######OpenITI# #META# max: 193 #META# higrid: 1332ه/1914م #META# comp: 1 #META# المؤلف: نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي (المتوفى : 1332ه/1914م #META# authno: 512 #META# authinf: نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي العماني ¶ مجدد أمة ومحيي إمامة #META# Shamela_short_metadata_record: #META# الكتاب : روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن ¶ المؤلف : نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي (المتوفى : 1332ه/1914م ¶ شهرته : ¶ المحقق : ¶ شهرته : ¶ دار النشر : ¶ البلد : ¶ الطبعة : ¶ سنة الطبع : ¶ عدد الأجزاء : ¶ التصنيف : ¶ العلم : ¶ ملاحظات : #META# ndata: روض البي59E19F7E 11. 12. #META# ad: 1332 #META# archive: 1 #META# bkord: 73 #META# Lng: نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي #META# auth: نور الدين أبو محمد عبد الله بن حميد السالمي #META# الكتاب: روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن #META# iso: روض البيان علي فيض المنان في الرد علي من ادعي قدم القران لنور الدين السالمي #META# cat: العقيدة #META# bk: روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن لنور الدين السالمي #META# bkid: 24 #META# ScrapeDate: 13-03-2020 #META# ScrapedFrom: ShamelaIbadiyya #META#Header#End# # بسم الله الرحمن الرحيم # المقدمة PageV01P037 ... سبحانك يا من تفرد بالتنزيه ، وتعالى عن النظير ~~(¬1) والشبيه ، واتصف بالكمال الذاتى فلا مكان يحويه ، ولا زمان يوجد فيه ، ~~وجب له الوجود والقدم ، واستحال عليه الفناء والعدم ، قضى على جميع ما سواه ~~بالحدوث وحكم ، ننزهك تنزيه من عرف حق الربوية ، واعترف بالعجز والعبودية ، ~~ونصلي ونسلم علة مهبط وحيك ، ومبلغ أمرك ونهيك ، وعلى من اخترتهم له أصحابا ~~فكانوا له من أعدائه كنفا (¬2) وحجابا على من دعا إلى ما دعوا إليه ، ودرج ~~على ما درجوا عليه ، ما اضمحلت شبهة عن الأذهان ، وما قام ببيان الحق برهان . # أما بعد : # فإن الله تعالى قد من علينا بعقول نفهم بها معاني خطابه ، ونفقه بها ~~أحكام كتابه ، وقد قال عز شأنه وجل (¬3) سلطانه (( ليس كمثله شئ )) (¬4) و ~~(( خالق كل شئ )) (¬5) ، وقد أطبقت الأمة قبل ظهور المخالف ، على أن المراد ~~من الآيتين ظاهرهما ، ثم نقضت المشبهة (¬6) أولاهما، والمعتزلة أخراهما، ~~ونقضت الحنابلة (¬7) في ادعائهم قدم القرآن وعدم خلقه كلتيهما . PageV01P038 # فأما نقضهم للآية الأولى، فلأن القدم مختص به المولى ، وبجعلهم قديما ~~سواه فوصفوا غير الإله بصفة يختص بها الإله، وأما نقضهم للآية الأخرى ~~فلأخراجهم عن الخلق بعض المخلوقات كما ترى، حتى غلا بعضهم في المين (¬1) ~~،وزعم الجلد والغلافة قديمين . # أما غير الحنابلة ، فقد اتفقوا على خلق ما بين الدفتين، لكن جعلته ~~الأشاعرة (¬2) ترجمانا عن معنى قائم بالذات، زعموا أنه في حقيقة القرآن ، ~~وأن ما بين الدفتين عبارات عنه ، فلزمهم إنكار إنزال القرآن ، ودعوى قديم ~~ثان هو أحد المعاني ، ولما كان مذهب الأصحاب (¬3) - رحمهم الله تعالى - أن ~~صفات الذات هي عين الذات لا غيرها وإن جميع ما عدا الخالق فهو مخلوق ، ~~علمنا يقينا مخالفتهم لما عليه الحنابلة من دعوى قدم القرآن ، ولما عليه ~~الأشعرية من أنه عبارات عن معنى ثان وأنه ليس هو حقيقة القرآن ، فتحصل من ~~مذهبهم ان ما بين الدفتين هو القرآن ، وأنه ليس مع الله قديم ثان لا من ~~الذوات ولامن المعاني ، بهذا صرح المغاربة (¬4) -رحمهم الله تعالى - وبعض ~~المشارقة (¬5) -رضي الله ms001 عنهم- وقد قسموا الكلام الإلهي إلى : كلام ذاتي ~~وفعلي . فالذاتي : هو عبارة عن نفي الخرس عنه تعالى ، والفعلي : هو الكتب ~~السماوية كالتوراة والإنجيل والزبور والقرآن . PageV01P039 # لكن بعض العوام ممن يحجر عليهم الكلام في هذا المقام ، قد اختلط عليهم ~~الكلام بالكلام ، فقرروا البراهين على قدم الكلام الذاتي ، وأدخلوا في حكمه ~~جهلا الكلام الفعلي . # وشنعوا على القول بخلاف ما ذهبوا إليه ، ونظمت في ذلك نونية نسبت إلى ابن ~~النظر - حاشاه عن ذلك - فإن مذهبه (¬1) رحمه الله تعالى معلوم ، حيث نفى ~~الكلام الذاتي رأسا بقوله : # وأما كلام الله فهو كتابه كذلك قال الله للطاهر الشيم (¬2) (¬3) # ... وحيث صرح بأن الجعل المسند إلى الله عز وجل خلق كله بقوله : # قال : فالجعل هو الخلق ، أم الجعل شيء غيره فيما ذكر # قلت : جعل الله خلق كله ومن الناس مقال اشتهر (¬4) # ... وقد أشار أبو القاسم البرادي (¬5) عند شرحه هذه الأبيات (¬6) إلى ~~إنكار تلك النونية عن هذا الإمام حيث قال ما نصه : # (( PageV01P040 # قال المؤلف : فيا سبحان الله العظيم من هذا الرجل - مع حذقه وفضله - كيف ~~نقض هذه القاعدة (¬1) التي وضعها ها هنا ، وجعلها هنا أسا وأصلا يعتمد عليه ~~، واحتج بها على القدري وناظره بها وتأول إليها قوله تعالى { ما جعل الله ~~من بحيرة ولا سائبة } (¬2) وقال : (( قلت : جعل الله خلق كله )) ثم خالف ~~إلى غيرها في القصيدة النونية أيكون مثله يطرأ (¬3) عليه هذا التناقض ؟ ~~فلعل القصيدة النونيه كتبت عليه ودست في كتابه ، والله أعلم )) . PageV01P041 # هذا كلامه هنا ، ولم أقف على شرحه لتلك النونية لتعذر وجوده ، لكن أخبرني ~~شيخنا الهاشمي (¬1) - رحمة الله - وقد وقف عليه بأن هذا الشارح قد أنكر ~~نسبة هذه النونية إلى هذا الإمام من طريق آخر هو اختلاف لهجة نظمها عن لهجة ~~نظمه وقال فيه : (( إنها شعر فصيح لا شعر عالم )) . وساق هنالك مراثي يسدل ~~بها على الفرق بين شعر الشاعر وشعر العالم وشعر الفصيح ، وقد صدرت منا في ~~انكار نسبتها إليه رسائل (¬2) - جعلها الله إلى رضوانه من أعظم الوسائل - ~~ثم أن شيخنا وأخانا سعيد بن حمد ms002 الراشدي أسعده الله وحمد صنيعه قد تكفل لنا ~~برد شبهة (¬3) تلك النونية حيث عرضها (¬4) بنونية أخرى - جعل الله بسببها ~~حسنة في الدنيا وحسنة في الأخرى - وقد سماها : (( فيض المنان على من ادعى ~~قدم القرآن )) وقد كنت وعدت بشرحها في غير موضع ، وها أنا شارع في تمام ما ~~به وعدت ومن الله أستمد العون على إتمام ما قصدت وأسأله (¬5) أن يجعله ~~خالصا لوجهه الكريم فهو حسبي ونعم الوكيل . # قال المصنف مستعينا بالبسملة ومتبركا بها : # بداية المنظومة # بسم الله الرحمن الرحيم # 1- أنكرت جهلا فطرة القرآن وجعلت كالمولى قديما ثان # ... أي جحدت يا هذا الناظم بسبب عدم علمك بالتحقيقات الكلامية خلق القرآن ~~المنزل للإعجاز على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، المنقول عنه ~~تواترا، المتحدى بأقصر سورة منه . وسميت قديما غيرنا صرنا وخالقنا تعالى، ~~فكان يلزم على قولك هذا، أن يكون مع الله قديم ثان، وهو باطل لما سنأتي به ~~من الأدلة . PageV01P042 ... فأنكرت : بمعنى جحدت، فعل وفاعل والتاء ~~للمخاطب المذكور (¬1) ، فهو ناظم تلك النونية أو لكل مخاطب أنكر خلق ~~القرآن، فالخطاب حينئذ للشمول على حد قوله تعالى { ولو ترى إذ وقفوا على ~~النار } (¬2) ، لأنه لم يرد مخاطبا بعينه . # وجهلا : مفعول لأجله أو مصدر ، وقع موقع الحال على حد خرج زيد بغتة ، ~~والجهل نوعان : بسيط ومركب ، فالبسيط : عدم العلم بالشيء مما من شأنه العلم ~~به (¬3) .والمركب : اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، وعليه قول القائل : # ومن عجب الأيام أنك جاهل وأنك لا تدري بأنك لا تدري (¬4) # ... وفطرة القرآن : خلقه ومنه قوله تعالى { فاطر السموات والأرض } (¬5) ، ~~والقرآن هو النظم المنزل على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، المنقول ~~عنه تواترا ، المتحدى بأقصر سورة منه ، وفي حكمه التوراة والإنجيل والزبور ~~والصحف ، بل وجميع الكتب السماوية ، لاشتراكها في موجب الخلق ، وهو كونها ~~كلاما فعليا له تعالى . PageV01P043 # وسمي القرآن قرآنا، لاقتران سوره بعضها ببعض . وقيل : لاقترانه بالحكمة ، ~~وسمي فرقانا ، قال أبو عبيدة (¬1) : لأنه يفرق بين الحق والباطل ، والمؤمن ~~الكافر ، وقال ابن عباس : لأنه مخرج من الشبهات . # وقد ms003 اشتمل القرآن القرآن على تسعة أشياء ، جمعها بعضهم بقوله : # ألا إنما القرآن تسعة أحرف سأنبيكها في بيت شعر بلا خلل # حلال حرام محكم متشابه بشير نذير قصة عظة مثل # وجعلت : أي سميت - على حد قوله تعالى - { وجعلوا الملائكة الذين هم عباد ~~الرحمن إناثا } (¬2) أي سموهم إناثا ز # كالمولى : أي مثل تسميتك للمولى ، أي الناصر لأوليائه والمراد به الرب ~~(¬3) عز وجل . # وقديما : مفعول لجعلت التي هي بمعنى سميت، والقديم هو مالا أول له، فيختص ~~بالمولى - عز وجل - ووصف غيره به كفر بين، لما فيه من القول بتعدد القدماء، ~~محال عقلا لما سيأتي . فجعل القرآن قديما محال عقلا، فهو من أقوم البراهين ~~على خلق القرآن ، فلذا جعلها المصنف له أساسا لأنها تبطل نقيض مذهبه رأسا . # قضية خلق القرآن عند المشارقة PageV01P044 ... روي أن الأشياخ اجتمعوا يوما بدماء (¬1) ، ~~فتذكروا في القرآن ، فقال محمد بن محبوب (¬2) : أنا أقول أن القرآن مخلوق . ~~فغضب محمد بن هاشم (¬3) وقال : أنا أخرج من عمان ولا أقيم بها ، فظن محمد ~~بن محبوب أنه إنما يعرض به فقال : بل أنا أولى بالخروج من عمان لأني فيها ~~غريب ، فخرج محمد بن هاشم من البيت وهو يقول : ليت أني مت قبل اليوم ، ثم ~~تفرقوا ، ثم اجتمعوا بعد ذلك ، فرجع محمد بن محبوب عن قوله ، واجتمع قولهم ~~على أن الله خلق كل شيء ، وما سوى الله مخلوق. وأن القرآن كلام الله وكتابه ~~ووحيه وتنزيله على محمد - صلى الله عليه وسلم - . PageV01P045 # وأنت خبير بأن هذا لم يكن رجوعا من ابن محبوب عن القول بخلق القرآن ، بل ~~هو عين ما قال به أولا ، وإنما كان (¬1) التسليم من محمد بن هاشم لقول ابن ~~محبوب حين سلم ، أن الله خالق كل شيء ولا شك أن القرآن شيء (¬2) وحين سلم ~~أن ما سوى الله (¬3) فهو مخلوق . # ولا شك أن القرآن شيء سوى الله أي غيره ، وحين سلم أنه وحي وتنزيل ، ولا ~~شك أن الموصوف بهاتين الصفتين حادث قطعا لما يلزم المتصف بهما أو بشيء ~~منهما من الانتقال من جهة ms004 إلى جهة أخرى، والمنتقل حادث قطعا . # أما ما روي عنهم أنهم أمروا بعد ذلك الإمام المهنا (¬4) بالشد (¬5) على ~~من قال بخلق القرآن، فيحتمل أن يكون الآمر هو غير ابن محبوب ، لأن الراوي ~~لم يقل : ((فأمروا جميعا)) (¬6) # وأما ما روي عن محمد بن محبوب - رحمه الله - مما نصه : (( لا يقال أن ~~أسماء الله محدثه، ولكنها لم تزل له ، ولا يقال أنها هي هو ولا هي غيره ولا ~~شيء منه ، لأنه غير محدود ولا يتبعض (¬7) ، تبارك وتعالى )) . ونقول : أن ~~القرآن كلام الله ، ولا نقول : أنه هو ، ولا شئ منه ، ولا مخلوق ولكنه وحيه ~~وكتابه وتنزيله على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، والقرآن هو من علم ~~الله ، وعلمه لم يزل ، وهو غير محدث ، والقرآن كلام الله ، والله تعالى لم ~~يزل متكلما ، ومن حد صفات الله كمن حد الله . PageV01P046 ومن قال : (( إن القرآن مخلوق )) - وقد تقدمت له ~~ولاية - فلا يقطع ما لم يبرأ (¬1) ممن لا يقول (( القرآن مخلوق )) ، فإذا ~~برئ ممن لا يقول : (( القرآن مخلوق )) برأي برئنا منه بدين . قال الراوي : ~~وهذا القول كان منه بعدما قدم صحار ، وظاهره التوقف عن القول بخلق القرآن ، ~~وعن القول بعدم خلقه ، فيحتمل أن يكون هذا التوقف صدر منه قبل أن يستبين له ~~القول بخلق القرآن ، ثم رجع عنه إلى القول بخلقه ، ويحتمل غير ذلك ، لكن ~~الإحتمال الأول هو الظاهر لقول الراوي ، وهذا كان منه بعدما قدم صحار ، لأن ~~ظاهره يدل أنه قال بهذا الكلام ، عقيب مجيئه إلى صحار . والقول بخلق القرآن ~~صدر منه في دماء بعد أن استقر في عمان ، وكان من أهل البصرة ، وإذا تعارض ~~كلاما إمام ، حمل على أقربهما صوابا ، ونسب إليه منهما ماهو الحق دون ما ~~عداه مما هو في (¬2) حيز الباطل لوجود حسن الظن بالمسلمين ولجحد نسبة ~~الباطل إليهم إلا بصحة شرعية . PageV01P047 وفي الأثر : قيل لأبي مروان (¬1) ، أن موسى بن علي ~~(¬2) كان يقول بأن القرآن مخلوق، فقال أبو مروان : ((كذب من روى هذا عن ~~موسى بن علي، بل موسى بن علي يقول ms005 بأن القرآن كلام الله، ولا يقول القرآن ~~مخلوق ، والله أعلم . # وتكذيب أبي مروان لذلك الراوي غير مستقيم، لأن قول موسى : ((القرآن كلام ~~الله)) لا ينافي القول بأنه مخلوق، وقوله عن موسى بأنه لا يقول بأن القرآن ~~مخلوق لا ينافي ما روي عنه أنه مخلوق لاحتمال أنه لم يسمعه يقول إن القرآن ~~مخلوق، فأخبر عن عدم سمعه وسمعه ذلك الراوي فأخبر بما سمع . # جواب الإمام الكدمي عن أسماء الله PageV01P048 # وقد أنصف الإمام أبو سعيد الكدمي (¬1) - رضوان الله عليه - في هذه ~~المسألة ، وأجاد في بيانها حيث قال : وقد سئل عن أسماء الله تعالى - هل هي ~~مخلوقة أم غير مخلوقة ؟ فقد قيل : بأن أسماءه المسمى بها من الألفاظ ~~الملفوظة والحروف الملحوظة المسموعة، التي سمى بها نفسه في كتبه أو وحيه أو ~~سماه بها أحد من خلقه، فلا يستقيم إلا أن تكون محدثة، وأما ما سبق من ذلك ~~من مكنون (¬2) علم الله ، الذي لم يزل عالما به، فلا يقال بأن علمه محدث ~~ولا مخلوق، ولا يجوز أن يكون هو أسماء، ولا يكون ما سواه إلا وهو محدث . ~~فمن خطرت بباله هذه الأسماء التي تذكر وتكتب وينتقل ذكرها من حال إلى حال، ~~فذلك محدث مخلوق . ومن عرف معناها فعليه أن يعلم أن ما سوى الله تبارك ~~وتعالى مخلوق وإذا لم يعرف معنى والمراد به من خاطر ذلك أو ذكرها وعلم أن ~~الله تبارك وتعالى قديم وما سواه محدث من جميع الأشياء وأنه لا يشبهه شيء ~~من جميع الأشياء في ذاته ولا في صفاته ولا اسمائه ولا حكمه ولا قضائه وسعه ~~ذلك . إن شاء الله . # وكذلك القول في القرآن وتنزيله وكتابه وإحداثه من هذه الألفاظ الملفوظة ~~والحروف المكتوبة المسموعة المنظورة، فهي محدثة مخلوقة، وأما ما سبق من علم ~~الله، فلا يقال أن علم الله تبارك وتعالى محدث، كان بعد أن لم يكن . فلا ~~يجوز هذا ونحوه عليه . PageV01P049 # فمن شك فيما لا يسعه (¬1) جهله على ما وصفنا فيما يخرج تنزيلا، قد بلغه ~~علمه فيخرج حدثه في ذلك ms006 معنى الشرك، وإن كان متأولا في شكه، وقوله بمثل ~~ذلك، لم يلحقه الشرك . وإن كان شكه في مثل ذلك، وقوله وتأويله فيما لا يسع ~~جهله، كان كفره (¬2) في ذلك كفر نعمة لا كفر شرك، هذا كلامه، وكفى ما به من ~~تصريح على المطلوب . وانظر كيف استدل بالمنتقل وادراك حاستي السمع والبصر ~~على خلق المنتقل والمدرك ولا يشكل عليك قوله . وأما سبق من ذلك في مكنون ~~علم الله الذي لم يزل عالما به فلا يقال بأن علمه محدث ولا مخلوق، فإنه ~~إنما أراد بذلك، أن علم الله - عز وجل - الذي هو صفة ذات له، قديم لا أن ~~هنالك شيئا آخر غير- ما ذكرنا - موصوف بالقدم، وهذا مما لا خلاف فيه ، لكن ~~لما رأى من كثيرين الفرار عن إطلاق الخلق على القرآن لتوهمهم أن هذه ~~العبارة تتمشى إلى القول بأن علم الله الذاتي مخلوق، بين لهم هذا البيان ~~حتى لا تبقى شبهة في الأذهان . PageV01P050 ثم انظر كيف جعل ~~هذا المعنى ، وهو خلق القرآن ، من الأمور التي تقوم بها حجة العقل ، فشرك ~~من فهم معناها واعتقد خلاف الحق فيها لا بتأويل ، وفسقه عند التمسك ~~بالتأويل ، وهذا لعمر الله عين الصواب الذي لايبقى معه شك ولا ارتياب ، ولا ~~ينافي ما صرح به هذا الإمام ها هنا ما حكاه عقيبه من كم القائل بخلق القرآن ~~حيث حكى فيه ثلاثة أقوال : الولاية والبراءة والوقوف (¬1) ، لأنه إنما حكى ~~أقوالا صدرت عن غيره . نعم كان ينبغى له أن يتعقبها ببيان الحق في أي واحد ~~منهما ، وأبى الله إلا أن يكون عند القائل بولاية القائل بخلقه ، إن لم يكن ~~له حدث آخر يخرجه منها فيعطي حكم حدثه ،والبراءة من القائل بخلقه لأجل قوله ~~بذلك من المحجور (¬2) دينا والباطل يقينا . كيف يبرأ من محق على قوله بالحق ~~، إن هذا لهو عين الضلال على كل حال . والقول بالوقوف عنه لأجل ذلك - وإن ~~كان أيسر من الذي قبله - فهو عن الحق بعزل : لأن الله - عز وجل - أوجب ~~ولاية المحق على حقه ، فالوقوف ms007 عنه لأجل ذلك الحق ترك لما أوجب الله فعله (¬3) . # رأي المحقق الخليلي في صفة الكلام PageV01P051 وممن سلك طريق ~~التحقيق ونهج في هذا الباب منهج التوضيح والتدقيق ، شيخنا المحقق ، وإمامنا ~~المدقق سعيد (¬1) بن خلفان الخليلي - رضوان الله عليه - فنه قد وضح ماأشكل ~~وفصل ما أجمل بقوله : (( والذي عندي أن علم الله تعالى وكلامه القديم ~~الأزلي الذي هو صفة من صفات ذاته، لا يجوز القول بخلقه ، ومن قال بذلك كفر ~~وتجب البراءة منه ، وهذا مما لا يسع الجهل به . وإذا ثبت وجاز في هذا العلم ~~والكلام أن يسمى قرآنا فالقول بخلقه يكون على هذا ، فالقائل به هالك (¬2) . ~~ولا يجوز الاختلاف أبدا في ذلك لكن نفس القول بأن القرآن هو علم الله ~~وكلامه القديم الأزلي الذي هو صفة من صفات ذاته هو الذي تنازعت فيه الأمة ~~واضطربت فيه الأعلام وتصاكت (¬3) عليه الركب ، وعظم فيه الخطر ، إذا لابد ~~من وجود الخطأ في احد القولين قطعا فإن اعتبرته من حيث اللغة والمعنى ~~،فاللغة تأباه ، اذ لا يطلق اسم القرآن لغة على علمه تعالى الذاتي ، فلا ~~يقال ((قرآن الله )) بمعنى علمه ، ولا يقول ((الله أقرأ )) مكان قولك (( ~~الله اعلم )) ولا قارئ الغيب والشهادة ولا قراء الغيوب في موضع عالم الغيب ~~والشهادة وعلام الغيوب . فصح أن القرآن لغة هو غير العلم الذاتي ولا شك ، ~~واذا لم يجز أن يطلق على العلم الذاتي لانهما بمعنى . PageV01P052 # وما لم يثبت في أحدهما لم يجز على الآخر . وأما اعتباره معنى ، فالقرآن ~~الذي أنزله الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بواسطة الناموس الأعظم ~~روح القدس جبرائيل عليه السلام هو هذا القرآن المتلو عندنا بالألسنة ~~والمسموع بالأذان أصواتا مقطعة بحروف وكلمات مرتلة ، فلا يسع الشك في أنه ~~هو القرآن الذي يجب الإيمان به على من بلغ إليه ، وتقوم به الحجة له وعليه ~~. ومن شك فيه أشرك ، فكيف بمن رده أو أنكره . # وقد اتفقنا نحن والأشعرية على أنه مخلوق وصرح بذلك الشيخ أبو سعيد ومحمد ~~بن محبوب - رحمهما الله - واتفق عليه أصحابنا المغاربة ms008 وفاقا للمعتزلة . ~~ولا منكر لذلك فيما قيل ، إلا بعض الحنابلة جهلا منهم بالحق وعنادا ومكابرة ~~بغير دليل . وإذا ثبت أن هذا هو نفس القرآن الذي لايسع الشك فيه ولا الجهل ~~به ، والقول بأن القرآن صفة ذاتية قديمة كما صرحت به الأشاعرة ، يقتضي وجود ~~قرآنين ، يجب الإيمان بهما: أحدهما الموجود عندنا,وهو الذي بعض به الرسول ~~إلينا,وقامت به الحجة علينا,والثاني قران هو عند الله تعالى صفة من صفات ~~ذاته القديمة الأزلية ,وهو عين هذا القران وحقيقته,إلا أن عقول البشر تقصر ~~عنه فلا تبلغ إليه وهما مما اسأثر الله بعلمه ,وهذا غير مسلم لعدم الدليل ~~عليه , ولأن الله لم يدعنا إلى الإيمان به , ولا عن غيره من الرسل في شيء ~~من الكتب السابقة . PageV01P053 # وإذا كان الإيمان بالقرآن حاصلا بدونه وقيام الحجة موجودة بهذا القرآن ~~الذي معنا ، فالقول بأن حقيقة القرآن غيره ، باطل ، لأنه من باب إنكار ~~الحقائق وصرفها إلى أمور متخيلة بغير حجة ، وذلك باطل . وتعلقهم في هذا بأن ~~القول علم الله وكلامه ، إنما هو من باب الإستدلال بألفاظ مشتركة ، فلا حجة ~~بها لأنها متأولة . أنه كلمة الله ، ولقد احتج بها بعض النصارى على أنه غير ~~مخلوق ، لأنه روح الله (¬1) ، وكلمته ألقاها إلى مريم كاستدلال هؤلاء ~~الجماعة على إثبات القرآن صفة ذاتية بأنه كلام الله وليس في ذلك من دليل ~~لجواز أن تكون الإضافة لمعنى الإختصاص له تشريفا - كقولك : ناقة الله وبيته ~~وكلمته وروحه ، متى قيل في القرآن أنه علم الله فالإضافة فيه كذلك ، ومثله قوله : # كالغيث رحمة رب العرش وهو على المسافرين عذاب واصب وبلا # فرحمة الله صفة من صفات ذاته الأزلية القديمة ، فقولنا الغيث رحمة الله ~~لا يراد به أن الغيث صفة من صفات ذات الله تعالى وقد ثبت أن النبي - صلى ~~الله عليه وسلم - من رحمة الله في قوله تعالى { وما أرسلناك إلا رحمة ~~للعالمين } (¬2) وقال : { ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ~~ولتبتغوا من فضله } (¬3) وليس المعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ms009 ~~من رحمة الله التي هي صفة من صفات ذاته القديمة الأزلية ، لأنه مخلوق وهي ~~قديمة ، فكذلك علم الله ، إن عبر به عن شئ من معلوماته كالقرآن ، ولقد رأيت ~~في كلام بعض المتصوفة ةقد أنكرت عليه حاله فقال لمن أنكر عليه : (( أنا من ~~علم الله الذي لا تعلمه )) وهو كلام بديع في غاية الحسن ، وليس المراد به ~~انه من علم الله الذي هو من صفات ذاته ، ولكن أراد أنه من معلومات الله ~~التي لا تعلمها أنت يا مخاطب . PageV01P054 ومثل هذه العبارات شائع كثير فهو أصل كبير ~~وهذا القدر فيه كاف للبيان ، فالعدل عنه إلى أن القرآن - علم نفسي وصفة ~~قديمة ذاتية بغير سلطان من الله يؤيده وحجة حق من عقل أو نقل تعضده - لا ~~سبيل إليه . # فإن قلت : فإذا لم يكن القرآن صفة ذاتية من صفات الله تعالى ، فكيف الوجه ~~فيه وهو كلام الله ووحيه بلا خلاف يصح فيه . وإذا لم يكن على هذا الوجه ، ~~فكيف تصح نسبته إلى الله تعالى وإنما هو من كلامنا في هذا الإعتبار ، إذا ~~كان المرجع به إلى نفس الأصوات والحروف والكلمات فنسبته إلينا أشبه . PageV01P055 # الجواب : الله أعلم وأنا كثير ما أتجافا (¬1) عن هذه المسألة وأتنكب عن ~~الخوض فيها ، لأن عقول أمثالنا عن إدراك مثل هذه الحقائق قاصرة ، لكن ليس ~~بدعا لو قيل فيها - على سبيل المذاكرة - إنه إذا لم يثبت ما قاله الجماعة ~~في القرآن إنه صفة ذاتية ، فقد رجع القول بالضرورة أنه من صفات أفعاله ~~سبحانه وتعالى وهو الظاهر فيه . وأما القطع فيه بأنه كان في نزوله عنه ~~تعالى على صفة مخوصة معلومة لنا ,فلا سبيل إليه لجواز غيرها ,ومثاله:لو قيل ~~أن الله تعالى خلقه مكتوبا كذلك في اللوح المحفوظ وأمر جبرائيل عليه السلام ~~أن ينزل به على النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبعد ووجب أتكون يكون في ~~التسمية والمعنى كلام الله ,كما أن التوراة هي كلام الله تعالى , وقد أنزلت ~~على موسى_عليه السلام _كذلك ألوحا مكتوبة وفي نسختها من كل شيء ms010 , ويؤيد هذا ~~قوله تعالى ((بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ)) (¬2) وقال: ((وإنه في أم ~~الكتاب لدينا لعي حكيم)) (¬3) . ولو قيل أن الله تعالى أحدثه كذلك كلاما ~~أسمعه جبرائيل_ عليه السلام _ كذلك كلاما أسمعه إياه وقولا أحدثه إليه ~~,وحيا منه بلا واسطة , فهو محتمل . ولو قيل أن الله تعالى ألهمه جبرائيل ~~عليه السلام بالوحي في قلبه بما يعرفه انه عن ربه فينزل به أمره لكان ~~محتملا أيضا . ويؤيده أنه تعالى نسبه إلى جبرائيل في بعض المواضع فقال : ~~((إنه لقول رسول كريم ذي العرش مكين مطاع ثم أمين )) (¬4) . PageV01P056 ويجوز في حدوثه عن الله تعالى إلى ~~جبرائيل ,أن يكون على غير هذه الصفات كلها لقصورنا عن الإحاطة بذلك , لأن ~~العدول عنها إلى إثبات القرآن قديما صفة ذاتية أزلية , باطل, لأنة (¬1) ~~(قد) يقتضي أن علم الله الذاتي قد يكون مرة قرآنا وتارة توراة وطورا انجيلا ~~وأخرى زبورا وأونة صحف موسى ، وقد كان علم الله الذي هو صفة من صفات ذاته ~~ولا توراة معه ولا انجيل ولا زبور ولا صحف ولا قرآن وهو الآن على ما عليه ~~كان ، لان الصفات الذاتية لا يجوز عليها التكثر ولا التبدل ولا التغير ~~أصلا، وإنما تختلف آثارها ومدلولاتها وتكثر أو تقل بحسب التجدد والحدوث ، ~~معلوماتها والآثار كلها مخلوقه ، قال الله تعالى : { فانظر إلى آثار رحمة ~~الله كيف يحيي الأرض بعد موتها } (¬2) . فالكتب المنزلة ، إنما هي في ~~الحقيقة مدلولات علمه الذي هو من صفات ذاته سبحانه وتعالى لا نفس العلم ~~الذي هو صفة لذاته القديمة وإلا لكان التوراة والإنجيل والزبور وصحف ~~إبراهيم وموسى والقرآن وجميع الوحي كله قديما موجودا في الأزل مع الله ~~تعالى بهذه الألفاظ المخلوقة المحدثة على كثرتها ، فيكون كثير من المخلوقات ~~قديما موجودا في الأزل مع الله القديم (¬3) الأزلي وهذا باطل إذا لا قديم ~~سواه ، وكل شيء غيره حادث ، ولا يجوز أن يكون القرآن مثلا قديما معه بلا ~~وجدان صورته مكتوبا أو متلوا بألفاظه وكلماته ، لأنه من القول بوجدان ~~حقيقته لم توجد وهو محال ، فعلم ضرورة ms011 وإنما القديم (¬4) PageV01P057 # الذاتي علمه بالقرآن والتوراة والإنجيل ، كما أن علمه بغيرهن من الكائنات ~~(¬1) قديم أيضا لأن العلم صفة ذاتية للقديم الأزلي ، الواجب الوجود - ~~سبحانه وتعالى ، وهذا ما لا يجوز الإختلاف فيه أبدا . وأما نسبه إلى الله ~~تعالى مع كونه متلوا لنا من نطق ألسنتنا بأصوات وألحان ونغمات لأرف وكلمات ~~من ألفاضنا ، فالأصل فيه أن كل قول ينسب إلى من قاله ، لا إلى من قراه ولحن ~~به ، وبيانه لو أن أحدا قال في معلقة امرىء القيس أو قصائد أبو تمام أو ~~البحتري أو غيرهم من كلامه ونسبها لنفسه إ ذ قرأها, أو كما تجد الآثار ~~المرسومة عن أهل العلم فتنسبها لقائلها منهم _ ولو لم تسمه نطقه بها _ ~~ويحتمل في كاتبها أنه لم يلفظ بها أصلا, أو كما يروى عن النبي - صلى الله ~~عليه وسلم - أنه قال لرجل : أنشدني أبياتك التي قلتها البارحة ولم ينطقك ~~بها لسانك ولا سمعتها أذناك فقال الرجل: ((أنا أشهد أنك رسول الله. وقد ~~قلتها ولم تنطلق بها لساني ولا سمعتها أذناي)) ثم أنشده إياها . # فالقرآن على أي وجه كان قد أنشأه الله تعالى إنشأء تحدى به البلغاء وعجز ~~به المصاقع (¬2) والخطباء , فلا ينسب إلا إليه لعدم جواز ذلك قطعا. وهذا ~~القدر من البيان كاف في هذا الموضوع للإرشاد لمن من الله عليه بهداه , وليس ~~مرادنا في هذا المحل استقصاء الكلام فيها ,مع اعترافي بالعجز عن مصادمة ~~الفرسان في هذا الميدان والله المستعان وعليه التكلان (¬3) . هذا كلامه ~~(¬4) _ رحمه الله تعالى _ بحروفه وكفى به بيانا لمن أ لقى السمع وهو شهيد. # محنة خلق القرآن PageV01P058 ولقد عظمت المحنة في ~~هذة المسألة من ةبعض المعتزلة ، وهو أحمد بن أبي دؤاد (¬1) (¬2) في زمن بعض ~~ملوك بني العباس (¬3) ، فجبر الناس على القول بخلق القرآن وسفك الدماء حتى ~~جيء بشيخ من الشام ، فأذن له الملك في مناظرة ابن أبي داؤد (¬4) فقال له ~~الشيخ : يا أحمد أسألك عن مقالتك هذه ، أهي مقالة واجبة في باب الدين داخلة ~~فيه ؟ فلا يكمل الدين لأحد حتى يقول بمقالتك ms012 هذه . قال : هذه : (( نعم )) . ~~قال الشيخ : (( يا أحمد أخبرني عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه ~~الله رسولا لعباده هل ستر عليهم شيئا مما أمر الله به في أمر الدين ؟ )) ~~فقال : لا . قال الشيخ : فدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأمة إلى ~~مقالتك هذه . فكست ابن أبي دؤاد . فقال الشيخ: تكلم . فسكت . PageV01P059 # ثم قال الشيخ : يا أحمد أخبرني عن الله وجل حين أنزل القرآن على رسوله ~~فقال : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ~~} (¬1) . هل كان الله هو الصادق في إتمام دينه أو أنت الصادق في نقصانه حتى ~~يقال بمقالتك هذه ؟ فسكت ابن أبي دؤاد . فقال الشيخ : أجب يا أحمد . فلم ~~يجب . ثم قال الشيخ : يا أحمد أخبرني عن مقالتك هذه علمها رسول الله - صلى ~~الله عليه وسلم - أم جهلها ؟ فقال : ابن أبي دؤاد : علمها . قال الشيخ : ~~فدعا الناس إليها ؟ فسكت ابن أبي دؤاد ثم قال الشيخ : أفيسع (¬2) لرسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - أنه علمها كما زعمت ولم يطالب أمته بها ؟ قال ~~نعم . قال الشيخ : ويسع لأبي بكر وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - ومن ~~بعدهما من الخلائف . قال ابن أبي دؤاد : نعم فأعرض الشيخ عن أبن أبي دؤاد ~~... إلى آخر القصة (¬3) . PageV01P060 # فسكوت أبن أبي داود هنا إنما هو إفحام ، من حيث جبر الناس على القول بخلق ~~القرآن ، لأن ذلك لا يحل . نعم إذا ظهرت بدعة (¬1) القول بعدم خلقه والقول ~~بقدمه فيكون منكرا يلزم القادر تغييره ويكون الجواب حينئذ عن سؤالات ذلك ~~الشيخ ، ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم هذه المقالة ، ولم يدع ~~الناس إليها لعدم القول بخلافها في عصره ، وكذا في عصر من بعده - صلى الله ~~عليه وسلم - من الخلفاء ، ولم يستر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ~~الأمة شيئا لا يسعهم جهله بل بين لهم ذلك أوضح البيان بنص القرآن ، فقال عز ~~وجل : { خالق كل شيء } . فإذا أقرت (¬2) الأمة بأن الله خالق كل شيء ، لم ~~يلزم الداعي إلى ms013 الدين تفصيل الأشياء المخلوقة شيئا شيئا حتى يقول لهم ~~اعتقدوا أن القرآن مخلوق وأن الأرض مخلوقه وأن السماء مخلوقه وهكذا إلا ~~مالا (¬3) نهاية له في طوق البشر . فإذا ظهر أن الدين كامل وأن القائلين ~~بقدم غير الله عز وجل وبنفي الخلق عن بعض مخلوقاته خارجون عن كمال الدين ~~لنقضهم الإجمال الذي كان في عصره - صلى الله عليه وسلم - فلو كان القرآن ~~خارجا عن الأشياء المخلوقة بحكم ، لبين لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم ~~- تلك الخصوصية التي فيه . ولما تركهم في إشكال من أمرهم لأن العلة التي ~~أوجبت خلق الأشياء هي موجودة في القرآن ، فتركهم بلا مخصص لهذا العموم مع ~~إرادة التخصيص له ، مما لا يجوز في حكمة الله تعالى . PageV01P061 # 2 وبرئت ممن اخلص التوحيد إذ لم يثبت القدما مع الديان # أي وضللت الذين صفوا عقائدهم مع إثبات شريك في الأزل (¬1) عند المجازي ~~لخلقه بأعمالهم ، ودعوت عليهم بموجب العذاب في الآخرة لأجل تنزيههم الرب ~~تعالى عن مشابهة الأشياء له في الصفة الخاصة به ، التي هي السبق على كل شيء . # فالبراءة : شرعا هي البغض بالقلب والشتم باللسان والدعاء بموجب النار في ~~الآخرة - والعياذ بالله - والحكم بالتضليل عين البراءة الشرعية. # وأخلص : أي صفي . # والتوحيد : هو تنزيه الأشياء عن مشابهة الأشياء والإعتراف له بالوحدانية ~~. ولابد من تقدير مضاف ، وأصله من أخلص اعتقاد التوحيد لأن الإعتقاد هو ~~الذي يخلصه الموحد من شائبة الزيغ . وقد يقال أنه لا يحتاج إلى تقدير شيء ، ~~إذا المراد بالتوحيد هنا المعتقد ، وعليه فالمعنى وبرئت ممن أخلص معتقده ، ~~وإخلاص المعتقد هو أن لا يكون فيه سيء من البدع المضله . # وإذ : للتعليل ، أي برئت منه لأجل عدم إثبات القدماء عند الواحد الديان ~~(¬2) والمراد بالقدماء ما كانوا أكثر من واحد ، فيشمل الإثنين فما فوق لأنه ~~إذا جاز أن يكون قديمان (¬3) في الأزل جاز أن يكون ثلاثة قدما ، وكذا يجوز ~~الألف والألفان . # والديان : لغة هو المجازي وهو هنا اسم من اسمائه (¬4) تعالى ، ووصف فعلى ~~له - عز وجل - ومعناه : مجازي العباد بأعمالهم في الآخرة لأنه ms014 العفو عن ~~العقاب هو عمن مات تائبا ، أما من مات مصرا فلا عفو عنه في الآخرة والله ~~مجازيه بعمله . # دعوى ناظم النونيه في ديوان الدعائم # واختار هذا الوصف هنا لما فيه من توعيظ الخصم المتجري بالتضليل ، ولما ~~فيه من التنبيه له على أن عمله هذا مما يستوجب المجازاة عليه إن لم يتب منه ~~، فيكون تحريضا له على التعجيل بالتوبة من ذلك التضليل الذي صرح به في قوله : PageV01P062 # ففي هذه الأبيات التشنيع الشنيع والتقبيح القبيح لأهل الحق الصريح ، ~~والبراءة منهم على ما في أيديهم من الحق . على أنه قد تقدم عن الإمام أبي ~~سعيد - رضوان الله عليه - أن من فهم معنى : هل القرآن المتلو مخلوق أم غير ~~مخلوق ؟ فشك في ذلك من غير تأويل ، يكون مشركا ، وإن كان متأولا ، فهو كافر ~~كفر نعمة . # فلا يخلو صاحب هذه القصيدة من أحد هذين الحكمين الذين صرح بهما هذا ~~الإمام وعلى كلا الحالتين فتضليله راجع إليه ، ودعاؤه على المحقين دعاء ~~عليه ، وكفى به ضلالة نفس اعتقاده ذلك دون براءته من المحقين الصادقين . ~~ولم ينفرد ذلك الإمام ببيان حكم تضليل القائل بقدم القرآن المتلو ، فقد صرح ~~صاحب المعالم في المعالم (¬1) وصاحب (¬2) العقيدة بالبراءة منه ، بل ولا ~~يجوز فيه إلا ذلك . نعم ، أنفرد ببيان حاله الذي يشرك فيه أو (¬3) الذي ~~يكون فيه منافقا ، جزاهم الله جميعا عن الإسلام وأهله خيرا ولقاهم نضرة ~~وسرورا . # التشبه بحال صاحب النونيه # 3 ورميتهم عن قوس بغي بالذي ألبسته من خالص البهتان # أي وقذفت المحقين بظلم واعتداء منك عليهم وبسعيك للفساد في الأرض ، وسبب ~~ذلك ما أدخلك الشيطان فيه من الإفتراء والكذب الخالص عليهم ، حيث أدعيت ~~أنهم المضلون مع أنهم هم المحقون بالبرهان القاطع . # فرمى : بمعنى قذف على حد قوله تعالى { والذين يرمون المحصنات } (¬4) أي ~~يقذفونهن ، مأخوذ من رمى الوتر عن القوس. # والقوس : يؤنث ويذكر ، آلة الرمي في الزمان القديم وسمي قوسا لانحنائه . # والبغي : الظلم والتعدي وإضافة القوس إليه من إضافة المشبه به إلى المشبه ~~على حد قول الشاعر : PageV01P063 # والريح تعبت بالغصون ms015 وقد جرى ذهب الأصيل على لجين الماء # والوجه الجامع في تشبيه البغي بالقوس هو أن البغي تصدر عنه الأشياء ~~المفسدة للعالم والقوس يصدر عنه السهام المفسدة لبنية الحيوان ، وقرن القوس ~~بعن لأن العرب تقول : رميت عن القوس ورميت على القوس ، ولا تقول رميت ~~بالقوس إلا إذا أرادوا إلقاء نفس القوس يصدر عنه السهام المفسدة لبنية ~~الحيوان ، وقرن القوس بعن لأن العرب تقول : رميت عن القوس ورميت على القوس ~~، ولا تقول رميت بالقوس إلا إذا أرادوا إلقاء نفس القوس من اليد ، وفي ~~إقارنه بعن إشعار بأنهم نحو السهم عنه ، وفي إقرانه بعلى إشعار بأن السهم ~~كان موضوعا فوقه . # وقوله بالذي ألبسته : أي بسبب ما أدخلت فيه والمدخل له هو الشيطان لأنه ~~هو المزين له ذلك . شبه البهتان الخالص بثوب يلبس ، ثم حذف المشبه به وذكر ~~من لوازمه الإلباس على سبيل الإستعارة (¬1) بالكناية (¬2) . # والبهتان : اسم لافتراء الكذب والقذف بالباطل واضافة الخالص الى البهتان ~~من باب اضافة الصفة الى موصوفها . والبهتان الذي قذفهم به الناظم في تلك ~~النونية هو ما تضمنه كلامه الذي اردناه ألفا من التضليل لهم والدعاء عليهم ~~وغير ذلك مما هو عن حماهم بمراحل . # 4 متعسفا بيداء جهل راكبا عشواءة تهوي بغير عنان # أي فاعلا لذلك القذف من غير روية ، وسالكا بغير قصد طريق الجهل الذي هو ~~كالمكان المنقطع الذي لا ماء فية ، كائنا في حالة سلوكه كراكب على فرس ~~ضعيفه البصر منقضة في ذلك الطريق انقضاض العقاب على الطير او ساقطة في ~~المهاوي كسقوط دلو انقطع بها الرشاء لا لجام لها يمنعها عن ذلك الهوى . فقوله: PageV01P064 # متعسفا : حال في التاء كقوله ورميتهم ، والتعسف هو فعل الشيء من غير رويه ~~، ومنه تعسف الطريق اذا سلكها من غير قصد . # والبيداء : المكان المنقطع الذي لا ماء فيه ، وسمي بذلك لأنه يبيد السالك ~~فيه أي يهلكه ، ويسمى أيضا مفازة من باب تسمية الشيء بضدة تفاؤلا بالفوز من ~~أخطارها كتسمية اللديغ سليما بسلامته . # شبه الجهل بالبيداء بجامع ان كل منهما يهلك صاحبه بالأخطار المجتمعة فيه ms016 ~~وأضاف المشبه به وهو البيداء إلى المشبه وهو الجهل ، ليحصل له تنفير السامع ~~من ارتكاب الجهل لأن تلك الإضافة كأنها تشعر أن الجهل هو تلك البيداء لا ~~غيرها فهو أبلغ من قولنا : زيد أسد لأن إضافة المشبه به إلى المشبه توهم أن ~~للمضاف أنواعا،أحدها هذا النوع المضاف إلى هذا الشيء المخصوص . فكأن ~~البيداء في كلام الناظم متنوعة إلى : بيداء جهل وبيداء غيره ، فخصصها ~~بإضافتها إلى الجهل فحصل المقصود . # وراكبا : حال ثان من التاء في قوله ((ورميتهم)) أو حال من الضمير في ~~((متعسفا)) فعلى التقدير الأول تسمى هذه الحال ((مترادفة)) وعلى التقدير ~~الثاني ((متداخلة)) . والركوب هو التمكن على متن الدابة فلا يسمى غير ~~المتمكن على متنها راكبا كالذي تعلق بيده أو ألقى على متنها ضرورة . # وقوله عشواءه : أي عشواء الجهل ، والمراد بالعشواء الدابة الضعيفة البصر . # وتهوي : بمعنى تناقض ، ومنه يهوي محارمها هوي الأجدال ،أو بمعنى تسقط في ~~المهاوي ، ومنه هوي الدلو أسلمها الرشاء ، والمهاوي جمع مهواة بفتح الميم ~~ما بين الجبلين ، وقيل الحفرة . # والعنان : اللجام سمي بذلك لأنه يعن فم الفرس أي يعترضه،شبه المصنف حالة ~~هذا القاذف لأهل الحق بحالة رجل - لا تمييز له - راكب على فرس لا بصر لها ~~ولا لجام يمنعها ، تنقض به في البيداء ذات مهاوي مهلكة لسالكها . والجامع ~~بين المشبه به والمشبه هيئة منتزعة من عدة أمور ، فوجه التشبيه مركب على حد قوله : PageV01P065 # وقد لاح بالفجر الثريا كما ترى كعنقود ملاحية حين نورا (¬1) # وقول الآخر : # يا صاحبي تقصيا نظريكما تريا وجوه الأرض كيف تصور # تريا نهارا مشمسا قد شابه زهر الربا فكأنما هو مقمر (¬2) # وفي كلامه من هذا النوع كثير فمن ذلك قوله : # ولمن بأذيال الهوى مستمسك فهو الحجاب له عن الرحمن # تلفيه في دأماء جهل راسبا في غيه يهوى على الأذقان # ولو ارتقى درج المعارف في سما تحقيقه وعلا على كيوان # إلا إذا ما أدركته عناية لخلاصه من ربقة الخذلان # فسعى إلى المولى بنور العقل لا كفعال قوم قلدوا الذيماني # ففي كل واحد من ms017 هذه الأبيات من ذلك النوع شيء حسن كما لا يخفى على من له ~~أدنى إلمام بعلم البيان . # 5 شبهت بالقرآن ربك جاهلا حسنت لديك سفاسف الشيطان (¬3) # أي شبهت مالكك بمشابهة بعض خلقه له وهو الكلام المنزل على رسولنا محمد - ~~صلى الله عليه وسلم - حال كونك معتقدا للباطل أنه حق لأجل ما زين لك من ~~الشبه التي ألقاها الرجيم في ذهنك . PageV01P066 فالتشبيه : هو إلحاق ناقص بتام والأصل أن هذا ~~المشبه إنما شبه القرآن بربه حيث وصفه بالقدم وعدم الحدوث لكن يلزم من شبه ~~الخلق بالله تشبيه الله بالخلق، إذ لا معنى لتشبيه شيء بشيء الأبيان ~~اشتراكهما في لازم مشهور، وذلك اللازم هو وجه التشبيه.وأتى المصنف باللازم ~~تبيينا للسامع بأنه يلزم على هذه المقالة هذا الأمر الشنيع والمقال الفظيع ~~ولا يتكرر ((مع ما هنا (¬1) قول في البيت الآتي :(ولبست من تشبيه ربك ~~ملبسا... إلى آخره). لأن ما هنا بيان كونه مشبها وما هنالك بيان ما أداه ~~إليه تشبهه، فما سيأتي ثمرة لما هنا فمن ثم رتبه عليه فتفطن له فإنه لطيف)) . # وقوله حسنت لديك :أي عندك . # والسفاسف : جمع سفساف وهو الرديء من كل شيء والأمر الحقير، ومنه الحديث : ~~(( إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها ))، وعبر بالسفاسف هنا عن الشبه ~~التي تشبث بها القائلون بقدم القرآن التي منها ما أجاب عنها المصنف -فيما ~~سيأتي- ومنها ما ضرب صفحا عن ذكره صونا لنظمه عنه واحتقارا له ولا بأس أن ~~نأتي ببعض ذلك هنا فنجيب عنه . # أدلة القائلين بقدم القرآن # اعلم أن القائلين بقدم القرآن قد استدلوا على ثبوت مدعاهم بالعقل والنقل. ~~فأما دليلهم العقلي فهو أنهم قالوا : أن الله متكلم وأن القرآن كلام الله، ~~وكلامه تعالى أزلي قديم لأن صفاته قديمة فثبت أن القرآن قديم، ولا يصح أن ~~تكون صفاته محدثة مخلوقة فثبت أن القرآن غير مخلوق . # قلنا : ((إن الكلام نوعان : ذاتي وفعلي، فالذاتي هو عبارة عن نفي الخرس ~~عنه تعالى، والفعلي هو القرآن وسائر الكتب المنزلة . # وقالوا أيضا (¬2) : فالقرآن علم الله وعلم ms018 الله ليس بمخلوق . # قلنا : القرآن معلوم الله، لا علمه، فإنه عالم بذاته لا بشيء هو غيره، ~~فتسمية القرآن بعلم الله تجوز كتسمية المأكول بالأكل والمشروب بالشرب وهكذا ... PageV01P067 وأيضا، فقد قالوا (¬1) : لو كان القرآن محدثا ~~للزم إما أن يكون جسما (¬2) أو جوهرا وعرضا لأنه لا يوجد محدث إلا وهو أحد ~~هؤلاء الثلاثة، فيلزم على كونه جسما، أن تكون الأجسام كلها كلام الله، ~~لأنها كلها خلقه، وكذا يلزم أيضا على جعله جوهرا ولا يصح أن يكون عرضا لأن ~~العرض غير قائم بنفسه فلو كان القرآن حالا في غيره للزم أن يكون كلاما لذلك ~~الغير لا لله كالشعر كلام للشاعر لا كلام لله وهكذا . PageV01P068 # قلنا : هو جسم لأنه ألفاظ دالة على معان، ولا يلزم من كونه جسما كون جميع ~~الأجسام كلاما لله وإن كانت مخلوقة، إذ ليس الخلق ولا الجسمانية علة مثبتة ~~لمن اتصف بها اسم الكلام ولو لزم ذلك للزم أن يكون كل بيت يسمى بيت الله ~~لما ثبت أن الكعبة بيت الله فلزم أن تكون بيع النصارى وبيوت النيران التي ~~تعبد من دون الله وبيوت الأصنام بيوتا لله تعالى [ بل وللزم (¬1) أن يسمى ~~كل جسم من جماد أو حيوان أو نبات بيت الله ] لمشاركته الكعبة في الجسمانية ~~فتعين بطلان إلزامهم وظهرانه إذا أضاف الله عز وجل شيئا لنفسه تشريفا لذلك ~~المضاف لا يلزم أن يكون كل شيء من جنسه مثله في التشريف، وناهيك أن ~~الأنبياء تسمى أنبياء الله ورسل الله وقد شاركهم في جنسهم النوع الإنساني، ~~فهل يصح لأحد من نوعهم أن يتسمى بأنه نبي الله أو رسول الله، هذا مما لا ~~يقول به عاقل . # وأما قولهم بأنه لو كان عرضا يلزم أن يكون حالا في غيره والذات العلية لا ~~تحلها الأعراض، فلزم أن يكون المحلول فيه غير الذات العلية ويحبب أن يكون ~~ذلك المحلول فيه مؤثرا في هذا الحال كتأثير الشاعر في الشعر . # قلنا : قد تقدم أن القرآن جسم ولو قدرنا أنه عرض لقلنا بأنه حال في غير ~~الذات العلية ms019 مما شاء الله من الأشياء ولا يلزم تأثير المحل فيه لأن كثيرا ~~من الأشياء يحل فيها غيرها ولا تؤثر فيه كسبا، ولو قدرنا أنها مؤثرة فيه، ~~فلا يمنع تأثيرها فيه من تسمية كلام الله وإنما لم يسم الشعر كلام الله ~~لأنه من الأشياء التي يتعالى الله عن الإتصاف بها فسقط استدلالهم من كل وجه . # الأدلة النقلية PageV01P069 وأما استدلالهم النقلي فمن وجوه أحدها قوله تعالى ~~: { إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون (¬1) } (¬2) . قالوا : ~~فقد أخبرنا عز وجل أنه إذا أراد كون شيء قال له (( كن ))، فالأشياء مخلوقة ~~بكن، وهي من كلام الله الذي نزل في القرآن فالأشياء مخلوقة بها وهي وهي شيء ~~أيضا .فلو كانت مخلوقة لاحتاجت إلى ((كن)) أخرى فيتسلسل أو يدور ولكل محال . # قلنا : ليس المراد من الآية لفظ ((كن)) وإنما المراد (¬3) التعبير بها عن ~~نفوذ إرادته تعالى وسرعة إنفعال الأشياء لها . والعرب تعبر بهذه اللفظة عن ~~هذا المعنى، فيقولون- إذا أرادوا التعبير عمن لا يراد أمره - ((إذا قال ~~للشيء كن يكون )) . ولو سلمنا أن ذلك المقول لفظ لما لزم ما ذكروه، لكثرة ~~وجود إخراج الخاص من العام فنقول : إن المخلوق بلفظ ((كن)) هو ما عداها ~~وأما هي فمخلوقة بدون لفظ ((كن)) ودليل هذا التخصيص هو ما ذكروه من لزوم ~~التسلسل أو الدور وكفى بكل واحد منهما مخصصا . PageV01P070 ومنها قوله تعالى : ( الرحمن علم القرآن خلق ~~الانسان ) (¬1) .قالوا : وصف الانسان بالخلق ووصف القرآن بالتعليم فدل ~~اختلاف الوصفين على ان القرآن غير مخلوق إذ لو كان مخلوقا لقال خلق القرآن ~~والانسان والسكوت على هذه عين الجواب كيف يلزم اختلاف الوصفين اختلاف ~~الحكمين فهذه الحيوانات في غالب صفاتها مخالفه لهذه الجمادات هذه ~~النباتات،فهل هي جميعا مشتركة في كونها مخلوقة؟ هي مخلوقة. فالقرآن وإن ~~خالف الإنسان في غالب صفته لا ينافي أن يشاركه في صفة الخلق وإنما لم يصفه ~~الرب عز وجل بالخلق في هذه الآية لأنها مسوقة لبيان النعم التي أنعم الله ~~بها على الإنسان ، فتعليم القرآن هو ms020 من تلك النعم التي أنعم بها علينا ، ~~فلا يناسب أن يقول:((خلق القرآن والإنسان)) ولو قال كذلك لخرج هذا النظم من ~~حيز البلاغة التي هي الغاية القصوى في كلامه عز وجل . # ومنها ما رووه عن الشارع : ((القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق . ومن قال ~~أنه مخلوق فهو كافر بالله العظيم)) (¬2) . PageV01P071 # قلنا: إن صح الحديث ، فمعنى مخلوق : مفترى ، أي القرآن كلام الله ليس ~~بمفترى . ومن قال انه مفترى فهو كافر . والخلق بمعنى الإفتراء كثير . منها ~~قوله تعالى : { وتخلقون إفكا } (¬1) أي وتفترون كذبا، على أن هذا الخبر مع ~~تقدير صحته أحادي (¬2) لا يعارض القطعيان الآتى ذكرها [وأيضا فخبر الأحاد ~~لا يوجب العلم فلا يوجب فرض الإعتقاد لأنها مبنية على العلم وغاية ما يوجبه ~~الخبر الأحادي وجوب العمل دون العلم] (¬3) . # ومنها ما روى عن (¬4) علي بن أبي طالب لما حكم الحكمين وجرى بينهما ما ~~جرى من خلعه على يد من حكمه قال : أنا ما حكمت مخلوقا وإنما حكمت القرآن. ~~وكان هذا الحديث بمشهد الفريقين جميعا ، فلم ينكر عليه أحد فثبت بالإجماع ~~أن القرآن غير مخلوق. # قلنا: هذه مجازفة بينه فإن عليا لم يقل أن القرآن غير مخلوق وإنما نفى ~~التحكيم عن المخلوق فأثبته الله تعالى فالتحكيم لله لا للقرآن، وأضافه إلى ~~القرآن لكونه محل بيان (¬5) الحكم فلا ينكر عليه أحد الفريقين، لذلك هذا ~~أقوى ما تشبثوا به، ويسأتى لهم بعض تشبثات تكفل المصنف بردها عليهم ولا بد ~~أن نتلوا عليك براهين الصدق على القول بالخلق حتى يتضح لك وجه الحق. # أدلة القائلين بخلق القرآن # فأقول: استدل القائلون بخلق القرآن بطريقين ((عقلي ونقلي)): PageV01P072 # فأما العقلي: فهو أنه لو كان القرآن قديما لزم إما أن يكون هو الله ولا ~~قائل به، وإما أن يكون هو غير الله، فيلزم تعدد القدماء إن قيل بتقارنهما ~~في الوجود أو حدوث الإله إن قيل بسبق القرآن عليه فبطل القول بقدمه، إذ لا ~~ملجأ لهم إلا أن يقولوا أنه حادث، وكل حادث مخلوق. # وأيضا، فإن حصول كل حرف من الحروف ms021 التي تركب منها كلامه مشروط بانقضاء ~~الآخر منها، فيكون له أول فلا يكون قديما، وكذا يكون للحرف الآخر انقضاء ، ~~فلا يكون هو أيضا قديما بل حادثا، فكذا المجموع المركب منها. # وأيضا، فإن حصول كل حرف من الحروف التي تركب منها كلامه مشروط بانقضاء ~~الآخر منها، فيكون له أول فلا يكون قديما، وكذا يكون للحرف الآخر انقضاء، ~~فلا يكون هو أيضا قديما بل حادثا، فكذا المجموع المركب منها. # وأيضا، فالقرآن ممكن وجوده وعدمه وكل ما أمكن وجوده وعدمه فهو محدث، وكل ~~محدث مخلوق. # وأما الطريق النقلي فهو أشياء : # أولها: إن القرآن ذكر (¬1) والذكر (¬2) محدث فيكون القرآن محدثا بدليل ~~قوله { وإنه لذكر } .. الآية . # ثانيها: قوله تعالى { وإذ قال ربك للملائكة } (¬3) وإذا : ظرف زمان ماض ~~فيكون قوله الواقع في هذا الظرف مختصا بزمان معين والمختص بزمان محدث فينتج ~~أن قوله الواقع في ذلك الظرف محدث. # ثالثها: قوله { كتاب أحكمت آياته ثم فصلت } (¬4) فإنه يدل على أن القرآن ~~مركب ، وكل مركب حادث . # رابعها : قوله { حتى يسمع كلام الله } (¬5) والمسموع لايكون إلا حروفا ~~وأصواتا وذلك حادث . PageV01P073 # خامسها: إن القرآن موصوف بأنه منزل ، وتنزيل ومجعول (¬1) وما هو كذلك ~~حادث ضرورة لاستحالة الإنتقال بالإنزال والتنزيل على القديم . # سادسها : قوله عليه السلام في دعائه(( يا رب القرآن العظيم ورب طه ويسن ~~)) والقرآن مربوب كلا وبعضا والمربوب محدث إتفاقا . # سابعها : أنه تعالى أخبر بلفظ الماضي نحو { إنا أنزلناه } و { إنا أرسلنا ~~} ولا شك أنه لا إنزال ولا إرسال في الأزل . فلو كان كلامه قديما لكان هذا ~~القول كذبا لأنه إخبار بالوقوع في الماضي ولا يتصور ما هو ماض بالقياس إلى ~~الأزل . # الأدلة العقلية النقلية # ومن الأدلة ما هو دائر بين العقل والنقل وهي شيئان : # أحدهما : أن القرآن معجزا إجماعا، فيجب مقارنته للدعوى حتى يكون تصديقا ~~للمدعي في دعواه فيكون حادثا مع حدوثها . # وثانيهما : النسخ (¬2) حق بإجماع الأمة وواقع في القرآن وهو رفع أو ~~انتهاء على ما حقق في محله، ولا شيء منها بمتصور في القديم، إذ ما ثبت قدمه ms022 ~~استحال عدمه. # وببعض هذه الأدلة كفاية لمن من الله عليه بالهداية ومن لم ينفعه قليل ~~الحكمة ضره كثيرها . # قصة بولص والنصارى # 6- ولبست من تشبيه ربك ملبسا قد كان قبلك لبولص النصراني # 7- إذ قال في عيسى المسيح بمثل ما قد قلته في محكم القرآن (¬3) PageV01P074 أي ~~ودخلت بسبب تشبيه مربيك ومصلحك ومالكك والمنعم عليك مدخلا قد دخل فيه قبلك ~~الرجل المعروف ببولص (¬1) المنسوب إلى أهل ملة عيسى عليه السلام حين قال في ~~حق عيسى عليه السلام : ( إنه إله آخر مع الله عز وجل، مريم إله ثالث) . أو ~~حين قال : بأن عيسى هو الله، وكذلك أنت قد قلت في القرآن المحكم بأنه قديم ~~ثان فتشابهت مقالتكما، وتبا لمن كان بولص قدوة له . # فقوله من تشبيه ربك : أي لأجل تشبيه ربك فمن تعليليه والرب يطلق على معان ~~تسع جمعها بعضهم بقوله : # قريب محيط مالك ومدبر مرب كثير الخير ولمول للنعم # وخالقنا المعبود جابر كسرنا ومصلحنا والصاحب الثابت القدم # وجامعنا والسيد أحفظ فهذه معان أتت للرب فادع لمن نظم # وقوله ملبسا : أي مدخلا، شبه الحالة التي وقع فيها هذا المشبه بثوب يلبس ~~بجامع، إن كلا منهما محيط بصاحبه إحاطة تامة . فالمشبه قد أحاطت به خطيئته ~~تشبيهه كإحاطة الجبة (¬2) بلابسها { ومن أحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب ~~النار هم فيها خالدون } (¬3) PageV01P075 وبولص : بالصاد أو بالسين رجل من اليهود ~~احتال في إضلال النصارى . قيل : كانت النصارى على دين المسيح عليه السلام ~~ثمانين سنة، وكان بين النصارى واليهود حرب، وقتل بولص وهو من شجعان اليهود ~~جماعة من أصحاب عيسى عليه السلام، ثم قال لليهود : إن كان الحق مع عيسى فقد ~~كفرنا، فسأحتال حتى يدخل النصارى معنا النار. فعرقب فرسه الذي يجاهد عليه ~~وأظهر التوبة ووضع التراب على رأسه ثم أتى إلى النصارى، فقالوا : من أنت ؟ ~~قال : أنا عدوكم بولص نوديت من السماء : ( أنه لا توبة لك حتى تتنصر) ، ~~فأدخلوه البيعة ونصروه وقعد في بيت فيها سنة حتى تعلم الإنجيل ثم خرج وقال ~~: قد نوديت (( أن الله قد قبل توبتك ms023 ))، فصدقوه وعلا شأنه فيهم وأحبوه فعلم ~~رجلا اسمه نسطور (¬1) أن عيسى ومريم والله آلهة ثلاث . وعلم رجلا اسمه ~~يعقوب (¬2) أن عيسى ليس إنسانا وإنما (¬3) هو ابن الله . # وعلم ثالثا اسمه ملكان (¬4) أن عيسى عليه السلام هو الله لم يزل ولا يزال. PageV01P076 # ولما تمكن ذلك فيهم دعا كلا منهم في الخلوة وقال له : أنت خالصتي وادع ~~الناس لما علمتك وأمره أن يذهب إلى ناحية من البلاد وقال لهم : إني رأيت ~~عيسى في المنام وقد رضي عني وسأذبح نفسي تقربا إليه ثم ذبح نفسه في مذبح ~~البلدة . # فذهب واحد إلى الروم وواحد إلى بيت المقدس وواحد إلى ناحية أخرى فدعا كل ~~إلى مقالته، فتبعهم (¬1) طوائف فتفرقوا واختلفوا ووقع القتال . وعلى ما ذكر ~~في هذه القصة (¬2) ، فنسبة بولص هذا إلى النصرانية إنما هي بحسب ادعائه لها ~~عند أربابها لا بحسب الواقع فإنه يهودي الملة. # وقوله إذ قال في عيسى المسيح : بيان لقوله قد كان قبل لبولص، وإذ بمعنى ~~حين. وسمي عيسى المسيح لأنه يمسح على وجه الأكمه فيبصر. وإنما ساوى بين ~~مقاله القائلين بقدم القرآن وعدم خلقه وبين مقالة بولص في أن عيسى إله ثان ~~مع الله لاشتراكهما لازم التشبيه. وربما استدل بعض أتباعه على قدم عيسى ~~وعدم خلقه بأن روح الله وكلمته فيشابه استدلال المستدلين على قدم القرآن ~~بأنه كلام الله وكلامه غير مخلوق استدلال هذا النصراني بأن عيسى كلمة الله ~~وكلمة الله غير مخلوقه فتساوى الأمران وتشابه الحالان واتفقت المقالتان. # 8- ولمن بأذيال الهوى مستمسك ... ... فهو الحجاب له عن الرحمن # أي تعلقك بتل السفاسف الشيطانية حتى شاركت بولص في التشبيه، تعلق بأطراف ~~ما تميل إليه نفسك من الباطل. وأن الذي هو متعلق بأطراف ميل النفس إلى ~~الباطل يكون تعلقه مانعا له من معرفة المنعم بجلائل النعم . # فقوله ولمن : مبتدأ خبره فهو الحجاب (¬3) .. الخ ، واللام فيه للإبتداء ~~جيء بها لتأكيد الكلام وتقويته . PageV01P077 والأذيال : الأطراف (¬1) ، جمع ذيل ~~وهو طرف الثوب من الجهة السفلى ، يقال (¬2) : ذال الثوب يذيل ذيلا من باب ~~باع، طال حتى مس ms024 الأرض، ثم أطلق الذيل على طرفه الذي يلي الأرض وإن لم ~~يمسها تسمية بالمصدر. قاله في المصباح (¬3) . # والهوى : مقصور مصدر هويته من باب تعب إذا أحببته وعلقت به، ثم أطلق على ~~ميل النفس وانحرافها نحو الشيء . ثم استعمل في ميل مذموم يقال اتبع هواه ~~وهو من أهل الأهواء . قاله في المصباح . # أيضا شبه المصنف الهوى بثوب له أذيال ثم حذف المشبه به وذكر من لوازمه ~~الأذيال على سبيل الاستعارة بالكناية وفي هذه الاستعارة إشارة إلى أن ~~المخالف المتمسك بتلك الشبه كالشيء المتمسك بأذيال الثوب يناله أدنى شيء ~~فيسقط وربما بلا مسقط . # ومستمسك : بمعنى متمسك يقال : استمسك بالشيء إذا أخذ به وتعلق. # وقوله فهو : ضمير يعود إلى معنى الاستمساك المأخوذ من قوله مستمسك أي ~~وذلك الاستمساك هو المانع له عن معرفة الرحمن . # والحجاب : هو المانع، وأصل الحجاب جسم حائل بين جسدين، وقد استعمل في ~~المعاني فقيل العجز حجاب بين الإنسان ومراده، والمعصية حجاب بين العبد وبين ~~ربه . كذا في المصباح . # والرحمن : هو المنعم بجلائل النعم ولابد من تقدير مضاف محذوف، أصله: عن ~~معرفة الرحمن، لأن المنع هاهنا إنما هو عن معرفته - تعالى - واختار اسم ~~الرحمن هنا على غيره من الأسماء تعريضا بالخصم وبأن من كان ذا نعم عظام ~~ينبغي أن لا يجهل هذا الجهل فأنت أيها الخصم مع ظهور هذه النعم وعظمها جهلت ~~المنعم بها حيث جعلت له شريكا في وصفه الخاص به وهو القدم . # 9- تلقيه في دأماء جهل راسبا في غيه (يهوى (¬4) على الأذقان) PageV01P078 # أي تجد المتمسك بأذيال الهوى في جهل كالبحر في بعد العمق، وشدة الخطر ~~ومظنة الهلاك صائرا في انهماكه (¬1) في جهله إلى أسفل يسقط فيه على مجتمع ~~لحييه . # فتلقى : بمعنى تجد والضمير عائد إلى الموصول في البيت الذي قبله . # الدأماء : البحر، وأنشد الجوهري (¬2) # للافوه (¬3) الأوذى . # والليل كالدماء مستشعر ... ... من دونه لونا كلون السدوس # شبه الجهل به بجامع شة الخطر في كل منهما وكون كل منهما مظنة الهلاك ثم ~~أضاف المشبه (¬4) به إلى المشبه . # وقوله راسبا : أي صائر ms025 إلى أسفل، يقال رسب الشيء إذا ثقل وصار إلى أسفل . # وفي غيه : ميتعلق به ، وفي الغي الإنهماك في الجهل وهو خلاف الرشد . # ويهوى : أي يسقط . # والأذقان : جمع ذقن وهو مجتمع اللحيين ، عبر بالجمع عن المفرد تجوزا حد ~~قوله (¬5) { رب ارجعون } (¬6) أي ارجعني ، ومنه قولهم : شابت مفارقه ، ليس ~~له إلا مفرق واحد . PageV01P079 # 10ولو ارتقى درج المعارف في سما ... تحقيقه وعلا على كيوان # أي ولو صعد على المعارف التي هي كا لمراقي في الوصول إلى الكمالات ~~الإنسانية ، فانتهى إلى حال يثبت فيه المسائل بأدلتها وارتفع في الكمالات ~~الإنسانية إلى محل يشبه في المحسوسات (¬1) المحل الذي هو فوق زحل . # فارتقى : بمعنى صعد وارتفع # والدرج : جمع درجة كقصب وقصبة ، هي المراقي التي يصعد عليها كالسلم ونحوه . # والمعارف : جمع معرفة وهي العلم بالجزئيات والتصوريات (¬2) وشبهها بالدرج ~~بجامع ان كلا منهما موصل إلى علو فالدرج توصل في الحسيات إلى المكان ~~المرتفع ، والمعارف (¬3) توصل في المعنويات إلى الكمال الإنساني . # وقوله في سما تحقيقه : أي إلى سماء تحقيقه ، ففي بمعنى إلى ، والتحقيق هو ~~إثبات المسألة بدليلها . فإن أثبت للدليل دليل كان تدقيقا . ويطلق التحقيق ~~على الإتيان بالشيء على وجه الحق . وشبه التحقيق بالسماء وهي الجسم المظل ~~للأرض بجامع ان كلا منهما قد أخذ نهاية في الأرتفاع . # وعلا : بمعنى ارتفع . # وكيوان : هو زحل وهو نجم قيل أنه في السماء السابعة (¬4) . # 11 إلا إذا ما أدركته عناية ... ... لخلاصه من ربقة الخذلان # أي من تمسك بأذيال الهوى فهو ممنوع من معرفة الرحمن وموسوم بالجهل ~~والخسران ولو علا شأنه وارتفع في العلم مكانة إلا إذا لحقه حفظ لأجل سلامته ~~ونجاته من الحالة التي يكون فيها غير معان بل موكول فيها على نفسه ومأسور ~~فيها عن السلوك في طاعة ربه فالإستثناء من قوله ولمن بأذيال الهوى ... الخ . PageV01P080 # وقوله أدركته : بمعنى طلبته ولحقته (¬1) يقال أدركت الشيء إذا طلبته ~~فلحقته . # والعناية : الحفظ . # والخلاص : السلامة والنجاة من الشيء . # والربقه : عروة من حبل تشدبه الهم ويقال ربقت فلانا في الأمر ربقا من باب ~~قتل : أوقعته فيه (¬2) والخذلان : اسم ms026 لترك النصرة والإعانة ، شبه هذه ~~الحالة بالعروة التي تشد بها البهيمة، بجامع ان كلا منهما مانع عن الوصول ~~إلى المطلوب فالربقة مانعة للبهيمة عن ذهوبها إلى ما تشتهي والخذلان مانع ~~للعبد عن سلوك طريق الرضوان نعوذ بالله من خذلانه وغضبه ونسأله إعانته ~~ورضاه . # خبر أبي شاكر الذيماني # فسعى إلى المولى بنور العقل لا كفعال قوم قلدوا الذيماني (¬3) (¬4) # أي فذهب إلى معرفة الله - عز وجل - بسبب عمله الذي هو الإهتداء به كالجسم ~~الذي يدرك به البصر المحسوسات البصرية، وهذا السعي هو التحقيق المطلوب من ~~المكلف وليس هو مثل فعل قوم نبذوا البراهين وراء ظهرهم وركنوا إلى الأخذ ~~بقول الغير من غير حجة، ولا سيما إن كان ذلك الغير جاهلا أو غير ثقة كأبي ~~شاكر الذيماني (¬5) . # فسعى : بمعنى ذهب، واستعماله في الحسيات هو المعروف . واستعمله المصنف في ~~المعنويات على سبيل التجوز للتنبيه على أن المعنويات صارت في حق هذا المحقق ~~كالمحسوسات بالنسبة إلى غيره . وقوله إلى المولى : أي إلى معرفة المولى، أي ~~معرفة كمالاته وما يستحيل في حقه وما يجوز، فأثبت له الواجبات في حقه وأحال ~~عنه المستحيلات . # والنور : جسم لطيف تدرك به حاسة البصر المحسوسات البصرية . # والعقل : هنا العلم، شبهه بالنور بجامع الإهتداء بكل منهما، وتشبيهه به ~~كثير شائع . PageV01P081 # وقوله لا كفعال قوم : أي لا مثل فعل قوم، والجملة خبر لمبتدأ محذوف ~~تقديره هذا السعي لا كفعال قوم ..الخ . والكاف بمعنى: مثل، وفعال بالكسر ~~مصدر فاعل بمعنى فعل، فالمفاعلة على غير بابها . والقوم : جماعة الرجال ليس ~~فيهم امرأة، سموا بذلك لقيامهم بالعظائم والمهمات ز قال الصنعاني: وربما ~~دخل النساء تبعا لأن قوم كل نبي رجال ونساء، كذا في المصباح . # والتقليد : الأخذ بقول الغير من غير حجة، مأخوذ من قلدت المرأة إذا ~~ألبستها القلادة، بالكسر . فكأن المقلد جعل عمله قلادة في عنق من قلده . PageV01P082 # والذيماني : هو أبو شاكر، رجل من الذيمانية (¬1) ، وهم قوم من الدهرية ~~الذين أنكروا حدوث العالم . كان بسببه فتنة كثيرين من ضعفاء المسلمين، قال ~~أبو يعقوب (¬2) - رحمه الله - في ms027 الدليل والبرهان : وذلك أنه يعني أبا شاكر ~~جاء من أرض فارس، فتأمل حلق البصرة من المسلمين فيها، فظهر له من علومهم ~~وحلومهم وحذقهم (¬3) شيء فاق الوصف فأراد أن يلقنهم من البدعة ما يحول ~~بينهم وبين دينهم فتأمل الحلق كلها، فلم يجد حلقة أرق قلوبا وأضعف نفوسا من ~~حلقة أصحاب الحديث، فجاءهم، فقال لهم :(يا قوم إني رجل من هؤلاء العجم، دخل ~~الإسلام في قلبي فجئت من بلادي إليكم، فتأملت فلم أر حلقة يذكر فيها رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرا إلا حلقتكم، فأتيتكم يا أخواني، فانظروا ~~لنا كيف نعتزل هؤلاء القوم ونكون في ناحية من نواحي المسجد بمعزل وننتبذ ~~عنهم حتى لا نسمع كلامهم ولا يقرع أسماعنا خطابهم) . PageV01P083 # فقال قوم :(صدق)، ونظروا إليه كلما جاء ذكر رسول الله - صلى الله عليه ~~وسلم - شهق وبكى وحن وشكى واستعمل الورع والوقار والبكاء والحنين حتى أخذ ~~بقلوبهم فلم يزل كذلك إلى أن تغيب عنهم بعض المدة، فسألوا عنه فيما بينهم، ~~فقال بعضهم لبعض : ( قوموا بنا إلى الرجل ولعله مريض فنعوده فإن كان مريضا ~~عدناه، أو محتاجا واسيناه)، فوصلوا إليه فوجدوه قد انحجر في قعر بيته له ~~فترة من البكاء . فقالوا له : ما لك ؟ فقال : دعوني لما بي، قد وقعنا فيما ~~حذرتكم عنه أول مرة) فقالوا له: وما ذلك ؟ فقال : إني أتيت إلى حلقة حماد ~~بن أبي حنيفة، إذ جاءه رجل، فقال له : ما تقول في القرآن ؟ فقال حماد بن ~~أبي حنيفة : وما في هذا من العجب، القرآن مخلوق . # فعمد يا إخوتي إلى كلام الله ونوره وضيائه الذي خرج منه وإليه يعود، ~~فجعله مخلوقا، فعظمت مصيبتي يا إخوتي في القرآن العظيم والذكر الحكيم الذي ~~خرج منه وإليه يعود، فأي مصيبة أعظم من هذه، فجعله مخلوقا وأي بلية أعظم ~~منها ؟ فكأن الله قبل خلقه كان غير عالم وغير متكلم . يصفوه بصفات العجز ~~والحدث والحاجة والخلق . فجئتكم يا إخوتي أشكو إلى الله تعالى وإليكم هذه ~~المصيبة العظيمة والبلية الفادحة، ولقد أمرتكم يا إخوتي قبل هذا ms028 أن اعتزل ~~مجالسهم حتى لا نسمع كلامهم، وننتبذ ناحية في المسجد، فاستجاب القوم ~~بالبكاء من كل ناحية، فقال بعضهم لبعض : قد وجب علينا جهاد هؤلاء القوم، ~~ولنرجع إلى ما كنا عنه ننهى أول مرة، وقد حوجونا إلى ذلك . PageV01P084 # وقال بعضهم : إنما اعتزلناهم مخافة أن نقع فيما وقعوا فيه، وكي نحيي سنة ~~رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأما كذا أبيتم فلا حاجة لنا إليكم . ~~فتبرأ الفريقان بعضهم من بعض (¬1) . وعمد الذين أرادوا منابذة القوم، ~~فقالوا : لا بد لنا من مخالطتهم، وغرضهم أن يقتبسوا من مناظرتهم وحيلهم في ~~جدالهم، فيرجعوا بها إليهم ويحاجوهم، فذهب بعضهم إلى المتكلمين، فكان آخر ~~العهد بهم، وبعضهم إلى القدرية (¬2) ، فذهبوا بهم وبعضهم إلى حلقة حماد بن ~~أبي حنيفة ، فتفرقوا على الحلق ، ومكثوا فيها برهة (¬3) . وذهب كل فريق بمن ~~صار إليها وحصل عندها ، فاختلفوا آخر الأبد ولم يجتمع منهم أحد مع صاحبه ~~إلا ما كان من أبي الحسن الأشعري (¬4) وهو الذي عقب وصار إمام الأشعرية ، ~~ثم أبو بكر بن الطيب (¬5) PageV01P085 # بعده وهو الباقلاني فوقعوا في تشبيه البري سحانه خلافا للإفراق ،وانتكسوا ~~إلى يوم التلاق (¬1) . هذا كلامه , وهو ظاهر في أن هذه القصه هي أول سبب ~~لهذه البدعه التي هي القول بقدم القرأن العظيم ، وما أشبه هذه القصه بقصة ~~بوليس اليهودي _ التي لمح المصنف إليها أنفا _ في إضلاله للنصارى , فكان ~~تلميحه إلى تلك القصه إشاره إلى تساوي القصتين . # 13 إن كنت ذا عقل ودين مخلصا ... ... لله في الأسرار والإعلان # لم تثنه في الله لومة لائم ... ... فاسمع مقالا ليس بالهذيان # أي أن كانت صاحب لب وحجا وتعبد في الإسلام حال كونك مصفيا تعبدك لأجل رضى ~~واجب الوجود لذاته وذلك الإخلاص منك في الإخفاء والجهر حتى نزلت منزلة من ~~لا يصرفه عن رضى ربه عذل عاذل فاصغ (¬2) سمعك إلى قول أقوال به على وجه ~~الحق وهو من المعقول بين أرباب العقول . # فالعقل : هو اللب والحجى ، ولهذا قال بعض الناس : العقل غريزة يتهيأ بها ~~الإنسان إلى فهم الخطاب . # والمراد بالدين : هنا التعبد ms029 بالإسلام ، من قولهم : دان بالإسلام وتدين ، ~~إذا تعبد به . # وقوله مخلصا : حال التاء في كنت ، والمخلص هو المصفي والمراد به تصفية ~~العمل من شوائب الزلل . # وقوله لله : متعلق به ، والام للتعليل والأصل : لأجل رضى الله ، فحذف ~~المضاف لكثرة الأستعمال ، يقال أحببته لله ، وعملت كذا لله .. وهكذا . # والأسرار : بكسر الهمزة مصدر أسره، إذا أخفاه . # والإعلان : بكسر الهمزة مصدر أعلن به : إذا أظهره . وقرن المصنف بينهما ~~لأن المخلص لابد له من الإخلاص في حالتيهما فمضيع الإخلاص في الإخفاء منافق ~~ومضيعه في الإعلان فاسق، والواجب اقترانهما في المؤمن . # وقوله لم تثنه : بفتح التاء المثناة (¬3) الفوقية من ثناه عن مراده يثنيه ~~إذا صرفه عنه . # ولومة مقالا : أي أمل سمعك إلى قول ، صفته بأنه معقول بين أرباب العقول ، ~~فان من الحق المعقول ان يلتقي بالقبول . PageV01P086 # والهذيان : التكلم بغير معقول لمرض أو غيره ، وذلك إذا هدر بكلام لا يفهم ~~ككلام المبرسم والمعتوه كذا في القاموس (¬1) وشرحه . وفي وصفه (¬2) المقال ~~بنفى الهذيان عنه . تعريض بناظم تلك النونية فكأنما قال له: اسمع إلى هذا ~~القول الحق المعقول، فانه ليس كمقالك الباطل الذي هو شبيه بكلام المبرسمين . # وفي قوله: لخلاصه من ربقة الخذلان. وفي قوله: مخلصا براعة لحسن التخلص من ~~مقام المنع إلى مقام الإستدلال . # الرد على المرجئه لقوله بعدم نزول القرآن # 14 إن قلت : ان الله ليس بخالق ... ... لكلامه الموحى إلى الإنسان # 15 فأقول : أثبت كونه أو أنفه ... ... والعقل يأبى أن يكون الثاني # 16 والشرع إذا ما أنزل الرحمن من شيء((مقالةجاحدي (¬3) القرآن)) # أي أن نطقت بنفي الإيجاد والأحداث للكلام الذي ألقاه الله إلى أنبيائه ~~للأعذار والأنذار والتبشير ولبيان الأحكام ومعرفة الحلال والحرام فأقول ~~مجيبا لك، إما أن تثبت وجود هذا الكلام في الخارج، وإما أن تنفي وجوده، ولا ~~أظن (¬4) أنك تنفي وجوده ، لأن العقل يمنع من نفيه ويمنع النقل أيضا، لأن ~~القول بما أنزل الله على بشر من شيء، مقالة من جحد نزول القرآن رأسا. وأنت ~~لا تقول بمقالته ، فيلزمك أن لا تنفي وجود القرآن . # فقوله ليس بخالق : أي ليس ms030 بموجد ومحدث . # وقوله لكلامه : شامل لجميع الكتب المنزلة، والموحي هو الملقي (¬5) ليعلم، ~~مأخوذ من أوحيت إليه كذا :إذا ألقيته إليه ليعلمه، ثم غلب استعمال الوحي ~~فيما يلقى الأنبياء من عند الله تعالى . PageV01P087 والإنسان : هو الحيوان الناطق والمراد به هنا ~~الأنبياء الموحى إليهم، المأمورون (¬1) بالتبليغ (¬2) على سبيل المجاز ~~الإرسالي . وفي وصفه الكلام بالموحى إلى الإنسان تحرير لمحل النزاع على أنه ~~سيأتي في كلامه تقسيم الكلام إلى : ذاتي وفعلي، وسيأتي أيضا بيان كل واحد ~~منهما. فموضوع هذه المنظومة الرد على من أنكر خلق الكلام الفعلي لا على من ~~أنكر خلق الكلام الذاتي واعترف بخلق الكلام الفعلي . فإن الكلام الذاتي غير ~~مخلوق، بل هو غير القرآن وغير التوراة والإنجيل والزبور، وإنما هو صفة ~~أعتبر بها نفي ضدها على ما سيأتي من بيانها، وبعض أصحابنا لم يقل بثبوت ~~الكلام الذاتي رأسا على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى . # وقوله فأقول أثبت كونه : أي وجوده . # وقوله أو أنفه : أي اختر أحد الأمرين . # وقوله والعقل يأبى أن يكون الثاني : فيأبى بمعنى: يمنع، والمراد بالثاني ~~النفي المأخوذ من قوله : (أو أنفه) . # وقوله والشرع : معطوف على العقل، أي والشرع يأبى ذلك أيضا. # وقوله إذا ما أنزل الرحمن من شيء ..إلخ : إشارة إلى ما روي أن مالك بن ~~الصيف، من أحبار اليهود ورؤسائهم، قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ~~أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تجد فيها أن الله يبغض الحبر السمين ~~؟ فأنت الحبر السمين، قد سمنت من مالك الذي يطعمك اليهود . # فضحك القوم، فغضب، ثم التفت إلى عمر، فقال : ( ما نزل الله على بشر من ~~شيء ) فقال له قومه : ( ويلك! ما هذا الذي بلغنا عنك ) ؟ # فقال : (إنه أغضبني) فنزعوه، وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف، فنزل في ذلك ~~قوله تعالى { وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من ~~شيء، قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس } (¬3) ... الآية . PageV01P088 # وفي (شفاء الحائم على بعض الدعائم) لأبي القاسم البرادي، رحمه ms031 الله تعالى ~~: أن قائل ذلك هو ابن صوريا ونص عبارته الثالثة : أي من الخصال التي شاكلت ~~فيها المرجئة (¬1) اليهود مشاكلتهم لأبن صوريا من اليهود حين قال : ما أنزل ~~الله على بش من شيء، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له : ~~(أنشدك الله أما تقرأ في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين) وكان ابن ~~صوريا شابا سمينا أعور، فقال : (ما أنزل الله على بشر من شيء) . # وكذلك المرجئة في نفي خلق القرآن . فإذا قيل لهم : قال الله سبحانه: { ~~إنا أنزلناه في ليلة مباركة } (¬2) وقال: { إنا أنزلناه في ليلة القدر } ~~(¬3) قالوا العبارة عنه فأنكروا نزول القرآن، وردوا شهادة الله -سبحانه- ~~وشهادة الملائكة (¬4) عليهم السلام . قال سبحانه : { أنزله بعلمه والملائكة ~~يشهدون } (¬5) .قال,قال الشيخ أبو يعقوب :فسبحان الله من قوم أنكروا نزول ~~القرآن كاهل الأوثان .وقد أنكرت المرجئة نزول القرآن ,كما أنكر ابن صوريا ~~من اليهود من اليهود نزول التوراة ,هذا كلامه (¬6) . PageV01P089 # ورده ورد الإمام أبي يعقوب متوجه إلى القائلين بأن القرآن هو صفة قائمة ~~بذاته- تعالى- وما في أيدينا هو عبارات عن تلك الصفة , وهذه هي مقالة ~~الأشعرية . وسيأتي بيان بطلانها إن شاء الله تعالى. # أنواع الموجودات # ((الإستدلال على الوجود)) # 17 والأول البرهان خذه مقررا ... ... عقلا ونقلا أي ما برهان # 18 لابد للأشياء في أحوالها ... ... أي باعتبار العقل والوجدان # 19 أما وجود واجب أو ممكن ... ... أو مستحيل باطل الإمكان # أي وعلى إثبات وجود الكلام الموحى إلى الأنبياء، خذ الدليل على خلقه حال ~~كونه مثبتا بما لا يستطاع دفعه، وهو من المنقول والمعقول، فهو برهان كامل . # فأما العقلي : فهو أنه لا بد لجميع الأشياء، في صفاتها بالنظر إلى وجودها ~~وعدمها من أحد ثلاثة أشياء: لأنها إما أن تكون واجبة الوجود ولا كذلك شي ~~إلا الله عز وجل - وإما أن تكون جائزة الوجود، وذلك هو جميع ما عدا الله ~~تعالى من الموجودات في الحال، ومن المعدومات التي وجدت والتي ستوجد - وإما ~~أن تكون مستحيلة الوجود، وهو جميع ما لا يجوز في العقل وجوده، كوجود ms032 شريك ~~عند الله (تعالى الله عن ذلك) . # وجميع ما علم الله تعالى أنه لا يكون، فإنه لا يمكن أن يختلف علم الله ~~-عز وجل- في شيء . فتقسيم الأشياء إلى هذه الأقسام المذكورة إنما هو بالنظر ~~إلينا، لجهلنا الأشياء التي علم الله أنها ستوجد والأشياء التي علم الله عز ~~وجل أنها لا توجد . # أما بالنظر إلى ما في علمه تعالى فالأشياء قسمان : # واجبة الوجود ومستحيلة الوجود، لأن ما علم الله تعالى وجوده فوجوده لا بد ~~منه، فهو واجب : أي ثابت ثبوتا عقليا . وجميع ما علم الله أنه لا يوجد، ~~فوجوده مستحيل، أي : منتف انتفاء عقليا . # فإن قيل: فإذا لا يختص الوجود الواجب بالله عز وجل، بل يكون له ولغيره ~~بالنسبة إلى ما في علمه تعالى فيلزم اتصاف غيره بصفة يختص بها تعالى . PageV01P090 # قلنا : لا يلزم ذلك، لأن وجوده تعالى واجب لذاته لا لموجب هو غيره،ووجود ~~الأشياء التي علم الله وجودها إنما وجب لموجب لها لا لذاتها ، وهو الفاعل ~~المختار وكفى بهذا فرقا بين الموجودين، فانتفت المشاركة والله تعالى أعلم . # فقوله والأول : بالجر على حذف الجار ، أي وعلى الأول والمراد بالأول هو ~~جانب الإثبات المأخوذ من قوله : ((أثبت كونه أو أنفه)) . # والبرهان : الدليل، والمناطقة يخصونه بما تركب من مقدمات عقلية كقولنا: ~~هذا العالم متغير وكل متغير حادث . # ومعنى مقررا : مثبتا، يقال: قررت المسألة، إذا أثبتها بدليلها، مأخوذ من ~~قر بالمكان ، وإذا ثبت وتمكن فيه . # وقوله عقلا ونقلا : تمييزان مفسران لذات البرهان . # وقوله أي ما برهان : أي هنا لبيان الكمال، يقال زيد رجل، أي (¬1) رجل إذا ~~كان كاملا في الرجولية . # وقوله :لا بد للأشياء ..الخ : شروع في بيان البرهان العقلي وسيأتي تمامه ~~في كلامه الآتي، والمراد بأحوالها وصفاتها . # والإعتبار بالشيء : هو الإعتداد به . # والعدم : بضم فسكون، لغة في العدم بفتحتين وهو نقيض الوجود . # والوجدان : بالكسر وبالضم مصدر بمعنى الوجود، وسيأتي بيان الواجب والممكن ~~والمستحيل في كلام المصنف . # وقوله باطل الإمكان : بيان للمستحيل . # * جائز الوجود : # 20- ما كان معدوما ولكن ممكن إيجاده وفناه في ms033 الأذهان # 21- فهو المسمى جائزا كالخلق والقرآن والجنات والنيران # 22- ولكل من ذا حادث تقليبه من حالة في حالة برهاني # 23- والعجز والتخصيص أيضا شاهد بحدوثه من فاعل وحداني # 24- أيصح تخصيص وترجيح بغي ير مخصص أو فاعل الرجحان PageV01P091 أي الذي تقدم له سبق عدم، سواء أوجد الآن أو لم ~~يوجد، أو وجد فيما مضى ثم عدم، ولكن يصح في العقول السليمة وجوده وعدمه ~~(¬1) ولا يستحيل عليه أحد الطرفين . فوجوده هو المسمى بالجائز العقلي ~~لتجويز العقول السليمة كلا طرفي الوجود والعدم فيه، وذلك الذي تجوز العقول ~~وجوده وعدمه هو كالمخلوقات جميعها، وكالقرآن والتوراة والإنجيل والزبور ~~ونحوها، وكداري الجزاء في الآخرة وهذه كلها حادثة لا يجوز أن يقال بقدم شيء ~~منها. والدليل على أنها من الممكن وجوده وعدمه أو على أنها حادثة تنقلها من ~~حالة إلى حالة أخرى كتنقل القرآن من اللوح إلى سماء الدنيا ومنها إلى نبينا ~~عليه الصلاة والسلام، ومنه إلى صدور الذين أوتوا العلم { بل هو قرآن مجيد ~~في لوح محفوظ } (¬2) { إنا أنزلناه في ليلة القدر } (¬3) { نزل به الروح ~~الأمين على قلبك } (¬4) { بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم } ~~(¬5) وهذا التنقل هو عين التغير، والتغير دليل الحدوث وانتفاء القدم. وكل ~~ما كان حادثا غير قديم فهو (¬6) جائز الوجود لا واجبه. # ودليل آخر على حدوث هذا الذي ذكرناه، أن جميع ما ذكرناه لا يستطيع لنفسه ~~نفعا، ولا يدفع عنها ضرا، وهذه صفة عاجز مقهور وكل عاجز فهو محدث غير قديم ~~وكل محدث فهو جائز الوجود . PageV01P092 # ودليل آخر على حدوثه، إنا رأينا هذه الأشياء التي ذكرناها قد اختصت بطرف ~~الوجود مع جواز طرف العدم عليها، ولا يجوز أن يكون مخصصة لنفسها بطرف ~~الوجود، فاحتاجت إلى مخصص من غير ذاتها، وذلك المخصص هو الفاعل المختار ~~المنفرد بالألوهية، وكل ما كان غيره فاعلا فيه فهو حادث، وكل حادث فهو جائز ~~الوجود ولا يمكن في العقل أن تختص هذه الأشياء بأحد الطرفين الجائزين عليها ~~بغير مخصص ومرجح لأحدهما على الآخر، لأنه إذا كان الطرفان جائزين ms034 عليها ~~معا، فلا يجوز أن تختص بأحدهما دون الآخر وإن يرجح أحدهما على الآخر إلا ~~بمخصص ومرجح لذلك الطرف على نقيضه . # وقدم المصنف هذا القسم الذي وهو جائز الوجود على القسم الذي هو واجب ~~الوجود، مع أن واجب الوجود هو أولى بالتقديم لما لا يخفى، لأن هذا هو ~~مقصوده في إقامة برهانه العقلي، فلو قدم القسم الثاني عليه للزم عليه تقديم ~~غير المقصود والسامع متشوق إلى إقامة البرهان الذي وعد به، فلا يحسن فصله ~~بتقديم غيره عليه . # فمعنى قوله ما كان معدوما : أي ما تقدم له سبق عدم سواء أكان موجودا في ~~الحال أو معدوما، وجميع الحادثات قد تقدم لها ذلك السبق، ففيه إشارة إلى أن ~~الكلام الفعلي من جملة الحادثات التي تقدم لها سبق عدم، وما تقدم له سبق ~~عدم فهو غير قديم بضرورة العقل . # وقوله ولكن ممكن إيجاده : فلكن ساكنة والنون مخففة من الثقيلة وهي هنا ~~لمجرد الإبتداء جاء بها لتأكيد الكلام، فأن أصلها التي هي المشددة تكون ~~تارة للإستدراك وأخرى للتأكيد . # وقال قوم : هي للتأكيد دائما وفيها معنى الإستدراك، ولك أن تقول هي ~~للإستدراك المحض والمستدرك هو دفع توهم استحالة الإيجاد، ومعنى ممكن : جائز ~~جوازا عقليا، وهذا هو الإمكان الخاص عند المتكلمين (¬1) والمناطقة، ~~والإمكان العام هو ما يشمل الجائز والواجب العقليين . # والإيجاد : مصدر أوجده إذا أخرجه من العدم إلى الوجود . PageV01P093 والأذهان : جمع ذهن وهو هنا العقل . # وقوله فهو المسمى جائزا : أي فوجوده هو المسمى جائزا..الخ، فالضمير عائد ~~إلى الوجود المأخوذ من معنى الإيجاد . # والخلق : بمعنى المخلوق كالأكل بمعنى المأكول، تسمية للمفعول بالمصدر وهو ~~شامل لجميع المخلوقات، لكن لما أشكل على بعض العوام دخول بعض المخلوقات في ~~حيز الخلق عطف عليه ما اشكل عليهم دخوله تنبيها لهم أن هذا المعطوف من جنس ~~المعطوف عليه . # فقال والقرآن : ثم إنه لما كان شبههم أن القرآن لا يفنى وسائر المخلوقات ~~تفنى فهو (¬1) خارج عن حكمها بهذا المعنى وعطف عليه الجنات والنيران تنبيها ~~لهم أن الجنات والنيران لا تفنى أيضا، وأنتم ms035 معترفون (¬2) بخلقها كما يصرح ~~بذلك فيما سيأتي . # والجنات : جمع جنة وهي دار الثواب في الآخرة . # والنيران : جمع نار وهي دار العقاب في الآخرة، نعوذ بالله منها وما يقرب ~~إليها . # وقوله والكل من ذا : أي من هذا المذكور، فلهذا (¬3) ذكر الإشارة ومعنى ~~حادث : أي كائن بعد عدم . # وقوله تقليبه : أي تنقله . # وقوله من حالة في حالة : أي من حالة إلى حالة، ففي بمعنى إلى . # وبرهاني : أي دليلي إضافة إلى نفسه لأنه في مقام مناظرة الخصم، فكأنما ~~قال له : هذا برهاني، فأين برهانك ؟ # ولا إيطاء في عود ذكر البرهان في القافية (¬4) لوجهين : # أحدهما : أنهما مختلفان تعريف وتنكيرا . # وثانيهما : أنه قيل بجواز عود القافية بعد ثلاثة أبيات، وإن اتحدت لفظا ~~ومعنى، وقيل بجواز عودها بعد سبعة وقيل بعد عشرة . # والعجز : هو صفة وجودية تقابل القدرة، تقابل الضدين لا العدم والملكه . # والتخصيص : هو الحكم بثبوت المخصص لشيء ونفيه عما سواه وهو مبتدأ . PageV01P094 وشاهد : بمعنى دال خبره، وخبر المبتدأ الأول الذي ~~هو العجز محذوف لدلالة شاهد عليه، تقديره والعجز شاهد على حدوثه ..الخ . # والحدوث : الوجود بعد العدم . # وقوله من فاعل وحداني : أي بإرادة فاعل واحد لأن الإرادة هي المخصصة ~~لترجيح (¬1) أحد الطرفين على الآخر. والفاعل هو الذي أوجد الفعل، ولا يشترط ~~قيام معنى الفعل بالفاعل، خلافا للأشعرية، وإلا لزم عليه أمور لا يسع ~~المقام ذكرها بينها البدر الشماخي (¬2) -رحمه الله تعالى- في شرح مختصره ~~(¬3) ، راجعها منه من فصل الإشتقاق إن شئت . # والواحداني : نسبة إلى الواحدانية بمعنى الوحدة، زيدت فيها الألف ~~للمبالغة كنوراني ورباني، والمراد بالواحداني هنا المنفرد بالكمال الذاتي . # وقوله أيصح ..الخ : إنكار لإمكان التخصيص والترجيح بغير مخصص ومرجح. ~~والصحة عند المتكلمين بمعنى : الإمكان، وعند الأصوليين بمعنى : الإجزاء . ~~يقولون: هذه العبارة صحيحة إذا كانت مجزية في رفع الوجوب وسقوط القضاء. ~~وعند الفقهاء بمعنى:" الجواز الشرعي المقابل للتحريم. يقولون: هذا لا يصح ~~أي: لا يجوز. وعند أهل اللغة بمعنى: الثبوت ومنه قوله : # (وصح عند الناس أني عاشق) PageV01P095 # أي ثبت ذلك عندهم، والمراد به هنا المعنى الأول ms036 وهو الإمكان الخاص بمعونة ~~المقام . # والترجيح: هو بيان القوة لأحد المتعارضين على الآخر . # والمخصص: هو فاعل التخصيص . # وفاعل الرجحان: هو الذي صدر منه ترجيح أحد الطرفين على الآخر. # * واجب الوجود : # 25- أو كان موجودا يحيل العقل أن يك حادثا أو مضمحلا فان # 26- فهو الذي وجب الوجود لذاته لا غيره سبحانه الديان # 27- إذ ليس في الأشياء إلا خالق وسواه مخلوق ضعيف عان (¬1) # أي والذي كان من الأشياء موجودا لم يتقدم له سبق عدم، ولا يجوز العقل ~~وجوده بعد عدم، ولا يجوز أن يكون ذاهيا فانيا بعد وجوده، فذلك هو وجود واجب ~~الوجود لذاته، ولا يتصف بذلك الوجود الواجب لذاته إلا من انفرد بالكمال ~~الذاتي وهو الله عز وجل لا غيره، سبحانه أن يكون له شرك في هذه الصفة ~~الخاصة به، وهو الوجود الواجب لذاته، فجميع ما عداه جائز الوجود والعدم أو ~~مستحيل الوجود وكل ما جاز عدمه استحال قدمه . # فقدم القرآن مستحيل لذلك، وإنما قلنا أن الوجود الواجب مختص به الله عز ~~وجل، لا يشاركه فيه غيره، إذ ليس في الوجود إلا خالق أو مخلوق، فالخالق هو ~~الموجد القوي القاهر، والمحدث هو العاجز المقهور ولا ثالث هنالك . # ومحال أن يكون الوجوب الذاتي للحادث العاجز، فوجب أن يكون للموجد القادر ~~القاهر . # فقوله أو كان موجودا: معطوف على قوله ما كان معدوما وحذف الموصول لدلالة ~~(¬2) الأول عليه . # وقوله يحيل العقل : أي يمنع العقل ، أي لا يتصور فيه جواز حدوثه وعدمه . # وقوله إن يك حادثا: أي يأبى العقل كونه موجودا بعد عدم . وجزم بأن ~~المصدرية على حد قول الشاعر : # تعالوا إلى أن يأتينا الصيد نحطب (¬3) PageV01P096 # والمضمحل: الذاهب، والضمير من قوله فهو يعود إلى الوجود المأخوذ من معنى ~~الموجود . ولا بد من تقدير مضاف محذوف تقديره : فهو وجود الذي وجب الوجود ~~لذاته. وإنما قدرنا مضافا هكذا لأن التقسيم إنما هو للوجود لا للموجود، ~~وكذا فيما تقدم . # وقوله سبحانه: أي تنزيها له أن تكون هذه الصفة التي هي الوجود الواجب ~~لغيره . # والديان: بدل من الضمير، ومعنى الديان ms037 المجازي لعباده على أعمالهم الحسنة ~~والقبيحة . # وقوله إذ ليس في الأشياء:تعليل لما ذكره والمراد بالأشياء هنا الموجودات . # وقوله وسوداه : أي وغيره. # *مستحيل الموجود: # 28-أو كان شيئا يستحيل وجوده فهو المحال الواجب البطلان # 29-كوجود موجود قديم عند من قد جل عن ند وعن خلان # أي أو ما كان ذلك الشيء شيئا يمنع العقل وجوده ,فوجود ذلك الشيء هو ~~المحال الباطل إمكان وجوده مثال ذلك المحال هو كوجود شيء موجود في القدم ~~الأزلي عند الذي قد عظم شأنه عن مثل يناده وعن أصدقاء يساعدونه . # فقوله أو كان شيئا : معطوف على ذلك الشيء شيئا صفته كذا وفي كلامه إطلاق ~~الشيء على المعدوم ,وهو المذهب (¬1) يقال :هذا شيء موجود ,وهذا شيء معلوم , ~~فأعلم الألفاظ عند شيء ثم بعده لفظ معلوم ,ثم موجود , وأعلم الألفاظ عند ~~الأشعرية:معلوم. # وقوله يستحيل :أي يمتنع. # وقوله فهو المحال:أي فوجوده هو المحال بضم الميم مفعول من إحالة العقل ~~إذا منعه . PageV01P097 # وقوله الواجب البطلان :تبين للمحال بأن وجوده واجب البطلان .ومعنى واجب ~~البطلان أي :بطلان وجوده ثابت بالعقل,وذلك كما مثل له المصنف بقوله كوجود ~~موجود قديم ععند من قد جل .. الخ . أي فمثال ما كان محالا عقليا، وهو وجود ~~موجود في القدم غير الله عز وجل، وذلك لأن القدم صفة قد اختص بها المولى ~~فيحيل العقل مشاركته في صفه قد اختص بها، إذ (¬1) لو كان مشاركا فيها، لم ~~تثبت له خصوصية بها ولكان فيها هو وغيره سواء ، فظهر بطلان القول بقدم ~~القرآن، وبطلان قول الأشعرية بأن الصفات الذاتية معان حقيقية قائمة بالذات ~~العلية وسيأتى بيان مذهبهم والإستدلال على رده عليهم إن شاء الله تعالى . # وقوله قد جل : أي عظم شأنه . # والند : بالكسر ((المثل)). قال في المصباح : ولا يكون إلا مخالفا . # والخلان : الأصدقاء، ونفي الأصدقاء عنه إنما هو باعتبار المعنى المعهود ~~فلا ينافي أنه قد اتخذ إبراهيم خليلا (¬2) ، لأن خلة إبراهيم للرحمن إنما ~~هي محض اصطفاء ورفع شأن وبيان لعظم منزلة الخليل عليه السلام، ولما كانت ~~الحنابلة تجوز ms038 تعدد القدماء _ كما حكا عنهم السيد الجرجاني (¬3) في شرح ~~خطبة الكشاف شرع في بيان بطلان تجويزهم ذلك فقال : # * الإستدلال عن طريق القدم: # 30- أيكون مع ربي قديم غيره لو كان ذلك كان ثم اثنان # 31- وإذا يجوز ثلاثة أو ضعفها وكذا يجوز الألف والألفان # 33- فلمن تكون عبادتي أفغير رب ي للعبادة مستحق ثان PageV01P098 أي أثبت موجود في الأزل غير ربي عز ~~وجل، كلا لا يجوز أن يثبت ذلك لأنه لو ثبت قديم غيره لكان في الأزل قديمان، ~~وإذا ثبت كون قديمين في الأزل جوز العقل أن يكون هنالك قديم ثالث أيضا، ~~وكذا يجوز أن يكونوا ستة قدماء، وكذا يجوز أن يكونوا عشرة قدماء، وكذا يجوز ~~أن يكون ألف وألفي قديم، وهكذا إلى مالا نهاية. فلو ثبت لك أو شيء منه، ~~لكان كل واحد من تلك القدماء مستحقا لأن يوجه العباد إليه أعمالهم على جهة ~~التذلل له والتقرب إليه، وهذا باطل . لما يترتب عليه من تجويز الشرك بتجويز ~~العبادة لغير الله تعالى، بل لا يستحق العبادة إلا هو عز وجل { قل أفغير ~~الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون } (¬1) . وهذا الإستدلال إنما يتم بتسليم ~~أمرين : # أحدهما : هل القدم صفة لأجلها يستحق المتصف بها العبادة، وينفرد ~~باستحقاقها عن غيره ؟ # قلنا : نعم، لأن القديم الأزلي هو الذي أوجد الأشياء واخترعها وقسمها في ~~أصنافها وأنواعها، وكلف بعضها التكاليف، فلو لم يكن قديما لكان من جنسها ~~ومن بعض أنواعها، فلا يمتاز عنها بشيء، فلا يستحق لأن يعبد بل لا يجوز له ~~ذلك، فبالإتصاف بالقدم امتاز عنها وبالإنفراد به استحق الإنقياد منها . # وثانيهما: هل تجويز قدماء متعددة يستلزم تجويز العبادة لغير واجب الوجود ؟ # قلنا: نعم، لأنه إذا ظهر لك أن القدم هو الصفة التي امتاز بها القديم عن ~~المحدث ولأجلها استحق ما استحق من الكمالات، وانقياد المخلوقات له، وجب أنه ~~لو جاز أن يكون غيره متصفا بها لجاز أن تكون العبادة لغيره، فإذا يجوز ~~الشرك به وهو باطل قطعا. PageV01P099 # فقوله أيكون مع ربي قديم..الخ : إنكار لوجود قديم غير الله ms039، واستدل على ~~بطلان (¬1) وجوده بالقياس الإستثنائي حيث قال :( لو كان ذلك ثم اثنان ومعنى ~~ثم : هنالك وهو إشارة إلى الأزل، ولما كان التالي محتاجا إلى الإستدلال على ~~ثبوت بطلانه استدلال عليه بقوله : وكذا يجوز ثلاثة ..الخ . # والمراد بضعفها: هو زيادة ثلاثة أخر عليها فتكون ستة قدماء، ثم مشى ~~اللزوم إلى ما لا نهاية، فذكر الألف والألفين ليس بغاية في الإلزام وإنما ~~هو مبالغة في تجويز (¬2) ثبوت المتعددات من القدماء ولما خشي أن لا يردعهم ~~ذلك الإلزام، استدل عليه بإلزام آخر هو أنه يلزمهم أن يكون غير الله مستحقا ~~للعبادة فأنكر عليهم بقوله : فلمن تكون عبادتي أفغير ربي..الخ . # وللحنابلة أن يقولوا تجويز العبادة لغير الله إنما هو ممنوع شرعا لا ~~عقلا، فلو لم يرد الشرع بتحريمها لغير الله لم يحل العقل وجودها لغيره، وقد ~~عبدت اليهود عزيرا، والنصارى عيسى والعرب الأصنام، فهذه عبادة منهم قد وقعت ~~لغير الله تعالى الوقوع أخص من الجواز لأن الجائز قد يقع وقد لا يقع . # ويجاب بأن المصنف لم يستدل بعدم جواز وقوع العبادة في العقل لغير الله، ~~وإنما استدل بعدم جواز استحقاقها لغير الله، فغيره عز وجل لا يستحقها وإن ~~وقعت له . # * الإستدلال عن طريق نفي الشريك عنه تعالى : # 33- جل المهيمن عن شريك عنده في الذات والأفعال والإحسان # 34- لو كان في الملكوت ثان عنده لتخالفا في الأمر والسلطان # 35- ولكان مقهورا ذليلا عاجزا إن كان شيء لم يشأه الثاني PageV01P100 # أي عظم الشهيد على ما في ضمائرنا وما نبديه من ظواهرنا عن أن يكون له ~~مشاركا في شيء من صفات ذاته أو في شيء من أفعاله وإنعامه على عباده، لأن ~~المشاركة في شيء من صفاته الذاتية توجب للمشارك الكمالات الذاتية التي قام ~~البرهان العقلي والدليل النقلي على استحالة وجودها في غيره ولأنه لو كان له ~~شريك في ملكوته لوجب اختلاف الشريكين في الأمر والقوة لاختلاف أرادتيهما ~~وللزم أن يكون (¬1) أحدهما مقهورا عاجزا إذا نفذت إرادة الآخر في شيء لم ~~يرده هو لأنه لا يكون وهو لم ms040 يرده، إلا إذا عجز عن دفعه ووقع على خلاف ~~اختياره وإن اتفقت إرادتهما فلا جائز أن يوجداه معا لئلا يلزم اجتماع ~~مؤثرين على أثر واحد، ولا جائز أن يوجداه مرتبا (¬2) بأن يوجده ثم يوجده ~~الآخر لئلا يلزم تحصيل الحاصل . ولا جائز أن يوجد أحدهما البعض والآخر ~~البعض للزوم عجزهما حينئذ، لأنه لما تعلقت قدرة أحدهما بالبعض سد على الآخر ~~طريق تعلق قدرته به، فلا يقدر على مخالفته وهذا عجز . # فقوله جل المهيمن: بمعنى عظم شأنه، والمهيمن هو الشهيد، وآثر التعبير به ~~(¬3) هنا على غيره من الأسماء تنبيها للسامع بأن الله مطلع على ما في ~~ضميره. فالواجب أن يراقب نفسه فلا يعتقد غير الحق في حق الله عز وجل . # وقوله عنده: العندية مجازية لأنها عبارة عن علو الشأن وعزة السلطان. # وقوله في الذات: أي في صفات الذات فهو على تقدير مضاف محذوف لأن الذات لا ~~يشارك فيها، وإنما تكون المشاركة في الصفات. # والأفعال: جمع فعل وهو هنا عبارة عن تأثير قدرة الله تعالى في المقدورات . # والإحسان: هو الإنعام على المخلوقات وهو نوع من الأفعال عطف عليه عطف خاص ~~على عام تنبيها للسامع بأن من كان فاعلا للإحسان إلى المخلوقات عموما وإلى ~~السامع خصوصا يجب أن لا يجهل شأنه فلا يوصف غيره بصفته الخاصة به . PageV01P101 وقوله لو كان في الملكوت: أي لو ثبت عنده في ~~الملك ثان للزم اختلافهما .. الخ، فالملكوت بمعنى الملك، وهو مطلق التصرف ~~في الأشياء مع عدم المعارض، جاء به على هذا الوزن المقتضى للمبالغة لقصد ~~المبالغة في نفي الشريك في الملك (¬1) . # وقوله في الأمر: أي الشأن لأن الأمر يطلق على الشأن تارة وعلى القول ~~المخصوص أخرى، وعلى الصفة تارة، وعلى الفعل طورا، والأنسب هنا تفسيره ~~بالمعنى الأول. # والسلطان: يطلق على معان منها الحجة والقدرة وكلاهما محتمل في البيت أن ~~يكون مرادا . # وقوله ولكان مقهورا: أي ولكان أحد المشتركين في الملكوت مغلوبا عليه غير ~~قادر على إتمام مراده، إذا وقع شيء بإرادة شريكه ولم يرد وقوعه هو، وأيهما ~~كان ms041 مقهورا عاجزا فليس ذلك بالإه لأن من الصفات الواجبة للإله أن يكون ~~قاهرا قادرا . # * الإستدلال بنفي المثل عنه تعالى : # 36- هذا دليل العقل ليس كمثله شيء يصدقه من القرآن # أي هذا البرهان الذي ذكرته واحتججت به على نفي قديم غير الله تعالى هو ~~دليل عقلي، وله من الكتاب العزيز ما يشهد له ويصدقه لأن العقل إذا كان ~~مؤيدا بالنقل كان ذلك أقوى في الحجة وأوضح في المحجة، وذلك المصداق هو قوله ~~تعالى { ليس كمثله شيء } ففي هذه الآية (¬2) مقنع لمن أراد الله به ~~الهداية، فإنها دالة على نفي المثل عنه تعالى، وإذا انتفى عنه المثل وجب أن ~~لا يكون قديم غيره لأنه لو كان قديم غيره لكان له مثل، ووجود المثل باطل ~~بهذه الآية فبطل وجود قديم غيره. # فإن قيل : إن الآية دالة على نفي المثل عن مثله تعالى لا على نفي المثل ~~عنه تعالى، فلا دليل لكم في الآية . PageV01P102 قلنا : نفي المثل عن مثله يستلزم نفي مثله على ~~طريق المبالغة لأنه إذا انتفى وجود المثل عن مثله والحال إن وجوده تعالى ~~ثابت بالدليل القاطع فقد رجع النفي لمثله وهو أبلغ من أن لو قيل: ليس مثله ~~شيئا، فظهر أن هذا الجواب أقوى في الحجة مما أجاب به بعضهم من أن الكاف في ~~الآية زائدة للتأكيد. والتقدير: ليس مثله شيئا . # وعلى هذا الجواب الأخير عول ابن النظر في قوله: # وليس كمثل الله شيء وإنما هنا الكاف حشو للكلام لكي يتم # * الإستدلال بالخلق { خالق كل شيء } : # 37- والله خالق كل شيء حجة في خلقه ناهيك من برهان # 38- إن قلت بالتخصيص للقرآن من هذا الدليل الواضح التبيان # 39- وجعلته كالقول فيمن أوتيت من كل شيء نازح أو دان # 40- وكما أتى في ريح عاد إذ تدم ر كل شيء كان في الأكوان # 41- فأقول إن العقل خصص أولا إذ ليس يخطر في نهى الإنسان # 42- إن توت ما لم يخلق الباري ولا ما دمرته طوارق الحدثان # 43- والحس خصص ثانيا إذ ظاهر للحس ما لم يفن والأعيان # 44- والعقل يأبى ms042 ثالثا أي غير مخلوق وغير الخالق المنان # 45- أيكون شيء غير مخلوق ولا هو خالق هذا من البهتان # أي وقوله تعالى { خالق كل شيء } وقوله { إنا كل شيء خلقناه بقدر } (¬1) ~~دليل قاطع على خلق القرآن كغيره من سائر المخلوقات، لأنه شيء والقرآن دال ~~على أن الله خالق كل شيء، وشد بهذا الدليل عضدك، فهو يكفيك عن طلب دليل ~~آخر، لكن لما كان ضم دليل إلى دليل مثله أقنع للخصم وأظهر للحجة وأردنا من ~~الاحتجاج العقلي والنقلي ما سمعت. PageV01P103 # فإن قلت : إن لفظ هاتين الآيتين عام وقد دخله التخصيص يكون الله غير ~~مخلوق وهو شيء، فلم لا يجوز أن يخرج من عكوم لفظه القرآن وله في ذ لك ~~نظائر؟ منها قوله تعالى في حق بلقيس { وأوتيت من كل شيء } (¬1) . فظاهره ~~أنها أوتيت من جميع ما نأى وما دنا، وليس كذلك بل هو عموم أريد به الخصوص. ~~ومنها قوله تعالى في ريح عاد { تدمر كل شيء } (¬2) ومن المعلوم لم تدمر ~~السماوات السبع والأراضين السبع والجبال والبحار وغير ذلك . فلفظ الآية عام ~~أريد به التخصيص،فكذلك قوله تعالى { خالق كل شيء } وقوله { إنا كل شيء ~~خلقناه بقدر } . # فأقول مجيبا لك عن هذا الإعتراض: إنه ورد التخصيص لآية بلقيس ولآية ريح ~~عاد. فأما التخصيص لآية بلقيس فهو من العقل لأنه لا يخطر بعقل إنسان أنها ~~أعطيت من الأشياء التي وجدت قبلها فعدمت ولا من الأشياء التي وجدت بعدما ~~عدمت هي . فإن الضرورة قاضية بأن المتأخر (¬3) وجودا لا يملك المتقدم ~~وجودا، إذا عدم قبله ولا يملك ما وجد بعد عدمه. وأما التخصيص لآية الريح، ~~فهو أن الحس قد شاهد السماوات والأراضين والجبال وغيرها غير مدمرة، وهي ~~أشياء، فقضى العقل لوجود هذه المشاهدة بتخصيص تلك الآية كما قضى بتخصيص آية ~~بلقيس، ولا مخصص لقوله تعالى { خالق كل شيء } ، بل العقل يمنع وجود موجود ~~ثالث هو غير خالق وغير مخلوق لما قدم من الدليل القاطع على أن الأشياء ~~الموجودة إما خالق وإما مخلوق. وقد قام البرهان أيضا بوحدانية ms043 الخالق، فهذا ~~حكم العقل مؤكد لعموم { خالق كل شيء } لا مخصص له . # فإن قلت: قد خرج عن عموم الآية بعض الأشياء وهو الله عز وجل، لأنه غير ~~مخلوق وهو شيء. # قلت: قد أجاب المصنف عن هذا الإعتراض بما سيأتي: PageV01P104 فقوله: { والله خالق كل شيء } باق على ~~عمومه، لأنه إذا أخرج العقل بعض أفراد العام ولم يكن مخصص آخر يخرج بعضا ~~آخر، بقي العموم متناولا جميع ما عدا المخرج، وقد قام البرهان العقلي (¬1) ~~والدليل النقلي، على إبقاء هذا العام على عمومه فيما عدا الخالق عز وجل، ~~لأن العقل يحيل أن يكون الخالق مخلوقا . # وقوله حجة: أي دليل. وقد عرف بعض العلماء الحجة بما نصه : ( الحجة هو ما ~~يقع به للناظر حقيقة الشيء المنظور فيه ) # وقوله في خلقه: أي على خلقه، ففي بمعنى على . # وقوله ناهيك من برهان: أي حسبك برهانا، قال في القاموس وشرحه: ويقال نهيك ~~من رجل بفتح فسكون، وناهيك منه، ونهاك منه، أي كافيك من رجل، كله بمعنى : حسب . # قال الجوهري: " أنه بجده وغناؤه ينهاك عن تطلب غيره " وأنشد: # هو الشيخ الذي حدثت عنه نهاك الشيخ مكرمة وفخرا (¬2) # وقوله : إن قلت بالتخصيص للقرآن..الخ: إشارة إلىاعتراض صاحب تلك النونية ~~بما نصه : # ولئن نكصت وقلت شيء محدث والله أحدث كل شيء فان # جئناك في رفق بأيسر حجة بالشيء مختصا من القرآن # في ملك بلقيس وما قد أوتيت من كل شيء نازح أو دان # لم تؤت مما قبلها أو بعدها شيئا فكن ذا خبرة وبيان # وحاصل جواب المصنف عنه أن آية بلقيس قد خصصها العقل، ولم يخصص قوله { ~~خالق كل شيء } عقل ولا نقل إلا ما أخرجه العقل من أن الخالق لا يكون ~~مخلوقا، وليس القرآن خالقا حتى يخصص بهذا الدليل سلمنا أن الشيء قد أتى في ~~القرآن عاما يراد به الخصوص، لكنا لا نسلم أنه يراد به الخصوص هاهنا بل ~~الدليل يؤكد عمومه . # فبمساعدة العقل والنقل لعموم { خالق كل شيء } صارت دلالته على المطلوب قطعية. PageV01P105 # وقوله الواضح التبيان: بمعنى ظاهر ms044 البيان فزيادة التاء مبالغة على حد ~~قوله تعالى { تبيانا لكل شيء } (¬1) . # وقوله وجعلته كالقول : أي المقول . # وقوله فيمن أوتيت: أي في التي أوتيت والمراد بها بلقيس صاحبة سليمان عليه ~~السلام والإشارة إلى قوله تعالى { وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم } . # وقوله من نازح: أي بعيد من نزح عن وطنه إذا نأى عنه . # وقوله أو دان: أي ودان فأو بمعنى الواو ودان أي: قريب، من دنا يدون من ~~الشيء، إذا قرب منه، وهذا تفسير لظاهر العموم من قوله { وأوتيت من كل شيء } . # وقوله فأقول أن العقل : منع لمساواة المعترض بين العمومين . # وقوله إذ ليس يخطر ..الخ: دليل لمدعاه، وهو تخصيص العقل . # وقوله النهى: كهدى: العقل، ويكون جميع نهيه وهي العقل أيضا، سمي بذلك ~~لأنه ينهى المرء عن ارتكاب مالا ينبغي، وإليه الإشارة بقوله تعالى { إن في ~~ذلك لآيات لأولي النهى } (¬2) # وقوله ان توت : أي أن تعط، معمول ليخطر،والمراد بقوله (( مالم يخلق ~~الباري )) أي حال وجودها فتمليك شيء لم يخلق بعد محال . # وقوله ولا ما دمرته طوارق الحدثان: أي ولا أفتته النوائب الطوارق. # فدمرته: بمعنى أفنته، وإسناده إلى الطوارق مجاز عقلي . # والطوارق: جمع طارقة، كزوائر جمع زائرة، مؤنث طارق إذا أتى ليلا، سمي ~~بذلك لاحتياجه إلى طرق الباب أي ضربه . # والحدثان: النوائب وإضافة الطوارق إلى »الحدثان« من باب إضافة الصفة إلى ~~موصوفها، وأصله: النوائب الطوارق وفي وصف النوائب بالطوارق تجوز . # وقوله والحس: المراد به هنا الحس البصري، وأسند التخصيص إليه مع أن العقل ~~المخصص لا الحس لكون الحس هو طريق تأدية هذا المعنى إلى العقل . PageV01P106 # فالعقل إنما عرفه بسبب تأدية الحس البصري إليه، ولما كان تخصيص آية بلقيس ~~بمجرد العقل، لم يسند التخصيص إلى الحس لكن أسنده إلى العقل، ففي إسناده ~~التخصيص إلى الحس هنا تنبيه على سبب تأدية ذلك التخصيص إلى العقل . # وقوله إذ ظاهر للحس: تعليل لمدعاه . # وقوله ما لم يفن: أي الذي لم ينعدم ولم تدمره الريح . # وقوله والأعيان: جمع عين، والمراد بها الباصرة، وعطفها على الحس ms045 عطف ~~تفسير . ويحتمل أن يريد بالحس مطلق الحواس الخمس فإنه ما من حاسة إلا ويدرك ~~بها شيئا لم تدمره الريح، فيكون عطف الأعيان على الحس من باب عطف الخاص على ~~العام، وفائدته التنبيه على أن حاسة البصر هي أكثر إدراكا لهذه الأشياء ~~الموجودة ثم ظهر لي أن هذا الوجه هو الأظهر من كلام المصنف فينبغي أن يحمل عليه. # وقوله والعقل يأبى ثالثا: أي واللب يمنع موجودا ثالثا هو غير خالق وغير ~~مخلوق . # وقوله غير مخلوق: أراد بالمخلوق جميع ما عدا الإله عز وجل فإن جميعها ~~موجود بعد عدم . # وقوله وغير الخالق: أراد بالخالق هو الله عز وجل فإنه هو الموجد للأشياء . # وقوله المنان: أي الموصل النعم الكثيرة إلى خلقه، وآثر الوصف بالمنان هنا ~~لمناسبته معنى الخالق، فإن المنان في معنى: الرازق، والخلق إنما خلقوا ~~محتاجين، فالذي خلقهم أوصل إليهم النعم الكثيرة . # وقوله أيكون شيء: أي موجود لأنه قد تقدم أن الشيء يطلق على المعدوم أيضا، ~~ولا يسمى المعدوم خالقا ولا مخلوقا، وإنما تطلق اسم الشيء نظرا إلى الإخبار ~~عنه، فنقول مثلا: اجتماع الماء والنار شيء معدوم، وبحر من زئبق شيء معدوم، ~~لأن المعدوم هو ماهية موجودة في الخارج، فتفطن لهذه النكتة تدر بها التحرز ~~مما ألزمته الأشاعرة المعتزلة على قولهم أن المعدوم شيء وشنعوا عليهم لذلك . # وقوله هذا من البهتان: أي دعوى موجود غير خالق وغير مخلوق كذب وافتراء، ~~فظهر من هنا بطلان القول بقدم ما عدا الخالق تعالى . PageV01P107 # 46- إن قلت أن الله خالق نفسه إذ كان شيئا جاء في القرآن # 47- قلنا يحيل العقل كون الله مخلوقا وهذا غاية الكفران # أي إن قلت معترضا علينا في قولنا بعموم خالق كل شيء بأن الله عز وجل قد ~~سمى نفسه في القرآن شيئا فقال : { أي شيء أكبر شهادة قل الله } (¬1) وقال : ~~{ كل شيء هالك إلا وجهه } (¬2) ولأن كل ما ليس بشيء فهو معدوم، والله عز ~~وجل موجود, فهو شيء، فيلزمكم على القول بعموم خالق كل شيء أن يكون الله عز ~~وجل خالق ms046 نفسه لأنه شيء أيضا . # قلنا مجيبين لك: إن العقل يمنع أن يكون الله عز وجل مخلوقا . والقول بأنه ~~مخلوق هو الغاية الكبرى في الكفر، وإنما قلنا بأن العقل يحيل أن يكون الله ~~تعالى مخلوقا، لأنه حينئذ إما أن يكون خالقا لنفسه، وإما أن يكون غيره ~~خالقا له، وكلاهما محال عقلا لما يلزم على الأول من أنه إما أن يكون حال ~~خلقه لنفسه موجودا أو معدوما ومحال أن يكون معدوما لأن المعدوم لا يوجد ~~شيئا، وإنما هو نفي محض، وإن كان موجودا فمحال أن يخلق نفسه أيضا، لأن خلقه ~~لنفسه بعد وجودها تحصيل للحاصل، وهو في العقل (¬3) من الباطل، فبطل أن يكون ~~خالقا لنفسه. وأما البطلان أن يكون خالقا له - تعالى - غيره، لأنه لو كان ~~غيره خالقا له، لكن ذلك الغير (¬4) هو الإله القادر، وهذا المخلوق هو ~~المألوه العاجز. ثم إن قلتم بذلك الخالق خالقا غيره أيضا لزم عليه، أما ~~الدور والتسلسل وكلاهما باطل كما سيأتى بيان كل منهما: # 48 لو صح هذا فالتسلسل لازم والدور وهو نهاية البطلان PageV01P108 أي لو ثبت هذا القول بأن الله مخلوق - ~~تعالى - عن ذلك لزم عليه التسلسل، إن قلتم بأن خالقه غيره، لأنه لابد لذلك ~~الغير الذي زعمتم أنه هو الخالق إما أن يكون غير مخلوق فيكون هو الإله دون ~~غيره، وإما أن يكون مخلوقا فيحتاج إلى خالق غيره، وهذا الخالق الذي زعمتموه ~~لابد له من أحد الأمرين المتقدمين في نظيره، وهكذا فأي واحد كان خالقا غير ~~مخلوق فهو الإله. وإن قلتم أن جميعها فأي واحد كان خالقا غير مخلوق فهو ~~الإله. وإن قلتم جميعها خالق ومخلوق، لزم عليه عدم النهاية، إذا لاغاية ~~لذلك، وهذا هو التسلسل. وإن قلتم بأن كل واحد منهما خلق الآخر لزم عليه ~~محال آخر، يسمى بالدور ، والدور التسلسل باطلان عقلا . # فقوله لو صح : أي لو ثبت . # والتسلسل : هو توقف أمر على أمر، وتقف ذلك الأمر على أمر أخر وتقف ذلك ~~الأمر أيضا على أمر أخر وهكذا ، إلى مالا نهاية، وهو من ms047 المحالات العقلية ، ~~ووجه كونه محالا عقلا هو أن العقل يمنع وجود أشياء لا غاية لها . # والدور :هو توقف أمر على أمر يتوقف عليه ذلك الأمر بعينه مثاله : ما أن ~~لو قالو أن كل واحد خلق الآخر فإنه يلزم على قولهم هذا ان يكون كل واحد ~~منهما موجودا قبل صاحبه ووجود كل واحد منهما قبل الآخر محال، إذ لابد من ~~تقدم أحدهما على الآخر في الوجود، فمن هنا كان الدور محالا . # ومثال أيضا : أن لو قلنا: لا تعرف عمرا حتى تعرف زيدا، ولا عرف زيدا حتى ~~تعرف عمرا ، فإنه يستحيل معرفة كل واحد منهما، لأن (¬1) معرفة كل واحد ~~منهما متفوقة على معرفة الآخر، فاستحالت المعرفة لكل واحد منهما، وكذا ~~يستحيل وجود كل واحد من الخالقين أن لو قالوا بأن كلا منما خلق الآخر لأن ~~وجود كل واحد منهما متوقف على وجود الآخر, فلا وجود لشئ منهما أصلا . # 49 بل لا وجود لغيره فوجوده قبل الزمان وقبل كل مكان PageV01P109 # أي دع عنك هذا المقال الذي لا أظنك تقول به، فإنه لا وجود في الأزل لغيره ~~تعالى حتى يكون خالقا له مثلا - تعالى الله عن ذلك - فوجوده عز وجل قبل ~~الزمان كله وقبل الأمكنة جميعها لأن الزمان والمكان مخلوقان له - تعالى - ~~ولا يخفى وجوب تقدم الخالق على المخلوق. وإذا عرفت وجوب تقدم وجوده [ على ~~الزمان والمكان يتبين لك وجوب تقدم وجوده ] (¬1) على كل شيء إنما وجد بعد ~~وجود الزمان والمكان، فلا بد لكل مخلوق من مكان يحويه وزمان يوجد فيه، فثبت ~~بهذا الدليل وجوب قدمه »عز وجل« ووجوب حدوث ما عداه. # *مباينته تعالى لخلقه : # 50- فهو المباين خلقه في الذات والأوصاف والأفعال والوجدان # 51- وكذا الضرورة خالق الأشياء ليس كمثلها في الخلق والإمكان # ... أي فهو »تعالى« مخالف لخلقه في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله (¬2) وفي ~~وجوده، لأنه هو الخالق لها والمخترع والصانع لها باختياره . والضرورة ~~العقلية قاضية بأن خالق الأشياء لا يكون مثلها في صفاتها من كونها محدثة ~~بعد عدم ومن كون وجودها ممكن العدم، وهكذا ms048 في ذواتها وسائر صفاتها . # أما مباينته »تعالى« لخلقه في الذات، فلأن ذاته العلية ليست مركبة من ~~أجزاء كذات غيره، وليست متحيزة في حيز ولا متبعضة إلى أبعاض ولا هي متصلة ~~بالأشياء ولا الأشياء متصلة بها، لأن الإتصال والإنفصال والتحيز والتبعض ~~والتركب إنما هي من لوازم الجسمانية، والله »عز وجل« ليس بجسم، فلا يجوز أن ~~يتصف بها » تعالى الله عن ذلك . # وأما مباينته لخلقه في صفاته فلأن صفاته »تعالى« ليست هي غيره، بل ~~مدلولها عين ذاته وصفات غيره إنما هي غير ذواتهم، فسمعنا غير ذاتنا وبصرنا ~~غير ذاتنا، وعلمنا غير ذاتنا وإرادتنا غير ذاتنا وقدرتنا غير ذاتنا ~~وهكذا... فنحن نسمع بسمع ونبصر ببصر ونعلم بعلم ونريد بإرادة والله »تعالى« ~~سميع بذاته وبصير بذاته وعليم بذاته ومريد بذاته وهكذا.. PageV01P110 # وأما مباينته »تعالى« لخلقه في أفعاله، فلأنه تعالى لا يشاركه أحد في ~~فعله، وغيره قد يشارك فيه، ولأنه »تعالى« إذا أراد شيئا أنفعل له من غير ~~محاولة ومزاولة، ولا كذلك فعل غيره . # وأما مباينته »تعالى« لخلقه في الوجدان أي الوجود، فلأن وجوده »تعالى« ~~واجب، أي:ثابت عقلا ,ووجود غيره جائز أي قابل للبقاء والفناء ولأن وجوده ~~تعالى أولي,أي سابق لم يتقدمه عدم ,ووجود غيره إنما كان بعد عدم . # وقوله وكذا الضرورة : دليل لمباينته »تعالى« لخلقه، أي مما يظطر العقل ~~إلى القول به مباينة خالق الأشياء لها، لأنه لو كان مثلها لجاز عليه جميع ~~ما يجوز عليها، ويجوز عليها أشياء يتعالى الرب عنها. # وقوله في الخلق : أي في الإيجاد . # وقوله والإمكان : أي جواز العدم ، ولسيت مباينة الله لخلقه محصورة في ~~الخلق والإمكان لما تقدم، وإنما أقتصر المصنف عليها تمثيلا لا حصرا، ~~وآثرهما بالتمثيل بهما على سائر صفات المخلوقات لمناسبتها غرضه، فان مقصوده ~~بيان إثبات الخلق لجميع المخلوقات وبيان جواز العدم عليهما . # ? الجعل بمعنى الخلق و (القرآن معجول) : # 52 - وكذلكم أنا جعلناه لنا في خلقه من أوضح البرهان # 53 - إن قللت جعل الله ليس بحجة في خلقه تهدي إلى البيان # 54 - سلمت ان الله جاعله لنا نورا ms049 به يهدي أولي الإيمان # 55 - فانظر أجعل الله للأشياء عي ن الخلق أو هو غيره يا شاني # 56 - إن قلت خلق الله جعل كله أنصفت أو لا فأتني ببيان # أي ومثل قوله تعالى { خالق كل شيء } في الدلالة على خلق القران، قوله ~~تعالى { إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون } (¬1) فان الجعل ها هنا ~~بمعنى الخلق، فمعنى قوله { إنا جعلناه } إنا خلقناه، فكل مجعول مخلوق . # فإن قلت معارضا لنا : بأن الجعل المسند إليه »تعالى« ليس هو في جميع ~~المواضع بمعنى الخلق، فقد ورد في القرآن منسندا إليه »تعالى« لا بذلك ~~المعنى. PageV01P111 قال تعالى لأم موسى { إنا رادوه إليك ~~وجاعلوه من المرسلين } (¬1) . وقال { ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم } (¬2) ~~وقال { ليجعل ما يلقي الشيطان } (¬3) وقال { يريد الله ألا يجعل لهم حظا في ~~الآخرة } (¬4) . وإذا كان الجعل المسند إليه تعالى يكون تارة بمعنى الخلق ~~وأخرى بمعنى غيره في قوله تعالى { إنا جعلناه قرآنا عربيا } ما يدل على أن ~~الجعل هنا بمعنى الخلق لم لا يجوز أن يكون الجعل هنا بمعنى التسمية والوصف، ~~فيكون المعنى إنا سميناه قرآنا عربيا، فظهر أنه ليس في الآية حجة تدل على ~~البيان الواضح الذي أدعيته . # قلنا : يمنع من تفسير جعل بسمي وجوه : # أحدها : أنه ليس المقصود بالآية الإخبار عن تسمية القرآن قرآنا عربيا ، ~~وإنما المقصود من الآية الإخبار بأنه تعالى جعله على هذه اللغة التي يفهمها ~~المخاطبون، إقامة للبرهان وإظهارا للإمتنان يدلك على ذلك قوله { لعلكم ~~تعقلون } أي تعلمون . # وثانيها : أنه لو كان (جعل) في الآية بمعنى سمي لا ختل نظام الآية، إذ ~~ليست التسمية علة يرجى معها حصول علمهم فظهر امتناع كون جعل بمعنى سمي في ~~الآية . # وإن قلت : ليست هي بمعنى خلق وإنما هي بمعنى صير مثلا، قلنا لك: أنه ~~يلزمك أن تسلم أن القرآن مجعول هدى يهدي به أهل التصديق لقوله تعالى { هدى ~~للمتقين } (¬5) فانظر بعين عقلك ما معنى كونه مجعولا هدى ؟ أهو معنى: مخلوق ~~. أم غير ذلك ؟ # فإن قلت : لا، ولكنه بمعنى مصير هدى للمتقين فهو ms050 نظير قوله تعالى { أجعل ~~هذا البلد آمنا } (¬6) { واجعلني مقيم الصلاة } (¬7) ولا شك أن البلد ~~وإبراهيم موجودان قبل هذا الدعاء، فليس في وصفها بالجعل المسند إليه تعالى ~~ما يدل على خلقهما بعد ذلك . PageV01P112 # قلنا : إن الخليل عليه السلام لم يسأل جعل البلد لنفسه ولا جهل ذاته، ~~وإنما سأل جعل الأمن وجعل إقامته للصلاة ، فالأمن والإقامة المسئولان إنما ~~يوجدان بعد ذلك الدعاء لا قبله. فالأمن والإقامة (¬1) هما المجعولان لا ~~البلد وإبراهيم، سلمنا أن الجعل في الآيتين بمعنى التصيير، فالتصيير إنما ~~هو تحويل شيء إلى شيء آخر يقال : صيرت الطين خزفا. # أم تلك العامرية أسفرت (¬2) ليلا فصيرت المساء صباحا (¬3) # أي فحولته بنور وجهها، والتحويل من حالة إلى حالة هو إيجاد غير (¬4) تلك ~~الحالة التي كان عليها المحول وذلك الإيجاد هو الخلق بعينه، وكذا يقال في ~~قوله { وجاعلوه من المرسلين } وقوله تعالى { حسرة في قلوبهم (¬5) } ، وما ~~أشبه ذلك ، فإن سلمت هذا المعنى، وقلت أن الجعل المسند إليه تعالى كله ~~بمعنى الخلق فقد جئت بالإنصاف، وان امتنعت من التسليم ورجعت إلى المكابرة ~~فأتني ببيان يدل على مدعاك ولا تجده أصلا . # فقوله وكذلكم : إشارة إلى استدلاله النقلي المتقدم بيانه . # وقوله إن قلت جعل الله ليس بحجة .. الخ : إشارة إلى ما عارض به صاحب تلك ~~النونية بقوله : # إن كان من إنا جعلناه فما في الجعل ان انصفت من تبيان # قد قال إبراهيم رب اجعل لنا بلدا بفضلك أفضل البلدان # وكذاك فاجعلني مقيم مخلصا حق الصلاة لوجهك المنان # فانظر أكان وقد دعاه لجعله أم لم يكن خلقا من الرحمن # أم لم يكن لما دعاه بمكة واكدح لشأنك قد كدحت لشان # فبأي هذا الجعل قلت بأنه خلق تبارك منزل الفرقان # وقد تقدم جوابه . # وقوله سلمت : أي لزمك ذلك التسليم سواء نطقت به أو سكت. أما إن لم تسلمه ~~فلا خطاب لك لخروجك عن حيز العقلاء . # وقوله يا شاني : أي يا خصمي . PageV01P113 # وقوله : إن قلت جعل الله خلق كله .. الخ : إشارةة إلى ما في رائية ابن ~~النظر مما نصه : # قال ms051 فالجعل هو الخلق أم الجعل شيء غيره فيما ذكر # قلت جعل الله خلق كله ومن الناس مقال مشتهر # قال قال الله لم أجعل لكم من بحر ووصيل في البقر # قلت قال الله لم أجهل لكم فاعلموا التبحير دينا يحجتجر # وصفات بعضها تخلية يقع الوهم عليها والفكر # أي قال القدري المناظر لي : الجعل هو الخلق أم للجعل معنى غير الخلق فيما ~~ذكر ربنا عز وجل . # قلت مجيبا له : إن الجعل المسند إليه الله تعالى معناه كله الخلق لا غير ~~ذلك. ويرد الجعل من كلام الناس أيضا بمعنى الخلق ووروده لذلك من كلامهم ~~مقال مشتهر بين الخاص والعام . # فقال المناظر لي : إن الله عز وجل قال في كتابه: { ما جعل الله من بحيرة ~~ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام } (¬1) . فهذا جعل المسند إليه تعالى في حيز ~~السلب، وليس هو بمعنى خلق، لأنه لو كان بمعنى خلق للزم عليه أن يكون الله ~~»عزوجل« لم يخلق البحيرة وما بعدها، لكنه خلقعها وما بعدها فظهر أن جعل في ~~الآية ليس بمعنى خلق . PageV01P114 # فقلت مجيبا له عن اعتراضه: إن الجعل المنفي عن الله »عزوجل« في الآية ~~تصيير التبحير وما بعده دينا يمتنع به عن أكلها والإنتفاع بها، أي خلق الله ~~لكم تلك الأنعام ولم يشرع لكم في دينه أن تجعلوا منها بحيرة وسائبة ووصيلة ~~وحاميا، فالجعل المنفي هنا هو تصيير ما ذكر دينا وهذه صفة قد نفاها الرب عن ~~نفسه، وصح نفيها لحصولها في الذهن بصورة الخيال ووقوع الفكر عليها، لذلك، ~~فانظر في هذه القاعدة التي أسسها الشيخ ابن النظر هنا، وناظر عليها من ~~عارضه، ودفع الإعتراض الذي ورد عليها كما ترى، ثم ورد في النونية المنسوبة ~~إليه ما ينقض هذا كله كما هو ظاهر، فانظر أي جامع يصحح نسبة النونية إليه، ~~على أن هذه الأبيات مطابقة للحق الجلي وما في تلك النونية من كلام في قدم ~~القرآن من الباطل الغير الخفي، بل هو من الشرك الظاهر الجلي إن لم يكن ~~متأولا كما صرح به الإمام ms052 أبو سعيد »رضي الله عنه« . # وقد تقدم إبن النظر هذا إمام من أئمة المسلمين في العلم، فنسبة ما هو شرك ~~إليه بل ما هو فسق باطل محض . وقد تقدم القول ما يغني عن إعادته مرة أخرى ~~في حكم من بقدم هذا القرآن المتلو، فراجعه مما تقدم، وقد تقدم أيضا في ~~الخطبة (¬1) ما قاله أبو القاسم البرادي عقيب هذه الأبيات فلا تشغل بإعادته . # ? القرآن محدث والمحدث مخلوق : # 57 - وكذاك ذكر محدث يهدي إلى إحداثه حقا بلا كتمان # 58 - إن قلت ليس بحادث في ذاته والله أحدثه إلى الإنسان # 59 - قلنا حدوث الذت والإحداث للإنسان في القرآن مجتمعان PageV01P115 # أي وكما يدل على خلق القرآن قوله تعالى { خالق كل شيء } وقوله تعالى { ~~إنا جعلناه قرآنا عربيا } كذلك يدل على خلقه قوله تعالى { ما يأتيهم من ذكر ~~من الرحمن محدث إلا استمعوه وخم يلعبون } (¬1) وقوله تعالى { وما يأتيهم من ~~دكر من الرحمن محدث إلاكانو عنه معرضين } (¬2) . وجه الإستدلالا بالآيتين ~~أنه تعالى وصفه بأنه ذكر محدث، والمحدث هو الموجود بعد عدم. فالآيتان ~~صريحتان في خلق القرآن. وفي الآية الأولى دليل ثان على خلقه هو أنه تعالى ~~وصف الذكر بأنه مستمع ,وكل مستمع حادث لأن الإستماع لا يكون إلا للفظمشتمل ~~على معان، وكل ما هو كذلك فهو مخلوق لما تقدم من البرهان على خلقه. فان ~~اعترضت علينا في الاستدلالين الأولين من هاتين الآيتين وقلت بأنه ليس ~~المراد من قوله تعالى محدث حدوث ذات القران، وإنما المراد منه أنه طارىء ~~على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ويقال للشيء الغريب الطارىء هذا محدث. # قلنا مجيبين لك عن هذا الإعتراض : أن حدوث ما هية القرآن وطروءه على على ~~نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - كلاهما مجمع في القرآن، فلا يتنافيان. ~~وتفسيرك لمحدث بمعنى طارىء خلاف الظاهر، ولا دليل لك على صرف اللفظ عن ~~ظاهره. ثم ان قولك طارىء على رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - دليل تنطق ~~به من فيك على نفسك، فان كل طارىء مخلوق. أما القديم الأزلي فلا يتصف ms053 ~~بالطرو والتنقل . # فقوله يهدي إلى احداثه: أي يدل على إيجاده بعد عدم. وآثر التعبير ~~بالإحداث عن الحدوث لأن الإحداث أنسب لما في الآيتين من التعبير بالمحدث، ~~وفيه التنبيه على أن الشيء المحدث لايكون حادثا بنفسه، بل لابد له من محدث، ~~هو غيره . # وقوله حقا : صفة لمصدر محذوف تقديره هداية حقا. # والكتمان : بالكسر : الإخفاء، أي تدل الآيتان على خلقه دلالة صدق لا ~~إخفاء معها لظهور الإستدلال بهما. PageV01P116 # وقوله إن قلت ليس بحادث في ذاته : أي إن قلت إن ذات القرآن ليست حادثة ~~وإنما وصفه بالحدوث لكونه وجد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن لم ~~يكن موجودا معه . # وجوابه : ما ذكره ان هذا لا ينافي كونه محدثا في ذاته، بل هو مما يدل على ~~حقيقة ذلك القول. وأشار بهذا الكلام إلى ما في تلك النونية مما نصه: # وان احتججت وقلت ذكر محدث وجهلت حق تأول القرآن # أعظمت إفكا وادعيت خطيئة والله أحدثه إلى الإنسان # فليت شعري هل يفهم صاحب هذه النونية ما يقول ؟ وهل يدري أينا المتأول ~~(¬1) قوله تعالى { ذكر محدث } ؟ وهل يدري أين الجاهل بذلك ؟ بل أينا أعظم ~~إفكا وادعى خطيئة؟ وهل يغنيه قوله :» والله أحدثه إلى الإنسان« في صرف تلك ~~الآية عن ظاهرها؟ ثم إنا نسأله، هل يصح له أن يرتب هذا الشتم الشنيع ~~والتخطئة الجلية على الإحتجاج بقوله تعلى { ما يأتيهم من ذكر ربهم محدث } ~~فإنه لو كان الإحتجاج بها غير حق مثلا لوجب عليه أن يبين وجه عدم حقه. ثم ~~إن كان هو أحمق رتب عليه هذا الشتم، وأين هذا الطيش من رزانة أبن النظر، ~~فإنه (¬2) لما حاور القدري من معتزلي وغيره ، مهد تلك القواعد المنيعة ولم ~~يبتدئهم بالمقالات الشنيعة، وكذا في رده على المشبهة وغيرهم، حاشا ابن ~~النظر عن هذه الشعبذة (¬3) (¬4) . # ? إعتراض : # 60 إن قلت غير مسلم ودليلنا في ذلك أن الذكر ليس بفان # 61 فأقول إمكان الفناء كفى به في رد ما قدمت من برهان # 62 وكذا ثوب الطائعين بجنة لا ينقضي والخلد في النيران # 63 أفليس مخلوقا ms054 بلى هو حادث فضلا وعدلا من عظيم الشان PageV01P117 # أي إن قلت معترضا علينا في استدلالنا بذكر محدث على خلق القرآن، وقلت هذا ~~الإستدلال غير مسلم، ودليلنا على عدم حدوثه قوله تعالى : { ولو أن ما في ~~الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده سبعة أبحار ما نفدت كلمات الله } (¬1) . ~~ووجه الإستدلال أن معنى الآية لو صار جميع ما في البحار مدادا وجميع أشجار ~~الأرض من نباتات وغيرها أقلاما، وجميع الحيوانات كتبه، وجميع الجمادات ~~قراطيس، ثم امتدت بهم وطالت مدتهم حتى كتبوا بتلك الأقلام وتلك البحار التي ~~صارت مدادا على تلك القراطيس كلام الله »تعالى« لفنيت جميع المخلوقات ، ولم ~~يفن كلام الله »تعالى« فقد بين سبحانه وتعالى جميع المخلوقات تفنى، وكلامه ~~لا يفنى، علمنا أنه لا يفنى لأنه قديم، وتفنى المخلوقات بالإضافة إليها ~~محدثة مخلوقة. # قلنا : إن سلمنا لك هذا الإستدلال على عدم وقوع الفناء للكلام الفعلي ~~فجواز فنائه كاف في الإستدلال على قدمه، لأن ماجاز عدمه استحال قدمه، ~~وإمكان فنائه عقلا كاف في دفع برهانك الذي قصدته، وسأسوق لذلك نظيرا تعرف ~~به الحق، فأقول بأن ثواب الطائعين في دار الجزاء، وعقاب العاصين في دار ~~المجازاة لا يفنيان لقيام الدليل القاطع النقلي على تخليد أهل الجنة في ~~النعيم وأهل النار في الجحيم. فهذا نظير الكلام الفعلي إن سلمنا لك عدم ~~وقوع فنائه. أليس ثواب الطائعين وعقاب العاصين مخلوقين؟ بلى، هما مخلوقان ~~عدلا في عقاب أهل المعاصي وفضلا في ثواب أهل الطاعة. هذا كله مجاراة للخصم ~~وإلا فدليله على عدم الفناء غير مسلم لأنه ليس المراد من قوله تعالى { ما ~~نفدت كلمات الله } ، الكتب المنزلة. كيف يكون المراد ذلك، وضرورة العقل ~~شهادة بأن أهل كل كتاب منزل (¬2) قد كتبوا كتابهم، وقرؤوه، فضبت الكتب ~~المنزلة بأقلام دون الأشجار كلها، ومداد دون البحار المذكوره، فوجب حمل ~~الآية على خلاف تعسفه. PageV01P118 # فنقول :المراد بالكلمات التي لا تنفد وان كتبت بما ذكر هي آياته الباهرة ~~الدالة على قدرته القاهرة وحكمته البالغة ففي كل شيء له آية تدل على ms055 أنه ~~واحد (¬1) . # فو فرضنا أن الأشجار كلها أقلام، والبحر كلها مداد لاحتاج كل قلم أن يكتب ~~ما فيه من الآيات الدالة على وحدانية الفاعل المختار، وكذا كل قطرة من تلك ~~البحار، فتنفي هذه الأشياء ولم تفن الآيات الدالة على وجود الصانع المختار. ~~هذا بيان معنى تلك الآية لا كما تأوله ذلك المتأول بسبب صدمه عن الهدى ~~وخوضه في لجج العمى وإيثار التقليد على التحقيق. # اللهم افتح بصائرنا لمعرفة الحق ووفقنا لما فيه رضاك، فإنه لاحول ولاقوة ~~إلا بك، ولا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم. # ? إعتراض : # 64 إن قلت فيه أمره مع نهيه لازالتا صفتين للمنان (¬2) # 65 فأقول أمر الله خلق كله مع نهيه فليشهد الثقلان # أي أن قلت أيها المناظر بأن القرآن فيه أمر الله ونهيه وهما صفتان لله ~~تعالى في الأزل ، فإنه لم يزل آمرا ولم يزل ناهيا. وما كان له تعالى صفه في ~~الأزل، فلا يصح أن يكون مخلوقا لاستحالة قيام الحوادث بذاته العلية ~~ولمنافاة الحوادث الأزلية. وإذا انتفى الخلق عن بعض القرآن وهما الأمر ~~والنهي وجب انتفاؤه عن جمعيه، لأنه لم يقل أحد بأن بعضه قديم وبعضه مخلوق، ~~ولأنه يثبت للكل ما ثبت للبعض من هذا الحكم. # فأقول مجيبا لك : لا أسلم أن أمره تعالى ونهيه متصف بهما في الأزلية، ~~وإنما أقول إنهما حادثان كسائر القرآن، أقول ذلك بإعلان، فليعلم الثقلان ~~وهما الجن والإنس كيف أخفي ذلك وهو من أعظم القربات لأن القول به من توحيد ~~الذات، ولأن في الإعلان به نفي الشبهات وإظهار الحجج النيرات. PageV01P119 # أما قول القائل لم يزل ناهيا، فمنعه بعض أصحابنا لإيهامه أن في الأزل ~~مأمورا ومنهيا، وأجازه البعض بتأويل أنه تعالى قادر أن يأمر وقادر أن ينهي ~~كما سيأتى : # 66 وكذاك فعل الله أيضا مطلقا وكلامه الفعلي كالأبدان # 67 وكذا الخطاب وروحه عيسى وما اعدامه في حيز الإمكان # 68 أثر وتأثير فكل محدث خلق لمولى خالق منان # أي، وكما أن أمره تعالى ونهيه مخلوقان فكذلك مفعوله تعالى مطلقا مخلوق ~~لأن كل مفعول ( فهو ms056 ) مخلوق، وكذا كلامه الفعلي مخلوق أيضا. فهو في الخلق ~~مثل الأجسام، لا فرق بينهما، وكونه أشرف منها وأفضل لا يستلزم أن يكون ~~مخالفا لها في الخلق . فإن هذه المخلوقات كما تعلم بالضرورة متفاضلة وليست ~~أفضلية الأفضل منها موجبة له في الخلق حكما يخالق حكم المفضول، وكذلك أيضا ~~خطابه تعالى مخلوق، وكذلك أيضا روحه عيسى عليه السلام خلافا للنصارى في ~~زعمهم ألوهيته، أو إنه ابن الله -تعالى الله عن ذلك- وكذلك كل ما أمكن ~~إعدامه فهو مخلوق، لأن كل ما أمكن عدمه استحال قدمه. فهذه الأشياء كلها مما ~~عدا الباري -عز وجل- إما فعل وإما مفعول، وكلها محدثة بعد عدم وكلها خلق ~~لخالق منفرد بالوحدانية . # وقوله وكذاك فعل الله: أي مفعوله تعالى، ففيه إطلاق المصدر على المفعول . # وقوله وكلامه الفعلي: أحترز به عن الكلام الذاتي لأنه معنى اعتباري ~~والمعاني الاعتبارية لا وجود لها في الخارج، وكل مالا وجود له في الخارج ~~فلا يوصف بالخلق ولا بعدمه . # وقوله كالأبدان : أي الأجسام وفيها إشارة إلى قول صاحب تلك النونية: # أو أن يقال الله خالق نفسه وكلامه كالخلق للأبدان # حيث ساوى بين كلامه وذاته تعالى، والمساواة باطلة لما تقدم من البرهان، ~~بل مساواة الكلام الفعلي للأبدان في الخلق هو الحق كما عليه المصنف. # وقوله وكذا الخطاب : أصل الخطاب توجيه الكلام نحو الغير للأفهام ثم اشتهر ~~استعماله في الكلام المخاطب به والمراد به هنا : خطاب الله لخلقه. PageV01P120 # وقوله وروحه عيسى : إنما سمي عيسى بروح الله لأنه خلق من نفخة جبريل عليه ~~السلام، ثم أن الرب عز وجل أسند تلك النفحة إليه لما صدرت عن أمره فقال: { ~~فنفخنا فيها من روحنا } (¬1) . وذكر عيسى هنا تعرضا بالقائل بقدم القرآن ~~بأن مقالته هذه تضاهي مقالة النصارى في عيسى وليس بينهما فرق خلافا لصاحب ~~تلك النونية حيث حاول الفرق بقوله : # ولئن رجعت إلى ابن مريم سائلا عن خير كلمته بلا أكنان # أمهدت لبك علم ذلك انه من »كن« مشيئته قاهر سلطان # وحاصله أن عيسى سمى كلمة الله لأنه نشأ ms057 عن (كن) وهي الكلمة فسمي كلمة ~~الله لذلك. # وكذلك نقول في الكلام المنزل، إنه إنما سمي كلام الله على جهة التشريف له ~~والتمجيد له عن سائر الكلام فأضافة الكلام إليه »تعالى« كإضافة الكلمة في ~~حق عيسى إليه »تعالى« لأنه كما أنه استحال يكون عيسى كلامه أي منطوقا له ~~بالحقيقة كذلك يستحيل أن يكون الكلام هذا نطقه حقيقة للزوم النطق أن يكون ~~منفصلا عن لسان وشفتين على جهات مخصوصة وهو محال في حقه تعالى ولله در ابن ~~النظر في قوله: # وكلم موسى وحيه لا كلامه كن عمهم كان الكلام له بفم # فهذا يدل من قوله على أن الكلام الذي كلم به موسى عليه السلام إنما هو ~~كلام خلقه الله على لسان من جعله سفيرا بينه وبين موسى »عليه السلام« فهذا ~~كلامه هنا، وهو مخالف لما في تلك النونية المنسوبة إليه مخالفة بينة. فانظر ~~أي الحالين أليق أن ينسب إليه وأحق بالتعويل عليه. # وقوله أثر وتأثير : المراد بالأثر هو المفعول مطلقا ، والمراد بالتأثير ~~هو الفعل (¬2) المفعول ، فالمخلوق أثر والخلق تأثير، والموجود من الخلوقات ~~أثر وإيجاده تأثير، والمحدث أثر والإحداث تأثير، وهكذا، والتأثير معنى ~~اعتباري لا وجودي، فما معنى وصفه بالإحداث والخلق ؟ PageV01P121 # الجواب : إنه مبالغة في نفي قديم غير الله، فكأنه قال : كل شيء ما عدا ~~الله فهو محدث مخلوق أي فحكمه ذلك أن لو وجده . [ أو تقول أن التأثير معنى ~~حقيقي قائم بالأثر في حال تأثيره كالضرب معنى حقيقي في المضروب ونحو ذلك من ~~الأغراض المحدثة. ثم ظهر لي أن هذا الوجه أولى مما تقدم] (¬1) . # 69 ويجوز قولك آمر بالذات قبل الفعل أي هو قادر وحداني # أي يجوز لك على قول بعض أصحابنا أن تقول هو تعالى لم يزل آمرا وناهيا ~~بمعنى أنه قادر على الأمر والنهي في الأزل لا لأن هناك أمورا ومنهيا. ويجوز ~~وصف القادر على الشيء به قبل أن يفعله، فأنهم يقولون: » زيد ماش وكاتب« ، ~~إذا كان يقدر على المشي والكتابة، وان كان لم يفعلها بعد. فوصفه مجاز، وكذا ~~وصفه ms058 »تعالى« بالآمر والناهي قبل أن يفعلهما. ومنع المشارقة من أصحابنا أن ~~يقال ذلك في حقه تعالى لإيهامه أن يكون في الأزل مأمورا ومنهيا . # فمعنى قوله : آمر بالذات : إي قادر بذاته على الأمر، ولو لم يأمر مثلا ، ~~فلذا فسره بقوله: أي هو قادر . # ? هل الخلق غير الأمر ؟ # 70 إن قلت أن الله ميز أمره عن خلقه قلنا لعظيم الشان # أي إن قلت محتجا علينا في قدم القرآن بقوله تعالى { ألا له الخلق والأمر ~~} (¬2) قائلا بأنه تعالى فصل الأمر عن الخلق فدل على أنه غير الخلق لأن ~~العطف يوجب تغاير المتعاطفين كما يدل عليه قوله تعالى { ثيبات وأبكارا } ~~(¬3) فالابكار غير الثيبات وكذا الأمر غير الخلق . PageV01P122 # قلنا : لا نسلم وجوب تغاير المتعاطفين مطلقا بل نقول ان التغاير ثابت إن ~~لم يدل دليل على عدم تغايرهما، ومثال عدم التغاير بينهما قوله تعالى { ~~حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } (¬1) . فالصلاة الوسطى ليست مغايرة ~~للصلوات بل هي احداهن، لكن خصها بالذكر لتعظيم شأنها عليهن، ولما فيها من ~~عظيم الثواب مما لم يكن فيهن، وكذلك الأمر لما كان أعظم شأنا من سائر الخلق ~~خصه بالذكر لعظم شأنه لا لكونه مغايرا للخلق في معنى الحدوث. ولك أن تقول ~~التغاير بين المتعاطفين دائم وان المراد من نحو قوله تعالى { حافظوا على ~~الصلوات والصلاة الوسطى } (فالمراد) بالصلوات : ما عدا الصلاة الوسطى، ~~فالصلاة الوسطى، فالصلاة الوسطى غيرهن بهذا الاعتبار، والأمر غير الخلق في ~~تلك الآية. فالمراد بالخلق المخلوقات مما عدا الأمر، والأمر وان كان خلقا ~~أيضا هو غير الخلق المعطوف عليه، كما ان الصلاة الوسطى صلاة وان كانت غير ~~الصلوات المعطوفه هي عليهن. وأيضا فقوله تعالى { إذا فسر الأمر في الآية ~~بالقول المخصوص الدال على الطلب من أنه له تفاسير أخر منها : الشأن والصفة ~~والفعل والطريق. وعلى تفسير الآية بكل واحد من هذه الأشياء لا يستقيم ~~استدلال المعترض فسقط من كل وجه تعلقه بها. # 71 إن قلت قرآن مجيد ثابت في اللوح قبل العالم الجسماني # 72 فأقول ذا مما يؤيد حجتي والكل مخلوق بلا اكنان ms059 (¬2) # أي إن قلت محتجا علينا ومستدلا على القول بقدم القرآن بقوله تعالى { بل ~~هو قرآن مجيد في لوح محفوظ } (¬3) وقلت : ان اللوح موجود قبل العالم ~~الجسماني (¬4) بدليل في بعض الروايات أنه أول ما خلق الله القلم، ثم قال له ~~أكتب إلى آخر الرواية. فقد دل القرآن العظيم على أنه كان مكتوبا في اللوح، ~~ودلت رواية على أن اللوح سابق على الأجسام المخلوقات، فأخذنا من الجميع أن ~~القرآن قديم. PageV01P123 # فأقول مجيبا لك : إن هذا الذي ذكرته كله مؤيد لحجتي على القول بخلقه. # أما أولا : فلأن كل واحد من المكتوب والمكتوب فيه مخلوق لأن أحدهما حال ~~والآخر محلول فيه، والحلول مطلقا من صفات الخلق. # وأما ثانيا : قلأنه يلزم أن يكون المحلول سابقا على الحال، فيلزمكم أن ~~يكون قديمكم مسبوقا. # وأما ثالثا : فلأن اللوح مخلوق باتفاق منا ومنكم، والحال في المخلوق ~~مخلوق بلا إشكال . # وأما رابعا : فلأن القلم في روايتكم هو الذي كتب الكلام في اللوح، ولا شك ~~أن الكاتب سابق على المكتوب ضرورة، فيلزم أن يكون قديمكم مسبوقا أيضا. فأين ~~محل استدلالكم بالآية؟ # فقوله قرآن مجيد : قال إبن الاعرابي (¬1) »المجيد الرفيع« وقوله تعالى : ~~{ ق والقرآن المجيد } (¬2) يريد المجيد الرفيع العالي. وقال أبو إسحاق: ~~معنى المجيد: الكريم. # واللوح : قيل أنه درة بيضاء طوله مسيرة خمسمائة سنة وعرضه كذلك، وقيل : ~~جبهة ملك . # وقوله لا إكنان : أي بلا إخفاء، فالأكنان بكسر الهمزة مصدر أكنه: إذا أخفاه. # ? مقالة الأشعرية : القرآن المسموع غير هذا وانه ترجمان له: # 73 إن قلت لا أعني به المتلو في أيدي الورى بالآذان # 74 قلنا أقرانان لو كانا إذن فالخلق حكم فيهما سيان (¬3) PageV01P124 # أي إذا أبطلت قولك بقدم القرآن المتلو بالألسن المسموع بالآذان المحفوظ ~~في الصدور المكتوب في المصاحف لما رأيت من البراهين الباهرة والحجج ~~القاهرة، والتجأت إلى مقالة الأشعرية وقلت أن القرآن الذي أصفه بالقدم هو ~~غير المتلو المسموع المحفوظ المكتوب، وإنما هو كلام آخر غير هذا، وهذا ~~ترجمان عنه. فهذا الترجمان مخلوق لما ذكرتموه من الأدلة، والمترجم عنه قديم ~~لأن الله لم ms060 يزل متكلما، فلاولا أن كلامه قديم لما جاز أن يوصف به في الأزل. # قلنا : إذا أثبتم قرآنين: أحدهما هذا الذي تقوم به الحجة علينا وهو الذي ~~كلفنا بما فيه، وثانيهما قرآن آخر غير هذا، فأي دليل لكم على أنهما قرآنان ~~؟ ولو قدرنا إثبات قرآنين (¬1) - كما ذكر تموه - لكان الخلق حكما فيهما ~~معا، لأنه يجوز على كل واحد منهما ما يجوز على الآخر، وما جاز عليه الأشياء ~~التي ذكرها المصنف فلا شك في حدوثه وخلقه، لأن ما أمكن عدمه استحال قدمه، ~~وما أتصف بصفة الحادث فهو حادث. # فقوله لا أعني : أي لا أقصد . # وقوله المتلو في أيدي الورى : التلاوة: القراءة، والورى: لخلق، والمراد ~~بكونه في أيديهم : وجوده معهم.»ففي« متعلقة بمحذوف تقديره المتلو الموجود ~~في أيدي الورى، لا متعلقة بالمتلو لفساد المعنى، لأن التلاوة في الألسن لا ~~في الأيدي. # والأذان : جمع أذذن وهي آلة السمع، والسمع هو قوة مودعة في العصب المفروش ~~في مقع الصماخ، وإطلاق الآذان عليه مجاز. # وقوله فالخلق حكم فيهما : فالخلق مبتدأ خبره حكم، وفيهما مفعول الخبر. # وقوله سيان : أي مثلان، خبر لمبتدأ محذوف تقديره فهما سيان. PageV01P125 # قال في المعالم: ((قال الأشاعرة: القرآن مكتوب في صحائفنا، محفوظ في ~~قلوبنا، مقروء بألسنتنا، مسموع بآذاننا، ومع ذلك ليس حالا في المصاحف ولا ~~في القلوب ولا في الألسن ولا في الأذان، بل هو معنى قائم بذاته »تعالى« ~~يلفظ ويسمع بالنظم الدال عليه، ويحفظ بالنظم المخيل، ويكتب بنقوش وصور ~~وأشكال للحروف الدالة عليه كما يقال: النار جوهر محرق، يذكر باللفظ ويكتب ~~بالقلم ولا يلزم مذكور حقيقته صوتا وحرفا)) . # لو كان من قال نارا أحرقت فاه لما تلفظ باسم النار مخلوق # وتحقيق ذلك أن للشيء وجودا في الأعيان، ووجودا في الأذهان، ووجودا في ~~العبارة ووجودا في الكتابة. فهذه أربع وجودات للشيء فالكتابة تدل على ما في ~~العبارات وهي على نا في الأذهان، وهو على ما في الأعيان، فحيث يوصف القرآن ~~بما هو من لوازم القديم ، كما في قولهم »القرآن غير مخلوق« ، فالمراد ~~حقيقته ms061 الموجودة في الخارج. # وحيث يوصف بما هو من لوازم المخلوقات، يراد به الألفاظ المنطوقة ~~المسموعة، كما في قولنا: قرأت نصف القرآن، أو المخيلة كما قولنا: »حفظت ~~القرآن أو الأشكال المنقوشة« وكما في قولنا: »يحرم على المحدث (¬1) مس ~~القرآن« . ولما كان دليل الأحكام الشرعية هو اللفظ دون المعنى القديم، عرفه ~~أئمة الأصول: بالمكتوب في المصاحف المنقول بالتواتر، وجعلوه أسما للنظم ~~والمعنى معا، أي للنظم من حيث الدلالة على المعنى لا لمجرد المعنى. # قالوا : وأما للكلام القديم الذي هو صفة لله تعالى فذهب الأشعري إلى أنه ~~يجوز أن يسمع صفته .. الأصفاني . PageV01P126 # وهو اختيار أبي منصور الماتريدي (¬1) بمعنى قوله: أن يسمع ما يدل عليه، ~~كما يقال : »سمعت علم فلان« ، فموسى عليه السلام صوتا دالا على كلام الله ~~»تعالى« لله لكن لما كان بلا واسطة الملك والكتاب خصه باسم الكليم. # قال : (¬2) هذا كلامهم ولا يخفى ما فيه من التنافي بحيث أثبتوه مكتوبا في ~~المصاحف محفوضا في القلوب، وليس حالا في شيء من ذلك، ليت شعري المقنع بقول ~~مولانا من كونه { في صدور الذين أوتوا العلم } أم قول الأشعرية القائلين : ~~إنه ليس حالا في شيء من ذلك، وفيه من التجاسر على حرمة القرآن العظيم من ~~كون حلوله في القلوب مجازا لا حقيقة، أو من كونه مخيل النظم لا محقق العلم، ~~لأن المجاز يفارق الحقيقة، بل يعاندها ويضادها، والمخيل يفارق العلم والعقل ~~فهما أوجه، لأنهما أبدا صادقان ومختصان بالعقلاء وأكثر الخيالات كاذبة، ~~وتكون في ذوي العقل وغيرهم، ويفارق الرأي والحس لأن الحس خاص بالمماس ~~الحاضر المحقق، والخيال قد يكون السليم والغائب، وأكثر الخيال باطل، والحس ~~ضروري، والخيال مكتسب، والحس خاص بالشيء الصحيح، والخيال خاص بالضعيف ~~ويشاركه العلم والعقل في بعض هذه الفروق. # وأما الرأي فلا يصدر إلا (¬3) عن تمييز وبصيرة وإن كان حصل بخلاف الخيال. PageV01P127 # وأبحاث التخيل كثيرة وبالجملة، فحمل لفظ القرآن عليه مما لا يليق بتعظيم ~~نظمه { ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين } (¬1) وأما ان للشيء وجودات ~~أربعة فهو حق وصواب، وأما أن الكتابة ms062 تدل على العبارة ممنوع لأن النقوش ~~والكتابة إنما تدل على المعاني الأولى المقصودة بتوسط الألفاظ والعبارات، ~~وكذا الألفاظ تدل على المعاني الأول، ثم المعاني المقصودة ، أي التي قصد ~~إثباتها أو نفيها ، ثم القول بأن ما في الأذهان يدل على ما في الأعيان، ~~وأنه يفسر بحقيقته الموجودة في الخارج القائمة بذاته تعالى لا يخفى ما فيه ~~فأنا إذا سمعنا إن زيدا قائم فهمنا منه نسبة القيام إلى زيد مؤكدة وأ فهمنا ~~تأكيد النسبة بينهما، وتلك النسبة ثابتة فقد فهمنا تأكيد ثبوت النسبة ولابد ~~من وجود قيام زيد في الخارج أو عدم قيامه، فإن طابق الذهن الخارج كان صدقا ~~وإلا كان كذبا، وما في الخارج ليس مدلول ما في الذهن، بل مدلول ما في اللفظ أيضا. # فإنا نفهم مما أخبر الله سبحانه من قوله { إن فرعون علا في الأرض } (¬2) ~~. تأكيد نسبة الطغيان إلى فرعون في أرض مملكته ومجاوزة الحد في الظلم فيها، ~~وله خارج وهو ظلم فرعون وطغيانه في أرض مصر في ذلك الوقت. فإن أرادو أن هذا ~~الخارج قام بذات الباري فظاهر البطلان، وإن أرادوا خارجا آخر دلهم عليه هذا ~~الكلام، فهم مطالبون بإثباته. وإن أرادوا خارجا عن أذهاننا لا يرى ما في ~~الأعيان فغير مفهوم من كلامهم، بل كلامهم نص على أن المراد بالخارج هو ~~الموجود في الأعيان، وأنه قائم بذاته تعالى عن ذلك، وهو واضح الاستحالة ~~والذي فسر أئمة الأصول القرآن به هو ملتزمنا وما وراء ذلك، فالقائل به لا ~~يساعد عليه لأن مرجعه إما على العلم أو الإرادة. PageV01P128 # وبيان ذلك أن ما في النفس إما العلم سواء تعلق بمفرد ويسمى معرفة وتصورا ~~ويدخل فيه الشك والوهم لأن تصور النسبة غير حكم أم تعلق بمركب ويسمى تصديقا ~~واعتقادا، ويدخل فيه الظن والاعتقاد الجازم المطابق الثابت، ويدخل في ~~التصور العلم بالألفاظ أي حفظها وأنها وضعت لكذا من المعاني أو الفكر، وهو ~~ترتيب المعاني في النفس على وجه مخصوص. والقدرة عليه تسمى القوة المفكرة، ~~أو إرادة شي من الأفعال في النفس ms063 إلا هه الوجوه. ومن ادعى غي رهذا فعليه ~~بيانه . وما ذهب إليه الأشعري من جواز سماع الكلام القديم فهو بين ~~الاستحالة ضرورة انه المعنى ولا سماع لمجرد المعنى، وإنما هو من ضروريات ~~الصوت ، وإلا كان سماع علمه جائز (¬1) أيضا . والازم باطل ، ولذلك أوله ~~بعضهم بما يدل عليه. والحق أن سماع موسى عليه السلا كسماع الملائكة الكرام ~~كيف شاء الله تعالى أن يسمع .والتدقيق في مثل هذه المضائق مما لا ينبغي، ~~إذا الروح في أجسادنا لا نطيق الخصوص فيها جهلا، فكيف في صفات الواحد ~~الأزلي الذي { ليس كمثله شيء } ؟ وما أو تينا من العلم إلا قليلا . فلو لم ~~يأذن الشرع لنا ان نصفه بالصفات العلية ما فعلنا (¬2) . هذا كلامه، وبه ~~يتبين لك بطلان مذهب الأشعرية في جعلهم ما بأيدينا من القرآن عبارات عن ~~الصفة القائمة بالذات العلية. PageV01P129 # أما أصحابنا من أهل المشرق فانهم وإن قالوا بقدم القرآن، فليس المراد ما ~~ذهبت إليه الأشعرية للإختلاف الواقع بين أصحابنا وبين الأشعرية في الصفات ~~الذاتية، فلا يصح أن تجتمع مذاهبهم في هذه القضية، لكن لما كان الكلام صفة ~~من الصفات الذاتية وقد سمى الرب عز وجل القرآن »كلامه« منعوا إطلاق إسم ~~الخلق على القرآن لئلا يوهم ان الكلام الذاتى مخلوق، يدلك على ذلك اعترافهم ~~بخلق ما بين الدفتين وقواعدهم أن (¬1) صفات الذات معان اعتبارية، وان ~~مدلولها عين الذات العلية فبالله عليكم من كانت هذه قواعده هل يمكنه القول ~~بأن القرآن المتلو قديم وأنه غير مخلوق؟ لكن ألتبس على الضعفاء ذلك فوقعوا ~~بسبب الخوض فيه في المهالك، وجهلوا مقصد الأئمة هنالك، نسأل الله المعافاة ~~عن الخطل وعن الوقوع في مهاوي الذلل. # ? القول بقدم القرآن مقارنة بتعدد القدماء : # 75 والاعتقاد الحق إنا لا نجيز تعدد القدما والأديان # أي والذي انطوت عليه ضمائرنا مما هو مطابق لما في نفس الأمر هو قولنا ~~باستحالة تعدد القدماء في الأزل وباستحالة تعدد الشرائع في ملة نبينا محمد ~~- صلى الله عليه وسلم - فإنها شريعة واحدة، من خالفها ولو بحرف خرج عنها، ~~ولذا ms064 أفترقت أمته إلى ثلاث وسبعين فرقة، الناجية منها واحدة. فلو جاز تعدد ~~الأديان لكانت كل واحدة من هذه الفرق مصيبة. لكن لم يكن جميعها لما ورد عن ~~الشارع، علمنا أن تعدد الأديان لا يجوز، فالحق في واحد من هذه الفرق ولا بد ~~أن يكون الحق باقيا فيها إلى آخر الزمان. # فالإعتقاد : هو ماانطوى عليه الضمير، فان طابق ما في نفس الأمر فهو حق، ~~وإن خالفه فهو باطل. # والحق : هو مطابقة ما في نفس الأمر، وقد تقدم الأمر على إستحالة تعدد ~~القدماء. أما تعدد الأديان فشرعي لا عقلي ودليله ما تقدم آنفا . PageV01P130 # والأديان : جمع دين وهو الملة والشريعة(بمعنى) لكن سمي دينا باعتبار ~~أنقيادنا إليه، وملة باعتبار املاء الملك لها النبي أو باعتبار النبي ~~لأمته، وشريعة باعتبار أن بيان الحق فيها، فاختلاف العبارات باختلاف ~~الإعتبارات. # ? بيان وحدة الأسماء والصفات الإلهية: # والعقل قاض أن رب العرش ليس كخلقه سبحانه الديان # هو واحد ذاتا صفات واحد الأسماء والأفعال والإحسان # أي والعقل جاكم مالك الجسم المنير المحيط بالعالم المسمى بالعرش الذي هو ~~أعظم المخلوقات، لا يشابه خلقه في شيء من صفاتهم - سبحانه عن مشابهتهم - ~~فإذا عرفت ذلك، فعلم أنه تعالى واحد في ذاته وواحد في صفاته وواحد في ~~أسمائه، وواحد في أفعاله، وقد تقدم بيان وحدة ذاته ووحدة صفاته ووحدة ~~أفعاله. # أما وحدة الأسماء فهي كوحدة الصفات لأن أسماءه وصفاته عين ذاته أي مدلول ~~الأسماء، ومدلول الصفات هي الذات. وفسر بعضهم وحدة الأسماء بمنع إطلاق أسمه ~~- تعالى الله الرحمن - على غيره، قالوا : هو واحد في أسمائه فلا يسمى غيره ~~- تعالى الله الرحمن. واستدلوا على ذلك بقوله تعالى { هل تعلم له سميا } ~~(¬1) أي هل تعلم أن أحد يسمى الله غيره، أي هذا الإسم منع الناس أن يسموا ~~به غير الله وصرفت قلوبهم عن ذلك، وأما الرحمن وأن كان مختصا به ربينا - عز ~~وجل - لكن وصف به شاعر اليمامة، كذا بها (¬2) فقال : (وأنت غيث الورى لازلت ~~رحمانا) (¬3) . PageV01P131 # قال الزمخشري (¬1) وذلك من تعنتهم في كفرهم. وقال غيره ms065: أن الرحمن في ~~العربية غير مختص به ربنا تعالى، لكن أختص به شرعا. فقول ذلك الشاعر جار ~~على ما في عربيتهم. أما غير هذه الأسماء من الألفاظ كارحيم والعليم والقدير ~~والسميع والبصير ونحوها فتطلق على الباري، وعلى غيره، ولكن معانيها ~~ومدلولاتها مختلفة. فمدلولها في حق الله تعالى مخالف لمدلولها في حق غيره، ~~فلا يشكل عليك ذلك .. والله أعلم . # ? أقسام الصفات الإلهية : # 78 شيء ولكن ليس كالأشياء ولا هي مثله أوصافه قسمان # 79 إما لذات أو لفعل وهي ما كالخلق والإفناء والغفران # 80وهي التي قد جامعت أضدادها أي باعتبار وجودها في آن # 81لا باعتبار ملها لجواز أن يغني فلان عند فقر فلان # أي هو الله (¬2) تعالى شيء، ولكنه لا يشابه الأشياء في شيء من صفاتها، ~~ولا تشابهه الأشياء في شيء من صفاته (¬3) . فلا يجوز أن يوصف بشيء من صفات ~~الأشياء كالحدوث والجسمانية وحلول الأعراض والإحتياج إلى الغير والتحيز في ~~المكان والفناء . # وهكذا لا يجوز أن توصف الأشياء بشيء من صفاته تعالى كالقدم والبقاء ~~والوجود الواجب لذاته والعلم الذاتي والقدرة الذاتية... وهكذا . # أو من صفات الأفعال كخلقة الأشياء ورزقه لها واحيائه وإماتته وهكذا، ~~فصفاته تعالى قسمان: لا يشابه الأشياء في شيء منها ولا تشابهه : # القسم الأول : صفات ذاتية وسيأتي بيانها . PageV01P132 # القسم الثاني : صفات فعلية ، وهي ما كان مثل الإجاد للأشياء والإعدام لها ~~، وستر الذنب للتائبين، وإيصال النعم للمؤمنين وهكذا .. وضبطاها أن يقال ~~بأن صفات الفعل هي التي يجوز أن يتصف بها تعالى مع اتصافه بضدها في حال ~~واحد إذا كان محل التأثير مختلفا كالإيجاد والإفناء والرحمة والتعذيب ~~والإغناء والفقر فتقول : أوجد الله كذا وأفنى كذا ورحم فلانا وعذب فلانا ~~وأغنى فلانا وأفقر فلانا ...هكذا . # قال السيخ عبد العزيز (¬1) -رحمه الله تعالى- : والفرق بين صفات الذات ~~وصفات الفعل هو أن صفات الفعل تجامع ضدها في الوجود عند اختلاف المحل، كأن ~~يوسع في رزق زيد، ويضيق في رزق عمرو، وأن يرزق العلم عمرا، ويخلق الجهل ~~لزيدا، وأن يخلق كذا دون كذا، ويحب فلانا، ويبغض فلانا، ويرضى ms066 عن فلان، ~~ويسخط على فلان ويوالي فلانا، ويعادي فلانا، ويرحم فلانا، ويعذب فلانا، ~~...وهكذا . # وصفات الذات كالعلم والقدرة والإرادة لا تجامع ضدها في الوجود، ولو أختلف ~~المحل، فلا يقال: علم الله كذا، وجهل (¬2) كذا، ولا قر على كذا، وعجز عن ~~كذا ، ولا أراد كذا وأكره على كذا .. وهكذا . # وإن صفات الفعل تنفي عن الله في الأزل، فتقول : كان الله ولم يرض، ولم ~~يسخط، ولم يحب ولم يبغض، ولم يخلق، ولم يرزق، ولم يرحم، ولم يعذب .. وهكذا . # وصفات الذات لا تنفي عنه في الأزل، فلا تقول: كان الله ولم يعلم، ولم ~~يقدر، ولم يرد .. وهكذا. PageV01P133 # قال : أي البدر التلاتي (¬1) (¬2) : »هذا ما يؤخذ من كلام المشارقة، وهو ~~يدل على أن صفات الأفعال حادثة عندهم، والذي عليه المغاربة أن صفات الله ~~كلها قديمة أزلية، لأنه يقال : الله »تعالى« خالق في الأزل على معنى سيخلق ~~، ورازق في الأزل على معنى: سيرزق وهكذا كما مر، وأن الفرق بين صفة الذات ~~وصفة الفعل عندهم أن يقال في صفة الذات لم يزل الله عالما بما كان قبل أن ~~يكون، ولم يزل قادرا على إيجاد ما سيوجد قبل أن يوجد، وهكذا. # وصفة الفعل »لم يزل خالقا« على معنى : سيخلق، ولم يزل رازقا على معنى: ~~سيرزق، وهكذا . # قال: وحاصلة أن صفة الذات هي التي أتصف بها تعالى بالفعل في الأزل وصفة ~~الفعل هي التي لم يتصف بها تعالى بافعل فيه، وإنما يتصف بها به فيما لا ~~يزال وهو راجع إلى القول بحدوثها كما يدل له تفسيرها المذكور، وكما تقول ~~المشارقة عفى الله عنهم أجمعين. # وقال : وإن بعض المشارقة قسم الصفة ثلاثة أقسام : صفة ذاتية فقط، وصفة ~~فعلية فقط، وذاتية باعتبار وفعلية باعتبار آخر . # فالأولى : هي كل صفة دلت على النفي ضدها عنه تعالى واتصف بها بالفعل في ~~الأزل كالعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والحياة. # والثانية: كل صفة دلت على نفي ضدها عنه تعالى ولم يتصف بها بالفعل في ~~الأزل كالخلق والإحياء والإماتة والحب والبغض والقبض والبسط والولاية ~~والبراءة. PageV01P134 # والثالثة ms067: كل صفة تحمل معنيين متغايرين كحكيم فإنه بمعنى نفي العبث عنه ~~»تعالى« صفة ذات، وبمعنى واضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها: صفة فعل، ~~وصادق فإنه بمعنى نفي الكذب عنه تعالى: صفة ذات وبمعنى مخبر بالصدق: صفة ~~فعل، وسميع فإنه بمعنى نفي الصمم عنه تعالى: صفة ذات، وبمعنى قابل الدعاء: ~~صفة فعل، ولطيف فإنه بمعنى عالم: صفة ذات وبمعنى رحيم: صفة فعل ~~..وهكذا..انتهى كلامه (¬1) # فقوله شيء: خبر لمبتدأ محذوف تقديره »هو تعالى شيء« وأطلق اسم الشيء عليه ~~لقوله تعالى { قل أي شيء أكبر شهادة قل الله } وفيه مخالفة لطائفتين هما ~~الجهمية (¬2) والمجسمة (¬3) . أما الجهمية فمنعوا إطلاق اسم الشيء عليه ~~تعالى، قالوا: لأن الشيء مختص بالجسم، فكل شيء عندهم جسم والله تعالى ليس كذلك . # ويرد عليهم بقوله تعالى { قل يا أهل الكتاب لستم على شيء } (¬4) وقوله { ~~لقد جئتم شيئا إدا } (¬5) في الآيتين إطلاق الشيء على غير الجسم، فسقطت ~~دعواهم بأن الشي مختص بالجسم 0 # وأما المجسمة فأطلقوا عليه »تعالى« اسم الشيء، لكن قالوا: هو جسم -تعالى ~~الله عن ذلك- ووجه ضلالهم هو العلة التي زعمتها الجهمية من اختصاص الشيئية ~~بالجسمانية، وهو باطل لما تقدم . PageV01P135 وقوله أوصافه: أي صفاته، ففي إطلاق الأوصاف ~~على الصفات تجوز، وذلك أن الوصف معنى قائم بالواصف، والصفة معنى قائم ~~بالموصوف، وأما في حقه -تعالى- فصفاته معان اعتبارية يعتبر بها نفي أضدادها ~~لا معان حقيقية لما سيأتي . # قوله وهي التي جامعت أضدادها: ضابط للصفات الفعلية، والمراد »بمجامعتها ~~أضدادها« هو أنه تعالى يتصف بها وبضدها في حال واحد . وفي قولنا»في حال ~~واحد« تجوز لأن الأحوال لا تأتي عليه »تعالى« . # والأضداد: جمع ضد وهو مالا يجتمع مع ضده في محل واحد وقد يرتفعان كالسواد ~~والبياض فإنهما لا يجتمعان في محل وقد يرتفعان معا فيكون الشيء أحمر وأخضر ~~مثلا، وأما النقيضان فلا يجتمعان في محل ولا يرتفعان عنه معا كالوجود ~~والعدم والحدوث والقدم لأن الشيء إما موجود وإما محدث أو قديم، وأما ~~المثلان فيجتمعان ويرتفعان . # وقوله »أي باعتبار وجودها«: تفسير لقوله ms068 جامعت أضدادها . # وقوله في آن: هو اسم للوقت الذي أنت فيه . وفي إطلاقه هنا تجوز، إذ لا ~~تأتي الأزمان عليه »تعالى« وقد يقال أنه لا تجوز فيه، وإنما وصفها ~~باجتماعها في آن واحد بالنظر إلى وجودها في محلها وهو المخلوقات لا بالنظر ~~إلى اتصافه بها تعالى . # قوله لا باعتبار محلها: أي لا بالنظر إلى محلها، فإن الضدان لا يجتمعان ~~في محل واحد . # والإغناء: هو إعطاء مال يسد به الحاجة. # والفقر: هو عدم ما تسد به الحاجة. # وقوله فلان: كناية عن الإعلام الشخصية، وأسند الأغنى (¬1) إليه »تعالى« ~~والفقر إلى فلان تأدبا واقتداء بالخليل عليه السلام في قوله تعالى حكاية ~~عنه { الذي هو يطعمني ويسقيني وإذا مرضت فهو يشفين } (¬2) . # * الصفات الذاتية : # 82- وصفاته للذات إيجابية أضدادها في غاية النقصان # 83- وضعت لإثبات الكمال لذاته مدلولها الذات العلي الشان PageV01P136 # أي وأما صفاته تعالى الذاتيه فهي إيجابية، أي توجب له تعالى الكمالات ~~الذاتية،وسلبية باعتبارها أنها تنتفي بها أضدادها النقصانية (¬1) فإن ~~أضدادها في غاية النقصان - تعالى الله عن الإتصاف بها - وضعت ألفاظ هذه ~~الصفات الذاتية دالة على إثبات الكمالات الذاتية، ولها مدلول هو الذات ~~العلي شأنها، ولايخفى أن كلام المصنف متوجه إلى ألفاظ الصفات لا إلى ~~معانيها، فإن الألفاظ هي التي توصف بأنها موضوعة لكذا. # أما معاني الصفات الذي هو مطمح نظر المتكملين حتى لا يطلقون اسم الصفة ~~إلا عليه فسيأتي، وقد أشكلت هذه التفرقة أعني بين معاني الصفات وألفاظها ~~على كثيرين، فمن ثم ذهب قوم إلى أسماءه - تعالى - وصفاته ليست بمحدثه، ~~ويعنون بذلك ألفاظ الصفات وألفاظ الأسماء حتى استوحش بعضهم من مقالة ~~المعتزلة حيث قالوا: إنها محدثة مخلوقة. وقالوا: إن المخلوق هو المتلفظ بها ~~لا هي، وحتى احتج بعضهم بقدمها على قدم القرآن فقال: هكذا القرآن فيه أسماء ~~الله تعالى، واسماؤه غير مخلوقة، فالقرآن غير مخلوق. وقد عرفت بطلانه ~~ووجهه، إنا لا نسلم إنها غير مخلوقة، بل هي مخلوقة لأنها من جنس الألفاظ، ~~وكل لفظ فهو مخلوق. # فقوله إيجابية : أي منسوبة للإيجاب وهو الإثبات، ووجه ms069 نسبته لذلك إنه ~~يتوصل بها إلى التعبير عن إثبات الكمال لله تعالى. ولما كان مقابل الكمال ~~الذاتي النقصان الذاتي، أشار إليه بقوله: ((أضدادها في غاية النقصان)). # والمراد بأضدادها : هي الألفاظ التي تدل على ضد الكمال كالجهل ضد العلم ~~والعجز ضد القدرة .. وهكذا. # وقوله وضعت: أي وضعها ربنا عز وجل دالة على الكمالات لذاته، ومعنى وضعه ~~لها: تسميه بها، يقال: وضعت الاسم لهذا الشيء إذا سميته به. # وقوله مدلولها: أي الصفات التي هي الألفاظ. # اعلم أن للالفاظ مفهوما ومدلولا. # فالمفهوم: هو المعنى الذي ينطبع في الذهن من إطلاق ذلك اللفظ. PageV01P137 # والمدلول: هو ما وضع له ذلك اللفظ في الخارج. مثاله: عليم ينطبع في الذهن ~~حال اطلاق هذا اللفظ اتصاف موصوف بالعلم، وهو معنى اللفظ، ويدل على أن في ~~خارج ذاتا متصفة بالعلم وتلك الذات هي مدلول عليم وهكذا. # فقول أصحابنا رحمهم - الله تعالى - ان صفاته هو، واسماءه هو أي مدلول ~~الصفات هو - تعالى الاسماء هو - تعالى - . وليس المراد أن الألفاظ أو ~~المعاني هو - تعالى - عن ذلك: فهم يطلقون الاسم على المسمى والصفة على ~~الموصوف. وقد صار هذا الاطلاق فيما بينهم حقيقة عرفية فلا يشكل عليك ~~اصطلاحهم: # 84 وهي المريد وقادر وسميع والحي العليم السر والاعلان # 85 هو عالم معناه ليس بجاهل والسمع بالذات لا الأذان # 86 وهو البصير بذاته لا غيرها فيكون مفتقرا إلى الحظان # أي وتلك الصفات الذاتية هي: المريد والقادر والسميع والحي والعليم ~~والبصير، فهذه ست صفات مجتمع على انها صفات ذاتية والخلاف في متكلم هل يكون ~~صفة ذات وصفة فعل أم لا يكون إلا صفة فعل؟ # ولذا أخر ذكره المصنف ولم يذكره مع هذه الست المجتمع عليها: # (( فالمريد )) : هو من اتصف بالارادة وهي هنا صفة يتأتى بها ترجيح احد ~~طرفي الممكن على الاخر وهي من الصفات الواجبة له تعالى. # وتقرير برهانها أن يقال الله تعالى خصص الحوادث باحد الطرفين الجائزين ~~وكل من كان كذلك فهو مريد. # و »القادر« : وهو من اتصف بالقدرة، وهي هنا صفة يتأتى بها ايجاد الممكن ~~واعدامه على ms070 وفق الارادة وهي من الصفات الواجبة له تعالى. # وتقرير برهانها ان يقال الله تعالى موجد بالأختيار وكل موجد بالإختيار ~~فهو قادر فالله قادر. # و»السميع« : هو من اتصف بالسمع، وهي هنا صفه تنكشف بها الموجودات انكشافا ~~تاما، وقيل: بل هي صفة تنكشف بها المسموعات انكشافا تاما، والاول اختيار ~~صاحب المعالم - رحمه الله - وهي من الصفات الواجبة له تعالى. PageV01P138 # وتقرير برهانها انه لو لم يكن تعالى سميعا مع كونه حيا لوجب أن يكون أصم، ~~واللازم باطل فثبت أنه تعالى سميع. # و»الحي« : هو من اتصف بالحياة وهي هنا صفة تقتضي وجوب العلم لمن قامت به ~~وهي من الصفات الواجبة له تعالى. # وتقرير برهانها انه لو لم يكن الله حيا لما جاز ان يتصف بتلك الكمالات ~~السابقة من الارادة والقدرة والسمع. # و»العليم«: هو من اتصف بالعلم وهي هنا صفه تتجلى بها حقائق الأشياء على ~~ما هي، وهي من الصفات الواجبة له تعالى. # وتقرير برهانها انه لو لم يكن تعلى عالما لم تكن انت في ذاتك متصفا بما ~~أنت عليه من غاية الاحكام والاتقان ودقائق المحاسن التي لا تنحصر. # و»البصير«: هو من اتصف بالبصر. وهي هنا صفة تنكشف بها الموجودات انكشافا ~~تاما، وقيل تنكشف بها المبصرات انكشافا تاما. # و»السر«: هو ما خفي من جميع الأشياء. # و»الاعلان«: هو ما ظهر من جميع الأشياء. ففي إضافة العليم إلى السر ~~والاعلان إشارة إلى أنه تعالى عالم بالكليات (¬1) والجزئيات (¬2) وبما كان ~~وبما يكون وبما هو كائن من كل موجود ومعدوم سيكون أو قد كان. PageV01P139 # واختلف في تعلق علمه تعالى بالمعدوم الذي يستحيل وجوده. فذهب بعض اصحابنا ~~إلى أن علمه تعالى متعلق بالمعدوم المستحيل وجوده لقوله تعالى: { ولو ردوا ~~لعاددوا } (¬1) ومن المستحيل ردهم وأعادتهم قد ترتبت عليه والمترتب على ~~المستحيل مستحيل مثله، وقد ابرنا ربنا عز وجل عنه هو مستحيل، فدل على أن ~~علمه تعالى متعلق بالمستحيلات أيضا، وكثير من الآيات القرآنية دالة على هذا ~~المعنى. وعلى هذا المذهب عول صاحب الوضع (¬2) والمحقق الخليلي ms071 - رحمهما ~~الله - . # وذهب بعص أصحابنا إلى علمه أن علمه - تعالى - لا يتعلق بالمستحيل وجوده ~~لان المستحيل وجوده لا حقيقة له، فهو ليس بشئ في الحقيقة، ولا يتعلق العلم ~~لا بشيء، فظهر ان علنه - تعالى - لا يتعلق بالمستحيل وجوده، وعلى هذا ~~المذهب عول صاحب المعالم في المعالم وصاحب الموجز (¬3) في الموجز - رحمهما ~~الله - وصرح أبو ستة - رحمه الله تعالى - بأنه المذهب. PageV01P140 # وقوله »هو عالم معناه ليس بجاهل« : بيان لما قرره اولا من أن هذه الصفات ~~وضعن لإثبات الكمالات للذات، وأن اضدادها في غاية النقصان (النقصان) فضد ~~العلم: الجهل، وهو مستحيل عليه تعالى، لأن الجاهل لا يتمكن من فعل شيء لا ~~يعلمه. وهذه الافعال قد دلت بما هو حكمة الله فيها. إنها لا تصدر إلا عن ~~عالم بصنيعها. # وقوله » والسمع أي بالذات « :أي وكذلك صفة السمع معناها انتفآء الصمم عنه ~~تعالى، والسمع هو بالذات أي ذاته تعالى سميعة، أي منكشفة لها المسموعات ~~انكسافا تاما وليس السمع في حقه - تعالى - بالأذان التي هي الآت السمع في ~~المخلوقات لان صفاته تعالى لا تشابه صفات المخلوقات. # وقوله »وهو البصير بذاته«: أي ذاته تعالى بصيرة أي منكشفة لها المبصرات ~~انكشافا تاما لا يحتاج إلى آلة البصر التي من لوازمها اللحظان وهو النظر ~~بموجز العين. من أي الجانبين. قال في شرح القاموس (¬1) : ومن ذلك حديث ابن ~~عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - »كان يلحظ في الصلاة ولا يلتفت« قال ~~في القاموس: وهو أشد التفاتا من الشزر (¬2) . # وانشد الشارح (¬3) قوله: # نظرناهم حتى كأن عيوننا بها لقوة (¬4) من شدة اللحظات (¬5) # * مدلول عين الأسماء والصفات: # 87 أسماؤه وصفاته للذات عين ال ذات ليس بغيرها يا شاني PageV01P141 # أي مدلول اسمائه اسمائه تعالى ومدلول صفاته عو عين ذاته العلية لا غيرها. ~~فالله تعالى مري بذاته لا بصفة هي لغيره تسمى إرادة، وقد يريد بذاته لا ~~بصفة هي لغيره تسمى قدرة، وعليم بذاته لا بصفة هي لغيره تسمى علما، وحي ~~بذاته لا بصفة هي لغيره تسمى بالحياة، وسميع بذاته لا بصفة هي لغيره ms072 تسمى ~~سمعا، وبصير بذاته لا بصفة هي لغيره تسمى بصرا. # والفرق بين الاسماء والصفات هو أن الأسماء هي ما دلت على الذات من غير أن ~~تفهم إتصاف الذات بصفة، وعلى هذا الفرق فجميعها صفات إلا اسم الجلالة. وفرق ~~بعضهم بينهما بان ما وجد فيه »أل« فهو اسم (¬1) كالقدير والمريد والعليم ~~وما ليس فيه »أل« فهو صفة كقدير ومريد وعليم، وعلى الفرق الاول المعول. ولا ~~يعترض عليه بقوله تعالى: { ولله الاسماء الحسنى } (¬2) حيث جمع الاسماء لأن ~~المراد بها هنا جميع الصفات مع قطع النظر عن الفرق بين ما يدل على الذات ~~وحدها و(بين) ما يدل على الذات متصفة بصفه. # وقوله »ياشاني« : أي خصمي. # 88 والقول فيها أنها هي غيره وقديمة معه من البهتان # 89 أيكون ربي كاملا بالغير لا والله هذا واضح البطلان # 90 أم هل يجوز تعدد القدما لدى العقلاء عند الواحد الديان # أي والقول في الصفات الذاتية أنها معان حقيقية، وأنها غير الذات العلية ~~قديمة مع الذات، مع الافتراء على الله - عز وجل - لما يلزم على هذا القول ~~أن يكون الرب عز وجل كاملا بالغير. فقولهم بأنه تعالى قادر بقدرة هي غيره، ~~ومريد بإرادة هي غيره، وهكذا يستلزم أن يكون الله كاملا بالقدرة وبالارادة، ~~والقدرة والارادة هما في زعمهم غيره. فيلزم أن يكون كاملا بالغير، ومن كان ~~كاملا بالغير وجب أن يكون ناقصا في ذاته، والله - تعالى - كامل في ذاته. ~~فالقول بأنه كامل بغيره من الباطل ويستحيل أن يوصف به - تعالى. PageV01P142 ويلزم أيضا على قولهم بان صفات الذات ~~معان حقيقية قديمه مع الذات تعدد القدماء. وتعدد القدماء باطل لما تقدم. ~~فالقول بأنها غير باطل ايضا، فتبين ان اسماء الله تعالى وصفاته الذاتية عين ذاته. # قال البدر أبو سته - رحمه الله تعالى - ذهب الاشاعرة ومن تأسى بهم إلى ~~أنه تعالى له صفات موجودة قائمة زائدة على ذاته. فهو عالم بعلم قادر بقدرة، ~~وعلى هذا القياس ذهب غيرهم إلى نفيها أي نفي زيادتها على الذات. # واحتج الاشاعرة على ما ذهبوا إليه بوجود ثلاثة ms073: # الأول: ما اعتمد عليه القدماء منهم، وهو قياس الغائب على الشاهد فان ~~العلة والحد والشرط لا تختلف غائبا ولا شاهدا، ولاشك أن علة كون الشي عالما ~~في الشاهد هي العلم، وكذا في الغائب. وحد العالم هنا من قام به العلم، ~~فهكذا حده هناك. وشرط صدق المشتق على واحد منا ثبوت أصله له، فهكذا شرطه ~~فيمن غاب عنك، وقس على ذلك سائر الصفات. # قال: وهذا ليس بصحيح إذ قياس الغائب على الشاهد مطلقا لا بد فيه من اثبات ~~علة مشتركة بين المقيس والمقيس عليه، وهذا الاثبات بطريق اليقين مشكل لجواز ~~كون خصوصية الاصل الذي هو المقيس عليه شرطا لوجود الحكم فيه أو الكون ~~خصوصية الفرع أي المقيس مانعا من وجوده فيه، وعلى التقديرين لا يثبت بينهما ~~علة مشتركة فلا يصح القياس. كيف والخصم أي القائس قائل معترف بخلاف مقتضى ~~الصفات شاهدا وغائبا، فان القدرة في الشاهد لا يتصور فيها الايجاد بخلافها ~~في الغائب، والارادة فيه لا تخصص بخلاف ارادة الغائب، وكذلك الحال في باقي ~~الصفات فإذا ما وجد في أحدهما لم يوجد في الآخر، فلا يصح القياس أصلا. PageV01P143 # الثاني: لو كان مفهوم كونه عالما قادرا حيا نفس ذاته لم يفد حملها على ~~ذاته، ولكان قولنا على طريقة الاخبار: »الله العالم« أو نحوه بمثابة حمل ~~الشيء على نفسه، واللازم لان حمل هذه الصفات يفيد فائدة صحيحه، بخلاف ~~قولنا: ذاته ذاته، وإذا بطل كونها نفسها، ولا مجال للخبرية قطعا تعينت ~~الزيادة على الذات، وفيه نظر لأنه لا يفيد إلا زيادة هذا المفهوم، أعنى ~~مفهوم العالم والقادر ونظائرهما على مفهوم الذات، ولا نزاع في ذلك. وأما ~~زيادة ما صدق عليه هذا المفهوم على حقيقة الذات فلا يفيد هذا الدليل. # الثالث: لو كان العلم نفس الذات لكان العلم نفس القدرة، فكان المفهوم من ~~العلم والقدرة امرا واحدا، وأنه ضروري البطلان، وكذا الحال في سائر صفات ~~وفيه ايضا انما يدل على تغاير مفهومي العلم والقدرة ومغايرتهما للذات ~~والمتنازع فيه الثاني دون الأول فمنشأ هاذين المفهومين عدم ms074 الفرق بين مفهوم ~~الشيء وحقيقته. # فان قلت: كيف يتصور كون صفة الشيء عين حقيقته، مع أن كل واحد من الموصوف ~~والصفة يشهد بمغايرته لصاحبه؟ وهل هذا إلا كلام مخيل لا يمكن أن يصدق إلا ~~في سائر القضايا المخيلة التي يمتنع التصديق بها، فلا حاجة لنا إلى ~~الاستدلال على بطلانه؟. # قلت: ليس معنى ما ذكروه أن هناك ذاتا وصفه، وهما متحدان حقيقة كما تخيلته ~~بل معناه أن ذاته - تعالى - يترتب عليه ما يترتب على ذات وصفة معا. مثلا ~~ذاتك ليست كافية في انكشاف الاشياء عليك بل يحتاج ذلك إلى صفة العلم الذي ~~يقوم بك. والمفهومات بأسرها منكشفة عليه لأجل ذاته. ( انتهى كلامه ببعض ~~التصرف). # * الكلام الإلهي وأقسامه: # 91واعلم بان كلامه نوعان ذاتي وفعلي وأما الثاني # 92 فكلامه بالفعل وهو الخلق للاصوات فيما شاء للإيذان # 93 إما بوحي أو بإلهام الى من شاء أو إنزال كالفرقان # أي واعلم أيها السامع ان كلامه تعالى نوعان: PageV01P144 # احدهما: ذاتي أي صفة ذاتية له - تعالى - الصفة معنى أعتباري يعتبر بها ~~نفي ضدها عنه تعالى. # النوع الثاني: هو كلام فعلي، نسبة إلى الفعل، وهو هنا الايجاد للاصوات ~~المشتملة على الفاظ دالة على معان يوجدها فيما شاء من الاشياء كاللوح ~~المحفوظ والشجرة التي نودى منها موسى - عليه السلام - وحكمة خلقه. إعلام من ~~خلق لأجله الكلام، وذلك الإعلام إما بإلقاء اليه من الرب - عز وجل -، يلقي ~~من سمعه، وأما أن يشرح له صدره فيلقيه في قلبه وأما أن يكون على لسان ملك ~~يجيء به من السماء إلى النبي كأنزال القرآن العظيم على نبينا محمد - صلى ~~الله عليه وسلم - . # فقوله»واعلم بأن كلامه ... الخ« : تنبيه على أن الكلام من صفات ذات ~~الوجهين: يكون صفة ذات ويكون صفة فعل. ولما لم يذكر المصنف هذا النوع صريحا ~~فيما تقدم نبه عليه بقوله واعلم .. الخ. # ثقوله»وهو الخلق للاصوات« : أي الأيجاد لها. وقد يقال أن الكلام هو اللفظ ~~الدال على معان وهذا غير الايجاد. ففي كلام المصنف تأمل ويجاب عنه بأن ~~التعريف للفعل لا للكلام ms075. والمعنى أن النوع الثاني فكلامه بالفعل وهذا ~~الفعل هو الخلق للاصوات ... الخ فلا إشكال. # وقوله »فيما شاء«: أي في أي محل شآء ان يخلقه فيه، وفيه إشارة إلى أنه لا ~~يلزمنا تعيين محل الخلق، فيفيد الجواب لصاحب تلك النونية في قوله : # لم يعد أن يك بين خلق سمائه والارض مخلوقا بلا نقصان # ما باله اذ قال لم أخلقهما إلا بحق ثابت الاركان # فالحق لم يخلقه قل لي أم له معنى ثبوت عند ربك ثان # أي لو كان القرآن مخلوقا لوجب ان يكون مخلوقا بين السماء والارض أو في ~~احدهما لم يعد ذلك. والله - عز وجل - قال: { أو لم يتفكرو في أنفسهم ما ~~خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } (¬1) . فالآية دليل على ~~أنهما مخلوقتان، وما بينهما بالحق، والحق هو القرآن، فلا يستقيم أن يكون ~~مخلوقا بينهما، أو في أحدهما، فبطل كون مخلوقا. PageV01P145 # وجوابه: أما اولا: فلا يلزمنا تعيين محل خلقه، وأما ثانيا: فلا نسلم ان ~~الحق في الآية هو القرآن، وانما المراد به ضد الباطل أي ما خلقناهما وما ~~بينهما إلا متلبسين بالحكمة وعدم العبث. وفي كلام المصنف إشارة إلى إن ~~الكلام الفعلي إنما يخلق في جسم، وإليه ذهبت المعتزله، وأستدلوا على ذلك ~~بقوله تعالى: { فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة ~~من الشجرة } (¬1) فان هذا صريح في أن موسى عليه السلام سمع النداء من ~~الشجرة، والمتكلم بذلك النداء هو الله سبحانه وتعالى وهو منزه أن يكون في ~~جسم. فثبت أنه تعالى أنما يتكلم بخلق الكلام في الجسم. # وأجاب المانعون بخلق الكلام بما لا يسمع، فلا نطيل بذكره. وقوله ~~»للايذان«: أي للإعلام، ففيه تنبيه على أن الحكمة من خلق الكلام اعلام من ~~سمع الكلام بما أراد الله أن يعلمه به. # وقوله »أما بوحي« تفسير للإيذان أي إما أن يكون سببه وحيا وهو لغة: لكل ~~ما ألقيته لغيرك ليعلم، والكتابة والاشارة والرسالة والافهام كلها وحي ~~بالمعنى المصدري. انتهى. # وقوله »أو بإلهام« : يريد به ما ينفث في روع الانبياء ms076 لقوله - صلى الله ~~عليه وسلم - ((ان روح القدس نفث في روعي)) أي قلبي. إن نفسا لن تموت حتى ~~تستكمل أجلها ورزقها، فاتقوا الله واجملوا في الطلب، لكن يفارق الإلهام بأن ~~يحصل في قلب النبي علم ضروري بأن هذا الملقى هو من الله تعالى. # وقوله»أو إنزال كالفرقان« باسقاط النون من إنزال للوزن وأراد بالإنزال ما ~~يجيء به الملك من عند الرحمن من الكلام المتلو. فالملقى في قلوب الانبياء ~~وان كان كلاما إلاهيا لا يسمى منزلا. # * نظم القرآن دليلا على حدوثه: # 94 نظم يدل على معان شاهد لحدوثهوالعقل بالبرهان PageV01P146 # أي الفرقان لفظ دال على معان وهو شاهد على أنه موجود بعد عدم بالبرهان ~~القاطع مع برهان العقل الدال على حدوثه ايضا. فإنزاله وكونه نظما دالا على ~~معان دليل على أنه مخلوق، اذ لايكون القديم منزلا ولا نظما مع ما فيه من ~~الايات الدالة على خلقه كغيره كما في قوله تعالى: »خالق كل شيء«.»وانا كل ~~شيء خلقناه بقدر« وقد تقدم بيان جميع ذلك. # »فالنظم« : هو ادخال اللاليء في السلك، استعارة للكلام المنزل بجامع ~~الحسن في كل منهما، وآثر التعبير به عن التعبير باللفظ لان اللفظ لغة: ~~الطرح. يقال: لفظت النواة. أي طرحتها فعدل عن التعبير به تادبا. # وقوله»يطل على معان«: إشارة إلى أن للقران ركنين: النظم والمعنى، فان ~~أختل أحدهما فلا يسمى الأخر قرآنا. ففيه اشارة إلى أبطال مذهب أبي حنيفة ~~حيث جوز قرآءة القران في الصلاة بالفارسية، فأعتبر المعنى دون اللفظ وهو ~~غلظ فاحش. # وقوله »للعقل« : انتصب على أنه مفعول معه، ولا يستقيم رفعه لان العطف على ~~ضمير مستتر ضعيف، ولك أن تجعله مبتدأ خبره محذوف تقديره والعقل شاهد أيضا. # 95 آيات حق تفحم البلغاء والخطباء محدثة من الرحمن # أي هو آيات مطابقات لما في نفس الامر، مسكنة للقادرين على تأليف الكلام ~~البليغ والناطقين بالخطب بين القوم، أحدثها ربنا عزوجل فالآيات جمع آية، ~~وهي طائفة من القرآن يتصل بعضها ببعض إلى انقطاعها طويلة كانت أو قصيرة، ~~واضافتها إلى الحق، اضافة بيانية ms077 أي آيات هي الحق. # »والحق« : مطابقة ما في نفس الامر. # ومعنى »تفحم« : أي تسكت البلغاء والخطباء بالحجة يقال: أفحمت الخصم: إذا ~~اسكته بالحجة. # و»البلغاء« : جمع بليغ وهو من له ملكة يقتدر بها على تاليف كلام بليغ. ~~والكلام البليغ هو المطابق لمقتضى الحال، فكل بليغ كلاما أو متكلما فصيح ~~لان الفاصحة مأخوذة في تعريف البلاغة وليس كل فصيح بليغا. PageV01P147 # و»الخطباء« : جمع خطيب وهو متكلم القوم والغرض من تطويل المصنف لأوصاف ~~القرآن بيان لعظيم شأنه، وذلك انه لما أقام الحجج والبراهين على خلقه ~~اعقبها بما يعتقده في القرآن من الصفات تنبيها للسامع إلى أنه لم يقل بخلقه ~~تهاونا بشأنه، فكأنه قال: اعتقد تعظيمه كما تعتقد انت تعظيمه لكنى لا اغلوا ~~في ذلك كما غلوت، فإنك قد جاوزت الحد في وصفه حيث وصفته بالقدم، وهذا ~~القرآن بنفسه شاهد على خلاف مقالتك، فتعظيمي له لم يخرجني بحمد لله من الحق ~~كما أخرجك تعظيمك إياه حيث غلوت في وصفه. # *إنزاله منجما: # 96 إنزاله حسب المصالح أنجما يهدى إلى ايجاده بزمان # أي أنزال القران طوائف بقدر منافع الخلق يدل على أنه محدث في وقت، لأن ~~النزول جمعيه كان في أوقات، وما كان في وقت فهو محدث. # فقوله »حسب«: أي قدر. # و»المصالح«: جمع مصلحة وهي اللذة ووسيلتها وتقابلها المفسدة وهي الالم ~~ووسيلته. # وقوله »أنجما«: حال من المضاف اليه، والعمل فيه إنزال - ان فسرناه بطوائف ~~- وظرف - إن فسرناها بأوقات - وأصل الأنجم جمع نجم ، وهو الكوكب، ثم أطلق ~~على الأوقات لأن العرب كانت تؤقت بطلوع النجم، لأنهم ما كانوا يعرفون ~~الحساب وأنما يحفظون أوقات السنه بالأنواء، وكانوا يسمون الوقت الذي يحل ~~فيه الآراء نجما تجوزا لان الادآء لا يعرف إلا بالنجم، ثم توسعوا حتى سموا ~~الوظيفة نجما لوقوعها في الاصل في الوقت الذي يطلع فيه النجم قال ابن (¬1) ~~فارس: النجم وظيفة كل شي وكل وظيفة نجم. انتهى مصباح. # وقوله »يهدي«: أي يدل. PageV01P148 # وقوله»بزمان«: أي في زمان. # اعلم أن في هذا البيت احتجاجا على أحداث القرآن بأنزاله ms078. قال ابو القاسم: ~~(¬1) الجواب القاطع عندي في جميع مقالاتهم أن يقال لهم: أخبرونا عن قوله ~~تعالى: { إنا نحن نزلنا عليك القرآنا تنزيلا } (¬2) فمن المنزل؟ وما ~~المنزول؟ (¬3) فلا بد أن يقول الله سبحانه هو المنزل، فيقال لهم: لا يخلو ~~إما أن يكون نزل نفسه أو نزل غيره ولا ثالث إلا التهويلات الكاذبات ~~والتطويلات الفاسدات. فإن قلتم: نزل نفسه فهو إذا منزل فاعل من وجه مفعول ~~من وجه آخر - تعالى الله وتقدس عن هذه الصفة الذميمه - ثم ماذا يلزم بعد ~~هذا كله من الالزامات مثل البعض والكل والانتقال من مكان هو فيه إلى مكان ~~ليس هو فيه، وقد قطع الله فيه عذرهم وبين ضلالهم بقوله: { إنا نحن نزلنا ~~عليك القرآن تنزيلا } فأكد بالمصدر الفعل وحققه حتى لا يتحمل مجازا. وإن ~~قالوا إنما نزل غيره وهو القرآن فقد أقروا بخلقه. # وقال الشيخ أبو مهدى (¬4) : نقول لمن أنكر أن يكون القرآن مخلوقا هو ~~منزول أم غير منزول؟ فان قال غير منزول فقد كفر لنصوص كثيرة في القرآن وقد ~~قال الله تبارك وتعالى: { إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا } فأخذ بمصدر ~~الفعل وحققه حتى لا يحتمل مجازا أصلا. # وإن قال منزول فنقول له: من أنزله؟ فان قال غير الله فقد كفر ورد نصوص ~~القرآن ايضا، وإن قال: انزله الله فنقول له: أنزل الله نفسه أو غيره؟ ~~فهنالك تصير حججهم هباء منثورا. PageV01P149 # وقال الشيخ أبو يعقوب - رحمه الله - قال عز وجل: { إنا أنزلناه في ليلة ~~القدر } (¬1) و { نزل به الروح الأمين على قلبك } و { ننزل من القرآن ما هو ~~شفاء ورحمة للمؤمنين } (¬2) . قالوا: العبارة عنه،قلنا لهم بعد قول الله ~~تعالى: { أنزله بعلمه والملائكة يشهدون } (¬3) . قلتم العبادة عنه فمن يشهد ~~لكم بهذا: إن كذبتم شهادة الله تعالى وشهادة ملائكته؟ فيا سبحان الله من ~~قوم أنكروا نزول القرآن مثل أهل الأوثان، ولو عرضوا بما هم فيه بمحمد - صلى ~~الله عليه وسلم - وجبريل الروح الأمين أنه لم ينزل به جبريل - عليه السلام ~~- على قلب محمد - صلى الله عليه ms079 وسلم - وإنما نزل بالعبارة في القرآن وخيال ~~جبريل الذي نزل على خيال محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم ينزل نحن ايضا ~~علينا القرآن، وإنما نزل على خيالنا وقوله تعالى: { وكذب به قومك وهو الحق ~~} (¬4) وإن القوم ما كذبوا بالقرآن وإنما كذب خيالهم بالعبارة. فليس القرآن ~~في نفسه بحق وإنما العبارة عنه هي حق، وهي التي كذب بها خيال القوم، فمن ~~كان بهذه الصفة فليسوا بالعقلاء الذين يخاطب الله عز وجل امثالهم إلا ان ~~تجاهلوا تعمدا. انتهى. # فأنظر كيف ألزمهم إنكار نزول القرآن أصلا، وشبههم بعبدة الأوثان ~~وبالخيالية وهم قوم انكروا حقائق الاشياء وتحقق العلم بها، وهؤلاء كفار ~~قطعا، ولو لم يكن إلا هذا الكلام الذي حققه هذا الإمام لكفى. PageV01P150 # وقد قال الشيخ أبو القاسم: لعمري لقد انكروا نزول القرآن صراحا. ورفع عن ~~بعضهم أنه قال في كتابه جآء الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ~~انه قال: »أنزل الله القرآن كله جملة واحدة وجعلة في بيت العزة في سماء ~~الدنيا« فكان نزوله على النبي عليه السلام نجوما، فاختلف جواب شيوخنا في ~~هذا، فقال بعضهم: القرآن وأنزل: مجاز. وقال بعضهم: انه لم ينزل القرآن. ثم ~~قال: فهل عجب أعجب من هؤلاء الذين كذبوا قول الله عز وجل: { إنا نحن نزلنا ~~عليك القرآن } (¬1) وردوه انتهى. # أعاذنا الله والمسلمين من أسباب الردى وفتنة الاهواء ووفقنا لما يحب ويرضى. # * أعظم معجزة: # 97 سبحان من أوحاه أعظم آية لرسالة المبعوث من عدنان # أي تنزيها لمن أوحى القرآن العظيم حال كونه أكبر علامة دالة على رسالة ~~النبي المرسول من بني عدنان. # فسبحان: علم عن التنزيه، والمنزه هو الرب عز وجل لان الايحاء باذنه هو ~~الذي خلقه. # آية: تمييز بمعنى علامة، والمراد بالعلامة هنا دليل النبوة. وإنما كان ~~القرآن أعظم رسالة على نبينا - صلى الله عليه وسلم - لأنه هو المعجز الباقي ~~إلى آخر الأبد، فمن ثم قيل: »ما من نبي إلا وانتقضت معجزته بوفاته إلا ~~نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فان معجزته باقية أبدا« . # واختلف في ms080 جهة إعجازه فقيل: من حيث التراكيب على أنه أفحم البلغاء فيها. ~~وقيل: من حيث إخباره بالغيب وقد وقع على ما أخبر، وقيل: من حيث إخباره ~~بالغيب وقد وقع على ما أخبر، وقيل: من حيث إخباره عن الامم الخالية، وقيل: ~~من حيث عدم التناقض فيه مع طوله. PageV01P151 # وأقول أن جميع ذلك معجز، وأن كل قول من هذه الأقوال قد أخذ جهة من جهات ~~الإعجاز، فينبغي أن يقال: واعجازه من جهات احدها: تراكيبه وثانيها: اخباره ~~بالغيب وثالثها: اخباره عن الامم الخاليه ورابعها: عدم تناقضه مع طوله ~~والقول بان القرآن ليس، معجز في نفسه، وان البشر يستطيعون الاتيان بمثله ~~لكن صرفت عقولهم عن ذلك، فثبت اعجازه لذلك باطل لا يلتفت إليه (¬1) . # وقوله المبعوث: أي المرسول. # وقوله من عدنان: أي من بني عدنان، وعدنان من بني اسماعيل بن ابراهيم ~~الخليل عليهما الصلاة والسلام - وإنما خص عدنان بالذكر لان ضبط نسبه الشريف ~~هو إلى عدنان بلا خلاف، ثم اختلف فيما فوق عدنان إلى اسماعيل. وقد ذكر رسول ~~الله - صلى الله عليه وسلم - نسبه إلى عدنان ثم قال : كذب النسابون. # * ناسخ للشرائع: # 98 نسخ الشارئع كلها بنزوله ومحا الشكوك بواضح التبيان # أي رفع القرآن حكم الشرائع التي وجدت قبله كلها، فيلزم اهل الشرائع كلهم ~~حكم القرآن، ولا يجوز لاحد منهم أن يقر على شريعته بعد أن تبلغه دعوة نبينا ~~- صلى الله عليه وسلم - وهل يستدل بالشرائع المتقدمة على حكم لم يوجد له نص ~~من شريعتنا أم لا؟ فيه الخلاف بين العلماء. # وظاهر الكلام المصنف المنع، لمنع العمل بالمنسوخ. والقائلون بجواز العمل ~~به جعلوها منسوخه فيما خالفت فيه شرعنا وعندهم ان ما سكت عنه شرعنا فهو باق ~~على حكمه الاصلي. # وقوله ومحا الشكوك: جمع شك وهو تساوى النقيضين في الذهن بحيث لا يترجح ~~احدهما عن الأخر بشيء فان ترجح في الذهن النقيض المطابق للأدلة فهو الظن ~~وان ترجح النقيض المخالف للأدلة فهو الوهم. # وفي قوله واضح التبيان: إضافة الصفة إلى موصوفها أي التبيان الواضح. # * الكلام من الصفات الفعلية ms081: # 99 والخلف في اثباته بالذات والمقصود نفى الخرس لا بلسان PageV01P152 # أي واختلف العلماء في اثبات الكلام صفة ذاتيه، فاثبتها قوم منا، ومنعها ~~آخرون، وممن منع كون الكلام صفة ذاتية الشيخ عامر (¬1) - صاحب الايضاح - ~~رحمه الله تعالى في عقيدته (¬2) حيث قال: وندين بان الله خالق لكلامه، ~~فأطلق الخلق على الكلام كله، فدل على أن الكلام معه صفة فعليه فقط، والشيخ ~~أبو بكر أحمد بن النظر - رحمه الله تعالى - حيث حصر كلام الله في كتابه فقال: # وأما كلام الله فهو كتابه كذلك قال الله للطاهر الشيم # والمراد بكتابه، كتبه جميعها لان الاضافة تفيد العموم، فدل على ان الكلام ~~معه رحمه الله - صفة فعلية فقط إذ لا قائل بأن الكلام الذاتى كتبه أو شي ~~منها، فبهذا يعلم انتفآء تلك النونية عنه إذ لا يتأتى لمن نفى كون الكلام ~~صفة ذاتيه أن يقول بقدم الكتب المنزله. # المقصود عند القائلين بثبوت الكلام صفة ذاتيه نفي الخرس بها عن الله عز ~~وجل، فكما انتفى العجز بالقدرة والجهل بالعلم، والإكراه بالإرادة وهكذا، ~~انتفى الخرس بالكلام فقالوا: الله متكلم أي ليس بأخرس. PageV01P153 # قال البدر أبو ستة (¬1) في حواشي الوضع ما نصه: قوله متكلم ليس بأخرس ~~(¬2) هذا التفسير على أحد الإطلاقين عند اصحابنا اعنى على جعل الكلام صفة ~~ذات وهذا الاطلاق مرجوح حتى أنهم لا يكادو يستعملونه مخافة الوقوع في مذهب ~~الغير والراجح، عندهم أن الكلام فعل من أفعاله. ولم يذكر الشيخ أبو ساكن ~~عامر - رحمه الله - في عقيدته غيره حيث قال: وندين بان الله خالق لكلامه ~~ووحيه ومحدثه وجاعله منزله .. الخ. # وقال في شرح (¬3) الجهالات - منبها على ذلك - ما نصه : ولا اعرف في شيء ~~من صفات الله عز وجل موضعا يقولون فيه على نفى كذا الا وتحته صفة ذات ما ~~خلا صفة الكلام، فإنهم يقولون على نفى الخرس ثم لا يعدون الكلام صفة ذات، ~~وإنما ذلك عندي هروب من قول الذين يذعمون أن القرآن ليس بمخلوق ولا محدث ~~حتى لا يوهموا الميل إلى شيء من قول أهل الخطأ ... انتهى ms082. PageV01P154 # وقال شارح (¬1) العدل - رحمه الله -: أصحابنا لايجعلةن الكلام صفة ذاتية ~~إلا على طريق السلف ونفي الخرس عنه تعالى، وقل ما يقولون على نفى كذا إلا ~~ويثبتون تحته صفة كالعلم على نفى الجهل والقدرة على نفى العجز والحياة على ~~نفي الموت والاراده على نفى الاستكراه والكلام على نفى الخرس، ومع ذلك ~~فإنهم لا يثبتون الكلام صفة ذاتية كما في الحياة والقدرة والعلم والإرادة ~~وسائر الصفات ولعل ذلك لئلا يتوهم عليهم تصويب أهل الخطاء. وكان الشيخ أبو ~~عبدالله (¬2) محمد بن أبي بكر - رضى الله عنه - يسأل المشايخ، ويقول لهم: ~~ما تقولون فيمن يزعم لكم أن كلام الله على وجهين: كلامه الذي هو صفة له في ~~ذاته وكلامه الذي هو صفة له في فعله؟ واصحابنا يجيزون مكلما وكلم ويكلم ~~ويمنعون مكلما ويتكلم وهي مسألة فلحون وأبي نوح معروفه.. الخ. # وأقول: الظاهر انما أجازوا مكلما ويكلوم وكلم لأنها تدل على أن الكلام ~~صفة فعل لأنها أفعال متعدية بخلاف: متكلما ويتكلم وتكلم مثلا فانها تدل على ~~إنها صفة ذات لكونها لازمة والله اعلم. فليحرر. PageV01P155 # والظاهر أنه إنما يمتنع ((متكلما)) نظرا إلى كون الكلام فعلا لا صفة،وأما ~~اذا جعل صفة على معنى نفي الخرس فهو جائز، وان كان قليلا، ويدل عليه قول ~~المصنف - رحمه الله - ومتكلم ليس بأخرس، ثم ظاهر قوله ليس بأخرس أن الخرس ~~ضد الكلام، فينفى به كما ينفى بكل صفة ضدها كما هو المشهور لكن ذكر شارح ~~العدل - رحمه الله - في مسألة اختلف الناس في المعدوم، هل هو مأمور.. الخ ؟ ~~ما يدل على أن الخرس أمر يضد الكلام حيث قال: فغالطت الاشعرية المعتزلة ~~مغالطة دهشت المعتزله بإيرادهم إياها عليهم، وهي شبهه من شبههم، فترددت ~~المعتزلة عندها وحارت حتى تنبه لحلها وكشفها بعض حذاقهم، وذلك أن الاشعرية ~~قالوا: ان صفات الله سبحانه التي هي الصفات السبع التي هي: الحياة والعلم ~~والقدرة والارداة والسمع والبصر والكلام صفات ذاتية ينفين عنه جميع صفات ~~الحدوث والنقص والذم والعجز. والافات كل واحدة تنفي ضدها ومقابلها الذي هو ms083 ~~آفة وعجز ونقيض. فالحياة تنفي الموت والموت ينفي بالحياة. فمن لم يكن حيا ~~فهو ميت، ولاثالث إلى أن قال: والكلام ينفي الخرس وهو ضده ولا ثالث بين ~~الكلام والخرس بعد حصول الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر. PageV01P156 # فمن لم يكن متكلما فهو أخرس، والخرس عند الاشعرسة ضد الكلام، والكلام ~~ضده، ومن حكم الضدين عند المتكلمين ان لا يثبتان معا ولايرتفعان بل ~~يتعاقبان على محل، فارتفاع واحد هو ثبوت ضده في محله، وثبوت ضده هو ارتفاعه ~~وفاقا، فدهشت المعتزله عند هذا الالتزام وحارت فصاروا فريقين: فريق رجع إلى ~~الاشعرية وأثبت الكلام (الكلام) النفسانى قديما على الوجه الذي قالت به ~~الاشعريه والفريق الأخر وقف وتدبر حتى تنبه وتفطن، ثم قال منتصرا: أليس ~~الخري بضد الكلام؟ والخرس آفة وزمانة وعجز في اللسان، ضده القدرة على ~~الكلام. والخرس منفى بالقدرة حيث هو العجز، والقدرة تنفى العجز من كل وجه ~~ومن حيث ما دار. والخرس نقيض الكلام وليس بضد له، دليل ذلك إن الضدين على ~~قانون أهل الكلام لا يثبتان ولا يرتفعان معا والنقيضان لا يثبتان معا في ~~محل ويرتفعان منه معا لا على المعاقبة. والخرس والكلام يرنفعان معا ويكون ~~المتكلم ساكا لا اخرس ولا متكلما، وهو قادر على الكلام، ويكون أيضا متكلما ~~لا ساكتا ولا أخرسا، فكل خرس سكوت، وليس كل سكوت خرس..الخ. # وأقول الظاهر أن إثبات أصحابنا الكلام صفة على معنى نفى الخرس هو ما رجع ~~إليه الفريق الأول من المعتزله، وإثباته فعلا هو ما تنبه اليه فريق الآخر ~~وهذا الاطلاق هو الغالب عندنا كما تقدم والله اعلم .. انتهى كلامه. # * الكلام الذاتي غير مخلوق والقرآن غير الكلام الذاتي: # 100 وإذا أردت كلامه الذاتي فليس بمحدث بل ليس بالقرآن # 101 لكنه صفة له دلت على نفي النقائض عنه يا رباني PageV01P157 أي وإذا ~~اردت بقولك أن القرآن غير مخلوق الكلام الذاتي فنحن نعترف بعدم حدوث الكلام ~~الذاتي لكنا لا نسلم أنه هو القرآن لانه لا يصح اطلاق اسم القرآن عليه، إذ ~~لا يمكن ان يقال الله ms084: قارئ مكان متكلم، لكن الكلام الذاتي عند من قال به ~~من أصحابنا هو: صفة تدل على نفي بعض النقائض عنه تعالى وهو الخرس. فالكلام ~~الذاتي عند من اثبته انما هو اعتباري كسائر الصفات الذاتية. # وقوله يارباني: نسبة إلى لفظ الرب زيدت فيه الألف والنون مبالغة، وفائدة ~~النسبة إلى هذا اللفظ الكريم التنبيه على أن هذا المنسوب ممن أقام بحقوق ~~الله عز وجل، وأتى بهذا النداء في هذا المقام تلطف بالسامع وتحريضا له على ~~فهم البراهين التي أوردها. لعسى أن ينفعه الله بها. # * إخراج الكتاب والتنبيه على عدم التقليد: # 102 هذا وان رمت احتجاجا مخرجا من ربقة التقليد للايقان # 103 فارجع إلى علم الكلام فان في تلك المعالم منه فك المعاني # أي هذا الذي ذكرته من البراهين كاف لمن أراد الله هدايته، وإن أردت فوق ~~ما ذكرته استدلالا لا يخرجك من التقليد لاذي هو للمقلد كعروة الحبل الذي ~~تشهد به البهائم، فتكون من أهل اليقين في قواعد الدين، فارجع مع العلم الذي ~~يقتدر معه على اثبات العقائد الدينيه بالحجج الساطعة ودفع الشبه عنه ~~بالبراهين القاطعة، ففي معالم هذا الفن ما يفك الضعيف من أسر التقليد. # والمعالم: جمع معلم وهو ما يستدل به على الطريق من الأثر، ومنه الحديث ~~»تكون الأرض كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد« والجمع، المعالم، ومعالم ~~الكلام: مسائلة يستدل بها على مقاصده، ومن ثم سمى الامام عبد العزيز- رحمه ~~الله تعالى - كتابة »بمعالم الدين«، وفي كلام المصنف بالنظر إلى تسمية هذا ~~الكتاب تورية حيث ورى عن الكتاب، وهو المعنى الذي قصده بمسائل الكلام التي ~~يستدل بها على قواعده. PageV01P158 # وكذا في قوله »فك العاني«: تورية ايضا، فإنه اسم لكتاب صنفه القطب (¬1) - ~~رحمه الله تعالى - في علم المعاني وفي كلام المصنف من ذكر الاخراج، وذكر ~~الفك وسياق الكلام براعة المقطع، وتسمى حسن الاختتام، وهي أن يذكر المتكلم ~~آخر كلامه ما يشعر بتمامه، وله في الكتاب العزيز شاهد قوله تعالى: { ولا ~~يخاف عقابها } (¬2) # 104 مولاي اني قد أجلت في هذا المجال الواسع الميدان # 105 وعليك ms085 تعويلي فهب لي نمنك ما املته من فيضك الهتان # أي يا ناصري، اني قد جعلت نظري القاصر قطعا لنواحي هذا الفن مع اتساع ~~نواحيه، وعليك اعتمادي في حفظي عن الزلل وتفيقي إلى الخير وتعليمي ما لم ~~أعلم، فاعطني من فضلك الكثير ما رجوته منك وزيادة. # فقوله قد أجلت: مأخوذ من أجال الفرس في الميدان إذا جعله قاطعا لجوانبه. # والفكر: النظر العقلي. وهو حركة النفس في المعقولات، أما حركتها في ~~المحسوسات فتخييل. # والمجال: على الجولان، وأراد به هنا فن الكلام. PageV01P159 # والميدان بالفتح والكسر: موضع جولان الخيل. قال في شرح القاموس قال ابن ~~القطاع (¬1) في كتاب الأبنيه: اختلف في وزنه، فقيل فعلان من ماد يميد اذا ~~تلوى واضطرب، ومعناه ان الخيل تجول فيه وتتثنى متعطفة، وتضطرب في جولانها. ~~وقيل وزنه فعلان من المدى وهو الغاية لان الخيل تنتهي فيه إلى غايتها من ~~الجرى ... أنتهى. # وقوله وعليك تعويلي: أي اعتمادي. # وأملته: أي رجوته # والفيض: مصدر فاض السيل: إذا تعدى جانب الوادى. # والهتان: المصب والمراد به هنا نعم الله الكثيرة وآلاؤه الغزيره، وفي ~~سياق الكلام واستعظام المقام لما فيه من مزالق الاقدام، ولما زل فيه كثير ~~من الاعلام. فمن ثم التجأ إلى الدعاء وطلب الحفظ الذي قد رجا. # * الخاتمة: # 106 حمدا لمن بدأ الكتاب بحمده شكرا يقابل منتهى الإحسان # أي أحمد من بدأ الكتاب بالثناء الجميل على نفسه، واشكره شكرا يكافي إيصال ~~النعم منه إلى. # فحمدا: مصدر انتصب، بمقدور تقديره أحمد حمدا. والحمد هو الثناء بالجميل ~~على الجميل الاعتيادي، فيخرج الثناء على الجميل الاضطراري، فانه يسمى مدحا ~~يقال: مدحت اللؤلوة لحسنها ولا يقال: حمدتها. # وفي قوله بدأ الكتاب بحمده: إشارة إلى أنه كان ينبغي إبتداء القصيدة ~~بالحمد اقتداء بالكتاب العزيز، لكن لم يطابق ذلك لاقتضاء المقام الرد على ~~ذلك المخالف بما يطابق اعتراضه. # وشكرا: مصدر شكرت له: اذا أثنيت عليه لنعمة صدرت منه اليك، ويكون بالقلي ~~واللسان والجوارح. # وفي معناه قول الشاعر: # افادتكم النعماء منى ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجباء (¬2) PageV01P160 # والحمد لا يكون إلا باللسان ms086، فبين الحمد والشكر عموم وخصوص وجه. # ويقابل: أي يكافئ. # ومنتهى الإحسان: غايته. والاحسان هو إصال النعم إلى العبد، والمعنى مأخوذ ~~من حديث : ((الحمد لله حمدا يوافي نعمة ويكافي المزيد))، فلا يعترض على ~~المصنف بأن شكره لا يكافئ نعم الله، فكيف وصفه بذلك مع ان الجواب عنه، ان ~~المصنف معترض بقصوره ع ذلك وتقصيره، لكنه يطلب أن يكون له جواب شكر كذلك. ~~زكثير من الاحاديث دالة على كثر ذلك وفي ذكر المنتهى إشارة إلى الانتهاء، ~~ففيه حسن الاختتام. # ((اللهم احسن خواتيم أعمالنا، وهب لنا من فضلك فوق آمالنا، وعافنا في ~~ديننا ودنيانا، ووفقنا على ما ترضاه منا، فإنا نبرأ اليك من الحول والقوة ~~والطول، ونستمد منك الأعانة في جميع ما تحبه منا، ونسألك الحفظ مما تكرهه ~~منا، وأحشرنا في زمرة نبينا عليه أوفر صلاة وأكمل سلام، وارزقنا نصيبا من ~~شفاعته، واكتبنا في ديوان من اعترف بوحدانيتك وقام لإحياء دينك، وأبلغ نبيك ~~منا أوفر صلاة وأكمل تحية، وصل وسلم على آله وصحبه ومن سلك منهج الرشاد من ~~بعده، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين)). # *** # الملاحق # ملحق رقم: (1) (¬1) # بسم الله الرحمن الرحيم # الحمد لله المنفرد بالقدم، والصلاة والسلام على سيد الأمم، وعلى آله ~~وصحبه ذوي الشرف الأتم. # أما بعد: فلما وقف شيخنا الراشدي قبل الله سعيه، ورفع علمه وشكر صنعه على ~~النونية المعروفةى لأبي بكر أحمد بن النظر، ورآها مناقضة لكلامه في ميميته ~~ورائيته، فمن تلك المناقضة في الاولى: # وأما كلام الله فهو كتابه كذلك قال الله للطاهر الشيم PageV01P161 # ووجه المناقضة ، أنه حصر كلام الله هنا على كتابه ، وهو جنس الكتب ~~المنزلة لأن الإضافة من صيغ العموم ، وآلة الحصر هنا ضمير الفصل ، وكان ~~شبهة القائلين بقدم القرآن إنما إثبات الكلام الذاتي وعدم الفرق بينه وبين ~~الكلام الفعلي ، وحيث قالوا القرآن كلام الله وكلامه تعالى قديم . # وجوابه ، إنا لا نسلم أن جميع كلامه قديم بل القديم هو الكلام الذاتي ، ~~ومعناه نفي الخرس عنه تعالى ، وبعض أئمتنا كأبي ساكن في عقيدته وابن النظر ~~هنا ms087 وغيرهما قد أنكروا الكلام الذاتي وحصروه في الكلام الفعلي واكتفوا في ~~نفي الخرس عنه تعالى بالإتصاف بالقدرة ، فالقول بقدم القرآن ممن أنكر ~~الكلام الذاتي رأسا مما لا يليق بأدنى جاهل فضلا من أن ينسب إلى مثل ذلك ~~الإمام ومنها في رائيته : # قال فالجعل هو الخلق أم ... الجعل شيء غيره فيما ذكر # قلت جعل الله خلق كله ... ومن الناس مقال مشتهر # ووجه المناقضة هنا أنه جعل جعل الله كله خلقا كما هو الحق . # وقال في النونية : # إن كان من إنا جعلناه فما ... ... في الجعل إن أنصفت من تبيان # قد قال إبراهيم رب اجعل لنا ... ... بلدا بفضلك أفضل البلدان # وكذاك فاجعلي مقيما مخلصا ... ... حق الصلاة لوجهك المنان # وجوابه : أن إبراهيم عليه السلام سأل أن تصير تلك البلد آمنا ، وأن يصيره ~~مخلصا ، وذلك التصيير هو عين الخلق لأنه إيجاد بعد عدم ، وهذا الجواب بعينه ~~هو الذي أجاب به الإمام ابن النظر "رحمه الله" في تلك الرائية من اعترض ~~عليه في قاعدته أن جعل الله كله خلق حيث قال: # قال قال الله لم أجعل لكم ... من بحير ووصيل في البقر # قلت قال الله لم أجعل لكم ... فاعلموا البحير دينا يحتجر # وبيانه أن المعترض اعترض على ابن النظر "رحمه الله" في تلك القاعدة بقوله ~~تعالى { ما جعل الله من بحيرة ... الآية } قائلا : أن البحيرة قد خلقها ~~الله تعالى فما هذا الجعل هنا ؟ PageV01P162 # فأجابه بقوله : أن معنى ذلك لم يجعل الله التبحير دينا يدان به فيحجر آكل ~~البحيرة ، وإنما ذلك من جعل الجاهلية - أي من زعمهم - وجعل الله التبحير ~~دينا هو تصيير ذلك التصيير عن الخلق كما قدمنا ، فلذلك صح نفيه في الآية ~~فلا تنتقض تلك القاعدة . # فلما رأى ذلك الشيخ هذا كله صدق مقاله منكري هذه النونية عن ذلك الإمام ~~ولا يبعد هذا الإنكار ما اعترض به البعض من أن نسبتها إليه كنسبة سائر ~~الديوان ، لأنا نقول أن سائر الديوان لم يختلف في نسبته إليه ، وهي قد ~~اختلف في نسبتها إليه والمختلف فيه ليس كالمتفق ms088 عليه . # وأيضا : ففي هذه النونية إثبات قديم غير الله تعالى ، وفيها البراءة من ~~الحق . وكل واحد منهما كبيرة ، فمن نسبت إليه هذه النونية فقد نسبت إليه ~~هاتان الكبيرتان ، ولا تصح نسبة الكبائر إلى الأولياء ألا بصحة شرعية ، ولا ~~كذلك نسبة سائر الديوان فإنه ليس فيه شيء من الكبائر فيصح قبوله بخبر ~~الواحد . # ومما يقرب إنكار نسبتها عنه أن في ترجمته أنه أنشأ الدعائم في آخر عمره ، ~~وإنه قتل "رحمه الله تعالى" والدعائم قصائد متفرقة في أيدي الناس ، فاعتنى ~~بجمعها الشيخ ابن وصاف ، فيحتمل أن يكون هذا الشيخ وجد هذه النونية فظنها ~~من جملة الدعائم فضمها إليها . # ومما يقرب إلى إنكار نسبتها إليه أيضا هو كما عرفت من عادة ذلك الإمام أن ~~سهمه لا يفلت وأن حججه قوية الأساس . وفي هذه النونية ما ليا يليق بأدنى ~~جاهل أن يستدل به ، فمن ذلك ما ناقضه الشيخ في فيضه الآتي ، ومنها ما لم ~~يلتفت إليه تعويلا على ظهور بطلانه وضعفه وهو أنه كما في قوله : # إن كان مخلوقا بزعمك محدثا ... ... فمن المنادي أيها الثقلان # ومن المخاطب خلقه بثوابهم ... وعقابهم في الخلد والنيران # ومن الذي فرض الفرائض آمرا ... بحدودها ونهى عن العصيان PageV01P163 ~~وجوابه : أن المنادي بذلك هو الله ، بمعنى أنه ملق نداء يفهم وأن المخاطب ~~بذلك هو الله بمعنى أنه وجه ذلك الكلام إلى العباد وأن الذي فرض الفرائض هو ~~الله والناهي هو الله ، وأن القرآن منادى به ومخاطب به ومفروض فيه ومنهي به ~~ومنها قوله : # ولديه أنباء بما هو كائن ... أو كان أو سيكون في الأزمان # وجوبه : إن كون القرآن فيه بعض العلوم الغيبية لا يوجب قدمه ، كيف ؟ وقد ~~تواتر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخبر عن بعض العلوم الغيبية ~~فيلزمه قدمه أيضا ومنها قوله : # ولئن رجعت إلى ابن مريم سائلا ... عن خبر كلمته بلا أكنان # أمهدت لبك علم ذلك أنه ... من كن مشيئته قاهر سلطان # وبيانه : أنه لما رأى الخصم محتجا عليه بقوله تعالى في عيسى عليه السلام ~~. وكلمته ألقاها ms089 إلى مريم قائلا : أنه تعالى وصف عيسى بأنه كلمته كما وصف ~~القرآن بأنه كلامه ، فيلزم قدم عيسى إن قلتم بقدم القرآن لاتحاد العلة ، ~~فأجاب : بأنه أراد بكلمته في عيسى هي - كن - الكائنة عبارة عما في مشيئته ~~تعالى . # وجوابنا له : أن نقول وكذلك أيضا : القرآن إنما أضيف إليه بأنه كلامه ~~لتشريفه وتجليه ، فكما صح أن يعبر بالكلمة في عيسى عن إرادة وجوده صح أن ~~يضاف القرآن إليه ، فيقال كلامه على وجه التشريف والتجليل ، أي فلا يلزم من ~~إضافة الكلام إليه ، قدم الكلام كما لا يلزم من إضافة الكلمة إليه في عيسى ~~قدم عيسى ومنها قوله : # لم يعد أن يك بين خلق سمائه ... ... والأرض مخلوقا بلا نقصان # وجوابه : أنه لا يلزمنا تعيين محل الخلق ، فكثير من خلق الله تعالى لا ~~ندري نحن أين محل خلقه ؟ وجهلنا بمحل خلقهم لا يوجب قدمهم . ومنها قوله : # ما باله إذ قال لم أخلقهما ... ... إلا بحق ثابت الأركان # فالحق لم يخلقه قل لي أم له ... ... معنى ثبوت عند ربك ثان PageV01P164 ~~وجوابه : أن الله عز وجل خلق السموات والأرض بالحق (¬1) ، أي متلبسين به ، ~~والحق هنا هو الحكمة وعدم العبث لا القرآن ، وإلا لزم أن يكون القرآن ~~مخلوقا به فيلزم أن يكون الله مستعينا على خلقهما بالقرآن والكل باطل ، وقد ~~فسر هذا قوله تعالى : { وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما باطلا } (¬2) ~~، وفي أخرى : { لاعبين } (¬3) . # ثم لم يكفه حتى أن تطاول إل حد البراءة من المحقين ، فشنع عليهم بأعظم ~~تشنيع ، وقبحهم بأسوأ تقبيح ، من ذلك قوله : # لا تنحل القرآن منك تكلفا ... ببدائع التكليف والبهتان # فانظر كيف نسبهم إلى الإنتحال والتكليف والبدعة والبهتان ، ومنه قوله : # أعظمت إفكا وادعيت خطيئة ... ... والله أحدثه إلى الإنسان # فانظر كيف نسبهم إلى عظم الإفك وادعاء الخطيئة ومنه قوله : # شاهت وجوه أولي الضلال لقد عم ... وا وتعلقوا بمدارج العميان # أرعوا عقولهم رياض تشدق ... فرعى حماها طايف الشيطان # ألا تزغ عنهم عنانك مقصرا ... تصبح عميد البغي والطغيان # ولئن سألت طريق رشدك تلقه ... يا غر إن لم تعد في ms090 العدوان # ومنه قوله : # ولئن نزعت إلى ضلالك طامحا ... كبرا وكنت كطامح سكران # لما طما بك بحر كبرك لم تجد ... يا غر معتقلا سوى البهتان # وزعمت جهلك أنه من خلقه ... فغدوت في شرك من الخذلان # ومنه قوله : # فاقنع بهذا أو فبن متفردا ... وانأى فكن حيث التقى البحران # أصبحت كالظمآن يتبع عسقلا ... يبغي شفاء حرارة الظمآن # أنى تحاول بالنهاية دائبا ... تستنه دينا من الأديان # سميته مالم يسم تقحما ... هانت عليك عقوبة الديان # ماذا تقول إذا وقعت محاسبا ... وسئلت عن لقلاقك الفتان # ومنه قوله : # بجراءة بارزته متعرضا ... للقاء من يلقاك بالنيران PageV01P165 فلما سمع ذلك الشيخ - عفى الله ~~عنه - هذا التشنيع الشنيع ، والتقبيح القبيح لأهل الحق الصريح والبرهان ~~الصحيح ، أخذته الحمية الإسلامية إلى إنشاء نونية تقابل هذه النونية ، ولا ~~يعترض عليه بما اعترض به بعض العوام ، أنه قد مضى خلف بعد سلف لم يتعرضوا ~~بشيء من الكلام على هذا النظام . # لأنا نقول : أن سكوتهم لا يوجب حقيقة ما في تلك النونية ، ولا يحجر القول ~~على من أتى من بعدهم ، فالحق حق ، والباطل باطل منذ خلق الله السموات ~~والأرض إلى أن تقوم الساعة ، كيف ؟ وهم لم يسكتوا عن الكلام ، بل شنعوا ~~الإحتجاج في هذا المقام بما يقنع ذوي الأفهام ويزيح الشبه عن الأوهام ~~وأوسعوا في ذلك الميدان المجال لمن هو من فحول الرجال ، ولا يلزم إنصبابه ~~في قالب النظام كما صنع هذا الهمام ، فجزاهم الله خيرا ، وجزاء هذا الشيخ ~~عن إيضاحه الصواب في فحوى ذلك الخطاب جزيل الثواب ، وآمنه من روع يوم المآب ~~، إنه على ما يشاء قدير ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيد ~~المرسلين وآله وصحبه وعلى جميع المؤمنين .. آمين .. آمين . # ملحق رقم: (1) (¬1) # بسم الله الرحمن الرحيم # الحمد لله المنفرد بالوحدانية ، والصلاة والسلام على من هتكت به حجب ~~الشرك الظلمانية، وعلى آله وصحبه ذوي الحجج النورانية ، صلاة وسلاما دائمين ~~ما رسخت في قل مسلم عقيدة إيمانية . # أما بعد : فقد نظرت في النونية المنسوبة إلى الإمام ابن النظر المعلنة ~~بقدم القرآن فرأيتها مناقضة ms091 لكلامه في ميميته ورائيته ، فإنه قال في ميميته : # وأما كلام الله فهو كتابه ... كذلك قال الله لطاهر الشيم PageV01P166 # ووجه مناقضتها لما هنا هو أنه حصر كلام الله عز وجل على كتابه ، والمراد ~~به جنس الكتب المنزلة ، لأن الإضافة من صيغ العموم وآلة الحصر ضمير الفصل ، ~~فعلم من هنا أن الإمام ابن النظر - رحمه الله تعالى - ينفي الكلام الذاتي ~~أصلا ، إذ لو كان ممن يقول به لما صح له قصر كلام الله على كتبه . # وشبه القائلين بقدم القرآن إنما هي عدم الفرق بين الكلام الذاتي والفعلي ~~حيث قالوا : القرآن كلام الله وكلام الله قديم ، فينتج القرآن قديم . # ونحن نقول : كلام الله نوعان ذاتي وفعلي ، والمراد بالكلام الذاتي نفي ~~الخرس عنه تعالى ، والقرآن ليس من هذا الباب فعلم أنه من الكلام الفعلي ، ~~وبعض أئمتنا أنكروا أن يكون الكلام صفة ذات واغتنوا عنه بصفة القدرة ، ~~فالقول بقدم القرآن ممن أنكر الكلام الذاتي لا يصدر من أدنى جاهل فضلا عن ~~هذا الإمام ، وقال في رائيته : # قال فالجعل هو الخلق أم ... الجعل شيء غيره فيما ذكر # قلت جعل الله خلق كله ... ومن الناس مقال مشتهر # قال قال الله لم أجعل لكم ... من بحير ووصيل في البقر # قلت قال الله لم أجعل لكم ... فاعلموا التبحير دينا يحتجر # وفي النونية : # إن كان من أنا جعلناه فما ... في الجعل إن أنصفت من تبيان # قد قال إبراهيم رب اجعل لنا ... بلدا بفضلك أفضل البلدان ... # وكذاك فاجعلي مقيما مخلصا ... حق الصلاة لوجهك المنان # فانظر أكان وقد دعاه لجعله ... ... أم لم يكن خلقا من الرحمن # أم لم يكن لما دعاه بمكة ... حتى دعا بالأمن والإيمان PageV01P167 ووجه ~~المناقضة هنا ظاهر وهو أنه أسس في الرائية قاعدة حاصلها ، أن جعل الله كله ~~خلق ، والمراد أنه إن نسب الجعل إليه تعالى فهو بمعنى الخلق الذي هو ~~الإيجاد بعد عدم ، سواء كان صريحا في معنى الخلق نحو {ثم جعل نسله من سلالة ~~من ماء مهين } (¬1) أو راجعا إليه نحو {فجعلنا عاليها سافلها } (¬2) فإن ~~الجعل في ms092 الآية بمعنى التصيير ، أي صيرنا عاليها سافلها والتصيير راجع إلى ~~معنى الخلق فإن تصيير عاليها سافلها إيجاد الشيء بعد عدمه ، ومن هذا القبيل ~~قوله تعالى { ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام } ومنه ~~قوله تعالى حكاية عن خليله عليه السلام { رب اجعلني مقيم الصلاة} و { رب ~~اجعل هذا البلد آمنا } وهذا الجواب هو الذي أراد الشيخ الإمام ابن النظر - ~~رحمه الله تعالى - بقوله : # قلت : قال الله لم أجعل لكم ... فاعلموا التبحير دينا يحتجر # وحاصل جوابه أن معنى قوله تعالى { ما جعل الله من بحيرة} أي لم يصير الله ~~التبحير دينا لكم يمنعكم عن أكل البحيرة فاعلموا ، وفي النونية نقض لهذا ~~كله فإن فيها : # إن كان من إنا جعلناه فما ... في الجعل إن أنصفت من تبيان # ثم ذكر بعده أمثلة تناقض كلامه في الرائية ورأيت فيها أيضا ما يدل على أن ~~القرآن المتلو بالألسن هو غير مخلوق ، وذلك كما في قوله : # إن كان من إنا جعلناه فما ... في الجعل إن أنصفت من تبيان # فإنه يسلم في هذا البيت أن قوله تعالى { إنا جعلناه قرآنا عربيا} (¬3) ~~راجع إلى القرآن الذي يدعى أنه غير مخلوق وهو نعت للقرآن المتلو بالألسن ~~وكما في قوله : # وإن اتججت وقلت ذكر محدث ... وجهلت حق تأول القرآن # أعظمت إفكا وادعيت خطيئة ... والله أحدثه إلى الإنسان PageV01P168 فإنه سلم في هذين البيتين أن القرآن ~~الذي هو غير مخلوق هو المشار إليه بقوله تعالى { ما يأتيهم من ذكر من ربهم ~~محدث إلا استمعوه وهم يلعبون } ولا شك أن الذكر المحدث المستمع هو الكلام ~~المتلو بالألسن ، ولم يقل أحد من الأمة أن القرآن المتلو بالألسن المسموع ~~بالأذان غير مخلوق إلا الحنابلة قالوا ذلك مكابرة بغير دليل حتى أن بعضهم ~~غلا جهلا وقال : إن الجلد والغلافة قديمان ، ولا شك أن القول بقدم القرآن ~~المتلو بالألسن المسموع بالآذان شرك ، لأن القائل جعل مع الله شريكا في ~~القدم هذا حكمه إذا كان منه بغير تأويل . # أما إذا كان متأولا فهو من ms093 المشبهة بالتأويل وفي حكمهم قولان قيل هم ~~مشركون ،وقيل منافقون ، وإنما قلنا أنه لم يقل أحد من الأمة أن القرآن ~~المتلو بالألسن المسموع بالآذان غير مخلوق لأن القائل منهم بقدم القرآن ~~إنما يريد به الكلام الذاتي لا المنزل المحدث من نحو {إنا جعلناه قرآنا ~~عربيا} ونحو {وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث } إلى القرآن المتلو ~~بالألسن المسموع بالآذان ، وعلى هذا التأويل فالإختلاف بينهم لفظي حاصله : ~~هل يسمى الكلام الذاتي قرآنا أم لا ؟ والصحيح لا يسمى بذلك ومن هنا كانت ~~المسألة من باب الرأي ولم يخط فيها بعض الأصحاب بعضا . # وبيان ذلك أن القائلين منهم بقدم القرآن إنما يعنون الكلام الذاتي لا ~~الكلام المنزل ، والقائلون بخلق القرآن إنما يعنون الكلام المنزل ، فمقصد ~~هؤلاء غير مقصد هؤلاء ، والخلاف في العبارة ، ورأيت فيها أيضا التصريح ~~بتفسيق من قال أن القرآن مخلوق ، فمن ذلك قوله : # لا تنحل القرآن منك تكلفا ... ببدائع التكليف والبهتان # فقد جعل القول بأن القرآن مخلوق من التكليف والبدعة والبهتان ومن ذلك قوله : # أعظمت إفكا وادعيت خطيئة ... والله أحدثه إلى الإنسان # ومن ذلك قوله : # شاهت وجوه أولي الضلال لقد عم ... وا وتعلقوا بمدارج العميان # أرعوا عقولهم رياض تشدق ... فرعى حماها طايف الشيطان PageV01P169 ألا تزغ ~~عنهم عنانك مقصرا ... تصبح عميد البغي والطغيان # ولئن سألت طريق رشدك تلقه ... يا غر إن لم تعد في العدوان # ولئن نزعت إلى ضلالك طامحا ... كبرا وكنت كطامح سكران # لما طما بك بحر كبرك لم تجد ... يا غر معتقلا سوى البهتان # وزعمت جهلك أنه من خلقه ... فغدوت في شرك من الخذلان # فاقنع بهذا أو فبن متفردا ... ... وانأى فكن حيث التقى البحران # أصبحت كالضمآن يتبع عسقلا ... يبغي شفاء حرارة الظمآن # أنى تحاول بالنهاية دائبا ... ... تستنه دينا من الأديان # سميته ما لم يسم تقحما ... ... ... هانت عليك عقوبة الديان # ماذا تقول إذا وقعت محاسبا ... ... وسئلت عن لقلاقك الفتان # إذ كل نفس عند ذاك رهينة ... ... يوم الحساب وكل وجه عان # بجراءة بارزته متعرضا ... ... للقاء من يلقاك بالنيران # ورأيت تشبثات لا يتعلق ms094 بها من كان له قليل من علم ولا يفوه بها إلا بليد ~~جاهل ، فمن ذلك قوله : # ما باله أضحى بزعمك محدثا ... ... ما محدث إلا وشيكا فان # وحاصله : أنه يلزم من قال أن القرآن مخلوقا القول بفناء القرآن لأن كل ~~شيء محدث فهو فان . # وجوابه : أن الفناء جائز عليه سواء وقع أو لم يقع ، وكل ما جاز عليه عدمه ~~استحال قدمه ، ومن ذلك قوله : # ولديه أنباء لما هو كائن ... أو كان أو سيكون في الأزمان # وحاصله : أن في القرآن أخبار المغيبات الواقعة في الزمان الماضي ، والتي ~~تقع في الحال والتي ستكون في الاستقبال ، ومن كان كذلك فليس بمحدث وجوابه ~~من وجوه : # أحدها : أنه ليس في القرآن جميع ذلك بل بعضه . # ثانيها : أن كون القرآن فيه إخبار المغيبات لا ينافي كونه مخلوقا ، ولا ~~يستلزم قدمه ، ولو استلزم الإخبار بالمغيبات قد المخبر بها للزم قدم كثير ~~من الرسل { لا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول } (¬1) . # ثالثها : إن كون القرآن فيه علوم الغيب دليل على خلقه لا على قدمه فإنه ~~ظرف للإخبار بها ولا شك أن كل ما كان ظرفا فهو مخلوق ومن ذلك قوله : # لم يعد إن يك بين خلق سمائه ... ... والأرض مخلوقا بلا نقصان PageV01P170 ما باله إذ قال لم أخلقهما ... ... إلا بحق ~~ثابت الأركان # فالحق لم يخلقه قل لي أم له ... معنى ثبوت عند ربك ثان # وحاصله : إن كان القرآن مخلوقا فلا يخلوا إما أن يكون محل خلقه السموات ~~أو الأرض أو بينهما والكل باطل ، لأن الله قال {وما خلقنا السموات والأرض ~~وما بينهما إلا بالحق } (¬1) والحق هو القرآن وهو مخلوق به لا مخلوق بنفسه . # وجوابه : أما (أولا): فلا يلزمنا تعيين محل خلقه ، ولا يلزم من الجهل ~~بمحل خلقه قدمه ، فكثير من خلق الله تعالى لا ندري أين خلقوا ، فلا يلزمنا ~~قدمهم . # وأما (ثانيا) : فإن قوله تعالى {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا ~~بالحق} ليس فيه دليل على أن الحق المخلوق به هو القرآن ، ولو سلمنا ذلك لما ms095 ~~دل على قدم القرآن ، وإنما يدل على أن القرآن مخلوق به يستلزم أن يكون إله ~~للخلق يفعل بها غيرها ويتصرف بها كيف شاء ، ومن كان شأنه كذلك فهو مخلوق . # ومن ذلك قوله في أبيات حاصلها التشبث بقوله تعالى { ألا له الخق والأمر } ~~ووجه تشبثه أنه تعالى عطف الأمر على الخلق ، والأمر هو قوله ، فلو كان ~~الأمر مخلوقا لما ميزه بالذكرى عن الخلق ولكان مكتفيا عن ذكره بعموم الخلق . # وجوابه : أما(أولا) فليس في الآية دليل على المراد بالأمر القول ، بل ~~يحتمل أن يكون غير القول من معاني الأمر ، فإنه يطلق على الفعل ، وعلى ~~الشأن ، وعلى الصفة . # وأما (ثانيا) : فإن عطف الأمر على الخلق ليس في دليل على أن الأمر غير ~~مخلوق ، كيف والخاص يعطف على العام لنكتة كالإعتناء به ، وبيان علو شأنه ~~{من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال} (¬2) ولا نزاع أن جبريل ~~وميكال من جملة الملائكة ومن ذلك ما استدل به وهو ليس بمحل النزاع في قوله : # إن كان مخلوقا بزعمك محدثا ... ... فمن المنادي أيها الثقلان # ومن المخاطب خلقه بثوابهم ... وعقابهم في الخلد والنيران PageV01P171 ومن ~~الذي فرض الفرائض آمرا ... بحدودهخا ونهى عن العقيان # وحاصله : إن كان القرآن مخلوقا محدثا فمن المنادي يا معشر الجن والإنس ؟ ~~ومن المخاطب خلقه بثوابهم في الجنان وعقابهم في النيران ؟ ومن الذي أمر ~~بالفرائض ونهى عن المعاصي ؟ # وجوابه : أما (أولا) فإن فاعل جميع ذلك هو الله لا القرآن والقرآن آلة ~~لذلك الندا وما بعده . # وأما (ثانيا) فإنه لو قلنا أن فاعل جميع ذلك هو القرآن لما لزم منه قدم ~~القرآن ، كيف والرسل آمرون بالفرائض ناهون عن المعاصي فاعلون لجميع ما ذكر ~~هنا ، فيلزم قدمهم أيضا . # فلما رأيت جميع ذلك عرفت والحمد لله أن هذه النونية ليست عن ذلك الإمام ، ~~وان اشتهرت عنه فتلك الشهرة إنما هي شهرة دعوى لا شهرة حق ، لأن منشأها ~~أحادي ، وذلك أن في ترجمة ذلك الإما - رحمه الله تعالى - أنه أنشأ الدعائم ~~آخر عمره وأن الجبار - خدلة بن سماعة بن ms096 محسن - قتله . # والدعائم قصائد متفرقة في أيدي الناس فاعتنى بجمعها الشيخ ابن وصاف ~~البزار النزوي ، وعلق عليها شرحه المعروف (الحل والإصابة) سماه بذلك ليطابق ~~اسمه مسماه في حل النظم والإصابة فيه ، فهذا دليل على أن شهرة النونية عن ~~ذلك الإمام إنما هي شهرة دعوى ، إذ لا يجوز أن ينسب مثلها لولي إلا بعد ~~الصحة أنها منه بإقرار أو شهود أو شهرة حق ، فإن كان ابن وصاف صح معه أنها ~~عن ذلك الإمام بوجه من وجوه الصحة فعلمه خاص به لا يجوز له أن يبديه مع من ~~يتول الإما ابن النظر . # وإنما قلنا : أنه لا يجوز ذلك لما فيها من الكبائر التي منها دعوى أن هذا ~~القرآن المتلو بالألسن المسموع بالآذان هو غير مخلوق ، وقد عرفت أنه لا ~~قائل به إلا الحنابلة ، وأن القائل به مدعي قديما عند الله تعالى في الأزل ~~وقد تقدم حكم القائل به . PageV01P172 # ومنها : تفسيق من قال أن القرآن مخلوق ، وقد ثبت بالدليل القاطع أن ~~القائل بذلك محق ، فالمفسق للمحق فاسق بلا مرية . دع ما ينضم إلى ذلك من ~~تجهيل المنسوبة إليه وتنزيله في منزلة لا تليق بضعيف من ضعفاء المسلمين ، ~~فكيف بذلك الإمام ! وإنما قلنا إنه ينضم إليه تجهيل المنسوبة إليه لما فيها ~~من التشبثات التي لا يتمسك بها أدنى عالم ، فلو نسبت إلى الإمام ابن النظر ~~للزم مع هذا أيضا تجهيله من جهة أخرى ، وتلك الجهة هي مناقضة كلامه بكلامه ~~مناقضة بينة لا تخفى على ضعيف جاهل . # لا يقال أن الشهرة التي نسبت النونية إليه هي الشهرة التي نسبت سائر ~~الديوان إليه ، فيلزم من إنكاره . لأنه نقول لا نسلم ذلك اللزوم فإن نسبة ~~سائر الديوان إليه لم تستلزم نسبة كبيرة إليه . فيصبح قبولها منواحد ، ~~ونسبة النونية إليه تستلزم الكبائر التي ذكرناها ، فلا يصح قبولها إلا بصحة ~~توجب التطفير . # ولقد أحسن شيخنا الراشدي قبل الله سعيه وأعلى عنده درجته ، في تنبيهه على ~~بطلان هذه النونية ، حيث معارضها بنونية أخرى سماها ب"فيض المنان في الرد ~~على ms097 من ادعى قدم القرآن" ، ولئن يسر الله لي لأعلقن عليها شرحا يبين ~~مقاصدها ويكشف للرائد مواردها ، وفقني الله وإياه وجميع المسلمين لما يرضاه ~~من العمل الصالح وعفى عن شيخنا سعيد بن ناصر الكندي فإنه قد رفع لي عنه أنه ~~في نفسه شيئا من إبداء نونية شيخنا الراشدي ولا يقول ذلك إلا لحرصه على ~~الدين واجتهاده في إصابة الحق ، فبالله عليك أيها الواقف على ما كتبته هنا ~~أن تنظره نظرة منصف ، , وأن تتأمله تأمل مسترشد ، فأنا والله ما أردت إلا ~~الإصلاح ، وما أبديت هذا إلا لحرصي على سلامة المسلمين لئلا يتعجل متعجل ~~فيفسق قائلا بحق أو يصوب قائلا بباطل ، أو ينسب إلى ابن النظر كبيرة لم تصح ~~عنه معولا على شهرة دعوى . PageV01P173 # هذا غاية مرادي ، والله شاهد علي وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا ~~قوة إلا بالله العي العظيم ، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه ~~الكاملين . # ملحق رقم: (1) (¬1) # بسم الله الرحمن الرحيم # سؤال : # يا من يقول بفطرة القرآن ... جهلا ويثبت خلقه بلسان # فإنها قد اشتهرت أنها عن الشيخ ابن النظر ، وأنت خبير بأن فيها التصريح ~~بتضليل من قال إن القرآن مخلوق ، وفيها التصريح بتكذيبه وتخطئته ، إلى غير ~~ذلك من التشنيع ، فل يجوز لأحد أن يخطئ من خالفه برأي أم لا ؟ وتكون هذه ~~ضلالة لا تصح ولاية ابن النظر معها ، ومن تولى الشيخ ابن النظر مع صحة تلك ~~النونية عنه فما حكمه ؟ فضلا منك برفع الحجاب عن واضح الصواب مأجور إن شاء ~~الله تعالى ؟ # الجواب : # والله الهادي إلى طريق الصواب ، لا يحل لأحد أن يضلل من خالفه برأي ومن ~~فعل ذلك فهو ضال منافق لقوله - صلى الله عليه وسلم - (( أيما امرؤ قال ~~لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه )) . PageV01P174 # وفي تلك النونية ما ذكرته من التضليل والتفسيق ، فعلى تقدير صحتها عن ~~الإمام ابن النظر تلزم البراءة منه - حاشاه من ذلك - ومن تولاه مع علمه بأن ~~تلك النونية عنه ولم يعلم بأنه تاب ms098 منها ورجع عنها فهو ضال منافق لقوله ~~تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} (¬1) ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - ( ~~من أحب قوما فهو منهم ) ، لكن ليست تلك النونية عن ذلك الإمام - رحمه الله ~~تعالى - وان اشتهرت أنها عنه فتلك الشهرة إنما هي شهرة دعوى لا شهرة حق ~~لاحتمال أن يكون منشئها أحاديا ولا دليل على أنه ليس بأحادي كيف تكون شهرة ~~حق وما كان مستندها إلا نسخة ثم انتشرت هذا الانتشار وعدم التنكير من ~~المسلمين لا يزيدها إلا صحة لاحتمال أن يكون سكوتهم عن عدم الإطلاع على ~~منشئها وعلى تقدير بيان أن منشأها حق ، فلا يصح قبوله من واحد لما فيها من ~~موجب البراءة وهي : المشاهدة والإقرار وشهادة العدلين وشهرة الحق وما عدا ~~هذه الأربعة الطرق لا يصح قبول موجب البراءة منه ، واحترزوا بشهرة الحق عن ~~شهرة الدعوى وضربوا لذلك مثلا بشهرة الشيع بالبراءة من الصديق والفاروق ~~ونحوهما ، فشهرة النونية عن ابن النظر من الشهرة التي خرجت عن تلك الطرق ~~الأربعة ، هذا ما ظهر لي .. والله أعلم . # ملحق (4) (¬2) # أبدت لنا في خلقها السور ... برهانها يا قوم فاعتبروا # قد قال رب العرش في نظمها ... لكل شيء خالق فطر # وإنما القرآن شيء بلا ... شكل لمن بالعقل يفتكر # وان تقل والله شيء فهل ... يقال مخلوق ومقتهر # قلنا دليل العقل قد أخرج الم ... ولى أنشأه الأولي فطروا # ولو غدا سبحانه مثلهم ... لكان محتاجا كما افتقروا # وان تقل كلام رب العلي ... وليس مخلوقا كما ذكروا # قلنا كلام الله مهما ترد ... به صفات الذات مغتفر # لكنها ليست بشيء على ... الذات ولا في الذات منحصر PageV01P175 # ولا من الذات على إنما الم ... راد منها كامل قدر # وليس هذا في القرآن ولا الت ... وراة والإنجيل يعتبر # لأنها صارت بأيدي الورى ... متلوة من شاء يدكر # وهي حروف ومعان بها ... قد ينتهي قوم ويأتمروا # أو أن تقل أنا أردنا به ... غير الذي يتلى فينتشروا # قلنا أقرانان قد وجدا ... لو وجدا فالحكم مختبر # إنا ولو قلنا قديم إذا ... كانا قديمين وذا نكر # نعم ms099 وفي الإمكان ما يكتفى ... به كذا الآيات والخبر # فاقنع بقول الله سبحانه ... في اللوح أو في الرق منسطر # ولا ترم عنه مجيدا فما ... يشقى امرؤ وهو له نصر # ولا تتشبث بذيول الهوى ... ولا تستر حيث لا ستر # ولا يغرنك مقال الأولي ... خلوا وإن جلوا وإن كثروا # فإنما النفس سوى فعلها ... السالف لا تجني ولا تزر # فليت شعري يكون الجواب ... منك يا ذا حيث تحتضر # ثم يقول الله أنت الذي ... أثبت غيري أيها الغرر # هناك لا ينفع مال ولا ... حبذ ولا عذر فتعتذروا # يا رب إني ضارع طالبا ... عفوك من ذنب له خطر # فاختم لنا منك على توبة ... للذنب لا تبقي ولا تذر # ملحق (4) (¬1) # أبدت لنا في خلقها السور ... برهانها يا قوم فاعتبروا # قد قال رب العرش في نظمها ... لكل شيء خالق فطر # وإنما القرآن شيء بلا ... شكل لمن بالعقل يفتكر # وان تقل والله شيء فهل ... يقال مخلوق ومقتهر # قلنا دليل العقل قد أخرج الم ... ولى أنشأه الأولي فطروا # ولو غدا سبحانه مثلهم ... لكان محتاجا كما افتقروا # وان تقل كلام رب العلي ... وليس مخلوقا كما ذكروا # قلنا كلام الله مهما ترد ... به صفات الذات مغتفر # لكنها ليست بشيء على ... الذات ولا في الذات منحصر # ولا من الذات على إنما الم ... راد منها كامل قدر # وليس هذا في القرآن ولا الت ... وراة والإنجيل يعتبر # لأنها صارت بأيدي الورى ... متلوة من شاء يدكر # وهي حروف ومعان بها ... قد ينتهي قوم ويأتمروا # أو أن تقل أنا أردنا به ... غير الذي يتلى فينتشروا # قلنا أقرانان قد وجدا ... لو وجدا فالحكم مختبر PageV01P176 # إنا ولو قلنا قديم إذا ... كانا قديمين وذا نكر # نعم وفي الإمكان ما يكتفى ... به كذا الآيات والخبر # فاقنع بقول الله سبحانه ... في اللوح أو في الرق منسطر # ولا ترم عنه مجيدا فما ... يشقى امرؤ وهو له نصر # ولا تتشبث بذيول الهوى ... ولا تستر حيث لا ستر # ولا يغرنك مقال الأولي ... خلوا وإن جلوا وإن كثروا # فإنما النفس سوى فعلها ... السالف لا تجني ولا ms100 تزر # فليت شعري يكون الجواب ... منك يا ذا حيث تحتضر # ثم يقول الله أنت الذي ... أثبت غيري أيها الغرر # هناك لا ينفع مال ولا ... حبذ ولا عذر فتعتذروا # يا رب إني ضارع طالبا ... عفوك من ذنب له خطر # فاختم لنا منك على توبة ... للذنب لا تبقي ولا تذر # ملحق (4) (¬1) # أبدت لنا في خلقها السور ... برهانها يا قوم فاعتبروا # قد قال رب العرش في نظمها ... لكل شيء خالق فطر # وإنما القرآن شيء بلا ... شكل لمن بالعقل يفتكر # وان تقل والله شيء فهل ... يقال مخلوق ومقتهر # قلنا دليل العقل قد أخرج الم ... ولى أنشأه الأولي فطروا # ولو غدا سبحانه مثلهم ... لكان محتاجا كما افتقروا # وان تقل كلام رب العلي ... وليس مخلوقا كما ذكروا # قلنا كلام الله مهما ترد ... به صفات الذات مغتفر # لكنها ليست بشيء على ... الذات ولا في الذات منحصر # ولا من الذات على إنما الم ... راد منها كامل قدر # وليس هذا في القرآن ولا الت ... وراة والإنجيل يعتبر # لأنها صارت بأيدي الورى ... متلوة من شاء يدكر # وهي حروف ومعان بها ... قد ينتهي قوم ويأتمروا # أو أن تقل أنا أردنا به ... غير الذي يتلى فينتشروا # قلنا أقرانان قد وجدا ... لو وجدا فالحكم مختبر # إنا ولو قلنا قديم إذا ... كانا قديمين وذا نكر # نعم وفي الإمكان ما يكتفى ... به كذا الآيات والخبر # فاقنع بقول الله سبحانه ... في اللوح أو في الرق منسطر # ولا ترم عنه مجيدا فما ... يشقى امرؤ وهو له نصر # ولا تتشبث بذيول الهوى ... ولا تستر حيث لا ستر # ولا يغرنك مقال الأولي ... خلوا وإن جلوا وإن كثروا PageV01P177 # فإنما النفس سوى فعلها ... السالف لا تجني ولا تزر # فليت شعري يكون الجواب ... منك يا ذا حيث تحتضر # ثم يقول الله أنت الذي ... أثبت غيري أيها الغرر # هناك لا ينفع مال ولا ... حبذ ولا عذر فتعتذروا # يا رب إني ضارع طالبا ... عفوك من ذنب له خطر # فاختم لنا منك على توبة ... للذنب لا تبقي ولا تذر # ملحق (5) (¬1) # يا من يقول بفطرة القرآن ms101 ... جهلا ويثبت خلقه بلسان # لا تنحل القرآن منك تكلفا ... ببدائع التكليف والبهتان # هل في الكتاب دلالة من خلقه ... أو في الرواية فأتنا ببيان # الله سماه كلاما فادعه ... بدعائه في السر والإعلان # إلا فهات ، وما أظنك واجدا ... في خلقه ، يا غر من برهان # إن كان من "أنا جعلناه" فما ... في الجعل إن أنصفت من تبيان # قد قال إبراهيم رب اجعل لنا ... بلدا بفضلك أفضل البلدان # وكذاك فاجعلني مقيما مخلصا ... حق الصلاة لوجهك المنان # فانظر أكان وقد دعاه لجعله ... أم لم يكن خلقا من الرحمن # أم لم يكن لما دعاه بمكة ... حتى دعا بالأمن والإيمان # فاربع هناك بتفكر يا ذا النهى ... واكدح لشانك قد كدحت لشاني # فبأي هذا الجعل قلت بأنه ... خلق تبارك منزل الفرقان # فإن احتججت وقلت ذكر محدث ... وجهلت حق تأول القرآن # أعظمت إفكا وادعيت خطيئة ... والله أحدثه إلى الإنسان # شاهت وجوه أولي الضلال لقد ... عموا وتعلقوا بمدارج العميان # ارعوا عقولهم رياض تشدق ... فرعى حماها طائف الشيطان # إلا تزغ عنهم عنانك مقصرا ... تصبح عميد البغي والطغيان # ولئن سألت طريق رشدك تلقه ... يا غر إن لم تعد في العدوان # ما باله أضحى بزعمك محدثا ... ما محدث إلا وشيكا فاني # ولديه أنباء لما هو كائن ... أو كان أو سيكون في الأزمان # إن كان مخلوقا بزعمك محدثا ... فمن المنادي أيها الثقلان # ومن الذي فرض الفرائض آمرا ... بحدودها ونهى عن العصيان # ومن المخاطب خلقه بثوابهم ... وعقابهم في الخلد والنيران # ولئن رجعت إلى ابن مريم سائلا ... عن خبر كلمته بلا أكنان # أمهدت لبك علم ذلك أنه ... من كن مشيئته قاهر سلطان # ولئن نكصت وقلت شيء محدث ... والله أحدث كل شيء فاني PageV01P178 # جئناك في رفق بأيسر حجة ... بالشيء مختصا من القرآن # في ملك بلقيس وما قد أوتيت ... من كل شيء نازح أو داني # لم تؤت مما قبلها أو بعدها ... شيئا فكن ذا خبرة وبيان # ولئن نزعت إلى ضلالك طامحا ... كبرا وكنت كطامح سكران # لما طما بك بحر كبرك لم تجد ... يا غر معتقلا سوى البهتان # وزعمت ms102 جهلا أنه من خلقه ... فغدوت في شرك من الخذلان # لم يعد أن يك بين خلق سمائه ... والأرض مخلوقا بلا نقصان # ما باله إذ قال لم أخلقهما ... إلا بحق ثابت الأركان # فالحق لم يخلقه قل لي أم له ... معنى ثبوت عند ربك ثان # جل المهيمن عن مقالة جاهل ... من أن يحد بصورة ومكان # فافهم فمعنى الحق منه قوله ... لا تنثني كالواله الحيران # وكذاك قال مميزا لكلامه ... عن كل شيء يقتنيه القاني # ما قولنا للشيء حين نريده ... فارشد فإنك عن رشادك واني # ماذا تشبث بعد هذا فارتدع ... وارجع إلي بذلة وهوان # أو ما تراه كيف ميز قوله ... وكلامه عن كل شيء فاني # فالخلق قال له معا متفردا ... والأمر ميزه لذي العرفان # فالأمر منه قوله وكلامه ... والخلق غير كلامه يا شاني # يكفيك إلا أن تكون بهيمة ... جثمانها خال بغير جنان # ما المرء إلا صورة مخبوة ... تحت اللسان ومرآة لجثمان # عز المهيمن عن دراك مكيف ... أو أن ينال دراكه بمكان # أو أن تحيط به صفات معبر ... أو تعتريه همائم الوسنان # أو أن تخاجه لغوب سآمة ... أو خطرة من خطرة النسيان # أو أن يقال الله خالق نفسه ... وكلامه كالخلق للأبدان # ما زال ربك عالما ومهيمنا ... رب الصراط الحق والميزان # يدري معتلج الصدور وكل ما ... أعلنت أو أكننت من كتمان # وهو السميع بلا أداة تسمع ... إلا بقدرة قادرة وحداني # وهو البصير بغير عين ركبت ... في الرأس بالأجفان واللحظان # وهو البعيد محله في قربه ... وهو الذي في بعده متدان # أحصى الورى متكفلا أرزاقهم ... وحوى خروج الرزق بالأتقان # بطن اختبارا دون كل غيابة ... وعلا على الملكوت بالسلطان # فاقنع بهذا أو فبن متفردا ... وأنا فكن حيث التقى البحران # أصبحت كالظمآن يتبع عسقلا ... يبغي شفاء حرارة الظمآن # أنى تحاول بالنهاية دائبا ... تستنه دينا من الأديان PageV01P179 سميته ~~مالم يسم تقحما ... هانت عليك عقوبة الديان # ماذا تقول إذا وقفت محاسبا ... وسئلت عن لقلاقك الفتان # إذ كل نفس عند ذاك رهينة ... يوم الحساب وكل وجه عان # بجراءة بارزته متعرضا ... للقاء من يلقاك بالنيران ms103 # لما تشققت السماء فأقبلت ... بدخانها فأتتك بالدخان # إذ شدت الشفتان ثم استنطقت ... وتكلمت بذنوبك الرجلان # فهناك لا وزر سوى ما قدمت ... عند الحساب يداك من قربان # وهناك ليس سوى الذي قدمته ... عصرا من الرجحان والنقصان # في موقف عكفت به أهواله ... ضنك يشيب ذوائب الولدان # وتطايرت فيه الصحائف كلها ... بشمائل الأيدي وبالأيمان # هذا كتابك يا شقي بكل ما ... آتيت من قبح ومن إحسان # فيه الصغائر والكبائر أحصيت ... ما غاب عن إحصائها الملكان # أما تجر إلى الجحيم مكبلا ... ومسربلا بسرابل القطران # فخسرت نفسك خالدا في قعرها ... هذا وجدك أخسر الخسران # أو أن يزورك بالسلام ملائك ... تسليمهم بالروح والريحان # في جنة الفردوس جار محمد ... ورفيق خازن بابها رضوان ms104