها: أنه يحكم برجس أهله والرجس بكسر الراء وسكون الجيم القذر، قال ~~في القاموس: "ويحرك وتفتح الراء وتكسر الجيم" (انتهى)، ولا يصلح في البيت ~~إلا الوجه الأول الذي قدمناه، ويطلق أعني اسم الرجس على كل ما استقذر من ~~الأعمال المؤدية الى سوء العاقبة وليس هذا من غرضنا فإن المشرك ms230 والمنافق ~~مشتركان فيه قال تعالى في المنافقين : { إنهم رجس ومأواهم جهنم } التوبة : ~~95 وإنما غرضنا الوجه الأول لا غير وهو القذر ونعني به عدم الطهارة فإن ~~المشركين منعدمون من طهارة التوحيد فيحكم عليهم بالرجس وكذلك ما مسوه من ~~الرطوبات قال تعالى: { إنما المشركون نجس } التوبة : 28 واختلف في المشرك ~~إذا دخل في التوحيد هل عليه اغتسال بالماء؟ أو لا وقد طهره التوحيد؟. # وثانيها: أن اغتنام أموالهم في الحرب أي إذا كانوا حربا للمسلمين حلال ~~بخلاف المنافقين فإنه لا يحل غنم أموالهم، و(السبد) في قول الناظم هو ~~المال، قال ابن وصاف(_( ) تقدمت ترجمته في التعليق على البيت رقم (76). _) ~~في "[حله](_( ) سقط من (ب) وهو كتاب للشيخ ابن وصاف اسمه: "الحل والإصابة" ~~شرح على الدعائم [نقلا عن "اللمعة المرضية" للشيخ السالمي ص (26) ] ولم ~~يوضح محقق شرح الدعائم هذه التسمية فالق العجب من كتاب يطبع بدون اسمه!!. ~~_)": "وقولهم: (ماله سبد ولا لبد). فالسبد: المال ما كان من ذهب وفضة ~~وعقار، واللبد: الحيوان ما كان من جمال وبقر وغنم وضأن"(_( ) شرح ابن وصاف ~~(2/309). _). (انتهى). PageV01P337 # وثالثها: حل سبي ذراريهم في الحرب أيضا إذا كانوا من غير مشركي العرب وفي ~~الأثر: "فإن قال: لأي علة يحل بها سبي الأطفال وهم ممن ليس عليهم ذنب!. قيل ~~له: ذكروا في ذلك ثلاثة أوجه؛ أحدها: ليجروهم الى الإسلام فيكون ذلك سببا ~~لدخولهم فيه وذلك أنفع لهم. والثاني: نظرا(_( ) أي رفقا بهم. _) بهم حين ~~قتل آباؤهم لئلا يموتوا هزالا. والوجه الثالث: تقوية لبيت المال والله ~~أعلم". (انتهى). # ورابعها: تحريم ذبائحهم إن كانوا غير أهل الكتاب فلا يجوز لأحد أن يأكل ~~منها. وخامسها: تحريم مناكحتهم. # وسادسها: تحريم موارثتهم فقوله: (منا لهم) أي يحرم علينا أن نزوجهم مسلمة ~~وأن نورثهم من مسلم، وقوله: (وهكذا منهم لنا) أي يحرم علينا أن نتزوج منهم ~~مشركة أو نرث منهم مشركا، فالحكم في التناكح والتوارث واحد كانوا حربا ~~للمسلمين أو أعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. # فتلخص مما ذكرنا أن أحكام أهل الشرك قسمان؛ أحدهما: متعلق وجوده ms231 بوجود ~~غيره وهو اغتنام أموالهم وسبي ذراريهم فإن تحليل كل منهما متعلق بوجود ~~الحرب فقط. وثانيهما: لم يتعلق وجوده بوجود غيره وهو ما عدا القسم الأول ~~ثم هذا نوعان أحدهما: مختص بهم فقط وهو النجاسة والذبح ألا ترى أنا لا يجوز ~~لنا أن نأكل من ذبائحهم، مع جواز أن نطعمهم من ذبائحنا. وثانيهما: غير مختص ~~بهم دوننا فيهم وهو التناكح والتوارث، ثم لا يخفى أن غالب هذه الأحكام إنما ~~هو مختص بذوي الأوثان من المشركين فإنهم هم الذين لا يقبل منهم إلا الإسلام ~~أو السيف وهذا معنى قوله: (سواء .. في الحرب أو بجزية هم جاءوا) إذ المعنى ~~أن هذه الأحكام متعلقة بهؤلاء المشركين كانوا حربا للمسلمين أو دانوا بأداء ~~الجزية لأن الجزية لا تقبل منهم كما سيأتي ذكره فسواء في حكمهم دانوا ~~بأدائها أو لم يدينوا به أما ما عدا أهل الأوثان من المشركين فيختصون ~~بأحكام أشار الناظم اليها فقال: # ( PageV01P338 275)(والذبح من أهل الكتاب جوزا مع النكاح دون حرب جوزا) # (276)(ويرفع الحرب لجزية أتت منهم وفي المجوس حكمهم ثبت) # (277)(إلا الذباح والنكاح فهما محرمان في المجوس فاعلما) # يختص أهل الكتاب من اليهود والنصارى والصابئين بأحكام ليست في أهل ~~الأوثان من المشركين ويشاركهم في بعض تلك الأحكام المجوس، فأما اليهود ~~والنصارى فلا خلاف بين أحد من المسلمين أنهم أهل كتاب والخلاف في ~~الصابئين(_( ) لم يبق من طوائف الصابئة إلا ما يعرف بالصابئة المندائية وهي ~~التي بقيت إلى اليوم حيث يتواجدون في مواطن من العراق بالقرب من الضفاف ~~السفلى من نهري دجلة والفرات ويسكنون في منطقة الأهوار وشط العرب، وفي ~~الناصرية والبصرة والقرنة وفي لواء بغداد وكركوك والموصل والشرس ونهر صالح ~~والجبايش والسليمانيه وغيرها من المناطق العراقية. كما ينتشرون في ايران ~~على ضفاف نهر الكارون والدز ويسكنون في مدن ايران الساحلية كالمحمرة ~~وناصرية الأهواز وششتر ودزبول. ويقدر عددهم بعشرة آلاف شخص أكثرهم في ~~العراق ولهم معابد تسمى "المندي" يتعبدون فيها. ويعتبرون يحي - عليه السلام ~~- نبيا أرسل إليهم، ويقدسون الكواكب والنجوم ويعظمونها ويدعون ms232 بأن ديانتهم ~~ترجع إلى عهد آدم عليه السلام، ولهم كتب يقدسونها بلغة سامية قريبة من ~~السريانية أهمها: "الكنزاربا ط" و"دراشة اديهيا" و"الفلستا" و"النياني" ~~وغيرها. PageV01P339 # ويعتقدون من حيث المبدأ بوجود الإله الخالق الواحد الأزلي الذي لا تناله ~~الحواس ولا يفضي اليه مخلوق، ويعتقدون بأن الكواكب مسكنا للملائكة، وتؤدى ~~الصلاة في ديانتهم في اليوم ثلاث مرات؛ قبيل الشروق، وعند الزوال، وقبيل ~~الغروب، فيها وقوف وركوع وجلوس على الأرض من غير سجود. وهم يغتسلون من ~~الجنابة ويتوضؤن لكل صلاة على هيئة وضوء المسلمين، غير أنهم لا يختتنون ~~ويعتبر التعميد من أهم الطقوس في هذه الديانة. وخلاصة الكلام أنهم تأثروا ~~بكثير من الديانات والفلسفات التي احتكوا بها. [أفدته من "الموسوعة الميسرة ~~في الأديان والمذاهب المعاصرة" قامت باصدارها الندوة العالمية للشباب ~~الاسلامي الرياض ص317 حتى 327]_) والمختار عند أصحابنا أنهم أهل كتاب ~~فتجري عليهم أحكام أهل الكتاب. # فأحد تلك الأحكام قبول الجزية منهم إذا آتوها عن يد وهم صاغرون، وبقبولها ~~يرفع الحرب عنهم ويصيرون أهل ذمة، والجزية: هي أربعة دراهم في كل شهر على ~~الغني ودرهمان على المتوسط ودرهم واحد على الفقير يأتي بها من وجبت عليه ~~الى القائم بأمر المسلمين. ولا يجزي عنه أنه يأمر غيره أن يؤديها عنه لقوله ~~تعالى: { عن يد وهم صاغرون } التوبة : 29 ولا شيء على [المفلس ولا جزية على ~~امرأة أو عبد أو طفل أو شيخ أو حبر أو مجنون أو راهب](_( ) سقطت من (أ) ~~والتكملة من (ب). _). # وثانيها: أنهم اذا صاروا أهل ذمة حلت ذبائحهم للمسلمين. PageV01P340 # وثالثها: أنهم اذا صاروا أهل ذمة أيضا حل نكاح حرائرهم للمسلمين أما ~~إمائهم فلا، ويشاركهم المجوس في قبول الجزية منهم واعطاء الذمة لهم لقوله - ~~صلى الله عليه وسلم - : (سنوا بهم سنة أهل الكتاب((_( ) جاء من طريق ~~عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه - رواه الإمام مالك في "الموطأ" (1/278) ~~وابن أبي شيبة في "مصنفه" [10765 و32640 و32641] وعبدالرزاق في "مصنفه" ~~[10025 و19253] وأبوعبيد في "الأموال" [78] والبيهقي في "الكبرى" [18654] ~~والخليلي في "الارشاد" ص(64 دار الفكر) والبغوي ms233 في "تفسيره" (2/283). # ورواه الطبراني في "الكبير" [19/437 رقم 1059] من طريق مسلم بن العلاء ~~الحضرمي._) أما حل ذبائحهم وتجويز التزوج منهم فلا يشاركونهم فيهما، ~~فالمجوسي لا تحل ذبيحته وإن أعطى الجزية وكذا لا يحل تزويج المجوسية للمسلم ~~وإن كانت في ذمة، وحكم أهل الكتاب كلهم وحكم المجوسي فيما عدا الأمور التي ~~ذكرتها حكم المشركين من أهل الأوثان، وكذا يكونون مثلهم في جميع أحكامهم ~~المتقدم ذكرها إذا لم يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فإنهم يقاتلون على ترك ~~الإسلام حتى يسلموا أو يؤتوا الجزية عن يد وهم صاغرون، ويترتب على حربهم ~~غنم أموالهم وسبي ذراريهم وتحريم ذبائحهم ومناكحتهم(_( ) ذهب الإباضية إلى ~~تحريم نساء أهل الكتاب الحربيات بخلاف من هن تحت ذمة المسلمين، وهذا الرأي ~~قال به ابن عباس - رضي الله عنه - وابراهيم النخعي حيث حكى ذلك أبو جعفر ~~النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ونصه [ص (56) مؤسسة الكتب الثقافية]: "وأما ~~نكاح الحريبات فروي عن ابن عباس وابراهيم النخعي أنهما منعا من ذلك" .ا.ه ~~ثم حكى تجويز بعض العلماء له وقال ما نصه: "وهو قول مالك والشافعي إلا ~~أنهما كرها ذلك مخافة تنصر الولد والفتنة.". ا.ه PageV01P341 وفي "المصنف" ~~لابن أبي شيبة (3/464) برقم [16171]: "حدثنا عباد بن عوام عن سفيان بن حسين ~~عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال: لا يحل نكاح نساء أهل الكتاب إذا كانوا ~~حربا، قال الحكم: فحدثت به ابراهيم [لعله النخعي] فأعجبه ذلك".ا.ه # قال الإمام عمروس بن فتح النفوسي رحمه الله تعالى في كتابه (أصول ~~الدينونة) ص63: "وإذا حاربوا وأبوا الجزية، تركنا تحليل ذلك منهم - أي نكاح ~~نسائهم - ، لأنهم يسبون في ذلك الحال، فلا يحل لمسلم أن يتزوج إمرأة يحل ~~سبيها لغيره!!، ولا نستحل نكاح إماء أهل الكتاب لأن الله لم يذكر في ~~التحليل إلا الحرائر" ا.ه والله أعلم._) والله أعلم. # ثم إنه أشار الى بيان الحكم الذي يختص به أهل الأوثان من المشركين فقال: # (278)(والمشركون من ذوي الأوثان ليس لهم واق سوى الإيمان) # هذا بيان الحكم المختص ms234 بعبدة الأوثان من المشركين وهم الذين ليسوا أهل ~~كتاب وإنما نصبوا تصاوير وتماثيل واعتقدوا أنها آلهة فعبدوها من دون الله ~~أو عبدوها مع الله تعالى كما كان ذلك في مشركي العرب قبل الإسلام، فحكم ~~هؤلاء أنهم يقاتلون على تركهم الإسلام ولا يقبل منهم جزية ولا يعطون ذمة ~~ولا يرفع عنهم الحرب حتى يظهروا الإسلام وهذا معنى قوله: (ليس لهم واق سوى ~~الإيمان) أي لا يمنعهم من الحرب شيء غير تصديق الرسول عليه الصلاة والسلام ~~والإنقياد لحكمه. # (279)(كذاك حكم راجع عن دينه وآخذ بالشك عن يقينه) PageV01P342 المراد ~~بال(راجع عن دينه) [هو الخارج عن الإسلام الى شيء من ملل الكفر أو الجاحد ~~لشيء مما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - وليس المراد بالراجع عن ~~دينه](_( ) هذه القطعة في (ب) وفيها قلب للمعنى فكأن المصنف أضافها بعد ذلك ~~للتصحيح، وهي ليست في (أ). _) ما يعم المرتد عن الإسلام الى احدى ملل الكفر ~~والتارك لدين كان عليه كالنصراني يترك ملة عيسى واليهودي يترك ملة موسى لأن ~~ملل الكفر كلها ملة واحدة(_( ) المراد هنا أن حكم المرتد يطبق على صورة ~~واحدة هي الخروج من دين الإسلام الى غيره من الملل الكافرة، ولا يشمل الحكم ~~هنا من خرج من دين غير الإسلام إلى دين آخر كتحول اليهودي الى نصراني فهو ~~وإن كان مرتدا عن دينه فالحكم هنا لا يشمله فملل الكفر واحدة، أما من خرج ~~عن دين الإسلام ودخل في ملة من ملل الكفر سواء صار يهوديا أو نصرانيا أو ~~مجوسيا أو حتى لا دينيا فهذا ليس له إلا القتل أو الرجوع للاسلام ولا ~~يرخص له بدفع الجزية دليله ما جاء من طريق ابن عباس - رضي الله عنه - أن ~~النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من بدل دينه فاقتلوه( رواه البخاري في ~~"صحيحه" [3017 و6922] وأبوداود [4351] والترمذي [1458] والنسائي في ~~"الصغرى" [4059 و4060 و4061 و4062 و4063 و4064 و4065] وابن ماجة [2535] ~~وأحمد [1876 و2555 و2556 و2970] وآخرون. وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ~~»لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ms235 ثلاث النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق ~~من الدين التارك للجماعة« ففيه لم يجعل للمارق وهو الخارج عن دين الإسلام ~~إلا القتل ولا يعصمه منه إلا رجوعه الى دين الإسلام. والحديث الأخير جاء من ~~طريق ابن مسعود - رضي الله عنه - رواه البخاري في "صحيحه" [6878] ومسلم ~~[1676] وأبوداود [4352] والترمذي [1402] وابن ماجة [2534] والنسائي في ~~"الصغرى" [4016 و4721] وأحمد [4064 و4428]. وجاء عن غيره من الصحابة أيضا. ~~والله أعلم. PageV01P343 # _)، والمراد بال(آخذ بالشك) المتردد في توحيده الغير جازم به، أي حكم ~~المرتد عن دين الإسلام وحكم التارك لدينه الذي كان عليه وحكم المتردد في ~~توحيده الشاك فيه حكم عبدة الأوثان من المشركين لا تقبل منهم جزية ولا يرفع ~~السيف عنهم حتى يسلموا، وفي حكم هؤلاء الجاهل المشرك بجهله لا يقبل منه إلا ~~الإسلام أو السيف والله سبحانه وتعالى أعلم. # الركن الرابع # في التوبة # وفيه أربعة أبواب # ختم الأركان بهذا الركن تفاؤلا بحسن الخاتمة، فإن من ظفر بالتوبة ختاما ~~لعمله فقد ظفر.. ختم الله لنا بها وتقبلها منا.. آمين. # الباب الأول # في التوبة وأركانها وشروطها # أي في بيان أحكام التوبة وبيان أركانها وشروطها التي تتوقف عليها صحتها # (280)(توبتنا قسمان فرض وجبا لمن عصى والثاني نفل ندبا) # تنقسم التوبة بالنظر الى حكم الشارع فيها الى قسمين: واجب ومندوب؛ فأما ~~الواجب فهو التوبة من المعصية وهذا معنى قوله: (فرض وجبا لمن عصى) أي على ~~من عصى سواء كانت معصيته صغيرة أو كبيرة فإن التوبة من النوعين واجبة، ~~والمراد بالتوبة من الصغيرة هو ترك الإصرار عليها فإن الإصرار عليها كبيرة ~~كما مر، والمراد بالتوبة من الكبيرة هو ما يأتي من بيان أركانها. وأما ~~المندوب من القسمين فهو توبة من لم تصدر منه معصية فإن الندم على التقصير ~~وإن لم يفض الى معصية وقصد عدم العود اليه(_( ) أي يقصد عدم العودة للتقصير ~~والتوبة من التقصير أمر مندوب. _) وانكسار النفس عند ذكره وطلب الغفران له ~~مندوب شرعا والله سبحانه وتعالى أعلم. # (281)(أركانها ندم مع استغفار والعزم والرجوع بانكسار) PageV01P344 أركان ~~التوبه التي تحصل بها ms236 حقيقتها للتائب هي أربعة أشياء، ثلاث منها [متفق ~~عليها](_( ) من (ب). _) فلا بد من حصولها للتائب وهي: الندم والإقلاع عن ~~الذنب وقصد أن لايعود اليه. وواحد مختلف فيه فأوجب بعضهم حصوله للتائب ولم ~~يوجبه آخرون وهو الإستغفار باللسان أي طلب الغفران باللفظ ، فأما الندم ~~فهو الحزن على ما وقع من المعصية فلا بد منه قطعا على أنه هو أصل الأركان ~~وأساسها وعنه تنشأ بقيتها ومن هنا قصر الشارع التوبة عليه فقال: (التوبة ~~الندم(، والمراد ب(العزم) في قول الناظم القصد على عدم العودة الى الذنب ~~فإن قاصد العودة اليه مصر، والقصد بعدم العودة هو الذي نعده ركنا للتوبة لا ~~عدم العودة نفسه كما قاله بعض قومنا، والمراد ب(الرجوع) هو الإقلاع عن ~~الذنب، والمراد ب(الإنكسار) تذلل النفس لمالكها وخوفها من أليم عقابه والله ~~سبحانه وتعالى أعلم. # (282)(وأصلها امتثال أمر الباري ومنتهاها الحط للأوزار) PageV01P345 ~~المراد ب(أصلها) هو الأمر الباعث لفعلها، والمراد ب(منتهاها) هو ثمرتها ~~التي تترتب على حصولها، أي أصل التوبة الذي يبعث لفعلها هو امتثال أمر ربنا ~~تعالى فإن العبد إذا نظر الى أوامر الله تعالى والى مناهيه وعزم على امتثال ~~ذلك انبعثت نفسه وتحرك خاطره الى تدارك ما ترك من المأمورات والإقلاع عما ~~ارتكب من المنهيات، وأورثه ذلك الإمتثال الندم على ما فات من الزلات فالتجأ ~~الى الله تعالى طالبا لغفران الخطايا والسيئات فكان ذلك منه هو التوبة ~~بعينها، فإذا حصلت له هذه الخصال انتهى به الحال الى بلوغ مراده وهو غفران ~~ذنوبه وستر عيوبه وحط أوزاره، وهذه الخصلة هي ثمرة التوبة وغايتها والرتبة ~~التي ينتهي اليها الراجع عن عصيانه بالنظر الى أول أحواله، أما ما يكون له ~~من الثواب الجزيل والعطاء الجليل فذلك أمر أسداه اليه محض الفضل وسعة ~~الرحمة بسبب امتثال قوله تعالى: { وتوبوا الى الله جميعا أيه المؤمنون } ~~النور : 31 .. عاملنا الله بفضله وأدخلنا في واسع رحمته إنه كريم رحيم ~~والله سبحانه وتعالى أعلم. # (283)(والتوب مثل الذنب؛ عن نبينا سرا وجهرا هكذا قد بينا ms237) # (284)(فالعجب والكبر معا والحسد كذا الريا توبتها أن تفقد) # (285)(وهكذا العزم على الكفران فالحق أنه من العصيان) PageV01P346 يجب أن ~~تكون التوبة في الإسرار والإعلان مثل المعصية، فإن كانت المعصية من الأعمال ~~الباطنية فالتوبة منها سرا مجزية فإن أعلن بها فذلك نفل، وإن كانت المعصية ~~من الأفعال الظاهرة كشرب الخمر وأكل الميتة ونحو ذلك فلا تجزي التوبة عنها ~~إلا جهرا لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (إذا عملت سيئة فأحدث عندها توبة ~~السر بالسر والعلانية بالعلانية((_( ) جاء من طريق معاذ - رضي الله عنه - ~~رواه الطبراني في "المعجم الكبير" [20/159 برقم 331] بلفظ: »... وما عملت ~~من سوء فأحدث لله فيه توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية« ورواه أبو نعيم ~~في "حلية الأولياء" برقم [813] بلفظ: ».. وأحدث مع كل ذنب توبة السر بالسر ~~والعلانية بالعلانية«. # وجاء عند الطبراني في "الكبير" [20/175 رقم 374] بلفظ: »... وإذا عملت ~~سيئة فاعمل بجنبها حسنة السر بالسر والعلانية بالعلانية«. _)، فإذا عرفت ~~هذا فاعلم أن العجب والكبر والحسد والرياء من المعاصي الباطنية فالتوبة ~~منها ازالتها بالكلية وصرفها بعلاجاتها الباطنية، ولا يلزم الإعلان بالتوبة ~~منها وهذا معنى قوله: (توبتها أن تفقد) أي توبة هذه الأمور هو إعدامها من ~~نفس المأمور، ورفع (تفقد) على لغة قوم يهملون أن المصدرية ولا يعملونها. PageV01P347 # ومثل هذه الأمور في صفة التوبة منها العزم على الفسوق فإن العزم على ذلك ~~من المعاصي الباطنية فيجزي في التوبة منها الرجوع عما عزم عليه والندم على ~~ما كان منه وهذا معنى قوله: (وهكذا العزم على الكفران) والمراد بالكفران هو ~~ما عدا الشرك من المعاصي، أما العزم على الشرك فقد صرح الشهاب ابن حجر(_( ) ~~الحافظ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر الكناني العسقلاني ~~المصري من كبار علماء الشافعية ولد بالقاهرة سنة 773ه وتوفي بها سنة 852ه ~~وتصانيفه كثيرة أشهرها "فتح الباري ط" شرح صحيح البخاري و"الإصابة في ~~تمييز الصحابة ط" و"تهذيب التهذيب ط" و"لسان الميزان ط" و"تقريب التهذيب ~~ط" و"تعجيل المنفعة ط" والأربعة في تراجم رجال الحديث ms238 و"المطالب العالية ~~ط" و"طبقات المدلسين ط" و"النكت على ابن الصلاح ط" و"تلخيص الحبير ط" ~~و"الدراية ط" و"الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ط" وغيرها. ("ذيل ~~طبقات الحفاظ" لابن فهد ص326 وتعليقات الكوثري عليه ص 335 "ذيل طبقات ~~الحفاظ" للسيوطي ص 380 "الأعلام" للزركلي 1/178)._) أنه شرك، ووجهه أن ~~العازم على الشرك لا يخلو من أحد أمور: إما أن يكون عزمه ذلك لأجل تصويب ~~الشرك، أو لقدح في الإسلام، أو لتردد في التوحيد، أو لجهل بما يلزمه علمه ~~من التوحيد والكل من هذه الأمور شرك، ويحتمل أنه أراد أن نفس العزم على ~~الشرك شرك مع قطع النظر عن هذه الأمور وهو ظاهر عبارته. والله أعلم. # وأما قوله: (فالحق أنه من العصيان) أي فالقول الحق أن العزم على الكفران ~~معصية خلافا لمن قال أنه ليس بمعصية والله سبحانه وتعالى أعلم. # (286)(ولم يرد تائب من ذنبه حتى يرى الموت دنا من قربه) # (287)(أو تطلع الشمس من المغرب قد أتى عن المختار فيما قد ورد) ~~PageV01P348 أي وعد ربنا تعالى بقبول التوبة فلا يرد تائب عن ذنبه من ~~قبولها إذا أتى بها في وقتها الذي تقبل فيه، ووقتها الذي تقبل فيه هو العمر ~~كله إلا في موضعين: # أحدهما: وقت الغرغرة بالموت ومشاهدة أسبابه فإن التائب في هذا الوقت لا ~~تقبل منه توبته إذا كان قبل ذلك الوقت مصرا؛ لأن توبته حينئذ لا عن اختيار ~~منه لها وإنما كانت منه اضطرارا لما تيقن من حضور الموت وانقضاء الدنيا عنه ~~والدليل على ذلك قوله تعالى: { وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا ~~حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن } النساء : 18 وقوله - صلى الله عليه ~~وسلم - : (إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر((_( ) جاء من طريق ابن عمر ~~رضي الله عنهما رواه الإمام أحمد في "مسنده" [6165] والترمذي في "سننه" ~~[3537] وعبد بن حميد في "مسنده" [847 /المنتخب] وابن الجعد في "مسنده" ~~[3404] وأبو نعيم في "الحلية" [6882] وابن عدي في "كامله" (4/282). # وجاء عند القضاعي في "الشهاب" [1085] عن عبادة ms239 - رضي الله عنه - . وجاء ~~عند ابن أبي شيبة [3537] مرسلا للحسن البصري. # ( وعند أحمد في "مسنده" برقم [15505 دار الكتب العلمية]: PageV01P349 # "عن عبدالرحمن البيلماني قال: اجتمع أربعة من أصحاب رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - فقال أحدهم: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: »إن ~~الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد قبل أن يموت بيوم«. فقال الثاني: أنت ~~سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .؟ قال: نعم. قال: وأنا سمعت ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: »إن الله تبارك وتعالى يقبل توبة ~~العبد قبل أن يموت بنصف يوم«. فقال الثالث: أنت سمعت هذا من رسول الله - ~~صلى الله عليه وسلم - .؟ قال: نعم. قال: وأنا سمعت رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - يقول: »إن الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد قبل أن يموت ~~بضحوة«. فقال الرابع: أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .؟ ~~قال: نعم. قال: وأنا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: »إن الله ~~تبارك وتعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر بنفسه«." قال الهيثمي في "مجمع ~~الزوائد" (10/325 دار الفكر): "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبدالرحمن ~~وهو ثقة". ا.ه._) وروى عطاء(_( ) أشتهر ممن تسمى بعطاء اثنان هما: أبو محمد ~~عطاء بن يسار المدني وأبو محمد عطاء بن أبي رباح المكي وكلاهما من أجلة ~~التابعين ولم أتبين المقصود منهما. # وترجمة الأول في: "تذكرة الحفاظ" للذهبي (1/90) و"تهذيب التهذيب" لابن ~~حجر (7/188 دار الكتب العلمية). # وترجمة الثاني في: "تذكرة الحفاظ" للذهبي (1/98) و"تهذيب التهذيب" لابن ~~حجر (7/174) والله أعلم._): "أنها تقبل قبل موته ولو بفواق ناقة"(_( ) جاء ~~مثله عند الطبراني في "الأوسط" مرفوعا من طريق عبدالله بن عمرو - رضي الله ~~عنه - .. هكذا ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/324 دار الفكر) ولم ~~يتكلم عن سنده. وليس "الأوسط" بين يدي الآن. والله أعلم. _). PageV01P350 # والموضع الثاني: وقت طلوع الشمس من مغربها فإن طلوع الشمس من مغربها إنما ~~هو علامة لقيام الساعة وهو بعض آياتها وقد قال تعالى: { يوم يأتي ms240 بعض آيات ~~ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } ~~الأنعام : 158 وقال - صلى الله عليه وسلم - : (التوبة مقبولة حتى تطلع ~~الشمس من مغربها((_( ) جزء من حديث طرفه: »لا تزال التوبة ... الحديث« جاء ~~من طريق عبدالرحمن بن عوف وعمرو بن العاص ومعاوية جميعا رواه أحمد في ~~"المسند" [1/244 برقم 1676] والطبراني في "الكبير" [19/381 برقم 895] وابن ~~جرير الطبري في "تفسيره" [5/407 برقم 14217 و14218 دار الكتب العلمية]._) ~~وفي حديث آخر: (للتوبة باب بالمغرب مسيرة سبعين عاما لا يزال كذلك حتى يأتي ~~بعض آيات ربك؛ طلوع الشمس من مغربها((_( ) هذا الحديث جاء من طريق صفوان بن ~~عسال - رضي الله عنه - رواه أحمد في "مسنده" [18117 و18119 و18124] ~~والترمذي في "سننه" [3535 و3536] والطبراني في "الكبير" [8/55 برقم 7348] ~~والبيهقي في "شعب الايمان" [7076] وابن جرير الطبري في "تفسيره" [5/407 ~~408 برقم 14221 و14223] والبغوي في "تفسيره" [2/144]. _) وفي حديث آخر: (إن ~~الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء ~~الليل حتى تطلع الشمس من مغربها((_( ) جاء من طريق أبي موسى الأشعري رواه ~~الإمام مسلم في "صحيحه" [2759] وأحمد [19548 و19640] والطيالسي في "مسنده" ~~[490] والبيهقي في "السنن الكبرى" [8/235 رقم 16504 و10/317 رقم 20766] ~~وفي "شعب الايمان" [7075] وأبوالشيخ في "العظمة" [128 و129] والبغوي في ~~"تفسيره" [2/144]._) ومعنى يبسط يده: أي يسدي نعمته ويسبلها على من توجه ~~اليه تائبا، كل ذلك ترغيب للعباد في المسارعة الى التوبة والله أعلم. PageV01P351 # وإنما كانت التوبة لا تقبل بعد طلوع الشمس من مغربها لأن بطلوعها يتيقن ~~انقضاء الدنيا وفناؤها وقدوم الآخرة وبقاؤها فتوبة التائب ضرورية لا ~~اختيارية، ومن هنا لم تقبل توبة فرعون لأنه إنما تاب بعد تيقنه الهلاك وبعد ~~علمه بانقضاء دنياه وفي ذلك الحين قال: { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به ~~بنو اسرائيل وأنا من المسلمين } يونس : 90 فقيل له على جهة الإنكار عليه: { ~~ءالآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين } يونس : 91 وهلاك فرعون ورد توبته ~~مما اطبقت عليه الأمة ودلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فما ~~نسب الى ابن العربي(_( ) ليس المراد هنا ابن ms241 العربي العلامة المالكي محمد ~~بن عبدالله صاحب "عارضة الأحوذي" و"العواصم من القواصم" و"أحكام القرآن" ~~المتوفى سنة 543ه بل المقصود هو: PageV01P352 # الفيلسوف المتصوف محي الدين أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عربي ~~الطائي الحاتمي المرسي صاحب "الفتوحات المكية ط" و"شجرة الكون ط" و"فصوص ~~الحكم ط" نزيل دمشق، ولد سنة 560ه في "مرسية" بالأندلس وانتقل إلى ~~"أشبيلية" وقام برحلة زار من خلالها الشام وبلاد الروم والعراق والحجاز؛ ~~وأنكر عليه أهل الديار المصرية شطحات صدرت منه فعمل بعضهم على إراقة دمه، ~~وحبس فسعى في خلاصه بعضهم فنجا واستقر به الحال في دمشق. قال الذهبي في ~~"ميزان الإعتدال" (3/659): "ونقل رفيقنا أبو الفتح اليعمري وكان متثبتا ~~قال: سمعت الإمام تقي الدين ابن دقيق العيد يقول: سمعت شيخنا أبا محمد العز ~~بن عبد السلام السلمي يقول وجرى ذكر أبي عبد الله بن العربي الطائي فقال: ~~هو شيخ سوء شيعي كذاب. فقلت له: وكذاب أيضا؟!. قال: نعم؛ تذاكرنا بدمشق ~~التزويج بالجن فقال: هذا محال لأن الأنس جسم كثيف والجن روح لطيف، ولن يعلق ~~الجسم الكثيف الروح اللطيف. ثم بعد قليل رأيته وبه شجة فقال: تزوجت جنية ~~فرزقت منها ثلاثة أولاد!! فاتفق يوما أن أغضبتها فضربتني بعظم حصلت منه هذه ~~الشجة وانصرفت فلم أرها بعد هذا.". ثم قال الذهبي: "وصنف التصانيف في تصوف ~~الفلاسفة وأهل وحدة الوجود، فقال أشياء منكرة عدها طائفة من العلماء مروقا ~~وزندقة، وعدها طائفة من العلماء من إشارات العارفين ورموز السالكين، وعدها ~~طائفة من متشابه القول وأن ظاهرها كفر وضلال وباطنها حق وعرفان وأنه صحيح ~~في نفسه كبير القدر. وآخرون يقولون: قد قال هذا الباطل والضلال فمن الذي ~~قال إنه مات عليه.". ا.ه ويقال لمن يدافع عنه: ما الدليل على أنه مات على ~~غيره؟! ومن نقل توبته؟!والتقول بغير دليل ليس لأهل العلم بسبيل. وفي "لسان ~~الميزان" لابن حجر العسقلاني يقول (5/315): "وفي تصانيفه كلمات ينبو السمع ~~عنها وزعم أصحابه أن لها معنى باطنها غير الظاهر ms242". ا. PageV01P353 # ه على أن المسلمين مكلفون بالأخذ بالظاهر أما البواطن فتوكل إلى علام ~~الغيوب، ومن أوقع نفسه في مواطن التهم فلا يلومن إلا نفسه، بل لم يكن من ~~سيرة السلف الصالح تقسيم الأشياء إلى بواطن وظواهر نعم هذا شأن الباطنية ~~وهي فرقة ظاهرة الخسران، وابن عربي هذا هو القائل بنجاة فرعون فيكون قوله ~~هذا مكفرا له دون تردد لمعارضته القرآن الكريم والله المستعان. وفي معرض ~~الكلام عن كتاب "فصوص الحكم" يقول ابن تيمية كما في "الفتاوى الكبرى" (2/81 ~~ط/ مكتبة العبيكان): "ولهذا جعل صاحب هذا الكتاب عباد العجل مصيبين! وذكر ~~أن موسى أنكر على هارون إنكاره عليهم عبادة العجل!! وقال: كان موسى أعلم ~~بالأمر من هارون، لأنه علم ما عبده أصحاب العجل! لعلمه بأن الله قضى ألا ~~يعبدوا إلا إياه وما حكم الله به وقع!! فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع ~~الأمر في إنكاره وعدم اتباعه! فإن العارف من يرى الحق في كل شئ!! بل يراه ~~عين كل شئ!!. ولهذا يجعلون فرعون من كبار العارفين! المحققين! وأنه كان ~~مصيبا في دعواه الربوبية!! كما قال في هذا الكتاب: ولما كان فرعون في منصب ~~التحكم صاحب الوقت وأنه جار في العرف الناموسي لذلك قال: { أنا ربكم الأعلى ~~} (النازعات: 24) أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما ~~أعطيته في الظاهر من الحكم فيهم!. ولما علمت السحرة صدق فرعون!! فيما قاله ~~لم ينكروه بل أقروا له بذلك!! وقالوا له: { اقض ما أنت قاض } (طه : 72) ~~فالدولة لك. فصح قول فرعون: أنا ربكم الأعلى. وأنه كان عين الحق!. PageV01P354 # ويكفيك معرفة بكفرهم؛ أن من أخف أقوالهم أن فرعون مات مؤمنا بريا من ~~الذنوب!!". انتهى كلام ابن تيمية وإن كان الحال كما قال فليس لمن يدافع عن ~~ابن عربي المتصوف حجة بعد هذا، بل هو ضال خاسر إن ثبت عنه والله المستعان. ~~وأما احتجاج بعض المتصوفة دفاعا عنه بأن تلك العبارات الكفرية دست عليه كما ~~ذكره الشعراني في "لطائف المنن" فهو لا يزيد إلا دليلا ms243 على لزوم نبذ كتبه ~~على أحسن المحامل، وكانت وفاته سنة 638ه في دمشق. ("ميزان الإعتدال" 3/659 ~~"سير النبلاء" للذهبي 16/347 "لسان الميزان" لابن حجر 5/311 315 ~~"الأعلام" للزركلي 6/381)._) من قومنا أن فرعون مؤمن شهيد مخالف للكتاب ~~والسنة وخارق لإجماع الأمة فلا يلتفت إليه والله سبحانه وتعالى أعلم. # (288)(فقاتل المؤمن عمدا تقبل توبته وهكذا المضلل) # (289)(من بعد موت من أضل وإذا آلى ليبطلن حقا فكذا) # (290)(وقيل أن لا توبة لهم وفي قول أبي نبهان أن ليس اصطفي) # (291)(لكن على المضل أن يبلغ من أضله بما دعا ومن فتن) # (292)(إن كان في مقدرة وإلا فهو حري بمتاب المولى) PageV01P355 أي فإذا ~~علمت أن التائب من ذنبه لا يرد ما لم يغرغر بنفسه أو تطلع الشمس من مغربها؛ ~~فاعلم أن قاتل المؤمن عمدا، والداعي الى ضلالة، والحالف على إبطال حق .. ~~تقبل جميعا توبتهم إذا جاءوا بها على شروطها لأن الأدلة الدالة على قبول ~~التوبة قبل الغرغرة وقبل طلوع الشمس من مغربها عامة تشمل هؤلاء وغيرهم ~~وتخصيصهم من هذا العموم مفتقر الى دليل، وذهب بعض العلماء الى أن هؤلاء ~~الثلاثة ليس لهم توبة وكذا عندهم من ألحقت زوجها ولدا من غيره؛ فهؤلاء ~~الأربعة لا توبة لهم عند هؤلاء وكذا قالوا فيمن قتل نبيا أو قتله نبي، وضعف ~~الشيخ أبو نبهان جاعد بن خميس الخروصي رضوان الله عليه تخصيص عموم الآيات ~~الواردة في قبول التوبة من جميع التائبين فأجراها على عمومها واختار أن ~~التوبة مقبولة ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها وهذا معنى قوله: (وفي ~~قول أبي نبهان أن ليس اصطفي) أي أن القول: بأن هؤلاء الثلاثة غير مقبولة ~~توبتهم. ليس بالمختار في قول أبي نبهان. # أما قوله: (لكن على المضل.. الخ) فهو بيان لكيفية توبة الداعي الى ضلالة ~~فأجيب اليها، اعلم أن توبة من دعا الى ضلالة فأجيب اليها مشروطة بأن يبلغ ~~من أجابه الى تلك الضلالة بأنه تاب منها وأنها بدعة وضلالة؛ فإن قبل منه ~~ذلك وإلا فلا شيء عليه فوق ذلك، وإن لم يقدر على ms244 إبلاغ من أضله ببيان ~~ضلالته بأن مات المجيب اليها أو غاب حيث لا يمكنه إبلاغه فلا شيء عليه سوى ~~التوبة لقوله تعالى: { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا.. ~~الآية } البروج : 10 فإنه تعالى شرط الوعيد بعدم التوبة والله سبحانه ~~وتعالى أعلم. # الباب الثاني # من الركن الرابع # في أحوال التائب # والمراد بأحواله بيان ما له وما عليه بعد التوبة، فأما بيان ما عليه ~~فأشار اليه بقوله: # (293)(وتارك فرضا لمولاه مضى كفارة وتوبة قد فرضا) # (294)(عليه مع إبداله وقيل لا شيء سوى التوبة في ذا جعلا) # ( PageV01P356 295)(وذاك مثل الصوم والصلاة في حكم من حرم للحرمات) # اعلم أن التائب من الذنب إما أن يكون ذنبه من جهة ارتكاب ما حرم الله ~~تعالى وإما أن يكون من ترك ما فرض الله عليه، فإن كان من الأول فلا شيء ~~عليه سوى التوبة اتفاقا من المشارقة وعليه مع التوبة الكفارة مغلظة مع ~~أصحابنا المغاربة بشرط أن يكون من المحرمين لما ارتكبه ولا كفارة عندهم على ~~المستحل لذلك كذا يؤخذ من استقراء قواعدهم، وإن كانت معصيته بترك ما فرض ~~الله عليه فعله كالصلاة والصوم يفوتهما عمدا فلا يخلو في تفويته لهما من ~~أحد أمرين: إما أن يكون مستحلا لتركهما وإما أن يكون منتهكا غير مستحل ~~لذلك، فإن كان مستحلا لتركهما فلا شيء عليه سوى التوبة من ذلك، وإن كان ~~منتهكا وفي اعتقاده دائن بفرضيتهما عليه ففيه ثلاثة أقوال: # أحدها: أن عليه التوبة من ذلك والكفارة عنه وتداركه بالبدل. # ثانيها: أن عليه التوبة والبدل ولا كفارة عليه. # ثالثها: أن لا كفارة ولا بدل وإنما عليه التوبة فقط وهذا معنى قوله: (لا ~~شيء ..الخ). PageV01P357 # ومعنى قوله: (جعلا) أي شرع، ومعنى قوله: (في حكم من حرم للحرمات) أي هذه ~~الأقوال إنما هي مختصة بحكم من اعتقد تحريم المحرمات شرعا، أما من ترك ~~الصوم والصلاة على جهة الإستحلال لهما فلا شيء عليه سوى التوبة من ذلك لأنه ~~يكون باستحلاله لذلك مشركا(_( ) وإنما حكم عليه بالشرك لكون استحلاله لأمر ~~علم من ms245 الدين بالضرورة فهو مضاد لله في أحكامه، قال أبو اسحاق الشيرازي ~~الشافعي في كتابه "المهذب" (1/100 دار الكتب العلمية): "ومن وجبت عليه ~~الصلاة وامتنع من فعلها، فإن كان جاحدا لوجوبها فهو كافر ويجب قتله بالردة ~~لأنه كذب الله تعالى في خبره، وإن تركها وهو معتقد لوجوبها وجب عليه القتل ~~...الخ"ا.ه والمستحل والجاحد هاهنا سواء. والله أعلم. _) وبرجوعه عنه الى ~~الحق مسلما والإسلام جب لما قبله { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما ~~قد سلف } الأنفال : 38 والله سبحانه وتعالى أعلم. # (296)(وفي المصر إن أتى الطاعة هل له ثوابها إذا الغفران حل) # (297)(أو لا أو التفصيل أولى إن عصى من غير ما شرك أتى محصحصا) # هذا بيان الطرف الثاني من أحوال التائب وهو الجانب الذي له، اختلف ~~العلماء في التائب إذا كان في حال اصراره فاعلا للطاعات هل يعطى ثواب تلك ~~الطاعات بعد التوبة أم لا؟ ففيه ثلاثة أقوال: # الأول: لأبي عبدالله محمد بن محبوب(_( ) تقدمت ترجمته عند التعليق على ~~البيت رقم (28). _) رضي الله تعالى عنه واختاره ابن أبي نبهان أنه يعطى ~~ثواب طاعته وظاهر كلامهما الإطلاق. PageV01P358 # القول الثاني: للفضل بن الحواري(_( ) العلامة أبو محمد الفضل بن الحواري ~~الأزكوي من بني سامة بن لؤي بن غالب. أشهر علماء عمان في القرن الثالث ~~الهجري وأحد تلاميذ العلامة الكبير محمد بن محبوب .. كان هو والشيخ عزان بن ~~الصقر في زمن واحد ولعلمهما وفضلهما يضرب بهما المثل في عمان كالعينين في ~~جبين واحد. من تصانيفه: كتاب "الجامع" وقد تم طبعه في وزارة التراث ~~العمانية في 3 مجلدات. وقتل في وقعة القاع المشهورة سنة 278ه. # ("اتحاف الأعيان" للبطاشي 1/197 200 "السيرة" لابن مداد ص 31)._) ~~واختاره جماعة وهو أنه لا يعطى من ثواب تلك الطاعة شيئا. # القول الثالث: لبشير(_( ) العلامة بشير بن محمد بن محبوب المخزومي من أهل ~~عمان ينحدر من سلالة علم حيث كان أبوه وجده من كبار العلماء وهو أحد علماء ~~الإباضية في القرن الرابع والغاية في العلم والفضل في أهل زمانه من مؤلفاته ~~"البستان" (مفقود ms246) و "الخزانة" في 70 ج (مفقود) و "الرضف في التوحيد" ~~(مخطوط) و "المحاربة" (مخطوط) توفي سنة 273ه تقريبا. ("إتحاف الأعيان" ~~للبطاشي 1/194) PageV01P359 ويمكن أن يكون المراد به العلامة أبو المنذر ~~بشير بن المنذر العقري النزوي تلميذ الإمام الربيع الفراهيدي رحمهما الله ~~تعالى ، لكن الأولى من ذكرته لأن الخلاف في هذه المسألة انتشر متأخرا عن ~~زمن ابن المنذر وأحسب أني قرأت ما يدل على هذا في "منهج الطالبين" للعلامة ~~الشقصي والله أعلم. _) واختاره الزاملي(_( ) الشيخ صالح بن سعيد الزاملي ~~العقري النزوي نسبة إلى مدينة نزوى الشهيرة من علماء الإباضية في عمان، ~~عاش في القرن الحادي عشر الهجري معاصر للشيخ خميس بن سعيد الشقصي مؤلف ~~"منهج الطالبين ط/20ج" وكانت له مشاركة بارزة في تنصيب الإمام العادل ~~ناصر بن مرشد اليعربي الذي قام بدوره بطرد المستعمرين البرتغالين من ~~الأراضي العمانية ثم استكمل بقية الأئمة من اليعاربة طرد البرتغاليين من ~~الخليج العربي وبحر العرب فخلصوا الناس من شرهم، هذا وللشيخ الزاملي جوابات ~~متناثرة تراها في كتاب "لباب الآثار" للصائغي. ("تحفة الأعيان" للسالمي ~~2/7). _) أنه إذا كان هذا المصر حين فعله للطاعة مشركا فلا ثواب له بعد ~~التوبة على تلك الطاعة، وإن كان غير مشرك فيعطى بعد التوبة ثواب طاعته. # ففي المسألة إطلاقان وتفصيل؛ الإطلاق الأول: إنه يعطى ثوابها بعد التوبة ~~مطلقا كان حين فعل الطاعة مشركا أو فاسقا غير مشرك. الإطلاق الثاني: أنه لا ~~يعطى ثواب ما عمل حال اصراره ولو تاب وغفر له كان حال الإصرار مشركا أو غير ~~مشرك. وأما التفصيل: فهو انه إن كان بإصراره مشركا فلا ثواب له فيما عمل من ~~الطاعات في حال شركه وإن كان غير مشرك فله ثوابه إذا تاب من اصراره. PageV01P360 # ولي في المسألة تفصيل آخر هو: انه إن كانت الطاعة التي عملها مشروطا ~~صحتها بالإسلام كالصلاة والصيام فلا ثواب لها إن عملها في الشرك لأن شرط ~~صحتها غير موجود وثواب العمل مترتب على صحته ولا صحة فلا ثواب، وإن كانت ~~تلك الطاعة غير مشروط في صحتها الإسلام ms247 كبر الوالدين وإقراء الضيفان وصلة ~~الرحم وإغاثة الملهوف ونصر المظلوم ..وهكذا فله ثوابها إذا أسلم وإن عملها ~~في الشرك وكذا القول فيما عمل من الطاعات في حال اصراره الذي لا يشرك به ~~فإنه إن كانت تلك الطاعة مشروطا في صحتها الإيمان الكامل وهو الوفاء بجميع ~~الواجبات فلا صحة لها بتركه فلا ثواب عليها، وإن كانت تلك الطاعة غير مشروط ~~في صحتها الإيمان الكامل فله على فعلها ثوابها بعد توبته وهذا التفصيل حسن ~~جدا. ولا يقال إنه لم يتقدمني عليه أحد فإن الحق مقبول ممن جاء به، فإن ~~قيل: لاشيء من الطاعات مشروط صحتها بالإيمان الكامل فلا وجه لآخر التفصيل. ~~قلنا: بل له وجه ظاهر وهو أن الفقهاء اختلفوا في أشياء من الطاعات كالصلاة ~~خلف الفاسق فأبطلها قوم وصححها آخرون فالقائل ببطلانها يشترط في صحتها أن ~~يكون الإمام كامل الإيمان(_( ) جرى العمل على جواز الصلاة خلف الفاسق ~~للحديث الوارد في هذا الشأن، لكن يمكن التمثيل لمراد الشيخ وبيان الرد على ~~من قال: لا شيء من الطاعات مشروط صحتها بالإيمان الكامل. بأن صلاة المسبل ~~إزاره ليست متقبلة للحديث الوارد عند النسائي، و أبو داود برقم (638) :( .. PageV01P361 # فقال له رجل: يا رسول الله، ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ فقال: إنه ~~كان يصلي وهو مسبل إزاره وإن الله جل ذكره لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره( ~~ولأن فاعل ذلك مرتكب للكبيرة ومتلبس بها في حال أدائه للصلاة والطاعة لا ~~تخالطها كبيرة فأبطل صلاته بعض أجلة العلماء وكذا الحال وهذا تمثيل جيد ~~لكلام الشيخ رحمه الله وكذا يمثل أيضا بأن الصدقة إذا خالطها المن أو ~~الرياء فهما محبطان لها لقوله تعالى: { ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا ~~صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس .. } البقرة : 264 .. ~~ومنه يتبين أن هناك من الطاعات ما يشترط فيه الإيمان الكامل فإن مصاحبة ~~الفسق وهو لازم إنعدام الإيمان الكامل محبط لكثير من الطاعات والله ~~أعلم._) وعلى مذهبه فتلك الصلاة غير صحيحة فلا ثواب لها وإن بعد التوبة على ms248 ~~هذا التفصيل الذي ذكرته وكذا فيما أشبه ذلك والله أعلم. # الباب الثالث # من الركن الرابع # في توبة المحرم والمستحل # (298)(ومجمل توبة من يحرم والمستحل عكس هذا يلزم) PageV01P362 المراد ~~ب(المحرم) المنتهك وهو الذي يفعل الذنب مع اعتقاده له أنه ذنب، والمراد ~~ب(المستحل) من يفعل الذنب ويعتقد أنه غير ذنب لشبهة تمسك بها أو لتقليده من ~~تمسك بالشبهة في ذلك فهو يدين بتخطئة من خالفه في ذلك، فالمحرم على هذا ~~أيسر حالا من المستحل لأن المستحل جمع مع ارتكاب الذنب اعتقاد أنه غير ذنب ~~وتخطئة من خالفه في ذلك، فمن هنا كانت توبة المحرم أيسر حالا من توبة ~~المستحل فيجزي المحرم أن يتوب من جميع ذنوبه إجمالا، ولا يجزي المستحل ذلك ~~لكن يلزمه التوبة عن كل ما استحله بعينه فيذكر ذنوبه ذنبا ذنبا ويتوب عن كل ~~واحد منها توبة وهذا معنى قول الناظم: (والمستحل عكس هذا يلزم) أي يلزم ~~المستحل في كيفية التوبة عكس ما يلزم المحرم؛ فيلزم المحرم الإجمال ويلزم ~~المستحل التفصيل، هذا حاصل ما في الأثر والظاهر أن لزوم التفصيل في التوبة ~~على المستحل إنما هو تعبد خاص له فيما بينه وبين الخلق(_( ) والعلة في ~~التفصيل من أجل أنه لا يرى ما كان مستحلا له ذنبا!!، حين يكون دائنا بحلية ~~ما أتاه، فتوبته المجملة لا تشمل ما استحله على هذا بل يلزمه تعيين ما ~~استحله بالتوبة والله أعلم. _) أما فيما بينه وبين الله فلا يلزمه ذلك ~~وإنما يجزيه الإجمال إذا قصد بالتوبة التوبة عن كل ذنب استحله والله أعلم. # (299)(ومن أتى أمرا على التحريم لم يجزه التوب بلا تغريم) # (300)(وإن يكن أتاه باستحلال بعكسه في أعدل الأقوال) # (301)(وإن يكن في يده ما قد كسب عليه أن يرده لمن سلب) PageV01P363 يشترط ~~في توبة من فعل أمرا ويعتقد أنه حرام فلزمه منه ضمان كأكل مال الغير بغير ~~إذنه أن يتخلص إلى أرباب ذلك الشيء إما بغرم له أو بحل منهم ولا يجزيه ~~التوبة منه بغير تخلص، فإن لم يقدر على ms249 التخلص دان بأداء ذلك عند القدرة ~~فإذا حضره الموت وهو غير قادر على الخلاص أوصى به وليس عليه فوق ذلك شيء ~~والله رؤوف بالعباد، ولا يشترط هذا الإشتراط في توبة من فعل ذلك الفعل وهو ~~مستحل له على أكثر الأقوال وعدله الناظم هاهنا لكن بشرط أن لا يكون ما أخذه ~~بطريق الإستحلال باقيا في يده فإن كان باقيا بعينه في يده ففي أكثر أقوالهم ~~أن عليه أن يرده الى من أخذه منه، وقيل لا يلزمه أن يرده اليه لأنه إنما ~~أخذه يوم أخذه وهو مستحل له، وفي قول ثالث: أن على المستحل رد ما أخذه إن ~~كان باقيا وغرمه إن كان متلفا. # هذا محصل ما في الأثر في هذا المقام وعندي فيه تفصيل هو: أنه إن كان ~~المستحل مشركا فلا يلزمه غرم ما أتلفه في حال شركه على المسلمين ولا يلزمه ~~رد ما أخذ منهم بعد أن أسلم ولو كان باقيا في يده لأن له ما أسلم عليه ~~لأدلة ذكرتها في غير هذا الكتاب، وإن كان المستحل من أهل القبلة [فإنه ~~يلزمه رد ما أخذ على المسلمين باستحلاله وغرمه إن كان قد تلف من يديه لأنه ~~لا تحل أموال أهل القبلة بنفس الإعتقاد لحلها والله سبحانه وتعالى أعلم. # (302)(وحكمه محرم حين فعل حتى يصح أنه قد استحل) PageV01P364 أي حكم آخذ ~~أموال أهل القبلة](_( ) ما بين الحاصرتين ساقط من (ب). _) أنه محرم لأخذها ~~فهو محكوم عليه بغرمها وإن ادعى الإستحلال لها؛ لأن أموال أهل القبلة في ~~دين الله محجورة بغير إذن أهلها فيحكم على من أخذها بردها اليهم ودعواه أنه ~~مستحل لأخذها دعوى لو صحت تسقط عنه الحكم بردها على قول بعض، وأيضا فحكم ~~أهل الإقرار كلهم التحريم لما حرم الله ودعواه أنه مستحل تخالف أهل هذا ~~الحكم فلا تسمع منه دعواه أنه مستحل إلا بصحة شرعية وهي شهرة أو شهادة ~~عدلين وذلك أن تقضي الشهرة أو يشهد العدلان بأن هذا الرجل قد كان على دين ~~الأزارقة(_( ) أتباع نافع بن الأزرق ms250 وهي فرقة من الخوارج يستحلون أموال ~~ودماء مخالفيهم حين عدوهم مشركون وقد انقرض هؤلاء الخوارج ولله الحمد ولم ~~يبق في هذا الزمن إلا شرذمة موهوا على الناس وتستروا بألقاب براقة ممن يحمل ~~مبدأهم في استحلال دماء أهل القبلة!! قاتلهم الله أنى يؤفكون. _) مثلا ~~والله أعلم. # الباب الرابع # في الأمور التي لا تلزم منها توبة # أي لعفو الله تعالى عنها بمنه وهي أربعة أشياء؛ التقية والخطأ والنسيان ~~وحديث النفس، فعقد لكل واحد من التقية والخطأ فصلا، وعقد لحديث النفس ~~والنسيان فصلا واحدا فلذا قال: وفيه ثلاثة فصول. # الفصل الأول # في التقية # (303)(أجز تقية بقول إن خلص من نيل ضر من به القول يخص) # (304)(وامنعها في اتلاف نفس إن جنى والخلف في اتلاف مال ضمنا) ~~PageV01P365 التقية إما أن تكون بالقول وإما أن تكون بالفعل وسيأتي بيان ~~حكم التقية بالفعل وأما التقية بالقول فتجوز في موضع وتمنع في موضع آخر ~~ولها موضع ثالث يختلف في جوازها فيه. فأما الموضع الذي تجوز فيه فهي ما إذا ~~كان القول ليس فيه ضرر على أحد من البشر وكان المجبور قد أكره على القول ~~به(_( ) فليتأمل القارئ مراد الإباضية من التقية خلافا لبعض المتعالمين من ~~مخالفينا الذين يتخيلون المقصود من التقية أن يظهر الإنسان خلاف ما يبطن في ~~غالب أحواله دون التقيد بشرط خوف الوقوع في الهلاك!! وهذا تجاهل غريب أو ~~بلاهة مستحكمة .. يقول أبو أسامة الإسماعيلي في رسالته إلى مجلة (نداء ~~الإسلام) بمدينة سيدني _ دفاعا عن الإباضية _ ص(8): # "التقية: الإباضية لا يخجلون مما لديهم، فصاحب الحق غير هياب ولا وجل، ~~فكيف لنا باتخاذ التقية ونحن الذين ندعوا إلى الحوار واللقاء على كلمة ~~سواء، أما إن كنت تعني الكتمان الذي يتحدث عنه الإباضية، فذلك فوق أفهام ~~الذين لا ينعمون النظر في سيرة خير الخلق وحبيب الحق - صلى الله عليه وسلم ~~- فإن الإباضية هم أول من قعد للدعوة الإسلامية بعد أن # أكبوا على القرآن شربا لماءه فأوردهم والكل ريان هائم PageV01P366 وبعد ~~أن درسوا سيرة المصطفى - صلى الله عليه ms251 وسلم - فرأوا أنه لحكمة ما كانت ~~الدعوة في أعوامها الأولى سرا، وما كان ذلك جبنا ولا هلعا من بطش قريش، بل ~~ضنا بالحق الناشئ أن تبطش به يد الباطل اللئيمة، وهذا ما تنبهت إليه ~~الحركات الإسلامية في هذا القرن أي بعد ثلاثة عشر قرنا من تقعيدنا له ~~وتنبيهنا عليه .." ا.ه_) فإنه يجوز له في هذا الموضع أن يدفع عن نفسه ما ~~يخشاه من القتل ونحوه بالقول الذي طلب منه ولو كان ذلك القول شركا وهذا ~~معنى قوله: (أجز تقية بقول ..الخ)، ومعنى قوله: (إن خلص من نيل ضر ..الخ) ~~أي إن خلص ذلك القول من وقوع الضرر في الغير فهو تقييد للجواز، وجواز ما ~~ذكرناه مأخوذ من الكتاب والسنة فأما الكتاب فقوله تعالى: { إلا من أكره ~~وقلبه مطمئن بالإيمان } النحل : 106 وقوله تعالى: { إلا أن تتقوا منهم تقاة ~~} آل عمران : 28 وأما السنة فقوله - صلى الله عليه وسلم - : (عفي عن أمتي ~~الخطأ والنسيان وما حدثوا به أنفسهم وما أكرهوا عليه((_( ) هذا الحديث ورد ~~بلفظ: »رفع الله عن أمتي الخطأ والنسيان ومالم يستطيعوا وما أكرهوا عليه« ~~وما يقاربها جاء من طريق ابن عباس - رضي الله عنه - رواه الإمام الربيع ~~الفراهيدي في "مسنده" [794] وابن ماجة في "سننه" [2045] وابن حبان في ~~"صحيحه" [7175] والطبراني في "الكبير" [11/109 رقم 11274] والبيهقي في ~~"السنن الكبرى" [7/584 رقم 15094] وابن عدي في "كامله" (2/346 و347) ~~و(5/282) والعقيلي في "الضعفاء" (4/145) وقال: "وهذا يروى من غير هذا الوجه ~~باسناد جيد". ا.ه # وجاء من طريق أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - رواه ابن ماجة في "سننه" ~~[2043]. ومن طريق عقبة بن عامر - رضي الله عنه - عند البيهقي في "السنن ~~الكبرى" (7/585 رقم 15096). كما رواه ابن عدي في "كامله" (3/325) عن أبي ~~الدرداء - رضي الله عنه - و(2/150) عن أبي بكرة - رضي الله عنه - . PageV01P367 # ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" برقم [19044] عن عطاء مرسلا. # ( كما ورد بلفظ: »رفع عن أمتي الخطأ والنسيان« رواه أبو الفضل القاسم بن ~~جعفر التميمي المعروف بأخي عاصم وساق اسناده التاج السبكي في "طبقات ~~الشافعية الكبرى ms252" (2/254 بتحقيق الحلو والطناحي). وقال السبكي أيضا في ~~الكتاب المذكور (2/253): "وقد وقع الكلام في هذا الحديث قديما بدمشق، وبها ~~الشيخ برهان الدين بن الفركاح شيخ الشافعية ثم إذ ذاك، وبالغ في التنقيب ~~عنه، وسؤال المحدثين، وذكر في "تعليقته على التنبيه" في كتاب الصلاة قول ~~النووي في "زيادة الروضة" في كتاب الطلاق في الباب السادس في تعليق الطلاق ~~إنه حديث حسن." ا.ه ونقل تحسين النووي لهذا الحديث الحافظ ابن حجر في ~~"تلخيص الحبير" (1/281 دار المعرفة)._)، ومن ذلك "ما جرى لعمار بن ياسر ~~رضي الله عنه حين أخذه المشركون فلم يدعوه حتى سب رسول الله - صلى الله ~~عليه وسلم - وذكر آلهتهم بخير، فلما جاء الى النبي - صلى الله عليه وسلم - ~~قال: يا رسول الله ما أراني إلا هلكت. فأخبره [الخبر](_( ) من (ب). _)، ~~قال: كيف تجد قلبك؟. قال: مطمئن بالإيمان. قال: فإن عادوا فعد."(_( ) لفظ ~~الرواية : "عن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم ~~يتركوه حتى سب النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه، ~~فلما أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما وراءك؟. قال: شر يا ~~رسول الله؛ ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير. قال: كيف تجد قلبك؟. ~~قال: مطمئنا بالايمان. قال: إن عادوا فعد." PageV01P368 # أخرجها البيهقي في "السنن الكبرى" (8/362 برقم 16896) وأبو نعيم في "حلية ~~الأولياء" برقم [454] وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3/189 دار الكتب ~~العلمية) وابن جرير الطبري في "تفسيره" (7/651 /الكتب العلمية) [سورة ~~النحل: الآية 106] والحاكم في "المستدرك" برقم [3362] وقال: "هذا حديث صحيح ~~على شرط الشيخين، ولم يخرجاه." ووافقه الذهبي فقال في "تلخيصه" هناك: "على ~~شرط البخاري ومسلم." ا.ه._) # وأما الموضع الذي تمنع فيه التقية بالقول فهو ما إذا كان في القول ضرر ~~على أحد من البشر كإتلاف نفس الغير أو قطع عضوه فإنه لا تجوز لأحد التقية ~~في هذا الموضع إذ لا يحل لأحد أن ينجي نفسه بضرر غيره إذ ليست نفسه أولى ~~بذلك من نفس غيره وهذا معنى ms253 قوله: (وامنعها في اتلاف نفس إن جنى) أي وامنع ~~التقية بالقول في موضع يجني فيه القول إتلاف نفس الغير وكذا حكم عضوه؛ ~~ومثال ذلك أن يكره جبار ذو قدرة معروف بالغشم أحدا ممن يقدر عليه أن يدله ~~على أحد من البشر ليقتله بباطل أو ليقطع عضوه بغير حق، وكان قد توعده ~~بالقتل إن لم يدله عليه فلا يجوز لهذا المجبور أن يدل الجبار على ذلك ~~المطلوب وإن خاف على نفسه منه. # وأما الموضع الذي يختلف في جواز التقية فيه بالقول فهو ما إذا كان في ذلك ~~القول إتلاف لمال الغير كأن يدل الجبار على مال لغيره أن يضيعه أو يقتله ~~الجبار، فإن بعضا قد أجاز له أن يدله على ذلك مع اعتقاد الضمان له وبعض منع ~~من ذلك وهذا معنى قوله: (والخلف ..الخ)، والجواز في هذا الموضع أظهر من ~~المنع لأن المال لا يقاوم النفس والله سبحانه وتعالى أعلم. # (305)(ولم تجز تقية بالفعل كالحرق والغرق ومثل القتل) # (306)(لكن جواز ما أبيح للضرر كالأكل للميتة والدم اشتهر) PageV01P369 ~~هذا بيان حكم التقية بالفعل وحكمها أنها لا تجوز عند الأصحاب وذلك كحرق ~~النفس وكتغريقها وكقتلها فإن في هذه الصور كلها لا يجوز لأحد أن ينجي نفسه ~~بفعلها، لكن اشتهر عندهم جواز التقية بفعل الأشياء التي أبيح فعلها للمضطر ~~كأكل الميتة والدم، وهذا الجواز وإن كان على قول لبعضهم فهو مشهور في ~~آثارهم فيدل على أن كلامهم في منع التقية بالفعل مجمل لا بد له من تفصيل؛ ~~وتفصيله أن نقول: إن الفعل الذي يكره عليه الإنسان إما أن يكون به ضرر ~~بالغير كحرق النفس وغرقها وقتلها، وإما أن يكون ليس فيه ضرر بالغير لكن فيه ~~اتلاف لمال الغير، وإما أن يكون ليس فيه ضرر بالغير ولا اتلاف لماله، فإن ~~كان فيه ضرر بالغير فهو ممنوع اتفاقا، وإن كان فيه اتلاف لمال الغير فيخرج ~~فيه الخلاف المذكور في جواز التقية بالقول بشرط ضمان ذلك المتلف، والذي ليس ~~فيه ضرر بالغير ولا اتلاف لماله نوعان: # أحدهما ms254: فعل لا يقبل الجبر والإكراه، بمعنى أنه لا يتأتى فعله عند ذلك ~~كالزنا فإن فعله لا يصدر إلا عن اختيار من الرجل دون المرأة فلا يحل للرجل ~~التقية به ولا للمرأة أن تساعد عليه. PageV01P370 # وثانيهما: فعل يقبل الإكراه والجبر وذلك كأكل الميتة وأكل الدم وأكل لحم ~~الخنزير ونحو ذلك مما أبيح لنا فعله في الإضطرار اليه، فأجاز التقية به قوم ~~ومنعها به آخرون(_( ) يلاحظ أن الكلام هنا عن الجبر والاكراه وليس الإضطرار ~~العادي فإن الثاني جوازه صريح بنص الآية. _)، حجة المجوزين للتقية به أن ~~هذه الأشياء قد أباحها الله لنا في حال الإضطرار لها ومقام الجبر والإكراه ~~مقام اضطرار فجاز لنا ذلك، وأيضا فإن الحكمة من شرعية الإباحة لفعل ما ذكر ~~عند الإضرار إنما هي حفظ النفس وهي حاصلة هاهنا. قال المانعون: إن إباحة ما ~~ذكر مقيدة بالإضطرار في المخمصة فلا تكون الإباحة في غير المخمصة وإن اضطر ~~الى فعله. قلنا: ذكر المخمصة في الآية لا مفهوم له وإنما هو جار على الأغلب ~~من أحوال الإضطرار فإن الغالب من حال الإضطرار الى أكل ما ذكر إنما هو في ~~حال المخمصة، والتقييد بالأغلب المعتاد لا مفهوم له لأنه لم يذكر للقيد، ~~فبهذا التحقيق يظهر لك صحة القول بجواز التقية بأكل نحو الميتة .. والله أعلم. # (307)(ومكره جاء بما الحد يجب عليه في أن لا يحد نستحب) # إذا أكره المكلف على فعل شيء يجب على فاعله الحد كالسرقة والزنا فهل يقام ~~عليه ذلك الحد أم لا؟ قال قوم: يقام عليه الحد بذلك لأنه فعل موجبه والتقية ~~بفعله حرام فلا يدفع عنه الحد بذلك، وقال قوم: يدفع عنه الحد لحصول الشبهة ~~بالإكراه وفي الحديث: (ادرأوا الحدود بالشبهات((_( ) لم أعثر عليه بهذا ~~اللفظ .. لكن جاء من طريق السيدة عائشة رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ: ~~»ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلو سبيله فإن ~~الامام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة« رواه الترمذي في ~~"سننه" [1424] والحاكم في "المستدرك ms255" [8163] والبيهقي في "الكبرى" [17057 ~~و18294] والدارقطني في "سننه" [3075 دار الكتب العلمية] والخطيب في "تاريخ ~~بغداد" (2/422). PageV01P371 # وجاء عند الدارقطني في"سننه" [3077] باسناده: "أن عبدالله بن مسعود ومعاذ ~~بن جبل وعقبة بن عامر الجهني قالوا: اذا اشتبه علك الحد فادرأه ما استطعت." ~~ا.ه. ثم رأيت أبوالفضل العراقي يقول في "تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في ~~منهاج البيضاوي" برقم [88]: # "حديث: »ادرأوا الحدود بالشبهات« رواه ابن عدي في (جمعه لحديث أهل مصر ~~والجزيرة) من حديث ابن عباس وفيه ابن لهيعة. وقد رواه الترمذي والحاكم دون ~~قوله: بالشبهات. من حديث عائشة، وصححه الحاكم، وضعف الترمذي رفعه." ا.ه_) ~~وهذه شبهة فلا يقام معها الحد، وهذا القول أظهر ودليله أوضح فقول الناظم: ~~(في أن لا يحد نستحب) اختيار لهذا القول ومعناه أن استحبابنا في عدم حده. # واعلم أن الخلاف الجاري في اقامة الحد مع التقية بنحو الزنا والسرقة لا ~~يجري في التقية بنحو قتل النفس وقطع عضو منها لأن في هذا الفعل تعلق حق ~~للعباد فيجب عليه القود والقصاص، والخلاف المتقدم آنفا إنما هو في موجب ~~الحدود التي لم يكن للخلق فيها حق، هذا ما يظهر لي في تحرير المقام [ثم إني ~~أحسب أني وقفت على حكاية الخلاف في ثبوت القود على قاتل المجبور ووجهه أن ~~القود قد اختلف فيه هل هو حد أم حق؟ فعلى القول بأنه حد يسقط بالشبهة ولا ~~يسقط على القول بأنه حق للعباد](_( ) هذه القطعة من (ب). _) والله أعلم. # الفصل الثاني # في الخطأ # (308)(ورفع الإثم لدى الخطأ ومن ألزمه الظاهر حكما يسلمن) # (309)(كالقاتل النفس وكالمطلق زوجته خطأ ومثل المعتق) PageV01P372 ومما ~~لا يؤاخذ العبد به ولا تلزمه فيما بينه وبين الله منه توبة الخطأ وهو أن ~~يقصد الى فعل طاعة أو مباح فيخطأ الى غير مقصوده، وهو نوعان: أحدهما غير ~~محاكم فيه لكونه خاصا بنفسه كما في الحديث: (أن رجلا أراد أن يقول اللهم ~~أسكني الجنة، فقال: اللهم أسكني النار. فاشتد ذلك عليه، فقال له النبي - ~~صلى الله عليه وسلم - : لابأس عليك لك ms256 ما نويت((_( ) لم يتيسر لي العثور ~~عليه. _) وأما النوع الذي هو فيه محاكم فهو مثل أن يقصد الى تجديد كلمة ~~التوحيد فيخطأ منها الى كلمة الشرك، أو يقصد الى اظهار ولاية المسلمين ~~فيخطأ منها الى اظهار البراءة منهم، أو يقصد أن يقول لزوجته أنت بارة فيخطأ ~~الى قوله أنت طالق، أو يقصد أن يقول لعبده أنت صالح فيخطأ الى قوله أنت حر، ~~فإنه يكون في هذه الصور كلها محاكما فيحكم عليه بالكفر في اظهار الكفر ~~وبالعداوة في موضع العداوة وبالطلاق لزوجته وبالعتق لعبده إن خاصماه في ~~ذلك، وعليه هو أن يسلم للحكم الظاهر إذا حكم عليه بشيء فيجب عليه تجديد ~~التوحيد وإظهار الولاية للمسلمين وتسريح الزوجة ورفع اليد عن العبد وهذا ~~معنى قوله: (ومن ألزمه الظاهر حكما يسلمن) أي ومن ألزمه الحكم الظاهر شيئا ~~من الأحكام الشرعية فعليه أن ينقاد له وأن لا يتمرد عليه والله أعلم. # الفصل الثالث # في النسيان وحديث النفس # (310)(ورفض الوزر لدى النسيان وهكذا وسوسة الشيطان) # (311)(من بعد أن جاهده بما قدر إذ لم تكن أشد من رؤيا البصر) # المراد ب(رفض الوزر) رفعه أي رفع الإثم عن المكلف في حالتي النسيان ~~ووسوسة الشيطان للحديث المتقدم ذكره، فأما رفع الإثم في النسيان فظاهر وأما ~~رفعه في وسوسة الشيطان والمراد بها حديث النفس فمقيد بما إذا لم يقدر ~~المكلف أن يدفع الوسوسة الحاصلة في نفسه لأنه يجب عليه بذل مجهوده في دفع ~~الوسوسة المحرمة شرعا. PageV01P373 # والمعفو عنه منها إنما هو حديث النفس الذي لا يمكن المكلف دفعه، ومثال ~~هذا الحكم في رفع الإثم من الأمور الحسية هو رؤيا البصر الواقعة على محجور ~~شرعا فإن الشرع لم يؤاخذنا في الخطأ في ذلك ولا فيما لم يمكنا غض النظر عنه ~~وليست الوسوسة بالمعنى المذكور أشد من رؤيا البصر على المنظور المحجور(_( ) ~~في (ب) المجبور. وهو تصحيف. _) والله سبحانه وتعالى أعلم. # (خاتمة الكتاب) # (312)(تمت بحمد الله "أنوار العقول" حاوية أهم شيء في الأصول) # المراد ب(أنوار العقول) هذه المنظومة فهو ms257 علم عليها وإنما سميتها بذلك ~~لأن موضوعها علم الإعتقادات ومحل ذلك العلم هو العقل، فالمتمسك بما في هذه ~~المنظومة إنما هو متمسك بنور العقل والعادل عما لايصح له العدول فيه منها ~~خارج من النور الى الظلمات، والمراد بقوله: (حاوية أهم شيء في الأصول) أي ~~جامعة للأمور التي لابد منها ومن معرفتها من أصول الديانات والله أعلم. # (313)(عارية من وصمة الإخلال سالكة طريقة الكمال) # ومعنى قوله: (عارية) أي متجردة، و(الوصمة) العيب، و(الإخلال) التقصير عما ~~لا ينبغي التقصير عنه، و(الكمال) التمام أي تمت هذه المنظومة حال كونها ~~جامعة للأهم من أصول الديانات، و(عارية) من عيب التقصير عما لا ينبغي ~~التقصير عنه وحال كونها سالكة الطريقة التامة من التحقيق وواردة المنهل ~~الوافي من التدقيق والله أعلم. # (314)(أهديتها صرفا لكل طالب تصونه من كل قول كاذب) # معنى قوله: (أهديتها) أي صيرتها هدية، ومعنى قوله: (صرفا) أي خالصة، ~~ومعنى قوله: (تصونه) تحفظه، ومعنى قوله: (من كل قول كاذب) أي اعتقاد مخالف ~~للحق أي صيرت هذه المنظومة هدية خالصة لا أبغي عليها أجرا إلا من الله لكل ~~طالب للحق وملتمس للهدى والحال أنها تحفظ هذا الطالب من الإعتقادات الفاسدة ~~والله أعلم. # (315)(وأحمد الله على التيسير في أتم ما قد رمته من شرف) PageV01P374 أي ~~أثني على الله تعالى بما هو له أهل من الجميل على تيسيره لي إتمام ما قصدت ~~إتمامه في أتم حال وأوفى مقام. # (316)(ثم الصلاة مع تسليم على محمد المبعوث من خير ملا) # (317)(وآله وصحبه ومن قفا منهاجهم على التمام والوفا) # ثم إني بعد حمد الله أصلي الصلاة وأسلم التسليم المأمور بهما شرعا على ~~نبي هذه الأمة والمبعوث من خير قوم يملأون العين شرفا، وعلى آله التابعين ~~له وعلى صحبه المناصرين له وعلى من تبع سبيلهم غير مبدل ولا مغير من بعدهم ~~- صلى الله عليه وسلم - عليه وعليهم أجمعين، ففي قوله: (على التمام والوفا) ~~براعة حسن الختام على تمام هذا النظام. # وفي هذا المقام انتهى بنا الكلام على شرح هذا ms258 النظام جعله الله تعالى ~~عونا للطالبين ونورا للمهتدين، وفوزا لناظمه يوم الدين والصلاة والسلام على ~~خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه وعلى جميع المؤمنين، والحمد لله رب العالمين ~~ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. # قد تم هذا الشرح المختصر على المنظومة المسماة ب(أنوار العقول) وهو الشرح ~~الصغير من شرح ناظمها عليها وذلك في سنة أربع عشر وثلاثمائة سنة وألف من ~~الهجرة النبوية على صاحبها أكمل صلاة وتسليم(_( ) جاء في النسخة (أ) عبارة: ~~"عرضت بشرحها على مؤلفها تصحيحا.. بقلم الفقير الحقير لله تعالى راجي رحمة ~~ربه القدير سعيد بن خميس بن حمد بن سالم المدسري خادم بني علي". # وفي (ب): "تمت بقلم أحقر الأنام زهران بن خلفان بن سرور بن سليمان بن ~~مهنا بن سيف بن سلطان اليعربي المرشدي الإباضي مذهبا والنخلي مسكنا في يوم ~~العشرين من شهر ربيع الأول سنة 1337". # وبهذا يكون الإنتهاء من تحقيق هذا الكتاب أسأل الله تعالى أن يتغمد ~~الإمام السالمي بواسع رحمته وأن يجزل له المثوبة وأن يحشرنا وإياه في زمرة ~~نبيه - صلى الله عليه وسلم - إنه سميع مجيب. كتبه علي بن سعيد بن مسعود ~~الغافري._). # (تمت بحمد الله وتوفيقه) ms259