######OpenITI# #META# MULTIVOLUME: IDs 3599, 3600 #META# المؤلف: آية الله الشيخ محمد علي الأراكي #META# الناشر: مؤسسه در راه حق #META# الطبعة: ٠ #META# الموضوع : #META# تاريخ النشر : ١٣٧٥ هـ.ق #META# الصفحات: ٧٠٤ #META#Header#End# ![](https://books.rafed.net/Books/3599_usul-alfiqh-01/images/image001.gif) PageV01P001 ### ||| ** بعض آثار المؤلف رضوان الله تعالى عليه # 1 رسالتان فى الارث ونفقة الزوجة. طبعتا فى مجلد بقم # 2 المكاسب المحرمة ورسالة الخمس. طبعتا فى مجلد بقم # 3 و4 كتاب البيع. طبع فى مجلدين بقم # 5 كتاب الخيارات. طبع فى مجلد بقم # 6 و7 كتاب الطهارة. طبع فى مجلدين بقم # 8 الحاشية على درر الاصول. طبعت مع الدرر بقم # 9 الحاشية على عروة الوثقى. طبعت بقم # 10 هذا الكتاب مع مجلده الثانى. PageV01P003 ![](https://books.rafed.net/Books/3599_usul-alfiqh-01/images/image002.gif) PageV01P004 ### || بسم الله الرحمن الرحيم ### || الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ### | «المقدمة الاولى ### | في حال الوضع وتقسيمه» # لا إشكال في أن الألفاظ قبل الوضع لا ارتباط بينها وبين المعاني وبه يوجد ~~الربط والعلاقة ، وهل هذه العلاقة نظير علاقة الزوجية والملكية قابلة للجعل ~~الابتدائي ، فكما ينجعل الزوجية والملكية بقول : زوجت وملكت بقصد الإنشاء ، ~~كذلك ينجعل هذه العلاقة بين اللفظ والمعنى بقول : وضعت ، أو قول : هذا اسمه ~~حسن بقصد الإنشاء؟. # الظاهر إمكان ذلك كما في ذينك البابين ، وتكون لهذه العلاقة آثار ، فكما ~~أن من آثار الملكية والزوجية إباحة التصرفات والأفعال الخاصة ، كذلك من ~~آثار هذه العلاقة أنه متى سمع اللفظ عن الواضع أو من يتبعه فعهدوه على تصور ~~أصل المعنى يحكم بأنه أي اللاحظ تصور هذا المعنى في ذهنه وقصد بهذا اللفظ ~~إلقاؤه في ذهن المخاطب ، هذا. PageV01P005 # كما أنه من الممكن أيضا بمكان أن يختار الواضع في مقام الوضع طريقة اخرى ~~وهي أن يتعهد ويلتزم أنه متى أراد تفهيم هذا المعنى تلفظ بهذه الكلمة ، ~~فإنه حينئذ نظير سائر الالتزامات ، كالالتزام بأنه متى أراد الشاي يتنحنح ، ~~فإنه يوجب حكم السامع كلما سمع منه التنحنح بأنه أراد الشاي. # فكذا يوجب في المقام الحكم بأنه أراد تفهيم المعنى المذكور ، والذي يطلب ~~بالوضع ويكون ثمرة له هذا المعنى ، أعني إسناد المخاطب الإرادة إلى المتكلم ~~وإلا فانتقاش المعنى التصوري ، فلا يختص بالوضع ، بل يحصل بقول : وضعت هذه ~~الكلمة لهذا المعنى ، فإنه يوجب تذكر المسامع متى سمع اللفظة وخطور المعنى بباله. # ثم الكاشف عن هذا التعهد قد يكون تصريح الواضع ، وقد ms0001 يكون كثرة استعماله ~~اللفظ ونصبه القرينة على إرادة الخاص. # وقد حاول شيخنا الاستاد دام علاه انحصار الطريق في الثاني ببيان أن ~~الانتقاش ليس ثمرة الوضع كما عرفت ، وإسناد الإرادة أيضا ما لم يكن تعهد ~~كيف يجوز ، وإذا لم يكن الأثر متمشيا من نفس ذات العمل أعني قول : وضعت ~~بقصد الإنشاء الخالي عن التعهد فلا يمكن أن يقال : فعله بقصد ترتب هذه ~~النتيجة عليه يوجب ترتبها ، فإن غاية الشيء لا بد من ترتبها على نفسه مع ~~قطع النظر عن قصد القاصد إياه لأجل تلك الغاية. # وهذا بخلاف التعهد ، فإن ترتب المتعهد به على الشيء المتعهد عند حصوله ~~أمر واقع بحكم الوجدان هذا. # ولكن استشكل عليه بعض حضار مجلس بحثه الشريف بأنه كما أن الزوجية لها ~~آثار عرفا وشرعا ، كذلك علاقة اللفظ والمعنى أيضا لها آثار وهي الحكم بترتب ~~الإرادة عند التلفظ، فجعل المنشأ موجب لترتب هذا الأثر عليه قهرا. PageV01P006 ### | «في تقسيم الواضع» # ثم إن الملحوظ حال الوضع قد يكون معنى عاما ، وقد يكون معنى خاصا وعلى كل ~~تقدير قد يكون الموضوع له نفس ذلك المعنى العام أو الخاص ، وقد يكون أمرا ~~آخر صار ذلك المعنى آلة وواسطة للحاظه ، فالأول يسمى بالوضع العام والموضوع ~~له العام ، والثانى بالوضع الخاص والموضوع له الخاص ، والثالث بالوضع العام ~~والموضوع له الخاص ، والرابع بالوضع الخاص والموضوع له العام. # لا إشكال في الأولين ، وأما الثالث فقد ... المحقق الخراساني قدسسره كون ~~العام وجها ومرآتا للأفراد ، بحيث يلاحظ المتكلم الجزئيات بنفس ملاحظة ~~العام لا أن يكون هنا لحاظ آخر متعلق بالجزئيات متعقب للحاظ العام ، وقد ~~منع منه شيخنا الاستاد دام علاه في مجلس بحثه الشريف مستدلا بأن العام ~~مغاير للأفراد في عالم الذهن والتحليل وإن كانا متحدين في عالم الخارج. # ولا يخفى أن الوضع أيضا بإزاء الموجود في الذهن ، وصورة الزيد عند ~~التعرية عن كلا الوجودين وعن العدم مغاير مع صورة الإنسان كذلك ، وحينئذ ~~كيف يمكن لحاظ أحد المتباينين بلحاظ المباين الآخر ، وهل هذا إلا الخلف في ~~بينونتهما؟ # فالحق ms0002 أن يقال : إن للجزئيات ملاحظتين : الاولى ملاحظة صورة الزيد ~~بتفصيليتها ، والاخرى ملاحظتها ، لكن ببركة مفهوم الإنسان ، بمعنى أنا نجعل ~~الإنسان معيارا وضابطا ، بأن نلاحظه بما هو هذا المفهوم ثم نشير إلى كل ما ~~هو فرد ومصداق مندرج تحت هذا المفهوم ، فحينئذ قد لاحظنا الزيد والعمرو ~~والبكر إلى آخر الأفراد ، لكن بوجه إجمالي ليس هو مفهوم الإنسان ، بل هو كل ~~ما هو مندرج تحت هذا المفهوم. PageV01P007 # وعلى هذا فمثل ذلك متأت في جانب الجزئي والخاص أيضا ، فإنه يقال : إن ~~العام تارة تلاحظ تفصيلا واخرى تلاحظ بوجه إجمالي ، مثل أن نرى شخصا ولم ~~نفهم ما نوعه المندرج هو تحته ، بحيث لو رأينا فردا آخر نحكم بأنه جزئي ~~لذلك النوع أيضا ، ولكن نعلم إجمالا أن له نوعا ، فنضع اللفظ بإزاء ذلك ~~النوع ، فصار آلة المعرفة هو الخاص ، والموضوع له هو العام. # وكذلك لو رأينا شبحا من البعيد ولم نعلم أنه إنسان أو بقر أو جاموس أو ~~غير ذلك ، فحينئذ عند تجريده عن الخصوصيات الفردية ، يحصل عندنا صورة ~~إجمالية هو ما يكون نوعا لهذا ، فالتجريد في مثل الزيد والعمر واشباههما من ~~الأفراد المعلومة النوع يوجب ملاحظة النوع تفصيلا ، وفي مثل الشبح والجزئي ~~الغير المعلوم نوعه يوجب ملاحظته إجمالا ، وليس آلة المعرفة لذلك النوع إلا ~~الجزئي ، كما كان آلة المعرفة للجزئي في الفرض السابق هو الكل ، أعنى ما هو ~~فرد لهذا. # ثم على فرض القول بأن العام في الفرض السابق وجه ومرآة للأفراد نقول ~~بإمكان مثله في هذا الفرض أيضا ؛ فإن جهة وجهية العام للأفراد ليس إلا ~~الاتحاد الخارجي ، وهو مشترك في ما بين الطرفين ، فكما يمكن جعل ذلك المتحد ~~مرآتا لهذا المتحد ، بملاك الاتحاد ، كذلك يمكن العكس أيضا بعين تلك الجهة ~~، وعدم إمكان انفكاك المقسم عن القسم والطبيعي عن أفراده ، وعلى هذا فالحق ~~إمكان كلا القسمين الأخيرين ، كما قواه الميرزا الرشتي طاب ثراه ، وإن ~~أنكره عليه المحقق الخراساني طاب ثراه في الكفاية. # ثم نقول : إن المعنى الحرفي ما يكون نحو تعقله في الذهن نحو ms0003 تحقق العرض ~~في الخارج ، فالعرض لو تلبس بالوجود الخارجي فلا محالة يكون وبال الغير ~~وكلا عليه ومتكيا عليه وطفيلا له ، ويكون هذا الغير متخصصا به ، فالقيام في ~~الخارج صار كلا على PageV01P008 # زيد وطفيلا له والزيد صار ذا تخصص به حيث إنه ليس راكعا وجالسا وساجدا ~~ونائما وغير ذلك بل قائم ، وليس حاله حال الأجزاء الذهنية ، فإن كل واحد ~~منها منحاز عن كل واحد من أجزاء الجسم ، لكن لشدة الامتزاج يشتبه الأمر على ~~الحاسة ، فيرى الأول كأنه كل على الثاني. # وأما أن العرض والمحل وجودان أو وجود واحد ، فنقول : لا شك أن العرض ليس ~~وجودا ضعيفا كان حملا على وجود قوى كالشخص العاجز عن المشى الراكب على ظهر ~~القادر عليه ، وبعبارة أخرى نحو احتياج العرض بالمحل ليس نحو احتياج الجسم ~~بالحيز ، ومن هنا يمكن الخدشة في تعريفه بقولهم ؛ إن العرض وجود في الموضوع ~~، بل العرض كيف وطور لوجود المحل فهما وإن كانا عند العقل شيئين ، لكن في ~~الخارج أحاط بهما وجود واحد ، نظير ماء الحوض ، فإنه عند العقل ينحل إلى ~~أشياء متكثرة ، لكن أحاط بها في الخارج وجود واحد ومرتبة خاصة من الوجود. # والحاصل أن العرض أمر له النفس الأمرية والواقعية والصدق والكذب وإن لم ~~يكن له وجود على حدة. # فان قلت : ما الفرق بين النفس الأمرية والوجود؟ # قلت : النفس الامرية شىء نقول به من باب ضيق الخناق في الموارد التي لا ~~مسرح فيها للوجود كما فى الإمكان والامتناع. # فكذا المعنى الحرفي أيضا كل على المعنى الاسمى وطفيل له في كيفية تعقله ~~في الذهن وهو يكون متخصصا في الذهن بالمعنى الحرفي. والحق أنه يتصور العموم ~~في معنى الحروف وضعا واستعمالا كما يتصور في معاني ألفاظ المصادر التي ~~بمعناها بلا فرق. وتوضيحة : أنه لا شك أن الجوامع كلها منتزعة عن الخارجيات ~~، ولا شك أن السير الخارجى من البصرة مثلا إذا حللته وجزيته بنظر العقل حصل ~~عندك ثلاثة أشياء : PageV01P009 # الأول السير ، والثاني البصرة ، والثالث خصوصيته كون السير مبتدأ من ~~البصرة ، وهذا الثالث يمكن ms0004 لحاظه بنحوين : # الأول أن يلحظ ويتعقل مستقلا ومن حيث هو على عكسه في الخارج ، إذ هو فى ~~الخارج عاجز محتاج إلى المتعلق وهو السير مندك فيه ، وفي الذهن تام مستغن ~~عن غيره بحيث يكون لحاظ المتعلق معه وضع شيء فى جنبه. # الثاني أن يلحظ على طبق وجوده الخارجى حذو النعل بالنعل فكما أنه في ~~الخارج محتاج إلى المتعلق وموجود ببركة وجوده ، فكذا يتعقل في الذهن محتاجا ~~إلى متعلق خاص وببركة تعقله ، ولا شك أن هذا أعنى كونه محتاجا في التعقل ~~إلى المتعلق الخاص لا يوجب أن يكون لهذا المتعلق الخاص دخلا في حقيقته ~~ومعناه أصلا بل هو مقدمة لتعقله خارج عن حقيقته. # ألا ترى أن مفهوم الضرب لكونه عرضا يفتقر في الوجود الخارجي إلى شخص زيد ~~مثلا ، ومع ذلك لا يكون لزيد في معناه دخل أصلا ، فإذا لا فرق بين ~~الملحوظين بهذين اللحاظين إلا في مجرد كيفية اللحاظ ، حيث إنه في الأول ~~بنحو الاستقلال على عكس الخارج ، وفي الثاني بنحو العجز والافتقار على طبقه ~~، ولا يعقل أن معنى واحد بمجرد أن يختلف كيفية لحاظه يختلف حاله في الجزئية ~~والكلية. # فكما أن الملحوظ بالنحو الأول كلي جامع للابتداءات الخارجية العاجزة ، ~~فكذا الملحوظ بالنحو الثاني أيضا كلى جامع لتلك الأفراد بعينها من دون أن ~~يكون دائرته أضيق من الأول أصلا. غاية الأمر أن الأول جامع مستقل للأفراد ~~العاجزة والثاني جامع عاجز للافراد والعاجزة. # إذا عرفت ذلك ، فنقول : وضع لفظ «الابتداء» للجامع بالنحو الأول ولفظة ~~«من» للجامع بالنحو الثانى ، وإذا فلا فرق بينهما في عموم الوضع والموضوع له. PageV01P010 # نعم بينهما فرق في كيفية الوضع ، ففي الأول لما يمكن الإشارة إلى نفس ~~المعنى فلهذا لا يحتاج في مقام الوضع إلى الوجه ، بل يشار إلى نفسه ، وفي ~~الثاني لما لم يمكن الإشارة الى نفس المعنى ، ضرورة منافاة الإشارة لما هو ~~عليه من وصف العجز والافتقار ، فلهذا لا بد أن ينتزع منه في مقام الوضع ~~إجمال ويجعل هذا الإجمال وجها له وعبارة عنه ، بحيث يكون الفرق ms0005 بينه وبين ~~الجامع الذي هو الموضوع له بالإجمال والتفصيل. # وذلك كمفهوم الابتداء المحتاج في التعقل إلى المتعلق. ولا يلزم اتفاق ~~الحاكي والمحكي في جميع الجهات. فيمكن أن يكون الأول معنى اسميا والثاني ~~معنى حرفيا كما في المقام ، كما يمكن أن يكون الأول كليا والثاني جزئيا كما ~~فى مفهوم لفظ الجزئى ومحكيه. # وحينئذ فإن أريد من الخصوصية في معنى «من» خصوصيته بالنسبة إلى معنى لفظ ~~الابتداء فقد عرفت أنهما مفهومان متباينان ، حيث إن الأول مستقل باللحاظ ، ~~والثاني مفتقر فيه إلى الغير ، وإن أريد الخصوصية بالنسبة إلى مقسم القسمين ~~وهو المعنى المجرد عن الكيفيتين الذي لم يوضع له لفظ فهى غير مختصة بمعنى ~~«من» لجريانها فى معنى لفظ «الابتداء» أيضا ، ضرورة أخصية القسم عن المقسم. ~~وأما بالنسبة إلى الخارج فقد عرفت تصادقهما على طائفة واحدة من الخارجيات. # فان قلت : كيف وقد استعمل لفظة «من» في قولك : «سرت من البصرة» في ~~الابتداء الخاص بإضافته إلى السير الخاص. # قلت : لا شك أن المستعمل فيه للفظة «من» في جميع الموارد معنى واحد كلى ، ~~وهو ما وضعه الواضع له ، وهو أصل الابتداء العاجز ، ومن لوازم هذا المعنى ~~أنك أى معنى فعل أو شبهه قربت منه وركبت معه يتقيد به وتصير خصوصية طارئة عليه ، PageV01P011 # لكن قد عرفت أن هذا المعنى المتعلق لا ربط له بحقيقة معنى «من» وله دال ~~أخر فكل من الدوال قد استعمل في معناه الموضوع له ، فمادة سرت قد استعملت ~~في مفهوم السير وهيئته في الاتحاد الخارجي ولفظة «من» في مطلق المبدئية ~~العاجزة ، والخصوصية إنما حصلت من تركب هذه المعاني ، كما أن لفظ «الرقبة» ~~في قولك : رقبة مؤمنة قد استعملت في مطلق الرقبة ، والمؤمنة في مطلق ~~المؤمنة ، والخصوصية إنما حصلت من انضمامها. # فإن قلت : موضوعية الجامع المحكي لمفهوم الابتداء المحتاج في التعقل إلى ~~المتعلق هو موضوعية الفرد الخاص الموجود في قولك : «سرت من البصرة» على أن ~~يكون القيد خارجا والتقيد داخلا لصدق ذلك العنوان عليه واتحاده معه. # قلت : حكم الموضوعية لا تسرى من الجامع ms0006 إلى أفراده ، ألا ترى أن مفهوم ~~الحيوان الناطق موضوع له للفظ الإنسان مع عدم كون أفراده كذلك. # فإن قلت : إن التبادر يقضى بأن معنى «من» هو خصوصيات الابتداء. # قلت : من المعلوم بالوجدان أن معنى «من» لا يتفاوت بتفاوت التراكيب ، ~~وأنه معنى كلى ، وإن كنت شاكا في ذلك فاخبرنى عن كلمة «من» فى قولك : «من ~~البصرة سرت» قبل التلفظ بلفظ «البصرة» هل تفيد معنى عند العرف أو لا؟ وإن ~~أفاد فهل هو إلا مطلق المبدئية العاجزة الناقصة؟ # الشبهة الثانية : إنه لا شك أن المعاني الحرفية آلات للحاظ حال متعلقاتها ~~ولازم ذلك كونها مقيدة باللحاظ ، وهو الوجود الذهني ومأخوذيته في حقيقتها ، ~~والماهية إذا أخذت مع الوجود ذهنيا كان أو خارجيا تصير جزئيا حقيقيا فمعنى ~~«من» مثلا على هذا يتعدد بتعدد اللحاظ ، ولو كان متعلقه فيهما شيئا واحدا ~~ضرورة تعدد المقيد بما هو مقيد بتعدد قيده. PageV01P012 # الجواب : أنه لا شك أن المفاهيم لا ظرف لها واقعا سوى الذهن ، ضرورة أنه ~~ليس لنا علم وراء عالم الذهن ، والخارج يكون هو عالم المفاهيم ، ولا شك أن ~~الذهني بما هو ذهني مباين للخارجي ، فلا ينطبق عليه ، فصدق المفاهيم على ~~الخارجيات لا يمكن إلا بعد تعريتها عن الوجود الذهني وإلغاء هذا الوصف عنها ~~، كما هو الحال فيها في النظرة الاولى ، فإن الناظر بهذه النظرة لا يلتفت ~~إلى جهة كونها في ذهنه ، بل يتخيلها أشياء أجنبية غير مرتبطة بعالمى الذهن ~~والخارج ، ويشير إليها ويعبر عن هذا العالم الذي يتخيل في النظرة الاولى ~~بظرف التقرر وإنما يلتفت إلى ذلك شخص آخر يطلع على حاله أو هو بعد انصرافه ~~عن هذه النظرة وتلبسه بالنظرة الثانية. # فالمفاهيم مع كونها واقعا متصفة بالوجود الذهني إذا صرف النظر عن هذه ~~الصفة الكائنة فيها واقعا ينطبق على الخارجيات ، وكما لا بد من تعرية ~~المفاهيم عن هذه الصفة كذلك لا بد من تعريتها عن صفاتها الخاصة بوجودها ~~الذهني الغير الكائنة فيها في الخارج كصفة التجريد أعنى كون المفهوم معرى ~~عن جميع الخصوصيات الخارجية بحيث بقى ms0007 وحده ومنفردا ، فإن من المعلوم أن ~~المفهوم لا يتلبس بهذه الصفة في الخارج وإنما يتلبس به في الذهن ، ولهذا لو ~~لوحظ معها يباين الخارجيات ، فالمفاهيم مع كونها واقعا بهذه الصفات إذا صرف ~~النظر عن هذه الصفات الكائنة فيها واقعا ينطبق على الخارجيات. # فانقدح بذلك أن مفهوم «من» مثلا كسائر المفاهيم بلا فرق فى أنه بعد ~~التعرية المذكورة يصير كليا صادقا على الكثيرين ، مع أن واقعه موجود ذهني ، ~~فحاله في ذلك حال مفهوم لفظ «الابتداء» بعينه بل ابتلاء الثاني أشد من ~~الأول بالذهن ، حيث إنه على ما عرفت متصف في الذهن بوصف الاستقلال المضاد ~~لما فى الخارج من وصف الاندكاك والافتقار ، فهو مضافا إلى التجريد عن ~~الوجود الذهني يحتاج PageV01P013 # إلى التجريد عن هذه الصفة أيضا حتى ينطبق على الخارجيات. وأما مفهوم «من» ~~فهو مشابه للخارج فى وصف الاندكاك ، فلا يحتاج إلى أزيد من التجريد عن ~~الوجود الذهنى. # هذا كله هو الكلام فيما كان من المعاني الحرفية من قبيل التصوريات واما ~~الكلام فيما كان منها من قبيل الانشائيات. # فاعلم أن الطلب مثلا كلما وجد في الخارج فلا محالة يكون محفوفا ~~بالخصوصيات كخصوصية الزمان الخاص والمكان الخاص والمتعلق والطالب الخاص ~~والمطلوب منه الخاص إلى غير ذلك ، ولا شك أن شيئا من هذه الخصوصيات لا دخل ~~له فى حقيقة الطلب أصلا فهيئة الأمر موضوعة لحقيقة وجود الطلب فقط ~~والخصوصيات التي يتلبس الطلب بها فى الخارج خارجة عن معناها. # توضيح ذلك أن الطبيعة منفكة عن الخصوصيات الفردية لا يوجد فى الخارج أبدا ~~فهي مقرونة فى الخارج أبدا بتلك الخصوصيات ولا شك أن حال تلك الخصوصيات حال ~~أصل الطبيعة فى عدم دخل شيء من الوجود والعدم فى حقيقتها ، ولهذا يصح زيد ~~موجود وزيد معدوم مثلا ، فالوجود إذا أضيف إلى الطبيعة فى الخارج فلا محالة ~~يكون له إضافتان إضافة إلى اصل الطبيعة وإضافة إلى الخصوصيات الفردية ففيما ~~نحن فيه قد الغي جهة إضافته إلى الخصوصيات ووضع اللفظ له بلحاظ اضافته إلى ~~اصل الطبيعة ، فنقول : إن وجود اصل ms0008 الطلب بل كل طبيعة كلي صادق على ~~الكثيرين. # توضيحه ان تعدد أفراد طبيعة واحدة كما لا يكون من قبل تخالفها فى العوارض ~~الشخصية ضرورة أن فرض تشاكلها فى جميع تلك العوارض لا يوجب رفع التعدد عما ~~بينها، كذلك لا يكون من قبل وجود أصل تلك الطبيعة ؛ اذ لو فرض PageV01P014 # عدم بقاء شيء سوى وجود أصل تلك الطبيعة بلا زيادة شيء عليه لما كان تعدد ~~فى البين بالبديهة وإنما هذا التعدد من قبل أمر آخر لا يعلمه الا الله ~~تعالى ، فوجود أصل الطبيعة أمر وحداني لا يقبل التعدد ويقبل الصدق على ~~الكثيرين ولفظة «هذا» مثلا موضوعة لحقيقة وجود الإشارة إلى المفرد المذكر ، ~~لكن حيث إن الإشارة تقتضى مقطعا خاصا معينا ذهنيا أو خارجيا فلهذا تقع ~~الإشارة بهذا إلى المفرد المذكر الخاص أبدا ، لا ان يكون للخصوصيات دخل فى ~~معني هذا بحيث لو امكن الإشارة الى كلى المفرد المذكر بكليته لكانت معنى هذا. # وبالجملة فالشبهة في جزئية هذه المعانى هى ان المعانى الانشائية وجودات ~~خارجيه والوجود الخارجى لا يكون إلا جزئيا ، والجواب أن الوجدان شاهد قطعي ~~بأن الوجودات الخارجية بينها قدر مشترك وهو صرف الوجود ، وليست أشياء ~~متباينة بالكنه ، لا جامع لها أصلا بحيث كان اطلاق لفظ الوجود عليها اطلاقا ~~للفظ المشترك علي معانيه ، وهذا الجامع معروض للكثرة فى قولنا : الخبز كثير ~~والماء كثير مثلا ، ضرورة أن كل فرد فرد لا يكون معروضا له ، وكذا مجموع ~~الأفراد ، ومن المعلوم أن هذا الوصف له نفس أمرية ويكون صدقا فى مورد وكذبا ~~فى آخر. # وايضا لو علمت إجمالا بوجود زيد أو عمرو فكل منهما مشكوك الوجود ، فلو لم ~~يكن بينهما جامع الوجود فما يكون متعلق عملك ، ولا شك أن كل طلب خارجى له ~~خصوصيات خارجة عن حقيقته ، والمدعى أنه يمكن أن يلغي الواضع تلك الخصوصيات ~~وينظر إلى نفس الطلب المجرد ويضع الهيئة للطلب المجرد ، وهذا المفهوم أعنى ~~صرف الوجود يشترك مع الماهية في أن كلا منهما جامع ينتزعه العقل من ~~الخارجيات ويجرده عن الخصوصية ms0009 ويكون وضع اللفظ بإزائهما في حال التجريد ، ~~ويفارقها فى أن الخارج ظرف لوجود الماهية وظرف لنفس الوجود لا PageV01P015 # لوجوده وإلا تسلسل ، وفي أن الماهية لكونها معراتا عن الوجود بقسميه ، ~~والعدم تحصل وتوجد فى الذهن ، والوجود ليس ظرفه إلا الخارج وإلا انقلب ~~الذهن خارجا ، وإنما يمكن تعقل صورة الوجود في مقام أخذ الجامع من الوجودات ~~الخارجية. # فان قلت : إذا كان وجود الطلب أو النداء أو الاشارة موضوعا له للألفاظ ~~الخاصة في حال التجريد ، والمفروض أن المفهوم فى حال التجريد يباين ~~الخارجيات فيلزم أن لا تكون الخارجيات موضوعا لها ، وهو خلاف الفرض. # قلت : وصف التجريد ثابت واقعا غير ملحوظ حين الوضع. # فان قلت : لم لا يتسرى من الجامع وصف كونه موضوعا له إلى الفرد. # قلت : من الأعراض ما يعرض على المحل بدون توسيط الذهن ، فان كان معروضه ~~الجامع يتسرى منه إلى الفرد لاتحاده معه بحيث لا ميز بينهما أصلا ، وذلك ~~كما فى حرارة النار ، فصار الفرد الخارجى من النار حارا لاتحاد الجامع معه ~~، ومنها ما يعرض على الجامع بتوسيط الذهن وهو لا يتسرى إلى الفرد ، وسره أن ~~الجامع إنما يكون معروضا له في الذهن في حال التجريد ، وهو فى هذا الحال ~~مباين للفرد ومحسوب معه اثنين ، ولهذا يصح حمله عليه ، ومقتضي الاثنينية ~~فقدان كل ما وجده الآخر وذلك كما في اختصاص وصف الموضوعية فى قولك «زيد ~~انسان» بزيد ، والمحمولية بالانسان ومن المعلوم أن منشائه ليس إلا ~~اثنينيتهما وكذا وصف الكلية ، ومن ذلك كون الجامع موضوعا له للفظ. # وبالجملة فكل عرض كان عارضا على الجامع علي تقدير التجريد فهو لا يتسرى ~~إلى الفرد لمكان البينونة بينهما ، وما فى الكفاية موافق لما ذكرنا فى ~~المدعى وهو كون كل من الوضع والموضوع له والمستعمل فيه عاما ، إلا أن ~~توجيهه علي ما PageV01P016 # يوجد منها هو أن كلمة «من» مثلا موضوعة لعين ما وضع له لفظ الابتداء ~~والوضع مقدمة للاستعمال والاستعمال متأخر رتبة عن الوضع وعبارة عن تعقل ~~المعني مع التلفظ فالواضع قد اشترط بعد وضع «من ms0010» أن لا يستعمل في معناه إلا ~~بتعقله آلة للغير ، وفي لفظ الابتداء أن لا يستعمل في معناه إلا بتعقله ~~مستقلا ، فاللحاظ التبعي أو الاستقلالي كيفية للاستعمال أجنبي عن المعني. # وأما علي ما ذكرنا فهما موضوعان لمفهومين متباينين ، وتعدد المفهوم إنما ~~هو بتعدده في التعقل في الذهن ، وهذا سالم عما يرد علي الأول من أنا نتبع ~~الواضع في أصل الوضع ولا نتبعه في الشرط. # ثم إن في الكفاية بعد هذا بلا فصل كلاما حاصله ، أن حال الإخبارية ~~والإنشائية حال اللحاظ الاستقلالي والتبعي في كونهما من كيفيات الاستعمال ~~فتكونان متأخرتين رتبة عن ذات المعني ، فالمعني المستعمل فيه في القضيتين ~~الإخبارية والإنشائية متحد إما من حيث شخص المفهوم وذلك فيما اذا اتحد ~~المواد كما في اضرب وأطلب منك الضرب ، حيث إن الموضوع له فيهما هو مفهوم ~~الطلب إلا أنه اشترط في وضع الثاني أن يكون الاستعمال بطور قصد الحكاية عن ~~ثبوت المعني في موطنه ، وفي وضع الأول أن يكون بنحو قصد التحقق والوقوع ، ~~وإما من حيث سنخه أعنى الكلية والعموم ، وذلك فيما إذا اختلفت المواد كما ~~في زيد قائم ، واضرب ، حيث إن الموضوع له فيهما عام وهو مفهوم قيام زيد في ~~الاول ومفهوم طلب الضرب فى الثاني ، والشرط كالسابق. # وكيف كان فهذا مشتمل على دعاو ثلاثة في كل منها إشكال ، الاولى : أن حيث ~~الإخبارية والإنشائية خارجتان عن ذات المعنى ومتأخرتان رتبة عنه ، والثانية ~~: أن الخبر عبارة عن الحكاية عن ثبوت المعنى في موطنه وهو إما الخارج كما في زيد PageV01P017 # قائم وأمثاله وإما الذهن كما في «اطلب» و «اعلم» الإخباريين وأمثالهما ، ~~الثالثة : أن المعاني الإنشائية يوجد ويتحقق باللفظ مع القصد. # أما الإشكال في الاولى فهو أنه لا شك أن مواد مفردات القضايا الخبرية كل ~~واحد منها دال على سهمه من المعنى ، فلو كانت الحكاية عن ثبوت المعنى خارجة ~~عن ذات المعنى بقي الهيئة بلا معنى ، والحال أن لها وضعا نوعيا باتفاق ~~القائل المذكور ، مثلا في قولنا : أطلب منك الضرب مفادات أربعة ، مفاد مادة ~~الطلب ms0011 ، ومفاد ضمير المتكلم ، ومفاد منك، ومفاد الضرب ، وكل من هذه الألفاظ ~~تدل على مفاده ، وليس هنا شيء آخر غير الحكاية المذكورة حتى يكون هو مفاد ~~الهيئة. # وأما الاشكال في الثانية فهو أن مجرد الحكاية عن ثبوت المعنى في موطنه ~~ليس فارقا بين الجمل الخبرية وغيرها من النسب الناقصة ؛ ضرورة أن زيد قائم ~~وزيد القائم مشتركان في الحكاية عن ثبوت القيام لزيد ؛ بداهة أن الثاني ليس ~~مهملا وبلا معنى ، ولا زيادة للأول عليه لا لفظا ولا معنى. # أما الإشكال فى الثالثة فهو أنه لا سنخية بين اللفظ والمعنى قبل الوضع ~~بحسب الذات حتى يكون علة له ، وإنما شأن اللفظ أن يكون كاشفا وأمارة للمعنى ~~بحسب تعهد الواضع ، والعلية أمر واقعي لا يقبل الجعل ، نعم بالنسبة إلى ~~العنوان الثانوي للحكاية وهو إلقاء المعنى في ذهن السامع يكون اللفظ موجدا وعلة. # والحق أن في نفس المتكلم بالقضية الخبرية تجزما وهو عبارة عن عقد القلب ~~والبناء على تحقق النسبة بين محمول القضية وموضوعها وهو أمر غير الاعتقاد ~~ويجتمع مع الشك والقطع بالخلاف ، والرابطة أعني الهيئة في العربية و (است ~~ونيست) في الفارسية موضوعة أمارة على هذه الحالة النفسانية ، وهذا هو ~~المراد بقيد التمام الذي هو الفارق بين القضايا الخبرية والنسب الناقصة ، ~~حيث إن المتكلم بالقضية PageV01P018 # الخبرية زيادة على إلقاء الموضوع والمحمول والنسبة قد جعل نفسه أيضا في ~~قيد السامع ، فيستريح السامع من جهته ويتتبع بنفسه الخارج ؛ فإن وجده ~~مطابقا لقوله صدقه ويتخلص هو من قيده ، وإن وجده مخالفا له كذبه ويقع هو في ~~قيد ملامته ، وهذا بخلاف النسب الناقصة ؛ فإن المتكلم بها في راحة وليس في ~~قيد ولو بأن قال : الزيد المتحقق الثابت قيامه في الخارج بلا شك ولا شبهة ؛ ~~إذ له أن يقول بعد ذلك : ليس بموجود. # ثم كما أن الاعتقاد طريق للواقع وحكاية عنه لمن ظفر به بوسيلة من يعتقده ~~كذلك هذا التجزم الذي كشف عنه الرابطة أيضا حاك عن شيئين ، الأول أن اعتقاد ~~المخبر على طبق خبره ، والثاني أن الواقع كذلك ms0012 ، واسناد الكذب إلى ~~المنافقين في قوله تعالى : ( @QUR@05 والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) ~~باعتبار الحكاية عن الاعتقاد لا الواقع. # وهذا مراد من قال بأن أجزاء القضية أربعة وجعل الرابع هو الوقوع في ~~القضية المثبتة واللاوقوع في القضية المنفية ؛ فإن من الظاهر أن الوقوع ~~واللاوقوع الخارجيين غير قابلين لجزئية القضية ، فالمراد هو التجزم بالوقوع ~~أو باللاوقوع ، ومن قال بأنها ثلاثة أراد أن التجزم كيفية للنسبة لا أن ~~منها نسبة ثم تعلق بها جزم ، فليس هنا شيئان ، بل شيء واحد وهو النسبة ~~التجزمية الوقوعية أو اللاوقوعية. # والفرق بين مفردات القضية الخبرية وهيئتها أن الاولى موضوعة أمارة للذات ~~المقررة المعراة عن الوجود والعدم ، والثانية موضوعة أمارة لهذه الحالة ~~الموجودة فعلا في النفس بحيث لو لم يكن موجودة حين التكلم كان الرابط مهملة ~~وغير مستعملة في معنى أصلا ، كما أنه لو كانت موجودة حين التكلم بالنسبة ~~الناقصة كانت موضوعة في غير محله ، نظير إرادة المعنى الإنشائي حين التكلم ~~بالخبر. # وأما الإنشاءات فهي مشتركة مع الإخبار في أنها ليست موجدة للمعنى ، ولكنها PageV01P019 # تحكي عن حالة موجودة في النفس فعلا ، والفرق بينهما أن هذه الحالة حكاية ~~عن ثبوت نسبة قضيتها في الاخبار ولا يكون حكاية عن ثبوت نسبة قضيتها مع ~~إمكان أن يكون حكاية عن شيء آخر في الإنشاءات ، مثلا هيئة اضرب أمارة على ~~الإرادة النفسانية ، وهذه الإرادة ليس سنخها الحكاية عن ثبوت نسبة الضرب ~~إلى المخاطب في الخارج كالتحريم في قولنا : ضربت ، بل سنخها العلية ~~والاقتضاء لحصول هذه النسبة ، ضرورة أن الإرادة الآمرية مع انقياد العبد ~~وتمكنه علة تامة لحصول الفعل في الخارج ، نعم يكون حكاية عن ثبوت المنفعة ~~في الضرب مثلا ، فلو كان المتكلم بصيغة الأمر غير مريد للفعل كانت الصيغة ~~مهملة غير مستعملة في معنى أصلا. # دفع إشكال : الإرادة عبارة عن البناء القلبى على وقوع الفعل منه إن كان ~~فاعليا أو من غيره إن كان آمريا وهو أمر غير العلم بالصلاح والنفع وغير ~~الحب بالفعل ، نعم يحصل عن هذين أحيانا ؛ فلهذا لا يمتنع ايجاد ms0013 الإرادة كما ~~هو لازم من عرفها بالعلم ، بل يمكن كالتحريم ، ويجتمع مع عدم محبوبية ~~المراد. # فاعلم أنه كما قد تكون الإرادة موجودة من جهة المبادي الموجودة ، في ~~المتعلق كأن يعلم بوجود المصلحة في الفعل الفلاني ولا يكون له مزاحم فيحصل ~~الحب والشوق والميل إليه في النفس ، فينتهي هذا الميل إلى عقد القلب على ~~إيقاع هذا الفعل في الخارج الذي يعبر عنه بالعزم والإرادة ، كذلك قد يوجد ~~لأجل المبادي الموجودة في نفسها ، فيكون حالها حال الفعل الخارجي ، فكما ~~أنه يوجد من جهة المبادي الموجودة في نفسه فكذا هذه. # والدليل على ذلك أنه لو قيل لأحد : امش من هذا المكان إلى المكان الفلاني ~~بالإرادة اعطك عشرة آلاف دنانير بحيث لو صدر منك المشي بلا إرادة لم أعطك ، و PageV01P020 # علم بصدقه في هذا القول ، وفرض أن هذا الفعل لا مزاحم لصدوره من المخاطب ~~أصلا ، فلا شك أنه يحدث بذلك في نفس المخاطب ميل تام إلى هذا الفعل ، أعني ~~: المشي بالإرادة ، فهل هو حينئذ يتأسف عجزه عن الإتيان وفوت تلك المنفعة ~~الكبيرة ، أو يبادر بالإتيان ويدركها؟ الوجدان قاطع بالثانى. # وأيضا لا شك أن إتمام الصلاة ليس أثرا لإقامة العشرة بل للعزم عليها سواء ~~اقيم أم لا، ولا ريب أن المسافر قد يتفق أنه لا يكون له من الإقامة منفعة ~~أصلا ، بل لمحض إتمام الصلاة يعزم على الإقامة .. # فإن قلت : فكيف الحال لو كان نفس الفعل مبغوضا بمبغوضية أشد من محبوبية ~~نفس الإرادة؟. # قلت : مفروضنا صورة اجتماع المبادي في نفس الإرادة ، ومن جملتها عدم ~~المزاحم ، والمبغوضية المذكورة مزاحم ، فالآمر بالأوامر الامتحانية يوجد في ~~نفسه عقد القلب على إيقاع الفعل من الغير ويدرك نتيجته ، ضرورة أن الارادة ~~الآمرية ليست بأقوى من الإرادة الفاعلية غاية الأمر أنه لو كان الفعل ~~مبغوضا له يمنع من وجوده في الخارج. # فإن قلت : الفائدة إنما هي في التلفظ بالأمر وإن لم يكن الإرادة ~~النفسانية موجودة ، فهي مستغن عنها فلا حاجة إلى التكلف في إثبات وجودها. # قلت : الداعي إلى ذلك هو الفرار ms0014 عن كون تلك الأوامر مهملة ؛ إذ من البعيد ~~ذلك، والوجدان يشهد بأنها على نسق غيرها مستعملة في المعنى ، نعم يكون ~~الأمر فيها سهلا على القول بأن الإرادة قسمان حقيقي ، واعتباري إنشائي ، ~~والثاني تحققه باللفظ مع القصد، فهيئة الأمر مستعملة أبدا في الثاني ، لكن ~~قد عرفت أنه لا معنى لذلك. PageV01P021 # ومن هنا ظهر كون الإرادة اختيارية وبطلان ما تمسكوا به على عدم اختياريته ~~من لزوم التسلسل على تقدير اختياريته بتقريب أن الفعل الاختياري ما كان ~~مسبوقا بالإرادة ، فلو كانت الإرادة اختيارية لزم أن تكون مسبوقة بإرادة ~~اخرى وهي بإرادة ثالثة ، وهكذا إلى غير النهاية. # وجه البطلان أن التسلسل إنما يلزم لو لم يكن للإرادة مبدأ سوى الإرادة ، ~~وقد عرفت أنها إما أن تكون موجودة من جهة المبادي في متعلقها ، وإما أن ~~تكون موجودة من جهة المبادي في نفسها ، فعلى الأول فلا شك أن علتها هي تلك ~~المبادي ، وعلى الثاني فحالها حال الفعل الخارجي ، فكما أنه معلول للإرادة ~~فكذا هذه أيضا معلولة لإرادة ثانية وهذه الإرادة الثانية بالنسبة إلى ~~الإرادة الاولى حالها حال الإرادات الآخر بالنسبة إلى متعلقاتها ، فكما ~~أنها معلولة للمبادي في المتعلقات فكذا هذه أيضا معلولة للمبادي في الإرادة ~~الاولى. # وظهر مما ذكرنا أيضا أن الإرادة التي توجد من جهة المبادي في نفسها ~~اختيارية ؛ لأن حالها حال الفعل الخارجي بعنيه. وأما الإرادة التي توجد من ~~المبادي في المتعلق سواء كان إرادة أم فعلا خارجيا فلازم ما ذكرنا أنها ~~اختيارية أيضا. # بيان ذلك أن الشخص كما يكون مختارا وواليا على فعله الصادر عن إرادته ، ~~كذلك قد يصير واليا ومختارا على فعل غيره الغير المستند إلى إرادته ، ~~والدليل على ذلك أن مجيء زيد في الدار فعل له موجد بإرادته لا بإرادة صاحب ~~الدار ، لكن لصاحب الدار أن يمنع من تحقق هذا الفعل بإغلاق الباب ونحوه ، ~~وله ترك ذلك ، فالمجيء وعدم المجيء وإن كان كلاهما صادرا عن إرادة زيد لكن ~~لصاحب الدار دخل وعلية فيهما ، فولاية الوقوع واللاوقوع ثابتة لصاحب الدار ~~، ولا نعني ms0015 بالاختيارية إلا ذلك. PageV01P022 # فإن قلت : إن صاحب الدار إنما يمانع بالإرادة فهو غير خال عن الإرادة في ~~هذا الفعل الاختياري أعني مجيء زيد وعدم مجيئه ، فحاله حال سائر الأفعال ~~الاختيارية المسبوقة بالإرادة. # قلت : نعم لا يخلو عن الإرادة ، لكن المدعى أن المجيء وعدمه لا يستندان ~~إلى إرادة صاحب الدار إياهما ، بل إلى إرادة زيد. # فإن قلت : مجيء زيد وعدمه ليسا باختياريين لصاحب الدار وإنما اختياريته ~~هو ايجاد المانع وعدمه وبينهما بون بعيد. # قلت : إذا كان إيجاد المانع اختياريا له فثمرته وهو عدم المجيء أيضا ~~اختيارية ؛ فإن المقدور بالواسطة مقدور ، وإذا كان عدم المجيء اختياريا له ~~فوجود المجيء أيضا اختيارية ؛ إذ القدرة إنما يتعلق بالطرفين لا بطرف واحد. # فإن قلت : إن عدم المجيء ليس مسببا عن إيجاد المانع بل عن إرادة زيد إياه ~~، وبالجملة فالأول ليس في طول الثاني بل في عرضه. # قلت : مدعانا لا يتوقف على إثبات السببية والترتيب بينهما بل يحصل مع ~~كونهما في عرض واحد ، والدليل على ذلك أنه لو تنازع زيد وعمرو في مكان واحد ~~أراد كل منهما الجلوس فيه فلا شك أن زيدا لو خلى المكان لعمرو فجلس العمرو ~~فيه يكون لزيد ولاية على هذا الجلوس ، مع أن عدم جلوسه ليس سببا له. # فنقول إذا صار محبوبية الفعل مشرفة بأن يوجد العزم والإرادة في النفس فلا ~~شك أن الشخص متمكن من أن يمانعها من ذلك ويوجد بسرعة الإرادة المضادة في ~~نفسه قبل أن يوجد المحبوبية إرادة الفعل فيها. # فإن قلت : إن المحبوبية علة تامة للإرادة فكيف يمكن انفكاكها عنها. # قلت : ليس المحبوبية علة تامة للإرادة بل لعدم المزاحم أيضا دخل في ~~تحققها. PageV01P023 # فإن قلت : لا معنى لوجود المزاحم بين المحبوبية والإرادة ، لعدم الفصل ~~بينهما ، وبالجملة متى تحقق المحبوبية التامة تحصل إرادة الفعل بسرعة ، ولا ~~يمهل الإرادة المضادة أن يوجد قبلها. # قلت : لو كان الفعل في عين الصلاح بحيث لا يشوبه ذرة مفسدة ولكن كان في ~~نفس إرادته مفسدة أعظم من مصلحة نفسه فهل ترى نفسك تقدم ms0016 عليه؟. # فإن قلت : إنا لو فرضنا أن الفعل في غاية المحبوبية وبلا مزاحم ، ونفس ~~الإرادة أيضا بلا مزاحم ، وحينئذ فكيف يمكن عدم وقوعها؟. # قلت : لو كانت الإرادة غير اختيارية فما شأن المريد يلاحظ في وجودها ~~وعدمها الضر والنفع ووجود المزاحم وعدمه ، ولو كانت غير اختيارية لوجب أن ~~يوجد سواء كان ضارا أم نافعا كحركة المرتعش ، أو لا يوجد كذلك كالطيران إلى ~~السماء ، كيف وحال الإرادة في ذلك حال الفعل الخارجي بعينه ، حيث إنه أيضا ~~لو تم صلاحه وفقد مزاحمه من جميع الجهات لم يعقل من العامل أن يتركه ، ~~وأيضا يلاحظ في فعله وتركه الضر والنفع ، فإذا كان حال الإرادة في جميع ذلك ~~حال الفعل الخارجي بلا فرق كفى ذلك في المطلوب. # * * * PageV01P024 ### || «فصل» # لا شك أن صحة المجاز لا يتوقف على ترخيص الواضع بحيث يكون حاله حال ~~الحقيقة في التعبد به ، ويكون الفرق أن الوضع هناك شخصي وهنا نوعي ؛ ضرورة ~~أنه لو سمى زيد ابنه باسم يصح استعمال هذا الإسم في مشابه الابن مع أن ~~ترخيص واضع اللغة لا ربط له بوضع زيد ، وكذا لا يتوقف على وجود إحدى ~~العلاقات المضبوطة بين المعنى المجازى والحقيقى ، بل يتوقف على استحسان ~~الطبع ، فكل معنى غير المعنى الحقيقي استحسن طبع أهل العرف استعمال اللفظ ~~فيه صح الاستعمال فيه ، وكل معنى ليس كذلك لم يصح. # وبعبارة اخرى يتوقف على الانس بين اللفظ والمعنى ، نعم منشأ هذا الانس ~~غالبا هو المناسبة بين المعنى المجازي والمعنى الحقيقي ، وقد ينفك الانس عن ~~المناسبة كما في استعمال اللفظ في اللفظ ، فإنه صحيح مجازا كقولك : ضرب فعل ~~ماض ، ومن المعلوم أنه لا مناسبة حينئذ بين المعنى المجازي وهو اللفظ ~~والحقيقي وهو المعنى ، بل ينفك المجاز عن الحقيقة كما في استعمال اللفظ ~~المهمل في اللفظ كقولك : ديز مهمل ، فإنه مجاز لعدم كونه حقيقة ولا غلطا ، ~~فلا يكون في البين معنى حقيقي فضلا عن المناسبة بينه وبين المعنى المجازي. ### || «فصل» # لا إشكال في صحة استعمال اللفظ في نوعه كقولك : ضرب فعل ماض ms0017 ، وكذا في ~~صنفه كقولك : ضرب في «زيد ضرب» فعل ماض ، وكذا في شخص مثله كقولك : ضرب فعل ~~ماض مريدا به شخص ضرب الصادر من لافظ ، وأما استعماله في نفسه كزيد في قولك ~~: زيد لفظ ، أو مركب من ثلاثة أحرف إذا أردت به شخص نفسه ، فقال في الفصول ~~: في صحته بدون تأويل نظر ، لاستلزامه اتحاد الدال والمدلول أو تركب القضية ~~من جزءين انتهى. PageV01P025 # أقول : الترديد باعتبار الاستعمال في النفس وعدم الاستعمال ، فرتب على ~~الأول اتحاد الدال والمدلول ، وعلى الثاني تركب القضية من جزءين ، وما ذكره ~~في الشق الأول صحيح ولكن الشق الثاني مستدرك ؛ لأن المفروض استعمال اللفظ ~~في نفسه ، ففرض عدم الاستعمال خروج عن المفروض. # والإنصاف عدم جواز استعمال اللفظ في شخص نفسه لما ذكره المستدل من ~~الاتحاد؛ فإن قضية الاستعمال أن يتعقل معنى ويجعل اللفظ حاكيا ومرآتا ، ~~وهذا لا يتحقق إلا بالاثنينية والتعدد. # لا يقال : يكفي التعدد الاعتباري بأن يقال : إن لفظ زيد مثلا من حيث إنه ~~لفظ صدر عن المتكلم دال ، ومن حيث إن شخصه ونفسه مراد مدلول. # لأنا نقول : هذا النحو من الاعتبار يطرئه بعد الاستعمال ، فلو أردنا ~~تصحيح الاستعمال بهذا النحو من التعدد يلزم الدور. # ولكن أورد في الكفاية على ما ذكره في الشق الأول بأنه يمكن أن يقال ~~بكفاية التعدد الاعتباري بين الدال والمدلول ، فيكون اللفظ باعتبار أنه لفظ ~~صادر من المتكلم دالا ، وباعتبار أنه مراد له مدلولا. # أقول : وهذا يستلزم الدور ؛ لأن وصف الدالية والمدلولية يتوقف على التعدد ~~وهو يتوقف على وصف المرادية ، ووصف المرادية مع وصف الدالية والمدلولية في ~~مرتبة واحدة ، فما يتوقف على الأول يتوقف على الثاني أيضا. ### || «فصل» # هل يمكن أن يقال زيد مجردا عن الدلالة على شيء أصلا بقصد إلقاء الموضوع ~~في عالم الخارج ويحكم على الصوت الخارجي المشتمل على «زاء» «ياء» «دال» ~~بأنه لفظ أو لا يمكن؟ توضيح المقام يحتاج إلى بيان مقدمتين. # الاولى : لا شك أن تركيب القضية لا يمكن إلا بتوسيط الذهن ، فلا بد أن ~~يكون الحمل بين ms0018 شيئين ذهنيين في طرف التقرر ؛ ضرورة اقتضاء الحمل وجود ~~شيئين بجعل PageV01P026 # أحدهما موضوعا والآخر محمولا ، وذلك يكون أبدا في الذهن ، ولا بدله من ~~الايجاد إما في ظرف الخارج أو في ظرف الذهن ليكون الحمل باعتباره ، وذلك ~~بأن نلاحظ في الذهن صورة الموضوع مجردا عن المحمول ، وصورة المحمول مجردا ~~عن الموضوع ونقطع النظر عن وصف الذهنية والتجريد ، ونحكم بأن هذين الشيئين ~~الذين هما اثنان في ظرف التقرر واحد في الخارج أو في الذهن ، فعلم أن وصف ~~تجريد كل من الموضوع والمحمول من الآخر لا بد منه في تحقق القضية وهو لا ~~يتحقق في الخارج ؛ ضرورة أنهما فيه واحد ، فالموضوعية والمحمولية وصفان ~~طارئان على الذهني في ظرف التجريد بلحاظ حكايته عن الواقع ، لا على الخارجي ~~بخارجيته، فبمجرد تحقق زيد قائم في قائم الخارج لا يتحقق القضية ما لم ترتب ~~صورتها في ذهن ذاهن. # الثانية : لا بد أن يكون الموضوع منظورا إليه بالنظر الفراغي ، يعنى يفرض ~~مفروغا عن وجوده في موطنه من خارج أو ذهن وإن لم يكن موجودا واقعا فلنفرض ~~كذلك كما في موضوع القضية الكاذبة ، ضرورة أن إثبات اللوازم والأحكام لشيء ~~فرع ثبوت هذا الشيء وبعد الفراغ عن نفسه ، فالمتكلم بالقضية المريد لإثبات ~~المحمول للموضوع يكون نظره إلى الموضوع نظرا فراغيا لا محالة ، ولا يمكن ~~إثبات شيء لشيء في غير هذا النظر ، ومفروغية كل شيء بحسبه ، ففي مثل ~~«الإنسان حيوان ناطق» أو «زيد موجود» هي مفروغية الطبيعة المقررة بحسب ظرف ~~التقرر وفي مثل «زيد قائم» هي مفروغية الوجود الخارجي ، وفي مثل «علمي ~~قليل» هي مفروغية الوجود الذهني. # إذا عرفت المقدمتان علم أن زيدا في المثال لا يكون موضوعا من جهتين ، ~~الاولى : أنه أمر خارجي ، وقد مر في المقدمة الاولى أن الخارجي لا يتصف ~~بالموضوعية ، الثانية : أنه غير متصور بالتصور الفراغي بل بالتصور المقدمي ~~للايجاد ، وهو غير كاف في الموضوع ، فلا بد أن يتصور ثانيا مفروغا عنه ، ~~فيكون هذا المتصور الثاني موضوعا. PageV01P027 # لكن في الكفاية بعد تصوير جعل شخص اللفظ موضوعا فيما ms0019 إذا كان الحكم معلقا ~~عليه من حيث الخصوصية عمم ذلك لصورتي إرادة النوع والصنف فقال : بل يمكن أن ~~يقال: إنه ليس أيضا من هذا الباب أي باب الاستعمال ، بل يكون من باب ~~الموضوع ما إذا اطلق اللفظ واريد به نوعه أو صنفه ، إلى قوله قدسسره : ~~الخامس. # وحاصل مجموع الكلام من الاستدراك وما قبله إلى أن القضايا التي حكم فيها ~~على اللفظ على قسمين ، لأنه إما أن يكون الحكم فيها ساريا إلى الفرد الذي ~~تكلم به المتكلم ، وإما أن لا يكون ساريا إليه ، فعلى الثاني كما في قولنا ~~: «ضرب فعل ماض» أو «زيد في ضرب زيد فاعل» تعين كون التكلم بالموضوع من باب ~~الاستعمال. # وعلى الأول كما في قولنا : «ضرب ثلاثي» أو «زيد في ضرب زيد لفظ» يمكن أن ~~يكون من باب الموضوع ، بأن كان المتكلم وإن أحضر شخص اللفظ للمخاطب إلا أنه ~~حكم بلحاظ الجامع ومع إلغاء الخصوصية لا بلحاظها. # ويمكن أن يكون من باب الاستعمال بأن يكون لفظ زيد في المثال مثلا مستعملا ~~في جامع «زاء ياء دال» على هذه الهيئة نوع استعمال الالفاظ في معانيها ، ~~وقد عرفت أن شخص اللفظ لا يصلح للموضوعية ؛ لكونه متصورا بالتصور الإيجادي ~~وهو غير كاف في الموضوع بل لا بد أن يتصور مفروغا عنه ، ولا فرق في ذلك بين ~~ما إذا كان الحكم معلقا على شخص اللفظ أو على الجامع. # فنقول في المقام : لا شك أن المتكلم لا بد أن يتصور الجامع قبل المحمول ، ~~فهذا الجامع المتصور يكون موضوعا ، وإيجاد اللفظ غير مرتبط به. ### || «فصل» # هل الألفاظ المفردة موضوعة بإزاء المعاني المتقررة المعراة عن الوجود ~~الخارجي والذهني أو لها بوصف كونها ملحوظة في الذهن؟ قد استدل للأول بأن ~~الثاني مستلزم لثلاثة توال فاسدة : # الأول : أن من المعلوم صحة الحمل في القضايا من دون تجريد ، وعلى هذا يتوقف PageV01P028 # صحته على التجريد ؛ ضرورة أن مفهوم زيد المقيد باللحاظ الذهني مباين ~~لمفهوم قائم المقيد به ، وكل منهما مباين للخارج ، فلا يحمل أحدهما على ~~الآخر ، ولا شيء ms0020 منهما على الخارج ، والقيد وإن كان خارجا إلا أن التقيد ~~داخل ، فصحة الحمل يتوقف على تجريد اللفظ من جزء معناه وهو التقيد باللحاظ. # الثاني : أن من المعلوم توقف الاستعمال على تصور المعنى بتمامه ، فلو ~~كانت الألفاظ موضوعة بإزاء المعاني المتصورة يلزم أن يكون الاستعمال محتاجا ~~إلى تصورين ، الأول تصور ذات المعنى للتكميل ، والثاني تصور المعنى المتصور ~~للاستعمال ، والوجدان شاهد بكفاية تصور واحد في مقام الاستعمال. # الثالث : يلزم أن يكون وضع مثل لفظ الإنسان والأسد والغنم ونحوها من ~~أسماء الأجناس عاما والموضوع له خاصا ؛ وذلك لأن المفهوم المقيد بالتصور ~~الخارجي جزئي حقيقي. # فإن قلت : إنا نأخذ التصور قيدا لكن لا بخارجيته ، بل بما هو مفهوم كسائر ~~المفاهيم له خارج وهو النفس ، وذهن وهو تصور هذا المفهوم ، وتقرر ، ومن ~~المعلوم أن ضم كلي إلى كلي آخر لا يصيره جزئيا حقيقيا ، فيكون معنى لفظ ~~الأسد مثلا هو الأسد المتصور. # قلت : منشأ هذا النزاع كون المستعمل في مقام الاستعمال محتاجا إلى التصور ~~الفعلي للمعنى فقيل بجزئية هذا التصور للمعنى ، وقيل بعدم جزئيته ، وأنت ~~إذا تسلمت عدم جزئيته فلا داعي لك إلى إدخال مفهوم من المفاهيم المتقررة في ~~المعنى لتكون دائرة المعنى بسببه مضيقا. # والجواب عن الأول أولا بالنقض بأسماء الأجناس ؛ فإنها موضوعة للجهة ~~الجامعة ، وهي عبارة عما يؤخذ من الأفراد بعد إلغاء جميع الخصوصيات ، ~~فالتجريد عن جميع الخصوصيات مأخوذ قيدا وحالا لمعنى هذه الألفاظ ، ومن ~~المعلوم أن المعنى المتصف بالتجريد يباين الخارجيات ، فكيف يصح حمله عليها؟ ~~ولو لم يكن نفس المعنى مجردا بل كان أعم بحيث لائم مع المجرد ومع غيره لوجب ~~أن يكون PageV01P029 # استعمال اللفظ في الخاص من حيث الخصوصية حقيقة ، وظاهرهم الإطباق على ~~مجازيته. # فإن قلت : فرق بين اللابشرط القسمي والبشرطلا ، وبعبارة اخرى بين عدم ~~اللحاظ ولحاظ العدم ، والمقام من قبيل الأول لا الثاني ، فالواضع لم يلاحظ ~~مع المعنى شيئا من الخصوصيات لا أنه لا خط التجريد معه. # قلت : مفهوم الرجل مثلا له ثلاثة تصورات : # الأول : تصور زيد ، فإنه تصور للرجولية المندكة ms0021 فيه ، # الثاني : تصور الرجل الأسود. # الثالث : تصور الرجل ، فإن كان الموضوع له هو المقسم لهذه الثلاثة لزم أن ~~يكون استعمال لفظ الرجل في الزيد حقيقة ، فلا بد أن يكون الموضوع له هو ~~التصور الأخير ، ولا شك أنه متقوم بالتجريد بحيث يلزم من انتفاء التجريد ~~انتفائه ، وهذا معنى القيدية. # وعلى هذا فيكون ضم الخصوصية إلى معنى لفظ الرجل كضم الحجر إليه ، غاية ~~الأمر أنه متحد مع الخصوصية في الخارج ، ومن المعلوم أن شيئا من الخارجيات ~~لا يكون متصفا بالتجريد البتة. # وكذا الكلام فيما نحن فيه ؛ فإنه إذا تصور أحد مفهوم الرجل وكان تصوره ~~طريقا وحاكيا للخارج ، وتصوره آخر وكان قيد الملحوظية ملحوظا عنده مستقلا ، ~~فإذا اطلع ثالث عليهما فكما أنه يرى الثاني مقيدا باللحاظ ، فكذا الأول بلا ~~فرق ؛ ضرورة أن الوجود الذهني كالوجود الخارجي ، فكما أن الزيد في الخارج ~~مقيد بالوجود الخارجي فكذا مفهوم الرجل أيضا في ذهن اللاحظ الأول مقيد ~~باللحاظ الذهني ، غاية الأمر أن اللاحظ الأول قد استطرق بتصوره إلى الواقع ~~ولم يأخذه موضوعا ولم يلحظه مستقلا ، والثاني قد أخذه موضوعا ولاحظه مستقلا ~~، فالواضع تعهد على أنه متى تعقل المعنى مستطرقا إلى الواقع تكلم باللفظ ~~فيصير اللفظ بذلك أمارة على تعقل المعنى كذلك ، والاستعمال عبارة عن جريه ~~على طبق تعهده ، فاللفظ حاك عن PageV01P030 # الصورة الذهنية وهي حاكية عن الخارج. # فنقول في مقام الحل : إن التصور الاستطراقي لا يراه اللاحظ مستقلا حين ~~لحاظه وإن كان ربما يلتفت إليه كالتفات العالم إلى علمه والناظر بالباصرة ~~إلى نظره ، بل يتخيل أنه ليس في البين إلا ذات المعنى ، ولهذا يقبح عنده ~~حمله على الخارجيات بخلاف الثالث الذي يرى تقيد المعنى في ذهنه باللحاظ ؛ ~~فإنه يحكم بمباينته للخارجيات ، فالواضع وضع اللفظ لمعنى يكون متحققا مع ~~تتمته في ذهن المستعمل أبدا ، لكن المستعمل حين الاستعمال لا يرى هذه ~~التتمة ، وهذا نظير ما عرفت في الحروف من أنها موضوعة لمعان لا يمكن ~~للمستعمل لحاظها مستقلا حال الاستعمال ، بل لا بد من لحاظها حالة في الغير أبدا ms0022. # فكما وضع الواضع اسم الجنس للمعنى المتصف بالتجريد ، لكن إذا قطع النظر ~~عن تجريده ولم يلاحظ قيدا ووصفا له حتى ينطبق على الخارجيات ، فكذا يمكن ~~ذلك في التصور أيضا بأن يتعهد الواضع على أنه متى تعقل هذا المعنى ولم ~~يلاحظ هذا التعقل وصفا وحالا له بل جعله طريقا للواقع تكلم بهذا اللفظ ، ~~فاتصاف المعنى بكونه موضوعا له نظير اتصاف الطبيعة بالكلية. # بيان ذلك : أن العوارض لا يعرض على الطبيعة إلا إذا وجدت إما في الخارج ~~كبرودة الماء وحرارة النار ، أو في الذهن ؛ ضرورة أن الطبيعة معراة عن جميع ~~العوارض خارج هذين العالمين ؛ لأن وجود العرض فرع وجود المعروض والطبيعة ~~خارج العالمين لا شيء ؛ إذ ليس ورائهما عالم آخر ، وهذا معنى قولهم : # «الطبيعة من حيث هي ليست إلا هي» يعني أن الماهية المهملة لا تكون كلية ~~ولا جزئية ؛ لأنها ليست بموجودة في شيء من العالمين بل هي معراة عن عرض ~~كونها ليست إلا هي أيضا. # فالتعبير به من باب ضيق العبارة ، فلا بد أن يتحقق الطبيعة في الذهن ~~مجردة عن جميع الخصوصيات حتى ينطبق على الخارجيات ، فوصف الكلية إنما يعرض ~~على الطبيعة في حال الملحوظية والتجريد بحيث لو سلب عنها هذا الحال انتفى هذا PageV01P031 # الوصف ، لكن الطبيعة الملحوظة جزئي ذهني مباين للخارجيات فلا يتصف ~~بالكلية والصدق عليها ، فلا بد أن يصير وصف الذهنية والتجريد ملغى بعد ~~ثبوته واقعا ، وبعبارة اخرى لا بد من التخلية عنه بعد التخلية به. # والجواب عن الثاني أولا : بالتكلم في مدرك هذا المطلب أعني : لزوم تصور ~~المعنى في الاستعمال فنقول : لا مدرك له سوى كلمات العلماء ، وقد جرت ~~العادة على تسمية ما يتعلق به قصد المتكلم وإرادته عند الاستعمال باسم ~~المعنى ، فالمراد بهذا اللفظ اصطلاحا بل لغة أيضا هو ما قصد من اللفظ لا ما ~~وضع له ، وتصور المعنى بهذا المعنى لازم بلا إشكال. # وثانيا : بأنه لا فرق في هذا المقام بين القولين ؛ إذ القائل الأول يقول ~~: بأن هنا مرحلتين : الاولى جعل المقابلة والاختصاص بين اللفظ وذات ms0023 المعنى ~~، والثانية استعمال اللفظ في المعنى ، وتصور المعنى لا بد منه لتحقق ~~الاستعمال فهو من مقومات الاستعمال ، وهو متأخر رتبة عن الوضع ، ولا شك أن ~~غرض كل مستعمل ومقصودة هو تصيير مخاطبه منتقلا إلى مراده بتوسط اللفظ ، ولا ~~شك أيضا أن هذا المقصود ليس مغفولا عنه في نظر المستعمل ، بل هو ملتفت إليه ~~فلزم أن يتصور علاوة على ذات المعنى وصف كونه مرادا له أيضا ، فهذا القائل ~~لا بد له من الالتزام بذلك في مقام الاستعمال ، والقائل الآخر أيضا لا ~~يلتزم بشيء أزيد من هذا حتى يوجب هذا الشيء فساد كلامه ، غاية الأمر أنه ~~يقول بأن جعل اللفظ مقابلا لذات المعنى محال ، فالوضع عبارة عن التعهد على ~~التلفظ باللفظ عند إرادة المعنى ، والاستعمال عبارة عن متابعة هذا التعهد ~~والجري على طبقه. # فإن قلت : إن القائل الأول لا يلتزم بأن مقصود المستعمل تصير مخاطبه ~~منتقلا إلى إرادة المعنى بتوسط اللفظ بل إلى ذاته. # قلت : لو كان الأمر كذلك فلم يصر المتكلم مذموما عند كذب القضية بل وجب ~~أن يكون حاله حال سائر الناس بالنسبة إلى هذه القضية ، فليس ذلك إلا ~~لموضوعية إرادته وعقده القلبي وقصد إظهاره باللفظ. PageV01P032 # والجواب عن الثالث أنه قد جرى الاصطلاح على أنه متى كان المعنى المتصور ~~حال الوضع خاصا كان كل من الوضع والموضوع له خاصا ، ومتى كان عاما فإن كان ~~تعهد الواضع على التلفظ باللفظ عند إرادة نفس العام كان كل منهما عاما ، ~~وإن كان على التلفظ به عند إرادة جزئياته كان الوضع عاما والموضوع له خاصا ~~، ولا مشاحة في الاصطلاح. # ثم إنه قد اشتهر عن الشيخ الرئيس أن الدلالة تتبع الإرادة وهو ظاهر ~~الانطباق على ما ذكرنا ؛ إذ مفاده أن الدلالة التصديقية الثانية للفظ ~~بالوضع على أن المعنى مراد للمتكلم تابعة لإرادة المتكلم للمعنى واقعا ، ~~وما نرى من الانتقال إلى المعنى من الألفاظ وإن صدرت من غير الشاعر فهو من ~~باب انس الذهن وليس من باب الدلالة ، ألا ترى أنه لو صرح واحد بأني ما ms0024 وضعت ~~اللفظ الكذائي بإزاء المعنى الكذائي وسمع منه الناس هذه القضية ينتقلون إلى ~~ذلك المعنى عند سماع ذلك اللفظ مع أن هذا ليس من باب الدلالة قطعا. # لكن في الكفاية عند توجيه هذه العبارة ما حاصله أن الدلالة على قسمين : # الدلالة التصورية أعني كون سماع اللفظ موجبا لإخطار المعنى في البال وهذه ~~هي الدلالة الثابتة للفظ بسبب الوضع ، وحيث إنها لا يتوقف على إحراز كون ~~اللافظ عاقلا شاعرا مختارا فضلا عن كونه مريدا ، بل يحصل عند صدور اللفظ من ~~الجماد أو سماعه من وراء الجدار بحيث لم يعلم أن اللافظ شاعر أم لا ، فلهذا ~~لا يمكن حمل الدلالة في العبارة على هذه. # الثانى : الدلالة التصديقية اعني : التصديق والحكم بأن المعنى مراد ~~للمتكلم وهي متوقفة على إحراز كون المتكلم شاعرا مختارا وكونه بصدد الإفادة ~~، فحينئذ يحصل التصديق بأنه مريد للمعنى بحكم العقل لا بسبب الوضع ، ~~والمراد من العبارة أن هذه الدلالة التصديقية العقلية تابعة للإرادة تبعية ~~مقام الإثبات للثبوت والكاشف للواقع المكشوف. # أقول : الوضع من حيث إنه شيء جعل الواضع نفسه في قيده إنما يناسب أن PageV01P033 # ينسب إليه الدلالة التصديقية لا التصورية ؛ إذ هي كما يحصل منه يحصل من ~~غيره أيضا ، كما لو حصل عند التلفظ بلفظ واقعة جديدة فإنه يصير موجبا ~~لصيرورة هذه الواقعة حاضرة في الذهن متى سمع هذا اللفظ ، وكما لو نادى ~~الواضع بين الناس : إنى ما وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى ، فإن هذا النداء ~~يوجب لحضور هذا المعنى في الذهن عند سماع هذا اللفظ. ### || «فصل» # لا شك أن الجمل الفارسية حيث إنها مشتملة على لفظة «است» و «نيست» الدالة ~~على النسبة فلا حاجة فيها إلى التزام وضع نوعي للهيئة ولا شخصى للمجموع ~~منها ومن المادة ، وكذا الجمل الإنشائية كاضرب زيدا ؛ إذ مفرداتها تشتمل ~~على وضع يتم به القضية ، وكذا بعض الجمل الخبرية العربية وهو ما اشتمل منها ~~على لفظة «كان وليس» وما أفاد مؤداهما. # وأما ما ليس منها كذلك كقولنا : زيد قائم فلا بد فيها من القول ms0025 بأن ~~هيئتها موضوعة للنسبة لكن نوعيا لا شخصيا (1) بأن يكون لكل هيئة قائمة بكل ~~مادة وضع على حده ؛ ضرورة أنه لا داعي إلى الثاني بعد إمكان الأول ، وكذا ~~لا حاجة بعد ثبوت الوضع للهيئة بإزاء النسبة نوعيا إلى ثبوته لمجموع الهيئة ~~والمادة بإزاء مجموع الطرفين ، والنسبة شخصيا بحيث كان كلمة زيد في قولنا : ~~زيد قائم بمنزلة الزاء في كلمة زيد ، فإن ذلك مضافا إلى لغويته يشهد وجدان ~~كل احد ببطلانه ، وكلام القائل بالوضع للمركبات محتمل لكل من هذه الثلاثة. PageV01P034 ### || «فصل» # لا شك أن فائدة الفراغ عن معنى اللفظ من أي طريق كان هو عدم حاجة المكلف ~~في مقام العمل إلى إجراء الأصل من البراءة والاحتياط ونحوهما ، فلو علم أن ~~معنى لفظ الصعيد في قوله : «فتيمموا صعيدا» هو مطلق وجه الأرض الشامل للرمل ~~والطين مثلا لم يحتج عند وجدانهما مع التراب الخالص إلى الاحتياط بالتيمم ~~به ، ولا عند وجدانهما مع فقده إلى الاحتياط بالتيمم بهما ثم القضاء بعد ~~ذلك مثلا. # ولا شك أن تبادر معنى من لفظ من حاقه بحيث علم أنه لا قرينة في البين ~~أصلا شاهد قطعي بأن استناد هذا التبادر إلى الوضع ، ضرورة عدم مناسبة بين ~~شيء من الالفاظ وبين شيء من المعانى قبل الوضع أصلا. # ثم إن هذا التبادر يكون على قسمين : # الأول : أن يكون عند العالم باللسان ويكون المستعلم هو الجاهل به كما لو ~~شاهد شخص من العجم أن شخصا من العرب قال لصاحبه : جئني بالخبز ، فأتاه ~~بالطعام المعهود فيعلم أن لفظ الخبز موضوع لجامع هذا الطعام ، وهذا القسم ~~لا إشكال فيه. # الثاني : أن يكون التبادر عند نفس المستعلم فيكون الشخص الواحد مستفتيا ~~ومجيبا معا ، وقد استشكل على هذا القسم بأنه لا شك أن تبادر المعنى من ~~اللفظ يتوقف على العلم بأنه معناه ؛ ضرورة أن الترك لا يفهم معنى اللفظ ~~العربي قطعا ، فلو كان العلم بأنه معناه متوقفا على التبادر لزم الدور. # وقد أورد إمام المشككين نظير هذا الإشكال على الشكل الأول الذي هو أوضح ~~الأشكال ms0026 ، بيان ما أورد هو أن العلم بالكبرى بكليتها متوقف على العلم ~~بالنتيجة فلا بد أولا من العلم بأن العالم مثلا حادث لأنه من أفراد المتغير ~~، فبدون العلم بحدوثه كيف يحصل العلم بأن كل متغير حادث؟ فلو كان العلم ~~بالنتيجة متوقفا على العلم بالصغرى والكبرى ونتيجة الاستدلال بهما لزم الدور. # والجواب عن هذا الإشكال في الشكل الأول بالفرق بين الموقوف والموقوف PageV01P035 # عليه بالإجمال والتفصيل ، بيانه أن استعلام وجوب إكرام زيد بالخصوص مثلا ~~من أجزاء علمه ، وأن كل عالم واجب الإكرام لا ينافيه علم المستعلم بأن كل ~~عالم واجب الإكرام ؛ لأن من الواضح أن العلم بذلك لا يتوقف على العلم بوجوب ~~إكرام كل فرد فرد من العالم تفصيلا، فالموقوف عليه هو العلم بوجوب إكرام ~~زيد إجمالا وبعنوان أنه فرد للعالم ، والموقوف هو العلم بوجوب إكرامه ~~تفصيلا وبعنوان أنه زيد. # والجواب عنه في التبادر أن ما يتوقف عليه التبادر هو العلم الارتكازي وما ~~يتوقف على التبادر هو العلم التفصيلي. # توضيح ذلك في عكس ما نحن فيه وهو ما إذ كان المعنى معلوما واللفظ غير ~~معلوم هو أنه مثلا لو فرض أن لك صديقا اسمه الحسن لكنك نسيت اسمه فلا شك ~~أنك حينئذ كلما عرضت على ذهنك لفظا غير لفظ الحسن كلفظ محمد وأحمد وعلى ~~وحسين ونحوها يأباه الذهن حتى إذا عرضت عليه لفظ الحسن يقبله سريعا ويحكم ~~بأنه اسم هذا الصديق ، فثبت أن هنا علمين ، علما ارتكازيا حاصلا قبل القبول ~~، والدليل على وجوده هو الامتناع والقبول المذكوران ، وعلما تفصيليا حاصلا ~~بعده ، فما يتوقف عليه القبول هو الأول ، وما يتوقف على القبول هو الثانى. # فنقول فيما نحن فيه مثلا : لو فرض أنك كنت من الأعراب أو مأنوسا بلغتهم ~~واستعملت لفظة الماء في كلامك مرارا غير شاك في معناه أصلا لكن عرض لك كثرة ~~المجالسة مع العجم ، وكثر التشكيك بين علمائهم فضلا عن عوامهم في بعض أقسام ~~الماء فاشتبه الأمر بسبب ذلك عليك أيضا ، فشككت أن لفظ الماء موضوع للطبيعة ~~الخاصة فيما إذا كانت خالصة ms0027 عن غيرها بالحس لا بالدقة العقلية أو لما هو ~~أعم من ذلك بحيث يشمل وقية منها فيها ربع من التراب ، فلا شك أنك حينئذ ~~كلما عرضت على ذهنك لفظا غير لفظ الماء كلفظ الحمار والفرس والشجر ونحوها ~~ليكون اسما لغير الخالص يأباه الذهن ، ومتى عرضت عليه هذا اللفظ لم يأب منه ~~، فهذا الامتناع وهذا القبول يدلان على أن لفظ الماء موضوع للأعم من الخالص ~~؛ إذا المفروض أنك كنت في السابق عالما بمعنى اللفظ بوجه صحيح. PageV01P036 # هذا فيما إذا كان الشك في أضيقية المفهوم وأوسعيته ، وكذا فيما إذا كان ~~الشك في أصل المعنى فيعرض المعاني على الذهن واحدا بعد واحد مع اللفظ ، ~~فإذا قبل الذهن واحدا منها يحكم بأنه معنى اللفظ. # هذا إذا كان جهل المستعلم مسبوقا بالعلم فيكون القبول وعدم القبول عنده ~~موجبا لحصول العلم له بمعنى اللفظ ، وليس برهانا ودليلا عقليا حتى يلزم به ~~الخصم ، وأما إذ كان جهله ابتدائيا غير مسبوق بالعلم أصلا فحينئذ لا يمكن ~~حصول التبادر عنده ، فالمقصود من التبادر الذي ذكر أنه علامة للحقيقة إنما ~~هو التبادر عند أهل اللسان لغيرهم والتبادر عند المستعلم الذي كان عالما في ~~السابق. # ثم إن أصالة الحقيقة المعبر عنها بأصالة عدم القرينة أيضا مقيدة عند الشك ~~في أن استناد التبادر إلى حاق اللفظ أو إلى القرينة ، فلو شك أعجمي عند قول ~~عربي لعربي آخر : جئني بالأسد ، وإتيانه برجل شجاع في أن لفظ الأسد موضوع ~~لمطلق الشجاع أو للحيوان المفترس واريد الرجل الشجاع بقرينة من حال أو مقال ~~قد اختفت عليه ، وبعبارة اخرى في أن استناد فهم المخاطب إلى حاق اللفظ أو ~~إلى القرينة المخفية ، فحينئذ يحكم بمقتضى أصالة الحقيقة المفروغ عن حجيتها ~~بناء العقلاء بأن هذا اللفظ موضوع للمعنى الأعم وأن استناد فهم المخاطب إلى ~~نفس اللفظ. # فإن قلت : إن القدر المتيقن من حجية هذا الأصل والمسلم من بناء العقلاء ~~على العمل به إنما هو في صورة الشك في المراد بمعنى أنه لو علم أن لفظ ~~الأسد مثلا حقيقة ms0028 في الحيوان المفترس ومجازا في الرجل الشجاع وشك في أن ~~مراد المتكلم هو الأول أو الثاني بالقرينة المخفية فحينئذ يحكم بمقتضى هذا ~~الأصل بأن المراد هو الأول ، وأما في صورة الشك في الوضع والعلم بالمراد ~~فلا يصح التمسك به ، وبالجملة أن هذا الأصل حجة في الشبهة المرادية لا في ~~الشبهة الوضعية. # قلت : قد استعمل شيخنا العلامة قدسسره نظير هذا حيث ذكر ما حاصله أنه لو ~~ورد أكرم العلماء وعلم من الخارج بأن زيدا لا يجب إكرامه ، سواء كان عالما ~~أو جاهلا وشك في أنه عالم حتى يكون العالم المذكور مخصصا ، أو ليس بعالم حتى لا PageV01P037 # يكون كذلك ، فحينئذ يحكم بمقتضى أصالة عدم التخصيص بعدم عالميته ، إلى ~~غير ذلك من الموارد المتفرقة في مكاسبه ، ويظهر من ذلك ميله قدسسره إلى ~~حجية الاصول اللفظية في غير موارد الشبهة المرادية من موارد الشبهة في ~~التصرفات اللفظية ونحوها. # ويظهر ذلك أيضا من سيدنا المرتضى قدسسره حيث إنه قائل بظهور الاستعمال في ~~الحقيقة من دون فرق بين كونه في معنى واحد أو معنيين وأكثر ، كما أن كلام ~~من قال بأن الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز ناص في عدم حجية أصالة ~~الحقيقة في غير موارد الشبهة في المراد. # وبالجملة فإن ثبت حجية الاصول اللفظية في غير مورد الشبهة المرادية فهو ~~المطلوب وإلا فحيث إن دليلها لبي ، لا بد أن يقتصر فيها على القدر المتيقن ~~منه من موارد الشبهة في المراد ، وحينئذ فتبادر المعنى من اللفظ عند العالم ~~بالوضع إنما يصلح علامة على الحقيقة للجاهل في مورد العلم باستناده إلى نفس ~~اللفظ ، وأما في مورد احتمال الاستناد إلى قرينة خفيت عليه فلا يتحقق ~~العلامة ؛ لعدم إمكان إحراز جزئها أعني ثبوت الاستناد إلى نفس اللفظ بأصالة ~~عدم القرينة. # ثم إن عدم صحة السلب علامة الحقيقة كما أن صحة السلب علامة المجاز ، ~~وإشكال الدور جار هنا ، وجوابه هو ما تقدم من الفرق بين الموقوف والموقوف ~~عليه بالإجمال والتفصيل أو بالإضافة إلى العالم والمستعلم. # ثم إنهم ذكروا الاطراد علامة للحقيقة ms0029 وعدم الاطراد علامة للمجاز ، ويحتمل ~~أن يكون المراد بالاطراد أحد معنيين : # الأول : شيوع تطبيق اللفظ على أفراد مفهوم بين أهل اللسان ، مثاله لو راى ~~هندي أن فارسيا قال لخادمه : «ببر اين چغندر را به خانه» فأطلق مفهوم لفظ ~~«چغندر» على هذا الشيء الخارجي ، فعند ذلك يحتمل هذا الهندي أن يكون هذا ~~الشيء مصداقا حقيقيا للمفهوم الحقيقي لهذا اللفظ ، وأن يكون مصداقا ادعائيا ~~له من باب الحقيقة الادعائية التي أثبته السكاكي ، وأن يكون هذا اللفظ ~~مستعملا في PageV01P038 # المفهوم المجازي بقرينة قد اختفت عليه ويكون الإطلاق باعتباره. # فإذا صبر أياما مترددا في السوق وتتبع محاورات أهله وعثر على مقدار شائع ~~كبير من هذا الإطلاق أعني إطلاق مفهوم لفظ «چغندر» على أمثال الشيء السابق ~~فلا شك أن هذا مورث للقطع بالاحتمال الأول وعدم الأخيرين ، ضرورة أن ~~الحقيقة الادعائية لو سلمت فإنما هي في مقامات يطلب فيها البلاغة كمقام ~~إنشاء الخطبة والشعر ونحوهما ، لا في مثل محاورات أهل العرف الصادرة منهم ~~في ليلهم ونهارهم المتعلقة بامور معاشهم ومعاملاتهم ونحوها. # وعدم سماع السامعة للقرينة اللفظية إنما هو في مورد أو موردين أو ثلاثة ~~أو أربعة لا في عشرة موردا ، وكذا خفاء القرينة الحالية بأن يكون متحققة ~~بنجوى بين المتخاطبين أو معهودة بينهما في السابق بحيث لم يطلع عليها ~~المتتبع إنما هو في خمسة أو ستة أو عشرة موردا لا في عشرين موردا. # وكون قرينة حالية عامة في البين بحيث كان جميع أهل البلد بأصنافهم ~~المتشتتة مطلعين عليها يتوقف على جامع كأن يأمرهم شخص نافذ الكلمة على ~~جميعهم باستعمال هذا اللفظ في معناه المجازي الفلاني بحيث صار ذلك قرينة ~~عامة يستغنى بها في استعمالات هذا اللفظ عن قرينة اخرى. ولا يخفى أن هذا من ~~الاحتمالات التي لا يعتنى بها العقلاء كاحتمال سقوط السقف. # وبالجملة ، فشأن القرينة الحالية أن يكون بين اثنين أو ثلاثة أو أربعة لا ~~بين جميع الناس ، والحاصل أنه يحصل القطع بعدم القرينة بقول مطلق بسبب شيوع ~~إطلاق مفهوم اللفظ على مصداق مفهوم ، ولازم ms0030 ذلك هو القطع بعدم المجازية. # فإن قلت : يحتمل أن يكون في البين شهرة ويكون الاستناد إليها ومع هذا ~~الاحتمال كيف نقطع بعدم المجازية. # قلت : إنا نفرض هذه العلامة في مورد كان عدم الشهرة فيه مفروغا عنه بسبب ~~كخبر مخبر صادق ، ولا محل لها بالنسبة إلى غير هذا المورد ، كما لا محل ~~للتبادر بالنسبة إلى العالم بالوضع ، وعلى هذا المعنى يكون عدم الاطراد ~~عبارة عن عدم بقاء PageV01P039 # اللفظ الذي اطلق مفهومه على مصداق مفهوم كلفظ الأسد المطلق مفهومه على ~~مصداق الرجل الشجاع في الاستعمالات المتأخرة المعثور عليها بالتتبع على ~~حاله في الاستعمال الأول، بأن ينكشف قرينته في الاستعمال الخامس أو السادس ~~أو العاشر. # الثاني : شيوع استعمال اللفظ في المعنى وعدم اختصاصه بمقام دون مقام ، ~~وهذا المعنى يختص بالحقيقة ؛ لأن المجاز سواء كان لغويا أم عقليا يحتاج إلى ~~القرينة والعلاقة التي يصح معها الاستعمال ، فاستعماله لا يطرد في جميع ~~المقامات بل في خصوص مقامات وجود العلاقة المذكورة والقرينة ، ومطلوبية ~~الفصاحة كاختصاص التأكيد في الكلام بمقامات خاصة بخلاف المعنى الأول ؛ فإنه ~~ثابت في المجاز أيضا لكنه فيه مع إدراك العلاقة المذكورة والقرنية ، وقد ~~عرفت أنه في الحقيقة كاشف عن عدم القرينة. ### || «فصل» # لا شك أن حمل اللفظ على المعنى الحقيقي ما دام ممكنا هو المتعين ، وكذا ~~سائر حالاته المطابقة للأصل ، لكن إذا دار الأمر بين حالين أو أكثر من ~~الأحوال المخالفة له فأيها مرجح؟ ذكروا وجوه ترجيح لبعضها على بعض ، لكنها ~~وجوه اعتبار لا اعتبار بها ولم يثبت حجيتها بالتعبد ، نعم إن اوجبت ظهورا ~~في اللفظ فهي متبعة وإلا فلا. ### || «فصل» # لا شك في كون ألفاظ العبادات كالصلاة والصيام والزكاة ونحوها حقيقة في ~~زماننا في معانيها الشرعية ، إنما الشك فيها في زمان الشارع ، ففيها ثلاثة ~~احتمالات : # الأول : أن يضعها الشارع بإزاء هذه المعاني بالوضع التعييني. # الثاني : أن يكون قد استعملها فيها مجازا ثم صارت بكثرة الاستعمال حقيقة ~~بالوضع التعينى ، وعلى هذا فمبدأ حصول الوضع ليس بمعلوم. # الثالث : وهو المنقول عن الباقلاني أن يكون ms0031 قد استعملها في معانيها ~~اللغوية PageV01P040 # كالصلاة في الدعاء ، والقيود الزائدة قيود للمطلوب ، ولها دوال أخر لا ~~بمسمى اللفظ ، وحصول الوضع التعييني التصريحي أعني : ما كان بلفظ وضعت ~~ونحوه من الشارع بالنسبة إلى هذه الألفاظ مما ينبغي أن يعلم بعدمه ، لا أقل ~~من كونه مستعبدا أو كون مدعي القطع به مكابرا. # نعم قد يحصل الوضع التعييني بالاستعمال كما قد يتفق في وضع الأعلام ~~الشخصية كقول الوالد : جئني بحسن مشيرا إلى المولود مريدا تسميته بهذا ~~الإسم بهذا الاستعمال ، ويحتاج هذا الاستعمال إلى القرينة لكن لا كقرينة ~~المجاز ، بل لإفهام أن المتكلم واضع للفظ بإزاء المعنى كالإشارة إلى ~~المولود في المثال ، فهذا القسم من التعييني وإن كان لا يمكن إدعاء الجزم ~~بصدوره من الشارع في هذه الألفاظ لكنه غير مستبعد. # ثم إن في الكفاية تصريحا بأن هذا الاستعمال ليس بحقيقة ولا مجاز ، أما ~~عدم المجازية فلأنه ربما لا يكون للفظ معنى حقيقي ، وعلى فرضه فالعلاقة ~~بينه وبين المستعمل فيه غير ملحوظة ، وأما عدم كونه حقيقة فلأن المتكلم ~~قاصد إحداث الوضع بهذا الاستعمال ، فلا وجود للوضع حين الاستعمال حتى يكون ~~في الموضوع له ولا ضير في التزام ذلك ؛ إذا لمناط في صحة الاستعمال هو قبول ~~الطبع وهو موجود في المقام. # لكن يمكن أن يقال بأن الوضع الذي هو أمر نفسي قد حصل في نفس المتكلم قبل ~~الاستعمال ، غاية الأمر أنه أظهره بالاستعمال ، فهذا الاستعمال كاشف عن كون ~~المعنى موضوعا له للفظ بحسب الجعل القلبي ، واستعمال في الموضوع له معا ~~نظير قول ذي الخيار : بعت قبل قوله : فسخت ؛ فإنه كاشف عن أمرين طوليين : ~~انتقال المال من المشتري الأول إلى البائع ، وانتقاله من البائع إلى ~~المشتري الثاني ، فيكون البيع واقعا في ملك نفسه ، بل المقام أولى بالجواز ~~؛ لأن الفسخ القلبي بمجرده لا يكفي في التمليك ، بل للكاشف موضوعية ومدخلية ~~في التأثير بخلاف الوضع ؛ فإنه يتحقق بمجرد الجعل القلبي من دون توقف على ~~الكاشف. PageV01P041 # هذا على المختار من كون الألفاظ الإنشائية كاشفة عن معانيها ، وأما على ~~القول ms0032 بكونها مولدة لها فالاستعمال المذكور مولد للوضع فلا تحقق للوضع حينه ~~، فيتم ما ذكره قدسسره . # ثم إن في الكفاية أيضا ما معناه أنه على تقدير عدم كون هذه المعاني ~~مستحدثة في شرعنا وثبوتها في الشرائع السابقة كما هو قضية قوله تعالى : ( ~~@QUR@06 وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) وقوله تعالى : ( @QUR@09 كتب ~~عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) # وقوله تعالى : ( @QUR@04 وأذن في الناس بالحج ) فالفاظها حقايق لغوية لا ~~شرعية ولا يضر اختلافها في الكيفيات بحسب الشرائع ؛ لكونه اختلافا في ~~المصاديق لا في الماهيات ، نظير اختلاف الصلاة بحسب الحالات في شرعنا. # وأنت خبير بأن الآيات وإن كانت تدل على ثبوت هذه الحقائق في الشرائع ~~السابقة ، لكنها لا تدل على كون هذه الألفاظ الخاصة أسماء لها في تلك ~~الأزمنة بلسان العرب ؛ فإنها حكاية معان بألفاظ دالة على تلك المعاني في ~~عرف المخاطب بهذا الكلام ، فلا تدل على كونها دالة على تلك المعاني في ~~العرف السابق وهذا واضح ، نعم الثابت على هذا أنه كانت لهذه الحقائق في تلك ~~الأزمنة ألفاظ يعبرون بها عنها ، وأما أنها كانت مجازات أو حقائق ، وأنها ~~كانت هذه الألفاظ الخاصة أو غيرها فليس بمعلوم. # فمن الممكن أن كان لها ألفاظ آخر ثم صارت في زمان الجاهلية مهجورة فيه ، ~~فهذا لا ينفع في نفي الحقيقة الشرعية وإثبات الحقيقة اللغوية ، وإنما ينفع ~~في رد من جزم بثبوت الحقيقة الشرعية. # ثم لا يخفى أنه لا يمكن الجزم بثبوت الحقيقة الشرعية ولا بعدمه ، بل ~~يحتمل أن يكون هذه الألفاظ حقائق لغوية أو شرعية إما بالوضع الاستعمالي أو ~~التعييني أو مجازات شرعية وحقائق متشرعة. # وتظهر ثمرة الثبوت وعدمه فيما إذ اوردت هذه الألفاظ في كلام الشارع مجردة PageV01P042 # عن القرينة ، فعلى الثاني يحمل على حقائقها اللغوية ، وعلى الأول يحمل ~~على معانيها الشرعية فيما إذا علم تأخر الاستعمال من النقل ، وعلى معانيها ~~اللغوية في صورة العكس ، ولا كلام في ذلك. # إنما الكلام في صورة الجهل بتاريخ النقل والاستعمال أو تاريخ أحدهما ، ~~وينبغي التكلم أولا في حكم ms0033 مطلق الحادثين المجهول تاريخ كليهما أو تاريخ ~~أحدهما. # ومجمل الكلام فيه أنه لو لم يكن لوجود أحد الحادثين قبل الآخر أو بعده ~~أثر شرعي فلا مجرى للأصل في أحدهما ، ولو كان في البين أثر شرعي وكان ~~موضوعه الوجود الخاص أعني وجود أحدهما المقيد بكونه قبل وجود الآخر أو بعده ~~فحينئذ وإن كان استصحاب عدم كل واحد وجره إلى زمان حدوث الآخر يثبت قبلية ~~وجود الآخر ، لكنه بالنسبة إلى الأثر الشرعي المترتب على وجود الآخر أصل ~~مثبت لا نقول باعتباره. # سلمنا ، لكنه معارض بأصالة عدم هذا الوجود الخاص ، فصور الجهل بالتاريخ ~~في هذا الفرض أعني فرض كون الموضوع هو الوجود الخاص على وجه التقييد لا أصل ~~فيها جاريا بلا معارض. # فنفرض الكلام فيما إذا كان الموضوع هو الوجود والعدم على وجه التركيب كما ~~إذا قال المولى : إذا لاقى الماء في حال عدم الكرية نجسا صار نجسا ، فجعل ~~موضوع النجاسة وجود الملاقاة في ظرف عدم الكرية ، وحينئذ فإن جهل تاريخ ~~أحدهما وعلم تاريخ الآخر فيجر استصحاب عدم المجهول التاريخ إلى زمان حدوث ~~المعلوم التاريخ ، كما لو علم بحدوث ملاقاة الماء للنجاسة في أول طلوع ~~الشمس ، وشك في أول زمان حدوث كريته ، بل هو قبل ذلك حتى يكون طاهرا ، أو ~~بعده حتى يكون نجسا ، فيجر استصحاب عدم كريته إلى أول طلوع الشمس فيصير أحد ~~جزئي الموضوع متحققا بالوجدان وهو وجود الملاقاة والآخر بالأصل وهو عدم ~~الكرية ، فهذا الأصل صحيح لأن له أثرا شرعيا وهو النجاسة ، إذ المفروض أنها ~~مترتبة على عدم الكرية ووجود الملاقاة معا ، فيكون أصلا موضوعيا يحرز به ~~موضوع الحكم و PageV01P043 # ليس له معارض ؛ إذ لا أصل في طرف الملاقاة حتى يعارضه ؛ لأن عدم الملاقاة ~~إلى ما قبل الطلوع متيقن كحدوثه من حينه ، فليس فيه شك حتى يجرى فيه ~~الاستصحاب. # وإن جهل تاريخ كليهما فذهب شيخنا العلامة قدس سره في رسائله إلى أن أصلي ~~عدم كل واحد إلى زمان حدوث الآخر يتعارضان فيتساقطان ، كما لو وجد عذرة في ~~الماء وكان كرا ms0034 في زمان الوجدان بعد ما لم يكن ، فشك في تقدم كل واحد من ~~حدوثي الملاقاة والكرية على الآخر ، فاصالة عدم الكرية إلى زمان حدوث ~~الملاقاة يقتضي النجاسة ، وأصالة عدم الملاقاة إلى زمان حدوث الكرية يقتضي ~~الطهارة فيتساقطان. # لكن يمكن أن يقال بأن الاستصحاب لا مورد له في هذه الصورة ولو مع قطع ~~النظر عن وجود المعارض ؛ لأنه لو فرض أن أول زمان القطع بمطلق وجود ~~الملاقاة والكرية هو أول طلوع الشمس بحيث احتمل أن يكون وجود الملاقاة فيه ~~حدوثا ووجود الكرية بقاء ، وأن يكون العكس ، وأن يكون وجود كليهما فيه على ~~وجه الحدوث ، فحينئذ فإن كان زمان حدوث الملاقاة الذي يجر إليه استصحاب عدم ~~الكرية أول الطلوع ، فاستصحاب عدم الكرية غير داخل في قوله : «لا تنقض الخ» ~~؛ لأن نقض يقين عدم الكرية بوجودها بالنسبة إلى هذا الزمان نقض اليقين ~~باليقين لا بالشك ؛ إذ المفروض تيقن وجود الكرية في أول الطلوع. # نعم إن كان زمان حدوث الملاقاة ما قبل الطلوع فاستصحاب عدم الكرية ~~المجرور إليه يشمله «لا تنقض» ؛ لأن وجود الكرية بالنسبة إلى ما قبل الطلوع ~~مشكوك ، فنقض عدمه المتيقن بوجوده المشكوك فيما قبل الطلوع نقض اليقين بالشك. # والحاصل أن نقض عدم الكرية بوجودها إلى زمان الحدوث الواقعي للملاقاة ~~المحتمل كونه أول الطلوع المتيقن فيه وجود الكرية من الشبهات المصداقية ~~لنقض اليقين بالشك ، فلا يمكن التمسك على حرمته ووجوب الاستصحاب بالنهي عن ~~نقض اليقين بالشك. PageV01P044 # نعم استصحاب عدم الكرية إلى الزمان المتصل بأول الطلوع يكون من أفراد عدم ~~نقض اليقين بالشك لكن لا أثر له ؛ لأن موضوع النجاسة ليس عدم الكرية السابق ~~على وجود الملاقاة متصلا به ، بل عدم الكرية ووجود الملاقاة الذين يجمعهما ~~زمان واحد ، وهذا منتف في المقام ؛ فإن عدم الكرية وإن احرز بالأصل إلى ما ~~قبل الطلوع لكن وجود الملاقاة مقارنا له في واحد من أزمنة ما قبل الطلوع ~~غير محرز ، فعلم أن الأصل في مجهولى التاريخ غير جار ، إما لكونه من الشبهة ~~المصداقية وإما لكونه بلا أثر ms0035. # فنقول : إن الحادثين في المقام وهما النقل والاستعمال لا مجرى فيهما ~~للأصل الشرعي الذي هو مفاد «لا تنقض» حتى في صورة الجهل بتاريخ أحدهما ؛ ~~فإنه لا مدخلية للاستعمال في موضوع الحكم الشرعي وإنما هو لمجرد الكشف ~~والحكاية ، وما هو موضوع للآثار هو نفس المعاني سواء استعمل اللفظ فيها أم ~~لا ، ومفاد «لا تنقض» لا يشمل أزيد من نفس الأحكام وموضوعاتها ، وفي المقام ~~لو كان تاريخ الاستعمال معلوما وجهل تاريخ النقل فاستصحاب عدم النقل إلى ~~زمان الاستعمال يثبت قبلية الاستعمال ، وهي تفيد كون الاستعمال في المعنى ~~اللغوي ، فينتهي بواسطتين إلى نفس المعنى الذي هو موضوع الأثر الشرعي ، ~~وكذا النقل أيضا ليس موضوعا لأثر شرعي. # نعم الأصل العقلائي حيث إن مثبته حجة يمكن التمسك به في المقام بناء على ~~أن خصوص أصالة عدم النقل من الاصول العقلائية ، ووجه حجية الأصل المثبت ~~العقلائي أن الاصول العقلائية إنما هي حجة من باب الطريقية والكاشفية ~~النوعية وإفادة الظن النوعي ، ففي موارد احتمال وجود القرينة على المعنى ~~المجازي مثلا لا يعتنى نوع العقلاء بهذا الاحتمال لضعفه وقوة احتمال عدم ~~القرينة لكثرة عدمها وندرة وجودها ، فحجية أصالة عدم القرينة من باب الظهور ~~النوعي للفظ في المعنى الحقيقى ، فإذا وجد هذا المقدار من الكشف وهذه ~~المرتبة من الظن في موارد هذه الاصول في الملزوم يوجد هذا الظن والكشف ~~بعينه في جميع لوازمه حتى ما كان منها بوسائط PageV01P045 # كثيرة ، فلا بد أن يعامل معه معاملة العلم في اللازم كما عومل ذلك معه في ~~الملزوم بلا فرق. # ويجري هذا الكلام فيما اعتبره الشارع أيضا من باب الطريقية كالبينة ، ~~فكما يثبت بها المخبر به فكذا جميع لوازمه. # فأصالة عدم النقل في ما إذا جهل تاريخه سواء علم بتاريخ الاستعمال أم لا ~~على هذا يفيد ظهور اللفظ في المعنى اللغوي ولا معارض لها ، أما في صورة ~~العلم بتاريخ الاستعمال فواضح ؛ إذ لا أصل في طرفه مع العلم ، وأما في صورة ~~الجهل به فلعدم الأصل الثابت الحجية في طرفه لا شرعيا ولا عقليا ms0036 كما مر. # وبناء العقلاء على العمل بهذا الأصل في الجملة مسلم ، ولكن لو شك في أن ~~بنائهم مختص بصورة الشك في أصل النقل أو يعم صورة الشك في تأخره مع العلم ~~بأصله فلا ينفع هذا الأصل أيضا في المقام ، لكن احتمال الاختصاص بعيد ؛ ~~لظهور أن بنائهم على عدم النقل من جهة أن الوضع السابق عندهم حجة فلا ~~يرفعون اليد عنها إلا بعد العلم بالوضع الثاني. # هذا كله في طرف النقل ، وأما الاستعمال فليس فيه أصل عقلائي أصلا. ### || «فصل» # قد اختلف في كون ألفاظ العبادات موضوعة للصحيحة أو للأعم منها ومن ~~الفاسدة؟ وتصوير هذا النزاع على القول بثبوت الحقيقة الشرعية واضح ؛ فإنه ~~يقع النزاع حينئذ في أن المعنى المنقول إليه هل هو خصوص الصحيح أو الأعم ، ~~وأما على عدم الثبوت فأصل الاستعمال في خصوص الصحيح وفي الأعم مسلم ، فيمكن ~~النزاع حينئذ في أنه هل يكون في البين قرينة منضبطة عامة غير محتاجة إلى ~~التصريح بها في كل مورد مورد على تعيين أحد من المعنيين بحيث يحمل اللفظ ~~بعد العلم بعدم إرادة المعنى اللغوي على هذا الأحد إلى أن يعلم بإرادة الآخر. # ويمكن تصوير النزاع أيضا على قول الباقلاني في أن القرينة المنضبطة العامة PageV01P046 # المفهمة للخصوصيات الزائدة على المعنى اللغوي كالانصراف الإطلاقي المفهم ~~للخصوصية الزائدة على الطبيعة هل تحققت ولو بعد مدة يحصل الشهرة المولدة ~~للانصراف فيها على تمام الأجزاء والشرائط أو على الأعم. # والعمدة في هذا المبحث تصوير الجامع بين أفراد كل من عنواني الصحيح ~~والأعم قبل الشروع في النزاع ؛ فإن المقصود إثبات الاشتراك المعنوي بين ~~أفراد الصحيح أو الأعم لا اللفظي. # فنقول : لا يكاد يمكن تصوير الجامع المركب بين الأفراد الصحيحة ؛ فإن ~~أفراد الصلاة مثلا ذات قيود متقابله ، فبعضها ثنائية ليس إلا بحيث لو زيد ~~ركعة لبطل ، وبعضها ثلاثية كذلك ، وبعضها رباعية كذلك ، وشأن الجامع أن ~~يكون مجردا عن جميع الخصوصيات ، فإذا قطع النظر عنها في المقام بقي ركعتان ~~لا بشرط مثلا ، وهذا قد ينطبق على الصلاة الصحيحة كصلاة الصبح ms0037 والمسافر ، ~~وقد ينطبق على الفاسدة كصلاة الظهر للحاضر إذا سلم على الثانية عالما ، أو ~~الصبح إذا سلم على الثالثة أو الرابعة كذلك. # وأما الجامع البسيط فيمكن تصويره ؛ لإمكان أن يكون بين أفعال مختلفة ~~مقيدة بقيود متضادة بالإضافة إلى فاعلين مختلفين كالصلوات المختلفة المقيدة ~~بعضها بالقيام وبعضها بالقعود وبعضها بالزيارة على الركعتين وبعضها بعدمها ~~في حق المختار والمضطر والحاضر والمسافر جامع واحد ، ولا ضير في الالتزام ~~به في المقام بعد وجدانه في نظيره ؛ فإن التعظيم يختلف الحال فيه بالاضافة ~~إلى الفاعلين ، فبالإضافة إلى فاعل لا يحصل إلا بالقيام وبالإضافة إلى آخر ~~لا يحصل إلا بالقعود ، وبالإضافة إلى ثالث لا يحصل إلا بالاضطجاع ؛ فإن ~~المريض الذي يشق عليه القيام أو القعود يعدان في حقه تكلفا زائدا لا تعظيما ~~، وبالإضافة إلى رابع لا يحصل إلا بحط الظهر وهكذا ، بل الالتزام بذلك في ~~المقام متعين ؛ إذ اشتراك تلك المتشتتات في الأثر الواحد يقتضي أن يكون ~~منتهية إلى جامع واحد يستند هذا الأثر إليه بناء على ما قرر في المعقول من ~~أن الواحد لا يصدر إلا من الواحد ، ولا ضير في عدم معرفتها PageV01P047 # بحقيقة هذا الجامع بعد إمكان الإشارة إليه بخواصه وآثاره كوصف كونه ناهيا ~~عن الفحشاء ونحوه. # لكن يرد عليه إشكالان : # الأول : أنه مخالف لظواهر الأخبار المشتملة على أن الصلاة أولها التكبير ~~وآخرها التسليم ، وللمركوز في أذهان المتشرعة من أن الصلاة اسم للمجموع ~~المركب من الأفعال الخاصة لا لعنوان بسيط منتزع عنها. # الثاني : إنه يستلزم أن يكون الصحيحي عند الشك في جزئية شيء أو شرطيته ~~قائلا بالاحتياط مع أن المشهور القائلين بالوضع للصحيح قائلون بالبراءة ، ~~بيان الملازمة أنه على هذا ليس مورد الأمر هو المركب حتى يعتذر العبد عند ~~مولاه عن عدم الإتيان بالجزء أو الشرط المشكوكين بأني وقفت على وجوب هذا ~~المقدار وقد اتيت به ، وشككت في وجوب الباقي ، فالعقاب عليه عقاب بلا بيان ~~، بل مورده شيء وحداني بسيط ، غاية الأمر أن محصله هو المركب ، فالمأمور به ~~دائر بين الوجود والعدم ، فالمكلف ما ms0038 لم يأت بجميع المحتملات لم يعلم بأنه ~~أتى بالمأمور به أو لا ، وليس له مقدار حتى يقول : بأنى قد أتيت بالقدر ~~الذي علمت وجوبه ، والباقي لم أعرف وجوبه. # ورد هذا الإشكال في الكفاية بالفرق بين ما إذا كان المأمور به أمرا بسيطا ~~مسببا عن المركب ، وبين ما إذا كان أمرا بسيطا منتزعا عنه وتكون المركبات ~~أفرادا له ، ففي الأول يكون الحال كما ذكر ، كما في الطهارة المسببة عن ~~الغسلتين والمسحتين ، فلو شك في أن الغسل من الأعلى إلى الأسفل له دخل في ~~السبب المحصل للطهارة يجب الإتيان به لما ذكر ، وفي الثاني ينحل الأمر ~~بالعنوان البسيط إلى الأمر بأفراده ، ففي الحقيقة يتعلق الأمر بالمركبات ، ~~فيكون حاله كما إذا تعلق الأمر بالمركب ابتداء. # ويمكن أن يقال : إنه فرق بين ما إذا كان مركب الأمر هو المركب ابتداء ، ~~وبين ما إذا كان هو العنوان المنطبق عليه ، ففي الأول لعله يمكن أن يقول ~~العبد : إن المقدار المعلوم وجوبه قد أتيته والزائد كان مشكوك الوجوب ، ولم ~~يكن أمر آخر وراء PageV01P048 # المركب مطلوبا بالفرض ، وأما في الثاني فالحجة بين العبد ومولاه وما هو ~~مؤاخذ ومسئول عن فعله وتركه هو العنوان لا المركب ، فيجب بحكم العقل أن لا ~~يكتفي بالمقدار المعلوم بل يأتي بمقدار علم أنه فرد للعنوان ، فالأمر ~~الانحلالي يتعلق بالمركب بعنوان أنه فرد لهذا العنوان. # فهنا أمر آخر وراء المركب يجب إحرازه وهو كونه فردا للعنوان ، ألا ترى ~~أنه لو قال المولى اشرب السكنجبين لم يكن له السؤال إلا عن شرب السكنجبين ، ~~فلو شرب جرعة وشك في وجوب الجرعة الثانية فتركها فتبين دخلها في الغرض كان ~~له الاعتذار بأني لم أعرف وجوبها ، وأما لو قال : اشرب مزيل الصفراء فحينئذ ~~لا يسأل عن شرب السكنجبين ، بل عن شرب المزيل للصفراء فهل يرتبط بهذا ~~السؤال قوله : إنى لم أعرف وجوب الجرعة الثانية إذا تبين دخلها في الإزالة. # وأما تصوير الجامع على قول الأعمي فقد عده في الكفاية في غاية الإشكال ، ~~وحاصل ما يرد عليه من الإشكال ms0039 أنه لا شك أن أجزاء الصلاة مثلا أشياء ~~متباينة فلا بد أن يضم الواضع بعضها إلى بعض في اللحاظ ويلاحظ المجموع شيئا ~~واحدا ويضع اللفظ بإزائه ، فهذا المجموع الملحوظ بلحاظ واحد إما أن يكون ~~تمام الأجزاء أو البعض ، ويكون الباقي أجزاء للمأمور به دون المسمى ، فإن ~~كان الأول لزم أن لا يكون الصلاة بلا ركوع صلاة عند الأعمي وهو مقطوع العدم ~~، وإن كان الثاني فالبعض إما أن يكون بعضا معينا كأن يعين من بين أجزاء ~~الصلاة الأركان المخصوصة مثلا فيرد عليه إشكالان : # الأول : يلزم أن تكون الصلاة التامة الأجزاء مركبة من الصلاة وغيرها لا ~~أن يكون تمامها الصلاة ولا يلتزم به الأعمي ، ودعوى أن اعتبار الأركان لا ~~بشرط يدفع هذا ، مدفوعة بأن معنى كونها لا بشرط أن لا ينافي وصف موضوعيتها ~~وجود بقية الأجزاء ، لا أن يكون الموضوع له على تقدير وجود البقية هو ~~المجموع ، ألا ترى أن المعجون المركب من الترياق وغيره المحصل لغرض واحد لا ~~يطلق اسم الترياق إلا على جزئه المخصوص دون المجموع. PageV01P049 # الثاني : يلزم أن لا تكون الصلاة الفاقدة لبعض الأركان الواجدة لسائر ~~الأجزاء أو أكثرها صلاة ، والأعمي غير ملتزم به أيضا. # وإما أن يكون بعضا مرددا كأن يضع لفظ الصلاة بإزاء خمسة أجزاء مرددة بين ~~خمسة عشر جزء ، وهذا مضافا إلى أنه يستلزم أن يكون جزءا داخلا في المسمى ~~تارة وخارجا عنه اخرى ، بل مرددا بين أن يكون داخلا وأن يكون خارجا فيما ~~إذا كانت الصلاة واجدة لتمام الأجزاء ، وهو من الركاكة بمكان يرد عليه ~~الإشكال الأول من الإشكالين. # وأما الشرائط فليس حالها حال الأجزاء ؛ إذ لو فرض الفراغ من جهتها وكون ~~عشرة أجزاء صلاة ، فلا يفرق الحال فيها بين أن تكون مستقبلة أولا ، فلا ~~يصير العشرة بالاستقبال أحد عشر ، فلا يستلزم إخراج الشرط عن المسمى أن ~~تكون الصلاة معه صلاة مع الزيادة. # ويمكن أن يقال : إنه لا شك أن أفعالا متعددة إذا اتي بها لغرض واحد ~~كتصحيح المزاج كعمل الزورخانه يطرأ عليها وحدة اعتبارية ms0040 ، ولهذا إذا أتى ~~بعدة منها ولم يأت بالباقي يقول : قد أوصلت شغلي إلى النصف ، كما أنه إذا ~~أتى بتمامها يقول : قد أتممت شغلي ، مع أن ما أتى به ليس شيء منه منصفا ، ~~والباقي لم يأت به أصلا ، فلو لم يكن وحدة لم يصح ذلك ، وكما أن الوحدة ~~الحقيقية الشخصية الموضوع لها الأعلام الشخصية ويعبر عنها بالمادة لا تنثلم ~~بكثرة اختلاف الحالات من الطول والقصر وزيادة جزء ونقيصة وتغيير شكل ونحوها ~~، بل هي باقية في جميعها ، وتلك الحالات كيفيات وصور يطرأ عليها على ~~التبادل ، فكذا هذه الوحدة الاعتبارية أيضا محفوظة في جميع الحالات من حالة ~~الإتيان بفعل واحد من تلك الأفعال إلى أن يكمل تمامها ، لكن مع إحراز الغرض ~~في الجميع بأن يكون داعي الفاعل في الجميع هو الغرض الواحد ، فهذه الوحدة ~~بمنزلة المادة في الأشخاص ، وهذه الاختلافات بمنزلة الصور الطارئة عليها. # فنقول : لا شك أن الأعمي يتسلم أنه إذا أتى بكل فعل من أفعال الصلاة لغرض PageV01P050 # لم يكن ذلك بصلاة ، فيبقى الصور المختلفة غاية الاختلاف في الكيفية ~~المتحدة في الغرض ، فيكون فيها وحدة اعتبارية ناشئة من جهة وحدة الغرض ، ~~وهي محفوظة في جميع تلك الصور، فهذه الوحدة معروضة للصحة والفساد والتمام ~~والنقص ، لكن ليس الغرض الواحد مطلقا كافيا ؛ فإن الإتيان بأفعال الصلاة ~~بغرض واحد مثل تحليل الغذاء أو بغرض السخرية والاستهزاء ، كما لو اجتمع ~~جماعة من الكفار فأقاموا الصلاة جماعة استهزاء بأهل الإسلام ، فلا يصدق اسم ~~الصلاة في العربية و (نماز) في الفارسية على هاتين ، فليس في البين سوى ~~المركب ، غاية الأمر أنه لم يلحظ على نحو التفصيل ، بل على نحو الإجمال ~~والبساطة ، بخلاف الجامع البسيط على قول الصحيحي فإنه أمر منتزع عن المركب. # بل يمكن إدعاء أن وجود الجامع بين الصحيح والفاسد بديهي ، ألا ترى صحة ~~التقسيم إليها ، فيقال : الصلاة إما صحيحة وإما فاسدة ؛ فإنه وإن سلمنا ~~كونه من باب التقسيم إلى الحقيقة والمجاز ، لكنه لا يتصور بدون وجود مقسم ~~جامع بين القسمين ، وأيضا فالصحيحي يتسلم أن استعمال هذه ms0041 الألفاظ في الفاسد ~~صحيح مجازا ، ولا شك أنه لا بد أن يكون بين الحقيقة والمجاز جهة جامعة يعبر ~~عنها بالعلاقة ، كالشجاعة الجامعة بين الأسد والرجل الشجاع ، والأعمي يقول ~~بأن هذه الجهة الجامعة هي مسمى اللفظ. # وكيف كان فهل الأمارات المميزة للحقيقة عن المجاز من التبادر وعدم صحة ~~السلب مؤدية إلى الوضع للصحيح أو الأعم؟ الكلام في ذلك أنه من المعلوم أن ~~المنسبق إلى أذهان المتشرعة من لفظ الصلاة مثلا هو المركب من الأفعال ~~المخصوصة ، لا العنوان البسيط المنتزع عنها ، وقد عرفت أن الجامع المركب لا ~~وجود له بين الأفراد الصحيحة ، فيكون هذا التبادر شاهدا للأعمي ، وأيضا من ~~المعلوم بالرجوع إلى الوجدان أن سلب الصلاة عن الفاسدة يحتاج إلى العناية ~~وليس كسلب الحجر عن الإنسان بل كسلب الإنسان عن البليد ، فظهر أن التبادر ~~وعدم صحة السلب كلاهما مع الأعمي وإن استدل بهما للصحيحي ، وهما العمدة في ~~أدلة الطرفين ، و PageV01P051 # سائر ما ذكروه غير خال عن الخدشة. # منها ما ذكر في الكفاية دليلا على قول الصحيحي من مثل «الصلاة عمود ~~الدين» أو «معراج المؤمن» و «الصوم جنة من النار» مما ظاهره تعليق الآثار ~~على المسميات ، فإن ظاهره بحكم عكس النقيض أن كل ما ليس بعمود وجنة فليس ~~بصلاة وصوم ، ومن المعلوم أن الفاسدة ليس كذلك ؛ فإن من المعلوم ابتناء هذا ~~الاستدلال على كون وجود الإطلاق في هذه القضايا وابتناء ذلك على كونها ~~واردة في مقام البيان وهو ممنوع ؛ إذ من الواضح أنها واردة في مقام الإهمال ~~، نظير قول الطبيب : الدواء الفلاني نافع للداء الفلاني ، فالمقصود بها ~~بيان حكم الطبيعة في قبال الطبائع الأخر ، فيكون المعنى أن الصلاة لا غيرها ~~من العبادات عمود الدين ، وليست في مقام بيان أزيد من ذلك حتى يكون لها إطلاق. # ومنها : الاستدلال للأعمي بقوله عليه السلام : بني الإسلام على الخمس ، ~~الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية ، ولم يناد أحد بشيء كما نودي ~~بالولاية ، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه ، فلو أن أحدا صام نهاره ، وقام ~~ليله ومات بغير ولاية لم ms0042 يقبل له صوم ولا صلاة. # حيث استعمل لفظ الأربع في قوله : فأخذ الناس بأربع ، وكذا لفظ صام في ~~قوله : فلو أن أحدا صام في الفاسدة ، لفساد عبادات منكري الولاية ، والأصل ~~في الاستعمال الحقيقة ، وفيه أن الاستعمال أعم من الحقيقة ، والمتيقن من ~~مورد أصالة الحقيقة هو الشبهة المرادية. # ومنها الاستدلال له أيضا بقوله عليه السلام : دعي الصلاة أيام أقرائك ، ~~فإن لفظ الصلاة مستعملة في الفاسدة لعدم قدرة الحائض على الصحيحة ، وفيه مع ~~ما عرفت أن المجاز هنا لازم على كلا القولين ، أما على القول الصحيحي فواضح ~~، وأما على قول الأعمي فلأن لفظ الصلاة مستعملة في خصوص الفاسد من جهة ~~اختلال شرط الطهارة من الحيض ؛ لظهور أن الصلاة الفاسدة من غير هذه الجهة ~~أيضا غير PageV01P052 # منهي عنها في حق الحائض ، فيكون من باب استعمال لفظ العام في الخاص. # ودعوى أن الفساد من هذه الجهة إنما جاء من قبل هذا النهي فهو متأخر عنه ~~فكيف يؤخذ فى موضوعه ، مدفوعة بأن النهي كاشف عن الفساد الواقعي الغير ~~المعلوم لنا قبل وروده لا محدث له حتى يرد ما ذكر. # ومنها الاستدلال له أيضا بأنه لو نذر أن لا يصلي في الحمام لزم على قول ~~الصحيحي أن لا يحنث بالصلاة فيه ؛ لأن متعلق النذر هو الصلاة الصحيحة ، ~~والصلاة فيه بعد هذا النذر فاسدة لتعلق النهي بها ، فلم يحصل منه مخالفة ~~النذر ، وأيضا يلزم من فسادها صحتها وبالعكس ؛ لأن فسادها إنما جاء من قبل ~~حصول الحنث بها ، فإذا لم يحنث بها تكون صحيحة ؛ لأنها صلاة تامة الأجزاء ~~والشرائط ولم يحصل بها حنث النذر ، فيلزم من صحتها حصول الحنث بها فتكون ~~فاسدة وهكذا ، والأعمي سالم من المحذورين كما هو واضح. # أقول : الفروع الوارد عليها إشكال لزوم الوجود من العدم وبالعكس كثيرة. # منها : ما لو أذن مالك الماء لغيره في التصرف فيه كيفما شاء واستثنى رفع ~~الجنابة به ونهى عنه ، فحينئذ لو اغتسل المأذون في هذا الماء عن جنابة بطل ~~غسله لتعلق نهي الشارع به تبعا لنهي المالك فلا ms0043 يحصل به الرفع ، فإذا لم ~~يحصل به الرفع والمفروض أن الفساد إنما جاء من قبل حصول الرفع يكون صحيحا ~~فيحصل به الرفع فيكون فاسدا ، وهكذا يلزم من عدم حصول الرفع حصوله ومن عدم ~~صحة الغسل صحته وبالعكس. # ومنها : ما لو كان عليه قضاء خمسة أيام مثلا من رمضان وقلنا بعدم جواز ~~تأخير قضاء شهر رمضان إلى رمضان الآتي فبقي ما بينه وبين رمضان خمسة أيام ~~فسافر وقلنا بعدم صحة الصوم في السفر ، فإن السفر حينئذ مفوت للواجب المضيق ~~فيكون سفر المعصية فيجوز فيه الصوم فلا يلزم تفويت ، فإذا لم يلزم تفويت ~~والمفروض أن حرمة السفر إنما جاء من قبله كان السفر مباحا فلا يصح فيه ~~الصوم فيلزم التفويت فيكون السفر حراما ، وهكذا يلزم من عدم صحة الصوم صحته ، و PageV01P053 # من لزوم التفويت عدم لزومه ، ومن حرمة السفر عدم حرمته وبالعكس. # والجواب أما عن الأول فبأن لفظ الصلاة عند الصحيحي موضوع للصحيح بمعنى ~~المشتمل على تمام الأجزاء والشرائط ، والصحة بهذا المعنى لا ينافيها الفساد ~~العارضي من جهة النذر أو نهي الوالد مثلا ، والدليل على أن مرادهم بالصحة ~~هذا المعنى أن الفساد الطاري إنما نشأ من قبل الحكم ، فهو متأخر عنه فكيف ~~يؤخذ عدمه في موضوعه ، وحينئذ فإن أراد الناذر المذكور الصحة بهذا المعنى ~~لم يلزم شيء من المحذورين كما هو واضح ، وإن قصد الصحة من جميع الجهات حتى ~~من جهة الطواري فنلتزم بعدم انعقاد نذره ؛ إذ الصلاة الصحيحة من جميع ~~الجهات مأمور بها فلا يمكن أن تصير منهيا عنها. # وأما عن الثاني فبأنه إن كان نهي المالك عن إحداث أسباب حصول الرفع ~~ومقدماته بمائه من غسل الأعضاء على النهج المخصوص بقصد الرفع مع نية القربة ~~فلا شك في تأثيره في تحريم الغسل وعدم حصول الرفع به ، ولا يلزم محذور كما ~~هو واضح ، وإن كان نهيه عن رفع الجنابة الذي هو أثر للغسل بجعل الشارع فلا ~~يؤثر شيئا ؛ إذ الغسل الرافع للجنابة مأمور به فلا يعقل أن يصير منهيا عنه ~~وغير رافع ms0044. # وأما عن الثالث ، فاعلم أن هنا أدلة ثلاثة لا بد من رفع اليد عن أحدها ~~حتى يرتفع الإشكال ، ومع الأخذ بجميعها لا يمكن التفصي عنه. # الأول : دليل عدم جواز تأخير قضاء رمضان عن رمضان المقبل ، وهذا موجب ~~لحصول التضييق في الصوم في المثال # الثاني : دليل عدم صحة الصوم في السفر ، وهذا بضميمة الأول يوجب مفوتية ~~السفر للصوم فيه # والثالث : دليل كون سفر المعصية مبيحا للصوم # فرفع اليد عن أحد الأولين يوجب رفع موضوع التفويت عن البين ، وعن الأخير ~~يوجب حصوله بلا لزوم إشكال كما هو واضح. # فنقول : لا معارضة بين الأولين وبين الثالث ؛ لكونهما محققين لموضوعه وهو PageV01P054 # سفر المعصية ، وكل عام تحقق موضوعه بالأخذ بظهور أو عموم دليل آخر فهو ~~غير معارض لهذا الدليل الآخر ؛ لكونه في طوله لا في عرضه ، فإذا بقي ~~الأولان بلا معارض تعين تخصيص دليل إباحة سفر المعصية للصوم بما إذا نشأ ~~حرمة السفر من جهة سببيته لترك الصوم بحكم العقل ؛ فإن إباحة هذا السفر ~~للصوم غير معقول للإشكال الذي ذكر. # ومن جملة ما استدل به للصحيحي أن ما هو محل للحاجة ومورد للفرض غالبا ~~إنما هو الصحيح التام الأجزاء ؛ لأنه هو الذي يترتب عليه الأثر ، فينبغي ~~وضع اللفظ بإزاء خصوصه ، وهو الذي استقر عليه عادة الواضعين وديدنهم في وضع ~~أسماء المعاجين ، والغرض وإن كان يتعلق بالفاسد أحيانا ، لكنه ليس بمثابة ~~يقتضي وضع اللفظ للأعم فيكتفى بوضعه لخصوص الصحيح المصحح للاستعمال في ~~الفاسد مجازا ، وهذا الاستدلال كما ترى إما راجع إلى الاستحسان أو إلى غلبة ~~حال الواضعين ، وعلى أي تقدير لا يفيد إلا الظن باعتراف المستدل ، والظن لا ~~يغني من الحق شيئا. ### ||| ** بقي أمران : # الأول : هل النزاع المذكور في ألفاظ العبادات يجري في ألفاظ المعاملات ~~كلفظ البيع والصلح والاجارة والنكاح والطلاق ونحوها أولا؟ # توضيح ذلك يحتاج إلى تفصيل بأن يقال : إن كانت هذه الألفاظ موضوعة للآثار ~~والمسببات كلفظ البيع للمبادلة فلا مجرى للنزاع فيها ؛ إذا الأثر أمره دائر ~~بين الوجود والعدم وليس في البين أمر يكون ms0045 تارة جامعا للأجزاء والشرائط ~~وتارة فاقدا ليطرأ عليه باعتبار ذلك وصف الصحة والفساد. # وإن كانت موضوعة للأسباب كلفظ البيع للإيجاب والقبول فيصح النزاع في أنها ~~موضوعة للسبب التام الأجزاء والشرائط الغير المنفك عن الأثر أو للأعم منه ~~ومن الناقص ، فيكون القيود الزائدة معتبرة في التأثير لا في مسمى اللفظ ~~ولها دوال أخر. # لكن هنا إشكال وهو أن ثمرة هذه الأقوال إنما تظهر في صحة التمسك بالإطلاق و PageV01P055 # عدمها ، فعلى القولين الأولين لا يصح ؛ إذ مفهوم اللفظ عليهما يصير مجملا ~~، ففي كل مورد شك في دخل شيء في التأثير يكون الشك في أصل تحقق الموضوع على ~~الأول وفي تحققه بتمامه على الثاني ، فلا مجال للتمسك في نفيه بإطلاق الحكم ~~؛ لأنه فرع إحراز الموضوع. # وعلى القول الأخير يصح ؛ إذ عليه لا إجمال في مفهوم اللفظ ، ففي كل مورد ~~شك في دخل شيء في التأثير زائد على عنوان المعاملة نتمسك في نفيه بأصالة ~~الإطلاق ، مع أنا نراهم قاطبة يتمسكون في أبواب المعاملات في نفي ما يحتمل ~~مدخليته في التأثير بالإطلاقات ، وفيهم من هو قائل بالوضع للسبب الصحيح قطعا. # ويمكن أن يقال بأنه لا منافاة بين القول بالوضع للسبب الصحيح أو المسبب ~~وبين التمسك بالإطلاق في موارد الشك في هذا الباب وإن كان بين قول الصحيحي ~~، وبين التمسك بالإطلاق منافاة في باب العبادات ، ولا شك أن تصوير عدم ~~المنافاة على القول بالوضع للمسبب أشكل منه على القول الآخر ، فنحن إذا ~~بيناه على هذا القول حصل المقصود على القول الآخر بالطريق الأولى ، وقبل ~~بيان ذلك لا بد من تحقيق أن هذه الألفاظ موضوعة بإزاء المسببات أو الأسباب؟ # فنقول : الظاهر هو الأول وهو المستفاد في خصوص لفظ البيع من تعريف ~~المصباح له بأنه مبادلة مال بمال ، ويدل على ذلك أن من المعلوم أن معنى ~~«بعت» مثلا إنشاء البيع ، فلو كان معنى البيع هو الإيجاب والقبول لزم أن ~~يكون البائع بهذا القول قد أنشأهما مع أن القبول قول أو فعل خارجي صادر من ~~المشتري فليس قابلا لإنشاء ms0046 البائع ، وبعبارة اخرى ليس السبب في أبواب ~~المعاملات إلا الإنشاء ، فإذا كان مفاد مادة «بعت» هو السبب فيكون مفاد ~~مجموع الهيئة والمادة إنشاء الإنشاء وهو غير معقول. # فإن قلت : يلزم الإشكال على تقدير الوضع للمسبب أيضا ؛ إذا لمبادلة أثر ~~لفعل الموجب والقابل معا ، فكيف يقصد الموجب إنشائه بالإيجاب؟. # قلت : إنما يقصد الموجب إنشاء المبادلة مع قطع النظر عن سببه وأنه بم ~~يتحقق ، PageV01P056 # غاية الأمر أن السبب صار اتفاقا هو المركب من الإيجاب والقبول ، فلا ينشأ ~~المبادلة المقيدة بحصولها من هذا السبب حتى يشكل بأنه مع العلم بذلك كيف ~~يمكن إنشائه بمجرد الإيجاب، فهو قاصد لإنشاء نفس المبادلة ، ويكون حاصله في ~~نظره الإنشائي بمجرد إنشائه، فيرى العمل البيعي حاصلا بتمامه من ناحيته فقط ~~وإن كان ليس فردا للمبادلة بنظر العرف والشرع ، فهو نظير الإيجاب الصادر من ~~السائل ؛ فإنه ينشئه ويكون متحققا بنظره وإن كان تحققه بنظر العرف موقوفا ~~على أمر غير حاصل في حقه ، وبالجملة فهذا يرجع إلى الاختلاف المصداقي في ~~مفهوم المبادلة ، فكما أن الغاصب يرى بيعه بنظره التنزيلي مبادلة وإن كان ~~بنظره العرفي ليس كذلك ، فكذا البائع أيضا يرى مصداق المبادلة موجودا بمجرد ~~الإيجاب بنظره الإنشائي وإن كان ليس بموجود بنظره العرفي. # اما بيان عدم المنافاة فيحتاج إلى تقديم مقدمتين : # الاولى : لا شك أن بعض المفاهيم العرفية لا إجمال فيها أصلا ومع ذلك قد ~~يقع الخلاف بينهم في تعيين مصاديقه كمفهوم البيع ، فإنه عند الجميع هو ~~المبادلة المذكورة ، لكن يمكن أن يكون هذا المفهوم حاصلا عند قوم بمجرد ~~المصافقة ويكون ذلك عند آخرين غير كاف في تحققه ، فهذا ليس من باب الاختلاف ~~في مفهوم البيع بل في أن مصداقه عقيب هذا الفعل موجود أم لا ، فكما يمكن ~~ذلك في حق العرف بعضهم مع بعض ، فكذلك يمكن بين العرف والشرع بأن يكون ~~مفهوم مبينا عند كليهما ووقع الخلاف بينهما في مصداقه، فحكم العرف بكون شيء ~~مصداقا لهذا المفهوم ، ولا يكون مصداقا بنظر الشرع كما في مفهوم الباطل ؛ ~~فإنه مفهوم واحد ms0047 بين العرف والشرع ، لكن أكل المارة يكون من أفراده بنظر ~~العرف وليس كذلك عند الشرع ، ويمكن العكس بأن يكون الشيء عند الشرع مصداقا ~~دون العرف كما في الأكل المذكور ، فإنه مصداق لعنوان الحق عند الشرع دون العرف. # الثانية : أنه لا بد أن يتعلق الحكم في الخطابات الشرعية بتوسط العنوان ~~بالأفراد العرفية لا على وجه التقييد بل بأن ينزل الشارع نفسه بمنزلة العرف و PageV01P057 # فرض نفسه كأنه واحد من أهل العرف ، فكما أن العرف لو علقوا حكما على ~~العنوان لا يكون في نظرهم إلا الأفراد التي هي أفراد عندهم ، فكذا الشارع ~~أيضا يقع نظره بعد التنزيل المذكور على ما هو فرد بنظر العرف ، فلو قال : ~~الدم نجس ، يحمل كلامه على الأفراد العرفية للدم ، فلو كان شيء فردا للدم ~~بنظر الحكيم كاللون بناء على امتناع انتقال العرض ، ولم يكن عند العرف فردا ~~يحكم بطهارته ولو كان فردا واقعا ، والدليل على لزوم هذا التنزيل في حق ~~الشارع أنه لو لاه لزم نقض الغرض ؛ إذ من المعلوم أن أخذ الغرض من كل قوم ~~لا يحصل إلا بتعليق الحكم على الأفراد التي هي أفراد بمذاقهم. # إذا عرفت ذلك فنقول : إن مفهوم البيع مثلا مفهوم واحد عند الشرع والعرف ~~وهو المبادلة على ما عرفت ، فالاختلاف في بعض الموارد إنما هو في مصداقه ، ~~ومقتضى المقدمة الثانية أن يكون الحلية الإمضائية في آية ( @QUR@03 أحل ~~الله البيع ) متعلقا بالأفراد العرفية ، فيكون جميع ما هو فرد عند العرف ~~مشمولا لهذا الحكم ، فيكون المعنى أن كل ما هو فرد للمبادلة عندكم فترتبون ~~الآثار عليه فهو عندي أيضا ممضى ، ويكون فردا ومنشئا لآثار المبادلة ، فلو ~~تحقق المبادلة بنظر العرف في مورد وشك في أنه هل يشترط في تحققه عند الشرع ~~أمر آخر يتمسك في نفيه بإطلاق أحل. # هذا كله على القول بالوضع للمسبب ، ويعلم منه الحال على القول بالوضع ~~للسبب الصحيح المؤثر ؛ فإن إطلاق البيع في أحل الله البيع حينئذ محمول على ~~الأسباب المؤثرة عند العرف ، فعند الشك في اعتبار أمر في ms0048 التأثير مع إحراز ~~الصدق العرفي يتمسك بإطلاق «أحل» أيضا. # وأما في العبادات فحيث إنها ماهيات مخترعة للشرع ، فليس لها عند العرف ~~أفراد على القول بالوضع للصحيح حتى يحمل الخطابات عليها ، فلا يبقى على هذا ~~القول عند الشك في دخل شيء في صحة العبادة إلا التوقف وعدم التمسك بالإطلاق ~~، وأما على قول الأعمى فحيث إن الحكم قد تعلق بالجامع بين العبادة PageV01P058 # الصحيحة والفاسدة فكلما علم بتحقق الجامع وشك في دخل شيء في وصف الصحة ~~يتمسك في نفيه بالإطلاق. # الأمر الثاني : قد يكون المطلوب عدة أشياء على نحو يكون كل واحد في عرض ~~الآخر ، فيكون الطلب منبسطا على الجميع ، وحينئذ يكون كل واحد جزءا ، وقد ~~يكون شيئا بشرط أن يكون منضما إلى شيء آخر ومصاحبا معه بحيث يكون المطلوب ~~الأولي هو الأول لا كليهما ، والثاني إنما يكون مطلوبا ثانيا وبالعرض ولأجل ~~أن يتحقق بسببه خصوصية كون الأول منضما إليه ومصاحبا معه ، وحينئذ يكون ~~الشيء الثاني شرطا ، فظهر معنى كون الشرط خارجا والتقيد به داخلا ، وكذا ~~الوضع أيضا قد يتعلق في طرف المعنى بامور متعددة كل في عرض الآخر فيكون كل ~~واحد جزءا للموضوع له ، وقد يكون متعلقه أمر بشرط مصاحبته لأمر آخر فيكون ~~الأمر الآخر خارجا والمصاحبة والتقيد داخلا. ### || «فصل» # هل استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى واحد جائز أولا؟ لا إشكال في ~~أن المقتضي للجواز وهو الوضع موجود ، وكذا في أن المانع الوضعي مفقود ؛ إذ ~~التقييد بالوحدة خلاف الواقع قطعا ، وكون المعنى في حال صدور الوضع واحدا ~~ليس إلا ككونه في هذا الحال مصادفا لطيران غراب ونحوه ، فلا يكون له دخل في ~~الموضوع له إلا بالتقييد. # وأما المانع العقلي فقد ادعى في الكفاية وجوده ببيان أن الاستعمال ليس ~~إلا إفناء اللفظ في المعنى كأنه الملغى ، ولا يمكن في حال الالتفات إلى ~~معنى أن يلتفت إلى غيره ، نعم يمكن بالتفات آخر ، لكن المستعمل فيه حينئذ ~~هو الأول ، وكذا يمكن بالالتفات إلى الجامع أو المجموع ، لكن ليس هذا من ~~الاستعمال في معنيين ms0049 ، بل في معنى واحد ، والحاصل أن الاثنين مع محفوظية ~~تعددهما لا يمكن النظر إليها بنظر واحد. # أقول : لا إشكال أن موضوع الحكم في العام الاستغراقي والموضوع له في الوضع PageV01P059 # العام والموضوع له الخاص إنما هما كل واحد واحد من الأفراد بانفرادها ، ~~وهذا لا يمكن إلا بإلغاء جهة الوحدة ، وهي هيئة إحاطة المعنى الملحوظ ~~بالجميع ورفع اليد عن الجامع وجعله صرف العبرة والآلة والمرآة للحاظ ~~الأفراد ، حتى يكون الملحوظ في الحقيقة هي نفس الأفراد مع محفوظية تعددها ، ~~بمعنى أن يكون كل واحد موضوعا مستقلا لحكم مستقل ، أو موضوعا له للفظ بوضع ~~مستقل من دون أن يرتبط باتصاف بعضها بكونه موضوعا للحكم أو موضوعا له ~~باتصاف الآخر بذلك ؛ ضرورة أن مفهوم الكل المضاف إلى مفهوم الواحد ومفهوم ~~أن المقيد بمفهوم العلماء مثلا لا يصدقان على شيء من الآحاد. # فإذا كان هذا المقدار من اللحاظ كافيا في موضوع الحكم ، والموضوع له كان ~~كافيا في المستعمل فيه أيضا قطعا ، فأى مانع من أن يتصور المتكلم بلفظ ~~العين معنى محيطا بجميع معانيه ويجعله آلة للحاظها ، ويرفع اليد عن هيئة ~~احاطته بها حتى يكون الملحوظ كل واحد من المعاني منفردا على سبيل الإجمال ، ~~فيكون كل منها مستعملا فيه اللفظ مستقلا ، من دون أن يرتبط وصف كون بعضها ~~مستعملا فيه بوصف كون البعض الآخر كذلك. # فإن قلت : هذا يرجع إلى الاستعمال في معنى واحد وهو المعنى المحيط ، ~~والكلام فيما إذا كان التعدد محفوظا. # قلت : فلم لا يرجع التعدد في مرحلة الحكم والوضع إلى الوحدة؟ فكما ألغيت ~~المعنى المحيط هناك من البين فكذا ألغه هنا ، ولا بد لك من إلغاء الوحدة ~~هناك حتى يمتاز العام الاستغراقي عن المجموعي ؛ فإن الفرق بينهما منحصر في ~~إلغاء الوحدة في الأول وعدم إلغائها في الثاني. # وأيضا فالعام الاستغراقي يستعمل في الآحاد منفردا منفردا ، لكن طرأ عليها ~~وحدة من جهة وحدة الوضع ؛ فإن العام المذكور قد وضع لتمام الآحاد بحيث لو ~~قصد منه جميعها إلا واحدا كان على خلاف وضعه ، فلهذا يعد استعمالا ms0050 في معنى ~~واحد ، فكما جاز هنا الاستعمال في الآحاد مع محفوظية تعددها متكلا على وضع ~~واحد فلم PageV01P060 # لا يجوز ذلك في المشترك متكلا على أوضاع عديدة بعدد الآحاد ، فلا يطرأ ~~حينئذ على الآحاد وحدة لا من جهة اعتبار المتكلم كما في مفهوم الخمسة فإنه ~~يعد معنى واحدا ، ولا من جهة الوضع كما في العام المذكور ؛ فإذا لا فرق بين ~~قولنا : عين مشيرا إلى كل من الباصرة والجارية والميزان إلى آخر المعاني ~~بإشارة إجمالية بتوسط مفهوم كل واحد من هذه المعاني ، وبين قولنا : كل واحد ~~من هذه المعاني في أنه يصير كل من المعاني في كلتا الصورتين موردا لإشارة ~~إجمالية مستقلة ، إلا أن المتكلم في الأول متكل في كل من إرادته الإجمالية ~~المتعلقة بالآحاد على وضع مستقل ، وفي الثاني متكل في جميعها على وضع واحد ~~، وليعلم أن مقام الاستعمال غير مقام الحكم ، فيمكن أن يلاحظ الآحاد في ~~الأول منفردا منفردا ، وفي الثاني مجموعا ، كما يمكن العكس ، نعم الإرادة ~~الاستعمالية كاشفة عن مطابقة الإرادة الجدية لها ما لم تقم قرينة على ~~الخلاف. # ثم إنه يرد على من فصل بين المفرد ، فلم يجوز الاستعمال في الأكثر فيه ~~وبين التثنية والجمع ، فجوزه فيها مستندا إلى أنها في قوة تكرار المفرد ، ~~أن من المعلوم بالوجدان كون التثنية والجمع من باب تعدد الدال والمدلول ، ~~وأن المادة فيها هو المادة في المفرد ، فيدل على الماهية الدال عليها ~~المفرد والعلامة يفيد التعدد الفردي ، فيصير المعنى بعد ضم الثاني إلى ~~الأول فردين أو أفراد من الماهية ، وحينئذ فإن اريد من المادة في تثنية ~~المشترك وجمعه أكثر من معنى واحد ولوحظ التعدد المستفاد من العلامة بالنسبة ~~إلى كل من المعاني المرادة من المادة فهذا من باب استعمال المفرد في الأكثر ~~، وقد منعه القائل المذكور ، وإن استعمل المادة في معنى والعلامة في معنى ~~آخر فهذا استعمال للفظين في معنيين لا لفظ واحد فيهما. ### || «فصل» # قد اختلف في أن المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدإ في الحال ، أو في ~~الأعم منه ومن ms0051 المنقضي عنه المبدا ، بعد الاتفاق على كونه مجازا في من ~~يتلبس به في PageV01P061 # الاستقبال ، وقبل الخوض في النزاع لا بد من رسم امور : # الأول : لا إشكال في أن بعض المشتقات غير داخل في حريم النزاع كالماضي ~~والمستقبل والأمر والنهي ، وكذا المصادر لو قلنا بدخولها في المشتقات ، وأن ~~المشتق منه هو نفس المادة المجردة عن الهيئة ، كما أن بعض الجوامد داخل فيه ~~كالزوج والزوجة والرق والحر ، فالجامع لمحل النزاع كل ما كان جاريا على ~~الذوات ومحتاجا في التحقق والانتزاع إلى أمر خارج عن الذات ، فخرج بالقيد ~~الأول الأفعال والمصادر ، وبالثاني مثل الإنسان والحجر والنار مما كان ~~جاريا على الذات ولا يحتاج في الانتزاع إلى أزيد من الذاتيات ، بخلاف ~~الضارب والزوج ونحوهما ؛ فإن الأول محتاج في التحقق إلى عرض الضرب والثاني ~~إلى الإضافة المخصوصة ، والشاهد على شمول محل النزاع لما كان بهذا الوصف من ~~الجوامد ما حكي عن الإيضاح والمسالك في مسألة ما لو أرضعت إحدى الزوجتين ~~الكبيرتين الزوجة الصغيرة بالرضاع الكامل ، ثم أرضعتها الاخرى كذلك وكان ~~ذلك بعد الدخول بالكبيرتين من الترديد في حرمة الكبيرة الثانية بعد القطع ~~بحرمة الصغيرة ؛ لكونها ربيبة ، والكبيرة الاولى لصيرورتها أم الزوجة ~~مستندا في الترديد في الثانية إلى أن زوجية الصغيرة قد ارتفعت بإرضاع ~~الاولى ، فصدق أم الزوجة على المرضعة الثانية مبني على كون المشتق حقيقة ~~فيما انقضى. # ثم إنه ربما يتوهم أن سبب التحريم في الكبيرة وصف كونها أم الزوجة ، وفي ~~الصغيرة وصف كونها ربيبة ، وهذا يستلزم لأن تبقى زوجية الكبيرة ليطرأ على ~~الصغيرة عنوان الربيبة فينعدم زوجيتها ، وأن تبقى زوجية الصغيرة ليطرأ على ~~الكبيرة عنوان أم الزوجة ، فينعدم زوجيتها فيصير بقاء كل من الزوجيتين علة ~~لزوال الاخرى ، وحينئذ فإن تقارنا في التأثير يلزم اجتماع الوجود والعدم في ~~كليهما في زمان واحد ، وإن تعاقبا فيه يلزم أن يصير المؤثر المتأخر موجودا ~~بعد الانعدام. # فالوجه أن يقال : لا شك أن بقاء كلتا الزوجيتين وعدم ارتفاع شيء منهما ~~مناف لأدلة تحريم أم الزوجة والربيبة ، ولا يمكن الالتزام ms0052 بانعدام احدى ~~الزوجيتين PageV01P062 # في الزمان السابق المتصل بزمان تحقق الرضاع الكامل وبقاء الاخرى وإن كان ~~واقعا ، لمحذور مخالفة هذه الأدلة كما هو واضح ؛ لكونه ترجيحا بلا مرجح ، ~~فلا بد من الالتزام بانعدام كلتيهما في الزمان المذكور لدفع حصول العنوانين ~~لا لأجله ، أو الالتزام ببقاء كلتيهما وعدم زوال شيء منهما أصلا وأن الأدلة ~~المذكورة مخصصة بهذا المورد. # الثاني : قد اشتهر بين النحاة دلالة الافعال على الزمان وجعلوها المائز ~~بينها وبين الأسماء ، والحق أن صيغة الأمر والنهي لا دلالة لهما على الزمان ~~أصلا ، ويصح إطلاقهما على الحال والاستقبال من دون فرق وإن كان بتصرف الحال ~~العرفي من الإطلاق في أوامر غير الشارع ، ألا ترى أن قولك : اضرب غدا أو ~~بعد خمسين سنة صحيح بدون تجوز ، كما في قولك : زيد ضارب غدا أو بعد خمسين ~~سنة ، فكما لا دلالة للثاني على الزمان فكذا الأول. # نعم إيقاع الطلب لا بد أن يقع في الزمان كغيره من الإنشاءات وكالإخبار ~~لكنه تقييد عقلي لا من باب أخذ الزمان في مفهومهما ، هذا هو الحال في ~~الأوامر والنواهي الفارسية ويستكشف منها الحال في الأوامر والنواهي العربية ~~، وذلك لأنا نقطع بأن لفظ «بزن» مثلا في الفارسية حاله حال لفظ «اضرب» في ~~العربية بلا فرق كقطعنا بكون لفظ «آ» في هذه اللغة مرادفا للفظ «الماء» في ~~تلك فيكفي الرجوع إلى أذهاننا في تشخيص معانيها، ولا حاجة إلى الرجوع إلى العرب. # وأما الفعل الماضي فالحق أنه يستقاد منه الكون من قبل ، وأما أن لهذه ~~القبلية مبدأ أولا؟ فغير مفهوم من اللفظ ، نعم لازم حدوث الفاعل هو الأول ~~ولازم قدمه الثاني ، وهذه القبلية غير الزمان الاصطلاحي الحاصل من حركة ~~الفلك ، كيف وهو يتصف بها ، ويشهد لما ذكرنا أنا لا نجد فرقا بين قولنا : ~~علم الله ومضى الزمان وبين قولنا : علم زيد ومضى عمرو ، مع أنه لو كان ~~المأخوذ هو الزمان الاصطلاحي لكان الإطلاقان الأولان مجازا ، ومثل هذا يجري ~~في المضارع أيضا فإنه يدل على الصدور من بعد وهو غير الزمان ، ولهذا يصح ms0053 ~~قولك : يأتي الزمان ويخلق الله. وحينئذ فإن PageV01P063 # كان المراد بالزمان الماضي والاستقبال الواقع في كلمات القوم في هذا ~~المقام هو ما ذكرنا وكان التعبير به من باب ضيق العبارة فحسن ، وإن كان ~~المراد هو الزمان الاصطلاحي ففيه ما عرفت. # وأما الفعل المستقبل فقد صرح النحاة باشتراكه بين الحال والاستقبال ، أما ~~استعماله في الاستقبال فواضح ، وأما في الحال ففيه إشكال ؛ لعدم صحة قولنا ~~: «يقوم» بالنسبة إلى حال التلبس مع صحة قولنا : «قائم» وعدم صحة قولنا : ~~أرى في الأمس بالنسبة إلى هذا الحال ، مع أن المراد بالحال في هذا المقام ~~وفي باب المشتق واحد ، ويأتى أنه هناك زمان الإجراء والنسبة ، ولكن يصح أن ~~يقال في الأربعاء : جاءني زيد فى يوم الاثنين وكان يضرب عمروا في يوم ~~الثلثاء. # وأما صحة قولنا : يصلي وقولنا : أرى القمر بالنسبة إلى حال التلبس فهي ~~لأجل أن الاتصاف بالصلاة إنما هو بالإتمام ، فزمان الاتصاف بالنسبة إلى حال ~~الاشتغال الذي هو زمان النسبة مستقبل. # ألا ترى أنه لا يصح قولنا : يشتغل بالصلاة بالنسبة إلى هذا الحال مع صحة ~~«مشتغل» ، وأما المثال الثاني فيصح في مكانه رأيت القمر أيضا ، ألا ترى أنه ~~يقال لرائي القمر في حال الرؤية هل رأيت القمر؟ فيقول نعم ويقال : هل ترى ~~القمر؟ فيقول أيضا : نعم ، فإن صححت الماضوية في الأول بالآن العقلي فصحح ~~الاستقبالية أيضا في الثاني به ، وإن اردت بالحال الزمان القريب بالحاضر من ~~الاستقبال فمثله يجري في الماضي أيضا ، فهلا تقول بأن فعل الماضي أيضا ~~مشترك بين المضي والحال؟ # الثالث : لا إشكال أن الماضوية والحالية والاستقبالية إنما يعتبر في هذا ~~الباب بالنسبة إلى زمان الإجراء والنسبة ، فزمان الاتصاف لو كان حالا ~~بالنسبة إلى زمان النسبة فهذا مورد الاتفاق على كون المشتق حقيقة ، ولو كان ~~مستقبلا بالنسبة إليه فهذا محل الإطباق على كونه مجازا ، ولو كان ماضيا ~~بالإضافة إليه فهذا محل الكلام في كونه حقيقة أو مجازا ، سواء كان في جميع ~~هذه الصور زمان الاتصاف بالنسبة إلى زمان النطق ماضيا أم حالا أم مستقبلا ms0054، ~~وعلى هذا فقولنا : زيد ضارب غدا ليس PageV01P064 # من باب الإطلاق على المستقبل مطلقا ، كما يظهر من النحاة ، بل لو اعتبر ~~الغد ظرفا للضرب وكان زمان النسبة هو زمان النطق فكان المعنى زيد ضارب الآن ~~بملاحظة اتصافه بالضرب غدا ، وأما لو اعتبر ظرفا للنسبة فهو من باب الإطلاق ~~على الحال. # الرابع : اختلاف المشتقات في المبادي لا يوجب اختلافها في الدخول تحت هذا ~~النزاع الواقع في وضع هيئتها ؛ فإن بعض المبادي يعتبر فيه الفعلية كما في ~~مبدإ الضارب ، وبعضها وهو ما كان من قبيل الحرفة أو الصناعة يعتبر فيه عدم ~~إعراض الفاعل عنه كما في مبدإ البقال والنجار ، وبعضها وهو ما كان من قبيل ~~الملكة يعتبر فيه عدم زوال الملكة كما فى مبدإ الفقيه ، وهذا إما من باب ~~المجاز في الكلمة بأن استعمل هذه المبادي أولا في الحرفة والصناعة والملكة ~~ثم اشتق منها هذه الصفات ، وإما من باب المجاز العقلي الادعائي بأن نزل ~~الفارغ عن حرفته أو صناعته الغير المعرض عنه منزلة المشتغل به تغليبا لجانب ~~الاشتغال الغالب على جانب الفراغ النادر ، ونزل القوة القريبة من الفعلية ~~وهي الملكة في حال الغفلة أو النوم منزلة الفعلية. # وكيف كان فعد المشتق في الصور الثلاث الأخيرة مجمعا على وضعه بإزاء الأعم ~~مما لا وجه له ، فيلاحظ الماضوية والحالية والاستقبالية في زمان النسبة ~~بالإضافة إلى زمان الاتصاف بالملكة أو الحرفة أو الصناعة. # الخامس : لا أصل في نفس هذه المسألة حتى يعول عليه عند فقدان الدليل على ~~كلا القولين كما هو الحال في أكثر المسائل الاصولية ، فلا بد من الرجوع في ~~كل فرع إلى أصل هذا الفرع وهو يختلف باختلاف الفروع ، فإذا ورد أكرم ~~العلماء وشك في وجوب إكرام زيد العالم في السابق الجاهل حين ورود الخطاب ~~فالأصل هو البراءة ؛ لأن الشك في أصل التكليف مع عدم الحالة السابقة ، ولو ~~كان عالما حين الخطاب ثم جهل فشك في بقاء وجوب إكرامه فالأصل هو الاستصحاب وهكذا. # إذا عرفت ذلك فنقول : الحق أن المشتق حقيقة في خصوص المتلبس ms0055 بالمبدإ في ~~زمان النسبة ومجاز في غيره ، وإثبات ذلك لا يتوقف على التبادر بل يمكن ~~بمقدمتين PageV01P065 # مسلمتين متفق عليهما ، الاولى : أن الزمان خارج عن مفهوم الأسماء من غير ~~فرق بين المشتقات والجوامد ، الثانية : أن مفهوم المشتق إما عبارة عن ذات ~~ثبت له المبدا ، فمفهوم الضارب مثلا مركب من الذات والضرب والاتصاف بالضرب ~~كما هو رأى المتقدمين ، وإما عبارة عن أمر بسيط منتزع عن مجموع هذه الثلاثة ~~، كما هو رأى السيد الشريف ومن تأخر عنه ويأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى ، ~~فمطلق دخل الوصف كالذات في تحقق مفهوم المشتق أعم من أن يكون بنحو جزئيته ~~له أو بنحو كونه منشأ لانتزاعه مسلم متفق عليه. # فنقول : لازم هاتين المقدمتين أن لا يصح إطلاق المشتق على نحو الحقيقة لو ~~لم يكن وصف متحققا في الزمان الذي يكون الإطلاق باعتباره ، كما لا يصح لو ~~لم يكن ذات متحققه فيه ، وتحقق الوصف في الزمان السابق على الزمان المذكور ~~غير مجد ؛ لأن الزمان الماضي غير داخل في مفهوم المشتق بالفرض ، والحال ~~أيضا وإن كان كذلك إلا أنه زمان يكون الإطلاق والإجراء بملاحظته ، ألا ترى ~~أن إطلاق لفظ الماء بملاحظة زمان الدخانية ليس بحقيقة مع تحقق المائية في ~~السابق ، وكذا لو فقد بعض ذاتيات الإنسان كأن زال القوة العاقلة وصار مسخا ~~، فإطلاقه بملاحظة زمان زوال القوة العاقلة مجاز مع تحققها في السابق. # نعم لو كان للزمان دخل في مفهوم المشتق كان إطلاق الضارب الحالي في صورة ~~الانقضاء مجازا وإطلاق الضارب الأمسي مثلا حقيقة لكون الضرب الأمسي موجودا ~~في وعاء الدهر. # وقد استدل للأعمي في هذا الباب بأنه قد استدل الإمام عليه السلام تأسيا ~~بالنبي صلى الله عليه وآله كما عن غير واحد من الأخبار على عدم لياقة من عبد ~~صنما أو وثنا لمنصب الخلافة بقوله تعالى: ( @QUR@04 لا ينال عهدي الظالمين ~~) تعريضا بمن تصدى لها ممن عبد الصنم مدة مديدة ، وهذا التعريض بضميمة ~~مقدمتين مسلمتين يثبت المدعى. # الاولى : أن الغرض من هذا الاستدلال إبطال خلافة الثلاثة لعنهم الله ms0056 إلزاما PageV01P066 # للمخالفين وإتماما للحجة عليهم ، فلا محالة يكون على وجه استدلال العالم ~~للعالم لا إبطالها بطريق الطعن والشتم حتى لا يفيد إلا للمستبصر ويكون على ~~وجه التعبد. # الثانية : ظاهر تعليق فعل موضوع لحكم على عنوان اتحاد زمان هذا الفعل مع ~~زمان صدق هذا العنوان ، فإذا قيل : أكرم العالم فمعناه : أكرم من يكون ~~عالما يعني مصداقا لهذا العنوان في حال الإكرام ، فلا يشمل إكرام من لم يكن ~~مصداقا له في هذا الحال وإن كان كذلك في زمان آخر ، وهذه المقدمة أيضا ~~مسلمة بين الطرفين وإنما الاختلاف في أنه هل يكون من تلبس بالمبدإ في ~~الماضي وانقضى عنه في الحال مصداقا لعنوان المشتق أولا ، فالنزاع بالنسبة ~~إلى هذه المقدمة صغروي. # فنقول : لو كان المشتق حقيقة في خصوص المتلبس بالمبدإ في الحال لما استدل ~~الإمام بهذه الآية على بطلان خلافة الثلاثة ، لإمكان أن يقال في الجواب : ~~إن ظاهر تعليق عدم النيل على عنوان الظالم اختصاصه بمن كان مصداقا حقيقيا ~~لهذا العنوان في حال النيل ، فلا يشمل من كان كذلك في الزمان السابق دون ~~حال النيل ، فحيث استدل بها وعدها دليلا تاما على هذا المطلب علم أن ~~المصداق الحقيقي للمشتق لا ينحصر في المتلبس بالمبدإ فعلا ، بل كل من اتصف ~~به في زمان فهو يصير مصداقا حقيقيا للمشتق بعد هذا الزمان أبدا. # واجيب بأن إطلاق المشتق على من انقضى عنه المبدا باعتبار حال التلبس ~~حقيقة ، فإطلاق الظالمين في الآية إنما هو بهذا الاعتبار ، فيكون المعنى ~~والله العالم : لا ينال عهدي من ظلم في زمان بعد هذا الزمان أبدا. وفساده ~~ظهر مما ذكر في المقدمة الثانية. # ويمكن أن يقال : إنه إذا كان مبدأ العنوان المذكور في الخطاب آنيا فلا بد ~~من الالتزام بكون زمان الفعل المعلق عليه بعد انقضائه ، وحينئذ فلا يصير ~~الخطاب شاهدا لواحد من الأعمي والأخصي ؛ لأن المراد منه معلوم ، فيعلم أن ~~قطع يد السارق مثلا واجب وأن زمان القطع بعد زمان السرقة لا محالة ، فيبقى ~~النزاع في أن إطلاق اسم السارق على ms0057 هذا الذي يجب قطع يده حقيقة أو مجاز ، ~~فإن قلنا بالأول PageV01P067 # استرحنا ، وإن قلنا بالثاني فلا بد من الالتزام بكون إطلاق الشارع في ~~الآية بملاحظة زمان الاتصاف ورفع اليد عن ظهور تعليق الفعل على العنوان في ~~اتحاد زمانيهما من باب الإلجاء. # فنقول : ليس جميع اقسام الظلم باقيا مستمرا ، بل بعضها كذلك كالكفر ~~وبعضها آني الحصول كضرب اليتيم ، ولا شك أن عدم النيل بالنسبة إلى الفرد ~~الآني من الظلم لا بد أن يعتبر زمانه متأخرا عن زمان وقوع الظلم ، ولفظ ~~الظالمين في الآية عام لجميع الأفراد ، وشموله للفرد المتصف بالظلم الآني ~~يوجب الغاء الظهور المذكور للتعليق حتى بالنسبة إلى الفرد الباقي ظلمه ؛ ~~ضرورة أن الحكم قد شمل الأفراد بنهج واحد لاتحاد القضية ، فيكون معنى الآية ~~والله العالم : كل من ارتكب الظلم ولو آنا في الزمان السابق لا يناله عهدي ~~أبدا ، فإذا اتضح أن المراد بالآية هذا فلا يكون استدلال الإمام بها شاهدا ~~لا للأعمي ولا للأخصي ؛ لتماميته بعد وضوح المراد على كلا القولين. # وقد أجاب في الكفاية بما حاصله أن الأوصاف العنوانية المأخوذة في موضوعات ~~الاحكام قد لا يكون لها مدخلية في ثبوت الحكم لا حدوثا ولا بقاء ، بل إنما ~~هي معرفات للخارج واتي بها لأجل الإشارة إليه كما هو الحال في كلمة هؤلاء ~~كما في قولنا : أكرم الحاضرين ؛ فإن من المعلوم أن الحضور لا مدخلية له في ~~وجوب الإكرام ، وقد يكون لها مدخلية فيه ، وحينئذ فإما أن يكون مجرد حدوث ~~الوصف كافيا في حدوث الحكم وبقائه ولا يكون بقاء الحكم منوطا ببقائه ، وإما ~~أن لا يكون كذلك بل يكون الحكم دائرا مدار الوصف حدوثا وبقاء ، ويحتمل ~~الوجهان في قولنا : الماء المتغير نجس. # فالتعليق في الآية لو كان على الوجه الأخير فتمامية استدلال الإمام يتوقف ~~على كون المشتق حقيقة في الأعم كما هو واضح ، وأما لو كان على الوجه الثاني ~~فيتم الاستدلال على كلا القولين كما لا يخفى ، ويمكن أن يجعل جلالة قدر ~~منصب الإمامة والخلافة وعظمة خطره بحيث يناسب أن ms0058 لا يكون المتضمن به متلبسا ~~بالظلم أصلا PageV01P068 # قرينة على كونه على هذا الوجه. # ولكن لا يخفى أن الظاهر من التعليق فيما إذا كان الحكم والوصف متناسبين ~~هو العلية على الوجه الأخير ، وجلالة قدر الخلافة وعظمته لا يصلح لأن يجعل ~~قرينة على الوجه الثاني ؛ لأن الاستدلال المبتني على هذا الجعل غير ملزم ~~للخصم ؛ لعدم اعترافه بهذه الجلالة والعظمة للخلافة ، ومن المعلوم أن ~~استدلال الإمام بظاهر الآية للخصم إنما هو على وجه استدلال العالم للعالم ، ~~فلا بد أن لا يكون شيء من مقدماته مأخوذا منه على وجه التعبد كما عرفت في ~~المقدمة الاولى ، فالغرض إنما هو إلزام الخصم بظاهر الآية من دون أن يكون ~~في البين تعبد ، فلا يتم الاستدلال إلا على القول بكون المشتق حقيقة في ~~الأعم ، فالحق في الجواب هو ما ذكرنا. ### | تنبيهات # الأول : مفهوم المشتق كما ذهب إليه السيد الشريف ومن تأخر عنه مفهوم واحد ~~بسيط ، ويدل عليه التبادر القطعي ، فإنا إذا رجعنا إلى أنفسنا وجدنا أن ~~المفهوم من لفظ الضارب والقائم والجالس وما يرادفها من سائر اللغات معنى ~~واحد مندمج فيه الذات والوصف والاتصاف ومنتزع عنها ، لا هذه الثلاثة على ~~نحو التفصيل ، كما أن المفهوم من لفظ الإنسان مفهوم وحداني بسيط مندمج فيه ~~الحيوان والناطق ، لا هما على وجه التفصيل ، وما اشتهر من أن مفهوم المشتق ~~ذات ثبت له المبدا فإنما الغرض منه التفهيم والتعلم. # وبالجملة فإنا نقطع بأن حال المشتقات حال لفظ الإنسان ، ونقطع أيضا بأن ~~مفهوم الإنسان مغاير لمفهوم الحيوان الناطق بالإجمال والتفصيل ، وإلا لم ~~يصح الحمل ، فيكون معاني المشتقات مغايرة لمفهوم ذات ثبت له المبدا ~~بالإجمال والتفصيل أيضا. # وحكي عن السيد المذكور تعليل ذلك بما حاصله أنه لو كان المأخوذ في معنى ~~المشتق مفهوم الذات والشيء لزم أخذ العرض العام في مفهوم الفصل كالناطق و PageV01P069 # نحوه ، فإن عنوان الذات والشيء إنما ينتزع من الشيء بعد تمامية وجوده ~~بتمامية مقدمات الوجود من الجنس والفصل والخصوصية ، فهو متأخر رتبة عن ~~الذاتيات فكيف يكون منها وفي عرضها ، ومن ms0059 الواضح عدم اختصاصه بأفراد حقيقة ~~واحدة ، فيكون عرضا عاما ، غاية الأمر أنه من العوارض اللازمة للمعروض ، ~~ولو كان المأخوذ هو مصداق هذا المفهوم لزم انقلاب مادة الإمكان ضرورة ، ~~ضرورة أن مصداق الذات في قولنا : زيد قائم هو زيد ، وفي قولنا : الإنسان ~~كاتب هو الإنسان ، وثبوت الشيء لنفسه ضروري. # وذكر في الفصول ما حاصله : أنه يمكن أن نختار الشق الأول وندفع الإشكال ~~بأن الناطق مثلا وإن كان معناه بحسب العرف واللغة مشتملا على مفهوم الذات ، ~~لكن المنطقيين حيث جعلوه فصلا للإنسان جردوه عنه واستعلموه في جزء معناه ~~مجازا ، ويمكن أن نختار الشق الثاني وندفع الإشكال بأن ذات المقيد مع قطع ~~النظر عن القيد وإن كان ضروريا، لكن القيد ممكن ، والمقيد بما هو مقيد يصير ~~ممكنا بإمكان قيده ، ولهذا يكون النتيجة تابعة لأخس المقدمات. # وأورد في الكفاية على دفعه على التقدير الأول بأن الظاهر أن المنطقيين ~~جعلوا لفظ الناطق مثلا فصلا بمعناه الثابت عند العرف واللغة من دون تصرف ~~فيه ، ثم اختار في دفع الإشكال ما حاصله أن الناطق مثلا ليس فصلا حقيقيا ؛ ~~فإن الفصول الحقيقية للأشياء لا يعلمها إلا الله ؛ إذ النطق بمعنى إدراك ~~الكليات مثلا لو كان المراد منه ما يحصل للعوام أيضا فهو حاصل لبعض ~~الحيوانات قطعا ، وإن كان المراد منه ما لا يحصل إلا لبعض الخواص لزم خروج ~~غيرهم عن تحت الإنسانية ، فمقصود المنطقيين ليس التعبير بهذه الألفاظ عن ~~الفصول الحقيقية التي لا سبيل إلى معرفتها ، بل عما يمتاز به الشيء عما ~~عداه من أظهر خواصه ولوازمه ، ومن هنا ظهر أن التعريف بالحد التام غير ممكن ~~لنا ، وإنما الممكن هو الثلاثة الباقية. والحاصل أنه يلزم من أخذ مفهوم ~~الذات في معنى المشتق دخل العرض العام في الخاصة لا دخله في الفصل. PageV01P070 # ثم إن في الفصول بعد دفع الإشكال على التقدير الثاني بما ذكر ما لفظه : ~~وفيه نظر ؛ لأن الذات المأخوذة مقيدة بالوصف قوة أو فعلا إن كانت مقيدة به ~~واقعا صدق الإيجاب بالضرورة وإلا صدق السلب بالضرورة ، مثلا ms0060 لا يصدق زيد ~~كاتب بالضرورة ، لكن يصدق زيد الكاتب بالفعل أو بالقوة بالضرورة ، انتهى. # لم أفهم معنى هذه العبارة وليس معناه أن الزيد مثلا إن كان متلبسا ~~بالكتابة واقعا فهو كاتب بالضرورة ، وإلا فليس بكاتب بالضرورة ؛ إذ هذا ~~المعنى لا يخفى فساده على أدنى الطلبة فكيف على الفاضل المذكور ؛ لأن من ~~الواضح أن اعتبار الجهة في القضية إنما هو مع قطع النظر عن الثبوت وعدم ~~الثبوت الواقعيين وإلا لزم انحصار الجهة في الضرورة ؛ إذ كل محمول لا محالة ~~إما ثابت لموضوعه واقعا وإما لا. # وغاية ما يمكن أن يوجه به كلام السيد الشريف في الشق الثاني هو أن يقال : ~~إنه لا شك أن إجراء الوصف على الذات مشتمل على الحمل الضمني ومفيد لفائدة ~~القضية الخبرية من الحكاية عن الواقع ؛ ضرورة أن قولنا : زيد الذي أبوه ~~عالم شاعر هرم جاءني يدل بالالتزام على مفاد أن لزيد أبا وأن أباه عالم ~~وشاعر وهرم ، مع أن المتكلم قد فرض الذات المحفوفة بهذه الاوصاف مفروغا ~~عنها ، بل زيد في قولنا : زيد قائم ، أيضا دال على مفاد زيد موجود وإن كان ~~المتكلم قد لاحظ الزيد المحفوف بالوجود شيئا واحدا مفروغا عنه ، بل الحال ~~في زيد معدوم أيضا كذلك إلا أنه دال على وجود زيد في نفس الأمر. # وبالجملة ، فحيث إن وجود الموضوع في أحد العوالم الثلاثة يكون مفروغا عنه ~~لا محالة ، فيدل لفظه على كونه موجودا في هذا العالم بالالتزام ، وهذا هو ~~المراد بقولهم : إن الأوصاف قبل العلم بها أخبار ، كما أن الأخبار بعد ~~العلم بها أوصاف. # فالمعنى أن الأوصاف والقيود المذكورة قبل مجيء الحكم والتصديق بالنسبة ~~الخبرية بمنزلة الأخبار ومفيدة لفائدتها ، سواء كانت في طرف الموضوع أو ~~المحمول كما في قولنا : زيد هو العالم الذي ابوه عالم هرم ، وإن كان العلم ~~المتعلق بها بسيطا وهو غير العلم المعتبر في تحقق القضية أعني : الحكم ~~باتحاد الذات والوصف بعد فرض PageV01P071 # كل منهما منفردا عن الآخر ، ومعنى الفقرة الثانية أن الأخبار بعد تحقق ~~التصديق بالنسبة والجزم بالاتحاد ms0061 يصير أوصافا لصيرورتها حينئذ مع الذوات ~~شيئا واحدا مفروغا عنه ، وليس المراد كما توهم من أن الأوصاف يكون بمنزلة ~~الأخبار في الإفادة فيما إذا جهل السامع بثبوتها للموصوف ، كما أن الأخبار ~~تكون بمنزلة الأوصاف في عدم الإفادة فيما إذا كان السامع عالما بها من ~~السابق ، وذلك لوضوح عدم دخل العلم والجهل في حقيقة الخبر والوصف. # وكيف كان فقولنا : زيد قائم لو كان معناه زيد زيد ثبت له القيام لكان ~~منحلا إلى قضيتين إحداهما ضمنية وهي : زيد زيد ، والاخرى أصلية وهي : زيد ~~ثبت له القيام ، ومن المعلوم أن الاولى ضرورية ، فيلزم أن تكون هذه القضية ~~مشتملة على الضرورية ، والوجدان كما أنه قاطع بعدم كونها ضرورية كذلك قاطع ~~أيضا بعدم اشتمالها على ضرورية أصلا. # لكن يمكن أن يقال في دفع هذا أنه وإن كان مرجع كل قيد سواء كان في طرف ~~الموضوع أم المحمول إلى حمل ضمني ، إلا أن مناط الوحدة والتعدد إنما هو ~~وحدة النسبة الأخيرة التي هي أصلية وتعددها. فإن كانت هذه النسبة واحدة ~~تكون القضية واحدة ، فيصير موجهة بمادة هذه النسبة ، وإن كانت مادة غيرها ~~من النسب الضمنية مخالفة لمادتها فلا يلزم من أخذ مصداق الذات في مفهوم ~~المشتق كون القضية الممكنة في مثل قولنا : زيد قائم ، مركبة من الضرورية ~~والممكنة. # ثم إن في الكفاية توجيها لإشكال السيد على التقدير الثاني وحاصله : أنه ~~إن كان المحمول ذات المقيد وكان القيد خارجا وإن كان التقيد الذي هو معنى ~~حرفي داخلا لزم كون الممكنة ضرورية ؛ فإن معنى زيد قائم على هذا : زيد ~~الزيد الخاص ، وهذا ضروري ، وإن كان المقيد بما هو مقيد بأن كان القيد ~~داخلا لزم انحلال الممكنة إلى ضرورية وممكنة فذكر البيان المتقدم هنا. # وأنت خبير بأن التقييد ليس على قسمين وأن مرجع ما ذكره في الوجه الثاني ~~إلى التركيب ، فكلامه قدسسره هذا مخدوش مضافا إلى استبعاد أن يكون PageV01P072 # مرادهم دخل الذات والوصف والاتصاف في معنى المشتق على وجه التركيب وكون ~~كل في عرض الآخر بأنه لا معنى لما ms0062 ذكره في الوجه الأول ؛ فإن التقيد إذا ~~كان داخلا فحمل المقيد على المطلق ليس بضروري كما هو واضح. الثاني : نقل في ~~الفصول ذهاب جماعة من أهل المعقول إلى أن الفرق بين المشتق ومبدئه هو الفرق ~~بين الشيء لا بشرط وبينه بشرط لا، وظاهر هذا أن أصل المعنى واحد في كليهما ~~، لكنه قد اعتبر بشرط لا في أحدهما فامتنع حمله على الذات ، وفي الآخر لا ~~بشرط فصح حمله عليها ، فجعلوا الفرق بين العرض والعرضي كالفرق بين الجنس ~~والمادة وبين الفصل والصورة ؛ فإن أصل المعنى في الأولين هو الجزء المشترك ~~، وفي الأخيرين هو الجزء المختص الذي به يمتاز الشيء عما عداه ، فإذا ~~اعتبرا لا بشرط سمي الأول بالجنس والثاني بالفصل ، وصح حمل كل منهما على ~~الآخر وعلى الكل ، وحمل الكل على كل منهما ، وإذا اعتبرا بشرط لا سمي الأول ~~بالمادة والثاني بالصورة وامتنع حمل كل على الآخر وعلى الكل ، وحمل الكل ~~على كل منها ، ولهذا يمتنع «زيد بدن» أو نفس ، ولكن يصح «زيد حيوان» أو ~~ناطق ، وكذا الكلام في الجزء المركب الخارجي ؛ فإنه باعتباره اللابشرطي أي ~~بلحاظه في ضمن الكل على ما هو عليه في الخارج عين الكل ، وباعتباره ~~البشرطلائي أي بلحاظه مستقلا غيره ومقدمته. # لكن أورد في الفصول على هذا الكلام بما حاصله أنه لو لم يكن بين المشتق ~~ومبدئه فرق في سوى الاعتبار المذكور وكان أصل المعنى في كليهما هو المعنى ~~الحدثي كما هو صريح كلامهم ، فلا شك أن المعنى الحدثي عرض قائم بالذات فهو ~~غير الذات وإن لحقه ألف اعتبار لا بشرطي ؛ إذ معنى اللابشرطية عدم المنافاة ~~للغير لا الاتحاد معه ، وقضية الغيرية أن لا يصح الحكم باتحادهما إلا بوجه ~~من العناية ، فلازم كلامهم على هذا أن يكون حمل الضارب على الذات محتاجا ~~إلى العناية ، والوجدان يقطع بخلافه. # فيستكشف من ذلك أن المغايرة بين المشتق ومبدئه في أصل المفهوم وأن مفهوم ~~المشتق مفهوم يصح حمله على الذات بلا عناية ، كما أن مفهوم المصدر مفهوم لا ~~يصح حمله وإن لحقه ms0063 ألف اعتبار لا بشرطي إلا بعناية ، وأما أن هذا المفهوم في طرف PageV01P073 # المشتق ما ذا؟ فاختار أنه مفهوم ذو المضاف إلى المبدا ، فجعل الفرق بين ~~المشتق ومبدئه هو الفرق بين الشيء وذو الشيء. # ولا بد أولا من كشف القناع عن مرام أهل المعقول ثم النظر فيه ، فاعلم أن ~~حال العرض في الخارج أنه ليس له وجود منحاز عن وجود المحل محدود بحد مستقل ~~حتى يكون هو والمحل وجودين محدودين بحدين كان الأول منهما محمولا على ~~الثاني نظير الأعرج المحمول على الصحيح ، بل هو كيف وجود المحل وطوره وحده ~~، وما يتخصص هو به وإن كان له أيضا وجود ، لكنه مندك في وجود المحل بحيث ~~ليس في البين حقيقة إلا وجود واحد محدود بحد خاص ، لكن لنا إفراده عن المحل ~~في اللحاظ. # وحينئذ يمكن لحاظه بوجهين : # الأول : أن يلحظ معرفا لنحو وجوده الخارجي وحاكيا عن الخارج على ما هو ~~عليه من الاندكاك في المحل والعينية معه ، فحدث الضرب في هذا اللحاظ يكون ~~مفادا للفظ الضارب ويصح حمله على الذات لا محالة ، ومعنى لا بشرطيته كونه ~~باقيا على ما هو عليه في الواقع من دون تصرف فيه أصلا. # الثاني : أن يلحظه كأنه في الخارج شيء في قبال المحل ومحدود بحد مستقل ، ~~وحدث الضرب بهذا اللحاظ يكون مفاد لفظ الضرب ، فحاله في هذا اللحاظ بالنسبة ~~إلى المحل حال الغلام بالنسبة إلى زيد يقبل الإضافة ولا يقبل الحمل ، ومعنى ~~كونه بشرط لا لحاظه وحده بدون انضمام شيء إليه. # وأما ما ذكروه في الفرق بين الجنس والفصل والمادة والصورة فبيانه : أن ~~الجزء المشترك الذاتي للشيء يمكن لحاظه على نحوين : # الأول : أن يلحظ معرفا لنحو وجوده في الخارج وإشارة إليه من الاتحاد مع ~~الشيء في الوجود ، فالحيوان بهذا اللحاظ يسمى بالجنس ويصح حمله على الشيء ~~وعلى الجزء الآخر ، وحملها عليه لمكان الاتحاد ، ومعنى لا بشرطيته كونه ~~باقيا على ما هو عليه في الواقع من دون تصرف فيه أصلا كما عرفت في سابقه. # الثاني : أن يلحظ كأنه في ms0064 الخارج شيء منحاز عن الكل محدود بحد مستقل ، و PageV01P074 # الحيوان بهذا اللحاظ يسمى بالمادة ويمتنع حمله على الكل وعلى الجزء الآخر ~~وحملها عليه لمكان المغايرة ، ومعنى كونه بشرط لا هو ما تقدم ، وكذا الكلام ~~في الجزء المختص بالنسبة إلى الفصل والصورة. # أما الكلام في أجزاء المركب فهو أنه لا شك أن هذه الأجزاء في الخارج ~~أشياء غير مجتمعة في الوجود كلما يوجد لا حقها ينعدم سابقها ، فلا يحصل لها ~~تركيب خارجي ، ولكن يمكن اجتماعها في ذهن ذاهن كالآمر ؛ فإنه إذا تعلق ~~الغرض الواحد منه بأفعال متعددة يلاحظ المجموع منها من حيث المجموع شيئا ~~واحدا ويأمر به ، فواقع الجزئية والكلية يتحقق في هذا اللحاظ ، يعني يتصف ~~هذا المركب الذهني الحاكي عن الخارج بالكلية وكونه مأمورا به وكل واحد مما ~~هو متألف منه من الصور الذهنية لتلك الأفعال بالجزئية ، ولكن لا يمكن للاحظ ~~في نفس هذا اللحاظ أن يحكم على الأجزاء بالجزئية ، لاحتياج ذلك إلى لحاظها ~~مستقلا ، وهي غير ملحوظ كذلك في هذا اللحاظ ، بل حالها حال المعنى الحرفي. # فلا بد من لحاظ ثانوي متعلق بالجزء إما من هذا اللاحظ أو من لاحظ آخر وهو ~~يتصور على نحوين : # الأول : أن يلحظ الجزء مستقلا ويشار به إلى جزء ذاك المركب في ذاك اللحاظ ~~كالحمد إذا لوحظ واشير به إلى جزء المركب الصلاتي الموجود في ذهن ذاهن ، ~~وبهذا اللحاظ يصح الحكم بجزئيته لذاك المركب واتحاده معه وحمله عليه ، ولا ~~يخفى أن نفس هذا الملحوظ الذي هو آلة للحاظ الجزء مباين لذاك المركب ، ~~ويسمى هذا اللحاظ لا بشرطيا بالمعنى المتقدم. # الثاني : أن يلحظ الجزء بحده كالحمد إذا لوحظ نفسه من حيث هو هو ، وفي ~~هذا اللحاظ يصير الجزء مباينا للكل ويصح الحكم باحتياج الكل إليه ومقدميته ~~للكل ويسمى باللحاظ البشرطلائى. # هذا كله في المركب الاعتباري ، وكذا الكلام في المركب الحقيقي كماء الحوض ~~؛ فإنه قد أحاط به بتمام قطراته وجود واحد ؛ إذ لو كان كل قطرة موجودة ~~بوجود مستقل PageV01P075 # لزم وجود الجزء الغير المتجزى وهو باطل ms0065 ، بيان الملازمة أنه لا بد حينئذ ~~من تقسيم كل قطرة أيضا إلى أن ينتهي إلى ما لا يقبل القسمة ، فيكون الماء ~~المذكور وجودات متكثره منضم بعضها إلى بعض نظير ألف ألف حبة من الخردل ~~المجتمع في محل واحد. # أما بطلان الجزء الغير المتجزى فلأنه يلزم منه أن لا يكون للجسم واقعية ~~أصلا ؛ إذ كل ما نراه جسما فهو على هذا التقدير وجودات مجتمعة لا يقبل شيء ~~منها للأبعاد الثلاثة. # ونزاع المشائيين والإشراقيين في أن تفرقة ماء كوز إلى كوزين هل هو إعدام ~~شخص وإيجاد شخصين آخرين ، أو هو مجرد تغيير الصورة مبني على بطلان الجزء ~~الغير المتجزى وعدمه ، فعلى الأول كان الماءان قبل التفرقة موجودين بوجود ~~واحد وبعدها بوجودين ، وعلى الثاني كانا قبلها عشرة آلاف وجودات مثلا منضمة ~~وبعدها تمايزت خمسة آلاف منها عن الخمسة الآلاف الأخر. # وبالجملة بعد بطلان الجزء الغير المتجزى بالبرهان المذكور لا بد من ~~الالتزام بأن وجودا واحدا محيط بماء الحوض مثلا ، وحينئذ يمكن لحاظ كل قطرة ~~منه على نحوين : # الأول : أن يلحظ معرفة لنحو وجودها في الخارج من الاندكاك في الكل ~~والاتحاد معه فيصح الحكم عليها بالجزئية للكل والعينية معه. # الثاني : أن يلحظ بحدها وبما هي عليه من القلة فتصير مغايرة للكل ولا ~~يحكم عليها بالجزئية بل بالمقدمية ، فعلى الأول يكون لا بشرط ، وعلى الثاني ~~بشرط لا. ### ||| ** دفع وهم. # أما الوهم : فهو أنه على ما ذكرت من كون مفاد المشتق هو المعنى الحدثي ~~المندك في الذات المتحد معها المتخصصة هي به يلزم أن يكون معناه حرفيا ، ~~ومن المقطوع خلافه ؛ لصحة الحكم عليه وبه. # وأما الدفع فهو : أنه فرق بين كلمة من ولفظ الضارب ؛ فإن المستعمل فيه ~~بلا واسطة في الأول هو الابتداء المندك في المتعلق ، وبعبارة اخرى لم ~~يستعمل في الإجمال الحاكي عن الابتداء المندك ، بل في نفسه ، بخلاف الثاني ~~؛ فإن المستعمل فيه فيه هو الإجمال الحاكي عن الضرب المندك لا نفسه ، وهو ~~معنى اسمي وإن كان معرفا PageV01P076 # لمعنى حرفي ، وبالجملة فحال المستعمل فيه في ms0066 لفظ الضارب حال آلة اللحاظ ~~التي أخذها الواضع عند وضع «من». هذا تحقيق المراد من كلام أهل المعقول في ~~المقام ونظائره. # ولكنه بعد مخدوش بأن ما ذكروه من كون الغرض متحدا مع المحل ومندكا فيه ~~ومحدودا بحده لا بحد على حدة وإن كان مطلبا دقيقا صحيحا ، لكنه أيضا لا ~~يصحح حمل المعنى الحدثي المأخوذ لا بشرط على الذات كما ذكره صاحب الفصول ~~قدسسره ، فيبقى إشكال القطع بصحة حمل مفاد المشتق عليها بحاله. # توضيحه أن ما هو مفاد للحمل ومعتبر فيه هو الاتحاد بمعنى عدم الميز بين ~~الطرفين بجهة من الجهات أصلا بحيث كانت الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر ~~وعرض كل منها عرضا للآخر ، وما هو متحقق بين العرض والمحل ليس إلا نحو ~~الاتحاد المتحقق بين الجزء والكل من مجرد عدم كون الجزء محدودا بحد مستقل ، ~~بل مندكا في الكل ومحدودا بحده ، وهذا لا يستلزم عدم الميز الأصلي المعتبر ~~في الحمل ، كيف وماء الحوض مع وجود هذا الاتحاد بين قطراته يتفرد كل منهما ~~بالإشارة والمكان ، بل باللون في بعض الأحيان ، وكذا المعنى الحدثي بل كل ~~عرض يمكن اتصافه بما لا يتصف المحل به من الشدة والضعف ونحوهما وبالعكس ، ~~مع أن من المقطوع بالوجدان أن مفاد المشتق معنى متحد مع الذات بحيث لا ميز ~~بينهما أصلا ولا يتصف أحدهما بوصف إلا اتصف الآخر به. # وبعبارة أخرى أن مفاد لفظ الضارب مثلا هو عنوان الذات المتصف بالضرب لا ~~عنوان الضرب المندك في الذات ؛ فإن الثاني لا يصح حمله على الذات ، فلا ~~يقال : زيد هو الضرب المندك فيه ، بل الصحيح أن يقال : إنه محل هذا الضرب ~~بخلاف الأول. # وتظهر الثمرة فيما لو قال : جئني بالعلم ولا تجئني بالضارب ، فجاء ~~بالعالم الضارب وقلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي ، فعلى الثاني لا يكون ~~هذا المورد من موارد الاجتماع ؛ إذ متعلق الأمر هو العلم ومتعلق النهي هو ~~الضرب ، ولا يسري عرض شيء منهما إلى الآخر وإلى الذات ، فيحصل الإطاعة ~~والمعصية معا ، وعلى الأول منها كما هو واضح ms0067 فلم يحصل إلا واحد من الإطاعة ~~والمعصية. PageV01P077 # ثم إن في الكفاية في هذا المقام ما حاصله أن صاحب الفصول حيث توهم أن ~~المراد ظاهر الكلام من كون أصل المعنى في المشتق ومبدئه هو المعنى الحدثي ~~وكون الفرق في مجرد الاعتبار اللابشرطي والبشرطلائي استشكل عليهم بما ذكره ~~، ولم يعرف أن مرادهم كما يظهر من بيان الفرق بين الجنس والفصل وبين المادة ~~والصورة من كون المشتق لا بشرط أن مفاده معنى لا يأبى عن الحمل على الذات ، ~~ومن كون المبدا بشرط لا أن مفاده معنى يأبى عن الحمل على الذات وهذا لا ~~يستلزم اتحادهما في أصل المعنى أصلا. ولا يخفى أن هذا من المطالب الواضحة ~~فيبعد إرادته من كلامهم الظاهر سياقه في كونه لبيان دقة. الثالث : هل ألفاظ ~~الصفات الجارية عليه تعالى باقية على معانيها الأصلية اللغوية أو حصل فيها ~~النقل أو التجوز؟ التزم في الفصول بالثاني وهو قدسسره وإن لم يصرح بكون ~~النقل أو التجوز في المادة أو الهيئة ، لكن له التزامهما في الأول ~~والتزامهما في الثاني لإمكانهما في كليهما. # أما الأول فلأن مادة «ع ل م» مثلا موضوعة للصورة الحاصلة من الشيء في ~~النفس وهي مختصة بنا وليست من صفات الباري تعالى ، وكذا الكلام في سائر ~~المواد ؛ فإنها موضوعة لما هو مناسب لنا وأجنبي عنه تعالى ، ضرورة أن ~~الواضع كان منا. # وأما الثاني فلأن الهيئة موضوعة لذات له المبدا ، والعنوان منتزع عن هذا ~~الذات ، فالمغايرة بين المبدا والذات شرط كونها حقيقة اتفاقا إما ~~لملحوظيتها في نفس معناها أو في منشأ انتزاعه ، ضرورة شهادة كل صفة بأنها ~~غير الموصوف ، وصفاته تعالى عين ذاته. # وأورد على هذا في الكفاية بأنه وإن لم يكن بين ذاته تعالى وبين المبدا ~~بحسب الخارج مغايرة أصلا ، لكن بينهما بحسب المفهوم مغايرة بلا إشكال ، ~~وهذا المقدار كاف في كون الهيئة حقيقة. # لكن في هذا أيضا نظر ؛ لأن الشأن أن يحدث زيادة في المبدا يوجب تلك ~~الزيادة عدم صحة الحمل فيه ، وصحته في المشتق كما هو الحال في ms0068 ألفاظ الصفات ~~الجارية علينا ، فإن المغايرة المفهومية للذات وإن كانت مشتركة بين المبادي ~~والمشتقات ، لكن المغايرة الخارجية خاصة بالمبادي ، ضرورة اتحاد المشتقات مع PageV01P078 # الذات خارجا ، وأما ألفاظ الصفات الجارية عليه تعالى فالمغايرة الخارجية ~~للذات معدومة في المبادي والمشتقات كليهما ، والمغايرة المفهومية متحققة في ~~كليهما أيضا فلم يحدث تلك الزيادة في طرف المبادي. # والحق في المقام أن هذه الألفاظ باقية على معانيها الأصلية اللغوية ولم ~~يتصرف فيها بالنقل أو التجوز لا في طرف المادة ولا في طرف الهيئة ، أما في ~~الأول فلأنا نعلم بحسب فطرتنا إجمالا بأن في مقابل الجهل شيئا يعبر عنه ~~بالعلم وأنه حسن كما أن الجهل قبيح ، وأن ما منه موجود فينا هو الفرد ~~القاصر العاجز الناقص المحدود ؛ لكوننا قاصرين عاجزين ناقصين محدودين ، وما ~~منه موجود في الباري تعالى هو الفرد الأكمل والأشرف الأعلى ؛ ضرورة أنه معط ~~لهذا الوصف الجميل إيانا فكيف يفقده نفسه ، ولا بد أن يكون الموجود فيه ~~تعالى هو العلم بهذا المعنى المقابل للجهل ؛ إذ هو الذي يكون صفة كمال ، ~~وغيره لم يعلم كونه كذلك، وأما أنه بأي نحو فلا نعلم تفصيله ، ولفظ العلم ~~موضوع لهذا المعنى وكيفيات تحققه المختلفة بحسب اختلاف الموارد خارجة عن ~~الموضوع له ، وهكذا الكلام في سائر المواد كالحياة والقدرة والبصارة ~~ونحوها. # وأما في الثاني فلأنه لا شك أنا إذا أردنا انتزاع الوصف نتخيل الذات ~~مغايرا للمبدا ، والمبدا مغايرا للذات أولا ، ثم ننتزع منهما الوصف ، ~~فالمبدأ والذات متغايران في عالم التخيل من دون فرق في ذلك بين الصفات ~~الجارية عليه تعالى وبين غيرها ، فالهيئة موضوعة لعنوان بسيط منتزع عن ~~الذات مع مبدإ يغايرها في عالم التخيل ، غاية الأمر أن هذه الغيرية في غيره ~~تعالى لها واقعية وفيه تعالى إنما هي مجرد الفرض بلا واقعية ، وهذا هو السر ~~في عدم صحة حمل لفظ العلم عليه تعالى إلا على وجه التجوز ، وصحة إضافته حيث ~~إن لحاظ الغيرية مأخوذ في معناه وإن لم يؤخذ في معنى أصل المادة ، وهذا ~~التخيل لا ينافي اعتقاد العينية ms0069 والاتحاد في صفاته تعالى خارجا أصلا ، بل ~~هو ممكن مع حفظ هذا الاعتقاد ، ألا ترى أن المعتقد بوحدة جنس الشيء وفصله ~~معه في الخارج يميزهما عنه في عالم الفرض مع حفظ ذلك الاعتقاد. PageV01P079 ### | المقصد الأول في الأوامر # والتكلم في هذا الباب تارة في مادة الأمر واخرى في صيغته. # فنقول : قد ذكر للمادة معان كالفعل كما في قوله تعالى : ( @QUR@04 وما ~~أمر فرعون برشيد )، والمطلب العظيم كما في قوله تعالى : ( @QUR@03 فلما ~~جاء أمرنا ) إلى غير ذلك ، والبحث في ذلك وأن مرجعها إلى معنى واحد أو ~~معنيين لا جدوى تحته. # نعم الظاهر أن كونها حقيقة في الوجوب مما لا شك فيه بحكم تبادره منه ، ~~ومما يرادفه في الفارسية من لفظ «فرمان» مع إمكان الاستشهاد بقوله تعالى : ~~( @QUR@06 ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ) حيث رتب التوبيخ على مجرد مخالفة ~~الامر ، وقوله صلى الله عليه وآله : «لو لا أن أشق على امتي لأمرتهم بالسواك» ~~ونحوهما. # لنا دعويان في لفظ الأمر بمعناه الطلبي لا بمعانيه الأخر : # الاولى : أن الأمر في هذا اللفظ من حيث كونه مشتركا لفظيا بين الوجوب ~~والندب أو معنويا أو حقيقة في خصوص الأول أو خصوص الثاني أسهل من الصيغة ، ~~فبأي من هذه الأقوال قلنا هناك نقول هنا بكون هذا اللفظ حقيقة في خصوص ~~الوجوب ، والدليل على هذه الدعوى هو التبادر مضافا إلى الأدلة اللفظية ~~كقوله تعالى : ( @QUR@02 فليحذر الذين ) الخ حيث دل على وجوب الحذر من ~~مخالفة مجرد الأمر ، وقوله تعالى ( @QUR@04 ما منعك ألا تسجد ) الخ ، حيث ~~رتب التوبيخ على مخالفة مجرد الأمر ، وقوله صلى الله عليه وآله : «لو لا أن ~~أشق على امتي لأمرتهم بالسواك» ، حيث دل على ثبوت المشقة في مجرد الأمر ، ~~ومن الواضح عدم المشقة في الطلب البدني ، كما أن من الواضح تعلقه بالسواك. # وأما الثانية فيحتاج بيانها إلى مقدمة وهي أن بعض العناوين يستحدث بتبع ~~الدلالة على المعنى ويكون معلولا لها وواقعا في طولها بحيث لا يصير موجودا ~~بمجرد تحقق أصل المعنى ، وبضميمة إظهاره ، والكشف عنه يصير متحققا سواء ms0070 كان ~~الدال لفظا أو كناية أو إشارة ونحوها ، فيكون الدال بعنوانه الأولي كاشفا عن ذاك PageV01P080 # المعنى ، ولكونه كاشفا عنه محدثا لهذا العنوان بالعلية الانجعالية ~~القهرية ، لا أن يكون بعنوانه الأولي محدثا لهذا العنوان بالعلية الجعلية ، ~~وذلك لما عرفت سابقا من أن العلية أمر كامن في ذات العلة ولا يقبل الجعل ، ~~وذلك كما في عنوان المعاملة ؛ فإن من الواضح عدم تحقق هذا العنوان بمجرد ~~تحقق رضى القلبي من الطرفين بالنقل ، بل لا بد من إظهار هذا الرضى القلبي ~~والكشف عنه بقول أو فعل ، فيحدث بتبع هذا الإظهار والكشف عنوان المعاملة ، ~~فيكون معنى بعت على هذا هو الرضى الموجود في النفس فعلا بالنقل ، وكذلك ~~عنوان النكاح ؛ لوضوح عدم تحققه بمجرد الرضى القلبي من الطرفين بالتزويج ، ~~بل لا بد من صدور الكاشف عن هذا الرضى القلبي منهما فيحدث بتبعه عنوان ~~النكاح ، فمعنى أنكحت على هذا هو الرضى القلبي الفعلي بالتزويج. # ونظير ذلك عنوان التعظيم ؛ لعدم تحققه بمجرد تحقق العظمة للمعظم بالفتح ~~في نفس المعظم بالكسر ، بل لا بد من إظهار هذه العظمة النفسانية وإبرازها ~~بسلام أو قيام أو ركوع ونحوها ، فيحدث بتبع هذا الإظهار عنوان التعظيم ، ~~ونظير ذلك في المعاني التصورية للألفاظ المفردة أيضا موجود ؛ فإن اللفظ ~~الدال يحدث عند سماعه بواسطة دلالته على معناه انتقاش صورة معناه في ذهن ~~السامع ، فليس هذا الانتقاش معناه الأولي ، بل يكون حادثا في طول دلالته ~~على معناه وبسببها. # إذا تقرر ذلك فنقول : لا يخفى أنه متى تحقق في النفس الإرادة من الغير ~~فما دام هذه الإرادة مكنونة في نفس المريد ولم يظهرها لهذا الغير وإن التفت ~~هو إليها من غير قبله برمل ونحوه لم يحدث بينهما شيء أصلا ولم يكن في البين ~~سوى هذه الحالة النفسانية. # وأما إذا أظهر المريد الإرادة الحاصلة في نفسه لهذا الغير فيقع هذا الغير ~~في قيد هذه الإرادة بحيث يتحرك إلى العمل لو كان منقادا ، فهذا المعنى أعني ~~إيقاع الغير في قيد الإرادة قد استحدث ببركة إظهار هذه الإرادة النفسانية ~~بعد ms0071 ما لم يكن شيئا موجودا ، سواء كان إظهار الإرادة بالصيغة أو بالإشارة ~~كما في أوامر رؤساء العسكر ، ومن أجل وجود هذا المعنى المستحدث قد افيد أن ~~هنا معنيين يعبر عن PageV01P081 # أحدهما بالفارسية ب (طلب داشتن) وعن الآخر ب (طلب كردن) والثاني مفاد ~~الصيغة، لكنك عرفت أنه لا معنى لكون الثاني مفاد الصيغة بحيث كانت بعنوانها ~~الأولي محدثة له بالعلية الجعلية بل هي كاشفة عن الأول ومحدثة للثاني بتوسط الكشف. # فالمدعى أن مادة الأمر موضوعة لهذا المعنى المستحدث ، والشاهد هو التبادر ~~؛ ولهذا لو تحقق الإرادة في نفس العالي بالنسبة إلى السافل وعلم السافل بها ~~من طريق الرمل مثلا لا يقول : إنه أمرني ، ولفظة «فرمان دادن» في الفارسية ~~مشتركة مع لفظ الأمر في العربية في هاتين الدعويين ، هذا هو الكلام في بيان ~~معنى مادة الأمر. # وينبغي هنا التعرض للنزاع المعروف بين الأشاعرة والمعتزلة في غيرية الطلب ~~للإرادة أو عينيته معها ، لابتنائه على المقدمة المذكورة أيضا ، فنقول : إن ~~أراد الأشعري بقوله إن الطلب غير الإرادة أن في النفس صفة اخرى غير الإرادة ~~موجودة ويعبر عنها بالطلب ، فجوابه أنا نعلم علما ضروريا بأنه لا في نفس ~~الفاعل شيء غير الشوق الأكيد المنبعث عن ملاحظة المصلحة ودفع المنافيات ~~المعبر عنه بالإرادة ، ولا في نفس الآمر شيء مما سوى الإرادة ، # وإن أراد أن في النفس صفة واحدة يعبر عنها بالإرادة ثم يحدث بتبع إظهار ~~هذه الصفة معنى آخر يعبر عنه بالطلب. # فيرد عليه أن أصل هذا المطلب أعني أصل وجود هذين المعنيين وتغايرهما من ~~البديهيات ، فلا يصلح لأن يقع موردا لنزاع أهل المعقول ، وبعد كونه من ~~البديهيات فالنزاع في أن اللفظين مترادفان أو متغايرا المعنى لا يطلح إلا ~~للغوي ، ويظهر من استدلالهم بأن الطلب متحقق في الأوامر الامتحانية ، ولا ~~أراه أن مرادهم هو الثاني. # وأما المعتزلي فإن فهم من كلام الأشعري الوجه الأول فكلامه راجع إلى ما ~~ذكرنا من أنه ليس في النفس إلا صفة واحدة ، وإن فهم منه الوجه الثاني فأنكر ~~وجود المعنى المستحدث فجوابه ms0072 أن وجوده من البديهيات. # ثم إن في الكفاية ما حاصله أن الحق كما عليه أهله والمعتزلة أن لفظي ~~الطلب و PageV01P082 # الإرادة مترادفان موضوعان لمفهوم واحد ، والمصداق الحقيقي لأحدهما أعني ~~ما يصح تطبيقه عليه بالحمل الشائع الصناعي هو المصداق الحقيقي للآخر ، ~~والمصداق الاعتباري الغير الواقعي له وهو ما لا يصح تطبيقه عليه بهذا الحمل ~~هو المصداق الاعتباري الغير الواقعي للآخر ، فالمراد اتحاد اللفظين في هذه ~~المراتب الثلاث لا اتحاد المرتبة الثانية مع الثالثة ، كيف والمغايرة ~~بينهما من البديهيات ، كما أن من البديهي أيضا عدم صفة اخرى قائمة بالنفس ~~غير الإرادة يكون هو الطلب سواء في الفاعل أم الآمر. # وبذلك يظهر أنه يمكن المصالحة بين القولين بأن يكون مراد القائل بالاتحاد ~~هو ما ذكرنا ، والقائل بالمغايرة يريد أن المنساق من لفظ اطلب عند الإطلاق ~~هو الإنشائي ، والمنساق من لفظ الإرادة عنده هو الحقيقي ، فهما متغايران ~~إطلاقا لا وضعا. # فإن قلت : إذا لم يكن غير الصفات المعروفة في الإنشاءات وغير العلم في ~~الجملة الخبرية صفة اخرى قائمة بالنفس ، ومن المعلوم أن هذه الصفات لا يكون ~~مدلولاتها فما ذا يكون مدلولها؟ # قلت : أما مفاد الجملة الخبرية فهو الحكاية عن ثبوت النسبة في موطنها من ~~ذهن كما في زيد عالم ، أو خارج كما في زيد قائم ، وأما الإنشاءات فهي موجدة ~~لمعانيها بمعنى أن معانيها يحدث بقصد تحققها بها ، وهذا المعنى الإنشائي ~~ممكن الانفكاك عن تلك الصفات الحقيقية وإن كان غالبا لا ينفك عنها. # ويمكن الخدشة فيه أولا : بأنه لا وجه لجعل الطلب الإنشائي فردا غير واقعي ~~لجامع الطلب النفسي ؛ فإنه كما أن للطلب النفسي جامعا ، كذلك للطلب ~~الإنشائي وإن كان أمرا اعتباريا أيضا جامع ؛ إذ الجامع عبارة عن الصورة ~~الحاصلة من الشيء في العقل بعد طرح خصوصياته وهي متحققة في الامور ~~الاعتبارية كالفوقية والملكية ونحوهما ، كما في الامور المتأصلة بلا فرق ، ~~فالامور الاعتبارية مصاديق حقيقية وأفراد واقعية لجامعها ، وعلى هذا فلا بد ~~من الالتزام باشتراك لفظي الطلب PageV01P083 # والإرادة لفظا أو كونهما حقيقة ومجازا بالنسبة إلى ms0073 هذين المفهومين. # وثانيا : بعدم تعقل معنى لكون الصيغ الإنشائية بعناوينها الأولية موجدة ~~لمعانيها بالعلية الجعلية ، وقد مر تفصيل ذلك عند الخدشة فيما ذكره قدسسره ~~في الفرق بين الخبر والإنشاء بكلا طرفيه. # ولا بأس بالإشارة الإجمالية هنا إليه ، فنقول : أما الخدشة فيما ذكره ~~قدسسره في طرف الخبر فهي أن مجرد الحكاية عن ثبوت المعنى في موطنه من نفس ~~أو خارج غير كاف في خبرية الخبر ؛ ضرورة تحقق هذه الحكاية في مثل قولنا : ~~زيد القائم الموجود في الخارج ، مع عدم كونه خبرا ، بل لا بد من زيادة وصف ~~التمام في التعريف قيدا للنسبة بأن يقال : إن الهيئة القائمة في العربية ~~مقام «است» في الفارسية موضوعة للنسبة التامة ، وهذا الوصف أمر نفساني لا ~~خارجي أعني : التجزم وعقد القلب بالنسبة ، وهو وإن كان مغايرا للاعتقاد ~~لكنه من سنخه، فيحكي عن ثبوت النسبة في الخارج ؛ ولهذا يتصف الخبر بالصدق ~~والكذب ، وهذا هو الفارق بينه وبين ما ذكر من قولنا : زيد القائم الخ ؛ ~~ضرورة عدم تحقق العقد القلبي المذكور في الثاني ؛ ولهذا يصح أن يجعل محموله ~~قولنا : ليس بموجود. # وأما الكلام في الإنشاء فهو أنه مشارك للخبر في الحكاية عن الصفة القائمة ~~بالنفس فعلا ، لكنه يفارقه في أن هذه الصفة المحكية غير حاك هنا عن وقوع ~~نسبة القضية في الخارج، ولهذا لا يتصف الإنشاء بالصدق والكذب ، فهيئة ~~«اضرب» مثلا حاكية عن وجود الطلب في النفس ، وإن كان جعلنا ، وهذا الطلب ~~غير حاك عن وقوع نسبة الضرب إلى المخاطب فى الخارج بل مقتض له ، نعم هو حاك ~~عن أمر آخر كوجود المصلحة في الضرب ووجود المريد ، وأما حديث العلية فلم ~~نتعقل لها معنى ؛ لعدم قابليتها للجعل. # فإن قلت : كيف والمولى إذا قال لعبده : إن فعلت كذا أعطيتك كذا فقد جعل ~~الشرط علة للجزاء بعد ما لم يكن بينهما علية أصلا. # قلت : لا يكون حصول الفعل الذي هو الشرط علة لحصول الإعطاء في الخارج ، PageV01P084 # كيف والثاني قد ينفك ويتخلف عن الأول ، ولو كان علة لامتنع ذلك ؛ لامتناع ~~تخلف ms0074 المعلول عن العلة ، نعم يصير حصول الشرط علة للاستحقاق ، لكن بالعلية ~~القهرية الحاصلة بتبع التعهد والالتزام. # فإن قلت : هذا فيما إذا كان المعلول أمرا واقعيا متحققا في نفسه لا بجعل ~~الجاعل مسلم ، فلا يمكن جعل الماء مثلا علة للإحراق ، وأما لو كان تحققه ~~وواقعيته بجعل الجاعل واعتباره كالملكية فأي مانع من جعل العلية حينئذ بأن ~~يتعهد أنه متى تحقق الشيء الفلاني اعتبر الملكية مثلا مترتبا عليه. # قلت : لا شك أن للامور الاعتبارية واقعية ونفس امرية ؛ ولهذا يكون لها ~~الصدق والكذب وليست بمجرد فرض الفارض واعتبار المعتبر ، وإلا لا نقلب ~~الفوقية بالتحتية بفرضها كذلك ، ومن المعلوم خلافه ، فحال عللها حال العلل ~~الواقعية كالنار ، بل هي منها. # وحينئذ فنقول : لا بد من وجود المناسبة بين العلة والمعلول بالضرورة وإلا ~~لزم تأثير كل شيء في كل شيء ، ولا شك أن المناسبة وعدمها من ذاتيات الشيء ، ~~ومن المعلوم أن الذاتيات جعلها بجعل محلها ، ولا يمكن جعلها مستقلة منفكة ~~عن المحل لا نفيا ولا إثباتا ، وإلا لزم انفكاك اللازم وهو الذاتي عن ~~الملزوم وهو الذات ، فجعل النارية والمشمشة مثلا إنما هو بخلق النار ~~والمشمشة ؛ ولذا ذهب من قال بقبول الأحكام الوضعية للجعل كالمصنف قدسسره ~~إلى عدم قبول السببية والعلية له. # إذا تقرر ذلك فنقول : من المسلم المقرر في محله أنه لم يكن قبل الوضع بين ~~الألفاظ والمعاني مناسبة بوجه من الوجوه ، فحينئذ فكيف يعقل جعل المناسبة ~~بينها؟ فالممكن إنما هو جعل اللفظ كاشفا عما في الضمير بالتعهد ، فإن صار ~~علة لحدوث أمر فإنما هو بالعلية القهرية للكشف. # وأيضا لو كان اللفظ علة لحدوث المعنى فهو ليس بعلة تامة بلا إشكال ~~وباعترافه قدسسره ، بل يحتاج إلى ضميمة القصد ، وليس هو قصد التلفظ ؛ ضرورة ~~تحققه في قولنا : اضرب فعل أمر ، ولا طلب ، بل قصد ايجاد المعنى ، ولا شك ~~أن المخاطب PageV01P085 # لا ينتقل إلى هذا القصد إلا باللفظ ، فيلزم أن ينظر إلى اللفظ أولا بنظر ~~الكاشفية والمرآتية للقصد والفناء فيه ، وثانيا بالنظر الاستقلالي ليصير ~~متمما للقصد في إحداث ms0075 المعني ؛ ضرورة عدم إمكان الجمع بين اللحاظين في لحاظ ~~واحد ، ومن المعلوم كفاية لحاظ واحد في مقام الاستعمال. # فإن قلت : هذه الدلالة إنما هي عقلية لا وضعية. # قلت : لو كانت كذلك لكانت حاصلة عند غير العالم بالوضع أيضا ومن المعلوم ~~خلافه ، وبالجملة إذا كان اللفظ دالا على هذا القصد بالوضع كان هو معناه لا ~~محالة ، فلا وجه لجعل المعنى هو المعنى المستحدث حتى يلزم الاحتياج إلى ~~النظرين ، فلا بد من الالتزام بكونه مستحدثا بتبع الدلالة قهرا كما ذكرنا. ### || «فصل» # في أن صيغة الأمر موضوعة للوجوب أو الندب أو مشترك بينهما لفظا أو معنى ، ~~لنا في هذا المبحث دعويان : # الاولى : أن الصيغة موضوعة للمعنى الأعم ، والدليل على ذلك أن إرادة ~~الأعم منها في موارد علم ذلك كما في قول المولى : اغتسل للجمعة والجنابة ، ~~خالية عن العناية وسالمة عن ارتكاب خلاف الظاهر عند المتكلم والسامع ، وليس ~~حالها كحال إرادة الرجل الشجاع من لفظ الأسد. # الثانية : أن المتبادر منها عند الإطلاق وعدم القرنية على شيء آخر هو ~~الوجوب ، والدليل على ذلك أنه لو قال المولى لعبده : افعل كذا ، فخالف ~~العبد حسن منه عقابه ، ولم يسمع من العبد الاعتذار بأن الصيغة موضوعة ~~للمعنى الأعم ولم يقم قرينة على إرادة خصوص الوجوب ، بل كان قول المولى : ~~ألم تسمع قولي : افعل كذا حجته على العبد والجمع بين هذين التبادرين يقتضي ~~أن يكون الثاني اطلاقيا لا وضعيا ، وأما أن منشائه ما ذا فغير معلوم ، فظهر ~~أن حملها على الوجوب عند الإطلاق إنما هو من جهة الانصراف ، لكن المصنف ~~قدسسره ذهب إلى أن الحمل PageV01P086 # على الوجوب إنما هو بمساعدة مقدمات الحكمة كسائر المطلقات. # توضيحه : أن الوجوب عبارة عن الإرادة المطلقة الصرفة المتوجهة نحو الفعل ~~؛ ضرورة أن نفس الإرادة مع عدم انضمام الترخيص في الترك إليها كافية في ~~إعدام جانب العدم من غير حاجة إلى زيادة ، بل تجويز جانب العدم الذي هو ~~الندب يحتاج إلى زيادة الترخيص في الترك إلى الإرادة ، ففصل الوجوب عدمي ~~وفصل الندب وجودي وليس المناط ms0076 هو الشدة والضعف ؛ ضرورة تحقق الضعف في ~~الوجوب أحيانا كالشدة في الندب ، وأيضا هما متحققان في الإرادة الفاعلية مع ~~عدم اتصافه بالوجوب والاستحباب ، فسر عدم اتصافها بهما عدم مجامعتها للترك ~~، بل متى تحققت وقع الفعل عقيبها بخلاف الأمرية ، وأما جعل الفصل في الوجوب ~~أمرا وجوديا وهو المنع من الترك وفي الندب أمرا عدميا وهو عدم المنع منه ~~فلا وجه له ؛ إذا لمنع من الترك عبارة عن طلب ترك الترك وهو عين إرادة الفعل. # والحاصل : أن مفاد الهيئة هو الإرادة المقسمية ولها قسمان : الإرادة ~~المطلقة الغير المقيدة بالترخيص في الترك وهي المسماة بالوجوب ، والإرادة ~~المقيدة به وهي المسماة بالندب، فحمل الهيئة عند عدم القرينة على القسم ~~الأول يحتاج إلى مقدمات تسمى بمقدمات الحكمة. # منها كون المتكلم في مقام إظهار مراده اللبي الجدي النفس الأمري وبيانه ؛ ~~فإن من الواضح أن مراده اللبي لا يخلو إما أن يكون هو المطلق أو المقيد ؛ ~~ضرورة عدم خلو الموجود في النفس منهما ، وحينئذ فإن كان مراده اللبي هو ~~المقيد فلا بد من ذكر قيده الوجودي في اللفظ لئلا يلزم نقض الغرض ، فإذا لم ~~يذكر علم أن المراد هو المطلق ، فإن أصل المعنى المقسمي قد استفيد من اللفظ ~~، وعدم القيد قد احرز من عدم ذكر القيد الوجودي ، وهذا بخلاف ما إذا لم يكن ~~المقام مقام البيان ؛ فإنه ربما لا يكون المطلوب إظهار تمام ما هو المراد ~~اللبي بل يقتضي المقام الإهمال والاكتفاء بصرف ما هو مفاد اللفظ لغة كما في ~~قول الطبيب: لا بد لك من شرب الدواء ، فإنه حينئذ لا بد من التوقف والرجوع ~~إلى الأصل العملي. PageV01P087 # والمختار كما عرفت أن مفاد الصيغة بالانصراف الإطلاقي هو الإرادة المطلقة ~~المسماة بالوجوب ، وحينئذ فلا بد من حمل الصيغة عند عدم القرينة عليها في ~~جميع المقامات من دون حاجة إلى إحراز مقدمات الحكمة كما هو واضح. # نعم لا بد من إحراز كون الكلام صادرا بفرض التفهيم لا على وجه العبث ~~واللغو وهو أصل عقلائي موجود في كل كلام صادر ms0077 من المتكلم العاقل الشاعر ، ~~والدليل على ذلك أنه لا يصير حجة العبد المخالف للأمر في قبال قول المولى : ~~ألم أقل لك افعل كذا؟ عند العرف والعقلاء أن يعتذر بعدم إحراز كون الأمر ~~واردا في مقام البيان ، أو يعتذر بأن الصيغة موضوعة للأعم ولم يقم قرينة ~~على خصوص الوجوب. # ويجري نظير هذا النزاع في القضية المسورة بالكل فإنه قدسسره ذهب إلى أن ~~كلمة «كل» موضوعة لاستيعاب تمام أفراد المراد من مدخولها ؛ فإن كان المراد ~~هو المقيد فهو لاستيعاب أفراد المقيد ، وإن كان هو المطلق فهي لاستيعاب ~~أفراد المطلق فهذه الكلمة إنما هي نافعة فيما إذا احرز بمقدمات الحكمة كون ~~المراد هو المطلق ؛ ضرورة أنه لو لم يحرز ذلك احتمل أن يكون المراد هو ~~المقيد ويكون الاستيعاب متعلقا بأفراده ، مثلا لو قيل : أكرم كل رجل ، فلا ~~شك أن مفاد لفظ الرجل هو الطبيعة اللابشرطية المقسمية ، فكلمة «كل» إنما هي ~~مفيدة فيما إذا احرز كون المراد من اللفظ مطلق الرجل ، لا فيما إذا احتمل ~~أن يكون هو الرجل الطويل أو العالم. # وذكر ذلك في حاشيته على الرسائل عند حمل مطلقات أخبار الشك بعد المحل على ~~باب الصلاة ؛ لكونه المتقين منها فذكر ما حاصله : إن قلت : مقتضى قوله ~~عليه السلام : «كلما خرجت من شيء ودخلت في شيء آخر فشكك ليس بشيء» هو العموم ~~بالنسبة إلى كل باب ، فالجواب أنه إذا لم يحرز أن يكون المراد من مدخول ~~الكل هو المطلق وكان المتيقن منه باب الصلاة فالعموم المستفاد من لفظ الكل ~~إنما هو بالنسبة إلى هذا الباب لا غير. # والمختار أن كلمة «كل» قد وضعت لأن يستوعب تمام ما لمدخولها من الأفراد ، ~~ومفاد المطلق وإن كان هو الطبيعة اللابشرطية المقسمية ، لكن أفراد المقيد ~~كما يكون PageV01P088 # أفرادا لها فكذا أفراد المطلق أيضا ، فمقتضى الكل استيعاب تمام هذه ~~الأفراد ، فعلى هذا فلفظ الكل يصير معينا لكون المراد من مدخوله هو المطلق. # نعم لو كان المطلق منصرفا إلى المقيد كأن يكون العالم في قولنا : أكرم كل ~~عالم منصرفا ms0078 إلى العادل كان ذلك بحكم ذكر القيد ، فيكون الاستيعاب متعلقا ~~بأفراد المقيد ، والشاهد على ما ذكرنا هو الوجدان. # ونظير هذا النزاع أيضا جار في مسألة أن إطلاق الصيغة محمول على الوجوب ~~التعييني أولا؟ فإنه قدسسره قد أورد الكلام المتقدم في المسألة المتقدمة ~~هنا ببيان أن الوجوب التعييني ليس إلا الوجوب المطلق أي المجرد عن انضمام ~~العدل والبدل ، والتخييري ما كان مقيدا بانضمامه ، فإذا كان المتكلم في ~~مقام البيان ولا قرينة في الكلام فلا بد من حملها على الوجوب المطلق الذي ~~هو التعييني ، وإذا لم يكن كذلك فالصيغة من هذا الحيث مجملة. # والحق أن يقال أولا : إن الصيغة موضوعة للقدر المشترك بدليل أنا لا نجد ~~بحسب وجداننا فرقا بحسب المعنى بين قولنا : أكرم زيدا ، المستعمل في مقام ~~الوجوب التعييني ، وبينه إذا استعمل في مقام الوجوب التخييري وبانضمام العدل. # وثانيا : أن المتبادر منها عند الإطلاق هو الوجوب التعييني بدليل أن ~~اعتذار العبد المخالف للامر في قبال قول المولى : لم خالفت قولي : افعل كذا ~~بأنه : لم يحرز عندي كونك بصدد البيان ، والمفروض أن الصيغة موضوعة للقدر ~~المشترك بين الوجوب التعييني والتخييري غير مسموع منه عند أهل العرف ~~والعقلاء قطعا. ### || «فصل» # لا يخفى أن الجمل الخبرية المستعملة في مقام الإنشاء كقولنا : يتوضأ ~~ويصلي ويعيد قد استعملت في نفس معانيها لا في غيره مجازا ، بمعنى أن صورة ~~المعنى المستعمل فيه في هذا المقام وفي مقام الإخبار واحدة إلا أن الداعي ~~في الثاني هو الإخبار بالواقع ، وفي الأول هو البعث بنحو آكد وأتم ؛ فإن ~~الآمر في مقام إظهار الإرادة التي PageV01P089 # هي مستلزمة في نظره للوقوع الخارجي قد أظهر الوقوع الخارجي الذي هو ~~لازمها كذلك ، وهذا إظهار للإرادة الملزومة بنحو آكد وأبلغ ، بل لا يبعد ~~دعوى ذلك في صيغ العقود والإيقاعات الكائنة بصيغة الماضي أيضا كبعت وأنكحت ~~ونحوهما بأن يقال : إن المنشئ في مقام إظهار الرضى القلبي الفعلي بمفاد ~~إحدى المعاملات كالملكية والزوجية ونحوهما يظهر وقوع تلك المعاملة في ~~السابق المستلزم واقعا لحصول الرضى القلبي بمفادها في ms0079 الحال للدلالة على ~~الرضى في الحال الذي هو اللازم بنحو آكد وأبلغ ، فقوله : بعت مساوق لقوله : ~~بعت منذ أعوام في الدلالة على حصول الرضى القلبي في الحال بطريق أولى. # ثم إنه لو لم يكن المدلول المطابقي لهذه الحمل متحققا في الخارج فلا يلزم ~~الكذب المحرم ، إما لعدم تحقق موضوع الكذب لغة بناء على أن الصدق والكذب ~~إنما يلحظان بالنسبة إلى داعي الاعلام المفروض عدم تحققه في المقام ، وإما ~~لأن هذا الكذب غير محرم في الشريعة بناء على ملاحظتها بالنسبة إلى نفس ~~مدلول الجملة الخبرية ولو لم يكن بالداعي المذكور ، والدليل على جوازه ~~وقوعه ووقوع أمثاله من التأكيد والكناية ونحوهما في كلام المعصومين ~~والعدول. ### || «فصل» # لا شك أن الواجب في هذه الشريعة قسمان : توصلي وتعبدي ، فالأول ما يكون ~~مجرد الإتيان به مجزيا ولو لم يكن بقصد القربة ، والثاني ما لا يجزى إلا ~~الإتيان به بقصد القربة ، وحينئذ فهل يمكن عند الشك استفادة عدم اعتبار ~~القربة وكون الواجب توصليا من إطلاق الصيغة أولا؟ فلا بد من الرجوع إلى ~~الأصل العملى. # تحقيق ذلك يحتاج إلى تمهيد مقدمة وهي : أنه لو كان المراد بالقربة داعي ~~الأمر قيل يلزم من أخذها في متعلق الأمر الدور ؛ إذ لا شك أن الإتيان بداعي ~~الأمر متوقف على وجود الأمر ؛ ضرورة أن وجود المقيد بما هو مقيد متوقف على ~~وجود قيده ، ووجود الأمر أيضا متوقف على وجود الإتيان بداعي الأمر ؛ لكونه PageV01P090 # معروضه ، ووجود العرض متوقف على وجود المعروض. # ويمكن دفعه بأنه لا شك أن الطلب إنما يتعلق بالصورة الذهنية باعتبار ~~حكايتها عن الخارج وانطباقها عليه لا بنفس الخارج ؛ ضرورة أن تعلقه به يؤدي ~~إلى تحصيل الحاصل ؛ لاستحالة انفكاك العرض عن المعروض ، وحينئذ فالفعل ~~المقيد بداعي الأمر بما هو فعل خارجي وإن كان يتوقف على سبق وجود الأمر ، ~~لكنه ليس متعلقا للأمر وإنما المتعلق هو الصورة الذهنية لهذا المقيد ~~المنطبقة على الخارج وهي غير متوقفة على وجود الأمر ؛ ضرورة إمكان تصور ~~الضرب بداعي الأمر مثلا مع عدم تعلق أمر به ms0080 اصلا. # وقد تقرر الدور بوجه آخر وهو : أنه لا شك أن الأمر متوقف على قدرة ~~المأمور على المأمور به ؛ ضرورة استحالة صدور الأمر بغير المقدور من الحكيم ~~، فإذا كان المأمور به هو الفعل بداعي الأمر فالقدرة عليه أيضا متوقفة على ~~وجود الأمر كما هو واضح. # ويمكن دفعه أيضا بأنا لا نسلم أن الأمر يتوقف على سبق القدرة ، وإنما ~~الثابت بالعقل هو أن الامر لا يجتمع مع العجز حين الامتثال ، فلو فرض أن ~~الآمر عند قوله : طر إلى السماء يوجد القدرة في المأمور بمجرد نظره فلا ~~مانع من هذا الأمر عقلا ، والحاصل أن القدرة بالأمر يكفي في صحته ولا يحتاج ~~إلى القدرة قبله. # وذكر في الكفاية ما حاصله : أن القدرة غير متحققة هنا حتى بعد الأمر ؛ ~~لأن ذات الفعل خال عن الأمر بالفرض فلا يمكن الإتيان به بداعي أمره. لا ~~يقال : إن الوجوب يسري من المقيد إلى المطلق لكونه جزئه ، لأنا نقول : ~~المطلق جزء عقلي للمقيد لا خارجي ؛ إذ ليس في الخارج إلا وجود واحد ولا ~~معنى للوجوب النفسي في الجزء العقلي ولا للمقدمي بعد فرض الاتحاد في الوجود ~~الخارجي. # ويمكن أن يقال : إن المطلق الذي هو قسم للمقيد وإن كان لا يصير واجبا ~~بوجوب المقيد ، ولكن الذات المهملة التي هي مقسم لهما يصير واجبا كذلك ، ~~لأن عرض القسم يضاف إلى المقسم على وجه الحقيقة ؛ إذ أصل الوجود يضاف إليه بلا PageV01P091 # إشكال ، فاذا وجد زيد يقال : قد وجد الإنسان أو الحيوان ، فكذا عوارض ~~الوجود من الوجوب ونحوه. # والشاهد على ما ذكرنا أن القائل بالبراءة في الأقل والأكثر الارتباطيين ~~..... وهما المطلق والمقيد لا محالة ، كما إذا دار الأمر بين وجوب عتق مطلق ~~الرقبة أو الرقبة المؤمنة يقول بأن وجوب الأقل متيقن ووجوب الزائد مشكوك ~~فينفى بالأصل ، ولا شك أنه ليس مراده بالأقل هو المطلق القسمي ؛ إذ ليس ~~وجوبه منتفيا كيف وهو احد طرفي الترديد بل المقسمي، فلولا سراية الوجوب من ~~المقيد إلى الذات المهملة لم يكن لدعوى القدر المتيقن وجه. # لا يقال ms0081 : نعم ولكن وجوب الذات المهملة بهذا المعنى غير مثمر ؛ لأنه لا ~~يدعو ولا يحرك إلى الذات مستقلا ، بل إذا وجدت في ضمن المقيد. # لأنا نقول : الأمر كما ذكرت في مثل مثال العتق ؛ ضرورة أن عتق غير المؤمن ~~ناقص بخلاف ما نحن فيه ؛ إذ لو أتى بذات العمل بداعي أمره ينطبق قهرا على ~~المأمور به بلا نقص فيه أصلا ، فعلم أن الأمر بالفعل المقيد بداعي الأمر ~~ليس تكليفا بما لا يطاق. # لكنه مع ذلك محل إشكال ؛ إذ شأن الأمر المولوي أن يكون صالحا لدعوة ~~المأمور إلى المأمور به وتحريكه إليه ، فإن كان المأمور به مطلقا حرك إلى ~~المطلق ، وإن كان مقيدا حرك إلى المقيد ، ولازم ذلك أن يكون الأمر فيما إذا ~~كان المأمور به هو العمل مقيدا بداعي الأمر داعيا إلى نفس العمل وإلى قيده ~~وهو داعويته إلى نفس العمل وهذا محال ؛ إذ يستلزم أن يكون التحريك ~~والداعوية سابقا على نفسه ، فإرادة الفعل المقيد بداعي الأمر غير ممكن لبا. # وأما الواجبات التعبدية في الشريعة فقد ذكر للتفصي عن الإشكال فيها وجهان : # الأول وهو مختار الكفاية أنه : لو علم العبد أن الغرض الداعي إلى الأمر ~~اخص بمعنى أن إتيان المأمور به بمجرده غير محصل له بل لا بد من ضم قيد آخر ~~ولكن حيث كان أخذ هذا القيد في متعلق الأمر غير ممكن تركه الآمر ، فحينئذ ~~يحكم العقل حكما إلزاميا بأنه يجب على العبد تحصيل الغرض وأنه لا يجزي مجرد ~~موافقة الأمر ، فلو أتى PageV01P092 # بالمأمور به ولم يأت بالقيد لم يسقط عنه الأمر ولم يخرج عن عهدة امتثاله. # ووجه ذلك أنه لا شك أن الغرض علة محدثة للأمر وكما أنه صار علة للحدوث ~~فكذا يصير علة للبقاء ؛ ضرورة أن الإبقاء أسهل مئونة من الإحداث ، فما دام ~~الغرض باقيا كان الأمر باقيا ، وإذا سقط سقط ، فالواجب على العبد إسقاط ~~العلة التي هي الغرض حتى يسقط بسببه المعلول الذي هو الأمر ، وأما حكم صورة ~~الشك فيذكر بعد ذلك. # لكن فيه ما سيأتي عن قريب ms0082 ، فالأولى أن يقال في وجه حكم العقل بإتيان ~~الفعل على نحو يسقط به الغرض أنه لو لم يأت كذلك وإن يسقط الأمر إلا أن ~~الغرض المحدث له ما دام باقيا يحدث أمرا آخر ، وهكذا ما دام الوقت الصالح ~~ليحصل ذلك الغرض باقيا ، فلو أتى بالفعل على نحو يحصل به الغرض ، وإلا ~~يعاقب على تفويت الغرض. # لا يقال : فوت الغرض الذي لم يدخل تحت التكليف ليس منشئا للعقاب # لأنا نقول : نعم لو لم يكن الآمر بصدد تحصيله ، وأما لو تصدى لتحصيله ~~بالأمر ولكن لم يقدر أن يأمر بتمام ما يكون محصلا لغرضه كما فيما نحن فيه ~~والمكلف قادر على إيجاد الفعل بنحو يحصل به الغرض الأصلي فلا إشكال في حكم ~~العقل بلزوم إتيانه كذلك ، ومن هنا تعلم أنه لا وجه للالتزام بأمرين ، ~~أحدهما بذات الفعل والثاني بالفعل المقيد بداعي الأمر الذي هو الوجه الثاني ~~؛ لأن الثاني ليس إلا لإلزام المكلف بالفعل المقيد ، وقد عرفت أنه ملزم به ~~بحكم العقل. # الثاني : أن المولى يحتاج في نيل غرضه إلى أن يتوسل بأمرين : بأن يأمر ~~أولا بنفس العمل وثانيا بالقيد وهو : حيث كون إتيانه بداعي أمره # وأما ما أورده في الكفاية على هذا من لغوية الأمر الثاني ببيان أن الأمر ~~الأول لا يخلو إما أن لا يسقط بمجرد موافقته ، بل لا بد في سقوطه من تحصيل ~~الغرض الداعي إليه كما ذكرنا ، وإما أن يسقط ، فعلى الأول لا حاجة إلى ~~الأمر الثاني ؛ لاستقلال العقل بوجوب تحصيل الغرض المتوقف على الإتيان بقصد ~~القربة ، وعلى الثاني لا يثمر و PageV01P093 # لا ينال المولى بسببه إلى غرضه ، ضرورة أن للعبد حينئذ أن يأتي بالعمل ~~خاليا عن قصد القربة حتى لا يبقى مورد للأمر الثاني ؛ لانتفاء موضوعه بسقوط ~~الأمر الأول. # فيمكن دفعه بأنا نختار الشق الثاني من سقوط الأمر الأول بإتيان ذات الفعل ~~وسقوط الثاني أيضا بارتفاع موضوعه ولا يلزم محذور أصلا ؛ لأن الوقت إما باق ~~بعد وإما غير باق ، فعلى الأول يوجب الغرض إيجاد أمرين آخرين على ما كانا ms0083 ، ~~وعلى الثاني يعاقب المكلف على عدم امتثال الأمر الثاني مع ما كان قادرا ~~عليه بوجود الأمر الأول ؛ لأن الأمر الثاني لو فرضناه أمرا مطلقا فعدم ~~إيجاد متعلقه معصية بحكم العقل سواء كان برفع المحل أو كان بنحو آخر وهذا واضح. # ويمكن دفعه أيضا بأنه لا شك أن الأمر المولوي ما يتحقق بسببه الإطاعة ~~والمعصية وهو يتصور على نحوين ، الأول : أن يكون مشروطا ببقاء الموضوع كأن ~~يكون الأمر بغسل الميت مشروطا ببقاء بدنه بحيث لو لم يبق بحاله وانعدم ~~باحتراق ونحوه ولو من قبل المكلف فلا أمر ، فلا معصية ، الثاني : أن يكون ~~مطلقا بالنسبة إليه كأن يكون المطلوب تحقق غسل الميت في الخارج ، وعصيان ~~هذا الأمر كما أنه يتحقق بترك الغسل مع بقاء بدن الميت ، كذلك يتحقق بإعدام ~~البدن ، وحينئذ فللمولى فيما نحن فيه أن يقول لعبده : إني أطلب منك إيجاد ~~إتيان هذا العمل بداعي أمره في الخارج ، فلو أتى به لا بهذا الداعي أطاع ~~الأمر الأول وعصى هذا الأمر. # وأما مبنى الشق الأول الذي هو الوجه الأول أعني : وجوب تحصيل الغرض وعدم ~~سقوط الأمر المتعلق بالأعم بدون تحصيل الغرض الأخص فلم نتعقل له معنى. # ولا بد لتوضيح الحال من ذكر مثال وإن كان أجنبيا عن المقال وهو : أنه لو ~~كان المأمور به وجودا شخصيا كقتل زيد ، ولكن كان الغرض الداعي إلى الأمر ~~غير حاصل إلا مع قيد لا يمكن إدخاله تحت الأمر وأخذه في متعلقه فأتى به ~~المأمور بدون هذا القيد فحينئذ لا يعقل بقاء الأمر وإن كان الغرض الداعي ~~إليه باقيا ؛ ضرورة أن قابلية المحل للأمر أيضا شرط له ، فكما أنه لو كان ~~قتل زيد حاصلا قبل الأمر فالغرض المتعلق به لا يمكن أن يصير علة لحدوث ~~الأمر به ، كذلك لو أتى به بعد الأمر PageV01P094 # فالغرض الباقي لا يمكن أن يصير علة لبقاء الأمر به. # فنقول : لو كان المأمور به هو الطبيعة بلحاظ صرف الوجود ولكن كان الغرض ~~لا يحصل إلا مع داعي الأمر الذي تبين عدم إمكان أخذه ms0084 في متعلقه فأتى ~~المأمور بالطبيعة بغير هذا الداعي فحينئذ لا يمكن بقاء الأمر ، وإن كان ~~الغرض غير حاصل فإن صرف الوجود الذي هو مقابل العدم ونقيضه وعبارة عن خرق ~~العدم الأصلي وقلبه بالوجود لا يمكن إيجاده إلا مرة واحدة ، وأما إيجاد ~~الفرد الثاني فهو خرق لعدمه لا لعدم أصل الطبيعة ، وبالجملة فحال الطبيعة ~~بهذا اللحاظ حال الوجود الشخصي في عدم قابليته للتكرار ، وحينئذ فكيف يمكن ~~بقاء الأمر بها مع حصولها وعدم حصول الغرض. # ولما كان الغرض في هذا البحث هو التكلم في الأصل اللفظي والعملي فيما لو ~~تردد أمر الواجب بين أن يكون عباديا أو توصليا فلنشرع في مقصودنا الأصلي ~~فنقول : لو شك في الواجب في أنه هل هو تعبدي أو توصلي فعلى ما ذكرنا من عدم ~~إمكان أخذ التعبد بالأمر في موضوعه ، وعلى تقدير القول بثبوت أمرين أحدهما ~~بذات الفعل والثاني بالفعل المقيد بداعي الأمر فلا يمكن الأخذ بإطلاق ~~الصيغة حينئذ ؛ لأن الأخذ به فرع إمكان التقييد ، وعرفت عدم إمكانه ، ~~فمتعلق الهيئة هو الجامع المقسمي بين المقيد بالداعي وبين المطلق ، وذلك ~~لأن الإطلاق عبارة عن استيعاب المقيدات وإدخال جميعها تحت الحكم فهو هنا في ~~قوة قولنا : ائت بالفعل إما بداعي أمره وإما لا بهذا الداعي ، ومن المعلوم ~~عدم إمكان ذلك بعد عدم إمكان قوله : ائت بالفعل بداعي أمره ، بل التقييد ~~بغير داعي الأمر أيضا غير ممكن ؛ لأن شأن الأمر هو البعث والتحريك ~~والداعوية للمكلف نحو متعلقه ، فأخذ داعوية غيره في متعلقه محال. # وبالجملة فحال هذين القيدين أعني داعي الأمر وداعي غيره حال الوجود ~~والعدم ، فكما لا يمكن أخذهما في متعلق الأمر لا إطلاقا ولا تقييدا ؛ ضرورة ~~استحالة تحصيل الحاصل وإعادة المعدوم ، فلا محيص عن توجيه الأمر إلى نفس ~~الطبيعة المهملة من جهتهما فكذا هذان القيدان. PageV01P095 # وحينئذ فلا بد عند الشك من الرجوع إلى الأصل العملي وهو هنا البراءة ؛ إذ ~~الشك في التعبدية والتوصلية على ما ذكرنا راجع إلى الشك في ثبوت أمر آخر ~~متعلق بالمقيد بداعي الأمر بعد الأمر ms0085 بذات الفعل وعدمه ، فالشك واقع في أصل ~~التكليف والمرجع فيه البراءة. # وأما على ما قيل من لزوم تعلق الطلب على تقدير التعبدية بذات الفعل مع ~~أخصية الغرض فقد يقال كما يظهر من كلمات شيخنا المرتضى قدسسره بعدم جواز ~~التمسك بإطلاق اللفظ لرفع القيد المشكوك ، وكذلك لا يمكن إجراء أصالة ~~البراءة فيه ، بل المقام مما يحكم العقل بالاشتغال وإن قلنا بالبراءة في ~~دوران الأمر بين المطلق والمقيد. # أما الأول فلأن رفع القيد بأصالة الإطلاق إنما يكون لو احتملنا دخول ~~القيد في المطلوب ، والمفروض عدم هذا الاحتمال والقطع بعدم اعتباره فيه ~~أصلا ، وإنما الشك في أن الغرض هل هو مساو للمطلوب أو أخص منه ، وحدود ~~المطلوب معلومة لا شك فيها على أى حال. # وأما الثاني فلأنه بعد العلم بتمام المطلوب في مرحلة الثبوت لو شك في ~~سقوطه بإتيان ذاته وعدم سقوطه بواسطة بقاء الغرض المحدث للأمر لا مجال إلا ~~للاحتياط ؛ لأن اشتغال الذمة بالأمر الثابت المعلوم متعلقه يقتضي القطع ~~بالبراءة عنه ، ولا يكون ذلك إلا بإتيان جميع ما يحتمل دخله في الغرض. # ومما ذكر يعرف الفرق بين المقام وسائر الموارد التي شك في مدخلية قيد في ~~المطلوب ، ويمحض الفرق أن الشك فيه راجع إلى مرحلة الثبوت وفي المقام الى ~~السقوط. هذا ، والحق عدم التفاوت بين المقام وسائر الموارد مطلقا أعني من ~~جهة الأخذ بالإطلاق ومن جهة إجراء أصالة البراءة. # أما الأول فلأن القيد المذكور وإن لم يحتمل دخله في المطلوب لعدم الإمكان ~~ولكن لو فرضنا وجود مقدمات الأخذ بالإطلاق التي من جملتها كون المتكلم في ~~مقام بيان تمام المقصود وما يحصل به غرضه نحكم بعدم مدخلية شيء آخر في تحقق PageV01P096 # غرضه ؛ إذ لولاه لبين ولو ببيان مستقل ، وحيث ما بين نكشف عن كون متعلق ~~الطلب تمام ما يحصل به غرضه. # نعم الفرق بين المورد وسائر الموارد أن فيها بعد تمامية مقدمات الحكمة ~~نحكم بإطلاق متعلق الطلب ، وفيه نحكم بإطلاق الغرض والأمر سهل ، ويمكن أن ~~يستظهر من الأمر التوصلية من دون احتياج إلى ms0086 مقدمات الحكمة بوجه آخر اعتمد ~~عليه سيد مشايخنا طاب ثراه وهو أن الهيئة عرفا تدل على أن متعلقها تمام ~~المقصود ؛ إذ لو لا ذلك لكان الأمر توطئة وتمهيدا لغرض آخر وهو خلاف ظاهر الأمر. # وأما الثاني فلأنه بعد إتيان ذات الفعل لا يعقل بقاء الأمر الأول ؛ لما ~~عرفت سابقا من استلزامه لطلب الحاصل فلا يعقل الشك في سقوط هذا الأمر ، نعم ~~يحتمل وجود أمر آخر من جهة احتمال بقاء الغرض وظاهر أن هذا شك في ثبوت أمر ~~آخر والأصل عدمه ، فعلم أن المقام مما يحكم العقل بالبراءة وإن قلنا ~~بالاشتغال في دوران الأمر بين المطلق والمقيد. # ولو سلمنا كون الشك في سقوط الأمر الأول نقول : إن هذا الشك ينشأ من الشك ~~في ثبوت الغرض الأخص ، وحينئذ نقول في تقريب جريان أصالة البراءة أن اقتضاء ~~الأمر أن ذات الفعل متيقن ، وأما الزائد عليه فلا نعلم ، فلو عاقبنا المولى ~~من جهة عدم مراعاة الخصوصية المشكوكة اعتبارها في الغرض مع الجهل به وعدم ~~إقامة دليل يدل عليه مع أن إتيانه كان وظيفة له ، لكان هذا العقاب من دون ~~إقامة بيان وحجة ، وهو قبيح بحكم العقل، ولو كان الشك في السقوط كافيا في ~~حكم العقل بالاشتغال للزم الحكم به في دوران الأمر بين المطلق والمقيد ~~مطلقا ؛ ضرورة أنه بعد إتيان الطبيعة في ضمن غير الخصوصية التي نحتمل ~~اعتبارها في المطلوب نشك في سقوط الأمر وعدمه. # هذا تمام الكلام فيما لو قلنا بأن العبادات يعتبر فيها قصد إطاعة الأمر ، ~~ويمكن أن يقال : إن المعتبر فيها ليس إلا وقوع الفعل على وجه يوجب القرب ~~عند المولى وهذا لا يتوقف على الأمر. PageV01P097 # بيان ذلك أن الفعل الواقع في الخارج على قسمين ، أحدهما ما ليس للقصد دخل ~~في تحققه بل لو صدر من الغافل لصدق عليه عنوانه ، والثاني ما يكون قوامه في ~~الخارج بالقصد كالتعظيم والإهانة وأمثالهما ، وأيضا لا إشكال في أن تعظيم ~~من له أهلية ذلك بما هو أهل له ، وكذا شكره ومدحه بما يليق به حسن ms0087 عقلا ~~ومقرب بالذات ولا يحتاج في تحقق القرب إلى وجود أمر بهذه العناوين ، نعم قد ~~نشك في أن التعظيم المناسب له أو المدح اللائق بشأنه ما ذا؟ وقد يتخيل كون ~~عمل خاص تعظيما بالإضافة إليه ، أو أن القول الكذائي مدح له ، والواقع ليس ~~كذلك ، بل هذا الذي يعتقده تعظيما توهين له ، وهذا الذي اعتقده مدحا ذم ~~بالنسبة إلى مقامه. # إذا تمهد هذا فنقول : لا إشكال في أن ذوات الأفعال والأقوال الصلاتية ~~مثلا من دون إضافة قصد إليها ليس محبوبا ولا مجزيا قطعا ، ولكن من الممكن ~~كون صدور هذه الهيئة المركبة من الحمد والثناء والتسبيح والتهليل والدعاء ~~والخضوع والخشوع مثلا مقرونة بقصد نفس هذه العناوين محبوبا للآمر ، غاية ~~الأمر أن الإنسان لقصور إدراكه لا يدرك أن صدور هذه الهيئة منه بهذه ~~العناوين مناسب لمقام الباري عز شأنه ويكون التفاته موقوفا على إعلام الله ~~سبحانه ، فلو فرض تمامية العقل واحتوائه بجميع الخصوصيات والجهات لم يحتج ~~إلى إعلام الشرع أصلا. # والحاصل أن العبادة عبارة عن إظهار عظمة المولى والشكر على نعمائه وثنائه ~~بما يستحق ويليق به ، ومن الواضح أن محققات هذه العناوين مختلفة بالنسبة ~~إلى الموارد ، وقد يكون تعظيم شخص بأن يسلم عليه ، وقد يكون بتقبيل يده ، ~~وقد يكون بالحضور في مجلسه ، وقد يكون مجرد إذنه أن يحضر في مجلسك أو يجلس ~~عندك ، إلى غير ذلك من الاختلافات الناشئة من خصوصيات المعظم بالكسر ~~والمعظم بالفتح ، ولما كان المكلف لا طريق له إلى استكشاف أن المناسب بمقام ~~هذا المولى تبارك وتعالى ما هو إلا بإعلامه لا بد أن يعلمه أولا ما يتحقق ~~به تعظيمه ثم يأمره به ، وليس هذا المعنى مما يتوقف تحققه على قصد الأمر ~~حتى يلزم محذور الدور. PageV01P098 # ويمكن أن يقال بوجه آخر وهو أن ذوات الأفعال مقيدة بعدم صدورها عن ~~الدواعي النفسانية محبوبة عند المولى ، وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمات ثلاث : # إحداها : أن المعتبر في العبادة يمكن أن يكون إتيان الفعل بداعي أمر ~~المولى بحيث يكون الفعل مستندا إلى خصوص أمره ms0088 وهذا معنى بسيط يتحقق في ~~الخارج بأمرين : أحدهما جعل الأمر داعيا لنفسه ، والثاني صرف الدواعي ~~النفسانية ، ويمكن أن يكون إتيان الفعل خاليا عن سائر الدواعي ومستندا إلى ~~داعي الأمر بحيث يكون المطلوب المركب منهما ، والظاهر هو الثاني ؛ لأنه ~~أنسب بالإخلاص المعتبر في العبادات. # المقدمة الثانية : أن الأمر الملحوظ فيه حال الغير تارة يكون للغير واخرى ~~يكون غيريا ، مثال الأول الأمر بالغسل قبل الفجر على احتمال ، فإن الأمر ~~متعلق بالغسل قبل الأمر بالصوم ، فليس هذا الأمر معلوما لأمر آخر ، إلا أن ~~الأمر به إنما يكون مراعاة لحصول الغير في زمانه ، والثاني الأوامر الغيرية ~~المسببة عن الأوامر المتعلقة بالعناوين المطلوبة نفسا. # المقدمة الثالثة : أنه لا إشكال في أن القدرة شرط في تعلق الأمر بالمكلف ~~، ولكن هل يشترط ثبوت القدرة سابقا على الأمر ولو رتبة ، أم يكفي حصول ~~القدرة ولو بنفس الأمر؟ الأقوى الأخير ؛ لعدم وجود مانع عقلا في أن يكلف ~~العبد بفعل يعلم بأنه يقدر عليه بنفس الأمر. # إذا عرفت هذا فنقول : الفعل المقيد بعدم الدواعي النفسانية وثبوت الداعي ~~الإلهي الذي يكون موردا للمصلحة الواقعية وإن لم يكن قابلا لتعلق الأمر به ~~بملاحظة الجزء الأخير للزوم الدور أو لما مر ، أما من دون ضم القيد الأخير ~~لا مانع منه. # ولا يرد أن هذا الفعل من دون ملاحظة تمام قيوده التي منها الأخير لا يكاد ~~أن يتصف بالمطلوبية ، فكيف يمكن تعلق الطلب بالفعل من دون ملاحظة تمام ~~القيود التي يكون بها قوام المصلحة. # لأنا نقول : عرفت أنه قد يتعلق الطلب بما هو لا يكون مطلوبا في حد ذاته ، ~~بل يكون تعلق الطلب به لأجل ملاحظة حصول الغير والفعل المقيد بعدم دواعي PageV01P099 # النفسانية وإن لم يكن تمام المطلوب النفسي مفهوما ، ولكن لما لم يوجد في ~~الخارج إلا بداعي الأمر لعدم إمكان خلو الفاعل المختار عن كل داع ، يصح ~~تعلق الطلب به ؛ لأنه يتحد في الخارج مع ما هو مطلوب حقيقة ، كما لو كان ~~المطلوب الأصلي إكرام الإنسان ، فإنه لا شبهة في جواز الأمر بإكرام ms0089 الناطق ~~؛ لأنه لا يوجد في الخارج إلا متحدا مع الإنسان الذي إكرامه مطلوب أصلي. # وكيف كان فهذا الأمر ليس أمرا صوريا بل هو أمر حقيقي وطلب واقعى ؛ لكون ~~متعلقه متحدا في الخارج مع المطلوب الأصلي ، نعم يبقى الإشكال في أن هذا ~~الفعل أعني : الفعل المقيد بعدم الدواعي النفسانية مما لا يقدر المكلف على ~~إيجاده في مرتبة الأمر فكيف يتعلق الأمر به؟ وقد عرفت جوابه في المقدمة ~~الثالثة. # ثم الكلام في مورد الشك في التعبدية والتوصلية على هذين الوجهين هو ~~الكلام في دوران الأمر بين المطلق والمقيد ؛ إذ لا إشكال في أن احتمال ~~التعبدية احتمال قيد زائد ، فالشك فيه من جزئيات الشك في المطلق والمقيد ، ~~فإن كانت مقدمات الأخذ بالإطلاق موجودة نحكم بإطلاق الكلام ونرفع القيد ~~المشكوك ، وإلا فالمرجع هو الأصل الجاري في دوران الأمر بين المطلق والمقيد ~~، ولما كان المختار فيه بحسب الأصل العملي البراءة فنحكم بعدم لزوم القيد. # فاتضح مما ذكرنا من أول العنوان إلى هنا وجوه اربعة في تصوير العبادات ~~وأنت خبير بأن كل ما قلنا في الواجبات النفسية العبادية يجري مثله في ~~الواجبات المقدمية العبادية ، فلا نحتاج إلى إطالة الكلام بجعل عنوان لها ~~مستقلا. ### || «فصل» # الوجوب إما تعييني ، وإما تخييري ، وإما عيني ، وإما كفائي ، وإما نفسي ، ~~وإما غيري. وربما يتوهم أن التخيير الشرعي راجع إلى التخيير العقلي وأنه ~~متعلق بالجامع بين المتباينين أو المتباينات ، فهو في الحقيقة وجوب واحد ~~تعييني يتعلق بموضوع واحد ، والفرق بينه وبين التعييني المصطلح أن الأفراد ~~هناك واضحة عندنا PageV01P100 # وهنا يحتاج إلى بيانها من الشرع ، فالأمر المتعلق بالأفراد إرشادي مسوق ~~لبيانها ، والملزم أمر آخر متعلق بالجامع مكشوف بهذا الأمر ، وذلك لضرورة ~~استحالة استناد المصلحة الواحدة التي يريد الآمر تحصيلها من كل واحد على ~~البدل إلى المتعدد ، فإذا قال : أكرم زيدا أو عمروا فلا بد أن يكون بينهما ~~جامع كانت المصلحة مترتبة على إكرامه كالأبنية للبكر. # ويمكن أن يقال : إن البرهان وإن كان مسلما لا محيص عنه ، لكن المدعى وهو ~~تعلق الأمر بالجامع قابل ms0090 للمنع ، فالغرض والداعي أعني : المصلحة لا بد أن ~~يتعلق بعنوان واحد ولا يلزم أن يكون هذا العنوان متعلقا للأمر ، بل يمكن أن ~~يكون متعلق الأمر عنوانات أخر متعددة. # والأصل في ذلك أنه متى تعلق غرض الآمر بعنوان فلا يلزم عليه توجيه الخطاب ~~نحو هذا العنوان ، بل يمكن توجيهه نحو عنوان مغاير له إما لعدم إمكان توجهه ~~للعنوان الأول ، كما إذا كان مقيدا بداعي الأمر كما مر ، وإما لحكمة يقتضي ~~ذلك مثل أن يكون البعث نحو العنوان الأول موجبا لخطاء المخاطب في مقام ~~تعيين مصاديقه ، فلا جرم يختار الآمر من بين المصاديق عنوانا لا يشتبه على ~~المخاطب مصاديقه فيأمره به. # مثلا : لو تعلق الغرض بعنوان النافع للصفراء فلو أمر به وقيل : اشرب ~~النافع للصفراء ربما يعينه المخاطب في مصداق الضار ؛ فلهذا يؤمر بشرب ~~السكنجبين ، فالحق بعد وضوح فساد كون المتعلق ما هو المعلوم عند الله إتيان ~~العبد به ، وإلا لزم أن لا يكون واجب في حقه على تقدير العصيان وعدم ~~الإتيان ، أو كونه أمرا مبهما مرددا بين الشيئين أو الأشياء واقعا أي عند ~~الأمر لعدم معقولية تعلق الإرادة بالأمر المبهم ، وبعد شهادة الوجدان بأن ~~قول المولى : أكرم زيدا أو عمروا أمر بعنوان إكرام الزيد وعنوان إكرام ~~العمر ولا بعنوان آخر جامع لهما أن PageV01P101 # يقال (1): إن الطلب التخييري سنخ مستقل من الطلب وهو طلب واحد له قرنان ~~أو ثلاثة قرون أو أربعة فصاعدا قد تعلق كل قرن منه بخاص. # فحاله حال الشك ؛ فإنه متقوم بطرفي الوجود والعدم بحيث يرتفع بارتفاع ~~أحدهما ، وكذا الطلب المتقوم بالقرنين أيضا يرتفع بكسر أحد قرنيه بإتيان ~~متعلقه وكذا المقوم بالثلاثة فصاعدا ، فبقولنا : طلب واحد ، خرج الطلب ~~الاستغراقي كأكرم كل واحد من هذين ، فإنه ينحل إلى طلبات متعددة غير مرتبط ~~بعضها بالبعض ، وبقولنا : قد تعلق كل قرن منه بخاص خرج الطلب المجموعي ؛ ~~فإن كل واحد من الشيئين أو الأشياء قد لوحظ فيه على نحو الجزئية لا على نحو ~~الاستقلال. # وبعبارة اخرى الإرادة علقت أولا بإكرام زيد مثلا ، ثم ms0091 غض النظر عنه كأنه ~~لم يكن في البين أصلا وجيء في محله بآخر ثم غض النظر عنه أيضا وجيء بثالث ~~وهكذا ، لا أنها علقت بعنوان واحد اخذ مرآتا للإكرامات ، ولا بالمجموع ~~المركب منها الملحوظ شيئا واحدا ، وهذا النسخ من الطلب لا بد من تصويره ، ~~افرض أن التخيير الشرعي راجع إلى طلب واحد متعلق بالجامع ؛ إذ ننقل الكلام ~~حينئذ إلى التخيير العقلي فيما إذا وقعت الطبيعة موردا للأمر ، فإن الحاكم ~~باجراء كل فرد هو العقل فلا يمكن تصحيح هذا الطلب الإرشادي للعقل إلا بهذا الوجه. # فتبين مما ذكرنا أن الوجوب التخييري يحتاج إلى مئونة زائدة ليست في ~~التعييني وهو العدل ، وكذا الوجوب الكفائي ؛ فإنه يحتاج في التحقق إلى ~~العدل في طرف المكلف ، وكذا الوجوب الغيري فإنه عبارة عن وجوب شيء بملاحظة ~~الوصلة به إلى واجب آخر ، فهذه الملاحظة مئونة زائدة وليست في الوجوب ~~النفسي ، ولا شك أن ما وضع له الصيغة في جميع هذه المقامات الثلاثة هو ~~المعنى الأعم الجامع بين القسمين بشهادة الوجدان بأن الصيغة عند إرادة ~~الوجوب التخييري أو الكفائي أو الغيري قد استعملت في معناه عند إرادة ~~الوجوب التعييني أو العيني أو النفسي لا في معني آخر مجازي. PageV01P102 # فعلى هذا لو شك في أن المراد بالصيغة أي القسمين في جميع هذه المقامات أو ~~بعضها وفرض كون المتكلم بصدد البيان ، أمكن نفي ذي المئونة منهما وإثبات ~~غيره بمقدمات الحكمة ، وليس إعمال هذه المقدمات لإجراء الإطلاق مقصورا على ~~ما إذا كان نتيجته التوسعة ، بل يصح ولو كانت هي التضييق كما في ما نحن فيه ~~؛ فإن دائرة الوجوب التعييني أضيق من التخييري ، وكذا العيني والنفسي ~~بالنسبة إلى قسيميهما ؛ ضرورة عدم الفرق في ذلك بين المقامين أصلا. # إنما الكلام في أن حملها على غير ذي المئونة في هذه المقامات موقوف على ~~هذه المقدمات بحيث لولاها حصل التحير أو لا ، بل ينصرف منها غير ذي المئونة ~~عند عدم القرينة على شيء آخر؟ الحق هو الثاني ، وحينئذ فلا حاجة إلى إحراز ~~كون المتكلم بصدد ms0092 البيان ؛ فإن هذا المقدار من البيان أعني بيان مفاد اللفظ ~~وتفهيمه موجود في جميع الألفاظ حتى ما كان مفاده الطبيعة المهملة ، ~~والألفاظ التي مفادها هذه الطبيعة يحتاج إلى وجود بيان في البين أزيد من ~~هذا المقدار. # والدليل على الانصراف المذكور أنه لو قال المولى : أكرم زيدا فأكرم العبد ~~عمروا واعتذر بأن : مفاد الصيغة بحسب الوضع ليس إلا المعنى الأعم ، واحتملت ~~أن يكون مرادك وجوب إكرام زيد أو عمرو على سبيل التخيير ، ولم أحرز كونك ~~بصدد البيان ، وحكم عقلي بأنه كلما دار الأمر بين الأقل والأكثر فالأخذ ~~بالأقل مجز ، والأقل بحسب التكليف هو التخييري ، ليس ذلك منه مسموعا أبدا ، ~~ولو لم يكن الانصراف موجودا لكان مسموعا ، وكذا لو اكتفى عقيب قوله : أكرم ~~زيدا بإكرام عمرو إياه باحتمال أن يكون المراد هو الوجوب الكفائي ، واعتذر ~~بعدم إحراز كون المولى بصدد البيان ، وكذا الكلام في الوجوب النفسي. ### || «فصل» # هل الصيغة بنفسها تدل على المرة أو التكرار وعلى الفور أو التراخي أو لا ~~يدل على شيء منها؟ توضيح الحال في هذا المجال يحصل بذكر مقدمة واحدة فنقول : PageV01P103 # لا شك أن للصيغة وضعين ماديا وهيئيا ، فالمادة أعني الحروف الأصلية ~~الجارية في هيئات المشتقات موضوعة بحكم الوجدان للجامع المقسمي وهو معنى ~~معرى عن كل قيد من المرة والتكرار والفور والتراخي بل الوجود والعدم ؛ ~~ولهذا يصح أن يقال : هذه الطبيعة موجودة أو معدومة وهو المقسم لغير الآبي ~~عن الحمل الذي هو معنى الأوصاف ، وللأبي عنه الذي هو معنى سائر المشتقات من ~~المصادر وغيرها. # وأما الهيئة فهي موضوعة للإرادة إما الفعلية القائمة بالنفس وإما ~~الإيقاعية ، فلا محالة يكون المعنى عند انضمام الهيئة بالمادة إرادة ~~الطبيعة ، ولا شك أن الطبيعة بنفسها غير قابلة لتعلق الإرادة بها ؛ لأنها ~~ليست إلا هي ، فلا بد بحكم العقل من لحاظ الوجود معها أعني جامع الوجودات ~~الخارجية الذي هو بنفسه متحقق في الخارج كما في الذهن ، غاية الأمر أنه في ~~الأول موصوف بالتكثر ، وفي الثاني بالوحدة ، فبانضمام القيد العقلي إلى ~~المفاد اللفظي يصير المتحصل ms0093 إرادة وجود الطبيعة. # وتعلق الطلب بالطبيعة بلحاظ الوجود يتصور على أربعة أنحاء : # الأول : أن يتعلق بها بلحاظ الوجود الساري بحيث صار عند التحليل كل وجود ~~موضوعا مستقلا لطلب مستقل كما في «تواضع للعالم». # الثاني : أن يتعلق بلحاظ مجموع الوجودات من حيث المجموع. # الثالث : أن يتعلق بها بلحاظ إحدى الوجودات على نحو مدلول النكرة فيكون ~~المطلوب ساريا إلى تمام الوجودات على البدل # فإن قلت : الطلب في هذه الثلاثة متعلق بالفرد ؛ لأن وجود الطبيعة عين ~~الفرد فهي خارجة عن الفرض من تعلقه بالطبيعة. # قلت : للوجود إضافتان : واحدة إلى الفرد واخرى إلى الطبيعة ، والمراد في ~~المقام هو بلحاظ إضافته إلى الطبيعة ، وهو وإن كان ينطبق في الخارج على ~~الفرد لا محالة ، لكن سهم الصيغة ليس إلا صرف وجود الطبيعة بأحد هذه ~~الأنحاء الذي هو منفك في الذهن عن جميع الخصوصيات الفردية ، فإفهامها محتاج ~~إلى دال زائد. # الرابع : أن يتعلق بلحاظ صرف الوجود الذي هو نقض العدم الأزلي ، وهو PageV01P104 # ينطبق قهرا على الوجود الأول ؛ لا أن الأولية مأخوذة فيه وبعد ذلك لا ~~ينطبق على الأفراد المتأخرة ؛ إذ نقض العدم الأزلي للطبيعة لا يعقل فيه ~~التكرار ، والوجود بأي نحو من هذه الأنحاء كان لا يمتنع العقل من أخذه في ~~متعلق الإرادة ، فإن كان في البين قرينة على إرادة أحدها فلا كلام ، وإلا ~~فحيث لا انصراف في البين فقضية مقدمات الحكمة لو كان المتكلم بصدد البيان ~~إرادة الأقل مئونة الذي هو الوجه الأخير ، فجزؤه العدمي أعني : عدم المئونة ~~الزائدة يحرز بهذه المقدمات ، وجزئه الأخير أعني أصل الوجود محرز بحكم ~~العقل ، فيصير المتحصل من مجموع القيد العقلي ومفاد الصيغة إرادة صرف وجود ~~الطبيعة. # وهذا معنى معرى عن المرة والتكرار والفور والتراخي ، نعم له انطباق قهري ~~على المرة ، وعلى هذا فيمتنع الامتثال بالفرد الثاني وما بعده ؛ إذ لا يعقل ~~سلب الانطباق عن الفرد الأول ؛ ولهذا قيل : الامتثال عقيب الامتثال محال. # لكنهم ذكروا هنا شيئا وهو أن الغرض والنتيجة الداعية إلى الأمر تارة يحصل ~~بمجرد الإتيان بالمأمور به كما ms0094 لو قال : اضرب زيدا ، فبحصول الضرب يحصل ~~الغرض وهو التشفي، وحينئذ يكون الفرد الثاني وما بعده لغوا لا محالة ، ~~واخرى لا يحصل بمجرد إتيانه كما لو قال المولى لعبده : اسقني شربة من الماء ~~فأتى بالماء ووضعه في جنبه ولكن لم يشربه المولى بعد ، وحينئذ لو وجد العبد ~~ماء أعذب وأبرد من الأول فبادر وأتى به إلى المولى قبل شرب الأول ليرفع ~~عطشه بالثاني فهو كأنه بدل فرد الامتثال بفرد آخر وجعل ما أتى به ثانيا ~~عوضا عما أتى به أولا ، ويعد فعله مستحسنا عند العقلاء ويصير نفسه ممدوحا ؛ ~~لأنه فعل فعلا نافعا لغرض المولى ، وهذا الفعل الثاني وإن لم يكن امتثالا ~~للأمر وخروجا عن عهدته ولهذا ليس للمولى إلزام العبد به ، لكنه يحسب بدلا ~~عن الفعل الأول بمعنى أن المولى يستعمله في محل الأول ويحصل منه فائدة ~~الأول وثمرته. # وبالجملة فعدم لغوية الفرد الثاني بل استحسانه واقامته مقام الفرد الأول ~~في تحصيل الغرض فيما إذا كان الغرض متأخر الحصول عن المأمور به لا امتناع ~~فيه عقلا قطعا. PageV01P105 # وحيث اشكل عليهم الأمر في باب الصلاة المعادة جماعة من حيث إن قضية كون ~~مطلوبية الصلاة بلحاظ صرف الوجود وامتناع الامتثال عقيب الامتثال بطلانها ، ~~ومع ذلك ورد النص الصريح بصحتها كقوله عليه السلام : «يختار الله أحبهما ~~إليه» جعلوا هذا محملا للصحة ، ببيان أن ما هو المطلوب في حد ذاته غير ~~المطلوب من المكلف ، فرفع العطش في المثال مطلوب للآمر وليس مطلوبا إيجاده ~~من المأمور ، بل يحصل بفعله ، وفعل الأمر مفاد المطلوب منه إنما هو إتيان ~~الماء فقط ، ولا شك أنه يحصل ويسقط بالفرد الأول ، فيمكن أن يأتي المأمور ~~بداعي المطلوب الذاتي الذي لم يسقط بعد بالفرد الثاني ويصرفه الآمر في مصرف ~~الفرد الأول ، وكما يمكن ذلك في حق البشر فكذا في حقه تعالى ، غاية الأمر ~~أن المطلوب الذاتي له تعالى أبدا ينفع بحال العبد ويعود إليه ، وللبشر قد ~~يكون كذلك وقد يعود إلى نفسه. # لكن لهم شبهة اخرى في باب صحة صلاة من ms0095 جهر في صلاته مقام الإخفات أو عكس ~~ناسيا أو جاهلا ولو جهلا لا يعذر فيه ، كما هو قضية إطلاق لفظ «لا يدري» في ~~الخبر وعدم لزوم الإعادة عليه لا في الوقت ولا في خارجه كما هو قضية قوله ~~عليه السلام فيه : «تمت صلاته» وهي : أن الجاهل المقصر كيف يحكم عليه المولى ~~إذا علم بالمسألة في الوقت بأنه لا يلزم عليك الإعادة بل صلاتك مجزية ومع ~~ذلك اعاقبك على ترك كيفية الصلاة من الجهر أو الإخفات ، مع أن العقل حاكم ~~بأن اللازم حينئذ إلزامه بالإعادة ورفع العقاب عنه لفرض بقاء الوقت. # وأجابوا عنها بأنه يمكن أن يكون للمولى غرض أقصى متعلق بالصلاة بالجهر أو ~~الإخفات ، لكنه إذا انعدمت الكيفية فنفس الصلاة أيضا مشتملة على مقدار ~~مصلحة واجب ، فالصلاة مع الكيفية ذات مصلحتين ملزمتين إحداهما قائمة بنفسها ~~والاخرى بكيفيتها ، وعلى هذا يصير الحكم بصحة الصلاة وعقوبة المكلف كلاهما صحيحا. # أما الأول فلأنه قضية قيام المصلحة الملزمة بنفس الصلاة ، وأما الثاني ~~فلأنه يلزم من صحة الصلاة وسقوطها عن المكلف فوات محل المصلحة الملزمة ~~القائمة بالكيفية و PageV01P106 # سقوطه عن القابلية ، فلا يمكن إدراكها بعد ذلك ؛ لعدم المحل لها ، فيعاقب ~~المكلف على ذلك لاستناده إليه. # وأنت خبير بأنه بناء على ما ذكروه في تصوير صحة الصلاة المعادة جماعة ~~يلزم أن لا يفوت محل هذه المصلحة لإمكان إدراكها بالصلاة المعادة جماعة ~~التي هي أفضل من الصلاة مع الكيفية ، فيعود الإشكال من أنه يلزم حينئذ ~~الحكم بلزوم إعادتها كذلك ورفع العقاب ، لا عدم اللزوم والعقاب. # واجيب عن هذا بوجهين : # الأول : أن الأخبار الواردة باستحباب الإعادة جماعة لا يشمل المقام ؛ إذ ~~مورد السؤال فيها هو ما إذا وقعت الصلاة المنفردة كاملة. # فإن قلت : كيف ذلك ولا مخصص لها لا عقلا ولا شرعا؟. # قلت : لا عموم ولا إطلاق لهذه الأخبار بالنسبة إلى المقام حتى يسأل عن ~~المخصص ؛ وذلك لأن خصوصية السؤال ربما يوجب عدم ظهور الجواب في العموم أو ~~ظهوره في الخصوص ، فالثاني كقوله عليه السلام في الجواب عن ms0096 السؤال من الشرب ~~من الإناء المفضض : «اشرب منه واعزل فمك عن موضع الفضة» فإن اللام في لفظ ~~الفضة بقرينة السؤال عهدية وإشارة إلى الفضة المتصلة بالإناء ولا يشمل ~~غيرها وإن كان لو قيل ابتداء : اعزل فمك عن موضع الفضة كان اللام ظاهرا في ~~الجنس والأول كما في أخبار الباب ؛ فإن الجواب فيها بالنسبة إلى غير مورد ~~السؤال ، وهو ما إذا وقعت الصلاة المنفردة كاملة مجمل ، وإحراز الإطلاق ~~بمقدمات الحكمة غير ممكن ، أما بناء على اشتراط اعمالها بعدم وجود القدر ~~المتيقن في البين فواضح ، وأما بناء على عدم الاشتراط فلأن الإمام ليس في ~~مقام البيان بالنسبة إلى غير هذا المورد. # نعم ربما يكون عدم ملحوظية الخصوصية للمخاطبين وملغائيتها في نظرهما ~~مستفادا من الخارج ، كما لو سئل عن موت الفارة في القربة أو الحب هل موجب ~~للنجاسة أو لا؟ فقيل: موجب لها ؛ فإن من المعلوم أن نظرهما ليس إلى خصوص PageV01P107 # الفأرة والقربة أو الحب بل يعم كل نجس إذا لاقى الماء القليل. # ولكن الإنصاف أنه مع ذلك لا يمكن القطع بهذا الوجه أعني : اختصاص ~~الاستحباب بصورة كاملية الصلاة المنفردة ، فالأولى في الجواب هو الوجه ~~الثاني. # الثاني : أنه وإن كان الإعادة جماعة مستحبة هنا إلا أنه لا يمكن إدراك ~~تلك المصلحة الفائتة بها ، غاية الأمر أنه يدرك بها فضيلة الجماعة علاوة ~~على المصلحة الملزمة القائمة بنفس الصلاة ، فمفاد قوله : «يختار الله ~~أحبهما» أن الصلاة الثانية أحب بالنسبة إلى الاولى ، فإن كان الاولى كاملة ~~كانت الثانية أحب بالنسبة إلى الكامل ، وإن كانت ناقصة كانت الثانية أحب ~~بالنسبة إلى الناقص. ### || «فصل» # هل الصيغة الواردة عقيب الحظر ظاهرة في الوجوب أو في رفع الحظر؟ هنا ~~تفصيل وهو أن يقال : إن كان معلوما من الخارج أن نظر المتكلم إلى المنع ~~السابق وغرضه رفعه ، أو إلى رفع توهم المخاطب المنع ، فحينئذ لا إشكال في ~~محمولية الصيغة على الإباحة ورفع الحظر لا على الوجوب ، كما أنه لو علم من ~~الخارج عدم اعتماد المتكلم إلى قرينة المنع السابق وتوهمه وأن ms0097 حاله في هذه ~~الصيغة كحاله في سائر الصيغ الخالية عن القرينة في كونه مستأنفا في الكلام ~~فلا إشكال في حملها على الوجوب. # إنما الكلام فيما لو شك في نظره وكان مرددا بين هذين النظرين ، فنقول : ~~هذا من جزئيات ما لو كان للفظ ظاهر ، وكان متصلا بالكلام ما يصلح للقرينية ~~من حال أو مقال وشك في اعتماد المتكلم على هذه القرينة وعدم اعتماده ، وبنى ~~شيخنا العلامة قدسسره الكلام في ذلك على اعتبار أصالة عدم القرينة عند ~~العقلاء أو أصالة الحقيقة. # توضيح هذا الترديد أنه تارة يقسم اللفظ إلى ما لا قرينة ، معه وما معه ~~قرينة ويقال بأن الأول ظاهر عند العقلاء في المعني الحقيقي ، والثاني في ~~المعنى المجازي ، وأما نفس اللفظ الذي هو المقسم فلا ظهور له عندهم أصلا ، ~~واخرى يقال بأن نفس PageV01P108 # اللفظ حجة عند العقلاء ومقتض لحمله على معناه الحقيقي ويعملون به إلى أن ~~يثبت المانع أعني : القرينة ، فموارد ثبوت القرينة من باب تعارض الحجتين ~~وتقديم القرينة لكونها أقوى حجة. # فعلى الأول لا يحرز المقتضي والحجة إلا بعد إحراز عدم القرينة إما بالعلم ~~أو بالأصل، ولا يكفى مجرد اللفظ ، فلا محالة يكون اللفظ المذكور مجملا ؛ إذ ~~لا علم بعدم القرينة بالفرض ، وأصالة عدمها إنما يكون حجة عند العقلاء عند ~~الشك في وجود القرينة لا في قرينية الموجود الذي هو المفروض هنا. # وعلى الثاني لا يتوقف إحرازه على إحراز عدم القرينة بل يكفي عدم إحرازه ~~سواء كان من جهة الشك في أصل حدوثها أو في قرينية الموجود ، فحينئذ يكون ~~اللفظ المذكور حجة بلا معارض ؛ إذ مجرد الاحتمال لا يعارضها. # وتظهر ثمرة الوجهين أيضا في المخصص المجمل ، فعلى الأول لا بد أن يفرق ~~بين ما إذا كان منفصلا كما إذا ورد : أكرم العلماء ، ثم بعد مدة : لا تكرم ~~الفساق من العلماء ، وتردد مفهوم الفاسق بين مطلق المذنب وخصوص مرتكب ~~الكبيرة ، فيخصص العام بالنسبة إلى الفرد المتيقن الدخول تحت المخصص وهو ~~مرتكب الكبيرة ، ويرجع إليه في الفرد المشكوك وهو مرتكب الصغيرة ، ووجهه ms0098 أن ~~العام مستقر الظهور في العموم ، فلا يرفع اليد عنه إلا بحجة أقوى منه ، ~~والمخصص المذكور بالنسبة إلى الفرد الأول كذلك ، وأما بالنسبة إلى الفرد ~~الثاني فالعام سليم عن المعارض ، وبين ما إذا كان متصلا كما لو ورد أكرم ~~العلماء إلا الفساق منهم ، فيسري الإجمال منه إلى العام ؛ إذ المفروض أن ~~استقرار ظهور العام في شموله للفرد المشكوك متوقف على عدم قرينة معه على ~~خروجه وهو غير محرز هنا ؛ لإجمال المخصص ، وإحرازه بالأصل غير ممكن ؛ لما ~~عرفت من أن الشك في قرينية الموجود. # وعلى الثاني لا فرق بين الصورتين في الرجوع في الفرد المشكوك إلى العام ؛ ~~إذ المفروض أن المقتضي هو نفس العام وهو محرز في كلتا الصورتين مع عدم ~~إحراز المانع في كلتيهما أيضا. PageV01P109 # والظاهر من هذين الوجهين هو الأول ، والدليل عليه أنا نقطع بأن العقلاء ~~ما دام للمتكلم أن يضم اللواحق بكلامه الواحد لا يحكمون بشيء ، بل إذا ~~انقضى هذا الزمان يتأملون أولا في أن المستفاد من مجموع أجزاء الكلام ما ذا ~~ثم يحكمون بأنه مراد المتكلم ، وهذا كاشف عن أن المقتضي عندهم ليس هو ذات ~~اللفظ بل هو بوصف التجرد عن القرينة. ### | فصل في الإجزاء # الإتيان بالمأمور به على وجهه وبلا زيادة ونقيصة موجب لسقوط الأمر ، ولا ~~يعقل مع ذلك بقائه ؛ لكونه طلبا لتحصيل الحاصل من دون فرق في ذلك بين ~~التوصلي والتعبدى ، وأما وجوب الإتيان ثانيا في التعبديات لو أخل بقصد ~~القربة فإما من جهة اعتبار ذلك في المأمور به ، وإما من جهة تعلق الأمر ~~بالإتيان بالفعل ثانيا بعد سقوط الأمر الأول ؛ لعدم حصول الغرض الأصلي ، ~~وقد عرفت تفصيل ذلك فيما تقدم. # ولا بين العناوين الأولية للمكلف والثانوية ، ولا في الثانية بين ما يكون ~~من قبيل الاضطرار كفقدان الماء بالنسبة إلى الأمر بالتيمم وما يكون من قبيل ~~الشك ، كالشك في وجوب السورة بالنسبة إلى الأمر بالصلاة بلا سورة ، ويسمى ~~الأوامر المتعلقة بالاولى بالواقعية الثانوية ، لكون موضوعها هو العاجز عن ~~الإتيان بالواقع الأولي ، والأوامر المتعلقة بالثانية بالظاهرية ms0099 ؛ لكون ~~موضوعها هو الجاهل بالواقع والشاك فيه. # فمن كان تكليفه الصلاة قاعدا إذا أتى بها كذلك فلا شك في سقوط الأمر ~~بالصلاة قاعدا عنه ، ولا إشكال لأحد في ذلك كله ، سوى ما مر من تصوير عدم ~~السقوط في التعبدي لكون الغرض متعلقا بالأخص ، وعرفت دفعه وأنه لا محيص عن ~~الإشكال إلا بالالتزام بتعدد الأمر أو بتقيد متعلقه بأحد الوجهين السابقين. PageV01P110 # وإنما الكلام في أن امتثال الأوامر المتعلقة بالعناوين الثانوية أعم من ~~الواقعية الثانوية والظاهرية مسقط للأوامر الواقعية ومجز عنها أولا؟ # فمن فقد الماء وتيمم ثم وجده إما في الوقت بناء على عدم اعتبار استيعاب ~~الفقدان لتمام الوقت أو في خارجه مطلقا ، فهل يقتضي دليل وجوب الوضوء أداء ~~أو قضاء أدائه على الأول وقضائه على الثاني أو لا؟ تحقيق ذلك يقتضي الكلام ~~في موضعين : # الأول : في إجزاء الامتثال للأوامر المتعلقة بالقسم الأول من العناوين ~~الثانوية عن الواقع وعدمه وهو يتم بالبحث في مقامين : # الأول : في تصوير أنحاء تعلق الأمر بهذا القسم من العناوين بحسب مقام ~~اللب والثبوت اللازم من بعضها الإجزاء ومن البعض الآخر عدمه # والثاني في أن الأوامر الشرعية المتعلقة بهذه العناوين يكون على أي نحو ~~من هذه الأنحاء بحسب ما يستفاد من أدلتها. # المقام الأول : اعلم أنه يتصور تعلق الأمر بهذه العناوين على أنحاء. # الأول : أن تكون المصلحة التي تحصل من الفعل التام بالنسبة إلى الفاعل ~~المختار حاصلة بعينها من الفعل الناقص بالنسبة إلى الفاعل العاجز. # الثاني : أن يكون المصلحة التي تحصل من الأول والتي تحصل من الثاني ~~متغايرتين بالسنخ. # الثالث : أن يكونا متحدتين بالسنخ ، لكن كانت الاولى مرتبة شديدة كاملة ~~منه ، والثانية مرتبة ضعيفة ناقصة وهذا يتصور على نحوين : # الأول : أن تكون زيادة المصلحة الاولى على الثانية لازم الاستيفاء ، ~~وإنما لم يستوفها الآمر من العاجز لعجزه عما يحصل هذه الزيادة به من الفعل التام. # الثاني : أن تكون راجح الاستيفاء بحيث لو أمكن للمختار تحصيل الأصل على ~~حدة وتحصيل الفرع على حده كان الأول عليه واجبا والثاني مستحبا ، لكن ms0100 حيث ~~انحصر في حقه تحصيل الأصل فيما يحصل بسببه الفرع أيضا كان هو الواجب PageV01P111 # عليه ، وصورة كون الزيادة لازم الاستيفاء أيضا يكون على نحوين : # الأول : أن تكون الزيادة ممكن الاستيفاء بعد إتيان المكلف بما يحصل بسببه ~~الأصل من الفعل الناقص. # والثاني : أن تكون غير ممكن الاستيفاء بعد ذلك. # فلا شك على النحو الأول من هذه الأنحاء في حصول الإجزاء وعدم لزوم ~~الإعادة عند زوال العذر ؛ إذ لا وجه للزومها بعد إدراك عين المصلحة الحاصلة ~~بالفعل التام بتمامها وكما لها ، بل طلب الإعادة حينئذ لغو ، بل يجوز حينئذ ~~أن يزيل المختار القدرة والاختيار عن نفسه ، وكذا يجوز البدار بأن يبادر ~~الفاعل عند عدم التمكن إلى الفعل الناقص مع العلم بحصول التمكن في آخر ~~الوقت أو رجاء حصوله ، أو يبادر الآمر إلى الأمر به مع ذلك. # ولازم النحو الثاني أنه متى تبدل العنوان وصار المكلف متمكنا بعد الإتيان ~~بالفعل الناقص وجب عليه الفعل التام ؛ لأن المصلحة القائمة به مغايرة ~~للمصلحة الاولى وملزمة ، إلا أن يكون إيجاد الفعل الناقص في حال عدم التمكن ~~مفنيا لموضوع هذه المصلحة. # ولازم النحو الثالث وهو أن يكون المصلحتان من باب الزائد والناقص وكانت ~~الزيادة لازم الاستيفاء وممكنة عدم حصول الإجزاء بمعنى أنه يجب عند التمكن ~~الإتيان بالفعل التام لتحصيل هذه الزيادة ، بل يجوز حينئذ البدار للمكلف ~~إلى الإتيان وإن كان يرجو زوال عذره ، بل وإن كان يقطع بذلك ، وكذا الآمر ~~إلى الإيجاب على المكلف وإن كان ممن يزول عذره في علم الله في الوقت ، لعدم ~~استلزامه لتفويت مصلحة لزومية بل لتفكيك مصلحتين لزوميتين في التحصيل ، هذا ~~إذا كانت المصلحة مرتبة على الاضطرار الفعلي ، وأما لو كانت مرتبة على ~~الاضطرار المستوعب في الوقت ، فلا يتعلق التكليف بالفعل الاضطراري إلا على ~~من كان في علم الله مضطرا في تمام الوقت ، فلو أتى بالفعل في أول الوقت ثم ~~انقطع عذره في الأثناء يكشف عن عدم كون ما أتى به مأمورا به ، وكذا الكلام ~~في النحو الخامس. PageV01P112 # ولازم النحو الرابع وهو ms0101 أن تكون الزيادة واجب الاستيفاء وغير ممكنة حصول ~~الإجزاء وعدم وجوب الإتيان بالفعل التام عند عود التمكن ؛ للغويته بعد عدم ~~إمكان إحراز المصلحة الفائتة به ، وعلى هذا لا يجوز للآمر الأمر بالناقص ~~بمجرد حصول العجز في بعض الوقت مع العلم بزواله في آخره أو رجاء ذلك ، ولا ~~للمكلف سلب التمكن من نفسه لمنافاة جوازهما ، للزوم الزيادة وعدم إمكان ~~استيفائها. # ولازم النحو الخامس وهو أن تكون الزيادة غير لازم الاستيفاء واضح أنه ~~الإجزاء وجواز البدار ؛ لعدم لزوم استيفاء الزيادة. # المقام الثاني : اعلم أنه يمكن استظهار عدم وجوب إعادة الفعل كاملا على ~~من أتى به ناقصا للعجز إذا تمكن منه كاملا من قوله تعالى : ( @QUR@05 إذا ~~قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) الخ، وبيانه أنه إذا توجه من المولى الخطاب ~~العام بالصلاة إلى جميع المكلفين فقال : اقيموا الصلاة ثم قال بعد ذلك : ~~إذا أردتم الصلاة فالواجد منكم للماء لا بد أن يتوضأ والفاقد أن يتمم ~~والجنب أن يغتسل فلا شك أن الظاهر من هذا عرفا أن هذه الحقيقة الواحدة ~~المطلوبة من الجميع يختلف كيفية امتثالها باختلاف الأشخاص ، وأن الفعل ~~الناقص من الفاقد يقوم مقام الكامل من الواجد ويفيد فائدته من إسقاط ذاك ~~الأمر العام ، وأن ذلك من باب قيام الركعتين من المسافر مقام الأربع ركعات ~~من الحاضر ، لا من باب ما لا يدرك كله لا يترك كله. # وعلى هذا فأحد الحكمين ليس في طول الآخر بل كلاهما في عرض واحد ومرتبة ~~واحدة ، وتوصيف أحدهما بالأولية والآخر بالثانوية إنما هو باعتبار حال ~~متعلقهما لا نفسهما ، حيث إن الاختيار والقدرة هو مقتضى الطبيعة الأولية ~~لنوع المكلفين ، فيكون الاضطرار عنوانا ثانويا على خلاف الأصل. # فيعلم مما استفيد من الآية من الإجزاء أن فعل المضطر لا يخلو إما أن يكون ~~محصلا لعين مصلحة فعل المختار كما هو النحو الأول ، أو مع زيادة في الثاني ~~غير لازم الاستيفاء كما هو النحو الخامس ، أو مع زيادة فيه لازم الاستيفاء ~~وغير ممكنة كما هو النحو الثالث. PageV01P113 # وربما يتمسك لتعين أحد الأولين بأن ms0102 مفاد الآية الشريفة بإطلاقها أن ~~المكلف لو لم يجد الماء سواء كان في تمام الوقت أم في أوله يتيمم ، فيدل ~~على جواز البدار عند عدم الوجدان في أول الوقت ، ومن المعلوم أنه لو كان في ~~فعل الوضوء زيادة مصلحة غير ممكن الاستيفاء لما جاز ذلك ، بل وجب الصبر إلى ~~آخر الوقت. # ولكنك خبير بأنه لا إطلاق في الآية حتى يتمسك به على جواز البدار ، وذلك ~~لأن عدم الوجدان إذ اخذ في مقابل وقت موسع كوقت الصلاة فلا شك أنه لا يتحقق ~~إلا بعدم الوجدان في تمام أجزاء هذا الوقت ، ولا إطلاق به بالنسبة إلى عدم ~~الوجدان في بعضه فقط وإن كان يصدق عليه عدم الوجدان لغة. # ثم على تقدير عدم الدليل على الإجزاء يتعين الرجوع إلى الأصل وهو هنا ~~البراءة ؛ لأن الشك في حدوث التكليف بعمل المختار عند حدوث الاختيار بعد ~~العلم بعدمه في حال الاضطرار ، بل يمكن استصحاب عدمه الثابت في تلك الحال ~~بناء على ما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى ، ولا فرق في ذلك بين الإعادة ~~والقضاء. # لا يقال : مقتضى وجوب قضاء ما فات وجوب العمل التام عليه لصدق فوت العمل ~~التام عنه # لأنا نقول : يعتبر في صدق الفوت اشتمال العمل على المصلحة المقتضية ~~للإيجاب عليه ولم يستوفها المكلف ، والمفروض احتمال استيفاء المكلف العاجز ~~تلك المصلحة بإتيان الناقص ومع هذا الاحتمال نشك في صدق الفوت الذي هو ~~موضوع ادلة القضاء. # الموضع الثاني : في أن الأحكام الظاهرية المجعولة للشاك في الواقع هل هي ~~مجزية عن الواقع لو انكشف للمكلف في الوقت أو في خارجه أولا؟ مثلا لو قام ~~على وجوب صلاة الجمعة أمارة وعمل بها المكلف ثم صار في الوقت عالما بخطائها ~~وأن الواجب هي الظهر فهل يجب عليه حينئذ الإتيان بالظهر؟ وكذا لو علم بذلك ~~في خارج الوقت أولا؟ # الكلام في ذلك مبني على الوجهين في كيفية جعل الأمارات والتعبد بها : # الأول وهو المنسوب إلى الشيخ قدسسره أن يكون على وجه السببية وهي أن PageV01P114 # يكون قيام ms0103 الأمارة سببا لحدوث مصلحة في مؤداها ؛ فإن الأحكام الشرعية ~~تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها وهي تختلف باختلاف الوجوه والاعتبارات ~~، وكوننا ظانين بصدق الراوي صفة من صفاتنا كالاضطرار ، وكون الفعل مما أخبر ~~بوجوبه الثقة مثلا صفة من صفاته ، فيمكن أن يحدث فيه بواسطة هذه الصفة ~~مصلحة تكون هي أقوى من مصلحة الواقع في نظر الشارع على تقدير مخالفته ~~للواقع. # الثاني : أن يكون على وجه الطريقية بأن يكون المتعلق للحكم والمصلحة أبدا ~~هو الواقع من دون أن يكون في نفس سلوك الأمارة مصلحة ، إلا أنه لما اقتضت ~~الحكمة تسهيل الأمر على المكلفين ونصب الطرق الموصلة إلى الواقع لهم جعل ~~الشارع هذه الطرق طريقا إليه ، فإن عمل بها المكلف وكانت مؤدية إلى الواقع ~~فهو ، وإن كانت مؤدية إلى خلافه فالمكلف صفر اليد عن المصلحة أصلا لكنه ~~معذور كالجاهل المركب ، وبناء العلماء في هذه الأزمنة على هذه الوجه كما ~~يأتي إنشاء الله في جواب ابن قبة. # فعلى الأول الكلام هنا هو الكلام في الأحكام الواقعية الثانوية بحسب مقام ~~الثبوت ، فيجري الأنحاء الخمسة السابقة هنا ، والفرق بينهما في ثبوت الدليل ~~هناك في مقام الإثبات وعدمه هنا ؛ فإن الأصل أعني السببية لا دليل عليه ~~والتكلم فيه إنما هو على وجه البناء ، فالفرع وهو كونها على وجه يوجب ~~الإجزاء وعدمه كذلك بطريق أولى ، فيتعين الرجوع في مقام العمل إلى الأصل ، ~~وأما أنه البراءة أو الاشتغال فسيأتي بيانه. # وأما على الثاني فلا وجه لسقوط الأمر الواقعي بموافقة الأمر الظاهري مع ~~انكشاف المخالفة في الوقت ؛ لوضوح أن سقوط الأمر إما أن يكون من جهة ~~الإطاعة وهي مفروض الانتفاء في المقام وإما أن يكون من جهة العصيان وانقضاء ~~الوقت وهو أيضا مفروض العدم هنا ، وإما أن يكون من جهة عدم بقاء المحل ~~للأمر الواقعي مع موافقة الأمر الظاهري ، وهذا وإن كان محتملا ، لكن الأصل ~~وحكم العقل هو الاشتغال. PageV01P115 # وذلك لأن العقل كما أنه مستقل فيما إذا علم العبد بتوجه الخطاب إليه في ~~زمان علمه ثم شك في الزمان البعد في ms0104 حصول المبرئ وعدمه بوجوب تحصيل اليقين ~~بالبراءة وعدم صلاحية احتمال خصوص المبرئ حجة له عند مولاه على تقدير عدم ~~حصوله واقعا ، فكذلك هو مستقل بهذا الحكم فيما إذا علم في الزمان اللاحق ~~بتوجه الخطاب إليه في الزمان السابق ، وشك في هذا الحال في بقاء الخطاب ~~لاحتمال حصول المسقط قبل ذلك اتفاقا بلا فرق ، مثلا لو علم في أول الظهر ~~بتوجه خطاب توصلي إليه قبل ذلك ممتد من أول الطلوع إلى الغروب ولكن احتمل ~~أن يكون قد تبرع بالفعل متبرع فيكون التكليف عنه ساقطا ، فهو وإن كان في ~~زمان علمه شاكا في فعلية التكليف وبقائه ، وفي زمان فعليته وهو زمان ما قبل ~~الظهر غير عالم به ، لكن العقل يحكم عليه بوجوب الإتيان وعدم قبح العقاب ~~على تقدير عدمه وعدم حصول التبرع من الغير. # وبالجملة ، فيكفي في حكم العقل بالاشتغال العلم بثبوت التكليف الفعلي في ~~زمان ما وإن لم يكن هذا الزمان ظرفا للعلم. # ومن هنا يظهر أنه على القول بكون العلم الإجمالي منجزا للتكليف لا فرق ~~بين أن يكون العلم بنجاسة أحد الإنائين مثلا حاصلا قبل خروج أحدهما عن مورد ~~الابتلاء ، وبين أن يكون حاصلا بعده في وجوب الاجتناب عن الإناء الآخر ؛ ~~لحصول العلم بتوجه خطاب «اجتنب عن النجس» في كلتا الصورتين وإن كان هذا ~~العلم في الصورة الثانية حاصلا في زمان الشك في بقاء الخطاب. # هذا فيما إذا انكشف خطاء الأمارة بعد العمل في الوقت ، وكذا لو انكشف في ~~خارجه ؛ فإن المكلف قد فاته حينئذ مصلحة الواقع من دون تداركه بشيء بالفرض ~~، فيشمله قوله : اقض ما فات ، فإن القضاء ليس تابعا لترك الفعل في الوقت ~~عصيانا ، بل تابع لفوت المصلحة ولهذا يجب على النائم في تمام الوقت. # فعلم أن القاعدة الأولية بناء على الطريقية هو عدم الإجزاء لو انكشف ~~الخطاء بعد العمل ، فإن لزم من ذلك في بعض الموارد العسر الشديد والحرج ~~الأكيد كما لو PageV01P116 # علم بخطاء الأمارة القائمة على طهارة ماء الغسالة بعد عدم الاحتراز عنه ~~والصلاة مع الثوب ms0105 الملاقي له في مدة طويلة واريد رفع ذلك بأدلة رفع الحرج ~~يصير ذلك قاعدة ثانوية ، ولو دل دليل خاص في مورد خاص على الإجزاء فلا بد ~~من حمله على كون موافقة الأمر الظاهري مفوتا لموضوع الأمر الواقعي ؛ إذ ~~الجمع بين الإجزاء والطريقية لا يحصل إلا بهذا. ولا فرق فيما ذكرنا بين أن ~~يكون مورد الأحكام الظاهرية الشبهات الموضوعية أو الحكمية. # وحاصل الكلام أن الغرض الموجب للحكم حدوثا موجب له بقاء ما لم يحصل ، ~~وبعد ما فرضنا أن متعلقات الأحكام الظاهرية ليست مشتملة على مصالح حتى ~~يتوهم حصول تلك الأغراض الموجبة للتكليف بالواقعيات بإتيانها وإنما فائدتها ~~رفع تنجيز الواقعيات في مورد ثبوتها وكونها عذرا عنها في صورة التخلف فلا ~~وجه لتوهم الإجزاء ؛ لأنه إن كان المراد سقوط الأمر بالواقعيات بمجرد ~~امتثال الأمر الظاهري فلا يعقل مع بقاء الغرض الذي أوجب الأمر ، وإن كان ~~المراد كونها معذورا فيها مع بقاء الأمر بها وارتفاع الشك فلا يعقل أيضا ؛ ~~لاستقلال العقل بعدم معذورية من علم بتكليف المولى. # نعم يمكن أن يوجب امتثال الأمر الظاهري عدم القابلية لاستدراك المصلحة ~~القائمة بالواقع ، فيسقط الأمر به من هذه الجهة ، وهذا الاحتمال مع كونه ~~بعيدا في حد نفسه لا يصير منشأ للتوقف ؛ إذ غايته الشك في السقوط وهو بعد ~~العلم بالثبوت مورد للاشتغال. # هذا إذا علم أن جعل الأحكام الظاهرية من باب الطريقية ، ولو شك في أنه ~~كذلك أو من باب السببية ، أو علم أنه من باب السببية ، ولكن شك في أن ~~الإتيان بالمشكوك هل هو واف بتمام الغرض الموجب للأمر بالواقع أو بمقدار ~~يجب استيفائه أو لم يكن كذلك ، فهل الأصل في تمام ما ذكرنا يقتضي الإجزاء ~~أو عدمه ، أو التفصيل بين ما إذا كان منشأ الشك في الإجزاء وعدمه الشك في ~~أن جعل الأحكام الظاهرية من باب السببية أو الطريقية، وما إذا كان منشأ ~~الشك فيه الشك في كيفية PageV01P117 # المصلحة القائمة بالفعل المشكوك المتعلق للأمر بعد إحراز أن الجعل من باب ~~السببية؟. # والحق أن يقال بأن ms0106 مقتضى الأصل عدم الاجزاء مطلقا ، بيان ذلك أن الأحكام ~~الواردة على الشك سواء قلنا بأنها جعلت لمصلحة في متعلقاتها أو قلنا بأنها ~~جعلت من جهة الطريقية إنما جعلت في طول الأحكام الواقعية ؛ لأن موضوعها ~~الشك في الواقعيات بعد الفراغ عن جعلها ، فلا يمكن أن تكون رافعة لها ، ~~غاية الأمر أن الإتيان بمتعلقاتها إن قلنا بأن الجعل فيها من باب السببية ~~وأنها وافية بمصالح الواقعيات مجز عنها ، وهذا غير ارتفاع الأحكام الواقعية ~~وانحصار الحكم الفعلي بمؤدي الطريق. # إذا عرفت ذلك فنقول : لو أتى المكلف بما يؤدي إليه الطريق ، فإن قطع ~~باشتمال ما أتى به على المصلحة المتحققة في الواقع فهو ، وإلا فبعد انكشاف ~~الخلاف يجب عليه إتيان الواقع سواء كان الشك في السقوط وعدمه مستندا إلى ~~الشك في جهة الحكم الظاهري ، أو في وفاء المصلحة المتحققة في متعلق الحكم ~~الظاهري لإدراك ما في الواقع ، بعد إحراز أن الجعل إنما يكون من جهة ~~المصلحة الموجودة في المتعلق ؛ إذ يشترك الجميع في أن المكلف يعلم حين ~~انكشاف الخلاف بثبوت تكليف عنه في الجملة ويشك في سقوطه عنه ، وهذا الشك ~~مورد للاشتغال العقلي. # ومما ذكرنا يظهر لك الفرق بين المقام والمقام السابق الذي قلنا فيه ~~بالبراءة من الإعادة والقضاء بعد إتيان ما اقتضاه التكليف في حال الاضطرار. # توضيح الفرق أن المكلف في حال الاضطرار ليس عليه إلا الفعل الناقص الذي ~~اقتضاه تكليفه في ذلك الحال ، فلو كلف بعد ارتفاع العذر بالفعل التام فهو ~~تكليف ابتدائي جديد والشك فيه مورد للبراءة بخلاف حال الشك ؛ فإن ما وراء ~~هذا التكليف الذي اقتضاه الدليل في حال الشك واقع محفوظ ، فإذا ارتفع الشك ~~يتبين له ذلك الواقع الثابت ويشك في سقوطه عنه ، هذا ما أدى إليه نظري ~~القاصر في المقام وعليك بالتأمل التام. # * * * PageV01P118 ### | فصل في مقدمة الواجب # لو جعل العنوان في هذا المبحث الإرادة الحتمية المتعلقة بالفعل الواجب ~~فلا بد أن نذكر الكلام في الإرادة الحتمية المتعلقة بالترك الواجب في مبحث ~~مستقل ، وحيث إن الملاك وهو الملازمة وعدمها ms0107 في كلا المقامين واحد ؛ لكونه ~~عقليا ، فالاولى أن يقرر النزاع هكذا : الإرادة الحتمية المتعلقة بالشيء من ~~حيث الفعل أو الترك هل هي موجبة للإرادة الحتمية المتعلقة بمقدمته أولا؟ # ثم لو قلنا بثبوت الملازمة فالواجب في طرف الفعل هو جميع المقدمات ~~الوجودية له من غير فرق بين السبب والشرط والمعد وغيرها كما هو واضح ، وفي ~~جانب الترك ترك أحد هذه المقدمات لا بعينه ؛ ضرورة أن الفعل يصير منتركا ~~بترك أحدها ، فالواجب المقدمي للترك المطلوب تخييري وخصاله التروك. # ويكون كذلك ما دام قدرة المكلف على جميع التروك باقية ، فإذا انحصرت ~~بواحد منها يصير هذا الواحد واجبا تعيينيا ، كما هو الحال في كل واجب ~~تخييري عند زوال القدرة عن سائر أبدا له ، وذلك كما لو أتى المكلف بغير ~~واحد من المقدمات الوجودية للفعل الحرام أو كان مضطرا إلى إتيان غير الواحد ~~منها ، فإن المقدور حينئذ منحصر في ترك هذا الواحد فيكون واجبا تعيينيا ~~توصلا إلى ترك ذاك الحرام. # ومن هنا يظهر وجه ما ذكره سيدنا العلامة الميرزا الشيرازي قدسسره في ~~حاشيته على رسالة نجاة العباد عند تفصيل الماتن في المصب الغصبي لماء ~~الوضوء بين صورتي الانحصار وعدمه ، فحكم ببطلان الوضوء في الأول وبصحته في ~~الثاني. # ومحصل ما ذكره قدسسره في تلك الحاشية هو التفصيل في صورة عدم الانحصار ~~بين ما إذا أمكن بعد صب الماء على العضو إمساك الماء عن الانصباب في المحل ~~الغصبي ، وبين ما إذا لم يمكن ذلك بل كان الصب متى حصل مستلزما للتصرف في ~~الغصب وعلة تامة له ، فحكم بالصحة في الأول وبالبطلان في الثاني. PageV01P119 # ووجه ذلك أنه على الأول لا ينحصر مقدمة الواجب أعني ترك التصرف في المصب ~~في ترك الصب ، فيكون تركه واجبا تخييريا ، بمعنى أن للمكلف أن يفعل الصب ~~ويتوصل إلى الترك الواجب بفعل الإمساك ويكون هو الواجب التعييني حينئذ ، ~~وبالجملة ففعل الصب خال عن النهي ، فلا يمتنع أن يمتثل به الأمر الوضوئي. # نعم لو كان حين الصب عازما على ترك الإمساك بعده كان متجريا وبطل ms0108 وضوئه ، ~~لا من جهة قبح نفس الصب ، بل لأن الفاعل يصير حينئذ قبيحا في نظر المولى ، ~~والعبادة لا بد أن يجعل فاعلها حسنا في نظره ، وهذا بخلاف الصورة الثانية ؛ ~~فإن ترك الصب هناك يكون واجبا تعيينيا لفرض عدم وجود مقدمة اخرى بعد فعل ~~الصب حتى تصير هي المتعين بعده ، فلهذا يمتنع أن يكون فعل الصب مأمورا به ~~ومقربا. # فلا يرد عليه قدسسره أن صب الماء ليس علة تامة للغصب حتى يحرم بحرمته بل ~~هو من المقدمات ، وما هو كذلك لا يجب تركه شخصا حتى ينافي الوجوب ، وحاصل ~~الجواب أن صب الماء وان لم يكن علة إلا أنه بعد انحصار المقدمات المقدورة ~~فيه كما هو المفروض يجب تركه عينا. # فإن قلت : ليس المقدور منحصرا في الصب ، بل الكون في المكان المخصوص أيضا ~~من المقدمات وهو باق تحت قدرة المكلف ، فلم يثبت حرمة صب الماء عينا. # قلت : ليس الكون المذكور من مقدمات تحقق الغصب في عوض صب الماء ، بل هو ~~مقدمة لتحقق الصب الخاص الذي هو مقدمة تحقق الغصب ، والنهي عن الشيء يقتضي ~~النهي عن أحد الأفعال التي هي بمجموعها علة لذلك الشيء ؛ فإذا انحصر ~~المقدور من هذه الأفعال في واحد يقتضي حرمته عينا. # ثم لو عرض على واحد من التروك التى أحدها مقدمة للترك المطلوب حرمة ~~تعيينية زال الوجوب التخييري عنه ويعين في الباقي ، كما هو الحال فيما لو ~~كان الواجبات التخييرية أفعالا وعرض على واحد منها الحرمة التعيينية. # فما ربما يتوهم في باب اجتماع الأمر والنهي بناء على عدم جواز اجتماعهما مع كون PageV01P120 # محل النزاع هناك صورة ثبوت المندوحة في طرف الأمر وكون مورده أعم من مورد ~~النهي ، فيكون الفرد المجمع للعنوانين واجبا تخييريا وحراما تعيينيا من أنه ~~لا بد من ملاحظة أقوى الجهتين الداعيتين إلى الأمر والنهي وهما المصلحة ~~والمفسدة وأهمها في نظر الشارع ، فاسد. # ووجه الفساد أنه لا شك أن محل الكلام في ذلك الباب ليس هو ما إذا حصل ~~الكسر والانكسار بين الجهتين بحسب مقام اللب بحيث ms0109 اضمحلت إحداهما في جنب ~~الاخرى وبقيت المصلحة الخالصة أو المفسدة الخالصة ؛ ضرورة أن تقييد مورد ~~النهي على الأول ومورد الأمر على الثاني إنما يكون من قبل الآمر والشارع ~~حينئذ ، بل محل الكلام ما إذا كان الجهتان موجودتين معا بأن يكون الفعل ~~الواحد ذا مصلحة ومفسدة فعليتين من دون تزاحم بينهما أصلا ، كأن يكون نافعا ~~للصفراء ومورثا للصداع ويكون التحير في مقام الإرادة والطلب فقط ، ويكون ~~النزاع حينئذ صغرويا ، فالقائل بالجواز يقول كما أن في مرحلة المصلحة ~~والمفسدة لا اجتماع في البين ، لاختصاص كل منهما بمحل ، فكذلك في مرحلة ~~الإرادة أيضا لا اجتماع حتى يكون محالا ، والقائل بالامتناع يقول بأنه وإن ~~لم يكن في المرحلة الاولى تزاحم في البين ، لكن التزاحم ثابت في المرحلة ~~الثانية لوحدة المحل بالنسبة إليها. # إذا عرفت ذلك فنقول : لا شك أن المفسدة المفروض وجودها فعلا مقتضية لتعلق ~~الإرادة بترك الفرد وحينئذ فالإرادة المنبعثة عن المصلحة لا يتعلق بهذا ~~الفرد قهرا ؛ لإمكان استيفاء المصلحة في غيره بالفرض وإن كان المصلحة أقوى ~~من المفسدة بأضعاف كثيرة بحيث لو لم يمكن استيفاء المصلحة في غير هذا الفرد ~~لاختار الآمر الفعل ، وهذا واضح في الغاية. فالصلاة في الدار المغصوبة بناء ~~على عدم جواز اجتماع الأمر والنهي يجب الحكم بكونها محرمة ، وتقييد مورد ~~الصلاة بغير هذا الفرد وإن كانت الصلاة أهم من الغصب بمراتب. # ولو كان الواجب تخييريا وكذلك الحرام فهل يمكن اجتماعهما في محل واحد ~~بناء على عدم جواز اجتماعهما في غير هذا المورد أم لا؟ مثاله لو كان صب ~~الماء على الوجه PageV01P121 # مقدورا وهكذا أخذه على تقدير الصب بحيث لا يقع في المحل المغصوب ، فهل ~~يمكن أن يكون هذا الصب تركه واجبا بدلا ، لكونه مما يترتب عليه ترك الحرام ~~، وكذلك فعله لكونه أحد أفراد غسل الوجه في الوضوء أم لا؟ # قد يقال بالعدم ؛ لأن كون الشيء طرفا للوجوب التخييرى يقتضي أن يكون تركه ~~مع ترك باقي الأفراد مبغوضا للمولى ، وكونه طرفا للحرمة التخييرية يقتضي أن ~~يكون الترك المفروض مطلوبا ms0110 له ، والذي يقوي في النفس أن يقال : إن فعل ذلك ~~الشيء المفروض على تقدير قصد ترك أحد الأطراف الذي هو بدل له في الحرمة لا ~~مانع من تحقق العبادة به ؛ لأنه على هذا التقدير ليس قبيحا عقلا ، بل على ~~تقدير عدم قصد التوصل به إلى المحرم. # نعم على غير هذين التقديرين وهو ما إذا كان الآتي بذلك الفعل قاصدا إلى ~~إيجاد فعل الحرام فلا يمكن أن يكون ذلك الفعل عبادة ، فحينئذ نقول في ~~المثال : إن صاب الماء على الوجه إن لم يقصد به إيجاد فعل الغصب فلا مانع ~~من صحة وضوئه ، وإلا فالحكم بالبطلان متجه ، وستطلع على زيادة توضيح لأمثال ~~هذا المقام في مسألة اجتماع الأمر والنهي إن شاء الله تعالى ، وتمام الكلام ~~في هذا المقام في ضمن امور : ### || الأول # الواجب تارة يلاحظ فيه إضافته إلى الفاعل ، واخرى لم يلحظ فيه ذلك بأن ~~يكون الغرض متعلقا بمجرد وجوده وإن لم يستند إلى مكلف أصلا كما في بعض ~~التوصليات كتطهير البدن والثوب للصلاة. # وعلى الأول قد يعتبر المباشرة ، وقد يكون المقصود اعم منها ومن التسبيب ، ~~وكذا قد يعتبر الإيجاد ببدنه وإن كان بإيجاد السبب ، وقد يكون الغرض أعم ~~منه ومن الإيجاد بنائبه ، وكذا قد يعتبر أن يكون الإيجاد بالاختيار والقصد ~~وإن كان بنائبه وبإيجاد السبب ، وقد يكون المراد أعم منه ومن الإيجاد بدون ~~التفات أصلا وعن غفلة. # ثم الإيجاد بالاختيار قد يحصل بأن يكون الداعي له هو هذا العنوان ، كما لو شرب PageV01P122 # الخمر بداعي نفس هذا العنوان ، وقد يكون بمجرد الالتفات إلى نفس العنوان ~~مع كون الداعي له عنوانا آخر ، كما لو شرب الخمر مع العلم بكونه خمرا بداعي ~~رفع العطش لا شرب الخمر ، فيمكن أن يكون المقصود خصوص القسم الأول من هذين ~~القسمين وأن يكون هو الأعم منه ومن الثاني. # فالمقصود في هذا المقام هو البحث عن أن الأمر هل يكون له ظهور في تشخيص ~~هذه الوجوه أولا ظهور له مطلقا أو يفصل ، ثم على تقدير عدم الظهور فالأصل ~~العملي ms0111 الذي هو المرجع حينئذ ما ذا؟ # فنقول وبالله الاستعانة : القيد على قسمين ، الأول : ما يحتاج إليه الطلب ~~ولا يصح بدونه ، والثاني غيره ، وكل منهما إما مذكور في الكلام وإما غير ~~مذكور ، والقسم الأول أعني ما يتوقف عليه حسن الطلب إما أن يكون دخيلا في ~~المطلوب والغرض الأصلي أيضا وإما لا ، فإن لم يكن مذكورا في القضية فالظاهر ~~عدم دخل له في الغرض ، ويعبر عن ذلك بإطلاق المادة ، ولذا لما كان دليل ~~وجوب الصلاة مطلقا يحكم بمطلوبيتها في حق النائم مع عدم قدرته على الصلاة ، ~~ومن هنا يجب عليه القضاء مع كونه تابعا للفوت الغير الصادق إلا مع ثبوت ~~المقتضي في حقه. # والدليل على ذلك أن المولى لما صار بصدد بيان محبوبه وغرضه ، فكلما كان ~~له دخل في غرضه دل عليه ، فما لم يدل عليه يستكشف عدم دخل له في هذا المقام ~~وإن كان له دخل في تعلق الطلب ، وعلى هذا فلو قال انقذ الغريق من دون ~~التقييد بالقدرة يلزم الحكم بشمول المحبوبية لجميع الأفراد حتى فيما لو ~~اجتمع غريقان ولم يتمكن المكلف إلا من إنقاذ أحدهما ، وأما لو كان هذا ~~القيد مذكورا في الكلام كما لو قال : اضرب زيدا إن قدرت عليه ، فلا يمكن ~~الحكم بتقييد المادة ولا بإطلاقها ، بل يحكم بإجمالها ، وذلك لعدم العلم ~~بأن ذكر القيد يكون لأجل مدخلية له في المطلوب أو لتوقف الطلب عليه ، ~~فالمانع عن الأخذ بأصالة الإطلاق في طرف المادة موجود ؛ إذ من موانع الأخذ ~~بأصالة الإطلاق وجود ما يصلح للقيدية في الكلام ، كما أن من موانع الأخذ ~~بأصالة الحقيقة وجود ما يصلح للقرينية فيه ، فيعمل بمقتضى الاصول. PageV01P123 # وأما القسم الثاني وهو ما لا يتوقف حسن الطلب وصحته عليه كوصف الإيمان في ~~الرقبة المأمور بعتقها ، فإن لم يكن مذكورا في الكلام فلا شك أنه لا وجه ~~حينئذ للتقييد بل يحكم بالإطلاق لو وجدت هناك شرائط الأخذ بالإطلاق ، وإلا ~~فبمقتضى الاصول ، كما لا إشكال في أنه متى كان مذكورا كان الظاهر هو ~~التقييد ما لم ms0112 يستظهر إلغاء القيد من الخارج. # إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لو شك في أن الشارع لاحظ إضافة الفعل المأمور به ~~إلى المكلف بحيث لو صدر عن غيره ولو بتسبيب منه لم يحصل الغرض ، أو أنه لم ~~يلحظ ذلك ، بل الغرض متعلق بالأعم من المباشرة والتسبيب؟ فظاهر صيغة الأمر ~~طلب وقوع الفعل من المخاطب على وجه ينسب إليه ، ولا ينسب إليه العمل إلا ~~إذا كان مباشرا له ، وأما إذا كان سببا فنسبته إليه مجاز. # لكن لو أمكن دعوى أن المعلوم من حال الشارع في غالب خطاباته التوصلية ~~توسعة الغرض وتعلقه بالأعم فيحكم بذلك في مورد الشك إلحاقا له بالأعم ~~الأغلب ، أو لم يمكن دعوى ذلك في الشرعيات وأمكن دعواه في العرفيات فيحكم ~~بذلك في مورد الشك أيضا ؛ إذ الخطابات الشرعية منزلة على طبق فهم العرف ما ~~لم يعلم تخطئته من الشرع فلا كلام. # وأما إن لم يمكن شيء من هاتين الدعويين فحيث إن القيد المشكوك هنا وهو ~~المباشرة من القيود التي لا يتوقف حسن التكليف عليها ، كما هو واضح ، وعرفت ~~أنها لو كانت مذكورة في الكلام فالظاهر تقييد المادة بها ، فالحكم هنا هو ~~التقييد ؛ إذ ظاهر اللفظ يعطي اختصاص المطلوبية بصورة المباشرة كما عرفت ، ~~فلو كان الغرض أعم لكان الواجب الإتيان بعبارة مؤداها أعم. # ولو شك في اعتبار قيد الاختيار بمعنى لزوم وقوع الفعل من الفاعل بالتفاته ~~وشعوره وعدم كفاية صدوره عنه لا كذلك كما في حال النوم ، أو شك بعد الفراغ ~~عن اعتبار هذا القيد في اعتبار قصد العنوان وعدمه ، فملخص الكلام في هذين ~~الشكين أنه لا إشكال في عدم معقولية تعلق الطلب بخصوص ما يصدر عن المكلف بغير PageV01P124 # التفاته ، وكذا لا إشكال في عدم معقولية تعلقه بخصوص ما يصدر عنه ~~بالتفاته لكن لا بقصد عنوانه ، بل بقصد عنوان آخر. # أما الأول فواضح ، # وأما الثاني فلأن شأن الأمر الداعوية إلى المتعلق ، والمتعلق هنا ضرب زيد ~~مثلا ، ولا يعقل أن الأمر صار داعيا ومحركا إلى ضرب زيد ، ومع ذلك لم يكن ms0113 ~~الضرب بعنوانه مقصودا. # إذا عرفت ذلك فبناء على عدم إمكان تعلق الطلب بالجامع ولزوم تعديته إلى ~~الأفراد نقول : الجامع بين الفرد الغير الاختياري والفرد الاختياري الغير ~~المقصود عنوانه والفرد الاختياري المقصود عنوانه هو ضرب زيد مثلا ، فالطلب ~~لا بد وأن يسري منه إلى تلك الأفراد ، وعرفت أن فردين منها غير قابلين ~~لتعلق الطلب ، فينحصر متعلق الطلب في فرد واحد وهو الاختياري المقصود ~~عنوانه ، فيكون الاختيارية وقصد العنوان على هذا من القيود التي يتوقف حسن ~~التكليف عليها ، فما دامت القضية اللفظية خاليه عن ذكرهما كما في قوله : ~~اضرب زيدا ، يحكم بإطلاق المادة بالنسبة إليهما على ما مر في الضابط ، ~~فيكون الفردان الآخران مسقطين للأمر وإن لم يكونا متعلقين له. # وأما بناء على صحة تعلق الطلب بالجامع بلحاظ صرف الوجود وعدم تعديته إلى ~~الأفراد وإن كان متحدا معها فنقول : للجامع هنا فرد مقدور وهو ما يصدر ~~بالتفات ، وفرد غير مقدور وهو ما يصدر بغيره وبمجرد كون فرد واحد منه ~~مقدورا يصح توجه الطلب إليه ؛ إذ القدرة على الفرد الواحد قدرة على أصل ~~الطبيعة ، وعلى هذا فميزان صحة الطلب مقدورية أصل الطبيعة الحاصلة بمقدورية ~~فرد واحد منها ، بخلاف المبنى السابق ؛ فإن الميزان هناك هو الاختيارية ~~وقصد العنوان الملحوظان بالنسبة إلى الفرد ، فهنا لو لم يكن القدرة على أصل ~~الطبيعة مذكورة حكم بإطلاق المادة وإلا بإجمالها ، وأما الاختيارية وقصد ~~العنوان فعلى هذا من القيود التي لا يتوقف حسن الطلب عليها ، فإذا ذكرا حكم ~~بتقييد المادة ، وإذا لم يذكرا حكم PageV01P125 # بإطلاقها مع وجود الشرائط ، وإلا فالمرجع الاصول. # وأما الشك في اعتبار المباشرة بالبدن فلا تكفي النيابة وعدمه فالكلام فيه ~~في مقامين: # الأول : في تصوير النيابة وإمكانها عقلا في العبادات # والثاني : بعد الفراغ عن إمكانها في الاصول اللفظية أو العلمية الجارية ~~عند الشك في إجزائها. ### || أما المقام الأول # فنقول : لا إشكال في أن وصف المقربية من أعظم أركان العبادة فلا يسقط ~~الأمر العبادي بدونه ، وحينئذ فكيف يعقل قبولها للنيابة وبأن يصير سعي ~~النائب مقربا للمنوب فيما ms0114 إذا فرض عدم حصول إعمال اختيار من المنوب أصلا ~~حتى مثل الاستدعاء للنيابة والاستيجار عليها ، بل وعدم حصول اطلاع له على ~~أصل النيابة ، كما لو فرض كون شخص متبرعا من جانبه وهو غير مطلع. # وبالجملة ، فالقرب لا بد وأن يكون ناشئا من كمال في نفس العبد وهو في ~~الفرض المذكور معدوم ، ومجرد التنزيل لو كان مؤثرا في القرب لكان مؤثرا في ~~التعبد أيضا ؛ لوضوح عدم تفاوت بينهما مع أنه غير مؤثر في الثاني قطعا ، ~~فلو فرض أن أحدا عمل عملا سيئا ونزل نفسه منزلة غيره لا يرجع تبعته إلا إلى نفسه. # وهنا إشكال آخر وهو أن الأمر المتوجه إلى المنوب كيف يمكن أن يصير داعيا ~~للنائب؟ # وفيه أنه يمكن أن يكون الأمر متوجها إلى شخص المنوب ، ومع ذلك كان الغرض ~~متعلقا بذات الفعل سواء صدر منه أم من غيره ، وكان وجه تخصيص المنوب بالأمر ~~عدم إمكان توجيهه إلى غيره ، مثال ذلك أن من كان غرضه اشتراء اللحم وكان له ~~خادم فهو مع كون مطلوبه ذات شراء اللحم من أي شخص صدر لا يأمر به إلا خادمه ~~؛ إذ لا حق له على غير الخادم حتى يأمره ، فعدم أمر غير الخادم لأجل PageV01P126 # قبحه لا لأخصية الغرض ، وحينئذ فلو كان للخادم صديق فيمكن أن يدعو الأمر ~~المتوجه إلى الخادم ذلك الصديق إلى الشراء لأجل أن يحصل بسبب ذلك غرض ~~المولى فيسقط أمره فيستخلص بسبب ذلك الخادم من تبعات الأمر. # لكن هذا الجواب إنما يجري في التوصليات ، وأما في التعبديات فبعد ما ~~عرفته في الإشكال الأول من أن القرب لا يحصل لأحد بفعل غيره لا يمكن داعوية ~~الأمر للغير أيضا ؛ إذ بعد ما يعلم الغير أن فعله لا ينفع بحال المنوب ولا ~~يخلصه من تبعات الأمر لعدم حصول القرب له بسببه فلا ينبعث إلى العمل لا ~~محالة ، وعلى هذا فالإشكال الثاني متفرع على الأول وجوابه جوابه. # وكيف كان فللفحول أجوبة عن الإشكال الأول لا يسمن ولا يغني شيء منها من جوع. # الأول : أن العمل ms0115 وإن كان للنائب لكن المنوب راض به ومتشكر منه ، فالقرب ~~والثواب بواسطة هذا الرضى والتشكر ؛ إذ الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم. # وفيه أنه مستلزم للدور ؛ لأن رضى المنوب وحبه لعمل النائب متوقف على كونه ~~موجبا لقربه ؛ إذ لا يعقل رضى الإنسان وحبه لعمل الغير مع عدم عود نفع منه ~~إليه ؛ فإن الحب والبغض من الصفات التي لا يمكن إيجادها لمصلحة في نفسها ~~كالعلم ، بل لا بد وأن يكونا منبعثين من المصلحة والمفسدة في متعلقهما وقد ~~فرض أن حصول القرب للمنوب متوقف على رضاه بفعل النائب وحبه له. # الثاني : أنه ليس المراد بالقرب حصول الشأن العظيم والجاه الرفيع عند ~~المولى للعبد بواسطة عمله ، بل المراد ما هو أعم من ذلك وهو أن يكون العبد ~~الذي تنسب إليه العبادة ممتازا في نظر المولى عن غيره الذي لم تنسب إليه ، ~~ويتفرع على هذا كون العامل لخوف النار أو لطمع الجنة متقربا ؛ إذ هو ممتاز ~~عن التارك بالمرة قطعا. # وحينئذ فنقول : رجلان ماتا جميعا ، فتبرع من أحدهما متبرع فقضى عنه ~~العبادات المتروكة ، ولم يتبرع من الآخر أحد ، ليسا على حد سواء في نظر ~~المولى. # الثالث : أن العامل يسلم العمل إلى المنوب ، وهو يضعه في طبق الإخلاص و PageV01P127 # يسلمه إلى المولى. # ويمكن أن يقال : إن الأفعال مختلفة ، فبعضها لا ينسب إلا إلى فاعله ~~كالأكل والشرب ونحوهما. وبعضها ينسب إلى المباشر وإلى السبب كالقتل ~~والإتلاف والضرب وشبهها، وبعضها ينسب إلى الغير مع عدم كونه مباشرا ولا ~~سببا وهو كل فعل كان تقومه بالقصد فجيء به بقصد الغير مع رضى هذا الغير ~~وتقبل المولى ، ففي هذه الأفعال لا بد من الالتزام بأن الفاعل يوجد القصد ~~بالاختيار لملاحظة المصالح والفوائد التي يراها في نفسه لا لملاحظتها في ~~المتعلق. # ولهذا يكون الحق مع من قال بأن الإرادة صفة نفسانية وراء العلم بالصلاح ؛ ~~إذ لا يمكن إيجاد العلم اختيارا ولو كان فيه ألف مصلحة ، بل يلزم التناقض ~~فيما لو كان شاكا في صلاح وفساد أصل الفعل ، وإيراد التسلسل بأن ms0116 الإرادة لو ~~كانت اختيارية لزم أن يكون مسبوقة بإرادة اخرى وهكذا ، مدفوع كما عرفت في ~~أوائل الكتاب بأن الإرادة الثانية موجودة لمصلحة في المتعلق وهو الإرادة ~~الاولى ، وهي موجودة بالإرادة الثانية. # وبالجملة ، ففي هذا القسم من الأفعال لو رأى الفاعل النفع في أن يقصد ~~العنوان لأجل الغير فقصده لأجله ، فلا يعقل بعد لحوق الإمضاء والتقبل ممن ~~بيده ذلك وهو المولى عدم ترتب أثر كان مترتبا على الفعل الصادر من شخص الغير. # مثلا عنوان التعظيم لا شك في أنه يحتاج في تحققه إلى القصد ، فحط الظهر ~~مثلا في حد ذاته كما قد يكون تعظيما ، كذلك قد يكون توهينا ، وقد لا يكون ~~هذا ولا ذاك ، فهو في مرتبة الذات خال عن جميع العناوين الثانوية ، وإنما ~~يتمحض لأحدها بالقصد ، فلا بد أن يوجد النفس القصد ويضمه إلى الفعل حتى ~~يصير المجموع منشأ لعنوان التعظيم ، ولا بد وأن نلتزم بأن هذا القصد يوجدها ~~النفس اختيارا لمصلحة في نفسه لا في المقصود ؛ إذ العمل في حد نفسه مردد ~~بين التعظيم والتوهين ، وهذه المصلحة هو القرب من المعظم له. # إذا عرفت ذلك فنقول : لا شك في أن الأغراض مختلفة ، فكما أنه قد يرى PageV01P128 # المصلحة في أن يقصد بالعمل كونه تعظيم نفسه عمرا فكذا قد يراها في أن ~~يقصد كونه تعظيم زيد عمرا ، والمفروض أن زمام القصد بيده ، فكما أنه يقتدر ~~على إيجاده في نفسه لمصلحة فيه فكذا في الصورة الثانية. # فإن قلت : نعم ولكن العمل لا يحسب تعظيما مضافا إلى زيد ما لم يكن صادرا ~~من شخصه. # قلت : قد عرفت أن ذات العمل لا يكون تعظيما لا لنفس العامل ولا لزيد ، بل ~~نسبتهما إليه على السواء ، وحينئذ فإذا كان ضم قصد تعظيم النفس إلى العمل ~~مؤثرا وجاعلا له تعظيما للنفس فلا بد أن يكون قصد كون التعظيم لزيد أيضا ~~جاعلا له تعظيما لزيد ، ولا وجه للتفكيك بين هذين القصدين في التأثير. # نعم فرق بين الصورتين من حيث إنه في الصورة الاولى ليس في البين سوى ~~المعظم ms0117 والمعظم له ، فلا يحتاج تحقق التعظيم إلى أمر آخر سوى القصد ، وأما ~~في الصورة الثانية ففي البين ثالث وهو من وقع التعظيم بنيابته ، فيعتبر ~~رضاه بالنيابة وتقبله لها ، فلو كان كارها لها لا يحصل التعظيم له ، وكذا ~~يعتبر تقبل المعظم له من الثالث هذا التعظيم الذي أتى به نائبه ، فإذا ~~اجتمع هذه الامور الثلاثة أعني : قصد العامل كون التعظيم للغير ، ورضى ذلك ~~الغير ، وتقبل المعظم له فلازمه عقلا ترتب كل أثر كان للتعظيم الحاصل من ~~شخص ذلك الغير ، هذا وكذلك نقول في العبادات. # مثلا الهيئة الصلاتية من حيث إنها مركبة من تكبيرة وقيام وركوع وسجود قد ~~تكون مقربة ، كما إذا قصد بها التقرب ، وقد تكون مبعدة كما إذا أتى بها ~~رئاء ، وقد تكون لغوا كما إذ أتى بها لا عن شعور ، فحينئذ لا بد من ضم قصد ~~التقرب إليها حتى يصير المجموع مقربا ، فهذا القصد مما يوجده النفس ~~بالإرادة والاختيار لأجل كونه ذا مصلحة ، وكما أن قصد كونها مقربة للفاعل ~~يكون فيه فائدة ، فكذا في قصد كونها مقربة لأبيه الميت أيضا فائدة ، فكما ~~يمكن الأول ويترتب عليه الأثر فكذا الثاني أيضا ممكن بلا إشكال ، ويضاف ~~العمل إلى الميت ويوجب له القرب ، لكن بعد رضاه وتقبل الشارع ، أما رضاه ~~فهو حاصل بالقطع ، وأما الثاني فقد دل عليه الأخبار PageV01P129 # الدالة على صحة النيابة عن الميت. # فعلم أن للعامل قصدين طوليين ، أحدهما : قصد إيجاد الصلاة بقصد تقرب ~~الميت ، والعمل بلحاظ هذا القصد يعبر عنه بالنيابة ولا يضاف إلا إلى العامل ~~، والثاني : قصد تقرب الميت بالأفعال المخصوصة والعمل بهذا الاعتبار صلاة ~~يضاف إلى الميت وهو متقرب به. # ثم إنه قد يترتب الثواب على العمل باعتباره الأول أيضا كما لو كان متبرعا ~~فيكون له ثواب الإحسان ، وقد لا يترتب ، فلا ينافي عدم ترتب الثواب والقرب ~~على العمل لنفس هذا العامل بهذا الاعتبار ترتبهما عليه للميت بالاعتبار ~~الآخر ، ثم بعد ما ثبت بأخبار التبرع أن أصل العمل نافع بحال الميت ، غاية ~~الأمر أن للتبرع أيضا ثواب ms0118 الإحسان ، وكان من القواعد المسلمة أن ميزان صحة ~~الاستيجار كون العمل بحيث يرجع منه نفع إلى الغير ، كان الاستيجار في ~~المقام بلا مانع ، لكن مع إحراز إمضاء الشرع للنيابة في خصوص كل عبادة كما ~~في الحج. # وهنا وجه آخر لدفع الإشكال ولكن لا يستقيم معه صحة الاستيجار على العبادة ~~وهو أن يقال : إن مطلوب الشارع في العبادات وجود أصل العمل مع حصول قرب في ~~الجملة في مقابل التوصليات ، حيث إن المطلوب فيها ليس إلا صرف وجود العمل ، ~~سواء حصل معه قرب لأحد أم لا ، وأما لزوم كون القرب المعتبر في العبادات ~~حاصلا للمأمور فليس عليه دليل بل يكفي حصوله لغيره. # كما لو كان المطلوب في الصلاة أعم من مباشرة نفس المأمور ونائبه ، فيكفي ~~حينئذ في سقوط الأمر العبادي عن المأمور صدور العبادة عن النائب على وجه ~~أوجب القرب له ، فيندفع أصل الإشكال كما هو واضح ، وكذا إشكال عدم تعقل ~~داعوية الأمر المتوجه إلى المأمور لغيره ؛ لما فرض من كون الغرض أعم من ~~مباشرة نفس المأمور. # وربما يستأنس لهذا أعني : عدم لزوم حصول القرب في العبادة لنفس المأمور ~~في سقوط الأمر بها بما ذكروه في باب الزكاة التي هي من العبادات ، ويتوقف ~~إجزائها PageV01P130 # على نية القربة من أنه لو امتنع من عليه الزكاة من أدائها دفعها الحاكم ~~من ماله ، ومن المعلوم أن القربة لا تتمشى في هذا الفرض إلا من الحاكم ، مع ~~أن المأمور بالزكاة صاحب المال ، وبما ذكروه في غسل الميت من أنه لو انحصر ~~الغاسل للإمرأة الميتة في الامرأة الكافرة باشرت غسلها مع أن من المعلوم ~~عدم تمشي القربة من الكافرة ، والغسل أيضا من العبادات يتوقف على القربة ، ~~فلا بد أن يتولى النية من تتمشى منه من الرجال. # وبالجملة ، فيمكن أن يستكشف من ذلك أنه ليس المعتبر في العبادة إلا ضم ~~قرب إلى أصل العمل ولو بأن يكون العمل من شخص والقرب لآخر ، أو يكون كلاهما ~~لغير المأمور ، لكن مع كون الغرض متعلقا بالأعم من المباشرة وعمل النائب. # وعلى ms0119 هذا فيمكن أن يكون الغرض في العبادات المقررة في الشريعة متعلقا ~~بخصوص المباشرة ما دام الحياة وصار بعد الموت بحيث يحصل بعمل النائب ، لكن ~~على هذا الوجه لا يصح الاستيجار لما فرضنا من كون العمل مقربا للنائب ، ومن ~~الواضح عدم تمشي القربة مع قصد الاجرة ، فلا يحصل الغرض ، فلا يسقط الأمر ~~عن الميت ، فيكون العمل لغوا. # اعلم أن دلالة الأخبار على كون النيابة نافعة بحال المنوب عنه مما لا ~~شبهة فيها بمعنى أنها مبرئة لذمته ، كما أن أداء دين الغير تبرعا مبرئ ~~لذمته ؛ فإن العبادة دين الله سبحانه على العبد. # نعم يبقى الكلام في أن عمل النائب مثل عمل المنوب يفيد القرب للمنوب ، أو ~~أنه يفيده للنائب ويسقط الأمر عن ذمة المنوب ، ولا ثمرة لذلك في صورة ~~التبرع ، وإنما تظهر الثمرة للاستيجار ، فعلى الأول يصح وعلى الثاني لا يصح ~~؛ إذ يعتبر في حصول القرب للفاعل أن يأتي بالعمل لغاية إلهية ولو كانت ~~راجعة إلى الدنيا وإلى المشتهيات النفسانية مثل أن يعمل لأجل وسعة الرزق ؛ ~~فإن صرف النظر عن الخلق وتوجيهه إلى الخالق مطلوب وإن كان لإنجاح مطلب ~~دنيوي ، ومن المعلوم أن الداعي في صورة الاستيجار على العمل محض الدنيا. PageV01P131 ### || المقام الثاني # لو شك في قبول عبادة خاصة للنيابة فمقتضى القاعدة عدمه ؛ إذ الظاهر من ~~الصيغة هو المباشرة بالبدن فيكون المباشرة قيدا مذكورا في الكلام ، مع عدم ~~توقف حسن الطلب عليه ، فيكون ظاهرا في تقييد المادة على ما مر. ### || الأمر الثاني # ينقسم الواجب باعتبار إلى مطلق ومشروط ، فالأول ما لا يتوقف وجوبه على ~~شيء ، والثاني بخلافه ، واورد على هذا التقسيم إشكالان ينبغي التعرض لهما ~~ولدفعهما أولا ثم التكلم في ثمرات القسمين فهنا مقامان : ### || الأول ### ||| ** في التعرض للإشكالين ودفعهما فنقول : # أما الإشكال الأول فهو أن الواجب المشروط عبارة عما لا يوجد وجوبه قبل ~~وجود شرطه ، وهذا يستلزم أحد المحذورين ، إما كون اللفظ في مثل أكرم زيدا ~~إن جاءك مهملا بأن لا يكون المتكلم منشئا ، وإما كون الوجوب منفكا عن ~~الإيجاب وكلاهما واضح ms0120 الفساد. # وأما الثاني فهو أن الوجوب الذي هو مفاد هيئة افعل معنى حرفي ، والمعنى ~~الحرفي لا يقبل الإطلاق والتقييد ، والبرهان على ذلك أمران ، الأول : أن ~~المعنى الحرفي ما لا يستقل باللحاظ ، بل حاله في الذهن حال العرض في الخارج ~~، فكما أن العرض تقومه بالغير وكيف لوجوده ، فكذا المعنى الحرفي تقومه ~~بالمعنى الاسمي وكيف للحاظه ، ومن المعلوم أن الإطلاق والتقييد فرعان ~~لملاحظة المعنى مستقلا ، والثاني أن المعنى الحرفي جزئي حقيقي ، ومن ~~المعلوم أن الصالح لهذين الوصفين ليس إلا الكلي ، ولكنك عرفت فيما سبق كلية ~~المعاني الحرفية فلا مانع من إطلاقها وتقييدها من جهة جزئيتها. PageV01P132 # وأما المانع الآخر أعني : عدم استقلالها في اللحاظ فيمكن إثبات عدم ~~مانعيته من وجوه : # الأول : أنها وإن كانت غير مستقلة باللحاظ ولا يمكن الإشارة إليها والحكم ~~عليها وبها ، ولكن يمكن في اللحاظ الثاني ملاحظتها مستقلا على نحو الإجمال ~~، كما أن هذا هو طريقة وضع الألفاظ بإزائها ؛ إذ لا بد في مقام الوضع من ~~لحاظ الطرفين مستقلا وعلى وجه أمكن الإشارة إليها ، فالواضع في وضع الحروف ~~لا بد وأن يجعل المعنى الاسمي عنوانا ومرآتا للمعنى الحرفي ، ففي وضع «من» ~~يلاحظ مفهوم الابتداء الملحوظ حالة للغير من حيث هو هذا المفهوم ويجعله ~~عنوانا لنفس المعنى الحرفي الخاص ، وهكذا يمكن فيما نحن فيه ، فالمتكلم بعد ~~قوله : اضرب زيدا يمكن أن يلتفت إلى نفس ما جعله وأنشأه بنظرة ثانية بعنوان ~~هذا الوجوب المنجعل الملحوظ حالة للضرب ، وبعد هذا الالتفات يقول : يوم ~~الجمعة بجعله قيدا لنفس الوجوب. # الثاني : أن يعتبر الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى المحل الذي قام به ~~المعنى الحرفي باعتبار خصوصيته القائمة به اعني المعنى الحرفي ، فيسريان ~~منه إلى خصوصيته لا محالة ، مثلا السير المتخصص بكون مبدئه البصرة بوصف أنه ~~متخصص لو خلي ونفسه يكون مطلقا ، بمعنى أنه صادق على السير من كل نقطة من ~~نقاط البصرة ، كما أنه لو قيد بقيد كما في قولنا : سرت من البصرة مسجدها ~~يصير مقيدا ، بمعنى أنه لا يشمل كل سير من البصرة لا يكون ms0121 مبدأه المسجد ، ~~فالتقييد في الحقيقة يرجع إلى الخصوصية المبدئية للسير المستفادة من كلمة «من». # ولو قال : أكرم زيدا إن جاءك فقد قيد الإكرام بوصف أنه واجب ببعد المجيء ~~فيدل على انتفاء هذا الوصف قبله ، بخلاف ما لو قال : أكرم زيدا ؛ فإنه يدل ~~على أن الإكرام مهما وقع سواء قبل المجيء أم بعده يكون بهذا الوصف ، ~~فالإطلاق والتقييد في الحقيقة راجعان إلى الوجوب الذي تلبس به الإكرام. # وهذان الوجهان جاريان في القيود المذكورة في القضايا الخبرية مثل قولنا : ~~ضربت زيدا يوم الجمعة ؛ فإن جعل الظرف في هذا المثال قيدا لكل من الضرب PageV01P133 # والزيد لا يصيره مرتبطا بالنسبة ؛ فإن معاني أجزاء الكلام يدخل في الذهن ~~متدرجا ، ولا شك أن النسبة هنا يتصور قبل تصور القيد ، فتصور القيد إنما ~~يكون بعد تمامية النسبة ، وحينئذ فإن جعل القيد حين تصوره مرتبطا بمفهوم ~~الضرب من حيث هو هذا المفهوم أو بمفهوم زيد كذلك ، والمفروض أن ذلك بعد ~~تمامية النسبة ، فلا محالة يكون أجنبيا عنها. # فارتباطه بالنسبة إنما يحصل بأحد الوجهين ، إما بملاحظة أصل النسبة في ~~اللحاظ الثاني مستقلا بعنوان هذه النسبة الموقعة بين الطرفين مثلا وجعل ~~الظرف قيدا لها ، وإما بجعله قيدا للضرب بوصف كونه منسوبا إلى الضمير أو ~~للزيد بوصف كونه من وقع عليه الضرب ، فيحصل تقييد النسبة على أي حال. # الثالث : أن القيد في القضية الطلبية على وجهين ، الأول : أن يكون بحيث ~~يسري إليه الطلب ويقتضي إيجاده من المكلف ، والثاني : أن لا يسري إليه ~~الطلب ، مثلا الصلاة مع الطهارة تارة يكون مطلوبة بحيث يجب على المكلف ~~إيجاد الطهارة لو لم تكن موجودة ، واخرى يكون بحيث لو كانت الطهارة حاصلة ~~وجبت الصلاة ، فالطلب في القسم الثاني متأخر عن القيد. # وأما تصوير أنه كيف يعقل إيجاد الطلب قبل وجود هذا القيد مع كونه قيدا له ~~فبأن يقال : لا شك في أن وجود القيد في الخارج ليس مؤثرا في وجود الطلب في ~~النفس ؛ إذ لا يعقل تأثير الخارج البحت في إيجاد الطلب والإرادة وأمثالهما ~~في النفس ms0122 ، والشاهد على ذلك أنا كثيرا ما نرى من علم بوجود القيد بالجهل ~~المركب يسعى في تحصيل مقدمات مطلوبه ، وهذا بخلاف ما إذا وجد القيد في ~~الخارج وهو لم يطلع على ذلك ، فإنه لا يسعى في تحصيلها ، وهذا يكشف عن عدم ~~الدخل للخارج أصلا وكون تمام الدخل للصورة العلمية النفسية. # وحينئذ نقول : كما أنه لو حصل العلم الحقيقي بحصول القيد يوجب حصول الطلب ~~في النفس ، كذلك لو فرض حصوله يكون لهذا الفرض أيضا ذاك التأثير ، وسره أن ~~الفارض يرى بفرضه الخارج ويكون فرضه حاكيا عنه فهو علم جعلي بحصول PageV01P134 # القيد ، ألا ترى أن من يعلم أن ما في الإناء مثلا هو الماء لو فرض كونه ~~خلا فيكون لهذا الفرض تأثير العلم الحقيقي بالخلية. # إذا عرفت ذلك فالمتكلم بقوله : إن جاءك زيد يفرض حصول المجيء في الخارج ، ~~فيكون قيد الطلب في هذا اللحاظ حاصلا فينشأ الطلب فعلا ، فلا يلزم تفكيك ~~الإنشاء عن المنشأ ولا تقييد معنى الهيئة الذي هو معنى حرفي ؛ وذلك لما ~~عرفت من أن قيده حاصل فلا يحتاج إلى التقييد. # نعم لما كان واقع هذا التصور فرضا ومجرد خيال بحيث متى انتقل بالنظرة ~~الثانية إلى ذلك يلتفت إلى عدم حصول القيد في الخارج فلا محالة يكون الطلب ~~موجودا بلا تأثير ، أما وجوده فلما عرفت من حكاية الفرض عن الخارج ، وأما ~~عدم التأثير فلكون واقع علمه وطريقه فرضا ، فلا جرم يكون التأثير والمحركية ~~والباعثية للمأمور في الطلب وللفاعل في الإرادة الفاعلية متوقفا على حصول ~~القيد في الخارج بالعلم الحقيقي ، وسره أن لازم كون الطلب في عالم النفس ~~حاصلا بعد فرض القيد وعلى تقديره ومبتنيا عليه بحيث يدوم بدوامه ويزول ~~بزواله أن يكون تحريكه نحو المطلوب في عالم الخارج حاصلا بعد وجود القيد في ~~الخارج علما. # ومن الأمثلة التي يتضح كون القيد فيها مصححا للطلب لا مقيدا للمطلوب قولك ~~: إن كنت عقلك أو إن كنت عاملا بأمري فاذهب إلى المكان الفلاني ؛ فإن من ~~المعلوم أن صلاح الذهاب غير مقيد بصورة كون المتكلم ms0123 عقلا للمخاطب ، أو كون ~~المخاطب عاملا بأمر المتكلم بل هو ذو مصلحة وإن كانا منتفيين ، وإنما الطلب ~~قبيح بدونهما وحسن معهما. ### || المقام الثاني # اعلم أن من المسلم فيما بينهم أن مقدمة الواجب المشروط لا يكون واجبا ~~مطلقا ، ويظهر ذلك منهم في بحث المقدمة حيث اعترض على عنوان الباب بقولنا : ~~مقدمة الواجب واجبة أم لا؟ بأن لفظ الواجب شامل للمشروط مع أن مقدمته ليست PageV01P135 # بواجبة على الإطلاق بالاتفاق ، واعتذر عنه تارة بأن المنصرف إليه من هذا ~~اللفظ هو الواجب المطلق ، واخرى بأنه شامل للقسمين ، ومع ذلك لا محذور في ~~البين ؛ إذ المراد أن وجوب المقدمة على نحو وجوب ذيها ، إن مشروطا فمشروط ~~وإن مطلقا فمطلق هل يلازمه وجوب ذيها أولا؟ # ومن هنا أشكل عليهم الأمر في بعض الموارد مثل وجوب الغسل للصوم قبل طلوع ~~الفجر ، ووجوب المشي إلى العرفات قبل الزوال للوقوف الواجب فيها من الزوال ~~إلى الغروب، ومثل وجوب مقدمات الحج قبل الموسم إلى غير ذلك. # ولهم في التفصي عن ذلك وجهان : # الأول : أن ما توهم كونه مقدميا في تلك الموارد واجب نفسي وإن كان الغرض ~~والحكمة في أنحائها هو التوصل بها إلى واجب آخر ؛ فإن ذلك ليس مناط الوجوب ~~المقدمي، وإنما مناطه كون وجوب الواجب معلوما لوجوب واجب آخر ومستفادا منه. # الثاني : أن للواجب ثلاثة اقسام ، الأول : الواجب المشروط ، والثاني : ~~الواجب المطلق وهو منجز إن كان ظرف الوجوب والواجب متحدا ، ومعلق إن كانا ~~منفكين ، وعلى هذا فالصوم مثلا يتعلق وجوبه بالمكلف من أول الليل وإن كان ~~ظرف حصوله من أول النهار. # نعم هو بالنسبة إلى اليوم السابق مشروط ، ولهذا لا يجب الغسل في اليوم ~~السابق للصوم في اليوم اللاحق ، ولكن يجب في الليل للصوم في النهار ، وذكر ~~في توضيح هذا الوجه ما حاصله : إن الزمان كالمكان ، فكما أنه يمكن اعتبار ~~الثاني في القضية على نحوين الأول : أن يكون الطلب بالنسبة إليه مطلقا بأن ~~يكون الصلاة في المسجد مثلا واجبة ، بحيث وجب على المكلف أولا دخول المسجد ~~ثم الصلاة فيه ms0124 ، الثاني : أن يكون مشروطا بالنسبة إليه يعنى تكون الصلاة ~~واجبة على تقدير دخول المسجد ، وفي مقام الإثبات يكون العبارة الحاكية عن ~~النحو الأول : «صل في المسجد» والعبارة الحاكية عن الثاني : «إذا دخلت ~~المسجد فصل فيه» فكذلك يمكن اعتبار الأول أيضا على الوجهين ، فتكون الحكمة ~~داعية تارة إلى إيجاب الفعل مطلقا بالنسبة PageV01P136 # إلى زمانه بأن يوجب حين الخطاب الفعل في الزمان المستقبل ، واخرى إلى ~~إيجابه مقيدا بالنسبة إليه بأن يكون إذا دخل الوقت وجب الفعل من هذا الحين ~~، والعبارة الحاكية عن الأول أن يقال : افعل كذا في الغد ، والعبارة ~~الحاكية عن الثاني : إذا دخل الغد فافعل كذا. # ثم اورد على هذا إشكالين : # الأول : أنه إذا كان واجبا في الحال الفعل في الغد مثلا فربما لا يبقى ~~المكلف إلى الغد فيلزم أن يكون التكليف لغوا # الثاني : أن الفعل في الغد لا يكون مقدورا للمكلف في الحال فكيف يصير ~~متعلقا للطلب في الحال؟ # واجيب عن الأول بالحل وهو : أن الإشكال يرتفع بتعليق الطلب على العنوان ~~المنتزع من المكلف الباقي إلى الغد ، بأن يكون الطلب متوجها إلى عنوان من ~~يكون حيا في الغد ، وهذا وصف ينتزع من المكلف في الحال إذا كان حيا في الغد ~~، فيكون الطلب بالنسبة إليه مشروطا ، فبقائه حيا إلى الغد يكشف عن سبق ~~الطلب ، وعدمه يكشف عن عدم توجه الطلب إليه أصلا. # وعن الثاني أولا بالنقض بامور ثلاثة تكون بالمآل واحدا : # الأول : بالصوم ؛ فإنه لا شك في أن وجوب الإمساك الممتد فيه من الفجر إلى ~~الغروب يتعلق بالمكلف في أول جزء من الفجر ، مع أن الإمساك في الأجزاء ~~اللاحقة غير مقدور للمكلف في هذا الجزء. # الثاني : بما إذا امر بالكون في مكان تكون المسافة بينه وبين المكلف خمسة ~~فراسخ مثلا ؛ فإنه يتوقف الكون في هذا المكان على طي هذه المسافة في خمس ~~ساعات مثلا ، فيكون الكون المذكور قبل مضي هذه المدة غير مقدور للمكلف. # الثالث : بكل فعل متدرج الأجزاء في الوجود كالصلاة ؛ فإن المكلف في حال ~~إتيان أول جزء منه ms0125 غير قادر على إتيان بقية الأجزاء مع أنه مكلف بالإتمام. # وثانيا بالحل وهو : أن المعتبر إنما هو القدرة في حال العمل ، ولا قبح في الأمر PageV01P137 # بفعل لا يقدر المكلف عليه في حال الخطاب ، ولكن يعلم الآمر أنه يصير ~~قادرا عليه في الوقت المضروب لأجله بالوجدان. # أقول : الإرادة بحسب مقام اللب يتصور على وجهين : # الأول : أن يتعلق بالفعل بتمام قيوده بحيث وقع القيد في حيزها ، كما لو ~~كان المراد إكرام الضيف على وجه كانت الإرادة محيطة بمجموع المقيد والقيد ، ~~ولا فرق في ذلك بين الإرادة الفاعلية والإرادة الآمرية ، غاية الأمر أن ~~الاولى توجب تحرك عضلات المريد نحو إيجاد المجموع ، والثاني توجب تحرك ~~عضلات المأمور نحوه. # الثاني : أن يتعلق على تقدير حصول القيد وبعد فرضه بالمقيد ، فيكون القيد ~~على هذا خارجا من حيزها ، كما لو كان الإكرام على تقدير ورود الضيف مرادا ~~من دون فرق بين الإرادتين أيضا ، وكذلك يتصور هذان الوجهان في منشأ الإرادة ~~أعني المصلحة ؛ فإنه قد تكون المصلحة التامة الفعلية في إيجاد المجموع من ~~المقيد وقيده ، وقد لا تكون كذلك ، يعني لا يكون المجموع موردا للمصلحة ، ~~بل ربما يكون القيد موردا للمفسدة ، ولكن على تقدير حصوله تكون المصلحة في ~~المقيد وهذا واضح ، ولا يتصور أكثر من هذين القسمين في الإرادة بقسميها ~~بحسب مقام اللب ، فإن شئت فسم الأول بالمطلق والثاني بالمشروط أو غير ذلك. # وأما ما تقدم من قياس الزمان بالمكان في أنه كما يتصور أن يقع مجموع ~~الفعل المقيد بالوقوع في مكان خاص متعلقا للإرادة ، وأن يقع نفس الفعل على ~~تقدير وجود المكان الخاص ، كذلك يتصور هذان في الزمان. # ففيه : أن المكان لكونه اختياريا يمكن القسمان فيه ، وأما الزمان فحيث ~~إنه خارج عن تحت قدرة الإنسان واختياره فلا جرم لا يمكن أن يقع الفعل ~~المقيد بالوقوع في زمان خاص مرادا على وجه وقع القيد تحت الإرادة ، فلا بد ~~أن يكون متعلق الإرادة نفس الفعل على تقدير وجود الزمان الخاص وفي فرضه ، ~~وعلى هذا فجميع الموارد التي توهم الوجوب ms0126 المعلق فيها فالمطلوب فيها نفس ~~العمل على تقدير وجود القيد أعني الزمان المخصوص. PageV01P138 # وأما الإشكال بأنه كيف وجبت المقدمة قسبل حصول القيد الذي يكون الطلب على ~~تقديره فكيف وجب الصوم مثلا بالوجوب المطلق ، وعلى ما ذكرت من أن الوجوب ~~بالنسبة إلى القيود الغير الاختيارية لا بد وأن يكون مشروطا ، يلزم أن يكون ~~وجوب الصوم مشروطا حتى بعد دخول الوقت ؛ ضرورة عدم قدرة المكلف على الإمساك ~~في الجزء الأخير من الوقت، فمتى يصير خطاب الصوم مطلقا؟ # فجوابه بعد الالتزام بعدم صيرورة الخطاب مطلقا أن هذا الإشكال مبتن على ~~ما هو المسلم فيما بينهم من كون الوجوب في الواجب المشروط معدوما قبل حصول ~~الشرط ، ونحن نقول : الحق خلاف ذلك ، بل الوجوب موجود فعلا ، غاية الأمر أن ~~تأثيره في المقدمة المفروضة غير معقول ؛ لأن الشيء الذي حصل الطلب على ~~تقدير حصوله لا يمكن أن يقتضي هذا الطلب حصوله ؛ لكونه طلبا للحاصل. # ولكن متى علم بأن هذه المقدمة متحقق الوقوع بعد ذلك فيكون حال الإرادة ~~الحاصلة على تقديرها حال الإرادة المطلقة بلا فرق ، فيحرك الفاعل أو ~~المأمور نحو المقدمات الأخر التي محلها قبل وقوع ذي المقدمة ؛ ولهذا لو لم ~~يفعلها إلى زمان حصول المقدمة المفروضة فتعذر العمل لأجل تركها ، كان ~~مذموما على الترك. # وأما ذو المقدمة فإنما لا تحرك إليه مع هذا العلم ؛ لأجل أنها تعلقت ~~بوقوعه بعد وقوع القيد ، ولازم ذلك أن لا يتحقق التحريك إليه إلا بعد وقوع ~~ذاك القيد ؛ ولهذا لو كان وقوع ذي المقدمة مقارنا لوقوع القيد أو سابقا ~~عليه مطلوبا ، تحرك هذه الإرادة عند العلم بتحقق القيد نحو إيقاعه مقارنا ~~لوقوع القيد أو سابقا عليه. # مثال الأول ما إذا كان المطلوب هو العدو مع زيد مثلا ؛ فإنه لا شبهة في ~~أن هذا المفهوم بتمامه لا يمكن أن يتعلق به الإرادة ؛ لخروج عدو زيد عن تحت ~~قدرة المريد أو المأمور ، فلا بد أن يكون تعلقها على تقدير حصول العدو من ~~زيد وفرضه بالعدو الحاصل منهما مقارنا له ، فإذا علم بأن ms0127 عدو زيد سيتحقق ~~فلا بد أن يترقب زمان شروعه بالعدو حتى يجعل أول عدو نفسه مقارنا لأول عدوه. # مثال الثاني مطلوبية استقبال زيد على تقدير كونه قادما ؛ فإنه إذا علم ~~بأنه سيقدم PageV01P139 # فلا بد أن يحصل مقدمات الاستقبال ويوقعه قبل وقوع القدوم. # وبالجملة ، فالدليل الأسد الانص من أدلة وجوب المقدمة فيما إذا كانت ~~الإرادة مطلقة وهو شهادة الوجدان عليه ، بعينه موجود في الإرادة المشروطة ~~بعد العلم بأن الشرط سيتحقق ، وحينئذ فإن كانت المقدمة ممكن التحقق قبل ~~وجود الشرط وبعده كما في بعض أسباب الضيافة حيث إن الوجدان لا يفرق في ملاك ~~المقدمية بين تحصيلها قبل مجيء الضيف وبينه بعده مع معلومية مجيئه فنسبة ~~الوجوب إلى الفرد الواقع قبل الشرط والفرد الواقع بعده على السواء ، فتكون ~~المقدمة واجبا موسعا مخيرا بين أفرادها ، وإن كانت لا بد وأن يتحقق قبل ~~الشرط بحيث لو أخر يصير متعذرا كان الوجوب بالنسبة إلى ما قبل الشرط مضيقا ~~، فلو تركها فصار ذو المقدمة ممتنعا عند حضور وقته بامتناع مقدمته صح ~~مؤاخذته على ذلك ، هذا. # ولكن يشكل الحال في مسألة فقهية وهي : أنه لو تيقن المكلف قبل دخول وقت ~~الصلاة بعدم وجدان الماء بعده للوضوء فلا يجب عليه الوضوء قبل الوقت على ~~حسب ما أفتى به القوم ، وكذلك أفتوا بعدم وجوب الغسل للصوم في النهار ~~السابق مع القول بوجوبه في الليل ، ومقتضى القاعدة المذكورة الوجوب المضيق ~~في مسألة الوضوء ، والوجوب الموسع في مسألة الغسل ، وحيث إن القاعدة ~~وجدانية عقلية غير قابلة للتخلف فإن ثبت الحكم في هذا الفرع بنص أو إجماع ~~فلا بد من توجيهه على وجه لم يخالف القاعدة. # وهو بأن يقال : إنه إن كان الغرض في الإرادات المشروطة متعلقا بعد حصول ~~الشرط بصرف الوجود من غير تقييد بالقدرة في زمان مخصوص فصارت القدرة شرطا ~~عقليا ، فالعقل حاكم بأن القدرة في زمان ولو كان قبل الشرط مع العلم بحصوله ~~كافية في صحة المؤاخذة لو ترك المقدمة في هذا الزمان فصارت ممتنعا بعده وإن ~~كان لا يصح ms0128 تكليفه بها بعد الامتناع. # لكن لو اعتبر الشارع القدرة الخاصة بأن كان غرضه مقيدا بالقدرة في زمان ~~خاص ، فلازم ذلك أنه لو سلبت هذه القدرة ولو باختيار المكلف لم يلزم فوت PageV01P140 # غرض للمولى كما هو الحال في كل مقدمة معلق عليها الإرادة ، كما لو أوجد ~~المانع من مجيء زيد الذي فرض مطلوبية إكرامه على تقدير مجيئه. # فحينئذ نقول : لو كان على الحكم في المسألة نص أو إجماع انكشف ذلك بعد ~~عدم إمكان تخلف القاعدة عن أن الشارع جعل القدرة في الوقت كنفس الوقت شرطا ~~للتكليف فلهذا لا يلزم على المكلف بعد العلم بعدم حصول القدرة الجديدة في ~~الوقت إبقاء القدرة السابقة ، بل له الإبقاء حتى يصير موردا للتكليف والنقض ~~حتى لا يصير كذلك. # لكن يبقى الكلام حينئذ فيما لو علم بأن القدرة في الوقت لا يصير معدومة ~~أيضا ؛ فإن مقتضى القاعدة توسعة الوجوب حينئذ بالنسبة إلى ما قبل الوقت وما ~~بعده ، مع أن من المسلم بينهم عدم الوجوب قبله. # وتصحيح ذلك أيضا يمكن بوجهين ، أحدهما رافع لغائلة الإشكال ، ولكنه مقطوع ~~بخلافه في مسألتنا ، والآخر رافع لها وجار في المسألة. # أما الأول فهو أنه كما أن الصلاة بوصف وقوعها عقيب الزوال مثلا مطلوبة ~~بحيث لو وقعت قبله لم يكن صلاة ، كذلك يمكن أن يكون مقدمية الوضوء للصلاة ~~في نظر الشارع أيضا مقصورة على صورة وقوعه عقيب الزوال بحيث لو وقع قبله لم ~~يكن مقدمة. # وبعبارة اخرى كان مطلوب الشارع هي الصلاة التي وقع إعمال جميع القدرة ~~عليها في الوقت ، فلو أعمل بعض القدرة عليها قبل الوقت لم يحصل المطلوب ، ~~لكنا نعلم بأن الواقع خلاف ذلك وأن حصول جميع المقدمات للصلاة فضلا عن ~~بعضها قبل الوقت كاف. # وأما الثاني فهو أن يقال : إن وجوب ذي المقدمة يقتضي وجوب المقدمة من حيث ~~الطبع الذي لا يعارض المنع ، فإن كانت المقدمة منحصرة في فرد واحد فإن كان ~~مقتضى الحرمة التعيينية في هذا الفرد موجودا فلا يعقل المنع منه مع محبوبية ~~ذي المقدمة حتى على ms0129 قول من جوز اجتماع الأمر والنهي ؛ فإن مورد كلامه صورة ثبوت PageV01P141 # المندوحة في جانب الأمر ، والمفروض عدمها في المقام ، بل لا بد حينئذ من ~~ملاحظة الترجيح بين مفسدة المقدمة ومصلحة ذيها ، فإن رجح الاولى صار ذو ~~المقدمة مبغوضا ، وإن رجح الثانية صارت المقدمة محبوبة. # مثال ذلك : كما لو توقف إنقاذ الغريق على المشي من طريق واحد مغصوب ، فلا ~~بد إما من ترجيح مفسدة الغصب وإما من تقديم مصلحة الإنقاذ. # وإن كانت المقدمة مرددة بين أفراد وأبدال بحيث أمكن التوسل إلى ذيها بكل ~~واحد ، فلا شك في أن قضية وجوب ذي المقدمة ليس بأزيد من وجوب طبيعة المقدمة ~~الصادقة على كل واحد وليس له اقتضاء وجوب الخصوصيات. # وحينئذ فإن كان في خصوص واحد معين من هذه الأفراد مفسدة تعيينية فاللازم ~~بحكم العقل تقييد الوجوب المقدمي بما سوى هذا الفرد ؛ لأن مقتضى الجمع بين ~~غرضي الآمر ذلك ، فلو كان للإنقاذ طريقان أحدهما مغصوب والآخر مباح فمقتضى ~~الجمع بين إرادة ترك الغصب وإرادة الإنقاذ قصر الوجوب على الطريق المباح ؛ ~~ولهذا أيضا نقول بفساد الصلاة في الدار الغصبية ؛ فإن المصلحة الصلاتية لا ~~اقتضاء بالنسبة إلى خصوصيات الأفراد ، ولكن مفسدة الغصب مقتضية لحرمة كل ~~شخص على التعيين ، ولا شك في أن مسألتنا من القبيل الثاني ، بمعنى أن ~~الوضوء الذي هو واجب طبعا مقدمة للصلاة مردد بين أفراد متصورة قبل الوقت ~~وأفراد متصورة بعده. # إذا تقرر ذلك فنقول : كما أن وجود المفسدة التعيينية في نفس أحد الأبدال ~~ولو كانت في غاية الضعف يوجب تعيين الوجوب فيما سواه ، كذلك يمكن أن تكون ~~المفسدة في إيجابه به مع كون المصلحة التامة في نفسه ، كما استفيد ذلك في ~~السواك من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : لو لا أن أشق الخ ، فيصير ذلك أيضا ~~سببا لتقييد الإيجاب بما عداه من الأبدال لما ذكر من الجمع بين الغرضين. # وحينئذ فإن قام نص أو إجماع على صحة الصلاة بالوضوء الذي اتى به قبل ~~الوقت بوجه صحيح وعلى عدم اتصاف الوضوء بالوجوب ms0130 قبله فلا محالة يكون هذا PageV01P142 # كاشفا عن عدم الفرق بين الوضوء قبل الوقت وبين الوضوء بعده في أصل ~~المقدمية ، كما لم يكن فيها فرق بين الطريق المغصوب والمباح في مسألة ~~الإنقاذ ، وعن ثبوت المفسدة في إيجاب الوضوء قبل الوقت. ### || فرع # إذا كان الماء مباحا والآنية غصبية فالتكليف هو الوضوء أو التيمم؟ ~~المشهور على تعين التيمم ؛ لأن التكليف بالوضوء المستلزم للاغتراف من ~~الآنية الغصبية لا يمكن أن يجتمع مع حرمة الغصب ، فلا محالة يقدم تحريم ~~الغصب لأهميته ، ومعلوم أنه ليس مورد هذا الكلام ما إذا تمكن المكلف من ~~اغتراف مقدار ما يكفى للوضوء دفعة واحدة ؛ فإن التكليف بالوضوء حينئذ على ~~نحو الاشتراط بنفس الاغتراف المذكور لا مانع منه ، كالتكليف بالحج مشروطا ~~بنفس ركوب الدابة الغصبية ، وإنما مورده ما إذا لم يتمكن إلا من اغتراف ~~غرفة واحدة بحيث توقف الاستعمال الوضوئي على اغتراف ثلاث غرفات على التعاقب ~~؛ فإن التكليف بالوضوء حينئذ على وجه الاشتراط أيضا غير ممكن ؛ لأنه إن كان ~~مشروطا بنفس الغرفة الاولى صار مستلزما للغصب بالنسبة إلى الغرفتين ~~الاخريين ، وإن كان مشروطا بنفس الغرفة الثالثة فهذا باطل ؛ إذ ليس عنده ~~حينئذ من الماء إلا مقدار غرفة واحدة ، فلا محيص حينئذ عن ارتفاع التكليف ~~بالوضوء. # وصاحب الفصول قدسسره حاول تصحيح الوضوء في الفرض مع حرمة الاغتراف بدون ~~المنافاة بناء على ما ذكره في تصوير الوجوب التعليقي ببيان : أن الوجوب ~~التعليقي على ما عرفت مشروط بالوصف الانتزاعي ، مثلا التكليف بالصوم ~~المتوجه من أول الليل مشروط بكون المكلف ممن يدرك اليوم ، فنقول فيما نحن ~~فيه أيضا : إن التكليف بالوضوء المتوجه من أول الوقت مشروط بكون المكلف ممن ~~يغترف في الاستقبال ، فيكون تعلق الطلب بالوضوء الحاصل في ظرف الاغتراف قبل ~~حصول الاغتراف. PageV01P143 # وعلى هذا فالتكليف بالوضوء غير متوجه إلى جميع المكلفين ، بل هم على ~~صنفين ، فمنهم من لا يغترف ومنهم من يغترف ، فالتكليف به متوجه إلى الصنف ~~الثاني دون الأول ، ومن المعلوم أن التكليف بالوضوء بهذا الوجه لا يقتضي ~~الاغتراف ولا عدمه ، بل المكلف ms0131 بالخيار ، فإن شاء اغترف حتى يدخل في صنف من ~~يغترف وإن شاء لم يغترف حتى يدخل في الصنف الآخر. # ويمكن الخدشة فيه بأنه لا شك في أن كون المكلف متصفا بالعنوان الانتزاعي ~~أعني : كونه ممن يغترف لا يوجب رفع التكليف عن منشأ الانتزاع أعني : نفس ~~الاغتراف في حقه ؛ ضرورة أنه لم يسلب عنه في تلك الحال الاختيار بالنسبة ~~إلى الاغتراف وعدمه ، وإنما يسلب بعد حصول الاغتراف ، فقبله يكون التكليف ~~بتركه ثابتا في حقه على وجه الإطلاق ، ثم التكليف بالوضوء المفروض اشتراطه ~~بالوصف الانتزاعي الحاصل بالفعل ثابت في عرض ذلك التكليف أيضا على وجه ~~الإطلاق ؛ لحصول شرطه ، فيعود إشكال اجتماع الضدين والتكليف بما لا يطاق. # نعم يمكن تصحيح الوضوء مع حرمة الاغتراف بدون التنافي على القول بالترتب ~~في باب تزاحم الواجبين الذين أحدهما أهم من الآخر ، والمراد بالترتب تعلق ~~أمرين بشيئين لا يمكن جمعهما على وجه يكون أحدهما في طول الآخر بأن يتوجه ~~التكليف بالأهم على وجه الإطلاق ، وبغير الأهم على وجه الاشتراط بمخالفة ~~التكليف الأول ، لا بمعني أن يكون التكليف الثاني ثابتا بعد ارتفاع التكليف ~~الأول بعصيانه ، بل بمعنى اشتراطه بفرض مخالفة التكليف الأول. # مثلا من يتمكن من إنقاذ أحد الغريقين من عالم وجاهل في خمس دقائق يتوجه ~~إليه التكليف بإنقاذ العالم في هذه الدقائق الخمس بلا شرط ، وبإنقاذ الجاهل ~~في نفس هذه الدقائق أيضا مشروطا بفرض ترك إنقاذ العالم. # وكذا فيما نحن فيه يتوجه التكليف بترك الاغتراف بلا شرط ، وبالوضوء ~~مشروطا بفرض حصول الاغتراف ، وهذا من المواضع التي يكون الشرط فيها مقارنا ~~للعمل كمثال العدو المتقدم ، وعلى هذا فيرتفع التنافي من بين التكليفين بحيث PageV01P144 # لو أمكن محالا الجمع بين ترك الاغتراف وفعل الوضوء لم يحصل امتثال ~~التكليفين معا ، بل التكليف الأول دون الثاني ؛ لعدم تحقق ظرف وجوبه. # ولكن يمكن الخدشة في ذلك أيضا بأن غاية ما أفاده هذا الوجه إمكان ثبوت ~~التكليف بالوضوء عقلا ، ولكن لا دليل على ثبوته بهذا الوجه شرعا ، بل ~~الدليل على خلافه؛ وذلك لأن المستفاد ms0132 من دليل وجوب الوضوء يقسم المكلف إلى ~~واجد الماء وفاقده وأن مطلوبية الوضوء مقصورة على الأول ، كما أن مطلوبية ~~التيمم مقصورة على الثاني ، وقد فسر الفقهاء رضوان الله عليهم فاقد الماء ~~بمن لا يتمكن من استعمال الماء إما لفقده رأسا ، وإما لعدم التمكن من ~~استعماله عقلا ، وإما لعدم التمكن منه شرعا ، ومن قبيل الاخير عدم التمكن ~~من استعماله لكونه مستلزما للتصرف في الغصب. # وهذا بخلاف باب التزاحم ؛ فإن الحامل على ذلك هنا هو العقل ؛ وذلك لأن ~~المقتضي في كل من الواجبين في حد نفسه تام ، والمانع لا يقتضي أزيد من ~~ارتفاع وجود التكليفين معا على وجه الإطلاق ، وأما وجودهما على النحو ~~المزبور فالمقتضي بالنسبة إليه موجود بالفرض ، والمانع منه مفقود. # ومن هنا يظهر الخدشة في تصحيح الوضوء وحرمة الاغتراف على قول من لم يصحح ~~الأمر الطولي بغير الأهم في باب التزاحم ، ولكن يقول بأنه إذا كان غير ~~الأهم عبادة كالصلاة في سعة الوقت مع التمكن من الإزالة أو من أداء الدين ~~المضيق وأتى به المكلف بداعي حسنه الذاتي تقع صحيحة ، ولا يعتبر في صحة ~~العبادة وجود الأمر بها بأن يقال : إن الوضوء وإن لم يتعلق به التكليف ~~الطولي لكن إذا أتى به المكلف بداعي حسنه يقع صحيحا؛ فإن هذا أيضا يتوقف ~~على وجود المقتضي أعني : الحسن الذاتي في الوضوء في الفرض المزبور وقد عرفت عدمه. # فتلخص أنه لو كان وجود المقتضي للوضوء في الفرض محرزا أمكن تصحيحه على ~~القول بالترتب في باب التزاحم بالأمر الطولي به على وجه التقييد ، وعلى ~~القول بعدمه بالإتيان به بداعي حسنه الذاتي ، ولكن حيث إن المستفاد من ~~الدليل نقصان المقتضي فلا محيص عن البطلان وفاقا للمشهور. PageV01P145 ### || الأمر الثالث # افترق القائلون بوجوب مقدمة الواجب على ثلاثة أقوال : # الأول : أن الواجب ذات المقدمة بلا قيد. # الثاني : أنه هي مقيدة بالإيصال إلى ذي المقدمة وترتبه عليها ، فإن لم ~~توصل لم تكن مطلوبة وإن قصد بها التوصل. # الثالث : أنه هي مقيدة بالاقتران بقصد التوصل بها إلى ذي المقدمة ، وإن ms0133 ~~لم توصل إليه ، فإن وقعت مجردة عن هذا القصد لم يتصف بالوجوب وإن أوصلت إلى ذيها. # وليعلم أن القائل بوجوب ذات المقدمة يحتاج في بعض الموارد إلى تقييد ~~الوجوب بصورة وقوع المقدمة عن قصد التوصل بها إلى ذيها لداع خارجي ، وهو ما ~~إذا تعين مقدمة الواجب في الحرام ؛ فإنه حينئذ يحتاج إلى التقييد المذكور ، ~~والداعي له إلى ذلك هو التحرز عن الوقوع في الحرام مهما أمكن والاكتفاء في ~~تسويغه بقدر الضرورة ؛ فإنه لا شك في أن صورة الإتيان بالمقدمة المذكورة لا ~~عن القصد المزبور أشد قبحا من صورة الإتيان بها معه بالبديهة الوجدانية ، ~~والتزام القائل المذكور بهذا التقييد في المورد لا يوجب التزامه به في سائر ~~الموارد التي ليس فيها الداعي المذكور ، كما أن التزامه بالتقييد بوصف ~~الإجابة لداعي الجمع بين غرضي الآمر فيما إذا تردد المقدمة بين مباح وحرام ~~لا يوجب التزامه به في سائر الموارد. # ومن هنا ظهر اندفاع ما أورده على هذا القول ، القائل بوجوب المقدمة ~~الموصلة ، وهو أنه يلزم على هذا القول أنه لو توقف فعل واجب على فعل حرام ~~صار هذا الحرام بمجرد ذلك جائزا بل واجبا بأي وجه اتفق ولو بأن يأتي به ~~المكلف بدواعيه النفسانية من دون أن يتوصل به إلى ذلك الواجب ، وبطلان هذا ~~معلوم بصريح الوجدان ، وأنت عرفت أن القائل المذكور ملتزم في هذا المورد ~~بالتقييد بقصد PageV01P146 # التوصل لا بالإيصال ، لما يأتي من عدم إمكان التقييد به من دون أن يصير ~~هذا ملزما له على ذلك في سائر الموارد ، هذا. # ولنتكلم أولا في القول بوجوب المقدمة الموصلة فنقول : المراد من قيد ~~الموصل إما أن يكون مصداقه ، يعني ما لا ينفك وجودها عن وجود ذيها إما ~~بإرادة خصوص المؤثر أعني العلة التامة ، أو الأعم منه ومن ملازم المؤثر ~~أعني الجزء الأخير من العلة التامة ، فيكون القيد إشارة إلى التفصيل بين ~~المقدمات بأحد النحوين ، وإما أن يكون نفس عنوانه. # وحينئذ إما يكون المراد الأمر المنتزع الاستقبالي يعني كون المقدمة مما ~~توصل ، وإما يكون ms0134 نفس الإيصال الخارجي ، وعلى التقديرين إما أن يكون قيدا ~~للطلب أو للمطلوب ، فهذه أربعة احتمالات : # الأول : أن يكون المراد الأمر المنتزع ويكون قيدا للطلب. # الثاني : هذا الفرض لكن يكون قيدا للمطلوب. # الثالث : أن يكون المراد نفس الإيصال الخارجي ويكون قيدا للطلب. # الرابع : هذا الفرض ويكون قيدا للمطلوب ، فتصير هذه مع الاحتمالين ~~السابقين ستة يلزم من بطلان جميعها بطلان القول المذكور لا محالة. # فنقول : أما كون القيد إشارة إلى التفصيل بين المقدمات بأحد النحوين ففيه ~~: أنه غير نافع بحال قائله أولا ؛ إذ الوجوب يسري من الجزء الأخير إلى ~~سابقه ومنه إلى سابقه وهكذا إلى الجزء الأول ، يسري الوجوب من كل لاحق إلى ~~سابقه ؛ إذ يصدق على كل سابق بالنسبة إلى لاحقه أنه مقدمة غير منفكة لواجب ~~، غاية الأمر أن الواجب هنا مقدمي وقد كان المقصود هو التفصيل بين الجزء ~~الأخير وسائر الاجزاء ، وكذلك تعلق الوجوب بمجموع الأجزاء في العلة التامة ~~يوجب تعلقه بذات كل واحد من الأجزاء لا محالة ، وغير ملائم بمذاق هذا ~~القائل ثانيا ؛ لأنه لا يقول بالتفصيل بين المقدمات بل يرده. # وأما كون الإيصال الانتزاعي قيدا للطلب فهو غير معقول ؛ لأن التكليف PageV01P147 # المشروط لا بد وأن يكون متعلقه مع حفظ عنوان الشرط ممكن الوقوع واللاوقوع ~~، مثلا الصلاة في الوقت مع حفظ عنوان كونها في الوقت ممكن الطرفين ، وإذا ~~كان الشرط هو الإيصال الذي هو في معنى إتيان ذي المقدمة المستلزم لإتيان ~~المقدمة فلا يمكن التكليف بذي المقدمة ولا بالمقدمة ؛ لأنهما مع حفظ عنوان ~~هذا الشرط متحقق الوقوع في الاستقبال لا محالة. # مثلا مع حفظ عنوان كون المكلف ممن يضرب لا يتوجه إليه التكليف بالضرب ولا ~~بمقدماته ، نعم لو كان صورة التكليف هكذا : ايت بالمقدمة إن كنت ممن تنتهي ~~إلى ذي المقدمة على تقدير إتيان المقدمة سلم من هذا الإشكال ؛ لأن المقدمة ~~مع حفظ هذا العنوان ممكن الوقوع واللاوقوع معا كما هو واضح. # لكن يرد عليه أنه يلزم على هذا عدم توجه التكليف بالمقدمة إلى من لا ~~ينتهي إلى ذي ms0135 المقدمة على تقدير الإتيان بالمقدمة في علم الله كالعصاة ، ~~والقائل المذكور لا يلتزم بذلك؛ فإنه لا يفرق في وجوب المقدمة بين الأشخاص. # وأما كون الإيصال الانتزاعي قيدا للمطلوب ، ففيه : أن نحو تحقق هذا الأمر ~~الانتزاعي ثابت من الأزل ؛ فإن من معلومات الباري تعالى كون زيد مثلا سيولد ~~ويكثر ويفعل كذا وكذا ، فلا يكون مستندا إلى اختيار المكلف فيمتنع أخذه ~~قيدا للمطلوب ، نعم الامور الانتزاعية التي تتحقق بعد تحقق منشأ انتزاعها ~~كالفوقية والتحتية بالنسبة إلى جعل الهيئة الخاصة وكالاتصال والانفصال ~~بالنسبة إلى الوصل والفصل تكون مقدورة بالواسطة. # وأما كون الايصال الخارجي قيدا للطلب فهو أوضح فسادا من أن يخفى ؛ فإن ~~مرجع التكليف على هذا يصير إلى أنه : إذا أتيت بالمقدمة وذيها فأت بالمقدمة # وأما كون الإيصال الخارجي قيدا للمطلوب ففيه ثلاثة إشكالات : # الأول : يلزم أن لا تقع الصلاة مثلا مع الطهارة أبدا ؛ وذلك لأن الطهارة ~~من آثار امتثال الأمر بالوضوء وهو لا يحصل إلا بعد الإتيان بالصلاة ؛ لأن ~~الموصلية في الخارج التي هي قيد المطلوب لا تحصل إلا بإتيانها. PageV01P148 # ثم وجود الطهارة بعد الصلاة أيضا مستلزم للدور ؛ لأن صحة الصلاة متوقفة ~~على وجود الطهارة كما هو واضح ، وعلى هذا الفرض يكون وجود الطهارة أيضا ~~متوقفا على صحة الصلاة ، لأن قيد الموصلية الخارجية لا يحصل إلا بترتب ~~الصلاة الصحيحة على الوضوء مثلا. # الثاني : يلزم تعلق التكليف المقدمي بذي المقدمة ؛ وذلك لأن الموصلية في ~~الخارج التي هي قيد المطلوب يتوقف على وجود ذي المقدمة ، فيجب إتيانه ~~تحصيلا لهذا القيد ، فيلزم أن يكون الواجب النفسي واجبا مقدميا لمقدمته ، ~~وهذا وإن كان لا يمتنع عقلا لكنه مما يضحك به الثكلى. # الثالث : توضيحه يتوقف على مقدمة وهي : أن كل قيد له دخل في المطلوب لا ~~يمكن عقلا أن يكون خارجا من قسمين ، الأول : أن يكون أخذه لأجل أن المصلحة ~~لا يحصل بدونه كما في أخذ وصف الإيمان في الرقبة المأمور بعتقها ، الثاني : ~~أن يكون لا لأجل هذا ، بل لأجل غرض آخر كالجمع بين غرضي الآمر كما ms0136 في ~~المقدمة إذا ترددت بين الحرام وغير الحرام ؛ فإن تقييد الوجوب حينئذ ~~بالمقدمة المباحة ليس لأجل دخل هذا القيد أعني وصف الإباحة في مقتضى الوجوب ~~أعني المقدمية ؛ لوضوح اشتراك الحرام مع المباح في المقدمية ، بل إنما هو ~~لأجل الجمع بين غرضي الآمر. # وكما في الصلاة في الأرض الغصبية على القول بعدم جواز اجتماع الأمر ~~والنهي ؛ فإن الحكم بفسادها وتقييد الوجوب بالصلاة في الأرض المباحة ليس ~~لأجل دخل هذا القيد أعني : إباحة المكان في حصول المصلحة الصلاتية ، كما هو ~~الحال في قيد الطهارة ؛ ضرورة اشتراك الصلاة معه والصلاة بدونه في وجدان ~~تلك المصلحة ، فالموجب للتقييد هو الجمع بين الغرضين ؛ ولهذا يجب إعادة ~~الصلاة مع نسيان الطهارة ولا يجب مع إيقاعها في المكان الغصبي نسيانا. # إذا تقرر ذلك فنقول فيما نحن فيه : إن أخذ قيد الإيصال الخارجي في ~~مطلوبية المقدمة لا بد وأن يكون إما لأجل دخله في اقتضاء المقتضي ، وإما ~~لأجل غرض PageV01P149 # آخر ، والمفروض عدم غرض آخر في البين ؛ لأن محل الكلام ما إذا لم يكن في ~~البين سوى المقدمة وذيها ، فيتعين أن يكون لأجل دخله في اقتضاء المقتضي ~~وإلا لزم لغويته. # وحينئذ فنقول : المقتضي لوجوب المقدمة ليس إلا المقدمية وتوقف الواجب ~~النفسي عليها ، ودخل القيد المذكور في المقدمية مستلزم للدور ؛ لأن وجود ذي ~~المقدمة يتوقف على وجود المقدمية وتحققها كما هو واضح ، فلو كان وجود ~~المقدمية متوقفا على الإيصال الذي هو في معني وجود ذي المقدمة لزم الدور. # ويمكن الذب عن الكل ، # أما عن الأول فبإمكان أن تكون الطهارة أثرا لجزء المطلوب أعني الغسلتين ~~والمسحتين مثلا لا لامتثال تمام المطلوب ، # وأما عن الثاني فبأنه مجرد استبعاد لا يعتنى به في مقابل حكم الوجدان ~~باعتبار قيد الإيصال. # وأما عن الثالث فبالتزام أن أخذ قيد الإيصال يكون لأجل دخله في اقتضاء ~~المقتضي، لكن نقول : إن المقتضي لوجوب المقدمة على حسب مدعى هذا القائل هو ~~المقدمية ووصف الإيصال معا ، لا المقدمية فقط كما هو مدعى غيره ، وبالجملة ~~، فجعل المقتضي هو المقدمية فقط ثم ms0137 الإشكال بلزوم الدور ذهول عن مدعى ~~القائل المذكور. # فينحصر وجه بطلان هذا الوجه الأخير في أن الوجدان حاكم بأن المقتضي لوجوب ~~المقدمة ليس إلا المقدمية والتوقف ؛ إذ على هذا لا محيص عن إشكال الدور أو ~~اللغوية كما عرفت ، ومن هنا يتضح فساد القول باعتبار قصد الإيصال ؛ فإن ~~اعتباره بعد وضوح عدم مدخليته في المقدمية وعدم غرض آخر في البين لغو. # فقد تلخص مما ذكرنا أن التقييد بالإيصال غير ممكن على بعض الوجوه ، وخلاف ~~الوجدان على بعض آخر ، لكن القول بأن ذات المقدمة على وجه الإطلاق مطلوبة ~~أيضا غير ممكن ؛ لعدم إمكان الإطلاق بعد عدم إمكان التقييد ، وأيضا PageV01P150 # الوجدان حاكم بأن المقدمة المنفردة غير مطلوبة ، فاللازم اختيار وجه لم ~~يخالف هذا الوجدان مع سلامته عن إشكالات التقييد بالإيصال. # وهو بأن يقال : إن الآمر والطالب يلاحظ ذوات مقدمات مطلوبه بدون تقييدها ~~بالإيصال ، ولا على وجه الإطلاق ، بل على وجه الإهمال ، لكنها متصفة في ~~ذهنه بترتب بعضها على بعض وعدم انفكاك البعض عن البعض المستلزم للإيصال إلى ~~ذيها ، فالطلب يتعلق بالذات المهملة لكن في ظرف ترتب البعض على البعض ، ~~وهذا يوجب أن لا يتصف بالمطلوبية في الخارج إلا المقدمة التي يرتب عليها ~~وجود ذيها ؛ لأنها المنطبقة على ما في ذهن الآمر ، وأما المقدمة المنفردة ~~فهي مضادة له في وصف الانفراد وإن كانت مصداقا للذات المهملة. # والحاصل أن الطلب يتعلق في الحقيقة بالمقيد بالإيصال ، وإن لم يكن ~~الملحوظ إلا الذات المهملة فلا حاجة إلى التقييد ، لحصول القيد لبا ، فهذا ~~نظير الأعراض الذهنية المتقومة باللحاظ الخاص كعرض الكلية ؛ فإنه يعرض على ~~الطبيعة في ظرف التجريد لكن مع قطع النظر عن وصف تجريده ؛ إذ لو لوحظ معها ~~هذا الوصف باينت الخارجيات ومع ذلك لا يسري منها الكلية إلى الأفراد لما هي ~~عليه من الاحتفاف بالخصوصيات وعدم الاتصاف بالتجريد ، ولازم هذا الوجه عدم ~~حصول امتثال الأمر بالمقدمة إلا مقارنا لحصول امتثال الأمر بذيها. # ويشهد لما ذكرنا أن المقدمات العبادية المعتبر وقوعها على وجه العبادية ~~كالوضوء قد اتفق ms0138 الكل على أنه يعتبر فيها إتيانها بقصد غاية من الغايات ~~التي تطلب هي لأجلها ، مع أنه لو كان الأمر متعلقا بذات المقدمة بأي وجه ~~اتفقت لكفى في عباديتها الإتيان بها بداعي الأمر المقدمي بها ولو مع العزم ~~على عدم إتيان ذيها. # وأما على ما ذكرنا فطريق حصول القرب بها وجعلها عبادة هو أن يقصد ~~بإتيانها التوصل إلى غاية من غاياتها ، وحينئذ فإن اتفق عدم التوصل حصل ~~القرب من باب الانقياد وإن لم يحصل امتثال تمام المطلوب ، وعلى هذا فنقول : ~~إن الطهارة تحصل بالغسلتين والمسحتين مع اقترانها بحصول القرب ولو من باب ~~الانقياد. PageV01P151 # ويتفرع على هذا الوجه أنه بناء على القول بكون ترك أحد الضدين مقدمة ~~لوجود الآخر يرتفع إشكال اجتماع الضدين في العبادة الموسعة المزاحمة بواجب ~~مضيق لو كانت مطلوبة ، فإن ترك الصلاة مثلا إنما يطلب مقدمة للإزالة إذا ~~ترتب عليه فعل الإزالة ، وأما الترك المنفرد عنها فليس محبوبا ، فلا يمتنع ~~أن يصير مبغوضا ، ففعل الصلاة بالإضافة إلى الترك المتوصل به مبغوض لا ~~محالة ، وأما بالإضافة إلى الترك الغير المتوصل به فيمكن أن يصير مطلوبا من ~~دون أن يلزم اجتماع الضدين. # نعم يبقى إشكال التكليف بما لا يطاق اللازم من اجتماع الأمر بالصلاة ~~والأمر بالإزالة في زمان واحد ، فيدفعه بأن الأمر بالإزالة متوجه على وجه ~~الإطلاق ، وبالصلاة متوجه مشروطا بترك الإزالة ، واجتماعهما بهذا النحو لا ~~يقتضي الجمع بينهما. ### || الامر الرابع # هل الأمر المتعلق بالمسبب يجب إرجاعه إلى السبب عقلا ، أم هو حقيقة ~~متعلقة بنفس المسبب ، والسبب إنما يجب من باب المقدمة؟ الوجوه المتصورة في ~~المقام ثلاثة ، أحدها أن يقال : إن الأمر بالمسبب مطلقا راجع إلى السبب ~~عقلا ، والثاني أن يقال : إن الأمر بالمسبب متعلق بنفسه مطلقا ، والثالث : ~~التفصيل بين ما إذا كانت الواسطة من قبيل الآلات مثل انكسار الخشبة المتحقق ~~باتصال الآلة قوة الإنسان إليها ، وبين ما إذا لم تكن كذلك ، كما لو كان في ~~البين فاعل آخر كما في إلقاء نفس إلى السبع فيتلفه أو إلقاء شخص في النار ms0139 ~~فيحرقه. # احتج للأول بأن متعلق الإرادة والتكليف إنما هو فعل المكلف ؛ إذ لا معنى ~~للأمر بما ليس من فعله ، والأفعال المرتبة على أسباب خارجية ليست من فعله ~~بل هي من فعل تلك الأسباب والوسائط ؛ لانفكاكها عن المكلف في بعض الأحيان ، ~~كما إذا رمى سهما فمات فأصاب زيدا بعد موت الرامي ، فلو كان الفاعل هو ~~الرامي لما جاز وجود القتل في ظرف عدم الرامي ؛ لامتناع انفكاك المعلول عن ~~علته زمانا ، فيكشف PageV01P152 # ذلك عن عدم كون الفاعل في المثال هو الرامي بل هو السهم ، غاية الأمر لم ~~يكن فاعلا بالطبع ، وإنما يكون فاعليته من جهة إحداث الرامي القوة فيه ، ~~وقس على ذلك سائر الأمثلة. # واجيب عنه بأنا نسلم أن التكليف لا يتعلق إلا بما يعد فعلا للمكلف ، إلا ~~أن نقول: إن الفعل الصادر عنه له عنوان أولي وعناوين ثانوية متحدة معه ~~بواسطة ترتب الآثار عليه ، مثلا حركة اليد المؤثرة في حركة المفتاح لها ~~عنوان أولي وهو حركة اليد ، وتحريك اليد وبملاحظة تأثيرها في حركة المفتاح ~~ينطبق عليها تحريك المفتاح ، وبملاحظة تأثيرها في انفتاح الباب ينطبق عليها ~~فتح الباب ولا إشكال في أنه كما أن حركة اليد ، التي هي الفعل الأول للفاعل ~~فعل له ، كذلك العناوين المتحدة معها ؛ لمكان اتحادها مع فعله الأول في ~~الخارج ، وحينئذ لو تعلق التكليف بتحريك المفتاح التي يتحد مع تحريك اليد ~~الذي هو فعل للمكلف فلا موجب لإرجاعه إلى التعلق بتحريك اليد ، إذ كما أنه ~~فعل اختياري له كذلك ما يتحد معه. # وقد يناقش في هذا الجواب بأن تحريك المفتاح في المثال لا يمكن أن ينطبق ~~على تحريك اليد ؛ لأنه عين حركة المفتاح في الخارج لما تقرر من وحدتهما في ~~الخارج ، وإنما الفرق من حيث الاعتبار وهي غير حركة اليد المتحدة مع ~~تحريكها ، فيجب أن يكون تحريك المفتاح أيضا غير تحريك اليد ، وإلا لزم كون ~~حركة اليد وحركة المفتاح متحدين أيضا ، والمفروض خلافه. # والجواب إنا لا نقول بانطباق العنوانين في عرض واحد بل نقول : إن الفعل ~~الذي يكون ms0140 عنوانه تحريك اليد في الآن الأول ينقلب عنوانه إلى تحريك المفتاح ~~في الآن الثاني فافهم، هذا ، ولكن لا يخفى أن هذا إنما يصح فيما إذا كانت ~~الواسطة من قبيل الآلة ، وأما إذا كان هناك فاعل آخر يصدر عنه الفعل فلا ~~يمكن القول باتحاد الفعل الصادر عنه مع الفعل الصادر عن الفاعل الأول ، ~~وهذا واضح. # وقد يجاب أيضا عن أصل الدليل بأنا لا نسلم لزوم تعلق الإرادة بالفعل ~~الصادر عن الفاعل ، بل يكفي في قابلية تعلق الحكم بشيء كونه مستندا إلى ~~المكلف بنحو من PageV01P153 # الإسناد ، سواء كان بنحو الفاعلية أو على نحو تأثير الشرط في وجود ~~المشروط أو غير ذلك. # وبعبارة اخرى : الكلام في المقام إنما هو في أن متعلق الإرادة بحسب حكم ~~العقل ما ذا؟ فنقول : ما يقطع العقل باعتباره في متعلق الطلب هو ارتباط ~~المطلوب بالمكلف بنحو من أنحاء الارتباط ، فخرج به ما ليس للمكلف تأثير فيه ~~بنحو من الأنحاء ، وأما لو كان له ربط بالمكلف بوجه بحيث يكون وجوده منوطا ~~باختياره بحيث لو شاء يوجد ولو لم يشأ لم يوجد ، فنمنع استحالة تعلق ~~التكليف به عقلا. # وفيه أنه لو أراد أن التكليف فيما ليس بيد المكلف إلا إيجاد شرطه ~~كالإحراق بالنار مثلا متعلق بما هو شأن الواسطة ، كما إذا تعلق التكليف بما ~~هو شأن النار في المثال فهذا غير معقول ، وإن أراد أن التكليف متعلق بما هو ~~شأن المكلف فهو راجع إلى الأمر بإيجاد الواسطة. # توضيح المقام على وجه يرفع الإبهام عن وجه المرام أن الأعراض باعتبار ~~النسبة إلى محالها تختلف تارة بكون نسبتها إليها بمجرد كونها حالة بها من ~~دون أن تكون صادرة عن محالها كالموت والحياة والسواد والبياض ، واخرى يكون ~~نسبتها إليها من جهة أنها صادرة عنها كالضرب والقيام. # أما ما كان من قبيل الأول فلا إشكال في عدم قابلية تعلق الطلب به ؛ ضرورة ~~أن الطلب يقتضي صدور الفعل من الفاعل ، وما ليس من مقولة الحركة والفعل لا ~~يمكن تعلق الطلب به ؛ لأن إرادة الآمر مثل ms0141 إرادة الفاعل في كونها موجبة ~~لتحريك العضلات ، غاية الأمر أن الأول موجب لتحريك عضلات المأمور والثاني ~~موجب لتحريك عضلات المريد ، وظاهر أن ما ليس من قبيل الحركة لا يمكن تعلق ~~إرادة الفاعل به ، فكذلك إرادة الآمر ، فلو تعلق الطلب بحسب الصورة بمثل ما ~~ذكر يجب إرجاعه إلى ما يرجع إلى فعل المأمور. # والحاصل أن متعلق الطلب لا بد وأن يكون معنى مصدريا صادرا عن المخاطب ~~بالخطاب ، فلو لم يكن كذلك بأن لم يكن من معنى المصدر ، أو كان ولم يكن صادرا PageV01P154 # من المأمور لم يمكن تعلق الأمر به ، أما الأول فلما عرفت ، وأما الثاني ~~فلما مضى من أن الإرادة ما يوجب تحريك عضلات الفاعل إلى الفعل ولا يمكن ~~تحريكها إلا إلى فعل نفسه. # فتحصل مما ذكرنا أن الطلب إذا تعلق صورة بما ليس من الفعل الصادر من ~~الفاعل يجب توجيهه بما يرجع إلى ذلك ، ومن هنا يقوي التفصيل بين ما إذا ~~تعلق التكليف بما ليس بينه وبين المكلف إلا آلة توصل قوة الفاعل إلى القابل ~~، وما إذا تعلق بالأفعال التي ليس فعلا له ، بل هي أفعال للواسطة ، ففي ~~الأول التكليف متعلق بنفس ذلك الفعل وفي الثاني يجب إرجاعه إلى السبب ~~فليتأمل جيدا. ### || الأمر الخامس # لو بنينا على وجوب المقدمة فهل أجزاء المركب المتصف بالوجوب النفسي يتصف ~~به أو بالوجوب المقدمي ، والحق هو الثاني ، فهنا دعويان ، إحداهما : عدم ~~اتصاف الأجزاء بالوجوب النفسي ، والثانية : اتصافها بالوجوب المقدمي. # لنا على الاولى أن الأوامر يتعلق بالموجودة في الذهن باعتبار حكايتها عن ~~الخارج ، فالشيء ما لم يوجد في الذهن لا يعقل تعلق الأمر به وهذه المقدمة ~~في الوضوح مما يستغنى عن البرهان ، فحينئذ الأجزاء الموجودة في ذهن الآمر ~~لا يخلو من أنها إما أن لوحظ كل واحد منها بوجوداتها المستقلة الغير ~~المرتبط بعضها مع بعض نظير العام الافرادي ، وإما أن لوحظ المجموع منها على ~~هيئتها الاجتماعية. # فعلى الأول لا بد وأن ينحل الإرادة بإرادات متعددة كما في العام الأفرادي ~~؛ إذ الإرادة أمر قائم بنفس المريد ms0142 متعلق بالأفعال ، فكما أنه يتعدد بتعدد ~~المريد كذلك يتعدد بتعدد المراد ؛ إذ لا يعقل وحدة العرض مع تعدد المعروض ، ~~وعلى الثاني أي على تقدير كون الملحوظ الأجزاء على نحو الاجتماع فالملحوظ ~~بهذا الاعتبار أمر واحد ، ولا يعقل أن يشير اللاحظ في هذا اللحاظ إلى امور ~~متعددة ، فوجود الأجزاء بهذا الاعتبار في ذهن الآمر نظير وجود المطلق في ~~ذهن من لاحظ المقيد في أنه وإن كان موجودا ، إلا أنه لا على وجه يشاء الله ~~، بل هو موجود تبعا للمقيد ومندكا فيه. PageV01P155 # والحاصل أن الموجود بهذا الاعتبار ليس إلا الكل ، والأجزاء بوجوداتها ~~الخاصة لا وجود لها ، فمتعلق الأمر النفسي لا يعقل إلا أن يكون الكل ~~الموجود في ذهن الآمر مستقلا ، والأجزاء لعدم وجودها في الذهن بهذا اللحاظ ~~لا يمكن أن تكون متعلقة للأمر ، نعم يمكن استناد الأمر إليها بالعرض ، نظير ~~استناد الأمر المتعلق بالمقيد إلى ذات المطلق أعني الطبيعة المهملة. # وهذا هو المراد من كلام شيخنا المرتضى قدسسره الشريف في التقريرات أن ~~الجزء إذا لوحظلا بشرط فهو عين الكل ، وإذا لوحظ بشرط لا فهو غيره ومقدمة ~~لوجوده ، والمراد من قوله قدسسره : لا بشرط ، عدم اشتراط أن يكون في ذهن ~~الآمر معه شيء أم لا وهو الصالح لأن يتحد مع الكل ، ومن قوله : بشرط لا ، ~~عدم ملاحظة الآمر معه شيئا أعني ملاحظته مستقلا ، ولا إشكال في أن الجزء ~~بهذا اللحاظ لا يصلح أن يتحد مع الكل ويحمل عليه ؛ إذ لا يصدق على الحمد ~~ولا على غيره من أجزاء الصلاة أنه صلاة. # ولنا على الثانية أن الآمر إذا لاحظ الجزء بوجوده الاستقلالي أي غير ~~ملحوظ معه شيء يرى أنه مما يحتاج إليه تلك الهيئة الملتئمة من اجتماع ~~الأجزاء ، فحاله حال سائر المقدمات الخارجية من دون تفاوت أصلا ، هذه خلاصة ~~الكلام في المقام وعليك بالتأمل التام. ### || الأمر السادس # في ذكر حجج القائلين بوجوب المقدمة. # أقول : ما تمسك به في هذا المقام وجوه اسدها وامتنها ما احتج به شيخنا ~~المرتضى قدسسره من شهادة الوجدان ؛ فإن من ms0143 راجع وجدانه وأنصف من نفسه يقطع ~~بثبوت الملازمة بين الطلب المتعلق بالفعل والمتعلق بمقدماته ، لا نقول ~~بتعلق الطلب الفعلي بها كيف والبداهة قاضية بعدمه ، لجواز غفلة الطالب عن ~~المقدمة ؛ إذ ليس النزاع منحصرا في الطلب الصادر من الشارع حتى لا يتصور في ~~حقه ذلك ، بل PageV01P156 # المقصود أن الطالب للشيء لو التفت إلى مقدمات مطلوبه يجد من نفسه حالة ~~الإرادة على نحو الإرادة المتعلقة بذيها ، كما قد يتفق هذا النحو من الطلب ~~النفسي أيضا فيما إذا غرق ابن المولى ولم يلتفت إلى ذلك أو لم يلتفت بكونه ~~ابنه ؛ فإن الطلب الفعلي في مثله غير متحقق ؛ لابتنائه على الالتفات ، لكن ~~المعلوم من حاله أنه لو التفت إلى ذلك لأراد من عنده الإنقاذ ، وهذه الحالة ~~وإن لم يكن طلبا فعليا إلا أنها تشترك معه في الآثار ، ولهذا نرى بالوجدان ~~في المثال المذكور أنه لو لم ينقذ العبد ابن المولى عد عاصيا ويستحق ~~العقاب. # ومنها اتفاق أرباب العقول كافة عليه على وجه يكشف عن ثبوت ذلك عند العقل ~~نظير الإجماع الذي ادعي في علم الكلام على وجود الصانع أو على حدوث العالم ~~؛ فإن اتفاق أرباب العقول كاشف قطعي إجمالا عن حكم العقل ، فلا يرد على ~~المستدل أن المسألة لكونها عقلية لا يجوز التمسك لها بالإجماع ، لعدم كشفه ~~عن رأي المعصوم عليه السلام ؛ لأن الإيراد متوجه لو أراد من الإجماع المستدل ~~به الإجماع الاصطلاحي ، أما على الوجه الذي قررناه فلا مجال للإيراد ، هذا ~~ولكن الشأن في إثبات مثل هذا الاتفاق. # ومنها أن المقدمة لو لم تكن واجبة لجاز تركها ، فحينئذ فإن بقي الواجب ~~على وجوبه يلزم التكليف بالمحال وإلا يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه ~~واجبا مطلقا ، وبطلان اللازمين مما لا كلام فيه فكذا الملزوم. # والجواب أن ما اضيف إليه الطرف في قوله فحينئذ إن كان الجواز ، نختار ~~الشق الأول أعني : بقاء الواجب على وجوبه ولا يلزم المحذور قطعا ؛ لعدم ~~معقولية تأثير الوجوب في القدرة ، وإن كان الترك مع كونه جائزا ، فإن فرض ~~إمكان ايجاد ms0144 المقدمة عند ذلك بأن كان الوقت موسعا فنختار أيضا الشق الأول ~~ولا يلزم التكليف بالمحال وهو واضح ، وإلا بأن انقضى زمان الإتيان بها ~~فنختار الشق الثاني ، وقوله : يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه كذلك فإن ~~أراد خروجه من أول الأمر عن كونه كذلك كما هو ظاهر عبارته فنمنع الملازمة ، ~~وإن أراد خروجه بعد ترك المقدمة و PageV01P157 # انقضاء زمانها فليس اللازم باطلا ؛ لأن الوجوب قد يسقط بالإطاعة وقد يسقط ~~بالعصيان. # ومنها ما حكي عن المحقق السبزواري قدسسره وهو أنها لو لم تكن واجبة يلزم ~~عدم كون تارك الواجب المطلق مستحقا للعقاب ، بيان الملازمة أنه إذا كلف ~~الشارع بالحج ولم يصرح بإيجاب المقدمات فتارك الحج بترك قطع المسافة الجالس ~~في بلده إما أن يكون مستحقا للعقاب في زمان ترك المشي أو في زمان ترك الحج ~~في موسمه المعلوم ، لا سبيل إلى الأول ؛ لأنه لم يصدر منه في ذلك الزمان ~~إلا ترك الحركة ، والمفروض أنها غير واجبة عليه ، ولا إلى الثاني ؛ لأن ~~الإتيان بأفعال الحج في ذي الحجة ممتنع بالنسبة إليه ، فكيف يكون مستحقا ~~للعقاب بما يمتنع صدوره عنه. # ألا ترى أن الإنسان إذا أمر عبده بفعل معين في زمان معين في بلد بعيد ~~والعبد ترك المشي إلى ذلك البلد ، فإن ضربه المولى عند حضور ذلك الزمان ~~معترفا بأنه لم يصدر إلى الآن عنه فعل قبيح يستحق به التعذيب ، لكن القبيح ~~أنه لم يفعل في هذه الساعة هذا الفعل في ذلك البلد ، لنسبه العقلاء إلى ~~سخافة الرأي وركاكة العقل ، بل لا يصح إلا للاستحقاق السابق قطعا. # ثم نقول : إذا فرضنا أن العبد بعد ترك المقدمات كان نائما في زمان الفعل ~~فإما أن يكون مستحقا للعقاب أولا ، لا وجه للثاني ؛ لأنه ترك المأمور به مع ~~كونه مقدورا فثبت الأول ، فإما أن يحدث استحقاق العقاب في حالة النوم أو ~~حدث قبل ذلك ، لا وجه للأول؛ لأن استحقاق العقاب إنما يكون لفعل القبيح ، ~~وفعل النائم والساهي لا يتصف بالحسن والقبح بالاتفاق ولا وجه للثاني ؛ لأن ~~السابق ms0145 على النوم لم يكن إلا ترك المقدمة والمفروض عدم وجوبها ، هذا حاصل ~~ما أفاده وقد نقلناه ملخصا. # والجواب أنه لا محذور في اختيار كل واحد من الشقين ، فلنا أن نختار الشق ~~الأول وهو استحقاق العقاب في زمان ترك المشي لا على ترك المشي ، بل على ترك ~~الحج المستند إلى ترك المقدمة اختيارا ؛ فإن طريقة الإطاعة والمعصية مأخوذة ~~من العقلاء وهم يحكمون بحسن عقاب العبد التارك للمقدمة في زمن تركها ولا يلزمون PageV01P158 # على المولى انتظار زمن الفعل ، وليس هذا التزاما بترتب العقاب على تلك ~~المقدمة ، بل المقصود إثبات العقاب المترتب على ترك ذيها في زمن ترك ~~المقدمة وامتناع ذيها اختيارا. # ولنا أن نختار الشق الثاني ونقول : إن تارك المقدمة مستحق للعقاب في زمان ~~الحج ، وقوله قدسسره : إن فعل الحج هناك غير مقدور فلا يمكن اتصافه بالقبح ~~، غير وجيه ؛ لأنا نقول : يكفي في اتصافه بالمقدورية كون المكلف قادرا على ~~إتيان مقدمته في زمانها ، فاتصاف مثل هذا الفعل المقدور بواسطة مقدورية ~~مقدماته بالقبح لا مانع له ، وأى قبح أعظم من ترك الواجب مع الاقتدار عليه. # وأما ما ذكره قدسسره أخيرا من فرض كون تارك المقدمة نائما في زمن الفعل ، ~~فالجواب عنه أن ما لا يمكن أن يتصف بالحسن والقبح من فعل النائم إنما يكون ~~فيما استند إلى النوم مثل ما إذا ترك الصلاة مستندا إلى النوم ، وليس هذا ~~الترك فيما نحن فيه مستندا إلى النوم حتى لا يمكن اتصافه بالقبح ، بل هو ~~مستند إلى ترك المقدمة في زمانها اختيارا ، وهذا النوم المفروض وقوعه زمن ~~امتناع الفعل وجوده وعدمه سيان وهذا واضح. # ومنها : ما حكي عن المحقق المذكور أيضا وهو أنها لو لم تكن واجبة لزم أن ~~لا يستحق تارك الفعل العقاب أصلا ، وبيانه أن المريد للشيء إذا تصور أحوالا ~~مختلفة يمكن وقوع كل واحد منها ، فإما أن يريد الإتيان بذلك على أي تقدير ~~من تلك التقادير أو يريد الإتيان به على بعض تلك التقادير ، وهذا مما لا ~~إشكال فيه. # وحينئذ نقول : إذا أمر ms0146 أحد بالإتيان بالواجب في زمانه ، وفي ذلك الزمان ~~يمكن وجود المقدمات ويمكن عدمها ، فإما أن يريد الإتيان به على أي تقدير من ~~تقديري الوجود والعدم، فيكون في قوة قولنا : إن وجدت المقدمة فافعل وإن ~~عدمت فافعل ، وإما أن يريد الاتيان به على تقدير الوجود ، والأول محال ؛ ~~لأنه يستلزم التكليف بما لا يطاق فثبت الثاني ، فيكون وجوبه مقيدا بحضور ~~المقدمة فلا يكون تاركه بترك المقدمة مستحقا للعقاب ؛ لفقدان شرط الوجوب ، ~~والمفروض عدم وجوب المقدمة PageV01P159 # فينتفي استحقاق العقاب رأسا. # والجواب أما أولا : فبأنه لو تم ما ذكره هنا لزم أن لا يقع الكذب في ~~الأخبار المستقبلة، بيان الملازمة أنه لو أخبر المخبر بأني غدا أشتري اللحم ~~، فعلى تقدير عدم الشراء لا وجه لتكذيبه ؛ إذ له أن يقول : إن الإخبار ~~بشراء اللحم إما أن يكون على تقدير ايجاد جميع المقدمات أو الأعم من ذلك ~~وعدمها ، لا سبيل إلى الثاني لأوله إلى الإخبار عن الممتنع، فثبت الأول ~~فيئول إلى الإخبار بشراء اللحم على تقدير وجود جميع المقدمات ، والمفروض ~~عدم وجود واحدة منها أو لا أقل من ذلك ، فلا يكون كذبا ؛ إذ عدم تحقق ~~اللازم في صورة عدم تحقق الملزوم ليس كذبا في القضية الشرطية الخبرية. # وأما ثانيا : فبأن اللازم على ما ذكره عدم استحقاق العقاب على ترك واجب ~~أصلا ؛ لرجوع الواجبات بأجمعها إلى الواجب المشروط ، بيان ذلك أن كل واجب ~~لا بد له من مقدمة ولا أقل من إرادة الفاعل ، فحينئذ نقول : إما أن يريد ~~ذلك الفعل في حالتي وجود المقدمة وعدمها أو في حالة وجودها فقط ، والأول ~~مستلزم للتكليف بما لا يطاق ، والثاني مستلزم لعدم استحقاق العقاب على ترك ~~واجب من الواجبات ؛ إذ ترك الواجب المشروط بترك شرطه ليس موجبا للعقاب ، ~~وليت شعري هل ينفعه وجوب المقدمة في دفع هذا الإشكال؟. # وأما ثالثا : فبأن الحالات التي تؤخذ في موضوع الطلب إطلاقا أو تقييدا هي ~~ما يمكن تعلق الطلب بالموضوع معه ويجوز كونه في تلك الحالة باعثا للمكلف ~~نحو الفعل ، وأما ما لم يكن ms0147 كذلك بأن لا يمكن معه أن يكون الطلب باعثا ~~للمكلف نحو الفعل فلا يعقل تقييد الطلب به ولا إطلاقه. # أما الأول فللزوم لغوية الطلب ، وأما الثاني فلأنه تابع لإمكان التقييد ، ~~وحالتا وجود المقدمة وعدمها من قبيل الثاني ، لأنه على الأول يصير الفعل ~~واجبا فلا يمكن تعلق الطلب به على تقدير وجوبه ، وعلى الثاني يصير ممتنعا ، ~~فلا يمكن أيضا تعلق الطلب به على هذا التقدير ، وبعد عدم إمكان تقييد الطلب ~~بأحدهما لا يمكن ملاحظة PageV01P160 # الإطلاق أيضا بالنسبة إليهما ، بل الطلب متعلق بذات الفعل مع قطع النظر ~~عنها إطلاقا وتقييدا وهو يقتضي إيجاد الفعل ، ولو لم يوجد يستحق العقاب ~~وهذا واضح. # وقد ذكروا وجوها آخر غير ناهضة على المطلوب طوينا ذكرها اقتصارا على ما ~~هو الأهم في الباب وهو الهادي إلى الصواب. ### || الأمر السابع # في بعض من الكلام في مقدمات الحرام ، وليعلم أولا أن الالتزام بحرمة ~~مقدمة الحرام بقصد التوصل إليه ليس قولا بحرمة مقدمة الحرام ؛ لأن هذا من ~~جزئيات مسألة التجري ، فعد بعض الأساطين حرمة مقدمات الحرام بقصد التوصل ~~إلى ذيها من باب مقدمة الحرام ، واقتضاء النهي المتعلق بذيها لها مما لم ~~يعرف له وجه ؛ لأن الجهة المقبحة الموجودة في إتيان المقدمة بقصد التوصل ~~إلى الحرام ليست منوطة بوجود محرم واقعي تكون هذه المأتي بها بقصد التوصل ~~مقدمة له ، بل هي بعينها موجودة فيما لو اعتقد حرمة شيء وأتى بمقدماته بقصد ~~التوصل إليه ولم يكن ذلك الشيء محرما في الواقع ، أو اعتقد مقدمية شيء ~~لمحرم وأتى به بقصد التوصل إلى ما اعتقد ترتبه عليه. # وأعجب من ذلك قياسه بباب مقدمة الواجب ؛ فإن ما تحقق هناك أن إتيان ذات ~~المقدمة من دون قصد التوصل إلى ذيها لا يعد إطاعة ، لا أن موضوع الطلب ~~التبعي هو الفعل المقرون بهذا القصد. # وكيف كان المهم في هذا الباب بيان أن المقدمات الخارجية للحرام هل تتصف ~~بالحرمة نظير ما قلنا في المقدمات الخارجية للواجب ، أم لا تتصف أصلا ، أم ~~يجب التفصيل بينها؟. # فنقول : إن العناوين المحرمة ms0148 على ضربين ، أحدهما : أن يكون العنوان بما ~~هو مبغوضا من دون تقييده بالاختيار وعدمه من حيث المبغوضية وإن كان له دخل ~~في استحقاق العقاب ؛ إذ لا عقاب إلا على الفعل الصادر عن اختيار الفاعل ، ~~والثاني : PageV01P161 # أن يكون الفعل الصادر عن إرادة واختيار مبغوضا بحيث لو صدر عن غير ~~اختياره لم يكن منافيا لغرض المولى. # فعلى الأول علة الحرام هي المقدمات الخارجية من دون مدخلية الإرادة بل هي ~~علة لوجود علة الحرام ، وعلى الثاني تكون الإرادة من أجزاء العلة التامة. # إذا عرفت هذا فنقول : نحن إذا راجعنا وجداننا نجد الملازمة بين كراهة ~~الشيء وكراهة العلة التامة له من دون سائر المقدمات ، كما إذا راجعنا ~~الوجدان في طرف إرادة الشيء نجد الملازمة بينها وبين إرادة كل واحد من ~~مقدماته ، وليس في هذا الباب دليل أمتن وأسد منه ، وما سوى ذلك مما أقاموه ~~غير نقي عن المناقشة. # وعلى هذا ففي القسم الأول إن كانت العلة التامة مركبة من امور تتصف ~~المجموع منها بالحرمة وتكون إحدى المقدمات لا بشخصها محرمة إلا إذا وجد ~~باقي الأجزاء وانحصر اختيار المكلف في واحد منها فيحرم عليه شخصا من باب ~~تعين أحد أفراد الواجب التخييري بالعرض فيما إذا تعذر الباقي ، فإن ترك أحد ~~الأجزاء واجب على سبيل التخيير ، فإذا وجد الباقي وانحصر اختيار المكلف في ~~واحد معين يجب تركه معينا. # وأما القسم الثاني أعني : فيما إذا كان الفعل المقيد بالإرادة محرما فلا ~~تتصف الأجزاء الخارجية بالحرمة ، لأن العلة التامة للحرام هي المجموع ~~المركب منها ومن الإرادة ، ولا يصح استناد الترك إلا إلى عدم الإرادة ؛ ~~لأنه أسبق رتبة من سائر المقدمات الخارجية. # فقد فهم مما ذكرنا أن القول بعدم اتصاف المقدمات الخارجية للحرام بالحرمة ~~مطلقا لسبق رتبة الصارف وعدم استناد الترك إلا إليه مطلقا مما لا وجه له ، ~~بل ينبغي التفصيل ؛ لأنه في القسم الأول لو فرض وجود باقي المقدمات مع عدم ~~الإرادة تحقق المبغوض قطعا ، فعدم إحداها علة لعدم المبغوض فعلا. # وأما في القسم الثاني لو فرضنا وجود ms0149 باقي المقدمات مع الصارف لم يتحقق ~~المبغوض لكونه مقيدا بصدوره عن الإرادة ، فالمقدمات الخارجية من دون ~~انضمامها PageV01P162 # إلى الإرادة لا يوجد المبغوض ، ففي طرف العدم يكفي عدم إحدى المقدمات ، ~~ولما كان الصارف أسبق رتبة منها يستند ترك المبغوض إليه دون الباقي ، فيتصف ~~بالمحبوبية دون ترك إحدى المقدمات الخارجية ، فلا يكون فعلها متصفا ~~بالحرمة. ### || «فصل» # هل الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص أم لا؟ أقول : لما كانت ~~المسألة مبنية على مقدمية ترك الضد لفعل ضده فاللازم التكلم فيها ، فنقول : ~~هل ترك الضد مقدمة لفعل ضده ، أو فعله مقدمة لترك ضده ، أو كل منهما مقدمة ~~للآخر أي ترك الضد مقدمة لفعل ضده وفعل الضد أيضا مقدمة لترك ضده ، أم لا ~~توقف في البين؟ والمعروف من تلك الاحتمالات هو الأول والأخير ، فلا نتعرض ~~لغيرهما ، وستطلع على بطلانه في أثناء البحث. # والقائل بتوقف فعل الضد على ترك ضده الآخر إما أن يقول به مطلقا كما عليه ~~جل أرباب هذا القول ، أو تفصيل بين الرفع والدفع ، بمعنى أنه لو كان الضد ~~موجودا وأراد إيجاد الآخر يتوقف إيجاده على رفع ضده ، وإن لم يكن موجودا ~~وأراد إيجاد ضده لم يكن موقوفا على ترك الضد. # ثم إن وجه التوقف يمكن أن يكون أحد امور ثلاثة ، الأول أن يقال : بأن ترك ~~الضد ابتداء مقدمة لفعل الضد ، والثاني : أن يكون مقدمية الترك من باب ~~مانعية الفعل ، والثالث: أن يكون من جهة عدم قابلية المحل ؛ فإن المحل لما ~~لم يكن قابلا لأن يرد عليه كلاهما فصار وجود كل منهما متوقفا على خلو المحل ~~عن الآخر. # وكيف كان فلنشرع فيما هو المقصود وقبل ذكر أدلة الطرفين لا بد وأن يعلم ~~حكم حال الشك لنرجع إليه إذا عجزنا عن القطع بأحد الطرفين. # فنقول : لو شك في كون ترك الضد مقدمة بعد علمه بوجوب مقدمة الواجب وعلمه ~~بوجوب فعل الضد الآخر ، فهل الأصل يقتضي الحكم بصحة العمل إن كان من ~~العبادات أو الفساد؟ قد يقال بالأول ؛ لأن فعلية الخطاب مرتفعة بواسطة الشك ms0150 PageV01P163 # خصوصا في الشبهة الموضوعية التي قد أطبقت على إجراء البراءة فيها كلمة ~~العلماء رضوان الله عليهم من الاصوليين والأخباريين ، وإذا لم يكن الوجوب ~~فعليا لا مانع لصحة العمل ؛ لأن المانع قد تحقق في محله أنه الوجوب الفعلي ~~؛ ولذا أفتى العلماء بصحة الصلاة في الأرض المغصوبة في صورة نسيان الغصبية ~~، ولو انكشف الخلاف بعد ذلك لم يجب عليه الإعادة والقضاء ، وما نحن فيه من ~~هذا القبيل. # وأوضح من ذلك صورة القطع بعدم المقدمية وانكشف بعد ذلك خطاء قطعه ؛ فإن ~~الحكم بفساد صلاته موجب لفعلية الخطاب حين القطع بعدمه. # والحق أن الشك في المقام ليس موردا لأصالة البراءة لا عقلا ولا شرعا ، ~~أما الأول فلأن مقتضاها هو الأمن من العقاب على مخالفة التكليف الواقعي على ~~تقدير ثبوته ولا يمكن جريانها هنا ؛ لأن العقاب لا يترتب على مخالفة ~~التكليف المقدمي ولا يمكن الحكم بسقوط العقاب عن التكليف النفسي إذا استند ~~تركه إلى هذه المقدمة المشكوك مقدميتها ؛ لأن التكليف النفسي معلوم ونعلم ~~أن الإتيان به ملازم لهذا الترك الذي يحتمل كونه مقدمة ، إنما الشك في أن ~~هذا الترك الذي قد علم كونه ملازما لفعل الواجب المعلوم هل هو مقدمة أم لا ~~، وهذا لا يوجب سقوط العقاب عن الواجب النفسي المعلوم كما هو واضح. # وأما الثاني فلأنه على تقدير كون الترك مقدمة فالوجوب المتعلق به بحكم ~~العقل على حد الوجوب المتعلق بفعل ضده ، فكما أنه في هذا الحال يكون فعليا ~~منجزا ، كذلك مقدمته ، وعلى هذا الفرض لا يعقل الترخيص ، والمفروض احتمال ~~تحقق الفرض في نظر الشاك وإلا لم يكن شاكا ، ومع هذا الاحتمال نشك في إمكان ~~الترخيص وعدمه عقلا ، فلا يمكن القطع بالترخيص ولو في الظاهر. # لا يقال : بعد احتمال كون الترخيص ممكنا لا مانع من التمسك بعموم الأدلة ~~الدالة على إباحة جميع المشكوكات واستكشاف الإمكان بالعموم الدال على ~~الفعلية. # لأنا نقول : فعلى هذا يلزم من ثبوت هذا الحكم عدمه ؛ إذ لو بنينا على ~~انكشاف الإمكان بعموم الأدلة فاللازم الالتزام بدلالة العموم على عدم كون ms0151 ~~ترك الضد PageV01P164 # مقدمة ؛ إذ مع بقاء هذا الشك لا يمكن انكشاف الإمكان ، فلو علم من عموم ~~الحكم عدم كون ترك الضد مقدمة فلا مجرى له ؛ لأن موضوعه الشك ، وبالجملة ~~فلا أرى وجها لجريان أصالة الإباحة في المقام ، هذه خلاصة الكلام في حكم ~~الشك فلنعد إلى أصل البحث. # فنقول : الحق كما ذهب إليه الأساطين من مشايخنا هو عدم التوقف والمقدمية ~~لا من جانب الترك ولا من جانب الفعل ، أما عدم كون ترك الضد مقدمة لفعل ضده ~~فلأن مقتضى مقدميته لزوم ترتب عدم ذي المقدمة على عدمه ؛ لأنه معنى ~~المقدمية والتوقف ، فعلى هذا يتوقف عدم وجود الضد على عدم ذلك الترك ~~المفروض كونه مقدمة وهو فعل الضد الآخر ، والمفروض أن فعل الضد أيضا يتوقف ~~على ترك ضده الآخر ، ففعل الفعل يتوقف على ترك ضده كما هو المفروض ، وترك ~~الضد يتوقف على فعل ضده ، لأنه مقتضى مقدمية تركه. # هذا مضافا إلى عدم إمكان تأثير العدم في الوجود وهو من الواضحات وإلا ~~لأمكن انتهاء سلسلة الموجودات إلى العدم. # وأما عدم كون فعل الضد علة ومؤثرا في ترك ضده فلأنه لو كان كذلك لزم مع ~~عدمه وعدم موجود يصلح لأن يكون علة لشيء إما ارتفاع النقيضين ، أو تحقق ~~المعلول بلا علة ، أو استناد الوجود إلى العدم ، بيان ذلك أنه لو فرضنا عدم ~~الفعل الذي فرضناه علة لعدم الضد وعدم كل شيء من الممكنات ، يصلح لأن يكون ~~علة لشيء فلا يخلو الواقع من امور؛ لأنك إما أن تقول بوجود ذلك الفعل الذي ~~كان عدمه معلولا أم لا. # فعلى الأول يلزم استناد الوجود إلى العدم ؛ إذ المفروض عدم وجود شيء في ~~العالم يصلح لأن يكون علة ، وعلى الثاني إما أن نقول بتحقق العدم المفروض ~~معلولا أم لا ، فعلى الثاني يلزم ارتفاع النقيضين ، وعلى الأول يلزم تحقق ~~المعلول بلا علة ، مضافا إلى أن مقتضى كون الفعل علة لترك ضده كون تركه ~~مقدمة لفعل ضده الآخر ؛ لأن عدم المانع شرط فيلزم الدور. PageV01P165 # فإن قلت : إن الدور الذي أوردت على ms0152 القائل بمقدمية ترك الضد لفعل ضده ~~الآخر إنما يتوجه لو التزم بكون الفعل أيضا علة للترك وهو لا يلتزم به ~~وإنما يقول بكون ترك الضد مستندا إلى الصارف لكونه أسبق من الفعل رتبة ، ~~ومعلوم أن المعلول إذا كانت له علل فهو يستند إلى أسبق علله ، فحينئذ يقول ~~بأن فعل الضد يتوقف على ترك ضده الآخر ، ولكن ترك الضد لا يتوقف على فعل ~~ضده الآخر ، بل يكفي فيه الصارف ، فاندفع بذلك الدور. # قلت : الاستناد الفعلي وإن كان إلى الصارف ليس إلا لما ذكر من كونه أسبق ~~العلل ، إلا أنه يكفي في البطلان وقوع الفعل في مرتبة علة الترك ؛ لاستلزام ~~ذلك التقدم عليه مع كون الترك أيضا مقدما على الفعل بمقتضى مقدميته ؛ لأن ~~وجه بطلان الدور تقدم الشيء على نفسه وهذا الوجه موجود هنا بعينه ؛ فإن ترك ~~الضد بمقتضى المقدمية مقدم طبعا على فعل ضده ، وكذلك فعل الضد بمقتضى ~~شأنيته للعلية يجب أن يكون مقدما على ترك ضده ، فترك الضد مقدم على فعل ضده ~~الذي هو مقدم على ذلك الترك ، فيجب أن يكون ترك الضد مقدما على نفسه وكذلك ~~فعل الضد. # ومما ذكرنا يظهر عدم الفرق بين الرفع والدفع ؛ لأن البرهان الذي ذكرناه ~~على عدم التوقف يجري فيهما على نهج واحد ، وأنت إذا تأملت فيما ذكرنا لم ~~تجد بدا من القول بعدم التوقف ، فلا نطيل المقام بذكر ما أوردوه في بيان ~~المقدمة والمناقشة فيه. إنما المهم التعرض للمسألة التي فرعوها على مقدمية ~~ترك الضد وعدمها أعني بطلان فعل الضد ولو كان عباديا وقد وجب ضده على الأول ~~، وصحته على الثاني. # فنقول : أما بناء على كون ترك الضد مقدمة فلا إشكال في بطلان العمل بناء ~~على بطلان اجتماع الأمر والنهي ، بل قد يقال بالبطلان حتى على القول بإمكان ~~الاجتماع ؛ لأن محل النزاع في مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي فيما إذا كان ~~هناك عنوانان يتفق تحققهما في وجود واحد ، وليس المقام من هذا القبيل ؛ لأن ~~عنوان المقدمية ليس مما امر به ؛ لأنه ليس مما ms0153 يتوقف عليه المطلوب ، بل ~~المطلوب إنما يتوقف على نفس ترك الصلاة مثلا إذا كان ضده مطلوبا ، فلو جاز ~~تعلق الأمر بها لزم اجتماع PageV01P166 # الأمر والنهي في شيء واحد فيكون ذلك من باب النهي في العبادات ، هذا على ~~القول بكون ترك الضد مقدمة. # وأما على القول بعدم مقدميته فإن قلنا بكفاية الجهة في صحة العبادة وإن ~~لم يتعلق به الأمر لمانع عقلي كما هو الحق فلا إشكال في الصحة. # وأما لو لم نقل بكفاية الجهة فيشكل الأمر بأن الأمر بالضد وإن لم يقتض ~~النهي عن ضده لعدم المقدمية ، ولكنه يقتضي عدم الأمر به ، لامتناع الأمر ~~بإيجاد الضدين في زمان واحد ، وحيث لا أمر فلا يقع صحيحا ؛ لأن المفروض عدم ~~كفاية جهة الأمر في الصحة ، فالمناص حينئذ منحصر في تصحيح تعلق الأمر فعلا ~~بالضد مع كون ضده الآخر مأمورا به ، والذي يمكن أن يكون وجها لذلك أحد ~~أمرين : # الأول : ما نقل عن بعض الأساطين قدسسره من أن الأمر بالضد إنما ينافي ~~الأمر بضده الآخر لو كانا مضيقين ، أما لو كان أحدهما مضيقا والآخر موسعا ~~فلا مانع من الأمر بكليهما ؛ لأن المانع ليس إلا لزوم التكليف بما لا يطاق ~~، وهذا المانع منحصر فيما إذا كانا مضيقيين ؛ إذ لو كان أحدهما موسعا فلا ~~يلزم ذلك قطعا سواء كان الآخر موسعا أيضا أم لا ، وأي مانع من أن يقول ~~المولى لعبده : اريد منك من أول الظهر إلى الغروب إنقاذ هذين الغريقين ، أو ~~يقول : اريد منك إنقاذ هذا الغريق فعلا واريد منك أيضا إنقاذ الغريق الآخر ~~في مجموع الوقت الذي يكون أعم من هذا الوقت وغيره. # أقول : تمامية ما أفاده قدسسره مبني على مقدمتين : # إحداهما : أن يكون الوقت المضروب ظرفا للواجب من قبيل الكلي الصادق على ~~جزئيات الوقت ، فيصير المحصل من التكليف بصلاة الظهر إيجاب إيجاد الصلاة في ~~طبيعة الوقت المحدود بحدين ؛ إذ لو كان التكليف راجعا إلى التخيير الشرعي ~~بين الجزئيات من الأزمنة فلا يصح ذلك ؛ لأن البعث على غير المقدور قبيح ~~عقلا وإن كان ms0154 على سبيل التخيير بينه وبين فعل آخر مقدور ، ألا ترى قبح ~~الخطاب التخييري بين الطيران إلى السماء وإكرام زيد مثلا. PageV01P167 # والثانية : أن الأمر بالطبيعة لا يستلزم السراية إلى الأفراد وإلا لكان ~~اللازم منه المحذور الأول بعينه ، وحيث إن عدم السراية إلى الأفراد هو ~~المختار كما يجيء تحقيقه في مسألة اجتماع الأمر والنهي إن شاء الله ولا ~~يبعد صحة المقدمة الاولى فلا بأس بالالتزام بتحقق الأمر الفعلي بالصلاة في ~~مجموع الوقت مع إيجاب ضدها في أول الوقت مضيقا ، بل يمكن أن يقال : لا مانع ~~من الأمر حتى على القول بالتخيير الشرعي أو على القول بسراية حكم الطبيعة ~~إلى الأفراد ؛ لأن المانع من التكليف بما لا يطاق ليس إلا اللغوية وهو مسلم ~~فيما إذا كان نفس الفعل غير مقدور كالطيران إلى السماء. # وأما إذا كان نفسه مقدورا كما في ما نحن فيه غاية الأمر يجب عليه بحكم ~~العقل امتثال أمر آخر من المولى ولا يقدر مع الامتثال إتيان فعل آخر فلا ~~يلزم اللغوية ؛ إذ يكفي في ثمرة وجود الأمر أنه لو أراد المكلف عصيان ~~الواجب المعين يقدر على إطاعة هذا الأمر ، ومن ذلك يظهر أن قياس مقامنا هذا ~~بمثال الطيران إلى السماء ليس في محله. # والوجه الثاني ؛ ما أفاده سيد مشايخ عصرنا الميرزا الشيرازي «قدس الله ~~تربته الطاهرة» ، وشيد أركانه وأقام برهانه تلميذه الجليل والنحرير الذي ~~ليس له بديل سيدنا الاستاذ السيد محمد الاصفهاني جزاهما الله عن الإسلام ~~وأهله أفضل الجزاء وهو : أن يتعلق الأمر أولا بالضد الذي يكون أهم في نظر ~~الآمر مطلقا من غير التقييد بشيء ثم يتعلق أمر آخر بضده متفرعا على عصيان ~~ذلك الأمر الأول. # توضيح هذا المطلب وتنقيحه يستدعي رسم مقدمات : # الاولى ولعلها العمدة في هذه المسألة توضيح الواجب المشروط ، وهو وإن مر ~~في مبحث مقدمة الواجب مفصلا إلا أنه لا بد من أن نشير إليه ثانيا توضيحا ~~لهذه المسألة التي نحن بصددها. # فنقول وعلى الله التوكل : إن الإرادة المنقدحة في النفس المتعلقة ~~بالعناوين على ضربين، تارة ms0155 يكون على نحو تقتضي إيجاد متعلقها بجميع ما ~~يتوقف عليه من دون PageV01P168 # إناطتها بوجود شيء أو عدمه ، واخرى على نحو لا يقتضي إيجاد متعلقها إلا ~~بعد تحقق شيء آخر وجودي أو عدمي ، مثلا إرادة إكرام الضيف تارة يكون على ~~نحو يوجب تحريك المريد إلى تحصيل الضيف وإكرامه ، واخرى على نحو لا يوجب ~~تحريكه إلى تحصيل الضيف ، بل يقتضي إكرامه على تقدير مجيئه. # ثم إن الثاني على أنحاء ، تارة يقتضي إيجاد متعلقها بعد تحقق ذلك الشيء ~~المفروض وجوده في الخارج ، كما في مثال أكرم زيدا إن جاءك ، واخرى يقتضي ~~إيجاده مقارنا له ، كما في إرادة الصوم مقارنا للفجر إلى غروب الشمس ، وكما ~~في إرادة الوقوف في العرفات مقارنا لأول الزوال إلى الغروب وأمثال ذلك ، ~~وتارة يقتضي إيجاده قبل تحقق ذلك الشيء كما لو أراد استقبال زيد في اليوم ~~على تقدير مجيئه غدا. # وهذه الأنحاء الثلاثة كلها مشتركة في أنها مع عدم العلم بتحقق ذلك ~~المفروض تحققه لا تؤثر الإرادة في نفس الفاعل ، كما أنها مشتركة في أنه على ~~تقدير العلم بذلك يؤثر في الجملة ، إنما الاختلاف في أنه على تقدير الأول ~~العلم بتحقق ذلك في الزمن الآتي لا يوجب تحريك الفاعل إلى نحو المراد ؛ لأن ~~المقصود إيجاد الفعل بعد تحقق ذلك الشيء لا قبله. # نعم لو توقف الفعل في زمان تحقق ذلك الشيء على مقدمات قبل ذلك اقتضت ~~الإرادة المتعلقة بذلك الفعل على تقدير وجود شيء خاص إيجاد تلك المقدمات ~~قبل تحقق ذلك الشيء ، كما نرى من أنفسنا أن الإنسان لو أراد إكرام زيد على ~~تقدير مجيئه وعلم بمجيئه في الغد وتوقف إكرامه في الغد على مقدمات قبله ~~يهيئ تلك المقدمات ، وهكذا حال إرادات الآمر ، فلو أمر المولى بإكرام زيد ~~على تقدير مجيئه ويعلم العبد بتحقق مجيئه غدا ويتوقف إكرامه غدا على إيجاد ~~مقدمات في اليوم يجب عليه إيجادها ، ولا عذر له عند العقل لو ترك تلك ~~المقدمات ، وهذا واضح لا ستر عليه. # وعلى التقدير الثاني باعثية الإرادة بالنسبة إلى الفاعل ms0156 إنما يكون بالعلم ~~بتحقق ذلك الشيء المفروض وجوده في الآن الملاصق للآن الذي هو فيه ، كما أنه على PageV01P169 # الثالث تؤثر إذا علم بتحققه في الزمن الآتي. # وإن شئت قلت : هذه الإرادة المعلقة على وجود شيء إذا انضم إليها العلم ~~بتحقق ذلك الشيء يقتضي إيجاد كل من الفعل ومقدماته في محله ، فمحل الإكرام ~~في الفرض الأول بعد تحقق المجيء ، ومحل مقدماته قبله ، ومحل الفعل في ~~المثال الثاني مقارن للشرط ، ومحل مقدماته قبله ، كما في الوقوف في العرفات ~~مقارنا للزوال ، ومحل الفعل في المثال الثالث قبل تحقق الشرط. # والحاصل أنه لا نعني بالواجب المشروط إلا الإرادة المتعلقة بالشيء مبتنية ~~على تحقق أمر في الخارج ، وهذه الإرادة لا يعقل أن تؤثر في نفس الفاعل إلا ~~بعد الفراغ من حصول ذلك الأمر. وبعبارة اخرى : هذه الإرادة من قبيل جزء ~~العلة لوجود متعلقها ؛ وإذا انضم إليها العلم بتحقق ذلك الشيء تؤثر في كل ~~من الفعل ومقدماته في محله كما عرفت ، فالإرادة المبتنية على أمر مقدر سواء ~~علم بتحقق ذلك الأمر أم لم يعلم بل ولو علم عدمه موجودة ولكن تأثيرها في ~~الفاعل يتوقف على العلم بتحقق ذلك الأمر. # المقدمة الثانية : أن الإرادة المبتنية على تقدير أمر في الخارج لا يعقل ~~أن تقتضي إيجاد متعلقها على الإطلاق ، أي سواء تحقق ذلك المقدر أم لا ، ~~وإلا خرجت عن كونها مشروطة بوجود شيء ، فمتى ترك الفعل بترك الأمر المقدر ~~لا يوجب مخالفة لمقتضي الإرادة ، نعم المخالفة إنما تتحقق فيما إذا ترك مع ~~وجود ذلك المقدر ، وهذه المقدمة في الوضوح بمثابة لا تحتاج إلى البرهان. # المقدمة الثالثة : أن الإرادة المتعلقة بشيء من الأشياء لا يمنع وجودها ~~كون المأمور بحيث يترك في الواقع أو يفعل ؛ إذ لا مدخلية لهذين الكونين في ~~قدرة المكلف ، فالإرادة مع كل من هذين الكونين موجودة ، ولكن لا يمكن أن ~~يلاحظ الآمر كلا من تقديري الفعل والترك في المأمور به لا إطلاقا ولا ~~تقييدا. # أما الثاني فواضح ؛ لأن إرادة الفعل على تقدير الترك طلب المحال ، وإرادة ms0157 ~~الفعل على تقدير الفعل طلب الحاصل ، وأما الأول فلأن ملاحظة الإطلاق فرع إمكان PageV01P170 # التقييد ، وحيث يستحيل الثاني يستحيل الأول ، فالإرادة تقتضي إيجاد ذات ~~متعلقها لا أنها تقتضي إيجاده في ظرف عدمه ولا إيجاده في ظرف وجوده ولا ~~إيجاده في كلا الحالين ؛ لأن هذا النحو من الاقتضاء يرجع إلى طلب الشيء مع ~~نقيضه أو مع حصوله ، فظهر أن الأمر يقتضي وجود ذات الفعل من دون ملاحظة ~~تقييد الفعل بالنسبة إلى الحالتين المذكورتين ، ولا إطلاقه بالنسبة إليهما. # نعم الأمر المتعلق بذات الفعل موجود سواء كان المكلف ممن يترك أو يفعل ~~ولكن هذا الأمر الموجود يقتضي عدم تحقق الترك وتحقق الوجود لا أنه يقتضي ~~الوجود على تقدير الترك، وبعبارة اخرى : الأمر يقتضي عدم تحقق هذا المقدر ~~لا أنه يقتضي وجود الفعل في فرض وقوعه ؛ لأن الثاني يرجع إلى اقتضاء اجتماع ~~النقيضين دون الأول ، فافهم فإنه لا يخلو عن دقة. # المقدمة الرابعة : أنه لم يرد في خبر ولا في آية بطلان تعلق الأمرين ~~بالضدين في زمان واحد حتى نتمسك بإطلاق ذلك الخبر أو تلك الآية في بطلانه ~~حتى في المقام ، إنما المانع حكم العقل بقبح التكليف بما لا يطاق وهو منحصر ~~فيما إذا كان الطلبان بحيث يقتضي كل واحد منهما سلب قدرة المكلف عن الإتيان ~~بمقتضى الآخر لو أراد الإتيان بما يقتضيه ، أما لو كانا بحيث لا يوجب ذلك ~~فلا مانع أصلا. # إذا عرفت المقدمات المذكورة فنقول : لو أمر الآمر بإيجاد فعل مقارنا لترك ~~ضده الآخر فهذا الأمر باعث في نفس المأمور لو علم بتحقق ذلك الترك في الآن ~~المتصل بالآن الذي هو فيه ؛ إذ لو صبر إلى أن يتحقق ذلك الترك لم يقع ~~المأمور به بالعنوان الذي امر به وهو المقارنة، فمحل تأثير هذا الأمر في ~~نفس المأمور إنما يكون مقارنا لوقوع الترك ، فيجب أن يؤثر في ذلك المحل ~~بمقتضى المقدمة الاولى ، وهذا الأمر المبتني على ترك الضد لا يوجب التأثير ~~في المتعلق مطلقا حتى يستلزم لا بدية المكلف من ترك الضد بحكم ms0158 المقدمة ~~الثانية ، والأمر المتعلق بالضد الآخر الذي فرضناه مطلقا لا يقتضي إيجاد ~~المتعلق في ظرف عدمه بحكم المقدمة الثالثة حتى يلزم منه وجود التكليف ~~بالضدين في ظرف تحقق هذا الغرض ، بل الأمر بالأهم يقتضي عدم PageV01P171 # تحقق هذا الغرض ، والأمر بالمهم يقتضي إيجاده على تقدير تحقق الغرض. # ومن هنا يتضح عدم تحقق المانع العقلي في مثل هذين الأمرين ؛ لأن المانع ~~كما عرفت ليس إلا لزوم التكليف بما لا يطاق ؛ لأن ذلك إنما يلزم من ~~الخطابين لو كانا بحيث يلزم من امتثال كل منهما معصية الآخر ، وقد عرفت أنه ~~لا يلزم منهما فيما نحن فيه ذلك ؛ لأن المكلف لو امتثل الأمر الأهم لم يعص ~~الأمر الآخر الذي تعلق بالمهم ، إنما ترتب على هذا الامتثال انتفاء ما كان ~~شرطا للأمر المهم ، وقد عرفت أن عدم إتيان الواجب المشروط بترك شرطه ليس ~~مخالفة للواجب. # والحاصل أنه لا يقتضي وجود الخطابين بعث المكلف على الجمع بين الضدين ، ~~ومما يدلك على هذا أنه لو فرضنا محالا صدور الضدين من المكلف لم يقع كلاهما ~~على صفة المطلوبية ، بل المطلوب هو الأعم لا غير ، لعدم تحقق ما هو شرط ~~لوجوب المهم. # فإن قلت : سلمنا إمكان الأمر بالضدين على نحو قررته ولكن بم يستدل على ~~الوقوع فيما إذا وجب الإزالة عن المسجد مطلقا وكان في وقت الصلاة ؛ فإن حمل ~~دليل الصلاة على وجوب المعلق على ترك إزالة النجاسة يحتاج إلى دليل. # قلت : المفروض أن المقتضي لوجوب الصلاة محقق بقول مطلق وليس المانع إلا ~~حكم العقل بعدم جواز التكليف بما لا يطاق ، وبعد ما علمنا عدم كون هذا ~~النحو من التكليف تكليفا بما لا يطاق يجب بحكم العقل تأثير المقتضي ، هذا ~~غاية ما يمكن أن يقال في المقام وعليك بالتأمل التام ؛ فإن المقام من مزال ~~الأقدام. # حجة المانع أن الضدين مما لا يمكن إيجادهما في زمان واحد عقلا ، وجعلهما ~~في زمان واحد متعلقا للطلب المطلق تكليف بما لا يطاق ، وهاتان المقدمتان ~~مما لا يقبل الإنكار ، إنما الشأن بيان أن تعلق ms0159 الطلبين بالضدين في زمان ~~واحد ولو على نحو الترتب يرجع إلى الطلب المطلق بهذا والطلب المطلق بذاك في ~~زمان واحد. # وبيانه : أن الأمر بإيجاد الضد مع الأمر بايجاد ضده الآخر لا يخلو حاله ~~من أنه إما أمر بإيجاده مطلقا في زمان الأمر بضده كذلك ، وإما أمر بإيجاده ~~مشروطا بترك الآخر ، والثاني على قسمين ؛ لأنه إما أن يجعل الشرط هو الترك ~~الخارجي للضد PageV01P172 # الآخر ، أو يجعل الشرط كون المكلف بحيث يترك في علم الله. # أما الأول فلا يلتزم به كل من أحال التكليف بما لا يطاق ، وأما الأول من ~~الأخيرين فلا مانع منه ، إلا أنه عليه لا يصير الأمر مطلقا إلا بعد تحقق ~~الترك ومضي زمانه ، وهذا وإن كان صحيحا لكنه خارج عن فرض القائل بالترتب ؛ ~~لأنه يدعي تحقق الأمرين في زمان واحد. # وأما الأخير منهما فلازمه القول بإطلاق الأمر المتعلق بالمهم في ظرف تحقق ~~شرطه والمفروض وجود الأمر بالأهم أيضا ؛ لأنه مطلق ، ففي زمان تحقق شرط ~~المهم يجتمع الأمران المتعلقان بالضدين وكل واحد منهما مطلق ، أما الأمر ~~المتعلق بالأهم فواضح ، وأما الأمر المتعلق بالمهم فلأن الأمر المشروط بعد ~~تحقق شرطه يصير مطلقا. # والجواب يظهر مما قدمناه في المقدمات وحاصله : أن الأمر بالأهم مطلق ~~والأمر بالمهم مشروط ، أما قولك بأن الشرط إما هو الترك الخارجي أو العنوان ~~المنتزع منه فنقول : إنه هو الترك الخارجي ، وقولك إنه على هذا يلزم تأخر ~~الطلب عن زمان الترك ، مدفوع بما عرفت من عدم لزوم اقتضاء الطلب المشروط ~~إيجاد متعلقه بعد تحقق الشرط ، بل قد يقتضيه كذلك وقد يقتضي مقارنة الفعل ~~للشرط كما عرفت ذلك كله مشروحا. # فإن قلت : سلمنا كون الشرط نفس الترك الخارجي للضد ولا يلزم من ذلك تأخر ~~الطلب عن مضي زمان الترك ولكن نقول : في ظرف فعلية الطلب المشروط إما تقول ~~ببقاء الطلب المطلق أولا ، والثاني خلاف الفرض ، والأول التزام بالأمر بما ~~لا يطاق. # قلت : نختار الشق الأول ولكن لا يقتضي الطلب الموجود حينئذ إلا عدم تحقق ~~الترك الذي هو شرط لوجوب ms0160 الآخر ، لا أنه يقتضي إيجاد الفعل في ظرف تحقق هذا ~~الترك كما أوضحناه في المقدمات ، فليتأمل في المقام ؛ فإنه مما ينبغي أن ~~يصرف لأجله الليالي والأيام. PageV01P173 ### | المقصد الثاني في النواهي ### || «فصل» # في جواز اجتماع الأمر والنهي وامتناعه ، وليعلم أولا أن النزاع المذكور ~~إنما يكون بعد فرض وجود المندوحة وتمكن المكلف من إيجاد عنوان المأمور به ~~في غير مورد النهي ، وإلا فالمسلم عند الكل عدم الجواز لقبح التكليف بما لا ~~يطاق ، نعم ذهب المحقق القمى قدسسره إلى التفصيل بين ما إذا كان العجز ~~مستندا إلى سوء اختيار المكلف وعدمه ، فخص القبح بالثاني ، ومن هنا حكم بأن ~~المتوسط في الأرض المغصوبة منهي عن الغصب فعلا ومأمور بالخروج كذلك. ولكنك ~~خبير بأن هذا التفصيل يأبى عنه العقل ، بل لعل قبح التكليف بما لا يطاق ~~مطلقا من البديهيات الأولية. # وكيف كان فقبل الشروع في المقصود ينبغي رسم امور : # أحدها : قد يتوهم ابتناء المسألة على كون متعلق التكاليف هو الطبيعة أو ~~الفرد ، فينبغي التكلم في مقامين : # أحدهما في تشخيص مرادهم في هذه المسألة # والثاني في أنه هل يبتني النزاع في مسألتنا هذه عليها بمعنى أنه لو اخذ ~~بأحد طرفي النزاع فيها لزم الأخذ بأحد طرفي المسألة فيما نحن فيه أم لا؟ # أما المقام الأول فنقول : يمكن أن يكون مرادهم أنه بعد فرض لزوم اعتبار ~~الوجود في متعلق الطلب فهل الوجود المعتبر هو وجود الطبيعة أو وجود الفرد ، ~~ويمكن أن يكون مرادهم أنه بعد فرض اعتبار الوجود هل المعتبر أشخاص الوجودات ~~الخاصة أو المعنى الواحد الجامع بين الوجودات؟. # أما المقام الثاني فالحق عدم ابتناء مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي ~~وعدمه عليه ؛ إذ يمكن القول بأن متعلق الأحكام هو الطبائع بكلا المعنيين الذين PageV01P174 # احتملنا في مرادهم ، ومع ذلك نمنع جواز اجتماع الأمر والنهي ، إما لما ~~ذكره صاحب الفصول قدسسره من أن متعلق الطلب إنما يكون الوجودات الخاصة لعدم ~~جامع لها في البين ، وإما لأنه على تقدير تعلق الطلب بالجامع يلزم سرايته ~~إليها لمكان الاتحاد والعينية. # وكذلك يمكن ms0161 القول بتعلق الطلب بالفرد بكلا الاحتمالين أيضا والالتزام ~~بجواز الاجتماع ؛ لأن الفرد الموجود في الخارج يمكن تعريته في الذهن عن بعض ~~الخصوصيات ومع ذلك لا يخرج عن كونه فردا ، مثلا الصلاة في الدار المغصوبة ~~الموجودة بحركة واحدة شخصية لو لوحظت تلك الحركة الشخصية من حيث إنها مصداق ~~للصلاة وجرد النظر عن كونها واقعة في الدار المغصوبة لم تخرج عن كونها حركة ~~شخصية ، فللمجوز بعد اختياره أن متعلق التكاليف هو الأفراد أن يقول : إن ~~هذه الحركة من حيث كونها مصداقا للصلاة محبوبة ومأمور بها ، ومن حيث إنها ~~مصداق للغصب منهي عنها. # الأمر الثاني : أن الموجود الخارجي من أي طبيعة كان أمر وحداني محدود بحد ~~خاص ، سواء قلنا بأصالة الوجود أم قلنا بأصالة الماهية ، غاية الأمر أنه ~~على الأول يكون الثاني منتزعا ، وعلى الثاني يكون الأول منتزعا ، نعم يمكن ~~أن ينحل في الذهن إلى ماهية ووجود ، وإضافة الوجود إلى الماهية. # فحينئذ لو قلنا بأن الوحدة في الخارج مانعة عن اجتماع الأمر والنهي ~~فاللازم أن نقول بالامتناع ، سواء قلنا بأصالة الوجود أو الماهية ، ولو ~~قلنا بعدم كونه مانعا ويكفي تعدد المتعلق في الذهن فاللازم القول بالجواز ~~سواء قلنا أيضا بأصالة الوجود أو الماهية. # الأمر الثالث : أن الظاهر من العنوان الذي يجعلونه محلا للنزاع أن الخلاف ~~في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه ، وغير خفي أنه غير قابل للنزاع ؛ إذ من ~~البديهيات كون التضاد بين الأحكام وملاكاتها إنما النزاع في أنه هل يلزم ~~على القول ببقاء إطلاق دليل وجوب الصلاة مثلا بحاله ، وكذا إطلاق دليل ~~الغصب في مورد PageV01P175 # اجتماعهما اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد حتى يجب عقلا تقييد أحدهما ~~بغير مورد الآخر ، أو لا يلزم ، بل يمكن أن يتعقل للأمر محل وللنهي محل آخر ~~ولو اجتمعا في مصداق واحد؟ فهذا النزاع في الحقيقة راجع إلى الصغرى نظير ~~النزاع في حجية المفاهيم. # الأمر الرابع : لا إشكال في خروج المتبانيين عن محل النزاع بمعنى عدم ~~الإشكال في إمكان أن يتعلق الأمر بأحدهما والنهي بالآخر إلا على ms0162 تقدير ~~التلازم بينهما في الوجود كما لا إشكال في خروج المتساويين في الصدق ؛ لما ~~عرفت من اعتبار وجود المندوحة ، كما لا إشكال في دخول العامين من وجه في ~~محل النزاع. # إنما النزاع في أن العام المطلق والخاص أيضا يمكن أن يجري فيه النزاع ~~المذكور أم لا؟ قال المحقق القمي قدسسره : إن العام المطلق خارج عن محل ~~النزاع بل هو مورد للنزاع في النهي في العبادات. # واعترض عليه المحقق الجليل صاحب الفصول قدسسره بأنه ليس بين العامين من ~~وجه والمطلق من حيث هاتين الجهتين فرق ، بل الملاك أنه لو كان بين العنوان ~~المأمور به والعنوان المنهي عنه مغايرة يجري فيه النزاع ، وإن كان بينهما ~~عموم مطلق كالحيوان والضاحك ، وإن اتحد العنوانان وتغايرا ببعض القيود لم ~~يجر النزاع فيهما وإن كان بينهما عموم من وجه نحو : صل الصبح ولا تصل في ~~الأرض المغصوبة ، هذا. # ويشكل بأنه لو اكتفى المجوز بتغاير المفهومين ووجود المندوحة فلا فرق بين ~~أن يكون بينهما عموم من وجه أو مطلق ، وأن يكون العنوان المأخوذ في النهي ~~عين العنوان المأخوذ في الأمر مع زيادة قيد من القيود أو غيره ، ضرورة كون ~~المفاهيم متعددة في الذهن في الجميع ، ولو لم يكتف بذلك فليس له لتجويز ~~الاجتماع في العامين من وجه أيضا مجال ، فاللازم على من يدعي الفرق بيان ~~الفارق. # قال شيخنا المرتضى قدسسره في التقريرات المنسوبة إليه بعد نقل كلام ~~المحقق القمي وصاحب الفصول قدس الله روحهما ما هذا لفظه : أقول : إن ظاهر ~~هذه الكلمات يعطي انحصار الفرق بين المسألتين في اختصاص إحداهما بمورد دون PageV01P176 # اختها ، وليس كذلك ، بل التحقيق أن المسئول عنه في إحداهما غير مرتبط ~~بالاخرى. # وتوضيحه أن المسئول عنه في هذه المسألة هو إمكان اجتماع الطلبين فيما هو ~~الجامع لتلك الماهية المطلوبة فعلها والماهية المطلوبة تركها من غير فرق في ~~ذلك بين موارد الأمر والنهي ؛ فإنه كما يصح السؤال عن هذه القضية فيما إذا ~~كان بين المتعلقين عموم من وجه ، فكذا يصح فيما إذا كان عموم مطلق ms0163 ، سواء ~~كان من قبيل قولك : صل ولا تصل في الدار المغصوبة أو لم يكن كذلك. # والمسئول عنه في المسألة الآتية هو أن النهي المتعلق بشيء هل يستفاد منه ~~أن ذلك الشيء مما لا يقع به الامتثال ، حيث إن المستفاد من إطلاق الأمر ~~حصول الامتثال بأي فرد كان ، فالمطلوب فيها هو استعلام أن النهي المتعلق ~~بفرد من أفراد المأمور به هل يقتضي رفع ذلك الترخيص المستفاد من إطلاق ~~الأمر أولا؟ ولا ريب أن هذه القضية كما يصح الاستفسار عنها فيما إذا كان ~~بين المتعلقين إطلاق وتقييد فكذلك يصح فيما إذا كان بينهما عموم من وجه كما ~~إذا كان بينهما عموم مطلق ، وبالجملة فالظاهر أن اختلاف المورد لا يصير ~~وجها لاختلاف المسألتين كما زعموا ، بل لا بد من اختلاف جهة الكلام ، انتهى ~~موضع الحاجة من كلامه قدسسره . # أقول : والحق أن العنوانين لو كانا بحيث اخذ أحدهما في الآخر وكان بينهما ~~عموم مطلق أيضا لا يطرق فيهما هذا النزاع. وتوضيحه أنه : لا إشكال في تغاير ~~المفاهيم بعضها مع الآخر في الذهن سواء كان بينهما عموم مطلق أم من وجه أو ~~غيرهما ، وسواء كان أحدهما مأخوذا في الآخر أم لا ، إلا أنه لا يمكن أن ~~يقال فيما إذا كان بين المفهومين عموم مطلق وكان أحدهما مشتملا على الآخر ~~أن المطلق يقتضي الأمر والمقيد يقتضي النهي ؛ لأن معنى اقتضاء الإطلاق شيئا ~~ليس إلا اقتضاء نفس الطبيعة ؛ إذ لا يعقل الاقتضاء لصفة الإطلاق ، والمقيد ~~ليس إلا نفس تلك الطبيعة منضمة إلى بعض الاعتبارات ، ولو اقتضى المقيد شيئا ~~منافيا للمطلق لزم أن يقتضي نفس الطبيعة أمرين متنافيين. PageV01P177 # وبعبارة اخرى : بعد العلم بأن صفة الإطلاق لا يقتضي تعلق الحب بالطبيعة ، ~~فالمقتضي له نفسها ، وهي متحدة في عالم الذهن مع المقيد ؛ لأنها مقسم له ~~وللمطلق ، فلو اقتضى المقيد الكراهة لزم أن يكون المحبوب والمبغوض شيئا ~~واحدا حتى في الذهن وهذا غير معقول ، بخلاف مثل مفهوم الصلاة والغصب مثلا ؛ ~~لعدم الاتحاد بينهما في الذهن أصلا. # الأمر الخامس : قد يتراءى تهافت ms0164 بين الكلمات حيث عنونوا مسألة جواز ~~اجتماع الأمر والنهي ومثلوا له بالعامين من وجه ، واختار جمع منهم الجواز ~~وأنه لا تعارض بين الأمر والنهي في مورد الاجتماع ، وفي باب تعارض الأدلة ~~جعلوا أحد وجوه التعارض التعارض بالعموم من وجه ، وجعلوا علاج التعارض ~~الأخذ بالأظهر إن كان في البين وإلا التوقف أو الرجوع إلى المرجحات السندية ~~على الخلاف. وكيف كان ما تمسك أحد لدفع المنافاة بجواز اجتماع الأمر ~~والنهي. # والجواب أن النزاع في مسألتنا هذه مبني على إحراز وجود الجهة والمناط في ~~كلا العنوانين وأن المناطين هل هما متكاسران عند العقل إذا اجتمع العنوانان ~~في مورد واحد كما يقوله المانع أم لا كما يقوله المجوز؟ ولا إشكال في أن ~~الحاكم في هذا المقام ليس إلا العقل ، وباب تعارض الدليلين مبني على وحدة ~~المناط والملاك في الواقع ، ولكن لا يعلم أن الملاك الموجود في البين هل هو ~~ملاك الأمر أو النهي مثلا ، فلا بد من أن يستكشف ذلك من الشارع بواسطة ~~الأظهرية إن كان أحد الدليلين أظهر ، وإلا التوقف أو الرجوع إلى المرجحات ~~السندية حسب ما قرر في محله ، نعم يبقي سؤال أن طريق استكشاف ما هو من قبيل ~~الأول وما هو من قبيل الثاني ما ذا؟ وهذا خارج عن المقام. # إذا عرفت ذلك فلنشرع فيما هو المقصود من ذكر حجج المجوزين والمانعين. # فنقول وعلى الله التوكل : أحسن ما قيل في تقريب احتجاج المجوزين هو أن ~~المقتضي موجود والمانع مفقود ، أما الأول : فلما عرفت من أن فرض الكلام ليس ~~إلا فيما يكون المقتضي موجودا ، وأما الثاني : فلأن المانع ليس إلا ما ~~تخيله الخصم من PageV01P178 # لزوم اجتماع المتضادين من الحكمين والحب والبغض والمصلحة والمفسدة في شيء ~~واحد ، وليس كما زعمه. # وتوضيحه يحتاج إلى مقدمة وهي أن الأعراض على ثلاثة أقسام : # منها : ما يكون عروضه واتصاف المحل به في الخارج كالحرارة العارضة للنار ~~والبرودة العارضة للماء وأمثالهما من الأعراض القائمة بالمحال في الخارج. # ومنها : ما يكون عروضه في الذهن واتصاف المحل به في الخارج ms0165 كالابوة ~~والبنوة والفوقية والتحتية وأمثالها. # ومنها : ما يكون عروضه في الذهن واتصاف المحل به فيه أيضا كالكلية ~~العارضة للإنسان ، حيث إن الإنسان لا يصير متصفا بالكلية في الخارج قطعا ، ~~فالعروض في الذهن؛ لأن الكلية إنما تنتزع من الماهية المتصورة في الذهن ، ~~واتصاف تلك الماهية بها أيضا فيه ؛ لأنها لا تقبل الكلية في الخارج. # فنقول حينئذ : لا إشكال في أن عروض الطلب سواء كان أمرا أم نهيا لمتعلقه ~~ليس من قبيل الأول ، وإلا لزم أن لا يتعلق إلا بعد وجود متعلقه ، كما أن ~~الحرارة والبرودة لا يتحققان إلا بعد تحقق النار والماء ، فيلزم البعث على ~~الفعل الحاصل والزجر عنه وهو غير معقول ، ولا من قبيل الثاني ؛ لأن متعلق ~~الطلب إذا وجد في الخارج مسقط للطلب ومعدم له ، ولا يعقل أن يتصف في الخارج ~~بما هو يعدم بسببه ، فانحصر الأمر في الثالث ، فيكون عروض الأمر والنهي ~~لمتعلقاتهما كعروض الكلية للماهيات. # إذا عرفت ذلك فنقول : إن طبيعة الصلاة والغصب وإن كانتا موجودتين بوجود ~~واحد وهو الحركة الشخصية المتحققة في الدار المغصوبة ، إلا أنه ليس متعلق ~~الأمر والنهي الطبائع الموجودة في الخارج ، لما عرفت من لزوم تحصيل الحاصل ~~، بل هي بوجوداتها الذهنية ، ولا شك أن طبيعة الصلاة في الذهن غير طبيعة ~~الغصب كذلك ، فلا يلزم من وجود الأمر والنهي حينئذ اجتماعهما في محل واحد. # فإن قلت : لا معنى لتعلق الطلب بالطبائع الموجودة في الذهن ؛ لأنها إن ~~قيدت بما PageV01P179 # هي في ذهن الآمر فلا يتمكن المكلف من الامتثال ، وإن قيدت بما هي في ذهن ~~المأمور لزم حصول الامتثال بتصورها في الذهن ولا يجب إيجادها في الخارج ، ~~وهو معلوم البطلان. # قلت : نظير هذا الإشكال يجري في عروض الكلية للماهيات ؛ لأن بعد ما فرضنا ~~أن الماهية الخارجية لا تقبل أن تتصف بالكلية ولا هي من حيث هى ؛ لأنها ~~ليست إلا هي ، فينحصر معروض الكلية في الماهية الموجودة في الذهن ، فيتوجه ~~الإشكال بأنه كيف يمكن أن يتصف بالكلية مع أنها جزئية من الجزئيات ولا يكاد ~~أن ينطبق على ms0166 الأفراد الخارجية ضرورة اعتبار الاتحاد في الحمل ولا اتحاد ~~بين الماهية المقيدة بالوجود الذهني وبين الأفراد الخارجية. # وحل هذا الإشكال في كلا المقامين أن بعد ما فرضنا أن الماهية من حيث هي ~~مع قطع النظر عن اعتبار الوجود ليست إلا هي ولا تتصف بالكلية والجزئية ولا ~~بشيء من الأشياء ، فلا بد من القول بأن اتصافها بوصف من الأوصاف يتوقف على ~~الوجود ، وذلك الوجود قد يكون وجودا خارجيا كما في اتصاف الماء والنار ~~بالحرارة والبرودة ، وقد يكون وجودا ذهنيا ، لكن لا من حيث ملاحظة كونه ~~كذلك بل من حيث كونه حاكيا عن الخارج ، مثلا ماهية الإنسان يلاحظ في الذهن ~~ويعتبر لها وجود مجرد عن الخصوصيات حاك عن الخارج فيحكم عليها بالكلية ، ~~فمورد الكلية في نفس الأمر ليس إلا الماهية المأخوذة في الذهن ، لكن لا ~~بملاحظة كونها كذلك بل باعتبار حكايتها عن الخارج. # فنقول : موضوع الكلية وموضوع التكاليف المتعلقة بالطبائع واحد بمعنى أن ~~الطبيعة بالاعتبار الذي صارت موردا لعروض وصف الكلية يكون موضوعا للتكاليف ~~من دون تفاوت أصلا. # فإن قلت : سلمنا ذلك كله لكن مقتضى كون الوجود حاكيا عن الخارج بلحاظ ~~المعتبر أن يحكم باتحاده مع الوجودات الخارجية ، فاللازم من تعلق إرادته ~~بهذا الوجود السعي تعلقها أيضا بالوجودات ، لمكان الاتحاد الذي يحكم به ~~اللاحظ. PageV01P180 # قلت : الحكم باتحاد الوجود السعي مع الوجودات الخاصة في الخارج لا بد له ~~من ملاحظة مغايرة بين الموضوع والمحمول حتى يجعل أحدهما موضوعا والآخر ~~محمولا ، ولا ينافي ذلك الحكم بالاتحاد ؛ لأنه بنظر آخر. # وبعبارة اخرى : للاحظ ملاحظتان ، إحداهما تفصيلية والاخرى إجمالية ، فهو ~~بالملاحظة الاولى يرى المغايرة بين الموضوع والمحمول ؛ ولذا يجعل أحدهما ~~موضوعا والآخر محمولا ، وبالملاحظة الثانية يرى الاتحاد. # فحينئذ لو عرض المحمول شيء في لحاظه التفصيلى فلا وجه لسريانه إلى ~~الموضوع لمكان المغايرة في هذا اللحاظ ، وبهذا اندفع الإشكال عن المقام ~~ونظائره مما لم تسر الأوصاف القائمة بالطبيعة إلى أفرادها من قبيل الكلية ~~العارضة للإنسان مثلا ، وكذا وصف التعدد العارض لوجود الإنسان بما هو وجود ~~الإنسان مع ms0167 أن الفرد ليس بكلي ولا متعدد ، وكذا الملكية العارضة للصاع ~~الكلي الموجود في الصيعان الموجودة في الصبرة ، حيث حكموا بأن من اشترى ~~صاعا من الصبرة الموجودة يصير مالكا للصاع الكلي بين الصيعان ، والخصوصيات ~~ليس ملكا له ، وفرعوا على هذا أنه لو تلف منها شيء فالتالف من مال البائع ~~ما بقي مقدار ما اشترى المشتري ، فافهم واغتنم. # فإن قلت : كيف يمكن أن يكون هذا الوجود المجرد عن الخصوصيات محبوبا أو ~~مبغوضا وليس له في الخارج عين ولا أثر ؛ لأن ما في الخارج ليس إلا الوجودات ~~الخاصة ، ولا شبهة في أن المحبوب والمبغوض لا يمكن أن يكون إلا من الامور ~~الخارجية ؛ لأن تعلق الحب والبغض بشيء ليس إلا من جهة اشتماله على آثار ~~توجب ملائمة طبع الآمر له أو منافرته عنه ، وليس في الخارج إلا الوجودات ~~الخاصة المبائنة بعضها مع بعض. # قلت : إن أردت من عدم كون الوجود الجامع في الخارج عدمه مع وصف كونه ~~جامعا ومتحدا مع كثيرين فهو حق لا شبهة فيه ؛ لأن الشيء مع وصف كونه جامعا ~~لا يتحقق إلا في الذهن ، وإن أردت عدمه في الخارج أصلا فهو ممنوع ؛ بداهة أن PageV01P181 # العقل بعد ملاحظة الوجودات الشخصية التي يحويها طبيعة واحدة يجد حقيقة ~~واحدة في تمام تلك الوجودات. # واقوى ما يدل على ذلك الوجدان ؛ فإنا نرى من أنفسنا تعلق الحب بشرب الماء ~~مثلا من دون مدخلية الخصوصيات الخارجية في ذلك ، ولو لم يكن تلك الحقيقة في ~~الخارج لما أمكن تعلق الحب بها ، والذي يدل على تحقق صرف الوجود في الخارج ~~ملاحظة وحدة الأثر من أفراد الطبيعة الواحدة ، ولو لم يكن ذلك الأثر الواحد ~~من المؤثر الواحد لزم تأثر الواحد من المتعدد وهذا محال عقلا. # فإن قلت : ما ذكرت إنما يتم في الماهيات المتأصلة التي لها حظ من الوجود ~~في الخارج كالإنسان ونحوه ، وأما ما كان من العناوين المنتزعة من الوجودات ~~الخارجية كالصلاة والغصب فلا يصح فيه ذلك ؛ لأن هذه العناوين ليس لها وجود ~~في الخارج حتى يجرد من الخصوصيات ms0168 ويجعل موردا للتكاليف ، بل اللازم في ~~أمثالها هو القول بأن مورد التكاليف الوجود الخارجي الذي يكون منشأ لانتزاع ~~تلك المفاهيم ولا ريب في وحدة الوجود الخارجي الذي يكون منشئا للانتزاع. # وبعبارة اخرى : تعدد العناوين مفهوما لا يجدي لعدم الحقيقة لها إلا في ~~العقل ، وما يكون موردا للزجر والبعث ليس إلا الوجود الخارجي الذي ينتزع ~~منه هذه العناوين ولا شبهة في وحدته. # قلت : بعد ما حققنا تحقق صرف الوجود في الخارج لا مجال لهذه الشبهة ؛ لأن ~~العناوين المنتزعة لا ينتزع إلا من صرف الوجود من دون ملاحظة الخصوصيات ، ~~مثلا مفهوم «ضارب» منتزع من ملاحظة حقيقة وجود الإنسان واتصافه بحقيقة وجود ~~المبدا من دون دخل لخصوصيات أفراد الإنسان أو كيفيات الضرب في ذلك. # إذا عرفت هذا فنقول : مفهوم الغصب ينتزع من حقيقة التصرف في ملك الغير من ~~دون مدخلية خصوصيات التصرف من كونه من الأفعال الصلاتية أو غيرها في ذلك ، ~~ومفهوم الصلاة ينتزع من الحركات والأقوال الخاصة مع ملاحظة اتصافها ببعض ~~الشرائط من دون مدخلية خصوصية وقوعها في محل خاص ، وقد عرفت مما PageV01P182 # قررنا سابقا قابلية ورود الأمر والنهي على الحقيقتين المتعددتين بملاحظة ~~الوجود الذهني المتحدتين بملاحظة الوجود الخارجي ، وهنا نقول : إن المفاهيم ~~الانتزاعية وإن كان حقيقة البعث والزجر المتعلق بها ظاهرا راجعا إلى ما ~~يكون منشئا لانتزاعها ، لكن لما كان فيما نحن فيه منشأ انتزاع الصلاة ~~والغصب متعددا لا بأس بورود الأمر والنهي وتعلقهما بما هو منشأ لانتزاعهما ~~، هذا غاية الكلام في المقام وعليك بالتأمل التام فإنه من مزال الأقدام. # وينبغي التنبيه على امور : # الأول : لا إشكال في أن من توسط أرضا مغصوبة لا مناص له من الغصب بمقدار ~~زمن الخروج بأسرع وجه يتمكن منه ؛ لأن في غيره يتحقق منه هذا المقدار مع ~~الزائد ، وفيه يتحقق منه هذا المقدار ليس إلا ، وهذا مما لا شبهة فيه. إنما ~~الإشكال في أن الخروج من تلك الدار ما حكمه؟ والمنقول فيه أقوال : # أحدها : أنه مأمور به ومنهي عنه ، وهذا القول محكي عن أبى هاشم ms0169 واختاره ~~الفاضل القمي قدسسره ونسبه إلى أكثر أفاضل المتأخرين وظاهر الفقهاء ، وصحته ~~يبتني على أمرين : # أحدهما كفاية تعدد الجهة في تحقق الأمر والنهي مع كونهما متحدتين في ~~الوجود الخارجي ، والثاني جواز التكليف فعلا بأمر غير مقدور إذا كان منشأ ~~عدم القدرة سوء اختيار المكلف ، والأمر الأول قد فرغنا عنه واخترنا صحته ، ~~ولكن الثاني في غاية المنع ؛ بداهة قبح التكليف بما لا يقدر عليه ؛ لكونه ~~لغوا وعبثا. # وأما ما يقال من أن الامتناع أو الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار فهو ~~في قبال استدلال الأشاعرة للقول بأن الأفعال غير اختيارية بأن الشيء ما لم ~~يجب لم يوجد فكل ما تحققت علته يجب وجوده ، وكل ما لم يتحقق علته يستحيل ~~وجوده ، وحاصل الجواب أن ما صار واجبا بسبب اختيار المكلف وكذا ما صار ~~ممتنعا به لا يخرج عن كونه اختياريا له ، فيصح عليه العقاب ، لا أن المراد ~~أنه بعد ارتفاع القدرة يصح تكليفه بغير المقدور فعلا. PageV01P183 # القول الثاني : أنه مأمور به مع جريان حكم المعصية عليه كما اختاره صاحب ~~الفصول قدسسره . # القول الثالث : أنه مأمور به بدون ذلك. # والحق أن يقال : إن بنينا على كون الخروج مقدمة لترك الغصب الزائد ~~فالأقوى هو القول الثاني ، سواء قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي أم لم نقل ~~به ، وإن لم نقل بمقدمية الخروج بل قلنا بصرف الملازمة بين ترك الغصب ~~الزائد والخروج كما هو الحق وقد مر برهانه في مبحث الضد فالأقوى أنه ليس ~~مأمورا به ولا منهيا عنه فعلا ولكن يجري عليه حكم المعصية. # لنا على الأول أن قبل الدخول ليس للخروج عنوان المقدمية ؛ ضرورة إمكان ~~ترك الغصب بأنحائه ولا يتوقف ترك شيء منه على الخروج ، فيتعلق النهي بجميع ~~مراتب الغصب من الدخول في الأرض المغصوبة والبقاء والخروج ؛ لكونه قادرا ~~على جميعها ، ولكنه بعد الدخول فيها يضطر إلى ارتكاب الغصب مقدار الخروج ~~فيسقط النهي عنه بهذا المقدار ؛ لكونه غير قادر فعلا على تركه والتكليف ~~الفعلي قبيح بالنسبة إليه وهذا واضح ، # ولكنه يعاقب عليه لكونه وقع هذا ms0170 الغصب بسوء اختياره ، ولما يتوقف عليه ~~بعد الدخول ترك الغصب الزائد كما هو المفروض وهذا الترك واجب بالفرض لكونه ~~قادرا عليه ، فيتعلق به الوجوب بحكم العقل الحاكم بالملازمة بين وجوب ذي ~~المقدمة ووجوب مقدمته ، فالخروج من الدار المغصوبة منهي عنه قبل الدخول ~~ولذا يعاقب عليه ، ومأمور به بعد الدخول لكونه بعده مقدمة للواجب المنجز ~~الفعلي. # فإن قلت : ما ذكرت إنما يناسب القول بكفاية تعدد الجهة في الأمر والنهي ، ~~وأما على القول بعدمها فلا يصح ؛ لأن هذا الموجود الشخصي أعني : الحركة ~~الخروجية مبغوض فعلا وإن سقط عنها النهي لمكان الاضطرار ، وكما أن الأمر ~~والنهي لا يجتمعان في محل واحد كذلك الحب والبغض الفعليان ؛ ضرورة كونهما ~~متضادين كالأمر والنهي. PageV01P184 # قلت : اجتماع البغض الذاتي مع الحب الفعلي مما لا ينكر ، ألا ترى أنه لو ~~غرقت بنتك أو زوجتك ولم تقدر على إنقاذهما ترضى بأن ينقذهما الأجنبي وتريد ~~هذا الفعل منه مع كمال كراهتك إياه لذاته. # فإن قلت : الكراهة في المثال الذي ذكرته ليست فعلية بخلاف المقام ؛ فإن ~~المفروض فعليتها فلا تجتمع مع الإرادة. # قلت : ليت شعري ما المراد بكون الكراهة ذاتية في المثال وفعلية في المقام ~~، فإن أراد أن الشخص المفروض في المثال لا يشق عليه هذا الفعل الصادر من ~~الأجنبي ، بل حاله حال الصورة التي يصدر هذا الفعل من نفسه ، بخلاف المقام ~~فإن الفعل يقع مبغوضا للآمر ، فالوجدان شاهد على خلافه ولا أظن أحدا تخيله ~~، وإن أراد به أن الفعل وإن كان يقع في المثال مبغوضا ومكروها للشخص ~~المفروض ، إلا أن هذا البغض لا أثر له ، بمعنى أنه لا يحدث في نفس الشخص ~~المفروض إرادة ترك الفعل المذكور ؛ لأن تركه ينجر إلى هلاك النفس ومن هذه ~~الجهة هذا البغض المفروض لا ينافي إرادة الفعل فهو صحيح ، ولكنه يجري بعينه ~~في المقام ؛ فإن الحركة الخروجية وإن كانت مبغوضة حين الوقوع ، ولكن هذا ~~البغض لما لم يكن منشئا للأثر وموجبا لزجر الآمر عنها فلا ينافي إرادة ~~فعلها ؛ لكونه فعلا مقدمة للواجب الفعلي. # ومحصل ما ms0171 ذكرنا في المقام أن القائل بامتناع اجتماع الأمر والنهي إنما ~~يقول بامتناع اجتماعهما واجتماع ملاكيهما إذا كان كل واحد من الملاكين منشأ ~~للأثر وموجبا لإحداث الإرادة في النفس ، وأما إذا سقط جهة النهي عن الأثر ~~كما هو المفروض فلا يعقل أن يتخيل أن الجهة الساقطة عن الأثر تزاحم الجهة ~~الموجودة المؤثرة في الآمر ، مثلا لو فرضنا أن المولى نهى عبده عن مطلق ~~الكون في المكان الفلاني فأوقع نفسه في ذلك المكان بسوء اختياره ثم لم ~~يمكنه الخروج من ذلك المكان أبدا ، فلا شك في أن الأكوان الصادرة من العبد ~~كلها تقع مبغوضة للمولى ويستحق عليها العقاب وإن سقط عنها النهي لعدم تمكن ~~العبد من الترك فعلا. # ثم إنه لو فرضنا أن خياطة الثوب مطلوب للمولى من حيث هو فهل تجد من PageV01P185 # نفسك أن تقول : لا يمكن للمولى أن يأمره بخياطة الثوب في ذلك المكان لأن ~~أنحاء التصرفات والأكوان المتحققة في ذلك المكان مبغوض للمولى ومنها ~~الخياطة فلا يمكن أن يتعلق إرادته بما يبغضه؟ وهل ترضى أن تقول : إن المولى ~~بعد عدم وصوله إلى الغرض الذي كان له في ترك الكون في ذلك المكان يرفع يده ~~من الغرض الآخر من دون وجود مزاحم أصلا؟ وهل يرضى أحد أن يقول : إن في ~~المثال لمذكور يكون أنحاء التصرفات في نظر المولى على حد سواء؟ وبالجملة : ~~أظن أن هذا بمكان من الوضوح بحيث لا ينبغي أن يشتبه على أحد وإن صدر خلافه ~~عن بعض أساتيد العصر قدسسره فلا تغفل. # والحاصل أن جهة النهي إنما تزاحم جهة الأمر إذا أمكن المكلف بعث المكلف ~~إلى ترك الفعل ، وأما إذا لم يمكنه ذلك لكون الفعل صادرا قهرا عن غير ~~اختيار المكلف فلو وجدت فيه جهة الأمر ولم يأمر به لزم رفع اليد عن مطلوبه ~~وغرضه من دون جهة ومزاحم. هذا إذا اخترنا أول شقي الترديد وهو كون الخروج ~~مقدمة لترك الغصب الزائد. # وأما على ثانيهما فعدم كون الخروج موردا للحكم الشرعي واضح ؛ لعدم كونه ~~مقدمة للواجب حتى ms0172 يصير واجبا كما هو المفروض وعدم قدرة المكلف على ترك ~~الغصب بمقدار الخروج حتى يصير حراما. # ولكن لو طبق تلك الحركة الخروجية مع عبادة كما أن يصلى في تلك الحالة ~~نافلة بحيث لا يستلزم عصيانا زائدا على مقدار المضطر إليه أو يصلي المكتوبة ~~كذلك في ضيق الوقت كانت تلك العبادة صحيحة ؛ لما ذكرنا من الوجه وهو عدم ~~قابلية الجهة الغير المؤثرة في نفس المريد للمزاحمة مع الجهة المؤثرة. ### || «فصل» # في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه ، وقبل الخوض ينبغي رسم امور : # الأول : أن محل النزاع ما إذا اجتمع طبيعتان إحداهما مأمور بها والاخرى PageV01P186 # منهي عنها في موضوع واحد وإن كان هذا الموضوع كليا صادقا على الكثيرين ~~كالصلاة في الدار المغصوبة ، فيقع النزاع في أنه لا بد من تقييد أحد الأمر ~~والنهي فرارا من التالي الفاسد الذي يلزم من ابقائهما وهو اجتماع الأمر ~~والنهي الذين هما ضدان في محل واحد وهو الوجود الخارجي ، أو هما باقيان ~~والتالي المذكور غير لازم ؛ لأن متعلق الأمر والنهي ليس هو الوجود الخارجي ~~بل هو الطبيعتان وهما متغايرتان ، فالنزاع في الحقيقة صغروي بمعنى أنه بعد ~~الاتفاق على أن الأمر والنهي ضدان والضدان لا يجتمعان في محل واحد فهما ~~أيضا لا يجتمعان في محل واحد وقع النزاع في أن بقاء الأمر والنهي في الوجود ~~الواحد الذي يكون مجمعا لعنوانين هل هو اجتماع لهما في محل واحد أو ليس به ~~، والتقييد بالواحد يكون لإخراج ما إذا لم يتحد الطبيعتان وجودا وإن اتحدا ~~مفهوما كالسجود لله والسجود للصنم ، لا لإخراج الواحد الجنسي أو النوعي ~~كالصلاة في الدار المغصوبة. # الثاني : أن المحقق القمي قدسسره جعل الفرق بين هذا النزاع والنزاع في ~~النهي في العبادات بأن موضوع هذا النزاع ما إذا كان بين الطبيعتين عموم من ~~وجه كصل ولا تغصب ؛ وموضوع النزاع الآخر ما إذا كان بينهما عموم مطلق ك «صل ~~ولا تصل في الحمام». # ورده صاحب الفصول قدسسره وجعل الفرق بأنه إن لم يؤخذ مفهوم إحدى ~~الطبيعتين في مفهوم الاخرى بل ms0173 كان بين مفهوميهما التغاير الكلى فهذا موضوع ~~لهذا النزاع وإن كان بينهما عموم مطلق كالأمر بالحركة والنهي عن التداني ~~إلى موضع مخصوص. # وإن اخذ مفهوم إحداهما في مفهوم الاخرى وكان التغاير بينهما بمجرد ~~الإطلاق والتقييد بأن تعلق الأمر بالمطلق والنهي بالمقيد فهدا موضوع للنزاع الآتي. # وردهما الشيخ المرتضى قدسسره في التقريرات والمحقق الخراساني في الكفاية ~~بأن مجرد الاختلاف الموردي لا يوجب عقد مسألتين ، بل لا بد من اختلافهما في ~~جهة البحث ، فالجهة المبحوث عنها هنا هي أن تعدد الوجه والعنوان في شيء ~~واحد هل PageV01P187 # يوجب تعدد متعلق الأمر والنهي أولا؟ وهناك أن النهي المتعلق بالعبادة أو ~~المعاملة هل يوجب الفساد أولا؟ نعم لو قيل بالامتناع هنا وترجيح جانب النهي ~~كان مثل الصلاة في الدار المغصوبة موضوعا للنزاع الآتي. # وأنت خبير بأنه ليس غرض المحقق القمي وصاحب الفصول قدسسرهما بيان انحصار ~~الفرق في المورد حتى يرد عليهما ما أورده المحققان الجليلان قدسسرهما ، بل ~~الغرض بعد الفراغ عن تعدد جهة البحث في المسألتين وكونهما صنفين من الكلام ~~غير مرتبطين ووضوح ذلك بحيث لا يحتاج إلى البيان هو التنبيه على أن كلا من ~~النزاعين غير جار في جميع الموارد بل في مورد خاص ، غاية الأمر اختلفا في ~~تعيين هذا المورد. # والحق أن المعيار في تعيينه هو ما ذكره صاحب الفصول وأنه إن لم يكن بين ~~المفهومين تغاير كلي ، بل كان أحدهما مأخوذا في الآخر مع كون النسبة بينهما ~~عموما مطلقا ، وبعبارة اخرى كانت الطبيعتان عاما وخاصا مفهوميا ومصداقيا ~~فهما مجرى للنزاع الآتي ، ولا مطرق لهذا النزاع فيهما ، وإن لم يجتمع هذان ~~القيدان سواء وجد أحدهما أولا فبالعكس. # والسر أن ملاك كلام المجوز على ما يأتي هو أن الاتحاد في الوجود الخارجي ~~لا يوجب وحدة متعلقي الأمر والنهي ، بل يكفي في تعددهما تعدد المفهومين ؛ ~~فإن مفروض الطلب عنده هو الوجود الذهني التعقلي ، فلا جرم يكفي عنده في ~~تعدد مورد الأمر والنهي التعدد المفهومي الذهني ، ولا يضر الاتحاد الوجودي ~~الخارجي ، وهذا لا يتم في المطلق ms0174 والمقيد المفهومي والمصداقي. # وقد يقال بأنه كما أن طبيعتي الصلاة والغصب متعددان مفهوما فكذلك المطلق ~~والمقيد ؛ فإنهما أيضا مفهومان متمايزان في الذهن لكون كل منهما قسيما ~~للآخر في الذهن ، فملاك جواز الاجتماع أعني : التعدد الذهني موجود فيهما. # وفيه : أنهما وإن كانا متمايزين ذهنا ، إلا أن ما بسببه يتمايز المطلق عن ~~المقيد ويصير قسيما له هو عدم دخل شيء وجودي أو عدمي ؛ فإن معنى التقييد ~~دخل شيء PageV01P188 # وجودا أو عدما ، ومعنى الإطلاق عدم دخل شيء أصلا ، فمعنى محبوبية المطلق ~~محبوبية أصل الطبيعة مع عدم مدخلية شيء آخر في المطلوب أصلا ، لا أن يكون ~~عدم مدخلية شيء آخر ضميمة للمطلوب ؛ إذ لا معنى لذلك. # وبعبارة اخرى : محبوبية وصف الإطلاق ليس إلا محبوبية المقسم ولا شك في أن ~~المقسم عين القسمين في الذهن ، وحينئذ فلو تعلق المبغوضية بالمقيد لزم تعلق ~~الحب والبغض بشيء واحد ذهني ؛ لاتحاد المقيد مع المقسم في الذهن. # وهذا بخلاف ما إذا انتفى القيدان معا كالصلاة والغصب ؛ فإنه لا إشكال في ~~كونهما مفهومين متمايزين في الذهن. # وكذا لو انتفى أحدهما إما بكون النسبة عموما من وجه مع كون أحد المفهومين ~~مأخوذا في الآخر كالصلاة الجهرية والصلاة في الحمام ؛ فإن الصلاة المقيدة ~~بوصف الجهرية بما هي كذلك مغايرة في الذهن مع الصلاة المقيدة بوصف كونها في ~~الحمام بما هي كذلك. # وبالجملة فحالهما عند المجوز حال السجود لله والسجود للصنم ، فكما أن ~~الأخيرين شيئان في الخارج أحدهما مأمور به والآخر منهي عنه وجامعهما وهو ~~أصل السجدة خال عن الحب والبغض ، فكذا حال الأولين في الذهن. # وإما بكون التغاير الكلي بين المفهومين مع كون النسبة عموما مطلقا ~~كالحركة والتداني إلى موضع مخصوص ، نعم يمكن فرض مبغوضية المقيد بوجه لا ~~ينافي محبوبية المطلق وذلك بأن نفرض تعلق المبغوضية بنفس الإضافة لا ~~بالطبيعة المضافة ، فتكون الصلاة في الحمام محبوبة باعتبار أصل الصلاة ~~ومبغوضة باعتبار إيقاعها في الحمام مثل أن يكون الماء في الآنية المخصوصة ~~محبوبا باعتبار أصل الماء ومبغوضا باعتبار الكون في هذه الآنية ، وهذا ms0175 لا ~~ضير فيه إلا أنه خارج عن محل الكلام ؛ إذ الكلام فيما إذا كان النهي متعلقا ~~بالعبادة. # الثالث : لا وجه لكون هذه المسألة فقهية ؛ فإن المسألة الفقهية ما يكون ~~البحث فيه راجعا إلى الحكم الشرعي من التكليفي أو الوضعي ، وموضوعه فعل ~~المكلف ، و PageV01P189 # هذا المعنى وإن كان موجودا في بعض مسائل الاصول كما في الاستصحاب بناء ~~على حجيته من باب التعبد والأخبار ، حيث إن البحث فيه راجع إلى أن إبقاء ~~الحالة السابقة الذي هو فعل المكلف واجب شرعا أولا ، إلا أنه غير موجود في ~~المقام ؛ فإن المتنازع فيه هنا هو الإمكان والامتناع العقليان لا الحكم ~~الشرعي ، والموضوع هو الأمر والنهي لا فعل المكلف ، ومجرد ترتب صحة العبادة ~~وفسادها على نتيجة هذه المسألة لا يوجب إلا فقهية المترتب لا المترتب عليه. # نعم يكون هذه المسألة اصولية وكلامية لتوجه نظر الاصولي والمتكلم إليها ~~وحصول غرضيهما بها ، # أما الأول فلأن معيار المسائل الاصولية هو القواعد الممهدة من العقل أو ~~الشرع التي بعد الفراغ منها تكون نتيجتها مثمرة لاستكشاف حال المكلف ~~بالنسبة إلى الأحكام الأولية الواقعية أعني الثابتة في اللوح المحفوظ ~~المتساوي فيها جميع المكلفين من العالم والجاهل. # إما بأن توصل المكلف إليها علما مثل قاعدة الحسن والقبح العقليين وثبوت ~~الملازمة العقلية بين حكم العقل وحكم الشرع ؛ فإنه إذا حكم العقل بحسن شيء ~~نقطع بمقتضى الملازمة العقلية بوجوبه واقعا عند الشرع وكذا مسألة الضد. # وإما بأن يفيد تنجزها في حق المكلف مثل قاعدة الاحتياط في الشك في أطراف ~~العلم الإجمالي ، فإنه لإحراز الواقع والاجتناب عما هو الواجب الاجتناب ~~واقعا ، فلو كان هذا الواحد واجب الاجتناب واقعا يصح من الشارع المؤاخذة ~~على ترك اجتنابه ، وكذا في الشك البدوي قبل الفحص. # وإما بأن يفيد إسقاطها عن المكلف مثل قاعدة البراءة في الشك البدوي بعد ~~الفحص؛ فإن التكليف المنفي بها لو كان ثابتا واقعا يقبح من المولى المؤاخذة ~~على مخالفته. # وإما بأن يفيد تنجزها تارة وإسقاطها اخرى مثل قاعدة الاستصحاب ؛ فإنه لو ~~اجري في ثبوت التكليف وكان ms0176 ثابتا واقعا كان منجزا ، أو في نفي التكليف وكان في PageV01P190 # الواقع ثابتا كان مسقطا ، ومثل حجية خبر الواحد فإنه لو قام على وجوب شيء ~~كان واجبا واقعا كان منجزا ، ولو قام على جوازه كان مسقطا. # وليس معيار الاصولية وقوع نتيجة المسألة كبرى لدليل الحكم الشرعي ؛ فإن ~~قاعدة «كل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» فقهية ومع ذلك يقع كبرى للدليل ~~المذكور ، مثلا يقال : البيع يضمن بصحيحه فكذا بفاسده بمقتضى كل ما يضمن ~~بصحيحه إلخ ، فالفرق بين هذه القاعدة وأمثالها من القواعد الفقهية وبين ~~القواعد الاصولية أن الاولى لا يفيد لإثبات حكم آخر ما وراء نفسها ، ~~والثانية معطية قانونا للمكلف بالنسبة إلى الأحكام الواقعية الأولية كما ~~عرفت ، وبالجملة فمسألتنا هذه من القواعد العقلية الموصلة إلى الحكم ~~الواقعي علما كما هو واضح فتكون اصولية. # وأما الثاني : فلأن معيار الكلامية كون المسألة باحثه عن أحوال المبدا ~~والمعاد والوسائط ، والبحث في مسألتنا أيضا راجع إلى أنه هل يقبح من الحكيم ~~تعالى الأمر والنهي بشيء واحد ذي وجهين بالاعتبارين أولا ، فيكون بحثا عن ~~حال المبدا. # وأما جعل هذه المسألة من المبادي في الاصول فلا وجه له من جهة إمكان أن ~~يقال بكون كل ما ذكر في الاصول من المطالب التي لم يتعرض لها في علم آخر من ~~المسائل لا المبادي ، ووجه ذلك أنه لا إشكال في أن وصول المكلف إلى الحكم ~~الشرعي بسبب الادلة يتوقف على مقدمات عديدة كتعلم اللغة والصرف والنحو إلى ~~غير ذلك مما له دخل ولو بعيدا في فهم الحكم من الدليل ، فاللازم على ~~الاصولي إدراج تمام ذلك في الاصول لاشتراك الجميع في الدخل في غرضه من ~~استكشاف حال المكلف بالنسبة إلى الواقعيات ، غاية الأمر قد كفاه عن مئونة ~~ذكر بعض ذلك بدويته في علم آخر ، ولهذا بعض المطالب التي لم ينقح في الصرف ~~أو النحو قد نقح في هذا العلم مثل دلالة صيغة الأمر على الوجوب ، ومن هنا ~~تبين أن جميع ما ذكر في الاصول من المطالب لا يخلو من الدخل في ms0177 الغرض ~~المذكور فيكون بجملتها من المسائل ، نعم قد ذكر في أثنائها بعض المطالب تطفلا. # الرابع : لا فرق في جريان النزاع بين ثبوت الأمر والنهي بالدليل اللفظي وبين PageV01P191 # ثبوتهما بالدليل اللبي وهذا واضح ، ثم إن محل النزاع هو ما إذا كان أحد ~~العنوانين من حيث هو مشتملا على مقتضى الوجوب من دون نقص ، والآخر من حيث ~~هو مشتملا على مقتضى الحرمة من دون نقص ، فيقع النزاع في أن هذين الحكمين ~~الحيثيتين هل يمكن فعليتهما معا أولا ، فالصلاة في الدار المغصوبة ليس ~~حالها حال الصلاة بدون الطهارة حتى عند المانع. # ألا ترى أن الاولى صحيحة مع نسيان الغصب والجهل به ، والثانية باطلة مع ~~نسيان الطهارة أيضا ، ووجه ذلك أن المقتضي في الثانية ناقص ؛ لفقدها شرطا ~~شرعيا فلا يصح في حال من الأحوال ، وفي الاولى تام والمانع من مقربيتها ~~مبعدية العنوان المتحد معها ، فإذا زال مبعديته بالنسيان أو الجهل كانت ~~الصلاة مقربة. # وبالجملة فلا مانع من الفعلية من قبل نفس العنوان بما هي هي ، بل المانع ~~لو كان فإنما هو منع العقل من اجتماع الفعليتين لمكان التضاد ، فإذا أثبتنا ~~عدمه أيضا كان ترتب الأثر أعني الوجوب الفعلي والحرمة الفعلية على ~~المقتضيين حينئذ بطريق القهرية ، فلا وجه للقول بالجواز عقلا والامتناع ~~عرفا ؛ إذ لا معنى لمحكمية العرف في هذا المطلب القهري. # الخامس : لا إشكال في عموم هذا النزاع للوجوب والحرمة الغيريين كالنفسيين ~~وكذا المختلفين ؛ لأن التضاد بين المحبوبية والمبغوضية غير مختص بصورة كون ~~كليهما نفسيا وهذا واضح ، فلا مدخلية لقيد النفسية فيما هو ملاك كلام ~~المانع أصلا. # وأما التخييريان فيمكن منع جريان النزاع فيهما والقول بجواز اجتماعهما في ~~الشيء الواحد بوجه واحد فضلا عن الواحد بوجهين ، فالأول كما إذا قال المولى ~~: أكرم إما زيدا وإما عمروا ولا تكرم أحدهما ، وكما إذا قال : أكرم إما ~~زيدا وإما عمروا ، لا تكرم إما عمروا وإما بكرا ، فإن كل واحد من إكرام زيد ~~وعمرو في المثال الأول وإكرام عمرو في المثال الثاني طرف للوجوب التخييري ~~وللحرمة التخييرية ، وواضح ms0178 أنه بوجه واحد ، والثاني إذا أمر بالصلاة والصوم ~~تخييرا ونهى عن التصرف في دار زيد والتكلم مع عمرو كذلك ؛ فإن الصلاة في ~~هذه الدار لها حيثيتان PageV01P192 # بإحداهما طرف للوجوب التخييري وبالاخرى للحرمة التخييرية. # وسر عدم الجريان مع مساعدة الوجدان أن ملاك كلام المانع وهو التضاد موجود ~~في التعيينيين غير موجود في التخييريين ، فإن الأمر التعييني مقتض لوجود ~~المتعلق وطارد لعدمه ، والنهي التعييني مقتض لعدمه طارد لوجوده. # وواضح أن هذين المعنيين ينافيان ولا يجتمعان ، وهذا بخلاف التخييريين ؛ ~~فإن الأمر التخييري ليس مقتضيا لوجود هذا الفرد الخاص طاردا لعدمه ، لجواز ~~عدمه مع البدل ، وكذا النهي التخييري ليس مقتضيا لعدم هذا الخاص وطاردا ~~لوجوده لجواز وجوده ؛ مع البدل. # نعم الأول مقتض بالنسبة إلى وجود أحد الفردين وطارد لعدم كليهما ، ~~والثاني مقتض لعدم أحدهما وطارد لوجود كليهما ، وبعبارة اخرى مقتضى الأول ~~عدم ترك كليهما ومقتضي الثاني عدم الجمع بينهما ، وهذان يجتمعان ولا ~~يتنافيان. # وقد يستشكل فيما إذا اشترك الأمر التخييري والنهي التخييري في فرد واختص ~~كل منهما بفرد كالمثال الثاني بأن الأمر التخييري له إطلاق بالنسبة إلى ~~وجود الفرد الثالث الذي اختص به النهي التخييري وعدمه بمعنى ثبوته في كلتا ~~الحالتين ، والحال أنه في صورة وجود هذا الثالث يتعين الحرمة في الفرد ~~المشترك تعينا عرضيا ، وحينئذ يمتنع كونه محلا للوجوب التخييري ؛ إذ معنى ~~الأول المنع من الفعل مطلقا ومعنى الثاني الترخيص فيه مع البدل. # وكذا النهي التخييري له إطلاق بالنسبة إلى وجود الفرد الثالث الذي اختص ~~به الأمر التخييري وعدمه بمعنى ثبوته في كلا الحالين ، والحال أنه في صورة ~~عدم هذا الفرد يتعين الوجوب في الفرد المشترك ، ومع ذلك يمتنع كونه محلا ~~للحرمة التخييرية ؛ إذ معنى الأول المنع من الترك مطلقا ، ومعنى الثاني ~~الترخيص فيه مع البدل. # ووجه عدم جريان هذا الإشكال فيما إذا اشترك الأمر والنهي التخيريان في ~~كلا الفردين كالمثال الأول لزوم كون متعلقات الأوامر والنواهي معراتا عن ~~الوجود والعدم إطلاقا وتقييدا. PageV01P193 # والجواب أن امتناع الإطلاق مشترك بين الصورتين ، فكما أنه ممتنع ms0179 في ~~الصورة الثانية لما ذكر ، فكذا في الصورة الاولى ، ووجهه أن من المسلم عدم ~~إمكان الإطلاق عند عدم إمكان التقييد ، والتقييد في هذه الصورة ممتنع ؛ ~~لأنه لو قيد الأمر التخييري بصورة عدم الفرد الثالث والنهي التخييري بصورة ~~وجود الثالث الآخر لزم تقييد كل من الأمر والنهي بصورة انتفائه وسقوطه ، ~~مثلا لو قيد الأمر بإكرام زيد أو عمرو بصورة عدم إكرام بكر ، وكذا النهي عن ~~إكرام عمرو أو بكر بصورة وجود إكرام زيد ، لزم أن يتوجه في حال وجود إكرام ~~زيد وعدم إكرام بكر أمر تخييري ونهي تخييري والحال أنه في هذا الحال ليس في ~~البين أمر تخييري ولا نهي تخييري كما هو واضح ، فلا بد من أخذ متعلق هذا ~~الأمر وهذا النهي مهملة بالنسبة إلى وجود الثالث وعدمه وعدم أخذ وجوده ولا ~~عدمه فيه لا إطلاقا ولا تقييدا ، وبذلك يرتفع الإشكال. # السادس : قد استشكل في الكفاية على من اعتبر في العنوان قيد المندوحة بأن ~~الكلام في المقام في وجود المانع وعدمه من جهة اجتماع الضدين مع قطع النظر ~~عن وجوده وعدمه من الجهات الأخر ، فقيد المندوحة لا ربط له بالمقام ؛ إذ ~~مرجع الكلام في المقام إلى استحالة نفس التكليف وفائدة هذا القيد رفع ~~الاستحالة من متعلقه. # أقول : لو جعل مصب النزاع أنه هل يكفي تعدد متعلقي الأمر والنهي بالوجه ~~والعنوان في رفع محذور اجتماعهما في محل واحد ، أو لا بد في رفعه من ~~تعددهما بالوجود الخارجي كان ما ذكره قدسسره حقا ، وأما لو جعل مصبه أنه هل ~~يجوز اجتماع الأمر والنهي وورودهما في الوجود الواحد بوجهين أو لا يجوز ~~وجعل كفاية تعدد الوجه علة للجواز ، ولزوم تعدد الوجود علة لعدمه كما هو ~~الواقع فلا ريب في أنه لا بد من أن يكون طرح النزاع بهذا الوجه في مورد عدم ~~وجود المانع المسلم المانعية عند الطرفين في البين ؛ لوضوح عدم الوجه لطرحه ~~في مورد ثبوت هذا المانع. # ثم هو منحصر في عدم ثبوت المندوحة ، وذلك لأن المفروض عدم المانع من غير ms0180 ~~جهة اجتماع الأمر والنهي ، يعني محل الكلام ما إذا كان المقتضي في نفس PageV01P194 # العنوانين تاما والمانع المتصور من جهة اجتماعهما إما لزوم اجتماع الضدين ~~أو النقيضين أو التكليف بما لا يطاق ، فعدم الجواز في مورد عدم ثبوت ~~المندوحة من قبل العنوان المأمور به مسلم لا نزاع فيه ، للزوم التكليف بما ~~لا يطاق على تقدير الاجتماع ، وفي مورد ثبوتها يكون محلا للخلاف والنزاع ~~على حسب الرأيين في لزوم اجتماع الضدين على تقدير الاجتماع وعدمه. # السابع : ربما يتوهم ابتناء هذا النزاع على النزاع في تعلق الطلب ~~بالطبيعة أو بالفرد تارة بأنه لو قلنا هناك بالتعلق بالفرد تعين هنا القول ~~بالامتناع ، ولو قلنا هناك بالتعلق بالطبيعة يمكن هنا القول بالجواز لتعدد ~~الطبائع ، وبالامتناع لسراية حكم الطبيعة إلى الفرد ، واخرى بأن كل واحد من ~~القولين هنا يبتني على واحد من القولين هناك ، فالجواز على التعلق بالطبيعة ~~، والامتناع على التعلق بالفرد. # والحق خطاء كلا التوهمين ، وتوضيحه يحتاج إلى بيان مراد القائلين هناك ~~فنقول : لا شك في أن قيد الوجود والعدم كما أنه يكون ملغى في الطبيعة كذلك ~~يكون ملغى في الفرد ؛ ولهذا قولنا : زيد موجود ليس ببديهية ، وقولنا : زيد ~~معدوم ليس بتناقض ، فكل من الطبيعة والفرد على هذا يمكن لحاظه عاريا عن ~~الوجود والعدم ، ويمكن لحاظه باعتبار الوجود. # وحينئذ نقول : لو كان مراد القائلين هناك بالطبيعة والفرد هما باللحاظ ~~الأول فكلاهما خطاء ؛ إذ هما بهذا اللحاظ ليسا إلا نفسهما ، فلا يقعان ~~متعلقين للطلب ولا لغيره من الأعراض. # ولو كان المراد هما باللحاظ الثاني فيكون مرجع النزاع إلى أن الوجود الذي ~~لا بد من اعتباره في متعلق الطلب هل هو صرف الوجود الذي لا يضاف إلا إلى ~~الطبيعة ، أو لا بد وأن يكون هو الوجودات الخاصة المضافة إلى الأفراد ، ~~والعناوين المأخوذة في الأدلة اللفظية إنما احدث باعتبار الحكاية عنها لا ~~باعتبار نفسها. # فحينئذ على تقدير القول هناك بالتعلق بالطبيعة كما يمكن القول هنا ~~بالجواز ، كما هو واضح ، كذلك يمكن القول بالامتناع ، وذلك بأن يقال : إن ~~الطلب ms0181 وإن كان أولا PageV01P195 # وبالذات متعلقا بالطبيعة إلا أنه بالأخرة يسري إلى الفرد ؛ لمكان الاتحاد ~~بينهما خارجا ، فيكون المحل واحدا نظير الحرارة ، فإن موضوعها ليس إلا مطلق ~~النار من دون مدخل للخصوصيات فيه ، ومع ذلك يسري منها إلى أفرادها ، ولهذا ~~صح أن يقال : إن هذه النار حارة. # وكذا على تقدير القول هناك بالتعلق بالفرد كما يمكن هنا القول بالامتناع ~~كما هو واضح كذلك يمكن القول بالجواز ، وذلك لإمكان تعرية الفرد عن بعض ~~الخصوصيات المتخصص هو بها مع عدم خروجه بذلك عن فرديته ، مثلا قد يشار في ~~الذهن إلى الزيد بلحاظ أنه زيد مع قطع النظر عن كونه ابن عمرو ، وقد يشار ~~إليه بلحاظ أنه ابن عمرو مع قطع النظر عن كونه زيدا ، وهو في كلا اللحاظين ~~فرد ، وكذا الحال فيما نحن فيه ، فالحركة الخاصة في الدار المغصوبة قد يلحظ ~~بعنوان هذا الغصب مع قطع النظر عن حيث صلاتيته وقد يلحظ بعنوان هذه الصلاة ~~مع قطع النظر عن جهة غصبيته ، ولا شك في أن هذين اللحاظين متغايران في ~~الذهن ، والفردية في كليهما مع ذلك محفوظة. # الثامن : قد مر أن محل الكلام ما إذا كان ملاك المحبوبية في أحد ~~العنوانين تماما بلا نقص وكذلك ملاك المبغوضية في الآخر ، أما غير هذه ~~الصورة فليس محلا لهذا النزاع ، هذا بحسب مقام الثبوت. # أما بحسب مقام الإثبات فنقول : لو كان الروايتان متعرضتين للحكم الحيثيتي ~~، فإن علم أحمالا بأن أحد الملاكين ليس بموجود في مورد التصادق كما لو علم ~~بعد ورود أكرم العلماء ولا تكرم الفساق بانتفاء أحد ملاكي الوجوب والحرمة ~~في العالم الفاسق كان من باب التكاذب والتعارض بين الروايتين فلا بد من ~~العمل في مورد التصادق بأظهرهما دلالة لو كان، وإلا فمقتضى الاصول ، وليس ~~من باب الاجتماع كما مر وهذا واضح. # وأما لو علم بوجود جميع الملاكين في مورد التصادق فعدم ملاحظة الأظهرية ~~والظاهرية بين الروايتين مما لا كلام فيه ، لعدم التعارض بينهما حتى على القول PageV01P196 # بالامتناع ، وإنما الكلام في أن حكم العقل في مورد ms0182 التصادق حينئذ على ~~القول بالامتناع ما ذا؟ # والحق أنه مختلف بحسب الموارد ، ففي مورد ثبوت المندوحة في أحد الملاكين ~~بمعنى إمكان إحرازه في غير مورد التصادق يكون حكم العقل تقييد هذا الأحد ~~بغير مورد التصادق وترجيح الآخر فيه وإن كان الأول أقوى وأهم بمراتب من ~~الثاني ، ولا يوجب أقوائيته ترجيحه وطرح الآخر ؛ إذ لا وجه لرفع اليد عن ~~أحد الغرضين ولو كان في غاية الضعف لأجل الآخر ولو كان في غاية القوة بعد ~~إمكان إحرازهما جميعا. # مثلا لو فرضنا أن المطلوبية في الصلاة متعلقة بصرف الوجود المتساوي فيه ~~جميع الأمكنة من دون مدخلية لخصوصية مكان فيها ، ولكن المبغوضية في الغصب ~~مستوعبة لجميع الخصوصيات والأفراد وقلنا بامتناع الاجتماع ، فاللازم بحكم ~~العقل هو الحكم من الابتداء باختصاص المطلوبية بما سوى الصلاة الواقعة في ~~الدار المغصوبة وكونها مبغوضة لو تمكن المكلف من المكان المباح من دون حاجة ~~إلى موازنة مصلحتها مع مفسدة الغصب. # ولهذا لو كان المقدمة الغير المنحصرة للواجب حراما لم يقتض وجوب الواجب ~~إلا وجوب ما سواها من المقدمات المباحة ، وفي مورد عدم ثبوت المندوحة من ~~أحد الجانبين ، بمعنى عدم إمكان الجمع بين الغرضين بإحراز أحدهما في غير ~~مورد التصادق ودوران الأمر بين إحراز هذا أو ذاك يكون حكم العقل ملاحظة ~~مرجحات باب المزاحمة وترجيح أقوى المتزاحمين. # ومن هنا ظهر حكم ما إذا تكفل الروايتان للحكم العقلي وعلم وجود الملاكين ~~في مورد التصادق فإن حكم العقل في هذه الصورة أيضا هو التفصيل المذكور ~~بعينه ، والفرق بينها وبين الصورة السابقة هو أن التعارض هناك منتف على ~~القولين كما عرفت ، وهنا منتف على القول بالجواز وثابت على القول بالامتناع ~~، وعلامته ما ذكر من التفصيل لا ملاحظة الأظهرية والظاهرية بين الروايتين ، ~~ففي صورة ثبوت PageV01P197 # المندوحة ترجيح غير ذي المندوحة وإن كان ذوها أقوى ودليله أظهر ، وفي ~~صورة عدمها ترجيح اقوى الملاكين وإن كان دليل غيره أظهر. # ومما ذكرنا ظهر أن ما في الكفاية من الحكم بالرجوع إلى مرجحات باب ~~المزاحمة وترجيح أقوى المناطين عند ms0183 إحراز الاقتضاء من كليهما في المجمع ~~بناء على القول بالامتناع غير صحيح بإطلاقه ، والصحيح هو التفصيل بين صورتي ~~ثبوت المندوحة وعدمها والحكم في الاولى بتقييد ذي المندوحة وفي الثانية بما ~~ذكره سيما مع كون محل الكلام في هذا المبحث هو صورة ثبوتها. # التاسع : لا إشكال في حصول الإجزاء والامتثال في التوصليات بإتيان المجمع ~~حتى على القول بالامتناع ، لفرض حصول الملاك والمقتضي فيه ، وأما التعبديات ~~فكذا الكلام فيها على القول بالجواز ، بمعنى أن الآتي بالمجمع صدر منه ~~إطاعة ومعصية ، وأما على القول بالامتناع فلا إشكال في عدم حصول الإجزاء ~~والامتثال لو كان الفاعل عالما بموضوع الحرام وحكمه ؛ لوضوح عدم إمكان ~~مقربية الوجود المبعد ، وكذا لو كان جاهلا بالحكم عن تقصير أو ناسيا بمقدمة ~~اختيارية أو شاكا فيه قبل الفحص ، هذا على المختار على تقدير الامتناع من ~~تقييد جانب الأمر وترجيح جانب النهي ، وأما على ما اختاره صاحب الكفاية من ~~ترجيح أقوى المناطين فمع ترجيح جانب النهي يكون الحال كما على المختار ، ~~ومع ترجيح جانب الأمر يحصل الإطاعة بدون المعصية في جميع الأقسام. # بقي الكلام فيما إذا كان الفاعل معذورا سواء كان جاهلا بالموضوع أو ~~بالحكم عن قصور ، أو ناسيا له بمقدمة غير اختيارية ، أو شاكا فيه بعد الفحص. # فنقول : يمكن القول بصحة العبادة وإجزائها في هذا الفرض على القول ~~بالامتناع أيضا ، بحيث لو تبين الخلاف بعد العمل مثل ما إذا تبين بعد ~~الصلاة كونها واقعة في الدار المغصوبة لم يجب الإعادة ولا القضاء ، وإتمام ~~هذه الدعوى يكون بأحد من ثلاثة وجوه : # الأول : أنه لا يعتبر في العبادة وجود الامر ولا قصده ولا داعيه ، وإنما ~~المعتبر PageV01P198 # فيها كون العمل بوجه يكون مقربا لفاعله ، وحينئذ فنقول : لا إشكال في ~~وجود الجهة المحسنة في المجمع بالفرض ، والجهة المقبحة وإن كانت موجودة فيه ~~أيضا إلا أنها لا تؤثر في الفاعل شيئا ، بمعنى أنها لا تبعده عن ساحة ~~المولى ولا توجب انحطاط رتبته عنده ؛ لعدم تنجيزها بواسطة عدم المعلومية ، ~~فحينئذ يجب عقلا فيما إذا قصد الفاعل ms0184 العنوان العبادي المتحد معها بداعي ~~الجهة المحسنة الموجودة فيه كالصلاتية أن يكون هذا العنوان مقربا له. # والحاصل أن النهي والتحريم وإن كان موجودا فعلا واقعا والأمر قد زال ~~بمزاحمته ، إلا أن هذا التحريم قد انسلخ عنه الأثر وهو التعبد واستحقاق ~~العقوبة مع أى عنوان اتحد متعلقة ، فلو كان العنوان المتحد مع متعلقه ~~عباديا فلا مانع من أن يؤثر أثره من القرب وإن كان يزول تأثيره بالمزاحمة ~~عند تأثير جهة التحريم. # الثاني : تصحيح الأمر في حق المعذور ، بدعوى أن الحكم الظاهري يمكن ~~اجتماعه مع الحكم الواقعي وإن قلنا بعدم إمكان اجتماع الحكمين المتضادين في ~~عرض واحد ، فالخمر يمكن أن يكون حراما في الواقع وحلالا في الظاهر ؛ وذلك ~~لما قرر في محله من عدم استحالة جعل الحكمين المتضادين في موضوع واحد إذا ~~كان أحدهما في طول الآخر ؛ فإن الحكم الظاهري مجعول في موضوع الشاك في ~~الواقع ، فهو متأخر رتبة عن الشك في الواقع ، والشك فيه متأخر رتبة عن نفس ~~الواقع ، إلى آخر ما بين في محله. # وحينئذ نقول : يمكن بناء على هذا جعل الحكم الترخيصي في موضوع الشاك في ~~الغصب موضوعا أو حكما من دون منافاته للحرمة الواقعية ؛ فإذا أمكن ذلك أمكن ~~جعل الحكم الوجوبي في هذا الموضوع أيضا ، وضديته للحرمة لا يوجب الفرق ؛ ~~فإن الترخيص أيضا ضد لها ؛ لوضوح تحقق التضاد بين الأحكام الخمسة بأسرها ، ~~فهذا الوجوب وإن كان كالحكم الظاهري مجعولا في حق الشاك في الواقع ، إلا ~~أنه يفيد أثر الحكم الواقعي أعني : أن موافقته موجبة لسقوط الإعادة والقضاء ~~عن المكلف ولو مع تبين الخلاف والحرمة ، ووجه ذلك وجود ملاك المحبوبية ~~واقعا في المأتي به PageV01P199 # بالفرض ، فتبين الخلاف فيه غير متصور وكذا في الأمر ؛ فإنه وإن كان ~~متعلقا بموضوع الشاك إلا أنه حكم واقعي في حقه ، والعلم بالواقع موجب ~~الانتفاء موضوعه لا كاشف عن عدم مجعوليته في حق الشاك واقعا. # وبالجملة ، فتبين الخلاف غير متصور بالنسبة إلى عنوان الصلاة ، نعم هو ~~متصور بالنسبة إلى عنوان الغصب حيث يتبين كونه حراما ms0185 واقعا ، ومن هنا ظهر ~~وجه الفرق بين هذه الصلاة والصلاة باستصحاب الطهارة بأن تبين الخلاف فيها ~~ممكن بالنسبة إلى الملاك ، حيث إن ملاك المحبوبية غير موجود في الصلاة بدون ~~الطهارة وإن كان لا يمكن بالنسبة إلى الآخر كما هنا. # الثالث : تصحيح [الأمر] بضد الامتثال في حق المعذور بدعوى إمكان داعوية ~~الأمر المتعلق بموضوع إلى موضوع آخر مثله ، كما يمكن داعوية الأمر المتوجه ~~من المولى إلى عبده لغيره بغرض دفع العقوبة عنه ؛ فإن العنوان المأمور به ~~المتحد مع العنوان المنهي عنه حاله حاله عند عدم الاجتماع بلا فرق ، غاية ~~الأمر وجود المانع العقلي من الأمر به عند الاجتماع ، ولهذا لو كان الأمر ~~توصليا كان الإتيان بالمجمع مجزيا بلا كلام ، كما لو قال : خط لي هذا الثوب ~~فخاطه في المكان المغصوب. # وبالجملة ، وجه داعوية الأمر إلى متعلقه ليس إلا كونه مسقطا للأمر فإذا ~~فرض كون موضوع آخر محصلا لغرض المولى يكون مسقطا للأمر أيضا ؛ إذ لا وجه ~~لبقاء الأمر مع سقوط الغرض ، نعم قصد العبد أعني قصد الأمر المتعلق بسائر ~~الأفراد لا يتمشي إلا في حق العالم بالحرمة ، وأما الجاهل فالمتمشي في حقه ~~قصد الأمر المتعلق بالطبيعة ، غاية الأمر أنه يخيل سرايته إلى هذا الفرد ~~فتبين خطائه. # العاشر : ربما يتوهم تارة ابتناء هذا النزاع على النزاع الواقع في ~~المعقول في أصالة الماهية أو الوجود ، بمعنى أنه لو قيل هناك بأصالة ~~الماهية فلا بد هنا من الالتزام بالجواز لتعدد الماهيات ، ولو قيل هناك ~~بأصالة الوجود فلا بد هنا من الالتزام بالامتناع لوحدة الوجود ، وذلك لأن ~~الأصيل هو المنشأ للآثار ، فلا بد أن يكون هو المتعلق للطلب. PageV01P200 # واخرى ابتنائه على النزاع في تعدد الجنس والفصل ووحدتهما والأول ملازم ~~للجواز والثاني للامتناع. # والحق خطاء كلا التوهمين # أما الأول فلأنه لا ريب في أن الشيء الواحد كما لا يعقل أن يكون له أزيد ~~من وجود واحد كذلك لا يعقل أن يكون له أزيد من ماهية واحدة ؛ فإن الماهية ~~عبارة عن المقول في جواب ما هو الذي ms0186 هو سؤال عن حقيقة الشيء ونوعه ، ومن ~~الواضح أنه لا يمكن أن يكون للشيء الواحد إلا نوع واحد. # نعم يصح حمل العناوين المتعددة على موضوع واحد إلا أنه لا يمكن أن يكون ~~كلها ماهيات له ، بل لا بد من كون كلها أو ما سوى الواحد منها عرضيات. # وأما الثاني فلأن العنوانين المجتمعين في موضوع واحد لا دخل لهما بالجنس ~~والفصل ، مثلا الحركة الخاصة في الدار المغصوبة بأي كيفية تكيفت وفي أي ~~مكان تحققت لها جنس وفصل ، وعنوان الصلاة عرضي قد انتزع من كيفياتها الخاصة ~~مع قصد القربة ، وكذا عنوان الغصب عرضي قد انتزع من اضافتها إلى دار الغير. # إذا عرفت ذلك فلنشرع في برهان كل من القولين ، فنقول وعلى الله التوكل : ~~أقوى ما احتج به للقول بالجواز هو أن المقتضي موجود والمانع مفقود ، لا ~~نزاع في وجود المقتضي لما عرفت من أن محل الكلام ما إذا كان ملاك كل من ~~الأمر والنهي موجودا في مورد التصادق ، إنما النزاع في وجود المانع وهو ~~لزوم اجتماع الضدين من الأمر والنهي ومباديهما من الحب والبغض والمصلحة ~~والمفسدة في شيء واحد وهو الوجود الخارجي وعدمه ، والحق عدمه. # وبيانه يحتاج إلى مقدمة وهي : أن الأعراض على ما ذكره أهل المعقول منحصرة ~~في ثلاثة أقسام : # الأول : ما يكون عروضه واتصافه في الخارج كحرارة النار وبرودة الماء. # والثاني : ما يكون عروضه في الذهن واتصافه في الخارج ، والمراد بكون ~~العروض في الذهن عدم وجود ما يكون بحذائه في الخارج كالابوة والبنوة ~~والفوقية PageV01P201 # والتحتية ؛ فإنها امور انتزاعية متعلقة في الذهن وليس شيء في الخارج يكون ~~بحذائها ، ولكن المتصف بها هي الذوات الخارجية بخلاف الحرارة ونظائرها ؛ ~~فإن ما يكون بحذائها موجود في الخارج والمتصف بها أيضا هو الذوات الخارجية ~~، والعرضي المتحد من القسم الأول كالضارب يحمل على الذات بحمل ذو هو ، ~~فمعنى زيد ضارب زيد ذو الضرب ، والعرضي المتحد من القسم الثاني كالأب تسمى ~~بالخارج المحمول. # والثالث ما يكون عروضه واتصافه في الذهن كالكلية ؛ فإنها أمر يتعقل في ~~الذهن ومعروضه ms0187 الطبائع الجامعة المتعلقة في الذهن أيضا لا الأمر الخارجي ؛ ~~فإن الخارجي لا يكون إلا جزئيا. # إذا تمهد هذا فنقول : لا إشكال في كون الإرادة والطلب من الأعراض ، ولا ~~في عدم كونه من القسم الأول ؛ لأن وجود هذا القسم في الخارج فرع وجود ~~المعروض فيكون متأخرا عنه رتبة ، ولا يعقل في الطلب أن يكون وجوده متأخرا ~~في الرتبة عن المعروض ، للزوم طلب الحاصل والزجر عنه وكلاهما محال ، ولا في ~~عدم كونه من القسم الثاني ؛ إذ يعتبر في الاتصاف الخارجي لشيء بشيء عدم ~~مناقضة الشيء الأول لوجود الشيء الثاني ، وعدم كونه علة لعدمه ؛ إذ لا يعقل ~~اتصاف الشيء بما هو علة لعدمه ، ولا شك في أن وجود موردي الأمر والنهي معدم ~~لهما ، فتعين كونه من القسم الثالث فيكون حال الطلب [حال] وصف الكلية ، ~~فكما أن وصف الكلية يعرض على الطبائع في الذهن فكذا الطلب أيضا يعرض عليها ~~في الذهن ، لكن الطبيعة من حيث هي لما لم يكن إلا هي فلا بد من لحاظ الوجود ~~معها أيضا ، فيكون متعلق الأمر طبيعة الصلاة باعتبار الوجود مثلا ، ومتعلق ~~النهي طبيعته الغصب بهذا الاعتبار ، ولا شك في أنهما شيئان متمايزان في ~~الذهن وإن اتحدا في الوجود الخارجي. # فإن قلت : على ما قررت من أن متعلق الطلب هو الطبيعة المقيدة بالوجود ~~الذهني فالمراد بالوجود الذهني الذي هو القيد المقوم ما ذا؟ لا يعقل أن ~~يكون المراد ذهن الآمر ، وأما ذهن المأمور فلازمه كفاية التصور في مقام ~~الامتثال وعدم لزوم PageV01P202 # الإتيان الخارجي. # قلت : الجواب أولا : بالنقض بالكلي الطبيعي فنقول : قد يلحظ الطبيعة في ~~الذهن معراتا عن الوجود والعدم فيقال بأنها ليس إلا هي ، وقد يلحظ بلحاظ ~~الوجود فيحكم بأنها كلي ، فالمراد بالطبيعة التي يحكم عليها بالكلية ما ذا؟ ~~لا يعقل أن يكون المراد الطبيعة بوجودها الخارجي ؛ إذا الخارجي ليس إلا ~~جزئيا ، ولا هي بوجودها الذهني ، إذ الوجود الذهني أيضا جزئي من الجزئيات ~~ومباين للخارجيات فلا ينطبق عليها ، ولا هي معراتا عن الوجودين ؛ فإنها ~~حينئذ لا يكون جزئيا ولا ms0188 كليا. # وثانيا : بالحل وهو مشترك بين المقامين وهو : أن الوجود الذهني تارة ~~يعتبر بالمعنى الاسمي وهذا واضح ، واخرى بالمعنى الحرفي أي بأن يكون آلة ~~لرؤية الخارج ؛ فإن الذهن صفحة يرى بها الخارج ويحكي عنه ، فالناظر بهذا ~~النظر كأنه يرى الخارج بنفسه ، فالوجود الذي يوجد قيدا للطبيعة في كلا ~~المقامين أي مقام عروض الكلية ومقام تعلق الطلب هو الوجود الذهني الملحوظ ~~باللحاظ الحاكي ، فوجود الإنسان الملحوظ باللحاظ الحاكي يحكم بأنه موجود في ~~زيد وعمرو وبكر ، وهذا معنى كليته وإن كان لو لوحظ بما هو موجود في الذهن ~~كان جزئيا وباين الخارج ، بل الملحوظ للاحظ آخر ، بل لهذا اللاحظ بلحاظ آخر. # وكذلك وجود الصلاة الملحوظ في الذهن باللحاظ المرآتي متعلق للطلب لا بما ~~هو ملحوظ في الذهن ، وحينئذ فلا جرم لا يحصل امتثاله إلا بالعمل الخارجي ؛ ~~إذ ملحوظ الآمر بهذا اللحاظ لا ينطبق إلا عليه ، وعرض هذه الطبيعة وهو ~~المطلوبية لا يسري إلى الفرد كما هو الحال في وصف الكلية. # فإن قلت : إذا كان متعلق الطلب وجود الطبيعة الملحوظ باللحاظ الحاكي يجب ~~أن يسري المطلوبية منها إلى الفرد لمكان العينية ؛ فإن اللاحظ بهذا اللحاظ ~~يرى الطبيعة عين الأفراد في الخارج. # قلت : الأجزاء التحليلية المتجزاة عند العقل التي يحكم باتحاد بعضها مع ~~بعض في الخارج كما في كل واحد ، وهي خصوصيات يجزئ العقل خصوصياته ويحكم PageV01P203 # باتحادها في الخارج لا يمكن الحكم بعينية بعضها مع بعض إلا بعد فرض ~~التغاير ، فإنه لا يعقل الحكم بأن هذا عين ذاك إلا بعد فرض وجود هذا وذاك ~~في البين ، فلا بد في مقام الحمل من نظرين طوليين ، تفصيلي واجمالي ، وذلك ~~بأن ينظر الطرفين أولا اثنين ، ثم ينظرهما واحدا في الخارج فيحكم باتحادهما فيه. # وحينئذ فما يعرض على أحد الطرفين في النظرة الاولى أي النظر التفصيلي ~~التحليلي لا يسري إلى الآخر ؛ لمكان التغاير والبينونة بينهما في هذا النظر ~~، وذلك مثل وصفي الموضوعية والمحمولية اللاحقين لذاتي الموضوع والمحمول عند ~~ملاحظة كلا منهما منفردا ومنفصلا عن الآخر مقدمة للحمل والحكم ms0189 بالاتحاد. # ومثل الجنسية والفصلية العارضين لذاتي الجنس والفصل عند تحليل العقل ~~الشيء الخارجي بحسب الحقيقة بجزءين قبل الحكم باتحادهما. # ومثل وصف الكلية العارضة على صرف الوجود المضاف إلى أصل الطبيعة في مقام ~~تجزئة العقل بين الجهة الجامعة بين الأفراد وبين الخصوصيات المتميزة لها ~~قبل الحكم بالاتحاد. # ومثل وصف الكثرة في قولنا : الماء في الدنيا كثير اللاحق بصرف وجود الماء ~~في لحاظ التجريد لا لأصل الطبيعة ولا للأفراد. # وحينئذ فنقول : لا إشكال في أن الطالب يحلل في ذهنه الأجزاء التي لها دخل ~~في غرضه عن الأجزاء الآخر ويعلق طلبه بماله الدخل في غرضه دون غيره ، فيكون ~~صرف الوجود بالنسبة إلى الخصوصيات التي لا دخل لها في الغرض معروضا للطلب ~~في عالم تخليته عن تلك الخصوصيات ، فلهذا لا يسري الطلب منه إلى الأفراد. # ومما ذكرنا يتضح وجه الحكم في مسألة فرعية وهي أن بيع الصاع من الحنطة ~~مثلا يتصور على وجهين ، الأول : أن يبيع الكلي في الذمة ، ولازمه كون التلف ~~من البائع قبل التعين ، والثاني : أن يبيع صاعا من الصبرة المشاهدة وهو ~~يتصور على ثلاثة وجوه : # الأول : أن يكون على وجه النكرة بأن يكون المبيع إحدى الصيعان المشتمل PageV01P204 # عليها الصبرة ولازمه كون التالف مرددا بين كونه من مال البائع أو المشتري ~~؛ فإن إحدى الصيعان التي هي المبيع كما يحتمل تطبيقه على الموجود كذلك ~~يحتمل تطبيقه على التالف وادعوا الإجماع على بطلان هذا القسم. # والثاني : أن يكون على وجه الإشاعة ولازمه كون التلف بينهما بالنسبة. # والثالث : أن يكون على وجه الكلي في الخارج ، ولازمه كون التلف من مال ~~البائع ما بقي من الصبرة مقدار صاع ؛ فإن وجه هذا الأخير أن البائع قد باع ~~الصاع الكلي من المشتري ، غاية الأمر مقيدا بوجوده في الخارج وهو مع هذا ~~القيد وإن كان ملازما للاتحاد مع خصوصية من الخصوصيات ، إلا أنه في عالم ~~تجريده عن الخصوصيات وقع متعلقا للملكية ، فلا تسري منه الملكية إلى ~~الخصوصيات بل هي باقية على ملك البائع ، ولهذا يكون تلفها من ماله ما ms0190 بقي ~~منها خصوصيته واحدة ؛ فإن تلف الكلي إنما يكون بتلف تمام خصوصياته ولا يصدق ~~بتلف بعضها. # فإن قلت : إن المفاهيم المتعقلة لا واقعية لها بل هي صرف إدراكات للعقل ، ~~وإنما الواقعية للموجود الخارجي ، وما جعلته متعلقا للطلب أعني : صرف وجود ~~أصل الطبيعة ، مجردا لمفهوم التعقلي ، ومتعلق الطلب لا بد وأن يكون منشئا ~~للآثار ، فلا محالة يكون مما له الواقعية وهو الوجود الخارجي ، ولا ريب في ~~كونه واحدا إلا بعد وقته فيعود المحذور. # قلت : إن أردت بعدم الواقعية لصرف الوجود عدم وجوده في الخارج بما هو ~~عليه في الذهن من وصف الجامعية والتجرد عن الخصوصيات فهو مسلم ، وإن أردت ~~عدم وجوده من الأصل ولو بكيفية اخرى مغايرة لكيفيته في الذهن فهو ممنوع بل ~~هو موجود في الخارج ، غاية الأمر وصف اتحاده مع الأفراد واندماجه فيها على ~~خلاف ما هو عليه في الذهن من وصف تجرده منها. # والحاصل أن الطبيعي ليس مجرد المفهوم التعقلي ، بل له حظ من الوجود ~~الخارجي ، فالوجود كما يضاف إلى الفرد أعني : الخصوصية المميزة كذلك يضاف ~~إلى الطبيعي أيضا على الحقيقة ، غاية الأمر أن الوجود المضاف إليهما وجود واحد. PageV01P205 # والدليل على وجود الطبيعي أنه لو توجه شبح من بعيد وتيقنا بأنه حيوان ~~وشككنا في أنه بعير أو فرس وكان بعيرا في الواقع فلا ريب أن وصف المعلومية ~~مختص بحصة وجود الحيوان والمشكوكية بحصة وجود البعير ، ولا يسري معلومية ~~الأول إلى الثاني ولا مشكوكية الثاني إلى الأول ، ولو لم يكن هاهنا شيء ~~وواقعية إلا وجود البعير لما كان لنا إلا شيء واحد مشكوك ولم يكن في البين ~~شيء تعلق به المعلومية. # وأيضا من المعلوم بالوجدان أن الإنسان قد يصير طالبا لنفس الكلي الطبيعي ~~من دون أن يسري طلبه إلى الخصوصيات ، كما في طلب شرب الماء وكما في طلب ~~وجود الإنسان إذا كان لأجل الكراهة من الانفراد في البيت ، فلو لم يكن ~~للطبيعي حظ من الوجود لما وقع متعلقا للطلب. # فثبت أنه يمكن أن يشير الآمر في عالم اللحاظ إلى ms0191 نفس الطبيعي ويوجه الطلب ~~نحوه من دون لزوم الإشكال. # فإن قلت : ما ذكرت من جعل متعلق الطلب صرف الوجود إنما يتم في الماهيات ~~المتأصلة ، وأما العناوين المنتزعة فلا وجود لها في الخارج حتى يمكن اعتبار ~~صرف الوجود معها، وذلك لأن موطنها هو الذهن ، والخارج إنما هو ظرف لمنشا ~~انتزاعها ، فلا بد من صرف الأوامر والنواهي المتعلقة بتلك العناوين ظاهرا ~~إلى الوجودات الخارجية التي هي منشأ لانتزاعها ، وجعل تلك العناوين إشارة ~~إليها وحاكية عنها ، وحينئذ فيلزم المحذور من اجتماع الأمر والنهي في ~~الواحد. # قلت : نحن إذا تعقلنا صرف الوجود في الماهيات المتأصلة نتعقله بهتا في ~~جانب منشأ الانتزاع ، مثلا عنوان الضارب والقاعد لا مدخل في منشأ انتزاعهما ~~إلا لذات ما واتصافهما بحقيقة الضرب والقعود ، من دون مدخلية لخصوصيات ~~الفاعل أو الفعل فيه. # فإذا جعلنا الأمر بالصلاة والنهي عن الغصب متعلقين بمنشإ انتزاعهما نقول ~~: لا مدخل في منشأ انتزاع الصلاة إلا لمطلق الحركة بالهيئة الخاصة المتلبسة ~~بقصد القربة PageV01P206 # من دون مدخلية للوقوع في دار الغير فيه ، وكذا لا مدخل في منشأ انتزاع ~~الغصب إلا لمطلق الحركة في دار الغير بدون رضاه من دون مدخلية للوقوع ~~بالهيئة الخاصة والتلبس بنية القربة فيه، فيتعقل هنا صرف وجود يكون منشأ ~~لانتزاع الصلاة وهو متعلق للأمر ، وصرف وجود آخر يكون منشئا لانتزاع الغصب ~~وهو متعلق للنهي. هذا خلاصة الكلام في حجة المجوز. # ومنه يظهر فساد ما قيل في حجة المنع ، وحاصله أن تعدد العنوان في محل ~~النزاع لا يوجب تعدد المعنون ، بل هو يتحد حقيقة ووجودا من غير فرق بين ~~القول بأصالة الماهية أو الوجود. # ووجه فساده هو أن الطلب كما عرفت ليس من الأعراض الخارجية كالبياض حتى ~~يقال بأنه لا يمكن التكليف في عروضه بين حيثية دون اخرى لاندماج الحيثيات ~~واتحادها في الخارج ، بل هو من الأعراض التي يكون عروضها واتصافها في الذهن ~~، والتفكيك بين الحيثيات في الذهن ممكن ، فيقع الكلام حينئذ في أن لهذه ~~الحيثيات التحليلية العقلية واقعية في الخارج أولا ، وقد أثبتنا الواقعية ms0192 لها. # ثم إنه قد استدل للجواز بوجوه أخر ، منها أنه لو امتنع اجتماع الوجوب ~~والحرمة في واحد بوجهين لما وقع نظيره ، وقد وقع في الشرع كما في العبادات ~~المكروهة كالصلاة في الحمام ، والمستحبة كالفريضة في المسجد ، والمباحة ~~كالصلاة في البيت ، وذلك لأن الأحكام الخمسة متضادة بأسرها. # ويمكن الجواب عنه على القول بالامتناع بأن الحال في تلك الموارد مختلفة ؛ ~~لأن الحكم المخالف للأمر العبادي فيها إما أن يكون متعلقا بأمر خارج عن ~~العبادة متحد معها في الوجود أحيانا ، كما في الصلاة في موضع التهمة ؛ فإن ~~النهي التنزيهي متعلق بالكون في الموضع المذكور المتحد مع الصلاة في الخارج ~~أحيانا أو يكون متعلقا بنفسها ، وهذا على قسمين : # إما أن يكون في البين مندوحة وذلك بأن يكون الأمر العبادي متعلقا بصرف ~~الوجود، أولا يكون وذلك بأن يتعلق الأمر العبادي بالوجود الساري الاستغراقي ، PageV01P207 # فالأول كما في الصلاة في الحمام ، فإن الصلاة خارج الحمام بدل عن الصلاة ~~فيه ، والثاني كما في صوم يوم العاشوراء والنافلة المبتدأة عند طلوع الشمس ~~؛ فإن الاستحباب فيها متعلق بالطبيعة باعتبار الوجود الساري ، فيكون صوم كل ~~يوم ونافلة كل زمان مستحبين على الاستقلال لا بما هما فردان للطبيعة ، فلا ~~يقع صوم غير يوم العاشوراء بدلا عن صومه ونافلة غير زمان الطلوع بدلا عن ~~نافلته ، بل هما مستحبان مستقلان. # أما القسم الأول فلا إشكال فيه على القول بالجواز مطلقا ، وأما على القول ~~بالامتناع فينبغي التكلم في حكم اجتماع الوجوب مع الكراهة ، ويظهر منه ومما ~~تقدم حكم غيره من باقي صور اجتماع حكمين تكليفيين في واحد بوجهين ، فنقول ~~على هذا القول هذه الصورة بعد اشتراكها مع الصورة السابقة في بقاء الملاكين ~~وعدم التزاحم بين الجهتين أعني : المصلحة الوجوبية والحزازة هنا وفي عدم ~~إمكان بقاء الأمر والنهي الفعليين بحالهما وعدم ورود التقييد على شيء منهما ~~يفرق بينهما بلزوم تقييد الأمر هناك مع بقاء ملاكه وهو المصلحة بحكم العقل ~~، ولزوم تقييد الكراهة الفعلية هنا مع بقاء ملاكها وهو الحزازة بحكمه أيضا. # وذلك لأن الصورتين وإن كانا ms0193 مشتركين في ثبوت المندوحة من جانب الأمر وعدم ~~ثبوتها من جانب النهي بمعنى كون الأمر لا مقتضى بالنسبة إلى الخصوصية وكون ~~النهي مقتضى بالنسبة إليها ، إلا أن الاقتضاء من جانب النهي التحريمي شديد ~~ملزم مانع من النقيض طارد للوجود ، فيكون بضميمة ثبوت المندوحة من جانب ~~الأمر مزاحما للأمر ومعاندا له ومقيدا له وإن كان مصلحته أشد وأقوى. # وهذا بخلاف الاقتضاء في جانب النهي التنزيهي ، فإنه ليس بشديد بحيث يكون ~~ملزما للترك ومانعا من النقيض طاردا للوجود ، بل اقتضاؤه للترك مشوب ~~بالترخيص في الفعل، فلهذا لا يزاحم الأمر ولا يعانده وإن كان فيه المندوحة ~~، فإذا صار الأمر بلا مانع يلزم قهرا انعدام الكراهة الفعلية من البين مع ~~بقاء الحزازة ، فيكون الصادر من المكلف بناء على هذا عبادة مشتملة على ~~الحزازة ، فلهذا يكون PageV01P208 # أقل ثوابا بالنسبة إلى الفرد الخالي عن تلك الحزازة. # فإن قلت : ينافي هذا الذي ذكرت من ارتفاع الكراهة الفعلية من البين إطلاق ~~المكروه على هذه العبادة. # قلت : حال الكراهة هاهنا حال الحلية في الغنم ، فكما أن حلية الغنم حكم ~~اقتضائي متعلق بحيث الغنمية لو خلي وطبعه مع قطع النظر عن الطواري والحالات ~~، بمعنى أن الغنم لو لوحظ في قبال الكلب والخنزير حكم الشارع بحليته ، ~~فلهذا لا منافاة بينهما أصلا ، وبين أن يكون الحكم الشرعي الفعلي للغنم ~~بسبب العوارض حرمة أشد من حرمة الكلب والخنزير فكذا الكراهة هاهنا ؛ فإن ~~جعل الشارع حكم الكراهة في موضوع يكون على نحوين : # الأول : أن يكون حكما فعليا ناظرا إلى جميع الأحوال والطواري. # والثاني : أن يكون حكما اقتضائيا متعلقا بالحيثية مع قطع النظر عن جميع ~~الطواري ، فهذا القسم لا منافاة أصلا بينها ، وبين أن يكون الحكم الشرعي ~~الفعلي لهذا الموضوع بسبب العوارض الخارجية هو الوجوب أو حكما آخر مضادا ~~للكراهة ، ونظيره في الإخبارات قولنا : الرجل خير من المرأة ، فإنه إخبار ~~عن خيرية حيثية الرجل مع قطع النظر عن الطواري من حيثية المرأة كذلك ، ~~ولهذا تكون هذه القضية صادقة حتى في مورد صارت المرأة بسبب الضمائم ms0194 ~~الخارجية خيرا من الرجل فعلا. # ومن هنا ظهر أن لفظ الكراهة في هذا المقام يكون بمعناه في سائر المقامات ~~، غاية الأمر أن لازم اجتماع الحزازة مع ملاك الأمر أهلية الثواب ، لا أن ~~للفقهاء في هذا المقام في هذا اللفظ اصطلاحا جديدا. # أما القسم الثاني فامتناع الاجتماع فيه غير مختص بالقول بالامتناع ، بل ~~هو ثابت على القول بالجواز أيضا ؛ وذلك لما عرفت سابقا من خروج المطلق ~~والمقيد المفهوميين والمصداقيين عن محل النزاع ، فلو تعلق النهي بالمقيد ~~وجب تقييد المطلق وإن كان النهي تنزيهيا. PageV01P209 # وكيف كان فعلى القول بالجواز فمثل الصلاة في الحمام مما تعلق النهي فيه ~~ظاهرا بالمقيد لا بالأمر الخارج كالكون في الحمام ولم يوجب ذلك تقييد في ~~المطلق يلزم بحكم العقل إرجاع النهي المتعلق به إلى التقيد والخصوصية ، ~~والقول بأن نفس الصلاة في الحمام مثلا لا نقص في مطلوبيتها أصلا ، بل في ~~إيقاع هذا المطلوب النفيس في الحمام ركاكة وحزازة نظير وضع الدر الثمين في ~~الخزف ، والتقيد وإن كان ليس له في الخارج وجود على حده ، إلا أنه في الذهن ~~قابل للانفكاك عن الطبيعة ، فحال هذا القسم عند المجوز حال القسم السابق في ~~محفوظية الأمر والنهي الفعليين ، غاية الأمر أنه اجتمع مورداهما هناك بحسب ~~الصدق وهنا بحسب المورد دون الصدق ، وأما على الامتناع فيمكن أن يكون النهي ~~متعلقا بالتقيد واقتضائيا يعني أن هذا التقيد من حيث هو ولو خلي والطبع ~~مكروه ، وهذا النهي لا يصير فعليا لوجود المانع معه أبدا وأن يكون متعلقا ~~بالمقيد وإرشاديا للإرشاد إلى ما ليس فيه حزازة من سائر الأفراد. # وأما القسم الأخير فالحال فيه أشكل من سابقه ، وذلك لما ادعوا عليه ~~الإجماع من كون الفعل في هذا القسم عبادة ومع ذلك يكون الترك أرجح كما يظهر ~~من هذا ومنهم عليهم السلام عليه ؛ فإن مقتضى الأول رجحان الفعل ومرجوحية ~~الترك ، ومقتضي الثاني العكس ، وهذا محال حتى عند المجوز لوجهين ، اتحاد ~~الوجه وعدم المندوحة ، فيلزم التفصي عليه أيضا. # وما يمكن أن يتفصى به كل من المجوز ms0195 والمانع من هذا الإشكال أحد أمرين ، ~~الأول : أن يقال : إن للعبادة ضدا لا يمكن الجمع بينه وبينها وهو ارجح منها ~~، ولكن لما كانت عقولنا قاصرة عن إدراكه علق الطلب المتعلق به حقيقة إلى ~~ترك العبادة ونسب إليه بالعرض والمجاز ، نظير طلب ترك الحركة عند تعلق ~~الغرض بالسكون أو عكسه. # والحاصل أن الترك من حيث إنه ترك العبادة مرجوح ولم يحدث فيه من قبل هذا ~~القيد رجحان أصلا وإنما نسب إليه الطلب بالعرض والمجاز وإلا فهو متعلق في PageV01P210 # الحقيقة بذلك الضد ، ثم إنه ربما يحتمل أن يكون هذا الضد منطبقا على ~~الترك وأن يكون ملازما له ، وأنت خبير بعدم معقولية الأول ؛ لعدم تعقل ~~انطباق الوجودي على العدمي ، فتعين أن يكون ملازما له. # والثاني أن يكون النهي إرشاديا للإرشاد إلى أرجحية هذا الضد وللوصلة إلى ~~درك ما فيه من الفضيلة الزائدة ، وعلى هذا يكون النهي متعلقا بالترك على ~~الحقيقة ، وعلى أي حال فيكون المقام من باب المزاحمة والدوران ؛ إذ كما أن ~~طلب شيئين لا يمكن الجمع بينهما في زمان وجوبا محال ، فكذلك طلبهما ~~استحبابا ، فالأمر بالعبادة بواسطة مزاحمة الضد الأهم قد زال وبقي ملاكه ، ~~فلهذا لو أتى المكلف فقد أتى بالعبادة ؛ لكفاية الملاك في صحتها ، ولو ~~تركها فقد أدرك الأهم. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن الاستدلال بتلك العبادات لا يجدي للمجوز شيئا ~~لعدم كونه ملزما للخصم ، وذلك لما عرفت من لزوم التفصي على المانع خاصة في ~~بعض الأقسام ، وعليه وعلى المجوز أيضا في بعض آخر. ### ||| ** وينبغي التنبيه على امور : # الأول : أن من توسط أرض مغصوبة فلا شبهة في أن مقدارا من الغصب لا بد من ~~أن يصدر منه وهو مقدار الخروج بأسرع وجه يمكن ؛ لأنه إن بقي فيها صدر منه ~~هذا المقدار مع الزيادة ، وإلا فهذا المقدار فقط ، وهذا واضح ، إنما الكلام ~~في حكم هذا الخروج فقيل بأنه مأمور به ومنهي عنه ، واختاره المحقق القمي ~~ناسبا له إلى أكثر المتأخرين وظاهر الفقهاء وصحته يبتني على مقدمتين : # الاولى : كفاية تعدد الجهة في ms0196 اجتماع الأمر والنهي وقد مضى الكلام فيه. # والثانية صحة التكليف لغير المقدور إذا كان عدم القدرة ناشئا من اختيار ~~المكلف وهذا ممنوع ؛ لاستقلال العقل بقبح التكليف بما لا يطاق مطلقا ، وأما ~~ما اشتهر من أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، فالمراد به دفع ما ~~زعمه الأشاعرة من عدم الفعل الاختياري رأسا ، والمعني بهذا الكلام أن ~~الامتناع بمقدمة اختيارية PageV01P211 # لا ينافي الاختيار ، يعني إنه يصح العقاب عليه لا أنه يصح التكليف. # وهنا ثلاثة أقوال أخر : أحدها : وهو لصاحب الفصول قدسسره : أن المكلف ~~منهي قبل الدخول عن جميع أنحاء الغصب لكونه قادرا على ترك جميعها حتى ~~الخروج ، بمعنى أنه يتمكن من ترك الخروج وترك الدخول ، وبعد الدخول يسقط ~~النهي من الخروج ويبقى أثره وهو ترتب العقاب ، ويصير مأمورا به مقدمة لترك ~~الغصب الزائد فلم يجتمع الأمر والنهي في زمان واحد # الثاني : أن الخروج مأمور به ولم يكن منهيا عنه من أول الأمر # الثالث : أنه ليس بمأمور به ولا منهي عنه. # والتحقيق أنه لو منعنا مقدمية الخروج لترك الغصب الزائد كما هو الحق لا ~~سببا ، والترك إلى الصارف لا إلى الخروج ، نعم هو مقترن معه وملازم له ، ~~لكن الملازمين في الوجود غير متلازمين في الحكم فحينئذ لا بد من الالتزام ~~بعدم كونه مأمورا به ولا منهيا عنه مع ترتب العقاب كما هو القول الثالث. ~~أما عدم الأمر فلعدم الملاك ، وأما عدم النهي فلمكان الاضطرار ، وأما ترتب ~~العقاب فلكون الاضطرار بمقدمة اختيارية. # ولو قلنا بالمقدمية فالحق ما ذكره صاحب الفصول قدسسره ويبقى الإشكال ~~حينئذ في أنه كيف يمكن تعلق الطلب المقدمي بما هو مبغوض فعلا أعني الخروج ، ~~ولذا يعاقب عليه. # بل نقول : يستلزم ذلك اجتماع الحب والبغض في الشيء الواحد بوجه واحد ، ~~فيكون ممتنعا حتى على القول بالجواز ، وذلك لأن متعلق الأمر المقدمي ليس ~~عنوان المقدمية بل ذات الخروج ؛ إذ هو الذي يتوقف عليه الواجب دون هذا ~~العنوان. # ويمكن الجواب عنه أولا بالنقض بما لو وقع في هذه الأرض بغير الاختيار ، ~~فإن الخروج مأمور ms0197 به بناء على المقدمية قطعا مع أنه متصف بالمبغوضية ~~الذاتية بلا إشكال ، غاية الأمر أن الفاعل معذور ، ولا يعقل تأثير معذورية ~~الفاعل في رفع المتضادين المحبوبية والمبغوضية. PageV01P212 # وثانيا بالحل وهو أن الفعل لو كان في غاية المبغوضية وكان واقعا لا محالة ~~بحيث لا يمكن المخالفة من وجوده في الخارج فلا إشكال في عدم صحة الزجر عنه ~~وإن صح العقاب عليه ، وإذا كان الاضطرار إليه بمقدمة اختيارية ، فحينئذ لو ~~كان مقدمة لمطلوب فلا مانع من طلبه مقدمة لهذا المطلوب ؛ إذ كما أن المبغوض ~~الذي سقط عن تأثير الزجر في نفس الآمر لأجل مزاحمة المحبوب الأهم لا يزاحم ~~هذا المحبوب في التأثير كما لو غرق إحدى محارم الشخص في الماء ولم يتمكن ~~بنفسه من إنقاذها فإنك هل تجد من نفسك أن هذا الشخص لا يأمر أحدا بإنقاذها ~~وتركها حتى يغرق لأجل كراهته من وصول يد هذا الأجنبي إليها ، أو أنه يرضى ~~بذلك لكون ملاكها أشد كراهة عنده من وصول يد هذا الأجنبي إليها ، فكذا ~~المبغوض الساقط عن تأثير الزجر بواسطة لا بدية وقوعه أيضا لا يزاحم المحبوب ~~وإن كان المحبوب أضعف منه بمراتب. # مثلا لو فرضنا أن جميع تصرفات العبد وأكوانه في مكان مخصوص مبغوض للمولى ~~فوقع فيه إما بسوء اختياره أو بدون الاختيار ، ولم يتمكن من الخروج أبدا ~~فحينئذ لو أمره المولى بخياطة جبة له في هذا المكان ومع ذلك عاقبه على مطلق ~~التصرف في هذا المكان إذا كان الوقوع بسوء اختياره ، فهل ترى أنه فعل قبيحا. # والحاصل أن المستحيل هو اجتماع المبغوض المؤثر للزجر مع المحبوب المؤثر ~~للبعث في فعل واحد ؛ لمكان التناقض بين نقيضيهما وهما الوجود والعدم ، وأما ~~المبغوض الساقط عن تأثير الزجر فلا استحالة في اجتماعه مع المحبوب المؤثر ~~أصلا ؛ إذ مرجع هذا إلى أن الشيء من حيث الذات مبغوض وصار بعد سقوط مبغوضية ~~الذاتية عن التأثير محبوبا بالعرض ، فلم يجتمع المحبوبية والمبغوضية فيه في ~~عرض واحد ، بل تعلق المحبوبية بعد سقوط المبغوضية عن التأثير. # وأما قولكم : يستلزم ms0198 ذلك اجتماع الحب والبغض في الشيء الواحد بوجه واحد ، ~~فلم نفهم معناه ؛ فإن الفعل فيما نحن فيه بعنوان أنه غصب متعلق للبغض ، ~~وبعنوان أنه خروج متعلق للحب ، فلم يتحد متعلقهما. PageV01P213 # واستدل للقول الثاني بأن الفعل الواحد الذي يكون حسنا بالذات أو بالعنوان ~~الطاري إذا اعتبر فيه جميع ما له دخل في صلاحه وحسنه فمجرد الاختلاف ~~الزماني لا يعقل أن يوجب تغيير حسنه وقبحه. # نعم يوجب اختلاف الزمان اختلاف الحكم إذا كان لخصوصية الزمان مدخل فيه ~~فيكون الفعل في زمان حسنا وفي زمان قبيحا كما في الصوم ، لكن هذا راجع إلى ~~تعدد الموضوع ، فالخروج الذي هو فعل واحد ولا يتعدد بتعدد الزمان بمعنى أنه ~~ليس هنا خروجان كان أحدهما بطيئا والآخر سريعا ، مثلا إذا كان أحدهما قبل ~~الدخول والآخر بعده لا يعقل أن يكون قبيحا قبل الدخول وحسنا بعده إذا فرض ~~كونه حسنا بعد الدخول لأجل التخلص به عن الحرام ، فلا بد من الحكم به في ~~سائر الأزمان بلا فرق. # والجواب أن صيرورة الشيء متعلقا للحسن والصلاح يكون بأحد نحوين ، الأول : ~~أن يكون بنحو الإطلاق ، والثاني : أن يكون بنحو الاشتراط ، فعلى الأول يلزم ~~تحصيل القيود ، وعلى الثاني لا يلزم ، بل ربما يكون مبغوضا كما في الكفارة ~~عقيب إفطار الصوم. # وحينئذ من المعلوم بالوجدان أنه يمكن أن يكون الشيء الواحد قبيحا مطلقا ، ~~ولذا لزم السعي في المنع من حصول قيده ، ولكن بعد حصول القيد صار حسنا ~~بالعرض كما في التفرد بضيافة زيد ؛ فإنه ربما يكون مبغوضا مطلقا فيسعى في ~~عدم حصول مجيئه حتى الإمكان ، ولكن بعد حصول المجيء يصير حسنا دفعا للمحذور ~~الأشد المترتب على ترك التفرد بالضيافة. # وما نحن فيه من هذا القبيل ؛ فإن الخروج يكون قبيحا مطلقا ولذا يلزم ~~السعي في عدم حصول قيده وهو الدخول ، وبعد حصوله يصير حسنا بالعرض ، ~~والحاصل أن الممتنع هو اجتماع القبح المطلق مع الحسن المطلق في الشيء ~~الواحد ولو في زمانين إلا في حق غيره تعالى الممكن منه النسخ والبداء ، ~~وأما اجتماع القبح المطلق ms0199 مع الحسن المشروط فلا محذور فيه ، وإن شئت قلت : ~~لا استحالة في اجتماع القبح المطلق PageV01P214 # مع الحسن المشروط بتقدير عدم تأثير القبح إما بمزاحمة الأهم أو بلا بدية ~~حصول متعلقة. # ومحصل الكلام في المقام أن للمكلف هنا حالتين ، حالة القدرة بالنسبة إلى ~~الخروج ، وبعبارة اخرى بالنسبة إلى أصل الغصب إيجادا وتركا ، وهي ما قبل ~~الدخول ، وحالة العجز بالنسبة إلى مقدار الخروج وهي ما بعده ، وللخروج أيضا ~~باعتبار هاتين الحالتين حالتان ، ففي الحالة الاولى لا يكون مقدمة لترك ~~الغصب ، ولذا لا يجب تحصيل مقدمته وهو الدخول، كما هو شأن مقدمات الواجب ~~الثابت لها المقدمية في جميع الأحوال ؛ فإن مقدمات ومقدمات مقدماتها واجبة ~~، وفي الحالة الثانية يكون مقدمة له ، وهذا من أوائل البديهيات. فيكون ~~النهي في الحالة الثانية ساقطا كسقوط النهي عن الفعل بعد الإلقاء من الشاهق ~~، وفي الحالة الاولى يكون موجودا لعدم المانع منه أصلا. # ثم في الحالة الثانية يكون قبحه الذاتي باقيا ، والمدعى إمكان تعلق الأمر ~~مع ذلك على القول بالامتناع أيضا ، وذلك لأن المانع المتصور على هذا القول ~~أمران ، أحدهما تزاحم الجهتين وحصول الكسر والانكسار بينهما في مقام ~~التأثير في نفس الآمر ، والثاني التزاحم والكسر والانكسار بينهما في مقام ~~تبعيد الفاعل وتقريبه ، وكلاهما مفقود في المقام ، أما الأول فلأنه لا يعقل ~~أن يصير جهة القبح الغير الموجبة لانقداح الانبعاث في نفس الآمر مزاحمة ~~لجهة الحسن ، وأما الثاني فلأن الذي يسلم من القائل بالامتناع هو عدم إمكان ~~صيرورة الوجود المبعد مقربا فيما إذا كان ناشئا من اختيار واحد ، كما في ~~الصلاة في الدار المغصوبة ، حيث إن الطبيعة الحسنة والخصوصية السيئة فيها ~~مستندتان إلى اختيار واحد ، فالمصلي باختيار واحد يختار الصلاة والغصب ، ~~وهذا الاختيار يكون سوءا بالفرض ، فلا يكون الوجود المستند إليه إلا مبعدا ~~، لا فيما إذا كان ناشئا من اختيارين أحدهما سوء والآخر خير ، كأن يكون أصل ~~الجامع لهذا الوجود مستندا إلى اختيار سوء والخصوصية إلى اختيار آخر خير ~~كما في المقام ؛ فإن أصل حقيقة الغصبية مستند إلى الاختيار السابق ms0200 الذي PageV01P215 # كان سوء فيكون واجب الوجود لوجود علته ، وخصوصية إيجاد هذا الغصب في ~~موضوع الخروج والتخلص دون البقاء مستندة إلى اختيار جديد وهو اختيار خير ~~بالوجدان ، فمبعدية هذا الوجود باعتبار الاختيار الأول ومقربيته باعتبار ~~الاختيار الثاني ، وذلك لوضوح إناطة القرب والبعد على الاختيار ، فالفعل ~~الغير الاختياري لا يكون مقربا ولا مبعدا. # ثم إنه ذكر في الكفاية ما حاصله : أن الاضطرار إلى الحرام لو كان بمقدمة ~~غير اختيارية يوجب لأن يكون ملاك الوجوب على تقدير ثبوته فيه مؤثرا ، كما ~~كان مباحا من الأصل بلا كلام حتى على القول بالامتناع إلى أن قال ما حاصله ~~: إنما الكلام فيما إذا كان الاضطرار إليه بمقدمة اختيارية وصار المضطر ~~إليه مقدمة منحصرة للواجب ، فيه أقوال ، واختار بعد ذكرها أنه منهي عنه ~~بالنهي السابق وليس بمأمور به ، # وقد ذكر قدسسره عند ذكر الثمرات بين الأقوال ما حاصله : أنه لو اضطر ~~المكلف بسوء اختياره إلى التصرف في مكان مغصوب فصلاته فيه حال الخروج صحيحة ~~حتى على القول بعدم كون نفس الخروج مأمورا به ؛ فإن هذا لو لا عروض مثل وجه ~~الصلاتي عليه ؛ إذ المفروض غلبة ملاك أمره على ملاك النهي عن الغصب. # وأنت خبير بأن المستفاد من هذا الكلام قاعدة كلية وهي أن كل فعل غلب فيه ~~ملاك الأمر على ملاك النهي فهو مأمور به ولو كان حراما مضطرا إليه بسوء ~~الاختيار ، ولا يخفى أن جميع موارد الاضطرار إلى أحد محذورين والدوران بين ~~قبيحين أحدهما أخف سواء كان من قبيل الأقل والأكثر ، كما في مثال من توسط ~~أرضا مغصوبة حيث دار أمره بين الغصب بمقدار أربع دقائق أو أزيد أم من قبيل ~~المتبانيين كما في من ألقى نفسه في مكان يضطر فيه إلى شرب الخمر أو قتل ~~النفس يكون من هذا القبيل ، يعنى يكون ملاك الأمر في الاخف وهو كونه سببا ~~للتخلص عن المحذور الأشد أقوى من ملاك النهي الموجود في ذات الأخف ، فلا بد ~~من القول بكون الأخف مأمورا به مطلقا ولو كان الاضطرار بسوء الاختيار ms0201. PageV01P216 # وحينئذ فما وجه الكلام الأول الفارق بين صورتي كون الاضطرار بمقدمة غير ~~اختيارية وكونه بمقدمة اختيارية بالقول في الاولى بوجود الأمر وتخصيص ~~الثانية بالاشكال ثم اختيار عدم الأمر؟. # فإن قلت : إثبات الأمر لغلبة ملاكه في مثال من صلى حال الخروج إنما هو ~~بالنسبة إلى حيث الصلاتي ، ونفيه لمكان سوء الاختيار إنما هو بالنسبة إلى ~~حيث الخروجي ، فلا نقض. # قلت : لا يجدي تعدد الحيثية على القول بالامتناع ، والمفروض أنه قدسسره ~~قائل به ، فيقول الخروج المتحد مع الصلاة في الخروج يكون مأمورا به من أول ~~الأمر لغلبة ملاك الأمر ، فكذا شرب الخمر في المثال المذكور. # ثم أنه قدسسره في صدر هذا الأمر قسم الاضطرار إلى الحرام إلى ما كان ~~بمقدمة غير اختيارية وما كان بمقدمة اختيارية ، وقسم الثاني إلى ما إذا كان ~~المضطر إليه مقدمة غير منحصرة للواجب ، وما إذا كان مقدمة منحصرة له ، فجزم ~~في القسم الأول بتأثير ملاك الأمر ، وفي الأول من قسمي القسم الثاني بعدم ~~تأثيره ، واستشكل في ثانيهما ، ثم اختار عدم التأثير ، ومقتضى إطلاق كلامه ~~في القسم الأول عدم الفرق بين ما إذا كان المضطر إليه مقدمة منحصرة وما إذا ~~كان مقدمة غير منحصرة. # وأنت خبير بأنه في صورة كونه مقدمة غير منحصرة للواجب يتعين الوجوب في ~~المقدمة الاخرى بلا إشكال ، مثاله من وقع في الأرض المغصوبة بغير اختياره ~~وكان لخروجه منها طريقان أحدهما مباح والآخر مغصوب ؛ فإن المتعين حينئذ ~~اختيار الطريق المباح. # هذا كله على تقدير أن يكون المراد الاضطرار الابتدائي ، وأما لو كان ~~المراد الاضطرار حين العمل والارتكاب فيرد على تقسيمه قدسسره المضطر إليه ~~في القسم الثاني إلى المقدمة المنحصرة وغيرها أنه كيف يتصور كون الفعل ~~المتصف بالاضطرار حين وقوعه غير منحصر فيه؟. PageV01P217 # فإن قلت : لعل التقسيم بالنسبة إلى المقدمية وعدمها ، لا بالنسبة إلى ~~الانحصار وعدمه بعد فرض المقدمية. # قلت : عدم المقدمية ليس إلا في الاضطرار العقلي ، نظير إهراق الطعام في ~~الفم وهو غير مراد ؛ لعدم صحة التكليف معه ، وإنما المراد الاضطرار العرفي ~~الغير المنافي للاختيار ms0202 المصحح للتكليف وهو ليس إلا فيما إذا كان الاضطرار ~~إلى أحد محذورين أو محذورات كان أحدها أخف ، وهذا ملازم للمقدمية. # ثم إنه قدسسره ذكر من جملة الفروع التي ذكرها عند بيان الثمرة أن الصلاة ~~في الأرض المغصوبة في سعة الوقت صحيحة على القول بالامتناع ؛ لغلبة ملاكها ~~على ملاك النهي وكون الباقي من ملاكها ملزما ، والصلاة في الأرض المباحة ~~وإن كانت أهم لاشتمالها على مصلحتين ملزمتين وهذا موجب لعدم الأمر بهذه ~~الصلاة وإن كان لا يوجب النهي عنها ؛ لكن الحق كفاية الملاك في صحة العبادة ~~، أما كون الباقي من ملاكها بعد الغلبة ملزما فللإجماع على تعين الصلاة في ~~ضيق الوقت المستكشف منه كون الباقي مصلحة لازمة الاستيفاء ، وأما كون ~~الذاهب بالمزاحمة ملزما فإن مزاحمة المفسدة الملزمة لا تتأتى إلا من ~~المصلحة الملزمة ، وحينئذ فالصلاة المذكورة صحيحة وإن كان المكلف معاقبا ~~على ترك درك الأهم. # وفيه أن التزاحم ليس بين الملاكين نفسهما حتى يحتاج إلى الموازنة بينهما ~~وإنما هو في مقام تأثيرهما في نفس الأمر ، والموازنة بينهما في هذا المقام ~~إنما يحتاج إليها إذا كان رفع اليد من أحد الغرضين متحتما ، وأما إذا كان ~~الجمع بينهما ممكنا فاللازم تقييد ذي المندوحة وإن كان أهم ، فيكون الصلاة ~~في الأرض المغصوبة في سعة الوقت على هذا باطلة على القول بالامتناع. # الأمر الثاني : قد عرفت أن محل الكلام ما إذا كان المقتضي في كلا ~~العنوانين محرزا في مورد التصادق وأن الواجب بحكم العقل بناء على الامتناع ~~تقييد ذي المندوحة من المقتضيين في مقام الإرادة وإن كان أهم. وإذن فلا ~~تفاوت أصلا بين أن يكون الدليلان متعرضين للحكم الاقتضائي أو أحدهما له ~~والآخر للفعلي أو كلاهما PageV01P218 # للفعلي ، فالواجب عقلا في جميع الصور تقييد ذي المندوحة وإن كان دليل ~~غيره متعرضا للفعلية وكان أظهر ، وكذا على مبنى صاحب الكفاية قدسسره من ~~ترجيح الأقوى والأهم مع معلومية الأهم. # وأما لو لم يكن معلوما فإن كان الدليلان متعرضين للحكم الفعلي وكان ~~أحدهما أظهر، فمقتضى الجمع العرفي تحكيم الأظهر على ms0203 الظاهر وجعله قرينة ~~صارفة له في مورد التصادق ، فيكون مدلول الأظهر فعليا ، فيستكشف من ذلك ~~أقوائيته بطريق الإن ، ولو تساويا في الظهور فهل يرجع إلى المرجحات السندية ~~ومع فقدها يؤخذ بأحدهما تخييرا اصوليا، أو يتوقف من أول الأمر ويرجع إلى ~~مقتضي الأصل؟ # قولان مبنيان على أن العامين من وجه في مورد تصادقهما بعد تساويهما في ~~الظهور هل هما مشمولان للأخبار العلاجية أو لا ، بل مورد تلك الأخبار ما ~~إذا كان بين مضموني الخبر التباين الكلي ولم يمكن العمل بكليهما معا أصلا ، ~~والحق هو الثاني ، فيكون المرجع هو الأصل ، وعلى تقدير القول بالأول يحكم ~~تعبدا بأقوائية ما كان دليله أرجح سندا أو مأخوذا طريقا. # ولو كان الدليلان متعرضين للحكم الاقتضائي فالمرجع هو الأصل بلا كلام ، ~~وهل هو ما ذا؟ فنقول : إما أن يكون الشك في أصل وجود الأقوى سواء كان على ~~تقدير وجوده معلوم الوجود في أحد الطرفين بعينه أو مشكوكا أيضا ، وإما أن ~~يكون في تعيينه مع العلم بأصل وجوده ، ففي الأول مقتضى أصالة البراءة عن ~~التكليف الايجابي والتحريمي تساوي الملاكين ، فيكون الفعل مباحا ، ولكن ~~يكون عبادة ومسقطا للأمر ؛ لفرض وجود ملاك الأمر فيه مع عدم كونه مبعدا ~~بمقتضى الأصل المزبور ، وفي الثاني مقتضى الأصل في جانب النهي عدم العقاب ~~على هذا الفعل الخاص ، وفي جانب الأمر الاجتزاء بهذا الفرد ؛ لرجوع الشك في ~~الأول إلى أن التحريم هل يسري إلى هذا الخاص أولا ، وفي الثاني إلى أن ~~المطلوب هل هو المطلق أو المقيد بالوقوع في غير المكان المغصوب ، فيكون ~~طرفا الشك من قبيل الأقل والأكثر الارتباطيين ، والمرجع فيهما البراءة. PageV01P219 # وكيف كان لما بنوا في هذا الباب على ما هو المبنى في باب الدوران بين ~~المتزاحمين من ترجيح أقوى المناطين احتاجوا إلى ذكر وجوه لتعيين الأقوى : # فمنها : أظهرية دلالة دليل الحرمة من دليل الوجوب ، فيستكشف بطريق الإن ~~أقوائية مناط الحرمة دائما فيما إذا كان الدليل على كل واحد من الوجوب ~~والحرمة لفظيا ومتكفلا للحكم العقلي. # وتوضيحه أن دلالة النهي على سراية ms0204 الحرمة إلى جميع أفراد الطبيعة أقوى من ~~دلالة الأمر على سريان الوجوب إلى جميعها ، وذلك لأن الاولى مسببة عن الوضع ~~، والثانية مستندة إلى الإطلاق بمعونة مقدمات الحكمة ، والظهور الوضعي يقدم ~~على الظهور الإطلاقي عند التعارض. # ووجهه على ما قرره شيخنا المرتضى قدسسره في مبحث التعادل والتراجيح من ~~الرسائل أن انعقاد الظهور الإطلاقي متقوم ومتوقف على مقدمات تسمى بمقدمات ~~الحكمة ، ومن جملتها عدم البيان ، ولا شك أن الظهور الوضعي هو البيان فيكون ~~له الورود على الإطلاقي بمعنى أنه ينتفي بسببه موضوع الإطلاقي. # وفيه نظر ؛ لأن الظهور الإطلاقي إنما يتقوم بعدم البيان المتصل لا بعدم ~~البيان المطلق ولو كان منفصلا ، بمعنى أن المتكلم ما دام مشتغلا بالكلام لو ~~لم يذكر ما يصلح للقيدية ثم فرغ وكان سائر مقدمات الحكمة موجودة انعقد من ~~هذا الحين الظهور الإطلاقي ، لا أن انعقاده مشروط بعدم ورود البيان ولو بعد ~~أزمان ، فلو ورد بعد ذلك ظهور وضعي مناف له كان من باب التعارض بين ~~الظهورين ، فلا بد من مراعاة الأقوى بينهما وربما كان هو الإطلاقي ، ~~وبالجملة فالحكم بتقديم الوضعي على الإطلاقي بمجرد كونه إطلاقيا وبطريق ~~الكلية ممنوع. # وقد يخدش في أصل الدليل بأن الطبيعة كما يصلح للإطلاق كذلك يصلح للتقييد ~~، فدلالة اللفظ الموضوع لها على خصوص الإطلاق يحتاج إلى معونة مقدمات ~~الحكمة ، من غير فرق في ذلك بين وقوعه في حيز الإثبات أو النهي ، فكما أن ~~إسراء الحكم الوجوبي المستفاد من الأمر إلى جميع أفراد الطبيعة يحتاج إلى ~~تلك المقدمات ، PageV01P220 # كذلك إسراء الحكم التحريمي المستفاد من النهي إليها بلا فرق. # ولكن الحق هو الفرق بين وقوع المطلق في حيز الإثبات ووقوعه في حيز النفي ~~أو النهي ، ففي الأول نحتاج في إسراء حكمه إلى تمام الأفراد إلى المقدمات ~~المذكورة وفي الثاني لا نحتاج. # وبيانه أنه لا بد في باب الألفاظ بأسرها من المطلقات والألفاظ الدالة ~~بالوضع من الفراغ عن مقدمة ، وبعد اشتراكهما في الاحتياج إلى تلك المقدمة ~~يتفرد المطلقات بالاحتياج إلى أمر زائد ، وهذه المقدمة هي أن الأصل ms0205 في كلام ~~كل متكلم أن يكون صادرا بغرض تفهيم المراد وإفادة المقصود لا بغرض آخر ~~كتعلم اللغة ونحوه ، ففي غير المطلقات يعلم المقصود بعد إجراء هذا الأصل ، ~~ولم تبق حالة منتظرة ، فالشاك في مجيء زيد بسبب إجراء الأصل في كلام القائل ~~: جاء زيد ، يستفيد المقصود. # وأما المطلقات فليست موضوعة بإزاء المطلق حتى يعلم المقصود فيها أيضا ~~بمجرد إجراء الأصل المذكور فيحكم في قوله : اعتق رقبة بمطلوبية مطلق الرقبة ~~، بل إنما وضعت بإزاء المعنى اللابشرط المقسمي الصالح للإطلاق والتقييد على ~~ما هو المشهور المتصور المأثور من سلطان المحققين قدسسره . # فالذي يستفاد من قوله : أعتق رقبة بحسب الدلالة الوضعية ليس إلا مطلوبية ~~عتق هذه الطبيعة المهملة ، وحيث إن من المعلوم أن المراد اللبي ومتعلق ~~الغرض الجدي النفس الأمري ليس إلا المطلق أو المقيد ، فبعد إحراز كون ~~المتكلم بصدد بيان تمام المراد اللبي وإثبات عدم إرادة المقيد بواسطة عدم ~~ذكر القيد يثبت قهرا إرادة المطلق. # وبالجملة الفارق بين المطلقات وغيرها أن المدلول الوضعي في غيرها واف ~~بتمام المقصود ، فلا جرم لا حاجة إلى غير الأصل المذكور ، وفيها قاصر عن ~~تمامه ، فلا جرم يحتاج في التتمة إلى إحراز المقدمات المذكورة ، بحيث لو لم ~~يحرز تلك المقدمات لم يمكن إلزام المتكلم بإرادة المطلق ؛ إذ مع عدم إحراز ~~كونه بصدد البيان له أن يقول : إني لست إلا بصدد بيان هذا المقدار من الغرض ~~، كما في قول الطبيب : لا بد لك من PageV01P221 # شرب الدواء ، وهذا بخلاف المطلق الواقع في حيز النفي أو النهي ، فإنه ~~يكتفي في إسراء حكمه إلى تمام الأفراد بمجرد الدلالة الوضعية من دون حاجة ~~إلى مقدمات الحكمة ؛ فإن الظاهر من قولك : لا رجل «مثلا» تعلق النفي بما هو ~~مفاد لفظ الرجل وضعا من الطبيعة المهملة ، ولازمه عقلا انتفاء تمام الأفراد ~~؛ إذ عدم الكلي إنما يكون بعدم كل ما له من الأفراد؛ فإن الطبيعة لأجل ~~إضافة الوجودات المتعددة إليها لا يضاف إليها إلا عدم واحد وهو عدم تمام ~~تلك الوجودات ، وكذا الكلام في النهي. # ونظير ms0206 هذه الخدشة مع جوابها يجري في لفظة «كل» مع مدخولها ؛ فإنه ربما ~~يقال بأن هذه اللفظة وإن كانت موضوعة لاستيعاب جميع الأفراد ، إلا أنها سعة ~~وضيقا تابعة لمدخولها ، فإن كان مطلقا كانت لاستيعاب أفراد المطلق ، وإن ~~كان مقيدا كانت لاستيعاب أفراد المقيد ، ومن الواضح أن إثبات إرادة الإطلاق ~~من المدخول يحتاج إلى مقدمات الحكمة ، فدلالة هذه اللفظة على استيعاب أفراد ~~الطبيعة أيضا يحتاج إليها. # والجواب أن هذه اللفظة موضوعة لاستيعاب كل ما لمدخوله من الأفراد ، ~~والطبيعة المهملة حاوية لأفراد الطبيعة المطلقة ، ومع ذلك لا يلزم التجوز ~~في قولك : كل رجل عالم ؛ لما عرفت من كونها موضوعة لاستيعاب ما يكون ~~لمدخوله من الأفراد ، كما لا يلزم التجوز في النهي فيما لو جعل متعلقا ~~بالغصب الخاص ، والحاصل أن هذه اللفظة وأداة النفي والنهي يكون بمنزلة ~~مقدمات الحكمة في إعطاء وصف الإطلاق للطبيعة المهملة. # ومنها : أن مراعاة جانب الأمر جلب للمنفعة ومراعاة جانب النهي دفع ~~للمفسدة ، ودفع المفسدة أولى من جلب المنفعة. # وأورد عليه في القوانين بأنه لا فرق في ثبوت المفسدة بين الطرفين ؛ إذ في ~~ترك الواجب أيضا مفسدة. # وأورد عليه في الكفاية بأن الواجب لا بد وأن يكون في فعله مصلحة لا أن ~~يكون في تركه مفسدة ، كما أن الحرام لا بد وأن يكون في فعله مفسدة لا في ~~تركه مصلحة. # وفيه أنا لا نعني بكون الشيء حسنا وذا مصلحة وكونه قبيحا وذا مفسدة إلا PageV01P222 # مجرد استحسان العقل إياه في الأول واشمئزازه منه في الثاني ، من دون لزوم ~~ترتب شيء عليه يكون هو المنشأ للحسن والقبح ، نظير استحسان الشامة لبعض ~~الروائح واشمئزازه عن بعضها؛ لوضوح أن الموجود ليس إلا نفس الرائحة من دون ~~أن يكون في البين شيء آخر ورائها يكون هو المنشأ للحسن والقبح عند الشامة. # فالحسن والقبيح العرضيان لا بد وأن ينتهيا إلى ما يكون بالذات حسنا أو ~~قبيحا وإلا يلزم التسلسل ، فالظلم قبيح في نفسه لا بمعنى ترتب شيء عليه ؛ ~~إذ ننقل الكلام في هذا الشيء وهكذا إلى ms0207 غير النهاية ، بل بمعنى أنه مما ~~يشمئز منه العقل وإن لم يرتب عليه ضرر دنيوي ولا بعد عن ساحة المولى كما ~~عند الدهري. # وحينئذ فلا شك أن العقل النير لما يشمئز من فعل الحرام كذلك من ترك ~~الواجب بلا فرق ، ألا ترى أنك كما تبتهج بإنقاذ أحد متعلقيك من الأخ والابن ~~ونحوهما ، كذلك يسوء حالك من ترك إنقاذه. # ويرد على الوجه المذكور أيضا أن محل هذه القاعدة ما إذا دار الأمر بين ~~جلب المنفعة ودفع المفسدة ولم يمكن الجمع بينهما ، لا ما إذا أمكن الجمع ~~كما فيما نحن فيه حيث إن المكلف متمكن من جلب المنفعة ودفع المفسدة معا ~~بإتيان المأمور به في غير الفرد المنهي عنه، مع أن الأولية في مورد الدوران ~~مطلقا ممنوعة ؛ إذ هي تابعة للأهمية وربما تكون في جانب المصلحة. # ويرد أيضا أن القاعدة المذكورة أجنبية عن المقام ؛ إذ الكلام فيه في أن ~~الحكم الشرعي لمحل الاجتماع ما ذا يكون من الوجوب أو الحرمة بحسب الواقع ، ~~ومن الواضح كون ذلك دائرا مدار غالبية كل من المناطين واقعا ، وهذه القاعدة ~~نافعة بحال المكلف الجاهل بالواقع ، فيرجح الفعل على الترك بقضية أن ~~المفسدة الآتية من قبل النهي دفعها أولى من جلب المنفعة الآتية من قبل الأمر. # ومنها : أن استقراء حكم الشارع في مواضع التعارض بين الوجوب والحرمة ~~كحرمة صلاة الحائض في أيام الاستظهار وعدم جواز الوضوء من الإناءين ~~المشتبهين بل الأمر بإهراق مائهما يعطي قاعدة كلية هي : أن كل موضع تعارض فيه PageV01P223 # الوجوب والحرمة فحكم الشارع فيه تغليب الحرمة. # وفيه أولا : أن الاستقراء لا يحصل بهذا المقدار ، وثانيا : أن المسألة ~~الثانية ليست مما تعارض فيه الوجوب والحرمة ؛ إذ لا حرمة فيها في البين ~~أصلا ، وذلك لعدم حرمة استعمال الماء النجس في الوضوء وعدم حرمة الدخول معه ~~في الصلاة ، غاية الأمر عدم الإجزاء في المقامين ، وكذا المسألة الاولى لو ~~قلنا بعدم الحرمة الذاتية لصلاة الحائض وكون النهي للإرشاد إلى فقدان شرطها ~~وهو الطهارة ، كما عليه المشهور ، كما يظهر من ms0208 حكمهم في موارد اشتباه حال ~~الدم وعدم الفتوى بالاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة ؛ إذ ~~لا يمكن الاحتياط على القول بالحرمة الذاتية ؛ لدوران أمر الصلاة بين ~~الوجوب والحرمة. # وأما لو قلنا بالحرمة الذاتية فالصلاة المذكورة وإن كانت مما تعارض فيه ~~الوجوب والحرمة ، إلا أن تغليب الحرمة فيها لم يعلم كونه من جهة مراعاة نفس ~~الحرمة ؛ لاحتمال أن يكون لأجل وجود الأصل الموضوعي في طرفيها أعني : ~~الاستصحاب وقاعدة الطهارة ، فلو فرض وجود هذا الأصل في طرف الوجوب كان هو ~~المقدم كما في الصلاة في أول زمان رؤية الدم قبل استقرار العادة لو قلنا ~~بعدم جريان قاعدة الإمكان هنا واختصاصها بما بعد استقرار الحيضية بمضي ~~الثلاثة ، فيحكم فيها بالوجوب ؛ لوجود الأصل الموضوعي في طرفه وهو استصحاب ~~الطهارة. # بقي الكلام في أن الحكم في مسألة التوضؤ من الإنائين بعد عدم الحرمة ما ~~ذا وإن كان أجنبيا عن المقام ، فنقول : في بعض الأخبار أنه «يهريقهما ~~ويتيمم» فيحتمل أن يكون مورد هذا الأخبار أعم مما إذا كان كل من الماءين ~~بقدر الوضوء فقط ومما إذا كان الماء الثاني بقدر التطهير والوضوء أو كان كرا. # وحينئذ يكون الحكم بإهراق الماءين والتيمم تعبديا ، ويحتمل أن يكون خصوص ~~ما إذا كان كل منهما بقدر الوضوء خاصة ، فيكون الحكم حينئذ على وفق القاعدة ~~، إذ مقتضي القاعدة رفع اليد من هذين الإنائين ؛ إذ يلزم من استعمالهما القطع PageV01P224 # بابتلاء البدن بالنجاسة مع عدم رفع الحدث إلا احتمالا ، ويكون الأمر ~~بالإهراق كناية عن عدم نفعهما في رفع شيء من الحدث والخبث لا أن يكون حكما ~~تعبديا. # وحينئذ يبقى الموردان الآخران تحت القاعدة ، فالمشهور على أن مقتضي ~~القاعدة فيهما هو التوضؤ من الأول ثم تطهير مواضع الملاقاة بالثاني ثم ~~التوضؤ منه ؛ فإنه لو فعل ذلك لقطع بحصول رفع الحدث كما هو واضح ، وأما ~~الخبث فيتعارض الأصلان فيه ؛ وذلك لأنه يعلم بحدوث التنجس عند ملاقاة ~~الماءين ويشك في بقائه ، وكذا يعلم بحصول الطهارة عند ملاقاة أحدهما ويشك ~~في بقائهما ، فالاستصحابان متعارضان فيرجع إلى ms0209 قاعدة الطهارة، فيصير المكلف ~~واجدا للطهارة من الحدث ومن الخبث ظاهرا ، فيجوز له الدخول في الصلاة. # وذهب المحقق الخراساني قدسسره إلى عدم جريان شيء من الاستصحابين ليكونا ~~متعارضين لأنه يعتبر في الاستصحاب إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين لو ~~لوحظت الأزمنة بطريق القهقرى وهذا مفقود في المقام ؛ لأن زمان اليقين ~~بالطهارة هو زمان الفراغ عن استعمال الماء الطاهر ، وزمان اليقين بالنجاسة ~~زمان الفراغ عن استعمال الماء النجس وكلاهما مردد بين الزمانين ، وزمان ~~الشك في الطهارة والنجاسة هو الأزمنة المتأخرة وهي متصلة بزمان الفراغ عن ~~استعمال الماء الثاني ولم يحرز كونه زمان اليقين بالطهارة ولا زمان القطع ~~بالنجاسة. هذا إذا كان الماء الثاني كرا ليكون بمجرد إصابته مطهرا لمواضع ~~الملاقاة على تقدير تنجسها بالماء الأول. # وأما لو كان قليلا وكافيا للتطهير والوضوء فحيث إن التطهير به حينئذ على ~~تقدير نجاسة الماء الأول يتوقف على التعدد تكون النجاسة عند الفراغ عن ~~الغسلة الاولى بالماء الثاني منتفية ؛ لدوران الأمر بين أن تكون النجاسة ~~حادثة بالماء الأول وباقية إلى هذا الحين وأن تكون حادثة بالماء الثاني ، ~~وعلى أي حال يكون المحل متنجسا في هذا الحال ، فيكون زمان الشك في النجاسة ~~وهو الأزمنة المتأخرة عن هذا الحين متصلا بزمان اليقين بها ، بخلاف زمان ~~الشك في الطهارة ؛ فإنه لم يحرز PageV01P225 # اتصاله بزمان اليقين بها ، لدوران الأمر بين أن يكون زمان اليقين بها ~~زمان الفراغ عن الغسلة الثانية بالماء الثاني وأن يكون زمان الفراغ من ~~استعمال الماء الأول ، فلهذا يكون استصحاب النجاسة حينئذ جاريا بدون ~~استصحاب الطهارة. # وحينئذ يصير المكلف بواسطة العمل المذكور طاهرا من الحدث واقعا ومبتلى ~~بالخبث ظاهرا ، فيدور الحكم مدار أهمية الطهارة المائية بنظر الشارع أو ~~طهارة البدن عن الخبث ، فإن قيل بأهمية الثاني كما يظهر من حكمهم بصرف ~~الماء في رفع الخبث عند دوران الأمر بينه وبين الصرف في رفع الحدث كان ~~المتعين هو التيمم. # والحاصل أن التوضؤ من الإنائين المشتبهين له صور ، أحدها : أن يكون كل من ~~الماءين بقدر الوضوء ، وهذا هو ms0210 المتيقن من مورد الأخبار ، والثانية : أن ~~يكون الثاني بقدر التطهير والوضوء قليلا كان أو كرا ، والثالثة : أن يكون ~~كل منهما بقدر الوضوء والتطهير ، فيتوضأ بالأول ثم يطهر بالثاني ، ثم يتوضأ ~~به ثم يطهر بالأول ، فإن قلنا بشمول الأخبار لجميع هذه الصور كان الحكم ~~تعبديا ، والأمر بالإهراق إما نفسي ، وإما كناية عن عدم الاعتناء بالماءين ~~، وإن قلنا بانصرافها إلى الصورة الاولى فلا بد في الصورتين الأخيرتين من ~~المشي على القواعد ، وقد مضى الكلام في أدلتها وأن مختار المشهور فيها متحد ~~مع مختار المحقق المذكور نتيجة مع كرية الماء الثاني ، ومختلف معه فيها مع ~~كونه قليلا ، وبقي الكلام في الثانية. # فنقول : القائل في الصورة الثانية بجريان الاستصحابين وتعارضهما يقول به ~~هنا بلا فرق ، وأما القائل هناك بجريان استصحاب النجاسة بلا معارض مع كون ~~الماء الثاني قليلا فلا بد أن يقول هنا بعدم جريانه ، مع أن هذه الصورة ~~مشتركة مع الصورة السابقة في إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، غاية ~~الأمر أن زمان اليقين هنا زمان الفراغ عن الغسلة الاولى بالماء الأول في ~~المرة الثالثة لا زمان الفراغ عن الغسلة الاولى بالماء الثاني ؛ إذ النجاسة ~~فيه مقطوع الارتفاع ؛ إذ لو كانت هي الباقية فقد ارتفع بالغسلة الثانية ~~بالماء الثاني ، وإن كانت هي الحادثة فقد ارتفعت بالغسلة الثانية بالماء ~~الأول ، بخلاف النجاسة في زمان الفراغ عن الغسلة الاولى بالماء PageV01P226 # الأول ؛ فإنها لو كانت هي الباقية كانت زائلة بالغسلة الثانية ، ولو كانت ~~هي الحادثة كانت باقية بعدها. # ولكنه مع ذلك لا يمكن جريان الاستصحاب فيها ؛ لأن نقض اليقين فيها شبهة ~~مصداقية لنقض اليقين بالشك ، لاحتمال أن يكون نقضا لليقين باليقين ، توضيحه ~~أنه لا شك في أنا قاطعين في هذه الصورة بوجود الطهارة والنجاسة المقطوعتي ~~الارتفاع ، والطهارة المقطوعة الارتفاع هي السابقة على الاستعمال ، ~~والنجاسة المقطوعة الارتفاع يحتمل أن يكون هي نفس هذا الذي نستصحبه إن كان ~~الماء الثاني نجسا ، وأن يكون غيره إن كان الماء الأول نجسا ، فعلى الأول ~~لا يكون نقض المستصحب في الآن اللاحق ms0211 إلا نقضا لليقين باليقين أي نقضا ~~لوجوده المتيقن في الزمان السابق بعدمه ، المتيقن في الزمان اللاحق. # بقي الكلام في أنه هل يعتبر في الاستصحاب اتصال زمان الشك بزمان اليقين ~~كما ذهب إليه المحقق المذكور أولا؟ فنقول : الظاهر أنه غير معتبر ؛ لعدم ~~مساعدة الدليل عليه ، ولكن هنا مطلبا لازمه عدم جريان الاستصحاب في جميع ~~مواضع عدم إحراز الاتصال وفي بعض مواضع إحرازه ، وهو أن ما هو وظيفة ~~الاستصحاب وشأنه ليس إلا توسعة زمان المستصحب وجعله طويلا ، وإضافة الزمان ~~المشكوك إلى الزمان المقطوع ، وليس من وظيفته تطبيق الزمان المتيقن على ~~زمان خارجي # مثلا لو استعمل الماء الأول ، ثم استعمل بعد انقضاء ساعة الماء الثاني في ~~مدة أربع دقائق ، ثم غسل مواضع الملاقاة بعد انقضاء ساعة بكر طاهر ، وهاتان ~~الساعتان زمان الشك ، والدقائق الأربعة المتوسطة يقطع فيها بالنجاسة ، ~~والزمان المتيقن للنجاسة ساعة وأربعة دقائق ، وهذه الساعة مرددة بين الساعة ~~الاولى والثانية ، فاستصحاب النجاسة في الساعة الأخير معين لتلك الساعة في ~~هذه الساعة الخارجية من دون أن يزداد أو ينقص بذلك زمان النجاسة. # ولا فرق بين هذا المثال وغيره كما إذا كانت النجاسة مرددة بين التحقق في ~~دقيقتين والتحقق في ساعات كثيرة إلى أي حد بلغت ؛ فإن الاستصحاب في الأزمنة PageV01P227 # المتأخرة حينئذ وإن كان يوجب زيادة زمان النجاسة ، إلا أنه لا يجري في ~~هذه الأزمنة إلا بعد صحة جريانه في أوائل أزمنة الشك ، فننقل الكلام في ~~الدقيقة الاولى من ازمنته. # فنقول : هنا ثلاث دقائق ، فالوسطى منها نقطع فيها بالنجاسة وطرفاها زمان ~~الشك، والمتيقن تحقق النجاسة في دقيقتين ونشك في أن حدوثها في الدقيقة ~~الاولى وبقائها وانتهائها في الوسطى ، أو أن حدوثها في الوسطى وبقائها في ~~الأخيرة؟. # فاستصحاب النجاسة في الدقيقة الأخيرة معين لمبدا الحدوث في الوسطى وزمان ~~البقاء في الأخيرة من دون أن يزيد أو ينقص بذلك زمان النجاسة ، وهذا الكلام ~~جار أيضا في استصحاب النجاسة في الصورة الثالثة ، أعني ما إذا كان كل من ~~الماءين قليلا وكافيا للتطهير والوضوء. # مثلا لو فرضنا كون ms0212 النجاسة حينئذ بعد التطهير بالماء الأول مرددة بين ~~التحقق في ثلاث دقائق أو ساعات كثيرة فننقل الكلام في الدقيقة الاولى من ~~أزمنة الشك ونقول : هنا أربع دقائق نقطع في ثالثتها بالنجاسة ونشك في ~~أوليهما وهما دقيقتا التطهير والوضوء بالماء الثاني واخيرتهما وهي ما بعد ~~الغسلة الثانية بالماء الأول مع العلم بتحقق النجاسة في دقيقتين، فاستصحاب ~~النجاسة في الأخيرة معين لها بين الدقيقتين في الثالثة والأخيرة. # الأمر الثالث : ومن جملة ما تمسك به المجوزون باب الأسباب ؛ فإن الغسل ~~الواحد مثلا يكفي للجنابة والجمعة ، مع أن الأول سبب للوجوب والثاني ~~للاستحباب ، وكذا الكلام في منزوحات البئر ؛ فإن وقوع الكلب سبب لوجوب نزح ~~الأربعين ، وكذا وقوع الهرة ، فإذا وقع كلبان أو كلب وهرة وجب أربعين واحد ~~، فيجتمع في نزحها وجوبان ، فيعلم من ذلك أن تعدد الجهة كاف في جواز اجتماع ~~حكمين متضادين أو متماثلين في شيء واحد. # أقول : الكلام في باب الأسباب يقع في مقامين : # أحدهما أن مقتضى القاعدة هل هو كفاية الفعل الواحد لسببين أو أسباب ، أو PageV01P228 # لزوم تعدده بتعدد سببه ، وبعبارة اخرى مقتضى القاعدة هو التداخل إلا ما ~~خرج بالدليل أو عدمه كذلك؟ # والثاني أنه هل يصح التمسك بهذا الباب للقول بالجواز أو أنه غير مرتبط ~~بمبحث الاجتماع رأسا؟. # أما المقام الأول فنقول : جعل طبيعة سببا لفعل باتلائها لإن وإذا ونحوهما ~~كما في قولك : إذا نمت فتوضأ يتصور على وجوه ، أحدها : أن يكون الطبيعة في ~~جانب السبب مأخوذة باعتبار صرف الوجود في مقابل العدم الأصلي بحيث كان ~~السبب نقض عدمها وتبدله بالوجود ، والثاني : أن يكون مأخوذة باعتبار الوجود ~~الساري ، فعلى الأول يكون السبب واحدا ، لأن صرف الوجود لا يقبل التكرار ~~ويتعين في الوجود الأول للطبيعة ؛ إذ به يحصل النقض دون سائر الوجودات ، ~~وعلى الثاني يكون متعددا ، فكل وجود سبب مستقل. # وعلى التقديرين يمكن أخذ الطبيعة في جانب المسبب لكل من الاعتبارين ، فإن ~~احدث في جانب المسبب باعتبار الوجود الساري وفي جانب السبب باعتبار صرف ~~الوجود، فالمسبب لا يتكرر بتكرر الفرد من ms0213 هذا السبب ، فإنه وإن كان قابلا ~~لأن يتكرر بتكرر السبب ، إلا أن السبب لا يتكرر ، نعم يتكرر بتكرر الفرد من ~~هذا السبب ومن سبب آخر. # وإن احدث في جانب السبب أيضا باعتبار الوجود الساري فالمسبب يتكرر بتكرر ~~الفرد من هذا السبب ، ومنه ومن سبب آخر ، ولو احدث في جانب المسبب باعتبار ~~صرف الوجود فلا يفرق الحال بين أن يؤخذ في جانب السبب أيضا بهذا الاعتبار ~~أو باعتبار الوجود الساري. # فعلى التقديرين لا يتكرر المسبب لا لفردين من هذا السبب ولا لفردين منه ~~ومن غيره، فالسبب وإن كان متعددا وقابلا للتكرار إلا أن المسبب واحد لا ~~يقبل التكرار أصلا ، هذا هو الوجوه المتصورة في هذا الباب ولا إشكال في ~~إمكان كل منهما عقلا ولا في الآثار المترتبة على كل منها على تقدير القطع ~~به ، إنما الكلام والإشكال في أن PageV01P229 # المستفاد من الأدلة أي منها؟. # فذهب شيخنا المرتضى قدسسره إلى أن ما يستفاد من الأدلة ويكون قاعدة كلية ~~هو عدم التداخل ويكون معمولا به في مورد الشك كباب المنزوحات ، لا في مورد ~~القطع بالتداخل من جهة النص الخاص كما في باب الأحداث ، لقوله عليه السلام : ~~«إذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزأك غسل واحد». # والدليل على هذه الدعوى وإن كان أصله مأخوذا من كلماته قدسسره في مواضع ~~عديدة من كتبه ، إلا أنا نذكره مع زيادة تنقيح ليست في كلامه قدسسره وهو : ~~أن القضية المبدوة بإن وإذا ونحوهما على ما هو المعروف أو المجمع عليه ~~ظاهرة في علية الشرط للجزاء وكونه علة منحصرة ، فيكون منطوقها بمقتضى الأول ~~الثبوت عند الثبوت ، ومفهومها بمقتضى الثاني الانتفاء عند الانتفاء ، ولا ~~يخفي أن مقتضى إطلاق القضية تحقق العلية التامة لجميع مصاديق الطبيعة ~~التالية لأداة الشرط ، فكما أن الموجود أولا من مصاديقها يكون مؤثرا تاما ~~فكذا الموجود منها ثانيا وثالثا وهكذا أيضا يكون مؤثرا تاما مستقلا كالأول ~~بلا فرق ، لتحقق الطبيعة في جميعها ، فقوله : إذا نمت فتوضأ مثلا وإن كان ~~رفع اليد عن ظهوره في المنحصرية للقطع بعدمها لقوله ms0214 : إذا بلت فتوضأ ، إلا ~~أن ظهوره في علية النوم للوضوء محفوظة ، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق بين ما ~~وجد من مصاديق النوم أولا وما وجد منها ثانيا وثالثا وهكذا ، وتخصيص العلية ~~بالموجود منها أولا تقييد للنوم في القضية بأول الوجودات أو بالوجود الغير ~~المسبوق بالوجود من دون مقيد. # فإن قلت : ما وجه الفرق بين قولنا : النوم واجب والنوم سبب ، حيث نقول في ~~الأول بكون مقتضى الإطلاق اختصاص الوجوب بأول الوجودات وفي الثاني بكون ~~مقتضاه سراية السببية إلى جميع الوجودات؟ # قلت : الأسباب العادية الدنيوية المعلومة عند العرف يكون السببية فيها ~~متعلقة بالوجود الساري كحرارة النار السارية إلى كل فرد منها ، وحينئذ ~~فالأسباب الشرعية وإن كان العرف جاهلا بأصل سببيتها لو لا إعلام الشرع ، ~~ولكن إذا أعلم PageV01P230 # الشرع بها وسكت عن بيان كيفية سببيتها كان إطلاق كلامه محمولا على ~~الكيفية المرسومة المتعارفة عند العرف ، أعني السببية بلحاظ الوجود الساري ~~، فمرسومية هذا النحو من السببية أعني سببية الوجود الساري وتعارفها عند ~~العرف قرينة عامة موجبة لحمل إطلاق الكلام الدال على السببية عليه. # فهذا نظير استفادة كيفية تأثير النجاسات في التنجيس وأنه يكون على وجه ~~الملاقاة دون المجاورة وغيرها من كون الغالب في التأثيرات العادية كونها ~~على هذا الوجه ، فقوله عليه السلام : «إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء» ~~مفهومه أن الماء القليل ينجسه النجاسات ، وأما كيفية تنجسها له فهذا الكلام ~~ساكت عنها ، فيحمل على كونه بوجه الملاقاة بقرينة أن الغالب في التاثيرات ~~العادية ذلك ، وهذا بخلاف وصف الوجوب ؛ فإن تعلقه بالطبيعة باعتبار صرف ~~الوجود شائع في العرف والعادة. # فإن قلت : سلمنا ظهور إطلاق القضية المبدوة بإن وإذا في تعدد السبب ~~بالقرينة المذكورة ، لكنا نقول : إن الأسباب المتعددة المتعاقبة في الوجود ~~يختص أولها بالتأثير ويلغو الثاني لو كان المسبب غير قابل للتعدد والتكرار ~~، والمسبب في باب الأسباب الشرعية هو الطبيعة المأمور بها كالتوضؤ في قوله ~~: إذا نمت فتوضأ ، وهي غير قابلة للتكرار ؛ لأنها باعترافكم مأخوذة بلحاظ ~~صرف الوجود الخارق للعدم ، وخرق العدم لا يمكن ms0215 إلا مرة واحدة، فالأفراد ~~المتعددة المتعاقبة من النوم مثلا لا تأثير إلا لأولها ؛ لعدم قابلية المحل ~~إلا لتأثير واحد ، نظير عدم تأثير النار في إحراق المحل بعد احتراقه بنار ~~اخرى ، والحاصل أن السبب وإن كان متعددا إلا أن المسبب والتأثير واحدان. # قلت : أخذ الطبيعة في جانب الوجوب بلحاظ صرف الوجود إنما يكون من PageV01P231 # باب الأخذ بالقدر المتيقن ، وبيانه أن الطبيعة المهملة من حيث الوجود ~~والعدم لما لم يكن وقوعها متعلقا للطلب كان اللازم بحكم العقل اعتبار ~~الوجود معها ، والوجود المعتبر يمكن أن يكون هو الوجود المخصوص ، وأن يكون ~~هو الوجود الساري ، وأن يكون صرف الوجود ، والأولان مشتملان على الأخير مع ~~الزيادة ، وحينئذ فحيثما كان المتكلم في مقام البيان ولم يقم في البين ~~قرينة على اعتبار الخصوصية أو السريان فإطلاق كلامه محمول على اعتبار صرف ~~الوجود ، فعلم أن ظهور طلب الطبيعة في مطلوبية صرف الوجود إنما يكون ناشئا ~~من جهة الإطلاق وكونه قدرا متيقنا. # وحينئذ فلو قام دليل على أن المعتبر هو الوجود بقيد السريان كان له ~~الورود على الظهور المذكور ، وعلى هذا فإذا كان ظاهر القضية المبدوة بإن ~~وإذا على ما قررنا سببية كل وجود وتأثيره الفعلي المستقل ومن المعلوم عدم ~~إمكان تعدد السبب الفعلي إلا مع قابليته المسبب للتكرار كان هذا دليلا على ~~أن الوجود المعتبر في جانب المسبب مع كونه مأمورا به هو الوجود الساري ~~القابل للتكرار دون صرف الوجود الغير القابل له. # فإن قلت : سلمنا تعدد السبب وتعدد التأثير لكن نقول : المسبب للأسباب ~~الشرعية هل هو الوجود أو الوجوب؟ لا إشكال في عدم كونه هو الوجود وإلا لزم ~~تحقق الوضوء عقيب النوم مثلا ، فتعين أن يكون هو الوجوب ، وحينئذ فتعدد ~~السبب يقضي بتعدد الوجوب وهو لا يقضي بتعدد الوجود ، لإمكان اجتماع ~~الوجوبات المتعددة في وجود واحد وصيرورتها وجودا واحدا متأكدا ، كما لو قال ~~: أكرم عالما وأكرم هاشميا ؛ فإن إتيان المجمع حينئذ متصف بالوجوب المتأكد ~~، وبعد هذا القول لا يخفى أن الوجوب في دليل سببية هذه الأسباب متعلق ms0216 ~~بعنوان واحد كالتوضؤ ونزح الأربعين من دون تقييد بما يقيد بعدد الوجود ~~بتعدد الوجوب ، فيكون ظاهرا في اجتماع الوجوبات في الوجود الواحد وصيرورتها ~~وجوبا واحدا متأكدا نظير قول المولى : اضرب اضرب ، فإنه بإطلاقه وعدم تقييد ~~الضرب الثاني بالمرة الاخرى ظاهر في كون المطلوب ضربا واحدا وكون طلبه شديدا. PageV01P232 # قلت : المسبب للأسباب الجعلية التشريعية يكون هو الوجود لكن لا على نحو ~~مسببيته للأسباب العقلية التكوينية ؛ فإنها فيها تكون على وجه يلزم من وجود ~~السبب وجود المسبب ، وأما في التشريعيات فوجود الأسباب أيضا مقتض لوجود ~~المسببات لكن بجعل الآمر في نظره ، وأمره بإيجاد المسبب ناش من قبل هذا ~~الاقتضاء ، فكأنه يجعل المكلف حادثا للمقتضي ويأمره بانفاذ اقتضائه وإجرائه ~~وترتيب مقتضاه عليه ، ونظيره قول القائل : البيت صار كثيفا ويقتضي الكنس ، ~~فيثبت الاقتضاء لنفس كثافة البيت ، غاية الأمر أنه لما يرى المقتضي قاصرا ~~يأمر الغير بإنفاد اقتضائه ، فعلم أن تعدد السبب في الأسباب الشرعية قاض ~~بتعدد الوجود. # فإن قلت : سلمنا تعدد السبب وتعدد التأثير وكون المسبب هو الوجود دون ~~الوجوب، لكن نقول هذا لا يقتضي تعدد الوجود ؛ وذلك لأن كل فرد من أفراد هذه ~~الأسباب يقتضي وجود عنوان ، والعناوين التي تكون مسببات لها متصادقة في ~~وجود واحد ، فيحصل امتثال أوامرها بإتيان وجود واحد كما يحصل أكرم العالم ~~وأكرم الهاشمي بإكرام المجمع. # قلت أولا : إن المفروض اتحاد عنوان المسبب لهذه الأسباب كعنوان التوضؤ ~~ونزح الأربعين ، ومع فرض اتحاد العنوان يكون تعدد السبب قاضيا بتعدد الوجود ~~بلا إشكال. # وثانيا : لو شككنا في مقام في أن المسبب عنوان واحد أو عناوين متعددة ~~فالمرجع هو الاشتغال دون البراءة ؛ إذ بعد اليقين بأن تحقق كل سبب اقتضى ~~تحقق شيء واشتغال الذمة والتعهد به نشك في أن المشتغل به يكون عنوانا واحدا ~~أو عناوين متعددة غير متصادقة في فرد أصلا ، حتى لا يحصل الفراغ بالوجود ~~الأول ، أو يكون عناوين متعددة متصادقة في الوجود الأول حتى يحصل الفراغ به ~~، فنحكم بوجوب تعدد الوجود وليحصل الفراغ اليقيني بعد الاشتغال اليقيني ، ~~فالشك إنما ms0217 هو في حصول الامتثال والخروج عن العهدة بعد العلم بثبوت ~~التكليفين لا في التكليف PageV01P233 # الزائد حتى يكون مرجعا للبراءة ، كما هو واضح. # ثم إن هذا الدليل كما يجري في الفردين من نوع واحد كوقوع الكلبين كذلك ~~يجري في النوعين كوقوع الكلب والهرة بتقريب أن تخصيص السببية بالنوع الأول ~~تقييد لدليل سببية النوع الثاني ؛ لعدم مسبوقية وقوعه لوقوع النوع المقتضي ~~لنزح المساوي أو الأكثر ، فيكون مدفوعا بالإطلاق ، ويمكن هنا إيراد ~~الإشكالات الثلاثة الأخيرة مع دفعها بمثل ما مر من الأجوبة ، هذا محصل ~~كلامه قدسسره مع تنقيحه. # والحق أن يقال : إنه ليس لنا في باب الأسباب الشرعية لفظ كان معناه ~~السببية والعلية العقلية ، وأما أدوات الشرط فإن قلنا فيها بمقالته قدسسره ~~من أن مفادها بحسب الظهور الوضعي أو العرفي علية تاليها للجزاء بالعلية ~~التامة العقلية غاية الأمر مع زيادة قيد الانحصار ، لصحة أخذ المفهوم ، كان ~~ما ذكره قدسسره هنا حقا لا محيص عنه. # وأما لو أنكرنا ذلك وقلنا بأن المستفاد منها عرفا ليس إلا مجرد كون تحقق ~~تاليها ملازما لتحقق الجزاء بعده من دون استفادة العلية [فلا] ، نعم يستفاد ~~عدم كونهما غير مرتبطين أصلا ، بل يكونان مرتبطين بنحو من الربط إما لعلية ~~الأول للثاني ، أو بكونه جزءا أخيرا لعلته ، أو بتلازمهما في الوجود ~~وكونهما معلولين لعلة ثالثه كما هو الحق ، والدليل عليه شهادة الوجدان بصحة ~~استعمال القضية الشرطية في المقامات الثلاثة على حد سواء. # ألا ترى صحة قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه فيما إذا فرض كون العلة لإكرامه ~~هو العلم والسيادة والمجيء من حيث المجموع ، وفرض العلم بالأولين من دون أن ~~يكون استعمالا للقضية الشرطية في غير محلها. # وكذلك قولنا : إن جاء زيد جاء عمرو فيما إذا فرض كون المجيئين متلازمين ~~في الوجود ، وهذا هو المبنى للنزاع الواقع بين العلمين الجليلين في مفهوم ~~قوله عليه السلام : «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء» حيث جعله أحدهما ~~موجبة جزئية مستندا إلى أن مفاد المنطوق تعليق السبب الكلي بالكرية ؛ فيلزم ~~من انتفاء الكرية ms0218 PageV01P234 # انتفاء السلب الكلي الحاصل بالإيجاب الجزئي واستقرب قول المخالف ، وجعله ~~الآخر موجبة كلية مستندا إلى أن مفاد المنطوق كون الكرية علة منحصرة للسلب ~~الكلي ، ومرجعه إلى أن الكرية علة منحصرة لعدم تنجيس كل واحد من أفراد ~~النجاسات ، فيلزم من انتفائها تنجيس جميع النجاسات ؛ فإنه لو قلنا في ~~القضية الشرطية بالمقالة الاولى كان ما ذكره الثاني حقا ؛ إذ لو كان عدم ~~تنجس بعض النجاسات مستندا إلى عدم قابليتها وعدم تنجيس بعض آخر إلى الكرية ~~لم يصدق كون الكرية علة تامة منحصرة لعدم تنجيس جميع النجاسات بل لعدم ~~تنجيس بعضها. # ولو قلنا بالمقالة الثانية كان ما ذكره الأول حقا ، فلو فرض كون شيء سببا ~~متمما لعموم بحيث كان بعض هذا العموم متحققا ومستندا إلى غير هذا الشيء ~~وتتمته مستندة إليه صح أن يقال : لو تحقق هذا الشيء تحقق هذا العموم ، مثلا ~~لو فرض كون عدم خوف المخاطب من أحد على الوجه الكلي مستندا بالنسبة إلى بعض ~~الأشخاص إلى عدم تسلط هذا البعض عليه ، وبالنسبة إلى بعض آخر مستندا إلى ~~مصاحبة المخاطب مع زيد صح أن يقال : إذا كنت مع زيد فلا تخف أحدا. # وحينئذ فمفاد منطوق الرواية ليس إلا مجرد تعليق السلب الكلي بالكرية من ~~دون إشعار بكونه علة منحصرة له ، فلا جرم يلزم من انتفاء الكرية انتفاء هذا ~~السلب الحاصل بالإيجاب الجزئي. # وكيف كان فلو قلنا بالمقالة الثانية نقول في باب الأسباب الشرعية : إن ~~المستفاد من الدليل ليس بأزيد من أنه متى تحقق واحد من الأحداث وجب تحقق ~~الوضوء بعده ، أو أنه متى تحقق وقوع الكلب أو الهرة مثلا وجب تحقق نزح ~~الأربعين بعده ، ولا شك في أن هذا المعنى يصدق فيما إذا احدث أحداث متعددة ~~وتحقق عقيبها وضوء واحد ، أو تحقق وقوع كلاب متعددة أو كلب وهرة وتحقق نزح ~~الأربعين مرة واحدة بعده ، فيصدق تعقب الوضوء بالنسبة إلى كل واحد من ~~الأحداث ، وتعقب النزح بالنسبة إلى كل واحد من الوقوعات. PageV01P235 # نعم لو تخلل الوضوء أو النزح بين حدثين أو وقوعين ms0219 لم يجز الاكتفاء بهما ~~لما وقع عقيبهما ؛ لأن المستفاد من الدليل لزوم تحققهما عقيب هذا الأشياء ~~هذا هو الكلام في المقام الأول. # وأما المقام الثاني فالحق أن باب الأسباب غير مرتبط بمبحث الاجتماع رأسا ~~، وبيانه أنه لو قلنا بكون السبب صرف الوجود لزم لغوية الفرد الثاني وكون ~~الوجوب واحدا ، فلم يجتمع وجوبان حتى يلزم تداخلهما ، وكذا لو قلنا بكون ~~المسبب صرف الوجود ، ولو قلنا بأن هنا سببين ومسببين تعلق بكل منهما وجوب ~~فحينئذ وإن كان في البين وجوبان ، لكن لم يلزم اجتماعهما في موضوع واحد ، ~~بل لكل منهما موضوع مستقل. # نعم لو قلنا بتعدد الأسباب وتعدد المسببات وتداخل المسببات في فعل واحد ~~كما لو قلنا بأن حدث الجنابة موجب لوجوب غسل وحدث الحيض لوجوب غسل آخر ~~مغاير للأول في الحقيقة ، والجمعة لاستحباب غسل آخر مغاير للأول في الحقيقة ~~، والجمعة لاستحباب غسل آخر مغاير للأول في الحقيقة والجمعة لاستحباب غسل ~~آخر مغاير للأولين فيها ، ولكن هذه الأغسال المختلفة الحقائق يتحقق في عمل ~~واحد كان لهذا العمل المتداخل فيه ربط بهذا المبحث في الجملة ، ولكنه مع ~~ذلك لا يصلح للاستشهاد ؛ إذ للمانع أن يقول: لم يجتمع في هذا العمل وجوبان ~~أو وجوب واستحباب ، بل يحصل من اجتماع الأولين وجوب واحد متأكد ، وكذا من ~~اجتماع الأخيرين إلا أن التأكد هنا ليس بمثابته في الأول ، كما أن هذا هو ~~الحال في مثل الصلاة وفيما تصادق فيه عنوانان واجبان كما في إكرام شخص كان ~~عالما هاشميا بعد ورود : أكرم عالما وأكرم هاشميا. ### | «فصل في اقتضاء النهي للفساد وعدمه» # وقبل الخوض في المقصود نقدم امورا. # الأول : قد مر في المبحث المتقدم بيان الفرق بينه وبين هذا المبحث وأنه ~~يفترق عن هذا المبحث سؤالا وجوابا بأن المسئول عنه هناك أنه هل يمكن إبقاء ~~الأمر و PageV01P236 # النهي المتعلقين بعنوانين مجتمعين في وجود واحد ، أو لا بد عقلا من تقييد ~~أحدهما ، وهنا أن التحريم هل هو ملازم للفساد أولا. # وموردا (1) بأنه لو كان بين العنوانين عموم وخصوص مطلقا مفهوما ms0220 وخارجا ~~يجري فيهما هذا النزاع دون النزاع المتقدم وقد مر وجهه ، وأما غير هذا ~~المورد فالقول بالامتناع وتقييد جانب الأمر بجعله من مبادي هذا النزاع ، ~~وأما على القول بالجواز فلم يتعلق نهي بالعبادة أصلا. # الثاني : أن هذا النزاع هل هو عقلي او لفظي؟ الظاهر الأول ؛ إذ لا إشكال ~~في أن هذا النزاع ليس راجعا إلى أن معنى النهي المتعلق بالعبادة أو ~~المعاملة هل هو الإرشاد إلى الفساد أو التحريم ، بل هو راجع إلى أن التحريم ~~التكليفي سواء كان مستفادا من اللفظ أو من غيره ملازم للفساد أولا؟ ويشهد ~~لذلك ظاهر الكلمات والعنوانات. # أما الأول ، فلأن استدلالهم على الفساد في العبادات بأن الوجود المبعد لا ~~يمكن أن يكون مقربا ظاهر في كون النزاع في أمر عقلي لا لفظي ، ومن هذا ~~السنخ أيضا استدلالاتهم في جانب المعاملات ، وأما الثاني فلأن تقرير ~~العنوان بأن النهي هل هو موجب للفساد أو لا ، ظاهر في ذلك ؛ إذ الموجب ~~بمعنى العلة ، ولا يقال : إن اللفظ علة لمعناه ، بل يقال : إنه دال عليه ، ~~فلو كان النزاع في أمر لفظي لكان حق العبارة في العنوان أن يقال : هل النهي ~~دال على الفساد أولا ، فمعنى العبارة المذكورة أن العنوان من حيث نفسه تام ~~لا مانع فيه بحيث لو لا المانعية من قبل النهي كان صحيحا بلا كلام ، فليس ~~حاله حال الصلاة في اللباس النجس أو في جزء غير المأكول اللحم ، حيث إنها ~~في حد نفسها فاسدة ، فالنهي فيها دال على الفساد ولا علة له. # وأما مجرد وجود القائل بإنكار الملازمة عقلا وإثبات الدلالة الالتزامية ~~لفظا في المعاملات فلا يوجب كون النزاع في أمر لفظي ، بل لا بد من إبطال ~~هذا القول كما PageV01P237 # أبطلنا القول بالجواز عقلا والامتناع عرفا في المبحث المتقدم. # الثالث : ربما يقال بتعميم ملاك النزاع للنهي التحريمي والتنزيهي والنفسي ~~والغيري والأصلي والتبعي ، والمراد بالأصلي ما كان مدلولا بالدلالة ~~الاستقلالية المطابقية ، وبالتبعي ما كان مدلولا بتبع الدلالة على شيء آخر ~~كما يستفاد من قوله : انصب السلم ، مطلوبية الكون ms0221 على السطح انتقالا من ~~المعلول إلى العلة. # أقول : الحق عدم كون التنزيهي محلا للنزاع ، ووجهه أن المفروض كون ~~العنوان من حيث الذات مشتملا على المصلحة الوجوبية المانعة من النقيض ، ~~وهذه المصلحة لا تزاحمها إلا المفسدة التحريمية المانعة من النقيض أيضا ، ~~لا المفسدة الكراهية الغير المانعة عنه المشوبة بالرخصة في الفعل ؛ فإن هذه ~~لا يعقل أن تصير مزاحمة للجهة الوجوبية ومسقطة لها عن التأثير. # وبعبارة اخرى : الجهة الكراهية تقتضي كون الفعل خلاف الأولى وهو غير مناف ~~للعبادية ، وإنما المنافي لها كونه معصية ، ولهذا تراهم يسمون العبادات ~~التي تعلق بها النهي التنزيهي بالعبادات المكروهة ؛ فإن معنى ذلك أنها ~~صحيحة ، غاية الأمر كونها أقل ثوابا ، ولم يعهد القول بفسادها من أحد حتى ~~من القائلين بأن النهي في العبادات موجب للفساد ، فهذا دليل على خروج النهي ~~التنزيهي عن تحت هذا النزاع. # وأما النهي النفسي التبعي فلا إشكال في دخوله في حريم النزاع كالأصلي بلا ~~فرق ، وكذا الغيري أصليا كان أو تبعيا ، وإن كان ربما يتوهم خروجه استنادا ~~إلى أنه لا عقاب على مخالفة مقدمات الواجب وأنها لا توجب البعد عن ساحة ~~المولى ، فمبغوضيتها غير مؤثرة ، فليست بمانعة عن العبادية. # ولكنه مندفع بأن مقدمة الواجب وإن كان لا يوجب مخالفتها عقابا مستقلا ~~عليها بمعنى أنه لو كان لواجب مقدمات عديدة ، فترك تلك المقدمات لا يوجب ~~عقابات متعددة بعددها ، إلا أنه لا شبهة في إيجابها العقاب والبعد عن ساحة ~~المولى من جهة ترك ذيها. PageV01P238 # وبعبارة اخرى : لا شك في اتصاف المقدمة باللابدية العقلية ؛ إذ معنى ~~المقدمية ذلك، فيكون ترك ذيها مسببا عن تركها ، فيكون ترتب العقاب والبعد ~~على ترك ذي المقدمة معلولا في الحقيقة لترك المقدمة ، وما هو علة لترتب ~~العقاب والبعد ولو على غيره يكون اختياره قبيحا لا محالة ، فيكون الحسن ~~الفاعلي المعتبر في العبادة منتفيا فيه ، فلهذا يمتنع عبادية الفعل الذي ~~يكون تركه مقدمة لواجب. # ومن هنا ظهر أن جريان ملاك النزاع في المقدمة التي تكون علة للحرام غير ~~مبني على القول بوجوب مقدمة ms0222 الواجب ، بل يجري ولو على القول بعدم وجوبها ، ~~وذلك لما عرفت من كفاية المقدمية واللابدية العقلية في ذلك ، فمن قال في ~~مبحث الضد بعدم الاقتضاء لا لمنع مقدمية ترك الضد لفعل ضده بل لمنع الوجوب ~~مع تسليم المقدمية كان له أن يقول بفساد الضد لو كان عبادة ، فيشترك هذا ~~القول مع القول بالاقتضاء نتيجة. # الرابع : لا إشكال في أن المراد بالعبادة في المقام ليس ما يكون عبادة ~~فعلية تامة من جميع الجهات ؛ ضرورة عدم إمكان وقوعه متعلقا للنهي وإن كان ~~الظاهر من المحكي أبي حنيفة من القول بإيجاب النهي في العبادة للصحة ذلك ، ~~بل المراد على ما عرفت من أن النزاع إنما هو في ثبوت العلية والملازمة ~~العقلية بين النهي والفساد حتى باعتراف من يجعل النزاع في الدلالة اللفظية ~~الالتزامية كصاحب الكفاية هو ما يكون اقتضاء العبادية والقرب فيه في حد ~~ذاته ولو لا النهي تاما حتى ينحصر الكلام فيه في أنه هل يحدث من جهة النهي ~~مانع من عبادية هذا الذي يكون في حد ذاته تاما في اقتضاء العبادية أولا. # وأما ما ليس كذلك بأن كانت المصلحة العبادية مقيدة بغيره وقاصرة عن أن ~~تشمله كما في الصلاة في اللباس النجس أو في جزء غير المأكول فليس محلا لهذا ~~الكلام ؛ لعدم استناد الفساد فيه إلى النهي ، بل إلى قصور المصلحة. # ومن هنا ظهر ما فيما ذكر في الكفاية مما حاصله : أن المراد بالعبادة هنا ~~إما ما يكون عبادة في ذاته ، أو ما لو تعلق الأمر به كان أمره تعبديا لا ~~توصليا ، ومثل له PageV01P239 # بصوم العيدين ؛ فإن الأخير بإطلاقه غير صحيح ، وإنما يصح مع التقييد ~~بإحراز وجود المصلحة ، فصوم العيدين إنما يصح جعله من محل الكلام لو استفيد ~~من دليل حرمته مجرد الحرمة لا هي مع تقييد المصلحة بغير هذا الصوم ، وكذا ~~الكلام في صوم الحائض وصلاتها على القول بحرمتهما الذاتية ، ومجرد تسميتهما ~~بالصوم والصلاة لا يوجب كونهما من محل الكلام مطلقا. # وبالجملة ، فحال هذا المبحث حال المبحث المتقدم في لزوم ms0223 إحراز وجود ~~المقتضي في نفس العنوان ، وبعد إحرازه يقع الكلام هناك في إمكان بقاء ~~الحكمين الفعليين وعدمه ، وهنا في منافاة التحريم للصحة والعبادية وعدمها. # الخامس : من الواضح أن النزاع في أن النهي في العبادة أو المعاملة موجب ~~لفسادهما أولا إنما هو فيما إذا كان طرو الفساد ممكنا بأن يتصف العمل ~~بالصحة تارة وبالفساد اخرى ، فما لا يمكن فيه طرو الفساد ولا ينفك عن أثر ~~لكونه علة تامة له لا يجري فيه هذا النزاع. # السادس : صحة كل موضوع وفساده عبارتان عن تماميته وعدم تماميته بلحاظ ~~الأغراض المتعلقة به والفوائد المنظورة منه ، فتماميته بحسب الأجزاء ~~والقيود مستلزم لترتب الفوائد وعدم تماميته مستلزم لعدم ترتبها فكل منهما ~~أمر وحداني في جميع الموارد وهو التمامية أو عدمها بلحاظ الأثر المنظور إليه. # نعم يتصف العمل الواحد بالتمامية بملاحظة أثر وبعدمها بملاحظة آخر ، وكذا ~~يختلف حاله باختلاف الأنظار ، واختلاف الفقيه والمتكلم في تفسير الصحة في ~~العبادة من هذا القبيل وليس من باب الاختلاف في المفهوم ؛ فإن نظر الأول في ~~باب العبادة مقصور على سقوط الإعادة والقضاء ووجوبهما ، ونظر الثاني على ~~حصول المثوبة والقرب للعبد ، وكلاهما لازم تمامية العبادة ، فعبر كل منهما ~~بالصحة عن لازمها المنظور إليه ، غاية الأمر أن هذا اللازم يختلف باختلاف ~~نظرهما. # وكذا قد يختلف حال العمل الواحد من حيث الصحة والفساد باختلاف الملاحظات ~~، مثلا لو بنينا على عدم إجزاء موافقة الأمر الظاهري عن الواقعي وقام PageV01P240 # أمارة على عدم وجوب السورة وكون الصلاة مركبة من تسعة أجزاء مثلا وكانت ~~السورة في الواقع واجبة والصلاة مركبة من عشرة أجزاء ، فأتى المكلف بالصلاة ~~بدون السورة لقيام الأمارة المذكورة عنده ، فيكون هذا العمل بملاحظة الأمر ~~الظاهري ما دام موضوعه وهو الجهل بالواقع باقيا تاما مسقطا للإعادة والقضاء ~~في قبال كون الإتيان بثمانية من الأجزاء ناقصا موجبا لهما ، وهذا العمل ~~بملاحظة الأمر الواقعي ناقص ؛ ولهذا عند ارتفاع الجهل يجب الإعادة والقضاء. # ثم إن كلا من الصحة والفساد أمر وحداني اعتباري في جميع الموارد ، بمعنى ~~أنه ليس في الخارج ms0224 ما وراء عشرة أجزاء مثلا شيء آخر يكون بحذاء التمامية أو ~~المنشئية للأثر أو بحذاء عدم التمامية أو عدم المنشئية للأثر ، من غير فرق ~~في ذلك بين العبادات والمعاملات وإن فرق بينهما في الكفاية ردا على من جعل ~~الصحة والفساد اعتباريين بقول مطلق بما حاصله : أن الصحة في العبادات ~~بالنسبة إلى الكليات مختلفة ، فيكون انتزاعية بمعنى موافقة الأمر ، وعقلية ~~بمعنى سقوط الإعادة والقضاء في المأمور به بالأمر الواقعي الأولي ؛ لكونه ~~حكما يستقل به العقل كسائر الأحكام العقلية ، وجعلية بمعنى سقوطها في ~~المأمور به بالأمر الظاهري ، فإنه على القول بعدم الإجزاء في الأوامر ~~الظاهرية عند تبين الخلاف على حسب القاعدة مع تصوير إجزائها حينئذ أيضا بأن ~~يكون الإتيان بالناقص موجبا لسقوط الفاعل عن قابلية تدارك المصلحة الفائتة ~~يكون سقوط الإعادة والقضاء في هذه الأوامر عند تبين الخلاف حكما شرعيا ، ~~بمعنى كون بيانه من وظيفة الشرع كسائر الأحكام الشرعية. # وبالنسبة إلى الجزئيات يكون من باب انطباق الكليات عليها نظير اتصاف ~~أفراد الواجب بالوجوب ؛ فإنه ليس بالجعل ، بل من باب انطباق عنوان الواجب ~~عليها ، وفي المعاملات بالنسبة إلى الكليات جعلية دائما ؛ لاحتياجها إلى ~~إمضاء الشرع ؛ إذ لولاه لم يترتب الأثر لأصالة الفساد ، وبالنسبة إلى ~~الجزئيات يكون من باب الانطباق. # ولكنه مخدوش ، أما في العبادات ، فلما عرفت من أن الصحة بمعنى التمامية بلحاظ PageV01P241 # الأثر المرغوب أمر وحداني لا يختلف باختلاف الموارد ، وهو قدسسره أيضا ~~معترف بذلك في صدر هذا البحث ، وما ذكره هنا متجه بالنسبة إلى آثار ~~التمامية ولوازمها لا بالنسبة إلى نفسها ، فيصح القول باعتبارية الصحة ~~والفساد بقول مطلق. # وأما المأمور به بالأمر الظاهري فلا يتصف على القول المذكور عند تبين ~~الخلاف بالتمامية حتى يقال بكونها مجعولة ، غاية الأمر كونه مسقطا للإعادة ~~والقضاء ، فسقوطهما لا يكون لازما مساويا للتمامية بل أعم ، مع أنه لو ثبت ~~من الشرع اتصافه بالتمامية في مقام نلتزم فيه بأن هنا مصلحتين إحداهما أدنى ~~والاخرى أقصى ، فاتصاف العمل الناقص بالتمامية بلحاظ الأدنى ، وبعدمها ~~والإسقاط عن قابلية التدارك بلحاظ الأقصى ms0225. # وأما في المعاملات فلأن وجه الحاجة فيها إلى إمضاء الشرع ، إما كونه ~~دخيلا في التأثير فإن الشارع مالك حقيقي فلا يقصر إمضائه عن إمضاء المالك ~~المجازي ، فكما أن الثاني جزء للمؤثر فكذا الأول بطريق اولى ، وإما كونه ~~كاشفا عن السببية الواقعية بمعنى أن الشارع جعل اختيار الأموال بيد المالك ~~المجازي لها ، ولكن الأسباب التي تكون أسبابا بنظر العرف بعضها متلبس ~~بالسببية واقعا وبعضها غير متلبس بها كذلك ، فإمضاء الشرع يرفع احتمال كون ~~العقد من القبيل الثاني ويكشف عن كونه من الأول ، كما أن تخطئته بالعكس. # فإن كان الثاني فمن الواضح أن إمضاء الشرع حينئذ مجرد تصديق للعرف بمعنى ~~أن ما يراه العرف سببا فهو كذلك واقعا فإنما يحتاج إليه في مرحلة الإثبات ~~بعد الفراغ عن ثبوت السببية لبعض العقود واقعا لا بجعل جاعل. # وإن كان الأول فإمضاء الشرع جزء متمم للسبب ، فحاله حال الإيجاب والقبول ~~وإجازة المالك المجازي ، فكما أن الموجب مثلا موجد لجزء السبب لا جاعل ~~للصحة ، فكذا حال الشارع في إمضائه ، فإذا تحقق أجزاء السبب التي من جملتها ~~إمضاء الشرع انتزع من المجموع وصف التمامية قهرا. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن الصحة في المعاملات أيضا أمر اعتباري كما في PageV01P242 # العبادات ، غاية الأمر أنها في المعاملات منتزعة عن امور جعلية كالإيجاب ~~والقبول ، وفي العبادات عن امور واقعية. # السابع : متعلق النواهي في العبادات إما نفسها كالنهي عن الصلاة في ~~الحمام ، وإما جزئها كالنهي عن قراءة سورة العزيمة في الصلاة ، وإما شرطها ~~كالنهي عن لبس الحرير فيها الراجع إلى الستر المشروط به الصلاة ، لا عن لبس ~~اللباس المغصوب ؛ فإن النهي فيه متعلق بالغصب المتحد مع الصلاة ، وأما ~~الحرير فالنهي فيه متعلق باللبس وهو مقترن مع الأكوان الصلاتية لا متحد معها. # وإما وصفها غير المفارق عنها كالنهي عن جهر المرأة في الصلاة عند سماع ~~الأجنبي صوتها ، بناء على كون صوتها عورة ، لا عن الجهر في صلاة الظهر مثلا ~~؛ فإن النهي فيه وضعي راجع إلى اشتراط الإخفات لا تكليفي ، والجهر في ~~القراءة ms0226 ملازم للقراءة وإن كانت القراءة غير ملازمة له ، وإما وصفها ~~المفارق عنها المتحد معها أحيانا كالنهي عن الغصبية المتحدة مع الأكوان ~~الصلاتية. # لا إشكال في دخول القسم الأول في محل النزاع ، ولا في دخول القسم الثاني ~~بالنسبة إلى نفس الجزء ، بمعنى أن العزيمة في الصلاة مثلا غير مجزية عن ~~السورة الواجبة في الصلاة ، وأما أن بطلان الجزء موجب لبطلان أصل العبادة ~~فلا ؛ لإمكان الإتيان ثانيا بجزء غير محرم فتصح العبادة بذلك ، اللهم إلا ~~أن يلزم من ذلك محذور آخر كالزيادة العمدية في الصلاة ، بناء على شمول دليل ~~الزيادة العمدية لمثل ذلك ، كما احتملوا في الريا في جزء العبادة بعد القطع ~~ببطلان نفس الجزء كونه مبطلا لأصل العبادة لذلك. # وأما القسم الثالث فإن كان الشرط توصليا فلا ضير في كونه محرما ، وإن كان ~~تعبديا فالنهي موجب لفساده المستلزم لفساد المشروط به. # وأما القسم الرابع فادعى في الكفاية امتناعه ؛ إذ النهي عن الوصف يسري ~~إلى الموصوف ، فالنهي عن الجهر في القراءة في الحقيقة نهي عن القراءة ~~الجهرية ، وهو لا يجتمع مع الأمر بالقراءة ، ويمكن منعه بمنع السراية ؛ ~~لمكان التعدد بين الوصف و PageV01P243 # الموصوف خارجا وعدم الاتحاد المصحح للحمل الشائع الصناعي بينهما وجودا ~~وإن قلنا بثبوت الاتحاد الوجودي بينهما نحو الاتحاد الوجودي الثابت في ~~الجسم المتصل كماء الحوض؛ فإن هذا النحو من الاتحاد غير مناف ؛ لاختصاص كل ~~بعرض من دون سراية عرضه إلى الآخر كما هو المشاهد في الجسم المتصل ، نعم ~~كون المأمور به ملازما للمنهي عنه ممتنع ؛ للزوم التكليف بما لا يطاق ، ~~وأما العكس فلا كما في نحن فيه. # وأما القسم الخامس وهو ما إذا تعلق النهي بالوصف المفارق كغصبية المكان ~~أو اللباس أو المحمول في الصلاة ، فإن لم يكن الوصف المتعلق للنهي متحدا مع ~~العبادة ، ولا كانت العبادة علة له كما في الصلاة في المحمول المغصوب الذي ~~لم يوجب الحركات الصلاتية تصرفا زائدا فيه ، ولم يتحرك بحركاتها مثل الخيط ~~الملصق بالبدن أو اللباس ، فلا وجه لسراية نهيه حينئذ إلى العبادة ؛ إذ ms0227 ~~متعلق النهي في المثال مثلا هو استصحاب المحمول وإمساكه ، وهو غير متحد مع ~~الأكوان الصلاتية ، ولا هي علة له بل هو مقترن معها ، فحاله حال النظر إلى ~~الأجنبية في الصلاة. # كما أنه لو كانت العبادة علة للوصف فلا إشكال في تعلق النهي بها ؛ لكونها ~~علة للحرام ، فتصير بذلك من محل البحث ، وذلك كما في الصلاة في المحمول ~~المغصوب الذي يتحرك بالحركات الصلاتية ؛ فإن الأكوان الصلاتية حينئذ يكون ~~علة للتصرف في المغصوب بناء على كونها عبارة عن نفس القيام والركوع والسجود ~~التي هي أفعال بلا واسطة للمكلف ، وأما بناء على كونها عبارة عن نتائج تلك ~~الأفعال والهيئات الحاصلة منها فهي مع التصرف في المغصوب معلولان لعلة ~~ثالثة وهي نفس تلك الأفعال. # وأما صورة إيقاع الصلاة في المكان المغصوب فتسرية النهي فيها عن الغصب ~~إلى الصلاة ثم الحكم بفسادها مبتنية على طي مقدمتين : احداهما من مسائل ~~الاصول والاخرى من مسائل الفقه. # فالاولى مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي وامتناعه ، فالحكم بالتسرية ~~المذكورة مبتن على اختيار الامتناع في هذه المسألة ؛ إذ لو جوزنا الاجتماع فالنهي PageV01P244 # متعلق بطبيعة الغصب وهي غير طبيعة الصلاة ، فيكون اجنبيا عن النهي ~~المتعلق بالعبادة الذي هو موضوع لهذا البحث. # والثانية اختيار احتمال أن يكون الأكوان الصلاتية عبارة عن نفس القيام ~~والركوع والسجود التي هي أفعال مضافة إلى المكلف بلا واسطة ؛ إذ على هذا ~~الاحتمال تكون الأكوان الصلاتية متحدة مع الغصب ؛ فإن الحركة النهوضية مثلا ~~على هذا قيام صلاتي وغصب ، وهكذا ، فيسري النهي عن الغصب إليها لا محالة ~~بناء على القول بالامتناع كما هو المقدمة الاولى. # وأما لو اخترنا الاحتمال الآخر فيها وهو أن يكون عبارة عن الهيئات ~~والأطوار القائمة بالمكلف الناشئة من القيام والركوع والسجود ، والفرق بين ~~هذا والاحتمال الأول أن الأكوان على الأول ملحوظة بوجود مستقل منحاز عن ~~وجود المحل ، وعلى الثاني ملحوظة بوجود مندك في وجود المحل ، فهي على ~~الثاني تكون من كيفيات المحل وأطواره وخصوصياته ، فالأول هو بعينه ما جعله ~~أهل المعقول مفهوما لمبدا المشتق ، والثاني بعينه ms0228 هو ما جعلوه مفهوما لنفس ~~المشتق. # وكيف كان فعلى هذا يكون الأفعال المذكورة المتحدة مع الغصب محققات ~~للأكوان الصلاتية والأكوان نتائج لها ، والسبب الحرام إنما لا يجتمع مع ~~المسبب الواجب إذا كان السبب منحصرا فيه ، وأما السبب غير المنحصر فلا ~~ينافي حرمته مع وجوب المسبب كما في ركوب الدابة الغصبية في طريق الحج مع ~~عدم الانحصار ، وما نحن فيه من القبيل الثاني ؛ لتمكن المكلف من إيجاد ~~المحققات المذكورة في الأرض المباحة. # فتحصل مما ذكرنا أنا لو قلنا بالامتناع في مبحث الاجتماع لا يكفي مجرد ~~ذلك في الحكم بفساد الصلاة في الأرض المغصوبة ، بل لا بد معه من إثبات مطلب ~~آخر وهو الاتحاد بين الغصب وأكوان الصلاة دون السببية والمسببية ، وبعبارة ~~اخرى إثبات كون الأكوان نفس الأفعال دون نتائجها. # ثم لو تعلق النهي بالعبادة وعلم كونه من جهة الجزء أو الشرط أو الوصف كما لو PageV01P245 # نهى عن الصلاة المشتملة على العزيمة أو في الحرير أو في المكان المغصوب ~~وعلم كونه لأجل أحدها ، فإن كان النهي راجعا إلى أحد الامور لبا ونسب إلى ~~العبادة بالعرض والمجاز ومن قبيل نسبة الوصف بحال المتعلق ، كان حاله حال ~~النهي عن أحدها ، وإن كان راجعا إلى نفس العبادة حقيقة ، وكان أحد الامور ~~واسطة في الثبوت لا في العروض بأن أوجب المفسدة في نفس العبادة ، كان من ~~قبيل القسم الأول الذي قد مر أنه من محل الكلام بلا كلام. # إذا عرفت هذه الامور فلنذكر الاستدلال في طرفي العبادات والمعاملات في ~~مقامين : # المقام الأول في العبادات ، فنقول وعلى الله الاتكال : هنا احتمالات في ~~الفرق بين العبادة وغيرها بحسب التصوير الاولى. # الأول : أن العبادة ما يعتبر فيه داعي الأمر فلا يجزي بدونه بخلاف ~~التوصلي ، # الثاني : أنه لا يلزم في العبادة داعي الأمر بل يلزم كونها على وجه يحصل ~~القرب الفعلي بها فلا يجزي بدونه بخلاف التوصلي. # فعلى كل من هذين الاحتمالين لا إشكال في أن النهي موجب لفسادها ؛ إذ بعد ~~وجود النهي لا يمكن هنا وجود الأمر حتى على ms0229 القول بالجواز ، كما مر وجهه ~~سابقا ، وبعد وجود المبغوضية الفعلية لا يمكن وجود الحسن الفعلي ، وإن كان ~~الجهة موجودة كما عرفت فلا يمكن أن يكون مقربا فعليا. # الثالث : أنه لا يلزم الداعي المذكور ولا القرب الفعلي ، بل يكفي في ~~العبادية مجرد التواضع والخضوع والخشوع وإظهار العبودية والتعظيم للمولى ، ~~وهذا غير ملازم للقرب الفعلي؛ لإمكان اجتماعه مع المانع عنه كما هو المشاهد ~~في الموالي الظاهرية ؛ فإن بعض التواضعات غير موجب للقرب عندهم ، فعلى هذا ~~الاحتمال يمكن حفظ عنوان العبادة مع وجود النهي ، فيكون مجزيا كالتوصلي ~~بمعنى كونه مسقطا للأمر المتعلق لغيره مع كون نفسه محرما ؛ لحصول الغرض به ~~؛ إذا الفرض عدم دخل شيء في الغرض سوى عنوان التواضع ، هذا في مقام ~~التصوير. PageV01P246 # وظاهر كلمات العلماء رضوان الله عليهم في باب النية في العبادات ثبوت ~~الإجماع على اعتبار قصد القربة في العبادة ، لا على وجه يكون المقصود نفس ~~القربة ، بل بأن يكون المقصود أحد العناوين المقربة ، وعلى هذا أيضا يكون ~~النهي موجبا للفساد بلا إشكال ؛ إذ بعد وجود النهي والالتفات إليه لا يمكن ~~قصد القربة. # ومن هنا ظهر أن النهي المتعلق بالعبادة الفعلية لا موضوع له على ~~الاحتمالين الأولين وعلى الاحتمال الأخير وإن كان له موضوع ، ولكنه خلاف ~~ظاهر استدلالهم على الفساد بأن الفعل المنهي عنه لا يمكن أن يكون مقربا ، ~~فلا بد من حمل لفظ العبادة في العنوان على أحد الاحتمالين الأولين ، ومعه ~~لا بد من أن يراد به ما كان عبادة لو لا النهي ، وإذن فلا فرق بين أمثال ~~السجود لله تعالى في حق الحائض وبين صوم العيدين ، فكما أن الأول عبادة لو ~~لا النهي وليس بعبادة فعلية فكذا الثاني وإن فرق بينهما في الكفاية. # فإن قلت : إن الاستدلال على الفساد في العبادة بأن النهي يفيد التحريم ~~الذاتي وهو مناف للصحة والعبادية والمقربية مخدوش ، بأن المكلف عند إتيانه ~~بالعبادة المنهي عنها لا بد وأن يأتي بالعمل بقصد القربة حتى يصير عبادة ~~وداخلا في موضوع البحث ، وحيث إن قصد القربة على ms0230 وجه الحقيقة غير ممكن ~~لمنافاته مع وجود النهي ، وجب قصدها على وجه التشريع، وهو موجب لثبوت ~~الحرمة التشريعية ، وثبوتها موجب لانتفاء الحرمة الذاتية ؛ لامتناع اجتماع ~~المثلين. # قلت أولا : لا نسلم تقوم موضوع البحث بقصد القربة ، بل الموضوع نفس العمل ~~، فالمنهي عنه في حق الحائض هو صورة الصلاة وإن لم تأت بها بقصد القربة. # وثانيا : سلمنا تقومه بذلك ، ولكنه لا منافاة بين الحرمة التشريعية ~~والحرمة الذاتية ؛ فإن متعلق الاولى ما هو من فعل القلب وهو العقد والبناء ~~على العبادية ، ومتعلق الثانية هو الفعل الخارجي ، فهذا نظير التجري ؛ فإن ~~الفعل فيه باق على ما هو عليه واقعا ، والحرمة متعلقة بسوء السريرة. # وثالثا : اللازم من اجتماع الحرمتين حصول الحرمة الواحدة المؤكدة ~~المستتبعة PageV01P247 # للعقاب الأشد ، فإتيان الحرام الذاتي بانيا على حليته محرم آكد من إتيانه ~~لا كذلك ، وعقاب الأول أشد من الثاني ، وبالجملة ، الممتنع إنما هو اجتماع ~~المتماثلين في موضوع واحد مع محفوظية تعددهما لا بدونها. # المقام الثاني في المعاملات ، والتكلم فيها في مقامين : # الأول : أن مقتضى القاعدة هل هو الملازمة بين حرمتها وفسادها ، ~~فالإطلاقات والعمومات مقيدة ومخصصة بحكم العقل ، أو عدمها فلا مانع من ~~الأخذ بها؟. # فنقول : النهي الوارد في هذا الباب إما متعلق بالسبب بأن يكون إنشاء عقد ~~البيع الفلاني مثلا حراما ، أو بالمسبب بأن يكون نفس النقل والانتقال حراما ~~، أو بالتسبيب أي جعل فعل سببا لأمر كالملكية والزوجية ونحوهما ، إما بمعنى ~~عقد القلب على أنه مؤثر فيه ، أو بمعنى تطبيق العمل الخارجي على مؤثريته ~~والمعاملة معه معاملة السبب وترتيب الآثار على سببيته ، وبعبارة اخرى بناء ~~العمل الخارجي على مؤثريته نظير ما هو المراد في قوله عليه السلام : «صدق ~~العادل» ، فهذه أربع صور لتعلق النهي بالمعاملة. # وأما حكمها فربما يقال : إن الصورتين الاوليين مشتركتان في أن النهي ~~فيهما غير ملازم للفساد ، إلا أنه في الاولى منهما غير مقتض لشيء من الصحة ~~والفساد ؛ لوضوح إمكان أن يكون إيجاد سبب مبغوضا ، ويكون على تقدير إيجاده ~~عصيانا مؤثرا واقعا ، كما يمكن أن يكون غير مؤثر ms0231 حينئذ. # وأما الثانية فالنهي فيها مضافا إلى عدم اقتضائه للفساد مقتض للصحة ؛ ~~وذلك لأن النهي عن المسبب دليل على مقدوريته للمكلف ، ومقدوريته ملازمة ~~للصحة ولا يجتمع مع الفساد كما هو واضح. # كما أن الصورتين الأخيرتين مشتركتان في كون النهي فيهما مقتضيا للفساد ، ~~ووجه ذلك أنه وإن كان لا منافاة عقلا بين حرمة عقد القلب على التأثير وحرمة ~~ترتيب الأثر الخارجي على السببية وبين التأثير الواقعي ، إلا أنه يمكن دعوى ~~ظهور كل من التحريمين في عدم التأثير عرفا ، وكذا يمكن دعوى القطع بعدم منع الشارع PageV01P248 # عن عقد القلب على أمر له النفس الأمرية والثبوت الواقعي أو عن ترتيب ~~الأثر الخارجي على المعاملة الصحيحة مع قطع النظر عن أمر خارجي كالجنون ~~والسفه ونحوهما ، فيكون النهي عن عقد القلب على تأثير المعاملة الخاصة أو ~~عن ترتيب الأثر عليها كما في قوله : «ثمن العذرة سحت» كاشفا عن فسادها أصلا ~~وعدم تأثيرها رأسا بمقتضى الظهور والقطع المذكورين. # هذا كله في النهي التكليفي المفيد للتحريم ، وأما الوضعي المرشد إلى ~~الفساد فخارج عن محل الكلام ، ولا يبعد دعوى ظهور النهي في العقود ~~والإيقاعات في الإرشاد إلى الفساد. # اقول : قد مر سابقا أن وجه احتياج المعاملة إلى إمضاء الشرع إما كونه ~~دخيلا في التأثير لكون الشارع مالكا حقيقيا ، وإما كونه تصديقا للعرف بمعنى ~~عدم خطاء نظره في رؤية السببية ، فما ذكر إنما يتم على الثاني ، وأما على ~~الأول فيمكن أن يقال : إن مبغوضية المسبب مستلزمة لعدم إمضاء الشرع الموجب ~~للفساد ؛ إذ بعد فرض توقف تحقق المسبب على إمضاء الشرع وكون وجوده مبغوضا ~~فلو أمضاه الشرع فقد أوجد مبغوضه. # وعلى هذا فلا يمكن تعلق النهي بالنقل والانتقال الفعلي ؛ لعدم مقدوريته ~~للمكلف ، فلا بد من إرجاع النهي المتعلق به ظاهرا إلى النقل والانتقال لو ~~لا عدم الإمضاء الذي هو راجع إلى السبب ، نظير ما قلنا في العبادة من لزوم ~~إرجاع نهيها عقلا إلى العبادة لو لا النهي. # وأما مبغوضية السبب فمعناها مبغوضية إنشاء العقد بقصد ترتب الأثر ؛ إذ ~~معنى السبب ms0232 ذلك ، ولا ريب أن المبغوضية بهذا الوجه في الحقيقة راجعة إلى ~~المسبب ، مثلا مبغوضية نصب السلم بقصد ترتب الكون على سطح الغير علته في ~~الحقيقة راجعة إلى مبغوضية نفس الكون ، فيكون حال هذا القسم حال سابقه ، ~~فظهر أنه يمكن دعوى الجزم بالفساد في السابق ، وكذا في اللاحق بعد رجوعه ~~إلى السابق ، اللهم إلا أن يقال : إن للشارع حيثيتين ، فمن حيث إنه شارع ~~يكون ناهيا ، ومن حيث إنه PageV01P249 # مالك يكون مجيزا ، كما أنه قد يريد شيئا بالإرادة التشريعية ومن حيث إنه ~~شارع ، ويريد خلافه بالإرادة التكوينية ومن حيث إنه خالق ، ولهذا يوجد ~~أسباب خلافه ومقدماته. # والثاني : أن النهي في المعاملة وإن قلنا بعدم ملازمته للفساد عقلا هل هو ~~ملازم له شرعا أولا؟ فنقول : يمكن الاستدلال على الملازمة شرعا بعموم ~~التعليل الواقع في خبر تزويج العبد بغير إذن سيده المروي في الكافي والفقيه ~~عن زرارة عن الباقر عليه السلام «سأله عن مملوك تزوج بغير إذن سيده؟ فقال : ~~ذلك إلى سيده إن شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما ، قلت : أصلحك الله تعالى إن ~~حكم بن عتبة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون : إن أصل النكاح فاسد ولا ~~يحل إجازة السيد له؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : إنه لم يعص الله ، إنما ~~عصى سيده ، فإذا أجاز فهو له جائز». # فإن ظاهر الفقرة الأخيرة أن كل معاملة كانت معصية لله ومخالفة للنهي ~~التكليفي بعنوانه الأولي فهي غير قابلة للصحة ، وتزويج العبد وإن كان محرما ~~لكونه معصية السيد ، إلا أن الحرمة متعلقة بعنوان مخالفة السيد لا بعنوان ~~التزويج. # فإن قلت : المراد بالمعصية المنفية مخالفة النهي الوضعي دون التكليفي ؛ ~~إذ المراد بمعصية السيد بقرينة الصدر هو مجرد الفعل بدون رضاه وإذنه ~~وإمضائه ، فيكون المراد بالمعصية المنفية أيضا بقرينة السياق هو مجرد الفعل ~~الذي لم يمضه الله ولم يشرعه بل نهى عنه وضعيا ، بمعنى فقدانه شرطا شرعيا ، ~~وهذا لا كلام في فساده. # قلت : حمل المعصية على مخالفة النهي الوضعي خلاف الظاهر في الغاية ، بل ~~الظاهر منها مخالفة النهي التحريمي ، وأما ms0233 عدم الإذن الواقع في صدر الرواية ~~فمحمول على الكراهة وإطلاقه عليها شايع في العرف ، ألا ترى أنه يقال : فلان ~~غير راض بكذا فيما إذا كان كارها له ، مع أن عدم الرضى أعم بحسب اللغة من ~~الكراهة ، وبالجملة ، فإبقاء المعصية على ظاهرها ورفع اليد عن ظهور عدم ~~الإذن فيما هو أعم من الكراهة أولى من العكس ؛ لأقوائية ظهور الأول من ~~الثاني ، فيتم بذلك الاستدلال بالرواية على المطلوب. PageV01P250 ### | «المقصد الثالث في المفاهيم» # مقدمة : المفهوم ما يكون غير المنطوق والمدلول الأولي للفظ ويكون لازما ~~للكيفية الخاصة الثابتة للمدلول الأولي ، ويجب أن يكون الدلالة عليه دلالة ~~لفظية مستندة إلى اللفظ ليصح عد هذا المبحث من مباحث الألفاظ ، وذلك بأن ~~يكون الانتقال إلى خصوصية المعنى الأولي موجبا للانتقال إلى المعنى الآخر ~~عرفا لكون المعنى الآخر لازما بينا بالمعنى الأخص لتلك الخصوصية ، فلو ~~انتفى هذا الانتقال في مقام لزم الحكم بعدم المفهوم فيه ، فالنزاع في ثبوت ~~المفهوم وعدمه في الحقيقة راجع إلى أنه هل يكون للفظ مدلول خاص يلزم من ~~الانتقال إلى خصوصيته الانتقال إلى معنى آخر أولا؟. ### || «فصل» # المعروف ثبوت المفهوم للقضية الشرطية ، فقولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ، ~~مشتمل على كيفية خاصة مستلزمة لقضية سالبة هي قولنا : إن لم يجئك فلا يجب ~~إكرامه ، ومرجع هذا القول إلى دعوى الظهور الوضعي أو العرفي الثانوي أو ~~الظهور المستند إلى مقدمات ، مثل ظهور الأمر في الطلب التعييني بمعونة ~~احتياج غيره إلى المئونة الزائدة ، لا مثل الظهور المستند إلى مقدمات ~~الحكمة في المطلقات ؛ لانفكاكه عن اللفظ في مورد عدم ثبوت تلك المقدمات ، ~~والمدعى في المقام هو الظهور الغير القابل للانفكاك من اللفظ ، فلا بد أن ~~يكون مستندا إلى مقدمات غير منفكة عنه ، نظير ما قلنا في كلمة «كل» من ~~كونها قرينة على إرادة الإطلاق من مدخولها. # وليعلم أولا أنه لا نزاع في الحكم الشخصي بمعنى أن انتفائه عند انتفاء ~~موضوعه عقلي لا يقبل النزاع ، فإذا قيل : إذا جاء زيد فأكرمه فعند عدم تحقق ~~المجيء عدم تحقق وجوب الإكرام المسبب ms0234 عن المجيء عقلي ، وبالجملة ، فانتفاء ~~الموضوع الشخصي موجب لانتفاء الحكم الشخصي المتعلق بذاك الموضوع عقلا ، ~~وانما النزاع PageV01P251 # في انتفاء سنخ الحكم المذكور في القضية الشرطية أو الوصفية عند انتفاء ~~الموضوع ، كأن يكون انتفاء المجيء في قولنا : إذا جاء زيد فأكرمه أو العلم ~~في قولنا : أكرم زيد العالم موجبا لانتفاء وجوب الإكرام رأسا ، ولو كان ~~مسببا من جهة اخرى فلو احتملنا حينئذ وجوبه مستندا إلى جهة اخرى ككونه ~~محسنا أو مسنا أو نحوهما كان هذا الاحتمال مدفوعا بمقتضى ظاهر القضية. # فنقول : هنا أشياء يمكن القطع بظهور القضية الشرطية في بعضها ولا يمكن في ~~بعض آخر ، فمجرد المقارنة الاتفاقية بين شيئين لا يرتبط أحدهما بالآخر بجهة ~~من الجهات أصلا يمكن دعوى الجزم بعدم كونها معنى القضية المذكورة ولو ~~استعملت فيها أحيانا كما لو قيل : إن أكلت في اليوم طعاما فأنت تموت في آخر ~~عمرك إما في الليل أو النهار فمحمول على الهزل والمزاح. # وبالجملة ، فمجرد المقارنة الاتفاقية بين مثل الثلج والباب غير محقق ~~لمعنى «إن» وأمثالها ، بل يمكن الترقي من هذا والقول بعدم كفاية مجرد ~~التلازم أيضا ، فالمعلولان لعلة ثالثة وإن كان بينهما ربط لكونهما متلازمين ~~في الوجود ويصح استعمال القضية فيهما ، إلا أن التلازم بهذا النحو خلاف ~~الظاهر الأولي للقضية ، بل الظاهر الأولي منها هو التلازم بنحو ترتب الثاني ~~على الأول وكونه في طوله لا في عرضه ، وكذا الكلام فيما إذا كان في البين ~~ترتب لكن على العكس ، بأن كان الأول معلولا للثاني ومترتبا عليه. # فتحصل أن المستفاد من القضية الشرطية شيئان ، أحدهما اللزوم في قبال مجرد ~~المقارنة الاتفاقية ، والثاني ترتب الجزاء على الشرط في قبال عدم الترتب ~~رأسا وترتب الأول على الثاني ، كما يشهد به صحة إتيان «الفاء» في صدر ~~الجزاء. # وهنا دعويان اخريان : # إحداهما : دعوى العلية التامة المستقلة لتالي «إن» وأمثالها بالنسبة إلى ~~الجزاء ، وهذه الدعوى إنما هي مثمرة لباب الأسباب بتقريب نقلناه هناك عن ~~الشيخ الجليل المرتضى قدسسره وقد مر دفعهما هناك أيضا بأنا لا نفهم من كلمة ms0235 ~~«إن» ونحوها إلا مجرد أنه متى وجد الشرط وجد الجزاء عقيبه ، نعم لا بد أن ~~لا يكونا غير مرتبطين PageV01P252 # أصلا بل يستفاد أن بينهما ربطا ما بنحو ترتب الثاني على الأول أعم من ~~العلية الناقصة والتامة ، وفرعنا على هذا أنه لو تحقق أسباب شرعية متعددة ~~على التعاقب أو دفعة يكفي وجود مسبب واحد عقيبها ؛ إذ بصدق عليه أنه مرتب ~~على هذا وذاك وأن هذا وذاك مؤثران فيه على وجه الشركة ، وليس على الزائد من ~~هذا المقدار دليل إلا في صورة التخلل. # والثانية : دعوى الانحصار ، والقول بالمفهوم فيما نحن فيه مبني على هذه ~~الدعوى فقط ؛ ضرورة أنه كما يصح أخذ المفهوم في صورة كون الشرط علة تامة ~~منحصرة ، كذلك يصح في صورة كونه جزاء أخيرا للعلة المنحصرة ، فالمهم في ~~المقام إنما هو إثبات ذلك ، وأقوى ما يدل عليه لو كان هو حكم الوجدان ~~بتقريب أن من المسلم فيما بينهم دلالة كلمة «لو» على امتناع الجزاء لأجل ~~دلالتها على امتناع الشرط ، ولا شبهة في أن انتفاء الشرط إنما يوجب انتفاء ~~الجزاء لو كان السبب منحصرا فيه ، ضرورة أنه لو لم يكن منحصرا فيه أمكن ~~قيام سبب آخر مقامه ، فلا يدل انتفائه على امتناع الجزاء ، فدلالة هذه ~~الكلمة على امتناع الجزاء لو سلمنا كما يتوقف على دلالتها على امتناع الشرط ~~كذلك يتوقف على دلالة اخرى لها على انحصار السبب فيه ، ثم بعد ذلك نقول : ~~لا فرق بين هذه الكلمة وبين كلمتي «إن» و «إذا» إلا في مجرد دلالة الاولى ~~على امتناع وقوع الشرط ، والثانية على احتمال وقوعه وعدم وقوعه ، والثالثة ~~على تحقق وقوعه ، وفي غير هذه الجهة لا فرق بينها حتى في الدلالة على ~~الانحصار بحكم الوجدان ، ولكن لم يحصل لنا الجزم بذلك إلى الآن في غير كلمة «لو». # وبعبارة اخرى : إنا نفهم من قول القائل : إذا جاء زيد فأكرمه ، أن السبب ~~الموجب للإكرام غير موجود في نفس زيد ، وأنه أمر خارجي ، وأن وجود المجيء ~~سبب له ، وأما أنه لو لم يتحقق المجيء ms0236 وتحقق شيء آخر احتملنا كونه سببا ~~لوجوب إكرامه أيضا ، فهذه القضية متعرضة لنفي هذا الاحتمال ، فلم يحصل ~~الجزم به إلى الآن. # ثم إنه ربما يستدل للانحصار بوجوه آخر ضعيفة. PageV01P253 # منها : أنه لا شك في دلالة أداة الشرط على اللزوم كما مر وله أنحاء ~~أكملها اللزوم الثابت بين العلة المنحصرة ومعلولها ، والمطلق منصرف إلى ~~الفرد الأكمل عند الإطلاق. # وفيه أولا : أن مجرد عدم وجود الشريك في التأثير لا يوجب أكملية المؤثر ، ~~مثلا لو فرض كون شخص واجدا لمرتبة خاصة من صناعة فلا يعقل حدوث تفاوت في ~~حاله بوجود الشريك له في تلك المرتبة وعدمه ، فلا يحدث بالأول نقصان لهذا ~~الشخص ولا بالثاني كمال له ، نعم عدم الشريك موجب للكمال فيما إذا كان ~~وجوده موجبا للنقص كما في الشركة في مالكية الدار ، ومن الواضح أن ما نحن ~~فيه ليس من هذا القبيل. # وثانيا أن الأكملية على فرض تسليمها لا يوجب الانصراف وإنما المنشأ ~~للانصراف هو الانس الذهني للفظ بالمعنى الناشئ من شيوع الاستعمال أو ~~المناسبة ؛ ولهذا لا ينصرف لفظ الإنسان إلى أكمل أفراده. # فإن قلت : سلمنا منع الانصراف لنفس اللفظ ، ولكن يمكن بضم مقدمات الحكمة ~~حمل مطلق التعليق واللزوم المستفاد من الأداة على خصوص التعليق على العلة ~~المنحصرة كما يحمل مطلق الوجوب على الوجوب النفسي بضمها. # قلت : ربما يجاب عن هذا بأن التمسك بتلك المقدمات فرع إمكان جريانها وليس ~~بممكن ، لكونه منافيا لكون التعليق معنى الحرف ، وفيه أن هذا إنما يتم على ~~القول بجزئية معنى الحرف ؛ إذ الأخذ بتلك المقدمات إنما يصح فيما إذا كان ~~في البين جامع حتى يحكم بتعيينه في فرد خاص بضمها ، وأما الجزئي الحقيقي ~~فليس إلا نفسه ، وأما على القول بكونه كليا كما هو مذاق هذا القائل فحاله ~~حال سائر الكليات ، فكما يمكن في سائر الكليات تعيينها في فرد خاص بمقتضى ~~الانصراف أو بضم تلك المقدمات فكذا فيه بلا فرق ، ومسألة عدم استقلال معنى ~~الحرف باللحاظ غير مضرة ، وبيانه أنه لا إشكال في احتياج الواضع في وضع ~~الحرف ms0237 إلى ملاحظة الإجمال المنتزع من المعنى الذي هو حالة للغير ، مثلا في ~~وضع «من» يحتاج إلى PageV01P254 # ملاحظة الابتداء الملحوظ حالة للغير وهذا الإجمال يحمل عليه بالحمل ~~الشائع الصناعي أنه مستقل باللحاظ ومعنى اسمي ، وبالحمل الذاتي أنه غير ~~مستقل فيه ومعنى حرفي ، وهو إجمال وعنوان تفصيله ومعنونه نفس المعنى الحرفي ~~، والوضع إنما يكون بإزاء واقعه ونفس معنونه. # فنقول : حال المستعمل في ذلك حال الواضع بعينه ؛ ضرورة أن مستعمل الحرف ~~يلتفت إلى أنه يستعمله في ما ذا ، والفرض أن الالتفات التفصيلى يخرج المعنى ~~عن كونه حرفيا ، فلا بد أن يتعلق لحاظه والتفاته إلى عين ما تعلق به لحاظ ~~الواضع وهو المعنى الاسمي الذي هو عنوان للمعنى الحرفي ، لا بمعنى أنه ~~يحتاج في مقام الاستعمال إلى لحاظين : لحاظ العنوان ولحاظ المعنون ، بل ~~يكفي لحاظ العنوان وحده ، ويصير الحرف مستعملا في نفس المعنون قهرا ، فلو ~~كان لهذا المعنى الاسمي الملحوظ منصرف إليه أو أمكن تعيينه في فرد خاص ~~بضميمة المقدمات يسري ذلك إلى معنى الحرف قهرا. # ولهذا يرى أنه مع صحة استعمال كلمة «في» في ربط اللباس باللابس كما يقال ~~: الصلاة في لباس كذا حكمه كذا ، وصحة استعمالها في ربط المحمول بالحامل ~~كما يقال : الصلاة في محمول كذا حكمه كذا ، لو قيل : الصلاة في الشيء النجس ~~باطلة ، يحمل على اللباس دون المحمول ؛ لتحقق الظرفية على وجه الحقيقة في ~~الأول دون الثاني ، هذا مع أن كلام المجيب منقوض بما اعترف هو به من حمل ~~معنى هيئة الأمر وهو الوجوب المطلق على الوجوب النفسي بمقدمات الحكمة مع ~~كونه معنى حرفيا. # فالحق في الجواب أن يقال : إن فائدة تلك المقدمات تعيين المطلق في الفرد ~~الأخف مئونة ، مثلا الوجوب التعييني يتحقق بمجرد جعل الوجوب متعلقا بموضوع ~~وإبقائه بحاله من دون ضم عدل إلى هذا الموضوع ، بخلاف التخييري فإنه يحتاج ~~مع ذلك إلى ضم العدل ، فلو قال : أكرم زيدا وسكت عن قوله : أو عمروا مثلا ~~يستكشف من عدم ذكر هذا مع كونه بصدد البيان أن مراده جعل الوجوب على ms0238 نحو ~~التعيين دون التخيير ؛ إذ لو لم يرد أحد النحوين لأراد المهملة وهو خلف ؛ ~~إذ المفروض كونه في مقام البيان ، ولو أراد التخييري لذكر العدل ، والمفروض عدم PageV01P255 # ذكره ، فتعين أن يكون المراد هو التعييني. # وكذا الوجوب النفسي يتحقق بمجرد تصور نفس الموضوع مع إيجابه ، ولا يحتاج ~~إلى أزيد من ذاك ، بخلاف الغيري فإنه يحتاج إلى ثلاثة تصورات : تصور نفس ~~الموضوع ، وتصور إيجابه ، وتصور وجوب آخر ، فلو قال : انصب السلم يستكشف ~~بمقدمات الحكمة أنه لم يوجد في نفس القائل سوى التصوران الأولان ؛ إذ لو ~~وجد التصور الأخير أيضا لقيد بقوله : للكون على السطح. # وأما ما في الكفاية من تقرير أخفية مئونة النفسي من الغيري بأن النفسي ~~واجب على كل حال والغيري واجب على تقدير دون تقدير ، ففي غير محله ؛ إذ ~~الغيري أيضا واجب على كل حال ، هذا. # بل وكذا حال الوجوب بالنسبة إلى الندب ، فيمكن أن يقال بأن هيئة الأمر ~~عند القائل بوضعها لمطلق الطلب محمولة على الوجوب بمقدمات الحكمة ؛ فإن ~~الوجوب وإن كان أشد مئونة على الفاعل من الندب إلا أنه أخف مئونة منه في ~~إنشاء المنشئ ، بمعنى أن الإرادة المتوجهة نحو الفعل بنفسها مقتضية للإيجاد ~~وطاردة للعدم ، فبمجرد إنشاء الإرادة نحو الفعل يتحقق الوجوب من دون حاجة ~~إلى ضم إنشاء آخر ، بخلاف الندب ، فإنه يحتاج إلى إنشاء الإذن في الترك في ~~جنب الإرادة التشريعية. # ومن هنا انقدح أن الفرق بينهما ليس بالشدة والضعف ؛ ولهذا لا يتصف بهما ~~الإرادة الفاعلية ؛ إذ لا يعقل أن يرى الفاعل نفسه مخيرا بين الفعل والترك ~~ومع ذلك كان واجدا للإرادة ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، بمعنى أن ~~تعليق حكم على موضوع وتأثير موضوع في حكم لا يتفاوت حاله بوجود سبب آخر ~~لهذا الحكم وعدمه ، ولا يصير أخف مئونة في الصورة الثانية منه في الصورة ~~الاولى ، بل حاله في الصورتين على السواء ، فهو في كليهما محتاج إلى ~~القرينة ، فقياس ما نحن فيه وهو نفس التعليق واللزوم المستفاد من الأداة ~~على ما ذكر من ms0239 الوجوب النفسي قياس مع الفارق. # ومنها : التمسك بإطلاق التعليق على شيء خاص ، لا بإطلاق نفس التعليق ، PageV01P256 # بتقريب أن قول القائل : إن جاءك زيد فأكرمه ، معناه أن وجوب الإكرام معلق ~~على المجيء ومسبب عنه مطلقا سواء سبقه شيء أو قارنه أم لا ، وهذا الإطلاق ~~ملازم للحصر ؛ إذ لو كان في البين سبب آخر وسبق المجيء لم يستند وجوب ~~الإكرام إلى المجيء ، أو قارنه لم يستند إلا إلى المجموع. # وجوابه مضافا إلى احتياجه كسابقه ولا حقه إلى مقدمات الحكمة وهي غير ~~جارية على وجه الكلية أن التمسك بهذا الإطلاق غير منتج ؛ إذ لنا أن نأخذ به ~~مع عدم كونه ملازما للحصر ومنافيا للتعدد ؛ إذ لو قلنا بتعدد المسببات عند ~~تعدد الأسباب فكل سبب يقتضي مسببا مستقلا من دون أن يرتبط مسبب هذا بذاك ~~ولا مسبب ذاك بهذا ، فيكون الإطلاق صحيحا على أى حال. # وأما لو قلنا بوحدة المسبب وعدم قبوله للتكرار فكذلك على القول بكون ~~المسبب هو الوجوب ؛ إذ كل سبب يقتضي وجوبا مستقلا ، غاية الأمر صيرورة ~~الوجوبات وجوبا واحدا متأكدا ، وعلى القول بكونه هو الوجود أيضا يبتنى صحة ~~التمسك بالإطلاق المذكور على القول بظهور القضية الشرطية في السببية ~~المستقلة ؛ إذ على هذا ينتفي وصف الاستقلال عند سبق سبب آخر أو مقارنته. # وأما على ما اخترناه من عدم ظهور القضية في ذلك فلا ؛ لإمكان حفظ الإطلاق ~~على كل حال أيضا ، وذلك لثبوت أصل السببية في صورتي السبق والمقارنة ، غاية ~~الأمر كونها على نحو الشركة. # فتحصل أن التمسك بهذا الإطلاق لإثبات الحصر مبني على ثلاث مقدمات كلها ~~قابلة للمنع : كون المسبب غير قابل للتكرار ، وكونه هو الوجود ، وكون ~~الظاهر من القضية الشرطية هو السببية المستقلة. # ومنها : التمسك بإطلاق نفس الشرط بتقريب أنه لو لم يكن السبب منحصرا بل ~~كان أحد الأمرين احتاج إلى ذكر العدل ، بخلاف ما إذا كان منحصرا ، فإنه لا ~~يحتاج إلى سوى ذكر السبب الواحد ، فإذا قال : إن جاءك زيد فأكرمه ولم يقل : ~~أو أحسن إليك عقيب قوله : إن جاءك ms0240 مثلا مع كونه بصدد البيان ، كان هذا دليلا PageV01P257 # على الانحصار والتعين ، كما يحمل الوجوب على التعييني بقرينة عدم ذكر العدل. # وفيه أن الغالب في القضية الشرطية كون وجه الكلام إلى أن حكما كذا مرتب ~~على موضوع كذا ، فيؤخذ بمقام البيان في هذه الجهة بلا إشكال ، ففي قوله : ~~إن جاء زيد فأكرمه يصح دفع احتمال أن الواجب إكرام خاص أو الدخيل مجيئي خاص ~~بمقدمات الحكمة ، وأما كيفية الشرطية وأنها يكون على وجه الانحصار والتعين ~~أولا ، فليس المتكلم بهذه القضية بصدد بيانها غالبا. # نعم لو كان في مقام بصدد تعداد شروط وجوب الإكرام وقال في هذا المقام : ~~إن جاءك زيد فأكرمه يؤخذ بمقدمات الحكمة لإثبات التعين والوحدة ، وليس هذا ~~مختصا بالقضية المذكورة ، بل هو جار في كل قضية ، مثلا لو كان في مقام ~~تعداد القائم أو الواجب الإكرام في العالم وقال في هذا المقام : زيد هو ~~القائم أو الواجب الإكرام كان الأخذ بمقدمات الإطلاق مقتضيا لانحصار ~~الوصفين في زيد ، وهذا بخلاف إنشاء الوجوب ؛ فإن المتكلم فيه يكون بصدد جعل ~~الإيجاب وفي مقام إنشائه ، والمفروض أن جعله ممكن على نحوين مع العدل ~~وبدونه ، فالأخذ بالمقدمات المذكورة لإثبات الثاني بلا مانع. # ومن هنا يظهر أنه لو أثبت الشرطية لشيء بأداة الشرط وعطف عليه شيئا آخر ~~بكلمة «أو» فلعل القول بظهور القضية حينئذ في انحصار السبب في هذين الشيئين ~~كان أقرب من القول بظهورها في الانحصار في السبب الواحد في صورة عدم العطف ~~، ووجهه أن المتكلم في الصورة الاولى قد تعرض لبيان كمية الشرط. # وقال في الكفاية ما حاصله أنه لو فرضنا كون المتكلم بصدد بيان كيفية ~~الشرطية أيضا لا يفيد التمسك بهذا الإطلاق لإثبات الانحصار ، وذلك لأن ~~الوحدة والتعدد خارجان عن كيفيات الشرطية ؛ ضرورة أن الشرط واحدا كان أم ~~متعددا فكيفية شرطيته واحدة لا تتفاوت ، كما أن وجود زيد لا يتفاوت نحوه ~~وكيفيته بوجود عمرو في العالم وعدمه ، وهذا بخلاف الوجوب فإن نحوه يتفاوت ~~بوجود العدل وعدمه. # ولكن لا إشكال في أن وجود سبب ms0241 آخر يصير منشئا لانتزاع وصف لهذا PageV01P258 # الشرط ، وعدمه يصير منشئا لانتزاع وصف آخر له وهو كونه مع الغير على ~~الأول ووحده على الثاني ، فهذان وإن لم يكونا من الكيفيات الخارجية لكن ~~يكونان من الأوصاف والحالات الاعتبارية. # ثم إنه استدل المنكرون للمفهوم بوجوه ، # منها : ما عزي إلى السيد قدسسره مما حاصله أن المستفاد من الأداة ليس إلا ~~شرطية التالي والشرطية غير ملازمة لعدم البدل والقائم مقامه ؛ إذ الشرائط ~~التي لها بدل لا تعد ولا تحصى ، مثلا شهادة العدلين شرط للقبول ، وقيام ~~امرأتين يقوم مقام العدل الواحد ، وكذا اليمين وأربع نساء يقوم مقام ~~العدلين وهكذا. # والجواب أن المقدمة الاولى غير مفروغ عنها وذلك لأن مدعي المفهوم لا ~~يستند إلى ملازمة الشرطية لعدم البدل حتى يرد عليه ما ذكر ، بل إلى ظهور ~~القضية في الانحصار كما عرفت ، فالأولى منع هذا الظهور ومطالبة مدعيه ~~بإقامة البرهان. # ومنها : الاستدلال بآية ( @QUR@08 لا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن ~~تحصنا )؛ إذ لازم القول بالمفهوم عدم حرمة الإكراه في صورة عدم إرادة ~~التعفف. # والجواب أن محل الكلام في القضية الشرطية هو ما إذا كان للقضية موضوع ~~ومحمول وشرط ، وكان الموضوع ثابتا في صورتي وجود الشرط وعدمه ولم يكن لوجود ~~الشرط وعدمه دخل في وجود الموضوع ، بل كان وجوده محفوظا في كلتا الحالتين ، ~~ففي قولك : إن جاء زيد فأكرمه ، الموضوع زيد ، والمحمول وجوب الإكرام ، ~~والشرط هو المجيء ، فالقائل بالمفهوم يقول بأن الحكم المحمول على زيد في ~~صورة وجود المجيء وجوب الإكرام وفي صورة عدمه عدم وجوبه. # وأما ما إذا كان الشرط محققا لوجود الموضوع بحيث لزم من انتفائه انتفاء ~~الموضوع فعدم الحكم حينئذ عند عدمه ليس من باب المفهوم ، بل لأجل ارتفاع ~~الموضوع ، وقد عرفت أن ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه عقلي خارج عن محل ~~الكلام ، فلو قال : إن رزقت ولدا فاختنه أو إن ركب الأمير فخذ ركابه ، فعدم ~~وجوب الختان وأخذ الركاب عند عدم الشرط إنما هو لأجل انتفاء الموضوع وهو PageV01P259 # الولد في الأول والركاب في الثاني ، والآية الشريفة ms0242 من هذا القبيل ، إذ ~~في صورة عدم إرادتهن التحفظ والتعفف لا يبقى موضوع للإكراه ، فعدم حرمة ~~الإكراه حينئذ سالبة بانتفاء الموضوع، فيصح أن يقال : إن الإكراه في هذه ~~الصورة ليس بحرام وتجب الممانعة. ### ||| ** بقي هاهنا امور : # الأول : أن من المسلم فيما بين القائلين بالمفهوم في القضية الشرطية لزوم ~~ثبوت الاتفاق بين القضية المنطوقية والمفهومية في جميع الجهات وعدم ~~الاختلاف بينهما إلا في جهة السلب والإيجاب ، فلهذا ربما توهم أن القضايا ~~الإنشائية التي يرتب فيها حكم جزئي على موضوع كما في قولك : إن جاء زيد ~~فأكرمه حيث إن الجزاء هو الوجوب الجزئي الحاصل بالإنشاء الخاص ، فإن ~~المعاني الإنشائية حرفية ، فتكون جزئيات لا بد أن يكون المنفي في مفهومها ~~هو هذا الحكم الجزئي بجزئيته لا بسنخه للأصل المزبور ، وهو لا ينافي ثبوت ~~جزئي آخر من هذا السنخ بأن يكون الزيد عند عدم مجيئه واجب الإكرام بوجوب ~~آخر غير الوجوب المنشأ على تقدير المجيء ، وهذا بخلاف القضايا الإخبارية ~~التي يرتب فيها الحكم الكلي على الموضوع كما في قولك : إن جاء زيد يجيء ~~عمرو حيث إن الجزاء هو كلى المجيء ، فالمفهوم في هذه القضايا يفيد نفي كلي ~~الحكم وسنخه # وجوابه أولا بالنقص ، وبيانه أن المعلق على الشرط في القضايا الإخبارية ~~لو كان هو نفس المخبرية ، مثلا في قولنا : إن جاء زيد يجيء عمرو كان المعلق ~~على مجيء زيد نفس مجيء عمرو ، يلزم أن يكون المتكلم قد أخبر بوقوع أمر معلق ~~، وكذب هذا القسم من الإخبار كما يصدق بعدم حصول المعلق فكذا بعدم حصول ~~المعلق عليه ، فيلزم أن يكون المتكلم في المثال كاذبا عند عدم مجيء زيد ، ~~ومن المعلوم خلافه ، فلا بد أن يكون المعلق على الشرط في هذه القضايا هو ~~نفس الإخبار بأن يكون المتكلم بعد فرض حصول الشرط وتحققه قد أخبر بوقوع أمر ~~، وكذب هذا الإخبار PageV01P260 # لا يصدق إلا بعدم حصول المخبرية مع حصول الشرط ، وأما بدونه فليس في ~~البين صدق ولا كذب ؛ لعدم حصول ظرف الإخبار. # وحينئذ فيشترك القضية الإخبارية مع الإنشائية ms0243 في الجهة المذكورة ، فكما ~~أن الجزاء في الثانية هو الحكم الجزئي الحاصل بالإنشاء الخاص فكذا في ~~الاولى أيضا يكون هو الإخبار الجزئي الحاصل بالإنشاء الخاص ، فيكون المنفي ~~في طرف المفهوم هو هذا الإخبار الخاص. # وثانيا : بالحل وهو أن انتفاء الحكم الجزئي ليس من محل الكلام ، وإنما ~~الكلام في انتفاء سنخ الحكم ، فنحن سواء قلنا بجزئية المعاني الحرفية أم ~~بكليتها لا بد وأن نقول هنا بلزوم اتفاق القضيتين المنطوقية والمفهومية في ~~سنخ الحكم لا في شخصه ، وإلا فانتفاء شخصه بانتفاء الموضوع من البديهيات ~~الأولية ولا يصلح لأن يقع محلا للنزاع ، هذا مضافا إلى أن الحق هو أن ~~المعاني الحرفية كليات كما قرر في محله. # الثاني : أن من المسلم بين القائلين بالمفهوم في القضية الشرطية لزوم ~~موافقة القضية المنطوقية مع القضية المفهومية في الموضوع والمحمول والقيود ~~الثابتة لكل منهما ، وكون التفاوت بمجرد الإيجاب والسلب لوجود الشرط في ~~المنطوق وعدمه في المفهوم ، فلو قال : إن جاء الرجل العالم فأكرمه ، لزم ~~أخذ الرجل في المفهوم مع هذا القيد ، وكذلك لو قال : إن جاء زيد فاكرمه ~~بالتسليم عليه ، حتى لو اخذ في المنطوق عموم موضوعا في طرف الموضوع أو ~~المحمول فلا بد من أخذه كذلك في المفهوم في أحدهما. # فلو قال : إن جاء جميع العلماء فأكرمهم ، بحيث كان الملحوظ مجيء الجميع ~~من حيث المجموع فلا بد أن يكون الملحوظ في موضوع المفهوم عدم مجيء المجموع ~~من حيث المجموع ، وكذلك في طرف المحمول كما لو قال : إن جاء زيد فأكرمه ~~بجميع أنحاء الإكرام بحيث كان الملحوظ مجموع الأنحاء من حيث المجموع ولا ~~إشكال في ذلك كله. # إلا أنه قد وقع النزاع بينهم في كل قضية كان المحمول فيها مشتملا على عموم PageV01P261 # استغراقي كقوله عليه السلام : «إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء» حيث إن ~~الجزاء سالبة كلية ، فقال الشيخ صاحب التعليقة قدسسره : بكون المفهوم موجبة ~~جزئية ، والشيخ المرتضى بكونه موجبة كلية ، ومن هنا ذهب إلى انفعال الماء ~~القليل بكل نجاسة ، وهذا النزاع كما ترى جار ms0244 في جميع المحصورات الأربع. ~~وكيف كان فما يمكن أن يكون وجها لنظريهما أحد أمرين : # الأول : أنه لو اخذ العموم في هذه القضية وأمثالها في طرف المنطوق على ~~وجه الموضوعية فلا إشكال في أخذه كذلك في طرف المفهوم ، إلا أن هنا امورا ~~لم يلحظها المتكلم قيدا للقضية وحالة لها ، ولكنها تصير من حالات القضية ~~وصفاتها قهرا ، وذلك مثل العموم الاستغراقي ، وبيان ذلك أن القضية المسورة ~~بكلمة «كل» ونحوها يمكن لحاظ العموم فيها بوجهين : # الأول أن يلحظ بالمعنى الاسمي ومستقلا وموضوعا بحيث صار الأفراد أجزاء ~~ارتباطية له ، وحينئذ فليس له امتثال واحد لو وقع مأمورا به. # والثاني أن يلحظ بالمعنى الحرفي ومرآتا للأفراد وهو عبارة عن لحاظ إجمالي ~~محيط بالآحاد منفردا منفردا ، وحيث كان تعداد الأفراد تفصيلا وترتيب الحكم ~~على كل على حده موجبا للتطويل والإطالة جعل هذا اللحاظ مرآتا لها ، وحينئذ ~~فيتعلق الحكم لا محالة بالمرئى وهو الآحاد منفردا منفردا دون المرآة ، ~~فينحل إلى أحكام عديدة ويتعدد بذلك مناط الإطاعة والمعصية ، ويتضح الحال في ~~القسمين بملاحظة الحال في لفظ العشرة وأمثالها ؛ إذ فيها أيضا يمكن هذان ~~اللحاظان بعينهما ، ولا يلزم في اللحاظ الثاني استعمال كلمة «كل» ونحوها في ~~غير معناها ؛ إذ هنا مرحلتان ، مرحلة الاستعمال ومرحلة الحكم ، ففي الاولى ~~قد لوحظ العموم بالمعنى الاسمي وفي الثانية بالمعنى الحرفي. # إذا تقرر ذلك فإن لاحظ المتكلم العموم على الوجه الأول فلا كلام ، وإن ~~لاحظ على الوجه الثاني فهو حينئذ وإن لم يلحظ إلا على نحو المرآتية الصرفة ~~دون الموضوعية ، إلا أن لحاظه كذلك لما صار موجبا لتعلق الحكم بالآحاد من دون PageV01P262 # استثناء واحد منها فقد أوجب ورود العموم وعروضه على القضية قهرا ؛ إذ ~~يصدق عليها أنها قضيته عامة لا يخرج عن تحت حكمها فرد واحد من أفراد عنوان ~~موضوعها. # فكما أن قولنا : هذا واجب الإكرام وهذا واجب الإكرام وهذا واجب الإكرام ، ~~وهكذا إلى آخر الأفراد موجب لانتزاع العموم في البين وإن لم يتصف به واحدة ~~من تلك القضايا ، فكذلك قولنا : كل عالم واجب ms0245 الإكرام أيضا موجب لانتزاع ~~العموم في البين ولكن يتصف به هذه القضية قهرا ؛ فإن الثاني أيضا إشارة ~~إجمالية عقلية إلى كل واحد واحد من الأفراد منفردا. # وحينئذ فنقول : يمكن أن يكون كلام صاحب التعليقة قدسسره ناظرا إلى أن ~~العموم في هذه القضية وأمثالها وإن لوحظ مرآتا لا موضوعا ، إلا أنه لا يخفى ~~أن القضية الشرطية قضيتان صارتا بواسطة أداة الشرط قضية واحدة. # وبعبارة اخرى أنها قضية مربوطة بقضية اخرى ، فللقضية الجزائية لحاظان ، ~~لحاظ نفسها ولحاظ إناطتها بالقضية الشرطية ، فالعموم في لحاظها الأول وإن ~~كان ملحوظا على وجه المرآتية ، إلا أنه في لحاظها الثاني ملحوظ على وجه ~~الموضوعية ، ووجه ذلك أنه لا بد أولا من تمامية القضيتين ثم من إيقاع ~~الارتباط بينهما ، فلا جرم تكون القضية الجزائية مع جميع توابعها ولواحقها ~~الحاصلة لها قصدا أو قهرا منوطة بالقضية الشرطية ، ومن جملتها وصف العموم ، ~~فيصير محصل معنى القضية المذكورة أن كرية الماء موجبة لتحقق قضية عامة هي ~~قولنا : «لم ينجسه شيء» فعدمها موجب لارتفاع هذه القضية العامة ، وهو يحصل ~~بالإيجاب الجزئي كما بالإيجاب الكلي. # ويكون كلام شيخنا المرتضى قدسسره ناظرا إلى أن المفهوم لا يؤخذ عن ~~المنطوق بعد ورود العموم عليه ، بل القيود التي لاحظها المتكلم في المنطوق ~~لا بد من لحاظها في المفهوم على نحو لحاظها في المنطوق ، فكما أن العموم ~~ملحوظ في المنطوق على وجه المرآتية نفيا ، فلا بد أن يكون في المفهوم أيضا ~~ملحوظ كذلك ، وحينئذ فيكون عروض العموم على المنطوق والمفهوم في عرض واحد. # وبعبارة اخرى كلام المتكلم بمنزلة مائة قضية منطوقية فيكون المفاهيم أيضا PageV01P263 # مائة ، فهذا نظير وصف الإطلاق الوارد على الجزاء كما في قولك : إن ظاهرت ~~فاعتق رقبة ، فإن المفهوم لا يؤخذ من المنطوق بعد ورود الإطلاق عليه ، كيف ~~وإلا لزم أن يكون المفهوم في القضية المذكورة هكذا : إن لم تظاهر فلا يجب ~~عليك عتق مطلق الرقبة ، وهذا لا ينافي لوجوب رقبة خاصة ، ومن المعلوم خلافه ~~، بل المفهوم فيها هو أنه إن لم تظاهر فليس عليك ms0246 عتق الرقبة ، فعند هذا ~~يطرأ وصف الإطلاق على المنطوق والمفهوم في عرض واحد. # ولكن يمكن الفرق بين وصف الإطلاق والعموم بأن يقال : إن وصف الإطلاق ليس ~~مدلولا للقضية ولا ملحوظا للمتكلم ؛ فإن ملحوظه هو نفس الحكم ونفس الطبيعة ~~، وأما أنه لا دخل لشيء آخر سوى الطبيعة في الاقتضاء وأن الطبيعة في أي فرد ~~تحققت وبأى نحو اتفقت تامة في الاقتضاء فيمكن أن لا يكون المتكلم ملتفتا ~~إليه اصلا وإنما الإطلاق من لوازم عدم وجود القيد مع كون المتكلم بصدد ~~البيان ، وما شأنه هذا يكون ساريا إلى طرفي القضية من المنطوق والمفهوم على ~~حد سواء. # وأما احتمال أن المتكلم قد لاحظ الجزاء بملاحظة ثانية مع ما حصل له من ~~وصف الإطلاق وأناطه مطلقا بالشرط فبعيد عن الظاهر جدا ، وهذا بخلاف العموم ~~؛ فإنه مدلول للقضية وملحوظ للمتكلم ؛ إذ المفروض أنه عند لحاظه نفس القضية ~~الجزائية لاحظ العموم على وجه المرآتية ، وحينئذ فعند لحاظ الإناطة إما أن ~~ينظره بنظرة ثانية إلى العموم الحاصل للقضية الجزائية على وجه الاستقلال ~~ويشير إليها بوصف العموم فيصير المنوط والمعلول هو القضية بوصف العموم ~~الاجتماعي ، فيكون المفهوم لا محالة إيجابا جزئيا. # وإما أن ينظر عند هذا أيضا إلى العموم بالنظرة الاولى المرآتية فيكون ~~المنوط والمعلول هو كل واحد من الأحكام الشخصية المتعلقة بأفراد موضوع ~~الجزاء الملحوظ إجمالا ، فيصير حال المفهوم بعينه حال المنطوق في طريان وصف ~~العموم عليه كما هو واضح ، والمعين لأحد هذين الوجهين هو العرف ولا شك في ~~أنه مساعد على الأول. # هذا كله هو الكلام فيما إذا كان اللفظ الدال على العموم في الجزاء مذكورا كما في PageV01P264 # قولنا : إن جاءك زيد فأكرم العلماء أو كل عالم. # هذا مضافا إلى أن المثال الذي صار محلا للبحث من قوله عليه السلام : «إذا ~~كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء» لو سلمنا خلوه عن الأداة المفيدة للعموم ~~وكون النكرة الواقعة في سياق النفي غير مفيدة له بالوضع ، بل إنما حال ~~العموم فيه حال وصف الإطلاق في كونه من ms0247 لوازم توجه النفس إلى نفس الطبيعة ~~المتوقف على نفي جميع الأفراد وسلمنا في طرف الإطلاق سرايته إلى المنطوق ~~والمفهوم على حد سواء ، ولكنه بعد ذلك يكون المفهوم في المثال موجبة جزئية ~~؛ وذلك لأن لازم وقوع الإطلاق في حيز النفي كما في منطوق المثال هو العموم ~~والاستغراق ، ولازم وقوعه في حيز الإثبات كما في مفهومه أعني قولنا : إذا ~~لم يكن الماء قدر كر ينجسه شيء هو الجزئية ، فإن الاستغراق هو مقتضى نفس ~~النفي دون إطلاق الدخول ، فإذا تبدل بالإثبات في جانب المفهوم تبدل ~~الاستغراق بالجزئية للاكتفاء في وجود الطبيعة بوجود فرد واحد منها. # الثاني من الوجهين لطرفي هذا البحث أن يقال : بعد فرض تسليم الطرفين كون ~~مقتضى ظاهر القضية إناطة العموم ، أو استفادة ذلك من الإطلاق ووضوح عدم ~~اقتضاء إناطة العموم نفي الإيجاب الكلي في طرف المفهوم وكون التعبير ~~بالإيجاب الجزئي لأنه القدر المعلوم أن المدعى للإيجاب الكلي مدعي وجود ~~معين له من الخارج وهو عموم العلية بدليل النقل. # وبيانه أن المستفاد من القضية الشرطية شيئان ، العلية التامة لتالي ~~الأداة ، وكون العلة منحصرة فيه ، فيكون مفاد قوله عليه السلام : «إذا كان ~~الماء الخ» كون عموم السلب المذكور منوطا بكرية الماء ومعلولا لها ، ولازم ~~ذلك عقلا ثبوت العلية للكرية بالنسبة إلى كل فرد من أفراد العموم المذكور ، ~~وإلا فلو كان العلة في بعضها شيئا آخر لزم أن لا تكون الكرية علة تامة ~~للتمام بل للإتمام ، وأن يكون العموم المذكور حاصلا من أشياء عديدة من ~~جملتها الكرية ، فيكون نسبته إليها نسبة المعلول إلى جزء علته ، وقد كان ~~مفاد القضية كونها تمام علة بالنسبة إلى العموم. PageV01P265 # وحينئذ فحيث إن مفاد القضية هو الانحصار أيضا ، كما هو المبنى للقول ~~بالمفهوم فيصير المحصل ثبوت العلية المنحصرة للكرية بالنسبة إلى كل فرد من ~~العموم ، فيلزم من انتفائها انتفاء جميع الأفراد لانتفاء علتها المنحصرة ، ~~فينتفي بانتفاء الكرية عدم التنجيس بالنسبة إلى جميع النجاسات ، فيصير ~~الجميع منجسا ، والمدعي للإيجاب الجزئي له أن يمنع ما ذكر من استفادة ~~العلية التامة ms0248 المستقلة من القضية الشرطية ويقول بأن استفادة أصل الترتب ~~وإن كان حقا كاستفادة الانحصار ، إلا أن الترتب المستفاد أعم من أن يكون ~~على نحو الترتب على العلة التامة أو على الجزء الأخير منها ؛ وذلك لأن ~~المستفاد منها ليس إلا مجرد أنه متى وجد الشرط فليس لترتب ما هو الجزاء وهو ~~عموم السلب في المثال المذكور حالة منتظرة ، وهذا أعم من كون الشرط علة ~~تامة للعموم المذكور وكونه علة متممة له ، وحينئذ فيكون القدر المتيقن عند ~~انتفاء الشرط انتفاء الحكم عن بعض أجزاء العموم فلا يفيد المثال المذكور في ~~طرف المفهوم أزيد من الإيجاب الجزئي. ### || «فصل» # لا إشكال في أنه قد يؤتى بالوصف لأجل أن يكون معرفا للموضوع لعدم مميز ~~آخر له سواه مع أنه لا دخل للوصف فيما هو المراد ومتعلق الغرض أصلا وإنما ~~اتي به لمجرد توضيح الموضوع وتعريفه ، وذلك مثل ما يقال : جئني بذلك الرجل ~~الأبيض قلنسوته أو الأبيض قبائه أو الأطول من الجميع مشيرا إلى شخص لا ~~يميزه المخاطب من بين جماعة هو فيهم إلا بهذا النحو من الأوصاف. # كما أنه قد يؤتى به لأجل كونه محلا للابتلاء إما لغلبة الوجود وإما لقربه ~~من المخاطب ، مثلا كما لو قيل : جئني بماء من القناة إذا كان تعيين هذا ~~الماء لكونه أقرب من المخاطب من ماء آخر ، لا لتعلق غرض بخصوصه ، والقسم ~~الأول لا يجري إلا في الموضوعات الشخصية ؛ إذ هي التي تشتبه على المخاطب ~~أحيانا ، وأما الموضوعات الكلية فلا تشتبه على أحد حتى يحتاج إلى المميز. PageV01P266 # فالرجل في قولك : أكرم الرجل العالم ليس كالموضوع الشخصي حتى يمكن أن ~~يكون العلم مميزا له ، نعم يمكن أن يؤخذ الوصف في الكليات معرفا لكلي آخر ~~يكون هو الوصف للكلي الموصوف ، ولكن لما كان تشخيص مصاديقه صعبا على ~~المخاطب اتى بوصف آخر يكون ملازما له ولا يشتبه مصاديقه عليه لأجل تعريف ~~ذلك الوصف الذي له الدخل واقعا، كما أن الأوصاف التي تكون واردة مورد ~~الغالب كما في آية ( @QUR@04 وربائبكم اللاتي في حجوركم ms0249 ) لا مجرى لتوهم ~~دلالتها على المفهوم أصلا كما هو واضح. # وحينئذ فنقول : إن القضايا الكلية بعد إحراز أن الوصف فيها ليس من قبيل ~~الأوصاف المميزة التى تكون تمام الدخل لموصوفها كما هو المفروض ، وإحراز ~~أنه ليس واردا مورد الغالب تكون ظاهرة عند العرف في علية الوصف للحكم وكونه ~~دخيلا فيه وأنه لا يكون أجنبيا صرفا عن الحكم وغير مربوط به أصلا ، وهذا هو ~~المصحح لحمل المطلق على المقيد عند اجتماع شرائطه من وحدة الحكم ووحدة السبب. # كما لو ورد : إن ظاهرت فاعتق رقبة ، وورد أيضا : إن ظاهرت فاعتق رقبة ~~مؤمنة ، وعلم أن الحكم في كليهما هو الوجوب مع إيجاد سببه من الظهار ؛ إذ ~~لو لم يكن للوصف ربط بالحكم أصلا لما كان وجه للحمل في الصورة المزبورة كما ~~هو أوضح من أن يخفى ، ولهذا أيضا قد اشتهر أن الأصل في القيد أن يكون ~~احترازيا ولكن مجرد هذا لا يكفي لإثبات المفهوم ؛ لوضوح عدم منافاة ثبوت ~~العلية للوصف علية شيء آخر ، فالمدعي للمفهوم يحتاج مضافا إلى ذلك إلى دعوى ~~ظهور القضية في الانحصار. # ومن هنا ظهر ما في الاستدلال للمفهوم بما لا يفيد أزيد من العلية مثل ~~التمسك بحمل المطلق على المقيد ؛ فإنه لا يقتضي إلا كون الوصف مضيقا لدائرة ~~الموضوع بالنسبة إلى هذا الحكم المسبب من هذا السبب من دون منافاته لتعلق ~~الحكم من جهة سبب آخر بالمطلق. # فتحصل أن العلية وإن كانت مستفادة من القضية الوصفية ، ولكن في استفادة ~~الانحصار إشكال ولا بد لمدعي المفهوم من إثباته بالتبادر فإن ادعاه فعليه عهدته. PageV01P267 ### | «تذنيب» # لا إشكال في أن حال المفهوم هنا على القول به ليس بأقوى من حاله في ~~القضية الشرطية ، فكما أنه هناك يتعرض لحال موضوع القضية عند عدم الشرط من ~~دون تعرض لحال موضوع آخر فكذا هنا ، فكما أن مفهوم قولنا : إن جاءك زيد ~~فأكرمه لا يتعرض لحال العمرو وأنه عند عدم المجيء واجب الإكرام أولا ، فكذا ~~مفهوم قولنا : أكرم الرجل العالم أيضا غير متعرض لحال المرأة وأنها ms0250 عند عدم ~~العلم واجب الإكرام أولا. # وإذن فيختص مورد الكلام هنا في ثبوت المفهوم بما إذا كان للموصوف مورد ~~افتراق من الوصف بأن يكون الوصف أخص مطلقا ، أو أعم من وجه حتى يحكم على ~~القول بالمفهوم بانتفاء سنخ الحكم من الموضوع في مورد الافتراق ولا يحكم به ~~على القول الآخر ، وأما ما إذا لم يكن من جانب الموصوف مورد افتراق بأن ~~يكون الوصف مساويا أو أعم مطلقا فخارج عن محل الكلام ؛ إذ يلزم من انتفاء ~~الوصف حينئذ انتفاء الموضوع. # نعم يظهر مما حكي بعض الشافعية من القول بدلالة قولنا : في الغنم السائمة ~~زكاة بالمفهوم على عدم الزكاة في معلوفة الإبل أنه حاول أن يقول هنا بمفهوم ~~أقوى مما يقال به في القضية الشرطية أيضا ، وذلك بأن يدعى أن القضية ~~الوصفية يستفاد منها علية الوصف لنفس الحكم في أي موضوع كان ، فيدور الحكم ~~ثبوتا مدار ثبوت الوصف سواء تحقق هذا الموضوع أم لا ، ونفيا مدار نفيه كذلك ~~، وعليه فيعم محل الكلام ما إذا كان الوصف مساويا أو أعم مطلقا كما هو واضح. # ولكنك عرفت بطلان أصل الدعوى المذكورة وأن العلية المستفادة إنما هي ~~بالنسبة إلى الحكم المتعلق بهذا الموضوع لا غير. PageV01P268 ### || «فصل» # في أن القضية المغياة بغاية كقولك : اجلس في المسجد إلى الزوال تدل على ~~ارتفاع الحكم عند حصول الغاية أولا؟ ومعنى المفهوم هنا أيضا هو انتفاء سنخ ~~الحكم لا شخصه ، وإلا فارتفاع شخصه عند حصول الغاية واضح إلى النهاية وهو ~~معنى كون الغاية غاية ، فمعنى ثبوت المفهوم للمثال ظهوره في عدم تحقق سبب ~~آخر عقيب الزوال اقتضى وجوب الجلوس منه إلى الغروب مثلا ، ومبدأ الارتفاع ~~يعتبر من حين حصول الغاية بناء على خروجها عن المغيا ومما بعدها بناء على ~~دخولها فيه. # ثم إن الغاية بحسب القضية اللفظية قد يكون قيدا للحكم وقد يكون قيدا ~~للموضوع ، والظاهر أن المعيار أنه كلما كانت الغاية من قبيل الزمان كان ~~ظاهرا في الأول كالمثال المتقدم، ومنه قوله عليه السلام : «كل شيء حلال حتى ~~تعرف ms0251 أنه حرام» وقوله : «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» وكلما كانت من قبيل ~~المكان ونحوه كان ظاهرا في الثاني كما في سر من البصرة إلى الكوفة ، واقرأ ~~أول الآية إلى آخرها ، فإن الظاهر أن متعلق الحكم في أمثالهما هو الفعل ~~المحدود بالحدين. # ففصل بين الصورتين في الكفاية فجعل التحقيق في الثاني عدم الدلالة على ~~انتفاء سنخ الحكم عن غير المقيد بالغاية كعدم دلالة التقييد بالوصف على ~~انتفائه عن غير المقيد بالوصف مع الدلالة على انتفاء شخصه بسبب انتهاء ~~الفعل إلى غايته ، وجعله في الأول هو الدلالة على ارتفاع سنخ الحكم بحصول ~~غايته ، وجعل هذا واضحا إلى النهاية ، وعلله بأنه لو لا ذلك كما كانت ~~الغاية بغاية. # وأنت خبير بعدم الفرق بينهما أصلا ؛ فإن الأول أيضا يدل على ارتفاع شخص ~~هذا الحكم الذي اقتضى جعله سبب خاص بحصول غايته من دون دلالة له أصلا على ~~ارتفاع سنخه بعد الغاية ولو كان مسببا من سبب آخر. # فالحق عدم ثبوت المفهوم للغاية من دون أن يكون في هذه الجهة فرق بين ~~الصورتين ، نعم يظهر الفرق بينهما في الأصل الجاري عند الشك في ثبوت الحكم بعد PageV01P269 # الغاية ، فإنه في الأول هو الاستصحاب عند من يجوز استصحاب الكلي في القسم ~~الثالث ، أعني ما إذا كان زوال فرد من الكلي مقطوعا بعد العلم بوجوده ، ~~ولكن احتمل حدوث فرد آخر من هذا الكلي مقارنا لزوال الفرد الأول ؛ إذ في ~~هذه الصورة أيضا يقطع بزوال وجوب الجلوس مثلا عند الزوال بعد العلم بثبوته ~~قبله ولكن يحتمل حدوث شخص آخر من وجوبه بعد الزوال متصلا بالشخص الأول ، ~~فيجرى الاستصحاب بالنسبة إلى أصل الوجوب ، # وهذا بخلاف الصورة الثانية ؛ فإن الشك فيها ليس في بقاء الحكم المتعلق ~~بموضوع واحد ، بل في حدوث الحكم المتعلق بموضوع آخر ، مثلا نشك في حدوث ~~الوجوب المتعلق بالجلوس من الزوال إلى الغروب بعد العلم بزوال الوجوب ~~المتعلق بالجلوس من الصبح إلى الزوال ، فيكون مجرى للبراءة دون الاستصحاب ؛ ~~لاختلاف الموضوع. # بقي الكلام في النزاع الآخر في ms0252 هذا الباب في أن الغاية داخلة في المغيا ~~أو خارجة عنه؟ فنقول : قد يكون النزاع بعد تسليم أن مفاد كلمتى «إلى» ~~و «حتى» ونحوهما هو الغاية العقلية في أن الغاية العقلية داخلة في المغيا أو ~~خارجة؟ وقد يكون بعد تسليم أن الغاية العقلية خارجة في أن مفاد الكلمتين هل ~~هو الانتهاء الداخل أو الخارج. # والظاهر أن النزاع هنا ليس على الوجه الأول ، وذلك لأن الغاية العقلية ~~عبارة عن حد الشيء وطرفه ، والحد والطرف أمر عدمي خارج من الشيء ؛ لأنه ~~عبارة عن نفاد الشيء وتماميته كما هو الحال في البداية العقلية ، فالخط ~~الفرضي الممتد بقدر امتداد الشيء، النقطة الموهومة المتصلة به من طرف أول ~~الشيء هو البداية ، كما أن النقطة الموهومة المتصلة به من طرف آخره هي ~~النهاية ، ولهذا لم يعهد منهم مثل هذا النزاع في كلمة «من» ونظائرها مع أنه ~~لو كان النزاع هنا على الوجه الأول لوجب أن يجري مثله في كلمة «من» بعد ~~تسليم دلالتها على البداية العقلية ، فيكون النزاع هنا على الوجه الثاني. PageV01P270 # وإذن فلا فرق في جريانه بين ما إذا كان الغاية قيدا للحكم ، وما إذا كان ~~قيدا للعمل ، فيقال في مثل قولك : اجلس في المسجد من الصبح إلى الظهر : إن ~~حكم وجوب الجلوس بحسب مفاد كلمة «إلى» هل هو مستمر إلى الآن الواقع قبل ~~الظهر المتصل به فيرتفع في هذا الآن ، أو أنه يستمر إلى ما بعد دخول الظهر ~~ويرتفع حينئذ ، كما يقال في مثل قولك : سر من البصرة إلى الكوفة : إن السير ~~بحسب مفادها لا بد وأن يشمل جزء من الكوفة أو يكفي اختتامه في المكان الغير ~~المحسوب من الكوفة عرفا المتصل بها. # وحينئذ فالاستدلال للخروج بأن غاية الشيء حده وحد الشيء خارج عنه ، لا ~~مساس له بمحل الكلام ، والظاهر الدخول في الغاية كما هو الحال في المبدا ، ~~فالمسير من البصرة إلى الكوفة لا يتحقق إلا بالمسير المبتدإ في جزء من ~~البصرة المنتهى في جزء من الكوفة وهكذا. ### || «فصل» # الظاهر أن القضية الاستثنائية دالة ms0253 على الحصر بلا إشكال ، ولذا اشتهر أن ~~الاستثناء من الإثبات يفيد النفي ومن النفي يفيد الإثبات ، نعم هنا كلام ~~آخر وهو أن هذا الحصر هل هو مستفاد من نفس الأداة حتى أن قولنا : إلا زيد ~~بمنزلة قولنا : أستثني زيدا لا غير ، أو أن الأداة لا يفيد سوى الإخراج ~~وليس إلا بمنزلة قولنا : أستثني ، والحصر مستفاد من مجموع الجملتين ، بل ~~ليس الحصر في الحقيقة إلا عبارة عما هو مفاد الجملتين منطوقا ، ففي قولنا : ~~جاءني القوم إلا زيدا ليس الحصر إلا مجيء جميع من سوى زيد وعدم مجيء زيد ~~والجزء الأول دل عليه الحكم المعلق على العام المستثنى منه ، والثاني دل ~~عليه الأداة ، فليس الحصر مدلولا ثالثا حتى يجعل من باب المفهوم على هذا ~~الاحتمال. # وكيف كان فليس النزاع في ذلك بعد فرض كون استفادة الحصر مسلمة بمهم وإن ~~كان الظاهر هو الوجه الثاني ، وتظهر الثمرة فيما لو ورد مخصص منفصل PageV01P271 # ظاهر في التخصيص كما لو ورد بعد أكرم العلماء إلا زيدا : لا تكرم عمروا ، ~~وكان العمرو مشتركا بين شخصين ، أحدهما عالم والآخر جاهل وكان منصرفا عند ~~الإطلاق إلى العالم ، فعلى الثاني يعامل معه معاملة العام والخاص فيقدم ~~الخاص المذكور على العام ، وعلى الأول لا بد من موازنة ظهور العام المؤيد ~~بظهور الأداة في الحصر مع ظهور الخاص وترجيح ما كان أقوى منهما ، وربما ~~يكون الأقوى ظهور العام ، فإن الخاص على هذا معارض لظهور العام ولظهور ~~الأداة أيضا ؛ فإن مفاد «إلا زيدا» ينحصر غير واجب الإكرام من العلماء في ~~زيد، ومفاد الخاص المنفصل أن عمروا يكون غير واجب الإكرام أيضا والنسبة ~~بينهما تباين. # وأنكر أبو حنيفة دلالة القضية المذكورة على الحصر مستدلا بقوله : لا صلاة ~~إلا بطهور ؛ إذ لو كان للاستثناء مفهوم لزم إثبات الصلاة مع الطهور مطلقا ~~وإن اجتمع مع عدم القبلة ، وبطلانه من الواضحات ، فعلم أن الاستثناء من ~~النفي مثلا غير مفيد لحصر النفي في السابق والإثبات فى اللاحق. # والجواب أن بعد إثبات المفهوم للقضية بحكم الوجدان لا بد من ms0254 التوجيه في ~~أمثال هذه القضية كقوله : لا يحل مال امرئ الخ إما بجعل المنفي هو المستجمع ~~لجميع الشرائط مما سوى المذكور بعد «إلا» فيقال في المثال : إن الصلاة التي ~~فرض اجتماعها للشرائط غير الطهارة ليست بصلاة إلا مع الطهور ، وإما بجعل ~~النفي مطلقا وفي جميع الحالات حتى يكون مفاد الأداة نفي النفي المطلق ~~اللازم منه الإيجاب الجزئي ، فيقال في المثال : الصلاة منفية على وجه ~~الإطلاق مع كل شيء إلا مع الطهور ، فليست منفية على وجه الإطلاق ، وليس ~~مفاد هذا إلا ثبوت الصلاة مع الطهور في الجملة فيكون الحصر إضافيا بالإضافة ~~إلى الطهور. # ثم إنه قد استدل لدلالة القضية على الحصر بقبول إسلام من قال : لا إله ~~إلا الله ، فإن للفظ وإن كان الموضوعية في المقام كما في العقود بمعنى عدم ~~كفاية مجرد النسبة القلبية ، إلا أن اللفظ من حيث كونه دالا على المعنى جعل ~~موضوعا للحكم بالإسلام وأمارة على الاعتقاد الجناني تعبدا ، فدلالة هذه ~~الكلمة على معنى التوحيد لا بد منه ، PageV01P272 # ومن المعلوم عدم تماميته إلا على تقدير ثبوت المفهوم كما هو واضح ، واجيب ~~بأن الدلالة لقيام القرينة ، هذا. # ثم في هذه الكلمة المباركة إشكال وهو أن خبر «لا» إما يقدر «موجود» وإما ~~«ممكن» فعلى الأول يلزم نفي الوجود عن غيره تعالى وإثباته له ، وأما عدم ~~إمكان وجود الغير ووجوب وجوده فمسكوت عنه ، ومن المعلوم عدم تمامية الإسلام ~~بدون ذلك ، وعلى الثاني يلزم نفي الإمكان عن الغير وإثباته له تعالى وهذا ~~أعم من إثبات الوجود له تعالى وعدمه ، والإسلام لا يتحقق إلا مع إثبات ~~الوجود. # ويمكن الجواب بأن الخبر المقدر «موجود» إلا أنه مختلف معناه بحسب الموارد ~~، ففي المحسوسات والقضايا التي يكون مدرك الجزم فيها هو الحس كما في قولك : ~~ليس في الدار إلا زيد ، ليس المفاد إلا مجرد اثبات الوجود لما بعد «إلا» ~~ونفيه عما قبله من غير تعرض للإمكان والامتناع ، وهذا بخلاف القضايا ~~العقلية التي يحصل الجزم فيها بالبراهين العقلية كما في الكلمة المباركة ، ~~فإن إثبات الوجود فيها ms0255 لما بعد الأداة ونفيه عما قبلها لا يمكن حصول الجزم ~~به إلا بمعونة البرهان على وجوب وجود الصانع وامتناع وجود الشريك له ، ~~والحاصل أن هذه الكلمة قد جعلت أمارة شرعية على الجزم القلبي بمضمونها ، ~~والجزم بمضمونها متوقف على برهان امتناع التعدد ؛ إذ لو لم يقم عنده هذا ~~البرهان والمفروض أن المقام ليس من قبيل المحسوسات فمن أين يجزم بعد وجود ~~إله آخر غيره تعالى؟. # والحاصل أن هنا مقامان : # الأول كون هذه الكلمة كاشفة عن الجزم القلبي وهو أمر تعبدي لا بد أن نقول ~~به على كل تقدير ، # والثاني أنها إذا كشفت عن الجزم والاعتقاد بمضمونها فليس الاعتقاد ~~بمضمونها إلا حاصلا إما من البرهان العقلي القائم لدى صاحبه تفصيلا ، وإما ~~من التصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وهذا أيضا من أفراده ، ولا شك ~~أنه حينئذ جزم بامتناع الشريك إجمالا ؛ فإن امتناعه مما أخبر به النبي ~~صلى الله عليه وآله ، فإذا PageV01P273 # حصل الاعتقاد بصدق كل ما جاء صلى الله عليه وآله وسلم به فقد حصل الاعتقاد ~~بهذا أيضا في الضمن ، فعلم أن الاعتقاد الحقيقي بمضمون هذه الكلمة من أينما ~~حصل يكون ملازما مع الاعتقاد بامتناع الشريك فتدبر. # وأجاب في الكفاية بأن المراد بالإله واجب الوجود ، وحينئذ تدل القضية على ~~امتناع إله آخر بالالتزام ؛ إذ لو أمكن وجود الإله الآخر لوجد ؛ لعدم ~~احتياج وجوده إلى العلة ، فحيث لم يوجد انكشف امتناعه ، وبتوجيه آخر بقية ~~أفراد الواجب لا يمكن اتصافها بالإمكان الخاص ، للزوم خروجها عن كونها ~~مصداقا للواجب ، وأما الإمكان العام فهو إما متحقق في ضمن الإمكان الخاص ~~وإما في ضمن الوجوب ، فما يكون منه من القبيل الأول يمتنع اتصاف هذه ~~الأفراد به لما مر ، وما يكون من القبيل الثاني فالاتصاف به وإن لم يمتنع ~~إلا أنه مناف للحصر ، فتعين أن يكون البقية غير ممكن أصلا. # وفيه أن لفظ الإله ليس بحسب اللغة واجب الوجود بل يطلق على المعبود ، ~~والمناسب أن يراد به هاهنا المعبود بالحق لئلا يلزم الكذب من حصره ms0256 فيه تعالى. PageV01P274 ### | المقصد الرابع في العام والخاص. ### || «فصل» # ليعلم أولا أن العام المقصود هاهنا ليس هو العام المنطقي الذي يعبر عنه ~~بالكلي ويعرف بما لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين ؛ فإن هذا هو المسمى في ~~الاصول بالمطلق فهو المقصود في باب المطلق والمقيد. # ثم إنهم ذكروا تعريفات للعام ، وأوردوا عليها خدشات إما عكسا وإما طردا ، ~~وهذا يدل على أن المعرف معنى واضح عند الجميع ، والأولى أن يعرف بما يكون ~~مسورا بسور محيط بأفراد حقيقة واحدة كما في كل عالم والعلماء وجميع العلماء ~~، فخرج مثل لفظ «كل» و «الجميع» ؛ فإنها أداة العموم وليس بعام ، وكذلك لفظ ~~عالم وعلماء وأمثالهما ، فإنها مطلق لا عام وإنما يصير عاما إذا كانت مصدرة ~~ومسورة بأحد أدوات العموم. # ثم إن العموم يكون على ثلاثة أقسام ، الأول العموم الاستغراقي وهو أن ~~يكون كل واحد من الأفراد متعلقا للحكم ومناطا للنفي والإثبات مستقلا ، ~~والثاني العموم المجموعي وهو أن يكون مجموع الأفراد من حيث الاجتماع متعلقا ~~، والثالث العموم البدلي (1) وهو أن يكون المتعلق من الأفراد لا على ~~التعيين كمفاد النكرة ، والانقسام إلى هذه الأقسام يتصور على نحوين : # الأول : أن يكون حقيقة المعنى في الجميع واحدة وهو معنى الجميع ، لكن ~~يحدث عند تعلق الحكم بهذا المعنى أنحاء ثلاثة ، فالاختلاف إنما جاء من قبل ~~كيفية تعلق الحكم بهذا المعنى الواحد ، الأول أن يلحظ الهيئة الاجتماعية ~~بالمعنى الحرفي ويجعل عبرة ومرآتا للأفراد فيحكم على كل فرد مستقلا ، ~~الثاني أن تكون هذه الهيئة PageV01P275 # محفوظة وملحوظة بالمعنى الاسمي في مقام تعلق الحكم ، والثالث أن تجعل ~~الهيئة في هذا المقام عبرة للواحد لا على التعيين. # والثاني : أن تكون حقيقة المعنى في كل من الأقسام غيرها في الآخر ، بأن ~~يكون لنا مع قطع النظر عن مقام الحكم ثلاثة أنحاء من التعقل والملاحظة ~~للعموم ، ولازم جعل نحوه الأول تحت الحكم أن يكون كل واحد موضوعا مستقلا ~~لحكم مستقل ، ولازم جعل نحوه الثاني كذلك أن يكون الموضوع هو المجموع ، ~~ولازم الثالث أن يكون هو الواحد لا على التعيين ms0257 ، والحق هو الثاني وإن ~~اختار الأول في الكفاية ، فإنا إذا راجعنا انفسنا نجد ثلاثة معقولات ~~متباينة الحقيقة في عالم الذهن وهي مفاهيم كل واحد من الأفراد ، ومجموع ~~الأفراد ، وواحد من الأفراد. # ويشهد لهذا أن في الفارسية لكل من هذه الثلاثة لفظا مخصوصا ، فللمجموعي ~~لفظة «همه» وللاستغراقي لفظة «هر» وللبدلي «هركدام مى خواهى» فيستعمل في ~~العربية لفظة «كل» في مواضع الثلاثة ويحتاج في كل مقام إلى القرينة ، ~~والقرينة لمقام الاستغراق إضافته إلى النكرة مثل : كل واحد وكل عالم ؛ ~~ولهذا يترجم حينئذ في الفارسية بقولنا : «هريك» أو «هريك عالم» ، ولو كان ~~معناه في جميع المواضع ما يرادف قولنا : «همه» لكان ترجمته في الموضعين ~~«همه يك» أو «همه يك عالم» فكان ظاهرا في المجموعي دون الاستغراقي فتدبر. # ثم في الكفاية ما حاصله أن شمول العشرة لأجزائه ليس كشمول العام لآحاده ؛ ~~إذ العام يصلح للانطباق على كل واحد من الآحاد ولا يصلح العشرة للانطباق ~~على كل من أجزائها ، وهذا مخدوش ؛ إذ العام بوصف العموم أيضا لا يصلح ~~للانطباق على الآحاد ، فكما أن الواحد مثلا ليس بعشرة ، كذلك فرد واحد من ~~العلماء لا يصدق عليه مفهوم الكل ، فالأولى أن يقال : إن المعتبر في العام ~~شيئان : أحدهما ما يكون جامعا للأفراد وصالحا للانطباق على كل منها ، ~~والثاني ما يكون محيطا بها ، وهذان منتفيان في العشرة ؛ إذ ليس مفهوم ~~العشرة جامعا لما تحته من الأجزاء كما هو واضح ، بل حاله حال الكل ، وأما ~~ما يضاف إليه هذا اللفظ أو مفهوم العدد وإن كان جامعا لها ، إلا أن العشرة ~~غير محيط بتمام آحاد هذين المفهومين ، بخلاف قولنا : كل عالم ؛ فإن العالم ~~جامع للأفراد ولفظة «كل» محيط بها. PageV01P276 ### || «فصل» # الحق أن للعموم لفظا يخصه ويدل عليه بالحقيقة لا بالمجاز ولا بالاشتراك ~~بينه وبين الخصوص ككلمة «كل» و «الجميع» ونحوهما بشهادة التبادر ، وأما ما ~~يقال من أن التخصيص قد شاع بحيث قيل : ما من عام إلا وقد خص فالأولى أن ~~يقال بوضع هذه الألفاظ للخصوص ؛ إذ تقليل المجاز أولى من ms0258 تكثيره. # ففيه أولا أن استلزام التخصيص للتجوز ممنوع ، وذلك لأن العام المخصص يمكن ~~فيه ثلاثة وجوه ، # الأول أن يستعمل في الخصوص مجازا وكان الخاص قرينة على إرادة الخصوص من ~~العام عند الاستعمال. # والثاني أن يراد بالعام في مقام الاستعمال العموم الشامل للخاص أيضا ، ~~ولكن في مرحلة الحكم علق الحكم على ما سوى الخاص واغمض النظر عن الخاص ، ~~ففي قولنا : أكرم العلماء إلا زيدا يكون العلماء مستعملا في تمام الأفراد ~~حتى الزيد ، ولكن خصص الحاكم حكم وجوب الإكرام عند إنشائه بما سوى الزيد ~~وأغمض نظره عنه. # والثالث أن يراد بالعام في مقام الاستعمال العموم أيضا وعلق الحكم على ~~المجموع أيضا لكن كان حكما صوريا نظير الحكم الصوري في مقام التقية فلا ~~يطابق الجد واللب. # وبعبارة اخرى لنا إرادة استعمالية وهي إرادة المعنى من اللفظ عند التلفظ ~~، وإرادة جدية وهي الثابتة واقعا الناشئة عن الأغراض ، والغالب تطابق ~~الإرادتين ، وقد يتخالفان كما في التقية ، والأصل في مورد الشك هو التطابق ~~، فالمراد الجدي في قوله : أكرم العلماء إلا زيدا هو وجوب إكرام ما سوى ~~الزيد ولكن إنشاء الحكم بحسب الصورة في موضوع العلماء الشامل للزيد أيضا ، ~~وقوله : إلا زيدا قرينة على خروج الزيد عن المراد الجدي ، وواضح أنه على ~~الوجهين الأخيرين لا تجوز في البين أصلا ، فالتخصيص غير ملازم للتجوز حتى ~~يلزم من كثرته كثرة المجاز. # وثانيا لو سلم الملازمة بين التخصيص والتجوز فلا محذور بعد قيام القرينة ~~على المجاز مع مساعدة الوجدان على كون اللفظ حقيقة في خصوص العموم. PageV01P277 ### || «فصل» # لا إشكال في أن النكرة الواقعة في سياق النفي أو النهي سواء كان دالا على ~~الطبيعة كما في «لا رجل» أو على فرد واحد منها كما في : ما جاءني رجل ، لا ~~تدل على العموم بحسب الوضع اللغوي أو العرفي بمعنى أن قولنا : لا رجل ، ليس ~~بمعنى ليس كل فرد من الرجل ، ومراد القائل بدلالته على العموم أن لازم نفي ~~الطبيعة عقلا نفي جميع الأفراد ؛ إذ لا يصدق انتفاء الطبيعة مع وجود فرد ~~واحد ms0259 منها ، وكذلك لا يصدق نفي فرد واحد من الطبيعة إلا بنفي جميع الأفراد ~~، فالدلالة على العموم إنما هي بالاستلزام العقلي. # وأيضا لا إشكال في عدم حصول التجوز لا في أداة النفي ولا في المدخول عند ~~التقييد ، فلو قيل «لا رجل عالم» لا يلزم التجوز في لفظة «لا» ؛ إذ هي ~~موضوعة لنفي أفراد مدخولها مقيدا كان المدخول أو مطلقا ، ولا في لفظة رجل ~~على ما هو التحقيق من وضع المطلقات للطبيعة المهملة القابلة للإطلاق ~~والتقييد ؛ لتعدد الدال والمدلول ، وكذلك الكلام في كلمة «كل» وما في ~~معناها ، فالتقييد غير مناف لمدلولها ، لكونها موضوعة لاستيعاب أفراد ما ~~يراد من مدخولها ، ولا لمدلول مدخولها. # وإنما الكلام والاشكال في أنه هل نحتاج في الحكم بالعموم عقلا أو وضعا ~~إلى تمهيد مقدمات الحكمة أولا في المدخول وإثبات إرادة الطبيعة المرسلة منه ~~بتلك المقدمات ، ثم الحكم بعد ذلك بانتفاء جميع أفراد هذه الطبيعة المرسلة ~~عقلا في أدوات النفي واستيعاب جميعها وضعا في أدوات العموم ، فعند عدم ~~تمامية المقدمات لم نحكم بالعموم ، أو لا نحتاج بل يكفي كلمة «لا» وكلمة ~~«كل» في الحكم بالعموم وإن احتمل التقييد في مدخولهما مع التصديق بعدم ~~منافاته لمدلول شيء منهما ومن مدخولهما؟ # الحق هو الثاني ، والدليل عليه بعد مساعدة الوجدان على أن قولنا : كل رجل ~~أو لا رجل ، معناه العموم بدون الاحتياج إلى شيء آخر أنه فرق بين المجمل ~~والمهمل ونحن نسلم أنه لو كان مدخول اللفظين مجملا ومردد بين المطلق ~~والمقيد يسري الإجمال إليهما ؛ إذ لم يعلم أن المنفي أو المستوعب أفراد ~~المطلق أو المقيد لكن المهمل مفهوم متضح لا إجمال فيه أصلا. PageV01P278 # فنقول : لو كان المراد في قوله : «لا رجل» الرجل العالم فلا يخلو إما أن ~~يكون مرادا لبيا مع استعمال لفظ الرجل في معناه ، أو يكون مرادا استعماليا ~~بأن استعمل قوله : لا رجل، في لا رجل عالم ، فإن كان الثاني كان على خلاف ~~قانون المكالمة ؛ إذ يلزم نقض الغرض ؛ إذ الغرض إفهام المقاصد ، واستعمال ~~اللفظ في غير معناه نقض ms0260 لهذا الغرض ، وإن كان الأول فاللفظ مستعمل في ~~الطبيعة المهملة كما هو الموضوع له. # فنقول : كلمة «لا» مفيدة للنفي وهو إذا تعلق بالطبيعة المهملة يلزم ~~انتفاء جميع الأفراد ؛ إذ المهملة مقسم للمطلق والمقيد ، ونفي المقسم ملازم ~~لنفي جميع الأقسام ، وكذلك نقول في كلمة «كل» فإن كان الرجل في قوله : كل ~~رجل مثلا مستعملا في الرجل العالم فهذا نقض للغرض ، وإن كان مستعملا في ~~الطبيعة المهملة والمفروض أن كلمة «كل» موضوعة لاستيعاب أفراد مدخولها ، ~~فيصير مجموع المعنى جميع أفراد الطبيعة المهملة ولازمه استيعاب جميع ~~الأفراد الثابتة لجميع الأقسام ؛ إذ فرد كل قسم فرد للمقسم. # ومما يؤيد المطلب أنه لو صرح في الكلام بقيد الإطلاق فقيل : لا رجل مطلقا ~~، لم يشك أحد في الحكم بالإطلاق ، وليس إلا لأجل أن إرجاع قيد الإطلاق إلى ~~الطبيعة المهملة كما هو مفاد اللفظ يتولد منه الإطلاق ، ولم يلتزم أحد بأن ~~الحكم بالإطلاق في هذا المثال يتوقف على إحراز مقدمات الحكمة في لفظ «رجل» ~~وإلا كان مجملا ، مع أن التقييد غير مناف لمدلول الرجل ولا لمدلول الإطلاق ~~، ففي قولنا : لا رجل عالم مطلقا ليس في البين تجوز في لفظه أصلا فتدبر. # ولا يخفى عليك أنه فرق بين ما ذكرنا وبين إجراء المقدمات في المطلقات ؛ ~~إذ هناك ما يكون مفاد اللفظ قاصر عن إفادة المقصود ، بل يحتاج إلى إحراز أن ~~للمتكلم حالة إلقاء تمام المراد اللبي فيحكم بعد إحراز هذا وسائر المقدمات ~~أن المراد اللبي في قوله : أعتق رقبة مطلق الرقبة وإلا لذكر القيد ، فإن لم ~~يحرز تلك الحالة للمتكلم لم يعلم أن المراد عتق المطلق أو خصوص المؤمن ، ~~ولا يمكن تعيين هذا من مفاد اللفظ بالفرض ، وهذا بخلاف المقام ؛ إذ يكفي ~~فيه مجرد ما هو مفاد اللفظ وضعا من دون حاجة إلى شيء آخر أصلا. PageV01P279 ### || «فصل» # في أن العام المخصص حجة في الباقي أولا؟ دليل عدم الحجية إجماله أنه بعد ~~العلم بعدم إرادة العموم منه يكون مرددا بين مراتب الخصوص ، فقبل قيام ~~القرينة على تعيين أحدها لم ms0261 يحمل على شيء منها ، وكون تمام الباقي أقرب ~~المجازات إلى الحقيقة إنما هو بحسب الكم والمقدار ، وما هو مرجح لحمل اللفظ ~~هو الأقربية بحسب الانس الذهني ، بأن يكون هذا المعنى من بين المعاني ~~المجازية أكثر انسا باللفظ من غيره ، ومن الواضح عدم تحقق الأقربية بهذا ~~المعنى في المقام ، فإن حال العام بالنسبة إلى جميع مراتب الخصوص على ~~السواء في كونه خلاف معناه الوضعي نظير المائة ؛ فإنه بعد عدم استعماله في ~~العدد الخاص الذي هو معناه يكون نسبته إلى الواحد والتسعة والتسعين واحدا. # وفيه أنه قبل ملاحظة المعنى المحيط بتمام الأفراد لا يمكن استعمال العام ~~مجازا في شيء من مراتب الخصوصيات ، وذلك لعدم عنوان كان منطبقا على واحدة ~~من تلك المراتب دون غيرها حتى يستعمل الأداة بعد عدم استعماله في المحيط ~~بتمام الأفراد في هذا العنوان. # نعم بعد إحضار المعنى المحيط في الذهن يمكن الغض عن واحد أو اثنين أو ~~ثلاثة فصاعدا واستعمال اللفظ في تمام الباقي ، لكن هذا في المخالفة للظاهر ~~بمكان ؛ فإن عدم إمكان الاستعمال المجازي في الباقي بدون ملاحظة المعنى ~~الجامع المحيط أولا أدل دليل على أن لفظ العموم مستعمل في معناه الحقيقي ~~أعني : المعنى المحيط أبدا ، ولا ينافي ذلك ورود المخصص بعده متصلا أو ~~منفصلا ؛ لإمكان الجمع بأحد نحوين : إما بجعل الفرد المخصص خارجا في مرحلة ~~الحكم دون مقام الاستعمال بأن كان اللفظ مستعملا في المحيط ثم غض النظر عن ~~الفرد المعين وأنشأ الحكم في موضوع الباقي ، وإما بجعله خارجا عن المراد ~~اللبي مع كونه داخلا في مرحلة الحكم كمقام الاستعمال بأن لاحظ المعنى ~~المحيط عند مقام الاستعمال وكذا لاحظه أيضا عند جعل الحكم ، PageV01P280 # لكن كان تعميمه الحكم للجميع بحسب الصورة مع اختصاص الباقين به بحسب اللب. # فعلى الأول لا إخراج في البين حقيقة ، وعلى الثاني يكون الإخراج من هذا ~~الحكم الصوري ويكشف عن عدم الدخول في الحكم الجدي من الأول ، وعلى ~~التقديرين يكون العام حجة في الباقي ، أما على الأول فلأن المفروض عدم ~~الإغماض عن ما ms0262 سوى هذا الفرد في مرحة الحكم ، ولازم ذلك شمول الحكم لجميع ~~ما سواه ، وأما على الثاني فلأن المفروض تعلق الحكم الصوري بجميع الأفراد ، ~~غاية الأمر قد علم مخالفته للحكم الجدي في خصوص هذا الفرد بالدليل ، فيبقى ~~أصالة التطابق بين الحكمين بالنسبة إلى الباقي بحالها. ### || «فصل» # لا إشكال في عدم الفرق بين المخصص المتصل والمنفصل فيما إذا كان مبينا لا ~~إجمال فيه أصلا ، فيكون العام حجة في الباقي ، ويسقط عن الحجية في غيره في ~~كلتا الصورتين ، غاية الأمر لا يستقر ظهور العام من أول الأمر إلا في ~~الباقي في صورة الاتصال ، ويستقر ظهوره في الجميع ، فيعارض ظهوره بالنسبة ~~إلى الفرد الخارج بظهور أقوى ، فيسقط عن الحجية بالنسبة إليه في صورة ~~الانفصال. # وبعبارة اخرى المتصل مزاحم لأصل ظهور العام ، والمنفصل مزاحم لحجيته لا ~~لظهوره. # وكذا لا إشكال في عدم الفرق بين الصورتين في صورة إجمال المخصص وتردده ~~بين المتباينين كما لو قال : أكرم العلماء إلا زيدا ، أو ورد بعد أكرم ~~العلماء : لا تكرم زيدا وكان الزيد في المثالين مشتركا بين رجلين عالمين ~~فاشتبه المراد به في المثالين فيسقط ظهور العام بالنسبة إلى كلا طرفي ~~الترديد عن الحجية في كلتا الصورتين لمكان العلم الإجمالي ، غاية الأمر أنه ~~لا ينعقد الظهور للعام بالنسبة اليهما في صورة الاتصال ، وينعقد ولكن يسقط ~~عن الحجية لقيام الحجة الأقوى على خلافه في صورة الانفصال. PageV01P281 # إنما الكلام والإشكال في صورة الإجمال والتردد بين الأقل والأكثر ، ~~فالمحكي عن أساتيد الفن قدس الله أسرارهم هو الفرق بين المخصص المتصل ~~والمنفصل ، فالأول يسري إجماله إلى العام فيصير العام بالنسبة إلى الفرد ~~الغير المتيقن الخروج مجملا ، والثاني يقتصر في تخصيصه للعام على القدر ~~المتيقن ويكون عموم العام بالنسبة إلى غير المتيقن محكما. # والدليل على هذه الدعوى أن العام في صورة انفصال المخصص قد انعقد له ظهور ~~مستقر في العموم فصار موضوعا للحجية بمقتضى أدلة حجية الظواهر ، غاية الأمر ~~صار حجة في حد ذاته بحيث لا ينافي عدم حجيته عند معارضة الحجة الأقوى ، ~~فإذا ms0263 ورد على خلافه دليل خاص منفصل كان من باب التعارض بين الحجتين ، وحيث ~~إن الخاص أقوى حجة من العام لنصوصيته أو أظهريته يكون مقدما ، لكن لو فرض ~~كون هذا الخاص مجملا بين الأقل والأكثر ينحصر حجيته في القدر المتيقن وهو ~~الأقل ، وأما في الزائد فلا حجية له لعدم الظهور وثبوت الإجمال ، وحينئذ ~~فما يمكن أن يزاحم فيه الخاص العام في الحجية إنما هو القدر المتيقن ، وأما ~~بالنسبة إلى الزائد فلا مزاحمة له للعام أصلا ؛ لعدم معقولية تعارض اللاحجة ~~مع الحجة. # فلو ورد أكرم العلماء ، ثم لا تكرم الفساق من العلماء ، وشك في مفهوم ~~الفاسق أنه مرتكب الكبيرة أو مطلق من ارتكب ذنبا ، فما يمكن أن يصير هذا ~~الخاص مزاحما فيه لذاك العام إنما هو خصوص مرتكب الكبيرة ، وأما مرتكب ~~الصغيرة فليس الخاص حجة فيه لإجماله وقد فرض كون العام حجة فيه فيكون العام ~~بالنسبة إليه حجة بلا معارض. # ولو قلنا بأن الخاص يجعل العام معنونا فيصير عنوانه في المثال هو العالم ~~الغير الفاسق فإنما نقول به بالنسبة إلى القدر المتيقن أيضا لا مطلقا ، فلا ~~يرد أن العام بعد صيرورته معنونا بعدم الخاص يصير مجملا أيضا. # ومما يشهد بذلك أنه لو لم يكن في البين عام وورد دليل خاص على حرمة إكرام ~~العالم الفاسق كان المرجع في الفرد المشكوك أعني المرتكب للصغيرة هو أصالة PageV01P282 # البراءة ؛ لإجمال الدليل بلا إشكال ، ففي صورة وجود العام يرجع إلى عمومه ~~، بل يرفع بسببه الإجمال عن الخاص ؛ لكونه دليلا اجتهاديا فمثبته أيضا حجة ~~، فيقال : إن مرتكب الصغيرة يجب إكرامه بمقتضى عموم العام ، وكل فاسق يحرم ~~إكرامه بمقتضى دلالة الخاص ، فينتج أن مرتكب الصغيرة ليس بفاسق ، فيتبين ~~بذلك مفهوم الفاسق وأنه خصوص من ارتكب الكبيرة. # وهذا بخلاف ما إذا كان المخصص متصلا ، فإن الكلام حينئذ واحد وعلى ~~المخاطب أن يصبر إلى أن يأتي تمام أجزاء الكلام ولواحقه ثم ينظر أن ~~المستفاد من مجموع الصدر والذيل ما ذا فيحكم بأن هذا المستفاد هو ظاهر ~~القضية ، فإذا قال : أكرم ms0264 العلماء فليس للمخاطب أن يحكم بمجرد سماع هذا أن ~~المراد عموم العلماء ، نعم يكون له حينئذ ظهور بدوي في العموم كظهور لفظ ~~الأسد بدوا في الحيوان المفترس ، ولكنه ليس ظهورا مستقرا معتدا به إلا بعد ~~مجيء تتمة الكلام ، فإن لم يكن في التتمة قرينة على خلاف هذا الظاهر البدوي ~~صار مستقرا وإلا استقر الظهور على الخلاف ، كما في رأيت أسدا يرمي ، ولازم ~~هذا أنه إذا كان في التتمة لفظ مجمل كقوله : إلا الفساق منهم كان الإجمال ~~ساريا إلى عموم العام أيضا. # هذا تقريب مرامهم قدسسرهم (1)، والإنصاف أنه لم يحصل الجزم به إلى الآن و PageV01P283 # وجهه أن قولهم : إن العام يكون له ظهور مستقر فيكون موضوعا للحجية في ~~صورة الانفصال إنما يتم في العام الواقع في كلام من يتكلم لتحصيل أغراضه ~~الشخصية ، كما هو المرسوم في مكالمات العامة ؛ إذ المرسوم أنه لو كان للعام ~~مخصصات ذكروها بجملتها في مجلس ذكر العام ، فلو قيل : أضف كل عالم هذا ~~البلد ولم يستثن أحدا علم أن مراده الجميع ، حتى لو صرح بعد انقضاء المجلس ~~باستثناء فرد منهم يحمل على حصول البداء له بالنسبة إلى هذا الفرد وأنه كان ~~إلى الآن بانيا على ضيافته فظهر له الآن كون الصلاح في ترك ضيافته. # وهذا بخلاف كلام المتكلم الذي يتكلم في الامور العامة وتأسيس القوانين ، ~~فإنه ربما يذكر عاما في مجلس ولم يقتض المصلحة ذكر مخصصه معه ، فيذكر ~~المخصص في مجلس آخر ، فالعمومات الواقعة في كلام هذا المتكلم لا بد أن ~~يعامل معها معاملة العام الواقع في كلام المتكلم الأول قبل فراغه من الكلام ~~، فكما ليس للمخاطب هناك الاعتماد على الظهور البدوي في العموم ، بل لا ~~يستقر ظهوره فيه إلا بعد انقضاء الكلام وعدم ذكر المخصص ، كذلك هاهنا ليس ~~له الحكم بالظهور في العموم بمجرد أخذه لفظا عاما في مجلس ؛ إذ لا يستقر له ~~ظهور إلا بعد التتبع والفحص عن المخصص في المجالس الأخر التي يجوز تأخير ~~ذكر المخصص إليها ، فعند عدم وجدانه بعد هذا الفحص يستقر ms0265 الظهور في العموم ~~، فالمجالس المتعددة لهذا المتكلم في حكم المجلس الواحد لذاك. # والذي يدل على ما ذكرنا من عدم استقرار الظهور وعدم صيرورة العام موضوعا ~~للحجية بالنسبة إلى هذا المتكلم إلا بالفحص المذكور لزوم الفحص عن المخصص ~~وعدم جواز التمسك بالعام قبله. # فإن قلت : لعله من جهة كثرة التخصيص بحيث قيل : ما من عام إلا وقد خص. # قلت : لو كان كذلك لكان اللازم الفحص إلى حد صار التخصيص خارجا عن PageV01P284 # أطراف العلم الإجمالى وكان الزائد على ذلك غير لازم وليس كذلك ، فلو وجد ~~عشرة مخصصات لعام وخرج بذلك عن أطراف العلم المذكور ولكن يحتمل وجود المخصص ~~يجب الفحص أيضا. # فإن قلت : لزوم الفحص عن المخصص لا ينافي حجية العام ؛ فإن الثابت من ~~دليل حجيته ليس أزيد من الحجية الجهتية الذاتية ، بمعنى أنه حجة لو لم ~~يعارض بحجة أقوى وإلا سقط عن الحجية ، فلزوم الفحص لأجل الاطمئنان بعدم تلك ~~الحجة الأقوى. # قلت : لو كان كذلك لزم فيما إذا كان العام قطعي السند والخاص ظنية أن ~~يقدم العام ؛ إذ يعارض ظهور العام حينئذ مع ظهور دليل اعتبار السند وظهور ~~العام أقوى من ظهوره ، مثلا لو قام العام الكتابي على الوجوب وقام الخبر ~~الواحد الظني الصدور على حرمة الخاص ، وقع التعارض بين ذلك العام وبين ظهور ~~دليل حجية خبر الواحد ، أعني قوله عليه السلام : صدق العادل ، والأول أقوى ، ~~وليس كذلك ، بل الخاص الظني الصدور الغير الخارج عن موضوع الحجية وإن كان ~~سنده في غاية الضعف يقدم على العام القطعي الصدور، ولا يمكن أن يكون وجه ~~هذا إلا ما ذكرنا من عدم استقرار الظهور والمعاملة مع مكالمات هذا المتكلم ~~المتفرقة في المجالس العديدة معاملة المكالمات المجتمعة في مجلس واحد ~~الصادرة عن غيره ؛ إذ على هذا متى وجد خاص بالوصف المذكور في مجلس غير ~~المجلس الذي ذكر فيه العام يكون اللازم ضم هذا الخاص إلى ذاك العام وفرض ~~كونهما صادرين في مجلس واحد ، فيستقر ظهور العام بعد ملاحظة الخاص ، فليس ~~بينهما معارضة أصلا ، ولازم هذا ms0266 أنه لو كان في الخاص المنفصل الواقع في ~~كلام هذا المتكلم إجمال يسري منه إلى العام ، هذا كله هو الكلام في الشبهة ~~المفهومية. # وأما الشبهة المصداقية بأن لا يكون في مفهوم لفظ الخاص إجمال أصلا أو لم ~~يكن في البين لفظ ، بل كان المعنى متواترا أو مجمعا عليه ، ولكن شك في فرد ~~معين من أفراد العام أنه من مصاديق هذا الخاص أو لا ، فالمعروف عدم جواز ~~التمسك فيها بعموم العام ، فلو ورد أكرم العلماء ، ثم لا تكرم الفساق ، ~~وفرض العلم بمدلول لفظ الفساق PageV01P285 # فشك في عالم أنه من مصاديق الفاسق أولا ، لم يمكن التمسك على وجوب إكرامه ~~بعموم أكرم العلماء ، كما لا يمكن التمسك على حرمته بعموم لا تكرم الفساق ، ~~وقيل بالجواز. # أما تقريب الأول فهو أن أصالة العموم إنما تكون حجة لأن يرفع بها الشبهة ~~في المراد ويكون هذا في مقام كان المتكلم قادرا على رفع التحير عن الشاك ، ~~وبعبارة اخرى مقام إجراء أصالة العموم ما إذا صح السؤال عن المتكلم بأن ~~يقال له : ما أردت من قولك : أكرم العلماء مثلا ، وأما إذا كان مراده واضحا ~~وكانت الشبهة ممحضة في المصداق كما هو المفروض فليس المقام صالحا للسؤال عن ~~المتكلم فلا يسأل عنه أن هذا الرجل العالم فاسق أم لا ، فربما يكون المتكلم ~~أيضا متحيرا في ذلك. # وأما تقريب الثاني فهو أنه لو ورد أكرم العلماء مثلا ثم لا تكرم الفساق ~~من العلماء ، فلا شك أن الأول عام لجميع الأفراد من العادل والفاسق ، ~~والثاني إنما نجعله محدودا بقدر الحاجة فنقول : وإن كان بحسب الواقع ليس في ~~البين إلا فردان ، عادل وفاسق إلا أنه يحصل بحسب الحالات ثلاثة أفراد ، ~~الأول معلوم العدالة ، والثاني معلوم الفسق ، والثالث مشكوك العدالة والفسق ~~، فالعام بالنسبة إلى معلوم الفسق مخصص قطعا ، كما أن معلوم العدالة باق ~~تحته بلا كلام ، وأما المشكوك فالمانع عن شمول العام أنه إذا كان فاسقا في ~~الواقع كان محرم الإكرام وهو ينافي وجوب إكرامه. # والجواب أن هذا بعينه هو ما تخيله ms0267 ابن قبة ، وأجابوا عنه بأن الحكمين ~~طوليان ولا منافاة بينهما ، فكما نقول : إن الخمر حرام واقعا والمشكوك منه ~~حلال فكذا نقول هنا : لا منافاة بين كونه واقعا محرم الإكرام وكونه بحسب ~~الظاهر داخلا في عموم أكرم. # وبالجملة ، لا مانع من العموم بالنسبة إلى الفرد المشكوك ، وأما قولك إن ~~أصالة العموم في مقام كان رفع الشك مقدورا للمتكلم ، وهاهنا ليس رفعه بيده ~~نقول : لا شك أنه يقدر على رفع الشك من حيث جعل الحكم في الموضوع المشكوك ، ~~فهو وإن كان قد لا يقدر على رفع الجهالة من حيث العدالة والفسق إلا أنه ~~يقدر على أن الفرد المجهول داخل تحت حكم العام أولا ، فالمقام مقام السؤال ~~عنه لرجوعه إلى إرادته. PageV01P286 # فإن قلت : يلزم أن يكون خطاب واحد متكفلا لحكمين أحدهما واقعي والآخر ظاهري. # قلت : لا ضير فيه فإن الحكم الظاهري ليس سنخا آخر غير الحكم الواقعي ، ~~غاية الأمر أن الأول متعلق بنفس الواقع والثاني بالشك فيه. # فإن قلت : إن الشك المأخوذ في موضوع الحكم الظاهري لا بد وأن لا يكون شكا ~~متعلقا بالموضوع الواقعي بنفسه مع قطع النظر عن حكمه إذ حينئذ يقع في عرض ~~الحكم الواقعي ويكون مخصصا له ؛ إذ دليل الخمر مثلا يفيد أن جميع أفراد ~~الخمر حرام ، ودليل الحكم الظاهري مفاده أن الخمر المشكوك الخمرية حلال ، ~~فرفع المنافاة عما بينهما وجعل الظاهري في طول الواقعي إنما يتحقق لو جعل ~~الشك متعلقا بالحكم سواء كان ناشئا عن الشك في الموضوع أم لا ، فيقال : إن ~~المشكوك الحرمة سواء كان الشك في حرمته لأجل الشك في كونه خمرا أو ماء مثلا ~~، أو كان موضوعا محرزا وشك في الحكم الكلي المتعلق به ، وبعبارة اخرى : قد ~~أخذ في موضوع الحكم الثانوي الشك في الحكم الأولي فالشك متأخر رتبة عن نفس ~~الحكم الأولي ، والحكم الثانوي متأخر رتبة عن الشك في الحكم الأولي لكونه ~~موضوعا. # قلت : الأمر من هذه الجهة سهل ؛ إذ يدعى تعلق الشك بالموضوع لا من حيث ~~نفسه ، بل من حيث منشئيته للشك في ms0268 حكمه الجائي من قبل المخصص ، هذا. # ويرد على ما ذكره قدسسره امور ، # أحدها : أن الشك المأخوذ في الحكم الظاهري لا بد وأن يلحظ قيدا لا على ~~وجه الإطلاق ، وبعبارة اخرى لا بد وأن يكون دخيلا في الحكم لا كالأوصاف ~~التي يلحظ على وجه الإطلاق كالإيمان والفسق والكفر الملحوظة في أعتق رقبة ، ~~فإنها ملحوظة على وجه يساوي وجودها وعدمها في ثبوت الحكم ، فمن حيث إن ~~القضية متعرضة للحكم الواقعي لا بد وأن يلاحظ الشك في حكم المخصص على وجه ~~الإطلاق ؛ إذ لم يوجد في موضوع الحكم الواقعي الشك في حكم آخر ، ومن حيث ~~أنها متكفلة للحكم الظاهري لا بد وأن يلحظ فيها الشك في حكم المخصص قيدا ، PageV01P287 # فيلزم الجمع بين لحاظي الإطلاق والتقييد بالنسبة إلى الشك المذكور في ~~لحاظ واحد. # وثانيها : أنه كما لا يمكن أن يكون الحكم ناظرا إلى نفسه ؛ إذ يلزم ~~طوليته بالنسبة إلى نفسه وتأخره عن نفسه ، كذلك لا يمكن ذلك بالنسبة إلى ~~حكم آخر مساو معه رتبة ، ويكون معه في عرض واحد لوجود الملاك المذكور عينا ~~؛ إذ يلزم تأخر الحكم عن نفسه ، فإن المفروض أنه في رتبة الحكم المنظور ~~إليه ، فلو كان متأخرا عنه لزم أن يكون مساويا معه ومتأخرا معا. # فنقول : لازم كون الدليلين من باب العام والخاص حيث يتخصص العام بالخاص ~~كونهما في عرض واحد واردين على الموضوع ، وإلا لم يتحقق التخصيص ، فإن ~~معناه مصادمة الخاص للعام في بعض مدلول العام وهي لا تتحقق مع الاختلاف في ~~الرتبة وهذا واضح. # فلو فرضنا العام ناظرا إلى حكم الخاص ومتكفلا لحكم الشك فيه فلا محالة ~~يكون مترتبا عليه وفي طوله ، وبهذا يخرجان عن باب العام والخاص وإن كان يصح ~~تكفل العام للحكم الظاهري ، وإن فرضنا العام في رتبة الخاص فهما في عرض ~~واحد يردان على موضوع واحد ، فلا يمكن النظر لأحدهما إلى الآخر ، وبالجملة ~~وإن كانا حينئذ من باب العموم والخصوص لكن لا يتحقق بهذا البيان حكم ظاهري. # ثالثها : أنه لا شك أن العموم الأحوالي تابع للعموم ms0269 الأفرادي ويكون الأول ~~في طول الثاني ، فلو خرج من العام فرد وخصص بذلك عمومه الأفرادي فلا يعقل ~~بقاء عمومه الأحوالي المتحصل من دخول الأفراد تحت العام بحاله بالنسبة إلى ~~الفرد المخرج ؛ إذ الدليل إنما يتكفل أحوال الفرد إذا كان نفس الفرد باقيا ~~تحت عموم موضوعه. # وبعبارة اخرى : بعد اندراج الفرد تحت عموم الموضوعي يشمله مقدمات الحكمة ~~، وبدون ذلك لا موضوع لتلك المقدمات ؛ إذ بعد عدم شمول الحكم نفس الفرد فلا ~~كلام في هذا الفرد حتى يحكم بسرايته إلى أحواله بمقدمات الحكمة. # فإن قلت : هذا مسلم فيما كان للحكم ملاك واحد ، وأما لو كان هناك ملاكان ~~أحدهما في الفرد من حيث ذاته وانطباق العام عليه والآخر من حيث حاله وكونه PageV01P288 # معروضا للحالة الفلانية كما في المقام حيث إن الفاسق الواقعي الذي شك في ~~حرمة إكرامه ووجوبه من جهة الشك في فسقه وعدالته قد اجتمع فيه ملاكان لوجوب ~~الإكرام أحدهما العلم والآخر كونه مشكوك العدالة والفسق فإذا خرج عن العموم ~~بواسطة لا تكرم الفساق يبقى تحته من حيث كونه مشكوك الفسق والعدالة. # قلت : لا فرق بين اتحاد الملاك وتعدده ؛ إذ على أي حال يكون الأحوال ~~واردا على المفرد ونريد إسراء الحكم إلى حالاته بمقدمات الحكمة ، فهو موقوف ~~على بقاء نفسه تحت عموم الدليل ؛ إذ ليس بحسب الفرض في البين دليل آخر ، بل ~~المقصود استفادة الحكمين من الدليل الواحد وهو لا يتم إلا بمحفوظية نفس ~~الفرد وهذا أيضا واضح. # فإن قلت : ما ذكرته في الإشكال من اجتماع اللحاظين ممنوع ؛ إذ من الممكن ~~إجراء الحكم على طبيعة مشتملة على أصناف لملاك في نفس كل واحد من تلك ~~الأصناف كما إذا قال : أعتق كل رقبة وكان وجوب عتق الرقبة الكافرة لملاك في ~~نفسه خاص به ، وكذا في المؤمنة ، وليس في ذلك اجتماع لحاظين : لحاظ الإطلاق ~~ولحاظ التقييد كما هو واضح. # قلت : لا محيص عن إمكان ما ذكر لكنه خلاف ظاهر القضية ؛ حيث إنه كون ملاك ~~الحكم في نفس الطبيعة التي علق عليها الحكم من دون ms0270 تفاوت بين أصنافها. # نعم لا يبعد عدم مخالفة الظاهر في بعض القضايا كما لو قال : أكرم هؤلاء ~~وكان إكرام كل بجهة خاصة به ، وكما لو قال : أكرم ساكني البلد إذا كان سبب ~~الإكرام جهة خاصة بكل واحد من الأفراد لا الجهة الجامعة أعني السكون في ~~البلد ، ومن هنا يعلم أنه وإن فرغنا عن الإمكان من جهة الإشكالين الآخرين ~~أيضا لا ينفع بحال المدعي بل لا بد للمدعي المذكور مضافا إلى الإمكان من ~~دعوى الظهور ، والإنصاف عدمه ، بل الظهور منعقد على الخلاف في كلا الأمرين ~~يعني أن الظاهر من قول القائل : أكرم العلماء وقوله منفصلا : لا تكرم ~~الفساق من العلماء أنهما حكمان في عرض واحد ولم يلحظ في الأول الشك في ~~الثاني ، وكذا الظاهر أن الحالات التي يشملها العام الأحوالي وتكون مندرجة ~~تحت الإطلاق يكون بحسب الظاهر اللفظي غير دخيلة PageV01P289 # في الحكم ، فالظاهر من أكرم العلماء الذي هو بمنزلة أكرم العلماء سواء ~~كانوا معلوم العدالة أو مشكوك العدالة والفسق أن المشكوكية ليست مناطا لحكم ~~أكرم ، فعلم أنه قدسسره وإن أتعب قلمه الشريف في توجيه ما قاله لكنه مخدوش ~~ثبوتا وإثباتا ، ومن هنا يظهر أن الحق عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة ~~المصداقية. # نعم قد يكون التمسك بالعام في الشبهة المصداقية جائزا وهو مشروط بشرطين ، ~~الأول : أن يكون النسبة بين الدليلين هو العموم من وجه لا مطلقا مثل أكرم ~~العلماء ولا تكرم الفساق ، والثاني : احتمال أن يكون المتكلم مستقصيا في ~~أفراد كل من العامين وعالما بعدم تداخلهما في فرد ، مثلا لو قال : أضف جميع ~~علماء البلد وقال في مقام آخر : أهن كل فاسق هذا البلد واحتملنا أنه تفحص ~~بين علماء البلد فلم يجد فيهم فاسق ، وتفحص بين فساقهم فلم يجد فيهم عالم ~~فحينئذ نحتمل في العالم المشكوك الفسق أن يكون مريدا جديا لإكرامه ويكون ~~الإرادة الجدية بالنسبة إليه محفوظة ، فيكون المقام مقام أصالة العموم ، ~~لكن هذا في القضايا اللفظية التي لا تتعرض لحال المستقبل والأفراد المقدرة ~~الحاصلة فيما بعد كالمثال المذكور. # وبعبارة ms0271 اخرى تكون خارجية لا حقيقية ، أو تتعرض لها وتكون حقيقية لكن كان ~~المتكلم عالما بالغيب واحتمل أنه في هذه القضية أعمل علمه بالغيب وأصدر ~~الكلام مبنيا عليه. # وأما لو كان متعرضا لحال ما يأتي من الأفراد ولم يكن المتكلم عالما ~~بالغيب أو كان وعلمنا أنه في هذه القضية لم يعمل علمه بالغيب كما في ألفاظ ~~الشارع عند بيان الأحكام الشرعية فليس في البين احتمال أن تكون الإرادة ~~الجدية محفوظة بالنسبة إلى الفرد المشكوك. # وكذا لو لم يكن بينهما عموم من وجه ، بل كان عموما مطلقا كقوله : أكرم ~~العلماء ولا تكرم الفساق من العلماء ؛ إذ مع وجود الخاص لا يحتمل أن يكون ~~المتكلم مستقصيا لأفراد العام وحاكما على كل منها باعتبار عدم وجدانه شيئا ~~منها معنونا بعنوان الخاص ؛ إذ لو كان كذلك لم يتكلم بالخاص. PageV01P290 # نعم لو كان الخاص دليلا لبيا كان لهذا الاحتمال مجال ، كما لو علم من ~~الخارج أنه لا يريد إكرام العالم الفاسق من أهل البلد ، ولكن لم يكن منه في ~~البين لفظ يدل على هذا فقال: أكرم علماء هذا البلد. # وبالجملة إذا كان محفوظية الإرادة الجدية في خصوص هذا الفرد الذي شك في ~~كونه مصداقا لعنوان محكوم بحكم مضاد محتملة ، سواء ورد حكم هذا العنوان في ~~الدليل اللفظي مع كونه عاما من وجه ، أو ثبت حكمه بالدليل اللبي مطلقا ، ~~فأصالة العموم جارية ، بل يمكن التمسك بها في رفع الإبهام والتحير عن الفرد ~~وتبيين عدم كونه معنونا بهذا العنوان ، فيقال مثلا بعد ورود : لعن الله بني ~~امية قاطبة والقطع بعدم جواز لعن المؤمن إذا شك في إيمان بعض بني امية : إن ~~هذا البعض جائز اللعن بأصالة العموم في لعن الله الخ ، وكل مؤمن يحرم لعنه ~~، فينتج أن هذا ليس بمؤمن. # فإن قلت : لا شبهة أنه لا يمكن أن يجعل أصالة العموم في الحكم طريقا ~~لإحراز موضوع نفس هذا الحكم واستكشافه وهذا واضح ؛ إذ عموم الحكم فرع إحراز ~~موضوعه ، فلو كان إحراز الموضوع أيضا متوقفا على عمومه لزم الدور ms0272 ، وبعد ما ~~فرضتم أن المخصص المنفصل يجعل موضوع العام مقيدا ومضيقا كالمتصل في كلمات ~~الشارع وأمثاله ممن جرت عادته بذكر القرائن لكلامه منفصلة يلزم ما ذكر من ~~الإشكال ، فكما لا يمكن إحراز القيد بأصالة العموم فيما إذا كان المخصص ~~متصلا بالعام فكذلك في المنفصل أيضا ؛ لأنه بحكمه حسب الفرض. # قلت : لنا قسمان من القيود ، الأول ما أحال المتكلم إحرازه إلى المخاطب ، ~~ففيه يتم ما ذكرته ، فليس للمخاطب إحراز هذا القيد بأصالة العموم في كلام ~~المتكلم ، بل لا بد من إحراز المخاطب هذا القيد من الخارج ، والثاني القيد ~~الذي جعله المتكلم في عهدة نفسه وصار هو متعهدا بإحرازه في تمام أفراد ~~الموضوع ورفع مئونته عن عهدة المخاطب ، ففي مثله يجوز للمخاطب إحراز القيد ~~بأصالة العموم في كلام المتكلم ، كما أنه يصح السؤال عن نفس المتكلم عن حال ~~الفرد المشكوك وأنه واجد القيد أولا؟ وقد ذكرنا أنه كل مورد كان كذلك كان ~~مجرى لأصالة العموم ، فعلم مما ذكرنا أن ما PageV01P291 # اشتهر من أن عموم الحكم فرع إحراز الموضوع وأن الحكم لا يمكن أن يستكشف ~~ويحرز به موضوعه ليس على إطلاقه. # ثم إن في الكفاية فصل بين ما إذا كان المخصص لفظيا فحكم بعدم الجواز كلية ~~وبين ما إذا كان لبيا فحكم بالجواز كلية ، وتمسك بأن الحجة من جانب المولى ~~في قبال العام موجود في الأول وهو لفظه ، وأما في الثاني فليس في البين حجة ~~ملقاة من طرفه في قبال العام ، فلا بد من الأخذ بالعام الذي هو حجة واحدة ~~إلى أن يقطع بالخلاف. # وعلمت مما ذكرنا أن الجواز وعدمه يجريان في كل من اللفظي واللبي ، ~~والمناط في الجواز هو ما عرفت من احتمال التفحص والتتبع ، فمعه يجوز التمسك ~~في كليهما ، ومع عدمه لا يجوز في كليهما ، وعرفت أن هذا الاحتمال في اللفظي ~~منحصر بما إذا كان خاصا من وجه وكان هو والعام متعرضين لحال الأفراد ~~الموجودة فقط ، أولها ولما يأتي إذا كان المتكلم عالما بالغيب واحتمل أنه ~~أصدر الكلام مبتنيا على العلم ms0273 بالغيب. # وأما ما ذكره قدسسره أن اللفظي حجة ملقاة من السيد في قبال العام ، ففيه ~~: أن القطع لا يقصر حاله عن لفظ السيد ، بل القطع حجة أقوى من ظواهر ~~الألفاظ ، فإذا كان اللفظ موجبا لسقوط العام عن الحجية في الفرد المشكوك ~~كان القطع كذلك بطريق أولى. ### || إيقاظ # لا يخفى أن الخاص وإن لم يجعل العام معنونا بعنوان الضد إلا أنه يجعله ~~معنونا بغير عنوانه ، فالعلماء في أكرم العلماء يصير بعد ورود لا تكرم ~~الفساق معنونا بعدم الفسق ، وبصير موضوع وجوب الإكرام العلماء الغير الفساق ~~، لا العلماء العدول ، فاستصحاب عدم الفسق في الفرد المشكوك إذا كان مسبوقا ~~به يكفي في الحكم بوجوب الإكرام من دون حاجة إلى إثبات العدالة حتى يكون ~~أصلا مثبتا. PageV01P292 # وحينئذ فإن كانت الحالة السابقة في الفرد المشكوك هو الاتصاف بعنوان ~~الخاص ، كأن يكون الحالة السابقة في الفرد المشكوك الفسق من العلماء هو ~~الفسق فلا كلام ، وأما إن لم يعلم حالته السابقة أو لم يكن له كما في ~~المرأة التي يشك في كونها قرشية أو تميمية مثلا، فإن المرأة إما أن تكون ~~وجدت قرشية أو وجدت تميمية ، فليس لهذا الشك حالة سابقة ، فهل يكفي استصحاب ~~عدم عروض عنوان الخاص على هذا الفرد المشكوك في الأزل ، فيكفي في المرأة ~~المذكورة استصحاب عدم تحقق الانتساب بينهما وبين القريش الثابت قبل وجود ~~المرأة قطعا ؛ فإن المرأة القرشية أيضا لا يتحقق قبل وجودها الانتساب بينها ~~وبين قريش، فإن النسبة تحتاج إلى طرفين فيصدق انتفائها بانتفاء أحد ~~الطرفين. # وبعبارة اخرى وإن كان لسلب القرشية على نحو السالبة بانتفاء المحمول بأن ~~يقال : هذه المرأة لم تكن قرشية حالة سابقة ، لأنها إما وجدت قرشية أو ~~غيرها إلا أن لسلبها عنها على نحو السالبة بانتفاء الموضوع بأن يقال : ليست ~~المرأة قرشية حالة سابقة ، فالسلب على النحو الأول وإن لم يجر فيه ~~الاستصحاب لكن الثاني يجري فيه ، فهل يكفي هذا الاستصحاب أولا؟. # الكلام في ذلك مبني على أن هاتين السالبتين مرجعهما إلى حقيقة واحدة وليس ~~بينهما تباين ms0274 بحسب الحقيقة ، أو أنهما حقيقتان من السلب مختلفتين؟ فذهب ~~صاحب الكفاية إلى الأول ، فلذا حكم فيها في المقام بأنه قلما لم يجر الأصل ~~الموضوعي الذي ينقح به كون الفرد المشتبه داخلا تحت العام ؛ إذ مورد عدم ~~جريانه على هذا ينحصر في مورد اتصاف الفرد في السابق بوجود العنوان الخاص ، ~~ولكن الحق هو الثاني وبيانه أن الأول سلب للحكم ورفع له عن موضوع مفروض ~~الوجود إما محققا وإما مقدرا ، كما أن القضية الموجبة إثبات للحكم ووضع له ~~في موضوع كذلك ، فكما أن معنى زيد قائم أن الزيد المفروغ عن وجوده ثبت له ~~القيام ، فكذا زيد ليس بقائم معناه أن الزيد المفروض الوجود ليس له القيام ~~، أو أن الزيد لو كان موجودا يكون له القيام ، أو على تقدير الوجود ليس له ~~القيام ، وهذا بخلاف النحو الثاني ؛ فإنه سلب PageV01P293 # الوجود عن العرض المنتسب إلى الموضوع باعتبار كونه ماهية معراتا عن ~~الوجود والعدم ، وفرق بين هذين بحسب الحقيقة أعني سلب العرض عن الموضوع ~~الموجود وسلب الوجود عن العرض المنتسب إلى الموضوع المأخوذ ماهية. # فتارة يقال : الزيد وينظر إليه بنظر الفراغ عن وجوده التحقيقي أو ~~التقديري ليس له القيام ، واخرى يقال : قيام الزيد وينظر إلى ماهية الزيد ~~بدون اعتبار الوجود أصلا ليس بموجود في العالم ، فهذا إن لم يكن الزيد ~~موجودا يكون صادقا ، وإن كان موجودا ولم يكن قائما أيضا يكون صادقا ، ~~والتعبير الحاكي عن هذا قولنا : ليس زيد قائما ، فكأنه قيل: ليست هذه ~~القضية بموجودة ، كما أن التعبير الحاكي عن الأول : زيد ليس بموجود ، ويقال ~~له باصطلاح المنطقيين : القضية الموجبة السالبة المحمول. # إذا عرفت هذا فنقول : السلب على النحو الأول ليس له حالة سابقة بالعرض ، ~~والثاني وإن كان له حالة سابقة ، لكن لم يؤخذ في الدليل موضوعا في الغالب ، ~~وإثبات الأول باستصحاب الثاني لا يتم إلا على الأصل المثبت ، مثلا عموم ما ~~دل على أن منتهى الحيض في كل مرأة هو الخمسون قد خصص بالقرشية ، فيصير ~~مفادها بعد هذا التخصيص أن كل مرأة لا ms0275 تكون قرشية ترى الحمرة إلى الخمسين ، ~~ولا شك أن هذا السلب إنما هو على نحو السلب بانتفاء المحمول عن الموضوع ~~المفروغ الوجود ، وهذا ليس له في المرأة المشكوكة حالة سابقة ؛ إذ لم يصدق ~~في زمان أن هذه المرأة ليست بقرشية قطعا ، بل الشك سار إلى أول أزمنة ~~وجودها. # نعم استصحاب عدم تحقق النسبة بين هذه المرأة وبين القريش كان له حالة ~~سابقة ، لكن المفروض أن المستفاد من الدليل هو السلب على النحو الآخر لا ~~على هذا النحو ، فهذا السلب لا أثر له شرعا. # وبعبارة اخرى ليس الأثر لعدم تحقق النسبة بين المرأة والقريش ، بل لعدم ~~كون المرأة الموجودة إما فعلا وإما تقديرا قرشية ، والاستصحاب إنما هو جار ~~في الأول دون الثاني ، وحيث إن الغالب في القضايا السالبة الشرعية هو كون ~~السلب مأخوذا PageV01P294 # على النحو الأول أعني السلب بانتفاء المحمول فلهذا قلما يتفق أن يكون هذا ~~الاستصحاب الموضوعي نافعا لتنقيح كون الفرد المشكوك باقيا تحت العام. ### | «وهم وإزاحة» # ربما توهم بعض جواز التمسك بالعام في الفرد المشكوك من غير جهة التخصيص ~~بل من جهة اخرى ، فتوهم جواز التمسك على مشروعية الوضوء بالماء المضاف وصحة ~~الصلاة معه بعموم وجوب الوفاء بالنذر إذا وقع متعلقا للنذر ، بتقريب أنه ~~يصير بعموم هذا الدليل واجبا ، وإذا صار واجبا يكون لا محالة صحيحا. # وفيه أن الأحكام المتعلقة بالعناوين الثانوية كالمنذورية إذا احدث في ~~موضوعها الأحكام المتعلقة بالعناوين الأولية ، لا يصح التمسك بدليلها ~~لإثبات هذه الأحكام المتعلقة بالعناوين الأولية ، فوجوب الوفاء بالنذر الذي ~~موضوعه العمل الراجح لا يمكن إثبات رجحان العمل بعموم هذا الدليل ؛ إذ ~~عمومه فرع إحراز الرجحان من الخارج ، فإذا ثبت مرجوحيته من الخارج كما في ~~الوضوء المذكور لم يكن بين دليل المرجوحية وبين هذا الدليل معارضة أصلا. # نعم إذا لم يوجد في موضوع الأحكام المتعلقة بالعناوين الثانوية الأحكام ~~المتعلقة بالعناوين الأولية كما لو قلنا بعدم اعتبار الرجحان في متعلق ~~النذر ، فحينئذ يصح التمسك على جوازه ومشروعيته بعموم هذا الدليل ، فيقع ~~التزاحم بين هذا الدليل ms0276 الدال على الحكم الاقتضائي أعني المشروعية في ~~العنوان الثانوي وبين دليل عدم المشروعية من حيث العنوان الأولي ، فيرجح ~~الأقوى منهما ، لكن على هذا التقدير مع ترجيح دليل النذر في الوضوء المذكور ~~غاية ما يلزم أن يكون هذا الوضوء واجبا بوجوب توصلى ، فإن أراد هذا البعض ~~بالصحة مطابقة الأمر النذري فلا كلام ، وأما لو أراد صحته بمعنى العبادية ~~بحيث كان الدخول معه في الصلاة جائزا فدليل وجوب الوفاء قاصر عن إفادة ~~عباديته ، وأما نذر الصيام في السفر والإحرام قبل الميقات الذي ربما تمسك ~~هذا القائل به فيمكن توجيه صحته بأحد نحوين : PageV01P295 # الأول : أن يقال : إنه يستكشف من النص الوارد على جوازهما مع عدم مشروعية ~~الصوم في السفر والإحرام قبل الميقات أنه يحدث بسبب النذر يعنى العمل ~~النذري إذا تعلق بهذين العملين رجحان في نفسهما ، فيصير بعد تعلق الأمر ~~النذري مجمعا لرجحانين أحدهما استحبابي قد أوجده فيه العمل النذري ، ~~والثاني وجوبي جاء من قبل الأمر الوجوبي الذي جاء لتحقق موضوعه ، غاية ~~الأمر أن نفس العمل النذري صار موجدا لموضوع هذا الأمر ، ولا دليل على ثبوت ~~الرجحان لنفس العمل قبل تعلق النذر به ومع قطع النظر عنه ، وعلى هذا لم ~~يلزم مخالفة الأدلة الدالة على اعتبار الرجحان في متعلق النذر ، ولا يلزم ~~الإشكال الآخر أيضا وهو تصحيح العبادية ؛ فإن العبادية قد فرضنا تحققها ~~بواسطة نفس العمل النذرى. # والثاني : أن يكون النص الوارد فيهما مخصصا لعمومات اعتبار الرجحان في ~~متعلق النذر ، لكن يرد حينئذ أنه غاية ما يلزم حينئذ صيرورة متعلق النذر في ~~المقامين واجبا مع عدم رجحانه في حد ذاته ، ولا إشكال أن الأمر النذري ~~توصلي وليس بتعبدي ، فمن أين يصحح عبادية الصوم في السفر والإحرام قبل ~~الميقات. # ويمكن أن يجاب بأن التوصلي لا يحتاج إلى قصد القربة ، لا أنه لا يمكن فيه ~~هذا القصد كما في غسل الثوب ، والحاصل أنه بعد توجه الأمر النذري يتحقق ~~إمكان الإتيان بالعملين على الوجه القربي ولو لم يكن ممكنا قبل توجهه ، ~~فهذا الأمر يتحقق التمكن من ms0277 امتثاله بنفسه مع عدم التمكن منه قبل وجوده ، ~~ولا ضير في كون الأمر موجدا لتمكن المكلف من الامتثال ، هذا ولكن الوجه ~~الأول لا يلائمه الأدلة ؛ وذلك لأنه يستفاد من قوله: «لا نذر إلا أن يجعل ~~شيئا لله» وإن قلنا بعدم كون اللام في «لله» قرينة وجعلناها وصلية ومفيدة ~~للاختصاص نظيرها في قولك : جعلت هذا الزيد لزوم كون متعلق النذر راجحا قبل ~~تعلق النذر به وعدم كفاية طرو الرجحان عليه مقارنا للنذر ، فإن جعل شيء ~~لأحد لا يتحقق مفهومه إلا بعد الفراغ عن كون المجعول له طالبا للشيء ~~المجعول وكون هذا الشيء مطلوبا له ، وإلا فلا معنى لجعل أمر لا يطلبه أصلا له. PageV01P296 # والحاصل أنه يستفاد منه أنه يلزم أن يكون جعل الجاعل متعلقا بمطلوب لله ، ~~وما يصير بسبب هذا الجعل راجحا ومطلوبا لا يصدق أن المكلف جعل أمرا مرغوبا ~~مطلوبا بل أنه في حد نفسه غير مرغوب وصار بعد الجعل وبسببه مرغوبا. # ثم إن هنا وجها آخر ذكروه في نذر النافلة في وقت الفريضة بناء على حرمتها ~~وعدم مشروعيتها في وقت الفريضة لا بناء على كراهتها فإنه على هذا يكون ~~راجحا غاية الأمر أن شيئا آخر يكون في البين أرجح منه وهو أن يقال : إن ~~متعلق الحرمة هو النافلة بوصف نفلها ، فإذا زال وصف نفلها بواسطة الأمر ~~النذري وتبدل بالوجوب ارتفع موضوع الحرمة ، وهذا بظاهره مستلزم للدور ؛ إذ ~~مجيء الوجوب يتوقف على ارتفاع موضوع الحرمة وفرضنا أنه أيضا يتوقف على طرو ~~الوجوب. # ولكنه مندفع ، بيانه أن متعلق الحرمة لا يمكن أن يكون هو النفل الفعلي ، ~~بل لا بد وأن يكون هو النفل الذاتي التعليقي ، فمتعلق الحرمة هو ما لو لا ~~وقوعه في وقت الفريضة كان راجحا ؛ فإن الصلاة أمر مرغوب خير موضوع في حد ~~نفسه ، وحينئذ فلو رفع هذا النفل التعليقي وبدل بالوجوب التعليقي فصار ما ~~لو لا وقوعه في وقت الفريضة كان نفلا مبدلا بما لو لا وقوعه في هذا الوقت ~~كان واجبا ، فلا إشكال في ارتفاع الحرمة لانقلاب ms0278 العنوان الذي هو موضوعها ~~إلى عنوان آخر. # فنقول : إذا نذر النافلة في وقت الفريضة يتحقق فيها المقتضي للوجوب ؛ فإن ~~النذر مقتض للوجوب ، فمتى تعلق بشيء ، يكون راجحا بحسب الذات يتبدل رجحانه ~~الاقتضائي بالوجوب الاقتضائي ، فإن صادف وجود المانع لا يصير فعليا ، وإن ~~صادف عدمه يصير فعليا ، ألا ترى أن نذر طبيعة الصوم منعقد مع أن لهذه ~~الطبيعة فردا واجبا ومستحبا ومكروها وحراما ، وينصرف نذرها إلى الفرد الغير ~~الحرام أعني غير صوم العيد مثلا ؛ وذلك لأن في طبيعة الصوم رجحانا اقتضائيا ~~، وفي بعض أفرادها المانع موجود وفي بعض آخر معدوم ، فحكم العقل تأثير ~~المقتضي في الثاني دون الأول. PageV01P297 # والحاصل أنه يكفي في النذر الرجحان الاقتضائي ، فبعد النذر يتبدل بالوجوب ~~الاقتضائي ، ثم بعد تحقق المقتضي للوجوب في هذه الصلاة يكون عنوان هذه ~~الصلاة أنه لو لا وقوعها في وقت الفريضة كان واجبا ؛ إذ المانع عن الفعلية ~~هو الوقوع في هذا الوقت ، فلو لم يكن هذا المانع في البين أثر المقتضي أثره ~~؛ إذ المفروض ثبوت الرجحان في ذات الصلاة ، فالمقتضي للوجوب وهو النذر إذا ~~تحقق فيه يصدق أن هذه الصلاة لو لا وقوعها الذي هو المانع من ظهور أثر ~~المقتضي كان واجبا ، وإذا صدق عليه هذا العنوان فلا يصدق أنه لو لم يقع في ~~هذا الوقت كان نفلا ، والمفروض أن الحرمة كان متقوما بهذا العنوان ، فإذا ~~ارتفع هذا العنوان بتحقق العنوان الضد ارتفع الحرمة المتقومة به أيضا ، ~~وإذا ارتفع الحرمة التي فرضناها مانعا عن فعلية الوجوب كان صيرورة الوجوب ~~فعليا بحكم العقل ؛ فإن مقتضيه موجود بالفرض وهو النذر وقد انعدم المانع ~~أيضا ، فانفكاك الأثر عن المقتضي في هذا التقدير ممتنع ، غاية الأمر أن ~~وجود المقتضي صار علة لانقلاب موضوع المانع وتبدله إلى موضوع آخر ، فصادف ~~وجود المقتضي عدم المانع ، فعدم تأثيره ليس له جهة. ### || «فصل» # هل يجوز إجراء أصالة عدم التخصيص فيما إذا علم بخروج فرد من حكم العام ~~ولم يعلم كونه من مصاديقه حتى يلزم التخصيص أو ليس منها حتى لا يلزم ms0279؟ كما ~~لو علم بعد ورود أكرم العلماء بأن زيدا غير واجب الإكرام ، ولكن لم يعلم ~~أنه عالم حتى يخصص العام به أو جاهل حتى يكون العموم محفوظا ، فهل أصالة ~~عدم التخصيص وحفظ العموم يعين الثاني ويثبت كون زيد في المثال غير عالم ، ~~فإن الاصول اللفظية مثبتها أيضا حجة فيحكم بآثار عدم العالمية على زيد لو ~~كان ، أو لا يعين وإنما يجري هذا الأصل في موارد تكون الشبهة في مراد ~~المتكلم ، لا في ما إذا لم يكن شك في مراده بل في شيء آخر. # وهذا الكلام بعينه يجري في أصالة الحقيقة وأصالة عدم القرينة فيقال : إنه هل PageV01P298 # يخص جريانهما بما إذا شك في مراد المتكلم بعد تشخيص الحقيقة عن المجاز ~~فشك أنه أراد أيهما من اللفظ ، فيعين الأول بهذا الأصل ، أو يجري أيضا فيما ~~إذا كان المراد معلوما ولم يتميز الحقيقة عن المجاز فشك في أن هذا المعنى ~~الذي أراده من اللفظ هل هو مفهوم من حاق اللفظ حتى يكون اللفظ حقيقة ، أو ~~من القرينة حتى يكون مجازا ، فيعين أصالة الحقيقة وعدم القرينة الأول أعني ~~كون التبادر من حاق اللفظ ، فيرتب آثار المعنى الحقيقي على هذا المعنى في ~~مقامات أخر. # وإلى هذا ينظر الخلاف الواقع بين علم الهدى والمشهور حيث ذهب إلى أن ~~الأصل في الاستعمال الحقيقة ، وذهبوا إلى أن الاستعمال أعم ، مع أن المشهور ~~أيضا مسلمون أن الأصل في الاستعمال هو الحقيقة في الجملة ، فيكون هذا ~~النزاع منزلا على ما إذا كان المراد من اللفظ معلوما ، كما لو استعمل ~~الصيغة في الندب ولم يعلم أنه مفهوم من حاقها أو من القرينة ، فيحكم السيد ~~بالأول بالأصل ، والمشهور لا يجرون الأصل في مثله. # وكيف كان فقد أجرى الشيخ الأجل المرتضى في رسائله ومكاسبه هذين الأصلين ~~في هذا المقام أعني الشبهة الغير المرادية ؛ فإنه ذكر في رسائله في رد ~~الاحتجاج على حجية قول اللغوي بأنه لو لم يكن حجة ينسد باب العلم بأكثر ~~الأحكام الشرعية ، لعدم الطريق إلى تشخيص موضوعاتها مما سوى قول ms0280 اللغوي بما ~~حاصله : أن الانسداد ممنوع ؛ فإن معاني أكثر الألفاظ مقطوع لنا ولا نحتاج ~~فيها إلى الرجوع إلى اللغوي ، وأصالة الحقيقة أيضا موجودة في بعض من ~~الألفاظ التي لا نعلم معناها ، ولكن وقعت في كلام الشارع مستعملة في معنى ، ~~فأصالة الحقيقة يثبت كونها حقائق في هذه المعاني. # وذكر في مكاسبه أنه على القول بعدم إفادة المعاطاة للملك وإفادته للإباحة ~~فلا إشكال أن مقتضى عموم على اليد يشمل كلا من العوضين فيكون كل منهما ~~مضمونا في يد آخذه بالمثل أو القيمة ؛ فإذا فرض ثبوت الإجماع على أنه لو ~~تلف أحدهما لم يكن مضمونا بالمثل أو القيمة ، بل يكون مضمونا بالمسمى ، ~~فحينئذ لا بد من الالتزام PageV01P299 # بحصول الملك القهري آنا ما قبل التلف لحفظ هذه القاعدة عن التخصيص ، فمع ~~معلومية مراد الشارع اثبت الملكية آنا ما حفظا لعموم قاعدة على اليد عن ~~التخصيص. # ولكن الحق أن يقال : إن هذه الأصول حيث تكون مأخوذة من العقلاء لبا فلا ~~بد من الاقتصار على القدر المتيقن ، والقدر المتيقن من إجراء العقلاء هو في ~~الشبهات المرادية ، ولعل السر أن وجه الحاجة إليها هو الإلزام والالتزام ~~والاحتجاج بين المتكلم والمخاطب ، فلو قال : أكرم العلماء ، فلم يكرم ~~المخاطب فردا من العلماء يلزمه المتكلم ويحتج عليه بأنه لم لم تكرمه مع أن ~~العلماء قد شمل هذا أيضا ، كما أنه لو أكرم المخاطب فردا وقال المتكلم : لم ~~أكن مريدا لإكرام هذا الفرد كان للمخاطب إلزامه والاحتجاج عليه بأن لفظك ~~كان عاما شاملا لهذا أيضا ، وإن كنت غير مريد لإكرامه كان عليك الاستثناء. # والحاصل أن إلزام أحد المتخاطبين للآخر واحتجاجه عليه إنما يكون في ~~مقامات الشك في المراد ، وأما لو كان المراد معلوما فلا إلزام ولا احتجاج ~~في البين كما هو واضح. ### || «فصل» # هل يجوز التمسك بالعام قبل الفحص عن المخصص أولا؟ قد يقال بعدم الجواز ؛ ~~لأنا نعلم إجمالا بوجود مخصصات كثيرة للعمومات بحيث قيل : ما من عام إلا ~~وقد خص ، والعام مع هذا العلم الإجمالي وإن لم يسقط عن الظهور ms0281 لثبوت الظهور ~~له في العموم وجدانا ، إلا أنه يصير مجملا وبلا ظهور حكما يعني يسقط عن ~~الحجية ، ولا نحتاج في باب الظهورات إلى كون العلم الإجمالي على خلافها ~~منجزا للتكليف في إسقاطها عن الحجية بخلاف باب الاصول. # ولهذا لو علم بعد ورود أكرم العلماء بعدم وجوب إكرام زيد أو عمرو يسقط ~~العام بالنسبة إلى كلا الفردين عن الحجية مع أنه مثبت للتكليف ، والعلم ~~الإجمالي متعلق بنفيه ، وهذا بخلاف ما إذا علم بحصول طهارة أحد الثوبين بعد ~~الشك في طهارتهما و PageV01P300 # نجاستهما مع العلم بالنجاسة سابقا ، فإن استصحاب النجاسة في كليهما جار ، ~~ولا يضر العلم الإجمالي بطهارة أحدهما بعدم كونه منجزا لتكليف ، وإنما هو ~~مثبت للإباحة ، والاصول يعمل بها ما لم يلزم المخالفة العملية القطعية وإن ~~قطع بمخالفة مضمونها للواقع. # وفيه أن المدعى مركب من قضيتين كليتين ، إحداهما : لا يجوز العمل بكل عام ~~قبل الفحص ، والاخرى : يجوز العمل بكل عام بعده ، وهذا الدليل لا يفيد هذا ~~المدعى ؛ لأنه لو كان المراد العلم الإجمالي بوجود مخصصات كثيرة في الواقع ~~أعم مما يكون موجودا في ما وصل إلينا من الكتاب والسنة ومن غيره فربما يحصل ~~الفحص ولا ينحل هذا العلم ، وذلك بأن يكون القدر المتيقن من المخصصات ~~الواقعية أزيد مما نجده من المخصصات في الكتاب والسنة بعد الفحص ، كما لو ~~كان ما وجدناه خمسمائة مخصص لجميع العمومات والمتيقن تخصيص تمام العمومات ~~بستمائة ، فحينئذ يلزم أن لا يجوز العمل بالعام بعد الفحص أيضا لبقاء العلم ~~الإجمالي وعدم انحلاله. # وأيضا ربما ينحل العلم الإجمالي قبل الفحص كأن يكون المتيقن خمسمائة ~~مخصصا لتمام العمومات ووجدنا في الكتاب والسنة خمسمائة لأربع مائة عام ~~فيلزم جواز العمل بغير هذه الأربعمائة من العمومات قبل الفحص لخروجه عن ~~أطراف العلم الإجمالي ، وإنما تعلق الشك البدوي بتخصيصه ، فعلى هذا التقدير ~~لا يستقيم الكلية في شيء من الجانبين ، لا في الجواز بعد الفحص ولا في عدمه ~~قبله ، ولو كان المراد العلم الإجمالي بوجود المخصصات في ما بأيدينا من ~~الكتاب والسنة ، فحينئذ وإن ms0282 كان يجوز العمل بالعام بعد الفحص دائما ؛ ~~لانحلال العلم الإجمالي بعده كذلك ، إلا أنه قد يجوز قبل الفحص أيضا ؛ ~~لانحلاله قبله ، كما لو وصلنا في خمسمائة عام بخمسمائة مخصص ، فانحل العلم ~~الإجمالي وتبدل في سائر العمومات التي لم نفحص عن مخصصاتها بالشك البدوي ، ~~فعلى هذا التقدير لا يثبت الكلية في جانب عدم الجواز قبل الفحص وإن كان ~~يثبت في جانب الجواز بعده. # وربما يوجه وجوب الفحص بما ذهب إليه المحقق القمي قدسسره من أنا نتبع في ~~باب الظهورات للظنون الشخصية ولا نكتفي بالظنون النوعية ، وليس للظهورات PageV01P301 # عنوان مستقل للحجية وإنما حجيتها من باب مطلق الظن ، ولا شك أنا إذا ~~احتملنا احتمالا عقلائيا أن يكون للعام تخصيص أو تخصيصات لا يحصل لنا الظن ~~بمدلوله ، فيتوقف حصول الظن الشخصي الذي هو المناط للحجية على الفحص. # وفيه مضافا إلى أن هذه الطريقة مردودة عند الأكثر لا يفيد كلية الدعوى ، ~~بل يلزم اختلاف الحال بالنسبة إلى الأشخاص ، فربما لا يجوز العمل بعد الفحص ~~أيضا بالنسبة إلى من لم يحصل له الظن بالمدلول بعده أيضا ، وربما يجوز قبله ~~بالنسبة إلى من حصل له الظن قبله. # والحق أن يقال : إن وجه وجوب الفحص أحد أمرين ، وذلك لأنا إما أن نقول في ~~ما إذا كان المخصص منفصلا عن العام بأن العام يصير موضوعا للحجية ويستقر له ~~الظهور ، وإما أن نقول بأنه في مكالمات من ليس من عادته ذكر المخصصات ~~بجملتها في مجلس واحد، بل ذكرها في مجالس متفرقة حاله في تلك المكالمات ~~بالنسبة إلى المخصصات المنفصلة حال العام في مكالمات غيره بالنسبة إلى ~~المخصصات المتصلة ، فكما يجب الصبر هناك ولا يستقر الظهور قبل انقضاء ~~الكلام ، كذلك هنا أيضا لا يستقر الظهور إلا بعد عدم وجود ما ينافيه في ~~مجلس متأخر ، فعلى الثاني يكون من الواضح وجوب الفحص ؛ فإنه حينئذ لأجل ~~توقف استقرار الظهور عليه ، وأما على الأول فلأنه وإن كان موضوعا للحجية ~~ومستقر الظهور إلا أنه معلق على عدم وجود الحجة الأقوى في قباله ، ولا يصدق ~~موضوع ms0283 عدم مزاحمة حجة أقوى بمجرد عدم الوجدان الابتدائي ، كما لا يصدق ~~موضوع قبح العقاب بلا بيان بمجرد عدم الاطلاع على البيان قبل الفحص عنه مع ~~احتمال وجوده في الواقع واحتمال أنه لو فحص لوصل إليه ، فإنه حينئذ لو كان ~~في الواقع موجودا ولم يفحص عنه لم يكن البيان بالنسبة إليه معدوما ، ~~فالاحتمال هاهنا بمنزلة البيان وإن كان لو فحص ولم يصل إليه ينكشف عدم ~~البيان بالنسبة إليه من الأول. # وفيما نحن فيه أيضا مجرد الاحتمال المذكور بمنزلة الحجة الأقوى ، فلو كان ~~في الواقع ولم يفحص لم يكن معذورا عند العقلاء ، والفرق بين الفحص في باب ~~الظهورات و PageV01P302 # بينه في باب الاصول هو أنه في الأول يكون لاستعلام وجود حجة أقوى في قبال ~~حجة غير أقوى ، وفي الثاني يكون لاستعلام ما يكون هو الحجة ، وما في قباله ~~يكون لا حجة مع وجوده ، والفرق بين المبنيين في العام المخصص بالمنفصل هو ~~أنه على الأول لا نحتاج بعد الفحص وعدم وجدان المخصص إلى إجراء أصالة عدم ~~التخصيص ؛ إذ لو فرض وجود الحجة الأقوى في الواقع ولم يصل إليه المكلف فهو ~~ليس بحجة على المكلف ، فالحجة بالنسبة إليه يكون بلا مزاحم ، بل يكشف الفحص ~~حينئذ أن العام كان من الأول بلا مزاحم بحجة اخرى أقوى ، وعلى الثاني نحتاج ~~إلى إجرائه لإحراز عدم ورود مخصص آخر غير ما ظفر به المكلف ، فإنه لا بد ~~على هذا من إحراز عدم المخصص في استقرار الظهور إما بالأصل وإما بالوجدان ~~والقطع. ### | «إيقاظ» # قد ردد الشيخ الأجل المرتضى قدسسره في موضعين من رسائله في أنه هل المتبع ~~في باب ظهور اللفظ هو أصالة الحقيقة أو أصالة عدم القرينة؟ وأورد عليه ~~المحقق الخراساني قدسسره في الحاشية على الرسائل بأنه لا وجه للترديد بين ~~الشقين ، بل الحق أن الشكوك مختلفة ، فرب شك يكون المرجع فيه والرافع له هو ~~الأصل الأول ، ورب شك يكون مرجعه الأصل الثاني ، ورب شك يكون مرجعه كلا ~~الأصلين ، فالأول هو ما إذا شك في مرحلة الإرادة اللبية ms0284 بعد الفراغ عن ~~مرحلة الاستعمال ، والثاني ما إذا كان الأمر بعكس ذلك ، والثالث ما إذا شك ~~في كلا الأمرين أعني أن اللفظ استعمل في الحقيقي أو المجازي ، وعلى أي ~~التقديرين يكون المستعمل فيه مرادا جديا أولا. # والحق أن يقال : إن الكلام في هذا المقام يكون مع قطع النظر عن مرحلة ~~تطابق الإرادتين وبعد الفراغ عن أن الأصل الجاري في كلام كل متكلم شاعر ~~قاصد أن يكون مريدا لظاهر كلامه فيشك في أن ظاهر كلامه ما ذا؟ # فحينئذ إما أن نقول بأن ذات اللفظ التي هو المقسم لما يكون مع القرينة ولما PageV01P303 # يكون بدونها في الألفاظ التي يكون لها معنى موضوع له يكون حجة وظاهرا من ~~دون حاجة إلى إحراز قيد آخر ، فتكون القرينة المخالفة من باب تعارض الحجتين ~~، أو أن دائرة موضوع الظاهر والحجة يكون ضيقا وهو اللفظ المقيد بالتجرد عن ~~القرينة ، فلا يكفي مجرد اللفظ بدون إحراز تجرده ، وليس له ظهور لا في ~~الحقيقي ولا في المجازي ، بل متى احرز قيد التجرد يصير ظاهرا في الحقيقي ، ~~كما أنه متى احرز قيد الاقتران مع القرينة يكون ظاهرا في المجازي ، فالمرجع ~~عند الشك على الأول هو أصالة الحقيقة وعلى الثاني أصالة عدم القرينة ، ~~وكذلك الحال بعينه في أصالة العموم وأصالة عدم التخصيص. ### ||| ** وتظهر ثمرة هذا النزاع في مواضع : # منها : ما إذا كان في الكلام ما يصلح للقرينية ، وبعبارة اخرى كان الشك ~~في قرينية الموجود ، فعلى الأول يكون الأصل جاريا ؛ إذ الحجة وهو نفس اللفظ ~~موجود بالفرض ، ولم يعلم الحجة الأقوى في قباله بل يعلم بعدمه ؛ إذ ليس في ~~البين إلا المشكوك القرينية وهو غير حجة لإجماله ، وعلى الثاني لا يجري ~~الأصل ؛ إذ لا بد من إحراز عدم القرينة أو التخصيص على هذا إما بالأصل وإما ~~بالقطع ، والقطع منتف بالفرض ، وأما الأصل فالقدر المتيقن من مورده ما إذا ~~كان الشك في أصل وجود القرينة لا في قرينية ما يقطع بوجوده. # ومنها : أنه على الأول لا بد من ملاحظة العام القطعي السند مع ms0285 الخاص ~~الظني السند والترجيح بينهما ؛ إذ يقع التعارض بين ظهور العام وبين دليل ~~اعتبار سند الخاص ، وظهور العام يكون أقوى من ظهور دليل السند ، والحاصل لا ~~بد من ملاحظة مرجحات باب التعارض فيما بين العام والخاص لا تقديم الخاص ~~مطلقا ، بخلافه على الثاني فإن الخاص بعد الفراغ عن سنده بمعنى دخوله في ~~موضوع الحجية وإن كان ضعيفا يكون مقدما على العام وإن كان بحسب السند أقوى ~~؛ إذ قد عرفت أن العام لا يستقر له ظهور ولا يندرج في موضوع الحجية إلا بعد ~~ملاحظة الخاص. # ومنها : أنه على الأول لا يسري الإجمال من المخصص المنفصل المجمل إلى ~~العام ، PageV01P304 # بل يكون العام متبعا بعمومه لكونه في نفسه حجة وعدم وجدان حجة أقوى في ~~قباله ؛ فإن المجمل ليس بحجة ، وعلى الثاني يسري الإجمال منه إلى العام كما ~~مر بيانه فيما تقدم فراجع. # والحق أن يقال : إنه ينبغي القطع بالشق الثاني وهو حجية أصالة عدم ~~القرينة فيما يكون من القرائن والقيود والمخصصات متصلة بالكلام ، حيث إن ~~المجموع كلام واحد ، فلا يستقر لبعض أجزائه ظهور في معنى إلا بعد إحراز عدم ~~وجود ظهور أقوى منه في لو احق هذا الكلام يكون قرينة على صرف ذلك الظهور ~~البدوي عن مقتضاه ، وأما فيما يكون منها منفصلا عن الكلام فينبغي التفصيل ~~بين متكلم يكون غرضه مقصورا على تحصيل الأغراض الشخصية وبين من يتكلم في ~~تأسيس القوانين لإصلاح امور العامة ، ففي الأول تكون المتبع أصالة الحقيقة ~~وأصالة العموم ، وفي الثاني هو أصالة عدم القرينة وعدم التخصيص ، ووجه ~~الفرق هو استقرار الظهور في الأول بمجرد انقضاء الكلام بدون انتظار شيء آخر ~~وعدم استقراره في الثاني وكونه مراعى إلى أن يظهر عدم القرينة. ### || «فصل» # في جواز تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد ، لا إشكال في أن حال هذا ~~المخصص بالنسبة إلى هذا العام حال سائر المخصصات المنفصلة بالنسبة إلى سائر ~~العمومات في أنه لو قلنا بأن الإجمال لا يسري منها إلى العام لو كانت مجملة ~~وأن المعتبر أصالة العموم ولا يلزم إحراز ms0286 عدم التخصيص ، وتقديم المخصص ~~المنفصل يكون من باب تقديم الحجة الأقوى. # فحينئذ لا بد فيما إذا كان العام قطعي الصدور سواء كان كتابيا أم متواترا ~~أم آحاديا محفوفا بالقرينة القطعية والخاص ظنية من ملاحظة دليل اعتبار ~~الظهور في العام مع دليل اعتبار السند في الخاص وملاحظة الأقوى منهما ~~وترجيحه. # لا يقال : السند والدلالة ليسا في عرض واحد ، فلا معارضة بينهما ؛ إذ ~~الدلالة فرع PageV01P305 # الصدور من المعصوم عليه السلام ومتأخر عنه ، فأولا لا بد من إثبات الصدور ~~ثم من إثبات الدلالة. # وبعبارة اخرى : موضوع الدلالة هو اللفظ الصادر عن المعصوم عليه السلام فقد ~~اخذ الصدور في موضوع الدلالة ، فهنا امور أربعة : دلالة العام وسنده ، ~~ودلالة الخاص وسنده ، ولا معارضة بين الدلالتين بالفرض ، لفرض كون دلالة ~~العام ظهورا ، ودلالة الخاص على نحو النصوصية ، وكذا بين السندين لإمكان أن ~~يكون كلا اللفظين صادرا. # نعم بين سند الخاص ودلالة العام المعارضة ثابتة ، لكنهما ليسا في عرض ~~واحد ، بل لا بد من ملاحظة دليل السند أولا ، وفي هذه المرتبة لا معارض له ~~بالفرض ، ثم ملاحظة الدلالة ، وحينئذ فلا محيص من تقديم الخاص وإن فرض كون ~~دلالة العام على العموم أقوى من دلالة دليل سند الخاص على اعتبار هذا الخاص. # لأنا نقول : نعم بين دليل اعتبار السند ودليل اعتبار الظهور ترتب والثاني ~~في طول الأول لكن بالنسبة إلى لفظ واحد ، فاللفظ الواحد لا يلاحظ فيه دليل ~~السند ودليل الظهور في عرض واحد ، بل الأول مقدم على الثاني رتبة ، وأما ~~بالنسبة إلى اللفظين المنفصلين فلا ، فليس سند أحدهما واقعا في طول دلالة ~~الآخر ، فإذا قال : أكرم العلماء ثم أخبر العادل بعدم وجوب إكرام زيد ~~العالم وكان خبر العادل لازم الاتباع بقوله : اعمل بكل ما أخبر به العدل ، ~~فحينئذ يقع التعارض في وجوب إكرام زيد وعدمه بين دلالة أكرم ودلالة اعمل ، ~~فكل منهما كان أظهر كان مقدما ومع التساوي يرجع إلى الأصل. # ولو قلنا بأن المتبع هو أصالة عدم التخصيص المنفصل في كلام من كان عادته ~~عدم ذكر ms0287 المخصصات والمقيدات للعمومات والإطلاقات الواقعة في كلامه في مجلس ~~واحد وأنه لا يستقر ظهور العام في كلام هذا المتكلم في العموم إلا بعد ~~إحراز عدم التخصيص متصلا ومنفصلا بالقطع أو بالأصل ، فحينئذ لا محيص من ~~تقديم الخاص وإن كان سنده في أدنى مرتبة الاعتبار على العام وإن كان في ~~أقصى مرتبة من PageV01P306 # اعتبار السند ، إذ الخاص على هذا يكون واردا على العام بحسب الحجية فيكون ~~خارجا من باب تعارض الدليلين ؛ لثبوت الجمع العرفي في البين وهو تقديم الخاص. # فتحصل أن مقتضى القاعدة على المبنى الأول ملاحظة سند الخاص مع دلالة ~~العام ، وعلى الثاني ترجيح الخاص مطلقا. # لكن هنا شيء في خصوص الخبر الواحد بالنسبة إلى عموم الكتاب وهو أنه قد ~~وصل إلى حد اليقين من أخبار المعصومين عليهم السلام هذا المضمون وهو أنهم ~~عليهم السلام لم يقولوا بما خالف الكتاب وأن كل ما وجدتموه مخالفا له ~~فاضربوه على الجدار ، نعم الأخبار مختلفة في خصوص المخالفة وعدم الموافقة ، ~~ففي بعضها التصريح بالأول وفي الآخر التصريح بالثاني وهو أعم من الأول ، ~~فالتواتر بالنسبة إلى المخالفة متحقق ، هذا مع حصول القطع بورود الأخبار ~~الكثيرة منهم عليهم السلام بتخصيص عمومات الكتاب وتقييد مطلقاته كما في ما ~~ورد باختصاص الحبوة بالكبير من الأولاد ، وعدم إرث الزوجة مطلقا أو خصوص ~~غير ذات الولد من العقار بالنسبة إلى عموم آية الإرث الشاملة بعمومها ~~للكبير والصغير الظاهرة في تساويهم فيما ترك ، وعموم آية ارث كل من الزوجين ~~من الآخر الغير الفارق بين العقار وغيره ، وكما في ما دل على عدم صحة البيع ~~الغرري من قوله نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع الغرر بالنسبة إلى عموم ~~آية ( @QUR@02 أوفوا بالعقود ) إلى غير ذلك. # فجعل هذه الموارد خارجة عن عموم تلك الأخبار خلاف الإنصاف ؛ فإن مضمونها ~~آب عن التخصيص ، فالقدر المعلوم أن هذه الموارد خارجة عن مدلول تلك الأخبار ~~إما ببيان أن مخالفة العموم والخصوص ليست من أنحاء المخالفة عرفا وأنها ~~مختصة بالمخالفة على وجه التباين ، أو يكون المراد ms0288 نفي المخالفة لما هو ~~المراد من الآية واقعا وإن كان مخالفا لما هو الظاهر عندنا من الآية بحسب ~~مدلولها اللغوي ، أو نلتزم بأن لهذه الأخبار معنى لا نفهمها ، وعلى أي حال ~~فالقطع حاصل بأن مدلولها ما ليس شاملا للتخصيص والتقييد ، وحينئذ فحال ~~الخبر الواحد حال سائر المخصصات المنفصلة. PageV01P307 ### || «فصل» # العام والخاص قد يكونان متعاقبين بتقديم الأول على الثاني أو العكس ، وقد ~~يكونان متقارنين ، فإن كان العام مقدما على الخاص فإما أن يكون الخاص واردا ~~بعد حضور العمل بالعام ، وإما أن يكون واردا قبله ، فالخاص المتأخر سواء ~~ورد عقيب وقت الحاجة إلى العمل بالعام أم قبله يكون تخصيصا أو ما هو ~~كالتخصيص. # بيان ذلك : إنا نشاهد كثيرا من الأحكام جرت بلسان النبي صلى الله عليه وآله ~~في القرآن أو السنة أو واحد من الأوصياء عليهم السلام على وجه العموم ، ثم ~~ورد بعد أزمنة متمادية ما يدل على خلاف الحكم في بعض أفراد العام على لسان ~~الإمام المتأخر عليه السلام ، ومثل هذا كثير في الأحكام جدا. # فإن قلنا بأن ذلك من قبيل النسخ وأن الخصوصيات المتأخرة الجارية على لسان ~~المتأخر نواسخ للعمومات الجارية على لسان النبي أو الوصي المتقدم بالنسبة ~~إلى الفرد الخاص، فهذا وإن كان سليما مما توهم كونه إشكالا على النسخ من ~~استحالته ، من جهة استلزامه إما الإيقاع في المفسدة أو تفويت المصلحة ~~لإمكان أن تكون المصلحة مقيدة ببرهة من الزمان ففي الحقيقة واللب يكون ~~النسخ إظهارا لانقضاء أمد المصلحة الموجبة للحكم السابق وانقلابه بالقيد ، ~~لا أنه رفع لما كان ثابتا وإن كان هو كذلك بحسب مقام الظاهر والإثبات ؛ إذ ~~الرفع لا يتحقق إلا بالنسبة إلى غير العالم بالعواقب الجائز في حقه البداء ~~بأن يلتفت في اللاحق بمصلحة لم يكن ملتفتا لها في السابق فرجع عن حكمه ~~السابق ورفعه في اللاحق وبدله بالضد لا بالنسبة إلى الحكيم تعالى. وكذا لا ~~يرد على هذا الوجه مخالفته لقوله عليه السلام : «حلال محمد صلى الله عليه وآله ~~حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام ms0289 إلى يوم القيامة» ؛ إذ مفاد القضية أن ~~الأحكام التي جاء بها النبي من قبل الله باقية إلى يوم القيامة من دون أن ~~يبدلها شريعة جديدة كما في الشرائع السابقة. والفرق بين هذا النسخ وبين نسخ ~~الشرائع أن الأول يكون ناسخه ومنسوخه مما جاء به النبي ، غاية الأمر أنه أوكل PageV01P308 # بيان الناسخ إلى وصيه ومن هو قائم مقامه ، فكأنه جرى بيان الناسخ ~~والمنسوخ على لسان نفس النبي صلى الله على وآله ؛ إذ الوصي وجود تنزيلي ~~للنبي ، وهذا بخلاف نسخ الشرائع ؛ فإن الناسخ فيه جاء به نبي آخر من قبل ~~الله سبحانه ، لا أنه كان نائبا من النبي السابق في بيانه ؛ إذ النبي ~~السابق لم يكن مأمورا من الله بأزيد من المنسوخ ، والمأمور بالناسخ هو ~~النبي اللاحق ، والقضية نافية للثاني دون الأول كما لا تنفى ما إذا كان ~~الناسخ أيضا جاريا على لسان النبي صلى الله عليه وآله إلا أنه مع ذلك لا يمكن ~~الالتزام بهذا الوجه للقطع بندرة النسخ وعدم تكثره إلى هذه الغاية. # وإن قلنا بأن ذلك من قبيل التخصيص فهذا وإن كان سالما عن إشكال لزوم ~~تأخير البيان عن وقت الحاجة إذ لا نسلم أن يكون تأخير البيان إلى ما بعد ~~وقت الحاجة من العناوين الغير المنفكة عن القبح التي هي علة تامة له كعنوان ~~الظلم ، بل هو من قبيل بعض العناوين التي قبحها اقتضائي معلق على عدم طرو ~~جهة حسن عليها كضرب اليتيم ، فمن الممكن أن يكون مصلحة في البين اقتضت ~~التأخير وبذلك صار التأخير راجحا حسنا ، غاية ما في البين أن يقال : إن ~~التأخير وعدم البيان كان فيه المصلحة ، فما وجه بيان الخلاف ، وهذا أيضا ~~مردود بأنا نقطع بأن كثيرا من الأحكام لم يكن المصلحة في بيانها ، بل بعض ~~الموضوعات لم يبين حكمها إلى زمان ظهور القائم عجل الله تعالى فرجه كحكم ~~شرب التتن ولا بد أن نلتزم في أمثال ذلك بأن المصلحة اقتضت عدم البيان ، ~~فكما نلتزم في هذه الأحكام بكون المصلحة في عدم البيان نلتزم ms0290 في ما نحن فيه ~~بكون المصلحة متعلقة ببيان الخلاف إلا أنه مع ذلك لا يخلو عن ركاكة وحزازة ~~؛ إذ يلزم على هذا سلب الوثوق عن عامة العمومات ؛ لاحتمال أن لا يكون بصدد ~~بيان الحكم الواقعي وأن المصلحة اقتضت بيان الخلاف. # فما يكون هو الوجه في هذا لمقام هو أن يقال : إنا تصورنا في أحكام الشارع ~~قسمين من الحكم وإن لم نجدهما في أحكام غيره كلاهما صحيح تام سالم من ~~الإشكال ، الأول: جعل الحكم في موضوع الواقع وهو المسمى بالواقعي ، والثاني : PageV01P309 # جعله في موضوع المشكوك وهو المسمى بالظاهري ودفعنا ما أورده ابن قبة على ~~هذا الحكم من تفويت المصلحة أو الإيقاع في المفسدة أو اجتماع الضدين بأنهما ~~حكمان طوليان ، فليس بينهما التنافي وكل منهما في موضوع نفسه حكم واقعي. # وحينئذ نقول : من الممكن أن يكون الحكم الذي تكفله تلك العمومات بالنسبة ~~إلى بعض الأفراد حكما واقعيا وبالنسبة إلى بعضها ظاهريا ، غاية الأمر أنه ~~لم يصرح في هذا البعض باسم الشك لأجل كونه حاصلا ؛ إذ المكلف كان شاكا في ~~حكم هذا الفرد ولم يرتفع شكه بمجرد ورود العام لاحتمال التخصيص ، بل هو باق ~~إلى أن يظهر الخاص ، فبظهوره يرتفع ويكون الخاص بيانا للحكم الواقعي لهذا الفرد. # وحينئذ يرتفع الإشكال بحذافيره ، أما عدم البيان للحكم الواقعي لهذا ~~الفرد وتأخيره إلى زمان ورود الخاص فهو نظير عدم بيان حكم سائر الموضوعات ~~الغير المبينة حكمها كشرب التتن ، وأما بيان الخلاف فلأنه حكم واقعي متعلق ~~بموضوع الشاك وهو موضوع آخر غير مرتبط بنفس الواقع ، فليس فيه إغراء بالجهل ~~وإيقاع في المفسدة ، وهذا الوجه يكون كالتخصيص في النتيجة والثمرة ، وأما ~~إذا كان الخاص واردا قبل الحضور فهو تخصيص حقيقي بلا كلام كالخاص المقارن. # وملخص الكلام في المقام أن المخصص المنفصل قد يكون متقدما على العام وقد ~~يكون متأخرا ، وعلى التقديرين قد يكون المتأخر واردا قبل حضور وقت العمل ~~بالمتقدم وقد يكون واردا بعده ، فهذه أربع صور ، وقد يكون التاريخان ~~مشكوكين ، فصورة العلم بتأخر الخاص سواء كان قبل ms0291 حضور وقت العمل بالعام أم ~~بعده حيث أن لا ثمر بحسب العمل للخلاف في كونه نسخا أو تخصيصا بالنسبة ~~إلينا لكوننا واقعين في هذه الأزمنة التي هي زمان العمل بالخاص وظهور الثمر ~~بالنسبة إلى المكلفين الواقعين بعد زمان ورود العام وقبل ورود الخاص لا ~~يوجب الجدوى في البحث بالنسبة إلينا. # وإذن فعد هذه الصورة في باب تعارض الأحوال والكلام في أن مقتضى PageV01P310 # الاصول العقلائية تعيين أي الحالتين لعله في غير محله ؛ إذ الاصول ~~العقلائية كالشرعية إنما يجري في ما إذا ترتب عليها أثر عملي. # نعم اللائق بالبحث هو الأمر الحكمي العقلي وهو تصوير عدم لزوم القبح على ~~الحكيم تعالى على تقدير النسخ وعدم مخالفته للقضية المشهورة «حلال محمد ~~صلى الله عليه وآله الخ» وتصوير ذلك على تقدير التخصيص من جهة قبح تأخير ~~البيان ، وقد عرفت تصويره على كلا التقديرين ، وأما الخاص المتقدم ففيه ~~يظهر الثمر العملي بين التخصيص والنسخ ؛ إذ الأمر فيه دائر بين أن يكون ~~الخاص تخصيصا فرديا للعام وبين أن يكون العام تخصيصا زمانيا للخاص ، فعلى ~~الأول يكون الفرد الخاص بعد ورد العام محكوما بحكم الخاص ، وعلى الثاني ~~يكون محكوما بحكم العام. # وملخص الكلام فيه أن العام لو كان واردا قبل حضور العمل به فالظاهر عدم ~~الإشكال في كونه مخصصا للعام ، ولو كان واردا بعد ذلك فإن حصل لنا من كثرة ~~وقوع التخصيص وشيوعه وندرة وقوع النسخ الظن الاطميناني بالتخصيص الذي هو ~~عند العقلاء بمنزلة العلم ، ويكون احتمال خلافه في حكم العدم فنعم المطلوب ~~، وإن لم يحصل من ذلك إلا الظن الغير البالغ حد الاطمئنان فحيث لا دليل على ~~اعتبار هذا الظن وحجيته لعدم كونه لفظيا فنرجع إلى دلالة اللفظين ، وقد ~~عرفت معارضة أصالة العموم الأزماني في الخاص لأصالة العموم الأفرادي في العام. # وتوهم أن الأول إطلاقي حاصل بمقدمات الحكمة والظهور في الثاني وضعي فيكون ~~له الورود على الأول مدفوع ، مضافا إلى أن العموم الأفرادى أيضا قد يكون ~~إطلاقيا ، ومحل الكلام عام للقسمين بأن ما يمنع من انعقاد ms0292 مقدمات الحكمة هو ~~البيان المتصل ، فعند عدم البيان المتصل ينعقد الظهور الإطلاقي للكلام ، ~~فلو وجد بعد ذلك ظهور مخالف كان معارضا له وإن كان وضعيا. # وكيف كان فإن كان أحد هذين الظهورين أقوى من الآخر كان هو المقدم وإلا ~~فالمرجع هو الأصل العملي ، وهو دائما يكون استصحاب حكم الخاص. # فتحصل أن الخاص المتأخر بكلا قسميه لا يليق بالبحث إلا من الجهة العقلية ، و PageV01P311 # الخاص المتقدم لو كان العام واردا قبل حضور العمل به كان تخصيصا ، ولو ~~كان العام واردا بعد حضور العمل به فمع حصول الاطمئنان المذكور يكون تخصيصا ~~أيضا ، ومع عدم حصوله وعدم الأظهر يكون تخصيصا بحكم الأصل ، هذا ملخص ~~الكلام في الصور الأربعة للعلم بالتاريخين. # وقد اتضح منه الحال في صور الشك ؛ فإن الحكم هو التخصيص ؛ إذ قد علم أن ~~الخاص على تقدير تأخره يكون تخصيصا ، وعلى تقدير تقدمه أيضا يكون كذلك إما ~~بالاطمينان ، وعلى تقدير عدمه فإما أن يكون أصالة العموم الأزماني في الخاص ~~أظهر أو يكون هو مساويا لأصالة العموم الأفرادي في العام فيرجع إلى الأصل ~~ومقتضاه أيضا هو التخصيص ، وأما أظهرية أصالة العموم الأفرادي فلعله لم يكن ~~له مورد إلا فيما لو فرض مساعدة القرائن المقامية ، وهذا الفرض أيضا في ~~غاية الندرة وفي حكم العدم. PageV01P312 ### | «المقصد الخامس» ### | «في المطلق والمقيد والمجمل والمبين» ### || «فصل» # ما يطلب التكلم فيه في هذا الباب ويبحث عما وضع هو له أقسام ويطلق على ~~بعضها اسم المطلق. # منها : أسماء الأجناس أعم مما يكون موضوعا للجواهر كلفظ الإنسان أو ~~للأعراض كلفظ البياض أو للعرضيات كلفظ الأبيض. # والمحكي عن سلطان العلماء هو القول بكونها موضوعة للطبيعة المهملة ~~والمعنى اللابشرط المقسمي ؛ وذلك لوضوح تقسيم الإنسان مثلا إلى ثلاثة أقسام ~~بحسب عالم اللحاظ ، الأول أن يلحظ الإنسان ولم يكن قيد معه ملحوظا ، ~~والثاني أن يلحظ مع قيد وجودي ، والثالث أن يلحظ مع قيد عدمي ، والأول هو ~~المسمى بالمطلقة والأخيران مسميان بالمقيدة ويسمى الأول أيضا باللابشرط ~~القسمي ، والثاني بالمعنى بشرط شيء ، والثالث بشرط لا ، وكذا الكلام ms0293 في ~~سائر الألفاظ. # وقد يستشكل على هذا القول بأنه إن اريد باللابشرط القسمي الماهية التي لم ~~يلحظ معها قيد يعني يكون اللابشرطية حالة لها ، لا أن يكون مأخوذة قيدا ~~ووصفا لها ، فما الفرق بينها وبين المقسم ، وإن اريد أن اللابشرطية قيد ~~فيها ، وبعبارة اخرى لوحظ وصف التجرد عن كل قيد قيدا لها ، فيفترق عن ~~المقسم بأن المقسم ما يكون خاليا عن هذا القيد أيضا ، فيرد عليه أن الطبيعة ~~بهذا القيد لا ينطبق على الخارجيات ؛ إذ هي في الخارج لا ينفك عن التقيد ~~بالخصوصيات الفردية ، فيلزم أن يمتنع امتثال مثل جئني بإنسان ، مع أنهم ~~يحملون متعلقات التكاليف على هذا القسم بمقدمات الحكمة. # والتحقيق أن يقال : إنا نجد بحسب عالم التصور واللحاظ ثلاثة أنحاء من ~~الملاحظة والتصور لمفهوم الإنسان ، فقد يتصور بانضمام قيد وجودي وإن كان هو ~~الإرسال والسيلان بأن يلحظ هذا المفهوم مقيدا بكونه في أي وجود تحققت لم ~~يكن منافيا له ، وقد يتصور بانضمام خصوصية عدمية ، وقد يتصور هو ولا يتصور معه PageV01P313 # خصوصية وجودية ولا عدمية ، فهذا القسم يكون قسيما للأولين وبقبالهما ~~باعتبار أنه في الواقع يكون مقيدا بقيد التجرد ويكون له حالة التجرد عن كل ~~ضميمة وقيد ، وهما يكونان منضمين إلى ضميمة وإن لم يكن حال التجرد في الأول ~~ملحوظا لكنه واقعا موجود ، فلا يرد أنه غير منطبق على الخارج وأنه كلي عقلي ~~لا موطن له سوى الذهن ؛ إذ ذلك إنما يلزم لو لوحظ وصف التجرد معه قيدا ~~وحالا ، وليس كذلك. # ثم إن الشخص الآخر إذا لاحظ هذه الأقسام الموجودة في ذهن لاحظ آخر أو نفس ~~هذا اللاحظ إذا لاحظ بعد ملاحظة تلك الأقسام في ذهنه إياها بملاحظة ثانوية ~~ينتزع من هذه الموجودات الذهنية جامعا ، كما ينتزع من الخارجيات جامع ، ~~والفرق بين هذا الجامع والقسم الأخير أن التجرد مقوم للثاني ، والأول يناسب ~~معه ومع الخصوصية الوجودية أو العدمية ، والموجود في ذهن هذا الشخص المنتزع ~~للجامع لما في الذهن وإن كان ليس خارجا من أحد الأقسام يعنى أن واقع ما ms0294 ~~يلاحظه ويجعله مقسما وجامعا يكون هو المفهوم اللابشرط فإن التجرد ثابت له ~~واقعا وليس بملحوظ لكنه يشير به ويجعله حاكيا ومرآتا لما هو المقسم والجامع ~~بين الأقسام المذكورة. # إذا عرفت ذلك فنقول : المدعى هو أن أسماء الأجناس موضوعة لهذا الجامع ، ~~والدليل عليه أنها لو كانت موضوعة للمفهوم اللابشرط القسمي أعني ما يكون ~~قيد التجرد مقوما له يلزم أن يكون الاستعمال في مثل الإنسان الأبيض فيما ~~إذا استعمل اسم الجنس في الماهية منضمة إلى خصوصية وجودية أو عدمية مجازيا ~~؛ فإنه استعمال في غير ما وضع له ؛ إذ المفروض أنه متقوم بالتجرد وعدم لحاظ ~~الضميمة والخصوصية ، والمقطوع بالوجدان خلاف ذلك وأن الاستعمال المذكور ~~يكون على وجه الحقيقة كصورة عدم ذكر القيد ، فيكون دليلا على أن اللفظ ~~موضوع لما هو الجامع بين القسمين. # نعم يلزم على هذا أن يكون حال معاني تلك الأسماء حال معاني الحروف ؛ إذ ~~كما أن معاني الحروف محتاجة إلى الغير وتكون مندكة في الغير ولا بد عند ~~وضعها أو استعمالها من لحاظ معنى هو واقعا مفهوم مستقل باللحاظ ويشار به ~~إلى ما هو قائم بالغير ووصف وحالة له ، كأن يشار بمفهوم الابتداء الملحوظ ~~حالة للغير إلى حقيقة معنى «من» كذلك معاني هذه الأسماء أيضا تكون محتاجة ~~في التصور واللحاظ إلى PageV01P314 # غيرها ؛ فإن مقسم الأقسام المذكورة لا يوجد في الذهن إلا مندكا في أحد ~~تلك الأقسام ولا يمكن لحاظه بدون لحاظ واحد منها ، ولا بد عند الوضع أو ~~الاستعمال من ملاحظة أحد الأقسام والإشارة به إلى الجامع. # وبالجملة كما أن معاني الحروف متصفة بالاحتياج والافتقار في الوجود ~~الذهني إلى المتعلقات ويكون معان آلية عاجزة مستندة إلى الغير ومربوطة به ~~كاستناد معنى من البصرة إلى مفهوم السير والبصرة وارتباطه بهما ، ولا يكون ~~له وجود إلا مندكا في المتعلقات ، كذلك معاني أسماء الأجناس أيضا تكون ~~متصفة بالاحتياج والافتقار في الوجود الذهني إلى واحد من الأقسام ولا يوجد ~~إلا مندكا في أحدها ، ولكن لا ضير في الالتزام بذلك إذا ساعده الوجدان. # فيمتاز تلك ms0295 المعاني عن معاني الحروف بأن المعنى الحرفي يحتاج إلى محل ~~يقوم به ويكون عرضا وحالة له وخصوصية من خصوصياته ككون معنى من البصرة ~~خصوصية لمفهوم السير ، وهذه المعاني تكون مفتقرة إلى شيء آخر يكون هذا ~~الشيء الآخر قائما بتلك المعاني ومن خصوصياتها ، وهو إما وصف التجرد أو ~~الاقتران بخصوصية وجودية أو عدمية ، فمفهوم من البصرة يحتاج إلى أن تكون ~~خصوصية لمفهوم السير ، ومفهوم السير الذي هو معنى للفظ السير يحتاج إلى كون ~~هذه الخصوصية خصوصية له. # وبالجملة الفرق بين الحروف وهذه الأسماء هو أن الاولى موضوعة لمعان يكون ~~أبدا أعراضا في الذهن لغيرها ، والثانية لمعان يكون أبدا معروضات لغيرها ، ~~فيكون حال معاني أسماء الأجناس في الذهن حال معاني أعلام الأشخاص في الخارج ~~، فكما أن موضوعات الأعلام لا ينفك في الخارج عن العوارض والحالات الطارئة ~~، كذلك موضوعات هذه الأسماء لا ينفك في الذهن عن الخصوصيات المقسمة. # ومنها : علم الجنس ، والمعروف بين أهل الأدبية أن الفرق بينه وبين اسم ~~الجنس أن الثاني موضوع لذات الطبيعة فقط ، والأول له مع قيد الحضور في ~~الذهن ، والحضور وإن كان من لوازم استعمال اللفظ في المعنى ولا يمكن بدونه ~~إلا أنه في اسم الجنس يكون من اللوازم العقلية للاستعمال ، وفي علم الجنس ~~يكون مدلولا عليه بجوهر اللفظ. # واستشكل عليه في الكفاية بأن الحضور لو كان قيدا في المعنى لما صح الحمل على PageV01P315 # الخارجيات ؛ لوضوح أن الطبيعة بقيد حضورها في الذهن كلي عقلي لا موطن له ~~سوى الذهن فيمتنع حمله على الخارج إلا مع التجريد عن خصوصية هذا القيد ~~والتجوز باستعمال اللفظ في جزء معناه ، والحال أنا نرى صحة الحمل في قولنا ~~: هذه اسامة بدون عناية وتجريد وملاحظة علاقة ، وقال بمثل ذلك في اسم الجنس ~~أيضا ردا على قول من قال بوضعه للمطلق اللابشرط القسمي دون المقسمي. # فاستشكل عليه بأن التجرد عن القيد ووصف اللابشرطية ملحوظ قيدا في الماهية ~~اللابشرط القسمي ، فلو كان اسم الجنس موضوعا لها لما صح حمله على الخارجيات ~~؛ لامتناع حمل الكلي العقلي على ms0296 الخارجي ؛ إذ لا موطن له سوى الذهن وكان ~~الحمل محتاجا إلى التجوز وتجريد المعنى عن هذه الخصوصية ، فيلزم التجوز في ~~عامة استعمالات اسم الجنس ، وهذا مناف لحكمة الوضع ، وقال نظير ذلك في ~~القسم الآتي كما يأتي ذكره إن شاء الله. # والحق أنه غير تام في الكل وإن كان أصل المطلب حقا في اسم الجنس بحكومة ~~التبادر وشهادة الوجدان ، وذلك لأن مدعي الحضور في علم الجنس ليس مراده ~~معنى الحضور بعنوان الاستقلال وبالمعني الاسمي ، بل مراده هو الحضور ~~بالمعنى الحرفي الآلي أي الآلة الحاكية لذات الطبيعة ، وقد تصورنا في ~~الحروف كون المعنى الحكائي المرآتي تمام المعنى ، فيمكن كونه جزء من المعنى ~~أيضا ، ولا ريب في صحة الحمل حينئذ ، إذا للاحظ حينئذ لا يلحظ إلا ذات ~~الطبيعة. # ونظيره في المحاورات العرفية قولك فيما إذا كان بينك وبين المخاطب صورة ~~إنسان مثلا معهودة ، فرأيت هذا الإنسان فتقول : هذا ذاك الرجل ، فتشير بهذه ~~الإشارة إلى معقوليته في ذهنك وذهن مخاطبك سابقا ، فهذه الإشارة حاكية عن ~~ذاك التعقل والحضور الذهني وهو لما كان مأخوذا مرآتا صح الحمل ، فهنا أيضا ~~نقول : هذه اسامة ونشير إلى المعنى المتعقل المركوز في الأذهان ، وأما قولك ~~: هذا أسد فحال عن هذه الإشارة ، والدال على هذه الإشارة في الفارسية ليس ~~هو اللفظ بل الوضع الخاص لليد والعين ، وفي العربية وضع له لفظ خاص ، وكذلك ~~الكلام في اسم الجنس على القول بالوضع للماهية اللابشرط القسمي التي هي ~~المسمى بالمطلق ، بأن يقال : إن التسوية بين الحالات الطارئة على الطبيعة ~~لا بد أن يلحظ قيدا ، فلفظ «رجل» يفيد معاني ألفاظ رجل ، سواء كان كذا أو ~~كذا أو كذا ، فلو استعمل في ماهية PageV01P316 # الرجل مع قيد كان مجازا ، فإنا نعلم بالوجدان صحة الحمل مع هذه الملاحظة ~~يعني ملاحظة التسوية بين الحالات والخصوصيات. # ووجهه أن التعرية والتجريد لم يلحظ قيدا بالمعنى الاسمي الاستقلالي ، بل ~~بالمعنى الحرفي على وجه لم يخرج عن حكاية ذات الطبيعة بأن يكون هذا الوصف ~~ثابتا واقعا في الذهن ولم يكن قيدا في ms0297 اللحاظ ، فللقائل المذكور أن يجعله ~~بهذا النحو جزء لما وضع له اسم الجنس لا بالنحو الأول حتى يتوجه عليه ~~الإيراد. # ويشهد لما ذكرنا أن القضايا المطلقة هي ما كان الموضوع فيها هو الطبيعة ~~المطلقة ، فإن لم يمكن حمل المطلق على الخارج فكيف يمكن جعله موضوعا ~~للأحكام المحمولة على الخارجيات ، وعلى ما ذكره قدسسره لا بد من جعل عامة ~~القضايا مهملة ، فنحن لا بد وأن نتصور صحة حمل هذا المعنى وتطبيقه على ~~الخارج حتى يصح ترتيب القضية المطلقة ، غاية الأمر أنا نقول في هذه القضايا ~~أن اللفظ مستعمل في المهملة ، والإطلاق دل عليه مقدمات الحكمة وصار مجموع ~~الطبيعة مع قيد الإطلاق موضوعا للحكم ، والقائل المذكور يقول بأن المجموع ~~من الطبيعة ووصف الإطلاق مدلول لفظ المطلق. # ومنها : المفرد المحلى بالألف واللام ، والمعروف بين أهل الأدبية أن ~~اللام أو الهيئة الحاصلة منه ومن المدخول موضوعة لتعريف الجنس أو للعهد ~~بأقسامه الثلاثة من الذهني والذكري والحضوري وللاستغراق ، والظاهر أن أقسام ~~العهد ليس معاني مختلفة ، بل هي راجعة إلى معنى واحد وهو المعهودية في ~~الذهن ، غاية الأمر أن منشأ المعهودية في الذهن قد يكون الذكر في الكلام ، ~~وقد يكون الحضور ، وقد يكون غيرهما ، بل نقول : مرجع الجنس والاستغراق أيضا ~~إلى هذا. # وبيانه أن يقال : إن اللام أو الهيئة موضوعة للإشارة إلى المعهود في ~~الذهن ؛ فإن كان هو الشخص الخاص كان إشارة إليه ، وإن كان هو نفس الطبيعة ~~والجنس كان الإشارة إلى نفس الطبيعة والجنس ، فيصير الإشارة هنا من قبيل ~~الإشارة الذهنية في علم الجنس ، وإن كان هو الاستغراق كما في «أحل الله ~~البيع» كان إشارة إلى PageV01P317 # الاستغراق ، ثم إن كان الاستغراق مستفادا من المقدمات كما في المثال ~~فالحال كما ذكر ، وإن كان مستفادا من اللفظ كما في الجمع المعرف باللام ~~فحيث إن المتعين في الذهن حينئذ ليس هو الاستغراق ، بل هو مردد بينه وبين ~~أقل ما يدل عليه الجمع بالوضع فليس في الذهن أمر متعين منهما حتى يكون ~~اللام إشارة إليه ، ومن هنا يجيء القول ms0298 بعدم إفادة الجمع المحلى للعموم. # ثم التعريف باللام كما ذكرنا من قبيل التعريف الذهني في علم الجنس سواء ~~كان داخلا على المفرد أو الجمع ، فكما لا يكون هذا التعريف الذهني مانعا ~~هناك عن الحمل على الخارج فكذا هنا بالتفصيل المتقدم. # وفي الكفاية أورد هنا أيضا الكلام المتقدم ولهذا جعل الألف واللام مطلقا ~~للتزئين كما في الحسن والحسين فرارا من المحذور الذي تخيله من امتناع الحمل ~~لو قيل بكون اللام إشارة إلى التعيين الذهني خلافا لعامة علماء الأدب. # ومحصل الكلام في المقام أما في مقام الثبوت فهو أنا نتصور تعريف الجنس ~~كما في علم الجنس وفي اسم الجنس سواء في المفرد أو في الجمع كما في : فلان ~~يركب الخيل ، وإنما الصدقات للفقراء» الآية. # وتعريف العهد الخارجي حضوريا كان كما في يا أيها الرجلان وأيها الرجال ، ~~أو ذكريا كما في «وأرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول» وجاءني رجلان ~~أو رجال فأكرمت الرجلين أو الرجال ، أو غيرهما كما في جاءني الرجل الذي كان ~~معنا أمس أو الرجلان اللذان كانا أو الرجال الذين كانوا معنا أمس. # وتعريف العموم البدلي كما في اشتر اللحم الذي يسمى بالعهد الذهني في قبال ~~الثلاثة المتقدمة المسماة بالعهد الخارجي ، وحقيقة هذا التعريف هي الإشارة ~~إلى الطبيعة الملحوظة في ضمن أحد الوجودات باعتبار تعينها في الذهن بهذه ~~الكيفية لمعهوديتها في ذهن المتخاطبين ، كذلك في المثال. # وتعريف استغراق الجنس في المفرد كما في «أحل الله البيع» وهو الإشارة إلى ~~الماهية المتعلقة في الذهن بلحاظ كونها في ضمن كل وجود ؛ فإن هذا نوع تعين PageV01P318 # للطبيعة في عالم الذهن يصلح الإشارة بسببه إلى الطبيعة الملحوظة بهذا النحو. # والفرق بين استغراق الجنس في المفرد واستغراق الأفراد في الجمع أن ~~الملحوظ في الأول هو الطبيعة باعتبار سريانها في كل وجود ، فيجري الحكم ~~أولا على الطبيعة وبتبعها على الأفراد ، وكذا الإشارة أولا تكون إلى ~~الطبيعة وثانيا إلى الأفراد ، وفي الثاني يكون الملحوظ من الابتداء كل فرد ~~بنحو الاستيعاب ، والحكم والإشارة متعلقان من الأول إلى الأفراد ms0299. # فالتعريف بجميع هذه الأنحاء معقول متصور ولا يستلزم القول بوضع اللام له ~~امتناع صدق المعرف به على الخارج قطعا كما ذكر في علم الجنس. # وعلم مما ذكرنا أن التعريف في جميع الأقسام معنى وحداني وهو الإشارة إلى ~~المتعين في الذهن ، فالقول بالاشتراك اللفظي أو المعنوي أو الحقيقة في ~~البعض والمجازية في الآخر لو قلنا بوضع اللام لهذا المعنى باطل جدا. # وأما في مقام الإثبات فالظاهر ثبوت الظهور للام في التعريف في العهد ~~الخارجي بأقسامه الثلاثة ، وأما أنه حيث لا عهد يكون اللام في المفرد للجنس ~~بمعنى أن المفرد المعرف حيث لا عهد مفيد لمعنى علم الجنس بلا فرق ويتضمن ~~الإشارة إلى الطبيعة المعقولة المتعينة في الأذهان ، أو أنه خالية عن هذه ~~الإشارة ومتحد مع اسم الجنس في المعنى ، فعلى الأول معرفة حقيقته معنوية ، ~~وعلى الثاني لفظية ، كل محتمل ، وكذا في مقام لا عهد ولا جنس بل يقتضي ~~المقام استغراق الجنس كما في «أحل الله البيع» و «خلق الله الماء طهورا» هل ~~اللام ظاهرة في الإشارة إلى الطبيعة السارية باعتبار تعينها الذهني أو ~~اللفظ المعرف الواقع في هذا المقام متحد معنى مع المنكر الواقع فيه كما في ~~«علمت نفس ما أحضرت» و «نمرة خير من جرادة» «وأنزلنا من السماء ماء طهورا» ، ~~فكما أن مفاد الثاني هو الطبيعة السارية بدون الإشارة إليه فكذا الأول ، كل محتمل. # بقي الكلام في الجمع المعرف باللام هل هو حيث ليست جملة من الأفراد ~~معهودة حتى يكون اللام إشارة إليها كما في الامثلة المتقدمة مفيد للعموم PageV01P319 # الاستغراقي أولا؟ ، الظاهر الأول ؛ فإن استعماله حينئذ في الجنس وإن كان ~~صحيحا واقعا كما في : فلان يركب الخيل ، و ( @QUR@03 إنما الصدقات للفقراء ~~) الآية ، إلا أن الظاهر الأولي منه عند الإطلاق هو الاستغراق ، وهل هذا ~~بواسطة وضع اللام للاستغراق أو المركب منه ومن الجميع أو أنه مستفاد بمعونة ~~دلالة اللام على الإشارة؟ لكل قائل. # والثالث لصاحبي التعليقة والفصول قدسسرهما ، فذهبا إلى أن إفادة الجمع ~~المعرف للعموم ليست من جهة وضعه له بالخصوص ms0300 ، بل من جهة دلالة اللام على ~~الإشارة ، ومن المعلوم اقتضائها لمشار إليه معين ، فلا محالة تكون عند ~~انتفاء القرائن ظاهرة في الإشارة إلى ما دل عليه صريح مدخوله ، ولما كان ~~وضع الجمع بإزاء خصوص المراتب من الثالثة إلى ما فوقها وليس شيء من المراتب ~~مما دون الجميع بمتعين ، بل كل منها يتطرق فيه الاختلاف الكثير من جهة صدقه ~~على كثيرين مختلفين ، وأما الجميع فهو كالشخص الواحد متعين لا اختلاف فيه ، ~~كانت الإشارة إلى الجميع لا محالة لتعينه وعدم الإبهام فيه المنافي للتعيين ~~والتعريف دون غيره من المراتب ؛ إذ لا معروفية لها عند العقل حتى يشار إليها. # ومنها : النكرة ، ولها استعمالان ، فتارة يستعمل في معنى له تعيين في ~~الواقع كما في «وجاء رجل من أقصى المدينة» غاية الأمر أن هذا المعنى تارة ~~يكون عند المتكلم معلوما ويخفيه على المخاطب ، واخرى يكون عنده أيضا مرددا ~~، كما لو رأى الشبح من بعيد ولم يعلم أنه زيد أو عمرو أو غيرهما من أفراد ~~الرجل ، وثالثة يكون عنده وعند المخاطب جميعا معلوما والمقصود إخفائه على ~~ثالث ، وهذا المعنى له احتمال الصدق على كثيرين ، لكن على البدلية لا في ~~عرض واحد ، بمعنى أنه في حال يحتمل صدقه على زيد غير صادق على غيره ، وفي ~~حال يحتمل كونه عمروا أيضا لا يصدق على غيره ، وهكذا إلى آخر الأفراد ، فلا ~~يصدق في حال الصدق الاحتمالي على كل على غيره ، فهذا المعنى جزئي بلا إشكال. # واخرى يستعمل في معنى صادق على كثيرين في عرض واحد كما في جئني PageV01P320 # برجل ، فكل من أفراد الرجل جيء به كان هو هو ، ولا يقال : إنه هو أو غيره ~~، وفي حال الصدق على فرد يصدق على غيره ، ولهذا قد يتوهم أن هذا المعنى كلي ~~حقيقة على خلاف المعنى الأول ، بمعنى أن مادة النكرة تدل على طبيعة كلية ~~والتنوين يدل على مفهوم الوحدة ، وهو أيضا كلي ، وضم الكلي إلى كلي لا ~~يصيره جزئيا بل يصير كليا ثالثا مضيق الدائرة كما في الإنسان الأسود. # فمعنى «رجل ms0301» على هذا طبيعة الرجل مع قيد الوحدة ، وهذا معنى كلي ، نعم لا ~~يصدق على اثنين فصاعدا من حيث المجموع ؛ إذ حينئذ يخرج عن فرديته ، فكما لا ~~يصدق الإنسان على فرد البقر كذلك لا يصدق هذا المعنى المقيد بمفهوم الوحدة ~~على ما هو فرد لمفهوم الاثنين أو ما فوقه ، نعم يصدق على الاثنين بعنوان ~~أنه فردان منه ، وعلى الثلاثة بعنوان كونها ثلاثة أفراد وهكذا. وبعبارة ~~أخرى الاثنان مثلا يكونان فردين لهذا المعنى ، ولا يكون فردا واحدا له. # ولكن يمكن دعوى كون النكرة مستعملة في كلا الموردين في معنى واحد وأنه لا ~~اختلاف بحسبهما فيما استعمل فيه لفظ النكرة ، بل المستعمل فيه في كليهما ~~جزئي حقيقي غير قابل الصدق على الكثيرين. # بيان ذلك أنه لا إشكال في كون الكلية والجزئية من صفات المعقول الذهني ~~دون الخارج ؛ فإن المعقول الذهني إن كان بحيث يمكن انطباقه على كثيرين فهو ~~كلي ، وإن امتنع واستحيل أن يصدق وينطبق إلا على شيء واحد فهو جزئي. # إذا عرفت هذا فلا إشكال حينئذ أنه لو راى الإنسان شبحا من بعيد وتردد ~~عنده بين أن يكون بقرا أو إنسانا فالمعقول في ذهنه صورة منطبقة على هذا ~~الشبح محدودة بالحدود المعينة ، لكن ليس فيه اعتبار الزيدية ولا العمروية ~~بل ولا كونه إنسانا ولا بقرا ، وكون أحد هذه الأشياء ثابتا في الواقع لا ~~ربط له بالصورة المنقشة في الذهن ، ومع ذلك فهل ترى صدقه على كثيرين ، بل ~~يحكم بأن هذه الصورة جزئي لا يصدق إلا على شيء واحد فقط ، فإذا كانت هذه ~~الصورة جزئيا كما هو الموجود في الاستعمال الأول فكذلك الصورة التي نتصوره ~~أولا قبل رؤية شبح في الخارج و PageV01P321 # نلاحظ له جميع التعينات والتشخصات والحدود بحيث لا يكون صادقا بهذه ~~التشخصات إلا على واحد فقط ونجرده عما يكون الصورة الأولي متجردة عنه من ~~الزيدية والعمروية والبكرية ، وكذا خصوصية تمام الأفراد ، فهذه الصورة أيضا ~~لا بد أن يكون جزئية إذ لا فرق بين هذه وبين تلك إلا في مجرد أن الاولى ms0302 ~~كانت منطبقة على شبح خارجي هو مشتمل على الزيدية ، ولكن هذا الا يعقل أن ~~يوجب تفاوتا ، إذ لا يعقل دخل ثبوت الزيدية للأمر الخارجي في جزئية ما ~~يتعقل في الذهن مع كونه معرى عن وصف الزيدية ، فإذا كان هذه الصورة المعراة ~~عن الزيدية والعمروية ونحوها جزئيا ، فكذا تلك المعراة عن هذه أيضا ؛ إذ لا ~~فرق بينهما أصلا ، فهذا المعنى لا محالة يكون مصداقه أبدا شيئا واحدا لا ~~أزيد ، غاية الأمر أنه يدور بين تمام الإفراد ، وإمكان اشتراك المصداقية له ~~بين جميع الأفراد في عرض واحد لا ينافي ذلك ؛ إذ الإمكان غير الصدق ، فلا ~~يتصف جميع الأفراد بالمصداقية له في عرض واحد ، ولكن يتصف جميعها بإمكان ~~المصداقية له كذلك. # ومحصل ما ذكرنا أن تعقل معنى له تعيين عند الله وفي اللوح المحفوظ كما في ~~ما يتصور عند رؤية الشبح جزئي بمعنى أنه غير قابل لأن يتحمل أن يكون طرفا ~~لزيد وعمرو في عرض واحد كما هو الحال في الكلي الطبيعي بالنسبة إلى أفراده ~~، فيصح أن نقول : هذا هو الإنسان ، وهذا هو الإنسان ، وهذا هو الإنسان ، ~~ولكن لا يصح فيما نتعقل عند رؤية الشبح المتحرك من البعيد ولا يتحمل ~~الأفراد بهذا النحو ، فلا يصح أن زيدا هذا وعمروا هو بكرا هو. # نعم يمكن أن يكون زيدا وعمروا وبكرا ، لكن إن كان زيدا لا يكون عمروا وإن ~~كان عمروا لا يكون زيدا وإن كان بكرا لا يكون عمروا ولا زيدا ، وهذا معنى ~~صدقه على كثيرين على البدلية ، يعني يصدق على هذا بدلا عن ذاك وعلى ذاك ~~بدلا عن هذا ولا يصدق عليهما معا. # وبعبارة اخرى لا يصدق على كثيرين في واحد بالعطف بالواو ، بل يصدق على ~~الكثيرين في الطول وبالعطف بكلمة «أو» وهذا معنى جزئيته ، مع أن هذا المعنى PageV01P322 # المتصور خال عن خصوصية الزيدية والعمروية وكذا جميع الخصوصيات ، ووجودها ~~في الأمر الخارجي غير مرتبط بالأمر المتصور الذهني. # فكما لا يضر هذا التجرد عن تلك الخصوصيات بالجزئية في هذا المعقول فكذا ~~نقول في النكرة ms0303 الواقعة موضوعا في الإنشاءات فنقول فيها أيضا بتصور معنى لا ~~إمكان لأن ينطبق على كثيرين في عرض واحد ، بل كان انطباقه على واحد على ~~البدل ، فرجل في قولنا : جئني برجل معناه رجل واحد بحيث إن كان زيدا لا ~~يكون عمرا وإن كان عمرا لا يكون زيدا وإن كان بكرا لا يكون زيدا ولا عمرا ، ~~فهذا أيضا لا محالة يكون جزئيا ؛ إذ معنى الكلي أن يكون المعنى ذا سعة لا ~~يأبى بسببها عن الحمل على الكثيرين في عرض واحد ، ويتحمل الطرفية للإثنين ~~وما فوق ، وهذا منتف فيما فرضناه ، ومجرد أن للمعقول في الصورة الاولى وفي ~~الإخبارات واقعا له التشخص والتعين وهنا ليس له واقع كذلك لا يوجب الفرق ~~بينهما ؛ إذ الجزئية والكلية من المعقولات الذهنية بلا كلام ولا إشكال ، ~~فلا يعقل أن يكون للخارج دخل فيهما. # نعم فرق بين المعقول في المقامين من حيث إن الأول له تعيين عند الله وفي ~~الثاني يكون التعيين بيد المكلف ويكون هو بالخيار في تعيينه ، مع أنه لو ~~جعل الكلي خصوص ما يصدق على الكثيرين في عرض واحد بحيث لو كان في الطول كان ~~جزئيا لزم عدم الفرق بين النكرة الواقعة في الإخبارات والواقعة في ~~الإنشاءات في الجزئية كما ذكرنا ، وإن كان المراد بالكلي مطلق ما كان صادقا ~~على الكثيرين وإن كان في الطول كان في كلا المقامين كليا ؛ إذ النكرة في ~~الإخبار أيضا له الصدق بهذا النحو ، يعني ما تصوره المستعمل واستعمل اللفظ ~~فيه معنى قابل لأن يصدق على كثيرين على البدل ، ففي جاء رجل من أقصى ~~المدينة ، المتصور هو المعنى المتردد بين أفراد الرجل والمعرى عن جميع ~~الخصوصيات وإن كان الجائي في الخارج هو خصوص الرجل المعهود وهو حبيب ~~النجار. # وبالجملة ، فالتفرقة بين الإخبار والإنشاء بإثبات الجزئية للنكرة في ~~الأول والكلية في الثاني غير متجه ، والحق كما عرفت هو اختصاص الكلية ~~بالصدق العرضي PageV01P323 # على كثيرين ، والصدق الطولي على كثيرين لا ينافي الجزئية ؛ فإن الكلية ~~بمعنى السعة ، والجزئية بمعنى الضيق ، والذي لا يتحمل إلا ms0304 مصداقا واحدا على ~~البدل ضيق ، غاية الأمر مردد بين كثيرين ، وهذا معنى كونه جزئيا مرددا ، ~~فالحق عدم الفرق بين النكرة في المقامين في كونه جزئيا حقيقيا غير قابل ~~الصدق على كثيرين مرددا ، وأما الفرق بين الوحدة المأخوذة في النكرة وما هو ~~مأخوذ في مفهوم الواحد فهو أن الوحدة في الثاني كلي ؛ فإنه عبارة عن جهة ~~جامعة أخذ الذهن من أفراد كثيرة متصفة بها ، وهذا لا يمتنع أن يسع في عرض ~~واحد كثيرين فيقال : هذا واحد وهذا واحد وهذا واحد. # نعم لا يصدق على اثنين ، فلا يشار إلى مجموع الشخصين بإشارة واحدة ويقال ~~: هذا المجموع واحد ؛ فإنه مصداق للإثنين الذي هو ضد الواحد ، فعدم صدقه ~~عليه كعدم صدق البقر على أفراد الإنسان. # وهذا بخلاف الوحدة في النكرة فإنها مأخوذة من شخص واحد دون أشخاص كثيرين ~~، كما في ما يوجد في الذهن عند رؤية الشبح من البعيد ، فالوحدة مأخوذة فيه ~~من الشيء الخاص المرئي وليس مشتركا بينه وبين ما يشابهه ، وكذا في ما يقع ~~موضوعا في الإنشاء أيضا يوجد الوحدة القائمة بالشخص لا القائمة بالأشخاص ، ~~والميزان أنه لو تصور المعنى المتقيد بالوحدة واحد في الذهن على وجه لا ~~يقبل لأن يصدق على هذا إلا بدلا لذاك ، وعلى ذاك إلا بدلا لهذا فهذا جزئي. # وإن كان قابلا لأن يصدق على هذا وذاك في عرض واحد فهذا كلي ، والنكرة ~~موضوعة لملاحظته على الوجه الأول ، ومفهوم الواحد موضوع له بالملاحظة ~~الثانية. # ثم لو أتى المكلف بما زاد على الواحد عند توجه الأمر بالنكرة إليه فإما ~~أن يأتي على التدريج أو دفعة ، ففي الأول يمتثل بأول الأفراد وما سواه لغو ~~مطلقا ، وعلى الثاني يكون الممتثل به واحدا لا على التعيين لو كان المراد ~~هو الواحد اللابشرط ، وإن كان المراد الواحد بشرط لا يعني بشرط عدم الغير ~~فلا يحصل الامتثال في هذه الصورة أصلا. PageV01P324 ### || «فصل» # قد ظهر مما تقدم أن اسم الجنس وضع لما هو المقسم للمطلق والمقيد وهو ~~الجامع بين عدم دخل شيء آخر في المطلوب ms0305 سوى نفس الطبيعة ودخل شيء آخر غيره ~~، وكذا النكرة وإن قلنا بجزئيته ؛ فهو أيضا موضوع للجامع بين ذي القيد ~~والمجرد عن القيد ، وبعبارة اخرى بين معنى يكون اللاقيدية منافية معه ومعنى ~~يكون التقييد منافيا له وهذا واضح. # إنما الكلام في المقام في أنه عند عدم قرينة لفظية ولا انصراف يقتضي ~~تعيين إحدى الخصوصيتين من الإطلاق والتقييد يحتاج إلى تمهيد مقدمات للحمل ~~على الإطلاق تسمى بمقدمات الحكمة ، أو لا يحتاج إليها ، بل وإن لم يكن تلك ~~المقدمات محرزة كلا أو بعضا يمكن تعيين الإطلاق من وجه آخر. # فإن قلنا بالاحتياج والتوقف عند عدم إحراز المقدمات التي من جملتها كون ~~المتكلم في مقام البيان ، فلو لم يحرز ذلك الكون لا يمكن الحمل على الإطلاق ~~وإن كان الأصل في كلام كل متكلم أن يكون صادرا بغرض الإفادة وتفهيم المراد ~~، فلا يكفي هذا الأصل لتعيين الإطلاق. # بيان ذلك : أن لنا مقامين للبيان ، أحدهما محرز في عامة باب الألفاظ ولا ~~اختصاص له بالمطلقات ، والثاني هو المقصود في المقام ومعدود من مقدمات ~~الحكمة. # فالأول : عبارة عن كون الكلام الصادر عن المتكلم عند إحراز عقله وشعوره ، ~~صادرا بغرض الإفادة وتفهيم المعنى ؛ فإن التكلم بالكلام قد يكون بلا قصد ~~معنى أصلا إما على نحو اللغو والعبث ، وإما على نحو تعلق الغرض بمجرد اللفظ ~~كتلفظ العربي بالعجمي لمجرد تعليم اللفظ من دون فهم المعنى إلى غير ذلك ، ~~فالأصل يقتضي أن يكون التكلم بالكلام بغير هذه الوجوه بل كان مقصودا به ~~الإفادة وكان المتكلم مريدا لمدلوله ومعناه الحقيقي ، فهذا المقدار من ~~البيان محرز في عامة الألفاظ و PageV01P325 # لا يكفي هذا المقدار لتعيين الإطلاق في المقام ؛ إذ لا يثبت بهذا في ~~ألفاظ المطلقات إلا مجرد كون المتكلم بصدد بيان المدلول اللغوي للفظ وهو ~~الطبيعة المهملة وقد فرضنا أنه مقسم للإطلاق والتقييد فيبقي التحير والتردد ~~بحاله ؛ إذ لا إشارة في المقسم إلى تعيين شيء من الأقسام. # وأما الثاني : فهو عبارة عن كون المتكلم علاوة على ما ذكر من كونه مريدا ~~للمدلول اللفظي ms0306 بصدد بيان تمام المراد اللبي ، لا في مقام الإجمال والإهمال ~~كما في قول الطبيب : اشرب الدواء ، وهذا هو المقصود في المقام والمحتاج ~~إليه لتعيين الإطلاق ؛ إذ مع إحراز هذه الحالة للمتكلم نقول : لو كان ~~للمراد الجدي اللبي قيد في اللب لكان اللازم ذكره ؛ إذ يلزم من عدم ذكره ~~نقض الغرض ، فحيث لم يذكر القيد يعلم أن المراد بحسب اللب هو المطلق الخالي ~~عن كل قيد. # لكن يمكن أن يقال بعدم الحاجة إلى تلك المقدمات وهو الشق الثاني من طرفي ~~الترديد الذي ذكرناه ، وذلك بأن نقرر الأصل على تعيين إرادة الإطلاق عند ~~عدم قرينة لفظية وعدم انصراف في البين. # بيانه أن المهملة مرددة بين المطلق والمقيد ولا ثالث لهذين وهذا واضح ، ~~ولا إشكال أنه لو كان المراد هو المقيد كما في مواضع علم ذلك بالقرينة تكون ~~الإرادة أصالة متعلقة بالمقيد ، ومركب الحب الأصالي يكون أولا وبالذات هو ~~المقيد. # نعم يصح انتساب الإرادة والحب إلى نفس الطبيعة حينئذ بالعرض والمجاز ~~وثانيا وبالتبع على طريق الإسناد إلى غير ما هو له ، نظير ما إذا كان ~~المطلوب الأولي فردا من الرجل ولا شك أن هذا الفرد مطلوب ومحبوب بالحقيقة ~~والأصالة ويسري منه إلى طبيعة الرجل لمكان اتحادها مع الفرد فينسب إلى ~~الطبيعة بالعرض والمجاز. # فنقول : الظاهر من قوله : جئني بالرجل أو برجل كون تعشقه وحبه أولا ~~وبالذات متعلقا بالطبيعة ، لا أنه كان متعشقا بالمقيد وطالبا إياه ثم تأمل ~~والتفت إلى أن هذا الحب والتعشق يسريان إلى ما هو متحد مع هذا المقيد من ~~الطبيعة أو ما هو PageV01P326 # معنى النكرة فجعلهما متعلقا لإرادته بعد هذه الملاحظات بالعرض والمجاز ؛ ~~فإن هذا خلاف الظاهر ، بل الظاهر من القول المذكور عدم توجه النظر نحو غير ~~الطبيعة وعدم تعلق الحب إليها أولا وبالذات. # فإن قلت : إن المهملة التي هي المقسم لا يمكن وقوعها متعلقا للأمر والطلب ~~الأصالي بمعنى أن يكون الحب والتعشق في اللب والواقع متعلقا بما هو مفاد ~~اسم الجنس الجامع بين المطلق والمقيد. # نعم يمكن في مقام ms0307 الإثبات جعل الحكم والطلب على موضوع المهلة بحيث لو سئل ~~عن الآمر عن إطلاق مطلوبه وتقييده لرد السائل ويقول : لما ذا تريد؟ لا ~~يرتبط بك ، وأما في مقام اللب فلا يمكن ؛ إذ لو سئل عن اللب فإما أن يكون ~~فيه أمر دخيلا في المحبوب وإما أن لا دخل بشيء سوى المهملة أصلا فيكون هذا ~~معنى الإطلاق ولا ثالث لهذين ؛ لكونهما نقيضين. # نعم قد يفرض في اللب أيضا بالنسبة إلى من لا يعلم الآن بأن الخصوصية ~~الفلانية دخيلة في متعلق غرضه وحبه أولا ، لكن بالنسبة إلى من هو ملتفت إلى ~~جميع حيثيات مطلوبه كما هو المفروض في الشارع أبدا فلا محالة إما متعلق ~~بالمهملة بلا دخل شيء أو بها مع دخله ، فتبين أن الإرادة الأصلية لا تتعلق ~~في اللب إلا بالمطلق أو المقيد. # وحينئذ فالإرادة الأصالية لو كانت متعلقة بالمطلق كانت في المهملة على ~~خلاف الظاهر ، كما أنها لو كانت متعلقة بالمقيد أيضا يكون في المهملة على ~~خلاف الظاهر وغير أصالية ، فإذا أثبتت بالظهور كون الإرادة أصالية يتردد ~~الأمر بين المطلق والمقيد ، فتعيين المطلق بلا دليل ، فيعود الحاجة إلى ~~مقدمات الحكمة لتعيينه. # قلت : إذا كانت الإرادة أصالية ولم يكن في البين قيد كما هو المفروض وكان ~~اللفظ مستعملا في المهملة كما هي الموضوع له فهذا معنى الإطلاق ، ويتعين ~~المقسم في الإطلاق ؛ إذ معنى الإطلاق أن يكون التعشق الأصالي الحقيقي ~~متعلقا بالمهملة من دون دخل الخصوصيات ولا يعتبر في المطلق ملاحظة عدم ~~القيد ؛ إذ ليس عدم PageV01P327 # الدخل قيدا له ، كيف وإلا كان هو أيضا واحدا من القيود بل أقوى منها ؛ ~~حيث إنه التعرية من كل شيء ، فكان المطلق واحدا من المقيدات فلم يثبت ~~المقدمات إياه على ما هو المعروف من إثباته بها ، فهذا دليل على أن وصف ~~التجرد وعدم الدخل لا حاجة إلى ملاحظته في المطلق. # ولا يتوهم التنافي بين قولنا هنا وما سبق من عدم إمكان تعلق الحب الأصلي ~~بالمهملة؛ إذ المراد هناك تعلق الحب الأصلي به مع بقائه على كونه ms0308 مهملة ، ~~وهنا وإن كان مدلول اللفظ ومتعلق الطلب الأصلي مهملا أيضا ، لكنه بعد تعلق ~~الحب الأصالي بمعنى دخله وعدم دخل غيره يخرج عن كونه مهملة إلى كونه مطلقا ~~قهرا ؛ لما عرفت من أن تعلق الحب الأصلي بالمهملة لازمه عقلا هو التبدل ~~والانقلاب إلى الإطلاق. # تقرير ثان للمقام : أما على طريقة المشهور فهو أنه بعد أن أسماء الأجناس ~~وسائر المطلقات موضوعة لما هو جامع للمطلق والمقيد وقابل للتقييد والإطلاق ~~، فهذا المعنى لا يوجب رفع التحير عن موضوع الحكم ؛ إذ المكلف لا يعلم أن ~~موضوع الحكم هو المطلق أو المقيد ، وعلى الثاني فالقيد ما ذا؟ # ومن هنا يظهر أنه بمجرد إعمال الأصل العقلائي الجاري في عامة باب الألفاظ ~~أيضا لا يستريح ؛ إذ الأصل المذكور يرفع احتمال كون اللفظ مهملا وصادرا بلا ~~شعور لمعناه ، أو مع إرادة أجنبي عما هو موضوع له. # وبعبارة اخرى تعين احتمال أن يكون المتكلم مريدا لما هو موضوع له لهذا ~~اللفظ وقاصدا بالتلفظ به إفادة ذاك المعني ، وهذا المقدار لا يفيد في ~~المقام ؛ لأن الموضوع له معنى قابل للانطباق على المطلق والمقيد ، فرفع ~~التحير عن المكلف موقوف على جعل الحكم إما على خصوص المقيد وإما على خصوص ~~المطلق ، فالدال على الجعل في المقيد أحد الأمرين : إما ذكر القرينة ~~اللفظية الدالة على القيد في الكلام مع المطلق ، وإما انصراف الكلام إلى ~~القيد ، فإنه بمنزلة الذكر أيضا. # وأما المعين للثاني أعني الجعل في المطلق ، فعلى مذاق المشهور من ~~المتأخرين هو المقدمات المعهودة التي من جملتها إحراز كون المتكلم في مقام ~~البيان ، أعني كان PageV01P328 # معلوما بالشواهد الخارجية أن للمتكلم حالة يريد أن يظهر جميع ما في نفسه ~~ولا يغادر منه مثقال ذرة ، كما لو فرض أنه لا يرى المخاطب بعد هذا المجلس ~~لكونه مريدا للمسافرة إلى مكان بعيد ، فإنه يقال حينئذ : إنه لم يذكر سوى ~~اللفظ الموضوع للمعنى القابل للإطلاق والتقييد ، ولو كان في نفسه المقيد ~~لذكر القيد بمقتضى المقام ، فحيث لم يذكر يكشف هذا عن أن الموجود في نفسه ~~وعند ms0309 اللب ليس إلا ما وضع له هذا اللفظ أعني المهملة ، فهذه المقدمات يتبين ~~إرادة المطلق ؛ إذ وجود الجامع في اللب وعدم وجود الغير معه معنى الإطلاق. # وأما لو لم يكن له هذه الحالة بل كان غرضه إشارة إجمالية ليتهيأ المكلف ~~ويستعد للامتثال ثم يذكر له تمام مراده في مجلس آخر ، فإن في هذا المقام ما ~~هو مدلول اللفظ قابل للتقييد والإطلاق ولا شيء في البين غيره يعين أحدهما ~~بالفرض ، والمتكلم أيضا ليس في مقام إظهار تمام المراد ، فيحتمل أن يكون ~~المراد اللبي هو المطلق ، ويحتمل أن يكون المقيد ولا يعلم شيء منهما. # وأما على المختار فالأصل العقلائي المذكور كاف بضميمة مقدمات اخرى هي ~~جارية في جميع الموارد الخالية عن القرينة اللفظية والانصراف لا كالمقدمات ~~المذكورة الموجودة في بعض المقامات دون بعض ، وكون المتكلم في مقام البيان ~~يعلم بهذه المقدمات أيضا. # بيانها أن الظاهر من القضايا الإنشائية المعلق فيها الحكم على موضوع أن ~~تعلق الحكم المذكور في القضية بهذا الموضوع يكون من حيث نفس هذا الموضوع ~~وابتداء لا بوساطة شيء آخر وبتطفله وبركته ؛ ووجه ذلك أن الموضوع الأصلي ~~الأولي للحكم لو كان هذا الموضوع فنظر الحاكم يقع من أول الأمر على هذا ~~الموضوع ويجعله تحت الحكم. # وأما لو كان تطفليا وعرضيا فلا بد أن يكون نظر الحاكم واقعا من الابتداء ~~على شيء آخر وجعله تحت الحكم ثم انتقل من هذا الشيء إلى شيء آخر ، والتفت ~~إلى كونه متحدا مع مطلوبه ، فجعل هذا الشيء الثاني أيضا تحت الحكم لمكان ~~اتحاده مع PageV01P329 # ما هو مقصود له وموضوع للحكم ذاتا ، ولا شك أن هذا النحو من الموضوعية ~~للحكم خلاف الظاهر من القضية ، بل الظاهر منها أن الموضوع نفس ما هو ~~المذكور فيها من حيث الذات لا نقول : إن النحو الأول يوجب المجاز إما في ~~اللفظ وإما في الإسناد بل نقول: إنه خلاف الظاهر. # إذا عرفت ذلك فنقول : لو كان الموضوع في الواقع هو المقيد لزم أحد ~~الأمرين ، إما كون تعلق الحكم بالطبيعة المهملة على ms0310 نحو التطفل وعدم ~~الأصالة وقد كان مقتضى الظاهر كونه على نحو الذاتية والأصلية فإنه إذا كان ~~الحكم أولا وبالذات ثابتا للإنسان الأبيض مثلا كان تعلقه بالإنسان أعني ~~المعنى القابل للتقييد والإطلاق على نحو التطفل لا محالة ؛ إذ كما أن ~~المطلوب حقيقة لو كان هو الزيد فإرادة الإنسان يكون بتطفل الزيد ووساطة ~~الاتحاد معه، أو كان المطلوب كذلك هو الإنسان ، فإرادة الزيد تطفلية وتبعية ~~، كذلك الحال في المقام بلا فرق. # وإما إضمار المتكلم القيد في نفسه ولم يتكلم بلفظه مع عدم انصراف في ~~البين ، وهذا أبعد من الأول ؛ فإن عدم التلفظ باللفظ ونية معناه بعيد عن ~~المحاورات ؛ لوضوح كون ذلك إما لغوا وإما مخلا بالغرض ، فتعين أن تكون ~~الإرادة الذاتية الأصلية متعلقة بمفاد اللفظ المطلق من الطبيعة المهملة. # فإن قلت : من المحال أن يكون الحكم الذاتي الأصلي متعلقا بنفس المهملة ~~القابلة للإطلاق والتقييد مع كونه في نظر الحاكم مترددا بينهما ؛ إذ لا ~~يمكن جعل الحكم في موضوع مردد غير معين حتى عند الحاكم ، وعلى هذا فاللازم ~~تعلق الطلب الأصلي إما بالمطلق أو بالمقيد ، وطريق تعيين الأول منحصر في ~~مقدمات الحكمة. # قلت : توجه الإرادة الأصلية الذاتية نحو المعنى الجامع للمطلق والمقيد ~~كاف في تعين هذا الجامع في المطلق ؛ إذ لا حاجة في تحقق المطلق في الذهن من ~~ملاحظة شيء آخر سوى الجامع ، فإن قيده عدم شيء آخر ، وهذا العدم يتحقق عند ~~توجه الإرادة الذاتية نحو الجامع قهرا وإن لم يكن اللاحظ ملتفتا إليه بل ~~كان ناظرا إلى نفس الجامع القابل للإيجاد مع المطلق ومع المقيد. PageV01P330 # وهذا نظير تحقق الخط في الخارج ؛ فإنه إذا بدأ الشخص بترسيم خط على الأرض ~~مثلا فهذا الخط من ابتداء وجوده قابل للانتهاء إلى الشبر والشبرين وثلاثة ~~أشبار إلى غير ذلك من الحدود ، ثم إذا وقف على حد الشبرين مثلا ورفع اليد ~~حصل الخط المحدود بحد الشبرين وإن كان رفع اليد بدون التفاته ، ووجهه أن ~~القيد هو عدم الغير ولا حاجة في عدم الغير إلى ملاحظة مستقلة وإيجاد ms0311 آخر ، ~~بل متى أوجد الخط إلى الحد المخصوص ولم يوجد بعده يتعين ذاك الخط القابل ~~للأنحاء الكثيرة في هذا النحو. # ففي المقام إذا نظر اللاحظ إلى المهملة فهي وإن كان قابلا لأن يكون مطلقا ~~وأن يكون مقيدا ، لكن إذا جعل هذا المعنى القابل تحت الإرادة الذاتية حصل ~~المطلق قهرا ولا يحتاج إلى مئونة زائدة وراء ذلك ؛ إذ القيد حاصل بنفسه ؛ ~~إذ هو عدم دخل شيء آخر سوى المهملة في تعلق الحكم ، وإذا فرضنا أن مركب ~~الحكم الذاتي الأولي هو المهملة فمعنى ذلك عدم دخل أمر آخر وراء المهملة في الحكم. # وبالجملة ، الحمل على الإطلاق على مذاق المشهور يتوقف على كون المتكلم في ~~مقام البيان أعني بيان تمام المراد وانتفاء ما يوجب التعيين وانتفاء القدر ~~المتيقن ، وهذا لا يوجد في جميع الموارد ، فقد لا يكون الكون في مقام ~~البيان محرزا ، وقد لا يكون القدر المتيقن منتفيا ، ولكن ما ذكرنا يشمل ~~جميع موارد انتفاء ما يوجب التعيين. ### | «تقرير ثالث للمذهب المختار» # وهو أن لنا بحسب مقام الثبوت نحوين من الإرادة عند إرادة الطبيعة المهملة : # الاولى : أن يكون بتبع إرادة الخاص ، كأن يكون طبيعة الرجل مطلوبة بتبع ~~الرجل الأسود ؛ فإن مطلوبية الشخص يسري إلى الطبيعة تبعا لمكان الاتحاد ، ~~كما أن مطلوبية الكل يسري إلى الجزء تبعا ، فيصح عند تعلق الطلب بالمركب من ~~إجراء نسبة هذا الطلب إلى كل واحد من أجزائه بتبع الكل ؛ ولهذا أي لأجل أن الجزء PageV01P331 # يصير موردا للإرادة التبعية بواسطة توجه الإرادة نحو الكل صح إجراء ~~البراءة عن الأكثر عند الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، فإن قولنا ~~في تقريب البراءة بأن المركب من التسعة مثلا مراد قطعا ليس إلا لأجل أن ~~المركب من العشرة لو كان في الواقع مرادا أيضا يكون التسعة في ضمنه مرادة ~~بتبعه ، فالمقصود إثبات الأعم من هذه الإرادة ، ثم هذه الإرادة لا يسري من ~~الطبيعة إلى جميع أفرادها قطعا. # والثانية : أن تكون الطبيعة مرادة في نفسها لا بتبع الشخص ، وحينئذ لا ~~محالة تسري الإرادة إلى تمام ms0312 أفرادها ، لا إشكال في ثبوت هذين النحوين من ~~الإرادة المتعلقة بالطبيعة في عالم اللب. # أما في مقام الظهور اللفظي فنقول : إذا قيل : جئني بالرجل ، ففيه ~~احتمالات ثلاثة : # الأول : أن يكون الموضوع في القضية نفس هذه الطبيعة ولكن كانت الإرادة ~~تبعية بأن كانت متعلقة بها بتبع مطلوبية الزيد. # الثاني : أن تكون الإرادة أصلية متعلقة بما هو موضوع القضية باعتبار نفسه ~~لا بتبع أمر آخر ، لكن لم تكن هذه الطبيعة موضوعا ، بل إنما احدث طبيعة ~~الرجل معرفة للزيد واشير بها إلى الزيد ، غاية الأمر لم يؤت بالدال على زيد ~~، فهو مثل ما إذا كان الدال عليه مذكورا كما لو قيل : جئني بالزيد الذي هو ~~الرجل ، فإن الرجل هنا لم يوجد إلا على وجه المرآتية للزيد دون الموضوعية ، ~~فالموضوع في الحقيقة هو الزيد. # الثالث : أن تكون الإرادة أصلية مع كون الموضوع نفس طبيعة الرجل دون أن ~~يكون معرفه ، وحيث إن أظهر الاحتمالات هو الأخير فإن الظاهر أن تكون ~~الإرادة أصلية لا تبعية ، وأن تكون طبيعة الرجل مأخوذة موضوعا لا معرفا ~~ومرآتا ، فيتعين الحمل على الإطلاق ؛ فإن توجه الإرادة الأصلية التبعية نحو ~~مفهوم الرجل الذي هو المقسم ملازم لتعين المقسم في المطلق ؛ إذ لو سئل عن ~~المريد هل لأمر آخر وراء هذا المفهوم دخل في مرادك؟ لقال : لا ، وهذا معنى ~~الإطلاق. # ومن هنا يظهر أن وجود القدر المتيقن غير كاف لتعيينه ؛ وذلك لوضوح أن PageV01P332 # المراد بكون القيد قدرا متيقنا ما إذا لم يكن انس الذهن باللفظ في القيد ~~بحيث صار موجبا لانصراف اللفظ إلى القيد والانتقال منه عند سماعه إليه ، ~~وإلا لكان كالقيد المذكور في الكلام ومحمولا عليه الإطلاق بلا كلام ، ~~وحينئذ فيقال : الذي أفاده اللفظ ليس إلا الطبيعة المهملة ؛ لفرض عدم كون ~~القيد منصرفا إليه ومدلولا باللفظ ، والظاهر أن تكون الإرادة أصلية وأن ~~يكون هذا الذي أفاده اللفظ من المهملة موضوعا ، لا أن يكون معرفا للموضوع، ~~فيتعين أن يكون المراد هو المطلق. # فعلم مما ذكرنا أن الحمل على الإطلاق ليس موقوفا لا على ms0313 إحراز كون ~~المتكلم بصدد البيان إما علما أو أصلا ، ولا على انتفاء القدر المتيقن ، ~~ويشهد لما ذكرنا أن المتداول بين أهل اللسان في محاوراتهم ومكالماتهم كان ~~هو الأخذ بالإطلاق والتمسك به من دون الفحص عن حال المتكلم من حيث إنه كان ~~بصدد البيان أم لا وإن جعل ذلك صاحب الكفاية دليلا على أن كون المتكلم بصدد ~~البيان يكون عندهم أصلا. # وكذا يشهد لما ذكرنا أنه لم يعهد من أهل اللسان التوقف في حمل المطلقات ~~على الإطلاق بواسطة وجود القدر المتيقن ؛ إذ قلما يتفق أن يكون المطلق ~~منفكا عنه ، ألا ترى أن المطلقات الواردة في الجواب عن السؤال مع كون مورد ~~السؤال خاصا وكونه هو القدر المتيقن منها لم يعهد من أحد الاقتصار في حكمها ~~على مورد السؤال اعتمادا على أنه هو المتيقن منها ، بل الأمر بالعكس ، ~~فيتجاوزون عن موارد السؤالات حتى إنه قد اشتهر أن العبرة بعموم اللفظ لا ~~بخصوص المورد ، هذا. # وربما يقال بأن وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب مضر بالأخذ بالإطلاق ~~وإن فرض إحراز عدم القيد اللفظي في الكلام وعدم انصراف في البين وكون ~~المتكلم في مقام البيان ؛ وذلك لأن الموجب للحمل على الإطلاق عند كون ~~المتكلم في مقام البيان إنما هو عدم لزوم نقض الغرض ، فيقال : إنه كان في ~~مقام إظهار جميع ما في نفسه مما يرتبط بمراده ، ولو كان أزيد من مدلول ~~اللفظ دخيلا في مراده للزم عليه التنبيه عليه لئلا يلزم نقض الغرض ، فحيث ~~لم ينبه علم أن ما وراء ما دل عليه اللفظ و PageV01P333 # هو الطبيعة المهملة غير دخيل ، وهذا معنى الإطلاق. # فنقول : إن القيد لو كان هو المتيقن من المطلق ككون عدم نقض اليقين بالشك ~~في باب الوضوء متيقنا من قوله عليه السلام : «لا تنقض اليقين بالشك» ؛ فإنه ~~ورد جوابا عن السؤال عن الخفقة والخفقتين هل يبطل الوضوء بسببها أولا لا ~~يلزم من إرادته مع عدم التنبيه عليه في اللفظ نقض للغرض ؛ فإن المتكلم ~~الكائن في مقام البيان ليس عليه إلا الإتيان ms0314 بما هو صريح في تمام مراده أو ~~ظاهر ، وبعبارة اخرى الإتيان بالكاشف لتمام ما هو مراده بحيث لم يبق جزء من ~~مراده بلا كاشف ، وإذا فرض أن المتيقن من اللفظ المطلق في ذهن المتخاطبين ~~معا هو القيد والمفروض أن المقيد به تمام المراد فقد أتى بالكاشف بإزاء ~~تمام المراد من دون خفاء جزء منه. # فإذا كان تمام المراد عدم نقض اليقين بالشك المقيد بباب الوضوء ، وكان ~~ذات المقيد مدلولا عليه باللفظ ، وكان القيد مفهوما أيضا من باب كونه قدرا ~~متيقنا ، فقد سلم المتكلم عن نقض الغرض وإن لم يصرح بهذا القيد في كلامه ، ~~وهذا بخلاف القيود الأخر أعني ما ليس متيقنا كالسواد والبياض وطول القامة ~~وقصرها بالنسبة إلى مفهوم الرجل ، فإنه لو كان المراد هو الرجل المقيد ~~بواحد منها ولم يصرح باللفظ الدال عليه لما كان المراد معلوما للمخاطب ؛ ~~فإن جميع القيود ما أراده منها وما لم يرده يكون في عرض واحد ونسبة المطلق ~~إليها على السواء ، فإرادة بعضها بدون إقامة الكاشف إخفاء لبعض المراد ونقض للغرض. # وعلى هذا فليس للمخاطب تعدية الحكم في صورة وجود القدر المتيقن إلى غير ~~مورد وجوده ، فلا بد أن لا يعمل بحديث عدم نقض اليقين بالشك في غير باب ~~الوضوء من الأبواب ، إذ لو عمل به في غيرها وكان المراد واقعا مقيدا بباب ~~الوضوء فعاتبه المولى على ذلك لم يكن له في قبال المولى حجة وبرهان ؛ فإن ~~غاية ما يحتج به عليه أنك كنت في مقام بيان تمام المراد وأتيت باللفظ مطلقا ~~، وما صرحت بالقيد في كلامك ولم يكن في البين انصراف ، ولازم ذلك كله كون ~~المطلق هو المراد بدون دخل شيء آخر ؛ إذ دخله مناف لكونك في مقام البيان ~~وعدم الإتيان بالكاشف PageV01P334 # عنه ، لكن هذا لم يصر حجة له ؛ إذ المولى يقول في جوابه : سلمت كوني في ~~مقام البيان وعدم الإتيان بالقيد في اللفظ وعدم الانصراف في البين ، لكن ~~ذلك لا يلازم إرادة المطلق ؛ فإن قضية كوني في مقام البيان ليس إلا الكشف ms0315 ~~عن تمام مرادي وقد كشفت عنه ؛ فإن مرادي عدم النقض في باب الوضوء وقد أفاد ~~عدم النقض لفظي ، وأفاد القيد أعني باب الوضوء كون السؤال عن هذا الباب ، ~~فلم يلزم تفويت غرضي بإرادة هذا المقيد من لفظي المطلق أصلا. # هذا ما يقال ، وجوابه أن المراد بعد مردد بين أن يكون هو المطلق وأن يكون ~~هو المقيد ، فما بين المراد على تقدير كونه هو المقيد ؛ فإن المقصود ~~بالبيان بيان أن هذا مراد لإتيان ذات المراد مع عدم بيان وصف المرادية ، ~~فإذا كان بصدد بيان المراد بهذا المعنى واكتفى بالقدر المتيقن عن بيان ~~القيد فقد أخل بغرضه ، فقرينة الحكمة شاهدة على إرادة الإطلاق. # هذا مع أن أحدا لم يقتصر في مدلول الحديث على باب الوضوء لأجل ذلك ، وكذا ~~في الأجوبة عن الأسئلة الاخرى تعدوا عن مورد الأسئلة إلى غيرها عملا ~~بالإطلاق ، فهذا شاهد على صحة ما ذكرناه وبطلان ما زعموه. # إيراد ودفع ، أما الأول فهو أنه إذا كان الحمل على الإطلاق بمعونة ~~المقدمات إما على نحو طريقة المشهور ، وإما على ما ذكرنا يلزم إذا ورد بعد ~~المطلق مقيد منفصل إما موافق أو مخالف بطلان المقدمات ، فلا يمكن رفع ما ~~سوى هذا القيد من القيود المحتمل دخلها بالإطلاق. # وبيان هذا أما على طريقة المشهور أن من جملة المقدمات عندهم كون المتكلم ~~في مقام البيان ، وعند ظهور القيد بعد انقضاء مجلس المطلق يعلم أنه ما كان ~~بصدد البيان ، وأن ما تخيله المخاطب من كونه بهذا الصدد كان اشتباها ، وذلك ~~أنه إن كان في هذا المقام لذكر القيد ولم يؤخر ذكره ، فإذا أخر يعلم أنه لم ~~يكن هناك غرضه متعلقا إلا بذكر بعض المراد. # وأما على ما ذكرنا فإنه بعد ما علم بورود القيد المنفصل يعلم بأحد ~~الأمرين إما PageV01P335 # من كون إرادته المتعلقة بالمطلق تبعية ، وإما من أخذ المطلق معرفا ومرآة ~~للمقيد ، وبالجملة يعلم بأنه لم يكن في البين إرادة أصلية متعلقة بنفس ~~مدلول المطلق ، وقد كان هذا مبنى الحمل على الإطلاق والسريان. # أما الدفع ms0316 ، فعلى طريقتهم الكلام هنا هو الكلام في العام بعد ورود خاص ~~منفصل ، وبيانه أنه يمكن بحسب الإرادة الاستعمالية وفي مقام الإثبات مع قطع ~~النظر عن اللب أن يكون المتكلم بصدد بيان ما هو موضوع وما هو محمول لهذه ~~الإرادة الإنشائية التي ينشئها بكلامه بتمام قيوده وروابطه ، ويمكن بحسب ~~هذه الإرادة وهذا المقام أن يكون بصدد بيان بعض ما هو موضوع ومحمول لهذه ~~القضية التي ينشئها ، فتكون القضية التي ركبها في إرادته الاستعمالية غير ~~تام الموضوع أو المحمول ، وأوكل بيان البعض الآخر إلى مقام آخر. # ففي كل مقام ظهر من حال المتكلم أنه في المقام الأول أعني بصدد إتمام ~~الموضوع والمحمول للقضية بحسب المراد الاستعمالي حكمنا بحسب الأصل المقرر ~~في كلام كل متكلم من تطابق إرادته من الاستعمالية والجدية بأن موضوع القضية ~~ومحمولها بحسب مراده اللبي أيضا هو الذي كان موضوعا ومحمولا بحسب مراده ~~الاستعمالي ، وفي كل مقام احرز أنه في مقام الإجمال بحسب إرادته ~~الاستعمالية ، فلا تكون القضية بحسب مراده الاستعمالي تامة حتى يحكم ~~بالتطابق بينه وبين الجدي. # وبعبارة اخرى المراد الاستعمالي المستكشف باللفظ بعد تماميته بموضوعه ~~ومحموله وقيود كل منهما ويعلم هذه التمامية بالعلم أو بالأصل المقتضيين ~~لكون المتكلم في مقام البيان يكون كاشفا عن المراد اللبي وظاهرا فيه ، يعني ~~من الأصل المقرر عند العقلاء حمل كلام المتكلم على كونه صادرا عن تعلق ~~الغرض بمداليل ألفاظه ، لا بغرض آخر كالامتحان ونحوه من المصالح ، وبعبارة ~~كان صادرا عن المصلحة في نفس متعلق الإنشاء والحكم والإرادة لا عن المصلحة ~~الكائنة في نفس الإنشاء والحكم والإرادة. # ففي ما إذا كان المحرز بالعلم أو الأصل كون المتكلم بصدد إتمام القضية ~~موضوعا و PageV01P336 # محمولا وقيدا بحسب مراده الاستعمالي ولم يذكر قيدا للمطلق ، يحرز بمقتضى ~~الظهور وأصالة التطابق أن موضوع الحكم بحسب غرضه اللبي أيضا مطلق ، فإذا ~~ورد القيد وقع التعارض بين ظهور الدليلين ، فظهور دليل المطلق أن المراد ~~اللبي سار في جميع القيود والأحوال ، وظهور دليل المقيد أنه خاص بالحالة ~~الفلانية أو غير مجامع ms0317 مع الحالة الفلانية ، وحيث إن الثاني نص يرفع اليد ~~من الظهور الأول بالنسبة إلى هذا القيد لأجل الظهور الثاني ، لأقوائيته ، ~~وأما بالنسبة إلى القيود الأخر فظهور المطلق باق بحاله ويكون حجة ؛ لعدم ~~المعارض. # فظهر أن المراد بكون المتكلم في مقام البيان المعدود من جملة المقدمات ~~كونه كذلك بحسب المراد الاستعمالي ، لا بحسب المراد اللبي ؛ لإمكان انفكاك ~~الاستعمالي عن اللبي ، فيكون ما جعله بحسب المراد الاستعمالي تمام الموضوع ~~صوريا فقط ، ويكون بحسب الواقع بعض الموضوع ، فيكون إنشائه على نحو الإنشاء ~~في الأحكام الصورية ناش عن المصلحة في نفس الإنشاء لا في المنشأ. # نعم المراد الاستعمالي ظاهر في كونه منطبقا على المراد اللبي ، فإذا احرز ~~أن المتكلم بحسب المراد الاستعمالي والقضية الإنشائية في مقام البيان حكم ~~بأن موضوع قضية الإنشائية الاستعمالية هو مفاد المطلق ، فيحكم بأن الموضوع ~~بحسب المراد اللبي أيضا هو مفاد المطلق ، هذا ظاهر دليل المطلق ويعارضه ~~ظاهر دليل المقيد ؛ فإن ظاهره كون الموضوع اللبي هو المقيد بالقيد الفلاني ~~، فيسقط الظهور الأول عن الحجية بالنسبة إلى هذا القيد ، وبالنسبة إلى ~~القيود الأخر بكون بلا معارض. # وأما على ما ذكرنا فهو أنه بحسب مقام الاستعمال والإرادة الإنشائية ظاهر ~~القضية اللفظية كون الإرادة أصلية ، وكون ما جعل موضوعا من مفاد المطلق ~~موضوعا حقيقيا ، والآن أعني بعد ظهور المقيد أيضا يكون كذلك ، وقد ذكرنا أن ~~مقتضى هذا الظاهر عقلا نفي كل قيد والشيوع والسريان ، ثم إن دليل المقيد ~~أسقط هذا الظهور بالنسبة إلى نفي القيد الخاص عن الحجية ، فيبقي بالنسبة ~~إلى نفي القيود الأخر بلا معارض. PageV01P337 ### || «فصل» # إذ ورد مطلق ومقيد فلا يخلو إما أن يكونا متخالفين في الإيجاب والسلب ، ~~وإما أن يكونا متوافقين فيهما ، فإن كانا من المتخالفين كما في أعتق رقبة ~~ولا تعتق رقبة كافرة فالنهي المتعلق بالمقيد محتمل لأن يكون للتحريم إما ~~تكليفا ، وإما إرشادا إلى الوضع من عدم الإجزاء، ولأن يكون تنزيهيا مفيدا ~~للكراهة. # فنقول : لا محيص عن التقييد وحمل المطلق على المقيد سواء كان النهي من ~~القبيل الأول ms0318 أم من القبيل الثاني ، وذلك لأن الظاهر من قوله : لا تعتق ~~رقبة كافرة مثلا هو أن المنهي عنه هو العتق المقيد بكون معتقه رقبة كافرة ، ~~لا أن يكون مورد النهي والمرجوحية هو إضافة الطبيعة إلى القيد مع محفوظية ~~الرجحان بالنسبة إلى أصل الطبيعة ؛ فإن هذا يحتاج في تأديته إلى تعبير آخر ~~، وإذن فإن كان مورد الأمر والرجحان هو المطلق للزم اجتماع الراجحية ~~والمرجوحية في محل واحد وهو أصل الطبيعة. # بيان ذلك أن الطبيعة المقيدة بقيد يكون عند التحليل منحلة إلى جزءين ، ~~أحدهما نفس الطبيعة ، والآخر إضافتها إلى القيد وإن كان هذان الجزءان ~~يوجدان في الخارج بوجود واحد. # فإن كانت المرجوحية المتعلقة بالطبيعة المقيدة غير راجعة إلى إضافتها إلى ~~الطبيعة ، بل كانت راجعة إلى الطبيعة المضافة فتكون الطبيعة أيضا مرجوحة في ~~ظرف هذه الإضافة ، فهذه منافية لما فرضنا من تعلق الرجحان بالطبيعة على وجه ~~الإطلاق والسريان ؛ إذ معناه اجتماع الرجحان والمرجوحية في أصل الطبيعة عند ~~إضافتها إلى القيد. # وإن كانت المرجوحية راجعة إلى إضافة الطبيعة إلى القيد من دون أن يحدث في ~~أصل الطبيعة بسبب ذلك حزازة أصلا كما في الدر الثمين الموضوع في الظرف ~~السفال ؛ فإن الحزازة لوضع الدر في الظرف المذكور من دون أن ينقص من بهاء الدر PageV01P338 # وحسنه شيء أصلا فهذا يجتمع مع رجحان أصل الطبيعة على وجه الإطلاق. # ولهذا قد قلنا في ما تقدم في العبادات المكروهة مثل الصلاة في الحمام بأن ~~النهي التنزيهي الكراهي تعلقه بعنوان العبادة الملازمة للرجحان الذاتي لا ~~يمكن إلا بفرضه متعلقا بإضافة العبادة إلى القيد مثل إيقاع الصلاة في ~~الحمام لا إلى نفس العبادة ؛ إذ يمتنع اجتماع الضدين في محل واحد ، وهذا ~~يستلزم أقلية الثواب يعنى أن الطبيعة إذا لم تكن مع هذه الاضافة المستلزمة ~~للحزازة فثوابها أكثر منها إذا كانت مع هذه الإضافة ، وهذا معنى قولهم : إن ~~النهي في العبادة بمعنى أقلية الثواب ، فليس المراد أن من معاني كلمة «لا» ~~هو ذلك ، بل المراد أن النهي محمول على معنى يستلزم الأقلية ms0319 ، وعلى هذا ~~فيمكن العبادة المحرمة أيضا بتعلق الحرمة بالإضافة لا بنفس العبادة ، لكنه ~~ملازم للفساد من حيث إن الوجود واحد ، والوجود الواحد لا يمكن أن يصير ~~مقربا ومبعدا بخلاف العبادة المكروهة ؛ فإنها أيضا وإن كانت في الوجود واحد ~~لكن لا بعد فيها من جهة الكراهة حتى لا يجتمع مع القرب. # وكيف كان ففي ما إذا احرز أن المقيد الواقع تحت النهي مطلوب ومتعلق للأمر ~~من حيث نفس الطبيعة الموجودة في ضمنه كما في العبادات المكروهة فاللازم هو ~~صرف النهي إلى الإضافة بحكم العقل وإن كان على خلاف الظاهر ، وأما مع عدم ~~إحراز ذلك مع وجدان النهي متعلقا بحسب ظاهر القضية اللفظية بالمقيد بما هو ~~مقيد الذي لازمه سراية النهي إلى نفس الطبيعة الموجودة في ضمنه فاللازم ~~حينئذ صرف الأمر المتعلق بالمطلق إلى المقيد بضد هذا القيد بحكم العقل وإن ~~كان ظاهر القضية هو الإطلاق. # وإن كان المطلق والمقيد متوافقين إثباتا ونفيا كما في أعتق رقبة واعتق ~~رقبة مؤمنة فنقول أولا : إنه يمكن بحسب التصور هنا وجوه أربعة. # الأول : أن يكون هنا تكليفان ، أحدهما بالمطلق والآخر بالمقيد ، فإتيان ~~المقيد كاف عن التكليفين وموجب للخروج عن العهدتين كما في الإتيان بالمجمع ~~عند توجه خطابين ، أحدهما بإكرام العالم والآخر بإكرام الهاشمي ، والإتيان ~~بغير هذا المقيد خروج عن عهدة التكليف بالمطلق دون التكليف بالمقيد. # والثاني : أن يكون هنا تكليف واحد بالمطلق ، والأمر بالمقيد كان ~~للاستحباب لا PageV01P339 # للتكليف الوجوبي فقيد استحباب الخصوصية الفردية كما في الصلاة في المسجد. # والثالث : أن يكون هنا أيضا تكليف واحد إيجابي لكن كان تخييريا وكان أحد ~~طرفي التخيير هو المطلق والآخر هو المقيد ، فيكون الأمر بالمقيد أمرا بأفضل ~~فردي الواجب التخييري. # والرابع : أن يكون هنا أيضا تكليف واحد إيجابي تعييني متعلق بالمقيد لبا ~~وإن كان متعلقا بالمطلق في الصورة. # والسالم عن محذور الوقوع في مخالفة الظاهر من هذه الأربعة أولها ، فإن ~~الثاني مستلزم لطرح ظهور الأمر المتعلق بالمقيد في الوجوب ، والثالث لطرح ~~ظهور هذا الأمر في التعيينية ، والرابع مخالف لظاهر ms0320 الأمر المتعلق بالمطلق ~~؛ فإنه بعد إحراز المقدمات ظاهر في كون المطلوب هو المطلق دون المقيد ، ~~فالتقييد يوجب رفع اليد عن هذا الظهور. # ثم نقول : لو ورد أمر بالمطلق وأمر بالمقيد ، ولم يعلم من الخارج كون ~~التكليف واحدا ولا ذكر في اللفظ ما هو سبب للتكليف حتى يستفاد من وحدته ~~وحدة التكليف ومن تعدده تعدده ، فحينئذ لا إشكال في تعين الوجه الأول من ~~حمل كل منهما على تكليف مستقل ، وأصالة البراءة عن التكليف الزائد غير ~~مفيدة بعد وجود الدليل وهو ظهور كل من الأمرين في كونه تكليفا مستقلا غير ~~مرتبط بالآخر ، ولا وجه لاختيار سائر الوجوه بعد ما عرفت من استلزامها ~~لمخالفة الظاهر وسلامة هذا الوجه عنها. # وأما لو علم من الخارج بوحدة التكليف وأنه إما متوجه إلى المطلق وإما إلى ~~المقيد فحينئذ يدور الأمر بين الوجوه الثلاثة المتأخرة ولا ترجيح لأحدها ، ~~لاشتراك الجميع في كونه ارتكابا لخلاف الظاهر ، ولا سبيل إلى تعيين ~~الأقوائية في أحدها حتى يتعين اختياره وارتكاب المخالفة في غيره. # وأما لو علم وحدة التكليف من ذكر السبب الواحد قبل كل من الأمرين كما لو ~~قيل : إن ظاهرت فأعتق رقبة ، وإن ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة فإنه يعلم أن الظهار PageV01P340 # الذي هو سبب واحد لا يمكن تأثيره في مسببين بناء على ما قرر في المعقول ~~من امتناع صدور الاثنين عن علة واحدة ؛ فإن العلة لا بد من وجود السنخية ~~بينها وبين المعلول ، وإلا لأثر كل شيء في كل شيء ، ومن المعلوم عدم إمكان ~~تحقق السنخية بين الواحد وبين الاثنين بما هما اثنان متباينان ، فيلزم أن ~~يكون المعلول هو الجامع بينهما وهو خلاف الظاهر من القضيتين ؛ حيث إن ~~الظاهر من كل منهما كون المسبب للظهار هو خصوص المطلق أو خصوص المقيد ~~بخصوصهما لا بجامعهما. # وحينئذ فنقول : لا إشكال في أن الظاهر من قوله : إن ظاهرت فأعتق رقبة ~~مؤمنة هو كون الظهار سببا لعتق الرقبة المؤمنة بما هو مقيد بهذا القيد ؛ ~~فإن من الواضح أنه لو كان لمطلوبية خصوصية هذا القيد ms0321 سبب آخر وراء الظهار ~~وكان الظهار سببا لمطلوبية نفس العتق مع قطع النظر عن خصوصيته لكان هذا ~~التعبير خطأ ؛ فإن الظهار وإن كان سببا لأصل وجوب العتق لكن المفروض أن ~~الخصوصية مطلوبة بسبب آخر ، فلا وجه لتعليق وجوب أصل العتق مع مطلوبية ~~الخصوصية جميعا على الظهار ؛ فإنه بالنسبة إلى الثاني تعليق للشيء على ما ~~هو أجنبي عن سببه وعلته ، ولا إشكال في عدم صحته. # فهذا نظير ما لو قيل : إذا دخل الوقت فصل في المسجد ، والصحيح أن يقال : ~~إذا دخل الوقت فصل ؛ إذ لا ربط لدخول الوقت إلا بوجوب أصل الصلاة ، فلا يصح ~~أن يعلق عليه إلا وجوب أصل الصلاة ، وأما رجحان إتيان الصلاة في المسجد فهو ~~جاء من قبل سبب آخر غير دخول الوقت ، فحال الدخول بالنسبة إليه حال سائر ~~الأشياء الأجنبية عن هذا المعلول ، فتعليقه على الدخول كتعليقه على أحدها. # وحاصل الكلام في المتوافقين أنه إما أن يعلم بوحدة التكليف أو يعلم بوحدة ~~السبب أو لا يعلم بشيء منهما ، ففي صورة عدم العلم يدور الأمر في الحقيقة ~~بين رفع اليد عن ظاهر الخطابين من كون كل منهما تكليفا مستقلا والأخذ به ، ~~ولا ريب في تعين الثاني ، ولهذا جعلوا من مقدمات حمل المطلق على المقيد ~~العلم بوحدة التكليف ، وأما لو علم بوحدة التكليف من الخارج لا من جهة وحدة ~~السبب فلا إشكال في رفع PageV01P341 # اليد عن الظهور المذكور ، يعني لا يمكن الأخذ بمجموع الظهورين ، فيدور ~~الأمر حينئذ بين التصرف في المطلق ورفع اليد عن ظهوره في الإطلاق بحمله على ~~المقيد وبين التصرف في المقيد بأحد نحوين : إما بجعل الأمر المتعلق به ~~إرشادا إلى الخصوصية المشتملة على الفضل ، فيكون الأمر في قوله : أعتق رقبة ~~مؤمنة مثل الأمر فيما إذا كان أصل وجوب الصلاة مثلا مفروغا عنه عند ~~المتخاطبين ، ومع ذلك أمر بالصلاة في المسجد للإرشاد إلى أن الصلاة المفروغ ~~عن وجوبها يكون من الفضل ، وإلا لمستحب إتيانها في المسجد ، وإما بجعل ~~الأمر المتعلق بالمقيد مثل الأمر فيما إذا علق الأمر ms0322 الساري من مطلق الصلاة ~~إلى أفرادها على الصلاة في المسجد وكان تخصيص هذا الفرد من بين أفراد ~~الصلاة بالذكر للإرشاد إلى ما فيه من الفضل ، والأول تصرف في هيئته الأمر ~~بحملها على الاستحباب ، والثاني تصرف في ظهور القيد في كونه دخيلا في موضوع ~~الوجوب. # وبعبارة اخرى : الأمر بالطبيعة المقيدة يمكن على أنحاء ثلاثة ، الأول : ~~أن يكون إيجابا للمقيد بما هو مقيد ، والثاني : أن يكون للإشارة إلى فضيلة ~~خصوصية إضافة الطبيعة إلى القيد مع الفراغ عن وجوب أصل الطبيعة ، فيكون ~~الكلام في قوة أن يقال : يستحب إتيان هذه الطبيعة الواجبة بهذه الخصوصية ، ~~والثالث : أن يكون أمرا إيجابيا لكن لم يتعلق بهذا المقيد بنفسه بل من باب ~~كونه من مصاديق الطبيعة الواجبة ؛ فإنه يصح نسبة الوجوب المتعلق بأصل ~~الطبيعة إلى جميع أفرادها على نحو التخيير العقلي ، ومن جملة الأفراد ~~المقيد بالقيد الخاص ، فيصح الأمر الإيجابي به بلحاظ الطبيعة الموجودة في ~~ضمنه ويكون اختيار هذا المقيد من بين الأفراد الواجبة بوجوب الطبيعة تخييرا ~~للإشارة إلى الفضيلة الكائنة فيه. ولا فرق في هذا الوجه بين أن يكون ذهن ~~المخاطب مسبوقا بأصل وجوب الطبيعة أو لم يكن. # وبالجملة ، فعلى هذا لا شبهة في كون الهيئة مستعملة في الوجوب ولكن القيد ~~لم يؤت به لأجل دخله في موضوع الوجوب وقوامه به ، بل للإرشاد إلى الفضيلة ~~الكائنة فيه ، فيكون من هذه الجهة خلاف الظاهر ، وأما الثاني فهو خلاف ~~الظاهر من PageV01P342 # جهة كون الهيئة على تقديره مستعملة في الاستحباب ، وأما الوجه الأول فهو ~~السليم عن مخالفة الظاهر. # وحينئذ فنقول بعد عدم إمكان حفظ ظهور المطلق والمقيد معا كما هو المفروض ~~لا بد إما من التصرف في المطلق وإما في المقيد بأحد النحوين ، إما بالتصرف ~~في الهيئة بحملها على الاستحباب كما هو الوجه الثاني ، وإما بالتصرف في ~~القيد بحمله على أنه اتى به بغرض الإرشاد إلى الفضيلة كما هو الوجه الثالث ~~، وحيث لا معين لأحد هذه الثلاثة فلا بد من التوقف. # وأما لو علم بوحدة السبب ، كما لو صرح ms0323 بأن الظهار سبب لوجوب عتق الرقبة ~~ويقول منفصلا عن ذلك : الظهار سبب لوجوب عتق الرقبة المؤمنة ، فيتعين حينئذ ~~التقييد ، أما رفع اليد عن الظاهر الأولي من ثبوت التكليفين فبوحدة السبب ، ~~فيعلم من وحدتها وحدة التكليف المسبب ، أما تعيين التقييد من بين الوجوه ~~الثلاثة المردد بينها بعد رفع اليد عن الظاهر الأولي فلأنه على التقديرين ~~الآخرين يلزم نسبة العلة الثابتة لأصل وجوب الطبيعة إلى المقيد وهي غير ~~صحيحة ؛ إذ ليست العلية كالعوارض الطارئة على الطبيعة ، فإنه يصح نسبة وجوب ~~الإكرام المتعلق بطبيعة الرجل إلى الرجل الأسود ولكن لا يصح إثبات علية ما ~~يكون علة لأصل الطبيعة للمجموع منها ومن القيد ؛ وذلك لأن استناد الطبيعة ~~في مقام الإيجاد يكون إلى هذه العلة وأما الخصوصية فليس اختيارها بعلية هذه ~~العلة بديهة ، بل يكون بعلية أمر آخر ، ولكن يصح نسبة ما يكون علة لمجموع ~~الطبيعة والتقيد من حيث المجموع إلى كل منهما. # وإذن فيتعين حمل المطلق على المقيد والجمع بأن نسبة العلية في المطلق من ~~باب نسبة علة الكل إلى الجزء ، ونسبتها في المقيد من باب نسبة علة الشيء ~~إلى نفسه ، هذا. # وقد عرفت مما ذكرنا أنه لا بد في حمل المطلق على المقيد من إحراز مقدمتين ~~، الاولى وحدة التكليف والاخرى وحدة السبب ، وإن شئت قلت : يحتاج إلى مقدمة ~~واحدة وهي إحراز وحدة السبب ، وهذا على خلاف مذاق المشهور من اعتبار PageV01P343 # وحدة التكليف ولو لم يكن وحدة السبب محرزة ؛ ولهذا لم يفرقوا في الحمل ~~على التقييد بين الصورتين ، فحملوا المطلق على المقيد في الصورة الاولى ~~أيضا التي ذكرنا أن الأمر دائر فيها بين مخالفة أحد الظهورات الثلاثة. # وربما يتمسك على المشهور بما ذكره الشيخ المرتضى قدسسره في باب التعارض ~~والتراجيح من أنه إذا دار الأمر بين التقييد ومخالفة ظاهر آخر فالتقييد ~~أولى ؛ لموهونية ظهور المطلق في الإطلاق حينئذ ، فيكون أولى برفع اليد ؛ ~~وذلك لأن ظهور المطلق متقوم بعدم البيان ، فبورود ما يصلح للبيانية يصير ~~ظهوره موهونا ، لكن قد عرفت فيما تقدم دفع هذا بأنه ms0324 وإن كان قوام ظهور ~~المطلق في الإطلاق بعدم البيان ، لكن بعدم البيان المتصل لا بعدمه مطلقا ~~ولو منفصلا حتى لا يستقر الظهور للمطلق أبدا. # نعم يمكن توجيه التقييد في الصورة المذكورة بوجه نفينا عنه البعد في باب ~~الألفاظ ، ولكنه مستتبع لثمرة لا يقول بها المشهور وهو أن يقال : الكلمات ~~الصادرة من كل متكلم ما دامت يكون في معرض إلحاق القيد والقرينة بها لا ~~يستقر لها الظهور ، غاية الأمر أن المعرضية يختلف بحسب اختلاف المتكلمين ~~وكذا المخاطبين ، فالمتكلم إذا كان من أهل العرف في التكلم في الامور ~~الجزئية الشخصية فمعرضية كلامه ما دام مشتغلا بالكلام ، فإذا فرغ استقر له ~~الظهور ويعد القيد بعد ذلك متنافيا معه ، فلو قال أولا : أكرم جميع علماء ~~أهل البلد فذكر في مجلس آخر : أهن زيد العالم يحمل ذلك على حصول البداء ~~ونحوه ، ولا يحمل على أنه أراد في كلامه الأول ما سوى هذا الفرد ، وكلامه ~~الثاني قرينة على ذلك. # وأما إذا كان المتكلم بانيا على عدم الاقتصار في بيان مقاصده على مجلس ~~واحد ، لكون مقاصده مطالب عظيمة وقوانين كلية لا يمكن تفهيمها إلا بترتيب ~~مجالس عديدة ولا يسع لها مجلس واحد ، فزمان المعرضية بالنسبة إلى كلام هذا ~~المتكلم في مقام اليقين يصير أوسع ولا يكتفي بمجرد انقضاء المجلس وانقطاع ~~الكلام ، بل يختلف الحال في ذلك بين المخاطبين. PageV01P344 # فالمخاطب المشافه ما لم يصل زمان العمل لا يأخذ بظهور ما سمعه وإن طال ~~المدة ولم يظهر القرينة ؛ لاحتمال وجود القرينة وإرادة المتكلم إبلاغها ~~إليه إما بالمشافهة وإما بإرسال شخص إليه يبلغه ذلك القرينة ، نعم لو حضر ~~وقت العمل ولم يسمع القرينة لا من المولى ولا من الرسول كان حينئذ حال ما ~~أخذه من المتكلم في رأس مدة طويلة حال الكلام في غيره بعد الانقطاع وفصل ~~زمان قليل ، فكما يعامل مع الثاني معاملة العموم أو الإطلاق على إحدى ~~الطريقتين المتقدمتين من مقدمات الحكمة أو المقدمات التي ذكرناها ، فكذا ~~يعامل ذلك مع الثاني بعد مضي تلك المدة الطويلة وعدم وصول ms0325 المخصص أو المقيد إليه. # وأما المخاطب غير المشافه الذي طريقه في استعلام التكاليف الرجوع إلى ~~المكتوبات كما في أحكام الشارع بالنسبة إلينا فلا بد من أن يفحص ، ولا ~~يكتفي بمجرد رؤية المطلق أو العام في صفحة ، بل يجعل ما في الصفحة الاخرى ~~قرينة عليه ، بل ما يكون في باب قرينة في حقه على ما يكون في باب آخر ، بل ~~ما يكون في كتاب على ما في كتاب آخر ، فبعد الفحص في جميع ما وصل إليه من ~~الكتب وعدم وصوله إلى المخصص أو المقيد يكون حال الكلام حينئذ حال الكلام ~~من المتكلم في الامور الجزئية بعد انقطاع كلامه. # وإذن فربما يكون زمان المعرضية للحوق القيد بالنسبة إلى المخاطب المراجع ~~إلى الكتب والآثار أوسع من زمان المعرضية بالنسبة إلى المخاطب المشافه ، ~~ولازم هذا أنه لو رأى المخاطب الأول بعد رؤية المطلق مقيدا بعد الفحص التام ~~والتتبع في الكتب مثلا رأى في موضع : أعتق رقبة واطلع بعد الفحص والتتبع في ~~موضع آخر على قوله : أعتق رقبة مؤمنة وعلم باتحاد التكليف فلا بد من أن ~~يعامل مع هاتين القضيتين من هذا المتكلم معاملته معهما لو سمعهما من ~~المتكلم في الجزئيات في مجلس واحد قبل مضي لحوق القيد بالمطلق ، فكما أنه ~~يجعل المقيد قرينة على المطلق في الثاني بلا كلام فكذا لا بد أن يعامل ذلك ~~في الأول ؛ إذ المطلق في القابلية للحوق القيد والمعرضية له وعدم استقرار ~~الظهور على السواء في المقامين ، هذا. PageV01P345 # ولكن لازم هذا الذي ذكرنا من عدم الفرق بين القرائن المتصلة والمنفصلة في ~~كلام الشارع هو سراية الإجمال من المقيد المنفصل المجمل إلى المطلق ، كما ~~لو كان المقيد المتصل مجملا بلا فرق ، والمشهور غير ملتزمين بذلك بل يفرقون ~~بين المتصل والمنفصل فيجعلون إجمال الأول ساريا دون الثاني ؛ لأنهما حجتان ~~مستقلتان فلا يوجب إجمال إحداهما إلا طرحها خاصة في مورد الإجمال ولزوم ~~الأخذ بالاخرى فيه. ### || «فصل» # قد عرفت أن حمل المطلق على الإطلاق على ما اختاره المشهور يتوقف على ~~إحراز مقدمات الحكمة ms0326 التي من جملتها كون المتكلم بصدد البيان ، وعلى ما ~~اخترناه يتوقف على إحراز أن الإرادة أصلية ، وأن الطبيعة موضوع بنفسها لا ~~معرف للموضوع ، ولازم ذلك عقلا هو الإطلاق ، فنقول : على كلا المبنيين ~~مقتضى المقدمات في موضوع الإرادة هو الشياع والسريان إما على نحو العموم ~~الاستيعابي وإما على نحو العموم البدلي حسب اختلاف المقامات كما سنشير إليه ~~إليه إن شاء الله تعالى. # وأما في نفس الإرادة فمقتضاها هو الحمل على خصوص الوجوب النفسي التعييني ~~العيني وإن قلنا بأن الهيئة موضوعة لمطلق الطلب الجامع بين الندب والوجوب ~~بأقسامه. # وبيان ذلك أما على طريقة المشهور فهو أن وجه الحمل على الشياع في ~~الموضوعات هو أن إرادة عدم الشياع يحتاج إلى مئونة زائدة ، ففي «أعتق رقبة» ~~يحصل الشياع بمجرد ملاحظة مدلول هذا الكلام ، واما عدم الشياع فيحتاج إلى ~~ملاحظة زائدة وقيد زائد ، مثل ملاحظة أعتق رقبة مؤمنة ، فعند الإطلاق لا بد ~~من حمل المطلق على ما كان أقل مئونة. # وربما يشكل كون الوجوب أقل مئونة بأنه إذا قلنا بأن الهيئة موضوعة لمطلق ~~الطلب وهو الجامع بين الوجوب والندب فكل من الوجوب والندب مشتمل على PageV01P346 # مئونة زائدة ، كذلك كل من أقسام الوجوب يحتاج إلى مئونة زائدة ، فليس ~~بعضها أقل مئونة عن الآخر ، بل الأقل مئونة من الجميع هو الجامع أعني مطلق ~~الطلب ، فلا بد عند الإطلاق من حمل الهيئة على الجامع المشترك بين الندب ~~والوجوب بتمام أقسامه. # فتعيينه حينئذ في خصوص الوجوب دون الندب ، وفي خصوص التعييني دون ~~التخييري ، وفي خصوص العيني دون الكفائي ، وفي خصوص النفسي دون الغيري ~~مضافا إلى عدم كونه حملا لها على ما هو أقل مئونة يكون ترجيحا بلا مرجح ؛ ~~فإن الندب مساو مع الوجوب في المئونة ، فالحمل على خصوص أحدهما ترجيح بلا ~~مرجح ، وكذا الكلام في التعييني مع التخييري والعيني مع الكفائي والنفسي مع ~~الغيري. # قلت : الحق أن الوجوب أقل مئونة من الندب وبيانه أن الإرادة متى تعلق ~~مخالبها بالمراد فليس فيها تطرق العدم وليس فيها عدم الفعل ، بل هي ms0327 صرف ~~الاقتضاء للوجود والفعل مثل الإرادة الفاعلية ، فهل يمكن تخلفها عن المراد؟ ~~وهل يتطرق فيها العدم ، بل متى تحققت الإرادة من الفاعل صدر منه الفعل ~~عقيبها ، وليس ذلك إلا لأن الإرادة معناها اقتضاء الفعل وليس فيها تطرق ~~العدم ، فالإرادة الآمرية التشريعية أيضا حالها حال الإرادة الفاعل. # والفرق بينهما أن العبد في الإرادة الآمرية صار بمنزلة العضلات للمولى ، ~~فالمولى من حيث ما يكون من قبله من تشريع الإرادة يقتضي بإرادته من العضلات ~~التنزيلية إيجاد الفعل من دون تطرق العدم كالفاعل حيث يقتضي بإرادته إيجاد ~~الفعل بواسطة العضلات ، وإذن فالمشرع متى أبقى الإرادة التي شرعها بحالها ~~كانت إيجابا قهرا. # وأما الندب فهو محتاج إلى أن يشرع مشرع الإرادة بعد تشريعها الترخيص ~~والإذن في الترك ؛ فإن الإرادة قد حدثت بنفس تشريعه ، فإذا ضم نفس المشرع ~~الإذن في الترك إليها صارت ندبا ، فعلم أن الندب مئونته أكثر من مئونة ~~الوجوب ، ولهذا يحمل إطلاق اللفظ الموضوع للطلب وهو الهيئة على الوجوب. PageV01P347 # وأما لو علم بوجود نفس الطلب بدليل لبي وشك في كونه من أي القسمين فأصالة ~~البراءة مقتضية للحمل على الندب ، وسر ذلك أنه فيما إذا كان في البين دليل ~~لفظي فالمقدمات مقتضية لحمل اللفظ على ما هو أخف مئونة بالنسبة إلى ملاحظة ~~المتكلم ، وقد ذكر أنه الوجوب ، وأما مع عدم الدليل اللفظي وكون الدليل ~~لبيا فلا مجرى للمقدمات المذكورة حتى يعين الأخف مئونة للمتكلم ؛ لعدم وجود ~~اللفظ ، وجريانها فرع وجوده ، وأصل البراءة وقبح العقاب بلا بيان إنما ~~يقتضيان الحمل على ما يكون أخف مئونة بالنسبة إلى المخاطب ، ولا إشكال أن ~~مئونة الندب بالنسبة إليه أخف من الوجوب ، هذا. # وأما الفرق بين الوجوب والندب بالشدة والضعف فليس في محله ؛ فإن العزم ~~على الفعل إن كان موجودا في النفس فهو الإرادة ، وإن لم يكن فلا إرادة ، ~~فهو أمر بسيط لا يعقل فيه الشدة والضعف ، نعم هما يعقلان في مبادي الإرادة ~~من الحب والبغض والمصلحة والمفسدة ، فقد يكون الحب شديدا والمصلحة شديدة ، ~~وقد يكونان ضعيفين ، ومن المعلوم ms0328 أن الإرادة غير هذه الأشياء. # وأما أخفية الوجوب النفسي عن الغيري مئونة فلأن المقدمي محتاج إلى ملاحظة ~~الغير ، ولا يحتاج النفسي إلا إلى ملاحظة نفسه ، مثلا لو كان نصب السلم ~~مطلوبا بنفسه لما احتاج المريد إلى ملاحظة أمر سوى نفسه ، وأما لو كان ~~مطلوبا مقدمة للكون على السطح فيحتاج إلى إيجابه بملاحظة الكون على السطح. # وأما أخفية التعييني عن التخييري فلأنه لا يحتاج إلا إلى إنشاء الإرادة ~~في موضوع ، وأما التخييري فيحتاج إلى ذلك وإلى ضم العدل ، فأكرم زيدا يكون ~~تعيينيا بدون الحاجة إلى ضم «أو كذا» وتخييريته محتاجة إلى ضمه ، فيصير ~~أكرم زيدا أو عمرا. # وأما العيني فوجه أخفيته عن الكفائي أنه محتاج إلى توجيه الإرادة نحو ~~جميع المكلفين ، غاية الأمر فعل البعض مسقط عن الباقين وليس متوجها إلى ~~الجامع ، بل إلى جميع الأشخاص ، وأما العيني فيكون متوجها إلى شخص واحد. PageV01P348 # والحاصل أن الإطلاق بأحد النحوين يقتضي في متعلق الإرادة الحمل على ~~الجامع بين الأفراد والشياع ، وفي نفس الإرادة يقتضي الحمل على النوع الخاص ~~أعني الوجوب النفسي التعييني العيني حتى عند من يقول بكون لفظها حقيقة في ~~الجامع ، ووجهه أن المقدمات يقتضي الحمل على الأقل مئونة بالنسبة إلى ~~المتكلم وإن كان أشد على المخاطب ، وهو في المتعلق هو الجامع وفي الإرادة ~~هو الوجوب ؛ فإن الإرادة معناها العزم على الفعل ، والعزم لا ينفك عن نفس ~~الفعل ، يعني لا مانع من تأثيره في الفعل وتحريك العضلات نحوه من قبل نفس ~~العازم ، فلو لم يمنعه مانع فالعزم محركه نحو الفعل وليس لهذا العزم مراتب ~~، نعم يكون لمباديه مراتب. # فإذن العزم ينبعث عن الحب والإدراك الملائم كما قال في المنظومة : # عقيب داع دركنا الملائما %~% شوقا مؤكدا إرادة سما # فمراتب الحب ودرك الملائم وإن كانت مختلفة لكن العزم نحو واحد ، فالعزم ~~في الفاعل محرك لعضلات نفسه ، وفي الآمر لعضلات عبده ، فكما أنه في الفاعل ~~لا ينفك عن الفعل ففي الآمر أيضا متى كان هذا العزم ولم يكن معه شيء كان ~~بهذا النحو ، يعني بحسب ms0329 تشريع المولى ليس للمراد لا وقوع ، نعم إن ضم جنب ~~العزم التشريعي الإذن التشريعي في الترك كان ندبا. # فظهر أن الوجوب مقيد بقيد عدمي ولا يحتاج في التحقق إلى ملاحظة والتفات ~~مستقل نظير الخط البالغ ذرعا ، فإنه يتحقق الخط الذرعي ولو لم يلتفت الموجد ~~انتهاء الخط إلى هذا الحد ولم يكن بقصده. # فلا يشكل بأن الهيئة على تقدير كونها موضوعة للقدر المشترك فالاستعمال ~~فيه غير ملازم للوجوب ؛ فإن ذلك لو كان للوجوب قيد وجودي ، وأما إذا كان ~~عبارة عن نفس هذا القدر المشترك إذا لم ينضم إليه قيد بل كان مطلقا وبلا ~~قيد ولو من دون التفات للمريد نحو كونه بلا قيد فهو يتحقق بالاستعمال في ~~القدر المشترك مع عدم ضم شيء إليه قهرا ، فعلم أن الإطلاق يجعل الإرادة ~~خاصة ويجعل متعلقها عاما. PageV01P349 # وكذا مئونة النفسي ليس إلا توجيه الإرادة نحو نصب السلم مثلا ، وأما ~~الغيري فيحتاج إلى ملاحظته مرتبطا مع واجب آخر كالكون على السطح ، وكذا ~~التعييني لا يحتاج إلا إلى توجيه الإرادة نحو إكرام العلماء مثلا ، وأما ~~التخيير فيحتاج إلى ملاحظة العدل أيضا، وكذا الكفائي يحتاج إلى مئونتين ، ~~ملاحظة جميع الأشخاص بعنوان إجمالي وتعليق التكليف على الجميع ثم ملاحظة أن ~~إتيان الواحد مسقط التكليف عن الباقين أيضا ، والعيني غير محتاج إليهما بل ~~هو صرف تعليق الطلب وتوجيهه نحو المكلف من دون احتياج إلى ملاحظة اخرى ، هذا. # ويمكن أن يقال : لا حاجة لنا في حمل الصيغة على الوجوب النفسي التعييني ~~العيني إلى إحراز المقدمات بحيث لو لم نحرزها ما كان لنا محيص عن التوقف ، ~~وذلك بأن يدعى أن الصيغة وإن كانت موضوعة للقدر المشترك بين هذه الأقسام ~~بمعنى أن استعمالها في كل غير مستلزم للتجوز مع أنه استعمال في معنى واحد ~~بحكم الوجدان ، إلا أن المتبادر منها عند الإطلاق يعني عدم وجود القرينة ~~على خصوص الندب هو الإيجاب ، وعند عدم القرينة على خصوص التخييري هو ~~التعييني ، وعند عدم القرينة على الكفائي هو العيني أو على الغيري هو ~~النفسي ، وبالجملة ms0330 ، الظهور لنفس اللفظ ثابت في هذا النوع الخاص ولا يكون ~~انعقاد ظهوره فيه معلقا على إحراز المقدمات ، وهذا نظير ما ادعيناه في كلمة ~~«كل» حيث ربما توهم أن دلالته على الاستغراق منوطة بإحراز المقدمات في ~~مدخولها ؛ فإن كل رجل مثلا لو اريد بالرجل المطلق كان لفظ «كل» مستعملا في ~~معناه ، وإن كان المقيد كان أيضا مستعملا في معناه ، وإذن فلا بد أولا من ~~إحراز المقدمات في مدخول هذه اللفظة وإثبات كون المراد به مطلقا ثم الحكم ~~بإفادة هذه اللفظة الاستغراق ، وأما مع عدم إحرازها فيه فيصير هذه اللفظة ~~أيضا مجملة ولا يدل على الاستغراق لاحتمال كون المراد من مدخوله المقيد. # فدفعنا ذلك بأنا إذا راجعنا الوجدان وجدنا عدم الحاجة في فهم الاستغراق ~~من هذه الكلمة إلى المقدمات ، بل لا يتوقف فهم ذلك منها إلا على عدم ذكر ~~القيد عقيب مدخوله، فإذا لم يذكر فالظاهر منه الاستغراق مطلقا ، وإن كان لو ~~اريد المقيد أيضا PageV01P350 # كان هذه الكلمة مستعملة في معناها ولا يجوز فيها ، فكذا نقول في الهيئة ~~أيضا أنها وإن كان لا يجوز فيها لو استعملت في كل من الأقسام لكنها ينصرف ~~عرفا إلى النوع الخاص الذي هو الإيجاب النفسي التعييني العيني. # ويمكن التمسك في حمل الصيغة على ذلك بوجه آخر وهو الأصل العملي دون ~~الظهور اللفظي كما على تقدير الأخذ بالمقدمات أو الانصراف ، والمراد بالأصل ~~العملي ليس هو البراءة ؛ لوضوح أن مقتضاها الندب ، وعلى فرض الوجوب هو ~~التخييري ؛ فإن مرجع الشك إلى أنه هل يعاقب على ترك إكرام الزيد مطلقا ولو ~~أكرم عمروا ، أو أنه معاقب لو ترك إكرام جميعهما؟ ولا شك أن مقتضى البراءة ~~هو الثاني ، وكذا مقتضاها الغيرية والكفائية كما هو واضح ، بل المراد أن ~~يقال : إن الحجة والبرهان على نفس الإرادة موجودة وهو نفس الصيغة ، وعلى ~~غيرها أعني الترخيص والإذن في الترك غير موجودة. # فالمكلف لو عصى فلا عذر له عند المولى لو عاتبه على الترك فيقول له : أما ~~اطلعت على إرادتى وأما كانت الإرادة مقتضية للإيجاد ms0331 ، فمع وجود المقتضي ~~للإيجاد وعدم المقتضي للترك لم تركت؟ # وكذا لو وصل من المولى طلب إكرام الزيد بقوله : أكرم زيدا وقلنا لا ظهور ~~للصيغة في التعييني ؛ فإنه لو لم يكرم الزيد وأكرم عمرا باحتمال أن يكون ~~أمرا تخييريا بينه وبين الزيد فيقول له المولى : أنا اردت منك إكرام الزيد ~~وأنت تجيبني بإكرام عمرو ، فلو كان المراد في الواقع تعيينيا فالعقاب ليس ~~بلا حجة وبيان وإن قلنا بظهور اللفظ في الجامع ليس إلا. # وكذا لو قال : انصب السلم وقلنا بأنه ليس له انصراف إلى النفسي وكان ~~المراد في الواقع نفسيا ، فصعد المكلف على السطح من طريق الدرج ، فيكون ~~للمولى حجة على هذا العبد ويصح عقابه ويقول له : كان لك الحجة على نفس ~~إرادة نصب السلم ولم يكن لك حجة على المقدار الزائد أعني : كون هذه الإرادة ~~مرتبطة بإرادة شيء آخر ، ومجرد احتمال ثبوته في الواقع لا يكون بحجة ، وكذا ~~الكلام في العيني. # والحاصل أن اللفظ وإن كان موضوعا للقدر المشترك بين النوعين وظهوره PageV01P351 # بالسوية بالنسبة إليهما ، لكنه مع ذلك حجة عقلية على الأقل مئونة من ~~النوعين ؛ فإن اللفظ حجة بحسب الظهور على أصل الإرادة التي هي الجامع بين ~~النوعين وليس على زيادة النوع الآخر حجة ، ومجرد الاحتمال لا يثمر ، وبذلك ~~يصير حجة عقلية على النوع الذي لا زيادة فيه ، فيجب بحكم العقل البناء في ~~مقام العمل على طبق هذا النوع وإن كان اللفظ بحسب الظهور اللفظي مجملا ~~بينهما. # ومن هنا ظهر أن الأخذ بالأقل عند الشك بين الأقل والأكثر الارتباطيين ~~ونفي الزائد بأصالة البراءة صحيح بتقريب أن التكليف بالأقل معلوم وبالزائد ~~مشكوك ننفيه بالأصل ؛ فإن المراد بمعلومية التكليف بالنسبة إلى الأقل ليس ~~إلا معلومية الجامع بين الغيري والنفسي ومع ذلك يلزم العقل بالإتيان ؛ إذ ~~في عدم الإتيان خوف العقاب لاحتمال نفسية التكليف واقعا. # وليس هذا من قبيل الموارد التي يكون احتمال الضرر فيها موجودا ومع ذلك ~~يكون حكم العقل هو البراءة ؛ إذ ذلك فيما إذا كان العقاب والمؤاخذة على ~~الترك على ms0332 تقدير ثبوت التكليف واقعا بلا بيان ، لا بالنسبة إلى مثل المورد ~~الذي يكون البيان موجودا ؛ فإن المفروض كون وجود الأمر والطلب المقتضيين ~~للإيجاد معلوما وإن لم يعلم جهته من كونه نفسيا أو مقدميا ؛ إذ هذا المقدار ~~يكفي بالوجدان لكونه حجة للمولى لو كان التكليف في الواقع نفسيا ، ولا يكون ~~العقاب معه بلا بيان ، وإذن فاحتمال الضرر موجود والمؤمن وهو كون العقاب ~~بلا بيان على تقدير الثبوت غير موجود ، فيجب دفعه بالاحتياط بحكم العقل. # فلا يرد على القول بالبراءة في الأقل والأكثر بأن التكليف المعلوم مردد ~~بين أن يكون مقدميا وأن يكون نفسيا ، فالأول غير مفيد ؛ إذ لا يوجب مخالفته ~~العقاب ، والثاني وإن كان مفيدا لكنه مشكوك بدوي ؛ فإن هذا تشكيك في قبال ~~الوجدان وحكم العقل. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن حمل الهيئة على خصوص الوجوب النفسي التعييني ~~العيني يكون بأحد الوجوه الثلاثة. # وأما مفاد المادة بل مطلق متعلق الحكم وإن كان الحكم وضعيا ، بل وإن كان PageV01P352 # واقعيا غير مجعول ، فهو مختلف باختلاف المقامات ، فقد يكون محمولا على ~~العموم البدلي وقد يكون على الاستغراقي ، وليعلم أن ذلك فيما إذا كان في ~~البين لفظ دال على العموم لا فيما إذا لم يكن في البين كالنكرة ؛ فإنها لا ~~يحتمل العموم بل يكون صريحا في إرادة الوحدة وإن لم يعلم أن المراد واحد ~~معين أو غير معين فيدفع الأول بمقدمات الإطلاق. # وأما ما إذا كان في البين ما يصلح للعموم فالتكلم فيه في مقامين ، مقام ~~الثبوت ومقام الإثبات ، أما الأول فنقول : لا شك أن العرض الطاري على ~~الطبيعة يسري إلى أفرادها ، فالحب والمطلوبية وكذا سائر الأحكام إذا تعلقت ~~بنفس الطبيعة فلا محالة يسري إلى جميع أفرادها ، لكن للطبيعة بحسب مقام ~~التصور ملاحظتين بكل منهما يقع متعلقة للأحكام ، وبإحدى الملاحظتين يصير ~~ذات أفراد كثيرة بحيث كلما وجد في الخارج من مصاديق هذا النوع كان فردا لها ~~، وبالاخرى يصير على نحو لا يمكن انطباقها عقلا إلا على فرد واحد ، وتعيين ~~كل من القسمين في مقام ms0333 الإثبات لا بد أن يكون بقرينة عامة أو خاصة ولا يكون ~~بالمقدمات للإطلاق ؛ فإن كلا منهما نحو من الملاحظة ، وتعيين أحدهما بلا مرجح. # الاولى (1): أن يلحظ حاكية عن نحو وجودها في الخارج ، فكما أن الإنسان ~~مثلا في الخارج موجود في ضمن الزيد والعمرو والبكر إلى آخر الأفراد فكذا ~~لوحظت الطبيعة بهذا الوصف أعني السريان والانتشار ، فإن كانت الطبيعة بهذا ~~النحو متعلقة للحب والحكم لزم سراية الحب والحكم أيضا إلى كل ما يسري إليه ~~الطبيعة كما في حرارة النار ؛ فإنها وصف للطبيعة لوضوح عدم دخل الخصوصيات ~~في تحققها ومع ذلك يسري إلى كل فرد منها. # والثانية : أن ينتزع جامع عن الوجودات الخارجية على اختلافها قلة وكثرة ~~يعبر عنه بمطلق الوجود في قبال العدم ويلاحظ الطبيعة مقيدة بهذا النحو ، ~~وبعبارة اخرى اخذت مقيدة بالوجود الناقض لعدم الأصلي ، يعني أن المقصود خروج PageV01P353 # الطبيعة عن العدم الأزلي وانهدام ركن عدمها الأصلي ، ومن المعلوم أن هذا ~~المعنى لا ينطبق إلا على أول فرد وجد ، والفرد الثاني لا يعقل فرديته لها ؛ ~~إذ النقض للعدم الأصلي للطبيعة قد حصل بالفرد الأول ولا يمكن ثانيا ، ~~والفرد الثاني إخراج لهذا الفرد عن عدمه لا إخراج لأصل الطبيعة عن عدمها. # والحاصل أن صرف الوجود والوجود الناقض غير ممكن الانطباق على غير الفرد ~~الأول، فلو تعلق الحكم والحب بالطبيعة بهذا النحو فلا جرم يخص الفرد الأول ~~بهذا الحب والحكم دون ما بعده. نعم لو أتى بأفراد كثيرة دفعة واحدة صار ~~الجميع متعلقا لحب واحد وحكم واحد. # أما مقام الإثبات فمتعلق الأمر عند عدم القرينة ظاهر في القسم الثاني ، ~~ومن هنا قيل: يمتنع الامتثال عقيب الامتثال ، فإذا قيل : أعطني الماء ، ~~فالمراد مطلق وجود إعطاء الماء لا وجود كل فرد منه ، فيلزم إعطاء جميع مياه ~~العالم ، ومتعلق النهي عند عدم القرينة ظاهر في القسم الأول ، فالمنهي عنه ~~جميع الأفراد لا أول الفرد ، فإذا قيل : لا تشرب الخمر فلا يكون النهي ~~متعلقا بصرف إيجاد شرب الخمر بأن يكون لو شربه عصى وارتفع الحكم بارتفاع ms0334 ~~الموضوع فلم يكن شربه بعد ذلك بمحرم ، بل الأمر على خلاف ذلك. فالشرب في كل ~~هذه معصية على حده ، وليس ذلك إلا لأجل سراية النهي المتعلق بالطبيعة إلى ~~كل فرد ، فالحكم متعدد والموضوع متعدد ولكل إطاعة ومعصيته على حدة. # وأما الأحكام الغير التكليفية فمختلفة ، فمثل الطبيعة الفلانية سبب لكذا ~~معناه السببية المستقلة لكل فرد ؛ ولهذا حكم شيخنا المرتضى قدسسره في ~~موجبات النزح بتعدد المقدر بتعدد وقوع نوع واحد بناء على مذاقه من استفادة ~~السببية التامة من أداة الشرط ، ومثل أحل الله البيع ظاهر في الاستغراق ~~أيضا ؛ فإن العموم البدلي مناف لمقام الامتنان وإن كان من الممكن أن يكون ~~ما أحل في حق كل مكلف بيعا من البيوع وكان اختيار تعيينه بيده ، لكن ~~المناسب لمقام الامتنان إحلال جميع أفراد البيع في حقه ، إلى غير ذلك من ~~الموارد ، فلا بد في كل مورد من ملاحظة مقتضى هذا المورد وأنه أي من ~~القسمين وليس له ضابط. PageV01P354 ### | «المقصد السادس في الأمارات المعتبرة شرعا» # ولا بد أولا من البحث عن أحكام القطع لشدة مناسبته بالمقام ، وعلى هذا ~~فتقسيم المكلف إلى حالات تطرأ عليه وتكون مرتبطة بمطالب الاصولي على وجه لم ~~يتداخل الأقسام يكون على نحو ما ذكره شيخنا المرتضى في حاشية الرسائل. # فنقول في توضيحه : اعلم أن المكلف يعني من وضع عليه قلم التكليف ، كما ~~يقال : فلان صار مكلفا ، لا خصوص من تنجز عليه التكليف فعلا حتى يرد أن ~~المقسم لا ينطبق على الأقسام ؛ فإن فيها من لا يكون له تكليف فعلي كما في ~~مورد البراءة مثلا إذ التفت إلى حكم شرعي ، وهذا قيد احترازي ؛ فإن المكلف ~~بالمعنى الذي ذكرنا يشمل الغافل، ووجه التقييد عدم جريان الحالات الثلاث من ~~القطع وما بعده في الغافل ، مضافا إلى أن الغافل لا يتعلق بالبحث عن تكليفه ~~في حال الغفلة غرض ؛ إذ لا يرجع فائدته لا إلى نفس الغافل في حال غفلته ولا ~~إلى غيره ، وأما هو بعد الالتفات فيصير داخلا في موضوع الملتفت. # وبالجملة فهذا المقسم لا يخلو ms0335 من قسمين ؛ لأنه إما يكون قاطعا بالحكم ~~الواقعي أولا، فالأول هو المقصود بالبحث في مبحث حجية القطع ، وعلى الثاني ~~إما يكون عنده طريق معتبر وأمارة معتبرة على الواقع أولا ، والأول هو ~~المقصود في مبحث حجية الأمارات ، وعلى الثاني ولا محالة يكون شاكا في الحكم ~~الواقعي إما يكون لشكه حالة سابقة ملحوظة ، يعني اعتبرها الشارع وراعاها ~~أولا ، أعم من أن لا يكون لشكه حالة سابقة أصلا أو كان ولم يعتبرها الشارع ~~كما في الشك في PageV01P355 # المقتضي بناء على عدم جريان الاستصحاب فيه. # فالأول مجرى الاستصحاب ، وعلى الثاني إما يكون عالما بحقيقة التكليف أعم ~~من أن يكون عالما بجنسه دون نوعه كما لو علم بوجوب هذا أو حرمة ذاك ، أو ~~علم بأن هذا إما واجب وإما حرام ، ومن أن يكون عالما بالجنس والنوع معا كما ~~لو علم بأن الواجب إما هذا وإما ذاك ، أو لا يكون عالما بحقيقة التكليف ~~الذي هو الإلزام فضلا عن نوعه ، فالثاني مجرى البراءة ، والأول إما يمكن ~~فيه الاحتياط أولا ، فالأول مجرى الاحتياط كما لو علم بوجوب شيء أو حرمة ~~شيء آخر ، أو علم بوجوب الظهر أو الجمعة مثلا وكان الوقت واسعا لهما ، ~~والثاني مجرى التخيير كما لو علم بالوجوب أو الحرمة في شيء واحد أو علم ~~بوجوب الظهر أو الجمعة مثلا ولم يسع الوقت إلا لأحدهما. # فإن قلت : إن المقسم وهو المكلف الملتفت أعم من المجتهد والمقلد والحال ~~أن بعض الأقسام مختص بالمجتهد كما في الأمارات والاصول ؛ فإن الأمارات ~~حجيتها مختصة بالمجتهد لوضوح عدم قدرة المقلد على الاستنباط ، وما سوى ~~الاستصحاب من الاصول أيضا واضح اختصاصها بالمجتهد ؛ لتوقف إجرائها في ~~مواردها على الفحص عن البيان والدليل وعدم الظفر به ، وليس الفحص من شأن ~~المقلد. # وكذا الكلام في الاستصحاب في الكليات ؛ فإن إجرائه أيضا يتوقف على اليأس ~~عن الدليل بعد الفحص عنه ، وأما في الجزئيات وإن كان المجتهد والمقلد فيها ~~على السواء إلا أن المقصود بالبحث في هذا الفن هو القسم الأول ولا يبحث عن ~~الاستصحاب في الجزئيات ms0336 إلا استطرادا. # لا يقال : كيف يختص مثل ذلك بالمجتهد والحال أن نظره فيها حجة على المقلد ~~، ولو كان العمل بمقتضاها من الشئون الخاصة به لم يكن للمقلد فيها حظ وإن ~~كان بتقليد المجتهد ، كما هو الحال في سائر المختصات به كالقضاء والإفتاء ~~وحفظ مال الغائب ؛ فإنها وظيفة المجتهد وهو المخاطب بها خاصة وليس للمقلد ~~تصدي هذه الامور وإن كان بالتقليد عن المجتهد. PageV01P356 # لأنا نقول : الطرق والقواعد متعرضة للحكم المعلق على عنوان يشترك فيه ~~المقلد والمجتهد ، مثلا لسان الأمارة تحقق حكمها في حق جميع المكلفين من ~~العالم والجاهل وكذا الاصول ، ففي الاستصحاب مثلا الحالة السابقة المعلومة ~~شاملة للجميع من دون اختصاص حكمها بأحد ، ومفاد الاستصحاب ليس إلا إبقاء ~~عين هذا الحكم الثابت في السابق في حق الجميع في اللاحق ، والمخاطب بهذا ~~الإبقاء وإن كان ليس إلا طائفة واحدة ، إلا أن ما يستصحبه هذه الطائفة ~~الواحدة حكم الجميع. # وبعبارة اخرى : إذا استنبط المجتهد من الأدلة وجوب صلاة الجمعة مثلا فهو ~~بحسب نظره يعتقد مشروعية هذا الحكم في حقه وحق جميع من عداه من المكلفين ~~حتى المجتهدين ، ويرى أن التكليف الواقعي الأولي في حق الجميع وجوب الجمعة ~~، غاية الأمر أن نظره هذا ليس متبعا لغيره من المجتهدين ؛ لعدم كونه طريقا ~~لهم إلى الواقع ، واللازم بالنسبة إلى من يجب عليه اتباع نظره من المقلدين ~~متابعته والعمل على طبق نظره ، فعلم أنه لا منافاة بين اختصاص الخطاب ~~بالعمل على طبق الاصول والأمارات بالمجتهد ووجوب متابعة المقلد إياه لعموم ~~مداليلها للمقلد أيضا ، وهذا بخلاف مثل منصب القضاء والإفتاء وحفظ مال ~~الغائب؛ فإن دليلها غير متعرض لحكم شخص آخر وراء المجتهد ، بل مفاده جعل ~~ذلك وظيفة لشخص المجتهد من دون شركة الغير له. # قلت : ليس مفاد أدلة حجية الأمارات والاصول إلا العمل على طبق مداليلها ، ~~فمفاد «صدق العادل» لزوم العمل على طبق مقول قوله ، وكذا «ابن على الحالة ~~السابقة» مفاده البناء في مقام العمل على السابق ، ومن الواضح أن العمل غير ~~مختص ببعض دون بعض والكل قادر ms0337 عليه ، فالعمل على طبق قول الزرارة مثلا في ~~قوله : قال الصادق : صل الجمعة كما هو مطلوب من المجتهد كذلك يكون مطلوبا ~~من المقلد أيضا بلا فرق ، وكذا «لا تنقض اليقين بالشك» كما أنه خطاب إلى ~~المجتهد يكون خطابا إلى المقلد أيضا. # حتى أن الرجوع إلى الأعدل عند التعارض أيضا خطاب عام ؛ إذ مرجعه إلى PageV01P357 # لزوم الأخذ بما قاله الأعدل والعمل على طبقه ، إلا أن تشخيص ما قاله ~~العدل أو الأعدل عند التعارض وكذا تعيين موارد البناء على الحالة السابقة ~~صار بواسطة طول الزمان متوقفا على مقدمة مفقودة في حق المقلد وهي ملكة ~~الاستنباط والاقتدار على فهم معنى الآية والخبر؛ فلهذا لا بد من رجوع ~~المقلد إلى المجتهد لا بمعنى أن طريقه إلى الواقع بلا واسطة هو قوله ، بل ~~قول المجتهد طريق للمقلد إلى ما هو طريقه إلى الواقع من خبر العدل ونحوه ، ~~فهو في الحقيقة عامل على طبق ما قاله العدل ، غاية الأمر أن طريقه إلى ما ~~قاله العدل قول المجتهد ، كما أن طريق المجتهد إليه فهمه ونظره. # فعلم أن الخطاب بالأمارات والاصول عام للمقلد أيضا غاية الأمر يجب رجوعه ~~في تشخيص الأمارات والاصول إلى المجتهد ، فوظيفة الاستنباط وأخذ الأحكام من ~~مآخذها من مختصات المجتهد وليس للمقلد حظ في ذلك ، ولكن العمل على طبق ما ~~استنبطه عام له ولمقلديه لما عرفت من أن مفاد أدلة التنزيل وجعل الأصل في ~~حق الشاك ليس إلا العمل على طبق مؤدي الأمارة والجري على وفق مقتضي الاصول ~~، ويدلك على ذلك أن أدلة الأحكام مثل ( @QUR@02 أقيموا الصلاة ) و ( ~~@QUR@02 آتوا الزكاة ) وغيرهما خطابات عامة يندرج تحتها العالم والجاهل. # وأما الظن في حال الانسداد فإن قلنا بأنه يستكشف من مقدمات الانسداد أن ~~الشارع جعله طريقا إلى الواقع وكاشفا عنه في تلك الحال فيكون داخلا في ~~الطرق المعتبرة شرعا ، وإن قلنا بالحكومة بمعنى أن العقل حاكم بعد عدم ~~إمكان الاحتياط أو عسره بترك الموهومات وأخذ المظنونات والمقطوعات وفي ~~الحقيقة يكون حكمه راجعا إلى تبعيض الاحتياط فيكون الظن داخلا ms0338 في قاعدة ~~الاحتياط ؛ فإن معناه أنه بعد عدم إمكان الأخذ بجميع المحتملات ودوران ~~الأمر بين الأخذ بطائفة خاصة منها ، فالعقل حاكم بتقديم الأقرب منها إلى ~~الواقع فالأقرب ، يعني يجب الأخذ بالاحتياط مهما أمكن وليس للعقل سبيل إلى ~~أن يجعل الظن في تلك الحال كاشفا عن الحكم الشرعي الواقعي. PageV01P358 # بقي الكلام في أن المناسب بمقصد الاصولي هو تثليث الأقسام كما فعلنا ~~وفاقا لشيخنا المرتضى ، أو تثنيتها كما اختارها صاحب الكفاية فجعل المكلف ~~الملتفت على قسمين ؛ لأنه إما قاطع بالحكم الفعلي الظاهري أو الواقعي وإما ~~شاك ، وأما الظن فإن كان من طريق معتبر فداخل في القطع وإلا فداخل في الشك ~~، والشك الذي يكون مجرى للأصل الشرعي أيضا داخل في القطع ؛ فإن هذا الشاك ~~أيضا قاطع بالحكم الفعلي الظاهري ، فالشاك المقابل للقاطع عبارة عمن ليس له ~~يقين بالواقع ولا ظن معتبر به ولا أصل من الاصول الشرعية ، ومرجعه إلى الظن ~~لو تمت المقدمات وقلنا بالحكومة ، وإلا فإلى الاصول العقلية من البراءة ~~والاحتياط والتخيير. # أقول : لا إشكال في إمكان تقسيم المكلف إلى أقسام كثيرة بحسب الحالات ~~الطارئة عليه من القيام والقعود ونحوهما ، ويمكن جعله قسما واحدا بأن يقال ~~إنه قاطع بوظيفته العملية أبدا وليس متحيرا فيها في وقت من الأوقات ولكن لا ~~بد من مراعاة المناسبة للمقاصد المندرجة في الكتاب حتى يكون التقسيم بمنزلة ~~الفهرست لها ، وحيث إن المطالب المجموعة في الكتاب الاصولي مطالب تفيد ~~المستنبط فصار المناسب هو التثليث ؛ فإن المستنبط يرجع أولا إلى القطع ومع ~~عدمه إلى الظنون المعتبرة ، ومع عدمها إلى الاستصحاب مقدما له على سائر ~~الاصول لبرزخيته بين الأمارية والأصلية وتمحضها للثانية ، ومع عدمه إلى ~~سائر الاصول العملية الشرعية ، ومع عدمها إلى الظن لو حصل له وقد تمت ~~المقدمات على تقدير الحكومة ومع عدمه إلى الاصول العقلية من البراءة ~~والاحتياط والتخيير. # فعلم أنه مع تثنية الأقسام أيضا لا بد من تقسيم القاطع إلى ثلاثة أقسام ~~بأن يقال : إن قطعه بالحكم الفعلي إما حاصل من القطع بالحكم الواقعي وإما ~~حاصل من ms0339 الطريق المعتبر وإما من الأصل العملي ، فصار الأولى هو التثليث. # وكيف كان فبيان أحكام القطع وأقسامه يستدعي رسم امور : # الأول : هل القاطع بالحكم الواقعي يحتاج إلى جعل قطعه حجة أولا ، بل يجب PageV01P359 # عليه متابعته ، بل لا يمكن منعه عن المتابعة ، بل وأمره بها على نحو ~~الأمر المولوي ، فلا بد من حمل الأمر لو كان على مجرد الإرشاد؟ فهنا ثلاثة ~~مقامات : # الأول : أن القاطع هل هو كالظان في احتياجه في العمل إلى جعل الحجية أو ~~يلزم عليه العمل على طبق القطع بحكم العقل؟ # الثاني : أنه وإن قلنا بلزوم العمل بدون الحاجة إلى جعل الحجية هل يمكن ~~للمولى لو رأى المفسدة في متابعة قطع أن يمنع العبد عن متابعته أولا؟. # الثالث : أنه وإن قلنا بعدم الحاجة واستحالة المنع هل يمكن توجه الأمر ~~المولوي أولا؟. # أما الأول فالحق عدم الحاجة ؛ إذ ليس ما وراء القطع حجة اخرى ، فيلزم على ~~تقدير احتياجه إلى جعل الحجية ارتفاع الحجة من البين رأسا ؛ إذ لو فرض ~~القطع بحكم وفرض القطع بقول الشارع : اعمل بقطعك ، فلا يكون القطع بهذا ~~القول حجة ويحتاج في جعله حجة بجعل ثانوي ، وكذا الكلام في القطع بالجعل ~~الثانوي فيحتاج إلى جعل ثالث وهكذا ، فيلزم التسلسل ؛ فإنه لا ينتهي ~~المحتاج إلى غير المحتاج أبدا. وبالجملة فلزوم متابعة القاطع لقطعه بديهي ~~لا يحتاج إلى البيان. # أما الثاني فقيل فيه بعدم الإمكان مستدلا بلزوم العمل بالتناقض ، وبيانه ~~أنه لو قطع المكلف بكون المائع مثلا خمرا وقطع بالكبرى أيضا أعني حرمة ~~الخمر فيقطع بالبديهة بأن هذا المائع حرام ؛ فإن الشكل الأول بديهي الإنتاج ~~، فلو منعه المولى من العمل بهذا القطع فيلزم أن يعلم المكلف بمتناقضين ~~أعني حكم اجتنب وحكم رخصتك وإن كان قطعه بكون هذا خمرا جهلا مركبا ؛ فإنه ~~لا يحتمل الخطاء في قطعه. # واورد عليه بالنقض بالقياس في حال الانسداد ؛ فإنه لا شك في كونه قائما ~~مقام العلم ؛ فإن الامتثال له مراتب يحكم العقل بتقديم بعضها على بعض ، ~~فالامتثال القطعي هو المقدم ، ومع عدم إمكانه يلزم ms0340 الظني على اختلافه بحسب ~~قوة الظن وضعفه ، فيقدم الأقوى على الأضعف ، والمناط تقديم ما هو الأقرب ~~إلى القطع فالأقرب ، فيكون الظن عند انتفاء القطع قائما مقامه ، ومع ذلك قد ~~نهى الشارع عنه PageV01P360 # إذا كان حاصلا من القياس ، فإذا جاز ذلك في ما يقوم مقام القطع جاز فيه ~~أيضا لاتحاد الملاك. # وأجاب عنه صاحب الكفاية في الحاشية على الرسائل بإبداء الفرق بين القطع ~~والظن بوجود السترة في الثاني بالنسبة إلى الواقع وعدمها في الأول ، فمرتبة ~~الحكم الظاهري محفوظة في الثاني دون الأول. # وفيه أنه كما يمتنع القطع بصدور المتناقضين من الشارع كذلك الظن به ، بل ~~مجرد احتماله ؛ فإن الظان بحرمة الفعل الخاص في الواقع إذا منعه المولى عن ~~متابعة هذا الظن فمعناه أنه رخصتك في فعله ، فيلزم أن يجتمع الظن بالحرمة ~~والقطع بالرخصة ، فيلزم الظن بوجود المتناقضين في الواقع وهو أيضا كالقطع به. # وإن اريد ذلك مع اختلاف متعلق الظن ومتعلق المنع بأن يكون الواقع الميسور ~~حكما شأنيا والمنع حكما فعليا فهذا غير مختص بالظن ، فإنه يمكن في القطع ~~أيضا بأن يكون الواقع المقطوع حكما شأنيا والمنع حكما فعليا ، وإن اريد أن ~~الظن بعد ورود المنع ينقلب إلى القطع بالضد فليس كذلك ؛ فإنا مع ورود مثل ~~هذه النواهي الأكيدة عن العمل بالقياس يحصل لنا الظن بالحكم الشرعي من طريق ~~القياس. # وبعبارة اخرى إنما نتكلم من حيث ما في نفس الأمر لا من حيث التنجيز وحكم ~~العقل بوجود الامتثال ، فالمقصود ملاحظة وجود التناقض في ما في نفس الأمر ~~وعدمه وإن لم يكن امتثال أمره واجبا ، ومن هذا الحيث كما يكون التناقض في ~~القطع كذلك يكون في الظن ؛ إذ تقول في القطع : إن العبد يقطع بكون هذا ~~الشيء مبغوضا للمولى وأن نفس المولى متنفر منه غاية التنفر وهذا مع قول ~~المولى له : لا تعمل بهذا القطع مضاد ومناقض ؛ إذ معنى هذا النهي أنه لا ~~تنفر لي من هذا الشيء ، فيلزم الجمع بين التنفر واللاتنفر ، وبعبارة اخرى ~~معنى الواقع المقطوع أنك لست بمأذون في ms0341 الفعل ، ومعنى النهي أنك مأذون فيه. # ونقول نحن في الظن : إن العبد إذا قطع بكون هذا خمرا وظن كون الخمر حراما ~~فحيث إن النتيجة تابعة لأخس المقدمتين فيظن أن هذا الشيء حرام والمولى متنفر PageV01P361 # منه غاية التنفر ، فقول المولى : لا تعمل بهذا الظن يوجب القطع بعدم ~~تنفره من هذا ، وهذا ظن بالتضاد والتناقض كما أن الأول كان قطعا بهما ومجرد ~~ذلك فرق لا ينفع ، فمن حيث الإشكال لا تفاوت بين القطع والظن. # إن قيل : إن القاطع حيث إن القطع طريق لا ينظر إلا إلى نفس الواقع ولا ~~يرى ورائه في هذه النظرة شيئا. # فالجواب أولا بمنع عدم إمكان الالتفات إلى نفس القطع ، بل يمكن أن يعلم ~~القاطع بكونه قاطعا ، وثانيا لا فرق من هذه الجهة بين القطع والظن ؛ فإن ~~الظن أيضا طريق ، ففي هذه النظرة لا ينظر إلى ما وراء الواقع. # إن قيل : إن الظن حيث يكون فيه سترة وحجاب فالحكم المجعول فيه ظاهري ، ~~وأما القطع فحيث إنه تمام الانكشاف وكشف تام فليس الحكم المجعول عليه ~~ظاهريا. # قيل : لا نزاع لنا في الإسم ، فإن كان في الظن ممكنا ففي القطع أيضا ممكن ~~ولا نسميه باسم الظاهري بل باسم آخر ، وإن لم يمكن في القطع لا يمكن في ~~الظن أيضا. # وبالجملة المدعى عدم الفرق إشكالا وجوابا بين القطع والظن من حيث القطعية ~~والظنية بمعنى أنه ليس مجرد حيث الظنية موجبا لعدم جريان الإشكال أو ~~اندفاعه ، ومجرد حيث كون القطع قطعا موجبا لخلافه ، فهذا من حيث الإشكال. # وأما من حيث الجواب فكل جواب يدعيه المجيب في الظن ندعيه في القطع ؛ فإن ~~المجيب لا يخلو من حالين ، إما يبنى في الجمع والتوفيق بين الحكم الواقعي ~~والظاهري بالقول بثبوت المراتب للأحكام بمعنى أنه يقول : إذا تبين لنا ~~الظاهري نحمل الواقعي المظنون على الحكم الشأني وإن كان ظاهره الفعلية ~~والوصول إلى مرتبة البعث والزجر ، والظاهري على الحكم الفعلي. # فنقول : لا فرق في ذلك بين القطع والظن ، فإذا وصل إليك المنع عن العمل ~~بالقطع فاحمل الحكم ms0342 الذي قطعت به من حرمة الشرب على الشأني ، وهذا النهي ~~على الفعلي. PageV01P362 # فإن قلت : إن القاطع قاطع بالحكم على وجه الفعلية وليس قابلا للحمل على ~~الشأنية. # قلت : إنا نفرض مثل ذلك في الظن أيضا بأن يكون ظانا بأصل حكم لا تشرب ~~وقاطعا بأنه على تقدير تحققه فعلي ، فالأمر دائر بين أن لا يكون حكم أصلا ~~على وهم ، وأن يكون وكان فعليا ووجوده شأنيا مقطوع العدم ، ففي هذا الفرض ~~أيضا لا يمكن الجمع بين الواقع المظنون وبين المنع. # وبالجملة فهذا فرق راجع إلى حيث المتعلق ؛ فإنه مختلف بحسب المقامات لا ~~أنه راجع إلى حيث الظن والقطع. # فالمتعلق سواء كان مقطوعا أم مظنونا على قسمين ؛ إما قابل للحمل على ~~الشأنية وهذا في صورة قطع أو ظن بوجود لا تشرب واقعا ، وظاهره وإن كان كونه ~~فعليا لكن يحتمل كونه شأنيا ، ففي هذه الصورة إذا ورد المنع سواء عن العمل ~~بالقطع أم عن العمل بالظن يتعين حمل لا تشرب المقطوع أو المظنون على خلاف ~~ظاهره من الشأنية وحمل هذا المنع على الفعلية للجمع. # وإما ليس قابلا إلا للحمل على الفعلية وهذا في صورة قطع أو ظن بوجود لا ~~تشرب وقطع بأنه حكم فعلي ، فلا يمكن الجمع بين هذا الحكم المقطوع أو ~~المظنون وبين المنع ؛ لعدم إمكان جعل الحكمين في موضوع واحد في مرتبة واحدة. # وإما يبني (1) على أنه ليس للأحكام إلا مرتبة واحدة مثل الإرادة الفاعلية ~~؛ فإنها إما موجودة فعلا وإما معدومة ، ولكن رتبة الحكم متفاوتة ، يعني أن ~~الحكم الواقعي متعلق بنفس الواقع ، والظاهري متعلق بالشك في الحكم الواقعي ~~أو الظن به والشك والظن متأخران رتبة عن نفس الحكم. # فكذلك نقول في القطع أيضا ؛ فإن العلم بالحكم الواقعي أيضا متأخر عنه ، ~~فالحكم الواقعي متعلق بنفس المتعلق مع قطع النظر عن العلم ، فالعلم بنفس هذا PageV01P363 # المتعلق أو بحكمه ليس إلا كاشفا صرفا وطريقا محضا بالنسبة إلى هذا الحكم ~~، لكنه بالنسبة إلى الحكم الآخر أعني النهي مأخوذ على وجه الموضوعية ، مثلا ~~تعلق الحرمة الواقعية بنفس شرب ms0343 الخمر الواقعي ، فالعلم بأن هذا خمر وكذا ~~العلم بأن الخمر حرام لا مدخلية لهما في موضوع هذه الحرمة ، ولكنه دخيل في ~~موضوع حكم الرخصة المستفادة من قوله : لا تعمل بالعلم الذي حصلته من الجفر ~~، فليس نفس الشرب بواقعيته متعلقا للرخصة كما أنه كذلك متعلق للحرمة ، بل ~~باعتبار كونه مقطوع الخمرية أو الحرمة بالقطع الحاصل من الجفر. # فعلم أن حيث الكاشفية التامة وعدم السترة والكاشفية الناقصة ووجود السترة ~~لا يجديان فرقا أصلا لا إشكالا ولا جوابا. # نعم بين القطع والظن فرق من جهة اخرى وهي مرحلة الامتثال ، وبيانه : أن ~~العبد إذا علم بأن الشيء الفلاني محبوب للمولى بحيث لا يرضى بتركه يتحقق ~~بسبب هذا العلم موضوع الإطاعة وموضوع العصيان في حق هذا العالم ، ولا إشكال ~~في أن إطاعة المولى المنعم حسن ذاتا بحيث لا يمكن أن ينفك منه الحسن إلا ~~بانقلاب موضوعها ، وكذلك عصيان هذا المولى قبيح ذاتا بحيث لا يمكن انفكاك ~~القبح منه ؛ فإن بعض العناوين علة تامة للقبح ، فما دام باقيا فالقبح لازمه ~~ذاتا ، بل الأسماء الأخر لا بد من انتهائها إلى هذا ليصير قبيحا ، وذلك مثل ~~الظلم ، كما أن بعض العناوين علة تامة للحسن ما دام باقيا ، وسائر الأشياء ~~إن انتهت إليه صارت حسنا ، وذلك مثل الإحسان ، وبعض العناوين يكون الحسن ~~والقبح فيها بالوجوه والاعتبار ، يعنى نحتاج في اتصافها بالحسن من انتهائها ~~إلى العنوان الأولي مثل الإحسان ، وبالقبح إلى عنوان أولي آخر مثل الظلم ~~وذلك كضرب اليتيم ؛ فإنه إن اندرج تحت الظلم كان قبيحا وإن دخل في الإحسان ~~كان حسنا. # فنقول : مخالفة المولى المنعم وعصيانه ظلم عليه ، بل من أبده أفراد الظلم ~~وأعظمها ، فيكون قبحه أبده من قبح سائر الأفراد وأعظم ، فلو رخص المولى هذا ~~العبد العالم بترك ما هو عالم بمحبوبيته له بواسطة منعه عن العمل بعلمه ~~يلزم الإذن في PageV01P364 # فعل ما هو من أقبح القبائح وأشد أفراد الظلم ، والترخيص في القبيح قبيح ، ~~وليس حسن الإطاعة لأجل ترتب الثواب عليها ولا قبح المخالفة لأجل إيجابها ~~العقاب والوقوع ms0344 في العذاب، بل هما لازمان لهما ولو فرض عدم ترتب الثواب على ~~الإطاعة ولا العقاب على المخالفة وإن كان بتصريح من المولى ؛ فإن الحسن ~~والقبح غير معللين بشيء ، فإنه ينقل الكلام في العلة فلا بد أن يكونا فيها ~~أيضا لعلة وهكذا إلى غير النهاية فيلزم التسلسل ، فلا بد من انتهاء السلسلة ~~إلى ما يكون الحسن والقبح فيه ذاتا لا لأجل جهة ، ولذا نرى أن الدهري الغير ~~القائل بترتب الثواب على الإحسان والعقاب على الظلم يحكم بديهة بحسن الأول ~~وقبح الثاني. # وهذا بخلاف الظن فإنه حيث يكون الواقع معه غير منكشف تمام الانكشاف بل مع ~~سترة وحجاب فلا يوجب الظن بأن هذا حرام ومبغوض تحقق عنوان التمرد والعصيان ~~على فعله بالنسبة إلى الظان حتى يكون قبيحا مطلقا ، بل القبح منحصر فيه من ~~جهة العلم الإجمالي بثبوت تكاليف في الواقع وبظن كون هذا التكليف في ضمن ~~المظنون فيجب ارتكابه عقلا دفعا للضرر المظنون ، فإذا ورد الترخيص من الشرع ~~ارتفع القبح لوجود المؤمن ، فقبحه تعليقي معلق على عدم ورود الترخيص بخلاف ~~قبح التمرد في العلم ، فإنه حكم مطلق بتي لا يرتفع بترخيص الشرع. # هذا في العلم ، وأما الظن فلا يلزم فيه ذلك ، بيانه أن موضوع القبح وما ~~هو علة تامة له ليس هو مجرد المخالفة الواقعية للطلب الواقعي ، ولهذا لو لم ~~يسمع العبد صوت المولى عند صدور الأمر لا يلام على الترك ، بل الموضوع هو ~~العصيان ، والعلم والالتفات محقق لموضوعه، فتحققه فرع تحقق العلم. # وأما العلم الإجمالي لو قلنا بكونه كالتفصيلي في صيرورته موجبا لتنجز ~~التكليف ووجوب الاجتناب عن جميع الأطراف ففيه وإن جاز للشارع الترخيص في ~~ارتكاب بعض الأطراف ولا يلزم منه الترخيص في القبيح ، إلا أن وجوب الاجتناب ~~من أحد الأطراف ليس من جهة العصيان بتركه حتى يكون تركه قبيحا بحكم بتي ، ~~وإنما هو لأجل وجوب الموافقة القطعية بحكم العقل من باب توقف دفع PageV01P365 # الضرر المحتمل أو الموهوم أو المظنون عليها ، فارتكاب بعض الأطراف ليس ~~بعصيان وإنما هو مخالفة لحكم العقل ms0345 بوجوب الموافقة القطعية لوجوب دفع الضرر. # ومخالفة هذا وإن كان قبيحا أيضا إلا أن قبحه ليس على وجه البت ، بل هو ~~معلق على عدم وجود المؤمن إما من الشرع أو العقل في أحد الأطراف ، وترخيص ~~المولى في ارتكاب بعض الأطراف مؤمن عن خوف الوقوع في الضرر من جهة هذا ~~الارتكاب ورافع لموضوع حكم العقل وهو الخوف ، فالقبح في مخالفة حكم العقل ~~بوجوب الامتثال القطعى بارتكاب بعض الأطراف حكم تعليقى يرتفع بورود الترخيص ~~من المولى ، والقبح في العصيان حكم بتي لا يرتفع بالترخيص ، فلهذا لا يجوز ~~الترخيص في مخالفة العلم التفصيلي ويجوز في مخالفة الإجمالي بالنسبة إلى ~~بعض الاطراف. # وحينئذ فنقول : الظنون التي ورد النهي عن اتباعها لا يخلو من حالين : إما ~~تكون لازم الاتباع بحكم العقل كما في الظن في حال الانسداد على تقدير ~~تمامية المقدمات ، وإما تكون غير لازم الاتباع بحكم العقل كما في الظن عند ~~الانفتاح ، فإن كان من قبيل الثاني فلا إشكال في جواز الترخيص في مخالفته ، ~~وإن كان من قبيل الأول فيجوز أيضا ؛ فإن قبح مخالفته معلق على عدم ورود ~~الترخيص ؛ فإن لزوم متابعة المظنونات في حال الانسداد إنما هو لأجل العلم ~~الإجمالي بورود تكاليف من الشرع وكونها مشتبهة بين امور بعضها مظنونات ~~وبعضها مشكوكات وبعضها موهومات مع عدم تمكن الاحتياط بموافقة الجميع أو ~~عسره ، فإن هذا موجب للأخذ بالمظنونات وطرح الباقي ، فالأخذ بالظن وقبح ~~مخالفته يكون لأجل التحفظ عن الوقوع في ضرر مخالفة التكليف المعلوم إجمالا ~~، والترخيص في ترك العمل بالظنون في تلك الحال مؤمن وموجب للاستراحة عن ~~الوقوع في هذا الضرر ، فلا تكون المخالفة قبيحة ، فلا يكون الترخيص ترخيصا ~~في القبيح. # وأما المقام الثالث وهو عدم جواز الأمر المولوي بموافقة القطع والنهي ~~المولوي عن مخالفته وإن كان الأول حسنا وواجدا للحسن الملزم والثاني قبيحا PageV01P366 # بقبح ملزم ويجب على المولى الأمر والنهي المولويين في مثل هذين من باب ~~اللطف ، إلا أنه في هذين لا يمكنه ذلك. # فقد يقال في وجه عدم الجواز بأنه مستلزم للتسلسل ms0346 ، بيانه أن الأمر باطاعة ~~الأمر المعلوم محقق لموضوع الإطاعة بالنسبة إلى هذا الأمر الثاني ، فيكون ~~هنا بعد هذا الأمر إطاعتان ، إطاعة حقق موضوعها الأمر الأول بذات العمل مع ~~العلم به ، والاخرى حقق موضوعها الأمر الثاني بإطاعة الأمر الأول مع العلم ~~به ، وتكون هذه أيضا مشتملة على الحسن الملزم ، فيلزم الأمر بها أيضا ثالثا ~~، ثم يتحقق إطاعة اخرى للأمر الثالث ، فيتحقق في حق المكلف ثلاث إطاعات ~~لثلاثة أوامر ، وإطاعة الأمر الثالث أيضا مشتملة على الحسن الملزم فيلزم ~~الأمر به رابعا ، ثم ننقل الكلام في إطاعة الرابع وهكذا إلى غير النهاية ، ~~ولو اقتصر على الأمر ببعض الإطاعات دون بعض يلزم الجزاف ؛ لكونها أمثالا ~~والحكم في الأمثال واحد ولا مرجح لبعضها. # وهذا مخدوش بأنه لا يوجب المحذور من حيث إنشاء الأمر ولا من حيث امتثال ~~المأمور ، أما الأول فلأنه لا يحتاج إلى أزيد من إنشاء واحد للأمر بإطاعة ~~الأمر بذات العمل، ثم إطاعة هذا الأمر الثانوي أيضا مشمولة لهذا الإنشاء ~~أيضا ، غاية الأمر قد حدث موضوعه بنفس هذا الإنشاء ، ولا بعد في شمول الحكم ~~للفرد الذي وجد بنفس الحكم كما في القضية الطبيعية ، مثل ما لو قال : كل ~~خبري صادق ؛ فإن موضوع هذا الخبر أعني الإخبار بأن كل خبري صادق لا يتحقق ~~إلا بعد تمام الحكم بتمام موضوعه ومحموله ، لكن مع ذلك يكون هذا الفرد ~~داخلا في عموم الحكم ؛ فإن الحكم قد تعلق بطبع الخبر ، فهنا أيضا ينشأ ~~الأمر بطبع إطاعة الأمر فيقول : أطع أمري ، ثم هذا بعمومه يشمل إطاعة هذا ~~الأمر التي حدثت بنفسه ويكون أمرا بها أيضا ثم بالإطاعة الحاصلة من هذا ~~الأمر ثالثا وهكذا إلى غير النهاية. # وأما من حيث الامتثال فلأن المأمور يمتثل جميع هذه الأوامر بعمل واحد ~~وإتيان واحد لنفس العمل ، وعند هذا تنقطع سلسلة الأوامر المترتبة. # لا يقال : فقل مثل ذلك في المقام الأول ؛ حيث أوردت على احتياج القطع بجعل PageV01P367 # الحجية بلزوم التسلسل ؛ فنحن ندفع هذا التسلسل أيضا بأن قوله : اعمل ~~بقطعك حكم مجعول في موضوع طبيعة ms0347 القطع فيشمل القطع الحاصل بهذا الأمر أيضا ~~؛ لأنه من أفراد طبيعة القطع ، ثم القطع بوجود الأمر بالمتابعة في هذا ~~القطع أيضا مشمول للأمر المذكور وهكذا إلى غير النهاية. # لأنا نقول : نعم لكن لا ينتهي الأمر إلى غير المحتاج في حال ؛ إذ كل قطع ~~حصل فالمفروض كونه محتاجا إلى دليل الحجية إياه ، مثلا القطع بوجوب الصلاة ~~محتاج إلى شمول دليل وجوب العمل بالقطع إياه ، ثم القطع بأن كل قطع واجب ~~العمل أيضا محتاج إلى شمول دليل وجوب العمل بالقطع إياه ، فيحصل القطع بأن ~~هذا القطع حجة بواسطة شمول الدليل إياه ، فهذا القطع أيضا محتاج ، فيقطع ~~بكونه حجة لعموم الدليل ، فننقل الكلام في هذا القطع ، وبالجملة لا تستقر ~~سلسلة المحتاجات إلى غير المحتاج في حال. # وأما في ما نحن فيه فلا يلزم محذور عقلي ؛ فإن مئونة الأمر إنشاء واحد ~~وهذا الإنشاء يسري حكمه في الأفراد الطولية الغير المتناهية ، ومئونة ~~المأمور ليست إلا عملا واحدا ، وعلى تقدير العصيان يلزم استحقاق عقابات غير ~~متناهية ، وبعبارة اخرى الخلود ، وهذا أيضا ممكن عقلا. # وقد يوجه عدم الجواز بلزوم اللغوية ؛ فإن الغرض الباعث على الأمر المولوي ~~ليس إلا دعوة المأمور نحو المأمور به لو لم يكن فيه داع آخر ، والمفروض أنه ~~قد صدر من الآمر أمر بذات العمل صالح لداعوية العبد المطيع للمولى ، فالعبد ~~إن كان منقادا فهذا الأمر يصلح لتحريكه وبعثه نحو العمل من دون حاجة إلى ~~أمر آخر ، وإن كان متمردا فلا يفرق في حاله بين أمر واحد وأمرين ، فكما لا ~~يتحرك بالأمر الواحد فكذلك بالأمرين وأزيد ، فعلى أي حال الأمر الثاني لغو ~~ولا طائل تحته. # وفيه أيضا منع ؛ فإن العبيد مختلفون ، فمنهم من يكفيه أمر واحد للعمل ولا ~~كلام فيهم ، ومنهم من لا يتأثر بالأمر أصلا لا بالواحد ولا بالمتعدد ولا ~~كلام فيهم أيضا ، ومنهم من يتجرى على معصية أمر واحد ولكن لا يتجرى على ~~معصية أمرين ولا PageV01P368 # تقدم نفسه عليها ، ففائدة هذا الأمر تحريك هذا الصنف من العبيد ، ويكفي ~~هذا المقدار في الخروج ms0348 عن اللغوية. # وربما يوجه بوجه ثالث وهو لزوم انتفاء الموضوع بنفس امتثال الأمر ، ~~والأمر بموضوع ينتفي بمجرد امتثال الأمر ويقتضي الأمر خروجه عن عنوانه قبيح ~~، بيان ذلك أن عنوان إطاعة الأمر بالصلاة مثلا إنما يتحقق بالإتيان ~~بالأركان المخصوصة بداعي خطاب «صل» ، وهكذا إطاعة كل أمر يتحقق بالإتيان ~~بالمأمور به بدعوة هذا الامر وتحريكه ، فإذا فرضنا كون الأمر بإطاعة «صل» ~~مولويا فهذا الأمر أيضا يقتضي تحرك الفاعل نحو الصلاة بدعوة هذا الأمر ، ~~والإتيان بالصلاة بدعوة هذا الأمر ليس إطاعة لأمر «صل» والمفروض أن الأمر ~~تعلق باطاعته ، فموضوع أمر أطع الأمر بالصلاة وهي إطاعة خطاب «صل» متقومة ~~بكون داعي المصلي هذا الخطاب ، ومقتضى خطاب «أطع» كونه بداعي هذا الخطاب ~~وهذا معنى كون الأمر مقتضيا لخروج موضوع الإطاعة عن كونه إطاعة. # ولا يختص ذلك بالتعبديات ، بل يجري في التوصليات أيضا ؛ فإنها وإن كان ~~الإتيان بمتعلقاتها بدون داعي أمرها مجزيا إلا أن المقصود من تلك الأوامر ~~أيضا هو الداعوية نحو الفعل وتحريك المأمور لو لم يتحرك بداع آخر ، فعنوان ~~اطاعتها إنما يصدق لو كان العمل بداعي أمرها لا بداع آخر ، ومرجع هذا الوجه ~~إلى عدم إمكان داعوية هذا الأمر اعني : أطع أمر صل مثلا إلى متعلقة ؛ إذ ~~بدعوته يخرج متعلقه عن كونه متعلقه ، وبهذا الاعتبار يصير الأمر لغوا وإن ~~سلم عدم لغويته من جهة الفاعل كما هو الوجه الثاني. # والجواب بإمكان تعدد الداعي في الطول بأن يكون خطاب «صل» مثلا داعيا إلى ~~نفس الصلاة ، ويكون خطاب «أطع» داعيا إلى الصلاة بداعي أمرها ، وكذلك يكون ~~خطاب «أطع» ثانيا داعيا إلى الإتيان بالصلاة بداعي أمرها بدعوة أمر «أطع» ~~أولا ، وهكذا. # وبعبارة أخرى : هذا الأمر يصير داعيا إلى الإطاعة ، والأمر الأول يصير داعيا PageV01P369 # إلى نفس الفعل ، فيكون الأمر الثاني داعيا إلى الداعي نظير أمر الشارع ~~بإطاعة الوالدين ، فالفعل بدعوة أمرهما يكون بدعوة أمر الشارع بحيث لو لا ~~أمر الشارع لم يكن أمرهما داعيا. # فهذه ثلاثة أوجه لعدم إمكان الأمر مولويا بمتابعة القطع والنهي مولويا عن ~~مخالفته ، وقد ms0349 عرفت الجواب عن جميعها. # وقصارى ما يمكن أن يقال في تقريب عدم الإمكان : إن الأمر المولوي حاله ~~حال الإرادة الفاعلية ومن سنخها بحيث يصح نسبة الإيجاد إلى نفس الأمر بنوع ~~من العناية والاعتبار ؛ فإنه بإرادته المولوية الآمرية محرك عضلات عبده ~~التي هي العضلات التنزيلية لنفسه نحو الفعل ، فالآمر هو المريد وهو الموجود ~~ببدنه التنزيلي والفاعل يريد ويوجد ببدنه التحقيقي ، فكما أن إرادة الفاعل ~~علة تامة وسبب مستقل للمتعلق والمراد بحيث لا يشركه في التأثير شريك فكذا ~~إرادة الآمر أيضا لا أقل من أنه لا بد وأن يكون قابلا وصالحا لأن يكون سببا ~~مستقلا لتحريك نفس العبد بحيث لم ينضم إليها في هذا التحريك والدعوة ضميمة ~~وإن كان فعلا مؤثرا مع الضميمة وداعيا مع الشركة ، كما هو الحال في الأوامر ~~المتعددة بشيء واحد للتأكيد إذا فرض عدم تأثر نفس المأمور إلا من المجموع ~~بوصف الاجتماع ؛ فإن كل واحد منها يصلح للدعوة بالاستقلال وبدون الضميمة ~~كما لو كان منفردا والعبد ذليل النفس منقادا ، كما لو كان فعلا غير مؤثر ~~أصلا ولو مع الشركة كما لو كان العبد طاغيا متمردا. # وبعبارة اخرى الإرادة الآمرية بشيء لا بد وأن يكون الآمر بإرادته إياها ~~موجدا بالعناية لهذا الشيء لو كان الفاعل قابلا ، فمقدمة الإيجاد بالعناية ~~من ناحية المولى تامة ، وهذا المعنى في الإطاعة غير ممكن ؛ لأن الإرادة ~~فيها إما غير مؤثرة أصلا وإما مؤثرة مع الضميمة ، فلا يصلح أن يكون إرادتها ~~مولويا إيجادا بالعناية مستقلا أبدا ، ووجه ذلك أن الأمر بالإطاعة لا بد ~~وأن يكون مسبوقا بالأمر بنفس الفعل ، ضرورة أن قبله لا يكون في البين عنوان ~~الإطاعة حتى يجعل متعلقا للأمر ، بل تحققه فرع وجود الأمر بذات العمل ~~واطلاع العبد عليه والتفاته إليه. PageV01P370 # وحينئذ لا يخلو العبد من ثلاثة أحوال : إما يكون بحيث يتأثر بنفس الأمر ~~الأول ويتحرك نحو العمل بداعويته ، أو يكون بحيث لا يتأثر نفسه من أمر ~~المولى أصلا ، أو يكون بحيث يتحمل معصية أمر واحد ويتحمل لعقاب مخالفة أمر ~~واحد ولكن ms0350 لا يحضر نفسه لتحمل عقابين لمخالفة أمرين ، فالامر الواحد لا ~~يحركه ولكنه بضميمة أمر آخر يصير محركا له على نحو الشركة ، ولا رابع لهذه ~~الثلاثة. # فعلى الأولين يلزم عدم تأثير الأمر بعنوان الإطاعة رأسا وكون تمام ~~التأثير الأول المتعلق بذات العمل على أولهما وعدم التأثير له أيضا على ~~ثانيهما ، وعلى الثالث لا يكون الأمر الثاني إلا جزء العلة. # فعلم أن الإيجاد التام لا يتصور استناده إلى الإرادة المتعلقة بعنوان ~~الإطاعة ، ولا يعقل أن يكون المريد لها موجدا تاما بالعناية في حال إرادته ~~إياها ، وقد قلنا إن الإرادة الآمرية لا بد وأن يكون مريدها موجدا بالعناية ~~والإيجاد بالعناية مستندا إلى نفسها بالاستقلال لا مع الضميمة ، كما أن ~~الإرادة الفاعلية يكون مريدها موجدا بالحقيقة والإيجاد مستندا إلى إرادته ~~بالاستقلال لا بالشركة ، فالأمر المذكور يكون نصف الأمر لا تمام الأمر ؛ ~~لأن الإيجاد بالعناية لا يتأتى منه. # وبالجملة ، فلا بد أن يكون الأمر بالإطاعة والردع عن المخالفة ارشاديين ، ~~وأما أمر الشارع بإطاعة الوالدين فهو صالح للداعوية التامة ، فإن أمر ~~الوالدين لو لا أمر الشارع في البين لم يكن له تأثير أصلا ، وإنما داعويته ~~بواسطة أمر الشارع ، فالداعي الحقيقي إلى الفعل هو أمر الشارع ، وهذا بخلاف ~~ما إذا كان الأمران صادرين من مولى واحد. ### | البحث في التجري # الأمر الثاني : قد ظهر مما تقدم أن القطع حجة في نفسه ، فلو علم بأن ~~المائع خمر وأن الخمر حرام وشربه ، فصادف كونه خمرا في الواقع ، فلا إشكال ~~في استحقاقه العقاب ؛ لأنه شرب الخمر عن حجة ، وإنما الكلام في ما لو شرب ~~المائع الذي علم PageV01P371 # خمريته مع العلم بحرمة الخمر ولم يكن في الواقع خمرا ، وهذا هو المسمى ~~عندهم بالتجري وقد وقع محلا للتشاجر والنقض والإبرام بين الأعلام. # وما يمكن أن يكون محلا للكلام في المقام ثلاث مقامات : # الأول : أن المتجري أعني الفاعل لما اعتقده حراما ولم يكن حراما في ~~الواقع هل يستحق العقوبة ويحسن عقابه من المولى الحكيم أولا؟ والبحث من هذه ~~الجهة يناسب علم الكلام ؛ إذ مرجعه ms0351 إلى أن الآمر الحكيم لو عاقب المتجري ~~فهذا العقاب منه قبيح أولا؟ فالبحث إنما هو عن فعل الآمر. # الثاني : أن يكون البحث عن فعل المتجري وحسنه وقبحه عقلا ، فيقال : ~~ارتكاب الفعل الذي قطع بحرمته مع عدم حرمته واقعا قبيح عقلا أولا؟ فيكون ~~البحث على هذا اصوليا ، لوقوع نتيجته في طريق استنباط الحكم الفرعي ؛ إذ ~~يستكشف من حكم العقل بالقبح حكم الشرع بالحرمة ، ومن عدم القبح العقلي عدم ~~الحرمة الشرعية بقاعدة الملازمة العقلية بين حكم العقل وحكم الشرع. # الثالث : أن يكون البحث في فعل المتجري من حيث الحرمة الشرعية وعدمها ، ~~فيكون البحث فقهيا ، ويظهر من بعض كلمات شيخنا المرتضى أن النزاع في الحرمة ~~الشرعية ، ومن بعضها الآخر أنه في القبح العقلي. # وكيف كان فنحن نحرر الكلام مع تحقيق ما هو الحق في كل مقام بعون الملك ~~العلام فنقول : البحث عن كون فعل المتجري حراما شرعا الذي هو المقام الثالث ~~، فالعناوين المجتمعة في هذا الفعل أعم من الأولية والثانوية التي يدعى ~~تعلق الحرمة بأحدها امور : # الأول : شرب الماء ، الثاني : شرب المائع ، والثالث : شرب مقطوع الخمرية ~~، الرابع: التجري بالمعنى المصطلح وهو الإقدام على فعل ما قطع حرمته مع عدم ~~إصابة قطعه الواقع ، الخامس : ارتكاب مقطوع الحرمة ، وهذه العناوين بين ما ~~ليس بحرام قطعا ، وما لا يمكن أن يقع متعلقا للتحريم لخروجه عن الاختيار ، ~~وما لا يمكن تعلق النهي به مولويا مع كونه اختياريا. PageV01P372 # فالأول هو الأولان ، والثاني هو الرابع ، فإن التجري الاصطلاحي مأخوذ فيه ~~عدم إصابة القطع للواقع وهو خارج عن اختيار المكلف وقصده ؛ فإن المتجري ~~قاطع بخلاف هذا العنوان أعني ارتكاب ما قطع خمريته ولم يكن واقعا خمرا ولا ~~يحتمل ذلك ، فكيف يكون قاصدا له. # وأما الثالث فهو الاثنان الآخران ؛ فإن ارتكاب مقطوع الحرمة أو شرب مقطوع ~~الخمرية أو الحرمة بحيث كان القطع جزء الموضوع مقدور ويصح توجه القصد إليه ~~بأن كان القاطع ملتفتا إلى قطعه وناظرا إليه استقلالا وموضوعا ثم انقدح في ~~نفسه القصد إلى الفعل بعنوان أنه شرب مقطوع الخمرية ms0352 لا بعنوان أنه شرب ~~الخمر ، لكن لا يمكن النهي المولوي عنه ؛ لما مر في الأمر الأول من عدم ~~إمكان تعلق النهي المولوي بعنوان المخالفة والأمر المولوي بعنوان الإطاعة ؛ ~~فإن القاطع بكون المائع خمرا يتحقق في حقه عنوان المخالفة ، فالنهي عن ~~ارتكاب مقطوع الحرمة راجع إلى النهي عن مخالفة خطاب لا تشرب الخمر ، وقد ~~عرفت أن الردع المولوي لا يمكن تعلقه بهذا المعنى. # وبعبارة اخرى : من يقطع بحرمة الخمر وخمرية المائع يكون قاطعا بوجود خطاب ~~لا تشرب بالنسبة إليه ومع التفاته إلى هذا النهي ، فالنهي الثاني عن ارتكاب ~~مقطوع الخمرية في حقه لا يمكن أن يفيد في حقه فائدة الأمر المولوي ببيان ~~تقدم في الأمر بالإطاعة. نعم يمكن ذلك لو لم يكن نفس الخمر بواقعه حراما ، ~~وهذا خلاف الفرض ؛ لعدم تحقق التجري معه ، هذا. # وربما يتوهم عدم تصور فعل اختياري في حق المتجري بالمرة وينفى الحرمة ~~الشرعية عن فعله من هذه الجهة ببيان أن من شرب الماء باعتقاد أنه خمر ~~فعنوان شرب الماء وإن صدر منه لكن ما قصده ، وعنوان شرب الخمر وإن قصده لكن ~~ما صدر منه ، وأما عنوان شرب المائع الذي هو الجامع بين ما صدر وما قصد فهو ~~أيضا ما قصد ؛ لأن الفرض تعلق القصد بخصوص فرد من هذا الجامع وهو شرب الخمر ~~، والقصد إلى خصوص الخاص ليس قصدا للعام. PageV01P373 # نعم لو كان القصد حقيقة متعلقا بالعام وعمد إلى الخاص بتبعه ، أو كان له ~~غرضان أحدهما بالجامع والآخر بالخصوصية فقصد الخاص بالداعيين كان في ~~الصورتين قاصدا للعام وإن فرض وجود العام في خاص آخر غير هذا الخاص ، ~~والحاصل أنه لا إشكال في صورة تعلق القصد الأصلي بالعام والتبعي بالخاص ، ~~وفي صورة وجود القصدين الأصليين أحدهما بالعام والآخر بالخاص من باب تعدد ~~المطلوب. # وأما لو تعلق القصد الأصلي الواحد بخصوص الخاص فالعام لا يصير مقصودا ~~بمجرد ذلك ، ومن هنا تبين أن عنوان ارتكاب مقطوع الخمرية أيضا غير مقصود ؛ ~~إذ القصد تعلق بما يقطع أنه خمر واقعي ، فمجرد هذا العنوان ms0353 الطاري الآلي ~~أعني ارتكاب مقطوع الخمرية أعم من أن يكون مصادفا أو لا غير مقصود ؛ فإن ~~القاطع لا يحتمل عدم المصادفة ، بل يعلم خلافها ويشاهد الواقع بلا سترة ~~وحجاب فيقصد مقطوع الخمرية بما هو عنوان واقعي استقلالي ، وبعبارة اخرى ~~يقصد خصوص مقطوع الخمرية بالقطع المصادف ، فالجامع بين هذا وبين مقطوع ~~الخمرية الذي ليس خمرا واقعا وهو مطلق مقطوع الخمرية الذي هو عنوان آلي غير ~~مقصود بالقصد إلى خصوص القسم الأول ، هذا بيان ما توهمه المتوهم في المقام. # وهو ممنوع بأن العنوان الاختياري الذي هو المطلوب في باب التكاليف على ~~قسمين ، الأول : أن يكون نفس العنوان داعيا للفاعل مثل من يشرب الخمر بداعي ~~شرب الخمر ، والثاني : أنه وإن لم يصر داعيا للفاعل ولم يقصد الفعل بهذا ~~العنوان بل بعنوان آخر ، لكن كان الفاعل ملتفتا إلى هذا العنوان لفعله ولم ~~يكن رادعا له عن الفعل مع كونه قابلا لذلك. # وبعبارة اخرى كان المكلف قادرا على الإيجاد والترك من حيث هذا العنوان ~~الملتفت إليه ، كمن يشرب الخمر مع الالتفات بأنه خمر بداعي شرب المائع ~~البارد ورفع العطش ، والوجدان حاكم بأنه كما يصح كون القسم الأول موردا ~~للتكليف والمؤاخذة ، كذلك يصح التكليف والمؤاخذة في القسم الثاني أيضا ، ~~فيصح في المثال PageV01P374 # الثاني مؤاخذته على شرب الخمر كما يصح في المثال الأول. # والحاصل أن الفعل إذا كان مجمعا لعناوين متعددة وكان جميع تلك العناوين ~~ملتفتا إليها ، ولكن كان الداعي إليه أحد تلك العناوين أو عنوانا اعتقاديا ~~غير موجود فيه واقعا في جميع تلك العناوين مقدورة واختيارية ، سواء كانت ~~عرضية كما لو ضرب شخصا عالما هاشميا لكونه ابن عمرو مثلا مع الالتفات إلى ~~علمه وهاشميته ، فيصح ذمه على ضرب العالم والهاشمي وإن لم يكن بهذا العنوان ~~داعيا له ، أو كانت حلولية كما لو حرك اليد بقصد الضرب فقتله فيصح ذمه على ~~مطلق حركة اليد الذي هو الجامع بين الضرب والقتل وإن لم يكن بعنوانها ~~مقصودة ، بل بعنوان أنها ضرب. # فكذا في ما نحن فيه أيضا ؛ فإن من ms0354 يشرب المائع باعتقاد أنه خمر وليس بخمر ~~يلتفت إلى حيث ما يعينه وإن كان الداعي إليه خصوص الخمرية ، فلو كان مطلق ~~شرب المائع ممنوعا صح مؤاخذته والقول له : لم شربت المائع مع العلم بحرمته ~~، فالمعيار في صحة المؤاخذة والتكليف كون العنوان ملتفتا إليه وإن كان ~~الداعي شيئا آخر ؛ إذ بمجرد الالتفات يصير قادرا على الفعل والترك لأجل هذا ~~العنوان ، ولا يطلب لصحة التكاليف إلا الاختيارية بمعنى القدرة على طرفي ~~الفعل والترك ، فيصح النهي بمجرد صلاحية العنوان لأن يصير بسبب النهي رادعا ~~للفاعل عن الفعل ، ويصح العقاب على الفعل وإن لم يكن مأتيا بداعي هذا ~~العنوان ؛ لعدم ارتداعه مع الالتفات إلى العنوان المحرم. # هذا مع أن المتوهم سلم الاختيارية لمجرد الإرادة التبعية للخاص والأصلية ~~للعام كالمثال الذي ذكرنا من كون الداعي شرب المائع البارد وشرب الخمر ~~لكونه كذلك مع الالتفات إلى خمريته ، وهذا عكس ما نحن فيه ؛ فإن الداعي هنا ~~شرب الخمر وشرب المائع ملتفت إليه ومراد بالتبع ، فإن كان المعتبر هو خصوص ~~العنوان الداعي ولم تكن الإرادة التبعية كافية في الاختيارية لزم عدم ~~الكفاية في عكس ما نحن فيه أيضا كمثالنا ، وإن كانت كافية لزم الاكتفاء بها ~~في المقامين ، فالفرق لا وجه له. PageV01P375 # وبالجملة فتقريب المدعى من عدم الحرمة الشرعية للفعل المتجرى به بما ذكره ~~المتوهم من عدم فعل الاختياري هنا في البين غير سديد ، فالحق في تقريبه هو ~~ما ذكرنا من أن العناوين المجتمعة في هذا الفعل إنما يكون بين ما لا نزاع ~~في عدم حرمته وما لا يمكن حرمته لعدم القدرة عليه وخروجه عن الاختيار وما ~~لا يمكن حرمته لأجل عدم إمكان تعلق النهي المولوي به مع كونه مقدورا ~~واختياريا وهو عنوان ارتكاب مقطوع الحرمة مع قطع النظر عن المصادفة وعدمها. # وأما إن كان النزاع في التجري في القبح العقلي فربما يقال (1) بأن الفعل ~~المتجرى به أعني شرب المائع مثلا وإن لم يكن بعنوانه الذاتي الواقعي وهو ~~شرب الماء مثلا قبيحا ، إلا أنه بعنوانه الطاري الثانوي وهو شرب ms0355 المقطوع ~~الخمرية قبيح عقلا ، ويكون هذا من الوجوه والاعتبارات التي يختلف بها الحسن ~~والقبح ؛ فإن العناوين الحسنة والقبيحة على ثلاثة أقسام بحسب الحسن والقبح : # أحدها : أن يكون علة تامة لأحدهما وهي العناوين الأولية مثل الإحسان ~~والظلم. # والثاني : ما يكون لو خلي وطبعه حسنا أو قبيحا ولا ينافي الاتصاف بالضد ~~لعارض مثل الكذب ؛ فإنه بحسب ذاته قبيح يعني فيه اقتضاء القبح ، ولو كان ~~منجيا للنبي مثلا صار حسنا. # والثالث : ما لا يكون فيه اقتضاء شيء منهما كمطلق حركة اليد مثلا ؛ فإنه ~~لا بد في اتصافه من عروض عنوان ضرب اليتيم للإساءة أو عنوان ضرب اليتيم ~~للتأديب مثلا عليه. # وانقسام الأشياء إلى هذه الثلاثة أمر وجداني من الواضحات وليس قابلا ~~للنزاع ، وما وقع بينهم من النزاع في أن حسن الأشياء وقبحها ذاتي أو يكون ~~بالوجوه والاعتبار لا بد من التسالم بين مترافعيه بأن مراد الأول أن ضرب ~~اليتيم للإساءة مثلا يكون ظلما فيكون قبيحا ذاتيا ، بعبارة اخرى كل شيء ~~اتصف بأحدهما PageV01P376 # لا بد من انطباق أحد العناوين الذاتية الأولية للحسن أو للقبح عليه ، ~~فيكون الاتصاف ذاتيا ؛ فإن ما بالعرض لا بد من انتهائه إلى ما بالذات وإلا ~~لتسلسل ولا ينقطع السؤال بلم أبدا. # مثلا يقال : لم صار ضرب اليتيم للإساءة قبيحا؟ فيقال : لأنه ظلم ، ثم ~~يقال لم صار الظلم قبيحا؟ فيقال لأنه إيذاء ، ثم يقال : لم صار الإيذاء ~~قبيحا وهكذا ، يتسلسل ، فلا بد من انطباق عنوان عليه كان أحدهما ذاتيا له ~~حتى ينقطع السؤال ؛ فإن الذاتي لا يعلل ، والقائل الثاني ينظر إلى العنوان ~~الذاتي لنفس الفعل مثل ضرب اليتيم ؛ فإنه بعد انطباق الظلم عليه يسري قبحه ~~إليه ويصير قبيحا بالعرض. # وبالجملة فالمتجرى به أعني شرب المائع مثلا يكون قبحه بالوجه والاعتبار ~~ولا كلام مع هذا القائل من هذه الجهة ، إنما الكلام معه في أن عنوان شرب ~~المقطوع الخمرية الذي هو عنوان ووجه عارض على شرب المائع يكون قبيحا بالذات ~~، أو لانطباق عنوان آخر عليه؟ يظهر من مواضع من كلامه أن قبحه يكون ms0356 لأجل ~~انطباق عنوان هتك المولى المنعم والاستخفاف بأمره ونهيه والجرأة عليه. # فنقول : لا إشكال في كون هذه العناوين قبيحة بالذات ، وفي الحقيقة يكون ~~من شعب الظلم ، إنما الكلام في انطباقها على مورد التجري دائما ، ولا إشكال ~~أنا نتصور في المعصية الحقيقية انفكاكها عن هذه العناوين ؛ فإنه يمكن أن ~~يكون العبد مع كمال الاعتناء بالمولى وعظم أمره عنده مرتكبا لمعصيته مع ~~كمال التضرع في هذا الحال راجيا لعفوه لغلبة شقوته عليه ، لا لعدم اعتنائه ~~بمولاه وأوامره ، كما هو الحال في فساق المسلمين. # ويدل على إمكان ذلك قوله عليه السلام في دعاء أبي حمزة : «إلهي لم أعصك ~~حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد ، ولا بأمرك مستخف ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولا ~~لوعيدك متهاون ، ولكن خطيئة عرضت وسولت لي نفسي وغلبني هواي وأعانني عليها ~~شقوتي وغرني سترك المرخى علي». # وبالجملة ، فإذا فرضنا المعصية الحقيقية خالية من جميع تلك العناوين ~~فالتجري PageV01P377 # ليس بأعظم منها قطعا ، فيمكن خلوه أيضا منها ولو نادرا ، وهذه يكفي في ~~عدم كونه قبيحا ، يعني أن الفعل الخارجي المتجرى به من حيث هو لا يكون ~~قبيحا عقليا ، وما يكون موضوعا لذلك هو شيء آخر أعني عنوان الاستخفاف ، نعم ~~يكون غالب الانطباق على الفعل المتجرى به ، كما يمكن انطباقه على غيره أيضا ~~كالمباحات ، كما لو جعل أحد مباحا شرعيا محرما على نفسه من باب الاستخفاف ~~بإباحة المولى ، وبالجملة نحن نتكلم من حيث التجري ، وحيث الاستخفاف أمر ~~آخر وراء التجري. # فإن قلت : فعلى هذا يلزم عدم قبح المعصية في الحقيقة أيضا ، لإمكان ~~انفكاك هذه العناوين عنه. # قلت : نعم قد ينفك هذه عنها ، لكن عنوان الظلم ينطبق عليها دائما وهذا ~~مفقود في مورد التجري ؛ إذ فيه لا يلزم مخالفة أمر من أوامر المولى وتضييع ~~غرض من أغراضه بخلاف المعصية الحقيقية ؛ فإنها غير منفكة عن ذلك ، فتحصل من ~~جميع ما ذكرنا إلى هنا أن الفعل الخارجي المتجرى به ليس محرما شرعيا ولا ~~قبيحا عقليا ، ومن ذلك يظهر أنه ليس مما يستحق عليه العقاب أيضا. # بقي الكلام في ms0357 أفعال النفس التي يكون الفعل الخارجي الاختياري مسبوقا بها ~~أبدا ، فلا بد من استقصاء تلك الأفعال. # فنقول : إن من يعزم على فعل خارجي يحصل أولا في ذهنه تصور هذا الفعل ~~بماله من الفوائد والمنافع ، ثم يحصل له عند هذا ميل إليه ، ثم يحصل في ~~الذهن تصور مضاره المترتبة عليه ، ويقع بين هذه المضار وتلك الفائدة ~~والمنفعة كسر وانكسار في النفس ، فإن غلبت فائدته يصير الميل في طرف الفعل ~~ثابتا فقط ، وبعد ذلك يتحقق العزم والإرادة نحو الفعل. # ومن الواضح أن شيئا من هذه المذكورات التي هي مقدمات للإرادة والعزم ليس ~~باختياري ، لا تصور نفس الفعل ، ولا تصور منافعه ، ولا الميل ، ولا تصور ~~مضاره ، ولا الكسر والانكسار وتحقق الميل نحو الفعل محضا ، بل كل ذلك امور ~~قهرية يحصل بعضها عقيب بعض ، نعم قد يمكن أن يكون نفس تصور الفعل اختياريا PageV01P378 # ومسببا عن أمر مقدور ، فيكون سائر الامور المترتبة على تصوره أيضا ~~اختياريا لتسببها عن الأمر الاختياري ، لكن الدعوى نفي كلية اختياريتها. # وأما العزم والإرادة ، فأولا لا إشكال في أن العزم على معصية المولى أمر ~~قبيح ذاتا بمعنى اشمئزاز طبع الإنسان عنه في قبال العزم على طاعته ، حيث إن ~~الطبع يستحسنه ، ولا إشكال أن القبح الفعلي ملازم للقبح الفاعلي لو كان ~~الفعل عن اختيار الفاعل ، فيكون الفاعل مستحقا للملامة والعقاب ، فالمهم ~~إثبات اختيارية العزم أو اضطراريته. # فنقول : قد يقال بأن الإرادة هو العلم بالصلاح وإن اختلف تعبيره في ~~الخالق والمخلوق ، فيعبر عنه في الأول بالعلم بالأصلح ، وفي الثاني باعتقاد ~~النفع ، والمحصل أنه إذا صار الصلاح والنفع معلوما فالمضرة لو كانت فهي ~~مضمحلة في جنب الصلاح ، وبعبارة اخرى علم النفع الخالص السالم عن المزاحم ، ~~فعند ذلك يحصل حركة العضلات ولا يحتاج إلى شيء آخر وراء هذا العلم. # فلا إشكال أن العزم على هذا القول ليس باختياري مطلقا إلا فيما إذا كانت ~~مقدماته اختيارية ، وأما إذا لم يكن مقدماته في البين مثل ما لو علم عدم ~~النفع في الفعل فليس باختياري ؛ إذ لا يمكن ms0358 في هذا الفرض إيجاد العلم ~~بالصلاح في النفس بمجرد إحراز مصلحة في نفس هذا العلم. # ولكن الحق أن الإرادة حالة نفسانية وراء العلم بالصلاح ، والدليل عليه ~~أنا نتمكن بالوجدان من إيجاد الإرادة في النفس مع عدم العلم بمصلحة في ~~متعلقها ، بل والقطع بعدم صلاح فيه أصلا ، والمثال الواضح لذلك أن المقيم ~~عشرة أيام في البلد إذا فرض عدم ترتب نفع له على نفس البقاء في البلد ، بل ~~يعزم لمجرد إتمام الصلاة ، فإن عزمه هذا لا يمكن جعله عبارة عن العلم ~~بالصلاح ، كيف وهو عالم بعدم نفع في نفس البقاء مع قطع النظر عن العزم ؛ ~~فإنه لو لم يعزم يقصر صلاته وإن بقي عشرة أيام ، ولو عزم يتم وإن لم يبق ~~عشرة أيام ، فهو عالم بعدم فائدة في نفس البقاء ومع ذلك يعزم عليه ، وكذلك ~~كل موضع كان لنفس الاختيار مدخلية في ترتب الاثر. PageV01P379 # فلو كان العزم هو العلم بالصلاح لزم في هذه المواضع الدور ، لوضوح توقف ~~العلم بالصلاح فيها على الاختيار ، فلو كان الاختيار أيضا متوقفا على العلم ~~بالصلاح كان دورا، فيلزم أن لا يمكن الاختيار في هذه المواضع وقد فرضنا ~~إمكانه ، فيلزم أن يكون الاختيار حالة اخرى وراء العلم المذكور. # ثم هل هذه الحالة النفسانية المسماة بالإرادة اختيارية أو اضطرارية؟ ~~الوجدان يشهد بالأول ، وبرهان (1) الخصم غير تام. # أما برهان الخصم فهو أن الفعل الاختياري ليس إلا عبارة عما هو مسبوق ~~بالإرادة بحيث لو شاء فعل ولو شاء ترك ، فلو كان نفس الإرادة أيضا اختيارية ~~لزم مسبوقيتها بإرادة ثانية وهي بثالثة وهكذا ، فيتسلسل. # والجواب على وجه يظهر بطلان التسلسل ودليل الاختيارية يكون بتمهيد ~~مقدمتين : # الاولى : أن العلة لوجود الإرادة شيئان كل منهما وجد يكتفى به ، وإن وجد ~~كلاهما اشتركا في التأثير ، أحدهما : الصلاح في نفس المتعلق مثل ما لو كان ~~في ضرب الزيد فائدة فيريده ، والثاني : الصلاح في نفس الإرادة ، وحينئذ ~~يحتاج في وجودها إلى إرادة اخرى فتكون الإرادة الاولى معلولة للإرادة ~~الثانية ، وهي مع الإرادة الاولى حالها حال الإرادة ms0359 للأفعال الخارجية ، ~~فالإرادة الاولى تصير بمنزلة فعل خارجي ، فالإرادة المتعلقة به معلولة ~~للصلاح فيها ، كما أن الإرادة المتعلقة بالفعل الخارجي معلولة للصلاح في ~~الفعل الخارجي ، فالإرادة الاولى علتها الإرادة الثانية PageV01P380 # وهي علتها الصلاح في الإرادة الاولى لا إرادة ثالثة ؛ فاتضح بطلان ~~التسلسل فيما إذا وجد الإرادة بالإرادة ، وإنما يتحقق التسلسل في هذه ~~الصورة لو كان سبب وجود الإرادة منحصرا في الإرادة وقد عرفت عدمه. # والثانية : أن بعض الأفعال يكون اختيارية بحيث يصح وقوعها متعلقا للتكليف ~~مع عدم مسبوقيتها بإرادة المكلف ، بل بمجرد قدرته على مقدمة وجوده ، ~~فالاختيارية المصححة للتكليف أعم من أن يكون الفعل ناشئا عن الإرادة ، وأن ~~يكون مقدمته بيده وإن كان ناشئا عن إرادة غيره ، فيصح في الصورة الثانية ~~العقاب على نفس ذي المقدمة وما هو النتيجة لكونها مقدورة بالواسطة ، مثلا ~~مجيء العمرو إلى دار الزيد وإن كان غير ناش عن إرادة الزيد بل عن إرادة ~~العمرو ولكن يكفي في كون وجوده وعدمه مقدورين للزيد قدرته على ممانعة ~~العمرو من دخول الدار بإغلاق الباب ، فيصح عقابه على نفس مجيء العمرو الذي ~~هو النتيجة ، كما يصح على ترك إيجاد المانع. # إذا عرفت ذلك علمت أن الإرادة أعم مما يوجد منها لمصلحة فيها وما يوجد ~~لمصلحة في المتعلق يكون اختيارية. # أما القسم الأول فواضح وإشكاله لزوم التسلسل وقد عرفت منعه في المقدمة ~~الاولى. # وأما القسم الثاني وهو ما يوجد لمصلحة في المتعلق سواء كان متعلقه إرادة ~~اخرى أو فعلا خارجيا فلأنه إذا ثبت الاقتدار على إيجاد الإرادة لمصلحة في ~~نفسها كما هو القسم الأول فيثبت الاقتدار على تركها والممانعة من وجودها ~~فيما يكون لمصلحة في المتعلق إذا كانت في نفسها مضرة مزاحمة لما في المتعلق ~~من المنفعة ، فكما يتمكن من إيجادها لمصلحتها فيتمكن من تركها في القسم ~~الثاني لمضرتها إذا غلبت على مصلحة المتعلق ، وإذا غلبت مصلحته أيضا فهو ~~متمكن ، حيث اختار الوجود بعد الكسر والانكسار وغلبة مصلحة المتعلق لما ~~عرفت في المقدمة الثانية ، فإنه لو شاء يتمكن من إيجاد ms0360 إرادة الضد في نفسه ~~قبل وجود الإرادة في النفس ، فهو وإن لم PageV01P381 # يصدر منه الإرادة أعني القسم الثاني منها بسبق إرادة اخرى عليها ، لكن ~~يكفي في كون وجود هذه الإرادة وعدمها تحت قدرته واختياره كون وجودها منوطا ~~بمطلوبية ما فيها من المضرة لمصلحة المتعلق ، وكون إيجاد المانع عن وجوده ~~وهو إيجاد إرادة الضد قبل وجودها مقدورا له ، فيصح عقوبته على نفس هذه ~~الإرادة ، كما يصح على ترك إيجاد الإرادة المانعة. # وبالجملة فكما تكون الاختيارية المصححة للتكليف في الأفعال الخارجية ~~حاصلة تارة بالصدور عن الإرادة واخرى بمقدورية مقدمة وجودها أو عدمها في ~~الخارج ، فكذا هذان القسمان موجودان في الإرادة أيضا بلا فرق ، هذا وصاحب ~~الكفاية قدسسره مع قوله بكون العزم غير اختياري صحح العقوبة عليه معللا ~~بأنه راجع إلى جناية النفس وهي أمر ذاتي والذاتي لا يعلل ، فالقادم على ~~المعصية خبيث النفس ، وخبيث النفس يدخل النار كما أن الكلب يمنع من الدخول ~~في البيت المفروش لقذارته الذاتية ، ونحن في فسحة من ذلك حيث جعلنا العزم ~~اختياريا. # فإن قلت : سلمنا كون العزم على المعصية اختياريا وقبيحا ، لكن ذلك إنما ~~يوجب القبح الفاعلي عقلا واستحقاقه اللوم عن العقلاء ، ولا يلازم استحقاق ~~العقوبة من المولى كما هو المدعى ؛ فإن مجرد القبح العقلي ما لم ينته إلى ~~الشرعي لا يوجب العقاب ، ولهذا قيل بالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع من ~~باب قاعدة اللطف ؛ فإن القبيح العقلي لا يكون نفوس النوع منصرفة عنه ، ~~فاللطف يقتضي بأن يأمر الشارع بالحسن وينهى عن القبح حتى يصير النوع مع ~~الداعي ؛ فإن مخالفة الأمر والنهي يكون من تبعتها العقاب والعذاب ، فبعض ~~النفوس يصير داعيها إلى الترك مجرد القبح العقلي ، وبعض النفوس لا يحصل ~~الداعي لها إلا بالأمر والنهي حتى يدعوه خوف وقوعه في العذاب والنكال. # فلو كان مجرد القبح العقلي مورثا للعقاب المولوي لم يصح إثبات الملازمة ~~بقاعدة اللطف ؛ إذ كان مجرد القبح عقلا كافيا في ردع النوع ولم يحتج إلى ~~الأمر والنهي مضافا إليه ؛ إذ لم يكن فيهما لطف ms0361 على هذا التقدير. PageV01P382 # وبالجملة لا بد في استحقاق العقوبة في القبائح العقلية إلى ضميمة حكم ~~الشرع بقاعدة الملازمة ، وهنا لا يمكن ذلك لعين ما ذكر في نفس المعصية من ~~عدم إمكان توجه النهي المولوي إليها ؛ فإن هذا بعينه موجود في إرادة ~~المعصية أيضا ؛ فإنها لا تتحقق إلا بعد العلم بوجود النهي واقعا ، فإذا لم ~~يصرفه هذا النهي فالنهي عن الإرادة لا يمكن مولويته بالبيان المتقدم. # قلت : وجه الحاجة في سائر المواضع إلى ضميمة الأمر والنهي لاستحقاق ~~العقاب المولوي أن مجرد ارتكاب القبيح مع قطع النظر عن النهي لا يرتبط ~~بالمولى من حيث إنه مولى، نعم هو من حيث إنه واحد من العقلاء مشمئز من ~~الفعل ، فالظلم لو لا النهي ليس هتكا للشارع من حيث إنه مولى ، نعم هو من ~~حيث كونه من العقلاء يشمئز منه ، فيحتاج إلى إيجاد الأمر والنهي في موضوع ~~الحسن أو القبح العقليين حتى يكون الارتكاب أو الترك مرتبطا بمقام مولويته. # وهذا بخلاف المقام فإنه بدون النهي يرجع سوئيته إلى المولى ، بل قبح ~~إرادة معصية المولى عقلا إنما هو لأجل كونها راجعة إلى المولى وكونها ~~بمنزلة الظلم عليه ، كما أن هذا هو الحال في إرادة الطاعة المسماة ~~بالانقياد ؛ فإنه من الابتداء يرجع حسنه إلى المولى ، بل حسنه يكون من جهة ~~كونه حسنا راجعا إلى المولى ، فيكون المولى أهلا للثواب عليه ، وإرادة ~~المعصية أيضا تكون من الابتداء قبيحا راجعا إلى المولى ، وقبحه العقلي أيضا ~~من جهة ذلك ، فيكون المولى هو الأهل للعقاب عليه. # والحاصل أن العزم على المعصية قبيح عقلي يستحق عليه العقاب بدون النهي ~~كما أن العزم على الطاعة حسن عقلي يستحق عليه الثواب بدون الأمر ، ولا ~~يتوهم منافاة بين ما ذكر هنا وما تقدم من إمكان انفكاك التجري عن عنوان ~~الاستخفاف وما أشبهه ؛ فإنه وإن كان يمكن أن لا يكون استخفافا ولكنه لا ~~ينفك عن كونه جريا على خلاف إرادة المولى وإرادة على خلاف ميله فيكون رجوع ~~أمره إليه ، مثلا لو ضرب العبد ابن شخص آخر ms0362 غير المولى فالمولى من حيث إنه ~~أحد العقلاء يبغض هذا الفعل ، وأما لو ضرب ابن المولى فهذا الضرب له تعلق ~~بالمولى وهو من حيث PageV01P383 # مولويته متأثر منه ، فيكون أهلا للمجازاة عليه وإن لم يسبق منه نهي عن ~~هذا العمل. # فتحصل أن قصد المعصية في التجري قبيح عقلي وأن قبحه لتعلقه بحيث مولوية ~~المولى موجب لاستحقاق العقاب ، فلا يكون حراما شرعيا وإن قلنا بالملازمة. # لكن هل يكون استحقاق العقوبة على هذا في المعصية الحقيقية متعددا فيكون ~~العاصي مستحقا لعقوبتين ، إحداهما للقصد الذي هو الفعل القلبي والاخرى لنفس ~~الفعل الخارجي ، أو يكون مستحقا لعقاب واحد لمجرد القصد؟ الظاهر هو الأول ؛ ~~إذ يلزم على الثاني عدم مدخلية الفعل الخارجي في العاصي لاستحقاق عقاب أصلا ~~وأن لا يكون عقاب على فعل خارجي أصلا ، وهو مما لا يمكن الالتزام به ، وإذن ~~فلا مانع من القول باستحقاق العاصي عقابا أشد من عقاب من صدر منه القصد مع ~~الفعل الخارجي المخالف أو مجردا وهما سيان في الاستحقاق ؛ لتساويهما في ~~القصد الذي هو المنشأ له ، والعفو في القسم الثاني لا ينافي مع الاستحقاق ؛ ~~فإن العفو ورفع فعلية العقاب لا ينافي الاستحقاق كما هو واضح. # بقي الكلام في الدليل العقلي الذي أقاموه على استحقاق المتجري على الفعل ~~الخارجي كالعاصي ، وهو أنه لو فرضنا شخصين كل منهما شرب مائعا يعتقد هو ~~بخمريته واتفق مصادفة أحدهما للواقع ومخالفة الآخر فإما نقول باستحقاق ~~كليهما ، أو بعدم استحقاق كليهما ، أو باستحقاق من خالف اعتقاده الواقع دون ~~من صادف ، أو باستحقاق من صادف دون من خالف ، فهذه أربعة وجوه. # لا سبيل إلى عدم استحقاق كليهما ، ولا إلى استحقاق من خالف دون من صادف ؛ ~~لمخالفة كليهما مع الوجدان والقطع بخلافهما ، وأما استحقاق من صادف دون من ~~خالف فهو مستلزم لإناطة الاستحقاق وعدمه على أمر خارج عن قدرة المكلف ؛ فإن ~~المصادفة والمخالفة كليهما خارج عن الاختيار ، فيتعين استحقاق كليهما وهو ~~المطلوب. # والجواب أنا نختار استحقاق من صادف دون من خالف ، قولك : يلزم إناطة ~~الاستحقاق بأمر غير ms0363 اختياري مدفوع بأن صحة العقوبة لا ينفك عن الإناطة بأمر PageV01P384 # غير اختياري ، لا أقل من المقدمات السابقة على الإرادة من تصور الفعل ~~والميل ونحوهما ، بل وجود الفاعل وقدرته ووجود الموضوع مثل الخمر مثلا ؛ ~~فإن كل ذلك دخيل في صحة العقوبة قطعا. # ألا ترى أن من كان واجدا للخمر وشربه يستحق العقوبة ومن لم يشربه لأجل ~~أنه لا يجد لا يصح عقوبته ، مع أن وجود الخمر عند الأول وعدمه عند الثاني ~~غير اختياريين ، وبالجملة المصحح للعقوبة كون الفعل بالأخرة منتهيا إلى ~~اختيار المكلف بأن كان آخر مقدمة وجوده بيده ، فإذا تحقق ذلك لا يضر عدم ~~اختيارية سائر المقدمات وإن كانت ألف مقدمة، نعم لو كان جميع المقدمات ~~خارجا عن الاختيار ولم يرجع إليه حتى بالاخرة لم يصح حينئذ العقاب. # وحينئذ فنقول : إن من شرب الخمر الواقعي فوجود الخمر الذي هو أحد أسباب ~~الاستحقاق وإن كان غير اختياري متحقق في حقه ، فلهذا صار مستحقا ، ومن شرب ~~الماء باعتقاد الخمرية فهذه المقدمة منتفية في حقه ؛ فلهذا لا يكون مستحقا ~~، نظير من كان الخمر عنده موجودا ويشربه ، ومن يكون عنده مفقودا فلهذا لا ~~يشربه ، كما مثلنا به ، وهذا من جهة الفعل الخارجي ، وبعبارة اخرى من حيث ~~عقاب معصية شرب الخمر ، وأما من حيث القصد فقد عرفت عدم الفرق بينهما. ### | الكلام في القطع الطريقي والموضوعي # الأمر الثالث : جميع ما ذكرناه من التكلم في حجية القطع بنفسه وعدم إمكان ~~النهي عنه وعدم قابليته للأمر المولوي ومن البحث في أحكام التجري كلها إنما ~~هو في القطع الطريقي ؛ فإن القطع قد يكون طريقا صرفا ، والأثر لنفس متعلقه ~~، ولازم هذا حجيته على الإطلاق من أي سبب حصل ولأى شخص كان وفي أي زمان وجد ~~، وقد يكون مأخوذا على وجه الموضوعية وحينئذ ففي سعة دائرته وضيقها وإطلاقه ~~وتقييده يتبع دليله اللفظى ؛ فإنه في ذلك تابع لنظر الجاعل وجعله ، فقد ~~يجعل القطع موضوعا مطلقا وقد يجعل القطع الخاص موضوعا كالقطع الحاصل من PageV01P385 # الحس لا الحدس أو من غير الجفر والرمل إلى ms0364 غير ذلك من الخصوصيات. # ثم أخذ القطع موضوعا يتصور على نحوين : # الأول : أن يكون تمام الموضوع بأن يكون تمام الدخل للقطع من دون دخل ~~للواقع ، فمتى تحقق القطع وإن كان جهلا مركبا تحقق الموضوع الواقعي كما إذا ~~تعلق الحرمة بمقطوع الخمرية وإن لم يكن خمرا واقعا ، وما لم يقطع بخمريته ~~كان حلالا واقعا وإن كان في الواقع خمرا. # والثاني : أن يكون جزء الموضوع بأن يكون القطع والواقع كلاهما دخيلا وكل ~~منهما منفردا لا يوجب أثرا ، كما لو تعلق بالخمر المقطوع الخمرية بحيث لو ~~كان خمرا ولم يكن مقطوعا كان حلالا واقعا ، وكذا لو كان مقطوعا ولم يكن ~~خمرا أيضا ؛ فإن في هذا الفرض يتحقق التجري. # وعلى كلا التقديرين إما يؤخذ القطع على وجه الصفتية ، وإما يؤخذ على وجه ~~الطريقية ، فهذه أربعة أقسام : القطع المأخوذ تمام الموضوع على وجه الصفتية ~~، والمأخوذ جزء الموضوع على هذا الوجه ، والمأخوذ تمام الموضوع على وجه ~~الطريقية ، والمأخوذ جزئه على هذا الوجه. # والفرق بين نحو الصفتية ونحو الطريقية أن الموضوع إن كان هو الأول لم يقم ~~الأمارات وبعض الاصول مقام القطع ، فلو كان معلوم الخمرية بالعلم على نحو ~~الصفتية حراما فالمائع الذي قام على خمريته البنية أو الاستصحاب ليس بحرام ~~لانتفاء جزء الموضوع وهو صفة القطع ، وإن كان الموضوع هو الثاني يقوم ~~الأمارات وبعض الاصول مقامه ، هذا حاصل التقسيم والفرق الذين ذكرهما شيخنا ~~المرتضى قدسسره . # واستشكل عليه المحقق الخراساني قدس سره في قيام الأمارات وبعض الاصول ~~مقام القطع الموضوعي على نحو الطريقية ، وحاصل ما ذكره في تقريب الإشكال أن ~~العلم له نسبة إلى العالم ونسبة إلى المعلوم ؛ فإنه نور وانكشاف قائم بنفس ~~العالم ومنور ومظهر للشيء المعلوم ، فيراد بصفتيته اعتباره من حيث قيامه ~~بالنفس و PageV01P386 # بطريقيته اعتباره من حيث حكايته ومظهريته للمعلوم. # وحينئذ فنقول : المفروض أن موضوع الأثر هو الخمر المقطوع بدخل الخمر ~~والقطع معا مع أخذ القطع طريقا ، ولازم ذلك عدم قيام الأمارات وبعض الاصول ~~مقامه ؛ لأن دليل حجيتها لا يخلو من حالين : إما مفاده ms0365 التنزيل من حيث آثار ~~المعلوم ، وإما من حيث آثار العلم ، فعلى الأول لا بد من أن يكون النظر إلى ~~القطع والظن طريقيا بأن ينظر بهما إلى المعلوم والمظنون فيصير معنى أن ~~البينة مثلا حجة أن : المائع الذي قام على خمريته البينة بمنزلة الخمر ~~المعلوم ، وهذا يوجب ترتيب كل أثر يترتب على نفس الخمر على هذا المائع ، ~~وقد فرضنا كون الأثر للخمر والقطع معا ، فكل أثر كان للقطع لا يترتب يعني ~~لا يفيده هذا الدليل ، فيحتاج إلى دليل آخر على تنزيل الظن أيضا مقام القطع ~~حتى يحصل كلا جزئي الموضوع. # وعلى الثاني لا بد من أن يكون النظر إليهما استقلاليا ويحكم بأن الظن ~~كالقطع وهذا لا يوجب إلا ترتيب جميع الآثار التي تمام موضوعها القطع على ~~الظن ، وينفي الآثار التي تمام موضوعها الواقع أو هو مع القطع ، فيحتاج إلى ~~تنزيل آخر بنظر طريقي حتى ينزل مؤدى الظن أيضا منزلة مؤدى القطع حتى يحكم ~~بتلك الآثار أيضا. # فعلم أن قيام الأمارة والأصل مقام العلم في جميع الآثار يحتاج إلى ~~تنزيلين تكفلهما دليلان ، وأما الدليل الواحد فلا يتكفلهما ؛ ضرورة أنهما ~~لحاظان متباينان لا يمكن جمعهما في لحاظ واحد. # ثم العمومات الدالة على حجية الأصل والأمارة يكون التنزيل منزلة الواقع ~~قدرا متيقنا منها ، ومع ذلك لا يمكن دلالتها على التنزيل الآخر ، ولازم ذلك ~~عدم قيام الأمارات والاصول مقام العلم في الآثار التي يكون العلم تمام ~~موضوعها أو جزئه وإن كان العلم موضوعا على وجه الطريقية. # هذا حاصل الإشكال ولا بد أولا من فهم معنى الطريقية والصفتية ، فنقول : ~~إن كان المراد بالطريقية كون العلم مرآتا صرفا لمتعلقه ، بحيث لا ينظر فيه ~~أصلا ، فيلزم عدم دخله في الموضوع ؛ لأن المفروض أن الجاعل لم ينظر إلى ~~القطع إلا بالنظر PageV01P387 # المرآتي ، والحكم المجعول في هذا النظر لا محالة يكون تمام موضوعه الواقع ~~؛ لأنه لا يرى إلا إياه. # وإن كان المراد أن ينظر ثانيا إلى حيث طريقية القطع بنظر الاستقلالي فما ~~المراد بالصفتية إن كان المقصود حيث كون القطع ms0366 صفة نفسانية؟ فهذا جامع ~~لجميع الصفات النفسانية من الحسد والبخل وغيرهما ، فيلزم كونها أيضا ~~موضوعا. # وإن اريد هذه الصفة الخاصة والحالة النفسانية المخصوصة المقابلة لسائر ~~الصفات والحالات النفسانية ، فالخصوصية التي بها تمتاز هذه الصفة عن سائر ~~صفات النفس وتصير مقابلة لها ليس إلا كونه كشفا تاما ، فبالكشف تمتاز عن ~~جميع الصفات غير الظن كالحسد والبخل ونحوهما ؛ حيث لا كشف فيها أصلا ، ~~وبقيد التمام تمتاز عن الظن ؛ حيث إنه وإن كان كشفا لكنه ناقص. # وبالجملة ، فيصير على هذا مرجع الصفتية إلى الطريقية ؛ إذ المنظور في ~~الثانية أيضا هو الكشف التام ، وإلا فإن كان منظورا على نحو المرآتية ~~وبالمعنى الحرفي فقد عرفت أنه يلزم عدم دخله في الموضوع أصلا ، فاللازم هو ~~التزام أن القطع بمعنى الكشف التام الملحوظ بالاستقلال لا يكون إلا ذا ~~حيثية واحدة وليس له حيثيتان حتى يسمى باعتبار إحداهما صفة وبالاخرى طريقا. # وعلى هذا فلا بد من حمل الطريقية والصفتية في كلام شيخنا المرتضى على ~~معنى آخر، بأن يقال : إن جعل معلوم الخمرية موضوعا يتصور على نحوين : # الأول : أن يكون المقصود هو الخمر المفروغ عن خمريته بقيام طريق متبع ~~عليها ، وبعبارة اخرى : الخمر الذي له كاشف وطريق أعم من أن يكون كاشفه ~~وطريقه هو القطع أو طريقا معتبرا آخر ، ووجه تخصيص القطع بالذكر كونه أظهر ~~أفراد الكاشف وأتمها. # والثاني : أن يكون نفس هذه الصفة التي هي الكشف التام بخصوصيته هذه ~~معتبرا ، فعلى هذا لا يقوم طريق آخر مقامه ؛ إذ غاية الأمر إحراز نفس ~~الواقع بقيام طريق آخر بسبب دليل حجيته ، فيبقى خصوص صفة القطع والكشف ~~التام الذي هو PageV01P388 # جزء الموضوع أو تمامه منتفيا ، وأما على الأول وهو أن يكون النظر إلى جهة ~~طريقيته وكشفه مع قطع النظر عن خصوصية كونه تاما فيقوم مقامه الأمارات وبعض ~~الاصول لو اخذ بهذا النحو موضوعا. # لا يقال : إنه على هذا ليس الأصل والأمارة قائما مقام القطع بل هما أيضا ~~في عرض القطع ؛ فإن الدليل نسبته إليهما على حد سواء ؛ إذ لم يعتبر فيه ms0367 إلا ~~وجود الطريق المطلق ، وكما أن القطع أحد أفراد الطريق فكذا الأصل والأمارة ~~، فيكون ترتيب الأثر عليهما بنفس هذا الدليل كالقطع لا بدليل التنزيل. # لأنا نقول : معنى قيامهما مقام القطع حينئذ إنما هو بالنسبة إلى نفس ~~الواقع ؛ فإن الأثر يكون لنفس الواقع والطريق ، فلا بد من إحراز شيئين : ~~نفس الواقع والطريق ، فلو لم يكن دليل التنزيل في البين فالظن بخمرية مائع ~~وإن كان يتحقق به الطريق لكن يحتاج إلى تنزيل هذا المائع المظنون الخمرية ~~أيضا منزلة الخمر الواقعي ليرتب عليه أثر الخمر الواقعي ، فيكون أحد ~~الجزءين وهو الظن مثلا حاصلا بالوجدان والجزء الآخر وهو الخمر حاصلا ~~بالتنزيل للمؤدى منزلة الواقع ، فيكون قيام الظن مثلا مقام القطع في الجزء ~~التنزيلي لا في الجزء الوجداني. # فإن قلت : لا أثر لنفس الواقع بالفرض ، بل له مع الطريق ، وتنزيل المظنون ~~منزلة الواقع يفيد في ترتيب الآثار المترتبة على نفس الواقع. # قلت : يكفي الأثر التعليقي المترتب على جزء الموضوع ، فيفيد التنزيل ~~إثبات هذا الأثر التعليقي للمظنون ، نظير الأصل والأمارة القائمين على ~~إثبات جزء الموضوع في سائر الموارد كالبينة القائمة على تعديل عدل واحد ~~ليكون موضوعا لقبول الشهادة إذا انضم إليه عدل آخر ، أو إثبات الكرية ~~بالاستصحاب ليرتب عليها عدم الانفعال إذا انضم إليها الطهارة والإطلاق. # وبالجملة فإذا قام الظن أو البينة على خمرية مائع فيقوم هذا الظن أو ~~البينة مقام القطع بواسطة دليل تنزيلهما منزلته ، فيحكم بكون المائع خمرا ، ~~وبعد إثبات خمريته بذلك يصير ذا طريق قهرا ، فدليل التنزيل يثبت خمرية ~~المائع تشريعا وطريقية PageV01P389 # الظن والبينة تكوينا ، هذا كله فيما إذا كان القطع جزء موضوع. # وأما إذا كان تمام موضوع فإن كان لمتعلقه أثر آخر غير ما اخذ القطع تمام ~~موضوعه فالأمارة والأصل يقومان مقامه ؛ إذ بلحاظ ذاك الأثر يصح التنزيل وبه ~~يتحقق مصداق الطريق ، فالصغرى أعني طريقية الأمارة تثبت به ، والكبرى أعني ~~ثبوت الأثر الذي تمام موضوعه القطع لكل طريق معتبر بدليل هذا الأثر ، فكون ~~الأمارة طريقا يثبت بالتنزيل ، وكون كل طريق حكمه كذا ms0368 ثبت بدليل هذا الحكم ~~، وإن لم يكن لمتعلقه أثر أصلا فلا يشمل دليل التنزيل إياه ، إذ هو بلحاظ ~~الأثر ، وإذ ليس فليس ، فلا يقوم الأمارة والأصل مقام القطع ، فتبين أن ~~قيام المقام مخصوص بموضع قابل له. # تتمة : القطع بحكم لا يمكن جعله موضوعا لمثل هذا الحكم ولا لضده ، أما ~~الأول فللزوم اللغوية في الأمر والنهي المولويين كما تقدم ، لا من جهة ~~اجتماع المتماثلين ؛ إذ هو غير لازم لاختلاف الرتبة كما تقدم أيضا ، وكذا ~~في الثاني ليس الجهة لزوم التناقض لعدم لزومه باختلاف الرتبة ، بل الجهة ~~لزوم الإذن في المخالفة وهو أيضا كالمخالفة في القبح. # مثلا القطع بوجوب موضوع لو صار موضوعا لوجوب آخر لهذا الموضوع فهذا لغو ، ~~وإن صار موضوعا لحرمته لزم الإذن في ترك الواجب ، ولو لم يلزم أحد ~~المحذورين فلا بأس كما في جعل القطع بإباحة شيء موضوعا لوجوبه أو حرمته أو ~~استحبابه أو كراهته ، وكما في جعل القطع بالكراهة موضوعا للحرمة دون العكس ~~، أو جعل القطع بالاستحباب موضوعا للوجوب دون عكسه ، وفي مورد لزوم أحدهما ~~لا بد من جعله موضوع الحكم على موضوع آخر مثل قولك : إذا قطعت بكون المائع ~~خمرا وحراما فتصدق بدرهم. # ثم إنه يرد على المحقق المذكور القائل بعدم قيام الأمارات مقام العلم ~~المأخوذ على نحو الكشف والطريقية موضوعا النقض بالاصول العملية ؛ فإن ~~غايتها العلم ، فقاعدة الطهارة مغياة بالعلم بالنجاسة ، وقاعدة الاستصحاب ~~مغياة بيقين مثل PageV01P390 # اليقين السابق ، وهكذا سائر الاصول ؛ فإنها مجعولة في حق الشاك ما دام ~~الشك ، فإذا ارتفع الشك وتبدل بالعلم ارتفع موضوعها ، ولا إشكال أن العلم ~~المذكور وإن اخذ طريقا محضا بالنسبة إلى حكم متعلقة ، لكنه موضوع بالنسبة ~~إلى عدم جريان الأصل. # فلازم القول المذكور عدم كون الأمارة القائمة على خلاف الاصول واردة ~~عليها ، بل اللازم هو التعارض بين الأصل والأمارة ، فإذا شك في حدوث خمرية ~~مائع قطع بخليته سابقا فقضية عدم نقض اليقين السابق بالشك بل بيقين مثله هو ~~البناء على كون هذا المائع خلا ما دام الشك في خمريته ms0369 باقيا ، فإذا قام ~~أمارة على خمرية هذا المائع فقضية دليل اعتبار هذه الأمارة المفيد لتنزيل ~~نفس المؤدى منزلة الواقع دون تنزيل الشك منزلة اليقين ليس إلا تنزيل هذا ~~المائع منزلة الخمر وترتيب آثار الخمر الواقعي عليه ، لا تنزيل شك المكلف ~~وترديده النفساني منزلة اليقين ، ومن المعلوم أن تنزيل المائع بمنزلة ~~الواقع لا يرفع الشك ، فيكون المائع خمرا بمقتضى دليل التنزيل ، ويكون ~~المكلف شاكا لعدم حصول العلم له لا وجدانا بلا إشكال ولا تنزيلا كما هو ~~الفرض ، فيكون موضوعا للاستصحاب وعدم نقض اليقين بالشك ، فيكون مقتضى هذا ~~هو الحكم بالخلية ، ومقتضى دليل الأمارة هو الحكم بالخمرية فيقع التعارض ~~بينهما بدون الورود. # ومبنى هذا المحقق في باب ورود الأمارة على الأصل هو أن العلم المجعول ~~غاية للأصل ، المراد به هو العلم بالحكم الفعلي لا خصوص العلم بالحكم ~~الواقعي ، ولا شك أن من تقوم عنده أمارة على وجوب شيء مثلا يعلم بأن حكم ~~الله في حقه فعلا هو وجوب هذا لشيء ، وبهذا يخرج عن موضوع الشاك ، وينقطع ~~الأصل الجاري في حال الشك في الوجوب. # وأنت خبير بعدم تأتي ذلك في الشبهة الموضوعية ، فمن شك في حرمة شرب التتن ~~لو قام عنده خبر العادل الثقة على حرمته يعلم وجدانا بأن الحكم الفعلي هو ~~الحرمة بضميمة وجوب العمل على طبق خبر العادل الثقة ، وأما من شك في خمرية ~~مائع مع العلم بخليته سابقا وقام البينة على خمريته فهو لا يحصل له العلم PageV01P391 # بالخمرية ؛ فإنها غير قابلة للجعل ، فليست كالحكم القابل له ، ومن ~~المعلوم أن دليل عدم نقض اليقين بالشك إنما يعتبر اليقين والشك فيه في ~~الشبهات الموضوعية في نفس الموضوعات، فمفاده أن العلم بالخلية في السابق لا ~~ينقض إلا بالعلم بالخمرية وقد عرفت أن دليل الأمارة لا يصير سببا للعلم ~~بنفس الخمر وإن كان يصير سببا للعلم بحكمه. # وبالجملة ، فكل ما يختاره هذا المحقق الجليل في ورود الأمارة على الأصل ~~في الشبهة الموضوعية نختاره نحن في هذا الباب أعني قيام الأمارات مقام ~~العلم المأخوذ في ms0370 الموضوع على نحو الكشف ، ونجيب به عن إشكاله قدسسره ، ~~فبين اختيارية قدسسره في المقامين تهافت وتدافع. # لا يقال : إنه إذا قام الأمارة على خمرية المائع المذكور فقد حصل كلا ~~جزئي الغاية ، أحدهما بالتنزيل والآخر بالوجدان ؛ فإن الغاية لحكم الأصل ~~وعدم نقض اليقين بالخلية السابقة هو شيئان ، خمر وعلم به ، وقبل قيام ~~الأمارة ليس شيء منهما محرزا ، وأما بعده فالخمر يحرز بالتنزيل ، وأما ~~العلم فيحصل حينئذ بالوجدان ؛ إذ بعد قيام الأمارة وإن كان لا يحصل العلم ~~بالخمر الواقعي ، ولكن يحصل العلم بالخمر التعبدي بالوجدان ، فيتحقق الخمر ~~المعلوم الذي هو الغاية والموضوع ، نظير إحراز موضوع الكر الطاهر بإحراز ~~كريته بالوجدان وطهارته بالتنزيل. # لأنا نقول : نعم يمكن إحراز أحد جزئي الموضوع بالتنزيل مع إحراز جزئه ~~الآخر بالوجدان كإحراز جميع أجزائه بالتنزيل ، لكن بشرط أن يكون الجزء ~~المحرز بالوجدان عين ما اخذ في الدليل الأول لا شيئا آخر غيره ، وفي المقام ~~الجزء الوجداني هو العلم بالخمر التعبدي، ولو كان المأخوذ دليل الأصل علما ~~وخمرا منفردين كانا حاصلين ، ولكن من المعلوم أن المأخوذ فيه هو الخمر ~~والعلم بالخمر الواقعي لا مطلق العلم ولو بشيء أجنبي عن الخمر الواقعي وبعد ~~قيام الأمارة وإن كان نفس الخمر محرزا بدليل التنزيل ، ولكن العلم الوجداني ~~غير ما اخذ في غاية حكم الأصل ؛ فإنه علم بالخمر الواقعي ، وهذا علم بالخمر ~~التعبدي ، فالعلم الذي هو الجزء غير محرز لا PageV01P392 # بالوجدان ولا بالتنزيل كما هو المفروض ، والعلم الذي هو محرز ليس بجزء. # ثم على تقدير تمامية ما ذكر فمن الواضح عدم اختصاصه بما إذا كان القطع ~~الموضوعي مأخوذا على وجه الطريقية ، بل يعم ما إذا كان على وجه الصفتية ، ~~فيلزم قيام الأمارة مقام القسم الثاني أيضا بهذا البيان كما هو واضح. # ثم إنه قدسسره بعد ما جوز قيام الأمارات مقام القطع الطريقي المحض لم ~~يجوز قيام الاصول غير الاستصحاب مقامه معللا بأن قيام المقام ليس إلا ترتيب ~~ما للواقع من الآثار والأحكام، والاصول ليست إلا وظائف مقررة في حق الجاهل. # وفيه أن ms0371 كونها وظائف مقررة في حق الجاهل في مقام العمل لا يضر بقيامها في ~~حقه مقام العلم بمعنى ترتيب آثار الواقع على مؤداها ، فقاعدة الطهارة قائمة ~~مقام العلم بمعنى أنه يحكم بسببها بجميع آثار موضوع الطاهر كما لو علم بهذا ~~الموضوع ، وهذا أيضا هو الموجود في الأمارة ؛ فإنها أيضا لا تفيد أزيد من ~~ترتيب الآثار ، فالأمارة على كل موضوع تقوم مقام العلم بهذا الموضوع في ~~ترتيب جميع آثاره ، وأصل الطهارة أيضا يقوم مقام العلم بها في ترتيب جميع ~~آثار الطهارة. # وكذا الكلام في قاعدة الفراغ ؛ فإنها تقوم مقام القطع بالصحة ، فكما يرتب ~~على هذا القطع عدم وجوب الإعادة ، فكذا يحكم به بهذا الأصل أيضا ، وهكذا ~~سائر الاصول الشرعية. # نعم لا معنى لقيام الأصل العقلي وهو الاحتياط والبراءة مقامه ، ووجهه أن ~~الاحتياط ليس إلا عبارة عن نفس حكم العقل بتنجز التكليف وكونه ثابتا في ~~رقبة المكلف وكونه معاقبا بالمخالفة لو كان التكليف موجودا واقعا ، ~~والبراءة ليست إلا عبارة عن حكم العقل برفع التنجيز واستحقاق العقوبة على ~~تقدير ثبوت التكليف ، ومن المعلوم أن العلم إن كان بوجود التكليف فهو موجب ~~للحكم بالتنجز واستحقاق العقوبة بالمخالفة ، لا أن مؤداه نفس هذا الحكم ، ~~وإن كان بعدمه فهو موجب لرفع التنجز والاستحقاق لا أن نفس مؤداه ذلك. # وبالجملة ، لو كان الاحتياط مؤديا إلى شيء يكون من آثاره التنجيز ، وكانت PageV01P393 # البراءة مؤدية إلى شيء هو موجب لرفع التنجيز صح قيامهما مقام العلم ؛ فإن ~~مؤداه أيضا إما منجز وإما رافع للتنجيز ، لكن ليسا كذلك ، بل هما كما عرفت ~~نفس التنجيز العقلي والمعذورية العقلية وليسا مؤديين إلى شيء من آثاره أحد هذين. # ثم إنه قدسسره بعد ما بين عدم قيام الأمارة مقام العلم الموضوعي بين عدم ~~قيام الاستصحاب مقامه أيضا ، ولعل وجه ذكره بالخصوص مع معلومية حاله من ~~الأمارة وعدم كونه أقوى منها أن في دليله ذكر لفظ الشك واليقين ، فربما ~~يتوهم وفائه بتنزيل الشك منزلة اليقين فيما إذا كان له دخل في الموضوع ، ~~فصرح به أيضا دفعا لهذا ms0372 التوهم وأنه لا بد إما من ملاحظة المتيقن السابق ~~والمشكوك بجعل اليقين طريقا إلى متعلقه ليفيد تنزيل المشكوك منزلة المقطوع ~~بلحاظ آثار نفس الواقع ، وإما من ملاحظة اليقين والشك على وجه الاستقلال ~~ليفيد التنزيل بلحاظ آثار نفس القطع ، وحيث إن الدليل ظاهر في اللحاظ الأول ~~والجمع بينه والثاني أيضا غير ممكن فتعين عدم وفاء دليله بقيامه مقام القطع ~~فيما له دخل في الموضوع. # ثم إنه قدسسره ذكر كلاما ذكره في حاشيته مع جوابه ، وحاصل ما ذكره في ~~الحاشية إمكان أن لا يفيد دليل الأمارة والاستصحاب إلا تنزيل المؤدى ~~والمستصحب ومع ذلك كان كافيا للتنزيل منزلة القطع ؛ فإنه إذا حكم بالأمارة ~~أو الاستصحاب بالخمرية فالقطع بالخمرية التعبدية يحصل ، وكما يدل دليل ~~الأمارة والاستصحاب على تنزيل المشكوك منزلة الخمر يدل على تنزيل هذا القطع ~~أيضا منزلة القطع بالواقع ؛ للملازمة بين هذين التنزيلين. # وحاصل الجواب أن الملازمة ليست بعرفية قطعا بحيث يلزم عرفا من الانتقال ~~إلى الأول الانتقال إلى الثاني ، كما يلزم من الانتقال إلى تنزيل شخص منزلة ~~الأب لشخص آخر الانتقال إلى تنزيل الشخص الثاني منزلة الابن للشخص الأول ، ~~فلو كان حكم مرتبا على مجموع الابوة والبنوة فالتنزيل في أحدهما فقط كاف ~~لإحراز موضوع هذا الحكم بتمامه ؛ فإنه وإن كان دلالة الدليل على تنزيل أحد ~~الجزءين في طول دلالته على تنزيل الآخر لكنهما بحسب الواقع في عرض واحد ، ~~ففي مقام PageV01P394 # الثبوت قد نزل كلاهما في عرض واحد وإن كان في مقام الإثبات قد دل على ~~أحدهما في طول الدلالة على الآخر. # وهذا بخلاف المقام ؛ فإن الملازمة هنا إنما يدعى من جهة عدم لزوم اللغوية ~~وذلك لأن التنزيل يكون في موضوع ذي أثر وفي غيره لغو ، فإذا فرضنا أن نفس ~~الخمر لا أثر له ، فالتنزيل فيه إنما لا يكون لغوا إذا كان جزء آخر للموضوع ~~وهو القطع بالخمر محرزا إما بالوجدان أو بتنزيل آخر في عرض التنزيل الأول. # ولهذا لو كان هنا دليل خاص على تنزيل هذا الخمر تعين القول بالملازمة بين ~~تنزيله ms0373 وتنزيل القطع بالخمر التعبدي أيضا منزلة القطع بالخمر الواقعي لئلا ~~يلزم اللغوية ؛ فإن تنزيل الخمر بدون تنزيل القطع مع فرض عدم كون الخمر ذا ~~أثر لغو وإنما يخرج عن اللغوية إذا كان الجزء الآخر محرزا بالوجدان أو ~~بالتنزيل الآخر. # وهذا غير جار في الدليل العام ؛ فإن غايته أن أصالة العموم محفوظة ~~بالنسبة إلى هذا الخمر فيكشف عن ثبوت التنزيل في القطع أيضا لعدم لزوم ~~اللغوية ، لكن لا إشكال أن التمسك بإطلاق حكم أو عمومه إنما يصح فيما هو ~~مصداق موضوعه مع قطع النظر عن إجراء عموم الحكم فيه لا فيما يصير مصداقا ~~للموضوع بسبب الإجراء ؛ فإنه في رتبة الإجراء غير مصداق ، فلا يجري بالنسبة ~~إليه أصالة العموم من باب التخصص لا التخصيص. # فنحن إذا فرضنا أن موضوع دليل العام للتنزيل هو كل ذي أثر ، فلا بد أولا ~~من إحراز كون هذا الخمر ذا أثر ليصير مصداقا للموضوع ليصح التمسك فيه بعموم ~~الحكم وإجراء التنزيل فيه ، وكونه ذا أثر يتوقف على كون القطع بالخمر ~~الواقعي مورد التنزيل في عرض ذاك التنزيل ، وكونه موردا للتنزيل يتوقف على ~~دلالة الدليل على تنزيل نفس الخمر لكي يحكم صونا له عن اللغوية بالتنزيل في ~~القطع أيضا ، وبالجملة ، فمصداقيته لذي الأثر الذي هو موضوع دليل التنزيل ~~إنما يتحقق بسبب إجراء عموم التنزيل فيه ، وبعده فلا يشمله العموم للتخصص ~~ولا التخصيص. # الأمر الرابع : هل يجب الموافقة الالتزامية كالموافقة العلمية ويحرم ~~المخالفة PageV01P395 # الالتزامية كالمخالفة العملية أولا؟ فاعلم أولا أن للمخالفة الالتزامية ~~مرتبتين ، الاولى : مجرد عدم الانقياد القلبي بالحكم الشرعي ، وبعبارة اخرى ~~اللابناء ، والثانية : البناء القلبي على الخلاف مضافا إلى عدم انقياد ~~الحكم وعدم الإذعان به. # ومحل الكلام ما إذا لم يكن في البين مخالفة قطعية عملية لا في زمان واحد ~~ولا تدريجا ، وهو لا محالة يكون فيما إذا دار الأمر في زمان مخصوص يسع عملا ~~خاصا بين كون هذا العمل الخاص حراما أو واجبا مع العلم بعدم الحرمة والوجوب ~~قبل هذا الزمان وبعده ؛ فإن المخالفة القطعية من حيث ms0374 العمل غير ممكن حينئذ ~~ولو بطريق التدريج ، والمخالفة الاحتمالية لازمة على أي حال ؛ لعدم إمكان ~~صدور الفعل والترك معا عن المكلف ولا خلوه عنهما وبشرط عدم العلم بالتعبد ~~به إما في الوجوب معينا أو في الحرمة كذلك أو كليهما ؛ لوضوح أنه معه يتحقق ~~المخالفة القطعية كما هو واضح. # وهذا في الشبهة الحكمية لم نعثر له على مثال ؛ فإن الأحكام الشرعية ثابتة ~~من أول هذه الشريعة إلى الأبد وليس فيها ما يكون دوامه ساعة واحدة مثلا ، ~~حتى يعلم إجمالا بكون العنوان الفلاني في الساعة الفلانية من اليوم الفلاني ~~من الشهر الفلاني من السنة الفلانية إما واجبا وإما حراما ، مع كونه خاليا ~~عن الوجوب والحرمة قبل هذه الساعة وبعدها إلى الأبد. # نعم له مثال في الشبهة الموضوعية ، وهو كما إذا علم بصدور حلف منه متعلق ~~بالمرأة الفلانية في الساعة الاولى من ظهر يوم الجمعة الفلاني بقدر زمان ~~يسع الوطي الواحد فقط ، ولم يعلم أنه حلف على وطئها فيها أو على ترك الوطي ~~؛ فإن الأمر دائر حينئذ بين الوجوب والحرمة في الشيء الواحد والزمان الواحد ~~، ومن المعلوم أنه لا يخلو من الفعل والترك في هذا الزمان ، فينازع في مثل ~~ذلك في أنه هل يحرم عدم البناء على شيء أصلا والبناء على عدم الوجوب ~~والحرمة معا أولا؟. # فنقول : إن كان مقصود المدعي أن المكلف يكون عالما بالإلزام على نحو ~~الإجمال فيلزم عليه الانقياد والتصديق القلبي على قدر علمه وبمقدار معلومه ~~، فيلزم الاعتقاد بأصل الإلزام على ما هو عليه واقعا من الوجوب والحرمة ، ~~فالظاهر أنه PageV01P396 # مسلم ؛ فإن معنى الإيمان والإسلام والتصديق بما جاء به النبي ~~صلى الله عليه وآله هو انقياد ما علم أنه حكم الله من غير فرق بين علمه تفصيلا ~~أو إجمالا ، فإن كان تفصيليا فعلى نحو التفصيل ، وإن كان إجماليا فعلى نحو ~~الإجمال كما فيما نحن فيه. # ويشهد لذلك مراجعة الوجدان في من يشرب الخمر معتقدا أنه معصية المولى ومن ~~يشربه مستحلا له أو غير بان على شيء أصلا (1)؛ فإن الثاني والثالث ms0375 أغلظ من PageV01P397 # الأول قطعا ؛ فإنهما مستخفان بحكم المولى ، والأول غير مستخف به ، بل ~~قابل له ، وبالجملة التفرقة بينهما في مراتب الاستحقاق لعله من أوائل ~~البديهيات ، وليس منشأ ذلك إلا المخالفة الالتزامية الموجودة في الأخيرين ~~دون الأول. # فيكون هذا شاهدا على المدعى فيما نحن فيه وهو صورة العلم الإجمالى وعدم ~~إمكان المخالفة القطعية العملية ؛ لعدم الفرق بينها وبين صورة العلم ~~التفصيلي وإمكانها ، فإذا كانت المخالفة القطعية الالتزامية محرمة في ~~الثانية فهي كذلك في الاولى أيضا ولا يعقل التفكيك ، وبالجملة يلزم ~~الانقياد القلبي على طبق العلم وحذوه ، إن تفصيليا فتفصيليا ، وإن إجماليا ~~فإجماليا. # وإن كان المقصود لزوم عقد القلب على الشخص المعين من الحكم بمعنى أنه ~~يلزم في المثال البناء على خصوص ما كان واقعا ثابتا من الوجوب أو الحرمة أو ~~كان هو بالخيار في تعيين أحدهما ، فإما يبنى على شخص الوجوب أو على شخص ~~الحرمة ، فيكون حال الموافقة الالتزامية في مورد العلم الإجمالي حال ~~الموافقة العملية في مورد العلم الإجمالي ، فكما يجب الموافقة القطعية وقد ~~يجب الموافقة الاحتمالية عملا في صورة العلم الإجمالي ، فكذلك الحال في ~~الموافقة الالتزامية. # ففيه أن الأول وهو الالتزام والبناء على خصوص الحكم الواقعي غير ممكن PageV01P398 # لكونه تكليفا بما لا يطاق ؛ لفرض عدم العلم بهذا الحكم الشخصي ، والثاني ~~وهو الالتزام والبناء على خصوص أحد الحكمين على نحو التخيير وإن كان ممكنا ~~ولكن لا دليل يدل على ثبوت هذا التكليف التخييري ، وإذا لم يثبت الدليل جاء ~~حرمته من باب التشريع ؛ فإن البناء على خصوص وجوب الوطي في المثال أو خصوص ~~حرمته إدخال لما لا يعلم أنه من الدين في الدين ، فيشمله أدلة حرمة التشريع ~~، فيكون موافقة احتمالية للحكم الواقعي ومخالفة قطعية لحرمة التشريع. # وربما يتوهم أن الدليل تنقيح المناط فيما ورد في الخبرين المتعارضين من ~~جعل أحدهما طريقا على التخيير ، وأن المناط هو الحكمان المشتبهان اللذان دل ~~عليهما الخبران ، لا خصوص كونهما خبرين ، فإذا دل أحدهما على وجوب الجمعة ~~والآخر على حرمته فالمكلف يشك في أن حكم الله ms0376 هو الوجوب أو الحرمة؟ ~~فالتخيير يكون من هذا الحيث ، فيجري في كل ما إذا دار الأمر بين حكمين ~~شرعيين ، فمعنى الأخذ بما دل على الوجوب هو الأخذ بالوجوب ، ومعنى الأخذ ~~بما دل على الحرمة هو الأخذ بالحرمة. # وفيه أنه تابع لإثبات كون المناط هذا ، وأنى لأحد بإثباته ، فلا يمكن ~~العلم به ، وإن كان لو علم مناطية ما ذكر صح إجراء الحكم في غير مورد ~~الخبرين المتعارضين بتنقيح المناط. # ثم بعد تبين عدم لزوم البناء على واحد شخصي على التخيير فإن قلنا بأن ~~أدلة حلية كل مشتبه من مثل قوله عليه السلام : كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ~~غير شاملة إلا لما إذا شك في أصل الإلزام كما إذا كان أحد الطرفين الوجوب ~~والآخر الإباحة ، فهي غير شاملة للمقام مما يكون أصل الإلزام فيه متيقنا ، ~~وحينئذ فمن حيث أصل الإلزام حيث إنه عالم يلزم الانقياد قلبا ، ومن حيث ~~التعين والشخص فحيث إنه جاهل لا يجب عليه شيء. # وإن قلنا بشمول تلك الأدلة لمثل المقام فيجب هنا عليه التزامان الالتزام ~~بالإلزام الواقعي أيا ما كان ، والالتزام بالإباحة والحلية ، ولا منافاة ~~بين الالتزامين PageV01P399 # كما لا منافاة بين نفس الحكمين ؛ فإن أحدهما بحسب مرحلة الواقع والآخر ~~بحسب مرحلة الظاهر ، فمن حيث مرحلة الواقع المكلف عالم بأصل الإلزام وجاهل ~~بشخصه ومنقاد بالإلزام الإجمالي ، ومن حيث مرحلة الظاهر بان على حلية كل ~~مشتبه الحرمة ومنه المقام. # والمحصل أن محل الكلام أن المخالفة العملية في مورد العلم الإجمالي ، كما ~~أنها مانعة عن جريان أصالة الإباحة في الأطراف كذلك الالتزامية أيضا أولا؟. # فلنفرض الكلام في صورة لم يكن مانع عن جريانه من جهة العملية وكان ممحضا ~~في الالتزامية كالشبهة الموضوعية التي مثلنا بها ، فالمدعي للمانعية لا بد ~~وأن يقول : كما أن العلم الإجمالي ينجز التكليف في مقام العمل في خصوص ~~الأطراف ، ففي ما علم بوجود إناء نجس بين إناءين يوجب الموافقة العملية في ~~خصوص شخص هذا الطرف وذاك الطرف ، كذلك يوجب تنجز التكليف في مقام عقد القلب ms0377 ~~في خصوص الطرف. # ففي ما علم بالتكليف المردد بين الوجوب والحرمة يجب الالتزام بخصوص شخص ~~الوجوب أو شخص الحرمة ، نظير الالتزام بطريقية أحد الخبرين عند التعارض ؛ ~~فإنه حينئذ لا يمكن إجراء أصالة الإباحة ؛ فإنه وإن كان لا مانع من حيث ~~المخالفة العملية إذ القطعية منها غير ممكنة والاحتمالية غير منفكة ، وأما ~~من جهة المخالفة الالتزامية فالمانع موجود ؛ إذ لا يمكن عقد القلب في فعل ~~واحد في زمان واحد على وجوبه أو حرمته وعلى إباحته ولكن قلنا : إن المقدار ~~الذي تعلق به العلم وهو مجرد التكليف الحتمي الإلزامي من غير تعيين كونه ~~أمرا أو نهيا يلزم التصديق والبناء القلبي به ، وأما الزائد على هذا بأن ~~وجب عقد القلب على خصوص الأمر أو خصوص النهي فإن كان خصوص الواقع فمحال ، ~~وإن كان خصوص أحد الطرفين مخيرا فممكن ، لكن لا دليل عليه ، فيكون مشمولا ~~لأدلة التشريع ويصير موافقة احتمالية للتكليف المعلوم ومخالفة قطعية لدليل ~~التشريع. # وإذن فينحصر المانع في الالتزام بما تعلق به العلم أعني التكليف الإلزامي و PageV01P400 # هو غير مانع عن شمول دليل أصل الإباحة لو قلنا بعدم اختصاصه بما إذا كان ~~أحد طرفي الشك التكليف والآخر اللاتكليف ، بل عمومه لكل ما إذا شك في ~~الحرمة سواء كان طرفها الوجوب أم غيره ، والجمع بين الالتزام بالتكليف ~~والالتزام بالإباحة على نحو قرر في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي. # هذا كله في ما إذا لم يمكن المخالفة القطعية العملية ولو تدريجا ، وأما ~~لو أمكن بطريق التدريج فيقع الكلام في أن المخالفة القطعية الحاصلة ~~بالتدريج ليست بمانعة عقلا عن إجراء الإباحة أو هي مانعة؟. # وليعلم أولا أنه ليس المراد بالتدريج مطلق الحصول في جزءين متعاقبين من ~~الزمان ؛ لوضوح أن شرب الإنائين المشتبهين بالخمر أيضا تدريجي بهذا المعنى ~~، بل المراد التدريجية من حيث توجه التكليف بأن كان التكليف المعلوم مرددا ~~بين ما يتوجه إلى المكلف في الحال ، وما يتوجه إليه في الاستقبال ، كما لو ~~علم بأنه إما يجب عليه إكرام زيد في هذا اليوم أو إكرام ms0378 عمرو فيما بعد ~~أربعة أيام ؛ فإن الواجب إن كان الأول فهو في الحال يتنجز عليه التكليف ، ~~وإن كان الثاني فهو في الحال غير مكلف ؛ إذ تنجز ذاك يتوقف على حضور ذاك ~~الزمان. # وهذا موجود في الشبهة الحكمية ، كما لو شك في وجوب صلاة الجمعة في جميع ~~الأسابيع أو حرمته في جميعها ، فلو صلاها في اسبوع وتركها في اسبوع آخر ~~يعلم بملاحظة الزمانين بصدور المخالفة القطعية منه ؛ إذ يعلم بأنه إما أن ~~يكون الفعل في الأول حراما أو الترك في الثاني ، فماله دخل في حصول ~~المخالفة القطعية في هذا الفرض هو العلم بأنه إما يحرم في الاسبوع الأول ~~وإما يجب في الاسبوع الثاني ، لوضوح أن العلم بالوجوب أو الحرمة في كل واحد ~~من الاسبوعين منفردا لا دخل له في ذلك ؛ لعدم إمكان المخالفة القطعية من ~~هذا الحيث. # إذا تقرر ذلك فقد يقال بأن المكلف في الاسبوع الأول لا يعلم بتوجه تكليف ~~إليه ؛ لاحتمال أن تكون الصلاة في الاسبوع الثاني واجبة ؛ إذ على هذا ~~التقدير لا يتوجه هذا التكليف التحريمي إليه في هذا الاسبوع ، ثم في ~~الاسبوع الثاني أيضا PageV01P401 # لا يعلم بتوجه التكليف إليه ، لاحتماله أن كانت الصلاة في الأول محرمة ، ~~فهو لا يعلم بالتكليف في أحد الزمانين. # نعم بعد الزمانين يعلم بحصول المخالفة منه ، فلهذا لا يكون جعل الإباحة ~~في حقه ترخيصا في المخالفة القطعية. # وبالجملة ، هذه مخالفة لم يحصل العلم بها حين الارتكاب ، وإنما يحصل بعده ~~، والمحذور الترخيص في المخالفة القطعية التي يحصل القطع بها حين الارتكاب. # وجوابه ظهر مما مر في بيان الواجب المشروط من أنه إذا كان الوجوب مشروطا ~~بشرط يعلم بحصوله فيما بعد فهو كالوجوب المطلق ، ولهذا لو توقف إتيان ~~الواجب في المستقبل على مقدمة سابقة عليه فتركها يستحق العقاب لذلك. # والحاصل أن مجرد تدريجية المخالفة بالمعنى المذكور لا يوجب الفرق في حكم ~~العقل بوجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية أصلا ، وإذن فلو تمكن ~~من الموافقة القطعية وترك المخالفة القطعية كان هو المتعين ، كما في ما لو ms0379 ~~علم بوجوب إكرام زيد في اليوم أو عمرو فيما بعد ، أو علم بحرمة إكرام زيد ~~في اليوم أو وجوبه في ما بعد ؛ فإنه يأتي بالإكرامين في الزمانين في الأول ~~ويتركه في الزمان الأول ويأتي به في الزمان الثاني في الثاني. # وأما لو لم يتمكن من الموافقة القطعية إلا مقرونة بالمخالفة القطعية ، ~~ومن ترك المخالفة القطعية إلا مقرونا بترك الموافقة القطعية كما في مثال ~~صلاة الجمعة ؛ فإنه كما يحصل بإتيانها في اسبوع وتركها في آخر القطع ~~بالمخالفة ، كذلك يحصل القطع بالموافقة أيضا كما هو واضح ، ولو اختار الفعل ~~فقط في جميع الأسابيع أو الترك كذلك ، فكما لا يحصل إلا الموافقة ~~الاحتمالية ، كذلك لا يحصل إلا المخالفة الاحتمالية ، فيبتني الكلام حينئذ ~~على أنه هل قبح المخالفة القطعية أشد أو قبح ترك الموافقة القطعية؟. # فإن كان الأول لزم رفع اليد من حسن الموافقة القطعية واختيار الفعل أو ~~الترك في جميع الأزمان تخلصا من محذور المخالفة القطعية ، وإن كان الثاني ~~لزم الفعل في PageV01P402 # اسبوع والترك في آخر وانحصل المخالفة القطعية تخلصا من محذور ترك ~~الموافقة القطعية ، وحيث إنا نختار الأول فيما يأتي في العلم الإجمالي إن ~~شاء الله تعالى مستدلا بأن قبح المخالفة القطعية بتي ؛ ولهذا نحصص به أدلة ~~الاصول ، وأما ترك الموافقة القطعية والاكتفاء بالاحتمالية فقابل للزوال ~~بمجيء الترخيص من الشرع ؛ فلهذا يجب بحكم العقل اختياره باختيار الفعل أو ~~الترك في تمام الأزمان تخلصا من القبح الأشد. # ثم ربما يورد على ما ذكرنا من عدم جريان الأصل تدريجا فيما تكون المخالفة ~~فيه تدريجية بالنقض بالخبرين المتعارضين ، حيث ورد في الأخبار العلاجية أنه ~~: بعد فقد المرجحات وتساويهما من كل الجهات يكون المكلف مخيرا في الأخذ ~~بأيهما شاء ، فاختلف في ذلك ، فذهب جمع كثير إلى أن التخيير استمراري يعني ~~بعد الأخذ بأحدهما أيضا يكون التخيير ثابتا ، فيجوز العدول منه والأخذ ~~بالآخر. # وذهب آخرون إلى أنه بدوي بمعنى أنه قبل البناء على طريقية أحدهما كان ~~مخيرا ، وبعده يصير هذا الواحد المأخوذ متعينا وهو ملزم بالأخذ به ms0380 ويسقط ~~اختياره ، ومنشأ الخلاف هو الاختلاف في تعيين مدلول الخبر العلاجي الدال ~~على التخيير. # فمستند الأولين أن له إطلاقا بالنسبة إلى جميع الأزمان قبل الأخذ وبعده ، ~~ومستند الآخرين إنكار الإطلاق له وأن القدر المتيقن منه إثبات التخيير قبل ~~الأخذ ؛ فإنه زمان التحير ، وأما بعده فلا تحير ، هذا مدرك الطرفين ، ومن ~~الواضح أن التخيير الاستمراري مستلزم للمخالفة القطعية التدريجية ، فلو كان ~~لزومها محذورا لم يقل به الأولون ، أو يستشكل عليهم الآخرون وجعلوه مدركا ~~للرجوع عن مقالتهم ، دون نفي الإطلاق المذكور. # وكذلك الكلام بعينه في تخيير المقلد بين الرجوع إلى فتوى المجتهدين ~~المتساويين في العلم والعدالة ؛ فإنه ذهب جمع إلى كونه استمراريا ، وآخرون ~~إلى كونه بدويا ، وليس مستند الآخرين إلا أن طريقية قول المجتهد الذي أخذ ~~بقوله معلومة إما تعيينا أو تخييرا ، وأما طريقية قول الآخر فغير معلومة. PageV01P403 # وبعبارة اخرى يدور الأمر بعد الأخذ بقول أحدهما بين التعيين والتخيير ، ~~ونحن وإن قلنا في مورد دوران الأمر بينهما في مسألة فرعية بالبراءة وعدم ~~التعيين ، لكن نقول بالاشتغال وثبوت التعيين هنا ؛ وذلك لأن الأصل حرمة ~~التعبد بقول من لا يعلم إصابته وخطائه إلا ما خرج بالدليل ، فيكون الأخذ ~~بقول الآخر المشكوك طريقيته والتعبد بطريقيته محرما ، وبالجملة، لم يستند ~~أصحاب هذا القول إلا إلى أمثال ذلك ، ولم يتعرض أحد منهم لمخالفة القول ~~بالتخيير الاستمراري لحكم العقل وورود الإشكال العقلي عليه ، مع أنه مستلزم ~~للمخالفة التدريجية كما هو واضح. # والجواب أنه لا يوجب وهنا في حكم العقل بقبح المخالفة التدريجية كالدفعية ~~في مورد يحكم به ورود ما يخالفه من الشرع في مورد آخر ، بل اللازم التعرض ~~لإصلاح المورد الثاني والتكلم فيه في وجه الجمع بين حكم الشرع والعقل ، وهو واضح. # فنقول : لو كان في الخبرين المتعارضين ما هو نص صريح في استمرار التخيير ~~بحيث لا تعتريه شبهة ، كما لو علم بتصريح الشرع بالاستمرار ، لكان اللازم ~~من باب الإلجاء الالتزام بالبدل لامتثال الحكم المعلوم بالإجمال ، بمعنى أن ~~الشارع جعل لامتثال الحكم الواقعي المعلوم وجوده بين مدلولي الخبرين ms0381 بدلا ~~يكتفي به ويتقبله عوضا عن امتثاله وهو الالتزام بطريقية الخبر المخالف ~~للواقع ، فكأنه أمر المكلف بأنه يجب عليك إما الإتيان بالفعل الفلاني أو ~~الالتزام وعقد القلب على طريقية الخبر الفلاني. # فهنا أيضا وإن كان ليس التكليف بحسب الواقع الأولي إلا واحدا معينا بلا ~~عدل ، ولكن بعد علم المكلف إجمالا يصير ذا عدل وبدل من هذا الحين ، ففي ما ~~كان مدلول أحد الخبرين وجوب الجمعة ، ومدلول الآخر حرمتها ، وكان واجبا ~~واقعا ، فيجب على المكلف بعد اطلاعه على الخبرين أحد الأمرين من صلاة ~~الجمعة والالتزام بطريقية الخبر الذي دل على حرمة الجمعة ، فجعل هذا ~~الالتزام الذي هو فعل القلب بدلا لامتثال الأمر بالجمعة. # وكذلك الحال بعينه في مسألة التقليد ، فلو كان في البين نص صريح على PageV01P404 # الاستمرار بحيث ألجأنا إلى الجمع فوجه الجمع ما ذكرنا من أنه يستكشف أن ~~الشارع جعل الالتزام والتعبد بطريقية قول من خالف قوله الواقع بدلا لامتثال ~~الواقع ، ومن المعلوم أن حكم العقل في ما إذا علم التكليف ليس إلا وجوب ~~الامتثال بنفس هذا التكليف أو ببدله. # وهذا بخلاف ما نحن فيه ؛ فإنه ليس مفاد دليل الأصل إلا الإباحة وجواز ~~الفعل والترك ، وليس فيه إيجاب لعمل حتى يجعل بدلا عن الواقع ، وبالجملة ، ~~لا بد من عمل ليكون بدلا عن الامتثال ، وليس في الأصل عمل يصلح للبدلية سوى ~~الالتزام بمدلوله. # فنقول : ليس مدلول الأصل العملي ودليل حجيته الالتزام القلبي بحكم الأصل ~~، بل مدلول الجري على طبقه في مقام العمل الخارجي ، بل وكذا الحال في دليل ~~حجية الأمارة ؛ فإنه وإن كان مفاده التصديق وإلغاء احتمال الخلاف ، ولكن من ~~المعلوم أنه ليس المقصود التصديق الجناني بل ترتيب الآثار بحسب العمل ~~الخارجي الأركاني. # وبالجملة ، وجه الالتزام ببدلية الالتزام في المسألتين هو الإلجاء بسبب ~~وجود النص الصريح على استمرار التخيير ولسنا ملجئين هنا ، نعم لو علم بحجية ~~أصل شرعي معلوم المخالفة للواقع في مقام التزمنا فيه أيضا بمثل ذلك. # وأما في المقام الذي لا نعلم بجريان الأصل وليس إلا عموم دليله والحكم ms0382 ~~العقلي مانع عن إجرائه إلا على وجه كون الالتزام بمضمونه بدلا ، وهو خلاف ~~ظاهر دليله ولا يوجب عملا آخر يصلح البدلية ، فلا جرم يخصص دليل الأصل ~~بالنسبة إلى المقام بواسطة قبح المخالفة التدريجية عقلا ، فاللازم البناء ~~العملي على واحد من الفعل والترك والبقاء عليه وعدم العدول عنه أبدا ، ~~وكذلك الكلام في المسألتين على تقدير عدم وجود النص المذكور في البين كما ~~هو كذلك. # هذا كله هو الكلام على تقدير الفراغ من حيث دلالة دليل الأصل في شموله ~~للمقام أعني ما إذا كان أصل الإلزام معلوما ولم يعلم أنه الوجوب أو الحرمة. PageV01P405 # وأما الكلام في دلالته وعدم الدلالة فالظاهر العدم ، وذلك لأن دليل ~~البراءة مما سوى حديث الرفع بين ما يكون أجنبيا عن الباب وبين ما يناسبه ، ~~ولا يشمل المقام إما للانصراف أو لعدم كونه مورده ؛ فإنه دليلان : أحدهما : # قوله عليه السلام : «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال» ؛ فإنه إما متعرض ~~لحكم الشبهة المحصورة فيكون أجنبيا عن الشبهة في شيء واحد بالمرة ، وإما أن ~~معناه : كل شيء فيه احتمال الحلية واحتمال الحرمة ، فيرتبط بالشبهة في ~~الشيء الواحد ولكن أجنبي عن خصوص المقام ؛ فإن الشبهة فيه بين الوجوب ~~والحرمة دون الحلية والحرمة. # وثانيهما قوله عليه السلام : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» فإما أن يقال ~~: إنه متعرض لحال الأشياء قبل ورود الشرع عليها الذي هو موضوع بحث الحظر ~~والإباحة العقليين فلا يرتبط بالمقام ؛ لفرض كونه مما ورد فيه الشرع ، غاية ~~الأمر لا يعلم بأن التشريع الموجود هو الإيجاب أو التحريم ، وإما أن يقال : ~~إن معنى «يرد» يبلغ ، فيشمل الشبهة الحاصلة بعد ورود الشرع أيضا ، لكنه ~~منصرف إلى غير المقام ؛ إذا الظاهر منه صورة كون الشبهة في التحريم ~~والإباحة. # وبعبارة اخرى : ما إذا كان أحد طرفي الاحتمال التقييد بقيد التكليف ~~والآخر اللاتقييد والإطلاق ، فحكم فيه بأنه مطلق حتى يعلم تقييده الذي ~~يحتمل أعني التحريم ، فلا يشمل ما إذا كان أصل وجود التقييد وعدم الإطلاق ~~معلوما وشك في كون التقييد أمرا ms0383 أو نهيا. # وأما حديث الرفع فمورده المنة ، ففي ما إذا كان هناك احتمال الحرمة ~~والإباحة فمعنى منة الشارع أنه لم يجعل الاحتياط على العباد مع أنه كان له ~~جعله حفظا للأحكام الشرعية ، لكن ما جعله منة عليهم ، فيكون الرفع بمعنى الدفع. # وأما في ما إذا كانت الشبهة في الحرمة والوجوب فإن كانت واقعة شخصية لا ~~يمكن فيها المخالفة القطعية ولو تدريجا ، فلا يعقل معنى لجعل الإباحة فيها ~~لطفا ومنة ؛ إذ لم يكن للشارع أن يجعل الاحتياط حتى يتحقق بعدم جعله لطف ~~ومنة ؛ إذ PageV01P406 # الاحتياط بالخلو عن الفعل والترك غير ممكن ، والالتزام بأحدهما ليس فيه ~~حفظ للحكم الشرعي ؛ إذ هما متساويان من حيث لزوم الموافقة الاحتمالية ~~والمخالفة الاحتمالية. # وإن كانت واقعة كلية يتحقق فيها المخالفة التدريجية ، فجعل الإباحة فيها ~~بمعنى جواز الفعل مرة والترك اخرى ، وبعبارة اخرى الإباحة الاستمرارية فهو ~~وإن كان منة لكونه أسهل من بناء العمل أولا على أحدهما تخييرا ولزوم البقاء ~~على ما بنى عليه ، إلا أنه غير ممكن ؛ لكونه ترخيصا في المخالفة القطعية ~~بدون جعل شيء بدلا للامتثال. # وأما الالتزام القلبى بالإباحة فقد قلنا : إنه لا يجري هنا وان قلنا ~~بثبوت مثله في الخبرين المتعارضين ، والفرق بين المقامين قد مر سابقا ~~وحاصله أن دليل الأصل مثل هذا الحديث غير متعرض إلا لحيث مقام العمل ، ولا ~~إشعار فيه بمقام الالتزام فضلا عن الدلالة ، فمدلولها الإباحة بمعنى ترخيص ~~الفعل والترك ورفع البأس عنهما ، لا بمعنى لزوم عقد القلب عليها ، بخلاف ~~قوله عليه السلام في الخبرين المتعارضين : «وإذن فأنت مخير» يعني في الأخذ ~~بأيهما كما في قوله في رواية اخرى : «بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» فإن ~~الظاهر من الأخذ التعبد بطريقية الخبر والبناء القلبي على حجيته دون صرف ~~العمل الخارجى على طبقة ، ولو كان هو أيضا كذلك للزم طرحه لمخالفته لحكم ~~العقل ، هذا في الإباحة الاستمرارية. # وأما الإباحة البدوية فهي غير موافقة للمنة ؛ إذ ليس للشارع جعل احتياط ~~من هذه الجهة بأن يلزم البناء من أول الأمر على خصوص ms0384 الفعل أو على خصوص ~~الترك ؛ إذ ليس فيه حفظ للحكم ، لمساواتهما في لزوم الموافقة والمخالفة ~~الاحتماليين ، كما في الشبهة الشخصية. # وبالجملة ، في الشبهة الحكمية من حيث الإباحة الاستمرارية جعل الإباحة ~~موافق للمنة ، لكن غير ممكن ، ووجه عدم إمكانه مر سابقا ، وهذه الشبهة من ~~حيث الإباحة البدوية وكذا الشبهة الموضوعية كالمرأة المرددة ليس جعل ~~الإباحة فيهما PageV01P407 # لطفا ومنة ودفعا لمئونة زائدة كان للشارع إثباتها ، نعم يمكن جعل الإباحة ~~فيهما لحكمة اخرى غير الامتنان بدليل آخر غير الحديث المفروض كون الحكمة ~~فيه الامتنان ، ولكن عرفت عدم دليل آخر. # وإذن فمن حيث الواقع عرفت أنه يجب الالتزام بأن حكم هذا الشيء هو الإلزام ~~على ما هو عليه من الوجوب أو الحرمة ، وأما من حيث هذا الشخص الخارجى ~~بشخصيته فلا بد أن يكون المكلف بلا بناء وبلا التزام ، يعنى لا يلتزم ~~بوجوبه ولا بحرمته ؛ لما عرفت من حرمة هذين الالتزامين بدليل التشريع ، ~~وكذلك لا يلتزم بإباحته ؛ لما عرفت هنا من قصور دليل أصالة الإباحة عن ~~شموله للمقام. # وينبغي هنا شرح عبارة الكفاية في هذا المقام ، فقال قدسسره بعد بيان أنه ~~في مورد العلم الإجمالي بالوجوب أو الحرمة على القول بلزوم الموافقة ~~الالتزامية تلزم هي ، وإن كان لا يجب الموافقة القطعية العلمية ، ولا يحرم ~~المخالفة القطعية العملية لامتناعهما ؛ للتمكن من الالتزام بما هو الثابت ~~واقعا ، وإن أبيت إلا عن لزوم الالتزام بالحكم الواقعى بخصوص عنوانه ~~فالموافقة القطعية الالتزامية بمعنى التزام نفس الحكم الواقعي غير ممكنة ، ~~وأما الالتزام بواحد تخييري وإن كان ممكنا ، لكنه غير واجب ؛ إذ الالتزام ~~بضد التكليف ليس محذوره بأقل من محذور عدم الالتزام به ، مع أن التكليف لو ~~اقتضى الالتزام لاقتضى الالتزام بنفسه عينا دون الالتزام به أو بضده تخييرا ~~ما هذا لفظه : ومن هنا يعني مما ذكرنا من أنه لا يجب إلا الالتزام بما هو ~~الثابت واقعا وإن لم يعلم أنه الوجوب أو الحرمة قد انقدح أنه لا يكون من ~~قبل لزوم الالتزام مانع عن إجراء الاصول الحكمية أو الموضوعية في ms0385 أطراف ~~العلم لو كانت جارية مع قطع النظر عنه لما ذكرنا من إمكان الجمع بين ~~الالتزام بكون حكم الواقع هو الإلزام وبين الالتزام بأن حكم هذا الشخص ~~الخارجى هو خصوص الإباحة كما لا يدفع هنا محذور عدم الالتزام به ، بل ~~الالتزام بخلافه لو قيل بالمحذور فيه حينئذ أيضا إلا على وجه دائر. # يعني كما أنه لو قلنا كما هو المختار بأنه لا يجب أزيد من الالتزام بما ~~هو الثابت PageV01P408 # واقعا فالأصل لا مانع من جريانه من قبل لزوم الالتزام ، كذلك لو قلنا ~~بخلاف المختار من لزوم الالتزام بخصوص عنوان الوجوب أو الحرمة وعدم كفاية ~~مجرد ما هو الثابت واقعا ، فحينئذ لا يدفع بواسطة أصل الإباحة محذور عدم ~~الالتزام بخصوص الوجوب أو الحرمة ، كما هو المفروض من ثبوت المحذور فيه ، ~~بل الالتزام بخلافه وهو الإباحة ؛ إذ يلزم الدور ؛ إذ المفروض ثبوت المحذور ~~في ترك الالتزام بأحد الوجوب أو الحرمة ، والمقصود رفع هذا المحذور ، بل ~~محذور الالتزام بالخلاف بجريان الأصل ، ولا شك أن جريان الأصل أيضا موقوف ~~على عدم المحذور في عدم الالتزام اللازم من جريانه. # اللهم إلا أن يقال : إن قبح عدم الالتزام ليس بتيا لا يرفع بالأصل ؛ إذ ~~حينئذ من الواضح أن جريان الأصل موقوف على عدم ترتب مثل هذا القبح عليه ، ~~فاذا قصد دفع قبحه أيضا بجريان الأصل يلزم الدور ، بل قبحه معلق على عدم ~~ورود الرخصة عليه من الشرع ، إذ حينئذ ما لم يرد الرخصة يكون قبيحا وبعد ~~وروده يرتفع القبح بارتفاع موضوعه ، فلا يلزم الدور. # وأما نحن حيث اخترنا عدم لزوم الالتزام إلا بما هو الثابت واقعا ففي فسحة ~~من هذا الإيراد وهذا الجواب ، بل يكون الأصل جاريا بلا كلام ؛ لإمكان حفظ ~~هذا الالتزام مع جريان الأصل ؛ لاختلاف الرتبة. # «إلا أن الشأن في جواز جريان الاصول في أطراف العلم الإجمالي ، مع عدم ~~ترتب أثر عملي عليها ، مع أنها أحكام عملية كسائر الأحكام الفرعية ، مضافا ~~إلى عدم شمول أدلتها لأطرافه ؛ للزوم التناقض في مدلولها على تقدير شمولها ~~كما ms0386 ادعاه شيخنا العلامة أعلى الله مقامه وإن كان محل تأمل ونظر» (1). # ووجه التأمل على المختار عدم لزومه بسبب اختلاف الرتبة كما ذكرنا ، هذا ~~هو الكلام في المخالفة الالتزامية. PageV01P409 # وأما المخالفة العملية للتكليف المعلوم بالإجمال كما لو علم بعد العلم ~~بورود «لا تشرب الخمر» على نحو التكليف الفعلي بأن هذا الإناء خمر وذاك ~~الإناء ماء أو بالعكس ، أو علم بعد العلم باجتنب عن النجس على نحو التكليف ~~الفعلي بأن هذا نجس وذاك طاهر أو بالعكس هذا في الشبهة التحريمية وأما ~~الوجوبية فكما لو علم بأن هذا الفعل واجب أو ذاك. # فيقع الكلام تارة في أن العلم الإجمالى بالتكليف الفعلي هل يؤثر أثرا ~~وينجز على العالم شيئا ، أو هو كالعدم ويعامل مع الأطراف معاملة المشكوك ~~البدوي فيجري في جميعها الأصل العملي وهو البراءة فيجوز أن يرتكب جميعها في ~~التحريمية ويترك الجميع في الوجوبية؟ # وربما يظهر من بعض كلمات المحقق القمي قدسسره في القوانين اختيار الثاني ~~، فجوز المخالفة القطعية على التدريج كشرب أحد الإنائين المشتبهين بالخمر ~~أولا ثم شرب الآخر بعده ، وأما شرب الجميع دفعة فلا كلام في كونه شرب خمر محرما. # واخرى يقع بعد التنزل عن المقام الأول وتسليم عدم كونه بلا أثر واقتضاء ~~أصلا ، بل له أثر واقتضاء في الجملة في أن هذا الأثر ما ذا؟ فهل يوجب حرمة ~~المخالفة القطعية فقط ، فليس له في الشبهة التحريمية ارتكاب الجميع ولا في ~~الوجوبية ترك الجميع ، ولكن لا يوجب وجوب الموافقة القطعية ، فيكفي في ~~التحريمية ترك أحد الأطراف وإن أتى بالباقي ، وفي الوجوبية إتيان أحدها وإن ~~ترك الباقي ، أو أنه يكون كالعلم التفصيلي؟ ، فكما يوجب حرمة المخالفة ~~القطعية كذلك يوجب وجوب الموافقة القطعية أيضا ، والحاكم في هذين المقامين ~~هو الوجدان. # فنقول : أما المقام الأول فصريح الوجدان هو الحكم ببطلان كون العلم ~~الإجمالي حاله كالعدم في عدم تنجيز شيء على العالم أصلا ، ومعاملة الشك ~~البدوي معه. # ألا ترى أنه لا فرق في عصيان لا تشرب الخمر واستحقاق العقوبة عقلا بين من ~~علم تفصيلا بأن ms0387 هذا خمر وشربه ، وبين من علم إجمالا بأن أحد الإنائين خمر ~~وشربهما تدريجا ، فكما أن العقل مستقل باستحقاق الأول فكذلك يكون مستقلا به في PageV01P410 # الثاني أيضا ، وليس إلا لأن العلم الإجمالى صار موجبا لتمامية الحجة على ~~المكلف. # ولا فرق في ذلك بين اقسام العلم الإجمالي من كون أصل الحكم الكلي كحرمة ~~الخمر معلوما وكان الشبهة في موضوعه كاشتباه الخمر بين الإنائين ، وكما لو ~~علم بوجوب إكرام زيد واشتبه الزيد بين شخصين ، ومن كون الشبهة في أصل الحكم ~~لتردده بين حكمين فى موضوعين ، كما لو علم أنه إما يجب عليه الدعاء عند ~~رؤية الهلال وإما يجب عليه الصلاة عند ذكر النبي صلى الله عليه وآله ، مع ~~اتحاد نوع التكليفين كهذا المثال ، ومع اختلافه كما لو علم بأنه إما يجب ~~عليه الدعاء عند الرؤية ، وإما يحرم عليه الخمر ، فإنه فى القسم الأخير ~~الذي يكون الشك فيه في موضوع التكليف ونوع التكليف لو فرض كونهما محلا ~~لابتلائه ، كما لو كان عنده خمر ورأى الهلال فترك الدعاء وشرب الخمر ؛ فإنه ~~عند العقل فعل قبيحا بلا كلام ، وكذلك سائر الأقسام. هذا في المقام الأول. # وأما المقام الثاني فنقول : بعد البناء على كون العلم الإجمالي منجزا ~~لمتعلقه في الجملة لا وجه للتفكيك بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب ~~الموافقة القطعية ، وذلك لأن ما يحكم به العقل هو أن المؤاخذة والعقاب بلا ~~بيان وحجة من قبل المولى على التكليف قبيح ، فيرفع بذلك احتمال العقاب على ~~تقدير ثبوت التكليف واقعا أيضا ، كما هو الحال في الشبهة البدوية فى ~~التكليف ، فإن الارتكاب يعلم بحكم العقل خلوه عن الضرر وإن صادف الحرام ~~الواقعي ، لعدم إمكان مؤاخذة المولى على هذا التقدير العبد بأنه : لم ~~ارتكبت ما حرمته عليك ؛ إذ ليس له حجة وبيان على هذا التكليف. # وهذا بخلاف المقام ؛ فإنا قد فرضنا في المقام الأول صيرورة التكليف ~~بواسطة تعلق العلم الإجمالي به ذا حجة وبيان ، بمعنى أنه يكون للمولى أن ~~يخاطب العالم بالعلم الإجمالي ويقول له : ما ذا فعلت مع أمري الفلاني ms0388 أو نهيي؟ # كما يصح ذلك له بالنسبة إلى العالم بالعلم التفصيلي ، ولا يمكن أن يقال : ~~إن هذا يكون للمولى في العالم الإجمالي بالنسبة إلى صورة المخالفة القطعية ~~، ولا يصح بالنسبة إلى PageV01P411 # صورة ترك الموافقة القطعية. # وبعبارة اخرى : الحجة موجودة بالنسبة إلى الأول وغير موجودة بالنسبة إلى ~~الثانى ؛ فإن الحجة على التكليف إذا صارت موجودة يلزم بحكم العقل اجتناب ~~أحد الأطراف أيضا؛ إذ المفروض أنه على تقدير الارتكاب يحتمل أن يكون الحرام ~~الواقعي هو هذا الذي يرتكبه ، وقد فرضنا أنه على هذا التقدير كان العقاب ~~والمؤاخذة على مخالفة التكليف التحريمى عقابا ومؤاخذة مع الحجة والبيان ، ~~فيلزم اجتنابه تحرزا عن الوقوع في هذا الضرر ، والضرر وإن كان محتملا لكن ~~لكونه اخرويا ، والضرر الاخروي يكون اهتمام العقل بدفعه أزيد من الدنيوي ؛ ~~لكونه أشد منه ، فلهذا يستقل العقل بوجوب دفع محتمله أيضا. # وبعبارة اخرى : الحكم الواقعي بعد تعلق العلم الإجمالي به لا يخلو من ~~حالين : إما يكون الحجة عليه موجودة ، وإما لا ، فعلى الثاني لا يحرم عليه ~~المخالفة أيضا ، وقد فرضنا خلافه في المقام الأول ، فتعين الأول ، وعليه ~~يجب الموافقة القطعية أيضا ، ولا معنى للتفكيك بين المخالفة والموافقة. # فثبت أن العلم الإجمالي بحسب حكم العقل لا فرق في تنجيزه بين حرمة ~~المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية. # وأما بحسب الشرع ، فهل يجوز للشارع أن يرخص في المخالفة القطعية وارتكاب ~~جميع الأطراف ، فيصير العلم بعد كونه مؤثرا تمام التأثير عقلا غير مؤثر ~~لشىء أصلا شرعا ، أو أنه لا يجوز له الترخيص في ارتكاب الجميع الذي هو ~~المخالفة القطعية ، ولكن قبح ترك الموافقة القطعية عقلا ليس بهذه المثابة ، ~~بل هو قابل لإذن الشرع ، وحينئذ فيكون بحسب الشرع مؤثرا بالنسبة إلى حرمة ~~المخالفة القطعية دون وجوب الموافقة القطعية ، أو أنه ليس له الترخيص في ~~ترك الموافقة القطعية أيضا ، كما أنه ليس له الترخيص في فعل المخالفة ~~القطعية، فيصير العلم الإجمالي كالتفصيلي في جميع الآثار عقلا وشرعا. # وبعبارة اخرى : هل اقتضاء العلم الإجمالى لقبح المخالفة القطعية وقبح ترك PageV01P412 # الموافقة ms0389 القطعية يكون في كليهما على نحو العلية التامة بحيث لا يمكن ~~الترخيص من الشرع في شيء منهما؟ أو أن اقتضائه في كليهما يكون على نحو ~~الاقتضاء ، بمعنى أن العقل لو خلي وطبعه يحكم بالقبح ، وللشارع أن يرخص من ~~حيث الشارعية في المخالفة القطعية ، فحكم العقل بالمنع إنما هو لو لا حكم ~~الشرع بالجواز ، أو هنا تفصيل ، فبالنسبة إلى المخالفة القطعية يكون على ~~نحو العلية التامة ، وبالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعية يكون على نحو ~~الاقتضاء ولو لا حكم الشرع. # وبعبارة ثالثة : هل العلم الإجمالي كالتفصيلي ليس للشارع التصرف فيه لا ~~نفيا ولا إثباتا بوجه من الوجوه ، أو أنه يكون له التصرف فيه نفيا من حيث ~~المخالفة الاحتمالية دون القطعية ، أو له ذلك في كليهما؟ # فنقول : أما المخالفة القطعية فقد يقال بأنه لو رخص الشارع في جميع ~~الأطراف يلزم التناقض بين هذا الترخيص وبين الحكم الواقعى المعلوم إجمالا ، ~~فمن يعلم بأن أحد الإنائين خمر لو جوز له الشرع شرب كليهما كان راجعا إلى ~~تجويز شرب الخمر وهو مخالف لقوله : لا تشرب الخمر ، وهذا مدفوع ؛ لعدم ~~التناقض ، لما يأتى في وجه الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري ، فإن جعل ~~الترخيص هنا يكون في موضوع الشك لثبوته في كل من الطرفين بالخصوص. # وحينئذ فإما نختار مذاق من يقول للحكم بمراتب ، ونقول : إن قوله : لا ~~تشرب الخمر وإن كان ظاهرا في الفعلية ولكن بعد ما ورد الترخيص في كلا ~~الطرفين يستكشف قضية للجمع بينهما منه كون ذاك حكما غير فعلي من حيث الشك ، ~~وكون هذا حكما فعليا من جميع الحيثيات ، والمخالفة القطعية للحكم الفعلي ~~وإن كانت قبيحة بحيث لا يمكن أن يجوزها الشرع ، ولكن هذا ليس مخالفة للحكم ~~الفعلي. # وإما نختار مذاق من يقول بأن الحكم والأمر والنهي لا يعقل له إلا مرتبة ~~واحدة ؛ لأنه إما موجود فيكون فعليا ، وإما معدوم فلا يعقل أن يكون موجودا ~~وغير فعلي. فنقول : وإن كان كل من «لا تشرب الخمر» والترخيص في الأطراف ~~حكما فعليا ، ولكن مع ذلك لا تناقض ms0390 ، لكون رتبتهما مختلفة ، فإن الثاني في ~~طول الأول ، فعلم أنه PageV01P413 # من حيث التناقض لا مانع من اجراء الأصل في كلا الطرفين على كلا المذاقين ~~، كيف وقد عرفت عدم لزومه في ترخيص مخالفة العلم التفصيلي أيضا ، إلا أنه ~~يمكن أن يقال على مذاق من يجعل للحكم مراتب ؛ إنه وإن كان لا يلزم التناقض ~~مع الواقع ؛ لاختلاف المرحلتين ، ولكن يلزم التناقض مع الغاية التي جعلت في ~~الأدلة غاية للاصول. # بيان ذلك : أن قوله عليه السلام : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهى» كما يدل ~~على المطلقية قبل ورود النهي بمعنى معلوميته ، كذلك يدل على عدم المطلقية ~~بعد معلومية النهي ، فذيل الرواية يدل على أن تعلق العلم بالنهى يجعله ~~فعليا ، وصدره يدل على أنه حال الشك فيه غير فعلي ويجوز مخالفته ، فيكون ~~بين الصدر والذيل في أطراف الشبهة تناقض وتهافت ؛ إذ المكلف في خصوص كل ~~واحد شاك في الحرمة ، فيكون خصوص كل واحد مطلقا مرخصا فيه باعتبار مشكوكية ~~النهي فيه بمقتضى الصدر. # ولا يخفى أنه مع هذا الشك عالم إجمالا بوجود خمر في البين ، فيعلم بخطاب ~~النهي عن شرب الخمر ، فلا يكون هذا المعلوم مطلقا ومرخصا فيه باعتبار ~~معلومية نهيه بمقتضى الغاية ، ولا إشكال أن كونه في قيد بالنسبة إلى هذا ~~التكليف المعلوم ينافي كونه مطلقا وبلا قيد من حيث ارتكاب الطرفين ؛ إذ ~~معناه عدم التقيد بالنسبة إلى ذاك المعلوم. # فإن قلت : لا يلزم ذلك ، إذ المراد بالعلم الذي هو غاية إنما هو العلم ~~التفصيلي في خصوص الشخص المشكوك. # قلت : هذا مناف للإطلاق ؛ فإنه بإطلاقه يشمل العالم الإجمالي ؛ فإنه أيضا ~~عالم بالحكم ، والتقييد بالتفصيلي يدفعه الإطلاق. # فإن قلت : الظاهر من قوله : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» أنه يعلم في ~~هذا الشيء نهي ، والظاهر من الشيء الأشياء الخارجية ، وليس في المقام لنا ~~إلا شيئان خارجيان ، فمدلول الرواية أن كلا منهما مطلق حتى يعلم في خصوصه ~~نهي ، وعلى PageV01P414 # هذا فلا يشمل العلم الإجمالي ، فلا تهافت في الدليل. # قلت : نعم ، لكن الإطلاق لا يمكن ms0391 إنكاره في قوله : رفع ما لا يعلمون الذي ~~مفاده أنه لم يرفع ما يعلمون ، وكذلك قوله : الناس في سعة ما لا يعلمون ، ~~بكلا احتماليه. # ومما ذكر في هذه الرواية يعرف الكلام في قوله : «الناس في سعة ما لا ~~يعلمون» أو في سعة ما لا يعلمون ، بجعل «ما» ظرفية لا موصوله ؛ فإنه أيضا ~~كما يدل على السعة حال الجهل ، يدل أيضا على الضيق حال العلم ، وهنا يكون ~~الجهل والعلم موجودين ، فالجهل من حيث الخصوص والعلم من حيث الإجمال ، ~~فمقتضى الأول السعة وجواز ارتكاب كلا الطرفين ، ومقتضى الثانى الضيق وعدم جوازه. # هذا كله على قول من يجعل للحكم مراتب. # ويمكن ان يقال على قول من لا يجعل له بعد الوجود سوى مرحلة الفعلية أيضا ~~: إنه وإن كان لا يستحيل ترخيص أطراف الشبهة من حيث لزوم التناقض ، ولكنه ~~يستحيل من جهة لزوم الترخيص في المخالفة القطعية للتكليف الفعلي ، فإن ~~المخالفة القطعية لهذا التكليف ظلم على المولى ، والظلم لا يرتفع قبحه ~~بالترخيص ، بل يكون ترخيصه أيضا قبيحا. # وجه لزوم ذلك أن المفروض كون الخطاب الواقعي حكما فعليا ، فإذا تعلق به ~~العلم يقبح عقلا من المكلف مخالفته ، والمفروض أنه هنا عالم أيضا بهذا ~~الخطاب ، غاية الأمر بالعلم الإجمالى ، وعرفت أنه لا فرق في قبح المخالفة ~~بين العلم التفصيلي والإجمالى ، وعرفت هنا أن قبح المخالفة القطعية يكون من ~~باب الظلم وعلى نحو العلية التامة ، فإن المولى يطلب الفعل أو الترك من ~~العبد بكمال الشدة والاهتمام ويظهر عدم رضاه بالمخالفة ، فكما أن مخالفته ~~مع هذه الحالة وعدم المبالاة بكمال بغضه ذلك ظلم قبل الترخيص ، فهو بعينه ~~باق على هذا الحال بعده ؛ لأنه بعده أيضا ظلم ، لفرض قيام عدم الرضى والطلب ~~بكمال الجد بالمولى بعده أيضا ، فيكون الترخيص قبيحا ؛ لكونه ترخيصا للظلم ~~، فيمتنع صدوره عن الحكيم. # ولا يتوهم أن قبحه إنما هو من جهة لزوم الجري على خلاف المراد ورفع اليد عن PageV01P415 # الغرض ونقضه ؛ إذ لو كان ذلك للزم بعينه في إجراء الأصل في الشبهة ~~البدوية ، ولا اختصاص ms0392 له بالشبهة المقرونة بالعلم ؛ فإن معنى الأصل في ~~الشبهة البدوية أن الفعل مثلا جائز ، سواء كان في الواقع جائزا أم حراما ، ~~فتجويزه على تقدير حرمته نقض للغرض ، بل المانع ما ذكرنا من لزوم الترخيص ~~في المخالفة القطعية. # ولا يتوهم أن المانع ذلك مع لزوم التهافت في دليل الأصل كما ذكرناه على ~~القول الآخر ؛ فإن المانع على هذا القول منحصر في الجهة المذكورة ولا يلزم ~~التهافت في الدليل اللفظي ، وذلك لأنك عرفت أن الحكم الواقعي على هذا يكون ~~فعليا بمجرد وجوده ، فالعلم به يكون بحكم العقل منجزا له ، وليس بعد العلم ~~للشارع الأمر بمتابعة هذا العلم على نحو المولوية ، كما ليس له المنع عنه ~~مولويا. # فلو وقع الأمر به في مقام كما في الغاية الواقعة في قوله : كل شيء مطلق ~~حتى يرد فيه نهي ، يعني بعد ورود النهي والعلم يجب المتابعة ، وقوله : ~~الناس في سعة ما لا يعلمون يعني أنهم في ضيق ما يعلمون ، فلا بد من حمل ذلك ~~على الإرشاد إلى حكم العقل وتقريره من دون مولوية وشارعية ، وإذا لم يكن ~~الغاية حكما من قبل الشرع من حيث إنه شرع لم يبق في البين إشكال التهافت ؛ ~~فإنه مبني على كون حكمين شرعيين هنا كما على القول الآخر ، إذ عليه كما أن ~~الترخيص المشتمل عليه الصدر معلوم أنه شرعي فكذلك الغاية ؛ فإنها وإن كان ~~علما بالتكليف ، لكن مجرد العلم بالتكليف لا يخرجه عن تصرف الشرع ، فإنه لو ~~كان التكليف المعلوم شأنيا كما هو المفروض في متعلق هذا العلم فبعده أيضا ~~يكون إعطاء الفعلية له بيد الشرع ومن قبله ، فهنا حكم بموافقة العلم وعلم ~~منه أنه جعل الواقع فعليا لصيرورته في مقام البعث إليه والزجر عن تركه. # وأما على القول بنفي المرتبة فالإشكال ممحض من حيث الترخيص في المخالفة ~~القطعية الذي مبناه حكم العقل بقبح المخالفة القطعية ، وليس من الشرع حكم ~~في موضوع القطع ، وإنما قرر حكم العقل بقبح مخالفة القطع. # والملخص من جميع ما ذكرنا أن الترخيص في جميع أطراف الشبهة ms0393 إما أنه PageV01P416 # ممكن عقلا بحسب مقام الثبوت ولا يلزم التناقص ، لأجل اختلاف مرحلة الحكم ~~الواقعي والظاهري ، ولكنه غير واقع بحسب مقام الإثبات للزوم التهافت في ~~دليل إثباته ، فيتساقط جزءا دليله للتعارض ، فيبقى بلا دليل ، ودعوى عدم ~~التعارض بأن المراد من العلم هو العلم بالتكليف مفصلا فلا يشمل المقام ~~المفروض وجود العلم به على نحو الإجمال مردودة بالإطلاق. # وإما أنه غير ممكن عقلا لا من جهة التناقص لأجل اختلاف الرتبة ، ولا من ~~جهة لزوم التهافت فى الدليل ؛ إذ ليس الغاية إلا تقريرا لحكم العقل ، ولا ~~يمكن أن يكون حكما مولويا شرعيا ، بل من جهة لزوم الترخيص في المخالفة ~~القطعية للتكليف الفعلى المعلوم بالإجمال. هذا هو الكلام في ترخيص الشرع في ~~ارتكاب جميع الأطراف. # وأما الترخيص في بعض الأطراف إما معينا وإما مخيرا ، فالكلام فيه تارة ~~يقع في إمكانه عقلا مع قطع النظر عن ثبوت الدليل عليه وقوعا وإثباتا بحسب ~~الشرع وعدمه ، واخرى في ثبوت الدليل عليه إثباتا بحسب الشرع بعد فرض إمكانه ~~والتكلم في دليل الأصل من حيث إنه هل هو قاصر عن شمول أحد الأطراف كما كان ~~كذلك عن شمول الجميع ، أو له دلالة عليه؟ # أما الإمكان العقلي فلا نرى مانعا هنا ، فإنا إذا عرضنا على النفس ~~المخالفة القطعية نراها معصية بحيث لا يمكن أن يصير بواسطة مصلحة جائزة ، ~~فإنه عناد وشقاق مع المولى وقيام على وجهه وفي قباله ومعارضة معه بعلانية ~~ووضوح ، وهذا أمر لا يجوز العقل أن يوجد فيه صلاح يزاحم قبحه وفساده ويجعله ~~جائزا أو راجحا. # وإذا عرض عليها المخالفة الاحتمالية فهو وإن كان لا يفرق بينها على تقدير ~~المصادفة لمخالفة التكليف وبين المخالفة القطعية في صحة العقوبة ، لكنه ليس ~~بأزيد من الإقدام على شيء يحتمل كونه مخالفة تمت عليها الحجة ، بمعنى أنه ~~مع وصف محتمليته تكون الحجة عليه تامة كالمقطوع ، بخلاف الشبهة البدوية ، ~~فإنه وإن كانت مخالفة محتملة ، لكن ليست الحجة عليها تماما ، فليس للمولى ~~على تقدير المصادفة للحرام PageV01P417 # العقاب ، ومجرد تمامية الحجة لا يوجب عدم ms0394 إمكان الترخيص ، وليس مثل ما ~~اذا كانت المعصية مقطوعة. # إذ أولا قد ورد الترخيص من الشرع فيه في بعض المواضع كما في الشبهة بين ~~الأقل والأكثر الارتباطيين ، حيث حكموا فيها بالاحتياط بحكم العقل ، ثم ~~رفعوه وحكموا بالبراءة بحديث الرفع المشتمل على رفع ما لا يعلمون ، وكذلك ~~في الشبهة البدوية قبل الفحص ؛ فإنهم حكموا فيما كانت منها في الأحكام ~~بالاحتياط ؛ لعدم ورود الترخيص فيها شرعا ، فأوجبوا الفحص ، وفي ما كانت ~~منها في الموضوعات حكموا بالبراءة ؛ لورود الترخيص وعدم وجوب الفحص فيها ~~بالخصوص ، مع أنهما من واد واحد ؛ لأنهما مشتركان في تمامية الحجة في ~~كليهما ؛ فإنه لو كان معلوما عادة أو لخصوص الشاك أنه لو تفحص لحصل العلم ~~بالواقع ، فلا فرق في تمامية الحجة حينئذ بين كون الشبهة في الحكم أو في ~~الموضوع. # وبالجملة ، يستكشف من الترخيص في هذه الموارد إمكان الإذن في المخالفة ~~الاحتمالية ولو فرض أن العقل في هذا المقام متحير ولا حكم له بالمنع ~~والجواز. # وثانيا : أنا لو فرضنا وجود مصلحة في المخالفة الاحتمالية كما لو رأى ~~المولى أن العبد في الشبهة الوجوبية مثلا لو أتى بوقائع عديدة لاجل درك ~~واقعة واحدة لسقط عن درك كثير من الوقائع الأخر ، ويكون ذلك حرجا عليه ، ~~فيرفع عند ذلك عنه مئونة بعض هذه الوقائع التي وقعت أطرافا للشبهة واكتفى ~~منه بإتيان واحدة منها وإن كانت هذه الواقعة قد يصادف الواجب وقد لا يصادفه ~~ولكنه يرفع اليد عن بعض أوقات مصادفته أيضا رعاية لحال العبد ليصير الأمر ~~عليه سهلا ، ولا يقع في الحرج والشدة ، ومع ذلك كان موافقا وآتيا بالأمر ~~أيضا في بعض الأوقات لم يقع في محذور مخالفته في جميع الاوقات ، فلا نرى ~~الوجدان آبيا عن ذلك كإبائه ذلك في المخالفة القطعية. # أما الضرر المحتمل فهذا الترخيص مؤمن شرعي منه ، وأما الشقاق مع المولى ~~والقيام في قباله فلا يحصل إلا مع العلم بمخالفة أمره لا مع حصولها منه بلا ~~علم ، بل مع PageV01P418 # احتمال ، وحاصل هذا الوجه أنه لا منع من العقل في ms0395 هذا المقام كما في ~~المخالفة القطعية. # فتحصل أن كون العلم الإجمالى لا شيء وغير منشأ لأثر باطل ، بل هو ذو أثر ~~، فإسقاطه عن التأثير رأسا غير ممكن شرعا كالعلم التفصيلي ، وبعبارة اخرى : ~~المخالفة القطعية للعلم الإجمالي والتفصيلى قبيح بقبح ذاتي اقتضياه على نحو ~~العلية التامة ، فلا يقبل تجويزا من الشرع ، وإنما يظهر الفرق بين التفصيلى ~~والإجمالي في الموافقة القطعية ؛ فإن اقتضائها يكون في الأول على نحو ~~العلية التامة ، وفي الثاني على نحو الاقتضاء المعلق على عدم ورود الترخيص ~~الشرعي ، هذا. # ولكن في الكفاية جعل اقتضاء العلم الإجمالي في المخالفة القطعية أيضا على ~~نحو الاقتضاء القابل لتصرف الشرع مستدلا بمحفوظية المرتبة الظاهرية في كل ~~واحد من الأطراف ، لفرض الشك في كل واحد ، فيكون كالشبهة البدوية في هذه ~~الجهة ، فللشارع جعل الترخيص في تمامها ، ولا يلزم التناقض ، لاختلاف مرتبة ~~الحكمين. # ونحن نطالبه بوجه الفرق بينه وبين التفصيلي ؛ حيث إنه لم يسلم ورود ~~الترخيص هناك ؛ للزوم التناقض ، فنقول : لا فرق في لزومه بين العلم بقسميه ~~والشك ، غاية الأمر أن في الشك احتمال التناقض ، وفي العلم بقسميه يقينه ، ~~واحتماله أيضا كيقينه محدود ، وإذا دفعتم الأول باختلاف المرتبة وكذلك ~~تقولون في أطراف العلم الإجمالي ، فلم لا يجرى هذا الجواب في العلم ~~التفصيلي؟ فإن فيه أيضا يمكن دفع التناقض باختلاف المرتبة بأن نقول : ~~المولى لا يعمل بالعلم الحاصل من الرمل أو الجفر ، هذا في الامكان العقلى. # وأما التكلم في قصور دليل الأصل لشمول المقام وعدمه بعد فرض الإمكان ~~فملخصه أنه بعد ما فرضنا عدم إمكان دخول كلا الطرفين في زمان واحد في عمومه ~~للزوم التناقض يبقى هنا ثلاثة احتمالات ، الأول : أن لا يشمل شيئا منهما ، ~~والثاني : أن يشمل واحدا معينا ، والثالث : أن يشمل واحدا مخيرا ، ~~والاحتمال الثانى مدفوع بلزوم الترجيح بلا مرجح ، لمساواة الدليل بالنسبة ~~إلى الطرفين ، بقى احتمال التخيير وعدم الشمول رأسا. PageV01P419 # فإن قلنا بأن الواحد التخييرى ليس مستفادا من الدليل ، بل ظاهره الأشياء ~~المعينة يبقى عدم الشمول رأسا ، إلا أن يتمسك في إثبات التخيير ms0396 بالإطلاق ~~بأن يقال : إن الدليل لو لا حكم العقل كان باطلاقه دالا على ترخيص هذا ~~الطرف ، سواء أتى بالطرف الآخر أو لم يؤت به ، وكذلك كان شاملا لذاك الطرف ~~أيضا سواء أتى بهذا أم لا ، فحكم العقل قد أوجب تقييد هذين الإطلاقين ، ~~فقيد إطلاقه في كل منهما بحال عدم إتيان الآخر ، فيلزم ثبوت التقييد في ~~مدلول الرواية بالنسبة إلى الشبهة المقرونة بالعلم دون البدوية. # وقد يقال : إنه استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد ، وتنقيح ~~المطلب والتكلم فيه أزيد من هذا يطلب في بحث أصالة البراءة إن شاء الله تعالى. # الأمر الخامس : على تقدير القول بأن العلم الإجمالي يقتضي وجوب الموافقة ~~القطعية ، فهل يكتفى في مقام الامتثال بالإتيان على وجه الإجمال مع التمكن ~~من تعيين مورد التكليف تفصيلا ، كمن علم إجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة وهو ~~يتمكن من تعيين أن أيهما هو الواجب عليه بالاستفتاء من العالم مثلا ومع ذلك ~~أتى بها بدون تعيين ، وكمن اشتبه عليه القبلة بين أربع جهات ، فصلى إليها ~~مع إمكان تشخيص القبلة في إحداها. # والكلام يقع تارة في التوصليات واخرى في التعبديات. # أما التوصليات فلا كلام في الاكتفاء بهذا النحو من الامتثال فيها ، فمن ~~يعلم إجمالا باشتغال ذمته لأحد رجلين فأدى إليهما كان بريئا بلا إشكال. # وأما التعبديات فإما يكون مورد الشبهة فيها عملا واحدا ويدور أمره بين ~~الوجوب والإباحة وإما يكون عملا واحدا ويدور بين الوجوب والاستحباب ، وإما ~~يكون عملا واحدا معلوم الوجوب ويدور أمره بين الأقل والأكثر ، ثم أمر ~~الزيادة المشكوكة إما دار بين الوجوب والإباحة وإما ، بين الوجوب ~~والاستحباب. # وإما يكون مورد الشبهة عملين ، فالاحتياط في القسم الأخير مستلزم للتكرار ~~دون ما سبقه ، فإن قلنا بأنه يعتبر في الامتثال الإتيان بداعوية الأمر ففي ~~ما يكون PageV01P420 # الأمر دائرا بين الوجوب والإباحة لم يحصل الامتثال ؛ لأن نفس الأمر لم ~~يصر داعيا ، بل احتماله. # وإن اعتبرنا مع ذلك أن يكون وجه الأمر معلوما عند الفاعل من الوجوب أو ~~الندب ويقصده إما وصفا وإما غاية ms0397 وإما معا على الخلاف ، بأن يأتى بالفعل ~~الفلاني الواجب لوجوبه ، ففي ما يكون الأمر دائرا بين الوجوب والاستحباب لم ~~يحصل الامتثال ؛ لأنه وإن كان داعي الأمر فيه متمشيا ، إلا أن قصد الوجه ~~لعدم معلوميته غير متمش. # وإن اعتبرنا مع ذلك قصد التمييز بأن يكون الفعل المأمور به حين الإتيان ~~مميزا عن غيره ففي ما يدور الواجب بين عملين لم يحصل الامتثال ؛ فإنه وإن ~~كان يشتمل على قصد الأمر وعلى قصد وجهه ، لوضوح إمكان أن يأتي بالعملين ~~بداعي الواجب الذي في البين بوصف وجوبه ولعلة وجوبه ، لكن التمييز حين ~~الإتيان مفقود. # فنقول : مقتضى القاعدة جواز الاكتفاء بهذا النحو من الامتثال ، فعلى من ~~يدعي العدم إثبات المانع إما من العقل أو النقل. # أما من جهة العقل فربما يقال : إن العبادة ما يعتبر فيه وقوعه من المكلف ~~بحيث صار مقربا له ، وهذا مما إشكال فيه ، بخلاف التوصلي ، فإنه يجزى ويسقط ~~أمره وإن لم يقع على وجه مقرب ، وكل عبادة ولو صدرت من الفاسق لا محالة ~~تكون مقربة ، فإنا لا نعني بمقربيته أن يصير العبد ذا منزلة عظيمة عند ~~المولى ويصل مرتبه الجبرئيل ، بل المقصود أن يكون فاعل الفعل غير مساو مع ~~تاركه ، وهذا له مراتب مختلفة لا تحصى ، ولا يلازم القبول الذي هو بمعنى ~~خرق الحجب. # فعبادة شارب الخمر وإن كان يمنع شربه عن خرقها الحجب ولكنه غير مساو مع ~~من يترك هذه العبادة ، فالفعل المأمور به ما لم يكن بداعوية الأمر ، أو كان ~~معها وتجرد عن قصد الوجه أو اشتمل عليهما وتجرد عن قصد التمييز لا يصير ~~مقربا للفاعل ؛ ولهذا قيل : إن من علم بوجوب أمر عليه بين عدة امور وأتى ~~بجميعها كان مستهزئا بأمر المولى وعابثا ، وكذلك من لم يعلم بالأمر وأتى ~~برجائه أو لم يعلم PageV01P421 # بوجوبه وأتى برجاء الوجوب. # وأما من جهة النقل فللإجماع على الاعتبار في كل من المراحل الثلاث ، ~~والجواب أما عن الإجماع فواضح ، فإن النزاع كما ترى إنما هو في منافاة عدم ~~الامور الثلاثة مع العبادية والمقربية ms0398 عقلا وعدمها ، فالإجماع لو كان محققا ~~لم يعبأ به في مثل هذه المسألة ؛ لعدم كشفه عن رأى المعصوم ، كيف وهو في ~~المقام منقول. # وأما عما ذكر من المنافاة للقرب فبأنه لا إشكال أن من علم بأن الفعل ~~الفلاني إما واجب عبادي ، وإما مباح فأتى به برجاء كونه واجبا قد تحقق منه ~~الإطاعة والانقياد ويكون حسنا ، بمعنى أنه غير مساو مع من يترك هذا الفعل قطعا. # وكذلك الكلام بعينه في من يأتى بالفعل الذي علم إجمالا بوجوبه أو ~~استحبابه برجاء أنه واجب ؛ فإنه لا يعد مساويا مع تاركه بلا ريب. # وأما في ما كان الاحتياط مستلزما للتكرار ، فإن لم يكن في البين داع ~~عقلائى كمن أمره المولى بشيء وتردد عنده بين أشياء ، وهو متمكن من أن ~~يستعلم من المولى فلم يستعلم وأتى بجميع هذه الأشياء الكثيرة ، لكون واحد ~~منها متعلقا لغرض المولى فهذا لا كلام فيه ، فإنه يعد مستهزئا ولاغيا عابثا. # وأما إن كان له داع عقلائي إلى التكرار كما لو عرض له الشك في قلب الليل ~~وتوقف الاستعلام على إيقاظ العالم وهو حرج عليه ، فإن إتيانه حينئذ بكلا ~~الطرفين حسن مرغوب وهو مع غيره التارك غير متساويين قطعا ، فيكون مجزيا ~~وموجبا لسقوط الأمر ، كما أنه في القسم الأول لو كان الأمر في الواقع ~~موجودا أجزأ عنه الإتيان المذكور ، وإن لم يكن موجودا فقد تحقق منه ~~الانقياد. # وبالجملة ، فبطلان الدعوى في هذه المراحل الثلاث استنادا إلى الإجماع أو ~~دليل العقل المذكورين واضح لا يحتاج إلى البيان. # والذي يمكن الاستناد إليه في إثبات الدعوى في كل من المراحل ما أشار إليه ~~شيخنا المرتضى في رسائله ، وهو أن يقال : إنه لا أقل من تحقق الاحتمال لأن ~~يكون الإتيان بداعي الأمر دخيلا في غرض المولى ، وكذا من المحتمل أن يكون ~~الغرض متعلقا PageV01P422 # بالمقيد بداعي الوجه ، وكذا أن يكون الغرض هو التقييد بداعي التمييز ، ~~وإذا جاء الاحتمال في دخل شرط أو شطر في متعلق الغرض فلا يمكن رفعه إلا ~~بأحد أمرين : أصالة البراءة وأصالة الإطلاق ms0399 ، وكلاهما في المقام مفقود ، ~~فلا إطلاق في البين ، والأصل في خصوص هذه القيود هو الاحتياط وإن قلنا بكون ~~الأصل في مورد دوران الأمر بين الأقل والأكثر في القيود الأخر هو البراءة. # أما الأول : فلأن الإطلاق والتقييد توأمان ، وإمكان الأول فرع إمكان ~~الثاني ، ففي أعتق الرقبة يمكن التقييد بالمؤمنة ، فيؤخذ مع اجتماع شرائط ~~الإطلاق به في رفعه ، ولكن التقيد في هذه القيود غير ممكن ، ووجه ذلك أن ~~القيود على قسمين : # قسم لا يحدث بالأمر ، بل له الواقعية مع قطع النظر عن الأمر كقيد المؤمنة ~~في الرقبة ؛ فإنه غير متوقف تحققه وواقعيته على وجود الأمر بالعتق ، فهذا ~~يمكن أخذه في متعلق الأمر على وجه الإطلاق وعلى وجه التقييد. # وقسم لا يحدث إلا بالأمر ولا واقعية وتحقق له قبل وجود الأمر ، وذلك مثل ~~داعي الأمر وداعي وجه الأمر وداعي تمييز المأمور به عن غيره ، فهذه تكون ~~متأخرة في الرتبة عن الأمر ، فلا يعقل أخذها في متعلقه لا إطلاقا ولا ~~تقييدا ، وإذا لم يمكن الأخذ بنحو فاللفظ بالنسبة إليها مهمل ، قال شيخنا ~~المرتضى : وليس هذا تقييدا في دليل العبادة حتى يدفع بإطلاقه. # وأما الثاني : فلأن وجه إجراء البراءة في القيود الأخر أن الشك كان فيها ~~في التكليف بحسب مرحلة أصل الثبوت بمعنى أنه شك في أصل ثبوت التكليف ~~بالنسبة إلى الزائد المشكوك ، وأما هنا لا شبهة بحسب مرحلة الثبوت ، بل ~~الحال معلوم والمأمور به بحدوده وقيوده معلوم ، وإنما الشك واقع بعد عدم ~~الأخذ في متعلق الأمر قطعا وكونه من هذه الجهة عاما في دخل تلك القيود في ~~الغرض ، فيكون الغرض أخص مما تعلق الأمر به ؛ لعدم إمكان أخذ القيد فيه ، ~~فيشك بعد الإتيان بدون هذا القيد في حصول الغرض وعدمه ، وبذلك يشك في سقوط ~~الأمر وعدمه ؛ إذ سقوط الأمر منوط بحصول الغرض الباعث إليه. PageV01P423 # وبالجملة ، فالشك واقع في مرحلة السقوط بعد معلومية ثبوت الأمر ، ومن ~~المعلوم أنه مع ذلك لا مجرى للبراءة ، بل الحقيق هو الاحتياط. هذا غاية ~~تقريب الدعوى. # وأنت خبير بأن مبنى ms0400 عدم الجريان في كلا الأصلين هو امتناع التقييد بهذه ~~القيود ، وحيث انجر الكلام إلى هنا ينبغي التكلم في مقامين وإن تقدم البحث ~~عنهما في صدر الكتاب عند تقسيم الواجب إلى التعبدي والتوصلي : # الأول : في امتناع هذا التقييد وإمكانه بحسب مقام الثبوت ، ثم تصحيح ~~الأمر العبادي على تقدير الامتناع. # والثاني : في تمهيد الأصل لحال الشك في أصل التعبدية أو في هذا التقييد ~~بعد الفراغ عن أصل التعبدية. # أما المقام الأول : فاعلم أن ما قيل أو يمكن أن يقال في تقريب امتناع ~~التقييد المذكور وجوه أربعة : # الأول : لزوم الدور ، بيانه أن هذه القيود متأخرة رتبة عن الأمر ؛ فإن ~~حدوثها معلول له وبتبعه ، ولا شك أن المعلول متأخر رتبة عن علته ، وموضوع ~~الشيء متقدم رتبة على الشيء ، فيلزم من درج هذه القيود في موضوع الأمر تقدم ~~الشيء على النفس ؛ فإن الموضوع المقيد بأحدها بما هو مقيد به متوقف على ~~وجود الأمر ، ووجود الأمر أيضا متوقف على هذا المقيد لكونه موضوعه. # والجواب أن موضوع الأمر ليس هو الوجود الخارجي للمقيد ، بل هو الوجود ~~التصوري له ، وإلا يلزم طلب الحاصل ، والإتيان بالفعل بداعي الأمر بحسب ~~الخارج متوقف على وجود الأمر ، وأما بحسب التصور فلا ؛ لوضوح إمكان أن ~~يتصور الآمر قبل إنشاء الأمر نفس الفعل والأمر وتقييد الأول بالثاني ، ثم ~~يجعل هذا المفهوم المقيد محلا لإنشاء الأمر ، فما يتوقف عليه الأمر تصور ~~الموضوع ، وما يتوقف على الأمر خارج الموضوع ، فاختلف الطرفان ، فأحدهما ~~الوجود التصوري ، والآخر الوجود الخارجي. PageV01P424 # والثاني : لزوم الدور بوجه آخر ، وبيانه : أن الأمر يتوقف على قدرة ~~المأمور على متعلقه ؛ لوضوح استحالة الأمر بغير المقدور من الحكيم ، ~~والقدرة على الفعل المقيد بهذه القيود متوقفة أيضا على الأمر ، فإن المكلف ~~لا يتمكن من الإتيان بالفعل في الخارج بهذه القيود إلا بعد الأمر. # والجواب : أن توقف القدرة على الأمر مسلم ، ولا نسلم توقف الأمر على ~~القدرة السابقة على الأمر ؛ فإن الممتنع عقلا هو اجتماع الأمر وعجز المكلف ~~في زمان الامتثال ، وأما لو فرض تمكنه حين الامتثال فلا ms0401 امتناع وإن كان ~~التمكن جائيا بالأمر ومتحققا من قبله لا قبله. # والثالث : أن التكليف بالمقيد بهذه القيود تكليف بغير المقدور ، ولا يحصل ~~القدرة على متعلقه حتى بعد الأمر ؛ فإن القيد هو داعي الأمر المتعلق بذات ~~الفعل ، والقدرة عليه متوقفة على الأمر بذاته ، ولا يكفي الأمر بالمقيد منه ~~بداعي أمره ؛ فإن الأمر بالمقيد ليس أمرا بالمطلق. # لا يقال : كيف لا يكون أمرا بالمطلق وهو جزء للمقيد ، والأمر المتعلق ~~بالكل متعلق بكل واحد من أجزائه نفسيا باعتبار تحققه في ضمن الكل ، ومقدميا ~~باعتبار نفسه مستقلا. # فإنه يقال : نعم ، المطلق جزء للمقيد ، لكنه جزء عقلي وليس بخارجي بمعنى ~~أنه ليس للقيد والذات في الخارج وجودان منحازان ، بل هما موجودان فيه بوجود ~~واحد ، والمطلوبية المقدمية إنما يصح في الجزء الخارجي ، فلا يصح أن يقال ~~في «أعتق رقبة مؤمنة» : إن مطلق الرقبة مطلوب من باب المقدمة بعد فرض أن في ~~الخارج ليس إلا وجود واحد له ولقيده ، وكذا الكلام في المطلوبية النفسية ؛ ~~فإنها متعلقه بالوجود في الخارج فهي إنما تسري من الكل إلى الجزء الخارجي ~~الموجود بوجود على حدة باعتبار تحققه في ضمن الكل. # والجواب أن المطلق وإن كان لا يسري إليه الأمر من المقيد ، ولكن المقسم ~~بينهما لا نسلم فيه ذلك ، فكما أن الوجود يسري من المقيد إليه ، فإذا وجد ~~زيد يصح PageV01P425 # نسبة الوجود حقيقة إلى الإنسان ، فكذلك الوجوب ، ولهذا نقول في توجيه ~~البراءة في دوران الواجب بين المطلق والمقيد أن المتيقن وجوب الأقل ، ~~والزائد وجوبه غير معلوم ؛ فإن المراد بالمتيقن الوجوب لا يكون هو المطلق ، ~~كيف وهو طرف الترديد ، فلا بد أن يكون هو الجامع بينهما ، ولو لا سراية ~~الوجوب من المقيد إلى الجامع لما صح ذلك. # فإن قلت : هذه الإرادة المتعلقة بالجامع غير قابل للامتثال ولا يدعو نحو ~~متعلقه ؛ فإنها إرادة عرضية ولا يدعو إلا نحو المطلوب الأصلي أعني المقيد ، ~~ألا ترى أنه لو كان المراد الأصلي عتق الرقبة المؤمنة فلا توجب الإرادة ~~العرضية المتعلقة بالرقبة المهملة تحريك المكلف نحو المهملة في ms0402 ضمن رقبة ~~كافرة ، فإتيانها غير مثمر للدعوى : فإنها متوقفة على أمر بذات الفعل صالح ~~للدعوة إلى الذات. # قلت هذا إنما هو في ما إذا لزم من الدعوة نحو المهملة المجردة عن القيد ~~وجود قيد آخر مباين لما اخذ في متعلق الأمر كما في المثال ، حيث يلزم من ~~الدعوة نحو عتق الرقبة المجردة عن وصف الإيمان تحقق الكفر المباين له ؛ ~~فإنه حينئذ لا يدعو إلى المهملة في غير هذا القيد ، لكون المطلوب ناقصا ~~وغير حاصل بتمام أجزائه ، وأما لو فرض أنه لو دعا نحو المهملة يتم المطلوب ~~بقيده قهرا ، فلا مانع من داعويته ، ففي المقام المفروض تعلق الأمر فيه ~~بالفعل بداعي الأمر لو أتى بالفعل بداعي الأمر العرضي المتعلق به كان هو ~~عين المطلوب ؛ فإن القيد قد حصل بنفس الدعوة نحو المهملة. # والرابع : وهو الوجه الذي لا مدفع له أن من شأن الأمر المولوي وإن كان ~~توصليا أن يكون صالحا للدعوة نحو متعلقه ؛ فإن الغرض منه صيرورته داعيا ~~للعبد نحو المطلوب لو لم يكن في نفسه داع آخر ، فإن كان المطلوب مقيدا لا ~~بد أن يكون صالحا للتحريك نحو كل من الذات وقيدها ، والأمر المتعلق بالفعل ~~مقيدا بداعي الأمر لا يمكن أن يصير داعيا إلى القيد ؛ فإنه عبارة عن داعوية ~~نفسه ، ويمتنع أن يصير الأمر داعيا إلى داعوية نفسه نظير صيرورة العلة علة ~~لعلية نفسها. # وإذ قد تبين امتناع التقييد المذكور فلا بد من تصوير الأمر العبادي ~~لمعلومية وقوعه في الشريعة المطهرة كثيرا ، فنقول : يمكن تصويره بأحد وجوه ~~أربعة : PageV01P426 # الأول : أن يكون نحو الأمر في العباديات نحو الأمر في التوصليات ، بمعنى ~~أنه كان متعلقا بذات الفعل ، ولكن حيث علم المكلف من الخارج كالإجماع ونحوه ~~بأخصية الغرض وكونه متعلقا بالفعل مع قصد القربة لا مطلقا ، لزم بحكم العقل ~~إتيان القيد أيضا ، لئلا يلزم تفويت غرض المولى القبيح عقلا ، فوجوب أصل ~~الفعل جاء من قبل الأمر ، ووجوب القيد من قبل أخصية الغرض وأضيقيته. # والثاني : التزام أمرين ، أحدهما بذات العمل ، والآخر بالعمل المقيد ~~بإتيانه ms0403 بداعي الأمر المتعلق بذاته ، فداعوية الأمر الأول اخذت قيدا لمتعلق ~~الأمر الثاني ، فالأمر الأول يحرك إلى نفس العمل بأي وجه اتفق ، والثاني ~~يحرك إلى إتيانه بقصد أمره ، فإتيانه بداعي غير الأمر إطاعة للأول وعصيان ~~للثاني. # والثالث : أن المعتبر في العبادة ليس كونها صادرة بداعي الأمر ، بل ~~المعتبر كونها مقربة، ولا ينحصر القرب بصورة الإتيان بداعي الأمر ، بل يمكن ~~أن يكون ذات العمل مع قطع النظر عن تعلق الأمر به مقربا موجبا لقرب فاعله ، ~~فعنوان الخضوع والخشوع لله حسن في ذاته مقرب للعبد وإن لم يتعلق به أمر أصلا. # فنقول الأوامر التعبدية كلها متعلقة بأفعال هي في حد ذاتها حسن مقرب كما ~~في الأمر بالصلاة ؛ فإنه متعلق بالمركب من التكبير والحمد والثناء والتهليل ~~والتسبيح والدعاء والخضوع والخشوع ، ومن الواضح أن نفس صدور هذه الأفعال ~~وإن كان بداع نفساني يكون حسنا ، وبالجملة ، فالأوامر التعبدية متعلقة ~~بأفعال هي مقربة بالذات من دون حاجة إلى داعي الأمر ، لا بما لا يقرب إلا ~~مع هذا الداعي حتى يلزم المحذور. # والرابع : التزام الامر بالعمل مقيدا بعدم دواع أخر من الدواعى النفسانية ~~؛ فإنه حينئذ يصير المكلف مقهورا بالإتيان بداعي الأمر ؛ لامتناع خلو الفعل ~~الاختيارى عن جميع الدواعي ، هذا هو الكلام في المقام الأول. # أما المقام الثانى ، فاعلم أنه لو شك في واجب أنه تعبدي أو توصلي ، أو شك ~~في الواجب المعلوم تعبديته أنه هل يعتبر في إجزائه وقوعه بداعي الأمر أو PageV01P427 # الوجه أو التمييز أولا؟ فهل هنا إطلاق يدفع به مئونة التعبدية أو احتمال ~~القيد الزائد أولا؟ وأيضا هل يجري البراءة في رفعها أولا بناء على كل من ~~الوجوه الأربعة في تصحيح الأمر التعبدي. # الحق أن يقال : إن هذه الوجوه بين ثلاثة أقسام : # الأول : التصحيح بأضيقية الغرض مع عدم إمكان التقييد. # الثاني : التصحيح بتعدد الامر. # الثالث : تدرج القيد المحتاج إليه في العبادة في المأمور به على نحويه من ~~كون نفس الفعل مقربا ومن كون القيد عدم الدواعي الأخر. # فلا إشكال على القسم الأخير ؛ فإن الكلام في القيد ms0404 المذكور على نحو ~~القيود الأخر، فإن كان مقدمات الإطلاق موجودة نأخذ بها ، وإلا فالمرجع ~~الأصل العملى وهو البراءة ، ونرفع بها القيد. # وكذلك لا إشكال على القسم الوسط ؛ فإن الإطلاق وإن كان غير ممكن بناء ~~عليه ، ولكن البراءة جارية هنا وإن قلنا بعدم جريانها في دوران الأمر بين ~~المطلق والمقيد ، والوجه أن الشك هنا ليس في القيد الزائد حتى يكون جريان ~~البراءة فيه محلا للكلام ، بل في وجود أمر مستقل بالمقيد غير الأمر بذات ~~العمل وهو محل البراءة بلا كلام. # وأما على القسم الأول أعني أضيقية الغرض ، فالإطلاق في كلام واحد وإن كان ~~غير ممكن ، لكن في مجموع الكلامات ممكن ، بيان ذلك : أن للإطلاق قسمين ، ~~الأول : ما كان في كلام واحد وهو الإطلاق المصطلح ، والثاني : ما يستفاد من ~~مجموع كلامات واردة في خصوص باب ، ومثاله الاخبار الواردة في الأمر بغسل ~~اليد أو الثوب عند الملاقاة بشيء خاص ، فإن كل واحد واحد منها لا يمكن أخذ ~~الإطلاق منه لرفع وجوب العصر والتعدد ؛ فإنها واردة مورد حكم آخر وهو نجاسة ~~الشيء الخاص ، وأما أن كيفية الغسل من حيث العصر والتعدد ما ذا فليست في ~~مقام بيانها. # ولكن يمكن أن يستفاد من خلو جميع هذه الأخبار عن ذكر العصر والتعدد مع PageV01P428 # أنه لو كانا معتبرين للزم التعرض في واحد من هذه الأخبار أنه لم يكن في ~~باب التطهير تعبد زائد على القدر المعتبر عند العرف ، وهو صب الماء إلى أن ~~يزول العين ، فعدم تقييد كل منها منفردا وإن لم يكن كافيا في الإطلاق ولكن ~~عدم تقييد الكل كاف في ثبوته ، بل ربما يحصل من ذلك اليقين بعدم الاعتبار. # وكذلك الكلام في ما نحن فيه ، فإن ملاحظة ابتلاء العامة بالصلاة في كل ~~يوم وبالصوم في السنة وبغيرهما من العبادات ، وملاحظة أن قيد داعي الأمر ~~بمعنى عدم كفاية داعي احتماله ، وكذلك داعي الوجه والتميز مما يغفل عنه ~~عوام الناس ولا يلتفتون إليه قطعا ، وابداء احتماله نشأ من المتكلمين ، ~~وملاحظة خلو جميع ما ورد من الأئمة الطاهرين ms0405 صلوات الله عليهم أجمعين في ~~باب العبادات عن ذكره والتعرض له ، يكفي في إثبات إطلاق الغرض وإن لم يمكن ~~إثبات إطلاقه من كلام واحد ، بل ربما يحصل من ذلك القطع بعدم الاعتبار ، ~~فإن الشارع الذي لم يدع الأحكام الجزئية كأحكام التخلية إلا بينها ولم ~~يهملها ، كيف يهمل مثل هذا الأمر الذي يكون من المهمية بمكان ويجعله في ~~سترة الخفاء. # وأما قوله تعالى : ( @QUR@04 فادعوه مخلصين له الدين ) فليس المراد ~~بالإخلاص فيها إلا فعل العبادة ممحضا لله في مقابل جعلها للصنم والنفس ~~والشيطان ، فهو نهي عن عبادة هذه وأمر بعبادته تعالى ، وأما أن عبادته على ~~أي نحو هي يعتبر فيها داعي الأمر أو الوجه أو التمييز فلا تعرض في الآية له. # فتبين أن أصالة الإطلاق الاصطلاحي أعنى ما كان جاريا في كلام واحد وإن لم ~~يمكن هنا ، لكن أصالة الإطلاق ، بل القطع يمكن اصطيادهما من تضاعيف الكلمات ~~المتكثرة الخالية عن ذكر القيد ، ولو سلمنا عدم كفاية هذا الإطلاق وبقاء ~~الشك في الاعتبار معه بحاله نقول : ما الفرق بين هذا القيد المجهول والقيد ~~المجهول في سائر المقامات في ملاك قبح العقاب بلا بيان ، حيث إنه في سائر ~~المقامات لو عاقب عليه المولى عاقب على أمر مجهول لم ينبه عليه ولم يتم ~~الحجة عليه ، ولكن لم يلزم ذلك لو عاقبنا على هذا القيد المجهول. PageV01P429 # فإن قيل : الفرق إمكان الأخذ في المأمور به في سائر المقامات وعدم إمكانه هنا. # نقول : إنما كان غير الممكن هو الأخذ في المأمور به ، لكن بيان القيد ~~ببيان منفصل كان بمكان من الإمكان ، فكما يحتج العبد في سائر المقامات على ~~المولى بأنه لم ما احدث القيد في المأمور به؟ يحتج عليه هنا بأنه لو أردت ~~القيد فلم ما بينته لى في كلام منفصل؟ وبالجملة ، العقل في كلا المقامين ~~يحكم بقبح العقاب بلا فرق أصلا. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن الاحتياط في مقام الامتثال والاكتفاء بالإتيان ~~الإجمالى خال عن الإشكال على جميع الوجوه في تصحيح العبادة ، لكن هذا في ما ms0406 ~~إذا لم يكن التكرار في مورد يستلزمه الاحتياط لغوا وكان بداع عقلائى ، كما ~~لو شق عليه تعيين القبلة أو شق عليه السؤال في الشبهة الحكمية. # وأما لو كان التكرار لغوا وعبثا كما لو تمكن في الشبهة الحكمية مثلا عن ~~السؤال وتعيين مورد التكليف بسهولة كما لو كان النبي جالسا في المجلس ومع ~~ذلك لم يسأل عنه وأتى بأفعال عديدة ولا يراد باللغوية صدور الفعل بدون ~~الداعي ؛ فإن البحث في الفعل الاختياري الغير المنفك عن الداعي ، والمقصود ~~تقسيمه إلى قسمين ، أحدهما ما لا يعدونه لغوا وهو ما يكون بداع عقلائي ، ~~والآخر ما يعدونه العرف مع وجود الداعي لغوا ، وهو ما إذا كان بداع سفهائي ~~، كما لو نصب السلم على سقف البيت ثم استلم السقف بعد طي الدرج ؛ فإن هذا ~~فعل لغو مع كونه صادرا عن الداعي ، فتحقق أن اجتماع اللغوية مع وجود الداعي ممكن. # ثم لا إشكال أن من يحتاط بالتكرار يكون الداعى له إلى أصل العمل أمر ~~المولى ، ضرورة أنه لو لا الأمر لما تحمل مشقة ، بل كان يستريح عن العمل ~~رأسا وإنما تحقق منه اللغوية بعد تحقق هذا الداعي العقلائي منه في طريق ~~الامتثال وكيفيته ، فيقع حينئذ الكلام في الإجزاء في هذه الصورة المفروض ~~ثبوت اللغوية في كيفية الامتثال بعد صدور أصل العمل بداعى الأمر ، والكلام ~~في ذلك من جهتين : # الاولى : أن العمل يتصف باللغوية حتى في الفرد المصادف للواقع : والثانية ~~أن اللغوية مانعة عن القرب والعبادية ، أما الاولى فنقول : لا إشكال أن من ~~يتمكن من PageV01P430 # رفع الشبهة والاحتمال بسهولة كما لو كان النبي صلى الله عليه وآله جالسا في ~~مجلس العمل فعدم رفع الشبهة في الشبهة الحكمية بالسؤال عنه مع كمال سهولته ~~والإتيان بأفعال عديدة بداعي الاحتمال يعد سفها ولغوا عرفا. # وبعبارة اخرى : إبقاء الاحتمال وإتيان كل واحد من الأعمال مستندا إليه مع ~~إمكان رفعه وإبداله بالجزم واتيان العمل عن جزم يكون عرفا من اللغو ولو في ~~الواحد الذي مصادف للواقع ، فلا يقال : إنه مع فرض تحقق داعي ms0407 الأمر لا وجه ~~لكون الواحد المصادف عبثا ووقوعه لغوا ؛ لما عرفت من أن نفس إتيانه بداع ~~الاحتمال الذي يمكن تبديله بالجزم بسهولة يجعله لغوا ولو فرض كون الواحد ~~المصادف حاصلا في الأول ؛ فإن أوليته لا تنافي اتصافه باللغوية ، كما أنه ~~لو كان الاحتياط بإتيان عشرة أعمال مخلا بالنظام فالآتي بها يكون من أول ~~اشتغاله بتلك الأعمال آتيا بما يخل بالنظام ومشتغلا بالفعل المحرم وإن كان ~~أول ما يأتي به هو الواجب واقعا. # وأما الثانية : وهي بيان منافاة اللغوية للقرب والعبادية فنقول : لا ~~إشكال أنه يعتبر في العبادية والمقربية علاوة على الحسن الفعلي وكون الفعل ~~في حد نفسه فعلا حسنا ذا مصلحة أن يصير موجبا لصيرورة الفاعل أيضا بواسطة ~~إتيانه بهذا الفعل الحسن حسنا وممدوحا ، ولا شك أن الفعل اللغو والعبث وإن ~~فرض اشتماله على الحسن الفعلي كما في الواحد المصادف ولكن لا يوجب الحسن ~~الفاعلي ؛ إذ الفاعل اللاغي العابث لا يتصف بالحسن أبدا ، فيمتنع أن يكون ~~فعله عبادة ، فلا يكون مجزيا. # فتحقق من جميع ما ذكرنا أن ما ذكرنا من كفاية الامتثال الإجمالي وإن كان ~~مستلزما للتكرار وعدم لزوم تحصيل العلم التفصيلي إنما هو في غير ما إذا كان ~~التكرار لغوا، كما أنه مخصوص أيضا بغير ما إذا كان الاحتياط مخلا بالنظام ، ~~وفي هاتين الصورتين يلزم تحصيل العلم التفصيلي بمورد التكليف ، لمنافاة ~~الاحتياط مع المقربية في الاولى ، وكونه حراما، فلا يتصف بالعبادية في ~~الثانية ، ووجه كفايته في غير هاتين الصورتين هو ما عرفت من أن إتيان ~~المكلف به على وجهه وبعنوان أنه PageV01P431 # هذا الشيء المعين المتميز عما عداه ليس له دخل في حصول القرب ، واحتمال ~~دخله في الغرض أيضا مرفوع بالأصل ، هذا كله على تقدير إمكان تحصيل العلم ~~التفصيلي. # وأما مع عدم إمكانه وإمكان الظن التفصيلى ، فعلى ما ذكرنا من عدم دخل ~~قصدي الوجه والتميز في القرب وكون احتمال دخله في الغرض مرفوعا بالأصل ~~فالأمر دائر بين القطع بحصول العمل المكلف به وبين الظن به ، ولا شك أن ~~الأول مقدم ms0408. # ولا فرق في ذلك بين الظن الخاص أعنى : ما دل على اعتباره دليل شرعي ، فإن ~~غاية هذا الدليل هو الارفاق بالمكلف بارتفاع مئونة الاحتياط عنه والاكتفاء ~~منه بإتيان المظنون لا تعيين العمل به وتحريم الاحتياط ، وبين الظن المطلق ~~أعني : ما ثبت اعتباره بمقدمات الانسداد ؛ فإن غاية تلك المقدمات الاكتفاء ~~بالظن في المقام دون إيجابه ؛ فإنها عبارة عن امور : # أحدها : العلم الإجمالي بوجود تكاليف في الواقع. # ثانيها : تعذر العلم والعلمي ، يعنى العلم التفصيلى والعلمي بهذا العلم ~~بقرينة المقدمة الاولى ، ثالثها : عدم وجوب الاحتياط بإتيان تمام الأطراف ؛ ~~لما فيه من العسر. # ويمكن إرجاع جميع هذه الامور الثلاثة إلى أمر واحد وهو عدم وجوب الامتثال ~~القطعي أعم من القطع التفصيلي الوجدانى والشرعي الذي هو الظن التفصيلي ~~الوجدانى والقطع الاجمالى. # وبالجملة ، فإذا كان من جملة هذه المقدمات عدم وجوب الاحتياط فلا يعقل ~~تقدم الظن على الاحتياط ، نعم لو كان الاحتياط مخلا بالنظام أو كان لغوا ~~كان الظن التفصيلي بقسميه من الخاص والمطلق مقدما عليه. # وبالجملة ، بعد المصير في صورة إمكان العلم التفصيلى إلى كفاية الاحتياط ~~في غير الصورتين ، يكون الاكتفاء به في غيرهما في صورة عدم إمكانه وإمكان ~~الظن التفصيلي ، بل أولويته على الظن واضحا. PageV01P432 # إنما الكلام في تقديم الظن على تقدير القول بتقدم العلم التفصيلي في صورة ~~إمكانه وعدم الاكتفاء بالاحتياط ، إما لأن الإتيان بالمكلف به على وجهه ~~وبعنوان أنه هذا المعين يكون دخيلا في القرب ، أو لأنه محتمل الدخل في ~~الغرض ، والأصل فيه الاشتغال وإن كان في غيره من دوران الأمر بين الأقل ~~والاكثر هو البراءة. # فنقول : إن كان الظن من الظنون الخاصة فالأمر دائر بين الامتثال المقطوع ~~والامتثال المشكوك ؛ وذلك لأنه لو عمل بالظن كان مجزيا قطعا ؛ لانتهائه إلى ~~القطع بواسطة دليل اعتبار هذا الظن ، ومع ذلك قد أتى بالقيد المشكوك الذي ~~يجري فيه الاشتغال ، أو المقطوع دخله في القرب ؛ فإنه يأتي بالعمل على وجه ~~التكليف الفعلي ولو كان ظاهريا ، وعلى نحو تميز المكلف به الفعلي ولو كان ~~ظاهريا ، فيقطع ببراءة ms0409 الذمة ، وهذا بخلاف ما لو احتاط ؛ فإنه قد أخل بقصد ~~الوجه أو التميز ، فلم يقطع بالبراءة والإجزاء ، ولا شك أن الأول مقدم. # وإن كان الظن من الظنون المطلقة ، فإن قلنا بالكشف بمعنى أن المقدمات ~~تكشف عن جعل الشارع مطلق الظن حجة ، فكذلك الكلام بعينه لوجود الحكم الشرعي ~~الظاهري في طرف الظن ، ويمكن قصده على التعيين ، ولو أراد الاحتياط يأتي ~~بالطرف المظنون مع قصد الوجه والتميز ، ويأتي مع ذلك بالطرف الموهوم برجاء ~~كون الواقع فيه ، ولا فرق في حصول هذا الاحتياط بين تقديم المظنون على ~~الموهوم والعكس وإن كان شيخنا المرتضى قدسسره جعل في ظاهر كلامه لتقديم ~~المظنون دخلا في حصوله ، ولكن لم نعلم له وجه. # وأما لو قلنا بالحكومة بمعنى أن العقل مستقل باعتبار الظن ، فحينئذ كما ~~لا يمكن قصد الوجه والتميز مع الاحتياط فكذلك مع الظن أيضا ؛ فإن الوجه ~~المقصود لو كان وجه الحكم الواقعي فالمفروض أنه غير معلوم ؛ بل مظنون ، ولو ~~كان وجه الحكم الظاهري فغير موجود ؛ فإن العمل بالظن على هذا التقدير ليس ~~إلا عملا بالراجح من أطراف العلم الإجمالي وتقديمه على المرجوح والمتساوي ~~الطرفين بحكم العقل ، وأما حكم الشرع فغير موجود؛ فإن المقام مقام الامتثال ~~، وهو محل لحكم العقل محضا PageV01P433 # وليس قابلا لحكم الشرع ؛ فإن العقل يرى للامتثال مراتب : # الاولى : القطعي ، وهو الإتيان بتمام الأطراف. # والاخرى : الظني ، وهو الإتيان بالمظنونات. # والثالثة : المشكوك. # والرابعة : الموهوم ، ولا شك أنه حاكم بتعين الظني بعد رفع اليد عن ~~القطعي ، والأمر المولوي في مرحلة الامتثال غير ممكن ، وهذا غير جعل ~~المظنون بما هو مظنون حجة كما هو مفاد المقدمات على تقدير الكشف ؛ فإنه حكم ~~مولوي في موضوع الظن لا حكم مولوي بالامتثال الظني. # وبالجملة ، فعلى الحكومة حيث إن الموجود في البين هو حكم العقل المحض ~~فالعامل بهذا الظن أيضا كالمحتاط في أنه لا بد وأن يعمل بالمظنون برجاء ~~كونه الواقع ، من دون قصد تعيين التكليف الفعلي ولو كان ظاهريا ، وبعد ذلك ~~لا وجه لتقديم الظن على الاحتياط ، بل الثاني أولى من ms0410 الأول ؛ لاختصاصه ~~بحصول القطع معه بحصول ذات المكلف به ، وعلى الأول يظن مع كون كليهما ~~مشتركا في حصول الإجزاء بهما. # هذا تمام الكلام في القطع مما يناسب المقام ، فيقع المقال في ما هو المهم ~~من عقد هذا المقصد وهو بيان. # ما قيل باعتباره من الأمارات الغير العلمية أو صح أن يقال. # وقبل الخوض في ذلك ينبغي تقديم امور : # أحدها : أن ما سوى القطع من الأمارات ليس حجة بالذات وليس حالها كالقطع ، ~~حيث علمت أن حجيته لا يحتاج إلى الجعل ؛ بل هي يحتاج في الحجية إلى جعل أو ~~ثبوت مقدمات مفيدة لحكومة العقل بحجيتها. # ثم لا فرق في ذلك بين مرحلة الثبوت ومرحلة السقوط ، ففي كليهما يحتاج ~~الحجية في غير القطع إلى الدليل ، بخلاف القطع ، بمعنى أن القطع بثبوت ~~التكليف حجة ولا يحتاج إلى الدليل ، وكذلك القطع بالفراغ حجة من دون حاجة ~~إلى دليل ؛ إذ PageV01P434 # ليس فوق القطع حجة أحرى وأعلى. # وأما الظن فهو بقسميه من المتعلق منه بثبوت التكليف ، ومن المتعلق منه ~~بفراغ الذمة عن التكليف المعلوم الثبوت محتاج إلى جعل الحجية ودليل ~~الاعتبار. # إلا أنه نقل في الكفاية عن بعض المحققين المصير إلى أن الظن بالفراغ يكون ~~حجة عقلا كالقطع. # أقول : لا نفهم كون الظن كالقطع وإن قلنا بعدم وجوب دفع الضرر الموهوم ؛ ~~فإن معنى كونه كالقطع أنه يسقط حجة المولى ولا يصح عقابه لو فرض كون العبد ~~مشغول الذمة واقعا وكون ظنه بفراغ ذمته مخالفا للواقع ، كما أن القاطع ~~بالفراغ لا يصح عقابه لو فرض كون قطعه جهلا مركبا وكونه غير فارغ واقعا ، ~~وهذا المعنى لا يمكن إثباته في الظن ولو على مبنى القول بعدم وجوب دفع ~~الضرر الموهوم. # بيان ذلك : أن الحكم بعدم الوجوب لا يوجب رفع موضوع الضرر وتبدل احتماله ~~ووهمه بالقطع بالعدم ، بل المقصود أنه مع بقائه على وصف موهوميته واحتمال ~~طرفي وجوده وعدمه غير واجب الدفع ، ومعنى ذلك أنه لو وقع أحيانا في الضرر ~~كان هذا الوقوع عقلائيا ومعذورا فيه عند العقلاء ، فمن يسلك ms0411 طريقا يظن بعدم ~~البئر مثلا فيه ، ويحتمل بطريق الوهم وجود البئر فيه ، لو سلكه ولم يعتن ~~بهذا الوهم فاتفق وقوعه في البئر كان غير مذموم عند العقلاء. # وبعبارة اخرى ليس إلقاء النفس في الضرر في هذه الصورة قبيحا مستحقا للوم ~~والذم عليه ، فكذلك نقول في المقام ، فإن من يعلم من ابتداء الأمر بتوجه ~~التكليف وقطع باستحقاقه العقاب على الترك ، ثم ظن بسقوط هذا التكليف عنه ~~فهو محتمل وهما لعدم سقوطه وكونه معاقبا على تركه ، فلو فرضنا حكم العقلاء ~~في هذا الفرض بأن هذا العقاب الذي هو موهوم لا يجب دفعه. # وبعبارة اخرى : لا بأس بالإقدام ولو استلزم الوقوع في العقاب ، فمعناه أن ~~الوقوع فيه على تقدير صدق الوهم وقوع في العذاب على نحو عقلائي ، وإمضاء ~~الشرع أيضا ليس زائدا على أن الوقوع على هذا النحو عقلائي ، وأين هذا من عدم PageV01P435 # ترتب العقاب رأسا كما هو المدعى. # وبعبارة اخرى لو تبدل بعد الظن بالفراغ وهم العقاب بالقطع بعدمه بواسطة ~~حكم العقل بعدم وجوب دفع الضرر الموهوم وإمضاء الشرع له ، فهذا مع ما فيه ~~من أن الحكم لا يوجب ارتفاع الموضوع أنه حينئذ خارج عن مسألة عدم وجوب دفع ~~الضرر الموهوم ، ويدخل في باب القطع بعدم العقاب ، ولو لم يتبدل وكان ~~الاحتمال باقيا فهو غير منفك عن اتفاق الوقوع في العقاب أحيانا ، كما هو ~~الحال في الضرر الدنيوي كما مثلناه. # وبالجملة ، فلم يحصل بمجرد ذلك الأمن من العقاب على كل تقدير ، ولا نعني ~~بالحجة إلا ما يوجب ذلك كالقطع بالبراءة ؛ فإنه مؤمن من العقاب ؛ إذ نقطع ~~بأن عقاب المولى قبيح على تقدير كون القطع جهلا مركبا. # ثانيها : في إمكان التعبد بغير العلم من الأمارات والاصول وعدمه ، ~~المعروف هو الأول ، ويظهر من الدليل الذي أقامه ابن قبة على استحالة التعبد ~~بخبر الواحد عموم المنع لكل ما سوى العلم. # فاعلم أولا أن الإمكان تارة يقال في مقابل الامتناع الذاتي ، والمراد ~~بالامتناع الذاتي أن يكون مجرد تصور الشيء وتعقله كافيا في الجزم بامتناعه ~~من دون ms0412 حاجة في إثباته إلى التشبث بشيء آخر ، وذلك كاجتماع الوجود والعدم ، ~~فإن الوجدان يكفي في الحكم بامتناعه ، ولا يحتاج إلى التعليل ، وينقطع ~~السؤال بلم وبم ، كما أن قبح الظلم ذاتا معناه أن نفس تصور ذاته موجب ~~لاشمئزاز العقل عنه من دون حاجة إلى إدراجه تحت عنوان آخر ، بخلاف ضرب ~~اليتيم. # وهذا القسم من الإمكان ليس محلا للنزاع في المقام ، بمعنى أن ابن قبة لا ~~يدعي أن التعبد بالأمارة مما يدرك امتناعه بنفس تعقله ، كيف ولو كان مدعيا ~~لذلك لم يحتج إلى الاستدلال وهو حاول إثبات مطلبه بالدليل ، مع أن من ~~الواضح عدم كون التعبد بالأمارة من هذا القبيل. # واخرى يقال بمعنى الاحتمال ، ويمكن أن يكون هذا المعنى مرادا من الإمكان في PageV01P436 # قاعدة الإمكان المقررة في باب الحيض ، ويظهر الثمرة بينه وبين إرادة ~~الإمكان الوقوعي في أول ظهور الدم ؛ فإنه قبل تبين استمراره إلى الثلاثة لا ~~يستقر إمكان حيضيته بالمعنى الثاني ، وقد استقر بالمعنى الأول ، وهذا أيضا ~~ليس محلا للكلام ؛ فإن الاحتمال أمر وجداني فليس قابلا لأن يقع مطرحا ~~لأنظار العلماء. # وثالثة يقال في قبال الامتناع بالعرض الذي يطلق عليه الامتناع الوقوعي ~~أيضا ، وهو ما لا يدرك امتناعه بالوجدان بمجرد تصور ذاته ، بل يحتاج إلى ~~التشبث بأمر آخر كان هو محالا بالذات ، وكان هذا الشيء محالا لاستلزامه ~~لذاك الأمر المحال ، فيكون امتناع هذا الشيء بالغير لا بالذات ، وهذا هو ~~محل البحث في هذا المبحث. # فمحصل محل الكلام أنه هل يستلزم التعبد بالأمارات الغير العلمية بعد ~~الفراغ عن إمكانه ذاتا محذورا حتى يكون ممتنعا وقوعا ، أو هو غير مستلزم ~~لمحذور أصلا فيكون ممكنا وقوعيا أيضا؟ ، ولا بد أن لا يكون هذا الكلام من ~~جهة المقتضي ؛ فإن الأشياء من هذه الجهة غير خارجة عن الواجب والممتنع ؛ ~~لأنها إما أن توجد علتها فتجب ، وإما أن لا توجد فتمتنع ، فلا يتصور الممكن ~~، ويساوق القطع بالإمكان على هذا مع القطع بالوجود ، بل يكون الكلام في ~~الإمكان الوقوعي من حيث المانع ، فالقائل بالإمكان مقصوده نفي المانع مع ms0413 ~~قطع النظر عن المقتضي ، يعني أن التعبد بالأمارة لا يمنع عنه مانع ، ولا ~~ينافي ذلك امتناعه وقوعا لأجل عدم المقتضي. # وكيف كان فقد استدل المعروف في قبال ابن قبة : بأنا نقطع بعدم المانع ~~واقعا ، واستشكل عليهم شيخنا المرتضى قدسسره بأن هذه الدعوى فرع الاطلاع ~~على جميع الجهات المحسنة والمقبحة ، وهو غير حاصل لغير علام الغيوب ، فلا ~~يمكن دعوى الجزم لغيره. # فالأولى أن يقال : إنا لا نجد من عقولنا مانعا من التعبد بالأمارة ، ~~والحكم بالإمكان عند ذلك أصل عقلائي في كل ما دار الأمر فيه بين الإمكان ~~والامتناع ، نظير عدم وجدان القرينة ؛ حيث يجعلونه في باب الألفاظ عند ~~الدوران بين وجود PageV01P437 # القرينة وعدمها قرينة وأمارة على العدم ، وكذلك كلما دار الأمر بين إمكان ~~شيء وامتناعه يجعلون عدم وجدان المانع عنه دليلا على الإمكان. # ولعل نظره قدسسره إلى القضية المحكية عن الشيخ الرئيس : كل ما قرع سمعك ~~من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يمنعك عنه قائم البرهان ، بناء على ~~أن يكون الإمكان في كلامه بمعنى الإمكان الوقوعي وتكون إشارة إلى الأصل ~~المذكور. # أقول : أما دعوى القطع الوجداني الذي منشائه الوجدان كما هو ظاهر المعروف ~~(1) فإنما يصح ممن يقطع بعدم لزوم تحليل الحرام وتحريم الحلال من التعبد ~~بالأمارة ، ويقطع أيضا بعدم لزوم الإلقاء في المفسدة وتفويت المصلحة ، وذلك ~~لا يحصل إلا مع القطع بإصابة جميع الأمارات للواقع ؛ فإنه حينئذ يقطع بعدم ~~لزوم شيء من المحذورات ، وأما اجتماع المثلين فهو غير لازم ؛ لإمكان الحمل ~~على التأكد ، ومن الواضح أن هذا القطع غير متمش في حقنا ، وهذا هو مراد ~~شيخنا قدسسره . # وأما ما ذكره من جعل الحكم بالإمكان أصلا عقلائيا عند الدوران بين ~~الإمكان والامتناع وعدم وجدان المانع في عقولنا فغير مسلم (2) ولم يثبت هذا ~~الأصل ، و PageV01P438 # القضية المحكية عن الشيخ الرئيس إن كان ناظرا إلى ذلك فلا نسلمها ، ~~ويحتمل أن يكون الامكان فيها بمعنى الاحتمال ، وعلى هذا فليست قاعدة علمية ~~، بل وصية للطلاب بعدم المبادرة إلى الحكم بعدم المعقولية بمجرد سماع شيء ms0414 ~~من الغرائب ، بل إبقائه على احتمال الإمكان والامتناع ما لم يقم على ~~امتناعه البرهان. # وكيف كان فالتعبد بالأمارة يبقى على احتمال الإمكان والامتناع من دون أن ~~يكون هنا أصل عقلائي على إمكانه ، نعم ليس على امتناعه أيضا دليل. # وحينئذ يجوز لنا بمجرد عدم القطع بالامتناع واحتمال الإمكان وإن لم يكن ~~الأصل معاضدا لنا أن نأخذ بظاهر دل على وقوع التعبد بالأمارة كظاهر آية ~~النبأ ؛ إذ لا وجه لطرحه أو تأويله ، وحينئذ يتبدل احتمال الامتناع بالجزم ~~بالإمكان. # نعم يعتبر أن يكون هذا الدليل الدال على التعبد قطعيا وإن كان ظاهرا ثبت ~~حجيته بدليل قطعي ، فإنه لو لم يكن قطعيا لم يحصل لنا القطع بالإمكان ، ~~وأما لو كان قطعيا كما لو قطعنا بأن ظاهر آية النبأ حجة ، فنقطع بوقوع ~~التعبد بخبر العادل ، ومن هنا نكشف إمكانه ونقطع بعدم جميع المحاذير واقعا ~~، وهذا ثمرة عدم القطع بالامتناع. # وأما من يقطع به كابن قبة فهو لم يجز له الأخذ بهذا الظاهر ، كيف وهو ~~قاطع بخلافه ، فلا بد له من التأويل أو الطرح والقول بعدم حجية هذا الظاهر. # ومحصل الكلام أنه بعد الاحتمال والترديد وعدم القطع بشيء من الطرفين لا ~~يخلو الحال إما أن يكون في البين دليل قطعي على التعبد بالأمارة من الشرع ، ~~وإما أن لا يكون ، فعلى الأول يكشف بهذا الدليل عن الإمكان ويقطع بعدم شيء ~~من المحاذير بقضية حكمة الشارع ، وعلى الثاني فلا ثمرة عملية في البحث عن ~~الإمكان والامتناع. PageV01P439 # وكيف كان فقد استدل ابن قبة على امتناع التعبد بخبر الواحد بوجهين ، ~~الأول : أنه لو جاز التعبد بالإخبار عن النبي صلى الله عليه وآله لجاز ~~بالإخبار عن الله سبحانه ، والتالي باطل بالإجماع ، فالمقدم مثله ، وسند ~~الملازمة هو القاعدة المسلمة من أن حكم الأمثال في ما يجوز وما لا يجوز ~~واحد ، والإخبار عن النبي والإخبار عن الله مثلان (1)؛ فإن الإخبار عن ~~النبي أيضا إخبار عن الله ، غاية الأمر مع وساطة النبي ، ولا ملازمة بين ~~الإخبار عن الله والنبوة ، فإنها إنما كانت لو لم ms0415 يكن له طريق غير الوحي ~~وليس كذلك ؛ إذ يمكن أن يكون بطريق الإلهام والمكاشفة ، فلو كان التعبد ~~بالإخبار عن النبي ممكنا لكان بالإخبار عن الله أيضا ممكنا كأن يقول الشارع ~~: متى أخبركم الزهراء سلام الله عليها أو السلمان أو غيرهما بحكم عن الله ~~تعالى فعليكم بقبول قوله والعمل على طبقه ، ولكن الثاني غير جائز فكذا ~~الأول بقضيته المماثلة. # والجواب : أنا نسلم كونهما مثلين ، ولكن قضية المماثلة ليست إلا اتحادهما ~~بحسب الحكم في ما يجوز وفي ما لا يجوز ، لا في ما وقع وفي ما لم يقع ، ونحن ~~نقول بمساواة الاخبارين في الإمكان ، والاجماع لم يقم في الإخبار عن الله ~~إلا على عدم الوقوع لا على عدم الإمكان ، فهما بعد اتحادهما في إمكان ~~التعبد افترقا في أن التعبد بالإخبار عن النبي واقع وعن الله غير واقع ~~بدليل الإجماع. # والثاني : أن التعبد بخبر الواحد لو جاز لزم تحليل الحرام وتحريم الحلال ~~، أقول : وهذا بعض المحاذير الذي يتوهم لزومها ، وهنا محاذير أخر ، وتوضيح ~~الجميع أنه على ما هو الصواب من مذهب المخطئة يكون لنا أحكام واقعية مجعولة ~~في حق جميع PageV01P440 # المكلفين سواء العالم والجاهل ، وأن الطرق والأمارات ليست تقييدا في أدلة ~~تلك الأحكام ، ولا شك أيضا في أن الأحكام الخمسة بأسرها متضادة. # وإذن فيلزم من التعبد بالأمارة أن يجتمع في واقعة واحدة اجتماع الضدين ~~على تقدير مخالفة الأمارة للواقع ، كما لو كانت صلاة الظهر واجبة واقعا ~~وقامت الأمارة على حرمتها ، فيلزم اجتماع الوجوب والحرمة فيها وهما ضدان ، ~~وكذلك يلزم اجتماع المحبوبية والمبغوضية ، والمصلحة اللزومية والمفسدة ~~اللزومية الاجتناب بدون الكسر والانكسار. # ولو قام على إباحة ما هو واجب مثلا واقعا يلزم علاوة على اجتماع الضدين ~~اجتماع النقيضين ؛ فإن الإباحة مضادة للوجوب ومع ذلك يلزم اجتماع المحبوبية ~~وعدمها ، والمصلحة اللزومية وعدمها ؛ فإن مبدأ الإباحة هو الخلو عن المفسدة ~~والمصلحة ، فيلزم في هذا الفرض اجتماع الوجود والعدم في المحبوبية والمصلحة ~~وهما نقيضان. # ويلزم التكليف بما لا يطاق في ما لو قام على وجوب المحرم الواقعي ؛ فإنه ms0416 ~~يلزم الإيجاب على كل واحد من الفعل والترك ، وكذلك لو قام على إيجاب ضد ~~الواجب الواقعي في زمانه ، فإنه يلزم إيجاب الضدين في زمان واحد ، ويلزم ~~أيضا تفويت المصلحة اللزومية الإدراك ، فإنه لو قام على إباحة ما هو الواجب ~~واقعا فيلزم أن يكون الشارع قد فوت مصلحة هذا الواجب على العباد. وكذلك ~~الإلقاء في المفسدة اللزومية الاجتناب ، كما لو قام على إباحة ما هو الحرام ~~واقعا ، فيلزم أن يكون الشارع قد ألقى العباد في مفسدة هذا الحرام. # هذا كله على تقدير مخالفة الأمارة للواقع ، ويلزم على تقدير إصابتها كما ~~لو قام على وجوب الجمعة الواجبة واقعا اجتماع المثلين ، فيلزم في المثال ~~اجتماع الوجوبين. # فتحصل أن اللازم من التعبد بالأمارة اجتماع الضدين ، والنقيضين ، ~~والمثلين ، والتكليف بما لا يطاق ، وتفويت المصلحة ، والإلقاء في المفسدة. # والجواب عن ذلك على وجه لم يلزم شيء من هذه المحاذير يكون على وجوه : PageV01P441 # أحدها : أن يكون الأمر بالعمل بمؤدى الأمارة بنحو الترتب على الأمر ~~بالواقع وفي طوله ، وبهذا يدفع إشكال اجتماع الضدين والنقيضين والمثلين في ~~النفس. نعم نحتاج في دفع إشكال تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة ولزوم ~~التكليف بما لا يطاق إلى جواب آخر ، وتوضيح الترتب في هذا المقام يحصل ~~بمقدمات ثلاث : # الاولى : أنه لا إشكال في أن الحب والإرادة والبغض والكراهة ليس اتصاف ~~الشيء بها على نحو اتصافه بالأعراض الخارجية كاتصاف الجسم الخارجي بالبياض ~~، والنار الخارجي بالحرارة بأن لا يكون لتصور هذا الشيء دخل أصلا في اتصافه ~~كما هو الحال في البياض والحرارة ؛ فإن الجسم الخارجي يتصف بهما في الخارج ~~سواء تصوره ذهن ذاهن أو لم يتصوره ، بل كان مغفولا عنه ، وأما الحب ~~والإرادة ونحوهما فليس الشيء الخارجي في حال الغفلة وعدم تصوره ، متصفا بها ~~؛ فإنها امور نفسانية ، فلا يعقل تعلقها بالأمر الخارجي بلا وساطة تعقله في النفس. # وإن شئت قلت : إن الحب والإرادة يتعلقان بالأشياء المتصورة ، غاية الأمر ~~على نحو يراها المتصور خارجية ، وأما بلا توسيط التصور والالتفات فلا اتصاف ~~، ولا فرق بين أوامر الباري ms0417 تعالى وغيره ، فوساطة الرؤية والالتفات محتاج ~~إليها ، ولا يمكن اتصاف الخارج الصرف ، غاية الأمر أن الرؤية والالتفات فيه ~~تعالى ليس على حذوه في غيره. # الثانية : الموضوع المتصور تارة يكون على وجه بأي حالة تصوره المتصور وكل ~~طور تفكر له المتفكر فهو في جميع تلك الحالات وجميع تلك الأطوار مريد ومحب ~~له ، وليس شيء من هذه الأطوار والحالات دخيلا في حبه وإرادته ، واخرى يكون ~~على خلاف هذا بأن يرى المتفكر أنه لو تصوره مع بعض الحالات وضم إليه في ~~عالم التصور بعض الأطوار فهو محبه ومريده ، ولو تصوره في غيره هذه الحالة ~~وضم إليه ضدها فهو غير مريد. # وهذا على قسمين ؛ لأن عدم حبه في بعض الحالات إما يكون لأجل عدم المقتضي ~~في المتصور بهذا النحو ، وإما أن يكون لأجل الإضرار بغرض آخر له مع PageV01P442 # وجود المقتضي فيه ، فهو نافع بهذا الغرض ، لكن ضار بغرض آخر ، وغيره نافع ~~به وغير ضار بغيره. # فطالب عتق الرقبة المؤمنة يكون عدم طلبه للرقبة الكافرة إما من باب عدم ~~حصول الفائدة المقصودة به ، وإما من باب إضراره بغرض آخر له مع حصول ~~الفائدة المقصودة بمطلق عتق الرقبة ، فهنا ثلاثة أقسام : # الأول : أن يكون الشيء مع كل من الخصوصيات المحاط بها في عالم التصور ~~والتفكر لهذا الشيء محصلا للغرض ومفيدا له ، # والثاني : أن يكون منضما إلى بعضها مفيدا لهذا الغرض غير مخل بغرض آخر ~~ومع بعضها غير مفيد أصلا لهذا الغرض ، # والثالث : أن يكون مع البعض مفيدا لهذا بلا إخلال بغيره ومع غيره مفيدا ~~لهذا ومضرا بغيره. # فلا إشكال في إطلاق الإرادة في القسم الأول وتقييدها في الثاني ، وكذلك ~~يقع الكسر والانكسار في مقام الإرادة ، ويقيد الإرادة في الثالث بخصوص ~~البعض المفيد الخالي عن الضرر ، ولا ينقدح الإرادة في النفس بالنسبة إلى ~~البعض الآخر المقيد مع الاشتمال على الضرر فرارا عن هذا الضرر ، وبالجملة ، ~~الفرار عن هذا الضرر مع درك تلك الفائدة يقتضي تقييد الإرادة وإن كان الضرر ~~في غاية الضعف ، ومن المعلوم أن هذا مبني ms0418 على القول بامتناع اجتماع الأمر ~~والنهي. # الثالثة : أنه لو فرض أن عنوانين لا يوجدان في عالم التصور أبدا إلا على ~~التبادل ، ولا يمكن جمعهما في هذا العالم في شيء من الأوقات ، وكان في ~~أحدهما مقتضى الحب وفي الآخر مقتضى البغض فلا محالة متى تصور المتصور ~~العنوان المحبوب ينقدح في نفسه الإرادة المطلقة نحوه ؛ فإن هذا قضية عدم ~~المزاحم له في عالم التصور الذي هو الدخيل في عروض الحب والبغض. # وكذلك متى تصور العنوان المبغوض ينقدح في نفسه الكراهة المطلقة نحوه ؛ إذ ~~هذا قضية خلوه في التصور عن تصور ما يزاحم مبغوضيته. PageV01P443 # وأما الوجود الخارجي الذي هو مجمع للعنوانين فهو لا يوجد في الذهن معنونا ~~بأحدهما إلا وهو معرى عن الآخر ؛ إذ المفروض أنه لا يمكن أن يوجد في الذهن ~~على نحو وجوده في الخارج منطبقا عليه العنوانان حتى يزاحم في مقام الإرادة ~~المبغوض من العنوانين مع محبوبهما ، ويخص الإرادة بصورة تجرد العنوان ~~المحبوب عن المبغوض. # وبالجملة ، فبعد فرض عدم إمكان دخول كلا العنوانين في الذهن فلا محيص عن ~~إطلاق الإرادة ، فإنه متى وجد فيه وجد وحده بدون العنوان المزاحم له ، ~~ولازم هذا توجه الإرادة المطلقة نحوه. # ومحصل هذه المقدمات : # أن المقدمة الاولى أن الحب والإرادة ليس كالأعراض الأخر حتى لا يحتاج إلى ~~تصور الموضوع ودرجه في القوة الخيالية ، فالجسم متصف في الخارج بالبياض وإن ~~لم يتصوره احد ، ولكنه لا يتصف بالمحبوبية لك قبل أن تتصوره. # والمقدمة الثانية أن المتصور إذا تصور الموضوع فلا يخلو من حالين : إما ~~أنه لو لاحظه مع كل حالة تتصور له في الخيال فهو مع بعض تلك الحالات يكون ~~فيه مقتضى الحب دونه مع البعض الآخر ، وحينئذ فقهرا يتقيد الإرادة بالبعض ~~الأول ، وإما أنه يكون فيه مقتضيه مع كل واحدة واحدة ، وحينئذ فإما أن يجد ~~في شخص بعض هذه المتصورات مانع ، وإما لا يجد في شيء منها مانع شخصي عن ~~الحب ففي هذه الصورة يسري الحب قهرا إلى الجميع. # وأما في الاولى فبناء على امتناع اجتماع ms0419 الأمر والنهي يلزم عقلا تقييد ~~الحب ، وليس مقام ملاحظة الأهمية والمهمية ، بل وإن كان الضرر الشخصي أضعف ~~بمراتب من النفع الجنسي ؛ فإن المحبوب له بدل ومع البدل له يقدم جانب ~~المبغوض في مقام الإرادة حفظا للغرضين. # والمقدمة الثالثة أنه لو فرضنا أن هنا موضوعين ، أحدهما يكون فيه مقتضى ~~الحب والآخر إما ليس فيه مقتضيه ، وإما يكون فيه مقتضى البغض ، لكن لا يتفق PageV01P444 # لمتصور ولاحظ أن يجمع بين هذين في عالم تصوره ولحاظه وقوة خياله أبدا ، ~~بل إما هذا متصور دون ذاك وإما ذاك دون هذا ، وفي ظرف تصور هذا لا يمكن أن ~~يقع في الخيال تصور ذاك ، وفي حال تصور ذاك لا يمكن أن يقع فيه تصور هذا ~~فلا محالة لا يتقيد إرادته ، فإن المناط جمعهما في الخيال ودرجهما في ~~التصور مجتمعين حتى يقع الكسر والانكسار بينهما بحسب الإرادة ؛ فإنك قد ~~عرفت أنه بدون توسيط التصور لا يمكن تعلق الإرادة بشيء ، فلا محالة يكون ~~مناط الكسر والانكسار في الحب والبغض والإرادة والكراهة اجتماع ما يقتضي ~~الحب مع ما يقتضي الخلاف في عالم التصور بمعنى تصورهما منضمين ؛ فإنه بعد ~~هذا التصور تكون الإرادة الجائية عقيب هذا التصور متعلقا بغير صورة ~~الاجتماع. # وأما على ما فرضنا من أن هذا لا يتصور إلا بدون ما يقتضي خلاف الحب ، وما ~~يقتضي خلافه لا يتصور إلا بدون هذا ، فهذا التصور لمقتضى الحب لا محالة ~~مورث لتعلق الحب ؛ فإن تصور الشيء الملائم بدون تصور منافر طبع معه لا ~~محالة موجب الحب به. # فإن قلت : يمكن أن يتصور أحدهما ثم بعده يتصور الآخر ، ثم بعد هذا تصور ~~اجتماع الشيئين الذين تصورهما ، فبهذا النحو يمكن جمعهما في عالم الخيال ~~وإن كان لا يمكن في النظرة الاولى. # قلت : إنا نفرض أن يكون اجتماعهما حتى في النظرة الثانية أيضا غير ممكن ~~وأنه بهذا النحو أيضا لا يقع صورة اجتماعهما في الذهن ، وبالجملة ، فلا ~~إشكال على تقدير تحقق هذا الفرض في عدم تقيد الإرادة ، وإنما الكلام ~~والإشكال في تحقق هذا الفرض ms0420 وإثبات الصغرى له في الخارج. # المقدمة الرابعة : في إثبات صغرى هذا الفرض وهو محل الكلام والنقض ~~والإبرام ، فنقول وعلى الله التوكل : إن العناوين الأولية التي هي موضوعات ~~الأحكام الواقعية ، والعناوين الثانوية التي هي موضوعات الأحكام الظاهرية ، ~~أعني الموضوعات بما هي مشكوكة الحكم ، لا يمكن أن يقعا ويندرجا في القوة PageV01P445 # الخيالية وعالم التصور في زمان واحد أبدا. # بيان ذلك أن الإرادة مثل العلم ، والعلم لا يتعلق إلا بنفس المعلوم لا ~~بالمعلوم مع وصف العلم ، فالعلم يتعلق بالذات المجردة عن المعلومية. # نعم يمكن أن يلتفت الإنسان حال العلم إلى علمه ، لكن في رتبة تعلق العلم ~~لا يمكن أن يتعلق إلا بالشيء المجرد ، فهو في هذه الرتبة متجرد عن وصف ~~المعلومية ، بل لا يعقل أن يكون ملحوظا بوصف المعلومية ؛ فإن العلم المأخوذ ~~فيه إن كان نفس هذا العلم الذي يتعلق به فهذا تقدم الشيء على النفس ودور ، ~~وإن كان علما آخر لزم التسلسل ، وهكذا التصور، فإن الإنسان يتصور ذات الشيء ~~لا الشيء المتصور ، فلا يتعلق التصور بالموصوف بالتصور، بل لا يعقل. # وكذلك الكلام في الإرادة ، فهي أيضا لا بد أن تتعلق بذات المراد مع ~~التجرد عن وصف المرادية ، بل لا يعقل أن تتعلق الإرادة في أول الوهلة ~~بالمراد ، وهذا في الوضوح بمثابة لا يحتاج إلى بيان. # إذا تقرر هذا فنقول : إن في ابتداء تعلق البغض بعنوان الخمر مثلا لا شك ~~أنه يتصوره الشارع ، فإذا تصوره بهذا التصور الذي لم يوجد في حالة إرادة ~~ولا كراهة بل هو مقدمة ويتعقبه إحداهما فهو يتصور الخمر ويتصور جميع ما ~~يطرأ عليه من الكيفيات ، فيتصور أن بعضه أسود وبعضه أبيض وبعضه اصفهاني ~~وبعضه طهراني ، إلى غير ذلك من خصوصياته ، فيلاحظ ويرى أنه مع كل هذه ~~الخصوصيات اخذ ليس فيه إلا النفرة ولا يجد منه إلا المساءة ، فحينئذ لا ~~محالة يبغضه ويكرهه ويحرمه. # هذا في نظرته الاولى ، ثم بعد ذلك يعني بعد ما صار مبغوضا يحدث ويوجد له ~~حينئذ أفراد أخر لم يكن له تلك الأفراد سابقا وهو ms0421 مشكوك الحكم ومعلومه ~~ومظنونه ، وهذه إنما يحدث له بعد تحقق الحكم حقيقة أو بعد تقديره إن لم يكن ~~متحققا ، كما لو كان في حال التصور الأولي قبل حصول الإرادة والكراهة ، ~~فيتصور كون الخمر على تقدير الطلب مشكوك الحكم. وبالجملة ، هذه حالات تحصل ~~عقيب الطلب وبعد مفروغيته. PageV01P446 # فنقول : لا إشكال ولا كلام في أن هذا العنوان المستحدث بسبب الحكم لا ~~يمكن تصوره في رتبة المتصور الأول أعني : نفس الخمر ؛ فإنه حادث بالمبغوضية ~~، فكيف يتصور في حال حصول المبغوضية وانقداحها ، وإلا لزم الدور التسلسل ؛ ~~إذ كما أن مبغوضية المبغوض لا يمكن ، كذلك مبغوضية مشكوك المبغوضية ؛ فإن ~~الشك في المبغوضية متأخر عن نفس المبغوضية ، فإذا لم يعقل اتصاف الشيء في ~~حال يتعلق به المبغوضية بالمبغوضية ، فكذلك لا يمكن اتصافه بالشك في ~~المبغوضية ، وهذا أيضا واضح. # فإن قلت : لا ندعي سراية الحكم إلى هذا المتقيد بالمشكوكية ، بل نقول : ~~إن الحكم متعلق بالذات ، والذات موجودة في ضمن المتقيد بالمشكوكية ، فلا ~~محالة يسري حكمها إليها. # قلت : إن معنى كون مقيد تحت الإطلاق أن يتعلق الحكم بالذات والقيد بحيث ~~وقعا جميعا في حيز الحكم ، وهو فرع إمكان رؤية القيد في مرتبة الحكم ، ~~والمفروض كونه متأخرا عنه ، فلا إشكال في أن الحكم الأولي لا يتجاوز من ~~مرتبة الذات إلى مرتبة نفس الحكم والطواري الطارية عليه. # إنما الكلام والإشكال في عدم إمكان الجمع بين المتصور الأولي مع الثانوي ~~في رتبة المتصور الثانوي ، فربما يقال : إن من يتصور في الرتبة الثانية ~~الخمر المشكوك الحرمة فهو قد تصور نفس الخمر الذي أيضا هو متصورة في ~~المرتبة الاولى ، فقد جمع بين المتصورين في هذه الرتبة ، والمقصود عدم ~~إمكان جمعهما حتى في الرتبة الثانية والنظرة الثانية ، وقد اجتمعا فيها ، ~~وهذا يكفي في وقوع الكسر والانكسار ، فتتبدل كراهة الخمر بطرو عنوان ~~المشكوكية الخالي عن مقتضى البغض عليه في عالم التصور بعدم الكراهة ، وإلا ~~يلزم المحذورات جميعا في هذه الرتبة. # وقد يقال : إن جمعهما في هذه الرتبة أيضا لا يمكن ، وبيانه أن الخمر عند ~~التصور ms0422 الأولي كان واجدا لكيفية خاصة بها صار ضيق الدائرة ، وفي التصور ~~الثانوي زالت تلك الكيفية عنه وتبدلت باخرى صار معها أوسع دائرة وأكثر ~~أفرادا ، فهذا الخمر PageV01P447 # المتصور في ثاني الحال غير الخمر المتصور في أول الأمر في هذه الكيفية. # فإن قلت : إن المطلق موجود في ضمن المقيد وغاية الأمر أن الخمر كان عند ~~التصور الأول متصفا بوصف الإهمال بالنسبة إلى قيد المشكوكية ، لا متصفا ~~بالإطلاق ولا بالتقييد ، ولكن في الثاني صار مقيدا بهذا القيد ، ولا إشكال ~~أن المهملة موجودة في ضمن المقيد. # قلت : كيف يكون المتصور الأول موجودا في ضمن الثاني ، والموجود في ضمن ~~الثاني متكيف بكيفية مضادة مع الكيفية القائمة بالأول ، والكيفية الحاصلة ~~في الأول هي كونه بحيث لا يصدق على المشكوك ، والكيفية الموجودة في الثانية ~~كونه بحيث يصدق عليه ، وإن شئت قلت : إنه في الأول كان فاقد الحكم ، وفي ~~اللحاظ الثاني صار واجد الحكم ، وبينهما بون بعيد. # فإن قلت : إن موضوع المبغوضية نفس الخمر بدون تقيده بشيء حتى بهذه ~~الكيفية التي ذكرت ، وبالجملة ، فرق بين عدم وجود الحكم وعدم وجود الاتصاف ~~والتقيد بهذا العدم، فالمعتبر في المرحلة الاولى عدم الاتصاف ، لا أن البغض ~~يتعلق بالمتقيد بعدم الاتصاف والمشروط به. # قلت : قد ذكرنا أن الإرادة تكون مثل العلم وأنه لا يمكن أن يتعلق ~~بالمبغوض أو بمشكوك البغض ، وحينئذ فقوام المبغوضية بالتجرد عن المبغوضية ، ~~فهذا معنى تقيد الخمر بهذا التجرد وعدم الاتصاف ، فمعنى التقيد لازمية ~~وجوده ، وأنه لولاه لما تم وصح تعلق الحكم والبغض. # فإن قلت : لا شك أن قوام المبغوضية ليس إلا بنفس الخمر بدون قيد أصلا ولم ~~يحتج إلى ملاحظة سوى نفس الخمر ، فكيف يكون قوام المبغوضية بما ليس بملحوظ أبدا. # قلت : إن التقيد ثابت واقعا وغير ملحوظ بعنوانه ، وإن شئت توضيح ذلك في ~~ضمن المثال فاعلم أن الكلي الطبيعي يشترط ويعتبر في اتصافه بالكلية والصدق ~~على الكثيرين تجريده عن جميع الخصوصيات ؛ إذ لولاه كان جزئيا وغير صادق PageV01P448 # على الكثيرين ، فقوام وصف الكلية بوصف التجريد ، فهو متقيد بالتجريد ms0423 ~~واقعا ، وليس قيد التجريد ملحوظا معه بعنوانه ، وإلا لزم أيضا جزئيته. # فكذلك في ما نحن فيه ، فالخمر مثلا مع وصف كونه بحيث يمتنع انطباقه على ~~مشكوك الحكم يكون موجودا في ذهن الحاكم في النظرة الاولى ، وهذا ثابت له في ~~خياله ولحاظه ، كيف وإلا لما أمكن تعلق المبغوضية به ، فإن متعلقها لا بد ~~من أن يتجرد من ذلك كما عرفت ، مع أن هذا الوصف غير ملحوظ بعنوانه. # وبعبارة اخرى : ما يتصور في الأول لا بد أن يكون موضوعا بلا حكم ، وما ~~يتصور في الثاني موضوع مفروغ عن حكمه ، وكيفية كونه موضوعا بلا حكم في ~~الأول دخيلة في مبغوضيته ، ولا يعقل عروض المبغوضية عليه بدون هذه الكيفية ~~، كما أن كيفية تجريد الكلي الطبيعي عن الخصوصيات دخيلة في كليته ، ولا ~~يعقل عروض الكلية عليه بدون هذه الكيفية. # وحينئذ فإذا تصورت الإنسان متجردا عن جميع الخصوصيات فلا إشكال أنه متصف ~~بالكلية فتحكم عليه في اللحاظ الثانوي بأنه كلي ، ثم إنك في قولك : زيد ~~إنسان ما تصورت ولاحظت إلا عين ما لاحظت وتصورت في اللحاظ الأول بلا نقيصة ~~وزيادة ، فما وجه أن ملحوظك في الأول كلي ، وأما ملحوظك في الثاني وهو ~~الإنسان المخصوص في ضمن زيد جزئي وليس بكلي؟ ، وهل هذا إلا لأجل أن الأول ~~في لحاظك متجرد عن جميع الخصوصيات ومتكيف بهذه الكيفية ، وفي الثاني يكون ~~مقرونا معها ومتكيفا بالاقتران؟. # فإن قلت : لكن مع ذلك لو تعلق المبغوضية بالإنسان كانت متعلقة بالزيد ~~قطعا مع كونهما على الوصف الذي ذكرت من تضاد الكيفية. # قلت الأعراض التي تعرض الجامع تكون على قسمين ، فبعضها تعرضه لا بوصف ~~جامعيته ولا بتوسيط الذهن ، وذلك مثل المبغوضية ونحوها ، وهذا يسري فيه إلى ~~الأفراد ، وبعضها تعرضه بوصف جامعيته وبتوسيط الذهن كوصف أنه يصدق على ~~الكثيرين ، فهذا لا يسري منه إلى الأفراد. PageV01P449 # كما أن أعراض الفرد أيضا على قسمين ، فبعضها تعرضه لا بفرديته وتوسيط ~~الذهن، وهذا يسري منه إلى الجامع ، وبعضها تعرضه بفرديته وتوسيط الذهن كوصف ~~أنه لا يصدق على الكثيرين ، وهذا ms0424 لا يسري منه إلى الجامع ، فمناط عدم سراية ~~عرض أحدهما إلى الآخر تقوم العرض بالوصف الذهني وكونه شرطا وواسطة في عروضه. # والحاصل أن هنا مطلبين ، الأول : أن العنوان الثانوي أعني المشكوك ليس ~~محفوظا في الرتبة الاولى ، والثاني : أن العنوان الأولي غير محفوظ في ~~الرتبة الثانية ، أما الأول فلأن كل عرض لا بد أن يكون الذات منسلخا في ~~مرتبة عروضه عن هذا العرض ونقيضه ؛ لئلا يجتمع المثلان ولا النقيضان ، ~~فالجسم الأبيض إنما يرد عليه البياض حال انسلاخه عن البياض ونقيضه ، ~~والماهية في رتبة عروض الوجود عليها لا بد أن ينسلخ منه ومن العدم ، كيف ~~وهو الموضوع وهما محمولاه ، ورتبة المحمول متأخرة عن الموضوع ، ففي رتبة ~~الموضوع هو لا موجود ولا معدوم ، يعني له قابلية الوجود والعدم. # فكذلك هنا أيضا عرض البغض في رتبة عروضه بالخمر لا بد أن يكون الخمر ~~منسلخا عن البغض ونقيضه ومتكيفا بالتجرد عن الحكم ، فيمتنع أن يكون من ~~أفراده مشكوك الحكم والمبغوضية وإن قلنا على تقدير كونه منها بسراية ~~المبغوضية من عنوان الخمر إليه ، بناء على سراية الأعراض من العناوين إلى ~~الجزئيات. # وإذن فلا يرى الناهي عن شرب الخمر في هذه الرتبة مشكوك الحكم حتى تقع ~~المزاحمة والكسر والانكسار بينه وبين الخمر بحسب الحب والبغض ؛ فإن الحب ~~والبغض أمران حاصلان في النفس كما مر ، فلا بد من تصور العنوان المحبوب مع ~~الحالة المبغوضة في القوة العاقلة حتى يحصل التنفر ويحصل البغض ، وأما بدون ~~تصورهما في الخيال فلا ، فالمزاحم الذي لا يتعقل بل يغفل عنه لا يعقل ~~تزاحمه في باب الحب والبغض ، فليسا كالحرارة والبرودة ، فالماء البارد ~~والماء الحار لو اختلطا في الخارج وقع بينهما الكسر والانكسار ولا حاجة إلى ~~التصور ، ولكن هنا ما لم يتصور حالة PageV01P450 # اجتماعهما لم يعقل التزاحم. # وأما عدم محفوظية العنوان الأول في الرتبة الثانية فربما يقال : إنه بعد ~~تمام الحكم والبغض وتحقق مشكوك الحكم أن الخمر المشكوك الحكم كيف يجوز ~~تحليله ، وهل هو إلا تحليل المبغوض ؛ فإن الخمر مبغوضة وهو هنا موجود مع ms0425 ~~الزيادة ، فليس تحليله إلا تحملا للمبغوض وترخيصا فيه. # قلت : الكيفية التي يتعقل في الرتبة الاولى هي كون الخمر متصورا بحيث ~~يمكن أن يكون من مصاديقه مشكوك الحكم ؛ فإنه في هذه الرتبة منسلخ عن ~~الاتصاف بالحكم ، ونقيض هذا الاتصاف وهي الثانية قد يعقل على كيفية يكون من ~~أفراده مشكوك الحكم ، وهاتان الكيفيتان لا تجتمعان في لحاظ واحد قط ، كيف ~~وإلا يلزم اجتماع المتناقضين في الذهن ؛ فإن الانسلاخ عن الحكم والاتصاف به ~~لا يمكن جمعهما في الذهن. # وحينئذ فلا تقع المزاحمة والكسر والانكسار أصلا ؛ فإنه فرع اجتماع ما هو ~~المبغوض وهو الخمر بكيفية الخاصة مع عنوان مشكوك الحكم في التصور ، وقد فرض ~~امتناع اجتماعهما ، فكيف تقع المزاحمة بحسب الحب والبغض؟. # فالخمر الخارجي المشكوك الحكم يكون الخمر الذي في ضمنه ساريا إليه ~~المبغوضية من عنوان الخمر ، ولا يسري إلى وصف كونه مشكوك الحكم ، فتكون ~~الذات متصفة بالمبغوضية والوصف خاليا عنها ، أو يكون محبوبا ، ولا يزاحم ~~محبوبية هذا الجزء لمبغوضية ذلك الجزء ، ولا مبغوضية ذلك الجزء لمحبوبية ~~هذا ؛ فإن المناط هو الذهن وعالم التصور ؛ وفيه لا يتفق بل لا يمكن ~~الاجتماع ، وبدونه لا يقع بين الحب والبغض كسر وانكسار ، فلا محيص إلا عن ~~اجتماعهما في الوجود الخارجي. # فتحصل مما ذكرنا أنا وإن قلنا بأن الحكم يسري من العناوين إلى الجزئيات ، ~~وقلنا أيضا بامتناع اجتماع الأمر والنهي في عنوانين باعتبار اتحادهما في ~~الوجود ولزوم وقوع الكسر والانكسار بينهما ، ولكن هذه السراية وهذا الكسر ~~والانكسار إنما هما في ما إذا كان هذان العنوانان مما أمكن جمعهما في عالم ~~التصور وتصورهما PageV01P451 # مجتمعين ، وكان هذا الجزئي مما أمكن وقوعه تحت هذا العنوان في عالم ~~التصور. وأما لو لا ذلك كما في عنوان مشكوك الحكم وعنوان الخمر فلا محيص عن ~~عدم تقييد حب أحدهما ببغض الآخر ولا العكس وعدم السراية ، ولازمه اجتماعهما ~~في الخارج. # ثم هذا كله بالنسبة إلى عرض الحب والبغض الذين هما يعرضان المتصور الذهني ~~دون الشيء الخارجي. # ومن هنا يندفع الإشكال بأنه كيف اجتمع الضدان في ms0426 موضوع واحد ؛ فإن الخارج ~~ليس بموضوع الحكم والإرادة والكراهة ، وإنما هو المتصور ، وعرفت عدم اجتماع ~~الضدين ولا النقيضين ولا المثلين فيه. # نعم ، يقع الكلام في ما موضوعه الخارج وليس مرتبطا بعالم التعقل وهو ~~المفسدة والمصلحة ، وكذلك التكليف بما لا يطاق فيما إذا كان حكم مشكوك ~~الحكم مثلا الوجوب ، وحكم نفس العنوان الحرمة ، فإنه يقال : كيف اجتمع ~~المفسدة والمصلحة في الوجود الواحد بدون الكسر والانكسار ، وكيف يوجه ~~التكليف بالفعل وبالترك معا بالنسبة إلى شيء واحد ، وكذلك تفويت المصلحة ، ~~كما لو أدى الأمارة إلى حرمة الجمعة الواجبة واقعا ، والإبقاء في المفسدة ~~فيما إذا أدى إلى حلية الخمر المحرم واقعا. # فنقول : أما التكليف بما لا يطاق فهو يلزم على تقدير كون كلا التكليفين ~~منجزا وليس كذلك ؛ فإن شرائط التنجيز لا يوجد فيهما معا في شيء من الأوقات ~~، فكلما كان الحكم الواقعي معلوما فهو منجز دون الظاهري ؛ لعدم تحقق موضوعه ~~وهو الشك في الحكم الواقعي ، وكلما كان الحكم الواقعي غير معلوم فالمنجز هو ~~الحكم الظاهري دونه ، لعدم العلم به الذي هو من شرط التنجيز. # وأما اجتماع المصلحة والمفسدة في الوجود الواحد بلا كسر وانكسار فهو ليس ~~بمحذور ؛ إذ من الممكن بمكان من الإمكان أن يكون وجود واحد منشئا لأثرين من ~~جهتين، كأن يكون شرب السكنجبين الحار مزيلا للصفراء من حيث ذاته ، ومورثا ~~لضعف القلب من حيث وصف حرارة مائه. PageV01P452 # وبالجملة ، فليس كل مصلحة ومفسدة متضادين ، بل لو قلنا في مبحث اجتماع ~~الأمر والنهي بالامتناع أيضا فلا نقول بوقوع الكسر والانكسار إلا في نفس ~~الطالب بين إرادتيه ، لا في الخارج بين المفسدة والمصلحة ، ففي المثال لو ~~كان حبه بزوال الصفراء أكثر من حبه بعدم عروض الضعف يريد الشرب ويغض النظر ~~عن عروض الضعف ، ولو كان العكس كان العكس. # وأما لزوم التفويت أو الإلقاء أحيانا من العمل بالحكم الظاهري فنلتزم ~~لدفعه بوجود مصلحة في العمل على طبق الظاهري يتدارك بها المصلحة الفائتة أو ~~المفسدة الواقعة فيها. ### || «تقرير هذا الوجه (1) وتوضيحه مرة أخرى» # المقدمة الاولى : أن الأحكام ms0427 المتعلقة بالموضوعات ليست كالأعراض الخارجية ~~مثل حرارة النار وبرودة الماء وبياض اللبن ، فاتصاف هذه بهذه الأوصاف لا ~~يتوقف على حضورها في ذهن ذاهن ، بل هي واجدة لها في الخارج وإن لم يتصورها ~~أحد ، وهذا بخلاف الأحكام ، فإن عروضها على موضوعاتها لا يحصل إلا بتوسط ~~ملاحظة الموضوع وتصوره ، فالتصور دخيل في عروضها وهذا واضح. # المقدمة الثانية : أن الطالب لشيء متى تصور هذا الشيء وتصور جميع حالاته ~~التي تطرأ عليه وقلبه في عالم التخيل مع كل واحدة من تلك الحالات فهذا يكون ~~على ثلاثة أقسام : # الأول أن يكون هذا الشيء مع جميع حالاته مطلوبا. # والثاني : أن يكون مع بعضها مطلوبا ومع بعضها غير مطلوب ، والصورة PageV01P453 # الاولى تكون على قسمين : الأول : أن يكون في خصوصية بعض الحالات منفر ~~الطبع بأن يكون فيه مع الفائدة المحبوبة فائدة اخرى مبغوضة ، والثاني : أن ~~يكون الجميع خاليا عن منفر الطبع ، وبعبارة اخرى واجدا لمقتضى المطلوبية ~~وفاقدا للمانع ، فهذه أقسام متصورة. # فلا إشكال أنه في صورة يكون الشيء مع بعض حالاته مطلوبا فقط يكون إرادة ~~الطالب مقيدة بهذا البعض ، فلو كان طالبا لعتق الرقبة ولم يحصل مطلوبه إلا ~~مع كون الرقبة مؤمنة بحيث لا يحصل المطلوب من عتق الكافرة فهو لا محالة ~~يريد عتق المؤمنة. # وكذلك لو كانت الفائدة المطلوبة قائمة بمطلق عتق الرقبة وإن كانت كافرة ، ~~ولكن كان في خصوص عتق الكافرة جهة اخرى منفرة الطبع ، وعتق المؤمنة سالمة ~~عن هذه الجهة المزاحمة ، فلا محالة أيضا يريد عتق المؤمنة للجمع بين غرضيه ~~من تحصيل الجهة المطلوبة والفرار عن الجهة المنفرة ، فيرفع اليد عن مصلحة ~~عتق الكافرة لأجل الفرار عن مفسدته ؛ لأن مصلحته ممكن الإدراك في عتق ~~المؤمنة مع السلامة عن محذور مفسدته وإن فرض كون المصلحة أقوى بمراتب من ~~المفسدة. # وليس هنا مقام ملاحظة الأهم والمهم ، ومقامها مورد الدوران بين فوت ~~المصلحة والفرار عن المفسدة بأن لم يكن لما فيه المصلحة والمفسدة ، بدل ~~أمكن درك المصلحة فيه مع السلامة عن المفسدة ، وقد عرفت البدل هنا ؛ ولهذا ~~على ms0428 القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي تكون الصلاة في الدار المغصوبة ~~فاسدة وإن فرض أشدية مصلحة الصلاة بمراتب من مفسدة الغصب ؛ لإمكان درك هذه ~~المصلحة مع الفرار عن تلك المفسدة بالصلاة في مكان آخر مباح. # وأما الصورة الثالثة وهي أن يكون الشيء مع جميع الحالات واجدا لمقتضى ~~المطلوبية مع خلو خصوصية جميع حالاته عن المانع ، فحينئذ يكون الطالب مريدا ~~على نحو الإطلاق بدون تقييدها بشيء ، وهذه المقدمة أيضا واضحة ولا كلام ~~فيها وإن قلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي. PageV01P454 # المقدمة الثالثة وهي أيضا واضحة ، وهي أنه لو فرضنا عنوانين ليس لهما جمع ~~في عالم الخيال ، بل لهما فيه وجود بدلي وكان في أحدهما مقتضي المبغوضية ~~وفي الآخر مقتضى الترخيص فالعنوان الأول يصير مبغوضا مطلقا ، والثاني مرخصا ~~فيه كذلك وإن فرض جمعهما في الوجود الخارجي ، وهذا بعد وضوح المقدمتين ~~السابقتين لا إشكال فيه ؛ فإنك قد عرفت أن عروض الأحكام إنما هو بتوسيط الذهن. # فإن وصل ما فيه مقتضي المبغوضية بما فيه مقتضي الترخيص في عالم الخيال ~~يوجب صرف الترخيص عما فيه مقتضيه ، ولكن هذا فرع إمكان الوصل الذهني والجمع ~~اللحاظي ، والمفروض عدم إمكانه ، ومعه لا ثمرة لإمكان الجمع في الخارج بعد ~~أن عروض المبغوضية والترخيص إنما هو بتوسيط الذهن ، فلا محالة يصير ما فيه ~~مقتضى البغض محلا للكراهة المطلقة ، وما فيه مقتضى الترخيص محلا للترخيص ~~المطلق ، ولا كلام في ذلك. # إنما الكلام والإشكال في تشخيص صغراه وأن العناوين الأولية المتعلق بها ~~الأحكام الواقعية مع العناوين الثانوية التي هي موضوع الأحكام الظاهرية ~~يكون من هذا القبيل؟ # فنقول وعلى الله التوكيل : # أما المرحلة الاولى وهو عدم جمع العنوان الثانوي مع الأولي في رتبة لحاظ ~~الأولي للحكم عليه بالحكم الواقعي فهو واضح ؛ فإن الحكم على الخمر مثلا ~~بالحرمة والمبغوضية لا يمكن إلا مع تجرده عن المبغوضية ؛ فإن عروض العرض ~~على المحل لا بد وأن يكون في حال خلو المحل عن هذا العرض ، ففي هذه المرحلة ~~الخمر المشكوك مبغوضيته لا يمكن تصوره ، فلا محالة لا يحكم عليه ms0429 إلا ~~بالحرمة ؛ فإنه مع كل حالة يمكن لحاظه معها في هذه المرحلة لو لوحظ لا يوجد ~~فيه سوى المفسدة. # وأما المرحلة الثانية وهو عدم اجتماع الأولي مع الثانوي في عالم لحاظ ~~الثانوي للحكم عليه بالحكم الظاهري ففيها الإشكال ، ووجهه أن من يلاحظ الخمر PageV01P455 # المشكوك مبغوضيته فهو قد لاحظ عنوانين : شرب الخمر ومشكوكية الحكم ، ~~والأول هو الذي لاحظه في المرحلة الاولى وحكم عليه بالمبغوضية المطلقة ، ~~فكيف يحكم في الثانية بالإباحة أو الوجوب؟ وليس هذا إلا اجتماع الضدين وهما ~~الحب والبغض ، والإرادة والكراهة ، والوجوب والحرمة ، أو الحرمة والإباحة ، ~~أو المتماثلين في محل واحد في النفس. # وجوابه أن البغض قوامه إنما هو بوصف خاص وكيفية مخصوصة تعقلية ، وحينما ~~يعرض ضده ينفك عنه هذه الكيفية والوصف ، بل يحصل له في عالم التعقل كيفية ~~اخرى مضادة لتلك الكيفية ، ولا ضير في اجتماع الضدين في عالم النفس في شيء ~~واحد مع اختلاف كيفية تعقله عند عروض كل من العرضين المتضادين. # ولتوضيح ذلك نمثل لك مثالا وهو : أن الإنسان مثلا إنما يعرض عليه وصف ~~الكلية في الذهن عند تعقله مجردا عن جميع الخصوصيات والضمائم ، ولا يصير ~~كليا مع ملاحظته معها ، فقوام كليته يكون بوصف تجرده ، مع أن التجرد لا ~~يمكن أن يقع قيدا له ، فإن اللاحظ لو لاحظ وصف التجرد أيضا فلا ينطبق على ~~أمر آخر ، وليس إلا نفسه ، فيكون قوام الكلية بثبوت التجرد في عالم النفس ~~واقعا وعدم كونه ملحوظا للحاكم. # ثم لو لاحظ هذا الحاكم نفس الإنسان الذي لاحظه أولا وحكم عليه بالكلية ~~بملاحظة ثانوية مع ملاحظة حالة تجرده فلا يحكم عليه هذا الحاكم في هذا ~~اللحاظ الثاني إلا بالجزئية ، فقد اتصف الشيء الواحد وهو الإنسان في عالم ~~النفس بعرضين متضادين وهما الجزئية والكلية مع كون الحاكم واحدا. # ونظير ذلك أيضا اجتماع الجزء والكل في أجزاء المركب ؛ فإنها على ما ذكره ~~الاصوليون وأهل المعقول يلاحظ. # تارة على نحو خاص وهو لحاظه لا بشرط وعلى سبيل الاندكاك في الكل ، فيحكم ~~حينئذ عليه بعينيته مع الكل ويصير ms0430 متعلقا للوجوب النفسي مثلا. # واخرى يلاحظ بما هو شيء برأسه وعلى سبيل الاستقلال ويعبر عنه بلحاظه PageV01P456 # بشرط لا ، وحينئذ يحكم عليه بالغيرية للكل ومقدميته له وأنه صار متحصلا ~~منه ومن سائر الأجزاء ، ويصير متعلقا للوجوب المقدمي ، فقد لزم اتصاف الشيء ~~الواحد في النفس بعرضين نفسيين متضادين وهما الجزئية والكلية ، وكذا يلزم ~~اجتماع المثلين أعني الوجوب النفسي والغيري ، وليس وجه صحة ذلك إلا اختلاف ~~كيفية التعقل ونحو الاعتبار. # فقوام كلية الإنسان في المثال الأول بتجرده عن الخصوصيات في عالم التعقل ~~مع عدم ملحوظية تجرده ، وقوام جزئيته بلحاظ وصف تجرده ، وقوام عينية الحمد ~~والقطرة للصلاة وماء الحوض بلحاظهما لا بشرط ، وقوام جزئيتهما بلحاظهما ~~بشرط لا. # فكما جاز في هذين الموضعين جمع المتضادين والمتماثلين في معروض واحد ~~بمجرد اختلاف كيفية التعقل ، فنقول في المقام أيضا : إن الخمر مثلا عند ~~عروض المبغوضية عليه متصف في عالم التعقل بالتجرد عن المبغوضية ، ومبغوضيته ~~متقومة بذلك ، ولا يمكن اتصافه بها مع كونه متصفا بها ، وأما عروض الإباحة ~~عليه فيكون في حال كونه متصفا في عالم التعقل بمفروغية مبغوضيته وشك المكلف ~~فيها ، وهاتان كيفيتان لا يمكن جمعهما في تعقل واحد ، واتصاف الخمر بالحرمة ~~يكون في حال إحداهما ، وبالإباحة في حال الاخرى ، وليس لمقامنا زيادة على ~~المقامين أصلا ، فكما لا يستشكل فيهما من جهة جمع الضدين أو المثلين فلا بد ~~أن لا يستشكل أيضا فيه. # هذا حاصل الكلام في دفع لزوم اجتماع الضدين والمثلين في النفس ، بقي ~~الكلام في أمرين آخرين : # أحدهما : اجتماع المصلحة والمفسدة وترخيص ما فيه المفسدة وتحريم ما فيه ~~المصلحة. # والثاني : التكليف بما لا يطاق وهو اجتماع إيجاب الفعل وإيجاب الترك في ~~موضوع واحد في ما لو كان الفعل بحسب الواقع حراما ، وأدى الطرق إلى وجوبه ، ~~أو العكس. PageV01P457 # فنقول : أما التكليف بما لا يطاق فهو إنما يلزم لو ساق المكلف التكليف ~~نحو الضدين في آن واحد على وجه صار شرائط التنجيز حاصلا في كليهما في آن ~~واحد وعرض واحد ، كما لو أمر بالقعود والقيام في آن ms0431 واحد مع علم المأمور ~~بذلك ، وأما لو أمر بالضدين على وجه لم يلزم اجتماع شرائط التنجيز في ~~كليهما في زمان واحد أبدا فلا محذور فيه ، كما هو الحال في المقام ؛ فإن ~~إيجاب الفعل مثلا يكون تنجيزه في حال العلم به ، وإيجاب الترك لا يحصل ~~موضوعه إلا مع الشك في إيجاب الفعل وهو في حال الشك غير منجز ؛ إذ العلم من ~~شرائط التنجيز ، فالوجوب والحرمة وإن كانا موجودين فعلا ، لكن أحدهما مؤثر ~~في العقاب بحسب حكم العقل ، والآخر خال عن التبعة والعقاب بحكم العقل. # وأما الإشكال الأول ، فالمصلحة والمفسدة وإن كانا من قبيل الحرارة ~~والبرودة ، والسواد والبياض من الأعراض الخارجية العارضة على محالها بدون ~~توسيط ذهن ذاهن فالخمر بوجوده الخارجي يكون ذا مفسدة فترخيصه في حال الشك ~~في حرمته يكون ترخيصا لأمر ذي مفسدة ، وهو قبيح لا يصدر من الحكيم إلا أنا ~~بعد ورود الترخيص من الشرع نلتزم بأن مفسدة الخمر وإن كانت غير منقلبة إلى ~~المصلحة كيف وإلا يلزم التصويب ، بل مفسدته لا فرق فيها بين حالتي العلم ~~والشك إلا أنه يمكن أن يكون الخمر مثلا في نظر الشارع ذا مفسدة كإيراثه ~~لقساوة القلب ، ولكنه رأى أنه لو حرمه في حال الشك في حرمته يلزم مفسدة ~~اقوى كلزوم العسر الشديد على المكلف في تحصيل الحال فيه وكونه مؤديا إلى ~~قتل النفس مثلا. # وبالجملة ، فرأى الأمر في حال الشك دائرا بين الوقوع في المفسدة الصغرى ~~الكائنة في ذات الخمر ، والمفسدة العظمى الحاصلة في تحريمه حال الشك ، فرجح ~~الوقوع في الصغرى على الوقوع في العظمى. # ومن هنا ظهر اندفاع الإشكال بلزوم نقض الغرض ؛ فإن للشارع غرضين ، أحدهما ~~أهم من الآخر ، فعند الدوران رجح الأهم منهما على غيره ، فاندفع الإشكال ~~بحذافيره. PageV01P458 # الوجه الثاني من وجوه الجواب عن إشكال لزوم المحاذير من التعبد بغير ~~العلم ما ذكره شيخنا المرتضى وهو مما يمكن أن يقال به وهو : أن الأوامر ~~الصادرة من الشارع في باب الطرق ليست أحكاما مولوية ، بل هي إرشاد إلى ~~الصواب والواقع. # وتصوير ms0432 كونها إرشادية في حال انفتاح باب العلم أن الانسداد عقلي وشرعي ، ~~فالعقلي هو عدم إمكان الواقع ، مثل أن يكون السفر من البلاد البعيدة إلى ~~مدينة المعصوم للسؤال عنه موجبا لانتشار تشيع السائل ومورثا لقتل النفوس ~~الكثيرة من الشيعة أو الإمام عليه السلام ، فلهذا يرفع عنه مولويا وجوب ~~تحصيل العلم ؛ فإن وجوب تحصيل العلم عقلي ، فإن مراتب الامتثال أربع ، ~~فأولها العلم وبعده الظن وبعده الاحتمال وبعده الوهم. # فإن قلت : هذا مبني على بقاء العلم الإجمالي بالأحكام وعدم انحلاله ~~بالأمارات المعتبرة وهو خلاف الواقع. # قلت : الكلام الآن في اعتبار الأمارات ، فنحن ندعي عدم جعل الشارع لها ~~حجية ، وإنما أرشد إلى الطريق الأقرب ، والعقل بعد جزمه بصدق الشارع يحكم ~~بالحجية ، فببركة هذا البحث نريد انحلال العلم ، وبالجملة ، فالصادر من ~~الشارع حكمان ، أحدهما مولوي ، والآخر إرشادي ، فالحكم المولوي الصادر من ~~الشرع في هذا الحال ليس إلا رفع وجوب تحصيل العلم بالحكم الواقعي ، وهذا ~~موضوع آخر غير موضوع الحكم الواقعي ؛ فإن موضوع الوجوب مثلا صلاة الجمعة ، ~~وموضوع رفع الوجوب تحصيل العلم بحكمها. # فإن قلت : نعم يتغاير الموضوعان وبذلك يرتفع غائلة التضاد ونحوه ، لكن ~~إشكال نقض الغرض باق بحاله كما هو جار في الانسداد العقلي ؛ فإن الشارع ~~يمضي طريقة العقل فيتسبب بإمضائه إلى نقض غرضه. # قلت : لا محيص عنه ؛ فإن تحصيل الغرض يكون بإيجاب تحصيل العلم أو بإيجاب ~~الاحتياط وكلاهما مشتمل على المحذور الأشد ، فلا بد من الصبر على عدم مثل ~~هذا الغرض. PageV01P459 # ثم بعد حصول هذه المقدمات للمكلف أعني : صيرورة تحصيل الواقع موجبا ~~لمفسدة أعظم ودفع وجوبه من الشارع يصير حاله حال من انسد عليه باب العلم ~~بالواقع عقلا ، ولا إشكال أن المكلف في هذا الحال أي حال انقطاع يده من ~~العلم لو خلي وطبعه ، لكان حكم عقله الرجوع إلى ظنه الفعلي في تشخيص الحكم ~~الواقعي ، وكان هو المتعين بعد العلم بحكم عقله. # لا يقال : إن نتيجة مقدمات الانسداد على فرض تماميتها هو التبعيض في ~~الاحتياط لا حجية الظن. # لأنا نقول : نحن نتكلم على فرض ms0433 المبنى الأخير ، فلو أعلمه الشارع العالم ~~بالغيب بطريق أقرب كما لو رأى الشارع أن المكلف بعد هذه المقدمات لو عمل ~~على طبق ظنه كما هو مقتضى عقله ، لوقع في أكل الميتة ولحم الخنزير وشرب ~~الخمر ، ولكن لو عمل على طبق مفاد خبر الثقة لكان واقعا في أكل الميتة فقط ~~ويكون وقوعه في خلاف الواقع أقل فأعلمه الشارع حينئذ بأن هذا الطريق الخاص ~~أقرب من سائر الطرق إلى الواقع فهل صدر منه فعل قبيح ، وهل يقول العاقل في ~~ما إذا أدى هذا الطريق الخاص إلى حلية الخمر مثلا : إن الشارع قد أوقعه في ~~مفسدة شرب الخمر؟ أو يقال : إنه فعل فعلا حسنا؟ فإنه لو لم يعلمه وقع في ~~هذه المفسدة ومائة مفسدة اخرى ، فالشارع حفظه عن الوقوع في خمسين منها. # وبعبارة اخرى : أنه وإن كان للشارع في الواقعة الواحدة حكمان أحدهما عدم ~~الجواز والآخر الجواز ، إلا أنه صدر الأول منه على أنه حاكم ، وصدر الثاني ~~منه على أنه عاقل ، فكما أن العقل لو رأى فيما بين الظنون ظنا أقوى من سائر ~~الظنون يحكم بتعينه ، فكذا هنا أرشد الشارع إلى أن خبر الثقة أقوى من الظن ~~الفعلي ، وبعد القطع بصدقه يحكم العقل بوجوب اتباع خبر الثقة دون سائر ~~الظنون. # فإن قلت : كيف يمكن منع المكلف عن الطريق الذي يكون أقرب بنظره إلى ~~الواقع إلى غير الأقرب ؛ فإن الظنون الفعلية كلها أقرب من الأوهام التي في ~~قبالها ، فكيف يمكن إرجاع المكلف إلى الأوهام؟. PageV01P460 # قلت : يمكن كون الظن النوعي أقرب إلى الواقع من الشخصي ، فإذا اجتمع جميع ~~الظنون الشخصية واجتمع جميع الظنون النوعية يمكن أن يكون الثانية أقرب من ~~الاولى ، كما هو الحال في ظواهر الألفاظ وكما يمكن أن يقطع الإنسان بمخالفة ~~واحد من ظنونه للواقع. # والفرق بين هذا الوجه والوجه المتقدم أن الحكم الظاهري على ذلك الوجه كان ~~مولويا، وعلى هذا يكون إرشاديا. # ونقول لتوضيحه أيضا : ألا ترى أنه لو كان لحاكم أحكام وكان في تحصيلها ~~بطريق العلم مفسدة أقوى ، أو كان غير ms0434 ممكن فجاء المحكوم إلى هذا الحاكم ~~واستفسر عنه من حيث إنه عاقل كامل فقال له : الظنون التي هي مرجعي في ~~أحكامك الغير الممكن علمي بها أي منها أقرب إلى الواقع ويوجب الوقوع في ~~المفسدة أقل؟ فعين الحاكم له على سبيل الإرشاد وإراءة الصلاح بأن الطريق ~~الفلاني أسلم ، وإيجابه للمفسدة أقل ، فهل يقال لهذا الحاكم في ما إذا أخطأ ~~هذا الطريق : إنك حكمت في موضوع واحد بحكمين متضادين؟. # ولو قيل له ذلك يقول : أما من حيث كوني حاكما فلا يتفاوت حكمي بجهل ~~المكلف وعلمه ، وليس لي وراء الحكم الأولي حكم آخر ، وأما من حيث كوني ~~عاقلا ومرشدا إلى الصواب وهاديا إلى الواقع فقد حكمت بسلوك الطريق الفلاني ~~؛ لأني رأيته أقرب من سائر الطرق إلى الواقع ، ولم يصدر مني إلا مجرد إراءة ~~صلاح المكلف والإرشاد إلى الصواب من دون صدور حكم مني أصلا. # فإن قلت : على تقدير اللابدية من رفع اليد عن المصالح الواقعية إما ~~بالانسداد والحرج في الاحتياط ، أو بما ذكرت من المفسدة الأعظم في تحصيل ~~العلم هل يكون فعلية التكليف بمعنى البعث والزجر الفعليين نحوه إلا فعلا ~~لغوا لا يصدر من الحكيم؟. # قلت : الجواب هو الجواب عن إشكال فعلية التكليف عند جهل المكلف مركبا أو ~~بسيطا مع قصوره ، حيث يكون معذورا عقلا والشارع يمضي ذلك من العقل ، وعند ~~علم الشارع بعصيان العبد ، فما كان هو الجواب في ذينك المقامين نقوله في ~~هذا المقام PageV01P461 # وأنه لا ينثلم بذلك فعلية التكليف ، ولا يوجب الكسر والانكسار بين مصلحة ~~الواقع ومفسدة تحصيل العلم حتى يصير الواقع اقتضائيا شأنيا. # والحل في الجميع أن أوامر الشارع مقربات إلى المصالح الواقعية ، ونواهيه ~~مبعدات عن المفاسد كذلك ، ويجب عليه هذا المعنى بمقتضى حكمته ، ففرامينه ~~ليست كفراميننا ، حيث إن غرضنا ممحض في شراء اللحم وإتيان الماء وغيرهما من ~~الأغراض المترتبة على الوجود الخارجي للمأمور به ، فلهذا لو علمنا أن عبدنا ~~متمرد ولا يطيع أمرنا لا نأمره ، ولو علمنا المانع من إتيانه المأمور به ~~نمتنع من الأمر ، لكن فرامين الشارع ms0435 نظير حكم الحاكم في مقام فصل الخصومة ~~وختم المرافعة ، حيث لا عشق له في وجدان زيد للعباء وفقدان عمرو له ، بل ~~وظيفته الجلوس في مسند القضاء وإصدار الحكم ، فالغرض في نفس الحكم. # وهكذا في مقامنا ليس لطف الحكيم تعالى مقتضيا لأزيد من نصب الإمام وجعل ~~الأحكام ، ولو لا ذلك وكان غرضه في حصول المتعلقات أيضا لزم العياذ بالله ~~أن يكون الله دائما مقهورا لعباده ؛ إذ ما من زمان إلا وفيه جماعة من الناس ~~يعصون الله ، فالمقصود يتم بالنصب والجعل ، وبعد ذلك يصير النقصان راجعا ~~إلى المكلفين إما لعصيانهم وإما لكونهم موجبين لغيبة الإمام عليه السلام ، ~~وعلى كل حال يقع التقصير على عنقهم بعد تمام اللطف من الله وإتمام الحجة من قبله. # فإن قلت : مع هذا أيضا يبقى محذور المضادة بحالها ؛ إذ الكراهة والحب ~~بالنسبة إلى المتعلقات سلمنا انتفائهما وأن المصلحة في نفس الحكم ، لكن ~~نقول : نفس الحالة الباعثة والزاجرة ولو انقدحت لمصلحة في نفسها ينافي مع ~~إراءة طريق يؤدي إلى خلاف متعلقها ؛ إذ معناه الرضى بترك المتعلق في هذا ~~الحال ، والمفروض أنه في بحبوحة البعث نحوه والتحريك إليه. # قلت : نعم ولكن إحدى الحالتين من حيث كونه شارعا ، والاخرى من حيث كونه ~~عاقلا ، ولا محذور بين الإيجاب والترخيص مع اختلاف الحيثية ولو اتحد الشخص ~~، فكما لا منافاة بين بعث الشرع وترخيص العقل لتعدد الحاكمين ، فكذلك PageV01P462 # في المقام ؛ لفرض كون الشارع حاكما بحيثية الشارعية في أحدهما وقطع النظر ~~عن ذلك في الآخر وحكم بحيثية العاقلية ، فافهم. # الوجه الثالث : أن المقام من فروع مسألة اجتماع الأمر والنهي في الشيء ~~الواحد ؛ فإن هنا عنوانين أحدهما شرب الخمر مثلا ، والآخر اتباع العادل ، ~~فمورد النهي والمفسدة هو الأول ، ومورد الأمر والمصلحة هو الثاني ، وقد ~~تقدم في بابه أن تعدد العنوان كاف في رفع غائلة اجتماع الحكمين المتضادين ~~في موضوع واحد وإن فرض اجتماع العنوانين في الوجود الخارجي. # لا يقال : إن من يجوز الاجتماع بتعدد العنوان إنما يقول به إذا كان ~~للمكلف مندوحة كما في الصلاة والغصب ms0436 ؛ فإن النهي وإن كان عن كل فرد من ~~الغصب تعينيا ، ولكن الأمر لا يقتضي كل وجود على التعيين ، بل أحد الوجودات ~~، فيمكن امتثاله بالصلاة في مكان مباح ، وهذا بخلاف المقام ؛ فإن المطلوب ~~من المكلف كل فرد من اتباع العادل على التعيين، ففي المثال نهي تعييني عن ~~شرب الخمر ، وأمر تعييني بشربه لكون العادل قد أخبر بوجوبه ، فعلم أن ~~القائل بالجواز لا يقول به هنا لعدم المندوحة. # لأنا نقول : لا فرق في رفع غائلة اجتماع المتضادين بتعدد العنوان بين ~~صورة ثبوت المندوحة وصورة عدمها ، وتقييد الجواز بصورة ثبوتها ليس لأجل ~~دخله في رفع هذا المحذور ، بل هو لأجل دفع محذور آخر وهو لزوم التكليف بما ~~لا يطاق ، والعمدة في المقام رفع محذور اجتماع الضدين وهو حاصل بتعدد الجهة ~~عند مجوز الاجتماع ، وأما محذور التكليف بما لا يطاق فقد عرفت جوابه وأنه ~~إنما يلزم لو كان كل من التكليفين منجزا في عرض واحد ، وليس كذلك في المقام ~~، هذا ما ربما يقال في تقريب هذا الوجه. # وفيه أنه لا بد في مبحث الاجتماع أن يكون قوام كل من الأمر والنهي بأحد ~~العنوانين كما في الصلاة والغصب ، وليس كذلك في المقام ؛ فإن عنوان اتباع العادل PageV01P463 # ليس مأمورا به على أنه هذا العنوان (1)، بل المطلوب حقيقة إتيان ما أخبر ~~العادل بوجوبه ، مثلا على أن هذا العنوان المخبر عن وجوبه واجب ، مثلا لو ~~أخبر العادل بوجوب صلاة الجمعة فاتباعه ومعامله الصدق مع إخباره هو الإتيان ~~بصلاة الجمعة على أنه بعنوان كونه صلاة الجمعة واجبة ، لا الإتيان بها على ~~أنها بعنوان كونها متابعة لخبر العادل واجبة. # وعلى هذا فمرجع أمر الشارع باتباع العادل هو الأمر بنفس العناوين التي ~~أخبر العادل بوجوبها بما هي هذه العناوين. # وبعبارة اخرى : الأمر المذكور أمر طريقي بمعنى أنه طريق إلى ما هو ~~المطلوب حقيقة ، وهذا إنما طلب لأجل إيصاله إلى ذاك ومقدميته له ، وليس ~~بأمر موضوعي كان المطلوب نفسه. # وإذن فيلزم في ما إذا أخبر العادل بوجوب صلاة الجمعة مع حرمتها واقعا ms0437 أن ~~تكون صلاة الجمعة بعنوان أنها صلاة الجمعة متعلقة للوجوب والحرمة معا ، ~~فيلزم اجتماع المتضادين في الشيء الواحد مع اتحاد الجهة ، فهو خارج عن ~~موضوع مسألة الاجتماع ويكون باطلا بالاتفاق. # هذا كله بناء على مذهب المشهور من طريقية الأحكام الظاهرية ، وأما على ما ~~يظهر من شيخ الطائفة قدسسره من موضوعيتها وأن المصالح والمفاسد يكون ~~بالوجوه والاعتبار ، وكوننا ظانين بصدق الراوي جهة من جهات العمل وصفة من ~~صفاتنا ، فيمكن أن يتغير بسببه حسن العمل وقبحه ، فيلزم التصويب المجمع على ~~بطلانه. # وتفصيل هذا الإجمال أن التصويب يكون على ثلاثة أقسام : # الأول : هو القول بعدم ثبوت حكم مجعول واقعي رأسا مع قطع النظر عن العلم ~~والظن ، بل الحكم الواقعي تابع لآراء المجتهدين ، وهذا محال عقلا ؛ للزوم ~~كون العلم PageV01P464 # محدثا للحكم بنظر العالم وهو محال للدور (1)، نعم يمكن أن يكون علم شخص ~~يرى للحكم واقعا محدثا له بنظر شخص آخر. # والثاني : هو القول بأن الشارع لكونه عالما بالغيب يعلم بأن ما يجعله ~~وينشئه أي مكلف يصل إليه ، وأي مكلف لا يطلع عليه وإن تتبع ، فمن أول الجعل ~~يخص جعله بمن يعلم أنه يتتبع ويطلع ، دون من لو تتبع لا يطلع أو يطلع على ~~الخلاف ، وهذا هو الشأن في أوامر الموالي الظاهرية بالنسبة إلى عبيدهم أيضا ~~، فإنهم يخصون أحكامهم وأوامرهم بمن يعلمون أنه يسمع صوتهم ، ولا يوجهون ~~الحكم نحو من يعلمون عدم سماعه. # وعلى هذا فصلاة الجمعة في حق من يؤدي نظره إلى وجوبها واجبة بجعل الشارع ~~من أول الأمر ، وفي حق من يؤدي إلى حرمته محرمة كذلك ، وهذا وإن كان لا ~~يستلزم محذورا عقليا ، ولكن يمكن دعوى الإجماع القطعي على بطلانه ؛ فإن كل ~~أحد يعلم بالضرورة بأن لله تعالى في كل واقعة حكما واحدا يساوي فيه جميع ~~المكلفين. # الثالث : هو القول بأن لله تعالى في كل واقعة حكما واقعيا يساوي فيه ~~العالم والجاهل ، إلا أن طرو عنوان كون العمل مما أخبر بوجوبه العادل يوجب ~~انقلاب المفسدة الكامنة في ذاته إلى المصلحة ، فيكون الحكم الواقعي ms0438 في حق ~~من قام عنده الأمارة اقتضائيا فقط ، ولم يصل إلى مرتبة الفعلية ، وهذا وإن ~~كان ممكنا عقلا وليس بمثابة الثاني في ثبوت الإجماع القطعي على بطلانه ، ~~إلا أن الأساتيد نقلوا الإجماع على بطلانه. # ثم إن المحقق الخراساني أعلى الله مقامه اختار لدفع المحاذير المذكورة ~~وجها آخر وهو أنها بين ما ليس بمحذور وبين ما ليس بلازم ، ثم بين هذا ~~بوجهين. # الأول : أنه ليس المجعول في مورد الأمارات هو الحكم ، بل المجعول هو الحجية PageV01P465 # بناء على أن الحجية أمر وراء الحكم وتناله يد الجعل ، بمعنى أن الحجية ~~ليست منتزعة من الأحكام ولا مستتبعة لها ، فإنه قد يقال : إن الصادر الأمر ~~بتصديق العادل وبسبب ذلك ينتزع الحجية ، فيقال : قد تم الحجة ، فإن أمر ~~المولى حجة ذاتية ، وقد يقال : إن الحجية بنفسها مجعولة ، لكن يلزمها الحكم ~~المولوي والأمر بالمتابعة ، فالمدعى أن الحجية الصرفة المعراة عن الحكم ~~سابقا ولا حقا مجعولة ، فيصير موضوع حكم العقل بلزوم الاتباع ، والمقصود ~~منه إعطاء شيء حال العلم. # فكما أن العبد العالم بأمر مولاه أو نهيه يكون علمه حجة بالذات بمعنى أنه ~~لو طابق الواقع تنجز الواقع ، فلا عذر له لو خالف وعصى ، ولو كان جهلا ~~مركبا يعذر العبد ، فلا عذر للمولى في عقوبة العبد على المخالفة ، فكون ~~العلم حجة معناه كونه على حالة يصح به الاحتجاج ، ومن آثاره حسن العقوبة ~~على الترك عند المصادفة وقبحها عند عدمها وإسقاط العذر من الطرفين. # ثم هذا المعنى في العلم ذاتي وجدانا ، فإن من يرى أمر المولى بلا سترة ~~فلا عذر له ويستحق العقوبة ، فأمر المولى حجة ذاتية وما وراءه ليس هكذا ~~قطعا ، فربما يدعى أن للشارع أن يحدث ويوجد هذا المعنى فيه بعد ما لم يكن ~~بتوسط الجعل والإنشاء ، كما يوجد الأحكام ، وذلك كما لو قال المولى لعبده : ~~جعلت قول الشخص الفلاني حجة بيني وبينك ، بحيث لو اتبعته وظهر مخالفته ما ~~كان لي عذر في عقوبتك وحق لمؤاخذتك ، ولو خالفته وكان مطابقا ما كان لك العذر. # وفيه أن الحجية ليست ms0439 إلا سببية مخصوصة وهو كون الشيء سببا لرفع العذر عما ~~بين شخصين ، كما أن السند عبارة عما هو سبب لرفع الكلام عن بين مترافعين. # وبالجملة ، لا يتصور معنى للحجية إلا السببية لصحة العقاب ولعدم صحته وقد ~~قرر في محله أن مطلق السببية غير قابلة للجعل ، وعلل بأنه لا بد من وجود ~~سنخية ومناسبة بين العلة ومعلولها ؛ فإن المعلول مرتبة نازلة للعلة ، ولأنه ~~لو لا ذلك لأثر كل شيء في كل شيء، والنسخية إن كانت بين شيئين فهو ، وإلا ~~فلا يمكن إحداثها في فاقدها. PageV01P466 # فنقول : قول العادل قبل هذا الجعل لم يكن حجة وسببا للآثار المذكورة ، ~~وما كان كذلك لا يعقل إعطاء السببية إياه. # ومحصل الكلام أنه قد يقال : إنه بتوسط الوضع والقرار على أنه متى أراد من ~~العبد الفعل الفلاني يقول كذا أو يفعل كذا ، فيصر أمارة وعلامة على إرادته ~~، فيعرض عليه وصف الحجية قهرا ، فهذا ليس من باب جعل الحجية أولا ، نعم هو ~~فعل يعرض عليه عنوان ثانوي قهرا هو جعل الحجية وهذا هو الحال في حجية ~~الظواهر ، فإن متعلق الجعل أولا ليس هو الحجية ، بل ينجعل بتركه الوضع ، ~~وقد يقال : إن العنوان الأولي جعل الحجية بدون توسيط أمر آخر. # فنقول : لا يتعقل من الحجية إلا معذورية العبد واستحقاقه اللذان هما ~~وصفان للعبد أو المصححية للعقاب والمعذرية اللذان هما وصفان لخبر الثقة ~~مثلا ، وشيء منهما غير قابل للجعل بهذا النحو ، فإن العبد إما معذور وإما ~~لا ، وإما مستحق وإما لا ، ولا يمكن تكوين المعذورية أو عدمها فيه ، وكذا ~~في المصححية والمعذرية ، وإن اريد معنى آخر فلا نتعقله. # فالحق ما ذكره شيخنا المرتضى من أنه لا معنى لجعل الحجية إلا جعل الأحكام ~~التي هي مفاد خبر العادل مثلا ، فمعنى حجية خبره ليس إلا وجوب العمل على ~~طبقه ولزوم اتباعه ، ومعنى هذا إنشاء الحكم الذي هو المخبر عنه في خبره ، ~~وكيف كان فإن قلنا بقابلية الحجية للجعل وإن قلنا بعدم قابلية مطلق السببية ~~له ، وقلنا أيضا بأن لزوم الاتباع حكم عقلي ms0440 يحكم به العقل بعد جعل الحجية ، ~~فليس الحاكم به الشرع وعلى فرضه يكون ارشاديا ، نظير أوامر الإطاعة في ~~الأوامر فلا يلزم اجتماع حكمين ، بل اللازم إنشاء حكم وحجية ، وشأن الحجة ~~أن يصادف تارة ويخالف اخرى ، فهذا محذور غير لازم. # وأما تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة فهو غير محذور ؛ إذ نلتزم ~~بوجود مصلحة اخرى يتدارك بها المصلحة الفائتة أو المفسدة الواقعة فيها. PageV01P467 # والوجه الثاني (1): أنه لو قلنا بقبول الحجية للجعل وأن لازم جعلها جعل ~~لزوم الاتباع الراجع إلى جعل الحكم الذي أفاده الأمارة ، أو قلنا بأن ~~الحجية غير قابلة للجعل ، ومعنى جعلها جعل وجوب العمل ولزوم الاتباع ، كما ~~قاله شيخنا المتقدم قدسسره فاجتماع الحكمين وإن كان يلزم ، إلا أنهما غير ~~متضادين ولا متماثلين ، وذلك لأن الاحكام الواقعية ناشئة عن مصالح أو مفاسد ~~في التعليقات ، والحكم الظاهري ناش عن مصلحة في نفس إنشائه ، نظير الأمر ~~الامتحاني. # وبعبارة اخرى : تضاد الحكمين إنما هو من باب تضاد منشئهما في نفس الحاكم ~~بأن يكون الإيجاب عن إرادة الفعل والحب به ، والتحريم عن كراهته وبغضه ، ~~فلا محالة لا يمكن اجتماعهما في محل يمكن وجودهما مثلا لنفس النبوية ~~والولوية ، وهذا بخلاف ما إذا كان منشأ أحدهما إرادة الفعل أو كراهته ، ~~ومنشأ الآخر إرادة نفس الإنشاء. # وتوضيح المقام أن الحكم الطريقي بحسب ما يقتضيه الارتكاز يكون عبارة عن ~~حكم لا ملاك في موضوعه ، فإن العنوان مشير صرف لا موضوعية فيه أصلا ، بمعنى ~~أنه لا يحصل غرضا مستقلا غير الأغراض الواقعية وليس مقدمة لوجود تلك ~~الأغراض أيضا ، فينحصر أن يكون الملاك منحصرا في الواقع ، وهذا الحكم يكون ~~عن ملاك في نفسه ، ثم مقتضى طريقيته أنه إن صادف الواقع يصير عينه لا ~~مغايرا له مثله حتى يلزم اجتماع المثلين ، وهذا معنى جديته عند المصادفة. # ولو خالف الواقع يصير إنشاء صرفا ليس موضوعا لوجوب الامتثال عقلا ، وهذا ~~معنى صوريته عند عدم الإصابة ، ومن المعلوم أن الإنشاء الصرف وبعبارة اخرى ~~الطلب الإيقاعي الذي هو الموضوع له لصيغة «افعل» بمذاق هذا المحقق ms0441 الجليل ~~قدسسره لا منافاة بينه وبين الطلب الحقيقي المتعلق بضد متعلقه. # والترخيص المشتمل عليه هذا الطلب الانشائي أيضا ترخيص إنشائي لا حقيقي PageV01P468 # كما هو واضح ، فلا منافاة من جهته أيضا ، هذا تقريب رفع المنافاة من جهة ~~المضادة والمناقضة والمماثلة. # وأما تقريب كون الحكم الطريقي قائما مقام العلم في منجزية الواقع ورفع ~~العقوبة عنه ، أن الأمر المولوي الطريقي الذي شأنه العينية مع الواقع لدى ~~الإصابة لا يؤمن عن ضرر عقوبته لأجل هذا الاحتمال ، حتى يعلم بصوريته وعدم ~~إصابته ، فتنجز الواقع يكون مقتضى طريقيته وعدم موضوعيته ، وشأنه الاتحاد ~~والعينية مع الواقع ، وملاك تنجزه إحراز أمر المولى مع احتمال جديته ، فإن ~~ذلك موضوع للزوم الامتثال عند العقل. # وأما وجه الفرق بين الحلية التي هي مفاد «كل شيء حلال» والحلية التي هي ~~مفاد خبر الثقة حيث قال بلزوم المنافاة في الاولى بينهما وبين المنع الفعلى ~~لو صادفته ، وبعدم اللزوم في الثانية ، أما عدم اللزوم في الثانية فقد اتضح ~~وجهه ببيان أنه صرف حكم إيقاعي إنشائي وليس بترخيص حقيقي ، وأما اللزوم في ~~مفاد «كل شيء حلال» فلأجل أنه ترخيص حقيقي في موضوع مشكوك الحلية وليس ~~بطريقي ؛ لأن عنوان المشكوك لا طريقية فيه ، ومن المعلوم أن الإذن الحقيقي ~~ينافي المنع كذلك. # هذا محصل ما أفاده هذا المحقق الجليل على ما وضحه عند البحث بعض تلاميذ ~~تلامذته أيدهم الله تعالى بتوفيقه ، ولكن استشكل عليه شيخنا المحقق النحرير ~~واستادنا الذي ليس له نظير أفاض الله تعالى علينا من بركات أنفاسه بما ~~حاصله : إن الحكم الطريقي إن جعل عبارة عن صرف الإيقاع الذي يحدث في النفس ~~عند التلفظ ب «افعل» الذي لا تنافي بينه وبين الإيقاع بهذا المعنى الذي هو ~~مفاد «لا تفعل» فكما لا محذور بأن يتلفظ الإنسان بكلمتي «افعل» و «لا تفعل» ~~لا محذور أيضا في انقداح معناهما في الذهن كما في مقام الهزل ، فالإشكال ~~متضح الورود ، إذ حال هذا المعنى معلوم عند العقل وأنه لا يجب اتباعه أصلا. # وإن اريد به الحالة النفسانية الباعثة والزاجرة التي ms0442 يحمل المأمور في ~~الإرادة الآمرية على العمل عند تمام شرائط التنجيز ، والفاعل في الإرادة ~~الفاعلية ، فحينئذ PageV01P469 # يصح كونه موضوعا لحكم العقل بلزوم الامتثال ، لكن هذا المعنى متى تحقق في ~~النفس ولو من قبل مصلحة في نفسها على ما حققنا من إمكان ذلك يضاده تحقق ~~مثله في طرف النقيض ، فكيف حكم بأنه لا مضادة بين الحكمين؟ ومجرد كون ~~المصلحة في أحدهما في المتعلق وعدمها فيه في الآخر لا يوجب عدم اجتماع ~~كراهتين وحبين في المتعلق ، وأما اجتماع الحالتين الباعثة والزاجرة فيلزم ~~[أن يكون] هما أيضا متضادان. # ويرد على هذا أيضا أنه ما معنى كون الرافع بسبب هذا الحكم مثبتا على ~~تقدير الإصابة ومسقطا على تقدير عدمها ؛ إذ الأمر المولوي الجدي بموضوع ~~تصديق العادل وإن كان طريقا ومرآة إلى العنوان الواقعي ، لكنه في مرحلة ~~الحجية موضوع ، يعني أن المولى لا يؤاخذ العبد عند المصادفة وترك الامتثال ~~على ترك الواقع ، بل على ترك التصديق ، فإن شأن الأمر هو الحجية بالنسبة ~~إلى متعلقه ليس إلا. # فتحصل أن الأمر الإنشائي الصوري ليس له قابلية تنجيز الواقع ؛ إذ بعد ما ~~لم يدخل تحت حكم العقل بلزوم الإطاعة كيف ينجز الغير؟ وأما الأمر الجدي ~~البعثي فهو موضوع حكم العقل ، لكن لا يرتفع غائلة التضاد بالتزامه أولا ولا ~~تنجز الواقع ثانيا. # لا يقال : على ما ذكرت من كون المؤاخذة على ترك التصديق لا على الواقع ~~المتروك فلم لا يؤاخذ عند عدم الإصابة. # لأنا نقول : عدم المؤاخذة حينئذ من باب عدم تفويته غرضا من المولى لما هو ~~المفروض من طريقيته ، وعلى هذا يستشكل بأنه لا فرق بين الأمارة المرخصة ~~والأصل المرخص ، فلو اغمضنا عما ذكرنا وقلنا بأن محض كون المصلحة في نفس ~~الحكم ولو الحقيقي يرتفع التضاد بينه وبين ما يكون المصلحة في متعلقه فعين ~~هذا موجود في الحكم الأصلي أيضا. # ثم قال استادنا دام ظله : بأن كلامه قدسسره عام في كلا شقي الترديد PageV01P470 # المذكورين في كلامه من استتباع الحجية للتكليف واستتباع التكليف للحجية ، ~~ويمكن توجيه كلامه وذب الإشكال ms0443 عنه على أحد الشقين أعني استتباع الحجية ~~للتكليف ، فإنه على هذا يكون المجعول الأولي هو الحجية ، غاية ما في الباب ~~من باب الملازمة العقلية لا ينفك جعلها عن جعل حكم بمتابعة الحجة المجعولة ~~، ومن المعلوم أن المؤثر في تنجيز الواقع وإسقاطه حينئذ هو الحجية ، والحكم ~~المستتبع بالنسبة إلى هذا الأثر وجوده وعدمه سواء. # فيمكن أن يقال حينئذ بعد الإغماض عن أن الحجية إنما تستتبع الحكم الفعلي ~~وعلى فرض صدور حكم من الشرع في هذا الخصوص يكون إرشاديا ، والقول بإمكان ~~جعل الحكم المولوي ، بل لزومه وعدم انفكاكه ، بأنه لا نلتزم بعد هذا ~~التسليم بأنه حكم جدي ليس إلا، بل نقول : أما عند الإصابة فالحكم الواقعي ~~موجود يكفي عن جعل حكم آخر ، وأما عند عدمها فالمستتبع بالفتح إنما هو حكم ~~صوري إنشائي ، ولا مضادة بينه وبين الواقع، وهذا بخلاف الحال في الأصل ، ~~فإن فيه يكون المجعول أولا هو الحكم لا حجية مستتبعة للحكم ، والحكم ~~المجعول لا محالة جدي فينافي الواقع ، لكن هذا كله على تقدير هذا الشق من ~~الترديد. # وأما على تقدير القول بأن المجعول في الأمارات أيضا هو التكليف ، والحجية ~~أمر ينتزعه العقل من التكليف ، بمعنى أن العقل يرى الأمر شيئا يحتج به ~~المولى على العبد والعبد على المولى ، فحينئذ المؤثر في التنجيز والإسقاط ~~لا محالة هو التكليف ، فلا محيص عن الالتزام بكونه جديا ، ضرورة عدم الأثر ~~للإنشائي أصلا ، فيبقى الإشكالات بحالها. # ثم إنه قدسسره بعد وصوله إلى هنا استدرك بقوله : نعم يشكل الأمر في بعض ~~الاصول العملية كأصالة الإباحة الشرعية ، فإن الإذن في الإقدام والاقتحام ~~ينافي المنع فعلا ، كما في ما صادف الحرام وإن كان الإذن فيه لأجل مصلحة ~~فيه لا لأجل عدم مصلحة أو مفسدة ملزمة في المأذون فيه ، انتهى. # فيرد عليه أنه ما وجه الفرق بين هذا وسائر الطرق؟ فكما تقولون في الأمارة PageV01P471 # التي مفادها الإباحة بأن المصلحة في نفس الترخيص فلم لا تقولون به هنا؟. # ثم قال ما حاصله : إنه لا محيص في مورد هذا الأصل عن ms0444 الالتزام بعدم ~~انقداح الإرادة أو الكراهة في النفس النبوية أو الولوية أيضا كالمبدإ ~~الأعلى ، ولكن هذا لا يوجب عدم كون الحكم الواقعي بفعلي ، بل هو مع ذلك ~~فعلي ، بمعنى أنه فعلي مع قطع النظر عن حالة الشك والترخيص. # وتوضيح ذلك أنه كما يكون للحكم مراتب كذلك للفعلي أيضا مرتبتان ، الأول : ~~الفعلي بجميع الجهات وبجميع اللحاظات ، والثاني : الفعلي ببعضها ، والأول ~~واضح ، والثاني مثل حلية الغنم ؛ فإنها بلحاظ كبر الجثة وصغرها والسواد ~~والبياض فعلي ، بمعنى أنه ناظر بجميع هذه اللحاظات ، وأما بلحاظ الموطوئية ~~فشأني ، وليس إلا ناظرا إلى الاقتضاء ، فلا منافاة بين دليلها وبين دليل ~~حرمة الموطوء ، وهكذا في ما نحن فيه. # فحرمة شرب الخمر مثلا حكم فعلي بجميع لحاظاته بحسب الظاهر ، ولكن بعد ~~ورود الترخيص في الخمر المشكوك يعلم أن فعليته إنما هو بجميع لحاظات الخمر ~~من اللون والكيفية والمعلومية إلا بالنسبة إلى لحاظ مشكوكيته ، فبالنسبة ~~إليه حكم اقتضائي ، فما دام الشك لا منافاة بينه وبين حكم الأصل ، وإذا رفع ~~الشك وحصل العلم فقد ارتفع المانع عن الفعلية فلا يحتاج إلى إنشاء جديد ، ~~بل يصير بنفسه وقهرا فعليا. # ثم قال ما حاصله : إنه على هذا فانقدح أنه لا يلزم الالتزام بكون الحكم ~~الواقعي في مورد الاصول والأمارات غير فعلي بل شأني حتى يلزم عليه إشكالان ~~، ثم أخذ في تقريب الإشكالين. # وحاصل الأول منهما أنه لو كان الحكم الواقعي في المورد المذكور شأنيا ~~فيلزم أن لا يوجب الأمارات تنجيز الحكم الواقعي ، فإن قيامها ليس بأقوى من ~~حصول العلم ، ولا شك أنه لو حصل العلم بالحكم الشأني فلا يلزم امتثاله ~~واتباعه ، فكذا ما يقوم مقام العلم. # ثم ذكر هنا سؤالا وجوابا ، وحاصل الأول أن الحكم الواقعي بنفسه ولو لا قيام PageV01P472 # الأمارة كذلك ، وأما هو بعد أداء الأمارة فيصير فعليا. # وحاصل الجواب أن دليل الاعتبار ليس إلا التنزيل للمؤدى منزلة نفس الواقع ~~لا منزلة الواقع المؤدى ، وبعبارة اخرى : خبر الثقة مثلا إنما يحكي نفس ~~وجوب صلاة الجمعة الواقعي، ودليل الاعتبار أيضا ليس أزيد من ms0445 الالتزام بهذا ~~المضمون وتنزيل ذلك منزلة العلم بهذا المعنى ، وليس حكايته عن الوجوب ~~المؤدي للطريق ، وليس التنزيل أيضا منزلة الوجوب المؤدى له ، بل منزلة نفس ~~الوجوب الواقعي. # ثم قال ما حاصله : اللهم إلا أن يقال : إن دليل الحجية يدل على تنزيل ~~المؤدى منزلة الواقع ذى الطريق بدلالة الاقتضاء ، فإنه لو كان تنزيله منزلة ~~نفس الواقع فكما أن نفس الواقع إنشائي ليس له وجوب اتباع ، فكذا المجعول ~~بدليل الحجية أيضا يصير حكما إنشائيا ليس له وجوب اتباع ، فيكون لغوا ، ~~فلصون الكلام عن اللغوية لا بد من الحمل على أن التنزيل إنما هو منزلة ~~الواقع ذي الطريق ، فكما أن الواقع ذي الطريق له وجوب اتباع ، فكذلك مؤدى ~~الأمارة. # ولكن هذا إنما يتم في ما إذا لم يكن للحكم الإنشائي أثر أصلا ، وإلا أمكن ~~التنزيل بلحاظ ذلك الأثر ، كما لو كان الحكم الواقعي حلية اللحم ، فيصح ~~تنزيل مؤدي الأمارة منزلته لا من حيث جواز الأكل ، ولكن من حيث جواز الصلاة ~~في الشعر والوبر وسائر الأجزاء ، هذا حاصل الإشكال الأول. # وحاصل الإشكال الثاني أنه لو كان الحكم في المورد المزبور شأنيا لزم إما ~~عدم المورد لشيء من الاصول والأمارات ، وإما التنافي والتناقض بحسب ~~الاحتمال ، بيان ذلك أنه لا إشكال أن موضوع الاصول والأمارات هو الشك في ~~الحكم الفعلي دون الشأني ، ضرورة أنه لو قطع بكون الحكم المحتمل وجوده في ~~المقام شأنيا فلا مجرى لشيء من الاصول والأمارات. # فنقول : لو كان الحكم الواقعي المحتمل ثبوته في مورد الأصل والأمارة ~~مقطوع الشأنية وغير محتمل الفعلية فيلزم عدم جريان شيء منهما في شيء من ~~الموارد ، فيصيران بلا مورد ، وإن كان محتمل الفعلية فيلزم احتمال حكمين ~~متناقضين في PageV01P473 # موضوع واحد ؛ فإن الحكم الذي أفاده الأصل أو الأمارة فعلي بلا شك ، ~~فاحتمال الفعلية في الحكم الواقعي أيضا مع كون أحدهما الحلية والآخر الحرمة ~~مثلا ليس إلا احتمالا لوجود التناقض ، وكما أن القطع بالتناقض محذور كذلك ~~احتماله أيضا ، هذا على تقدير القول بكون الحكم الفعلي ذا مرتبة واحدة وهو ~~الفعلي ms0446 من جميع الجهات. # وأما على ما ذكرنا من تحقق الفعلي ببعض الجهات وكون الحكم الواقعي من هذا ~~القبيل فلا يلزم هذا الإشكال ، وذلك لأن الحكم المدلول للأصل أو الأمارة ~~وإن كان فعليا بالقسم الأول ، ولكن الواقعي المشكوك فعلي مع قطع النظر عن ~~الحكم الظاهري المذكور ، وهذا ليس بتناقض محتمل ، وإنما يكون لو كان كلا ~~الحكمين فعليا بالقسم الأول ، ووجه عدم التناقض في الأول أنه قد اخذ في ~~فعلية أحد الفعليتين قطع النظر عن الآخر ، ثم أخذ في بطلان الجواب بالترتب ~~بأن الحكم الظاهري وإن كان لا يجتمع مع الواقعي في رتبته ، ولكن الواقعي ~~يجتمع معه في رتبته ، فيلزم اجتماع الضدين وسائر المحاذير في هذه الرتبة. # هذا محصل كلامه قدسسره في هذا المقام وقد عرفت الجواب عن إشكاله في جواب ~~الترتب فلا حاجة إلى الإعادة. # وأما إشكاله الأول على الجواب بكون الواقعي إنشائيا بأنه على هذا يلزم أن ~~لا يصير الواقع بعد قيام الأمارة منجزا فإن الأمارة إنما يحكي نفس الواقع ~~دون الواقع ذي الطريق ، والمفروض أن الواقع حكم شأني. # فجوابه أن الحكم الشأني لا بد في الحكم بفعليته في زمان من التماس دليل ~~دال على أنه متى يصير فعليا؟ فإن من يبنى على كون الواقعي إنشائيا فلا ~~محالة يكون مآل أمره إلى هذا ، ولا شك أن قضية قوله : الناس في سعة ما لا ~~يعلمون ، ورفع عن امتي ما لا يعلمون، هو ارتفاع السعة بعد العلم ، فيكون ~~المحصل منها أن الحكم الواقعي متى تعلق به العلم يصير فعليا ، ثم لو قام ~~الأمارة على حكم نقول بفعليته أيضا بواسطة قيامها مقام العلم في جميع ~~الآثار ، فإن العلم المأخوذ في هذه الادلة طريقي بلا إشكال ، فيكون مفادها ~~أنه متى تعلق العلم أو قام طريق معتبر على حكم يصير فعليا. PageV01P474 # وحينئذ فالأمارة علاوة على حكاية الواقع يفيد أمرين آخرين ، أحدهما تعبدي ~~وهو صيرورة الحكم بسبب قيامه فعليا ، فهذا مأخوذ من التعبد ، وهو الأدلة ~~المذكورة المعلقة لرفع السعة على العلم بضميمة أدلة الاعتبار الدالة على ms0447 ~~تنزيل المؤدى منزلة الواقع. # وبعبارة اخرى : موضوع الفعلية له جزءان ، أحدهما الحكم ، والآخر قيام ~~الطريق المعتبر عليه ، ففي مورد الأمارة الجزء الثاني محرز بالوجدان ولا ~~حاجة فيه إلى التنزيل ، بمعنى أنه لا حاجة إلى تجشم أن مفاد دليل الاعتبار ~~بدلالة الاقتضاء هو تنزيل المؤدى منزلة الواقع ذي الطريق ، وذلك لأن الحكم ~~بعد قيام الأمارة عليه يكون ذا طريق قهرا ، نعم في كونه هو الواقع يحتاج ~~إلى التنزيل ، ودليل الاعتبار متكفل لهذا التنزيل وإن فرض كون الواقع ~~إنشائيا لا أثر له أصلا ؛ فإن التنزيل بلحاظ الأكثر التعليقي صحيح ، أعني ~~كون الواقع الإنشائي بحيث لو لا تعلق به العلم أو الطريق يصير فعليا. # والحاصل أن مؤدى الطريق يكون واقعا لو تعلق به العلم أو الطريق ليصير ~~فعليا بدليل التنزيل وتعلق الطريق به بالوجدان. # والأمر الآخر الحاصل من الأمارة عقلي وهو التنجيز ، فالأمارة تحكي الواقع ~~بدليل الاعتبار وتوجب الفعلية بدليل الرفع والسعة ويوجب التنجز بمقدمات عقلية. ### || الامر الثالث # بعد تبين إمكان أصل الحجية نتكلم قبل الشروع في الوقوع في الشك فيها. ~~فنقول : لو شك في حجية شيء ولم يظفر بعد الفحص بالدليل عليها فهو كالمقطوع ~~عدم حجيته. # بيان ذلك أما على رجوع الحجية إلى الإيجاب الشرعي بمعنى إيجاب الاتباع ~~فواضح ، فإن هذا الإيجاب ليس بأزيد من إيجاب نفس الواقع ، مثلا لو أوجب PageV01P475 # الشارع العمل على طبق الشهرة وقامت على وجوب الجمعة وكانت واجبة واقعا ، ~~ولكن شك المكلف في كلا الإيجابين فكما أنه عند العقل معذور بحسب نفس وجوب ~~الجمعة وليس في قيده ، كذلك بالنسبة إلى إيجاب اتباع الشهرة الذي هو حكم ~~طريقي يكون كذلك ، يعنى لا يترتب الأثر الذي كان مترتبا لو علم بالحجية وهو ~~استحقاق العقاب ؛ فإن أثر الحجة هو العذر عند مخالفة الواقع مع متابعته ، ~~والاستحقاق عند موافقة الواقع ومخالفته ، فهذان الأثران مسلوبان عند الشك ~~في الحجية بهذا المعنى ، فمعنى مقطوعية عدم الحجية مقطوعية عدم هذه الآثار ~~، كما هو المراد في الحكم الواقعي ، فإنه عند الشك في وجوده لا يصير مقطوع ms0448 ~~العدم بالبديهة ، ولكن الآثار العقلية وهو وجوب الاتباع مقطوعة العدم. # وأما بناء على القول بأن الحجية أعني المعذورية في وقت والاستحقاق في وقت ~~بنفسها مجعول للشارع ، فكيفية كونه عند الشك فيه مقطوع العدم أن يقال : إنه ~~كما يكون للحكم مراتب كذلك للحجية أيضا مراتب ، فالمرتبة الاولى نفس ~~الإنشاء والجعل ، فهذا يتحقق بنفس الإنشاء ، والمرتبة الاخرى انجعالها ~~وفعليتها وهو يحتاج مع الجعل إلى علم المكلف بهذا الجعل ، فالمعذورية ~~والاستحقاق مشكوك من حيث وجودهما الجعلي الإنشائي ، ومقطوع عدمهما بحسب ~~الوجود الانجعالي الفعلي ؛ لتوقفه على علم المكلف وهو مفقود. # وإذن فيرجع في كل واقعة إلى الاصول التي يجري في ذاتها ، فإن كان الأصل ~~الذاتي فيها البراءة يحكم بالبراءة وإن قامت الحجة المشكوكة على ثبوت ~~التكليف ، فعلى تقدير الموافقة للواقع لا يوجب الاستحقاق ، وإن كان الأصل ~~الذاتي فيها الاحتياط كما لو كان طرفا للعلم الإجمالي ، أو كان من باب ~~الأقل والأكثر يعمل به وإن كانت الحجة المشكوكة حاكمة بنفي التكليف عن ~~الطرف أو بنفي جزئية الجزء المشكوك فلا يكون عذرا لو اتبعها المكلف وكان ~~التكليف أو الجزئية ثابتا في الواقع ، فهذا هو الحال في الشك في الحجية بعد ~~الفحص ، كما هو الظاهر من كلامهم ، فإن الرجوع إلى الأصل إنما يكون بعد ~~اليأس عن الدليل. PageV01P476 # وأما قبل الفحص فإن كانت قائمة على رفع التكليف فهو كما بعد الفحص في أنه ~~على تقدير الثبوت لا أثر لوجودها الواقعي ، فلو كان التكليف موجودا في ~~الواقع وتحقق أسباب تنجزه مثل العلم الإجمالي ، لا تصير هذه الحجة مسقطا ~~وإن كانت مثبتة للتكليف ، فإن كانت بحسب الواقع ثابتة والمكلف لو فحص لظفر ~~فهو كمن هو عالم بالحكم. # وبعبارة اخرى : الوجود الواقعي للحكم في هذا التقدير منجز ؛ إذ ليس ~~الساتر بينه وبين المكلف سوى التكاهل والتهاون عن الفحص الجزئي ، فكذلك ~~الحجية بأي المعنيين يكون في هذا التقدير بوجودها الواقعي منجز ؛ إذ ليس ~~الساتر بينها وبين المكلف سوى التهاون في الفحص بالمقدار المتعارف ، فلو ~~كانت مثبتة للتكليف وخالفها المكلف فهو كمن خالف ms0449 الحجة المعلوم الحجية في ~~الاستحقاق للعقوبة إذا كانت الحجة مطابقة للواقع. # وأما قبل الفحص مع كون الحجة ثابتة في الواقع ولم يكن المكلف على فرض ~~الفحص المتعارف ظافرا به في علم الله ، فقد اختار شيخنا المرتضى قدسسره في ~~الشك قبل الفحص في نفس الحكم الواقعي استحقاق العقوبة ، فإن نفس التكاليف ~~الواقعية لها اقتضاء الاستحقاق ، غاية الأمر أن العذر مانع عن العقاب ، فلو ~~فحص ولم يظفر كان العذر ثابتا ، وأما لو لم يفحص فهو وإن كان في علم الله ~~لو تفحص لم يظفر ولكن ليس له في قبال العقاب عذر. # فعلى هذا المبنى يكون الحال في الشك قبل الفحص في الحجية أيضا ذلك ، ~~فيقال : لو فحص ولم يظفر فهو معذور ، ولكن قبل الفحص ليس له عذر ، فعدم ~~العذر إنما هو من أثر الشك المذكور ، ووجود الحجية وعدمها سيان ، بل على ~~هذا يكون في صورة كونه لو فحص لظفر أيضا كذلك ، يعني أن الشك هو المنجز لا ~~الحجة الواقعية. # ولكن منعنا هذا الكلام في ذلك المقام بأن العقاب بلا حجة قبيح ، ولا يمكن ~~أن يكون الشك حجة ، فمن شك في ثبوت التكليف ولم يفحص وجه كونه ملزما ~~بالاحتياط أو الفحص أنه شاك في أن العقاب مع الحجة أو بلا حجة ، فلهذا يحكم PageV01P477 # عقله بالاحتياط أو الفحص حتى يستريح ، ولا يحكم باستراحته قبل الفحص ؛ ~~لاحتمال وجود الحكم في الواقع ووصول المكلف إليه لو فحص عنه بحيث يكون حجته ~~على العقاب على هذا التقدير هو هذا الحكم الواصل ، لا الشك قبل الفحص بنفسه. # وبعبارة اخرى : الشك قبل الفحص بيان قطعي على البيان ، لا أن نفسه بيان ، ~~وأما على ما هو المفروض من أنه وإن فحص فهو لا يصل إلى الحكم في علم الله ~~فعقابه عند الله عقاب بلا حجة وإن كان هو يحتمل كونه عقابا مع الحجة ، ولا ~~يرخصه عقله بالاستراحة ، بل يوجب عليه الفحص من باب دفع الضرر المحتمل ، ~~وعلى هذا ففي الشك في الحجية قبل الفحص مع عدم الظفر على تقدير الفحص ms0450 يحكم ~~بعدم الاستحقاق بعين هذا البيان. # فإن قلت : كما أنه لو علم المكلف بأن هذا المائع خمر وكان غصبا تقولون ~~بأنه مستحق للعقوبة ، ووجهه أنه خالف تكليف المولى مع وجود الملزم ، فكذلك ~~الحال في الشك قبل الفحص ، الملزم ، وهو نفس الشك موجود ، والمفروض وقوعه ~~في مخالفة الواقع. # قلت : وجه الاستحقاق في المثال أنه علم بأصل الحرمة الشرعية التي كانت ~~نتيجة لقياس «كل خمر حرام وهذا خمر فهو حرام» والمفروض إصابة علمه في هذه ~~الجهة ، وهذا بخلاف مقامنا ؛ فإن الشك وجه ملزميته احتمال وجود البيان ، ~~فمع عدم وجوده لا مصحح في البين ولا يكفي وجود البيان على البيان مع عدم ~~نفس البيان ، وهل هو إلا كوجود البيان على الواقع مع عدم نفس الواقع ، وإلا ~~فاللازم في ما إذا كان التكليف المعلوم في أطراف العلم الإجمالي موجودا في ~~جميع الأطراف أن يتعدد العقاب لو ارتكب الأطراف ، فإن وجه تنجزه أيضا من ~~باب احتمال الواقع المنجز في كل طرف ، فالملزم في كل طرف موجود ، فإذا صادف ~~مع الواقع في الكل يلزم على قولك تعدد العقاب ، ووجه الكل أن المدار على ~~البيان القائم على الواقع ، لا على البيان القائم على البيان. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن الحجة المشكوكة بعد الفحص يكون مقطوعا PageV01P478 # عدم حجيتها بلا شك على كلا معنييها ، وكذلك قبل الفحص في النافية للتكليف ~~، وأما المثبت فقبل الفحص مع الظفر على تقديره يكون منجزة كالحجة المعلومة ~~بلا شك ، وقبل الفحص مع عدم الظفر على تقديره فبناء على مبنى الشيخ المرتضى ~~يكون كصورة الظفر على تقديره ، وعلى ما ذكرنا يكون كالصورة الاولى. # فعلى ما ذكرنا يكون الحجة الواقعية منجزة في صورتين ، إحداهما : الفحص ~~والظفر بها ، والثانية : عدم الفحص والظفر على تقديره ، وغير منجزة في ~~غيرهما. # وخلاصة ما ذكرنا مع تشريح زائد أن يقال : إن الحجية التي إثباتها ونفيها ~~مهمنا قد اخذ في حقيقتها أمران وأثران ، الأول : التنجيز ، والثاني : ~~الإسقاط ، فإذا كان في الواقع أحكام ملزمة وأصابت الأمارة فهي منجزة لهذه ~~الأحكام ، ولو كانت ms0451 الأحكام ملزمة وقامت الأمارة على الإباحة فهي مسقطه لها ~~، فنقول : هذان الأمران اللذان هما إما نفس الحجية ، وإما فائدتاها لا يمكن ~~عند الشك في الحجية القطع والجزم بعدمهما بالضرس القاطع ، بل لا بد من ~~التفصيل. # فنقول : أما من حيث الأثر الأول وهو التنجيز والإثبات والإلزام فهو بعد ~~الفحص وعدم الظفر مقطوع العدم ، بمعنى أن وجود الحجة الواقعية حينئذ كعدمه ~~وليس مورثا لوقوع المكلف في مئونة التكليف الذي يشتمله هذه الحجة ، كيف ~~والحال كذلك في نفس الواقع ، فالحكم الواقعي بوجوده الواقعي ليس مؤثرا في ~~عقاب تاركه لو تفحص ولم يجده ، فكذا الحجية الواقعية أيضا لا يؤثر في تنجيز ~~مفادها لو تفحص عنها المكلف ولم يجدها ، وهذا واضح. # وأما الحال بالنسبة إلى هذا الأثر قبل الفحص فهو أنه على مبنى شيخنا ~~المرتضى يكون الحكم هو الإلزام ، فيقول بأن نفس الشك ملزم سواء كان في ~~الواقع حجة واقعية أم لم يكن أصلا ، وعلى الأول سواء كانت بحيث يظفر به على ~~تقدير الفحص ، أم كانت بحيث لم يظفر به على هذا التقدير ، غاية الأمر ما ~~دام لم يتفحص يكون الشك بنفسه ملزما ، ولكن بعد الفحص لو ظفر بالحجة وعلم ~~بها تصير الحجة المعلومة حينئذ ملزمة للمكلف ، فينقلب الحجية من الشك إلى ~~الحجة المعلومة ، PageV01P479 # فتكون على هذا أيضا الحجية الواقعية بلا أثر ؛ لأن الأثر للشك. # وأما على ما ذكرنا من أنه لا موضوعية للشك بنفسه وإنما يحكم العقل في ~~حاله بالتفحص لأجل احتمال وجود الحجة في الواقع ، فإنه يكفي في حجة المولى ~~على العبد أن يقيم الحجة له بحيث لو تفحص عنها العبد لظفر بها ووصل إليها ، ~~فيكون الأمر تابعا للواقع، فإن كان بحسب علم الله تعالى لا حجية واقعية في ~~البين أصلا فالمكلف يكون في فسحة ووسعة ، وكذلك لو كانت الحجية الواقعية ~~ثابتة في علم الله ولكن كان الأمر في علم الله تعالى أيضا بحيث لو تفحص ~~المكلف لما يصل إلى الحجية ويظفر ، فيكون في فسحة أيضا ولا إلزام عليه. # وأما لو كان الحجة ms0452 في علم الله تعالى ثابتة في الواقع وكان في علمه تعالى ~~أيضا بحيث لو تفحص عنه لظفر به ، فحينئذ تكون الحجة الواقعية بوجودها ~~الواقعي المجهول مؤثرا في التنجيز والإثبات ، وليس متوقفا على تحقق الوجود ~~العلمي لها ؛ فإن الإيصال الذي شأن الآمر ليس إلا نصب الدليل على وجه يكون ~~سهل الوصول إلى من أراد الوصول ولم يكن محتاجا إلى مقدمات صعبة خارجة عن ~~المتعارف ، وليس في باب نفس الواقع ولا دليله حكم العقل بأزيد من ذلك ؛ إذ ~~لو اعتبر في تمامية الحجية الإيصال الفعلي للزم إقحام الأنبياء ؛ إذ لم يجب ~~على أحد الحضور في مجلسهم وسماع كلامهم ، بل كانوا يضعون الأصابع في ~~آذانهم. # فتحقق من ذلك أن الحجة الواقعية المجهولة ليس وجودها الواقعي غير مؤثر ~~بقول مطلق ، بل هو مؤثر بشرطين ، الأول : أن يكون لها واقعية ، والثاني : ~~أن يكون بحيث لو تفحص لظفر به ، هذا هو الكلام من حيث أثر التنجيز. # وأما أثر الإسقاط فالحجة المجهولة غير مقيدة من هذا الحيث مطلقا ، سواء ~~كانت حجة في الواقع أم لم يكن ، وعلى الأول سواء وصل به على تقدير الفحص أم ~~لم يوصل ، وسواء قبل الفحص وبعده. # أما بعده فواضح ، وأما قبله مع فرض الوصول لو تفحص مثلا لو كان المبتلى ~~به من أطراف العلم الإجمالي ثم قامت الشهرة على إباحة هذا الطرف وكان الواجب PageV01P480 # واقعا موجودا فيه وشك في حجية الشهرة وكانت في الواقع حجة وبحيث لو تفحص ~~المكلف عن حجيته لوصل إليها ، ومع ذلك لم يتفحص وارتكب هذا الطرف على جهل ~~بحجية الشهرة ، فهذه الحجية الواقعية بوجودها الواقعي لا يورث سقوط تبعة ~~ذلك الوجوب الواقعي عن هذا المكلف. # وسر ذلك أن مقدمات صحة عقوبة المولى وحجته على العبد تامة لا نقص فيها ، ~~فإن العلم الإجمالى منجز للواقع وحجة تامة للمولى ، ولا بد للعبد في ترك ~~الاطاعة مع وجود هذه الحجة القوية للمولى من وجود مستند يستند إليه في ذلك ~~حتى يجيب به عند سؤال المولى ويكون حجة له في قبال حجة ms0453 المولى ، وفي هذا ~~الفرض المفروض أن تحقق الحجة على الإباحة في الواقع مع شك المكلف فيه ليس ~~لهذا المكلف الشاك حجة في قبال المولى ، فيكون حجة المولى وهو العلم ~~الإجمالي حجة عليه ومورثة لصحة عقابه. # والفرق بين هاهنا ومرحلة التنجيز حيث قلنا هناك بأن الحجة الواقعية ~~بوجودها الواقعي حجة للمولى ومستند له في العقاب ، وقلنا هنا بأن وجوده ~~الواقعي الموصوف بكونه يوصل إليه على تقدير الفحص ليس بمستند وحجة للعبد في ~~رفع العقاب أن لا يطلب في باب حجة المولى إلا إتمام المقدمات التي من شأن ~~المكلف بالكسر اقامتها ، وليس المقدمات الأخر للوصول إلى المكلف بالفتح ~~المطلوبة منه مطلوبة من المكلف بالكسر مثلا لو بين الشارع الحكم في مكان ~~يصل صوته إلى العبد عادة فأوجد العبد باختياره مانعا عن إصغائه ، فليس ~~التقصير حينئذ إلا من قبل العبد ، فوظيفة المولى إقامة الحجة على وجه كان ~~الوصول إليه بطريق المتعارف سهلا ، فلو أقامها كذلك ثم تهاون العبد عن ~~التفحص عنه بالقدر المتعارف ، فليس جهله حينئذ عذرا له ، بل الحجة الواقعية ~~حجة للمولى. # فإن قلت : على ما تقدم من الجمع بين الحكمين الظاهري والواقعي بالترتب مع ~~أخذ حال التجرد لحاظا لا قيدا في الواقعي فالمكلف في مورد العلم الإجمالي ~~مستريح ؛ لأنه شاك. PageV01P481 # قلت : إنما اخذ التجرد من غير الشك المقرون بالعلم. # فإن قلت : فما وجه الجمع بين الحكم الترخيصي في الأطراف مع الواقع؟ قلت : ~~نختار في باب العلم الإجمالى الطريق الآخر أعني : حيازة الشرع كرسي العقل ~~وأنه أرشد إلى ما هو الصلاح ، كما لو رخص العقل في بعض الأطراف ، فهنا لم ~~يدرك عقل العامة ، لكن الشارع رآه فأرشد إليه من باب أنه عقل ، ولا منافاة ~~بين الحكم الصادر منه بما هو شارع ، والحكم الصادر عنه بما هو حائز لكرسي العقل. # فإن قلت : فإذا فرضنا أنه حكم بحجية الطريق المؤدى إلى خلاف التكليف ~~الثابت واقعا فمعناه أن سلوك هذا الطريق مرضي ؛ ولا تنجيز للواقع معه ، ~~وليس في هذا الحكم قيد الوصول إلى المكلف ، فمن ms0454 أين احدث هذا القيد؟. # قلت : حال هذا الحكم كحال الأحكام الواقعية ، فكما هاهنا بوجوداتها ~~الواقعية لا يؤثر ، بل بضميمة العلم ، فكذلك هنا أيضا العقل التام الكامل ~~وإن كان حكم بالمعذورية ، لكن هذا حكم شأني ، وإنما يصير فعليا عند وصوله ~~إلى المكلف. # وبعبارة اخرى : العلم الإجمالي منجز للتكليف الواقعي لو لم يقم في أحد ~~الأطراف مؤمن ، ووجود الحجة العقلية واقعا مع عدم الوصول إلى المكلف ليس في ~~حكم العقل مؤمنا ، فمؤمنيته إنما يكون في صورة الوصول ، غاية الإشكال ~~المتصور هنا بعد تسليم فعلية الواقع مع العذر العقلي أن المعذرية إن كان ~~متعلقا بالوجود الواقعي فلا فرق بين الوصول وعدمه ، وإن كان متعلقا ~~بالموضوع مع قيد الوصول يلزم الدور ، مع أنه خلاف الواقع. # والجواب أنه كما أن المنجزية في العلم الإجمالي يكون بنحو الاقتضاء بحيث ~~يقبل أن يمنع عنه العذر العقلي القائم في بعض الأطراف ، كذلك المعذرية ~~متعلقة هنا بالواقع ، لكنه على نحو الاقتضاء بحيث يقبل منع المانع. # فنقول : جهل المكلف مانع ، والعلم الإجمالي مقتض للتنجيز ، والحجة ~~الواقعية أيضا مقتض للعذر ، ولكن الجهل مانع عن اقتضائه ، فيكون مقتضى ~~التنجيز سليما عن المانع. PageV01P482 # وهذا بخلاف مرحلة الإسقاط ، فوجود الحجة في الواقع بهذا النحو ليس مثمرا ~~ومنتجا للعبد شيئا في رفع العقاب عن نفسه ، فإن رافع العقاب عنه استناده في ~~العمل على خلاف القواعد والاصول المنجزة عليه التكليف ظاهرا إلى حجة قائمة ~~على الرخصة ، والاستناد إنما يتحقق لو علم بوجود الحجة المذكورة ، فلا ~~يتحقق الاستناد إليه بمجرد وجودها الواقعي مع عدم العلم بها. # فتحصل أن وجود الحجة الواقعية المجهولة لا يؤثر شيئا في مرحلة التنجيز ~~والإثبات إلا في صورة واحدة ، وهي ما إذا كانت موجودة وكان المكلف يظفر بها ~~لو تفحص ، وأما في مرحلة الإسقاط فلا يؤثر شيئا أصلا في شيء من الصور. # ثم إن شيخنا المرتضى قدسسره حاول في هذا المقام إثبات عدم الحجية عند ~~الشك بأدلة حرمة التشريع عقلا ونقلا ، وأنت تعرف أنه لا مساس لهذه المسألة ~~بمقامنا ؛ فإن البحث في هذا ms0455 المقام عن الحجية وعدمها والتنجيز والإسقاط ~~وعدمهما ، وليس لازم وجود الحجية صحة الاستناد إلى الشارع. # ألا ترى أن حجية الظن بمقدمات الانسداد على تقرير الحكومة ليس الحاكم بها ~~إلا العقل ، ولا يستند حجيته إلى الشرع أصلا ، وذلك لأن الحجة العقلية غير ~~منتهية إلى الشرع، فكما أن وجوب اتباع الحكم المعلوم عند انفتاح باب العلم ~~حكم عقلي ولا مدخل للشرع فيه أصلا ، فكذا وجوب اتباع الحكم المظنون عند ~~الانسداد على هذا التقرير أيضا عقلي محض لا دخل للشرع فيه. # وبالجملة ، فالحكم بحجية شيء مشكوك الحجية ليس ملازما لنسبة حكم مشكوك ~~الورود عن الشرع إلى الشرع ، وليس داخلا في هذا العنوان حتى يرجع في حكمه ~~إلى الأدلة الدالة على حرمة هذا العنوان. # إذا عرفت ذلك فلنشرع في وقوع التعبد بعد تبين إمكانه ، ونذكر مواضعه في ~~ضمن فصول. # * * * PageV01P483 ### | «فصل» # في أن ظهور اللفظ متبع في تشخيص مراد المتكلم أولا ، وينبغي أولا تحرير ~~محل الكلام فنقول : الإرادة على قسمين ، إرادة لبية وتسمى بالأغراض ، ~~وإرادة استعمالية وهي إرادة تفهيم معنى كل لفظ عند التنطق به. # فهنا كلام بعد إحراز الإرادة الثانية في أنها مطابقة للاولى أولا؟ ، كما ~~لو علم بأن المتكلم أراد معاني الألفاظ التي تكلم بها لنصوصيتها ، ولكن لا ~~يعلم مطابقتها مع غرضه اللبي ومقصوده الجدي ، فإذا قال : أكرم العلماء ~~فيعلم أنه أراد بالإرادة الاستعمالية إيجاب إكرام جميع العلماء ، ولكن لا ~~يعلم أنه بحسب الجد أيضا كذلك أو يستثنى بعض الأفراد ، وأخر بيانها لمصلحة ~~، ثم يبينه قبل حضور وقت العمل ، فيقال عند هذا الشك : إن الأصل العقلائي ~~على التطابق بين الإرادتين ، والكلام في هذا المقام وهذا الأصل ليس مهما ~~لنا في هذا المقام. # وكلام في إحراز إرادة المتكلم معاني ألفاظه بعد الفراغ عن مدلول اللفظ ~~التصوري الانتقاشي الذي لو سمع من الجدار أيضا يكون مصحوبا للفظ ، أي ينتقش ~~في الذهن ، أعم من أن يكون وضعيا أم انصرافيا ، أم حاصلا بقرينة حالية على ~~التجوز أو مقالية ، ويسمى هذا بالدلالة التصورية ، ثم البناء بعده والحكم ~~بأن ms0456 المتكلم أراد من اللفظ تفهيم هذا المعنى بالإرادة الاستعمالية يسمى ~~بالدلالة التصديقية. # فنقول : هنا ثلاثة مقدمات إذا صارت بجميعها مسلمة متيقنة تكون نتيجتها ~~القطع : # الاولى : أن غرض المتكلم إفادة المراد باللفظ لا شيء آخر كالتعلم للغة ~~العرب في التكلم بالعربي مثلا. # والثانية : عدم وجود قرينة حالية أو مقالية في البين دالة على إرادة خلاف ~~الظاهر. # والثالثة : عدم غفلة المتكلم عن نصب القرينة على مراده. # فعند تحقق هذه الثلاثة ومسلميتها يحصل القطع بأن المتكلم أراد المعاني PageV01P484 # التصورية الظاهرة من الألفاظ بإرادة استعمالية وإلا لزم نقض الغرض ، مثلا ~~لو قال : أكرم العلماء ، وعلم أنه يكون بصدد إفادة المطلب ، وليس التكلم ~~لغرض آخر وأنه لا قرينة في البين ، وكان ملتفتا غير عاقل ، فلو كان حينئذ ~~مريدا من هذا الكلام ضرب حجر على رأس زيد مثلا فهو ناقض للغرض ؛ فإن غرضه ~~إفادة ما هو مريد له في مرحلة الاستعمال باللفظ ، فاتى بلفظ لا يفيده بل ~~يفيد الخلاف ، ونقض الغرض لا يحتاج إلى إثبات قبحه ليتمسك لعدمه بحكمة ~~الشارع ، بل هو ولو فرض عدم قبحه ، بل حسنه لا يصدر من أدنى جاهل ، بل من ~~واحد من الحيوان فضلا عن الإنسان العاقل. # فالكلام إنما هو في صورة الشك في إحدى تلك المقدمات ، كما لو شك في أنه ~~تكلم لغرض الإفادة أو لغرض آخر ، أو شك بعد العلم بأنه يتكلم للإفادة في ~~وجود القرينة وعدمها ، فهل هنا أصل عقلائي على الحمل على أنه تكلم للإفادة ~~في المقام الأول ، أو أنه أراد ظاهر اللفظ بإرادة استعمالية في المقام ~~الثاني ، أو ليس. # لا كلام في وجوده في المقام الأول ، فجرى سيرة العقلاء على حمل التكلم ~~على صدوره بغرض الإفادة ولو عند الشك ، فلو أمر المولى عبده فترك العبد ~~الإطاعة معتذرا بأني لم أعرف أنك تريد الإفادة واحتملت أن غرضك مجرد إيجاد ~~الكلام لما تقبل هذه المعذرة عند العقلاء في رفع العقوبة عنه. # وهذا غير مقام البيان الذي قد اشتهر في باب الإطلاق أنه لا بد من إحرازه ~~من الخارج ms0457 ، وإلا يعامل مع اللفظ معاملة الإهمال ؛ فإن الإطلاق أمر زائد ~~على مفاد اللفظ ، وهذا الأصل إنما هو بالنسبة إلى ما هو مفاد اللفظ ، ~~فمجراه في باب الإطلاق هو المهملة ، فلو جهل بأنه تكلم بالمطلق خاليا عن ~~إرادة المعنى رأسا حتى المهملة فهذا الأصل يدفعه. # وبالجملة ، فباب الشك من هذه الجهة مسدود بهذا الأصل العقلائي ، كما أن ~~باب الغفلة في كلام الشارع غير محتمل ، وفي غيره مسدود أيضا بالأصل ~~العقلائي ، فيمحض منشأ الشك في إرادة المتكلم استعمالا لما هو المنتقش من ~~اللفظ بما هو عليه PageV01P485 # من الحالات والخصوصيات في احتمال وجود القرينة الصارفة ، بمعنى أنه يحتمل ~~أنها كانت واختفت علينا ، فالكلام في هذا المقام قد انعقد لدفع هذا الشك. # وكذلك لا كلام في الجملة في اتباع الظهور في المقام الثاني وعند الشك في ~~وجود القرينة ، إلا أن الكلام في أمرين يختلف الحال بحسبهما وهو أنه هل ~~اتكالهم في ذلك على أصالة الحقيقة أو أصالة عدم القرينة. # وتوضيح الأول أن اللفظ إذا وضع لمعنى يحصل طبع (1)، فمقتضى طبع اللفظ ~~بعد الوضع كونه مستعملا في معناه الموضوع له ، فإنه وضع لاجل ذلك ، ~~فاستعماله في غير معناه خروج عن مقتضى طبع اللفظ الموضوع ، وبناء العقلاء ~~في جميع الأشياء هو البناء على ما هو قضية الطبع الأولي للشيء إلى أن يعلم ~~بما يكون حدوثه من جهة الطواري. # ومن هذا القبيل الحكم بحيضيته دم المرأة المردد بين الحيض والاستحاضة ؛ ~~فإن الاستحاضة مرض بخلاف الحيض ، ومقتضى الطبع الأولي للمرأة صحة المزاج ، ~~والمرض يحدث بالعرض ، فعند الشك يبنى على بقائها على صحة المزاج التي هي ~~مقتضى طبعها الأولي ، فيحكم بحيضية دمها. PageV01P486 # ومن هذا القبيل أصالة الصحة في جميع الأشياء ؛ فإن الفساد في كل شيء يكون ~~على خلاف الطبع ، فالبطيخ بحسب طبعه الأولي صحيح وفساده يطرأ عليه بالعرض ، ~~وبالجملة ، الطبع الأولي للفظ بقاءه في الاستعمال الشخصي على معناه الذي ~~وضع له. # وتوضيح الثاني أنه كثر (1) خروج اللفظ في الاستعمالات عن مقتضى طبعه ~~واستعماله في خلاف معناه مع نصب القرينة ms0458 إلى حد صار له قابلية الانقسام إلى ~~قسمين : اللفظ الجاري على طبعه وهو ما ليس معه قرينة ، والجاري على خلاف ~~طبعه وهو ما يقترن بقرينة ، فحينئذ يصير ذاك اللفظ أعني ما هو مقسم القسمين ~~بلا أثر وطبع ، بل الطبع حصل للفظ المجرد ، فكما نحتاج في الحمل على المعنى ~~المجازي إلى إحراز القيد وهو وجود القرينة ، فكذلك في الحمل على الحقيقي ~~أيضا نحتاج إلى إحراز القيد وهو التجرد عن القرينة. # وتظهر الثمرة بين هذين الوجهين فيما إذا كان في الكلام ما يصلح للقرينية ~~، فإن قلنا بأن الاتكال على أصالة الحقيقة فنحكم بإرادة المعنى الحقيقي ~~للمساعدة مع طبع اللفظ ما لم يعلم الخلاف ، وإن قلنا بكون الاتكال على ~~أصالة عدم القرينة فلا نحكم بإرادة المعنى الحقيقي ولا المجازي ، بل نتوقف ~~ويكون الكلام مجملا ؛ فإن البناء على عدم القرينة إنما هو فيما إذا كان ~~الشك في أصل الوجود ، وأما لو كان الوجود محرزا ، وكان الشك في قرينية ~~الموجود ، فليس البناء على عدم القرينية. PageV01P487 # وتظهر أيضا فيما إذا تعقب العام باستثناء كان له قدر متيقن وكان في ~~الباقي محتملا ، فإن كان الاتكال على أصالة الحقيقة يقتصر على القدر ~~المتيقن ويؤخذ بالباقي لمساعدة طبع العام ، وإن كان الاتكال على أصالة عدم ~~القرينة فيسري الإجمال بالنسبة إلى الباقي إلى العام؛ لأن الشك ليس في وجود ~~القرينة ، بل في قرينية الموجود ، وهذا في الحقيقة مثال للفرض المتقدم. # وشيخنا المرتضى قدسسره في غير موضع من رسائله ذكر الوجهين على سبيل ~~الترديد ولم يجزم بشيء منهما ، والإنصاف أيضا عدم إمكان الجزم ، وإذن ~~فالقدر المتيقن أنهم يتبعون الظهور في ما إذا لم يكن في البين ما يصلح ~~للقرينية وشك في وجود القرينة ، وأما أنه للاتكال على أي من الأصلين فليس ~~معلوما. # نعم لو كان معلوما اتباع الظهور عند وجود ما يصلح للقرينية تبين أن ~~الاتكال على أصالة الحقيقة ، ولكن لم يعلم اتباعهم الظهور في هذا المورد ، ~~بل يحكمون بالإجمال ويتوقفون. # فإن قلت : إذا كان التوقف في هذا المورد لأنها مساويا ms0459 لأصالة عدم القرينة ~~فبه يثبت أن الأصل الذي ملاك العقلاء في باب الظهورات هو هذا الأصل ، لا ~~أصالة الحقيقة ، فما معنى قولك : إنه مع ذلك لا يعلم أن الاتكال على أي من ~~الأصلين. # قلت : لا نسلم أنه لازم مساو ، بل أعم ؛ إذ من المحتمل أن يكون اتكالهم ~~على أصالة الحقيقة في ذلك المورد أعني الشك في وجود القرينة دون غيره ~~والأمر سهل. # إذا عرفت ذلك فالمدعى في هذا المقام أن ظهور اللفظ (1) في معنى يورث حمله PageV01P488 # على هذا المعنى عند الشك في إرادة المتكلم له للشك في وجود القرينة مع ~~عدم ما يصلح للقرينية في البين ، وهذا الظهور متبع مطلقا ، سواء حصل الظن ~~الفعلي على وفاقه أم لا ، خلافا للمحقق القمي قدسسره حيث خص حجية ظهور ~~الألفاظ بصورة وجود الظن الفعلي منه بإرادة المتكلم إياه من اللفظ ، فإن لم ~~يحصل هذا الظن فليس الظهور حجة. # وسواء حصل الظن الفعلي الغير المعتبر على خلافه ، أم لا ، خلافا لمن ~~اعتبر في حجية الظهور عدم الظن بإرادة خلاف الظاهر ، وسواء بالنسبة إلى من ~~قصد إفهامه ومن لم يقصد ، خلافا للمحقق القمي قدسسره حيث ذهب إلى أن الأخذ ~~بالظواهر حق لمن قصد إفهامه وليس لغيره حق ذلك ، فلعله كان بين المتخاطبين ~~مطلب معهود فاريد من الكلام خلاف ظاهره بقرينة العهد ، لأن من مقدماته ~~الأصلي اللفظي لزوم نقض الغرض ، وهذا غير جار هنا ؛ إذ لو كان في البين ~~قرينة معهودة مخفية على هذا السامع الغير المقصود إفهامه بالخطاب لما لزم ~~نقض الغرض. # وفيه أن هذا المطلب ليس طريق صحته وسقمه إلا العرض على أهل السوق ، فإذا ~~رأيناهم يمشون بخلافه يعنى لا يفرقون بين من قصد وغيره بعد الشركة في ~~التكليف في صحة الاحتجاج فهذا معنى الحجية ، إذ هذا مقصودنا من حجية ~~الظواهر لا كشف الواقع وإدراكه ، وإلا فكيف يعقل استكشاف الواقع من طرف ~~الوهم ، والحال أن معنى الوهم أن احتمال كون الواقع في خلافه أرجح. # ألا ترى أنه لو فرضنا المقام غير مقام الاحتجاج بين ms0460 العبد والسيد ، كما ~~لو قال رفيق لرفيقه : اشتر المتاع الفلاني ؛ فإن فيه النفع ، أو لا تشتره ~~فإن فيه الضرر وكان PageV01P489 # المخاطب ظانا بالنفع في الثاني والضرر في الأول فإنه لا يتبع في المقامين ~~إلا ظن نفسه. # فلو أمر المولى أحد عبيده بأمر وكان بعض عبيده الآخر يسمع كلام المولى ~~وعلم أنه يشترك جميع العبيد في الحكم فترك هذا العبد الغير المواجه العمل ~~بظاهر كلام المولى ليس للمولى إذا علم بسماعه عقابه. # وبالجملة ، فالمدعى حجية الظهور عند الشك في وجود القرينة من غير تقييد ~~بالظن بالوفاق ولا بعدم الظن بالخلاف ، ومن غير فرق بين من قصد إفهامه ومن ~~لم يقصد ، والدليل في الجميع هو سيرة العقلاء على العمل بالظهور في الموارد ~~المذكورة ، ثم بضميمة عدم ردع الشارع يصير حجة شرعية ، فلا بد لإثبات ~~المرام من إثبات مطلبين ، الأول : وجود السيرة المذكورة ، والثاني : عدم ~~ردع الشارع. # أما الأول فنقول : يمكن لنا إثبات الدعاوي الثلاث بالمرتكز في طبعنا ؛ ~~فإن العقلاء يأخذون بالظواهر حجة لهم وعليهم ، فربما كان حجة للمتكلم على ~~المخاطب فيؤاخذ المتكلم المخاطب محتجا بأنه : أما قلت لك كذا؟ وربما يكون ~~حجة للمخاطب على المتكلم فيؤاخذ المخاطب المتكلم محتجا بأنه ألم تقل كذا؟ ، ~~ولا نعني بالحجية هنا إلا ذلك أعني صحة المؤاخذة والاحتجاج لا الكشف عن ~~الواقعيات ، فلا يرد أن الأخذ بالشك في مقام الواقع بل بالوهم مقامه ليس من ~~طريقة جاهل فضلا عن عاقل ، فكيف يمكن الحجية مع عدم الظن بالوفاق ، بل مع ~~الظن بالخلاف. # فنقول مثبتا لسيرة العقلاء في كل من المقامات الثلاثة على الترتيب موضحا ~~بالتمثيل : لو قال مولى لعبده : أضف جميع طلاب البلد ، فاحتمل العبد عدم ~~إرادة المولى واحدا معينا منهم ، لما شاهد من عدم معاملة المولى مع هذا ~~الواحد معاملة المحبة فلأجل هذا الاحتمال لم يخبره بالضيافة ، فإذا حضر ~~الجميع إلا هذا الواحد فلم ير المولى إياه فيما بينهم ، فهل ترى من وجدانك ~~وطبعك مانعا من صحة مؤاخذة العبد بأنه لم ما أخبرت الشخص الفلاني ، ولو ~~اعتذر ms0461 العبد بأنه ما ظننت من قولك إرادته هل يصح جوابه بأن الأمر لو كان ~~كذلك لقلت : إلا فلان ، فهذا الذي فعلت فعلته من جانب نفسك ، أو لا يصح. PageV01P490 # وفي عين هذا المثال الذي لم يكن إرادة هذا الواحد مظنونة للعبد وكان شاكا ~~لو كان الواقع أيضا كذلك وغير مقصود واقعا ، كما احتمله العبد ، ولكن أخبره ~~مع ذلك وحضر هو مع الجماعة فهل يصح للمولى [أن يقول] : لم أخبرت هذا فإني ~~لم احب ضيافته ، ولو قال ذلك فأجابه العبد بأنك قلت : أخبر كل الطلاب ، فما ~~تقصيري ، كان عذرا مقبولا وحجة موجهة؟ # ثم افرض في هذا المثال أن العبد ظن بعدم إرادة الشخص الخاص ، لكن بظن غير ~~معتنى به عند العقلاء ، كالحاصل من النوم ، فلم يخبر الشخص ولم يعلمه ~~الضيافة ، فهل يصح أن يقول في جواب المولى ويحتج بأني : رأيت في المنام أنك ~~لا تحب صحبة هذا الشخص ولا تميل في مجالسته ، فظننت من هذا بأنك ما قصدت من ~~قولك إياه؟. # وكذلك في هذا المثال لو لم يعتن بظنه الحاصل من نومه وأعلم الشخص ، فأتى ~~مع الجماعة المدعوين ، فاتفق مصادفة ظنه الواقع وأن المولى واقعا كان كارها ~~لحضوره وغير قاصد له من الكلام فلا حق له بمؤاخذة العبد ، فإن حجة العبد في ~~قباله : قلت لى : أعلم الجميع ، وما كان بيدي سوى النوم وهو ليس محلا ~~للاعتبار فما تقصيري مسموعة. # نعم لو ظن ظنا يعمل على طبقه العقلاء ويعتنون بشأنه ، كما لو حصل من مأخذ ~~صحيح ، فحينئذ يصير هذا الظن حجة في قبال الظهور ، وكذا الحال في الشارع ، ~~ولو كان الظن مما يعتبره العقلاء وعند الشرع كان ملغى فهو لا يقوم في قبال ~~الظهور عند الشرع وإن كان له صلاحية ذلك عند العقلاء. # ثم افرض أن لمولى عبدين ، فخاطب أحدهما في بيته وقال له : يجب على جميع ~~عبيدي احترام العلماء وتوقيرهم ، ولا بد أن لا يصدر منهم خلاف الاحترام ~~بالنسبة إلى واحد منهم ، واتفق وجود العبد الآخر في البيت وسماعه هذا الحكم ~~، ولم ms0462 يشعر بذلك المولى ، فلم يطع العبد الثاني وصدر منه خلاف الاحترام ~~بالنسبة إلى بعض العلماء ، واطلع المولى فيما بعد وجود هذا العبد في البيت ~~عند مخاطبته مع العبد الآخر وسماعه للحكم ، فهل ترى مانعا من صحة المؤاخذة ~~وجعله في معرض العتاب و PageV01P491 # الاحتجاج بأنك : ألم تسمع مقالتي مع شريكك في التكليف ، فلم خالفت؟ وهل ~~له الجواب بأن يقول : كان وجهة كلامك وطرف خطابك عبدك الآخر ، فلا ارتباط ~~لذاك الخطاب بي؟ # ومثال آخر أوضح : لو كان لك رفيقان ، فاتفق اجتماعهما في بيت وأنت في بيت ~~آخر تسمع كلامهما وتعرف شخصهما وهما غير شاعران بوجودك في البيت ، فأخذ ~~أحدهما في غيبتك عند الآخر وذكر عيوبك له ، فإذا خلوت معه هل لك أن تقول له ~~: أتذكر ما قلت في عند فلان في المكان الفلاني وأنا كنت أسمع كلامك ولم ~~تستشعر ، فلم قلت كذا وكذا في حقي ، فهل له أن يجيبك معتذرا ومحتجا بأني ~~كنت اقاول مع غيرك فما ربطه بك؟ فهذا هو الكلام في السيرة في المقامات ~~الثلاث. # وأما إمضاء الشرع ، فاعلم أن الأمر الذي صار مركوزا في أذهان العقلاء ~~وكانوا مجبولين عليه ومفطورين وعجنوا به من أسلافهم فالعامة لا يتفطنون ~~لخلافه ولا يدخل في ذهنهم غيره ولو احتمالا أو وهما (1)، مثلا لو اتخذ ~~مولى خادما جديدا فلا يحتمل هذا الخادم ولا يخطر بباله أن يكون طريقة هذا ~~المولى في المحاورة مخالفة لطريقة سائر الناس ، بل يعامل على حسب ما اجبل ~~به من الأخذ بالظواهر من دون أن يكون خلافه محتملا له بل مشعورا به ، بل هو ~~أمر مغفول عنه. # نعم نادر قليل وأوحدي من الناس بواسطة كثرة توغله في الأفكار العلمية ~~والتخيلات في الدرس والبحث يقع في ذهنه احتمال أنه يمكن عدم رضى الشارع بهذا PageV01P492 # الأمر وكونه مخطئا لهذه الطريقة. # وحينئذ فإن كان الأمر المركوز في الأذهان العرفية غير مرضي للشرع فلا بد ~~في الردع عنه من النص والتنصيص ، فإن رفع اليد عن أمر استقر عليه العادة من ~~لدن أدم عليه السلام ms0463 وعجن الناس به لا يمكن إلا بالتصريح والتنصيص ، كما هو ~~المشاهد في باب الربا ، فترى النهي عنه على الوجه الصريح مؤكدا بالتخويفات ~~الاكيدة والإنذارات البليغة والإيعادات الكثيرة ، حتى ورد في درهمه وديناره ~~ما ورد ، فكذا الردع عن كل أمر مرتكز غير مرضي لا بد وأن يكون بهذا النحو. # فنقول : ليس في مقامنا في قبال الطريقة الجارية والسيرة المستمرة ~~المرتكزة ما يتوهم منه النهي والردع سوى الأخبار والآيات الناهية عن العمل ~~بالظن ، وهي لا صراحة لها في شمول المقام ، بل لها الظهور ، ظهور العام في ~~الخاص ، وهي غير صالحة للردع ؛ لأنها لا يخلو حالها من شقين ، إما أن لا ~~يكون ظهورها حجة ، وإما أن يكون ، فعلى الأول واضح ، وعلى الثاني يكون ~~مقطوع التخصيص لأقوائية الارتكاز من ظهورها ، فيحرم العمل بالظن إلا في باب ~~ظهور الألفاظ ، وإذن فثبت حجية الظهور اللفظي عند العرف والشرع. # فإن قلت : ما المانع من أن يكون مثل قوله تعالى : ( @QUR@07 ولا تقف ما ~~ليس لك به علم ) رادعا ؛ إذ لا شبهة في أن الظواهر مما ليس به علم ، ويتفطن ~~لذلك العامة أيضا ، فما وجه عدم إجرائهم العموم فيه؟. # قلت : نعم إنهم يرون الظواهر مصداقا لما ليس به علم ، ولكن حكمهم بدخولها ~~تحت عموم الحكم فرع لأن يكون حجية الظواهر عندهم مقيدة بعدم ورود منع من ~~الشارع كما في الظن في حال الانسداد ؛ إذ حينئذ يكون العموم كافيا في رفع ~~اليد عن الحجية ، ولكن ليس الأمر كذلك ، بمعنى أن حجية الظواهر يكون عندهم ~~على الإطلاق ، وبلغت في ارتكازهم بمثابة لا يحتملون تخطئة الشارع إياهم ، ~~وكما لا يحتمل بعضهم في حق بعض آخر منهم أن يكون له طريقة اخرى في المحاورة ~~، لا يحتملون ذلك في حق الشارع ؛ فإنهم يرونه كواحد منهم. PageV01P493 # ولهذا لو قال هذا الكلام واحد من المولي الظاهرية لعبده لا يأخذ ذلك من ~~يده طريقة المحاورة ، والحاصل وإن كانوا يفهمون أن الظواهر ما ليس به علم ، ~~لكن لا يمكن ردعهم عن العمل بمجرد : لا تعمل بما ليس لك ms0464 به علم ؛ فإنهم ~~يقطعون بأن المراد من هذا العام غير هذا الفرد من الظنون ، ويقطعون بتخصيصه ~~في هذا الفرد. # والحاصل : هنا ثلاثة امور ارتكازية ، الاول : حجية ظواهر سائر الألفاظ ~~غير هذه الآية وحجية ظاهر هذه الآية ، وأن العام القطعي التخصيص يعمل به في ~~غير مورد القطع بتخصيصه ، وهذه الامور الثلاثة لها جمع في ارتكازهم ، ~~فيبقون على ارتكازهم القطعي في سائر الألفاظ ويعملون بهذا الظاهر في غير ~~الظواهر. # وإن قلت : فلو كان الأمر كما ذكرت من الحجية على وجه الإطلاق فالتنصيص ~~أيضا لا يفيد بحالهم. # قلت : التنصيص القطعي بوجوده يؤثر في رفع قطعهم ويقفون على خطابهم بسببه. # فإن قلت : لو سئل عنهم هل تقبل هذه الحجية منع الشارع بنحو التنصيص أولا؟ ~~لأجابوا بنعم ، فكيف تكون الحجية عندهم تنجيزية؟ # قلت : الشرطية لا يستلزم صدق طرفيها ، فيمكن أن يتفطنوا عند التنبيه ، ~~وأما عند عدم التنبيه فهذا الاحتمال مغفول عنه عندهم بالمرة ، فليس في ~~ذهنهم من هذه الجهة حكم لا إثباتا ولا نفيا ، والموجود هو القطع بالحجية ~~بلا تقييد. # وهذا التقريب لعدم رادعية الآيات كما ترى جار بعينه في حجية خبر الثقة ~~ولا يحتاج إلى تقريب الدور كما فعله في الكفاية ، هذا مع أن في خصوص مقامنا ~~الذي هو الظواهر وحجية الآيات أيضا من باب الظواهر طريقا آخر لعدم الرادعية ~~، وهو أن الظواهر لو كانت حجة فالآية مخصصة ، وإن لم يكن حجة فالآية أيضا ~~منها ، فما وجه الاستدلال؟. # مضافا إلى إمكان دعوى التخصيص وإن لم يتلقوها بالقبول ، وذلك أنه بعد ما ~~عرفت من أن العامة قاطعون بالحجية قطعا تنجيزيا واحتمال الردع مغفول عنه في ~~أذهانهم ، فيكون الاتكال والاعتماد في عملهم على القطع بالحقيقة دون الظن. PageV01P494 ### | «في حجية ظاهر الكتاب» # بقي الكلام في ظواهر الكتاب حيث ذهب جماعة من الأخباريين إلى عدم حجيتها ~~، وما يمكن أن يكون وجها لهم امور : # الأول وهو العمدة : الأخبار القريبة من التواتر الواردة على المنع عن ~~تفسير القرآن والإفتاء به ، وأن من فسره بالرأي فليتبوأ مقعده من النار. # والثاني : العلم ms0465 الإجمالى بورود تخصيصات كثيرة على عمومات القرآن ، ~~وتقييدات كذلك على إطلاقاته ، وتجوزات كذلك على ظواهره ، فكل آية أردنا ~~التمسك بها والعمل بظاهرها كانت طرفا للعلم الإجمالي ، فليس بحجة. # والثالث : أن في القرآن محكما ومتشابها ، وورد المنع عن الأخذ بالمتشابه ~~في الآية ولم يتبين لنا أن الآيات المتشابهة كم هي وما هي ، فكل آية أخذنا ~~بها يحتمل كونها من المتشابهات. # والرابع : حصول التحريف في القرآن كما يشهد به الأخبار ، وإذن فكل آية ~~محتملة لأن يكون غير قرآن ، أو يكون قرآنا ولكن كانت متصلة بقرينة فسقطت ~~تلك القرينة ، وبالجملة ، فلا يحصل الوثوق بشيء من ظواهر الآيات ؛ لاحتمال ~~التحريف. # والجواب أما عن الأخبار المانعة عن التفسير والإفتاء بالقرآن فبأن هذه ~~الأخبار ثلاث طوائف : # الاولى : ما يشتمل على التفسير بالرأي مثل النبوي «من فسر القرآن برأيه ~~فليتبوأ مقعده من النار». # والثانية : ما يشتمل على التفسير بدون التقييد بكونه بالرأي ، مثل قوله ~~عليه السلام : «ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن». # والثالثة : الخبران الواردان في منع المفتين من العامة وهما أبو حنيفة ~~وقتادة عن الإفتاء بالقرآن. PageV01P495 # أحدهما مرسلة شبيب (شعيب خ ل) بن أنس عن أبي عبد الله عليه السلام أنه ~~«قال لأبي حنيفة : أنت فقيه أهل العراق؟ قال : نعم ، قال : فبأي شيء ~~تفتيهم؟ قال : بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ، قال : يا أبا حنيفة ~~تعرف كتاب الله حق معرفته ، وتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال : نعم ، قال ~~عليه السلام : يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند ~~أهل الكتاب الذي انزل إليهم ، ويلك وما هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا صلى ~~الله على وآله ، وما ورثك الله من كتابه حرفا» # وثانيهما : رواية زيد الشحام «قال : دخل قتادة على أبي جعفر عليه السلام ، ~~فقال له : أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال : هكذا يزعمون ، فقال : بلغني أنك ~~تفسر القرآن ، قال : نعم ، إلى أن قال : يا قتادة إن كنت قد فسرت القرآن من ~~تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن ms0466 كنت قد فسرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ~~، ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به» # أما الطائفة الاولى والثانية فلا دلالة فيهما على المنع ، ووجه ذلك أن ~~تقرير معنى الكلام عند غير أهل اللسان كتقرير الكلام العربي بلسان الفارسية ~~عند أهل هذا اللسان لا يكون تفسيرا بل هو ترجمة. # وأما تقريره عند أهل اللسان مثل ما إذا قال مولى لعبده : أكرم العلماء ، ~~فقال هذا العبد لرفيقه أنه قال لي مولاي : أكرم العلماء ، أو نقل مطلب ~~الغير بغير ألفاظه بما لا يتغير بسببه المطلب فليس هذا أيضا تفسيرا ، بل ~~يسمى بنقل القول ، فالتفسير إنما يصدق إذا كان في المراد من الكلام محجوبية ~~ومستورية واندماج ، فرفع هذه المحجوبية وصنع له ظاهر بمعونة التدبر وإعمال ~~الفكر ، فحينئذ يقال : إنه فسر الكلام وشرحه ، أي كشف القناع والحجاب عن ~~وجه معناه ، وهذا ظاهر. # ثم لو سلم كون حمل اللفظ على ظاهره من التفسير ، فلا نسلم كونه تفسيرا ~~بالرأي ، فإن المراد بالرأي الاعتبار الظني الذي لا اعتبار به ، فيكون منه ~~حمل اللفظ على خلاف ظاهره لرجحانه بنظره ، وحمل المجمل على محتمله لمساعدة ~~الاعتبار ، و PageV01P496 # لو سلم شموله للحمل على الظاهر أيضا فلا محيص عن حمل هذه الأخبار على ما ~~ذكر جمعا بينها وبين الأخبار الدالة على جواز الرجوع إلى ظواهر القرآن. # فالعمدة هو الخبران الأخيران حيث إنه توجه الخطاب فيهما إلى أبي حنيفة ~~وقتادة الذين كان شأنهما الفقاهة ، ومعناها هو الذي نحن بصدده من الأخذ ~~بالظواهر ، لا الأخذ بالتوجيهات العرفانية ومموهات المتصوفة ، فإنه ربما ~~يقال بأنه يستفاد منهما أن كل من هو حاله حال أبي حنيفة وقتادة في عدم ~~المعرفة بالقرآن حق معرفته وعدم معرفة الناسخ من المنسوخ يشترك معهما في ~~هذا الحكم. # والمفروض أن الإمام عليه السلام خص هذه المعرفة بالخاص من ذرية نبينا ومن ~~خوطب بالقرآن ، فجميع الناس غيرهم حالهم حال هذين الشخصين ، فيقال لكل مفت ~~بالقرآن ومستخرج للحكم من ظواهره : هل تعرف القرآن حق معرفته والناسخ منه ~~من منسوخه ، فإن قال ms0467 : لا ، قلنا : فلم تفتون ، وإن قال : نعم ، قلنا في ~~الجواب ما قاله الإمام في جواب أبي حنيفة وقتادة. # وبالجملة ، موضوع كلام الإمام ومورده كل من فقد المعرفة المذكورة وهو ~~عامة الناس ممن سواهم ، فيدل على عدم جواز استخراج الأحكام من القرآن في حق ~~من عداهم عليهم السلام واختصاصه بهم عليهم السلام . # فإن قيل : نختار الشق الثاني ولا يرد الجواب المذكور في حقهما في حقنا ، ~~فإنا نميز ذلك ونحصل المعرفة بضميمة الأخبار المأثورة عن الأئمة ~~عليهم السلام ، فنحن ندعي المعرفة ببركة آثارهم وبياناتهم. # قلنا أولا : فهذا ليس عملا بالقرآن ، بل بالأخبار ، وثانيا : نفرض الكلام ~~في آية لا توجد فيها هذه الضميمة ؛ فإن جميع الآيات لم يرد فيها من الأئمة ~~عليهم السلام بيان ، ولو ورد فليس جميعه واصلا إلينا ، فبالنسبة إلى الآية ~~الخالية عن هذه الضميمة يصير حالنا حالهما. # والجواب أن موضوع كلام الإمام عليه السلام هو هذا الشخصان ومن يحذو حذوهما ~~، فإنهما كانا يرجعان إلى القرآن والسنة من دون رجوع إلى شيء آخر PageV01P497 # سواهما ، ولم يكونا مراجعين إلى الأئمة عليهم السلام ، بل متى وصل إليهما ~~حكم منهم عليهم السلام وكان مخالفا لظاهر القرآن كانا يردانه به ، فكانا في ~~قبال الأئمة لا من أتباعهم ، فمقصود الإمام عليه السلام هو أن هذا الذي ~~جعلتما شعاركما وصنعكما من الرجوع في الأحكام إلى القرآن وحده بدون الرجوع ~~إلى شيء ليس إلا شأن من كان عارفا بالقرآن حق معرفته وعارفا بناسخه ومنسوخه ~~، وليس هذا لكما ، فليس المنصب المذكور أيضا لكما ، بل هو مخصوص بالخاص من ~~أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله (1) وبالجملة يدل على أن شخصا يتصدي هذا ~~العمل و PageV01P498 # هو الرجوع بالقرآن بالاستقلال ووحده من دون نظر إلى شيء آخر لا بد وأن ~~يكون واجدا للمعرفة المزبورة ، فالإمام عليه السلام عالم بجميع ما في القرآن ~~قبل الرجوع إلى القرآن ، فما في القرآن وهو علم ما كان وما يكون ومعلومات ~~الإمام متطابقان ، لا أن الإمام يستخرج الأحكام من القرآن مع مجهوليتها ~~عنده قبل الرجوع. # فالحاصل ms0468 أن المفتي بالقرآن يجب أن يكون عنده علم ما في القرآن ، حتى يضع ~~القرآن بين يديه ويحكم بطبق ما فيه ، من دون رجوع إلى خارج ، وهذا ليس إلا ~~شأن من خوطب بالقرآن ، فليس لأحد غيرهم عليهم السلام ذلك أعني : وضع القرآن ~~بين يديه والحكم بما فيه بلا رجوع إلى شيء ، وهذا غير ما نحن بصدده من ~~الرجوع إلى ظواهر القرآن في بعض الأحكام مع استنباط أكثرها من الأخبار ~~المروية عن الأئمة عليهم السلام ، والحاصل : لا إشكال في اختصاص فهم تمام ~~القرآن بمحكماته ومتشابهاته بمن خوطب به ، وهذا هو المراد من المعرفة ~~المختصة بهم عليهم السلام في الروايتين ، ضرورة أن في القرآن ما لا يختص ~~فهمه بهم عليهم السلام ، مثلا PageV01P499 # فهم معنى آية أوفوا بالعقود. # وأما عن شبهة التحريف والمراد به الإسقاط والتصحيف فنقول : أولا أنكر جمع ~~من الإمامية وقوع التحريف ، وثانيا : على فرض وقوعه لا علم بوقوعه في آيات ~~الاحكام إذ لم يكن داعي التحريف بالنسبة إليها موجودا ، فتكون هذه الآيات ~~خارجة من أطراف العلم الإجمالي وإنما فيها احتمال بدوي. # وثالثا : على تقدير تسليم ذلك أيضا يعني كون هذه الآيات أيضا موردا للعلم ~~، لكن الغاية كونها أحد طرفي العلم فإن دعوى العلم بوقوع التحريف في خصوص ~~هذه الآيات مكابرة ، فغاية ما يمكن ادعاؤه أن العلم حاصل بوقوع التحريف إما ~~في آيات الفضيلة والطعن ، وإما في آيات الأحكام. # وحينئذ نقول : قد تقرر في باب الاصول العملية أنه لو خرج أحد طرفي ~~المعلوم إجمالا عن مورد الابتلاء فالأصل بالنسبة إلى الطرف المبتلى به ~~جاريا بلا معارض ، فلو علم بخمرية هذا الإناء أو الإناء الموجود في الافرنج ~~فأصالة الحل والطهارة بالنسبة إلى هذا الإناء جارية بلا معارضته بأصالتهما ~~في الإناء الآخر ؛ فإن الإناء الآخر ليس موردا للحكم أصلا. # فكما لا يضر العلم الإجمالي بخلاف أحد الأصلين الخارج مورد أحدهما عن محل ~~الابتلاء بالنسبة إلى الآخر الذي مورده مبتلى به فكذلك لا يضر العلم ~~الإجمالي بطرو الاختلال على أحد الطريقين والأمارتين الخارج أحدهما عن ms0469 مورد ~~الابتلاء بصحة التمسك بالآخر الباقي في محل الابتلاء كما في نحن فيه ؛ فإن ~~الآيات الواردة في باب الفضائل والمطاعن ليست محلا للابتلاء ، فليس العلم ~~الإجمالي بطرو الاختلال إما على ظاهرها أو على ظاهر الآيات الواردة في ~~الأحكام الشرعية العملية بقادح في الأخذ بظاهر الثانية التي هي محل ~~الابتلاء. # فإن قلت : فرق في ذلك بين الاصول والطرق ؛ فإن المناط في الاولى ليس هو ~~الكشف عن الواقع ولم يؤخذ في موضوعها سوى الشك في الحكم الشرعي أو موضوعه ، ~~فإذا تعلق العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإنائين الخارج أحدهما عن مورد PageV01P500 # الابتلاء ، فالإناء الآخر مشكوك الطهارة والنجاسة ، فيشمله عموم دليل ~~طهارة كل مشكوك. # وأما وجه عدم الجريان عند ثبوت كلا الطرفين في محل الابتلاء هو لزوم ~~المحذور العقلي؛ فإنه لو رخص في ارتكاب كليهما بمقتضى الأصل يلزم الإذن في ~~المخالفة القطعية ، فعدم الجريان ليس لعدم الموضوع ، بل لأجل المانع العقلي ~~، فكلما ارتفع هذا المانع كان الأصل جاريا. # ولهذا لو تعلق العلم بالترخيص وكان مفاد الأصلين هو الإلزام كانا جاريين ~~، فلو علم بنجاسة الإنائين تفصيلا ثم علم بطرو الطهارة على أحدهما إجمالا ، ~~فاستصحاب النجاسة السابقة جار في كليهما ، فإنه لا يلزم من ذلك مخالفة ~~قطعية وإن كان مخالفة أحدهما للواقع معلوما ؛ فإن مجرد ذلك بدون لزوم ~~المخالفة العملية ليس بمانع عن جريان الأصل والتمسك بعموم دليله. # وبالجملة الموضوع للأصل هو الشك وإنما لم يحكم به مع العلم الإجمالي لأجل ~~المانع العقلي ، فعند خروج أحد الطرفين عن محل الابتلاء كان المانع مرتفعا ~~، فيكون الأصل جاريا، لتحقق موضوعه وفقدان المانع. # وهذا بخلاف الأمارات ، فإن المعيار فيها ليس شك المكلف حتى يحكم فيها ~~أيضا بذلك ، بل المعيار فيها هو الكاشفية النوعية عن الواقع ، ولا شك أن ~~هذا المعيار يرتفع برأسه عند العلم الإجمالي ، فلا يبقى الكشف النوعي أصلا ~~، فيسقط عن الحجية لارتفاع موضوعه. # ألا ترى أنه لو قال المولى : أكرم العلماء ، وقال أيضا : لا تهن الفساق ، ~~وعلم العبد إجمالا بخروج زيد العالم عن العموم الأول ، أو عمر ms0470 الفاسق عن ~~العموم الثاني فلا يبقى لهما بالنسبة إلى أحدهما ظهور ، بل يصير مجملا في ~~كليهما؟. # قلت : نعم في ما ذكرت من المثال ينتفي الكشف ويسقط بذلك عن الحجية ، ولكن ~~حيث إن المتبع في باب الظهورات بناء العقلاء في محاوراتهم ، فلا بد من ~~الرجوع إليهم ، وإذا راجعناهم نرى أنهم يفرقون بين أمثال هذا المثال وبين ما إذا PageV01P501 # علم إجمالا بمخالفة الظاهر إما بالنسبة إلى ظاهر محل الابتلاء وإما ~~بالنسبة إلى ظاهر خارج عنه ، فنراهم يحكمون في الثاني بالنسبة إلى الظاهر ~~المبتلى به بالحجية ، ويعاملون معه معاملة الاحتمال البدوي ، ولا يجعلونه ~~مع الظاهر الآخر في عرض واحد ، وأما وجه ذلك فلا نعلم، وثبوت بنائهم على ~~ذلك مسلم. # وإن شئت توضيحه لك بالمثال فنقول : لو قال مولى لعبده في أحد بلاد العجم ~~: أعلم جميع الطلاب للضيافة ، وقال مولى آخر ببلاد الهند لعبده : اقطع ~~أشجار هذه الأجمة ، وعلم بذلك العبد الأول ، وحصل له العلم الإجمالي بأنه ~~إما أن مولاه لم يقصد من الطلاب شخصا معينا ، وإما أن مولى ذلك العبد لم ~~يقصد من الأشجار الشجر الفلاني ، فلم يخبر الشخص المعين لأجل ذلك فآخذه ~~المولى فاعتذر بأني علمت إجمالا بأنه إما أنك غير قاصد لهذا الشخص من عامك ~~، وإما المولى الهندي غير قاصد للشجر المعين من عامه الصادر بالنسبة إلى ~~عبده ، فلا شك في أن هذا الاعتذار يضحك منه العقلاء ، فليس إلا لأن الظاهر ~~الخارج عن الابتلاء لا يحسبونه طرفا لما هو محل الابتلاء ، بل يجعلونه ~~منحازا عن هذا. # وحينئذ لو علمنا في مقامنا بوقوع التحريف إما في آية ( @QUR@06 يا أيها ~~الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) وإما في آية ( @QUR@07 يا أيها الرسول بلغ ما ~~أنزل إليك ) وأنه كان الأصل «ما انزل اليك في على عليه السلام » فليس هذا ~~مورثا للقدح في ظاهر الآية الاولى بعد كونها محلا للابتلاء وعدم كون ~~الثانية كذلك. # وبالجملة ، المستند في المقام بناء العقلاء على الفرق بين الابتلاء بكلا ~~الطرفين ، وبين الابتلاء بأحدهما ، وهذا الوجه جار ولو علم أن الخلل ~~المحتمل ms0471 فيه أو في غيره سقوط قرينة متصلة بأحدهما ، ودعوى أن أصل وجود ~~القرينة حينئذ معلوم ، والشك في وجوده في هذا أو ذاك ، ولم يعلم بنائهم على ~~الأصل في هذا ، وبالجملة ، مورد الأصل ما إذا كان عروض الشك بعد استقرار ~~ظهور الكلام وهنا لم يحرز استقرار الظهور ، فلو علم إجمالا بوجود قيد ~~فاسقطوه إما في آية أوفوا بالعقود ، وإما في آية يا أيها الرسول بلغ ، ~~الآية ، فلا يبقى ظهور موثوق به للآية الاولى ، مدفوعة بما PageV01P502 # عرفت ، مع أن الخلل المحتمل في المقام يحتمل كونها من قبيل الجملة ~~المستقلة أو الجزء الغير المغير للمعنى ، وهذا وجه آخر للتفصي ولو اغمض عن ~~خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء. # وأما الجواب عن العلم الإجمالي بوجود مخصصات ومقيدات ، فهو أن المقصود إن ~~كان العلم بوجود مخصصات ومقيدات لعمومات الكتاب وإطلاقاته في ما بأيدينا من ~~السنة ، فهذا واضح الدفع ؛ فإنه إذا تفحصنا في السنة ولم نجد لعموم خاص من ~~عمومات الكتاب مخصصا ، فيخرج عن تحت العلم الإجمالي ، نظير ما إذا كان ~~الغنم الموطوء المردد بين القطيعة أسود ، فالأبيض خارج عن طرف العلم. # وإن كان المقصود العلم بوجود المخصصات والمقيدات في الواقع ولو لم يكن في ~~ما بأيدينا فحينئذ نقول : تارة يدعى هذا العلم في خصوص غير آيات الأحكام ~~فهذا لا يضر بآياتها ، واخرى يدعى بالنسبة إلى مجموع الآيات فتكون آيات ~~الأحكام أيضا طرفا للعلم. # فالجواب ما تقدم في مسألة التحريف من أن أحد الطرفين خارج عن محل ~~الابتلاء ، فآيات القصص والحكايات مثل قصة يوسف وحكاية نوح غير مبتلى بها ~~لنا ، فيكون الطرف المبتلى به ظاهره مأخوذا به على ما تقدم من أن القاعدة ~~في الاصول أنه لو كانت الاصول ملزمة ومثبتة للتكليف والعلم حاصلا على ~~الترخيص ، فلا محذور في جريان الاصول والعمل بعموم دليلها ، فيبنى بحسب ~~الظاهر بحرمة الطرفين مع العلم بحلية أحدهما واقعا. # ولو انعكس الأمر يعني كانت الاصول نافية للتكليف ومرخصة وكان العلم ~~متعلقا بالتكليف فحينئذ لا يجري الاصول ؛ للمانع العقلي وهو المخالفة ~~القطعية ms0472 ، هذا في الاصول. # وأما الأمارات فهي إذا كان العلم الإجمالي في قبالها فمطلقا يسقط عن ~~الحجية ، وإن كان العلم متعلقا بالرخصة والأمارة حاصلة على إثبات التكليف ، ~~لارتفاع الكشف النوعي عن الواقع من البين ، مثل العلم إجمالا بخروج واحد من ~~زيد أو عمرو عن تحت «أكرم العلماء» بمعنى أن أحدهما لا يجب إكرامه ، لا أنه ~~يحرم ، فالعلم PageV01P503 # ليس إلا بمجرد عدم الوجوب ، ولكن ظاهر أكرم العلماء بحسب عمومه مع قطع ~~النظر عن هذا العلم هو الوجوب في كليهما ، فيسقط هذا الظهور عن الحجية ؛ ~~لعدم بقائه بوصف الكشف عن الواقع نوعا وانقلابه إلى الإجمال. # ولكن فيما إذا كان أحد طرفي العلم الإجمالي خارجا عن محل الابتلاء فحال ~~الأمارة في خصوص هذا حال الأصل ، فكما يجري الأصل في الطرف الآخر ، فكذا ~~الأمارة. # فقصص نوح ولوط وهود وإبراهيم غير مرتبطة بنا ، فالعلم بورود تخصيص إما ~~فيها وإما في ما هو محل ابتلائنا من آيات الأحكام لا يوجب عدم جواز الأخذ ~~بظاهرها وسقوطها عن الحجية عند العقلاء كما ذكرنا. # وأما إن كان المقصود العلم الإجمالي بمخصصات في الواقع بخصوص آيات ~~الأحكام نقول : لا محالة يكون لهذا العلم قدر متيقن ، فالواحد معلوم ~~والاثنان كذلك وهكذا يعد إلى عدد توقف فيه وكان شاكا فيه فنأخذ القدر ~~المتيقن. فنقول : مع وجود هذا العلم وقبل فحص وتجسس لا إشكال في عدم جواز ~~الأخذ ونحن لا نفعل أيضا ، ولكن نفحص فيما بأيدينا من الأخبار ونجد بقدر ~~هذا القدر المتيقن الذي يكون الزائد منه مشكوكا بدويا. # مثلا مقدار العشرة قدر متيقن ، ومقدار عشرة آلاف محتملة ، فبالنسبة إلى ~~الزائد عن العشرة نجري أصالة البراءة ، وأما العشرة ، فإذا راجعنا الأخبار ~~فوجدنا بالنسبة إلى عموم «أوفوا بالعقود» أنه خصص بالبيع الغرري ، وعموم ~~آخر خصص بفرد وهكذا وجدنا إلى عشرة عامات وعشرة مخصصات ، فهذا العدد القدر ~~المتيقن وإن كان وقع متعلقا للعلم بدون عنوان ما بأيدينا ، لكن بعد هذا ~~الفحص والوجدان ينطبق قهرا العشرة المعلومة على هذا العشرة الموجودة فيما ~~بأيدينا التي ظفر بها بالفحص ms0473 ، فيكون العلم منحلا إلى العلم التفصيلي بهذه ~~العشرة والاحتمال البدوي بغيرها ، ويجري فيها أصالة البراءة بناء على ما ~~تقرر في محله من انحلال العلم الإجمالي بالطرق القائمة في بعض أطرافه ، بل ~~وبالاصول إما حقيقة وإما حكما. # وهذا الفحص والعلم في غاية السهولة في زماننا حيث قد بوب الأخبار و PageV01P504 # الأحاديث ، وأيضا الكتب الفقهية المبسوطة تكون بأيدينا مثل الجواهر ، ففي ~~كل مسألة إذا روجع الجواهر ولم يذكر فيه مخصصا يحصل العلم بأنه ليس في ~~الأخبار له مخصص وإلا لذكره. # فيعلم إجمالا أنه بعدد المعلوم بالإجمال يكون المخصص في أخبار الوسائل ~~مثلا موجودا ، فإذا ورد ما في باب الطهارة ولم نشهد خبرا في الوسائل في هذا ~~الباب راجعا إلى المسألة المطلوبة نعلم بكونها خارجة عن مورد الطرق التي ~~انحل العلم الإجمالي بسببها ، فنعلم بكونها من موارد الشكوك البدوية ، فلا ~~يقال : إنه على هذا لا بد من الفحص والانحلال ثم استدلال. # ونحن علاوة على هذا الفحص نفحص زائدا على مقدار العلم أيضا بقاعدة اخرى ~~غير قاعدة العلم الإجمالي ، وهو أنا فرضنا الفحص بمقدار العشرة المتيقنة ، ~~وانحل العلم الإجمالي ، لكن مع ذلك في كل آية نحتمل أن يكون له في الأخبار ~~مخصص لو فحصنا لوصلنا إليه وظفرنا به فنفحص بمقدار نطمئن بعدم هذا المخصص ~~أيضا وصار بحيث لو كان موجودا واقعا كان وجوده الواقعي بلا أثر. # وأما الجواب عن إجمال المتشابه فهو أن ذلك ممنوع ، بل لا إجمال لا في ~~مفهوم الظاهر ولا في مفهوم المتشابه ، فإن المراد به المجمل ، وهو مثل ~~فواتح السور حيث ليس لها ظاهر أصلا ، ومنه أيضا ما كان له ظاهر ولكن كان ~~المقطوع عدم إرادته ، وبعد الغض عنه لم يكن له ظاهر ثانوي ، بل كان أمره ~~دائرا بين محتملات لا مرجح لأحدها ، وإذن فمن المعلوم خروج الظواهر عن تحت ~~المتشابه ودخولها تحت المحكم. # وحاصل الجواب أنه أولا نمنع إجمال المتشابه ، فإنه مفهوم مبين كمفهوم ~~المحكم والنص والظاهر ، والمراد به ما ليس له ظاهر عرفا ، ولو سلمنا إجماله ~~مفهوما فالمتيقن ms0474 من النهي عنه هو المجملات ، فلا يكون دليلا على المنع في ~~الظواهر ، فيكون من قبيل المخصص المجمل المفهومي بين الأقل والأكثر حيث ~~نأخذ بالقدر المتيقن منه ، وفي غيره نرجع إلى العام ، ففي المقام يبقى ~~الظواهر بعد إجمال هذا النهي تحت عموم القاعدة الارتكازية من حجية الظواهر؛ ~~فإنه لم يعلق الجواز في الأدلة على عنوان PageV01P505 # المحكم حتى يحتاج إلى إثبات المحكمية ، وإنما ورد النهي عن العمل ~~بالمتشابه ، فجواز العمل بعد إجمال المتشابه ليس له حالة منتظرة. # ثم إنك بعد ما عرفت فساد ما تمسك به لعدم جواز التمسك بظاهر الكتاب فلا ~~حاجة إلى إقامة الدليل على جوازه في خصوص هذا الظاهر بعد إقامته على الجواز ~~في مطلق الظواهر. # وما تمسك به للجواز أيضا لا يخلو أكثره عن الخدشة ؛ فإن منها خبر الثقلين ~~، ويمكن الخدشة فيه بأن غاية ما يستفاد منه جواز التمسك بالكتاب ، وأما ~~كيفية التمسك فلا تعرض لها فيه ، فلعل المراد التمسك بنصوصه وإن كانت قليلة ~~، دون ظواهره. # ومنها قوله عليه السلام في بعض الروايات : «يعرف هذا وأشباهه من كتاب ~~الله» وظاهره توبيخ السائل على سؤاله مع إمكان الرجوع إلى الكتاب ، ولو كان ~~المقصود الرجوع إلى الظواهر لما كان وجه للتوبيخ ، فإن العمل بالظواهر شرطه ~~الفحص عن القرينة على خلافها ، ولم يكن له طريق غير السؤال عن الإمام ~~عليه السلام ، فلم يكن السؤال عنه مع وجود ظاهر القرآن في البين للفحص عن ~~بقائه بحاله أو ورود تجوز أو تقييد عليه موردا للملامة والتوبيخ ، فلا بد ~~أن يكون كلام الإمام عليه السلام محمولا على وجوه أخر لا نعلمها. # ومنها الأخبار الدالة على عرض الأخبار المتعارضة على كتاب الله والعمل ~~بما وافقه والطرح لما خالفه ، وهذا أيضا قابل للخدشة ؛ فإن ما يستفاد من ~~هذه الأخبار كون ظواهر الكتاب صالحة للمرجحية للخبرين المتعارضين ، ولا ~~ملازمة بين المرجحية وبين المرجعية والحجية ، فيمكن كون الشيء مرجحا مع عدم ~~كونه مرجعا وحجة كما يقوله الشيخ في الظنون المطلقة ، حيث جعلها مرجحة ~~للخبرين المتعارضين مع عدم جعله ms0475 إياها حجة مستقلة. # هذا ولكن الإنصاف وجود ما يصلح للدليلية فيما بين هذه الأخبار على صحة ~~الرجوع في الأحكام إلى الآيات ولو مثل الأمر بالتدبر في القرآن الواقع في ~~الأخبار ؛ فإنه سليم عن الخدشة. PageV01P506 ### | «في اعتبار قول اللغوي» # ومن جملة الظنون التي ادعي خروجها عن الأصل واقيم الدليل على حجيتها الظن ~~الحاصل من قول اللغوي ، والظاهر أن المراد به هنا الظن النوعي كما في باب ~~الظواهر دون الفعلي ، والمراد حجية قوله في تشخيص ظواهر الألفاظ بعد فهم ~~مراده الجدي من ظواهر كلامه أو نصوصه ، فيقال : هذا الذي ثبت مراديته جدا ~~بظاهر كلامه كما مر في الباب المتقدم أو بنصه يجب الحكم بمطابقته مع ~~الواقع. # والحاصل : أن الكلام هنا في تطبيق الإرادة الجدي مع الواقع بحسب العمل ، ~~وهو غير تطبيق الإرادة الاستعمالية مع الإرادة الجدية ، فالمدعى تصديقه في ~~العمل وترتيب آثار الصدق على مفاد قوله في مقام تشخيص الظواهر وإن لم يورث ~~الظن الفعلي ، نظير حجية قول العادل ، فكما لو أخبر العادل وكان ظاهر كلامه ~~أو نصه ملكية هذا لزيد يرتب عليه آثار الملكية الواقعية تعبدا وإن لم يورث ~~الظن فعلا ، فكذا لو أخبر اللغوي بأن لفظ الصعيد موضوع لمطلق وجه الأرض ، ~~وظاهر هذا شموله للرمل والحجر أيضا ، فلا بد من ترتيب أثر الواقع على هذا ~~الظاهر وإن لم يظن بالصدق ، فيحكم بترتيب الأثر الشرعي المرتب على الصعيد ~~على الرمل وو الأحجار (1). PageV01P507 # والدليل الذي أقاموه على هذا المدعى وجهان : # الأول : أن اللغوي خبرة في هذا الباب ، وقول الخبرة حجة. # وجوابه أن الصغرى وهي خبروية اللغوي في مقام تشخيص الظواهر يمكن أن يمنع ~~حق المنع ، وذلك لأنه ليس وظيفة اللغوي إلا تتبع موارد الاستعمال ، فيذكرون ~~عقيب كل مادة معاني عديدة ، ويستشهدون لكل معنى ببعض أشعار العرب أو كلام ~~سمعوه من العرب ، فكل معنى وجدوا استعمال اللفظ فيه في لسان العرب نقلوه ، ~~وربما كان في البين قرينة على هذا المعنى ولم ينبهوا لذلك ؛ لأنهم ليسوا في ~~هذا المضمار. # وبالجملة ، لم يجر ديدنهم على ms0476 تميز الحقيقة عن المجاز ، أو المشترك عن ~~الحقيقة والمجاز ، فلم يجدي شيئا لما هو المهم لنا وهو كون اللفظ عند ~~التجرد عن القرينة ظاهرا في المعنى الفلاني ؛ لما مر من أنهم ليسوا بصدد ~~بيان التجرد عن القرينة والاحتفاف بها ، فلو شككنا من جهة موارد الاستعمال ~~كان للرجوع إليهم وجه ، لأنهم خبرة هذا المقام. # فلو عين بعضهم بواسطة بعض الأمارات والعلامات الدالة على الحقيقة مثل ~~أصالة عدم القرينة ونحوها المعنى الحقيقي عن غيره فهو في هذا التعيين غير ~~خبرة ويكون كواحد منا ، وخبروية هذا المقام إنما يحصل بالفحص في استعمالات ~~العرب ومحاوراتهم والممارسة لذلك حتى يحصل له القطع في كل مورد مورد بأن ~~المعنى الفلاني قد أراده المستعمل من حاق اللفظ ، وفهمه المخاطب أيضا كذلك ~~، وأن المعنى الفلاني ليس هكذا ، وإنما اريد وفهم بمعونة القرينة الخارجة ~~عن حاق اللفظ لا أن يحرز ذلك بالأمارات الظنية. # فعلم أن الرجوع إلى قول اللغوي بعد تسليم الكبرى المذكورة أعني حجية قول ~~الخبرة يبتني على إحراز مقدمتين ، الاولى : كون اللغوي بصدد تميز الحقائق ~~عن المجازات لا صرف موارد الاستعمال ، والثانية : كونه خبرة في معرفة ~~الحقائق والمجازات لا متكئا على الأمارات المعمولة. # وأما لو كان الشك في مقام آخر وهو أن الانفهام والتبادر هل هو من حاق ~~اللفظ أو من القرينة فحالهم في ذلك حالنا بلا فرق ، وليس لهم خبروية فيه ~~أصلا ، و PageV01P508 # بالجملة ، فالصغرى ممنوعة وإن كان الكبرى وهي حجية قول الخبرة مسلمة ~~بالوجدان ، بل عليه الفقهاء في مسألة التقويم ومسألة التقليد ، فرجوع ~~الجاهل في كل صنعة إلى العالم بها مما لا ينكر وإن كان يظهر من شيخنا ~~المرتضى قدسسره منع الكبرى أيضا. # لا يقال : إنك تسلمت خبروية اللغوي في تشخيص موارد الاستعمال ، وهذا ~~المقدار يكفينا ؛ فإن الشك الحاصل في مرحلة وجود القرينة وعدمها يرفع ~~بأصالة عدم القرينة ، فيثبت بذلك أن الانفهام من حاق اللفظ. # لأنا نقول : لا يثبت بذلك حجية قول اللغوي مستقلا كما هو المدعى ، نعم ~~الكلام في الأصل المذكور وجريانه في هذا ms0477 المقام أو لا؟ كلام آخر يأتي ، ~~وعلى فرض الجريان لا ربط له بحجية قول اللغوي. # الوجه الثاني : مقدمات انسداد باب العلم ، وبيانه أن الاستنباط لا شك في ~~كونه واجبا على المجتهدين ، ولا شك في توقفه على فهم الألفاظ الواقعة في ~~الكتاب والسنة ، ولا طريق له سوى الرجوع إلى كتب اللغة ، فلو لم يكن قول ~~اللغوي حجة يلزم تعطيل باب الاجتهاد ؛ لانسداد باب العلم بمعاني الألفاظ. # والجواب أن المقدمات المذكورة بين ما يمكن منعه ، وبين ما لو سلم صحته ~~فلا ينتج المدعى ، وبيان ذلك أن الملازمة بين الانسداد وعدم الحجية ممنوعة ~~، فلنا أن نقول بعدم حجية قول اللغوي ، ومع ذلك لا يلزم كون باب العلم ~~بمداليل الألفاظ مسدودا ، بل هو مفتوح ؛ فإن من المعلوم إمكان تحصيل القطع ~~في عامة الألفاظ بدون الرجوع إلى اللغة والاستفسار من أهلها ؛ فإن أحدا لا ~~يشك في معنى «ضرب» وهكذا غيره إلا ما شذ وندر ، ولا يلزم من إجراء الأصل في ~~هذا الشاذ النادر محذور. # وأما مدرك هذا القطع فلا نحتاج إلى تشخيصه ، ولا يضر كونه اتفاق أهل ~~اللغة ؛ إذ لا منافاة بين عدم حجية الظن الحاصل من قول واحد واحد منهم ، ~~وبين حصول القطع من اجتماع الظنون الغير المعتبرة. وبالجملة ، لا نحتاج في ~~تشخيص معاني الألفاظ إلى الاستفسار من أهل اللغة في عامة الألفاظ. PageV01P509 # والحاصل : إن كان مقصود المستدل إثبات الحجية مع ملاحظة انسداد باب العلم ~~بمعظم الأحكام وسائر مقدمات دليل الانسداد فهذا منتج لحجية كل ظن فعلي ، ~~وقول اللغوي إذا حصل منه الظن الفعلي يصير حجة بملاك مطلق الظن وإن فرض ~~انفتاح باب العلم باللغات في غير هذا المورد ، والمقصود إثبات كونه ظنا ~~مخصوصا. # وإن كان المقصود إثباتها مع قطع النظر عن انسداد العلم بمعظم الأحكام ~~بمعنى أن أخبار الثقات كانت حجة وهي وافية بمعظم الفقه ، ومعاني ألفاظها ~~أيضا غالبا طريق العلم بها موجود ولا يحتاج إلى الرجوع إلى اللغوي ولا يلزم ~~من عدم الرجوع إليه إلا الانسداد في الشاذ النادر ، فالقاعدة في هذا ms0478 الشاذ ~~النادر يقتضي الرجوع إلى الاصول العملية بعد انقطاع اليد عن العلم والعلمي ~~وإن فرض انسداد باب العلم باللغات في غير الأحكام ، ولا يقتضي مجرد وجوب ~~الاجتهاد على المجتهد حجية قول اللغوي في هذا المورد. # فإن قلت : نعم لا حاجة إليه بالنسبة إلى تشخيص أصل المعاني ، وأما موارد ~~الحاجة إلى قوله في تفصيل المعاني وتعيين الحال في المصاديق المشكوكة فأكثر ~~من أن يحصى كما في ألفاظ الوطن والمفازة والتمر وغيرها. # قلت : الإنصاف عدم الحاجة رأسا في تعيين تفاصيل المعاني أيضا : ووجه ذلك ~~أنا نقطع بأنه كما في لغة العرب لفظ الماء بإزاء المعنى الخاص كذلك في لغة ~~الفرس لفظ (آب) موضوع له ، وإذا خلط مقدار من التراب في مقدار من الماء ~~بحيث حصل لنا الشك في صدق مفهوم (آب) فلا شك أن العرب أيضا في صدق الماء ~~عليه متحير وشاك ، فلا معنى لرجوع طائفة الفرس إلى طائفة العرب في تشخيص ~~مصاديق المفاهيم بعد فرض عموم التحير وثبوت الشك في كلتا الطائفتين ، بل ~~المرجع ليس إلا تخلية كل طائفة ذهنه واستفهام الحال من المخلى بالذهن من ~~هذه الطائفة لا استفهام العجمي من المخلى بالذهن العربي. # وكذا الحال في سائر الألفاظ المشكوكة في سعة مفاهيمها وضيقها ، فإن الوطن ~~نقطع بأن مرادفه في الفارسية (جايگاه)، وكذا المفازة ؛ فإنها اسم للمهالك ، سميت PageV01P510 # بالمفاوز تفؤلا بالخير ، فنقطع بأن بإزاء الصحاري المخوفة المهلكة اسما ~~في الفارسية أيضا ، ثم لو بقينا على الشك ولم يتضح الحال بعد تخلية الذهن ~~أيضا في نادر من المقامات فلا بأس بإجراء الأصل في هذا المقام ، ولا يلزم ~~ارتفاع الدين بالأصل كما هو إحدى مقدمات الانسداد. # ثم لو سلمنا تمامية مقدمات الانسداد فمقتضاها حجية كل ظن فعلي ، ومن ~~جملته الظن الحاصل من قول اللغوي ، مثلا إذا قال اللغوي : الصعيد اسم لمطلق ~~وجه الأرض فحصل الظن بصدقه فيحصل الظن قهرا بترتب حكم الصعيد على الرمل ~~والحصى ، وأين هذا من المدعى من اختصاص الحجية بخصوص الظن الحاصل من قول ~~اللغوي. # وبالجملة ، نتيجة مقدمات الانسداد ms0479 على فرض تسليمها مخالفة للمدعى من ~~جهتين، الاولى : أن نتيجتها حجية الظن الشخصي الفعلي والمدعى هو الظن ~~النوعي. # والثانية : أنه لا اختصاص بحسب هذه المقدمات بالظن الناشي من قول اللغوي ~~والمدعى هو الاختصاص بهذا الظن. # والحاصل أن معنى الحجية صحة الاعتذار ، فلو تيمم على الحصى مع إمكان ~~التراب ، فسأل الله عن ذلك يوم القيامة أمكن أن يجاب بأنه : قد قال الجوهري ~~مثلا بأن الصعيد أعم ، فإن حصل الاطمئنان بحيث صح الجواب عند سؤال الله فهو ~~معنى الحجة ، وإن لم يحصل هذا الاطمئنان والجزم فلا حجية. # والإنصاف عدم حصوله من هذه الأدلة ، فإذن فلا بد من الرجوع في كل مقام ~~إلى الأصل المناسب به ، ففي هذا المثال يرجع إلى الأصل الجاري في الأقل ~~والأكثر ، لكون الترديد بين مطلق وجه الأرض أو خصوص التراب الخاص ، فإن ~~قلنا إنه البراءة حكم بها ، وإن قلنا إنه الاشتغال حكم به. # بقي الكلام في أنه هل يفيد ضم أصل عدم القرينة إلى قول اللغوي في تشخيص ~~الظواهر أولا؟ فإنه قد ذكرنا خبرويته في تشخيص أصل موارد استعمال اللفظ في ~~كلام العرب ، فبعد تشخيص كون المعنى من موارد استعمال اللفظ بالرجوع PageV01P511 # إلى اللغوي يرفع احتمال الاتكال إلى القرينة بأصالة عدمها ، فيثبت بذلك ~~كون المعنى حقيقيا، فينفع ذلك للمواضع التي نجد اللفظ في كلام الشارع أو ~~غيره بدون قرينة ، فنحمله على هذا المعنى. # فنقول : قد تقدم في بعض المباحث السابقة أن القدر المعلوم من العمل بهذا ~~الأصل هو ما إذا كان الشك في المراد مع محرزية الموضوع له ، مثلا لفظ الأسد ~~الذي نعلم بأنه موضوع للحيوان المفترس ، ومجاز في الرجل الشجاع لو شككنا في ~~أن المتكلم ب (جئني بأسد) هل أراد الأول أو الثاني ، فعند هذا يجري الأصل ~~لتشخيص المراد. # وما نحن فيه عكس هذا ، فنعلم أن هذا المعنى مراد في استعمال العرب ، ~~والشك في المعنى الموضوع له ، وهذا هو الذي وقع محلا للنزاع بين السيد ~~والمشهور ، فذهب السيد إلى أن الأصل في الاستعمال الحقيقة ، وذهب المشهور ~~في ms0480 قباله إلى أن الاستعمال أعم من الحقيقة ، فلا يمكن الجزم لمكان هذا ~~النزاع بحجية الأصل المذكور لإثبات الوضع في مقام الشك في الموضوع له مع ~~إحراز المراد وإنما الثابت حجيته لإثبات الإرادة في مقام الشك في المراد مع ~~إحراز الموضوع له ، والظاهر أن من قبيل الثاني تشخيص مصداق العام بأصالة ~~عدم التخصيص في ما إذا علم عدم حكم العام في موضوع وشك في أنه داخل في ~~أفراد العام حتى يكون خروجه عن الحكم تخصيصا أو خارج حتى يكون تخصصا. # وقد وقع في مواضع من مكاسب شيخنا المرتضى قدسسره ، مثلا لو قال : أكرم ~~العلماء وعلم بأن زيدا لا يجب إكرامه ، بل يحرم ، ولكن لم يعلم أنه عالم ~~حتى يكون تخصيصا في العام ، أو جاهل حتى يكون تخصصا فيه. # فربما يقال في هذا أيضا : أن الثابت جريان هذا الأصل في ما إذا كان الشك ~~في الحكم بعد إحراز الموضوع ، وهذا شك في الموضوع بعد إحراز الحكم ، فإذا ~~علم أن زيدا عالم يصح [إجراء] أصالة عدم التخصيص لإثبات وجوب إكرامه ، وأما ~~إذا علم أنه محرم الإكرام فلا يصح إجرائها لإثبات جهله. # ولكن يمكن أن يقال : إن الشك هنا يرجع بالأخرة إلى المراد الإجمالي من ~~العام ، PageV01P512 # فإنه لو كان الزيد المحرم الإكرام عالما يلزم أن يكون المراد الجدي في ~~أكرم العلماء بعض العلماء، وإن كان جاهلا يلزم أن يكون المراد الجدي فيه ~~تمامهم ، فلا يعلم أنه أراد بقوله : أكرم العلماء تمام العلماء أم بعضهم ، ~~ونشأ هذا من الشك في علم زيد وجهله مع العلم بحرمة إكرامه ، فيصح إجراء ~~الأصل لإثبات مرادية التمام دون البعض ، فيتشخص بسببه الحال في زيد ، ~~فيستكشف عدم علمه وكونه جاهلا ، فيكون حال هذا العام حال العام العلمي أو ~~العقلي. # فكما لو علم بمضمون «كل عالم يجب إكرامه» وعلم أن زيدا لا يجب إكرامه ، ~~علم بعكس النقيض أنه ليس بعالم ، وكذا إذا حكم العقل بأن كل إنسان حيوان ~~ناطق ، فعلم بأن الجسم الخاص ليس بحيوان ناطق ، علم بعكس النقيض أنه ليس ms0481 ~~بإنسان ، فكذا الحال في العام الغير العلمي والعقلي بضميمة الأصل المذكور ، ~~ويظهر الثمرة في ما إذا كان حكم مرتبا على عنوان الجهال فيحكم بترتب هذا ~~الحكم على زيد ، فإن المثبت من هذه الاصول أيضا حجة. # وبالجملة ، فالشك في هذا المقام راجع إلى الشك في المراد ، وهذا بخلاف ما ~~إذا علم أن المراد من لفظ الأسد مثلا الرجل الشجاع ، ولكن لم يعلم أنه ~~موضوع لما يعم الرجل الشجاع ، أو لمعنى يكون الرجل الشجاع معنى مجازيا ~~بالنسبة إليه ، فإن الشك لا يرجع إلى مراد المتكلم أصلا. # والحاصل أن محل إجراء الأصل اللفظي ما كان وظيفة المتكلم تعيينه لو كان ~~حاضرا وسئل عنه ، ففي مقام علمنا بإرادته من الأسد ، الحيوان المفترس قد ~~فرغ من وظيفته من بيان المراد اللفظي والجدي. # وأما فهم أن هذا المعنى معنى حقيقيا فاللائق بهذا السؤال هو من كان خبرة ~~من اللغويين في هذا المقام بخلاف الحال في العام ، فإنه وإن لم يكن للمكلف ~~تحير في مقام العمل لعلمه بحرمة إكرام زيد ، لكن له حق فهم مراد المتكلم ~~لينتفع به في مقام آخر ، وهذا من شأنه بيانه بحيث لو كان حاضرا وسئل عنه ~~لكان سؤالا راجعا بحيث متكلميته ؛ لأنه سؤال عن إرادته الجدية وأنها متعلقة ~~بتمام أفراد العالم أو ببعضها بعد PageV01P513 # ما فرغ اللغوي الخبرة عن بيان ما هو وظيفته بعكس اللفظ المشكوك كون مورد ~~استعماله حقيقيا أو مجازيا ، فإنه قد فرغ من إرادة المتكلم بحسب اللفظ ~~وبحسب الجد وبقي ما هو وظيفة اللغوي الخبرة. # وبعبارة اخرى هنا مرحلتان ، الاولى : أن المعنى بعد انفهامه من اللفظ ~~وكونه تحت الإرادتين يبحث عن كيفية انفهامه وأنه كان بالوضع أو بمعونة ~~القرينة ، والثانية : أن المعنى المنفهم بأي كيفية كان من الوضع أو القرينة ~~هل وقع تحت الإرادة اللفظية أو الجدية ، ولو فرض أن المراد بحسب نفس الأمر ~~كان معلوما ، ولكن فرق بين المراد الجدي بحسب نفس الأمر والمراد الجدي في ~~مفهوم اللفظ. # فإن قلت : على ما ذكرت يلزم جواز التمسك بالعام في ms0482 الشبهة المصداقية في ~~ما إذا كان بينه وبين المخصص عموم من وجه ، مثل قوله : أكرم العلماء ، ~~وقوله : لا تكرم الفساق ، فإنه إذا شك في كون زيد العالم مثلا فاسقا : الشك ~~في المراد الجدي من أكرم العلماء بالتقريب المتقدم وأصالة عدم التخصيص ينفي ~~احتمال التخصيص ، وحيث إن هذا الأصل في اللوازم أيضا حجة نأخذ بلازمه وهو ~~عدم كون الزيد فاسقا ولا حاجة إلى قيد احتمال استقصاء حال الأفراد من ~~المتكلم كما قيدته سابقا ؛ إذ صورتا وجوده وعدمه متساويتان في الملاك الذي ~~ذكرته هنا. # قلت : نعم كل ما ذكرنا في هذه المسألة أعني مسألة دوران الأمر بين ~~التخصيص والتخصص لترجيح الثاني على الأول جار بعينه في تلك المسألة ، ولكن ~~قيد احتمال الاستقصاء محتاج إليه في كلتا المسألتين ، فلو قال : أكرم ~~العلماء ، ثم قال : أهن زيدا وشككنا في كونه عالما أو جاهلا وعلمنا بكون ~~المتكلم أيضا مثلنا في عدم العلم بحاله فإنه لا شبهة في عدم جريان الأصل من ~~رأس ، لا أنه جار ولا يثبت اللازم ، فإن الأصل المذكور يكون جاريا في مقام ~~صح السؤال عن المتكلم لو كان حاضرا ، ففي مورد احتمال الفحص والاستقصاء ~~يجري الأصل ويصح السؤال ، ومع عدمه العدم من غير فرق بين المسألتين ، ومن ~~هنا يعرف أن الشبهة المرادية بالطريق الذي ذكرنا ليست موردا للأصل على وجه ~~الكلية. PageV01P514 # فتحصل أن التمسك بأصالة عدم القرينة لإثبات الوضع مع معلومية المراد غير ~~جائز وإن قلنا بجواز التمسك بأصالة عدم التخصيص لإثبات خروج الموضوع عن تحت ~~العام مع معلومية حكمه مخالفا لحكم العام. # ثم إن في الكفاية في مقام ذكر حجج المانعين عن التمسك بظاهر الكتاب ذكر ~~وجوها خمسة : # الأول : أن فهم القرآن مختص بأهله ومن خوطب به ، كما يشهد به ما ورد في ~~ردع أبي حنيفة وقتادة عن الفتوى. # والثاني : أن القرآن مشتمل على مطالب عالية لا تصل إليها أيدي اولى ~~الأفهام ، كيف ولا يصل إلى فهم كلام مثل امرئ القيس وابن سينا إلا الأوحدي ~~من الأفاضل ، فما ظنك بكلامه تعالى ms0483 مع اشتماله على علم ما كان وما يكون ~~وحكم كل شيء ، والفرق بين الوجهين بعد اشتراكهما في عدم فهمنا لمطالب ~~القرآن وعدم معرفتنا بها أن الأول يكون بالخبر والتعبد ، والثاني بالوجدان ~~، وهذا الوجه لم نذكره نحن لوضوح الجواب منها ، فإنا نسلم على اشتمال ~~القرآن على البطون وبطون البطون ، لكن أين هذا من ظواهر مثل آية ( @QUR@02 ~~أوفوا بالعقود ) فلا يدل هذا إلا على عدم جواز الأخذ بما لم يظهر معناه. # والثالث : أن المتشابه ممنوع عن اتباعه وهو شامل للظواهر ، ولا أقل من ~~احتمال شموله له بأن يكون ما نزعمه ظاهرا من قبيل الرموزات والإشارات التي ~~لا يلتفتها إلا من خوطب بالقرآن ويكون كما قيل بالفارسية. # ميان عاشق ومعشوق رمزى است %~% نداند آنكه اشتر مى چراند # مثلا كان الياء في ( @QUR@04 يا أيها الذين آمنوا ) إشارة إلى مطالب ~~عالية و «أيها» إلى مطالب أخر وهكذا. # والرابع : أن ظواهر القرآن وإن لم يكن من قبيل المتشابه ذاتا ، إلا أنها ~~صارت منه عرضا للعلم الإجمالي بطرو التخصيص والتقييد والتجوز في كثير من ~~ظواهره. # والخامس : الأخبار الناهية عن تفسير القرآن بالرأي لشمولها لحمل الكلام PageV01P515 # الظاهر في معنى على هذا المعنى. # ثم ذكر بعد ذلك ما حاصله أن النزاع يختلف صغروية وكبروية بحسب هذه الوجوه ~~، والمقصود أن مرجع بعض هذه الوجوه إلى نفي الظهور مع تسليم أن كل ظاهر حجة ~~، ومرجع بعضها إلى نفي حجية كل ظهور مع تسليم أصل الظهور ، فمرجع عدم ~~المعرفة بمطالب القرآن إلا لمن خوطب به بكلا وجهيه ، وكذا العلم الإجمالي ~~بطرو التخصيص ونحوه إلى نفي الظهور ، ومرجع شمول المتشابه للظاهر والأخبار ~~الناهية إلى منع أن كل ظاهر حجة. # والظاهر أن هذا الكلام منه قدسسره ناظر إلى الاعتراض بكلام شيخنا المرتضى ~~قدسسره في الرسائل حيث حكم بصغروية النزاع على وجه الكلية ، ومحصل الاعتراض ~~أن هنا تفصيلا ، ويختلف صغروية النزاع وكبرويته بحسب الوجوه ، فلا وجه ~~للحكم بصغرويته بقول مطلق ، هذا. # أقول : الكبرى المأخوذة في المقام يختلف باختلافها حال النزاع ، فإن كانت ~~هي أن كل ms0484 ظاهر حجة كان كما ذكره قدسسره من الاختلاف باختلاف الوجوه ، ولكن ~~شيخنا المرتضى قدسسره لم يجعل هذا كبرى الباب ، بل الكبرى التي ذكرها في ~~صدر البحث هي أن الشارع في تعيين مراده وإفهام مرامه لم يخترع ولم يجعل ~~طريقة جديدة غير طريقة العرف ، ولا يخفى أنه على هذه الكبرى يكون جميع ~~النزاعات في هذا المقام راجعة إلى الصغرى سواء في ذلك نزاع الأخباري في ~~الكتاب ونزاع المحقق القمي في السنة بالاختصاص بمن قصد إفهامه. # بيان ذلك أن أحدا لا ينكر أن الشارع لم يخترع طريقه جديدة في تعيين مراده ~~، ويقول به الأخبارى والمحقق المذكور أيضا. وإنما الأخباري يقول : إن كل ~~اثنين تباينا على التكلم بالرمز فليس لثالث حق تشخيص المراد بظاهر كلامهما ~~عند العرف أيضا وأنه على هذا جرت طريقة العرف ، فالقرآن من هذا القبيل. # وكذا المحقق أيضا يقول : ليس للشارع طريقة جديدة ، ولكن طريقة العرف أن ~~الأخذ بالظواهر مخصوص بمن قصد إفهامه ، فهذان وإن كانا بالنسبة إلى حجية PageV01P516 # الظواهر كبرويين ولكنهما بالنسبة إلى عينية طريقة الشرع مع طريقة العرف ~~ليسا إلا صغرويين، يعني أن الرسم المألوف بين أهل العرف جرى على أن من ~~يتكلم مع مخاطبه بالرمز لا يكون للغير حق بأن يعين المراد بالأخذ بالظواهر. # وكذا على أن غير المقصود بالإفهام لا يكون له تعيين المراد بالرجوع إلى ~~الظواهر ، لا أن هذا طريقة جديدة مخترعة مجعولة للشرع. # وبالجملة ، لا يلازم كبروية النزاع على الكبرى التي اتخذها صاحب الكفاية ~~كبرويتها على كبرى الشيخ قدسسره ، فلا وجه للإيراد والاعتراض. # تتمة ، لو اختلفت القراءة في آية على وجهين مختلفين في المؤدى مثل ~~«يطهرن» بالتخفيف و «يطهرن» بالتشديد (1) فلا إشكال أن المتضادين لا يمكن أن يكون PageV01P517 # كلاهما حكم الله ، فلا يمكن أن يكون حد حرمة الوطي النقاء ، وأن يكون هو ~~الغسل. وحينئذ فإن قطعنا بتواتر القراءات ، والقول بتواترها يمكن على وجهين : # الأول : يقال : بأنهما آيتان نزلتا على النبي صلى الله عليه وآله كان الغاية ~~في إحداهما يطهرن وفي الاخرى يطهرن ، والثاني ، أن ms0485 يقال : الآية واحدة ، ~~ولكن في خصوص هذه اللفظة يكون المنزل على النبي هو المادة وجعل الاختيار ~~لإحدى الهيئتين بيد القاري. # وعلى كل حال فإن حصل القطع بالتواتر بأحد وجهيه فلا بد من ملاحظة أن أي ~~القطعين أظهر من الآخر في معناه ، مثلا ظهور يطهرن في النقاء أقوى أو ظهور ~~يطهرن في الغسل ، فإن كان في البين أظهر يجعل الأظهر قرينة على صرف الظاهر ~~، وكذا النص لو كان يجعل قرينة لغيره. # وإن لم يحصل القطع بالتواتر فنقول : قد ورد في الأخبار الأمر بالقراءة ~~كما يقرأ PageV01P518 # الناس وهذا الأمر محتمل لمعنيين ، الأول : أن يكون المفاد نظير مفاد دليل ~~التعبد بالخبر ، فكما أن مفاده لزوم البناء العلمي على كون ألفاظ الخبر ~~صادرة عن المعصوم ، فكذا مفاد هذا أيضا هو البناء على أن ما يقرئه الناس هو ~~القرآن وترتيب آثار القرآن الواقعي عليه ، ففي صورة الاختلاف يصدق على كل ~~قراءة أنه ما يقرئه الناس ، فيلزم البناء على قرآنية الجميع ، فيصير ~~القراءتين المتعارضتين في المؤدي بمنزلة خبرين متعارضين رواهما الثقة. # والثاني : أن يكون الغرض من الأمر بقراءة القرآن الذي يقرئه الناس هو ~~الردع عن التفحص عن القرآن الذي جمعه الأمير عليه السلام وأتاه إلى الجماعة ~~، فقالوا : كفانا ما بأيدينا ، فقال لا ترونه حتى يجيء به ابني مهدي ~~عليه السلام ، وعلى هذا فيكون المستفاد من هذا الأمر حصول ثواب قراءة القرآن ~~على قراءة ما يقرءوه وترتيب آثار قراءة القرآن الواقعي عليه ، فلا تعرض فيه ~~لجواز العمل بالحكم الذي هو مشتمل عليه ، وبالجملة فالمستفاد حينئذ جواز ~~القراءة لا جواز الاستدلال. # ثم هذا المعنى أيضا محتمل لوجهين : # الأول : أن يكون قضية مطلقة شاملة لكل قراءة حتى في صورة اختلاف القراءات ~~، فمفاده أن كل قراءة يجوز القراءة على طبقها وتؤثر أثر قراءة القرآن ~~الواقعي من الثواب وغيره. # والثاني : أن يكون قضية مجملة وكان في مقام مجرد الردع عن فحص قرآن ~~الأمير عليه السلام والإرجاع إلى ما في الأيدي من دون نظر إلى أن في صورة ~~الاختلاف يجوز القراءة بكل ms0486 قراءة أولا؟ فيكون الحال من هذه الجهة موكولة ~~على مقتضى القاعدة ، فإن اتفقت القراءات فلا كلام ، وإن اختلفت فلا بد من ~~ملاحظة الأوثق الأتقن. # وهذان الوجهان وإن كان لا تظهر ثمرة بينهما في ما نحن بصدده ؛ فإن كليهما ~~مشترك في سكوت الأمر المذكور عن جواز الاستدلال والعمل على طبق المدلول ، ~~وإنما يدل على جواز القراءة ، فمن حيث العمل والاستدلال لا يجوز الرجوع إلى شيء PageV01P519 # من القرآنين وإن كان نصا ، بل يرجع إلى القاعدة. # نعم تظهر الثمرة بينهما في مقام آخر وهو الآثار المترتبة على قراءة ~~القرآن ، فعلى الأول يحكم بترتبها على جميع القراءات ، وعلى الثاني على ~~خصوص الأوثق إن كان ، وإلا فيحتاط ، مثلا وجوب القراءة في الصلاة أثر ~~للقرآن أعني الحمد والسورة ، فإن اختلفت القراءة في واحد من ألفاظ الحمد ~~مثل «مالك» حيث قرء «ملك» أيضا فعلى الوجه الأول يجوز القراءة بكل منهما ؛ ~~لأن قراءة كل بمنزلة قراءة القرآن ، وعلى الثاني إن كان أحدهما أقوى وأتقن ~~يتعين هو بالقراءة ، وإلا فيحتاط بقراءة كليهما. # وكيف كان فعلى المعنى الأول وهو التنزيل منزلة القرآن الواقعي قراءة ~~وعملا كالخبر يصير القراءتان المتعارضتان كالخبرين المتعارضين ، فإن كان ~~بينهما نص أو أظهر يجعل قرينة على الظاهر ، وإن تساويا في الظهور فقد جعل ~~الشارع لتعارض الخبرين قانونا وهو الرجوع إلى المرجحات ، وعند فقدها ~~التخيير ، دون الرجوع إلى ثالث ، وهذا القانون لو لا التعبد به من الشرع ~~لكان على خلاف القاعدة ، فإن الأمارات إن جعلت حجة من باب الطريقية فقاعدة ~~باب الطرق هو التساقط عند التعارض ، وإن جعلت من باب السببية فقاعدة باب ~~الأسباب هو التخيير عند التزاحم كإنقاذ الغريقين ، فالترجيح بالمرجحات يكون ~~على خلاف القاعدة على أي حال ، فيقتصر فيه على مورده وهو الخبران ~~المتعارضان ، فيكون المعمول به في القراءتين هو القاعدة ، وحيث إن المختار ~~هو الطريقية كان مقتضى القاعدة تساقطهما ، فيجوز القراءة بكل منهما ولا ~~يجوز الاستدلال بشيء منهما ؛ فإنه لا تعارض بينهما بحسب القراءة ، وإنما ~~التعارض ثابت بحسب العمل ، فيتعين الرجوع إلى دليل آخر ms0487 وهو مختلف بحسب ~~المقامات. # ففي الآية المذكورة يبنى على وجود العموم الأزماني وعدمه ، فإن قلنا ~~بالأول يعني بكون كلمة «أنى» في قوله تعالى : ( @QUR@07 نساؤكم حرث لكم ~~فأتوا حرثكم أنى شئتم ) زمانية استيعابية استغراقية بأن كان الزمان ملحوظا ~~قطعا متعددة وكل قطعة PageV01P520 # ملحوظة على وجه الاستقلال بأن كان المفاد هو جواز إتيان الحرث في كل زمان ~~، فحينئذ يكون المرجع عموم هذه الآية ؛ فإنه قد استغرقت جميع الأزمان ومن ~~جملتها الزمان بين النقاء والغسل ، وخرج عنه بقضية الخاص زمان التلبس ~~بالحيض ، فيبقى الباقي تحت العموم. # وإن قلنا بعدم إرادته العموم الزماني إما بكون كلمة «أنى» ظرفية مكانية ، ~~أو كانت للزمان لكن لوحظ الزمان قطعة واحدة وجعل ظرفا للحكم واستمر الحكم ~~باستمراره ، لا أن يكون قد لوحظ كل زمان مستقلا ، فالمرجع قاعدة استصحاب ~~حكم المخصص. # والحاصل أن هنا ثلاث صور : # الاولى : أن نقول بتواتر القراءات ، وحينئذ فكأن كل قراءة منزلة من ~~السماء ، فإن كان في البين أظهر أو نص يحكم على غيره. # والثانية : أن لا نقول بتواترها ولكن قلنا : يجوز الاستدلال واستفادة ~~الأحكام بكل قراءة كما يجوز القراءة ، وحينئذ فكل قراءة منزلة من السماء ~~تعبدا قراءة وعملا ، فإن كان في البين أظهر أو نص يحكم أيضا على غيره. # والثالثة : أن لا نقول لا بالتواتر ولا بجواز الاستدلال ، وأن الثابت ~~جواز القراءة ، فكل قراءة بمنزلة المنزل من السماء قراءة لا عملا ، وحينئذ ~~لا يجوز التمسك بالنص والأظهر لو كان أيضا ؛ لاحتمال عدم القرآنية. # ففي جميع صور الصورة الأخيرة وفي صورة عدم النص والأظهر من الصورتين ~~الاوليين لا بد من الرجوع إلى قاعدة اخرى ، ولا يلاحظ علاج الخبرين ~~المتعارضين بين القراءتين في الصورتين الاوليين ؛ فإن الأمارة إذا تعارضت ~~بأمارة اخرى فمقتضى القاعدة هو التساقط والتماس دليل آخر ، وأما عدم الخروج ~~عنها إما بترجيح إحداهما لو كان مرجح ، وإما بالتخيير بينهما عند فقده فهو ~~خلاف القاعدة ؛ فإن المرجح أيضا إن كان أمارة مستقلة فهو المرجع ، وإلا ~~فكونه مرجحا خلاف القاعدة ، فيقتصر في ذلك على مورد الأخبار ms0488 العلاجية وهو ~~الخبران المتعارضان. PageV01P521 # وبالجملة ، ففي القراءتين المتعارضتين مفادا وعملا لا بد في جميع صور ~~الصورة الأخيرة وصورة عدم الأظهر والنص من الصورتين الاوليين من الرجوع إلى ~~القاعدة وهو مختلف على المبنيين ؛ لأنه إن قلنا بأن كلمة «أنى» في آية ( ~~@QUR@04 فأتوا حرثكم أنى شئتم ) زمانية واستيعابية فالمرجع هو العموم ~~الزماني ، وإن قلنا بأنه غير زمانية أو غير استيعابية فالمرجع قاعدة ~~استصحاب حكم المخصص. # وهذا نظير ما ذكره شيخنا المرتضى في رسائله ومكاسبه تعرضا على المحقق ~~الكركي في باب الخيارات الحادثة في البين وبعد حدوث العقد ، مثل خيار تلقي ~~الركبان عند الاطلاع على سعر البلد في مسألة أنه هل بعد مضي الزمان بقدر ~~الفسخ يبقي خيار أولا؟ فإنه قد اختار المحقق الفورية مستدلا بآية ( @QUR@02 ~~أوفوا بالعقود ) فإنه يدل على وجوب الوفاء في تمام الأزمان ، خرج زمان ~~الفسخ بالدليل ، فيبقى الباقي تحت هذا العموم. # واعترض عليه شيخنا بأنه فرع أن يكون في الآية عموم بالنسبة إلى الأزمنة ، ~~كما أن له عموما بالنسبة إلى أفراد العقود ، وليس كذلك ؛ إذ ليس في الآية ~~تقييد بالزمان ، بل هو حكم واحد ممتد بامتداد الزمان ، والمفروض أنه انقطع ~~في جزء من الزمان ، وبعده يحتاج إثباته إلى دليل آخر ، فليس من مقام الرجوع ~~إلى العموم ، بل المرجع استصحاب حكم المخصص. # توضيح المقام أن الاختلاف ينشأ من ناحية الجاعل وكيفية جعله وإنشائه ، ~~فقد يجعل هو حكمه بحيث يجعل كل زمان زمان موضوعا مستقلا في عالم فرضه ، ~~فينحل الحكم بحسب هذا الجعل إلى أحكام عديدة بحسب قطعات الزمان ، وقد يجعل ~~في عالم الفرض حكما واحدا ويلاحظ الزمان شيئا واحدا فيمتد هذا الحكم الواحد ~~بامتداد الزمان ما دام موضوعه باقيا. # فلازم الصورة الاولى أن الحكم متى ارتفع في زمان بدليل خاص يثبت بعد ذلك ~~الزمان بقضية العموم ، ولازم الثاني أنه لو انقطع حكمه وزال استمراره في ~~زمان فهذا الحكم الواحد المستمر قد انقطع استمراره إلى هنا بالدليل ، ولا ~~دليل على ثبوت PageV01P522 # حكم جديد ثانيا كان مبدؤه ما بعد هذا الزمان. # مثلا ms0489 تارة يقول : أكرم العلماء في كل زمان ، وحينئذ لو قام إجماع على عدم ~~وجوب إكرام زيد العالم يوم الجمعة وشككنا أنه يوم السبت واجب الإكرام أولا؟ ~~لا شك أن الدليل الأول اقتضى وجوب إكرامه في كل يوم ، والقدر الخارج يوم ~~الجمعة ، فيوم السبت باق تحت العموم. # واخرى يقول : أكرم العلماء ، من دون تقييد بالزمان ، فلا شك أنه لو لم ~~يرد مخرج فهو بالنسبة إلى زيد وعمرو وبكر وسائر الأفراد مستمر ما دام ~~حياتهم ، ولكن إذا قطع استمرار هذا الحكم في زيد في يوم الجمعة فلا دليل ~~يدل على وجوب إكرامه يوم السبت ، ووجوب الإكرام الأولي قد فرض انقطاعه ليوم ~~الجمعة. # والحاصل أن الرجوع إلى العام يحتاج إلى إثبات دلالتين له : # الاولى : إثبات الحكم من الأول إلى ما قبل زمان المخصص. # والثانية : إثباته من ما بعد هذا الزمان إلى آخر أزمنة الموضوع ، ومن ~~المعلوم عدم إمكان إثبات الدلالة الثانية ، نعم يمكن تقييد الدليل بالنسبة ~~إلى الدلالة الواحدة من حيث الأول ، فيكون منقطع الأول ، أو من حيث الآخر ~~ليصير منقطع الآخر. # مثلا يمكن جعل مبدإ وجوب الوفاء في العقد الذي فيه خيار من ابتدائه أول ~~انقضاء هذا الخيار ، أو في العقد الذي فيه خيار من آخره بجعل مقطع وجوب ~~الوفاء ومنتهاه في أول حدوث هذا الخيار ، فيلزم في الصورتين تقييد البيع ~~بكونه من الزمان الفلاني ، أو إلى الزمان الفلاني. # وأما إذا انقطع الوجوب من الوسط فلا يمكن إثبات الوجوب في ما بعد الوسط ~~إلا بدلالتين ، إحداهما على الحكم من الأول إلى الوسط ، والآخر من ما بعده ~~إلى الآخر ، وليس للدليل الدلالة الثانية وهو في هذا نظير الاستصحاب ؛ فإنه ~~ما لم ينقطع استمرار الحكم الموجود في زمان يستصحب في ما بعده ، ولو حدث ~~القاطع له في الأثناء انقطع الاستصحاب. # إذا تقرر ذلك فنقول : إن كان لفظة «أنى» مفيدة للزمان على وجه الاستيعاب PageV01P523 # فالقدر الخارج زمان التلبس بالدم ويبقى الباقي تحته ، فيكون المرجع ~~العموم المستفاد من هذه اللفظة ، وأما إن كان مفيدة للمكان أو ms0490 للزمان لكن ~~لا على وجه العموم والاستيعاب ، فيقال : الحكم الثابت في القطعة السابقة من ~~الزمان حرمة الوطي فيستصحب هذا الحكم في القطعة اللاحقة. # ثم في كلية ما ذكره شيخنا قدسسره في صورة عدم ملاحظة الزمان قطعة قطعة ~~بمقدار يسع الوطي مثلا من أن المرجع هو الاستصحاب نظر ، بل هنا أيضا تفصيل ~~، ولا يصح الرجوع إلى الاستصحاب مطلقا ، بل ربما يكون المرجع أصل آخر ، نعم ~~عدم صحة الرجوع إلى العموم يكون مطلقا ، وذلك لأنه لا بد من أن ينظر الدليل ~~الدال على خلاف حكم العام في فرد في زمان وأنه ما ذا يستفاد منه ، هل ~~يستفاد كون الزمان جزء من الموضوع وقيدا له ، أو كونه ظرفا وخارجا عن ~~الموضوع والمحمول. # وكذا لا بد من ملاحظة حال الزمان في تلك القضية عند العرف وأنه هل يراه ~~العرف داخلا في الموضوع أو المحمول أو خارجا عنها وظرفا للحكم ، فصحة ~~الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص مبتن على عدم فهم القيدية للزمان لا من دليل ~~المخصص ولا من العرف ، كما لو كان في مثال الوطي موضوع الحرمة هو الوطي ~~وكان زمان الحيض ظرفا لهذا الحكم. # وأما لو كان الموضوع بحسب الدليل أو العرف هو المقيد بالزمان الخاص كما ~~لو كان موضوع الحرمة في المثال هو الوطي في زمان الحيض بحيث اعتبر حال ~~الحيض قيدا في الموضوع فحينئذ وإن كان لا يمكن الاستدلال بعموم العام ~~لإثبات حكمه في ما بعد ، ولكن التمسك لإثبات حكم المخصص أيضا بقاعدة ~~الاستصحاب غير صحيح ، لعدم بقاء الموضوع مع فرض كونه مقيدا بالزمان الخاص ~~وانقضاء هذا الزمان ، فارتفع الحكم بارتفاع الموضوع ، فلا يمكن الاستصحاب ، ~~فلا بد من الرجوع إلى أصل آخر وهو مختلف في المقامات ، وفي هذا المثال يكون ~~هو البراءة ، وكذلك الحال عند الشك وعدم تبين أن الزمان من أحد القسمين ، ~~فلا يمكن الاستصحاب حينئذ ، لعدم إحراز الموضوع. PageV01P524 ### | «في حجية الإجماع المنقول وعدمها» ### | «فصل» # من جملة الظنون التي اقيم على حجيتها الدليل الإجماع المنقول بخبر الواحد ~~، وتحقيق المقام يبتني على ms0491 بيان امور : # أحدها : اعلم أن الكلام هنا في أنه لو سلمنا دلالة الأدلة على حجية ~~الأخبار المنقولة عن النبي والأئمة عليه و عليهم السلام ، وزدنا فيه كل قيد ~~واشترطنا فيه كل شرط احتملناه وصار المحصل حجية ما ينقله الثقة والعادل ، ~~وفرغنا عن ذلك ، فهل نقل الإجماع مع فرض كون الناقل واجدا لما اعتبرناه في ~~الخبر من العدالة تكون تلك الأدلة شاملة له بالعموم أو الإطلاق أولا؟. # ثم فهم أن الأدلة المذكورة هل يشمل هذا النقل أولا يتوقف على فهم حقيقة ~~الحال في الإجماعات التي يدعيه العلماء في المقامات ومعرفة حقيقتها ~~وكيفيتها. # وليعلم أن الإجماع ، المخترع والمؤسس له هو العامة ، وادعوا قيام النص ~~على حجيته ، ثم لما رأى الخاصة أن عد الإجماع بالمعنى الذي هم يعنون ~~ويعرفون في جملة الأدلة لا يضر ؛ فإنهم تارة يعرفونه بأنه اتفاق أمة محمد ~~صلى الله عليه وآله وسلم على أمر من الأمور الدينية كما عن الغزالي ، واخرى ~~بأنه اتفاق أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله عليه وآله على أمر من الامور ~~كما عن الفخر الرازي ، والمراد من أهل الحل والعقد على ما نبه عليه ، غير ~~واحد منهم المجتهدون ، وثالثة بأنه اجتماع المجتهدين من هذه الامة في عصر ~~على أمر كما عن الحاجبي ، ومن المعلوم أن هذا الموضوع متى تحقق فالمعصوم ~~داخل ؛ إذ هو واحد من الامة وأهل الحل والعقد من الامة ومن علماء الإسلام ~~بل أكملهم ، لامتناع خلو عصر وزمان عن وجوده الشريف. # فعند ذلك وإن كان لم يثبت على خصوص هذا المعنى دليل عندهم ونص عن PageV01P525 # أئمتهم تبعوا العامة خوفا من إثارة الفتنة بإظهار الخلاف منهم وانتهاء ~~الأمر إلى عنادهم مع الشيعة بهذه المخالفة ، مع كون المعنى مسلما ، فوجدوا ~~في الوفاق معهم سلامة عن كيد الأعداء مع عدم الخروج عن طريق السداد ، ~~فقالوا هم أيضا بحجية هذا المعنى واعتبار هذا الموضوع لمجرد متابعة الجماعة ~~، من دون أن يكون لهم فيه اصطلاح جديد ، نعم قد يتسامح في إطلاقه على اتفاق ~~جماعة خاصة يعلم ms0492 بدخول الإمام فيهم ، لوجود الملاك وعدم الاعتناء بمخالفة ~~غيره ، مع ما فيه من إسكات الخصم وإلزامه بما التزم. # الأمر الثاني : اعلم أن طريق إحراز هذا المعنى أعني اتفاق علماء الإسلام ~~الموجودين في العصر الواحد بلا استثناء واحد منهم يكون أحد امور ثلاثة : # الأول : أن يستفتي الإنسان بعد الفحص والاستقراء في تمام أصقاع الارض ~~ونواحيها من كل عالم وجد فيها بحيث لم يبق عالم من الاسلام إلا واستفتى منه ~~، ثم صار رأي الجميع شيئا واحدا ، ويسهل ذلك لو انحصر علماء الإسلام في ~~دورة قليلين أمكن الإحاطة بهم ، لكن مع العلم بوجود الإمام عليه السلام فيما ~~بينهم ، فيكون رأيه في جملة الآراء وإن لم يعرف بشخصه الشريف بعينه. # والثاني : أن يحرز ويحصل فتاوى كل من في وجه الأرض من ذوي الفتوى ممن عدى ~~الإمام عليه السلام ، بحيث لا يبقى أحد غير الإمام ، ثم بعد تحصيل هذا احرز ~~انضمام فتواه عليه السلام ورأيه بالفتاوى وكونه على طبق الآراء من قاعدة ~~اللطف ، فإن من اللطف الواجب على الإمام أن لا يترك رعيته طرا وكلا على ~~الجادة الباطلة ، بل يظهر الحق لهم إما بنفسه ، وإن كان مغيبا بإرسال واحد ~~فيهم يظهر بتوسطه الحق عليهم ويلقيه إليهم ، فحيث ما فعل كشف عن مطابقة ~~رأيه الشريف لآرائهم ، فإنه لا يخلو بحسب الواقع أمر الاتفاق من حالين، إما ~~مطابق لرأيه عليه السلام فيتم المطلوب ، وإما مخالف له فيلزم خلاف اللطف ، ~~فحيث يمتنع الثاني يتعين الأول. # ثم بعد إحراز رأيه بهذه القاعدة يضم إلى سائر الآراء فيتم موضوع الإجماع ، فإن PageV01P526 # قبله لم يتم ؛ إذ اتفاق جميع علماء الإسلام في عصر واحد لا يتحقق من ~~اتفاق من عدى الإمام ما لم يضم إليهم رأيه ؛ فإنه أعلم العلماء وإمامهم ، ~~فكيف يتحقق المعنى المذكور بدونه عليه السلام ؟ وبالجملة ، فبعد إحراز رأيه ~~بذلك يسمى المجموع منه ومن سائر الآراء من حيث المجموع إجماعا. # والثالث : أن يحصل أيضا بالفحص والاستقراء آراء جميع العلماء من عصر واحد ~~بحيث علم عدم بقاء واحد منهم ممن عدى ms0493 الإمام عليه السلام ، وبعد رؤية اتفاق ~~الجميع في الرأي يستفاد رأى الإمام عليه السلام بواسطة الحدس ، وهو حدس رأي ~~الرئيس من رأي رعيته ، ولكن ليعلم أن الحدس لا يحصل لو كان المسألة مما ~~يتطرق فيها العقل بحيث احتمل اعتماد الجميع على حكم العقل ، فيتوقف على ~~العلم بعدم تطرق العقل فيه ، وكذلك لا يحصل لو كان أخبار صحيحة على طبق ~~آرائهم ؛ إذ يحتمل كونهم مستندين إليها ، فيتوقف على عدم وجود الأخبار ~~الصحاح في البين. # ثم بعد استكشاف رأيه بطريق الحدس يسمى المجموع من حيث المجموع إجماعا ، هذا. # ويمكن التسامح في إطلاق لفظ الإجماع بحسب كل من هذه المناطات الثلاثة ، ~~فمن كان مناط الحجية عنده الوجه الأول يطلقه مسامحة على اتفاق جماعة قليلة ~~مثل ثلاثة أو اثنين إذا كان فيه المناط بأن كان واحدهم الإمام ؛ ولذا قال ~~المحقق : ولو خلا المائة من علمائنا عن الإمام لم يكن بحجة ، ولو وجد في ~~اثنين كان قولهما حجة. # ومن كان مبناه الوجه الثاني مثل شيخ الطائفة قدسسره يطلقه مسامحة على ~~اتفاق خصوص من عدى الإمام مع عدم كونه إجماعا مصطلحا ، لخروج الإمام عنه ، ~~ومع ذلك يطلق عليه اسم الإجماع باعتبار وجود مناط الحجية فيه وهو كونه محلا ~~لقاعدة اللطف المتقدمة. # ومن كان المناط عنده الوجه الأخير يطلقه على اتفاق عدد يسير من أعيان ~~العلماء واساطينهم مع عدم كون المسألة عقلية وعدم خبر صحيح أو أصل معتبر ؛ ~~فإنه ربما يحصل لبعض لحسن الظن بهذه العدة القليلة مع ملاحظة كثرة تخالف PageV01P527 # آرائهم وتشتت مذاهبهم من اتفاقهم في المسألة مع عدم ظهور دليل معتبر ~~الحدس بمطابقة آرائهم مع رأي الإمام عليه السلام ، فيسميه إجماعا لاشتماله ~~على وجه حجيته وهو كونه مدركا للحدس عن رأي الإمام. # الأمر الثالث : اعلم أن القسم الأول يمكن لكل أحد دعوى القطع بعدم تحققه ~~في الإجماعات المنقولة في كتب أصحابنا الفقهية ؛ لعدم الوصول إلى جنابه في ~~هذه الأزمنة إلا للأوحدي في نادر من الزمان ، فيمكن القطع بأن واحدا من تلك ~~الإجماعات ليس مشتملا على ms0494 قول المعصوم بأن يكون أحد مجمعيه جنابه ~~عليه السلام . # وأما القسم الوسط ففيه جهتان من المناقشة والإشكال ، الاولى : الاستبعاد ~~؛ فإن إحراز الاتفاق يتوقف على الفحص التام والاطلاع على رأى العلماء ~~الاعلام والسعي والمداقة حتى لا يبقى واحد منهم ، فإنه لو احتمل وجود عالم ~~لم يحصل الظفر به وبرأيه وكان مخالفا لم يتم إجراء قاعدة اللطف ، فإجراؤها ~~يتوقف على العلم بعدم وجود واحد على وجه الأرض من العلماء إلا وظفر به ~~وحصول الاتفاق بين آراء الجميع ، ومن المعلوم عدم إمكان هذا الأمر لأحد عادة. # ثم على تقدير إمكانه في بعض الأحيان كما لو اجتمع جميع علماء الاسلام في ~~بلدة مخصوصة يرد الإشكال الثاني وهو القدح في المبنى ، فإنه بعد وجود فوت ~~الفيوض الكثيرة والبركات الغفيرة من جهة غيبة الإمام لا غرو في أن يكون هذا ~~أيضا واحدا من الفيوض التى حرمناها بواسطة عدم وجود جنابه فينا ، ومع ذلك ~~لا ينافي اللطف ، فإن عدمه عليه السلام منا ، فإنا نحن بذنوبنا أوجدنا السبب ~~لغيبته ، فحرماننا عن فيوض وجوده إنما هو سوء بلغنا من سوء أعمالنا ، فليس ~~هذا السوء الوارد بنا إلا منا ، وإلا فمن ناحية المولى لم يقع تقصير ولا ~~قصور ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، بل أتم أسباب ما يقرب العبد إلى الجنة ~~ويبعده عن النار كما يليق وينبغي ، والتقصير منا ، فابتلينا بسوء أعمال ~~انفسنا وسوء اختيارنا. # وحاصل الإشكال أن الواجب عقلا إنما هو جعل الأحكام ونصب الإمام ، فإنه مع ~~عدم الأول لكان للناس أن يقولوا : أنت السبب في عدم وصولنا إلى الكمال ، PageV01P528 # فإنك ما جعلت في حقنا أوامر على طبق المصالح ونواهي في موارد المفاسد حتى ~~نرتدع عنها ونتحرك إلى المصالح ، وكذلك مع عدم الثاني ، فإنه مع الجعل وعدم ~~من يبعث ويزجر ويبلغ الأحكام إلى العباد لا يحصل المقصود ، وأما بعد جعل ~~الأحكام ونصب الإمام فرفع المانع الذي تحقق من عصيان العصاة فليس واجبا في ~~مقام اللطف ، فإن الدار دار التكليف وجعل العباد في معرض الإطاعة والعصيان ~~، فالمنع التكويني عن عصيان ms0495 العصاة خلاف هذا الشأن. # وبالجملة ، إبقاء المانع المستند إلى عصيان العصاة بحاله وعدم رفعه ~~تكوينا لا يقدح في تمامية اللطف من الله تعالى ، وعلى هذا فكل ما كان من ~~تبعة هذا من الحرمان عن فيوضات وجود الإمام عليه السلام التي منها خفاء ~~الحكم الواقعي في الواقعة الجزئية ليس مخالفا للطف ، مع أنه من الممكن أن ~~يكون اللطف في الإخفاء كما في غالب الأحكام في صدر الاسلام. # فإن قلت : فعلى هذا فالبرهان الذي أقمت على إمضاء الشارع للطريقة ~~الارتكازية المغفول عنها للعامة يمكن الخدشة فيه بمثل هذا البيان. # فإنه يقال : إنما عليهم في اللطف الواجب عليهم (ع) بيان الأحكام ، فلعله ~~قد بينوا أيضا في هذه القضية ، ثم عرض اختفائه من جهة الموانع الخارجية ، ~~وليس ابقاؤهم هذه الطريقة بحالها وعدم الردع عنها مع كونها غير مرضي لهم ~~نقضا لغرضهم ، فإن الفرض كون غرضهم إتمام الحجة والفرض إمكان حصوله. # قلت : نعم ، ولكن نحتاج في ذلك الباب إلى مقدمة اخرى وهي كون القضية محلا ~~لابتلاء العامة في جميع الأعصار بلا استثناء ، مثل الصلوات اليومية ~~والطهارة والنجاسة ومسألة حجية الظواهر ؛ فإن مثل هذا الأمر لا محالة كان ~~بمرأى ومسمع من الصادقين وسائر الأئمة عليهم السلام مع ما رأوا من ابتلاء ~~الناس في يومهم وليلتهم ، ففي مثل هذه القضية عدم ورود التخطئة وعدم وصوله ~~إلينا موجب للقطع بعدم صدوره عنهم ، لكون القضية مما يتوفر الدواعي على ~~النقل فيها ، فلو كان لبان. # ثم بعد هذا نقول : لا يخلو الأمر إما أن هذا الأمر الارتكازي كان مرضيا لهم PageV01P529 # أولا ، فعلى الأول يثبت المطلوب ، وعلى الثاني يلزم خلاف اللطف العياذ ~~بالله وهذا بخلاف الحال في مقامنا ؛ فإنه يمكن عدم ورود الحكم فيه من ~~الأئمة عليهم السلام ، لعدم كونه محل ابتلاء الناس ، واستمر ذلك إلى زمان من ~~أوان الغيبة فاتفق علمائها في عصر من باب القاعدة على رأي واحد. فتحصل أن ~~تمامية هذا القسم من الاجماع مخدوشة صغرى وكبرى ، فتعين في الوجه الأخير. # إذا عرفت هذا فنقول : لو نقل الإجماع ms0496 ناقل فحجية هذا النقل على الوجه ~~الأخير مبنية على تمامية دلالة ما يدل على حجية خبر الواحد وشمولها لنقل ~~الثقة ، وكون مفادها حجية الأعم من النقل الذي يدركه الحس والذي يدركه الحدس. # ثم على تقدير عموم هذه الأدلة لا بد من عدم العلم بابتناء حدس الناقل على ~~مقدمة اجتهادية باطلة ، فإنه حاك لرأي الإمام بأقوال العلماء ، وحدسه ~~الناشي من تلك الأقوال على الوجه الباطل ، كحسن الظن بجماعة لا ينبغي حسن ~~الظن بهم في هذا المقام ، نعم لو اشتبه الحال ولم يعلم أن حدسه على وجه ~~باطل أو صحيح فمفاد الأدلة حجيته ، سواء كان المقدار من الأقوال التي حصلها ~~وصارت منشئا لحدسه موجبة لحدس المنقول إليه أيضا لو حصلها ، أو لم يحصل ~~منها الحدس عنده. # وأما على تقدير عدم العموم لتلك الأدلة وعدم شمولها إلا للنقل الذي يدركه ~~الحس فالمقدار الذي نقل عن حس في نقل الإجماع هو نقل أقوال عدة من العلماء ~~، وأما حدسه فهو اجتهاده ، فليس لنقله حجية من جهة حدسه ، وكذلك من جهة قول ~~الإمام ؛ لأنها مستندة إلى حدسه ، فيكون بالنسبة إلى الأمر الحسي أعني تتبع ~~أقوال العلماء نقله حجة ، فنأخذ به ونجعل هذا المقدار من الأقوال كالمحصل ~~ونعامل معاملة المحصل. # مثلا لو نقل الشيخ الإجماع وقال : أجمعت العلماء ، فنعلم أنه تتبع أقوال ~~خمسين نفرا من علماء عصره لا محالة ، وهذا مقدار متيقن ، والزيادة محتملة ، ~~فنفرض أن أقوال الخمسين محصلة لنا ؛ فإن كان بنفسه موجبا للحدس عندنا فهو ، ~~وإلا فنضمه إلى أمارات أخر وأقوال سائر العلماء حتى يحصل السبب التام للحدس. PageV01P530 # والحاصل أن نقل الإجماع بحسب ما ذكر ينقسم إلى ثلاثة أقسام : # الأول : أن يعد الناقل المفتين ويصرح بأسمائهم في كلامه وكان المنقول ~~إليه بحيث لو حصل بطريق الحس فتاوى هؤلاء المعدودين لقطع بالملازمة بحكم ~~الله ورأي الإمام. # والثاني : أن لا يكون عنده ملازمة بينهما ، وعلى هذا أيضا قد يكون ما ~~نقله من الفتاوى بمقدار يحصل للمنقول إليه العلم بضميمة الأمارات الموجودة ~~عنده وقد لا يكون كذلك. # والثالث ms0497 : أن يشك في أن هذا الإجماع من الأول أو الثاني ، وعلى تقدير ~~كونه من الثاني من أي من قسميه ، بأن ينقل الإجماع بدون تصريح بأسماء ~~المجمعين وتعيين لعددهم ، فيحتمل أن يكون متتبعا لأقوال عدد يوجب القطع ~~للمنقول إليه ويحتمل عدمه ، وهو الغالب في الإجماعات المنقولة التي ~~بأيدينا. # فنقول : لا إشكال في الأول بمعنى حجية نقل الإجماع كاشفا ومنكشفا ، أما ~~الأول وهو إخباره بفتاوى عدة من العلماء معلوم العدد فواضح أنه إخبار عن ~~الحس ، فيكون كما لو حصل المنقول إليه هذه الأقوال بنفسه ، وحيث يثبت في ~~الأمارات اللوازم الثابتة للمؤدى أيضا بخلاف الاصول ، والمفروض ثبوت ~~الملازمة بين المؤدى هنا وهو فتاوى هؤلاء الخاصة ، وبين رأي الإمام ، فبعد ~~ثبوت الملزوم بخبر الثقة يحكم بثبوت ما هو لازمه لو حصله بنفسه وهو رأي ~~الإمام. # مثلا لو قطع أحد بثبوت الملازمة الاتفاقية بين عدالة عمرو وفسق بكر ، ~~فأخبر البنية بعدالة عمرو فيكون حجة له بالنسبة إلى فسق بكر أيضا ، وأما ~~الثاني وهو جهة حكايته عن رأي الإمام بالالتزام فلأنه نقل عن حدس مبناه ~~الحس ، وأدلة حجية خبر الثقة يشمل مثل هذا أيضا. # ألا ترى قبول الشهادة بالعدالة مع أنها ملكة باطنية وليست قابلة للحس ، ~~ولكنها يستكشف بالحدس من احساس آثارها ، فيعلم أن الحدس القريب بالحس أيضا ~~بمنزلة الحس في باب حجية الخبر. PageV01P531 # ولا إشكال في القسم الثاني من القسم الثاني أيضا عكسا ، بمعنى عدم إمكان ~~الوصول إلى رأي الإمام بنفس نقل الإجماع لا كاشفا ولا منكشفا ، أما الأول ~~فلما هو المفروض من أنه لا يصير سببا للقطع عند المنقول إليه ، وأما الثاني ~~فلأن حكايته مبني على ما لا يراه المنقول إليه للمدركية للحدس ، وهذا غير ~~مشمول لأدلة حجية الخبر ، بمعنى أنه قاطع ببطلان الحدس والخبر المبني على ~~الحدس الباطل لدى من يراه باطلا لا نفي الأدلة بحجيته. # نعم في القسم الأول منه يمكن إثبات حجية نقله من حيث الكاشف بأدلة الحجية ~~بالنظر إلى الأثر التعليقي الثابت لجزء الموضوع ، فيفرض ما نقل إليه من ~~فتاوى ms0498 فلان وفلان وفلان إلى خمسين نفرا مثلا كأنه المحصل عنده ، وهي وإن ~~كانت بنفسها لا يفيد له القطع ، ولكن حسب الفرض يمكن أن يفيده له بعد ضم ~~أقوال خمسين نفرا آخر حصلها بنفسه ، وقرائن وأمارات أخر إلى أقوال الخمسين ~~التي نقلها الثقة ، فأوجب المجموع قطعه بحكم الله ورأى المعصوم ، فيكون ~~مشمولا للأدلة بملاحظة هذا الأثر المعلق حصوله على حصول الضميمة وتتمة السبب. # بقي الكلام في القسم الثالث وهو الثابت في الإجماعات المنقولة ، وهو صورة ~~عدم تبين الحال ونقل الإجماع بدون تصريح بصاحبي الأقوال وعددهم ؛ فإنه ~~يحتمل أن يكون هو من قبيل ما ذكره شيخنا المرتضى من أنه ربما يكون الإجماع ~~على الأصل فيدعيه الناقل على الفرع ، كما لو استدل على عدم جواز الصلاة ~~المؤداة في وسعة الوقت لمن كان عليه المقضية بالإجماع لوجود خبر ثقة على ~~هذا المضمون بملاحظة إجماعهم على اتباع خبر الثقة ووجوب العمل به. # أو يحكى الإجماع على طهارة خرء الطير بملاحظة وقوع الإجماع على أن كل ~~مشكوك طاهر حتى يعلم أنه قذر ، مع أن من المعلوم أن لا ملازمة بين الإجماع ~~على الأصل في المسألتين وبينه في الفرع ؛ إذ ربما لم يكن الراوي عندهم ثقة ~~أو لم يتضح دلالة الخبر عندهم ، أو كان له معارض أقوى ، وكذا ربما كان لهم ~~دليل على النجاسة في المسألة الثانية ، ولا يجري الأصل مع وجدان الدليل. PageV01P532 # ويحتمل أيضا أن يكون قد اطلع على فتاوى جماعة في خصوص المسألة ، ولكن حصل ~~له القطع لكونه سريع القطع ، بحيث لا ينتفي حصول القطع بهذا المقدار بحسب ~~المتعارف. # ويحتمل أن يكون قد اطلع على فتاوى جماعة وحصل له القطع ، لكن من جهة أنه ~~تتبع أحوالهم وحصل له اطلاع زائد فصار قاطعا بفتواهم بحكم الله لحسن ظنه ~~بهم واحتسابه إياهم لسانا للفقهاء ، كما لو اطلع على حصول علم لهم قد وصل ~~إليهم صدرا بصدر ، فهم حاكون لحكم الإمام بما عندهم والثابت في صدورهم ~~منتقلا إليه من صدور أسلافهم ؛ فإن من المعلوم عدم حجية النقل في ms0499 هاتين ~~الصورتين أيضا بالنسبة إلى من ليس له هذا الاطلاع بأحوالهم ، فحينئذ يبتنى ~~حجية نقل الإجماع على وجود دليل بحجية نقل حكم الله بأي وجه كان إذا كان ~~الناقل ثقة. # فنقول : أما السيرة وبناء العقلاء فمعلوم أنه بالنسبة إلى غير هذا المورد ~~، وأما الأخبار المدعى تواترها في الجملة فموردها حجية نقل الرواة في ~~الأحاديث التي سمعوها من لسان الإمام ، وأما الآية (1) فأولا : يتوقف أصل ~~دلالتها على حجية خبر العادل على القول بثبوت المفهوم لمطلق الوصف ، وتقرر ~~في محله عدم ثبوته. # وثانيا : على فرض القول بثبوته في مطلق الوصف أو في خصوص هذا الوصف نقول ~~: إن المستفاد من الآية في موضوع خبر العادل حكم حيثي وهو الاعتبار بخبره ~~من حيث احتمال تعمده الكذب في أخباره ، فالآية دالة على عدم الاعتناء بهذا ~~الاحتمال ، فخبره في الحسيات بعد رفع احتمال تعمده الكذب بالآية ، ورفع ~~احتمال خطائه في الحس وسهوه ونسيانه بالأصل العقلائي الجاري في حق كل عاقل ~~، يحمل أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته على الوجه الصحيح ، لا على وجه ~~الغفلة والسهو والنسيان ، يكون متبعا. # وأما في الحدسيات فالآية أيضا دالة على الاعتناء بخبره من الحيثية ~~المزبورة PageV01P533 # أعني احتمال تعمده الكذب ، وأما احتمال خطائه في الحدس فالآية ساكتة من ~~رفعه وليس عليه أصل عقلائي أيضا ، ولا ملازمة كما هو واضح بين العدالة ~~ومطابقة الحدس للواقع ؛ إذ رب فاسق يكون أفطن وحدسه أصدق من عادل ، فيكون ~~الاعتماد على خبر العادل في الحدسيات غير مستفاد من الآية على ما ذكرنا من ~~كونه حكما حيثيا لا فعليا من جميع الحيثيات ، بمعنى أن يكون المفاد أنه متى ~~أخبر العادل يجب الأخذ به والتصديق له والبناء على أن مؤدى خبره هو الواقع. # والدليل على عدم كونه بهذا النحو وكونه بالنحو الأول هو التعليل الواقع ~~في آخر الآية وهو قوله تعالى : ( @QUR@09 أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا ~~على ما فعلتم نادمين ) فإن من المعلوم أن ترتب الوقوع في الندم على ~~الاعتماد على خبر الفاسق بدون التبين إنما هو لأجل فسقه وعدم تحرزه ms0500 عن ~~الكذب في إخباره عمدا بخلاف العادل ، فإنه بمقتضى عدالته متحرز عن تعمد ~~الكذب ، فلا يوجب العمل بقوله الوقوع في الندم ، فلا يجب التبين في خبره ~~لأجل هذه العلة. # وبالجملة ، فما به الامتياز فيما بين الفاسق والعادل إنما هو هذه الجهة ، ~~وإلا فالخوف المذكور من جهة الخطاء في الحدس لا اختصاص له بالفاسق ، وليس ~~جهة فارقة بين الفاسق بما هو فاسق والعادل بما هو عادل ، فالآية مسوقة ~~للفرق من الجهة التي يتمايزان فيها محضا ، ولا نظر لها إلى غير تلك الجهة ، ~~وعلى هذا فعدم وجوب التبين في خبر العادل من هذه الجهة لا ينافي وجوبه لأجل ~~احتمال خطائه في الحدس. # فالآية على تقدير ثبوت المفهوم لها دالة على أن العادل مأمون في خبره ، ~~فهو في إخباره مصدق من هذه الجهة ، يعني ولو احتمل أنه صار فاسقا بنفس ~~إخباره هذا لتعمده بالكذب فيه لا بد أن لا يعتنى بهذا الاحتمال ، ومن هنا ~~علم أن الموضوع هو العادل مع قطع النظر عن هذا الإخبار ؛ إذ العادل مع ~~النظر إليه ليس محلا للكلام ؛ إذ يقطع حينئذ بصدقه. # فان قلت : على ما ذكرت من أن ما اشتمله الآية بحسب المفهوم حكم حيثي وليس ~~بفعلي ناظر إلى جميع الحيثيات ، فليست الآية بثمرة في شيء من المواضع ، أما PageV01P534 # في الحدسيات فلما ذكرت ، وأما في الحسيات فلأن الآية ليس بفعلي بمعنى أنه ~~لا تدل على لزوم البناء والتعبد على كون مؤدى الخبر هو الواقع ، وإنما دلت ~~على عدم الاعتناء باحتمال تعمده الكذب ، وهذا أعم من الحكم بمطابقة خبره ~~للواقع ؛ إذ ربما يكون هذا مشروطا بأمر آخر أيضا ، كما هو المشاهد في باب ~~الشهادة في الموضوعات ، فإنه لا يجوز البناء على واقعية المؤدى بمجرد إخبار ~~العدل الواحد مع رفع احتمال تعمده الكذب أيضا بعموم الآية ، فكما صار ~~التعبد بقوله في الموضوعات منوطا بشرط آخر علاوة على العدالة وهو التعدد ، ~~من المحتمل أن يكون خبره في الأحكام أيضا منوطا بشيء آخر ، فلا تدل الآية ~~على هذا على حجية خبره ms0501 في موضع أصلا. # قلت : لا إشكال في أن وجه محجوبية الواقع ومستوريته علينا بعد إخبار ~~العدل منحصر في أمرين لا ثالث لهما ، بحيث إذا ارتفعا لم يبق وجه لعدم ~~الأخذ بقوله وعدم ترتيب أثر الواقع عليه ، أحدهما : احتمال تعمده الكذب في ~~إخباره وكونه في إخباره بقيام زيد مثلا كاذبا ، والثاني : احتمال خطائه في ~~حسه ، فجهة عدم حصول الجزم لنا بإخباره بقيام زيد منحصرة في هذين ~~الاحتمالين. # فإذا دل الشرع على إلغاء الاحتمال الأول كما هو المفروض من دلالة الآية ~~وجرى بناء العقلاء على إلغاء الاحتمال الثاني في حق العقلاء يلزم قهرا ~~ترتيب آثار الواقع بلا تأمل؛ إذ قد وضح الواقع وارتفع المحجوبية عن البين ~~بالتعبد وبناء العقلاء ، فلا مانع عن إجراء آثار الواقع. # لا يقال : إن هذا رجوع عن الاستدلال بالآية إلى الاستدلال بالسيرة والأصل ~~العقلائي. # فإنه يقال : المقصود هو عدم التوقف في النتيجة ولو كان بتتميم الاستدلال ~~بالآية من الخارج ، فإن مدعى المستشكل على ما حكي هو لزوم التوقف وعدم ~~إمكان إثبات الحجية من الآية ولو بضميمة من الخارج ، فراجع كلامه. # فإن قلت : لا بد بعد هاتين القضيتين الحيثيتين من بناء ثالث من العقلاء ~~في مورد PageV01P535 # اجتماعهم على وجوب العمل وترتيب آثار الواقع على مؤدى الخبر ، فيكون ~~تتميم الأمر بهذا البناء ، ولو نوقش فيه فلا بد من التوقف عند احتمال إناطة ~~الحكم بوجوب الأخذ بوجود شيء آخر. # قلت : لا حاجة إلى البناء الثالث في مورد الاجتماع ، فإنه لا يعقل سد باب ~~العدم من هاتين الحيثيتين مع فرض انحصار بابه فيهما ، ومع ذلك نتوقف في ~~مقام العمل ، فلا بد إما من العمل أو رفع اليد من أحد هذين الأصلين التعبدي ~~والعقلائي ، فلهذا نقول في موارد عدم رخصة الشارع في ترتيب الأثر بمجرد ~~العدالة كما في باب الشهادة حيث اعتبر العدد أيضا مضافا إلى العدالة : أنه ~~لا بد فيها من الالتزام بأحد امور ثلاثة : # الأول : أن هذا مستثنى من القاعدة التعبدية المدلول عليها بالآية من ~~إلغاء احتمال التعمد للكذب في إخبار ms0502 العادل ، والقول بتخصيص هذه القاعدة في ~~باب الشهادة ، بأن كان الشارع لأجل الاهتمام بهذا المورد قد اعتنى ~~بالاحتمال المذكور ، إلا أن يكون المخبر اثنين ، ولم يلغه في صورة الوحدة ، ~~وعلى فرض القول بأن القاعدة عقلائية وليست بتعبدية صرفة والآية إمضاء ~~لطريقة العقلاء وتقرير لبنائهم من تصديق الأمين والثقة فالشارع في باب ~~الشهادة لم يمض هذه الطريقة بل خطأها. # والثاني : أن يكون الشارع في باب الشهادة قد خطأ العقلاء في أصلهم الجاري ~~لرفع احتمال الغفلة والنسيان ، فلم يعتن بهذا الأصل في موضوع العدل الواحد ~~في باب الشهادة ومقام المرافعات. # والثالث : أن يكون الشارع قد اعتبر في موضوع وجوب الحكم بمعنى فصل ~~الخصومة عما بين المترافعين الذي جعله منصبا للقاضي العدد ، فما لم يكن ~~الشاهد متعددا لم يتحقق موضوع الحكم ، فليس الحكم عند فقد العدد بمشروع وإن ~~كان الوصول إلى الواقع وترتيب آثاره بينه وبين الله حاصلا بنفس إخبار ~~العادل. # وبعبارة اخرى : لنا هنا شيئان : # الأول : هو إدراك الواقع وترتيب آثاره والالتزام بأحكامه في مقام العمل ، PageV01P536 # كإدراك أن هذا المال مال لزيد دون عمرو ، وترتيب أثر ملكية زيد كجواز ~~شرائه منه وعدم جوازه من عمرو ، وجواز الصلاة فيه لو كان ثوبا بإذن زيد ~~وعدمه بإذن عمرو ، إلى غير ذلك. # والثاني : وجوب فصل الخصومة والنزاع عن البين ، بدفع المال إلى زيد بعد ~~نزعه من يد عمرو لو كان في يده وختم الأمر بذلك ، ولا ملازمة بين هذين ~~الأمرين ؛ لوضوح إمكان حصول الأول بأن يلزم على القاضي ترتيب آثار ملكية ~~زيد دون عمرو من جواز شرائه من الأول المشهود له دون الثاني المشهود عليه ، ~~وجواز صلاته فيه بإذن الأول دون الثاني ، ولكن كان الأمر وهو وجوب القضاء ~~ومشروعية الحكم ونفوذ فصله الخصومة منوطا بحسب الشرع على حصول العدد ، فلا ~~يشرع له ولا يجب عليه نزع المال من يد عمرو ودفعه إلى زيد وطي النزاع على ~~ذلك ما لم يشهد عنده شاهد آخر بملكيته لزيد. # وعلى هذا فلو شهد فاسق كان في أعلى درجة من ms0503 الوثوق في مقام الإخبار بحيث ~~كان قاطعا بعدم تعمده الكذب في الإخبار وكان وجه عدم القطع بخبره منحصرا في ~~صدور غفلة وسهو منه في إخباره بملكية المال لعمرو يلزم عليه ترتيب آثار ~~ملكيته لعمرو في مقام عمل نفسه ، فإنه قد وقع الواقع في يده ، فلا يعقل منه ~~عن إجراء أثره ، ومع ذلك ليس يجب عليه فصل الخصومة بمجرد شهادة فاسق أو ~~فاسقين بهذا الوصف. # وهذا نظير ما قاله بعض في ما إذا حصل القطع للقاضي من الخارج بحقية ~~المدعي مثلا في حقوق الله تعالى من أنه لا يجوز له إجراء الحكم بمجرد قطعه ~~ما لم يقم شاهدان ، مع أنه بحسب معاملات نفسه لا إشكال في كونه مكلفا ~~بمقتضى قطعه ، فيعلم أنه لا منافاة بين ثبوت الواقع ولزوم ترتيب أثره وبين ~~عدم لزوم القضاء وفصل الخصومة. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أنه لا دليل على التعبد بقول الثقة في نقل ~~الإجماع على الوجه الثالث ؛ لعدم الدليل على لزوم الأخذ والعمل بحدسه ، نعم ~~يكون حجة بالنسبة PageV01P537 # إلى من كان مقلدا للناقل ؛ فإن دليل التقليد قائم في حقه بحجية حدسيات ~~الناقل له ولزوم اتباعها عليه. # ثم على تقدير تسليم الإطلاق في مفهوم الآية بالنسبة إلى جميع أقسام خبر ~~العادل من الحسية والحدسية نقول : لا إشكال في أن الحدس المبتني على مقدمة ~~اجتهادية بعيدة عن الحس ليس في حق غير صاحبه من مجتهد آخر حجة ، كيف ولو ~~كان كذلك لكان اجتهاد كل مجتهد في حق غيره حجة ومن قبيل خبر العادل ونقل ~~الثقة لحكم الله ، والمقطوع خلافه، فعلى فرض الإطلاق في الآية يكون مخصصا ~~بغير الإخبار الحدسي الاجتهادي البعيد عن الحس. # فإن قلت : القدر المخرج من هذا الإطلاق هو ما علم استناده إلى اجتهاد ~~المخبر كما هو الحال في فتاوى المجتهدين ، فإنهم وإن كانوا يخبرون بطريق ~~القطع يكون مؤدى نظرهم حكم الله في حقهم وحق جميع المكلفين ، إلا أن ~~إخبارهم معلوم الاستناد إلى اجتهادهم ، وأما المشكوك حاله ، المحتمل كونه ~~عن اجتهاد من المخبر وكونه ms0504 عن حسه فهو مشمول لهذا الإطلاق ، ولم يثبت له مخرج. # قلت : المخرج عن الإطلاق غير مقيد بالعلم ، بل نفس الخبر الذي استناده ~~بحسب الواقع إلى الاجتهاد البعيد خارج ، وليس للعلم والجهل مدخل في عنوان ~~المخصص ، وإذن فالتمسك بهذا الإطلاق في مورد يحتمل كونه من أفراد المخصص ~~يكون من باب التمسك في الشبهة المصداقية ، وهو غير جائز على ما تقدم في بابه. # بقي هنا أمر آخر ربما يتمسك به لحجية الإجماع المنقول وهو أن بعد حجية ~~قول الناقل : أجمعت الطائفة ، أو أجمعت العصابة بالنسبة إلى مقدار محسوساته ~~فالذي يمنعنا عن التمسك بقوله أحد أمرين ، الأول : أن يكون قد ادعى الإجماع ~~المنعقد على الأصل في الفرع ، والثاني : أن يكون فتاوى جماعة حصلها موجبة ~~لقطعه بموافقة الإمام ، لكونه في حصول القطع خارجا عن المتعارف فيقطع بما ~~ليس سببا للقطع بحسب المتعارف ، فيكون إخبار هذه الجماعة الذي هو مدركه في ~~نقل الإجماع من هذا القبيل. PageV01P538 # ولنا لرفع كل من هذين طريق. # أما الأول : فطريق رفعه أن من يقول : ماء الغسالة طاهر بالإجماع مثلا فلا ~~إشكال في ظهور هذا القول في انعقاد الإجماع في نفس الفرع ، وقد فرغنا عن ~~حجية الظواهر ، فيكون ظهور كلامه حجة يرفع به احتمال إرادة الإجماع على ~~الأصل ، وبعد هذا الظهور يرتفع احتمال إرادته الخلاف بدليل اعتبار الظهور ، ~~ويرتفع احتمال كونه مريدا للظاهر ، لكن كان كاذبا في دعواه وأن الواقع كونه ~~محصلا للإجماع على الأصل بأدلة الغاء احتمال كذب العادل. # وأما الثاني : فلأن طريقة العقلاء حمل أفعال العاقل على ما هو غير خارج ~~عن حد المتعارف ، فكما يرفعون احتمال الخطاء والغفلة والنسيان في حق من ~~يحتملون فيه ذلك ، كذلك يرفعون احتمال الخروج عن المتعارف في حصول التصديق ~~والاعتقاد أيضا مع احتماله، وجرى بنائهم على عدم الاعتناء بالاحتمال في ~~المقام الثاني ، كما جرى في المقام الأول. وإن شئت قلت : إن حالة الخروج عن ~~حد المتعارف في الاعتقاد في جانب الحصول مثله في طرف عدم الحصول يكون من ~~الأمراض لصاحبه ، فأصالة الصحة صالحة ms0505 لرفع احتماله. # قلت : هذا أيضا لا يسمن ولا يغني من جوع ؛ فإنا سلمنا رفع احتمال كون ~~الإجماع المدعى في الفرع منعقدا في الأصل دون الفرع لظاهر الكلام ، ولكن ~~الأصل المدعى في المقام الثاني ممنوع ، وجه المنع أن الاعتقاد بحسب طرفيه ~~من الحصول وعدم الحصول وإن كان محدودا وهو أن يتعدى عن الطريقة المتعارفة ~~تعديا فاحشا ، إما في جانب الإفراط بأن لا يحصل له الجزم من إخبار آلاف ~~عدول محتاطين في الإخبار ، وإما في جانب التفريط ، كأن يحصل له الاعتقاد ~~بمجرد إخبار رجل واحد مجهول غير معتنى بإخباره ، لكن ليس لوسطه حد محدود ~~ومقدار مضبوط ، بل الأشخاص مختلفون في ذلك غاية الاختلاف. # ولهذا ترى أنه يكون إخبار جماعة عند أحد بالغا حد التواتر ، لإفادته له ~~القطع ، ولا يكون عند آخر بالغا هذا الحد ، لعدم إفادته القطع له ، فليس ~~للتواتر عدد معلوم ، PageV01P539 # ولهذا أيضا ترى اختلاف الاشخاص في الاستظهار من الأدلة اللفظية ، فربما ~~يكون شخص في غاية المتانة والفطانة يحصل له القطع بإخبار أربعة بواسطة ~~معاشرته معهم واطلاعه على أحوالهم بما يوجب كمال وثوقه بهم ، أو قابل ~~مصنفاتهم مع مصنفات غيرهم ، فوجد في كلماتهم اتقانا لم يجده في كلمات غيرهم ~~، ومن هنا يحصل له القطع من اتفاقهم بموافقة الامام ، ولكن لا يحصل هذا ~~القطع لغير المعاشر الغير المتتبع. # وبالجملة ، فأحوال النقلة وتتبعهم مختلف في ذلك اختلافا كثيرا ، وليس ~~لمتعارفه حد محدود حتى يعين هذا الحد بالأصل فيثبت بذلك كونه من قبيل ما لو ~~كان محصلا لدى المنقول إليه لأوجب حدسه وقطعه ، بل يحتمل أن يكون حصل ~~للناقل القطع بما لا يوجبه للمنقول إليه ، مع عدم خروج أحدهما عن المتعارف. # بقي الكلام في نقل التواتر في الآية أو الخبر ، فاعلم أولا أن الخبر تارة ~~لا يكون بما هو خبر مفيدا للقطع ، بل بملاحظة حال المخبر ووثاقته ، فربما ~~يفيد بهذه الملاحظة خبر شخص واحد ، واخرى يكون بما هو خبر مع قطع النظر عن ~~الناقل مفيدا للقطع ، والتواتر من هذا القبيل ، فإن الاخبار تصير متعددة ms0506 ~~إلى حد يحصل العلم للإنسان ، ثم ليس له حد مضبوط وعدد معلوم متى تحقق ~~الاخبار من هذا العدد تحقق العلم نوعا ، ومتى لم يتحقق لم يتحقق العلم نوعا ~~، بل هو مختلف بحسب الأشخاص ، فرب عدد يكون تواترا ومفيدا للقطع عند شخص ~~ولا يكون عند آخر. # إذا عرفت ذلك فالآثار التي يطلب ترتيبها بحجية نقل التواتر يكون بين ~~ثلاثة أقسام ، الأول : الأثر المترتب على نفس الواقع المخبر به ، فإذا نقل ~~تواتر الأخبار على طهارة الغسالة فالمنقول اليه هل يرتب أثر الطهارة أولا؟ ~~، والثاني الأثر المترتب على نفس التواتر لو كان أثر لهذا الموضوع ، مثل ما ~~لو نذر أن يحفظ كل خبر متواتر ، وهذا على قسمين ، إما أن يكون موضوع الأثر ~~هو التواتر عنده ، وإما أن يكون هو التواتر عندنا ، لا إشكال في ترتيب ~~الأثر المترتب على التواتر عنده ، فإنه يشمله أدلة حجية خبر العادل ، فإن ~~اخباره مستند إلى الحس والوجدان ؛ فإن إخباره بتعدد المخبرين والرواة حسي ، ~~وبحصول العلم له من إخبارهم وجداني ، فلو لم يقبل نقله PageV01P540 # بالنسبة إلى هذا الحسي والوجداني لما كان وجه لذلك إلا حمل كلامه على ~~تعمد المكذب المنفي بأدلة الحجية. # وكذلك لا إشكال ظاهرا في عدم ترتب الأثر المترتب على التواتر عندنا وإن ~~كان ربما يتوهم كونه محلا للإشكال باعتبار أنه إذا كان الموضوع للأثر هو ~~الثبوت عندنا فلا فرق بين ثبوته بالعلم أو بطريق تعبدي يقوم مقامه ، فهو ~~كما إذا قال المولى : إذا ثبت عندك قيام زيد فافعل كذا ، فإن طريق ثبوت ~~القيام كما يكون بالعلم كذلك يكون بإخبار العادل به ؛ إذ معنى الثبوت هو ~~وجدان الطريق ، فكذا إذا قيل : متى ثبت عندك التواتر فافعل كذا ، فإنه أيضا ~~يلزم ترتيب هذا الأثر عند إخبار العادل بالتواتر ، فإنه قد ثبت عندي ~~التواتر بخبر العادل. # ولكنه توهم في غير المحل ؛ فإنك قد عرفت أن حد التواتر ليس بمضبوط ، بأن ~~يكون إخبار الألف مثلا تواترا بحسب نوع الأشخاص ، وإخبار ما دونه لا يكون ~~تواترا بحسب نوعهم ، فإذن فلا بد ms0507 في إحرازه من تحقق العدد المفيد للعلم عند ~~كل شخص حتى ثبت التواتر عنده ، وحينئذ فحال إخبار الناقل عن التواتر غير ~~خارج عن شقين ، فإنه إما يدعي بأن العدد المفيد للعلم عنده قد تحقق ، فهذا ~~ليس بموضوع للأثر ؛ إذ قد فرضنا أنه العدد المفيد للعلم لنا. # وإما يدعي تحقق العدد المفيد للعلم عندنا ، فلا دليل على التعبد بقوله ، ~~فإنه لا طريق له إلى وجدان شخص آخر غير نفسه ، وإنما ذلك حدس منه نظير ~~الحدس الحاصل من مدعي الإجماع حيث إنه أيضا يدعي أن هذا مما يوجب القطع ~~النوعي ، كمدعي الظهور النوعي ، لكن قلنا : إنه مع عدم لزوم كون المدعى ~~خارجا عن المتعارف حتى يدفع بالأصل يحصل الاختلاف حسب اختلاف الأشخاص ، ~~وبعد عدم شمول الآية إلا للإخبار عن الحس لا ينفى احتمال خطائه في هذا ~~الحدس بأصل عقلائي ولا شرعي. # فإن قلت : نحن نفرض أن الناقل قد أحرز من حال المنقول إليه أنه يقطع ~~بإخبار ألف نفر ، فلو أخبره بهذا العدد فلا بد من ثبوت التواتر. PageV01P541 # قلت : نعم ولكن يلزم ترتيب آثار الواقعي على هذا أيضا ، ومدعانا أنه في ~~مورد يتوقف في ترتيب آثار الواقع لا يمكن ترتيب آثار التواتر عند المنقول ~~إليه ، فإذا فرضنا أن رؤية شخص عدد المخبرين في الكثرة بالغا حدا يحصل منه ~~القطع عادة ليس ملازما عاديا لثبوت نفس الواقع ، وذلك لمدخلية خصوصية ~~الأشخاص في ذلك ، فكما لا يمكن الحكم بثبوت الواقع وترتيب آثاره ، فكذلك لا ~~يمكن الحكم بثبوت التواتر الذي هو العدد الملازم لثبوت الواقع ، فكما يقال ~~: إن حدسه في المقام الأول لا دليل على اتباعه ، فكذلك في المقام الثاني ~~بلا فرق ، فدعوى اطلاعه على وجداننا غير مسموعة منه. # وبالجملة ، فهذا نظير ما إذا رتب الأثر على نفس العلم ولو على وجه ~~الطريقية ، فإنه لا ريب في أن هذا الأثر يتوقف ترتبه على حصول العلم لنا ~~بالوجدان ، ولا يكفي إخبار عادل بحصول العلم ، فإنه إن ادعى العلم له فلم ~~يتحقق الموضوع في حقنا ، وإن ادعاه لنا ms0508 فهو مقطوع الخلاف ، فإن كل أحد أعرف ~~بوجدان نفسه من غيره ، فكيف يكون قوله حجة مع اطلاعنا على عدم حصوله في ~~وجداننا. # وهكذا الكلام في التواتر ، فإنه عبارة عن إخبار عدد يوجب الجزم ، ولا ~~ينفك عن الجزم الفعلي ؛ إذ قد فرضنا أنه لا يستقر على عدد معلوم حتى يصير ~~له موضوع خارجي معلوم مثل قيام زيد في المثال ، بل هو دائر مدار حصول العلم ~~، فيكون مثل نفس العلم ، فلا بد من قيام هذا العدد عند كل أحد وإفادته ~~للجزم في نفسه ووجدانه حتى يتحقق عنده موضوع التواتر. # وأما مجرد إخبار عادل بحصول هذا العدد فإن كان مدعاه حصول ما يفيد الجزم ~~له ، فهذا ليس محققا لموضوع التواتر بالنسبة إلى غيره ، وإن كان مدعاه حصول ~~ما يفيد الجزم لغيره فهذا دعوى لا يسمع من غير من يعلم الغيب. # وإذن فلا إشكال في عدم حجية نقل التواتر بالنسبة إلى الآثار المترتبة على ~~التواتر عند المنقول إليه وإن فرض كون العلم مأخوذا في الموضوع على وجه ~~الطريقية دون الصفتية ، بأن كان الموضوع هو العلم بالتواتر بمعنى الطريق إليه. PageV01P542 # وأما بالنسبة إلى الآثار المترتبة على الواقع أعني ما هو المخبر به ~~للتواتر فالكلام في نقل التواتر هو الكلام في الإجماع المنقول حرفا بحرف ؛ ~~فإن إخباره عن السبب أعني سبب العلم ليس إلا عن السبب عند نفس الناقل ، ~~ويحتمل كونه سببا عند المنقول إليه أيضا ، ويحتمل عدمه ، وحينئذ فيؤخذ ~~بالعدد الذي هو المتيقن من كلامه ، فيكون قوله بالنسبة إلى هذا المقدار حجة ~~، فإن أفاد هذا المقدار بنفسه العلم للمنقول إليه لو كان محصلا له يعامل ~~معه معاملة تمام السبب ، وإلا فيضم إليه من سائر الأمارات والروايات ما ~~يبلغ به تمام السبب. ### | «فصل» ### | «في حجية الشهرة» # مما قيل باعتباره بالخصوص الشهرة ، واستدل له بوجهين : # الأول : أن الدليل الدال على حجية خبر الثقة يستفاد منه حجية الشهرة ~~بطريق أولى ، فإن حجية الخبر يكون من باب إفادته الظن ، ولا شك أن الظن ~~الحاصل من الشهرة أقوى من الحاصل ms0509 عن الخبر. # وتقرير ذلك على نحوين : # الأول : أن يكون على نحو فحوى الخطاب. # والثاني : أن يكون على نحو القياس الاولوي القطعي وتنقيح المناط ، والفرق ~~أنه على الأول يكون من باب دلالة اللفظ ، وعلى الثاني يكون من باب إسراء ~~الحكم إلى ما وجد فيه مناطه القطعي ، وهذا الوجه بكلا نحويه باطل. # أما الأول فواضح ؛ فإن المعتبر في الفحوى أن يكون المعنى منفهما عند ~~العرف من اللفظ عند إطلاقه ، بل يكون سوق الكلام لأجل إفادته وكان هو ~~المقصود الأصلي كما في قوله تعالى : ( @QUR@04 فلا تقل لهما أف ) فإنه يفهم ~~منه عرفا حرمة الضرب ، بل ربما PageV01P543 # لا يكون المدلول المطابقي ملحوظا أصلا ، كما يقال : لو نظرت إلى ظل فلان ~~نظر سوء لأفعلن بك كذا ، فإن المقصود في الحقيقة ليس النهي عن النظر إلى ~~ظله ، بل إيراد أنواع التوهين عليه ، ومن المعلوم أنه لا يتفوه أحد مثل ذلك ~~في الشهرة بالنسبة إلى أدلة حجية خبر الثقة ، وأنى لأحد أن يدعي أن العرف ~~يفهم من قولنا : خبر الثقة حجة ، أن الشهرة أيضا حجة. # وأما الثاني فتماميته مبتنية على كون المناط لحجية خبر الثقة إفادته الظن ~~الفعلي أو النوعي ، وليس كذلك ، بل مناط الحجية غلبة المطابقة مع الواقع ~~بحيث كان موارد التخلف في غاية الندرة ، كما لو كان المتخلف بين المائة واحدا. # فإن قلت : إن العقلاء كالشرع يرون خبر الثقة حجة ، ويرون الشهرة أيضا حجة ~~، والفرق بين هذين الظنين وسائر الظنون الغير الحجة عندهم ليس لا محالة إلا ~~من جهة رؤية غلبة المطابقة في هذين دون ذلك ، ولا يخفى أن هذا المناط عندهم ~~في الشهرة أقوى من خبر الثقة. # قلت : لو نزلنا الأدلة الواردة في حجية خبر الثقة على تقرير طريقة العرف ~~، تم ذلك على فرض تسليم ما ذكرت من حجية الشهرة عند العقلاء وأتمية المناط ~~عندهم فيها ، وأما لو كانت الأدلة المذكورة بصدد التأسيس فلا يخفى أن إحراز ~~أغلبية المطابقة إنما يكون بنظر العرف ، ولا ملازمة بينها وبين الأغلبية ~~بنظر الشرع ، والملاك إنما هو الثاني ms0510. # فإن قلت : إذا احرز الأغلبية بنظر العرف فلا محالة يحرز بنظر الشارع ؛ ~~لأن هذا معنى الظن وإدراك الواقع بطريق الراجح ، وإلا يلزم التناقض وأنه ~~رجح في نظرهم ذلك ، وما رجح. # قلت : نعم ، ولكن غايته الظن بذلك دون القطع ، فيصير تنقيحا ظنيا للمناط ~~لا قطعيا ، ولا دليل على حجية هذا الظن ، وذلك لأن الإنسان إذا جمع مائة ~~فرد من ظنون الحاصلة في مائة مورد فهو لا يقطع بأن المخالف مما بين المائة ~~واحد ، بل يحتمل موهوما كون الجميع مخالفا ، نعم يظن ذلك ، وهو ما ذكرنا من ~~التنقيح الظني ، ثم من PageV01P544 # الممكن أن يكون المناط في نظر الشارع لم يكن مطلق الغلبة ، بل الغلبة ~~بالحد الخاص ، ومن الممكن عدم بلوغ الغلبة المظنونة لنا في الشهرة ذلك الحد ~~، وبذلك يخرج عن كونه تنقيحا ظنيا أيضا. # فتحصل أن ملاك الحجية في خبر الثقة هو الطريقية ، ولكن الطريقية هناك ليس ~~بمعنى الظن الفعلي أو النوعي ، بل المقصود بها هو أن الشارع رأى هذا الطريق ~~أغلب مطابقة من غيره فلهذا أوجب العمل به دون غيره ، ولم يحرز هذا المعنى ~~في الشهرة ؛ إذ لا طريق لنا إلى إثبات كون الأغلب من أفرادها مطابقا ، بل ~~يحتمل موهوما أن تكون جميع أفرادها أو غالبها مخالفا ، وعلى تقدير كون غالب ~~أفرادها مطابقا فمن أين نعلم كون الغلبة فيها على حد الغلبة في الخبر ، ~~فلعل الغلبة في الخبر يكون في نظر الشارع بحد ليس بين المائة خبر إلا مخالف ~~واحد ، وهذا الحد له خصوصية في نظر الشارع في الحجية. # وبالجملة ، من أين لنا سبيل إلى إحراز الغلبة في الشهرة على حذو الغلبة ~~التي رآها الشارع في الخبر بلا تفاوت أصلا؟ وبدون ذلك لا يمكن دعوى القطع ~~بتنقيح المناط ، بل يمكن أن يقال : إن مناط الحجية ليس هو الأقربية إلى ~~الواقع وقلة التخلف ، وذلك لأن ظواهر الألفاظ عند العقلاء حجة في تشخيص ~~مراد المتكلم ، ولو كان الظن الفعلي على خلافه من طريق غير معتبر فلا ~~يعتنون بهذا الظن ، حتى لو فرض وجود ms0511 هذا الظن في غالب موارد الظواهر ، مع ~~أنه لا يمكن الحكم في تلك الموارد بأن المتخلف في هذا المظنونات المخالفة ~~للظواهر أكثر من المتخلف في تلك الموهومات الموافقة لها ، فلا بد أن يقال : ~~إن الأقربية المذكورة ليست تمام المناط ، بل لخصوصية المورد أيضا دخل تعبدا ~~عقلانيا. # ألا ترى أن الوثوق الحاصل من المخبر بعد الفراغ من إخباره متبع عندهم ، ~~وأما الوثوق الحاصل بأصل صدور الخبر من الخبر لا من قول مخبر بالصدور غير ~~متبع ، مع أنهما في ملاك الأقربية بنظرهم بمرتبة واحدة. # والوجه الثاني : دلالة مرفوعة زرارة ومقبولة عمر بن حنظلة الواردتين في PageV01P545 # الخبرين المتعارضين على ذلك. # ففي الاولى : «خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر» وجه الاستدلال ~~أن المورد وإن كان خصوص الشهرة في الرواية ، ولكن العبرة بعموم اللفظ دون ~~خصوص المورد ، فيستفاد من تعليق الحكم بالشهرة كون الشهرة في حد نفسها حجة ~~وإن تحققت في الفتوى. # ومنه يعلم وجه الاستدلال بالثانية ؛ فإن فيها : «ينظر إلى ما كان من ~~روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به ويترك ~~الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنما ~~الامور ثلاثة ، أمر بين رشده فيتبع ، وأمر بين غيه فيجتنب ، وأمر مشكل يرد ~~حكمه إلى الله ورسوله ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حلال بين وحرام ~~بين وشبهات بين ذلك الخ». # فإن التعليل بأن المجمع عليه لا ريب فيه بعد معلومية أن المراد به ~~المشهور بقرينة قوله : «ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور» أوضح دلالة على ~~المدعى من الخبر السابق. # وهذا الوجه أيضا باطل ؛ فإن فيه. # أولا : أن خصوصية المورد في أمثال ذلك لها مدخلية عرفا ، ألا ترى أنه لو ~~سئل عن أحد عن أحب الرمانين إليه فأجاب بما هو أكبر لا يلزم كون كل أكبر ~~أحب إليه ولو كان يقطينا؟ ، وكذا لو سئل عنه عن أحب المسجدين إليه فأجاب ~~بما كان أكثر جمعية ، فلا يلزم أحبية كل مكان كان أكثر جمعية ms0512 ولو كان سوقا ~~أو خانا. # فكذا مورد السؤال في الروايتين الخبران المتعارضان ، فاجيب بوجوب الأخذ ~~بما اشتهر ، فلا ربط له بما اشتهر من الفتوى بينهم. (1) # وثانيا : سلمنا أن لفظ الجواب عام والحكم قد علق بمطلق الشهرة ، ولكن PageV01P546 # نقول : إن الشهرة الاصطلاحية التي هي عبارة عن الكثرة في مقابل القلة ~~اصطلاح جديد يطلق في مقابل الإجماع ، وإلا فمعنى هذه اللفظة لغة هو الوضوح ~~والظهور ، يقال : فلان شهر سيفه وسيف شاهر ، يعني برز ، فالمراد بالمشهور ~~في الروايتين هو الواضح الذي يعرفه كل أحد ، وهذا داخل في بين الرشد ، ومن ~~هنا قال : «فإن المجمع عليه لا ريب فيه» واستشهد بحديث التثليث ، وهذا ~~المعنى متى يتحقق لا ريب في حجيته ، ولكنه أجنبي عن الشهرة. # وثالثا : لو سلمنا كون الشهرة أعم من الفتوائية وكون المراد هي ~~الاصطلاحية بملاحظة قوله : هما معا مشهوران ، والجواب بالرجوع إلى أعدلهما ~~، فإنه مع مقطوعية صدور كل منهما وعدم الشك لا معنى للأخذ بالأعدل كما هو ~~واضح ، ولكن غاية ما يثبت بالروايتين مرجحية الشهرة ، ولا منافاة بين كون ~~الشيء مرجحا وعدم كونه مرجعا بالاستقلال ، ولهذا على مبنى شيخنا المرتضى في ~~الخبرين المتعارضين حيث تعدى عن المرجحات المنصوصة إلى كل ظن حصل من أي سبب ~~، فعند وجود ظن على طبق أحد المتعارضين ذهب إلى الأخذ بالطرف المطابق له ~~يكون الظن المطلق مرجحا ، مع عدم قوله قدسسره بحجيته ومرجعيته. # وبالجملة ، فلا ملازمة بين المعنيين ، والثابت من الروايتين هو المرجحية ~~، فيبقى مرجعية الشهرة بلا دليل ، فيكون داخلة تحت الأصل أعني حرمة العمل بالظن. # فإن قلت : قوله في المقبولة : «فإن المجمع عليه لا ريب فيه» بعد فرض كون ~~المراد هو المشهور كما ذكرنا ، ووضوح أن المراد بكونه «لا ريب فيه» أيضا لا ~~يمكن كونه كذلك بقول مطلق ، فلا بد من إرادة أنه لا ريب فيه بالإضافة إلى ~~مقابله الذي ليس بمشهور ، ووجه إطلاق «لا ريب فيه» عليه بقول مطلق أنه مما ~~لا ريب فيه عند العقلاء ولا يصير كذلك إلا مع كون المشهور متبعا وحجة ms0513 ~~عقلائية ، فحينئذ يحصل من التعليل أمران : تشخيص صغرى الحجة العقلائية ، ~~وتقرير الشارع هذه الطريقة ، ومن المعلوم أن الشهرة مثلا إذا كانت كذلك عند ~~العقلاء كان ذلك مساوقا لحجيته بالاستقلال. PageV01P547 # قلت : نمنع ذلك ؛ إذ لا يستفاد من الرواية إلا أنه مما لا ريب فيه في ~~مقام ترجيح أحد المتعارضين لا مطلقا ، ولا غرو في ثبوت ذلك عند العقلاء ، ~~ولهذا تراهم عند تعارض الظهورين يعتمدون على بعض المؤيدات الموجودة في أحد ~~الجانبين مع عدم اعتمادهم على هذا المؤيد بالاستقلال. # وقد يجاب بأن كون المشهور مما لا ريب فيه عقلائيا مختص بالحسيات ، ولا ~~يورث ظنا فضلا عن الحجية في الحدسيات. # وفيه أن الشهرة في الحدسيات متحد الملاك مع الإجماع على مذاق الحدس ، ~~غاية الأمر هي أدون منه مرتبة ، فإن اتفاق المشهور من الماهرين في الفتوى ~~واولي الأنظار يورث الظن بأن ذلك من جهة وصول الحكم الواقعي إليهم يدا بيد. # وحينئذ فالذي يمكن أن يقال في المقام : إن الشهرة لها مراتب فإذا وصلت ~~بالمرتبة التي حصل منها الاطمئنان وسكون النفس فهي حجة ، وذلك لأن الظن من ~~أي سبب حصل لا يبعد دعوى أنه مع وصوله بهذا الحد حجة عقلائية ، وبضميمة عدم ~~الردع يصير حجة شرعية سواء في الموضوعات أم في الأحكام ، ولكن هذا ليس ~~إثباتا للحجية في بعض أقسام الشهرة ، بل الحجة في الحقيقة هو الاطمئنان ، هذا. ### | «فصل» ### | «في حجية الخبر الواحد» # من الظنون الخارجة عن الأصل خبر الواحد. # اعلم أن ما له نفع كثير في الفقه من الاصول هو [بحث] حجية الظواهر وحجية ~~الأخبار ؛ فإنه لا بد أولا من إحراز حجية الأخبار وضم حجية الظواهر إليه ، ~~ثم ننظر أنه وصل إلى حد يكفينا هذا المقدار في الفقه ويوجب انحلال العلم ~~الإجمالي ، أو أنه PageV01P548 # لا يصل إلى هذا المقدار ، وأما حجية الظواهر فقط بدون حجية الأخبار فلا ~~يكفينا قطعا ، فإنه حينئذ ينحصر الدليل في ظواهر الكتاب والخبر المتواتر أو ~~المحفوف بالقرينة القطعية ، ومن المعلوم قلة ذلك بحيث لا يفي بمعظم مسائل ~~الفقه ، فيلزم انسداد ms0514 باب العلم بالنسبة إلى غالب المسائل ، فينتهى إلى ~~القول بحجية مطلق الظن. # وأما بعد الفراغ عن حجية الظواهر فلو فرغنا أيضا عن حجية سند الأخبار ولم ~~يكن الخبر الذي فرغنا عن حجيته قليل الفرد ، نادر الوجود كما يقول به صاحبا ~~المدارك والمسالك ، فإنهما قائلان بحجية فرد مخصوص من الخبر وسمياه بالصحيح ~~الأعلائي وهو ما يكون جميع رجال السند فيه عدلا إماميا إلى أن ينتهى إلى ~~المعصوم ، فإن من المعلوم ندرة وجود ذلك في الأخبار بل كان شائعا بين ~~الأخبار مثل خبر الثقة ، فإن الوثوق يجتمع مع فساد المذهب ومع عدم العدالة. # فحينئذ لو رأينا في الفقه أنه يوجد لنا خبر الثقة بالنسبة إلى غالب ~~الأحكام بحيث ينحل علمنا الإجمالي ولا يوجب العمل بالأصل في ما عداه خروجا ~~عن الدين فلا يلزم القول بحجية الظن المطلق. # إذا عرفت هذا فنقول : إذا وجدنا خبر واحد غير مقطوع الصدور وله ظاهر ~~فالحكم بأن ما يستفاد منه بحسب ظاهره هو حكم الله تعالى يتوقف على مقدمات ~~فرغنا عن بعضها في علم الكلام ، مثل إثبات الصانع والنبي والوصي ، فقول ~~الصادق صلوات الله عليه مثلا لكونه مفترض الطاعة يجب العمل به ، وبعد ~~المقدمات المفروغ عنها في الكلام يتوقف على مقدمات أربع : # الاولى : أن هذا الخبر صادر عن الإمام عليه السلام . # والثانية : إحراز معاني ألفاظ الخبر وما هو المفهوم منها عرفا. # والثالثة : إحراز كون هذا المفهوم والظاهر لدى العرف مراد. # والرابعة : أن هذا المراد مطابق للحكم الواقعي اللوح المحفوظي ، وبعبارة ~~اخرى : كان الداعي إلى إظهاره بيان لحكم الله الواقعي لا التقية والخوف ، ~~فإنه قد يكون PageV01P549 # الظاهر من اللفظ مستعملا فيه ومرادا جديا ، لكن الداعي إليه الخوف أو ~~التقية دون بيان الواقع اللوح المحفوظي. # فالمقدمة الثانية قد عرفت حالها وأن طريق إحراز الظواهر منحصر في القطع ~~وإثباتها بقول اللغوي محل إشكال والمقدمة الثالثة أيضا قد مر البحث فيها في ~~حجية الظواهر وأن إثباتها بالظواهر لا إشكال فيه. والمقدمة الرابعة أيضا ~~يمكن إحرازها بالأصل العقلائي ، فإنهم متفقون على حمل ms0515 كلام المتكلم صادرا ~~لغرض بيان المطلوب الواقعي لا لتقية أو خوف ، وليس هو أصالة تطابق ~~الإرادتين الاستعمالية والجدية ، بل بعد إجرائها وإحراز التطابق يكون هنا ~~أصل آخر وهو أن الداعي إلى إظهار هذا المراد الجدي هو بيان الواقع دون ~~التقية (1) والخوف ونحوهما. # فيبقى المقدمة الاولى هي : إثبات الصدور ولو تعبدا ، وهي التي عقد هذا ~~المبحث لها، ثم تعرض هنا شيخنا المرتضى لإثبات كون المسألة اصولية ببيان أن ~~البحث راجع إلى أنه هل السنة الواقعية أعني قول المعصوم وفعله وتقريره التي ~~هي مفروغ عن دليليته يثبت بخبر الواحد أولا؟ فعلى المشهور من كون مسائل ~~الاصول باحثة عن أحوال الأدلة بعنوان كونها أدلة وبعد الفراغ عن ذلك يتضح ~~كون هذه المسألة اصولية ، ولا يحتاج إلى جعل الموضوع خبر الواحد الذي هو ~~الموضوع الذي يحتاج إلى البحث عن دليليته وتجشم أن المراد بالأدلة في ~~الموضوع ذاتها ، ليرجع البحث عن الدليلية إلى البحث عن أحوال الموضوع. # واستشكل عليه قدسسره بأن مسائل العلم لا بد وأن يكون باحثة عما يعرض ~~بموضوعه ، بعد الفراغ عن وجوده وثبوته ، وبعبارة اخرى عما يثبت له ثبوت شيء PageV01P550 # لشيء الذي هو مفاد كان الناقصة ، فالبحث عن أصل ثبوت الموضوع الذي هو ~~مفاد كان التامة يخرج عن المسائل ويندرج في المبادي. # واجيب بأن الثبوت الذي هو مفاد كان التامة إنما هو الثبوت الوجداني ، ~~وأما الثبوت التعبدي الذي هو المبحوث عنه هنا فهو من مفاد كان الناقصة كما ~~هو واضح. # واجيب عن هذا الجواب بأن هذا وإن كان مفاد كان الناقصة ، لكنه ليس من ~~عوارض السنة الواقعية المحكية بخبر الواحد ، بل من عوارض نفس الحاكي الذي ~~هو الخبر ، فإن معنى الحجية أنه يجب العمل بالخبر والحكم بمطابقة مؤداه مع ~~الحكم الواقعي والسنة الواقعية. # قلت : لو سلمنا عدم ورود هذا الإشكال وأن البحث عن الحجية يرجع إلى البحث ~~عن أحوال الدليل نقول : إن أمكن إتمام هذا المعنى أعني وجوب إرجاع كل مسألة ~~إلى البحث عن أحوال الدليل في تمام مسائل الفن فهو ، ولكن ms0516 لا يتم ذلك فإن ~~الموضوع في مسألة الاستصحاب وأصل البراءة هو الشك في التكليف مع الحالة ~~السابقة أو مع عدمها ، أو فعل المكلف في الحالين ، وليس ذلك واحدا من ~~الأدلة لا بعنوانها ولا بذاتها. # وأيضا فلا بد من ملاحظة أن موضع الذي نتكلم فيه ونرد السلب والإثبات عليه ~~في المسألة ما ذا ، وهو في مسألة حجية خبر الواحد ، خبر الواحد ، فلا داعي ~~إلى إخراجه عن وضعه وإرجاعه إلى البحث عن أن السنة الواقعية هل يثبت بخبر ~~الواحد أولا ، بل نسبة هذه المسائل بالمسائل الفقهية ، فإنها بحث عن الحكم ~~الفرعي ووجوب العمل بالحالة السابقة أو بمضمون الخبر ، أو إباحة الفعل ~~والترك ، وهذا الحكم مستفاد من الأدلة التفصيلية أيضا من الآية والخبر ~~والعقل ، وموضوعها أيضا فعل المكلف ، فينطبق عليها تعريف الفقه الذي هو ~~العلم بالأحكام الفرعية عن أدلتها التفصيلية. # وحينئذ فيجب رفع اليد عن هذا الميزان أعني كون ميزان الاصولية رجوع PageV01P551 # البحث في المسألة إلى البحث عن أحوال واحد من الأدلة إما بعنوانها أو ~~بذاتها والرجوع إلى ميزان آخر وهو أن الاصول هو العلم بالقواعد الممهدة ~~لكشف الحال بالنسبة إلى الأحكام الواقعية. # وبعبارة اخرى نتيجة هذه القواعد مفيدة بحال تلك الأحكام إما علما بها ، ~~وإما تنجيزا لها ، وإما عذرا عنها على تقدير الثبوت ، يعني ثبوت الإلزام في ~~الواقع. # أقول : لا بأس بتفصيل الكلام في هذا المرام وإن تقدم الكلام فيه في أول ~~الشروع في الفن ، فنقول : إن القوم جعلوا موضوع الاصول الأدلة الأربعة ~~فاستشكل عليهم بأنه على هذا يلزم خروج جل المسائل لو لا كلها عن كونها ~~مسائل الفن واندراجها في المبادي ، وذلك لأن البعض الذي يكون مباديا للعلم ~~من قبيل المبادي اللغوية واضح كونها من المبادي. # وأما البعض الذي يحسب من المسائل فلا إشكال أن البحث في شيء منها ليس عن ~~عوارض الأدلة بعد الفراغ عن كونها أدلة ، وإنما يبحث فيها عن الدليلية إلا ~~مباحث التعادل والتراجيح ، فإنها باحثة عن أحوال الدليل بعد إثبات دليليته ~~، مع أنه يمكن أن يقال : إن ms0517 البحث فيها أيضا عن الدليلية ، ضرورة أنه يبحث ~~فيها عن أن الدليل عند تعارض الدليلين ما هو ، هل هو شيء ثالث ، أو الأقوى ~~منهما أو الأرجح أو أحدهما ، فالبحث إنما هو عن الدليلية في هذا الحال ، ~~وإذن فلا يبقى من المسائل ما كان مسألة ويلزم اندراج الجميع في جملة ~~المبادي. # فأجاب بعضهم عن هذا الإشكال بأن المراد بالأدلة التي جعلناها موضوعة هي ~~ذواتها لا هي بوصف كونها أدلة ، ولا يشكل بأن ذواتها متباينة بالحقيقة ، ~~فإنه يقال : نعم لكنها مندرجة تحت جامع مثل عنوان الذوات التي يمكن البحث ~~فيها عن الدليلية ، وعلى هذا فيكون البحث عن الدليلية بحثا عن عوارض هذه ~~الذوات. # وحاول شيخنا المرتضى تصحيح الحال مع محفوظية كون الأدلة بوصف أنها أدلة ~~موضوعة للاصول بدون الحاجة إلى تجشم أن المراد ذاتها بما عرفت من التوجيه. PageV01P552 # وفيه أيضا بعد تسليمه أن هذا لا يتم في الاصول العملية ؛ فإن موضوع مسألة ~~الاستصحاب ليس هو السنة وإن قلنا باعتباره من باب الأخبار ، لوضوح أنه على ~~هذا يكون البحث عن دلالة «لا تنقض» من أجل كونه مدركا للمسألة ، وإلا فليس ~~العنوان الذي هو المطرح في أول هذه المسألة أنه : هل يكون لقوله عليه السلام ~~: «لا تنقض» الخ دلالة أولا؟ بل ما يعنون في صدر الباب أن الشك في الشيء ~~بعد العلم بتحققه سابقا يوجب البناء على بقائه أولا. # ثم قد يجعل المدرك للأول دلالة هذا الخبر ، وقد يجعل العقل ، فالموضوع هو ~~الشك الذي له حالة سابقة ، كيف ولو كان البحث عن دلالة «لا تنقض» موجبا ~~لجعله بحثا عن أحوال السنة لزم دخول تمام مسائل الفقه ، فإنها أيضا مشتملة ~~على البحث عن دلالة الأدلة ، وكذلك الكلام في سائر الاصول العملية. # وحينئذ نقول : قد عرف الفقه بأنه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن ~~أدلتها التفصيلية ، وجعل موضوعه فعل المكلف ، وأنت خبير بأنه يمكن جعل ~~مسألة الاستصحاب من هذا القبيل ، فإن البحث فيه عن حكم شرعي مأخوذ عن ~~الأدلة التفصيلية وهو وجوب البناء على الحالة السابقة وعدمه ms0518 ، وموضوعه فعل ~~المكلف وهو البناء على الحالة السابقة. بل يمكن ذلك أيضا في حجية الأمارات ~~وحجية الظواهر ، فإن البحث عن حجية خبر الواحد مثلا ، بناء على أن الحجية ~~ليست أمرا آخر وراء وجوب العمل على طبق خبر الواحد بحث عن حكم شرعي ، ~~وموضوعه عمل المكلف ، وهكذا حجية الظواهر. # ونحن نذكر أولا ما هو وجه التمييز والفرق بين علمي الاصول والفقه ثم نشير ~~إلى ما هو الموضوع لهذا العلم ، فنقول : لا إشكال أن لله تعالى في كل واقعة ~~حكما واقعيا ثابتا في اللوح يعبر عنها بالأحكام الواقعية الأولية ، وهي ~~مطلوبة بنفسها وليس ما وراءها حكم آخر يكون الغرض من جعلها ملاحظة ذاك ~~الحكم ، وإنما الغرض من جعلها نفسها ، مثل حرمة الخمر ووجوب الصلاة ، ~~فالشارع جعل حرمة PageV01P553 # الخمر لأجل نفسه والمفاسد الكامنة في الخمر ، وكذا جعل وجوب الصلاة لأجل ~~نفسها والمصالح الكامنة في الصلاة ، لا أن كان مطلوبه وملحوظه في جعلهما ~~حكما آخر ورائهما. # ثم تبين حال المكلف بالنسبة إلى هذه الأحكام يحتاج إلى مقدمات مثل النحو ~~والصرف واللغة وحجية خبر الواحد ، وغير ذلك ، فإن المكلف في طريق استكشاف ~~تلك الأحكام يحتاج إلى العلوم الثلاثة لفهم معانى ألفاظ الكتاب والسنة ، ~~وكذلك يحتاج إلى مقدمات أخر ، فإنه قد لا يظفر بشيء في طريق استكشاف الواقع ~~ويبقى في الشك والتحير فيحتاج إلى قواعد من الشرع أو العقل تبين حاله عند ~~الشك والتحير. # وعلى هذا فكل مسألة متى بلغنا بعد إمعان النظر فيها وبذل الوسع إلى نتيجة ~~تكون هذه النتيجة حكما شرعيا وليس مجعولا إلا بملاحظة نفسه لا بملاحظة شيء ~~آخر فهي مسألة فقهية ، مثل قاعدة كل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، فإنه ~~قاعدة مطلوبة لنفسها وليس المطلوب منها كشف الحال بالنسبة إلى حكم آخر ورائه. # وكل مسألة وصلنا بعد طي طريق الاحتجاج والاستدلال فيها إلى نتيجة هي ~~مجعولة بلحاظ حكم وراءه لا لأجل نفسه ، فهي مسألة اصولية مثل مسألة حجية ~~خبر الواحد ، فإنا وإن قلنا بأن الحجة ليست إلا وجوب العمل ، لكن لا إشكال ms0519 ~~أنه ليس مجعولا على حذو وجوب الصلاة وكون نفسه عملا مطلوبا للشارع ، بل هنا ~~واقع محجوب مستور تحت الحجاب ، وهذا الخبر إما مطابق له ، وإما مخالف ، ~~فالشارع جعل هذا الوجوب ملاحظة لحال ذاك الواقع المستور ، فإن طابقه يكون ~~التارك له مستحقا للعقاب ولا عذر له في ترك الواقع ، وإن خالفه يكون العامل ~~به معذورا على ترك الواقع. # وكذلك الاستصحاب ، فإن البناء على الحالة السابقة ليس له عند الشارع ~~مطلوبية نفسية ، وإنما جعله واجبا على المكلف إما لسقوط عذره بالنسبة إلى الواقع PageV01P554 # لو ترك العمل مع الموافقة ، أو كونه معذورا لو عمل مع المخالفة ، وكذلك ~~البراءة في الشك بعد الفحص ، فإنها أيضا مجعولة لأجل الأحكام الواقعية ~~وسقوطها عن المكلف على تقدير الثبوت. # ومن هنا يعلم عدم تمامية ما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره في مسألة ~~الاستصحاب في مقام تعيين المعيار لكون المسألة اصولية أو فقهية ، من أنه إن ~~كانت ثمرة المسألة نافعة بحال المجتهد والمقلد على السواء فالمسألة فقهية ، ~~وإن لم ينفع ثمرتها إلا للمجتهد فهي اصولية ، مثلا حجية خبر الواحد لا ينفع ~~للمقلد إلا بواسطة التقليد عن المجتهد ، وليس له العمل به بلا واسطة ، كما ~~هو الحال في حرمة الخمر إذا تلقاها من المجتهد ، فإنك تعلم أن هذا ليس ~~معيارا ، فإن القاعدة المتقدمة أعني قولنا : كل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ~~، لا إشكال في كونها قاعدة فقهية ، ومع ذلك لا يمكن رجوع المقلد إليها ، بل ~~هي مرجع للمجتهد لا غير ، لأنه متمكن من تشخيص صغراها لا غير. # ثم نقول في مقام تشخيص الموضوع : إن بعض مقدمات استكشاف الواقع قد دونوه ~~في علوم آخر مثل مسائل النحو والصرف واللغة ، فإنهم شكر الله مساعيهم وإن ~~دونوها لأجل غرض آخر ، لكن يكفي لمهمنا ، فبقي أشياء أخر نحتاج إليها في ~~تحصيل هذا الغرض ، فهي دونت في هذا العلم وسميت بالاصول ، وهذه المسائل لها ~~موضوعات شتى ، وحينئذ لا داعي لنا إلى جعل الموضوع شيئا واحدا ، بل نجعل ~~هذه المتشتتات موضوعا للاصول ، وبينها جامع لا محالة على ms0520 ما تقرر في ~~المعقول من عدم إمكان انتهاء غرض واحد ونتيجة واحدة إلى أشياء متعددة ، ~~ولسنا بصدد تعيين الإسم لهذا الجامع. # ومن هنا علمت أن تمايز العلوم ليس بتمايز الموضوعات ، كما أن وحدتها لا ~~تكون بوحدتها ، ألا ترى أن علمي النحو والصرف علمان ومع ذلك يكون لهما ~~موضوع واحد وهو الكلمة والكلام. PageV01P555 # فإن قلت : قد جعلوا موضوع الأول هما من حيث الإعراب والبناء ، وموضوع ~~الآخر هما من حيث الصحة والاعتلال تحفظا لتلك القاعدة. # قلت : لا إشكال في أن الإعراب والبناء من مسائل النحو ، وكذا الصحة ~~والاعتلال من مسائل الصرف ، فكيف يجعل ما هو من المسائل داخلا في الموضوع؟ ~~فالتمايز ليس إلا بتمايز الغرضين ، فالمسائل المدونة لأجل غرض واحد يكون ~~علما واحدا وإن كان موضوعها متعددا ، والمسائل المتعلقة بموضوع واحد يعد ~~علمين إذا كان تدوينها لغرضين ، فعلم أن في مسألتنا لا حاجة إلى جعل ~~الموضوع ذات الأدلة ليصير البحث عن الدليلية بحثا عن أحوال الدليل ، ولا ~~إلى جعل الموضوع هو السنة الواقعية ، بل الموضوع خبر الواحد. # إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أنه قد اختلف في حجية خبر الواحد ، فالمنقول عن ~~السيد المرتضى والقاضي وابن زهرة والطبرسي وابن إدريس عدمها ، والمشهور على ~~الحجية. # واستدل للمانعين بالأدلة الثلاثة ، أما الكتاب فالآيات الناهية عن العمل ~~بغير العلم والظن ، والتعليل الواقع في آية النبأ ، حيث يستفاد منه النهي ~~عن كل ما يوجب خوف الوقوع في خلاف الواقع وفي الندم ، وهو موجود في كل ما ~~ليس بعلم. # وأما السنة فأخبار كثيرة بالغة حد التواتر الإجمالي الناهية عن العمل بما ~~لا يوافق الكتاب ، وما خالفه ، وما ليس له شاهد أو شاهدان في الكتاب أو ~~السنة المعلومة ، فيعلم منها المنع عن العمل بالخبر المجرد عن القرينة. # وأما الإجماع فقد ادعاه سيدنا المرتضى حتى أنه جعل بطلان العمل بخبر ~~الواحد معلوما من مذهب الشيعة كمعلومية بطلان القياس. # والجواب أما عن الآيات الناهية عن العمل بالظن وما عدى العلم فهو أن هذه ~~الآيات ليست إلا عمومات ، والأدلة التي نقيمها على ms0521 الحجية مخصصة لها ، بل ~~نقول : إن تلك الأدلة حاكمة على هذه الآيات ، فإن الخبر بعد ما صار حجة لا ~~يكون العمل PageV01P556 # به عملا بغير العلم ؛ إذ معنى الحجية جعله بمنزلة العلم ، فالعمل به عمل ~~بالعلم تنزيلا وإن كان عملا بغيره حقيقة ولغة ، فتكون أدلة الحجية حاكمة ~~على تلك الآيات وهو أقوى من المخصص. # وأما عن التعليل فيظهر الجواب عنه عند البحث عن دلالة آية النبإ ، ومحصله ~~أن مدلول التعليل ليس إلا المنع عن العمل السفهائي الناشي عن جهالة ، فإن ~~صاحب هذا العمل يقع في الندم عند كشف الخلاف ، وأما إذا كان العمل عقلائيا ~~فليس متعقبا بالندم وإن انكشف خلافه ، ونحن إذا جعلنا خبر الواحد حجة ~~بالسيرة أو بناء العقلاء أو التعبد الشرعي يصير العمل به من الأفعال ~~العقلائية ، فلا يتعقبه الندم وإن ظهر الخلاف ، فعلم أن أدلة حجية الخبر ~~واردة على التعليل المذكور ورافعة لموضوعه حقيقة ، وهو اقوى من المخصص ~~والحاكم. # وأما عن الأخبار المذكورة فهي ليست متواترة لا لفظا ولا معنى بأن يكون ~~لفظ واحد منقولا بالتواتر ، أو مضمون واحد منقولا بألفاظ مختلفة ، كشجاعة ~~الأمير عليه السلام ، وهذه ليست لا متواترا بحسب اللفظ ولا بحسب المضمون ، ~~نعم هي متواترة إجمالا بمعنى أنها بالغة عددا يحصل القطع بعدم كذب جميعها ، ~~مثلا إذا نقلت إلينا مائة أخبار يحصل لنا القطع بعدم كذب تمام المائة ونقطع ~~بوجود الخبر الصادر في ما بينها ، وحينئذ لو لم يكن بين تلك المائة قدر ~~جامع لم ينتج في مقام العمل ، وأما لو كان يجب العمل بالأخص مضمونا من تلك ~~الأخبار ، فإن الصادر إن كان هو فهو ، وإن كان الأعم فالأعم موجود في الاخص ~~، فالعمل بالأخص متعين على أي حال. # فنقول : هذه الأخبار بين ثلاث طوائف : # الاولى : ما يكون واردا لبيان الحال عند التعارض وأن ما لا يوافق الكتاب ~~يجب طرحه. # والثانية : ما اشتمل على طرح ما لا يوافق الكتاب على الإطلاق من دون ~~تقييد بصورة التعارض ، فيشمل بإطلاقه الخبر الغير الموافق الذي لا معارض له. PageV01P557 # والثالثة ms0522 : ما يشتمل على الأمر بطرح ما خالف الكتاب. # أما الاولى : فالجواب عنها واضح ، فإن موردها صورة التعارض ، فلا عموم ~~ولا إطلاق لها بالنسبة إلى غيرها ، فكأنه قيل : الخبران المتعارضان يجب ~~الأخذ بما يوافق الكتاب منهما ، وبعبارة اخرى : لا يلزم من المرجحية لدى ~~التعارض سقوط ما لا يوافق عن المرجعية مع عدمه ، واختصاص المرجعية أيضا بما ~~يوافق ، فربما يكون الشيء مرجحا ولا دخل له في المرجعية. # وأما الطائفتان الاخريان فالقطع حاصل بوجود الصادر في ما بينها ، لكثرة ~~مجموع الطائفتين ، فلاحظ الوسائل في كتاب القضاء ، وأخصهما مضمونا هو ~~الطائفة الثانية اعني الآمرة بطرح ما خالف الكتاب ، فإن عدم الموافقة كما ~~يصدق مع وجود خلاف الحكم في الكتاب ، كذلك يصدق مع عدم وجوده ولا وجود ~~خلافه رأسا في الكتاب بحسب ظاهره ، دون باطنه الذي علمه لدى الإمام ~~عليه السلام ، فيكون هذا المعنى منطبقا على المخالفة أيضا. # فنقول : غاية ما يثبت بتلك الأخبار طرح خبر الواحد الموجود خلاف مضمونه ~~في القرآن ، وأين هذا من خبر الواحد الوارد في مسألة الشك بين الثلاث ~~والأربع في الصلاة التي لا عين ولا أثر لها في القرآن ونحوها من المسائل ~~الغير الموجودة فيه؟ وهذا المقدار يكفي في المطلوب ، فإن مطلوبنا إثبات ~~الحجية بالإيجاب الجزئي في قبال السلب الكلي. # وأما المخالفة على وجه العموم والخصوص دون التباين الكلي فربما يتوهم ~~شمول هذه الأخبار لها محتجا بأن المخالفة على وجه التباين الكلي لا يصدر من ~~الكذابين ، ضرورة أنه لو جاء أحد وقال : إن الصادق قال : يا أيها الذين ~~آمنوا لا يجب عليكم الوفاء بالعقود ، لا يسمع منه أحد ، فلا يصدر منهم إلا ~~المخالفة على وجه العموم والخصوص ، فلا بد من عموم تلك الأخبار لتلك ~~المخالفة ، لئلا يلزم الحمل على الفرد النادر أو المعدوم. PageV01P558 # وفيه أنا نقطع بصدور المخالفة على هذا الوجه منهم عليهم السلام كثيرا كما ~~في البيع الغرري، ومنع الزوجة عن العقار ، واختصاص الولد الأكبر بالحبوة ، ~~وغير ذلك مما ورد التخصيص في عموم الكتاب بالسنة والأخبار المروية عن ~~الأئمة ms0523 عليهم السلام . # فعلى ما ذكر من شمول الأخبار المذكورة للمخالفة على هذا النحو يلزم كون ~~ذلك تخصيصا فيها ، وكل أحد يعلم أنها آبية عن التخصيص ، فإن المعصوم ~~عليه السلام في مقام التحاشي عن التحديث والقول بما لا يوافق الكتاب والأمر ~~باتقاء الله من نسبة ذلك إليهم وكونه زخرفا وباطلا. # وكيف يظن أحد إمكان تعقيب هذه المضامين بالاستثناء ولو بالنسبة إلى مورد ~~واحد أو موردين ، فكيف بهذه الأخبار الكثيرة في الموارد الكثيرة ، فيتعين ~~حمل هذه الأخبار على المخالفة بنحو التباين الكلي ، مضافا إلى أن الطائفة ~~الآمرة بطرح ما لا يوافق أيضا يمكن إرجاعها بحسب المضمون إلى الطائفة ~~الاخرى ، وأن المفهوم عرفا من عدم الموافقة هو المخالفة وإن كان بحسب اللغة أعم. # ألا ترى أنه إذا قيل : فلان لا يوافق ميلى في أفعاله ، يشمل بحسب اللغة ~~ما إذا لم يكن لك ميل أصلا ، أو كان على الخلاف ، ولكن العرف يفهمون منه ~~الثاني ، وحينئذ فتصير متواترة مضمونا ومعنى ، ويكون مؤدى الكل لزوم طرح ~~الخبر المخالف للقرآن على وجه التباين الكلي. # وأما ما ذكر في الاحتجاج على شمولها للمخالفة من حيث العموم والخصوص بأنه ~~يلزم على تقدير عدمه حملها على الفرد النادر أو المعدوم ، فالجواب : أنه لا ~~بعد في صدور المخالفة بنحو التباين الكلي عن الكذابة إذا كان جعلهم إياها ~~بنحو الدس في كتب أصحاب الأئمة عليهم السلام ، نعم لا يتصور صدورها منهم إذا ~~أسندوا الرواية إلى أنفسهم ، ولكن بنحو الدس ممكن ، والداعي لهم إلى ذلك ~~تخفيف الأئمة في أنظار عوام الشيعة ، وإظهار أنهم عليهم السلام ما كانوا ~~بصيرين بآيات القرآن العياذ PageV01P559 # بالله حتى صدر منهم مخالفتها بهذا الوجه. # وأما عن إجماع سيدنا المرتضى فهو أن هذه الدعوى ليست مما انفرد به السيد ~~قدسسره ، بل كل أحد يعترف بها بأدنى تأمل في حال أصحاب الأئمة ، فإنهم حيث ~~كانوا مبتلين بمعاشرة العامة ، فلهذا صاروا هم السبب لأن يشتهر وينتشر بين ~~المخالفين أنهم غير عاملين بخبر الواحد ، ولا يجوز ذلك في مذهبهم كالقياس ~~حتى يصير ذلك ms0524 مغروسا في أذهان مخالفيهم ، حتى إذا جاء أحد منهم بخبر إلى ~~الشيعة عن أئمتهم ، كان عذرهم في عدم قبوله كونه خبر واحد ، فهذا الإجماع ~~أعني عدم جواز العمل بخبر الواحد من دون تقييده بغير الإمامي أو بغير العدل ~~أو الثقة صدر منهم لمصلحة. # وبهذا يجمع بين إجماع سيدنا المرتضى ، بل دعواه لضرورة المذهب على المنع ~~وبين إجماع شيخنا المرتضى ، بل دعواه ضرورة المذهب على الجواز ، فإنهم ~~كانوا مجمعين على منع العمل بخبر الواحد بقول مطلق في الظاهر ، وكانوا ~~مجمعين على جواز العمل بخبر الواحد الإمامي في الباطن. # وأما حجج المجوزين فالأدلة الأربعة ، أما الكتاب فآيات ، ومن جملة الآيات ~~التي استدل بها على الجواز آية النبأ وهو قوله تعالى : ( @QUR@09 يا أيها ~~الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ). # تقريب الاستدلال بهذه الآية يكون من ثلاثة وجوه : # الأول : بمفهوم الشرط ، فإن مفهومه أنه : إن لم يجئكم فاسق النبإ فلا يجب ~~التبين ، يعني إن جاءكم عادل به فلا يجب التبين ، وهذا الوجه على ما قرره ~~القدماء محتاج إلى ضم مقدمة اخرى وهي أنه بعد نفي وجوب التبين في خبر ~~العادل بمقتضى المفهوم إما يرد بدون التبين ، وإما يقبل كذلك ، وحيث إن ~~الأول باطل ؛ إذ يلزم أن يكون العادل أسوأ حالا من الفاسق ، فيتعين الثاني ~~وهو المطلوب ، لكن قد كفانا مئونة هذه المقدمة شيخنا المرتضى جزاه الله ~~خيرا ببيان : أن ليس المراد في الآية الوجوب PageV01P560 # النفسي للتبين ، بل المراد الوجوب الشرطي ؛ إذ من المعلوم أنه لا يجب ~~علينا تفتيش الحال عند كل خبر يخبره فاسق في العالم ، بل المقصود أنه يجب ~~التبين عند خبر الفاسق للعمل ، فلا يجوز العمل بدون التبين. # فيصير المفهوم على هذا أنه يصح العمل في خبر العادل بدون التبين ، وهو ~~المطلوب ، فإن مفاد المنطوق على هذا يصير هكذا : إن جاءكم فاسق بنبإ فيشترط ~~في صحة العمل بمضمون هذا النبأ الفحص والوصول إلى صدق هذا المضمون ، فيصير ~~المفهوم هكذا : إن جاءكم غير الفاسق بنبإ فلا يشترط في صحة العمل التبين ~~وتحصيل ms0525 العلم ، ومعنى نفي الاشتراط هو الإطلاق وهو المطلوب. # لا يقال : يلزم اللغوية في الشرطية ؛ إذ المحصل أن العمل بخبر الفاسق ~~مشروط بالعلم، والحال أنه مع العلم يكون العمل به لا بخبر الفاسق. # فإنا نقول : المقصود أن العمل بمضمون هذا النبأ مشروط بالعلم ، وهذا لا ~~يلزم منه لغوية كما هو واضح. # هذا مضافا إلى ما ذكره قدسسره أيضا من أنه : لو كان المراد الوجوب النفسي ~~لما تم الاستدلال بالآية أصلا ، فإنه على هذا يكون مفاد المنطوق مطلوبية ~~التبين عند خبر الفاسق لإظهار فسقه وتفضيحه ، والمفهوم أن خبر العادل لا ~~يجب التبين عنده لأجل احترامه. # وأنت خبير بأن هذا ساكت عن مقام العمل رأسا ، فيكون اجنبيا عن المقام ~~بالمرة ولا يلزم أسوئية حال العادل أيضا ، بل يلزم أحسنيته كما هو واضح ، ~~وأما بحسب مقام العمل فيمكن توقفه على التبين في كليهما وعدم جوازه قبله ~~فيهما ، وبالجملة ، بعد وضوح أن المراد هو الوجوب الشرطي فالأمر سهل. # والوجه الثاني : هو التمسك بمفهوم الوصف بأن يكون النظر إلى مجرد تعليق ~~الحكم على وصف الفسق ، فكما أن قولنا : أهن الفاسق يدل بحسب المفهوم على ~~عدم وجوب الإهانة في غير الموصوف ، فكذا في المقام حيث وجب التبين في خبر الفاسق PageV01P561 # يدل بالمفهوم على عدم وجوبه في خبر غير الموصوف. # والوجه الثالث : هو التمسك بمناسبة وصف الفسق لوجوب التبين ، وهذا أقوى ~~من مفهوم الوصف ؛ فإن المفهوم دائر مدار استفادة حصر العلية من تعليق الحكم ~~على الوصف وإن لم يعلم مناسبة بينهما ، بل الملحوظ مجرد الوصف ، وأما هنا ~~فيبتني استفادة العلية على أمرين ، الأول : درك المناسبة بينه وبين الحكم ~~مثل : أكرم العالم وأهن الفاسق ، وتبين في خبر الفاسق ، والثاني : كون ~~الوصف عرضيا وطارئا على الذات ، فإنه يستفاد من ذلك علية الوصف ولو لم ~~يستفد حصرها الذي هو مبنى أخذ المفهوم ؛ إذ لو كان للذات اقتضاء لكان ~~التعليل بالوصف لغوا ، بل لزم جعل الحكم معللا بالذات ، لكونه أقدم رتبة من ~~الوصف ، وإن فرض اقتضاء للوصف أيضا ، مثلا لو قيل : أكرم ms0526 الرجل العالم ، ~~فالعالمية وإن كان لها اقتضاء وجوب الإكرام ، لكن لو كان للرجولية أيضا ~~اقتضائه لكان اللازم جعل الوجوب معللا بالرجولية ، لأنه موضوع والعلم ~~محموله ، ورتبة الموضوع مقدم على محموله. # والحاصل : أن مبنى الوجه الثاني على مجرد تعليق الحكم على الوصف وأنه ~~يفيد العلية مع الحصر ولو كان وصفا غير مناسب كما في : أكرم الجهال ، ومبنى ~~الوجه الثالث على حصر استفادة أصل العلية بدون الحصر على التعليق مع وجود ~~المناسبة بين الحكم والوصف المعلق عليه مثل : أكرم العالم. # والحاصل : إنه يقال : يستفاد من الآية أن ذات الحجة مع قطع النظر عن ~~الطواري ليس فيه اقتضاء التبين ، بل بملاحظة الطواري ، فهذه الاستفادة ~~مبنية على استفادة العلية من المناسبة العرفية ولو لم يستفد الحصر ؛ إذ لو ~~كان للذات أيضا الاقتضاء لكان الإناطة بالفسق لغوا ، كما نقول في قضية «إذا ~~بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء ، إنه يعلم أن ذات الماء ليس فيه مقتضى ~~الاعتصام في قبال من يقول : إنه كذلك ، لا في قبال من يثبت الاعتصام للجاري أيضا. # فهنا أيضا الآية رد لمن يسلب الحجية عن طبيعة الخبر بالسلب الكلي ، لا لمن PageV01P562 # يثبت اقتضاء وجوب التبين لوصف آخر أيضا ، مثل كونه نبأ العادل الكثير ~~السهو ، ومقصودنا أيضا إثبات الإيجاب الجزئي في قبال السلب الكلي. # وقد اورد على هذه الوجوه إيرادات كثيرة ، ونبدأ أولا بذكر ما كان صعب ~~الذب منها، فقد استشكل على التمسك بمفهوم الشرط بأن القائلين بمفهوم الشرط ~~إنما يقولون به فيما إذا كان هناك موضوع ومحمول وواسطة بحسب متفاهم العرف ~~من القضية ، كما في قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ، فإن العرف يفهم منها أن ~~زيدا موضوع ، ووجوب إكرام زيد محمول ، والمجيء واسطة لثبوت هذا المحمول ~~لذاك الموضوع ، وكان انتفاء الواسطة غير موجب لانتفاء الموضوع كما في ~~المثال ، حيث لا يلزم من انتفاء المجيء انتفاء الزيد. # فحينئذ يقولون بأن القضية تدل مفهوما على أن انتفاء الواسطة يوجب انتفاء ~~الحكم من الموضوع ، فعند عدم المجيء في المثال يحكم بعدم وجوب الإكرام ms0527 لزيد ~~، ولكن لا يثبت بذلك عدم وجوبه لعمرو ؛ إذ هو موضوع مغاير لموضوع القضية ، ~~فهو مسكوت عن حكمه. # وأما لو كان انتفاء الواسطة ملازما لانتفاء الموضوع فلا موضوع عند انتفاء ~~الواسطة حتى يحكم بقضية المفهوم بانتفاء الحكم عنه. # نعم هنا مطلب عقلي أجنبي عن المفهوم ثابت في كل قضية ولا اختصاص له ~~باللفظية الشرطية وهو انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه ، ومن المعلوم أنه ليس ~~من باب الدلالة المفهومية ، وإن شئت سمه مفهوما ، لكنه ليس من المفهوم ~~النافع في سائر المقامات ، ومن هذا القبيل القضايا التى تكون بصورة الشرطية ~~يذكر أداة الشرط فيها ، ولكن سيقت لأجل تحقق الموضوع. # وقد مثلوا لها بأمثلة ، منها قولك : إذا رزقت ولدا فاختنه ، فوجوب الختان ~~حكم موضوعه الولد للمخاطب لا ولد غيره ، والشرط أعني المرزوقية بالولد محقق ~~له ، ولا وجود له بدونه ، ومعه يكون عدم وجوب ختان الولد أمرا عقليا ، ولا ~~تعرض في PageV01P563 # القضية لحال غير ولد المخاطب حتى يقال بثبوت المفهوم فيه ، فيقال عند عدم ~~المرزوقية : لا يجب ختان غير الولد من ولد الأشخاص الأخر. # وبالجملة ، فالآية الشريفة من هذا القبيل ، وذلك لأن الموضوع فيها خبر ~~الفاسق ، فإن الجزاء وجوب التبين في خبر الفاسق ، ومن المعلوم أن هذا ~~الموضوع معدوم عند عدم الشرط أعني : عدم مجيء الفاسق بالنبإ ، وأما خبر ~~العادل فهو أجنبي عن موضوع الحكم في الآية ، فهو مثل العمرو في مثال : إن ~~جاءك زيد فأكرمه ، فكما لا تعرض فيه لحال العمرو لا منطوقا ولا مفهوما ، ~~فكذا هنا لا تعرض لحال خبر العادل لا في منطوق الآية ولا في مفهومها. # فإن قلت : مبنى ما ذكرت على أن مبنى أخذ المفهوم وجود ثلاثة أشياء : ~~موضوع ومحمول وشرط خارج عن الطرفين ، حتى يكون الموضوع بجميع خصوصياته ~~محفوظا في جانب المفهوم. # وفيه أنه غير معقول ؛ لأنه لا محالة يتأتى من قبل الشرط تضيق في عالم ~~الموضوع ، لا نقول إنه بمنزلة التقييد ، لكن حاله حال المقدمة الموصلة في ~~أنه موضوع في لحاظ الشرط ، وليس له إطلاق حالي يشمل حال ms0528 عدم الشرط ، وعلى ~~هذا فإذا جعلنا الموضوع طبيعة النبإ فلا محالة يصير متضيقة بلحاظ وجود ~~الشرط أعني مجيء الفاسق به ، فالطبيعة منفكة عن هذا اللحاظ ما وقع تحت حكم ~~وجوب التبين ، فلا يلزم الإشكال الذي ذكرت من سراية الحكم إلى النبإ المجيء ~~به للعادل ، كيف والشرط مساوق لعلة الحكم ، فلو سرى الحكم إلى الفرد الغير ~~المقترن بالشرط لزم انفكاك المعلول عن علته ، وهذا ما ذكرنا من عدم ~~المعقولية. # قلت : لا يرد هذا الإشكال أصلا ، وذلك بعد مقدمة وهي أنه من الممكن أن ~~يكون وجود الشرط في فرد من الطبيعة موجبا لإنشاء الحكم في فردها الآخر ، ~~مثل قولك : إن جاءك زيد فأكرم عمرا ، فحينئذ نقول : من الممكن أن يكون ~~اقتران الطبيعة المهملة بالشرط موجبا للحكم في جميع أفرادها حتى الخالي ~~منها على PageV01P564 # الشرط ، وليس هذا إنكارا لما قررته من ورود التضيق من قبل الشرط على ~~الموضوع. # فإنا نقول : نسلم هذا التضيق في المقام ، لكن في قبال أن الطبيعة بنفسها ~~مع قطع النظر عن أمر خارج لا يصير محكوما بالحكم ، وليس مقتضاه تحديد ~~الموضوع الذي يتعلق به وجوب التبين أيضا بالشرط ، فمتى اتصفت المهملة ~~فالمتصف وغير المتصف منها يصير تحت الحكم ، بل لو كان ذلك ممكنا في الموضوع ~~الشخصي مثل «الزيد» في : إن جاء زيد فأكرمه لقلنا بذلك فيه أيضا ، لكن لا ~~يتصور فيه بعد حالة المجيء حالة عدم المجيء ، وأما الطبيعة المهملة ~~فانقسامها إلى القسمين بعد محفوظ ، فلا مانع من الإطلاق فيه ، بل لا وجه ~~للتقييد. # فعلم أنه إن اريد السلامة من هذا فلا بد من ملاحظة التقييد في موضوع ~~الجزاء ، فيقال : طبيعة النبأ إن جاء بها الفاسق ، فتلك الطبيعة المتصفة ~~بمجيء الفاسق بها يجب فيها التبين ، فيجري إشكال شيخنا المرتضى قدسسره . # فإن قلت : إن لنا في الآية موضوعا موجودا في حالتي وجود الشرط وعدمه وهو ~~مطلق النبأ من دون اعتبار إضافته إلى الفاسق أو العادل ، فكأن القضية تكون ~~بهذه الصورة : النبأ إذا جاء به الفاسق فتبين عنه ، ولا شك أن ms0529 مفهومه يصير ~~حينئذ : النبأ إذا جاء به العادل فلا يجب التبين عنه ، فاتحد الموضوع في ~~المنطوق والمفهوم. # ونظير ذلك أيضا ممكن في المثال ، فيقال : الولد إن رزقته فاختنه ، ~~فالمفهوم يصير : الولد إذا لم تكن أنت رزقته فلا يجب عليك اختتانه ، يعني ~~لا يجب عليك اختتان ولد غيرك ، ولا ملزم لنا بأن نجعل الموضوع للقضية في ~~الآية نبأ الفاسق ، وفي المثال هو الولد لك حتى يقال : إنه على فرض عدم ~~مجيء الفاسق بالنبإ وعدم المرزوقية بالولد فلا موضوع في البين ، وعدم الحكم ~~حينئذ ليس من المفهوم في شيء. # قلت : إن اريد بالنبإ الذي يجعل موضوع القضية طبيعة النبأ الغير المقيدة ~~بالتشخيص الخارجي فلا شك أن الطبيعة بعد حصول الشرط وهو مجيء الفاسق بها PageV01P565 # قابلة للانقسام إلى قسمين : ما جاء به العادل ، وما جاء به الفاسق ؛ ~~ضرورة أن الطبيعة المجيء بها الفاسق يتصور لها الفرد المجيء بها العادل ، ~~نعم خصوص هذا الشخص المجيء به الفاسق لا يتصور مجيء العادل به ، ولكن نفس ~~الطبيعة المجردة تكون بعد مجيء الفاسق بها على حالها قبل المجيء بلا تفاوت ~~، فلها فردان كما كانا له قبل حصوله. # وبالجملة ، فيصير محصل مدلول القضية حينئذ : إن جاء الفاسق بنبإ فطبيعة ~~النبأ يصير واجب التبين سواء جاء بها العادل أم الفاسق ، وهذا خلاف المقصود ~~، وأيضا لا يخفى ما في المعنى حينئذ من البرودة ؛ إذ يلزم وجوب تبين تمام ~~أخبار العالم بمجرد مجيء فاسق بنبإ ، وحينئذ فلا بد من أن نجعل الطبيعة ~~باعتبار التقيد بمجيء الفسق موضوعا للحكم بأن نعتبر الموضوع في قولنا : ~~النبأ إن جاءكم فاسق به فتبينوا عنه ، هو النبأ المجيء به الفاسق ، ~~فالطبيعة المقيدة بقيد مجيء الفاسق يكون واجب التبين ، فإذا صار القيد ~~فعليا وموجودا في الخارج يصير الحكم وهو وجوب التبين منجزا لتنجز شرطه ، ~~وحينئذ فيستقيم المعنى ، لكن لا يفيد المفهوم ؛ إذ عند عدم تحقق الشرط لا ~~تحقق للموضوع أعني الطبيعة المقيدة ، فيعود الإشكال من أن الانتفاء عند ~~انتفاء الموضوع ليس من المفهوم ، ونبأ العادل مغاير لموضوع ms0530 القضية. # وإن اريد بالنبإ المجعول موضوعا الأفراد الخارجية ، يعني أن الموضوع كل ~~شخص شخص من الأخبار الموجودة في الخارج ، فلا ريب أن النبأ الشخصي الخارجي ~~ليس قابلا للتقسيم بين ما جاءه العادل وما جاءه الفاسق ، ضرورة أن ما جاءه ~~الفاسق لا يتصور فيه مجيء العادل وبالعكس ، ولكن يصح فيه الترديد فيقال : ~~هذا الشخص من النبأ إما جاء به العادل وإما جاء به الفاسق ، فحينئذ يصح ~~تركيب القضية على وجه يفيد المفهوم ، بأن يقال في كل واحد واحد من الأنباء ~~الشخصية : إن كان الجائي به فاسقا فيجب فيه التبين ، فيصير المفهوم أنه إن ~~لم يكن الجائي به فاسقا ولا محالة يكون حينئذ عادلا فلا يجب التبين. PageV01P566 # لكن هذا كما ترى إنما يناسب مع المضي كما مثلنا وهو خلاف الموجود في ~~الآية ، فإن الشرط فيها يكون مسوقا للاستقبال ، فلا يناسب إلا مع الطبيعة ، ~~ضرورة أنه لا يصح التعبير ب (يجيء) في النبأ الشخصي الخارجي ، وإنما الصحيح ~~هو التعبير ب (جاء) على معنى المضى ، نعم التعبير ب (يجيء) يناسب الطبيعة ، ~~فيقال : طبيعة النبأ إما يجيء بها العادل وإما يجيء بها الفاسق ، كما ~~يناسبها التعبير بالمضي أيضا ، ولا يخفى أن كلمة (جاءكم) في الآية يكون ~~بمعنى الاستقبال. # والحاصل : الفرد الموجود في الخارج فعلا ، أو الذي وجد وانعدم في الأوصاف ~~التي تكون من نحو وجوده ، مثل الرجولية والانوثية في الإنسان ، ولا محالة ~~يكون قابليته لأمرين منها على نحو الترديد ، يكون التعبير الصحيح في مثل ~~ذلك بالمضي فقط ، مثلا يقال : هذا الشخص إما وجد رجلا وإما امرأة ، ولا يصح ~~إما يوجد. # وكذا في الفارسية يقال : يا مرد است يا زن است ، ولا يقال : يا مرد مى ~~شود يا زن، بخلاف الأوصاف العرضية التي يعتور اثنان منها على فرد واحد في ~~حالين مثل العلم والجهل ، فالتعبير بالاستقبال حينئذ صحيح ، فيقال : الزيد ~~إن كان يصير عالما فكذا ، وفي الفارسية أيضا يصح التعبير بأنه «اگر عالم ~~شود چنين» ومن هذا القبيل قضية «إذا بلغ الماء قدر كر». # وأما الفرد ms0531 الذي لم يوجد بعد ويوجد في المستقبل ففرديته موقوفة على لحاظ ~~الفراغ عن وجوده ورؤيته موجودا في الخارج كأنه المحسوس والمشاهد بالعين ، ~~ولو لم يلاحظ كذلك فكل ما زيد القيد على القيد لا يصير جزئيا ، بل كليا ~~مضيقا ، فالتعبير بالاستقبال حينئذ وإن كان صحيحا لكن حاله حال الكلي ، كما ~~يقال : النبأ الذي يوجد في ما بعد إما يجيئه العادل وإما يجيئه الفاسق. # وأما لو لوحظ على نحو الفراغ عن الوجود فحاله حال الموجود الفعلي أو ~~الماضوي في أن التعبير بالاستقبال فيه غلط ، فلا يصح أن يقال في هذا اللحاظ ~~بالفارسية مثلا : مردى كه فردا موجود مى شود يا مرد موجود مى شود يا زن ، بل PageV01P567 # يقال : يا مرد است يا زن ، وكذلك لا يقال : صيدى كه فردا زيد مى كند يا ~~آهو صيد مى كند يا چيز ديگر ، بل يقال : يا آهو است يا چيز ديگر ، نعم يصح ~~هذا التعبير في اللحاظ الأول أعني لحاظ عدم الفراغ الذي تكون الكلية معه ~~محفوظة ، فتدبر فإنه دقيق. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن هنا ثلاثة أشياء : الأول : النبأ الموجود ~~الخارجي ، وهذا لو جعلناه موضوعا وإن كان يمكن تركيب القضية على وجه أمكن ~~أخذ المفهوم منها ، إلا أنه لا يمكن موضوعيته في الآية المفروض كون الشرط ~~فيها المجيء في المستقبل. # والثاني : طبيعة النبأ ، وعلى تقدير موضوعيته يلزم وجوب التبين في خبر ~~العادل أيضا عند حصول مجيء الفاسق بهذه الطبيعة ، وهو مضر بالمدعى من حجية ~~خبر العادل لا نافع ، مضافا إلى بشاعة المعنى على تقديره. # والثالث : طبيعة النبأ المقيدة بمجيء الفاسق ، وجعل هذا موضوعا متعين ؛ ~~لسلامته عن الإشكال بحسب المعنى واللفظ ، لكن على تقديره لا مفهوم للآية ؛ ~~لعدم التحقق لهذا الموضوع عند عدم الشرط ، فتحصل بعدم الشرط سالبة منتفية ~~الموضوع ، ولا ربط لها بانتفاء وجوب التبين عن موضوع نبأ العادل ، فعلم عدم ~~إمكان ذب الإشكال بجعل الموضوع مطلق النبأ وإن تخيله بعض الأساطين قدسسره . # فإن قلت : المفروض هو بناء الاستدلال على القول بثبوت المفهوم ms0532 للقضية ~~الشرطية ، ففي ما إذا لم يكن في البين موضوع موجود في كلتا الحالتين ليمكن ~~انتفاء الحكم عن الموضوع الموجود عند انتفاء الشرط يجب الأخذ بالمفهوم مهما ~~أمكن ، فإن مبنى المفهوم هو إفادة الأداة للعلية المنحصرة ، فإذا لم يكن ~~الأخذ بظهورها في العلية المنحصرة في الموضوع المذكور في القضية وجب الأخذ ~~بظهورها في العلية في الجملة ، بأن يقال بالعلية للتالي بالنسبة إلى سنخ ~~الحكم ، نظير ما يقال في مفهوم الوصف على القول به ، فإنه يدل على انتفاء ~~سنخ الحكم ، لا شخص الحكم المذكور في القضية المحمول على الموضوع المذكور فيها. PageV01P568 # مثلا قولنا : أكرم الرجل العالم لو قيل بالمفهوم فيه فمعنى مفهومه انتفاء ~~سنخ وجوب الإكرام عند انتفاء العلم ولو كان في الرجل الجاهل ، وليس مفاد ~~المفهوم انتفاء نفس هذا الحكم المنشأ في هذه القضية ؛ فإن المذكور في هذه ~~القضية هو وجوب الإكرام المعلق على الرجل العالم ، فليس المفهوم أنه لو ~~انتفى العلم ينتفي وجوب الإكرام المعلق على الرجل العالم؛ إذ هذا من باب ~~حكم العقل بانتفاء الحكم عند انتفاء الموضوع ، وليس بقضية المفهوم ، بل ~~قضيتها كون العلم علة منحصرة لسنخ وجوب الإكرام للرجل أعم من المعلق منه ~~على العالم أو الجاهل ، فيكون الحكم عند انتفاء العلم بانتفاء هذا الوجوب ~~عن العالم من باب حكم العقل ، وعن الجاهل من باب المفهوم ، فيكون المفهوم ~~في القضية الوصفية هو انتفاء الحكم عن غير الموضوع المذكور فيها ، كما أنه ~~في القضية الشرطية انتفاؤه عن الموضوع المذكور فيها. # وحينئذ نقول في الأمثلة التي ليس فيها موضوع محفوظ في كلتا الحالتين بأن ~~كلمة «إن» و «إذا» لم يسقطا عن إفادة العلية المنحصرة بالمرة ، بل هما ~~يفيدان في هذه الموارد مفاد الوصف والعلية المستفادة منه ، فنحن وإن ~~استشكلنا في إفادة الوصف بنفسه للمفهوم، ولكن إذا وقع في سياق أداة الشرط ~~في أمثال تلك الموارد قلنا بإفادة هذا المفهوم للأداة. # فنقول في الآية : إنه لو كان الكلام بصورة القضية الوصفية بأن قيل : يجب ~~التبين في نبأ الفاسق وقلنا ms0533 بثبوت المفهوم للوصف ، كان المستفاد علية وصف ~~الفسق لثبوت التبين ، بمعنى أنه متى انتفى هذا الوصف انتفى وجوب التبين ~~الكلي لا الشخص المعلق منه على نبأ الفاسق ، ضرورة أنه بديهي بحكم العقل ~~بانتفاء الحكم لانتفاء موضوعه ، فكان مفاد المفهوم انتفاء وجوب التبين عن ~~نبأ العادل ؛ إذ لو ينتف لما كان الفسق علة تامة منحصرة لوجوب التبين الكلي ~~وسنخه ، وقد فرض استفادة ذلك من القضية. # فنقول : إن عين هذا المعنى يكون لكلمة «إن» في الآية ، فليست لمجرد ربط PageV01P569 # الوجود بالوجود بدون مفهوم له أصلا ، بل نقول بالمفهوم له على طرز مفهوم ~~الوصف ، وهذا الوجه لإثبات مفهوم الشرط في الآية قد تعرض له المحقق الجليل ~~المولى محمد كاظم الخراساني طاب ثراه في حاشيته على الرسائل وأشار إليه في ~~كفايته أيضا ، ونقل الاستاد دام ظله إصراره عليه في الدرس. # قلت : هذا مبني على إثبات ظهورين لأداة الشرط في معنيين ولو لم يكونا في ~~عرض واحد وبوصفين ، بل كان أحدهما في طول الآخر ومن باب أقرب المجازات عند ~~عدم إرادته ، الأول : ظهورها في العلية المنحصرة كما هو مبنى الأخذ ~~بالمفهوم ، والثاني ظهورها في ثبوت هذه العلية للتالي بالنسبة إلى الحكم ~~المتعلق بالموضوع الأجنبي عن التالي كما في : أكرم زيدا إن جاءك ، حيث ~~أفادت كلمة «إن» العلية المنحصرة للمجيء بالنسبة إلى وجوب الإكرام المتعلق ~~بالزيد الذي هو غير المجيء. # وحينئذ فإذا لم يمكن الأخذ بظهور الأداة في المعنى الثاني أعني خصوصية ~~ثبوت العلية المنحصرة للتالي لثبوت الحكم للموضوع المغاير للتالي ، كان ~~ظهورها في المعنى الأول أعني أصل العلية المنحصرة محفوظا. # ولكنك خبير بأنا إن قلنا بثبوت مفهوم الشرط فلا إشكال أن للأداة وضعا ~~واحدا وظهورا واحدا في معنى واحد وهو العلية المنحصرة الخاصة بخصوصية كونها ~~في التالي المغاير للموضوع ، وليس لها ظهور في مطلق العلية المنحصرة بعد ~~عدم إمكان إرادة الخصوصية. # فدعوى أن الوضع وإن كان واحدا بإزاء العلية الخاصة ، إلا أنا نقول بمراتب ~~الظهور وكون مطلق العلية أقرب المجازات إلى المعنى الحقيقي ، لوضوح أن ms0534 أمر ~~الأداة بعد عدم إمكان الحمل على العلية الخاصة يدور بين الحمل على مجرد ربط ~~وجود هذا بوجود ذاك من دون إشعار بالعلية أصلا ، وبين الحمل على العلية ~~لسنخ الحكم المستلزمة لانتفائه عن موضوع آخر ، ولا شك أن الأقرب إلى العلية ~~الخاصة هو الثاني دون الأول ، فنحن وإن سلمنا عدم الظهور في مطلق العلية في ~~عرض الظهور PageV01P570 # في العلية الخاصة بأن يكون هنا وصفان ، ولكن نقول بثبوت الظهور الأول عند ~~رفع اليد عن الثاني وفي طوله ، وبعبارة اخرى : وإن سلمنا عدم ثبوت الظهور ~~في مطلق العلية من باب الحقيقة ، ولكن نقول به من باب أقرب المجازات عند ~~تعذر المعنى الحقيقي ، نظير ظهور صيغة الأمر بالنسبة إلى الاستحباب عند ~~تعذر الوجوب. # مدفوعة بأنه لا يخفى على من راجع الأمثلة العرفية من قبيل قولنا : إذا ~~رأيت زيدا فاقرأه مني السلام ونحوه أن دعوى انفهام العلية بالنسبة إلى سنخ ~~الحكم منها بعيدة ، بل إما يكون هذا المعنى في الظهور والانفهام العرفي ~~مساويا مع مجرد تحقيق الموضوع بدون نظر إلى العلية ، وإما أن الثاني أظهر ، ~~ولا يبعد القول بأن المتفاهم لدى العرف من هذه الأمثلة هو سوق الشرط لمجرد ~~تحقيق الموضوع ، فهي متحدة المفاد مع القضية الحملية ، وليس الملحوظ فيها ~~اشتراط شيء بشيء وإناطته به على وجه العلية المنحصرة ، هذا هو الكلام في ~~مفهوم الشرط. # وأما مفهوم الوصف فالجواب أنه تقرر في محله عدم ثبوت المفهوم للوصف ، ~~وأما المناسبة العرفية وقضية فهم العلية من ذلك ، فلا يخفى أن الاستشكال ~~على أصل فهم المناسبة بأنه يحتمل أن يكون النكتة لإتيان الوصف هو التنبيه ~~على فسق وليد لا لأجل دخالته وعليته في حكم وجوب التبين ، خروج عن طريق ~~السداد وبعيد عن الإنصاف ، لكمال الظهور للآية في كونها مسوقة لبيان الحكم ~~الكلي ، لا أن يكون الغرض من التعليق بيان نكتة شخصية ، هذا. # ولكن يرد على هذا الاستدلال أنه وإن كان مناسبة الوصف في الآية وهو الفسق ~~للحكم المقترن به فيها وهو وجوب التبين مسلمة ، إلا أنه من ms0535 القريب أن يكون ~~وجه تعليق الحكم بوجوب التبين على مجيء الفاسق بالنبإ هو أن الغالب عدم ~~حصول العلم من إخبار الفاسق بملاحظة فسقه وعدم تحرزه عن الكذب ، بخلاف ~~العادل ؛ فإن الغالب حصول العلم من خبره بملاحظة قيام ملكة العدالة المانعة ~~عن ارتكاب تعمد الكذب به ، مع كون خبره في المحسوسات ، والاشتباه فيها قليل ~~، مثل احتمال خروج PageV01P571 # العادل عن عدالته بنفس هذا الإخبار لتعمده الكذب فيه ، فإن باب هذا ~~الاحتمال منسد غالبا. # وبالجملة ، فمن المسلم غلبة العلم بالمخبر به في جانب العادل وغلبة الجهل ~~به في جانب الفاسق. # وحينئذ فمن المحتمل قريبا أن يكون وجه تعليق وجوب التبين على مجيء الفاسق ~~بالنبإ هو ما يكون الغالب في خبره من ثبوت الجهل معه بالمخبر به ، وحينئذ ~~فيصير الكلام في قوة إناطة وجوب التبين على الجهل ، وإناطة عدمه على العلم ~~، وهذا أجنبي عما نحن بصدده من جعل الضابط لوجوب التبين عنوان خبر الفاسق ، ~~والضابط لعدمه عنوان خبر العادل ، وبعبارة اخرى : يصير موضوع وجوب التبين ~~الخبر الغير المفيد للعلم ، وموضوع عدمه الخبر المفيد للعلم ، وهذا غير أن ~~يكون موضوع الوجوب خبر الفاسق وموضوع عدمه خبر العادل. # والحاصل أن الظاهر عدم مدخلية خصوص الفسق بما هو فسق وإن كان ظاهر ~~العنوان نوعا هو الموضوعية لا المعرفية ، لكن في خصوص المقام بملاحظة هذا ~~المحمول أعني وجوب التبين تكون الموضوعية بعيدة ، بل الظاهر أن وجه التعليق ~~هو كون الفاسق ليس له ملكة رادعة عن الكذب ، فاحتمال تعمد الكذب فيه متمش ، ~~فيحب التبين في خبره لأجل هذا الاحتمال ، وإلا فلو كان المخبر شارب الخمر ~~مثلا لكن نعلم بعدم تعمده الكذب فلا تعمه الآية بظاهرها. # فعلم أن خصوصية الفسق ملغاة ، وإنما المعتبر هو احتمال تعمد الكذب ، ولكن ~~لما كان فرده الشائع في الفاسق فلهذا خص بالذكر ، وأما العادل فدرجاته ~~مختلفة ، فرب عادل لا يحتمل في حقه الكذب في شخص إخباره هذا ، وهذا لا ~~يحتاج في حجية خبره إلى التعبد؛ لأن احتمال كذبه مفقود ، واحتمال خطائه ~~مسدود بالأصل العقلائي ، ورب ms0536 عادل لا تكون الملكة الرادعة فيه بمثابتها في ~~الأول ، بل يحتمل في حقه الخروج عن مقتضاها في شخص الإخبار الشخصي ، وهذا ~~يحتاج إلى التعبد ، وقد عرفت PageV01P572 # قصور الآية عن الدلالة على حجيته. # ومن هنا تعرف أنا لو أغمضنا عن إشكال شيخنا المرتضى في ثبوت المفهوم ~~للشرط في الآية بكونه محققا للموضوع وقلنا : إنه ليس كذلك وأن الموضوع مطلق ~~النبأ ، فيفيد المفهوم لأنباء الفاسق ، لكن نقول بعد فرض إلغاء خصوصية ~~الفسق في جانب المنطوق وكون الاعتبار باحتمال تعمد الكذب كان المعتبر في ~~المفهوم أيضا ذلك. # فكأنه قيل : إذا جاءكم مخبر يحتمل في حقه تعمد الكذب بنبإ فتبينوا ، ~~فالمفهوم أنه : إذا جاءكم غير هذا المخبر يعني من لا يحتمل في حقه تعمد ~~الكذب فلا يجب التبين ، وقد عرفت أن هذا لا يفي بالمقصود. # والحاصل كلما فرض الفراغ منه في الموضوع لا يصح جعله تلو «إن» وهنا حيث ~~إن أصل مجيئه الخبر مفروغ عنه حسب الفرض لا يصح تلويته لإن ، نعم يصح ذلك ~~بالنسبة إلى قيد المجيء أعني كون الجائي فاسقا. # وحينئذ نقول : هذا وإن كان صحيحا ، لكنه خلاف الظاهر في تلك القضية ~~وأمثالها مثل : إن رزقت ولدا ونحوه ؛ فإن الظاهر فيها عدم المفروغية من ~~الذات في الموضوع حتى لوحظ التعليق بالنسبة إلى القيد فقط ، بل الظاهر تعلق ~~التعليق بمجموع الذات والقيد ، ومعه عرفت أنه لا يصح أن يكون الموضوع مفروغ ~~الاتصاف بأصل الذات. # فتبين أن إشكال عدم ثبوت المفهوم للآية غير ممكن الذب ، كما ذكره الشيخ ~~الأجل شيخنا المرتضى قدسسره . # بقي الكلام في الإيرادات التي يورد على الآية بعد تسليم المفهوم لها. # أحدها : أن المفهوم يعارضه عموم التعليل في ذيل الآية ، فإنه قد علل فيها ~~وجوب التبين للعمل بخبر الفاسق بأن الإقدام عليه قبله بجهالة وغير علم يكون ~~في معرض ظهور خلافه وحصول الندم لذلك. # فيدل على أن كل إقدام على عمل كان عن غير علم وفي معرض تبين الخلاف و PageV01P573 # الوقوع في الندم لا يجوز قبل التبين ، ولا شك أن هذا ms0537 ينطبق على العمل ~~بخبر العادل الغير المفيد للعلم فإنه إقدام عن جهل ، ويكون في معرض الوقوع ~~في مخالفة الواقع والندم ، فيكون ممنوعا بمقتضى التعليل ، فإن الحكم المعلل ~~يتبع العلة عموما وخصوصا ، فربما تكون العلة مخصصة للمورد ، وربما تكون ~~معممة له ، وثالثة تكون مخصصة من جهة ومعممة من اخرى. # ألا ترى أن قول القائل : لا تشرب الخمر لأنه مسكر يفيد حرمة كل مسكر وإن ~~كان الموضوع في القضية خصوص الخمر ، وقول القائل : لا تأكل الرمان لأنه ~~حامض مخصص من جهة إخراج الفرد الغير الحامض من الرمان ، ومعمم من جهة إدخال ~~الفرد الحامض من غير الرمان. # لا يقال : إن التعليل عام يشمل كل عمل صادر عن جهل ، ولكن المفهوم أخص ~~منه مطلقا ، لاختصاصه بخبر العادل الغير العلمي ، وعدم اشتماله الخبر ~~العادل العلمي ، فيلزم تخصيص عموم التعليل بالمفهوم ، فيكون المحصل وجوب ~~التبين في كل إقدام عن جهالة إلا في العمل بخبر العادل. # لأنا نقول : ليس المناط في التقديم مجرد كون أحد الدليلين أخص ، بل الوجه ~~في تقديم الأخص إما كونه نصا أو أظهر ، فيدور الأمر بين رفع اليد عن النص ~~أو الأظهر وحفظا للظاهر وبين عكسه ، ولا شك في تعين العكس كما في قولك : ~~أكرم العلماء ، وقولك : لا تكرم زيدا العالم ، فإن الثاني نص في حرمة إكرام ~~الزيد ، والأول ظاهر في وجوبه. # وأما هنا فالأمر دائر بين طرح ظهور التعليل في العموم وحفظ ظهور القضية ~~في المفهوم وبين العكس ، فالتعارض واقع بين الظهورين. # وبعبارة اخرى : إنما نعمل بالخاص لأن في العمل به عملا بكلا الدليلين ؛ ~~لأن فيه العمل بالعام في بعض أفراده ، بخلاف العمل بالعام حيث يلزم منه طرح ~~الخاص بالمرة ، وليس العمل بالعام هنا إلا على نحو العمل بالخاص من حيث كون ~~كل منهما PageV01P574 # أخذا ببعض الدليل المخالف وطرحا لبعضه ، فإنا إن أخذنا بظهور القضية في ~~المفهوم لا يلزم إلا طرح العموم في بعض أفراده ، كذلك لو أخذنا بالعموم لا ~~يلزم إلا طرح أحد جزئي القضية وهو المفهوم ، ولا يلزم طرح ظهورها ms0538 بالمرة. # وحينئذ فالترجيح لأظهرهما ، ولا شك أنه التعليل ، فإن ظهور القضية في ~~المفهوم لو سلمناه فإنما هو بالالتماس ، وليس إلا ظهورا أوليا لا يقاوم مع ~~ظهور التعليل خصوصا بملاحظة أن العموم المستفاد من العلل أقوى من المستفاد ~~من الصيغ ، ككلمة «كل» ونحوها. # وإن شئت قلت : إن المفهوم وإن كان اخص ، ولكنه ليس بدليل مستقل حتى يلاحظ ~~في مقام المعارضة بانفراده ، وإنما الدليل نفس القضية التي يكون المفهوم ~~بعض مدلولها ، والنسبة بينها وبين العام المعارض إنما هو العموم من وجه (1) ~~، فإذا كان العموم المعارض منفصلا عن القضية فلا بد من ملاحظة الأظهرية ~~فيما بينهما ، ويمكن أن يكون ظهور القضية في المفهوم أقوى من ذلك العام في ~~العموم ، وأما إذا كان العموم في ذيل القضية المشتملة على المفهوم ، وكانت ~~هي معللة به ، فحينئذ حيث قلنا إن العبرة في المعلل بالنظر إلى العلة عموما ~~وخصوصا ولا ينظر إلى نفس المعلل فلو فرض المساواة أيضا بين ظهور القضية في ~~حد ذاتها في المفهوم وظهور العلة في العموم لوجب رفع اليد عن المفهوم ، ~~لكون العموم في العلة قرينة صارفة مانعة عن انعقاد ظهور المفهوم ، فكيف مع ~~كون العموم المستفاد من التعليل أقوى من سائر العمومات وآبيا عن التخصيص. # هذا حاصل الإيراد ، وقد عده شيخنا المرتضى قدسسره مما لا يمكن الذب عنه ، ~~والحق إمكان التفصي عنه بأن يقال : إن كلمة «جهالة» الواقعة في التعليل وإن كانت PageV01P575 # بحسب المادة ظاهرة في المعنى المقابل للعلم فيشمل كل شك وظن ، إلا أن ~~المراد بها هنا هو السفاهة ، أعني العمل بالجهل الذي لا يكون عقلائيا ، ولا ~~ينبغي صدوره عن العاقل ، والدليل على إرادة ذلك منه هو تفريع الندامة عليه ~~، فإن العمل بالشك بمجرد كونه عملا بالشك لا يكون معرضا للندامة ؛ إذ ربما ~~يعمل العقلاء بالشكوك فيما إذا كانت معتبرة عندهم ولا يحصل الندم عقيب ظهور ~~الخلاف. # ألا ترى أنه إذا أخبر البينة بطهارة شيء فعاملت معه معاملة الطهارة ، ثم ~~ظهر كونه نجسا لا تحصل لك الندامة على موافقة البينة ، لأنه ms0539 فعل عقلائي وهو ~~لا يتعقبه الندم ، فكل إقدام كان مستندا إلى حجة عقلائية ممضاة للشرع أو ~~تعبدية شرعية فليس متعقبا بالندم. # وإذن نقول : خبر العادل بعد ما جعله الشارع حجة بقضية المفهوم تكون ~~موافقته فعلا عقلائيا ، فيخرج عن عموم التعليل خروجا موضوعيا ، نعم قبل ~~جعله حجة كان من أفراده ومعدودا من الأفعال السفهائية. # إن قلت : كيف يمكن ذلك في كلام واحد ؛ فإن استقرار ظهور نفس القضية ~~المعللة في المفهوم مبني على عدم شمول التعليل لخبر العادل ، وعدم شموله ~~مبني على استقرار ظهورها في المفهوم. # قلت : إنما يلزم ذلك لو كان التعليل منافيا لأخذ المفهوم وهاهنا الأخذ به ~~وعدمه في حد سواء بالنسبة إلى التعليل ، وذلك لأنه إن كان خبر العادل حجة ~~فيلزم خروجه عن التعليل خروجا موضوعيا ، وإن لم يكن حجة يكون واحدا من ~~أفراد موضوعه ، فنقول : نأخذ بظهور القضية في المفهوم كما هو المفروض ونحكم ~~باستقراره من دون ارتكاب خلاف ظاهر في التعليل ، وإذا أمكن الجمع بين ~~الظهورين فلا وجه لطرح أحدهما ، وملاحظة تمام أجزاء الكلام التي من جملتها ~~العلة إنما يلزم لأخذ المفهوم ليكون المفهوم المنتزع مطابقا لها ولم يكن في ~~الكلام ما يخالفه ، والمفروض أنه هنا كذلك ؛ إذ ليس في المفهوم مخالفة ~~للعلة أصلا، فطرحه مع ذلك ليس إلا طرحا للظهور بلا دليل. PageV01P576 # فإن قلت : لا شك أنه لو لا حجية خبر العادل كان مشمولا لعموم التعليل ، ~~فنحن ندعي أنها متأخرة رتبة عن هذا العموم ببيان أن وجوب التبين لكونه ~~معلولا لهذه العلة متأخرة رتبة عنها ، فنقيضه الذي هو الحجية أيضا متأخر ~~عنها بقضية وحدة رتبة النقيضين ، فحيث لا حجية في رتبة التعليل أثر التعليل أثره. # قلت : هذا خلط لمقام الثبوت بمقام الإثبات ؛ فإن قضية العلية والمعلولية ~~بحسب مقام الثبوت ما ذكرت ، وأما بحسب مقام الإثبات والتلفظ وترتيب ترصيف ~~المعاني في الذهن وانتقاشها تكون طبق الألفاظ ، فما كان في اللفظ مقدما كان ~~مقدما في التصور والانتقاش ، ولا شك أن القضية الشرطية حسب الفرض في حد ~~ذاتها لها ms0540 دلالة تصورية انتقاشية على المفهوم ، غاية ما في الباب أنك تقول ~~: إن هذا الظهور الانتقاشي يحتاج استقراره إلى تمام الكلام وحجيته منتظرة ~~لاستقراره. # فنقول : نعم الأمر كذلك ، لكن بعد ثبوت أصل هذا الظهور الانتقاشي من ~~الصدر يلاحظ في الذيل ، فإن كان فيه ما ينافيه ولا يجامعه نرفع اليد عنه ، ~~كما في قضية رأيت أسدا يرمي بالقوس ، وأما إذا لاحظناه غير مماس به ولا ~~متعرض لنفيه ولا إثباته فقهرا يستقر ما فهمناه تصورا من الصدر عند تمام ~~الكلام. # فنقول : أي منافاة بين هذين الكلامين لو فرضناهما مستقلين ، أعني قولك : ~~لا تعمل بغير الحجة وقولك : خبر العادل حجة ، فإن فهمت في صورة الاستقلال ~~منافاة فقل في صورة الاتصال وكون أحدهما في الصدر والآخر في الذيل : إن ~~أحدهما قرينة صارفة عن ظهور الآخر ، وأما بعد عدم المنافاة كما هو الواضح ~~لعدم تعرض الاولى لحجية شيء وعدمها فلا وجه للصرف. # فعلى هذا نحن نقول : لا شك أن العلة وإن كانت مضيقة لدائرة الموضوع في ~~بعض الأحيان ، لكنه ليس كالتقييد ، بمعنى أنه لو شك في فرد من العام أنه ~~متصف بالعلة أو لا ، يمكن الأخذ بالإطلاق أعني إطلاق قوله : لأنهم عدول ~~مثلا في قوله : أكرم العلماء لأنهم عدول ، وإن كان يتوقف في مشكوك العدالة ~~من العلماء لو كان الكلام بصورة PageV01P577 # التقييد ، كما قال : أكرم العلماء العدول ؛ لأنه تمسك بالعام في الشبهة ~~الموضوعية. # وحينئذ نقول : كما يرفع الشك بواسطة العلة عن الأفراد المشكوكة ، كذلك لو ~~كان الكلام ذا مدلولين ، منطوق ومفهوم ، فالعلة المذكورة فيه تدل على ~~انتفاء نفسها في مورد المفهوم ، وجه الدلالة أن العلة علة لمجموع ما للكلام ~~من المدلول ، والفرض أن من مدلوله حصر الحكم على الموضوع المذكور فيه الذي ~~هو منشأ أخذ المفهوم. # فإذا قيل : أكرم زيدا إن جاءك لأنه يعطيك درهما ، يفهم منها أن العلة ~~أيضا مقصورة على صورة المجيء وأن في صورة عدمه لا يعطي الدرهم وإن أكرمه. # وبالجملة ، بعد ما فرضنا أن القضية الشرطية ومدلولها ومفادها في حد ذاتها ~~إثبات ms0541 الحكم على وجه الحصر ، فإيراد العلة أيضا لا محالة يكون على هذا ~~المفاد ، ومعنى إيرادها عليه أن العلة غير مشتركة بين صورتي وجود الشرط ~~وعدمه ، بل مختصة بالصورة الاولى. # نعم لو فرضنا العلم من الخارج بالاشتراك فحينئذ نأخذ بعموم العلة ونجعله ~~صارفا ومانعا عن انعقاد استقرار ظهور الجملة في المفهوم ، لكن عند عدم ~~العلم وفرض مشكوكية الحال يحكم ظاهر العلة بواسطة ارتباطها بالحصر بعدم ~~وجودها في حالة عدم الشرط ، ويرفع الشك الحاصل لنا ، كما قلنا : إن العالم ~~المعلوم من الخارج عدم عدالته نحكم بخروجه من العام في قوله : أكرم العلماء ~~لأنهم عدول بقضية العلة ، وأما الفرد المشكوك العدالة يرفع الشك في عدالته ~~ويحكم بدخوله بقضيتها أيضا. # ثانيها : وهو إشكال على جميع أدلة الحجية لخبر الواحد ولا اختصاص له ~~بالآية : أن حجية خبر الواحد يلزم من وجودها عدمها ، وكل ما يلزم من وجوده ~~عدمه فهو محال ، ينتج أن حجية خبر الواحد محال. # أما الكبرى فواضحة ، وأما الصغرى فلأن من جملة أخبار الآحاد التي نقول ~~بحجيتها خبر السيد قدسسره بعدم حجية خبر الواحد ، لاجتماعه جميع شرائط ~~القبول والحجية ، فلو كان خبر الواحد الذي من جملته خبر السيد بعدم الحجية ~~حجة لزم من حجيته عدمها. PageV01P578 # وأجاب شيخنا المرتضى قدسسره بما حاصله أنه لا بد من ملاحظة أن هذا الأمر ~~المحال نشأ من قبل أي شيء؟ فنقول : لا ريب في أنه ناش من شمول أدلة الحجية ~~لهذا الخبر أعني خبر السيد قدسسره ، فإن هذا الخبر لو كان داخلا لزم من ~~دخوله عدم حجية نفسه ، ولا شيء من سائر الأخبار فيلزم من الحجية عدمها ، ~~فعلينا أن نقلع مادة الفساد وهو دخول هذا الخبر ، فتكون العمومات مخصصة ~~بغير هذا الفرد بتخصيص عقلي. # أقول : يمكن الاستشكال عليه قدسسره بما قد علمه قدسسره إيانا وهو أن نقول ~~: كما أنكم تفحصتم عن منشأ لزوم المحال في أدلة الحجية وقلتم : إنه دخول ~~خبر السيد نحن أيضا نتفحص عن أن موجب لزوم المحال في خبر السيد قدسسره ما ~~ذا؟ فنقول : لهذا ms0542 الخبر مدلولان ، أحدهما أن ما سواه من الأخبار ليس بحجة ، ~~والثاني أن نفسه غير حجة ، ولا شك أن دلالته على عدم حجية غيره من الأخبار ~~لا مدخل لها في لزوم المحال كما هو واضح. # وأما دلالته على عدم حجية نفسه فهي المنشأ بمعنى عدم إمكان شمول الأدلة ~~لخبر السيد بملاحظة دلالته هذه ، فنحن نقول : لا تشمل الأدلة لخبر السيد ~~بلحاظ هذا المدلول وهو سلب الحجية عن نفسه ، فتكون شاملة له من حيث مدلوله ~~الآخر وهو سلب الحجية عن غيره ، فيلزم من دخول خبر السيد تحت الأدلة خروج ~~الأخبار الواردة في باب الصلاة مثلا عنها ، كما أنه يلزم من دخول تلك ~~الأخبار فيها خروج خبر السيد. # فغاية ما في الباب وقوع التعارض بين خبر السيد وأخبار الصلاة وغيرها ، ~~فيكون الجواب وجود المرجح في طرف الأخبار لكثرتها ووحدة خبر السيد ، فإنه ~~إذا دار الأمر بين خروج فرد واحد أو خمسمائة فرد مثلا فلا ريب في رجحان ~~الأول ، هذا مضافا إلى ما يلزم على الثاني من صيرورة الكلام من نحو اللغز ~~والمعما ، فإنه قد حكم على جميع الأفراد بحكم واريد فرد واحد ينافي ثبوت ~~الحكم لسائر الأفراد ، PageV01P579 # فقيل : كل خبر عادل حجة واريد به خبر السيد الذي مضمونه أنه لا شيء من ~~خبر عادل بحجة. # وحاصل أصل الإشكال أن حجية خبر الواحد محال ؛ لأنه يلزم من حجيته عدم ~~حجيته ، وذلك لأنه لو كان خبر الواحد حجة لكان خبر السيد حجة ؛ لأنه أيضا ~~خبر واحد ، وحجيته مستلزمة لعدم حجية خبر الواحد ، وهذا هو المدعى من ~~استلزام حجية خبر الواحد عدم حجيته. # وحاصل الجواب الشيخ عنه أن هذا المحذور مختص بخبر السيد دون سائر الأخبار ~~، وذلك لأن خبر السيد دال إما باللفظ وإما بالملاك على عدم حجية نفسه قطعا ~~، ولذا لو سئل عن السيد عنه لقال : ليس بحجة ، ولهذا لو كان خبره المذكور ~~المفيد لعدم حجية نفسه حجة لزم من حجيته عدم حجيته ، فالاستلزام المذكور ~~مختص بخصوص هذا الخبر دون الأخبار الأخر ، فاللازم إخراج هذا ms0543 الخبر بتخصيص عقلي. # وحاصل إشكالنا على الشيخ وهو في الحقيقة شيء تنبهنا له ببركة تنبيه الشيخ ~~فأوردنا ما استفدنا منه عليه هو أنه كما أنتم حللتم الإشكال في كلي خبر ~~الواحد وبينتم أنه من جهة خبر السيد ، كذلك نحن أيضا نحلل الإشكال في خبر ~~السيد ونبين أنه من جهة أي من مداليله. # فنقول : هو عام يشمل نفسه أيضا بالقطع إما لفظا وإما ملاكا ، فله مدلولان ~~، عدم حجية نفسه وعدم حجية غيره ، فحجيته بالنسبة إلى المدلول الأول محال ؛ ~~إذ يلزم حجيته وعدم حجيته ، وأما بالنسبة إلى المدلول الثاني فغير محال ، ~~فيمكن شمول أدلة الحجية له بملاحظة هذا المدلول ، فخبر السيد بعد اندراجه ~~تحت دليل الحجية بمنزلة عام لا يمكن إرادة فرد منه ، فيكون مخصصا عقلا ~~بغيره ، فحينئذ يقع التعارض بين هذا الخبر مع سائر الأخبار؛ إذ دخوله ~~مستلزم لخروجها ، ودخولها مستلزم لخروجه. PageV01P580 # وإذن فالأولى في الجواب أن يقال : بعد دوران الأمر في الآية بين أن تكون ~~نازلة من السماء لخصوص خبر السيد وبين كونها نازلة لأجل غيره من الأخبار ~~الكثيرة أن المقدم هو الثاني ، لا لأجل مجرد كثرته واستلزام الأول انتهاء ~~التخصيص إلى الواحد ، بل لاستلزام الأول استبشاع المعنى ؛ إذ يلزم إفادة ~~عدم حجية خبر الواحد بعبارة دالة على حجية خبر الواحد وهو من المضحكات ~~والهزليات ومحسوب من الألغاز والمعميات ، هذا. # ومن أغرب ما كتب في حاشية المولى الأعظم محمد كاظم الخراساني طاب ثراه ~~على الرسائل ما كتبه في هذا المقام مما حاصله : أنه يمكن الالتزام بأن ~~الآية تدل على حجية خبر الواحد إلى زمان السيد ، وتدل على عدم حجيته بعد ~~هذا الزمان بدلالته على حجية خبر السيد ، ثم ذكر ما حاصله أنه وإن كان ~~التفكيك مقطوع الخلاف للإجماع على أنه لو كان خبر الواحد حجة للأولين فيكون ~~حجة للآخرين أيضا ، بل ولا يحتمل كونه حجة للأولين وغير حجة للآخرين وإن ~~كان عكسه وهو عدم حجيته للأولين بملاحظة انفتاح باب العلم وحجيته للآخرين ~~باعتبار انسداده محتملا ، إلا أنه لا بأس بأن ms0544 نلتزم في مرحلة الظاهر بعدم ~~حجية خبر الواحد بعد زمان خبر السيد لوجود الحجة عليه وهو خبر السيد ، وأما ~~ما قبل هذا الزمان فهو خارج عن محل الابتلاء. # والحاصل أن الأخذ بهذه الحجة وإن كان لا يمكن في غير محل الابتلاء للزوم ~~القبح ، لكن لا يضر ذلك بمحل الابتلاء إذا أمكن الأخذ بها فيه. # وحاصل مرامه بعبارة اخرى أن مخالفة الإجماع على المطلب الواقعي لموافقة ~~حجة ظاهرية لا تضر ، وهنا من هذا القبيل ، فالواقع حسب الإجماع لا يخلو من ~~أحد الأمرين فقط ، إما إرادة الحجية وإما عدمها ، ولكن في مقام الظاهر ~~والأخذ بالحجة وقع التفكيك ، ففي قطعة من الزمان وهو ما بين صدور الآية إلى ~~زمان صدور خبر السيد كانت الحجة الفعلية الغير المزاحمة واقعا بشيء قائمة ~~على الحجية ، فكان PageV01P581 # تكليف الناس في مرحلة الظاهر الأخذ بهذه الحجة أعني ظاهر عموم الآية ، ~~وفي قطعة اخرى وهو ما بعد صدور خبر السيد كانت الحجة الفعلية قائمة على عدم ~~الحجية ، فمن هذا الحين صار تكليفهم الرجوع إلى هذه الحجة الظاهرية وهو خبر ~~السيد المخصص بعموم الآية. # فإن قلت : صدور خبر السيد وإن كان في الزمان المتأخر ، لكن مفاده عدم ~~الحجية من الزمان الأول ، فيشمل زمان صدور الآية أيضا ، فيعود الإشكال. # قلت : نعم ولكن الحجية مختصة بمفاده بالنسبة إلى زمان وجوده وما بعده ، ~~فلا يلزم محذور بالنسبة إلى ما هو الحجة ، أما بالنسبة إلى الأولين فلعدم ~~الموضوع أعني خبر السيد ، وأما بالنسبة إلينا فلعدم كون تلك الأزمان ~~السابقة محلا لابتلائنا وموردا لعملنا ، فتكون الحجية مختصة بنا بالنسبة ~~إلى الزمان المتأخر. # وأنت خبير بما فيه ، أما أولا فلأن إشكال الاستبشاع جار بعينه في ما بعد ~~زمن إخبار السيد أيضا ، فإن التعبير عن عدم حجية خبر الواحد بعبارة مؤداها ~~أن خبر الواحد حجة يكون مستبشعا مطلقا ، سواء كان بملاحظة أول زمان صدور ~~الآية أم بملاحظة ما بعد خبر السيد. # وأما ثانيا فلأنا نحصر ما يحتمل إرادته من الآية في وجوه بالفحص والترديد ~~والدوران ، ونبين بطلان ms0545 إرادة كلها سوى الوجه الذي ذكرنا من خروج خبر السيد ~~ودخول ما عداه. # فنقول : المراد بمفهوم الآية الدال على أن خبر الواحد حجة لا يخلو إما أن ~~يكون حجية خصوص خبر السيد من أول زمان الصدور ، وإما حجية خبر الواحد من ~~الأول إلى زمان خبر السيد ، وحجية خبر السيد فقط مما بعد هذا الزمان ، وإما ~~حجية خبر السيد والأخبار الأخر معا ، وإما حجية الأخبار الأخر دون خبر ~~السيد ، ولا خامس لهذه الوجوه. # لا سبيل إلى الأول ؛ للزوم الاستبشاع في المعنى ، ولا إلى الثاني ؛ لكونه مقطوع PageV01P582 # الخلاف ، ولا إلى الثالث ؛ للزوم المحال من حجية الأخبار الأخر وعدم ~~حجيتها ، فتعين الرابع وهو المطلوب. # ثم إن أحسن الأجوبة عن أصل الإشكال أن يقال : إن خبر السيد غير مشمول ~~لأدلة الحجية رأسا ؛ لأنه إجماع منقول ، وقد عرفت في ما تقدم أن الآية إنما ~~تدل على حجية الخبر عن حس أو قريب عن الحس ، ولا يشمل الإخبار الحدسي فتذكر. # ثالثها : وهو أيضا وارد على جميع أدلة حجية خبر الواحد ولا اختصاص له ~~بالآية وله تقريبان مرجعهما إلى الواحد : # الأول : أن تلك الأدلة موردها الخبر بلا واسطة ، ولا يمكن أن يشمل الخبر ~~مع الواسطة ، بيان ذلك أنه إذا أخبرنا الشيخ أنه قال المفيد : كذا ، فالخبر ~~الوجداني لنا منحصر في خبر الشيخ ، فلا بد من إجراء «صدق العادل» في خبر ~~الشيخ ليثبت ببركة هذا الحكم خبر المفيد تعبدا ، لنرتب بعد حصول موضوع ~~الخبر التعبدي نفس حكم «صدق» عليه أيضا ، فيلزم أن يكون الحكم محققا لموضوع ~~نفسه ، فإن حكم «صدق» المترتب على خبر الشيخ تحقق موضوع خبر المفيد التعبدي ~~، فيصير حكما له ، فيلزم تقدم الحكم على موضوعه والواجب العكس ، فالواجب أن ~~لا يشمل الحكم الموضوع المتحقق بسببه لئلا يلزم هذا المحذور. # فقول القائل : كل خبري صادق ، لا بد أن لا يشمل نفسه ، فإن حكم «صادق» ~~يكون سببا لتحقق موضوع هذا الخبر ، فلا يمكن أن يكون حكما له أيضا ، غاية ~~الأمر أن الحكم في هذه القضية موجد المخبر حقيقة ms0546 وفي قضية «صدق» موجد له تعبدا. # والثاني : أن معنى «صدق العادل» ليس هو التصديق الجناني ، بل المراد هو ~~التصديق العملي الذي هو عبارة عن ترتيب الأثر الثابت لمقول قوله عليه ، ~~ومقول قول الشيخ هنا قول المفيد ، وليس أثر قول المفيد لزوم العمل مثل قول ~~الصادق عليه السلام ، بل إنما أثره تصديق العادل ، فيلزم أن يكون صدق العادل ~~المرتب على خبر الشيخ بلحاظ ترتيب نفسه ، ولا يمكن أن يكون الحكم التنزيلي ~~ناظرا إلى نفسه ، بل PageV01P583 # لا بد أن يكون الحكم بتصديق العادل بلحاظ أثر آخر غير هذا الأثر الذي هو نفسه. # ولا يخفى أن مرجع التقرير الأول إلى الثاني ؛ فإنه ليس الحال في «صدق ~~العادل» هو الحال في «كل خبري صادق» ؛ فإن الثاني يكون الخبر ويوجد الفرد ~~الحقيقي له ، وأما هنا فصدق العادل لا يوجد الفرد الحقيقي لخبر المفيد مثلا ~~، بل الخبر التعبدي ، والخبر التعبدي يعنى ما يكون له أثر الحقيقي ، وليس ~~التعبد بالخبر إلا ترتيب أثر الخبر الحقيقي وهو تصديق العادل. # وبعبارة اخرى : معنى «صدق العادل» في خبر الشيخ هو البناء على وجود خبر ~~المفيد ، ومعنى البناء على وجوده ترتيب أثر التصديق عليه ، فيرجع إلى عدم ~~إمكان أن يكون الحكم بالتصديق بلحاظ ترتيب نفسه. # وقد أجابوا عن هذا الإشكال أن المراد بقوله : رتب الأثر ، ترتيب طبيعة ~~الأثر ، وهذه الطبيعة صادقة على هذا الحكم الذي هو وجوب التصديق ، فخبر ~~العادل كل أثر يكون لقوله يجب ترتيبه وإن كان الأثر وجوب التصديق ، وعلى ~~هذا فهذه القضية تشمل نفسه بالمدلول اللفظي ، ويمكن بتنقيح المناط أيضا ، ~~للعلم بعدم خصوصية أثر دون آخر في نظر الشارع ، هذا ما قالوه. # وأظن أن هذا الجواب غير نافع لهذا المقام ، لأن المراد بتصديق العادل كما ~~اعترفوا به هو التصديق العملي ، والحاصل أنه لا بد أن يكون معنى «صدق ~~العادل» «صل الجمعة» مثلا ، فما لم يرجع معناه إلى العمل لا معنى لإجرائه ، ~~وعلى هذا فالأثر الذي يهم ترتيبه هنا على خبر الشيخ باخبار المفيد ليس إلا ~~تصديق المفيد في ms0547 خبره ، وتصديق المفيد لا إشكال في أنه في حد ذاته ليس عملا ~~مطلوبا شرعيا. # فإن قلت : ثمرته الانتهاء إلى قول الإمام عليه السلام : «صل الجمعة» وهو ~~أثر عملي ، وتصديق المفيد وغيره من الوسائط وسائط لهذا الأثر. # قلت : فيكون «صدق العادل» بلحاظ ذاك الأثر الذي هو الحكم الصادر عن ~~الإمام ، وهو مناف لما ذكروه من أن الأثر المرتب على تصديق الشيخ تصديق المفيد PageV01P584 # وأثره تصديق الصدوق وهكذا إلى أن ينتهي إلى قول الإمام ، فهنا يجب إجراء ~~حكم «صدق العادل» المتعدد المرتب في الطول ، وكل لا حق يكون بلحاظ سابقه. # والحق في الجواب أن يقال : إنه لا حاجة لنا إلى أزيد من الخطاب الواحد ب ~~«صدق العادل» ، وبإجراء الفرد الوحد من «صدق» يرتفع الإشكال ، بيان ذلك أنه ~~إذا أخبرنا الشيخ أنه أخبره المفيد أنه أخبره الصدوق أنه أخبره أبوه أنه ~~أخبره الصفار أنه قال له العسكري عليه السلام : صلاة الجمعة واجبة مثلا ، ~~فلا شك أنه من هذه السلسلة قد استفدنا قول الإمام وحكي لنا رأيه عليه السلام ~~، وذلك لأن خبر الشيخ يحكى بالحكاية الظنية الشخصية مثلا عن خبر المفيد ، ~~وهو يحكي لنا ويفيد الظن الشخصي بقول الصدوق ، وهكذا كل يفيد الظن الشخصى ~~بمحكيه إلى قول الصفار ، وهو أيضا يفيد الظن الشخصي بمحكيه وهو صدور قول : ~~«صل الجمعة» عن الامام. # فتحقق هنا الحكاية الظنية عن قول الإمام مستندة إلى خبر العادل ، والدليل ~~دل على أن الظن بالحكم الشرعي المستند إلى خبر العادل واجب الاتباع ، ولا ~~يلزم في باب الأمارة أن يكون الحكم الشرعي الذي يقصد ترتيبه أثرا شخصيا ~~لمؤداها. # ألا ترى أنه لو قام البينة على طهارة أحد الإنائين المعلوم إجمالا نجاسة ~~أحدهما يحكم بنجاسة الإناء الآخر ، مع أن نجاسة الثاني ليست أثرا شرعيا ~~لطهارة الأول ، وإنما حصل التلازم بينهما بحسب علمك ، فأنت بهذا الاعتقاد ~~قاطع على تقدير صدق البينة بنجاسة الإناء الثاني ، فإذا حصل لك الظن الشخصي ~~من قول البينة الحاكية لطهارة الأول حصل لك الظن أيضا بنجاسة الثاني ، ~~فيكون خبر البينة ms0548 حاكيا لنجاسته بالحكاية الظنية. # فكذلك هنا أيضا يكون التلازم بين قول العادل والصدق ظنا ، فكل من خبر ~~الشيخ والمفيد الخ يكون متلازم الصدق ظنا إلى قول الإمام ، فيصدق الحكاية ~~الظنية عن قول الإمام عليه السلام مستندة إلى خبر العادل ، ثم بعد هذه ~~الحكاية يدور PageV01P585 # الأمر بين اثنين لا ثالث لهما : # الأول : أن يكون القول صادرا عن الإمام عليه السلام ، والثاني : أن يكون ~~عادل كاذبا ، فإنه لو لم يصدر القول عنه عليه السلام فلا يخلو إما يكون ~~الشيخ كذب في قوله : أخبرني المفيد ، ولو صدق هو فيلزم أن يكون المفيد ~~كاذبا في خبره : أخبرني الصدوق ، ولو صدق هو كان الصدوق كاذبا في خبره : ~~أخبرني أبي ، وهكذا لو صدق الأب لزم كذب الصفار ، ولا يمكن أن لا يكون في ~~البين كذب عادل ومع ذلك لم يكن القول صادرا عن الإمام. # نعم لو كان في الوسائط فاسق ولو واحدا لأمكن صدق العادل وعدم صدور الحكم ~~عن الإمام ، وأما بعد كون الوسائط جميعا محقق العدالة غير مشكوك في عدالتهم ~~فلا محالة يكون عدم الصدور ملازما لكذب عادل واحد ، وحينئذ فالتوقف عن ~~العمل بالحكم المحكي بالحكاية المذكورة أعني وجوب الجمعة ليس له سبب وعلة ~~إلا احتمال كذب العادل ، ضرورة أنه مع القطع بعدم كذب العادل فلا مانع عن ~~المصير إلى العمل ، فعند هذا التوقف لأجل هذا المانع يكون المكلف مخاطبا ~~بخطاب «صدق العادل» وهذا الخطاب يدعوه إلى العمل بالحكم المزبور ؛ إذ مع ~~إلغاء هذا الاحتمال ينتفي المانع عن العمل مطلقا. # فعلم أن المحتاج إليه ليس بأزيد من فرد واحد من «صدق العادل» ويكون ~~المقصود طبيعة العادل من دون إشارة إلى شخص خاص من الشيخ ومن قبله من ~~الوسائط ، ويكون اللازم العادي لتصديقه هو العمل أعني صلاة الجمعة. # والحاصل أن قول الإمام صدورا وعدما يدور مدار صدق العادل بقول مطلق وكذبه ~~ولو في ضمن فرد واحد منه ، وكون تمام توقف المكلف عن العمل بسبب مجرد ~~احتمال كذب العادل يكفي في توجه خطاب واحد إليه بتصديق العادل ms0549. # فإن قلت : ما ذكرت من كفاية خطاب واحد إنما يتم في ما إذا كان هناك اخبار ~~عدول متعددة محققة محرزة لنا وجدانا ، كما لو علمنا وجدانا بصدور الخبر عن كل PageV01P586 # واحد من الشيخ ومن قبله إلى الصفار ، فحينئذ لو لم يكن القول صادرا عن ~~الإمام فلا محالة يلزم كذب عادل واحد ، فخطاب واحد بتصديق طبيعة العادل ~~يكفي في سد باب هذا الاحتمال ، والتحريك نحو العمل ، وهذا بخلاف ما نحن فيه ~~، حيث إن الخبر الوجداني المحقق منحصر في خبر الشيخ ، وأما خبر غيره فلا بد ~~من إحرازه بخطاب «صدق» المتعلق بخبر الشيخ ، فب «صدق العادل» في خبر الشيخ ~~يثبت خبر المفيد وب «صدق العادل» الجاري في خبر المفيد يثبت خبر الصدوق ، ~~فلا محيص عن خطابات عديدة طولية ، ولا يكفي سوق خطاب واحد نحو طبيعة العادل ~~مع عدم إحراز ما عدا خبر الشيخ. # قلت : لكن مع ذلك كله لا يخرج الأمر من حالين ، إما صدر من الإمام الحكم ~~، وإما كذب عادل واحد ، ولا ثالث لهذين ، وهذا العادل الواحد إما الشيخ ~~وإما المفيد وإما الصدوق وإما أبوه وإما الصفار ، فنحن نرفع احتمال الكذب ~~عن الجميع بخطاب «صدق العادل» ومن المعلوم أن اللازم العادي للاخبار ~~المسلسلة هو صدور الحكم عن الإمام ظنا. # وإن شئت التوضيح فافرض حصول القطع من خبر كل من الشيخ ومن قبله ، فعند ~~هذا القطع يلزم قهرا حصول القطع بقول الإمام ، فكذلك لو حصل الظن بصدق ~~العادل حصل قهرا الظن بالصدور ، فيصدق أنه حصل الظن بقول الإمام من خبر ~~العادل كما يصدق في المثال حصول القطع به من خبر العادل ، وقد قلنا : إنه ~~لا يلزم أن يكون أثرا لقول العادل ، بل يكفي ثبوت الملازمة بينهما بمعنى أن ~~يكون العمل لازما له أو ملزوما بحيث صدق الحكاية. # فهنا أيضا تكون الملازمة بين قول العادل والظن بالصدق وبقول الإمام ~~عليه السلام كما هو واضح ، فإذا رفع احتمال الكذب عن البين بواسطة «صدق ~~العادل» فلا معنى لهذا الخطاب إلا الإلزام بصلاة الجمعة. # وحاصل الكلام ms0550 في المقام أن مجرد تصديق العادل ما لم ينته إلى العمل ليس بأثر ؛ PageV01P587 # إذ ليس مفاد «صدق» هو التصديق القلبي ، حتى أن في ما يكون الأثر الشرعي ~~لمؤدى الأمارة بواسطة ملازمات خارجية أيضا ليس المقصود تصديق ما هو اللازم ~~للمؤدى بلا واسطة ، بل المقصود توجيه المكلف نحو العمل الذي هو متأخر عن ~~الجميع ، مثلا لو أخبر بشيء وكان في الخارج ملازما مع وجوب صلاة ركعتين ~~فليس معنى «صدق» ابن على وقوع هذا الأمر الخارجي ، بل المقصود : صل ~~الركعتين. # وحينئذ نقول : يكفي في الحكاية بقول العادل كون الوقوع واللاوقوع منوطين ~~بصدقه وكذبه ، كما في مثال المخبر بأحد المتلازمين بعد الفراغ عن الملازمة ~~الخارجية بينهما ، فإنه لو لم يكن اللازم الآخر متحققا فلا محالة كذب ~~العادل ، ولو صدق فلا محالة يكون اللازم الآخر متحققا ، وبمجرد هذا القدر ~~حصل المطلب بحكاية قول العادل وببركته ، ولا يحتاج في تحقق الحكاية إلى كون ~~المحكي مدلولا مطابقيا لقوله ، بل ولا كونه التزاميا بأن لا يلتفت المخبر ~~بملازمته أصلا ، بل ولو كان قاطعا بالخلاف. # فإذا أخبر بطهارة أحد المشتبهين كان حكاية عن نجاسة الآخر لمن له العلم ~~الإجمالي ، وإن كان نفس المخبر قاطعا بطهارة الآخر فيكفي في الاستفادة ~~والتحصيل للمطلب من قول العادل ثبوت الوقوع على تقدير صدقه ، وهذا هو ~~المراد لو اعتبر كون الواسطة من اللوازم العقلية أو العادية ، فإن الملاك ~~هو الحكاية المتحققة بدوران الوقوع واللاوقوع على صدقه وكذبه. # فنقول في ما نحن فيه : وجوب الجمعة الذي هو الأثر العملي وإن لم يكن ~~مدلولا مطابقيا إلا لقول الصفار ، ولكن نحن لا نشك في أنه لو لم يكن الشيخ ~~والمفيد والصدوق وأبوه والصفار كاذبين فهذا الحكم واقع ، وإن كان لا واقعية ~~له فلا محالة إما مستند إلى كذب الصفار وإما أب الصدوق وهكذا ، فتحقق ~~الحكاية عن قول الإمام بخبر العادل ، وأنا قد استفدنا من هذه السلسلة من ~~العدول وببركة أخبارهم حكم الإمام ، فإذن فنحن مكلفون بصدق العادل لأجل نفس ~~هذا الأثر العملي المحكي بقول العادل المترتب ms0551 على صدقه ، هذا غاية توجيه ~~مرام شيخنا الاستاد دام ظله على PageV01P588 # ما استفدته من تقريره في مجلس الدرس. # وأنا أقول : هنا سؤال وهو أن طبيعة خبر العادل التي علق عليها في الأدلة ~~حكم «صدق» لا يخلو من حالين ، إما يسري حكمه إلى أفراده وإما لا ، وحيث إن ~~المختار هو سراية الحكم من الطبيعة إلى الفرد فيتعين الأول ، وحينئذ فنقول ~~: إخبار شيخ الطائفة لنا بخبر المفيد الذي هو الفرد الحقيقي لهذه الطبيعة ~~في المقام وليس غيره فرد وجداني آخر لا يخلو إما يكون من جملة تلك الأفراد ~~التي يسري إليها الحكم المذكور من الطبيعة وإما خارج عنها. # فإن كان الثاني فنحن في الراحة ؛ إذ لا يجب علينا تصديق هذا الخبر ، وليس ~~غيره خبر آخر في أيدينا ، وإن كان الأول كان هذا النزاع في ما بين الاستاد ~~والشيخ الأجل المرتضى لفظيا ، فإنه على هذا يجب إسراء حكم «صدق» في خبر ~~الشيخ من الطبيعة ، وبه يتحقق موضوع خبر المفيد تعبدا ، فيشمله هذا الحكم ~~بالسراية ، فيتحقق موضوع الخبر التعبدي للصدوق ، فيشمله أيضا ، فهنا أحكام ~~طولية ، كل لاحق محقق لموضوع السابق. # فينحصر وجه تصحيح الإشكال بما ذكره الشيخ من جعل قضية صدق العادل طبيعية، ~~بأن يكون المراد منها طبيعة الأثر ولو كان جاريا بنفس هذا الحكم ، فهو ~~قدسسره إنما يقول بتعلق حكم «صدق» بخصوص شخص خبر الشيخ من باب السراية ، ~~وإلا فلا يقول بتعلقه به أولا وبالذات. # والاستاد دام ظله يقول : هنا حكم على طبيعة العادل من دون نظر إلى خصوص ~~الأفراد ، وهذا مسلم إلا أنه تبعا يتعلق بالأفراد كما هو معترف أيضا ، فلا ~~محالة يكون النزاع في أن المحتاج إليه خطاب واحد ب «صدق» أو خطابات طولية ~~بعدد الاخبار على هذا الوجه نزاعا لفظيا. # وطريق التخلص منحصر في جعل القضية عامة إما بالملاك وإما بجعلها طبيعية ، ~~والمراد بالتصديق أيضا تصديق عملي ، ولكن لا يلزم عدم الواسطة بينه وبين ~~العمل ، PageV01P589 # بل يكفي كون المنتهى إليه عملا كما هنا ، فصدق في خبر الشيخ ناظر إلى ~~«صدق ms0552» في خبر المفيد وهو إلى «صدق» في خبر الصدوق إلى أن ينتهي إلى «صل ~~الجمعة» ، والغاية الأصلية للجميع هو هذا بحيث لو لم يكن هذا لما كان محل ~~لخطاب «صدق» أصلا. # فإن قلت لا شبهة في أن حكم «صدق» موجود في موضوع خبر العادل قبل أن يخبر ~~، غاية الأمر على نحو التعليق ، يعني لو وجد فصدقه ، وهذه القضية التعليقية ~~أبدا موجودة وإن لم يكن لها مصداق في العالم أصلا. # فنقول : خبر الصفار والصدوق والمفيد والشيخ موضوع لهذا الحكم التعليقي ~~بلا ترقب لحصول أمر ، فحينئذ إذا حصل لخبر الشيخ المصداق الخارجي وصار ~~فعليا صار هذا الحكم التعليقي فعليا ، وهذا الحكم بانضمام الأحكام ~~التعليقية الموجودة في نفسها في موضوع خبر الآخرين من دون توقف له على تحقق ~~الحكم لخبر الشيخ يفيد المدعى ويكفي في الوصول إلى قول الإمام ؛ فإن مقول ~~قول الشيخ هو قول المفيد ونحن مكلفون بالتكليف الفعلي التنجيزي بتصديق خبر ~~الشيخ ، وحينئذ فإن لم يقل المفيد لزم كذب الشيخ ، وهذا خلاف ما امرنا به ، ~~وإن قال فالمفروض أنه أيضا واجد للقضية التعليقية ، وهكذا نقول في خبر ~~الصدوق والصفار ، فيكفي لنا أيضا خطاب واحد ب «صدق العادل». # قلت : هذا عين تقرير مطلبنا ، فإن القضية التعليقية قبل صيرورتها منجزة ~~لا يترتب عليها أثر ، وهذا من البديهيات الأولية في الميزان ، فلا بد من ~~صيرورة هذه القضية التعليقية في خبر المفيد بتوسط وبركة فعليتها في خبر ~~الشيخ حتى يكون لها أثر ، ففي مرتبة القضية التعليقية وإن كان لا ترتب بين ~~القضايا ، بل كلها في عرض واحد ، ولكن في مرتبة الفعلية والتنجيز الذي هو ~~لا بد منه يكون بينهما الترتب ، بمعنى أن فعلية الحكم التعليقي للموضوع ~~السابق الذي هو خبر المفيد يحدث من قبل فعليته للموضوع اللاحق الذي هو خبر الشيخ. # فالحكم المتصور هنا في كل من الأفراد بدون الترتب وتوقف وجود السابق PageV01P590 # بوجود اللاحق وهو التعليقي غير مفيد ، والحكم الذي له فائدة وهو الوجوب ~~الفعلي لا يتصور بغير الترتب ومجيء السابق من قبل اللاحق ms0553 ، فعلم أنه لا ~~يمكن إخراج المقام عن إيجاد الحكم بالحكم كما هو واضح ، هذا وقد قرر دام ~~ظله مرامه بتقرير آخر دفعا لما أوردناه عليه. # وحاصل تقريره الثاني أنه لا بد من تقديم مقدمة لها كمال الدخل في فهم ~~المطلب وهي. فهم الفرق بين الاصول والأمارات. # فنقول : يجب في الاصول الاقتصار على مدلولها ، ولا يجوز التعدي منه إلى ~~شيء أجنبي عن مدلولها ، مثلا مدلول الاستصحاب عدم نقض اليقين بالشك ، فلو ~~كان إناءان مشكوكا الطهارة وكان أحدهما مسبوقا بها دون الآخر ، ولكن علم ~~التلازم بين طهارتيهما فحينئذ يبنى على طهارة الأول دون الثاني ، لعدم كون ~~الحكم بطهارته من مصاديق عدم نقض اليقين بالشك ، ومدلول الأصل هو هذا لا ~~غيره فلا يجوز التعدي عنه. # وكذلك لو كان في طول المدلول ومترتبا عليه ، كما لو شك في حياة الزيد بعد ~~العلم بها ، وكان من لوازم حياته إلى هذا الزمان بياض لحيته ، وكان لبياض ~~لحيته أثر شرعي كوجوب صلاة ركعتين ، فإنه لا يحكم باستصحاب الحياة بوجوب ~~الركعتين ، فإن بياض اللحية أجنبي عن مدلول الاستصحاب ، لعدم تحقق المصداق ~~، لعدم نقض اليقين بالنسبة إلى بياض اللحية ، وإنما تحقق بالنسبة إلى ~~الحياة وهي غيره. # نعم يحكم باللوازم الشرعية مثل طهارة الملاقي عند استصحاب الطهارة في ~~ملاقاه ، فإن مدلول الأصل البناء على الطهارة ، ومعنى ذلك معاملة الطهارة ~~التي من جملته طهارة ملاقيه. # وهذا بخلاف الإمارات ، فمعنى «صدق العادل» مثلا : رتب أثر الصدق على قوله ~~وألق احتمال الخلاف ، فكل كشف يحصل للإنسان بواسطة الاعتماد على «صدق ~~العادل» لزم الأخذ به إذا كان كشفا لحكم شرعي ، فإذا علمنا التلازم بين طهارة PageV01P591 # الإنائين المشكوكين وأخبر العادل بطهارة أحدهما فمدلول قوله والمخبر به ~~لإخباره إنما هو طهارة هذا الأحد لا غير ، لكن المقدار الحاصل من الكشف عن ~~طهارة هذا الأحد من قوله تحصل هذا المقدار بعينه بلا زيادة ونقيصة بالنسبة ~~إلى طهارة الآخر ، فيندرج تحت دليل «صدق» وإن كان العادل لم ير الملازمة أو ~~قطع بالنجاسة. # وكذا الحال في ما إذا كان ms0554 الأثر في طول ما أخبر به العادل ، كما لو أخبر ~~بأن المنار الموجود في بلاد الإفرنج ستة عشر ذرعا ، وكان بين كون المنار ~~المذكور بهذا القدر وبين وجوب صلاة ركعتين ملازمة فإنه كما يحصل الكشف ~~بالنسبة إلى مقدار المنار يحصل بعينه بالنسبة إلى وجوب الركعتين ، وحينئذ ~~لا يلزم تعلق خطاب «صدق» أولا باللازم بلا واسطة وهو المقدار الخاص للمنار ~~ثم تعلقه بالأثر ، بل يكون متعلقا من الأول بلحاظ الأثر، يعني هذا الكشف ~~الحاصل من إخبار العادل يجب الأخذ به وإلغاء احتمال خلافه الملازم لكذب ~~العادل. # والحاصل : حيث ما دار وقوع الحكم وعدم وقوعه مدار صدق العادل وكذبه وجب ~~البناء على صدقه وإلغاء احتمال الكذب ، ولو كان معنى «صدق العادل» هو ~~البناء على مقول قوله لما كان فرق بين الأمارة والأصل ، فليس الموضوع لوجوب ~~التصديق خبر العدل ، بل ما انكشف بسبب ملاحظة الملازمة بين خبره ومطابقته ~~للواقع. # وحينئذ نقول في ما نحن فيه : بين قول الصفار ومطابقة مقوله للواقع ملازمة ~~ظنية ، وكذا الصدوق ، فيحصل الكشف الظني من قول الصدوق باخبار الصفار ، ~~ومنه يحصل الكشف الظني بوجود تكليف «صل الجمعة» فيتحقق هنا كشف في نفس ~~الإنسان لحكم وجوب الجمعة من جهة الاعتماد على صدق العادل ، بحيث لا يمكن ~~الخلاف إلا مع كذب عادل واحد لا محالة ، فإذا علمنا من الشارع أنه أراد ~~إلغاء هذا الاحتمال في حق العادل كان معناه وجوب الجمعة ، فلو كان بالفرض ~~حجية قول العادل دائرا مدار الظن الفعلي لكان يصدق أن الظن الفعلي حصل ~~بصلاة الجمعة من قول العادل ، إذ لا إشكال في أن قول العادل في حد نفسه مع ~~قطع النظر عن حكم PageV01P592 # «صدق» يكون بينه وبين مطابقة مدلوله للواقع ملازمة ظنية. # فبقول الشيخ يحصل الكشف الظني بقول الصفار ، وبه يحصل بوجوب الجمعة ، ~~فيتحقق هنا كشف حاصل من الاعتماد على مطابقة قول العادل ، فلو كان أحد ~~الوسائط فاسقا لما حصل هذا المضمون أعني : الكشف الحاصل من الاعتماد على ~~صدق العادل. # وكذلك الحال على ما هو الواقع من ms0555 اعتبار الظن النوعي ؛ فإن معناه أنه قد ~~لا يكون فعليا لأجل شوب الذهن ببعض العوارض والمعارضات ، وإلا كان اللازم ~~حصول الظن الفعلي. # وكيف كان فحينئذ يكون هنا كشف ظني نوعي لوجوب الجمعة حاصل من قول العادل ~~يعني من صدقه وعدم كذبه فلا تغفل ، فإنه لا نجعل الموضوع خبر العادل حتى ~~نحتاج إلى تجشم تعلقه أولا بخبر الشيخ حتى يثبت به موضوع خبر الصفار ، بل ~~نجعل الموضوع الانكشاف الحاصل في النفس من جهة الاتكال على صدق العادل ~~وإلغاء احتمال كذبه ، وهذا يكون ملازما بلا واسطة للحكم الشرعي ، ويكون ~~معنى «صدق» من أول الأمر «صل الجمعة». # والحاصل (1) أنه لو كان معنى الحجية الطريقية هو التعبد بمدلول القول ~~مطابقة أو التزاما ، وبعبارة اخرى : كانت الحجية دائرة مدار عنوان الإخبار ~~والمخبر بهية ولازم ذلك الجمود على هذا ، كما في التعبد بعنوان عدم النقض ، ~~وعدم التعدي إلى اللوازم والملزومات والملازمات العادية أو العقلية ، فضلا ~~عن الملازمات العلمية ، إذ ليس في الكلام إشعار بذلك ولا في ذهن المتكلم ~~احتماله ، فكيف يصح إطلاق أنه : قاله ، أو أخبر به ، أو دل عليه لفظه ، أو ~~كان معناها إيراد التنزيل أولا على المقول ثم PageV01P593 # على الوسائط فيكون هنا تنزيلات طولية مترتبة بعدد الوسائط وترتيبها كان ~~الإشكال متوجها ؛ إذ يلزم على التقدير الأول في المقام إجراء التعبد في خبر ~~الشيخ ليثبت ببركته مقوله وهو قول المفيد ، ثم في هذا القول الثابت تعبدا ~~ليثبت ببركته قول الصدوق وهكذا ، وعلى التقدير الثاني إجراء الحكم أولا في ~~قول الشيخ ثم جعل الملازمة بينه وبين قول المفيد وهكذا ، وحيث إن الأثر ~~الملحوظ في التنزيل على كل من التقديرين وجوب التصديق لزم كون الحكم ناظرا ~~إلى نفسه. # ولكن الأمر على خلاف ذينك التقديرين ، والحق في استكشاف حقيقة معنى ~~الطريقية هو الرجوع إلى العرف في الطرق العرفية ، ونحن إذا راجعناهم وجدنا ~~معنى طريقية قول الثقة مثلا عندهم هو الاعتبار بكل انكشاف كان منشائه حسن ~~الظن بالثقة وبعد احتمال الكذب في خبره ، فلو فرض انكشافات طولية حاصلة ~~بتوسط ms0556 الملازمة القطعية فهذه الانكشافات وإن كانت مترتبة في الوجود ، ~~ولكنها في ملاك الأخذ عندهم في عرض واحد. # وكذا لو أخبر ثقة أنه أخبر فلان الثقة بكذا ، فعين تلك الدرجة من حسن ~~الظن والبعد المذكورين يحصل هنا كما يحصل عند إخبار الثقة بلا واسطة ، وليس ~~الغرض التشبث بهذا الأصل المطلب حتى يقال : لعل وجه الأخذ وجود المناط أو ~~صحة القضية الطبيعية ، بل المقصود التشبث بهذا في فهم الطريقية الواردة في ~~الأدلة اللفظية الشرعية. # فنقول : الفرق بين «لا تنقض» وبين «صدق العادل» هو الدوران في الأول مدار ~~صدق العنوان ، وأما في الثاني فنحكم بشهادة ذلك الارتكاز العرفي أن كل ~~انكشاف لحكم شرعي نشأ من الاعتماد بقول العادل ولو بغير هذا الحكم ، بحيث ~~لزم من عدمه كذب العادل في خبر من أخباره ، فالشارع حكم بلزوم الأخذ بهذا ~~الحكم ولو كان في البين وسائط عقلية أو عادية ، فالجعل يتعلق أولا بهذا ~~الكشف المتعلق بالحكم الشرعي ، لأنه القابل للجعل من دون تعلق له بتلك ~~الوسائط أصلا. PageV01P594 # وحينئذ نقول : إذا قال الشيخ : قال المفيد : قال الصدوق : قال الصفار : ~~قال العسكري عليه السلام : تجب صلاة الجمعة ، فنحن بعد إحراز عدالة هؤلاء ~~المذكورين في السلسلة وعدم تخصيص حكم «صدق العادل» بالنسبة إلى واحد منهم ~~لا نحتاج إلا إلى تعبد واحد بوجوب صلاة الجمعة. # وذلك لأن خبر الشيخ محرز وجدانا وهو كاشف نوعي عن خبر المفيد ، وهذا ~~المكشوف كاشف نوعي عن خبر الصدوق وهكذا إلى وجوب صلاة الجمعة ، بحيث لو فرض ~~حصول الظن الفعلي من قول العادل لكنا ظانين بوجوب الجمعة فعلا من قول ~~العادل، غاية الأمر أن الحال يحصل الظن النوعي من هذه السلسلة التي أولها ~~وجداني ، نعم هذا كشف ناقص فنحتاج كما في كل مقام إلى تتميمه بقول الشارع : ~~«صدق العادل». # وبالجملة ، يصدق على هذا الانكشاف أنه حصل من قول العادل ونشأ من حسن ~~الظن به وبعد احتمال الكذب في حقه ، بحيث لو لم يكن المنكشف لزم كذب أحد ~~العدول المذكورة في السلسلة. # نعم لو كان واحد ms0557 من أهل السلسلة خارجا عن حكم «صدق» بأن كان فاسقا أو ~~مشكوك الحال لا يتم ما ذكرنا ، فحاله حال ما إذا كان في الوسائط أولوية ~~ظنية أو غيرها من الظنون الغير المعتبرة ، ووجهه كما مر أنا نحتاج إلى وجود ~~دليل الاعتبار في كل واسطة ولو على نحو التعليق على وجود الموضوع من دون ~~حاجة إلى إحراز الموضوع ، فإنه مع عدم ترتيب الأثر يلزم قطعا إما كذب الشيخ ~~، ولو صدق هو كذب المفيد وهكذا ، والحال أن الكل واجب التصديق ومحرم ~~التكذيب بلا تقييد بوصول شخص خبرهم إلينا تفصيلا ؛ إذ الألفاظ موضوعة ~~للمعاني النفس الأمرية لا المحرزة الواصلة إلى المكلف تفصيلا. # فتحصل أنا لا نحتاج في إجراء دليل التعبد في هذا الانكشاف إلى إدراجه تحت ~~عنوان مقول العادل ، ولا إلى تصحيح الملازمات الكائنة قبله لنحتاج على PageV01P595 # التقديرين إلى التعبدات المترتبة ، بل نجري أولا دليل التعبد في نفس هذا ~~الانكشاف لاتصافه بما هو المعيار من كونه حاصلا من قول العادل وأنه لولاه ~~لزم كذب عادل في خبر لا محالة. # ثم إن شيخنا الاستاد دام بقاه استشكل على القضية الطبيعية في المقام ~~بوجهين ، الأول : في كلي شمول الطبيعية نفسها ، والثاني : في خصوص المقام ~~ولو فرغ عن كليه ، أما الخاص بالمقام فهو أن التصديق الواجب ليس المراد به ~~التصديق الجناني ، بل العمل الخارجي، وليس لخبر المفيد وغيره في المقام أثر ~~عملي حتى بعد ملاحظة كونه موضوعا لوجوب التصديق ، فإنه بعد عدم كون المراد ~~منه البناء القلبي على الصدق ليس في حد نفسه أثرا عمليا ، فيرجع الأمر ~~بالأخرة إلى إيجاب الصلاة التي هي المنتهى إليه السلسلة ، ومنه يعلم أنه لو ~~صححنا الطبيعية في مقام آخر فلا ينفعنا في هذا المقام ، بل النافع هي ~~الطريقة التي ذكرناها ليس إلا. # وفيه أنه يمكن تجزئة هذا العمل الواحد الذي هو الصلاة وتسهيمه على هذه ~~الأخبار، فباب عدمها من ناحية كل خبر ينسد بواسطة «اعمل» المتعلق بهذا ~~الخبر ، فكل يتكفل لسد باب من ابواب عدمه ولإصلاح طرف من أطرافه ، نظير ms0558 شيء ~~له مقدمات أخبر بكل واحدة منها عادل. # وأما الإشكال العام فهو أن المتكلم لو لاحظ الطبيعة في جانب الموضوع على ~~نحو لا يتعدى نظره منها إلى الأفراد أصلا وبعبارة اخرى : كان بصدد امتياز ~~الطبيعة عن طبيعة اخرى كما في قضية ، «الرجل خير من المرأة» ففي هذه الصورة ~~يمكن شمول حكم القضية لنفسها باعتبار الطبيعة الموجودة فيها ، لفرض أن ~~النظر مقصور على صرف الطبيعة ، والإشكال أعني وحدة الحكم والموضوع وبعبارة ~~اخرى إيجاد الحكم لموضوع نفسه إنما يحدث من وقوع النظر على خصوصية شخص هذا ~~الفرد المتأتي من قبل الحكم. # وأما لو لاحظ الطبيعة على نحو السريان وأنها بكل وجود تلبس ، لها هذا الحكم PageV01P596 # فلا محالة حينئذ يقع نظره على هذا المصداق المتأتي من قبل الحكم أيضا. # فإن قلت : إنما يسري إليه بما هو وجود للطبيعة لا بما هو وجود خاص. # قلت : الخصوصية خارجة ، ولكن الخاص بما هو خاص يصير معروضا. # فإن قلت : مع هذا أيضا يمكن التفكيك ؛ فإن الخاص بما هو حصة خاصة للطبيعة ~~مغاير ذهنا معه بما هو وجود هذا الفرد كما قلت في مبحث الاجتماع. # قلت : فرق بين العرض التحليلي أعني ما يتعلق بالطبيعة باعتبار وجودها ~~التحليلي ، ففيه يتم ذلك ومحل الكلام في ذلك المبحث من هذا القبيل ، وبين ~~العرض الخارجي وما يعرضها في الوجود الخارجي ؛ فإنه لا محالة يسري إلى ~~الفرد ، فإذا صار الإنسان أبيض فلا محالة يصير الزيد أيضا أبيض ، وما نحن ~~فيه من هذا القبيل ، والفرق هو اختلاف ما بين الأفعال المتعلقة للأحكام ~~والموضوعات المتعلقة لتلك الأفعال. # وفيه أنه فيما إذا علق الحكم على الطبيعة بلحاظ الوجود الساري يكون النظر ~~مقصورا على حصة الطبيعة بما هي هذه الحصة الخاصة للطبيعة ، وهي مغايرة في ~~اللحاظ عن الخاص بالخصوصيات الشخصية الفردية ، ولهذا يصح إيقاع الحمل ~~بينهما ، ويقال : هذا الإنسان مثلا زيد ، فنقول : إذا ثبت عرض لهذا الإنسان ~~فالمتكلم ما لاحظ الزيد وإن كان صحة النسبة وصدقها تكون موقوفة على ثبوت ~~هذا العرض في الخارج على وجه لا ms0559 ينفك عن وقوع الخاص بتمام الوجود ، بحيث لا ~~يبقي حيثية منه خارجا متلبسا بهذا العرض ، ولكن في لحاظ الإثبات إنما اثبت ~~العرض بحيثية واحدة وهي حيثية حصة الطبيعة. # ففرق بين : كل إنسان كذا وقولنا : الإنسان كذا بلحاظ الطبيعة بالوجود ~~السرياني ، ففي الأول وقع كل خاص خاص بشراشر وجوده وحيثياته تحت الحكم في ~~لحاظ الحاكم بنحو الإجمال ، ولهذا نقول : لا يمكن شمول القضية بهذا النحو ~~نفسها ؛ إذ لحاظ ما يتفرع على الحكم ويتأتى من ناحيته غير ممكن قبل الحكم ~~ولو على نحو PageV01P597 # الإجمال. وأما في الثاني فلم يتعلق نظر الحاكم بالخصوصية المتأتية من قبل ~~الحكم لا إجمالا ولا تفصيلا. # فإن قلت : فعلى هذا نحتاج إلى المناط بالإضافة إلى الخصوصية لإحراز أنه ~~لا مانع من قبلها في فعلية الحكم المتعلق بالحصة. # قلت : بعد ما وقع هذه الحصة تحت الحكم لا يعقل وقوع الخصوصية تحت ما ~~يضاده ، فإنه لا يعقل أن يحكم على هذا الإنسان بما هو هذا الإنسان بأنه ~~واجب الإكرام ، ويحكم عليه بما هو زيد بأنه محرم الإكرام. # فإن قلت : لا مانع من أن يتعلق حكم بالذات بلا سراية إلى الخصوصية ، وحكم ~~مضاد له بالخصوصية كما هو الحال في الظاهري مع الواقعي. # قلت : قد استشكلنا عين هذا الإشكال هناك أيضا وهو أنه وإن كان في الرتبة ~~الثانية لا يسري الحكم إلى الاولى ولكنه ينافي معه ؛ لأن لحاظ أصل الذات مع ~~فرض الحكم عليه بالوجوب مثلا ينافي مع الحكم في الرتبة الثانية بمضادة ، ~~وقد أجبتم عن الإشكال بإمكان دخل قيد التجرد في الحكم ، ولكن هذا لا يتمشي ~~هنا ؛ إذ الفرض تأتي الحكم بمقتضى الإطلاق في هذه الذات ، وبعد ذلك يلزم ~~اللغوية لو جعل الحكم المضاد في الخصوصية. # وبالجملة وإن كان الإطلاق قاصرا عن شمول الخصوصية ، لكنه يكون بحيث ~~يكفينا مئونة تحصيل المناط من الخارج ؛ إذ بنفسه يستكشف عدم المانع من قبل ~~الخصوصية لمكان التنافي بينهما ، والأمارات مثبتاتها أيضا حجة. # ومن جملة الآيات التي استدل بها لحجية خبر الواحد آية النفر ، وهي قوله ms0560 ~~تعالى : ( @QUR@018 فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ~~ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) حيث دلت الآية على وجوب ~~الحذر عقيب الإنذار ، فيدل على وجوب القبول عند التفقه والإخبار. # أما دلالتها على وجوب الحذر عقيب الإنذار فمن وجوه : PageV01P598 # الأول : أن معنى كلمة «لعل» هو الطلب مع الرجاء للحصول ، واحتمال عدم ~~الحصول وقيد الرجاء غير ممكن في البارى تعالى فينسلخ عنه ويبقى الطلب ~~المجرد ، وبعد ذلك يصير المحصل أن الحذر مطلوب. # فنقول : إذا ثبت رجحان الحذر ثبت وجوبه لوجهين ، الأول : ما ذكره في ~~المعالم من أن مقتضى الوجوب إما موجود وإما لا ، وبعبارة اخرى : إما تكون ~~الحجة تامة وإما لا ، فعلى الأول يجب الحذر وعلى الثاني لا يحسن ، والثاني ~~: الإجماع على أنه متى ثبت هنا الرجحان ثبت الوجوب ، وذلك لأنهم في هذا ~~الباب بين من لا يجوز العمل بخبر الواحد وبين من يوجبه ، ولا قائل بالرجحان ~~وعدم الوجوب. # والوجه الثاني : أن الحذر وقع غاية للإنذار وهو واجب ؛ لأنه وقع غاية ~~للنفر وهو واجب بواسطة كلمة «لو لا» وغاية الواجب واجبة إذا كانت من فعل ~~المكلف. # والوجه الثالث : أن الإنذار واجب لما تقدم ، ووجوبه مستلزم لوجوب الحذر ~~والقبول؛ إذ لو لم يجب القبول لزم لغوية وجوب الإنذار ، وبنظير ذلك استدلوا ~~في باب وجوب قبول شهادة المرأة بما في رحمها ، لثبوت النهي عن كتمان ما في ~~أرحامهن في الآية ، فبهذه الوجوه الثلاثة ثبت وجوب الحذر والقبول عقيب ~~الإنذار ، فيكون خبر الواحد في الأحكام الشرعية واجب القبول. # أقول : أما ما ذكر في الوجه الأول من انسلاخ لفظة «لعل» عن معنى الترجي ~~فمبني على كون مثل هذه الكلمة من هيئة الأمر ونحوها حقيقة في الصفات ~~الموجودة في النفس كالترجي الحقيقي والإرادة الحقيقية ، وأما على قول من ~~يقول بأن تلك الهيئات والألفاظ حقيقة في المعنى الذي يوجدها تلك الألفاظ ، ~~وبعبارة اخرى : هيئة الأمر موضوعة للطلب الإيقاعي دون الطلب الواقعي ، ~~ولفظة «لعل» موضوعة للترجي الإيقاعي دون الواقعي ، فهي أبدا مستعملة في ~~معناها ms0561 الحقيقي الإيقاعي ، والاختلاف إنما هو في الدواعي، فقد يكون إيقاع ~~هذا المعنى بداعي الوصف الواقعي ، وقد يكون بداع آخر. PageV01P599 # فحينئذ لا يلزم الانسلاخ لإمكان تمشي الترجي الإيقاعي في حق الباري ؛ ~~لعدم منافاة إيقاع هذا المعنى مع العلم بالحصول أو عدم الحصول ، بخلاف ~~القول الأول أعني كون هذه الألفاظ كواشف عن الصفات المتحققة في النفس دون ~~كونها موجدة لمعانيها كما قويناه غاية الأمر أن الصفة القائمة بالنفس ~~المحكية بهذه الألفاظ قد تكون حاصلة عن مصلحة في المتعلق ، وقد تكون ناشئة ~~عن المصلحة في نفسها يعني يوجدها الإنسان لمصلحة فيها ، فإنه كما أن الترجي ~~الحقيقي الناشئ من المصلحة في المتعلق غير ممكن في حق الباري لابتنائه على ~~الشك الممتنع في حقه تعالى ، كذلك ما يوجد لأجل المصلحة في نفسه ، فإنه صفة ~~قائمة بانفسنا ، ولو قلنا به في حقه تعالى لزم كونه تعالى محلا لهذه الصفة ~~الإيجادية وقيامها بذاته تعالى وهو محال. # ولكن يمكن حفظ المعنى الحقيقي لهذه اللفظة وأمثالها إذا وقعت في كلامه ~~تعالى على هذا القول أيضا بأن يقال : ربما يكون المتكلم عالما وينزل نفسه ~~منزلة الشاك فيستفهم ، فحينئذ يستعمل كلمة الاستفهام في كلامه في معناه ، ~~كذلك ربما ينزل من هو عالم بحصول أمر نفسه منزلة الشاك بحصول هذا الأمر ~~المتوقع لحصوله ، فيستعمل لفظة «لعل» فتقع اللفظة في كلامه مستعملة في ~~معناها الحقيقي من دون حاجة إلى تجريد وانسلاخ. # وبالجملة ، بحسب مقام المحاورة والمكالمة يمكن أمثال ذلك في حقه تعالى ~~أيضا ، والأمر في ذلك سهل ، ولعل من هذا القبيل كلمة «لعل» فيما إذا كان ~~المقصود إلقاء الترجي وإبدائه للمخاطب بدون أن يكون الغرض إظهار ترجي نفس ~~المتكلم كما في قوله تعالى : ( @QUR@04 وما يدريك لعله يزكى ). # وكيف كان فالحق عدم جواز الاستدلال بالآية لحجية الخبر (1)، والوجوه PageV01P600 # المذكورة كلها مخدوشة ، أما توجيه الملازمة بين رجحان الحذر عقيب الإنذار ~~وبين وجوبه بما ذكره في المعالم ، فلأنه إنما يتم بالنظر إلى العقاب ؛ إذ ~~هو إما معلوم الاستحقاق فيجب الحذر ، وإما غير معلوم فلا يحسن ، للعلم ms0562 ~~بعدمه بحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، فإنذار المنذر إما حجة فيجب الحذر ~~، وإما لا فلا يحسن ، ولكنه بالنظر إلى المصلحة والمفسدة غير تام (1)؛ إذ ~~يمكن فرض الرجحان بدون الوجوب للحذر عن فوت المصلحة أو الوقوع في المفسدة ~~الكامنتين في الفعل ، فيحسن لأجل ذلك الاحتياط والتحذر وإن كان لا يحسن من ~~حيث العقوبة. # وأما توجيه الملازمة بالإجماع المركب والوجه الثاني أعني إثبات وجوب ~~الحذر بكونه غاية للانذار الواقع غاية للنفر الواجب بقضية لفظة «لو لا» ~~والوجه الثالث اعني إثبات الوجوب في الإنذار بما ذكروا في الحذر بلزوم ~~اللغوية فالخدشة في الكل من جهتين. # الاولى : أن الآية إنما تدل على المدعى لو استفيد منها وجوب الحذر مطلقا ، سواء # فإن قلت : الجاهل نفس جهله واحتماله يكفي في جريان حكم العقل في حقه. قلت ~~: فرق واضح بين الجاهل العامل أو الملتفت المغمور في الشهوات ، وبين من ~~يعظه وينذره شخص عالم فقيه خبير بالمطالب ، وبالجملة إنكار ثمرة الإنذار ~~حتى في حق العالم فضلا عن الجاهل بمثابة إنكار البديهي. منه قدسسره الشريف. PageV01P601 # كان الإنذار مفيدا للعلم أم لا ، وليس كذلك ، فليست الآية إلا بصدد أصل ~~مطلوبية النفر والتفقه والإنذار والحذر عقيبه ، أما أن مطلوبية الحذر تكون ~~مطلقة أو مشروطة بحصول العلم فالآية ساكتة عن هذه الجهة. # وبالجملة الآية متعرضة لتكليف النافرين وفي مقام تحريصهم على النفر ~~والتفقه ، وذكر الحذر من المتخلفين يكون على سبيل الفائدة ، فتكون من جهته ~~في مقام الإهمال. # فحينئذ من الممكن أن يكون وجوب الحذر مخصوصا بما إذا حصل العلم بصدق ~~الإنذار ، لصدوره من طائفة وجماعة واحدا بعد واحد ، بل ربما يستظهر ذلك من ~~كلمة «لعل» ومن استدلال الإمام عليه السلام بهذه الآية لوجوب النفر لمعرفة ~~الإمام ؛ إذ يعلم منه أن الآية إما مخصوصة بالاصول أو عامة لها وللفروع ، ~~ومن المعلوم أن الإنذار في الاصول يجب قبوله لو أفاد العلم لا غير. # والثانية : أن النفر وجب لأجل تفقه المسائل التي هي من الدين واقعا ، ~~والإنذار بهذه المسائل أيضا واجب ، فالحذر إنما يجب ms0563 عقيب الإنذار بالامور ~~التي تكون من الدين واقعا ، وهذا لا يصير منجزا إلا بعد إحراز كون إنذار ~~المنذر إنما تعلق بالأمر الواقعي ، وهو لا يتحقق إلا مع العلم بصدقه ، وأما ~~لو لم يعلم أنه أنذر بالواقع أو لا فلا يجب الحذر ، والحاصل أنه لا يستفاد ~~من الآية حكم تعبدي بلزوم قبول إخبار المنذر وإن لم يفد العلم. # فإن قلت : إن ما ذكرت من عدم كون الآية بصدد إيجاب تصديق المنذر وقبول ~~قوله تعبدا ، وعدم استفادة التعبد منها أصلا ينافيه إيجاب جميع أفراد ~~الإنذار ما أفاد منها العلم وما لم يفد ؛ إذ الطائفة الغير المفيدة للعلم ~~يكون إيجابها على هذا لغوا ، لعدم إيجاب قبوله. # قلت : لو كان بين هاتين الطائفتين مميز خارجي أو أمكن التقييد في الكلام ~~بقيد يساوق الأفراد المفيدة للعلم كان ما ذكرته حقا ، ولكن ليس تلك الأفراد ~~متمايزة PageV01P602 # بنفسها ، وليس هنا قيد حصل الامتياز بسببه أيضا وإن كان هو علم المنذر ~~بحصول العلم للمنذر بإنذاره ، فإن الشارع رأى أنه لو قيد بذلك فأوجب ~~الإنذار الذي يعلم المنذر أنه مفيد للعلم فربما يخطأ في تشخيص مصداقه ، ~~فيعلم المفيد غير المفيد ، فلهذا أوجب عليه جميع الأفراد إدراكا لما فيها ~~من الواجب الأصلي ، ولا يعد هذا من اللغو في شيء. # وإن شئت توضيح ذلك بالمثال فلاحظ حاكم البلد حيث يأمر الحفظة بالليل بأخذ ~~كل من وجدوه بعد مضي أربع ساعات من الليل مثلا ، مع أن من الواضح أن ليس ~~المقصود إلا أخذ السارق ، ولكن لما لم يكن للسارق علامة يمتاز بها عن غيره ~~، والإحالة إلى نظر الحفظة أيضا قد يؤدي إلى خلاف الواقع ، إذ اللازم حينئذ ~~عدم أخذ مشكوك الحال لأجل الشبهة المصداقية فلا جرم جعلوا المأمور به أخذ ~~كل من يخرج بالليل بعد المدة المعينة. # وهنا فرد آخر وهو ما إذا حصل العلم بسبب إنذار المتعدد منضما لا من كل ~~واحد منفردا ، فحينئذ حاله حال ما إذا لم يتمكن العشرة كل منهم منفردا لرفع ~~الحجر مع قدرة المجموع بهيئة الاجتماع ms0564 عليه ، فحينئذ وإن كان إعمال قوة كل ~~مطلوبا مقدميا وقد قلنا في باب المقدمة : إن وجوب المقدمة مختصة بحال وجود ~~سائر المقدمات ولكن الواجب هنا تعليق الحكم بنحو الإطلاق نحو عمل كل واحد ~~واحد ؛ إذ لو كان الوجوب في حق كل مشروطا بإقدام غيره فيلزم أن يتقاعدوا ~~جميعا ولا يكونوا في هذا الفرض بعاصين ، فيلزم نقض الغرض ، فإذا انحصر طريق ~~دفع نقض الغرض بتوجيه الأمر المطلق نحو كل واحد يجب عقلا ذلك وإن كان ملاك ~~الحب مخصوصا بحالة الاجتماع ، فهذا نظير أمر العسكر بالتهاجم على العدو ~~بإلزام كل فرد منهم على سبيل الإطلاق وتوعيده على التخلف ، غاية الأمر حمل ~~كل على الإقدام هناك بالعمل الخارجي يعني بالزجر الخارجي ، وهنا يكون ~~بالأمر التشريعي. # فقد تحصل مما ذكرنا أن الآية لا تنفع لحجية الإنذار تعبدا أصلا ، وإنما يفيد PageV01P603 # وجوب الحذر لو حصل العلم من الإنذار ، فكل فرد من الإنذار واجب على ~~المنذر بالكسر، لكن لا يجب القبول على المنذر بالفتح إلا عقيب خصوص الإنذار ~~المفيد للعلم. # ثم إن شيخنا المرتضى قدسسره بعد الغض عن الإشكالين السابقين وتسليم دلالة ~~الآية على لزوم الحذر مطلقا سواء حصل العلم من قول المنذر أم لا استشكل في ~~دلالة الآية على حجية الخبر أيضا بما حاصله : أن الراوي ليس له الإنذار ~~للمجتهد ؛ لابتنائه على فهم معنى ألفاظ الحديث ، فإن الإنذار إنما هو ~~بمعناها ، وربما اختلف فهمه مع فهم المجتهد في ذلك ، ففهم هو الوجوب فلهذا ~~أنذر ، والمجتهد يفهم عدم الوجوب فلا إنذار بحسب رأيه ، نعم له حق ذلك ~~بالنسبة إلى من يكون رأيه متبعا في حقه كمقلديه ؛ وأما المجتهد فليس للراوي ~~إنذاره مما فهمه من معنى الرواية ، وإنما يكون له بالنسبة إليه نقل ألفاظ ~~الحديث فقط. # فالآية حيث إنها مشتملة على وجوب الحذر عقيب الإنذار ، ووجوب قبوله مختصة ~~بإنذار المجتهد لمقلديه فهي إنما تدل على حجية الإنذار في مقام الفتوى ، ~~ولا دلالة له لحجيته في مقام الخبر والرواية ، فالاستدلال بها لوجوب ~~التقليد أولى منه لوجوب تصديق الرواة ms0565. # قلت : قد عرفت أن مع عدم الإغماض عن الإشكالين لا دلالة للآية لحجية ~~الإنذار أصلا لا في مقام الإفتاء ولا في مقام الإخبار ، وإنما تفيد وجوب ~~القبول في مقام حصول العلم ، وأما مع الغض عنهما فالإنصاف تمامية دلالتها ~~على حجية الخبر دون الإفتاء ، وذلك لأن الاجتهاد والتقليد قد حدثا في هذه ~~الأزمنة بعد عدمهما في زمان حضور الإمام. # فحال الرواة في تلك الأزمنة كان كحال نقلة الفتاوى للمقلدين في هذه ~~الأزمنة ، فكما أنه قد ينذر ناقل الفتوى للعوام كأن قال : قال العالم ~~الفلاني : من شرب الخمر عوقب بكذا من دون مدخلية رأي الناقل في ذلك أصلا ، ~~كذلك في تلك الأزمنة PageV01P604 # كان ناقل الأحكام عن الإمام بلفظه أو بالمعنى قد ينذر المنقول إليهم ، ~~وكان الغالب تصديقهم له في فهم المعنى من دون إظهار مخالفة له في فهمه كما ~~هو الحال في نقل الفتوى في زماننا. # والحاصل : كان هم الرواة مصروفا بضبط المطالب والمعاني دون مجرد الألفاظ ~~، وكان المهم في النقل أيضا نقل المطالب ، وكان تفقههم ذلك ، والاختلاف في ~~فهم المعاني كان كما هو كذلك الآن في غاية الندرة ، وعلى هذا فصدق الإنذار ~~على نقل الراوي لا إشكال فيه ، هذا. # ويمكن أن يقال : إن ظاهر الآية وجوب الحذر عقيب الإنذار بطور الإطلاق وهو ~~ينافي مع كونها في مقام الحجية على المجتهد الذي شأنه الفحص في سائر ما ~~بيده من الأمارات والأدلة ، وملاحظة وجود المعارض وعدمه ، وقوته وعدمه ، ثم ~~بعد اليأس عن المعارض الأقوى يحذر من قول المنذر ، وظاهر الآية أن لا يكون ~~للمنذر بالفتح بعد الإنذار حالة منتظرة ، بل يتحذر ويتخوف بنفس الإنذار ~~ويكون الإنذار علة تامة لحذره ، فالآية مناسبة بحال المستفتي والمفتي. # وإن شئت التوضيح فلاحظ منذرين أحدهما ينذر مقلده والآخر ينذر المجتهد ، ~~فالأول بمحض إنذاره يذهب مقلده نحو العمل بلا مهلة ، وأما المجتهد فيقول : ~~اصبر حتى اراجع لأن أفهم هل في البين دليل أقوى أولا ، فعلى الثاني اتحذر ~~من قولك ، فأنصف من نفسك أيهما ألصق وأنسب بالمدلولية للآية؟. # وحاصل الكلام ms0566 أن الحذر أولا ليس هو العمل ، وثانيا ليس للآية إطلاق حتى ~~في حال الشك ، وثالثا سلمنا أن الحذر بمعنى العمل وأن للآية الإطلاق ، ولكن ~~ليس في مقام التعبد وإنما الحكم متعلق بنفس الواقع المنذر به ، وأين هو من ~~التعبد وجعل الإنذار حجة في مقام الظاهر ، ورابعا سلمنا أن الحذر بمعنى ~~العمل ، والآية لها إطلاق وتكون بمقام التعبد ، لكن ليس مرتبطا بجعل حجية ~~الخبر وقول الراوي ، وإنما ترتبط بحجية قول المفتي في حق المستفتي ، وذلك ~~لأن استناد العمل في الأول إلى PageV01P605 # فهم نفس المنذر بالفتح ، وفي الثاني أيضا وإن كان العمل يحتاج إلى الفهم ~~، ولكن الفهم فيه فهم مدعى المنذر بالكسر ، وفي الأول يكون فهم مستنده ، ~~وظاهر الآية أن يكون الحذر مستندا إلى الإنذار بلا واسطة شيء في ما بين ~~العمل والإنذار. # والحاصل : في مقام الرواية الإنذار سبب لفهم المنذر ، وفهمه سبب لحذره ، ~~ولكن في مقام الفتوى الإنذار سبب بلا واسطة للحذر ، غاية الأمر الالتفات ~~شرط تأثيره ، ولعل مراد شيخنا المرتضى أيضا ذلك فراجع عبارته. # وبالجملة فالآية على هذا تدل على حجية الرواية مع الإنذار ، وتكون دالة ~~على الحجية بدونه بضميمة عدم القول بالفصل ، بمعنى أنه تكون الآية دليلا ~~فيما يشتمل على الوجوب أو التحريم ونفي غيره مما يشتمل على الإباحة أو ~~الكراهة أو الاستحباب ، ويتم الحكم فيه بعدم القول بالفصل بين الأخبار. # ومن جملة الآيات آية الكتمان ، وهي قوله تعالى في سورة البقرة : ( ~~@QUR@020 إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه ~~للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ). # حيث دلت على حرمة الكتمان ووجوب إظهار الحق للناس ، ولو كان القبول غير ~~لازم لزم اللغوية. # وجوابه يظهر مما مر في آية النفر من خلو الآية عن التعبد بقبول قول ~~المظهر ، لسكوته عن أن وجوب القبول عقيبه يكون على نحو الإطلاق سواء حصل ~~العلم أم لا ، وإنما المقصود وجوب إظهار الحق ، ولعله كان وجوب القبول ~~مشروطا بوضوح الحق والعلم به لكثرة مظهريه ، فأوجب الله على الآحاد الإظهار ms0567 ~~ليتضح بسبب إظهاراتهم الحق ويصير معلوما للناس ، فيصير قبوله حينئذ واجبا ، ~~وأيضا فما يحرم كتمانه ويجب إظهاره إنما هو الحق الواقعى ، فالواجب قبوله ~~أيضا هو الحق الواقعي ، فلا بد أولا من إحراز أن ما يظهره المظهر حق واقعي ~~ثم الحكم بوجوبه ، وهو لا يتم إلا مع حصول العلم من إظهاره ، وأما بدونه ~~فيكون من الشبهة المصداقية. PageV01P606 # ثم الجواب عن لزوم اللغوية في إيجاب الفرد الغير المفيد للعلم من الكتمان ~~هو الجواب منه في الآية المتقدمة حرفا بحرف. # ومن جملة الآيات آية السؤال عن أهل الذكر وهي آيتان ، إحداهما في سورة ~~النحل وهي قوله تعالى : ( @QUR@017 وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي ~~إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر ). # والاخرى في سورة الأنبياء وهي قوله تعالى : ( @QUR@014 وما أرسلنا قبلك ~~إلا رجالا نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ). # وجه الاستدلال نحو ما تقدم من أن وجوب السؤال ملازم لوجوب القبول ، وإلا ~~يلزم اللغوية ، ثم بضميمة عدم القول بالفصل يثبت المدعى في جميع الأخبار ~~مما كان مسبوقا بالسؤال وما كان كلاما ابتدائيا. # وفيه أما أولا : فلأن ظاهر هذا الكلام وجوب تحصيل العلم كما يقال عرفا : ~~إن كنت جاهلا فاسئل من العالم يعني لتصير عالما ، فمعنى الآية والله العالم ~~: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون لتعلموا ، فليس في مقام الحكم ~~بالتعبد بالجواب حتى يقال : إن العلم طريقي ، والظن بعد التعبد يقوم مقام ~~العلم الطريقي ويكون علما ، بل يكون في مقام الإرشاد إلى علاج رفع الجهل ~~وجدانا. # وأما ثانيا : فلأن ظاهر سياق الآية كما يظهر من ملاحظة الصدر هو السؤال ~~عن علماء أهل الكتاب عن أحوال أنبياء السلف ، فلا يشمل الرواة ، ومن هنا ~~يظهر وجه آخر لعدم كون الآية في مقام التعبد ؛ فإن موردها مسألة اعتقادية ~~متعلقة بمعرفة الأنبياء ، ولا شك في عدم التعبد في العقائد ولزوم تحصيل ~~العلم فيها. # وأما ثالثا : فمع الغض عن ذلك فقد ورد في الأخبار أن المراد بأهل الذكر ~~هم الأئمة عليهم السلام ms0568 إما لكون هذا الكلام جملة مستقلة وعدم كونها تتمة ~~للمطلب السابق وإن كان خلاف ظاهر «الفاء» التفريعية ، وإما على وجه ~~التأويل. # وحينئذ فإن كانت هذه الأخبار متواترة فلا ربط للآية بما نحن فيه ، وإن كانت PageV01P607 # أخبار آحاد فيلزم من الاستدلال بالآية على حجية أخبار الآحاد أن يلزم من ~~حجيتها عدم حجيتها ؛ فإن من جملة أخبار الآحاد هذه الأخبار الدالة على أن ~~المراد بأهل الذكر هم الأئمة ، فإذا صارت حجة بالآية ثبت أن المراد من ~~الآية غير الرواة ، فيلزم من وجود الحجية عدمها. # ثم على تقدير الغض عن جميع ذلك وتسليم اشتمال الآية على لزوم قبول الجواب ~~تعبدا قد يتوهم عدم دلالتها على حجية الرواية أيضا ؛ لأن المراد من أهل ~~الذكر أهل العلم ، فتكون مسوقة لحجية قول المجتهد على العوام إذا سألوا عنه ~~، فالآية دالة حينئذ على وجوب التقليد دون حجية قول الراوي ، وهذا التوهم ~~فاسد فإن الرواة في الأزمنة السابقة كانوا هم أهل الذكر والعلم وهو كذلك ، ~~ويشهد لذلك ما ورد في الأخبار المستفيضة من أنه «اعرفوا منازل الرجال منا ~~بقدر رواياتهم عنا» (1). # وعلى هذا فكل من كان راويا لرواية يكون بالنسبة إلى من لا علم له بهذه ~~الرواية فردا حقيقيا لأهل الذكر ، فلا حاجة إلى تجشم أن مثل الزرارة وابن ~~مسلم وأمثالهما كانوا من أهل الذكر أيضا ، فإذا ثبت حجية الرواية منهم ثبت ~~من الراوي الذي ليس من أهل الذكر بعدم القول بالفصل ، حتى يجاب عن ذلك بأن ~~كون قول زرارة وابن مسلم وأضرابهما من حيث هم أهل الذكر حجة لا يدل على ~~حجية القول الصادر عنهم من حيث هم رواة. # ومن جملة الآيات آية الاذن المذكورة في سورة التوبة ، وهي قوله تعالى : ( ~~@QUR@015 ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن ~~بالله ويؤمن للمؤمنين ). # قد قرن الإيمان للمؤمنين بالإيمان بالله تعالى ومدحه بهما ، ومن ذلك نعلم ~~أن الإيمان للمؤمن وتصديقه مطلوب على حد مطلوبية الإيمان بالله ، فيكون واجبا PageV01P608 # أيضا ، فيدل على حجية خبر المؤمن ووجوب ms0569 تصديقه ، فإن استفيد من أدلة اخرى ~~زيادة قيد آخر علاوة عن الإيمان قيدنا الآية به وخصصنا الحجية بخبر المؤمن ~~الواحد لذاك القيد ، وإلا فيكون خبر المؤمن بقول مطلق حجة ، هذا. # والإنصاف عدم الدلالة في هذه الآية أيضا ، وذلك لأن الإيمان الذي هو ~~المراد في تلك الآية ومدح به النبي وقرن بالإيمان بالله تعالى ليس هو ~~التصديق بمعنى ترتيب جميع ما للواقع من الآثار على مفاد خبر المؤمن (1)، ~~بل المقصود حسن المعاشرة مع المؤمن وقبول قوله في الآثار المرتبطة بمقام ~~المعاشرة وحسن المصاحبة. # والذي يرشدك إلى هذا أن من كان رئيسا على قوم فمن أعظم أركان بقاء رئاسته ~~وميل النفوس إليه وعدم تشتتهم عن حوله اتصافه بمقدار من الاذنية بمعنى أن ~~يكون سريع التصديق لهم في الآثار التي بينهم وبين شخص نفسه ، مثلا لو اطلع ~~ولو بإخبار ألف عدل على أنه قال في حقه فلان بكذا ، ثم أنكر هذا الفلان ~~وادعى أنه ما تكلم في ذمه وسبه بشيء يصدقه ، ويفرض ما صار في الوضوح ~~كالمرئي بعينه كأنه لم يره ولم يسمع به ، ولا يقطع مودته ومحبته معه ، ~~ضرورة أن الرئيس لو بنى على أن يرتب الأثر على كل خبر يحكى عنده من ارتكاب ~~بعض رعيته سوء أدب بالنسبة إليه فقام بصدد مجازاته لم يبق في أطرافه إلا ~~شاذ قليل أوحدي واحد أو قليل ، فيختل بذلك أمر رئاسته ، وبه يسقط عن تمام ~~الأغراض والقيام بما هو الوظيفة ، وهذا معلوم بالحس والعيان وبالتجربة ~~الحاصلة من النظر إلى أحوال الرؤساء العامة PageV01P609 # من العلماء أو غيرهم. # وعلى هذا فالآية مسوقة مساق الرواية الواردة في باب حسن معاشرة الإخوان ~~من أنه «إذا شهد عندك خمسون قسامة أنه قال قولا وقال : لم أقله فصدقه ~~وكذبهم» وقد فسر القسامة بالبينة الشرعية أعني العدلين ، فإن الملحوظ بهذا ~~الكلام هو المبالغة في حفظ مقام الاخوة ومراعاة حسن السلوك مع الإخوان وعدم ~~قطع علاقة المودة ولو بإخبار هذا العدد من العدول بأنه قال في غيابك كذا ~~وكذا إذا أنكر هو وقال ms0570 : ما صدر مني جسارة إليك ، فالمقصود من تصديقه حينئذ ~~قبول قوله وإظهار الاعتقاد القلبي بمفاد قوله ، وليس المقصود هو التصديق ~~بمعنى ترتيب مطلق الآثار ، وإلا فكيف يمكن تكذيب خمسين بينة وتصديق الواحد. # فلو كان لما أخبر به العدول أثر شرعي غير مربوط بمقام المعاشرة مثل الحد ~~مثلا لو أخبروا بأنه شرب الخمر مثلا فليس هنا مقام التصديق وعدم إجراء الحد ~~عليه ، بل المراد هو التصديق بمعنى عدم ترتيب ما كان للمخبر به من الآثار ~~بحسب المعاملة الشخصية المرتبطة بمقام مراودة شخص المخبر له مع المخبر عنه ~~، مثل قطع المودة ونحوه ، ومما يؤيد إرادة هذا المعنى من الآية أيضا هو ~~تكرار لفظة «يؤمن» فيها وتعدية الأول بالباء والثاني باللام الدالة على ~~المنفعة. # فإن قلت : إن في خبر إسماعيل بن جعفر الصادق صلوات الله عليه دلالة على ~~أن المراد بالإيمان في الآية التصديق بمعنى ترتيب آثار الواقع للتالي ، ~~فأنه عليه السلام قال لإسماعيل بعد أن شهد عنده المسلمون على أن الرجل ~~القرشي المريد للسفر إلى اليمن شرب الخمر وأراد مع ذلك أن يدفع إليه ~~دنانيره ليتجر بها له : إذا شهد عندك المسلمون فصدقهم ، واستشهد بهذه الآية. # قلت : المراد بالتصديق في هذه الرواية أيضا ما ذكرنا ، يعني وإن كان مع ~~إنكار الرجل ذلك لا بد أن لا يغير معه السلوك ويقبل قوله بأنه ما شرب ، ~~ولكن لا بد من الاقتصار على مجرد اظهار التصديق وعدم التعدي إلى مقام ~~الفعلية ، بمنى الحذر عنه PageV01P610 # في الباطن وعدم المعاملة معه معاملة الأمين ، فبالنسبة إلى مقام الفعلية ~~والعمل يجب تصديق الشهود ، ومن حيث آثار المعاشرة الظاهرية تكذيبهم ~~وتصديقه. # هذا مضافا إلى ما في تسليم المال إليه بلا خوف مع سماع قول جماعة من ~~المسلمين بما يدل على عدم أمانته بمجرد إظهاره الإنكار من توهين تلك ~~الجماعة وعدم الاعتناء بأخبارهم والإعراض عن متابعة خبرهم ، فمقتضى حسن ~~المعاشرة معهم وحفظ حقوقهم أيضا هو التصديق لهم بعدم استيمان الرجل ، فتحصل ~~من جميع ما ذكرنا عدم جواز الاستدلال بالآية للمقام لكونها ms0571 أجنبية عنه ، ~~هذا ملخص الكلام في الآيات التي تمسك بها في الباب. # وأما السنة ، فاعلم أن الأخبار التي يتمسك بها لهذا المقام لا بد وأن ~~تكون متواترة ، لوضوح عدم إمكان إثبات حجية أخبار الآحاد بأخبار الآحاد ، ~~والمتواتر قد يكون متواترا باللفظ وهو أن يكون لفظ الخبر مروية بطرق كثيرة ~~بالغة حد التواتر ، واخرى يكون بالمعنى وهو أن يخبر عدد كثير يحصل من ~~كثرتهم العلم بمضمون واحد بألفاظ مختلفة ، وثالثة يكون لا باللفظ ولا ~~بالمعنى ويسمى تواترا إجماليا ، وهو أن يكون كثرة عدد المخبرين بقضايا ~~عديدة كل منها في مطلب غير ما يفيده الآخر بحد يحصل العلم بأن أحد هذه ~~القضايا التي أخبر بها هذه الجماعة صدق مطابق للواقع. # كما لو أخبر ألف نفر كل منهم بخبر غير خبر الآخر ، فالإنسان يقطع بعدم ~~إمكان كذب جميع هذه الأخبار وعدم صدق واحد منها عادة ، فحينئذ لو لم يتوافق ~~هذه الأخبار على معنى واحد أصلا فلا ثمرة ، وأما لو كان هنا معنى يتوافق ~~عليه كل هذه الأخبار يحصل العلم بصدق هذا المعنى وواقعيته وتحققه فاللازم ~~الأخذ بما كان أخص مضمونا من هذه الأخبار ؛ إذ هو الذي يتوافق الكل عليه. # مثلا لو دل طائفة كثيرة من الأخبار على حجية خبر الواحد ، وطائفة كثيرة ~~اخرى على حجية خبر الثقة ، وطائفة كثيرة ثالثة على حجية خبر العدل فحينئذ PageV01P611 # تكون حجية خبر الواحد الثقة العدل مقطوعا بها ، لعدم إمكان وجود الخبر ~~الصادق بين هذه الطوائف المتكثرة. # وحينئذ نقول : يجب أولا ملاحظة أن ما يستفاد حجيته من تضاعيف الأخبار ~~يكون بحيث يفي في الفقه بمقدار لم يبق من العلم الإجمالي شيء حتى احتجنا ~~إلى مقدمات تفيد حجية مطلق الظن ، أو أنه قليل بحيث لا يقضى منه الحاجة في ~~الفقه بهذا المقدار ، وحينئذ أيضا يمكن الاكتفاء بهذا العدد المتيقن الغير ~~الوافي في الفقه بدون لزوم انتهاء الأمر إلى حجية مطلق الظن ، وذلك بأن ~~يوجد في الأخبار ما يكون فردا لهذا المتيقن الحجية وكان هذا الخبر دالا على ~~حجية مقدار ms0572 واف من الأخبار. # مثلا لو فرضنا أن القدر المتيقن من الأخبار حجية خبر العدل الإمامي عن ~~مثله حتى يصل إلى المعصوم ، الذي يعبر عنه بالصحيح الأعلائي ، وفرضنا عدم ~~وفائه في الفقه على مقدار العلم الإجمالي ، ولكن وجدنا في الأخبار خبرا ~~واحدا صحيحا اعلائيا كان دالا على حجية خبر الثقة وفرضنا وفاء خبر الثقة ~~بمقدار العلم ، كان هذا مثل ما إذا كان مضمون التواتر بلا واسطة حجية خبر ~~الثقة ، ثم لو فرضنا عدم وفاء خبر الثقة أيضا فإن وجد خبر ثقة دل على حجية ~~خبر غيره على وجه كان وافيا أخذنا به ، وهكذا الحال إلى أن يثبت الحجية على ~~قدر الوفاء ، فلا ينتهي الأمر إلى حجية مطلق الظن. # فنقول : قد ادعى صاحب الوسائل أن الأخبار متواترة على حجية خبر الثقة ، ~~فإن ثبت هذا التواتر فنعم المطلوب ، وإن لم يثبت فلا أقل من أن المتيقن ~~حجية ما كان من قبيل الصحيح الأعلائي ، وقد ظفرنا بحمد الله تعالى على فرد ~~من هذا القسم دل على حجية خبر الثقة وهو قوله عليه السلام : «لا عذر لأحد من ~~موالينا في التشكيك في ما يرويه عنا ثقاتنا» ، ثم لا يخفي على من راجع ~~الفقه وفاء هذا النوع من الخبر على مقدار العلم ، والحمد لله ، ولكن ليعلم ~~أنه لا يثبت بهذا الخبر إلا حجية رواية الثقة دون مطلق الرواية التي حصل ~~الوثوق بصدورها ولو من غير جهة PageV01P612 # الوثوق براويها ، بل من الأمارة الخارجية ، نعم حجية الثاني هو مفاد ~~الإجماع على تقريره ببناء العقلاء كما يأتي إن شاء الله تعالى. ### ||| ** وأما الاجماع فتقريره من وجوه : # الأول : تحصيل الإجماع إما من ملاحظة فتاوى المفتين بحجية خبر الواحد ، ~~وإما من نقل نقلة الإجماع لوصوله إلى حد التواتر على حجية خبر الواحد مطلقا. # والثاني : تحصيله بأحد الوجهين على حجية في حال انسداد العلم ، فالأول ~~إجماع من غير السيد وأتباعه ، فلو حصل العلم بهذا النحو من الإجماع لا بد ~~من تخطئة السيد ومن تبعه ، والثاني إجماع من السيد وغيره ؛ فإن السيد أيضا ms0573 ~~معترف بحجية الخبر في حال الانسداد. # والثالث : سيرة المسلمين والمتدينين بهذا الدين من حيث هم مسلمون ~~ومتدينون على العمل بخبر الواحد الغير العلمي ، والفرق بينه وبين الإجماع ~~أنه إجماع جميع أهل الدين من غير اختصاص ببعضهم ، بخلاف الثاني ، فإنه ~~إجماع خصوص العلماء منهم فتوى وعملا. # والإنصاف أن التمسك بالإجماع من هذه الوجوه مخدوش ، أما الإجماع تحصيلا ~~أو نقلا على الحجية مطلقا ، ففيه أنه إنما ينفع لو لم يحتمل أن مدرك ~~المجمعين ومستندهم هو ما تقدم من الآيات والروايات ، وأما لو احتمل ذلك فلا ~~يكون كاشفا قطعيا عن رأى الإمام عليه السلام ، ومن المعلوم أن باب هذا ~~الاحتمال واسع. # وأما الإجماع على أحد الوجهين على الحجية في حال الانسداد ففيه أنه مركب ~~من إجماع طائفتين ، إحداهما من يقول بالحجية من باب الظن المطلق ، والاخرى ~~يقول بها من باب الظن الخاص ، فأما الاولى فمستندهم مقدمات الانسداد ، وأما ~~الثانية فمدركهم الآيات والروايات ، فكيف يتأتى من هذا الإجماع الكشف ~~القطعي عن قول الإمام. # هذا مضافا إلى الخدشة بما في الكفاية من أن هذا الإجماع غير مفيد ؛ لأن ~~القائلين كلا PageV01P613 # منهم قائل بحجية خبر خاص ، ومثل هذا لا يفيد الكشف لحجية أصل الخبر. # بيان ذلك أن العدد الذي يفيد قول جمعهم العلم لامتناع تواطئهم على الكذب ~~إنما هو مفيد للعلم إذا أخبروا بمضمون واحد ، كما لو فرضنا أن العشرة هكذا ~~، فأخبر عشرة رجال بأن الزيد قائم ، فبملاحظة امتناع تواطئهم على الكذب ~~يحصل العلم بالصدق. وأما لو أخبر هذا العدد كل منهم بمجيء شخص غير من أخبر ~~بمجيئه الآخر ، فحينئذ لا يحصل العلم لا بمجيء أحد الأشخاص المعينة ولا ~~بمجيء الإنسان ، أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلأنه لو سئل عن كل من ~~المخبرين أنه لو لم يجئ الشخص الذي أخبرت بمجيئه فهل جاء الإنسان؟ لقال : ~~لا أعلم ، وأما لو وصل عدد هؤلاء المخبرين بمجيء الأشخاص المختلفين إلى حد ~~حصل العلم العادي باستحالة كذب مثل هذا العدد عادة ويعبر عنه بالتواتر ~~الإجمالي حصل العلم حينئذ بالقدر المشترك ms0574 أعني : مجيء الإنسان وإن لم يحصل ~~بأحد الخصوصيات معينا. # مثلا لو أخبر مائة رجل كل واحد بمجيء شخص غير من أخبر الآخر بمجيئه ، ~~وقلنا: إن كذب المائة محال عادة ، حصل العلم بأن واحدا من الأشخاص قد جاء ~~وإن كان كل منهم مرددا لو سئل عن مجيء الإنسان على تقدير عدم مجيء الخاص ~~الذي أخبر بمجيئه. # نعم يمكن حصول العلم بالقدر المشترك من إخبار العشرة أيضا لو كان إخبار ~~كل واحد بمجيء الشخص المعين متضمنا للإخبار بمجيء الإنسان ، فكان قد أخبر ~~بخبرين ، الأول : مجيء الإنسان ، والثاني : أنه هذا الشخص ، فحينئذ يحصل ~~العلم بمجيء الإنسان ؛ لامتناع التواطؤ على الكذب وإن كان لا يحصل بواحد من ~~الخصوصيات. # وحينئذ نقول : إن المفتين بحجية خبر الواحد طائفة منهم قائلون بحجية خبر ~~الثقة مثلا وطائفة بحجية خبر العدل مثلا ، وطائفة بحجية خبر خاص آخر ، فإن ~~كانوا هذه الطوائف لو سألوا أنه على تقدير فساد مذهبكم هل يكون هنا خبر حجة؟ PageV01P614 # لقالوا : لا نعلم فهذا الإجماع غير مفيد للعلم لا بحجية أحد الخصوصيات ~~ولا بحجية أصل الخبر في الجملة ، وإن كانوا أجابوا بوجود خبر كان حجة فكان ~~في ما بينهم من المسلم حجية خبر واحد واختلفوا في خصوصياته ، فحينئذ ~~إجماعهم نافع ، للعلم بحجية خبر الواحد في الجملة ، ولكن دون إثبات كون ~~إجماعهم من القبيل الثاني خرط القتاد. # وأما التمسك بالسيرة فإنما ينفع لو احرز أن بناء المسلمين من حيث هم ~~مسلمون ومتدينون على العمل بالخبر الموثوق به ، وأما لو لم يحرز ذلك واحتمل ~~ذلك واحتمل أنه لأجل كونهم عقلاء فلا يبقى الكشف الحاصل بالسيرة ، نعم يصير ~~دليلا من باب البناء فيرجع إلى رابع الوجوه. # وكيف كان فالتمسك بالسيرة على وجه لم يرجع إلى التمسك ببناء العقلاء غير ~~وجيه، نعم لو أمكن تحصيل القطع بالإجماع على أحد المعنيين أعني الحجية ~~المطلقة أو المقيدة بحال الانسداد على وجه كشف عن قول المعصوم بأن علم عدم ~~استناد المجمعين إلى هذه الوجوه كان هذا الإجماع نافعا بحالنا. # ولا يتوهم عدم نفعه ms0575 لأجل أنه على تقدير عدمه كان الحجية ثابتة بدليل ~~الانسداد ، وذلك لظهور الثمرة بين إثبات الحجية بالإجماع وبين إثباته بدليل ~~الانسداد في أمرين ، الأول : أنه لو أثبتنا الحجية بنتيجة دليل الانسداد ~~فاللازم الاقتصار على الظن الفعلي ، فيدور الأمر مدار إفادة الخبر الظن ~~الفعلي وعدمها ، فإن أفاد كان حجة وإلا فلا ، وأما على إثباته بالإجماع ~~فالخبر في نفسه حجة سواء أفاد الظن فعلا أم لا. # والثاني : أنه لو قلنا بالحجية بنتيجة دليل الانسداد ورد إشكال التبعيض ~~في الاحتياط الذي نبه عليه شيخنا المرتضى ، بمعنى أنه لا يفيد المقدمات ~~الاقتصار على المظنونات وإجراء البراءة في المشكوكات والموهومات ، بل ~~قضيتها هو العمل بالمشكوكات أو ببعضها أيضا إذا لم يوجب الوقوع في الحرج ~~والعسر ، بل و PageV01P615 # بالموهومات مع عدم استلزام العسر. # وبالجملة ، فالاحتياط الغير الموجب للعسر واجب الأخذ ، وهو قد ينطبق على ~~المظنونات فقط ، وقد ينطبق عليها وعلى بعض المشكوكات ، وقد ينطبق على ~~المظنونات والمشكوكات مع إضافة بعض الموهومات. # وأما على تقدير الحجية بالإجماع لا ورود لهذا الإشكال ، بل القائل في ~~سلامة عنه كما هو واضح ، لفرض قيام الإجماع على حجية الظن النوعي الحاصل من ~~الأخبار ، فعلى الثاني يثبت حجية الظن النوعي المذكور ، والأول غير ملازم ~~لحجية الظن الفعلي المطلق. # الوجه الرابع من وجوه تقرير الإجماع على حجية الخبر هو التمسك ببناء ~~العقلاء ، فإنه لا شك في استقرار طريقة العقلاء على العمل بخبر المفيد ~~للاطمئنان ولو لم يكن الناقل ثقة ، ولكن حصل الوثوق بالصدق من أجل أمارة ~~خارجية ، وجرت عادتهم على ذلك في امورهم العادية ، وهذا ثابت في غير فرق ~~المسلمين من أهل الملل ، بل ومن غيرهم ممن لا يتدين بدين كالدهري ، فإنه لو ~~اطمئن الدهري بأن سفر البحر وركوب السفينة لا يوجب الغرق لنفسه وماله وحصل ~~له هذا الاطمئنان من إخبار المخبرين فهو يقدم على هذا السفر ، مع أنه محتمل ~~مع ذلك للغرق ولكن لا يعتني به ، بل يعامل معاملة المعدوم. # وكذلك الحال في معاملة العبيد مع مواليهم ، فلو حصل الاطمئنان للعبد أن ms0576 ~~مولاه أراد الركوب وأراد ركوبه معه في ركابه ، وحصل له ذلك بنقل ناقل مع ~~وثوق الناقل أو ضميمة أمارة خارجية ، يركب بمجرد ذلك ويذهب إلى مقر المولى ~~، بحيث لو لم يركب وكان المولى مريدا واقعا لم يكن معذورا ، وبالجملة ~~فمجبولية العقلاء واقتضاء فطرتهم ذلك في جميع امورهم مما لا يقبل الإنكار. # إن قلت : نعم ولكنهم غير معصومين وقابلون للخطإ ، وهذا هو الفارق بين ~~بناء العقلاء وحكم العقل ، فإن الحاكم قاطع بحكمه ولا يحتمل الخلاف وإن كان من PageV01P616 # الممكن كون قطعه جهلا مركبا ، ولكن لا يتفق احتمال ذلك لنفس القاطع ، ~~وأما لو استقر طريقة العقلاء على أمر فمن المحتمل خطائهم ، فحكم العقل حجة ~~شرعية في نفسه بلا حاجة إلى ضم شيء آخر ، وأما بناء العقلاء فلا يصير حجة ~~إلا بعد إحراز الإمضاء من الشرع ، وأما بدونه فيحتمل خطائهم ، ومع الإمضاء ~~كان الحجة هو إمضائه. # قلت : نعم ولكن نحن نستكشف إمضاء الشارع بعدم ردعه ، فنجعل عدم ردعه ~~دليلا على إمضائه وطريقا إليه ، ووجه طريقيته أنه بعد ما عرفت من أن مقتضى ~~الفطرة هو العمل بالاطمئنان الحاصل من نقل النقلة ، فهم لو لم يصرفهم صارف ~~فهم باقون على حسب فطرتهم ويعاملون مع الشارع معاملتهم مع سائر الموالي ~~والأرباب ؛ فإن الله تعالى رب الأرباب ونبيه صلى الله عليه وآله مفترض الطاعة ~~كسائر الموالي العرفية بنظرهم ، فكما يعملون في أحكام سائر الموالي ~~وأوامرهم بالاطمئنان الحاصل لهم من النقل كذلك يعملون به في أحكام هذين ~~الموليين ، فلو كان الموليان مخطئين لهذه الطريقة لكان عليهما إعلام العبيد ~~بذلك وصرفهم عما يمشونه بفطرتهم ، فحيث لم يعلما ولم يصرفا علم أنهما ~~راضيان بهذه الطريقة وممضيان لها. # فإن قلت : كيف لم يردعا وقد ورد في الآيات حرمة العمل بغير العلم وبالظن ~~، وبهذا المعنى ينادي الأخبار أيضا بأعلى صوت ، أفلا يكفي في الردع مثل هذه ~~النواهي البليغة الأكيدة ،؟ وبالجملة ، فنحن وإن كنا نسلم جريان بناء ~~العقلاء على حجية الاطمئنان من الخبر إلا أن موضوع حجية بناء العقلاء مقيد ~~بعدم ردع الشرع ms0577 ، فالأدلة الناهية عن العمل بغير العلم الواردة من الشرع ~~واردة على بناء العقلاء ؛ لكونها ردعا ، فلا يبقى معها موضوع الحجية في ~~بناء العقلاء. # قلت : لا بد لتوضيح دفع هذا الإشكال من التكلم في صلاحية هذه الأدلة ~~للرادعية وعدمها. PageV01P617 # فنقول : قد ادعى المولى الجليل المولى محمد كاظم الطوسي في حاشيته على ~~رسائل شيخنا المرتضى قدسسرهما وحكى إصراره عليه في الدرس استحالة رادعية ~~هذه الأدلة ، ومحصل ما أفاد في وجه الاستحالة أن هذه الأدلة ليست بأزيد من ~~عمومات قابلة للتخصيص ، فالعمل بعمومها في المقام أعني الظن الحاصل من ~~الخبر الموثوق به وحجية ظهورها في هذا الفرد حتى يحصل لها وصف الرادعية ~~يتوقف على عدم حجية هذا الظن ؛ إذ لو كان حجة كانت العمومات مخصصة به ، فلا ~~تتصف بالرادعية ، فإذا توقف عدم حجية هذا الظن أيضا على رادعية هذه الأدلة ~~كان دورا ، وحاصله توقف رادعية الأدلة على عدم حجية هذا الفرد ، وتوقف عدم ~~حجيته أيضا على رادعيتها ، هذا حاصل ما أفاده. # ولكنك خبير بأنه ممكن القلب ؛ لإمكان تقرير هذا الإشكال بعينه في طرف ~~الحجية ، فنقول : حجية هذا الظن يتوقف على عدم رادعية الأدلة ، وعدم ~~رادعيتها أيضا متوقف على حجية هذا الظن ، أما الأول فواضح ، وأما الثاني ~~أعني : توقف عدم رادعية الأدلة على حجية هذا الظن فلأن تلك العمومات بطبعها ~~مقتضية لشمول هذا الفرد أيضا ، والمفروض عدم المخصص ، فتكون شاملة له ، ~~فتكون رادعة ، فصح أن يقال : إن عدم رادعيتها يتوقف على حجية هذا الظن ، ~~فإذا توقف حجيته أيضا على عدم رادعيتها كان دورا محالا. # هذا مضافا إلى عدم لزوم الدور رأسا ، بيانه أنه : إذا ورد دليلان متنافيا ~~المضمون فمن شرط تنافي أحدهما للآخر ومعارضته معه أن لا يكون موضوع أحد ~~الدليلين مقيدا بعدم الآخر ، وإن شئت المثال فلاحظ دليل حرمة العمل بالقياس ~~، فإنه عام أو مطلق شامل لحالتي الانفتاح والانسداد ، وأما الظن المستفاد ~~حجيته من نتيجة دليل الانسداد فهو وإن كان مطلق الظن ، لكن موضوعه مقيد ~~بعدم قيام دليل على المنع ، فنتيجة دليل الانسداد ms0578 إنما يثبت حجية الظن الذي ~~لم يقم على منعه دليل من الشرع ، فلا يفيد حجية الظن القياسي ، مع أن دليل ~~حرمة القياس ليس إلا عموما أو إطلاقا PageV01P618 # شاملا لحال الانسداد. # ويمكن تقرير الدور في عمومها للظن القياسي في حال الانسداد فيقال : إن ~~شمولها وعمومها لهذا الظن متوقف على عدم حجية هذا الظن ؛ إذ لو كان حجة كان ~~عموم هذا الدليل مخصصا في هذا الفرد ، فإذا توقف عدم حجية هذا الظن على ~~شمول العموم أيضا كان دورا ، فيلزم حجية هذا الظن في حال الانسداد عند ~~القائل بحجية الظن المطلق. # والسر في تقديم العام ورفع الدور أن وجه تقديم المخصصات المنفصلة على ~~عموم العام إنما هو المعارضة بالأقوى وكون الخاص نصا أو أظهر من العام ، ~~فإذا ورد : أكرم العلماء ، وورد : لا تكرم زيدا ، فليس الأول بعد ورود ~~الثاني مسلوب الدلالة أو الحجية الذاتية لخروج الزيد عن أفراد العالم ، بل ~~معه أيضا مقتض بعمومه ، لوجوب إكرام الزيد وحجة ذاتية عليه ، ولكن الثاني ~~أقوى دلالة وحجية من العام ، فلهذا يقدم على العام. # وبالجملة ، فعقد موضوع الحجية الذاتية الاقتضائية في العام غير مقيد بعدم ~~المخصص المنفصل ، بل ولو كان مقيدا بعدم المنفصل أيضا ، لكن المضر إنما هو ~~المنفصل الذي كان حجيته مطلقة ، دون ما كان حجيته منوطا بعدم العام كما هو واضح. # نعم بناء على أصالة عدم القرينة هو مقيد بعدم المخصص المتصل ، وأما الخاص ~~المفروض في المقام أعني الحجية المستفادة من دليل الانسداد فعقد حجيته منوط ~~ومربوط بعدم المنع المنفصل من الشرع ، فيكون العام الوارد واردا على هذا ~~الخاص ، ووجه عدم الدور أن الأخذ بالعام كما عرفت بحسب الحجية الاقتضائية ~~غير متوقف على عدم الخاص ، فإذا أخذنا به يكون منعا يرفع موضوع الخاص أعني ~~عدم المنع ، أعني يقوم المنع في مقام عدم المنع؛ لأنهما في مرتبة واحدة ، ~~فيرتفع حجية الخاص برفع موضوعها. # ومن هنا يظهر أن الخاص المقدم على العام إنما هو خاص لا يكون عقد الموضوع ~~فيه مقيدا بعدم دليل على خلافه ، وإلا ms0579 فكان اللازم تقديم العام عليه ، ~~لوضوح عدم PageV01P619 # المقاومة للخاص بهذا الوصف مع أدنى دليل ، مثلا لو ورد : أكرم العلماء ، ~~وورد : لا تكرم زيدا ما دام لم يقم دليل على وجوب إكرامه فهل ترى يقدمون ~~هذا الخاص على العام ، بل لا شك في أنهم عاملون بالعام ؛ لأنه دليل ، ~~وموضوع الخاص مقيد بعدم الدليل ، فيكفي في رفع اليد عنه وجود أدنى دليل. # إذا تقرر هذا فنقول : هكذا الحال في ما نحن فيه ، فإن الأدلة الناهية عن ~~العمل بغير العلم عمومات شاملة بعمومها للاطمئنان الحاصل من قول الثقة ~~وبناء العقلاء وإن كان ثابتا في خصوص هذا الاطمئنان ، إلا أن حجية ما يثبت ~~حجيته ببناء العقلاء مقيد بعدم قيام دليل على منعه ، فإذا دل عليه عموم كان ~~له الورود على بناء العقلاء. # وهنا جواب آخر للدور تعرضه شيخنا في الكتاب ، وهو أن توقف الردع على عدم ~~الحجية مسلم ، لكن توقف عدم الحجية على ثبوت الردع ممنوع ، بل يكفي فيه عدم ~~ثبوت الإمضاء قبل ثبوت حال الآية في الردع وعدمه ، وفيه أن الموقوف عليه ~~عدم الحجية إنما هو ثبوت الردع ، ولا يكفي عدم ثبوت الإمضاء ؛ لأنه معه ~~يستكشف الإمضاء لئلا يلزم نقض الغرض. # هذا والذي يمكن الاستظهار به لدفع رادعية العمومات هو أن يقال : إن ~~المرتكزات العرفية تكون بحيث يغفل عن كون حجيتها مقيدة بعدم منع الشرع نوع ~~النفوس ، فالارتكاز مانع عن خطور خلافه في ذهن النوع ، فالعبد كما يعامل مع ~~مولاه في أحكامه وأوامره بالعمل فيها على الاطمئنان الحاصل من قول القائل ~~على حسب فطرته كذلك هو باق على مقتضى هذه الفطرة لو صار عبدا لمولى آخر ، ~~من دون أن يخطر بباله أن تكون طريقة هذا المولى في امتثال أوامره غير طريقة ~~المولى السابق. # فكذا الحال في معاملة العبيد مع الموالي الحقيقية ، يعني لا يخطر ببال ~~العامة أنه يريد منهم أمرا جديدا وطريقة مخترعة غير ما هم مجبولون عليه ، ~~فلا يرضى بالعمل PageV01P620 # بالاطمئنان من قول القائل ، بل لا يرضى إلا بترتيب الأثر على العلم ms0580 ، ~~وكذلك لا يخطر ببالهم أن حجية هذا الارتكازي موقوف على عدم منع المولى ، ~~فهم عاملون على هذا التقييد صغرى وكبرى ، فالحاصل عندهم هو الحجية ~~التنجيزية الإطلاقية. # فلهذا لو ورد من الشارع النهي عن العمل بالظن ينصرف نظرهم إلى غير هذا ~~الاطمئنان فيقطعون أنه بمنزلة العلم وإن كان غير علم ، بل ويعممون الحكم ~~المعلق على العلم بالنسبة إلى هذا الاطمئنان مثل عدم نقض اليقين إلا ~~باليقين ، فالنقض بهذا الاطمئنان يكون في نظرهم نقضا باليقين ، وبالجملة ، ~~لا يدخل في ذهنهم من دليل مثبت للحكم على الظن هذا الفرد ، ويدخل في ذهنهم ~~من الدليل الدال على الحكم في العلم هذا الفرد ، والسبب لذلك هو الارتكاز ~~والمجبولية المانعة عن دخول مضاده في أذهانهم ، بمعنى أنهم مع وقوع نظرهم ~~إلى هذا العموم والإطلاق الصادرين من المولى لا يحتملون أن هذا الطريق الذي ~~يمشونه من العمل بمقتضى الاطمئنان لعله كان على خلاف الواقع وغير مرضي ~~لمواليهم وكان طريقة المولى طريقة اخرى. # ويمكن أن يقال : إن صورة المعارضة الصورية أيضا ينقدح في ذهنهم ، لكنه ~~مقرون بالقطع بالتخصيص ، وبالجملة ، لا يذهب عنهم هذا العموم قطعهم بعدم ~~قابلية طريقتهم للردع ، وبعبارة اخرى : لا يذهب قطعهم بالكبرى ، والاحتمال ~~الصوري إنما يتعلق بمقام الصغرى ، فهم يرون الإرادة الصورية المستفادة من ~~العموم قد تعلق بأمر لا يقبل الإرادة الجدية ، فهو عام عندهم قطعي التخصيص ~~نظير أكرم العلماء مع القطع بلا تكرم زيدا ، والفرق بين هذا وسابقه أن ~~الأول دعوى الانصراف وهذا دعوى التخصيص. # هذا هو الحال في عامة الناس المتصفين بالغفلة عن تصور خلاف مرتكزهم ، ~~وأما الملتفتون وهم الشاذ القليل من الناس فهذه الطريقة وإن كان ليست في ~~نفسها حجة لهم لاحتمالهم الخطاء في حقهم لعدم كونهم معصومين ، ولكن يثبت ~~الحجية عند تحقق الارتكاز عندهم أيضا بالبرهان. PageV01P621 # وهو أن يقال : لو كان للشارع طريقة جديدة غير ما الناس مجبولون عليه ، ~~ويكون خلافه مغفولا عنه لهم ، والنهي عن العمل بالظن على وجه العموم منصرفا ~~عندهم عما ارتكز حجيته عندهم ، أو مخصصا قطعيا بغيره ms0581 ، لكان يجب على الشارع ~~التنصيص على إظهار أنه مريد منهم خلاف هذا الطريق المعمول ، كما هو المشاهد ~~في المرتكزات في الجاهلية التي خطأها الشارع بالإبلاغات الصريحة الأكيدة ~~والإيعادات بأنواع العذاب ، فإن صرف الأذهان عن ما ارتكز فيها لا يحصل بغير ~~هذا الوجه ولا يمكن الاكتفاء في تبليغه بعموم وإطلاق ، فيلزم على تقدير ~~الاكتفاء في بيانه بهما إغراء عامة الناس بالقبيح. # والحاصل : لو كان احتمال أن تكون الطريقة المجبول عليها من العمل على وفق ~~الاطمئنان الحاصل من قول المخبر غير مرضية لدى الشرع وأنه يحتاج إلى إحراز ~~ذلك حاصلا لعامة الناس ، كان أدلة النهي عن العمل بالظن صالحة للردع ومحكمة ~~؛ إذ المفروض أن كلا من آحاد النوع يحتمل عدم إمضاء الشرع للطريقة التي ~~يمشي عليها في الامور العادية ، ومن المعلوم أن هذه الطريقة إنما تصير حجة ~~في الامور الشرعية لو لم ترد تخطئة من الشرع ، فإذا ورد العمومات الناهية ~~عن العمل بالظن كان لها الورود وكانت ردعا وتخطئة لهذه الطريقة كما ذكرنا نظيره. # ولكن الذي سهل الخطب أن الاحتمال غير حاصل إلا للشاذ القليل من الأشخاص، ~~فيقوم عند هذا الأشخاص المحتملين البرهان على حجية الطريقة المألوفة بين ~~أهل العرف. # وحاصله أن هذه العمومات غير صالحة للردع لصرف أذهان العامة منها إلى غير ~~مورد ارتكازهم ، ويثبت عدم الرادع من جهة اخرى بلزوم الإغراء بالجهل على ~~تقديره ؛ إذ لو كان واقعا غير راض بالطريقة المألوفة المأنوسة كان الواجب ~~عليه إقامة الدليل بحد لا يبقى لأحد تشكيك من كثرة التصريحات المحفوفة ~~بالإنذارات والبيانات المكتنفة بالوعيدات ، فعدم الرادع في مقام الإثبات ~~يصير دليلا على عدمه PageV01P622 # في مقام الثبوت ، واحتمال نصب هذا الدليل وعدم وصوله إلينا مقطوع العدم ، ~~فإنه لا بد في هذه الامور إقامة النص الصريح على وجه تبلغ صيته جميع ~~العالمين ، فإذا لم يثبت هذا الدليل قطعنا بأنه ليس طالبا لهذا الأمر. # ومن هنا نقول في باب اعتبار نية الوجه والتمييز في العبادة أن لنا رفع ~~هذين القيدين وإن قلنا بعدم جريان البراءة فيهما ms0582 كما يقوله شيخنا المرتضى ~~بهذا الطريق ، فنقول : إن اعتبار الوجه والتمييز مغفول عنه للعامة ولا يخطر ~~احتماله ببالهم ، وإنما يحتمله بعض أهل الدقة من العلماء ، وما كان شأنه ~~هكذا فلو طلبه الشارع كان الواجب عليه إقامة مقدمات تبليغه من التنصيص ~~الغير القابل للتشكيك عليه ، ولو كان لبان ، وحيث ما أقام نقطع بأنه ما ~~أراد ، وبالجملة ، يصح دفع الدور المذكور بأن نقول : سلمنا توقف الحجية على ~~عدم الرادع ، ولكن نجعل العدم في مرحلة الإثبات دليلا على العدم في مرحلة ~~الثبوت بمعونة البرهان. # وبعبارة اخرى : الحجية الشرعية لدى الملتفت موقوفة على عدم الرادعية لتلك ~~العمومات ، وهي موقوفة على الحجية الارتكازية ، وهذا بخلاف من يدعي أن ~~العقلاء مع كونهم محتملين عدم رضى الشارع بطريقتهم وعدم كونهم غافلين عنه ~~يبنون على رضائه به ما لم يثبت ردعه عنه ، وهذا بمنزلة أصل عندهم ، حيث إن ~~عند الشك في وجود الردع يبنون على عدمه ، فإنه وإن كان لا يلزم الدور ببيان ~~تقدم ، لكن يتم الرادعية للعمومات على هذا التقدير لما مر من عدم المعارضة ~~بين المقتضي التنجيزي وهو العمومات والتعليقي وهو البناء ، بل اللازم تقديم ~~التنجيزي ؛ لوروده على التعليقي. # وأما الدليل العقلي فهو على قسمين ، قسم يفيد حجية خصوص الخبر ، والآخر ~~يفيد حجية الظن في الجملة ، ومن أفراده الخبر ، غاية الأمر يدور الحجية ~~حينئذ مدار حصول الظن الفعلي منه. أما الأول : فتقريره من وجوه : # الأول : وهو الذي قال شيخنا المرتضى : وهو الذي اعتمدته سابقا ، وهو أنا PageV01P623 # نعلم إجمالا بأن كثيرا من الأخبار التي بأيدينا وغالبها وجلها صادرة ، ~~وطريقنا إلى هذا العلم هو الفحص عن حال الرجال ومتانتهم وضبطهم وحفظهم ~~الأحاديث لأن لا يتغير حرف وكلمة ولا يزيد ولا ينقص ، وغير ذلك مثل ~~اقتصارهم على ما سمعوا دون ما وجدوا في الكتب ، حتى أن بعضهم قد سمع من ~~أبيه في حال الصغر فلم يرو عن أبيه لأجل كونه صغيرا في حال السماع ، وروى ~~عن أخويه ، ومثل تركهم رواية من يعمل بالقياس ، حتى أن أحمد بن محمد بن ms0583 ~~عيسى أخرج البرقي عن القم لأنه كان يروي عن الضعفاء مع كمال وثاقته ؛ لأجل ~~مجرد روايته عن الضعفاء ، إلى غير ذلك. # فيحصل من ذلك علم إجمالي بأن كثيرا من الأخبار صادرة عن المعصومين ~~عليهم السلام ، ويكون في هذه الأخبار مقدار المعلوم الإجمالي على قدر ~~التكاليف المعلومة بالإجمال ، يعني نعلم اجمالا بصدور هذا المقدار في ~~الأخبار التي بأيدينا ، وحينئذ ينحل علمنا الإجمالي بالتكليف إلى علم ~~إجمالي صغير وشك بدوي ، كما لو كان هذه الأخبار الصادرة التي نعلم بوجودها ~~إجمالا بين الأخبار معلومة لنا بالتفصيل ، فإنه لا إشكال في انحلال العلم ~~الإجمالي حينئذ إلى العلم التفصيلي بموارد هذه الأخبار والشك البدوي في ~~غيرها. فكذلك في فرض العلم الإجمالي بالأخبار الصادرة في ضمن الأخبار ، ~~فإنه ينحل إلى العلم الإجمالي بخصوص ما في الأخبار والشك البدوي في غيرها. # وليعلم أن النافع لانحلال العلم هو العلم الإجمالي بصدور خصوص الأخبار ~~المثبتة للتكليف كما هو واضح ، ولا بعد في وجود هذا العلم ، فإن الأخبار ~~المثبتة كثيرة ، وبضميمة حال الرجال يحصل العلم الإجمالي بصدور غالبها ، ~~وإن كان لنا هذا العلم أيضا في خصوص النافية أيضا فهنا علمان إجماليان ، ~~أحدهما متعلق بالمثبتة والآخر بالنافية ، إلا أن النافع للانحلال هو العلم ~~الإجمالي الذي يكون قوامه بالمثبتة المحضة ، وأما لو كان قوامه به ~~وبالنافية بمعنى أنه لو لم يضم النافية إلى المثبتة PageV01P624 # فلا يبقى علم إجمالي ، فلا يؤثر في انحلال العلم الإجمالي بالتكليف. # ونحن نمثل لذلك مثالا في العلم الإجمالي الصغير حتى يتضح الحال في الكبير ~~، مثلا لو علمنا إجمالا بوجود واجب واحد علينا وكان غير معلوم بعينه ~~ومشتبها بين الأفعال ، فقام عندنا خبر على وجوب فعل معين ، وقام خبر آخر ~~على وجوب فعل آخر ، وقام خبر ثالث على إباحة فعل ثالث ، فإن حصل لنا علم ~~إجمالي بصدور واحد من هذه الأخبار الثلاثة ، فالعلم الإجمالي الأول بوجود ~~واجب باق بحاله. وأما لو حصل لنا علم إجمالي بصدور أحد الخبرين الدالين على ~~الوجوب فلا شك أن العلم الإجمالي بتكليف واحد ينحل ms0584 إلى تفصيلي بالموجود بين ~~الفعلين وشك بدوي في غيرهما وهذا واضح. # والجواب عن هذا الوجه أنه لا يفيد المدعى ؛ فإن غاية ما يثبت بهذا هو ~~وجوب العمل على طبق الخبر ، لمكان العلم الإجمالي المذكور ومن باب الاحتياط ~~لإحراز الواقع ، وهذا غير حجية الخبر التي إثباتها مهمنا. # فعلى هذا لو كان في قبال الخبر عموم الكتاب أو السنة القطعية أو إطلاق ~~أحدهما لم يخصص العموم وتقييد الإطلاق بالخبر ، بل يجب العمل بهما دون ~~الخبر ، وكذلك لو قام أصل ثبت حجيته بالأخبار المتواترة ونحوها على خلاف ~~الخبر لا يجب طرح الأصل ؛ لعدم الحجة في قباله ، سواء كان الأصل المخالف ~~نافيا للتكليف أم مثبتا لتكليف آخر ضد ما يفيده الخبر ، كما لو أفاد الخبر ~~وجوب الفعل وقام الاستصحاب (1) مثلا على حرمته ، بل الواجب حينئذ هو العمل ~~بالأصل في المقامين ، غاية الأمر أنه أصل قائم في بعض الموارد التي علم ~~إجمالا بخلاف الأصل فيها ؛ فإن الأصل معمول به في هذا المورد إذا كان بلا ~~معارض ، كما في الإنائين PageV01P625 # المشتبهين بالنجاسة إذا كان الأصل في أحدهما فقط هو الطهارة ، فإنه جار ~~بلا إشكال. # نعم لو قلنا بأن العلم المأخوذ غاية للاصول أعم من التفصيلي والإجمالي ، ~~لما كان له حينئذ مجرى ، ولكنه خلاف المختار ، وإذن فالواجب هو العمل ~~بالأصل النافي أو المثبت المقابل للخبر ، فإنه لا يعقل مزاحمة اللاحجة مع الحجة. # هذا كله مع عدم العلم بمخالفة الاصول إجمالا ، وأما لو علم إجمالا ذلك ~~فإن كان العلم الإجمالي بمخالفة بعض الاصول المثبتة للتكليف للواقع ومطابقة ~~الخبر الدال على ضد هذا التكليف له ، بمعنى أنا إذا لاحظنا مجموع الاصول ~~المثبتة القائمة على خلاف الأخبار المثبتة في الموارد المتفرقة كما لو قام ~~الخبر في مورد على الوجوب والأصل على الحرمة ، وفي مورد آخر قام الخبر على ~~الحرمة والأصل على الوجوب وهكذا ، فإنا نعلم إجمالا بصدور بعض هذه الأخبار ~~القائم في قبالها الأصل المثبت للتكليف ، فيتولد منه العلم الإجمالي ~~بمخالفة بعض من هذه الاصول المثبتة القائمة على خلاف الخبر ms0585 للواقع ، فيلزم ~~من العمل بهذه الاصول في جميع هذه الموارد وطرح العمل بالخبر في قبالها ~~مخالفة قطعية للتكليف. # فيكون كما إذا كان الأصل في كل من الإنائين المشتبهين هو الطهارة ، فإن ~~العمل بالأصل موجب لمحذور المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالإجمال ، ~~غاية الأمر أن الاحتياط هناك ممكن بالاجتناب عن كلا الإنائين ، لكونه جمعا ~~بين الدليل والأصل ، فإن مقتضى الأصل هو الترخيص في الارتكاب لا إلزامه ، ~~فاختيار الاجتناب ليس مخالفة له ، وأما هنا فالاحتياط غير ممكن ، لكونه من ~~باب الدوران بين المحذورين ؛ لدوران الأمر في كل من الجمعة والدعاء مثلا ~~بين الوجوب والحرمة ، فالاحتياط بالجمع بين الواقع المعلوم والأصل غير ممكن. # فحينئذ هل يجب إلغاء الأصلين في المقام للزوم المحذور المذكور كما في ~~مثال المشتبهين والاحتياط بعد ذلك بالعمل بالخبرين باجتناب الجمعة وإتيان ~~الدعاء ، PageV01P626 # فنحن وإن لم نقل بأن غاية الاصول هو الأعم من الإجمالي ، بل خصصناه ~~بالعلم التفصيلي فلا نقول بجريانه هنا لأجل المانع العقلي ، أو أن العلم ~~الإجمالي بمخالفة أحد الأصلين هنا لا يوجب طرحهما ، غاية الأمر لما لم يمكن ~~العمل بكليهما أيضا للزوم محذور المخالفة القطعية كان المكلف مخيرا في ~~العمل بأحدهما ، بمعنى أن كلا من الدعاء والجمعة مثلا أمره دائر بين كونه ~~واجبا واقعيا ، وبين كونه مصداقا للنقض الحرام ، فيتخير المكلف في كليهما ~~في الفعل الآخر. # قد يرجح الأول بعدم الفرق بين المقام ومثال الإنائين أصلا ، فيجري هنا كل ~~ما يجري هناك حرفا بحرف ، فإن وجه طرح الأصلين هناك أن العمل بكليهما يوجب ~~المخالفة القطعية، والعمل بأحدهما بعينه ترجيح بلا مرجح ؛ فإن نسبة الدليل ~~إلى كليهما على السواء ، والعمل بأحدهما بعينه الذي مرجعه إلى التخيير في ~~العمل بواحد منهما يكون بلا دليل ؛ فإن دليل الأصل مقتضاه جريان حكمه في ~~مورده على التعيين ، فالتخيير يحتاج إلى دليل آخر عليه ، وهذا بعينه جار في ~~المقام. # ولكنه فاسد ، فإن الدليل الآخر على التخيير يكفي فيه حكم العقل أيضا ، ~~ألا ترى أن الغريقين المتعذر إنقاذ أحدهما مع إمكان الآخر حكم العقل فيه ms0586 هو ~~التخيير ، مع أن الدليل الدال على وجوب الإنقاذ له اقتضاء تعييني في وجوب ~~إنقاذ هذا واقتضاء تعييني لوجوب إنقاذ ذاك. # وسر ذلك أنه لو احرز أن الغرض والمقتضي في كليهما حال التعذر أيضا موجود ~~تام، فاحرز من حال المولى بواسطة إطلاق المادة أن إنقاذ الغريق محبوب له من ~~غير تقييد بحال ، فإنه حينئذ يجب بحكم العقل أن لا يترك كلا غرضي المولى ، ~~بل يبادر بدرك أحدهما. # وحينئذ فحيث لا يعلم أن أيا من الغرضين أهم بنظره كان مخيرا في إنقاذ ~~أيهما شاء. # ثم من جملة المقتضيات هي العناوين التي رتب عليها الحكم في الأدلة ، حيث ~~إن الظاهر كونها مقتضيات لأحكامها ومن جملتها عنوان المشكوك ، فقولنا : ~~المشكوك PageV01P627 # محكوم ببقاء حرمته السابقة مثلا ، أو محكوم بالترخيص ظاهر في كون الشك ~~مقتضيا لذلك. # فإن قلت : الترخيص لا يكون باقتضاء المقتضي ، بل هو ناش عن الاقتضاء ، ~~فالشك لا يمكن أن يكون مقتضيا للترخيص. # قلت : بل الترخيص تارة يكون من جهة عدم الاقتضاء كما في إباحة شرب الماء ~~، واخرى يكون من جهة المقتضى له كما في الترخيص الناشي عن العسر والحرج ، ~~حيث إنه من جهة اقتضاء العسر وتقدم العناوين الثانوية على الأولية إنما هو ~~في خصوص الأول ، فلو صار شرب الماء منذورا أو محلوفا عليه خرج عن ~~اللااقتضاء إلى الاقتضاء ، أما لو تعلق الحلف أو النذر بأمر صار مباحا لأجل ~~لزوم العسر من التكليف فيه كان من باب تزاحم المقتضيين. # ثم إن الشك من هذا القبيل أيضا مثلا المشكوك المائية والخمرية مباح ، ~~معناه أن الشك سبب للإباحة وإن كان المائع في الواقع خمرا. # وبالجملة ، فإذا استفدنا من أدلة الاصول أن لموضوعها أعني الشك اقتضاء ~~لحكمها ، ففي الموردين الذين علمنا بمخالفة حكم الأصل في أحدهما للواقع ~~نعلم أن الشك في هذا مقتض لحكم الأصل ، والشك في ذاك أيضا مقتض له ، فإذا ~~لم يمكن العمل بكليهما وجب بواحد منهما على التخيير ، فالتخيير وإن لم يكن ~~مستفادا من الدليل الشرعي ، لكنه مستفاد من الدليل العقلي. # وحينئذ نقول ms0587 : لا بد في صحة الأخذ بأحد المقتضيين على التخيير عند عدم ~~إمكان الجمع بينهما أن لا يكون هنا مقتض آخر يقتضي خلافه ، كما في مثال ~~إنقاذ الغريقين ، حيث إن المقتضي للإنقاذ الذي يؤتي به تخييرا يكون موجودا ~~والمقتضي لعدمه ليس في البين ، ضرورة أنه لو كان وكان أقوى كان هو المقدم ، ~~وإن لم يعلم الأقوائية لأحد الجانبين فالتخيير. # ومن هنا يظهر الفرق بين الأصلين في المقام وبينهما في مثال الإنائين ~~المشتبهين ، PageV01P628 # فإن هنا يكون الشك في بقاء الحرمة السابقة مثلا مقتضيا تعيينيا لحرمة هذا ~~والشك في بقاء الوجوب السابق في ذاك مقتضيا تعيينيا لوجوب ذاك ، وهذا وإن ~~كان موجبا للأخذ بالاقتضاء مهما أمكن ، فعند عدم إمكان الجمع يعين الأخذ ~~بأحدهما ، إلا أن هنا مقتضيا آخر يقتضي خلاف ما يقتضيه هذا المقتضي وهو ~~العلم الإجمالي ، فإنه لا شك أن العلم الإجمالي بالواقع مؤثر ومقتض لإتيان ~~الواقع ، وهذا مناف للعمل بأحد الأصلين. # فإن كان هذا المقتضي بنظر الشارع أقوى من اقتضاء الشك المذكور ، لا شك في ~~أنه يطلب من المكلف حينئذ طرح الأصل والعمل على وفق علمه ، وإن كان اقتضاء ~~الشك أقوى فلا شك أنه يطلب من المكلف العمل بالأصل في كلا الموردين ، وحيث ~~إن المكلف متحير ولا يعلم أقوائية أحدهما ولا عدمها كان نتيجة تحيره ~~التخيير بحكم العقل. # مثلا الشك في بقاء حرمة الدعاء مقتض للإلزام على تركه ، والشك في بقاء ~~وجوب الجمعة مقتض للإلزام على فعله ، ولا يمكن إعمال كلا المقتضيين للزوم ~~محذور المخالفة القطعية ، للعلم الإجمالي بصدور أحد الخبرين الدال أحدهما ~~على وجوب الدعاء والآخر على حرمة الجمعة ، فيتحصل من الأصل وهذا العلم ~~إحراز ثلاث مجعولات شرعية في البين ، اثنان منهما الحكم الاستصحابي المفروض ~~كون غايته خصوص العلم التفصيلي ، لا الأعم منه ومن الإجمالي ، فإطلاق ~~المادة يقتضي أن هنا استصحابين مجعولين ، والمجعول الثالث مضمون أحد ~~الخبرين المقطوع صدور أحدهما. # فإن قلت : كيف يمكن وجود الإرادتين مع وجود الإرادة الواقعية بالخلاف ، ~~ولو فرض أنه ليس تناقضا في الإرادة فلا شبهة ms0588 في كونه تناقضا بحسب مقام الأثر. # قلت : يأتي إن شاء الله تعالى في مبحث الشكوك ما يندفع به هذا الإشكال ، ~~وبالجملة ، فيدور أمر المكلف في كل من الفعلين بين الوجوب والحرمة مع عدم إحراز PageV01P629 # الأقوى منهما ، فيكون مخيرا بين الفعل والترك. # هذا في ما إذا كان كل من العلم الإجمالي والأصل مثبتين للتكليف ، وأما لو ~~كان العلم مثبتا للتكليف والأصل نافيا له كما في مثال الإنائين فإن العلم ~~مقتض تعييني في تحريم كل من الإنائين ، والأصل مقتض تعييني لترخيص كل منهما ~~، ولا شك في تقديم مقتضي التحريم على مقتضي الترخيص وإن فرض كون الثاني ~~أقوى من الأول بمراتب ، فإن في العمل بالأول عملا بكلا المقتضيين بخلاف ~~العمل بالثاني ، فإنه طرح للأول ، فلهذا يجب الاحتياط في ذلك المثال ، ~~ويثبت التخيير في المقام. # ومن هنا يظهر حال العلم الإجمالى بمخالفة الاصول النافية الواردة في ~~موارد الأخبار المثبتة ، وأن الحكم العمل بالعلم وطرح الأصل ، وذلك لأن ~~الشك في كل واحد من الفعلين مقتض تعييني للترخيص ، ولكن إجراء كليهما غير ~~ممكن ، فيرجع الأمر بحكم العقل إلى التخيير بإعمال المقتضي المذكور في أحد ~~الإنائين ، والعمل فى الآخر على طبق العلم الإجمالي ، ولكن مع ذلك يكون في ~~البين مقتض على الخلاف في البين ، فإن العلم الإجمالي يقتضي التجنب عن ~~النجس الواقعي ، ولعله كان في ضمن هذا الإناء الذي حكم بترخيصه بالأصل. # وحينئذ فإن كان اقتضاء هذا العلم واقعا وبنظر الشارع أقوى من اقتضاء الشك ~~كان اللازم طرح الأصل في الموردين والتجنب عن كلا الإنائين ، وإن كان ~~اقتضاء الشك أقوى ، لزم ترك العمل بالعلم وإجراء الترخيص في كلا الإنائين ، ~~ولو شك في أن أيهما أقوى كان المتعين حينئذ هو الاحتياط بالجمع بعدم مخالفة ~~أحد المقتضيين لإمكانه هنا ، فإن ترك الارتكاب ليس مخالفة للحكم الترخيصي ~~كما عرفت. # فتحصل أن نتيجة تحيرا لمكلف في الأقوى من المقتضيين في الصورة السابقة ~~أعني ما إذا كان الأخبار مثبتة للتكليف والاصول مثبتة للتكليف المخالف هو ~~التخيير في كل مورد بين الفعل والترك ms0589 ، لعدم إمكان الاحتياط ، واما في ~~الصورة الثانية اعني ما إذا كان الأخبار مثبتة للتكليف والأصل نافيا له فهو ~~الاحتياط. PageV01P630 # وهنا صورة ثالثة يظهر حكمها مما تقدم ، وهى ما إذا كان الأخبار نافية ~~للتكليف والاصول مثبتة له ، فإنه يعمل بالأصل في جميع موارده ، غاية ما ~~يلزم التزام ترك مباح أو فعله وهو ليس بمحذور ، وهو من قبيل إجراء استصحاب ~~النجاسة في الإنائين المشتبهين مع العلم بطهارة إحداهما. # هذا ملخص الكلام في حكم الاصول ، وعلم أن الدليل المذكور لا يفى بما هو ~~المقصود من حجية الخبر التي معناها عدم الاعتناء بالأصل في مقابله أصلا ~~للحكومة أو الورود ، وإنما يثبت بسببه وجوب العمل بالأخبار من باب العلم ~~الإجمالى من دون كونها حجة ، فيجري الأصل في مقابله على ما تقدم من التفصيل ~~، ومحصله لزوم العلم بالأصل مثبتا كان أم نافيا لو لم يكن علم إجمالي ~~بمخالفته للواقع بالعلم إجمالا بمطابقة ما في قباله من الأخبار له ، وأما ~~مع هذا العلم فالمتعين التفصيل بين الصور الثلاثة. # فإن قلت : كيف يمكن إجراء الأصل مع احتمال وجود الخبر الحجة في مورده ~~ومعه مورود أو محكوم؟. # قلت : المفروض نفي العلم بالصدور أعني صدور مضمون بعض الأخبار في موارد ~~الاصول للواقع ، وأين هو من العلم بالحجية. # فإن قلت : نعم ، لكن ظاهر لفظ الخبر الصادر حجة وبه يتم المطلوب. # قلت : مضافا إلى أن الكلام من حيث الصدور لا الظهور ليس حال الحجة إلا ~~كحال نفس الواقع ، فكما أن نفس الواقع إنما ينافي الأصل بوجوده الواصل لا ~~بوجوده الواقعي ، كذلك الحجة أيضا لا تصير حاكمة أو واردة بوجودها الواقعي ~~حتى يكون الأصل حكما ظاهريا في حكم ظاهري ، بل مجراه نفس الواقع ، فلا يوجب ~~الحكومة أو الورود إلا الوجود الواصل للحجة ، والوصول أيضا لا بد أن يكون ~~على نحو العلم التفصيلي ، وأما الإجمالي فحسب الفرض لا يضر وصول نفس الواقع ~~بهذا النحو لجريان الأصل ، فكيف بالحجة وإلا يلزم زيادة الفرع على الأصل. PageV01P631 # ثم إن في هذا المقام إيراد للمولى الجليل الخراساني على ms0590 الشيخ الأجل ~~المرتضى طاب ثراهما قد تعرض له في الحاشية وحكى الاستاد تسجيله إياه في ~~درسه ، ومنشائه الاشتباه في مراد الشيخ وحمل كلامه على ما ليس مدعاه ، ~~والتحقيق أنه على تقدير صحة مدعاه قدسسره لا مجال للإشكال عليه ، والمناقشة ~~الممكنة إنما هي في أصل مدعاه ، فالإشكال لو كان كان بمنع الصغرى. # وبيان هذا الاجمال أن الشيخ بعد أن ذكر هذا الوجه وأنه مما اعتمده سابقا ~~وأن العلم الإجمالي بمقدار من التكاليف ينحل بواسطة العلم الإجمالي بصدور ~~كثير من الأخبار أورد على ذلك بأنا إذا ضممنا سائر الأمارات إلى الأخبار ~~نجد علما إجماليا أوسع دائرة من الأول بين مجموع الأخبار وسائر الأمارات من ~~الشهرات والإجماعات المنقولة وغيرهما ، فهنا علمان إجماليان : الأول مخصوص ~~بالأخبار ، والثانى موجود بينها وبين الإمارات الأخر ، فالعلم الإجمالى ~~بصدور كثير من الأخبار لا يوجب انحلال العلم الإجمالي الأوسع ، بل هو باق ~~بحاله، فاللازم الاحتياط في جميع أطرافه من الأخبار وسائر الأمارات. # أقول : لا بد لتوضيح مرام الشيخ من تقديم بيان مطلب وهو : أن كلما كان ~~لنا علمان إجماليان متداخلان في بعض الأطراف وكان أحدهما أوسع دائرة من ~~الآخر فلذلك تصويران : # الأول : أن يفرض ذلك مع اتحاد عدد المعلوم بالإجمال في كلا العلمين ، كما ~~لو علم إجمالا بموطوءين في الغنم السود وكان في مجموع القطيع المشتمل على ~~السود وغيرها أيضا هذا العلم موجودا ، اعني العلم بوجود موطوءين لا أزيد. # والثاني : أن يصير في العلم الإجمالي الأوسع عدد المعلوم بالإجمال أزيد ~~وأكثر ، كما لو كان لو نظر إلى خصوص سود الغنم علم بوجود موطوءين في ما ~~بينها ، وأما لو نظر إلى مجموع القطيع كان المعلوم الموطوئية اكثر من اثنين. # ففي الصورة الاولى لو عزل المقدار المعلوم الإجمالي من الطائفة الخاصة لم يبق PageV01P632 # علم إجمالي بينها وبين غيرها ، ففي المثال لو عزل اثنان من الغنم السود ~~وضم بقية السود إلى سائر الغنم لم يكن فيها علم إجمالى ، بل الثابت مجرد ~~الاحتمال ، لاحتمال أن يكون الاثنان الموطوءان هما هذين الغنمين الذين ~~عزلناهما ms0591 ، وأما في الصورة الثانية لو عزلنا مقدار المعلوم الإجمالي عن ~~الطائفة الخاصة وضممنا الباقي إلى غيرها فالعلم باق بحاله. # مثلا لو علمنا بعشرة موطوءات في قطيع الغنم ، ولكن كان خمسة منها متعينة ~~في السود ، والخمسة الاخرى لم يعلم كونها في السود أم في غيرها ، فإذا عزل ~~عن السود خمسة وضم الباقي إلى باقي القطيع ، فحينئذ يبقى علم إجمالي بوجود ~~خمسة موطوءات وإن كان قد ارتفع العلم بوجود الخمسة المتعينة في السود ~~بالعزل المزبور ، إلا أن العلم بما ورائها الموجود في مجموع القطيع بحاله. # وحينئذ نقول : مراد الشيخ قدسسره أن العلم الكبير الأوسع طريق معرفة أنه ~~غير العلم الإجمالي الصغير الأضيق أو أنه عينه هو عزل المقدار المعلوم ~~إجمالا من أطراف العلم الأضيق ، فإن كان الباقي مع ضم أطراف الأوسع غير محل ~~للعلم فهما علم واحد ، والأضيق يوجب انحلال الأوسع إلى شبهة بدوية في غير ~~أطراف الأضيق وعلم إجمالي فيها. # وإن كان الباقي ، مع ضم أطراف الأوسع محلا للعلم الإجمالى أيضا فهما ~~علمان إجماليان ، فالأوسع لا يصير منحلا بالأضيق. # مثلا : إنا من ابتداء الأمر إذا نظرنا إلى مجموع ما بأيدينا من الأخبار ~~وسائر الأمارات علمنا إجمالا بوجود تكاليف كثيرة واقعية في ضمنها ، فهذا ~~علمنا الأوسع ، ثم إذا نظرنا إلى خصوص الأخبار علمنا بوجود الأحكام الصادرة ~~في ما بينها أيضا ، فهذا علمنا الأضيق وإن كان مقدارا لتكاليف المعلومة ~~إجمالا بين تمام الأخبار والأمارات أكثر من مقدار الأحكام الصادرة المعلومة ~~إجمالا بين الأخبار ، والكاشف عن ذلك أنا لو عزلنا المقدار الذي علم إجمالا ~~بين خصوص الأخبار من التكاليف PageV01P633 # عن الأخبار وضممنا بقية الأخبار إلى سائر الأمارات وجدنا أيضا ثبوت العلم ~~الإجمالي بينها، فتعين مقدار من التكاليف في الأخبار لا يوجب انحلال العلم ~~الثابت بينها وبين الأمارات في الزائد عن هذا المقدار. # وإن تطابق المقداران فكان مقدار التكاليف المعلومة بين الأخبار وغيرها ~~مساويا للمقدار الذي علمناه ثانيا في خصوص الأخبار واحتملنا أن يكون هذا هو ~~ذاك ، فحينئذ وإن كان المعلوم الأولي غير مقيد ، لكن ms0592 عند حصول العلم بهذا ~~المقدار مقيدا بالأخبار صار ذاك المطلق منطبقا على هذا المقيد ، ويظهر ~~نتيجته في اخراج ما عدى الأخبار عن طرفية العلم وكونها ملحقة بالشبهة ~~البدوية. # ثم المولى المتقدم توهم أن مراد الشيخ هو صورة التطابق ، فاستشكل عليه ~~بما حاصله ، أن تعين المعلوم بالإجمال في طائفة خاصة كيف لا يوجب الانحلال ~~، ألا ترى أنا لو كنا علمنا إجمالا بوجود عشرين موطوء في القطيع ، ثم قام ~~البينة على كون العشرين من خصوص السود موطوء فلا شك أن مورد العلم بعد عدم ~~كونه ذا علامة يصير منطبقا على ذي العلامة، أعني العشرين المتصفة بالسواد ، ~~وفائدته خروج غير مورد العلامة عن طرفية العلم وصيرورته الشبهة البدوية. # وأنت خبير بأن مراده صورة عدم التطابق وكون مقدار المعلوم بالإجمال في ~~العلم الصغير أقل منه في الكبير. # وبالجملة ، فالشيخ مثلا يدعي أن عدد التكاليف المعلومة في مجموع ما ~~بأيدينا هو أربعون تكليفا مثلا ، وليس هذا المقدار معلوما في الأخبار ، بل ~~المعلوم فيها ثلاثون مثلا ، فبعد تعين ثلاثين فى الأخبار تكون الأمارات ~~الأخر أيضا طرفا بالنسبة إلى العشرة الاخرى ، والذي ينادي بأعلى صوت أن ~~مراده قدسسره هو الصورة الثانية دون الأول مثاله قدسسره بالعلم الإجمالي ~~بالموطوء في قطيع الغنم. # قال قدسسره بعد بيان الإشكال في الأخبار : نظير ذلك ما إذا علمنا إجمالا ~~بوجود شياه محرمة في قطيع غنم ، بحيث تكون نسبته إلى كل بعض منها كنسبته إلى PageV01P634 # البعض الآخر ، وعلمنا أيضا بوجود شياه محرمة في خصوص طائفة خاصة من تلك ~~الغنم ، بحيث لو لم يكن من الغنم إلا هذه علم إجمالا بوجود الحرام فيها ~~أيضا ، والكاشف عن ثبوت العلم الإجمالى فى المجموع ما أشرنا إليه سابقا من ~~أنه لو عزلنا من هذه الطائفة الخاصة التى علم بوجود الحرام فيها قطعة يوجب ~~انتفاء العلم الإجمالي فيها ، وضممنا إليها مكانها باقي الغنم حصل العلم ~~الإجمالي بوجود الحرام فيها أيضا ، انتهى. # فإن فرضه قدسسره بقاء العلم الإجمالي بعد العزل والضم صريح في صورة كون ~~مقدار المعلوم بالإجمال في ms0593 الطائفة الخاصة أقل من مقداره في تمام القطيع ، ~~إذ مع فرض تطابق عدديهما فلا يمكن فرض بقاء العلم الإجمالي بعد العزل والضم ~~المذكورين ، فعلم أنه على تقدير تمامية ما ادعاه قدسسره من عدم وفاء ~~الأخبار المقطوع الصدور بتمام المعلوم بالإجمال من التكاليف وأنها إنما ~~تكون وافية ببعض من هذا المقدار ، والباقي من هذا المقدار يحتمل كونه في ~~الأخبار ، ويحتمل كونه في سائر الأمارات ، يكون ما ذكره من عدم إيجاب العلم ~~الإجمالي بصدور كثير من الأخبار ، الانحلال ، صحيح لا محيص عنه. # نعم يمكن الخدشة في صغرى هذه الدعوى أعني كون الأخبار بهذه الصفة ، وهذا ~~أمر راجع إلى وجدان كل أحد بحسب تتبعه في الفقه والأخبار ، وبعد ذلك يمكن ~~أن يدعى أنا بالمقدار الذي علمنا بالتكاليف وصدور الأحكام عن المعصومين ~~صلوات الله عليهم في أبواب الفقه ، نعلم إجمالا بوجود الأخبار الصادرة بهذا ~~القدر في ضمن ما بأيدينا من الأخبار ، فيكون اللازم هو الانحلال وإلحاق غير ~~الأخبار من سائر الأمارات بالشبهة البدوية. # ويمكن أن يدعى مثل دعوى الشيخ بأن القدر المعلوم الصدور من الأخبار أقل ~~عن عدد التكاليف المعلومة الصدور الموجودة بين تمام ما بأيدينا من الأخبار ~~وسائر الأمارات ، فيكون اللازم حينئذ عدم انحلال العلم وكون سائر الأمارات أيضا PageV01P635 # طرفا ، فيجب الاحتياط فيها كما في الأخبار ، غاية الأمر أنه يجب في ~~الأخبار من جهتين ، وفي سائر الأمارات من جهة واحدة. # الوجه الثاني : ما ذكره صاحب الوافية ، وحاصله أنا مكلفون بالأحكام ~~الواقعية ولا سيما الاصول الضرورية من الصلاة والصوم والحج ، ولا شك أن ~~لهذه الأركان أجزاء وشرائط وموانع ، والمتكفل لبيان ذلك هو الأخبار ، فلو ~~تركنا العمل بخبر الواحد لزم خروج هذه الحقائق عن الصورة التي جاء بها ~~النبي ؛ لأن جل كيفيتها مذكور في الأخبار. # وهذا كما ترى صريح في دعوى العلم الإجمالي بالصدور في الأخبار الواردة في ~~بيان كيفية هذه الأركان وأجزائها وشرائطها ، فيكون مثل الوجه السابق ، غاية ~~الأمر أن ذاك علم في مجموع الأخبار ، وهذا في خصوص طائفة منها ، فيرد على ~~هذا كل ms0594 ما ورد على ذاك حرفا بحرف. # ويرد على هذا علاوة على ذاك أنه بناء على دعوى اختصاص العلم الإجمالي ~~بهذه الطائفة تكون الأخبار الواردة في بيان الأحكام الابتدائية من غير ~~كونها لبيان كيفية واحد من الضروريات غير واجب العمل ؛ لخروجها عن أطراف العلم. # والوجه الثالث : ما ذكره الشيخ محمد تقي طاب ثراه في حاشية المعالم ، ~~وحاصله : أنا مكلفون بالعمل بالكتاب والسنة إلى يوم القيامة بالبداهة ~~والضرورة ، وحينئذ فإن أمكن العمل بهما على وجه العلم أو الظن المعتبر فهو ~~، وإلا وجب العمل على وجه الظن ، ونتيجة ذلك وجوب العمل بالأخبار الظنية ~~الصدور ، فإنه عمل بالسنة على وجه الظن ، وأما من حيث الدلالة فقد فرغنا عن ~~كفاية الظن النوعي. # وفيه أنه إن كان المراد بالكتاب والسنة هو الكتاب والسنة الواقعية التي ~~هي واجب العمل بالضرورة ، فهذا راجع إلى الانسداد ، فبعد ضم سائر المقدمات ~~وتماميتها يكون منتجا لحجية كل ظن حاصل بالكتاب والسنة الواقعيين ولو كان ~~من شهرة ونحوها من الأمارات. PageV01P636 # وبالجملة ، يلزم حجية كل ظن بحكم الله الواقعي ، فإنه ظن لا محالة ~~بالكتاب أو السنة ، للعلم بأنه إما مدلول للسنة قولا أو فعلا أو تقريرا ، ~~وإما مدلول للكتاب ، ولا أقل من الأخير ؛ إذ ( @QUR@08 لا رطب ولا يابس إلا ~~في كتاب مبين )، وبالجملة ، فالنتيجة أعم من المدعى ؛ فإن المدعى وجوب ~~العمل بخصوص الظن الحاصل من الخبر لكونه مظنون الصدور، والنتيجة وجوب العمل ~~على طبق كل أمارة ظنية. # وإن كان المراد بالسنة هي الأخبار الحاكية للسنة الواقعية فلا بد أن لا ~~يكون جميع ما دون في الكتب ، وإلا كان الدعوى من أول الأمر حجية تمام ~~الأخبار ، بل لا بد من دعوى العلم الإجمالي بوجوب العمل على طبق خبر في ما ~~بين الأخبار. # وحينئذ يرد عليه أولا : أن هذا المعنى أعني كون خبر في ما بين أخبار ~~الآحاد واجب العمل ليس من الضروريات ، كيف والقائل بعدم الحجية موجود. # وثانيا : أنه إن كان المراد هو العلم الإجمالي بوجود الخبر الصادر في ~~مجموع الأخبار فهو راجع إلى ms0595 الوجه الأول الذي قد عرفت الكلام عليه. # وإن كان المراد هو العلم الإجمالي بوجود الخبر الحجة في ما بين الأخبار ~~فلا شك أن الأخبار من هذه الجهة بالتفاوت ، مثلا الخبر القوي إذا لوحظ مع ~~الخبر الضعيف كان الأول قدرا متيقنا ، ثم القوي إذا لوحظ مع الممدوح كان ~~أحدهما متيقنا وهكذا. # وبالجملة ، لا يحتمل أحد أن يكون الخبر الصحيح الأعلائي مثلا غير حجة ، ~~ويكون الأدون منه حجة ، فهو متيقن الحجية لا محالة ، وحينئذ فإن انتفى ~~العلم الإجمالي وانحل كان المتعين هو الاقتصار على الصحيح الأعلائي ، فإن ~~لم يكن وافيا بالفقه فيؤخذ بالخبر الأوسع الذي قام على حجية الصحيح ~~الأعلائي ، فإن لم يف هو أيضا فيؤخذ بثالث دل الثاني على حجيته ، وهكذا إلى ~~أن يفي. # ثم إن بقي بعد أخذ القدر المتيقن المذكور أعني الصحيح الأعلائي علم ~~إجمالي أيضا بأن علم بوجود الحجة في غيره أيضا فلا محالة يكون في ما بين ~~الباقي أيضا قدر متيقن مثل خبر الثقة مثلا ، فإن كان في غير أيضا علم ~~إجمالي فيؤخذ بالقدر PageV01P637 # المتيقن من غيره ، وهكذا إلى أن انتفى العلم الإجمالي ، ثم لو فرض على ~~سبيل مجرد الفرض عدم وجود القدر المتيقن في ما بين الأخبار وكان نسبة العلم ~~الإجمالي إلى الجميع على حد سواء ، فاللازم هو الاحتياط بالعمل على طبق كل ~~خبر كان محتمل الحجية ، دون ما ليس فيه هذا الاحتمال ، لخروجه عن أطراف ~~العلم ، وهذا الاحتياط غير مستلزم للعسر كما على مذهب من يزعم حجية جميع ~~الأخبار المدونة في الكتب. # ثم لو فرض على سبيل مجرد الفرض كونه مستلزما للعسر فاللازم حينئذ هو ~~الاقتصار على الخبر المظنون الحجية ، وأين هذا من الخبر المظنون الصدور ، ~~كما أن المدعى وجوب العمل به ، فيرد عليه حينئذ ما ورد على الوجه الأول من ~~عدم جواز العمل بالأخبار في قبال الاصول المثبتة ، وعلاوة عليه عدم كونه ~~منتجا للمطلوب ، هذا هو الأدلة على وجوب العمل بالظن الخبري. ### ||| ** وأما الأدلة التي اقيمت على حجية مطلق الظن. # فهي وجوه : # الأول : إن ms0596 المجتهد إذا ظن بوجوب شيء أو حرمته ظن بأن في مخالفته الضرر ، ~~ودفع الضرر المظنون واجب ، ينتج أن العمل بالظن المذكور واجب ، أما الكبرى ~~فمسلمة ، وأما الصغرى فيمكن إثباتها بنحوين : # الأول : أنه إذا ظن بوجوب شيء ظن بالعقاب على تركه ، وإذا ظن بالحرمة ~~بالعقاب على الفعل ، فالظن بالتكليف ظن بالضرر الاخروي. # والثاني : أن الظن بالوجوب ظن بالمفسدة في الترك ، وبالحرمة ظن بالمفسدة ~~في الفعل بناء على ما هو المشهور بين العدلية من أن الأحكام تابعة للمصالح ~~والمفاسد الكامنة في نفس المتعلقات دون الإنشاء والجعل ، فالظن بالتكليف ظن ~~بالضرر الدنيوي. # والجواب أما على تقدير فرض الضرر العقاب فيمتنع الصغرى ، وذلك لأن الظان ~~بالتكليف لا يحتمل العقاب بعد مسلمية قاعدة قبح العقاب بلا بيان ؛ إذ لو عاقبه PageV01P638 # المولى على مخالفة التكليف المظنون كان بلا بيان وحجة وهو قبيح ، فيحصل ~~القطع بعدم العقاب ، وبالجملة فبهذه القاعدة يرتفع موضوع قاعدة وجوب دفع ~~الضرر المحتمل ؛ وذلك لأن المفروض أنه ليس في البين ما يصلح لأن يكون بيانا ~~وحجة إلا نفس هذه القاعدة أعني: وجوب دفع الضرر المحتمل ، وهذا أيضا غير ~~صالح ، ووجهه أنه لا يعقل أن يكون حكم الشيء محققا لموضوعه ، بل لا بد من ~~تحقق الموضوع من الخارج ثم تعليق الحكم على الموضوع المحقق. # ولو جعلت هذه القاعدة بيانا وجعلت هي واردة على القاعدة الاخرى ونافية ~~لموضوعها لزم أن يكون موضوع القاعدة وهو احتمال الضرر محققا من قبل نفس ~~القاعدة ، وهو غير معقول ، فتحقق أن العقاب هنا غير محتمل حتى يصير موضوعا ~~لقاعدة دفع الضرر. # وأما على تقدير فرض الضرر وهو المفسدة الكامنة في القول أو الفعل ، فأولا ~~بأنا نمنع الكبرى أعني وجوب دفع الضرر عقلا ، بيان ذلك أن بعضا من الأحكام ~~مبناها الحسن والقبح ، مثل حكم العقل بقبح الظلم وحسن الإحسان ، ففي هذه ~~الموارد يكون العقل حاكما بوجوب الإقدام أو الترك ، ويكون حكمه مستلزما ~~لحكم الشرع أيضا ، وإن لم يكن مستلزما له كما في الحكم بقبح المعصية أو ~~بقبح التجري حيث عرفت عدم ms0597 قبولها للحكم الشرعي ، فلا أقل من كونه مصححا ~~للعقوبة. # وبالجملة ، ففي موارد حكم العقل بالقبح يترتب على الإقدام علاوة على ~~الوقوع في القبيح استحقاق المقدم للعقاب ؛ لكونه فعل القبيح ، وليس كذلك ~~قاعدة دفع الضرر ، فإنه لو أقدم فغاية ما يترتب هو الوقوع في الضرر ، بل ~~ولو فرضنا كون الضرر مقطوعا لا مظنونا ، فإنه ليس في مخالفته والإقدام عليه ~~إلا التضرر بهذا الضرر ، يعني بحسب حكم العقل ليس هنا أثر آخر للإقدام كما ~~في الإقدام على الظلم. # والحاصل أن الكلام في أنه لو فرض عدم ورود حكم الشرع على وجوب الدفع ~~الضرر المالي أو النفسي فهل يكون هنا حكم بالاستقلال للعقل؟ مثلا لو أوقع أحد PageV01P639 # على نفسه ضررا وفرض له الداعي العقلائي لئلا يلزم اللغوية فيلزم القبح من ~~هذه الجهة ، مثل أن يقتل نفسه بداعي أن يستريح من هموم الدنيا ، فهل هو في ~~نظر العقل علاوة على الضرر الذي أوقع نفسه فيه مستحق لعقوبة على نفس فعله ~~الذي هو الإيقاع ، لكونه فعل فعلا قبيحا ، كما لو أقدم على الظلم؟ من ~~المعلوم عدم ذلك. # حتى أن الحال ذلك في الضرر الاخروي أيضا ، كما لو علم بأن الفعل الفلاني ~~موجب لدخول النار ، فليس في نظر العقل في إقدامه إلا الدخول في النار ، ولا ~~يحكم بدخوله في نارين أحدهما بقطعه ، والاخرى لإقدامه على عمل قبيح وهو ~~إيقاع نفسه في النار ، وتوضيح ذلك كمال الإيضاح مشاركة الحيوانات للإنسان ~~في دفع الضرر عن النفس ، فإنه يعلم أنه ليس مبناه اللزوم العقلي المبتني ~~على الحسن والقبح ، بل لأجل جبلة النفوس على حب النفس الباعث على تجنب ~~الضرر ، وإلا فليس حفظ الكلب مثلا نفسه عن الوقوع في البئر لأجل خوفه صدور ~~أمر قبيح منه. # فإذا لم يكن مبنى دفع الضرر الحسن والقبح العقليين فليس له وجوب عقلي ، ~~فالتعبير بأن دفع الضرر لازم بحكم العقل مسامحة ، والحق أن الضرر لا يتحمله ~~الطباع ويفرون منه بالفطرة والجبلة ، فالمتحقق عدم الصدور وعدم الارتكاب ~~دائما لا الوجوب العقلي ، فتحقق أنه ليس هنا ms0598 حكم عقلي حتى يكون مستلزما ~~للشرعي أو موجبا لصحة العقاب ، هذا كله مع قطع النظر عن عمومات حرمة الضرر ~~بحسب الشرع وملاحظة حكم العقل محضا. # وأما العمومات المذكورة فهي أيضا غير شاملة للمقام ، وذلك لأن الحكم فيها ~~مرتب على موضوع الضرر يعنى ما يسمى عرفا ضررا وإلقاء في التهلكة ، مثل شرب ~~السم ونحو ذلك ، أما مثل المقام مما لا يلتفت إلى ضرريته إلا أهل المعقول ~~بالدقة العقلية فإن الضرر الاخروي منتف بالفرض ، كما بين في الجواب على ~~التقدير الأول ، وأما الضرر الكامن في نفس الفعل أو الترك وهو المفسدة فهو ~~غير ملتفت إليه لعامة أهل العرف فلا يكون النهي عن إلقاء النفس في الضرر ~~شاملا لمثل PageV01P640 # هذا الفرد ، فثبت من جميع ما ذكرنا منع الكبرى في المقام عقلا وشرعا. # وثانيا : نمنع الصغرى وبيانه أنا سلمنا مقالة المشهور من أن الأحكام ~~تابعة للمصالح والمفاسد في بعض المتعلقات ، دون الإنشاء والجعل كما هو ~~مقالة آخرين ، لكن نقول مع ذلك : إن المفسدة في نفس المتعلق لا يلزم أن ~~يكون شخصية راجعة إلى شخص المقدم ، بل يمكن كونه نوعية راجعة ضرره إلى ~~النوع ، مثل وجوب الجهاد والدفاع في مقابل الكفار ، فإن عدم الإقدام عليه ~~ربما لا يكون فيه مفسدة على شخص التارك ، بل فيه مصلحة له من سلامة بدنه ، ~~ولكن فيه مفسدة النوع وهو إضرار الكفار وتسلطهم على النوع ، فحينئذ لم يلزم ~~من ترك الواجب الوقوع في المفسدة. # نعم يصح ذلك في مثل شرب الخمر مما يعود ضرره إلى شخص الفاعل ؛ فإن فيه ~~ضرر قساوة قلب الشارب ، وبالجملة ، فالصغرى بكليتها ممنوعة ، يعني ليس كلما ~~ظن بالتكليف حصل الظن بالضرر الدنيوي على النفس. # هذا مضافا إلى وضوح الفرق بين المفسدة والضرر والمصلحة والنفع ، فإن ~~المصلحة ليست إلا عبارة عن كون العمل في نظر العقل راجحا ، والمفسدة ليست ~~إلا عبارة عن كونه في نظره مرجوها. # وبعبارة اخرى : الاولى عبارة عن استحسان العقل ، والثانية عن اشمئزازه ، ~~ولا ملازمة بين الاولى وبين النفع ، ولا بين الثانية وبين الضرر ms0599 ، بل ربما ~~يشتمل ذو المصلحة على الضرر كالإحسان ويشتمل ذو المفسدة على النفع كالظلم ~~ونهب مال الناس ، ووجه ذلك أنه ليست المصلحة ولا المفسدة في الشيء معللة ~~بعلة وإلا لتسلسل ، بل لا بد من انتهاء الأمر إلى نفس استحسان العقل أو نفس ~~اشمئزازه ، فليست المصلحة لأجل النفع ، ولا المفسدة لأجل الضرر ، بل هما ~~أمران ذاتيان قد يجامع أولهما مع الضرر وثانيهما مع النفع ، فظهر ما في ~~دعوى المستدل من أن الظن بالمفسدة ظن بالضرر. PageV01P641 # الثاني : أن الأخذ بالظن أخذ بالطرف الراجح ، والأخذ بالوهم أخذ بالطرف ~~المرجوح وترجيح المرجوح على الراجح قبيح ، ينتج وجوب العمل والأخذ بالظن. # والجواب يبتني على تقديم مقدمة وهي أن هنا أمران : الترجيح بلا مرجح ، ~~وترجيح المرجوح على الراجح ، فالأول يمكن دعوى عدم استحالته بأنه يمكن أن ~~تكون نفس الإرادة مرجحا ، فالممتنع هو الترجيح بلا مرجح ، وأما الترجيح فلا. # وأما الثاني فله معنيان ، أحدهما محال ، والآخر قبيح. # فالأول : ترجيح الراجح بالنظر إلى أغراض الفاعل على المرجوح بالنظر إليها ~~، فإنه يتحقق بحسب الأغراض الفاعلية راجح ومرجوح ، مثلا لو كان غرض الفاعل ~~رفع العطش عن نفسه ولم يكن له غرض آخر أصلا ، والحاصل كان الغرض العملي ~~الحاصل له بعد الكسر والانكسار بين جميع الجهات وملاحظة تمام المزاحمات هو ~~رفع العطش ، وكان هناك ماء بارد رافع للعطش ، وماء آخر حار إما غير رافع له ~~وإما مزيد له وإما رافع لقدر قليل منه، فحينئذ لا يعقل من فاعل أن يرجح هذا ~~الثاني ، فإنه نقض للغرض وهو محال أن يصدر من فاعل عاقلا كان أم غيره. # والثاني : أن يؤخذ الراجح والمرجوح بملاحظة القواعد العقلية وبالنظر إلى ~~الحسن والقبح الفعليين ، مثلا لو صار نصب الإمام واجبا بحكم العقل على ~~الرعية ، وتردد الأمر بين من كان أعلم ومن كان غير أعلم ، فالراجح هو ما ~~كان أقرب بالغرض العقلائي وهو نصب الأعلم ، والمرجوح ما كان أبعد منه في ~~النظر ، فتقديمه وترجيحه قبيح عقلا وليس بمحال ؛ لإمكان أن يصير الأبعد من ~~الغرض العقلائي أقرب من الغرض ms0600 النفساني وأشد ملائمة بنفس الفاعل والمقدم. # وما حكي عن الأشعري من تجويزه ترجيح المرجوح على الراجح لا بد من حمله ~~على المعنى الثاني ، فإنه لإنكاره الحسن والقبح لا يرى المرجوح مرجوحا ~~والراجح راجحا ، بل يزعم أنه متى حصل الملاءمة للنفس في جانب المرجوح دون PageV01P642 # الراجح فاختاره الفاعل لم يصدر عنه قبيح ، فمعنى تجويزه ترجيح المرجوح ~~على الراجح إنكاره الحسن والقبح ، وإلا فتجويزه بالمعنى الأول لا يمكن ~~صدوره من أحد ولو كان في أدنى مرتبة الجهالة وقصور الإدراك. # إذا عرفت ذلك فنقول : إن أراد المستدل من الكبرى المذكورة في كلامه ترجيح ~~المرجوح على الراجح بالمعنى الذي يكون محالا ، فالجواب أن الكبرى وإن كانت ~~مسلمة إلا أن الصغرى ممنوعة وهو لزوم الترجيح بهذا المعنى من الأخذ ~~بالموهوم ، وذلك لأن الظان بوجوب شيء التارك له لا يختار جانب الترك إلا ~~لأجل كون هذا الطرف ملائما لنفسه وأوفق بغرضه النفساني من الآخر ، فترجيحه ~~للموهوم ليس إلا ترجيحا للراجح بحسب أغراضه النفسانية على المرجوح بحسبها ، ~~بل ولا يمكن أن يتحقق منه ترجيح المرجوح بحسب هذه الأغراض على الراجح ~~بحسبها ؛ لما عرفت من كونه نقض غرض يمتنع صدوره من كل فاعل. # وإن أراد بالكبرى في كلامه ترجيح المرجوح على الراجح بالمعنى الذى يكون ~~قبيحا فلا يتم الصغرى إلا على تقدير تمامية مقدمة ، وهي أن المكلف يكون ~~بحكم العقل ملزما بتحصيل الواقع والتجسس عنه مهما أمكن ، فإن الأنسب بهذا ~~الغرض العقلائي أن يقدم بعد تعذر القطع مظنوناته على مشكوكاته وموهوماته ، ~~ولو عكس كان ترجيحا للمرجوح على الراجح بحسب هذا الفرض ، ومع ذلك يحتاج إلى ~~ضم هذه المقدمة إلى سائر مقدمات دليل الانسداد وبدون أحدها لا يتحقق موضوع ~~للكبرى ، فلا يكون دليلا آخر وراء دليل الانسداد. # وكذا الحال في الوجه الثالث المحكى عن السيد الطباطبائي قدسسره ، فإنه ~~ليس إلا تعرضا لبعض مقدمات دليل الانسداد مع حذف بعضها الآخر ، فلا يصلح ~~عده دليلا في قباله. # فعلم انحصار الدليل في الباب أعني لإثبات حجية مطلق الظن في PageV01P643 ### | دليل الانسداد # وهو ms0601 : الوجه الرابع وهو مركب من مقدمات أربع أو ثلاث ، فإن جعلنا العلم ~~الإجمالي منها كانت أربعا وإلا فثلاثا ، ويمكن أن يقال بعدم كونه من ~~المقدمات ، فإنه علة لبعض المقدمات فلا يصلح عده في عرضها ، فإن ما يكون ~~مقدمة لصحة مقدمة النتيجة لا يصح عده في عرض مقدماتها ، ووجه ذلك أن من بعض ~~المقدمات أنه لا يجوز لنا ترك التعرض للوقائع المشتبهة ، فلو صح هذا كان ~~النتيجة حاصلة ولو لم يضم إليه العلم الإجمالي ، فإنه لو لم نعلم إجمالا ~~بوجود أحكام وتكاليف كثيرة ولكن علمنا من إجماع ونحوه أنه لا يجوز لنا ~~إهمال الوقائع المشتبهة ، وضممنا المقدمات الأخر كانت النتيجة حاصلة ، ~~فالاحتياج إلى العلم الإجمالي إنما هو في طريق إثبات عدم جواز ترك التعرض ، ~~فإنه معلل بوجوه منها الإجماع القطعي ، ومنها العلم الإجمالي ، ثم مع ~~الإغماض عن ذلك نذكره في عداد المقدمات. # فنقول : المقدمة الاولى : أنا نعلم إجمالا بوجود تكاليف وأحكام كثيرة لا ~~نعلمها تفصيلا وإنا مكلفون بها. # المقدمة الثانية : وهذه يمكن عدها مقدمات ، ويمكن عدها مقدمة واحدة أنه ~~لا يجب علينا الامتثال القطعي لهذه المعلومات الإجمالية ، ولا يكون شغلنا ~~الخروج عن عهدة التكاليف الواقعية خروجا قطعيا ، وتفريغ الذمة منها فراغا ~~علميا ، وذلك لأن طريق الفراغ والخروج القطعي إما بتحصيل العلم بها ~~والإتيان ، وإما بتحصيل الواقع على وجه الظن الخاص ثم الإتيان ، وإما ~~بالاحتياط بإتيان كل محتمل الوجوب وترك كل محتمل الحرمة ، وإما بالعمل ~~بالاصول المثبتة للتكليف الثابتة الحجية بالأدلة القطعية ، مثل استصحاب ~~التكليف السابق في الشبهات الحكمية المسبوقة بثبوت التكليف ، ومثل الاحتياط ~~في جزئيات الموارد من الشبهات الحكمية ، مثل دوران الأمر بين الأقل والأكثر ~~فيها ، فإن بناء العمل في موارد هذه الاصول عليها يوجب انحلال العلم ~~الإجمالي بالتكاليف ، بناء على المختار من أن PageV01P644 # الاصول المثبتة لو كان في أطراف العلم بالتكاليف فهي جارية ويورث انحلال العلم. # فأما القطع والظن الخاص فلا سبيل لنا إليهما ، والاحتياط غير واجب أو غير ~~ممكن، والعمل بالاصول المثبتة والاكتفاء بها في هذا المقام غير جائز ms0602 فثبت ~~أن الامتثال القطعي بجميع طرقه وأنحائه ليس شغلا تعيينيا لنا ، فالعبارة ~~الجامعة أن الامتثال والخروج القطعي ليس واجبا علينا أعم من أن يكون من جهة ~~عدم الإمكان أو من جهة الرخصة في تركه مع الإمكان ، أو من جهة عدم جوازه في ~~هذا المقام. # والمقدمة الثالثة : أن حالنا ليس كالبهائم والمجانين حتى يجوز لنا إهمال ~~هذه الوقائع المشتبهة وترك التعرض لها ، سواء كان بواسطة إجراء أصالة ~~البراءة في جميع موارد ثبوت التكليف أو بدون واسطتها. # والمقدمة الرابعة : أن تقديم الموهومات والمشكوكات على المظنونات قبيح ، هذا. # أما المقدمة الاولى : فهي من الوضوح بمثابة لا تكون مخفية على أهل الملل ~~والأديان الخارجة عن الإسلام ، فإنهم أيضا عالمون بأن في شريعة الإسلام ~~أحكاما وتكاليف مجعولة لا بد للداخل فيه من التدين بها والعمل عليها. # وأما المقدمة الثانية : فبالنسبة إلى دعوى عدم السبيل إلى العلم في مقدار ~~الوافي من الأحكام بمقدار المعلوم بالإجمال يساعدها وجدان كل أحد ؛ فإن ~~المعلومات بالتواتر أو الضرورة من الأحكام قدر قليل إذا لوحظ في جنب الباقي ~~يلحق بالمعدوم. # وأما بالنسبة إلى انسداد الظن الخاص بالمقدار الوافي ، فالانصاف أن خبر ~~الواحد حسب قضية الأدلة المتقدمة يكون حجة بمقدار واف وهو خبر الثقة ، بل ~~بملاحظة بناء العقلاء قلنا : إن الحجية لا يختص بخصوص هذا ، بل تشمل كل خبر ~~موثوق بصدوره وإن لم يكن من جهة وثاقة الراوي ، ولهذا استقر بناء المشهور ~~على انجبار الخبر الضعيف بعمل الأصحاب ، ووجهه أن بعملهم يحصل الوثوق بصحة PageV01P645 # السند ، وإلا فلا معنى لانجبار الدلالة بذلك ، ولكن لو لم يستفد أحد حجية ~~هذا المقدار من خبر الواحد من الأدلة المتقدمة فله أن يدعي هنا انسداد باب ~~الظن الخاص أيضا. # وأما بالنسبة إلى العمل بالاصول المثبتة فوجه عدم جواز الاكتفاء بها هنا ~~أمران : # الأول : أنا إذا لاحظنا جميع موارد الاستصحابات المثبتة للتكليف في موارد ~~الشك في الحكم الكلي وضممنا إليها الاحتياطات الجزئية في موارد هذا الشك ~~فالإنصاف عدم بلوغ مجموع هذين على قدر المعلوم الإجمالي بوجود التكاليف ، ~~فمع ms0603 هذا يكون لنا علم إجمالي بالتكليف غير ما اشتمله هذه الاصول ، وبالجملة ~~، فالعلم الإجمالي بالتكاليف لا ينحل بهذه الاصول ، فيبقى وجوب الاحتياط ~~بحاله بالنسبة إلى سائر موارد الاصول ولا يرفع العمل بها مئونة ذلك عنا. # والثاني : أنا نعلم إجمالا بأن بعضا من هذه الاصول على خلاف الواقع إما ~~بأن نعلم بأن في محل هذا البعض تكليفا مضادا لما أثبته ، وإما بأن نعلم بأن ~~في محله اللاتكليف ، وعلى كل حال لا ينفع الاصول نفعا بحالنا. # أما على الأول فواضح ، فإنه يجب حينئذ الجمع بين الأصل والعلم بقدر ~~الإمكان ، فافرض أن العلم الإجمالي بمقدار مائة تكليف ، وكان الاصول ~~المثبتة أيضا مائة ، ولكن علمنا بأن في ما بين هذه المائة تكليف على خلاف ~~مقتضى الأصل ، فلا يجوز لنا الاكتفاء بهذه الاصول مع هذا العلم ، بل يجب ~~العمل بالعلم في بعض هذه الموارد وبالأصل في البعض الآخر كما تقدم تفصيله. # وأما لو كان العلم بنفي التكليف في بعض الاصول المثبتة له فحينئذ وإن كنا ~~في غير المقام قلنا بأن العمل على طبق الاصول لا يضره العلم بعدم التكليف ~~في بعضها ، ولكن لا يجري هذا في هذا المقام ، ووجه ذلك أن المفروض هنا ثبوت ~~العلم الإجمالي بالتكاليف ، فلو سلمنا وفاء الاصول المثبتة بمقداره أيضا ، ~~كما فرضنا من كون مقدار كل من المعلوم بالإجمال وموارد الاصول المثبتة مائة ~~تكليف ، ولكن PageV01P646 # علمنا إجمالا أن ثلاثين من هذه الاصول مخالف للواقع بمعنى أن عوضها ~~اللاتكليف ، فنعلم بقضية العلم الإجمالي بمائة تكليف بثبوت ثلاثين تكليفا ~~في غير موارد الاصول ، فيحصل العلم الإجمالي في خارج الاصول ، فيجب ~~الاحتياط فيها. # ونظير هذا ما لو علمنا بوجود عشرين شاة موطوءة في جملة قطيع غنم ، فأخبر ~~البينة بموطوئية عشرين من هذا القطيع ، ثم علمنا بأن عشرة من هذا العشرين ~~غير موطوءة وإخبار العادل بموطوئيتها كذب ، فإنه يجب حينئذ الاجتناب من كل ~~القطيع. # وأما بالنسبة إلى الاحتياط بأن يرتكب كل محتمل الوجوب ويجتنب كل محتمل ~~الحرمة فربما يدعي بعضهم بأن ذلك موجب لأمر أعظم ms0604 من العسر والحرج وهو ~~اختلال النظام وفساد امور العامة معاشا ومعادا ، وادعى ذلك أيضا شيخنا ~~المرتضى ، فيكون الاحتياط حراما بالدليل العقلي ، ولسنا رهين اقامة الدليل ~~الشرعي على رفع وجوب موجب العسر وتقرير الدعوى أنه على هذا يلزم بأن يرفع ~~جميع الناس أيديهم عن أشغالهم ويصرفوا جميع وقتهم في تعلم موارد الاحتياط ، ~~ويصرف المجتهد وقته في تعليم ذلك إياهم ؛ إذ كثيرا ما يتفق الاحتياط في ~~الاحتياط ، فيجب معرفة ذلك لمقام الابتلاء والحاجة. # أقول : الإنصاف عدم استلزام الاحتياط في جميع الموارد اختلال النظام ~~وفساد جميع امور بني النوع ، وتوضيح ذلك أن كثيرا من الأفعال لا يحتمل أحد ~~وجود التكليف فيها ، أترى أن أحدا يحتمل أن يكون جعل اليد بوضع خاص مثلا ~~محرما شرعا؟ وهكذا من هذا القبيل كثير ، فهذه الموارد خارجة عن أطراف العلم ~~، بقي الموارد التي يكون وجود التكليف فيها احتمالا عقلائيا إما لكون ~~العنوان مستحدثا غير موجود في عصر الشارع مثل شرب التتن ، فيحتمل وجود ~~التكليف فيه ولم يبلغ إلينا ، أو لغير ذلك ، وهذه الموارد محصورة لا يحصل ~~الاختلال من مراعاة الاحتياط فيها ، فلاحظ موارد ذلك من الصلاة ، فإن أحد ~~موارد الاشتباه فيها اللباس المشكوك فيبني على خلعه في حالها ، وأحدها جلسة ~~الراحة فيبني على PageV01P647 # إتيانها ، وأحدها السورة فكذلك ، وهكذا. # وأما الابتلاء بالاحتياطات العديدة الداخل بعضها في بعض الموجبة لاستيعاب ~~الوقت كما مثله الشيخ فقد يتفق بندرة ، كما لو فرض انحصار الماء في المضاف ~~فيحتاط بالتوضؤ منه والتيمم ، ولو فرض انحصار الساتر في النجس فيصلي صلاة ~~عريانا وصلاة مع الساتر ، ولو تردد ما يصح السجود عليه بين أمرين كرر ~~الصلاة عريانا ومع الساتر مع كل من الأمرين، ولا يخفى قلة الابتلاء بذلك ~~للإنسان ، نعم المبتلى بذلك نلتزم بحجية الظن في حقه ، لكن لا يورث ذلك في ~~حق النوع الغير المبتلين به. # والشاهد على أن موارد احتمال التكليف والاشتباه ليس بمثابة لزم من مراعاة ~~الاحتياط فيها اختلال معاش الإنسان أنا قد اطلعنا على عصرين متتابعين انحصر ~~المرجع للناس في الفتوى في ms0605 شخص واحد ، أحدهما : عصر شيخنا المرتضى ، فقد ~~انتقل الرئاسة الإمامية إليه ، والأخر بعده ، فانتقل الرئاسة العامة إلى ~~السيد الأجل الميرزا الشيرازي جزاهما الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء ، ~~وقد كان طريقتهما في أكثر الموارد هو الاحتياط ، ومع ذلك لم نطلع على ~~انتهاء الأمر في حق أحد من العامة إلى الحرج والعسر واختلال نظام المعاش ، ~~فإن العامل بهذه الاحتياطات كان موجودا بين الناس قطعا ، فالحق عدم استلزام ~~الاحتياط في موارد الاشتباه للاختلال ، نعم لا شبهة في كونه مستلزما للحرج ~~على العامة وأنه يتضيق الأمر عليهم لو كانوا ملزمين بمراعاة الاحتياط فيها. # وبالجملة ، إن العسر المخل بالنظام صغراه ممنوعة وإن كان كبراه أعني عدم ~~وجوبه بل عدم جوازه عقلية مسلمة ، وأما العسر على غير وجه الإخلال فصغراه ~~واضحة في مقامنا ، ولكن كبراه أعني عدم وجوبه شرعي لا عقلي ، فنحتاج فيه من ~~التمسك بالأدلة الشرعية (1). ثم الخدشة في هذه الكبرى الشرعية المستفادة ~~من الأدلة PageV01P648 # اللفظية من مثل قوله تعالى : ( @QUR@07 ما جعل عليكم في الدين من حرج ) ~~هي دعوى عدم شمول هذه الأدلة اللفظية لهذا المقام ، فإن مفاد نفي الحرج ~~بحسب جعل الشارع أن جعل الشارع أمرا ونهيا ليس متعلقا بما فيه العسر والحرج ~~، وهذا لا ينافي أن يكون الحرج حاصلا لا بجعله ، بل كان جعله خاليا عن ~~الحرج ، ولكن طرأ عليه العسر بواسطة جهل المكلف مع ضميمة حكم العقل ، فإن ~~التكاليف المجعولة بحسب الواقع ليس بحد كان في امتثالها الحرج ، ولكن لما ~~جهل بها المكلف وترددت عنده بين امور كثيرة أوجب حكم عقله بوجوب الاحتياط ~~الحرج عليه. # وإن شئت توضيح ذلك بالمثال ، مثلا لو تردد القبلة في أربع جهات وانحصر ~~الساتر في النجس وتردد حكم البسملة بين الجهر والإخفات ، فمراعاة الاحتياط ~~موجب لإتيان ست عشرة صلاة ، مع أن المجعول فيها صلاة واحدة. # والحاصل أن وجوب تمام الأطراف ليس بجعل الشارع ، بل بعضها ، ووجوب الباقي ~~جاء من قبل الجهل وحكم العقل بالاحتياط ، فيصدق أن الشارع ما جعل على ~~المكلف حرجا. PageV01P650 # والجواب أن هذا المعنى ms0606 دقة عقلية ، وأما في فهم العرف فلا فرق بين ~~القسمين ، فكما يفهمون من نفي جعل الحرج نفي الأمر أو النهي الذي نفس ~~امتثاله حرج ، كذلك يفهمون نفي الأمر أو النهي الذي يصير منشأ للحرج بعد ~~جهل المكلف. # نعم فرق بين جعل الشارع الحرج وبين جعل المكلف إياه والتزامه له على نفسه ~~، مثل أن ينذر الحج ماشيا مع كونه شاقا عليه ، أو يؤجر نفسه للعمل الشاق ، ~~فإن أدلة الوفاء بالعقود لا مانع من شموله لهذا المقام ، ولا معارضة له مع ~~دليل نفي الحرج ، فإن المنفي هو أن يكون الحرج مجعولا من قبل الشارع بالجعل ~~الابتدائي ، وأما لو كان الجاعل له نفس المكلف غاية الأمر لم يمنعه الشارع ~~وأبقاه على جعله ، فلا يصدق أن الشارع جعل عليه الحرج ، ومن المعلوم أن ~~المقام على تقدير وجوب الاحتياط ليس من هذا القبيل ، نعم لو نذر المكلف أن ~~يحتاط في جميع الوقائع المشتبهة كان منه ، فيكون خارجا عن تحت هذا الكبرى ~~الشرعية ، وأما بدونه فمشمول لها بلا كلام. # وأما المقدمة الثالثة : أعني عدم جواز إهمال الوقائع المشتبهة وترك ~~التعرض لها ، فالدليل عليه هو العلم الإجمالي ، وأما عدم وجوب الامتثال ~~القطعى والترخيص في تركه كما مر في المقدمة الثانية فليس بمانع من تأثير ~~العلم الإجمالي في الأطراف الخالية عن الحرج. # بيان ذلك أن المختار هو حفظ فعلية الواقع مع ورود الحكم الظاهري والجمع ~~بين فعليتهما بكون الظاهري في طول الواقعي كما مر تفصيله ، وعلى هذا يمكن ~~حفظ العلم الإجمالي بالتكاليف الفعلية مع الترخيص المذكور بدون منافاة لهذا ~~الترخيص مع فعلية المعلوم بالإجمال. # فإن قلت : نعم ، ولكن إذا ورد الترخيص من الشرع بارتكاب بعض الأطراف ~~والمفروض احتمال كون الواقع في ضمنه ، فيكون الطرف الآخر شبهة بدوية ، فلو ~~كان الواقع فيه وارتكبه المكلف كان العقاب عليه بلا بيان وحجة. # قلت : الحجة والبيان هو العلم الإجمالي ، والحاصل أن العلم الإجمالي إذا تحقق PageV01P651 # صار الحجة على التكليف تامة في كلا الطرفين ، فإذا ورد الترخيص في أحدهما ~~فالحجة بالنسبة إلى الآخر ms0607 تامة ، لبقاء العلم الإجمالي. # وبعبارة اخرى : أثر العلم الإجمالي شيئان : وجوب الموافقة القطعية ، ~~وحرمة المخالفة القطعية ، فحكم العقل بالنسبة إلى الأول حكم تعليقي معلق ~~على عدم الأمن من العقاب ، فالترخيص الشرعي يرفع موضوعه ، وبالنسبة إلى ~~الثاني حكم بتي ، فالعقل قاطع بقبح المخالفة القطعية وقبح تجويزها ، فلو ~~ارتكب مع الطرف المرخص فيه الطرف الآخر لزم ذلك ، وبالجملة ، فعلى المبنى ~~المذكور لا إشكال في إيجاب الاحتياط بقدر لا يحصل الحرج. # وحينئذ نقول : إذا جاء دفع الحرج بترك بعض المحتملات فهل يجوز دفعه بترك ~~المظنونات والإتيان بالمشكوكات والموهومات؟ مقتضى حكم العقل بوجوب الخروج ~~عن عهدة الواقعيات يعين دفع الحرج بترك المشكوكات والموهومات وإتيان ~~المظنونات دون العكس؛ لكون الأول أقرب إلى امتثال الواقع ، فترجيح الثاني قبيح. # وبعبارة اخرى : تكون للموافقة بحسب العقل مراتب مرتبة لا مجال للمرتبة ~~اللاحقة مع إمكان السابقة ، فالاولى منها الموافقة القطعية ، فإذا تنزلنا ~~منها بالترخيص الشرعي تعين الموافقة الظنية ، ولا نتنزل مع إمكانها إلى ~~الشكية والوهمية ، فإذا حصل التنزل من الظنية تعين الشكية وبعدها الوهمية ، ~~فهذه هي المقدمة الرابعة ، فتحصل أن على مبنانا كان جميع المقدمات تامة على ~~فرض تمامية انسداد باب الظن الخاص بمعظم الأحكام. # بقي الكلام بناء على مبنى المولى الجليل المحقق الخراساني طاب ثراه في ~~الجمع بين الواقعي والظاهري ، فإنه على هذا المبنى لا يمكن الجمع بين العلم ~~الإجمالي بالأحكام الفعلية مع الترخيص الشرعي ظاهرا في بعض الأطراف ، فإنه ~~لو أذن الشارع في شرب أحد الإنائين المشتبهين بالخمر مثلا فلو كان هو الخمر ~~واقعا علم PageV01P652 # أن «لا تشرب الخمر» لم يكن فعليا ، فينحل العلم الإجمالي ويتبدل بالشبهة ~~البدوية ، فإن الواقع على تقدير وجوده في الأطراف الغير المرخص فيها كان ~~حكما فعليا واجب الامتثال. # وعلى تقدير وجوده في الأطراف المرخص فيها كان شأنيا وليس له وجوب ~~الامتثال ، فالعلم الإجمالي وإن كان حاصلا بأصل الحكم أعم من الفعلي ~~والشأني ، لكن بخصوص الفعلي غير حاصل ، والعلم الذي يكون الامتثال معه ~~واجبا عقلا هو العلم بالتكليف الفعلي ، فالعلم الإجمالي على هذا ms0608 المبنى ~~يرتفع من البين ، فلا بد من التمسك لإيجاب الاحتياط في غير الطائفة المرخص ~~فيها بدليل آخر وهو أن يقال : إنه وإن لم يكن علم إجمالي بالتكليف الفعلي ~~مع الرخصة الشرعية ، ولكن قام الإجماع القطعي على أنه لا يجوز ترك جميع ~~المحتملات. # ولكن يرد عليه حينئذ أنه لا وجه لتعين العمل بالمظنونات ، بل يمكن عدم ~~ترك جميع الوقائع بإتيان الموهومات والمشكوكات ، فإن المعين له هو لزوم ~~إتيان الواقع وتنجزه ، والمفروض أن شرط ذلك وهو العلم الإجمالي مفقود. # فإن قلت : نستكشف من هذا الإجماع اهتمام الشارع بالواقعيات ، فيكون ~~احتمالها في كل واقعة احتمالا للواقع المهتم به وهو عند العقل منجز كالعلم ~~، ومن هذا الباب أيضا منجزية الأحكام الطريقية للواقع ، فإن احتمال الواقع ~~في مواردها احتمال للواقع الذي اهتم به الشارع حتى جعل للوصول إليه هذا ~~الطريق ، ولأجل هذا أيضا يلزم الفحص عند دعوى مدعى النبوة عن صدقه وكذبه. # قلت : أي فرق بين هذا وبين احتمال كون الواقع الموجود في مورد الشبهات ~~البدوية الأخر واقعا مهتما به؟ ومجرد كون الكبرى في المقام قطعية وهو كون ~~الواقع مهتما به وإنما الشك في مقام التطبيق والصغرى ، وفي سائر المقامات ~~يكون الشك في كلتا المقدمتين ، أعني نشك في أصل وجود الواقع في المورد وفي ~~كونه على تقدير الوجود مهتما به لا يجدي شيئا بعد كون النتيجة تابعة لأخس ~~المقدمتين ، ففي كلتا PageV01P653 # الصورتين تكون النتيجة احتمال وجود الواقع المهتم. # وحينئذ نقول : إن قست حالك مع أغراض مولاك بحالك مع أغراض نفسك وجدت نفسك ~~في أغراض نفسك لا تدور مدار المهتمية وعدمها ، بل متى بلغ الغرض درجة ~~الوجوب أو التحريم ، ففي موارد الاحتمال مع عدم الابتلاء بالمزاحمة بمعنى ~~أن يكون في أحد من جانبي الفعل والترك الوقوع في خلاف ذلك الغرض اللازم ~~الاستيفاء ، ولا يكون في الجانب الآخر ضرر ولا في هذا الجانب نفع يتدارك به ~~ذلك المحذور ، فهل تقدم على ذلك الطرف المحتمل المحذور؟. # نعم في موارد الابتلاء بالمزاحمة كما في ركوب البحر تقدم ، وحينئذ فكيف ms0609 ~~صار أغراض نفسك أولى بالرعاية من أغراض مولاك ، مع أن الواجب كون الأمر ~~بالعكس ، فعلى هذا لا بد من كون كل احتمال منجزا ، وهذا إشكال غامض لا بد ~~من أن نجيب عنه في محله إن شاء الله تعالى ، والقول بأن الاحتمال لا يكون ~~له تأثير في باب الأمر والنهي أصلا ومطلقا ، وباب الطرق يكون من باب إحراز ~~أمر المولى وهو حجة ما لم يعلم صوريته ، وباب الفحص عن مدعي النبوة لأجل ~~حجية نفس الواقع الذي لو فحص لوجد وظفر به ، فقياس بهما في غير المحل. # وإذن فالوجه أن يقال : إنه يستكشف بهذا الإجماع الاهتمام ، ويستكشف ~~بالاهتمام إيجاب الاحتياط أو جعل الطريق ، وحيث لا طريق واصل غير الظن ~~يتعين كونه ذلك المجعول ، فتكون اللازم من هذا حجية الظن على تقرير الكشف. # فإن قلت : إنا نستكشف من هذا الإجماع بطريق اللم أن للشارع تكاليف فعلية ~~يهتم بمراعاتها ولا يرضى بتركها ، وقضية ذلك هو تقديم الظن على الشك والوهم ~~، لقبح ترجيح المرجوح على الراجح. # قلت : إن كان هذا الاستكشاف على نحو العلم كان وجود التكاليف الفعلية ~~المستكشفة بإيجابه الاحتياط مناقضا مع صدور الرخصة منه كما هو مذاق المولى ~~المذكور ، فيلزم صدور المتناقضين عن الشارع ، وإن كان على سبيل الاحتمال نقول : PageV01P654 # المتبع حينئذ بعد عدم الدليل العقلي وتمحض الدليل في الشرعي هو لسان هذا ~~الدليل ، فإن أوجب علينا هذا الدليل التعبدي إتيان خصوص المظنونات صار ~~متعينا ، ولو أوجب خصوص الموهومات أو المشكوكات فكذلك ، ولو أحال الاختيار ~~إلى أيدينا كان لنا الخيار فنختار ما شئنا وإن كان هو الموهومات أو ~~المشكوكات. # فتحصل أنه لا محيص حينئذ من دعوى إجماع آخر على تعيين اختيار خصوص ~~المظنونات على غيرها ، وبدونه لا يتم المطلوب ، ومعه تكون حجية الظن شرعية ~~لا عقلية ، وقد كان المقصود إثبات الحجية العقلية. # وحاصل الكلام على هذا المبنى أن الرخصة في ترك الاحتياط الكلي إذا ثبت من ~~الشرع بأدلة نفي الحرج ارتفع العلم الإجمالي عن البين ، فلا بد من أن يتمسك ~~بالإجماع على أن ms0610 الشارع لا يرضى بترك مراعاة هذه التكاليف المحتملة مع ~~كونها محتملة ، فيكشف من هذا الإجماع أن مجعول الشارع فيها إيجاب الاحتياط ~~كما يستكشف ذلك في الشبهات البدوية في باب الدماء والفروج ، فيستشكل حينئذ ~~أنه لا دليل على أنه جعل إيجاب الاحتياط في خصوص الطائفة المظنونات ، فلعله ~~جعله في المشكوكات أو الموهومات ، فلا بد من دعوى إجماع آخر على أنه جعله ~~في خصوص الاولى. # اللهم إلا أن يقال : إنه يكفينا الإجماع الأول لكشف إيجاب الاحتياط في ~~خصوص المظنونات بالتقريب الذي سننكره في رد إشكال شيخنا المرتضى على ~~القائلين بالكشف ، وحاصله أنه إذا كشف المقدمات أن الشارع جعل لنا طريقا ~~لامتثال الواقع فمن أين يكون هو الظنون؟ فإن الطريق المجعول للشارع لا بد ~~أن يكون أقرب إلى الواقع بنظره لا بنظرنا ، ولهذا ترى طرقه المجعولة قد لا ~~تكون مفيدة للظن الفعلي ، فلا يكون النتيجة حجية الظن. # وحاصل الرد أنا إذا علمنا أن الشارع عين لنا طريقا ولكن لم يبينه لنا ~~تعين في الطريق الواصل إلينا وما هو الأقرب بنظرنا ، فلا تصير النتيجة على ~~الكشف مهملة ، PageV01P655 # بل يكون كما على الحكومة ، فيقال في المقام أيضا : إذا علمنا بالإجماع ~~بأن الشارع جعل لامتثال الأحكام المحتملة طريقا ولم يبين لنا أن هذا الطريق ~~ما ذا تعين في ما هو الطريق عندنا؛ إذ لو لم يكن هذا مراده كان عليه البيان ~~، فيستكشف بملاحظة هذا من الإجماع الأول حجية الظن ، ولكن كما عرفت يلزم ~~الحجية الشرعية دون العقلية الثابتة بمعونة المقدمة الرابعة. # وكيف كان فعلى المبنى الذي هو المختار من أن الرخصة في ترك الاحتياط ~~الكلي لا يورث قدحا في العلم الإجمالي يتم حجية الظن بحكم العقل. # وينبغي التنبيه على امور. # الأول : الظن الذي يكون حجة بمقتضى المقدمات هل هو أي ظن؟ فنقول : هنا ~~احتمالات ثلاثة : # الأول : أن يكون الحكم والتكليف نفيا وإثباتا دائرا مدار الظن وتابعا له ~~، فإذا حصل الظن بالتكليف حكم بإثباته ، وإذا حصل بعدمه حكم بالعدم ، ~~والحاصل يعامل مع الظن في كل مورد حصل ms0611 ، معاملة العلم ، وفي الموارد ~~المشكوكة يرجع إلى الاصول الثابتة في تلك الوقائع ، وهذا هو مراد المشهور ~~القائلين بحجية الظن المطلق. # والثاني : أن يؤتي بالموافقة الظنية ويعمل بالظن على مقدار عدد التكاليف ~~المعلومة بالإجمال ، بأن يلاحظ أن القدر المتيقن من العلم الإجمالي ~~بالتكليف في الوقائع المشتبهة أي عدد ، فيعمل بمظنونات الوجود بهذا العدد ، ~~فلو فرض أن القدر المتيقن مائة تكليف وكان الظنون المثبتة للتكليف خمسمائة ~~فلا يجب علينا إلا العمل بمائة من هذه الخمسمائة ونترك الاحتياط في عداها ؛ ~~فإن قضية العلم الإجمالي بمائة تكليف أولا هو الامتثال القطعي لمائة تكليف ~~بأن يؤتى بتمام المحتملات ، فإذا فرض التنزل عن هذه المرتبة كان الواجب بعد ~~ذلك الامتثال الظني لمائة تكليف. # فإذا كانت الظنون المثبتة خمسمائة فأولا لا بد من ملاحظتها من حيث القوة و PageV01P656 # الضعف ، فيرجح الظن الأقوى على غيره ، فإن المرتبة النازلة بعد الامتثال ~~على وجه القطع هو الامتثال على وجه الظن الاطمئناني ، فإن كان بين الظنون ~~شدة وضعف فيعمل بمائة من الظنون الاطمئنانية ، ولا يجب بالظنون الآخر ، وإن ~~لم يكن بين الظنون تفاوت كان المكلف مخيرا في اختيار كل مائة منها شاء. # والحاصل : ليس يجب على هذا الوجه إلا العمل بالظن والامتثال الظني على ~~المقدار المتيقن من العلم الإجمالي ، وتظهر الثمرة بين هذا والوجه المتقدم ~~في الظنون المثبتة زائدا على هذا المقدار ، فيجب العمل بها على الأول دون ~~الثاني. # فإن قلت : بعد تعذر العلم لا بد من التنزل إلى أقرب المراتب إلى العلم ، ~~ولا شك أنه الإتيان بما عدى مقدار دفع الحرج جميعا ، لا الاقتصار على ~~المائة من الظنون الاطمئنانية ، ضرورة أن الكل أعظم من الجزء ، فإن احتمال ~~عدم التكليف في هذه المائة موهوما ينسد كثير منه بإتيان سائر الظنون ~~والاحتمالات. # قلت : بعد فرض كون ثبوت التكليف في هذه المائة مظنونا بظن اطمئناني متاخم ~~للعلم ، فلا يصير الاطمئنان بمائة موافقة وامتثال أقوى بإتيان سائر ~~المظنونات والمحتملات ، لاستحالة تحصيل الحاصل ، فإتيان المظنونات إنما ~~يؤثر في الزائد عن المائة ، وكذلك المحتملات ، يعني يطمئن ms0612 المكلف بعد إتيان ~~الكل بمائة موافقة ويظن أو يحتمل الزيادة على المائة ، والحاصل : الاطمئنان ~~بالمائة قد يحصل بكثرة الأطراف المأتي بها ، وهذا إذا لم يكن بشخص مائة ~~منها الاطمئنان ، وقد يحصل بشخص مائة طرف اطمئناني. # والثالث : أن يتعين ترك الاحتياط في الظنون الاطمئنانية بعدم التكليف ~~ويجب الاحتياط في الظنون الضعيفة بالعدم ، والمشكوكات ومظنونات الوجود ، ~~وإن لم يدفع الحرج بهذا القدر يقيم مقدار الدافع له من الظنون الضعيفة ، ~~وهذا هو الذي يعبر عنه بالتبعيض في الاحتياط. # ثم يتبين تحقيق الحق من هذه الوجوه بتصفية الكلام في مبنيين ، وهو أن يقال : PageV01P657 # المقدار الذي علم إجمالا به من التكليف ما ذا يكون قضية العلم الإجمالي ~~بحسب حكم العقل في تنجيز هذا المقدار؟ فهذا العلم الإجمالي ينجز على المكلف ~~الموافقة لهذا المقدار بطريق القطع وإلا فبالظن ، أو ينجز عليه عدم ~~المخالفة لهذا المقدار قطعا وبعده ظنا ، مثلا لو علم إجمالا بنجاسة أحد ~~الإنائين فالتكليف المعلوم إجمالا واحد ، فهل يوجب عليه موافقة التكليف ~~الواحد أو عدم مخالفة التكليف الواحد؟ وتظهر الثمرة في ما شرب أحدهما وترك ~~الآخر فانكشف بعد ذلك كون كليهما نجسا. # فعلى الأول لا يستحق العقوبة ، فإن غرض الشارع قد حصل وهو موافقة «اجتنب» ~~واحد ، فإنه قد وافق تكليفا واحدا بالاجتناب وإن كان هو غير ملتفت إليه ، ~~لكنه في علم الله يكون كذلك ، نعم صدر عنه مخالفة تكليف واحد أيضا ، لكن لم ~~يصح عقوبته عليها ، لعدم علمه إلا بتكليف واحد. # وعلى الثاني يستحق العقوبة ، فإن المطلوب منه عدم مخالفة تكليف واحد ، ~~ويصدق في هذا المثال أنه خالف تكليفا واحدا ، والمفروض أن الحجة بالنسبة ~~إلى عدم مخالفة تكليف واحد كانت عليه تامة. # فإن قلت : كما أنه في صورة طلب المولى الموافقة الواحدة قد خرج عن العهدة ~~باجتناب الإناء الواحد لكون المطلوب فردا منتشرا ونكرة يقبل الانطباق على ~~كل طرف على نحو البدلية ، كذلك لو كان المطلوب ترك المخالفة الواحدة على ~~سبيل النكرة ، فقد خرج عن العهدة بواسطة تسليم مخالفة واحدة متروكة ، وأيضا ~~فاللازم مما ms0613 ذكرت اجتماع الموافقة والمخالفة بالنسبة إلى تكليف واحد في ~~المثال ، فإنك اعترفت بصدق الموافقة لتكليف واحد بلا عنوان ، ومع هذا ~~اعترفت بصدق المخالفة ، فقد اجتمع الضدان في أمر واحد. # قلت : ليست لنا قضية لفظية نتكلم في صدق ألفاظها ، وبعبارة اخرى : ليس ~~نزاعنا في صدق الإسم ، وإنما النزاع في أمر عقلي ، وهو أن قضية العقل عند ~~عرض المثال المذكور عليه كون هذا العبد عاصيا ومستحقا للعقوبة ، أو متجريا وغير PageV01P658 # عاص ، فإن حكم بالأول كما هو الذي نجده بالوجدان كان هذا معنى حكم العقل ~~بترك حقيقة المخالفة ، وسم ذلك ما شئت ، وإن كان حكمه بالثاني كان هذا معنى ~~اكتفائه بموافقة واحدة ، وسمه أيضا ما شئت. # والحاصل : فإن قلنا بالثاني فلا محيص عما ذكره شيخنا المرتضى من الوجه ~~الثالث ، وذلك لأن من علم بمائة تكليف يجب عليه بمقتضى العلم الإجمالي أولا ~~القطع بعدم مخالفة مائة تكليف ، ولا يحصل إلا بإتيان جميع محتملات الوجوب ~~وترك جميع محتملات الحرمة ، فإذا تنزلنا عن القطع كان الواجب عليه الظن ~~الاطمئناني بعدم مخالفة مائة تكليف ، وهذا لا يحصل إلا بتخصيص ترك الاحتياط ~~في الظنون الاطمئنانية بعدم التكليف ، فإنه لو ترك الاحتياط في المشكوكات ~~لم يحصل الظن الاطمئناني بعدم مخالفة المائة ، بل يحتمل خلافه ، فلو كان ~~هناك مائة ظن اطمئناني بثبوت التكليف لا يجوز الاقتصار عليها ؛ إذ لا يحصل ~~الظن الاطمئناني بعدم مخالفة مائة تكليف بموافقتها ، بل يتوقف على الاقتصار ~~في ترك الاحتياط على موارد الظن الاطمئناني بعدم التكليف ، فإن حصل العسر ~~يضم بعض من موارد الظن الضعيف بعدم التكليف إلى حد انتفى الحرج. # وإن قلنا بالوجه الأول تعين ما لا قائل له من الوجه الثاني ، فإن من علم ~~بمائة تكليف كان الواجب عليه أولا بحكم العقل موافقة مائة تكليف قطعا بأن ~~يأتي بجميع محتملات الوجوب ويترك جميع محتملات الحرمة فإذا تنزلنا عن القطع ~~كان الواجب عليه الظن الاطمئناني بموافقة مائة تكليف ، فإذا عمل على طبق ~~مائة ظن اطمئناني مثبت للتكليف حصل ذلك ولا يجب عليه العمل بالظن أزيد ms0614 من ~~هذا ، فقد تحقق أن ما ذكره الجمهور القائلين بمطلق الظن من الوجه الأول لا ~~يستقيم على قاعدة. # ثم التحقيق من المبنيين هو الثاني ، بمعنى أن حكم العقل في العلم ~~الإجمالي تنجيز عدم مخالفة المقدار المعلوم الإجمالي على المكلف لا تنجيز ~~موافقة هذا المقدار ، والدليل على ذلك أنه لو فرض أن المكلف علم إجمالا ~~بنجاسة أحد الإنائين وكان PageV01P659 # كلاهما في الواقع نجسا فشرب أحدهما وترك الآخر يستحق العقاب على شرب هذا ~~الواحد لمكان العلم الإجمالي الذي هو الحجة على التكليف. # لا يقال : فيلزم أن يكون الشارب لكليهما في هذا المثال مستحقا لعقوبتين ~~مع أنه واضح البطلان ، فإن العقاب على مقدار علمه وهو تكليف واحد. # لأنا نقول : بل لا يلزم إلا استحقاقه لعقاب واحد على مخالفة التكليف ~~الواحد المعلوم إجمالا ، ولكن هذا التكليف الواحد الذي يعاقب على مخالفته ~~ليس له علامة ، فلا يمكن تعيينه في خصوص هذا النجس ولا في ذاك ، فنقول : لا ~~فرق بين صورة ارتكاب الجميع وبين ارتكاب أحد الطرفين وترك الآخر في أنه ~~يصدق أنه خالف تكليفا واحدا مع كون حجة المولى عليه تماما ، غاية الأمر أنه ~~في الصورة الثانية صدر منه موافقة تكليف واحد أيضا. # ووجهه ما ذكرنا من أن العلم الإجمالي صار حجة على تكليف واحد ، وهذا ~~التكليف بلا علامة يصدق على كل من الطرفين ، فلا يمكن أن يقال : إنه خصوص ~~هذا الذي حصل موافقته ، فيكون الآخر الذي حصل مخالفته بلا حجة ، فيكون ~~العقاب عليه قبيحا ، بل من الواضح بطلان هذا وصحة العقاب على مخالفة الواحد ~~الذي شرب ، وهذا دليل على أن المطلوب في باب العلم الإجمالي عدم المخالفة ~~لا الموافقة ، ومعه فقد عرفت أنه لا محيص عن الوجه الأخير من الأوجه ~~الثلاثة ، فيكون نتيجة المقدمات تبعيض الاحتياط دون حجية الظن ، نعم يكون ~~الظن الاطمئناني بعدم التكليف حجة على هذا. # الامر الثاني : عرفت أن نتيجة دليل الانسداد إما حجية كل ظن ، وإما حجية ~~الظن بمقدار العدد المتيقن من التكاليف المعلومة بالإجمال ، وإما حجية ~~الظنون الاطمئنانية النافية ms0615 للتكليف ، وعرفت أن الأقوى هو الأخير ، فهل ~~الظن الذي يثبت حجيته بمقدمات الانسداد أيا من هذه الثلاثة؟ كان هو خصوص ~~الظنون المتعلقة بالواقع ، أو خصوص الظنون المتعلقة بالطريق كما اختاره ~~صاحب الفصول و PageV01P660 # الحاشية أو الأعم من القسمين ، كما اختاره شيخنا المرتضى قدسسره ؟ وجوه. # وحاصل ما أفاده شيخنا في تقريب مدعاه هو أن العلم الإجمالي بالتكليف ~~مقتضاه هو العلم بالمبرئ والمؤمن دون تحصيل الواقع ، وكما أن المكلف في حال ~~الانفتاح لو علم بالواقع وأتى به حصل له العلم بالمبرئ ، كذلك لو علم ~~بالطريق المنصوب إلى الواقع وأتى على طبقه أيضا يحصل له العلم بالمبرئ. # فنقول : في حال الانسداد يتنزل من العلم إلى الظن في كل مقام وجب العلم ~~حال الانفتاح ، فعند تعذر العلم بالواقع والعلم بالطرق المجعولة إليه يرجع ~~إلى الظن بهما ، فكما أن العلم بالواقع موجب للعلم بالمبرئ ، كذلك الظن ~~بالواقع أيضا موجب إلى الظن بالمبرئ ، وكما أن العلم بالطرق المجعولة إلى ~~الواقع أيضا يورث العلم بالمبرئ فكذا الظن بها أيضا ظن بالمبرئ ، فينتقل في ~~حال الانسداد من كل من العلمين إلى الظن ، فينتقل من العلم بالواقع إلى ~~الظن به ، ومن العلم بالطريق إلى الظن به ، هذا. # وفيه نظر واضح ، ووجهه أنه لو كان الحجية الواقعية بنفسها مع قطع النظر ~~عن تعلق العلم بها مبرئ كان ما ذكره حقا ، حيث إن الظن بالحجية الواقعية ~~كان ملازما مع الظن بالمبرئ ، كما هو الحال في الظن بنفس الواقع ؛ إذ لا ~~إشكال في كون نفس صدور الواقع عن المكلف مبرئ ، ولو كان بغير التفاته فلا ~~محالة يكون الظن به ملازما للظن بمبرئية ، ولكن كون نفس الحجية بوجودها ~~الواقعي مبرئ ممنوع. # ألا ترى أنه لو علم إجمالا بوجوب واحد من الظهر والجمعة في يوم الجمعة ، ~~فأتى بالجمعة دون الظهر وكان في الواقع الظهر واجبا وكان أيضا في الواقع ~~طريق معتبر قائما على وجوب الجمعة ، ولكن المكلف لم يستشعر به فهل يجدي ~~مجرد مصادفة عمله اتفاقا مع الحجة الواقعية في رفع العقاب عنه على ms0616 مخالفة ~~الواقع الذي صار منجزا عليه بسبب العلم الإجمالى؟ من الواضح عدمه وكونه ~~مستحقا للعقوبة. # وبعبارة اخرى : الموجب للعذر والمبرئ للذمة هو استناد العمل إلى الحجة ~~والطريق المعتبر ، والاستناد إليها في العمل إنما يتحقق مع العلم بالحجية ، ~~فالمؤمن و PageV01P661 # السبب للمعذورية إنما هو العلم بالحجية دون نفسها ، فإذا تحقق العلم بها ~~فلكون العلم طريقا معتبرا في ذاته يحصل علم ثانوي بالمبرئ أعني الطريق ~~المعلوم الحجية ، فالعلم الأول مأخوذ في موضوع المبرئ. # وأما لو حصل الظن بالحجية فنفس الظن ليس كالعلم حجة ذاتية ، وإلا لحصل ~~العلم بالمبرئ في الرتبة الثانية كما في العلم ، وإثبات الحجية بالمقدمات ~~أيضا دور ، فإنه يتوقف شمولها لهذا الظن على كونه ظنا بالمبرئ ، والمفروض ~~توقف وصف الإبراء على شمولها أيضا ، والحاصل لا يمكن أن يحقق الحكم موضوعه. # وأما ما افيد في تقريب المدعى الثاني وهو حجية خصوص الظن المتعلق بالطريق ~~فوجهان ، الأول : ما ذكره صاحب الفصول قدسسره وحاصله أنه لا إشكال في أنه ~~كما أنا نقطع إجمالا بوجود تكاليف في الواقع متوجهة إلينا ، وقد انسد باب ~~العلم التفصيلي بنفس هذه الأحكام وبالطرق المجعولة إليها ، كذلك نقطع ~~إجمالا بأن الشارع نصب إلى معرفة هذه الأحكام طرقا مخصوصة ، وكلفنا بالرجوع ~~إلى هذه الطرق المخصوصة لمعرفة الواقعيات ، وقد انسد علينا باب العلم ~~التفصيلي بنفس هذه الطرق المخصوصة وبالطرق المجعولة إليها ، ومرجع هذين ~~العلمين إلى علم واحد ، فإن المتحصل من العلمين أنا نعلم بكوننا مكلفين ~~بالأحكام الواقعية التي اشتملت عليها هذه الطرق المخصوصة. # وإذن فنحن ندور مدار هذه الطرق ، فإن كان العلم بها ممكنا تعين ، وإلا ~~فالمتبع هو الظن بها ، ولو حصل الظن بالواقع الذي ليس مشمولا لهذه الطرق ~~فهو غير معتنى به ، لخروج المحتملات التكليف الواقعي المعلوم عدم إيصال ~~طريق إليها عن الأطراف العلم الإجمالي، والتنجيز ولحوقها بالشبهة البدوية. # وفيه أولا : أن ما ذكره قدسسره من أن مرجع العلمين الإجماليين إلى علم ~~إجمالي واحد وإن كان حقا ، وذلك لأنا إذا علمنا بثبوت تكاليف واقعية ، ~~وعلمنا أيضا بثبوت طرق جعلها الشارع ms0617 طريقا إلى تلك الواقعيات فقد انحل ~~العلم الأول PageV01P662 # بواسطة الثاني وتضيق دائرته لتعين أطرافه في محتملات ثبوت الطريق وبقي ~~محتملات التكليف الخارجة عن دائرة محتملات ثبوت الطريق شبهة بدوية خارجة عن ~~أطراف التنجيز. # مثلا لو علمنا إجمالا بوجوب واحد من الظهر أو الجمعة ، أو الدعاء عند ~~الرؤية وقام طريق على وجوب الجمعة وآخر على وجوب الظهر ، وعلمنا إجمالا ~~بكون أحد هذين الطريقين حجة ، فعند العلم الثاني يتضيق دائرة العلم ~~الإجمالي الأول ويتعين في الظهر والجمعة ، ويصير الدعاء خارجا عن أطرافه ، ~~فيصير العلمان علما واحدا. # إلا أن ما ذكره من الرجوع ابتداء إلى الظن بالطريق مع هذا العلم الإجمالي ~~الثاني لا يتم إلا على تقدير عدم القدر المتيقن في ما بين الطرق والأمارات ~~، وأما معه كما هو الواقع ، فإن الخبر الصحيح مثلا لا يحتمل عدم مجعوليته ~~ومجعولية الخبر الضعيف ، فاللازم الاقتصار على القدر المتيقن لو كان وافيا ~~بالقدر المتيقن من العلم الإجمالي ، وإلا فيؤخذ بالقدر المتيقن بالإضافة ~~إلى الباقي ، وهكذا إلى أن يحصل المقدار الوافي ، فيرجع في ما عدا ذلك إلى ~~مقتضى الاصول وإن كان مخالفا للظن ، لكونها من الشبهة البدوية. # وثانيا : سلمنا عدم القدر المتيقن ، لكن ما ذكره من الرجوع ابتداء إلى ~~العمل بالظن مخالف لقاعدة العلم الإجمالي ، فإن مقتضاه هو الاحتياط ، فيلزم ~~هنا الاحتياط بجميع محتملات التكليف من محتملات الطريق ، ولا وجه للاقتصار ~~على التكاليف المحتملة في خصوص مظنونات الطريق وترك الاحتياط في الباقي ، ~~واستلزام هذا الاحتياط للعسر ممنوع ، لوضوح أن من بنى على العمل بجميع ~~التكاليف المثبتة في الأخبار المذكورة في الوسائل مثلا لا يلزم عليه حرج أصلا. # وثالثا : أن لنا منع العلم الإجمالي المذكور رأسا ، بمعنى أنا لا نقطع ~~بأن للشارع في حال الانسداد طرقا خاصة مجعولة ، بل من المحتمل أن يكون قد ~~أحال العباد إلى القواعد والطرق المعمولة عند العقلاء حال انسداد باب العلم ~~عليهم في أوامر PageV01P663 # مواليهم الظاهرية وهو العمل بالظن عند تعذر العلم. # فتحصل أن العلم الإجمالي بالطرق أولا ممنوع ، والعلم الإجمالي منحصر بما ms0618 ~~يتعلق بنفس التكاليف ، ومعه قد عرفت عدم إمكان القول بحجية الظن بالطريق ~~بمقدمات الانسداد ، وعلى تقدير تسليم العلم الإجمالي بالطرق فالنتيجة وهو ~~حجية الظن بها ممنوعة ، بل اللازم أولا هو الرجوع إلى القدر المتيقن ومع ~~تسليم عدمه الاحتياط. # وكيفيته أن يعمل على طبق الطرق المثبتة للتكليف بجميعها ، والاصول ~~النافية الجارية في مواردها ساقطة ؛ إذ لو عمل بجميع هذه الاصول لزم ~~المخالفة القطعية في الطرق ، ولو عمل ببعضها دون بعض كان ترجيحا بلا مرجح ، ~~فيلزم سقوط الجميع. # وأما الاصول المثبتة للتكليف على خلاف الطرق فلو عمل بها لزم المخالفة ~~القطعية في الطرق ، ولو عمل بالطرق لزم المخالفة القطعية في الاصول ، ~~فاللازم هو التخيير كما مر تفصيل ذلك في ما تقدم. # مثال ذلك في العلم الإجمالي الصغير ما لو علم المكلف إجمالا بأنه يجب ~~عليه إما الظهر أو الجمعة أو الدعاء عند رؤية الهلال ، فقام طريق على وجوب ~~الجمعة وآخر على وجوب الظهر ، وكان الأصل في كليهما هو الحرمة وعلم إجمالا ~~بحجية أحد الطريقين ، فإن العمل بالأصل في كليهما طرح للطريق المعلوم ~~الحجية إجمالا ، وبالطريق في كليهما طرح للأصل المعلوم الحجية إجمالا ، ~~فيعمل في أحدهما بالأصل وفي الآخر بالطريق. # هذا هو الكلام في الاصول التي في قبال الطرق المثبتة ، وأما الكلام في ما ~~بقبالها من الطرق النافية فنقول : لو تعارض طريقان فأثبت أحدهما التكليف ~~ونفاه الآخر فإما أن يكونا مختلفي السنخ كأن يكون أحدهما شهرة والآخر ~~إجمالا منقولا ، وإما أن يكونا متحدي السنخ ، وحينئذ إما أن يكون السنخ ~~الواحد هو الخبر كأن يقوم خبر ثقة على التكليف ، وخبر ثقة آخر على عدمه ، ~~وإما أن يكون غير الخبر كأن PageV01P664 # يكون شهرة على التكليف وشهرة اخرى على عدمه. # ومحصل الكلام في هذه الأقسام الثلاثة أما في القسم الأول وهو ما إذا كان ~~الطريق المثبت والطريق النافي مختلفين سنخا فاللازم هو العمل على الطريق ~~المثبت ، لكونه من أطراف العلم الإجمالي بثبوت الطرق ؛ إذ المحتملات في ~~الواقع ثلاثة : # الأول : أن لا يكون شيء منهما بحسب الواقع ms0619 حجة ويكون المرجع هو الأصل # والثاني : أن يكون كلاهما حجة ويكونان متساقطين للتعارض ، فيكون المرجع ~~أيضا هو الأصل. # والثالث : أن يكون أحدهما حجة والآخر غيرها ، فلا يكون مجرى للأصل ، ~~ولازم هذا هو العمل بالطريق المثبت دون الطريق النافي كالأصل النافي ، وأما ~~الأصل المثبت فقد عرفت التخيير بينه وبين الطريق المثبت. # وأما في ما إذا كان الطريق المثبت والنافي من سنخ واحد غير الخبر ~~فالمتعين حينئذ هو الرجوع إلى الأصل ، إذ المحتمل بحسب الواقع أمران ، ~~الأول : أن يكون كلاهما حجة ، والآخر : أن يكون كلاهما غير حجة ، وعلى أي ~~حال يكون المرجع هو الأصل ، أما على الثاني فواضح ، وأما على الأول فلتساقط ~~الطريقين الحجتين بالتعارض. # وأما في ما إذا كان الطريقان من سنخ الخبر فالمتعين هو العمل بالأرجح (1) ~~إن كان ، والتخيير إن لم يكن ؛ إذ المحتمل على تقدير وجود الأرجح عدم ~~حجيتهما وحجيتهما ، فعلى الأول المرجع هو الأصل ، وعلى الثاني المرجع هو ~~الأرجح ، وعلى تقدير عدم الأرجح والتساوي يحتمل أيضا الحجية فيهما وعدم ~~الحجية كذلك ، فعلى الثاني المرجع هو الأصل ، وعلى الأول هو التخيير ، ~~فالاحتياط في المسألة PageV01P665 # الاصولية هو العمل بالأرجح أو التخيير ، فلا مجرى للأصل النافي ، لكون ~~الخبرين من أطراف العلم الإجمالي ، وأما الأصل المثبت فالمكلف مخير بين ~~العمل عليه والعمل بالأرجح أو التخيير. # ثم على تقدير كون الأرجح هو الخبر النافي أو عدم الأرجح وكون المكلف ~~مخيرا بين العمل بالخبر المثبت أو النافي ، فلا يجب الاحتياط في المسألة ~~الفرعية بالعمل بالخبر المثبت على تقدير كون الأصل نافيا ، فإن هذا ~~الاحتياط معلوم العدم ، فإنه إما لا يكون الخبران حجتين فالمرجع هو الأصل ~~النافي ، وإما يكونان حجتين فالمرجع هو الخبر النافي الذي هو الأرجح ، أو ~~التخيير بينه وبين المثبت ، فتعين العمل بالمثبت منفي قطعا على كل تقدير. # وأما إذا كان ما بقبال الطريق المثبت طريقا مثبتا للتكليف المضاد ، ~~فالعمل على الأصل في غير صورة كونهما فردين من الخبر ، وفيهما على التخيير ~~إن لم يكن مرجح ، وتعيين أحدهما مع المرجح. # ورابعا : سلمنا العلم ms0620 الإجمالي بثبوت الطرق المجعولة لامتثال الواقعيات ~~وأن القدر المتيقن بينها غير موجود وأن الاحتياط بالعمل بأطراف الطرق حرج ، ~~وبعبارة اخرى سلمنا تمامية مقدمات الانسداد بالنسبة إلى الطرق ، فهل تكون ~~النتيجة هي حجية الظن بالطريق متعينا أو حجية الظن مطلقا ، سواء كان ~~بالطريق أم بالواقع؟ # هذا مبني على تحقيق مطلب وهو أنه لو علمنا إجمالا بالواقع بين أطراف ، ثم ~~قام طريق معتبر معلوم الحجية تفصيلا على هذا الواقع في واحد من الأطراف ، ~~مثلا لو علمنا إجمالا بوجوب واحد من الظهر والجمعة وقام طريق احرز حجيته ~~على التفصيل على وجوب الظهر ، فهل العلم الإجمالي الثابت قبل قيام الطريق ~~يصير بعد قيامه منحلا حقيقة ومعدوما صرفا ويكون الطرف الآخر شبهة بدوية في ~~الحقيقة؟ كما لو حصل بعد العلم الإجمالي المذكور علم تفصيلي وجداني بوجوب ~~الظهر ، فإنه موجب للانحلال الحقيقي وانعدام العلم الإجمالي موضوعا ، ~~فالطريق المعتبر أيضا PageV01P666 # حاله حال العلم الوجدانى. # ولازم هذا أنه لو خالف المكلف في هذا المثال ولم يعمل بالطريق وترك الظهر ~~والجمعة معا ثم تبين أن الواجب واقعا كان هو الجمعة ، لم يكن المكلف مستحقا ~~لعقوبة إلا عقوبة التجري ؛ فإن الظهر الذي قام الطريق على وجوبه تبين عدم ~~كون الواقع متحققا فيه ، وقد تقرر في محله أن الأحكام الظاهرية ليس في ~~مخالفتها من حيث نفسها استحقاق عقاب ، وإنما هو من جهة مخالفة الواقع ، ~~والمفروض أنه لو صادف مع خلاف الواقع لم يكن في مخالفتها عقاب أصلا إلا ~~عقاب التجري. # وأما عدم الاستحقاق على ترك الجمعة فهي وإن كان الواقع في ضمنها ، ولكن ~~كان للمكلف فيها أصالة البراءة ، فيلزم ارتفاع العقوبة عن ترك الجمعة وعن ~~ترك الظهر معا ، نظير ما لو علم جهلا مركبا بوجوب الظهر بعد العلم إجمالا ~~بوجوب واحد منه ومن الجمعة ، ثم خالف وترك كليهما ، ثم ظهر أن الواجب هو ~~الجمعة ، فإنه لا إشكال حينئذ في عدم استحقاقه عقابا على ترك شيء منهما. # أو أن قيام الطريق المعتبر ليس بمنزلة العلم الوجداني موجبا للانحلال ~~الحقيقي وانعدام العلم الإجمالي ms0621 موضوعا ، بل مع ذلك يكون موضوعه موجودا ~~ويكون أثره بالنسبة إلى تنجيز الواقع على المكلف باقيا ، ففي المثال يكون ~~له استحقاق العقوبة على ترك الواقع ، وغاية ما هناك بعد قيام الطريق أنه لو ~~أتى المكلف بالطرف الذي قام عليه طريق ولم يأت بالطرف الآخر فظهر وجود ~~الواقع في الآخر كان العقاب مرتفعا ؛ إذ ليس للمولى مطالبة الواقع المعلوم ~~بالإجمال منه وعدم اكتفائه بمؤدى الطريق ، فإن هذا مناف لتنزيله المؤدى ~~منزلة الواقع وجعله إياه نفس الواقع ، فإن مقتضى ذلك أنه متى سلم العبد هذا ~~المؤدى عند طلب المولى للواقع تسلمه المولى عوضا لمطلوبه. # والحاصل أن قضية العلم الإجمالي الموجود بالوجدان بعد قيام الطريق ~~المعتبر هو تنجيز الواقع على المكلف بمعنى أنه يوجب على المكلف ويلزم عليه ~~بحكم العقل PageV01P667 # أن يمتثل الواقع ويأتي به إما بنفسه وإما ببدله ، وأما في ما ذكر من ~~المثال فالمكلف قد ترك الواقع ولم يمتثله بشيء من نحوي امتثاله ، فللمولى ~~أن يؤاخذ منه ويطالب الواقع الذي علم به. # الذي يحكم به الوجدان هو الثاني ، فيقضي بوقوع المكلف تحت قيد التكليف ~~بسبب العلم الإجمالي بالنسبة إلى الواقع أو بدله بحيث لا يستريح ولا يخلي ~~سبيله لو رفع اليد عن الواقع وبدله لو خالف طريقه الواقع ، ولا يصير كمن لم ~~يتوجه إليه تكليف ولم يحصل له علم إلا في خصوص التجري. # وعلى هذا فنلتزم بأن أصالة البراءة في الطرف المقابل المتحقق في ضمنه ~~الواقع إنما هي جارية معلقا على الإتيان بمؤدي الطريق حتى يكون قد حصل ~~الامتثال بالبدل ، وإلا فلا مجرى فيه للبراءة. # إذا عرفت ذلك فنقول : العلم الإجمالي بثبوت الطرق إن قلنا بأنه لا يوجب ~~ارتفاع العلم الإجمالي بالواقعيات ، بل هو مع ذلك باق بحاله موضوعا وباق ~~على اقتضائه من تنجيز الواقع على المكلف فحينئذ لو احتاط المكلف ، بالإتيان ~~بمقتضى كل ما احتمل طريقيته فقد علم بالمبرئ ؛ فإنه يعلم بالخروج عن عهدة ~~الواقع بتسليم نفسه أو بدله. # وأما لو كان الاحتياط حرجا وصار الأمر متعينا في العمل بالظن ms0622 فحينئذ الظن ~~بالطريق والظن بالواقع في عرض واحد ، فإن الظن بالواقع ظن بالأصل ، ~~وبالطريق ظن بالبدل ، والأول لو لم يكن بأقوى من الثاني ليس بأقصر قطعا ، ~~فلا وجه لحجية الظن بالطريق متعينا. # نعم لو قلنا بانحلال العلم الإجمالي بالواقعيات حقيقة (1) بسبب العلم ~~الإجمالي PageV01P668 # بثبوت الطرق المجعولة بقدر الوفاء بالمعلومات الإجمالية من التكاليف في ~~ما وصل إلينا من الطرق والأمارات كان الأمر منحصرا في الطرق ويكون الخارج ~~منها محلا للبراءة ، فلا هم للمكلف إلا تحصيل الظن بالطريق ، ولا هم له ~~بتحصيل الظن بالواقع ؛ إذ ذلك قضية انحصار تكليفه في مؤدى الطريق وتعين محل ~~ابتلائه فيه. # ثم لا يخفى أن الإشكال الذي أوردناه على شيخنا المرتضى لا يرد على صاحب PageV01P669 # الفصول قدسسرهما ، فإنه مدع للعلم الإجمالي بثبوت الطرق ، والطريق إذا ~~تعلق العلم به يصير مبرئ ، وبالجملة ، موضوع المبرئ أعني الطريق المعلوم ~~الحجية متحقق على هذا ، فيكون الظن بالطريق ظنا بالمبرئ أعني الحجة المعلوم ~~الحجية. # والوجه الثاني : ما ذكره الشيخ محمد تقي صاحب الحاشية وهو مركب من مقدمات : # الاولى : إنا نقطع ببقاء التكليف بالنسبة إلينا بالواقعيات وأن مجرد ~~الجهل بالتعيين لا يوجب سقوطها عنا. # والثانية : أن كل ما يجب حال انفتاح باب العلم تحصيل العلم به ففي حال ~~الانسداد يلزم الظن بهذا الشيء ، ويقوم الظن به في هذا الحال مقام العلم في ~~تلك الحال. # والثالثة : أن الواجب في حال الانفتاح هو تحصيل العلم بالمبرئ في حكم ~~المكلف والآمر وفي نظره ، فيكون الواجب في حال الانسداد أيضا تحصيل الظن ~~بالمبرئ ، وذكر في بعض مقدمات مطلبه في مقام الاستشهاد على هذه الدعوى أعني ~~كون الواجب في حال الانفتاح هو العلم بالمبرئ في نظر الآمر ما حاصله أنه ~~يتضح ذلك بملاحظة سيرة السلف وأصحاب النبي والأئمة عليهم السلام ، فإن ~~المعلوم من حالهم عدم بذل الجهد في تحصيل الواقع ، بل همهم كان بتحصيل ~~العلم بالمبرئ ، وإلا لوجب أن يقتصروا فى طريق تحصيل الأحكام وتعليمها على ~~السماع من المعصوم أو بالتواتر أو بالخبر المحفوف بالقرينة القطعية ، ومن ~~المعلوم ms0623 عدم كون ذلك من سيرتهم ، فنعلم من هذا أن الواجب في حال الانفتاح ~~لم يكن تحصيل الواقع علما ، بل كان هو العلم بالمبرئ. # والرابعة : أن الظن بالواقع ليس مستلزما للظن بالمبرئ ، بخلاف الظن ~~بالطريق ، فإنه مستلزم له ، أما عدم استلزام الظن بالواقع للظن بالمبرئ ~~فلأنه يجتمع مع القطع بعدم الإبراء كما في الظن الحاصل من القياس ، فإنه ظن ~~بالواقع ومع ذلك نقطع بعدم PageV01P670 # الإبراء ، ولو كان الظن بالواقع ملازما للظن بالابراء لامتنع هذا. # وأما استلزام الظن بالطريق للظن بالمبرئ فلأن معنى الحجية والطريقية هو ~~أن المولى متقبل لو سلم إليه العمل على وفق الطريق ولو لم يكن مطابقا ~~للواقع ، ولازم هذا سقوط الواقع وفراغ ذمة المكلف عنه ، فيكون الظن بالطريق ~~ملازما للظن بالإبراء ، هذا حاصل ما مهده لاستنتاج المطلب المذكور. # أقول : ويرد عليه. # أولا : النقض بما إذا حصل الظن بالطريق أيضا من طريق القياس ، فإنه ظن ~~بالطريق وقد اجتمع مع القطع بعدم الإبراء ، فعدم الملازمة على فرض تسليمه ~~مشترك الورود بين الظنين ولا وجه لتخصيصه بالظن بالواقع. # وثانيا بالحل ، وهو أنا لا نتعقل معنى لقوله : إن الواجب في حال الانفتاح ~~هو تحصيل العلم بالمبرئ في حكم المكلف والآمر ؛ فإن البراءة وفراغ الذمة ~~عقيب الامتثال لا يرتبط بحكم الآمر ، وإنما الحاكم بها العقل دون الآمر ، ~~ووظيفة الآمر إنما هو جعل نفس الحكم أو نفس الطريق ، وأما حصول البراءة ~~والفراغ عقيب عمل المكلف على طبق ما جعله الآمر من الحكم أو الطريق فليس ~~إلا بحكم العقل. # وإذن فليس العلم بالواقع أو بالطريق في حال الانفتاح علما بالمبرئ ، ~~وإنما يحصل العلم بالمبرئ بعد العمل الخارجي على طبق الحكم أو الطريق ~~المعلومين. # هذا حال الانفتاح ، وأما في زمان الانسداد فلا فرق أيضا بين الظن بالواقع ~~والعمل على وفقه ، والظن بالطريق والعمل به في أن العمل على وفق كل منهما ~~يوجب الظن بالبراءة ، كاستلزام العلم بهما مع العمل للعلم بالبراءة في حال ~~الانفتاح بلا فرق أصلا ، فهل ترى المكلف لو ظن بوجوب الدعاء عند الرؤية ms0624 ~~عليه فأتى به لا يظن بسقوط هذا الوجوب المظنون عنه ؛ إذ لا يعقل بقاء ~~التكليف بالواقع مع إتيان المكلف به. # وأما ما ذكر من القطع بعدم الإبراء في الظن القياسي ، فإنما المقصود بهذا ~~القطع أنه على تقدير خطاء هذا الظن وظهور كون التكليف على خلافه ، كما لو ~~كان ما ظن PageV01P671 # بوجوبه بهذا الظن محرما واقعا لا يكون المكلف معذورا في ترك الواقع ؛ إذ ~~معنى هذا في ما إذا كان الظن بعدم التكليف والوهم بثبوته وكان المقطوع ~~الحرمة الطريقية جعل إيجاب الاحتياط الطريقي بمراعاة جانب الوهم ، وأما مع ~~الحرمة النفسية فمعذورية الظن بحالها ، غاية الأمر ارتكب معصية بالركون ~~إليه ، كما أن معناه في الظن بالثبوت هو عدم فعلية الواقع المظنون من حيث ~~هذه الجهة سواء كانت الحرمة طريقية أم نفسية. # وأما على تقدير الإصابة كما هي المظنون فلا يعقل تفكيك الظن بالواقع مع ~~الظن بالإبراء ولو في الظن القياسي ، فإن العمل بالقياس إما نقول بحرمته ~~موضوعا وبالحرمة النفسية كشرب الخمر ، وحينئذ لا منافاة بين حصول البراءة ~~عن التكليف الواقعي واستحقاق العقوبة على ارتكاب هذا المحرم النفسي ، وإما ~~أن نقول بأن معنى حرمته هو مجرد عدم حجيته ، وحينئذ فمن الواضح حصول ~~البراءة على تقدير الإصابة ، وبالجملة ، فالظن بالواقع من أي طريق حصل ولو ~~كان من طريق مقطوع عدم حجيته يكون ملازما للظن بالإبراء عقيب العمل على ~~طبقه ، هذا. # مضافا إلى أنه يرد عليه قدسسره ما أوردناه على شيخنا المرتضى ، فإنه ~~قدسسره غير مدع للعلم الإجمالي بثبوت الطرق المجعولة ، فيرد عليه أن الظن ~~بالطريق ليس ظنا بالمبرئ ، فإن نفس الحجية الواقعية ليست بمبرئ ما لم يعلم ~~بها المكلف ويستند عمله إليه ، فلم يكن الظن بنفس الحجة ظنا بالمبرئ. # الأمر الثالث : إن نتيجة مقدمات دليل الانسداد هل هي حجية الظن على وجه ~~الكشف أو على نحو الحكومة (1)؟ قولان ، والمراد بالكشف أن تكون تلك PageV01P672 # المقدمات العقلية كاشفة عن كون الظن حجة بحكم الشرع في حال الانسداد ، ~~فطريق الاستكشاف هو العقل ، وإنما المستكشف به هو الحكم ms0625 الشرعي ، فحجية ~~الظن حال الانسداد حكم شرعي استكشف بطريق عقلي ، والمراد بالثاني أن العقل ~~له الحكومة في هذا الباب على الاستقلال ، فالحكم عقلي دون أن تكون الحكومة ~~للشرع وكاشفه العقل ، بل الحكومة لنفس العقل بالاستقلال ، وذلك لأن المقام ~~باب الإطاعة والامتثال ، والحاكم في هذا الباب هو العقل دون الشرع فكما أن ~~الحاكم بوجوب الموافقة القطعية عند إمكانها وانفتاح بابها هو العقل ولم يكن ~~لحكم الشرع فيه مجال ، فكذا الحاكم بوجوب الطاعة الظنية مع تعذر القطعية ~~أيضا هو العقل ، ولا مجال لحكم الشرع فيها. # وحينئذ فلا مجال لدعوى أنه إذا ثبت حكم العقل ثبت حكم الشرع بقاعدة ~~الملازمة بين الحكمين ، فتكون الحجية على هذا أيضا شرعية مستكشفة بالعقل. # لأنا نقول : هذا الموضوع أعني الاطاعة كالمعصية غير قابل لحكم الشرع ، ~~والملازمة إنما هي في المورد القابل له ، ووجه عدم القبول أن الغرض من ~~الحكم المولوي هو إيجاد الباعث أو الزاجر بالنسبة إلى النوع ، ولهذا يقال : ~~إن حكم الشرع في موارد حكم العقل لطف ، وهذه العلة منتفية في موضوع الإطاعة ~~، فإن اللطف قد تم بالأمر الأول ، فإذا قال : «صل» فلا حاجة إلى أمر ثانوي ~~بإطاعة الأمر ، فيكون هذا الأمر الثاني لغوا ، لعدم مدخليته في اللطف ، ~~فيمتنع صدوره من الحكيم تعالى. PageV01P673 # فإن قلت : قد قرر في محله أن العلم بالحكم متى حصل لا يمكن جعل آخر في ~~موضوعه من الشارع لا إثباتا ولا نفيا ، وبعبارة اخرى : حجية العلم عقلية ~~وليس بتعبدية وإلا لزم التسلسل وسائر المحاذير المذكورة في محله ، خلافا ~~للظن ؛ فإن حجيته محتاجة إلى التعبد ، فالحاصل أنه لا إشكال في قبوله ~~للتعبد وإمكان التعبد فيه ، وإنما الكلام في وقوعه وأنه هل يساعد دليل عليه ~~أولا ، وعلى هذا فإذا ثبت حكم العقل بحجية الظن حال الانسداد والمفروض ثبوت ~~الملازمة بينه وبين حكم الشرع فقد ثبت حكم الشرع ؛ لأن المقتضي موجود ~~والمانع مفقود ، فقولكم في الجواب عن قاعدة الملازمة بأن المورد غير قابل ~~لحكم الشرع كيف التوفيق بينه وبين القول بإمكان التعبد الشرعي في الظن ms0626 ~~وقبوله له؟ وهل هو إلا التناقض الواضح؟ # قلت : جعل الظن حجة يتصور على نحوين ، أحدهما ممكن الصدور من الشارع ~~والآخر غير ممكن ، وأما الأول الذي هو الممكن هو أن يحكم الشرع في موضوع ظن ~~المكلف بحكم فيه مطابقا لمظنون المكلف ، فإن كان قد ظن الوجوب جعل فيه ~~الوجوب ، وإن ظن الحرمة جعل فيه الحرمة ، وهذا مما يمكن من الشارع صدوره ، ~~فإنه حكم مستقل كسائر أحكامه ، فلو علم به المكلف وجب عليه امتثاله بحكم ~~العقل ، فيكون حكم العقل بامتثاله متأخرا عن نفس جعله وإنشائه ويكون جعله ~~وانشائه موضوعا لحكم العقل ؛ لأنه حكم مستقل ، فيقتضي امتثالا مستقلا ، ~~فليس هذا تصرفا في مرحلة الامتثال ، بل في موضوع الحكم العقلي بضم أمر إلى ~~الأوامر الواقعية حتى يحكم عليه العقل بالامتثال مثلها. # وأما الثاني فهو أن لا يجعل الحكم بما هو مستقلا مطابقا للمظنون ، بل ~~يجعل الوجوب في مورد الظن به بعنوان كونه امتثالا للحكم الواقعي المظنون ، ~~فهذا الاعتبار لا يستتبعه حكم العقل بالامتثال ، وهذا غير ممكن الصدور من ~~الشرع ، لما مر من أنه كما أن الطاعة العلمية يكفي في اللطف في موردها ~~الأمر الأولي بنفس PageV01P674 # المأمور به ، كذلك الإطاعة الظنية أيضا يكفي في تمام اللطف في موردها ~~الأمر الأولي ، فلا مدخلية للأمر ثانيا بنفسها في اللطف أصلا. # إذا عرفت هذا فنقول : أما على مبنانا الذي أسلفناه في المقدمات فلا محيص ~~عن القول بالحكومة ، وهو أن العلم الإجمالي بالواقعيات محفوظ ولا يورث قدحا ~~فيه أصلا الترخيص الشرعي الوارد في موارد لزوم العسر ، فإنه حكم ظاهري ، ~~ومتعلق العلم حكم واقعي ، وهما مرحلتان طوليان ، فليس للترخيص في بعض ~~الأطراف بحسب الرتبة الثانية مساس بالعلم الإجمالي (1) المتعلق بالأحكام ~~بحسب الرتبة PageV01P675 # الاولى ؛ إذ حينئذ بعد ضم سائر المقدمات لا ملازمة بين اجتماع المقدمات ~~مع جعل الشارع طريقا للمكلفين ليكون هو المرجع لهم حال انسداد باب العلم ~~عليهم بعد فرض أن العقل له الحكومة والاستقلال في تعيين ما هو المعيار في ~~باب الامتثال وليس تحير وتوقف حتى يحتاج لتعيينه إلى ms0627 الشرع. # ألا ترى أنك لو صرت عبدا لمولى ظاهري وعلمت بتكاليف من قبله عليك ولم ~~تتمكن من امتثالها على وجه العلم ولم ينصب لك طريقا لحال عدم تمكن العلم ~~فهل تتوقف عن العمل؟ أو ترى نفسك مكلفا بتكليف عقلي نازل وهو الموافقة على ~~مقدار الظن من دون أن تنسب إلى مولاك تكليفا بالاحتياط الطريقي على تقدير PageV01P676 # الالتفات ، بمعنى أنه لو التفت على هذه الحالة لأمرني بالاحتياط ، نظير ~~ما تنسبه في حال غرق ابنه ، هذا كله على المبنى المختار. # وأما على مبنى المولى الجليل محمد كاظم الطوسي قدسسره حيث يقول بأن العلم ~~الإجمالي بالتكاليف يصير منحلا بسبب ورود الترخيص في بعض الأطراف ويكون ~~متبدلا بالشك البدوي فقد يقال : إنه يتعين حينئذ القول بالكشف ؛ إذ لا يبقى ~~حينئذ مورد قابل لحكم العقل ، فإن مورد حكم العقل بالتنجيز ولزوم الامتثال ~~صورة وجود العلم ، فإذا انتفى العلم وارتفع من البين مورد اقتضاء الامتثال ~~والتنجيز العقلي ، فلا يبقى مجال للحكومة العقلية ويخرج الأمر عن يد العقل. # وإذن فلا بد من الرجوع إلى الشرع ، وإذا أحرزنا من الشرع بواسطة الإجماع ~~أن الوقائع المشتبهة لكثرتها لا يجوز لنا إهمالها والاستراحة من جهتها كشف ~~ذلك لنا من وجوب الاحتياط ، ولو اقتصر على هذا الإجماع يلزم جواز الاقتصار ~~على المشكوكات والموهومات ، وحيث لا يقول به أحد فهنا إجماع آخر على عدم ~~الاكتفاء بالمشكوكات والموهومات ، فينتج الإجماعان أن الشارع جعل طريقا إلى ~~الواقعيات وهو وإن لم يتعين بدليل شرعي ، لكن يمكن إحراز تعيينه في خصوص ~~المظنونات بسكوت الشرع وعدم تعيينه في غيرها ، فإن عدم تعيينه دليل على ~~تعيينه في ما هو أقرب بنظرنا إلى الواقع وهو المظنونات ، وعلى هذا فيصير ~~حجية الظن شرعية لا عقلية. # وكذلك الكلام بناء على قول من يدعي أن العلم الإجمالي لا يكون منجزا بل ~~حاله حال الشك البدوي ، كما يظهر من بعض كلمات صاحب القوانين قدسسره ، فبين ~~هذين القولين تناف مع القول بالحكومة ، ولا يمكن جمعهما معه ، هذا. # ولكن يمكن أن يقال بعدم المنافاة (1) وإمكان ms0628 القول مع ذلك بالحكومة كما هو PageV01P677 # مختار المولى المتقدم قدسسره ، وتوضيحه أن يقال : إنا بعد احراز القطع من ~~الإجماع أو الضرورة بأن الشارع لا يرخصنا في ترك التعرض للوقائع المشتبهة ~~وإهمالها نستكشف من ذلك أن للشارع اهتماما بالواقعيات ، بمعنى أنها على فرض ~~وجودها في ضمن هذه الأطراف التي ليست موردا للترخيص يهتم الشارع بها ، ومع ~~إحراز الاهتمام يكون الاحتمال أيضا منجزا بحكم العقل ، ولا يبقى مجال ~~للبراءة العقلية كما في باب الدماء والفروج حيث لا تجري البراءة فيها لأجل ~~اهتمام الشرع فيها. # وبالجملة ، فمع إحراز الاهتمام من القطع المذكور لا يبقى مجال لدعوى ~~الإجماع الثاني ولا لاستكشاف جعل الشارع إيجاب الاحتياط الطريقي ، بل يستقل ~~العقل بوجوبه وتقرير حكومته حينئذ بأن الوقائع المهتمة بنظر الشارع يجب ~~أولا بحكم العقل ولو لم يتعلق العلم بها، بل كان الموجود مجرد احتمالها ~~امتثالها بطريق القطع ، يعني يقطع امتثالها على تقدير وجودها، وإذا تنزلنا ~~عن الامتثال القطعي بأدلة الحرج وجب الاقتصار على مقدار دفع الحرج ~~والاحتياط في غيره ، فنتنزل من PageV01P678 # الامتثال القطعي إلى الامتثال الاطمئناني ، ويكون الثاني متعينا بعد ~~الأول بحكومة العقل واستقلاله. # الامر الرابع : في أن نتيجة مقدمات الانسداد هل هي مهملة على كل من ~~تقريرى الحكومة والكشف ، أو ليست بمهملة على كليهما ، أو مهملة على أحدهما ~~ومعينة على الآخر؟ # تفصيل الكلام في ذلك أنه أما على القول بالحكومة فلا إهمال في النتيجة ~~أصلا ، وليس هذا مبتنيا على الكبرى التي ذكرها شيخنا المرتضى من أن حكم ~~العقل لا يقبل الإهمال، فإنه أولا يأخذ في الموضوع كل قيد يرى دخله في ~~الحكم وبعد استجماع تمام هذه الصور يحكم ، ومن المعلوم أن الموضوع المستجمع ~~لها واجد أبدا للحكم ، ولا يرتفع الحكم منه في وقت ، ووجه عدم الابتناء (1) ~~أنا قد استشكلنا في هذا الكلام كما يأتي في محله في مبحث الاستصحاب إن شاء ~~الله تعالى ، وحاصله أن الموضوع الذي لا يقبل الإهمال ولا يتصور فيه ~~الإجمال هو ما يكون موضوعا لإدراك العقل فعلا ، فإنه لا محالة يدرك ms0629 القبح ~~في موضوع متبين ، وهو ما اجتمع فيه القيود المحتملة الدخل ، وبعبارة اخرى : ~~ما كان اتصافه بالحسن أو القبح متيقنا على كل تقدير. # مثلا ضرب اليتيم إذا انضم إليه قصد الإيذاء صار موضوعا لجزم العقل ~~وانزجاره الفعلي ، وكذلك الكذب الضار يجزم العقل بقبحه ، فموضوع الجزم و PageV01P679 # الانزجار الفعلي معلوم لدى العقل ، وهو مجموع القيد والمقيد في المثالين ~~، وأما أن ملاك القبح وموضوع القبيح ما ذا؟ فيمكن تشكيك العقل وترديده من ~~جهته وعدم معلوميته عنده كما في المثالين ، حيث إنه بعد العلم بوجود الملاك ~~في مجموع القيد والمقيد لا يعلم بأن ما يقوم به الملاك ويدور معه هل هو ~~خصوص المقيد وإن فارق عنه القيد أو مجموع الأمرين ، فلو سئل عنه أن الكذب ~~الغير الضار قبيح أم لا لأجاب بعدم العلم لا بالعلم بعدم القبح. # فتحصل أنه يمكن أن يكون موضوع حكم العقل غير معلوم عنده وإن كان موضع ~~جزمه وإدراكه القبح معلوما لديه. # وحينئذ ففي المقام حيث يحكم العقل في حال الانسداد بحسن العمل بالظن يمكن ~~ويتصور أن يكون العقل مرددا وشاكا في أن الظن الذي يكون العمل به حسنا في ~~هذا الحال هل هو خصوص الظن الاطمئناني ، أو مطلق الظن ، فليس المدعى عدم ~~تصوير الإهمال في النتيجة لكونها حكم العقل ، بل المدعى أن الإهمال مع ~~إمكانه وتصويره لا وقوع له في المقام بحسب الاتفاق. # وبيانه أنا إما أن نقول بأن اقتضاء العقل في باب العلم الإجمالي تنجيز ~~عدم مخالفة المعلوم بالإجمال ، وإما أن نقول إنه تنجيز موافقته ، فإن قلنا ~~بالأول فلا إشكال أن المعتبر أولا هو القطع بعدم المخالفة ، كما لا إشكال ~~في أن المعتبر بعد القطع هو الاطمئنان ، فكما أن المعتبر في حال إمكان ~~القطع كان هو القطع بعدم المخالفة كذلك القائم مقام هذا القطع عند عدم ~~إمكانه هو الاطمئنان بعدم المخالفة ، وإن كان المعتبر حال الانفتاح هو ~~القطع بالموافقة كان القائم مقامه حال الانسداد هو الاطمينان بالموافقة ، ~~فلا بد أولا من إحراز أن قضية العقل في باب ms0630 العلم الإجمالي أى من الأمرين ، ~~وبعد إحرازه لم يبق إهمال في حكم العقل في هذا المقام. # هذا كله هو الكلام في عدم إهمال النتيجة من حيث درجات الظن ، وأما من حيث ~~الأسباب والموارد فالحق عدمه بناء على الحكومة من هاتين الجهتين أيضا ، و PageV01P680 # ذلك لأن المعتبر أولا هو القطع بالواقع من أي سبب حصل ، وبعده الظن به من ~~أي سبب حصل ، فكما لا يفرق بين الأسباب في القطع حال الانفتاح كذلك لا ~~تفاوت بينها في الظن في حال الانسداد ، وسره أن الملاك هو الكشف عن الواقع ~~، ومن المعلوم أنه لا مدخل في هذا الملاك لخصوصيات الأسباب. # وأما من حيث الموارد (1) فلا فرق في نظر العقل بين أبواب الفقه ، وذلك ~~لأن اللازم أولا هو العلم بواقعيات أحكام الله تعالى ، ومع عدمه فاللازم هو ~~الظن بها من دون فرق في ذلك بين أحكام الله المتعلقة بالعبادات والمعاملات ~~والعقود والايقاعات إلى غير ذلك من أول الفقه إلى آخره ، فإن كل ذلك أحكام ~~الله ، هذا كله على الحكومة. # وأما بناء على القول بالكشف فقد أورد الشيخ المرتضى قدس سره على هذا ~~القول أنه لو تم هذا لزم بقاء المكلف في الجهالة والحيرة وعدم العلم بما هو ~~شغله ، وذلك لأن نتيجة المقدمات على هذا ليس إلا أن الشارع قد جعل للمكلفين ~~طريقا إلى الواقع ، وأما أن هذا الطريق خصوص الظن فلا يدل عليه دليل ، ~~فلعله كان أمرا آخر غير الظن ، كما نشاهد في الطريق التي حكم الشرع بحجيتها ~~إما جعلا وإما امضاء حيث لا يحصل منها الظن ، بل ربما يكون الظن على ~~خلافها. PageV01P681 # ألا ترى أنه ربما لا تفيد البينة ظنا ، بل يظن على خلافها ، وكذلك الحال ~~في ظواهر الألفاظ ، ومع ذلك جعلها الشارع حجة ، وبالجملة فالمعتبر على هذا ~~هو الأقرب إلى الواقع في نظر الجاعل ، وحيث لا سبيل لنا إلى تعيينه فلا ~~محالة يكون ما جعله حجة مرددا غير معلوم ، هذا. # والحق أنه لا إهمال في النتيجة بناء على هذا القول أيضا أصلا ، وموضوع ms0631 ~~الحجية معلوم متبين لا إجمال فيه من جهة كما على القول بالحكومة ، بيان ذلك ~~أنه لا إشكال في قضية المقدمات على هذا هو أن الشارع أراد رفع الحيرة عن ~~المكلفين عند حصول هذه المقدمات ، وانفتاح القفل لهم بواسطة جعل الطريق ، ~~ولا يحصل هذا الغرض وهو رفع الحيرة والجهالة بمجرد جعل الطريق واقعا بدون ~~بيانه للمكلف ، فحيث لم يبين طريقا آخر يعينه العقل في الطريق الذي له ~~امتياز عما عداه في إراءة الواقع والأقربية إلى إصابة الواقع والأبعدية عن ~~مخالفته في نظر المكلف ، ولا شك أن هذا بعد تعذر القطع ليس إلا الاطمئنان ، ~~ثم كل مرتبة من الظن على ترتيب الدرجات. # وإذن فيصير موضوع الحجية في حكم الشرع بناء على الكشف هو الموضوع لها في ~~حكم العقل بناء على الحكومة ، فلم يبق ثمرة بين القولين على هذا. # ثم لو سلمنا وجود الثمرة بين القولين فإنه إهمال النتيجة بناء على الكشف ~~كما ذكره شيخنا قدسسره ، فيحتاج إلى مقدمات آخر لتعيين النتيجة ورفع ~~الإهمال عنها ، فنقول : من جملة الوجوه لتعيين النتيجة هو الأخذ بالقدر ~~المتيقن لا بمعنى القدر المتيقن على وجه الإطلاق، فإنه لو كان كان حجة ~~معلومة بالتفصيل وهو خلاف الفرض من انسداد باب العلم والعلمي ، بل بمعنى ~~أنه على تقدير صدور جعل الطريق من الشارع كان القدر المتيقن هو هذا القسم. # مثلا لو جعل الشارع طريقا فالقدر المتيقن في ما بين الشهرة والاستقراء ~~والخبر هو الخبر ، فإنه حجة على هذا التقدير قطعا ولا بد أن يكون القدر ~~المتيقن وافيا بمقدار PageV01P682 # المعلوم بالإجمال من الأحكام ، وإلا فالاعتبار بالمتيقن فالمتيقن ، مثلا ~~المتيقن في ما بين الصحيح الأعلائي وخبر الثقة هو الأول ، ولو فرض عدم ~~وفائه وأن الطريق المجعول موجود في غيره أيضا كان القدر المتيقن بعده هو ~~خبر الثقة ، وبالجملة ، فتعيين الطريق بهذا النحو مما لا إشكال فيه ، وإنما ~~الكلام في ما إذا لم يكن بين أقسام الطرق قدر متيقن رأسا ، بل كان كلها في ~~عرض واحد ، فالمرجع بناء على مذاق الكشفي في ms0632 هذه الصورة ما ذا؟ # فنقول : لا بد عنده حينئذ من إقامة مقدمات الانسداد في نفس الطرق أيضا ، ~~فتكون قضيتها أن الشارع جعل طريقا لتعيين الطريق إلى الحكم الواقعي من بين ~~الطرق ، فإن حصل الإجمال والترديد في طريق الطريق أيضا فصار مرددا بين امور ~~مع عدم القدر المتيقن الوافي في البين أعمل المقدمات مرة ثالثة في هذه ~~الامور أيضا ، وهكذا يعمل المقدمات في كل مرتبة إلى أن يتعين الأمر في واحد ~~معين وينحصر الطريق في موضوع مبين ، أو متعدد لا محذور في الاحتياط فيه. # ولنمثل لك مثالا للتوضيح فنقول : إنا نعلم إجمالا بوجود أحكام واقعية ~~أولية للشارع ولا يمكن الاحتياط إلى غير ذلك من سائر المقدمات ، فتصير ~~النتيجة أن الشارع جعل لنا طريقا إلى تلك الواقعيات ، ثم إذا تردد عندنا ~~هذا الطريق بين الشهرة والإجماع المنقول والخبر والأولوية والاستحسان ، ~~فعند ذلك يحصل لنا علم إجمالي آخر بوجود أحكام طريقية ثانوية مرددة بين هذه ~~الامور الخمسة ، والاحتياط غير ممكن إلى آخر المقدمات ، فتكون النتيجة أن ~~الشارع جعل طريقا لما هو المجعول طريقا للواقع من هذه الامور ، فإذا نظرنا ~~وجدنا أن الشهرة لم يجعل طريق على حجيتها ، وكذا الإجماع المنقول والاولوية ~~والاستحسان ، وانحصر ذو الطريق في الخبر تعين هو للطريقية. # ولو كان أربعة منها مثلا ذا طريق أعمل المقدمات في طرق هذه الأربعة ، فإن ~~كان ذو الطريق بينها منحصرا في واحد اتضح الحال ، وإلا اجريت في هذه الطرق PageV01P683 # المتعددة أيضا ، وهكذا إلى أن انتهى الأمر إلى أن يتعين وينحصر ذو الطريق ~~في واحد معين. # فظهر من جميع ما ذكرنا اندفاع كلا الإشكالين الذين أورد أحدهما شيخنا ~~المرتضى ، والآخر بعض الأساطين في طي كلماته بصورة الإلزام على القول ~~بالكشف. # أولهما : أن النتيجة تكون مهملة لاحتمال أن يكون ما جعله الشارع حجة في ~~حال الانسداد أمرا غير الظن ، والثاني : أنه جعل النتيجة بناء على الكشف ~~دائرا بين ثلاثة ، الأول : حجية الطريق الواصل بنفسه ، والثاني : حجية ~~الطريق الواصل ولو بطريقه ، والثالث: حجية الطريق ولو لم يصل ms0633 أصلا لا بنفسه ~~ولا بطريقه. # ثم جعل قضية القسم الأول الأخذ بالقدر المتيقن الوافي لو كان وإلا فالكل ~~حجة ، ولم يجعل للمقدمات حينئذ مجرى ، لأن النتيجة على هذا متعين تعيينا أو ~~تعميما ، وإجرائها فرع الإهمال. # وقضية القسم الثانى أنه لو لم يكن الموجود في يد المكلف مما بين الطرق ~~المحتملة إلا واحدا ، أو كان الموجود متعددا ، ولكن لم يكن بينها تفاوت ~~أصلا في القطع بالحجية وعدمه وفي قيام الطريق على الحجية وعدمه ، فلا إشكال ~~في الصورتين ، لارتفاع الإجمال وتعينه في ذاك الواحد في الاولى وفي الكل في ~~الثانية ، وأما إن كان الموجود متعددا ومتفاوتا ، فإن كان القدر المتيقن ~~منها وافيا فهو ، وإلا فلا بد حينئذ من إجراء المقدمات ثانيا في الطرق مرة ~~أو مرات إلى أن ينتهي إلى ظن واحد أو متعدد بلا تفاوت ، أو متفاوت يكون ~~القدر المتيقن منه وافيا. # وقضية القسم الأخير الأخذ بالمتيقن لو كان ، وإلا فيحتاط في الطريق إن لم ~~يلزم محذور ، وإلا فلا بد من الانتهاء إلى حكومة العقل بالاستقلال في تعيين ~~مرتبة الامتثال ، ولا يجرى على هذا مقدمات الانسداد في تعيين الطريق ؛ إذ ~~لا يلزم محال من بقاء نتيجة المقدمات في الفروع على الإهمال حسب ما هو ~~المفروض من أن النتيجة حجية طريق ولو لم يصل أصلا. PageV01P684 # هذا محصل كلامه قدسسره المأخوذ من التعليقة والكفاية ، وأنت خبير بأن ما ~~ذكره في القسم الأخير من منع إجراء المقدمات في الطريق لعدم لزوم المحال من ~~بقاء النتيجة مهملة غير تام ، فإنه لا يعقل فرق بين المسائل الفرعية وهذه ~~المسألة الاصولية أعني تعيين ما هو المرجع والمتبع في حال الانسداد ، غاية ~~ما في الباب أن الاولى حكم شرعي أولى ، والثاني حكم شرعي ثانوي ، ومجرد عدم ~~أخذ الوصول في الموضوع مشترك في المسألتين ، كما أن حيثية الأولية ~~والثانوية غير فارقة قطعا ، وعدم لزوم المحال من الإهمال أيضا مشترك ، وما ~~كان وجها لاستكشاف العقل لحجية الطريق في الفروع موجود في الاصول. # وليت شعري كيف أفادنا المقدمات عند ما أجرينا ms0634 ها في الفروع والأحكام ~~الأولية استكشاف جعل الطريق من الشارع ، ولم يفدنا ذلك عند ما أجريناها في ~~الاصول والأحكام الثانوية؟ # فإن قلت : بعد فرض كون النتيجة الطريق الأعم من الواصل وغيره ، ففي ~~المرتبة الثانية أيضا تكون النتيجة هكذا. # قلت : نعم ، ولكن الفائدة حينئذ أن دائرة الاحتياط في طرق الواقع أضيق من ~~دائرته في نفس الواقع ، وفي طرق الطرق أضيق منها في نفس الطرق ، وهكذا في ~~كل مرتبة نازلة أضيق منها في المرتبة العالية ، فإما أن ينتهي الأمر إلى ~~الظن الواحد أو المتعدد الذي يكون فيه المتيقن الوافي ، أو لا يلزم من ~~الاحتياط فيه محذور عقلى أو شرعي. # ومحصل الجواب عن الإشكال الأول أنا مع إمكان أن يكون الشارع في غير هذا ~~الحال جعل غير الظن حجة نقول بأن المجعول في هذا الحال خصوص الظن ، ووجهه ~~أنه لما لم يعلم الشارع بغيره علم أن ما جعله هو الظن ، فإنه لو جعل شيئا ~~آخر لزم الإعلام به لئلا ينقض غرضه من رفع التحير عن المكلفين ، فحيث لم ~~يعلم بشىء آخر يقطع العقل بأن ما جعله حجة هو خصوص الظن ، فإنه الطريق ~~الواصل إلى PageV01P685 # المكلفين. # وعلى هذا فموضوع الحجية بعينه يكون نفس ما كان على تقرير الحكومة بلا فرق ~~إلا في أن الحجية على ذاك التقرير كان بحكومة العقل واستقلاله ، لكن على ~~هذا يكون بحكومة الشرع ، غاية الأمر طريق استكشافه العقل ، فالذي شأن العقل ~~مجرد أن الشارع جعل شيئا حجة وتعيين هذا الشيء في الظن ، وأما أصل الحجية ~~فحكم الشرع لا مدخل للعقل فيه. # وأما الجواب عن الثاني فبأنا بعد أن سلمنا الإهمال في هذا المقام ، لكن ~~نقول : لا ينتهي الأمر إلى تقرير الحكومة ، بل لا بد من إجراء مقدمات ~~الانسداد مرة اخرى للأحكام الثانوية المعلومة بالإجمال في ضمن الطرق ~~المحتمل الحجية بعد إجرائها أولا للأحكام الأولية ، فعند عدم القدر المتيقن ~~أو عدم وفائه وتعسر الاحتياط في جميع الطرق كان النتيجة أيضا حجية طريق ~~لتعيين تلك الأحكام الثانوية على وجه الإهمال ، وفي هذه ms0635 الرتبة يصير أطراف ~~الاحتمال أقل من الرتبة الاولى ، فيرتفع عسر الاحتياط ، ولو فرض عسر ~~الاحتياط فيه أيضا اجريت المقدمات ثالثة لتلك الأحكام الثانية في الرتبة ~~الثالثة لأجل تعيين الأحكام الثانوية ، فتكون النتيجة أيضا حجية طريق إلى ~~تلك الأحكام ، فتصير دائرة الاحتمال عند هذا أضيق من الرتبتين الاوليين ، ~~فإن أمكن الاحتياط بدون العسر ، وإلا فيتنزل بالمقدمات في المراتب النازلة ~~حتى يتعين الحجية وينحصر موضوعها في واحد مخصوص ، أو متعدد مع عدم تعسر ~~الاحتياط ، فعلم عدم انتهاء القول بالكشف بالأخرة إلى القول بالحكومة أصلا. # الأمر الخامس : في الظن القياسي على تقرير الحكومة وأن أى امتياز له في ~~ما بين الظنون أوجب خروجه عن دائرة الحكومة العقلية ، وقد أطال فيه الكلام ~~شيخنا المرتضى قدس سره ، وملخص القول فيه أن الطريق منحصر في ثلاثة ، إما ~~أن ملاك حكم العقل غير موجود في الظن القياسي ، وإما أنه موجود فيه ، ولكن ~~قد خصص الحكم العقلي بالنسبة إليه ، وإما أن الملاك غير موجود وكذا التخصيص أيضا و PageV01P686 # نلتزم بحجية الظن القياسي في هذا الحال ، وأن النواهي مخصوصة بأزمنة ~~انفتاح باب العلم ، ولا يمكن الالتزام بشىء من هذه الثلاثة. # أما الأول وهو عدم الملاك فمن الواضح أن ملاك حكم العقل ليس إلا الظن ، ~~وتحصيل الموافقة الظنية ، ومن المعلوم تحققه في الظن القياسي ، وأما الثاني ~~فلأن الحكم العقلي كيف يقبل التخصيص ، وأما الثالث فهو خرق لما هو من ~~ضروريات المذهب من بطلان القياس. # فان قلت : نختار الشق الأول وهو عدم الملاك ووجهه أن الموضوع الذي يحكم ~~العقل بحجيته عند الانسداد هو الظن الذي لم يمنع عنه الشرع ، ومن المعلوم ~~أنه إذا ورد منع من الشرع في خصوص ظن يرتفع الحكومة بارتفاع موضوعها ، ~~ويصير هذا المنع واردا على حكومة العقل ورافعا لموضوعها. # قلت : فعلى هذا يلزم عدم حكومة العقل في الظنون التي يحتمل منع الشارع ~~عنها ، وقل ظن خاليا عن هذا الاحتمال ، فإنه لا بد أولا من إحراز أن هذا ~~الظن لم يمنع عنه الشارع ، وحينئذ يجزم العقل بالحكم لحجيته ms0636 ، وما دام لم ~~يحرز بالقطع فلا جزم للعقل ولا حكومة. # والذي يمكن أن يقال في دفع الإشكال هو : إنا نختار الشق الأول وهو عدم ~~الملاك ونقرر ذلك بأن الموضوع لحكم العقل بالحجية هو الظن الذي لم يعلم منع ~~الشارع فيه ، فالظن القياسي المعلوم فيه المنع الشرعي خارج عن موضوع حكم ~~العقل فمنع الشرع بضميمة القطع به رافع لموضوع حكم العقل ، وهذا سالم عن ~~الإشكال المتقدم ، لبقاء محتمل المنع تحت موضوع حكم العقل على هذا ، فيكون ~~هناك دعاو ثلاث. # الاولى : عدم ملاك حكم العقل في ما علم فيه منع الشارع ، # والثانية : أن احتمال منع الشارع عن العمل بخصوص ظن لا يكون دافعا لجزم ~~العقل بحجيته ولزوم العمل على طبقه ، # والثالثة : أن الشارع مع وجود جعل الأحكام الواقعية وإرادتها من المكلفين PageV01P687 # منعهم عن الظن القياسي مع مصادفته لتلك الواقعيات كثيرا ، وبعبارة اخرى : ~~رد الإشكال بأنه كيف يجوز للشارع الجمع بين هذين أعني إرادة تلك الاحكام من ~~المكلف ومنعه عن العمل بهذا الظن. # أما الدعوى الاولى فتقريبها أن العقل ما يكون بصدده ويتوجه إليه همه ، ~~وتمام توجهه إنما هو استخلاص المكلف عن العقوبة وتحصيل براءته عن التكليف ~~والأمن من تبعته ، وليس وراء ذلك له مقصد ومهم ، فلو فرض أن ارتكاب الفعل ~~مأمون عن العقاب جوز ارتكابه وإن كان فيه ألف مفسدة أو خلاف المصلحة. # وحينئذ نقول : إذا قطع من الشرع المنع عن العمل بظن فهذا القطع راجع إلى ~~القطع ببراءة الذمة عن الواقع الذي هو في ضمن المظنون على تقدير وجوده ، ~~بمعنى أنه بعد القطع بممنوعية ظنه بالتكليف يقطع بأن هذا التكليف على تقدير ~~تحققه فهو في الفسحة منه وليس في مضيقة ، فيقطع بأنه لو ارتكبه كان سالما ~~عن المؤاخذة المولوية والعقاب ولو كان مصادفا للتكليف الواقعي ، وعند هذا ~~فقد انتفى الملاك من البين ، فإنه كان تمام ملاك حكمه بلزوم العمل بالظن ~~تفريغ الذمة وتحصيل البراءة عن الواقعيات المعلومة بالإجمال على وجه الظن ~~عند التنزل عن العلم ، والمفروض حصول البراءة القطعية في ترك ms0637 العمل بهذا ~~الظن، فلا جرم ينتفي حكمه بوجوب العمل. # وأما الدعوى الثانية وهو عدم دافعية احتمال منع الشارع عن حصول ظن عن جزم ~~العقل وحكومته بحجيته فبيانها أنه عند احتمال المنع فهو يحتمل براءة الذمة ~~على تقدير وجود التكليف في هذا العمل ، وليس له أزيد من الاحتمال شيء ، فإن ~~المفروض أنه يحتمل المنع ، فلا جرم ليس له إلا احتمال البراءة ، وقد فرضنا ~~أن العلم الإجمالي بالتكاليف قضيته بحكم العقل تحصيل العلم بالفراغ منها ، ~~ومع التنزل عنه تحصيل الظن بالفراغ والمؤمن من العقاب ، فلا يجوز بعد العلم ~~، التنزل إلى شك الفراغ أو وهمه مع إمكان تحصيل الظن به ، ولهذا يستقل عند ~~هذا بتعين العمل على PageV01P688 # طبق الظن المذكور ، فإن فيه الظن بالبراءة على أي حال ، إذ الواقع إما ~~غير موجود فلا يضر العمل ، وإما موجود مع البراءة عنه لمنع الشرع عن العمل ~~بالظن المتعلق به فأيضا لا يضر العمل ، وإما موجود مع اشتغال الذمة به فقد ~~حصل المطلوب ، فقد حصل بهذا التقدير الظن بالبراءة عن التكليف الذي هو أحد ~~أطراف العلم الإجمالى على نحو الظن ، بخلاف صورة ترك العمل بهذا الظن ، ~~فإنه ليس فيه إلا احتمال البراءة ، والعقل حاكم بعدم الاجتزاء به ما دام ~~البراءة الظنية ممكنة. # وأما الجواب عن الإشكال المذكور فهو أنه إن أردت بهذا الإشكال المعروف من ~~قديم الأيام من لزوم التناقض أو الوقوع في المفسدة أو خلاف المصلحة فقد ~~فرغنا عن دفعه في ما تقدم باختلاف رتبة الحكم الظاهري مع الواقعي ، وبذلك ~~يندفع التناقض وأن المفسدة وخلاف المصلحة يتدارك بمصلحة أقوى ، وبالجملة ، ~~فليس إشكالا جديدا ، وإن كان المقصود كلاما جديدا غير ذاك الإشكال فلا بد ~~من بيانه. # الأمر السادس : في الظن المانع والممنوع ، وهو أن يحصل ظن بحكم فرعي ، ~~وظن آخر بعدم حجية الظن الأول ، مثل أن يظن بنجاسة العصير العنبى ، ثم حصل ~~الظن الآخر بأن هذا الظن ليس بحجة ، وهذا البحت مبني على أن تكون مقدمات ~~الانسداد منتجة وأن يقال بتعميم النتيجة للواقع والطريق. # أما على ms0638 تخصيصها بالأول فالأمر واضح ، وعلى التخصيص بالثاني يتمحض محل ~~البحث في ما إذا كان متعلق الظنين هو الطريق ، مثل أن يحصل ظن من الشهرة ~~بحجية الأولوية ، ثم حصل ظن من الاستقراء بأن الظن الحاصل من الشهرة ليس بحجة. # وكيف كان فعلى التعميم لا إشكال في أن معيار الحجية موجود في كلا الظنين ~~ولا يمكن اجتماعهما في الحجية ، فإن مفاد أحدهما أن العصير نجس ، ومفاد ~~الآخر أنه لا يمكن التعويل على هذا الظن ويكون ساقطا عن درجة الاعتبار ، ~~وهذان مضمونان متنافيان لا يمكن شمول الحجية للظن بكليهما ، وحينئذ فهل ~~الحجة هو الظن المانع أو الممنوع؟ PageV01P689 # فنقول : أما بناء على القول الغير المختار من أن النتيجة كون الظن حال ~~الانسداد كالعلم نفيا وإثباتا فهو نظير ما إذا حصل العلم بفرع ، ثم حصل ~~العلم بأن العلم الأول لا يكون حجة ، وهذا وإن كان فرضا غير ممكن التحقق ، ~~لكن لو فرض وقوعه فلا إشكال أن العقل لا يحكم بحجية أحدهما ووجوب العمل به ~~بالخصوص ، لتساويهما في الملاك ، فتعيين أحدهما ترجيح بلا مرجح ، فكذا على ~~المبنى المذكور يكون حال الظن حال العلم ، فمع فرض التساوي في الملاك ليس ~~للعقل إلا التوقف ولا حكم له بالحجية على شيء منهما. # لكن قد يقال حينئذ بأن المتعين حجية الظن المانع وعدم حجية الممنوع ، ~~ويقاس ذلك بالشك السببي والمسببي ، فكما أن حكم الأصل يختص بالشك السببي ~~دون المسببي ، كذلك حكم العقل في المقام أيضا يشمل الظن المانع دون ~~الممنوع. # وتقرير ذلك أن وجه الاختصاص بالشك السببي أن إجراء «لا تنقض» في الماء ~~المسبوق بالطهارة يكون من اثره شرعا طهارة الثوب المتنجس المغسول به ، وأما ~~إجرائه في الثوب لا يكون من أثره نجاسة الماء ، فالشك في الثوب بإجراء «لا ~~تنقض» في الماء يرتفع موضوعا ، فيكون خارجا عن دليل الاستصحاب من باب ~~التخصص ، والشك في الماء على فرض إجراء «لا تنقض» في الثوب يكون باقيا ~~بحاله ، فلا محيص عن التزام عدم إجراء الحكم فيه من باب التخصيص ، وإذا دار ~~الأمر بين ms0639 التخصص والتخصيص فالأول أولى. # وهذا الوجه أعني دوران الأمر بين التخصص والتخصيص جار في ما نحن فيه ، ~~فإن الحجية لو شمل الظن المانع يصير الممنوع ظنا قام الدليل على عدم حجيته ~~، فيخرج عن موضوع حكم العقل ؛ لأن موضوعه الظن الذي لم يقم الدليل على عدم ~~حجيته ، فيكون خروجه من باب التخصص ، وأما لو تعلق الحجية بالممنوع فلا ~~يصير المانع مما قام الدليل على عدم حجيته ، فإن الممنوع ليس مفاده عدم ~~حجية المانع ، بل حكم مربوط بالمسألة الفرعية ، غاية الأمر لا يجامع حجيته ~~مع حجية PageV01P690 # المانع ، وبمجرد ذلك لا يدخل المانع في عنوان ما دل الدليل على عدم حجيته ~~، فلا حجة يكون خارجا عن حكم العقل مع كونه من افراد موضوعه ، فيكون خروجه ~~من باب التخصيص. # بل التحقيق كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى عدم ابتناء الحكم في ~~المقيس عليه أعني تقدم الشك السببي على المسببي في عبارة «لا تنقض» على ~~كونه مستلزما للتخصص وخلافه للتخصيص ، بل الحكم كذلك وإن قلنا بعدم استلزام ~~الإجراء في المسبب أيضا إلا لخروج السبب من باب التخصص ، كما لو اخترنا ~~القول بحجية الأصل المثبت أو قلنا بكون الاستصحاب حجة من باب الطريق ، فإنه ~~حينئذ وإن لم يكن نجاسة الماء من آثار استصحاب النجاسة في الثوب المغسول به ~~شرعا ، إلا انه لا شك فى كونها ملازما لنجاسة الماء ، فيؤخذ بهذا الملزوم ~~أيضا عند استصحاب نجاسة الثوب ، فيكون الشك في الماء أيضا مرتفعا موضوعا ~~باجراء الأصل في الثوب كالعكس ، ووجه تقدم السبب مع ذلك بحيازة الأصل سبقه ~~رتبة على المسبب ، فإن الشك في الثوب معلول الشك في الماء ، فيكون رتبته ~~متأخرة عن رتبة علته ، فيكون الشك المسببي في درجة حكم الشك السببي لا في ~~درجة نفسه. # وحينئذ نقول : قد تقرر في مسألة العلتين والمعلول الواحد أنه لو تحقق ~~علتان وكان كل منهما صالحا لحيازة المعلول وكان إحدى العلتين متقدمة في ~~الرتبة على الاخرى اختص هي بحيازة المعلول ، فهنا أيضا يكون كل من الشك ~~السببي والمسببي ms0640 علة لحكم «لا تنقض» فإذا كان السببي متقدما في الرتبة على ~~المسببي اختص هو بحيازة هذا المعلول وبقي المسببي بلا أثر لا محالة. # والحق أن قياس الظن المانع والممنوع بالشك السببي والمسببي مع الفارق ، ~~فإن إجراء حكم الأصل في السبب يوجب خروج المسبب عن الموضوع دون العكس كما ~~مر من أن «لا تنقض» لو اجري في الماء صار الثوب مما قام الدليل على طهارته ~~وخرج عن عنوان المشكوك ، ولو اجري في الثوب لم يصر الماء مما قام الدليل على PageV01P691 # نجاسته وكان مشكوكا مع ذلك ، فهذا مستلزم للتخصيص ، والأول للتخصص. # وأما ما نحن فيه فكما أن حكم الحجية العقلية لو اجري في المانع يصير ~~الممنوع مما قام الدليل على عدم حجيته ، فكذلك لو اجري في الممنوع يصير ~~المانع مما قام الدليل على عدم حجيته ، لأنهما مشتركان في أن كلا منهما صار ~~تحت الدليل العقلي يصير الآخر مقطوعا عدم حجيته ومما قام القطع على عدم ~~حجيته ، فدخول كل منهما لا يستلزم إلا التخصص في الآخر. # ثم لو سلمنا في الشك السببي والمسببي أيضا أن دخول كل يوجب التخصص في ~~الآخر لا التخصيص كما على حجية الأصل المثبت أو حجية الاستصحاب من باب ~~الطريقية فنقول كما تقدم : أن الترجيح مع ذلك لجانب السبب لأسبقيته في ~~الرتبة ، فيكون أولى بحيازة «لا تنقض» عند عدم السبيل إلا إلى «لا تنقض» في ~~جانب واحد وعدم إمكان الجمع كما هو المقرر في العلتين المترتبتين في الوجود ~~مع وحدة المعلول ، حيث يحيز المعلول أسبقهما ويبقى الآخر بلا محل ، ولا ~~مجرى لذلك أيضا في المقام ، لأن الظنين في رتبة واحدة وليس بينهما ترتب ~~أصلا لحصولهما من سببين غير مرتبطين ، كما لو حصل الشهرة على نجاسته العصير ~~من تتبع الأقوال وحصل الظن بعدم حجية الشهرة من الاستقراء مثلا ، هذا. # مع أنا لو سلمنا أن المقام أيضا مثل مسألة الشكين في دوران الأمر بين ~~التخصص والتخصيص نقول : مع ذلك لا يلزم من الحكم بتقدم السبب هناك بقاعدة ~~تقدم التخصص على التخصيص ms0641 الحكم بتقدم المانع هنا لتلك القاعدة ؛ فإن ~~القاعدة المذكورة إنما يفيد في مقام الإثبات بعد أخذ الحكم من الحاكم ، فإن ~~القاعدة حينئذ يقتضي أن الحكم ما دام الموضوع باقيا يحكم بثبوته ، إلا أن ~~يدل دليل على الخلاف ، وبعبارة اخرى أن يؤخذ بعموم الحكم لكل فرد إلا ما دل ~~الدليل على تخصيص الحكم فيه ، فلا جرم إنما يفيد في ما دار الأمر بين فردين ~~من عام ورد الحكم به كان أحدهما مخرجا للآخر عن الموضوع دون الآخر. PageV01P692 # فحينئذ قضية تلك القاعدة تعيين الأول ، فإنه لا يستلزم إخراج الموضوع عن ~~تحت الحكم بلا دليل ، بل رفعه عما ليس بموضوع ، فليس فيه مخالفة لقاعدة ~~العمل بالعموم مهما أمكن ، بخلاف الثاني ، فإنه رفع الحكم عن فرد الموضوع ~~وتخصيص بلا دليل ، وأما المقام فهو مقام تأسيس الحكم. # وبعبارة اخرى : الكلام هنا مع الحاكم فى حكمه ، فيقال : أيها الحاكم الذى ~~هو العقل بعد فرض أن هذين الظنين كلاهما على السواء في ملاك حكمك وتساويهما ~~في القوة والضعف فما المرجح لتقديمك المانع على الممنوع في مرحلة الحكم؟ ~~ولا عبرة بأن الممنوع يخرج عن الموضوع بتقديم المانع دون العكس ، فإن هذا ~~إنما هو بالنظر إلى ما بعد الحكم والفراغ عنه والكلام مع قطع النظر عنه ، ~~ولا شك أن كلاهما في هذه المرحلة فرد الموضوع ، فلا جرم لا يكون ترجيح ~~أحدهما على الآخر إلا ترجيحا بغير مرجح. # والحاصل أن المسألة المتقدمة مقام استفادة المراد بالقواعد المقررة مع ~~الجهل بالملاك ، فالمقصود سد باب الاحتجاج على الحاكم ، فإنه لو رجح في ~~مقام الإثبات الشك السببي ليس له المؤاخذة على ذلك ، إذ للعبد أن يجيب بأنه ~~يكون فيه السلامة عن محذور التخصيص في كلا الفردين ، بخلاف ما لو رجح ~~المسبب ، فإن للمولى أن يقول : لم رجحته على السبب وخصصت عمومي فى السبب. # وأما مسألتنا فالنزاع فيها مع الحاكم في مرحلة أصل الحكم ومقام واقعه ~~وثبوته ، ومن المعلوم أن القاعدة غير مربوطة بهذا المقام ، فعلم أن ~~المسألتين بينهما كمال البينونة لا وجه لتشبيه ms0642 أحدهما بالاخرى. # ثم هذا كله بناء على ما هو خلاف المختار في نتيجة المقدمات من كون الظن ~~حال الانسداد كالعلم نفيا وإثباتا ، وقد عرفت أن الحق عليه هو طرح كلا ~~الظنين ، لاستلزام تقديم كل منهما الترجيح بغير مرجح. # بقي الكلام على ما هو قضية القاعدة وإن كان على خلاف المشهور من أن ~~النتيجة PageV01P693 # إنما هي لزوم الامتثال الظني على قدر المعلوم إجمالا من التكاليف ، فيعمل ~~في باقي الظنون فضلا عن الشك والوهم بالتكليف بأصالة البراءة ، أو أن ~~النتيجة إنما هي الظن بعدم المخالفة على مقدار المتيقن من العلم الإجمالي ~~ليلزم العمل بجميع مظنونات التكليف ومشكوكاته وبعض موهوماته. # فنقول : أما على التقدير الأول فلا شك أن العمل على عدم التكليف في موارد ~~الظنون المتعلقة بعدم التكليف لا يكون من باب العمل بالظن بل لحصول الظن ~~بالموافقة على قدر المعلوم بالإجمال بدون العمل بهذا التكليف. # نعم في الظنون المتعلقة بالتكليف على القدر المذكور يكون العمل عملا ~~بالظن ؛ إذ اللازم على المكلف هو الظن بالموافقة المذكورة على ما هو الفرض ~~، وحينئذ فإذا كان الظن الممنوع من الظنون المتعلقة بالعدم فإذا قطع بعدم ~~حجيته أو حرمة العمل به لا يضر بعمل المكلف وبنائه على العدم ، لأنه غير ~~معتمد على الظن فضلا عن الظن بعدم حجيته أو حرمة العمل به ، وهذا واضح. # وأما إذا كان الممنوع من الظنون المتعلقة بالثبوت فإن كان الظن المانع ~~متعلقا بمجرد أن الممنوع ليس بحجة فلا شك أنه إذا أتى على طبق الممنوع فقد ~~حصل الظن بالموافقة الذي هو المطلوب ، فيكون العمل على الممنوع ، وإن كان ~~المانع متعلقا بأن الظن الممنوع محرم العمل نفسا فلا يخلو إما أن هذا ~~التكليف التحريمي يكون من أطراف العلم الإجمالى ، وإما لا يكون ، فإن كان ~~من الأطراف فالمتعين العمل بالمانع ، لأن في ترك العمل به والعمل بالممنوع ~~ظنا بمخالفة هذا التكليف ، أعني حرمة العمل بالممنوع وإن كان يحصل الظن ~~بموافقة الواقع. # لا يقال : كذلك الحال فى ترك العمل بالممنوع ، فان فيه الظن بمخالفة ~~التكليف ms0643 الذي هو الواقعي وإن كان ظنا بموافقة الظاهري. # لأنا نقول : ليس هكذا ، فإن الظن المانع إذا قام على حرمة العمل بالممنوع ~~فمعناه أن التكليف على فرض ثبوته ليس في تركه عقاب ولا يؤاخذ الشارع عليه ، فيكون PageV01P694 # متعلق الممنوع تكليفا بظن يعدم فعليته على تقدير ثبوته ، وأما المانع ~~فمتعلقه تكليف فعلي ، إذ لم يرد ظن آخر على حرمة العمل به ، فهو باق على ~~فعليته ، ويرفع فعلية الممنوع ، وإذن ففي ترك العمل بالمانع ظن بمخالفة ~~التكليف الفعلي وظن بموافقة التكليف الغير الفعلي ، وفي ترك العمل بالممنوع ~~ظن بمخالفة الغير الفعلى وظن بموافقة الفعلي ، ومن المعلوم تعين الثاني ، ~~وأما إن لم يكن هذا التكليف الظاهري من أطراف العلم فالمتعين هو العلم ~~بالممنوع لأصالة البراءة عن هذا التكليف. # وأما على التقدير الثاني فلا يخفى أن العمل بالتكليف في موارد الظنون ~~المثبتة لا يكون من باب العمل بالظن ، بل لأجل تحصيل الاطمينان بعدم ~~المخالفة على قدر المعلوم بالإجمال ، نعم البناء على عدم التكليف في موارد ~~الاطمينان بالعدم يكون عملا بالظن من حيث هو ظن ، إذا للازم العمل ~~بالاطمئنان المذكور على ما هو الفرض وحينئذ فيكون الأمر هنا على عكسه على ~~التقدير المتقدم. # فان كان الظن الممنوع من الظنون المثبتة فلا فرق بين أن يكون مفاد المانع ~~عدم حجية الممنوع أو حرمة العمل به في كون عمل المكلف على ثبوت التكليف ، ~~بل ومع القطع بعدم الحجية أيضا كذلك ، إذ لا أقل من الشك وقد كان اللازم ~~عليه على هذا التقدير الاحتياط في المشكوكات أيضا. # وأما إن كان الممنوع من جملة الظنون الاطمئنانية بالعدم فحينئذ إن كان ~~مفاد المانع مجرد عدم الحجية فلا ضير في العمل بالممنوع ، إذ معه يحصل ~~المطلوب من الاطمئنان بعدم المخالفة بالوجدان ، وإن كان مفاده الحرمة ~~النفسية وكان هذا التكليف من الأطراف تعين العمل بالمانع ، إذ فى ترك العمل ~~به الظن بمخالفة هذا التكليف وإن كان يحصل الظن بعدم مخالفة الواقع ، وهذا ~~بخلاف ترك العمل بالممنوع ؛ إذ هو ظن بعدم مخالفة كلا التكليفين ms0644 ، وإن لم ~~يكن من الأطراف فالأصل البراءة عنه ، فالعمل على الممنوع. # فتحقق أن على هذين التقديرين الكلام في مسألة الظن المانع والممنوع خال عن PageV01P695 # شوب الإشكال رأسا ، ويتضح الحال على كل حال ولا يبقى التردد والخفاء في ~~صورة حتى نتكلم فيها. ### |||| * والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا ### |||| * والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين. PageV01P696 ### | فهرست المطالب # المقدمة # فى حال الوضع ~~واقسامه........................................................ 5 # فى تقسيم ~~الوضع.............................................................. 7 # فى المعنى ~~الحرفى................................................................ 8 # فى الانشاء ~~والاخبار.......................................................... 17 # فى ان المجاز لا يتوقف على ترخيص ~~الواضع...................................... 25 # فى صحة استعمال اللفظ فى نوعه وصنفه ~~وشخصه............................... 25 # فى ان الالفاظ المفردة موضوعة بازاء المعانى المعراة عن الوجود الخارجى ~~والذهنى او...... 28 # فى ان الدلالة تتبع ~~الارادة..................................................... 33 # فى وضع ~~المركبات............................................................. 34 # فى ان التبادر دليل ~~الوضع..................................................... 35 # فى ان عدم صحة السلب علامة ~~الحقيقة......................................... 38 # فى ان الاطراد علامة الحقيقة ام ~~لا.............................................. 38 # فى تعين حمل اللفظ على المعنى الحقيقى ما دام ~~ممكنا............................... 40 PageV01P697 # فى الحقيقة ~~الشرعية........................................................... 40 # فى كون الفاظ العبادات موضوعة للصحيحة او ~~للاعم............................ 46 # الاستدلال ~~للصحيحى........................................................ 52 # فى كون الفاظ المعاملات موضوعة للصحيحة او ~~للاعم............................ 55 # فى استعمال اللفظ فى اكثر من ~~معنى............................................ 59 # فى ان المشتق حقيقة فى ~~خصوص............................................... 61 # فى ان بعض المشتقات غير داخل فى حريم ~~النزاع.................................. 62 # فى دلالة الافعال على ~~الزمان................................................... 63 # فى ان اختلاف المشتقات فى ~~المبادى............................................ 65 # فى انه لا اصل فى نفس هذه ~~المسألة............................................ 65 # الحق فى ~~المسألة.............................................................. 65 # فى ان مفهوم المشتق مفهوم ~~واحد............................................... 69 # دفع ~~وهم................................................................... 76 # المقصد الاول فى الاوامر # فى مادة الامر ~~وصيغته........................................................ 80 # فى الانشاء ~~والاخبار.......................................................... 84 # فى ان صيغة الامر موضوعة ~~للوجوب............................................ 86 # فى الجمل الخبرية المستعملة فى مقام ~~الانشاء...................................... 89 # فى تقسيم الواجب إلى التعبدى ~~والتوصلى........................................ 90 # فى تقسيمات ~~الوجوب...................................................... 100 # فى دلالة الصيغة على المرة ~~والتكرار............................................ 103 PageV01P698 # فى ان صيغة الامر عقيب الحظر ظاهرة فى الوجوب ام ~~لا......................... 108 # فى ~~الاجزاء................................................................. 110 # فى مقدمة ~~الواجب.......................................................... 119 # تمام الكلام فى هذا المقام فى ضمن امور # الامر ~~الاول................................................................ 122 # الامر ~~الثانى................................................................ 132 # الامر ~~الثالث............................................................... 146 # الامر ~~الرابع................................................................ 152 # الامر ~~الخامس.............................................................. 155 # الامر السادس فى ذكر حجج القائلين بوجوب ~~المقدمة........................... 156 # الامر السابع فى مقدمات ~~الحرام............................................... 161 # فى ان الامر بالشيء يقتضى النهى ms0645 عن ~~ضده................................... 163 # فى ما نقل عن بعض ~~الاساطين............................................... 167 # فى ما افاده الميرزا الشيرازى والسيد محمد ~~الاصفهانى.............................. 168 # المقصد الثانى فى النواهى # فى جواز اجتماع الامر والنهى ~~وامتناعه......................................... 174 # ينبغى رسم امور # الامر ~~الاول................................................................ 174 # الامر ~~الثانى................................................................ 175 PageV01P699 # الامر ~~الثالث............................................................... 175 # الامر الرابع فى ان العام المطلق والخاص ايضا يمكن ان يجرى فيه النزاع ام ~~لا......... 176 # الامر الخامس فى جواب التهافت المتراءى بين ~~الكلمات.......................... 178 # احتجاج ~~المجوزين............................................................ 178 # فى من توسط ارضا ~~مغصوبة.................................................. 183 # ايضا فى جواز اجتماع الامر والنهى وعدمه # الامر الاول فى محل ~~النزاع.................................................... 186 # الامر الثانى فى الفرق بين هذا النزاع والنزاع فى النهى فى ~~العبادات.................. 187 # الامر الثالث فى ان هذه المسألة فقهية او اصولية ~~وكلامية........................ 189 # الامر ~~الرابع................................................................ 191 # الامر الخامس فى عموم هذا النزاع للوجوب والحرمة ~~الغيريين....................... 192 # فى عدم عموم هذا النزاع فى ~~التخييريين........................................ 192 # الامر السادس فى قيد ~~المندوحة............................................... 194 # الامر السابع فى دفع ~~توهمين.................................................. 195 # الامر الثامن فى ان محل الكلام ما اذا كان ملاك المحبوبية والمبغوضية ~~تماما............ 196 # الامر التاسع فى الاجزاء باتيان المجمع فى التوصليات ~~والتعبديات................... 198 # الامر العاشر فى دفع توهمين ~~آخرين........................................... 200 # حجة ~~المجوزين.............................................................. 201 # التنبيه الاول فى من توسط ارضا ~~مغصوبة....................................... 211 PageV01P700 # التنبيه ~~الثانى............................................................... 218 # فى ذكر وجوه لتعيين اقوى ~~المناطين............................................ 220 # فى حكم التوضؤ من ~~الإناءين................................................ 224 # فى انه هل يعتبر فى الاستصحاب اتصال زمان الشك بزمان ~~اليقين................. 227 # الكلام فى باب ~~الاسباب.................................................... 228 # المقام الاول فى ان مقتضى القاعدة هل هو كفاية الفعل الواحد لسببين او ~~اسباب ام لا.... # المقام الثانى فى انه هل يصح التمسك بهذا الباب للقول بجواز ~~الاجتماع............ 236 # فى اقتضاء النهى للفساد ~~وعدمه.............................................. 236 # فى الاستدلال فى طرفى العبادات ~~والمعاملات.................................... 246 # المقصد الثالث فى المفاهيم # فى مفهوم ~~الشرط........................................................... 251 # بقى البحث فى امور فى مفهوم ~~الشرط......................................... 260 # فى مفهوم ~~الوصف.......................................................... 266 # تذنيب................................................................. ~~... 268 # فى مفهوم ~~الغاية............................................................ 269 # فى مفهوم الاستثناء # المقصد الرابع في العام والخاص # تعريف ~~العام............................................................... 277 # فى النكرة الواقعة فى سياق النفى او ~~النهى...................................... 278 PageV01P701 # فى حجية العام المخصص فى ~~الباقى........................................... 280 # فى عدم الفرق بين المخصص المتصل ~~والمنفصل.................................. 281 # ايقاظ................................................................. ~~.... 292 # وهم ~~وازاحة................................................................ 295 # هل يجوز اجراء اصالة عدم التخصيص فيما اذا علم بخروج ~~فرد.................... 298 # هل يجوز التمسك ms0646 بالعام قبل الفحص عن المخصص............................ 300 # ايقاظ................................................................. ~~.... 303 # فى تخصيص العام الكتابى بخبر ~~الواحد......................................... 305 # فى العام والخاص المتعاقبين ~~والمتقارنين........................................... 308 # المقصد الخامس فى المطلق والمقيد والمجمل ~~والمبين........................ 313 # فى مقدمات ~~الحكمة........................................................ 325 # فصل ؛ اذا ورد مطلق ومقيد فلا يخلو إما ان يكونا متخالفين فى الايجاب ~~والسلب واما ان يكونا متوافقين 338 # فى ان مقتضى مقدمات الحكمة هو ~~الشياع.................................... 346 # المقصد السادس فى الامارات المعتبرة # البحث عن احكام ~~القطع................................................... 355 # هل القاطع يحتاج إلى جعل قطعه ~~حجة........................................ 359 # البحث فى ~~التجرى......................................................... 371 # الدليل القطعى الذي اقاموه على استحقاق المتجرى ~~كالعاصى..................... 384 # فى القطع الطريقى ~~والموضوعى................................................ 385 PageV01P702 # هل بجب الموافقة ~~الالتزامية................................................... 395 # فى ان المخالفة القطعية العملية التدريجية هل تكون مانعة عن إجراء ~~الاباحة......... 401 # شرح عبارة ~~الكفاية.......................................................... 408 # فى المخالفة العملية للتكليف المعلوم ~~بالاجمال................................... 410 # هل يجوز للشارع ان يرخص فى المخالفة ~~القطعية................................ 412 # هل يجوز الترخيص فى بعض ~~الاطراف......................................... 417 # هل يكتفى فى مقام الامتثال بالاتيان على وجه الإجمال فى التوصليات ~~والتعبديات... 420 # فى امتناع التقييد بقيود تاتى من ناحية ~~الامر.................................... 424 # هل هنا اطلاق يدفع به مئونة التعبدية عند ~~الشك.............................. 428 # الامارات المعتبرة غير ~~العلمية.................................................. 434 # الاصل فى ما سوى القطع عدم ~~الحجية........................................ 434 # فى امكان حجية الظن وكلام ابن ~~قبة.......................................... 436 # فى الجمع بين الحكم الواقعى ~~والظاهرى........................................ 441 # فى انه لو شك فى حجية شيء فهو كالمقطوع عدم ~~حجيته........................ 475 # فى حجية ~~الظواهر.......................................................... 484 # فى حجية ظواهر ~~الكتاب.................................................... 495 # فى اعتبار قول ~~اللغوى....................................................... 507 # حجج المانعين عن التمسك بظاهر ~~الكتاب.................................... 515 # لو اختلفت ~~القراءة.......................................................... 517 # فى حجية الاجماع ~~المنقول.................................................... 525 PageV01P703 # فى التواتر ~~المنقول........................................................... 540 # فى حجية ~~الشهرة........................................................... 543 # فى حجية الخبر ~~الواحد....................................................... 548 # فى ان هذا البحث من مسائل الاصول ام ~~لا.................................... 550 # استدلال المانعين عن ~~الحجية................................................. 556 # حجج المجوزين : آية ~~النبأ.................................................... 560 # الايرادات التى يورد على الاستدلال بآية ~~النبأ................................... 573 # آية ~~النفر.................................................................. 598 # آية ~~الكتمان............................................................... 606 # آية ~~السؤال................................................................ 607 # آية ~~الاذن................................................................. 608 # الاستدلال بالسنة لحجية الخبر ~~الواحد......................................... 611 # الاستدلال ~~بالاجماع......................................................... 613 # الدليل العقلى على ~~الحجية................................................... 623 # دليل ~~الانسداد............................................................. 644 # التنبيه على ~~امور............................................................ 656 # الامر ~~الاول................................................................ 656 # الامر ~~الثانى................................................................ 660 # الامر الثالث فى ان نتيجة مقدمات دليل الانسداد هى الكشف او ~~الحكومة........ 672 # الامر الرابع فى ان النتيجة هى مهملة او ~~معينة.................................. 679 # الامر الخامس فى الظن ~~القياسى............................................... 686 # الامر السادس ms0647 فى الظن المانع ~~والممنوع......................................... 689 PageV01P704 ![](https://books.rafed.net/Books/3600_usul-alfiqh-02/images/image001.gif) PageV02P001 ![](https://books.rafed.net/Books/3600_usul-alfiqh-02/images/image002.gif) PageV02P003 ### ||| ** بعض آثار المؤلف رضوان الله تعالى عليه # 1 رسالتان فى الارث ونفقة الزوجة. طبعتا فى مجلد بقم # 2 المكاسب المحرمة ورسالة الخمس. طبعتا فى مجلد بقم # 3 كتاب البيع. طبع فى مجلدين بقم # 4 كتاب الخيارات. طبع فى مجلد بقم # 5 كتاب الطهارة. طبع فى مجلدين بقم # 6 الحاشية على درر الاصول. طبعت مع الدرر بقم # 7 الحاشية على عروة الوثقى. طبعت بقم # 8 هذا الكتاب مع مجلده الأول. طبع بقم PageV02P004 ### ||| * بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين. ### ||| * الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين ، ### ||| * واللعن على أعدائهم أبد الآبدين ودهر الداهرين. ### | «المقصد السابع» # في الاصول الأربعة العملية أعني : البراءة والاحتياط والتخيير ~~والاستصحاب. ### | المسألة الاولى فى الشك فى التكليف # قد مر تقسيم المكلف بين القاطع والظان والشاك على وجه لم يتداخل الأقسام ~~عند الشروع في مبحث حجية القطع ، وكذا الكلام في وجه الجمع بين الحكم ~~الواقعي والظاهري وأنهما طوليان ومترتبان ، فلا نطيل الكلام بالإعادة ، ~~والمهم هنا بيان الحال في الشك وهو إما في حقيقة التكليف وأصل الإلزام ، ~~سواء كان في نوعه أيضا أم لا ، بأن كان النوع على تقدير الجنس معلوما ، ~~وإما في المكلف به. PageV02P005 # والمقصود بالبحث هنا القسم الأول أعني الشك في حقيقة التكليف ، وهو إما ~~أن يكون في الحكم الكلي الإلهي كالشك في حكم شرب التتن أنه الحلية أو ~~الحرمة ، ومعياره ما كان رفعه بيد الشارع ومن وظيفته ، وإما في الحكم ~~الجزئي كالشك في حرمة مائع خاص لأجل الشك في كونه خمرا أو ماء ، ومعياره ما ~~لم يكن رفعه من وظيفة الشارع. # ثم كل من القسمين إما يكون الاشتباه والترديد فيه بين الحرمة وغير الوجوب ~~، وإما يكون بين الوجوب وغير الحرمة ، والمبحوث عنه في مبحث البراءة الذي ~~هو محل النزاع بين الاصوليين والأخباريين إنما هو الشبهة في الحكم الكلي ~~بعد الفحص واليأس عن الظفر بالدليل مع تردد الأمر بين الحرمة وغير الوجوب ، ~~أو الوجوب مع غير الحرمة مع عدم الحالة السابقة التكليفية. وأما الشبهة في ~~الحكم الجزئي فإنما يذكر ms0648 تطفلا. # ثم الشك في الحكم الكلي المردد بين الحرمة وغير الوجوب أو العكس منشائه ~~أحد امور ثلاثة ، إما فقد النص ، وإما إجماله ، وإما تعارض النصين ، ~~والكلام في كل من هذه الأقسام إنما هو في مقتضى القاعدة الأولية العقلية مع ~~قطع النظر عن الثانوية التعبدية ، ولا شك أن الكلام من هذه الجهة أعني من ~~حيث حكم العقل من البراءة أو الاحتياط لا يتفاوت فيه الحال بحسب هذه ~~الأقسام الثلاثة حتى نحتاج لكل إلى عقد باب على حدة والتكلم في كل على ~~انفراده. # نعم غاية ما في الباب أنه بعد الفراغ عن القاعدة الأولية المشتركة بين ~~الجميع ينفرد الأخير منها ، وهو ما كان منشأ الشك فيه تعارض النصين بوجود ~~القاعدة الثانوية التعبدية فيه على خلاف القاعدة الأولية وهو الرجوع إلى ~~أرجحهما سندا لو كان ، وإلا فإلى أحد المتعارضين على سبيل التخيير. # وحينئذ نقول : من المسلم عند من قال بالحسن والقبح من الأخباري و PageV02P006 # الاصولي هو أن العقاب على مخالفة التكليف بدون بيان للتكليف قبيح (1)، ~~فالكلام في هذا المقام إنما هو في أنه مع احتمال التكليف الثابت في هذه ~~الشبهة هل يكون في البين بيان للتكليف الواقعي على تقدير ثبوته ، فلا يكون ~~العقاب على مخالفته بلا بيان ، أو لا يكون حتى يكون العقاب بلا بيان؟ ، ~~فالمهم بيان هذا المطلب. # فاعلم أن ما توهم أو يمكن أن يتوهم في تصوير البيان امور. # الأول : أن دفع الضرر المحتمل واجب بحكم العقل ، فإذا احتمل التكليف كان ~~الحجة عليه موجودا ، وهو الاحتمال بضميمة هذا الحكم العقلي. # والجواب أن الضرر على ضربين ، الأول : ما يكون تابعا للتكليف ، والتكليف ~~متبوعا ومنشأ له وهو العقاب ، والآخر ما يكون التكليف تابعا له وهو متبوع ~~ومنشأ للتكليف وهو المفسدة والمصلحة المترتبتان على ذات الشيء كسكر الخمر ~~وبرودة الماء ونحوها ، والأول يدور مدار علم المكلف ومخالفته وعصيانه ، ~~والثاني لا مدخل للعلم والجهل فيه ، بل هو مترتب مطلقا كخواص جميع الأشياء. # وإذن فالضرر الذي يحكم بوجوب دفعه في هذا المقام إن كان المراد به ms0649 هو ~~الذي يكون فرع العلم بالتكليف في حصول المخالفة والعصيان ويكون معلولا ~~للتكليف أعني العقاب ، فلا يمكن كون هذه القاعدة بيانا إلا على وجه يستلزم ~~الدور ؛ فإن هذه القاعدة بل كل قاعدة لا يمكن أن يكون حكمها محدثا وسببا ~~وعلة لموضوعها ، وإلا لدار ، فحكم وجوب دفع الضرر المحتمل فرع وجود احتمال ~~الضرر الذي هو الموضوع ، ووجوده فرع وجود سببه وهو البيان ، ووجود هذا ~~السبب قد فرض أنه فرع ثبوت الحكم بالوجوب ، وهذا معنى الدور. PageV02P007 # وبعبارة اخرى : نحن نتكلم مع المستدل في هذا المقام بتلك القاعدة في ~~الصغرى وهي قوله : نحن نحتمل الضرر ، قبل أن نحكم عليها بالكبرى وهي قوله : ~~وكل ضرر محتمل واجب الدفع ، ونقول : ما السبب لحدوث هذا الضرر المحتمل ومن ~~أين جاء؟ فإن قال : سببه نفس التكليف بوجوده الواقعي ، فهو ليس بسبب ، بل ~~السبب هو البيان ، وإن قال : هو البيان ، فنقول : أين البيان؟ ، فإن قال : ~~هو الحكم الذي يترتب على هذا الموضوع ، فهذا معنى تحقق الموضوع من قبل ~~الحكم ، وهو الدور. # وإذن فقاعدة قبح العقاب بلا بيان واردة على هذه القاعدة ، بمعنى أن ~~احتمال الضرر مفقود بعد فرض توقف وجوده على البيان وعدم صلاحية الحكم ~~المزبور للبيانية ، ويصير الضرر مقطوع العدم بقضية القاعدة ، ولا عكس ، ~~يعني لا يكون الحكم المذكور واردا على قاعدة القبح المذكورة ؛ لما ذكرنا من ~~أن الحكم المذكور يكون موجدا لموضوعه وهو محال. # ولكن القاعدة لا يكون حكم القبح فيها موجدا لعدم البيان الذي هو موضوعه ، ~~بل يكفي في تحققه عدم صلاحية الحكم المذكور للبيانية ، بل نقول : إن الحكم ~~المذكور ليس من شأنه إيجاد احتمال الضرر حتى على قول من يجوز العقاب بلا ~~بيان ، فإن مفاده إنما هو أن احتمال العقوبة الذي تحقق أسبابه في موضوع يجب ~~عليك أن تدفعها من نفسك ، لا أن يكون نفس هذا الحكم محدثا للاحتمال. # وإن كان المراد بالضرر هو ما يكون التكليف معلولا له أعني المفسدة التي ~~هي من خاصية الشيء ولا مدخل فيها لعلم المكلف وجهله ، فهو وإن ms0650 كان محتملا ~~لعدم حاجته إلى البيان ، ولكن بعد تسليم الصغرى من كون هذا من أفراد الضرر ~~المحتمل لنا أن نمنع الكبرى ، وهو أن الضرر المحتمل واجب الدفع ، ويمكن نفي ~~وجوب دفع الضرر بمعنى أن يكون فعله حسنا وتركه قبيحا عند العقل ، فإن معيار ~~الحسن والقبح العقليين أن يكون فاعل الفعل علاوة على خاصية نفس الفعل موردا ~~لشيء آخر من مدح العقلاء أو ذمهم. PageV02P008 # فمن يفعل الظلم فهو علاوة على ابتلائه بأثر الظلم وهو ظلمة الباطن مثلا ~~يذمه العقلاء ويرونه مستحقا للضرب والشتم ، وهذا بخلاف دفع الضرر ؛ فإنه ~~أمر قد جبلت النفوس عليه ، فإن النفوس مجبولة على دفع المكاره عن أنفسها ~~لحبها بها ، حتى الحيوانات. # فلو فرض أن أحدا تحمل الضرر وأوقع نفسه في مظانه غير مبال بتضرره ، فليس ~~في هذا العمل سوى نفس هذا الضرر الذي أوقع نفسه في مظنته ، وليس ورائه شيء ~~آخر من ذم العقلاء والاستحقاق لسياسة المولى ، كيف ولا ضرر أعظم من دخول ~~النار ، فلو فعل أحد ما يوجبه فدخل النار فليس في هذا الفعل إلا نفس هذا ~~الضرر ، لا أنه مستحق لدخول نار آخر عقوبة على إقدامه على العمل الذي ~~عاقبته دخول النار. # فتحصل أن الضرر الأخروي تكون قاعدة قبح العقاب بلا بيان دافعا له ، ~~والضرر الدنيوي وإن لم تكن القاعدة دافعا له ، ولكن الإقدام عليه لا يورث ~~العقاب كما يورثه الإقدام على الافعال القبيحة في نظر العقل ، بل نقول على ~~تقدير الإيراث أيضا لا يجدي بالمدعى ، فإنه مستحق حينئذ للعقوبة من جهة هذا ~~القبيح الذي ارتكبه أعني الإقدام على محتمل المفسدة ، وأين هو من الاستحقاق ~~على القبيح الواقعي المحتمل. # ولا يخفى أن ما ذكرنا من عدم إيراث الإقدام على الضرر للعقاب إنما هو مع ~~قطع النظر عن تحريم الشرع إياه وأن العقل بنفسه لا يستقل على الاستحقاق ، ~~بل يستقل على عدمه ، وأما مع النظر إلى (1) حكم الشرع بتحريم بعض أقسام الضرر PageV02P009 # فلا شك في كون ارتكاب هذا البعض مورثا للعقاب شرعا وعقلا أيضا من باب ms0651 ~~مخالفة المولى. # والحاصل أنه يمكن أن يقال بأن من أتلف نفسه لملالته من حياة الدنيا فلو ~~لا تنصيص الشرع على تحريم عمله لم يكن للعقل حكم بتحريمه ، فعلى فرض تسليم ~~كون احتمال المفسدة الذات الشيئية احتمال الضرر ، لا نسلم حكم العقل حتى ~~نستكشف به حكم الشرع ، ويكون هو البيان في مورد احتمال التكليف. # ثم بعد تسليم حكم العقل الذي هو كبرى المطلب يمكن منع الصغرى وهو قيام ~~احتمال الضرر في مورد احتمال التكليف من حيث إن المفاسد الكائنة في ذوات ~~الأشياء ليست إلا عبارة عن الحسن والقبح العقليين ، بمعنى حب العقل للشيء ~~متى تصوره أو بغضه له ، وليس وراء محبوبية نفس الشيء ومكروهيته لدى العقل ~~أمر آخر ، فلا يلزم وجود ضرر في الشيء لتكون المفسدة والقبح باعتباره ، بل ~~هو ذاتا قبيح ولا يقبل قبحه السؤال ب «لم» ولهذا قبح الظلم يدركه من لا ~~يتدين بدين ولا يعتقد بالعقوبة الاخروية كالدهرية ، وإلا فمع قطع النظر عن ~~القبح الذاتي في الشيء القبيح فربما لا يتضرر فاعله ، بل ينتفع كالظالم ، ~~نعم ربما تكون المنفعة أو المضرة مناطا للحكم شرعا وعقلا. # وأما الكلام في نفس المفسدة مع قطع النظر عن الضرر فلا شك أنها مع العلم ~~بها واضح أن العقل مستقبح ، وهو مستتبع لحكم الشرع وهو يكون بيانا ، وأما ~~مع احتمالها كما هو فرض المقام فهنا ثلاث مراتب من الكلام. # الأول : إن من ارتكب محتمل المفسدة فهو على تقدير إصابة احتماله للواقع و PageV02P010 # وجود المفسدة واقعا لا يحصل له إلا الوقوع في تلك المفسدة ، ولا يلزمه ~~شيء علاوة عليها. # والثاني : أن يقال : إن العقل يستقبح هذا العنوان أعني محتمل المفسدة ~~كاستقباحه سائر الأشياء ذات المفسدة من حيث إنه هذا العنوان مع قطع النظر ~~عن المفسدة المحتملة ووجودها وعدمها ، فيلزم من ارتكابه على هذا الوقوع في ~~المفسدة الاخرى علاوة على المفسدة المحتملة على تقدير الإصابة ، والوقوع في ~~المفسدة الاولى فقط على تقدير الخطاء. # والثالث : أن يقال بأن حاله عند العقل حال الأوامر الطريقية التي جعلها ms0652 ~~الشارع احتياطا واهتماما بالواقعيات ، فيكون المقدم على تقدير الإصابة ~~واقعا في المفسدة المحتملة ومفسدة الإقدام على محتمل المفسدة ، وعلى تقدير ~~الخطاء لا يلزمه شيء. # فالكلام الأول لا منكر له ولا يقبل للنزاع ، فلا بد أن يكون مدعى ~~الأخباري أحد الأخيرين ، وحاصلهما أن المقدم على ما فيه احتمال المفسدة على ~~تقدير تحقق المفسدة واقعا يقع زائدا على هذه المفسدة في شيء آخر وهو تقبيح ~~العقلاء وتذميمهم إياه على ارتكاب محتمل المفسدة ، وهذا يمكن القطع بعدمه ~~وأن الإقدام المذكور ليس فيه على تقدير الواقعية سوى هذه المفسدة وليس معه ~~وجدان قبح آخر للعقل. # والحاصل أن في ارتكاب محتمل المفسدة لا يكون حكم عقلي حتى يكون مستتبعا ~~للشرعي حتى يكون احتمال التكليف من هذه الجهة بيانا ، هذا مع أنه بعد تسليم ~~الحكم العقلي يمكن إخراج احتمال المفسدة عن الاحتمالية إلى الوهمية ، وذلك ~~لأن العدلية في قبال الأشعري قائلون بكون الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد ، ~~ولا فرق عند المشهور من العدلية بين كون المصالح والمفاسد في متعلقات ~~الأحكام أو في نفس الأحكام. # وإذن فيصير الاحتمال في محتمل التكليف ثلاثة ، الأول : عدم التكليف رأسا ، PageV02P011 # والثاني : وجوده مع المصلحة أو المفسدة في متعلقة ، والثالث : وجوده مع ~~المصلحة في نفس الحكم ، فيكون احتمال المصلحة أو المفسدة في نفس الفعل ~~موهوما ، إلا أن يقال بأن المفسدة لكونها عظيمة يكون موهومها أيضا واجب ~~الدفع عند العقل ، هذا. # وأما الخدشة في الاستدلال بقاعدة دفع الضرر على فرض إرادة المفسدة الذات ~~الشيء مع الإغماض عن عدم كون المفسدة مستلزما للضرر وتسليم حكم العقل بوجوب ~~دفع الضرر المحتمل بأن المقام من باب الشبهة الموضوعية التي تكون موردا ~~للبراءة باتفاق الأخباريين ، وذلك لأن من جملة المحرمات الشرعية إلقاء ~~النفس في المضار الدنيوية والاقتحام في الشبهة المذكورة يشك في أنه مصداق ~~للمفهوم المذكور أو لا؟. # فالإنصاف عدم إمكان إلزام الخصم بها ؛ إذ له أن يجيب بأن الشبهة ~~الموضوعية التي قد انعقد اتفاقنا فيه على البراءة إنما هي خصوص التي لم يكن ~~رفعها وظيفة للشرع وكان ms0653 منشؤها الامور الخارجية كالشبهة في أن المائع خمر ~~أو ماء لأجل ظلمة الهواء مثلا ، دون الشبهة التي رفعها وظيفته ، كما في ~~المقام ، فإنه بعينه محل الكلام. # والثاني من وجوه تقرير البيان على مسلك الأخباري وإن لم يوجد تعرض له في ~~كلماتهم أن يقال : بأن نفس احتمال التكليف بيان ، من دون حاجة إلى ضميمة ~~القاعدة المزبورة ، وتقريره أن يقال : إن حجة المولى على العبد يصير تماما ~~بمجرد احتماله وجود التكليف في الواقع ، وأن يكون عدم وصوله إليه لأجل ~~إخفاء الظالمين ، فلو ارتكبه مع ذلك يحتمل أن يكون التكليف في الواقع ~~متحققا ، فيقع في مقام مؤاخذة المولى ، فيقول له : أما كنت تحتمل كون هذا ~~الفعل محبوبا لي أو مبغوضا لي ، فلم تركته أو جئت به ، ألم تكن في محبوبات ~~نفسك ومبغوضاتك تعامل مع محتملاتها معاملة المعلومات؟ فلو وضع عندك إناء ~~تحتمل بعد الفحص كونه سما لكنت تجتنبه ، فلم صار محبوبي ومبغوضي عندك أهون ~~من محبوبك ومبغوضك؟. PageV02P012 # وبعبارة اخرى : ألم أكن لك مالكا وأنت مملوكا لي؟ وأ ليس المملوك بمنزلة ~~اليد للمالك ، فإن من ليس له مملوك لا بد أن يصلح اموره بمعاونة يده ، وأما ~~من له المملوك فيده مملوكه؟ فإذا كنت في مقام المحبوبات والمبغوضات الشخصية ~~لنفسك مراعيا للاحتمال كالعلم، فلا بد أن تعامل مع محبوباتي ومبغوضاتي حيث ~~كنت مالكا لك أيضا كذلك ، فلم صرت مجتنبا عن محتمل مبغوضك ومرتكبا لمحتمل ~~مبغوضي ، وأتيت بمحتمل محبوبك وتركت محتمل محبوبي ، والإنصاف أن العبد يصير ~~ملزما ومفحما بهذا الاحتجاج ، وليس له جواب في قبال مولاه. # ومن جهة هذا التقرير يشكل الأمر على الاصولي غاية الإشكال ، فإن الشيخ ~~المرتضى قدسسره يعول في رد الاستدلال بأخبار التوقف والاحتياط على تقييدها ~~بالشبهة التي يكون فيها البيان ، والعمدة في صرفه إياها عن المقام هو ~~التعويل على هذه القاعدة العقلية أعني قبح العقاب بلا بيان ، فإذا اخذت هذه ~~القاعدة من يد الاصولي لأجل وجود البيان يصير أمره صعبا ، فالعمدة الاهتمام ~~في دفع هذا. # فنقول وبالله التوكيل : الحق جريان هذه القاعدة ms0654 في المقام وعدم كون نفس ~~الاحتمال بيانا ومنجزا ، وبيان ذلك أنا نرى العرف إذا كان في الفعل احتمال ~~الخطر ونفع قطعي يقدمون عليه ، مع أن هذا الخطر لو كان قطعيا أيضا لم ~~يكونوا مقدمين ، كما لو كان شرب الدواء المخصوص نافعا لتصفية المزاج ~~واستقامة الاشتهاء بطريق القطع ، واحتمل إيجابه للصداع الشديد ، فإنهم ~~يقدمون عليه مع أن الصداع الشديد لو كان مقطوعا لما أقدموا عليه، وأمثال ~~ذلك كثيرة ، وليس إلا لأن الاحتمال البدوي بعد الفحص ليس عندهم منجزا ~~وبيانا ، نعم لو كان الخطر المحتمل مما يكون الاهتمام به كثيرا كالخطر ~~النفسي أو العرضي كان احتماله أيضا منجزا وموجبا لعدم الإقدام ولو مع ترقب ~~نفع قطعي. # وحينئذ فجواب العبد للمولى أن يقول : ليس قضية العبودية وخالقية المولى ~~إلا أن يرجح العبد ميل مولاه وإرادته في مقام التزاحم على ميل نفسه وإرادته ، و PageV02P013 # يجعل غرض المولى أعلى بالنسبة إلى غرض نفسه ، فكلما تزاحم الميلان وكان ~~كلاهما مقطوعين بحيث اقتضى أحدهما الوقوع والآخر اللاوقوع اختار جانب إرادة ~~المولى ، فلو كان في شرب الخمر غرض نفساني اقتضى وقوعه ، والفرض أن ميل ~~المولى وغرضه مقتض للاوقوع وجب عليه تقديم اللاوقوع. # وكذا كلما وصل إليه من المولى كبرى مهتمة وجب أيضا مراعاة محتمله وتقديمه ~~على الغرض القطعي لنفسه كما في باب الدماء والفروج. # ولهذا لو كان شخص مرددا بين مهدور الدم ومحقونه حرم قتله ، ولو تردد ~~امرأة بين كونها زوجته أو أجنبية حرم وطئها ، وأما في غير ذلك مما يكون ~~للعبد غرض قطعي يقتضي الوقوع مثلا ، وللمولى غرض احتمالي يقتضي عدمه ولم ~~يصل منه كبرى اهتمامية كما هو محل الكلام فلا حجة للمولى على عبده ؛ إذ لم ~~يعامل مع أغراض المولى إلا مثل معاملته مع أغراض نفسه ، ولو كان للمولى غرض ~~اهتمامي كان عليه البيان ، فحيث ما بين ليس له حجة ، لما عرفت من أن العبد ~~يقدم الغرض الأدنى المقطوع على الأعلى المحتمل ما لم يكن اهتماميا. # لا يقال : ليس في مقامنا وهو الإقدام على الشبهات نفع ms0655 شخصي قطعي للعبد في ~~قبال ما يحتمل من غرض المولى. # لأنا نقول : لا يعقل أن يصدر من العاقل عمل بدون غرض إليه ، بمعنى أنه ~~وإن كان يمكن الاختلاف شدة وضعفا في الدواعي إلا أنه ما لم ينقدح في نفسه ~~الإرادة الحتمية والشوق المؤكد لا يمكن أن يصدر عنه العمل. # لا يقال : سلمنا الغرض القطعي لنفسه ، لكن الغرض المحتمل للمولى مردد بين ~~الاهتمامي وغيره ، ولا شك أنه في أغراض نفسه لو تردد الخطر المحتمل بين ~~المهتم وغيره لما كان مقدما (1). PageV02P014 # لأنا نقول : نعم الأمر كما ذكرت في أغراض نفسه ، ولكنه من جهة أن ما ~~يحتمله من الخطر الاهتمامي يكون من بين كبريات معلومة من قطع الرأس وشق ~~البطن وهتك العرض وغير ذلك ، وأما في المقام فليس كبرى اهتمامية معلومة PageV02P015 # في البين أصلا ، وأما العقاب والدخول في النار فاحتماله فرع وجود المنجز ~~والبيان ، فإذا فرضنا أن نفس الاحتمال ليس ببيان فلا وجه لاحتماله. # فتحقق أنه وإن كان الشبهة البدوية قبل الفحص والشبهة المحصورة بيانا ، ~~لكن الشبهة البدوية بعد الفحص لا يكون بيانا ، فاحفظ هذا واغتنمه ، فإنه ~~العمدة لاستقامة مطلب الاصولي. # والوجه الثالث : أن هناك قاعدة ظاهرية جارية على لسان الشرع مفيدة لتحريم ~~الشبهات ووجوب الاحتياط فيها ، وهي مستفادة من الآيات والأخبار ، أما ~~الآيات الدالة فطائفتان : # الاولى : ما تدل على حرمة القول بغير علم. # والجواب أن الاستدلال بها مبني على كون الاصولي مفتيا وقائلا في الشبهة ~~على طرف الإباحة بأن يقول بأن هذا حكم الواقعة بحسب الواقع ، ومن المعلوم ~~خلافه وأن قوله بالإباحة إنما هو في مرحلة الظاهر ؛ لاستناده على قبح ~~العقاب بلا بيان ، فما يقوله الاصولي من الإباحة الظاهرية لا يكون قولا ~~بغير علم ، وما يكون قولا بغير علم من الإباحة الواقعية لا يقوله الاصولي ، ~~فالآية لا ترتبط به أصلا. # الثانية : الآيات الآمرة بالتقوى ، وتقريب الاستدلال أن للتقوى مراتب ~~يصدق على كل منها هذا الإسم ، الاولى : هو الإتيان بالواجبات المعلومة ~~والاجتناب عن المحرمات المعلومة ، والمرتبة الأعلى من هذا هو التجنب عن ~~المحرمات ms0656 المحتملة والإتيان بالواجبات المحتملة ، وإذا كان اللفظ مطلقا فهو ~~ظاهر في كلتا مرتبتيه ، فإذا تعلق الوجوب بهذا المفهوم على ما هو قضية ظاهر ~~الهيئة ثبت وجوب التقوى بجميع مراتبه. # والجواب أن للتقوى مرتبة اخرى أعلى من المرتبتين المتقدمتين وهي الإتيان ~~بالمستحبات والتجنيب عن المكروهات ، ودعوى عدم صدق التقوى على هذه المرتبة ~~وأنه في ذلك على حذو لفظة الخشية من الله في عدم الصدق إلا PageV02P016 # على خصوص المرتبتين السابقتين ، مدفوعة بملاحظة مرادفه في اللغة الفارسية ~~أعني «پرهيزكارى» حيث يساوي نسبته إلى جميع المراتب الثلاث. # وإذن فإبقاء كل من الهيئة والمادة في هذه الأوامر غير ممكن ، لعدم الوجوب ~~بالنسبة إلى المرتبة الأخيرة ، فلا بد من ارتكاب أحد أمرين ، إما التصرف في ~~الهيئة وحملها على مطلق الرجحان الذي هو قدر مشترك بين الوجوب والندب ، ~~فيكون بالنسبة إلى كل مرتبة على حسبها ، فيكون بالنسبة إلى الواجب وجوبا ~~وإلى المستحب استحبابا. # وإما من إبقاء الهيئة على ظاهرها والتصرف في المادة بتقييدها بغير ~~المرتبة الأخيرة ، وقاعدة التعارض بين الظهورين هو الأخذ بالأظهر لو كان ، ~~وإلا فالتوقف ، ولا نسلم أظهرية الهيئة في الوجوب من المادة في جميع ~~المراتب ، وذلك لشيوع استعمال الهيئة في غير الوجوب حتى أنكر صاحب المعالم ~~أصل ظهورها فيه ، لكون استعماله في الندب كثيرا شايعا ، ونحن وإن لم نسلم ~~ذلك وقلنا بظهوره في الوجوب ، لكن في خصوص ما إذا لم يعارض بظهور المادة ~~ولم يوجب تقييدها ، وأما في هذا المورد فإن لم نقل بأرجحية المادة ، فلا ~~أقل من التكافؤ والإجمال والسقوط عن قابلية الاستدلال. # وأما الأخبار فما كان منها بمضمون الآيات من النهي عن القول بغير علم ، ~~أو الأمر بالتقوى فقد ظهر جوابها ، وبعد ذلك يكون هنا ثلاث طوائف من ~~الأخبار : الاولى : الطائفة الآمرة بالوقوف عند الشبهة في مقابل المضي ~~معللا بأن الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ، وهي كثيرة بالغة ~~حد القطع ، والمراد بالتوقف مقابل المضي الذي هو بمعنى المرور والحركة سمت ~~العمل ، فيختص بالشبهات التحريمية ؛ إذ هي التي يكون الاحتياط ms0657 فيها التوقف ~~المذكور ، بخلاف الشبهات الوجوبية ، فإن الاحتياط فيها مقتض للحركة ، فيكون ~~موضوعها مساوقا لمحل الكلام بناء على ما نسب إلى الأخباريين من القول ~~بالبراءة في الشبهة الوجوبية. PageV02P017 # وكيف كان فتقريب الاستدلال بهذه الطائفة هو أن هذا النهي مفيد للتحريم ~~بقرينة التعليل المذكور في بعض تلك الأخبار من أن الوقوف يكون بقباله ~~الاقتحام في الهلكة ، وظاهر الهلكة هي الهلاكة الاخروية ، ومن المعلوم أن ~~ما يترتب عليه الهلاك الاخروي لا يكون إلا طلبا إلزاميا. # لا يقال : إن هذا النهي على ما يظهر من بعض الأخبار حيث عبر عن الشبهات ~~بحول الحمى إنما هو بملاحظة خوف انجرار الأمر إلى ارتكاب المحرمات المعلومة ~~التي هي الحمى ، وإلا فدخول الحول الذي هو ارتكاب المشتبهات من حيث هو ليس ~~فيه حرمة. # لأنا نقول : ينافي هذا ما في حديث التثليث من قوله : «وهلك من حيث لا ~~يعلم» ؛ إذ على هذا لا تكون الهلاكة إلا لأجل ارتكاب المحرمات المعلومة ، ~~وهذا هلاك من حيث يعلم ، لا من حيث لا يعلم ، فالمراد بالهلاكة هي المترتبة ~~على نفس ارتكاب الشبهة ، ووجه كونها من حيث لا يعلم عدم العلم بمصادفة ~~العمل الذي فيه احتمال الحرمة واحتمال الحلية مع الحرمة واقعا. # وقد يجاب عن الاستدلال بهذه الطائفة بأن التعليل بالهلاكة يوجب تقييد ~~موضوع هذه الأخبار بالشبهة التي تحقق فيها البيان ، وهي الشبهة البدوية قبل ~~الفحص والشبهة المحصورة ؛ إذ هي التي يترتب عليه الهلاك ، وأما الشبهة ~~البدوية بعد الفحص التي هي محل الكلام فحيث لا بيان فيها فلا هلكة بمقتضى ~~حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وتحقق البيان بنفس هذا الأمر المتعلق ~~بالوقوف مستلزم لكون الحكم محققا لموضوعه وهو دور ، فيكون خارجا عن موضوع ~~الأمر بالتوقف والاحتياط ، فإن الحكم دائر مدار العلة عموما وخصوصا. # فما نحن فيه نظير قول القائل : لا تأكل الرمان لأنه حامض ، فإن الموضوع ~~وهو الرمان وإن كان عاما من حيث نفسه ، لكنه خاص بالأفراد الحامضة بالنظر ~~إلى التعليل المذكور ، والتعليل وإن لم يكن بمنزلة التقييد حتى لا يجوز ~~التمسك ms0658 بالمعلل عند الشك في تحقق العلة في بعض الأفراد ، ويكون من باب التمسك PageV02P018 # بالعام في الشبهة المصداقية ، بل عند الشك يرفع الشك بعموم العلة ، ولكنه ~~عند العلم بعدم العلة في الفرد ينتج نتيجة التقييد ، فيوجب رفع اليد عن ~~الحكم المعلل في هذا الفرد ، وفي مقامنا في مورد الشبهات البدوية بعد الفحص ~~نقطع بعدم جريان العلة ، لعدم البيان فيها من غير جهة هذه الأخبار. # ولا يمكن تحققه من قبلها أيضا ؛ لأن ظاهرها أن الأمر بالوقوف مسبب عن ~~الهلكة المتحققة في الشبهة على تقدير ثبوت التكليف ، فلا بد أن يكون تحقق ~~الهلكة التي هي العقاب من غير قبل هذه الأخبار وببيان خارجي ؛ إذ بيانيتها ~~مستلزمة للدور. # فإن قلت : الأمر بالوقوف متعلق بطبيعة الشبهة من غير تقييد بقيد كونها ~~بدوية أو غيرها ، قبل الفحص أو بعده ، والتعليل بثبوت الهلكة أيضا وارد على ~~نفس هذه الطبيعة على الإطلاق ، وحيث إن قاعدة قبح العقاب بلا بيان مخصص لبي ~~ونقطع بعدم أمر الشارع بالوقوف مع عدم نصب البيان في الشبهة البدوية بعد ~~الفحص نستكشف بأصالة الإطلاق المعمول بها في الشبهة المصداقية في المخصصات ~~اللبية أن الشارع نصب على الواقع المحتمل في مورد الشبهة بيانا منفصلا عن ~~هذه الأخبار وهو جعل إيجاب الاحتياط. # قلت : المصحح للعقاب ليس مجرد وجود البيان الواقعي ولو لم يصل إلى العبد ~~، بل هو خصوص الواصل ، ولا يكفي وصوله بهذا الأمر بالوقوف أيضا لما مر ، ~~فإنه كما لا يمكن تحقق أصل البيان بهذا الأمر للزوم تحقيق الحكم لموضوعه ، ~~فكذلك لا يمكن تحقق قيده الذي هو الوصول لعين تلك الجهة. # ويمكن دفعه بأن الظاهر المتبادر من تعليق حكم على طبيعة ثم تعليل هذا ~~الحكم بعلة هو سريان هذه العلة إلى جميع أفراد هذه الطبيعة ، فحال العلة ~~حال نفس الحكم في الظهور المزبور ، فإذا قيل : كل الدواء الفلاني لأنه مزيل ~~للصفراء فهو من حيث نفسه ظاهر في اتصاف جميع أفراد هذه الطبيعة بهذه ~~الخاصية ، نعم لو علمنا من الخارج بعدم ثبوتها لفرد خاص ، علم خروجه ms0659 عن تحت الحكم. PageV02P019 # وإذن فنقول : تعليل الأمر بالتوقف المعلق على موضوع الشبهة بالوقوع في ~~الهلاك ظاهر في ثبوت هذه العلة في جميع أفراد الشبهة ، غاية ما في الباب أن ~~المانع عن ذلك بالنسبة إلى بعض الأفراد هي القاعدة العقلية المذكورة ، فلو ~~كان الجمع بينها وبين الظهور المذكور ممكنا تعين ، والجمع بينهما ممكن. # بيانه : أن يكون مخاطبة الإمام في تلك الروايات للسائلين ونهيهم عن ~~ارتكاب الشبهات لأن فيها الاقتحام في الهلكة مبنية على ثبوت البيان من ~~الشارع بغير هذه الروايات بالنسبة إلى هؤلاء السائلين وأنه كان الشارع قد ~~بين لهم قانونا ظاهريا بإيجاب الاحتياط في جميع الشبهات. # والحاصل أن هذه الروايات بعد عدم إمكان كون نفسها بيانا ، لأن الظاهر ~~منها التهلكة الخارجية الثابتة مع قطع النظر عن هذه الروايات دون الجائية ~~من قبل نفسها ، مضافا إلى لزوم الدور من جعل نفسها بيانا ، كما مر بيانه في ~~ما تقدم تكون كاشفة بطريق الإن عن ثبوت حكم مولوي كان هو البيان بالنسبة ~~إلى المشافهين. # وهذا نظير ما لو أخبر المتكلم الذي نعلم بأنه لا يتكلم هزوا ولغوا بأن ~~ارتكاب الشبهات باعث للهلاكة ، فإن سماع هذا الإخبار من هذا المتكلم مع ~~الالتفات إلى الحكم العقل القطعي بقبح العقاب بلا بيان يكون كاشفا بطريق ~~الإن عن وجود بيان وحجة في حق المخاطب وراء هذا الكلام يصح بملاحظته ~~مؤاخذته ، كما يكشف عن جامعيته لسائر الشرائط العقلية للتكليف من العقل ~~والقدرة. # وبالجملة ، فالأخبار المذكورة حكم إرشادي نستكشف منها الحكم المولوي ~~بطريق الإن بالنسبة إلى المشافهين ، فإذا ثبت هذا الحكم الظاهري لهم بهذا ~~الطريق يثبت لنا بدليل الشركة في التكليف ، ويكفي هذا المقدار في البيانية ~~في حقنا أيضا. # ولا يخفى أنه لا يمكن دعوى أنه لعل الإطلاق كان من جهة إحراز القيد ؛ فإن ~~ذلك العصر كان عصر التمكن من المعصوم عليه السلام ، فالشبهات كانت شبهة قبل ~~الفحص ، وجه عدم الإمكان أن جميع أفراد الشبهة في حق السائل لم يكن محصورة ~~في ما يمكن السؤال عن حكمها عن المعصوم ms0660 ؛ إذ لعل شبهة وقعت له و PageV02P020 # كان المسافة بينه وبين بلد الإمام بعيدة لا يمكن الوصول بأقل من شهر مثلا ~~، وهو قبل مضي الشهر محتاج إلى العمل ، ومثل هذا لم يكن نادرا. # وبالجملة منع إطلاق الشبهة في غاية المنع ، إلا أن يقال : إن ايجاب ~~الاحتياط الذي استكشفتموه من الإطلاق وجعلتموه مصححا للعقاب وبيانا على ~~الواقع لا يصلح لهذا ، بيانه أن المتداول على الألسنة في باب طريقية الطرق ~~والأمارات بناء على ما هو التحقيق من عدم الموضوعية والنفسية أحد المبنيين. # الأول : أن الطريقية بنفسها أمر قابل للجعل ، وهي جعل غير العلم بمنزلة ~~العلم في كونه منجزا عند الإصابة ومعذرا عند الخطاء ، وحينئذ يكون التكليف ~~المستتبع لهذا الوضع إرشاديا صرفا ، نظير الأمر باتباع العلم. # والثاني : أن الشارع يوجد موضوع الإطاعة وهو الأمر المولوي باتباع مؤدى ~~الأمارة ، ومن المعلوم أن مخالفة الأمر المولوي يستتبع صحة العقوبة ، لكن ~~حيث إن هذا الأمر كان لأجل رعاية الواقع والاهتمام بشأنه فلا محالة لا ~~عقوبة على مخالفته من حيث نفسه ، بل من حيث أدائه إلى مخالفة الواقع الذي ~~هو المطلوب الواقعي ، فلا عقوبة مع عدم الأداء المذكور. # وبالجملة ، هذا أيضا سنخ من الأمر في قبال النفسي والغيري وشأنه الاتحاد ~~مع الأمر الواقعي لدى المصادفة معه ، وهذا معنى كونه جديا حينئذ ، ويصير ~~أمرا صرفا بلا ملاك في متعلقه عند عدم الإصابة ، وهذا معنى صوريته حينئذ ، ~~فلا عقوبة مع عدم الإصابة ، وتكون العقوبة على مخالفة الواقع مع وجودها ، ~~ومن هذا القبيل أيضا إيجاب الاحتياط إذا كان طريقيا ، هذا ما تداول في ~~الألسن. # ويمكن الخدشة فيه بأنه إن كان مرجع هذا الأمر الذي سموه طريقيا إلى أن ~~الشارع لكثرة اهتمامه بالواقعيات لم يرفع اليد عنها في حال الشك أيضا وأنه ~~بصدد استيفائها من العبد في هذا الحال أيضا ، فمعناه أنه العياذ بالله ~~يعاقب العبد من دون بيان ، ويرتكب ما استقل العقل بقبحه. # وإن كان مرجعه إلى أمر مردد بين الجدي والصوري كما ذكروه في هذا لم PageV02P021 # يفدنا إلا الاحتمال بالنسبة ms0661 إلى الأمر الجدي الذي هو المناط في حكم العقل ~~، وقد كان موجودا قبل هذا الأمر أيضا ولم يوجب التنجيز. # وإن قلت : إنه بعمومه وإطلاقه ظاهر في الجدية ، وحيث إنه يتوقف على وجود ~~الواقع ، والتمسك بالعام في الشبهة المصداقية في المخصصات اللبية جائز ، ~~نستكشف وجود الواقع في كل مورد مورد قام عليه الأمر الطريقي. # قلت : هذا خلاف المفروض في مقامنا أعني إيجاب الاحتياط ، فإنه ربما يكون ~~نفس الآمر في غير الشارع أيضا جاهلا بثبوت التكليف الواقعي. # وإن كان مرجعه إلى أمر مستقل متعلق بإتيان تمام الأطراف فهذا أمر نفسي ~~لوحظ فيه المصلحة في نفس الأمر دون متعلقه على ما هو التحقيق من إمكان ذلك ~~، فيلزمه استحقاق العقوبة على مخالفة نفسه حتى عند عدم الإصابة ، وأين هذا ~~من تنجيز الواقع والعقوبة على مخالفته على تقدير إصابته وعدم العقوبة أصلا ~~على تقدير العدم. # ويمكن أن يقال : بين الأوامر المتعلقة بالطرق والمتعلق بعنوان الاحتياط ~~فرق ، فحال الآمر في القسم الأول حال العامل ، فكما أن العامل حين عمله ~~بخبر الثقة مثلا لا يرى جانب عدم إصابته وعدم وثاقته ولو كان هو بحسب ~~معتقده مصيبا في نوع الموارد مع التخلف في البعض ، لكنه بحسب البناء القلبي ~~والتجزم حين العمل يلغي جانب الكذب ويأخذ بالصدق ويعمل في هذا النظر ، كذلك ~~الآمر أيضا لا يرى في حال أمره باتباع خبر الثقة مثلا إلا جانب مصادفته ، ~~ويدفع عن ذهنه احتمال الخلاف. # ففي هذا النظر إذا أمر ليس لأمره إطلاق شامل لصورة المخالفة ؛ لأنه لم ير ~~إلا الموافقة ، فالعبد إن أحرز علما أن الطريق على خلاف الواقع فلا عقوبة ~~عليه لفرض عدم إطلاق الأمر حال المخالفة ، وإن شك في أنه مصادف أو مخالف ~~فهذا الأمر صالح لتحريكه، بمعنى أنه لو لم يتحرك وكان في الواقع مصادفا كان ~~للمولى حق أن يؤاخذه ويقول له: قد شخصت مصادفته بنفسي ولم أجعله في عهدتك ، بل PageV02P022 # أمرتك بمتابعته مطلقا ، فما عذرك في الترك؟ # فهذا نظير أن يشخص المولى الظاهري صداقة شخص ويأمر بإكرامه مبنيا ms0662 على هذا ~~التشخيص ، فإن العبد إذا علم بأن المولى أخطأ في التشخيص لا يجب عليه ~~الإكرام ، وأما عند الشك فحجة المولى عليه تامة ، هذا حال الطرق. # وأما عنوان الاحتياط فحيث إنه متقوم بالشك ومعنى الشك كونه ذا طرفين وكون ~~احتمال المصادفة والعدم متطرقا بالسوية فحينئذ إن خص الآمر أمره بتقدير ~~المصادفة يصير لغوا ؛ إذ ما دام الشك لا يحرك ، وإذا ارتفع ينقلب الموضوع ؛ ~~إذ لا الاحتياط مع العلم ، فلا محالة يصير ملاك المصادفة حكمة موجبة لتسرية ~~الحكم إلى صورتي المصادفة والمخالفة ، فإن صادف فليس وراء التكليف الواقعي ~~شيء ، وهذا الظاهري أيضا منطبق عليه ، فلهذا يكون الثواب والعقاب على ~~الواقع وإن لم يصادف ، فيصير قهرا أمرا مستقلا ذا ثواب وعقاب مستقلين. # والحق في الجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة من الأخبار أن يقال : # أما أولا فلأنه كما قلنا في أخبار القرعة في محله أن المشكل غير المشكوك ~~والمحتمل ، فالأول خصوص ما إذا انسد الطريق من كل جهة من الأمارات والأصول ~~عقلية وشرعية ، بخلاف الأخيرين ، فإنهما أعم من ذلك ، وعلى هذا فالقاعدة ~~سالمة عن التخصيص ، كذلك يمكن أن يقال بنظير ذلك في عنوان المشتبه الواقع ~~في هذه الأخبار وأنه عرفا مغاير للمحتمل مفهوما ، فالأول خاص بالمحتمل الذي ~~لم يعلم أن عاقبته خير أم شر ، والثاني عام منه ومن صورة العلم بعدم شرية ~~العاقبة. # وعلى هذا فيصير هذا العنوان بنفسه متقيدا بالشبهة التي يكون فيها البيان ~~، لأن ما ليس فيه البيان نعلم بعدم شرية عاقبته ولا نحتاج في ذلك إلى ~~تقييده بسبب التعليل وقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فتكون الشبهة البدوية ~~قبل الفحص والشبهة المحصورة داخلتين فيه ، وأما الشبهة البدوية بعد الفحص ~~فكونها من مصاديق المشتبه فرع إحراز وجود البيان في هذه الشبهة بالنسبة إلى ~~السائلين وهو غير PageV02P023 # معلوم ، واستكشاف ذلك بدليل الإن إنما هو في صورة مفروغية مصداقيتها كما ~~لو كان بدل عنوان المشتبه عنوان المحتمل ، ثم لو شككنا في كون المشتبه ~~مرادفا للمحتمل أو أخص منه كفى في المطلوب وهو عدم الإطلاق ms0663 أيضا. # وأما ثانيا : فهذه الكبرى المتداولة في هذه الأخبار أعني قولهم ~~عليهم السلام : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» يكون من جملة ~~مصاديقها الشبهة الغير اللازمة الاجتناب بنص مولانا الصادق صلوات الله عليه ~~حيث فسر قول النبي صلى الله عليه وآله : «لا تجامعوا في النكاح على الشبهة» ~~بما إذا احتمل كون المرأة اختا رضاعيا للرجل وأنه قد رضع من لبنها ، ثم علل ~~الاجتناب عن تزويجه بهذه القضية ، ومن المعلوم أن هذه الشبهة موضوعية غير ~~لازمة الاجتناب باعتراف الأخباريين أيضا. # والظاهر أن هذه الكبرى قد استعملت في جميع مواقفها من هذه الأخبار على ~~نسق واحد ، بمعنى أن يكون المراد بالهلكة فيها أعم من الهلكة الاخروية ~~اللازمة الاجتناب ، ومن الهلكة الاخروية الغير اللازمة الاجتناب ، ويكون ~~المراد بالخيرية فيها أعم من الوجوب والاستحباب وإن كان يحتمل أن يستعمل في ~~خصوص المورد الذي يكون مصداقه لازم الاجتناب في الوجوب وفي خصوص ما كان ~~مصداقه فيه غير لازم الاجتناب في الندب ، إلا أنه خلاف الظاهر ، وبالجملة ، ~~فعلى هذا تكون قاصرة عن الدلالة على وجوب الاحتياط في ما نحن فيه ، وأما ~~مطلق الرجحان وإن كان يدل عليه ، لكنه مما لا نزاع فيه. # وأما ثالثا : فلأن الشبهة في هذه الأخبار شاملة للشبهة الموضوعية وهي ~~مجرى للبراءة بلا كلام ، فلا يمكن حفظ ظهور هذا اللفظ في العموم مع ظهور ~~كلمة «خير» ولفظ الهلكة في الوجوب والهلكة الاخروية اللازمة الاجتناب ، فلا ~~بد إما من التصرف في هذه الكلمة وهذا اللفظ بإرادة مطلق الرجحان من الاولى ~~وإرادة مطلق الهلكة من الثاني ، وإما التقييد في كلمة الشبهة بتخصيصها ~~بالشبهة الحكمية ، فيكون من باب تعارض الأحوال ، ونحن إن لم نقل بأقوائية ~~ظهور لفظ الشبهة فلا أقل من PageV02P024 # تكافؤ الظهورين وتساويهما ، وبذلك يسقط هذه الأخبار عن قابلية الاستدلال. # هذا هو الكلام في هذه الطائفة التي موردها خصوص الشبهة التحريمية ، وقد ~~كانت هي العمدة لأساس الأخباريين لقوتها سندا ودلالة ، وقد حصل الاستراحة ~~منها بحمد الله تعالى ، وعلم أنه لا محيص عن حمل ms0664 القضية المذكورة على مطلق ~~الرجحان ، فيكون الأمر فيها للإرشاد. # والطائفة الثانية من الأخبار هي الطائفة الآمرة بالاحتياط في موارد خاصة ~~وهي روايتان : # الاولى : صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج «قال : سألت أبا الحسن عليه السلام ~~عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان ، الجزاء بينهما ، أو على كل واحد منهما ~~جزاء؟ قال : بل عليهما أن يجزي كل واحد منهما الصيد ، فقلت إن بعض أصحابنا ~~سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه ، قال : إذا اصبتم بمثل هذا ولم تدروا فعليكم ~~الاحتياط حتى تسألوا وتعلموا» # والثانية : موثقة عبد الله بن وضاح «قال : كتبت إلى العبد الصالح : ~~يتوارى عنا القرص ويقبل الليل ويزيد الليل ارتفاعا ويستر عنا الشمس ويرتفع ~~فوق الجبل حمرة ويؤذن عندنا المؤذنون ، فاصلي حينئذ وأفطر إن كنت صائما ، ~~أو انتظر حتى يذهب الحمرة التي فوق الجبل؟ فكتب عليه السلام إلى : أرى لك أن ~~تنتظر حتى يذهب الحمرة ، وتأخذ بالحائطة لدينك» الخبر. # تقريب الاستدلال أن الرواية الاولى دالة على وجوب الاحتياط في كل واقعة ~~مشتبهة الحكم ، لأنها المماثلة لمسألة جزاء الصيد. والثانية أيضا يظهر منها ~~مطلوبية الاحتياط في كل شبهة حكمية من دون مدخلية لخصوص المورد أعني مسألة ~~تعيين الغروب ، والشبهة في كلتا الروايتين حكمية لا موضوعية. # أما الاولى فواضح ، وأما الثانية فكون الشبهة فيها موضوعية معناه أن يكون ~~السائل عالما بأن الغروب الذي هو آخر وقت الصوم وأول وقت الصلاة عبارة عن ~~استتار القرص من دون مدخلية لذهاب الحمرة المشرقية فيه ، ولكن كان PageV02P025 # سؤاله عن الاشتباه في الموضوع الخارجي أعني تحقق استتار في الخارج لأجل ~~المانع عن حصول القطع كوجود الجبال والتلال أو الغيم أو نحو ذلك ، وهذا ~~المعنى يمكن القطع بعدم إرادته من كلام السائل ، فإنه قال : يتوارى عنا ~~القرص ويقبل الليل ويزيد الليل ارتفاعا ويستر عنا الشمس ويرتفع فوق الجبل ~~حمرة ، ومن الواضح أن هذه أمارات واضحة الدلالة على حصول الاستتار ، ويفيد ~~القطع لكل من وجدت له ، فليس السؤال إلا عن الاشتباه في الحكم الكلي مع ~~العلم بالموضوع الخارجي ، بمعنى كون ms0665 الشك في أن الغروب الذي هو حد الإفطار ~~والصلاة هل هو الاستتار ولا يلزم الصبر إلى ذهاب الحمرة ، أو أنه ذهاب ~~الحمرة؟ وهذه شبهة حكمية حكم فيه الإمام بوجوب الاحتياط. # والجواب : أما عن الرواية الاولى فبأن قوله عليه السلام : «إذا اصبتم بمثل ~~هذا» يحتمل فيه وجهان ، الأول : أن تكون كلمة «هذا» إشارة إلى السؤال ، ~~ويكون محصل المعنى أنكم أهل العلم إذا سألوا عنكم عن حكم مسألة لا تدرونه ~~فيجب عليكم الاحتياط ، والثاني : أن تكون إشارة إلى الواقعة ، يعني إذا ~~ابتليتم بمثل هذه الواقعة المشكوك في حكمها فيجب عليكم الاحتياط فيها ، وفي ~~كل من الوجهين احتمالان. # أما على الوجه الأول فالاحتمال الأول أن يكون المراد بالاحتياط هو ~~الاحتياط الواجب على المفتي في مقام الإفتاء ، يعني إذا سألوا عنكم عن حكم ~~مسألة لا تعلموه وجب عليكم أن تحتاطوا ولا تبادروا بالإفتاء ، بل تكفوا عنه ~~ولا تفتوا بشيء حتى بوجوب الاحتياط. # والثاني أن يكون المراد الاحتياط الواجب على المستفتي في مقام العمل ، ~~يعني يجب عليكم أهل العلم إذا سألوكم عن المسألة التي لا تدرون حكمها أن ~~تفتوا سائلكم بوجوب الاحتياط. # وأما على الوجه الثاني وهو أن تكون الإشارة راجعة إلى الواقعة ، ~~فالحيثيات الموجودة في الواقعة المفروضة في الرواية كثيرة ، ولكن المحتمل ~~الدخل منها في PageV02P026 # الحكم بوجوب الاحتياط اثنان ، فالاحتمال الأول أن تكون الحيثية الدخيلة ~~هي حيثية كونها واقعة مشتبهة ، فقوله : إذا اصبتم بمثل هذه الواقعة يعني ~~إذا اصبتم بالواقعة المشتبهة. # والثاني أن تكون الحيثية الدخيلة حيثية كونها مشتبهة بالشبهة المرددة بين ~~الأقل والأكثر ، فإن السائل كان قاطعا في مسألة رجلين أصابا جميعا صيدا ~~واحدا بثبوت نصف الجزاء على كل منهما ، وكان شكه في النصف الآخر ، فكان شكه ~~من باب الشك بين الأقل والأكثر الاستقلاليين ، فيكون المفاد وجوب الاحتياط ~~في كل واقعة حصل الاشتباه فيها بين الأقل والأكثر ، والبناء في الشبهة بين ~~الأقل والأكثر الاستقلاليين ، بل والارتباطيين أيضا كما ياتي في محله وإن ~~كان على البراءة بحسب القاعدة العقلية إلا أنه يكون مفاد الرواية ms0666 على هذا ~~الاحتمال تعبدا شرعيا في القسمين على وجوب الاحتياط. # فهذه أربعة احتمالات ، والمفيد منها بحال الأخباري اثنان : # الأول : أن تكون الإشارة راجعة إلى السؤال وكان المراد بالاحتياط ~~الاحتياط الواجب مراعاته على المستفتين في مقام العمل بأن يكون المعنى : ~~إذا اصبتم أيها العلماء بالسؤال عن حكم تجهلون به فيجب عليكم أن تفتوا ~~الناس بوجوب الاحتياط ، إذ يعلم منه أن التكليف في الواقع المشكوك في حكمها ~~هو وجوب الاحتياط على الجميع من المفتي والمستفتي. # والثاني أن تكون الإشارة راجعة إلى الواقعة ، وكانت الخصوصية الدخيلة ~~مجرد كونها واقعة مشتبهة ، ويكون المعنى إذا ابتليتم بالواقعة المشتبهة وجب ~~عليكم الاحتياط. # وأما الاحتمالان الآخران فأجنبيان عن مرام الأخباري كما هو واضح ، إذ ~~المفاد على أحدهما الاحتياط عن الإفتاء عند عدم العلم ، والاصولي لا يفتي ~~بما لا يعلمه ، وما يفتي به يعلمه ، وعلى الآخر وجوب الاحتياط في خصوص ~~الشبهة بين الأقل والأكثر ، فلا بد لصحة تمسك الأخباري بهذه الرواية من ~~إثبات أظهرية PageV02P027 # أحد الاحتمالين الأولين من الأخيرين ، ودونه خرط القتاد. # واحتمال كون المراد وجوب الاحتياط عند الابتلاء بالواقعة المشتبهة وإن ~~سلم أظهريته بالنسبة إلى بعض الاحتمالات ، ولكن لا نسلم أظهريته من احتمال ~~كون المراد احتياط المفتي عن الإفتاء بشيء أصلا عند إصابته بالسؤال عن حكم ~~لا يعلمه. # بيان ذلك أن السائل في هذه الرواية قد سأل الإمام عن حكم مسألة الصيد ~~المذكورة، وأعطاه الإمام جواب مسألته هذه عقيبها بلا فصل ، ثم بعد مضي هذا ~~السؤال والجواب وتماميتها يقول السائل : إن بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم ~~أدر ما عليه ، فعند ذلك قال له الإمام : إذا اصبتم بمثل هذا فعليكم ~~الاحتياط ، وهذا يقرب كمال التقريب أن تكون الإشارة إلى السؤال. # وأما احتمال أن يكون المراد بالاحتياط على هذا التقدير احتياط المستفتي ~~والمراد أن عليكم الإفتاء بوجوب الاحتياط ، فلا يخفى بعده واحتياجه إلى ~~مئونة زائدة ، بل الظاهر جعل الاحتياط على نفس المفتي. # وبالجملة ، ملاحظة ذلك إما يوجب أظهرية الاحتمال الثاني من الأول ولا أقل ~~من التساوي والإجمال ، فتسقط ms0667 الرواية عن قابلية الاستدلال ، وإذن فلا نحتاج ~~إلى التمسك في الجواب عن الاستدلال بهذه الرواية بأن موردها من الشبهة ~~الوجوبية ، والأخباريون متفقون على البراءة فيها كالشبهة الموضوعية ، إذ ~~الحاجة إلى ذلك إنما هي بعد تسلم الأظهرية المذكورة ، فتدبر. # وأما عن الرواية الثانية فانها مضطربة المتن ؛ إذ لو حملناها على الشبهة ~~الموضوعية بأن كان السائل عالما بأن الغروب عبارة عن الاستتار ، ولكن شك في ~~حصوله في الخارج من جهة الجبال والتلال أو الغيم ونحو ذلك ، فالحكم ~~بالاحتياط المذكور في جواب الإمام يكون في محله ؛ إذ هو قضية القاعدة في هذه PageV02P028 # الشبهة ؛ لأن مقتضى قاعدة الاشتغال واستصحاب بقاء النهار هو الاحتياط (1) ~~حتى يحصل العلم بدخول الوقت ، ولكن هذا الحمل ينافيه ، بل ينادي على خلافه ~~صدر الرواية والأمارات التي فرضها السائل من تواري القرص واستتار الشمس ~~وظهور ظلمة الليل وشروعه في الازدياد ، فإنها ناصة في عدم الشبهة في حصول ~~الاستتار. # ولو حملناها على الشبهة الحكمية ناسب مع صدر الرواية ، ولكن يشكل حينئذ ~~حكم الإمام بالاحتياط ؛ إذ ليس الحكم بالاحتياط في الشبهة الحكمية من منصب ~~الإمام ، وإنما هو شأن من لا يعرف الحكم ، فكان شأن الإمام أن يحكم إما ~~بالصبر ، وإما بالإفطار. # إلا أن يقال : إن وجه حكم الإمام عليه السلام بالاحتياط هو التقية عن ~~المخالفين القائلين بكون الغروب هو الاستتار ، فكان الإمام قد ألقى الحكم ~~الواقعي إلى السائل من كون الغروب هو ذهاب الحمرة على نحو راعى التقية (2) ~~أيضا من جهة إظهاره بكلامه هذا أنه قد فهم من كلام السائل أن غرضه السؤال عن PageV02P029 # الشبهة الموضوعية والاشتباه في حصول موضوع الاستتار ، فلهذا أجابه ~~بالاحتياط حتى يعلم بهذا الموضوع ، ومن المعلوم أنه على هذا لا يبقى محل ~~للاستدلال. # وفي الرواية احتمال آخر قال الاستاد دام ظله : لم أر من تعرضه ، وهو أن ~~يكون غرض الإمام هو الافتاء بكون الغروب هو ذهاب الحمرة ، وأراد بقوله : ~~«أرى لك» الخ الفتوى دون إراءة الاحتياط ، ويكون المراد بقوله : «وتأخذ ~~بالحائطة لدينك» إعلام السائل على مراعاة التقية من المخالفين ms0668 ، يعني ولكن ~~لا بد أن لا تظهر دينك هذا للمخالفين ، ولا تفعل عملا يظهر لهم أن هذا دينك ~~، مثل أن تصعد على السطح لأجل استعلام أن الحمرة قد ذهبت أولا ، حتى يعلموا ~~أنك تتفحص عن حال الحمرة وأن مذهبك وراء مذهبهم. # وعلى هذا يكون المراد بالحائطة هو الحائط المعمول للدار والبستان دون ~~الاحتياط المصطلح وإن كان هو أيضا مأخوذا منه باعتبار أن المحتاط كأنه يعمل ~~حائطا لنفسه يحفظه عن الوقوع في المهلكة ، والمراد في المقام التصدي لإخفاء ~~الدين وستره عن أنظار المعاندين ، يعني كما أن الحائط للدار والبستان يخفي ~~ويستر ما فيها عن الأنظار ، كذلك لا بد لك أن تعامل معاملته مع دينك ، كأنك ~~تبني حوله حائطا يحجبه عن الأبصار ، وعلى هذا الاحتمال تكون الرواية أجنبية ~~عن مدعى الأخباري بالمرة كما هو واضح. # والطائفة الثالثة : خبر التثليث الوارد في الخبرين المتعارضين وعدة أخبار ~~أخر الآمرة بالاحتياط ، من قبيل قوله عليه السلام : «أخوك دينك فاحتط لدينك ~~بما شئت» وسند خبر التثليث (1) لكونه مرويا بطرق متعددة مما لا يقبل الخدشة ~~، والإمام عليه السلام في هذه الرواية بعد ما يحكم في الخبرين المتعارضين ~~بالأخذ بالمشهور وترك الشاذ النادر ويعلل ذلك بأن المجمع عليه لا ريب فيه ~~يقول : «إنما الامور ثلاثة ، أمر بين رشده فيتبع ، وأمر بين غية فيجتنب ، ~~وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله ورسوله ، ثم يستشهد بقول النبي ~~صلى الله عليه وآله ويقول : قال PageV02P030 # رسول الله صلى الله عليه وآله : حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك ، فمن ~~ترك الشبهات نجى من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من ~~حيث لا يعلم» # تقريب الاستدلال بهذه الرواية يكون من ثلاثة أوجه : الأول بحكمه بترك ~~الشاذ معللا بكونه مما فيه الريب ، وهذا التعليل وإن كان غير مذكور في كلام ~~الإمام ، إلا أنه يستفاد من تعليله عليه السلام الأخذ بالمشهور بكونه مما لا ~~ريب فيه أن وجه ترك الشاذ هو كونه مما فيه الريب ، وأيضا يستفاد ذلك من ~~الاستشهاد بحديث التثليث ، إذ لو ms0669 كان الشاذ من أفراد بين الغي لعلله بهذا ~~المطلب ولم يحتج إلى هذا التفصيل. وبالجملة ، فيستفاد من الرواية وجوب ترك ~~كل ما فيه ريب بقضية عموم التعليل. # والثاني بالتثليث المذكور في كلام الإمام الحاكم بوجوب رد حكم الأمر ~~المشكل إلى الله ورسوله ، ومعناه وجوب الاحتياط. # والثالث بالتثليث النبوي. # والجواب أما عن الوجه الأخير (1) فبأن مساقه مساق الروايات المتقدمة في PageV02P031 # الطائفة الاولى الآمرة بالوقوف عند الشبهة لكونه خيرا من الاقتحام في ~~الهلكة ، فيكون الجواب عنه هو الجواب عنها. # وحاصله أن يقال تارة بأن الشبهة عبارة عن خصوص المحتمل الذي يكون في ~~عاقبته احتمال الصعوبة ، فيختص بالشبهات التي يكون فيها البيان ، فلا يشمل ~~ما نحن فيه ، لكونه فاقد البيان. # واخرى بأن الشبهة تشمل الشبهة الموضوعية أيضا ولا يجب فيه الاحتياط PageV02P032 # بالاتفاق ، فلا محيص عن حمل الرواية على الإرشاد والمعنى الأعم من الوجوب ~~والاستحباب وهو مطلق الرجحان ، فيكون تابعا للموارد في الوجوب والاستحباب. # وأما عن الوجه الثاني فبأن مفاده أن حكم الأمر المشكل مردود إلى الله ~~ورسوله ، ومعنى ذلك عدم جواز القول والفتوى بغير علم ، وهذا أجنبي عن ~~الاصولي ، إذ هو أيضا معترف بعدم جواز القول بما لم يعلم وجواز القول بما يعلم. # وأما عن الثالث فبأن وجوب ترك ما فيه الريب في مورد الرواية متعين ، فإن ~~موردها الخبران المتعارضان ، فالأخذ بكل منهما إنما هو يكون بعنوان الحجية ~~، وشرط جواز ذلك هو العلم بالحجية من قبل الشارع ، فما لم يعلم من الشرع ~~حجية الخبر يكون البناء على حجيته حراما. # وبعبارة اخرى : الشك في الحجية كاف في عدم الحجية ، فالشاذ الذي هو مشكوك ~~الحجية لا محالة يكون بخلاف المشهور المجمع عليه ، فإنه لكونه لا ريب فيه ~~يكون حجة ، فالتعارض يكون بين الحجة واللاحجة ، ومن المعلوم أن وجوب الأخذ ~~بالحجة وترك اللاحجة حينئذ متعين. # وأما عن الروايات الآمرة بالاحتياط فبأنه مضافا إلى شهادة سياقها على كون ~~مدلولها حكما إرشاديا يرد عليها ما تقدم في بعض الأدلة المتقدمة من الإجمال ~~، فإن مادة الاحتياط عام يشمل الاحتياط ms0670 في الشبهة الموضوعية ، وهي مجرى ~~للبراءة بإطباق من الأخباري ، فلا بد من تقييد المادة أو التصرف في الهيئة ~~، فتكون مجملة ، هذا تمام الكلام في التمسك بالمنقولات للأخباري. ### ||| ** وأما التمسك بالمعقولات فيكون على وجوه # ، منها التمسك بالعلم الإجمالي ، وتقريبه أنا بعد القطع ببعثة النبي ~~صلى الله عليه وآله وقبل مراجعة الأدلة قاطعون بالعلم الإجمالي بأنا مكلفون ~~بواجبات و PageV02P033 # محرمات ، وقضية هذا القطع والعلم الإجمالي بحكم العقل وجوب الإتيان بكل ~~محتمل الوجوب، ووجوب الاجتناب عن كل محتمل الحرمة. # لا يقال : هذا العلم الإجمالي إنما هو قبل مراجعة الأدلة ، وأما بعدها ~~فينحل إلى القطع التفصيلي بما يشتمل عليه الأدلة من التكاليف والشك البدوي ~~في ما يكون خارجا عن مداليلها ، والقاعدة في الشبهة البدوية هي البراءة. # لأنا نقول : لا يكون مفاد الأدلة حصر التكليف في مداليل أنفسها ، فإن ~~مفاد «أقيموا الصلاة» مثلا وجوب الصلاة مع عدم التعرض لغيرها ، ومفاد «آتوا ~~الزكاة» هو وجوب الزكاة بدون تعرض لحال الغير وهكذا ، وحينئذ فلا تنافي بين ~~العلم الإجمالي ومفاد هذه الأدلة ، فيكون العمل بمقتضى كليهما واجبا. # فحينئذ يكون سبب تنجيز التكليف في بعض المحتملات اثنين ، وهو ما قام على ~~التكليف فيه دليل معتبر ، فالتكليف منجز فيه بسببين : الدليل والعلم ~~الإجمالي وفي بعض آخر يكون واحدا وهو ما كان خارجا عن مدلول الأدلة إما ~~لإجمال الدليل أو لعدمه أو لتعارض الدليلين ، فينحصر المنجز فيه في العلم ~~الإجمالي ، فالمقام نظير ما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين ثم قام ~~البينة على نجاسة واحد معين منهما ، فإنه ليس مفاد قول البينة حصر النجاسة ~~في هذا الواحد ونفيها عن الإناء الآخر ، بل من المحتمل نجاسة كليهما ، ~~فالواجب الاجتناب عن كليهما ، غاية الأمر المنجز في هذا الواحد شيئان : ~~العلم والبينة ، وفي الآخر هو العلم فقط. # نعم لو قطع بأن النجس في ما بينهما واحد لا أزيد يضم هذا القطع إلى ~~البينة التي جعلها الشارع بمنزلة القطع ، فيكون كما لو قطع بحصر النجس في ~~الواحد وقطع بنجاسة هذا المعين ، حيث يورث هذان القطعان ms0671 القطع بطهارة ~~الإناء الآخر ، وأما إذا لم يكن قطع بالحصر ولا كان الحصر مفاد قول البينة ~~فلا محيص عن اجتناب كليهما بمقتضى العلم في أحدهما ، وبمقتضاه مع البينة في الآخر. # وليعلم أنا وإن قلنا بالإجماع من الأخباريين على البراءة في الشبهة ~~الوجوبية ، لا يوجب ذلك إجمالا في هذا الدليل وإن كان يوجبه في الأدلة ~~النقلية PageV02P034 # المتقدمة ، والفارق أن الدليل هناك كان لفظيا ، فالإجماع المذكور كان ~~موجبا لتقييد المادة أو التصرف في الهيئة ، وحيث لم يكن أحدهما متعينا تحقق ~~الإجمال ، وأما هنا فالدليل لبي وهو حكم العقل بلزوم المراعاة والاحتياط في ~~جميع أطراف العلم الإجمالي ، والإجماع المذكور على فرضه لا يكون إلا مؤمنا ~~من قبل الشرع بالنسبة إلى أحد الأطراف وهو الشبهة الوجوبية ، ووجود المؤمن ~~في أحد الأطراف لا يوجب سقوط هذا الدليل اللبى عن الدلالة بالنسبة إلى ~~الطرف الآخر الخالي عن المؤمن الشرعي ، فإن الحجة وهو العلم فيه موجودة ~~والمؤمن مفقود. # وتقريب الاستدلال بالعلم الإجمالى أن لنا علما إجماليا قبل مراجعة ~~الأخبار بوجود تكاليف من الواجبات والمحرمات من الشارع علينا ، وإنما قيدنا ~~بقولنا : قبل مراجعة الأخبار، لئلا يقول الخصم في الجواب : نمنع العلم ~~الإجمالي قبل مراجعة الأخبار ، لأن مدرك علمنا هو الأخبار ، فدائرة العلم ~~الإجمالى مقيدة ومحدودة بخصوص ما بأيدينا من الأخبار ، فما يكون خارجا عن ~~الأخبار خارج عن أطراف العلم. # نظير ما لو تعلق بالحرمة بخصوص السود من قطيع غنم ، حيث إن البيض خارج عن ~~أطراف العلم ، وذلك لأن العلم الاجمالي حاصل قبل مراجعة الأخبار بالوجدان ، ~~بل أهل الأديان والملل الخارجة أيضا قاطعون بأن أهل الإسلام مكلفون بتكاليف ~~جاء بها نبيهم من قبل الله تعالى ، فالعلم الإجمالي ليس مقيدا بخصوص ما في ~~الكتب وما بأيدينا ، فبمقتضى هذا العلم يجب الاحتياط في جميع المشتبهات. # ثم لا يقدح في هذا الدليل ثبوت الإجماع في الشبهة الوجوبية على البراءة ~~وإن كان يقدح في الأدلة اللفظية على تقدير وجوده فيها ، حيث يوجب الإلجاء ~~إلى أحد الأمرين من التقييد في المادة أو التصرف في ms0672 الهيئة ، وأما هنا ~~فوجود الإجماع المذكور يصير مؤمنا في أحد الأطراف وهو الشبهة الوجوبية ، ~~ومجرد هذا لا يوجب أن يكون الطرف الآخر الخالي عن المؤمن وهو الشبهة ~~التحريمية خارجا عن حكم العقل بوجوب الاحتياط. PageV02P035 # لا يقال : سلمنا حصول العلم قبل مراجعة الأخبار ، ولكن يرتفع موضوعه بعد ~~المراجعة ، وذلك لأن لهذا العلم قدرا متيقنا وهو عدد مخصوص ، فإذا اطلعنا ~~على هذا العدد من التكاليف في ضمن الأخبار ينحل علمنا الإجمالي إلى العلم ~~التفصيلي بهذا القدر الذي اطلعنا عليه والشك البدوي في ما زاد عليه ، ~~فالزائد يصير مجرى للبراءة. # لأنا نقول : لا شك في أن الأدلة الشرعية لا يفيد القطع بكون مواردها حكما ~~واقعيا ، بل هي مجرد حجة على مواردها ، ألا ترى أنه لو علم إجمالا بنجاسة ~~أحد الإنائين ثم قام البينة على نجاسة هذا المعين منهما فهذه البينة لا ~~تفيد القطع بأن هذا نجس واقعي ، لاحتمال وجوده في الإناء الآخر ، بل هي ~~تكون حجة على نجاسة هذا الإناء. # نعم لو كان هنا أحد أمرين انحل العلم ، إما أن يكون العلم الإجمالي ~~متعلقا بنجاسة الواحد بشرط لا ، وإما أن يكون مفاد البينة نجاسة هذا المعين ~~لا غير ، فإنه على الأول يضم البينة إلى العلم ويصير المتحصل بعد ذلك طهارة ~~الإناء الآخر ، وفي الثاني يحكم بطهارة الآخر بدليل حجية البينة ، وأما لو ~~لم يكن العلم متعلقا بالواحد بشرط لا ، ولا كان الحصر مفادا للبينة فلا ~~تنافي بين قيام هذه الحجة مع وجود العلم الإجمالي ، غاية الأمر يكون العمل ~~في مورد البينة واجبا على طبق حجتين ، إحداهما البينة والاخرى العلم. # والحاصل أنه فرق بين العلم الوجداني التفصيلي في أحد الأطراف وبين قيام ~~الطريق الشرعي في أحدها ، سواء كان قبل العلم الإجمالي أم بعده ، فإن العلم ~~الوجداني مناف في العلم الإجمالي ويوجب انهدام بنيانه ، فإن قوامه وهو ~~الإجمال والترديد في المتعلق يصير بعد العلم الوجداني زائلا ، فلا يكون في ~~النفس ترديد وإجمال بعده ، بل ينقلب الإجمال إلى مفصل ومشكوك ، وهذا بخلاف ~~الطريق ، فإن العلم الإجمالي ms0673 لا يحدث قدح في بيانه بقيام الطريق الشرعي ~~أصلا ؛ لأن الترديد والإجمال واحتمال أن هذا نجس ، أو هذا مثلا ، موجود معه في PageV02P036 # النفس ، لما ذكرنا من عدم إفادة الطريق قطعا بالواقع وإنما هو مجرد حجة ~~شرعية ، فالعلم الإجمالي بعد الأدلة الشرعية باق موضوعا غير منحل. # نعم هذا كلام لا يتمشى بالنسبة إلى من قال من الأخباريين بأن مداليل ~~الأخبار قطعية كما هو واضح. # والجواب عن هذا الاستدلال بأن دائرة العلم الإجمالي محدودة بخصوص ما ~~بأيدينا من الأخبار قد علم دفعه من تقريب المستدل ، فلا بد من التشبث في ~~الجواب بوجوه آخر ، فنقول : يمكن الجواب بوجوه : # الأول : إنا سلمنا أن الأخبار لا يفيد القطع ولا الانحصار ، ولكن نقول : ~~إن العلم الإجمالي ليس أثره إلا حكم العقل بوجوب امتثال التكليف المعلوم ~~إجمالا بمقدار المعلوم الإجمالي ، فلو تعلق العلم الإجمالي بوجود أربع ~~أغنام موطوءة في قطيع فليس اقتضاء هذا العلم من المكلف إلا الاجتناب عن ~~أربع أغنام موطوءة واقعية ، وحينئذ فإذا قام الطريق الشرعي الثابت الحجية ~~شرعا مثل البينة على موطوئية أربع معينة من هذا القطيع واجتنب المكلف عن ~~هذه الأربع بالخصوص فقد خرج عن عهدة التكليف المزبور وسقط حجة المولى عنه ، ~~وذلك لأنه قد تحقق منه الاجتناب عن أربع أغنام موطوءة واقعية. # أما اجتنابه عن أربع أغنام فواضح ، وأما كونها واقعية فلأنه قضية إيجاب ~~الشارع على المكلف العمل بهذا الطريق بعنوان كونه طريقا إلى الواقع وأمره ~~إياه بتصديق هذا الطريق وإلغاء احتمال الخلاف فيه ، فإن معنى ذلك أن مؤدى ~~هذا الطريق يبنى الشارع على كونه واقعا وأوجب على المكلف أيضا أن يبنى على ~~كونه واقعا ، ولا يخفى أنه لا يلزم من هذا البيان التصويب ، فإن هذا كله هو ~~الكلام في مرحلة الامتثال مع محفوظية الواقعيات في محالها وعدم تغيرها عن حالها. # الوجه الثاني أن العلم الإجمالي يصير منحلا حقيقة بعد قيام الطرق الشرعية ~~، وذلك لأنه لو كان للمعلوم الإجمالي خصوصية وكانت هذه الخصوصية أجنبية عن ~~الحكم الشرعي وكالحجر بالنسبة إليه ، ثم حصل ms0674 العلم التفصيلي الوجداني PageV02P037 # للمكلف بذات المعلوم الإجمالي في أحد الأطراف بدون هذه الخصوصية بمعنى ~~بقائه على الترديد بالنسبة إليها ، فلا إشكال أنه ينطبق المعلوم الإجمالي ~~على هذا المعلوم التفصيلي قهرا. # مثاله : لو علم المكلف بنجاسة خصوص إناء الزيد ، وتردد إناء الزيد عنده ~~في إناءات عديدة ، ثم حصل له العلم التفصيلي بنجاسة أحد هذه الإناءات معينا ~~لا بعنوان أنه إناء الزيد ، فلا إشكال أن ما هو موضوع الحكم الشرعي أعني ~~وجوب الاجتناب هو مجرد الماء النجس ، وأما القيد وهو كونه في إناء الزيد ~~فلا دخل له في هذا الحكم أصلا ، ولا إشكال أنه بالنسبة إلى الماء النجس لا ~~ترديد ولا إجمال في النفس. # نعم بالنسبة إلى القيد وهو إناء الزيد الترديد باق ؛ إذ لا يعلم أنه هذا ~~الإناء أو هذا أو ذاك ، لكنه لا يرتبط بموضوع الحكم الشرعي ويكون كالحجر ~~بالنسبة إليه. # ونظير هذا بعينه ما نحن فيه ، فإن المكلف لو علم بوجود النجس الواقعي ~~مثلا في هذا الإناء أو في هذا ، ثم قام البينة على وجوده تعبدا في هذا ~~المعين فلا إشكال في أن موضوع حكم العقل بوجوب الامتثال والخروج عن العهدة ~~إنما هو أصل حكم الله ، وأما خصوصية كونه مجعولا في الرتبة الاولى أو في ~~الرتبة الثانية الذي هو عبارة اخرى عن كونه واقعيا أم ظاهريا فهو أجنبي عن ~~هذا الحكم ، فإنه لا فرق في حكم العقل بوجوب الامتثال بين كون الحكم من أحد ~~هذين القسمين ، فخصوصية الواقعية والظاهرية غير مربوطة بمرحلة الامتثال ~~أصلا ، وإنما المناط هو الجامع الذي يعبر عنه في الفارسية ب «فرمان» ، ~~وفائدة هاتين الخصوصيتين لا يظهر في هذا المقام ، بل في مقام الجواب عن ~~إشكال ابن قبة المتقدم تفصيله. # وحينئذ لا إشكال في أنه بالنسبة إلى ما يكون المكلف مبتلى به من نفس ~~الحكم الإلهي لا ترديد ولا إجمال في النفس بعد قيام الطريق الشرعي ، بل ~~ينقلبان إلى مفصل وهو مورد الطريق ، ومشكوك وهو غيره ، نعم بالنسبة إلى ~~الخصوصية التي نسبته إلى ابتلاء المكلف وحكم ms0675 عقله يكون كنسبة الحجر إليه ~~وهو خصوص PageV02P038 # الواقعي يكون الترديد والإجمال باقيين في النفس ؛ لعدم العلم بوجود ~~المجعول في الرتبة الاولى في هذا أو في هذا أو في ذاك. # فهذان وجهان يقال بهما في موارد الطرق الشرعية في قبال العلم الإجمالي ~~لعدم وجوب الاحتياط في غير تلك الموارد من الأطراف ، والوجه الأول ليس ~~راجعا إلى الانحلال الحقيقي، بل مرجعه إلى إلزام المولى بما التزم ، فإن ~~معنى الحجة أن يصح احتجاج العبد به على المولى ، كما يصح احتجاج المولى به ~~على العبد ، فكما يصح أن يحتج المولى على العبد ويقول له : لم أكلت لحم ~~الغنم الذي أخبرك البينة بموطوئيته؟ كذلك يصح أن يحتج العبد على المولى ~~ويقول له : إن الواجب على لم يكن إلا اجتناب لحم الغنم الموطوءة ، واجتنابي ~~عن هذا الذي أخبر البينة بموطوئيته أيضا اجتناب عن الغنم الموطوءة ، ~~فالمولى يصير ملزما في الثاني كما يصير العبد ملزما في الأول. # فهذا نظير ما لو ضرب السلطان السكة على الجلود ، وجعل الجلد المسكوك في ~~محل الليرة ، فإن السلطان ملزم بأخذه من الرعية محتسبا له عوض الليرة ، ~~والرعية أيضا ملزمون بأخذه من السلطان عوضا لليرة ، ولو رجع السلطان عن هذا ~~الجعل ولم يأخذ الجلد في مقام الليرة رجع الرعية أيضا ولم يأخذوا منه ، ~~وبالجملة ، فهذا الوجه ليس انحلالا في الحقيقة ، وإنما هو كون العمل ~~بالطريق قائما مقام العمل الذي يكون على العهدة. # وأما الوجه الثاني فهو انحلال حقيقي ، إذ بعد إلغاء الخصوصيات التي لا ~~دخل لها في موضوع حكم العقل أصلا ينحل العلم الإجمالي قطعا ، فإن موضوع حكم ~~العقل هو الواجب الإلهي بما هو واجب ، والمحرم الإلهي بما هو محرم ، لا بما ~~هو واجب أو حرام واقعي أو ظاهري وإنما الواقعي والظاهري اصطلاح أحدثناه ~~لتصوير الجمع بين هذين القسمين من الحكم ، وحينئذ فإذا علم إجمالا بواجبات ~~ومحرمات ثم قام الطرق الشرعية على تعيين جملة منها ، قلنا : هذا واجب وهذا ~~واجب وهذا واجب وهكذا ، وهذا حرام وهذا حرام وهذا حرام وهكذا ، فهذه PageV02P039 # الجملة ms0676 معلومة ، والباقي من الأطراف مشكوك ، فهذان الوجهان إن لم يلزم ~~على أحدهما إشكال أمكن البناء على صحة كليهما معا. # ولكن يرد على أولهما إشكال وهو أنه قد مر منا في البحث المتقدم عن العلم ~~الإجمالي أن المبنى في العلم الإجمالي وجهان : الأول أن يكون قضيته موافقة ~~التكليف بمقدار المعلوم الإجمالي ، والثاني أن يكون قضيته ترك مخالفة ~~التكليف بمقدار المعلوم الإجمالي. # فإن بنينا على الأول كان هذا الوجه صحيحا ، إذ للعبد أن يقول للمولى : لم ~~يكن علي إلا موافقة فرد واحد من خطاب : لا تأكل لحم الغنم الموطوءة ، ~~واجتنابي عن لحم هذا الذي أخبر البينة بموطوئيته أيضا موافقة لفرد واحد من ~~هذا الخطاب بحكم حجية البينة. # وإن بنينا على الثاني فلا يستقيم هذا الوجه ؛ لأن الواجب على العبد ترك ~~مخالفة فرد واحد من خطاب «لا تأكل لحم الغنم الموطوءة» وهذا لا يحصل ~~بالاقتصار على ترك أكل لحم الغنم التي أخبر البينة بموطوئيتها ؛ إذ لعل ~~الغنم الموطوءة كان غيره ، فكان أكله مخالفة لهذا الخطاب ، وكان عقوبة ~~المولى عليها صحيحة لمكان العلم الإجمالي ، فلا بد من الاجتناب عن جميع ~~أفراد القطيع حتى يحصل العلم بترك المخالفة ، وهذا الإشكال لا يجري على ~~الوجه الثاني ؛ إذ عليه يصير العلم معدوما بالمرة ومنحلا رأسا. # ولكن يرد على الوجه الثاني إشكال آخر وهو أن هذا الوجه وإن كان مستقيما ~~في الشبهة الحكمية سواء كان قيام الطريق قبل العلم الإجمالي أم مقارنا له ~~أم بعده أما صورة القبلية والمقارنة فواضح ، فإن قيام الطريق سبب لانحلال ~~الإجمال ومانع عن تأثير العلم للتنجيز ، وأما صورة البعدية مثل ما لو علم ~~إجمالا بوجوب واحد من الظهر أو الجمعة ثم حصل الاطلاع بعد يوم أو يومين ~~مثلا على خبر صحيح بتعيين الظهر فلأن الاطلاع على هذا الطريق وإن كان حاصلا ~~في الزمان المتأخر ، إلا أن حجيته على المكلف ثابتة من الأول، فإن المانع ~~عن وصول PageV02P040 # المكلف إليه تقصيره عن الفحص عنه ، والحجة التي المانع عن وصولها إلى ~~المكلف تقصيره في الفحص يكون ms0677 حجة على المكلف قبل الفحص أيضا ، وإذن فكان ~~حصول العلم الإجمالي في الزمان المتقدم مقارنا لوجود الحجة في أحد الأطراف ~~، فكان أصالة البراءة في هذا الزمان أيضا ساقطة من هذا الطرف في علم الله ~~لمكان الحجة ، غاية الأمر لم يعلم بذلك المكلف ، فكان أصالة البراءة في ~~الطرف الآخر جارية لعدم المعارضة بالمثل ، وقد كان الحكم بالاحتياط في ~~الأطراف لأجل سقوط الأصل عنها بالمعارضة ، فحيث لا معارضة فلا احتياط ولكنه ~~لا يستقيم في الشبهة الموضوعية في صورة تأخر قيام الحجة عن حصول العلم ~~الإجمالي. # كما لو علم إجمالا بوجود موطوء واحد في قطيع غنم ثم شهدت البينة بعد يوم ~~أو يومين مثلا بموطوئية المعين من هذا القطيع ، لا بمعنى حصول علم المكلف ~~بوجود البينة في الزمان المتأخر مع وجودها في ما تقدم ، بل بمعنى كون أصل ~~حدوث الشهادة في الزمان المتأخر ، فإنه حينئذ وإن كان هذه الحجة حاكية عن ~~كون هذا المعين موطوء من الزمان المتقدم الشامل لزمان حصول العلم أيضا ، ~~ولكنها لا تفيد القطع بهذا المعنى ، وإنما الثابت هو مجرد الحجية ، وليس من ~~أثرها أيضا إسراء الحجية إلى الزمان السابق المقارن لزمان العلم ؛ إذ لا ~~يعقل تأثيرها في ما قبل. # وإذن ففي زمان حصول العلم كان العلم ولم يكن حجة معه في شيء من الأطراف ~~بحسب الواقع وفي علم الله تعالى ، ومن المعلوم أن مثل هذا العلم يكون مؤثرا ~~للتنجيز ، فبعد ذلك إذا قام الطريق المعتبر فما الموجب لرفع اليد عن ~~التنجيز السابق في غير مورد الطريق من سائر الأطراف؟ وهل هذا إلا من قبيل ~~ما لو خرج أحد الأطراف بعد حصول العلم عن محل الابتلاء مع كون الجميع داخلا ~~فيه في حال حصوله ، حيث أفتى الاصوليون بأن التنجيز السابق بالنسبة إلى غير ~~الخارج عن محل الابتلاء باق بحاله ، ولا يعود الأصل الساقط في هذا الغير ~~بسبب معارضة الأصل الجاري في الطرف الخارج قبل خروجه ، فبعد خروجه وموت أصله PageV02P041 # لا يعود أصل الغير ولا يصير حيا لموت معارضه ، بل الساقط ms0678 في زمان يكون ~~ساقطا إلى يوم القيامة. # وكذلك لو طرأ الاضطرار إلى أحد الأطراف بعد حصول العلم مع عدم كون واحد ~~منها مضطرا إليه حال حصوله ، فقد حكموا بأن التنجيز السابق باق بحاله ~~بالنسبة إلى الطرف الغير المضطر إليه ، فهذا إشكال يرد بناء على هذا الوجه ~~على نفس الاصوليين في هذه الصورة من الشبهة الموضوعية ، حيث إن مقتضى ~~فتاواهم عدم الانحلال في هذه الصورة ووجوب الاحتياط ، ومقتضى هذا الوجه هو ~~الانحلال وعدم وجوب الاحتياط بعد الفراغ عن جواب الأخباريين به في الشبهة ~~الحكمية ، فلا بد إما من اختيار جواب ثالث يصحح به عدم وجوب الاحتياط في ~~سائر الأطراف في هذه الصورة أيضا ، وإما من البقاء على هذا الوجه الثاني مع ~~الالتزام بوجوب الاحتياط في هذه الصورة. # وهذا الإشكال غير وارد على الوجه الأول ، فإن هم العبد عليه لا يتوجه إلى ~~الانحلال، بل إلى جواب المولى ، وهو هنا ممكن ؛ إذ له أن يقول في جواب ~~المولى : إن الواجب علي كان هو الاجتناب عن الغنم الموطوءة من قبل ، وهذه ~~الغنم التي تركت أكلها أيضا موطوءة من قبل بحكم شهادة البينة. # وحاصل الوجه الأخير أن يقال : إن العلم الإجمالي وإن كان متعلقا بالأحكام ~~الواقعية من الإيجابات والتحريمات الواقعية المتعلقة بالوقائع المشتبهة ، ~~ولكن ملاك حكم العقل في باب الإطاعة ووجوب الامتثال إنما هو العلم بنفس حكم ~~الله تعالى ، وقيد كونه مجعولا في الرتبة الاولى ملغى وكالحجر ، وحاله حال ~~خصوصية إناء الزيد في المثال المتقدم ، فإذا قام طريق حجة شرعا على أن هذا ~~وهذا وهذا واجب ، وهذا وهذا وهذا حرام وهكذا إلى أن يبلغ عدد المعلوم ~~بالإجمال ، فحينئذ وإن كان لا يحصل العلم بالوجوب والحرمة الواقعيتين في ~~تلك الموارد ، ولكن نعلم بالوجوب والحرمة الظاهريتين ، فمطلق حكم الله ~~معلوم في تلك الموارد مفصلا ، ومشكوك في سائر الموارد. PageV02P042 # فإن قلت : هذا في ما إذا كان العلم التفصيلي الحاصل من قيام الطريق بمطلق ~~حكم الله حاصلا قبل العلم الإجمالي أو مقارنا له ، حسن تام ؛ فإن الإجمال ~~والترديد لا ms0679 ينعقد في النفس في متعلق العلم الإجمالي من زمان حصول العلم مع ~~الالتفات إلى هذا العلم التفصيلى، فلا يتحقق سبب التنجيز في الأطراف ~~الخالية عن الطريق من زمان حصول العلم ، ففي صورة قيام البينة على نجاسة ~~المعين من الإنائين سابقا على العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما أو مقارنا لا ~~يحصل في النفس العلم بأن مطلق النجس أعم من الظاهري والواقعي إما موجود في ~~هذا أو في ذاك ، بل الموجود في النفس هو أن هذا المعين نجس مفصلا ، وذاك ~~مشكوك الحال وأما لو كان العلم التفصيلي المذكور حاصلا بعد العلم الإجمالي ~~، فالعلم الإجمالي قد جاء وأثر أثره الذي هو التنجيز في جميع الأطراف ، فما ~~الذي جاء بعده ورفع هذا التنجيز الجائي من السابق عن الطرف الخالي عن ~~الطريق ، فإن هذا من قبيل ما لو طرأ الاضطرار أو الخروج عن محل الابتلاء ~~على أحد الأطراف بعد العلم الإجمالي ، فإن هذا أيضا موجب لزوال صورة ~~الإجمال والترديد عن النفس ، ومع ذلك لا يرتفع التنجيز عن الطرف الآخر. # قلت : إن بنينا في الجواب عن العلم الإجمالي على الوجه الأول فنحن في ~~فسحة عن هذا الإشكال ، فإن المولى لا يطلب من العبد بعد العلم الإجمالي إلا ~~الاجتناب عن الحرام الواقعي الموجود في الأطراف من السابق والإتيان بالواجب ~~الواقعي الموجود فيها من السابق ، وهذا الذي قام الطريق على حرمته أو وجوبه ~~أيضا حرام موجود في الأطراف من السابق أو واجب كذلك ؛ فإن مفاد الطريق هو ~~الحرمة من السابق والوجوب كذلك ، وكونه واقعيا مقتضى لسان حجية هذا الطريق ~~وإلغاء الخلاف عنه. # وإن بنينا على الوجه الثاني فلنا في التفصي عن الإشكال في الشبهة الحكمية ~~طريقان : # الأول : التمسك في رفع التنجيز عن الطرف الخالي عن الطريق بالأصل PageV02P043 # الشرعي وهو البراءة الشرعية ، وبيانه أن يقال : إن الاطلاع على الطريق ~~وإن كان متأخرا إلا أنه كان حجة على المكلف من السابق ، فإنه كان خبرا ~~صحيحا مثلا مدونا في الكتب ، وكان سبب عدم اطلاع المكلف عنه تقصيره في ~~الفحص ، فكان الطرف الذي ms0680 قام عليه الطريق غير محل للبراءة من زمان حصول ~~العلم ، بل وقبله ، فكان عدله محلا لها ؛ فإن وجه عدم الأخذ بالبراءة ~~الشرعية في أطراف العلم الإجمالي مع الجهل بحكم كل واحد منها شخصا هو لزوم ~~المخالفة القطعية من الأخذ بها في الجميع ، ولزوم الترجيح بلا مرجح من ~~الأخذ بها في واحد دون واحد ، وأما إذا لم يكن البراءة في أحد الأطراف ~~جارية لوجود الحجة فيه فلا مانع من الأخذ بها في الطرف الآخر ، لسلامته من ~~المحذورين. # والثاني : هو التمسك في رفع التنجيز عن الطرف الآخر بالبراءة العقلية ، ~~وبيانه أن يقال : لا يشترط في بقاء التنجيز الذي هو أثر العلم الإجمالي في ~~الأزمنة المتأخرة بقاء الإجمال والترديد في النفس في كل واحد واحد من ~~الأزمنة المتأخرة ، فلو وقع قطرة دم على معين من الإنائين الذين علم بنجاسة ~~أحدهما فحينئذ وإن كان صورة الإجمال زائلة عن النفس بالفعل بمعنى أنه لا ~~يجد الإنسان في نفسه في هذا الحال العلم بأن النجس إما هذا وإما ذاك ، بل ~~يجد فيها العلم بنجاسة المعين مفصلا والشك في الآخر ، إلا أن التنجيز بمجرد ~~ذلك لا يرتفع عن الإناء الآخر ، بل يشترط في بقاء التنجيز في الأزمنة ~~المتأخرة أن المكلف في كل واحد واحد من الأزمنة المتأخرة كان بحيث لو لاحظ ~~الزمان السابق وجد في نفسه الإجمال والترديد فعلا بلحاظ الزمان السابق ، ~~كما في مثال وقوع القطرة ، فإن صورة الإجمال بالنسبة إلى ما قبل وقوعها ~~محفوظة في النفس ، بمعنى أن المكلف لو لاحظ ما قبل وقوع القطرة وجد فعلا في ~~نفسه العلم بأن النجس كان في ذاك الزمان إما هذا وإما هذا. # فلو حدث للمكلف حالة انهدم بسببها بنيان الإجمال من أول زمان حصوله بأن ~~يسري الشك والتفصيل من الزمان المتأخر إلى الزمان المتقدم ارتفع التنجيز عن PageV02P044 # الطرف الآخر في الزمان المتأخر ، فلو كان العلم الإجمالي بنجاسة أحد ~~الإنائين حاصلا في يوم السبت ، وكان العلم التفصيلي بنجاسة المعين منهما في ~~هذا اليوم حاصلا في يوم الأحد فالمكلف ms0681 في يوم الأحد لا يجد في نفسه إذا ~~لاحظ يوم السبت العلم بأن النجس إما هذا وإما هذا ، بل يجد في يوم الأحد ~~بالنسبة إلى يوم السبت في نفسه أن هذا كان نجسا وذاك مشكوك الحال ، فلا يجب ~~الاجتناب عن الإناء الآخر في يوم الأحد وما بعده. # فنقول : ما نحن فيه من هذا القبيل ، بمعنى أن الشك والتفصيل يسريان من ~~الزمان المتأخر وهو ما بعد قيام الطريق إلى الزمان المتقدم وهو زمان حصول ~~العلم ، وذلك لأن مفاد الطريق هو الحرمة في جميع الأزمان ، والوجوب كذلك ، ~~والمفروض أن الطريق حجة على المكلف في جميع الأزمان ، فلهذا لو لاحظ المكلف ~~بعد قيام الطريق زمان حصول العلم لا يجد فعلا في نفسه العلم بأنه إما هذا ~~واجب وإما هذا ، وإما هذا حرام وإما هذا ، بل الموجود فعلا بلحاظ ذاك ~~الزمان أن هذا واجب مفصلا وذاك مشكوك الحال ، وبذلك يرتفع التنجيز عن ~~الأطراف الخالية عن الطريق بعد قيام الطريق ، لانتفاء شرط التنجيز فيها. # هذا كله هو الكلام في الشبهة الحكمية ، وأما الشبهة الموضوعية فلا محيص ~~عن الإشكال فيها إن بنينا على الوجه الثاني ، لأن المفروض أن موضوع الحجة ~~كالبينة القائمة على نجاسة المعين من الإنائين بعد العلم إجمالا بنجاسة ~~أحدهما متأخر عن العلم ، ولا يكون مؤثرا في الحجية من السابق أيضا ، فالحجة ~~متأخرة عن العلم موضوعا وحكما ، فلم يبق وجه لانحلال العلم الإجمالي إذا ~~لوحظ بعد قيام البينة زمان حصول العلم إلا لسان حجية البينة ، وهو أيضا ~~قاصر عن إفادة ذلك ، فإن غاية ما يلزم منه هو التعبد والالتزام بآثار ~~النجاسة السابقة لو كان لها آثار في اللاحق ، والتعبد على النجاسة السابقة ~~بحسب العمل الخارجي لا ربط له بعالم الوجدان ، ولا يزول بسببه صورة الإجمال ~~عن النفس ، فإذا لوحظ الزمان المتقدم على قيام البينة يوجد في النفس أن ~~مطلق النجس إما كان في هذا ، وإما في ذاك و PageV02P045 # إن كنا ملتزمين بحسب لسان الحجية في مقام ترتيب الآثار على نجاسة هذا ~~المعين من السابق ms0682. # ويمكن رفع غائلة الإشكال عن الشبهة الموضوعية أيضا بالبناء في الجواب عن ~~العلم الإجمالي على وجه ثالث ، وبيانه موقوف على تمهيد مقدمتين : # الاولى : أن ملاك حكم العقل في باب الإطاعة ووجوب الامتثال لا يكون العلم ~~بالحكم الواقعي بما هو علم وكشف تام مانع عن النقيض ، بل بما هو الجامع بين ~~الكشف التام وبين الحجية المجعولة ، وهو عبارة عما يصح الاحتجاج به للمولى ~~وبه للعبد ، وبعبارة اخرى عذر للمولى في ما أصاب وعذر للعبد في ما أخطأ ، ~~فهذا مدار حكم العقل في باب الامتثال ، لا خصوص الكشف التام ، غاية الأمر ~~أن الكشف التام فرد أكمل لهذا الجامع ، ولا يحتاج إلى الجعل ، والكشف ~~الناقص فرد غير أكمل ويحتاج إلى الجعل ، ولكنه بعد الجعل يصير فردا حقيقيا ~~لهذا المعنى الذي هو مدار حكم العقل. # وبالجملة ، المقدمة الاولى إلغاء خصوصية الكشف التامية في موضوع حكم ~~العقل ، ونظير ذلك ما قلنا في أوائل مبحث القطع من أخذ القطع في موضوع ~~الشرع على وجه الطريقية لا الموضوعية ، ثم بعد إلغاء هذه الخصوصية عن العلم ~~لا حاجة إلى إلغاء خصوصية الواقعية عن متعلقه أعني الحكم ، بل يحصل المطلوب ~~مع حفظها ، فنقول : مناط حكم العقل هو قيام الحجة من المنجعلة أو المجعولة ~~على الحكم الواقعي. # المقدمة الثانية : أنه كما ذكرنا آنفا في العلم الإجمالي أن شرط بقاء ~~تنجيزه في الأزمنة المتأخرة بقاء احتمال متعلقه في كل من الأزمنة المتأخرة ~~متى لوحظ فيها الزمان المتقدم ، كذلك نقول عين هذا الكلام بناء على هذا في ~~الحجة الإجمالية ، فنقول : يشترط في بقاء التنجيز الذي هو الأثر للحجة ~~الإجمالية في الأزمنة المتأخرة بقاء الإجمال في متعلقها في كل واحد واحد من ~~الأزمنة المتأخرة لو لوحظ فيها الحال بالنسبة إلى الزمان المتقدم ، فلو سرى ~~الشك والتفصيل في الزمان المتأخر إلى الزمان المتقدم ارتفع التنجيز عن ~~الطرف الآخر. PageV02P046 # وحينئذ فنقول : هذا التقريب يتم في الشبهة الموضوعية أيضا وينحسم به مادة ~~الإشكال بالمرة ، فإنه حينئذ يقال : كما لو قام البينة على نجاسة المعين من ~~الإنائين ms0683 ثم حصل العلم بنجاسة أحدهما كان ذلك موجبا للانحلال بلا إشكال ~~بالنسبة إلى أصل الحجة الذي هو الجامع بين العلم والحجة المجعولة ، إذ هذا ~~الجامع كان قائما في هذا المعين مفصلا ومشخصا ومتحققا في ضمن هذا الخاص ~~الذي هو البينة ، فإذا حصل العلم الذي هو فرد آخر له بنجاسة أحدهما إجمالا ~~يمنع البينة المتقدمة على التفصيل من حصول الإجمال في متعلق هذا الجامع ، ~~بل ينطبق الجامع في الإجماع على الجامع في التفصيل ، بمعنى أن قيام هذا ~~المعنى الجامع في هذا الإناء المعين مشخصا مانع من قيامه على هذا أو هذا. # فكذلك الكلام بعينه في صورة العكس أعني قيام البينة على نجاسة المعين من ~~السابق بعد العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما ، فإنه يقال حينئذ : قام الحجة من ~~الأول على هذا أو هذا ، وقام في الثاني على هذا مشخصا من الأول ، ولم يقم ~~على ذلك مشخصا من الأول. # وبالجملة ، الحال في صورة العكس هو الحال بعينه في صورة العلم التفصيلي ~~الحاصل بعد العلم الإجمالي ، كما لو علم إجمالا في يوم السبت على نجاسة هذا ~~أو هذا ، ثم علم تفصيلا في يوم الأحد نجاسة هذا في يوم السبت وشك في حال ~~الآخر ، فإن هذا يوجب بلا إشكال أنه متى لوحظ الحال بالنسبة إلى السبت في ~~يوم الأحد لم يوجد الإجمال في النفس ، فلا يمكن أن يقال : إني أعلم أن في ~~السبت إما كان هذا نجسا وإما ذاك. # وفي ما نحن فيه أيضا لو علم في السبت بنجاسة هذا أو هذا ، ثم قام البينة ~~في يوم الأحد على نجاسة هذا معينا من يوم السبت ، فالمكلف إذا لاحظ يوم ~~السبت لا يمكنه أن يقول : الحجة قائمة على هذا أو هذا ، بل يقول : هي قائمة ~~على هذا مشخصا ، وليست بقائمة على ذاك مشخصا ، فتأمل في هذا المقام لعلك ~~تظفر بحقيقة المرام إن شاء الله الملك العلام. PageV02P047 # فتحصل من جميع ما ذكرنا ثلاثة أجوبة من التمسك بالعلم الإجمالي ~~بالواقعيات دون خصوص ما بأيدينا : # أحدها : الانحلال التعبدي بأن يكون ms0684 العمل بما قام عليه الطريق قائما مقام ~~العمل المعلوم بالإجمال ، وذكرنا أن هذا وإن كان جاريا في كل مقام ، لكن ~~صحته مبتنية على البناء على اقتضاء العلم الإجمالي للموافقة ، والمختار أن ~~اقتضائه ترك المخالفة ، ومعه لا يتم هذا أصلا. # وثانيها : الانحلال الحقيقي بالغاء خصوصية الواقعية في الحكم في موضوع ~~حكم العقل، وقد عرفت حصول الجواب به من تمسك الأخباري بالعلم الإجمالي ، ~~ولكن لا محيص عن الإشكال معه في الشبهة الموضوعية. # وثالثها : الانحلال الحقيقي أيضا ، لكن بإلغاء خصوصية الكشف التام في ~~موضوع حكم العقل وإن كانت خصوصية الواقعية في الحكم محفوظة ، وقد عرفت أنه ~~مع حصول الجواب عن الأخباري به ينحسم مادة الإشكال بسببه في الشبهة ~~الموضوعية أيضا. # هذا حاصل الكلام في الوجوه التي تمسك بها الأخباريون في قبال تمسك ~~الاصوليين بقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وقد عرفت عدم نهوض شيء منها للورود ~~على هذه القاعدة، وللبيانية. PageV02P048 ### | «في حجج الاصوليين للبراءة» # وإذن فيكفى للاصوليين هذه القاعدة ، ولكنهم مع ذلك تمسكوا لإثبات مذهبهم ~~من البراءة في الشبهات الحكمية بوجوه متلقاة من الشرع ، وأقواها سندا ~~ودلالة حديث الرفع المشتمل على رفع تسعة أشياء من الامة وعد منها الخطاء ~~والنسيان ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، وما استكرهوا عليه ، وما لا ~~يعلمون ، والموصول في قوله : «ما لا يعلمون» عام للشبهة الحكمية والموضوعية ~~كما هو ظاهره. # وقد خدش في هذا الحديث تارة من حيث صحة الاستدلال به ، واخرى من حيث نفس ~~معناه ، أما الخدشة المتعلقة بصحة الاستدلال فمن جهات ثلاث ، تعرض لاثنين ~~منها شيخنا المرتضى في الرسائل ، وللثالثة المولى الأجل الطوسي في حاشيته ~~على الرسائل مع رجوعه عنه على ما حكي في مجلس الدرس. # أما الجهة الاولى : فهي أن المراد بالموصول في الأخوات الواقعة في رديف ~~«ما لا يعلمون» هو العمل والموضوع الخارجي ، فإن ما لا يطاق هو العمل ، ~~ومعنى أن هذا الحكم حكم لا يطاق ، لا يطاق العمل به ، وكذلك في الاضطرار ~~والإكراه ؛ فإنهما واقعان على العمل الخارجي دون الحكم ، وإذن فقضية اتحاد ~~السياق ms0685 والعطف والوقوع في الرديف أن يكون المراد بالموصول في «ما لا ~~يعلمون» أيضا هو العمل الخارجي ، فيختص بالشبهة الموضوعية ، كمن شرب الخمر ~~وهو لا يعلم أنه خمر ، بل يشك في كونه خمرا أو ماء. # والجهة الثانية : هو أن لا إشكال في أن المرفوع ليس نفس هذه الأشياء كما ~~هو واضح ، بل هو أثرها ، وحينئذ فلا بد من تقدير أظهر الآثار وهو المؤاخذة ~~، والمراد من الموصول في «ما لا يعلمون» لو كان هو الشبهة الموضوعية كان المقدر PageV02P049 # هو المؤاخذة عليه ، ولو كان هو الشبهة الحكمية كان المقدر هو المؤاخذة من ~~جهته ولأجله ، وهذان معنيان لا جامع بينهما ، فلا بد من إرادة واحد منهما ~~لئلا يلزم الاستعمال في معنيين، وحينئذ يلزم الإجمال ، لعدم تعين أن المقدر ~~قبل كلمة «ما لا يعلمون» هو المؤاخذة عليه ، أو المؤاخذة من جهته ، هذا في ~~حد ذاته. # أما بملاحظة سائر الأخوات فحيث إن المقدر فيها هو المؤاخذة عليها يتعين ~~فيه أيضا تقدير المؤاخذة عليه ، فيتعين في الشبهة الموضوعية ، وإلا لزم ~~اختلاف السياق في التقدير من حيث إنه يلزم على تقدير إرادة الحكمية أن يكون ~~المقدر في البقية المؤاخذة عليه ، وفيه المؤاخذة من جهته ، وظاهر السياق أن ~~يكون المقدر في الكل واحد. # والجهة الثالثة : وهي التي تعرض لها في الحاشية أن نسبة الرفع إلى «ما لا ~~يعلمون» على تقدير إرادة الموضوع نسبة إلى غير ما هو له ، لأن نسبة الرفع ~~إلى الموضوع بملاحظة أن المرفوع حكمه لا نفسه ، وأما على تقدير إرادة الحكم ~~فالنسبة إلى ما هو له ، فإن المرفوع نفس الحكم ، فلا يمكن الجمع بينهما في ~~الإرادة ؛ لاستلزام ذلك الاستعمال في المعنيين ؛ إذ لا جامع بين النسبتين ، ~~وحينئذ فحيث إن النسبة في الأخوات يكون باعتبار مرفوعية الحكم فهذا يصير ~~قرينة على هذا الاعتبار في ما لا يعملون ، لاتحاد السياق ، فيكون مختصا ~~بالشبهة الموضوعية. # والجواب ، أما عن الجهة الاولى : فهو أن قضية اتحاد السياق هو إرادة ~~العموم لا الخصوص ، فإن الموصول في كل واحدة من الأخوات مستعمل في ms0686 العموم ، ~~فكأنه قيل : كل شيء لا يطيقونه ، وكل شيء اضطروا إليه ، وكل شيء استكرهوا ~~عليه ، غاية الأمر أن دائرة الصلة في هذه الثلاثة ضيقة ، ولا تسع لغير ~~الموضوع الخارجي ، وعموم الموصول أيضا تابع لعموم صلته ، ومجرد ذلك لا يوجب ~~التخصيص بالموضوع في مثل «ما لا يعلمون» الذي يكون صلته شاملة للموضوع ~~والحكم معا. # وبالجملة ، فهذا من قبيل قولنا : جئني بما يؤكل وما يرى ، فإن اختصاص PageV02P050 # الموصول في الأول بالمأكولات من باب عدم سعة صلته لغيرها لا يوجب اختصاص ~~الموصول في الثاني بها أيضا وعدم شموله لمثل الإنسان ، مع كون صلته جارية ~~في الجميع كما هو واضح، وبالجملة ، فرق بين التصرف في عموم الموصول ~~واستعماله في الخاص ، وبين كون الصلة ضيقة الدائرة ، وقضية اتحاد السياق في ~~الأول الخصوص ، وفي الثاني العموم. # وأما عن الجهة الثانية : فهو أن أمثال هذه التراكيب مما اشتمل على نسبة ~~الفعل أو الوصف إلى غير ما يكون هذا الفعل أو الوصف له ، ومنها قولنا : جرى ~~الميزاب محتملة لثلاثة وجوه : # الأول : أن لا يكون هناك مجاز لا في النسبة ولا في الكلمة ، بل قدر في ~~الكلام ما يناسب هذه النسبة ، فيقدر في التركيب المذكور «الماء» ويصير ~~التقدير : جرى الماء في الميزاب ، وفي الحديث رفع الأثر الذي رتب على فلان وفلان. # والوجه الثاني : أن لا يكون هناك تقدير أصلا ، بل كان النسبة إلى نفس ~~المذكور في الكلام وهذا على ضربين : # الأول : أن يتصرف في النسبة ، بأن يجعل طرفها غير الشيء الذي حقها أن ~~يجعل هو طرف النسبة ، لكمال المشابهة والمناسبة والاتصال في ما بين هذا ~~الغير وهذا الشيء ، كما في التركيب ، حيث نسب الجريان الذي حقه أن ينسب إلى ~~الماء إلى الميزاب ، لكمال العلاقة بينه وبين الماء ، وكما في الحديث ، حيث ~~إنه نسب الرفع الذي حقه أن ينسب إلى الآثار إلى نفس هذه الأشياء لكمال ~~الربط في ما بينها وبين الآثار. # والثاني : أن يتصرف في الأمر العقلي ، وذلك بأن يدعى في النفس أولا أن ~~الميزاب نفس الماء لكمال الربط ms0687 والاتصال بينهما ، وبعد هذا الادعاء نسب ~~الجريان إليه ، فيكون النسبة إلى ما هو له ، وكذلك يدعى في النفس أن ~~الأشياء المذكورة نفس آثارها ، ثم نسب الرفع إليها ، فيكون قد فرضتها ~~معدومة بعد تنزيلها منزلة نفس الآثار المعدومة ، وأما المجاز في الكلمة فهو ~~غير جار في الحديث بأن PageV02P051 # اريد من الموصول الآثار مجازا وإن كان جاريا في قولنا : زيد أسد. # فهذه ثلاثة أوجه جارية في الحديث وأشباهه من التراكيب ، ولا يخفى أن ~~الحمل على الوجه الأول الذي هو مبنى إشكال شيخنا العلامة يخرج الكلام عن ~~الملاحة والفصاحة ، وبعد الحمل على أحد الأخيرين لا يلزم الإشكال ، وذلك ~~لأنه عليها يكون نسبة الرفع إلى نفس أفراد العام الذي هو الموصول من دون ~~تقدير في الكلام أصلا ، غاية الأمر أن هذه النسبة يحتاج إلى مصحح وهو مختلف ~~حسب اختلاف الأفراد ، وهذا مما لا ضير فيه. # فإما أن يقال : إنه نسب الرفع إلى نفس الموضوعات والأحكام الغير المعلومة ~~، والمصحح كمال مناسبة الموضوعات مع المؤاخذة عليها من جهة الحكم وكمال ~~مناسبة الأحكام مع المؤاخذة من جهتها على الموضوعات ، وإما أن يقال : نسب ~~الرفع إلى نفس الموضوعات والأحكام الغير المعلومة ، والمصحح في الأول ~~ملاحظتها وادعائها عين المؤاخذة عليها من جهة الحكم ، وفي الثاني ملاحظتها ~~وادعائها نفس المؤاخذة من جهتها على الموضوع ، والحاصل وجه ملاحظة الموضوع ~~كالعدم عدم ترتب المؤاخذة عليه ، ووجه ملاحظة الحكم كالعدم عدم ترتب ~~المؤاخذة من جهته عليه ، ثم نسب الرفع إلى هذين الشيئين الذين كل منهما ~~لوحظ كالعدم لوجه خاص به. # ومثله لو قيل : ليس شيء من هذا الأسد والطيلسان والبخاري شيئا ، والمصحح ~~في الأول عدم الشجاعة وفي الأخيرين عدم الحرارة على اختلاف صنفها فيهما ، ~~هذا مضافا إلى إمكان تسليم التقدير ، ولا يرد ما ذكره من اختلاف السياق ، ~~وذلك لأن اختيار التقدير بيدنا ، فنحن نقدر شيئا لا يلزم منه اختلاف السياق ~~، بأن نقول : إن المقدر في الكل المؤاخذة من جهته لا عليه ، فإنه كما أن ~~للحكم منشئية المؤاخذة ، كذلك للموضوع كما هو واضح. ### ||| ** وأما ms0688 الخدشة الثالثة ففيها # أولا : أنا إن بنينا على عدم المراتب للأحكام الواقعية وأن حالها بالنسبة إلى PageV02P052 # حال علم المكلف وجهله على السواء ولا يزداد لها بالعلم رتبة ، بل هي ~~فعلية في كل حال ، غاية الأمر اختلاف الحالتين في التنجيز وعدمه والعذر ~~وعدمه ، فحينئذ يكون نسبة الرفع إلى ما جهل من الموضوع وما جهل من الحكم ~~على السواء في كون كليهما إلى غير ما هو له ، أما الموضوع فواضح ، وأما ~~الحكم فلأن موضوع الرفع إذا كان «ما لا يعلم» فلا يعقل أن يكون المرفوع ~~نفسه ، فالحكم إذا كان بواقعه الذي ليس إلا واحدا غير معلوم بمعنى محتمل ~~الوجود والعدم فهو مع هذا الوصف لا يمكن أن يصير مرفوعا ؛ إذ حينئذ يكون ~~مقطوع العدم ويخرج عن كونه محتمل الوجود (1)، وظاهر الخبر أن نفس الشيء ~~الذي يكون موردا لقولنا : «لا يعلم» يكون مرفوعا. # فعلم أنه لا يكون هنا اختلاف في النسبة ، بل هي على أي حال يكون إلى غير ~~ما هو له ، سواء كان ما لا يعلم عبارة عن الموضوع أم عن الحكم ، مضافا إلى ~~أنه يلزم على هذا من كون نفس الحكم مرفوعا تقييد الحكم بالعلم كما قاله ~~العلامة قدسسره ، فيرد عليه الإشكال المشهور الذي هو الدور. # وإن بنينا على ثبوت المراتب للحكم كما هو مذهب المعترض قدسسره فنقول : لا ~~بد من أن يؤخذ الرتبة الاولى محلا للعلم والجهل ، وحينئذ فيتعين الرتبة PageV02P053 # الثانية لان يكون محلا للرفع ، ولا يجوز جعل الرتبة الثانية محلا للرفع ~~وعدم العلم معا ، لعين ما تقدم في المبنى المتقدم حرفا بحرف ، فيكون الحكم ~~برتبته الاولى لا يعلم وبرتبته الثانية مرفوعا ، فيكون أيضا المرفوع غير ~~نفس ما لا يعلم ، فلا يلزم أيضا اختلاف النسبة ، فلا بد إذن من التجوز إما ~~في النسبة وإما في طرفها ادعاء. # وثانيا : سلمنا اختلاف النسبة بمعنى كونها إلى الحكم المجهول إلى ما هو ~~له ، وإلى الموضوع المجهول إلى غير ما هو له وأنه لا جامع بينهما ، ولكن ~~نقول : إما يخصص الموصول حينئذ بالحكم فيكون ms0689 مناسبا لمطلب الاصولي ومخالفا ~~للسياق ، فإن النسبة في الأخوات يكون إلى غير ما هو له ، وإما يخصص ~~بالموضوع ، فلا يناسب بمطلب الاصولي ويكون موافقا للسياق ، وإذا دار الأمر ~~بين هذين فالمقدم هو ما يقتضيه ظاهر النسبة ، وهو كونه إلى ما هو له وإن ~~كان فيه مخالفة السياق وفي خلافه موافقته ، فإن اتحاد السياق ليس ظهورا حتى ~~يصلح لمعارضة الظهور ، وإنما هو من المؤيدات. # وثالثا : سلمنا أيضا اختلاف النسبة ، ولكن نقول : يمكن الجمع والإتيان ~~بكليهما في نسبة واحدة ، فإن غاية ما يقال أن أفراد ما لا يعلمون بين ~~طائفتين ، فطائفة تكون مرفوعة واقعا وهي الأحكام ، واخرى تكون مرفوعة أثرا ~~وهي الموضوعات ، ولكن لنا أن نقول : يمكن فرض الثانية أيضا من المرفوع ~~الواقعي ادعاء ثم ينسب الرفع إليها وإلى الطائفة الاولى بنسبة واحدة ، ~~فتكون النسبة إلى جميع الأفراد إلى ما هو له والمرفوع الواقعي ، غاية الأمر ~~بعضها مرفوع واقعي جدا ، وبعضها كذلك ادعاء. # فهذا نظير ما لو رأيت عدة من الرجل الشجاع وعدة من الحيوان المفترس ثم ~~قلت : رأيت اسودا ، ونظير ما نحن فيه واقع في القرآن وهو الآية الشريفة : ( ~~@QUR@04 حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ) إلى قوله : «وأن تجمعوا بين الاختين» ~~حيث إن نسبة «حرمت» إلى «أن تجمعوا» يكون إلى ما هو له ، لأنه من الأفعال ، ~~وإلى ما تقدمه إلى غير ما هو له ؛ لكونها من الأعيان ، وطريق التصحيح هو ما ~~ذكرنا من PageV02P054 # فرض غير الأهل أهلا إدعاء ثم نسبة الفعل إليه وإلى الأهل الحقيقي ، ~~فالنسوة المذكورة فرضت كأنها ليست إلا نفس العمل الذي يطلب من النساء وهو ~~الوطي ، ثم نسب التحريم إليها وإلى الجميع. # وإذن فقد تحصل أن الموصول في «ما لا يعلمون» شامل للموضوع والحكم ، ~~والخدشات الثلاث مندفعة ، فنحتاج حينئذ إلى مصحح لنسبة الرفع إلى نفس هذه ~~الأشياء ، فنقول : المصحح يحتمل فيه ثلاثة أوجه : # الأول : أن يكون بلحاظ أظهر الآثار ، ولا خفاء في أن أظهر الآثار في هذا ~~المقام هو أثر المؤاخذة ؛ إذ هو الذي يبتلي به المكلف ويكون الامتنان علة ms0690 ~~في رفعه عنه ، وغير هذا الأثر أيضا وإن كان قد يكون كذلك ، لكن المنصرف من ~~الرواية لو كنا نحن وهي لا إشكال أنه خصوص المؤاخذة والعقاب ؛ لكونه محلا ~~للاهتمام كثيرا في حق العباد. # والثاني : أن يكون بلحاظ جميع الآثار أعم من المؤاخذة وغيرها من الآثار ~~الوضعية ، ولكن خصوص ما كان رفعه مناسبا للمنة. # والثالث : أن يكون بلحاظ الأثر المناسب بالمقام ، وعلى هذا فلا بد في كل ~~مقام من تخصيص الرفع بالأثر المناسب بهذا المقام ، فإن المقامات مختلفة ، ~~ففي ما إذا لم يكن فيه إلا أثر تكليفي فالمناسب هو المؤاخذة ، وفي ما لم ~~يكن إلا أثر وضعي فالمناسب هذا الأثر ، وفي ما كان الأثر التكليفي والوضعي ~~معا فالمناسب هو خصوص المؤاخذة ، ويعتبر على هذا الوجه أيضا المناسبة للمنة ~~علاوة على المناسبة للمقام. هذا بحسب مقام الثبوت. # وأما بحسب مقام الإثبات فقد عرفت أنه لو لم يكن بأيدينا سوى نفس حديث ~~الرفع لكان المتعين حمله على خصوص المؤاخذة ، ولكن هنا رواية اخرى مانعة عن ~~هذا الحمل وهي صحيحة المحاسن عن صفوان والبزنطي جميعا «عن أبي الحسن ~~عليه السلام في الرجل يستحلف على اليمين فحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك ~~، أيلزمه ذلك؟ فقال : لا ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : PageV02P055 # رفع عن امتي ما اكرهوا عليه وما لا يطيقون وما أخطئوا» الخبر. # واليمين المذكور وإن كان لا أثر له في مذهبنا مطلقا ولو في غير حال ~~الإكراه ، إلا أن الإمام راعى التقية من هذه الجهة ولم يحكم ببطلانه من هذه ~~الجهة ، بل من جهة الإكراه ، فتكون هذه الصحيحة دليلا على أن المراد بالرفع ~~في حديث الرفع ليس خصوص رفع المؤاخذة ، وإلا لما استشهد الإمام به ، فإن ~~الأثر المطلوب في هذا اليمين هو انقطاع العلقة الزوجية أو الرقية أو ~~الملكية لا المؤاخذة ، وأيضا فالراوي أيضا ما اعترض على استشهاد الإمام مع ~~كونه من أهل اللسان ، فيعلم من ذلك أن الرفع أعم من المؤاخذة. # فإن قيل : حيث إن اليمين بالعتاق والطلاق محرم نفسي ، يمكن ms0691 أن يكون نظر ~~السائل في قوله : أيلزمه ذلك ، إلى أنه هل يقع في إثمه أولا ، فيكون ذلك ~~إشارة إلى الحلف المحرم ، فكأنه قال : لزمه هذا الحرام أو لا؟ فهو نظير ~~قوله عليه السلام : من رضي بفعل لزمه ذلك ، وعلى هذا فاستشهاد الإمام ~~عليه السلام لا يدل على التعميم. # قلت : فيه أنه خلاف ظاهر اللفظ ، حيث إن التعبير عن المعصية بمثل هذا ~~بعيد ، وجعله إشارة إلى الحرام مع عدم ذكره أيضا بعيد ، فالظاهر من لزوم ~~الحلف له انعقاد أثره في حقه أو لزوم متعلقه وهو نفس الانعتاق والانطلاق ~~وصيرورة ما يملك صدقة ، بمعنى حصول ذلك وترتبها على الحلف المذكور ، وأما ~~قوله : من رضي الخ فلا شهادة فيه لإرادة العصيان، فإن المراد أن الفعل ~~المرضي بنفسه يلزم الراضي ، يعني ينسب إليه ويلحق به مع عدم صدوره عن ~~جوارحه. # لا يقال : يمكن إرادة خصوص المؤاخذة وليست في الصحيحة شهادة على التعميم ~~، وذلك بأن يقال : إن المؤاخذة المراد رفعها أعم مما كان بلا واسطة وما كان ~~معها ، وفي اليمين المذكورة وإن كان لا تترتب عليها مؤاخذة بلا واسطة ، ~~ولكن المؤاخذة معها موجودة، والواسطة هو انقطاع الزوجية والرقية والملكية ، ~~فالمراد برفع هذا اليمين الإكراهي رفع هذه المؤاخذة المترتبة عليها بتوسط ~~هذا الأثر. PageV02P056 # لأنا نقول : حال الرفع في هذا الحديث حال الوضع في حديث «لا تنقض» ، غاية ~~الأمر أن الرفع ضد الوضع ، وقد تقرر في عنوان الوضع في ما إذا كان للموضوع ~~أثران طوليان أنه إن أمكن شمول الوضع للأثر الأول كان الآثار الأخر مترتبة ~~من جهته وقهرا ، وأما إن لم يشمل الأثر الأول لعدم كونه أثرا شرعيا ، فلا ~~يمكن التعدي منه إلى أثر هذا الأثر الذي كان شرعيا ؛ إذ ليس وضع الموضوع ~~بترتيب أثر أثره ، لأنه ليس من أثر نفسه وأجنبي عنه ، فلا يكون ترتيبه وضعا ~~للموضوع ، فكذلك نقول نحن مثل هذا الكلام في عنوان الرفع. # فنقول : إذا فرض أن رفع هذه العناوين عدم ترتيب خصوص أثر المؤاخذة ليس ~~إلا ، فلا جرم إنما يشمل خصوص ms0692 مورد كان أثر المؤاخذة أثرا لنفس هذه ~~العناوين أولا وبالذات وبلا واسطة ، وأما إذا كان أثرا لأثرها مثل هذا ~~الحلف المستكره عليه حيث إن أثر نفسه هو الانقطاع ، والمؤاخذة أثر لحرمة ~~الوطي التي هي أثر للانقطاع ، فليس رفع المؤاخذة حينئذ رفعا لهذه العناوين ~~، كما لا يكون ترتيبها أيضا وضعا لها ، لكونها شيئا أجنبيا غير مرتبط بهذه ~~العناوين. # والحاصل أن هنا مطلبين ، الأول : أن مدلول الكلام رفع الأثر بلا واسطة ، ~~والثاني : أن المؤاخذة أثر نفس الفعل المعنون بأحد هذه العناوين ، لكنها ~~غير قابلة للوضع والرفع ، فنقول : يكفي قبول منشأها ومناطها أعني إيجاب ~~الاحتياط والتحفظ لهما ، فنحن إذا قلنا بصحة رفع المؤاخذة إذا كان ما يترتب ~~المؤاخذة عليه شرعيا فلا يلزمنا أن نقول بارتفاعها وإن كانت بينها وبين ~~الفعل المستكره عليه مثلا ألف واسطة شرعية. # وأما قولنا في «لا تنقض» بترتيب الأثر الشرعي المترتب بواسطة أو وسائط ~~كلها شرعية فليس من جهة عقد القضية أولا في الأثر العاشر مثلا ، ثم يستكشف ~~منه السوابق بطريق الإن ، بل يكون العقد أولا في الأثر بلا واسطة ، ثم ~~يستطرق منه إلى أثر الأثر بطريق اللم ، وعلى هذا فمجرد كون انقطاع الملكية ~~والزوجية الذي هو الأثر بلا واسطة شرعيا ولازمها حرمة التصرف والوطي ~~ولازمها استحقاق PageV02P057 # العقوبة لا ينتج إلا إمكان رفع الحلف المذكور برفع المؤاخذة المترتبة على ~~لازم لازمه ، لا كونه مدلولا للحديث مفهوما عرفيا منه بعد فرض أن الرفع ~~والوضع كلاهما باعتبار الأثر بلا واسطة ، سواء قلنا بجميع الآثار أم بخصوص ~~المؤاخذة. # وإذن فتعين أن يكون المقصود بالرفع في الحديث في محل الاستشهاد خصوص ~~الأثر الوضعي ، لكن هذا إنما يوجب رفع اليد عن الاحتمال الأول وهو كون ~~موضوع الرفع خصوص المؤاخذة ، فيدور الأمر بين الاحتمالين الآخرين أعني جميع ~~الآثار والأثر المناسب للمقام. # فنقول : لا إشكال في احتياج الثاني إلى مئونة زائدة لا يساعدها سوق ~~الكلام وهو أن يكون الملحوظ في كل مقام ما يناسبه من الأثر ، فيحتاج إلى ~~تعدد اللحاظ بعدد اختلاف المقامات ؛ إذ ليس بين ms0693 تلك المشتتات جامع حتى ~~يقتصر على لحاظ هذا الجامع ، وأما عنوان المناسب للمقام فهو عنوان عرضي ~~منتزع ثانوي ، وليس الملحوظ لدى المتكلم إلا أشخاص أفراد هذا العنوان ~~العرضي ، فلا جرم نحتاج إلى تعدد اللحاظ ، ولا يخفي أن الظاهر أن اللحاظ ~~واحد في جميع العناوين في جميع المقامات ، وهذا لا يستقيم إلا مع إرادة كل ~~الآثار المناسبة مع الامتنان. # فتلخص أن معنى الرواية بعد ملاحظة الصحيحة وهذا الظهور في نفسها هو رفع ~~جميع الآثار ، هذا ملخص الكلام في الإشكال على صحة الاستدلال. # إن قلت : ما الفرق بين جميع الآثار وبعضها ؛ إذ على التقديرين التغاير ~~موجود ، فجميع آثار كل عنوان غير جميع آثار عنوان آخر ، فتعدد اللحاظ ~~اللازم على تقدير جعل المصحح برفع البعض بعينه موجود مع جعله رفع الكل. # وبعبارة اخرى : كما أن جميع الآثار عنوان انتزاعي ، كذلك أظهر الآثار ، ~~وكما أن النظر يسري في الثاني إلى أشخاص المعنونات ، كذلك يعبر عن الأول ~~أيضا إليها ، فإن كان العبرة بوحدة الحاكي ففي المقامين موجود ، وإن كان ~~بوحدة المعنونات ففي المقامين مفقود. # قلت : الفرق أن السقوط عن الأثر رأسا وعن قابلية الانتفاع جما أمر ملحوظ PageV02P058 # في نفسه مصحح لنسبة النفي إلى الموضوع ، وهذا المعنى الواحد باختلاف ~~محققاته موجود في المتعددات ، فيصح نسبة النفي الواحد إلى جميعها ، فيقال ~~مثلا : هذا الأسد وهذا الطيلسان وهذا البخاري لا شيء محض عند سقوطها عن ~~جميع الآثار ، وأما إذا كانت الآثار موجودة وكان المقصود أثرا خاصا أظهر من ~~غيره كالشجاعة في الأسد ، ودفع البرد في الطيلسان ، والحرارة في البخاري ، ~~فجمعها في كلام واحد وإضافة النفي إليها يحتاج إلى ملاحظات عديدة تفصيلية ، ~~واللحاظ الإجمالي ... (1) # أيضا مسبوق بها ، وهو وإن كان ممكنا ، ولكنه في خلاف الظهور بمكان حتى ~~يمكن كون استعماله مخصوصا بباب المطايبات. # وأما الاشكال في الرواية من حيث المعنى فمن وجوه : # الأول : أن الرفع يحتاج إلى المسبوقية بالثبوت ، فيكون هو رفعا للشيء ~~الثابت ، كما أن الدفع عبارة عن الممانعة عن مقدمات الشيء الذي يكون فيه ~~مقتضى الوجود والثبوت ms0694 ، وإذن فالإشكال هو أن المؤاخذة متى كانت ثابتة على ~~هذه الامة حتى تكون مرفوعة عنهم في ما بعده من الأزمنة؟. # والجواب أن الرفع بحسب العرف يكون أعم من الدفع ، فيستعملون الرفع في ~~مقام حصل المقتضي لوجود الشيء وإن لم يصر نفس الشيء موجودا فعلا ، فحال ~~الرفع في الحديث يكون كالنسخ في كونه من العالم بالعواقب الغير المتصور في ~~حقه البداء دفعا في اللب وفي عالم الثبوت وإن كان رفعا للشيء الثابت في ~~الصورة وفي عالم الإثبات ، ولكن يمكن أن يقال بناء على ما هو الحق من إمكان ~~إنشاء الحكم جدا لمصلحة في نفسه : إن الشارع الحكيم رأى الصلاح في نفس ~~الحكم الشامل لما بعد طرو العجز والخطاء والجهل بالموضوع لأجل تحقق الرفع ~~الحقيقى عند طرو أحدها ، فالإرادة الجدية تثبت في قطعة من الزمان ثم رفعت ~~عنها ، هذا. PageV02P059 # والتحقيق عدم إمكان ذلك ، فإن الحال في ذلك حال الإرادة الفاعلية ، ولا ~~يتمشى ممن يعلم بأنه يسافر بين العشرة أن ينوى مقام العشرة ، وبالجملة ، ~~البناء على الأمر الاستقبالي في الحال مع العزم على نقض هذا البناء في ~~موطنه لا يجتمعان. # والثانى : أن حال الرفع ضد حال الإبقاء في مسألة الاستصحاب ، وقد تقرر ~~هناك أن الإبقاء في الموضوعات إنما يكون بترتيب آثارها التي تنالها يد ~~التصرف إثباتا ورفعا ، فيكون الرفع أيضا عبارة عن عدم ترتيب أثر تناله يد ~~الجعل والتصرف ، والمؤاخذة ليست من هذا القبيل. # والجواب : أنه وإن لم تكن نفس المؤاخذة من هذا القبيل ، ولكن منشأها منه ~~، فإن للشارع إيجاب الاحتياط في «ما لا يعلمون» مثلا حتى تصح المؤاخذة ~~عليها ، وبهذا الاعتبار يصح أن يقال : إن المؤاخذة أيضا تناله يد الجعل ~~باعتبار أن منشأها كذلك ، كما أن هذا هو الحال في الجزئية والشرطية ~~والمانعية ، فإنها أيضا بنفسها غير قابلة للجعل ، ولكن يكفي في صدق ~~المجعولية والشرعية عليها كون منشأها مجعولا ، حيث إن الآمر لو أنشأ ~~الإيجاب على المركب من عشرة أشياء ينتزع الجزئية بسبب هذا الإنشاء لكل واحد ~~من هذه الأشياء ، والكلية لمجموعها ms0695. # والثالث : أن المؤاخذة على ما لا يعلمون قبيح لكونها عقابا بلا بيان ، ~~فكيف يكون في رفعها امتنان ، وإنما يحصل إذا كان المؤاخذة صحيحة ، وكذا ~~الكلام في الخطاء والنسيان وما لا يطيقون وما اضطروا إليه ، نعم لا يجرى في ~~ما استكرهوا عليه ؛ إذ يصح التكليف في مورد الإكراه بتحمل الضرر وعدم ~~الإقدام ، من دون لزوم قبح كما وقع ذلك في بعض الموارد، ويمكن تقريب ~~الإشكال بأنه ما وجه اختصاص الرفع بهذه الامة مع أن حكم العقل بقبح مؤاخذة ~~الجاهل والخاطي والعاجز جار في جميع الأديان وجميع الأزمان. # وأما القول بأن المنة إنما هي بلحاظ مجموع التسعة فلا يخفي كونه شططا من ~~الكلام كما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره حيث إنه يكون الكلام حينئذ من قبيل PageV02P060 # ضم ما لا ربط له أصلا بما يكون له ربط. # ولكن يظهر منه قدسسره ارتفاع الإشكال بواسطة تعميم الأثر المرفوع إلى ~~جميع الآثار ، وليت شعري هل بينه وبين القول المتقدم الذي حكم بشططيته فرق؟ ~~وهل فرق بين أن يكون المرفوع خصوص المؤاخذة ، ويقال على هذا الفرض : إن ~~المرفوع عن الامم السالفة خمسة من هذه الامور ، فصار المرفوع في هذه الامة ~~تسعة ، تلك الخمسة مع ضم أربعة اخرى ، وبين أن يكون المرفوع جميع الآثار من ~~المؤاخذة وغيرها ويقال على هذا الفرض : إن المرفوع في حق الامم السالفة في ~~هذه العناوين الخمسة أعني : ما لا يعلمون والخطاء والنسيان وما لا يطيقون ~~وما اضطروا إليه كان خصوص المؤاخذة وحدها ، فصار في هذه الامة جميع الآثار ~~من المؤاخذة وغيرها ، فإن كلا من الكلامين يكون من قبيل ضم الأجنبى إلى ما ~~له الدخل ، وهو يمكن سوقه وتأديته بنحوين : # أحدهما صحيح والآخر غير صحيح. # فالصحيح أن يلاحظ المنة في خصوص المتمم أعني تتميم الخمسة بالتسعة أو ~~الأثر الواحد بكل الآثار ، كأن يقال : إنه وإن كان المقتضي للرفع لم يكن ~~إلا في خمسة أو في أثر واحد ، ولكن نحن جعلنا المرفوع تمام هذه التسعة أو ~~جميع الآثار منة ، وهذا الوجه يكون صحيحا. # والثاني : أن ms0696 يكون النظر إلى الجميع بحيث كان كل واحد محطا للنظر على وجه ~~الاستقلال ، وهذا الوجه يكون قبيحا. # فالوجه الأول صحيح في كلا المقامين ، والثاني غير صحيح في كليهما ، فلا ~~فرق بينهما أصلا ، ولا يخفي أن ظاهر الرواية هو المنة بلحاظ كل واحد من ~~العناوين ومن الآثار ، فلا جرم يكون القول بثبوت المنة بلحاظ الجميع في كلا ~~المقامين شططا من الكلام. # وحينئذ فالصحيح في الجواب هو الوجه الآخر الذي جعله قدسسره حاسما للإشكال ~~وهو أن في رفع المؤاخذة بنفسه امتنانا ، أما في «ما لا يعلمون» فلأنه كان PageV02P061 # للشارع أن يوجب على المكلفين الاحتياط فيها حتى يرتفع قبح المؤاخذة عليها ~~، فإن قبحه من جهة عدم البيان ، وإيجاب الاحتياط بيان ، فحيث ما أوجب صح أن ~~يقال : أنه رفع المؤاخذة منة ، غاية الامر أن هذا يكون من باب الدفع لا ~~الرفع ، وقد تقدم أن الرفع أعم من الدفع. # فإن قلت : ينافي هذا منك ومن الشيخ العلامة مع ما سبق منك ويأتي منه ~~قدسسره من إمكان الاحتياط الطريقي وأنه لا محالة يكون نفسيا ، فتكون ~~العقوبة على مخالفته لا على مخالفة التكليف المجهول ، وظاهر الحديث كون ~~المرفوع مؤاخذة نفس ما لا يعلمون. # قلت : يمكن الجمع بين المقامين بما يشهد به بعض كلماته قدسسره في المقام ~~وهو أن يقال: إن احتمال التكليف الذي يعلم كونه على تقدير الثبوت اهتماميا ~~منجز عند العقل كالعلم ، فيجب الاحتياط بحكم العقل وإرشاده ، فمقصوده ~~قدسسره أنه أمكن للشارع أن يوجه تكليف «لا تشرب» مثلا على نحو يظهر كمال ~~جديته فيه واهتمامه به ، فيصير هذا سببا لاحتياط المكلف بإرشاد عقله في ~~موارد الشك ، لا بمعنى أن الحكم الواقعي يسري إلى حالة الشك حتى يقال : إنه ~~محال ، بل بمعنى أنه متى لاحظ نفس الحاكم مرتبة الشك فيه بلحاظ ثانوي لا ~~يتمشي منه الرخصة ، فإيجاب التحفظ والاحتياط المذكور في كلامه ليس هو ~~الإيجاب الشرعي ، بل الإرشادي العقلي ، فمعنى كون المنشأ بيد الشرع أن ~~كيفية توجيه التكليف بيده. # وأما في الخطاء والنسيان ، فلأن بعض أفرادهما لا ms0697 يكون استنادهما إلى ~~اختيار من المكلف في مقدماتها ، وهذه لا إشكال في قبح العقاب عليها عقلا ، ~~وبعض أفرادهما مما يكون استنادها إلى قدرة المكلف واختياره في المقدمات ، ~~مثل تقصيره في التحفظ لذكره السابق لينتفع به في مقام الحاجة في اللاحق ، ~~وهذا لا يقبح العقاب عليه بعد إيجاب التحفظ على المكلف ويصح الامتنان على ~~دفع المؤاخذة عليه بعدم إيجاب التحفظ ، وإذن فيتعين بحكم العقل تخصيص ~~الخطاء و PageV02P062 # النسيان في الحديث بخصوص القسم الثاني. # وأما في «ما لا يطيقون» فلأنه ليس المراد به ما كان خارجا عن الطاقة عقلا ~~مثل الطيران في الهواء ، بل المقصود هي الموارد التي يصدق هذا العنوان عرفا ~~مع عدم صدقه عقلا ، مثل رفع اليد عن جميع المال الخطير والأهل والولد ، ~~فانه يقال عرفا : إنه شيء لا يطاق ، وهذا ليس العقاب عليه قبيحا. # وأما في «ما اضطروا إليه» فلمثل ما تقدم في سابقه ، فليس المراد الاضطرار ~~العقلي مثل حركة يد المرتعش وسقوط من القي من الشاهق ، بل المراد هو ما ~~يسمى اضطرارا عرفا ، ولا نشك في أن من ارتكب عملا لخوف من هدده بإبراز ~~السيف وإيعاد القتل يعد في العرف مضطرا إلى هذا العمل مع عدم ارتفاع ~~الاختيار من يده بالمرة : إذ أمكنه اختيار القتل والترك ، وكذلك من أقدم ~~على أكل الميتة او بيع الدار لخوف تلف نفسه ومن يعيله يعد مضطرا إليهما مع ~~إمكان اختياره الموت ، ومن المعلوم عدم قبح العقاب في هذه الموارد ، هذا. # ثم اعلم أن بعضهم تمسك لاختصاص الرفع بالمؤاخذة بأنه يلزم تخصيص الكثير ~~عند إرادة جميع الآثار ، لأن الآثار المرتبة على الخطاء والنسيان الغير ~~المرفوعة وكذا على أخواتهما كثيرة ، بل أكثر من المرفوعة. # وأجاب عنه شيخنا المرتضى بأنه ناش عن عدم تحصيل معنى الرواية ، ثم قال : ~~المراد رفع الآثار التي لم يلحظ في موضوعها عنوان الخطاء والنسيان وسائر ~~الأخوات قيدا ، ولا ما اخذ فيه أضداد هذه الامور ، بل ما ثبت لنفس الذات ~~المعراة عن هذه وأضدادها على نحو اللابشرط ، أما عدم إرادة ما ms0698 اخذ في ~~موضوعه أضداد هذه الامور فواضح ، وأما عدم إرادة ما اخذ في موضوعه أحد هذه ~~الامور ، فقال شيخنا المرتضى قدسسره : لأنه لا يعقل رفع هذه الآثار ، وما ~~زاد على هذا شيئا. # وقال المحقق الخراسانى في بيانه : إن كون هذه الامور موضوعات للرفع كما ~~هو مفاد الحديث ينافي مع كونها موضوعات نفس الآثار ، لأن موضوع الأثر PageV02P063 # يقتضي وضعه ، فلا يمكن أن يكون مقتضى وضع الشيء مقتضيا لرفعه ، هذا ما أفاده. # وأفاد شيخنا الاستاد دام ظله : إن هذا إنما يصح لو كان الرفع بالنسبة إلى ~~جميع العباد ، وأما اذا لوحظ بالنسبة إلى خصوص هذه الامة فمن الممكن تعلق ~~الرفع بآثار نفس هذه العناوين الثابتة لها مع قطع النظر عن أمة دون أمة ، ~~لا بمعنى أن يكون مقتضى الوضع مطلقها ، ومقتضى الرفع مقيدها بالإضافة إلى ~~هذه الأمة ، بل بمعنى أن مقتضى الرفع نفس الإضافة نظير الكراهة في الصلاة ~~في الحمام ، وحينئذ فليس ذلك أمرا غير معقول. # نعم إذا اسند الرفع إلى هذه العناوين فالظاهر رفع آثار المعنونات بها لا ~~آثار نفسها ، ولكن يمكن في خصوص المقام بملاحظة وقوع الحسد وأخويه في ~~رديفها ، والمرفوع فيها آثار نفسها لا شيء آخر أن يقال : إن الملحوظ هو ~~الجامع بين آثار هذه العناوين والمعنونات ، أما إرادة آثار العناوين ~~فبقرينة عطف المذكورات ، وأما آثار المعنونات فبشهادة صحيحة البزنطى ، ولا ~~يستلزم الجمع بين اللحاظين ، أعني لحاظي الإطلاق والتقييد ، فإن آثار هذه ~~العناوين مرتبة على الفعل المقيد وآثار الذات على المطلق ؛ إذ يمكن تجريد ~~النظر عن كلتا الخصوصيتين ، بأن يقال : الأثر المتعقب للرقبة المؤمنة مثلا ~~سواء كان لأجل الرقبة أم لأجل الذات ووصف الإيمان يكون كذا مثلا وإن كان ~~يلزم ذلك في دليل وضع هذين الأثرين ، وأما هنا فالحكم هو الرفع وهو مرتب ~~على المقيد بلحاظ القيد لا المطلق ، وأما الوضع المستكشف منه فلم يتعرض ~~القضية إلا للإشارة إليها بعد الفراغ عن الثبوت من دون تعيين لمحل الثبوت ~~وأنه المطلق أو المقيد ، فيقال : الآثار التي يترتب عقيب الشيء المستكره ms0699 ~~عليه مثلا مرفوعة ، سواء كانت آثارا للذات أم لها مع القيد. # ثم ليعلم أن المراد الآثار المناسبة للمنة ، فالآثار الغير المناسبة لها ~~ليست مرفوعة عن هذه العناوين ، مثلا أكل الميتة عند الاضطرار يناسب المنة ~~رفع أثره وهو الحرمة ، وكذلك الجزء المنسي في الصلاة مثلا يناسب المنة رفع ~~أثره وهو PageV02P064 # عدم إجزاء الصلاة ، وأما بيع المضطر لداره مثلا فلا منة في رفع أثره ~~وإبطاله ، فلهذا لا تدل الرواية على البطلان فيه ، بخلاف بيع المكره ، فإن ~~إبطاله موافق للمنة. # وعلى كل حال فبناء على إرادة عموم الآثار لو نسي جزءا من أجزاء الصلاة ~~فلم يأت به مثل ما لو نسي قراءة الحمد فتذكر بعد الفراغ فالمنسي هو نفس ~~الحمد وأثره الجزئية ، والمفروض شمول الحديث للآثار الوضعية أيضا ، فيكون ~~بمقتضى عموم الحديث جزئية الحمد عند نسيان الحمد مرفوعة ، بمعنى أن الصلاة ~~المطلوب من شخص ناسي الحمد مثلا واقعا ليس من أجزائها الحمد ، كما يكون ~~المطلوب من شخص المتذكر الصلاة المركبة من الحمد وسائر الأجزاء ، فيلزم ~~التنويع بحسب الواقع في الصلاة المطلوبة بحسب اختلاف الأشخاص ذكرا ونسيانا ~~، كما يكون التنويع بين نوعي الحاضر والمسافر ، فلا جرم يبتني هذا على ~~إمكان مخصوصية الناسي بالخطاب وعدمه على ما يأتي إن شاء الله تعالى تفصيله ~~في آخر البراءة. # وملخصه أن شيخنا المرتضى ذهب إلى عدم إمكان جعل الخطاب مخصوصا بهذا ~~العنوان ، فإن فائدة الخطاب هو تحريك المخاطب ، والتحريك إنما يكون بعد ~~التفات المخاطب إلى تحقق العنوان في نفسه ، مثلا خطاب «قصر الصلاة» المعلق ~~على عنوان المسافر إنما يصير محركا إذا التفت المكلف إلى طرو عنوان المسافر ~~على نفسه ، وهذا المعنى لا يتحقق في هذا العنوان ، فإن المكلف بعد طرو هذا ~~العنوان عليه لو التفت إلى طروه على نفسه لزال العنوان عنه ولا يمكن بقاؤه ~~بعد الالتفات ، مثلا ناسي الحمد لو التفت إلى كونه ناسي الحمد خرج عن حالة ~~النسيان إلى التذكر. # نعم ربما يكون الإنسان ناسيا للحكم ويلتفت إلى أنه ناس لحكم ، ولكن ذلك ~~إنما يتحقق في ms0700 ما إذا تحقق العلم بالإجمال وحصل النسيان في تفصيله بأن يكون ~~عالما إجمالا بوجود حكم في حقه ، ولكن نسي تفصيله ، وأما نسيان أصل الحكم ~~فلا يمكن بقاءه مع الالتفات إليه. PageV02P065 # فلهذا يلغو تخصيص الخطاب بهذا العنوان ، ولهذا جعل شيخنا الأصل في جزئية ~~الأجزاء ومانعية الموانع وشرطية الشروط هو ثبوتها في حق جميع المكلفين من ~~غير فرق بين المتذكر والناسى ، فحكم في مسألة الخلل الواقع في الصلاة ~~الملتفت إليه بعدها بأن الأصل فيه لزوم الإعادة والقضاء. # وذهب الميرزا الشيرازي قدسسره إلى إمكان تخصيص الناسى بالخطاب ، وتقريره ~~أنه يمكن بوجهين ، أحدهما غير واقع في الشرع ، والآخر ممكن الوقوع ، فالأول ~~: أن لا يجعل الخطاب معلقا على نفس هذا العنوان ليلزم ارتفاعه بالالتفات ~~إليه ، بل يجعل معلقا على عنوان آخر ملازم معه حتى لا يلزم من الالتفات ~~إليه ارتفاع ذلك العنوان ، مثل أن يكون عنوان بلغمي المزاج ملازما وجودا ~~وعدما مع عنوان الناسي ، فيقال : يجب على البلغمي كذا مثلا ، ولكن هذا لم ~~يقع في الشرع. # والثاني : أن يجعل معلقا على نفس عنوان الناسي ، ولكن يقال : يكفي في ~~فائدة هذا الخطاب أنه إذا التفت المكلف إلى هذا العنوان قبل العمل فهو لا ~~يعلم بعدم طروه عليه في أثنائه ، ولا بطروه ، بل يحتمل الأمرين ، فلهذا ~~يأتي بالعمل بداعي الأمر الواقعي ويقصد أنه إن كان من المتذكر في الأثناء ~~فداعيه الأمر المتوجه إلى المتذكر وإن كان من الناسي في الأثناء فداعيه ~~الأمر المتوجه إلى الناسي ، ثم لو حصل منه النسيان في الأثناء اتفاقا فيلزم ~~حينئذ إجزاء عمله وسقوط الإعادة والقضاء عنه ، لأن المفروض أنه أتى بالعمل ~~الذي كان واجبا عليه بقصد أمره بدون خلل فيه. # وبالجملة ثبوت الفائدة لهذا الخطاب بالنسبة إلى الملتفت قبل العمل يكفي ~~في الخروج عن اللغوية. # وحينئذ فعلى القول الأول لا بد في الصورة المزبورة أعني نسيان موضوع ~~الجزء مثل الحمد ، من القول بأن المرفوع ليس هذا الأثر أعني الجزئية ، ~~للزوم مخصوصية الناسي بالخطاب ، والمفروض عدم إمكانه ، فلا بد من القول بأن ~~الجزئية ms0701 باقية وأن المرفوع هو المؤاخذة المترتبة على عدم إتيانه مع عدم ~~الإعادة والقضاء. PageV02P066 # وعلى القول الثاني فالمرفوع نفس الجزئية ، ويلزم التنويع في الخطاب وعدم ~~الجزئية واقعا في خصوص ناسي الحمد ، ويؤيد ذلك الروايات الدالة على إجزاء ~~الصلاة مع نسيان بعض الأجزاء ، مثل قوله عليه السلام : لا تعاد الصلاة إلا ~~من خمسة ، الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ، فإنها على هذا حكم على ~~وفق القاعدة بخلاف مبنى الشيخ ، فانه يحمل هذه الأخبار على الحكم التعبدي ~~الوارد على خلاف القاعدة ، وأن عدم لزوم الإعادة من باب العفو والإسقاط عن ~~المكلف ما كان واجبا عليه. # فإن قلت : غاية ما يدل عليه الحديث نفي فعلية الجزئية عن الجزء المنسى ، ~~إذ هو المناسب للامتنان دون اقتضائها ، وحينئذ فيصدق الفوت فيجب القضاء ، ~~لقوله : «من فاتته فريضة فليقضها». # قلت : بل يدل الحديث على رفع الاقتضاء أيضا ومناسبته للمنة بعد ترتب سقوط ~~القضاء عليه واضح. # هذا كله في نسيان موضوع الجزء أو المانع ، مثل ما لو صلى في جزء غير ~~مأكول اللحم ناسيا كونه جزء غير مأكول اللحم. # وأما النسيان والجهل في أصل الجزئية والمانعية الذي هو حكم كلى مثل نسيان ~~أن الحمد جزء للصلاة ، أو أن وبر غير المأكول مانع ، أو الجهل بهما ، ~~فيتعين القول فيه بعدم رفع نفس الجزئية والمانعية ، لا لعدم معقولية تخصيص ~~الخطاب بالناسي ، بل لأجل لزوم تقييد وجود الجزئية والمانعية بقاء بالعلم ~~بهما ، وأنه بدون العلم لا جزئية ولا مانعية ، وهذا وإن لم يستلزم الدور ~~لإمكان كون العلم بالحدوث موجبا للبقاء ، والشك في الحدوث مزيلا للبقاء ، ~~لكنك عرفت سابقا أنه خلاف ظاهر تعليق الرفع على ما لا يعلمون ، حيث إنه ~~ظاهر في بقاء هذا الوصف في ظرف الحكم ، مضافا إلى كون ما ذكر تصويبا مجمعا ~~على بطلانه. # وهذا بخلاف كون العلم داخلا في موضوع محمول كما في صورة الجهل بموضوع ~~المانع، حيث إن ارتفاع المانعية واقعا عن الوبر الغير المعلوم كونه من غير PageV02P067 # المأكول يوجب تخصيص أدلة مانعية أجزاء الغير المأكول بالأجزاء المعلومة ~~كونها ms0702 من غير المأكول ، فإنه غير مستلزم لشيء من المحذورين. # وبالجملة ، ففي صورة نسيان الجزئية والمانعية وجهلهما لا بد من كون ~~المرفوع آثارهما لا نفسهما ، فيكون الجزئية والمانعية ثابتتين في حق الناسي ~~والشاك ، ولكن أثرهما وهو العقوبة على الترك ما دام شاكا مرفوعة ، فإذا ~~ارتفع الشك وجب الإعادة والقضاء بقضية الجزئية والشرطية. # ومما يحتج به للاصوليين صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج في من تزوج امرأة في ~~عدتها؟ «قال : أما إذا كان بجهالة فليزوجها بعد ما ينقضي عدتها ، فقد يعذر ~~الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك ، قلت : بأي الجهالتين أعذر ، بجهالته ~~أن ذلك محرم عليه أم بجهالته أنها في العدة؟ قال : إحدى الجهالتين أهون من ~~الاخرى ، الجهالة بأن الله حرم عليه ذلك ، وذلك لأنه لا يقدر معها على ~~الاحتياط ، قلت : فهو في الاخرى معذور؟ قال : نعم ، إذا انقضت عدتها فهو ~~معذور في أن يتزوجها» حيث إنه حكم فيه بالعذر في الشبهة الحكمية وهو الجهل ~~بحرمة التزويج في العدة ، والموضوعية وهو الجهل بكون المرأة في العدة مع ~~العلم بأصل الحكم ، بل جعل العذر في الحكمية أقوى منه في الموضوعية ، هذا. # ولكن هنا إشكالان من جهة فقه الحديث وفهمه : # أحدهما أن الحكم بالبراءة والعذر في الشبهة الحكمية في مفروض الرواية محل ~~إشكال حتى عند الاصولي ، فإنه يخصص ذلك بالشك بعد الفحص ، والحكم المذكور ~~أعنى حرمة تزويج ذات العدة ، لكونه من الواضحات بين المسلمين لا يتحقق بحسب ~~الغالب فيه الشك بعد الفحص ، لعدم بقاء الشك بعده وزواله ، فالشك فيه غالبا ~~لا يكون إلا قبل الفحص ، وإنما ذكرنا ذلك لئلا يقال : يمكن تقييد إطلاق ~~الحكم بالعذر في الحكمية بما بعد الفحص ، فإنه تقييد بفرد نادر وإلا أمكن ~~التقييد ، كما يتقيد الحكم بالعذر في طرف الموضوعية بصورة عدم سبق الشك ~~بالعلم بكونها في العدة ، حيث إنه مع ذلك لا مجرى للبراءة ، بل للاستصحاب. PageV02P068 # بل يمكن أن يقال مع عدم سبق العلم بالعدة أيضا حيث إن العدة ليست إلا ~~أمرا حادثا إن المرجع استصحاب عدمها الأزلي ms0703 ، فيكون وجه المعذورية حينئذ هو ~~الاستصحاب ، كما أنها في صورة قول المرأة بناء على حجية قولها أو أمارة ~~شرعية اخرى مستندة إلى قيام تلك الأمارة ، والرواية بإطلاقها لجميع هذه ~~الصور حكمت باستناد المعذورية إلى الجهالة ، إلا أن يقال : إن الفروض ~~المذكورة خارجة عن عنوان الجهالة ، لأنه عالم بالعدة في بعضها بالأصل وفي ~~بعضها بالأمارة ، فتحمل الرواية على صورة الغفلة عن الاستصحاب ، فإن وجود ~~الحكم الاستصحابي بواقعه لا يصير عذرا. # والإشكال الثاني : أن الجهل إن كان المراد به في الموضعين هو الغفلة فكلا ~~الجهلين مشتركان في عدم إمكان الاحتياط وإن كان المراد به في كليهما هو ~~الشك والتردد فهما مشتركان في إمكان الاحتياط ، وإن كان المراد به في ~~كليهما هو الأعم من الغفلة والتردد فكلاهما أيضا مشتركان في عدم الإمكان مع ~~الغفلة والإمكان مع التردد ، وأما كون المراد في خصوص الجهل بالحكم هو ~~الغفلة وفي الجهل بالموضوع هو التردد فهو خلاف الظاهر ؛ لأن الظاهر اتحاد ~~المراد بلفظ الجهالة في الموضعين. # وقد يقال (1) في دفع هذا الإشكال بأن اللفظ مستعمل في المقامين في معنى ~~واحد وهو الجامع بين الغفلة والتردد أعني عدم العلم ، ولكن مصداق هذا ~~المعنى الواحد في الجهل الحكمي منحصر في الغالب في الغفلة ، لما مر من أن ~~الحكم واضح بين المسلمين ، والجهل بمثل هذا لا يحصل إلا على نحو الغفلة ، ~~وإلا فمع الالتفات لا يحصل الجهل ، بل يصير معلوما ، مثل وجوب الصلاة في ~~هذه الشريعة ، PageV02P069 # فإنه يمكن الجهل به على وجه الغفلة ، وأما على وجه الالتفات والتردد فغير ~~ممكن ، فإنه لكثرة وضوحه بين المسلمين لا ينفك الالتفات إليه غالبا عن ~~العلم به ، نعم قد يجامع مع العلم بالخلاف ، ولكنه فرد نادر. # وهذا بخلاف الجهل الموضوعي ، فالغالب فيه كون الجهل فيه على وجه التردد ~~بمعنى أن من كان ملتفتا وعالما بأصل حكم حرمة تزويج ذات العدة فهو عند ~~إرادة تزويج امرأة مخصوصة قلما يتفق أن يغفل عن حيث كونها في العدة وعدمه ، ~~بل غالبا يكون ملتفتا ، فجهله يكون بنحو التردد ms0704 ، وإذن فالحكم في كل من ~~الموضعين منزل على الفرد الغالب ، فلهذا علل أهونية الجهل في الحكم من ~~الجهل في الموضوع وأقوائية العذر في الأول من الثاني بعدم إمكان الاحتياط ~~في الأول وإمكانه في الثاني. # ولكن يرد على هذا أن من كان ملتفتا وعالما بحرمة تزويج ذات العدة فيريد ~~تزويج امرأة يكون هو مترددا في كونها في العدة وعدمه ، فلا ينفك غالبا عن ~~التفتيش عن حال الزوجة لإمكان رفع هذا التردد بسهولة ، فإنه وإن كان ~~التزويج مع هذا الترديد مباحا تكليفيا ، ولكن الأثر العمدة في التزويج وهو ~~حصول العلاقة وعدم حصول البينونة الأبدية محل للاهتمام والتفتيش عن جهاته ~~وأسبابه ، وبعبارة اخرى : كما أن التكليف محل الاهتمام ، كذلك الوضع ، ولا ~~يمكن الاكتفاء فيه بالشك وإن كان يمكن في التكليف ، ففرض عدم الاعتناء أو ~~عدم العثور بما يرفع الشك ولو ظاهرا فرض نادر. # إلا أن يقال : إن مرجع ما ذكر إلى أن الغالب رفع الجهل بالعدة بالتفتيش ، ~~فلم يحمل لفظ الجهل على فرده النادر ، بل هو نفسه نادر. # وبعبارة اخرى : فرق بين التنصيص بالفرد النادر وبين التخصيص أو التقييد ~~به ، والمستبشع هو الثاني ، وما نحن فيه من الأول. # فإن قلت : يمكن أن يعتمد على قول الزوجة بانقضاء عدتها ، فإنهن مصدقات ~~بالنسبة إلى مثل ذلك ، ثم تبين كون إخبارها كذبا ووقوع التزويج في العدة. PageV02P070 # قلت : إن كان هذا الكذب عن تعمد من الزوجة فالتزويج وإن لم يكن محرما على ~~الزوج ، ولكن يكون حراما على المرأة ، وقوله عليه السلام في الرواية : ~~«فليزوجها بعد انقضاء عدتها» يظهر منه رفع المانع من كلا الجانبين لا من ~~طرف الرجل فقط ، وإن كان كذبها في الإخبار عن اشتباه منها ، فالحكم بجواز ~~التزويج وإن كان صحيحا لكن كان ينبغي حينئذ عدم سوقه بوجه الإطلاق ، بل ~~تخصيصه بصورة الاشتباه ، والمفروض خلاف ذلك وصدوره مطلقا ، وتقييد إطلاقه ~~بصورة الاشتباه أيضا تقييد بارد ، هذا. # مضافا إلى ما مر من أن المعذورية حينئذ ليست للجهل ، بل لأجل الحجة ~~الشرعية ، ومفروض الرواية كون العذر مستندا ms0705 إلى الجهل. # ويمكن توجيه الرواية على وجه آخر يسلم من الإشكالين وهو أن يكون المراد ~~بالجهالة في الموضعين هو الغفلة كما هو الظاهر من هذه اللفظة ، بخلاف لفظ ~~الجهل ، فقولك : فعل فلان كذا بجهالة ، يعنى لا عن شعور والتفات ، ثم يقال ~~: إن نظر السائل إلى الجهل بجهتين من الحكم ، لا إلى الجهل بالحكم والموضوع ~~، يعنى أحدهما سؤال عن الغفلة عن التكليف سواء نشأت عن غفلة الموضوع أم ~~الحكم ، والآخر عن الغفلة من الوضع الناشئة من غفلة الموضوع ، لا أن كليهما ~~سؤال عن جهل التكليف باعتبار قسميه من الحكمي والموضوعي ، فإن لتزويج ذات ~~العدة أثرين ، أحدهما التحريم التكليفي المستتبع للعقاب وهو لنفس عمل ~~التزويج ، والآخر أثر وضعي موضوعه المرأة وهو حرمتها الأبدية على المزوج ~~وخروجها عن قابلية الدخول في حبالة نكاحه. # فغرض السائل أن الشخص الغافل كان غافلا بأن عمله وهو التزويج محرم عليه ~~تكليفا إما من باب الغفلة الحكمية أو الموضوعية ، وغافلا بأن المرأة في ~~العدة يعنى بنحو الغفلة الموضوعية باعتبار أثره الوضعي وهو الحرمة الأبدية ~~الوضعية ، فهو بأي من هاتين الجهالتين أعذر. # وتوضيح جواب الإمام أن الجهالة بالحكم التكليفي أهون ، وعذرها أقوى ، PageV02P071 # فإن الاحتياط فيها غير ممكن ؛ لأن العمل قد مضى وفات ، ولا يمكن تدارك ~~حرمته بعد وقوعه ، فهو أولى بأن يرفع أثرها وهو العقاب ، وأما الجهالة ~~بأنها في العدة يعنى بالحرمة الأبدية فهي ممكن فيها الاحتياط بأن يتجنب عن ~~تزويج الزوجة بعد ذلك يعنى عند الالتفات والخروج عن الغفلة فهو أقرب بأن لا ~~يكون عذرا ويحكم بالحرمة الأبدية بعد ذلك ، ولكنه مع ذلك معذور فيه أيضا ، ~~فله أن يتزوجها بعد انقضاء عدتها. # والشاهد على كون المراد بجهالة أنها في العدة هو الجهل باعتبار الأثر ~~الوضعي دون التكليفي قول الإمام جوابا لقول الراوي : «فهو في الاخرى معذور؟ ~~: نعم إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها» فإن الظاهر من الجواب أنه ~~كان غرض السائل متعلقا بالحرمة الأبدية ، يعنى أنه في جهالته بأنها في ~~العدة وحرام عليه أبدا معذور ، فلا ms0706 يثبت في حقه الحرمة الأبدية ، فيجوز له ~~التزويج بعد الانقضاء أو لا؟. # وقد يستدل على البراءة في الشبهة الحكمية بالحديث الشريف : «كل شىء فيه ~~حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه». # تقريب الاستدلال أن معنى قوله «فيه حلال وحرام» أنه كان فيه احتمال ~~الحلية واحتمال الحرمة ، وكان صالحا لأن يكون حلالا وأن يكون حراما ومرددا ~~بينهما ، فكل شىء كان هكذا كان محكوما بالحلية بمقتضى قوله : فهو لك حلال ، ~~وهذا شامل للشبهة في الحكم الكلي وللشبهة في الحكم الناشئة من قبل الموضوع ~~، فلحم الحمير الذي يكون فيه احتمال الحرمة والحلية ويكون شبهة حكمية داخل ~~في هذا الحكم ، واللحم الخاص الذي نشك أنه حلال أو حرام للشك في كونه من ~~المذكى أو الميتة الذي يكون شبهة موضوعية أيضا داخل فيه ، هذا. # وقد استشكل شيخنا المرتضى قدسسره على هذا التقريب بأن الترديد خلاف ظاهر ~~الرواية، وإنما ظاهرها التقسيم ، بمعنى أن الظاهر من قوله : «فيه حلال ~~وحرام» أن يكون القسم الحلال والقسم الحرام فيه موجودين فعلا ، بحيث صح ~~تقسيمه إلى الحلال والحرام ، لا أن يكون القسمان غير موجودين فيه فعلا ، PageV02P072 # ولكن صح أن يقال : هو إما حلال وإما حرام ، فإن هذا خلاف ظاهر «فيه حلال ~~وحرام» وإذن فإما يراد به التقسيم الخارجي وإما التقسيم الذهني. # فإن كان المراد هو التقسيم الخارجي بأن يكون في الخارج منقسما إلى ~~القسمين فيكون مورد الرواية هو المجموع من حيث المجموع الذى كان فيه الحلال ~~والحرام مختلطين ، مثل أموال الإنسان إذا مزج بمال غيره واختلط الحلال ~~بالحرام ، فإنه شيء يكون القسم الحلال والقسم الحرام موجودين فيه في الخارج ~~فعلا ، وعلى هذا يكون مدلول الرواية حكما بالحلية في الشبهة المحصورة ~~المقرونة بالعلم الإجمالي في الموضوعات ، غاية الأمر خرج مقدار القطع ~~بالمخالفة عقلا. # وإن كان المراد هو التقسيم الذهني كان مورد الرواية هو الجنس والكلي الذي ~~اندرج تحته بحسب الذهن قسم حلال وقسم حرام فعلا وإن لم يصح تقسيمه إليهما ~~بحسب الخارج، فجنس اللحم يصح تقسيمه في الذهن ms0707 إلى القسم الحلال الفعلي وهو ~~المذكى ، والقسم الفعلي الحرام وهو الميتة ، فهذا الجنس الذي اندرج تحته ~~القسمان في الذهن يكون في الخارج حلالا حتى يعرف كونه من الميتة ، فاللحم ~~المشتبه كونه حلالا أو حراما للشك في اندراجه تحت المذكى أو الميتة يكون ~~حلالا حتى يعرف كونه من الميتة. # وبالجملة ، فعلى هذا يكون مورد الرواية هو الشك في الاندراج تحت أحد ~~القسمين الثابتين للكلي في الذهن معينا ، فيكون مدلولها حكما بالحلية في ~~الشبهة الموضوعية ، وإذن فتكون الشبهة الحكمية التي هي محل الكلام خارجا عن ~~موضوع الرواية على كلا التقديرين ؛ إذ على الأول منهما يكون مخصوصا بالشبهة ~~المقرونة بالعلم من الشبهة الموضوعية ، وعلى الثاني منهما يكون مخصوصا ~~بالشبهة الموضوعية الابتدائية ، هذا # وقد يقال لتصحيح تعميم موضوع الحديث للشبهة الحكمية بأنا نختار الشق ~~الثانى وهو أن يكون المراد هو التقسيم الذهنى ، ولكن نقول : الجنس الذى تحقق PageV02P073 # له بحسب الذهن قسمان فعلا ، أحدهما حلال والآخر حرام إذا فرض ان له قسما ~~ثالثا كان هو مشكوك الحكم ، فلا إشكال في كون هذا الجنس محكوما بالحلية إذا ~~تحقق في هذا القسم الثالث بمقتضى عموم الحديث. # مثلا جنس اللحم يكون له قسم حلال وهو لحم الغنم ، وقسم حرام وهو لحم ~~الخنزير، وله أيضا قسم ثالث وهو لحم الحمار ، فهذا الجنس إذا تحقق في لحم ~~الحمار أيضا يكون محكوما بالحلية ؛ لأنه جنس يكون فيه فعلا بحسب الذهن قسم ~~حلال وقسم حرام ، فيندرج تحت قوله : «فهو لك حلال» ولا شك أن الشبهة في لحم ~~الحمار حكمية ، فإذا عم الحديث هذه الشبهة الحكمية أعني ما كان قسما ثالثا ~~للقسم الحلال والقسم الحرام تم المدعى في غير هذا المورد مثل شرب التتن ~~بعدم القول بالفصل. # وقد استشكل شيخنا المرتضى قدس سره على هذا التقرير إشكالين : # الأول : أن التقييد في الحديث بقوله : «فيه حلال وحرام» يكون فيه الشبهة ~~الحكمية لغوا ، لأن عدم لغوية القيد إما لكونه دخيلا في الموضوع أو في ~~الحكم ، وهذا القيد ليس له دخل في الشبهة الحكمية لا في ms0708 الموضوع ولا في ~~الحكم ، فإن الموضوع هو الكلي المشكوك الحكم ، والحكم هو الحلية الظاهرية ، ~~أما عدم دخله في الموضوع فلأن الشبهة في حكم لحم الحمار مثلا ليست ناشئة عن ~~وجود لحم الغنم الحلال ولحم الخنزير الحرام ، وإنما منشأها عدم وجود النص ~~لا على حرمة لحم الحمار ولا على حلية ، فلو كان كلا من لحمي الغنم والخنزير ~~حلالا أو كلا منهما حراما كان هذا الشك أيضا ثابتا ، وأما عدم الدخل في ~~الحكم فلأن حلية لحم الحمار ظاهرا لا يرتبط بحلية لحم الغنم وحرمة لحم ~~الخنزير فإن ، الأول موضوع وراء ذينك الموضوعين ، فلا يرتبط حكمه بحكمهما ، ~~ولا دخل لحكمهما في حدوث حكمه أصلا وهذا بخلاف الشبهة الموضوعية ، فإن ~~التقييد المذكور لا يكون فيها لغوا ، لكونه دخيلا في الموضوع ، فإن الشك في ~~حرمة اللحم الخاص وحليته إنما هو ناش عن كون مطلق اللحم ذا قسمين ، قسم ~~حلال وهو المذكى وقسم PageV02P074 # حرام وهو الميتة وعدم العلم في اندراج هذا الخاص في أحد القسمين. # والاشكال الثاني : أنه قد جعل في الحديث غاية الحل عرفان الحرام ، فيلزم ~~في الشبهة الحكمية على التقرير المذكور أن يكون عرفان الحرام في قسم موجبا ~~لرفع الحلية عن قسم آخر، فيكون لحم الحمار حلالا حتى تعرف الحرمة في لحم ~~الخنزير. # والحق اندفاع كلا الإشكالين ، أما الأول فلأن التقييد المذكور لا يكون ~~لغوا ، لكونه دخيلا في الموضوع ، وذلك لأن الشبهة في لحم الحمار مثلا وإن ~~كانت كما ذكر ناشئة عن عدم النص ، لكن لا ينافي هذا أن يكون منشأها وجود ~~القسمين الحلال والحرام ، فإنه لو كان النص على حلية كل لحم موجودا لما يكن ~~شك في حلية لحم الحمار ، ولو كان النص على حرمة كل لحم موجودا لم يكن شك في ~~حرمة لحم ، ولكن لما لم يكن شىء من هذين النصين وإنما صار بعض اللحوم حراما ~~وبعضها حلالا فهذا أوجب الشك في حكم لحم الحمار. # فهذا نظير ما يقال في العرف : لو كان كل أفراد الإنسان أمينا لما شككت في ~~أمانة هذا ms0709 الشخص ، ولو كان كل أفراده خائنا ما شككت في خيانة هذا الشخص ، ~~ولكن لما كان أفراده مختلفة فبعضها أمين وبعضها خائن فلا جرم شككت في أمانة ~~هذا الشخص وخيانته وهذا مطلب صحيح عرفي. # فإن قلت : وجود الحلال والحرام قد يكون في الحكمية منشئا وقد لا يكون. # قلت : في الموضوعية أيضا كذلك ، فليس الشك فيها دائما مستندا إلى وجود ~~القسمين ؛ إذ كثيرا ما يتفق الشك لتردد الشيء بين أمرين وقعا بخصوصيتهما ~~موضوع الحكم، لا أن الجامع صار بهذه الخصوصية محكوما بالحل وبالاخرى ~~بالحرمة ، مثلا الموضوع المردد بين الخبز الحلال والبطيخ الحرام من هذا ~~القبيل ، فإنه لم يجعل الجامع بين الخبز والبطيخ موضوعا للحل بخصوصية ~~الخبزية ، وللحرمة بخصوصية البطيخية ، لا نقول : ليس بينهما جامع عقلا ، بل ~~نقول : إن العرف يحكم أن الخبز موضوع محكوم بالحل والبطيخ موضوع آخر محكوم ~~بالحرمة ، فهذا القسم من الشبهات الموضوعية غير مشمول للحديث ، فكما يكتفي PageV02P075 # بالمنشئية الأحيانية في الموضوعية فليكتف بها في الشبهة الحكمية. # وحينئذ فيمكن أن يقال : إن هذا قرينة على عدم إرادة التقسيم الذهني ، ~~والحمل على الترديد أيضا بعيد ، فيتعين في التقسيم الخارجي والحمل على ~~موارد الشبهة المحصورة الموضوعية. # وأما الإشكال الثاني فهو بناء على حمل الرواية على التقسيم الذهني مشترك ~~الورود بين الشبهة الحكمية والموضوعية ، فما كان دفعه في الثانية كان دفعا ~~له في الاولى ، والحال أنه يظهر من شيخنا قدسسره سلامة الشبهة الموضوعية عن ~~هذا الإشكال ، أما وروده في الشبهة الموضوعية فلأنا نقول : هذا الجنس أعني ~~اللحم الذي له قسم حلال وقسم حرام في الذهن أحدهما المذكى والآخر الميتة ~~يكون بجميع أفراده حلالا حتى يعرف في فرد واحد منه أنه من لحم الميتة ؛ إذ ~~حينئذ فقد صدق أنه قد عرف الحرام من هذا الجنس بعينه ، فتكون الحلية مرتفعة ~~عن سائر الأفراد المشتبهة ، فيلزم أن يكون جميع الأفراد حلالا إلى أن يعرف ~~الحرمة في واحد منها. # فإن قلت : إن عرفان الحرمة في فرد واحد ليس إلا غاية للحل في هذا الفرد ~~الذي عرفت حرمته ms0710 دون الفرد الآخر الذي لم يعرف حرمته. # قلنا بمثل ذلك في الشبهة الحكمية أيضا ، فنقول : إن عرفان الحرمة في لحم ~~الخنزير ليس إلا غاية للحل بالنسبة إلى هذا القسم المعروف حرمته ، دون لحم ~~الحمار الذي لم يعرف حرمته ، وبالجملة ، إن كان المراد بعرفان الحرمة الذي ~~جعل في الحديث غاية للحل حقيقة عرفان جنس الحرام حتى يكون صادقا على فرد ~~واحد كان الإشكال مشترك الورود على كلتا الشبهتين ، وإن كان المراد أن ~~عرفان الحرمة في كل شيء ليس إلا غاية للحل بالنسبة إلى هذا الشيء دون غيره ~~كان الإشكال غير وارد في كلتا الشبهتين ، ولكن حيث إن الظاهر هو إرادة ~~عرفان جنس الحرام الصادق على فرد واحد كان الإشكال واردا على كلتيهما ، فلا ~~بد في دفعه عن كلتيهما. # فنقول : إن عرفان الحرام غاية للقضية الاستغراقية بوصف كونها استغراقية ، PageV02P076 # فمعنى الحديث أن الجنس الذي هو اللحم المنقسم في الذهن إلى القسم المذكى ~~والقسم الميتة يكون بجميع أفراده حلالا ، فكل فرد منه سواء كان ميتة واقعا ~~أم مذكى واقعا فهو حلال ، وكذلك جنس اللحم الذي له قسمان أحدهما لحم الغنم ~~والآخر لحم الخنزير ، وله قسم ثالث وهو لحم الحمار ، فهو بجميع أقسامه يكون ~~حلالا سواء كان من القسم الحلال واقعا ، أم من القسم الحرام حتى يعرف ~~الحرمة في فرد واحد على الأول ، أو في قسم واحد على الثاني ، فحينئذ يكون ~~هذا الحكم العام الاستغراقي الاستيعابي وهو حلية كل فرد أو كل قسم مرتفعا ، ~~وهذا لا إشكال فيه ؛ إذ لا إشكال في أنه بعد معرفة الحرمة في الفرد الواحد ~~أو القسم الواحد لم يبق هذا الحكم العام بعمومه. # وإذن فبناء على حمل الرواية على التقسيم الذهنى ، فدلالتها على البراءة ~~في الشبهة الحكمية تامة ، غاية الأمر يكون موردها خصوص الشبهة الحكمية التي ~~كان له قسم حلال وقسم حرام ، ولم يكن القسم الحرام بعد معروفا ، فيتم في ~~غير هذا وهو ما لم يكن له قسم حلال وقسم حرام وما كان له ذلك بعد عرفان ~~الحرام بعدم ms0711 القول بالفصل. # ولكن الشأن في إثبات ظهور الرواية في التقسيم الذهني دون الخارجي وهو غير ~~معلوم ، بل الظاهر منها لا يبعد أن يكون هو التقسيم الخارجي بقرينة ذكر ~~لفظة «بعينه» فإنه مناسب للشبهة المحصورة ، حيث إن الحرام فيه لا يعرف ~~بعينه ، مع أنه ربما يقال : إن العرف لا يدخل في ذهنه من لفظ الشيء الطبائع ~~الكلية ، بل الأشياء الموجودة في الخارج ، وكيف كان فإشكال الرواية إنما هو ~~إجمالها وعدم الظهور لها. # ثم على تقدير الحمل على التقسيم الخارجي يحمل على الترخيص في ارتكاب بعض ~~أطراف الشبهة المحصورة لا في ارتكاب تمامها ، فإنه مخالفة قطعية غير قابلة ~~للترخيص ، وأما ارتكاب بعضها فلا مانع منه عقلا بعد ورود الترخيص شرعا ، ~~وليس على خلافه أيضا إجماع ، وإنما مدرك عدم افتائهم عدم الفهم من الحديث ~~التقسيم الخارجي ، فإذا فرض القطع بظهوره فيه فلا مانع من القول به ، هذا. PageV02P077 # وقد يستدل بمرسلة الصدوق : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» والاستدلال به ~~مبني على أن يكون المراد بقوله «يرد» «يعلم» ، فيكون المعني : كل شيء لم ~~يعلم فيه النهي فهو مطلق ، فيكون عنوان مشكوك الحرمة داخلا في موضوع ~~الحديث. # لا يقال : إن عنوان مشكوك الحرمة أيضا شيء لم يعلم النهي فيه ، فيكون ~~لأدلة الاحتياط ورود على هذا الحديث. # لأنا نقول : الضمير في قوله : «فيه» راجع إلى نفس الشيء ، فالمعنى أن كل ~~شيء لم يعلم ورود النهي فيه بعنوانه الأولي فهو بعنوانه الثانوي الذي هو ~~كونه مشكوك الحكم يكون مطلقا ، فيكون موضوع الحديث هو الشيء بعنوان كونه ~~مشكوك النهي ، كما في أدلة الاحتياط ، فيكون بين هذا وتلك الأدلة التعارض ~~على فرض تماميتها سندا ودلالة. # وأما لو كان المراد بالورود هو الورود الواقعي بأن يكون المراد أن ~~الأشياء قبل ورود النهي عنها شرعا يكون على الإباحة ، فالاستدلال حينئذ غير ~~وجيه ، وذلك لأن الشبهة الحكمية لم يعلم أنه مما ورد فيه النهي أو لم يرد ، ~~فيكون التمسك فيها بالحديث تمسكا بالعام في الشبهة المصداقية. # إلا أن يقال : إنه يمكن ms0712 تنقيح هذا الموضوع في الشبهة الحكمية بالاستصحاب ~~، فإن موضوع شرب التتن مثلا لم يكن النهي عنه على فرض وجوده إلا حادثا ولم ~~يكن ثابتا في الأزل ، فعدم ورود النهي فيه في الأزل ثابت على كل حال ، ~~فيستصحب هذا العدم فيقال: إن شرب التتن مما لم يرد فيه نهي بمقتضى ~~الاستصحاب ، وبعد ذلك يحكم باندراجه تحت قوله : «مطلق» ، ولكن بعد جريان ~~هذا الاستصحاب فهو يكفينا لإثبات المرام ولا حاجة معه إلى التمسك بالحديث. (1) PageV02P078 # نعم يكون هذا الاستصحاب نافعا للتمسك بالحديث على قول من لا يرى استصحاب ~~العدم الأزلي جاريا مثل شيخنا المرتضى ، فإنه قائل بأن مورد الاستصحاب لا ~~بد أن يكون شيئا قابلا للجعل بالاستصحاب ، فلو كان مما لا يقبل الجعل فلا ~~يجري فيه الاستصحاب إلا بواسطة ما يقبله ، فالعدم الأزلي لا يصير مجرى ~~للاستصحاب إلا أن يكون موضوعا لأثر شرعي ، لأن العدم ليس قابلا للجعل ، ~~وإنما هو مسبب عن عدم الجعل ، فعلى هذا يستصحب عدم ورود النهي الثابت في ~~الأزل فيرتب عليه أثره الشرعي الذي رتب عليه بمقتضى هذا الحديث وهو الإباحة ~~والإطلاق. # وأما على ما نختاره كما يأتى في محله إن شاء الله تعالى من جريان ~~الاستصحابات العدمية فلا يكون هذا الاستصحاب نافعا بحال الحديث ، لكونه ~~مغنيا عن التمسك به ، وبالجملة ، فعلى المختار لا يكون التمسك بالحديث بناء ~~على المعنى المذكور صحيحا ، لأنه مع قطع النظر عن الاستصحاب يكون من باب ~~التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، ومع ملاحظة جريانه فلا حاجة إلى ~~التمسك بالحديث. # هذا تمام الكلام في الأدلة اللفظية التي اقيم على البراءة ، وقد عرفت أن أقواها PageV02P079 # سندا ودلالة هو حديث الرفع ، وأما سائر ما ذكروه مما لم نتعرض له فلا ~~جدوى تحتها ، فلهذا طوينا عن ذكرها كشحا. # وقد يتمسك للبراءة باستصحاب عدم ثبوت التكليف في الأزل نظير التمسك في ~~بحث تأسيس الأصل عند الشك في الحجية وعدمها لكون الأصل عدم الحجية باستصحاب ~~عدم ثبوت الحجية في الأزل ، وحاصل تقريره أن التكليف والحجية يحتاجان إلى ~~الجعل ، والجعل أمر ms0713 حادث بمعنى أنه لم يكن موجودا في الأزل وقبل خلقه ~~المخلوقات ، فقبل الجعل كان التكليف والحجية منعدمين بالعدم الأزلى ، فيمكن ~~تأسيس الأصل عند الشك في حجية شىء وعدمها على عدم الحجية بمقتضى استصحاب ~~عدمها الأزلى ، وكذا في الشبهة الحكمية والشك في التكليف يمكن إثبات ~~البراءة وعدم التكليف باستصحاب عدمه الأزلى. # ولكن استشكل على هذا الاستصحاب شيخنا المرتضى قدسسره ، وحاصل ما يوجد من ~~كلماته قدسسره على استصحاب عدم التكليف في بحث البراءة وعلى استصحاب عدم ~~الحجية في بحث تأسيس الأصل للشك في الحجية وعدمها إشكالان : # الأول : لغوية هذا الاستصحاب ، بمعنى أنه يكفي الشك في هذين الموضوعين ~~أعنى التكليف والحجية في الحكم بعدم ترتيب آثارهما ، فإن العقل مستقل بقبح ~~العقاب مع الشك في التكليف ، وكذا مع الشك في الحجية ، فيكون التوسل في ~~إثبات عدم آثارهما بذيل استصحاب عدمها وإحراز عدمهما به أولا ثم الحكم بعدم ~~الآثار من قبيل الأكل من القفا. # والثانى : أنه يعتبر في الاستصحاب أن يكون مورده منتهيا إلى الجعل ، فلا ~~بد أن يكون إما موضوعا له أثر مجعول ، وإما حكما كان نفسه المجعول ، وهذا ~~العدم الأزلى ليس نفسه مجعولا ، فإن العدم غير قابل لا للجعل ولا للانجعال ~~، بل لا يصح الحكم عليه بالأزلية والشيئية والموضوعية ، وكذلك ليس له أيضا ~~أثر مجعول ، فإن أثر عدم التكليف وعدم الحجية إنما هو عدم المؤاخذة ~~والعقوبة وهو عقلي غير قابل لجعل الشارع. PageV02P080 # ويمكن الخدشة في هذا الإشكال الثانى ، وبيان الخدشة يكون ببيان مقدمات : # الاولى : أن ما صار معروفا ومشهورا من أن المتيقن السابق المشكوك اللاحق ~~إذا كان موضوعا فقضية «لا تنقض» جعل أثره ، وإن كان حكما فقضيته جعل نفسه ، ~~مثلا لو علم الخمرية ثم شك فيها فمدلول لا تنقض هو جعل «لا تشرب» ، ولو علم ~~بتكليف ثم شك فيه فمدلوله جعل نفس هذا التكليف ، كيف جاز تأدية هذا المعنى ~~المختلف بعبارة واحدة ، وبأى وجه يفسر هذه القضية حتى يصير مدلوله في ~~الموضوع جعل الأثر وفي الحكم جعل النفس ، فما يكون الجامع بين هذين ms0714؟ وإلا ~~فإن لم يكن جامع فمدلول القضية إما وجوب عدم نقض نفس المتيقن فلا يشمل إلا ~~الاستصحاب في الأحكام ، وإما وجوب عدم نقض أثره فيلزم اختصاصه بالموضوعات. # فنقول : لا إشكال أن هذه القضية في مقام إعطاء أمر وإيجاب عمل من المولى ~~بالنسبة إلى العبيد ، ويقتضي وجوب عمل عليهم ، فيكون بالنسبة إلى نفس هذا ~~العمل أمرا وإلى نقضه نهيا ، فالمراد به النقض العملى ، يعنى كل عمل كان ~~للمتيقن فالشاك يجب عليه هذا العمل ويجعله الشارع عليه ، مثلا في حال ~~اليقين بحياة الزيد كان عمل المكلف أخذ النفقة من مال الزيد وإعطائه زوجته ~~، ففي حال الشك مقتضى «لا تنقض» هو الأمر بهذا العمل ، وكذلك مع اليقين ~~بوجود صلاة الجمعة يكون عمل المكلف الإتيان بالصلاة ، فقضية «لا تنقض» ايت ~~بهذه الصلاة فى حال الشك ففي كل من المقامين مدلول الحديث عدم نقض العمل ~~الثابت للمكلف في السابق ، غاية الأمر أن المتيقن لو كان موضوعا فالعمل ~~السابق ترتيب أثره ، ولو كان حكما فالعمل السابق هو المشي على وفقه ، ولازم ~~هذا الحكم في الموضوع جعل مماثل الأثر ، وفي الحكم جعل مماثل نفسه ، مثلا ~~في حال العلم بالخمرية كان أثر هذا الموضوع «لا تشربه» وفي حال الشك يكون ~~مقتضى اعمل العمل السابق هو «لا تشرب» أيضا ، فهذا النهي عن الشرب الجائي ~~من قبل عدم نقض العمل السابق مماثل لذاك النهي عن الشرب الجائي من خطاب «لا تشرب PageV02P081 # الخمر» ، وكذلك خطاب «افعل الصلاة» الناشي من عدم النقض في حال الشك ~~مماثل لخطاب افعل الصلاة الناشي من خطاب «صل» الثابت في حال اليقين ~~وبالجملة ، بعد ثبوت مماثل الحكم السابق الثابت في حال اليقين في حال الشك ~~والتصاقه بحال اليقين يصير المحصل بقاء نفس الحكم في الأحكام ، وبقاء الأثر ~~في الموضوعات ، بمعنى حصول مماثلها في حال الشك. # وإذن فعلم أن معيار هذه القاعدة عمل المكلف الثابت في حال اليقين ، فإنه ~~مما يقبل تشريع الشارع عليه ، وأما نفس عدم نقض الموضوع الخارجى بدون توسيط ~~عمل المكلف فليس من وظيفة الشارع ms0715 ، وبالجملة ، ليست القضية مكونة للموضوعات ~~المعلومة إذا شك فيها ، فمصحح عدم النقض عدم الخروج عن وظيفة الشارع ، ~~وكلما كان في البين عمل المكلف فليس بخارج عن وظيفة الشارع. # المقدمة الثانية : أنه يجب إجراء هذه القاعدة في كل موضع أمكن إجراء «لا ~~تنقض» فيه ، وهو كل مورد كان في حال اليقين عمل للمكلف ، فيجب إجراء «لا ~~تنقض» في كلها بدون استثناء لعدم جواز التخصيص. # المقدمة الثالثة : أن المتيقن بعدم التكليف لا إشكال في أن عمله الإطلاق ~~والاختيار، بمعنى أنه إن شاء يفعل وإن شاء يترك. # والمقدمة الرابعة : أن هذا المعنى أعنى العمل على وجه إطلاق العنان يكون ~~من وظيفة الشرع الحكم به ، وليس الحكم به خارجا عن وظيفته كما في جعل ~~الإباحة. # فتحصل النتيجة من جميع هذه المقدمات أن العدم الأزلي للتكليف وإن كان ~~نفسه غير مجعول ولا له أثر مجعول ، ولكن مع ذلك يمكن شمول «لا تنقض» له ، ~~فيكون مفاد الاستصحاب فيه أن المكلف كل عمل كان يفعله إذا كان متيقنا بعدم ~~التكليف لا بجعل الشارع ، بل بمقتضى طبعه ، فالشارع يحكم عليه ببقائه على ~~هذا العمل في حال الشك أيضا ، فكما كان في حال تيقن عدم التكليف مختارا بين PageV02P082 # الفعل والترك ، فيقول له الشارع : كن في حال الشك أيضا بهذه الحالة ، ~~فيكون مرجع هذا الاستصحاب إلى الإباحة الشرعية الحاصلة بنفس هذا الاستصحاب ~~الغير الموجودة قبله. # والحاصل : أنا لسنا بملتزمين في باب الاستصحاب بلزوم عدم خروج مورد ~~الاستصحاب عن الشقين ، أعني الموضوع ذي الأثر الشرعي ، والحكم المجعول ~~الشرعي ، بل نلتزم بكون مورده غير خارج عن وظيفة الشرع ، وأما ما يوجد في ~~عبائر العلماء من لزوم كونه من أحدهما إنما هو ناش عن زعم انحصار النقض ~~العملي في الموردين ، فنحن إذا وجدنا موردا لم يكن موضوعا ذا أثر شرعى ولم ~~يكن نفسه أيضا مجعولا شرعيا وصح مع ذلك فيه عدم النقض الشرعى فلا مانع من ~~إجراء القاعدة فيه ؛ إذ لم يذكر اسم لهذا التفصيل في القاعدة أصلا كما هو واضح. # هذا تمام ms0716 الكلام في الشبهة الحكمية في حقيقة التكليف والإلزام بأقسامها ~~من الإيجابية والتحريمية سواء كانت ناشئة من فقد النص أو اجماله أو تعارض ~~النصين على ما يقتضيه القاعدة الأولية العقلية والنقلية مع قطع النظر عن ~~القانون الجديد المخترع للشرع على خلافها في بعض هذه الأقسام ، وهو ما كان ~~ناشئا من التعارض ، وقد عرفت أن قضية العقل والنقل جميعا هو البراءة. ### ||| ** بقي هنا أمران ؛ # الأول : في الشبهة في أصل الإلزام والتكليف الناشئة من اشتباه الأمور ~~الخارجية التى يعبر عنها بالشبهة الموضوعية. # فنقول : لا بد أولا من تصوير ما لها من الأقسام الحاصلة لها باعتبار ~~أنحاء تعلق الحكم بالموضوع ، ثم التكلم في قضية حكم العقل في هذه الأقسام ، ~~فنقول : تعلق الحكم أمرا كان أم نهيا بموضوعه يتصور على أنحاء ثلاثة ، فقد ~~يتعلق بالصيغة باعتبار صرف الوجود ، فإن كان الحكم أمرا كان أصل وجود ~~الطبيعة الناقض لعدمها الأزلى الذى ينطبق قهرا على أول ما يوجد من أفرادها ~~مطلوبا من PageV02P083 # المكلف ، وإن كان نهيا كان أصل وجود الطبيعة الناقض لعدمها مبغوضا ، ~~ويطلب من المكلف إبقاء الطبيعة على حالها العدمية ، بحيث لو أوجدها في ضمن ~~فرد منها فقد فات غرض المولى ، وإيجاد الفرد بعد ذلك لا يوجب فوت غرض أصلا. # وقد يتعلق الحكم بالطبيعة باعتبار مجموع الوجودات ، فإن كان أمرا كان ~~إيجاد جميع الأفراد مطلوبا من المكلف ، فلو أتى بالجميع فقد حصل غرضا واحدا ~~للمولى ، ولو لم يأت بالجميع ولو بسبب عدم الإتيان بفرد واحد فقد فوت هذا ~~الغرض الواحد ، وصار إتيانه بباقي الأفراد لغوا ، وإن كان نهيا كان إيجاد ~~جميع الأفراد مبغوضا للمولى ، ويطلب من المكلف ترك المجموع ، بحيث يتوقف ~~فوت الغرض بالإتيان بكل فرد بدون استثناء شيء منها ، فلو أتى بالكل إلا ~~واحدا فقد امتثل المولى وحصل غرضه. # وقد يتعلق بالطبيعة باعتبار كونها مرآتا لأفرادها ، فإن كان أمرا كان هنا ~~أغراض عديدة وأوامر عديدة على حسب مقدار الآحاد ، ويصير كل فرد مستقلا تحت ~~الأمر ومتعلقا للغرض بدون ارتباط لفرد آخر في هذا الغرض أصلا ms0717 ، وإن كان ~~نهيا اشتغل ذمة المكلف بنواهى عديدة على مقدار الآحاد ، فكل منها متعلق ~~لنهى مستقل من دون ربط لواحد منها في النهى المتعلق بالآخر أصلا. # فهذه أنحاء تعلق الحكم أمرا ونهيا بالموضوعات ، فالشبهة الخارجية ~~الموضوعية يختلف أصلها العقلى باختلاف هذه الأقسام. # وتفصيله : أنه إن كان الموضوع الكلى متعلقا للأمر على النحو الأول بأن ~~كان المطلوب إيجاد الطبيعة في الخارج ونقض عدمها الأزلي ، فشبهة المصداقية ~~ليس حكم العقل فيها بالبراءة ، وذلك لأن اشتغال الذمة بالتكليف يقينا يقتضي ~~الفراغ منه يقينا وهو لا يحصل بإتيان الفرد المشكوك ، ويتوقف على إتيان ~~الفرد المعلوم حتى يحصل البراءة جزما ، فحكم العقل عدم الاكتفاء بالمشكوك ~~ولزوم الإتيان بالمعلوم ، وهذا تضييق الدائرة على المكلف ورفع لتخييره ~~بالنسبة إلى الفرد المشكوك ، وهذا واضح. PageV02P084 # وإن كان الموضوع الكلي متعلقا للنهي على هذا النحو بأن كان المطلوب عدم ~~الوجود للطبيعة بذاك المعنى أو في قبال عدمها الأزلي ، فالشك في أن هذا ~~مصداق له أو لا في الحقيقة شك في أن وجود الطبيعة المبغوض هل يحصل بإيجاد ~~هذا حتى يكون إتيانه مخالفة لنهي المولى ، أو لا يحصل حتى يكون إتيانه غير ~~مرتبط بنهيه ، ومن المعلوم أن حكم العقل حينئذ لزوم الاحتياط بالاجتناب من ~~هذا الفرد ، وذلك لأن الجزم بالفراغ عن هذا التكليف موقوف بالجزم بعدم صدور ~~الطبيعة من المكلف في ضمن شيء من أفراده أصلا ، وهو موقوف على اجتناب ~~معلومات الفردية ومشكوكاتها جميعا. # ولكن نقل الاستاد دام ظله عن استاديه المرحوم السيد محمد والميرزا محمد ~~تقى الشيرازي أعلى الله مقام الأول وأطال عمر الثاني الإصرار على أن ~~النواهي المتعلقة بالعناوين بهذا النحو ليست منجزة للتكليف في الأفراد ~~المشكوكة ، بل حكم العقل في تلك الأفراد هو البراءة ، وغاية ما يمكن أن ~~يقال في تأييد هذا القول أن المكلف في الحقيقة مأمور بترك تمام الأفراد حتى ~~لا تدخل الطبيعة في الوجود على نحو تعلق الأمر بالمركب ، فإن التروك بمنزلة ~~الأجزاء للمأمور به ، والأمر الواحد قد تعلق بمجموعها ، بحيث لو أخل بواحد ~~من ms0718 هذه التروك فقط مع إتيان الباقي ما حصل الامتثال ووقع سائر التروك لغوا. # وإذن فلو شك المكلف في أن ترك الشيء الخاص هل هو جزء لهذا المركب حتى ~~يتوقف الامتثال على ضمه بباقي التروك أيضا ، أو ليس بجزء حتى لا يكون ~~الإخلال به مضرا بالمأمور به ، كان هذا من أفراد الشك في المكلف به ، ~~لدورانه بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، حيث لا يعلم بأن المطلوب منه عشرة ~~تروك أو أحد عشر تركا ، فحاله حال الشك المفهومي في المكلف به ، لدوران ~~مفهومه بين عشرة أجزاء وأحد عشر جزءا غاية الأمر أن دوران المكلف به بين ~~الأقل والأكثر نشأ في الثاني من الشك في المفهوم الكلي لعنوان المأمور به ، ~~ونشأ في الأول من الشك في مصداقه مع تبين مفهومه ، ومجرد هذا لا يوجب الفرق في ما PageV02P085 # هو ملاك حكم العقل ؛ إذا التكليف في كليهما ينحل إلى معلوم تفصيلي ومشكوك ~~بدوي ، فالتكليف بالنسبة إلى القدر المتيقن في كلا المقامين معلوم ، ~~وبالنسبة إلى الزائد مشكوك ، فيشترك المقامان في حكم العقل بالبراءة عن ~~التكليف بالزائد. # والحاصل أن الشك في المقام مركب من جهتين ، الاولى : كونه شكا في الأقل ~~والأكثر الارتباطيين ، والثاني : كونه شكا موضوعيا ، ونحن إذا حكمنا ~~بالبراءة في كل من الشكين عند انفراده عن الآخر ، فكيف نتوقف عند ~~اجتماعهما؟ # وحاصل الدفع أنه لو كان الحكم متعلقا بالخارجيات كما هو مبنى القائل ~~بالامتناع في مبحث اجتماع الأمر والنهى ، كان ما ذكر حقا ؛ إذ ليس النهى عن ~~صرف الوجود إلا راجعا إلى النهى عن هذا وهذا إلى آخر الأفراد ، وهكذا الأمر ~~بالطبيعة أو النهى عنها باعتبار مجموع الوجودات ، وأما إذا قلنا بأن ~~الأحكام لا يتعلق بالخارجيات بل بنفس العناوين كما هو مبنى القائل ~~بالاجتماع فحينئذ وإن كان المقام ليس من باب الشك في المحصل ، وذلك لأن ~~الشك هنا في الانطباق وعدمه ، ولكن ما هو الملاك في ذلك المقام بعينه موجود ~~هنا ، وهو أنه لا شك في الحكم ولا في متعلقه ، وبعده لا محيص عن الخروج عن ~~العهدة ms0719 ، فإنه من هناك أصل إيجاب الطهارة معلوم ، والطهارة أيضا مفهوم مبين ~~لا إجمال فيه بحسب المفهوم ، وبعد ذلك مجرد الشك في مقام الانطباق لا يجدى ~~شيئا ، فكذلك نقول في المقام حرفا بحرف. # والحق عدم جريان البراءة ، واستقلال العقل بالاحتياط ، وفساد هذا الكلام ~~وبيانه يتوقف على تقديم مقدمة وهي أن التكليف متعلق بالطبيعة ، وأما سرايته ~~إلى الفرد فهي عقلي ، وما وقع موردا لحكم الشرع ويكون المكلف مأخوذا به ~~ومسئولا عنه إنما هو نفس الحقيقة المعراة عن الخصوصيات ، فليس شيء من ~~الأفراد والأشخاص متعلقا للتكليف في نظر الشارع والحاكم ، (1) بمعنى أن القدر PageV02P086 # الذي يكون الزائد عليه غير مأخوذ هو أصل الماهية والحقيقة الموجودة في ~~ضمن كل شخص وكل خاص ، لكن الزوائد والخصوصيات الشخصية التي قوام الخاص بها ~~خارجة عن مورد التكليف ، والاكتفاء بالخاص في مقام الامتثال إنما هو من باب ~~التسليم من باب انطباق المطلوب عليه عقلا ، لا لكونه متعلق التكليف مستقلا. # ولهذا يقال في جانب الأمر المتعلق بالطبيعة بأن التخيير بين الأفراد عقلي ~~ولو كان الفرد مورد التكليف شرعا ، كان التخيير شرعيا فمعنى كونه عقليا أن ~~الشرع وإن أراد من المكلف أمرا واحدا وهو الطبيعة ، ولكن عند التسليم يخيره ~~العقل بين الأفراد ؛ لصدق الطبيعة على كل منها وانطباقها عليه. # وإذن فنقول : كما أن الزائد على المقدار الذي وقع تحت التكليف ليس على ~~المكلف، كذلك المقدار الذي وقع تحته أيضا يجب بحكم العقل أن يحصل اليقين ~~بالفراغ PageV02P087 # عنه وعدم الاكتفاء بالاحتمال ، فكما أنه في مورد الأمر بالطبيعة بلحاظ ~~صرف الوجود قد تعلق الأمر بحقيقة مبين المفهوم ، ويجب الإتيان بها في ضمن ~~فرد معلوم ، ولا يحل أن يكتفي بالفرد المشكوك ، فكذلك في مورد النهى عن ~~الطبيعة بهذا اللحاظ أيضا تعلق الطلب والأمر بحقيقة مبين المفهوم وهو عدم ~~وجود الحقيقة ، وخصوصية الكون عشرة تركا أو أحد عشر ليست إلا مثل خصوصية ~~الزيدية في ما إذا تعلق الطلب بماهية الإنسان. # وبالجملة ، فانطباق هذا المعنى على الأحد عشر معلوم ، وانطباقه على ~~العشرة غير معلوم ، فالاكتفاء بالعشرة ms0720 في مقام الامتثال اكتفاء بالمصداق ~~المشكوك لما هو المأمور به وهو غير جائز في حكم العقل ، وحاصل الفرق بين ~~الشك المصداقي أو المفهومي في المقام أن التكليف بالمعنى المبين الحقيقة قد ~~تم الحجة عليه من قبل المولى في الأول ، فوجب الخروج عن عهدته بإتيان ~~الزائد ، وفي الثانى الإجمال ثابت في متعلق التكليف ، فالحجة من قبل المولى ~~ناقصة ، فيحصل المجال للبراءة العقلية في الزائد ، وأظن أن هذا من قبيل ~~الواضحات. # ومن هنا يظهر الكلام في ما إذا كان الموضوع الكلي باعتبار مجموع الوجودات ~~متعلقا للأمر ، فشك في شىء أنه مصداق له حتى يجب الإتيان به ؛ لتوقف إيجاد ~~المجموع عليه ، أو لا حتى لا تكون المخالفة والموافقة مرتبطتين بتركه وفعله ~~أصلا ، ولا يخفي أن هنا أيضا محل للكلام السابق مع دفعه ، من حيث إن الأمر ~~دائر بين مطلوبية عشرة أفعال أو أحد عشر ، ولا يخفي أن المطلوب كل ما يوجد ~~من الحقيقة من حيث المجموع ، وهو مفهوم مبين يشك صدقه على العشرة ويعلم على ~~الأحد عشر. # وأما إن كان الموضوع الكلي متعلقا للنهي بهذا الاعتبار ، أي باعتبار ~~مجموع الوجودات بحيث كان الغرض حاصلا بترك واحد من الأفراد ، فالشك في شيء ~~أنه مصداق له أو لا؟ يرجع إلى الشك في أنه هل يكتفي في الترك الواحد ~~المطلوب بتركه أو لا بد من ترك واحد من الأفراد المعلومة ، والظاهر عدم PageV02P088 # الإشكال في لزوم الثانى ، فإن ، مرجع «لا تأت بهذا المجموع» إلى الخطاب ~~بلزوم ترك واحد من أفراد الطبيعة ، وكما قلنا في الخطاب بفعل واحد : إنه لا ~~بد من تسليم مقطوع المصداقية ، ولا يجوز الاكتفاء بالمشكوك ، فكذا في ~~الثاني لا يجوز أن يأتي بجميع المقطوعات ويترك واحدا مشكوك المصداقية ~~امتثالا لذلك الخطاب ، فإنهما من واد واحد كما هو واضح. # بقى ما إذا كان الموضوع الكلي متعلقا للأمر أو النهي باعتبار مرآتيته ~~للأفراد وقد عرفت أنه في الحقيقة ينحل إلى أوامر ونواهي عديدة بعدد الأفراد ~~، فإذا شك في أن هذا الشيء الخاص من أفراد هذا الكلي ms0721 أو لا فقد شك في تكليف ~~مستقل إيجابي أو تحريمي متعلق به بدوا. # وبعبارة اخرى : توجه عشرة تكاليف معلوم ، وتوجه الحادي عشر غير معلوم ، ~~فيكون موردا للبراءة ؛ إذ لا فرق في جريان البراءة بين الشك في التكليف ~~الناشي من الشك في الكبرى كما لو لم يعلم أصل حرمة الخمر ، والناشي عن الشك ~~في الصغرى ، كما لو لم يعلم خمرية هذا المائع الخاص ، فالحجة على التكليف ~~في هذا الخاص غير تامة في هذه الصورة ، كما تكون غير تامة على التكليف في ~~العام في الصورة الاولى ، فيكون العقاب على المخالفة في كليهما عقابا بلا ~~بيان فتدبر. # الأمر الثاني : أن التمسك بالبراءة والحلية في الشبهة الموضوعية إنما هو ~~في ما لم يكن في البين أصل حاكم عليها مثل الاستصحاب ، ومن جملة الموارد ~~التي وجد فيها هذا الأصل اللحم المردد بين المذكى والميتة فإن المرجع فيه ~~أولا ليس ما اشتهر من قولهم : الأصل في اللحوم هي الحرمة ، إذ لم يرد به ~~آية أو رواية ، بل المرجع استصحاب عدم التذكية الثابت حال الحياة فإن ~~الحلية قد علقت في الآية الشريفة أعني قوله تعالى : ( @QUR@06 وما أكل ~~السبع إلا ما ذكيتم ) على التذكية. # فإذا شك في الحلية لأجل الشك في التذكية كان استصحاب عدم التذكية جاريا ؛ ~~فإن التذكية أمر وجودى ، وبه يحكم بالحرمة والنجاسة وهو حاكم على PageV02P089 # أصالتي الحلية والبراءة ، (1) والطهارة لا تعارض بأصالة عدم تحقق الميتة ~~التى جعلت موضوعا للحرمة في الآية الشريفة : «حرمت عليكم الميتة» فإن عنوان ~~الميتة ليس إلا أمرا عدميا ، فإنه عبارة عن عدم تحقق شروط التذكية المقررة ~~في الشرع مع إزهاق الروح ، وهذا اصطلاح ثانوى متشرعي له وإن كان في العرف ~~العام عبارة عن خصوص حتف الأنف ، وإذن فليس عنوانا آخر غير التذكية ، بل هو ~~عدم عنوان التذكية فأصالة عدم التذكية ، مضمونها إثبات الميتة الشرعية ، ~~هذا في ما إذا لم يكن في البين شبهة حكمية بأن كان اللحم المذكور من الشاة ~~وشك في تحقق شروط التذكية فيه. # وأما إن كانت الشبهة حكمية ms0722 مثل الحيوان المتولد من غير مأكول مثل الدب ~~ومأكول مثل الشاة مع عدم تسميته باسم أحدهما حيث إنه يشك في صيرورة لحمه ~~بعد التذكية حلالا أو لا لأجل الشك في قابليته للتذكية وعدمها ، وهذا الشك ~~في اللحم الخاص ليس راجعا إلى الموضوع ، للعلم بتحقق شروط التذكية من إسلام ~~الذابح والاستقبال والتسمية وكون آلة الذبح حديدا وغيرها ، والشك إنما هو ~~في قابليته هذا الصنف من الحيوان للتذكية وعدمها فجريان الاستصحاب في هذه ~~الشبهة مبني على مطلب آخر وهو تحقيق أن التذكية ، ما هي؟ # فإن قلنا : بأنها عبارة عن نفس هذه العمل والحركة الخارجية مع الكيفية ~~الخاصة فليس فيه شك حتى يجري فيه الاستصحاب ، وليس هنا أصل يحرز به ~~القابلية أو عدمها ، فيكون أصالة الإباحة والطهارة جارية. # وأما إن قلنا بأنها عبارة عن أمر بسيط متحصل من هذا العمل الخارجي نظير ~~الطهارة في الإنسان حيث إنها حالة منتزعة من الغسلتين والمسحتين ، ونظير ~~الحدوث فإنه ليس عبارة عن العدم إلى الحال والوجود من الحال ، وإنما هما PageV02P090 # منشأ انتزاعه ، فحينئذ يكون بهذا المعنى مشكوكة ، فإن القابلية أيضا ~~دخيلة في منشأ الانتزاع وهي مشكوكة ، فيكون استصحاب عدمها جاريا ، وبه يحكم ~~بالحرمة والنجاسة ، فتحصل أنه لا تفكيك في الحكمين في اللحم المذكور أصلا ~~بأن يكون في مورد محكوما بالحرمة والطهارة ، بل الحرمة والنجاسة ، والحلية ~~والطهارة متلازمان. ### ||| ** تتميم # للشك في اللحم من حيث التذكية وعدمها صورتان أخريان : # الاولى : اللحم المردد بين كونه من الغنم أو الكلب مثلا الثانية : الشبهة ~~الحكمية وهو اللحم من الحيوان المتولد من الحيوانين المشكوك حكمه الكلي ، ~~والصورة الاولى التي هي الشبهة الموضوعية لها صورتان ؛ الاولى : أن يكون ~~الشك في الحيوان الذي اخذ منه هذا اللحم أنه كلب أو غنم ، والثانية : أن لا ~~يكون شك في حيوانه بأن يكون في البين غنم مذبوح وكلب كذلك ، وشك في أن هذه ~~القطعة من اللحم قطعت من الأول أو الثاني. # وعلى كل من التقادير الثلاثة إما يشك في وقوع الامور المعتبرة في التذكية ~~، وإما يقطع بوقوعها ، فلا ms0723 إشكال في الأول أعنى الشك في وقوع الامور في أن ~~أصالة عدمها موجبة للحرمة ؛ إذ بعد ما كانت كذلك مع إحراز الغنمية فمع ~~العدم بطريق أولى ، إنما الكلام في صورة القطع بوقوعها. # فحينئذ نقول : تارة نختار أن في حلية الغنم يعتبر أمران ، الأول : ~~التذكية ، والثاني : قابلية المحل ، واخرى نختار أن قابلية المحل مأخوذة ~~إما في مفهوم التذكية قيدا ، بأن كانت هي هذه الامور بشرط وقوعها في المحل ~~القابل ، وإما في منشأ انتزاعها بأن كانت هي أمرا بسيطا منتزعا من هذه ~~الامور مع القابلية. # فإن اخترنا الأول فأصالة الحل في جميع الصور جارية ؛ لأن وجود التذكية ~~معلوم ، والقابلية التي شك فيها لا أصل يحرز وجودها أو عدمها ، لعدم الحالة PageV02P091 # السابقة ، فيبقي أصالة الحل سليمة عن الحاكم. # وإن اخترنا الثاني فلا إشكال في القسم الثاني من الشبهة الموضوعية وهي ما ~~إذا لم يكن شك في الحيوان ، فإن أصالة عدم التذكية في الحيوان غير جارية ، ~~لفرض دورانه بين حيوانين لا شك في أحدهما خارجا ، والمعتبر في الاستصحاب ~~الشك الخارجي ، فيكون أصالة الحل أيضا سليمة عن الحاكم. # ويبقى الكلام على هذا المبنى في الشبهة الحكمية والموضوعية مع مشكوكية ~~حال الحيوان ، فلا شبهة في أن أصالة الحل الجارية في اللحم محكومة لأصالة ~~عدم التذكية ، ولكن هل أصالة الحل في الحيوان حاكمة على عدم التذكية أو ~~محكومة؟ قد يقال بالأول بتقريب أنه كما أن بعضا من الآثار ثابتة للأعم من ~~الظاهر والواقع ، كذلك بعض الامور الواقعية يستكشف من الأعم ، ومن هذا ~~القبيل قابلية المحل في المقام ، فإنه إذا حكم الشارع على حيوان بأنه حلال ~~سواء كان بعنوان الواقع أو الظاهر يستكشف منه عرفا أنه قابل للتذكية ، ~~فيرتفع بهذا الشك الذي هو موضوع الاستصحاب ، لانه كان الشك في القابلية ، ~~وفيه أنه كما يستكشف من هذا الأصل وجود القابلية يستكشف من الاستصحاب عدمها. # إن قلت : أصالة الحل جارية في حال حياة الحيوان ، والاستصحاب إنما يجري ~~بعد ذبحه. # قلت : بل الاستصحاب أيضا جار في حال الحياة بنحو التعليق ، فمفاد ms0724 أصالة ~~الحل أن الحيوان لو ذكي يجوز أكله ، فيستفاد منه القابلية ، ومفاد ~~الاستصحاب أن هذا الحيوان لو فري أوداجه بشرائط المقررة فهو غير مذكى ، ~~فيستفاد منه عدم القابلية ، وحينئذ فأصالة الحل محكومة بالاستصحاب كما قرر ~~بيانه في محله. # ولكن الحق أن أصالة الحل حاكمة على الاستصحاب بتقريب آخر ، وهو أنه لم ~~يرد في آية أو رواية تعليق عنوان التذكية على خصوصية واقعية في الحيوان ~~يعبر عنها بقابلية المحل، بل ما هو المستفاد من الأدلة أن كل حيوان حكم ~~عليه الشارع بالحلية الحيثيتية مثل : «الغنم حلال» فقد فهمنا بنفس هذا ~~البيان أن الامور PageV02P092 # المذكورة في ذبح هذا الحيوان تذكية له فعنوان التذكية مرتبة شرعا على ~~الامور المذكورة مع هذه الحلية الحيثية ، لا أنه بعد هذه الحيثية يحتاج في ~~الحلية الفعلية إلى إحراز أن الامور المذكورة تذكية ، بل بنفس هذه الحلية ~~يعلم كونها تذكية ، فالتذكية عبارة عن هذه الامور المقيدة بهذه الحلية ~~الحيثيتية ، ومن المعلوم أن الأصل المحرز للقيد وإن كان أصالة الحل مقدم ~~على الأصل النافي للمقيد وإن كان استصحابا ، فإن الأصل الجاري في الشك ~~السببي مقدم على الجاري في المسببي ، ولو فرض كون الأصلين بحيث لو أجريا في ~~شك واحد كان الأمر بالعكس ، مثلا الأصل المحرز لحال الماء المغسول به الثوب ~~ولو كان قاعدة الطهارة مقدم على الأصل الجاري في الثوب ولو كان استصحابا. # ومن جملة الموارد التي يكون الأصل الحاكم على البراءة جاريا في الشبهة ~~الموضوعية المرأة المرددة بين الأجنبية والزوجة ، فإن استصحاب عدم تحقق ~~علاقة الزوجية حاكمة على البراءة الشرعية. # ومن جملتها المال المردد بين النفس والغير مع كونه في السابق مال الغير ، ~~كما لو علمت أن هذا كان ملكا لزيد وعلمت أنك اشتريت مالا فتشك أنه هل هو ~~هذا أو غيره ، أو مع عدم الحالة السابقة ، كما لو شك في أن هذا المباح ~~الخاص صار ملكا له بحيازته ، أو لزيد بحيازته. # أما في الصورة الاولى فلا إشكال في جريان استصحاب ملك الغير ، ويترتب ~~عليه حرمة التصرف ، وأما ms0725 الثانية فهي أيضا يجري فيه مثل هذا الاستصحاب ، ~~ولا مجرى فيها أيضا للبراءة الشرعية وذلك لأن المستفاد من قوله عليه السلام ~~: «لا يحل مال إلا من حيث أحله الله» أن مطلق المال في الدنيا ولو لم يكن ~~مضافا إلى أحد يحتاج حليته إلى سبب وجودى ، ولو كان مثل الحيازة في ~~المباحات ، فبدون أحد أسباب الحلية لا يكون مال الدنيا حلالا ، فعلى هذا ~~يجري في هذا المال المشكوك الذي ليس له حالة سابقة استصحاب عدم تحقق ~~الأسباب الوجودية للحلية من بيع المالك وهبته وصلحه وإباحته وحيازة المباح ~~وغير ذلك ، فيترتب عليه حرمة التصرفات. PageV02P093 # ومن جملة تلك الموارد أي موارد ثبوت الأصل الوارد على أصل البراءة ، ~~المال المعلوم كونه ملك الغير ، والمحتمل رضى مالكه بالتصرف ، فإنه أيضا ~~موضوع مشكوك الحلية والحرمة ، ولكن هنا استصحاب حاكم على البراءة فيه وهو ~~استصحاب عدم طيب نفس مالكه. # لا يقال : ليس لهذا الاستصحاب حالة سابقة ؛ إذ لم يكن هذا لمال في السابق ~~مقطوعا عدم رضى مالكه بالتصرف فيه حتى يستصحب في زمان الشك. # فإنه يقال : فرق بين اعتبار الرضى شرطا في حلية التصرف بنحو «كان» ~~الناقصة ، وبين اعتباره بنحو «كان» التامة ، ففي الأول لا بد من إحراز ~~الموضوع المفروغ الوجود لزمان اليقين والشك معا ، فإذا فرض الشك في الرضى ~~في جميع أزمنة الموضوع لم يكن في البين حالة سابقة وجودية ولا عدمية. # وأما في الثاني فلا نحتاج إلى إحراز الموضوع أصلا ، بل الملاك ثبوت رضى ~~المالك في هذه المال للشخص وعدم هذا المعنى ، فمهما علم هذا المعنى فهو ، ~~وإلا فنستصحب عدمه؛ إذ هو في الوجود يحتاج إلى وجود أشياء من المال والمالك ~~والاذن والمأذون له ، فبعدم كل منها ينعدم هذا المعنى ، فلا محالة تكون ~~حالته السابقة عدما ، لكونه معلوما في حال انعدام هذه الأشياء في الأزل ، ~~فلا مانع من استصحابه ثم الحكم بحرمة التصرف. # وأما الطريق لإثبات الوجه الثاني وهو كون الرضى مأخوذا على وجه مفاد ~~«كان» التامة فهو أن الكلام المشتمل على المستثنى والمستثنى منه ms0726 ظاهر لدى ~~العرف في كون الملحوظ في طرف المستثنى نفس الوصف بلا دخل نسبته إلى الموضوع ~~المفروض الوجود ، فقوله : «لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه» ظاهر في كون ~~تمام النظر واللحاظ إلى نفس وجود الطيب في المال من المالك بلا ملاحظة ~~المال والمالك مفروضي الوجود ، وإسناد الطيب إليهما على نحو القضية ~~المبتدئة مثل قولك : كل مال طاب نفس مالكه فهو حلال ، هذا تمام الكلام في ~~الشك في أصل التكليف وجوبا كان أم تحريما ، حكميا أم موضوعيا. PageV02P094 ### ||| ** المسألة الثانية : # في الشك في المكلف به مع العلم بأصل التكليف وإمكان الاحتياط # . فهنا نذكر حكمه بحسب العقل والنقل بجميع أقسامه ، فإن الكلام في كل ~~الأقسام من الإيجابي والتحريمي ، والإيجابي مع التحريمي بحسب ملاك حكم ~~العقل أو النقل واحد ، فلا داعي إلى تشقيق الكلام على حسب الأقسام وجعل ~~الكلام في كل قسم في باب على حده. # نعم لا بد من التفرقة بين هذه الصور مع إمكان الاحتياط ولا معه لاختلاف ~~حكم العقل فيهما فلا بد من جعل الباب المستقل للثاني ، ومن قبيله دوران أمر ~~الشيء الواحد بين الوجوب والحرمة ، وهذا التشقيق موافق مع التقسيم الذي ~~ذكرناه في أول مبحث القطع فلاحظ. # وكيف كان ، فالشك في المكلف به مع العلم بأصل التكليف وإمكان الاحتياط له صور. # الاولى : أن يعلم جنس الإلزام ويعلم نوعه وأنه الوجوب ، وشك في تعلقه ~~بهذا الموضوع أو بذاك كما لو يعلم أن الواجب هو الظهر أو الجمعة. # والثانية : هذا مع العلم بكونه الحرمة وتردد متعلقه بين الموضوعين ، كما ~~لو لم يعلم أن هذا حرام أو ذاك. # والثالثة : أن يعلم أصل الإلزام وشك في نوعه وفي متعلقه أيضا ، كما لو ~~علم أن هذا واجب أو ذاك حرام ، ثم الكلام فيها مع قطع النظر عن القانون ~~الذي أعطاه الأخبار العلاجية لتعارض الخبرين في أن مقتضى الأصل الأولي بحسب ~~العقل والنقل ما ذا. # وحينئذ فنقول : لا إشكال أنه بعد العلم بأصل الإلزام كما هو المفروض في ~~هذه الصور لا فرق لدى العقل بين ms0727 المخالفة التفصيلية والإجمالية في الحكم ~~بالقبح ، فكما أنه لو علم أن المولى عطشان مشرف بالموت من شدة العطش وأن هذا PageV02P095 # الإناء المعين يرفع عطشه ، فترك إعطائه هذا المعين ، فعل قبيحا ، كذلك لو ~~علم عطشه ، وعلم أن هذا الإناء أو ذاك الإناء يرفع عطشه ، فترك إعطاء ~~الجميع وترك المولى على حالة العطش كان كالأول بلا فرق. # ثم إذا ثبت حكم العقل بقبح المخالفة يثبت وجوب الموافقة القطعية أيضا ، ~~ولا يعقل التفكيك بينهما ؛ إذ لا يخلو الحال من قسمين ، إما أن يكون هذا ~~العلم الذي تعلق بالإلزام حجة على هذا الإلزام ، وإما لا يكون حجة ، فإن ~~كان حجة فكما يحرم المخالفة القطعية بسببه ، يجب الموافقة القطعية أيضا ~~بسببه ، وإن لم يكن حجة فلا يثبت شيء من الأمرين ، فإن التفكيك في الحجية ~~لا يتصور عقلا فيصير الحاصل أن الواقع المعلوم قد قام عليه الحجة ، فيحرم ~~مخالفته القطعية ويجب موافقته القطعية ، وهي موقوفة على الاحتياط بإتيان ~~جميع الأطراف ، فيكون مقتضى القاعدة الأولية العقلية وجوب الاحتياط وعدم ~~البراءة ، من غير فرق بين صورة العلم بنوع التكليف والشك فيه. # هذا هو تمام الكلام في مقتضى الحكم العقلى ، فيقع حينئذ الكلام في ما ~~يستفاد من النقل مثل حديث الرفع وغيره. # فنقول أولا : يمكن ورود الترخيص في بعض أطراف هذه الشبهة (1)، وبه يرتفع PageV02P096 # موضوع حكم العقل ؛ فإن العقل لا يحكم بالاشتغال ووجوب الاحتياط بإتيان ~~جميع الأطراف إلا لأجل الخوف وعدم الأمن بدونه من العقاب والأمن معه منه ، ~~فموضوع حكمه إنما هو الخوف وعدم الأمن ، فإذا ورد التأمين من الشارع فلا ~~يبقى للعقل حكم بالاحتياط ؛ إذ لا يعقل زيادة الفرع على الأصل ، والترخيص ~~في بعض الأطراف أيضا تأمين ، بمعنى أنه لو كان في الواقع التكليف في هذا ~~البعض لما كان للمولى المؤاخذة عليه ، لمنافاة ذلك مع ترخيصه ، فمجيء ~~الترخيص علة لرفع الخوف الذي هو موضوع حكم العقل وجدانا ، فله الورود على ~~حكم العقل ، فإذا تقرر إمكان ورود الترخيص الشرعي على إتيان البعض وترك ~~البعض يقع الكلام ثانيا في وقوعه ms0728 وعدم وقوعه واستفادة ذلك من الأدلة أعني ~~أخبار البراءة الشرعية وعدم الاستفادة. PageV02P097 # فربما يقال : حيث جعل حكم الرفع والإطلاق والسعة معلقا ومغيا في هذه ~~الأخبار على حصول العلم ، وهو بحسب اللفظ أعم من التفصيلي والإجمالي ، ~~وتخصيصه بالأول من غير مخصص لا وجه له ، فلا عموم لها للمقام ، فإن الشك ~~وإن كان حاصلا وغير مناف مع العلم الإجمالي فكل من الأطراف بخصوصه مشكوك ~~كونه موردا للتكليف والالزام ، لكن الفرض مقارنة هذا الشك مع العلم بأصل ~~الإلزام ، فهنا علم بالإلزام وجهل بمورده ، فقد حصل الموضوع وهو الشك مع ~~غاية الحكم ، فلا محالة لا يشمل الحكم للمقام. # وفيه أن ظاهر «رفع ما لا يعلمون» والحلية حتى يعلم الحرمة ، والسعة ما لا ~~يعلم ثبوت الحكم ، ما دام المشكوك مشكوكا وكون الغاية زوال الشك بالمرة ~~وتبدله بالعلم ، لا مجرد ثبوت العلم مع ارتباط له بالشك ، وبعبارة اخرى : ~~المستفاد من الأخبار أن المشكوك محكوم بالحلية حتى يصير معلوما ، لا أن ~~المشكوك محكوم بالحلية حتى يحصل علم مرتبط به ولو مع بقاء حالة الشك. # وربما يقال أيضا : سلمنا عموم الأخبار للشك المقرون بالعلم الإجمالي لعدم ~~حصول الغاية فيه ، ولكن مقتضى الأخبار كما أن كون المكلف في سعة المشكوك ، ~~كونه أيضا في غير سعة من المعلوم ، وفي هذه الصور كما أن لنا مشكوكا ، لنا ~~معلوم ، فالأول بمقتضى صدر هذه الأخبار محكوم بالإطلاق ، والثاني بمقتضى ~~ذيلها بعدمه ، ولا شك في أن المعلوم الموجود هنا المحكوم عليه بعدم الإطلاق ~~ليس إلا في ضمن المشكوك المحكوم عليه بالسعة. # مثلا الإناءان اللذان علم بوجود الخمر فيهما كل منهما باعتبار الخصوصية ~~مشكوك الحرمة ، فيندرج تحت حكم الإطلاق ، وأصل الخمر معلوم الوجود في البين ~~محكوم بعدم الإطلاق ، وهو ليس إلا في ضمن الإنائين ، فيلزم محكوميتهما بعدم ~~الإطلاق من هذه الجهة، وقد فرض كونهما محكومين بالإطلاق باعتبار أنفسهما ، ~~فيتحقق التعارض بين صدر الرواية وذيلها ، فتسقط بذلك عن الحجية. # والفرق بين هذا وسابقه أن مبنى الأول منع عموم الأخبار للمقام ، والثاني PageV02P098 # تسليم عمومها مع السقوط عن ms0729 الحجية ، لتعارض الصدر مع الذيل ، فلا بد ~~حينئذ من الرجوع إلى حكم العقل من الاشتغال ووجوب الاحتياط. # وهذا الوجه الثاني أعني التعارض بين الصدر والذيل من الرواية مبني على ~~القول في الأحكام الواقعية بثبوت المراتب من الإنشائي والفعلي وأن المرتبة ~~الإنشائية لا يكون العلم بها موردا لحكم العقل بوجوب الامتثال ما لم يضم من ~~الشرع جعل للمرتبة الفعلية كما ذهب إليه الاستاد الخراساني طاب ثراه ؛ إذ ~~حينئذ يكون الحكم في تلك الأخبار بأن المشكوك إذا صار معلوم الحرمة يصير ~~حراما بمنزلة جعل الفعلية للحكم التحريمي الذي تعلق به العلم ، فيكون العلم ~~حينئذ موضوعا للحكم الشرعي ، غاية الأمر بمرتبته الفعلية دون الشأنية ~~الإنشائية. # فيكون مفاد الأخبار قضيتين شرعيتين ، الاولى : أن المشكوك ما دام مشكوكا ~~محكوم ظاهرا بالحلية ، والاخرى : أن الحرام الواقعي إذا تعلق به العلم صار ~~حراما فعليا ، فيكون من الأثر الشرعي للعلم الحرمة الفعلية بوصف الفعلية ، ~~كما يكون من الأثر الشرعي للشك الحلية الفعلية ، فبعد تحقق العلم يكون ~~موضوع حكم العقل متحققا بكلا جزئيه ، فإن أحدهما العلم ، وقد حصل وجدانا ، ~~والأخر فعلية الحكم وقد حصلت بحكم هذه الأخبار أيضا ، فيكون التنجيز الذي ~~هو حكم العقل حاصلا. # وبالجملة ، يقع التعارض في أطراف العلم الإجمالي بالتكليف بين هاتين ~~القضيتين من حكم الرخصة المجعولة في مورد الشك ومن حكم عدم الرخصة المجعول ~~في موضوع العلم ، لأن المفروض تحقق الشك والعلم معا ، وكون متعلق الثاني ~~محصورا في متعلق الأول ، فيلزم كون الشيء الواحد وهو كل واحد من الأطراف ~~محكوما بالرخصة فعلا وبعدمها كذلك بالاعتبارين ، وهذا معنى التعارض. # وأما على القول بأن الأحكام الواقعية بعد جعل نفسها ، فلا يتصور فيها سوى ~~المرتبة الواحدة وهي الفعلية ، ولا يتصور لها مرتبتان انفكتا في الجعل وكان ~~كل منهما محتاجا إلى جعل مستقل ، بل هي بعد الجعل أبدا فعلية كما هو ~~المختار ويأتي في محله تحقيقه إن شاء الله تعالى فلا تعارض بين الصدر ~~والذيل لهذه PageV02P099 # الروايات أصلا ، وذلك لأن الحكم في ذيلها بعدم الرخصة والسعة في صورة ~~العلم ms0730 بالتكليف ليس حكما تعبديا شرعيا مثل ما اشتمله الصدر من حكم الشك ، ~~بل إنما هو تقرير لحكم العقل ، وذلك لأن الفرض تمامية الحكم الواقعي من حيث ~~الجعل ومن ناحية المولى ، والنقص لو كان إنما هو من قبل عدم علم المكلف به ~~، فإذا حصل له العلم تم بسببه موضوع حكم العقل بوجوب الإطاعة ، فوجوب ~~اجتناب معلوم الحرمة ليس إلا حكما استقل به العقل سواء كان إجماليا أم ~~تفصيليا ، وليس مع ذلك قابلا للحكم المولوي الشرعي كما تقدم تفصيله في محله ~~، فوجود هذا الحكم في تلك الأخبار مثل عدمه ، فلا بد أن نفرض الكلام في ما ~~لو لم يكن في الأخبار ذكر لحكم صورة العلم ، بل كان المذكور فيها حكم الشك فقط. # فحينئذ نقول قوله : كل مشكوك مرخص فيه ، يشمل بعمومه أطراف العلم ~~الإجمالي؛ لصدق المشكوك على كل منها ، فيكون المكلف مرخصا في مخالفتها بحكم ~~هذا الإذن الشرعي ، وليس هذا معارضا مع الحكم العقلي الذي تقدم من عدم ~~تجويز العقل للاقتحام في شيء من الأطراف وإيجابه الموافقة القطعية ، وذلك ~~لسبق وجود الحكم الشرعي على العقلي رتبة ، فإن موضوع حكم العقل إنما هو ~~تمامية أسباب صحة عقوبة المولى في هذا لو كان الحرام أو الواجب فيه ، وفي ~~ذاك كذلك ، فيجب إخراج النفس عن هذه العقوبة. # وبعبارة اخرى : موضوع إلزام العقل فعل هذا المعين أو تركه إنما هو الخوف ~~من الوقوع في العقوبة بسبب المخالفة ، فإذا ورد الترخيص من الشرع في هذا ~~المعين بطل هذا الإلزام ببطلان موضوعه ؛ إذ لم يبق مع هذا الترخيص خوف من ~~العقوبة ؛ إذ لا حق للمولى معه أن يعاقب العبد على تقدير مخالفته الواقع في ~~ضمن هذا المعين ، فالترخيص بمنزلة تأمين من الشرع ، بل هو هو حقيقة ؛ إذ ~~معناه أنه لا بأس بارتكابه وإن كان مصادفا مع الحرام الواقعي أو الواجب ~~الواقعي ، وبالجملة ، بعد وجود هذا الحكم الترخيصي من الشرع لا مجال لحكم ~~العقل بالاحتياط أصلا حتى يفرض التعارض بينهما. PageV02P100 # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن حكم الشك المذكور ms0731 في الروايات يشمل عمومه ~~أطراف العلم الإجمالي ، ولا قصور في عمومها أصلا ، ولا معارض لهذا العموم ~~بالنسبة إلى الأطراف أيضا في حد ذاتها لا من حكم الشرع ولا من العقل ، فيقع ~~الكلام حينئذ في كيفية شمول هذا العموم للأطراف ، بمعنى أنه يشمل جميعها أو ~~البعض المعين أو بعضا لا بعينه. # تفصيل الكلام أن شموله للجميع غير ممكن ؛ إذ يلزم من دخول تمام الأطراف ~~تحت هذا العموم ومحكومية الجميع بالرخصة محذور عقلي ، وهو ترخيص الشارع ~~الحكيم في الأمر القبيح وهو المخالفة القطعية للتكليف الإلزامي المعلوم ~~بالإجمال ؛ إذ بعض من الأشياء غير قابل للترخيص الشرعي عقلا مثل الظلم ، ~~فلا يصدر من الحكيم الترخيص فيه أبدا ، ومخالفة التكليف المعلوم تفصيلا أو ~~إجمالا أيضا من أفراد الظلم ، بل وأبدهها ، فكيف يجوز للحكيم أن يرخص فيه ، ~~وإذن فيجب تخصيص هذه القاعدة الشرعية أعني : كل مشكوك مرخص فيه ، بالنسبة ~~إلى جميع الأطراف بحكم العقل. # وأما شمولها للبعض فإن كان بعضا معينا بأن يحكم أن هذا المعين داخل تحت ~~العموم دون ذلك ، فهذا يحتاج إلى معين كان في الأول دون الثاني ، وهو مفقود ~~؛ إذ المفروض أنه لم يعتبر في موضوع القاعدة سوى الشك ، والطرفان سيان من ~~هذه الجهة. # وبالجملة ، ظهور العموم بالنسبة إلى كل منهما في عرض واحد وعلى حد سواء ، ~~فشموله لهذا دون ذاك ترجيح بلا مرجح ، بمعنى أن إعمالنا أصالة العموم في ~~هذا المعين دون ذاك ترجيح بلا مرجح في عملنا لا أنه ليس للشارع ذلك ولو بأن ~~يصرح بالرخصة في معين منهما دون الآخر ، فإنه بمكان من الإمكان ، غاية ~~الأمر عدم علمنا حينئذ بالملاك الذي صار مرجحا بنظره. # وإن كان بعض لا بعينه فلتقريب الدلالة فيه ثلاثة وجوه : # الأول أن يقال : إنه بعد العلم بعدم إمكان دخول الجمع تحت العموم لما ذكر ~~من المحذور العقلي يدور الأمر بين إلغاء الحكم بالنسبة إلى أحدهما أيضا ، ~~وبين حفظ PageV02P101 # الحكم بالنسبة إلى أحدهما حتى يكون الخارج هو الجمع بوصف الجمعية ، ~~فمقتضى حفظ العموم والعمل بأصالته مهما أمكن ms0732 هو اختيار الثاني ؛ إذ هو حفظ ~~للعموم بالنسبة إلى أحدهما ، والأول طرح له بالنسبة إليه أيضا ، فالثاني هو ~~المتعين وهذا الوجه كما ترى متوقف على كون إعمال الحكم في أحدهما عملا ~~بالعموم وحفظا لظهوره. # وأما إن كان وجوده وعدمه على السواء بالنسبة إلى العموم ، ولم يكن الأول ~~حفظا ، ولا الثاني تخصيصا زائدا فلا شبهة في عدم إمكان إثباته بأصالة ~~العموم ؛ إذ هو فرع دخول مجراه تحت العموم وكونه من مصاديقه ، والحق عدم ~~كون أحدهما من مصاديق العام ، فإن العام إنما يكون مرآتا للمصاديق المعينة ~~القابلة للإشارة الخارجية مثل هذا وهذا ، والمفروض ورود التخصيص بالنسبة ~~إلى هذا المعنى التعييني القابل للإشارة الحسية ؛ إذ الفرض أنه لم يمكن ~~إدخال هذا المعين ولا إدخال ذاك ، للزوم الترجيح بلا مرجح. # وبعد ورود التخصيص بالنسبة إلى كل من المعنيين فلا يمكن القول حينئذ بأن ~~كلا منهما بحسب التحليل العقلي ينحل إلى تعيين والأحد المعرى عن التعيين ، ~~فمقتضى المحذور المذكور ليس بأزيد من رفع اليد عن التعيين ، فيكون الأحد ~~الذي في ضمنه باقيا بحاله تحت العموم ، وذلك لأن هذا الأحد لم يكن له وجود ~~مستقل ، بل هو تبع للتعيين ومندك فيه ، كيف وإلا لزم أن يكون كل فرد فردين ~~، فإذا فرض رفع اليد عن التعيين فليس للأحد وجود بعد ارتفاعه. # وبالجملة ، فإدخال الأحد ليس عملا بأصالة العموم ؛ إذ الداخل تحت العموم ~~لم يكن إلا المعين ، والأحد أيضا وإن كان داخلا بدخوله ، لكن على نحو ~~التبعية ، وما نحتاج إليه لإجراء أصالة العموم هو الدخول المستقل كما هو واضح. # لا يقال : نحن نمثل مثالا له واقع وفيه لا محيص عن إجراء العموم في ~~أحدهما بعد عدم إمكان التعيين وهو قوله تعالى : ( @QUR@03 وأنكحوا الأيامى ~~منكم ) فإنه عام وقد خرج منه الجمع بين الاختين ، ومع ذلك نقول بجواز نكاح ~~أحدهما ، وليس ذلك PageV02P102 # إلا لأنه بعد ما رفع اليد عن العام الأول بالنسبة إلى كلتا الأختين وعلم ~~بعدم دخول جميعهما تحته وعدم إمكان كل بعينها للزوم الترجيح بلا مرجح يدور ~~الأمر ms0733 بين العمل بالعموم في الواحدة لا بعينها وبين طرحه بالنسبة إليها ~~أيضا ، فقضية أصالة العموم يعين الأول. # فعلم أنه يصح إجراء أصالة العموم في الأحد لا بعينه بعد عدم إمكانها في ~~كل من الخصوصيات المعينة ، وإذا صح تعين في المقام أيضا ؛ لأنه أيضا مثل ~~الآية ، غاية الأمر أن المخصص في الآية لفظي وفي المقام عقلي ، ولا يوجب ~~هذا فرقا كما هو واضح ، فيكون المرخص فيه هو الأحد لا بعينه ، واختيار ~~تعيينه موكول إلى المكلف. # لأنا نقول : إجراء حكم جواز النكاح في إحدى الاختين لا بعينها بعد رفعه ~~عن المجموع ليس بواسطة عموم العام المذكور ، بل إنما عليه دليل مستقل وهو ~~نفس الدليل اللفظي الذي تصدى لحرمة الجمع بين الأختين ، فإنه بمدلوله ~~اللفظي المفهومي يدل على جواز نكاح الأحد ، حيث إنه في مقام الحصر لمحرمات ~~النكاح من النساء ، كما يظهر من ملاحظة الآية الدالة على ذلك ، حيث إن فيها ~~حصر محرمات التزويج في الأفراد التي عد فيها التي من جملتها الجمع بين ~~الاختين ، وهذا بخلاف المقام ، فإن المخصص هنا لبي وهو حكم العقل بقبح ~~الترخيص في كلا المشتبهين وعدم إمكان الترجيح بلا مرجح من دون تعرض فيه ~~لجواز الترخيص في الأحد لا بعينه ، فينحصر الأمر فيه في التمسك بأصالة ~~العموم وإدراج الأحد لا بعينه في العموم ، وقد عرفت أنه فرع دخوله في ~~العموم ومصداقيته له ، والحال أنه لم يكن قط كذلك ، فعلم أن قياس المقام ~~بالمثال المذكور مع الفارق. # والحاصل أن المخصص كلما كان لفظيا ومتعرضا لحال الأحد وبقاء حكم العام ~~فيه كان هو الدليل عليه دون عموم العام وإن كان لبيا ، فلا يمكن التمسك ~~لثبوت الحكم فيه بالعام ، والمفروض عدم دليل آخر ، فتحصل أن الظهور اللفظي ~~قاصر عن إثبات هذا المقصد. PageV02P103 # وحاصل تقريب هذا الوجه (1) أن حفظ ظهور العموم في هذا متعينا أو في ذاك ~~كذلك ترجيح بلا مرجح ، وفي كليهما ترخيص في المعصية ، وبعد رفع اليد عن ~~المتعينين لنا أن نحفظ العموم في الأحد التخييرى. # فلا يقال هنا بمثل ms0734 ما سنورد على الوجه الثالث الذي هو التمسك بالإطلاق من ~~دوران الأمر بين التخصيص والتقييد ، فلا يقال هنا أيضا يدور الأمر بين ~~ارتكاب أحد المخالفتين للظاهر إما الالتزام بالتخصيص ، وإما رفع اليد عن ~~ظهور الترخيص في المعين. # فإنا نقول : ما ندعيه في المقام هو أن ذلك حفظ مرتبة من ظهور العموم ، ~~فلو أمكن حفظ الظهور في التعيينية وجب حفظ العموم بالمرتبة الأقوى ، وحيث ~~تعذر ذلك كان الواجب حفظه بالمرتبة الأضعف ، فلا نرفع اليد عن تمام الظهور ~~بمحض تعذر حفظ مرتبة منه ، وبالجملة ، ليس ظهور الترخيص في المعين إلا ظهور ~~العموم في المعينات ، فإن كان حفظ الأحد التخييري حفظا لمرتبة من العموم ~~فرفع اليد عنه تخصيص زائد بغير جهة ، وإن لم يكن في العموم من الأحد ~~التخييري عين ولا أثر وكان مفاده المعينات ليس إلا فرفع اليد عن الأحد ~~التخييري لا يكون زيادة تخصيص ، ولا حفظه حفظ مرتبة من العموم ، بل هو شيء ~~مسكوت عنه في القضية اللفظية بالمرة ، فعلى كل حال لا شباهة لمقامنا بذلك ~~المقام. # ثم الدليل على ما ادعينا من كون مدلول العموم أمرين التعيينية والأحد ~~المعرى ملاحظة نظائر المقام ، ألا ترى أن عموم «فانكحوا ما طاب لكم من ~~النساء» إذا خصص بآية ( @QUR@04 وأن تجمعوا بين الأختين ) فلا يتأمل ~~الإنسان في بقاء إحداهما تحت العموم مع أن لسانه أيضا هو الأفراد المتعينات ~~من النساء ، ولا نحتاج في ذلك إلى التماس دليل آخر من إجماع ونحوه. # وكذلك لو ورد خطاب «أنقذ الغريق» وعجز العبد عن إنقاذ فردين بوصف PageV02P104 # الاجتماع فهل ترى الوجدان متأملا في شمول القضية المذكورة للأحد التخييري ~~المقدور؟ وبعد مسلمية هذا الارتكاز في هذين المثالين وأمثالهما نقول بمثله ~~في المقام. # وإن شئت فقل : نستكشف من هذا الارتكاز أحد أمرين ، إما أولوية التقييد ~~على التخصيص كما هو الوجه الثالث وعدم ورود ما سنورد عليه ، وإما كون الأحد ~~التخييري داخلا في مفاد العام كما هو هذا الوجه ، فيدل على صحة أحد الوجهين ~~، (1) وهذا المقدار يكفينا أيضا ، هذا. # ولكن يمكن ms0735 الفرق بين مقامنا وتلك الأمثلة ، وبيانه أنه كلما كان في البين ~~عام أو مطلق شامل بعمومه أو إطلاقه للأفراد التعيينية ثم ورد مخصص أو مقيد ~~لفظي أو عقلي علم تعلقه بعنوان الجمع كان الارتكاز المذكور فيه موجودا ، ~~وحينئذ فلعل السر في ذلك أن التخيير مستفاد من وجود المقتضي في كل فرد فرد ~~المحرز من إطلاق المادة في القضية ، ومن انحصار المانع عن جريان هذا ~~المقتضي في عنوان الجمع ، فإن لازم ذلك تأثير المقتضي في صورة الانفراد ، ~~لخلوه عن المانع. # وبالجملة ، قد استفيد التخيير من العقل بعد إحراز مقدمتين من اللفظ ، ~~إحداهما : وجود الاقتضاء المستفاد من إطلاق مادة العام ، والثانية : انحصار ~~المانع في عنوان الجمع المستفاد من المخصص ، وبعد ذلك فالحاكم بالتخيير هو ~~العقل دون أن يكون مستندا إلى اللفظ ، ويكون من باب حفظ ظهوره بمرتبة بعد ~~عدم التمكن من حفظه بالمرتبة العليا ، أو من باب ترجيح التقييد على ~~التخصيص. # وحينئذ فنقول : بعد اشتراك مقامنا مع المثالين في أن في الجميع لفظ العام ~~متعرض للمتعينات وموجب بحكم إطلاق المادة لكون مقتضى الحكم موجودا في كل ~~واحد واحد من المتعينات يفترقان عن مقامنا بأن الخارج في المثال الأول PageV02P105 # عنوان الجمع بدلالة لفظ المخصص ، وفي الثاني أيضا هو الجمع ، لأن المخصص ~~حكم العقل بقبح التكليف مع العجز ، وليس وراء ذلك مانع ، والعجز إنما هو في ~~الجمع ، فاللازم كما ذكرنا أن يؤثر المقتضى في كليهما أثره في أحدهما ~~المخير. # وأما في مقامنا فليس المخصص لفظيا حتى ننظر إلى العنوان المأخوذ فيه أنه ~~خصوص الجمع أو غيره ، بل المخصص العقل ، وله أيضا حكمان ، أحدهما بتي ~~تنجيزي وهو حرمة المخالفة القطعية وعدم إمكان شمول العام المرخص لها ، ~~والآخر تعليقي وهو وجوب الموافقة القطعية لو لم يكن مزاحمة بالغرض الأهم ، ~~والا جاز الترخيص في تركها رعاية للمزاحم الأهم. # وإذن فالعقل في حال الانفراد غير جازم بعدم المانع عن المقتضي الذي ~~استفيد من عموم الترخيص ؛ إذ يحتمل أن يكون المقتضي للموافقة القطعية الذي ~~هو العلم الإجمالي أقوى وأهم ms0736 بالرعاية في نظر الشارع من اقتضاء الشك ~~للترخيص. # نعم لو احرز غلبة مقتضى الترخيص على مقتضى العدم كان مستقلا بالتخيير ، ~~لكن هذا شيء لا يستفاد من إطلاق المادة ، إذ غاية ما يستفاد منها أن لا دخل ~~في حصول الغرض الباعث على الحكم لشيء آخر غير ما ذكر في اللفظ ، وأما ~~الموازنة بين هذا الغرض وأغراضه الآخر الباعثة على أحكام أخر عند التزاحم ~~فليست على عهدة إطلاق المادة ولا يستفاد منه أن أيا منهما أقوى ، وبالجملة ~~، فمع الاحتمال المذكور كيف يجزم العقل في المقام بالتخيير كما في ~~المثالين. # والحاصل قد نقول : إن حفظ الهيئة في كل من التعيينين ممكن ، غاية الأمر ~~مع التزام التقييد ، أو أن رفع اليد عن خصوص التعيين لا يوجب رفعها عن ~~الأحد المخير ، وحينئذ كان التخيير بدلالة اللفظ ، ولا محالة نستكشف منه ~~أقوائية ملاك الترخيص على ملاك الموافقة القطعية ، لكن المفروض أنا أنكرنا ~~ذلك وقلنا بعدم إمكان حفظ ظهور الهيئة في المتعينين ، لمعارضة أصالة العموم ~~بأصالة الإطلاق كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى ، وبعد عدم حفظ التعيين ~~ليس الأحد المردد فردا ثالثا للعام. # وإذن فالحكم الفعلي والترخيص الفعلي من الشارع في الأحد التخييري غير PageV02P106 # موجود حتى نستكشف الغلبة منه ، وبالجملة ، الذي نستكشف منه الغلبة هو ~~الهيئة ، وقد فرضنا سقوطها بواسطة عدم إمكان حفظها في المعينين. # نعم الذي يمكن دعواه أن يقال : لا نسلم سقوطها رأسا بمجرد عدم حفظها في ~~المعينين ، بل الأحد المردد أيضا فرد ، وأما مع تسليم أن الهيئة إما تجري ~~في المعينين ، وإما تسقط رأسا فلا محيص عما ذكرنا ؛ إذ المادة ليست إلا ~~دالة على مجرد الاقتضاء ، والهيئة الدالة على الغلبة بالفرض ساقطة عن شمول ~~المقام ؛ لأن حكم العقل بقبح المخالفة القطعية مانع عن شمولها لكلا ~~المعينين ، والحكم الفعلي غير قابل للتبعيض حتى يقال بعدم وجوده بمقدار ~~الحكم البتي للعقل ووجوده بمقدار حكمه التعليقي حتى يقال باستكشاف الغلبة ~~منه ، فإن الترخيص الفعلي متعلقا بكلا المتعينين إما موجود وإما لا ، ولا ~~معنى لكونه موجودا من ms0737 جهة وغير موجود من جهة. # وبعبارة اخرى : الظهور الهيئي لو اجري محالا أصله الجهتي كان كاشفا عن ~~أمرين ، أحدهما جواز المخالفة الاحتمالية ، والآخر جواز المخالفة القطعية ، ~~ولكن إذا فرضنا عدم إجرائه لعدم إمكان ترخيص المخالفة القطعية ، فلا كاشف ~~في البين ، فإن هذا استكشاف عقلي من جريان الأصل اللفظي ، وليس من المدلول ~~اللفظي حتى يمكن التفكيك في أصله الجهتي بين الأمرين ، فإن مدلول الهيئة هو ~~الترخيص في هذا وفي هذا ، فإن لم يمكن التفكيك في هذا المدلول بطرحه من جهة ~~التعيين وأخذه من جهة الأحد المردد فلا بد من رفع اليد عنه في كلا الموردين ~~رأسا ، وبعد ذلك فلا معنى للأخذ بإحدى الحكايتين الثابتتين للترخيص، ولا ~~للقول بأخذ الجامع بين الترخيصين ، إذا الحكاية فرع وجود الحاكي ، وأخذ ~~الجامع فرع وجود الفرد ، والمفروض عدم إمكان أصل الترخيصين ، فمن أين تحصل ~~الحكاية، ومن أين ينتزع الجامع؟ # ثم مما ذكرنا في هذا الوجه يظهر الكلام في الوجه الثاني وكونه مخدوشا ، ~~فلا يحتاج إلى الإعادة. PageV02P107 # الوجه الثاني ضم مقدمة عقلية إلى مقدمة لفظية ، وحاصله أن غاية ما ثبت ~~إلى هنا قصور هيئة الكلام الدالة على حكم الرخصة في ما لا يعلمون وعنوان ~~المشكوك عن إفادة الحكم ، لما ذكرنا من المحاذير ، ولكن هنا شيء آخر يستفاد ~~من المادة وهو كون الشك في حد ذاته مقتضيا تاما للترخيص والإباحة بحيث لا ~~نقص فيه من حيث الاقتضاء ، فالشك في التكليف بناء على هذا شيء يكون في جميع ~~الأحوال مقتضيا للترخيص بمقتضى ما استفيد من تلك الأخبار باعتبار هذا الجزء ~~الذي قد سميناه في بحث المقدمة بإطلاق المادة ، فنحن نعلم بإطلاق مادة هذه ~~الأخبار بأن كلا من المشتبهين يكون المقتضي لترخيص نفسه وإباحته في نفسه ~~تاما ، غاية الأمر لم يمكننا جر الهيئة إليهما ومشموليتهما للإذن والترخيص ~~الفعليين بحكم العقل. # وبعد الاستفادة المذكورة من اللفظ نقول : لا شبهة أنه لو وقع التزاحم ~~والتعارض في مقام فعلية التأثير بين سببين ومقتضيين عقليين بحيث لم يمكن ~~الجمع بينهما ، بل دار الأمر بين ms0738 تأثير أحدهما ولغوية الآخر ، فحكم العقل ~~أولا ملاحظة الأهمية ، فإن كان أحدهما أهم كان مرجحا ومقدما على الآخر ، ~~وعلى تقدير التساوي كما هو الحال في المقام حيث إن المتعارضين كل منهما شك ~~في التكليف كان حكم العقل التخيير بينهما وأن لا يسقط أحدهما عن التأثير ~~بعد عدم إمكان تأثير كليهما. # مثلا لو قال المولى : أنقذ الغريق ، فابتلى المكلف بغريقين لا يقدر على ~~إنقاذ كليهما فلا شك أنه يلزم بحكم العقل تخصيص هيئة «أنقذ» الدالة على ~~الإيجاب بالنسبة إلى المجموع ؛ إذ لا إيجاب مع العجز ، وإذا علم أن جمع ~~الغريقين تحت حكم العام غير معقول فأصالة عمومه بالنسبة إلى هذا بعينه أو ~~ذاك بعينه أيضا لا يمكن لنا إجرائها ، للترجيح بلا مرجح ، لأن كلا منهما ~~مصداق للعام ، فلا وجه لتخصيص أحدهما بالدخول تحته ، والحاصل : لا بد من ~~رفع اليد عن ظهور الهيئة في كليهما. PageV02P108 # وحينئذ نقول إطلاق مادة «أنقذ» يدل على وجود مقتضي المطلوبية في نفس ~~إنقاذ الغريق ولو في المورد الذي لا يحسن التكليف والإلزام به ، لأجل عدم ~~قدرة المكلف ، وبعد هذا فيحصل لنا مقتضيان للطلب متزاحمان لا يمكن الجمع ~~بينهما ، فيتمحض الحكم حينئذ للعقل بعد انقطاع اليد عن ظهور اللفظ ، فإن ~~كان أحد الغريقين فيه جهة أهمية بنظر الشارع كالعالمية أو الهاشمية ونحو ~~ذلك نحكم بتعين اختياره وتقديمه على الآخر ، لوضوح أن الغرض الأقوى أولى ~~بالإدراك والأضعف بالفوت عند الدوران بينهما. # وإن لم يكن في أحدهما جهة مزية كانت مرجحة له بنظر الشرع ، فالعقل يستقل ~~بوجوب المبادرة إلى درك أحدهما مخيرا في التعيين بينهما وعدم جواز تفويت ~~كليهما ، لوضوح أن رفع اليد عن الغرضين المستقلين كليهما بمحض عدم إمكان ~~الجمع بينهما لا يرتضيه عاقل ، فكيف بالشارع الحكيم ، فالعبد يقطع بعد ~~ملاحظة ذلك بأن لفظ المولى وإن كان قاصرا عن شمول شيء من الأمرين ، ولكن ~~نفسه غير راض بإهمال الجميع ؛ إذ فيه تفويت الغرض منه بلا جهة بحيث لو كان ~~المولى الظاهري حاضرا لأمر بدرك أحدهما على التخيير ، فلهذا يكون ms0739 العقل ~~باعثا ومحركا إلى درك الأحد التخييري ، فالتخيير حكم استقل به العقل من دون ~~دخل للشرع فيه ، ولكن بعد حفظ مقدمة من ظهور اللفظ وهو تمامية الاقتضاء في ~~كل من الامور كما فرضنا استفادته من إطلاق المادة. # وبالجملة فنقول في المقام بعد حفظ هذه المقدمة اللفظية التي هي مسلمة ، ~~ضرورة أن قوله : كل مشكوك مباح له ظهور في أن نفس الشك له اقتضاء الإباحة ~~ويكون الحكم بالإباحة من جهة اقتضاء الشك إياها ، لا من جهة اللااقتضاء كما ~~في إباحة بعض الأشياء: بأن إجراء كل من هذين المقتضيين على اقتضائهما إذا ~~لم يمكن عقلا فلا وجه لإهمال الجميع ، بل اللازم إعمال هذا الاقتضاء في ~~أحدهما تخييرا بمقتضى المقدمة العقلية من أنه إذا لم يمكن الجمع بين ~~الغرضين فلا وجه لرفع اليد عن الجميع ، فبظهور اللفظ أعني إطلاق المادة ~~يتحقق موضوع هذه PageV02P109 # المقدمة العقلية ، وبعد إجراء المقدمتين تكون النتيجة تخيير المكلف في ~~ترتيب أثر الإباحة على أحد المشتبهين ، هذا. # والحق مخدوشية هذا الطريق أيضا وعدم تماميته وإن كان تاما في مثال إنقاذ ~~الغريقين ونحوه. # بيان ذلك : أما من حيث تمامية هذا الطريق في نحو المثال ، فلأن المقتضي ~~الذي احرز وجوده في كل من المتزاحمين فيه من إطلاق المادة لم يكن له مانع ~~ومزاحم من جهة من الجهات ، وكان المزاحم والمانع عن جريانه على اقتضائه ~~منحصرا في عجز المكلف وعدم قدرته على العمل بالمقتضي في هذا وفي ذاك معا ، ~~فلا جرم كان المقتضى المذكور مؤثرا أثره على مقدار قوة المكلف وقدرته ، ~~وكان إهماله مقصورا على قدر عجزه. # وأما عدم التمامية في المقام فلأنا وإن سلمنا ظهور الإطلاق للمادة في ~~ثبوت اقتضاء الترخيص في الشك ، ولكن نقول : لو كان المقتضي هنا منحصرا في ~~الشك وكان مجرد لزوم المحذور العقلي مانعا عن إجرائه في كلا الموردين ولم ~~يكن في البين شيء آخر مقتضيا للضد أي لعدم الترخيص والإباحة فحينئذ سلمنا ~~استقلال العقل بالاقتصار في إهمال المقتضي السليم عن المعارض على مقدار منع ~~المحذور العقلي مع ms0740 لزوم إعماله على قدر لم يلزم المحذور. # ولكن ليس الأمر كذلك ، بل الشك معارض بما يقتضي عدم الترخيص وهو العلم ~~الإجمالي بالتكليف ، فكما أن لنا في كل من الأمرين أو الامور شكا في ~~التكليف قد أحرزنا أن اقتضائه الترخيص ، كذلك لنا علم إجمالي أيضا بثبوت ~~التكليف ، إما في هذا أو في ذاك ، ولا شك أنه مقتض تام للاحتياط وعدم ~~الرخصة في شيء من أطرافه. # نعم لو فرض تحقق الإذن الفعلي من الشارع في أحد الأطراف كان له الورود ~~على هذا ، ولكن المفروض عدم التمكن من إثبات الإذن الفعلي بأدلته اللفظية ~~ورفع المحاكمة إلى العقل ، وحينئذ فيرى العقل أن الشك مقتض للترخيص في PageV02P110 # الأطراف ، والعلم مقتض لعدمه فيها ، ولا نعلم أن الأول أقوى عند الشرع من ~~الثاني حتى يكون هو المقدم في التأثير ، أو تكون الأقوائية للعلم المقتضي ~~لعدم الترخيص ، أو يكونان متساويين حتى يرجع الامر بعد تساقطهما إلى ~~التخيير. # ومقتضى عدم العلم بشيء من هذه الثلاثة واحتمال كل منها هو حكم العقل ~~بالاحتياط وعدم جواز الارتكاب حتى في أحدهما على التخيير ؛ لاحتمال كون ~~مقتضى عدم الترخيص أقوى ، ومن المعلوم أن الحجة حينئذ موجودة ، فيكون ~~العقاب على هذا الذي يرتكبه على تقدير مصادفته مع مخالفة التكليف عقابا مع الحجة. # نعم يحتمل أيضا أن تكون الأقوائية مع مقتضى الترخيص ، فلا تكون الحجة ~~الواقعية موجودة بالنسبة إلى مخالفة التكليف في أحد الطرفين ، فيكون العقاب ~~بلا حجة ، ولكن مجرد احتمال هذا لا يكفي في حكم العقل بالبراءة ، فإن ~~موضوعه الجزم بعدم الحجة ، ولا يكفي احتماله ، وليس هذا ترجيحا لمقتضى عدم ~~الترخيص على مقتضى الترخيص ، بل هذا قضية حكم العقل عند انجرار مآل الأمر ~~إلى ذلك أعني التحير في حال المقتضيين ودورانه بين ثلاثة احتمالات. # ألا ترى أنا لو قصر عقلنا في الشكوك البدوية بعد إعمال الوسع والفحص عن ~~الدليل بقدر الطاقة وعدم الظفر به عن إدراك عدم إمكان كون نفس احتمال ~~التكليف بيانا وحجة يصح مؤاخذة المولى باعتباره ، ولم يحصل لنا الجزم بأحد ~~الطرفين ms0741 ، لا بالحجية ولا بعدمها ، بل ترددنا بينهما ، كان مع ذلك ومع وجود ~~هذا التردد حكم العقل في حقنا وجوب الاحتياط ؛ إذ لم ندخل بعد في موضوع حكم ~~العقل بالبراءة وهو الجزم بكون عقاب المولى بلا حجة ، ولا سبيل إلى البراءة ~~مع التردد وعدم الجزم. # الوجه الثالث لإثبات الرخصة في أحدهما هو التمسك بالإطلاق والعموم الحالي ~~، وهو أن يقال : إن قوله : كل مشكوك مرخص فيه ، يشمل بعمومه الأفرادي هذا ~~المعين وذاك المعين ، فكأنه قيل : هذا مرخص فيه وذاك مرخص فيه ، وكل PageV02P111 # من هذين الحكمين له إطلاق بالنسبة إلى فعل متعلق الآخر وتركه ، فكأنه قيل ~~: أنت مرخص في هذا سواء تركت ذاك أم فعلته ، ومرخص في ذاك سواء تركت هذا أم ~~فعلته ، ولا إشكال أن الأخذ بهذا الإطلاق يوجب المحذور العقلي وهو الترخيص ~~في المعصية والمخالفة القطعية كما هو واضح. # فلا محيص عن رفع اليد عنه على قدر هذا المحذور وإبقائه في غيره ، فيصير ~~المتحصل من هذا هو الترخيص في أحدهما ؛ لأن الكلام بعد التقييد العقلي يصير ~~بمنزلة أن يقال في الشبهة التحريمية : أنت مرخص في فعل هذا إن تركت ذاك ، ~~وفي فعل ذاك إن تركت هذا ، وفي الشبهة الوجوبية : أنت مرخص في ترك هذا إن ~~فعلت ذاك وبالعكس ، ويكون المحصل في الأول هو الرخصة في فعل أحدهما ، وفي ~~الثاني في ترك أحدهما كما هو واضح. # ثم هذا الشرط من الشروط المقارنة التي يحدث عند أول وجودها المشروط ، ولا ~~إشكال في إمكانه كالشرط السابق واللاحق ، ألا ترى أن لو طلب العدو حين عدو ~~الزيد فيكون عدو الزيد مقدمة مقارنة لمطلوبية العدو ، بحيث يجب أن لا يؤخر ~~الفعل حتى تحصل المقارنة ، ومن هذا القبيل أيضا الواجبات المعلقة بالوقت ~~الخاص مثل : إذا دخل الظهر فافعل كذا ، حيث إن الوجوب يحدث مقارنا لدخول ~~الوقت لا متأخرا عنه ، ومثل ذلك المقام ، حيث إن حكم الترخيص في فعل هذا ~~يحدث مقارنا لترك ذاك وبالعكس ، أو في تركه مقارنا لفعل ذاك وبالعكس. # فإن قلت : لا بد من رفع ms0742 اليد عن هذا الإطلاق رأسا للمحذور المذكور ، ~~والتقييد المذكور لا يوجب التفصي عن المحذور ، للزومه معه في بعض الصور ؛ ~~إذ يلزم في الشبهة التحريمية ثبوت الترخيص في فعل كليهما في ظرف كون المكلف ~~تاركا لكليهما إلى الأبد ، وفي الوجوبية كونه مرخصا في ترك الجميع على ~~تقدير فعل الجميع ، لوضوح أن شرط كلا الترخيصين أعني ترخيص هذا وترخيص ذاك ~~حاصل في هذا التقدير ، فيلزم المحذور في هذا التقدير ، فلهذا يجب رفع اليد ~~عن الإطلاق رأسا. PageV02P112 # قلت : لا يلزم هذا المحذور ، فيصح التمسك بالإطلاق ، بيان ذلك قصور ~~الإطلاق عن شموله هذا التقدير ، أعني تقدير ترك الجميع أو فعل الجميع ، فإن ~~حاصل ثبوته في هذا التقدير يصير هكذا : إن كنت تفعل هذا وهذا فأنت مرخص في ~~تركهما. أو إن كنت تاركا لهذا وذاك للتالي وإلى الأبد فأنت مرخص في فعلهما ~~، وهذا ترخيص للشيء معلقا على فعله أو تركه ، وهو أمر غير ممكن في شيء من ~~الأحكام. # بيان ذلك أن الحكم المستفاد من الأدلة اللفظية أمرا كان أم نهيا أم ~~ترخيصا في أي درجة من الإطلاق كان ، فغايته الإطلاق بالنسبة إلى وجود ~~الأشياء الأخر في العالم وعدمها ، وأما بالنسبة إلى وجود نفس المتعلق وعدمه ~~فلا يثبت لها أبدا إطلاق ، بل لا بد من تعرية المطلب عن لحاظ الوجود والعدم ~~إطلاقا وتقييدا. # وسر ذلك أن الأمر مثلا يقتضي انقلاب العدم إلى الوجود ، ومع حفظ العدم أو ~~حفظ الوجود لا اقتضاء له للوجود ، لكون الأول جمعا بين النقيضين ، والثاني ~~جمعا بين المثلين ، وكذا النهي مقتضاه إمساك العدم ، وفي تقدير فرض العدم ~~أو فرض الوجود فهو لا اقتضاء. # وبعبارة اخرى : الأوامر والنواهي كالعلل التامة المقتضية للامتثال ، فكما ~~أن العلة التامة لوجود الشيء يكون من أثرها الوجود المنقلب من العدم لا أنه ~~في ظرف اتصاف الشيء بالعدم له اقتضاء الوجود ، أو في ظرف اتصافه بالوجود له ~~اقتضاء الوجود ، بل في هذين الظرفين هو لا اقتضاء كما هو واضح كذلك الأمر ~~علة لإيجاد المتعلق ، يعني يقتضي قلب عدمه بالوجود ms0743 ، فمع فرض العدم فيه أو ~~الوجود فيه سقط عن الاقتضاء. # وكذلك النهي علة لإبقاء العدم ، فلو فرض تحقق العدم أو تحقق الوجود فقد ~~مضى الأمر ولم يبق محل للاقتضاء. # وكذلك الترخيص علة لإطلاق طرفي الوجود والعدم ورفع الإلزام عنهما ، فلو ~~فرض العدم أو فرض الوجود فلا حكم ؛ إذ في الأول يصير المحصل أن هذا PageV02P113 # الذي هو معدوم أبقه على العدم أو أوجده ، ولا معنى لإبقاء المعدوم على ~~العدم ثانيا ، ولا لإيجاده مع كونه معدوما ، وكذا الحال في طرف الموجود ، ~~وإذن فلا بد من عدم النظر في الأحكام بأسرها إلى حالتي وجود المتعلقات ~~وعدمها. # والحاصل أن بناء هذا الإشكال على أخذ الإطلاق للحكم بالنسبة إلى فعل وترك ~~موضوعه وقياسهما بغيرهما من سائر الطواري والعوارض ، وتخيل أن قولنا : إن ~~تركت هذا فأنت مرخص في فعل ذاك وإن تركت ذاك فأنت مرخص في فعل هذا بمنزلة ~~قولنا : إن جاء زيد أكرم عمرا وإن جاء عمرو أكرم زيدا ، فكما أن المعنى في ~~الثاني أنه : إن جاء زيد فسواء جاء عمرو أم لم يجيء أكرم عمرا ، وإن جاء ~~عمرو فسواء جاء زيد أم لم يجيء أكرم زيدا ، ففي تقدير مجيئي عمرو في الأول ~~ومجيئي زيد في الثاني يحصل الحكم بإكرام الجميع يعني أن العمرو الجائي ~~والزيد الجائي يجب إكرامهما معا ، كذلك المعنى في الثاني ، أنه إن تركت هذا ~~فسواء تركت ذاك أم فعلته فأنت مرخص في فعل ذاك ، وإن تركت ذاك فسواء تركت ~~هذا أم فعلته ، أنت مرخص في فعل هذا ، فيلزم في تقدير ترك ذاك في الأول ~~وترك هذا في الثاني الرخصة في الجمع. # ومحصل الجواب أن التكليف لا يمكن سوقه على وجه وقع حالتا فعل متعلقه ~~وتركه تحته ، لا إطلاقا ولا تقييدا ، نعم هو موجود في حالهما ، والأحوال ~~المأخوذة في الموضوع على أحد الوجهين معنى أخذها أنه لو اخذ الموضوع مقترنا ~~بكل من تلك الأحوال ، فالحكم يشمله إما بدلا وإما تعيينا. # مثلا قولنا : أعتق رقبة ، يصدق عليه أنه حكم شمل الرقبة المقرونة ~~بالإيمان ms0744 والمقرونة بالكفر على البدل ، وهذا لا يمكن في الفعل والترك ~~للموضوع ، مثلا لا يمكن «أن يقال»: إن الفعل المقرون بالترك محكوم بحكم كذا ~~، أو الفعل المقرون بالفعل محكوم بحكم كذا ، لا على وجه الإطلاق ولا ~~التقييد ، بل لا بد أن يقال : إن ذات الفعل مطلوب نقض عدمه بالوجود أو ~~إمساك عدمه. # وحينئذ نقول : إذا قال : إن تركت هذا ، فحينئذ قد لاحظ شرط الرخصة في ذاك PageV02P114 # ولكن حين يقول : فأنت مرخص في ذاك ، ليس معنى هذا أن ذاك إن كان منتركا ~~في علم الله فلك الرخصة في ضم ما شئت من الفعل أو الترك إلى انتراكه ، وإن ~~كان مقرونا بالفعل في علمه تعالى فلك الرخصة في ضم فعل أو ترك إلى فعله حتى ~~يقال : إن في الفرض الأول قد لوحظ شرط الرخصة في هذا وهو ترك ذاك أيضا ، ~~فلزم الرخصة في الجمع ، بل المعنى أنه: إن تركت هذا فأنت مرخص في تبديل ترك ~~ذاك بالفعل وإبقاء تركه وبالعكس ، ففي كل لحاظ يكون شرط الرخصة في أحدهما ~~موجودا دون الجميع ؛ إذا الفرض أنه أيا منهما يجعل تحت الترخيص لا يلاحظ له ~~تركا مفروغا عنه ، بل يجعل محفوظية تركه مبدلا بأن كان الأمر إلى المكلف. # وإن شئت قلت : إن الحاكم عند لحاظ الموضوع حيث لاحظ الذات المجردة عن قيد ~~الفعل والترك ولم يلحظ الإطلاق بالنسبة إليهما فهو أبدا يكون شرط ترخيص ~~أحدهما في لحاظه غير موجود ، ففي صورة كون الطرفين في علم الله مما يتركه ~~المكلف في ما يستقبل ، فالمكلف في هذا الحال ليس خارجا عن تحت التكليف ، بل ~~هو مكلف ، ولكن على وجه أنه إن ترك هذا فهو مرخص في ذاك وبالعكس. # ومعنى هذا أنه على تقدير يجعل ترك هذا محفوظا فهو مرخص في نقض ترك ذاك ~~بالفعل ، وعلى تقدير جعله ترك ذاك محفوظا ، فهو مرخص في نقض ترك هذا ~~بالوجود ، ومن الواضح أنه على الأول لم يبق شرط الرخصة في هذا وهو محفوظية ~~ترك ذاك محفوظا ، بل رخص في نقضه بالوجود ms0745 ، نعم لو كان المعنى هو الرخصة في ~~جعل ترك ذاك مقرونا بالفعل وضم الفعل إلى حالة تركه كان شرط رخصة هذا ~~محفوظا ، ولكنه غير واقع. # والتحقيق في الجواب عن هذا الوجه (1) أن الأمر دائر بين حفظ أصالة العموم PageV02P115 # في «كل شيء لك حلال» بالنسبة إلى كل من الطرفين معينا والالتزام بمخالفة ~~أصالة الإطلاق في كلا الموردين ، وبين حفظ أصالة الإطلاق بالالتزام بمخالفة ~~أصالة العموم في هذين الشيئين. # لا يقال : إذا دار الأمر بين التخصيص والتقييد فالثاني أولى ، وسره أن ~~الثاني رفع اليد عن العموم الأحوالي فقط ، والأول رفع اليد عن الأفرادي ~~والأحوالي كليهما. # لأنا نقول : العموم الأحوالي موضوعه الأفراد بعد الفراغ عن شمول العموم ~~الأفرادي لها ، فخروج الفرد عن العموم الأحوالي بعد خروجه عن الأفرادي ليس ~~مخالفة لأصالة الإطلاق، بل هو من باب السلب بانتفاء الموضوع. # لا يقال : التمسك بالأصل فرع إحراز الموضوع ، وإذا فرضنا أن موضوع أصالة ~~الإطلاق هو الفرد بعد إجراء أصالة العموم فيه ، ففي مرتبة أصالة العموم لا ~~مجرى لأصالة الإطلاق حتى يعارضها ، لعدم إحراز موضوعها ، وبعد إجراء أصالة ~~العموم لا يبقى شك في التقييد. # لأنا نقول : توقف إجراء أصالة الإطلاق كأصالة العموم على إحراز الموضوع ~~محل منع كما حقق في محله ومحصل الكلام فيه أن إجراء الأصل هل يكون مقصورا ~~بصورة إحراز الموضوع والشك في أنه مراد جدا أو لا ، فلا يعم صورة القطع ~~بالخروج عن الإرادة الجدية والشك في أنه داخل في الموضوع أو خارج عنه ، فلا ~~يجري في هذه الصورة ، لإحراز أنه خارج عنه ، أو أنه عام للصورتين ، وقد ثبت ~~في محله أن التحقيق هو الثاني. # وعلى هذا فنقول : بعد القطع بعدم شمول قوله : «حلال» لكل من المشتبهين ~~بالشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي في حال ارتكاب المشتبه الآخر نشك في أنه ~~من باب الخروج الحالي مع كون المتكلم بمقام البيان وعدم ذكر القيد في ~~الكلام ، ولا دليل عليه في المقام ، أو من باب الخروج الموضوعي؟ فأصالة ~~الإطلاق يعين الثاني ، فيكون معارضة لأصالة العموم النافية له ms0746. PageV02P116 # وإن شئت قلت : الأمر دائر بين الخروج الفردي الذي هو نفس المحذور وبين ~~الدخول الفردي الذي هو مستلزم للمحذور ، والمستلزم للمحذور أيضا كنفس ~~المحذور. # لا يقال : الدليل على التقييد موجود وهو حكم العقل بعدم جواز الترخيص في ~~المخالفة القطعية ، لكونه ترخيصا في الظلم ، بل في أقبح أفراده. # لأنا نقول : الحكم العقلي المنافي مع انعقاد أصالة الإطلاق هو الارتكاز ~~الذي يصلح الاتكال عليه في صرف الكلام عن ظاهره ، لكونه حاضرا في ذهن ~~الطرفين ، بحيث كان كل من سمعه يفهم منه خلاف ظاهره ، لوجود القرينة ~~الارتكازية في ذهنه وحضوره لدى استماعه ، وليس هكذا الحكم العقلي في المقام ~~كما هو واضح. # ثم من الأمثلة العرفية الشاهدة للمقام ما إذا قام أمارة معتبرة على أن ~~هذا الطفل مثلا ابن زيد ، وقامت اخرى على أن الزيد لا يقتل ابنه ، فرأيناه ~~قتل ذلك الطفل ، فنرى من انفسنا الشك والتردد في نقض الأمارة الاولى والحكم ~~بأنه ليس ابنا لزيد ، أو نقض الثانية والحكم بأنه يقتل ابنه ، مع أن مورد ~~الأمارة الثانية متأخر رتبة عن مورد الاولى ، ومجرد ذلك لا يوجب حكمنا بأنه ~~ابنه وإيراد النقض على الثانية ورفع اليد عن أنه لا يقتل ابنه. # فإن قلت : فما وجه تسالمهم على تقديم الأصل الموضوعي على الحكمي؟ # قلت : الوجه كون الأصل الموضوعي مزيلا للشك في الموضوع للحكمي ولا عكس ، ~~فالأول حاكم والثاني محكوم ، نعم لازم ما ذكرنا عدم تمامية ما ذكروا بناء ~~على حجية الأصل المثبت ، إذ يشترك الحكومة حينئذ بينهما ، وينحصر الوجه في ~~التقدم الرتبي كما لا يتم في الأمارتين. # وفي هذا الجواب نظر ، بل منع بملاحظة أن التخصيصين فيها طرح الظهور أزيد ~~من التقييدين كما هو واضح ، نعم لو قلنا بأن الأحد المخير من أفراد العام ~~فللترديد وجه ، لكن لا ثمرة بينهما عملية ، وأما إذا قلنا بأن الأحد المخير ~~ليس من أفراده PageV02P117 # كما هو الحق فلا دوران في البين أصلا ، فإن أصالة العموم تسد باب احتمال ~~التخصيصين كما هو واضح. # فتحصل أن الرخصة في الجمع لا يحصل ms0747 أبدا ، فالإشكال غير وارد ، والحاصل ~~أنه لا إشكال في إمكان أخذ الإطلاق على الوجه المتقدم المتحصل منه الرخصة ~~في أحدهما ، وإنما الكلام في وقوعه واستفادته من الكلام أعني أدلة الرخصة ~~في المشكوكات مثل قوله : «رفع ما لا يعلمون». # فربما يقال : إنه لا يمكن استفادة الإطلاق المذكور منها ، أعنى إطلاق ~~الرخصة في كل مشكوك سواء وجد شيء في الدنيا أم لا ، إذ يلزم على تقديره كون ~~الإنشاء على وجه الإطلاق وعلى وجه الاشتراط في إطلاق واح ، فإنه لا إشكال ~~في شمول هذه الأدلة للشكوك البدوية ، وبالنسبة إليها لا شبهة في ثبوت ~~الإنشاء على وجه الإطلاق ، فإذا اقتضى حكم العقل تقييدا في الحكم بالنسبة ~~إلى الشكوك المقرونة بالعلم على حسب ما فصل لزم اجتماع لحاظ الإطلاق ~~والتقييد في إطلاق واحد. # فهذا نظير ما لو قال : أعتق رقبة وعلمنا باختصاص الحكم بخصوص المتصف ~~بالإيمان من بين صنف خاص من الرقبة مع محفوظية الإطلاق بالنسبة إلى باقي ~~الأصناف ، ولكن فيه أنا إن بنينا في القيود المنفصلة اللاحقة بالكلام أعم ~~من اللبية واللفظية على أنها كاشفة عن كون المتكلم في مقام الاستعمال مريدا ~~من اللفظ المعنى المقيد ، كان ما ذكر إشكالا واردا على أخذ الإطلاق من تلك ~~الأدلة ، ولكن الحق خلافه وأن تلك القيود لا يورث تغييرا في الإرادة ~~الصورية ، بل نقول : إن المراد الاستعمالي والصوري هو المعنى المطلق لمصلحة ~~، من ضرب القاعدة ونحوه ، ولكن نحكم بأن المراد الجدي أضيق منه ، فنرفع ~~اليد عن التطابق بين الإرادتين في مقدار يتكفله المقيد ويؤخذ به في الزائد ~~، فعلى هذا لا يلزم الإشكال أصلا كما لا يخفي. # ثم لا يخفي أن مجرد كون المقيد في المقام حكم العقل لا يوجب كونه من القيود PageV02P118 # المتصلة بالكلام ، لكون إدراك العقل موجودا حين التكلم به ، فإن مجرد هذا ~~لا يوجب صرف ظهور الكلام ما لم يكن الحكم العقلي من المرتكزات العرفية التي ~~يصح أن يتكل عليه في تفهيم المرادات ، فحينئذ يكون من قبيل القرائن ~~المقامية وبدون ذلك فمجرد الإدراك العقلي لا ms0748 يكون صارفا ، فلهذا يحمل معه ~~الكلام الصادر من غير الحكيم على الكذب ، ومنه على تضييق المراد الجدي وكون ~~الاستعمالي واسعا لمصلحة ، ولو كان من القرائن لكان الأمر في كلا المقامين ~~على خلاف ذلك ، هذا. # ولكن التمسك بالإطلاق لإثبات الرخصة في أحد طرفي العلم الإجمالي لا على ~~التعيين بعد محل إشكال ؛ (1) إذ لا يبعد أن يقال : إن حكم الرخصة في الأدلة ~~معلق على عنوان المشكوك وما بمعناه من حيث هذا العنوان من غير تعرض للطواري ~~، فهى متعرضة للأمن والاستراحة من العقوبة من ناحية ارتكاب المشكوك ، ومن ~~هذه الجهة هو حكم عام يشمل كل مشكوك حتى المقترن بالعلم الإجمالي ، ولكن ~~ليس له نظر وتعرض للعنوان الآخر العارض ، وأن المكلف من حيث العناوين الأخر ~~المجتمعة مع هذا العنوان المشكوك هل هو في راحة أو لا؟ # وحينئذ ففي الشكوك البدوية يكون عموم الأدلة جاريا ومعمولا به ؛ إذ لا ~~مانع فيها عن فعلية هذا الحكم الحيثيتي ، وأما في أطراف العلم فالمانع ~~موجود وهو المعلوم الإيجاب أو التحريم الإجمالي الموجود بين الأطراف ، فهذا ~~العنوان له اقتضاء التحريم من حيث هو وما لم يرد عليه الإذن الفعلي الشرعي ~~، فلو ارتكب المكلف أحد أطراف الشبهة واتفق مصادفته مع الحرام المعلوم ، ~~فهو وإن لم يكن بمقتضى عموم هذه الأدلة مأخوذا ومسئولا من جهة أنه أتى ~~بمشكوك الحرمة ، ولكن لا ينافي أن يكون مأخوذا ومسئولا من جهة أنه أتى ~~بالمعلوم الحرمة إجمالا. PageV02P119 # ألا ترى أن من أكل لحم الغنم المغصوب فهو من حيث إنه أكل لحم الغنم ليس ~~في مضيقة ، يعني لا يقال له : لم أكلت لحم الغنم ، كما لو كان أكل لحم ~~الخنزير يؤاخذ من جهة أكل لحمه ، ولكن عدم مؤاخذته من هذه الجهة لا ينافي ~~أبدا مع مؤاخذته ومسئوليته من حيث إنه أكل مال الغير بغير رضاه. # فتحصل من جميع ما ذكرنا عدم جريان البراءة النقلية في أطراف الشبهة بوجه ~~كالعقلية، وإذن فلا محيص عن الاحتياط في جميع الأطراف. # هذا كله بناء على ما نختاره في الأحكام الواقعية ms0749 من أنها فعلية من قبل ~~المولى ، يعنى ليس لها من قبله نقص وحالة منتظرة ، ويتمحض المانع في ما ~~يكون من قبل المكلف من اجتماعه شرائط التكليف ، وبعبارة اخرى : الأحكام ~~المذكورة تكون بحيث إذا علم بها من استكمل الشرائط كانت فعلية بمجرد ذلك ، ~~وهذا ظاهر دعاوي الإجماعات وظاهر الأدلة المثبتة للتكاليف أيضا ، وإنما ~~صرفها عن ظاهرها من قال للأحكام بمراتب ، لزعمه عدم إمكان الجمع بين ~~الأحكام الظاهرية مع فعلية الأحكام الواقعية ، ونحن حيث قد بينا في محله ~~إمكانه باختلاف رتبة الحكمين ، فلا مانع عن إبقاء الأدلة على ظواهرها من ~~الفعلية. # وكيف كان فربما يقال : إنه على القول بثبوت المراتب للحكم الواقعي نجمع ~~بين هذه الأدلة المرخصة مع ما يدل على حرمة العنوان الواقعي بحمل الثاني ~~على الحكم الشأني ، وحينئذ تجري البراءة في كل من المشتبهين ؛ إذ غاية ما ~~يلزم مخالفة الحكم الشأني ، ولا ضير فيها ولو علم تفصيلا. # والحاصل : لا فرق عند هذا القائل بين الشبهة البدوية والمقرونة بالعلم ، ~~فكما يصرف دليل الحرام الواقعي عن ظاهره بواسطة دليل الرخصة في الاولى فلا ~~بد أن يفعل ذلك في الثانية ، فلا فرق بين ما لو شك أن هذا المائع خمر أو ~~ماء ، وبين ما لو علم بكون أحد الإنائين خمرا ، فإن المقامين مشتركان في ~~كبرى معلومة وهو العلم بأن الخمر حرام ، نعم يزداد الثاني على الأول ~~بانضمام صغرى معلومة وهو العلم بوجود الخمر إجمالا إلى تلك الكبرى ، ولكن ~~العمدة هى الكبرى بمعنى أن PageV02P120 # العلم بالحرمة إن كان بمعناها الفعلي كان العلم بالخمر موجبا للتنجيز ، ~~وأما لو كان بالمعنى الإنشائي فلا يكون العلم بالصغرى منشئا لأثر أصلا كما ~~هو واضح. # وإذن فنقول كما يقول هذا القائل في المقام الأول بأن ظاهر «لا تشرب ~~الخمر» الذي هو الفعلية يجب رفع اليد عنه بواسطة دليل الرخصة في المشكوك ، ~~فكذا في المقام الثاني أيضا يجب أن يقول بذلك ، فيكون العلم بالخمرية لغوا ~~غير منجز ، فيرتفع المانع عن إجراء البراءة في كلا الطرفين ، نعم لا بد أن ~~يستثنى ms0750 من هذا ما لو علم من إلهام أو جفر أو نحو ذلك بأن الحكم المعلق على ~~الواقع فعلي. # وفيه أن ما ذكر حق لو لا ما يشتمل عليه هذه الأدلة المرخصة من جعل الغاية ~~هو العلم الشامل للإجمالي ، فهي متعرضة عند هذا القائل لحكمين شرعيين ، ~~أحدهما الرخصة في المشكوك ، والآخر عدم الرخصة في المعلوم ، والثاني وإن ~~كان على مبنانا تقريرا لحكم العقل ، ولكن على مذاق هذا القائل يكون حكما ~~شرعيا ؛ إذ كما أن الأول شارح لأدلة الواقعيات بعدم الفعلية ، فالثاني شارح ~~لها بالفعلية ، ومن المعلوم أن جعل الفعلية عند العلم من وظيفة الشرع ليس إلا. # وعلى هذا ففي مورد العلم الإجمالي يقع التعارض بين صدر الروايات مع ذيلها ~~، حيث إن قضية الأول هو الرخصة في الأطراف ، ومقتضي الثاني عدم الرخصة فيها ~~، فيتساقطان ، فيكون المرجع بعد تساقطهما هو الاحتياط ؛ إذ يدور الأمر بين ~~فعلية الخطاب الواقعي كما هو قضية الذيل ، وبين عدم فعليته كما هو قضية ~~الصدر ، فيكون ظاهر دليله من مثل لا تشرب الخمر ونحوه مأخوذا بسلامته عن ~~الحاكم والشارح ، وقد عرفت أن ظاهره الفعلية ، فإذا صار فعليا بقضية هذا ~~الظاهر كان الاحتياط بحكم العقل لازما فتدبر. # ثم إنك عرفت عدم جواز التمسك بالعمومات والإطلاقات المرخصة ، بقي الكلام ~~في الصحيحة التي رجحنا سابقا ورودها في مورد العلم الإجمالي أعني قوله : ~~«كل شىء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه» ولا يرد ~~عليها ما ورد على غيرها ؛ لكونها ناظرة إلى خصوص مورد العلم بناء PageV02P121 # على ما فسرناها من أن المراد الشيء الخارجي المشتمل على الحلال والحرام ~~خارجا ولم يتميزا ، والقرينة على عدم التمييز والاختلاط قوله في الذيل : بعينه. # ثم إطلاق الخبر شامل لما إذا ارتكب الجميع ، لكن يجب تقييده بغير هذا وهو ~~الارتكاب بمقدار لا يلزم المخالفة القطعية ، ويمكن أن يقال : إن الظاهر من ~~الخبر هو الشيء الخارجي المشتمل على القسمين مع تعارف اختلاط أحد قسميه ~~بالآخر ، كما هو الحال في النقود والأجناس السوقية ، فإن اللحم مثلا ms0751 له ~~المذكى والميتة هما مختلطان نوعا ، والجبن مثلا له الطاهر والنجس ، ولا ~~يتميزان حسب العادة ، وهكذا كل جنس فيه السرقة وغيرها مثلا ولم يتميزا نوعا. # والحاصل : اريد من «الشيء» العنوان الأولي الذاتي من مثل الدهن والجبن ~~والنقد وغير ذلك ، واعتبر على نحو الكلي في المعين ، فيشمل كل نوع يشار به ~~إلى أفراده في الخارج وكان اختلاط القسمين فيها متداولا ، فيخرج ما لم يكن ~~الاختلاط فيه كذلك ، مثلا الماء حلال والخمر حرام ، فيصح أن يقال : المائع ~~ويشار به إلى الأفراد الخارجية على نحو الكلي في المعين فيه حلال وحرام ، ~~ولكن القسمين منه في الخارج متمايزان ، فإن مياه الدنيا ممتازة عن خمورها ، ~~فإذا صار بالاتفاق ماء مشتبها بخمر فلا يشمله الحديث الشريف ، والدليل على ~~ما ذكرنا هو التبادر والانصراف. # ثم لا فرق حسب إطلاق الخبر بين ما إذا كان الاشتباه المتعارف من قبيل ~~المحصور أعني اشتباه القليل في القليل ، والكثير في الكثير ، وبين أن يكون ~~من غير المحصور أعني اشتباه القليل في الكثير ، بل نقول مضافا إلى دلالة ~~الخبر على ما ذكر : إنا نرى العمل الخارجي والسيرة من المتدينين على ~~المعاملة مع الأجناس السوقية وما يشابهما مع حصول العلم بأن فيما بينها ~~النجس والحرام معاملة الطهارة والحلية ما لم يعلموا النجس والحرام بشخصها. # والقول بأن ذلك لا ينفك إما عن عدم انحصار الشبهة ، وإما عن لزوم الحرج ~~في الاجتناب ، أو عن خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء ، مدفوع بأن ~~الاشتباه في هذه الامور من اشتباه الكثير في الكثير وهو من المحصور ، ولو كان PageV02P122 # الملاك هو الحرج كان الواجب الاقتصار على مقداره ، ونراهم يتعدون منه ، ~~وأجناس البلد الواحد لا يعد بالنسبة إلى أهله خارجة عن محل الابتلاء ، لعدم ~~استهجان التكليف كما لا يخفي. # فإن قلت : إنا نرى العلماء في كتبهم يكونون بصدد بيان الضابط للمحصور ~~وغيره ، فيعلم منهم أن كون المحصور لازم الاجتناب من المسلمات ، فتكون ~~الأخبار المذكورة معرضا عنها ، وهو يوجب وهنها سندا ، بل كلما ازداد صحة ~~يزداد بذلك وهنا. # قلت : لو ms0752 فرض استفادة ذلك من الكلمات ، لكن عمل الطائفة من العلماء ~~وغيرهم استقر في الخارج على خلافه ، فلاحظ. # ومن هنا يعلم أن السوق واليد أيضا لا اعتبار بهما بواسطة هذا العلم ~~الإجمالي ، ويدل على ما ذكرنا الأخبار الناهية عن السؤال مثل قوله ~~عليه السلام : «ليس عليكم المسألة إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إن ~~الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ، إن الدين أوسع من ذلك» وقوله في بعض ~~الروايات : «والله إني لأعترض السوق فأشتري بها اللحم والسمن والجبن ، ~~والله ما أظن كلهم يسمون ، هذه البربر وهذه السودان». # وبالجملة ، ما ذكرناه من المعنى يمكن استظهاره من الخبر وأمثاله من هذه ~~الأخبار ، ويمكن دعوى السيرة أيضا عليه ، فافهم وتدبر. PageV02P123 ### | وينبغى التنبيه على امور. # الأول : أن من شرائط تنجيز العلم الإجمالي أن تكون شرائط توجه الخطاب نحو ~~المكلف العالم موجودا على كلا التقديرين ، يعني سواء كان التكليف متعلقا ~~واقعا بهذا الطرف أم بذاك ، حتى يكون عالما إجمالا بتوجه الخطاب نحوه ، ~~وأما إن كان على تقدير تعلقه بواحد غير متوجه إلى المكلف لفقد شرطه فلا علم ~~بالتوجه ، فلا تنجيز ، فإنه بالنسبة إلى هذا الواحد فقد فقد الشرط ، فيكون ~~التكليف على تقدير تحققه فيه معلوما عدم توجهه ، وأما بالنسبة إلى الآخر ~~فالشرائط وإن كانت مجتمعة ، ولكن وجود التكليف فيه مشكوك بدوي تجرى فيه ~~البراءة. # والمثال الواضح لهذا صورة تعدد الشخص ، كأن علم أحد الشخصين بتعلق إلزام ~~المولى إما به أو بصاحبه ، كمن يعلم بوجوب رد السلام إما عليه وإما على آخر ~~معه ، لعدم العلم بأن المسلم قاصد لأيهما ، وكواجدي المني في الثوب المشترك ~~، وهذه الكبرى واضحة من المسلمات إلا أن لها مصاديق خفية لا بد من التكلم فيها. # أولها : ما لو علم إجمالا بأنه إما مكلف بالتكليف الفعلي الحالي أو ~~بالتكليف المشروط بالزمان الآتي كالزوج عند استمرار الدم بالزوجة تمام ~~الشهر مع عدم العادة والتمييز ، حيث إنه عالم إجمالا بكون عدة أيام غير ~~معلومة من الشهر المبهمة في تمامها حيضا ، فيعلم إجمالا بحرمة وطي هذه ~~الزوجة ms0753 عليه إما في هذه العدة التي في أول الشهر ، وإما مشروطا بما بعد ~~عشرة أيام وهكذا. # وتوضيح هذا الفرع يحصل بإعادة الكلام في الواجب المشروط ، فنقول : قد ذهب ~~صاحب الفصول قدسسره إلى تثليث أقسام الواجب ، وهي المطلق والمعلق والمشروط ~~، فالمطلق واضح ، والمعلق هو ما كان القيد فيه قيدا للعمل دون الوجوب ، فقد ~~وجب على المكلف بالوجوب المطلق الفعل المقيد مثل إيجاب PageV02P124 # صوم الغد ، حيث إن الغد ظرف إيجاد الصوم ، وأما ظرف الوجوب فهو حال النطق ~~، مثلا كما لو قال : أطلب منك الآن الصوم في الغد ، وهذا على خلاف المشروط ~~، فإن القيد فيه قيد للوجوب ، فالوجوب متوقف على حصول القيد ، وقبله لا ~~وجوب ، وأما العمل فلا قيد له. # ففي المثال إذا دخل الغد يجب الصوم ، فالغد ظرف للوجوب والصوم معا ، وفرق ~~بين هذين القسمين في التعبير ، فجعل مثل قولك : إذا دخل الغد فصم ظاهرا في ~~الاشتراط ، ومثل قولك : صم في الغد ظاهرا في التعليق ، فيكون من ثمرات ~~القسم الأول وجوب مقدمات الفعل قبل حصول المقدمة المتوقف عليها على تقدير ~~حصولها ؛ لأن الوجوب مطلق على هذا التقدير ، ومن ثمرات الثاني عدم وجوبها ~~قبل حصول المقدمة. # فعلى هذا المذهب لا بد في هذا المقام من الرجوع إلى دليل التكليف وأنه ~~ظاهر في أي القسمين ، فإذا كان ظاهره في المثال المتقدم : لا تقربوا النساء ~~إذا تلبسن بالحيض ، فالعلم الإجمالي لا تنجيز له ، ويكون المقام من مصاديق ~~الكبرى المذكورة ؛ إذ على أحد التقديرين يكون التكليف غير متوجه إلى المكلف ~~، وهو على التقدير الآخر مشكوك بدوي ، وإذا كان ظاهره : اعتزلوهن في وقت ~~الحيض ، فالعمل في المثال منجز وليس المقام من أفراد الكلية المذكورة ؛ إذ ~~على هذا التقدير يعلم المكلف إجمالا بتوجه خطاب إليه فعلا ، غاية الأمر لا ~~يعلم أن متعلقه هو الفعل المطلق أو المقيد بدخول الزمان الآتى. # ولكنك عرفت في مبحث مقدمة الواجب عدم تعقل هذا التقسيم واختيار أن الواجب ~~على قسمين لا ثالث لهما ، وهما المطلق والمشروط ، وأن القيد أبدا يكون ~~راجعا إلى الهيئة ms0754 دون المادة ، فيكون مفاد القيد تقييد الوجوب والطلب بصورة ~~حصول القيد ، فإذا قال : إذا دخل الغد فصم ، فمعناه أن الوجوب مشروط بدخول ~~الغد بحيث لا طلب مع عدم دخوله، ولكن لو علم العبد بأن المقدمة المذكورة ~~سيحصل فهو عند العقل مشغول الذمة بالاشتغال بتهيئة أسباب الإتيان PageV02P125 # بالعمل المأمور به لو كان له أسباب متقدمة. # مثلا لو قال : إذا ورد علي الأمير فلا بد عليك من أن تضيفه بوجه أحسن ، ~~وعلم العبد بشدة إرادة المولى ذلك على تقدير وروده ، بحيث لو لم يضفه حصل ~~المنقصة التامة في رتبة مولاه وصار مفتضحا ، فهو مع علمه بهذه المرتبة من ~~الحب والطلب بالإضافة لو علم بأن الأمير سيرد غدا على مولاه ويتوقف ضيافته ~~في الغد على تهيئة أسباب في اليوم يكاد يمتنع الضيافة في الغد بدونها ، فهو ~~مع هذا العلم لو تكاهل في جمع هذه الأسباب فدخل الغد وقد صار الضيافة ~~ممتنعة عليه فحصل بسببه انكسار درجة المولى وافتضاحه بوجه أتم ، فهل هذا ~~العبد إذا أنصفت من عقلك يعده العقل معذورا من جهة تعذر العمل عليه في ~~الوقت وعدم الإلزام عليه قبله ، أو لا؟ بل يعده في غاية درجة من العصيان ~~ومخالفة المولى ومستحقا لأنواع النكال والعذاب. # فعلم أنه لا فرق في التنجيز ووجوب الامتثال الذي هو من مستقلات العقل بين ~~الواجب المطلق والمشروط الذي علم حصول شرطه في المستقبل ، فهو حينئذ يكون ~~كالمطلق في جميع الآثار. # نعم فرق بينه وبين المطلق من حيث إن الطلب فيه مقصور على تقدير خاص ، ~~بحيث يمكن تبدل الطلب في غير هذا التقدير ومع عدم حصوله بالبغض التام ، كما ~~لو كان المولى في المثال مبغضا غاية البغض لضيافة الأمير من حيث هو ، ولكن ~~يصير في تقدير وروده عليه في غاية المحبوبية بالعرض ، ولهذا لو أحدث العبد ~~عملا منع من حصول هذا التقدير كما لو سعى في إيجاد المانع عن ورود الأمير ~~على مولاه فأوجد المانع ، فهو لم يفعل حينئذ قبيحا ، بل ربما فعلا حسنا لدى ~~مولاه وصار بذلك ms0755 ممدوحا غايته. # وبالجملة ، فعلى هذا المبنى يكون العلم الإجمالي في المقام منجزا مطلقا ، ~~لأنه لا يخلو إما أن يكون تكليف تحريم الوطي في المثال متوجها على وجه ~~الإطلاق ، وإما أن يكون على وجه الاشتراط بالزمان الآتي ، والمكلف أيضا ~~عالم بتحقق PageV02P126 # الزمان الآتي ، فمن هذا الحين يصير مكلفا بحكم العقل بالخروج عن عهدة ~~التكليف لو كان له مقدمة في الحال ، ولا شك أن المقدمة العلمية للفراغ عن ~~كلا التكليفين المعلوم تحقق أحدهما إنما هو البناء على ترك الوطي في العدة ~~الحاضرة ، وعلى تركه في العدة الآتية عند حضورها ؛ إذ بدون ذلك لا يحصل ~~الامتثال العلمي للأحد من التكليفين الذين كليهما واجد لآثار التكليف ~~المطلق في حكم العقل ، وقد عرفت أن المقدمة السابقة للواجب المشروط عند ~~العلم بتحقق شرطه واجبة فعلا ، فلا فرق بين المقدمة الوجودية مثل الزاد ~~والراحلة في الحج وبين العلمية مثل الاجتناب عن الوطي في جميع أجزاء الزمان ~~المحتمل تحقق التكليف في كل منها هنا ، فتدبر. # وثانيها : صورة الاضطرار إلى واحد معين من الطرفين ، فقد يحصل الاضطرار ~~إلى ارتكاب هذا المعين قبل العلم بالحرام فيهما ، كما لو اضطر إلى شرب هذا ~~الإناء المخصوص، ثم علم إجمالا بأن هذا الإناء أو ذاك الإناء الآخر الذي ~~عنده خمر ، وهذا لا إشكال في عدم تنجيز العلم فيه ؛ إذ لم يعلم بالتكليف ~~الفعلي ، لاحتمال كونه في الإناء المضطر إليه ، وعلى تقديره فلا شبهة في ~~جواز الارتكاب أو وجوبه ، وبالنسبة إلى الآخر يكون شكا بدويا ، فيجري فيه ~~البراءة. (1) PageV02P127 # وهكذا الحال لو حصل العلم والاضطرار دفعة ومتقارنين ، فإنه حينئذ أيضا لا ~~يورث العلم التنجيز ، ففي هاتين الصورتين يكون الاضطرار المذكور من أفراد ~~الكلية المذكورة ، وأما لو حصل العلم بخمرية هذا الإناء أو ذاك أولا ، ثم ~~حصل الاضطرار إلى شخص هذا فحينئذ أيضا قد يقال بأنه من أفراد تلك الكلية ، ~~ويقال في تقريب ذلك : إن التكليف مقيد بعدم الاضطرار ، فحرمة الخمر مثلا ~~ليست متعلقة بذات الخمر ، بل به مع قيد عدم الاضطرار. # وبعبارة اخرى قوله : «إلا ms0756 ما اضطررتم» قيد شرعى ، فمتعلق المبغوضية ~~والحرمة هو العنوان الخاص المقيد ، بحيث لو انتفى القيد فقد تبدل العنوان ~~الذي كان فيه ملاك التحريم وانقلب إلى عنوان آخر مغاير له ، مثلا الخمر ~~الغير المضطر إليه عنوان ويكون ذا مفسدة ذاتية يوجب التحريم ، والخمر ~~المضطر إليه عنوان آخر ليست فيه تلك المفسدة ، بل المتحقق فيه إما ~~اللامفسدة ، وإما المصلحة ، وعلى هذا فنقول : قبل حدوث الاضطرار كان عنوان ~~المحرم محفوظا ، وحيث فرض تعلق العلم به إجمالا أورث تنجيزه ووجوب امتثاله ~~، وأما بعد طرو الاضطرار فمن هذا الحين ينتفي العلم بذاك العنوان ؛ لعدم ~~محفوظية القيد على كل تقدير ، فلا علم بتحقق ما هو الموضوع للحرمة في البين. # والحاصل أن قوام تنجيز العلم الإجمالي بتعلقه بالموضوع المقيد ، فما دام ~~هذا الموضوع محرزا بحدوده وقيوده كان العلم منجزا ، وإذا انتفى ولو بقيده ~~انتفى وصف التنجيز من العلم ، وأما الفرق بين حدوث الاضطرار وبين فقد ~~الموضوع وإتلافه حيث إن المسلم أنه لو أتلف أحد الإنائين المشتبهين بالخمر ~~مثلا أو أراقه بعد العلم الإجمالي فوجوب الاجتناب عن الآخر باق بحاله أن ~~فقد الموضوع ليس حدا للتكليف ، فليس معنى واحد من التكاليف الشرعية إنشاء ~~الحكم في موضوع إلى غاية وجود هذا الموضوع. # مثلا ليس معنى «لا تشرب الخمر» أن حكم الحرمة موجود ما دام وجود الخمر ، ~~بل هو معلق على ذات الخمر من غير نظر إلى وجود وعدمه ، وانتهاء التكليف عند PageV02P128 # انتهاء وجود موضوعه إنما هو بدلالة العقل وحكمه ؛ لأن التكليف بالاجتناب ~~عن المعدوم تكليف محال. (1) PageV02P129 # وبالجملة ، ففقد الموضوع حد ومنتهى للتكليف عقلا ، لا شرعا ، وأما ~~الاضطرار إلى ترك المكلف به فهو حد وغاية للتكليف شرعا لقوله : «إلا ما ~~اضطررتم» ففي الأول الاشتغال اليقيني بالتكليف المطلق يقتضي الفراغ اليقيني ~~، وأما في الثاني فالاشتغال اليقيني وإن حصل ، ولكن بالتكليف المحدود ، ~~وقضية ذلك أن يكون اليقين بالاشتغال أيضا أمده محدودا بهذا الحد ، فإذا ~~تحقق هذا الحد في أحد الطرفين فلا يقين بعد ذلك بالاشتغال ، بل ينقلب بالشك ~~البدوي ، وأما في الصورة ms0757 فبعد ما تحقق وثبت اليقين بالاشتغال بالتكليف نشك ~~في مجيئي حده العقلي أولى ، ومن المعلوم اقتضاء اليقين السابق الفراغ ~~اليقيني حتى يعلم بحصول الحد العقلي. # هذا غاية تقريب ما يقال ، ولكنه بعد محل نظر ، بل منع ، وتوضيح المقام ~~بتقديم مقدمة وهى : أنه لو كان أحد الطرفين فردا واحدا والآخر أفراد متعددة ~~غير الفرد PageV02P130 # الأول ، كأن علم بوجوب إكرام زيد أو وجوب إكرام عمرو وبكر وخالد ، أو كان ~~أحد الطرفين هو الزمان القصير والآخر الطويل لكن في غير موضوع القصير ، كأن ~~علم بوجوب إكرام زيد ساعتين ، أو وجوب إكرام العمر وما دام العمر ، فلا ~~شبهة أنه ليس من باب الأقل والأكثر الذي يكون الأكثر فيه موردا للبراءة ، ~~ويختص التكليف بالأقل من باب القدر المتيقن. # نعم لو كان في الصورة الاولى الفرد الواحد داخلا في الأفراد المتعددة في ~~الطرف الآخر، وكان في الثانية موضوع القصير والطويل شيئا واحدا ، كانا من ~~هذا الباب ، ولكن المفروض خلاف هذا ، وعلى هذا فهما من باب المتباينين فيجب ~~الاحتياط بالإتيان بكلا الطرفين وإن قلنا بالبراءة في الأقل والأكثر. # إذا عرفت ذلك فنقول : الشخص الذي يعلم أولا بخمرية أحد الإنائين إجمالا ، ~~ثم يضطر إلى واحد منهما لو حصل له العلم من طريق في أول زمان حصول العلم ~~الإجمالي المذكور بأنه سيصير مضطرا إلى هذا المعين في اليوم الثالث من يوم ~~حصل العلم الإجمالي مثلا ، فيكون محصل علمه الإجمالي بخمرية هذا أو ذاك ~~العلم بكونه إما مكلفا بالاجتناب عن هذا المعين إلى غاية يومين آخرين ، ~~وإما مكلفا بالاجتناب عن ذلك الإناء الآخر ما دام العمر مثلا ، فلا اشكال ~~أنه حينئذ يجب عليه الاجتناب عن كلا الطرفين ، ومعنى ذلك أن يجتنب في مقدار ~~يومين عن كليهما ، وبعد مضي هذا المقدار عن الإناء الآخر إلى آخر العمر. # وإذا تبين ذاك فلا فرق بينه وبين ما لو لم يحصل له العلم بالاضطرار ~~الطاري مقارنا للعلم بالخمرية إجمالا ، بل حصل مقارنا لطرو نفس الاضطرار ، ~~فإنه في هذه الصورة أيضا متى لاحظ الزمان المتقدم ms0758 فهو الآن عالم بأنه كان ~~في علم الله في ذلك الزمان الماضي مكلفا إما بالتكليف في هذا المعين إلى ~~غاية يومين ، أو بالتكليف في الآخر إلى غاية العمر ، والمعيار في تنجيز ~~العلم الإجمالي على ما سيأتي ليس هو بقاء طرفي الإجمال والترديد بحالهما في ~~كل جزء جزء من الأزمنة حتى يقال : نعم ، ولكن قد حصل الاختلال في أركان هذا ~~الإجمال في PageV02P131 # الزمان اللاحق أعني ما بعد حدوث الاضطرار ، فإن ذلك غير معتبر في تنجيز ~~العلم قطعا ، بل المعتبر هو كونه في كل جزء جزء من الأزمنة بحيث متى لاحظ ~~الحال في الزمان المتقدم أعني زمان حدوث العلم الإجمالي كان الإجمال ~~والترديد في النفس باقيا ، فبقاء العلم الإجمالي في الأزمنة المتأخرة معتبر ~~في تنجيزه فيها بهذا المعنى لا بالمعنى السابق ، ولا إشكال في تحققه هنا ، ~~فلا إشكال في بقاء أثره وهو التنجيز بالنسبة إلى الطرف الغير المضطر إليه. # وهكذا الكلام بعينه توهما ودفعا بالنسبة إلى الخروج عن الابتلاء الطاري ~~بعد العلم في أحد الطرفين فإن الكلام فيه من هذه الجهة عين الكلام هنا حرفا ~~بحرف وإن كان فيه لنا كلام مستقل يأتي إن شاء الله تعالى. # هذا كله هو الكلام في الاضطرار إلى الواحد بعينه ، وأما الاضطرار إلى ~~واحد لا بعينه فالحق على ما هو الحق من عدم المراتب للحكم الواقعي وكونه ذا ~~مرتبة واحدة وبالغا حد الفعلية وعدم نقص في ما يكون من قبل المولى هو كون ~~العلم معه منجزا بالنسبة إلى المخالفة القطعية مطلقا ، سواء حصل الاضطرار ~~قبل العلم أم معه أم بعده. # وجه ذلك يعلم بالمقايسة إلى صورة حصول العلم التفصيلي بالخمرية في الواحد ~~المعين من الإنائين مع الاضطرار على النحو المذكور ، فإنه لا إشكال حينئذ ~~في أنه يتعين على المكلف بحكم العقل أن يدفع ضرورته بالإناء الذي ليس بخمر ~~، ويجتنب عن الذي يعلم أنه خمر ، ولا يجوز له مجرد الاضطرار إلى الأحد لا ~~بعينه ارتكاب الخمر ، فإن مقتضي الجمع بين الغرضين هو تعيين ما ذكر عليه ، ~~فإن ms0759 الاضطرار لا يجوز أو لا يوجب عليه سوى ارتكاب الواحد من هذين بدون ~~تعيين للخصوصية ، وأما الخمرية فمقتضية للاجتناب عن هذا بخصوصيته ، وهذا واضح. # فإذا كان هذا حال العلم التفصيلي ، فإذا حصل العلم الإجمالي بالخمرية مع ~~الاضطرار المزبور فإما أن يقال : إنه يجب عليه أيضا دفع ضرورته بخصوص الذي ~~ليس بخمر واقعا مع الاجتناب عما يكون خمرا واقعا ، ولا يخفي أن تعيين هذا عليه PageV02P132 # مع فرض عدم علمه بالتمييز وعدم اقتداره عليه يكون تكليفا بما لا يطاق ، ~~وإما أن يقال بأنه مرخص في ارتكاب أحدهما على سبيل التخيير وبعبارة اخرى : ~~رفع اليد هنا بسب هذا الاضطرار عن المخالفة الاحتمالية للعلم الإجمالي ، ~~وحينئذ يبقى الكلام في أن العلم الإجمالي أيضا متعلق على ما هو المبنى ~~بالحرمة الفعلية المقتضية للامتثال ، فلا بد من ملاحظة أنه هل يمكن الجمع ~~بين فعلية حرمة الخمر الموجود في البين ، وبين الترخيص في ارتكاب أحدهما ~~على وجه التخيير ، أو يكون بينهما تناف؟. # والحق بناء على ما قرر في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري هو إمكان ~~الجمع هنا ، لاختلاف رتبة الحكمين وكون أحدهما في طول الآخر ، بمعنى أنه ~~بحسب مرحلة الواقع ليس هنا إلا الحكم بوجوب اجتناب ما هو الخمر واقعا ، ~~ووجوب أو رخصة دفع الاضطرار بما ليس بخمر واقعا ، وأما في موضوع الشاك ~~المتردد بين الإنائين فالشارع قد رخصه في ارتكاب أحدهما ، فهذا الترخيص مع ~~الحرمة الفعلية ثابتان في رتبتين ، وإذا فاقتضاء الحرمة الفعلية لحرمة ~~المخالفة القطعية حيث تعلق العلم به باق بحاله ، وبالجملة ، فهذا الترخيص ~~إنما هو إذن في المخالفة الاحتمالية لهذا التكليف دون القطعية ، لعدم إمكان ~~صدور الإذن فيها من الحكيم. # وأما على مذهب من يقول بثبوت المراتب للحكم الواقعي ، لعدم إمكان الجمع ~~عنده بين المنع الفعلي الواقعي والترخيص الظاهري فحيث حدث الاضطرار إلى ~~الواحد لا بعينه وأوجب الترخيص على وجه التخيير ، فلا محيص عن كونه قادحا ~~في العلم بالحكم الواقعي بفعليته ؛ إذ لا يجتمع بين الحكم بحرمة الخمر ~~الموجود بين الإنائين فعليا لو كان ms0760 موجودا في ما يختاره المكلف في علم الله ~~وبين ترخيص المكلف في ارتكابه لأيهما شاء ، فلا بد من صرف الحكم الواقعي عن ~~مرتبته الفعلية إلى سائر المراتب ، ولا إشكال أنه بعد ذلك لا اقتضاء للعلم ~~بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية أيضا ، فلم يبق مانع عن إجراء الرخصة ~~على تقدير ثبوته في الطرف المختار في الطرف الآخر غير الذي اختاره المكلف ~~وارتكبه. PageV02P133 # والحق كما مر سابقا عدم الفرق بين المذهبين في وجوب الاحتياط في الباقي ~~عند الاضطرار إلى غير المعين ، ووجهه أن المفروض أن الغرض الواقعي لم يتبدل ~~ولم يتغير عما هو عليه بواسطة هذا الاضطرار ، ولهذا لو علم تفصيلا كان ~~اللازم رعاية جانبه ، فنحن وإن قلنا : إن فعلية التكليف تصير مقصورة على ~~تقدير مشكوك التحقق وهو كون المختار غير الخمر ، لكن نقول : الغرض الفعلي ~~محرز والعقل عند ذلك لا يرخص في تضييع جانبه بلا جهة. # وبعبارة اخرى : يتصور هنا ثلاثة وجوه ، الأول : أن يرفع اليد عن الغرض ~~الموجود الواقعي فيرخص في كلا الطرفين ، والثاني : أن يغض العين عن الغرض ~~الحادث ، فيوجب الاحتياط على العبد وإن أوجب هلاكته ، والثالث : أن يرفق ~~بعبده ويحفظ غرضه بقدر الإمكان أيضا فيرخصه في واحد وأوجب عليه الاحتياط في ~~الآخر ، ومن المعلوم أن العقل يحكم بتعيين الأخير. # وإن شئت فقايس ذلك بحال نفسك لو كان لك عبد ووقع ابن لك في البحر في ما ~~بين مائة نفر لم يعرف بينهم بشخصه ، فلا محالة يتعلق غرضك بإنقاذ العبد ~~ابنك ، ولكن حيث يتوقف على إنقاذ جميع المائة وهذا يوجب انكسار ظهر العبد ~~وسقوطه عن الفائدة فهل ترى نفسك يجوز عن إنقاذ الابن بمحض إيجاب ذلك لهذه ~~الحالة في العبد ، أو يجوز عن العبد ويحكم بإنقاذ الجميع ، أو يراعي ~~الجانبين؟ فيلزم عليه السعي بمقدار لا يبلغ انكسار فقرات ظهره. # وبالجملة ، ففعلية الغرض في هذا الباب يكفينا وإن لم يكن التكليف فعليا. # فإن قلت : هذا التقريب بعينه جار في الاضطرار إلى المعين قبل حدوث العلم ~~، وقد قلت فيه بالبراءة ، فإنه ms0761 يعلم بغرض من المولى ، غاية الأمر احتمال ~~مزاحمته بغرض آخر. # قلت : وإن كان يعلم أصل الغرض ، لكن فعليته وإطلاقه غير معلومة ؛ إذ لعله ~~كان في الطرف المضطر إليه ، وأما في الاضطرار إلى غير المعين فإنه قبل ~~الاختيار مطلق وفعلي ، ولهذا لو علم تفصيلا كان لازم الرعاية ، نعم بعد ~~الاختيار يصير الحال كتلك الصورة. PageV02P134 # وثالثها : صورة خروج أحد الطرفين عن محل الابتلاء قبل العلم الإجمالي أو ~~معه ؛ إذ لا تكليف مع الخروج عن محل الابتلاء ، وليس معياره الخروج عن حيطة ~~الاقتدار ، بل المعيار كون الخطاب به هجنا (1) ولو كان مقدورا ، فلو كان ~~فعل مقدورا للمكلف ومبغوضا للمولى، ولكنه بحيث لا ينقدح في نفس العبد داع ~~إلى فعله مثل تقبيل السقف ، فحينئذ نهي المولى عن هذا القبيل على وجه ~~الإطلاق وعدم التقييد بالابتلاء به قبيح ؛ لأنه منترك بنفسه، والغرض من ~~النهي إيجاد الداعي للعبد إلى الترك لو لم يكن في نفسه داع آخر ، فإذا فرض ~~أن الفعل منترك أبدا فلا محالة يكون النهي عنه هجنا ولغوا ، وكذلك ترخيصه ، ~~نعم لا استهجان في إيجابه إذا اقتضت المصلحة ذلك ، ومن موارد الخروج عن ~~الابتلاء عدم قدرة المكلف بالفعل. # ثم مع الغض عن الكلام الآتي لا إشكال في الفرق هنا بين صورتي التقدم ~~والمقارنة وبين صورة تأخر الخروج عن العلم في أن في الصورة الأخيرة قد حصل ~~العلم وأثر أثره من التنجيز في كلا الطرفين ، ومقتضى الشغل اليقيني هو ~~الفراغ اليقيني ، فإذا طرأ الخروج على أحد الطرفين فمقتضى هذه القاعدة وجوب ~~الاحتياط في الطرف الباقي في محل الابتلاء بخلاف الصورتين الاوليين ، حيث ~~لا يحصل فيهما العلم بالتكليف ؛ إذ لا يكون شرائطه موجودة على كل تقدير ، ~~والقائل في الفرع المتقدم أعنى الاضطرار الطاري بعدم وجوب الاحتياط يقول ~~هنا بوجوبه ، والفرق أن الاضطرار كان قيدا شرعيا مذكورا في الأدلة ، ~~والابتلاء قيد عقلي غير مذكور فيها ، فهو نظير بقاء الموضوع. # نعم هنا كلام آخر لم أر التعرض له في كلمات شيخنا المرتضى قدسسره و PageV02P135 # هو أن يقال : إنه ms0762 ربما يكون القيد مذكورا في اللفظ ، وبعبارة أخرى : ~~الشارع يصنف موضوع طلبه وإلزامه إلى صنفين ويجعل أحدهما تحت الطلب والإلزام ~~ويرفعهما عن الآخر ، وهذا نظير قيد الاضطرار حيث إنه ذكر في ذيل الآية ~~العادة لجملة من المحرمات الاستثناء بقوله تعالى : ( @QUR@03 إلا ما ~~اضطررتم ). # فيعلم من هذا أن موضوع الزنا وشرب الخمر والربا وغير ذلك من العناوين ~~المحرمة تكون منقسمة إلى قسمين : المضطر إليه وغيره ، والحرمة معلقة بخصوص ~~الثاني بحيث يكون القسم الآخر وهو المضطر إليه خاليا بحسب ذاته عن المفسدة ~~المحرمة ، بل إما مشتمل على المصلحة ، أو لا عليها ولا على المفسدة ، (1) ~~وربما يكون القيد مستفادا من العقل ودخيلا في حسن الطلب والخطاب ، لا ~~مذكورا في اللفظ ودخيلا في المصلحة أو المفسدة الكامنة في ذات الشيء ~~الموجبة لمحبوبيته أو مبغوضيته. PageV02P136 # وذلك مثل القدرة على متعلق التكليف حيث إنه لا دخل له في مصلحة أو مفسدة ~~ذات الفعل كما هو واضح ، مع عدم أخذ الشارع إياها في دليل من أدله الواجبات ~~أو المحرمات قيدا مذكورا في الكلام ، وإنما الثابت هو حكم العقل بعدم حسن ~~توجيه الخطاب نحو غير القادر وقبحه. # ثم الفرق بين هذين القسمين من القيود هو تبدل إطلاق مادة أدلة التكاليف ~~في القسم الأول إلى التقييد ، بمعنى أن ظاهر الكلام دخل القيد في ما هو ~~المطلوب ومتعلق الغرض الواقعي ، بحيث لولاه لما كان في البين مفيض للطلب ، ~~وبقاء هذا الإطلاق بحاله في القسم الثاني ، بمعنى أنه يحكم بأن متعلق غرض ~~المولى ومراده اللبي ومحبوبه الجدي هو الفعل على وجه الإطلاق من دون دخل ~~لشيء آخر فيه وإلا لذكره ، فحيث لم يذكره مع كونه بصدد بيان تمام ما هو ~~مرتبط بهذا المراد اللبي كان قضية ذلك عدم دخل شيء آخر وكون تمام الدخل ~~لذات الفعل وحده ، نعم غاية الأمر أن العقل حيث يقبح توجيه الخطاب نحو فاقد ~~القيد يلزم من ذلك التقييد في هيئة تلك الأدلة ، فتحصل أن في القسم الثاني ~~يكون الفعل أو الترك مطلوبا مطلقا حتى بالنسبة إلى ms0763 من يقبح الخطاب نحوه. # إذا عرفت ذلك فنقول : الشك في القسم الثاني لا يكون مجرى للبراءة ؛ إذ هو ~~في الحقيقة شك في حسن توجيه الخطاب مع العلم بأصل المطلوبية ، وحكم العقل ~~فيه الاشتغال؛ لكون البيان من قبل المولى تاما ، مثاله : ما لو رأى العبد ~~أن ابن المولى صار مشرفا بالغرق ، فعند هذا يعلم بأن المبادرة إلى إنقاذه ~~مطلوبة لمولاه طلبا شديدا لا يرضى بتركه أبدا ، ولكنه شك في كونه قادرا على ~~إنقاذه أو لا ، للشك مثلا في وصول حبله إلى الغريق وعدمه ، فهو لأجل شكه في ~~وجدانه شرط صحة الخطاب وهو القدرة شاك في توجه تكليف المولى نحوه فعلا ، ~~لكن العقل بالبداهة لا يحكم بمعذوريته بمجرد ذلك ، بل يوجب عليه الدخول في ~~العمل وإلقاء الحبل. PageV02P137 # والحاصل أن العقل لا يجوز له الإهمال والاستراحة بمجرد هذا الشك ؛ فإن ~~التنجيز ووجوب الإطاعة ليس إلا من أحكام العقل ، بل ربما يستكشف القدرة من ~~نفس أمر المولى، وهو في ما إذا كان حكيما عالما بالغيب ووجه الخطاب نحو ~~الشاك في القدرة ؛ فإنه يعلم بهذا الخطاب كونه قادرا وإلا لما توجه نحوه ~~الخطاب. وإذن فنقول : من قبيل هذه الشروط أيضا قيد كون متعلق التكليف ~~والنهي من موارد ابتلاء المكلف ، فإنه مثل القدرة مما يستقل العقل بأن ~~الخطاب بدونه قبيح مع عدم تعرض له في شيء من الخطابات اللفظية ، فيكون ~~إطلاق المادة في تلك الخطابات محفوظا ، ومعناه أن المفسدة المقتضية للنهي ~~في ذات الفعل موجودة في جميع الأحوال حتى بالنسبة إلى حالة خروجه عن محل ~~ابتلاء المكلف. # ولازم ذلك أنه لو شك المكلف في حسن الخطاب في حقه من هذه الجهة لعدم علمه ~~بأن متعلقه صار خارجا عن محل ابتلائه أو لا؟ لا يكون هذا لشك محلا للبراءة ~~، فلو علم إجمالا بخمرية الإناء الموجود عنده أو الإناء الآخر الموجود عند ~~سلطان الإفرنج فهو يعلم بوجود مطلوب تام لمولاه إما في هذا أو في ذاك ، ~~ولكن يشك في أن المولى هل يصح له البعث نحو هذا المطلوب ms0764 أو لا؟ فإذا بنينا ~~كما هو المفروض على تنجيز العلم الإجمالي كالتفصيلى وتبين في مثال القدرة ~~عدم قدح الشك في حسن الخطاب في حكم العقل بالتنجيز والاشتغال ، يلزم الحكم ~~بوجوب الاحتياط هنا أيضا بالنسبة إلى الإناء الموجود عنده، فيلزم عدم الفرق ~~بين الخروج الطاري والسابق والمقارن من هذه الجهة ، وهذا بخلاف عدم ~~الاضطرار ، فإنه من القيود المذكورة في اللفظ كما نبهنا عليه ، فالشك فيه ~~شك في أصل المطلوبية فيكون مجرى للبراءة. # هذا كله في الشبهة المصداقية وهي ما إذا علم بخروج أحدهما عن محل ~~الابتلاء وشك في أن الخمر أيهما. PageV02P138 # وأما الشبهة الحكمية وهي الشبهة في مفهوم الخروج عن محل الابتلاء حيث يشك ~~في بعض الموارد في تحقق هذا المفهوم مثل الإناء الموجود في منزل من لا يكون ~~أجنبيا بالمرة مثل السلطان ، ولا يكون صديقا في الغاية ، فإنه يشك في صدق ~~هذا المعنى عليه ، ولهذا يشك في حكم العقل والعرف بحسن الخطاب واستهجانه ، ~~والمراد بالشبهة الحكمية ما كان وظيفة رفعه بيد الشرع. # وبالجملة ، فقد يقال بأن المرجع في هذه الشبهة هو إطلاقات الأدلة ، مثلا ~~قوله : لا تشرب الخمر ، لم يقيد بالفرض بقوله : إن ابتليتم به ، وإنما ورد ~~التقييد به منفصلا من جهة حكم العقل بقبح الخطاب ، فأصالة العموم والإطلاق ~~إنما هي مرتفعة بالنسبة إلى مورد تيقن هذا الحكم ، وأما في غيره فهي محكمة ~~، كيف وقد ذكروا في التقييد بالمنفصل المجمل المردد بين الأقل والأكثر أن ~~الحق عدم سراية الإجمال من القيد إلى المطلق ، وأن أصالة إطلاقه محكمة في ~~غير القدر المتيقن ، فإذا كان هذا هو الحال في التقييد بالمنفصل اللفظي ففي ~~اللبي يكون بطريق أولى كما هو المتحقق في المقام. # بل ربما يقال : إنه يستكشف من الأصل المذكور ضابط المفهوم ويتبين إجماله ~~ويحكم بأنه غير صادق في المقام كما هو الحال عند التنصيص مثلا لو نص المولى ~~الحكيم بخطاب إلى خصوص عبد وكان هذا العبد شاكا في قدرته على متعلق هذا ~~الخطاب ، فنفس حكمة المولى مع علمه بالغيب كافيان في ms0765 استكشاف القدرة ، ~~فكذلك هنا أيضا بعد إحراز الحكم والخطاب بأصالة العموم يستكشف عدم كون ~~المقام من أفراد الخارج عن محل الابتلاء الذي هو موضوع حكم العقل. # هذا ما يمكن أن يقال في المقام ، ولكنه مخدوش ، والحق هو الفرق بين مثل ~~هذا القيد مما يكون قيدا لحسن الخطاب وصحة البعث والطلب بحكم العقل وبين ~~القيود لأصل المطلوب ، فالتمسك بأصالة العموم في الشبهة المفهومية في القسم PageV02P139 # الثاني يمكن أن يكون جائزا دون الأول ، ووجهه أن منشأ عدم جزم المكلف في ~~القسم الأول بالحكم الواقعي وشكه فيه إنما هو عدم جزمه باجتماع شرائط تنجيز ~~الخطاب ، والتمسك بأصالة العموم لا يصحح في حقه إلا حكما ظاهريا ، فإنه ~~أمارة معمولة لرفع الشك ، فجوازه مختص بمورد فرغنا عن شرائط توجيهه إلى ~~المكلف من القدرة وغيرها. # مثلا إذا ورد : أكرم العلماء ، فحصل الشك في عمومه للزيد العالم من ~~خصوصية خارجية فحينئذ وإن لم يحصل العلم بالحكم الواقعي ، لكن يحصل بالحكم ~~الظاهري الجائي من قبل الأمارة ؛ إذ المفروض عدم المانع من قبل المكلف ~~لتوجيه الخطاب نحوه ، لكونه عاقلا ، وقادرا إلى غير ذلك من شرائط حسن ~~الخطاب ، فإنه لا فرق في اعتبارها بين الخطاب الواقعي والظاهري كما هو واضح. # وإذن ففي مثل المقام الذي يكون الشك في أصل واجدية المكلف لشرائط حسن ~~الخطاب كما لم يحصل من أجله العلم بالخطاب الواقعي ، كذلك لم يمكن تحصيل ~~الجزم فيه بالحكم الظاهري أيضا ، فعند إجراء أصالة العموم لا بد من إحراز ~~شرائط التكليف ، والمفروض الشك فيها. # وبالجملة ، المقصود من التمسك بهذا الأصل الانتهاء إلى الجزم ولو في ~~مرتبة الظاهر ، وفي هذا المقام لا يمكن الانتهاء إلى الجزم ، بل الشك ~~والترديد باق بحاله في مرتبتي الواقع والظاهر جميعا ، وأما الفرق بين ~~التنصيص والعموم فلا يكاد يخفي ، حيث إن الحاكم في الأول لا بد وأن يكون ~~متعرضا لاجتماع المكلف للشرائط ، وأما في العموم فلا نظر له فيه إلى وجود ~~تلك الشرائط في جميع الأفراد ، ولهذا يتم الاستكشاف المذكور في التنصيص دون ~~العموم. # فإن قلت ms0766 : إذا كان وجه عدم التمسك بالعموم أو الإطلاق عدم كون الأدلة ~~الشرعية ناظرة إلا إلى الجهات الراجعة إلى الغرض دون الجهات الراجعة إلى PageV02P140 # حسن الخطاب ، وبعبارة اخرى من حيث القيود العقلية يكون في مقام الإهمال ، ~~فلا كلام ، وأما لو قيل بأنها ناظرة إلى هذه الجهات أيضا فالمقام من قبيل ~~التقييدات والتخصيصات اللبية ، حيث يستكشف حال موارد شكها بأصالة الإطلاق ~~أو العموم وأنها غير مندرجة تحت عنوان المقيد أو المخصص كما في «لعن الله ~~بني امية قاطبة» عند الشك في مؤمنية بعضهم ، وحينئذ فلم لا يستكشف في مورد ~~الشك في القدرة أو الدخول في محل الابتلاء مصداقا بواسطة أصالة الإطلاق أو ~~العموم حال المصداق وأنه مقدور أو داخل في محل الابتلاء؟. # قلت : القدرة والدخول في محل الابتلاء من الشرائط العامة ولا اختصاص ~~بخطاب دون خطاب ، فكما يشترطان في الواقعي كذلك يشترطان في الظاهري ، ~~فيشترط في صحة التمسك بأصالة الإطلاق إحراز شرائط صحة توجيه الخطاب ، وهذا ~~في مثل «لعن الله بني امية» موجود وفي المقام مفقود. # وحاصل الكلام أنه في فرض ناظرية الأدلة إلى هذه الشروط يمتنع النظر ~~الإطلاق ، بمعنى أن الهيئة لوحظ في الدليل تقييدها بحال القدرة والدخول في ~~محل الابتلاء ، ولا ينافي ما قرر من أن إمكان التقييد فرع إمكان الإطلاق ، ~~فإن الإطلاق ممكن غير محال وإن كان قبيحا. # والحاصل : لا يمكن الانتهاء إلى القطع بالحكم الشرعي ولو في الظاهر ؛ إذ ~~كما أنا نشك في أن الخطاب الواقعي هنا حسن أو قبيح ، فكذلك نشك في أن ~~الخطاب الظاهري أيضا أي منهما. # ثم بعد عدم الرجوع إلى الأصل اللفظي فهل المرجع حينئذ الاحتياط أو ~~البراءة؟ الأقوى الأول ، لما عرفت من كون المرجع في الشك في الشرط العقلي ~~هو الاحتياط كالشك في القدرة ، فالعلم الإجمالي الذي أحد أطرافه مشكوك ~~خروجه عن محل الابتلاء بالشبهة المفهومية يكون منجزا. PageV02P141 # الامر الثاني : لو تعقب العلم الإجمالي بالتفصيلي فله صور : # الاولى : أن يكون كل منهما بلا عنوان ، كما لو كان متعلق الإجمالي ~~موطوئية غنم واحد من ms0767 القطيع ، ومتعلق التفصيلي موطوئية غنم معين منه. # الثانية : أن يكون الإجمالي مع العنوان والتفصيلي بدونه ، كما لو تعلق ~~الأول بموطوئية غنم واحد أسود مثلا من القطيع ، والثاني بموطوئية واحد معين ~~بدون إحراز اتصافه بالسواد وعدمه ، وهذا على قسمين ؛ لأن العنوان الموجود ~~إما له دخل في خطاب الشرع وإما اجنبي # عنه ، فالثاني مثل المثال المرقوم ، فإن السواد خارج عن موضوع نهي الشارع ~~، وإنما الموضوع عنوان الموطوء ، والأول مثل ما لو تعلق العلم الإجمالي ~~بمغصوبية واحد من القطيع والتفصيلي بحرمة أكل لحم معين منه بدون إحراز أن ~~الحرمة لأجل المغصوبية أم الموطوئية ، فإن العنوان هنا وهو المغصوبية دخيل ~~في موضوع التحريم. # الثالثة : أن يكون متعلق العلم التفصيلي محتمل الحدوث ، كما لو احتمل في ~~المثال الأول مثلا أن يكون موطوئية الغنم المعين حادثة ، فيكون الموجود في ~~القطيع على هذا التقدير غنمين موطوءين. # لا إشكال في القسم الأول ، (1) فإن الإجمال يزول عن النفس بالمرة ، فلا يمكن PageV02P142 PageV02P144 # الحكم بعد ذلك بأن الموطوء إما هذا أو ذاك حتى بملاحظة الزمان السابق. ~~كما أنه لا إشكال في عدم الانحلال في القسمين الأخيرين ، أما في الأول ~~منهما فلأن الإجمال باق في النفس بملاحظة العنوان الدخيل في الحكم وهو ~~المغصوب في المثال ، فيمكن الحكم بأن المغصوب إما هذا أو ذاك. # وأما في الثاني منهما فلأن من شروط بقاء تنجيز العلم الإجمالي في الأزمنة ~~المتأخرة أن يكون المكلف في كل آن لاحظ الزمان المتقدم أعني زمان حصول ~~العلم الإجمالي كان الإجمال في نفسه باقيا ولو زال بملاحظة الزمان المتأخر ~~منه ، ألا ترى أن الشك الساري يوجب ارتفاع أثر العلم بلا شبهة ، وإراقة أحد ~~الإنائين المشتبهين من حيث النجاسة أو إدخال النجس في معين منهما لا يوجب ~~ذلك ، فليس ذلك إلا لأن الاعتبار في تأثير العلم إنما هو بالماضي دون الحال. # وأما القسم الثاني وهو ما لو تعلق الإجمالي بشيء ذي عنوان ، والتفصيلي ~~بهذا الشيء بدون عنوانه ، وكان العنوان أجنبيا عن الحكم الشرعي مثل ~~الأسودية في PageV02P146 # المثال المتقدم ، فهل حكم العقل ms0768 فيها هو البراءة في غير المعلوم التفصيلي ~~أو الاحتياط؟ الأقوى الأول ، لأنا إذا أغمضنا النظر عن عنوان الأسودية في ~~المثال مثلا ولاحظنا عنوان المحرم فلا نرى إجمالا في النفس ، فإنه لا دخل ~~في موضوع حكم العقل بوجوب الإطاعة والامتثال إلا لما هو الموضوع لخطاب ~~الشرائط دون الضمائم الخارجية المنضمة إليه أحيانا ، وهذا واضح لا سترة عليه. # نعم لو احتمل الحدوث في متعلق العلم التفصيلي صار من قبيل القسم الأخير ، ~~وعرفت أن الإجمال فيه غير منحل ، هذا كله حال العلم التفصيلي. # ولو قام طريق معتبر على التكليف في أحد أطراف العلم الإجمالي المثبت ~~للتكليف على نحو لو كان مقام هذا الطريق علم تفصيلي بمؤداه صار موجبا ~~لانحلال الإجمال ، فهل حكم العقل في الطرف الخالي عن الطريق هو البراءة أو ~~الاحتياط ، ومحل الكلام ما إذا لم يكن مفاد العلم الإجمالي أو الطريق ~~انحصار التكليف في واحد ؛ إذ على الأول يكون مؤدى الطريق وهو ثبوت التكليف ~~في هذا المعين ملزوما لنفي التكليف في الطرف الآخر ، وقد قرر في محله أن ~~اللوازم العقلية والعادية مأخوذة في الطرق والأمارات ، وهو وجه الفرق بينها ~~وبين الاصول العملية. # وعلى الثاني يكون نفي التكليف في الطرف الآخر جزءا لمعناه المطابقي ، فلا ~~إشكال إذن في عدم لزوم الاحتياط في الطرف الآخر في الصورتين ، وكذا ما إذا ~~لم يكن مفاد الطريق تعيين المعلوم بالإجمال ، وإلا فلا شبهة في عدم لزوم ~~الاحتياط أيضا في الطرف الآخر. # وتحقيق الكلام في المسألة هو أنه لا إشكال في الحكم في بعض صورها وهي ما ~~إذا قام الطريق قبل العلم الإجمالي أو مقارنا له ، سواء في الشبهة الحكمية ~~أم الموضوعية وكذا ما إذا قام بعده ، لكن في خصوص الشبهة الحكمية بشرط أن ~~يكون عدم الوصول إلى الطريق قبل ذلك مستندا إلى عدم الفحص عنه. # وتوضيح عدم الإشكال في الحكم في هذه الصور يبتني على مقدمة وهى : أن PageV02P147 # وجه تنجيز العلم الإجمالي على ما عرفت سابقا هو سقوط البراءة العقلية عن ~~البين مع وجوده، لأنها متقوم ms0769 بعدم البيان ، والعقاب مع العلم الإجمالي يكون ~~مع البيان ، فيكون حكم العقل في موضوع العلم الإجمالي بالتكليف هو الاحتياط ~~هذا بحسب العقل. # أما بحسب الشرع فأدلة رفع ما لا يعلمون ونحوه غير ممكن الجريان أيضا ؛ ~~لأن الجريان في كل من الطرفين ترخيص في القبيح ، وفي واحد معين ترجيح بلا ~~مرجح ، وفي واحد لا بعينه خارج عن مدلول تلك الأدلة ، فلا جرم كان حكم ~~العقل بالاحتياط في مورد العلم الإجمالي سالما عن المزاحم والحاكم ، وهذا ~~وجه تنجيز العلم ، فلو فرض في مورد أن جريان البراءة الشرعية في واحد معين ~~من أطرافه ليس له محذور الترجيح بلا مرجح كان جاريا وسقط العلم عن التنجيز. # إذا عرفت ذلك فنقول : أما صورة قيام الطريق قبل العلم أو معه كما لو قام ~~طريق معتبر على وجوب الجمعة أو حرمة الغناء أو نجاسة هذا الإناء ، فحصل إما ~~بعده أو في حاله، العلم الإجمالي بوجوب أحد الأمرين من الجمعة والظهر ، أو ~~حرمة أحد الأمرين من شرب التتن والغناء ، أو نجاسة أحد الأمرين من هذا ~~الإناء وذاك ، فلا إشكال أن مورد الطريق سواء كان من قبيل الشبهة الحكمية ~~أم الموضوعية يصير بعد قيام الطريق خارجا عن كونه شبهة ، ويخرج عن عنوان ~~كونه مما لا يعلمون ، ويصير مما يعلم ، فيخرج عن موضوع أدلة البراءة ~~الشرعية ، فعند قيام العلم بعد ذلك أو في هذا الحين تكون البراءة الشرعية ~~في الطرف الآخر الخالي عن الحجة الشرعية والطريق الشرعي سليمة عن المزاحم ، ~~هذا حال قيام الطريق قبل العلم أو معه في مطلق الشبهة. # أما قيامه بعده إذا كان ذلك من جهة عدم الفحص في خصوص الحكمية ، فلأنه ~~عند الاطلاع على الطريق في ما بعد يكشف ذلك عن كون مورده من أول الأمر غير ~~موضوع للبراءة الشرعية ، فيكون عدله موضوعا ومحلا لها بلا مزاحمة شيء. # نعم يبقى الإشكال في الشبهة الموضوعية إذا قام الطريق بعد العلم ، سواء كان PageV02P148 # أصل حدوثه في ما بعد ، أم كان الاطلاع عليه كذلك مع كون أصل حدوثه سابقا ms0770 ~~أو مقارنا للعلم ، وفي الحكمية إذا كان عدم الاطلاع على الطريق إلى الزمان ~~المتأخر ، لا من جهة عدم الفحص بأن تفحص عنه ولم يظفر به ثم حصل سبب خارج ~~عن العادة موجب للاطلاع عليه. # أما وجه الإشكال في الصورة الاولى والأخيرة فواضح ؛ لأن الحجة المتأخر ~~الحدوث أو المتأخر الاطلاع عليه لا من جهة عدم الفحص يكون موردها قبل ذلك ~~في حد نفسه مجرى للبراءة الشرعية ، وقيام الحجة في ما بعد لا يؤثر في ~~السابق ، فكانت البراءة الشرعية في عدله مزاحمة. # وأما الصورة الوسطى فلأن الفحص في الشبهة الموضوعية غير واجب ، ولا يتوقف ~~جريان الاصول فيها على عدم وجود أمارة لو فحص عنها لظفر بها ، بل هي جارية ~~وإن كان في البين أمارة كذلك غاية الأمر لو ظفر بها اتفاقا بعد ذلك كان ~~الأصل ساقطا من هذا الحين ، لا منكشفا عدم (1) سقوطه من أول الأمر. # وحاصل الإشكال في هذه الصور الثلاث أنه بعد تمامية العلم الإجمالي موضوعا ~~وأثرا كما هو المفروض وسراية أثره إلى جميع أطرافه ، فما الموجب لرفع اليد ~~عن هذا الأثر في بعض أطرافه إذا قام بعد ذلك طريق معتبر على التكليف في بعض ~~آخر ، فإن العلم سبب منجز للواقع بالنسبة إلى كل من الطرفين ، ففي أي منهما ~~كان الواقع وخولف كان للمولى المؤاخذة عليه ، وقيام الطريق على الواحد ~~المعين أيضا سبب منجز له في خصوص هذا المعين ، فلو كان الواقع فيه كان ~~المصحح للعقاب على مخالفته اثنين. بخلافه لو كان في الطرف الآخر ، فإن ~~المصحح فيه واحد. # وبالجملة ، لا منافاة بين تنجيز العلم في الطرفين وبين تنجيز الطريق في ~~مورده ، فما وجه رفع اليد عن تنجيز العلم في غير مورد الطريق ، هذا هو ~~الإشكال ، PageV02P149 # وحله يمكن بوجوه ثلاثة : # الأول : انحلال العلم وزوال الإجمال عن النفس موضوعا ، وبيانه أنه إذا ~~علم إجمالا بأن الواجب الأولي الواقعي أو الحرام (1) كذلك أو النجس كذلك ~~إما هذا أو ذاك ، فباعتبار الحكم الواقعي الأولي بوصف كونه أوليا واقعيا لا ~~انحلال بعد قيام الطريق ms0771 ، بل الإجمال باق ، فإن قيام الطريق لا يوجب حصول ~~العلم بمضمونه ، فمؤداه وإن كان ثبوت التكليف الأولي في مورده ، لكن لا ~~يحصل للمكلف علم بهذا ، فيكون الإجمال في نفسه باقيا ، بمعنى أنه مع ذلك ~~يحكم بأن الواجب الأولي مثلا إما هذا أو ذاك. # ولكن لا يخفي أن هذه الخصوصية أعني الأولية والواقعية ملغاة في حكم العقل ~~، بمعنى أن حكم العقل إنما هو أنه يجب على العبد أن يمتثل ولا يتمرد حكم ~~المولى وإلزامه ، وأما خصوص كون الحكم والإلزام مجعولا أوليا أو مجعولا عند ~~الشك فلا خصوصية عند العقل لأحدهما ، بل كلاهما في نظره على حد سواء. # وإذن ففي هذا المقام لا بد من طرح خصوصية الأولية والواقعية ، فيقال بأن ~~العلم الإجمالي حاصل بأن الواجب الإلهي أو المحرم كذلك والنجس كذلك ، هو ~~هذا المعين ونشك في تحققه في الآخر ، وبالجملة ، حال هذه الخصوصية أيضا حال ~~وصف السواد في المثال المتقدم حيث ذكرنا لزوم إلغائه ، لكونه ملغى في نظر ~~الشرع ، فكذا في نظر العقل ، وبعده يحصل الانحلال بلا إشكال ، فكذا هنا ~~أيضا خطاب المولى مفصل في هذا ومشكوك في ذاك وإن كان لا تفصيل بملاحظة ~~الخطاب الأولي. ويرد على هذا الوجه إشكالان : # الأول : يلزم على هذا في ما لو خالف المكلف موافقة الأمارة تجريا وأتى ~~بالطرف الآخر أيضا فاتفق كون الواقع في ضمن الآخر دون ما قام فيه الأمارة ~~أن لا يكون معاقبا على مخالفة الواقع أصلا ؛ لأن المتحقق في مورد الطريق ~~إنما هو مخالفته دون الواقع بالفرض ، ومخالفة الطريق ما لم يكن مخالفة لذي ~~الطريق لا PageV02P150 # يوجب عقابا ، وأما الطرف الآخر وإن تحقق مخالفة الواقع فيه ، لكنه معذور ~~من جهة أصل البراءة ، وهذا مما لا يساعده الوجدان. # والثاني : أن هذا الوجه لا يجري في بعض صور الإشكال وهو الشبهة الموضوعية ~~إذا حدث الأمارة بعد العلم ، ووجه عدم الجريان أن خطاب «صدق الأمارة» تابع ~~لحدوثها ، فلا خطاب قبله ، فزمان مفصلية خطاب الشرع في مورد الأمارة إنما ~~هو بعد قيامها وحدوثها ، وأما بملاحظة ms0772 الزمان السابق فخطاب الشرع مردد بين ~~هذا وذاك ، وقد تقدم أنه إذا كان الإجمال في العلم الإجمالي باقيا بملاحظة ~~الزمان المتقدم كفي في تنجيزه وإن ارتفع الإجمال بملاحظة الزمان اللاحق. # الوجه الثاني : أيضا انحلال العلم رأسا وزوال الإجمال بسبب قيام الطريق ~~موضوعا ، وبيانه أن موضوع حكم العقل هل هو العلم بحكم المولى بوصف أنه علم ~~أو هو بوصف أنه طريق معتبر؟ لا إشكال أنه الثاني ، بمعنى أن العقل يحكم ~~بأنه متى حصل للعبد طريق خال عن الخدشة ومقبول وحجة على حكم المولى وإلزامه ~~يجب عليه الامتثال وعدم التمرد ، ولا فرق في نظره بين كون هذا الطريق هو ~~العلم الذي هو حجة بنفسه أو طريقا محتاجا إلى الجعلي ، فإنه أيضا بعد الجعل ~~يكون من مصداق هذا الموضوع حقيقة. # وحينئذ فنقول : إذا حصل العلم الإجمالي فقد حصل الطريق المعتبر على حكم ~~المولى في أحد الطرفين لا على التعيين ، وإذا حصل الأمارة على التكليف في ~~واحد انقلب ذاك الإجمال إلى التفصيل ، بمعنى أن التكليف الواقعي الأولي ~~الجامع بين التكليفين المشكوكين لا يصح أن يقال : إنه ثابت بالأعم من ~~الثبوت الوجداني أو التعبدي إما في هذا وإما في ذاك ، بل هو حاصل في هذا ~~تفصيلا ومشكوك في ذاك ، فنحن وإن لاحظنا وصف الأولية والواقعية في الحكم في ~~المقام نقول : حكم العقل معلق بانكشاف الحكم الأولي لدى المكلف بطريق حجة ~~إما بنفسه وإما بالجعل ، فقبل قيام الأمارة كان التكليف عنده منكشفا ~~بالطريق المعتبر ، لكن في أحد الأمرين لا بعينه. PageV02P151 # وأما بعد قيامها فقد انكشف التكليف عنده بالطريق الحجة في خصوص هذا ~~المعين ، ولا يمكن بعد ذلك أن يقال : إن هذا الجامع متحقق بالنسبة إلى ~~أحدهما لا بعينه ؛ لأنه مفصل التحقق في هذا ، ومشكوك بدوي بالشك المقابل ~~للعلم المذكور في الآخر. وهذا الوجه سالم عن كلا الإشكالين السابقين. # أما عدم العقوبة في صورة مخالفة كلا الطرفين ومصادفة الواقع في غير ذي ~~الطريق فلا محذور فيه بعد ما ذكرنا من الانحلال الحقيقي وصيرورة الطريق ~~كالعلم التفصيلي المتأخر ms0773 بلا فرق ، وأما عدم الجريان في الشبهة الموضوعية ~~فممنوع ، فإن البينة القائمة على نجاسة الإناء المعين من الإنائين من ~~السابق يوجب تنجيز النجاسة السابقة ولا يحتاج إلى إسراء التنجيز إلى السابق ~~، كما أن في العلم التفصيلي المحتاج إليه تعلق الانكشاف في اللاحق بالمضمون ~~السابق ، لا إسراء نفس الانكشاف من اللاحق إلى السابق الذي هو من المحالات ~~، وهذا واضح. # الثالث : أن يقال بأن العلم الإجمالي باق موضوعا وأثرا ولكن نقول : يحصل ~~مقتضاه بموافقة الطريق ، فبعد الإتيان بمورد الطريق يصير الطرف الآخر ~~مشكوكا بدويا وإن كان قبله طرفا للعلم. # وبيان ذلك أن قضية العلم الإجمالي بالتكليف في صورة عدم قيام أمارة في ~~البين ليس إلا موافقة التكليف الواقعي المعلوم ، وهو لما لا يكون له عنوان ~~غير عنوان أحدهما ولا يكون له تميز وتعين حتى في علم الله فهذا لا يمكن ~~الإتيان به إلا بإتيان كلا الطرفين ، فيكون إتيان الطرفين مطلوبا في باب ~~حكم العقل من باب المقدمة لتحصيل موافقة أحدهما. # وحينئذ نقول : في صورة قيام الأمارة لو أمكن لنا أن نكتفي بإتيان مورد ~~الأمارة ونقول : إنه موافقة أحدهما التي نجزها علينا العلم الإجمالي وكان ~~المولى أيضا ملزما بتقبله ولو لم يكن مصادفا للواقع ، فلا شبهة في جواز ~~الاكتفاء به لدى العقل. # فنقول : حكم الشارع بلزوم تصديق الأمارة وإلغاء احتمال الكذب ومحسوبية PageV02P152 # مؤداه بدل الواقع في جميع الآثار تعبدا وإن لم يكن هو الواقع حقيقة ملازم ~~لذلك ؛ لأنه إذا أتى العالم [بالعلم] الإجمالي بالتكليف في شيئين القائم ~~عنده الأمارة على التكليف في معين منهما بهذا المعين وارتكب الآخر فله جواب ~~مسموع في ساحة المولى غير قابل للرد ؛ لأنه يقول بأن علمي لم ينجز علي سوى ~~موافقة التكليف الواحد في أحد هذين الأمرين بدون علامة وبمنزلة في هذا أو ~~ذاك ، وأنا أتيت بما أدى الأمارة بثبوت التكليف فيه وهو موافقة لتكليف واحد ~~في موضوع أحدهما ، فإن رد عليه المولى بأن التكليف لم يكن بموجود في ذاك ~~ففعلك لم يكن موافقة للتكليف فهو محجوج عليه ms0774 بأنك قلت : إنى اتقبل مؤدى ~~الأمارة في مقام الواقع ولو لم يكن مصادفا. # وبعبارة اخرى : فالعبد عند عدم المصادفة وإن لم يأت بموافقة التكليف ~~واقعا ، ولكنه أتى بما هو بدلها ومحسوب في محلها ، ومن المعلوم أن قضية ~~العلم الإجمالي ليس بأزيد من هذا. # وهذا البيان سالم عن كلا الإشكالين السابقين ، أما عدم الجريان في الشبهة ~~الموضوعية عند حدوث الأمارة بعد العلم فلأنه مبني على الانحلال ، وليس مبنى ~~هذا الوجه هو الانحلال، بل هو دفع اقتضاء العلم وجعل النفس في استراحة منه ~~وهو حاصل هنا أيضا ، فإن حدوث الأمارة وإن كان في الزمان المتأخر ، ولكن ~~مؤداه على ما هو الفرض ثبوت التكليف من أول الأمر ، فيمكن للعبد أن يأتي ~~بمؤداها يقول : هذا موافقة للتكليف الثابت من أول الأمر. # وأما التالي الفاسد المذكور من عدم العقوبة على الواقع عند مخالفة كلا ~~الموردين وتحقق الواقع في غير مورد الطريق دونه فهو على هذا البيان غير ~~وارد ؛ لأن مقتضى البيان المذكور أن مورد الطريق لو أتى به المكلف يحسب ~~بدلا عن الواقع ، فيمكن الاستراحة به عن تبعة العلم ، وأين هذا من عدم ~~الاستحقاق لو لم يأت بالواقع المعلوم أصلا لا به نفسه ولا ببدله كما هو ~~المفروض. # وبعبارة اخرى : لا يرتفع تبعة العلم عن المكلف حتى يأتي بالموافقة ~~الواقعية أو PageV02P153 # ببدلها ، فالمدعى في صورة الإتيان بمورد الطريق أنه فرغ عن هذه التبعة ~~لأجل أنه أتى ببدل الموافقة الواقعية ، ولا يلزم من هذا فراغه في صورة لم ~~يأت بشيء من الموافقتين ، هذا. # ولكن هذا البيان أيضا يرد عليه إشكال آخر لو حصل الذب عنه أيضا كان بيانا ~~تاما ، وبيان الإشكال يتوقف على مقدمة ، وهى أنه لو علم بالتكليف في أحد ~~أمرين فارتكبهما وخالف علمه في كليهما فاتفق وجود التكليف في كلا الأمرين ~~فلا إشكال أنه مستحق لعقوبة واحدة وإن صدر منه مخالفتان للواقع ؛ لأنه إنما ~~يستحق بمقدار علمه ، والمفروض أنه تعلق بتكليف واحد ، وهذا واضح لا سترة ~~عليه ، إنما الكلام في أن هذه العقوبة الواحدة ms0775 التي يستحقها في هذه الصورة ~~هل هي لأجل عدم صدور موافقة واحدة منه، أو هي لأجل صدور مخالفة واحدة منه. # وتظهر الثمرة بين الوجهين في هذه الصورة لو أتى بأحد الأمرين وترك الآخر ~~، فعلى الأول لا يستحق عقوبة ، لصدور موافقة واحدة منه ، وعلى الثاني يستحق ~~، لصدور مخالفة واحدة منه أيضا ، وحيث إن الأول مما لا يساعده الوجدان ~~يتعين المصير إلى الثاني ، وحينئذ فالإشكال على الوجه المزبور أن مبناه ~~الاكتفاء في مقام الامتثال بموافقة واحدة ، وقد كان الوجدان حاكما بلزوم ~~ترك مخالفة واحدة. # والذي ينبغي أن يقال في التفصي عن الإشكال أن الطريق الشرعي عبارة عن ~~طريق اعتمد عليه الشرع ، ومعنى اعتماده أنه رأى مطلوباته في مؤديات هذا ~~الطريق ، وهو ألغى احتمال الخلاف فيه ، ولازم هذا صيرورة التكليف المتعلق ~~بالعناوين الواقعية ساقطة عن التأثير وصرف تنجزها إلى مؤديات هذا الطريق ، ~~وليس هذا تقييدا في الواقعيات. # ألا ترى أنك لو كنت محبا لإكرام الصديق فشخصته بطريق اعتمدته في شخص لا ~~يشك في حمل عنوان الصديق عليه مع عدم تغيير حبك عن عنوان الصديق الواقعي. PageV02P154 # وحينئذ فنقول : لو أراد مولى ظاهري من عبده إنقاذ ابنه ، وعلمه العبد ~~مشتبها بين أشخاص فشخصه نفس المولى بطريق يثق به أو بعلم نفسه فاقتصر العبد ~~على إنقاذه دون الباقين ، ثم ظهر خطاء طريقه وعلمه وكون الابن في الباقين ~~ليس للمولى عتابه بأنك كنت عالما فلم لم تحتط ، فإنه يقول : ليس هذا بتقصير ~~مني ، بل بخطاء طريقك أو علمك ، فالعلم في خارج دائرة الطريق يصير ملحقا ~~بالشك البدوي ، وكذلك الحال في المولى الحقيقي بعد ما شخص مراداته في مقول ~~قول الثقة ، فإن الواقع إما موجود في جميع الأطراف ، أو أزيد من واحد ، ~~فاللازم حينئذ تنجيز الجامع ، وإما في واحد فقط فاللازم تنجيز هذا الشخص. # وعلى كل حال تطبيقه على مؤدى قول الثقة متعين ، أما في الأول فلأنه مصداق ~~الجامع ، وأما في الثاني فلأن الطريق كما يثبت الواقع في ما قام عليه ينفيه ~~عن الطرف الآخر بالملازمة ، وقد حقق ms0776 في محله لزوم الأخذ بلوازم الطرق ولو ~~كانت عقلية ، وعلى كل حال فاللازم صرف تنجيز العلم عن الطرف الآخر وانحصاره ~~في ما قام عليه الطريق. # وبالجملة ، عين ما قلناه في العلم التفصيلي المتأخر في موضوع الانكشاف من ~~أنه ليس هنا صورة الجامع محلا للإجمال وصورة الفرد محلا للتفصيل حتى لا ~~يتنافيا كالعلم والشك ، بل محل الوصفين صورة واحدة وهي صورة الجامع ويستحيل ~~اتصافها بالإجمال بعد عروض التفصيل ، بقوله بعينه في الطريق المتأخر في أثر ~~ذلك الانكشاف وهو التنجيز ، فنقول : أثر العمل تنجيز صورة الجامع تنجيزا ~~إجماليا ، وأثر الطريق تنجيز تلك الصورة بعينها تنجيزا تفصيليا ، وكما لا ~~يمكن اجتماع الانكشاف بوجه الإجمال والتفصيل في الصورة الواحدة كذلك لا ~~يمكن اجتماع التنجيز بوجه الإجمال وبوجه التفصيل فيها أيضا بلا فرق. # إن قلت : سراية التنجيز إلى الجامع الذي نجزه العلم وإن كان ممكنا غير ~~مستحيل بملاحظة لزوم تحصيل الحاصل وأن المنجز لا ينجز ، فإن ذلك منقوض ~~بالعلم التفصيلى ، ولكن لا دليل عليها ، فمن الممكن قيام التنجيز المسبب عن العلم PageV02P155 # بالجامع والمسبب عن الطريق بالشخص كالعلم والشك ، فيكون الثابت عند ~~مخالفتهما ومصادفتهما عقابين. # قلت : الوجدان حاكم على خلافه ، فإنه يرى حال طريق المولى حال علم المولى ~~، فكما أنه لو علم المولى بتشخيص مراده في أحد الأطراف لا شبهة في تأثير ~~ذلك في تنجيز المعلوم بالإجمال وقصره على مورده وأن لا يكون العبد في قيد ~~الواقع على تقدير كون علم المولى الظاهري خطأ وجهلا مركبا ، كذلك حال طريق ~~أعمله نفسه في تشخيص مراده ؛ إذ معنى ذلك أنه يرفع مئونة التشخيص عن عبده ~~وتكفل بنفسه لذلك ، ولازم ذلك أن يكون مراداته في غير موارد تشخيصاته مع ~~بقائها على وصف المرادية وعدم الإغماض عنها عارية عن وصف التنجيز على العبد. # والحاصل أن العلم الإجمالي ما دام لم يحصل التشخيص بالعلم أو ما هو ~~بمنزلته إما من العبد وإما من المولى يؤثر في تنجيز كلا الطرفين ، أما بعد ~~ذلك يصير المنجز منطبقا على المشخص ، فحال علم المولى حال ms0777 علم العبد ، وحال ~~طريقه حال طريقه ، ألا ترى أن العبد لو كان مطلوب نفسه إكرام الصديق فاشتبه ~~بين شخصين ثم شخصه في أحدهما بطريق عقلائي كان معاملته مع الآخر معاملة ~~الشبهة البدوية ، كما في صورة العلم بلا فرق. # ثم إن شئت سم هذا الوجه انحلالا حكميا بملاحظة بقاء صفة العلم وانحلال ~~أثره وحكمه وهو التنجيز ، وإن شئت سمه حقيقيا بملاحظة أن العلم يكون موضوعا ~~لحكم العقل بجامع كونه منجزا ، حتى يرجع إلى الوجه الثاني من الوجوه ~~المتقدمة ، ولا يرد الإشكالان السابقان ، أما عدم مساعدة الوجدان على عدم ~~العقوبة في ما ارتكب كلا الطرفين وكان الواقع في غير ذي الطريق ، فلا نسلم ~~؛ لأن حاله حال العلم التفصيلي بعينه ، ويجري أيضا في ما حدث الأمارة بعد ~~العلم في الموضوعية ، لأن الإجمال السابق يصير من هذا الآن مرتفعا ، كما في ~~الشك الساري والعلم التفصيلي المتأخر ، فتدبر. PageV02P156 # الامر الثالث : في الشبهة الغير المحصورة وهي الشبهة القليل في الكثير ~~مثل الواحد في ألف ألف ، وأما الكثير في الكثير فهي كالقليل في القليل يكون ~~من الشبهة المحصورة ، مثلا حال الخمسمائة في ألف وخمسمائة مثل حال الواحد ~~في الثلاثة. # ثم إن المشهور عدم وجوب الاجتناب في الشبهة الغير المحصورة ، ولكن ليعلم ~~أن غالب أفراد هذه الشبهة مصحوبة بأمر بسببه يتوهم أن لازم هذه الشبهة عدم ~~الوجوب وفي الحقيقة يكون عدم الوجوب مستندا إلى ذلك الأمر ، وذلك مثل خروج ~~بعض أطراف الشبهة عن محل الابتلاء كما هو الحاصل غالبا ، بمعنى كون بعضها ~~بحيث كان التكليف بتركه هجنا وهزوا ومثل الاضطرار إلى بعضها ، ومثل كون ترك ~~جميع الأطراف حرجيا. # ولا يخفي عدم انفكاك الشبهة الغير المحصورة عن واحد من هذه الثلاث في ~~الغالب ، وكل واحد منها موجب لعدم الوجوب ، ولو فرض الشبهة محصورة فيغلب ~~على الظن أن حكمهم بعدم الوجوب نشأ من ذلك ، فنحن لو أردنا أن نفهم أن جهة ~~كون الشبهة شبهة غير محصورة هل لها مع قطع النظر عما عداها مدخل في عدم ~~الوجوب أو لا؟ لا ms0778 بد أن نفرض جميع أطرافها محلا للابتلاء وعدم كون شيء منها ~~مضطرا إليه وعدم كون ترك الكل حرجيا ، ثم نلاحظ هل له اقتضاء لعدم الوجوب ~~من جهة كونه شبهة غير محصورة أو لا. # فنقول : لا إشكال ولا شبهة في وجود جميع ما أسلفنا ذكره في الشبهة ~~المحصورة وجها لوجوب الاجتناب عن جميع الأطراف هنا حرفا بحرف من كون العلم ~~بالتكليف إجمالا حاله عند العقل حال العلم التفصيلي به في لزوم الامتثال ~~وتنجز التكليف بلا فرق أصلا إلى آخر ما ذكرنا هنا. (1) PageV02P157 # نعم غاية ما يمكن أن يكون وجها لعدم الوجوب في الشبهة الغير المحصورة أن ~~يقال : إن كثرة الأطراف بلغت إلى حد صار احتمال وجود المعلوم بالإجمال في ~~طرف بعينه في الضعف بمرتبة لا يعتنى به العقلاء ولا يتبعون هذه المرتبة من ~~الوهم في امورهم ، بل يعاملون مع خلاف هذا الاحتمال الذي هو الاطمئنان ~~معاملة العلم ، ووجه كون الكثرة موجبة لذلك أن متابعة الاحتمال في طرف ~~بعينه يجب أن يكون بطرح هذا الاحتمال في مائة فرد آخر وأخذه في خصوص هذا ~~المعين ، ومن المعلوم أن هذا يوجب كون الاحتمال في هذا من باب الوهم ~~الضعيف. # والشاهد على هذا أنك لو اخبرت بموت واحد من أهل البلد المتسع وكان لك فيه ~~أقارب وكان هذا الأحد مرددا بين جميع أهل البلد ، فهل تجد من نفسك الاضطراب ~~من جهة احتمال كونه بعض أقاربك؟ ، وليس إلا لأن تعيين هذا الأحد من بين ~~مائة ألف نفس في أخيك أو أبيك يكون في الضعف بمكان. # وهذا الوجه غير صحيح لأنه مستلزم لجمع المتناقضين في عالم الخيال ، فإن PageV02P158 # لازمه الظن بالعدم في كل واحد واحد من الأطراف ، فيلزم أن يكون للإنسان ~~ظن بالسالبة الكلية ، وهو كيف يمكن جمعه مع ما فرض فيه من العلم بالموجبة ~~الجزئية ، وحل هذا مضافا إلى نقضه بالظن الحاصل من الغلبة مع العلم ~~الإجمالى بوجود الفرد النادر على الخلاف أن الظن بالعدم إنما هو مع ملاحظة ~~كل طرف على حياله مع قطع النظر ms0779 عما عداه ، فلو فرض إحضار الكل في اللحاظ ~~وجعل الكل بمد النظر لما كان هناك ظن بالعدم أصلا ، بل كان الحال مع صورة ~~قلة الأطراف على السوية. # وإذن لم يصح القول بعدم الوجوب من هذه الجهة أيضا ، فبقي ما ذكرنا وجها ~~للوجوب سليما عن المانع ، نعم لو ثبت إجماع كان هو الحجة ، لكن في خصوص عدم ~~وجوب الموافقة القطعية. PageV02P159 ### | فصل فى الشك بين الاقل والاكثر : # ثم إنك عرفت تفاوت الشك في التكليف مع الشك في المكلف به والعلم بأصل ~~التكليف في الأصل العقلي وأن الأول مجرى البراءة والثاني مجرى الاشتغال ، ~~فاعلم أن هنا موارد قد اختلف في حكم العقل فيها وأنه البراءة أو الاشتغال ~~من جهة الاختلاف في جعلها من مصاديق أحد القسمين السابقين ، فمن جعلها ~~مصداقا للشك في التكليف جعل الأصل فيها البراءة ، ومن جعلها من الشك في ~~المكلف به حكم بالاشتغال. # ومن جملة تلك الموارد الترديد بين الأقل والأكثر ، ونحن نذكر أولا تقريب ~~مدعى القائلين بالاشتغال على وجه الاستقصاء لتمام ما يمكن التأييد به لهم. # فنقول وعلى الله التوكل : إن الدليل على هذا المدعى هو أن العلم الإجمالي ~~حاصل بالمطلوبية النفسية إما في الأقل وإما في الأكثر ، وقضية العلم ~~الإجمالى بالتكليف الإلزامي بين أمرين هو الاحتياط كما مر في المتباينين ~~حرفا بحرف. # لا يقال : سلمنا ، ولكن هذا العلم الإجمالي ينحل إلى علم تفصيلي وشك بدوي ~~، فإنا نعلم بوجوب الأقل تفصيلا ؛ إذ على تقدير كون الواجب النفسي هو ~~الأكثر كان الأقل أيضا واجبا بالوجوب المقدمي ، لكونه مقدمة للأكثر الذي هو ~~الواجب النفسي ، ثم بعد هذا العلم إنا نشك في وجوب الزائد ، فالأصل ~~البراءة. # لأنا نقول : سلمنا العلم التفصيلي بالوجوب الأعم من النفسي والغيري في ~~الأقل ، ولكن نقول : الذي يكون مورد حكم العقل ويكون العلم به موضوعا للأثر ~~العقلي ومنشئا لوجوب الإطاعة ووجوب الامتثال العقلي إنما هو الطلب النفسي ، ~~وأما الغيري فليس له من هذه الآثار شيء ، إذ من المقرر في محله أن الوجوب ~~المقدمي لا يورث مخالفته عقابا أصلا ms0780 ، ومن المعلوم أن ملاك حكم العقل ~~وإلزامه PageV02P160 # بالامتثال هو السلامة من تبعة العقوبة ، فإذا فرض كون الطلب بحيث وجوده ~~وعدمه سيان في عدم استحقاق عقوبة من ناحيته أصلا ، كان العلم والجهل به عند ~~العقل على السواء ، فلا يلزم العالم بالوجوب الغيري بإطاعته كما يحكم به ~~بالنسبة إلى العالم بالوجوب النفسي. # وإذن فالسبب للتنجيز العقلي في المقام إنما هو العلم الإجمالي بالوجوب ~~النفسي إما في الأقل أو في الأكثر بخصوصية كونه نفسيا ، ومن المعلوم أنه لا ~~يكفي في انحلال هذا العلم العلم التفصيلي بالوجوب الأعم في أحد الطرفين ، ~~بل اللازم تفصيلية الوجوب النفسي في أحدهما وهو مفقود هنا باعتراف الخصم. # فإن قلت : سلمنا قولك أن الإجمال بالنسبة إلى خصوص النفسي باق ، ولكنا لا ~~نسلم دخالة هذه الخصوصية في الأثر العقلي وهو التنجيز ، فإنا نمنع عدم ~~صيرورة العلم بالوجوب الغيري مورثا لاستحقاق العقوبة بإطلاقه ، وإنما ~~المسلم عدم استحقاق التارك للمقدمة عقابا على نفس تركها ، وأما على ترك ~~ذيها فلا ، بمعنى أنه يصح أن يصير حجة بين المولى والعبد في مقام المؤاخذة ~~على مخالفة ذي المقدمة ، فيصح أن يقول المولى لمن ترك الواجب مع علمه بوجوب ~~مقدمته : لم عصيتنى وتركت هذا الواجب؟ أما بينت لك وجوب مقدمته. # والحاصل أن الوجوب المقدمي مشترك مع النفسي في استحقاق العقوبة بمخالفته ~~، غاية الأمر أن العقاب في الثاني على مخالفة نفسه وفي الأول على مخالفة ~~غيره ، وهذا لا يوجب فرقا في حكم العقل ، فإن ملاكه الأمن من العقوبة سواء ~~كانت على نفس المعلوم أو على غيره بسببه ، وحينئذ فنقول : التكليف بالأقل ~~معلوم ومخالفته موجبة للعقوبة إما على ترك نفسه أو على الترك المسبب من ~~تركه ، ولا علم بتكليف آخر وراء هذا المعلوم. # قلت : لقد اعترفت بمدعانا من حيث لا تشعر ، فإنك أقررت بأن الوجوب النفسي ~~على تقدير تعلقه بالأكثر واقعا كان حجة المولى عليه تماما وهو علم العبد ~~بوجوب مقدمته وهو الأقل ، فقد اعترفت بأن الواجب النفسي سواء كان الأقل في PageV02P161 # الواقع أم الأكثر كان العلم بوجوب ms0781 الأقل حجة عليه ، وما المراد بالاشتغال ~~إلا كون الوجوب المحتمل في أحد الأطراف بحيث كان العقاب على مخالفته على ~~تقدير وجوده واقعا مع حجة وبيان. # وحينئذ فنفس احتمال العقوبة يكون كافيا في الرادعية والمحركية والقائل ~~بالبراءة يحتاج إلى إثبات أن نفس التكليف ولو كان محتملا ، لكن العقاب ~~مقطوع العدم ، وحينئذ فما معنى قولك بعد ذلك : إن الوجوب على تقدير تحققه ~~في الأكثر غير منجز ويكون حكم العقل فيه هو البراءة ، وهل هذا إلا الخلف ~~والتناقض في المقال حيث تعترف عند الحكم بأن الوجوب في الأقل على تقدير ~~المقدمية لازم الإطاعة ومنجز بأن وجوب الأكثر على هذا الفرض لازم الإطاعة ~~ومنجز ، فإن تنجيز المقدمة فرع تنجز ذيها ثم تقول بعد ذلك : إن وجوب الأكثر ~~مشكوك بدوى غير لازم الإطاعة عقلا ، وهذا تناقض صريح ورفع اليد عن الفرض ~~المبتنى عليه الكلام. # وأيضا يلزم من وجود الانحلال عدمه ؛ إذ هو مستلزم لعدم تنجز التكليف على ~~تقدير تحققه في الأكثر وهو موجب لعدم الانحلال كما هو واضح. # فإن قلت : ما المانع من التفكيك في تنجز الأكثر وإن كان بحسب الطلب ~~والإرادة لم يتعلق طلب بجزء في حال فقد الجزء الآخر ، لفرض وحدة الطلب ، ~~ولكن حفظ هذا الأكثر المطلوب بالطلب الواحد ليس على عهدة العبد إلا من جهة ~~سد باب عدمه من ناحية الجزء المعلوم دون الجزء المشكوك. # قلت : أنت إذا سلمت أن التكليف بالأكثر على تقدير ثبوته داخل تحت حكم ~~العقل بالإطاعة كيف يمكن أن يكون الإتيان بشيء يكون كضم الحجر وأجنبيا صرفا ~~عن المطلوب والمأمور به رافعا للعقوبة وتركه مورثا لها على مخالفة ذلك ~~التكليف ، وهل هذا إلا من المضحكات؟ # فالنافع بحال القائل بالبراءة إثبات أن التكليف النفسي لو كان متعلقا ~~بالأكثر لا تنجيز له أصلا وأنه يكفي في الانحلال كون الطلب المعلوم في ~~الأقل ذا أثر على PageV02P162 # تقدير كونه نفسيا ، ولا يلزم كونه كذلك على كل تقدير. # فإن قلت : ليس المراد بمنشئية الوجوب المقدمي في المقام للعقوبة على ترك ~~ذي المقدمة كونه ms0782 منشئا لذلك على الإطلاق حتى ينافي مع القول بالبراءة ، بل ~~نقول : إن المركب هنا أعني الأكثر لا شك أن تركه مسبب عن ترك أحد أجزائه ، ~~ولا ريب أنه على تقدير وجوبه يكون له نوعان من الأجزاء ، معلوم الجزئية ~~ومشكوكها ، والمعلوم هو الأقل ، والمشكوك هو الزائد ، فيكون لهذا المركب لا ~~جرم نوعان من الترك ، الأول ما هو مسبب عن ترك الجزء المعلوم ، وأخر ما هو ~~مسبب عن ترك الجزء المشكوك. # وحينئذ فالمقصود من منشئية وجوب الأقل الغيري للعقوبة هو كون ترك الأكثر ~~المسبب عن ترك الأقل مورثا للعقاب ، دون أن يكون تركه المسبب عن ترك الزائد ~~المشكوك أيضا كذلك ، بل نقول : إنه غير موجب للعقاب ، لكون العقاب عليه بلا ~~بيان ، بخلاف الأول ؛ فإنه مع البيان ، وهذا مرادنا من منشئية الوجوب ~~المقدمي في الأقل للعقاب والبراءة عن وجوب الزائد. # قلت : فعلى هذا يكون استحقاق العقاب منحصرا في خصوص ما إذا استند الترك ~~إلى ترك خصوص الجزء المعلوم ، وأما لو استند إلى ترك المجموع منه ومن الجزء ~~المشكوك لا إلى خصوص ترك أحدهما فلا ، لأن العقاب على هذا الترك أيضا يكون ~~بلا بيان ، فيلزم أن يكون الوجوب المقدمي في الأقل على تقدير ثبوته غير ~~موجب للاستحقاق في هذا الفرض وإن أوجبه في فرض تركه مع الإتيان بالمشكوك ، ~~وهذا المقدار يكفي في مدعانا من عدم صلاحية تفصيلية مطلق الوجوب في أحد ~~الطرفين لانحلال العلم ، فإن ترك جميع الأجزاء بأسرها لا يترتب عليه ~~استحقاق عقاب من ناحية الوجوب المقدمي أصلا ، لا على مخالفته ولا على ~~مخالفة ذي المقدمة ، فثبت أن خصوصية النفسية دخيلة في الأثر العقلي وهو ~~استحقاق العقاب ، والإجمال بالنسبة إليه باق. # هذا غاية توجيه مرام الاشتغالي ، ولكن الحق مع ذلك هو البراءة ، وتقريبه PageV02P163 # بوجهين ، أحدهما جار في الجزء وغير جار في القيد ، وأخر جار في كليهما. # أما الأول فهو إنا سلمنا جميع ما ذكرتم في تقريب الاشتغال ، ولكن نقول : ~~قد غفلتم عن شيء وهو أنكم ملتزمون بأن قيام الطرق في أحد أطراف العلم ms0783 ~~الإجمالي موجب لانحلاله والحال أن الوجوب الطريقي لا يوجب استحقاق العقاب ~~على مخالفته إلا على تقدير واحد وهو صورة مطابقته مع الواقع ، وأما في صورة ~~عدم المطابقة فيكون بلا أثر من حيث الاستحقاق ، ولا يتم ذلك إلا على أصل هو ~~أن معلومية وجوب مولوى لازم الإطاعة في أحد الأطراف كاف في الانحلال وإن لم ~~يوجب الاستحقاق على جميع التقادير ، بل في تقدير واحد ، وهذا المعنى متحقق ~~في المقام قطعا ، وإن قلنا بخلو الوجوب المقدمي عن الأثر رأسا. # لأنا نقول : إنا نعلم تحقق الوجوب المولوي اللازم الإطاعة في الأقل ، ~~وهذا الوجوب لو كان منطبقا في الواقع على الوجوب النفسي كان مخالفته موجبة ~~للعقوبة ، وإن كان منطبقا على المقدمي فليس على مخالفته عقوبة ولو كان من ~~اللازم لانحلال العلم الإجمالي تفصيلية وجوب في أحد الأطراف كان سببا ~~للعقوبة على كل تقدير فتلتزموا في صورة قيام الطريق على أحد الأطراف كما لو ~~قام خبر واحد بوجوب الجمعة بعد العلم الإجمالي بوجوبها أو الظهر بأن العلم ~~الإجمالي باق بحاله أيضا. # هذا أحد الوجهين ، ومبناه كما ترى على الانحلال بواسطة معلومية الوجوب ~~الأعم من النفسي والغيري في الأقل ، وهو غير تام في الشك في القيد ، والفرق ~~أن الأمر لو تعلق بمركب فكل جزء من أجزاء هذا المركب متصف بالوجوب الغيري ، ~~لأنه مقدمة لوجود الكل كما هو واضح ، ففي الشك في الجزء يصح دعوى العلم ~~التفصيلي بوجوب الأقل إما نفسيا وإما غيريا ، وهذا بخلاف القيد ، فإنه لو ~~تعلق الأمر بالمقيد بقيد فالمطلق بالنسبة إلى هذا القيد لا يكون مقدمة ~~لوجود المقيد ، بل هو أمر مباين للمقيد. # ألا ترى أنه لو أمر بعتق الرقبة المؤمنة فعتق مطلق الرقبة أعم من المؤمنة ~~والكافرة أجنبي عن المأمور به ، بل لو أعتق الكافرة كان مبائنا مع المطلوب ، وهذا PageV02P164 # واضح ، وإذن فلا يصح عند تردد الأمر بين وجوب المطلق أو المقيد القول بأن ~~وجوب المطلق أعم من النفسي والغيري يكون على أي حال معلوما. # الوجه الثاني : أنه لا إشكال في أنه ms0784 متى تعلق الأمر في ذهن الآمر بموضوع ~~مركب من أشياء فملاحظة كل من هذه الأشياء في هذا اللحاظ على وجه الاستقلال ~~وبنحو التغاير والتعدد والانفصال غير ممكن ؛ لأن الطلب من قبيل العرض ، ولا ~~يمكن عروض عرض واحد وانبساطه على موضوعات متغايرة ، فكما أن عرض الوجود لا ~~يمكن أن يعرض ويقوم مع وحدته بموضوعات متعددة بالذات ، فكذلك عرض الوجوب ~~أيضا لا يعقل أن يتصف به مع وحدته بموضوعات متغايرة بالوجود ، فالمتعدد ما ~~لم يصر واحدا في الوجود لا يمكن أن يصير معروضا لوجوب واحد ، وهذا واضح. # ففي هذا اللحاظ لا بد من رفع النظر عن كل جزء بحده ، وملاحظته على نحو ~~الاندكاك في باقى الأجزاء ، فيصير المجموع بهذه الملاحظة شيئا واحدا بسيطا ~~قابلا للإشارة إليه بإشارة واحدة ، فلا يثبت في هذا اللحاظ الجزئية للجزء ~~والكلية للكل ، بل الجزء في هذا اللحاظ عين الكل ومتحد معه وليس شيئا ~~مغايرا معه ؛ إذ لوحظ المجموع شيئا واحدا ، فاعتبار الجزئية والكلية يحتاج ~~إلى لحاظ ثانوي إما من هذا اللاحظ أو غيره حتى يلاحظ ما وجد في اللحاظ ~~الأول ويحلله إلى أشياء عديدة ، فينتزع لكل من هذه الأشياء التحليلية ~~الموجودة في ذهنه الجزئية ، وينتزع لما وجد في ذهن اللاحظ الأول الكلية ، ~~وهذا معنى كون الجزئية والكلية من المعقولات الثانوية ، وفي هذا اللحاظ ~~الثانوي التحليلي يكون كل جزء ملحوظا بحياله وبما هو شيء في حد ذاته مغاير ~~لباقي الأجزاء وللكل ، ويعرضه الغيرية مع الكل والمقدمية له في هذا اللحاظ. # فتحصل من هذا أن للجزء في الذهن نوعين من اللحاظ والوجود. # الأول : لحاظه على نحو الاندكاك في الكل والاتحاد معه ويسمى باللحاظ ~~اللابشرطي، أي لوحظ على ما هو عليه من دون تصرف فيه بإعطاء الحد إياه عند PageV02P165 # التحليل ، فإنه إخراج له عن صورته الكائنة فيه. # الثاني : لحاظه على نحو الاستقلال ويسمى باللحاظ البشرطلائي ، أي لوحظ ~~على نحو التصرف فيه وإخراجه عن صورته الأولية وملاحظته استقلالا وبحده ، ~~كما أن هذا أيضا هو مراد أهل المعقول من هذين اللفظين عند ms0785 بيانهم الفرق بين ~~الجنس والفصل ، والهيولى والصورة بجعل الأولين لا بشرط والثانيين بشرط لا ، ~~وليس المراد من لفظ لا بشرط ما هو المتداول من إرادة عدم ملاحظة انضمام شيء ~~وجودى أو عدمى إليه ، ولا عدم انضمام أحدهما ، ومن لفظ بشرط لا ملاحظة عدم ~~انضمام شيء آخر اليه لا وجودي ولا عدمي. # والحاصل أنه إذا حصل للجزء نحوان من الوجود الذهني فلا محالة يكون بين ~~هذين النوعين مقسم يكون هو المعروض لكل من الوجودين ويكون هو المحفوظ مع كل ~~من القسمين ومتحققا في ضمن كل منهما حقيقة ، وقد تقرر في محله أن وجود ~~المقسم عين وجود أقسامه ، وإلا خرج عن كونه مقسما لو كان له وجود آخر بحيال ~~قسميه ، ويكون قسما ثالثا بحيالهما ، فيكون ما يعرض على كل من القسمين ~~عارضا بالحقيقة على المقسم أيضا ، ويصح إضافة هذا العرض إليه بالإضافة ~~الحقيقية. # مثلا ضرب الزيد ضرب الإنسان حقيقة ، فكذلك هنا أيضا هذا العرض العارض في ~~الذهن على أحد قسمي الجزء وهو الوجود الاندكاكي في الكل يصح نسبته وإضافته ~~على وجه الحقيقة إلى المقسم الموجود في ضمنه المتحد معه وجودا وهو ذات ~~الجزء بلحاظ تجريده عن كلا الوجودين وكلتا الخصوصيتين. # وعلى هذا فنقول أما في الأقل والأكثر بأن وجوب ذوات هذه الأجزاء التي هي ~~التكبير والحمد والركوع والسجود إلى آخر الأجزاء المعلومة من الصلاة مثلا ~~معلوم بالوجوب النفسي تفصيلا ، وذلك لأن الواجب لو كان مركبا من هذه فقط ~~كانت هذه الذوات متحدة معه ومتصفة بالوجوب النفسي لمكان الاتحاد ، وإن كان ~~هو المركب من هذه ومن الجزء المشكوك الذي هو السورة مثلا كانت أيضا PageV02P166 # متحدة معه ومندكة فيه وملحوظة معه شيئا واحدا ، فكانت أيضا متصفة بالوجوب ~~النفسي لمكان الاتحاد. # نعم هذه الأجزاء المعلومة بوجودها الاستقلالي المحدود بالحد الخاص وهو ~~الأقل مغايرة مع الكل الذي هو عبارة عن الأكثر على تقدير وجوبه ، فلا يتصف ~~بالوجوب النفسي ، بل بالمقدمي ، وأما ذواتها الملحوظة مجردة عن لحاظي ~~الاستقلال والاندكاك ، فيصح نسبة الوجوب النفسي حقيقة إليها على تقدير ms0786 تعلق ~~الوجوب بالأكثر واقعا ، وعلى هذا فيكون الوجوب النفسي في الأقل أعني الذوات ~~المجردة من القيدين معلوما بالتفصيل ، ويكون الجزء الزائد مشكوك الوجوب. # وأما في المطلق والمقيد فنقول : إن الوجوب على تقدير تعلقه بالمقيد وإن ~~كان غير متعلق بالمطلق أصلا وغير مربوط به رأسا ، إلا أن المقسم بين هذين ~~القسمين وهو المهملة عن لحاظ الإطلاق ولحاظ التقييد بوجود شيء أو عدمه ~~لمكان اتحاد وجوده مع قسميه في الذهن يسري عرض كل منهما إليه حقيقة ، فأي ~~من المطلق والمقيد كان متعلقا للوجوب كان المهملة في ضمنه متعلقا له قطعا ، ~~فصح أن يقال : إن ذات العتق صار مطلوبا نفسيا قطعا ، لأن المطلوب النفسي لو ~~كان هو العتق اللابشرط المجتمع مع ألف شرط كان ذات العتق المجرد عن ~~الخصوصيتين متحققة في ضمنه ومتصفة بعرضه حقيقة. # وكذلك لو كان المطلوب هو القسم الآخر وهو العتق بشرط شيء هو وجود الإيمان ~~في الرقبة كان هذا المقسم أيضا متحدا معه ، فاتصف بعرضه ويبقى الشك بعد ذلك ~~في وجوب القيد. # فإن قلت : ما ذكرت من الماهية المهملة شيء صنعته ، وإلا فلا عين ولا أثر ~~له قطعا في متعلق تكليف الشرع ، بمعنى أنا نعلم أن الطالب إما يعلق طلبه ~~على عنوان المطلق أو على المقيد ، وإما على عنوان المهملة ، فمن المقطوع ~~أنه لم يجعله المولى مركبا لطلبه ولم يلحظه في نفسه عنوانا لمطلوبه. PageV02P167 # والحاصل أن ما وقع مركب الطلب في ذهن الآمر غير معلوم بعينه ومردد بين ~~عنوانين هما المطلق والمقيد والمهملة ، وإن كانت متحققة في المطلوب على كل ~~تقدير ، لكنه معلوم عدم تعلق الطلب بعنوانه. # قلت : إن أردت عدم صحة نسبة الطلب على وجه الحقيقة إلى المهملة فممنوع ؛ ~~لوضوح صدق ذلك حقيقة كما مر ، وإن أردت أنه مع ذلك لا يكون الأمر المتوجه ~~إليه المعلوم على أي تقدير موضوعا لحكم العقل بوجوب الإطاعة ، لأنه موقوف ~~على معرفة عنوان المأمور به تفصيلا ، فهذا ما استظهر من صاحب الحدائق من ~~التفصيل في باب الشبهة المحصورة بين ما إذا كان ms0787 المشتبهان فردين لعنوان ~~واحد ، كما لو اشتبه النجس بين إناءين ، وبين ما لو كانا فردين لعنوانين ، ~~كما لو علم أن أحد الإنائين إما خمر أو الآخر مغصوب ، فيجب الاجتناب في ~~الأول دون الثاني. # والحق عدم الفرق في حكم العقل بوجود إطاعة المولى وحرمة مخالفة الخطاب ~~المعلوم بين الصورتين ، والحاصل أن المكلف وإن لم يعلم بتوجه خطاب «لا تشرب ~~الخمر» ولا بتوجه خصوص «لا تغصب» ولكنه يعلم بتوجه أحدهما ، والعلم بهذا ~~العنوان المنتزع يكفي في حكم العقل ، وكذلك هنا وإن لم يعلم بتوجه خصوص ~~«أعتق رقبة» على وجه الإطلاق ولا خصوص «أعتق الرقبة المؤمنة» ولكنه يعلم ~~بتوجه وجوب أصل الإعتاق ، وبعد فرض صحة نسبة الوجوب إلى هذا العنوان ~~المنتزع وصدقها حقيقة لا وجه لعدم جريان حكم العقل فيه. # فإن قلت : سلمنا ذلك ، ولكن نقول : توجه الطلب نحو المهملة يكون على ~~نحوين متفاوتين بحسب الواقع وبحسب الامتثال ، أحدهما : أن يقع متعلقا له ~~على وجه كان هو وحده دخيلا في المطلوب ولم يكن معه شيء آخر ، والثاني : أن ~~يقع متعلقا على نحو الاندكاك في المقيد ، بحيث كان المطلوب هو المقيد ، ~~وكان صحة إضافة الطلب إلى المهملة موقوفة على لحاظها بنحو الاندكاك دون ~~الاستقلال ، وامتثال القسم الأول يحصل بإتيان أي فرد كان عنوان المهملة ~~منطبقا عليه ، وامتثال الثاني إنما يحصل بإتيان خصوص الفرد الذي ينطبق عليه ~~المقيد ؛ لوضوح PageV02P168 # أن غيره من الأفراد مباين للمطلوب ، فلا يحصل الامتثال بها ، وحيث إن ~~الأمر في المقام دائر بين تعلق الطلب بالمهملة على أحد من هذين النحوين ولم ~~يعلم شيء منهما معينا ، فيتوقف العلم بحصول الامتثال على الإتيان بمصداق ~~المقيد ؛ لأنه الذي يكون امتثالا على أى حال. # قلت : لا شك أن تحرك المأمور وانبعاثه نحو إتيان المراد إنما يكون بتحريك ~~الامر وبعثه، فلا محالة يتقدر بقدرة ، والمفروض أن المقدار الذي تحرك إليه ~~الأمر إنما هو خصوص المهملة لا غير ، لأنه لم يعلم على أزيد منها ، فلا ~~محالة يكون تحرك المأمور الذي هو معلول ذاك التحريك أيضا مقصورا على ms0788 هذا ~~القدر ، ولو كان تحركه إلى المهملة وإلى أمر آخر وهو القيد لزم أن يكون ~~التحرك بالأمر أزيد من تحريكه ، إذا المفروض أنه إلى سمت المهملة ليس إلا ، ~~وهذا غير معقول. # فإن قلت : لو كان الأمر كما ذكرت من لزوم كون التحرك بالأمر على قدر ~~تحريكه لزم في العلم الإجمالي بين المتباينين جواز الاكتفاء في مقام ~~الامتثال بإتيان أحدهما ، ولا يجب الاحتياط بإتيان كليهما ؛ إذ الأمر هناك ~~أيضا لم يعلم إلا بأحد الأمرين ، فيكون كما لو وجه الخطاب من أول الأمر إلى ~~هذا العنوان ، فكما كان امتثاله بإتيان أحد الأمرين فكذا هنا ؛ إذ الأمر ~~بالزائد على ذلك مشكوك. # قلت : وجه عدم الاكتفاء هناك بالفرد الواحد أن المعلوم تعلق الأمر به ليس ~~هو مفهوم الأحد ليس إلا ، وإلا كان الأمر كما ذكرت ، بل المعلوم تعلقه بذلك ~~المفهوم مع شيء زائد وهو إحدى الخصوصيتين. # وبعبارة اخرى : المعلوم تعلق الأمر بمصداق هذا العنوان لا بنفسه ، ومن ~~الواضح أنه حينئذ لا بد من إتيان كلا الفردين مقدمة لتحصيل الخصوصية ~~المطلوبة ، وليس الأمر في باب المطلق والمقيد بهذا المنوال ، بمعنى أنه ليس ~~الأمر بالزائد على الطبيعة المهملة بمعلوم ؛ فإنه على تقدير وقوع المطلق ~~تحت الطلب فليس المطلوب إلا الطبيعة المهملة ، لا أنه هي مع شيء آخر ، فإن ~~وصف الإطلاق ليس إلا عبارة عن عدم القيد وعدم دخالة شيء آخر في المطلوب ، ~~وهذا المعنى ليس PageV02P169 # شيئا كان من مقومات نفس المطلوب كما هو واضح ، فعلى هذا التقدير المطلوب ~~هو الطبيعة المهملة وحدها ، فإذا دار الأمر بينه وبين التعلق بالمقيد كان ~~الأمر دائرا بين تعلق الطلب بالمهملة فقط أو بها مع شيء آخر ، فيكون الطلب ~~للمهملة معلوما ولغيرها مشكوكا. # بقي الكلام في الإشكال الذي وجهه شيخنا المرتضى على البراءة وأجاب هو ~~قدسسره عنه بجواب غير مرضي ، وحاصل الإشكال أنه لا شبهة في أن خطابات الشرع ~~على ما هو التحقيق بين العدلية مبنية على مصالح في المأمور بها ، وأن ~~الواجبات الشرعية ألطاف في الواجبات العقلية ، وإذن فاللازم على ms0789 العبد في ~~مقام الامتثال تحصيل تلك المصلحة التي نشأ الأمر من قبلها ، ووجه لزوم ذلك ~~أنه يجب عليه عقلا إسقاط أمر المولى عن نفسه ، وإذا كان منشأ أمره تلك ~~المصلحة فما دام تلك المصلحة باقية غير حاصلة كان الأمر باقيا. # وبعبارة اخرى : كما أن المصلحة كانت علة محدثة للأمر تكون مبقية له أيضا ~~قطعا ؛ إذ العلة المحدثة مبقية ، فيتوقف إسقاط الأمر الواجب على العبد على ~~إتيان تلك المصلحة التي هي علة له ، وعلى هذا فيجب الإتيان بالأجزاء ~~المشكوكة والقيود المحتملة لأجل إحراز تلك المصلحة وإن كان الأمر غير معلوم ~~إلا بالنسبة إلى المجرد عنها ، فوجوب تحصيلها يكون للجهة المذكورة لا لتعلق ~~الأمر بنفسها. # وحاصل ما أجاب به شيخنا وجهان ، الأول : إنا نفرض كوننا أشعريين ونتكلم ~~على هذا الفرض وهم غير قائلين بابتناء الخطاب على المصالح. # والثاني : أن تحصيل تلك المصلحة أمر لا يتمكن منه على وجه الجزم على كل ~~حال ولو اتي بالأجزاء والشرائط ، وذلك أن من المحتمل دخل النية على وجه ~~الجزم في مقربية العبادة وكانت المصلحة العبادية متوقفة عليه وغير حاصلة ~~بدونه ، ومن المعلوم أن ذلك الجزم غير متمش مع إتيان الأكثر ؛ لعدم تميز ~~الواجبات عن غيرها. # فعلم أن مع إتيانه أيضا لا يحصل العلم بحصول المصلحة ، وبعد العجز عن ذلك PageV02P170 # فلا يبقى على العبد إلا التخلص من تبعة الأمر ، وقد عرفت أنه في الأقل ~~معلوم وفي الزائد مشكوك. # وانت خبير بما في كلا الجوابين. # أما الأول : فلوضوح أن الإشكال غير مبتن على القول بالمصلحة الذي هو مختص ~~بالعدلية ، بل يعم على جميع الأقوال ، وذلك لأن الأمر لا محالة يكون ناشئا ~~عن علة وغرض ، ضرورة أن العاقل لا يأمر بدون ملاحظة غرض أصلا ، غاية الأمر ~~وقع النزاع في تعيين ذاك الغرض في الباري تعالى ، فالعدلية يقولون بأنه ~~مطابق للصلاح والحكمة ، والأشعرى يقول : بل هو غرض على وفق ميله تعالى ~~ومشيته ، ولا يقول بأن أوامره خالية عن الغرض رأسا ، فإنه قائل بحكم العقل ~~، غاية الأمر ينكر التحسين والتقبيح. # والحاصل ms0790 : معللية أوامر الله بل كل عاقل بأغراض في الجملة مما لا كلام ~~فيه ولا خلاف ، فيجرى الكلام المتقدم حرفا بحرف في الغرض من وجوب تحصيله ، ~~لأنه علة للأمر ، والعلم بإسقاط الأمر واجب ، فيجب ما هو مقدمته من العلم ~~بتحصيل الغرض. # وأما الثاني فلأن عدم التمكن من الجزم في النية بالدرجة العليا لا يوجب ~~التنزل من الدرجة الدنيا مع إمكانها وهو الإتيان بتمام ما احتمل دخله في ~~المطلوب ، فإنه يحصل معه الجزم بمرتبة نازلة لا يحصل ذلك مع الاقتصار على الاقل. # والتحقيق في الجواب عن أصل الإشكال يبتني على تقديم مقدمة وهي أن هنا ~~شيئين يصلحان لموضوعية حكم العقل ، أحدهما الأمر والآخر الغرض ، فهنا بحسب ~~مقام الثبوت احتمالات ثلاثة : # الأول : أن يكون الأمر موضوعا ، ولو انفك عن الغرض دون العكس فالعقل يلزم ~~أبدا نحو إطاعة الأمر ولا ينظر إلى مطابقته مع الغرض وعدمها ، ولا حكم له ~~أيضا مع الغرض المجرد عن الأمر. # الثاني : أن يكون الأمر بالعكس ، فيكون الغرض موضوعا ولو انفك عن PageV02P171 # الأمر ، وحكم العقل في مورد الأمر إنما هو من جهة كشفه عن الغرض. # الثالث : أن يكون كل واحد من الأمر والغرض موضوعا مستقلا لحكمه ، وأما في ~~مقام الإثبات فلا بد من مراجعة العقل عند موارد انفكاك كل منهما عن الآخر. # فنقول : الحق أن الغرض بما هو ولو كان منفكا عن الأمر ليس موضوعا لحكم ~~العقل، ويحصل وضوح ذلك بمراجعة الوجدان في ما لو علم العبد بمحبوب للمولى ~~وأن الشيء الفلاني يكون مطلوبه ومحبوبه ، وعلم أيضا أنه ليس للمولى مع كونه ~~ملتفتا إلى محبوبية ذاك الشيء حالة الطلب عن العبد والإرادة منه إما لكونه ~~لا يحب تحميل المنة من الغير أو لغير ذلك ، فهل ترى من نفسك أنه مأخوذ بحكم ~~عقله بإتيان هذا الشيء ويستحق العقاب بتركه؟ # ولا فرق في ذلك بين الغرض الذي يرجع إلى جهة مولوية المولى كما لو رأى ~~ابنه ساقطا في البئر ، أو الغرض الراجع إلى جهة كونه من العقلاء ، فإنه لو ~~علم العبد من ms0791 حال المولى في مثال سقوط ابنه في البئر أنه قلبا وباطنا غير ~~مريد منه إخراجه ، لأن تحمل المنة مشقة عليه مثلا ، فمجرد كون ذات الإخراج ~~في غاية المحبوبية له هل يصلح عند العقل لأن يقع موضوعا للحجية عند مقام ~~الاحتجاج؟ # فعلم أن الغرض بما هو غير مصحح للعقاب نعم الغرض المجرد قد يكون كذلك في ~~ما إذا كان المانع عن إظهار الطلب والإرادة حاصلا للمولى مع تحقق أصلهما في ~~نفسه ، كما لو كان عند سقوط ابنه غير ملتفت واحرز من حاله أنه لو كان ~~ملتفتا لأمر بالإخراج ، ففي مثل تلك الموارد يصح المؤاخذة ، وفي الحقيقة ~~ليس موضوعه نفس الغرض ، بل ذاك الطلب القلبي الذي يكشف عنه الغرض ، فالقول ~~بوجوب الإطاعة حينئذ ليس قولا بموضوعية الغرض ، فافهم. # ومثال ما إذا كان ذات العمل موردا للتعشق الأكيد والشوق الشديد وكان ~~المانع في نفس الإرادة دون إظهارها في الشرعيات هو السواك على ما يستفاد من ~~قوله صلى الله عليه وآله : «لو لا أن أشق على أمتي» الخ ، فهل ترى أحدا يحكم ~~بوجوب السواك نظرا إلى أن المستفاد من هذا القول وجود الغرض اللزومي فيه. PageV02P172 # ويشهد لما ذكرنا أيضا ما اشتهر من أن الخطابات الشرعية ألطاف في الواجبات ~~العقلية ، فإنه لو كان الغرض وحده موضوعا لحكم العقل لكان لقائل أن يقول : ~~لا حاجة بعد العلم بوجود المصلحة وإدراكها بطريق العقل إلى الأمر الشرعي ، ~~بل يكفي في إلزام العقل بإتيانها كون المولى حكيما ومحبا لكل مصلحة ويكون ~~كل صلاح غرضا له ومحبوبا ، والمفروض أن الغرض موضوع تام للحجية وصحة ~~المؤاخذة والعقوبة ، فكان ذلك باعثا لارتداع النفوس ، فلم يتم الدليل ~~المذكور الذي أقاموه على وجود الأمر الشرعي عند المصلحة العقلية بوجوب ~~اللطف على الله تعالى ؛ إذ لا لطف على هذا في الأمر ، بل وجوده وعدمه سيان ~~، لحصول الارتداع بدونه. # لا يقال : إنه لا يلزم مما ذكرت من عدم كون الغرض بما هو موضوعا كون ~~الأمر بما هو كذلك ، بل نقول : إن الأمر أيضا بمجرده غير موضوع ms0792 ، فنقول : ~~لو أمر مولى وعلم أن غرضه منحصر في اصدار الأمر وأنه شيء محبوب له في حد ~~ذاته من دون غرض له في ذات العمل أصلا لا بعنوانه الأولى ولا بعنوانه ~~الثانوي الذي هو إطاعة الأمر فإنه يمكن أن يحدث الغرض في العمل بنفس الأمر ~~، كما لو أمر بحضور جماعة ، فإن التهاون في الامتثال يكون هتكا له ، فيصير ~~الترك مبغوضا له من جهة هذا العنوان الثانوي ، فنحن نفرض خلو العمل عن كل ~~صلاح وتركه عن كل فساد حتى مع ملاحظة الطواري والعناوين الثانوية له ، فهل ~~ترى من وجدانك حينئذ الحكم بلزوم الموافقة والإتيان بالعمل بمجرد الأمر ~~الخالي عن الغرض ، ولهذا يقال في الأوامر الطرقية عند مخالفتها مع الواقع ~~أنها ليست موجبة للعقاب على مخالفتها ، فعلم أن الأمر بما هو ليس موضوعا ~~كالغرض. # لأنا نقول : هنا مطلبان لا بد من ملاحظتهما وعدم الخلط بينهما : # الأول : مصححيته شيء للعقاب في حكم العقل ونظره. # والثاني : داعويته للعقاب. # فالذي نحن ندعيه في الأمر وننفيه عن الغرض هو الأول ، ولا يلزم منه ~~استتباعه العقاب مطلقا ، بل هو حجة ويصح الاحتجاج به ، ومعنى ذلك أنه لو اتفق PageV02P173 # الداعي إلى الاحتجاج صح الاحتجاج ، ففي الأوامر الطرقية المخالفة للواقع ~~وكذا كل مورد فرض فيه الأمر الجدي والطلب الحقيقي بدون غرض في العمل رأسا ~~نلتزم بأن الأمر في حد ذاته حجة ، بمعنى أنه يقال في مقام الاحتجاج : لم ~~خالفت أمرى وعملت على خلاف ما أمرتك به؟ فما به يحتج المولى إنما هو الأمر ~~لا غير ، ولكن لو لم يفت من المولى بمخالفة أمره ولو بالعنوان الثانوي غرض ~~أصلا كان العقاب لغوا وبلا داع إليه أصلا ، وعدم صحة العقوبة لأجل عدم فوت ~~غرض وكونه لغوا وراء عدم صحته لأجل عدم الحجة وعدم المصحح. # والحاصل أن نفس الأمر مصحح والغرض داع ، فلو كان أمر وعلم خلوه عن الغرض ~~رأسا فليس عدم حكم العقل بلزوم الامتثال لأجل عدم وجود المصحح ، بل لأجل ~~عدم وجود المقتضي ، ولهذا لو كان الأمر مقرونا باحتمال المطابقة ms0793 مع الغرض ~~لزم الامتثال كما في الأوامر الطرقية ، إذ العقل يحكم بوجوب تحصيل ~~الاطمئنان بالأمن من العقاب المتوقف على الامتثال. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن ما هو المصحح في حكم العقل للعقاب في محل وجود ~~مقتضيه هو الأمر ، وما هو الموضوع في حكمه للزوم الامتثال هو الأمر المقرون ~~باحتمال المطابقة للغرض. # إذا عرفت ما تلونا عليك فاعلم أن المولى إذا أراد تحصيل غرضه من العبد ~~فلا بد له من نصب الأمر الذي هو موضوع الحجية على ذلك ، لما عرفت من أن نفس ~~الغرض لا يكون محركا وحجة ، فلا بد أن يتوسل لتحصيله بما هو كذلك وهو الأمر ~~، وحينئذ إما أن تعلق أمره وتوجهه نحو نفس الغرض ، وإما أن تعلقه نحو عنوان ~~آخر يعتقد مطابقته مع الغرض ، مثال الأول ما إذا كان غرضه إسهال الصفراء ~~فقال لعبده : اسهل الصفراء ، ومثال الثاني أن يقول في المثال : اشرب ~~السكنجبين معتقدا أن شربه نافع للإسهال. # ففي القسم الأول اللازم على العبد تحصيل العلم بحصول الغرض بإتيان كل شيء ~~يحتمل دخله فيه ، وأما في الثاني فلا يجب عليه سوى ما أوقعه الآمر مركبا PageV02P174 # لأمره ، فلو فرض خطاء اعتقاد الآمر وأن شرب السكنجبين غير دافع للصفراء ~~فليس في ذلك على العبد حرج ؛ إذ تفويت الغرض ليس مستندا إلا إلى نفس المولى ~~، ولا يرتبط بالعبد. # والحاصل أن الغرض بما هو ، غير موضوع للزوم التحصيل ، والآمر يريد أن ~~ينال بغرضه بتوسط الأمر الذي هو موضوع الإطاعة والحجية بين المولى والعبد ، ~~فإن فرض القصور في أمره لم يكن تقصير من ناحية العبد. # وبعبارة اخرى أنه يجب على العبد أن لا يفوت الغرض من طريق مخالفة الأمر ~~في ما كان وافيا ، وأما لو كان قاصرا فلم يحصل تفويت من ناحية مخالفة الأمر ~~، بل من ناحية قصور نفس الأمر وهو أمر يرجع إلى المولى دون العبد. # فنقول في ما نحن فيه : لم ينصب الشارع أمرا وخطابا واصلا إلينا إلا في ~~موضوع الأقل ونعلم أنه أراد بذلك حصول فائدة وغرض ، فليس ms0794 علينا البحث ~~والفحص عن ذلك الغرض أزيد مما تحركنا هذا الأمر الواصل إلينا سمته وهو ~~الأقل ، ولا نبالي مع موافقته أنه هل يحصل ذاك الغرض الداعي إلى هذا الأمر ~~بإتيان الأقل أولا ، فإن كان مع ذلك قصور فهو من غير ناحيتنا. # والحاصل أنه إذا فرض أن المولى يحصل الغرض من طريق الأمر ، ولا يكون له ~~طريق آخر غيره ، ويكون هذا الطريق أيضا غير محرك إلا سمت الأقل فلا يبقي ~~حينئذ حجة للمولى لو فات غرضه ، أما انحصار الطريق في الأمر فقد مر وجهه ، ~~وأما عدم محركية أمره إلى غير سمت الأقل فهو أن الأمر إنما هو علة محصلة ~~لمتعلقه ومحركة للعبد نحوه ، فحاله في التحريك ليس بأعلى من العلل العقلية ~~، حيث إن العلة العقلية تكون المعلول في الخارج ، والأمر أيضا يقتضي تكون ~~المأمور به من جوارح المأمور ، والمأمور به في المقام هو المهملة بين ~~المطلق والمقيد أو ذات الأقل ، ولا يعقل في العلة العقلية للمهملة أو ذات ~~الأقل أن تكون القيد أو الجزء الزائد ، فكذلك الحال في الأمر. # فإذا قال المولى : اقرأ فقرأ ، فقال : اركع فركع ، فقال : اسجد فسجد ، ~~فقال : تشهد PageV02P175 # فتشهد ، فقال : سلم فسلم ، فليس لهذا الأمر الذي سمعه اقتضاء أزيد من ذلك ~~، فلو كان المولى في الأثناء قائلا : اقرأ السورة ولم يسمعه العبد فليس لما ~~سمعه من أمره اقتضاء بالنسبة إلى إتيانها وإن كان هو متعلقا بمتعلقه لا على ~~وجه الاستقلال ، بل على نحو الاندكاك ، ولكن مع ذلك تأثيره وفعاليته ليس ~~بأزيد من إتيان نفس المهملة أو الأقل كما في العلة العقلية، وحينئذ فيتعين ~~كون فوت الغرض من غير ناحية العبد ، فتأمل في أطراف هذا المقام بالتأمل التام. # ثم هذا كله تمام الكلام في التوصليات ويجري بتمامه في التعبديات أيضا ، ~~إلا أنه يبقى مع ذلك فيها اشكال وهو أنه ربما يقال : إن من المقرر في باب ~~العبادات لزوم إتيانها على وجه القرب وتوقف سقوط أمرها على ذلك ، فيجب في ~~هذا الباب تعبدا الإتيان بكل ما يحتمل دخله في ms0795 حصول القرب وكون تركه مفضيا ~~إلى عدم حصوله ، فالإتيان بالأكثر وإن كان غير لازم في غير العبادات ، ~~ولكنه واجب لمكان هذا التعبد في العبادات. # وحاصل الجواب عن هذا الإشكال أن يقال : ما المراد بالقرب المعتبر في ~~العبادة ، فإن أردتم كون العمل بحيث صار موجبا لتقرب العبد وصيرورته ذا ~~منزلة لدى المولى وذا حق عليه بسبب عمله ، فهذا أمر لا يتفق لأحد من عامة ~~الخلق ممن عدا أهل بيت الوحي وخلص شيعتهم ، وإن أردتم معنى سهل المئونة ~~يحصل بإتيان العمل بقصد الفرار عن عقوبة مخالفة الأمر الأم أو النيل إلى ~~مثوبة موافقته ، وبعبارة اخرى أن يكون الميزان عدم مساواة فاعل العمل مع ~~تاركه في نظر العقل وكون الأول أقرب بمقام عبودية المولى من التارك بالمرة ~~، فهذا أمر حاصل في المقام بموافقة الأمر بالأقل بالداعي المذكور أعني قصد ~~الفرار عن تبعة عقوبته ، فإن هذا الفاعل يرجح في نظر الشرع والعقل على من ~~ترك المأمور به بالمرة ، وهذا واضح. # هذا كله هو الكلام في البراءة العقلية ، وأما الكلام بحسب النقل فاعلم ~~أنه لا إشكال في البراءة نقلا بعد فرض القول بها عقلا ، ووجهه أنه يصير ~~الأقل معلوم الوجوب والزائد مشكوكه ، فيدخل الثاني تحت حديثي الرفع والحجب ~~دون الأول. PageV02P176 # وإنما الكلام على فرض القول بالاحتياط عقلا ، فإنه يقال : إن من يقول بأن ~~منشأ الأثر هو الوجوب النفسي دون المقدمي والترديد بالنسبة إلى الأول باق ~~بحاله ، لا بد وأن يقول بأن المرفوع والموضوع أيضا هو الوجوب النفسي ، لأنه ~~شيء يكون في رفعه ووضعه منة. وحينئذ فيكون الحديث في كل من الأقل والأكثر ~~جاريا ، فيسقط بالتعارض ، وبالجملة، الكلام على هذا القول هو الكلام في ~~المتباينين. # ويمكن تصحيح البراءة النقلية على هذا أيضا بأن يقال : إن المرفوع ~~والموضوع هو جزئية الجزء المشكوك أو شرطية الشرط المشكوك ، ولا يلزم ~~المحذور ، ولا يشكل بأنهما غير قابلين للجعل فلا يشملهما الحديث ، لما مر ~~سابقا من أن حديث الرفع وكذلك حديث إبقاء ما كان في الاستصحاب غير مختص بما ~~هو مجعول ms0796 بلا واسطة ، بل يجريان في كل شيء تناله يد الشرع نفيا وإثباتا بأي ~~نحو ولو بالواسطة ، وهما من هذا القبيل ، فإن جعلهما بجعل منشأ الانتزاع. # ولا يشكل أيضا بأن تقييد الجزئية والشرطية بحال العلم بهما مستلزم للدور ~~أو ما هو أشد محذورية منه ، فإنه ليس المراد تقييد واقعهما بذلك ، بل ~~تنجزهما ، فهما بحسب الواقع علم بهما أم لم يعلم ثابتان ، ولكنهما مرفوعان ~~بحسب الظاهر في حق من جهل بهما. # إلا أن هنا إشكالا وهو أن يرفع هذا الأمر الانتزاعي برفع منشأ انتزاعه ~~وهو الأمر بأحد عشر أجزاء مثلا ، أعني الأمر المتعلق بالمحدود بهذا الحد ، ~~وإذا رفع الطلب عن هذا الحد والمفروض وحدة المطلوب وعدم تعرض الدليل ~~لمطلوبية ما نقص عن هذا الحد فمن أين يثبت مطلوبية سائر الأجزاء بعد ~~ارتفاعها عن حد الأكثر. # وبعبارة اخرى : العلم الإجمالي باق ولم ينحل على الفرض ، وشيء من دليلى ~~الواقع والرفع لا يتعرض لحكم وضع ما بقي من الأجزاء على فرض سقوط واحد ، ~~فما الموجب لتعين الوجوب النفسي في الأقل بعد رفع جزئية الجزء ، المشكوك ~~بحديث الرفع ، وكذلك الكلام في الشرط. PageV02P177 # ويمكن الجواب بأنه يستفاد ذلك من ضم هذا الحديث إلى علمنا الحاصل من ~~الأدلة المتكفلة لبيان الأجزاء ، فنقول نعلم بدليل كذا أن تكبيرة الإحرام ~~جزء للصلاة ، وأن الحمد كذلك ، وأن الركوع كذلك وهكذا إلى آخر الأجزاء ~~المعلومة ، والجزء الذي نشك فيه وهو السورة مرفوع بمقتضى الحديث ، فالعلم ~~بسائر الأجزاء واضع لها ، والشك في الجزء الخاص رافع لها. # إلا أن يقال (1) إن هذا العلم إنما ينفع على القول بالانحلال ، فيقال : ~~نعلم بتعلق الوجوب بالمهملة ، فقضية العقل الخروج عن عهدته ، ولكن المفروض ~~عدم تسليم ذلك وعدم الانحلال ، وبالجملة ، إن جعلت نفس الأدلة في جنب ~~الحديث فهذا يتوقف على كونهما في عرض واحد ، والحال أنه أخذ في موضوع ~~الثاني الشك في الحكم المدلول عليه بالأول ، فهما في مرتبتين ، فكيف يمكن ~~جعلهما في مرتبة واحدة ، وإن أردت ضم العلم إلى الحديث فلا نسلمه بعد ~~ارتفاع الجزء المشكوك ms0797 بالحديث ، إذ ارتفاعه يمكن بنحوين : # الأول : ارتفاعه فقط مع بقاء بقية الأجزاء ، الثاني : ارتفاع المركب أصلا ~~ورأسا ، ولا علم لنا بخصوص أحدهما ، وحديث الرفع أيضا لا يتعرض لوضع ما بقي ~~وإلا لزم في ما إذا كان الأصل في النافي أحد طرفي العلم الإجمالي بالتكليف ~~في المتباينين جاريا دون الطرف الآخر أن يكون الأصل المذكور مثبتا للتكليف ~~في الطرف الآخر ، وقد قرر في محله أن الاصول غير قابلة لإثبات اللوازم ، ~~وحديث الرفع أيضا من الاصول. # إلا أن ندفع ذلك أيضا بأنا استفدنا هذا النحو من الاستدلال من مولانا ~~الصادق صلوات الله عليه في حديث عبد الأعلى حيث سأله عن حكم وضوء من عثر ~~فوقع ظفره فجعل على إصبعه مرارة؟ فقال : هذا وشبهه يعرف من كتاب الله ( ~~@QUR@01 ما PageV02P178 # @QUR@06 جعل عليكم في الدين من حرج ) ثم قال : «امسح عليه» : حيث يظهر ~~منه أنه عليه السلام منعه عن مثل هذا السؤال معللا بأنه يعرف من كتاب الله ، ~~فلا يحتاج إلى السؤال ، يعني قوله تعالى : ( @QUR@02 ما جعل ) الخ يدل على ~~لزوم المسح على المرارة فالحديث آب عن الحمل على التعبد والاقتصار على مورده. # وحينئذ نقول : الآية لا تعرض فيها إلا لعدم جعل ما كان حرجيا ، وهل فيها ~~تعرض لجعل غيره؟ فإذا صار مباشرة الماسح للممسوح حرجا ، فعدم جعلها يلائم ~~مع عدم جعل الوضوء رأسا وبعدم جعل المسح كذلك ، وبعدم جعل خصوص المباشرة مع ~~جعل البقية فالإمام استشهد بالآية للثالث. # فنقول : ما الفرق بين هذه الآية ورواية الرفع والحجب ، فإذا شك في جزئية ~~جزء فهو بمقتضى رفع ما لا يعلمون يصير مرفوعا ، ولكن مرفوعيته لا يضر بباقي ~~الأجزاء ، فيصير الواجب ما سوى هذا الجزء وبالجملة ، إنا استفدنا في خصوص ~~الأقل والأكثر دون المتباينين من الإمام عليه السلام أن الحديث كما أنه ~~متعرض للرفع متعرض للوضع أيضا ، وللخصم إبداء الفرق بين هذا الحديث وآية ~~رفع الحرج التي تمسك بها الإمام عليه السلام ، هذا تمام الكلام في الترديد ~~بين الأقل والأكثر. ### | بقي التنبيه على امور # الأول : إذا دار ms0798 الأمر بين التعيين والتخيير كما لو علمنا بوجوب إكرام ~~زيد ، لكن لم نعلم أنه الطرف التخييري والطرف الآخر إكرام عمرو أو أنه ~~الواجب معينا ولم يكن هناك إطلاق لفظي إما بأن يكون الدليل لبيا أو كان ~~لفظيا ولكن لم يجتمع شرائط الأخذ بالإطلاق في اللفظ فهل الأصل في هذه ~~الشبهة أيضا ما ذكر في الشبهة بين الأقل والأكثر من البراءة أو غيره. # ربما يقال بأن الكلام في هذه هو الكلام في تلك ، وذلك لرجوعها إلى الشبهة ~~المذكورة ، وذلك لأن من المقرر في المعقول أن الواحد لا يتأثر إلا من ~~الواحد ، PageV02P179 # ففي الواجبات التخييرية حيث يشترك امور متباينة في تحصيل غرض واحد ولهذا ~~يطلب واحد منها على التخيير ، وإلا فلو حصل من كل غرض مطلوب ذاتا لطلب ~~جميعها ، وإما ترتب فائدة على كل غير ما يترتب على الآخر ، غاية الأمر مع ~~إدراك واحدة من تلك الفوائد ارتفع الحاجة عن البقية ، فالظاهر أنه غير ~~معقول ؛ اذ لا يعقل دوران الحاجة بين أغراض متباينة ذاتا مع عدم جامع بين ~~تلك المتباينات ، وفي الحقيقة يكون الغرض هذا الجامع المتحصل بتلك ~~المتباينات. # والحاصل : فلا بد من وجود جامع بين خصال الواجب التخييري حتى يكون ~~الفائدة الواحدة مستندة إلى هذا الجامع تحفظا عن مخالفة القاعدة المذكورة ، ~~ولا ينافي ذلك عدم إدراكنا للجامع وعدم تصورنا حقيقته ؛ إذ لا ينافي ذلك ~~وجوده واقعا ، وحينئذ ففي كل موضع دار الأمر بين التخيير والتعيين فقد دار ~~الأمر بين وجوب الجامع بين الشيئين مع عدم لحاظ خصوصية واحد منهما ، وبين ~~وجوب واحد مخصوص منهما ، فيكون من باب دوران الأمر بين المطلق والمقيد ، ~~فالأصل فيه البراءة عند القائل بالبراءة هناك ، والاحتياط عند المحتاط هناك. # والحق خلاف ذلك ، وإنا وإن قلنا في البحث السابق بالبراءة لا بد أن نقول ~~هنا بالاحتياط وإن سلمنا البيان المذكور أعني رجوع المقام إلى المقام الأول ~~تسلما للقاعدة المعقولية. # ووجه ذلك أن هنا توجه الطلب نحو الخاص معلوم ولا يرتفع عقلا الاشتغال به ~~بإتيان الخاص الآخر المحتمل البدلية ms0799 ، وتوجهه نحو الجامع مشكوك ، وأما هناك ~~فتوجهه نحو الجامع معلوم ونحو الخاص مشكوك كما لو سمعنا قوله : أعتق رقبة ~~وشككنا أنه عقبه بقوله : «مؤمنة» أولا ، فحينئذ الذي قام الحجة عليه ويلزم ~~بإتيانه العبد هو الجامع ، والخصوصية لا ملزم لها ، وهذا بخلاف ما لو سمعنا ~~قوله : أعتق رقبة مؤمنة وشككنا في تعقبه بقوله : «أو كافرة» أو لا ، فإن ~~الاشتغال بما قام عليه الحجة وهو الخاص غير مرتفع إلا بإتيانه ، فعلم أن ~~الأصل في الباب هو الاشتغال وإن سلم رجوعه إلى الباب المتقدم. PageV02P180 ### | الأمر الثاني : # قد عرفت الكلام في الشبهة الحكمية بين الأقل والأكثر ، بقي الكلام في ~~الشبهة الموضوعية بينهما التي من جملة فروعها الشبهة الماهوتية. # فنقول : قد يكون هذا الشك في الجزء ، وقد يكون في الشرط ، وقد يكون في ~~المانع بعد الفراغ من الكبرى في الثلاثة ، بأن علمنا أن الشيء الفلاني جزء ~~للصلاة مثلا كالسورة ، ولكن شككنا أن السورة الخاصة سورة القرآن أو لا ، أو ~~سورة تامة أو لا ، وكذلك في الشرط والمانع. # ثم كل من هذه الثلاثة بحسب عالم الثبوت يتصور على أنحاء ثلاثة ، فتارة ~~يعتبر الشيء جزء لمركب باعتبار صرف وجوده من دون نظر إلى الأفراد ، كما لو ~~اعتبر أصل وجود السورة في الصلاة واشتمالها على هذا الوجود ، واخرى يعتبر ~~باعتبار الوجود الساري ، فكل واحد واحد مما ينطبق عليه عنوان السورة قد ~~اعتبر مستقلا كونه في الصلاة على نحو «تواضع للعالم» و «لا تشرب الخمر» ~~وثالثة يعتبر باعتبار مجموع الوجودات من حيث المجموع ، فلو أتى بالجميع إلا ~~واحدا لم يأت بالمركب. # ويتصور هذه الأنحاء في الشرط ، فقد يكون الشيء باعتبار صرف الوجود شرطا ، ~~يعنى لا بد أن يصير وجود العنوان الفلاني مرتبطا بالصلاة مثلا ، وتصير ~~الصلاة متقيدة به ، وقد يكون باعتبار الوجود الساري. فكل وجود وجود يكون له ~~ارتباط مستقل وتقيد على حدة ، فيجب ارتباط الصلاة بكل منها على الاستغراق ، ~~وقد يكون باعتبار مجموع الوجودات من حيث الاجتماع ، فيتقيد الصلاة بذاك ~~المجموع. # ويتصور هذه في المانع ، فقد يكون صرف ms0800 وجود الشيء مانعا بمعنى أنه اعتبر ~~ارتباط المركب بعدم وجود عنوان كذائي معه ، وقد يكون وجوده الساري ، بمعنى ~~أنه اعتبر تقيد الصلاة بعدم كل وجود وجود معها وفي ضمنها. # وفي هاتين الصورتين لا بد من ترك جميع الافراد ، والفرق بينهما يظهر في PageV02P181 # ما لو اضطر إلى لبس جزء غير المأكول في الصلاة مثلا ، فعلى الأول لا يفرق ~~بين الزيادة والنقيصة ، وعلى الثاني لا بد من الاقتصار على ما يندفع به ~~الضرورة وعدم التجاوز ، لفرض تعلق النهي المنعي بكل فرد فرد مستقلا ، ~~والضرورة إنما يتقدر بقدرها ، وقد يكون المجموع من حيث المجموع أي اعتبر ~~ارتباط الصلاة بعدم المجموع ، فيلزم حينئذ ترك الواحد ، هذه أنحاء التصورات ~~في الكبرى. # وأما مقام الشك في الصغرى من كل من هذه الأقسام ، فنقول : لو علمنا أن ~~السورة مثلا جزء للصلاة بمعنى لزوم تحقق أصل وجودها فيها ، وشككنا أن سورة ~~كذا من سور القرآن أو لا؟ فهذا شك في سقوط التكليف بعد العلم بثبوته ، ~~وقاعدته الاشتغال وعدم الاكتفاء بهذا الفرد المشكوك ولزوم الإتيان بالمعلوم ~~، وهكذا الكلام في الشرط بعينه. # ولو علمنا بأن السورة جزء بوجودها الساري وشككنا في أن هذا سورة أو لا ، ~~فالأصل فيه البراءة ؛ لأن هذا الشك له حيثيتان ، حيثية كونه موضوعيا ، ومن ~~هذه الجهة يشترك مع الشبهة الموضوعية في التكليف النفسي ، كما لو شك بعد ~~ورود : «تواضع للعالم» في أن زيدا عالم أو لا ، ولا يشك في جريان البراءة ~~فيه ؛ لأنه شك في التكليف ، والعقاب عليه بلا حجة ؛ إذ لا فرق في انعدام ~~الحجة وقبح العقاب بين الجهل بالكبرى أعني أصل وجوب تواضع العالم وبين ~~الجهل بالصغرى مع الفراغ عن الكبرى ، كما مع العلم بوجوب التواضع والشك في ~~عالمية هذا الشخص ، ولا مسرح حينئذ لتوهم أن البيان الذي كان وظيفة المولى ~~وهو رفع الجهل من أصل الحكم أعني الكبرى قد تم ، والشك الذي نشأ من الامور ~~الخارجية ليس الشارع فيه مرجعا ، فلا يرتبط به فيكون عقابه عقابا مع تمام ~~البيان من قبله ، فإنه لا ms0801 فرق في قبح العقاب بلا بيان بين كون البيان مما ~~هو من وظيفة المولى وما ليس كذلك، وفي القسمين ملاك القبح موجود ، ولا ~~اختصاص له بخصوص الأول كما هو واضح لمن راجع عقله ووجدانه ، وبالجملة ، في ~~هذه الحيثية التي هي حيث كون الشبهة موضوعية يقتضي البراءة وليست مقتضية PageV02P182 # للاحتياط ، وإلا لوجب المصير إليه في الشبهة الموضوعية المحضة. # والحيثية الاخرى حيث كونها شبهة بين الأقل والأكثر ، لأنا لو فرضنا حصر ~~أفراد الطبيعة المأمور بها بالأمر الجزئي في أحد عشر ، عشرة منها معلوم ~~الفردية وواحد مشكوك فقد علمنا أن صلاتنا المطلوبة صارت مركبة من هذا وهذا ~~وهذا مشيرا إلى الأفراد المعلومة ، ولكن نشك في أنها مركبة من هذا المشكوك ~~أيضا وهو أيضا جزئها أو لا ، وقد فرغنا في الشبهة الممحضة بين الأقل ~~والأكثر من كون الأصل فيها البراءة للانحلال ورجوع الشك إلى الشك البدوي في ~~التكليف بالأكثر ، فيكون قاعدته البراءة ، ولا يعقل في مورد اجتماع ~~الحيثيتين اللتين كل منهما منفردة مقتضية للبراءة أن يؤثر وصف اجتماعهما في ~~الاحتياط ، هذا هو الكلام في الجزء ، وبعينه جار في الشرط. # ولو اعتبر العنوان باعتبار مجموع الوجودات من حيث المجموع جزءا أو شرطا ~~فشككنا أن الشيء الفلاني من مصاديق ذاك العنوان أو لا؟ فأصله أيضا هو ~~البراءة ، لأنا نعلم أن الأمر الجزئي أو الشرطي تعلق بمجموع من الأشياء ~~التي ينطبق عليها العنوان الخاص ، ولكن لا نعلم أنه هذه العشرة أو هي مع ~~الحادي عشر ، فالشك راجع إلى تقيد الصلاة مثلا أو تركبه من الشيء الحادي ~~عشر ، فيجتمع في هذه الشبهة أيضا الحيثيتان المتقدمتان وكلاهما مقتض ~~للبراءة فلا يحدث باجتماعهما حكم جديد ، هذا تمام الكلام في الشرط والجزء. # وأما المانع فقد يعتبر في الصلاة مثلا ارتباطها بعدم أصل الطبيعة ، وقد ~~يعتبر بعدم كل وجود ، وقد يعتبر بعدم مجموع الوجودات. فلا إشكال في القسم ~~الأخير وإن كان مجرد فرض لا واقع له في الشرعيات ، كما لو فرض الحكم ~~بمانعية جميع أفراد جزء غير المأكول من الأرنب والهرة وغيرهما ms0802 بصورة ~~الاجتماع بحيث لم يضر وجود واحد ولا اثنين ولا ثلاثة ، بل ما دام ناقصا عن ~~المجموع بواحد ، فلو شككنا في جلد خاص أنه جلد الأرنب أو الغنم فلا يجوز ~~الاكتفاء بعدمه في الصلاة مع فرض وجود تمام الباقي فإنه يشك حينئذ في تحقق ~~عدم المجموع PageV02P183 # بعدم هذا الجلد المشكوك وعدمه بعد اشتغال الذمة بذاك العدم ، فلا يفرغ ~~الذمة إلا مع العلم بالبراءة والفراغ ، وهو يتوقف على ترك لبس واحد من ~~الجلود المعلومة كونها من غير المأكول ، فالأصل هو الاحتياط بلا إشكال ، ~~وهذا القسم كما عرفت غير واقع. # وأما القسمان الآخران فهما محل التشاجر والكلام في الموانع الشرعية أنها ~~من أي منهما ، أحدهما اعتبار الوجود السرياني ، والآخر صرف الوجود ، فقوله ~~: لا يجوز الصلاة في جلد غير المأكول ، هل هو بمعنى أن كل فرد من جزء غير ~~المأكول وجد في الدنيا فقد تعلق به الحكم المزبور بالاستقلال ، أو أن الحكم ~~مختص بصرف وجود هذه الطبيعة المتوقف عدمه على عدم جميع الأفراد. # والحق كون النهي المنعي كالنفسي ظاهرا في الأول ، ويظهر الثمرة في حال ~~الاضطرار ببعض من الأفراد ، فعلى الأول يتقدر الجواز على قدر الضرورة ، ولا ~~يجوز التعدي إلى غيره لأن غيره منهي مستقل ، وعلى الثاني يباح جميع الأفراد ~~بالاضطرار إلى واحد ، وكيف كان فالمهم التكلم في صورة الشك الموضوعي من ~~القسمين. # فنقول : لو شككنا في القسم الأول كما لو علمنا أن الصلاة مقيدة بعدم جزء ~~غير المأكول باعتبار وجوده السرياني مطلوبة ، بحيث كل فرد من جزء غير ~~المأكول متى وجد يتعلق به هذا الحكم مستقلا ، ولكن شككنا في الجلد الخاص ~~أنه من الأرنب أو الغنم ، فهذا راجع إلى الشك في الأقل والأكثر من جهة أن ~~التقيد بالعنوان بهذا النحو يرجع إلى تقيدات بعدد الأفراد ، فالصلاة متقيدة ~~بعدم جلد الأرنب وعدم جلد الهر وهكذا ، وإن كان هذا المشكوك أيضا من غير ~~المأكول فالصلاة متقيدة بعدمه أيضا. # فالشك له حيثيتان ، من إحداهما يصير نظير الشك في أن المائع الخاص خمر أو ~~لا ؛ إذ ms0803 كما أن أصل حكم لا تشرب الخمر معلوم والشك في كون هذا خمرا ، كذلك ~~هنا أيضا «لا تلبس جلد غير المأكول» معلوم والشك في كون الجلد PageV02P184 # الخاص من غير المأكول ، وقد قلنا في النهي النفسي أن الشك في الصغرى يوجب ~~البراءة ، ولا فرق بينه وبين الشك في الكبرى ، ومن جهة اخرى يصير كالشك في ~~تقيد الصلاة بشيء بالشك الحكمي ، فإنه يعلم تقيد الصلاة بعد انحلال التقيد ~~بالعنوان إلى التقييدات المتعددة بهذا وذاك وذاك ويشك في تقيدها بهذا ~~المشكوك فيكون نظير الشك في المطلق والمقيد ، وقد قلنا : إن حكم العقل فيه ~~البراءة ، فالشك هنا اجتمع فيه الموضوعية والدوران بين المطلق والمقيد وكل ~~منهما منفردا يقتضي البراءة ، فكذا مع الاجتماع ، وهذا منقول من الميرزا ~~الشيرازي قدسسره . # ولو وقع الشك في القسم الآخر أعنى ما إذا تعلق النهي بصرف الوجود ، فقد ~~يقال فيه أيضا بالبراءة مثل الصورة المتقدمة ، بل نقل الاستاد من سيده ~~الاستاد طاب مضجعه إصراره عليه حتى عده في النهي النفسي من البديهيات التي ~~لا يصلح أن يتفوه بخلافه واحد من أهل العمائم ، وتقريبه أن يقال : إن النهي ~~وإن تعلق بصرف الوجود ، ولكن تعين صرف الوجود إنما يكون بالمصداق ، فلو كان ~~هنا مصداق واحد كان لصرف الوجود تعين واحد ، فيصير هو متعلقا للنهي ، وإن ~~كان له مصاديق كان له تعينات ، فيقع تلك المصاديق تحت النهي لأنها تعينات ~~صرف الوجود وهو عينها ومتحد معها ، فالنهي المتعلق به متعلق بها ، فينحل ~~أيضا إلى تقيدات عديدة. # مثلا قوله «لا تشرب الخمر» لو فرض اعتباره بمعنى أن يكون المقصود طلب أن ~~لا يصدر من المكلف شرب هذه الحقيقة ، فهذه الحقيقة متعينة في هذا المائع ~~وفي هذا ، إلى آخر مصاديقه ، فكل منها يصير مبغوضا ببغض واحد ومنهيا بنهي ~~واحد ، فهنا يرجع إلى الأقل والأكثر من جهتين ، الاولى من جهة تقيد الصلاة ~~بعدم الفرد المشكوك ، والثانية من جهة تعلق نفس النهي بما عداه أو بالمركب منه. # وبعبارة اخرى : إنا نسلم أن الأمر أو النهي إذا تعلق بمفهوم ms0804 مبين وشك في ~~محصل هذا المفهوم في الخارج أنه أمر كذا أو مع ضم كيفية خاصة فالأصل فيه PageV02P185 # الاحتياط ؛ لأنه مقتضى العلم بالاشتغال ، إلا أنه مخصوص بصورة كون ~~المفهوم الذي وقع تحت الحكم مسببا عن المحصل بحيث لم يرتبط حكمه بمحصله مثل ~~الطهارة ، فإنها حالة نفسانية ومحصلها الغسلتان والمسحتان ، فلو شك أن ~~الغسل من الأعلى إلى الأسفل أيضا له دخل في حصول طهارة النفس لزم مراعاته ~~لعدم العلم بحصول الطهارة المأمور بها بدونه ، وهذا بخلاف المقام ، حيث إن ~~المحل والمركب للحكم أولا وإن كان أيضا مفهوما مبينا ، ولكن يصير بعد ~~التطبيق ، المحل والمركب له نفس المصاديق ، فالشك في المصداقية يكون شكا في ~~نفس محل الحكم لا في محصله بعد تبين نفسه ، فالأصل فيه البراءة لعين ما ~~تقدم في الصورة السابقة ، غاية الأمر أن الرجوع إلى الأقل والأكثر كما عرفت ~~يكون هنا من جهتين. # وهذا أيضا يظهر من آية الله الخراساني طاب ثراه (1) حيث إنه في مبحث ~~الصحيح والأعم بعد ما اختار الوضع للصحيح وعدم الجامع بينه وبين الفاسد ~~وثبوته بين الأفراد الصحيحة استشكل على وجود الجامع بين الأفراد الصحيحة ~~بأن المشهور مع ذهابهم إلى الوضع للصحيح اختاروا البراءة في بحث الأقل ~~والأكثر مع أن مقتضى ذلك أن يكون الأصل هو الاحتياط لأن المأمور به وهو ~~الأمر البسيط الوحداني الصادق على الأفراد الذي من أثره النهي عن الفحشاء ~~يجب تحصيله ، ومع عدم الشرط المشكوك أو الجزء المشكوك يشك في حصوله ، ثم ~~أجاب بأنه يمكن القول بالبراءة مع اختيار هذا الجامع بالفرق بين باب ~~الأسباب والمسببات والامور التوليدية مثل الطهارة ، حيث إنها عنوان يتولد ~~من الغسلتين والمسحتين ، فالشك فيها يكون مرجعه الاحتياط للجزم بالفراغ ، ~~وبين ما إذا لم يكن المأمور به والمحصل من هذا الباب وكان من باب المنطبق ~~والمنطبق عليه ، فحينئذ يكون الشك في نفس محل الأمر ، فيكون الأصل فيه ~~البراءة على ما قرر في الأقل والأكثر. PageV02P186 # هذا ما ذكراه هذان العلمان الاستادان قدسسرهما ، ونقل الاستاد دام ظله ~~مساعدة استاده الميرزا ms0805 محمد تقي الشيرازي دام ظله وعمره أيضا لذلك ، فذهب ~~دام ظله إلى أن النهي ليس بمؤثر في المصاديق المشكوكة مطلقا إلا مع العلم ~~الإجمالي. ### ||| ** وهم دفع # أما الوهم حيث إن ما نقلناه عن السيد قدسسره من اختيار البراءة في النهي ~~المتعلق بصرف الوجود عند الشبهة الموضوعية مستدلا بكون الأفراد تحصلات ~~وتشخصات وتعينات للطبيعة ، فيسري النهي عن الطبيعة إليها واضح المنافاة لما ~~نقله الاستاد عنه قدسسره في مبحث اجتماع الأمر والنهي من اختيار جواز ~~اجتماعهما مستدلا بأن صرف الوجود لطبيعة الصلاة مثلا قد صارت متعلقة للأمر ~~وهي مباينة للأفراد ، وكذلك الوجود الساري لطبيعة الغصب صار محلا للنهي ، ~~فلا يرتبط أيضا بالوجودات الخاصة للأفراد. # فقد يتوهم دفعا لهذه المنافاة الواضحة بين كلامي السيد أن هنا فرقا بين ~~الأفعال الواقعة تحت التكاليف بلا واسطة وبين الموضوعات الواقعة تحتها ~~بواسطة الأفعال مثل الخمر ، من جهة أن الوجود المعتبر في الأفعال يكون ~~بمعنى الصورة الذهنية الحاكية عن الخارج ، فيلاحظ كأن الخارج ظرف نفس تلك ~~الأفعال ، وأما اتصافها بالوجود في الخارج بحيث كان الخارج ظرفا لوجودها ~~فإنما يطلب بالأمر تحصيله أو بالنهي الردع عنه ، والجملة ، هذا داخل في ~~المحمول أعني التكليف لا في الموضوع وإلا يلزم طلب الحاصل أو الردع عن ~~الحاصل. # وأما الوجود المعتبر في الموضوعات المتعلقة لتلك الأفعال مثل الخمر ~~واللباس والسورة والطهارة وغير ذلك فالمراد به المعنى الثاني ، فالخمر ~~المفروغ عن وجودها في الخارج بحيث كان الخارج ظرف وجودها لانفسها إما محققا ~~أو مقدرا يتعلق بها طلب ترك الشرب ، وهكذا سائر الموضوعات. PageV02P187 # فالكلام في مبحث الاجتماع حيث إنه في الأفعال وعرفت أن الوجود الخارجي ~~بالمعنى الثاني غير معتبر فيها فاختار السيد هناك الجواز ، وإلا فلو كان ~~موضوع ذلك المبحث في الأعيان والموضوعات لتعين القول بالامتناع ، لما عرفت ~~من أن الوجود المعتبر فيها هو ما كان الخارج ظرفا لوجود الملحوظ لا لنفسه ، ~~وأما في مقامنا أعني الشبهة الموضوعية في الطبيعة المعتبرة بنحو صرف الوجود ~~مانعا في المأمور به ، فحيث إن موضوع البحث هو الأعيان ms0806 مثل جزء غير المأكول ~~والمحمول النجس وغير ذلك فلهذا اختار قدسسره هنا البراءة ، وإلا فلو كان ~~موضوعه هو الأفعال لتعين القول بالاشتغال ، وذلك لأن لازم أخذ الوجود ~~بالنحو المعتبر في الأفعال عدم سراية الغرض من الطبيعة إلى أفرادها ~~الخارجية ، ولازم هذا هو القول بالجواز في مبحث الاجتماع والاشتغال في هذه ~~الشبهة الموضوعية ، ولازم أخذ الوجود بالنحو المعتبر في الموضوعات سراية ~~عرض الطبيعة إلى الأفراد ولازمه القول بالامتناع في مبحث الاجتماع ، ~~والبراءة في هذا المقام. # وأما الدفع فبعد عدم اختصاص كل من المبحثين بما ذكره بل يجري الكلام في ~~كل منهما في الأفعال وفي الموضوعات كما هو واضح نقول : وإن كان ما ذكره من ~~الفرق بين الأفعال والموضوعات في أخذ الوجود المعتبر فيها حقا لا محيص عنه ~~، ولكن ما فرعه على هذا الفرق ممنوع غاية المنع. # تفصيل الكلام في المقام أن يقال : اعلم أنه فرق بين الفعل الصادر من ~~المكلف الواقع مركبا ومحلا للأوامر والنواهي ، وبين موضوعات تلك الأفعال ~~مثل أمهاتكم في قوله تعالي : «حرمت عليكم أمهاتكم» بعد تقديره بالنكاح ~~وكذلك الخمر وسائر الموضوعات ، والفرق أن الفعل يكون في ذهن المريد عاريا ~~عن الوجود والعدم ، وإنما يكون إعطاء الوجود له في ما يستقبل ملحوظا للمريد ~~، إما محبوبا وإما مبغوضا ، بمعنى أن هذا داخل في مفاد هيئة الأمر والنهي. # ولا ينافي ذلك ما قرر في محله من لزوم اعتبار الوجود الخارجي مع الطبيعة PageV02P188 # لتصحيح وقوعها تحت الطلب ، حيث إن الطبيعة من حيث هي ليست إلا هي ، ولا ~~يعرضه شيء من الأشياء ولا يتصف بوصف من الأوصاف ، وذلك لأن اعتبار الوجود ~~الخارجي غير الفراغ عنه ، فلا يلزم طلب إيجاد الموجود أو طلب عدم إيجاد ~~الموجود ، بل الطبيعة التي نراها في الخارج ، وبعبارة اخرى يوجد في الذهن ~~على وجه الحكاية عن الخارج. # وإن شئت قلت : إن الخارج في هذا اللحاظ ظرف نفسها ، لا أن الخارج يرى ظرف ~~وجودها قد يتعلق بها طلب الايجاد في الخارج وقد يتعلق طلب عدم الإيجاد ، ~~فإن الطبيعة على الوجه ms0807 المزبور يكون قابلا لعروض الوجود الخارجي والعدم ~~الخارجي. # هذا في الفعل ، وأما الموضوع فينظر إليه بالنظر الحكائي عن الخارج ، ومع ~~الفراغ عن الوجود والتحقق في الخارج ، وينشأ الطلب بعد هذا اللحاظ ، فيكون ~~منوطا ومشروطا بوجود الموضوع ، فلو لم يكن في الدنيا خمر مثلا فلم يتحقق ~~طلب لعدم تحقق اللحاظ الذي صار الطلب منوطا به ، والحاصل أن الخمر المرئي ~~موجودا في الدنيا إما محققا وإما مقدرا يطلب من المكلف عدم شربه ، فهنا يرى ~~الخارج ظرفا لوجود الموضوع لا لنفسه فقط. # ثم اعلم أن هذا الفرق لا يوجب فرقا في جواز اجتماع الأمر والنهي وعدمه ~~ولا في البراءة في الشك الموضوعي من الأقل والأكثر أو الحكمي في الفعل أو ~~في الموضوع والاشتغال. # ووجه ذلك أن ملاك جواز الاجتماع هو تمايز موردي الأمر والنهي ، فإن كان ~~تمايز حتى في صورة كون المورد فردا بحيث أمكن حفظ الفردية مع التمايز ~~والتعدد في الذهن فلا فرق بين أن يكون الوجود الخارجي مفروغا عنه أو لم يكن ~~، وملاك البراءة والاشتغال هو تعدي الطلب من الجامع إلى الفرد وعدمه. # فإن قلنا بالتعدي إلى الفرد فهنا مورد البراءة ، وإن كان ذلك في الفعل ~~الذي ليس الوجود فيه مفروغا عنه كما في العبادة على القول بالوضع للصحيح ووجود PageV02P189 # القدر الجامع لدى الشك في الأجزاء والشرائط ، وإن قلنا بعدم التعدي كما ~~هو الحق كان المجرى للاشتغال وإن كان ذلك في الموضوع الذي فرغ عن وجوده ، ~~وحاصل الكلام أن هنا ستة أقسام ، ثلاثة في الفعل وثلاثة في الموضوع ، ~~اعتبار مجموع الوجودات من حيث المجموع في الفعل ، واعتبار الوجود الساري ~~فيه ، واعتبار صرف الوجود فيه ، واعتبار هذه الثلاثة في الموضوع. # فالتمايز الذي هو ملاك جواز الاجتماع موجود في كل هذه الأقسام حتى في ~~اعتبار الوجود الساري في الموضوع ، فإن الموضوع حينئذ وإن اعتبر الوجودات ~~الخارجية المتعينة الخاصة المفروغ عن وجودها في الخارج ، إلا أنه يمكن ~~تعرية الفرد في الذهن عن بعض الخصوصيات مع بقاء كونه فردا ، فالمانع الشخصي ~~يمكن الإشارة فى الذهن ms0808 إليه بشخصيته ، لكن بعنوان أنه خمر وهو مغاير عن ~~الإشارة إليه بعنوان أنه مائع أو أحمر أو غير ذلك من الخصوصيات. # ومن ذلك يعلم جريان ملاك الجواز في جميع الأقسام الستة ، واعتبار صرف ~~الوجود في الفعل أو الموضوع إن قلنا بتعدي حكمه إلى الوجودات المتعينة ~~الخاصة كما هو خلاف التحقيق لا يزيد عن ذلك أيضا. # وكذلك لا فرق بين الأقسام في الأصل العقلي عند الشك الموضوعي أو الحكمي ~~في الأقل والأكثر ، لأنه إن كان موضوع الحكم مجموع الوجودات الخاصة فالأصل ~~في الشك الموضوعي أو الحكمي يقتضي البراءة في جانب الأمر من غير فرق بين ~~الفراغ عن الوجود الخارجي كما في موضوع العمل وبين عدمه كما في نفس العمل ، ~~ويقتضي الاشتغال في جانب النهي في الفرد المشكوك من غير فرق بين القسمين ، ~~وإن كان الموضوع للحكم هو الوجود الساري كان الأصل البراءة في الفرد ~~المشكوك في طرف الأمر والنهي سواء في الأفعال أم في موضوعاتها. # وإن كان هو صرف الوجود المنتزع من الوجودات الخاصة عند التحليل فعلى ~~المبنيين في المسألة لا يختلف الحال بين الفعل والموضوع أيضا ، فإن بنينا ~~على أن الطلب إذا تعلق بالوجود الجامع بين الوجودات الخاصة وهو في ظرف ~~التحليل PageV02P190 # مغاير للخصوصيات ، فلا وجه لعروض العارض الذي يعرضه في هذا الظرف على ~~الخصوصيات مع وجود التغاير ، فالأصل الاشتغال في كلا المقامين كما هو الحق. # وإن بنينا على أن هذا الوجود الجامع لمكان انطباقه على الأفراد وكونها ~~تعينات وتشخصات وتحصلات لها فلا محالة يعرض عرضها على تلك التعينات لمكان ~~العينية ، فالعرض الذي يكون للإنسان الذي هو الجامع يكون لزيد وعمرو وبكر ، ~~لأنها أفراده وليس له تشخص غيرها ، نعم المعروض يكون هذه الأشخاص بما هم ~~إنسان لا بما هم تعينات لعنوان آخر ، فالأصل يكون البراءة من غير فرق بين ~~المقامين أيضا ، فعلم أن العمدة في المقام أعني في مقام تشخيص الأصل العقلى ~~هو تحقيق الحال في هذين المبنيين ، وحيث رجحنا المبنى الأول فالأصل هو ~~الاشتغال حتى في الموضوعات. # فعلم أنه ms0809 لا مفر عن الاشتغال في بحث الصحيح والأعم على تقدير القدر ~~الجامع للصحيح لدى الشك في الشرط والجزء ، ومن هنا يعلم عدم إمكان ذب ~~الإشكال عن السيد قدسسره ، ويظهر تحقيق الحق في مقامنا أيضا بعد اتحاد ~~الملاك في هذا المقام ومبحث الاجتماع. # فنقول توضيحا لما هو الحق في هذه المسألة من الاشتغال أن الانطباق غير ~~مجد في صيرورة نفس الأشخاص محلا للطلب ، ووجه ذلك ما مر في بحث الاجتماع ، ~~ومحصله أن الحكم باتحاد شيء مع شيء لا يمكن الا مع التغاير بينهما ولو في ~~مجرد المفهوم كما في الحمل الذاتي مثل «الإنسان إنسان» حيث لا يعقل الحكم ~~بالاتحاد بدون التغاير رأسا ، ولا منافاة بينهما حيث إنهما بنظرتين ، غاية ~~الأمر في الحمل الذاتي لا تغاير سوى في المفهوم ، وأما في الصناعي فلا بد ~~من ملاحظة تفصيلية تشريحية تحليلية ، بأن ينتزع شيء وحداني بسيط من أمر آخر ~~كانتزاع أصل الإنسانية من زيد وعمرو وبكر ، ثم اتباع هذه الملاحظة باللحاظ ~~الاندماجي الإجمالي ، وبدون هاتين الملاحظتين المترتبتين الطوليتين لا يصح ~~الحمل الصناعي أصلا. PageV02P191 # وحينئذ فإذا عرض على الطبيعة في لحاظ انفكاكها عن الفرد عارض فلا وجه ~~لسرايته إلى الفرد ، لمكان التغاير بينهما في هذا اللحاظ ، وبهذا يسهل ~~الخطب في كثير من المواضع ، ألا ترى أن وجود الإنسان بما هو وجود الإنسان ~~متصف بالتعدد والكثرة ، وبالنوعية والكلية، مع أن شيئا من أفراده لا يتصف ~~بالتعدد والكلية؟ وعلى هذا يبتني حكمهم في بيع الصاع الكلي من الصبرة بأنه ~~لا يملك شيئا من الخصوصيات ، بل تمامها باق في ملك البائع، وعليه فرعوا كون ~~التلف في مال البائع ما بقي في الصبرة ما اشترى المشتري. # إذا عرفت ذلك فنقول : إذا تعلق الأمر بإكرام العالم وانحصر أفراد العالم ~~في عشرة معلومة وواحد مشكوك ، وعلم أن المراد أصل الإكرام لطبيعة العالم ~~باعتبار صرف وجودها الغير القابل للوحدة والتعدد فمقتضى العلم بالاشتغال ~~بهذا المعنى الجزم بإتيانه بإكرام واحد من معلومي العلم ، ولا يكفي في حكم ~~العقل الإتيان بذاك الواحد المشكوك ، وكذلك ms0810 في النهي لو قال : لا تشرب ~~الخمر ، وعلم أن غرضه أصل طبيعة الخمر بلحاظ صرف وجودها الناقض للعدم ، فلا ~~محالة يتوقف على ترك جميع ما يحتمل كونه فردا لهذه الطبيعة ، لأنه مقتضى ~~مأخوذيته ومشغوليته بنفس الطبيعة ، فلا بد من القطع بعدم حصولها في الخارج ~~، كما لا بد في الأمر من القطع بحصولها فيه ، غاية الأمر في طرف الوجود ~~يكفي وجود واحد من الأفراد ، وفي طرف العدم لا بد من عدم تمام الأفراد ، ~~فكما لا يجوز في طرف الوجود الاكتفاء بوجود الفرد المشكوك فلا يجوز ~~الاكتفاء في طرف العدم بعدم ما عداه ، بل لا بد من تحصيل الجزم في كلا ~~المقامين بالاقتصار على الفرد المعلوم دون المشكوك في الأول وترك المعلوم ~~والمشكوك معا في الثاني. # والقول في الثاني بأنه مع ترك المعلوم يشك في أنه مكلف بترك المشكوك أيضا ~~وأن تكليفه هل تعلق بالعشر أو بأحد عشر ، فلا يجب عليه سوى القدر المتيقن ~~وقد أتى به ، والحادي عشر مشكوك بدوي والأصل البراءة منه ، فاسد بما عرفت ~~من أنه لا يستقيم مع ما ذكرنا من عدم ارتباط الطلب بعالم الخصوصيات و PageV02P192 # الأفراد وأجنبيتها عنه بالمرة. # فالمطلوب شيء آخر وهو الإيجاد المتعلق بأصل الطبيعة أو الترك المتعلق بها ~~، فلو أتى بالفرد المشكوك في الثاني وكان في الواقع فردا ، فللمولى أن ~~يؤاخذه بأنه قد طلبت منك ترك شرب تلك الطبيعة وقد علمت بذلك ، فلم أتيت ~~بها؟ وليس للعبد أن يقول : إني علمت منك تحريم شرب هذا وهذا وهذا وقد ~~تركتها ، وأما هذا المائع الذي شربته فلم يصل إلى حرمته ؛ لأنه يقول : ما ~~ذكرته وعددته أجنبي بالمرة عما تعلق به إرادتي ونهيي وإنما نهيتك عن شرب ~~طبيعة الخمر وهي مفهوم مبين ، وعلمت بصدور هذه الإرادة مني ، فلم يكن عقابي ~~عقابا بلا حجة ؛ إذ طبيعة الخمر وإن كانت يتحد مع الخصوصيات لكن وقع تحت ~~إرادتى عند التحليل والتفصيل ، وفي هذا اللحاظ ميز واضح بينها وبين ~~الخصوصيات ، فكما يتصف في هذا اللحاظ بالمحمولية من دون سرايتها إلى ms0811 ~~الخصوصيات فكذلك اتصفت في هذا اللحاظ أيضا بإرادتي فلا ربط لإرادتي أيضا ~~بالخصوصيات ، فليس الخصوصيات سوى محصلات لما هو المراد دون أنها نفس ~~المراد. # فالشك الموضوعي والشك بين الأقل والأكثر إنما هما في محصل المراد ، ~~والمراد معلوم لا شبهة ولا إجمال فيه ، فليس هنا مقام الأخذ بالمتيقن وطرح ~~ما زاد ، وأظن أن هذا بمكان من الوضوح وإن خفي على الأساتيد قدس الله تربة ~~ماضيهم وأطال عمر باقيهم. # هذا كله بحسب الأصل في المسألة ، وقد عرفت أنه في صورة يكون البراءة وفي ~~اخرى يكون الاحتياط. # وأما تحقيق أن الواقع أي من هاتين الصورتين أعني تعلق النهي بالوجود ~~السرياني أو بصرف الوجود ، فالحق أن صيغة «لا تفعل» ظاهرة في الوجود ~~السرياني من غير فرق في ذلك بين النهي النفسي والغيري ، ولعله في النفسي ~~مما لا ينكر ، ولهذا نرى أن محرمات الشريعة من الزنا والغناء والربا وغيرها ~~كلها من هذا القبيل ولا يوجد فيها ما كان النهي فيه صرف الوجود بحيث لو ~~اضطر إلى PageV02P193 # ارتكابه لم يتفاوت دفع الضرورة بالزائد والناقص ، ولا فرق ظاهرا بينه ~~وبين النهي المسوق لبيان المانعية. # فإذا قيل : لا تفعل كذا في صلاتك يفهم منه أن كل وجود منه مضر بالصلاة ، ~~لا بمعنى أنه لو كرره المصلي فقد أتى بمبطلات بقدر ما كرر ، بل المبطل هو ~~الوجود الأول ، والبقية ليست متصفة بالمبطلية الفعلية ، لأن الصلاة الواحدة ~~لا تتصف بأزيد من بطلان واحد ، بل بمعنى أن ملاك المانعية والمبطلية موجود ~~في جميع وجوداته حتى تظهر ثمرته في ما ذكر من الاضطرار ؛ إذ يلزم الاقتصار ~~حينئذ على قدر ما يندفع به الضرورة. # فتحصل مما ذكرنا أن الحكم في المسألة الماهوتية بعد كون النهي عن لبس جزء ~~غير المأكول في الصلاة ظاهرا في الوجود الساري وكون الأصل في الشك الموضوعي ~~من هذه الكبرى هو البراءة هو جواز الصلاة في الماهوت وأمثاله ، هذا. # وربما يمنع ذلك في خصوص هذه المسألة مع تسليم أصل المطلب ، فيمنع كون جزء ~~غير المأكول من جملة الموانع للصلاة ms0812 ويقال : بل كون اللباس عن جزء المأكول ~~من جملة الشرائط ، وذلك لأن الأصل في هذا الباب موثقة ابن بكير وفي ذيلها ~~بعد بيان فساد الصلاة في أجزاء غير المأكول قال : «لا يقبل تلك الصلاة حتى ~~يصلي في غيره مما أحل الله أكله» وهذا مفيد للشرطية بظاهره. # نعم ليس ذلك من الشرائط المطلقة بحيث تبطل الصلاة بفقدانه مطلقا ، بل في ~~خصوص حال إرادة لبس الحيواني فشرطية المأكولية معلقة على ذلك ، فيكون ~~الحاصل أن المصلي لو أراد لبس الحيواني فيعتبر كون لباسه من جزء مأكول ~~اللحم ، وإذن فبعد ما احرز من حال المصلي أنه لابس الحيواني في الصلاة فلا ~~بد له من إحراز هذا الشرط الذي كون اللباس من المأكول كما في سائر الشرائط ~~التي لا بد من إحرازها ، وتبطل الصلاة بالشك فيها ، فيصير المحصل بطلان ~~الصلاة في الماهوت وسائر المشكوكات. # ولكن لإنصاف أن المستفاد من الرواية المذكورة خلاف ما توهم وذلك لأنه PageV02P194 # قد ذكر في صدرها أن الصلاة في وبر وشعر وجلد وبول وروث وكل شيء مما لا ~~يؤكل لحمه فاسد ، ثم ذكر بعد هذه الفقرة على وجه التفريع عليه والمتمم له ~~لا على وجه الاستيناف والإتيان بجملة مستقلة أنه : «لا تقبل الصلاة حتى ~~يصلى في غيره مما أحل الله أكله» ولا يتوهم العرف في أمثال ذلك إلا تتميما ~~للحكم السابق لا تأسيسا لمطلب جديد ، وإذن فالحكم تابع لما يستفاد من الصدر ~~وهو المانعية. # والحاصل أنا نسلم أن العبارة المذكورة في الذيل لو خلي وطبعها ظاهرة في ~~شرطية المأكولية ، ولكن نقول : إن ظهور الصدر فى مانعية عدم المأكولية ~~ووضوح كون الذيل تتمة للصدر وتفريعا له يمنع عن أخذ هذا الظاهر بجعل ظهور ~~الصدر مقدما عليه. # وإن أبيت إلا عن كون الذيل حكما برأسه من دون ربط له بالصدر فنقول حينئذ ~~: لا بد من الأخذ به وبظاهر الصدر أيضا ، فيتحصل من الرواية بمقتضى الصدر ~~والذيل شيئان : مانعية غير المأكول ، وشرطية المأكول ، فمن كان عليه الأول ~~فقط كان واجدا للمانع وفاقدا للشرط ، ومن ms0813 كان عليه الثاني فقط كان واجدا ~~للشرط فاقدا للمانع ، ومن كان عليه كلا الأمرين كان واجدا للشرط والمانع معا. # وحينئذ فنقول في مورد الشك في مأكولية اللباس الخاص وعدمها : إنه أما من ~~حيث مانعية غير المأكول فقد ذكرنا أن الأصل يقتضي البراءة وجواز الصلاة ، ~~وأما من حيث شرطية المأكول فيكفي في إحراز هذا الشرط أخذ المصلي معه شيئا ~~من أجزاء المأكول في حال الصلاة مع ذلك اللباس المشكوك ، فلا يلزم من ذلك ~~عدم جواز الصلاة في المشكوك، بل عدم الاكتفاء به في حصول الشرط ولزوم إضافة ~~ما علم كونه من المأكول إليه ؛ إذ بعد ذلك تصير الصلاة فاقدة للمانع بالأصل ~~، وواجدة للشرط بالوجدان ، أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلأنه لم يكن ~~الشرط إلا أن المصلي لو أراد أن يلبس ما كان حيوانيا فيلزم عليه أن يلبس ما ~~كان من المأكول. PageV02P195 # إلا أن يأبى المتوهم عن ذلك أيضا ويدعي خلاف إنصاف آخر ويقول بأن الظاهر ~~من الرواية أن ذلك شرط في كل ما يلبسه المصلي حال الصلاة ، فمحصل الشرط ~~يرجع إلى أنه لا يستصحب معه من جنس الساتر الحيواني شيئا إلا ويعتبر كونه ~~من المأكول ، وعلى هذا فلا بد من نزع المشكوك حال الصلاة ، لعدم إحراز ~~الشرط في خصوصه وإن كان محرزا في خصوص شخص آخر ؛ إذ الشرط على هذا ينحل إلى ~~شروط عديدة بقدر ما مع المصلي من خصوصيات الجنس المذكور ، وأنت خبير بأن ~~هذا خلاف إنصاف في خلاف إنصاف. # والحق ما ذكرناه أولا ، ومعه لا يبقى إشكال في جواز الصلاة. # ثم إن ما يعتبر قيدا في الصلاة سواء كان من باب الشرط واعتبار الوجود أم ~~المانع واعتبار العدم يمكن اعتباره بحسب التصوير على نحوين : # الأول : أن يعتبر قيدا للمصلي نظير الطهارة ، حيث إن الصلاة المطلوبة ~~صلاة من كان على وضوء ، ويمكن ذلك أيضا في عدم الكون من غير المأكول فيعتبر ~~في الصلاة المأمور بها أن يصدر ممن لا يكون في لباسه شيء من أجزاء غير ~~المأكول. # الثاني : أن يعتبر ms0814 قيدا لنفس الصلاة ، فتكون الصلاة المطلوبة هي الصلاة ~~المأتي بها في حال الطهارة ، أو المقيدة بعدم وقوعها في أجزاء غير المأكول ~~، هذا بحسب التصوير ، فنتكلم في المقام تارة بحسب الاستظهار من الدليل ، ~~وأخرى في الأصل العملي المنقح للموضوع على كل من التقديرين. # ونقدم الكلام في الثاني فنقول : لا إشكال في ما اعتبر من القيود على ~~النحو الأول أي حالة في الفاعل في أنه لو كان الفاعل متلبسا بهذه الحالة في ~~زمان ثم شك بعده في وجدانه لهذه الحالة وبقائها فيه يكون مقتضى الاستصحاب ~~هو البقاء. # ألا ترى أن من كان على طهارة فشك في الحدث كان مستصحب الطهارة وتكون ~~صلاته صحيحة ، فكذلك لو اعتبر كون الفاعل غير مستصحب لشيء من غير المأكول ~~وكان هو كذلك في الزمان السابق وهو قبل ليس اللباس المشكوك فصار في اللاحق ~~أي بعد لبسه مشكوكا كونه بذلك الوصف ، فمقتضى الاستصحاب PageV02P196 # بقاء الوصف فيه ويترتب على ذلك جواز الصلاة مع هذا اللباس ، لأنه مثل ~~الشك في بقاء الطهارة بعد العلم بها. # وإنما الإشكال في ما اعتبر من القيود على النحو الثاني أي حالة في الفعل ~~المأمور به ، فيشكل حينئذ أن يقال : كانت الصلاة قبل هذا مأتيا بها في حال ~~الطهارة أو متصفة بعدم الوقوع في شيء من غير المأكول ، فالأصل بقائها على ~~الوصفين. # لكن ربما يقال بجواز الاستصحاب في هذا أيضا وينظر هذا باستصحاب عدم مضرية ~~الصوم في اليوم السابق مع الشك فيها في اليوم الحاضر فإنه لا إشكال في ~~جريانه وجواز الإتيان بصوم اليوم الحاضر ، ولا يلزم في جريان هذا الأصل ~~وقوع الصوم في الأمس ، بل لا يجدي ، فإنه يقال : إن طبيعة الصوم كانت في ~~اليوم السابق غير مضرة ، فالأصل بقاء هذا المعنى فى هذا اليوم ويرتب عليه ~~جواز الصوم في هذا اليوم ؛ إذ ليس الشرط إلا عدم مضرية الصوم ، وهو محرز ~~بالأصل ، ومثل ذلك نقول بعينه في المقام : إن طبيعة الصلاة فى الزمان ~~السابق كان فى حال الطهارة أو فى غير أجزاء غير المأكول ms0815 ونشك الآن فى بقاء ~~هذا المعنى والأصل يقتضي بقائه. # أقول : هذا من الاستصحاب التعليقي وهو يصير فعليا عند فعلية المعلق عليه ~~، ويمكن الخدشة فيه ، وتوضيح الخدشة ، أن يقال : إن هنا فرقا بين الحكم ~~الشرعي والموضوع الخارجي ، ففي الحكم الشرعي يصير المعلق فعليا عند فعلية ~~المعلق عليه ، لأن الحكم أمر موجود واقعي ، سواء كان واقعيا أم ظاهريا ، ~~فالحكم الظاهري فرد حقيقي للحكم الشرعي ، فكما أن الحرمة المعلقة على ~~الغليان المترتبة على العصير الواقعي تصير فعلية عند فعلية الغليان، فكذلك ~~الحرمة المعلقة على الغليان الجائية من قبل الاستصحاب المترتبة على العصير ~~المشكوك أيضا تصير فعلية بفعلية الغليان ، فهذه الفعلية من الآثار العقلية ~~المترتبة على نفس الحكم الاستصحابي مثل وجوب الامتثال ، وهي مترتبة على ~~الاستصحاب بلا إشكال ، وليس هذا من الأصل المثبت الممنوع. # وأما الموضوع الخارجي لو كان معلقا على موضوع خارجي آخر فلا يوجب PageV02P197 # التعبد بالمعلق فعليته عند فعلية المعلق عليه ، مثلا الماء الذي يكون على ~~نصف الكر لو صب عليه نصف كر آخر يصير كرا ، فلو شك فى الزمان اللاحق فى ~~بقائه على نصف الكر ونقصانه عنه لا يمكن استصحاب ذلك المعنى التعليقي فيه ~~وصب نصف كر عليه ثم الحكم بكونه كرا فعلا ؛ لأن التعبد بكريته التقديرية لا ~~يكون تعبدا بكريته الفعلية عند فعلية التقدير، بل يحتاج إلى تعبد آخر من ~~الشرع بكريته الفعلية في فرض فعلية التقدير. # وكذلك عدم وقوع الصلاة فى جزء غير المأكول على تقدير وجود الصلاة لا يوجب ~~استصحابه بهذا النحو فعليته عند فعلية وجود الصلاة ، بل يحتاج إلى تعبد آخر ~~من الشرع بوجوده الفعلي فى هذا الفرض. # والفرق بين الحكم والموضوع أن الحكم الظاهري المجعول فى مورد الشك كما ~~عرفت فرد واقعي للحكم ، والشيء لا يعقل أن لا يصير فعليا مع فعلية ما هو ~~معلق عليه ، وأما الموضوع المتعبد به فى مورد الشك فلا تحقق له واقعا ، ~~وليس التعبد به تكوينا له ، فالتعبد به راجع إلى التعبد بآثاره ، فيجوز أن ~~يتعبدنا الشارع بموضوع تعليقي ومع ذلك ms0816 لا يلزم من فعلية المعلق عليه فعلية ~~الموضوع المتعبد به لأنه يحتاج إلى التعبد بالفعلية ، فالحكم بترتب الموضوع ~~المتعبد به الفعلي بواسطة التعبد بالموضوع التعليقي يكون من الأصل المثبت. # وأما تنظير الاستصحاب فى المقام باستصحاب عدم مضرية الصوم فمع الفارق ؛ ~~لأن وجوب الصوم قد رتب شرعا على نفس عدم مضرية الصوم على تقدير الوجود ، لا ~~على الصوم الغير المضر الفعلي ، وأما الوجوب فى المقام فقد رتب على الصلاة ~~فى جزء غير المأكول بما هي مقيدة بهذا القيد العدمي ، لا على الصلاة التي ~~لو وجدت كانت في جزء غير المأكول. # ولو شئت توضيح ذلك فى ضمن المثال فنقول : قد يجعل المتكلم وجوب صلاة ~~ركعتين معلقا على قيام زيد لدى طلوع الشمس بوجوده التعليقي ، وقد يجعله ~~معلقا على قيامه المقرون بالطلوع ، ففي الأول لو علم المخاطب قبل الطلوع بتحقق PageV02P198 # القيام لديه يصير الحكم فعليا بمجرد ذلك ، وفى الثاني لا يصير فعليا إلا ~~بعد تحقق الطلوع والقيام ، فوجوب الصوم من القبيل الأول ، ووجوب الصلاة من ~~الثاني ، ولهذا يكفي الاستصحاب التعليقي لإثبات وجوب الصوم ، ولا يكفي هنا ~~فى الحكم بأن هذه الصلاة هي ما أمر بها الشارع إلا إحراز أنها مقيدة بالقيد ~~العدمي ، والاستصحاب التعليقي لا يثبت ذلك وليس له أيضا حالة سابقة ؛ لأن ~~هذه الصلاة من أول وجودها مشكوكة الحال. # والحاصل أن الاستصحاب التعليقي مفيد للأثر المترتب على نفس التعليق وغير ~~مفيد للأثر المترتب على فعلية المعلق ، فافهم ما ذكرنا فإنه لا يخلو عن دقة. # ويمكن توجيه الاستصحاب التعليقي هنا بناء على أحد المباني فى القضايا ~~التعليقية وتوضيحه ببيان الحال فى تلك القضايا ، فنقول : أما القضية ~~التعليقية التي يكون المعلق فيها الحكم مثل «إن جاءك زيد فأكرمه» فقد اختلف ~~الآراء فى تعيين ما ينشئه المتكلم فيها ، ومن جملتها ما ذهب إليه المحقق ~~الطوسي قدسسره وهو أنه ينشئه الوجوب المعلق ، فكما أن الوجوب المطلق له ~~وجود اعتباري فالوجود المعلق أيضا له وجود اعتباري قابل للإنشاء جدا ، ~~ولازمه الفعلية لدى فعلية المعلق عليه. # والمختار أنه ms0817 ينشأ فى تلك القضايا نفس الوجوب بدون التعليق ، لكن مبتنيا ~~على فرض وجود المعلق عليه ، فكما أنه لو كان المجيء المعلق عليه محققا في ~~الخارج ينشأ وجوب الإكرام بدون التعليق ، كذلك إذا فرضه موجودا ونظرا إلى ~~وجوده الخارجي بالنظر الفراغي ينشأ أيضا وجوب الإكرام بدون التعليق ، وإذن ~~فالإنشاء في القضايا التعليقية يكون كالإنشاء في الخالية عن التعليق بلا ~~فرق ، غاية الأمر أن الوجوب المنشأ في القضية التعليقية لما يكون مبتنيا ~~على فرض وجود المعلق بالفرض الحاكي عن الخارج توقف تأثيره في نفس المخاطب ~~على وجود هذا الفرض في الخارج. # وأما القضية التعليقية التي يكون المعلق فيها الموضوع فهي إما إخبارية وإما PageV02P199 # إنشائية ، أما الإخبارية مثل «إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود» ~~فإخبار المتكلم وجزمه وتصديقه الذي أظهر هل تعلق بما ذا؟ لا إشكال في عدم ~~تعلقه بطلوع الشمس ، لأنه ربما يكون مقطوع العدم ، ولا بوجود النهار ؛ لأنه ~~أيضا قد يكون مقطوع العدم ، وأما الملازمة بين الطلوع ووجود النهار فليست ~~أيضا متعلق جزمه ، للفرق الواضح وجدانا بين تلك القضية وبين قولنا الملازمة ~~بين الطلوع ووجود النهار موجودة ، لاختلافهما بحسب المفاد اللفظي المطابقي ~~، لأن الموضوع فى الأول هو النهار ، وفي الثاني هو الملازمة ، والمحمول في ~~الأول هو وجود النهار وفي الثاني وجود الملازمة ، فتعين أن يكون متعلق ~~الجزم هو وجود النهار لا مطلقا ، بل مقيدا بوقوعه عقيب الطلوع ، فهي مساوقة ~~مع قولنا : وجود النهار المقيد بالوقوع عقيب الطلوع متحقق ، وحينئذ نقول : ~~حال الجزم فى القضايا الإخبارية حال الوجوب في القضايا الطلبية. # وتوضيح ذلك أن من المسلم عقلا أن الوجوب إذا تعلق بموضوع ذي قيود بحيث ~~كان الطلب محيطا بهذا الموضوع بتمام قيوده ، وهذا الموضوع بجميع قيوده ~~واقعا في حيز ذلك الطلب ، فاللازم ترشح هذا الوجوب إلى كل قيد من قيود هذا ~~الموضوع ، وإلا لم يكن متعلقا بالحاوي لهذا القيد ، بل بالخالي عنه ، فلو ~~اريد عدم ترشح الوجوب إلى قيد فلا بد من إخراج هذا القيد عن حيز الطلب ~~وجعله قيدا لنفس الوجوب ms0818 لا للواجب. # مثلا إذا تعلق الوجوب بإكرام زيد الجائي فكما يجب تحصيل الإكرام يجب ~~تحصيل المجيء أيضا فلو اريد عدم ترشحه إلى المجيء لا بد من إخراجه عن حيز ~~الأمر وجعله قيدا للأمر لا للمأمور به. # ومن هنا ذكرنا فى مبحث الواجب المشروط ردا على صاحب الفصول : أن القيد ~~إذا رجع إلى المادة التي وقعت تحت الهيئة وجب عقلا سراية الطلب إليه ، ولا ~~يمكن عدم سرايته عقلا إلا بإخراجه عن حيز الهيئة وجعله قيدا للهيئة لا ~~للمادة. # فنقول : الجزم إذا تعلق بموضوع ذي قيود بحيث كان بتمام قيوده واقعا في حيز PageV02P200 # الجزم وجب عقلا ترشح الجزم إلى كل من هذه القيود ، ولا يمكن خلاف ذلك إلا ~~بإخراج القيد عن حيز الجزم ، فإذا كان المجزوم به ومتعلق التصديق هو وجود ~~النهار المقيد بكونه مترتبا على الطلوع لزم عقلا تعلق الجزم بكل من القيود ~~الثلاثة لهذا الموضع المجزوم به أعني الطلوع ووجود النهار والترتب ، وحل ~~هذه العويصة أيضا بمثل ما قلناه في القضايا التعليقية التي يكون المعلق ~~فيها هو الحكم ، وهو أن يقال : إن الجزم متعلق بوجود النهار ، لكن بعد فرض ~~طلوع الشمس فالمتكلم يفرض طلوع الشمس محققا في الخارج ، وينظر إليه بالنظر ~~الفراغي ، ففي هذا الفرض يصير جازما بنفس وجود النهار ، فكما لو كان نفس ~~الطلوع محققا في الخارج كان جازما بوجود النهار كذلك إذا أخذ فرضه في الذهن ~~ونظر إليه بالنظر الفراغي كان أيضا جازما بوجود النهار. # ومن هنا يظهر الكلام في القضية التعليقية التي يكون المعلق فيها هو ~~الموضوع التعبدي أي المتعبد به مثل ما إذا قال في مورد الشك فى شيء إذا ~~جاءك زيد فالطواف بالبيت صلاة، حيث إن المعلق عليه خارج عن حيز التعبد ~~والمنزلة ، وإنما هما ثابتان لنفس الطواف في فرض حصول المعلق عليه ، فليس ~~المتعبد به وموضوع المنزلة إلا نفس الطواف في هذا الفرض ، ولازمه أنه إذا ~~لم يتحقق المعلق عليه لم يظهر أثر لهذا التعبد ، فإذا تحقق صار منشئا ~~للآثار. # وعلى هذا فيرفع غائلة ms0819 الإشكال في الاستصحاب التعليقي في ما نحن فيه ، ~~فإنه يقال: إن الشارع يفرض وجود الصلاة حاصلا ومفروغا عنه ، فيتعبد في هذا ~~الفرض بعدم الوقوع في جزء غير المأكول ، فما لم يتحقق وجود الصلاة في ~~الخارج لم يكن لهذا التعبد أثر ، فإذا تحقق صار منشئا للآثار. # وحينئذ نقول في دفع الإشكال المتقدم على الاستصحاب التعليقي : إنك إذا ~~تيقنت في الزمان السابق بأن الصلاة إذا وجدت كانت موصوفة بوصف كذا ثم شككت ~~في اللاحق في أنها إذا وجدت تكون موصوفة بهذا الوصف أو لا ، فالشارع أوجد ~~لك في هذا المورد قضية مطابقة مع القضية المتيقنة ، فكما كنت في السابق متيقنا PageV02P201 # بأن الصلاة إذا وجدت كانت موصوفة بوصف كذا ، فالشارع يتعبدك في حال الشك ~~أيضا بأن الصلاة إذا وجدت تكون موصوفة بهذا الوصف ، فالتعبد في القضية ~~الثانية يقوم مقام تصديقك في القضية الاولى ، فكما أن الشرط في الاولى راجع ~~إلى التصديق ففي الثانية راجع إلى التعبد ، وكما أن التصديق في الاولى ~~متعلق بالمحمول المفروض كونه متقيدا بالشرط فعلا ، كذلك التعبد أيضا متعلق ~~بالموضوع المتعبد به المفروض كونه متقيدا بالشرط فعلا ، وكما أن الحكم ~~الظاهري الشرعي في القضية التعليقية التي يكون المعلق فيها هو الحكم يصير ~~محققا عند فعلية المعلق عليه ، كذلك هذا التعبد أيضا يصير محققا عند فعلية ~~المعلق عليه ، وكما أن هذه الفعلية كانت هناك أثرا عقلا لنفس الحكم يكون ~~هنا أيضا أثرا عقليا لنفس التعبد ، فيرتفع الإشكال بحذافيره. # وعلى هذا فيكون الاستصحاب التعليقي في مسألة الكرية أيضا جاريا ، ولكنه ~~مشكل ؛ لأنهم ملتزمون فيها باستصحاب القلة ، وكذلك يلزم على هذا الحكم بقلة ~~الماء في ما إذا علم كون الماء بحيث لو نقص عنه منان مثلا لصار قليلا ، فشك ~~في اللاحق في بقائه كذلك لاحتمال الزيادة ، فنقص عنه المنان ، مع أنهم ~~ملتزمون في مثله باستصحاب الكرية ، إلى غير ذلك من الموارد التي لا يمكن ~~الالتزام بها. # والحق أن يقال : إن اليقين منصرف عن التقديري ، ألا ترى أن الشاك بين ~~النقيضين أو الضدين الذين ms0820 لا ثالث لهما لا يصدق عليه المتيقن؟ مع أنه على ~~فرض انتفاء كل من الطرفين قاطع بالطرف الآخر ، وعلى هذا فاليقين السابق ~~المعتبر في الاستصحاب لقوله عليه السلام : «لا تنقض اليقين بالشك» لا بد أن ~~يكون فعليا ، فيكون المقام خارجا عن مورد الاستصحاب ، لكون اليقين فيه ~~تقديريا. # فإن قلت : ما الفرق بين الاستصحاب التعليقي فى الأحكام وبينه في ~~الموضوعات؟ # قلت : اليقين في الاستصحاب التعليقي في الأحكام فعلي ، فإن التقدير إنما ~~هو لجعل الشارع وإنشائه ، لا ليقين المكلف بصدور هذا الجعل والإنشاء من ~~الشارع ، PageV02P202 # ففرق بين قضية : «العصير إذا غلى يحرم» وبين قضية : «إذا كانت الشمس ~~طالعة فالنهار موجود» ، ففي الاولى تكون هذه القضية واردة من الشارع ، ونحن ~~أيضا نقطع بورودها من الشرع من دون حاجة في حصول هذا القطع إلى تقدير شيء ~~وأما القضية الثانية فلا يحصل اليقين فيها إلا بعد فرض طلوع الشمس ، ووجه ~~الفرق خلوها عن جعل الشرع. # والحاصل أن القضية الاولى يكون فرضها من الشارع ، والإنشاء في حيز هذا ~~الفرض أيضا منه ، والمكلف قاطع بصدور هذا العمل من الشارع ، وأما القضية ~~الثانية فأصلها من المكلف وفرضها منه ، واليقين في حيز هذا الفرض أيضا منه ~~، فتدبر. # هذا تمام الكلام في الشبهة الماهوتية بحسب الأصل العقلي والاستصحاب ، ~~وأما بحسب النقلي غير الاستصحاب فيمكن التمسك لصحة الصلاة في اللباس ~~المشكوك بأدلة حل الأشياء مثل قوله عليه السلام : «كل شيء حلال حتى تعلم أنه ~~حرام» وقوله عليه السلام : «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعلم أنه ~~حرام بعينه» وإن قلنا بأن هذه الأدلة غير شاملة للشبهات الحكمية ومختصة ~~بالموضوعية ؛ فإن هذه الشبهة أيضا موضوعية. # غاية ما يقال : إن هذه الأدلة مختصة بما إذا كان الشبهة في الحلية ~~والحرمة النفسيتين ، مثل اللحم المردد بين المذكى والميتة ، حيث يشك في أن ~~أكله حرام نفسا أو حلال كذلك ، فهي أجنبية عن مثل المقام الذي تكون الشبهة ~~في حلية الصلاة في المشكوك وحرمتها بمعنى الصحة والبطلان. # وهذا غير وارد ، لأن استعمال الجواز ms0821 وعدمه والحلية وعدمه في الصحة ~~والبطلان شائع في الأخبار ، كما يظهر من مراجعة الوسائل في بابي الصلاء في ~~ما لا يتم فيه الصلاة وفي جزء غير المأكول ، والفرق بين الحرمة وعدم الجواز ~~كما ترى ، فكما تكون هذه الأدلة شاملة للشبهة الموضوعية من حيث الحرمة ~~والحلية التكليفيتين تكون شاملة للشبهة الموضوعية من حيث الصحة والبطلان. PageV02P203 # فإن قلت : يلزم استعمال اللفظ الواحد في معنيين. # قلت : بل هو مستعمل في الأعم وهو كون الشيء خاليا عن التوقف وكونه مع ~~التوقف ، وهما المعبر عنهما في الفارسية (گيرندارى وگذرائى) و (گيردارى ~~وناگذرائى) فكل من الحلية التكليفية والصحة الوضعية بمعنى عدم التوقف في ~~الفعل ، وكل من الحرمة التكليفية والفساد الوضعى بمعنى التوقف فيه ، وحينئذ ~~فنقول في المقام : إن هذا المشكوك لا يعلم أن الصلاة فيه مع التوقف لكونه ~~من وبر الأرنب مثلا ، أو بلا توقف لكونه من وبر الغنم ، فتكون الصلاة في ~~هذا المشكوك خاليا عن التوقف. # ويمكن التمسك للصحة بحديث الرفع ، بل التمسك به في المقام الذي يكون من ~~الشبهة الموضوعية يكون أسهل منه في الشبهات الحكمية ، بيان ذلك أن المانعية ~~الواقعية مثلا لا يمكن أن يكون مرفوعة عند الشك فيها بأن تكون المانعية ~~الواقعية مقيدة بحال العلم ، فإنه نظير أن يكون الخمرية مقيدة بحال العلم ~~بالخمرية ، فالشك فى الشيء حكما كان أم موضوعا لا يمكن أن يصير سببا لرفعه ~~، لأنه يلزم تقييد الشيء بحال العلم به وكون العلم بوجوده سببا لحدوثه ، ~~وهو محال ، وأما الموضوع المشكوك فيمكن رفع الحكم عنه ، مثلا المائع ~~المشكوك أنه خمر يصح أن يقال : إنه حلال ، والوبر المشكوك كونه من الأرنب ~~يصح أن يقال : ليس بمانع للصلاة. # والحاصل أن الشك في شيء أنه من أفراد الموضوع لحكم أو لا؟ يصح أن يصير ~~سببا لرفع حكم هذا الموضوع ، وعلى هذا فيكون حديث الرفع حاكما على الأدلة ~~الواقعية ، فإن قوله عليه السلام : «الصلاة في وبر الأرنب باطل» مثلا مفاده ~~أن وبر الأرنب الواقعي مانع للصلاة ومفاد حديث الرفع كما عرفت أن الوبر ms0822 ~~المشكوك كونه من الأرنب ليس له هذا الحكم ، فكأنه شارح للدليل المذكور ، ~~وأن المراد من وبر الأرنب فيه هو الأفراد المعلومة ، وأما المشكوكة فليس ~~لها المانعية (1) واقعا و PageV02P204 # كذلك الكلام فى سائر أدلة الأحكام مثل لا تشرب الخمر ونحوه ، وعلى هذا ~~يترتب في المقام ثمرة اخرى لا يلتزمون به وهو إجزاء الصلاة المذكورة واقعا ~~، حتى لو انكشف وقوعها في وبر الأرنب لا يجب الإعادة ، لوقوعها في ما ليس ~~بمانع واقعا. هذا تمام الكلام في الشبهة الموضوعية من الجزء والشرط ~~والمانع. ### | الأمر الثالث # لو شك في الجزئية من حيث عمومها لحال العمد وغيره ، واختصاصها بحال العمد ~~حتى تظهر الثمرة في وجوب الإعادة مع الترك سهوا وعدم الوجوب مع عدم إطلاق ~~في دليل الجزئية ، فبيان الحال في هذه الشبهة يحصل بالتكلم في أن حكم ترك ~~أحد أجزاء المركب المأمور به سهوا مع قطع النظر عن التنصيص الشرعي هل هو ~~لزوم إعادة هذا المركب أو البراءة من الإعادة ، والتكلم في ذلك تارة بحسب ~~القاعدة العقلية ، واخرى بحسب القاعدة الشرعية. # أما الكلام بحسب القاعدة العقلية فهو أنه قد ذهب شيخنا المرتضى في ~~الرسائل إلى أن مقتضاها الاحتياط ولزوم الإعادة ، وحاصل تقريبه أنا لا ~~نحتمل اختصاص الجزئية بحال الذكر ، فنقطع بأن المكلف بالسورة مثلا لو غفل ~~عنها في الأثناء لا يتفاوت تكليفه في حال الغفلة ، ووجه ذلك أنه لو كان ~~الخطاب بالمركب المشتمل على الجزء المنسي مخصوصا بالعامد لزم أن يكون ~~الناسي والساهي مخصوصين بالخطاب بالخالي عنه ، وتخصيصهما بالخطاب غير ممكن ~~؛ لأن تخصيص عنوان بالخطاب ينحصر فائدته في أنه إذا دخل المكلف تحت هذا ~~العنوان والتفت إلى ذلك صار هذا الخطاب داعيا له إلى العمل ، مثلا تخصيص ~~المسافر بالأمر فائدته أن يصير داعيا للمكلف إذا صار مسافرا والتفت إلى ذلك ~~وإلى حكمه. # وأما الناسي والساهي ففي حال السهو والنسيان لا يمكن التفاتهما إلى السهو ~~والنسيان ؛ لأنهما إذا التفتا لم يكونا ساهيا وناسيا ، فما دام السهو ~~والنسيان PageV02P205 # لا يكونان ملتفتين ، وإذا التفتا خرجا عن كونهما ساهيا ms0823 وناسيا ، فلا ~~محالة يكون تخصيص الخطاب بهما لغوا ؛ لأنه لا يصلح للداعوية بحال ، وإذن ~~فلا يتفاوت الخطاب بالمركب التام بحسب الاقتضاء في حال الذكر والنسيان ، ~~فالمكلف إذا أتى بتمام الأجزاء فهو وإن ترك بعضها نسيانا يجب عليه التدارك ~~في الوقت والقضاء في خارجه في ما يشرع فيه القضاء كالصلاة ، لأن المفروض أن ~~عمله ناقص. # ويمكن الخدشة في هذا التقريب بوجهين مأخوذ أصلهما من مجلس بحث سيدنا ~~الميرزا الشيرازي قدس الله تربته الزكية. # الأول : أنه كما قلتم : إن عدم اشتراك التكليف الاقتضائي بالتام بين ~~العامد والناسي واختصاصه بالأول يلزم منه تخصيص الثاني بالخطاب الفعلي ~~بالناقص ، فنحن نقول : لا يلزم منه ذلك ، بل أمر الناسي مردد بين هذا وبين ~~أن لا يكون له خطاب فعلي أصلا لا بالناقص ولا بالكامل ، ولا إشكال في أنه ~~لا يمكن خطابه الفعلي بالكامل ؛ لأن المفروض عزوب ذهنه عن أحد أجزائه ، ~~فتكليفه تكليف الغافل وهو قبيح ، وحينئذ فإن لم يكن الأمر الثاني وهو عدم ~~الخطاب الفعلي رأسا لزم تخصيص الناسي بالخطاب ، وقد عرفت المحذور فيه، وعلى ~~هذا فالتكليف الفعلي بأي وجه كان لا بد من رفع اليد عنه في حق الناسي ~~والجزم بعدم ثبوته له مطلقا. # وحينئذ نقول : عدم الإرادة في حق الناسي رأسا وكونه كالبهائم مقطوع العدم ~~جزما ، بل الإرادة الذاتية الالهية والتكليف الاقتضائي في حقه ثابت محفوظ ، ~~وهذه الإرادة الذاتية أمرها مردد بين التعلق بالناقص وبين التعلق بالكامل ، ~~ونسبتها إلى كل منهما على السوية ، ولا يأبى عنه العقل في شيء منهما ، ~~فيكون الأمر في حق الناسي من حيث هذه الإرادة الذاتية مرددا بين الأقل ~~والأكثر ، فيكون المكلف بعد التذكر والفراغ عن العمل شاكا في تعلق الارادة ~~الذاتية بالأقل أو بالأكثر ، غاية الأمر أنه على فرض تعلقها بالأقل يكون ما ~~أتى به امتثالا له ، فأصالة البراءة عن التعلق بالأكثر جارية فلا يجب عليه ~~الاحتياط والإعادة. # فإن قلت : الإجماع القائم على اشتراك المكلفين في التكليف وعدم تغير PageV02P206 # الحكم باختلاف عناوين السهو والعمد والذكر والنسيان يوجب تعلق الارادة ms0824 في ~~حق الناسي بالأكثر ، فيتعين عليه الاحتياط. # قلت : هذا إنما هو في الغفلة عن نفس الحكم ، بمعنى أنه لو كان في الواقع ~~حكم وغفل عنه المكلف فلا يوجب هذه الغفلة تغيير ذاك الحكم ، للزوم التصويب ~~الباطل ، بعض أقسامه بالعقل وبعضها بالإجماع ، وأما كون الغفلة في الموضوع ~~موجبة لتغيير حكم هذا الموضوع كما هو المراد في المقام فليس على خلافه ~~إجماع ، فيمكن أن تكون الجزئية للسورة الملتفت إليها دون المغفول عنها ، ~~وهذا نظير ما استقربناه من حديث الرفع من اختصاص الحرمة بالخمر المعلوم ~~الخمرية دون مشكوكها. # الثاني : أن تخصيص الناسي بالخطاب ممكن ، فيمكن أن ينوع الشارع ويصنف ~~المكلفين في الحكم إلى العامد والساهي ، قولكم : يلزم اللغوية ، قلنا : لا ~~يلزم ، لأن الالتفات إلى السهو والنسيان إنما لا يحصل في حال حصولهما ، ~~وأما العمل التدريجي الحصول كالصلاة فيحتمل المكلف عند الشروع فيه أن يكون ~~عند الجزء الفلاني المتأخر كالسورة غافلا عن هذا الجزء وتاركا له ، وأن ~~يكون ملتفتا إليه وآتيا به ، فيظهر داعوية الأمر المذكور في حق هذا الشخص ؛ ~~لأنه يأتي بالعمل حينئذ بقصد الأمر الواقعي بأي شيء تعلق ، وهكذا يتحرك ~~بتحريك هذا الأمر إلى آخر العمل ، فإذا فرغ عن العمل وكان ساهيا عن الجزء ~~كان المحرك له الأمر بالناقص ، وإن كان ملتفتا إليه كان محركه الأمر ~~بالكامل ، بل ويمكن داعوية هذا الأمر في حق القاطع بكونه ملتفتا إلى آخر ~~العمل مع كونه في الواقع ساهيا ، فإنه وإن كان يقصد حينئذ الأمر بالكامل ، ~~إلا أنه من باب الخطاء في التطبيق ، فيكون داعيه أيضا هو الأمر بالناقص. # وهذا الوجه كما ترى مع إمكانه في حد ذاته له إمكان الوقوع في الشرع أيضا ~~، فهو أولى من تصوير آخر ذكر لذلك ردا على شيخنا العلامة ، فإنه ممكن ، ~~وليس له إمكان الوقوع في الشرع. # وحاصله أن الالتفات في حال السهو والنسيان إنما لا يمكن إلى هذين ~~العنوانين ، وأما إلى عنوان آخر ملازم لهما فبمكان من الإمكان ، فلو فرض أن ~~عنوان بلغمي المزاج مثلا ملازم وجودا وعدما مع ms0825 عنوان الناسي ، فالناسي يمكن ~~أن يلتفت إلى PageV02P207 # هذا العنوان فى حال النسيان وإن كان لا يمكن أن يلتفت إلى كونه ناسيا ، ~~فيمكن تعليق الخطاب بهذا العنوان الملازم ، وهذا الوجه يبتني وقوعه في ~~الأوامر النوعية العامة كالأوامر الشرعية على وجود عنوان ملازم وجودا وعدما ~~مع عنوان الناسي ، ومن الواضح عدمه. # نعم يمكن وقوعه في الأوامر الشخصية فيمكن أن يشار إلى شخص معين ناس ~~بعنوان آخر موجود فيه كعنوان الطويل ونحوه ، وكيف كان فبناء على الوجه ~~الأول الذي قد عرفت إمكان وقوعه في الشرع يرجع أمر الناسي إلى الشك في تعلق ~~الخطاب الفعلي في حقه بالأقل أو بالأكثر ، وقد عرفت أن الأصل في هذا الشك ~~البراءة. # ثم إنه قد يستدل للاحتياط هنا بنظير الاستصحاب الذي ذكره مع جوابه شيخنا ~~المرتضى في أصل مسألة الشبهة بين الأقل والأكثر ، فيقال : إن اشتغال الذمة ~~بالأمر في حال الصلاة متيقن ، وبعد الفراغ نشك في بقائه ، فنستصحب ، فيجب ~~الاحتياط. ### ||| ** والجواب عنه بوجهين : # الأول : ما أشار إليه شيخنا المرتضى في نظيره ، وهو أن المتيقن السابق ~~كان بحسب الفرض هو الاشتغال بالأمر المردد بين الأقل والأكثر ، فالاستصحاب ~~إنما يثبت هذا الاشتغال في اللاحق ، وهذا الاشتغال بوجوده اليقيني لم يوجب ~~الاحتياط ، فكيف يوجبه بوجوده الاستصحابي. # الثاني : أن المتصور من الاستصحاب هنا أربعة ، استصحاب الجامع ، واستصحاب ~~الفرد المردد ، واستصحاب الفرد الواقعي ، والثاني أيضا إما راجع إلى ~~التخيير وإما غير راجع إليه ، اما الأول وإما فغير معقول ، لأن الجامع هنا ~~حكم شرعي ، واستصحابه جعله ، وجعل الجامع لا يمكن ذهنا كان أم خارجا إلا في ~~ضمن فرده ، نعم لو كان للجامع أثر أمكن جعله بلحاظ أثره ، فيكون نظير ~~استصحاب الكلي في الموضوع ، وأما الثاني فغير مقصود في المقام مع أنه مقطوع ~~العدم سابقا ، وأما الثالث فهو أيضا غير معقول ، لعدم إمكان إبهام الحكم في ~~نظر جاعله ، وأما الرابع فغير نافع كما مر في الجواب الأول. PageV02P208 # هذا حال النقص في المركب المأمور به ، ولو زاد فيه عمدا أو سهوا أو ~~نسيانا فهل يضر به ms0826 أو لا؟ فاعلم أولا أن الزيادة مع وصف كونها زيادة لا ~~يعقل أن تكون مضرة ؛ لأن معنى الزيادة أن يكون المأمور به مأتيا به بتمامه ~~مع العلاوة ، ولا يعقل عدم الإجزاء مع ذلك، فلو اريد إضرارها فلا بد من ~~إرجاعها إلى النقيصة ، وذلك إما بأن يعتبر عدمها في نفس المركب ، وإما بأن ~~يعتبر في أحد أجزائه ، فالأول مثل أن يكون المأمور به مركبا من تسعة أشياء ~~وعدم شيء آخر ، فيكون مركبا من عشرة اجزاء ، تسعة منها وجودي وواحد عدمي ، ~~والثاني مثل أن يعتبر في أحد أجزائه الوجودية كونه واحدا لا اثنين فصاعدا ، ~~والفرق بين الوجهين يظهر في ما لو زاد في المأمور به ، فعلى الأول يكون ~~النقص في الجزء العدمي دون شيء من الأجزاء الوجودية ، وعلى الثاني يكون في ~~واحد من الأجزاء الوجودية حيث إنه كان مقيدا بالوحدة ولم يحصل القيد ، وعلى ~~التقديرين يحصل النقص في المأمور به. # إذا عرفت ذلك فمحل الكلام في الزيادة أنه لو دل دليل على إبطالها للمأمور ~~به كما في باب الصلاة حيث دل الدليل على بطلانها بالزيادة فيكشف عن اعتبار ~~عدمها في المأمور به بأحد الوجهين ، وحينئذ فإن كان لهذا الدليل إطلاق ~~بالنسبة إلى حال العمد والسهو والنسيان فهو ، فنحكم بأن المأمور به في حق ~~الناسي أيضا مقيد بعدم الزيادة ، وإن لم يكن له إطلاق وكان مجملا من هذا ~~الحيث والمتيقن منه حال العمد فيرجع الشك بالنسبة إلى الناسي إلى الشك في ~~أن المأمور به بالنسبة إليه هل يعتبر فيه هذا العدم شطرا أو شرطا ، أو لا ~~يعتبر فيه ذلك؟ فيكون راجعا إما إلى الشك في المطلق والمقيد وإما إلى الشك ~~في الأقل والأكثر ، مع كون الزائد جزءا عدميا. # والكلام فيه ما مر بعينه في الشك في الأقل والأكثر ، مع كون الزائد جزءا ~~وجوديا ، فمن قال هناك بلزوم الإعادة نظرا إلى عدم معقولية تخصيص الناسي ~~بالخطاب يقول هنا أيضا بلزومها ، ومن قال هناك بالبراءة نظرا إلى كون ~~الشبهة من أفراد الشك في الأقل والأكثر ms0827 يقول هنا أيضا بالبراءة. # هذا محصل الكلام في النقص والزيادة بحسب القاعدة العقلية ، وأما بحسب ~~القاعدة النقلية فيهما فالكلام إما في النقل الخاص أو في النقل العام. PageV02P209 ### | قاعدة لا تعاد # أما الأول فنقول : النقل الخاص هو الرواية الصحيحة المعروفة في باب ~~الصلاة وهي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال عليه السلام «لا ~~تعاد الصلاة إلا من خمسة ، الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ، ثم قال ~~عليه السلام : القراءة سنة والتشهد سنة ، ولا تنقض السنة الفريضة» # وينبغي النظر أولا في تحقيق مضمونها وكيفية دلالتها ، فنقول : التكلم في ~~هذه الرواية الشريفة يكون في مواضع. # الأول : أن مفادها أن الصلاة تعاد من هذه الأشياء الخمسة ولا تعاد من ~~سائر الأشياء من الأجزاء والشرائط المعتبرة فى الصلاة ، والحكم فى المستثنى ~~منه أعني عدم الإعادة فى سائر الأشياء يشمل بعمومه ترك الجزء والشرط سهوا ~~ونسيانا وجهلا ، ولا يشمل تركهما عمدا ، لأن عدم لزوم الإعادة حينئذ ينافى ~~نفس الجزئية والشرطية ، لأن معنى الجزء والشرط ما يلزم من عدمه اختلال ~~المركب وبطلانه ، وإلا لم يكن الجزء جزءا ولا الشرط شرطا. # وأما بعض المواضع التى دل الدليل على حصول العصيان بالترك العمدي مع عدم ~~لزوم الإعادة كما فى بعض أفعال الحج وكما فى ترك الإخفات أو الجهر جهلا مع ~~التقصير فنلتزم فيها بتعدد المطلوب وأن هنا مطلوبا لزوميا متعلقا بالأكثر ~~وهو أقصى المرام ، ومطلوبا لزوميا آخر متعلقا بالأقل وهو أدون من الأول ، ~~والاقتصار على الثاني يوجب فوت محل الأول وسقوطه عن القابلية ، وذلك مثل أن ~~يكون المركب من تسعة أجزاء مشتملا على مصلحة تامة لزومية ، ومن عشرة مشتملا ~~على مصلحة زائدة لزومية ، ويكون الاقتصار على التسعة موجبا لفوت تلك ~~المصلحة الزائدة اللزومية ، وحينئذ فالمقتصر على هذه التسعة لا محالة يكون PageV02P210 # عاصيا من جهة ترك الجزء العاشر عمدا ، ومع ذلك لا يجب عليه الإعادة لفوت المحل. # ولا يشكل فى صحة الأقل حينئذ إذا كان عبادة بأنه مفوت للمصلحة اللزومية ~~التامة فكيف يكون صحيحا وعبادة ، مع أن تفويت ms0828 المكلف المصلحة اللزومية ~~المطلقة عمدا واختيارا على نفسه حرام ؛ لأن جواب ذلك قد حقق فى مبحث الضد ~~بأن فعل أحد الضدين لا يكون علة لترك الآخر كالعكس ، بل كل منهما مستند إلى ~~شيء آخر ، ففعل الضد مستند إلى إرادته ، وترك الآخر مستند إلى الصارف عنه ، ~~هذا مضافا إلى أن التفويت المحرم فى المقام يبتني على صحة الأقل ، لوضوح ~~أنه مع بطلانه لا تفويت فى البين ، فلا يمكن أن يكون موجبا للبطلان ، وإلا ~~يلزم من وجود الشيء عدمه ، هذا. # ولكن لا يخفى أن الالتزام المذكور لا نصير إليه إلا إذا وجب المصير إليه ~~وحصل الإلجاء لورود دليل قطعي ، وأما إذا لم يكن فى البين دليل قطعي ~~فالظاهر من الجزء والشرط لدى العرف هو ما يلزم من عدمه اختلال المركب ~~وبطلانه. وإذن فعموم المستثنى منه فى الرواية الشريفة منصرف عن ترك الجزء ~~والشرط عمدا. # وحينئذ نقول : عموم الرواية يشمل ترك الجزء سهوا ونسيانا وجهلا ، سواء ~~كان كل من السهو والنسيان والجهل فى الموضوع ، أعني نفس الجزء أم فى حكمه ، ~~مثلا ترك السورة سهوا قد يكون لأجل السهو فى نفسها ، وقد يكون لأجل السهو ~~فى حكمها ، وكذلك تركها نسيانا قد يكون لنسيان نفس السورة ، وقد يكون ~~لنسيان حكمها ، وكذلك تركها جهلا قد يكون لأجل الجهل بنفسها ، وقد يكون ~~لأجل الجهل بحكمها ، فهذه ستة أقسام نحكم فيها بعدم لزوم الإعادة بمقتضى ~~عموم الرواية ، ولكن العلماء رضوان الله عليهم لم يحكموا بذلك إلا فى قسمين ~~منها وهو السهو فى نفس الجزء والنسيان فيه أيضا دون بقية الأقسام ، ولم ~~يعرف له وجه ، ولكنه يوجب عدم جزم الفقيه وعدم جرأته على الإفتاء. # الثاني : هل الرواية تشمل زيادة الجزء حتى لو كان فى البين دليل مطلق يدل PageV02P211 # على إبطال الزيادة من غير فرق بين حال العمد والسهو والنسيان والجهل ، ~~تكون هذا الرواية مخصصة له بحال العمد لحكومتها عليه ، كما تكون حاكمة على ~~أدلة بطلان الصلاة بالنقيصة أو لا؟ # قد عرفت فى ما تقدم أن الزيادة لا بد من ms0829 إرجاعها إلى النقيصة باعتبار ~~عدمها فى المركب ، فيكون محصل معنى الرواية بناء على شمولها للزيادة أن ~~الصلاة لا تبطل من الخلل من ناحية شيء إلا من الخلل من ناحية الأشياء ~~الخمسة ، والخلل فى كل من طرفي المستثنى منه والمستثنى أعم من ترك ما يعتبر ~~وجوده أو فعل ما يعتبر عدمه ، والمراد بالشيء المقدر فى طرف المستثنى منه ~~وبالعناوين الخمسة فى طرف المستثنى أعم من الوجودي والعدمي ، فالخلل من ~~ناحية الركوع مثلا أعم من ترك أصله المعتبر وجوده ومن فعل الركوع الزائد ~~المعتبر عدمه. # لا يقال : ينافي إرادة الأعم عدم تمشي الزيادة فى بعض من الخمسة كالطهور ~~والوقت والقبلة ، لوضوح عدم تصور الزيادة فى هذه ، وإنما المتصور فيها هو النقص. # لأنا نقول : المراد مطلق الخلل وهو فى كل شيء بحسبه ، هذا ، ولكن الإنصاف ~~أن هذا المعنى خلاف ظاهر الرواية فإن الظاهر من الشيء المقدر ، ومن ~~العناوين الخمسة هو الوجودي منها ، فالخلل من ناحيتها هو تركها ، وإذن فلا ~~تعرض في الرواية للزيادة. # الثالث : لو قلنا بشمول الرواية للزيادة وتنزلنا عن الانصراف الذي ~~ادعيناه فالظاهر التفكيك فيها بين المستثنى منه والمستثنى بإرادة الأعم من ~~الزيادة والنقص فى الأول ، وخصوص النقص فى الثاني ، وذلك لأنا وإن سلمنا ~~عموم الشيء المقدر فى المستثنى منه للوجودي والعدمي فالظاهر من العناوين ~~الخمسة هو الوجودي ، فيكون محصل المراد أن الصلاة لا تبطل من الخلل في شيء ~~مطلقا ، سواء كان وجوديا أم عدميا ، إلا من الخلل فى هذه الوجوديات الخمسة ~~، وحينئذ فيكون زيادة هذه الأشياء التي يكون من قبيل الخلل فى العدمي داخلة تحت PageV02P212 # المستثنى منه ومحكومة بعدم لزوم الإعادة. # ويحتمل بعيدا إرادة الأعم من المستثنى أيضا ، وذلك بأن يلاحظ العناوين ~~الخمسة بدون اعتبار الوجود والعدم ، فيكون الخلل من ناحيتها أعم من تركها ~~فى ما إذا اعتبر وجودها ، ومن فعلها فى ما إذا اعتبر عدمها. # فتحصل مما ذكرنا فى هذا الأمر والأمر المتقدم أن للرواية ثلاثة احتمالات ~~مترتبة فى الظهور : إرادة خصوص النقص فى كل من المستثنى منه والمستثنى ms0830 ، ~~وإرادة الأعم فى الأول وخصوص النقص فى الثاني ، وإرادة الأعم فى كل من ~~الطرفين ، وقد عرفت أن الظاهر الأولى هو الأول ، وعليه فتكون الرواية قاعدة ~~ثانوية فى خصوص النقيصة الغير العمدية ، مخالفة للقاعدة الأولية فى الأشياء ~~الخمسة ، وموافقة لها فى غيرها. # الرابع : إن ظاهر الرواية الشريفة بل صريحها الحكم على من التفت إلى نقص ~~جزء من أجزاء الصلاء بإعادة وعدم إعادة مجموع الصلاة ، ولا إشكال أن الحكم ~~بإعادة وعدم إعادة الشيء إنما يصح إذا كان هذا الشيء حاصلا بتمام أجزائه ، ~~وإلا لم يكن محل لإرجاعه وإعادته ، فالجمود على ظاهر لفظ الإعادة المضاف ~~إلى الصلاة يقتضي اختصاص مورد الرواية بنقص الجزء سهوا الذي لم يحصل ~~الالتفات إليه إلا بعد الفراغ من الصلاة ، وأما السهو عن الجزء الملتفت ~~إليه فى أثناء الصلاة فهو خارج عن عمومها ؛ إذ لا معنى حينئذ لإعادة وعدم ~~إعادة مجموع الصلاة بعد أن المفروض عدم تحقق موضوع خارجي للمجموع وكون ~~المكلف فى أثنائه ، بل المتحقق حينئذ هو القطع وعدمه. # إلا أن يقال : إن إطلاق إعادة الصلاة على قطعها فى الأثناء شائع فى كلمات ~~العلماء رضوان الله عليهم وفي الأخبار ، فيقولون عند حدوث أمر كذا فى ~~الأثناء : «يعيد الصلاة» ومرادهم القطع والاستئناف ، ويوجد هذا المضمون فى ~~الأخبار أيضا ، من أراد فليراجع. PageV02P213 # هذا مضافا إلى ما فى الصحيح من تعليل عدم لزوم إعادة الصلاة بنسيان ~~القراءة بكون القراءة سنة ، أي مجعولة للرسول صلى الله عليه وآله دون ما فرضه ~~الله عز وجل فى القرآن ، فإنه يعلم منه أن ضابط عدم لزوم الإعادة ولزومها ~~كون المنسي سنة وكونها فريضة ، لا كونها ملتفتا إليه فى الأثناء أو بعد ~~الفراغ ، فيدل على أن الجزء المنسي إذا كان فريضة إلهية فحيث إن الاهتمام ~~بشأنه كثير ، يجب إعادة الصلاة لأجله ، وأما إذا كان سنة فحيث إن الاهتمام ~~به ليس بتلك المثابة فيحكم بمضي ما مضى من الصلاة ولا يجب الإعادة ، وهذا ~~كما ترى يعم صورة حصول الالتفات إلى النسيان فى الأثناء أيضا وإن قلنا بأن ms0831 ~~الصحيحة بمقتضى الجمود على لفظ الإعادة قاصرة عن شمولها. # فعلى هذا لو نسي جزءا من أجزاء الصلاة وتذكر فى أثنائها لم يعد الصلاة ~~لعموم الرواية ، نعم لا بد من أن يكون التذكر بعد مضي محل الجزء المنسي حتى ~~يصح الحكم بإعادة الصلاة أو عدم إعادتها. # ولكن هنا دقيقة لا بد من التنبيه لها وهي أن الشرط يعتبر قيدا فى الصلاة ~~التي هي عبارة عن الأفعال المخصوصة التي أولها التكبيرة وآخرها التسليمة ، ~~وقد يعتبر فى المصلي حال الصلاة ، فلو أخل بالطهارة الخبثية سهوا فتذكر فى ~~أثناء الصلاة فى حال عدم الاشتغال بشيء من أفعالها فأزال النجاسة كإلقاء ~~الثوب المتنجس ثم أتى ببقية الأفعال صحت الصلاة على الأول ولا تصح على ~~الثاني. # أما الصحة على الأول : أما فى الأجزاء السابقة فلأنها وإن أتى بها مع فقد ~~الشرط ، لكن كان الفقد سهويا ، وقد تكفل الرواية عدم ورود نقص في الصلاة من ~~جهة الترك السهوي ، وأما الأجزاء اللاحقة فقد أتى بها مع الطهارة بالفرض ، ~~وأما عدم الصحة على الثاني فلأن الطهارة قد اعتبرت في المكلف ما لم يخرج عن ~~الصلاة ، فهو فى جميع آنات الصلاة لا بد أن يكون خاليا عن الترك العلمي ~~والحال أنه حال الالتفات إلى النجاسة قد تحقق فيه الترك العلمي ، ولو كان ~~آنا ما كأن ألقى PageV02P214 # الثوب المتنجس بمجرد الالتفات ؛ إذ هو كمن أحدث فى أثناء الصلاة فرفع ~~الحدث دفعة. # نعم لو ألقى الثوب أولا ثم تبين له نجاسته صحت الصلاة على الوجه الثاني ~~أيضا ؛ لخلوه عن الترك العلمي فى جميع الآنات ، والترك السهوي لا يضر ولكن ~~هذا فرد نادر فلو كان مورد الرواية مقصورا على التذكر فى الأثناء لاستكشفنا ~~من باب ندرة هذا الفرد عن كون شرطية شروط الصلاة على الوجه الأول ، ولكن ~~حيث إن المورد هو الإعادة وهي لا يتم إلا فى صورة التذكر بعد الفراغ. وإنما ~~تعدينا إلى التذكر فى الأثناء بتنقيح المناط ، فلا يتم هذا الاستكشاف ، فلا ~~بد من إثبات كون الشرط على الوجه الأول بالدليل ms0832 الخارجي ، فتدبر. # نعم فى الجهر والإخفات وجهان يختلف محلهما بحسبهما ، الأول : أن يكون ~~الجزء المجعول للصلاة هو القراءة المقيدة بالإخفات أو بالجهر حتى لا يكون ~~فى البين إلا مجعول واحد ، والثاني : أن يكون هنا مجعولان مستقلان ، الأول ~~مطلق القراءة ، والثاني الجهر والإخفات ، غاية الأمر أن الثاني كيفية في ~~الأول ، والأول محل للثاني ، فتظهر الثمرة بين هذين الوجهين فى ما إذا أخفى ~~فى القراءة فى موضع الجهر نسيانا أو عكس ، فتذكر قبل الهوي إلى الركوع ، ~~فإن بنينا على الوجه الأول كان هذا التذكر قبل مضي المحل ، لأن ما أتى به ~~من القراءة لم يكن جزء للصلاة ، وما يكون جزء لها وهو القراءة المقيدة لم ~~يؤت بها ، والمفروض عدم دخوله فى الركن ، فلا محالة يكون المحل باقيا. # وإن بنينا على الوجه الثاني كان هذا التذكر بعد مضي المحل ، لأن ما أتى ~~به من القراءة جزء للصلاة على هذا الوجه ، فالمنسي إنما هو نفس الكيفية ، ~~وقد فرضنا أن محلها هو القراءة ، فإذا مضت القراءة كما هو الفرض فقد مضى ~~محلها ؛ لأن القراءة إنما صارت باعتبار صرف وجودها محلا للكيفية ، ولا يمكن ~~إعادة صرف الوجود ، وعلى هذا فمقتضى هذا الوجه أن يكون تذكر الإخفات والجهر ~~فى كلمة إذا تبدل أحدهما بالآخر نسيانا تذكرا بعد مضي المحل مطلقا ولو كان حاصلا PageV02P215 # متصلا بتلك الكلمة. # الخامس : إذا ترك جزءا من أجزاء الصلاة ثم التفت بعد الفراغ مثلا ، ولكن ~~شك فى أنه تركه عمدا أو سهوا ، فهل يمكن التمسك فى هذا الحال بعموم «لا ~~تعاد» أو لا يمكن ، لكونه تمسكا فى الشبهة المصداقية ، بناء على خروج العمد ~~عن تحت الرواية كما اخترناه ، فإنه يشك فى كون المورد من مصاديقه أو مصاديق ~~السهو الذي هو موضوع الرواية؟ # الحق أن يقال : إنا إن بنينا على أن الرواية فى حد ذاتها عامة لحال العمد ~~ولكن خصصناها بغيره تخصيصا عقليا من جهة استقلال العقل بمنافاة الجزئية ~~والشرطية مع عدم إضرار النقص العمدي ، أمكن التمسك بعموم المذكور لهذا ~~المقام ؛ لأن المتيقن من ms0833 مورد استقلال العقل فى النقص العمدي إنما هو حال ~~العلم بالعمدية ، فيكون حال الشك فيها صالحا ومحتملا عقلا لأن يحكم عليه ~~بحكم «لا تعاد» والمفروض تمامية العموم والإطلاق فى الرواية ، فلا مانع من ~~الأخذ به. # وإن بنينا على أن الرواية لا تكون عامة بالنسبة إلى حال العمد وأن لها ~~الانصراف إلى غيره عرفا مع إمكان الشمول عقلا كما اخترناه كان المقام من ~~باب التمسك فى الشبهة المصداقية ، لأن الانصراف ثابت عن العمد الواقعي حال ~~الترك ، سواء بقي الالتفات إلى عمديته فى ما بعد أم عرض الاشتباه ، ~~فالمنصرف إليه هو السهو الواقعي حال الترك فى مقابل العمد الواقعي حاله ، ~~فلا محالة إذا شك فى مورد أنه من أحد القسمين كان شبهة مصداقية لهذه ~~الرواية وانحصر المرجع فيه فى القواعد الأخر. # السادس : بناء على المختار من عدم شمول الرواية الشريفة للزيادة لو دل ~~دليل على مبطلية الزيادة للصلاة فلا إشكال ، بمعنى أنه لا معارض لذاك ~~الدليل من ناحية هذه الرواية، وأما بناء على شمول الرواية للزيادة ، فهذه ~~الرواية تكون حاكمة على ذاك الدليل ، كما تكون حاكمة فى طرف النقص على دليل ~~الجزئية و PageV02P216 # الشرطية ، حيث إنهما يدلان على إضرار نقص الجزء والشرط عمدا كان أم سهوا. # ووجه الحكومة أن مفاد هذه الرواية عدم بطلان الصلاة من خلل فيها إلا من ~~الخلل فى الأشياء الخمسة ، فمفادها تسليم الخللية وأن مقتضاها البطلان لو ~~خليت وطبعها ، فلا محالة تكون حاكمة على دليل إثبات أصل الخللية ، هذا. # وذكر شيخنا المرتضى قدسسره فى رسائله أنه لو كان دليل الزيادة مصرحا ~~بالزيادة السهوية كان أخص مطلق من هذه الرواية ، لشمول هذه الرواية للنقيصة ~~السهوية أيضا ، وذلك مثل قوله عليه السلام : «إذا استيقن أنه زاد فى ~~المكتوبة استقبل» حيث إن مقتضى تجدد الاستيقان بعد المكتوبة وقوع الزيادة ~~فى حال المكتوبة سهوا ، فيكون نصا فى الزيادة السهوية. (1) # أقول : ما ذكره قدسسره من كون النسبة عموما مطلقا يتم بناء على المعنى ~~الثاني من المعاني الثلاثة التي ذكرناها للرواية ، وهو شمول المستثنى ms0834 منه ~~للزيادة دون المستثنى ؛ إذ مفاد الرواية على هذا عدم بطلان الصلاة بشيء من ~~الزيادة والنقيصة فى شيء من الأجزاء والشرائط. # وأما بناء على المعنى الثالث وهو شمول المستثنى منه والمستثنى معا ~~للزيادة فلا ، إذ النسبة على هذا عموم من وجه ؛ لأن مفاد الرواية عدم بطلان ~~الصلاة بشيء من الزيادة والنقيصة فى غير الأشياء الخمسة ، ومفاد ذاك الدليل ~~بطلانها بالزيادة السهوية في جميع الأجزاء والشرائط ، فيتحقق لكل من ~~الطرفين مادة افتراق ويجتمعان فى الزيادة السهوية فى غير الأشياء الخمسة. # فنقول : لو كان لأحد الدليلين لسان حكومة على الآخر فلا إشكال فى تقديمه و PageV02P217 # لو كان النسبة عموما من وجه كما هو الحال فى طرف النقص بين هذه الرواية ~~وبين دليل الجزئية والشرطية ، حيث أنهما يعمان السهو والعمد فى الجزء الخاص ~~والشرط الخاص ، والرواية شاملة للسهو وحده فى جميع الأجزاء والشرائط ، ولكن ~~الأمر على خلاف ذلك فى هذا المقام فليس للرواية لسان حكومة على ذاك الدليل ~~المتعرض لخصوص الزيادة السهوية ، لأن مفاد هذه الرواية عدم بطلان الصلاة ~~بالزيادة السهوية ، ومفاد ذاك الدليل بطلانها بالزيادة السهوية ، وليس بين ~~هذين المضمونين إلا التعارض والتكاذب فى مورد اجتماعهما ، مضافا إلى أنه مع ~~تسليم الحكومة لا يمكن تقديم الرواية على ذاك الدليل ؛ إذ يلزم انحصار مورد ~~ذاك الدليل فى الأشياء الخمسة ، وقد عرفت أن القابل منها للزيادة اثنان ~~وهما الركوع والسجود ، فيلزم تخصيص ذاك العام إلى فردين ، وهو من البشاعة بمكان. # فتحقق من جميع ما ذكرنا أن الرواية بجميع معانيها لا يمكن معارضتها مع ~~ذاك الدليل، أما بناء على عدم شمولها للزيادة رأسا فواضح ، وأما بناء على ~~شمول المستثنى منه فقط للزيادة فلكون ذاك الدليل أخص مطلقا من هذه الرواية ~~، وأما بناء على شمول المستثنى منه والمستثنى معا للزيادة فلما عرفت من عدم ~~الحكومة أولا ، ولزوم التخصيص المستبشع على تقدير تقديم الرواية ثانيا. # وإذن فينحصر أمر ذاك الدليل فى ملاحظة التعارض بينه وبين سائر الأدلة مثل ~~مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن سفيان ms0835 بن السمط عن أبي عبد الله ~~عليه السلام قال عليه السلام : «تسجد سجدتي السهو فى كل زيادة تدخل عليك أو ~~نقصان» حيث إنه خاص بالزيادة السهوية ، ومضمونه عدم البطلان ، فيكون بينه ~~وبين ذاك الدليل تباين كلي ، وملاحظة المرجحات بين طرفي هذا التعارض موكولة ~~إلى الفقه ، هذا هو الكلام فى النقل الخاص. # وأما النقل العام فهو حديث الرفع ، وقد مر الكلام فى شموله للمقام وعدمه ~~فى باب الشك فى أصل التكليف فليراجع. PageV02P218 ### | الأمر الرابع # لو شك بعد ثبوت أصل الجزئية والشرطية فى ثبوتهما مطلقا حتى فى حال العجز ~~عن الجزء والشرط واختصاصهما بحال القدرة ولم يكن لدليل الجزئية والشرطية ~~إطلاق لفظي حتى يؤخذ به ويحكم بثبوتهما حال القدرة على الجزء والشرط وبسقوط ~~المأمور به حال العجز عنهما ؛ لأن العجز عنهما عجز عن المركب ، ولا كان ~~لدليل المأمور به بعد إجمال دليل الجزئية والشرطية إطلاق حتى يؤخذ ويحكم ~~بثبوت المأمور به حال العجز عن الجزء والشرط ، فهل القاعدة العقلية حينئذ ~~فى حق العاجز يقتضي ما ذا من الاحتياط بإتيان الناقص أو البراءة عنه؟ # فنقول وبالله الاعتصام : إن العجز على قسمين ، الأول : العجز الابتدائي ، ~~والثاني : العجز الطاري ، والثاني أيضا على قسمين ، الأول : العجز الطاري ~~فى الواقعة الشخصية ، والثاني : العجز الطاري فى الوقائع المتعددة ، فالأول ~~مثل ما إذا بلغ المكلف عاجزا عن السورة مثلا ، والثاني مثل ما إذا كان ~~قادرا عليها من أول الظهر إلى وسط الوقت ثم طرأ العجز فى نصف الآخر ، فقد ~~اختلف الحال حينئذ فى الواقعة الشخصية بالعجز والقدرة ، والثالث مثل ما إذا ~~كان قادرا عليها فى الأيام المتقدمة ثم طرأ العجز فى اليوم الحاضر من أول ~~الوقت إلى الغروب ، فإن كان العجز طارئا فى الواقعة الشخصية فهنا احتمالان ~~: الأول عدم التكليف فى حال العجز رأسا ، والثاني ثبوت التكليف بالناقص ، ~~والتكليف بالناقص أيضا يكون فيه ثلاثة احتمالات. # الأول : أن يكون التكليف به على وجه كان الامتثال له امتثالا للتكليف ~~بالتام المعجوز عنه ، بأن يكون الناقص فى حال العجز محصلا للمصلحة المطلوبة ms0836 من PageV02P219 # التام فى حال القدرة بعينها. # والثاني : أن يكون التكليف لا على هذا الوجه بأن يكون التكليف بالناقص ~~تكليفا مستقلا ثابتا فى حال العجز فى قبال التكليف بالتام الثابت فى حال ~~القدرة ، وهذا يمكن على نحوين : # الأول أن يكون لهذا التكليف ارتباطا بالتكليف بالتام بأن يكون الناقص حال ~~العجز محصلا لمرتبة نازلة من المصلحة التامة الحاصلة بالتام حال القدرة. # والثاني أن يكون التكليف به غير مرتبط بذاك التكليف رأسا بأن يكون الناقص ~~فى حال العجز محصلا لمصلحة مغايرة للمصلحة الحاصلة بالتام بالكلية. # ولا إشكال فى حكم شيء من هذه الأقسام بحسب العقل ، فإنه مستقل بالاحتياط ~~بإتيان الناقص فى ما إذا احتمل ثبوت التكليف به على الوجه الأول ؛ لأن ~~المفروض تنجز التكليف بالتام فى أول الوقت لمكان القدرة عليه فيه ، ~~والامتثال القطعي له وإن كان لا يمكن فى حال العجز ، ولكن الاحتمالي ممكن ، ~~لفرض احتمال كون الناقص امتثالا للتام ، والعقل مستقل بعد عدم إمكان ~~الموافقة القطعية للتكليف المنجز الفعلي بلزوم الموافقة الاحتمالية وعدم ~~تجويز المخالفة القطعية ، فإتيان الناقص موافقة احتمالية ، وتركه مخالفة ~~قطعية ، فالعقل مستقل بلزوم الأول وعدم جواز الثاني ، كما أنه مستقل ~~بالبراءة عن إتيان الناقص فى صورة القطع بعدم كون التكليف به على الوجه ~~الأول ، وكونه على تقدير الثبوت على أحد الوجهين الآخرين ، فإن الشك حينئذ ~~راجع إلى الشك البدوي فى التكليف ، ومن المعلوم أن الأصل فيه البراءة. # ومن هنا يعلم الحال فى العجز الابتدائى ؛ (1) لأن المفروض عدم تنجز ~~التكليف بالتام فيه فى زمان ، فالشك فى التكليف فيه أيضا شك بدوي والاصل ~~فيه البراءة. PageV02P220 # بقى الكلام فى العجز الطاري فى الوقائع المتعددة ، فنقول : لا إشكال فى ~~عدم جريان الاشتغال العقلي هنا كما كان جاريا فى العجز الطاري فى الواقعة ~~الشخصية ، وذلك لأن الشك هنا فى أصل ثبوت التكليف فى نفس الواقعة لا فى ~~سقوطه فى جزئها اللاحق بعد تنجزه وثبوته فى جزئها السابق ، وأما التنجز ~~والثبوت فى الوقائع السابقة فلا يصلح موضوعا لحكم العقل فى هذه الواقعة ~~المفروض كونها ms0837 واقعة برأسها أجنبية عن تلك الوقائع. # كما أنه لا محل للتمسك : بقاعدة «الميسور لا يسقط بالمعسور» لثبوت ~~التكليف فى الباقي بتقريب أن الأجزاء والشرائط المقدورة محكومة بحكم ~~القاعدة ببقاء حكمها الثابت لها فى الوقائع المتقدمة وعدم سقوطه فى هذه ~~الواقعة بواسطة معسورية الجزء أو الشرط المعجوز عنها. # ووجه عدم المحل أما أولا فلأن الظاهر من هذه القاعدة وأمثالها كونها ~~واردة فى مقام الإرشاد والموعظة ، ومحل النظر فيها ما إذا كان فى البين ~~امور متعددة راجحة بحيث كان كل منها موضوعا على حدة للرجحان ، سواء كان ~~الرجحان وجوبيا أم استحبابيا ولم يتمكن المكلف من إتيان مجموعها ، ولكن ~~تمكن من البعض ، كما أن ذلك أيضا هو الحال فى استعمالاتها العرفية ، فنراهم ~~يستعملونها فى حق من كان دأبه الإحسان إلى غيره بمقدار عشرة توامين مثلا لا ~~أنقص من هذا المقدار ، فعجز عن هذا المقدار فى زمان مع التمكن من بعضه ، ~~وكذلك يستعملونها فى الواجبات ، فنراهم يستعملونها فى حق من كان عليه دين ~~بمقدار عشرة توامين فلم يتمكن من أداء تمامه مع التمكن من أداء بعضه. # وبالجملة ، فاستعمال الشارع لها ليس مغايرا لهذه الاستعمالات وليس الغرض ~~منها فى كلام الشارع تشريع الحكم وإنشائه فى أجزاء المركب المأمور به عند ~~فقد التمكن من بعض أجزائه وشرائطه مع بقائه بالنسبة إلى الباقي ، ووجه ذلك أنه PageV02P221 # نحتاج فى صدق عدم سقوط شيء فى حال ثبوت هذا الشيء بعينه فى الحال السابق. # وإن شئت قلت : نحتاج إلى اتحاد الشيء الثابت فى الحال السابق مع الثابت ~~فى اللاحق ، فهو نظير البقاء فى باب الاستصحاب حيث يعتبر فيه اتحاد ~~القضيتين المتيقنة والمشكوكة. فيعتبر فى مورد جريان القاعدة أن يكون حكم ~~الميسور فى حالتي القدرة على المعسور والعجز عنه واحدا ، كما هو الحال فى ~~الامور الراجحة المستقلة التي صار بعضها ميسورا وبعضها معسورا ، وهذا مفقود ~~فى الميسور من أجزاء المركب ، فإنه لو كان لها فى هذا الحال حكم فليس إلا ~~الوجوب النفسي ، وقد كان الثابت لها فى حال القدرة على الكل ms0838 هو الوجوب ~~الغيري. # وأما ثانيا : فلأن الاستدلال بالقاعدة فى المقام يبتني على أحد من ثلاثة ~~وجوه ، إما بأن يقال : إن المراد عدم سقوط شخص الوجوب مع الإغماض عن ~~الغيرية والنفسية ؛ لأن هاتين الجهتين ليستا من الأسباب المعددة للوجوب ~~بنظر العرف ، وإما بأن يقال : إن المراد عدم سقوط الجامع بين الوجوبين ، ~~وإما بأن يقال : إن المراد عدم سقوط الوجوب النفسي ، لكن بدعوى أن هذا ~~الموضوع أعني الأجزاء الميسورة عين الموضوع السابق أعني مجموع الأجزاء ، ~~غاية الأمر أنه يشترط على هذا أن يكون الجزء الميسور مشتملا على معظم أجزاء ~~الكل ، ولا يكون الجزء المعجوز عنه من الأجزاء الرئيسة. # وأما وجه الحاجة إلى إحدى تلك المسامحات فهو توقف صدق عدم السقوط عليها ~~كما تبين وجهه من السابق ، فتكون القاعدة مساوقة للاستصحاب بناء على جميع ~~هذه الوجوه ، بحيث لو كان القاعدة ساقطة كان الاستصحاب جاريا ، فإنه إما ~~يستصحب شخص الوجوب مع الإغماض عن الغيرية والنفسية ، وإما يستصحب الجامع ~~بين الوجوبين ، وهذا من القسم الثالث من استصحاب الكلي ، حيث إن الشك فيه ~~ناش من الشك فى حدوث فرد من الكلي مقارنا لزوال فرده الآخر ، و PageV02P222 # إما يستصحب الوجوب النفسي بدعوى الاتحاد العرفي فى الموضوع ، وهو نظير ~~استصحاب الكرية فى الماء الذي نقص عن الكم الذي كان عليه فى حال اليقين ~~بالكرية. # فنقول : أما الوجه الأول فمخدوش بأن العرف يفرقون بين الإرادة الغيرية ~~والإرادة النفسية ، ووضوح الفرق بينهما بمثابة لا يصح أن ينسب الجهل به إلى ~~أهل العرف ، وأما الوجه الثاني فهو وإن كان سليما عن الخدشة فى أصل القسم ~~الثالث من استصحاب الكلي ، فإن التحقيق صحته وعدم توقف بقاء الكلي على بقاء ~~فرده وصدقه مع تبدل الفرد. # ولكن يرد عليه أن جعل الجامع جائز إذا كان له أثر ، وأما إذا كان حكما ~~بلا أثر فلا معنى لجعله بوصف جامعيته بمعنى عدم انجعال شيء من خصوصياته ، ~~فكما لا يمكن أن يتحقق النوع فى الخارج بوصف نوعيته فكذلك لا يمكن أن يتحقق ~~الإرادة فى النفس بوصف جامعيتها ms0839 بين الغيرية والنفسية ، وهذا من البداهة بمكان. # بقي الوجه الثالث ، والتحقيق سلامته عن الخدشة وعليه يلزم اختلاف الحكم ~~حسب اختلاف الموارد فى صدق الاتحاد العرفي ، وهو غير منوط بمجرد المعظمية ~~فى الكم ، فإنه ربما يكون انتفاء الجزء اليسير معدما للموضوع بنظر العرف ~~لكثرة دخله والاهتمام بشأنه ، هذا حال الاستصحاب. # وأما القاعدة فبعد حملها على العموم الأجزائي بإحدى المسامحات الثلاث ~~يصير حالها كحال الخبرين الآخرين ، أحدهما النبوي صلى الله عليه وآله «إذا ~~أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» والاخرى العلوي عليه السلام «ما لا يدرك ~~كله لا يترك كله» تقريب الاستدلال بالأول أن الظاهر كون «من» تبعيضية و «ما» ~~موصولة ، فيكون المعنى : إذا أمرتكم بشيء ذي تعدد ولم تقدروا على بعضه ~~فأتوا بعضه الذي استطعتم ، وقيد التعدد وعدم القدرة لا يحتاج إلى تقديرهما ~~، لأنهما مستفادان من قوله : «منه» ومن قوله : «ما استطعتم» ، وأما كون ~~«من» تبيينية أو PageV02P223 # زائدة أو بمعنى الباء و «ما» مصدرية زمانية على الكل لتكون الرواية مساوقة ~~لأدلة الحرج ويكون المعنى أن الأوامر الشرعية باقية ما دام الاستطاعة على ~~متعلقاتها ، فهو خلاف الظاهر، بل الأول وهو كون «من» تبيينية غير محتمل ، ~~لعدم مسبوقيته بمجمل كما فى خاتم من فضة. # وتقريب الاستدلال بالثاني أنه يتعين كون الكل الأول مجموعيا ، والثاني ~~استغراقيا ؛ إذ لا يستقيم المعنى على كونهما استغراقيين أو مجموعيين ، أو ~~كون الأول استغراقيا ، والثاني مجموعيا كما هو واضح ، ولكن لا يخفى أنه ~~يحتاج مع ذلك إلى ظهور الروايتين فى العموم الأجزائي والحكم التشريعي ، دون ~~ما تقدم ذكره من العموم الأفرادي والإرشاد العقلي ، فبعد هذا الظهور يصير ~~حال الروايتين كحال رواية الميسور بعد إحدى المسامحات الثلاث. # وحينئذ فنقول : يرد على الكل أن الحمل على العموم الأجزائي مستلزم ~~للتخصيص المستبشع وكون الخارج عن الروايات أكثر من الداخل فيها ، وذلك ~~لكثرة الواجبات المركبة التي لا يجب بعض أجزائها عند عدم التمكن من بعضها ~~الآخر كالصوم والحج والغسل والوضوء وغير ذلك ، وكلما ورد فى كلام الحكيم ~~عام أو مطلق كان حمله على ms0840 عمومه أو إطلاقه مستلزما لمثل هذا التخصيص ، فلا ~~بد من الالتزام فيه بأحد أمرين صونا لكلامه عن البشاعة ، أحدهما أن يقال : ~~إنه يكشف ذلك عن وجود قيد متصل بالكلام مقالي أو حالي كان الخارج معه قليلا ~~أو معدوما ، وصار هذا القيد مفقودا علينا بواسطة عدم نقل الرواة ، والثاني ~~أن يقال : إن المراد معنى آخر غير ما هو ظاهر الكلام ، وعلى كل حال فيسقط ~~الكلام عن قابلية التمسك بعمومه أو إطلاقه ما لم يتأيد بعمل العلماء رضوان ~~الله عليهم ، فإنه يستكشف بعملهم كون المقام من موارد ثبوت ذاك القيد ~~المفقود علينا. # وحينئذ فنقول : أمر هذه الروايات دائر بين أمرين ، الأول : الحمل على العموم PageV02P224 # الأجزائي والالتزام بوجود القيد متصلا ولم ينقله الرواة ، والثاني : ~~حملها على العموم الأفرادي. # ولا يتوهم كون الروايات على تقدير إرادة هذا المعنى توضيحا للواضح ~~وتبيينا للمتبين ، وذلك لأن من جبليات نفوس الناس أنهم إذا عجزوا عن مرتبة ~~عالية من الإحسان أو الضيافة أو غيرها من الأفعال الخيرية رغبوا عن الإقدام ~~على المرتبة النازلة ، فأي غضاضة فى أن يكون الشارع ردعهم عن هذا المطلب ~~الجبلي ، وأيضا فليس هذا بأوضح من وجوب إطاعة الله وإطاعة رسوله ووجوب تجنب ~~النفس عن الضرر ، بل الثالث من جبليات النفوس بل جميع طبقات الحيوان مجبولة ~~على رفع الضرر من أنفسها ، (1) بل واختيار أخف الضررين عند الدوران ، ومع ~~ذلك قد ملأ الكتاب والسنة من الأمر بإطاعة الله ورسوله والتجنب عن غضب الله ~~وعذابه وناره وجهنمه وغير ذلك ، فأمر هذه الروايات ليس بأعظم من تلك ~~الأوامر. # ثم على تقدير بعد إرادة هذا المعنى من الروايات فحملها على العموم ~~الأجزائي والالتزام بعدم نقل الرواة للقيد المتصل أيضا بعيد ، فإن من دأب ~~الرواة نقل القرائن المتصلة بالكلام التي يتغير المعنى بسببها حتى الحالية ~~منها ، فعدم نقلهم للقرينة المتصلة فى المقام بعيد عن حالهم فى الغاية ، ~~بحيث لو دار الأمر بين هذا البعيد وبين الحمل على ذلك المعنى البعيد ~~فالثاني أخف بعدا قطعا ، هذا. # ولا يتوهم (2) جريان إشكال التخصيص ms0841 المستبشع فى الاستصحاب على الوجه ~~الثالث، فإن الاستصحاب حيث إنه من الاصول وموضوعها الشك فلا جرم يكون مواضع ~~ثبوت الإجماع على خلافه خارجة عنه من باب التخصص. PageV02P225 ### | الأمر الخامس # إذا دار الأمر بين اعتبار وجود شيء بالجزئية أو الشرطية وبين اعتبار عدمه ~~بالمانعية أو القاطعية كان من باب الدوران بين المتباينين وليس من باب ~~الدوران بين المحذورين ، لإمكان الاحتياط بإتيان العمل مرتين مع هذا الشيء ~~مرة وبدونه اخرى ، نعم لو قام الإجماع على مضرية التكرار فى العبادة كان من ~~باب الدوران بين المحذورين ومقاما للتخيير ، وحيث جرى ذكر المانع والقاطع ~~ناسب بسط الكلام فى بيان الفرق بينهما مفهوما وبيان الأصل المعمول عند ~~الشبهة فى كل منهما حكمية أم موضوعية. # فنقول : أما الفرق بينهما مفهوما فهو أنه تارة يعتبر عدم واحد مستمر من ~~أول العمل إلى آخره فى عرض أجزائه وشرائطه ، ويكون هذا العدم واحدا من ~~أجزائه أو شرائطه ، وذلك كعدم التكلم فى الصلاة ، وحينئذ فانتفاء هذا العدم ~~لا يورث اختلالا فى الأجزاء او الشرائط السابقة بمعنى أنها باقية على صحتها ~~التأهلية ، وإنما يمنع عن تحقق أصل العمل لانتفاء جزئه أو شرطه العدمي. # واخرى يعتبر هذا العدم فى العمل على وجه يكون مرتبطا بتمام أجزائه ~~وشرائطه وذلك بأن يكون قيدا ساريا فى تمام الأجزاء والشرائط بأن يعتبر فى ~~كل جزء وشرط أن لا يتحقق الشيء الفلاني مقارنا له ولا لاحقا ، وذلك كعدم ~~الحدث فى الصلاة ، وحينئذ فانتفاء هذا العدم يورث اختلال نظام الأجزاء ~~والشرائط المتقدمة ويمحو عنها صورة الجزئية والشرطية ، فوجود الشيء فى ~~الصورة الاولى يكون مانعا لأصل العمل ، وفى الثانية قاطعا له ، أما الأول ~~فواضح ، وأما الثاني فلأنه قد قطع استمرار العدم الذي كان به قوام الأجزاء ~~والشرائط السابقة. PageV02P226 # وأما بيان الاصل عند الشك فاعلم أنه اذا شك (1) في مانعية شيء وعدمها أو ~~قاطعيته وعدمها فالأصل فيه واضح ، لأن الشك فيه راجع إلى الشك في تقيد ~~المأمور به بهذا العدم وعدم تقيده ، فيكون من جزئيات الشبهة بين الأقل ~~والأكثر ، ويكون ms0842 مبنيا على الخلاف في تلك المسألة ، وقد مر أن التحقيق فيها ~~البراءة. # كما أنه لا خفاء في الأصل في الشبهة الموضوعية أعني الشك بعد الفراغ عن ~~مانعية الشيء أو قاطعيته فى حدوثه في أثناء العمل وعدم حدوثه ، فإن الأصل ~~فيه عدم التحقق ، غاية الأمر أن أصالة عدم المانع يحرز بسببها بعض الأجزاء ~~والشرائط مع إحراز الباقي بالوجدان ، وأصالة عدم القاطع يحرز بسببها قيد ~~الأجزاء والشرائط مع إحراز ذواتها بالوجدان ، ولا يرد أن الثاني أصل مثبت ~~بلحاظ أن الأصل المثبت للقيد لا يثبت إضافة الذات إلى القيد وتقيدها به ، ~~وذلك لأن الواسطة خفية. # كما أنه لا كلام في عدم جريان أصل الصحة عند الشك في وجود المانع في ~~الأثناء ، فإن الأجزاء المتقدمة باقية على الصحة التأهلية قطعا ، والأجزاء ~~اللاحقة لم يؤت بها بعد ، وكذلك الكل ، وعدم المانع في الحال مشكوك ، فلا ~~محل لأصالة الصحة في شيء. # إنما الكلام والإشكال فيما إذا قلنا بعدم جريان أصالة العدم وجريان أصل ~~الصحة وكان الشك في وجود القاطع في الأثناء ، فانه ربما يقال بجريان هذا ~~الاصل في الأجزاء المتقدمة بتقريب أن هذه الأجزاء كانت في السابق بحيث لو ~~انضم اليها الأجزاء اللاحقة كانت صحيحة ، فالأصل بقاء هذا المعنى فيها. PageV02P227 # وبعبارة اخرى : كان لتلك الأجزاء في السابق إمكان الجزئية فالأصل بقاء ~~هذا الإمكان فيها في اللاحق ، وذلك لأن القاطع ولو فرض كونه في السابق في ~~علم الله تعالى بحيث يوجد في اللاحق ، والمفروض مضريته حينئذ حتى بالنسبة ~~إلى الأجزاء السابقة أيضا ، ولكن الأجزاء السابقة قبل تحقق القاطع لا يخرج ~~بمجرد هذا العلم عن وصف إمكان الجزئية. # نعم بعد تحقق القاطع في الخارج يصير عدم الجزئية ضروريا ، وذلك ضرورة أن ~~الممكن لا يزول عنه وصف الإمكان بمجرد تعلق علم الباري تعالى بتحققه أو عدم ~~تحققه في اللاحق ؛ ولهذا نقول بأن المعصية الصادرة عن العبد في اللاحق في ~~علم الله تعالى لا يخرج بمجرد هذا العلم عن كونه اختياريا ومقدورا للعبد ، ~~نعم بعد التحقق الخارجي يصير ضروريا. # لا ms0843 يقال : إن إمكان الجزئية الذي جعلته مجرى للاستصحاب ليس حكما شرعيا ~~ولا موضوعا للحكم الشرعي ، كما هو واضح ، فكيف يكون هذا الاستصحاب جاريا. # لأنا نقول : لا يعتبر في شمول «لا تنقض» إلا كون المقام مما تناله يد ~~الجعل ويكون إثباته ورفعه من وظيفة الشرع ، سواء كان حكما شرعيا أم موضوعا ~~أم لم يكن شيئا منهما ولكن كان منشؤه بيد الشرع ، فيمكن شمول «لا تنقض» ~~حينئذ أيضا باعتبار المنشأ ، فلا وجه لعدم عمومه ، وذلك مثل استصحاب الصحة ~~، فإن الصحة أمر عقلي ينتزعه العقل من الفعل التام الأجزاء والشرائط ~~المعتبرة في المأمور به ، وإن شئت قلت : من موافقة الفعل الخارجي للمأمور ~~به أو لغرض الآمر ، ومع ذلك يشملها عموم «لا تنقض» باعتبار أن منشأها وهو ~~الأمر بيد الشارع. # فنقول : إمكان الجزئية في هذا المقام من هذا القبيل ، وذلك لأنه كما يمكن ~~للشارع أن يرفع قيدية عدم القاطع للأجزاء واقعا حتى تكون الأجزاء ممكنة ~~الجزئية واقعا عند وجود القاطع ، كذلك يمكنه أن يرفع القيدية في حال الشك ~~في وجود القاطع حتى يكون بقاء إمكان الجزئية في حال الشك في وجود القاطع ~~محفوظا ، هذا. PageV02P228 # ولكن التحقيق عدم الجدوى مع ذلك في هذا الاستصحاب ، وذلك لأن غاية ما ~~يلزم من هذا البيان ويفيده الاستصحاب المذكور إثبات الصحة في الأجزاء ~~السابقة ، وأما الأجزاء اللاحقة فهي بعد مشكوكة الصحة والفساد ، وذلك لوضوح ~~أن وجود القاطع على تقدير ثبوته واقعا كما يكون مضرا بالأجزاء السابقة كذلك ~~يكون مضرا باللاحقة ، ففي الأجزاء السابقة حيث كان لإمكان جزئيتها حالة ~~سابقة ، أمكن إثبات التعبد بعدم القاطعية بالاستصحاب ، وأما الأجزاء ~~اللاحقة فلا يمكن فيها ذلك لعدم الحالة السابقة ، لأنها من أول الوجود يشك ~~في إمكان جزئيتها وعدمه. # نعم لازم رفع القاطعية واقعا في حال الشك وثبوت إمكان الجزئية في الأجزاء ~~السابقة ثبوته في الأجزاء اللاحقة أيضا عقلا ، ولكن البناء على عدم أخذ ~~اللوازم العقلية في الاصول، فمن الممكن ثبوت التعبد بعدم القاطعية من حيث ~~إمكان الجزئية في الأجزاء السابقة وعدم ثبوته من ms0844 حيث الإمكان في الأجزاء ~~اللاحقة. # وإذن فاستصحاب الأهلية والإمكان بالمعنى المذكور لا يجدي في إثبات صحة ~~المركب، وعلى هذا فيشترك الشك في وجود المانع وفي وجود القاطع في عدم ~~الانتفاع بأصل الصحة فيهما ، نعم لا إشكال في أصالة العدم في كليهما. ### | الأمر السادس في شرط اجراء البراءة # فنقول : أما شرط البراءة العقلية عند الشك في التكليف فهو الفحص عن أدلته ~~وعدم الظفر بها. وجه الشرطية أن ما يجب على المولى إنما هو نصب الحجة ~~وإقامة البيان على التكليف للعبد على نحو أمكن الوصول إليه بالأسباب ~~العادية ، وليس عليه أزيد من ذلك بحكم العقل ، فلو كانت الحجة قائمة واقعا ~~وأمكن الوصول إليها بالأسباب العادية كان وجودها الواقعي بمنزلة وجودها ~~العلمي. PageV02P229 # فلو تهاون المكلف في الفحص ووقع في خلاف الواقع استحق العقوبة ، لتمامية ~~الحجة عليه ، ولا إشكال في ذلك أي استحقاق العبد للعقوبة عقلا على مخالفة ~~الواقع مع كون الحجة عليه بحيث أمكن الوصول إليها بالأسباب العادية. # إنما الكلام والإشكال فيما إذا كان التكليف بحسب الواقع موجودا ولم يكن ~~الحجة عليه بهذا النحو ، بحيث لو فحص المكلف عن أدلته انجر أمره بالأخرة ~~إلى البراءة ، ولكنه لم يتفحص وبنى من أول الأمر على البراءة فوقع في خلاف ~~الواقع ، فهل يستحق العقوبة حينئذ أو لا؟. # ذهب شيخنا المرتضى قدسسره إلى الأول ، نظرا إلى أنه صار مرتكبا للحرام ~~مثلا بلا عذر وذلك لأن العقل يلزم بأحد الأمرين ، إما الفحص عن التكليف ~~والاستراحة ، وإما الاحتياط مع عدمه ، وهذا الشخص خالف كلا الأمرين ، فليس ~~له عذر مسموع ، نعم هو في الواقع بحيث لو فحص عن الدليل لم يظفر به ، ومجرد ~~ذلك لا يصير عذرا ما لم يصدر عنه الفحص. # والحق عدم تمامية ما ذكره قدسسره ، ويظهر وجهه بملاحظة أن استحقاق ~~العقوبة على مخالفة الواقع الثابت هل هو دائر مدار الفحص وعدمه ، فيثبت مع ~~الثاني ولا يثبت مع الأول ، أو أنه دائر مدار ثبوت البيان واقعا على نحو ما ~~ذكرناه وعدم ثبوته كذلك؟ فيستحق مع الأول من غير ms0845 فرق بين الفحص وعدمه ، ولا ~~يستحق مع الثاني من غير فوق بينهما أيضا ، فعلى التقدير الأول يكون وجه حكم ~~العقل بلزوم الاحتياط مع عدم الفحص هو الحذر عن العقوبة المترتبة على ~~مخالفة الواقع مع ترك الفحص ، وعلى الثاني يكون وجه حكمه بلزوم الاحتياط ~~تردد أمر المكلف بين ثبوت البيان المذكور في حقه حتى يكون المنجز في حقه ~~تاما فيستحق العقوبة ، وبين عدم ثبوت هذا البيان حتى لا يكون المنجز تاما ~~فلا يستحق العقوبة ، فيلزم الاحتياط دفعا لهذا الضرر المحتمل. # وحينئذ فحكم العقل بوجوب الاحتياط هنا يكون نظير حكمه بوجوب الاحتياط في ~~أطراف العلم الإجمالى ، فإن حكمه بوجوب الاحتياط في كل من PageV02P230 # الأطراف أيضا لأجل احتمال أن تكون الحجة الواقعية موجودة فيه ، فكما أنه ~~لو ترك الاحتياط في أحد الأطراف وصادف عدم وجود الحجة فيه لم يستحق العقوبة ~~، فكذلك عند الشك في التكليف مع تردد الأمر بين ثبوت البيان المذكور وعدمه ~~أيضا لو ترك الاحتياط وصادف عدم البيان واقعا لم يستحق العقوبة أيضا. # وحينئذ فنقول : الظاهر أن حكم العقل بلزوم الاحتياط في موارد الشك في ~~التكليف قبل الفحص إنما هو لأجل احتمال أن يكون البيان المذكور ثابتا ، ~~فيكون العقاب عقابا مع البيان ، ومعنى ذلك تسليم العقل أنه لو لم يكن ~~البيان المذكور ثابتا لم يكن العقاب موجودا ، لا أن للعقل حكما تنجيزيا ~~بثبوت العقاب على كل تقدير مع ثبوت التكليف واقعا. # وعلى هذا فكما يكون ثبوت التكليف واقعا من أجزاء الحجة والمنجز للتكليف ، ~~كذلك يكون ثبوت البيان المذكور أيضا متمما للحجة والمنجز ، فكما لا يستحق ~~العقوبة بترك الفحص مع عدم ثبوت التكليف واقعا ، فكذلك لا يستحق العقوبة ~~بتركه مع عدم ثبوت البيان المذكور ولو مع ثبوت التكليف واقعا ، من غير فرق ~~بين صورة الفحص وعدمه ، فإن عقاب المكلف التارك للفحص حينئذ عند المولى ~~العالم بعدم ثبوت البيان المذكور واقعا يكون عقابا بلا بيان وإن كان المكلف ~~جاهلا بأن عقابه عقاب مع البيان أو بدونه ، فإن جهله لا يجوز عقاب المولى ~~مع ms0846 علمه بكونه عقابا بلا بيان. # وعلى كل حال فلا إشكال على الوجهين في أنه ليس للعقل حكم بالبراءة جدا ~~قبل الفحص ، هذا هو الحال في الشبهة الحكمية. # وكذا الكلام في الشبهة الموضوعية ، فالبراءة العقلية فيها ايضا منوطة ~~بالفحص ؛ فإن موضوع حكم العقل بلزوم الفحص وعدم جواز العمل على طبق البراءة ~~قبله إنما هو الجهل بحكم الله ، والشبهة الموضوعية أيضا جهل بحكم الله ، ~~غاية الأمر أنه على تقدير ثبوته يكون مضافا إلى الموضوع الشخصي ، ولا فرق ~~في مناط حكم العقل بين أن يكون حكم الله مضافا إلى الموضوع الشخصي أو الكلي ، و PageV02P231 # الاستحقاق وعدمه أيضا يكون الكلام فيهما ما مضى من التفصيل بين ما إذا ~~كانت الحجة موجودة وأمكن الوصول إليها بالطريق المتعارف ، وبين غير هذه ~~الصورة ، إلا أن الذي سهل الخطب في هذه الشبهة وجود الدليل القطعي من إطلاق ~~الأدلة اللفظية على ثبوت البراءة الشرعية فيها قبل الفحص وهي قوله ~~صلى الله عليه وآله : «رفع ما لا يعلمون» وأمثاله ، فإنه بإطلاقه شامل للموضوع ~~الشخصي المشكوك كونه من أفراد العنوان المحرم أو المحلل أو النجس أو الطاهر ~~مع إمكان تبين الحال فيه بالفحص ، هذا هو الكلام في شرط البراءة العقلية. # وأما البراءة النقلية فقد يقال بعدم اشتراطها بالفحص (1) تمسكا بإطلاق نحو PageV02P232 # وأما الوجوبية فلا ، كما لو شك في بلوغ مقدار مسيره حد المسافة الشرعية ، ~~فلا يجوز له الرجوع إلى استصحاب التمام مع إمكان الفحص وتحصيل العلم بسهولة ~~وعلى حسب المتعارف ، وكذا لو شك في تعلق الأخماس أو الزكوات أو ديون الناس ~~بماله مع إمكان تحصيل العلم بالمراجعة والحساب ، أو في كونه مستطيعا كذلك ~~فلا يجوز له الرجوع إلى أصل البراءة. # الإنصاف عدم شمول الأدلة لمثل الجاهل المتمكن عن إزالة الجهل بسهولة ، لا ~~نقول : إن مادة العلم أو الشك عرفا غيرهما لغة ، فليس هذا الشخص بعالم وهو ~~شاك بكلا الاصطلاحين ، لكن حالهما حال الإنسان ذي الرأسين في كونه إنسانا ~~لغة وعرفا ومع ذلك الحكم المعلق على الإنسان لا يشمله ، وهنا أيضا نقول ms0847 في ~~قوله عليه السلام : كل شيء حلال حتى تعلم ، مثلا ، هذا الشخص لا يصدق عليه ~~أنه عالم فلا يجري عليه حكم الغاية ، فيصدق عليه لا محالة «لا عالم» لعدم ~~ارتفاع النقيضين ، ولكن مع ذلك الحكم المعلق في المغيا على اللاعالم لا ~~يشمله أو مشكوك الشمول له. # وحينئذ يكفي في عدم الرخصة له حكم العقل بالاشتغال قبل الفحص ولا يلزم ~~دخوله في عنوان العالم ، فإن الحكم في العالم إرشادي عقلي ، والتعبدي مختص ~~بحكم اللاعالم ، وقد فرضنا انصرافه عن هذا المصداق العرفي اللغوي من ~~اللاعالم ، فالقضية منحلة إلى قضيتين ، الاولى : العالم ليس له بحلال ، ~~والثانية : ان غير العالم له حلال ، فالاولى إرشادية وليس لها انصراف ، فلا ~~يدعى أن هذا الشخص عالم ، والثانية شرعية وهذا الشخص أيضا غير عالم ، لكن ~~الحكم لا يشمله ، كما أن الإنسان ذي الرأسين إنسان لا بقر ولا غيره ، ومع ~~ذلك حكم الإنسان لا يشمله ، فإذا خرج هذا الشخص عن الغاية والمغيا ، شمله ~~حكم العقل ، هذا. # وأما الكلام في العامل بالبراءة قبل الفحص من حيث التبعة والعقوبة فنقول ~~: لو اتفقت مخالفته للتكليف الثابت عليه واقعا الذي لو فحص لظفر به ، فلا ~~يخلو إما أن يكون التكليف مطلقا لا مشروطا ولا معلقا على عنوان خاص ، بل ~~على عنوان المكلف ، فحينئذ لا شبهة في استحقاقه العقوبة ، وإما أن يكون ~~مشروطا بشرط أو وقت فحينئذ استشكل في استحقاقه فيما إذا ترك التعلم قبل ~~حصول الشرط ودخول الوقت ولم يتمكن منه بعدهما بناء على ما تقرر عندهم من أن ~~الوجوب المشروط عدم عند عدم الشرط ، فلا وجوب لمقدمته أيضا التي هي التعلم ~~، فلا تصح العقوبة على ترك التعلم عند التمكن ؛ لعدم الوجوب ، ولا على ~~المخالفة الحاصلة بعد حصول الشرط ودخول الوقت ؛ للعجز وعدم الوجوب أيضا. PageV02P233 # ومن هنا التجأ بعضهم هنا وفي الغسل قبل الفجر للصوم إلى القول بالوجوب ~~المعلق ، ومقتضاه تحصيل المقدمات الأخر غير المعلق عليها إذا علم حصولها ، ~~وبعض آخر إلى القول بالوجوب النفسي للتعلم للغير ، لا الوجوب الغيري ، ~~والأول ممكن قبل ms0848 وجوب الغير ، والثاني غير ممكن ، والفرق أن الثاني معلول ~~للإرادة الخارجية المتعلقة بالغير ، فإذا فرضت معدومة فلا محالة ينعدم ما ~~هو بتبعها ومترشح منها ، والأول معلول لحاظ الإرادة المتعلقة بالغير ، فحال ~~الإرادة الملحوظة حال المصلحة الملحوظة الداعية إلى الطلب والإرادة مع عدم ~~تحققها في الخارج ، فإن المؤثر في النفس هو لحاظ وجودها في المستقبل ، وهنا ~~أيضا كذلك. # وإما أن يكون متعلقا بعنوان خاص كعنوان البالغ أو المستطيع أو نحو ذلك ، ~~وهذا أيضا يجري فيه الإشكال المتقدم وإن كانوا لم يتعرضوا لهذا في كلماتهم. # والتحقيق في دفع الإشكال في كلا المقامين ، أما المقام الأول أعني : ~~الواجبات المشروطة بالوقت أو بأمر آخر فبأنا نرى بالوجدان أن الإرادة ~~المتعلقة بالمقيد أو المركب الذي بعضه خارج عن حيز الطلب وغير مطلوب حصوله ~~من جوارح العبد يكون هو مأخوذا بالنسبة إلى غير هذا البعض من سائر مقدماتها ~~الوجودية لو علم بحصول هذا البعض ، وأنه لو لم يبادر بإتيان تلك المقدمات ~~لامتنع إتيان ذيها عند حصول ذلك الأمر ، ولا فرق في ذلك بين إرادة الآمر ~~وإرادة الفاعل ، وقد مر تحقيق هذا وتشريحه زيادة على هذا في مبحث مقدمة ~~الواجب ، وعلى هذا فيجري مثل ذلك في المقام بالنسبة إلى ترك التعلم الذي ~~فرضناه من المقدمات الوجودية قبل حصول شرط الواجب الذي نعلم بحصوله فيما ~~بعد ، وأنه لو لم يتعلمه الآن تعذر عليه بعد حصوله. # وأما في المقام الثاني أعني التكاليف المعلقة على العناوين فنقول : يمكن ~~ادعاء أن الظاهر من تلك القضايا التي يصنف فيها الإنسان ويخرج صنف عن تحت ~~التكليف والمؤاخذة بالمرة والآخر تحتها ، لا كما في القضية المشروطة من جعل ~~جميع ذوات الناس تحت التكليف في الخطاب عند حصول الأمر الفلاني ، هو كون ~~القدرة الخاصة أعني الحاصلة حال حصول العنوان لها مدخلية في المصلحة والغرض ~~كنفس العنوان المعلق عليه الحكم ، فكما لا فوت للغرض مع عدم العنوان ، ~~فكذلك مع عدم القدرة حال حصول العنوان ، فتكون القدرة شرطا شرعيا ، وعلى ~~هذا فمع العلم بحصول العنوان في المستقبل ms0849 وأنه لو لم يتعلم الأحكام ~~المتعلقة بالواجب لما تمكن منه حين حصوله لو ترك التعلم ، فتعذر عليه العمل ~~لا يستحق العقوبة. PageV02P234 # قوله : «رفع ما لا يعلمون» ، فإنه كما يكون بإطلاقه شاملا للموضوع ~~المشتبه مع إمكان الفحص ، فكذلك يكون شاملا للحكم المشتبه مع إمكانه أيضا ~~بلا فرق ، لوضوح صدق عنوان «ما لا يعلم» على المسائل المجهولة التي يتمكن ~~المكلف من رفع الجهل فيها بالفحص ، والعقل أيضا لا يستقل بقبح الترخيص ~~الشرعي قبل الفحص ولهذا يكون ثابتا في الشبهة الموضوعية بلا كلام وإنما ~~يحكم بقبح العمل على طبق البراءة قبل الفحص مع عدم الترخيص الشرعي ، فإذا ~~ثبت الترخيص الشرعي بالإطلاق المذكور ارتفع حكم العقل بارتفاع الموضوع. # وأما الكلام في العامل بالبراءة التارك للفحص من حيث الأحكام فلا إشكال ~~في عدم إجزاء عمله لو خالف الواقع ووجوب الإعادة عليه في الوقت والقضاء في ~~خارجه ، كما هو الحال في كل جاهل ، سواء المعذور وغيره قبل الفحص وبعده. # نعم قد دلت النصوص والإجماع على إجزاء عمل الجاهل المخالف للواقع في ~~مقامين ، الأول في الجهر والإخفات ، والثاني في القصر موضع التمام وبالعكس ~~من حيث القضاء والإعادة ، وأنه معاقب مع ذلك على مخالفة الواقع لو كان مقصرا. # فيستشكل عليه من جهتين من حيث القضاء ، الاولى : أنه إذا كانت الصلاة غير ~~مأتي بها على وجهها فما معنى الصحة والتمامية؟ والثانية : إذا كان الوقت ~~باقيا فالواجب الحكم بالإعادة ليرفع عنه العقوبة ، لا رفع الإعادة وإثبات ~~العقوبة. # واجيب عن كلتا الجهتين بأنه من الممكن أن يكون هنا مطلوبين متضادين غير ~~ممكن الاجتماع في الوجود، وكان أحدهما أهم والآخر مهم ، وقد امر بهما معا ~~على نحو الترتب. # واستشكل عليه بمنع الترتب ، وأنت خبير بأن القول بالترتب حتى يتوجه عليه ~~المنع على القول به إنما يصح في مثل القصر والتمام اللذان كل منهما مقيد ~~بقيد ينافي قيد الآخر ، وأما في مثل الجهر والإخفات اللذان أحدهما مقيد ~~والآخر مطلق حيث إن المطلوب الأدنى هو الصلاة لا بقيد الجهر لا مقيدا ~~بالإخفات فالقول بوجود ms0850 الأمرين وأنه ممتثل بامتثالين عند إتيان المقيد ~~وممتثل وعاص عند إتيان صرف الوجود بلا قيده لأن المفروض أن صرف الوجود غير ~~قابل للتكرار لا يمنعه القائل بالترتب أيضا ، ولا يتوقف صحته على صحة ~~الترتب كما هو واضح ، فلا وجه لهذا الابتناء والمنع في كلا المقامين ، كما ~~وقع في الرسائل والكفاية. منه قدسسره الشريف. PageV02P235 # وقد يجاب # أولا : بان هذا الإطلاق مقيد في الشبهة الحكمية بما بعد الفحص ، للإجماع ~~القائم على وجوب الفحص فيها. # وثانيا : بأن هذا الإطلاق مقيد في هذه الشبهة بما بعد الفحص بسبب العلم ~~الإجمالى بوجود واجبات ومحرمات في الشريعة ؛ فإن من لوازم التصديق بنبوة ~~النبي صلى الله عليه وآله والعلم برسالته عن الله تعالى هو العلم بثبوت تكاليف ~~من واجبات ومحرمات يكون المكلف مأخوذا بها ، والوقائع المحتملة للتكليف ~~بتمامها أطراف لهذا العلم ، فيجب فيها بمقتضى العلم الإجمالي الفحص والطلب. # ويرد على الأول أن الإجماع في مثل المسألة مما يتمشى فيه الأدلة الأخر من ~~العقل والنقل لا يصلح للاعتماد ، ويرد على الثاني أن العلم الإجمالي تارة ~~يدعى بوجود الواجبات والمحرمات في نفس الأمر ، واخرى يدعى بوجودها فيما ~~بأيدينا من الكتب ، فإن كان المراد هو الأول ، ففيه أنه مع عدم تحصيل مقدار ~~من المسائل يساوي مقدار المعلوم بالإجمال يكون العلم باقيا ، فلا يكون ~~الفحص رافعا لأثره من وجوب الاحتياط في المسائل المشكوكة ، فلا تكون ~~البراءة جارية فيها بعد الفحص أيضا ، ومع تحصيل هذا المقدار من المسائل ~~يكون العلم منحلا ، ومعه لا مقتضى لوجوب الفحص في المسائل المشكوكة ، فتكون ~~البراءة جارية فيها قبل الفحص أيضا. # وإن كان المراد هو الثاني ففيه أنه وإن كان مفيدا للمدعى قبل تحصيل مقدار ~~المعلوم بالاجمال من المسائل بلحاظ أن المسألة المشكوكة على هذا تكون من ~~أطراف العلم قبل الفحص ، وتكون شبهة بدوية بعده وذلك لاحتمال كونها مما في ~~الكتب قبل الفحص ووضوح عدم كونها كذلك بعده ، إلا أنه لا يفيد المدعى بعد ~~تحصيل المقدار المذكور ؛ لانحلال العلم حينئذ كما ذكرنا في الوجه الأول ، ~~فمقتضى العلم ms0851 الإجمالي على هذا أخص من المدعى ، كما أنه على الوجه الأول ~~كان مباينا له هذا. PageV02P236 # والوجه أن يقال بتقييد الإطلاق المذكور بواسطة الأدلة الدالة على وجوب ~~التفقه في الدين والتعلم للعلوم الحقة ، فنحكم بمقتضى هذه الأدلة في ~~الشبهات الحكمية بوجوب التعلم والفحص ، ويقيد إطلاق أدلة الرخصة في الشكوك ~~بما بعد الفحص. # لا يقال : إن مثل آية النفر الدالة على وجوب التفقه في الدين شامل للاصول ~~والفروع ، فإن الدين ليس إلا عبارة عن العقائد والعمليات ، فتكون النسبة ~~بين هذا وبين إطلاق أدلة الرخصة عموما من وجه ، لشمول الثانى للموضوعات ~~بخلاف الأول ، وشمول الأول للعقائد بخلاف الثاني ، ويكون مورد الاجتماع هو ~~الأحكام الفرعية التي هي محل الكلام. # لأنا نقول : وإن كان الحال في بعض من تلك الأدلة كما ذكرت ، إلا أن بعضا ~~آخر منها يخص بالأحكام الفرعية وهو كاف في المطلوب ، وذلك مثل ما ورد في ~~تفسير قوله تعالى : ( @QUR@03 فلله الحجة البالغة ) من أنه يقال للعبد يوم ~~القيامة : هل علمت؟ # فإن قال : نعم ، قيل : فهلا عملت؟ وإن قال : لا ، قيل له : هلا تعلمت حتى تعمل؟. # ومثل قوله عليه السلام في من غسل مجدورا أصابته جنابة فكز فمات : قتلوه ~~قتلهم الله ألا سألوا؟ ألا يمموه. # ثم إن سنخ الحكم في هذه الأخبار بعد تقييد الإطلاق المذكور يكون كسنخ حكم ~~العقل لو لا هذا الإطلاق ، فكما كان حكم العقل لو لا هذا الإطلاق وجوب ~~الفحص لا لنفسه ، بحيث يعاقب على تركه من حيث هو ، بل هو لأجل حفظ الواقع ~~بحيث يعاقب على تركه من حيث إفضائه إلى ترك الواقع ، كذلك يكون حكم الشرع ~~في تلك الأخبار بوجوب التعلم أيضا لأجل حفظ الواقع لا لمطلوبية في نفسه ، ~~فيكون مضمونها إرشادا إلى عين ما استقل به العقل لو لا وجود الإطلاق ، ~~والحاصل أن وجوب التعلم في هذا المقام يكون مثل وجوب الاحتياط الذي حكم به ~~الشرع في بعض المقامات في كونه وجوبا طريقيا يكون الغرض منه حفظ الواقع. PageV02P237 # إلا أن بعضهم التجأ إلى جعل هذا الوجوب ms0852 نفسيا ، حيث أشكل عليهم الأمر في ~~الواجبات المشروطة بالوقت الخاص التي يلزم من ترك تعلم المسائل قبل وقتها ~~فوتها في الوقت، فإنه لو قيل حينئذ بوجوب التعلم قبل الوقت مقدمة ، يرد ~~عليه أنه كيف يعقل وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها ، فلو كان وجوب التعلم ~~مقدميا يلزم أن لا يكون العبد عاصيا بترك هذه الواجبات إذا كان مستندا إلى ~~ترك التعلم ، فالتزموا تخلصا عن هذا الإشكال بأن التعلم واجب نفسي وأن ~~العبد عاص في الفرض المذكور بتركه ومعاقب عليه ، لا على ترك الواجب ~~المشروط. # وحيث أشكل عليهم حينئذ بأن الوجوب النفسي لتحصيل العلم في الفرعيات أيضا ~~مقطوع العدم ، لوضوح أن العلم فيها إنما يكون مطلوبا لأجل العمل لا ~~لموضوعية في ذاته ، كما هو الحال في العقائد ، مثل العلم بوحدة الباري عز ~~اسمه ، أجابوا عن ذلك بأن الشيء قد يصير واجبا لنفسه وتكون الحكمة في ~~ايجابه لنفسه ملاحظة واجب آخر ، وهذا نظير ما ذكرناه في مبحث مقدمة الواجب ~~من تثليث أقسام الواجب وهي : المقدمي ، والنفسي للنفس ، والنفسي للغير. # ولا يخفى أن مبنى الإشكال الأول هو مسلمية عدم تحقق الوجوب في الواجبات ~~المشروطة قبل حصول الشرط ، وقد حققنا بطلان ذلك في بحث مقدمة الواجب وأنه ~~لا فرق أصلا بين الواجبات المطلقة وبين الواجبات المشروطة التي يعلم بحصول ~~شرطها في ما بعد ، فكما أن الوجوب المطلق يقتضي إيجاد المقدمات في محلها ، ~~كذلك الوجوب المشروط الذي يعلم بحصول شرطه في المستقبل أيضا يقتضي من ~~المكلف إيجاد المقدمات في محلها. # وعلى هذا فنحن سالمون عن دغدغة الإشكال ، فإن الدليل الدال على وجوب ~~الصلاة في الوقت مثلا هو بعينه يدل على وجوب تعلم أحكامها قبل الوقت ، وكما ~~يحصل مخالفة هذا الأمر بترك الصلاة في الوقت مع التعلم قبله ، كذلك يحصل ~~بترك التعلم قبل الوقت. # ولكن يشكل الحال على مبنانا في الصبي الذى يعلم بحدوث البلوغ بعد PageV02P238 # ساعتين وكان أول بلوغه مصادفا لوقت الواجب المشروط وكان ترك التعلم فيها ~~تين الساعتين مؤديا إلى ترك هذا الواجب في اول ms0853 بلوغه ، فإن إيجاب التعلم ~~هنا مستلزم للإيجاب على الصبي وقد رفع عنه القلم ، فهل يقال حينئذ بارتفاع ~~هذا التكليف المشروط في أول البلوغ عنه بسبب وقوع مقدمته في زمان عدم ~~البلوغ؟ أو يقال بأن الصبي وإن كان غير مكلف شرعا ، ولكنه عاقل ذو تميز ~~ويعلم بأن الصلاة مثلا تصير واجبة عليه بعد ساعتين ، وأن ترك الواجب مفض ~~إلى العقاب وأن ترك التعلم مفض إلى ترك الصلاة ، فيستقل العقل بإيجاب ~~التعلم عليه ، ومع ذلك فلو تركه فصارت الصلاة منتركة لأجله يصدق أن انتراك ~~الصلاة مستند إلى اختياره. # ويمكن أن يتمسك لارتفاع التكليف المذكور في أول البلوغ بحديث رفع القلم ~~عن الصبي ، فإنه كما يدل على ارتفاع التكليف الفائت في حال الصباوة ، يدل ~~على ارتفاع التكليف الفائت في حال الكبارة ، مستندا إلى الاختيار في حال ~~الصباوة ، فهو نظير دليل ارتفاع وجوب قضاء الصلاة عن الحائض ، فإنه يدل على ~~ارتفاع قضاء الصلاة الفائتة في حال الطهر إذا كان فوتها مستندا إلى الحيض ، ~~كما إذا كان وقت الطهر ضيقا عن الصلاة ومقدماتها ، لاستيعاب الحيض سائر الوقت. # فتحقق من جميع ما ذكرنا أن المرجع في تقييد الإطلاقات في الشبهات الحكمية ~~هو الأخبار الخاصة الدالة على وجوب تحصيل العلم ، وحينئذ فلا بأس في التكلم ~~في أن وجوب تحصيل العلم يكون من أي قسم من أقسام الوجوب وإن لم أر من تعرض له. # فنقول : من جملة أقسام الوجوب ، الوجوب المقدمي ، وهو على ضربين ؛ لأن ~~المقدمة إما مقدمة وجود ، وإما مقدمة علم ، ولا إشكال في أن تحصيل العلم ~~لحكم العمل من الوجوب والحرمة والإباحة لا يتوقف عليه وجود العمل فعلا كان ~~أم تركا ، فترك شرب التتن مثلا وفعله يحصلان من المكلف من غير توقف على ~~علمه بحكمها ، وهو واضح. PageV02P239 # نعم إذا كان للعمل صورة وكيفية خاصة ، فالعلم بالصورة والكيفية مما يتوقف ~~عليه وجود العمل عادة ، فالصلاة المشتملة على الأركان المخصوصة بالهيئة ~~الخاصة وإن كان صدورها عن الفاعل اتفاقا مع جهله بهيئتها ممكنا عقلا ، ~~ولكنه ممتنع عادة ، فيتوقف إيجاد ms0854 الصلاة عادة على تعلم كيفيتها ، ولكن في ~~هذه الصورة أيضا لا يتوقف وجود العمل على العلم بأصل حكمه من الوجوب ~~والحرمة والإباحة ، ولا إشكال في أن تحصيل العلم بحكم العمل لا يتوقف عليه ~~العلم بوجود العمل ، فترك شرب التتن وفعله كما لا يتوقف نفسهما على العلم ~~بحكمهما ، كذلك لا يتوقف العلم بتحققهما أيضا على العلم بحكمهما. # نعم مع بقاء العلم الإجمالي الكبير للمكلف واختلاط الواجبات بالمحرمات ~~عنده كان علمه بصدور الواجبات وانتراك المحرمات موقوفا على علمه بالواجبات ~~والمحرمات وتمييزه بينهما ، ولكن لا يتمشى ذلك مع انحلال العلم في الشبهات ~~البدوية في التكليف ، فإذا كان شرب التتن مرددا بين الحرمة والإباحة يحصل ~~العلم بعدم مخالفة المولى بالاحتياط ، ولا يتوقف على العلم بحكم شرب التتن ~~واقعا من الحرمة والإباحة. # فتحصل أن تحصيل العلم مقدمة وجودية للعمل في بعض المقامات ، وعلمية في ~~بعض آخر ، ولا يكون شيئا منهما في ثالث ، فلا يمكن الالتزام بالوجوب ~~المقدمي لتحصيل العلم في الفرعيات على سبيل الكلية. # ومن جملة أقسام الوجوب ، الوجوب الطريقي ، وهو عبارة عن إيجاب شيء بغرض ~~إحراز شيء آخر من المكلف ، كما لو كان الواجب الواقعي شيئا ، وكان وجوبه ~~مشتبها على المكلف ، فأمره المولى بعنوان آخر ممكن الانطباق على هذا الشيء ~~، ومثاله في الشرعيات حكم الشارع بوجوب متابعة قول العادل ؛ فإنه لما كان ~~للشارع اهتمام بالتكاليف الواقعية وكانت في الغالب مشتبهة على المكلفين ~~أمرهم بمتابعة قول العادل ليحرز منهم امتثال التكاليف بهذه الوسيلة. # فعلم أنه يعتبر في متعلق الوجوب الطريقي أن يكون له إمكان الانطباق على PageV02P240 # الواجب الواقعى كما في متابعة قول العادل ؛ فإنها فيما إذا كان قول ~~العادل النهي عن شرب التتن منطبقة على ترك الشرب المطلوب الواقعي ، ولا ~~إشكال في أن تحصيل العلم لا يكون منطبقا على امتثال الواجبات والمحرمات ، ~~بل مع إتيانه يكون امتثالها باقيا على المكلف بعد، فلا يمكن أن يكون وجوب ~~التحصيل من قبيل الوجوب الطريقي المصطلح. # ومن جملة أقسام الوجوب ، الوجوب النفسي ، وقد عرفت أنه لا يمكن الالتزام ~~به ms0855 في تحصيل العلم في الفرعيات وإن كان ثابتا في تحصيل العلم في العقائد. # والذي يختلج بالبال تفصيا عن الإشكال أن يقال : إن الشارع أوجب على كل ~~مكلف ومكلفة طلب العلم بالأحكام العملية نفسا ، وكان الحكمة في ايجابه ~~لنفسه ملاحظة حال تلك الأعمال التى وقعت موردا للأحكام الواقعية ، فإن هذا ~~العلم يكون في بعض الموارد مقدمة لنفس إتيان تلك الأعمال ، وفي بعضها مقدمة ~~للعلم بإتيانها ، وفي بعض الموارد الذي لا يكون مقدمة أصلا يكون سببا لقوة ~~الداعي في نفس المكلف إلى تلك الأعمال ، وذلك لأن العمل ما دام وجوبه ~~مشكوكا عند المكلف يكون الداعي إليه في نفس المكلف ضعيفا ، ولكن إذا علم ~~بوجوبه يشتد خوفه من عقوبة أمره ويحصل في نفسه الداعى القوي إلى العمل. # بقى الكلام في الشرطين الآخرين الذين ذكرهما بعضهم لأصل البراءة ، أحدهما ~~أن لا يكون إجراء هذا الأصل مثبتا لتكليف آخر ، والثاني أن لا يكون موجبا ~~للضرر ، فنقول : أما الشرط الأول فلا يمكن القول بحقيقة الاشتراط فيه ، ~~وذلك لأن المكلف في الشبهة البدوية متى تفحص عن الدليل ولم يظفر به فهو غير ~~منفك أبدا عن حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، وليس لنا مورد تحقق هذا ~~الموضوع وانتفى عنه هذا الحكم العقلي كما كان منتفيا قبل الفحص ، فالاشتراط ~~بمعنى دوران حكم العقل بقبح العقاب مدار الشرط وجودا وعدما ممنوع جزما. # نعم يمكن توجيه كلام هذا القائل بأن يقال : إن التعبير بالاشتراط من باب ~~المسامحة ، ومراده أن عدم ثبوت التكليف في شيء إذا كان مثبتا لتكليف آخر PageV02P241 # فأصالة البراءة عن التكليف الأول لا يثبت التكليف الثاني ، لأنها بالنسبة ~~إلى الثانى من الأصل المثبت. # وحينئذ فنقول : الكلام من هذا الحيث تارة في الأصل العقلي ، واخرى في ~~الشرعي ، أما الأول أعني : حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان فلا إشكال في ~~أنه مثبت للأثر المترتب على نفس عدم العقاب وعدم تنجز الخطاب وفعليته ، كما ~~في باب المزاحمات حيث إن عصيان التكليف الغصبي موجب لبطلان الصلاة في الدار ~~الغصبية وعصيان التكليف بإنقاذ ms0856 الغريق الأهم موجب لعدم فعلية التكليف ~~بإنقاذ الغريق المهم. # وأما لو انتفى العصيان والتنجيز والفعلية عند الشك في غصبية الدار ، أو ~~في وجود الغريق الأهم بواسطة أصالة البراءة وقبح العقاب بلا بيان كانت ~~الصلاة صحيحة وإنقاذ الغريق المعلوم المهم مأمورا به فعلا ، نعم هذا الاصل ~~لا يثبت الأثر المترتب على نفي التكليف وثبوت الإباحة الواقعية ؛ لوضوح أن ~~العقل الحاكم بقبح العقاب بلا بيان لا يعين نفي التكليف في الواقع وثبوت ~~الإباحة كذلك. # وأما الأصل الشرعي فإن قلنا بأنه مسوق لبيان رفع العقوبة عن التكليف ~~المشكوك كما هو مفاد الأصل العقلي ، فقوله : «رفع ما لا يعلمون» ناظر إلى ~~عين ما استقل به العقل من قبح العقاب بلا بيان ، وكذلك قوله : «كل شيء مطلق ~~حتى يرد فيه نهي» وقوله : «كل شيء حلال حتى تعلم أنه حرام» فمفاد الكل أن ~~المؤاخذة والعقوبة مرفوعة ما دام التكليف مشكوكا ، فالكلام فيه هو الكلام ~~في الأصل العقلي بعينه من التفصيل بين الآثار المترتبة على نفس عدم العقاب ~~، وبين الآثار المترتبة على الإباحة الواقعية ، بترتب الاولى دون الثانية. # وأما إن قلنا بأن مفاد البراءة الشرعية جعل الإباحة والحلية في مرحلة ~~الظاهر في مورد الشك لا مجرد عدم العقاب على التكليف المشكوك ، فمقتضى ~~القاعدة هو التفصيل بين ما إذا كان ثبوت أحد الحكمين عند عدم ثبوت الآخر من ~~باب الملازمة ، وبين ما إذا كان من باب ترتب الحكم على الموضوع ، ففي الأول يكون PageV02P242 # إثبات الحكم الأول بأصل البراءة النافي للحكم الثاني من باب إثبات أحد ~~المتلازمين بالأصل المثبت لوجود الآخر ، ولا شك أنه من الأصل المثبت ~~الممنوع. # وأما في الثاني اعني : ما إذا كان عدم التكليف موضوعا لثبوت حكم آخر ، ~~كما في جواز الصلاة في جلد ووبر ما يحل أكل لحمه ، حيث إن حلية الأكل موضوع ~~لجواز الصلاة في الجلد والوبر ، فالتحقيق أن أصالة البراءة الشرعية على هذا ~~المبنى كما أنها تفيد لحلية نفس العمل ، فلا مانع من إثباتها لما يرتب على ~~حلية العمل أيضا. # خلافا لبعض الأساتيد ms0857 قدسسره حيث ذهب إلى أنه لا يترتب على الحلية ~~[الثابتة] بأصل البراءة ما كان مترتبا على الحلية الواقعية وإن كان يترتب ~~عليها ما كان مترتبا على الأعم من الحلية الظاهرية والواقعية ، والحق ما ~~ذكرنا ، ووجهه أنه لا فرق في ذلك بين هذا الأصل وبين استصحاب الخمرية ، أو ~~إثباتها بالبينة ، فإنه كما يثبت بهما الحرمة والنجاسة ، كذلك الأثر ~~المترتب على النجاسة وهو المانعية في الصلاة ، مع أن دليل المانعية مختص ~~بالنجاسة الواقعية ، فحال أصالة البراءة في ما نحن فيه بالنسبة إلى الأثر ~~المفروض حال الاستصحاب والبينة في الخمر. # فإن كان دليل ترتب الأثر على حلية العمل أعم من الحلية الواقعية ~~والظاهرية فنعم المطلوب ؛ فانه يتحقق نفس الموضوع حينئذ بالأصل ، وإن كان ~~مختصا بالحلية الواقعية كما هو الواقع ، فأصالة البراءة تفيد توسعة دائرة ~~الموضوع ، فلا وجه لعدم توسعة حكمه. # وتوضيح هذا الإجمال أن عدم نقض الحالة السابقة في الاستصحاب يكون بمعنى ~~عدم نقض المكلف حاله السابق في العمل الذي كان يعمله من العمل اللزومي ~~الفعلي ، أو اللزومى التركي ، أو العمل الدائر مدار ميله وإرادته ، وهو ~~الجامع بين الشبهة في الموضوع والشبهة في الحكم ، ففي الأول يكون للموضوع ~~حكم وللحكم عمل ، وفي الثانى يكون العمل للحكم المعلق على موضوع. PageV02P243 # وكيف كان فمقتضى عدم نقض العمل السابق عدم التفكيك بين الأعمال السابقة ، ~~فلو كان للمكلف في السابق عملان ، أحدهما أكل اللحم والآخر الصلاة في الجلد ~~والوبر فمقتضى عدم نقض العمل السابق بقاء كلا العملين في اللاحق. # فنقول مثل ذلك الحال في قوله : «كل شيء حلال حتى تعلم أنه حرام» ، بيانه ~~أن جعل الحلية في الشيء بالعنوان الثانوي تارة يكون في عرض الواقع كما في ~~الحلية لأجل الضرورة ، والحلية بالاصول والأمارات بناء على ما ذهب إليه شيخ ~~الطائفة من الموضوعية والسببية ، والحلية في هذه الصورة لا ربط لها بالحلية ~~الواقعية ، ولا يترتب عليها الأثر المترتب على الحلية الواقعية كما هو واضح. # واخرى يكون جعل الحلية بلحاظ الواقع وعلى وجه جعل القانون فيه ، كما هو ~~الحال ms0858 على المذهب المختار في الاصول والأمارات من الطريقية والحلية في هذه ~~الصورة وإن كانت مغايرة للحلية الواقعية باعتبار أن الحلية الواقعية مجعولة ~~بالعنوان الأولى ، وهذه بالعنوان الثانوي الذي هو الشك ، إلا أن جعل الحلية ~~بهذا النحو راجع إلى تنزيل الحلية منزلة الحلية الواقعية. # فأصالة البراءة الشرعية على هذا يفيد أن الحلية في موردها بدل عن الحلية ~~الواقعية وتكون عند المكلف بمنزلة الحلية الواقعية ، فيجب عليه أن يعامل مع ~~هذه الحلية كل معاملة يعاملها مع الحلية الواقعية ، ومن جملة المعاملات مع ~~الحلية الواقعية جواز الصلاة في الجلد والوبر من مأكول اللحم ، فلا بد أن ~~يعامل ذلك مع الحلية التي يفيدها هذا الأصل. # فإن قلت : القدر المتيقن من هذا التنزيل هو الأثر الأول أعنى : جواز نفس ~~العمل ، وأما الأثر المترتب على الحلية الواقعية فلا. # قلت : فلم تقولون بترتيب جميع آثار الطاهر على الشيء الذي ثبت طهارته ~~بالأصل، فيحكم بجواز الصلاة معه وعدم نجاسة ملاقيه ولا يقتصر على الحكم ~~التكليفي ، والحال أن دليل التنزيل فيه وهو قوله : «كل شيء طاهر» يكون مثل ~~دليل التنزيل في المقام وهو قوله: «كل شيء حلال». PageV02P244 # فإن قلت : فلم لا تقول بترتب الآثار المترتبة بتوسط الآثار العقلية. # قلت : وجهه أن التنزيل يقف عند الأثر العقلي ولا يشمله ، لأنه ليس من شأن ~~الشارع ، فلهذا لا نحكم بترتب الأثر المترتب على هذا الأثر العقلي ، فإنه ~~يقتصر في التنزيل على الأثر المترتب على نفس الموضوع بلا واسطة ، فالأثر ~~المترتب على الأمر العقلي يحتاج إلى تنزيل مستقل ، وهذا التنزيل لا يفيد بحاله. # نعم هذا التنزيل مفيد في الآثار المترتبة التي تكون بتمامها شرعية ، فإن ~~التنزيل في الموضوع الأول يكون تنزيلا في الأثر المترتب عليه بلا واسطة ، ~~والتنزيل في هذا الأثر الذي هو موضوع للأثر الثانى يكون تنزيلا في أثره ، ~~والتنزيل في الأثر الثانى الذي هو موضوع للثالث يفيد التنزيل فى الثالث ، ~~والتنزيل في الثالث يفيد التنزيل في أثره الذى هو الرابع ، وهكذا ، ثم إن ~~ما ذكرنا غير جار في حديث الرفع ؛ فإن ms0859 مفاده رفع تنجز التكليف في الظاهر ~~وهو أعم من الحلية الظاهرية هذا هو الكلام في الشرط الأول. # وأما الشرط الثاني أعني : عدم حصول الإضرار بجريان أصل البراءة فهو في ~~الحقيقة ليس بشرط لارتفاع موضوع الأصل مع وجود القاعدة ، كيف وهذه القاعدة ~~حاكمة على الأدلة الاجتهادية أعني : العمومات والإطلاقات في الأدلة اللفظية ~~، فكيف بهذا الأصل الذي هو دليل فقاهتي وموضوعه الشك ويكون متأخرا في ~~الرتبة عن الدليل الاجتهادي. PageV02P245 ### | قاعدة «لا ضرر» (1) # ولا بأس بصرف عنان الكلام في التكلم في قاعدة الضرر. # فنقول : الأخبار في هذا الباب تكون في الكثرة إلى حد لا يحتاج إلى النظر ~~في سندها ، فإنها على ما قيل وإن لم يكن متواترة بحسب المضمون لاختلاف ~~المضمون فيها ، الا أن التواتر الإجمالى ثابت ، ويكون القدر المتيقن من ~~الجميع أن الضرر منفي في الشريعة المطهرة ، وإذن فاعتبار السند في هذه ~~الأخبار مما لا كلام فيه ، مضافا إلى استدلال العلماء بها في غير مقام. # وإنما الكلام في دلالتها وهو في طي مقامات : # والثاني في بيان الثمرة بين الاحتمالين # والثالث في بيان النسبة بين هذه القاعدة والقواعد والأدلة الأخر ، وأنها ~~الحكومة أو غيرها. # أما المقام الأول فنقول : أما الاحتمال الأول في القاعدة فيبني بيانه على ~~مقدمة وهي أن النفي إذا تعلق بموضوع خارجي وكان هذا الموضوع بحسب الواقع ~~موجودا في الخارج يجعل نفيه راجعا إلى نفي آثاره لا على نحو التقدير ، بل ~~بمعنى أن الحكم بنفيه يكون بلحاظ نفي آثاره. # وإن شئت قلت : ان المصحح لنفيه نفي آثاره ، كما أن هذا هو الحال في العكس ~~وهو الحكم بثبوت موضوع لموضوع آخر مع عدم كون الموضوع الثاني من مصاديق ~~الموضوع الأول بحسب الواقع كما في قولنا : زيد أسد ؛ فإن المصحح لهذا PageV02P246 # الحكم الإثباتي هو ثبوت آثار الموضوع الذي حكم بثبوته ، ومثال ذلك في طرف ~~النفي قول الشارع «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» فإن الصلاة فعل ~~خارجي متحقق في الخارج ، فيكون الحكم بنفيه بلحاظ نفي آثاره. # وحينئذ فنقول : معنى قول الشارع : «لا ms0860 ضرر» أن الفعل الضرري معدوم ، ولا ~~يمكن حمل ذلك على نفي الحقيقة ، فإن الفعل الضرري كثير الوجود في ما بين ~~العباد ، فلا بد أن يكون هذا النفي بلحاظ نفي الآثار المترتبة على الفعل ~~الضرري ، ولما لم يكن الفعل الضرري منفى الأثر رأسا ؛ لأن الحرمة والضمان ~~ثابتان فلا بد من التفكيك بين الآثار التى يكون ترتبها مخالفا للمنة وبين ~~ما يكون ترتبها موافقا للمنة والحكم بأن القاعدة نافية للاولى دون الثانية ~~؛ لأنها واردة في مقام المنة. # وأما الاحتمال الثاني فهو أن يكون المعنى أن إحداث الضرر ليس من شأن ~~الشارع ، بمعنى أن القواعد التي قررها الشارع ليس فيها قاعدة كان فيها ضرر ~~على المكلفين ، فكلما كان عموم أو إطلاق موهما لثبوت حكم موجب للضرر فهذه ~~القاعدة ناطقة بأن هذا الحكم ليس من دين الإسلام ، وذلك لأن الإسلام الذي ~~جعل ظرفا لهذا النفي عبارة عن القواعد الإسلامية ، ومعنى عدم الضرر في هذه ~~القواعد عدم مجيئي الضرر من ناحيتها على المكلفين. # وبعبارة اخرى : قول الشارع : «لا ضرر في الاسلام» مساوق لقوله : «لا حرج ~~في الدين» ، فكما أن معنى الثانى أن الشارع لم يجعل على المكلفين حكما ~~حرجيا ، فكذلك معنى الأول أنه لم يجعل عليهم حكما ضرريا. # وأما الفرق بين هذين وبين قول الشارع : «لا صلاة لجار المسجد إلا في ~~المسجد» فهو أن الصلاة فعل صادر عن المكلف وليس له صحة الإضافة إلى الشارع ~~، فلا محالة يكون نفيه في كلام الشارع محمولا على نفي هذا الموضوع الخارجي ~~الصادر من المكلف. # وأما الضرر والحرج فلهما صحة الإضافة إلى العباد والى الشارع ، أما ~~إضافتهما إلى العباد بأن يوقع بعضهم بعضا في الضرر والحرج فواضحة ، وأما PageV02P247 # إضافتهما إلى الشارع فلأن الشارع إذا أوجب على المكلف عملا فيه ضرر وحرج ~~عليه مثل إيجاب الوضوء مع الرمد في العين أو الجراحة في اليد أو الرجل يصدق ~~أن الشارع أوقع المكلف في الضرر والحرج ، فإن الضرر والحرج وإن كانا حادثين ~~بفعل المكلف ويكون لهما صحة الإضافة إلى نفسه ، إلا أن ms0861 لهما صحة الإضافة ~~إلى الشارع أيضا بلحاظ أنه الآمر بهذا الفعل الضرري الحرجي. # والحاصل أنا نستظهر من خصوص قضيتى لا ضرر ولا حرج أن المراد نفيهما بمعنى ~~عدم صدورهما من الشارع ، يعنى أن الشارع لم يجعل على العباد قانونا ضرريا ~~أو حرجيا ، ووجه ذلك أنه لو جعل القانون الضرري والحرجي على العباد يصح أن ~~يقال : إن الشارع أحدث الضرر أو الحرج على العباد ، وليس المعنى نفي ~~الموضوع الخارجى الراجع إلى نفي الآثار ، ولكن نستظهر في سائر القضايا مثل ~~: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» و «لا شك لكثير الشك» نفي الموضوع ~~الخارجى الراجع إلى نفي الآثار ، ووجهه أن سائر الموضوعات حالها بالنسبة ~~إلى الشارع حال الحجر بالنسبة إليه في عدم ربطها بالشارع أصلا ، فالمرتبط ~~بالشارع رفع حكمها ليس إلا. # والشاهد على هذين الظهورين ركاكة التقييد في سائر القضايا بقولنا : «في ~~الاسلام» أو «في الدين» ألا ترى ركاكة قولنا : «لا صلاة لجار المسجد إلا في ~~المسجد في الإسلام» أو «لا شك لكثير الشك في الدين»؟ فإن الشك ليس من شأن ~~الشارع ، وكذا الصلاة ، هذا مع كمال لياقة هذا التقييد ومناسبته في قضيتي ~~لا ضرر ولا حرج. # ثم إن الاحتمال الثاني هو مختار شيخنا المرتضى وهو الحق ، كما أن ~~الاحتمال الأول مختار بعض من عاصرناه من الأساتيد مع مبالغته وإصراره على ~~أنه معنى واضح عرفي. # وأما المقام الثاني فنقول : ذهب بعض الأساتيد المتقدم إليه الإشارة إلى ~~ظهور الثمرة بين الاحتمالين في العقد الضرري كالعقد المشتمل على غبن أحد ~~الطرفين ، كما لو باع عمرو متاعا من زيد بأعلى من قيمته فصار الزيد مغبونا له في PageV02P248 # هذه المعاملة ، فبناء على الاحتمال الذى اختاره هذا البعض يقال : بأن هذا ~~العقد موضوع ضرري وقد نفاه الشرع ، ومعنى نفيه أن الشارع رفع عنه حكم ~~اللزوم الثابت له بالأدلة الأولية ، فإذا رفع عنه حكم اللزوم يثبت له حكم ~~الجواز ، فيجوز للزيد المشتري في المثال فسخ العقد حينئذ. # وأما بناء على الاحتمال الذى اختاره شيخنا المرتضى فلا بد ms0862 من الحكم بعدم ~~حدوث الضرر على الزيد المشتري من طرف الشرع ، وذلك كما يمكن برفع الشارع ~~اللزوم عن هذا العقد بالمرة ، يمكن أيضا برفعه اللزوم في خصوص صورة امتناع ~~الغابن عن بذل الأرش مع بقاء اللزوم في صورة إقدامه بالبذل ، وحينئذ فيقتصر ~~في تخصيص الأدلة المثبتة للزوم بهذه القاعدة على صورة الامتناع من البذل ، ~~فيختص ثبوت الخيار للمشتري المغبون بهذه الصورة، والحال أن الفقهاء رضوان ~~الله عليهم حكموا بثبوت خيار الغبن من غير فرق بين الصورتين ، ومن المعلوم ~~انحصار مدركهم في هذه القاعدة ، فإنه لا مدرك لأصل خيار الغبن سوى هذه ~~القاعدة. # وهذا الكلام غير جار على الاحتمال الأول ، فإن خروج المبلغ الكثير من كيس ~~المشتري إلى كيس البائع بإزاء المتاع القليل ضرر بنفسه ، وجواز العقد أو ~~دفع البائع الغابن للأرش لا يوجب خروج ذاك العنوان عن حقيقة الضررية ، بل ~~هو معهما أيضا ضرر ، غاية الأمر حصول تداركه بسببهما. # وحينئذ فنقول : إن موضوع حكم الشارع بالنفي هو الضرر ، فمتى تحقق هذا ~~الموضوع تحقق هذا الحكم ، فتدارك البائع الغابن ببذل الأرش يكون تداركا ~~للضرر الذي حكم بنفيه الشرع ، فللمغبون أن لا يرضى بقبوله ويختار الفسخ. ~~هذا ما ذكره قدس سره. # ولكن الحق أن الكلام الذى ذكره بناء على احتمال الشيخ جار في احتمال نفسه ~~، وذلك لأن نفي الموضوع بناء على احتماله قدسسره يكون بمعنى نفى أثره ، كما ~~عرفت ، وعرفت أيضا أن نفي الأثر لا يعم جميع الآثار ، بل يختص PageV02P249 # بالآثار التى يكون وجودها مخالفا للمنة ، ولا يجرى في الآثار التى يكون ~~وجودها موافقا للمنة أو غير مخالف ولا موافق لها ، فإن القاعدة تكون في ~~مقام المنة ، ولا منة في رفع ما سوى الطائفة الاولى من الآثار. # وحينئذ فنقول : الحكم الثابت للعقد الضررى بأدلة لزوم الوفاء بالعقود هو ~~اللزوم المطلق الشامل لصورتي بذل ما به التفاوت وعدم البذل ، فيستفاد من ~~هذه الأدلة شيئان : أصل اللزوم وإطلاقه ، ولا إشكال في أن ثبوت أصل اللزوم ~~في العقد الضررى ليس فيه خلاف منة بأن يكون ms0863 لازما في خصوص صورة البذل. # نعم ثبوت اللزوم فيه على وجه الإطلاق سواء بذل أم لم يبذل يكون على خلاف ~~المنة، فبناء على الاحتمال المذكور تختص القاعدة بنفى هذا الأثر أعنى ~~الإطلاق دون أصل اللزوم ، فتكون دلالة الأدلة بالنسبة إلى أصل اللزوم سليمة ~~عن حكومة القاعدة ، فبناء على هذا الاحتمال أيضا لا تفيد القاعدة ثبوت ~~الخيار المطلق للمغبون كما ذكره العلماء ، فالاحتمال المذكور مضافا إلى ~~بعده في نفسه كما عرفت في المقام الأول لا يظهر بينه وبين الاحتمال الآخر ثمرة. # فإن قلت : يلزم على ما ذكرت من المعنى تخصيص الأكثر ، فإن الواجبات ~~والمحرمات في الدين لا ينفك في الغالب عن الحرج والكلفة ، مثلا فعل الوضوء ~~والغسل والصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس شاق في الجملة ، نعم لا يلزم ~~ذلك في قاعدة الضرر ، فإن المشتمل على الضرر النفسي أو المالي من الأحكام ~~كالحج والزكاة والخمس والجهاد قليل. # قلت : قد يقال في دفع ذلك بأن العمل الصعب إذا كان ذا منفعة لا يعد في ~~العرف صعبا ، بل يكون سهلا بلحاظ غايته ، مثلا المتصدي للأعمال السوقية إذا ~~رجع في آخر النهار وقد اكتسب عشرة توامين يكون فيه من الفرح ما لا يوصف وإن ~~كان أعماله في غاية الصعوبة ، وكذلك المتصدي للجهاد يكون عليه إعمال آلات ~~الحرب في المعركة بملاحظة النعيم الاخروي الموعود به من القصور ووصل الحور ~~في غاية السهولة والراحة. PageV02P250 # لكن يرد عليه مضافا إلى أن العرف لا يلاحظون حصول النعيم في الآخرة ، بل ~~يصدق عندهم عنوان الضرر والحرج على الضرر النفسي والعرضي والمالي وإن كان ~~بإزائه مثوبة اخروية أن القاعدتين على هذا لا حكومة لهما على سائر القواعد ~~في موارد ثبوت الضرر والحرج كما يأتي إثباتها في المقام الثالث ، بل يكون ~~لتلك القواعد ورود عليهما ، وذلك لانتفاء موضوع القاعدتين بعد كشف إطلاق ~~تلك القواعد عن ثبوت المنفعة الاخروية في تلك الموارد. # فالأولى أن يقال في دفع أصل الإشكال أن معنى نفي الضرر والحرج في الدين ~~نفي الضرر والحرج الحاصلين بعد حفظ أصل ms0864 الدين ، فلا تتعرض القاعدة للضرر ~~والحرج الحاصلين بنفس المجعول ، بل تتعرض للحاصل منهما بواسطة الخصوصيات ~~الخارجة عن المجعول ، مثلا ما يقتضيه طبع الوضوء من الحرج مقدار معين ، ~~فإذا زاد على هذا المقدار ما يسمى حرجا عرفا فلا يستند هذه الزيادة إلى ~~الوضوء ، بل إلى أمر آخر كعلة مزاج الفاعل أو شدة برودة الهواء خارجا عن ~~المتعارف أو غير ذلك ، فحينئذ يصدق أن في الوضوء قسمين ، قسما حرجيا يعنى ~~ما يكون الحرج فيه زيادة على حرج أصل الوضوء ، وقسما غير حرجي يعنى ما لا ~~يكون الحرج فيه زيادة عليه ، فيصح أن يقال : إن الحرج في الوضوء منفي ، لا ~~أنه لا حرج في أصل الوضوء. # وكذلك ما يقتضيه طبع الزكاة من الضرر مقدار معين ، فإذا زاد عليه ما يسمى ~~ضررا عرفا فلا يستند هذه الزيادة الى أصل الزكاة ، بل إلى أمر آخر من ظلم ~~ظالم وغيره ، فيصح أن يقال : إن في الزكاة قسمين ، قسما ضرريا وقسما غير ~~ضرري ، فالمنفي فيها هو القسم الضرري ، لا أنه لا ضرر في أصل الزكاة. # والحاصل أن مفاد القاعدة نفي الضرر والحرج الحاصلين في أقسام المجعولات ~~لا في أنفسها ، وهذا المعنى له ثمرتان ، الاولى : عدم لزوم تخصيص الأكثر ~~كما هو واضح ، والثانية : عدم إمكان التمسك بالقاعدة لنفي الحكم الحرجي ~~المشكوك الابتدائي ، لما فرض من عدم تعرضها للحرج الحاصل بأصل الجعل ، و PageV02P251 # لذا بخلاف ما إذا كان المعنى نفي الحرج في أصل الأحكام المجعولة للشرع ؛ ~~إذ حينئذ يصير عموم القاعدة موهومة بأكثرية الخارج عنها من الداخل ، فتصير ~~نظير قاعدة أن «القرعة لكل أمر مشكل» ويحتاج في التمسك بها إلى التأيد بعمل ~~العلماء. # المقام الثالث : في بيان النسبة بين هذه القاعدة وسائر الأدلة. # فاعلم أولا أن النسبة بينها وبين كل واحد واحد من سائر الأدلة عموم من ~~وجه ، فإن دليل الوضوء مثلا شامل للوضوء الشينى وغيره ، والقاعدة تختص ~~بالاول ، كما أن القاعدة شاملة للوضوء الشيني وغيره من سائر أفراد الضرر ، ~~ودليل الوضوء يختص بالأول ، وكذا الحال بينها وبين دليل ms0865 لزوم الوفاء ~~بالعقود ؛ فإنه شامل للعقد الغبنى وغيره من سائر أفراد العقود ، والقاعدة ~~تختص بالأول ، كما أن القاعدة شاملة للعقد الغبني وغيره من سائر أفراد ~~الضرر ، وذاك الدليل يختص بالأول. # وحينئذ فنقول : تارة يقال بتقديم هذه القاعدة وقاعدة لا حرج على سائر ~~القواعد بطريق آخر مخصوص بهما ولا يجري في غيرهما ، وهو أن هاتين القاعدتين ~~إذا لو خط النسبة بينهما وبين مجموع سائر القواعد من حيث المجموع كانتا أخص ~~مطلقا من تلك القواعد ، فإن الدين عبارة عن مجموع تلك القواعد ، وقد خرج ~~عنه الضرر والحرج ، ولا ينافي ذلك جزئيتهما للدين ، فإن المراد بالدين في ~~ما إذا صار موضوعا لهاتين القاعدتين ليس إلا ما سواهما ، فهو نظير الموضوع ~~في أدلة الاصول لو جعلناه الشك في التكليف الفعلي ، فإنه يقال : إن حكم ~~الشك أيضا تكليف فعلي ، فحال المكلف بنفس الشك ينقلب إلى العلم بالتكليف ~~الفعلي فيخرج عن الموضوع ، فيقال : إن التكليف الفعلي المأخوذ في موضوع حكم ~~الشك يراد به غير حكم الشك. # فإن قلت : إن سائر القواعد لو لوحظت مقيدة بالضرر والحرج فلا معنى ~~لاستثنائهما عنها ، وإن لوحظت مطلقة بالنسبة إليهما كانت أجنبية عن الدين. # قلت : هي ملحوظة بالوجه الثاني ، واجنبيتها عن الدين إنما هي بعد جعل رفع PageV02P252 # الضرر والحرج ، وأما قبله فهي كانت دينا على وجه الحقيقة ؛ لأن المقتضيات ~~للأحكام تامة في مورد الضرر والحرج أيضا ، غاية الأمر أنها كانت دينا ضرريا ~~حرجيا ، فتفضل الشارع على العباد برفع اليد عن تلك المقتضيات في موارد ~~الضرر والحرج ، فهي كانت دينا قبل هذا التفضل وليست بدين بعده. # ولكن الحق فساد هذا الطريق ؛ لأن القاعدة تعارض مع كل واحد من الأدلة ~~المثبتة للأحكام ، وما ذكر من أن تلك القواعد بجميعها دين وقاعدة لا ضرر ~~أخص مطلق منه كلام بلا محصل ؛ فإن مفاد القاعدة أن الحكم الضرري ليس مجعولا ~~في الدين ، وإيجاب الوضوء الشيني مثلا حكم ضرري ، فتنفيه القاعدة بعمومها ، ~~ودليل إيجاب الوضوء يفيد بعمومه أن هذا الحكم الضرري مجعول في الدين ، ~~فيكون بينهما تعارض ms0866 العموم من وجه ، وكذلك الحال في سائر الأدلة. # واخرى يقال بتقديم القاعدتين على سائر الأدلة من طريق الحكومة ، ولتقرير ~~ضابط الحكومة وجهان ، أحدهما غير تام في المقام ، والآخر تام فيه. # فالأول وهو مختار شيخنا المرتضى قدسسره أن يكون أحد الدليلين ناظرا إلى ~~مدلول الدليل الآخر ، لا من حيث نفس المدلول ووجوده في عالم الثبوت ، بل من ~~حيث كونه مدلول الدليل ووجوده في عالم الإثبات. # وبعبارة اخرى : يكون أحد الدليلين بمنزلة كلمة «أي» و «أعني» بالنسبة إلى ~~الدليل الآخر ، ولازم ذلك أنه لو لم تكن القاعدة الظاهرية الموجودة في عالم ~~الإثبات التي هي المحكوم كان الدليل الحاكم لغوا ؛ لأنه مفسر بلا مفسر ~~وشارح بلا مشروح ، نعم يكفي وجود المحكوم لاحقا بأن يكون النظر في الحاكم ~~إلى القانون الذي يضرب بعد ذلك. # وهذا الوجه في كل مورد تحقق لا إشكال في كونه موجبا لتقديم الحاكم ، لأن ~~المفروض أن المتكلم قد تصدى لشرح مراده من الدليل المحكوم ، إلا أنه لا يتم ~~في بعض الموارد التي نقول فيها بحكومة دليل على دليل آخر ، إذ لا ينطبق هذا ~~الضابط على أدلة الأمارات التي نقول بحكومتها على أدلة الاصول ، لوضوح أن PageV02P253 # دليل اعتبار الأمارة مثل «صدق العادل» لا يتصف باللغوية لو لم تكن أدلة ~~الاصول موجودة ، وكذلك الحال في المقام ؛ فإن قاعدة لا ضرر لا تصير لغوا لو ~~لم تكن الأدلة المثبتة للأحكام موجودة ؛ فإن معناها أن الحكم الضرري غير ~~مجعول في الأحكام الواقعية للشارع ، وهذا أعم من أن يكون على تلك الأحكام ~~أدلة في مقام الإثبات أم لم يكن. # وعلى هذا فكما أن مفاد دليل وجوب الوضوء مثلا بحسب الإطلاق أن وجوب ~~الوضوء الشيني يكون من الأحكام الواقعية ، كذلك مفاد قاعدة لا ضرر بحسب ~~الإطلاق أيضا أن نفي وجوب هذا الوضوء يكون من الأحكام الواقعية ، وإنما يتم ~~هذا الوجه في ما إذا كان الدليل الحاكم نافيا لموضوع من الموضوعات الخارجية ~~كما في قوله : «لا شك لكثير الشك.» # ووجه تماميته في هذه الصورة أنه لا يمكن ms0867 أن يكون نفي الموضوع الخارجي ~~باعتبار نفسه ، بل لا بد أن يكون باعتبار أثره ، والنفي باعتبار الأثر أيضا ~~فرع شمول الأثر لهذا الموضوع ، كما هو واضح. # وحينئذ فإن كان شمول الأثر بحسب عالم الثبوت بأن يكون الموضوع واجدا ~~للأثر واقعا فصار منفيا عنه بنفس النفي يلزم حينئذ أن يكون النفي نسخا وهو ~~خلاف المراد في تلك العبارات قطعا ، فتعين أن يكون الشمول باعتبار عالم ~~الإثبات بأن يكون هناك قاعدة ظاهرية وكان حكمها منسحبا في هذا الموضوع ~~بالعموم أو الإطلاق ، فقولك : لا رجال ، يكون باعتبار القاعدة الظاهرية ~~الموجودة في أفراد الرجال في عالم الإثبات ، وقوله : «لا شك لكثير الشك» ~~يكون باعتبار القاعدة الظاهرية الموجودة في الشكوك في مقام الاثبات ، مثل ~~كون حكم الشك بين الأربع والاثنين كذا ، وبين الثلاث والأربع كذا ، ~~وغيرهما. # ومن هنا يعرف تمامية هذا الوجه في قاعدة لا ضرر بناء على الاحتمال الذي ~~اختاره بعض الأساتيد قدسسره ؛ فإن نفي الموضوع الضرري أيضا إنما يكون ~~باعتبار القاعدة الظاهرية الموجودة في أفراد يكون فيها الموضوع الضرري في PageV02P254 # مقام الإثبات ، مثلا نفي الوضوء الشيني يكون باعتبار حكم الإيجاب الموجود ~~في أفراد الوضوء في عالم الإثبات ، وهكذا الكلام في سائر الأدلة. # الثاني من الوجهين لتقرير ضابط الحكومة أن يقال : إن للحكومة موردين ، ~~أحدهما : ما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره ، والآخر : ما إذا ورد دليلان من ~~المتكلم وكان أحدهما متكفلا للقضية الواقعية ، والآخر لعدم صدور الإرادة من ~~المتكلم ، فإن العقلاء يحكمون في الدليل الأول بحسب أصالة العموم والإطلاق ~~المقررة عندهم في كلام العاقل الحكيم بأن المتكلم أراد معنى القضية في ~~المورد الفلاني ، فيكون نسبة الإرادة إلى المتكلم من فعل العقلاء ، ويكون ~~خارجا عن مدلول القضية. # مثلا لو قال المتكلم : أكرم العلماء ، فالعقلاء يحكمون بأنه أراد وجوب ~~الإكرام في العالم الفاسق أيضا ، وحكم العقلاء ذلك وإن كان جاريا في قول ~~المتكلم : إنى لست بطالب لإكرام الفساق ولم يصدر مني إرادة ذلك قط ، فيحتاج ~~إلى حكم العقلاء بأن المتكلم أراد عدم الطلب وعدم صدور الإرادة في ms0868 مورد ~~الفاسق العالم أيضا ، إلا أنه في مورد تعارض القضيتين أعنى العالم الفاسق ~~إذا أغمضنا عن حكم العقلاء ونظرنا إلى مجرد مدلول القضيتين أعني مفهوم وجوب ~~إكرام العلماء ومفهوم عدم إرادة الفساق ، فحينئذ إذا أردنا إجراء حكم ~~العقلاء في المفهوم الأول بأن نقول : أراد المتكلم وجوب الإكرام في هذا ~~المورد يمانع عن ذلك المفهوم الثاني ، ونقول : ما أراد المتكلم ذلك ولا عكس ~~، فلو أردنا إجراء حكم العقلاء في المفهوم الثاني بأن نقول : أراد المتكلم ~~عدم الإرادة في هذا المورد لا يمانع عن ذلك المفهوم الأول ، كما هو واضح. # فإذا قال الشارع : يجب الوضوء فإجراء أصالة الإطلاق فيه بالنسبة إلى ~~الوضوء الشيني يعارضه نفس المدلول في دليل نفي الضرر الذي هو بمعنى نفي ~~إرادة الحكم الضرري ، وأما إجرائها في الثاني فلا ينافيه مدلول الأول ، ~~فأصالة الإطلاق جارية في الثاني دون الأول. PageV02P255 # ومن هنا يعرف الفرق بين هذا الوجه وبين ما اختاره بعض الأساتيد في وجه ~~تقديم قاعدتي لا ضرر ولا حرج على سائر الأدلة ، وحاصل ما اختاره قدسسره أن ~~سائر الأدلة متعرض لحكم الأفعال بعناوينها الأولية ، والقاعدتين لحكمها ~~بعنوانها الثانوي ، يعني أن سائر الأدلة أحكام اقتضائية حيثيتية ، ومفادها ~~أن ذوات الأفعال من حيث هي مع قطع النظر عن طرو حالتي الضرر والحرج مقتضية ~~لحكم كذا ، فلا ينافي أن يكون حكمها باعتبار طرو هاتين الحالتين شيئا آخر ، ~~كما هو مفاد القاعدتين. # وبالجملة ، فمفاد تلك الأدلة اقتضائي ، ومفاد القاعدتين حكم فعلي ، ولا ~~تعارض بين الحكم الاقتضائي الغير الناظر إلى الطواري وبين الفعلي الناظر ~~إليها أصلا ، ألا ترى أنه لا تعارض بين دليل حلية لحم الغنم ودليل حرمته ~~إذا كان مغصوبا ، وكذلك بين دليل استحباب صلاة الليل مثلا ودليل وجوبها إذا ~~صارت متعلقة للنذر وشبهه ، وكذا بين دليل استحباب الإبكاء على الحسين صلوات ~~الله عليه ، وبين دليل حرمته إذا كان مشتملا على الغناء أو الكذب. # وجه الفرق بين هذا وبين ما ذكرنا أن ما ذكرنا غير مبني على عدم الإطلاق ~~لأدلة الأحكام بالنسبة إلى ms0869 موارد الضرر والحرج ، بل يتم مع هذا الإطلاق ~~أيضا كما هو واضح ، وعلى ما ذكره قدسسره لو لم يكن دليل نفي الضرر والحرج ~~أيضا لم يمكن التمسك في موارد ثبوتهما بتلك الأدلة ؛ لعدم الإطلاق لها ، بل ~~كان المرجع هو الاصول. # ثم قد تحصل من مجموع ما ذكرنا قاعدة كلية وهي أن كل دليلين كان لأحدهما ~~لسان الشارحية بالنسبة إلى الآخر ، أو كان أحدهما متكفلا لإرادة المتكلم أو ~~عدمها ، والآخر لإثبات حكم ، أو كان أحدهما حكما حيثيتيا والآخر فعليا ~~فالترجيح للأول منهما في الصور الثلاث من دون معارضته بالثاني ، وإن كان ~~النسبة بينهما عموما من وجه. # هذا كله هو الكلام في بيان نسبة القاعدتين مع غيرهما من القواعد ، وأما الكلام PageV02P256 # في تعارض إحداهما بالاخرى أو كل منهما بالمثل فقبل الخوض فيه لا بد من ~~بيان أن هذا التعارض هل هو من باب التعارض المصطلح أو من باب التزاحم ، ~~والمراد بالتزاحم أن يكون المقتضي في كلا الفردين من عام أو من عامين ~~موجودا تاما وحصل الإلجاء بإخراج أحدهما عن تحت العموم من جهة عجز المكلف ، ~~والمراد بالتعارض أن يعلم بواسطة دليل لبي أو لفظي مجمل بأن المقتضي في أحد ~~الفردين من عام أو عامين غير موجود ، فشك في مرحلة الإثبات في أن الخارج هل ~~هو هذا الفرد أو ذاك ، فيقع التعارض بين ظهور العموم في أحدهما وبين ظهور ~~هذا العموم أو العموم الآخر في الفرد الآخر. # فعلى الثاني إن كان ذلك في عام واحد لا يمكن الأخذ بعمومه في شيء من ~~الفردين ، ويصير مجملا في كليهما ، فلا بد من الرجوع إلى الاصول والقواعد ~~الأخر ، وإن كان في عامين ، فإن كان أحدهما أظهر في شمول أحد الفردين من ~~شمول الآخر للفرد الآخر كان هو قرينة على صرف ظهور الآخر ، وإلا يحصل ~~الإجمال أيضا ، وينحصر المرجع في الاصول والقواعد الأخر. # وعلى الأول نرجع في جميع هذه الصور إلى العقل ؛ فإنه حينئذ يغنينا عن ~~الرجوع إلى الشرع إلا في خصوص تعيين الأهم ، فإنه من وظيفة ms0870 الشرع ليس إلا ، ~~نعم حكم الشك فيه مستفاد من العقل. # فنقول : الأظهر أن التعارض في المقام من قبيل التزاحم ، وذلك لأنا كما ~~نعلم بأن مطلوبية إنقاذ الغريق المسلم عند الشرع غير مقيدة بحال دون حال ؛ ~~إذ معنى تقيدها بحال أن يكون الشارع رفع اليد عن عبده المسلم في غير هذه ~~الحالة ، ونعلم أيضا بأن قبح الظلم عند العقل لا يتقيد بحال ، بل هو العلة ~~التامة للقبح في جميع الأحوال ، كذلك يمكن دعوى أن منة الشارع على العباد ~~برفع الضرر والحرج عنهم لا يتقيد بحال دون حال ومقام دون مقام ؛ لأن معنى ~~تقيدها بحالة أن يكون الشارع طالبا لإيراد الضرر والحرج على عباده في غير ~~هذه الحالة. # وعلى هذا ففي مورد دوران الأمر بين الضرر والحرج أو بين الضررين أو بين PageV02P257 # الحرجين نعلم بأن المقتضي وهو منة الشرع في كلا الفردين موجود تام ، وعدم ~~إمكان الجمع بينهما في شمول العموم إنما هو من جهة عجز المكلف ، وحينئذ ~~فمجمل الكلام في المقام أن الضررين أو الحرجين أو الضرر والحرج إما أن ~~يكونا بالنسبة إلى شخص واحد ، وإما أن يكونا بالنسبة إلى شخصين. # فإن كانا بالنسبة إلى شخص واحد فلا إشكال في تقديم الأقل منهما ؛ لأن ذلك ~~مقتضى كون المقام من باب التزاحم ، فإن المرفوع جنس الضرر والحرج ، فملاك ~~الرفع في الأكثر أقوى منه في الأقل. # وإن كان الأمران بالنسبة إلى شخصين ، فإن كان الضرر والحرج على أحدهما ~~أقل قدرا منه على الآخر إما من جهة تفاوت الشخصين في الحال ، وإما من جهة ~~تفاوت الأمرين في المقدار ، وإما من جهتهما معا ، كما إذا جرى الماء وكان ~~قدامه دور قوم ومزرعة آخرين ، وكان دفعه عن كل منهما إرسالا له في الآخر ، ~~فإن ضرر خراب الدور على الجماعة الاولى أعظم بمراتب من ضرر غرق المزرعة على ~~الجماعة الثانية. # فحينئذ ترجيح جانب الأقل مبني على كون رفع الضرر والحرج دائرا مدار المنة ~~النوعية لا الشخصية ، فإنه لو كان دائرا مدار المنة الشخصية فإيراد الضرر ~~والحرج على ms0871 كل من الشخصين خلاف المنة الشخصية بالنسبة إليه وإن كان سببا ~~لدفع الضرر الكثير في غاية الكثرة عن غيره. # وأما إن كان دائرا مدار المنة النوعية فدفع الضرر والحرج الكثيرين بإيراد ~~القليل منهما ولو كان على شخص آخر موافق للمنة النوعية ، فإن الشخص الآخر ~~أيضا يندفع عنه الضرر والحرج الكثيران بإيراد القليل منهما على غيره عند ~~ابتلائه بواقعة اخرى ، وعدم الابتلاء في خصوص مقام إنما ينافي المنة ~~الشخصية لا النوعية. # ولا يخفى أن الظاهر ورود القاعدتين في مقام المنة النوعية لا الشخصية ؛ ~~لأن ذلك مقتضى كون العباد بتمامهم ملحوظين في نظر الشارع بنسبة واحدة هو جامع PageV02P258 # العبودية له تعالى ، فإن الشارع حاله حال الموالي الظاهرية بالنسبة إلى ~~عبيدهم ، فكما يكون عبيدهم جميعا في نظرهم على السواء ، فيطلبون سلامة ~~عبيدهم من الضرر مهما أمكن ، فلو دار الأمر بين الضرر الأقل والأكثر ~~يختارون الأقل ؛ لأن الضرر على العبيد على تقديره يكون أقل ، فكأنهم يرون ~~الضرر على عبيدهم ضررا على أنفسهم ، فكذلك حال الشارع بالنسبة إلى العباد. # وأما لو فرض مساواة الأمرين في المقدار ، ومساواة الشخصين في الحال ، كما ~~لو كان حفر المالك البئر في داره ضررا على الجار من جهة أدائه إلى خراب ~~حائط داره بوصول الرطوبة من البئر إلى أصل الحائط ، وعدم الحفر ضررا على ~~المالك لأدائه إلى خراب بيته بماء السماء ، وكان مقدار الضررين وحال ~~الشخصين متساويا فحينئذ مقتضى القاعدة العقلية هو التخيير ، حيث لا أهمية ~~لشيء من الطرفين. # نعم تكون الأهمية في خصوص المثال المذكور في جانب الحفر ، وذلك لأن ~~المقتضي للمنع عنه شيء واحد وهو دفع الضرر عن الجار ، وأما المقتضي للاذن ~~فيه فهو شيئان ، أحدهما دفع الضرر عن المالك ، والآخر كونه تصرفا من المالك ~~في ملكه ، وقضيته أيضا هو الجواز والسلطنة ، لقوله : «الناس مسلطون على ~~أموالهم» فيكون حال قاعدة السلطنة حينئذ حال جهة العالمية الموجودة في أحد ~~الغريقين المسلمين ، فكما تكون الجهة المذكورة مرجحة هناك ، تكون القاعدة ~~هنا أيضا مرجحة ، هذا بناء على التزاحم. # وأما بناء على ms0872 التعارض فقد يقال : إن قاعدة «الناس» بعد تساقط قاعدة ~~الضرر والحرج في الطرفين بسبب المعارضة تصير مرجعا ، فإنها وإن كانت كسائر ~~القواعد محكومة للقاعدتين ، إلا أن تساقط الدليل الحاكم من جهة التعارض في ~~نفسه يوجب حياة الدليل المحكوم ، ومن هنا يعلم أن هذا ليس من باب تعدد ~~الدليل في أحد طرفي المعارضة ووحدته في الطرف الآخر ، حيث إن المتعين حينئذ ~~سقوط الجميع بالمعارضة ؛ فإن ذلك إنما هو فيما إذا كان جميع الأدلة في PageV02P259 # عرض واحد ، وأما لو كان أحدها في طول الباقي من جهة حكومة الباقي عليه ~~كما في المقام فلا يكون هذا الأحد معدودا في شيء من طرفي المعارضة ، هذا ما يقال. # والحق عدم صلاحية قاعدة الناس للمرجعية بناء على التعارض أصلا ؛ لأن ~~صلاحيتها موقوفة على ثبوت الإطلاق والنظر لها بالنسبة إلى الحالات ، بأن ~~يكون مفادها أن للمالك التصرف في ملكه بأي تصرف شاء ولو كان هو الإضرار على ~~غيره ، ومن المقرر في محله خلاف ذلك وأن القاعدة ليست بمشرعة ، بمعنى أنها ~~قضية حيثيتية ، ومفادها أن المالك من حيث إنه مالك لا يكون ممنوعا عن ~~التصرف في ماله كما كان ممنوعا عن التصرف في مال غيره ، فلا تفيد القاعدة ~~إلا ارتفاع ذاك المنع ، فلا ينافي أن يكون التصرف في مال النفس ممنوعا من ~~جهة عروض عارض. # ألا ترى أن أحدا لا يفهم من هذه القاعدة جواز رفع الإنسان عصاه ووضعه على ~~رأس إنسان آخر مع أنه لم يفعل إلا تصرفا في ملكه؟ ولا يرى المعارضة أحد بين ~~هذه القاعدة وبين دليل حرمة هذا العمل من أدلة حرمة الإضرار على الغير. # وحينئذ نقول : معنى وقوع التعارض في قاعدة الضرر والحرج في الطرفين كون ~~أحد الطرفين خارجا عن عموم القاعدة في نفس الأمر ، مع كون الآخر داخلا ، ~~غاية الأمر حصول الشك لنا في تمييز الخارج عن الداخل في مرحلة الإثبات ، ~~فوقوع التعارض يكون بهذه الملاحظة ، وحينئذ فمن المحتمل أن يكون الفرد ~~الخارج عن العموم هو نفس مورد قاعدة «الناس» أعني الحفر ms0873 ، فيكون محرما ، ~~وقد فرضنا أن القاعدة لا نظر لها إلى المحرمات ، فتكون مجملة لا يترتب ~~عليها فائدة ، بل يساوي وجودها مع عدمها ، فينحصر المرجع في القاعدة ~~العقلية وهو جواز الحفر ، لعدم الدليل على المنع. # فتحقق من جميع ما ذكرنا أن الحفر جائز إما من جهة مرجحية قاعدة «الناس» PageV02P260 # بناء على التزاحم ، وإما من جهة القاعدة العقلية بناء على التعارض ، ولكن ~~جوازه لا ينافي ثبوت الضمان ، بمعنى أن المالك لو حفر البئر كان عليه تدارك ~~ضرر الجار ، لكونه داخلا في عموم «من أتلف» ولا يمكن رفع هذا الحكم بقاعدة ~~لا ضرر باعتبار أن الحكم على المالك بالتدارك ضرر عليه ، وجه عدم الإمكان ~~أن هذا حكم وارد في مورد الضرر ، فيلزم من نفي القاعدة إياه عدم بقاء ~~المورد له أصلا ، بل اللازم تخصيص القاعدة بهذا الحكم ، فيكون دليل الضمان ~~مخصصا للقاعدة لا محكوما لها. # بقي الكلام فيما يقال تمسكا بقاعدة نفي الضرر من أنه لو كان الضرر متوجها ~~إلى أحد الشخصين فلا يجوز له دفعه إلى الغير ، فلو كان ماء السيل جاريا سمت ~~الدار ، أو السهم مقبلا سمت الشخص وفي رديفه شخص آخر فلا يجوز له أن يفتح ~~سبيل الماء إلى دار الغير أو يخفض رأسه مثلا ليقع السهم على الغير ، فإنه ~~قد يشكل عليه بأن منع الشخص عن دفع الضرر عن نفسه ضرر وحرج عليه وليس فيه ~~منة شخصية ولا نوعية كما هو واضح. # ويمكن أن يقال في توجيهه بأنه إذا كان الماء جاريا بحسب المقتضيات ~~الطبيعية الخارجية مع قطع النظر عن المقتضيات الشرعية الإلهية إلى دار شخص ~~فخربها فليس المخرب هو الشارع ، بل هو الماء ، ولكن لو جوز حينئذ إرسال ~~الماء الى دار الغير فخر بها كان المخرب هو الشارع ؛ لأن التخريب يستند إلى ~~فعل المرسل ، وهو مستند إلى تجويز الشرع ، فيكون التخريب مستندا إلى تجويزه ~~، وهذا بخلاف ما إذا لم يجوز ذلك ومنع عن إيجاد المانع عن دخول الماء في ~~الدار ، فإن حصول الخراب حينئذ وإن كان ناشئا من ms0874 أمرين : أحدهما جريان ~~الماء بحسب المقتضي الطبيعي والآخر منع الشارع عن إيجاد المانع ، إلا أن ~~إسناد التخريب لا يصح إلا إلى الماء ، فإن الأثر إنما يستند إلى المقتضي ~~دون عدم المانع ، فالمحرق إنما هو النار دون عدم الرطوبة. # وبالجملة ، عنوان الإضرار حاله كعنوان القتل ، فكما لا يصدق عنوان القاتل إلا PageV02P261 # على من أوجد المقتضي للقتل دون من حصل عدم المانع عنه ، فلو أن قائلا قال ~~: لا أرتكب القتل ، فرأى أحدا يقصد إيجاد مقتضيه من إمرار السكين على حلق ~~الغير ، وآخر يقصد إيجاد مانعة من أخذ السكين ، فمنع الآخر عن إيجاد المانع ~~لا يعد هذا منافيا مع قوله المذكور ، ولا يصدق عنوان القاتل إلا على فاعل ~~الإمرار ، نعم يصدق على كليها أنه ترك حفظ النفس ، فيشترك المعصية بينهما ، ~~إلا أن عنوان القاتل مختص بالثاني ، فيختص القصاص والدية به ، فكذلك الحال ~~في عنوان الإضرار. # فلو منع الشارع من إيجاد مانعة مع حصول مقتضيه لا يكون منافيا مع قوله : ~~«لا ضرر» وأما حكم التجويز المذكور فهو راجع إلى إيجاد المقتضي من ناحية ~~الشارع ، فيكون منافيا معه ، فالمعيار حينئذ ملاحظة أنه إلى أي الشخصين ~~يوجه الضرر بحسب مقتضيه الطبيعي. # فإن كان متوجها إلى النفس فحكمه ما ذكر ، وإن كان متوجها إلى الغير فلا ~~يجب عليه تحمله للدفع عن صاحبه ، فلو رأى الماء جاريا بحسب مقتضيه الطبيعي ~~إلى دار صاحبه لا يجب عليه فتح سبيله إلى دار نفسه ؛ لأنه لو أوجب عليه ~~الشارع ذلك كان هو المخرب لداره ، فيكون منافيا مع قوله : «لا ضرر» وأما لو ~~لم يوجب ذلك لم يستند إليه التخريب أصلا ، أما بالنسبة إلى هذا الشخص فلعدم ~~الإيجاب ، وأما بالنسبة إلى صاحبه فلأن المقتضي للتخريب هو الماء دون ~~الشارع ، فلا يكون عدم الإيجاب منافيا مع قوله المذكور. PageV02P262 ### | المسألة الثالثة : في دوران الامر بين المحذورين # الشبهة الحكمية الغير المسبوقة بالقطع الراجعة إلى حقيقة التكليف قد مر ~~أن الحكم فيها البراءة عقلا ونقلا ، وكذلك الراجعة منها إلى المكلف به ~~المشوبة بالقطع بحقيقة التكليف مع ms0875 إمكان الاحتياط قد مر أن الحكم فيها ~~الاحتياط عقلا ، وأما الشبهة الحكمية الغير المسبوقة بالقطع الراجعة إلى ~~المكلف به المشوبة بالقطع بحقيقة التكليف مع عدم إمكان الاحتياط بواسطة ~~دوران الأمر بين الوجوب والحرمة فهي المقصود بالبحث هنا. # فنقول : دوران الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر خارج عن مقامنا ؛ لإمكان ~~الاحتياط فيه بإتيان الأول وترك الثاني ، فهو من قبيل القسم الوسط ، وأما ~~الدوران بين وجوب شيء وحرمة هذا الشيء فقد يكون في الواقعة الواحدة الشخصية ~~، وقد يكون في الوقائع المتعددة. # فالأول لا مثال له في الشبهة الكلية ، وإنما يفرض في الموضوعية كالمرأة ~~الشخصية المرددة بين كونها محلوفا على وطئها في الزمان الذي لا يسع إلا ~~الوطي ، وبين كونها محلوفا على ترك وطئها في شخص هذا الزمان المعين ، وهذا ~~القسم له صورتان : # الاولى : أن يكون كل من الفعل والترك توصليا لا يعتبر فيه قصد القربة ~~كالمثال المذكور ، وفي هذه الصورة لا يمكن المخالفة القطعية ، لعدم إمكان ~~الخلو من الفعل والترك في الزمان الواحد ، ولا الموافقة القطعية ؛ لعدم ~~إمكان الجمع بينهما في الزمان الواحد ، والاحتمالية منهما قهرية لا ينفك. PageV02P263 # والثانية : أن يكون كل من الفعل والترك أو واحد منهما تعبديا يعتبر فيه ~~قصد القربة ، بأن يدور الأمر بين وجوب الفعل بقصد القربة ووجوب الترك كذلك ~~، أو بين وجوب الفعل بهذا القصد ووجوب الترك مطلقا أو بالعكس ، وفي هذه ~~الصورة لا يمكن الموافقة القطعية لما ذكر ، ولكن المخالفة القطعية ممكنة ~~لحصولها بإتيان الفعل لا بقصد القربة أو الترك كذلك ، وأما القسم الثاني ~~وهو الدوران في الوقائع المتعددة فله الوقوع في الشبهة الكلية كالصلاة ~~الجمعة المرددة بين الوجوب في تمام الجمعات وبين الحرمة في جميعها ، وفي ~~هذا القسم لا يمكن الموافقة القطعية ، لعدم إمكان الجمع بين الفعل في تمام ~~الوقائع والترك في جميعها ، ولكن المخالفة القطعية ممكنة لحصولها بإتيان ~~العمل في واقعة وتركه في اخرى ، فلو صلى الجمعة في الاسبوع الأول وتركها في ~~الثاني حصل المخالفة القطعية ؛ لأنها إن كانت محرمة حصل مخالفتها في ms0876 ~~الاسبوع الأول ، وإن كانت واجبة حصل المخالفة في الاسبوع الثاني. # ففي صورة عدم إمكان الموافقة القطعية والمخالفة القطعية جميعا وهي صورة ~~دوران الأمر بين الوجوب والحرمة في الشيء الواحد في الواقعة الواحدة ~~الشخصية في التوصليات يجب تحصيل الظن بأحد الطرفين معينا مع الإمكان ؛ لأن ~~العلم الإجمالي بالتكليف يقتضي أولا الامتثال القطعي ، وبعد عدم إمكانه ~~بشيء من الوجوه لا بنحو الاحتياط ولا بموافقة العلم أو العلمي ولا بالرجوع ~~إلى الاصول يعين التنزل منه إلى الامتثال الظني مع الإمكان. # فهذه مقدمات الانسداد ، غاية الأمر جريانها في العلم الشخصي في هذا ~~المورد الشخصي ، فيفيد حجية مطلق الظن في هذا المورد الشخصي ، وأما مع عدم ~~إمكان تحصيل الظن فلا محيص من التخيير عقلا ، هذا هو الكلام بحسب الأصل ~~العقلي. # وأما بحسب الأصل الشرعي فلا مانع من التمسك للإباحة بأدلة حل الأشياء PageV02P264 # عند الشك من مثل قوله : «كل شيء حلال حتى تعلم أنه حرام» و «كل شيء مطلق ~~حتى يرد فيه نهي» و «رفع ما لا يعلمون» فإنها بإطلاقها شاملة للمقام ؛ فإن ~~العلم الإجمالي لا يوجب انتفاء موضوعها اللفظي ، لأن الغاية فيها هو خصوص ~~العلم التفصيلي لا الأعم منه ومن الإجمالي ، وأما وجه عدم التمسك بها في ~~سائر موارد العلم الاجمالي فهو لزوم المخالفة القطعية ، والمفروض عدم ~~إمكانها في المقام. # نعم لو قلنا بلزوم الالتزام بالأحكام الواقعية بشخصها وعلى وجه التفصيل ~~لزم المخالفة الالتزامية ؛ فإن اللازم حينئذ الالتزام بشخص الوجوب أو بشخص ~~الحرمة ، وهو ينافي الالتزام بالإباحة ، ولكن من المعلوم بطلان هذا القول ، ~~فإن الالتزام بشخص الوجوب واقعا أو شخص الحرمة كذلك مع فرض الشك في الحكم ~~الواقعي ليس إلا تشريعا محرما. # وأما وجوب الالتزام بالأحكام الواقعية على ما هي عليه في الواقع وعلى وجه ~~الإجمال فلا ينافي الالتزام بالإباحة في مرحلة الظاهر ؛ فإن نفس كون الحكم ~~الواقعي هو الوجوب أو الحرمة لا ينافي كون الحكم الظاهري المجعول في حال ~~الشك هو الإباحة ، فكيف يكون الالتزام بهما غير ممكن. # فتحصل أن الإشكال من حيث لزوم ms0877 المخالفة القطعية غير متوجه ، نعم يمكن منع ~~أصل الإطلاق في تلك الأدلة بأن يدعى اختصاص مواردها بصورة تردد الأمر بين ~~الوجوب أو الحرمة وبين الإباحة ، فلا يعم صورة تردده بينهما مع عدم احتمال ~~الثالث. # وأما صورة عدم إمكان الموافقة القطعية ، مع إمكان المخالفة القطعية وهي ~~صورة دوران الأمر بين الوجوب والحرمة في الشيء الواحد في الواقعة الواحدة ~~الشخصية مع تعبدية كلا الطرفين أو أحدهما ، وصورة الدوران بينهما في الشيء ~~الواحد في الوقائع المتعددة ، فاللازم بحكم العقل ترك المخالفة القطعية ، ~~فيلزم في القسم الأول اختيار واحد من الفعل والترك مع قصد الرجاء لا بدونه ~~مع تعبدية كلا الطرفين ، و PageV02P265 # يلزم هذا القصد في صورة اختيارهما فقط مع عدم لزومه في صورة اختيار الآخر ~~مع تعبدية أحد الطرفين. # ويلزم في القسم الثاني اختيار إتيان العمل في تمام الوقائع أو تركه في ~~جميعها ، ويلزم البقاء في الوقائع المتأخرة على ما بنى عليه في الواقعة ~~الاولى ، وليس له العدول عنه إلى غيره ، فيكون التخيير بدويا. # ولكن قد يقال في القسم الثاني بعدم إمكان المخالفة القطعية كالموافقة ~~القطعية بملاحظة أن القطع بالمخالفة لا يحصل إلا بملاحظة كل واقعة منضمة ~~إلى الواقعة اللاحقة ، وإلا فلو لوحظت منفردة كانت واقعة واحدة شخصية لا ~~يمكن فيها شيء من الموافقة القطعية والمخالفة القطعية. # ولا يخفى أن الواقعة اللاحقة عند ابتلاء المكلف بالواقعة السابقة لا يكون ~~محلا لابتلاء المكلف ولا يكون التكليف الموجود فيها منجزا على المكلف ؛ ~~لعدم حصول شرطه ، فصلاة الجمعة في الاسبوع الثاني لا يكون المكلف مأخوذا ~~بها في الاسبوع الأول ، فلا وجه لملاحظة التكليفين في حال واحد مع خروج ~~أحدهما عن محل الابتلاء ، وعلى هذا فيكون حكم العقل في كل واقعة هو التخيير ~~في نفسها ، فيكون التخيير استمراريا. # قلت : بعد ما عرفت في بحث مقدمة الواجب من أن الواجب المشروط المعلوم ~~حصول شرطه في المستقبل يكون كالواجب المطلق بلا فرق ، يتضح لك دفع هذا ، ~~فإن صلاة الجمعة في الاسبوع الثاني مشروط بشرط شرعي معلوم الحصول في ~~المستقبل ms0878 وهو وجود الاسبوع الثاني ، وبشروط عقلية يكون بحكم المعلوم بواسطة ~~الأصل العقلائي وهي وجود المكلف وحياته وقدرته في الاسبوع الثاني ، فيكون ~~كالتكليف المطلق الموجود في الاسبوع الأول ، فكما يجب على المكلف مقدمات ~~وجوده يجب عليه أيضا مقدمة العلم به. PageV02P266 # فإن قلت : سلمنا ذلك ولكن نقول : كما يحكم العقل بقبح المخالفة القطعية ~~يحكم أيضا بلزوم الموافقة القطعية ، فإذا اختار المكلف الفعل في تمام ~~الوقائع أو الترك في جميعها ، فهو وإن لم يصدر منه المخالفة القطعية ، لكن ~~لم يحصل منه الموافقة القطعية أيضا ، وهذا بخلاف ما إذا اختار الفعل في ~~واقعة والترك في اخرى ؛ فإنه يحصل منه الموافقة القطعية أيضا كما هو واضح. # وبالجملة ، فالتخيير الاستمراري وإن كان فيه محذور المخالفة القطعية ، ~~لكنه سالم عن محذور ترك الموافقة القطعية ، والتخيير البدوي وإن كان سالما ~~عن محذور المخالفة القطعية ، ولكن فيه محذور ترك الموافقة القطعية ، فهما ~~في نظر العقل على حد سواء ، فلا وجه لترجيح الثاني على الأول. # قلت : حكم العقل بقبح المخالفة القطعية ليس بمثابة حكمه بقبح ترك ~~الموافقة القطعية ، فحكمه في الثانى يكون على وجه اللولائية ، والترخيص ~~الشرعي يكون رافعا لموضوعه ، وحكمه في الأول يكون على وجه البت والقطع ، ~~ولهذا كثيرا ما دل الدليل على الترخيص في الموافقة القطعية ولم يكن منافيا ~~لحكم العقل ، ولكن لو كان دليل موهما للترخيص في المخالفة القطعية وجب ~~تأويله والتزام التخصيص العقلي فيه ، وعلى هذا فالتخيير البدوي مقدم على ~~الاستمراري ؛ لأن محذور الثاني أشد عند العقل من محذور الأول. # فإن قلت : ما ذكرته من أنه لو كان دليل موهما للترخيص في المخالفة ~~القطعية وجب تأويله مناف للأخبار العلاجية الدالة على التخيير في الأخذ ~~بأحد الخبرين المتعارضين عند فقد المرجحات السندية ، فإنه وقع النزاع بين ~~العلماء في كون هذا التخيير بدويا ، أو استمراريا ، ومنشأ نزاعهم اختلاف ~~الأنظار في ثبوت الإطلاق لهذه الأخبار وشمولها للوقائع المتأخرة وعدم ~~الإطلاق لها واختصاصها بالحيرة الأولية ، فالكل مطبقون على أنه على تقدير ~~ثبوت الإطلاق لتلك الأخبار كان PageV02P267 # القول بالتخيير الاستمراري بلا ms0879 مانع ، والحال أنه لو كان لهذه الأخبار ~~إطلاق كان من جملة الموارد الداخلة تحت هذا الإطلاق ما إذا دل أحد الخبرين ~~على الوجوب والآخر على الحرمة. # كما لو دل أحدهما على وجوب صلاة الجمعة والآخر على حرمتها ، والتخيير ~~الاستمراري في هذا المورد مستلزم للمخالفة القطعية ، فيعلم من ذلك أن ~~الترخيص في المخالفة القطعية غير مناف لحكم العقل ، وإلا كان اللازم على ~~القائلين بالتخيير البدوي رد القول الآخر بمنافاته لحكم العقل في هذا ~~المورد ثم تتميم المرام بعدم القول بالفصل ، فحيث لم يفعلوا ذلك علم عدم ~~منافاة الترخيص المذكور لحكم العقل ، وإذن فالتخيير الاستمراري والبدوي في ~~مقامنا سيان. # قلت : الترخيص في المخالفة القطعية للواقع مع إيجاب ما هو البدل عن ~~الواقع غير قبيح ، فإن المخالفة القطعية للواقع ببدله غير قبيحة ؛ لرجوعها ~~في الحقيقة إلى عدم المخالفة ، وهذا هو الحال في الأخبار المذكورة على ~~تقدير الإطلاق لها ، فإن مفادها إيجاب التسليم والانقياد ، فهي وإن كانت ~~بإطلاقها شاملة للوقائع المتأخرة وبعمومها لما إذا كان أحد الخبرين دالا ~~على الوجوب والآخر على الحرمة ، ولازم التخيير حينئذ هو الترخيص في ~~المخالفة القطعية ، إلا أنه لا بأس بها مع إيجاب التسليم المذكور ، فإنا ~~نلتزم بأن عنوان التسليم القلبي يكون عند الشارع بدلا عن الواقع الذي خولف. # وبالجملة ، ففي كل مورد ورد الترخيص في العمل المستلزم للمخالفة القطعية ~~لكن مع إيجاب عمل آخر ، نستكشف بواسطة حكم العقل بامتناع الترخيص في ~~المخالفة القطعية عن جعل الشارع هذا العمل الآخر بدلا عن الواقع ، وهذا ~~بخلاف ما إذا لم يكن في البين عمل آخر أوجبه الشرع كما في مقامنا ؛ فإن ~~الترخيص حينئذ ليس إلا ترخيصا في المخالفة القطعية الصرفة ، ولا شبهة في قبحه. PageV02P268 ### | «الاستصحاب» # وقد عرف الاستصحاب بتعاريف كلها مخدوشة ، والتعريف الأسد الأخصر ما يقال ~~من أنه «إبقاء ما كان» وليس المراد بالإبقاء إبقاء نفس ما كان حقيقة ، بل ~~المراد إبقائه من حيث العمل ، مثلا وجوب صلاة الجمعة كان عمله في حال ~~اليقين إتيان صلاة الجمعة ، فإبقاء هذا الوجوب في ms0880 حال الشك عملا إتيان هذه ~~الصلاة في تلك الحال ، وكذلك حياة زيد كان عملها في حال اليقين إنفاق وكيله ~~على زوجته من ماله ، فإبقاء حياته في حال الشك عملا إنفاق الوكيل في تلك ~~الحال ، وهكذا. # فالإبقاء في باب الاستصحاب نظير التصديق في باب الأمارات ، فكما يكون ~~المراد بالتصديق في باب الأمارات كالبينة مثلا هو التصديق العملي دون ~~الحقيقي ، فكذلك الإبقاء هنا هو الإبقاء العملي دون الحقيقي. # ثم إن إبقاء ما كان في العمل قد يكون لأجل أنه كان ، وقد يكون لأجل علة ~~اخرى ، مثلا إتيان الصلاة اليومية في كل يوم أو صوم شهر رمضان في كل سنة ~~يصدق عليه أنه إبقاء الوجوب السابق في العمل ، لكن ليس مستنده ثبوت الوجوب ~~في السابق ، بل هو القطع به في اللاحق ، وحينئذ فربما يخدش بذلك طرد ~~التعريف. # ويمكن الدفع بأن ذكر لفظ «ما كان» مع إفادة لفظ الإبقاء مفاده يشعر بعلية ~~الكون السابق للإبقاء ، فالكلام بمنزلة أن يقال : إنه إبقاء ما كان ؛ لأنه ~~كان ، فلا يشمل المثال المذكور وأشباهه. # وربما يخدش أيضا بأن في هذا التعريف إخلالا بركنى الاستصحاب وهما اليقين ~~السابق والشك اللاحق ؛ فإنهما مع كونهما ركنين لم يصرح باعتبارهما في ~~التعريف ، وكفى عيبا في التعريف أن يكون محلا بركني المعرف. # ويمكن الدفع أيضا بأنهما وإن لم يصرح بهما ولكنهما مفهومان من التعريف من ~~جهة كونهما من لوازمه ، فإن كون المستند في الإبقاء العملي هو الكون السابق ~~فرع إحراز الكون السابق وثبوت الشك في الكون اللاحق ؛ لوضوح أنه مع عدم PageV02P269 # إحراز الكون السابق لا يصلح الاستناد إليه ، ومع عدم ثبوت الشك في اللاحق ~~وثبوت القطع يكون الاستناد إلى الكون اللاحق دون السابق. # ثم إن لفظ الاستصحاب في الاصطلاح عبارة عن العمل الصادر من المكلف على ما ~~يظهر من مشتقاته مثل تستصحب ونستصحب واستصحب وغيرها ، وهذا العمل هو ~~الإبقاء العملي المذكور ، فهو لا يختلف باختلاف جهات الاعتبار على حسب ~~اختلاف الأنظار ؛ فإن الإبقاء العملي الصادر من المكلف شيء واحد في الجميع ~~، غاية الأمر ms0881 أن وجه وجوبه واعتباره على رأى هو الأخبار وقول الشارع «لا ~~تنقض» وعلى آخر هو السيرة وبناء العقلاء ، وعلى ثالث هو الظن الحاصل من ~~الكون السابق باعتبار أن ما ثبت يدوم في الغالب. # وذكر بعض الأساتيد قدسسره في الحاشية إشكالا على التعريف المذكور حاصله ~~أن الاستصحاب يختلف معناه وحقيقته على حسب اختلاف الأنظار في وجه حجيته ~~واعتباره بحيث لا ينضبط معانيه تحت جامع واحد ، فلا يصح جعل التعريف له على ~~جميع الأقوال ، وذلك لأنه على رأى من يقول باعتباره من جهة الأخبار عبارة ~~عن حكم الشارع الذي هو مفاد «لا تنقض» وعلى رأي من يقول باعتباره من جهة ~~بناء العقلاء عبارة عن حكم العقلاء والتزامهم ، وعلى رأى من يقول باعتباره ~~من جهة إفادة الكون السابق للظن عبارة عن المظنة الحاصلة من الحالة السابقة ~~، ومن المعلوم عدم الجامع بين هذه الثلاث. # ثم تفصى عن الإشكال مستمدا بكلمة «اللهم» بما حاصله أن الجامع هو حكم ~~الشارع بالبقاء سواء كان بلا واسطة كما على الرأي الأول ، أم معها كما على ~~الأخيرين ؛ فإن بناء العقلاء والمظنة المذكورة لا بد من انتهائهما إلى حكم ~~الشارع وإمضائه ، هذا ما ذكره قدسسره . # وأنت خبير بأن الإشكال والدفع المذكورين مبنيان على كون الاستصحاب عبارة ~~عن حكم الشرع بالبقاء ، وقد عرفت أنه عبارة عن الإبقاء العملي الصادر من ~~المكلف وأن الاختلاف في جهة اعتباره لا يوجب اختلافا فيه. # ثم إنه يعتبر في الاستصحاب فعلية اليقين والشك بحيث يدور مدار فعليتهما PageV02P270 # وجودا وعدما ، ففي حال الغفلة لا موضوع للاستصحاب واقعا ، فلا يكون خطابه ~~متوجها واقعا ، لعدم تحقق الوجدانين والحالتين للنفس مع الغفلة ، لا أن ~~الخطاب موجود والغفلة مانعة عن تنجزه ، والدليل على ذلك أنا إما أن نقول ~~بحجية الاستصحاب من باب الأخبار أو من باب الطريقية أو من باب السيرة وبناء ~~العقلاء. # فإن قلنا بالأول فواضح أن مفاد قوله : «لا تنقض اليقين بالشك» هو اليقين ~~والشك الفعليان ، فلا يشمل الغافل الفاقد لهما فعلا ، والواجد لهما على ~~تقدير الالتفات. # وإن قلنا ms0882 بالثاني فمعنى الطريقية أن الكون السابق طريق للثبوت في اللاحق ~~بملاحظة القاعدة المتوهمة من أن كل ما ثبت يدوم بحسب الغالب ، فالثبوت في ~~السابق يفيد الظن النوعي بحسب هذه الغلبة بالثبوت في اللاحق ؛ لأن الظن ~~يلحق الشيء بالأعم الأغلب ، ولا يخفى أن طريقية الكون السابق وإفادته الظن ~~مخصوصة بحال ذكره والالتفات إليه ؛ لوضوح أنه مع غفلة الذهن وعزوبه عن ~~الكون السابق لا يعقل طريقيته وإفادته الظن لا شخصا ولا نوعا ، وقد فرض أن ~~موضوع الحجية هو موضوع الطريقية والظن النوعي ، فإذا انتفى الطريقية والظن ~~النوعي انتفت الحجية بانتفاء الموضوع. # وإن قلنا بالثالث فواضح أن المتيقن من السيرة وبناء العقلاء هو اليقين ~~والشك الفعليان. # وقد فرع على هذا الأصل شيخنا المرتضى قدسسره فرعين : # الأول : أنه لو أحدث ثم غفل ، ثم صلى غافلا ثم التفت فشك في كونه متطهرا ~~حال الصلاة أو محدثا ، فالاستصحاب لا موضوع له حال الصلاة ولا قبلها ، ~~لوجود الغفلة وعدم وجود اليقين والشك الفعليين وإن كان لو التفت كان متلبسا بهما. # نعم يتحقق موضوعه بعد الصلاة لمكان اليقين والشك الفعليين حينئذ ، فيحكم ~~بمقتضى هذا الاستصحاب بكونه محدثا حال الصلاة ، فيترتب عليه بطلان الصلاة ، ~~ولكن قاعدة الفراغ قاضية بالصحة ، وذلك لوجود موضوعها وهو الشك الحادث بعد ~~العمل في المقام ، وهى مقدمة على الاستصحاب المذكور للحكومة. # الثاني : أنه لو قطع بالحدث ، ثم شك ، ثم غفل ، ثم صلى ، ثم التفت وحصل له PageV02P271 # اليقين والشك فمقتضى الاستصحاب الجاري في الشك المتحقق قبل الصلاة هو ~~الحكم ببطلان الصلاة ؛ لأنه دخل في الصلاة محدثا بحكم الاستصحاب ، ولا مجرى ~~للقاعدة حينئذ كما هو واضح. # أقول : أما ما ذكره قدسسره في الفرع الأول من عدم جريان الاستصحاب حال ~~الصلاة وقبلها لوجود الغفلة فمتين ، وكذا ما ذكره من جريانه بعدها لتحقق ~~الموضوع متين أيضا ، وأما ما ذكره من جريان قاعدة الفراغ وتقدمها على ~~الاستصحاب من باب الحكومة فمخدوش ؛ لأنا إن بنينا في القاعدة على الطريقية ~~كما هي الظاهر من الأخبار الواردة بعدم الاعتناء بالشك في بعض أفعال ms0883 الوضوء ~~بعد الفراغ منه ، وتعليل ذلك بقوله : «لأنه حين العمل أذكر منه حين يشك» ~~فإن ظاهره أن الغالب عدم غفلة من يشتغل بعمل عن عمله حال الاشتغال ، فإذا ~~شك المكلف في غفلته حال العمل وعدمها بنى على عدمها للغلبة المذكورة. (1) # فعلى هذا يخرج عن مورد القاعدة ما إذا كان المكلف بعد الفراغ قاطعا ~~بالغفلة حال العمل ، وينحصر فيما إذا احتمل بعد الفراغ عدم الغفلة حاله. # ولهذا استشكل في جريان القاعدة فيما إذا قطع بعد الفراغ من الوضوء بغفلته ~~عن تحريك الخاتم الذي في اليد ، ولكن احتمل وصول الماء تحته من باب الاتفاق ~~، فيتقيد بهذه الأخبار المطلقات الواردة بعدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ ~~مطلقا من دون ذكر للتعليل المذكور ، وحينئذ يكون الفرع المذكور خارجا عن ~~مورد قاعدة الفراغ ؛ لفرض كون المكلف بعد الفراغ قاطعا بالغفلة حال الصلاة ~~، فيكون الاستصحاب جاريا بلا معارض وإن كان على فرض جريان القاعدة محكوما ~~لها ؛ لكونها من الطرق والأمارات وكونه من الاصول. # وأما إن بنينا في القاعدة على عدم الطريقية وأن التعليل المذكور في ~~الأخبار PageV02P272 # يكون للتقريب إلى ذهن المخاطب والإشارة إلى الحكمة دون بيان العلة (1)، ~~وإلا فالحكم ثابت لمطلق من يشك بعد الفراغ وإن كان قاطعا بكونه غافلا حال ~~العمل ، والشاهد على ذلك وجود الإطلاقات الواردة في مقام البيان مع خلوها ~~عن ذكر التعليل المذكور ، فيكون الفرع المذكور موردا لقاعدة الفراغ ، ولكن ~~لا حكومة لها على الاستصحاب ، لكون كل منهما حكما واردا على موضوع الشك ، ~~بل الاستصحاب بملاحظة برزخيته بين الطريقية والأصلية ولهذا يقدم على سائر ~~الاصول أولى بالتقدم ، ولكن القاعدة مقدمة عليه من جهة أن أكثر أفراد الشك ~~بعد العمل تكون لها الحالة السابقة وإن كان يمكن فرض انفكاكه عن الحالة ~~السابقة ، لكنه فرض نادر ، فلو قدم الاستصحاب على القاعدة يلزم لغوية ~~القاعدة من جهة خروج أكثر أفرادها عن تحتها. # فتحصل أنه بناء على الطريقية لا جريان للقاعدة أصلا وإن كان حكومتها على ~~تقدير الجريان تامة ، وبناء على عدم الطريقية تكون جارية ومقدمة على ms0884 ~~الاستصحاب لكن لا من باب الحكومة ، بل من جهة اللغوية ، هذا هو الكلام في ~~الفرع الأول. # وأما الكلام في الفرع الثاني فهو أن ما ذكره قدسسره من جريان الاستصحاب ~~في الشك المتقدم على الصلاة ، والحكم ببطلان الصلاة من جهته مخدوش ، بأنا ~~بعد ما قلنا بدوران الاستصحاب مدار الشك واليقين الفعليين ، فبانقلابهما ~~إلى الغفلة لا بد وأن نقول بارتفاع الاستصحاب ؛ إذ كما أن الاستصحاب في ~~الحدوث يحتاج إلى الشك واليقين الفعليين ، كذلك في البقاء محتاج إليهما ~~أيضا ، ففي حال بقاء الشك يكون المكلف محكوما بعدم جواز الدخول في الصلاة PageV02P273 # بحكم الاستصحاب ، وأما بعد انقلابه إلى حال الغفلة يرتفع عنه هذا الحكم ~~بارتفاع الموضوع، ففي حال الدخول في الصلاة كان غير محكوم بالحدث ~~الاستصحابي ، فيكون حال هذا المكلف حال المكلف الذي دخل في الصلاة غافلا من ~~الأول كما في الفرع المتقدم. # وحينئذ لا بد من نقل الكلام في الشك المتأخر عن الصلاة ، فنقول : جريان ~~الاستصحاب فيه معلوم ، وأما جريان قاعدة الفراغ فهو هنا أشكل منه في الفرع ~~المتقدم ، ووجهه أنا إن قلنا بالطريقية فعدم الجريان واضح مما ذكر في الفرع ~~المتقدم ، وإن قلنا بعدمها فيمكن القول بعدم الجريان هنا من جهة أن موضوع ~~القاعدة لا شك أنه الشك الحادث بعد العمل ؛ لوضوح أنه لو لم يكن كذلك ~~فالشكوك الحادثة في أثناء العمل يمكن الصبر عليها والحكم بالصحة في ما بعد ~~العمل ، ومن المعلوم بطلان ذلك. # وحينئذ فيمكن أن يقال : إن الشك الحاصل بعد الصلاة عند العرف عين الشك ~~الحاصل قبلها ، فيحكمون بأنه كان مخفيا فظهر ، لا أنه صورة جديدة طارئة على ~~النفس ، كما أن الحال كذلك بحسب الدقة العقلية ، ألا ترى أن صورة زيد إذا ~~حصلت في النفس ثم غفل عنها ، ثم عادت يحكم العرف بأنها عين الصورة الاولى ~~وإن كانت مغايرة لها بالدقة العقلية؟ فكذلك الحال في الشك هنا. # وبالجملة ، فجريان قاعدة الفراغ في هذا الفرع مبني على مقدمتين ، إحداهما ~~القول بعدم الطريقية ، والاخرى إحراز أن العرف يحكمون بمغايرة الشك الثاني ms0885 ~~مع الأول ؛ إذ مع الشك أو إحراز عدم المغايرة لا مجرى للقاعدة ، أما على ~~الأول فللشبهة في المصداقية ، وأما على الثاني فللقطع بعدم المصداقية ، ~~والظاهر حكمهم بعدم المغايرة ، فلا تكون القاعدة جارية مطلقا ، سواء قلنا ~~بالطريقية أم لم نقل ، فيكون الاستصحاب جاريا بلا معارض ونحكم ببطلان ~~الصلاة من جهته لا من جهة الاستصحاب في الشك المتحقق قبل الصلاة كما زعمه ~~قدسسره . # ثم اعلم أن للاستصحاب تقسيمات باعتبارات ثلاثة ، باعتبار نفس المستصحب ، ~~وباعتبار دليل وجوده ، وباعتبار الشك ، وله تقسيمات بغير هذه الاعتبارات ~~أيضا ، ولكن لا فائدة فيها ، وإنما المحل للنقض والإبرام أمور : PageV02P274 ### ||| ** الامر الأول : # هل الاستصحاب جار في ما إذا كان المستصحب حكما ثابتا بدليل العقل ، بمعنى ~~أنه لو أدرك العقل الحسن أو القبح في شيء ثم شك في حسن هذا الشيء أو قبحه ~~في اللاحق ، فهل يجرى الاستصحاب لإثبات الحسن أو القبح السابقين أو لا ~~يجري؟. (1) # ذهب شيخنا المرتضى أعلى الله مقامه الشريف إلى عدم الجريان مصرا عليه ، ~~وحاصل ما أفاده في تقريب ذلك بطوله أن العقل يستقصي أولا جميع ما له الدخل ~~في موضوع حكمه من الأوصاف والقيود والخصوصيات فيأخذ الجميع في الموضوع ثم ~~يحكم بالحسن أو القبح. # مثلا إذا لا خط عنوان ضرب اليتيم لا يرى له في حد نفسه قبحا ، بل يراه ~~متصفا به في بعض الأحوال وبالحسن في آخر ، فيزيد عليه عنوان الإيذاء فيراه ~~أيضا كذلك ، فيضم إليه عنوان كونه صادرا لا عن غرض التأديب فيدرك فيه حينئذ ~~القبح اللازم الثابت في جميع الأحوال. # وكذلك إذا لاحظ عنوان الصدق لا يرى له في حد ذاته حسنا ، وإذا زيد عليه ~~عنوان النافع يدرك فيه الحسن الفعلي الحاصل في جميع الحالات ، وكذلك الحال ~~في عنوان الكذب حيث إنه من حيث هو لا يحكم العقل فيه بالقبح ، ويحكم به بعد ~~انضمام قيد الضار. # وحينئذ فنقول : ما دام هذا الموضوع المشتمل على جميع القيود الدخيلة باقيا PageV02P275 # لا يمكن أن يرتفع عنه حكم الحسن أو القبح ، بل هو حسن دائما وفي ms0886 جميع ~~الأحوال ، أو قبيح كذلك ، فمع بقاء هذا الموضوع لا يمكن أن يشك العقل في ~~الحسن والقبح. # نعم إذا زال بعض القيود يمكن أن يشك العقل حينئذ في الحكم من جهة الشك في ~~دخل القيد الزائل وعدم دخله واحتمال خطائه في حكمه بدخله ، ويمكن أيضا أن ~~يعرض للعقل الشك في الحسن والقبح من جهة الشك في التطبيق ، كما إذا كان ~~الموضوع الخارجي منطبقا عليه عنوان الصدق النافع ، فشك في اللاحق في ~~انطباقه عليه وعدمه ، فيحصل الشك في الحسن والقبح فيه من هذه الجهة. # فشك العقل في حكمه منحصر في قسمين ، أحدهما : الشك في الكبرى وإن لم يكن ~~شك في مقام التطبيق ، والآخر : الشك في التطبيق وإن لم يكن شك في أصل ~~الكبرى ، والاستصحاب غير ممكن الجريان في كلا القسمين ، أما في الأول ، ~~فلأنه يعتبر في الاستصحاب بقاء الموضوع بلا شبهة ، لتوقف صدق نقض اليقين ~~بالشك عليه ، ومع فرض انتفاء بعض القيود يكون الموضوع بنظر العقل غير ~~الموضوع السابق بلا شبهة ، فلا يصدق عنوان نقض اليقين بالشك ، وأما في ~~الثاني فلفرض الشك في انطباق العنوان الذي هو الموضوع للحكم بنظر العقل ، ~~ومعه يكون المقام شبهة مصداقية لنقض اليقين بالشك ، فلا يمكن التمسك بعموم دليله. # فإن قلت : إنا نرجع في تشخيص الموضوع في باب الاستصحاب إلى العرف دون ~~العقل ، ولا ينافي أن يكون موضوع الاستصحاب مأخوذا من العرف ونفس المستصحب ~~مأخوذا من العقل ، فإن جريان الاستصحاب دائر مدار صدق نقص اليقين بالشك ، ~~فيمكن أن يكون العقل حاكما بالحسن أو القبح في شيء ، فشك في بقاء الحسن أو ~~القبح فيه في اللاحق من جهة الشك في الانطباق أو الكبرى وكان PageV02P276 # الموضوع مع كونه مقطوع الانتفاء أو مشكوك البقاء في نظر العقل معلوم ~~البقاء في نظر العرف ، فيكون عنوان نقض اليقين بالشك صادقا ، # مثلا عنوان الصدق وحده في نظر العرف موضوع للحسن وإن كان لعنوان النافع ~~دخل في الموضوع بنظر العقل ، فإذا شك في بقاء الحسن فيه في اللاحق مع القطع ~~بحسنه في السابق ms0887 من جهة الشك في التطبيق أو الكبرى ، فيصدق على عدم ترتيب ~~الحسن عليه أنه نقض لليقين بالشك. # قلت : إذا كان الدليل على المستصحب لفظيا واختلف الموضوع بنظر العرف ~~باختلاف التعبيرات كاختلافه في قولنا : الماء إذا تغير نجس ، وقولنا : ~~الماء المتغير نجس ، حيث إن الموضوع في الأول بنظر العرف هو الماء وحده ، ~~وفي الثاني هو الماء مع وصف التغير ، فعند زوال التغير من قبل نفس الماء ~~والشك في بقاء حكم النجاسة يكون الموضوع باقيا بنظر العرف على الأول ، وغير ~~باق على الثانى ، كان ما ذكر حقا ، فنرجع في تشخيص كيفية الموضوع في الدليل ~~إلى فهم العرف واستفادته من الدليل ، هذا إذا كان الدليل على المستصحب لفظيا. # وأما إذا كان لبيا وعقليا كما هو المفروض في محل الكلام فليس في البين ~~موضوع مأخوذ من الشرع حتى نرجع في تشخيص كيفيته إلى العرف ؛ لعدم وجود ~~الدليل اللفظي ، فليس إلا الموضوع المأخوذ من العقل الذي حكم العقل فيه ~~بالحسن أو القبح ، وقد فرضنا أن الموضوع العقلي إما مقطوع الارتفاع أو ~~مشكوك البقاء. # ومن هنا يظهر أنه كما لا مجرى للاستصحاب في حكم العقل لا مجرى له أيضا في ~~حكم الشرع الذي يجيء بتبع حكم العقل ، فإنه ليس لهذا الحكم الشرعي موضوع ~~مستقل وراء الموضوع المأخوذ من العقل ، بل موضوعه وموضوع حكم PageV02P277 # العقل واحد ، هذا ما ذكره قدسسره . # والحق جريان الاستصحاب في الأحكام العقلية ، وتقريبه أن حكم العقل تارة ~~يراد به نفس إدراكه لحسن شيء أو قبحه وجزمه بذلك ، وحصول الشك للعقل في ~~حكمه بهذا المعنى غير معقول ، فلو كان موضوع إدراك العقل للحسن وجزمه به هو ~~عنوان الصدق مع قيد النافع ، فزال هذا القيد ينتفي لا محالة إدراك العقل ~~وجزمه ، ولا يعقل حصول الشك في بقائهما وعدمه للشك في دخالة القيد الزائل ~~فيهما وعدمها ؛ إذ لا يعقل أن يشك الحاكم في موضوع حكمه ويجهل الجازم بمحل جزمه. # واخرى يراد به ما هو ملاك الإدراك والجزم المذكورين ، أعني نفس الحسن ~~والقبح الكامنين في ذوات الأشياء ms0888 الذين يكون بتبعهما الإدراك والجزم ~~المذكوران ، وحصول الشك في هذا المعنى للعقل الغير التام بمكان من الإمكان ~~، فقد يصير هذا المعنى مشكوك التحقق في العنوان ابتداء ، وقد يصير مشكوكا ~~بعد زوال بعض قيوده مع معلوميته قبل زواله ، فحينئذ وإن كان إدراك العقل ~~وجزمه بعد زوال القيد معلوم العدم ، كما كان معلوم التحقق قبله ، ولكن يمكن ~~أن يصير ملاكه أعني الحسن والقبح الذاتيين مشكوكا بأحد نحوين. # الأول : أن يكون منشأ الشك احتمال كون القيد غير دخيل في ملاك الحسن ~~والقبح أصلا ، ويكون ضمه كضم الحجر إلى الإنسان. # والثاني : أن يكون منشؤه احتمال وجود الملاك اللزومي في المطلق مع القطع ~~بدخالة القيد مرددة بين دخالته في اصل اللزوم أو في الأكملية ، مع قيام أصل ~~اللزوم بالمطلق ، ويمكن أيضا حصول الشك في الملاك في الخارجيات من باب الشك ~~في التطبيق مع عدم الشك فيه بحسب الكبرى ، فهذه أنحاء ثلاثة للشك في PageV02P278 # الملاك ، ولا إشكال في عدم جريان الاستصحاب في شيء من هذه الأنحاء بحسب ~~نفس الملاك ، فلا يمكن استصحاب الحسن والقبح الموجودين في السابق في شيء من ~~هذه الصور. # وجهه أن المفسدة والمصلحة الكامنتين في ذوات الأشياء ليستا موضوعين للأثر ~~الشرعي ؛ إذ لم يرتب الشارع عليهما حكما شرعيا ، والكشف عنهما وإن كان من ~~وظيفة الشارع من حيث إنه أعقل العقلاء ، لكنه خارج عن وظيفته من حيث إنه ~~شارع ؛ لعدم انتهائهما إلى العمل ، فليستا كالطهارة والنجاسة ؛ لانتهاء ~~هذين إلى العمل ، وأما وجوب الإتيان بما فيه المصلحة ، والتحرز عما فيه ~~المفسدة فهو حكم الشرع يستكشفه العقل من قاعدة الملازمة بين المفسدة ~~والمصلحة وبين حكم الشرع ، لا أنه أثر لنفس المصلحة والمفسدة. # هذا هو الكلام في استصحاب الحسن والقبح العقليين ، وأما استصحاب حكم ~~الشرع التابع لهما فلا مانع عنه سوى ما ذكره قدسسره من أن الموضوع مقطوع ~~العدم في بعض الصور ومشكوك البقاء في بعض آخر ، فعنوان النقض غير صادق قطعا ~~في الأول ، ومشكوك الصدق في الثاني. # والحق عدم هذا المانع ، بيانه أن في طريق تشخيص ms0889 الموضوع في باب الاستصحاب ~~أوجها ثلاثة : الرجوع إلى العقل ، والرجوع إلى ما يستفاد من الدليل بحسب ~~فهم العرف ، والرجوع إلى العرف ابتداء مع قطع النظر عن الدليل ، وحيث إن ~~المختار كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى هو الوجه الثالث وحاصل وجهه أن ~~الوجه الأول مستلزم لسد باب الاستصحاب كما هو واضح ، وأما الثاني فلأنا ~~متعبدون في باب الاستصحاب بصدق النقض والإبقاء وعدم صدقهما لا بغير ذلك ففي ~~كل موضع كان وجود الأثر والحكم السابق في اللاحق بقاء وعدمه ارتفاعا ، و PageV02P279 # الالتزام بوجوده إبقاء وبعدمه نقضا نحكم بمشموليته لعموم «لا تنقض» وإن ~~كان مقتضى الموضوع المأخوذ في الدليل عدم صدق النقض والإبقاء. # كما لو قال الشارع : الماء المتغير نجس ، فإن العرف يرون الطهارة ~~والنجاسة عارضتين على الجسم ، وأما التغير وعدمه فيرونهما من حالات الموضوع ~~وعوارضه دون معدداته ومقوماته ، فالتغير على فرض قيديته يكون عندهم قيدا ~~للحكم دون الموضوع ، وفي كل موضع كان وجود الأثر والحكم السابق في اللاحق ~~حدوثا وعدمه انعداما بانعدام الموضوع يحكم بعدم مشموليته للعموم المذكور. # وإن كان مقتضى الموضوع المأخوذ في الدليل صدق النقض والإبقاء كان المانع ~~الذي ذكره قدسسره مفقودا ، فإن العقل وإن كان لا يلقي حكمه إلى العرف بدليل ~~لفظي ، لكن وصل إلى العرف خطاب «لا تنقض» فالعاقل عند حكم عقله بحسن الصدق ~~النافع مثلا واستكشافه حكم الشرع بوجوب هذا العنوان يقطع النظر عن جنبة ~~عاقليته ويصير عرفا بحتا ويقول : الصدق النافع كان في السابق واجبا بحكم ~~الشرع وشككت في حال زوال قيد نافعيته في ثبوت هذا الحكم فيه ، وقد قال ~~الشارع : «لا تنقض اليقين بالشك» فيجد من نفسه مشمولية المقام لهذا الخطاب. # وبالجملة ، إنا لا نرى فرقا أصلا بين ما إذا قال الشارع : الماء المتغير ~~نجس وبين حكم العقل بالنجاسة في موضوع الماء المتغير ، فكما لو عرض على ~~العرف في الأول حكم النجاسة المعلقة على الموضوع المقيد ، وعرض عليه خطاب ~~لا تنقض ، يحكم عند زوال التغير من قبل نفس الماء بمشمولية المورد للخطاب ms0890 ~~المذكور ، كذلك لو عرض عليه في الثاني الحكم المعلق على المقيد مستكشفا من ~~العقل وعرض عليه الخطاب المذكور يحكم بمشمولية المورد المذكور لهذا الخطاب ~~بلا فرق. PageV02P280 ### ||| ** الأمر الثاني : # اعلم أن في حجية الاستصحاب وعدم حجيته والتفصيل أقوالا كثيرة شتى ، ولا ~~مهم لنا في عد تلك الأقوال ، وإنما المهم التعرض لبيان أنه هل يكون دليل ~~على حجية الاستصحاب مطلقا أو في بعض الموارد ، أو لا دليل على حجيته أصلا ، ~~فنقول : يظهر من المتقدمين عدم تمسكهم لحجيته بأخبار عدم نقض اليقين بالشك ~~، بل تمسكوا بوجوه أخر ، مثل أن العلة الموجدة مبقية وأن ما ثبت يدوم ونحو ~~ذلك ، والتمسك بتلك الأخبار شاع بين المتأخرين ، وأولهم على ما حكي والد ~~شيخنا البهائي قدسسرهما حيث وقع التعبير عن الاستصحاب في كلامه بعدم نقض ~~اليقين بالشك. # وكيف كان فقد ادعى شيخنا المرتضى قدسسره حجية الاستصحاب في خصوص ما إذا ~~كان الشك اللاحق ناشئا من الشك في الرافع مع إحراز المقتضي ، دون ما إذا ~~كان ناشئا من الشك في المقتضي ، ولا يخفى أنه لو كان المتيقن من أدلة الباب ~~هو الحجية في مورد الشك في الرافع كان كافيا في إثبات هذا المدعى ؛ لأن عدم ~~الدليل على الحجية في مورد الشك في المقتضي يكفي في عدم الحجية كما هو ~~واضح. (1) # وحاصل ما استدل به قدسسره لمدعاه من أصل حجية الاستصحاب في الجملة وحجيته ~~في الشك في الرافع دون المقتضي وجوه ثلاثة : # الأول : ظهور الاتفاق على أنه متى كان يقين سابق وشك لا حق مع إحراز ~~المقتضي يبنى على اليقين السابق ، ولا ينافي هذا مع ما صرح هو به من أن ~~الأقوال في مسألة الاستصحاب أحد عشر أو أكثر ؛ لأنه يمكن حصول الحدس القطعي ~~للفقيه من اتفاق جماعة على المطلب وإن كان الباقون على خلافه. PageV02P281 # الثاني : الاستقراء أعني : تتبع الجزئيات ، والفرق بين هذا وسابقه أنه قد ~~يتتبع فتاوى الأصحاب بمقدار يبلغ حد الإجماع وهذا هو الوجه الأول ، وقد ~~يتتبع حكم الشارع في الموارد الجزئية على طبق الحالة السابقة مع ms0891 قطع النظر ~~عن الفتاوى ، وهذا هو المراد بالثاني ، وحينئذ فحاصل مرامه قدسسره من هذا ~~الوجه أنا إذا تتبعنا كل مورد مورد من الموارد من أول الفقه إلى آخره مما ~~حصل فيه الشك في شيء بعد اليقين به سابقا من جهة الشك في حصول الرافع لهذا ~~الشيء وجدنا الشارع حكم فيه بثبوت هذا الشيء في اللاحق ، وهذا الاستقصاء ~~يفيد القطع بالجامع بين جميع تلك الموارد وهو الاعتبار بالحالة السابقة على ~~وجه الكلية. # وأما بعض الموارد التي لم يحكم الشارع فيها على طبق الحالة السابقة ~~كالحكم بنجاسة الرطوبة المشتبهة الخارجة قبل الاستبراء من البول أو المني ~~وبعد تطهير المحل على خلاف أصالة الطهارة واستصحاب طهارة المحل ، فليس من ~~باب إلغاء الحالة السابقة وعدم الاعتناء بها ، بل يكون من باب حجية الأمارة ~~القائمة على الخلاف ؛ فإن الغالب في من بال أو أمنى ولم يستبرئ وجود البول ~~والمني في المخرج ، فالحكم على خلاف الحالة السابقة يكون من جهة تقديم هذا ~~الظهور على الكون السابق ، لا من جهة عدم الاعتناء بالكون السابق ، وإلا ~~فإن كان الوجه هو الثاني كان المتعين هو الحكم بالطهارة من جهة قاعدة ~~الطهارة ، ويظهر منه قدسسره الركون إلى هذا الوجه ، ولهذا ذكر بعد ذلك ما ~~حاصله أن هذا الاستقراء يكون أولى من الاستقراء الذي تمسك به غير واحد منهم ~~المحقق البهبهاني وسيد الرياض قدسسرهما ، لاعتبار شهادة العدلين على وجه ~~الإطلاق. # الثالث : الأخبار الناهية عن نقض اليقين بالشك ، ويجب ملاحظة كل واحد ~~واحد من هذه الأخبار والتأمل في مدلوله كما وكيفا ، ثم ملاحظة أن المستفاد ~~من المجموع ما ذا ، ولكن قبل الاشتغال بذلك ينبغى التنبيه على مطلب ذكره ~~شيخنا قدسسره وحاصله أنه وإن كان لهذه الأخبار إطلاق بالنسبة إلى الموارد ~~باعتبار أن نقض اليقين بالشك كما يصدق في مورد الشك في الواقع يصدق في الشك في PageV02P282 # المقتضي ، إلا أن في اطلاقها بالنسبة إلى مورد الشك في المقتضي إشكالا ~~فتح بابه المحقق الخوانساري. # وحاصل الإشكال على ما نقله شيخنا قدسسره عن المحقق المذكور ms0892 رحمة الله ~~عليه ويظهر منه قدسسره ارتضائه والركون إليه أن النقض بحسب اللغة عبارة عن ~~إعدام الهيئة الاتصالية للشيء، وهذا المعنى غير ممكن الإرادة في هذه ~~الأخبار قطعا ؛ لوضوح انه ليس في البين شيء كان له هيئة اتصالية حتى يرد ~~فيه النقض وعدمه ، وبعد ذلك يدور الأمر بين إرادة رفع اليد عن اليقين ~~السابق بالشك اللاحق على وجه أقرب المجازات إلى ذلك المعنى الحقيقي بطريق ~~الاستعارة ، وبين إرادة رفع اليد عن اليقين السابق بالشك اللاحق مطلقا ، ~~وإن لم يكن على هذا الوجه. # فلو كان لفظ النقض في هذه الأخبار واردا في الموارد التي يكون الشك فيها ~~في الرافع كان من باب أقرب المجازات إلى ذلك المعنى الحقيقي ، لأن اقتضاء ~~البقاء في ذات الشيء حينئذ قد نزل منزلة الهيئة الاتصالية ، فاطلق النقض ~~على رفع اليد عن هذا الاقتضاء من باب الاستعارة ، وأما لو كان واردا في ~~الأعم من تلك الموارد ومن الموارد التي يكون الشك فيها في المقتضي فيكون ~~مستعملا في مطلق الرفع بعد الأخذ وإن لم يكن فيه ما يشبه بالهيئة الاتصالية ~~، ولا يخفى أنه إذا دارا الأمر بين هذين المعنيين كان الأول هو الأولى ، ~~فيكون مفاد الأخبار حجية الاستصحاب في الشك في الرافع دون المقتضي. # فإن قلت : لفظ النقض وإن كان أخص بحسب اللغة كما ذكرت ، إلا أن لفظ ~~اليقين أعم بحسب اللغة مما إذا كان المتيقن شيئا له مقتضى البقاء أو غيره ، ~~وكذلك لفظ الشك أعم من صورة كون المشكوك مما له مقتضى البقاء وعدمه ، فيصرف ~~ظهور لفظ النقض في التخصيص بواسطة ظهور متعلقه في التعميم. # قلت : إذا كان الفعل أخص والمتعلق أعم ، فالقاعدة رفع اليد عن ظهور ~~المتعلق في التعميم بقرينة ظهور الفعل في التخصيص ، لا رفع اليد عن ظهور ~~الفعل في التخصيص بقرينة ظهور المتعلق في التعميم ، ألا ترى إلى قولنا : لا ~~تضرب أحدا ، PageV02P283 # حيث إنه لا يشمل الأموات ، مع شمول لفظ الأحد للأحياء والأموات ووجهه أن ~~حقيقة الضرب قد اخذ فيها معنى الإيلام المفقود في ms0893 الأموات كسائر الجمادات ، ~~هذا حاصل كلامه قدسسره في نقل الإشكال. # أقول : لا بد أولا قبل التكلم في الأخبار من طي الكلام في الوجهين ~~الأولين فنقول : أما ظهور الإجماع ففيه أن الإجماع المحقق في مثل هذه ~~المسألة مما تتطرق فيه الأدلة الأخر ، ويشتمل كلمات المجمعين على التعليلات ~~لا يصلح للركون إليه فضلا عن حكاية الإجماع وحكاية ظهوره. # وأما الاستقراء وتتبع حكم الشارع في الجزئيات ، فبعد تصديق هذا المعنى ~~منه قدسسره نقول : من أين يثبت أن حكم الشارع في تلك الموارد بالثبوت يكون ~~لأجل الكون السابق وبملاحظته ، وذلك لأن الموجود في تلك الموارد أمران : # الأول : وجود الكون السابق مع الشك اللاحق ، والثاني : وجود المقتضي مع ~~الشك في الرافع ، فيجيء هنا ثلاثة احتمالات ، الأول : أن يكون الاعتبار ~~بالحالة السابقة مع قطع النظر عن وجود المقتضي ، والثاني : أن يكون ~~الاعتبار بالحالة السابقة مع دخالة وجود المقتضي ، والثالث أن يكون ~~الاعتبار بوجود المقتضي مع قطع النظر عن الحالة السابقة. # فإن كان الأول كان الاستقراء دليلا على حجية الاستصحاب مطلقا ، حتى في ~~مورد الشك في المقتضى ، وإن كان الثاني كان دليلا على حجيته في خصوص الشك ~~في الرافع ، وإن كان الثالث كان دليلا على حجية قاعدة المقتضي والمانع ، ~~ففي كل مورد ثبت وجود المقتضي وشك في وجود الرافع يبنى على وجود المقتضي ، ~~سواء كان في البين يقين سابق أم لا ، والثالث وإن كان بحسب النتيجة شريكا ~~مع المدعى من حجية الاستصحاب في الشك في الرافع ، فيفيد وجوب البناء على ~~الثبوت في جميع موارد اليقين السابق والشك اللاحق مع إحراز المقتضي والشك ~~في الرافع ، لكن الحكم بالثبوت يكون من جهة القاعدة لا من باب الاستصحاب ، ~~فبعد دوران أمر الاستقراء بين هذه الثلاثة يخرج عن صلاحية PageV02P284 # كونه دليلا على حجية الاستصحاب. # نعم لو كان معلوما من حال الشارع أن الحكم بالثبوت في تلك الموارد يكون ~~لأجل الكون السابق ، كان دليلا على المدعى من حجية الاستصحاب في الشك في ~~الرافع وتردد الأمر مع ذلك بين الاعتبار بحيثية وجود المقتضي ms0894 ، والإلغاء ~~لها حتى يكون دليلا على حجية الاستصحاب حتى في مورد الشك في المقتضي غير ~~مضر ؛ لما أشرنا إليه سابقا من أنه لو كان المتيقن من الدليل حجية ~~الاستصحاب في الشك في الرافع كفى في عدم الحجية في الشك في المقتضي ، ولا ~~يحتاج إلى إثبات عدم الحجية في الثاني بالدليل. # هذا مع إمكان أن يقال : إن معنى التمسك بالاستقراء أن يكون بنفسه مفيدا ~~للقطع بالمدعى ، وذلك لا يتم في المقام إلا بوجود الدليل الخاص على الثبوت ~~في كل مورد مورد من الموارد المذكورة ، ونحن إذا راجعنا الفقه وجدنا الأمر ~~على خلاف ذلك ؛ فإن أغلب الموارد المذكورة ليس فيها سوى فتوى الأصحاب ~~اتكالا على الاستصحاب ، فإن اتكلنا نحن في تلك الموارد على فتواهم كان ذلك ~~اتكالا في حجية الاستصحاب على إجماعهم ، ويخرج عن باب التمسك بالاستقراء ~~وإن اتكلنا على عموم أخبار عدم النقض كان أيضا خارجا عن هذا الباب ؛ لأن ~~القطع بحجية الاستصحاب حينئذ حاصل من العلم بورود هذه الكلية من الشرع لا ~~من الاستقراء. # وأما ورود الدليل الخاص فنحن بعد التتبع لم نعثر عليه إلا في موارد ثلاثة ~~، الأول : عروض الخفقة والخفقتين بعد الوضوء والثاني : إعارة الثوب الطاهر ~~للذمي ، والثالث : عروض الشك في الطهارة عن الخبث المعلومة في السابق ، ~~وحصول القطع من مجرد هذه الموارد بعيد في الغاية. # وكيف كان فالمهم الآن التصدي لبيان أن عدم جواز نقض اليقين بالشك على وجه ~~الكلية يمكن استفادته من الأخبار أولا؟ وهل يكون ناظرا إلى الاستصحاب أو ~~إلى شيء آخر ، وعلى فرض الاستفادة يكون بأي مقدار. PageV02P285 # فنقول وعلى الله الاتكال : # من جملة الأخبار صحيحة زرارة «قال قلت له : الرجل ينام وهو على وضوء ، ~~أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ قال : يا زرارة قد تنام العين ولا ~~ينام القلب والاذن، فإذا نامت العين والاذن فقد وجب الوضوء ، قلت : فإن حرك ~~في جنبه شيء وهو لا يعلم؟ قال : لا حتى يستيقن أنه قد نام حتى يجيء من ذلك ~~أمر بين ، وإلا فإنه على يقين من وضوئه ms0895 ولا تنقض اليقين بالشك أبدا ، ولكن ~~تنقضه بيقين آخر». # ولا يقدح إضمارها ؛ لأن زرارة لجلالة قدره وكثرة علمه لا يسأل عن كل أحد ~~، فيمكن دعوى القطع بأن مسئوله أحد الصادقين صلوات الله عليهما ، هذا مع ~~قوة احتمال عروض التقطيع على الرواية بأن يكون أصل الرواية طويلة واسم ~~الإمام المسئول عنه مذكورا في صدرها ، وحيث كان قطعاتها في مطالب متفرقة ~~ذكر كل قطعة في باب يناسبها ، فعرض الإضمار من جهة التقطيع ، هذا هو الكلام ~~بحسب السند. # وأما بحسب فقه الحديث ، فالفقرة الاولى من كلام السائل سؤال عن الشبهة ~~الحكمية ، بمعنى أنه بعد الفراغ عن أصل ناقضية النوم للوضوء وقع السؤال عن ~~مفهوم النوم الناقض وأنه يكون بحيث يشتمل الخفقة والخفقتين أو لا ، والشبهة ~~المفهومية داخلة في الحكمية ؛ لأن معيار الحكمية أن يكون رفع الشبهة من ~~وظيفة الشرع ، وكما يكون رفع الشبهة من حيث الحكم وظيفة له ، كذلك رفعها من ~~حيث المفهوم ، فكما أن بيان حرمة الغناء مثلا من شأن الشارع فكذلك بيان ~~مفهومه ، وبالجملة ، فرفع الإمام عليه السلام الشبهة من الجهة المذكورة ، ~~ببيان أن مطلق النوم ليس ناقضا للوضوء وأن الناقض هو النوم المستولي على ~~العين والاذن. # ثم بعد رفع الجهالة من المفهوم وقع السؤال في الفقرة الثانية عن حكم ~~الشبهة الموضوعية لهذا المفهوم الناشئة من الاشتباه في الامور الخارجية ، ~~بمعنى أنه بعد معلومية عد النوم الناقض ومفهومه وأنه النوم المستولي على ~~العين والاذن وقع PageV02P286 # الشك في حصول هذا المعنى وعدم حصوله ، ومنشأ هذا الشك عدم الالتفات إلى ~~تحريك شيء في جنبه وعدم العلم بأن عدم الالتفات إليه كان من جهة استيلاء ~~النوم على الحاستين، أو من جهة أمر آخر مع عدم استيلائه عليهما ، فأجاب ~~الإمام عليه السلام في هذا المقام بقوله: «لا حتى يستيقن أنه نام حتى يجيء ~~من ذلك أمر بين» يعني لا يجب الوضوء حتى يعلم بحصول ما هو الناقص ويتضح ~~عنده ذلك. # فانقدح من هنا أن الرواية سليمة عن الخدشة فيها باحتمال كونها واردة ~~لبيان حكم الشك ms0896 الساري إلى حال اليقين ، فتكون ناظرة إلى قاعدة اخرى غير ~~الاستصحاب ، وذلك لما عرفت من تمحض مورد السؤال للشك الغير السارى ، ثم ~~قوله : «وإلا» قضية مشتملة على الشرط ؛ لأن معناه : إن لم يستيقن أنه نام ~~أو إن لم يجئ من ذلك أمر بين ، وجواب هذا الشرط يحتمل أن يكون محذوفا ويكون ~~المذكور علة للجواب المحذوف ، لا أن يكون الجواب نفس المذكور ؛ فإن من ~~الشائع حذف الجواب وإقامة علته مقامه ، كما في قوله تعالى : ( @QUR@07 ومن ~~كفر فإن الله غني عن العالمين ) وقوله تعالى : ( @QUR@06 إن يسرق فقد سرق ~~أخ له ) والتقدير في الأول : فلا يضر كفركم بالله ؛ غني عن العالمين ، وفي ~~الثاني : فلا عجب لأنه قد سرق أخ له ، والتقدير في المقام : فلا يجب الوضوء ~~لأنه على يقين من وضوئه ، وعلى هذا يكون قوله : «فإنه على يقين من وضوئه» ~~في مقام الصغرى ، وقوله : «ولا تنقض اليقين بالشك» في مقام الكبرى ، ويكون ~~الإتيان بهذه الصغرى والكبرى لأجل كون نتيجتهما جوابا للشرط. # ويحتمل أن يكون الجواب نفس المذكور في الكلام أعني قوله : فإنه على يقين ~~من وضوئه ، بأن يكون المعنى أنه على يقين فعلا بحكم التعبد وإن كان على شك ~~، يعنى يجب أن يعامل معاملة اليقين ويجري على وضوئه ، وعلى هذا يكون قوله : ~~ولا تنقض اليقين بالشك تكرار للفقرة الاولى للتأكيد ، فإن مفاده على هذا ~~أيضا وجوب البناء على اليقين السابق وكونه في اللاحق على يقين تعبدا. # والفرق بين الوجهين أنه على الأول يستفاد القاعدة الكلية من الكبرى كما هو PageV02P287 # واضح ، وعلى الثاني لا يمكن استفادة الكلية أصلا ؛ لأن الكلام يفيد وجوب ~~البناء على اليقين السابق في هذا المقام الشخصي الذي وقع موردا للسؤال أعني ~~عروض الخفقة والخفقتين بعد الوضوء مع الشبهة الموضوعية ، فلا يمكن التعدي ~~عن هذا المقام الشخصي إلى المقامات الأخر في باب الوضوء فضلا عن سائر ~~الأبواب. # والظاهر منهما هو الوجه الأول ، ووجهه أن الظاهر من قوله : فإنه على يقين ~~من وضوئه ، عدم كونه في مقام التعبد وكونه للكشف عن الواقع ms0897 ، وكذلك الظاهر ~~من قوله : ولا تنقض اليقين بالشك عدم كونه تكرارا للفقرة السابقة وكونه ~~تأسيسا لمطلب جديد. # وعلى هذا يكون المعنى أنه إن لم يستيقن أنه نام فلا يجب عليه الوضوء ؛ ~~لأنه يكون فعلا على يقين من وضوئه السابق ولا ينقض اليقين بالشك ، وهذا ~~منطبق على الاستصحاب ؛ إذ يعتبر في الاستصحاب أيضا فعلية اليقين بالمتيقن ~~السابق في حال الشك وعدم سراية الشك إلى حال اليقين. # فإن قلت : غاية ما يلزم بعد اختيار الوجه الأول استفادة القاعدة في خصوص ~~باب الوضوء أو الطهارات الثلاث دون سائر الأبواب ، وذلك لأن استفادة الكلية ~~بالنسبة إلى سائر الأبواب متوقفة على كون «اللام» في لفظ اليقين للإشارة ~~إلى الجنس ؛ إذ حينئذ يكون المعنى : لا تنقص جنس اليقين بالشك ، وأما إذا ~~كانت راجعة إلى خصوص اليقين بالوضوء فيكون المعنى : لا تنقض اليقين بالوضوء ~~بالشك ، فيكون الكلام مفيدا للكلية في خصوص الوضوء أو مع التعدى إلى سائر ~~الطهارات ، ولكن لا يمكن التعدي إلى سائر الأبواب ، والأصل في اللام وإن ~~كان كونها للجنس ، لكن ذلك إنما يكون حيث لا عهد ، وحيث ذكر قبل الكلام ~~قوله : فإنه على يقين من وضوئه صار المعهود هو اليقين بالوضوء ، فالظاهر ~~كون اللام في كلمة «اليقين» إشارة إلى هذا المعهود. # قلت : إن أهل العرف يفهمون في بعض المقامات اعتبار القيد الزائد الغير PageV02P288 # المذكور في الكلام بمعونة المناسبات المقامية ، وفي بعض آخر إلغاء القيد ~~المذكور في الكلام من جهة تلك المناسبات ، ففي قوله عليه السلام : الماء إذا ~~بلغ قدر كر لا ينجسه شيء ، يفهمون اعتبار قولنا : بالملاقاة ، مع عدم ذكره ~~في الكلام أصلا ، فكذلك في مقامنا هذا يفهمون إلغاء خصوصية كون اليقين ~~متعلقا بالوضوء من جهة المناسبة المقامية. ووجه ذلك أنه بعد جعل اليقين ~~مقابلا للشك والحكم عليه بعدم انتفاضه بالشك يصير الحكم بعدم الانتفاض ~~مناسبا لجنس اليقين ، ولو كان خصوصية تعلقه بالوضوء مذكورة في الكلام يفهم ~~العرف عدم دخالة هذه الخصوصية من جهة هذه المناسبة ، وحينئذ تكون الرواية ~~مفيدة لقاعدة كلية هي حجية ms0898 الاستصحاب في جميع الأبواب من أول الفقه إلى آخره. # بقي الكلام في الإشكال المتقدم الذي ارتضاه شيخنا المرتضى قدسسره في شمول ~~الرواية للشك في المقتضي ، وقد سد بابه الاستاد الأكبر ومجدد المذهب في رأس ~~المائة الرابعة عشر الميرزا الشيرازى قدس الله تربته الزكية ، كما فتح بابه ~~المحقق الخوانساري أعلى الله مقامه الشريف ، وشرح ما أفاده قدسسره في تقريب ~~دفع الإشكال أن مادة النقض ضد الإبرام ، ومعنى الإبرام أن يكون للشيء أجزاء ~~شتات ، فجمع تلك الأجزاء على وجه التداخل والاستحكام، ومعنى النقض أن يجعل ~~تلك الأجزاء المتداخلة المستحكمة شتاتا منفصلا بعضها عن بعض. # فالنقض رفع الإبرام والاستحكام ، فنقض الغزل والحبل ضد إبرامهما الذي هو ~~عبارة عن جمع أجزاء الحبل والغزل وجعلها مستحكمة ، ونقضهما جعل تلك الأجزاء ~~شتاتا ، وليس النقض عبارة عن رفع الهيئة الاتصالية الطولانية ، وإلا فقطع ~~الحبل من وسطه لا يسمى نقضا ، بل قطعا. # وحينئذ نقول : المعنى الحقيقي لمادة النقض غير ممكن الإرادة في الرواية ؛ ~~لوضوح أنه ليس فى البين شيء له أجزاء محسوسة خارجية حتى يرد فيه الإبرام ~~والنقض ، ولكن يمكن أن لا يكون للشيء أجزاء محسوسة وكان استعارة مادة النقض ~~فيه مناسبة ، وذلك كما في نقض العهد والبيعة ، وجه المناسبة أن العهد عبارة PageV02P289 # عن بناء القلب على الفعل أو الترك ، وما دام لم يحصل البناء فكأنما أجزاء ~~القلب متشتتة ، تذهب تارة جانب الفعل واخرى جانب الترك ، وإذا حصل البناء ~~يجتمع أجزاء القلب وتصير مستحكمة وواقفة على جانب واحد. # وكذلك البيعة عبارة عن بناء القلب على مساعدة الغير ، فما دام لم يحصل ~~البناء فكأنما أجزاء القلب متشتتة دائرة بين المساعدة وعدمها ، وإذا حصل ~~البناء اجتمع أجزاء القلب وصارت مستحكمة واقفة على جانب المساعدة ، فنقض ~~العهد والبيعة عبارة عن جعل أجراء القلب متشتتة كالأول ودائرة بين الفعل ~~والترك أو المساعدة وعدمها. # ومن قبيل ما ليس له أجزاء محسوسة ، ولكن يناسب استعارة مادة النقض فيه ~~وصف اليقين ؛ فإنه ما دام لم يحصل هذا الوصف فكأنما أجزاء القلب متشتتة ~~تذهب تارة إلى ms0899 جانب الوجود والوقوع ، واخرى إلى العدم واللاوقوع ، فإذا حصل ~~هذا الوصف اجتمعت الأجزاء وصارت مستحكمة وواقفة في جانب واحد ، فنقض اليقين ~~عبارة عن جعل أجزاء القلب شتاتا كالأول. # وحينئذ نقول : بعد مناسبة هذه المادة مع وصف اليقين لا داعي إلى صرف لفظ ~~اليقين عن ظاهره وحمله على إرادة المتيقن حتى يحصل الإشكال من جهة أن ~~المتيقنات مختلفة، ففي بعضها شبيه الهيئة الاتصالية الدوامية موجود وفي ~~بعضها مفقود فنختار اختصاص الرواية من باب الإلجاء ، بل يحمل على ظاهره من ~~نفس اليقين ويراد به الأعم مما إذا كان للمتيقن مقتضى البقاء ، وما إذا لم ~~يكن ؛ إذ لا فرق في المناسبة بين الصورتين. # فإن قلت : إذا كان للمتيقن مقتضى البقاء كانت هذه المادة مناسبة ، وأما ~~إذا لم يكن له المقتضي للبقاء فلا مناسبة ، ألا ترى أنه لو كان للعهد أجل ~~محدود فبعد انقضاء الأجل لا يناسب إطلاق نقض العهد؟ فكذلك بعد انقضاء ~~المقتضى للبقاء لا يناسب إطلاق اليقين ، فيلزم اختصاص الرواية على هذا أيضا ~~بالشك في الرافع. # قلت : إن أردت أن مادة النقض غير مناسبة مع انقضاء المقتضي فلا إشكال في PageV02P290 # أن الانتقاض مع عدم المقتضي مناسب ، وإن أردت أن الهيئة المفيدة للتحريم ~~غير مناسبة مع الانتقاض القهري وإنما يناسب مع النقض الاختياري ، فهذا ~~مشترك الورود بين نفس اليقين وبين المتيقن مع وجود المقتضي ، ألا ترى أن ~~حياة زيد لا يصح النهي عن نقضها لاحتمال حصول انتقاضها قهرا بغير اختيار ~~المكلف؟ فكما تقول هناك في توجيه الهيئة بأن المراد هو النقض العملي ، نقول ~~هنا بذلك. # وبالجملة فلا فرق بين نفس اليقين وبين المتيقن لا في مناسبة المادة ولا ~~في عدم إمكان إبقاء الهيئة على ظاهرها ، وتعين توجيهها بإرادة النقض العملي ~~، وحينئذ فلا يكون رفع اليد عن ظاهر لفظ اليقين وتخصيص الرواية بالشك في ~~الرافع إلا أكلا من القفاء. # فإن قلت : نعم ، ولكن لا بد من حمل اليقين على المتيقن ؛ إذ على تقدير ~~حمله على وصف اليقين كان عدم نقضه عملا عبارة عن ترتيب ms0900 الآثار العملية ~~الثابتة لوصف اليقين ، وهو خلاف المراد في مورد الرواية قطعا وأجبني عن ~~الاستصحاب أيضا ؛ فإنه عبارة عن ترتيب آثار المتيقن ، فلو كان لليقين ~~بالوضوء أثر عملي كالتصدق بدرهم فاستصحاب الوضوء عبارة عن ترتيب أثر نفس ~~الوضوء من جواز الدخول في الصلاة بلا وضوء ، لا عن ترتيب أثر اليقين به. # قلت : إذا نسب شيء إلى اليقين فذلك يمكن بوجهين ، الأول : ملاحظة اليقين ~~على وجه الصفتية ، والآخر ملاحظته على وجه الطريقية ، فإن لوحظ على الوجه ~~الأول كان متمحضا في آثار نفس اليقين ، فلو قيل : عامل معاملة من هو على ~~يقين من وضوئه ، ولوحظ اليقين بهذا الوجه كان المعنى : تصدق بدرهم إذا كان ~~أثر اليقين بالوضوء ذلك ، وإن لوحظ على الوجه الثاني كان متمحضا في آثار ~~المتيقن ، فلو قيل الكلام المذكور ولوحظ اليقين بهذا الوجه كان المعنى : ~~ادخل في الصلاة بلا وضوء. # وحينئذ فحيث إن ظاهر لفظ اليقين ملاحظة على وجه الطريقية ، وقرينة مورد ~~الرواية أيضا شاهدة بذلك كان لفظ اليقين في الرواية متمحضا في آثار المتيقن ~~، فتحصل من مجموع ما ذكرنا تمامية دلالة الرواية الصحيحة على حجية ~~الاستصحاب PageV02P291 # في تمام الأبواب ، سواء كان الشك في المقتضي أم في الرافع ، والحمد لله ~~على كل حال. # ومنها صحيحة ثانية (1) لزرارة مضمرة أيضا ، قال : «قلت له : أصاب ثوبي دم ~~رعاف أو غيره أو شيء من المني ، فعلمت أثره إلى أن اصيب له الماء ، فحضرت ~~الصلاة ونسيت أن بثوبي شيئا ، وصليت ، ثم إني ذكرت بعد ذلك؟ قال عليه السلام ~~: تعيد الصلاة وتغسله ، قلت : فإن لم أكن رأيت موضعه وعلمت أنه أصابه ~~فطلبته ولم أقدر عليه فلما صليت وجدته؟ قال عليه السلام تغسله وتعيد ، قلت : ~~فإن ظننت أنه أصابه ولم اتيقن ذلك فنظرت ولم أر شيئا فصليت فيه فرأيت فيه؟ ~~قال : تغسله ولا تعيد الصلاة ، قلت : لم ذلك؟ قال : لأنك كنت على يقين من ~~طهارتك فشككت ، وليس ينبعي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا. # قلت : فإنى قد علمت أنه قد أصابه ولم أدر أين هو ms0901 فأغسله ، قال : تغسل من ~~ثوبك الناحية التي ترى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك ، قلت : ~~فهل علي إن شككت أنه أصابه شيء أن انظر فيه؟ قال : لا ، ولكنك إنما تريد أن ~~تذهب بالشك الذي وقع من نفسك ، قلت : إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة؟ قال ~~: تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته ، وإن لم تشك ثم رأيته ~~رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة ، لأنك لا تدري لعلة شيء اوقع ~~عليك ، فليس ينبعي لك أن تنقض اليقين بالشك» الحديث. # وموضع الاستدلال منها قوله في الموضعين : وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين ~~بالشك ، والكلام في تقريب الاستدلال به عين ما تقدم في الصحيحة الاولى ؛ ~~لاشتراكه معها في لفظ النقض واليقين والشك. # ولكن يرد هنا على فقه الحديث إشكال وهو أن قول السائل في الفقرة الاولى : ~~فإن ظننت أنه أصابه ولم اتيقن ذلك فنظرت ولم أر شيئا فصليت فيه فرأيت فيه ~~يحتمل وجهين. PageV02P292 # الأول : أن يكون المراد بقوله : فرأيت فيه ، أنه رأى النجاسة بعد الصلاة ~~واحتمل وقوعها بعدها ، وحينئذ لا إشكال أن يكون المراد من قوله : فرأيت فيه ~~، أنه رأى بعد الصلاة النجاسة التي خفيت عليه قبل الصلاة كما هو ظاهر ~~الكلام ، وحينئذ يرد الإشكال بأن الظاهر من قول الإمام عليه السلام في مقام ~~التعليل للحكم بعدم إعادة الصلاة : لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، ~~وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك كون قوله : وليس ينبغي الخ كبرى لإعادة ~~الصلاة ، ويكون المعنى : إنك كنت متيقنا بالطهارة قبل الظن بالنجاسة وشاكا ~~فيها في حال الشروع في الصلاة ، فالإعادة بعد الصلاة نقض لذاك اليقين بهذا ~~الشك ، والحال أنه ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك. # وأنت خبير بأن هذه الكبرى غير منطبقة على تلك الصغرى ؛ فإن المفروض أنه ~~بعد الصلاة كان متيقنا بوجود النجاسة من أول الصلاة إلى آخرها ، والإعادة ~~مع هذا اليقين نقض لليقين السابق باليقين لا بالشك ، نعم ما دام الشك باقيا ~~فالامتناع ms0902 من الدخول في الصلاة وعدم إتمامها بعد الشروع فيها وإعادتها بعد ~~الإتمام كل ذلك نقض لليقين بالشك ، فيصح أن يقع الكبرى المذكورة كبرى لهذه ~~الامور. # وأما بعد انقلاب الشك باليقين فإعادة الصلاة الواقعة في حال الشك ~~بالطهارة ليس إلا نقضا لليقين باليقين ، فلا يصح إجراء حكم الكبرى المذكور ~~فيه ، وذلك أنه يعتبر في جريان حكم الكبرى في الصغرى صدق عنوان الموضوع في ~~الكبرى على الصغرى مع قطع النظر عن الحكم ، مثلا حكم الحرمة في قولنا : كل ~~خمر حرام إنما يجرى في المائع المخصوص بعد صدق عنوان الخمر عليه مع قطع ~~النظر عن جريان الحرمة فيه ، وبعد صدق العنوان يجري عليه حكم الحرمة بتبع ~~ذلك ، فكذلك الإعادة في المقام لا بد أن يكون مع قطع النظر عن حكم الشرع ~~على عنوان نقض اليقين بالشك بعدم الجواز مصداقا لعنوان نقض اليقين بالشك ~~حتى يجري فيها حكم هذه الكبرى ، وأما إذا لم يكن هذا العنوان صادقا عليه لم ~~يكن هذا الحكم جاريا فيه. PageV02P293 # وحينئذ فلا محيص عن رفع اليد عن ظهور الكلام في كون قوله : وليس ينبغي ~~الخ ، كبرى للإعادة والالتزام بأن هذه القاعدة محققة لموضوع كبرى اخرى تكون ~~صحة الصلاة مستندة إلى تلك الكبرى ، لا إلى هذه القاعدة ، وهذه الكبرى ~~يحتمل أن يكون إجراء امتثال الأمر الظاهري ، ويحتمل أن يكون كفاية إحراز ~~الطهارة في صحة الصلاة ، سواء كان باليقين أم بحكم الشرع وعدم اشتراطها ~~بالطهارة الواقعية. # وعلى الأول (1) يكون المعنى أن حكم الشرع قد استقر في حق هذا الشخص PageV02P294 # بعدم جواز نقض اليقين بالشك ووجوب الجري على اليقين السابق ، ولازم ~~استقرار هذا الحكم في حقه كون صلاته شرعية وواقعة بحكم الشرع ، وكل صلاة ~~كانت شرعية ومطلوبة للشرع في زمان وقوعها تكون مجزية ، أو أنها مجزية في ~~هذا المقام وإن لم يكن كذلك في سائر المقامات. # وعلى الثاني يكون المعنى أن حكم الشرع قد استقر في حقه بعدم جواز نقض ~~اليقين بالشك ووجوب الجري على اليقين السابق ، ولازم استقرار ذلك في حقه ~~كون ms0903 صلاته واقعة مع إحراز الطهارة بحكم الشرع ، وكل صلاة كانت واقعة مع ~~إحراز الطهارة بحكم الشرع صحيحة وإن صادفت مع النجاسة الواقعية ؛ لأن الشرط ~~نفس الإحراز وهو لم ينكشف خلافه بعد. # وبعبارة اخرى : يكون المعنى على الأول أن تحقق اليقين بالطهارة سابقا ~~والشك فيها لاحقا موجب للأمر الظاهري بالصلاة في حال الشك ، وامتثال الأمر ~~الظاهري موجب للإجزاء ، وعلى الثاني أن تحقق اليقين بالطهارة سابقا والشك ~~فيها لا حقا موجب للأمر الظاهري بالصلاة في حال الشك ، فإجراء الطهارة حاصل PageV02P295 # بهذا الأمر الظاهري وهو كاف في صحة الصلاة. # وعلى كلا التقديرين يكون الحكم بعدم الإعادة معللا بنفس حكم عدم جواز نقض ~~اليقين بالشك ، لا يصدق عنوان نقض اليقين بالشك بأن يكون المراد إجراء حكم ~~عدم الجواز بتوسط صدق هذا العنوان ، فافهم لكي لا يشتبه عليك صدق العنوان ~~بنفس الحكم ، بمعنى أن الإعادة في مفروض الرواية يكون معاملة مع حكم لا ~~تنقض معاملة العدم ومخالفة لهذا الحكم باعتبار الكبرى الثابتة فوقه ، لا ~~أنها تكون نقضا لليقين بالشك. # والعجب من بعض الأساتيد قدسسره حيث إنه لما تخيل بعض جعل إفادة امتثال ~~الأمر الظاهري للإجزاء كبرى مطوية في الكلام عدل عن ذلك ؛ لكونه مخالفا لما ~~هو الظاهر من الكلام من استفادة عدم وجوب الإعادة من نفس قاعدة لا تنقض ~~وحدها بلا حاجة إلى وساطة كبرى مطوية ، واختار هو قدسسره تصحيح الاستدلال ~~بهذه القاعدة بجعل الطهارة شرطا علميا يعتبر إحرازها ، لا واقعيا يعتبر نفسها. # وأنت خبير بأنه على هذا أيضا لا يمكن استفادة عدم وجوب الإعادة من نفس ~~قاعدة لا تنقض ، بل يكون الاستدلال بحكم التحريم الثابت لعنوان نقض اليقين ~~بالشك باعتبار كبرى مطوية هي كون الطهارة شرطا علميا ، فيشترك هذا مع ما ~~ذكره المتخيل في الاحتياج إلى الكبرى المطوية. # وكيف كان ، فالاستدلال بالرواية للمدعى من حجية الاستصحاب تام على كل ~~حال؛ لإنها على كل تقدير تدل على أن تحقق اليقين السابق والشك اللاحق موجب ~~للأمر الظاهري بالعمل على طبق الحالة السابقة. # توهم ودفع ، أما الأول ms0904 : فهو أنه لا يمكن جعل قوله عليه السلام : وليس ~~ينبغي الخ كبرى لعدم وجوب الإعادة بناء على الوجه الأول أيضا من حمل قوله : ~~فرأيت فيه ، على رؤية النجاسة بعد الصلاة مع عدم العلم بكونها هي النجاسة ~~السابقة ، وذلك لأن وجوب الإعادة وعدم وجوبها من الآثار العقلية ، لتمامية ~~الصلاة شطرا أو شرطا ونقصانها ، فوجود الطهارة في حال الصلاة أثره العقلي ~~عدم وجوب PageV02P296 # الإعادة ، ووجود النجاسة في حالها أثره العقلي وجوبها ، فاستصحاب الطهارة ~~بلحاظ هذا الأثر العقلي أصل مثبت. # وأما الدفع ، فهو أن وجوب الإعادة وعدم وجوبها وإن كانا حكمين عقليين ، ~~إلا أن منشأهما بيد الشرع ؛ إذ للشارع أن يعتبر شيئا في المأمور به حتى تجب ~~الإعادة بدونه ، وله أن لا يعتبره فيه حتى لا تجب الإعادة بدونه ، فإذا حكم ~~الشارع في حال الشك في الطهارة والنجاسة لاحقا مع العلم بالطهارة سابقا ~~لعدم نقض اليقين بالشك ، فمقتضى ذلك رفع اليد عن اعتبار الطهارة في حال ~~الشك ، ولازم ذلك عقلا عدم وجوب الإعادة ، فيكون هذا الأثر ثابتا لنفس ~~الحكم الاستصحابي ، وقد حقق في محله أن الأثر الثابت لنفس الحكم الاستصحابي ~~مترتب وإن كان عقليا كوجوب الامتثال. # ثم إن شيخنا المرتضى قدس سرة بعد ذكر عدم إمكان جعل قوله عليه السلام : ~~وليس ينبغي الخ ، كبرى لعدم وجوب الإعادة بناء على الوجه الثاني من حمل ~~قوله : فرأيت فيه على رؤية النجاسة السابقة بعد الصلاة ، ذكر إشكالا حاصله ~~أن مقتضى عدم نقض اليقين الحاصل قبل ظن الإصابة بالشك الحاصل حال الشروع في ~~الصلاة أمران ، جواز الدخول في الصلاة، وعدم وجوب إعادتها بعد الإتيان ، ~~فالإعادة بعد اليقين بالنجاسة نقض لليقين الأول بالشك المذكور ، فيصح ~~الاستدلال على عدم وجوبها بقاعدة عدم نقض اليقين بالشك. # فأجاب عن هذا الإشكال بأن عدم وجوب الإعادة أثر عقلي لصحة الصلاة ، فلا ~~يمكن إثباته بالاستصحاب ، ثم ذكر الوجه الأول بعد ذلك بأسطر قليلة وحكم ~~بأنه سالم عما يرد على الوجه الآخر ، فمقتضى حكمه قدسسره بالسلامة في هذا ~~الوجه اندفاع إشكال كون عدم وجوب ms0905 الإعادة أثرا عقليا بما ذكرنا من كون ~~منشائه بيد الشرع ، ومقتضى جوابه قدسسره عن الإشكال المذكور يكون عدم وجوب ~~الإعادة أثرا عقليا عدم سلامة الوجه الأول عن هذا الإشكال أيضا ، فبين ~~كلاميه قدسسره تهافت واضح. PageV02P297 # والحق اندفاع هذا الإشكال عن كلا الوجهين بما ذكرنا من كون المنشأ بيد ~~الشارع ، واندفاع الإشكال المذكور بما عرفته سابقا من أن الإعادة في حال ~~اليقين بالنجاسة نقض لليقين باليقين لا بالشك ، فلا يمكن الاستدلال على عدم ~~وجوبها بقاعدة عدم نقض اليقين بالشك. # ومنها صحيحة ثالثة (1) لزرارة ، والمرتبط بالمقام فقرة منها ، وهي قوله : ~~«وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها اخرى ~~ولا شيء عليه ، ولا ينقض اليقين بالشك ، ولا يدخل الشك في اليقين ، ولا ~~يخلط أحدهما بالآخر ، ولكنه ينقض الشك باليقين ويتم على اليقين فيبنى عليه ~~ولا يعتد بالشك في حال من الحالات.». # والتكلم يقع تارة في تقريب الاستدلال واخرى في معنى الحديث ، أما تقريب ~~الاستدلال فاعلم أن قوله : لا ينقض اليقين بالشك في هذه الرواية ليس مثله ~~في الروايتين الأولتين ، وذلك لأنه فيهما كان مسبوقا بإثبات اليقين والشك ~~مثل قوله : فإنه على يقين من وضوئه ، وقوله : فإنك كنت على يقين من طهارتك ~~فشككت ، وهو عند مسبوقيته بذلك يصير ظاهرا في الكلية والكبروية ، وهذا ~~بخلافه هنا ؛ فإنه غير مسبوق بذلك ، فمن المحتمل أن يكون تكرارا وتأكيدا ~~لقوله : قام فأضاف إليها اخرى. # وحينئذ لا يمكن استفادة الكلية منه إلا أن يتشبث في استفادة الكلية منه ~~بقوله في الذيل : ولا يعتد بالشك في حال من الحالات ، فإنه لا إشكال في ~~استفادة الكلية من هذه العبارة ، غاية ما في الباب أنه يدور الأمر بين ~~اختصاص الكلية بباب الصلاة ، وبين عدم اختصاصها بباب ، وقد عرفت في الصحيحة ~~الاولى أن خصوصية المقام ملقاة بنظر العرف. PageV02P298 # وأما معنى الحديث فيشكل بأن ظاهر قوله عليه السلام : قام فأضاف إليها اخرى ~~اتصال الركعة المضافة بأصل الصلاة ، وهذا أيضا ظاهر من التعبير عن إتيانها ~~بعدم نقض ms0906 اليقين بالشك ؛ فإن الركعة الأخيرة كانت معلومة العدم في السابق ، ~~ومقتضى معاملة اليقين بعدمها في اللاحق هو الإتيان بها متصلة ، فإن ذلك عمل ~~من يتيقن بعدم الركعة الأخيرة ، وهذا مخالف لما عليه العلماء الخاصة رضوان ~~الله عليهم من انفصال الركعة عن أصل الصلاة. # وقد يجاب بأن الرواية صدرت على وفق مذهب العامة تقية ، فإن مذهبهم في ~~الشكوك المتعلقة بركعات الصلاة هو البناء على الأقل. # وفيه أن هذا بعيد من جهة أن صدر الرواية وهو قوله : قلت له : من لم يدر ~~في أربع هو أو في ثنتين وقد أحرز الثنتين ، قال : يركع بركعتين وأربع سجدات ~~وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شيء عليه ، ظاهر في انفصال الركعتين ~~بقرينة تعيين فاتحة الكتاب ، ومن البعيد مراعاة التقية في الفقرة الثانية ~~من الرواية مع مراعاة خلافها في الفقرة الاولى. # وأجاب شيخنا المرتضى قدسسره بأن المراد باليقين في قوله : لا تنقض اليقين ~~بالشك هو الاحتياط الذي قرره الشرع في حق الشاك في إتيان الركعة الرابعة ، ~~فإن أمر المصلي بعد جعل هذا الاحتياط في حقه يدور بين البناء على الأكثر ~~وإتمام الصلاة ، والبناء على الأقل والإتيان بالركعة متصلة ، وهو فيهما يشك ~~في صحة صلاته ، لاحتمال النقيصة في الصورة الاولى والزيادة في الثانية ، ~~وبين أن يعمل بالاحتياط المزبور وهو البناء على الأكثر ثم الإتيان بالركعة ~~منفصلة ، وهو حينئذ يقطع بعدم الزيادة والنقيصة في صلاته ، فالمراد بقوله : ~~لا تنقض الخ أن اليقين بعدم الزيادة والنقيصة بإعمال هذا الاحتياط لا يترك ~~بواسطة الشك فيهما بالبناء على الأقل أو الاكثر ، فمفاده تعيين قاعدة ~~الاحتياط دون قاعدة الاستصحا ، وبعبارة اخرى مفاده وجوب إتيان الصلاة ~~اليقينية وعدم جواز الاكتفاء بالصلاة الشكية. PageV02P299 # وفيه أنه مستبعد من وجهين ، الأول : عدم ملائمته مع مادة النقض كما لا ~~يخفى ، والثاني : مغايرته مع ما اريد بهذه العبارة أعني : لا تنقض اليقين ~~بالشك في سائر الأخبار ، فإن المراد بها فيها عدم نقض اليقين السابق بالشك ~~اللاحق ووجوب البناء على اليقين السابق ، فمن البعيد أن يراد بها في خصوص ms0907 ~~هذه الرواية وجوب تحصيل اليقين بالبراءة وعدم جواز الاكتفاء بالشك فيها. # فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون المراد بها في كلا المقامين معنى عاما ~~شاملا لكلا هذين المعنيين ، فيكون استعمالها في موارد كل من المعنيين من ~~باب اندراج هذا المعنى تحت ذاك المعنى العام. # قلت : لا يمكن جمع هذين المعنيين تحت ضابط واحد ، ووجهه أن أحدهما عبارة ~~عن أن اليقين المفروض الوجود لا ينقض بالشك ، والآخر عبارة عن أن صرف ~~اليقين يجب تحصيله من دون ملاحظة الوجود والعدم ، والجمع بين اليقين ~~المفروض الوجود وصرف اليقين في استعمال واحد غير ممكن ، لتنافيهما في ~~اللحاظ. # والحق في توجيه الرواية أن يقال : إن مقتضى عدم نقض اليقين بالشك وإن كان ~~إتمام الصلاة بإتيان الركعة الأخيرة ، ولكن هنا قيدا آخر للصلاة لا بد من ~~إحرازه وهو عدم كونها زيادة من أربع ركعات ، ولا يمكن إحراز هذا القيد بنفس ~~هذا الاستصحاب كما هو واضح ، ولا باستصحاب آخر وهو استصحاب عدم الزيادة ، ~~فإن الصلاة مقيدة بهذا القيد العدمي مطلوبة ، فإثبات التقيد بالأصل المثبت ~~للقيد لا يتم إلا على الأصل المثبت ، فإن الحكم بأن هذه الصلاة مقيدة بهذا ~~العدم موقوف على وجود أصل الصلاة في السابق واللاحق وإحراز القيد في السابق ~~والشك فيه في اللاحق ، ومن المعلوم أن الصلاة من أول وجودها مشكوك الحال. # فهذا القيد نظير قيد كون اللباس من غير جزء غير المأكول حيث إنه إن كان ~~راجعا إلى الصلاة لا يمكن استصحابه في حال الشك ؛ لعدم الحالة السابقة ، ~~وأما القول بأن أصل الصلاة محرزة بالوجدان وعدم تلبس الشخص لجزء غير ~~المأكول محرز بالأصل ، فثبت كون الصلاة واقعة في غير جزء غير المأكول ، ~~فداخل في PageV02P300 # الاصول المثبتة وإن كان راجعا إلى الفاعل كما هو الحال في الطهارة ~~الحدثية فهو وإن كان راجعا إلى الصلاة أيضا ، لكن أمكن استصحابه ، فيقال : ~~هذا الشخص كان في السابق غير لابس لجزء غير المأكول فالأصل بقائه على ذلك ، ~~فكما كان صلاته مطلوبة في السابق فكذا في اللاحق. # وأما القول ms0908 بأن هذا محتاج إلى إثبات أن صلاة هذا الشخص صلاة غير اللابس ~~لجزء غير المأكول ، فتوهم فاسد ، نظير توهم أن استصحاب الخمرية يحتاج إلى ~~إثبات أن شرب هذا المائع شرب الخمر حتى يحكم عليه بالحرمة ، وجه الفساد أنه ~~بعد استصحاب عدم التلبس في الشخص واستصحاب الخمرية في المائع يكون من آثار ~~نفس الشخص بلا واسطة مطلوبية الصلاة ، ومن آثار نفس المائع كذلك حرمة الشرب. # وأما ما اشتهر من إحراز أحد الجزءين بالوجدان والآخر بالأصل فمورده ما ~~إذا كان في البين محل موجود على كل حال ، وكان الشك في الخصوصية في اللاحق ~~مع إحرازها في السابق ، كما في الماء عند الشك في كريتها في اللاحق مع ~~إحرازها في السابق ، وأما إثبات أصل المحل بأصل وإثبات الخصوصية بأصل آخر ~~ثم الحكم بوجود المحل المتخصص من اجتماع الأصلين فليس إلا من الأصل المثبت. ~~وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإن أحد الاستصحابين منقح لموضوع الأربع ركعات ~~، والآخر لقيد عدم الزيادة ، فالحكم بسبب هذين الأصلين بوجود الأربع ركعات ~~المتصفة بعدم الزيادة يكون من الأصل المثبت. # وبالجملة ، فإن لنا في هذا المقام قاعدتين ، الاولى : عدم نقض اليقين ~~بالشك ، والاخرى إحراز عدم زيادة الصلاة على أربع ركعات ، فمقتضى القاعدة ~~الاولى أصل إتيان الركعة الأخيرة في مقابل تركها ، ومقتضى الثانية أنه لو ~~كان هناك طريق كان إتيان الركعة بهذا الطريق مفيدا للقطع بعدم الزيادة بعين ~~هذا الطريق ، سواء كان هذا الطريق معلوما من عند أنفسنا أم من قبل بيان ~~الشرع ، وقد بين الشارع هذا الطريق لنا بقوله عليه السلام : «ألا اعلمك شيئا ~~إذا صنعته ثم ذكرت أنك نقصت أو أتممت لم يكن عليك شيء». PageV02P301 # وحينئذ فلا تتعرض الرواية لإثبات شيء بقاعدة عدم النقض إلا لأصل إتيان ~~الركعة في مقابل تركها ، وأما كيفية الإتيان فموكولة على قاعدته من الإتيان ~~بها منفصلة لقاعدة إحراز عدم الزيادة ، فيكون الإتيان بالركعة منفصلة قضية ~~الجمع بين القاعدتين. # ومنها موثقة عمار (1) عن أبي الحسن عليه السلام «قال : إذا شككت فابن على ~~اليقين ، قلت ms0909 : هذا أصل؟ قال : نعم» وهذه الرواية استدلوا بها في باب ~~الشكوك المتعلقة بركعات الصلاة ، ولهذا قد يقال بعدم كونه دليلا على ~~التعميم ، وليس في الرواية سؤالا وجوابا ما يشعر بالاختصاص ، وحينئذ فإن ~~بنينا على استفادة الكلية منها وأن مجرد استدلال العلماء بها في الباب ~~المذكور لا يجعلها خاصا ففيها ثلاثة احتمالات يبتني الاستدلال بها على ~~أظهرية ما ينطبق منها على الاستصحاب. # فنقول : المراد باليقين ليس مفهومه ، بل هو باعتبار الوجود الخارجي ، وهو ~~بهذا الاعتبار لا بد له من زمان ، فإما أن يعتبر في الزمان الماضي أو ~~المستقبل أو الحال. # فعلى الأول يكون المعنى : إذا شككت وكان لك يقين سابق على الشك فابن على ~~يقينك السابق ، وهذا منطبق على قاعدة اليقين. # وعلى الثاني يكون المعنى : إذا شككت فاختر جانب اليقين ولا تمض أمرك ~~بالشك ، بل اجعل مبناه على اليقين ، وهذا دليل على وجوب الاحتياط المحصل ~~لليقين بالبراءة. # وعلى الثالث يكون المعنى : إذا شككت فابن على يقينك الموجود فعلا ، وهذا ~~أظهر الاحتمالات وهو منطبق على الاستصحاب كما هو واضح ، وجه الأظهرية أن ~~البناء على اليقين الموجود في السابق المعدوم في الحال ، أو على اليقين ~~الذي سيحصل بعد ذلك خلاف الظاهر من «ابن على اليقين» والمناسب للأول أن ~~يقال : ابن على اليقين السابق ، وللثاني أن يقال : حصل اليقين ، فإذا قيل : ~~ابن على اليقين ، PageV02P302 # كان ظاهرا في اليقين الموجود حال البناء ، هذا بناء على استفادة الكلية ~~من الرواية. # وأما إن بنينا على عدم استفادتها منها وأن ذكر العلماء لها في باب ركعات ~~الصلاة مع عدم قولهم بحجية الاستصحاب من طريق الأخبار موجب لاحتمال كون ~~الرواية محتفة بما يفيد اختصاصها بذاك الباب ، وبذلك يبطل الاستدلال بها ~~على التعميم ، فحينئذ يجيء فيها ما تقدم في سابقتها من التوجيهات الثلاثة ~~بعينها ؛ فإنه بعد عدم كون الأخذ باليقين الفعلي في ركعات الصلاة مرضيا عند ~~علماء الخاصة يدور الأمر بين الحمل إما على التقية أو على ما ذكره شيخنا ~~المرتضى من قاعدة الاحتياط ، أو على ما ذكرنا من الاستصحاب ms0910 بالنسبة إلى أصل ~~إتيان الركعة المشكوكة دون كيفيتها. # ومنها ما عن الخصال (1) بسنده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه ~~الصلاة والسلام «قال : قال امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه : من كان ~~على يقين فشك فليمض على يقينه ، فإن الشك لا ينقض اليقين» وفي رواية اخرى ~~عنه عليه السلام : «من كان على يقين فأصابه شك فليمض على يقينه ، فإن اليقين ~~لا يدفع بالشك». # وقد قيل : إن سند الرواية ضعيف بالقاسم بن يحيى لتضعيف ابن الغضائري إياه ~~، وتضعيفه وإن كان غير قادح من جهة كثرة وروده في الرواة ، إلا أن عدم قدحه ~~غير مثمر من جهة عدم ورود مدح وتوثيق أيضا ، فتكون الرواية داخلة في رواية ~~مجهول الحال. # والحق أن الرواية موثقة ، فإنه قد روى عن القاسم المذكور من الأجلاء أحمد ~~بن محمد بن عيسى وأحمد بن أبي عبد الله ، هذا بحسب السند. # وأما بحسب الدلالة فقد يشكل في الاستدلال بالرواية للمقام بأنها ناظرة ~~إلى قاعدة اليقين ، بتقريب أن من المسلم اتحاد المتعلق في اليقين والشك ، لوضوح PageV02P303 # عدم شمول قوله عليه السلام : من كان على يقين فشك فليمض على يقينه ، لمن ~~تيقن بعدالة زيد فشك في عدالة بكر ، فلا يقال له : امض على يقينك بعدالة ~~زيد ، هذا بحسب أصل المتعلق. # وأما بحسب الزمان فظاهر الرواية الاتحاد فيه أيضا ، فإن من تيقن بعدالة ~~زيد يوم الجمعة ثم شك في يوم السبت في عدالته في يوم السبت مع اليقين ~~بعدالته يوم الجمعة لا يكون شكه متعلقا بعين ما تعلق به يقينه بالدقة ~~العقلية ، وظاهر الرواية كون الشك متعلقا بعين متعلق اليقين ، وعدم ~~المغايرة بين متعلقيهما أصلا ، وهذا لا يتحقق إلا مع الاتحاد الزماني أيضا ~~، كأن يكون كل من اليقين والشك متعلقا بعدالة زيد يوم الجمعة. # ثم صريح الرواية اختلاف زمان اليقين والشك لمكان «الفاء» في قوله ~~عليه السلام : «فشك» الدالة على تأخير الشك عن اليقين زمانا ، فهذا كله معين ~~لكون الرواية منطبقة على قاعدة اليقين دون الاستصحاب ؛ إذ يعتبر في ~~الاستصحاب ms0911 تعدد متعلق اليقين والشك زمانا وفعلية اليقين في حال الشك. # أقول : هذا تام لو لا إجراء قوله عليه السلام : لا تنقض اليقين بالشك ، في ~~الصحاح المتقدمة في مورد الاستصحاب ؛ فإن هذا مع ضميمة استحالة الجمع بين ~~القاعدة والاستصحاب في عبارة واحدة كما سيجيء إن شاء الله تعالى قرينة ~~معينة لكون المراد بقوله في هذه الرواية : الشك لا ينقض اليقين ، هو مضمون ~~الاستصحاب. # فإن قلت : فقد احتجت في دلالة هذه الرواية إلى التشبث بذيل تلك الصحاح ، ~~وهذا ينافي جعلها دليلا مستقلا ؛ إذ مع عدم تمامية دلالة الصحاح لا دلالة ~~لهذه كما هو واضح ، ومع تمامية دلالة الصحاح كانت هي الدليل دون هذه ~~الرواية ، فذكرها دليلا على حدة في قبال الصحاح مما لا وجه له. # قلت : نعم لو كان استفادة الكلية من تلك الصحاح في غاية الوضوح وقد عرفت ~~أن الأمر على خلاف ذلك ، وهذا بخلاف الحال في هذه الرواية ، فإن PageV02P304 # استفادة الكلية منها في غاية الوضوح ، والحاصل أنه لو اورد الخدشة في ~~استفادة الكلية من تلك الصحاح من جهة احتمال اختصاصها بباب الوضوء أو ~~الطهارة الخبثية أو الصلاة ، كانت هذه الرواية دليلا على الكلية ، مع ~~استفادة أصل المضمون من تلك الصحاح ، فيصح عد الرواية دليلا مستقلا ؛ إذ مع ~~قطع النظر عن دلالة الصحاح تكون دليلا بالنسبة إلى الكلية وإن كان الأمر ~~على خلاف ذلك بالنسبة إلى أصل المضمون. # بقي الكلام في إمكان الجمع بين القاعدة والاستصحاب في عبارة واحدة وعدم ~~إمكانه ، فعلى الأول يحمل عدم نقض اليقين بالشك على المعنى الأعم منهما ~~حفظا لظهور هذه الرواية مع تلك الصحاح ، وعلى الثاني يكون إجراء عدم النقض ~~في الصحاح في مورد الاستصحاب دليلا على إرادة هذا المضمون في هذه الرواية. # فنقول : غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الإمكان : أنا نفرض شخصين أحدهما ~~تيقن بعدالة زيد يوم الجمعة ، ثم شك في يوم السبت في عدالته في يوم الجمعة ~~، والآخر تيقن بعدالة زيد يوم الجمعة ثم شك في يوم السبت في عدالته في يوم ms0912 ~~السبت ، فيصح أن يقال : إن هذين الشخصين كانا على يقين بأصل عدالة زيد في ~~الزمان السابق ، ثم حدث لهما الشك في هذا المعنى أعني أصل عدالة زيد في ~~اللاحق ؛ فإن الشخص الثاني أيضا لا شك في أنه تعلق كل من يقينه وشكه بأصل ~~العدالة. # فحينئذ يمكن توجيه الخطاب إلى هذين الشخصين بإيجاب الأخذ بيقينهما وعدم ~~نقضهما لليقينين بالشكين ، غاية الأمر أن مصداق النقض في حق كل منهما غيره ~~في حق الآخر ، فمصداقه في حق الشخص الأول الذي شك في العدالة الكائنة يوم ~~الجمعة هو رفع اليد عن عدالة زيد يوم الجمعة ؛ لأنها متعلق الشك بالنسبة ~~إليه ومصداقه في حق الثانى الذى شك في العدالة الكائنة في يوم السبت هو رفع ~~اليد عن عدالة زيد يوم السبت ؛ لانها متعلق الشك بالنسبة إليه ، دون ~~العدالة في يوم الجمعة. PageV02P305 # وبعبارة اخرى : أن الأول قد تعلق شكه بأصل العدالة حدوثا ، والثاني قد ~~تعلق شكه بأصل العدالة بقاء ، وأوجب الشارع على كل منهما عدم الاعتناء بشكه ~~، فمعنى عدم الاعتناء بالشك في الحدوث هو البناء على حدوث العدالة ، ومعنى ~~عدم الاعتناء بالشك في البقاء هو البناء على بقاء العدالة. # والحاصل أنا نقول بأن المتكلم بقضية من تيقن بشيء فشك فيه لا يلاحظ ~~الوقوع في زمان من الأزمنة في متعلق اليقين والشك ، بل يجعل المتعلق مهملا ~~عن الوجودات في الأزمان ، فمعنى الكلام أنه إذا حصل يقين ثم شك وكان لكل ~~منهما تعلق بالعدالة مثلا وجب المضي على اليقين ، فيدخل في عموم الكلام ~~صورة حصول اليقين بالعدالة في يوم الجمعة ، والشك بعده في العدالة في يوم ~~الجمعة أيضا ، وهذا شك في الحدوث ، وصورة حصول اليقين بالعدالة في يوم ~~الجمعة وحصول الشك بعده في العدالة في يوم السبت ، وهذا شك في البقاء ، ~~وذلك لأن الشك في بقاء العدالة شك في العدالة ، فيصح أن يقال : إن هنا ~~يقينا وشكا ، ولكل منهما تعلق بالعدالة ، وحينئذ فمعنى المضي في صورة الشك ~~في الحدوث بمعنى الشك في العدالة في يوم الجمعة هو الحكم ms0913 بالحدوث ، وفي ~~صورة الشك في البقاء بمعنى الشك في العدالة في يوم الشك هو الحكم بالبقاء. # ومن هنا يظهر اندفاع ما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره في تقريب عدم الجواز ، ~~وحاصله أنه لا بد من ملاحظة الوقوع في زمان من الأزمنة في متعلق اليقين ~~والشك ، وحينئذ فإما أن يعتبر ذلك قيدا في متعلق اليقين ، فحيث إنه لا بد ~~من اتحاد متعلق اليقين والشك ، يكون الشك لا محالة متعلقا بالمقيد بعين ~~الزمان الذي تعلق اليقين بالمقيد به ، فإذا قيل : من تيقن بالعدالة الواقعة ~~في يوم الجمعة بوصف كونها واقعة في يوم الجمعة فشك فيها ، فمعنى قوله : فشك ~~فيها حصول الشك في العدالة الواقعة في يوم الجمعة ، فهذا يتمحض لقاعدة ~~اليقين. # وإما أن يعتبر الوقوع في زمان من الأزمنة في طرف اليقين ظرفا ، وحينئذ ~~فإن اعتبر ظرف المشكوك أيضا هذا الزمان كان متمحضا لقاعدة اليقين ، وإن اعتبر PageV02P306 # زمان آخر كان متمحضا للاستصحاب ، وحيث إن المفروض في القضية اختلاف زمان ~~اليقين والشك كانت متمحضة للاستصحاب ، فإذا قيل : من تيقن بمطلق العدالة في ~~يوم الجمعة فشك فيها ، فمعنى قوله : فشك فيها ، حصول الشك في مطلق العدالة ~~في ما بعد الجمعة ، بمعنى كون الشك في البقاء ، فيكون متمحضا للاستصحاب ، ~~ومن المعلوم عدم إمكان الجمع بين هذين اللحاظين في شيء من اليقين والشك. # وجه الاندفاع أنا نقول بأن الوقوع في زمان من الأزمنة غير ملحوظ أصلا لا ~~قيدا ولا ظرفا ، ويكون المتعلق مهملا عن الوجود في الزمان الأول والثاني ~~والثالث وهكذا ، هذا. # والحق عدم تمامية ما ذكرنا أيضا ، بيانه يتوقف على مقدمة ، وهي أنه إذا ~~تعلق نفي أو نهي بالطبيعة المهملة التي هي المقسم بين الوجودات فلازم ما هو ~~معنى النفي والنهي ومدخولهما بحسب اللغة هو استغراق جميع الأفراد ~~واستيعابها ، ولا ندور في الحكم بالاستيعاب وعدم الحكم مدار إحراز مقدمات ~~الحكم في المدخول وعدمه ، فإن كان محرزا أن المتكلم أراد المطلق من المدخول ~~حكم بالاستيعاب ، وإلا لم يحكم ، لاحتمال أن يكون المراد قسما خاصا منه ، ~~ويكون النفي ms0914 والنهي بملاحظته ، كما ذكر ذلك بعض الأساتيد قدسسره . # فنقول : حال الشك حال النفي والنهي في أنه إذا تعلق بالطبيعة المهملة وما ~~هو المقسم في ما بين الوجودات فلا بد أن يكون جميع أنحاء الوجود لهذه ~~المهملة واقعة تحت الشك ، وذلك لأن الشك ذو طرفين ؛ لأن معناه عدم العلم ~~بالوجود وعدم العلم بالعدم ، فمعنى مشكوكية المهملة عدم معلومية وجود ~~المهملة ، وعدم معلومية عدمها ، ومعنى عدم معلومية وجود المهملة أن تكون ~~بجميع أنحاء وجودها غير معلومة ، وإلا فإن كان نحو خاص من وجودها معلوما ~~وكان سائر الأنحاء غير معلوم فالمشكوك سائر الأنحاء ، ولا يصدق أنه المهملة ~~؛ أو النحو الخاص المعلوم وجود المهملة أيضا. PageV02P307 # إذا تمهد ذلك فنقول : إن الاحتمالات المتصورة في قضية من تيقن بشيء فشك ~~ثلاثة لا رابع لها. # الأول : أن يلاحظ الوقوع في زمان من الأزمنة قيدا في متعلق اليقين والشك ~~، وهذا منطبق على قاعدة اليقين. # والثاني : أن يلاحظ ذلك ظرفا فيهما ، وهذا منطبق على الاستصحاب. # والثالث : أن يجرد النظر عن الوقوع في زمان من الأزمنة ويجعل متعلق ~~اليقين والشك مهملا عن الوجودات في الأزمان ، وهذا منطبق على قاعدة اليقين ~~؛ لأن معنى تعلق الشك بالعدالة بالمعنى الذي هو المقسم بين الوجودات في ~~الأزمان سراية الشك إلى كل وجود في كل زمان كما هو المتحقق في قاعدة اليقين ~~، وأما لو كان وجود خاص كالوجود في الزمان الأول معلوما وكان الشك في ~~الوجودات المتأخرة كما هو المتحقق في الاستصحاب فلا يصدق أنه تعلق الشك ~~بالعدالة كما عرفت. # فتبين مما ذكرنا أن الجمع بين القاعدة والاستصحاب في الرواية غير ممكن ، ~~وحينئذ فحيث علمنا ورود العبارة المذكور في سائر الروايات في مورد ~~الاستصحاب أعني ما إذا كان الشك في البقاء ، تعين حملها في هذه الرواية ~~أيضا على الاستصحاب بحملها على الاحتمال الثاني من ملاحظة الزمان في كل من ~~اليقين والشك ظرفا. # ومنها مكاتبة على بن محمد القاساني «قال : كتبت إليه وأنا بالمدينة عن ~~اليوم الذي يشك فيه من رمضان ، هل يصام أو لا؟ فكتب ms0915 عليه السلام : اليقين لا ~~يدخله الشك ، صم للرؤية وأفطر للرؤية». # وقوله عليه السلام : اليقين لا يدخله الشك ، قضية عامة مفادها أن جنس ~~اليقين لا يدخله الشك ، والمراد به الاستصحاب بقرينة تفريع قوله : صم ~~للرؤية الخ ، عليه ، فإنه إنما يصح إذا كان المراد أن اليقين بعدم دخول شهر ~~رمضان لا يدخله الشك في دخوله ، واليقين بعدم دخول شوال لا يدخله الشك في ~~دخوله ، ولو كان المراد PageV02P308 # العمل بالاحتياط والأخذ بجانب اليقين وعدم الاكتفاء بالعمل المشكوك لما ~~صح هذا التفريع كما هو واضح. # ومن هنا يظهر أن المراد بنظير هذا ، العبارة الواردة في الصحيحة الثالثة ~~لزرارة أيضا هو الاستصحاب ، دون ما ذكره شيخنا المرتضى من قاعدة الاحتياط ، ~~هذا ما استدل به في المقام من الروايات العامة. # وربما يؤيد المقام بالروايات الواردة في الموارد الخاصة. # مثل رواية عبد الله بن سنان الواردة في من يعير ثوبه الذمي وهو يعلم أنه ~~يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ، «قال : فهل علي أن أغسله؟ قال عليه السلام : ~~لا ؛ لأنك اعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجسه». # وهذه الرواية صريحة في الاستصحاب ؛ لأنه عليه السلام جعل الحكم بالطهارة ~~معللا بسبق الطهارة وعدم اليقين بعروض النجاسة ، ومن المعلوم أن الحكم في ~~قاعدة الطهارة معلل بالشك الفعلي مع قطع النظر عن اليقين السابق ، ولكن لا ~~تصلح هذه الرواية دليلا إلا على حجية الاستصحاب في خصوص باب الطهارة ، ~~ويمكن إتمام الكلام في سائر الأبواب بعدم القول بالفصل. # ومثل موثقة عمار «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» (1) وهذه الرواية على ~~احتمال تكون دليلا على حجية الاستصحاب في خصوص باب الطهارة ، وعلى آخر ~~دليلا على قاعدة اخرى أجنبية عن الاستصحاب وهي قاعدة الطهارة ، وذلك لأنه ~~يحتمل أن يكون المراد بقوله عليه السلام : «طاهر» كما هو الظاهر الحكم بأصل ~~ثبوت الطهارة في كل شيء ظاهرا ، وما دام مشكوكا ، فحصول العلم بالقذارة ~~غاية لهذا الحكم الظاهري ، والمعنى أن كل شيء محكوم في الظاهر بالطهارة إلى ~~أن يعلم القذارة ، فإذا علم القذارة انقطع هذا ms0916 الحكم الظاهري. # ويحتمل على بعد أن يكون المراد بقوله عليه السلام : (طاهر» هو الحكم ظاهرا PageV02P309 # باستمرار الطهارة في خصوص الأشياء التى ثبت أصل الطهارة فيها في زمان ~~وكان مفروغا عنه، والمعنى أن كل شيء ثبت أصل الطهارة فيه في زمان فطهارته ~~محكومة في الظاهر بالامتداد إلى حصول العلم بالقذارة ، فالغاية غاية لنفس ~~الطهارة لا للحكم الظاهري ، فعلى الأول يكون مفاد الرواية قاعدة الطهارة ~~وعلى الثاني استصحابها. # ويجري في هذه الرواية أيضا الكلام في إمكان الجمع بين قاعدة الطهارة ~~واستصحابها وعدمه ، نظير ما جرى في الرواية من البحث في إمكان الجمع بين ~~قاعدة اليقين والاستصحاب وعدمه ، وحيث وقع ذلك هنا محلا للنقض والإبرام ~~والتشاجر بين الأعلام ، فلا بأس ببسط الكلام. # فنقول : ذهب شيخنا المرتضى قدسسره إلى عدم إمكان الجمع ، لما هو واضح من ~~أنه لا بد في قاعدة الطهارة من ملاحظة أصل ثبوت الطهارة غير مفروغ عنه حتى ~~يصح الحكم بأصل ثبوتها ، وفي الاستصحاب من ملاحظة أصل ثبوتها مفروغا عنه ~~حتى يحكم باستمرار الثبوت ، والجمع بين ملاحظته مفروغا عنه وملاحظته غير ~~مفروغ عنه في استعمال واحد غير ممكن. # واعترض بذلك على صاحب الفصول قدسسره حيث إنه جوز الجمع بين القاعدتين ، ~~فقال ما حاصله أنه يستفاد من الرواية شيئان ، الأول أن مشكوك الطهارة ~~والنجاسة طاهر ، والثاني أن ما ثبت طهارته في زمان يستمر طهارته إلى أن ~~يعلم القذارة. # وقد انتصر بعض الأساتيد قدسسره في الحاشية لصاحب الفصول ، ومجمل ما ذكره ~~قدسسره بطوله في تقريب الجواز أنه إنما لم يمكن الجمع لو اريد من كلمة ~~«طاهر» الحكم بأصل ثبوت الطهارة والحكم باستمرارها مع الفراغ عن أصل الثبوت ~~، أو اريد من الغاية كونها غاية لأصل الثبوت وغاية للاستمرار في مورد ~~الفراغ عن أصل الثبوت ، ونحن لا نقول بشيء من هذين ، بل نقول : إن القاعدة ~~مستفادة من كلمة «طاهر» والاستصحاب مستفاد من الغاية ، فالكلام بمنزلة PageV02P310 # قضيتين ، إحداهما أن الأشياء كلها طاهرة ، والثانية أن الأشياء الطاهرة ~~تبقى طهارتها إلى زمان العلم بالقذارة. # توضيح ذلك أن قوله ms0917 عليه السلام : «كل شيء طاهر يدل بعمومه على أن الأشياء ~~بعناوينها الأولية كالماء والتراب وغيرهما طاهرة واقعا ، فيكون دليلا ~~اجتهاديا ، وبإطلاقه لحالات الشيء التي منها حالة كونه مشتبه الطهارة إما ~~من جهة كونه مشتبه الحكم أو مشتبه الموضوع يدل على قاعدة الطهارة ، فإذا ~~كان هناك ماء وفضلة خفاش ومائع مردد بين الماء والبول فالرواية تدل عموما ~~وإطلاقا على طهارة الجميع. # وإن أبيت إلا عن عدم كون الشبهة من حالات الشيء المندرجة تحت الإطلاق ~~وأنها من حالات المكلف وإن كان لها إضافة إلى الشيء أيضا فنقول : المشكوكية ~~بالشبهة الحكمية أو الموضوعية لازمة لبعض الأشياء غير منفكة عنه أبدا مثل ~~فضلة الخفاش ، وهذا الشيء الملازم للمشكوكية داخل في عموم كل شيء ، فإذا تم ~~دلالة الرواية بالعموم على طهارة هذا المشكوك يتم المطلوب في سائر ~~المشكوكات بعدم القول بالفصل. # ولا ضير في كون مفاد الرواية حكما واقعيا في بعض الأفراد وظاهريا في آخر ~~، فإنا لا نعني بالحكم الواقعي إلا ما كان متعلقا بالشيء بالعنوان الأولي ، ~~وبالظاهري إلا ما كان متعلقا بالشيء بعنوان كونه مشكوك الحكم ، فإذا تعلق ~~الطهارة بالمعنى الواحد بعنوان جامع لكلا هذين الصنفين وهو «كل شيء» فلازم ~~ذلك اختلاف الطهارة في الظاهرية والواقعية باختلاف المحال. # فقد تبين أن صدر الرواية مع قطع النظر عن الذيل يكون دليلا اجتهاديا ~~ودليلا على قاعدة الطهارة في الشبهة الحكمية وفي الشبهة الموضوعية. # وأما الاستصحاب فهو مستفاد من الذيل وهو قوله عليه السلام : حتى تعلم أنه ~~قذر ، وذلك لأن الغاية تدل بنفسها على استمرار المحمول إلى زمان حصولها من ~~دون حاجة إلى إرادة الاستمرار من المحمول ، غاية الأمر أنها إن كانت غاية ~~لبية كما في قولك : كل شيء طاهر حتى يلاقي النجس ، يكون دليلا اجتهاديا على PageV02P311 # الاستمرار الواقعي ، وان كانت غاية تعبدية بأن كانت هو العلم بانتفاء ~~المحمول يكون دليلا على الاستمرار التعبدى عند الشك في الاستمرار والبقاء ، ~~وحينئذ فقوله عليه السلام : حتى تعلم أنه قذر يدل على أن الأشياء الطاهرة ~~يدوم طهارتها تعبدا إلى أن ms0918 يعلم انتفاء الطهارة ، ولا نعني بالاستصحاب إلا ~~ذلك ... (1) # ويرد على ما ذكره قدسسره في الذيل أن أركان الاستصحاب امور ثلاثة ، الأول ~~وجود المتيقن السابق ، والثاني الشك فيه في الزمان المتأخر ، والثالث وهو ~~المحمول في باب الاستصحاب الحكم ببقاء ما كان في زمان الشك الذي هو الزمان ~~المتأخر ، فاستفادة الاستصحاب من الرواية يتوقف على استفادة هذه الامور منها. # فنقول : أما المتيقن السابق فيمكن استفادته من صدر الرواية المفيد لطهارة ~~الأشياء واقعا ، وأما الأمران الآخران فيتوقف استفادتهما من الرواية حينئذ ~~على الالتزام بأن الغاية غير مرتبطة بمحمول الرواية وهو قوله عليه السلام : ~~«طاهر» ، وأن هنا موضوعا ومحمولا آخرين مطويين في الكلام تكون الغاية ~~مرتبطة بهما ، والتقدير أنه إذا شككت في بقاء طهارة الأشياء فهي محكومة ~~بالبقاء ، لكن الالتزام بهذا إخراج للكلام عن قانون المحاورة وخلاف ما ~~اعترف به هو أيضا. # وأما إن جعلنا الغاية لنفس المحمول في الرواية ، فيلزم كون المحمول ~~محدودا بزمان الشك؛ فإن قضية كل غاية جعل المحمول السابق عليها محدودا ~~بضدها ، مثلا قولنا : كل شيء طاهر إلى أن يلاقي النجس ، معناه كل شيء طاهر ~~في زمان عدم ملاقاة النجس ، فكذلك معنى قوله عليه السلام : كل شيء طاهر حتى ~~تعلم أنه قذر ، أن كل شيء طاهر في زمان الشك. # والحاصل أن مفاد الغاية حينئذ أن أصل ثبوت الطهارة الذي أفاده قوله ~~عليه السلام : «طاهر» يكون من أول زمان الشك إلى انتهائه الحاصل بالعلم ~~بالقذارة ، و PageV02P312 # على هذا يكون مفاد صدر الرواية هو الحكم الظاهري ؛ لأنه المغيا بغاية ~~العلم بالخلاف ، وأما الواقعي فليس مغيا بذلك ، بل بأمر آخر لبي. # وحينئذ وإن كان نفس الحكم بالاستمرار مستفادا من كلمة «حتى» وكونه حكما ~~في زمان الشك مستفادا من كلمة «تعلم» ولكن ليس في البين متيقن سابق ؛ لأنه ~~قد صار المتحصل من مجموع الصدر والذيل هو الحكم بالطهارة الظاهرية ~~الاستمرارية ، وليس كل استمرار ظاهري من باب الاستصحاب ، فإن استمرار الحكم ~~في قاعدة الطهارة باستمرار الشك يكون من باب استمرار الحكم باستمرار موضوعه ~~لا من ms0919 باب الاستصحاب قطعا. # نعم يمكن جعل الطهارة الظاهرية المستفادة من الصدر حينئذ متيقنا سابقا ، ~~لكن لا لهذا الشك ، بل لشك آخر وهو الشك في أن حكم الشارع بالطهارة ~~الظاهرية في المشكوك هل هو باق أو نسخ ، فلو حكم في موضوع هذا الشك ~~بالطهارة كأن قيل : وإذا شككت في ذلك فكل شيء طاهر حتى تعلم النسخ ، كان ~~مفيدا للاستصحاب ، ولكن مع أن الغاية لهذا الحكم هو العلم بالنسخ دون ~~القذارة ، لا يمكن إرادته من كلمة «طاهر» في الرواية ؛ لأنه مستلزم لكون ~~الحكم ناظرا إلى الشك في نفسه ومتكفلا لحكم آخر يكون الحكم الأول موضوعا له. # فتحصل أنا لو جعلنا الصدر حكما ظاهريا كانت الغاية مناسبة لهذا المغيا ، ~~ولكن ليس فى البين متيقن سابق ، ولو جعلناه حكما واقعيا كان هو المتيقن ~~السابق ، ولكن لم يناسب الغاية للمغيا ، والمناسب لها موضوع آخر هو الشك فى ~~بقاء طهارة الأشياء ، ومحمول آخر هو الحكم ببقاء طهارتها ، هذا. # وحيث إن من الواضح أن الغاية لنفس هذا المغيا فمفاد المغيا حكم ظاهري ~~والرواية بصددها ، وذيلها بمنزلة قولنا : كل شيء مشكوك طاهر ، ولا يستفاد ~~منها سوى قاعدة الطهارة. PageV02P313 ### | الأمر الثالث : في الاستصحاب الكلى (1) # من جملة أقسام الاستصحاب ما كان المستصحب فيه كليا ، وهذا القسم له ثلاثة أقسام. # الأول : أن يكون الشك في الكلي منشائه الشك في بقاء الفرد ، كما لو كان ~~الزيد موجودا في الدار فشك في بقائه فيها فشك في بقاء الانسان من جهته. # الثاني : أن يكون الشك في بقاء الكلي منشائه تردد الفرد الموجود بين ~~القصير والطويل وانقضاء الزمان الذي بعده يزول الفرد القصير ، كما لو كان ~~الموجود في الدار مرددا بين البق والفيل ومضى الزمان الذي يبقى البق ~~بمقداره فيشك في بقاء الحيوان لذلك. # والثالث : أن يكون الشك في الكلي منشائه الشك في وجود فرد آخر مع الفرد ~~المتيقن أولا أو مقارنا لارتفاعه ، كما لو كان الزيد موجودا في الدار فعلم ~~بخروجه منها واحتمل وجود عمر ومعه من الأول أو دخوله مقارنا لخروجه فيشك في ms0920 ~~عدم خلو الدار عن الإنسان من جهة ذلك. # أما القسم الأول فلا إشكال في تحقق الشك في بقاء الكلي بواسطة الشك في ~~بقاء الفرد ، كما أنه يتحقق القطع بحدوث الكلي بواسطة القطع بحدوث الفرد ، ~~وحينئذ فلا إشكال في استصحاب الكلي لو كان هناك أثر مترتب على الكلي ، فلو ~~كان أثر وجود الإنسان في الدار وجوب صلاة ركعتين فلا مانع من استصحاب ~~الإنسان عند الشك في بقائه بواسطة الشك في بقاء زيد بملاحظة هذا الأثر. PageV02P314 # وهل يكتفي بهذا الاستصحاب في ترتيب الأثر المترتب على الخصوصية؟ فلو كان ~~لخصوص وجود زيد في الدار أثر كوجوب التصدق بدرهم ، فهل يكتفي باستصحاب ~~الانسان لترتيب هذا الأثر ، أو لا بد في ترتيبه من استصحاب آخر في نفس ~~الجزئي؟ الحق هو الثاني ، ووجهه أنه وإن كان بقاء الكلي في الواقع لا يمكن ~~إلا مع بقاء الفرد الخاص لمكان الاتحاد بينهما في الخارج بحسب الفرض ، فلا ~~يمكن الانفكاك بينهما في الخارج ، ولكن التفكيك بينهما بحسب التعبد ممكن ، ~~فلا ملازمة بين التعبد بآثار الإنسان وبين التعبد بآثار الزيد ، فالأصل ~~الدال على الأول لا يدل على الثاني. إلا بالأصل المثبت ، فلا بد في ترتيب ~~أثر الجزئي من استصحاب آخر في نفس الجزئى وهل يكتفى بهذا الاستصحاب في ~~ترتيب الأثر المترتب على الكلي؟ التحقيق أن هنا صورتين. # الاولى : أن ترتب الأثر على الكلي على وجه الاستغراق لتمام وجوداته ~~الخاصة بحيث كان الأثر غير منفك عن شيء من وجوداته ، وذلك كقولنا : اكرم ~~العالم فإن معناه أن وجوب الإكرام لا ينفك عن شىء من وجودات العالم ، ففي ~~هذه الصورة يكتفى باستصحاب الخاص لترتيب الأثر المترتب على الكلي ، ووجهه ~~أن وجود الخاص حينئذ ذو أثرين ، أحدهما حاصل من ناحية نفس الخاص ، والآخر ~~من ناحية الكلي ، فالزيد مثلا ثبت له حكمان ، أحدهما من جهة أنه زيد ، ~~والآخر من جهة أنه عالم ، فاستصحاب وجوده كاف لإثبات كلا أثريه. # ومن هنا شاع استصحاب وجود الزيد مثلا لترتيب أحكام الزوجية مع أنه لم ~~يرتب هذه الأحكام في ms0921 دليل من الأدلة على عنوان الزيد ، بل على عنوان الزوج. # الصورة الثانية أن ترتب الأثر على الكلي بلحاظ صرف الوجود الغير القابل ~~للوحدة والتعدد ، كما لو كان الأثر لوجود الإنسان بالمعنى الذي لا يتفاوت ~~فيه القليل والكثير والزيد والعمرو والبكر وغيرهم ، ففي هذه الصورة لا ~~يكتفى باستصحاب الخاص لترتيب أثر الكلي، وجهه أنه وإن كان بقاء الجزئي في ~~الخارج ملازما لبقاء الكلي فيه ، ولكن حيث إنهما ينحلان في ظرف التحليل إلى PageV02P315 # أمرين متغايرين ، وفي هذه الملاحظة يقع الكلي محلا للعرض فلا وجه لسراية ~~عرضه هذا إلى الجزئي ، بل يصح سلب الأثر عن الجزئي فيقال : إن الأثر لوجود ~~الإنسان لا للزيد والعمرو والبكر. # والفرق بين هذه الصورة والصورة الاولى أن الكلي في الصورة الاولى عبرة ~~للوجودات الخاصة ، فالوجودات الخاصة ملحوظة إجمالا وتكون هي الموضوع للأثر ~~في الحقيقة ، والكلي جهة تعليلية ، وأما في الصورة الثانية فالكلي ملحوظ ~~على وجه الاستقلال بحيث يمكن أن تكون الوجودات الخاصة مغفولا عنها بالمرة ، ~~وغير ملتفت إليها رأسا ، وهذا المعنى قد ينطبق على الزيد دون غيره ، وقد ~~ينطبق على العمر ودون غيره ، وقد ينطبق على غيرهما ، وقد ينطبق على القليل ~~، وقد ينطبق على الكثير ، فكيف يكون الأثر المترتب على هذا المعنى مضافا ~~إلى الزيد مثلا؟ وهذا بخلاف الحال في الصورة الاولى ؛ فإن كل مصداق لوجود ~~الكلي اشير إليه يكون ملحوظا اجمالا ، فيكون واجدا لأثر من جهة إضافته إلى ~~الكلي ، ولأثر آخر من جهة إضافته إلى الفرد. # وأما القسم الثاني فالاستصحاب الكلي فيه صورتان. # الاولى : أن يكون الشك في بقاء الكلي من جهة الشك في المقتضي ، والثاني : ~~أن يكون من جهة الشك في الرافع ، فالأول كالمثال المعروف من تردد الحيوان ~~الموجود في الدار بين البق والفيل ومضى زمان ينقضي اعداد عمر البق بمضيه ؛ ~~فإن الشك في بقاء أصل الحيوان بعد القطع بحدوثه يكون ناشئا من الشك في أن ~~المقتضي لوجود أصل الحيوان هل يكون له استعداد البقاء إلى هذه الحال أولا؟. # والثاني كما لو خرج من المتطهر من ms0922 الحدثين رطوبة مرددة بين البول والمني ~~فأتى برافع أحدهما ، فإن الشك في بقاء أصل الحدث بعد القطع بأصل حدوثه يكون ~~ناشئا من الشك في أن الحدث الموجود هل هو مما يكون رافعه هذا المأتي به ، ~~أو أن له رافعا آخر ، مع القطع بأن المقتضي لوجوده لو لا وجود الرافع حاصل ~~على أي حال ، لكن كون هذا المثال من موارد استصحاب الكلي مبني على القول PageV02P316 # بأن الأثر وهو عدم جواز الدخول في الصلاة إلا بعد إيجاد الرافع يكون ~~لمطلق الحدث ، والأثر المجعول لموجبات الأصغر تعيين هذا الرافع في الوضوء ، ~~ولخصوص موجبات الأكبر تعيينه في الغسل. # وأما إن قلنا بأن الحكم من الابتداء قد قسم في الأدلة على قسمين ، فجعل ~~عدم جواز الدخول في الصلاة إلا بعد الوضوء أثرا لموجبات الأصغر ، وعدمه إلا ~~بعد الغسل أثرا لموجبات الأكبر ، غاية الأمر أن علة تشريع هذا الحكم إيجاب ~~تلك الموجبات للحدث ، وإيجاب الوضوء والغسل لرفعه ، فلا محل لاستصحاب الكلي ~~في هذا المثال رأسا ؛ لعدم الأثر للكلي ، وإنما هو لأفراده. # فهذا نظير ما إذا قال المولى : يجب عليك شرب السكنجبين أو شرب ماء الرمان ~~؛ فإن الأثر الذي هو الوجوب يكون لنفس هذين الخاصين لا لما هو منطبق عليهما ~~ويكون علة لتشريع حكمها وهو عنوان المزيل للصفراء ، فهنا أيضا الموضوع هو ~~الحدث الأصغر بخصوصيته ، والحدث الأكبر كذلك ، والحكم وجوب الوضوء ووجوب ~~الغسل ، لا أن الموضوع هو الحدث والحكم وجوب رفعه ، كما أن الأمر كذلك بحسب ~~ملاك التشريع. # وكيف كان فلا إشكال في جريان استصحاب الكلي في القسم الثاني ، ولا يضر ~~تردده بين ما هو مقطوع العدم في الحال وهو الفرد القصير ، وبين ما هو مشكوك ~~الحدوث وهو الفرد الطويل بعد فرض تحقق القطع بالحدوث والشك في البقاء في ~~نفس الكلي. # فتحقق أن الإشكال في هذا الاستصحاب من جهة اختلال الأركان غير وارد ، ~~وكذلك من جهة أمر خارج لو كان الإشكال كون مورده الشك في المقتضي. # بقي إشكال اخرى قد تعرض لها بعض السادة من أساتيد العصر ms0923 أدام الله تعالى ~~أيام إفادته في حاشيته على المكاسب ، فإنه قد تمسك شيخنا المرتضى في بحث ~~بيع المعاطاة على لزوم المعاطاة وعدم فسخها برجوع أحد المتعاطيين إلى ملكه ~~الأصلي باستصحاب الملكية السابقة ، ثم استشكل على نفسه بأنها مرددة بين PageV02P317 # الملك اللازم والجائز ، والملك اللازم مشكوك الحدوث ، والجائز مقطوع ~~العدم بعد الرجوع ، فأجاب أولا بأن اللزوم والجواز من أحكام الملك ، لا من ~~أقسامه ، وثانيا بعد تسليم كونهما من أقسامه بأنه يكفي استصحاب القدر ~~المشترك في إثبات اللزوم. # فعند ذلك ذكر المحشي دام ظله بأن الحق عدم الكفاية وعدم الجريان ، وعلله ~~بأن عدم الكلي مسبب عن عدم حدوث الفرد الطويل ، فأصالة عدم الفرد الطويل ~~لكونه أصلا في السبب حاكم على أصالة بقاء الكلي ، لكونه أصلا في المسبب ، ~~فحال الأصل الأول بالنسبة إلى الثاني حال أصالة الطهارة في الماء بالنسبة ~~إلى استصحاب النجاسة في الثوب المغسول به. # وهذا الإشكال وإن نبه عليه شيخنا المرتضى في الاصول وأجاب عنه بأن ارتفاع ~~القدر المشترك من آثار كون الحادث هو الفرد القصير ، لا من لوازم عدم حدوث ~~الفرد الطويل ، نعم من لوازمه عدم وجود ما هو في ضمنه من القدر المشترك في ~~الزمان الثاني ، نعم لازم عدم حدوث الفرد الطويل بحسب الواقع حدوث التقصير ~~ولازمه ارتفاع القدر المشترك وليس هذا إلا أصلا مثبتا ، لكن ما ذكره مدفوع ~~بأن الأثر لا يناط في الأدلة على عنواني البقاء والارتفاع ، وإنما هو منوط ~~على الوجود والعدم. # فالآثار ثابتة لوجود الطهارة والنجاسة ولوجود الحدث وعدمه ؛ لا لبقائهما ~~وارتفاعهما بما هما بقاء وارتفاع. # والحاصل تارة يكون مطلوبنا إثبات أحد من عنواني البقاء والارتفاع بالأصل ~~، فلا بد لنا من أصل أفاد كون القدر المشترك باقيا أو مرتفعا ، ولا شك أن ~~أصالة عدم حدوث الطويل غير مفيد لا للبقاء كما هو واضح ، ولا للارتفاع ، بل ~~لعدم وجود القدر المشترك في ضمنه في الزمان الثاني ، واخرى يكون مطلوبنا ~~إحراز وجود القدر المشترك وعدمه ، غاية الأمر ينطبق على الوجود في الزمان ~~الثاني اتفاقا عنوان البقاء ms0924 ، وعلى العدم فيه عنوان الارتفاع، لكن ليسا ~~بدخيلين في موضوع الحكم. PageV02P318 # وحينئذ يكفي لنا الأصل المحرز لوجود القدر المشترك في الزمان الثاني أو ~~عدمه وإن لم يمكننا إحراز البقاء والارتفاع ، ولا يخفي أن أصالة عدم حدوث ~~الفرد الطويل يثبت عدم وجود القدر المشترك في ضمنه في الزمان الثاني ، ~~والمفروض القطع بانعدام الفرد القصير ، فيكون الحاصل من مجموع ما احرز ~~بالأصل والوجدان عدم القدر الجامع في الزمان الثاني. # نعم هذا إنما يتم فيما إذا كان الجامع من الأحكام الشرعية ، وأما لو كان ~~من الموضوعات الواقعية الغير الشرعية كالحيوان فلا يتم ما ذكرنا ، فإنه بعد ~~إحراز عدم القدر المشترك في ضمن كل من الطويل والقصير أحدهما بالأصل والآخر ~~بالوجدان لا بد لنا من الحكم بانعدام الكلي رأسا ، وهذا أعني ترتب عدم ~~الكلي على عدم الأفراد ترتب عقلي ، فيكون داخلا في الاصول المثبتة. # نعم لو فرضنا الكلي حكما شرعيا كالحدث تم فيه ما ذكرنا ، مثلا لو نام ~~واستيقظ وشك في الاحتلام ، فالحدث الأصغر متيقن الحدوث مشكوك البقاء ، ~~والأكبر مشكوك الحدوث ، فالأصل وجود الأول وعدم الثاني ، فيحكم عليه بوجوب ~~الوضوء ، ثم بعد الوضوء نقول : ارتفع الأصغر جزما بالوضوء ، والجنابة أيضا ~~لم يتحقق بالأصل ، فكلي الحدث غير متحقق في هذا الشخص ، فيجوز له الدخول في ~~الصلاة ، وسر ذلك أن ترتب وجود هذا الكلي على وجود أحد الأفراد ، وعدمه على ~~عدمها مستفاد من بيان الشرع ؛ فإن الأثر ليس للحدث بعنوان كونه جامعا وكليا ~~حتى يقال : إن الحاكم هو العقل ، غاية الأمر أنه الصغرى بيد الشرع. # ولا يخفي أن العقل لا يعلم أن الحدث بم يتحقق وفيم ينعدم ، فإذا حكم ~~الشارع بانحصار موارد وجوده في شيئين مثلا فهذا عبارة اخرى عن الحكم بعدم ~~الحدث عند عدمهما ولو لم يبين الشرع الانحصار لكان جائزا عند العقل وجود ~~فرد آخر كان لهذا الكلي ، فلم يمكنه الحكم بعدم الحدث فافهم. PageV02P319 # ثم استشكل المحشي على نفسه بأن أصالة عدم حدوث الفرد الطويل معارضة ~~بأصالة عدم حدوث الفرد القصير ، وذلك لأن كليها ms0925 مسبوق بالعدم ، فإذا سقط ~~الأصل في طرف السبب بالمعارضة بالمثل ، يبقى الأصل في طرف المسبب وهو أصالة ~~بقاء الكلى سليما عن المعارض ، فأجاب عنه بأن أصالة عدم القصير غير جارية ؛ ~~لعدم الأثر له شرعا ؛ فإن عدم الكلى ووجوده في الزمان المتأخر مسبب عن عدم ~~الفرد الطويل ووجوده ، وأما الفرد القصير فهو مقطوع العدم بالفرض ، هذا ~~حاصل ما ذكره دام ظله. # أقول : بعد تصوير أصل السببية والمسببية بين الفرد والكلى مع ما بينهما ~~من الاتحاد في الوجود الخارجي بأنهما في لحاظ التحليل متغايران متباينان ~~والسببية والمسببية تعرضان لهما في هذا اللحاظ ، وبعد فرض محل الكلام في ~~الجوامع الشرعية من مثل الملكية والطهارة والحدث ، وأما في الجوامع الغير ~~الشرعية كالحيوان ونظائره فلا يتم إثبات عدم الكلي بأصالة عدم الفرد الطويل ~~إلا بالأصل المثبت كما اعترف هو دام ظله به يرد على ما ذكره من عدم جريان ~~استصحاب الكلي في القسم الثاني في خصوص الجوامع الشرعية. # أولا : أن نفي الكلي حدوثا مسبب عن عدم كلا فرديه ، كما أن وجوده كذلك ~~مسبب عن وجود أحدهما ، فالفرد القصير والطويل بالنسبة إلى هذا الأثر الذي ~~هو نفي الكلي حدوثا كلاهما ذو أثر ، فيتساقط أصلا عدمهما بالمعارضة ، وأما ~~نفي الكلي بقاء فهو مسبب عن كون الحادث هو الفرد القصير ، كما أن وجوده ~~كذلك مسبب عن كون الحادث هو الطويل ، وحيث لا أصل في طرف السبب تعين أحد ~~الأمرين ويبقى الأصل في طرف المسبب سليما عن المزاحم ، ولعله إلى ذلك يشير ~~كلام شيخنا المرتضى قدسسره . # وثانيا : أنه بعد تسليم أن عدم الكلي في الزمان المتأخر من آثار عدم ~~الطويل فقط ، فعدم جريان استصحاب الكلي ليس على إطلاقه ، بل الحق أن هنا ~~ثلاث صور. # الاولى : أن لا يكون لشيء من الفرد القصير والطويل أثر آخر غير أثر نفي ~~الكلي ، PageV02P320 # والثانية : أن يكون لكل منهما أثر آخر غيره ، ويكون أثراهما كعمريهما ~~قصيرا وطويلا ، فيكون أثر قصير العمر قصيرا وأثر طويل العمر طويلا ، ~~والثالثة : أن يكون لكل منهما أثر آخر مباين ms0926 للأثر الثابت للآخر. # ففي الصورة الاولى عدم معارضة أصالة عدم الطويل بأصالة عدم القصير مسلم ، ~~لعدم الأثر الشرعي لعدم القصير بالفرض ، وكذلك في الصورة الثانية كما لو ~~تردد نجاسة الثوب بين نجاسة الدم المحتاجة إلى الغسل مرة ، وبين نجاسة ~~البول المحتاجة إلى الغسل مرتين ، فإن وجوب الغسل مرة حينئذ متيقن على أى ~~حال ، وإنما الشك في وجوب الغسلة الثانية ، فأصالة عدم النجاسة بالدم غير ~~جارية ؛ لعدم الأثر الشرعي لها ، فيبقى أصالة عدم النجاسة بالبول سليمة عن ~~المعارض. # والسببية والمسببية في النجاسة والحدث غير مبتنية على السببية والمسببية ~~بين الكلي والفرد ؛ فإن الأشياء الخاصة أسباب لحصول الحدث وملاقاة الامور ~~العشرة أسباب لحصول النجاسة بلا كلام. # ثم القول بأن أصالة عدم الملاقاة بالدم لا أثر لها لتيقن وجوب الغسل مرة ~~مخدوش ؛ إذ ليس من أثر هذا الأصل عدم وجوب الغسل مرة بالمرة ، بل من جهة ~~النجاسة الدمية ، ألا ترى أنه في الشبهة البدوية ليس من أثر هذا الأصل عدم ~~نجاسة المحل بالمرة ، بل المكلف بعد القطع بعدم ملاقاة سائر الامور وتكفل ~~هذا الأصل لعدم ملاقاة الدم يحكم بعدم مطلق النجاسة. # وحينئذ فالعدم من جهة لا ينافي أصل الثبوت الذي هو المتيقن ، فتكون أصالة ~~عدم القصير مطلقا جارية ومعارضة لأصالة عدم الطويل ، فيبقى استصحاب أصل ~~النجاسة الذي هو الأصل المسببي سليما عن الحاكم ، فافهم واغتنم. # وأما في الصورة الثالثة كما لو كان أثر الحدث الأصغر في المثال المتقدم ~~وجوب التصدق بدرهم ، وأثر الأكبر وجوب الصوم ، فأصالة عدم الطويل معارضة ~~بأصالة عدم القصير بالنسبة إلى هذين الأثرين المتباينين ، فإذا سقط أصالة ~~عدم الطويل بالنسبة إلى هذا الأثر تسقط بالنسبة إلى أثره الآخر الذي هو نفي ~~الكلي ، PageV02P321 # فإن وجه عدم إمكان العمل بكلا الأصلين لزوم المخالفة القطعية ، وبعد رفع ~~اليد عن العمل بكليهما يدور الأمر بين حفظ أصالة عدم الطويل في أثر نفي ~~الكلي مع طرحها في أثرها الآخر ، وطرح أصالة عدم القصير في أثرها ، وبين ~~حفظ أصالة عدم القصير في أثرها مع طرح أصالة ms0927 عدم الطويل في كلا أثريها ، ~~وبين حفظ أصالة عدم القصير في أثرها وحفظ أصالة عدم الطويل في أثر نفي ~~الكلي مع طرحها في أثرها الآخر ، وترجيح واحد من هذه الثلاثة على الباقى ~~ترجيح بلا مرجح. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن استصحاب الكلي القسم الثاني في الجوامع الغير ~~الشرعية جار بلا إشكال ، وكذلك في الجوامع الشرعية مطلقا ، بناء على استواء ~~أصالة عدم الطويل وأصالة عدم القصير في أثر نفي الكلي وفي خصوص ما إذا كان ~~لكل منهما أثر مباين لأثر الآخر بناء على عدم الاستواء. # وأما القسم الثالث فإما أن يكون الشك في بقاء الكلي مستندا إلى احتمال ~~وجود فرد آخر مقارنا لوجود الفرد المعلوم الحال ، كما لو علم بوجود زيد في ~~الدار وخروجه عنها ، ولكن احتمل وجود عمرو معه فيها وبقاؤه فيها بعد خروج ~~زيد إلى الآن. # وإما أن يكون الشك فيه في بقاء الكلي مستندا إلى احتمال حدوث فرد آخر ~~مقارنا لارتفاع الفرد المعلوم حدوثه وارتفاعه ، وهذا على قسمين ؛ لأن الفرد ~~الآخر إما مباين للفرد المعلوم الحدوث والارتفاع ، كما لو علم بوجود زيد في ~~الدار وخروجه منها ، ولكن احتمل دخول عمرو فيها مقارنا لخروج زيد ، وإما ~~مرتبة ضعيفة للفرد المعلوم حاله ، وهو مرتبة شديدة للفرد الآخر ، فيحتمل ~~تبدل الشديد بالضعيف ، كما لو علم بوجود السواد الشديد وزواله بوصف الشدة ، ~~ولكن تردد الأمر بين زواله بالمرة ، أو تبدله بالسواد الضعيف. # وكيف كان فقد ذهب شيخنا المرتضى إلى جريان الاستصحاب في الصورة الثاني من ~~القسم الثاني وعدم جريانه في الصورة الاولى منه. PageV02P322 # وحاصل ما يستفاد من كلامه قدسسره في تقريب ذلك أما في وجه الجريان في ~~الثاني فهو أن الشدة والضعف عند العرف من عوارض الموضوع ، فالشديد المتبدل ~~بالضعيف متصلا من دون تخلل عدم في البين يراه العرف أمرا واحدا مستمرا قد ~~تبادل فيه الحالتان ، فهو كالماء الزائد إذا صار ناقصا ، حيث أنه عندهم أمر ~~واحد مستمر قد تبادل فيه الزيادة والنقصان. # نعم بالدقة العقلية ، الشديد بمرتبته موضوع مغاير للضعيف ms0928 كذلك ، والزائد ~~بمرتبته موضوع مغاير للناقص كذلك ، ولكن الاعتبار في باب الاستصحاب ~~بالمسامحة العرفية لا بالمداقة العقيلة ، فيجوز استصحاب الوجود ولو كان ~~الشديد معلوم العدم والضعيف مشكوك الحدوث ، كما يجوز استصحاب الكرية مع ~~العلم بانتفاء الزائد وحدوث الناقص. # وأما في وجه عدم الجريان في الأول فهو أن المعتبر في باب الاستصحاب أن ~~يكون الشك متعلقا بنفس المتيقن سابقا ؛ إذ بدونه لا يصدق الشك في البقاء ، ~~والمتيقن سابقا في المقام وجود الإنسان مثلا في ضمن الزيد ، والمشكوك لا ~~حقا وجوده في ضمن عمرو ، ومتعلق كل من اليقين والشك غير متعلق الآخر ، فلا ~~يصدق تعلق الشك ببقاء موضوع اليقين ، بل بوجود موضوع آخر ، هذا ما يستفاد ~~من كلماته قدسسره . # والحق جريان الاستصحاب في هذا القسم أيضا وأنه يصدق تعلق الشك بالبقاء ، ~~وذلك لأن خصوصية الفرد غير ملحوظة في استصحاب الكلي بالفرض ، وقد عرفت أن ~~تعلق الحكم بالطبيعة الكلية يتصور على نحوين ، الأول أن يكون باعتبار ~~الوجود الساري ، والثاني أن يكون باعتبار صرف الوجود ، وفي القسم الأول ~~يكون الموضوع في الحقيقة هو الأفراد ، غاية الأمر من طريق انطباق الكلي ~~عليها ، فاستصحاب الكلي الغير الملحوظ فيه خصوصيات الأفراد لا يتم إلا في ~~القسم الثاني الذي يكون الموضوع فيه نفس الكلي من دون دخالة للأفراد. # وحينئذ نقول : إن وجود الإنسان باعتبار صرف الوجود يصدق أنه باق ، ولا PageV02P323 # يتفاوت الحال في ذلك بين أن يكون المحقق له فردا واحدا أو أفرادا متعددة ~~بأن يكون المحقق لحدوثه فردا ولبقائه فردا آخر ، ألا ترى أنه يصح أن يقال : ~~إن نوع الإنسان باق من أول زمان خلقة آدم عليه السلام إلى زماننا هذا ، مع ~~كثرة تبدل الأفراد والأشخاص حسب اختلاف القرون والأعصار؟ ، هذا. # مع أنه لا دليل على اعتبار الشك في البقاء في باب الاستصحاب ؛ إذا الدليل ~~على حجية الاستصحاب وهو أخبار عدم نقض اليقين بالشك لا إشعار فيه باعتبار ~~ذلك ، نعم يستفاد منه اعتبار وحدة متعلق اليقين والشك بحسب الذات ، وهذا ~~المعنى متحقق في المقام قطعا ؛ فإن اليقين ms0929 بوجود زيد سابقا يقين بوجود ~~الإنسان قطعا ، والشك في وجود عمرو في اللاحق شك في وجود الإنسان بلا إشكال ~~، فقد صدق اتحاد متعلقي اليقين والشك سواء صدق الشك في البقاء أم لا ، ~~ولهذا نقول بجريان الاستصحاب في الامور التدريجية الغير القارة التي توجد ~~فتوجد ، من دون أن يكون لها بقاء حتى يتعلق الشك ببقائها ، فيستصحب جريان ~~الماء وحركة الزيد وتكلمه وغير ذلك. # ومن هنا يظهر ما في تفصيل شيخنا المرتضى بين القسم الأول من القسم الثالث ~~وهو ما إذا احتمل وجود عمرو مقارنا لوجود زيد ، وبين القسم الثاني منه ، ~~وهو ما إذا احتمل وجود عمرو مقارنا لذهاب زيد بالجريان في الأول وعدمه في ~~الثاني. # وحاصل تقريبه أنه لا بد من تعلق البقاء بالأمر الخارجي ، فلا بد من تعلق ~~الشك ببقاء أمر في الخارج ، ومن المعلوم أن قضية ذلك أن يكون في البين أمر ~~واحد خارجي ، وهذا مفقود في القسم الثاني ، والجامع وإن كان واحدا لكنه ~~تعرضه الجامعية والوحدة في الذهن عند التعرية من الخصوصيات لا في الخارج ، ~~وموجود في القسم الأول كما هو واضح. # وفيه أن الجامع الذي ينتزعه العقل من الأفراد ويجرده عن الخصوصيات يكون ~~موجودا بعينه وذاته في الخارج ، غاية الأمر على نحو الاندكاك في PageV02P324 # الأفراد ، لا على نحو الاستقلال كما في الذهن ، والعرف أيضا قد يرى الأثر ~~لهذا الأمر المجرد في بعض الأحيان ، فيرى رفع العطش من آثار نفس الماء من ~~غير دخل لخصوصية الكون في آنية مخصوصة في ذلك. # وكذلك قد يرى الصلاح في صرف وجود الإنسان في الدار من غير فرق بين الواحد ~~والمتعدد والشخص الخاص في ذلك ، وهذا المعنى لا ينثلم وحدته بتبدل الأفراد ~~المتعددة ، فلو دخل الزيد في الدار في اليوم الأول وخرج منها ، وقارن خروجه ~~دخول عمرو فيها في اليوم الثاني ، صدق أن الدار لم تخل في هذين اليومين عن ~~وجود الإنسان ، فاليقين بذلك يقين بعدم الخلو المذكور ، والشك فيه بعد ~~اليقين بالوجود الأول شك في عدم الخلو ، فإذا صدق الإبقاء بنظر ms0930 العرف كفى ~~ذلك في جريان الاستصحاب ، مع أنك عرفت عدم دليل على اعتبار البقاء في ~~الاستصحاب ، ومعه يصير الأمر أوضح كما ذكرنا. # نعم لا مجال لاستصحاب بقاء الكلي إذا كان الحكم متعلقا بالطبيعة السارية ~~، بل المستصحب حينئذ عدم حدوث الفرد المشكوك حدوثه عند زوال الفرد الآخر ، ~~أو وجوده عند وجود الفرد الآخر ، فإذا تلطخ الثوب بالتراب المتنجس ونفض ~~المقدار المتيقن وشك في بقاء شيء منه ، فلا بد من ملاحظة دليل مانعية ~~المحمول المتنجس في الصلاة وأن المستفاد منه مانعية صرف الطبيعة أو الطبيعة ~~السارية. # وتظهر الثمرة فيما لو اضطر إلى حمل المتنجس في الصلاة ، فعلى الأول لا ~~فرق بين القليل والكثير ، وعلى الثاني يجب الاقتصار على مقدار الضرورة ، ~~فإن كان على الوجه الأول فيجب النفض في المثال ما دام الشك بمقتضى استصحاب ~~بقاء الكلي ، وإن كان على الوجه الثاني لا يجب نفض الزائد على المقدار ~~المتيقن بمقتضى استصحاب عدم حدوث الفرد المشكوك ، فافهم ذلك واغتنم. # ومن هنا يظهر منع ما ذكره بعض الأساتيد قدسسره من منع جريان الاستصحاب في ~~كلا القسمين بتقريب أن وجود الطبيعي وإن كان بوجود فرده إلا أن وجوده في ~~ضمن أفراده متعددة ليس نحو وجود واحد له ، بل وجود كل فرد PageV02P325 # منه نحو وجود له عقلا وعرفا ، فإذا شك في أنه في الزمان الأول كان موجودا ~~بوجود واحد أو اثنين وفي ضمن فرد أو فردين لم يكن الشك في نحو وجوده ، بل ~~الشك في وجوده بنحو آخر غير ما علم من نحو وجوده ، فما علم من وجوده فقد ~~علم ارتفاعه ، وما شك فيه فقد شك في أصل حدوثه ، فاختل أحد ركني الاستصحاب ~~فيه على كل حال ، ومنه يظهر الحال في القسم الثاني ، بل الأمر فيه أظهر. # وجه المنع أنا لو أغمضنا عن الكلام الأول من عدم ابتناء صدق البقاء على ~~عدم تعدد أنحاء الوجود فلا محيص عن القول بجريان الاستصحاب في القسم الأول ~~وعدم جريانه في القسم الثاني ، كما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره ، وذلك ~~لتمامية أركانه ms0931 في القسم الأول وعدم تماميتها في القسم الثاني ، فإن القطع ~~بوجود أصل الإنسان قد حصل بواسطة القطع بوجود الزيد ، والشك في وجود عمرو ~~في الزمان الثاني شك في بقاء أمر واحد خارجي واستمرار وجود واحد كذلك حقيقة ~~، وبذلك يتم الشك في بقاء أصل الإنسان الذي قد فرض القطع بأصل وجوده. # وهذا بخلاف القسم الثاني ، لوضوح أنه ليس لنا في البين أمر واحد مستمر ~~خارجي ، وإنما نشك في حدوث وجود آخر مقارنا لزوال الوجود الأول ، فالقطع ~~بحدوث أصل الإنسان وإن كان حاصلا ولكن الشك في بقائه غير حاصل ، نعم لو قيل ~~باعتبار كون الشك متعلقا ببقاء ذاك الوجود الخاص المتيقن سابقا ، كان الأمر ~~كذلك في القسم الأول أيضا ، ولكن لا دليل على اعتبار ذلك. # فتحقق من جميع ما ذكرنا أن استصحاب الكلي لا مانع منه في كلا القسمين من ~~جهة اختلال الأركان. # نعم هو محكوم لاستصحاب عدم الفرد المشكوك ، فإن الشك في بقاء الكلي مسبب ~~عن الشك في حدوثه ، وترتب عدم الكلي على عدم أفراده وإن كان ترتبا علقيا ، ~~ولكنه غير مسلم في مثل النجاسة من الجوامع الشرعية ، فإن الحكم غير معلق ~~على عنوان الكلي والجامع ، وإنما ذلك مفهوم ينتزعه العقل ، والأثر ثابت PageV02P326 # لنفس ذات النجاسة ، وليس للعقل حكم بأن هذه الذات في أى موضع يتحقق وفي ~~أي موضع ينعدم وإن كان له حكم بأن الكلي ينعدم بانعدام أفراده ، لكن هذا ~~غير مربوط بموضوع الحكم. # وحينئذ فإذا قطع بملاقاة الثوب للدم وشك في ملاقاته للبول مقارنا ~~لملاقاته مع الدم فبعد الغسل مرة واحدة يشك في بقاء أصل النجاسة ، وهذا ~~الشك مسبب عن الشك في حدوث نجاسة البول ، فإذا أجرينا أصالة عدم حدوثها ~~والمفروض حدوث النجاسة بالدم وجدانا كان من أثره شرعا رفع أصل النجاسة عقيب ~~الغسل مرة واحدة ، وهذا حكم استفدناه من الشرع وليس للعقل سبيل إليه. # ثم إن شيخنا المرتضى قدسسره استثنى من عدم الجريان في القسم الثاني ما ~~إذا كان الشك في تبدل المرتبة الشديدة إلى المرتبة الضعيفة ، كما ms0932 إذا شك في ~~تبدل الشديد من السواد إلى الضعيف منه أو انقلابه إلى البياض ، فإن العرف ~~يعدون السواد الضعيف مع السواد الشديد شيئا واحدا وإن كانا بنظر العقل ~~شيئين متغايرين. # وذكر بعض الأساتيد قدسسره في حاشيته أنا لو قلنا بأصالة الماهية فالسواد ~~الضعيف والشديد ماهيتان مختلفتان ، وإن قلنا بأصالة الوجود فالوجود واحد ~~وإن صار منشئا لانتزاع ماهيتين مختلفتين حسب اختلافه شدة وضعفا. فالموضوع ~~حينئذ واحد حتى بالدقة العقلية. # أقول : إن قلنا في الجسم الواحد أنه مركب من أجزاء صغار كثيرة مجتمعة ~~متلاصق بعضها مع بعض ، فلا شبهة في أنه لو انفصل بعض تلك الأجزاء عن الباقي ~~فوجود الأجزاء عين وجودها السابق ، لكن هذا قول بالجزء الذي لا يتجزى ، وإن ~~قلنا بأنه موجود بوجود واحد وليس لكل جزء منه وجود فعلي ، نعم له وجود ~~تقديري بمعنى أنه لو انفصل يكون موجودا فحينئذ أيضا لا شبهة في أنه لو ~~انفصل بعض الأجزاء عن الباقي كان كل من المنفصلين موجودا غير الموجود ~~المشار إليه في الأول ، وهذا الكلام بعينه جار في السواد الشديد والضعيف. PageV02P327 ### | الأمر الرابع : فى استصحاب الزمان والزمانى (1) # هل الاستصحاب جار في الامور التدريجية الغير القارة كنفس الزمان والحركة ~~والطيران والجريان والتكلم وأشباه ذلك من الزمانيات لإثبات ما لها من ~~الآثار والأحكام أو لا؟. # تحقيق المقام أن إشكال الجريان أمران. # أحدهما : أن من أركان الاستصحاب الشك في البقاء ، والأمر التدريجي يتجدد ~~شيئا فشيئا ، ويتصرم كل جزء منه بتجدد لا حقه ، فليس له قرار في آنين ~~متصلين ، فلا يتصف بالبقاء حتى نفرض له الشك في البقاء. # والثاني : أن من أركان الاستصحاب وحدة متعلق اليقين والشك بأن يكون ~~الموجود في الآن الثاني المشكوك ، مع الموجود في الآن الأول المعلوم شيئا ~~واحدا ، والأمر التدريجي وجودات متبادلة متغايرة ، فالموجود في الآن الثاني ~~المقصود إثباته بالاستصحاب مغاير مع الموجود في الآن الأول المعلوم. # والحق اندفاع كليهما ، أما الثاني فلأن التحقيق أن الأمر التدريجي ما ~~دامت أجزائه متصلة ولم يحصل الوقفة موجود واحد شخصي عقلا كما حقق ms0933 في محله ~~وعرفا ، فالتدريجية والقرار نحوان من الوجود ، فالموجود الثانى متحد مع ~~الموجود الأول شخصا ، نعم لا يندفع بذلك الإشكال الأول ؛ لأن هذا الموجود ~~على التدريج ليس له قرار في آنين متصلين حتى يتصف بالبقاء ، بل هو ما دام ~~موجودا يكون في التجدد والحدوث ، فكل من اليقين والشك متعلق بمرحلة حدوثه. # لكنه يندفع أيضا بأنه لا يعتبر في الاستصحاب سوى صدق نقض اليقين بالشك PageV02P328 # وعدم نقضه به ، ولا يعتبر في ذلك سوى وحدة الموجود في الآن الثاني مع ~~الموجود في الآن الأول ، غاية الأمر ينطبق على ذلك في الامور القارة البقاء ~~، فلا ضير في عدم انطباقه في غير القارة. # لكن هذا كله إنما يتم في الحركة التوسطية التي هي عبارة عن الآن السيال ~~بين المبدا والمنتهى ، وأما الحركة القطعية التي هي عبارة عن مجموع ما بين ~~الحدين كالليل إذا قلنا بأنه عبارة عن مجموع ما بين الغروب والفجر ، فلا ~~يمكن تحقق اليقين والشك فيه عقلا ؛ لأن العلم بالمجموع يتوقف على اليقين ~~بجزئه الأخير ، وهذا لا يجتمع مع الشك في أنه هل بقي منه جزء أولا؟. # فلا بد حينئذ من دعوى المسامحة العرفية التي ذكرها شيخنا المرتضى إن صحت ~~بأن يقال : إن العرف يرى هذا المجموع متحققا بتحقق أول جزء منه ، فيقول بعد ~~تحقق الغروب قد تحقق الليل ، وبعد طلوع الشمس قد تحقق النهار ، مع أنهما ~~اسمان لمجموع ما بين الحدين ؛ إذ حينئذ يفرض الشك في البقاء حقيقة فيقال : ~~إن الليل الذي قد علم بحدوثه بتحقق الغروب نشك الآن في بقائه وارتفاعه. # وهذا بخلاف ما إذا قلنا بأن الليل عبارة عن الآن السيال فيما بين الغروب ~~والفجر ، ويكون كل من الآنات المتوسطة ليلا حقيقة لا بعضا من الليل ؛ إذ ~~يمكن على هذا تحقق اليقين والشك فيه حقيقة من دون حاجة إلى المسامحة ~~العرفية بناء على ما عرفت من اتحاد الوجود الشخصي وإن كان لا يفرض له ~~البقاء. # وحاصل الكلام في الزمان والزماني أنهما إن اعتبرا في موضوع الحكم على نحو ~~الحركة ms0934 التوسطية ، فلا إشكال في تحقق اليقين والشك فيهما على وجه الحقيقة ، ~~وإن اعتبرا على نحو الحركة القطعية فلا بد في تحقق الشك في (1) اليقين ~~فيهما من دعوى المسامحة العرفية. PageV02P329 # نعم يشكل هذا الاستصحاب في خصوص الزمان في كلا الموردين فيما إذا اريد ~~تطبيق العنوان على الجزء الموجود في حال الشك كما إذا لوحظ في موضوع الحكم ~~كون الأجزاء الخارجية نهارا مثلا ، فإن استصحاب وجود النهار لا يفيد لإثبات ~~كون الجزء الموجود نهارا ، اللهم إلا أن يقال بكون الواسطة خفية ، نعم إذا ~~لوحظ في موضوع الحكم وجود العنوان لا اتصاف الأمر الخارجي به كما هو الحال ~~في الزماني فليس لهذا الإشكال مجال ، هذا هو الكلام في الزمان والزمانيات. # وأما المقيد بالزمان كالجلوس والإمساك الواجب ايقاعهما في النهار على وجه ~~التقييد لا على نحو الظرفية كما إذا قيل : اجلس ، أو صم في النهار ، لا ما ~~إذا قيل : اجلس أو صم ما دام النهار موجودا ، فلو شك في بقاء حكمه من جهة ~~الشك في انقضاء القيد فالأنحاء المتصورة من الاستصحاب ثلاثة. # أحدها : استصحاب نفس المقيد كأن يقال : إن الجلوس كان في السابق في ~~النهار ، والآن نشك في كونه في النهار ، فنستصحب ، وهذا مما ينبغى القطع ~~بجريانه بعد ما فرغنا عن إشكال استصحاب نفس الزمان ، فإن الجلوس مثلا واحد ~~شخصي وثبت كون النهار أيضا كذلك ، وحينئذ فهذا الاستصحاب نظير استصحاب ~~مضرية الصوم بلا فرق. # ثانيها : استصحاب الحكم ، أعني حكم العمل المقيد بالنهار مثلا ، وهذا مما ~~ينبغي القطع بعدم جريانه ؛ لأنه فرع إحراز الموضوع ، والمفروض الشك فيه. # والثالث : استصحاب القيد وهو أيضا كذلك ؛ لعدم إمكان إثبات التقيد بسببه. # هذا وشيخنا المرتضى قدسسره ذكر في أول كلامه أنه إذا جرى الاستصحاب في ~~القسمين الأولين أعني الزمان والزماني فهو يجري في القسم الثالث أعني ~~المقيد بالزمان بطريق أولى ، وكأنه أراد أن عيب هذا القسم ناش من ذينك PageV02P330 # القسمين ، فإذا ارتفع العيب منهما كان هذا بلا عيب. # ولكنه قال في أواسط كلامه : وأما القسم الثالث فمما ينبغي القطع ms0935 بعدم ~~جريان الاستصحاب فيه ، ومراده ثمة وإن كان صورة القطع بانتفاء القيد والشك ~~في بقاء الحكم ، لكن في تعبيره بهذه العبارة ما لا يخفى ، فانها موهنة ~~لاتحاد هذا مع ما حكم في السابق بجريان الاستصحاب فيه. # وكيف كان فالشك في بقاء الحكم المعلق على الفعل المقيد بزمان تارة يكون ~~من جهة الشك في انقضاء هذا الزمان ، واخرى يكون مع القطع بانقضاء هذا ~~الزمان من جهة احتمال ثبوت هذا الحكم للفعل المقيد بما بعد هذا الزمان لا ~~على نحو تعدد المطلوب بأن يكون المقيد بما بعد هذا الزمان مطلوبا مستقلا ، ~~وثالثة يكون مع القطع بانقضاء هذا الزمان من جهة احتمال ثبوت الحكم لذات ~~المقيد على نحو تعدد المطلوب ، بأن يكون الفعل المقيد بهذا الزمان مطلوبا ~~أتم ، ونفس الفعل في ما بعد هذا الزمان مطلوبا أدون بالغا حد الوجوب، وهنا ~~صورة رابعة وهو أن يؤخذ الزمان ظرفا للفعل ، فشك في بقاء الحكم بعد انقضاء الظرف. # فلا إشكال في جريان الاستصحاب في الصورة الاولى في نفس المقيد دون حكمه ، ~~كما لا إشكال في عدم الجريان في الصورة الثانية ؛ لأن الفعل المقيد لا بقاء ~~له مع ارتفاع قيده ، مثلا لو قيل : الجلوس في النهار واجب ، فشك في ما بعد ~~النهار في أن الجلوس في الليل هل هو واجب أيضا أو لا؟ فليس هذا مقام ~~استصحاب الوجوب ؛ فإن الجلوس الذي جعل موضوعا للوجوب يكون النهار مقوما له ~~، فيرتفع بارتفاع النهار لا محالة ، والجلوس المقيد بكونه في الليل مباين ~~معه كمباينة العمرو مع الزيد. # وأما الصورة الثالثة ، فالظاهر جريان الاستصحاب فيها ، فيقال بأن الجلوس ~~في ما بعد النهار وإن علم بارتفاع مطلوبيته بتلك المرتبة ، ولكن يحتمل بقاء ~~مطلوبيته PageV02P331 # بما دونها ، فيستصحب ، كما أنه لا إشكال في الجريان في الصورة الرابعة ، ~~كما إذا قيل : الجلوس واجب في النهار ، فشك في ما بعد النهار في بقاء وجوب ~~الجلوس وارتفاعه. # وعلى هذا يبتنى اعتراض شيخنا المرتضى قدسسره على بعض معاصريه وهو النراقي ~~قدسسرهما في مثال ما إذا كان الجلوس ms0936 واجبا إلى الزوال ، حيث إنه نقل عنه ~~أنه لو شك في بقاء الوجوب في ما بعد الزوال فمن حيث إن جلوس ما بعد الزوال ~~لم يكن واجبا في السابق كان المستصحب عدم الوجوب ، ومن حيث إن الجلوس واجب ~~في ما قبل الزوال يكون المستصحب هو الوجوب ، فيتعارض استصحابا الوجود ~~والعدم في جلوس ما بعد الزوال. # ثم اعترض عليه بأنه إن اعتبر الزمان في الدليل قيدا للجلوس كما لو قيل : ~~الجلوس من الصبح إلى الزوال واجب ، فحينئذ لا يجرى إلا استصحاب العدم دون ~~الوجود ؛ لأن الجلوس بهذا النظر يتعدد أشخاصه وافراده عرفا بتعدد الأزمنة ، ~~فالجلوس في ما قبل الزوال فرد ، والجلوس في ما بعده فرد آخر مباين للأول ، ~~وكذلك الوجوب على تقدير تعلقه بالثاني وجوب آخر مغاير للوجوب المتعلق ~~بالأول ، وحينئذ فانتقاض العدم بالوجود في أحد هذين الفردين لا يدل على ~~انتقاضه بالوجود في الفرد الآخر ، بل هو باق بحاله من دون انتقاضه بالوجود. # وإن اعتبر الزمان في الدليل ظرفا للجلوس كما لو قيل : الجلوس واجب من ~~الصبح إلى الزوال فحينئذ لا يجري إلا استصحاب الوجود دون العدم ؛ لأن ~~الزمان بهذا الاعتبار ليس معددا لأفراد الجلوس عرفا ، بل هو أمر واحد في ~~جميع الأزمنة فإذا فرض انتقاض عدم هذا الأمر الواحد بالوجود في زمان من ~~الأزمنة فهو في الأزمنة المتأخرة محكوم ببقاء وجوده بحكم الاستصحاب. # أقول : ويمكن انتصار المحقق النراقي بأن يقال أولا : إنا نختار الشق ~~الأول وهو PageV02P332 # أن يكون الزمان قيدا للجلوس ، قولكم : لا يجري حينئذ إلا استصحاب العدم ~~دون الوجود غير مسلم ؛ لأن الطبيعة المهملة أعني أصل الجلوس متحدة مع ~~المقيد أعني الجلوس في ما قبل الزوال ، ضرورة كونها مقسما له ولغيره ، ~~والمقسم متحد وجودا مع كل واحد من أقسامه ، وعرض كل واحد منها يصح إضافته ~~إليه على وجه الحقيقة من غير فرق بين الوجود والوجوب ، فكما إذا صار زيد ~~موجودا يصح إضافة الوجود إلى أصل الإنسان ، كذلك لو اتصف الجلوس المقيد ~~بكونه في ما قبل الزوال بالوجوب يصح ms0937 إضافة الوجوب إلى أصل الجلوس ، ولا ~~يعتنى مع ذلك بعدم وجود سائر الأفراد أو عدم وجوبها ، فلا يقال بواسطة ذلك ~~: إن الطبيعة متصفة بعدم الوجود أو عدم الوجوب ، وهذا واضح. # وعلى هذا يبتنى القول بالبراءة في الأقل والأكثر الارتباطيين. # وحينئذ فنقول : إذا حصل الزوال فالوجوب المتشخص بكون منتهاه هو الزوال ~~وإن علم بارتفاعه ، لكن يحتمل مقارنا لارتفاعه حدوث فرد آخر من الوجوب ~~متشخص بكون مبدئه ما بعد الزوال ، فإذا جاء هذا الاحتمال يصح أن يقال : إنا ~~نشك في بقاء أصل الوجوب فيكون مقتضى الاستصحاب بقائه ، وهذا من أفراد القسم ~~الثالث من أقسام استصحاب الكلي ، وهو معارض باستصحاب عدم وجوب الجلوس ~~المقيد بكونه في ما بعد الزوال. # نعم لو قلنا بعدم جريان الاستصحاب في القسم الثالث من استصحاب الكلي كما ~~اختاره شيخنا المرتضى كان الاستصحاب الثاني بلا معارض ، فيستقيم كلام شيخنا ~~في هذا الشق بناء على مختاره ثمة. # وثانيا : نختار الشق الثاني أعني كون الزمان ظرفا ، قولكم : لا يجري ~~حينئذ إلا استصحاب الوجود دون العدم ، مخدوش بأن اعتبار الزمان في لسان ~~الدليل ظرفا للجلوس لا يوجب إلا عدم كون أثر الوجوب مرتبا شرعا على الجلوس المقيد PageV02P333 # بالزمان ، لكن لو فرض تحقق اليقين والشك في هذا الموضوع المقيد باعتبار ~~أثر عدم الوجوب فلا ينافي هذا أن يشمله أدلة الاستصحاب. # مثلا الجلوس المقيد بكونه في ما بعد الزوال وإن كان لم يرتب الشرع عليه ~~أثر الوجوب لما هو المفروض من اعتبار الزمان في موضوع الوجوب ظرفا ، وقد ~~اعتبرناه في هذا الموضوع قيدا ، إلا أن لنا بالوجدان قطعا سابقا وشكا لاحقا ~~متعلقين بهذا الموضوع ، فإنا نعلم بعدم وجوب هذا الجلوس المقيد في السابق ~~ونشك الآن في عدم وجوبه ، فيكون مقتضى الاستصحاب بقائه على عدم الوجوب وهذا ~~معارض باستصحاب بقاء وجوب مطلق الجلوس إلى ما بعد الزوال. # وفيه أنه لا معارضة بين مدلولي الاستصحابين ؛ فإن مقتضى أحدهما عدم وجوب ~~الجلوس المقيد بما بعد الزوال ، ومقتضى الآخر كون مطلق الجلوس واجبا إلى ما ~~بعد الزوال ، ومن ms0938 الواضح عدم التناقض والتعارض بين هذين المضمونين ؛ لتعدد ~~الموضوع فيهما عقلا وعرفا ، نعم يقع الكلام بحسب مقام العمل ، فنقول : لا ~~شبهة بحسبه أيضا في ترجيح جانب الوجوب وعدم مزاحمته لعدم الوجوب ، فإن ~~الشيء الواحد المنطبق عليه عنوانان بأحدهما يكون فيه مقتضى الوجوب وبالآخر ~~يكون فيه مقتضى عدم الوجوب لا يعقل مزاحمة الجهة المقتضية للوجوب فيه ~~بالجهة المقتضية لعدمه ، بل لا بد من تقديم الاولى بلا كلام. # وبالمقايسة على هذا يعلم الحال في الصورة الاولي بناء على جريان ~~الاستصحاب في القسم الثالث من استصحاب الكلي ، ففي كلتا الصورتين يكون ~~الجاري استصحاب الوجود من دون معارضته باستصحاب العدم ، وعلى مبنى شيخنا ~~المرتضى يكون الجاري في الاولى استصحاب العدم دون الوجود ، وفي الثانية ~~استصحاب الوجود دون العدم ، كما ذكره قدسسره . # * * * PageV02P334 ### | الأمر الخامس : فى الاستصحاب التعليقى (1) # قد يكون المستصحب حكما فعليا ومثاله واضح ، وقد يكون تقديريا كما إذا علم ~~بأن العنب محكوم بأن مائه إذا غلى يحرم ، ثم حصل الشك في ارتفاع هذا الحكم ~~عنه بسبب تبدل رطوبته بالجفاف وصيرورته زبيبا ، ويسمى الاستصحاب في الثاني ~~بالتقديري تارة وبالتعليقى اخرى. # وقد يشكل فيه بأن الأمر التقديري لا ثبوت له ، وإنما يكون له مجرد قابلية ~~الثبوت باعتبار من الاعتبارات ، وهذا غير كاف في الاستصحاب. # أقول : ليس الأمر كما ذكر ، بل الأمر التقديرى له ثبوت حقيقة ، غاية ~~الأمر إما أن نقول بأن الأمر المعلق بوصف كونه معلقا يثبت بالجعل ، وهذا ~~نحو من الثبوت أيضا في قبال الثبوت الفعلي ، أو نقول : إنه ثابت بالثبوت ~~الفعلي ، غاية الأمر في فرض حصول شيء آخر ، ولهذا يتوقف تأثيره وفاعليته ~~على حصول هذا الشيء المفروض في الخارج ، غاية ما هناك أن يقال : إنه إن كان ~~الغرض من هذا الاستصحاب إثبات نفس هذا المعنى في حال الشك فلا ثمرة له أصلا ~~؛ لأن المفروض أنه بلا فعلية على وجه ، وبلا تأثير على آخر ، وإن كان الغرض ~~إثبات الفعلية أو التأثير عند حصول المعلق عليه أو الشيء المفروض ، فهذا من ~~الأصل المثبت ؛ فإن هذا ليس ms0939 من الآثار الشرعية للقضية التعليقية بأحد من ~~النحوين ، وإنما يحكم بترتبه العقل. # ولكنه مدفوع بأن الوجود المعلق والوجود الفعلي في فرض حصول شيء لازمه PageV02P335 # عقلا هو التبدل بالفعلية لدى حصول المعلق عليه ، وحصول التأثير لدى حصول ~~الشيء المفروض سواء تعلقا بموضوع الواقع أم بموضوع الشك ، ولا يعقل تفاوت ~~في ذلك بين الموضعين ، فكما يحكم بفعلية حرمة العصير ومؤثريتها عند الغليان ~~في حال العنبية بنفس الدليل الاجتهادي ، فكذلك يحكم بالحرمة الفعلية ~~المؤثرة لدى الغليان أيضا في حال الزبيبية بنفس دليل الاستصحاب ، فهذا من ~~اللوازم العقلية لنفس هذا القسم من الحكم واقعيا كان أم ظاهريا ، بحيث لا ~~يعقل انفكاكه عنه ، وليس من اللوازم العقلية لمستصحب حتى يكون إثباته ~~بالاستصحاب من الأصل المثبت. # بقي الكلام في إشكال معارضة هذا الاستصحاب بالاستصحاب الفعلي المخالف ~~كاستصحاب الحلية الفعلية الثابتة في العصير الزبيبي قبل الغليان ، وقد يجاب ~~بحكومة الاستصحاب التعليقي على الفعلي لكون الشك في أن العصير المذكور بعد ~~الغليان حلال أو حرام مسببا عن الشك في بقاء حكم «لو غلى يحرم» فيه وعدمه ، ~~وبعبارة اخرى عن الشك في سببية الغليان وموضوعيته للحرمة وعدمها ، فالأصل ~~الرافع للثاني رافع للأول ولا عكس. # أقول : لا إشكال في الحكومة في المقام من جهة عدم شرعية الأثر ؛ إذ لا شك ~~في أن الحرمة الفعلية بعد الغليان حكم الشرع ، ولا ربط له بالعقل ، ضرورة ~~أن الشارع جعل حكما واحدا ، غاية الأمر أن هذا الحكم الواحد تعليقي قبل ~~المعلق عليه ، وفعلي بعده. # ألا ترى أن نجاسة الثوب مثلا بعد ملاقاة النجس من حكم الشرع ولا يرتبط ~~بالعقل، مع أنه لم يصل إلينا من الشرع إلا الحكم بأن الثوب لو لاقى نجسا ~~ينجس على نحو القضية التعليقية؟ ، نعم للعقل كبرى مسلمة خارجية وهي أن كل ~~معلق على شيء يصير فعليا بعد حصول هذا الشيء ، ولكن الذي نصيبه في هذا ~~المقام ليس إلا فهم حكم الشرع. # إنما الكلام والإشكال في أن تقديم الأصل السببى على المسببي من باب ~~الحكومة مبني على أن يكون الشك ms0940 المسببي مأخوذا في موضوع الأصل المسببي دون ~~السببي ، PageV02P336 # بمعنى أن يكون الشك المأخوذ في موضوع السببي شكا سببيا لا مسببيا ، مثلا ~~استصحاب طهارة الماء قد اخذ في موضوعه الشك في طهارة الماء لا الشك في ~~طهارة الثوب ، فمفاده أنه إذا شككت في بقاء طهارة الماء فاحكم بطهارته ~~السابقة وبطهارة الثوب المغسول به ، فحكمه بطهارة الثوب لم يؤخذ فيه الشك ~~في طهارة الثوب ونجاسته ، وإنما أخذ فيه الشك في طهارة الماء ونجاسته. # وهذا بخلاف استصحاب النجاسة في الثوب ، فإن مفاده أنه إذا شككت في نجاسة ~~الثوب فابن على نجاسة السابقة ، ولهذا يكون الأصل الأول ناظرا إلى الثاني ؛ ~~لأن الثاني حكم في موضوع الشك في الحكم الواقعي بالنسبة إلى الثوب ، والأول ~~حكم بعنوان الواقع بالنسبة إليه. # وبعبارة اخرى : مفاد الأول في الثوب واقع جعلي تنزيلي ، ومفاد الثاني ~~بيان حال الشك في حكمه الواقعي ، ولو اخذ في موضوع الأصل الثاني الشك في ~~الأعم من الحكم الواقعي والظاهري مع قطع النظر عن نفسه فالأول يرفع هذا ~~الموضوع عن البين بالوجدان ، فيكون واردا على الثاني. # إذا عرفت ذلك فنقول : هذا المعنى غير موجود في المقام ، فإن الحكم ~~التعليقي المستصحب إلى حصول المعلق عليه المتبدل بعده بالفعلي حكم واحد ~~وارد في موضوع الشك في نفسه ، فإذا قال الشارع : إذا شككت في بقاء حكم «إذا ~~غلى يحرم» فاحكم ببقائه ، فحكمه في هذا الحال «إذا غلى يحرم» لا شبهة في ~~أنه وارد في موضوع الشك ، والمفروض أن الحرمة الفعلية بعد الغليان عين هذا ~~الحكم ، وهذا بخلاف طهارة الثوب في المثال المتقدم ، فإنها مغايرة مع طهارة ~~الماء حكما وموضوعا وشكا. # فتحصل من جميع ما ذكرنا أن السببية والمسببية وإن كانت مسلمة في المقام ، ~~لكن لا يتم فيه شيء من تقريبي الحكومة والورود. PageV02P337 ### | الأمر السادس # لا إشكال في جريان الاستصحاب في ما إذا كان المتيقن السابق المشكوك لا ~~حقا حكما ثابتا في الشريعة السابقة ، ولا مانع عنه سوى امور موهومة. # منها : أن الحكم في الشريعة السابقة كان ثابتا في حق ms0941 أشخاص غير الأشخاص ~~الذين قصد إثبات الحكم بالاستصحاب في حقهم ، والمعتبر في الاستصحاب وحدة من ~~تيقن في حقه الحكم ومن شك في بقاء الحكم في حقه ، وبعبارة اخرى : وحدة ~~القضية المتيقنة والمشكوكة. # والجواب منع كون الموضوع لحكم الله في أي شريعة كان هو الأشخاص ~~بخصوصياتهم، بل هو المكلفون والعباد ، نظير ما هو الموضوع في الوقف على ~~الفقراء والاولاد ، ومن المعلوم أن هذا الموضوع لا يتفاوت بتفاوت الأشخاص ، ~~وحينئذ فنقول : قد كان حكم الله على العباد في السابق حكما كذا ، والآن نشك ~~في ارتفاع هذا الحكم عنهم وبقائه في حقهم ، فمقتضى الاستصحاب بقائه ، ~~فأركان الاستصحاب تامة ، ومن هنا أيضا يصح إطلاق النسخ على الشريعة اللاحقة ~~مع أنه يعتبر في النسخ أيضا وحدة الموضوع ، لأن معناه رفع الحكم الثابت في ~~حق المكلف في زمان عنه في زمان آخر ، هذا ملخص ما أجاب به شيخنا المرتضى ~~قدسسره ، وهو متين. # وقد أجاب قدسسره أيضا بعد تسليم تعدد الموضوع وكون الموضوع في الحكم ~~السابق هو الأشخاص السابقين بخصوصياتهم بأنا نفرض شخصا مدركا للشريعتين ، ~~فنقول : إن هذا الشخص قد تحقق له اليقين السابق والشك اللاحق في PageV02P338 # تكليف نفسه ، فتم أركان الاستصحاب في حقه ، فيثبت الحكم في حقه ~~بالاستصحاب ، وفي حق غيره بأدلة الشركة في التكليف. # ورد عليه بعض الأساتيد قدسسره بأن أدلة الشركة إنما تدل على الاتحاد فيما ~~إذا تحقق العنوان الذي به ثبت الحكم في حق الموجودين في حق المعدومين أيضا ~~، وكان الاختلاف في صرف الوجود والعدم في حال الخطاب ، لا فيما إذا لم ~~يتحقق هذا العنوان ، فلا يدل على أن الحكم الثابت للموجودين بعنوان ~~المسافرية مثلا ثابت للمعدومين وإن لم يتلبسوا بهذا العنوان ، فكذلك من ~~تيقن بحكم لنفسه فشك ، إذا جرى في حقه إبقاء حكمه السابق بالاستصحاب فلا ~~تدل أدلة الشركة على ثبوت هذا الحكم في حق غيره ، سواء انطبق عليه عنوان من ~~تيقن بتكليف نفسه فشك ، أم لم ينطبق. # أقول : ليس غرض شيخنا أن يستصحب الشخص المتيقن في تكليف نفسه الشاك في ~~بقائه ms0942 ، ويكون هذا الاستصحاب نافعا بحال من ليس له يقين وشك ، كيف وهذا ~~الكلام لا يصدر من أصاغر الطلبة ، فكيف من مثل شيخنا الأعظم قدس الله تربته ~~الزكية. # فالمقطوع أن غرضه بعد عدم التعرض لحال الشخص المدرك للشريعتين فلعله كان ~~قاطعا بالنسخ أو بعدمه إن لنا يقينا وشكا بالنسبة إلى تكليف هذا الشخص ، ~~فنحن نستصحب التكليف في حقه ، لأن إبقاء تكليفه في الزمان المتأخر موجب ~~لتعيين التكليف في حق أنفسنا بأدلة الشركة ، وهذا كلام متين ، إلا أنه يرد ~~عليه أنه ليس لهذا الاستصحاب أثر عملي ، فإن التكليف الثابت في حق أنفسنا ~~ليس أثرا للتكليف الثابت في حق غيرنا ، وإنما هما من باب المتلازمين في ~~الوجود بأدلة الشركة. # ومنها : العلم الإجمالي بالنسخ في كثير من أحكام الشريعة السابقة ، وما ~~وصل إلينا من موارد النسخ قليل يقصر عن عدد المعلوم بالإجمال قطعا ، فلا ~~يوجب انحلالا في العلم الإجمالي ، فالعلم الإجمالي في الموارد المشكوكة باق ~~بحاله ، وقضيته عدم جريان الاستصحاب في شيء من تلك الموارد ؛ للزوم ~~المخالفة القطعية من جريانه PageV02P339 # في الجميع ، والترجيح بلا مرجح من جريانه في البعض. # والجواب أن من المقرر في محلة إجراء الأصل في بعض أطراف العلم الإجمالي ~~إذا لم يكن معارضا بجريان مثله في البعض الآخر ، وما نحن فيه من هذا القبيل ~~؛ لأن أحكام هذه الشريعة إذا لوحظت مع أحكام الشريعة السابقة يحصل هنا ~~طوائف خمسة ؛ لأن الحكم إما معلوم في هذه الشريعة وغير معلوم في الشريعة ~~السابقة ، وإما معلوم في هذه الشريعة وفي الشريعة السابقة معا مع موافقة ~~الحكمين ، وإما معلوم في الشريعتين مع مخالفة الحكمين ، وإما مجهول في هذه ~~الشريعة وفي الشريعة السابقة معا ، وإما مجهول في هذه الشريعة ومعلوم في ~~الشريعة السابقة. # فالعلم الإجمالي بثبوت النسخ منتشر في ثلاث من تلك الطوائف من دون خروج ~~فرد منها عن تحته ، وحينئذ فإجراء استصحاب عدم النسخ في خصوص الطائفة ~~الأخيرة ليس فيه مخالفة عملية ؛ لاحتمال كون المعلوم بالإجمال بتمامه في ~~تلك الطوائف الأخر ، وعدم تعلق علم إجمالي آخر ms0943 صغير بخصوص هذه الطائفة ، ~~ولا يكون معارضا بالاستصحاب في تلك الطوائف الأخر ، لعدم المجرى له فيها ~~إما لعدم أثر عملي يترتب عليه ، وإما لاختلال أركانه. # ومنها : ما ذكره صاحب القوانين من أن جريان هذا الاستصحاب موقوف على ~~القول بكون الحسن في الأشياء ذاتيا ، وحيث إن التحقيق كونه بالوجوه ~~والاعتبار لم يكن لهذا الاستصحاب مجال. # وتوجيهه أنه على القول بكون الأشياء علة تامة للحسن أو القبح لا حاجة إلى ~~الاستصحاب أصلا ، كما هو واضح ، وحينئذ إما أن يقال بكونها مقتضيات للحسن ~~والقبح ، فيكون الشك راجعا إلى المانع ، فيكون الاستصحاب حينئذ جاريا ، أو ~~يقال بكون الحسن والقبح بالوجوه والاعتبار ، فيحتمل كون خصوص الزمان السابق PageV02P340 # جزءا من المقتضي ، فيكون الشك حينئذ راجعا إلى المقتضي ، فلا يجرى ~~الاستصحاب حينئذ ، فيكون كلامه قدسسره راجعا إلى التفصيل في جريان ~~الاستصحاب بين الشك في المانع والشك في المقتضي. # وجوابه يظهر مما تقدم سابقا من اختيار جريانه في كلا القسمين ، مضافا إلى ~~انتقاضه باستصحاب عدم النسخ في أحكام هذه الشريعة ، هذا كله هو الكلام في ~~صورة إحراز حقية الشريعة اللاحقة والشك في مخالفتها مع السابقة في حكم فرعي. # ويمكن فرض المورد لاستصحاب عدم النسخ أيضا مع الشك في حقية الشريعة ~~اللاحقة والعلم بمخالفتها مع السابقة في الفرعيات ، وهو ما إذا فحص المكلف ~~وعجز عن إثبات صدق النبي اللاحق وكذبه ، فتردد أمره بين أن يكون باقيا على ~~عمله السابق ، وبين أن يرجع إلى الشريعة اللاحقة وكان حكم «لا تنقض» من ~~أحكام كلتا الشريعتين ، فإن هذا المكلف يعمل بمقتضى استصحاب عدم النسخ عمله ~~السابق ويكون معذورا عند الله تعالى على كل حال. # ويشارك هذا في النتيجة وإن كان يخالفه في العمل بالاستصحاب ما إذا كان ~~حكم «لا تنقض» من أحكام الشريعة اللاحقة فقط ، فإن البقاء على العمل السابق ~~حينئذ أيضا معذور فيه ، غاية الأمر أنه على فرض كذب النبي اللاحق حكم واقعي ~~، وعلى فرض صدقه حكم استصحابي ، فهو يأتي بالعمل لا بقصد كونه عملا ~~بالاستصحاب ، ولا بعنوان كونه حكما واقعيا ms0944. # وحيث انجر الكلام إلى هنا فلا بأس بالإشارة إلى مناظرة بعض أهل الكتاب مع ~~بعض فضلاء السادة حيث تمسك الكتابي على حقية دينه بأن المسلمين اعترفوا ~~بنبوة نبينا ، فنحن وهم معتقدون بحقيته ونبوته ، فمقتضى الاستصحاب بقائها ، ~~فعلى المسلمين إثبات الشريعة الناسخة. # فأجاب بعض السادة بما حكي عن مولانا الرضا صلوات الله عليه في جواب PageV02P341 # الجاثليق حيث قال : ما تقول في نبوة عيسى وكتابه ، هل تنكر منهما شيئا؟ ~~قال عليه السلام أنا مقر بنبوة عيسى وكتابه وما يبشر به امته واقرت به ~~الحواريون ، وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وكتابه ~~ولم يبشر به امته. # فذكر بعض السادة على حسب ذلك بأنا نؤمن ونقر بنبوة موسى أو عيسى الذي أقر ~~بنبوة محمد صلى الله عليه وآله ، ولا نقر بنبوة كل موسى أو عيسى لم يقر بذلك. # فاعترضه الكتابي بأن موسى أو عيسى ليس كليا قابلا للتقسيم ، بل هو جزئي ~~حقيقي ، وحاله معهود وشخصه معروف ، ونحن وأنتم معترفون بنبوته ، ولا يفرق ~~الحال في نبوة هذا الشخص المعين بين إقراره بنبوة محمد صلى الله عليه وآله ~~وعدم إقراره ، فمقتضى الاستصحاب بقاء نبوته إلى أن يثبت بطلان دينه ونسخ ~~شريعته ، فعند ذلك أفحم بعض السادة. # أقول : الحق في جواب الكتابي أن يقال : إن حال هذا الكتابي لا يخلو من ~~قسمين ، لأنه إما أن يتمسك بهذا الاستصحاب في مقام عمل نفسه فيما بينه وبين ~~الله تعالى ، وإما أن يتمسك به في مقام إسكات المسلمين وإلزامهم. # فيتوجه عليه على الأول أن النبوة المستصحبة ملزومة لأمرين ، الأول ~~الاعتقاد الجناني بها ، والثاني العمل الأركاني بأحكام الشريعة السابقة ، ~~فلا يمكن إثبات لازمها الأول بالاستصحاب ؛ لأن الاستصحاب حكم في حال الشك ، ~~ولا يمكن أن يجتمع الاعتقاد مع الشك ، فلا يصح أن يقال : أيها الشاك في ~~الأمر الفلاني تيقن به مع كونك شاكا به ، نعم يمكن إذا كان المقصود مجرد ~~عقد القلب بوجود المشكوك أو إزالة الشك وتبديله باليقين ، لا تحصيل اليقين ~~مع حفظ الشك كما ms0945 هو المقصود في المقام ، وهل هو إلا أمرا بالجمع بين ~~النقيضين؟ # وأما إثبات اللازم الثاني بالاستصحاب فقد تقدم الكلام فيه وأنه لا إشكال ~~في جريان الاستصحاب مع أحد الشرطين المتقدمين ، لكن يرد على الكتابي أن PageV02P342 # الرجوع إلى الأصل في الشبهات الحكمية إنما هو بعد الفحص عن الدليل واليأس ~~عنه ، والأمر في هذا المقام ليس بهذا المنوال ؛ لأن الأدلة الموجودة في هذا ~~المقام تكون بحيث لو راجعها الكتابي وجانب العناد لما يشك في تعين العمل ~~بأحكام الشريعة اللاحقة. # ويتوجه عليه على الثاني أي على تقدير إرادته إلزام المسلمين كما يشهد ~~بذلك قوله: فعلى المسلمين كذا أنا (1) معاشر المسلمين إنما نقر بنبوة موسى ~~أو عيسى من جهة الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وآله والقرآن الناطق ~~بنبوتهما ، ولو لا الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وآله لما كان للإقرار ~~بنبوتهما طريق أصلا ، لانحصار الطريق للإقرار بنبوتهما في الإقرار بنبوة ~~محمد صلى الله عليه وآله ، ولا محالة يكون المقر به حينئذ نبوتهما المغياة ~~بمجيئي محمد صلى الله عليه وآله ، وأما النبوة الباقية بعد مجيئه ~~صلى الله عليه وآله فلسنا مقرين بها من أول الأمر ، لعدم طريق إليها ، بل ~~لوجود الطريق إلى عدمها ، وحينئذ فكيف تلزمنا أيها الكتابي بهذا الاستصحاب ~~والحال أنا لسنا بقاطعين في فرض ، ولسنا بشاكين في فرض آخر ؛ إذ مع حفظ ~~الإقرار بنبوة نبينا ليس لنا شك لاحق ، ومع رفع اليد عنها ليس لنا يقين ~~سابق ، ولا يخفي أن ما ذكرنا هو مراد مولانا الرضا صلى الله عليه بجوابه ~~المتقدم عن الجاثليق. PageV02P343 ### | الأمر السابع : فى الاصل المثبت (1) # قد عرفت سابقا أن حجية الاستصحاب إنما هو من باب الأخبار ، وعلى هذا ~~فاعلم أن المراد بعدم نقض اليقين بالشك عدم نقضه وإبقائه عملا ، فإن هذا هو ~~المفهوم عرفا بعد عدم إمكان إرادة المعنى الحقيقي ، فإن من يعمل حال الشك ~~عمله حال اليقين فكأنه أبقى يقينه ، فمن يعمل حال الشك في حياة والده عمله ~~حال اليقين بها فكأنه أبقى والده وهذا هو الجامع بين ms0946 استصحاب الحكم ~~واستصحاب الموضوع. # فلا يرد أن الاستصحاب في الحكم عبارة عن جعل حكم مماثل للحكم السابق ، ~~وفي الموضوع عبارة عن جعل أثر المتيقن السابق ، ولا جامع بين جعل نفس ~~المتيقن وجعل أثره ، فكيف يمكن إرادتهما معا من قاعدة لا تنقض. # وجه عدم الورود أن القاطع بوجوب الجمعة سابقا كان عمله الإتيان بها ، ~~والقاطع بحياة زيد سابقا كان علمه التصرف في أمواله والانفاق على عياله ، ~~فالجامع للاستصحاب في الموردين هو ما ذكرنا من إبقاء اليقين السابق عملا ، ~~غاية الأمر أن قول الشارع : اعمل علمك السابق ينطبق في الأول على إيجاب ~~الجمعة ، وهو حكم مماثل للحكم السابق ، وفي الثاني على جعل إباحة التصرف ~~والإنفاق وهي أثر للمتيقن السابق (2)، ومن هنا لا يقتصر في مورد الاستصحاب PageV02P344 # على ما إذا كان المتيقن السابق حكما أو موضوعا مستقلا للحكم ، بل نقول ~~بجريانه فيما اخذ قيدا للموضوع أو جزء ، فلو شك في دخالة الوضوء في الصلاة ~~بعد اليقين بها سابقا يستصحب الدخالة ؛ لأن لنفس الدخالة عملا سابقا ، ~~فالمعيار في مورد الاستصحاب كل ما كان له عمل سابق وكان من شأن الشارع ~~الحكم بإبقائه عملا. # إذا عرفت ذلك فاعلم أن هنا أقساما مختلفة ظهورا وخفاء في جريان الاستصحاب وعدمه. # منها : ما إذا لم يكن المتيقن حكما شرعيا ولا موضوعا له ، وكان منتهيا ~~إلى الأثر الشرعي بأن كان علة لما هو الموضوع للأثر الشرعي أو علة لعلته ~~فصاعدا. # ومنها : ما إذا لم يكن حكما ولا موضوعا ولا منتهيا إلى الأثر الشرعي وكان ~~لازما ومعلولا لما هو الموضوع للأثر الشرعي. # ومنها : ما إذا كان بينه وبين موضوع الأثر الشرعي مجرد التلازم في الوجود ~~بأن كانا معلولين لعلة ثالثه ، وحينئذ قد يكون اللزوم بينهما اتفاقيا كما ~~في الإنائين المشتبهين ، حيث إن طهارة أحدهما ملازمة لنجاسة الآخر وبالعكس ~~اتفاقا ، وقد يكون عقليا أو عاديا. # ومنها : ما إذا كان شيئا له أثر شرعي بلا واسطة ، لكن كان ترتب الأثر ~~عليه بحكم العقل ، كما لو احرز المقتضي للوجوب وشك في المانع عنه ms0947 ، فأصالة ~~عدم المانع يترتب عليه الوجوب وهو أثر شرعي ، لكن الحاكم بترتبه على عدم ~~المانع هو العقل. # ومنها : ما إذا لم يكن المتيقن مجعولا ولا موضوعا للأثر الشرعي ، ولكن ~~كان منتزعا عما هو بيد الشرع كالصحة والفساد ، حيث إنهما أمران عقليان ~~منتزعان عن PageV02P345 # المطابقة للمأمور به وعدم المطابقة له ، لكن منشأ انتزاعهما بجعل الشرع ، ~~إذ للشارع أن يرفع قيدية القيد في مرحلة الظاهر حتى ينتزع الصحة عن العمل ~~الخالي عنه. # ولا بد من التكلم في الخفي من هذه الأقسام وهو القسم الأول ، ويتضح منه ~~الحال في غيره. # فنقول : إذا كان المتيقن السابق المشكوك اللاحق موضوعا غير مجعول وكان له ~~لازم عقلي أو عادي ، وكان لازمه ملزوما للازم عقلي أو عادي ، وهذا اللازم ~~أيضا ملزوما للازم آخر وهكذا إلى أن ينتهى إلى ما هو ملزوم لحكم شرعي ، فقد ~~يقال بأنه لا مانع من إحراز الاستصحاب في الشيء الأول الذي تحقق فيه اليقين ~~السابق والشك اللاحق باعتبار ذاك الحكم الشرعي المترتب عليه بوسائط ، لأن ~~ترتيب هذا الحكم إبقاء عملي لذاك الشيء ، فيشمله عموم «لا تنقض اليقين ~~بالشك» بناء على ما مر من تفسيره بالإبقاء العملي. # وبالجملة ، فالإبقاء العملي كما يصدق فيما إذا كان الحكم الشرعي مترتبا ~~على نفس المتيقن بلا واسطة ، كذلك يصدق فيما إذا كان مترتبا عليه بوسائط ، ~~فإنه أيضا ينتهي إليه بالأخرة ؛ لأن أثر الأثر أثر. # والحق خلاف ذلك ، لأن المتبادر من حرمة نقض المتيقن السابق ووجوب إبقائه ~~في اللاحق ترتيب أحكام نفس المتيقن بلا واسطة ، لا ما ينتهي إليه معها ، ~~فإذا شك في وجود زيد بعد القطع به سابقا وكان لازم وجوده إلى زمان الشك ~~عادة طول لحيته وكان لوجوده آثار ولطول لحيته أيضا آثار فقيل : لا تنقض ~~اليقين بوجود زيد وعامل معاملة بقائه ، كان هذا منصرفا إلى الآثار الاول ~~دون الثانية ؛ لعدم انطباق عنوان معاملة بقاء زيد من حيث إنه بقاء زيد إلا ~~على الاولى. # وأما الثانية فإنما ينطبق عليها عنوان معاملة بقاء زيد من حيث إنه ملزوم ms0948 ~~لما ينتهي إلى ملزوم هذه الآثار ، والحاصل أن تنزيل وجود زيد في حال الشك منزلة PageV02P346 # وجوده المحقق ينصرف إلى أقرب آثاره دون أبعدها ، وحينئذ فحيث إن الوسائط ~~أيضا امور عقلية أو عادية ، وهي غير قابلة للجعل ، فلا محيص عن خروج تلك ~~الأحكام التي تكون بوساطتها عن مدلول دليل الاستصحاب. # فإن قلت : ما الفرق بين الاصول والأمارات حيث لا يفرق في الثانية بين ~~الحكم المترتب بلا واسطة والمترتب معها ، فإذا قامت البينة على وجود زيد ~~فكما يرتب آثار وجوده يرتب آثار طول لحيته ، والحال أن مفاد دليل الأمارة ~~تنزيل المؤدى ، كما أن مفاد دليل الأصل تنزيل مورده ، وعدم قابلية الأثر ~~العقلي أو العادي للجعل مشترك بين المقامين ، فإن قيل في الأمارة بأن تنزيل ~~المؤدى يكون تنزيلا للازمه وهو تنزيلا للازم اللازم وهو للازم لازم اللازم ~~إلى أن ينتهي إلى الحكم الشرعي ، فلا بد أن يقال بمثل ذلك في الاصول ، وإن ~~قيل في الأمارة بأن تنزيل المؤدى يكون من أول الأمر بلحاظ ذاك الحكم من دون ~~حاجة إلى التنزيل في الوسائط فلا بد أن يقال بمثله في الاصول ، فلا وجه للفرق. # قلت : وجه الفرق أن مفاد دليل الأمارة تصديق الأمارة في جميع ما يحكي عنه ~~، لا في خصوص المدلول المطابقي ؛ لأن ذلك قضية التعبد بالأمارة من حيث ~~كونها طريقا كما هو المفروض المفروغ عنه ، فكما أن العرف والعقلاء في طرقهم ~~المتعارفة بينهم لا يقفون على المدلول المطابقي ويعاملون معها معاملة العلم ~~في ترتيب جميع الآثار والملزومات والملازمات ، فكذلك لو أمرنا الشارع ~~بمتابعة طريق يجب المعاملة معه معاملة العلم. # وسر ذلك أن الشارع أراد إلغاء كذب الأمارة ، فكل شيء يناط صدق الأمارة ~~بوجوده وكذبها بعدمه فالشارع تعبدنا بوجوده وإن لم يكن بينه وبين مدلول ~~الأمارة ارتباط أصلا إلا في مجرد الملازمة الاتفاقية ، فضلا عما إذا كان في ~~سلسلة اللوازم أو في سلك الملزومات. PageV02P347 # مثلا إذا أخبر البينة بنجاسة أحد الإنائين الذين علم بنجاسة أحدهما ~~وطهارة الآخر ، واشتبه النجس بينهما بالطاهر ، فنجاسة الإناء الآخر ms0949 مستلزمة ~~لكذب البينة ، ويناط صدقها بطهارته ، فالشارع تعبدنا بطهارته ، فهذا وجه ~~التعدي في الأمارات إلى اللوازم والملزومات والملازمات. # وحينئذ نقول : إن إخبار البينة مثلا بشيء يفيد لنا حكايات عديدة طولية ~~بالوجدان على حسب لوازمه وملزوماته وملازماته ، فلو لم يكن للمحكي ~~بالحكايات التي في الرتبة الاولى أثر شرعي وكان الأثر الشرعي للمحكي بواحد ~~من الحكايات التي في الرتبة الأخيرة فنقول : إن هذا المحكي شيء يناط بوجوده ~~صدق البينة ويلزم من عدمه كذبها ، فالشارع تعبدنا بوجوده ، فدليل حجية ~~البينة بمحض قيامها على المدلول المطابقي يشمل ابتداء هذا المحكي من دون ~~حاجة إلى التنزيل في الوسائط حتى يقال : إنه إن اريد بالتنزيل فيها جعل ~~نفسها فهو غير ممكن ، وإن اريد جعل أثرها فالمفروض أنه لا أثر لها. # وهذا بخلاف الحال في الاصول ، فإن المفروض أنه ليس في البين فيها سوى ~~دليل التنزيل ، وهو بمقتضى الجمود على مفاده لا يشمل إلا آثار نفس المورد ، ~~فإن قضيته التعبد بمورد الأصل ، والقدر المتيقن آثار نفس المورد ، فلا يشمل ~~آثار الآثار ، فضلا عن الملزومات والملازمات ، مثلا قاعدة «لا تنقض» إنما ~~يفيد تعبد بنجاسة أحد الإنائين المشتبهين ، ومن المعلوم أن عدم نقض اليقين ~~بالنجاسة ومعاملة بقائها في هذا الإناء المخصوص لا ربط له بطهارة الإناء ~~الآخر ، وهكذا الكلام في استصحاب نجاسة الثوب المغسول بالماء المشكوك الحال ~~، حيث إن التعبد بنجاسة الثوب لا ربط له بحال الماء. # بقي الكلام فيما إذا لم يكن المتيقن السابق مجعولا ولا موضوعا للأثر ~~الشرعي بلا واسطة ، ولكن كان منتزعا عما هو المجعول كما هو القسم الأخير من PageV02P348 # الأقسام السابقة مثل المانعية والشرطية والجزئية. # والحق جريان الاستصحاب فيه ، ووجهه أنه لا دلالة في خطاب «لا تنقض» على ~~اعتبار المجعولية أو الموضوعية للأثر في المتيقن ، بل المعيار فيه كل أمر ~~تناله يد الشرع ويقبل تصرفه ، فكل شيء تحقق فيه اليقين السابق والشك اللاحق ~~وكان بالوصف المذكور فلا مانع عن شمول الخطاب له ، وما نحن فيه من هذا ~~القبيل ، فلو شك في شرطية شيء أو مانعيته ms0950 للمأمور به بعد اليقين بها سابقا ~~فهذا الشك راجع إلى الشك في أن المطلوب في الزمان الثاني هل هو مقيد بوجود ~~هذا الشيء أو بعدمه ، أو ليس مقيدا بذلك ، ومن المعلوم أن هذا شيء يكون ~~أمره بيد الشرع ، فلا مانع من عموم خطاب «لا تنقض» إياه. # نعم لا ينبغي الإشكال في عدم جريان الاستصحاب في عنوان الشرط وعنوان ~~المانع مع عدم الشك في المصداق كما هو القسم الرابع من الأقسام ، فلو احرز ~~وجود المقتضي للتنجيس وهو ملاقاة النجاسة في الماء ، وشك في وجود المانع ~~وهو الكرية من جهة الشك في مفهوم الكرية مع عدم الشك في المصداق من جهة ~~معلومية كم الماء في السابق وفي اللاحق ، فأصالة عدم عنوان المانع في الماء ~~الثابت قبل وجود الماء وإن كان يترتب عليها الأثر الشرعي بلا واسطة وهو ~~النجاسة كما في سائر الاستصحابات الموضوعية ، ولا مجال للإشكال فيه أيضا ~~بأن ترتيب النجاسة على عنوان عدم المانع حكم العقل ؛ لأن ذلك إنما هو فيما ~~إذا تحقق وجود المقتضي وعدم المانع بالوجدان لا فيما إذا شك في أحد الجزءين ~~، فللشارع أن يتعبدنا في حال الشك بالبناء على عدم المانع ، ولكنه مع ذلك ~~محل إشكال من حيث إن هذه العناوين ليس لها أثر أصلا ولو عقلا ، وإنما الأثر ~~لذواتها. # مثلا ذات النار مؤثر في الحرارة والإحراق ويعرضها عنوان العلية في الرتبة ~~المتأخرة عن هذا التأثير ، فلا يعقل مع ذلك أن يكون لهذا العنوان دخل في ~~هذا التأثير ، وهكذا الكلام في عنوان وجود المانع وعنوان عدم المانع ~~وأشباههما. PageV02P349 ### ||| * تنبيه : # إذا كان متعلق اليقين السابق موضوعا ملزوما لموضوع ذي حكم ، وكان الموضوع ~~الثاني الذي هو الواسطة بين الموضوع الأول والحكم خفيا لا يراه العرف ، ~~بحيث يعد الحكم حكما للموضوع الأول بلا واسطة ، فلا مانع من إجراء دليل ~~الاستصحاب. # مثلا لو كان في أحد المتلاقيين الذين أحدهما نجس رطوبة مسرية قبل ~~الملاقاة فشك في بقائها حال الملاقاة فلا مانع من استصحابها ، فإنه وإن لم ~~تكن النجاسة أثرا لوجود الرطوبة ms0951 المسرية في أحد المتلاقيين ، بل لسرايتها ~~منه إلى الآخر ، ولكن هذه الواسطة لخفائها لا يراها العرف فيعد النجاسة ~~أثرا لنفس وجود الرطوبة المسرية ، وبعد عد الحكم حكما لنفس الموضوع الأول ~~بلا واسطة بنظر العرف يشمله دليل حرمة نقض اليقين بالموضوع السابق ووجوب ~~إبقائه بمعنى إبقاء آثاره المترتبة بلا واسطة ، ولا وجه لانصرافه عن هذا ~~الأثر كما كان منصرفا عن سائر الآثار المترتبة مع الواسطة ، فإن المتبع في ~~ذلك نظر العرف. # فإن قلت : إنما يكون المتبع نظر العرف فيما إذا كان خطائه في أصل المفهوم ~~، فلو كان بين العرف والعقل اختلاف في مفهوم من المفاهيم فكان عند العقل ~~أوسع منه عند العرف ورتب الشرع على هذا المفهوم أثرا ، يجب أن يراعى نظر ~~العرف لئلا يلزم نقض الغرض ، لا بمعنى أن يقيد المفهوم بكونه عرفيا حتى ~~يكون تقييدا باردا ، بل بمعنى أن يجعل نظره نظرا عرفيا ، فيقع حكمه حينئذ ~~على المصاديق العرفية حقيقة ويكون الموضوع الحقيقي الدقيقي لحكمه هو ~~المصاديق العرفية و PageV02P350 # إن لم يكن مصداقا بنظر العقل ، وما هو مصداق بنظر العقل دون العرف يخرج ~~عن الموضوع حقيقة. # وهذا بخلاف الحال في التطبيقات ، فلو كان هناك مفهوم واتفق العقل والعرف ~~في أصله واختلفا في تطبيقه على المصاديق ورتب عليه الشارع أثرا ، كان ~~المتبع نظر العقل دون العرف ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، لوضوح أن مفهوم ~~عدم نقض اليقين بالموضوع السابق وإبقائه عملا متحد عند العرف والعقل ، ~~فيتمحض الاختلاف في مقام التطبيق. # قلت : كما أن نظر العرف متبع في أصل المفاهيم ، كذلك يكون متبعا في مقام ~~التطبيق بعد احراز المفهوم ؛ لعين ما ذكر في الأول من لزوم نقض الغرض ، فإن ~~الشارع لو ألقى حكمه إلى العرف وكان نوع أهل العرف نظرهم خطاء في مقام ~~التطبيق ، فلا شبهة أن العرف يأخذ هذا الحكم ويعمل به على حسب تطبيقات نفسه ~~، من دون أن يرجع إلى أهل العلم في أن هذا التطبيق خطاء أو لا ، فلو لم ~~يأمره الشارع بهذا الرجوع وكان مراده مع ms0952 ذلك متعلقا بالمصاديق الواقعية كان ~~هذا نقضا لغرضه. # والعجب من بعض الأساتيد قدسسره حيث إنه لما فرض عدم الاعتناء بالمسامحات ~~العرفية في مقام التطبيق مفروغا عنه ، التجأ إلى جعل المقام من باب الخطاء ~~في أصل المفهوم ، مع أنك تعرف أن مفهوم عدم النقض والإبقاء عملا واحد لا ~~اختلاف فيه بين العرف والعقل أصلا ، وأن الحال في المقام هو الحال بعينه في ~~اختلاف صحيح العين والأحول في روية الشيء الواحد اثنين ، حيث إنه لا اختلاف ~~بينهما في مفهوم الاثنين قطعا. # ثم إنه قد ألحق بعض الأساتيد قدسسره بخفاء الواسطة جلائها ووضوحها بحيث ~~كان التلازم بينها وبين ذي الواسطة بمثابة يورث التلازم بينهما في مقام ~~التعبد والتنزيل ، بأن كان التنزيل في أحدهما عين التنزيل في الآخر عرفا ، مثلا PageV02P351 # تنزيل أبوة زيد لعمرو ملازم لتنزيل بنوة عمرو لزيد ، ولا ينفك أحد هذين ~~التنزيلين عن الآخر عرفا. # ولا بأس بالإشارة إلى بعض المقامات التي توهم كونها من موارد الاصول ~~المثبتة وليس منها : # فمنها ما إذا احرز بالاستصحاب وجود موضوع خارجي لإثبات حكم مترتب على ~~عنوان كلي يكون لهذا الموضوع دخل في تحققه ، مثاله ما لو نذر التصدق بدرهم ~~ما دام ولده حيا ، فاستصحاب حياة الولد في يوم شك فيها لإثبات وجوب التصدق ~~أصل مثبت ، لأن حياة الولد لم يرتب عليها الحكم في خطاب من الخطابات ، ~~وإنما تعلق النذر بالتصدق بدرهم ما دام الولد حيا فصار عنوان الوفاء بالنذر ~~منطبقا على هذا الفعل الخاص في فرض كون الولد حيا ، فمتى تحقق حياة الولد ~~يتحقق الوجوب بتوسط هذا العنوان الذي هو الوفاء بالنذر. # ومن هذا الباب أيضا استصحاب وجود زيد لإثبات وجوب نفقة زوجته من ماله ، ~~فإن هذا الأثر إنما يترتب على وجود زيد بواسطة ما يلزمه عقلا من انطباق ~~عنوان الزوج عليه، وعنوان الزوجة على الامرأة الخاصة ، وتفصى بعض الأساتيد ~~قدسسره عن هذا بما حاصله أن حياة الولد وإن لم يرتب عليها الحكم في خطاب ~~خاص ، ولكنه رتب عليه وجوب التصدق لعموم خطاب وجوب الوفاء ms0953 بالنذر. # بيان ذلك أن عنوان الوفاء أمر انتزاعي منتزع عن العناوين الخاصة المختلفة ~~حسب اختلاف الموارد ، والمتعلق للوجوب ذوات هذه العناوين الخاصة بخصوصياتها ~~وقيودها ، فإذا وقع عنوان التصدق بدرهم ما دام الولد حيا موردا للنذر ، كان ~~الوجوب متعلقا بنفس هذا العنوان الخاص ، غاية الأمر أنه لما لم يكن لهذه ~~العناوين ضابط كلي تندرج تحته وكان جامعا ومانعا ، انتزع منها عنوان الوفاء ~~وجعل متعلقا للأمر بحسب الصورة ، وإلا فالمتعلق له حقيقة نفس تلك العناوين PageV02P352 # المتشتتة بخصوصياتها ، دون هذا الأمر الاعتباري الانتزاعي الذي هو وفاء ~~الناذر والتزامه بما ألزم به نفسه ، فقول الشارع : التزم بما ألزمت به نفسك ~~يرجع حقيقة في مسألتنا إلى قوله : تصدق بدرهم ما دام الولد حيا. # وهذا هو الحال في كل عنوان منتزع عن العناوين الخاصة المختلفة ذاتا ~~المتفقة في ملاك حكم مثل المقدمية والضدية ونحوهما ، ولأجل هذا يكون النهي ~~المتعلق بالضد بناء على اقتضاء الأمر للنهي عن الضد من باب النهي في ~~العبادة ، لا من باب اجتماع الأمر والنهي، مثلا الصلاة المزاحمة لواجب مضيق ~~كالإزالة إنما يكون تركها واجبا بعنوان كونه ترك الصلاة ، لا بعنوان ~~المقدمية ، فالنهي يتعلق بعنوان الصلاة. # فإن قلت : الغصب أيضا أمر انتزاعي ، فكيف يكون عند اجتماعه مع الصلاة من ~~باب الاجتماع وليس من باب النهي في العبادة. # قلت : نعم هو انتزاعي ، لكنه ليس منتزعا عن الأفعال والحركات الصلاتية من ~~حيث كونها كذلك ، بل منتزع من أصل الفعل وأصل الحركة الذي هو أعم من الصلاة ~~، هذا حاصل ما ذكره قدسسره . # والحق أن توهم كون هذا الاستصحاب مثبتا فاسد حتى على فرض كون الوجوب ~~متعلقا بنفس عنوان الوفاء بالنذر كما هو ظاهر الأدلة ، ووجهه ما تقدم في ~~بعض المباحث السابقة من أن وقوع العنوان الكلي موضوعا للحكم يتصور على ~~نحوين : # الأول : أن يكون بعنوان صرف الوجود ، والثاني : أن يكون بعنوان الوجود ~~الساري ، والأصل المثبت في المقام مبني على الأول دون الثاني ؛ لأنه إذا ~~وقع بعنوان الوجود الساري موضوعا للحكم ينتشر حكمه في الوجودات الخاصة ~~ويصير ms0954 كل منها موضوعا له ، فإذا قال الشارع اوف بالنذر وكان الملحوظ وجوده ~~الساري يتعلق الوجوب بالوجودات الخاصة لعنوان الوفاء ، ومن جملتها عنوان PageV02P353 # إعطاء الدرهم في فرض حياة الولد ، فيتعلق الوجوب بهذا العنوان بوجوده ~~الخاص في فرض حياة الولد ، غاية الأمر أن هذا الوجود الخاص أعني إعطاء ~~الدرهم المفروض في فرض حياة الولد ليس معروضا للوجوب بعنوان نفسه ، بل ~~بعنوان كونه مصداقا للوفاء ، وهذا لا دخل له بالواسطة بعد فرض أن الوجوب ~~مضاف إلى نفس الوجود الخاص من دون وساطة شيء آخر ، فيكون إحراز حياة الولد ~~في المقام بالاستصحاب من باب إحراز شرط الوجوب في الواجبات المشروطة ~~بالاستصحاب. # ومن هنا يعلم الحال في استصحاب حياة الزيد لإثبات وجوب إخراج نفقة زوجته ~~من ماله ، فإنه وإن كان لحياة زيد مدخل فى اتصافه بعنوان الزوج ، كما أن ~~لحياة الولد في المثال المتقدم مدخلية في اتصاف الإعطاء بعنوان الوفاء ، ~~ولكن حكم وجوب الإنفاق مترتب على نفس الزيد الحي ، لا على شيء آخر ، غاية ~~الأمر بعنوان كونه زوجا ، فالمستصحب نفس موضوع الحكم لا ملزومه. # والحاصل أنه لو اريد بالاستصحاب إحراز موضوع ثم ترتيب حكم عليه بتوسط ~~عنوان ملازم معه عقلا كان هذا من الأصل المثبت ، وأما لو رتب الشارع حكما ~~على موضوع بتوسط عنوان وكان وظيفة الاستصحاب صرف إحراز هذا الموضوع فليس ~~هذا من الأصل المثبت كما هو واضح ، وكلا المقامين من هذا القبيل. # ثم إنه ربما يتوهم كون استصحاب الخمرية أيضا من الاصول المثبتة ، فإن كان ~~وجه التوهم أن إثبات الحرمة موقوف على تطبيق عنوان الخمر على المائع ~~المشكوك فهذا واضح البطلان ؛ لأن هذا التطبيق بنفسه يكون مجرى للاستصحاب ، ~~نعم لو كان مجراه مجرد إحراز العنوان وكان تطبيقه على الموضوع الخارجي منا ~~كان أصلا مثبتا ، ولكنه أجنبي عن المقام. # وإن كان وجهه أن إثبات الحرمة موقوف على تطبيق عنوان شرب الخمر على شرب ~~هذا المائع وهو ملازم عقلى مع كونه خمرا ، وذلك لوضوح أن حرمة الخمر PageV02P354 # راجعة إلى شربه فموضوع الحرمة شربه لا نفسه ms0955 ، كما هو الحال في سائر ~~الأحكام المتعلقة بالأعيان ، ففيه أن الاستصحاب جاعل للموضوع اللاحق بمنزلة ~~الموضوع السابق ، فالحكم المترتب على الموضوع السابق يكون بعد هذا التنزيل ~~مترتبا على نفس الموضوع اللاحق ، فإذا كان الموضوع الأول هو الخمر وكان ~~الأثر حرمة الشرب فمفاد الاستصحاب إثبات هذا الأثر أعني حرمة الشرب لنفس ~~الموضوع الثاني أعني المائع المشكوك ، فكما كان حرمة الشرب مترتبا على نفس ~~الخمر فصار الحرام شرب الخمر ، فكذلك يكون بعد الاستصحاب مترتبا على نفس ~~هذا المائع ، فيصير الحرام شرب هذا المائع ، فلا بد من طرح إضافة الأثر إلى ~~الموضوع الأول وجعله مضافا إلى الموضوع الثاني ، لأن هذا معنى التنزيل. # فإن شئت قلت : إن هذا الاستصحاب يفيد التوسعة في موضوع خطاب حرمة شرب ~~الخمر ، فيكون الخطاب شاملا للخمر الواقعي والمائع المستصحب الخمرية في عرض واحد. # ومنها : استصحاب وجود ما يكون شرطا لموضوع الحكم الشرعي أو عدمه ، ووجود ~~ما يكون مانعا للموضوع وعدمه ، مثل استصحاب الطهارة أو الحدث للصلاة حيث ~~يتوهم أن جواز الدخول في المشروط والممنوع عند وجود الشرط وفقد المانع حكم ~~عقلي لا شرعي. # وفيه أن المترتب بالاستصحاب نفس الحكم الشرعي المنتزع عنه الشرطية أو ~~المانعية ، ولا يعتبر في مورد الاستصحاب أزيد من دخله في موضوع الحكم ~~الشرعي وإن لم يكن تمام الموضوع ، بل شرطه أو مانعة ، ووجه ذلك أنه لا بد ~~من الأخذ بعموم «لا تنقض» في كل مورد كان من وظيفة الشرع ، ومن شأنه الحكم ~~بحرمة نقض اليقين السابق بالشك اللاحق ، وكما أن له هذا التصرف في تمام ~~الموضوع ، له ذلك أيضا في شرطه ومانعة ، فإذا شك في الطهارة والحدث وكانت PageV02P355 # الحالة السابقة هي الطهارة فللشارع تنزيل الطهارة المشكوكة منزلة ~~الواقعية حتى يكون توسعة في موضوع حكمه بأن الصلاة مع الطهارة واجبة ، وإذا ~~كانت الحالة السابقة هي الحدث فيجور له عدم الاعتناء بالطهارة المشكوكة ، ~~فيكون ذلك تضييقا في موضوع ذاك الحكم. # وأما استصحاب وجود ما يكون شرطا لنفس التكليف أو مانعا أو عدمهما فقد ~~منعه بعض الأساتيد قدسسره ms0956 نظرا إلى أن ترتب الحكم على المقتضي الواجد الشرط ~~، الفاقد المانع ترتب عقلي من باب استحالة انفكاك المعلول عن علته ، وإن ~~كان نفس الحكم شرعيا ، والشيء ما لم يكن واقعه بيد الشرع وبجعله لا يقبل ~~تصرفه في مرحلة الظاهر وعند الشك. # أقول : لا أفهم فرقا بين شرط الموضوع ومانعة ، وبين شرط نفس التكليف ~~ومانعة ، فإن أمر الثاني أيضا بيد الشارع ، فللشارع إنشاء الإيجاب أو ~~التحريم في تقدير وجود شيء أو عدمه ، فإذا شك في وجود هذا الشيء أو عدمه ~~فله إلحاقه بالواقع مع سبق الوجود وعدم الاعتناء به مع سبق العدم ، هذا هو ~~الكلام في الشك في وجود الشرط أو المانع وعدمهما مع الفراغ عن أصل الشرطية ~~والمانعية. # وأما لو شك في بقاء شرطية شيء أو مانعيته للموضوع أو لنفس التكليف وعدم ~~بقائهما فهل يجرى استصحاب الشرطية أو المانعية أو لا؟ قد تقدم الحكم ~~بجريانه ، لكون الشرطية والمانعية مجعولتين بمنشإ انتزاعهما مثل الصحة ~~والفساد. # ومنها : ما نقل حكايته بعض الأساتيد قدسسره عن بعض معاصريه من الاستصحاب ~~في الموضوعات الخارجية بتوهم أن الحكم إنما يترتب على تلك الموضوعات ~~المستصحبة بتوسط ما ينطبق عليها من العناوين الكلية ، مثلا المائع المستصحب ~~الخمرية إنما يترتب عليه الحرمة بتوسط عنوان الخمر ، وفيه ما تقدم ذكره آنفا. PageV02P356 ### | الأمر الثامن : # لا فرق في المستصحب بين أن يكون مشكوك البقاء في جميع الأزمنة المتأخرة ~~أو في قطعة خاصة من الزمان ، فلو قطع بوجود زيد في يوم ومعلوم أنه حادث ، ~~ولكن شك في أنه حدث في هذا اليوم أو في اليوم السابق ، وكان لعدمه المطلق ~~أثر شرعي ، فلا مانع من استصحاب عدمه المفروض كونه مشكوك البقاء في اليوم الأول. # نعم لو كان لحدوث زيد في اليوم الثاني أثر شرعي فلا يجوز ترتيب هذا الأثر ~~بهذا الاستصحاب وإن كان التعبير عن هذا الأصل بأصالة تأخر الحادث موهما ~~للحكم بتأخر الحدوث ، لكن هذا إنما هو على تقدير كون الحدوث أمرا بسيطا ~~منتزعا عن العدم إلى زمان، والوجود من بعد هذا الزمان ms0957 ، كما هو الظاهر عند ~~العرف ، فإن العرف يفهم من لفظ «حادث» في العربية ، ومن لفظ «تازه» في ~~الفارسية معنى بسيطا ، لا ما لم يكن ثم كان، نظير أنه يفهم من لفظ «ضارب» ~~في العربية ، ولفظ «زننده» في الفارسية معنى بسيطا لا ذاتا ثبت له الضرب. # وكذلك الحال لو قلنا بأن الحدوث عبارة عن المعنى المقيد الذي هو الوجود ~~المسبوق بالعدم بخصوصية كونه كذلك ، فإن استصحاب العدم لا يثبت التقيد إلا ~~أن يقال بأن الواسطة خفية. # وأما إن قلنا بأنه عبارة عن المعنى المركب الذي هو نفس العدم إلى زمان ، ~~والوجود من بعد هذا الزمان ، فلا إشكال في إحرازه باستصحاب العدم إلى زمان ~~مع كون الوجود من بعد هذا الزمان محرزا بالوجدان ، كما هو واضح ، هذا كله ~~فيما إذا لوحظ تأخر الحادث بالقياس إلى الأجزاء السابقة من الزمان. # وأما لو لوحظ بالقياس إلى حادث آخر بأن كان هناك حادثان وشك في المتقدم ~~والمتأخر منهما ، كما في الماء الذي لم يكن فيه الكرية والنجاسة في PageV02P357 # الساعة الاولى من النهار ، ثم وجد فيه الكرية والنجاسة في الساعة الثالثة ~~ولم يعلم أن أيهما حدث في الساعة الثانية وأيهما في الثالثة ، فموارد ~~الحاجة إلى الأصل ينحصر في ثلاث صور، الجهل بتاريخ كلا الحادثين ، والجهل ~~بتاريخ هذا مع العلم بتاريخ ذاك ، والعكس. # وحاصل الكلام أنه لا إشكال في شيء من هذه الصور فيما إذا كان الأثر ~~الشرعي للوجود الخاص أعني وجود كل منهما في ما قبل الآخر أو في ما بعده ~~بنحو مفاد كان التامة ؛ فإن هذا الوجود الخاص لا إشكال في عدم إمكان إثباته ~~بأصالة عدم كل منهما في زمان الآخر ، وأنه يكون مسبوقا بالعدم مطلقا حتى في ~~معلوم التاريخ ، فإن العلم بأصل تحققه لا يمنع عن الشك في خصوصية وجوده ، ~~كيف وأصل التحقق في مجهول التاريخ أيضا معلوم ، فأصالة عدم هذا الوجود ~~الخاص جارية في كل من الحادثين ، وتكون معارضة بأصالة عدمه في الحادث الآخر ~~من غير فرق في ذلك بين جميع الصور الثلاثة ms0958. # إنما الكلام والإشكال في ما إذا كان الأثر لعدم كل منهما في ظرف الوجود ~~المفروغ عنه للآخر على نحو مفاد كان الناقصة ، كما إذا كان الأثر لوجود ~~الملاقاة إذا كان في زمان عدم الكرية ، فإنه يشكل حينئذ في الاستصحاب في ~~جميع الصور بملاحظة أنه لا بد من وجود الحالة السابقة للعدم في ظرف الوجود ~~المفروغ عنه ، مثلا وجود الملاقاة المفروغ عنها لا بد من كونها في السابق ~~في زمان عدم الكرية حتى يستصحب ذلك في اللاحق ، والحال أنه لم يعلم في شيء ~~من الأزمنة السابقة كون الملاقاة في زمان عدم الكرية بل يحتمل كونها في ~~زمان عدم الكرية ، وكونها في زمان وجود الكرية. # ولكن يمكن أن يقال : إنه إنما يلزم ذلك لو جعل مجرى الاستصحاب أن ~~الملاقاة كانت في زمان عدم الكرية الذي هو مفاد كان الناقصة ، ولكن لنا ~~إجرائه في نفس العدم الذي هو مفاد ليس التامة ، ثم جر هذا العدم إلى زمان ~~وجود الملاقاة المفروغ عنه ، فيصير أحد الجزءين وهو وجود الملاقاة في زمان ~~خاص محرزا بالوجدان ، PageV02P358 # ونفس العدم في هذا الزمان محرزا بالأصل. # فإن قلت : إن استصحاب العدم الأزلي إلى زمان وجود الملاقاة ، ثم حمله على ~~الملاقاة الموجودة داخل في الأصل المثبت. # قلت : لا معنى لحمل عدم الكرية على الملاقاة ، وإنما المتصور حمل كل ~~منهما على الماء ، نعم لا بد من اتصال زمان الحملين واتحاده ، وكل ذلك حاصل ~~بلا محذور ، فإنه يقال : إن هذا الماء لم يكن في السابق كرا ، فالأصل بقائه ~~على عدم الكرية في الحال ، والمفروض أن الملاقاة فيما إذا علم تاريخها ~~حاصلة في الحال أيضا ، فيتحصل من ذلك أن هذا ماء لاقى نجسا وكان ملاقاته في ~~حال عدم كونه كرا. # ألا ترى عدم الإشكال في استصحاب عدم الكرية في الماء الذي لاقاه النجس ~~وكان مشكوك الكرية والقلة مع سبق الكرية؟ ، وكذلك الحال في استصحاب حياة ~~الوارث في ما إذا شك في حياته وموته في حال موت المورث ، فيتحقق بذلك أن ~~موت المورث يكون في ms0959 حال حياة الوارث على نحو مفاد كان الناقصة. # نعم هنا إشكال آخر في خصوص صورة الجهل بالتاريخين ، وهو أنه ذهب شيخنا ~~المرتضى في هذه الصورة إلى أن أصالة العدم في ظرف الوجود المفروغ عنه جارية ~~في كل من الطرفين ، فيتساقطان بالتعارض. # والحق أنه لا مورد للاستصحاب حينئذ حتى يفرض التعارض ، ووجهه أنا إذا ~~قطعنا بوجود الكرية والملاقاة في زمان بحيث احتملنا حدوث كل منهما في هذا ~~الزمان وفي ما قبله ، فاستصحاب عدم الكرية مثلا وإن كان يمكن إجرائه إلى ~~الجزء المتصل بهذا الزمان ، لكن كون هذا الجزء زمان الملاقاة غير محرز ، ~~والمفروض أن الموضوع هو عدم الكرية في زمان الملاقاة ، وذلك لاحتمال حدوث ~~الملاقاة في الزمان المتأخر عن هذا الجزء الذي هو زمان القطع بوجود ~~الملاقاة والكرية. # وأما نفس زمان القطع فوجود الملاقاة وإن كان فيه محرزا ، ولكن لا يمكن PageV02P359 # إجراء استصحاب عدم الكرية إلى هذا الزمان ؛ لأن نقض عدم الكرية بوجودها ~~في هذا الزمان يكون من باب نقض اليقين باليقين لا بالشك ، وهذا بخلاف الحال ~~في ما إذا كان زمان الملاقاة معلوما ، فإن استصحاب عدم الكرية إلى هذا ~~الزمان لا مانع عنه ، لكون وجود الكرية فيه مشكوكا. # والعجب من بعض الأساتيد قدسسره في حاشيته على الرسائل ، حيث إنه لم يفرق ~~بين الجهل بالتاريخين والعلم بأحدهما في شيء من الصورتين ، أما في صورة كون ~~الموضوع هو الوجود الخاص فلما مر ، وأما في صورة كونه هو العدم في زمان ~~الوجود المفروغ عنه ، فلعدم الحالة السابقة لهذا العدم في فرض الفراغ عن ~~الوجود ، فلا يجرى الاستصحاب في شيء من الصور على هذا التقدير ، كما أنه ~~يجري ويسقط بالمعارضة في تمامها على التقدير الأول. # وما ذكره في الصورة الثانية مخدوش بما عرفت من أن إحراز العدم في زمان ~~الوجود المفروغ عنه بالاستصحاب يمكن بنحوين ، الأول : أن يكون هذا بتمامه ~~موردا للاستصحاب ، وهذا يتوقف على وجود الحالة السابقة للعدم في فرض الفراغ ~~عن الوجود ، والثاني : استصحاب نفس العدم وجره إلى زمان الوجود المفروغ عنه ms0960. # وقد عدل عن هذا في الكفاية إلى ما حاصله أنه لا مورد للاستصحاب في صورة ~~الجهل بالتاريخين ، ووجهه أنا إذا قطعنا بوجود الملاقاة والكرية في الساعة ~~الاولي من النهار ، وعلمنا بحدوث أحدهما لا على التعيين في الساعة الثانية ~~، والآخر في الثالثة ، فاستصحاب عدم الكرية مثلا إلى زمان الملاقاة الذي هو ~~زمان الشك حسب ما فرض من مقايسة أحد الحادثين إلى زمان الحادث الآخر غير ~~جار ؛ لعدم إحراز اتصال زمان اليقين بزمان الشك ؛ لاحتمال كون زمان ~~الملاقاة الذي هو زمان الشك هو الساعة الثالثة ، وهي منفصلة عن زمان اليقين ~~الذي هو الساعة الاولي ، وهذا بخلاف ما إذا كان الملاقة معلوما ، فإن ~~استصحاب عدم الكرية إلى هذا الزمان جار ؛ لاتصال زمان اليقين بزمان الشك. PageV02P360 ### | الأمر التاسع : فى استصحاب حكم الخاص (1) # لا شبهة في أن جريان الاستصحاب مخصوص بما إذا لم يكن في البين عموم أو ~~إطلاق يرفع الشك نفيا أو إثباتا ، فإن الحاجة إلى الأصل إنما هي بعد اليأس ~~عن الدليل ، فلا يرجع إليه مع وجود الدليل ، وإنما الكلام في بعض الموارد ~~في أنه موضع الرجوع إلى العام ، أو موضع الاستصحاب ، وهو ما إذا كان في ~~البين عموم استغراقي ، وخرج منه فرد في زمان ، فشك في حكم هذا الفرد في ما ~~بعد هذا الزمان ، كما إذا ورد : أكرم العلماء ، وخرج منه زيد العالم في يوم ~~الجمعة ، فشك في وجوب إكرامه وعدمه في يوم السبت ، فهل يرجع فيه إلى عموم ~~العام أو إلى استصحاب حكم الخاص؟. # تحرير الكلام في المقام أن يقال : إن العموم الأزماني تارة يلاحظ على وجه ~~العموم الاستغراقي ، فيفرض الزمان متعددا بتعدد أجزائه ، فيفرض كل جزء منه ~~موضوعا مستقلا ، وهذا على قسمين ، الأول : أن يلاحظ تلك الأجزاء الملحوظ ~~على وجه الاستقلال في عرض أفراد العموم الأفرادي ، فيصير كل فردا فردا بعدد ~~تلك الأجزاء ، فيكون مفاد قوله : أكرم العلماء كل يوم على هذا ، أكرم زيدا ~~الكائن في يوم الجمعة وزيدا الكائن في يوم السبت ، وهكذا بالنسبة إلى سائر ~~الأفراد وسائر الأزمان ms0961 ، وحينئذ يكون الزمان قيدا مفردا مكثرا لأفراد ~~الموضوع. # والثاني : أن يلاحظ تلك الأجزاء في طول أفراد العموم الأفرادي وظرفا ~~للحكم ، فيكون مفاد قوله : أكرم العلماء كل يوم ، على هذا : أكرم زيدا كل ~~يوم وعمروا كل يوم ، وهكذا بالنسبة إلى سائر الأفراد ، فالزيد على هذا فرد ~~واحد في تمام الأيام. PageV02P361 # فالقضية في الصورة الاولى مشتملة على عموم واحد أفرادى ، وفي الصورة ~~الثانية على عمومين ، أحدهما أفرادى والآخر أزماني ، والثاني في طول الأول ~~، وكيف كان فلا إشكال في الرجوع إلى العموم في كلتا الصورتين فيما إذا خرج ~~فرد في زمان وشك فيه فيما بعد هذا الزمان ، نعم لو سقط العموم عن الاستدلال ~~بجهة من الجهات قال شيخنا المرتضى : لا مورد للاستصحاب ؛ لأنه إسراء الحكم ~~من موضوع إلى موضوع آخر. # وفيه أولا عدم تماميته في الصورة الثانية ؛ لما فرضنا من أن وحدة الموضوع ~~لا ينثلم بتعدد الأزمان ، وثانيا أن المعيار في موضوع هذا الاستصحاب ملاحظة ~~دليل الخاص لا العام ، فإن اخذ الزمان في دليل الخاص على الوجه الأول لا ~~يجوز الاستصحاب سواء اخذ في دليل العام على الوجه الأول أم الثاني ، وإن ~~اخذ في دليل الخاص على الوجه الثاني يجوز الاستصحاب من غير فرق بينهما أيضا ~~، هذا كله لو بنينا في موضوع الاستصحاب على الموضوع الدليلى. # ولو بنينا على الموضوع العرفي كما هو الحق ، فيمكن إحراز وحدته عرفا ولو ~~في ما إذا اخذ الزمان قيدا مفردا في كل من العام والخاص كما هو واضح. # واخرى يلاحظ العموم الزماني على وجه الاستمرار ، فيفرض الزمان شيئا واحدا ~~مستمرا ، وهذا في القضايا التي لم يتعرض فيها للزمان رأسا ، كما في «أوفوا ~~بالعقود» فإنه إما أن يحمل هذا القضايا على إرادة زمان ما ، وهو غير مراد ~~قطعا ؛ للزوم اللغوية ، وإما أن يحمل على زمان معين ويدفعه مقدمات الحكمة ، ~~وحيث إن الزمان بحسب طبعه أمر واحد مستمر وإنما يتقطع ويتجزى بسبب فرض ~~الفارض ، فلهذا ينزل الإطلاق بدليل الحكمة على الاستمرار دون الاستغراق ؛ ~~لأن الاستغراق هو المحتاج إلى المئونة ms0962 دون الاستمرار. # وقد يصرح بهذا المعنى أي الاستمرار في اللفظ كما يقال : أكرم العلماء ~~دائما ، وكيف كان فقد يقال في هذه الصورة أيضا بتعين الرجوع إلى العموم ~~بتقريب أن معيار الرجوع إلى العموم هو الظهور اللفظي ودخول مورد الشك تحت مدلول PageV02P362 # اللفظ بنظره اللفظي ، وهذا معنى أصالة عدم التخصيص وأصالة الإطلاق وأصالة ~~الحقيقة ، ولا شبهة أن العام في هذه الصورة ناظر إلى جميع الأوقات ، غاية ~~الأمر بنظر وحدانى لا بلحاظات عديدة ، ولا يفرق الحال في التمسك لمورد الشك ~~بالعموم بين كونه ملحوظا بالاستقلال أو بالتبع ، ومجرد عدم لزوم زيادة ~~التخصيص من خروجه في الثاني دون الأول لا يوجب عدم التمسك في الثاني. # ألا ترى أنه لو قيل : أكرم مجموع العلماء فخرج البعض نتمسك للبعض الآخر ~~بهذا العموم ، مع عدم كونه ملحوظا بالاستقلال ، بل بالتبع وفي ضمن المجموع ~~، وأيضا نقول : الأصل عدم خروج الزائد عن القدر المعلوم وإن كان هذا الزائد ~~على تقدير خروجه خارجا مع القدر المعلوم بعنوان واحد ؛ إذ لا يفرق في جريان ~~هذا الأصل بين كيفيات الخروج وأنه كان بإخراج واحد أو بإخراجين كان الخارج ~~ملحوظا بالاستقلال أو بالتبع ، بل المعيار في جريانه كون الخارج قليلا أو كثيرا. # والحق هو الرجوع إلى الاستصحاب وفاقا لمؤسسة شيخنا المرتضى والأساتيد من ~~بعده، وتقريبه أنه قد يلاحظ الزمان في العموم ويفرض له الأجزاء ويلاحظ ~~أجزائه في عرض واحد ، وهذا على ثلاثة أنحاء. # الأول : أن يلاحظ تلك الأجزاء على وجه العموم الاستغراقي وكانت مفردة ~~لأفراد العموم الأفرادي ، والثاني : أن يلاحظ على وجه العموم الاستغراقي ~~وكانت ظرفا للحكم ، والثالث : أن يلاحظ على وجه العموم المجموعي ، ولا ~~إشكال في الرجوع إلى العموم في الأولين ، وكذا في الثالث ؛ إذ لو خرج واحد ~~من الأجزاء ينصرف المجموع إلى الباقي ، والفرق بينه وبين الأولين أن كل جزء ~~ملحوظ فيه بالتبع ، وفيهما بالاستقلال. # وقد لا يلاحظ المتكلم الزمان أصلا ، بل فعله جعل حكم على موضوع ذي أفراد ~~، غاية الأمر نستكشف بمقدمات الحكمة أن ما أفاده لفظة تمام مقصوده ms0963 ، مثلا ~~لو قال : أكرم الرجل ، نقول بمقدمات الحكمة : إنه لا دخل في مطلبه إلا ~~لإكرام الرجل فينتشر قهرا بين الأسود والأبيض والزيد والعمرو والقصير ~~والطويل ، و PageV02P363 # غير ذلك ، لا أن المتكلم لاحظ العموم بالنسبة إلى هذه الحالات والأفراد ، ~~فالحاصل من قبله ليس إلا عدم لحاظ القيد ، فينتج ذلك في بعض المقامات ~~العموم البدلي كما في المثال ، وفي بعضها العموم الاستغراقي في أحل الله ~~البيع ، وفي ما نحن فيه شيئا آخر. # بيانه أن العموم الأفرادي هنا محفوظ بالفرض ، فيشمل لفظ العلماء في قوله ~~: أكرم العلماء ، زيدا ، فيتعلق به حكم وجوب الإكرام ، وحيث إن الزيد أمر ~~واحد ذو بقاء ، والزمان أيضا أمر واحد ذو بقاء ، فإذا لم يلاحظ المتكلم سوى ~~جعل العلاقة بين وجوب الإكرام وبين الزيد فلازمه قهرا استمرار الوجوب ~~باستمرار الزيد واستمرار الزمان ، وليس في هذا ملاحظة أجزاء الزمان أصلا لا ~~تبعا ولا استقلالا ، والاستمرار أمر وحداني ذو امتداد وطول ، فاذا ارتفعت ~~العلاقة المذكورة في زمان ارتفع هذا المعنى الوحداني الذي هو الاستمرار من ~~البين ، ووجود الحكم في الزمان الثاني ليس محققا للاستمرار أمر وحداني ذو ~~امتداد وطول ، فإذا ارتفعت العلاقة المذكورة في زمان ارتفع هذا المعنى ~~الوحداني الذي هو الاستمرار من البين ، ووجود الحكم في الزمان الثاني ليس ~~محققا للاستمرار ، بل لحدوث العلاقة وتجددها ، وهذا معنى عدم زيادة التخصيص ~~ونقصانه بوجود الحكم في الزمان الثاني وعدمه. # وهكذا الكلام في ما إذا قال : أكرم العلماء دائما إذا لم يكن الملحوظ ~~مجموع الأزمنة بحيث كانت الأجزاء ملحوظة في عرض واحد بلحاظ واحد ، بل كان ~~الملحوظ هو المعنى الوحداني الطولاني الذي هو الاستمرار والدوام ، ونظير ~~البقاء والاستمرار هنا البقاء والاستمرار في باب الاستصحاب ، حيث إنه لو ~~انقطع بحدوث اليقين لا يعود بعد ذلك بعود الشك. # ثم إن بعض أساطين العصر حمل كلام شيخنا المرتضى قدسسره في هذا المقام على ~~كون الاستمرار قيدا للفعل ، بمعنى أن الواجب أمر واحد مستمر ، مثل إكرام ~~زيد مستمرا ، فليس في البين إلا طاعة واحدة ومعصية واحدة ، وهذا ms0964 خطاء ، PageV02P364 # بل مراده قدسسره كون الاستمرار وصفا للوجوب ، فإكرام زيد واجب مستمرا ~~بمعنى أن وجوب الإكرام يلازمه ولا ينفك عنه ، فكل زمان كان الزيد موجودا ~~فمقتضى الوجوب الملازم له كون إكرامه في هذا الزمان موردا للإطاعة والمعصية ~~، والحاصل أن المراد استمرار الوجوب ، لا وجوب الاستمرار ، كما أن هذا هو ~~الحال في البقاء في باب الاستصحاب. # وليعلم أن ما ذكرنا من الرجوع إلى الاستصحاب إنما هو في ما إذا لم يكن ~~خروج الفرد في زمان من باب تغيير العنوان ، وإلا فلا إشكال في أنه لو عاد ~~إلى العنوان الأول لا يستصحب حكم العنوان الثاني ، بل يرجع إلى حكم العنوان ~~الأول ، فلو صار الحاضر مسافرا ثم صار حاضرا لا يستصحب حكم المسافر ، بل ~~يرجع إلى حكم الحاضر ، فالاستصحاب مخصوص بما إذا كان المتحقق مجرد إخراج ~~الفرد في زمان كإخراج زيد يوم الجمعة من دون أن يكون في البين تصنيف ~~الموضوع إلى عنوانين. # بقي هنا شيء ينبغي التنبيه عليه ، وهو أنه قد قلنا : إن المتكلم لا يلاحظ ~~الزمان أصلا ، لا بفرض الأجزاء له وملاحظة كل واحد على وجه الاستقلال إما ~~بنحو التفريد وإما بنحو الظرفية ، ولا بفرض الأجزاء له وملاحظة المجموع ~~بلحاظ واحد حتى يكون كل واحد ملحوظا بالتبع ، بل ولا بنحو الاستمرار ، ~~وإنما يتكلم بقضية كلية ومفادها ليس بأزيد من استيعاب الحكم لجميع الأفراد ~~، وهذا يتحقق بثبوته في كل فرد في زمان ما ولا يستدعي الاستمرار ، ومقدمات ~~الحكمة لا تفيد لحاظ المتكلم للإطلاق ، فإن وجه الأخذ بالإطلاق في قبال ~~التقييد كونه أخف مئونة من التقييد ، فإذا كان هو أيضا محتاجا إلى اللحاظ ~~كان كالتقييد ، بل مفادها عدم لحاظ غير مؤدى اللفظ وأن ما أعطاه المتكلم ~~لفظا فغيره غير دخيل لبا ، فإذا كان ما في الواقع واللب منحصرا في جعل وجوب ~~الإكرام في كل فرد من العالم فمعناه عدم مدخلية زمان خاص ، وحيث ان زمانا ~~ما أيضا يوجب اللغوية فلازم ذلك أن يدوم الحكم بدوام الفرد ، لا أن المتكلم ~~لاحظ الدوام. PageV02P365 # ثم الدوام ms0965 المستفاد من المقدمات أمر وحداني ، فكما أن الفرد أمر وحداني ~~ولا يصير بدوامه أفرادا متعددة ، كذلك الحكم اللاصق به بتلك المقدمات أيضا ~~أمر وحدانى ، ولا يصير بالدوام أحكاما عديدة وإن كان مع ذلك يقتضي امتثالات ~~عديدة ، وقد تقدم تصويره. # ثم قلنا : إنه بعد تمام هذه الشروط لا بد من ملاحظة المخصص ، فإن كان ~~مفيدا لتقييد العام بغير عنوانه كما في «لا تكرم فساق العلماء» حيث يوجب ~~تقييد إكرام العلماء بغير الفساق يتعين العمل بالعام في ما بعد انقضاء زمن ~~الخاص ، فلو صار الفرد مصداقا لغير الفاسق ثم صار في زمان مصداقا للفاسق ، ~~ثم خرج عنه في ما بعد هذا الزمان وصار مصداقا لغير الفاسق يلحقه في كل زمان ~~حكم ما كان مصداقا له ، وإن كان مفيدا لمحض التخصيص من دون إعطاء عنوان ~~أصلا ، كما لو قام الإجماع في يوم الجمعة على عدم وجوب إكرام زيد وكان ~~المتيقن منه هذا اليوم فها هنا يرجع بعد انقضاء زمن الخاص إلى استصحاب حكمه. # وعلى هذا فربما يخدش في ما يقال في هذا المقام من التفصيل بين منقطع ~~الأول أو الآخر ، وبين منقطع الوسط بالعمل بالعام في الأولين ، وبالاستصحاب ~~في الأخير. # فيقال : إن كان وجه العمل بالعموم في الأولين إرجاع التخصيص إلى تقييد ~~العام ثم إجراء أصالة عدم زيادة التقييد كما إذا قيل بانقسام العقد مثلا ~~إلى الكائن في المجلس وغير الكائن فيه فلا بد أن يقال بمثله في منقطع الوسط ~~، فيقال : إن العقد مثلا منقسم إلى الكائن في أول أزمنة الاطلاع على الغبن ~~وغير الكائن فيه. # وإن لم يكن وجه العمل هو التقييد فنقول : هنا ظهوران ، ظهور العام في ~~شمول هذا الفرد الذي خرج في أول زمان وجوده أو في آخره ، وظهور الإطلاق ~~الحاصل من المقدمات في ملازمة الحكم لهذا الفرد ، وعدم انفكاكه عنه من أول ~~زمان وجوده إلى آخر عمره ، ولا يخفي عدم إمكان حفظ الظهورين معا ، وحينئذ ~~فإن رفعنا اليد عن PageV02P366 # الأول وقلنا : هذا الفرد خارج عن العموم رأسا ، أو رفعنا ms0966 اليد عن الثاني ~~وقلنا : إنه داخل في العموم ولكن الاستمرار الذي أفاده مقدمات الحكمة قد ~~انكشف خلافه في خصوص هذا الفرد ، فليس أحدهما بأولى من الآخر ؛ لظهور أن ~~الأول أيضا ليس فيه إلا مخالفة ظهور واحد. # ولو سلمنا ترجيح الظهور الأول على الثاني لكونه لفظيا والثاني إطلاقيا ، ~~لكن نقول : ما المانع عن الاستصحاب هنا ، فإن كان هو ظهور العموم في شمول ~~هذا الفرد فقد عرفت عدم استدعائه للاستمرار ، وصدقه بثبوت الحكم في الفرد ~~في زمان ما ولو في أواخر أزمنة وجوده ، وإن كان هو الظهور الحاصل من ~~المقدمات فقد عرفت أنه دلالة واحدة ومدلول واحد وهو الاستمرار من أول وجود ~~الفرد إلى آخر عمره ، وهو مقطوع الخلاف ، ولا يفرق الحال بعد ارتفاع ذلك ~~بين ثبوت الاستمرار في بعض أزمنة الوجود وعدمه. # فإن قلت : ثبوته في بعض الأزمنة مقتضى المقدمات. # قلت : فيلزم النظر إلى قطعات الزمان ووجود الدلالات العديدة على حسبها ، ~~وهو خلاف الفرض مع أنه إن قلت بذلك فلم لا تقول به في منقطع الوسط؟. # ويمكن دفع الخدشة بأن مفاد المقدمات هو عدم انفكاك الحكم عن الفرد مهما ~~أمكن ، فإن أمكن فمن أول أزمنة وجوده ، وإلا فمن الثاني ، وإلا فمن الثالث ~~وهكذا ، وليس مفادها تعيين المبدا في شيء منها ، وإنما يتعين في واحد منها ~~بواسطة وجود الدليل المخالف وعدمه ، ولا إشكال أن مقتضى ذلك هو الاقتصار ~~على القدر المتيقن من دليل الخاص إذا كان في أول ازمنة الوجود أو في ~~أواخرها ، والرجوع في غيره إلى مقتضى المقدمات من دون حاجة إلى إثبات ~~دلالتين لها ، وهذا بخلاف ما إذا كان دليل الخاص في الأثناء ، فإنه ينقطع ~~بذلك نظام الاستمرار ، فإثبات الحكم بعده يحتاج إلى دلالة اخرى. # فإن قلت : لم لا تجعل مبدأ الاستمرار في منقطع الوسط ما بعد زمن المخصص ، PageV02P367 # وتجعله أول زمان الوجود؟ # قلت : وجهه أن جعل المبدا في ما بعد زمن المخصص يحتاج إلى لحاظ مستقل ، ~~وجعله في أول الوجود لا يحتاج إليه. # فإن قلت : هذا مسلم فيما إذا ms0967 كان الفرد من أول وجوده داخلا ، وأما لو علم ~~بخروجه من أول وجوده فينكشف خطاء ما فهمناه من المقدمات من عدم دخل شيء آخر ~~، فيتبين أن لشيء آخر أيضا دخلا ، وبعد ذلك فإثبات غير ما فهمناه يحتاج إلى ~~دلالة اخرى ، هذا حال الإطلاق ، وأما العموم الأفرادي فقد عرفت عدم ~~استدعائه إلا الدخول في زمان ما ولو في آخر أزمنة الوجود. # قلت : هذا تفكيك وتقطيع قهري حاصل من وجود المقيد في بعض من الزمان ، ~~وليس من مفاد المقدمات حتى يكون من باب تعدد اللحاظ. # فإن قلت : سلمنا ، ولكن إجراء الإطلاق فرع شمول العموم ، والمفروض عدم ~~دلالة العموم على تعيين زمان الدخول في هذا الزمان ، فيمكن أن يكون شمول ~~العموم في زمان ما من آخر أزمنة الوجود ، فلا يبقى للمقدمات محل. # قلت : الفرد غير خارج عن العموم ، وإنما يخرج عن العموم لو انتفى عنه ~~الحكم في جميع أزمنة وجوده ، وحينئذ فالظهور الإطلاقي لو سقط عن الحجية ~~بالنسبة إلى الزمان الأول لوجود المقيد ، فحجيته بالنسبة إلى الزمان الثاني ~~محفوظة ، وذلك لما تقرر في محله من أن المطلق المقيد بمقيد منفصل حجة في ~~الباقي. # فإن قلت : فلم لا تقول بذلك أعني حجية الظهور الإطلاقي بالنسبة إلى ما ~~بعد زمان المقيد في منقطع الوسط؟. # قلت : الوجه أنه قد سبق الحكم بالاستمرار هناك ولم يسبق الحكم به بعد هنا. # فإن قلت : فما المعين لمبدا الاستمرار في هذا الزمان الذي يكون بعد ~~المقيد الواقع في أول الوجود ، مع أنه ليس في العموم الأفرادي ولا في ~~المقدمات دلالة على تعيين المبدا. # قلت : المعين عدم وجود المقيد فيه. PageV02P368 ### | ذيل الأمر الثامن (1) # قد تقدم حكم الحادثين غير المعلوم سابقهما ولا حقهما بالنسبة إلى استصحاب ~~العدم الأزلي بكلا قسميه ، أعني ما كان بالقياس إلى الأجزاء السابقة من ~~الزمان وما كان بالقياس إلى زمان الحادث الآخر ، وبقي الكلام فيهما من حيث ~~استصحاب البقاء فيما إذا كانا متضادين وكان وجود أحدهما رافعا للآخر ، فإنه ~~يشك حينئذ في بقاء كل منهما في الزمان الثالث ms0968 ، كما لو علم بحدوث واحد من ~~الطهارة والحدث لا على التعيين في زمان ، وبحدوث الآخر في الزمان الثاني ؛ ~~فإنه يقطع في الزمان الثالث بحدوث كل واحد من الحدث والطهارة سابقا على هذا ~~الزمان مرددا بين الزمانين ، ويشك في بقائه في نفس هذا الزمان. # فهل يجري استصحاب البقاء في كل منهما ويتعارضان ، أو لا يجري الاستصحاب ~~أصلا؟ قد يقال بعدم الجريان من جهة عدم إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين ~~؛ لأن كلا من الطهارة والحدث في المثال لو كان حادثا في الزمان الأول ~~فالزمان الثاني فاصل بين زمان يقينه الذي هو الزمان الأول ، وزمان شكه الذي ~~هو الزمان الثالث. # ويقال في وجه اعتبار إحراز الاتصال بأنه مع القطع بانفصال زمان الشك عن ~~زمان اليقين بزمان اليقين بالخلاف ، فالمقام بالنسبة إلى اليقين الأول يكون من PageV02P369 # موارد «انقض» ، لا من موارد «لا تنقض» كما هو واضح ، فمع الشك وتردد ~~الأمر بين الاتصال والانفصال يكون المقام من باب الشبهة المصداقية لحكم ~~انقض ولا تنقض. # أقول : يمكن تقريب عدم الجريان بوجه أوضح وهو أنا لو علمنا بحدوث الأخير ~~من الطهارة والحدث في أول الزوال ، فنفس هذا الزمان يكون زمان اليقين بكل ~~من الطهارة والحدث ، ولا يقين بهما معا في السابق على هذا الآن ؛ إذ يكون ~~الأمر في كل منهما مرددا بين الحدوث في هذا الآن والارتفاع فيه. # وأما الآن الثاني بعد هذا الزمان فاليقين السابق والشك اللاحق وإن كانا ~~حاصلين فيه بالنسبة إلى كل من الطهارة والحدث ، ولكن الشك في هذا الآن ~~متعلق ببقاء كل منهما في هذا الآن وعدمه من الآن الأول ، ولا يحتمل ارتفاع ~~شيء منهما في هذا الآن ، ويعتبر في صدق لا تنقض اليقين بالشك أن يكون زمان ~~الشك محلا لاحتمال بقاء المستصحب وارتفاعه ، لا لبقائه وعدمه من السابق. # وبعبارة اخرى : لا بد أن يكون زمان الشك زمانا صالحا لأن يضاف إلى الوجود ~~المعلوم للمستصحب ، لا أن يعين محل الوجود المعلوم للمستصحب في قطعة خاصة ~~من الزمان ، والمقام من قبيل الثاني ، فوجود ms0969 كل من الطهارة والحدث في الآن ~~الثاني بعد الزوال مقطوع في آنين ، وبقاء كل منهما مقطوع في آن واحد ، ~~والاستصحاب يعين آن بقائهما المعلوم في الآن الثاني بعد الزوال ، لا أن ~~يضيفه إلى آن بقائهما المعلوم ، فإن آن أول الزوال مقطوع كونه آن الحدوث لا ~~آن البقاء. # وبعبارة ثالثة : لو فرض بدل التشريع تكوين بقاء كل منهما في الزمان ~~الثاني من الزوال فمن الواضح عدم إمكانه. # * * * PageV02P370 ### | الأمر العاشر (1) # يعتبر في جريان الاستصحاب أمران : # الأول : بقاء الموضوع ، والمراد به اتحاد الموضوع في القضية المتيقنة ~~والمشكوكة حتى يتحقق اتحاد متعلق اليقين والشك المستفاد من أدلة الاستصحاب ~~، وهذا لا إشكال فيه ، وإنما الإشكال في أنه يعتبر إحراز الوجود الخارجي ~~للموضوع أو لا؟. # التحقيق أن موضوعا ومحمولا واحدين كالزيد والقيام يمكن تركيب القضايا ~~المختلفة منهما ، ويختلف الحال بحسب جعل كل واحد منها موضوعا للحكم. # الأول : أن تركب القضية على نحو مفاد كان التامة كأن يقال : قيام زيد متى ~~تحقق يجب صلاة ركعتين ، أو ربط القيام بزيد متى تحقق فافعل كذا ، والثاني : ~~أن تركب على نحو مفاد كان الناقصة كأن يقال : زيد إن كان قائما فصل ركعتين ~~، والثالث : أن يركب السالبة على نحو يلائم مع وجود الموضوع وانتفائه كأن ~~يقال : إذا كان ليس زيد بقائم فصل ركعتين ، والرابع : أن تركب السالبة على ~~نحو كان الموضوع مفروغ الوجود ، كأن يقال : إذا كان زيد ليس بقائم فصل ~~ركعتين ، والاختلاف بين هذه وسابقتها في عقد الوضع ، حيث إنه يلاحظ الموضوع ~~بعناية الوجود في الثاني ، ويلاحظ بلا عناية الوجود في الاولى. # فإن قلت : اعتبار الوجود في الموضوع لا بد منه في كل قضية ، حيث إن ثبوت ~~شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له. # قلت : فرق بين اعتبار الوجود في الموضوع ، وبين فرض مفروغية الوجود ~~الخارجي له ، والثاني أكثر مئونة من الأول ، والذي يعتبر في كل قضية هو ~~الأول ، و PageV02P371 # ما يخص به السالبة في القسم الثاني هو الثاني ، فكما أن الموجبة لا بد ~~فيها من وجود زيد مثلا حتى يحمل ms0970 عليه القيام ، فكذا في السالبة في القسم ~~الثاني أيضا لا بد من وجود زيد حتى يرفع عنه القيام. # لا إشكال في القسم الأول ، فإن الموضوع فيه ماهية القيام وماهية الزيد ~~القابلتان للاتصاف بالوجود والعدم ، وهذا المعنى كما يتوقف القطع به على ~~القطع بوجود طرفيه ، يتحقق الشك فيه بالشك في وجود أحد طرفيه ، فمع الشك في ~~وجود زيد لا تختلف القضية المتيقنة والمشكوكة ، إذ يصدق أن قيام زيد كان ~~معلوما في السابق وصار مشكوكا في اللاحق. # وكذا الكلام في القسم الثالث ؛ فإن قضية «ليس زيد بقائم» لم يعتبر فيها ~~إلا ماهية الزيد وماهية القيام ، فيصدق مع الشك في وجود زيد ، بل ومع القطع ~~بعدمه ، فلو قطع بهذه القضية في زمان وشك فيها في الزمان الثاني من جهة ~~الشك في وجود زيد ، كما لو قطع بأنه لو كان موجودا يكون قائما ، كان ~~الاستصحاب جاريا ؛ لاتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة. # إنما الكلام والإشكال في القسم الثاني والرابع ، حيث لوحظ مفروغية الوجود ~~الخارجي للموضوع فيهما ، فصريح شيخنا المرتضى قدسسره اعتبار إحراز وجود ~~الموضوع في الاستصحاب، وصريح بعض الأساتيد قدسسره العدم ، نظرا إلى أن الشك ~~في ثبوت النسبة بين الأمرين الخارجيين كما قد يكون من جهة الشك في المحمول ~~، فقد يكون من جهة الشك في الموضوع ، والشك في الموضوع لا ينافي إحرازه ~~المعتبر في باب الاستصحاب ، فإن المراد بإحرازه في هذا الباب انسحاب ~~المستصحب إلى عين المعروض الذي كان معروضا له في السابق وهذا المعنى متحقق ~~مع الشك في وجود زيد ، فإن الشك إنما وقع في القيام أو عدم القيام لزيد ~~الذي هو الشخص الذي كنا على يقين من قيامه أو عدم قيامه في السابق ، وإنما ~~لم يحرز الموضوع لو كان الشك في القيام أو عدم القيام لشخص آخر غير الزيد. PageV02P372 # والحق هو الأول ، فإنه لا بد من تعلق الشك بنفس ما أفاده المتكلم لا بشيء ~~آخر أجنبي عنه حتى يتحقق اتحاد متعلق اليقين والشك ، ولا شك أن ما أفاده ~~المتكلم في قضية «زيد قائم» أو ms0971 «ليس بقائم» هو إثبات الحالة الوجودية أو ~~العدمية لزيد بعد الفراغ عن وجود زيد في الخارج ، فالشك في هذا المعنى إنما ~~يتحقق بالشك في الحالة التي أثبتها المتكلم في تقدير هذا الفراغ ، وأما ~~الشك في نفس التقدير فهو أجنبي عما كان المتكلم بصدد إفادته ؛ فإن وجود زيد ~~كان مفروغا عنه بين المتكلم والمخاطب. # فإن قلت : إن الشك في المقيد يتحقق بالشك في أحد قيوده ، فالشك في قولك : ~~زيد الموجود قائم ، كما يتحقق بالشك في القيام ، فكذلك يتحقق بالشك في ~~الوجود. # قلت : فرق بين اعتبار الوجود قيدا وبالمعنى الاسمي ، وبين فرضه حاصلا ~~ولحاظه على نحو المرآتية وبالمعنى الحرفي ، فما ذكرته وارد في الأول ، وما ~~ذكرناه وارد في الثاني. # فإن قلت : لا يعتبر في الاستصحاب إلا تعلق الشك بتبدل القضية المتيقنة ~~إلى رفعها ونقيضها ، ولا شبهة أن رفع القضية المذكورة في ما نحن فيه حاصل ~~في تقدير عدم زيد ، وإلا يلزم ارتفاع النقيضين في هذا التقدير ، فلهذا يكون ~~الشك في عدم زيد موجبا للشك في رفع القضية. # قلت : يعتبر في النقيضين وحدة المحل ، فإذا كان محل وجود القيام زيدا ~~الملحوظ وجوده باللحاظ الفراغي فنقيضه عدم القيام في هذا المحل ، لا في محل ~~آخر ، وإن شئت توضيح الحال فلاحظ القضية التعليقية ؛ فإن نقيض هذه القضية ~~إنما هو رفع المعلق في ظرف حصول المعلق عليه لا في ظرف آخر ، وكذلك الشك في ~~هذه القضية إنما هو بالشك في المعلق في ظرف حصول المعلق عليه لا بالشك في ~~نفس المعلق عليه ، فإن القطع بصدق هذه القضية يجتمع مع القطع بعدم المعلق ~~عليه ، فضلا عن الشك فيه. # فنقول : حال وجود الموضوع في ما نحن فيه حال المعلق عليه في القضية ~~التعليقية ، فكأن المتكلم يضع نفس الموضوع في جنبه في الخارج ثم يشتغل بذكر PageV02P373 # حالاته ، فيستغنى عن تعليق القضية على وجوده ، ولكنها في الحقيقة في معنى ~~التعليق ، هذا حاصل ما أفاده شيخنا الاستاد دام بقاه. # ويمكن الخدشة فيه بأن حال المتكلم ب «زيد قائم» بحسب الواقع وإن ms0972 كان بهذا ~~المنوال ، يعني أنه يعلم بأن زيدا موجود ، وفي تقدير وجوده يعلم بأنه قائم ~~، ولكن ما له الدخل في حقيقة هذه القضية ليس إلا ماهية الزيد وماهية القيام ~~وإيقاع الربط بينهما ، وما سوى ذلك خارج عن حقيقة هذه القضية. # إلا أن يقال : نعم ، ولكن قد يكون الملحوظ في نسبة المحمول وجود الموضوع ~~، وحينئذ يكون مفاد القضية ثبوت الشيء وقد يكون الملحوظ نسبة المحمول فقط ~~من دون تعرض لوجود الموضوع ، وحينئذ يكون مفادها ثبوت شيء لشيء ، فمن ~~الثاني ما لو سئل المتكلم عن حال شخص ، فأجاب بأنه رجل عالم عادل فاضل كامل ~~، فإنه لو انكشف موت هذا الشخص قبل صدور هذا الكلام لا يصح نسبة الكذب إلى ~~المتكلم ، فإنه أخبر بهذه الصفات على تقدير الحياة. # ومن الثاني ما لو سئل عن حضور شخص في مجلس فلان في يوم الجمعة إذا كان ~~لحضوره في كل يوم أثر خاص ، فأجاب بأنه قد حضر في يوم الجمعة في محضره ، ~~فإنه لو تبين أنه مات قبل يوم الجمعة يصح نسبة الكذب إلى المتكلم ؛ لأن ~~إخباره كان متضمنا لوجود الموضوع. # ومن هذا القبيل أيضا قوله عليه السلام : «الا أن تكون المرأة قرشية» فإن ~~الظاهر أن القرشية ملحوظة على وجه الموضوعية ومحط النظر بالاستقلال ، وكذلك ~~قوله : «لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه ، فإن الظاهر إرادة كون المالك طيب ~~النفس على نحو ثبوت الشيء ، لا كونه كذلك على نحو ثبوت شيء لشيء. # ثم إنه قد استدل شيخنا المرتضى قدسسره على لزوم إحراز الموضوع في ~~الاستصحاب بما لفظه أنه : لو لم يعلم تحققه أي تحقق الموضوع لا حقا ، فإذا ~~اريد إبقاء المستصحب العارض له المتقوم به ، فإما أن يبقى في غير محل ~~وموضوع وهو محال ، وإما أن يبقى في موضوع غير الموضوع السابق ، ومن المعلوم أن هذا PageV02P374 # ليس إبقاء لنفس ذلك العارض ، وإنما هو حكم بحدوث عارض مثله في موضوع جديد ~~، فيخرج عن الاستصحاب ، بل حدوثه للموضوع الجديد كان مسبوقا بالعدم ، فهو ~~المستصحب دون وجوده. # وبعبارة اخرى ms0973 : بقاء المستصحب لا في موضوع محال ، وكذا في موضوع آخر إما ~~لاستحالة انتقال العرض ، وإما لأن المتيقن سابقا وجوده في الموضوع السابق ~~والحكم بعدم ثبوته لهذا الموضوع الجديد ليس نقضا لمتيقن السابق ، انتهى ~~كلامه رفع مقامه. # واعترض على هذا الكلام بعض الأساتيد قدسسره بأن المحال إنما هو انتقال ~~العرض خارجا ، وكذا بقاء العرض بلا موضوع خارجا ، لا بحسب الوجود التعبدي ~~الذي هو مفاد الاستصحاب ومعناه ترتيب الآثار العلمية والأحكام الشرعية ، ~~فإن مئونة هذا الوجود خفيفة ، فكما يصح أن يحكم الشارع مع بقاء الموضوع ~~بلزوم المعاملة مع عرضه معاملة الموجود ، كذلك يصح مع عدم الموضوع أيضا أن ~~يحكم بالمعاملة مع عرضه معاملة الموجود بمعنى ترتيب آثاره ، وكذلك يصح أن ~~يحكم ببقاء عرض موضوع في موضوع آخر ، بمعنى ترتيب آثار ذاك العرض في هذا ~~الموضوع ، ولا يلزم من هذا محال عقلي ، نعم يرد عليه أنه خلاف مفاد دليل ~~الاستصحاب ، فإن الظاهر منه وحدة متعلق اليقين والشك ، وهذا أمر آخر لا ربط ~~له بالمحال العقلى. # وقد يقال في توجيه كلام شيخنا المرتضى قدسسره بأن النسبة في كل قضية سواء ~~كان مفادها إخبارا عن الواقع أم إنشاء أمر عرضي يحتاج إلى موضوع ، فإذا ~~جعلت هذه النسبة في قضية فلا يمكن جعل عين هذه النسبة بعد ذلك بلا موضوع ، ~~وكذا في موضوع آخر ، لاستحالة الانتقال. # توضيح ذلك أما في الشبهة الحكمية فهو أنا لو شككنا في بقاء حرمة الخمر ~~فإن حكم الشارع ببقائها فلا يخلو إما يحكم ببقائها في عين موضوع الخمر ، ~~فهذا هو المطلوب ، وإما أن يحكم ببقائها بلا موضوع فهذا محال ، وإما أن ~~يحكم ببقائها في PageV02P375 # موضوع آخر ، وحينئذ فإما أن يحكم ببقاء عين الحرمة المتعلقة بالخمر فهذا ~~انتقال العرض ؛ لأن عين النسبة القائمة بالخمر في قضية «الخمر حرام» لا ~~يمكن جعلها قائمة بموضوع آخر ، وإما أن يحكم ببقاء مماثلها ، وهذا خارج عن ~~الاستصحاب. # ومن هنا يعلم الحال في الشبهة الموضوعية ، فإذا شككنا في خمرية مائع علم ~~بخمريته سابقا ، فإن حكم الشارع ببقاء ms0974 الخمرية لاحقا فإما أن يحكم في عين ~~الموضوع السابق فهو المطلوب ، أو بلا موضوع وهو المحال ، أو في موضوع آخر ~~مع الحكم ببقاء عين الخمرية السابقة فهذا انتقال العرض ، أو بمماثلها ، ~~فهذا خارج عن الاستصحاب. # ويمكن إجراء هذا التقريب في استصحاب الحرمة في هذا الفرض ، لكن مع كون ~~الخل والخمر موضوعين عند العرف. # والحاصل أنه ليس المراد بالعرض في كلامه هو المستصحب كما توهم حتى يرد ~~عليه أنه يمكن استصحاب نفس العدالة ونفس التحريم ومعناه ترتيب آثارهما ، ~~فهذا بقاء العرض بلا موضوع ، نعم لا يثبت به اتصاف الشخص الخارجي بالعدالة ~~والموضوع الخارجي بالتحريم ، لا من باب الاستحالة العقلية ، بل من باب عدم ~~حجية الأصل المثبت ، وإلا فهو بمكان من الإمكان عقلا وليس فيه استحالة ~~انتقال العرض. # بل المراد به حكم الشارع بإبقاء المستصحب السابق ، كما يدل عليه قوله : ~~فإذا اريد إبقاء المستصحب ، لوضوح أن المراد به الحكم بالبقاء الصادر من ~~الشارع ، لا الإبقاء العملي الصادر من المكلف ، وقوله : «فإما أن يبقى» ~~يكون بصيغة المجهول من باب الإفعال. # وحينئذ فتوجيه الكلام أنه لا يخفى أن الإنشاء يحتاج إلى النسبة ، ولا ~~يمكن بدونها ، بل هو عين النسبة الحقيقية الكلية في القضية الإنشائية ، كما ~~أن الإخبار عين النسبة الحقيقية الكائنة في القضية الإخبارية ، ومن المعلوم ~~أن النسبة محتاجة إلى طرفين ، فالجعل محتاج إلى محل وموضوع كون الجعل فيه ~~وكان المجعول PageV02P376 # ثابتا له ، كما أن الإخبار يحتاج إلى محل وموضوع كان الإخبار فيه وكان ~~المخبر به ثابتا له ؛ إذ مع انتفاء هذا المحل والموضوع يلزم كون العرض وهو ~~النسبة الجعلية أو الإنشائية بلا محل وموضوع. # وأما ما ذكرت من المثال فليس من باب كون العرض بلا محل ، فإن المحل فيه ~~ذات العدالة وذات التحريم ، والمجعول فيه وجودهما ، فإذا ثبت احتياج الجعل ~~إلى الموضوع فإن كان هو الموضوع السابق فهو المطلوب ، وإن كان موضوعا آخر ~~فإن كان الجعل على نحو الإبقاء للجعل السابق فهذا غير ممكن ؛ إذ لا يخفى ~~أنه لا بد حينئذ من وحدة ms0975 هذا الجعل مع الجعل السابق في المحل والموضوع ، ~~وإلا يلزم انتقال العرض ، كما أن الإخبار على نحو الإبقاء للإخبار السابق ~~لا بد فيه من وحدة هذا الإخبار مع الإخبار السابق في المحل والموضوع ، وإلا ~~يلزم انتقال العرض ، وإن كان على نحو الإحداث فهذا خارج عن الاستصحاب. # ثم إنك عرفت أنه لو اخذ عرض شيء موضوعا للحكم على نحو ثبوت شيء لشيء فلا ~~تصير القضية المتيقنة مشكوكة بواسطة الشك في وجود الموضوع ، بل المشكوك ~~قضية اخرى مفادها ثبوت الشيء. # فاعلم أن الظاهر من الكلام في هذه الموارد هو اعتبار وجود الموضوع أيضا ، ~~فلو قال: من كان عادلا ومجتهدا أعلم فللعوام الأخذ بقوله ، فكما يعتبر ~~العدالة والأعلمية على تقدير الحياة ، فكذلك نفس الحياة ، وحينئذ لو شك في ~~حياة المجتهد فلا مانع من الاستصحاب في إثبات نفسها ، لما فرض من كونها ~~جزءا للموضوع ، وأما العدالة والأعلمية فإن كانتا معلومتين فلا كلام ، وإن ~~كانتا مشكوكتين أيضا فلا بد من استصحاب آخر لإحرازهما ، ولا ينافي الشك في ~~الحياة الفعلية إحراز الموضوع المعتبر في الاستصحاب الثاني ، فإن الموضوع ~~فيه هو الحياة التقديرية. # واعترض بعض الأساتيد قدسسره على الكلام المذكور لشيخنا بعد ما ذكر من ~~الاعتراض بما حاصله : أنه أخص من المدعى ، فإن المستصحب لا يكون دائما من ~~مقولات الأعراض حتى يلزم من بقائه مع انتفاء موضوعه أحد المحذورين ، PageV02P377 # بل قد يكون هو الوجود ، وهو ليس أحد المقولات العشر ، فلا جوهر بالذات ~~ولا عرض كذلك وإن كان أحدهما بالعرض. # فإن قلت : نعم ولكنه عارض على الماهية كالعرض. # قلت : نعم ولكن ليس تشخصه بمعروضه حتى يستحيل بقائه مع تبدل معروضه ، بل ~~تشخص معروضه به بحيث لا ينثلم وحدة الوجود بتعدد الموجود وتبدله من نوع إلى ~~نوع آخر، فيمكن أن يكون الوجود الواحد الشخصي حسب اختلافه نقصا وكمالا ، ~~ضعفا وشدة منشئا لانتزاع ماهيات مختلفة ، فيمكن استصحاب هذا الوجود لو شك ~~في بقائه وارتفاعه ولو مع القطع بتغاير الماهية المنتزعة عنه سابقا مع ~~الماهية التي تنتزع عنه الآن لو كان ms0976 ، فلو علم بزوال المرتبة السابقة من ~~السواد ، ولكن شك في زوال أصل السواد بالمرة أو تبدل مرتبته السابقة إلى ~~مرتبة اخرى أقوى أو أضعف ، فلا مانع من استصحاب الوجود السابق وإن كان ~~الماهية المنتزعة عنه سابقا هو الضعيف ، مثلا ، وما ينتزع عنه الآن لو كان ~~هو القوي. # وفيه أن تعدد المنتزع إذا كان أمرا واقعيا نفسا أمريا لا شك أنه لا بد ~~وأن يكون من جهة تعدد منشأ الانتزاع في الخارج ، فإن كان منشأ الانتزاع هو ~~الامور الخارجة عن حقيقة الذات والعارضة على الوجود الخارجي كما في الضارب ~~والقائم ، فلا يوجب تعدد المنتزع تعدد الذات ، وأما لو كان منشأ الانتزاع ~~نفس الذات دون الضمائم الخارجية كما هو المفروض في محل البحث فإن القوي ~~والضعيف منتزعان من نفس السواد لا من شيء آخر ، فلا يمكن تعدد المنتزع ~~حينئذ إلا مع تعدد الذات. # فإن قلت : يكفي تعدد المرتبة ، فالمرتبة الدنيا مغايرة مع المرتبة ~~العليا. # قلت : إن أردت أن بينهما أمرا واحدا جامعا فهذا موجود بين الزيد والعمرو ~~أيضا ، وإن أردت أنهما متحدان في الوجود الشخصي ، فهذا غير معقول ؛ إذ بعد ~~فرض أن المميز بينهما يكون من سنخ الوجود ، فلا بد أن يكون التعدد بينهما ~~في الوجود ، نعم هذا مختص بما إذا كان تبدل إحدى المرتبتين بالاخرى بعد تخلل PageV02P378 # القطعة من الزمان وحصول الوقفة ، وأما لو كان على التدريج بدون حصول ~~الوقفة فلا بد من وحدة الوجود ، وإلا يلزم الوجودات الغير المتناهية ~~المحصورة بين الحاصرين ؛ إذ بعد فرض أن كلا من المبدا والمنتهى الحقيقيين ~~منحصر في الواحد فكل جزء يفرض في البين يكون له سابق ولا حق. # فإن قلت : كيف يكون الوجود حينئذ واحدا والحال أن عين الدليل المتقدم من ~~تعدد الماهيات المنتزعة موجود هنا. # قلت : بعد فرض عدم حصول الوقفة لا يحصل هنا حد خارجي غير المبدا والمنتهى ~~حتى ينتزع عنه الماهية ، وإنما المتحقق حدود فرضية لا واقع لها سوى الذهن ، ~~وبعبارة اخرى: المتحرك ما دام متحركا لا يطلق عليه الزائد أو ms0977 الناقص إلا ~~باعتبار ما يعرضه في المستقبل من الحد ، وأما باعتبار الحال فلا يتصف ~~بالزيادة ولا بالنقيصة ، وإنما يقال : إنه مشتغل بالزيادة. # ثم بعد ما عرفت من اعتبار وحدة الموضوع في الاستصحاب فلا بد من بيان أنه ~~مأخوذ من العقل أو الدليل أو العرف ، فإن كان مأخوذا من العقل قال شيخنا ~~المرتضى قدسسره ينحصر مورد الاستصحاب حينئذ في ثلاثة مواضع : # الأول : في ما اذا كان الشك في مدخلية الزمان الأول ، فإن الاستصحاب مبني ~~على إلغاء خصوصية الزمان الأول ، و # الثاني : أن يكون الشك من جهة الرافع ذاتا أو وصفا ، و # الثالث : أن يكون المستصحب هو الوجود. # ويرد على الأول أنه لا فرق بين الزمان وسائر الخصوصيات في كونها على ~~تقدير المدخلية من أجزاء الموضوع بنظر العقل ، فعلى هذا لو شك في النسخ لا ~~يجوز الاستصحاب؛ لأن ما تيقن به سابقا قد ارتفع قطعا ، وما يشك في تحققه ~~الآن يشك في أصل حدوثه ، نعم يجري بناء على المسامحة العرفية ، لكنه خلاف ~~ما فرضناه من تحكيم العقل. # وأورد بعض الأساتيد قدسسره على الثاني أن أخذ عدم الرافع PageV02P379 # في الموضوع بحسب حدوث الحكم وإن كان مستلزما للدور لتوقف تحقق هذا العدم ~~على تحقق الحكم في مقدار من الزمان وتوقف تحقق الحكم على هذا على تحقق هذا ~~العدم أيضا ، ولكن لا مانع من أخذه فيه بحسب بقاء الحكم ، فكل من المانع ~~والرافع مأخوذ في الموضوع ، غاية الأمر أن أحدهما مأخوذ حدوثا والآخر بقاء. # إلا أن يقال : إنه بعد فرض أن الموضوع في القضية المتيقنة والمشكوكة واحد ~~فلا عبرة باحتمال اعتبار شيء في بقاء الموضوع على حكمه ، لصدق نقض اليقين ~~بالشك ولو مع المداقة العقلية على عدم ترتيب الحكم على الموضوع. # وفيه أن كلا من عنواني المانع والرافع ليس له أثر عقلا ؛ لأنهما عنوانان ~~منتزعان عن التأثير كالعلية ، فلا بد من ملاحظة ذاتهما ، وهو أمر واحد ~~فيهما ، غاية الأمر ينتزع عنه عنوان المانع والدافع بإضافته إلى حدوث الحكم ~~، وعنوان الرافع بإضافته إلى بقاء الحكم ، واعتبار ms0978 عدم هذه الذات في ~~الموضوع بمكان من الإمكان ، إلا أن يقال : إن تأثير العدم في الوجود غير ~~معقول ، فيكون عدم ذات المانع والرافع خارجا عن الموضوع. # ثم الفرق بين الأخذ من الدليل والأخذ من العرف أنه على الأول لا بد من ~~اتباع ما يستفاد من القضية اللفظية حسب اختلافه باختلاف الموارد ، فربما ~~يكون الشيء مذكورا في القضية اللفظية بصورة القيدية ، فيستفاد كونه داخلا ~~في الموضوع ، كما لو قال : الماء المتغير نجس ، وربما يكون مذكورا فيها ~~بصورة الشرطية ، فيستفاد كونه خارجا عن الموضوع ، كما لو قال : الماء نجس ~~إذا تغير ، فعلى الأول لا يجرى الاستصحاب لو زال التغير ؛ لانتفاء الموضوع ~~، وعلى الثاني يجري ؛ لأن الشك في أمر خارج عن الموضوع وهو كون التغير علة ~~محدثة فقط ، أو علة محدثة ومبقية معا. # وعلى الثاني لا بد من اتباع نظر العرف حسب اختلافه باختلاف المناسبات بين ~~الموضوعات والأحكام ، فربما يحكم حسب مناسبة الحكم والموضوع بكون الشيء ~~خارجا عن الموضوع وإن كان مذكورا في القضية اللفظية بصورة القيدية كما في مثال PageV02P380 # التغير ، وربما يحكم حسب تلك المناسبة بكون الشيء داخلا في الموضوع وإن ~~كان مذكورا في تلك القضية بصورة الشرطية ، كما لو أشار إلى شيء وقال بعتك ~~هذا إن كان فرسا. فإن العرف يحكم بأن الفرس نفس المبيع ، فتخلفه تخلف ~~المبيع لا تخلف الشرط. # إذا عرفت ذلك فاعلم أن القاعدة الأولية يقتضي حمل النقض وعدمه على ~~مصاديقهما العقلية ، أعني ما كان ملحوظا بالإضافة إلى الموضوعات العقلية ، ~~ولكن حيث إن المحكم في باب الألفاظ هو العرف فلا بد من حملهما على ~~مصاديقهما العرفية اعني : ما كان ملحوظا بالإضافة إلى الموضوعات العرفية ؛ ~~إذ هي التي يراها العرف مصاديق للنقض وعدمه ، ويلزم من عدم إرادتها وإرادة ~~المصاديق الملحوظ بالإضافة الى الموضوعات العقلية ، أو بالإضافة إلى ~~الموضوعات النقلية نقض الغرض ، فيتعين الحمل على المصاديق العرفية فرارا عن ~~هذا المحذور ، ولا يخفي أن هذا رجوع إلى العرف في مقام التطبيق ، وإلا فمن ~~الواضح أن مفهوم النقض وعدمه مفهوم مبين ms0979 عند العقل والعرف ، ولا اختلاف ~~بينهما في مفهومه ، وإنما الاختلاف في المصاديق حسب اختلاف أنظارهما في ~~الموضوعات. # الثاني من شروط تحقق الاستصحاب أن يكون المكلف في حال الشك في الاستمرار ~~قاطعا بالمتيقن السابق ، فلو كان في حال الشك في الاستمرار شاكا في أصل ~~الحدوث أيضا فهو أجنبي عن الاستصحاب ، ولو كان فيه قاعدة فهي موسومة بقاعدة ~~الشك الساري وقاعدة اليقين (1)، سواء اريد بها إثبات نفس المتيقن فقط أو ~~إثباته مع الاستمرار ، ومن هنا يظهر عدم إمكان الجمع بين القاعدتين في كلام ~~واحد ؛ فإن مفاد الاستصحاب الحكم بالاستمرار ، ومفاد القاعدة الاخرى الحكم ~~بالحدوث فقط أو مع الاستمرار. PageV02P381 # فإن قلت : إن اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة يمكن اعتباره بنحوين ، الأول ~~: اليقين بعدالة يوم الجمعة لزيد ، والثاني : اليقين بكون زيد في يوم ~~الجمعة عادلا ، والشك في الأول شك في الحدوث ، وفي الثاني مع اختلاف متعلق ~~المتيقن والمشكوك شك في البقاء ، فالكلام مفيد لعدم نقض هذين اليقينين ~~بهذين الشكين. # قلت : هذان الاعتباران ليسا بفردين لليقين ، فإن أفراد اليقين عبارة عن ~~اليقين بعدالة زيد وفسق عمرو وهكذا ، وأما اليقين بعدالة زيد فلا ينحل إلى ~~فردين لليقين ، وحينئذ فلا بد من أخذ هذين الاعتبارين في لفظ اليقين ، ولا ~~ريب في اتحاد متعلق الشك واليقين ، فلا بد إما من ملاحظة المتعلق في كليهما ~~مقيدا ، أو في كليهما مطلقا ، فعلى الأول يتعين في القاعدة ، وعلى الثاني ~~في الاستصحاب ، ولا يمكن الجمع. # فإن قلت : لا نحتاج إلى هذين الاعتبارين ، بل يعتبر اليقين بأصل العدالة ~~والشك في أصل العدالة ، وكما أن الشك في الحدوث شك في أصل العدالة ، كذلك ~~الشك في البقاء أيضا شك في أصل العدالة. # قلت : ليس الشك في البقاء شكا في أصل العدالة ، فإن الشك في المقسم شك في ~~جميع الاقسام ، فالشك في الإنسان لا بد وأن يكون شكا في جميع الأفراد ، فلو ~~كان واحد من الأفراد معلوما فليس الشك في الإنسان ، فكذلك هاهنا أيضا لو ~~كان الحدوث معلوما فليس الشك في أصل العدالة الجامع بينه وبين ms0980 البقاء ، بل ~~يكون الشك في الوجود الخاص وهو البقاء ، فعلى هذا أيضا يكون الكلام متعينا ~~في القاعدة الثانية. # فإن قلت : نعتبر متعلق اليقين مقيدا ، ولكن لا يلزم اتحاد متعلق اليقين ~~والشك ، بل اللازم عدم البينونة بينهما على وجه يصح إطلاق المضي وعدم النقض ~~، فالمراد باليقين ، اليقين بعدالة يوم الجمعة لزيد ، ولكن الشك يشمل ~~بإطلاقه الحالي الشك في عدالة يوم الجمعة لزيد ، والشك في عدالة يوم السبت ~~له ، فالكلام باعتبار عدم نقض اليقين بالشك الأول يشمل القاعدة ، وباعتبار ~~عدم نقضه بالثاني يشمل الاستصحاب. PageV02P382 # قلت : سلمنا تعميم الشك بإطلاقه الحالي ، ولكن حيث فرضت التقييد في ~~اليقين يكون معنى المضي عليه وعدم نقضه هو الأخذ بعدالة يوم الجمعة لزيد ، ~~وفرق بين المضي على اليقين السابق وإلغاء الشك اللاحق ، ونحن إنما فسرنا ~~الأول بالثاني في باب الاستصحاب لما فرضناه هناك من اتحاد متعلق اليقين ~~والشك بتجريده عن الزمان ، وأما بعد اختلافهما كما هو المفروض فحال الشك ~~حال الحجر في جنب الإنسان ، فلو اريد شمول الكلام للاستصحاب فلا بد من ~~الإتيان بقضية اخرى مشتملة على موضوع ومحمول آخرين، وهو قولنا : واذا ثبت ~~عدالة زيد في زمان فلو شككت في استمرارها في ما بعد هذا الزمان فابن على ~~الاستمرار ، فالموضوع هو الشك في الاستمرار ، والمحمول هو الحكم به. # ومن هنا يظهر أنه لا يمكن إرادة الحكم بالحدوث والحكم بالاستمرار معا من ~~الكلام حتى لو اريد منه القاعدة الثانية فقط ، فإن غاية تقريب الإمكان أن ~~يقال : إن المراد باليقين اليقين بعدالة زيد في يوم الجمعة مثلا ، والشك قد ~~يكون في عدالته في يوم الجمعة فقط مع القطع بالعدالة أو الفسق في ما بعده ، ~~أو يكون في عدالته فيه وفي ما بعده ، فقضية الإطلاق عدم نقض اليقين بكل من ~~الشكين. # وفيه أنه إن اريد اليقين على وجه التقييد فقد مر الكلام فيه ، وإن اريد ~~على وجه الإطلاق حتى يكون المراد أنه إذا حصل اليقين بعدالة زيد في زمان ~~فالشك في ما بعده ملغى ، سواء تعلق بالحدوث أم به ms0981 وبالبقاء ، ففيه أنه لا ~~يمكن الجمع ؛ لاختلاف القضيتين موضوعا ومحمولا ، فالموضوع في إحداهما الشك ~~في الحدوث والمحمول الحكم بأصل الثبوت ، والموضوع في الاخرى الشك في ~~الاستمرار والمحمول الحكم به ، ولا يمكن إرادة كلا الشكين من لفظ الشك ، ~~ولا إرادة كلا المحمولين من لفظ عدم النقض في ما إذا قيل لا تنقض اليقين بالشك. # * * * PageV02P383 ### | قاعدة التجاوز والفراغ (1) # وربما يستدل على قاعدة اليقين بأخبار عدم الاعتناء بالشك في الشيء بعد ~~تجاوز محله ، ولا بد من التيمن بذكر الأخبار والتكلم في مدلولها وتنقيح ~~مضمونها ، فنقول وبالله المستعان وعليه التكلان : # في الوسائل «محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن ~~أبى نصر عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد الله عن زرارة ، قلت لأبي عبد الله ~~عليه السلام : رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة؟ قال : يمضي ، قلت : رجل ~~شك في الأذان والإقامة وقد كبر؟ قال : يمضي ، قلت : رجل شك في التكبير وقد ~~قرأ؟ قال : يمضي ، قلت : شك في القراءة وقد ركع؟ قال : يمضي ، قلت : شك في ~~الركوع وقد سجد؟ قال : يمضي على صلاته ، ثم قال : يا زرارة إذا خرجت من شيء ~~ثم دخلت في غيره فشككت فليس بشيء». # «محمد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن أبيه عن ~~عبد الله بن المغيرة عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام في ~~حديث قال : إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شك في السجود بعد ما ~~قام فليمض ، كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه». # «محمد بن الحسن عن المفيد عن أحمد بن محمد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن ~~أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عمرو بن عبد الكريم بن ~~عمرو عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا شككت ~~في شيء من الوضوء وقد دخلت ms0982 في غيره فليس شكك بشيء ، إنما الشك إذا كنت في ~~شيء لم تجزه». PageV02P384 # ورواه ابن إدريس في آخر السرائر نقلا من كتاب النوادر لأحمد بن محمد بن ~~أبي نصر مثله. # «محمد بن الحسن باسناده عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن بكير عن محمد ~~بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو». # والكلام يقع في مواضع : # الموضع الأول : اعلم أن لنا قاعدتين إحداهما : قاعدة التجاوز ، وموردها ~~الشك في وجود نفس الشيء وعدمه بعد تجاوز محله ، والثانية : قاعدة الفراغ ، ~~وموردها الشك في جامعية المركب لما يعتبر في صحته شطرا أو شرطا بعد الفراغ ~~عن هذا المركب ، والثمرة بينهما واضحة من جهة أعمية الاولى من الثانية من ~~حيث اشتمالها للشك في أجزاء العمل في الأثناء ، وأعمية الثانية من الاولى ~~من حيث اشتمالها للشك في الكيفية ، وللشك الواقع في غير باب الصلاة إن قلنا ~~باختصاص الاولى بالشك في غير الكيفية وبباب الصلاة ، ففي القاعدة الثانية ~~يكون في البين شيء موجود مفروغ عنه ووقع الشك في صحته وفساده ، وفي الاولى ~~يكون الشك في أصل وجود الشيء وعدمه. # إذا عرفت ذلك فلا بد أن لا يفرق بين هذه الأخبار الأربعة في المضمون ، ~~بمعنى أنه إن كان المراد من واحد منها هو القاعدة الاولى أو الثانية أو ~~الجامع بينهما إن قلنا بتصويره بينهما فلا بد أن يكون الحال في الباقي على ~~هذا المنوال ، ولا سبيل إلى التفرقة بينها في المضمون بتنزيل بعضها على ~~ارادة معنى وتنزيل الآخر على إرادة معنى آخر ، وحيث إن من المعلوم كون ~~الخبرين الأولين دليلين على القاعدة الاولى من جهة كون موردهما الشك في ~~الوجود تعين كون الأخيرين أيضا دليلين على هذه القاعدة. # فإن قلت : الشك في الشيء وإن كان ظاهرا في الشك في أصل الوجود ، ولكن ~~التقييد بالخروج والتجاوز والمضي ظاهر في الشك في الصحة بعد الفراغ عن PageV02P385 # أصل الوجود ، ففي الخبرين الأولين قامت القرينة على رفع اليد عن هذا ~~الظاهر ms0983 وإرادة الشك في الوجود الذي هو مورد القاعدة الاولى ، وأما في ~~الخبرين الأخيرين فحيث انتفت هذه القرينة ، فلا وجه لرفع اليد عن ظاهرهما ~~الأولي الذي هو الشك في الصحة ، فيكون هذان دليلين على قاعدة الفراغ. # قلت : إذا قامت القرينة على إرادة خلاف الظاهر في بعض الأخبار يكشف عن ~~إرادة ذلك في الباقي أيضا ، للقطع باتحاد ما سيق الجميع لإفادته وتأديته ، ~~ونظير ذلك أخبار عدم نقض اليقين بالشك ، حيث إن الظاهر الأولي منها اتحاد ~~متعلق اليقين والشك حتى من حيث الزمان الذي هو مورد قاعدة اليقين ، ومع ذلك ~~حملناها على الاستصحاب من جهة كون مورد بعضها إياه. # فإن قلت : نعم ولكن المتعين في موثقة ابن أبى يعفور إرجاع الضمير في ~~«غيره» إلى الوضوء لا إلى الشيء المشكوك فيه ، لئلا يخالف الإجماع والصحيحة ~~الواردة فى باب الوضوء الدالين على وجوب الالتفات إلى الشك في بعض أجزاء ~~الوضوء بعد الدخول في جزئه الآخر، وحينئذ يكون الذيل أعني قوله : إنما الشك ~~الخ مسوقا لبيان حال الشك في أجزاء المركب بعد الفراغ منه. # قلت : كما أنه لو حمل الذيل على قاعدة التجاوز يلزم تخصيص الرواية ~~بالنسبة إلى بعض مصاديق موردها أعنى الوضوء من جهة أن التجاوز عن الشيء ~~المشكوك فيه لا ينحصر بالدخول في غير الوضوء ، بل يحصل بالدخول في جزء آخر ~~من الوضوء غير الجزء المشكوك فيه ، فيكون مخصصة بالنسبة إلى هذا الفرد ~~بالإجماع ، والصحيحة كذلك لو حمل على قاعدة الفراغ أيضا يلزم تخصيصها ~~بالنسبة إلى بعض مصاديق المورد من حيث اشتمالها على أن الشك في غسل اليد ~~باعتبار جزء من أجزائه لا يعتنى به إذا جاوز غسل اليد ، فتكون مخصصة ~~بالنسبة إلى هذا الفرد بالإجماع والصحيحة. # فكما لا بد على الثاني دفعا لمحذور تخصيص بعض مصاديق المورد من تمحل أن ~~المراد بالشيء ليس مطلق الشيء ، بل خصوص ما كان له استقلال وعنوان لدى العرف PageV02P386 # والشرع مثل الوضوء والغسل والصلاة والسعي والطواف من أفعال الحج ، فلا ~~يشمل مثل غسل اليد الذي ليس له عنوان ms0984 واستقلال عند العرف ولا الشرع ، فكذلك ~~لا بد على الأول من تمحل أن الوضوء بتمامه في نظر الشارع أمر واحد وفعل ~~واحد ، ويوجب ذلك التوسعة في محل الشيء المشكوك فيه. # فالشك ما دام الاشتغال بالوضوء يكون من باب الشك في الشيء قبل تجاوز محله ~~، وإنما يكون من باب الشك بعد تجاوز المحل إذا كان الشك بعد الفراغ من ~~الوضوء ، فإن الوضوء أمر واحد بنظر الشارع ، لبساطة أثره الذي هو الطهارة. # ونظير ذلك الشك في الركوع في حال الهوي إلى السجود ، فإن الهوي وإن كان ~~فعلا في نفسه ، ولكنه غير ملحوظ بنظر الشارع ، فالمكلف ما دام اشتغاله ~~بالهوي بمنزلة كونه مشتغلا بنفس الركوع. # والفرق بين الوضوء وسائر المركبات حيث إن الأثر فيها أيضا واحد كالانتهاء ~~عن الفحشاء في الصلاة هو أن المأمور به في سائر المركبات هو نفس الأمر ~~الخارجي المركب من الامور المتشتتة ، وأما في الوضوء فهو الأمر الوحدانى ~~البسيط المتحصل من الأمر الخارجي ، والامور الخارجية من باب المحصل للمأمور ~~به ، فالشارع لاحظ هذه الامور شيئا واحدا من جهة وحدة ما هو المأمور به ~~والمحصل منها ، وبالجملة ، فإذا كان التمحل على أي حال محتاجا إليه فلا ~~إشكال في ترجيح التمحل الثاني على الأول ، من جهة مساعدة ما ذكرنا من اتحاد ~~المساق في الروايات. # ويؤيد ما ذكرنا أنه لا ريب في كون المراد بالشك في الصدر هو الشك في ~~الوجود ، وعلى ما ذكره لا بد من حمل الشك في الذيل على الشك في الصحة وحمل ~~الشيء فيه على العمل المركب ، فتحصل المخالفة بين الصدر والذيل في كلا ~~الأمرين ، وعلى ما ذكرنا تحصل الموافقة بينهما في كليهما ؛ لأن المراد ~~بالشك في الذيل هو الشك في الوجود ، وبالشيء فيه هو الشيء المذكور في الصدر. # ومن هنا يظهر الخدشة في ما ذكره بعض الأساتيد من التفرقة بين صحيحتى PageV02P387 # زرارة وابن جابر وبين موثقتي ابن أبي يعفور وابن مسلم بجعل الأولين ~~ظاهرين في قاعدة التجاوز والأخيرين في قاعدة الصحة ، هذا. # ثم إن له قدسسره هنا ms0985 كلاما آخر وهو أن قاعدة الصحة تعم جميع الأبواب ، ~~وقاعدة التجاوز تختص بباب الصلاة ، وذكر في بيان وجه الاختصاص ما حاصله أن ~~تقدم الأسئلة المتعلقة بباب الصلاة لو لم يجعل الكلية المذكورة في الجواب ~~ظاهرا في خصوص باب الصلاة فلا أقل عن المنع عن الأخذ بإطلاقها ؛ لأن وجود ~~القدر لمتيقن في مقام التخاطب في البين يمنع عن الأخذ بالإطلاق. # فإن قلت : هذا إنما يتم في قوله عليه السلام في صحيحة زرارة : إذا خرجت من ~~شيء الخ ، ولا يجري في قوله عليه السلام في صحيحة ابن جابر : كل شيء شك فيه ~~الخ ؛ لأن العموم فيه وضعي وليس بالإطلاق. # قلت : عموم الكل تابع لسعة المدخول وضيقه ، فلا بد أولا من ملاحظة جريان ~~المقدمات في المدخول وعدمه ، فإن كانت جارية كان الاستيعاب بالنسبة إلى ~~أفراد المطلق وإن كانت غير جارية كان العموم بالنسبة إلى أفراد المقيد ، ~~وحيث إن المفروض عدم جريانها لوجود القدر المتيقن في البين كان الاستيعاب ~~بالنسبة إلى أفراد المقيد ، كما أن إطلاق نفس المدخول لا يشمل أزيد منه ، ~~هذا ما ذكره. # وفيه أن ما ذكره وإن كان تاما في ما إذا كان المدخول منصرفا إلى شيء ؛ ~~فإن الانصراف بمنزلة التقييد المذكور في الكلام ، فقولك : «كل إنسان» لكونه ~~منصرفا إلى ذي رأس واحد بمنزلة قولك : كل إنسان ذي رأس واحد ، فإن كان تقدم ~~الأسئلة في هذه الأخبار موجبا لانصراف كلمة «الشيء» في الأفعال الصلاتية ~~كما لا يبعد ، فلا كلام ، وإلا فمجرد وجود القدر المتيقن في البين من دون ~~انصراف وإن سلمنا كونه مانعا عن الأخذ بالإطلاق وإن كان فيه أيضا كلام ~~مذكور في محله ولكن لا نسلم كونه مانعا عن الأخذ بعموم الكل ، ووجهه أن ~~الكل وارد على المدخول في عرض المقدمات لا في طولها. # وبعبارة اخرى : وضع لاستيعاب أفراد المدخول على حسب المراد اللفظي لا PageV02P388 # على حسب المراد اللبي حتى نحتاج إلى إحراز أن المراد اللبي هل هو المطلق ~~أو المقيد ثم نحكم بالاستيعاب على حسبه ، فلو لم يعلم الحال ms0986 وتردد بين ~~الأمرين وجب التوقف ، بل نحكم بالاستيعاب على حسب المراد الاستعمالي ~~ونستكشف منه كون المراد اللبي هو المطلق. # وبالجملة ، لا بد من ملاحظة المفاد اللفظي والتفرقة بين إجماله وبين ~~إهماله وإجمال المراد اللبي ، فإن كان في المفاد اللفظي إجمال يسري هذا ~~الإجمال الى الكل ، وأما إن كان فيه الإهمال بمعنى الصالحية للحمل على ~~الإطلاق والتقييد والمقسمية بينهما فالكل حينئذ يرفع الإجمال عن المراد ~~اللبي ويعينه في الإطلاق ، وعلى هذا فقول القائل : جئني بأحد وإن كان ~~محتاجا إلى ملاحظة المقدمات ، ولكن قوله : جئني بكل أحد لا يحتاج إلى ذلك ، ~~ومن هنا يظهر أنه لو تكلم بكلمة «كل» في مقام الإهمال كان ذلك استعمالا على ~~خلاف وضعه. # ومما يشهد لما ذكرنا أنه لو صرح بقيد الإطلاق في الكلام عوضا عن كلمة ~~«كل» فقيل : جئني بأحد مطلقا ، فعلى ما ذكره يحتاج إلى ملاحظة المقدمات ، ~~والبديهة تشهد بخلافه. # ونظير هذا الكلام يجري في صيغة «افعل» فإنه كما لو قيل : «كل رجل أبيض» ~~لا يلزم تجوز في الكل ، كذلك لو قيل : أكرم زيدا ، بضميمة قوله : أو عمروا ~~، لا يلزم تجوز في صيغة «افعل» ومع ذلك لو قيل : أكرم زيدا ، لا يتوقف ~~بمجرد صالحية المفاد اللفظي لكلا الأمرين وإجمال المراد اللبي بينهما ، بل ~~يؤخذ بما هو مفاد اللفظ ويرفع بسببه الإجمال عن المراد اللبي. # الموضع الثاني : بعد ما عرفت من اتحاد المضمون والمفاد من هذه الكلية ~~الواردة في الأخبار بعبارات ثلاث من التجاوز والمضي والخروج يقع الكلام في ~~أنه هل يمكن إرادة الأعم من قاعدة التجاوز وقاعدة الصحة منها أو لا؟ # فنقول : الشك في الشيء يكون في قاعدة التجاوز بمعنى الشك في وجود الشيء ~~وعدمه ، وفي قاعدة الصحة بمعنى الشك في صحة الشيء بعد الفراغ عن PageV02P389 # أصل وجوده ، والجمع بين هذين اللحاظين في كلام واحد غير ممكن ، نعم يمكن ~~تصوير الجامع بينهما بأن يقال : إن المتكلم في كلمة «في» في قوله : «كل شيء ~~شك فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه» لاحظ مطلق التعلق ms0987 الأعم من ~~التعلق بالصحة أو بأصل الوجود ، فإن الشاك في أصل صدور القراءة مثلا والشاك ~~في كيفية صدورها من الجهر والإخفات مع الفراغ عن أصل الصدور يصدق على كل ~~منهما أنه شاك في القراءة ، فالمتكلم تصور هذا الجامع تصورا حرفيا واستعمل ~~فيه كلمة «في» ولا غرو في تصور الجامع تصورا حرفيا. # كما وقع نظيره في موثقة ابن بكير الواردة في لباس المصلي حيث استعمل فيه ~~كلمة «في» في مطلق التلبس الأعم من اللباسي الظرفي ومن المحمولي المصاحبي ، ~~ومثله الكلام في كلمة «في» في قولك : من تيقن بشيء فشك فيه فليمض على يقينه ~~، إذا استعملتها في مطلق التعلق الأعم من التعلق بأصل الحدوث أو بالاستمرار ~~بعد الفراغ عن أصل الثبوت ، ومما يؤيد هذا في ما نحن فيه صحة تعقيب قولك : ~~كل شيء شك فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه ، بقولك : سواء تعلق الشك ~~بأصل وجوده أو بصحته بعد الفراغ عن أصل وجوده. # فإن قلت : وإن أمكن تصوير الجامع بحسب صدر القضية وهو قوله : كل شيء شك ~~فيه ، ولكن لا يمكن بحسب ذيله وهو قوله : وقد جاوزه ، فإن المجاوزة في ~~قاعدة التجاوز بمعنى مجاوزة محل الشيء ، وفي قاعدة الصحة بمعنى مجاوزة نفس ~~الشيء ، ففي الاولى نحتاج إلى التقدير وفي الثانية لا نحتاج إليه ، والجمع ~~بين التقدير واللاتقدير غير ممكن. # قلت : تصوير الجامع من هذا الحيث أيضا ممكن بتقدير المحل في كليهما إما ~~بأن يلاحظ خصوص المحل الشرعي ، فإن صيرورة الشك في الشيء شكا بعد مضي المحل ~~الشرعي لا يفرق فيه بين تحقق هذا الشيء في هذا المحل وعدم تحققه ، فالشك في ~~الفاتحة بعد الدخول في السورة مثلا شك بعد مضي المحل الشرعي للفاتحة ، وهو ~~ما قبل السورة ، ولا فرق في صدق ذلك بين أن يكون PageV02P390 # الشك في أصل تحقق قراءة الفاتحة وبين أن يكون الشك في كيفية قراءتها بعد ~~أصل تحقق القراءة في هذا المحل ، وعلى هذا فيتوقف إجراء قاعدة الصحة على ~~الدخول في السورة. # وإما بأن يلاحظ مطلق المحل ms0988 الأعم من المحل الشرعي والمحل العرفي الحاوي ~~للأجزاء الخارجية للشيء ، فالشك في أصل قراءة الفاتحة إنما يصير شكا بعد ~~مضي المحل بعد الدخول في السورة ، وأما الشك في كيفية قراءتها فيصير شكا ~~بعد مضي المحل بمحض الفراغ عن قراءة الفاتحة ؛ إذ يصدق أنه قد مضى محلها ~~الحاوي لأجزائها الخارجية ، وعلى هذا فلا يتوقف إجراء قاعدة الصحة بعد ~~الفراغ من نفس العمل على الدخول في شيء آخر ، هذا كله هو الكلام في إمكان ~~تصوير الجامع. # وأما في وقوعه بحسب ظاهر القضية فلا يخفى أن ظاهر الشك في الشيء هو الشك ~~في الوجود ، كما أن ظاهر التجاوز عن الشيء هو التجاوز عن نفسه ، فالصدر ~~ملائم مع قاعدة التجاوز ، والذيل مع قاعدة الصحة ، فكل منهما كان أظهر يجب ~~رفع اليد بواسطته عن ظاهر الآخر ، ولكن الأظهر هو الصدر بملاحظة أن ~~المصاديق التي جعلت هذه الكلية كبرى لها بكون الشك فيها ظاهرا في الشك في ~~الوجود ، فمع حفظ هذا الظهور لا يمكن أن يراد من القضية الشك في الصحة ، ~~فعدم إمكان الجمع بين القاعدتين إنما هو مع حفظ هذا الظهور ، وإلا فلا ريب ~~في إمكانه في حد نفسه ، وقد تقدم مثل ذلك في أخبار عدم نقض اليقين بالشك. # وحينئذ فقد يتمسك لقاعدة الصحة بتنقيح المناط بتقريب أنا قد استفدنا من ~~الأخبار أن ملاك عدم الاعتناء بالشك كون الإنسان بعيدا متجاوزا عن الشيء ~~المشكوك فيه ، ولا فرق في هذا الملاك بين كون المشكوك فيه نفس الشيء أو وصف ~~صحته ، ويؤيد هذا المعنى التعليل الوارد في بعض أخبار الوضوء من قوله : هو ~~حين يتوضأ أذكر منه حين يشك. # أو يقال بتعميم كلمة «الشيء» في صدر هذه الروايات للأجزاء والقيود ~~والكيفيات ؛ فإن الشيء كلما كان ، له نفس أمرية ، ولو كان من الامور ~~الانتزاعية التي PageV02P391 # تحققها بتحقق منشأ انتزاعها مثل الموالاة والترتيب ، وعلى هذا فيعلم من ~~الروايات حكم الشك في الصحة أيضا بملاحظة أن منشائه إما الشك في الجزء أو ~~الشك في القيد والكيفية. # والمحصل أن قاعدة الفراغ ms0989 يمكن استنباطها من هذه الأخبار إما بأن الشك ~~يشمل الشك في الوجود والشك في الصحة ، وإما بأن الشك في الشيء يشمل الشك في ~~الجزء والكيفية ، وإما بإرجاع الشك في الصحة إلى الشك في الوجود أعني وجود ~~المقيد الذي يحمل عليه عنوان الصحيح ، لا نفس هذا العنوان حتى يقال : إنه ~~أمر انتزاعي. # وتظهر الثمرة بين الوجوه الثلاثة في أنه على الأولين لا يحتاج في التجاوز ~~عن محل المشكوك إلى الدخول في الغير ، وعلى الأخير يحتاج إليه كما هو واضح ~~، ولو صح أحد الأولين أغني عن الأخير ؛ لأن الشك فيه مسبب ، كما أنه لو صح ~~الثاني أغني عن الأول بهذا السبب. # الموضع الثالث : في أن المحل الذي يعتبر التجاوز عنه هل هو المحل الشرعي ~~أو العادي، فاعلم أنه يمكن أن يقال : إنه المحل العادي ، والعادة على قسمين ~~: نوعية وشخصية ، فالاولى كما في الموالاة بين أعضاء الغسل ، فلو شك في غسل ~~الجانب الأيسر بعد تخلل الفصل المخل بالموالاة المعتادة يصدق أنه شك بعد ~~تجاوز المحل وكما في الموالاة بين الظهرين ، وكما في الموالاة بين التخلي ~~والتطهير ، والثانية ، كما في من اعتاد بإتيان الصلاة في أول الوقت أو مع ~~الجماعة ، فشك في إتيانها بعد انقضاء أول الوقت أو الجماعة ، فالمعتبر هو ~~العادة النوعية دون الشخصية. # ووجه الفرق أنه يصح في الاولى انتساب المحل إلى الشيء المشكوك على وجه ~~الإطلاق فيقال : إن محل غسل الأيسر متصل بغسل الأيمن ، ومحل العصر متصل ~~بالظهر ، ومحل التطهير متصل بالتخلية ، ولا يحتاج إلى التقييد بقولنا عند ~~النوع ، إذ الخطاب موجه إلى النوع ، كما لا يحتاج في قوله تعالى : ( ~~@QUR@03 أحل الله البيع ) PageV02P392 # إلى تقييد البيع بالعرفي ، وهذا بخلاف الحال في مورد العادة الشخصية ، ~~فإنه يحتاج إلى التقييد بقولنا : عند هذا الشخص ولو فرض أن القائل نفس هذا الشخص. # وحينئذ فلا يلزم الالتزام بالفروع التي يبعد التزام الفقيه بها ، فإن تلك ~~الفروع إنما هي في موارد العادة الشخصية دون النوعية ، ولهذا قد وقع الخلاف ~~في مثال الغسل الذي هو من موارد ms0990 العادة النوعية ، وعلى هذا فقوله : إذا شك ~~في الأذان وقد دخل في الإقامة ، ورجل شك في الأذان والإقامة وقد كبر ، في ~~مقام بيان المحل العادي ، غاية الأمر أن العادة هنا نشأت من الشرع. # ويمكن أن يقال : إن المعتبر هو الأعم من المحل الشرعي والعادي بالمعنى ~~المذكور ، وعلى هذا فيقع التعارض في مثال الغسل ونحوه بين المحل الشرعي ~~والعادي ، فمقتضى الأول كون الشك قبل تجاوز المحل ، ومقتضي الثاني كونه بعد ~~تجاوز المحل ، ولكن المتعين ترجيح الثاني ، فإن عدم الاعتناء هو المحتاج ~~إلى السبب دون الاعتناء ، فإنه من مقتضيات نفس الشك ، فالتعارض بين المقتضي ~~واللامقتضي. # ويمكن أن يقال : إن المعتبر هو المحل الشرعي دون العادي ، فإن انصراف ~~إطلاق مفهوم في كلام الشارع إلى الأفراد العرفية إنما هو فيما إذا لم يكن ~~الكلام مسبوقا بتصرف من الشارع في أفراد هذا المفهوم أصلا ، وأما إذا تصرف ~~الشارع أولا بأن عين له أفرادا وإن لم يخطئ أفراده العرفية ، ثم أطلق ~~المفهوم في كلامه فإن المفهوم حينئذ منصرف إلى الأفراد التي عين الشارع له ~~، والمقام من هذا القبيل ؛ فإن الشارع عين محل الظهرين في ما بين الظهر ~~والغروب ، وهكذا عين لسائر المشكوكات محلا ، فقوله بعد ذلك : الشك في الشيء ~~بعد تجاوز محله ليس بشيء ينصرف إلى هذه المحال. # الموضع الرابع : هل الدخول في غير المشكوك معتبر في إجراء هذا الأصل ، أو ~~يكفي مجرد مضي المشكوك والجواز عنه؟ قضية موثقة ابن مسلم «كلما شككت فيه ~~مما قد مضى فامضه كما هو» وذيل موثقة ابن أبي يعفور «إنما الشك إذا كنت في ~~شيء لم تجزه» والتعليل الوارد في باب الوضوء «هو حين يتوضأ أذكر منه حين ~~يشك» ، وقوله عليه السلام : «كلما مضى من صلاتك وطهورك PageV02P393 # فذكرته تذكرا فامضه» هو الثاني. # وقضية قوله في صحيحة زرارة : «إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشككت فليس ~~بشيء ، وفي صحيحة ابن جابر : «كل شيء شك فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض ~~عليه ،» وصدر موثقة ابن أبي يعفور : «إذا شككت في ms0991 شيء من الوضوء ودخلت في ~~غيره فشكك ليس بشيء» ، هو الأول. # ولا يخفي أن الغالب توقف المضي على الدخول في الغير كما في مضي المحل ~~الشرعي للحمد مثلا بالنسبة إلى الدخول في السورة ، فيحتمل كون القيد في ~~الأخبار الثانية واردا لنكتة هذه الغلبة ، ويحتمل كون الإطلاق في الاولى ~~واردا لذلك ، ولكن ظهور المطلق في الإطلاق أقوى من ظهور القيد في التقييد ، ~~وعلى هذا فلا يعتبر أصل الدخول في الغير فضلا عن اعتبار غير خاص. # فإن قلت : لو كان الأمر كما ذكر لما كان وجه لقوله عليه السلام في صحيحة ~~ابن جابر : إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شك في السجود بعد ما ~~قام فليمض ، حيث اعتبر الدخول في السجود في الشك في الركوع ، والدخول في ~~القيام في الشك في السجود ؛ لوضوح تحقق المضي عن المشكوك في الأول بالهوي ، ~~وفي الثاني بالنهوض ، فمن هذا يعلم علاوة على أن للدخول في الغير مدخلية في ~~الحكم ، أن مطلق الغير غير كاف ، وأنه لا يكفي إلا الأفعال الأصلية دون ~~مقدماتها. # قلت : ليس الغرض من ذلك تحديد محل الشك في الركوع والسجود بذلك ، بل ~~الغرض مجرد التمثيل ، وأما ترك الأقرب إلى المشكوك وذكر الأبعد فلعل النكتة ~~فيه عدم حصول الشك عند القرب من المشكوك أو عدم استقراره على فرض حصوله ، ~~ويتوقف حصوله واستقراره على بعد الشاك عن المشكوك في الجملة. # وكيف كان فعلى ما ذكرنا يجري هذا الأصل في الجزء الأخير من العمل بعد ~~حصول الفصل الطويل المحقق للتجاوز ، وكذا في الآيات والكلمات والحروف بعد ~~حصول الفصل المخل بالموالاة بين المشكوك وسابقه. PageV02P394 # الموضع الخامس (1): رواية ابن أبي يعفور الواردة في باب الوضوء مع قيام ~~الإجماع والصحيحة على عدم جريان قاعدة الشك بعد التجاوز في هذا الباب لا بد ~~فيها من اختيار أحد المذهبين ، الأول : ما اختاره بعض الأساتيد قدسسره من ~~كونها إشارة إلى قاعدة الفراغ وقد مر أنه على هذا لا يسلم عن محذور التخصيص ~~إلا مع التمحل الذي سبق ، والثاني : ما ms0992 اخترناه من كون ضمير «غيره» راجعا ~~إلى الوضوء ، وفرق بين الوضوء وبين سائر المركبات ، ومن هنا أمكن للشيخ ~~المرتضى قدسسره أن يقول بكون الأمر في الطهارات الثلاث متعلقا بالأمر ~~البسيط الوحداني ، ولهذا اختار الاشتغال في كل شرط أو شطر مشكوك ، فيمكن أن ~~يلاحظ الوضوء بلحاظ البساطة والوحدانية بملاحظة بساطة أثره ، ولا بلحاظ ~~سائر المركبات بهذا اللحاظ مع وجود الأثر البسيط فيها أيضا. # ويؤيد هذا الوجه أنه على هذا يكون الشيء في الذيل عين الشيء في الصدر ، ~~وعلى الأول يكون غيره كما هو واضح ، ولا يمكن أن يقال : إن الضمير راجع إلى ~~الشيء مع ارتكاب هذا التمحل أو مع التخصيص في أفراد الغير ، أما الأول فلأن ~~الإجماع والصحيحة أوجبا رجوع الضمير إلى الوضوء ، والتمحل المذكور إنما هو ~~لتصحيح ذلك ، فافهم ، وأما الثاني فلأنه موجب للتخصيص بالفرد النادر كما لا يخفى. # ويمكن أن يقال : إن الضمير راجع إلى الوضوء ، وجريان قاعدة الشك بعد ~~التجاوز لا شبهة فيه بالنسبة إلى هذا المورد المذكور في الخبر الذي هو الشك ~~في شيء من الوضوء بعد الدخول في غير الوضوء ، وإنما الإشكال في غير هذا ~~المورد وهو PageV02P395 # الدخول في جزء من أجزاء الوضوء والشك في الجزء السابق عليه ، وهذا لا ~~شبهة في خروجه عن هذه الكلية مثل سائر الكليات المذكورة في سائر الأخبار ~~بالإجماع والصحيحة من دون كونه تخصيصا في مورد الخبر. # الموضع السادس : قاعدة الشك بعد التجاوز تشمل الشروط كما تشمل الأجزاء ، ~~ولا إشكال في هذا الشمول لما مر من عموم الشيء في الأخبار ، وعلى هذا فلا ~~شبهة في الشك في الشرط إذا كان بعد الفراغ عن العمل المشروط ، وإنما الكلام ~~في موضعين ، أحدهما العمل الآخر الذي لم يدخل فيه ، والثاني نفس هذا العمل ~~بعد الدخول وقبل الفراغ ، فهل يكون الشك بمجرد الفراغ عن أحد العملين ~~المشروطين شكا بعد المحل بالنسبة إلى العمل الآخر ، وكذلك تمحض الدخول في ~~العمل المشروط ومضي بعض أجزائه يكون الشك بعد المحل بالنسبة إلى الأجزاء ~~اللاحقة ، أو لا بد من ms0993 إحراز الشرط لما يأتي من العمل والأجزاء؟ # فنقول : إن قلنا بأن اعتبار القاعدة من باب الطريقية فلا إشكال في أن ~~إحراز الشرط بالنسبة إلى ما تقدم من العمل والأجزاء كاف للعمل الآتى ~~والأجزاء الآتية ، وإن قلنا بأنه لم يلاحظ فيها الطريقية ، وإنما هي من ~~الاصول المقررة للشاك فحينئذ لا بد من التوقف على مقدار المؤدى وعدم التعدي ~~إلى غيره ، فلا بد من إحراز الشرط لما يأتى من العمل والأجزاء، هذا. # إلا أنه قد يقال في مثل الوضوء إذا شك فيه في أثناء الصلاة بأنه شك بعد ~~المحل حتى بالنسبة إلى الأجزاء المستقبلة ، وذلك لأن محل إحراز الوضوء ~~لجميع أجزاء الصلاة إنما هو قبل الصلاة ، وليس حاله كالستر ونحوه مما يمكن ~~إحرازه عند كل جزء ، وعلى هذا فلا فرق بين الشك في الوضوء في أثناء الصلاة ~~، وبين الشك فيه بعد الفراغ من الصلاة في عدم الالتفات. # إلا أنه قد يشهد على التفصيل بين هذين ، صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى ~~بن جعفر سلام الله عليهما «قال : سألته عن الرجل يكون على وضوء ، ثم يشك ~~على وضوء هو أم لا؟ قال : إذا ذكرها وهو في صلاته انصرف وأعادها ، وإن PageV02P396 # ذكر وقد فرغ من صلاته أجزأه ذلك» بناء على أن المراد في السؤال الكون على ~~وضوء باعتقاده ، ثم حصل له الشك الساري ، دون أن يكون المراد اليقين سابقا ~~والشك لا حقا حتى يكون مورد الاستصحاب فتدبر. # الموضع الثامن (1): في أصالة الصحة (2) في فعل الغير ، لا دلالة لما ~~استدل به على هذا الأصل من الآيات والأخبار مثل قوله تعالى : ( @QUR@03 ~~قولوا للناس حسنا ) بعد تفسيره بما في الكافي بقوله عليه السلام : لا تقولوا ~~إلا خيرا حتى تعلموا ما هو ، ومثل قوله عليه السلام : ضع أمر أخيك على أحسنه ~~حتى يأتيك ما يقلبك عنه ، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوء وأنت تجد لها في ~~الخير سبيلا. وقوله عليه السلام لمحمد بن الفضيل : يا محمد كذب سمعك وبصرك ~~عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسامة ms0994 أنه قال وقال : لم أقل فصدقه وكذبهم. # وما ورد مستفيضا أن المؤمن لا يتهم أخاه ، وأنه إذا اتهم أخاه انماث ~~الإيمان في قلبه كانمياث الملح في الماء ، وأن من اتهم أخاه فلا حرمة ~~بينهما ، وأن من اتهم أخاه فهو ملعون ملعون ، إلى غير ذلك مما يفيد هذه ~~المضامين أو ما يقرب منها. # وتقريب الاستدلال أن الأمر في هذه الأدلة لا يمكن صرفه إلى الاعتقاد ~~القلبي بالحسن والصحة ؛ فإن الاعتقاد أمر قهري الحصول وليس اختياره بيد ~~الإنسان ، فلا يقبل التكليف إيجابا وتحريما ، فلا بد من صرفه إلى ترتيب ~~الآثار المترتبة على الحسن والصحة ، وفي بعضها على تحريم ترتيب آثار القبح ~~والفساد ، ويدل بضميمة عدم الواسطة بين الصحة والفساد والحسن والقبح على ~~وجوب ترتيب آثار الحسن والصحة. # وفيه أن هذه الأدلة إنما هي مسوقة لبيان آداب المعاشرة ، فلا شهادة لها ~~على ما نحن فيه أصلا ، فالمراد من الآية والله أعلم هو الأمر بمكالمة الناس ~~بكلام حسن لين ولا ينافيه ما ورد في الكافي أيضا ، والمراد من الأخبار هو ~~الحمل على الحسن PageV02P397 # بمعنى عدم ترتيب آثار القبيح ، لا مطلقا حتى بالنسبة إلى ترتيب آثار ~~الحسن ، وعدم الواسطة إنما هو بين الحسن والقبيح ، لا بين حرمة ترتيب آثار ~~القبيح ووجوب ترتيب آثار الحسن ، فيمكن أن يكون ترتيب آثار القبيح حراما ~~ولا يجب ترتيب آثار الحسن ، ويجوز التوقف من هذه الجهة ، كما يشهد بذلك ~~أخبار أخر. # ومنه تظهر الخدشة في التمسك بقوله تعالى : ( @QUR@08 اجتنبوا كثيرا من ~~الظن إن بعض الظن إثم ) بتقريب أن ظن السوء إثم وإلا لم يكن شيء من الظن ~~إثما ، ولا يمكن أن يكون الأمر بالاجتناب متوجها إلى نفس الظن ، لعدم ~~اختياريته ، فيتعين صرفه إلى ترتيب آثار السوء ، وبضميمة عدم الواسطة بين ~~حرمة ترتيب آثار السوء ووجوب ترتيب آثار الحسن يتم المطلوب. # وأضعف من ذلك الاستدلال بقوله تعالى : ( @QUR@02 أوفوا بالعقود ) وقوله ~~تعالى : ( @QUR@06 إلا أن تكون تجارة عن تراض ) فإن التمسك بهما في المقام ~~الذي تكون الشبهة فيه موضوعية تمسك بالعام في الشبهة ms0995 الموضوعية. # نعم الإنصاف قيام السيرة أعني سيرة العقلاء لا خصوص المسلمين على هذا ~~الأصل في العبادات والمعاملات في الجملة ، وأن المحمول عليه عندهم هو ~~الواقعية لا الفاعلية بمعنى الصحة باعتقاد الفاعل ، ألا ترى أنهم يقتدون ~~بالإمام ولا يتفحصون عن صحة قراءته ووجود سائر شرائط الصلاة فيه ، وكذلك لا ~~يتفحصون عن حال الصفوف الفاصلة بينهم وبين الإمام ، وكذلك لا يتفحصون عن ~~صيغة الطلاق الصادر عن الغير وعقد النكاح الصادر عنه وعقود المعاملات ~~الصادرة عنه من حيث اشتمالها على الشروط المعتبرة فيها وعدمه ، مثل البلوغ ~~والعربية وحضور العدلين ونحو ذلك. # نعم لما كان هذا الدليل لبيا يقتصر فيه على المتيقن ، فالمتيقن منه صورة ~~الجهل بحال الفاعل من حيث كونه عالما بالمسألة أو جاهلا ، وعلى تقدير العلم ~~مخالفا لاعتقاد الجاهل أو موافقا ، وصورة العلم بكونه عالما وموافقا ، ~~فيبقى صورة العلم PageV02P398 # بجهله ، وصورة العلم بكونه عالما ومخالفا (1) على الإشكال. # الموضع التاسع : في تقديم أصالة الصحة في عمل نفس المكلف وفي عمل الغير ~~على الاستصحاب (2)، أما أصالة الصحة في عمل نفس المكلف وهي قاعدة الشك بعد ~~المحل فبناء على طريقيتها لا إشكال في تقدمها على الاستصحاب ، لحكومتها ~~عليه ، وأما بناء على أصليته فحق الاستصحاب وإن كان هو التقدم موافقا كان ~~أم مخالفا ، لبرزخيته بين الأصلية والأمارية ، لكن حيث إن القاعدة في ~~الغالب مبتلى باستصحاب موافق أو مخالف في موردها مثل الاستصحابات العدمية ~~على خلافها والاستصحاب الوجودي على وفاقه أحيانا ، نعم قد يتفق نادرا خلو ~~المورد عن الاستصحاب رأسا كما في الشك في موضوع الجهر ، فإنه ليس موضوع ~~الحكم مطلق وجود الجهر ومطلق عدمه ، بل وجوده وعدمه في موضوع القراءة وهو ~~غير مسبوق بالحالة السابقة ، كان العمل بالاستصحاب في جميع هذه الموارد ~~مستلزما للغوية القاعدة ، فلو لم يعمل بالقاعدة في جميعها يدور الأمر بين ~~ثلاثة امور لا يمكن الالتزام بشيء منها. # إما التخيير العملي في جميعها بين الصحة والفساد الذي هو غير معقول ، ~~وإما التخيير الاصولي في الجميع بين الأخذ بهذا الاصل والأخذ بذاك ، وهذا ~~أيضا ms0996 بلا دليل شرعي لا سبيل للعقل إلى الحكم به ؛ لأن مرجعه إلى تعيين حكم ~~الشرع ولا سبيل للعقل إليه ، وإما تعيين هذا في بعض الموارد وتعيين ذاك في ~~البعض الآخر ، وهذا تعيين بلا معين ، فيتعين العمل بالقاعدة في الجميع وطرح ~~الاستصحاب. # وأما أصالة الصحة في فعل الغير فلا إشكال في تقديمها على أصالة الفساد PageV02P399 # الموجودة معها في كل مقام سواء كانت بمعنى عدم ترتب الأثر على الفعل ~~المشكوك ، لأن الشك في ترتب الأثر وعدمه مسبب عن الشك في تمامية الفعل ~~وعدمها ، فإذا حكم بتماميته فلا حكم لهذا الشك ، أم كانت بمعنى عدم كون ~~الفعل بحيث يترتب عليه الأثر لعين ما ذكر ، فإنه ليس مفاد أصالة الصحة ~~إحراز التمامية والصحة بعنوانها ، وإنما هو إحراز نفس الجزء أو الشرط ~~المشكوك الذي هو المنشأ لانتزاع الصحة والتمامية. # نعم يبقى الكلام في الاستصحابات الموضوعية التي لا ينفك عن هذا الأصل ؛ ~~فإن الشك في صحة العمل لا محالة يكون من جهة الشك في ما يعتبر فيه من جزء ~~أو شرط ، فاستصحاب العدم إما جار في نفس هذا الجزء أو الشرط ، كما في ~~استصحاب عدم البلوغ في ما إذا شك في بلوغ العاقد ، وعلى فرض عدم جريانه فيه ~~من جهة كونه مأخوذا باعتبار الوجود في المحل كما في عربية العقد فإن ~~استصحاب العدم غير جار فيها لو شك فيها ؛ فإن العبرة بالعربية المحمولة على ~~العقد وعدمها المحمول عليه فلا عبرة بعدم العربية المطلقة يكون جاريا في ~~المقيد كأصالة عدم وجود العقد العربي في هذا المال. # فنقول : أما في ما إذا لم يكن الأصل في نفس الجزء أو الشرط جاريا فإذا شك ~~في وقوع العقد عربيا أو فارسيا واعتبرنا فيه العربية فأصالة الصحة يقتضى ~~كون العقد عربيا ، فيترتب عليه الصحة والانتقال ، وأصالة عدم وجود العقد ~~العربى فى هذا المال يقتضي عدم انتقاله. # فإن قلنا بأن مفاد الأصل الأول هو إحراز نفس العربية المشكوكة لا تطبيقها ~~على العقد فمفادها أن ما صار سببا للشك وهو المتمم للعقد حاصل ms0997 ، لا أن ~~العقد عربي ، كما أن مفاد أصالة الصحة في عمل نفس المكلف في ما إذا شك في ~~الحمد مثلا بعد مضيه أن الحمد قد أتي به ، لا أن الصلاة قد أتي بها مع ~~الحمد ، فحينئذ لا إشكال في تقدم الأصل الأول على الثاني ؛ لأن الشك في ~~وجود العقد العربي في البين وعدمه مسبب عن الشك في وجود القيد وعدمه ، ~~ضرورة أن الشك PageV02P400 # في المقيد ناش عن الشك في أحد أجزائه التحليلية من الذات والتقيد ، ~~والذات هنا محرزة بالوجدان ، والشك إنما هو في التقيد ، فإذا حكم بوجود ~~القيد فلا حكم للشك الأول ، ولا عكس. # فإن قلت : إحراز ذات القيد وحده غير كاف ، بل لا بد من إحراز التقيد أيضا ~~، وإحرازه بهذا الأصل لا يتم إلا على الأصل المثبت. # قلت : هذا إذا كان مجرى الأصل هو القيد بوصف التجرد وكان معتبرا في العمل ~~بوجوده السرياني فيه ، لا بوجوده في محل كاعتبار عدم كون اللباس من أجزاء ~~غير المأكول في الصلاة ؛ فإن استصحاب عدم كون اللباس كذلك لا يثبت تقيد ~~الصلاة بذلك ، وهذا بخلاف الطهارة ، فإنها اعتبرت في الصلاة باعتبار وجودها ~~في المصلي ، فاستصحاب الطهارة لا يحتاج إلى إحراز التقيد ؛ لأن تقيد الصلاة ~~بصدورها عن هذا الشخص محرز بالوجدان ، وهكذا الكلام في ما إذا كان مجرى ~~الأصل هو القيد مع الخصوصية. # ومن هذا القبيل ما نحن فيه ، فإن مفاد أصالة الصحة أن كل ما يكون مورثا ~~لشكك حاصل ، فيفيد القيد والتقيد جميعا. # فإن قلت : وجود المقيد مغاير للأجزاء التحليلية بالبساطة والتركيب ، ~~والإجمال والتفصيل ، والرتق والفتق ، ولا يكون أثرا شرعيا أيضا لوجود ~~الأجزاء ، فما وجه رفع الشك فيه بواسطة الأصل الجاري في الأجزاء ، فإذا كان ~~للإنسان مثلا حكم وكان الأصل عدمه واحرز الحيوان بالوجدان والناطقية بالأصل ~~فبأي سبب يترتب على هذا الأصل حكم الإنسان ، وكيف يكون هذا من الأصل السببى ~~والمسببي؟ # قلت : نعم ، ولكن إذا احرز تمام الأجزاء فقد احرز الموضوع عرفا وإن كان ~~بينهما فرق بالدقة العقلية بالإجمال والتفصيل. # وإن قلنا بأن ms0998 مفاد أصالة الصحة هو التطبيق ، فنقول أيضا بتقدمها على ~~أصالة عدم وجود المقيد ، ووجه ذلك أن وجه تقديم الأصل السببي على المسببي أنه لو PageV02P401 # قدم الأصل في السبب كان خروج المسبب من باب التخصيص ، لكونه أثرا شرعيا ~~للسبب ، ولو قدم في المسبب كان خروج السبب من باب التخصيص ، والخروج الحكمي ~~، والتخصص أولى من التخصيص. # وهذا الوجه بعينه موجود في ما نحن فيه وإن لم يكن المقام من ذاك الباب ، ~~وذلك لأن هنا شكين ، أحدهما الشك في أن العقد العربي موجود أو لا ، والثاني ~~الشك في أن هذا العقد عقد عربي أو لا؟ ، والأصل في الثاني يرفع الشك الأول ~~بمفاده الأولي ولا عكس ، أما الثاني فلأن أصالة عدم وجود العقد العربي لا ~~يثبت كون هذا العقد غير عربى إلا بالأصل المثبت ، وأما الأول ، فلأن أصالة ~~كون هذا العقد عقدا عربيا الذي هو مفاد أصالة الصحة مفادها الأولي تطبيق ~~هذا الكلي على هذا الجزئي والحكم بوجود هذا الكلي في هذا الجزئي. # وأما الكلام في ما إذا كان الاستصحاب في نفس القيد والجزء جاريا ، فينبغي ~~أولا التكلم في ضابط جريان الاستصحاب وعدمه في القيود ونحوها بحسب الكبرى. # فنقول : إن كان التقيد محتاجا اليه ولم يمكن إحرازه بالأصل لعدم الحالة ~~السابقة وكان مجرى الأصل ذات القيد المجزى والمعرى عن العلاقة والارتباط ~~بالذات فلا يكون الاستصحاب في القيد جاريا سواء كان القيد وجوديا أم عدميا ~~، وسواء كان الاستصحاب في جانب الوجود أم في طرف العدم ، وذلك لأنه يحتاج ~~إلى إثبات التقيد الذي هو المعنى الحرفي ، والمحتاج إليه في تحقق عنوان ~~المقيد الذي هو الموضوع للحكم. # ومثال ذلك في الاستصحاب الوجودي واضح ، وكذلك في العدمي سواء في صورة ~~اعتبار القيد الوجودي أم العدمي كاعتبار العربية في الصيغة واعتبار عدم ~~الوقوع في جزء حرام اللحم في الصلاة ، فاستصحاب عدمها غير جار ؛ لأن العدم ~~المرتبط ليس له حالة سابقة ، والعدم المطلق يكون استصحابه مثبتا. # فلا سبيل حينئذ إلا إلى الاستصحاب في نفس المقيد ، وقد عرفت آنفا أنه إن ms0999 ~~كان مجرى أصالة الصحة نفس القيد فالمقام من الأفراد الواضحة للشك السببي ~~والمسببي ، وإن كان مجراه هو المقيد فالمقام نظير ذاك الباب ؛ فإن هنا قضيتين PageV02P402 # مشكوكتين ، الاولى أن الإنسان مثلا موجود أو لا؟ والثاني أن هذا الشخص ~~إنسان أو لا؟ ومن المعلوم أن الأصل المتكفل لأن الإنسان معدوم لا يثبت أن ~~هذا الشخص ليس بإنسان إلا على الأصل المثبت ، ولكن الأصل المتكفل لأن هذا ~~الشخص إنسان يرفع الشك في وجود الإنسان ؛ لأنه متكفل لأمرين ، أحدهما أن ~~الإنسان موجود ، والثاني تطبيقه على هذا الشخص. # وإن كان التقيد محتاجا إليه وكان له حالة سابقة أيضا ، فاستصحاب القيد ~~وجودا وعدما جار بلا إشكال ، ومنه استصحاب الكرية والطهارة في الماء بوصف ~~كونهما مرتبطتين وقائمتين به ، واستصحاب عنوان المقيد أعني الماء الكر ~~الطاهر أيضا يجوز في هذا المورد ، ولكنه غير جار ، لكون شكه مسببا عن الشك ~~في القيد ، ثم استصحاب القيد والتقيد يترتب عليه أثر المقيد ، ولا يقال : ~~إنه يحتاج إلى إثبات عنوان المقيد ، فإن إحراز الذات بالوجدان وإحراز ~~التقيد بالتعبد يكون عند العرف عين إحراز المقيد وإن كان بينهما وبين ~~المقيد مغايرة اعتبارية. # ولهذا قلنا : إن الشك في المقيد يكون مسببا عن الشك في التقيد ، فيكون ~~بين هذين وبين المقيد بينونة وعينية عند العرف ، فبلحاظ البينونة يحكم بأن ~~شكيهما سببي مسببي ، وبلحاظ العينية يحكم بترتب الأثر الثابت للمقيد على ~~الأصل المثبت للتقيد ، وهكذا الحال بعينه في الكل والجزء ، فللعرف هنا ~~نظران متناقضان. # وإن كان التقيد غير محتاج إليه لكون القيد مأخوذا في محل كالفاعل ، ~~كاعتبار البلوغ في العاقد واعتبار الطهارة في المصلي ، فحينئذ لا إشكال ~~أيضا في جريان الاستصحاب في القيد وجودا وعدما ، كما في استصحاب الطهارة ~~لجواز الدخول في الصلاة ، واستصحاب عدمها لعدمه ، وكما في استصحاب البلوغ ~~في شخص لنفوذ العقد الصادر منه وصحته واستصحاب عدمه لعدمه ، فالقيد هنا لم ~~يجعل ساريا في العمل حتى يحتاج إلى إحراز تقيد العمل به ، وإنما لوحظ تقيد ~~الفعل بذات الفاعل وهو صدوره منه ، ولوحظ تقيد الفاعل ms1000 بهذا القيد ، وهذا ~~التقيد والقيد كلاهما محرز بالاستصحاب ؛ لوجود الحالة السابقة لهما. PageV02P403 # وحينئذ نقول : إن كان مجرى أصالة الصحة في عمل الغير نفس القيد والتقيد ~~حصل المعارضة بينها وبين هذا الاستصحاب ، وإن كان مجراها هو المقيد كان هذا ~~الاستصحاب حاكما ومقدما عليها ؛ لأن الشك في المقيد ناش عن الشك في القيد. # فإن قلت : إن هذا الاستصحاب غير جار حتى يكون معارضا أو حاكما ، وذلك ~~لعدم الأثر له ، فإن الأثر للعقد الصادر من البالغ ، فعدم الأثر مسبب عن ~~عدم العقد الصادر عن البالغ ، وبهذا الاستصحاب يحرز العقد الصادر عن غير ~~البالغ ، وهو مضاد للعنوان الأول الذي هو السبب ، وملازم للعنوان الثاني ~~الذي هو نقيض السبب. # قلت : يكفي في شمول أدلة الاستصحاب والقابلية لجعل الشارع كون القيد ~~دخيلا في الأثر ، وثبوت الأثر التعليقي له ، وهو أن البالغ لو صدر منه ~~العقد فهو نافذ ، وغير البالغ لو صدر منه العقد فغير نافذ ، فللشارع ~~التوسعة والتضييق في هذين الموضوعين لهذين الأثرين التعليقيين ، فله أن ~~يحكم في شخص بالبالغية فيحكم بنفوذ العقد الصادر منه ، وفي آخر بعدمها ، ~~فيحكم بعدم نفوذ العقد الصادر منه. # وإن شئت قلت : إن أثر البالغ أن عقده نافذ ، وأثر غير البالغ أن عقده غير ~~نافذ ، فحال هذين الموضوعين حال موضوع الخمر ، حيث أن أثره أن شربه حرام. # فإن قلت : هذا الاستصحاب مثبت ؛ لأن ارتفاع الأثر مسبب عن ارتفاع مطلق ~~السبب أعني العقد الصادر من بالغ ، وغاية الأمر ارتفاع السببية عن هذا ~~العقد الشخصي بالاستصحاب ، وارتفاع الكلي إنما يكون بارتفاع جميع أشخاصه ، ~~فلا بد من انضمام القطع بعدم صدور سائر الافراد من العقود الصادرة عن ~~أولياء هذا الشخص المأذونين من قبله ، فيحكم بعدم الكلي بانعدام بعض ~~الأفراد بالوجدان ، وانعدام بعضها بالأصل ، وهذا من الأصل المثبت ؛ فإن عدم ~~الكلي بانعدام الأفراد عقلي إلا في ما إذا كان الجامع شرعيا وكان ترتيب ~~عدمه على عدم جميع الأفراد ، ووجوده على وجود أحدها بترتيب الشرع كالحدث ~~والطهارة ونحوهما. # وأما استصحاب عدم الجامع فرفع اليد عن الفرض ms1001 ؛ فإن الفرض إتمام المقصود PageV02P404 # باستصحاب عدم البلوغ في هذا الشخص الذي صدر منه هذا العقد ، لا باستصحاب ~~عدم العقد الصادر عن البالغ في هذا المال. # قلت : قد يكون الأثر مرتبا على الكلي باعتبار صرف الوجود فلا مدخلية ~~لخصوصيات الأفراد في الأثر أصلا ، وقد يكون باعتبار الوجود الساري ، وحينئذ ~~يكون لكل وجود من الوجودات الخاصة أثر مستقل كحرارة النار ، ومن هذا القبيل ~~ما نحن فيه ؛ فإن قوله تعالى : ( @QUR@02 أوفوا بالعقود ) حكم على أشخاص ~~العقود ، وحينئذ فنفي بعضها بالقطع وبعضها بالأصل لرفع الأثر المترتب على ~~كل واحد مما لا مانع عنه أصلا. # بقي الكلام في وجه تقديم أصالة الصحة على هذه الاصول الموضوعية المقتضية ~~للفساد مع ما عرفت من معارضتها لهذا الأصل أو حكومتها عليه بحسب المفاد. # فنقول : وجهه أنه لو عمل بتلك الاصول في هذه الموارد دونه يلزم لغوية هذا ~~الأصل الثابت حجيته ببناء العقلاء وقلة فائدته وندرة مورده ، فإن الشك في ~~الصحة ناش من الشك في الإخلال ببعض الأجزاء والشرائط المعتبرة فيه ، ومقتضى ~~الأصل غالبا عدم هذا الشيء الذي نشأ الشك منه كما لا يخفي ، فالكلام هنا ~~على نحو ما مر في قاعدة الشك بعد تجاوز المحل. # ثم لو فرضنا قلة موارد جريان هذه الاصول أمكن التمسك لتقديم أصالة الصحة ~~عليها أيضا ، بالسيرة ، فانها قائمة على العمل بأصالة الصحة في موارد وجود ~~تلك الاصول كاستصحاب كون المصلي محدثا ، وعدم مأذونية البائع من المالك ، ~~وبقاء المبيع على مالية الغير ونحو ذلك ، ولا يخفي أن السيرة على العمل ~~الخارجي ولا يمكن الاكتفاء في ردعها بالعموم والإطلاق ، بل لا بد من ~~التنصيص والتصريح ، فحيث لم يرد ، كشف عن رضاهم عليهم السلام بها وإمضائهم ~~لها ، والحاصل أن السيرة على العمل الخارجي لا يمكن أن يعارض بالعمومات ~~والإطلاقات الدالة على المنع. # * * * PageV02P405 ### | الامر الحادي عشر : # اعلم أنه صرح شيخنا المرتضى قدسسره في غير واحد من كلماته بأن وجه تقديم ~~الأمارات على الاستصحاب هو الحكومة (1)، وضابطها على ما قرره قدسسره في ~~مبحث التراجيح أن يكون أحد الدليلين ms1002 بمدلوله اللفظي ناظرا إلى مدلول دليل ~~آخر بما هو مدلول الدليل ، وكان بمنزلة «اعني» وبحيث لو لم يكن الدليل ~~المحكوم كان لغوا ، كما يكون كلمة «اعني» لغوا لو لم يكن مسبوقا بلفظ كان ~~هو تفسيرا له ، ولا يخفي وجه التقديم في كل دليلين كانا كذلك، ولكن الشأن ~~في ثبوت هذا في موارد نحكم بالحكومة ، كأدلة نفي الضرر والعسر والحرج ~~بالنسبة إلى أدلة الأحكام ، وكأدلة الامارات بالنسبة إلى أدلة الشكوك ، ~~وكقوله : لا شك لكثير الشك بالنسبة إلى أدلة الشكوك في الصلاة. # ولا يخفي عدم تماميته فيها ، ووجه ذلك أنه لا لغوية في قوله : لا ضرر ~~مثلا لو لم يكن في البين أدلة الأحكام ، سواء فسرناه بنفي الحكم الضرري ، ~~أم بنفي الموضوع الضرري، أما على الاول فواضح ، وأما على الثاني كما في ~~قوله : «لا شك لكثير الشك» فلأن نفي الموضوع وإن كان لا بد وأن يكون بلحاظ ~~نفي الحكم ، ولكن لا يلزم أن يكون بلحاظ الحكم المدلول للفظ ، بل ولا ~~لقاعدة بما هو مدلول لهما ، بل يكفي أن يكون بلحاظ نفي الحكم واقعا ، كما ~~هو الحال في قوله عليه السلام : «رفع ما لا يعلمون». # وهنا طريق آخر يمكن إرجاع كلام الشيخ إليه ، وهو أن يقال : قد تعلق الحكم ~~على موضوع واقعي كقوله : أكرم العلماء ، فإنه إنشاء وجوب الإكرام في موضوع PageV02P406 # العلماء وقوله : لا تكرم العلماء إنشاء التحريم في موضوع العلماء وقوله : ~~لا تكرم الفساق من العلماء ، إنشاء التحريم في موضوع الفساق من العلماء ، ~~وحينئذ يتحقق التعارض إما بالتباين الكلي كما بين الأولين ، أو بالجزئى كما ~~بين الأول والثالث ، وقد تعلق الحكم على نفس الحكم كقوله : الحكم الضرري لم ~~أجعله ، وإيجاب إكرام الفاسق ما أنشأته ، وهذا حاكم على قوله : أكرم ~~العلماء ؛ فإن العقلاء إذا لاحظوا هذين لم ينقدح في نفسهم التعارض ، فإن ~~إسناد إرادة المعنى الحقيقي في أصالة الحقيقة والعموم في أصالة العموم من ~~اللفظ إلى المتكلم يكون مغيا بعدم إظهار من المتكلم على خلافه ، فإذا قال : ~~ما أردت وجوب إكرام الفاسق ، فأصالة ms1003 الحقيقة وأصالة العموم المقتضيان ~~لإرادة المتكلم إيجاب إكرام الفاسق لا محل لهما. # وسر ذلك أن قولنا : أكرم العلماء ، ليس معناه إسناد إرادة معناه إلى ~~المتكلم ، وانما هو متكفل لنفس المعنى ، وإسناد إرادة معناه إلى المتكلم ~~يكون بحكم العقلاء ، وأما قولنا : ما أردت إيجاب إكرام الفاسق فمفاده ~~اللفظي إسناد للإرادة إلى المتكلم نفيا ، فلا بد أن لا تعارض أصالة العموم ~~في قوله : ما أردت الخ بأصالة العموم في قوله : أكرم العلماء وإن فرض كون ~~أصالة العموم في الثاني أرجح منها في الأول. # مثلا لو قال : جاءني أسد أعني الرجل الشجاع ، وكان كلمة «أعني» مرددة بين ~~التفسير ومعنى آخر أجنبي عنه وكان ظاهرا في التفسير ، فأصالة الحقيقة فيه ~~يقتضى الحمل على التفسير ، وأصالة الحقيقة في الأسد يقتضي الحمل على ~~الحيوان المفترس ، فهل ترى ترددا من نفسك في تقديم الأصالة الاولى على ~~الثانية ولو فرض كونها أقل ظهورا من الثانية؟، وهذا بخلاف ما لو قال : رأيت ~~أسدا يرمي ، فإنه يجب مراعاة الأقوى ظهورا من اللفظين. # ومن هنا يظهر ما في ما ادعاه بعض الأساتيد من اعتبار كون الدليل الحاكم ~~أظهر في حيث شارحيته من الدليل المحكوم ، وهذا وإن كان ممكن الانطباق على PageV02P407 # دليل نفي الضرر ونحوه كما لا يخفي ، ولكنه غير ممكن الانطباق على ما نحن ~~فيه من أدلة الأمارات والاصول ؛ فإنه مبني على أن يكون مفاد دليل اعتبار ~~الأمارة تنزيل مؤدى الأمارة منزلة الواقع ، وتنزيل الشك معها منزلة العدم ~~واليقين حتى يكون مرجع التنزيل الثاني إلى نفي الآثار المجعولة للشك ، ~~فيكون معنى «صدق العادل» : اعمل بمفاد قوله وألق احتمال الخلاف ، ومن ~~المعلوم أن مؤدى دليل الاعتبار ليس إلا تنزيل مؤدى الأمارة منزلة الواقع من ~~دون تعرض لحال احتمال الخلاف ، مثلا لو أخبر البينة بأن هذا نجس ، فمفاد ~~دليل الاعتبار أنه نجس واقعا من دون تعرض لأن احتمال الطهارة يكون كالعدم. # وبالجملة ، تقريب الحكومة متوقف على استفادة هذين التنزيلين من دليل ~~الأمارة ، وهو إما غير معقول ؛ لاستلزمه اجتماع اللحاظين المتنافيين كما مر ~~تفصيله ms1004 في مبحث القطع وإما لا يمكن استظهاره من دليل الأمارة ، فمفاده ~~تنزيل المؤدى ليس إلا ، كما أن مفاد دليل الأصل أيضا تنزيل حكمه منزلة ~~الواقع ، فمن هذه الجهة لا فرق بينهما ، فمفاد جميع أدلة الاعتبار مفاد ~~قوله : «العمري وابنه ثقتان ، ما أديا إليك فعني يؤديان» وهو التنزيل منزلة ~~الواقع فقط ، وأما قوله : «لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك في ما يؤدي ~~عنا ثقاتنا» فليس مفاده إلا نفي التشكيك من جهة الأخذ بقوله ، لا رفع ~~التشكيك من جهة الواقع بمعنى رفع آثاره. # وحينئذ لا بد لوجه التقديم في ما نحن فيه من التماس طريق آخر ، فنقول : ~~كما أنا قد قلنا في مبحث القطع بأن القطع المأخوذ في الموضوع قد يؤخذ على ~~وجه الطريقية ، وقد يؤخذ على وجه الصفتية ، والمراد بالأول هو الجامع بين ~~القطع وسائر الطرق ، وهو مطلق انفتاح باب الواقع والتمكن منه ووصول اليد ~~إليه بحيث أمكن المكلف أن يقول : هذا هو الواقع ، سواء كان بطريق وجداني أم ~~عقلائي ، أم شرعي ، والمراد بالثاني خصوص الكشف التام المانع عن النقيض ، ~~كذلك الشك PageV02P408 # المأخوذ موضوعا قد يؤخذ على وجه الصفتية وهو أن يكون المكلف متزلزلا ~~مترددا بين الوجود والعدم وعدم الاحتمال المانع عن النقيض في شيء من ~~الطرفين. # وقد يؤخذ على معنى انسداد باب الواقع على المكلف وانقطاع يده عنه بالمرة ~~بحيث لم يكن له أن يقول : هذا واقع ، ولا إشكال أن كلا من الأمارة والأصل ~~طريق إلى الواقع ، فمع كل منهما يمكن للمكلف أن يقول : هذا واقع ، فإن مفاد ~~قاعدة الطهارة أن هذا طاهر، يعني بمنزلة الطاهر الواقعي ، ومفاد قاعدة الحل ~~أن هذا حلال ، يعني بمنزلة الحلال الواقعي ، ومفاد الاستصحاب أن العمل ~~السابق عملك في الحال ، يعني أنه بمنزلة العمل الواقعي ، كما أن مفاد دليل ~~حجية الأمارة أن مؤدى الأمارة من الوجوب أو الحرمة أو غير ذلك يكون بمنزلة ~~الواقع. # والفرق أن موضوع الأمارة هو الشك الوصفي والترديد في الواقع ، وموضوع ~~الأصل هو التحير في العمل المنسوب إلى الواقع بواسطة ms1005 عدم الطريق لا إلى نفس ~~الواقع ولا إلى بدله وما هو بمنزلته. # نعم حيث لا يمكن أن يكون الحكم رافعا لموضوعه وجب أن يكون الموضوع هو ~~التحير مع قطع النظر عن حكم هذا الأصل ، لا التحير المطلق ؛ فإن الأصل أيضا ~~كما مر طريق إلى ما هو بمنزلة الواقع ، فلا تحير معه. # وحينئذ فقيام الأمارة يرفع التحير لو لا الأصل وجدانا ، وقيام الأصل لا ~~يرفع الشك والترديد في الواقع ، وهذا معنى الورود ، ولا فرق في ذلك بين ~~الشبهة الحكمية والموضوعية ، فإن الخل الذي يحتمل انقلابه إلى الخمر مثلا ~~إذا قام البينة على خمريته يزول التحير في خمريته ؛ لوجود الطريق على ~~الخمرية ، فيحكم بالنجاسة وحرمة الشرب ، هذا. # ولكن الشأن في استظهار الشك اللاطريقي من لفظ الشك الواقع في قوله : «لا ~~تنقض اليقين بالشك» ومن الغاية في قوله : «كل شيء طاهر حتى تعلم» و «كل شيء PageV02P409 # حلال حتى تعلم» إلى غير ذلك من سائر ادلة الاصول فنقول : يمكن استظهاره ~~بوجهين : # الأول : بدعوى أن الغالب من حال من يكون بصدد بيان حال الشك في الواقعيات ~~أن يكون متعرضا لحال انقطاع اليد عنها رأسا ومن جميع الوجوه ، لا لحال وصف ~~الترديد فيها وإن كان للمكلف طريق إلى الواقع رافع لحيرته وجدانا ، فالمراد ~~من اليقين والشك في مثل قوله : «من كان على يقين فشك» الخ هو عدم التحير ~~ووجود الطريق ، ووجود التحير وعدم الطريق. # الثاني : من المعلوم أن اعتبار الأمارات والاصول إنما هو في حق غير ~~القاطع بالواقع ، وأما القاطع بالوجود أو بالعدم فليس في حقه أمارة ولا أصل ~~، وهذا واضح يحكم به العقل ، ولم يرد في شيء من أدلة اعتبار الأمارات ~~التقييد بصورة الشك ، وجميع أدلة الاصول مقيدة بذلك ، فيستكشف من هذا يعنى ~~تغيير الاسلوب في البابين أن الشك المأخوذ في باب الاصول يكون المراد به ~~الحيرة وعدم الطريق ، فيكون في الاصول شيئا زائدا معتبرا علاوة على ما ~~يعتبر في الأمارات أيضا بحكم العقل وهو الشك الوصفي. # ثم على فرض عدم استظهار الشك اللاطريقي من ms1006 أدلة الأصل فلا أقل من مساواته ~~مع احتمال الشك الوصفي ، لا ظهور الثاني ، فيكفي في المطلوب ذلك أيضا لحصول ~~الإجمال في دليل الأصل المسقط عن الاستدلال ، فيكون إطلاق دليل الأمارة ~~سليما عن المعارض هذا. # فإن قلت : التحير موجود ابتداء وإن كان بعد تقديم أصالة الإطلاق في دليل ~~الأمارة يرفع حقيقة ، ولكنه بعد أول الكلام ، فلم لا تقدم أصالة الإطلاق في ~~دليل الأصل؟. # قلت : وجهه أنه لو عمل بأصالة الإطلاق أو العموم في دليل الأصل يلزم رفع ~~اليد عن الحكم في دليل الأمارة مع وجود الموضوع ، وهذا تقييد وتخصيص ، ولو PageV02P410 # عمل بأصالة الإطلاق أو العموم في دليل الأمارة يلزم رفع اليد عن الحكم في ~~دليل الأصل بارتفاع الموضوع ، وهذا تقيد وتخصص ، ومتى دار الأمر بين ~~التقييد والتخصيص وبين التقيد والتخصص ، فالتقيد والتخصص أولى. # وإن شئت قلت : إن العمل بأصالة الإطلاق أو العموم في دليل الأمارة ليس ~~فيه مخالفة قاعدة أصلا ، والعمل بأصالة الإطلاق أو العموم في دليل الأصل ~~مستلزم لأحد محذورين ، إما التقييد والتخصيص بلا جهة ، وإما التقييد ~~والتخصيص مع الجهة لكن على وجه دائر ، وذلك لأن حكم الأصل إن لم يكن قرينة ~~على التقييد والتخصيص في دليل الأمارة يلزم تقييد دليل الأمارة وتخصيصه بلا ~~جهة ؛ إذ المفروض عدم قرينة اخرى أيضا ، وإن كان قرينة على التقييد ~~والتخصيص فهذا متوقف على وجود التحير توقف الحكم على وجود الموضوع ، ووجود ~~التحير أيضا موقوف على قرينيته على التخصيص أو التقييد كما هو واضح. # والعجب من شيخنا المرتضى قدسسره حيث إنه بعد البناء على أن المراد من ~~الشك في الاصول عدم الدليل والطريق والتحير في العمل ومع قيام الدليل ~~الاجتهادي ، لا حيرة ، قال ما لفظه : إنه لا يرتفع التحير ولا يصير الدليل ~~الاجتهادي قطعي الاعتبار في خصوص مورد الاستصحاب إلا بعد إثبات كون مؤداه ~~حاكما على مؤدى الاستصحاب ، وإلا أمكن أن يقال : إن مؤدى الاستصحاب وجوب ~~العمل على الحالة السابقة مع عدم اليقين بارتفاعها ، سواء كان هناك الأمارة ~~الفلانية أم لا ، ومؤدى دليل تلك ms1007 الأمارة وجوب العمل بمؤداه ، خالف الحالة ~~السابقة أم لا ، ولا يندفع مغالطة هذا الكلام إلا بما ذكرنا من طريق ~~الحكومة كما لا يخفي ، انتهى. # إذ فيه أنه كيف يمكن أن يكون للحكم إطلاق بالنسبة إلى وجود موضوعه وعدمه ~~وحينئذ فيكفينا إطلاق دليل الأمارة من دون حاجة إلى إثبات الحكومة ، PageV02P411 # اللهم إلا أن يقال : إن كلامه قدسسره مبني على مقدمة غير مذكورة في ~~الكلام وهو أنه بعد البناء على أن الموضوع في الاصول هو التحير يكون في ~~الأمارات أيضا ذلك بشهادة القطع باتحاد النسق في الأمارات والاصول ، ومعلوم ~~أن تقديم الأمارة حينئذ يبتني على تقريب الحكومة بأن يقال : إن مفاد دليل ~~الأمارة أن المؤدى بمنزلة الواقع ، والتحير أيضا بلحاظ أثره الذي هو حكم ~~الأصل بمنزلة العدم. # إلا أن يقال : إن تقييد إطلاق دليل الأمارة بوجود الشك الوصفي معلوم بحكم ~~العقل ، وأما تقييده بالشك اللاطريقي فلا دليل عليه ، فإطلاقه من هذه الجهة محفوظ. # وهنا تقريب آخر وهو أن يقال : إن الاصول أحكام في موضوع الشاك في الواقع ~~، والأمارات أحكام لا في هذا الموضوع ، بل في فرض الشك ، والملحوظ فيها رفع الشك. # وتوضيح ذلك أنه قد يكون الحكم في القضية الاخبارية أو الإنشائية في فرض ~~الشك وبغرض رفعه كما في غالب القضايا الإخبارية ، حيث إن المخبر له فيها ~~ذات الخاطب ، لا هو بوصف كونه جاهلا بمضمون القضية ، لكن الغرض فيها إعلام ~~المخاطب ورفع الشك عنه بحيث لو علم المتكلم بعلم المخاطب لما أخبر إلا في ~~مثل «حفظت التوراة» مما يكون المقصود فيها إعلام المخاطب بعلم المتكلم ~~بمضمون القضية ، وقد يكون الحكم معلقا على عنوان الشك بحيث يكون عنوان ~~الشاك محكوما بحكم كذا. # ووجه الجمع أن حكم الاصول مجعول في مرحلة بقاء الشك واستقراره ، وحكم ~~الأمارات مجعول في مرحلة ابتداء الشك بغرض رفعه ، وحيث لا رفع حقيقة فيكون ~~الرفع بلحاظ آثار الشك ، وهذا تقريب الحكومة ، لكن لا بمعنى أن لسان دليل ~~الأمارة بمفاده اللفظي لسان الحكومة ، بل بمعنى أن دليل الأمارة بمعاونة ~~هذا الغرض ms1008 حاكم على دليل الأصل ، فهذا جمع بين الدليلين بحسب اللب لا بحسب PageV02P412 # المفاد اللفظي ، وهذا سالم عن إشكال الجمع بين اللحاظين ، فإن المستحيل ~~هو اجتماعهما عرضا ، وهذا جمع بينهما طولا وهو بمكان من الإمكان. # وعلى هذا فالعلم والشك في الاصول والأمارات مأخوذان على وجه الصفتية ، ~~ولكن لا يلزم من هذا البيان رفع الآثار الثابتة لوصف الشك إلا من حيث ~~التحير فى الواقع ، ولا إثبات الآثار الثابتة لوصف العلم إلا من حيث عدم ~~التحير فيه ، وأما الآثار الثابتة لهما من غير هذا الحيث كقولك : إذا شككت ~~في كذا فتصدق بدرهم ، وإذا علمت به فصل ركعتين فلا ؛ إذ ليس في دليل ~~الأمارة نظر إلى تلك الآثار. # وأما وجه الاستظهار فهو أنه كما أن نفس قول الصادق صلوات الله عليه يكون ~~بغرض التنبيه والإعلام ورفع الشك وإزالة الجهل كذلك دليل تنزيل ما ينزل ~~بمنزلته من محكي قول العادل أيضا ظاهر في كونه بهذا المنوال ، فكما أن قول ~~الصادق صلوات الله عليه : الصلاة كذا ، والصوم كذا ونحو ذلك يكون بغرض رفع ~~الجهل ، كذلك قوله عليه السلام : «ما أديا إليك فعني يؤديان» أيضا ظاهر في ~~كونه بهذا الغرض ، وكما أن الأخذ من نفس المعصوم يكون بغرض الاستفهام ~~والاستعلام ، كذلك الأمر بالأخذ في قوله : «خذ معالم دينك من فلان» أيضا ~~ظاهر في كونه بغرض الإفهام والإعلام. # بل نقول : إن تنزيل الشك منزلة العدم والعلم هو المصرح به في قوله ~~عليه السلام : «لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يروي عنا ثقاتنا» ~~ويدل بالالتزام على تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، فالأمر في هذا على عكسه في ~~قوله : «ما أديا إليك فعني يؤديان» ، فالمصرح به فيه تنزيل المؤدى ، ويدل ~~التزاما على تنزيل الشك ، لكن هذا الخبر خبر الواحد ، وبخبر الواحد لا يثبت ~~كيفية حجية خبر الواحد. # ولبعض الأساطين تقريب آخر ، قال : لا يخفي أن مجرد الدليل على الخلاف وإن ~~لم يوجب خروج المورد عن مورد الاستصحاب ، إلا أنه يخرجه حقيقة عما تعلق به PageV02P413 # النهي في أخبار الباب من ms1009 النقض بالشك ، فإنه لا يكون معه نقضا بالشك ، بل ~~بالدليل ، فلا يعمه النهي فيها كما لا يخفي ، وليس أفراد العام هاهنا هو ~~أفراد الشك واليقين كي يقال: إن الدليل العلمي إنما يكون مزيلا للشك بوجوده ~~، بل أفراده أفراد نقض اليقين بالشك ، والدليل المعتبر ولو لم يكن علميا ~~يكون موجبا لأن لا يكون النقض بالشك ولو مع الشك ، بل بالدليل. # ثم أخذ في الإشكال بما أشرنا إليه من أن الورود إنما يتم في صورة تقديم ~~دليل الأمارة ، وهو بعد أول الكلام والجواب عنه ، ثم إبطال تقريب الحكومة. # ثم قال ، لا يقال : قضية قوله في بعض أخبار الباب : «ولكنه تنقضه بيقين ~~آخر» هو النهي عن النقض بغير اليقين والدليل المعتبر غير موجب لليقين مطلقا ~~، فكيف يقدم كذلك. # لأنا نقول : لا محالة يكون الدليل موجبا لليقين ، غاية الأمر لا ~~بالعناوين الأولية للأشياء ، بل بعناوينها الطارئة الثانوية ، مثل ما لو ~~قام على وجوبه أو حرمته خبر العدل ، أو قامت البينة على ملكيته ونجاسته ~~بالملاقاة إلى غير ذلك من العناوين المنتزعة من سائر الأمارات ، وبأدلة ~~اعتبارها علم أحكام هذه العناوين بلا كلام ، فلا يكون نقض اليقين إلا ~~باليقين بالخلاف ، ولا منافاة بين الشك فيه من وجه القطع من وجه آخر. # وبذلك انقدح وجه تقديم الأمارات على سائر الاصول ، وذلك لأنها أحكام لما ~~شك في حكمه ولم يعلم بوجوبه أو حرمته بوجه ، ضرورة أن ما علم حكمه ولو من ~~وجه ليس محكوما بالحلية ب «كل شيء لك حلال» مثلا ، وقد علم بوجه وببعض ~~العناوين حكم المشكوك عند قيام الأمارة ، فما قامت الأمارة المعتبرة على ~~حرمته أو خمريته قد عرفت حرمته، فدخل في الغاية ، فلا يعمه حكم المغيا في ~~«كل شيء لك حلال» كما لا يخفي : انتهى كلامه ، رفع مقامه. PageV02P414 # ويشكل بأنه بعد البناء على أن المراد باليقين في قوله : «ولكن تنقضه ~~بيقين آخر» وبالعلم في غايات سائر الاصول هو المتعلق بالأعم من الحكم ~~الأولى المتعلق بالعنوان الأولي والحكم الثانوي المتعلق بالعنوان الثانوي. # وبعبارة اخرى : المتعلق بالحكم ms1010 الفعلي الأعم من الواقعي والظاهرى يؤول ~~الأمر بالأخرة إلى جعل الشك في باب الاستصحاب مثل سائر الاصول متعلقا ~~بالحكم الفعلى (1)، وحينئذ فما معنى قوله قدسسره : وليس أفراد العام هاهنا ~~الخ ، بل المتعين أن يقال : إن الشك قد اخذ وصفا لا بمعنى التحير ، ولكن ~~وقع التصرف في متعلق الشك ، حيث جعل الحكم الفعلي دون خصوص الواقعي ، وحيث ~~إن احتمال التناقض كقطعه مستحيل فلا بد من جعله الحكم الفعلي من غير جهة ~~الشك لا من تمام الجهات. # وكذلك يبتنى على القول بجعل الحكم في الأمارات دون جعل الحجية ، وكذا يجب ~~أن يكون الموضوع هو الشك في الحكم الفعلي من غير جهة هذا الأصل ، لئلا يكون ~~الحكم رافعا لموضوعه ، وحينئذ فلا شبهة أنه عند قيام الأمارة يرتفع الشك في ~~الحكم الفعلي من غير جهة الأصل وجدانا ، وهذا معنى الورود. # ولكن ينقدح حينئذ الإشكال بأنه لا وجه لاختصاص هذا المطلب أعني كون ~~المتعلق هو الحكم الفعلي بالاصول ، بل الحال في الأمارات أيضا كذلك ، ~~فالقاطع بالحكم الفعلي ليس موردا للأمارة ، كما لا يكون موردا للأصل فلو ~~قطع في مورد باعتبار الاستصحاب مثلا في قبال الأمارة كان ذلك ورودا بالنسبة ~~إلى الأمارة لا تخصيصا ، وحينئذ فلا محيص عن القول بأن الأمارات الملحوظ ~~فيها رفع الشك ، والاصول موضوعها الشاك ؛ فإن جعل المتعلق الحكم الفعلي ~~تحقق ورود الأمارة على PageV02P415 # الأصل ؛ لارتفاع الشك في الحكم الفعلي من غير قبل الأصل حقيقة بقيام ~~الأمارة ، وإن جعل الحكم خصوص الحكم الواقعي تحقق حكومة الأمارة على الأصل ~~بالتقريب المتقدم. # فاتضح من هنا صحة الكلام المتقدم من شيخنا المرتضى طاب ثراه وعدم ورود ~~الإيراد الذي أوردناه عليه. # ويشكل على ما ذكره قدسسره أيضا بأنه لا يتم في الشبهة الموضوعية ؛ فإن ~~متعلق اليقين والشك فيها نفس الموضوع لا الحكم ، والموضوع غير قابل للجعل ، ~~فلا يتبدل الشك فيه بالقطع في مرحلة الفعلية عند قيام الأمارة ، فلو قطع ~~بالفسق ثم شك في تبدله بالعدالة وقامت البينة على العدالة ، فبهذه البينة ~~لا تصير العدالة مجعولة كما يصير ms1011 الحكم في الشبهة الحكمية مجعولا ، بل الشك ~~في العدالة والفسق بعد محفوظ ، فلا يتم في هذه الشبهة تقريب الورود مع كون ~~الشك مأخوذا على وجه الصفتية. نعم لو جعل بمعنى الحيرة وعدم الطريق تم ~~تقريب الورود في هذه الشبهة أيضا ، كما هو واضح. # تتمة : في وجه تقديم الاستصحاب على ما عداه من سائر الاصول (1)، أما ~~تقديمه على البراءة العقلية والاحتياط والتخيير فواضح أنه للورود ، لوجود ~~البيان والمؤمن ورفع التحير حقيقة بوجود الاستصحاب. # وأما البراءة الشرعية المستفادة من قوله عليه السلام : «كل شيء مطلق حتى ~~يرد فيه نهي» فذهب بعض الأساتيد قدسسره إلى أن تقديم الاستصحاب عليه أيضا ~~للورود ، بتقريب أن الفعل الذي شك في بقاء حرمته وارتفاعها بعنوان أنه نقض ~~لليقين السابق ورفع اليد عنه والجري على خلاف الحالة السابقة يكون حراما ، ~~فيدخل في الغاية حقيقة وهو ما ورد فيه النهي ويخرج عن المغيى كذلك أعني ~~المشكوك الحرمة ، فإن المراد بالغاية هو النهي الأعم من المتعلق بالعنوان ~~الأولي و PageV02P416 # المتعلق بالعنوان الثانوي ، والمراد بالمغيا هو مشكوك الحرمة بجميع ~~العناوين ، وهذا بخلاف أصالة الإباحة والحل ، فإن لسان دليلها أن المشكوك ~~حلال ، وهذا تجويز لنقض اليقين بالشك ، فيكون تخصيصا في دليل الاستصحاب. # وفيه أن الحال في الاستصحاب هو الحال في أصالة الإباحة ، فالفعل الذي شك ~~في حرمته في مرحلة البقاء محكوم بالحرمة في دليل الاستصحاب ، والفعل الذي ~~شك في حرمته في مرحلة الثبوت محكوم بالحلية في أصالة الإباحة ، وأما عنوان ~~نقض اليقين السابق ورفع اليد عنه ، والجري على خلاف الحالة السابقة ، ~~وإمضاء اليقين السابق والجري على وفاق الحالة السابقة وعنوان المتيقن سابقا ~~، فكل هذا إشارة إلى كون الشك في مرحلة البقاء والاستمرار ، فموضوع حكم ~~الاستصحاب هو المشكوك الاستمراري لا عنوان آخر غير الشك ، ولو سلم ~~الموضوعية لهذا العنوان فإنما يتم هذا التقريب لو جعل الشك في باب ~~الاستصحاب خاصا بالشك في العنوان الأولي ، وأما لو جعل فيه أيضا شكا بجميع ~~العناوين كما مر أن كلامه قدسسره يرجع إلى هذا فيتحقق الورود من ms1012 كلا ~~الطرفين كما لا يخفى. # وذهب شيخنا المرتضى طاب ثراه إلى الحكومة بتقريب أن الإباحة في أصالة ~~الإباحة مغياة بورود النهي في الشيء بعنوانه الخاص ، لا بعنوان كونه مشكوك ~~الحكم ودليل الاستصحاب مفيد ؛ لأنه متى ورد النهي في زمان في الشيء بعنوانه ~~الخاص يجب تعميم هذا النهي وإبقائه في ما بعد لو شك فيه أو في موضوعه ، ~~وهذا معنى الحكومة. # وفيه أن مجرد الحكم بوجوب تعميم النهي السابق المتعلق بالعنوان الأولي ~~غير موجب للحكومة ما لم يكن في البين تنزيل الشاك في النهي المتعلق ~~بالعنوان الأولي في اللاحق منزلة القاطع أو تنزيل الشك في وجوده في اللاحق ~~منزلة القطع ، فإن نفس الحكم بوجوب التعميم حكم ظاهري في عرض الحكم الظاهري ~~بالإباحة الواقعية في أصالة الحل ، فيتعارضان ويتنافيان ، والحاصل أن نفس ~~الحكم والتنزيل ظاهري في كليهما ، والمحكوم أعني وجود النهي في الاستصحاب ~~والإباحة PageV02P417 # في أصالة الحل واقعي في كليهما أيضا ، فلا فرق بينهما من هذه الجهة. # والحق أن يقال : إن دليل الاستصحاب تنزيل للشك في النهي السابق أو في ~~موضوعه منزلة اليقين به ، أو يقال : إن مفاده إيجاب عمل المتيقن على الشاك ~~، وعلى كلا التقديرين تتم الحكومة ؛ إذ كما أن الحكومة تتم بنفي الموضوع ~~كذلك بنفي حكم الموضوع ، فكما أن قوله : «لا شك لكثير الشك» حاكم على أدلة ~~الشكوك ، فكذلك قوله عليه السلام : لا حكم لكثير الشك. # والفرق بين الوجهين أنه على الأول حيث إن لسان الكلام هو التنزيل ، ~~والتنزيل يكون بلحاظ الآثار ، فمعنى نزل الشك منزلة اليقين : رتب عليه آثار ~~اليقين ، فيكون العمل الخارجي على هذا تابعا للآثار ، وأما على الثاني فلا ~~تنزيل في البين ويكون معنى الكلام أولا هو الأمر بالعمل الخارجي للمتيقن. # فلا يرد على هذا ما يورد على الأول من أن العلم بالتحريم لا أثر له إلا ~~وجوب الطاعة وهو أثر عقلي فتنزيل الشك منزلة اليقين لا يصح باعتبار هذا الأثر. # وكيف كان فوجه الحكومة على التقديرين واضح ؛ إذ مفاد أصالة الإباحة هو ~~الحكم بأن هذا المشكوك ms1013 مباح لك أيها الشاك ، ومفاد الاستصحاب على الأول : ~~نزل نفسك أيها الشاك منزلة المتيقن ، وعلى الثاني : اعمل أيها الشاك عمل ~~المتيقن ، ومن الواضح حكومة الثانيين على الأول ، هذا على تقدير أخذ الشك ~~في الاصول صفة. # وأما على تقدير أخذه بمعنى التحير وعدم الطريق فحينئذ وإن كان الأخذ بكل ~~من أصالة الإباحة والاستصحاب موجبا لرفع التحير حقيقة بالنسبة إلى الآخر ، ~~إلا أنه مع ذلك يقدم الاستصحاب ؛ لأن مفاد أصالة الإباحة ليس إلا أن هذا ~~الفعل مباح ، فكون المكلف ذا طريق يحصل في الرتبة المتأخرة عن هذا الحكم ، ~~فيشترك هذا التقدير مع التقدير السابق في أصل الحكومة ، ويفترقان في ارتفاع ~~الموضوع حقيقة على الثاني دون الأول ، وأما في الاستصحاب فحصول الطريق ~~وارتفاع التحير نفس لسان الدليل ؛ فإن الحكم في الاستصحاب على وجه : أنك ذو ~~طريق ، وعلى آخر : اعمل عمل ذي الطريق. PageV02P418 ### | الأمر الثاني عشر (1) # في تعارض الاستصحابين ، وله قسمان ، الأول : أن يكون الشك في أحدهما ~~مسببا عن الشك في الآخر ، والثاني : أن يكون الشك في كل منهما مسببا عن ~~ثالث ، وأما كون الشك في كل مسببا عن الآخر فدور. # أما القسم الأول كما في المثال المعروف من غسل الثوب النجس بالماء ~~المشكوك الطهارة في الحال المعلوم الطهارة في السابق ، فإن الشك في بقاء ~~نجاسة الثوب مسبب عن الشك في بقاء طهارة الماء ، فالحق فيه تقدم الأصل في ~~الشك السببي عليه في المسببي لوجهين. # الأول : أن استصحاب طهارة الماء يثبت طهارة الثوب ، ولكن استصحاب نجاسة ~~الثوب لا يثبت نجاسة الماء ، أما الأول فلأن الحكم بأن هذا الماء طاهر حكم ~~بأن الثوب النجس المغسول به مع شرائط التطهير يصير طاهرا ، وهذا الحكم ~~الثاني بالنسبة إلى موضوع الثوب واقعي وإن كان بالنسبة إلى موضوع الماء ~~حكما ظاهريا ؛ لأنه قد اخذ فيه الشك في الماء ، لا الشك في الثوب ، فيكون ~~نسبته إلى استصحاب نجاسة الثوب الذي اخذ فيه الشك في الثوب نسبة الحكم ~~الواقعي إلى الظاهري ، فإن اخذ الشك صفة كان وجه التقدم هو الحكومة ؛ لأن ms1014 ~~حكم طهارة الثوب يكون بغرض رفع الشك وبيان الواقع ، وحكم نجاسته يكون ~~موضوعه الشاك ، وإن اخذ بمعنى التحير وعدم الطريق تحقق الورود للجهة ~~المذكورة مع ارتفاع التحير في نجاسة الثوب حقيقة. # وأما الثاني وهو عدم إثبات استصحاب نجاسة الثوب نجاسة الماء فلما هو واضح ~~من أن نجاسة الماء ليست أثرا شرعيا لنجاسة الثوب ، نعم بين نجاسة الثوب PageV02P419 # ونجاسة الماء من أول الأمر ملازمة اتفاقية ، فعلم أنه لو قدم استصحاب ~~النجاسة في الثوب كان الشك في طهارة الماء محفوظا ، ولو قدم استصحاب ~~الطهارة في الماء كان الشك في نجاسة الثوب إما معدوما ، أو بمنزلة المعدوم. # الوجه الثاني : وهو أنفع مما تقدم ؛ لأنه لو قلنا بحجية الأصل المثبت أو ~~بحجية الاستصحاب من باب الظن كما هو قول مشهور الأصحاب رضوان الله عليهم ~~أمكن إثبات نجاسة الماء باستصحاب نجاسة الثوب ، فيجري فيه الكلام المتقدم ~~من الحكومة على تقدير أخذ الشك صفة ، والورود على تقدير أخذه بمعنى عدم ~~الطريق ، فيكون الحال في الاستصحابين على السواء. # وأما هذا الوجه الذي نذكره فيتم على هذين القولين أيضا ، وهو أن الشكين ~~الذين أحدهما معلول للآخر بالنسبة إلى حيازة حكم لا تنقض ليسا بأقوى من ~~العلتين التامتين العقليين في حيازة معلول واحد ، ولا شك أن العلتين ~~العقليتين يتقدم أسبقهما رتبة عند تواردهما على معلول واحد ، ولا يزاحم ~~بالعلة الاخرى قطعا ، فكذا الحال في المقام. # أما القسم الثاني وهو ما إذا كان كل من الشكين مسببا عن ثالث كما في صورة ~~العلم الإجمالي بارتفاع أحد الحادثين أو الحادثات فله صور : # الاولى : أن يلزم من إجراء الأصل في جميع الأطراف مخالفة قطعية عملية بأن ~~كان العلم الإجمالى متعلقا بثبوت التكليف ، والأصل على نفيه في جميع ~~الأطراف ، كالعلم بنجاسة أحد الطاهرين. # والثانية : أن يلزم من إجراء الأصل في جميع الأطراف مخالفة الإجماع ، كما ~~في مسألة الماء المتمم والمتمم بناء على الإجماع على اتحاد حكم الماءين ~~المتحدين ظاهرا وواقعا. # والثالثة : أن لا يلزم من العمل بالأصل في جميعها مخالفة عملية قطعية ولا ms1015 ~~مخالفة الإجماع ، ويرتب الأثر على الأصل في جميع الأطراف ، كالعلم بطهارة ~~أحد النجسين ، وكما لو توضأ غفلة بمائع مردد بين الماء والبول ، حيث يحكم ~~ببقاء الحدث وطهارة البدن من الخبث معا بالاستصحاب. PageV02P420 # والرابعة : أن لا يلزم من العمل به في جميعها مخالفة عمليه ولا مخالفة ~~الإجماع ، ولكن يرتب الأثر على الأصل في بعض الأطراف دون الباقي ، كما في ~~إدعاء الموكل التوكيل في شراء العبد وادعاء الوكيل بالتوكيل في شراء ~~الجارية. # ومجمل القول أن العلم الإجمالي لا يوجب خروج أطرافه عن موضوع الأصل ، ~~وذلك لوجود الشك الفعلي في جميع الأطراف بأشخاصها. # لا يقال : نعم ، ولكن مقتضى الذيل وهو قوله عليه السلام : ولكن انقضه ~~بيقين آخر ، وجوب النقض في أحد الأطراف وهو مناقض مع حرمة النقض في جميع ~~الأطراف بأشخاصها التي هي مقتضى الصدر تناقض الموجبة الجزئية مع السالبة ~~الكلية ، فيكون دليل الاستصحاب في موارد العلم الإجمالي بانتقاض الحالة ~~السابقة ساقطا عن درجة الاعتبار ، لمكان هذا التناقض. # لأنا نقول : لا يمكن أن يكون الأمر بالنقض في العلم التفصيلي تعبديا ~~مولويا ؛ لأن مرجعه إلى الأمر بالعمل بقطعك ، فلا بد أن يكون الأمر بالنسبة ~~إليه إرشاديا ، ولكن يمكن أن يكون تعبديا مولويا في الاجمالي بالنسبة إلى ~~الموافقة القطعية ، وحينئذ فحمل مادة اليقين على الأعم من التفصيلي ~~والإجمالي مستلزم لإرادة التعبدية والإرشادية معا في الهيئة ، وتقييد ~~اليقين بكل من التفصيلي والإجمالي خلاف الظاهر الأولي. # فإن قلت : نعم ولكن المقدم مع ذلك هو الحمل على الإجمالي لحفظ ظهور ~~الهيئة في المولوية والتعبدية معه بخلاف التفصيلي. # قلت : بل الأمر بالعكس ؛ لأن حمل اليقين على التفصيلي والهيئة على ~~الإرشاد أسهل من حمل اليقين على الإجمالي والهيئة على ظاهرها من التعبدية ، ~~وعلى هذا فليس في البين قضية تعبدية اعمل فيها جهة الشارعية والمولوية ، ~~سوى قوله : لا تنقض اليقين بالشك ، من دون انضمامه بقوله : ولكن انقضه ~~بيقين آخر ، وحينئذ فكون كل واحد من أطراف العلم الإجمالي مندرجا في موضوع ~~دليل الأصل واضح. # فإن قلت : سلمنا ذلك ، ولكن العمل ب «لا ms1016 تنقض» في كل واحد من أطراف العلم ~~الإجمالي تمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، وذلك لأن العلم متعلق بالواقع ~~وهو محتمل الانطباق على كل واحد من الأطراف ، وعلى كل منها كان منطبقا لا يكون PageV02P421 # هو موردا للشك ؛ لامتناع اجتماع اليقين والشك في شيء واحد. # قلت : لو كان العلم التقديري موجبا لكون المورد شبهة مصداقية لكان هذا ~~جاريا في جميع موارد الاستصحاب ؛ إذ لا مورد منها إلا ويتحقق فيه العلم على ~~تقدير ، وإنما يكون من هذا القبيل ما إذا علم تفصيلا بخلاف الحالة السابقة ~~في أحد الأطراف معينا ، فاريد استصحاب الحالة السابقة في الجامع بينه وبين ~~سائر الموارد ، وأما حديث اجتماع اليقين والشك في شيء واحد فالممتنع منه ~~الاجتماع في شيء واحد بجهة واحدة ، والموجود في المقام اجتماعهما فيه من ~~جهتين ؛ لأن الواقع بوجهه مورد للعلم ، وبشخصه مورد للشك ، ولو لا ذلك للزم ~~أن لا يكون للإنسان شك في ما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين وطهارة ~~الآخرة ، مع أن وجود الشك بديهي وهو الشك في التعيين ، وعلى هذا فلا محيص ~~من القول بأن الشك في كل من الأطراف موجود ولا يضر العلم الموجود معه في ~~مشموليته لدليل الأصل. # وحينئذ فمجمل الكلام في الصورة الاولى أنه حيث إن التكاليف ليس بينها ~~وبين المكلف سوى شرائط التنجيز التي يكون أمرها بيد العقل ، والعلم ~~الإجمالي أيضا في نظر العقل كالعلم التفصيلي في التنجيز والعلية التامة ~~لحرمة المخالفة القطعية فلا يمكن إجراء الأصل في جميع الأطراف ؛ لأنه ~~مستلزم للقبيح العقلي وهو ترخيص المولى عبده في الظلم على مولاه الذي هو ~~أشد أفراد الظلم. # نعم على قول من يجعل للحكم مراتب يمكن إجراء الأصل في جميع الأطراف ، ~~والكلام فيه هو الكلام في الشبهة البدوية حرفا بحرف ، وبعد عدم إمكان ~~الإجراء في جميع الأطراف فالإجراء في الواحد المعين أيضا غير ممكن ؛ ~~لاستحالة الترجيح بلا مرجح ، وأما في الواحد المخير فيمكن إثباته بأحد ~~الوجوه الثلاثة بعد أن إجراء الأصل فيه غير مستلزم للترخيص في القبيح ؛ فإن ~~الترخيص في ms1017 المخالفة الاحتمالية ليس ترخيصا في القبيح ؛ فإن قبح المخالفة ~~الاحتمالية للعلم الإجمالي معلق على عدم الترخيص ، بخلاف المخالفة القطعية. (1) PageV02P422 ### | [التعادل والترجيح] ### ||| ** البحث في تعارض الدليلين : # والمراد به تنافي مدلولي الدليلين بحيث لا يمكن اجتماعهما في عالم الثبوت ~~، وبذلك انقدح أنه لا تعارض بين الدليل الحاكي عن الواقع والدليل الدال على ~~حكم الشك ؛ إذ مفاد الدليل الثاني أن الحكم في حال الشك في ذلك الحكم كذا ، ~~فهو غير مطارد للحكم المشكوك ، بل مسالم معه. # وبعبارة اخرى : مفاده أن الحكم الواقعي كان مطابقا أو مخالفا ، فالحكم ~~كذا ، فهو حاك عن إمكان اجتماعهما في عالم الثبوت. # فالشأن حينئذ فهم أنه كيف يجتمعان ، فالقائل باختلاف المراتب للحكم يذهب ~~الى مذهبه ، والقائل باختلاف الرتبة يختار مختاره ، وليس هذا علاجا ~~لتعارضهما ، هذا حال أدلة الواقع وأدلة الشك. # وأما نفس أدلة الشك بعضها مع بعض فالأمارات والطرق مع الاصول ينقدح ~~التعارض بين الثانية وأدلة حجية الاولى ؛ لأن كلا منهما مجعول للشاك في ~~الواقع الأولي ، وقد فرغنا عن رفع التعارض بأحد الوجهين من الورود أو ~~الحكومة في ما تقدم ، فلا نطيل بالاعادة. # وأما العام والخاص المطلقان فلهما حالات ، الاولى : أن يكونا قطعي السند ~~، الثانية: أن يكونا ظنية ، الثالثة : أن يكون سند العام قطعيا والخاص ظنيا ~~، والرابعة : العكس ، وعلى أي حال إما يكون الخاص قطعيا من حيث الدلالة ~~وجهة الصدور ، أو يكون ظنيا من كليهما أو من إحداهما. # لا إشكال في ما إذا كان الخاص قطعيا من جميع الجهات الثلاث صدورا وجهة و PageV02P423 # دلالة ؛ إذ المفروض حصول العلم الذي هو غاية حجية الظهور ، من غير فرق ~~بين كون العام قطعي الصدور أم ظنية. # واختلف العلماء في ما إذا كان العام مقطوع الصدور والخاص ظنية ، مع كونه ~~مقطوع الدلالة والجهة ، ومن مصاديقه تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد ، ومنشأ ~~الإشكال دوران الأمر بين رفع اليد عن أصالة العموم في عموم مثل «أوفوا ~~بالعقود» ورفع اليد عن أصالة العموم في دليل اعتبار سند الخاص مثل قوله : ~~خذ بقول الثقة ، فإن كلا منهما ms1018 بلازم المؤدى ينافي الآخر ويطارده ؛ فإن ~~المفروض قيام قول ثقة على عدم وجوب الوفاء بعقد فلاني. # فمقتضى العموم الأول هو الوجوب ، وحيث لا يحتمل دلالة الخاص ولا جهته ~~احتمالا آخر ، لا محيص عن التصرف في سنده والقول بأنه غير صادر ليلزم تخصيص ~~العموم الثاني ، ومقتضى العموم الثاني هو القول بأنه صادر ، وحيث لا يحتمل ~~في دلالته وجهته أمرا آخر ، لا محيص عن رفع اليد عن عموم «أوفوا» في خصوص ~~هذا العقد ليلزم التخصيص فيه ، وعند الدوران بين التخصيصين لا مرجح لأحدهما ~~على الآخر. # لا يقال المتعين تخصيص العموم الأول ، وذلك لأن دليل حجية السند مقدم ~~طبعا على دليل حجية الظهور تقدم ذات الدال على الدلالة ، ولا تعارض بين ~~السندين في رتبتهما ، وإنما ينقدح التعارض في مرتبة الدلالتين ، وقد فرض في ~~هذه المرتبة الفراغ من حيث السند ، ونحن لو كنا قاطعين بالسند لتعين عندنا ~~رفع اليد عن عموم العام بالخاص ، لكونه قطعيا من سائر الجهات بالفرض ، ~~فكذلك الحال بعد فراغنا عن السند بالتعبد في الرتبة السابقة السليم عن ~~المزاحم. # لأنا نقول : أولا سلمنا التقدم الطبعي ، لكن لا نسلم مثمريته ؛ لأنا إذا ~~عثرنا في الرتبة المتأخرة على مخالفة القاعدة يسري الشك والترديد في الرتبة ~~السابقة ، ولا يوجب السبق الرتبي محفوظيته عن طرفية الترديد كما يشاهد ذلك ~~في الأمثلة العرفية للمقام. PageV02P424 # وثانيا : اللازم من هذا هو القول في المتباينين الذين لا حيرة في معناهما ~~لو قطعنا عن صدورهما بأن كان كل منهما في جهة نصا وفي اخرى ظاهرا ، مثل ~~«ثمن العذرة سحت» و «لا بأس بثمن العذرة» حيث إن الأول نص في عذرة غير ~~المأكول وظاهر في المأكول ، والثاني بالعكس ، فاللازم الاكتفاء بهذا وعدم ~~عدهما من المتعارضين الذين نرجع في علاجهما إلى أخبار العلاج ، مع أنهم لا ~~يلتزمون به ، وثالثا : لا نسلم التقدم الرتبي ؛ إذا المسلم تقدم سند كل على ~~دلالة نفسه ، وأما على دلالة صاحبه فممنوع ، فيقع التعارض بين سند الخاص ~~وظهور العام. # لا يقال : إما أن نقول بأن المعتمد في باب ms1019 الظواهر أصالة عدم القرينة أو ~~أنه أصالة الظهور ، والأول أصل عقلائي ، والمراد به أن الطبع الأولي للفظ ~~وإن كان هو الاستعمال في معناه وإرادة معناه منه ، ولكن تغير عن هذا الطبع ~~وصار لكثرة استعماله مع القرينة في غير معناه بلا كشف ، نعم تحقق الكاشف له ~~بوصف التجرد ، فموضوع الكاشف هو اللفظ المجرد ، وعند الشك في حصول هذا ~~الوصف وعدمه يبنون على تحققه وعدم القرينة ، والثاني أمارة عقلائية والمراد ~~به واضح. # وحينئذ نقول : لو أخذنا بسند الخاص يتحقق لنا لفظ ناص على خلاف مدلول ~~«أوفوا بالعقود» مثلا بعمومه ، ولو أخذنا بعموم «أوفوا» لم يتحقق لنا لفظ ~~دال على خلاف «خذ بقول الثقة» نعم لازم الأخذ به رفع اليد عن قول ثقة خاص ~~وهو غير الدلالة اللفظية في قباله ، ومعنى حجية عموم دليل السند أن احتمال ~~عدم كون هذا القول قول الإمام مطروح ، وهذا الاحتمال هو الذي حكم عليه في ~~جانب «أوفوا» بأنه يجب العمل بعمومه ؛ فإن مفاد الأصل العقلائي في «أوفوا» ~~أنه يجب العمل على هذا العموم ما دمت محتملا لوجود القرينة على خلافه وعدمه ~~، فإذا حكم بمقتضى الأول يطرح احتمال عدم القرينة فمعناه رفع اليد عن هذا ~~الحكم المرتب عليه فيتحقق الحكومة. # هذا بناء على الأول ، وأما بناء على الثاني فأصالة الظهور حجة مقيدة بعدم ~~القرينة على خلافها ، فوجود القرينة رافع لموضوع حجيتها ، فيتحقق الورود. PageV02P425 # لأنا نقول : إنا لا نتعقل الحكومة في اللبيات ، كما لا نتعقل التخصيص ؛ ~~فإن بناء العقلاء إن كان على رفع اليد عن حكم الشك بالأعم من العلم والعلمي ~~فهذا معنى ورود كل من العلم والعملي على الأصل ، وإن لم يكن بنائهم إلا على ~~العمل بالأصل ما لم يعلم خلافه فهذا معنى إلغاء العلمي في قبال الأصل ، ~~وليس بين الأمرين واسطة ، فلا معنى للحكومة ، نعم للورود معنى محصل في كل ~~من الأصل والأمارة ، بمعنى أن يكون عقد موضوع الحجية فيهما بحسب الشأن ~~والاقتضاء مقيدا بعدم وجود القرينة المعتبرة على الخلاف ، ولكنه خلاف ~~الواقع الذي نجده من أنفسنا ms1020 ، فإنا وإن كنا لا نجد من أنفسنا موردا يقدم ~~فيه الخاص على العام إذا كان الخاص قطعي الدلالة ، ولكنا لا نجد من أنفسنا ~~أن هذا من باب قصور العام في الحجية الذاتية ، بل من جهة تقديم ما هو ~~الأقوى. # فتحصل أن هنا طريقين لإخراج العام والخاص عن المتعارضين ، أحدهما : تقدم ~~السند رتبة على الدلالة ، ضرورة أن التعبد بالظاهر إنما يكون بعد الفراغ عن ~~نسبة أصل اللفظ إلى المتكلم ، المحل لابتلاء الإنسان من المولى ونحوه ؛ إذ ~~لا معنى للتعبد بظاهر كلام غير صادر من متكلم أو متكلم غير محل ابتلاء ~~الإنسان ، وحينئذ نقول في رتبة التعبد باسناد اللفظين لا معارضة ؛ لعدم ~~التعبد بالظاهر في هذه الرتبة. # إن قلت : فكيف يصح التعبد بالسند مع عدمه بالظاهر؟ # قلت : يكفي في صحته ملاحظة ترتبه كالعلة الغائية ، وبعد التعبد بالسند ~~يحصل التعارض بين التعبد بظاهر العام ونص الخاص ، ولا معارضة بين التعبد ~~والقطع ، وقد عرفت الإشكال في هذا الطريق. # ثانيهما : إنا نقول بعرضية سند الخاص ودلالة العام ، وإنما المسلم طولية ~~سند كل على دلالته ، لكن نقول : الأخذ بالسند لا محذور فيه ؛ فإن التعبد ~~بظاهر العام إذا انتقض بواسطة لفظ ناص الدلالة بالدلالة المطابقية أو ~~الالتزامية بالمعنى الأخص فهو غير خارج عن الطريقة المرسومة المألوفة عند ~~أبناء المحاورة ، والحاصل : الأخذ بالسند موجب لوجود لفظ في قبال العموم ، ~~وهذا غير محذور. PageV02P426 # وأما الأخذ بالظاهر فلا يلزم منه لفظ مخصص للسند ، وإنما اللازم منه ~~بالالتزام العقلي بالمعنى الأعم طرح السند ، وهذا خارج عن ديدن المحاورة ، ~~وبالجملة ، كما صار من المرسوم صرف ظهور لفظ بنصب قرينة لفظية متصلا ~~بالكلام ، كذلك من المرسوم أيضا إتيان العام ثم إتيان الخاص في قباله في ~~مجلس منفصل إذا كان المتكلم بصدد تقنين القانون وعدم الاقتصار على ذكر تمام ~~مراداته في مجلس واحد ، فإن القرائن المنفصلة في كلام هذا المتكلم يصير ~~كالمتصلة في كلام غيره. # وهل هذا لأجل عدم استقرار الظهور أو موضوع الحجية إلا بعد ملاحظة تمام ~~المجالس كما هو الحال في المتصل ms1021 في كلام غيره ، أو لأجل تقديم الأقوى حجية ~~على الحجة الذاتية؟ الظاهر الثاني ، ولازم الأول عدم صيرورة العام حجة إلا ~~بعد الفحص وعدم الظفر على المخصص ؛ لأن أصالة عدم التخصيص لا تجري إلا بعده ~~، ثم لو فحص وعثر على مجمل يسري الإجمال إلى العام ؛ لعدم أصل يحرز عدم ~~قرينية الموجود ، كما لو اتصل بالكلام ما يصلح للقرينية. # بل وكذا الحال لو عثر على مبين بحسب المعنى مجهول الحال بحسب السند ؛ ~~فإنه بمنزلة كلام موجود في الرواية مرددا بين كونه من الإمام أو الراوي ؛ ~~فإن الأصل العقلائي هنا غير جار ، وكذا لو علم الحكم المخالف للعام في ~~موضوع مردد بين مصداقيته حتى يكون تخصيصا ، وعدمه حتى يكون تخصصا ، لا يمكن ~~الحكم بالثاني واستكشاف حال الفرد ؛ إذ كل من التخصيص والتخصص على هذا خال ~~عن المحذور ؛ فإن رفع اليد عن العموم بالمخصص القطعي ليس فيه محذور أصلا ~~بناء على هذا. # وأما بناء على الثاني فالعام في ذاته حجة قد ألقاه المتكلم ليعمل بعمومه ~~وليكون قانونا وقاعدة مطردة ، والفحص حينئذ لأجل أن المخصص على فرض وجوده ~~واقعا حجة ، فالملزم هو احتمال الحجة لا تتميم حجية العام ، ولا يوجب ~~العثور على المجمل بحسب الدلالة أو بحسب السند إجمالا ، فإن الحجة إنما ~~يرفع عنها اليد بالحجة ، والمجمل ليس بحجة ، ويكون تقديم التخصص على ~~التخصيص على PageV02P427 # حسب القاعدة ، وحيث إن اللوازم المترتبة على الأول خلاف الواقع فالمتعين ~~هو الوجه الثاني، فيفرق بين القرائن المتصلة والمنفصلة ، فالأولى متممة ، ~~والثانية من باب تقديم الحجة على الحجة. # ثم هذا الطريق الثاني هو المعول في تقديم الخاص على العام والمخرج لهما ~~عن موضوع التعارض ، ولولاه لزم الأخذ فيهما بأخبار العلاج ، كما هو مختار ~~بعض ، وهذا الطريق بعينه جار في المطلق والمقيد المنفصلين أيضا بلا تفاوت ، ~~هذا تمام الكلام في الخاص والعام والمطلق والمقيد. # وأما المتباينان فهما على أقسام أربعة ، الأول : أن يكونا نصين في تمام ~~المدلول ، والثاني : أن يكونا ظاهرين كذلك ، والثالث : أن يكون كل منهما ~~نصا في بعض المدلول ms1022 وظاهرا في بعضه ، وكانت النصوصية مستندة إلى القدر ~~المتيقن في مقام التخاطب ، والرابع : هذا الفرض وكانت النصوصية مستندة إلى ~~القدر المتيقن بحسب الخارج. # وقبل الخوض في أحكام الأقسام لا بد من تقديم مطلب وهو أن ما تعارف من ~~الجمع بين «افعل» و «لا بأس بالترك» وبين افعل كذا وافعل كذا بطرح ظاهر كل ~~من الهيئتين بنص الاخرى ليس من باب تقديم النص على الظاهر حتى يقال بمثله ~~في المادة أيضا ، ويجعل ذلك مؤيدا وشاهدا للجمع في القسمين الأخيرين من ~~المتباينين أيضا بتقديم نص كل على ظاهر الآخر. # توضيح الحال أن من الشائع المتعارف إطلاق هيئة افعل بلا نصب قرينة صارفة ~~عن الوجوب في موارد الندب اما لأجل أن لا يتركه المخاطب أو لغير ذلك ، ~~وكذلك استعمال هذه الهيئة بلا نصب قرينة على التخيير في موارده إما لأجل ~~أنه أفضل الأفراد ، أو لرعاية الأنسب بحال المخاطب أو لغير ذلك. # والحاصل قد تعارف عدم نصب القرينة في البابين ، ونحن وإن كنا عند عدم ~~العثور على القرينة الصارفة نحملهما على الوجوب والتعيين لا لمقدمات ~~الإطلاق ، ولهذا لا نتوقف في مقام لا شك في كون المتكلم بمقام البيان أو ~~الإهمال ، بل لأجل الانصراف اللغوي وإن كان سره أخفية المئونة كما تقدم في ~~بابه ، ولكن عند العثور PageV02P428 # على القرينة الصارفة لا يحتاج الحمل على الندب والتخيير إلى كثير مئونة ~~وزيادة كلفة وعناية ، حتى لو دار الأمر بين هذا التصرف في الهيئة والتقييد ~~في المادة كنا نرجح التصرف في الهيئة لأقلية مئونته ، حتى قال صاحب المعالم ~~في الباب الأول بأنه صار من المجاز المشهور المساوي احتماله مع احتمال ~~الحقيقة. # فتبين أن الوجه في التقديم هو هذا التعارف ، لا ما يتخيل من أنه تقديم ~~النص على الظاهر ، حيث إن «افعل» ناص في مطلق الرجحان وظاهر في المنع عن ~~الترك و «لا بأس» ناص في عدم المنع وظاهر في تساوي الطرفين ، فيرفع ظاهر كل ~~بنص الآخر ، وهكذا لو قال مثلا : «لو ظاهرت فاعتق رقبة» وقال أيضا : «لو ~~ظاهرت ms1023 فصم ثلاثين يوما» وعلمنا من الخارج بوحدة التكليف ، فحينئذ كل من ~~الهيئتين ناص في الصلاحية للإجزاء وظاهر في نفي الصلاحية عن الغير ، فيرفع ~~ظاهرهما بنصهما. # إذا عرفت ذلك فنقول : أما القسم الأول والثاني فلا شبهة في كونهما داخلين ~~في موضوع التعارض ، إنما الكلام في القسمين الأخيرين. # وربما يقال بناء على ما مر من حديث تقديم السند على الدلالة بالتفصيل بين ~~هذين القسمين بالجمع في الأول منهما بتقديم نص كل على ظاهر الآخر والرجوع ~~إلى المرجحات السندية في الثاني منهما ، ببيان أنه إذا كان القدر المتيقن ~~غير مستند إلى الخصوصيات المحفوفة بالكلام كما في قوله عليه السلام : «ثمن ~~العذرة سحت» وقوله عليه السلام : «ولا بأس ببيع العذرة» فإنا عند القطع ~~بصدور هذين عن الحكيم لا نتحير في حمل الأول على غير المأكول والثاني على ~~المأكول صونا لكلام الحكيم عن التناقض ، والعلم الخارجي بأولوية غير ~~المأكول بالحرمة من المأكول. # ولكن عند عدم القطع لا نقول بجريان دليل التعبد في كليهما ثم رفع التحير ~~بمثل ذلك؛ فإنه أمر مستنكر بعيد عن المحاورة ونلتزم في صورة القطع بأنه ~~اقتضت مصلحة لصدور الكلام بهذه الصورة من المتكلم ، وأما عند عدم القطع ~~فليس دليل التعبد بهذه المثابة ، بل يسري التعارض إليهما. # وهذا بخلاف ما إذا كان القدر المتيقن متخذا من قرائن المقام ، فإن الحمل حينئذ PageV02P429 # لا يخرج الكلام عن طريقة المحاورة ، ويعترض بذلك على شيخنا المرتضى ~~قدسسره حيث لم يفرق بين القسمين بالإرجاع إلى المرجحات السندية. # قال شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته الشريفة : الحق مع شيخنا المرتضى ~~قدسسره حيث أدرج القسمين في المتعارضين ؛ لأن المعيار الذي يخرج به ~~الكلامان المتنافيان عن المتعارضين كونهما بحيث لا يكون جمعهما في الكلام ~~خارجا عن طريقة المحاورة ، ونحن متى راجعنا أنفسنا لم نسمع ولا نسمع متكلما ~~قط تكلم ب «أكرم العلماء» و «لا تكرم العلماء» مثلا في مقام إرادة إكرام صنف ~~وترك إكرام صنف آخر منهم بدون نصب قرينة صارفة عن العموم دالة على الخصوص. # فالمحذور الذي يلزم من أخذ ms1024 السندين في هذا القسم ليس إلا قريبا أو مماثلا ~~للمحذور اللازم منه في القسم الآخر ، ونحن وإن بنينا على صحة تقديم رتبة ~~السند على الدلالة بقول مطلق لا يفيد في هذا المقام ؛ إذ وجود المحذور في ~~الرتبة المتأخرة يمنع عن الأخذ بالسند في الرتبة المتقدمة ، فإن المستلزم ~~للمحذور أيضا كالمحذور. # وهذا نظير ما إذا علمنا بطهارة الخشبة التي يغسل عليها الميت بماء الغسل ~~، فإنه إما يكون الماء غير متنجس بملاقاة بدن الميت فيلزم التخصيص في دليل ~~«كل نجس منجس» وإما يكون الماء متنجسا ولا تكون الخشبة متنجسة بملاقاة ~~الماء ليلزم التخصيص في دليل كل متنجس منجس حيث إن صرف تقدم الدليل الأول ~~على الثاني رتبة لا يعين ورود التخصيص على الأخير ، بل يحصل الإجمال ، هذا. # مع أنه لا وجه للفرق بين القسمين بعد اشتراكهما في كونهما على خلاف ~~القاعدة ، فإن كان التقدم الرتبي موجبا للأخذ بالسند في أحدهما فلا بد منه ~~في الآخر أيضا ، فلا وجه للتفصيل ، إلا أن يقال باختلاف مراتب خلاف القاعدة ~~، فإن أحدهما داخل في المحاورة ولو بنحو بعيد منها ، والآخر خارج عنها رأسا ~~، والحاكم فيه العقل فقط ، هذا ولكن الحق ما عرفت ، وقد عرفت أن الوجه هو ~~التعارض بين السندين. # وأما ما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره من أن الوجه تعارض ظهور أحدهما ~~المتيقن الاعتبار مع سند الآخر الغير المتيقن الاعتبار فلم نعلم له معنى ~~محصلا ؛ فإنه PageV02P430 # إن كان المراد تيقن اعتبار أحدهما على سبيل الإبهام بواسطة دليل اعتبار ~~مطلق الخبر ، فمضافا إلى أنه لا معنى لحجية الأحد المبهم في ما لا يترتب ~~عليه نفي الثالث كما لو قام الخبران على طرفي النقيضين كالوجوب وعدمه ، حيث ~~إن عدم خروج الأمر منهما قطعي لا يحتاج إلى التعبد ، بل لا يقبله لا معنى ~~لمعارضته مع سند الآخر ؛ فإن دليل الاعتبار إنما يدل على اعتبار المعينات ، ~~فإنما يتمحض دلالته على المبهم إذا تساقط المعينان بالتعارض ، فيكون حدوث ~~الأحد المبهم بعد سقوط الآخر المعارض بواسطة التعارض. # وكذا إن كان المراد تيقن ms1025 اعتبار كل على فرض ترك الأخذ بالآخر ؛ فإنه أيضا ~~لا معنى لمعارضته بالآخر ؛ لأن الفرض أن هذا صار علاجا عرفيا للتعارض وجمعا ~~مدلوليا ، كما أنه لو كان المراد تيقن الاعتبار الجائي من قبل دليل التخيير ~~عند فقد المرجح والترجيح عند وجوده ، فمن الواضح أيضا عدم المعارضة ، لكون ~~الحكم بصدد علاجه بهذا النحو ، وبالجملة ، فهو قدسسره أعلم بما أفاد. # وقد تحصل من جميع ما ذكرنا أنه ما لم يكن بين المدلولين جمع مرضي عند ~~العرف فرفع اليد عن أحد المدلولين أو عن كليهما بالآخر ليس جمعا ، بل طرحا ~~للسند ، وحينئذ فحيث لا يمكن الأخذ بكلا المدلولين فلا محيص عن طرح أحد ~~السندين ، فيقع بينهما التعارض. # فلا بد من التكلم في مسألة تعارض الخبرين ، والكلام فيها يقع في مقامين : # المقام الأول : في ما إذا كان الخبران متكافئين لا يكون لأحدهما مزية على الآخر. # والثاني : في ما إذا كان أحدهما ذا مزية على الآخر. # أما الكلام في المقام الأول فيقع في موضعين ، أحدهما في ما تقضيه القاعدة ~~مع قطع النظر عن الأخبار الواردة في الباب ، والثاني في ما يقتضيه الأخبار. # أما الكلام في الخبرين المتكافئين على حسب ما يقتضيه القاعدة فمحصله أن ~~حجية الخبر إما أن تكون من باب الطريقية ، وإما من باب السببية ، فإن قلنا ~~بالأول فمقتضى القاعدة التوقف في ما يختص به كل من الخبرين من المفاد ~~والأخذ بما PageV02P431 # يشتركان فيه ، فلو قام أحدهما على وجوب الظهر والآخر على وجوب الجمعة ~~فمقتضى القاعدة التوقف في ما يختص به كل من الخبرين من المفاد الأخذ بما ~~يشتركان فلو قام أحدهما على وجوب الظهر والآخر على وجوب الجمعة فمقتضى ~~القاعدة التوقف في المدلول المختص بخصوص كل خبر ، والأخذ بثبوت أحد ~~المدلولين واقعا ، وفائدته نفي الثالث ، فلو كان ثبوت الثالث مقتضى استصحاب ~~يصير محكوما ، ولو كان مفاد دليل يصير معارضا. # فهنا دعويان : الاولى : لزوم التوقف في المدلول المختص. # والثانية : لزوم الحكم بأحد المدلولين اللازم منه نفي الثالث. # والدليل على الاولى أنه قد استقر بناء ms1026 العقلاء في طرقهم المعمولة عندهم ~~على التوقف في صورة تعارض فردين من الطريق في أمر ، فيترددون ولا يحكمون ~~بأن الإنسان في هذا الحال ذا طريق تخييري بمعنى أنه يتخير في تعيين الحجة ~~بالبناء القلبي والالتزام النفساني على الأخذ بما شاء من الطريقين ، بل ~~يحكمون بأن هذا الالتزام التزام بغير طريق ومن باب المجازفة ، فيكون هذا ~~البناء بضميمة عدم الردع الشرعي حجة شرعية في الطرق الشرعية. # ومن هنا تبين أنه لا فائدة في إطلاق أدلة الحجية لصورة التعارض ، فلا ~~يفيد الإطلاق على فرض ثبوته ردعا لهذه الطريقة ؛ لاحتياج الردع إلى التنصيص ~~، فالإطلاق إنما يحتاج إليه على فرض الإغماض عن هذه السيرة. # وحينئذ نقول : إن قلنا بثبوت الإطلاق للأدلة يثبت هنا حجة تخييرية ، يعني ~~كل على تقدير الأخذ به وترك الأخذ بصاحبه حجة ، ولا يلزم منه استعمال اللفظ ~~الواحد في معنيين؛ لأن الاختلاف إنما هو في اللب دون الاستعمال ، كما هو واضح. # وأما إن قلنا بعدم الإطلاق لصورة التعارض لا بمعنى أخذ عدم التعارض في ~~موضوع الحجية ليخرجا عن تعارض الحجتين ، بل بمعنى عدم لحاظ حال التعارض لا ~~إطلاقا ولا تقييدا كما هو الظاهر حيث إن الظاهر أن الدليل إنما هو إمضاء ~~الطريقية العرفية في الأخذ بقول الثقة ، وقد عرفت أن بنائهم على التوقف في ~~مورد التعارض فحينئذ قد يقال: إن غاية الأمر قصور الهيئة عن شمول حال PageV02P432 # التعارض وعدم إمكان الجمع ، وقد تقرر في محله ثبوت الإطلاق للمادة ~~بالنسبة إلى مورد فقد أحد الشروط المعتبرة عقلا في الهيئة التي منها إمكان ~~الجمع ، كما هو الحال في إنقاذ الغريقين الغير المقدور إلا احدهما ، فيكون ~~الحاكم بالتخيير هو العقل ، وهذا بعينه موجود في المقام ، وحيث إنه لا معنى ~~للتخيير في الحجية التي هي المسألة الاصولية إلا جواز الأخذ بأيهما شاء ، ~~كان العقل أيضا حاكما بهذا المعنى. # قلت : فرق بين الجعل الظاهري في الاصول وبينه في الطرق ، فالأول يمكن ~~شموله لجميع أطراف العلم الإجمالي ، ولا يضره العلم بالخلاف حسب الواقع ؛ ~~لأن تمام الموضوع فيه ms1027 هو الشك وهو موجود في كل طرف ، وهذا بخلاف الطريق ؛ ~~فإن معناه أنه لم يلحظ فيه سوى الإيصال إلى الواقع من دون رعاية مصلحة في ~~سلوك نفسه أصلا ، وهذا المعنى مقطوع الخلاف في كلا الطرفين ، بمعنى أنه ~~يعلم أن كلا الطريقين المتعارضين ليس فيهما ملاك الحجية ، بل الملاك مختص ~~بأحدهما ، فليس هاهنا مقام التزاحم. # نعم يبقى هنا ملاك واحد ، ونسبته إلى كل من الطريقين الذين أحدهما مقتضاه ~~على فرض الحجية تنجيز الواقع والآخر إسقاطه على حد سواء ، فتطبيقه على كل ~~ترجيح بلا مرجح ، فيسقط كلاهما عن التأثير. # والدليل على الثانية أن موضوع الحجية في الطرق هو الكشف الحاصل منها ولو ~~بألف واسطة غير شرعية ، وليس مفاد دليل الحجية لزوم الأخذ بالمفاد المطابقي ~~حتى يلزم الاقتصار عليه ، وحينئذ فلو سقط المدلول المطابقي عن الحجية إما ~~لخروجه عن وظيفة الشارع ، وإما لأجل مانع كما في المقام فالكشف الحاصل منه ~~بالنسبة إلى المدلول الالتزامي بنفسه فرد من موضوع الحجية غير منوط حجيته ~~بحجية المدلول المطابقي ، فتخصيص دليل الحجية بالنسبة إليه يكون بلا وجه. # ومن هنا ظهر أن نفي الثالث لا يحتاج القول به إلى القول بحجية الأحد ~~المبهم ، بل يستقيم مع عدم القول به أيضا ؛ لما عرفت من أنه مقتضى حجية ~~المعينين في المدلول الالتزامي يعني بالأعم مما بعد في الدلالة اللفظية ~~وغيره ، هذا ما يقتضيه القاعدة بناء على القول بالطريقية. PageV02P433 # وأما على تقدير اعتبار الأخبار من باب السببية فالمصرح به في كلام شيخنا ~~المرتضى والمحقق الخراساني قدسسرهما أن المقام حينئذ من قبيل التزاحم ، ~~وحكم العقل فيه التخيير ؛ لعدم الأهمية في أحدهما ، ومقصودهما التخيير في ~~الأخذ والالتزام ؛ لأن هذا معنى التخيير في الحجية التي هي المسألة ~~الاصولية ، وهذا بإطلاقه محل نظر ، وتوضيح الحال يحتاج إلى ذكر الأقسام ~~المتصورة في القول بالسببية. ### ||| ** فنقول وعلى الله التوكل : # تارة يقال لدفع محذور تحليل الحرام وتحريم الحلال الذي أورده ابن قبة على ~~التعبد بالخبر بأن الحكم الواقعي يدور مدار قيام الحجة ، وهذا المعنى غير ~~معقول ، يعنى لا ms1028 يمكن حصول العلم أو الظن بأمر يعلم الإنسان بتوقف ثبوت ذلك ~~الأمر على علمه أو ظنه. # واخرى يقال بأن الخطاب الواقعي لا يتوقف على حصول العلم والحجية فعلا ، ~~بل يتعلق بمن يعلم الله أنه يصير ذا علم وذا حجة ، وهذا معقول ولكنه مجمع ~~على بطلانه ، لقيام الضرورة والإجماع على أن لله تعالى في كل واقعة حكما ~~يشترك فيه العالم والجاهل ومن قام عنده الحجة وغيره. # وثالثة يقال بأن لله حكما واقعيا يشترك فيه كل الناس ، ولكن هذا الحكم ~~يصير شأنيا في حق من يقوم الحجة على خلافه ، فيكون قيام الحجة على الخلاف ~~موجبا لحدوث مصلحة في المؤدي غالبة على ملاك الحكم الواقعي ، وأما الحجة ~~الموافقة فلا تأثير فيها أصلا ، نعم يكون مانعا عن المانع أعني الظن ~~بالخلاف ، فتكون الحجية في الموافقة من باب الطريقية ، وفي المخالفة من باب ~~السببية ، ولا مانع من جمعهما في خطاب واحد. # مثاله أنه لو أمر المولى عبده بإنقاذ أبنائه ، فلم يلتفت العبد أو لم ~~يعرف الأبناء فرأى المولى جماعة غريقين كلهم أبيض القلنسوة بعضهم بنوه ~~وبعضهم مطلوب الإنقاذ من أجل بياض القلنسوة ، فله أن يجمع الكل تحت خطاب ~~واحد ويقول لعبده : أنقذ هؤلاء الابيض القلنسوة. PageV02P434 # ورابعة يقال بأن لله تعالى أيضا حكما واقعيا يشترك فيه العالم والجاهل ~~ولا يتغير هذا الحكم بقيام الخبر على وفاقه أو خلافه ، ولكن في التدين ~~القلبى على طبق مضمون الخبر مصلحة يتدارك بها المصلحة الفائتة ، أو المفسدة ~~الواقعة فيها من ناحية الواقع. # فإن قيل بالوجه الثالث فتارة يفرض الخبران في مورد واحد واخرى في موردين ~~، وعلى كل حال تارة يكونان مثبتين واخرى يكون أحدهما مثبتا وو الآخر نافيا. # فإن كانا في مورد واحد وكانا مثبتين مثل أن يكون أحدهما دالا على وجوب ~~الجمعة والآخر على حرمتها ، فإن كان أحدهما مطابقا للواقع فالآخر المخالف ~~يحدث له مصلحة في المؤدى تغلب على مصلحة الواقع ، فيصير الفعل مرددا بين ~~الوجوب والحرمة ، والمرجع فيه التخيير بحكم العقل ، وليس هذا من باب ~~التزاحم بشيء. # وإن ms1029 كانا مخالفين للواقع بحسب الواقع فاللازم لغوية كليهما ؛ لأن كلا من ~~الخبرين يقتضي إحداث المصلحة الملزمة في أحد طرفي النقيض على خلاف ما ~~يقتضيه الخبر الآخر فاللازم سقوط كليهما عن الأثر وصيرورة كلا طرفي الفعل ~~والترك جائزا ، وليس هذا أيضا من التخيير في المسألة الاصولية الذي يحكم به ~~العقل من باب التزاحم بين الحجتين. # وإن كانا في مورد واحد وكان أحدهما مثبتا والآخر نافيا مثل أن يدل أحدهما ~~على حرمة الجمعة والآخر على إباحتها فإن كان بحسب الواقع أحدهما مطابقا ~~فالآخر المخالف هو المؤثر ، وحيث إنه مشتبه يتردد أمر الفعل بين الإباحة ~~والحرمة ، ومقتضى العقل فيه البراءة ، وعلى تقدير كونهما حسب الواقع ~~مخالفين يلزم لغوية كليهما ، فيبقى الفعل والترك كلاهما جائزين. # وإن كانا في موردين كأن يدل أحدهما على وجوب الظهر والآخر على وجوب ~~الجمعة مع العلم بأن الواجب واقعا أحدهما فكل من الخبرين بالمدلول ~~الالتزامي يدل على نفي مفاد الآخر فيرجع التعارض إلى المورد الواحد ، ~~فمقتضى أحدهما PageV02P435 # وجوب الظهر ومقتضى الآخر عدم وجوبه ، وهكذا الجمعة. # فإن كان أحدهما مطابقا فالمخالف هو المؤثر ، فيتردد أمر كل من الفعلين ~~بين الوجوب وعدمه ، وحيث إن أحدهما واجب يجب الاحتياط ، وإن كانا مخالفين ~~يرجع أمر كل من الفعلين إلى الإباحة بعد تساقط مقتضى الإلزام ومقتضى عدم ~~الإلزام. # فقد تحقق أنه لا ينجر الأمر في شيء من الصور إلى التزاحم في الحجتين ~~المقتضي لتخيير العقلي بين الالتزامين كما هو ظاهرهما قدسسرهما . # وإن قيل بالوجه الرابع فإن قيل بعموم المصلحة حتى في التدين القلبي على ~~طبق مضمون الخبر المطابق فعند التعارض يتعين العمل بمؤدى المحتمل المطابقة ~~ملتزما به لو كان ، وإلا فالتخيير بين كليهما ملتزما به ، فحينئذ يتم ما ~~ذكراه قدسسرهما ، وكذا إن قيل باختصاص المصلحة بخصوص الخبر المخالف ، حيث ~~إن الدليل ليس إلا العقل دفعا لمحذور تحليل الحرام وتحريم الحلال الذي ~~أورده ابن قبة على التعبد بالخبر ، وهو يندفع بمجرد ذلك. # ولهذا قال شيخنا المرتضى قدسسره لو أتى بالصلاة مثلا بلا سورة على طبق ms1030 ~~أحد الخبرين ثم انكشف في الوقت وجوبها وجبت الإعادة ؛ إذ لا تفويت هنا حتى ~~يجب بحكم العقل تداركه ، وعلى هذا فلا بد في المخالف أيضا من التفكيك بين ~~التدين بالمدلول المطابقي والالتزامي ، فما لا محيص عنه في حكم العقل هو ~~الأول ، فلا وجه للقول به في الثاني ، وعلى هذا فإن كان الخبران واقعا ~~كلاهما مخالفين ففي التدين بكل مصلحة ملزمة ، وحيث لا يمكن الجمع تعين ~~التخيير ، وإن كان أحدهما مطابقا كان التخيير بين ذات العمل في المطابق ~~والتدين في المخالف ، وحيث اشتبها تعين اختيار أحدهما ملتزما به على أن ~~الخبر صادر صادق على تقدير المخالفة. # هذا تمام الكلام في مقتضى الأصل مع قطع النظر عن الأخبار الواردة في ~~المقام. # وأما بالنظر إليها فهل يحكم بالتخيير أو التوقف أو الأخذ بما يوافق ~~الاحتياط؟ قد اختلفت الأخبار في ذلك ، فيظهر من بعض منها التخيير وأنه «بأي ~~من الخبرين أخذت من باب التسليم وسعك» PageV02P436 # ويظهر من بعض آخر أنه يجب إرجاء الواقعة وتأخير الأمر إلى لقاء المعصوم ~~عليه السلام والتوقف عن العمل بشيء من الخبرين. # ويظهر من واحد منها وهي مرفوعة زرارة أنه : لو كان أحد الخبرين موافقا ~~للاحتياط تعين هو للأخذ ، وإلا فالتخيير. # والعمدة ملاحظة الحال بين الطائفتين الاوليين ، وأما الأخيرة فعلى فرض ~~تسليم السند فالأمر فيها سهل ؛ إذ الظاهر ذكر ذلك فيها في عداد المرجحات ، ~~ونحن إذا أقمنا شواهد على كون جميع المرجحات المذكورة في أخبار الترجيح ~~محمولة على الاستحباب كان الأمر في هذا أيضا سهلا. # فالعمدة ملاحظة الاوليين ، وقد استراح شيخنا المرتضى قدسسره بحمل الطائفة ~~الآمرة بالتوقف على زمان التمكن من لقاء المعصوم عليه السلام بقرينة جعل ~~الحكم فيها مغيا بذلك بخلاف الثانية الدالة على التخيير ، حيث إنها إما غير ~~مغيا أو مغيا بلقاء القائم عجل الله فرجه ، فيظهر منها التفصيل بين زماني ~~الحضور والغيبة بالتوقف في الأول والتخيير في الثاني. # وقال شيخنا الاستاد دام بقاه : إن الظاهر أن الآمرة بالتوقف ناظرة إلى ~~مقام التمييز والرجوع إلى الاستحسانات العقلية في ms1031 فهم الصادر من الخبرين عن ~~غير الصادر ، أو تعيين المراد منهما على وجه يرفع التنافي من البين بالظنون ~~الاستحسانية الغير الراجعة إلى الظاهر اللفظي والمفهوم المتعارف العرفي ، ~~كما هو دأب الناس وديدنهم عند ورود الخبرين المتنافيين عليهم. # وأما الأخذ بأحدهما في مقام العمل ابتداء بدون إعمال رأي واستعمال نظر في ~~مرحلة تشخيص السند أو الدلالة ، بل على نحو الجزاف وعلى طبق المشية ~~والإرادة فليس أمرا شائعا ، بل قد عرفت أن الشائع المتداول عندهم هو التوقف ~~وعدم الاختيار بالإرادة وكون ذلك عندهم أخذا بالجزاف. # أما أخبار التوقف فهي ناظرة إلى دستور مقام العمل ، حيث إن المكلف يحتاج ~~في هذا الحال عملا إلى دستور يرجع إليه في عمله ، فجعلوه له الأخذ بأيهما شاء من PageV02P437 # باب التسليم للأئمة والانقياد لهم عليهم السلام ، فالأخبار الاول تسد باب ~~الاجتهاد واستعمال الرأي ، والثانية تعين الوظيفة العملية. # فإن قلت : هذا لا يتأتى في المقبولة ، حيث إن المفروض فيها الاحتياج إلى ~~العمل ؛ لفرض وقوع المنازعة في الدين أو الميراث ، وكذلك ما في بعض أخبار ~~التوقف من قوله عليه السلام : «لا يعمل بواحد منهما» حيث إنه صريح الناظرية ~~إلى مقام العمل. # قلت : أما المقبولة فحيث إن السائل في مقام رفع الخصومة والمنازعة ، وهو ~~لا يتحقق بالتخيير ؛ إذ المنازعة بعد بحالها ، فإن كلا يختار ما يناسب ~~مقصوده فتبقى المنازعة بحالها ، فلا محيص عن الترجيح ، فبعد فقد المرجحات ~~المنصوصة لا ثالث لأمرين ، أحدهما : التوقف وإرجاء الواقعة إلى زمان تبين ~~الحال وكشف الالتباس ، والثاني : استعمال الظنون والاستحسانات وتشخيص ~~الصادر عن غيره وجعله ميزانا لرفع الخصومة ، وهو المحذور الذي أشار إليه ~~بقوله عليه السلام : فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ، ~~فسماه اقتحاما في الهلكة. # وأما الخبر الآخر فيجري فيه البيان المذكور أيضا بعد ما عرفت من كون ~~المتداول ليس هو العمل الجزافي بأحدهما ، بل العمل بعد استعمال رأى ونظر في ~~رفع التنافي ، فينصرف بهذه القرينة إلى الثاني ، فلا ينافي ما أثبته أخبار ~~التخيير من العمل بأيهما من غير سابقة إعمال ms1032 الرأي ، بل من باب التسليم ~~والانقياد. # وأما الخبر الطولاني المروي في العيون عن مولانا الرضا سلام الله عليه ~~حيث يتوهم أن له لسان حكومة على أخبار التخيير حيث ذكر فيه أنه : إذا كان ~~أحد الخبرين مشتملا على النهي الكراهي والآخر على الرخصة في ارتكاب المنهي ~~فهذان هما اللذان بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك الاختيار ، فيعلم منه ~~اختصاص أخبار التخيير بباب المكروهات والمستحبات. # والجواب أن المراد من الحديثين المختلفين المعنون بهما في صدر الخبر ما ~~يشمل الاختلاف البدوي الحاصل بين مثل العام والخاص أيضا بقرينة ذكر هذا ~~الفرد في الذيل ، حيث إن «لا تفعل» و «لا بأس بالفعل» يكون بينهما جمع عرفي ، وإذن PageV02P438 # فالمقصود من الخبر تعداد موارد رفع الحيرة إما من ناحية السند بأخذ ~~المرجحات المنصوصة ، وذكر منها موافقة الكتاب وموافقة السنة ، وإما من ~~ناحية الدلالة ، وذكر منها هذا الفرد الذي يكون بينهما جمع مقبول عرفي ، ~~فما خرج عن الصورتين ما لم يكن في البين مرجح منصوص ولا جمع مقبول عرفي ~~وامر فيه بالتوقف والكف والتثبت يعني عن التعرض لرفع التنافي إما سندا وإما ~~دلالة بالآراء والظنون والاستحسانات والقرينة مضافة إلى ما مر في الأخبار ~~الأخر من عدم شيوع العمل الجزاء في قوله عليه السلام في هذا الخبر عند أمره ~~بالتوقف : «ولا تقولوا بآرائكم» ، وبالجملة لا أرى في الأخبار ما يأبى عن ~~هذا الحمل. # ثم على فرض تنزيل أخبار التوقف على مقام العمل فهل المراد منه ما يستلزم ~~الاحتياط في العمل أو يلائم مع البراءة العملية؟. صرح شيخنا المرتضى قدسسره ~~بالاول. # وفيه نظر ؛ فإن متعلق التوقف على هذا امور : القول بالرأي ، والأخذ بأحد ~~الخبرين تعيينا ، والأخذ به تخييرا ، وهذه الامور كلا كما يمكن التوقف فيها ~~مع الاحتياط في مقام العمل ، يمكن أيضا مع البراءة العملية ، كما هو واضح. # فإن قلت : حذف المتعلق يفيد العموم ، فيدخل تحت الأمر بالتوقف التوقف في ~~مقام العمل عن الإقدام على الشبهة. # قلت : إطلاق التوقف الذي هو مقابل الحركة سمت الفعل إنما يصح في خصوص ms1033 ~~الشبهة التحريمية لا مطلق الشبهة الأعم منها ومن الوجوبية. # وهاهنا امور ينبغي التنبيه عليها. # الأول : بناء على التخيير ، فلا إشكال أنه وظيفة القاضي في ما إذا تعارض ~~الخبران في ميزان فصل الخصومة وهذا واضح. # وأما في الفروع العملية التي يشترك العمل بين العامي والمجتهد وإنما نصيب ~~المجتهد فيها الإفتاء فهل اللازم هو تخيير المجتهد في مقام الإفتاء فيفتي ~~بمضمون ما اختار وهو حكم تعييني، فيختص التخيير بالمجتهد في عمله وفي ~~إفتائه ، أو أن اللازم على المجتهد إدراج المقلد في موضوع من جاءه الخبران ~~المتعارضان بعرض الخبرين PageV02P439 # عليه ثم إفتاؤه بالتخيير في الأخذ بأي الخبرين شاءه المقلد ، أو أن ~~المجتهد يجوز له اختيار أي الطريقين شاء؟ الظاهر هو الوجه الأخير. # لا يقال : بل المتعين هو الإفتاء بالتخيير ؛ لأن المقلد موضوع قبل ~~الاستحضار التفصيلي ؛ لأن المقصود من المجيء هو المجيء على نحو المتعارف ~~كما في الأخبار الغير المتعارضة ، فالتكليف الواقعي في حقه كمجتهده هو ~~التخيير في الأخذ ، فالفتوى بالتعيين في المسألة الفرعية حكم بغير ما أنزل الله. # لأنا نقول : ليس الموضوع نفس المجيء كما في الممثل به ، بل هو التعارض ، ~~وحاله حال اليقين والشك في الاستصحاب ، فكما لا يكتفى بوجودهما للمجتهد في ~~حق المقلد ، بل لا بد من تحققهما له فعلا ، فكذلك الحال في التعارض ، وإذن ~~فالمجتهد لكونه موضوعا يندرج تحت الخطاب ، وإذا عمل بهذا التكليف التخييري ~~وأخذ بأحد الخبرين كان له الإفتاء بمضمونه وهو أنه حكم الله تعيينا في حق ~~جميع الناس. # فإن قلت : بعد إرجاع هذا الخطاب إلى العمل كخطاب «صدق» حيث إنه التصديق ~~العملي لا الجناني فحال هذا التخيير حال التخيير في خصال الكفارة وشبهها من ~~المسائل الفرعية ، غاية الأمر ضميمة الالتزام والتدين في المقام أيضا في ~~الطرفين ، فكما أنه ليس للمجتهد الإفتاء إلا بالتخيير في مسألة الخصال ، ~~فكذا في المقام. # قلت : نعم ، ولكن الفرق أن نفس الفتوى أيضا عمل ، فيقع تحت التخيير ، ~~وكما أن عمل الجوارحي يتعلق بالمتعين أبدا ، كذلك الفتوى أيضا إذا وقع تحت ~~التخيير فهو يتعلق ms1034 لا محالة كالعمل بالمتعين ، وأما مسألة الخصال فالتخيير ~~فيها إنما هو في المفتى به ومتعلق الفتوى. # وبالجملة ، كما أن المجتهد مخير في المقام بين العمل بهذا أو ذاك ، كذلك ~~مخير بين الفتوى بهذا أو ذاك ، هذا على تقدير عدم إدراجه للمقلد في الموضوع ~~، وله أيضا ذلك بعرض الخبرين عليه ثم إفتائه بالتخيير في المسألة الاصولية ، هذا. # الثاني : بناء على التخيير هل هو ابتدائي بمعنى أنه لو ابتلى بتلك ~~الواقعة في وقت PageV02P440 # آخر ليس له الأخذ بغير ما اختاره في الوقت الأول ، أو أنه استمراري ، فله ~~الاختيار في كل وقت؟. # قد يقال بالثاني نظرا إلى إطلاق قوله عليه السلام : تخير أحدهما ، أو : ~~بأيهما أخذت وسعك ، لكل وقت ابتلى فيه المكلف بالواقعة ، وعلى فرض الإغماض ~~عن الإطلاق وأنه حكم المتحير ، ولا تحير بعد الأخذ بأحد الخبرين لنا ~~استصحاب بقاء التخيير ، وهو حاكم على استصحاب الحكم المختار ، هذا ما يقال. # وفيه نظر ؛ إذ الظاهر من قولك : خذ بهذا أو ذاك ، إحداث الأخذ ، وأما بعد ~~الأخذ ففي الأزمنة المتأخرة وإن كان يقال : فلان آخذ بقول فلان ، لكن لا ~~يقال : أخذ أو يأخذ ، كما لا يقال على من بقي على هيئة القيام : إنه قام ~~فلان أو يقوم وإن كان يقال : إنه قائم ، نعم بعد التجريد عن معنى الحدوث ~~يقال : يقوم أو يقعد ، وإلا فيقال : هو باق على قيامه أو قعوده السابق ، ~~فكذا الحال في الالتزام والأخذ القلبي. # وإذن فلا معنى للتخيير في حالة البقاء على الالتزام بأحد الخبرين بين ~~حدوث هذا الالتزام أو ذاك ، نعم يتصور التخيير بين بقاء هذا الالتزام وحدوث ~~ذاك ، لكن الجمع بينهما في إنشاء واحد مستلزم لجمع اللحاظين في لحاظ واحد. # ومن هنا اتضح أنه لا معنى للاستصحاب أيضا ، فإن التخيير بمعنى بين ~~الحدوثين غير ممكن ، وبمعنى بين البقاء والحدوث أمر مغاير للموجود السابق ، ~~فليس وجوده في اللاحق بقاء لشخص الحكم السابق. # فإن قلت : لا نستصحب التخيير ، بل نستصحب جواز الأخذ بالخبر الآخر الغير ~~المختار في الوقت الأول ، فإنه كان جائز ms1035 الأخذ سابقا والآن نشك فيه ، ~~فمقتضى الاستصحاب بقاؤه. # قلت : جواز الأخذ به كان ثابتا في السابق من باب أنه أحد عدلي التخيير ، ~~وبعد الأخذ بعدله الآخر ارتفع ذلك التخيير لا محالة ، فارتفع ذلك الجواز ~~أيضا ، فالجواز لو كان في اللاحق كان شخصا آخر غير مرتبط بشخص الجواز ~~السابق. # فإن قلت : ما ذكرت سلمناه ، ولكن الالتزام أمر اختياري ، فيجوز للإنسان رفع PageV02P441 # اليد عنه فيصير متحيرا كأول الأمر ، فيمكن في حقه التخيير بين الحدوثين. # قلت : إن كان مرادك الأخذ بالإطلاق لا مانع منه عقلا لو ساعده ظاهر اللفظ ~~عرفا ، وإن كان مرادك الاستصحاب ، فلا يجوز لارتفاع شخص الحكم السابق ~~بواسطة تخلل حالة البقاء على الالتزام ، وقد اعترفت بعدم تمشي التخيير بين ~~الحدوثين في حالة ، فالتخيير على تقدير ثبوته عند رفع اليد عن الالتزام ~~السابق يكون أمرا حادثا ، وليس بقاء للحادث السابق. # والحاصل أن استصحاب الحكم معلقا على العنوان كعنواني المسافر أو العادل ~~وإن كان يفيد ولو بعد تخلل حالة الضد مثل حالة الحضر والفسق ، ولكنه في ما ~~إذا شك في بقاء الحكم على العنوان الكلي أو ارتفاعه بالنسخ ، وأما لو لم ~~يكن الشك في النسخ وكان المقصود إبقاء الحكم الثابت للشخص فلا يفيده ~~الاستصحاب معلقا على العنوان ؛ إذ هو غير مفيد بحال هذا الشك ، واستصحاب ~~الشخص قد انقطع بطرو حالة الضد. # المقام الثاني في ما إذا كان لأحد الخبرين مزية على الآخر ، والكلام فيه ~~يقع في أمرين: # أحدهما : هل يجب الترجيح بواسطة وجود المزية في أحد الخبرين أو لا؟ ، ~~الثاني : على فرض ذلك هل يقتصر على مزايا مخصوصة أو يتعدى إلى كل مزية. ### ||| ** أما الأمر الأول : # فالمشهور وجوب الترجيح ، وقبل الشروع في الاستدلال لا بد من تأسيس الأصل ~~في المسألة ، فنقول وعلى الله تعالى التوكل : الكلام تارة على الطريقية ~~وأخرى على السببية. # أما على الطريقية فقد عرفت أنه سواء قلنا بإطلاق أدلة حجية الأخبار أم لم ~~نقل لا يمكن الحكم بالحجية في حال التعارض ؛ لوجود السيرة على التوقف في ~~المدلول PageV02P442 # المطابقي ، وعلى ms1036 فرض الإغماض فإن كان لها إطلاق ثبت التخيير ، وإن لم يكن ~~كما هو الحق فليس هنا باب التزاحم ؛ للعلم بكذب أحدهما ، فيعلم أن الطريقية ~~التي هي مناط الحجية ليست بمحفوظة في كلا الخبرين حتى يستقل العقل بالتخيير ~~في الأخذ والالتزام ، وتعيين كل منهما ترجيح بلا مرجح ، فيكون كل منهما على ~~حسب الأصل الأولي غير حجة ، كما قرر في محله أن الأصل عدم الحجية. # فاعلم أنه لا فرق في ما ذكر بين حال وجود المزية في أحد الطريقين وعدمه ؛ ~~فإن بناء العرف على التوقف لا يختلف باختلاف ذلك ، كما يعلم بمراجعتهم ، ~~وعلى فرض الإغماض فإن كان إطلاق ثبت التخيير أيضا ، وإلا كما هو الحق ثبت ~~التوقف في المدلول المطابقي بعين التقريب المتقدم حرفا بحرف ، هذا بحسب ~~الأصل الأولي. # وأما بعد الأخذ عن الشرع في خصوص باب الأخبار وأن المرجع في المدلول ~~المطابقي أيضا ليس هو الأصل المطابق لأحدهما ، ولا هو مرجح ، بل المرجع ~~والحجة يكون في ما بين الخبرين ، ولكن لم يعلم في صورة وجود المزية أن ~~الشارع يحكم بالتخيير أو بالتعيين ، فهل الأصل في هذا التقدير يقتضي ما ذا؟. # لا شك أن المقام من قبيل دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجية ، ~~ونحن وإن قلنا في المسألة الفرعية بالبراءة عن التعيين عند الدوران بينهما ~~وإن لم نقل بذلك فيه أيضا لا بد أن نقول هاهنا بالتعيين ؛ لأن الحجية ~~الشرعية لا يخلو عن النسبة إلى الشرع ، فعند الشك في الحجية تكون النسبة ~~تشريعا ؛ إذ قد نسبنا إلى الشرع ما نشك أنه من الشرع ، فيكون حراما قطعيا. # ومع قطع النظر عن ذلك أيضا لا يستريح العقل عن احتمال العقوبة إلا بالقطع ~~بالحجية ، والاستناد إلى الأمر المشكوك الحجية غير مجد لما هو مهم العقل من ~~تحصيل المؤمن القطعي والفراغ اليقيني ؛ إذ هو بعد احتمال مطابقة ذي المزية ~~مع التكليف الواقعي والقطع بحجيته محتمل للحجة على التكليف وإن كان محتملا ~~للمؤمن منه أيضا ؛ لأنه على تقدير حجية غير ذي المزية يكون هو مؤمنا ، ومن ms1037 ~~المعلوم أن احتمال الحجة كاف في حكم العقل بالاشتغال ، وبعد حكمه بالاشتغال PageV02P443 # لا يقنع إلا بالفراغ القطعي ، ولا يكتفي بالمؤمن الاحتمالي ، وهذا واضح ، هذا. # وقد قرر شيخنا المرتضى قدسسره أيضا الأصل على الطريقية كما ذكرنا وجعله ~~التعيين ، ولكن ببيان آخر لا يخلو من شيء وهو أنه قدسسره بعد أن ذكر أن ~~الأصل الأولي هو التوقف قال : ومرجع التوقف أيضا إلى التخيير ، بمعنى أنه ~~لو بنينا على أن الأصل في مورد الخبرين مطلقا ساقط عن الحجية ، أما المخالف ~~لهما فواضح ، وأما المطابق لأحدهما عقليا كان أم شرعيا فقد استفدنا من ~~الشرع أيضا إلغائه وأنه ليس بمرجع ولا مرجح للخبر المطابق له ، وبعد ~~استفادة ذلك فالمتعين لا محالة هو التخيير عند فقد المزية ؛ إذ لو فرض سد ~~باب الحجية على المكلف من ناحية الخبرين أيضا يلزم مساواته مع الحيوانات ، ~~فإنه لا محالة بريء الذمة عن الواقع ؛ لفرض عدم الحجة عليه على تقدير ثبوته ~~، ولكن هو لا يستند في براءة ذمته إلى مستند ، كالحيوانات ، فإنها أيضا ~~فارغة عن حمل التكليف بدون الاستناد في ذلك أيضا إلى مستند ، فحيث لا بد من ~~التفاوت فلا بد من جعل أحد الخبرين على وجه التخيير في حقه حجة. # ثم بعد تمهيد هذه المقدمة قال : فالحاكم بهذا التخيير في صورة التعادل ~~إما الشرع وإما العقل ، أما الشرع فقد قيد التخيير في لسانه بعدم وجود ~~المزايا ، وأما العقل فكذا ، وذكر ما قلنا. # وأنت خبير بأنه لا يحتاج المقام إلى هذه التجشمات ، بل يكفي ما قلنا من ~~أنه بعد أن أخذ الشارع الأصل الأولي من يدنا في خصوص الأخبار وألزمنا ~~بالأخذ بأحد الخبرين ودار الأمر بين جعل المعين حجة أو المخير ، فحينئذ إذا ~~استفتينا العقل في هذا الشك كان الحكم هو التعيين كما عرفت ، هذا كله على ~~الطريقية. # وأما على السببية فالمقام من قبيل المتزاحمين مع احتمال الأهمية في ~~أحدهما ، فلا بد من التكلم في كلي المسألة ، فنقول وعلى الله التوكل : إنه ~~يظهر من شيخنا المرتضى أن حكم العقل هو ms1038 التعيين ، واختار المحقق الخراساني ~~قدسسرهما التفصيل بين ما إذا كان منشأ الاحتمال احتمال أشدية المناط في ~~أحدهما فالحكم هو PageV02P444 # التعيين ، وبين ما إذا كان احتمال التصادف مع واجب آخر في أحدهما دون ~~الآخر ، فالحكم هو التخيير ؛ لأصالة البراءة عن ذلك الواجب الآخر المحتمل. # وتحقيق المقام أن يقال أولا : تارة يقال بإطلاق الهيئة في كل من الواجبين ~~مثلا لحال التزاحم ، واخرى يقال بعدمه وكونه حيثيتيا جهتيا من هذه الجهات ~~وإن كانت بصدد الفعلية من الجهات الراجعة إلى الأغراض الشرعية. # فإن قيل بالأول يعني أن إطلاق الأوامر والنواهي ناظر إلى حال القدرة ~~والعجز وأمثالهما مما يعتبره العقل شرطا في حسن توجيه الخطاب ، غاية الأمر ~~أن العقل يقيد الإطلاق بحال القدرة ونحوها مما يصح معه الخطاب دون ما يقبح ~~، فيتحصل من الإطلاق مع هذا المقيد المنفصل العقلي خطاب لبي مقيد بحال ~~القدرة ونحوها ، فتكون القضية اللبية الشرعية : أنقذ هذا الغريق إن قدرت ، ~~وأنقذ هذا الغريق إن ، قدرت وعلى مقدار العجز لا خطاب أصلا ، فلا سبيل إلى ~~استكشاف الصلاح في الزائد عن مقدار القدرة أيضا. # فلا يعلم المكلف العاجز عن الجميع بأن هنا غرضين للمولى لا بد من فوت ~~أحدهما ، ويكون إغماضه عن أحدهما في الموالي العرفية صبرا على المكروه ، ~~والتزاحم فرع هذا العلم. # نعم يعلم بأن في هذا على تقدير ترك ذاك مصلحة وكذا في ذاك ، فلو أدرك ~~أحدهما ما فات هنا من مولاه غرض. # وجه ما ذكرنا من عدم استفادة الغرضين حينئذ عند عدم القدرة على الجمع أن ~~طريق استكشاف الصلاح الذي يعبر عنه في لسان أهل هذا العصر وما قاربه بإطلاق ~~المادة إنما هو الإرادة اللبية المستكشفة بالإرادة الصورية المفاد بالهيئة ~~، فالهيئة تدل على الإرادة اللبية ، وحيث قد قرر من مذهب العدلية ملازمة ~~الإرادة للصلاح في المتعلق فيدل عليه أيضا ضرورة أن الدال على أحد ~~المتلازمين دال على الآخر ، وإذا فرضنا تخلف الدال عن المدلول الأولي أعني ~~الإرادة اللبية في مورد فلا دلالة له على ملازمه حتى يدخل تحت الحجية. PageV02P445 # فلو ms1039 أخبر الثقة عن حياة زيد ونحن نعلم بطول لحيته على تقدير الحياة ، ~~وعلمنا بكذب هذا الإخبار بالنسبة إلى الحياة فليس هنا كشف بالنسبة إلى ~~الطول حتى يدخل تحت دليل حجية مطلق الكشف الحاصل من قول الثقة ، وهذا في ~~اللازم المساوي كالمثال المذكور واضح. # وكذا في اللازم الأعم ، فإذا أخبر بوجود زيد في الدار ولازمه الأعم وجود ~~الإنسان فإذا علمنا بكذبه في الإخبار بوجود زيد لا يبقى هنا كشف بالنسبة ~~إلى وجود الإنسان حتى يشمله دليل الحجية. # وبالجملة ، التفكيك بين المتلازمين في الطرق في الحجية إذا كانت الملازمة ~~بين الواقع مع الواقع لا الحجية مع الواقع إنما هو في ما إذا كان الكشف ~~الحكائي عن اللازم محفوظا ؛ فإن الحجية في اللازم غير مترتبة على الحجية في ~~الملزوم ، وأما الكشف عن اللازم فلا شبهة في ترتبه على الكشف في جانب ~~الملزوم ، فإذا فقد الكشف عن الملزوم بواسطة العلم بكذبه لم يكن الكشف في ~~اللازم محفوظا حتى يشمله دليل الحجية ، هذا. # اللهم إلا أن يدعى في المقام بقرينة التعارف والعرفية أن قيد القدرة إذا ~~لم يذكر في اللفظ واعتمد في تقييدها بالقرينة العقلية فالهيئة القائمة على ~~المادة المقدورة كاشفة عن وجود الصلاح في الأعم من المقدور وغيره ، فحينئذ ~~يتحقق التزاحم بين الواجبين ، هذا على القول بالإطلاق. # وإن قيل بالعدم وأن الحاكم إنما هو بصدد جمع ما له دخل شرطا أو شطرا ~~وجوديا أو عدميا في غرضه ، وساكت عن الجهات الراجعة إلى حسن الخطاب المستقل ~~بقبحه العقل عند فقدان أحدها ، وليس تلك الجهات ملحوظة لا إطلاقا ولا ~~تقييدا ، فيكون في حال القدرة والعجز ، سواء العجز التفصيلي أم الإجمالي ~~أعني العجز عن الجمع إرادته الفعلية من جهة غرضه على حد سواء. # وليس هذا من إرادة غير المقدور القبيحة ؛ فإنها الفعلية من جميع الجهات ~~لا الفعلية من غير جهة العجز ، وليس أيضا من قبيل الإرادة الجهتية من حيث PageV02P446 # الغرض الشرعي ، حيث إنها غير موضوع للمحركية والباعثية العقلية ؛ فإنه ~~فرق عند العقل بين الجهتي في البابين ، فالجهتي ms1040 من حيث الغرض حكمه ما ذكرت ~~من عدم الباعثية عند طرو الحالة المحتملة المانعية ، وأما الجهتي من حيث ~~الجهات التي هي وظيفة العقل وإن كان تنالها يد الشرع بتوسط المنشأ فهو ~~موضوع لحكم العقل وتنجزه وتحريكه. # إذا تمهد هذا فنقول : بعد إحراز هاتين الإرادتين الجهتيتين وعدم إمكان ~~الجمع فقد يقال : إن الوظيفة حينئذ للعقل فقط ؛ إذ المرحلة مرحلة الامتثال ~~، وهي ممحضة للعقل وإن كان للشرع التصرف بالتصرف في المنشأ ، لكن التصرف ~~الابتدائي مخصوص بالعقل. # وقد يقال بأنه للشرع هنا سبيل ، فيكون هو المسئول عنه دون العقل ، وقد ~~يقال بالتفصيل بين التخيير والتعيين عند أهمية أحدهما ، فيقال بخروج الأول ~~عن وظيفة الشرع ودخول الثاني فيها. # لا إشكال على المبنى الثاني والأخير ؛ فإنه على الأول من باب الدوران بين ~~التعيين والتخيير ، والأصل فيه التعيين ، فيتجه حينئذ التفصيل المتقدم عن ~~المحقق المتقدم قدسسره ، كما أنه يكون المقام على المبنى الأخير من باب ~~الشك في التكليف ، والأصل فيه البراءة ، فيتجه التخيير في مسألتنا في كلا ~~فرضيها. # إنما الكلام على المبنى الأول وهو أن الإرادة تمت من قبل المولى حسب ~~الفرض ، وبعد ذلك تقع الحكومة بيد العقل ، ولا وظيفة للشرع لا في صورة ~~المساواة ولا في صورة التفاوت بالاهمية وعدمها ، وحينئذ أيضا لا إشكال في ~~البراءة في فرض احتمال تصادف أحد الطرفين مع واجب آخر. # وأما مع احتمال أشدية المناط فيه فقد يقال : إن المتعين حينئذ هو التعيين ~~؛ فإن الأمر في جانب غير محتمل الأهمية غير معلوم المحركية ؛ لدوران أمره ~~بين المساواة مع عدله حتى يكون محركا وبين أن يكون عدله أهم منه فيكون ~~ساقطا عن التحريك بناء على عدم صحة الترتب ، وأما الأمر في محتمل الأهمية ~~فمعلوم المحركية. PageV02P447 # وفيه أولا : صحة الترتب كما قرر في محله ، وثانيا : سلمنا ، ولكن سقوطه ~~عند العلم بالأهمية مسلم ، وأما عند الشك فهو كالشك في القدرة يكون محركا ~~عند العقل ، والحكم الجهتى التى لا تحريك له عند طرو احتمال المانع قد تقدم ~~أنه في غير هذا الباب أعني الجهتي ms1041 من ناحية الجهات العقلية. # وقد يقال إنه سلمنا محركية الأمر بغير محتمل الأهمية ، ولكن محركية الأمر ~~الآخر مقدمة على تحريكه كما في صورة العلم بالأهمية ، وذلك لأن الأهمية وإن ~~كانت غير معلومة ، لكن ذات الأمر معلوم ، ومعلومية ذاته كافية في تنجيز ~~مرتبته الواقعية وإن كانت غير معلومة ، فلو كان مرتبته واقعا عظيمة وعصيانه ~~موجبا لعقوبة كبيرة كفى في صحة تلك العقوبة وجود العلم بنفس الأمر ومخالفته ~~، وإن لم يعلم مرتبته فالأمر في الجانب المحتمل الأهمية منجز للمرتبة الأهم ~~على تقدير ثبوتها ، فيكون مقدما في حكم العقل على الأمر في جانب الآخر. # والجواب : إنا سلمنا ما ذكرت من أن المنجز في صورة تأكد المناط وشدته لحد ~~التأكد والشدة هو الأمر ، لكن هذا في صورة عدم ابتلائه بالأمر المزاحم ، ~~وأما عند ذلك فيسقط عن هذا التنجيز ويبقى الشدة والتأكد بلا منجز من ناحية ~~الأمر ، نعم في صورة العلم بها يكون المنجز هو العلم بالغرض ، وهذا الغرض ~~حيث لا يمكن إدراكه بالأمر لعدم قابلية المقام حسب الفرض للأمر المولوي ~~يكون العلم به منجزا ؛ لأنه غرض أراد المولى استيفائه من جوارح العبد ، ~~وقرر في محله أن مثل هذا الغرض إذا لم يمكن الأمر المولوي به فالعلم به ~~منجز عند العقل. # وأما عند احتمال الاهمية فلا منجز بالنسبة إلى حد التأكد لا من ناحية ~~الأمر ولا من ناحية الغرض ؛ لأن المقدار المعلوم منه بمقدار تساوي الطرف ~~الآخر ، وأما الزيادة فمنفي بالأصل. # والدليل على ما ذكرنا من اختصاص تنجيز الأمر للمرتبة الأشد بحال عدم ~~الابتلاء بالمزاحة أنه في صورة عدم الابتلاء لا فرق في تنجزه تلك المرتبة ~~وبين تعلق العلم بتلك المرتبة ووقوعها طرفا للاحتمال وتعلق العمل بخلافها. PageV02P448 # فلو فرض أن العبد بعد علمه بأمر المولى علم أن أمره هذا ليس على حد الشدة ~~والتأكد ، وإنما هو واقف على أدنى مرتبة الوجوب ، وأن العقاب عليه من أقل ~~أفراد العقاب، وكان الواقع خلاف ما علمه بأن كان بالغا أعلى مرتبة التأكد ~~وعقابه أشد أفراد النكال والعذاب فعاقبة ms1042 المولى بتلك المرتبة الشديدة ، ما ~~كان ملوما وفاعلا للعقاب إلا بعد إتمام الحجة. # وحينئذ فلو كان هذه المنجزية للأمر ثابتة في حال الابتلاء لزم مع العلم ~~بالمساواة ووجود الأهمية واقعا صحة عقوبة المرتبة الشديدة لو اختار في ~~العمل غيرها ، مع أنا نقطع بخلاف ذلك ، وليس إلا لأن تلك المنجزية منوطة ~~بمحفوظية محركية الأمر نحو متعلقة على التعيين ، وأما عند سقوطه عن ذلك ~~بواسطة معارضة المزاحم فيسقط عن تلك المنجزية ، فيكون المنجز في حال العلم ~~بالأهمية هو العلم بالغرض الخالي عن اقتضاء الأمر ، فيئول الأمر لا محالة ~~عند احتمال الأهمية إلى البراءة كما عرفت. # هذا تمام الكلام في تأسيس الأصل على كلا المذاقين من الطريقية والسببية ، ~~وحيث إن المختار هو الأول ، فالأصل هو التعيين. # وأما الأدلة التي أقاموها على الترجيح فامور نذكر بعضها : # منها : الإجماع بأقسامه من القولي والعملي المحقق والمنقول. # وفيه أن الإجماع في مثل هذه المسألة التي يكون للعقل والنقل فيه سبيل ، ~~ويحتمل استناد المجمعين إلى تلك الوجوه العقلية أو النقلية ، فهو ليس بدليل ~~آخر في المسألة وراء تلك الوجوه ، بل لا بد من النظر في تلك الوجوه ، فإن ~~لم نرها تامة فلا محذور في المصير إلى الخلاف ؛ لسقوط هذا الإجماع عن الكشف ~~، هذا على تقدير تسليم محصلية الإجماع القولي، فكيف الحال لو كان منقولا أو ~~عمليا ؛ فان الترجيح العملي لا يلازم الترجيح القولي. # ومنها : أن العدول من الراجح إلى المرجوح قبيح عقلا ، بل ممتنع قطعا ، ~~فيجب العمل بالراجح لئلا يلزم ترجيح المرجوح على الراجح. PageV02P449 # وفيه أن المقصود إن كان الراجح بملاحظة الدواعي الشخصية للفاعل سلمنا ~~امتناعه ، ولكن لا نسلم أن تقديم غير ذي المزية من هذا القبيل ، فإنه ما لم ~~يرجح بنظره حسب دواعيه الشخصية لا يعقل أن نختاره ، وإن كان المقصود هو ~~الراجح العقلي فلا نسلم الكبرى ، بل قد عرفت أنه مع قطع النظر عن التعبد ، ~~الأصل الأولي هو التوقف في المدلول المطابقي والرجوع إلى الأصل المطابق ~~لأحدهما ، فليس الداعي إلى العمل بأحد الخبرين إلا الأخبار ، فلا ms1043 بد من ~~ملاحظتها ، فإن دلت على التخيير المطلق عمل به ، وإن دلت على الترجيح فكذلك ~~، وإن قصرت دلالتها من هذه الجهة فلا بد من الرجوع إلى الأصل الذي اسسناه. # ومنها : الأخبار الواردة من طرقنا المشتملة على جمع من وجوه الترجيح ، ~~وهذه هي العمدة في المقام ، ولا بد من التيمن بذكرها والنظر فيها ، وقبل ~~الشروع بذكر أخبار الترجيح ينبغي تقديم أخبار التخيير ، فلو استفدنا منها ~~التخيير المطلق وترجح في النظر تقديم هذه الأخبار فالمرجع هو التخيير مطلقا ~~، وإن ترجح تقديم أخبار الترجيح أو اجمل الأمر ، ففي موارد تلك المرجحات ~~المنصوصة في الأخبار نرجع إلى الأصل المؤسس سابقا ، ويكون المرجع في سائر ~~مقامات الترجيح الغير المنصوصة هو التخيير أيضا. # وبالجملة ، فالمستفاد من هذه الأخبار أصل ثانوي هو التخيير بعد ما عرفت ~~أن الأصل الأولي بناء على الطريقية هو التعيين. # فنقول وبالله التوكل : أما أخبار التخيير # فمنها : خبر سماعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «سألته عن رجل اختلف ~~عليه رجلان من أهل دينه كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر بأخذه ، والآخر ينهاه ~~عنه ، كيف يصنع؟ قال عليه السلام : يرجئه حتى يلقي من يخبره ، فهو في سعة ~~حتى يلقاه». # والاستدلال به مبني على أن لا يكون قوله : «في سعة» الخ من قبيل قوله : ~~في سعة ما لا يعلمون ، بأن كان المقصود هو الأمر بالتوقف والإرجاع في مقام ~~العمل إلى البراءة والسعة ، فيكون هذا موافقا للأصل الأولي ، بل كان ~~المقصود هو الوسعة PageV02P450 # والاختيار في ما بين العمل بالخبرين ، ولا يبعد هذا بقرينة قوله في ~~الأخبار الأخر : «موسع عليك بأية عملت» حيث إن المراد به معلوم أنه الحجية ~~التخييرية لا الإرجاع إلى الأصل ، فمقتضى وحدة السياق أن يكون هو المراد في ~~هذا الخبر أيضا ، فيكون إطلاق السعة في خصوص باب الخبرين المختلفين ظاهرا ~~في التخيير في المسألة الاصولية أعني الحجية. # ومنها : ما عن الحميري عن الحجة روحي وارواح العالمين له الفداء إلى أن ~~ذلك حديثان إلى أن قال عليه السلام : «بأيهما أخذت من باب التسليم كان ms1044 ~~صوابا». # والاستدلال به على العموم مع عدم لفظ فيه بدل عليه وإنما هو حكم في خصوص ~~المورد الخاص ولعله لا يتجاوزه أو يتجاوزه إلى ما هو مشارك معه في الصنف من ~~كون الخبرين معا في المستحبات مبني على استفادة التعليل من قوله في الجواب ~~عن ذلك حديثان ؛ لقوله عليه السلام : وبأيهما أخذت الخ ، كما لعلة لا يبعد ، ~~فلو كان الحكم خاصا بباب المستحبات أو بخصوص الخبرين المتعادلين لكان ~~الواجب التنبيه على ذلك وعدم الاكتفاء بخصوص المورد ؛ فإن خصوص المورد لا ~~يخصص الوارد ، فيعلم منه بعد ذلك أن ورود الحديثين المختلفين مطلقا في أي ~~واقعة كانت ، متعادلين كانا أم متفاوتين يكون الحكم فيه هو التخيير. # ثم إن في هذا الخبر إشكالا آخر وهو أن الحديثين المذكورين فيه من قبيل ~~العام والخاص الذي تقدم منا عدم إدراجه في موضوع التعارض ، فلا بد إما من ~~القول بأن العام والخاص أيضا من قبيل المتعارضين ونرجع فيهما إلى اخبار ~~العلاج ، وإما من القول بأن خصوص هذا العام والخاص المذكورين في كلامه ~~صلوات الله عليه كانا بحيث لا بد من معاملة التعارض بينهما ؛ لاحتفاف العام ~~بقرائن لم يقبل الحمل على الخاص ، فصار في الظهور مساوقا مع الخاص. # ومنها : ما عن الحسن بن الجهم عن الرضا صلوات الله عليه «قال : قلت له ~~عليه السلام : تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة؟ قال عليه السلام : ما جاءك عنا ~~فقس على كتاب الله عز وجل وأحاديثنا ، فإن كان يشبههما فهو منا ، وإن لم يكن ~~يشبههما PageV02P451 # فليس منا ، قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ، ولا نعلم ~~أيهما الحق؟ قال عليه السلام : فإذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت». # دلالة هذا الحديث على التخيير وعمومه لما إذا كان لأحد الخبرين مزية ، ~~واضح ، ويستفاد منه مطلب آخر أيضا وهو أن ما ذكره عليه السلام في الصدر إنما ~~يكون في مقام التمييز للحجة عن غير الحجة وتمييز الصادق عن الكاذب ، وهو ~~غير الترجيح للحجة على الحجة ، ويشهد لهذا أن السائل ذكر عقيب ذلك «يجيئنا ~~الرجلان ms1045 وكلاهما ثقة» ففرض أن المورد مورد لا يقبل الكذب المخبري ، فاجابه ~~عليه السلام بالتخيير ، فيعلم منه أن مفروض الصدر هو مورد لم يفرغ عن حجية ~~قول المخبر ، فأحاله عليه السلام إلى علامات يميز بها الصادق عن الكاذب. # ومنها : ما عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام «قال : إذا ~~سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم فترد إليه» عجل ~~الله تعالى فرجه. # والاستدلال بهذا الخبر على التخيير مع عدم ذكر الاختلاف في الحديث فيه ~~أمران ، أحدهما قوله عليه السلام : فموسع الخ ، فإنه ظاهر بقرينة وحدة ~~السياق مع سائر الأخبار أن المفروض فيه صورة الاختلاف ، والثاني قوله ~~عليه السلام : حتى ترى القائم (عج) فإن التعبير عن حجية أخبار الثقات ليس ~~على وجه المغيائية ، بل يفرض كلامهم عين الواقع ، فلا يفرق بين زمان الحضور ~~والغيبة ، فالمناسب لذكر الغاية إنما هو التخيير بين الحديثين المختلفين. # ومنها : ما عن علي بن مهزيار «قال : قرأت في كتاب لعبد الله بن محمد إلى ~~أبي الحسن عليه السلام : اختلف أصحابنا في روايتهم عن أبي عبد الله ~~عليه السلام في ركعتي الفجر في السفر، فروى بعضهم صلهما في المحمل ، وروى ~~بعضهم لا تصلهما إلا على الأرض؟ فوقع عليه السلام : موسع عليك بأية عملت». # وليس في هذا الخبر ما يدل على العموم ؛ فإن ذكر الرواية ليس في كلام ~~الإمام عليه السلام على وجه يشعر بالعلية ، وإنما سأل السائل عن حكم اختلاف ~~الروايتين الخاصتين وأجاب الامام عليه السلام في هذا المورد بالتخيير ، ~~ولعله كان PageV02P452 # الخبران متكافئين ، فلا دلالة فيه على التعدي عن مورده. # ومنها : مرفوعة زرارة وفيها بعد ذكر المرجحات : «إذن فتخير أحدهما فتأخذ ~~به ودع الآخر». # هذا ما وقفنا عليه من الأخبار ، وقد عرفت تمامية دلالة غير ما قبل الأخير ~~منها على التخيير على وجه الإطلاق الشامل لصورة وجود المرجح ، نعم إطلاق ~~الأخير مختص بصورة عدم المرجح المنصوص ، فينفع في دفع الأصل في غير ~~المنصوص. # وأما أخبار الترجيح فهي مختلفة ، ففي بعضها الترجيح ms1046 بموافقة الكتاب ~~والسنة ، وفي آخر بمخالفة العامة ، وفي ثالث الترتيب بينها بتقديم موافقة ~~الكتاب والسنة. # ولا بد أن يعلم أولا أن في الاخبار الأمر بطرح ما خالف الكتاب بلسان أنه ~~ليس منا أو لم نقله ، أو اضربوه على الجدار ، أو زخرف وباطل ، أو شبه ذلك ، ~~وهذه ليست في مقام الترجيح ، بل في مقام بيان أصل سقوط الخبر ذاتا عن ~~الحجية الأولية ولو مع قطع النظر عن المعارض ، فلا بد من حملها على صورة ~~المخالفة على وجه التباين الكلي ، فإنه إذا وصل مخالفة الخبر للكتاب أو ~~السنة القطعية بهذا الحد فمعلوم أنه غير صادر وأن راويه كاذب. وبالجملة ، ~~هذا الأخبار غير مرتبطة بمقامنا ؛ إذ هي بمقام تميز الحجية عن غيرها ، ~~ومقامنا ترجيح الحجة على الحجة. # ومن جملة هذه الأخبار خبر حسن بن الجهم المتقدم في أخبار التخيير ومنها ~~أيضا خبر العيون الطويل. وحينئذ فلا بد من فرض الكلام في ما كان الحكم فيه ~~بتقديم الموافق للكتاب أو مخالف العامة على وجه يعلم منه أنه بصدد الترجيح ~~بأن فرض ذلك في الخبرين بعد الفراغ عن شرائط حجيتهما الذاتيتين من وثوق ~~الراوي وغير ذلك وكان الموافقة أو المخالفة معتبرة من باب الكشف النوعي ~~القائم في ما بين الكاشفين النوعيين كما ان الحال في المقبولة والمرفوعة ~~كذلك لانه ذكر الموافقة والمخالفة فيهما بعد فرض موثقية كلا الراويين ~~ومامونيتهما عن الكذب الذي مرجعه إلى موثوقية خبرهما في حد ذاته لو لا ~~ملاحظة المعارض ، ولا بد من حمل مخالفة الكتاب في هذا المقام على المخالفة ~~بنحو التباين الجزئي أعني العموم و PageV02P453 # الخصوص أو الإطلاق والتقييد كما هو واضح. # والحاصل لو فرض أن بين هذه الطائفة المعلوم كونها بمقام الترجيح اختلاف ~~من حيث الاقتصار في البعض على موافقة الكتاب وفي البعض على مخالفة القوم ، ~~وفي البعض على الجمع بينهما ، ودار أمر الثالث أيضا بين الترتيب بتقديم ~~الموافقة أو المساواة ، فلا بد حينئذ من التقييد في الإطلاقين المتقدمين أو ~~أحدهما لا محالة ، فإنه إن كان مفاد الثالث هو ms1047 المساواة ، فلا بد من تقييد ~~كلا الإطلاقين الظاهرين في الحكم التعييني الفعلي بحال عدم اجتماعه مع وجود ~~صاحبه في الطرف الآخر ، وإلا كان المورد بلا مرجح. # وإن كان مفاده الترتيب فلا بد من تقييد إطلاق ما ذكر فيه مخالفة القوم ~~وحدها بحال عدم اجتماعها مع الموافقة في الطرف الآخر وإلا كان الترجيح مع ~~الطرف الآخر ، وعلى كل حال يلزم خلاف الظاهر ، وهذا غير الأوامر الوجوبية ~~الغير المبتلى بالمزاحمات مثل أمر إنقاذ الغريق إلا نادرا ، حيث قلنا بأنها ~~من هذا الحيث ساكتة وأحكام حيثية لا فعلية ، فإن المقام مضافا إلى عدم كونه ~~من قبيل المتزاحمين بل من باب الطريقين المعلوم عدم وجود الملاك في أحدهما ~~ليس الابتلاء بالمزاحم بتلك المثابة من القلة حتى يكون عدم تكفل الهيئة ~~لتلك الحال غير مخالف للظاهر ، هذا لو حملنا الهيئة على الوجوب. # وهذا بخلاف ما لو حملناها على الاستصحاب ، فإنه يسهل الأمر من هذه الجهة ~~، لشيوع عدم التعرض في الأحكام الاستحبابية عن مزاحماتها ولو مع كثرة ~~الابتلاء ، فالأمر دائر بين الحمل على الوجوب وارتكاب التقييد أولا في ~~إطلاقات التخيير وثانيا في إطلاقات الترجيح ، وبين الحمل على الاستحباب ~~والاستراحة من كلا ذينك التقييدين ، والظاهر أولوية الثانى. # لا يقال : إن ظهور الهيئة وضعي والمادة إطلاقي ، والأول أقوى من الثاني ، ~~فيتعين التقييد. # لأنا نقول : إن كان المراد أن رفع اليد عن الإطلاق ليس خلاف الظاهر مع ~~انفصال القيد كما مع اتصاله ، وبعبارة اخرى يتقوم انعقاد أصل الظهور ~~الإطلاقي على عدم المتصل والمنفصل معا ، فهذا خلاف الوجدان الحاكم بعدم ~~توقف انعقاده PageV02P454 # إلا على خصوص عدم القيد المتصل ، مضافا إلى أنا نقول بأن ظهور الهيئة ~~أيضا إطلاقي ، وإن كان المقصود أن الظهور الإطلاقي مع محفوظيته أضعف من ~~الوضعي ففي محل المنع أيضا ، هذا. # ولكن استقر بناء المشايخ على أنه متى دار الأمر بين حفظ إطلاق مادة ~~المطلق وحمل هيئة المقيد على الاستحباب وبين تقييد مادة الأول والأخذ بظاهر ~~الثاني يرجحون الثاني ، ولهذا شاع بينهم حمل المطلق على المقيد ، وعلى هذا ms1048 ~~المبنى لا بد في المقام أيضا من تنزيل إطلاقات التخيير على صورة المساواة ، ~~وكذا إطلاق الترجيح بمخالفة القوم على صورة عدم وجود موافقة الكتاب في ~~الطرف الآخر ، هذا تمام الكلام في هذه الطوائف الثلاث من أخبار الترجيح. # بقي الكلام في المقبولة والمرفوعة المشتملتين على هذين وغيرهما مما لم ~~يشتمل غيرهما عليه ، ولا بد أولا من دفع الإشكالات الواردة على المقبولة ، ~~ثم من ملاحظة المعارضة بينهما بنفسهما ، وبينهما مع سائر الطوائف الثلاث ~~المتقدمة. # فنقول وعلى الله التوكل : روى المشايخ الثلاثة باسنادهم عن عمر بن حنظلة ~~«قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما ~~منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة ، أيحل ذلك؟ قال ~~عليه السلام : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت ، وما ~~يحكم له فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقه ثابتا ، لأنه أخذ بحكم الطاغوت وإنما ~~أمر الله تعالى أن يكفر به ، قال الله تعالى : ( @QUR@010 يريدون أن ~~يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ). # قلت : فكيف يصنعان؟ قال عليه السلام : ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى ~~حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته ~~عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا ~~قد رد ، والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله. # قلت : فإن كان كل رجل يختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا ناظرين في ~~حقهما ، فاختلفا في ما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ قال عليه السلام : الحكم PageV02P455 # ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ~~ما يحكم به الآخر. # قلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر؟ ~~قال عليه السلام : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به ~~المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذ النادر الذي ليس ~~بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ms1049 ريب فيه ، وإنما الامور ثلاثة ، ~~أمر بين رشده فيتبع ، وأمر بين غيه فيجتنب ، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله ، ~~قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك، فمن ~~ترك الشبهات نجى من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من ~~حيث لا يعلم. # قال : قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال ~~عليه السلام : ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ~~، ويترك ما خالف الكتاب والسنة ووافق العامة. # قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ~~فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا بأي الخبرين يؤخذ؟ قال ~~عليه السلام : ما خالف العامة ففيه الرشاد. # فقلت : جعلت فداك فإن وافقهم الخبران جميعا؟ قال عليه السلام : ينظر إلى ~~ما هم أميل إليه حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر. # قلت : فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ قال عليه السلام : إذا كان ذلك ~~فارجه حتى تلقي إمامك ؛ فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في ~~الهلكات» هذا. # وأما الإشكالات الواردة على هذا الخبر الشريف فمن وجوه : الأول : أن ظاهر ~~صدره القضاوة والحكومة وفصل الخصومة وقطع المرافعة ، وهو لا يناسب التعدد ~~وإنما المناسب له الاستفتاء. # الثاني : بعد الحمل على هذا الظاهر كيف يختفي على أحد القاضيين معارض ~~مدرك حكمه مع شهرته. PageV02P456 # الثالث : كيف يرجع بعد مساواة القاضيين الى تحري المترافعين واجتهادهما ~~في مدرك الحكمين. # الرابع : أن اللازم مع التعارض لغوية حكم اللاحق وتساقطهما مع الوقوع ~~دفعة ، فما معنى الترجيح. # الخامس : أن اختيار التعيين بيد المدعي ، وقد فرض في الرواية الاختيار ~~بيدهما وتحريهما بعد اختلافهما في الحكم ، هذا. # وأما الدفع فبأحد وجهين ، الأول : تنزيل الرواية على مقام الفتوى دون ~~القضاء وفصل الخصومة ، فإن المنازعة حيث كانت ناشئة عن الشبهة الحكمية ~~فطريق ارتفاعها وانفصالها وضوح الحكم وارتفاع الجهل بالرجوع إلى خبرة ذلك ، ~~وقوله عليه السلام : فإنى قد جعلته عليكم حاكما وإن كان له ظاهر أولي في ~~مقام القضاء خصوصا مع مقابلته ms1050 بما في الصدر من الردع عن المحاكمة عند قضاة ~~الجور ، لكن يمكن حملها على معنى أن الفاصل كما كان في المرافعة عند القضاة ~~قوة السلطان يكون الحاسم والفاصل في هؤلاء قوة الشرع والديانة ، فإن من ~~اعتقد بالله وعذابه ونكاله يرتدع بالطبع عن مخالفة احكامه. # وبالجملة ، فالكلام مبني على المسامحة والتجوز ، ولا يخفى اندفاع جميع ~~الإشكالات حينئذ ؛ لتفرعها على الحمل على القضاوة. # الثاني إبقائها على ظاهرها من القضاوة وتصحيحها بالحمل على صورة التداعي ~~؛ إذ حينئذ يرتفع جميع الاشكالات. # أما الأول فلأنه إذا كان كل منهما مدعيا ، فليس أحدهما ملزما باختيار ~~الآخر ، وإذا اختار كل قاضيا غير مختار الآخر فحكم كل قاض إنما ينفذ في حق ~~من اختاره خاصة ، فلو توافقا في الحكم فلا كلام ، ولو تخالفا وكان حكم كل ~~على ضرر من اختاره ينفذ أيضا في حق كل واحد حكم حاكمه ، وإن كان حكم كل ~~بنفع من اختاره فحينئذ يحتاج إلى فاصل آخر ؛ إذ المفروض عدم نفوذ الحكم ~~الصادر من كل على ضرر غير من اختاره. PageV02P457 # وأما الثاني ، فلأنه من الممكن عدم غفلته ، بل اطلاعه على المعارض ، ~~ولكنه يعتقد عدم صلوحه للمعارضة كما هو غير عزيز. # وأما الثالث ، فلأن المفروض كون الشبهة حكمية ، فمع فرض مساواة الحكمين ~~أرجع الإمام عليه السلام المترافعين إلى تحريهما بنفسهما الخبرين ولم يكن في ~~ذلك الزمان لفهم الحكم من الخبر كثير مئونة ، بل كانت الفتاوى على طبق ~~مضامين الأخبار من غير حاجة إلى إعمال النظر في الامور العلمية المحتاج ~~إليها في هذا الزمان. # وأما الرابع ، فلأن المفروض عدم نفوذ حكم واحد من القاضيين إلا على من ~~اختاره ، وما ذكر من لزوم تقديم الأسبق مع التعاقب ، والتساقط مع التقارن ~~إنما هو مع كون حكم كل نافذا على كلا الطرفين. # وأما الخامس ، فلفرض التداعي ، هذا حاصل الكلام في رفع الإشكالات عن ~~المقبولة. # وأما ملاحظة المعارضة بينها وبين المرفوعة ، فينبغي أولا التيمن بذكر ~~المرفوعة أيضا. # فنقول : روى ابن أبي جمهور الأحسائي في غوالي اللئالي عن العلامة مرفوعا ~~إلى زرارة ms1051 «قال : سألت أبا جعفر عليه السلام ، فقلت : جعلت فداك يأتي عنكم ~~الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيهما آخذ؟ فقال عليه السلام : يا زرارة ~~خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر. # فقلت : يا سيدي إنهما معا مشهوران مأثوران عنكم؟ فقال عليه السلام : خذ ~~بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك. # فقلت : إنهما معا عدلان مرضيان موثقان؟ فقال عليه السلام : انظر ما وافق ~~منهما العامة فاتركه ، وخذ بما خالف ، فإن الحق في ما خالفهم. # قلت : ربما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟ قال عليه السلام إذن ~~فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك الآخر. PageV02P458 # قلت : إنهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له ، فكيف أصنع؟ فقال ~~عليه السلام : إذن فتخير أحدهما فتأخذ به ودع الآخر». # فنقول : المعارضة بينها وبين المقبولة من وجوه ، الأول : الحكم فيها بعد ~~المرجحات بالتخيير ، وفي المقبولة بالتوقف ، الثاني : الحكم فيها بمرجحية ~~الموافقة للاحتياط دون المقبولة، الثالث : الحكم في المقبولة بمرجحية ~~الموافقة للكتاب والسنة قبل المخالفة للعامة دون المرفوعة، وقد فرغنا عن ~~علاج معارضتهما من هذه الوجوه في ما تقدم ، الرابع : ذكر الشهرة في ~~المرفوعة متقدمة على الصفات وفي المقبولة متأخرة عنها. # وأما معارضتهما مع سائر الأخبار فلذكر الشهرة والصفات في هاتين دون سائر ~~الأخبار. # ومحصل القول في علاج كلا هذين الوجهين الأخيرين أن يقال : أما المقبولة ~~فذكر الصفات فيها ليس من باب المرجح الخبري ، بل من باب المرجح لأحد ~~القاضيين أو المفتيين على الآخر ؛ لأنه قال عليه السلام : الحكم ما حكم به ~~أعدلهما الخ ، وبعد ما فرض السائل مساواة الحاكمين أرجع إلى الروايتين ، ~~فالمعيار في باب الخبر ما ذكره عليه السلام بعد هذه الفقرة وهو الشهرة وما بعدها. # فنقول : الظاهر من مادة الشهرة لغة حيث إنه بمعنى الوضوح والظهور ، ولهذا ~~يقال : شهر فلان سيفه ، إذا أبرزه عن الغمد ، ومن تعليله عليه السلام الأخذ ~~بالمشهور بأنه مما لا ريب فيه ، حيث إنه ما لا شك فيه حقيقة وهو المقطوع ~~الوجداني ، ومن استشهاده عليه السلام بحديث التثليث ما ذكره من التثليث ms1052 في ~~كلامه عليه السلام حيث إنه أدرج المشهور في بين الرشد والحلال البين أنه ~~عليه السلام في هذه الفقرة ليس بمقام ترجيح إحدى الحجتين الذاتيتين على ~~الاخرى ، بل في مقام الإرشاد إلى ما هو الحجة ، والردع عما ليس بحجة. # فإنه إذا كان الخبر يرويه كل الشيعة ، والمفروض أن الفتوى كان في ذلك ~~الزمان على طبق المفاد ، فيكون المحصل أن الكل إلا الشاذ القليل يسندون إلى ~~الإمام عليه PageV02P459 # السلام وجوب صلاة الجمعة مثلا ، ومن المعلوم أنه لو قام في قبال هؤلاء ~~العدد الكثير والجم الغفير رجل واحد ولو كان ثقة عدلا مرضيا فقال : بل قال ~~الامام عليه السلام : الواجب صلاة الظهر ، فهو وإن كان يؤخذ بخبره لو كان ~~منفردا ، لكن ابتلائه بمعارضة الكل أوجب القطع بمخالفة قوله للواقع أعني ~~مخالفة مضمون ما نقله لحكم الله الواقعي. # فيتردد أمره حينئذ بين كذبه في الإخبار وبين صدقه ، ولكن كان الحكم ~~لمصلحة اقتضت ذلك لا لبيان الحكم الواقعي ، وبين صدقه وعدم مصلحة غير بيان ~~الواقع ، ولكن كان مع الكلام قرينة متصلة يلائم الكلام معها لما نقله الكل ~~ولم يسمعها الراوي ، وعلى كل حال يدخل التزلزل في أركان حجية كلامه ويسقط ~~عن درجة الاعتبار ، ويصير مثل خبر الرجل الواحد الغير المتحرز عن الكذب ، ~~أو مجهول الحال ، فبهذه الملاحظة يمكن إدراج خبره في ما فيه الريب ، ~~وبملاحظة أن ظاهر كلامه على ما هو عليه مقطوع الخلاف يمكن إدراجه في بين الغي. # نعم الذي ينافي هذا فرض السائل كون الخبرين معا مشهورين ؛ فإنه ربما يؤيد ~~كون المراد بالشهرة في الأول أيضا ما لا يساوق القطع ، وإلا لم يمكن فرضه ~~في كلا الخبرين. # والجواب أنه حينئذ يدور الأمر بين أحد التصرفين ، إما رفع اليد عن ظاهر ~~جميع ما ذكر وحمل «لا ريب فيه» على نفي الريب بالإضافة مع أنه بعيد جدا ، ~~حيث لا يقال في خبر أخبره جماعة يحتمل في حقهم عادة التخلف عن الواقع أن ~~هذا الخبر لا شك فيه واريد بذلك أبعديته عن الشك بالنسبة إلى ms1053 خبر آخر هناك ~~أخبره بخلافهم رجل واحد. # وإما إبقاء هذا الظاهر القوي بحاله والتصرف في كلام السائل بحمله على ~~إرادة عدم تحقق ما فرضه الإمام عليه السلام ، يعني أنه إن لم يكن بينهما هذا ~~الذي ذكرت ، بل تساويا في عدد المخبرين بأن روى كلا منهما جماعة من الثقات ~~، ولهذا ذكر عقيب قوله : مشهورين قوله : قد رواهما الثقات عنكم. PageV02P460 # ومما ذكر يعرف حقيقة الحال في المرفوعة أيضا من حيث الإرجاع إلى ما اشتهر ~~بين أصحابك ، فإنه يجري فيها جميع ما ذكر في المقبولة حرفا بحرف ، نعم هي ~~خالية عن التعليل والاستشهاد ، لكن ظهور مادة الاشتهار بحاله ، ويجري في ~~قول السائل فيها أيضا بعد ذلك : أنهما معا مشهوران مأثوران عنكم ما ذكر في ~~المقبولة. # فيبقى الكلام في المرفوعة من حيث الإرجاع بعد ذلك إلى الصفات ، فبذلك ~~يخالف المقبولة وسائر الأخبار ، ومحصل القول فيه أيضا أنه حيث فرض السائل ~~استواء الخبرين من حيث الجهة المذكورة في كلام الإمام عليه السلام ، وهو لا ~~يتحقق إلا باستواء عدد المخبرين بأن روى مثلا هذا الخبر عشرون رجلا ، وروى ~~ذلك عشرون آخرون ، ولكن لم يفرض كالسائل في المقبولة كون المخبرين ثقات ~~أرجعه الإمام عليه السلام إلى صفات الراوي والأخذ بما كان راويه ثقة. # ف «أفعل» في كلامه عليه السلام نظير «أفعل» في قولك : الإسلام خير وأحسن ~~لك من الكفر ، وبالجملة ، استعمال «أفعل» في مقام اريد به اتصاف أحد ~~الشيئين بوصف وخلو الآخر عنه رأسا شائع ، وهذا وإن كان في مقابل التفضيل ~~الحقيقي خلاف الظاهر ، ولكن ملاحظة كلام السائل حيث فرض اتصاف الراويين ~~بأصل العدالة والثقة يشهد بأن المراد في كلام الإمام عليه السلام أيضا ذلك ، ~~وإلا فإن كان مراده عليه السلام اختلاف المرتبة بعد الاشتراك في أصل الصفة ~~لناسب التعبير بالمساواة في الرتبة والفضيلة كما عبر كذلك في المقبولة. # وبالجملة ، بعد التعبير بما في المرفوعة عن الاستواء في المرتبة مع شيوع ~~استعمال «أفعل» في المقامات التي اريد إثبات أصل الصفة كما يقال : الله ~~تعالى أصدق قولا وأوثق ms1054 وعدا من الشيطان وغير ذلك يعين الحمل على ما ذكرنا ، ~~فيكون المراد في هذه الفقرة أيضا هو الإرشاد إلى ما هو الحجة والردع عما ~~ليس بحجة ذاتا ، يعني انظر في حال هؤلاء الرواة لهذا ، وهؤلاء الرواة لذاك ~~، فإن كان إحدى الجماعتين ثقات والاخرى فساقا أو مجهول الحال فخذ بخبر ~~الجماعة الاولى ، فيكون أول المرجحات الخبرية في المرفوعة مخالفة العامة ، ~~كما كان في المقبولة موافقة الكتاب ومخالفتهم. PageV02P461 # إن قلت : كيف فهم السائل هنا من صيغة «أفعل» ما ذكرت ولم يفهمه السائل في ~~المقبولة. # قلت : إذ في المقبولة معلوم أنه عليه السلام بمقام ترجيح أحد الحكمين على ~~الآخر ، والحاكم يعتبر فيه العدالة ، فلا يحتمل «أفعل» فيها غير معنى ~~التفضيل ، وبالجملة ، أظن أن بما ذكرنا يرتفع التنافي بين جميع أخبار الباب ~~، والله الموفق للصواب. # ومن الغريب ما وقع في الكفاية في هذا المقام حيث إنه استشكل في الاحتجاج ~~بالمقبولة والمرفوعة على وجوب الترجيح في مقام الفتوى بقوة احتمال اختصاص ~~الترجيح بمورد الحكومة لرفع المنازعة وفصل الخصومة قال كما هو موردهما ، ~~ولا وجه معه للتعدي منه إلى غيره كما لا يخفى ، ولا وجه لدعوى تنقيح المناط ~~مع ملاحظة أن رفع الخصومة بالحكومة في صورة تعارض الحكمين وتعارض ما استندا ~~إليه من الروايتين لا يكاد يكون إلا بالترجيح ، ولذا أمر عليه السلام بإرجاء ~~الواقعة إلى لقائه عليه السلام في صورة تساويهما في ما ذكر من المزايا ، ~~بخلاف مقام الفتوى ، ومجرد مناسبة الترجيح لمقامها أيضا لا يوجب ظهور ~~الرواية في وجوبه مطلقا ولو في غير مورد الحكومة كما لا يخفى ، انتهى. # وأنت خبير بما فيه بعد الإحاطة بما ذكرنا ، ووجه الغرابة أنه قدسسره جعل ~~في ظاهر كلامه الذي نقلنا مورد المرفوعة أيضا مقام الحكومة لرفع الخصومة ، ~~مع أنك تعلم بعدم إشعار فيها بذلك ، نعم في ذيل كلامه الذي لم ننقله دلالة ~~على اختصاص ذلك بالمقبولة. # وبالجملة ، هذا حال أدلة الترجيح ، ثم لو فرض الأخذ بمرجحية الشهرة ~~والصفات أيضا فلا بد من رفع اليد عن الترتيب بينهما ms1055 بواسطة اختلاف ما بين ~~المرفوعة والمقبولة في ذلك الكاشف عن كون كل واحد مرجحا مستقلا بدون اعتبار ~~ترتيب في البين ، وأما على ما اخترنا من انعزالهما عن سمت المرجحية وأن ~~المرجح منحصر في موافقة الكتاب والسنة ومخالفة العامة ، فالحق فيهما ~~الترتيب بتقديم الاولى على الثانية ؛ لظهور قوله عليه السلام في بعض الأخبار ~~: فإن لم تجدوا ، وكذلك المقبولة في ذلك ، هذا. PageV02P462 # الامر الثاني بعد ما علمت وجوب الترجيح بالمزايا المنصوصة هل يقتصر في ~~الترجيح عليها فيرجع في غيرها إلى إطلاقات التخيير ولو كان في أحد الخبرين ~~ألف مزية ، أو يتعدى إلى غيرها ، وعلى فرض التعدي هل يقتصر إلى المزية ~~الموجبة للظن الشخصي ، أو إلى ما يوجب الظن النوعي ، أو إلى مطلق المزية ~~ولو لم يوجب الظن لا شخصا ولا نوعا ، بل كان موجبا لأبعدية ذيها عن مخالفة ~~الواقع بالنسبة إلى صاحبه؟. # فالكلام هنا في مقامين ، # أما المقام الأول ، فالأقوى فيه الاقتصار على المنصوصات وعدم التعدي منها ~~إلى غيرها ، والذي يحتج به للتعدي كله مخدوش. # فمنه : التمسك بالترجيح بالأصدقية والأوثقية ، فإن اعتبار هاتين الصفتين ~~ليس إلا لأجل أقربية الواجد لهما إلى الواقع من الفاقد ، وليس للسبب الخاص دخل. # وفيه أولا : إنك عرفت عدم مساس ذينك بمقام الترجيح ، وعلى فرض ذلك نقول : # ما الفرق بين مقام أصل الحجية ومقام المرجحية وقد اعترفتم حيث علق الشارع ~~الحجية الابتدائية على خبر الثقة بعدم التعدي من خبر الثقة إلى كل ما يفيد ~~الظن شخصا أو نوعا ، أو يفيد أقلية احتمال المخالفة للواقع ، مع أن عين ما ~~ذكر هنا جار هناك حرفا بحرف ، والسر في كلا المقامين واحد وهو أنا نسلم عدم ~~مدخلية السبب الخاص وأن المناط أقربية احتمال المطابقة للواقع وغلبة ~~الإصابة ، إلا أنه لم يحول ذلك إلى نظرنا ، والأنظار في ذلك مختلفة. # ألا ترى أنه لو أمر مولى بأمر طريقي باتباع قول شخص معللا بأنه أمين عندي ~~فلا يمكن التعدي إلى قول كل شخص أحرز العبد أمانته ؛ إذ ربما كان في نظر ~~مولاه غير أمين ms1056 ، والمعيار نظره لا نظر العبد. # ومثل هذا بعينه مقامنا ؛ فإنه إذا جعل الشارع قول كلي الثقة حجة أو ~~الأوثقية مرجحة ، فهذا يدل على أنه رأى مرتبة من غلبة الوصول إلى الواقع ، ~~فبهذا أوجب PageV02P463 # حكمه باتباعه ، واللازم من عدم مدخلية السبب أنا متى أحرزنا أن السبب ~~الفلاني الآخر أيضا يوجب تلك المرتبة من الإصابة والوصول في نظره تعدينا ~~إليه ، كما أن العبد المذكور أيضا يتبع قول كل من يحرزه أمينا عند مولاه ، ~~وأما لو لم نحرز ذلك وإن أحرزنا البلوغ إلى تلك المرتبة في نظرنا فالتعدي ~~حينئذ كتعدي ذلك العبد إلى قول من أحرزه نفسه أمينا ولم يحرز أمانته عند مولاه. # ومن ذلك يظهر الخدشة في التمسك بتعليل الإمام عليه السلام الترجيح بالشهرة ~~بقوله عليه السلام : فإن المجمع عليه لا ريب فيه ، فإنه بعد ما ليس المراد ~~نفي الريب حقيقة وإلا لم يمكن فرضهما مشهورين لا بد من حمله على جهة ~~التنزيل أعني تنزيل ما يكون الريب فيه أقل منزلة مما لا ريب فيه ، فيدل على ~~قاعدة كلية هي أن : كلما كان في أحد الخبرين شيء يوجب أقلية الريب فيه من ~~صاحبه فهو متعين الأخذ. # وكذلك التمسك بتعليل الترجيح بمخالفة القوم بأن الحق والرشد في خلافهم ، ~~حيث إنه أيضا ليس على حقيقته ، وإلا لم يمكن الأخذ بموافق القوم ولو مع عدم ~~المعارض ، فالمعنى أن في المخالف جهة كاشفية نوعية عن مطابقة الواقع ، فيدل ~~على أن كل شيء فيه جهة الكاشفية المذكورة فهو صالح للمرجحية. # إذ فيهما أيضا مضافا إلى ما في أولهما مما عرفت من عدم المساس بباب ~~المرجحية أنا نسلم كون العبرة بجهة الكاشفية والأقلية النوعية من دون ~~مدخلية السبب الخاص ، ولكن المعتبر حصول ذلك في نظر الشارع لا في نظرنا ، ~~ولعل ما هو كاشف بنظرنا لا يراه الشارع بذلك الحد من غلبة الوصول ، فلا وجه ~~للتعدي ، وإذن فالمرجع في موارد وجود المزية الغير المنصوصة هو إطلاقات ~~التخيير على ما عرفت من ثبوتها. # وأما المقام الثاني : وهو أنه لو بنينا ms1057 على التعدي عن المنصوصات فهل ~~يعتبر الظن الشخصي بمعنى أنه إذا كان أحد الخبرين المتعارضين مع أمارة يوجب ~~الظن الفعلي بكونه مطابقا للواقع يؤخذ به ، وإلا فلا وإن كان مع أحدها ما ~~يوجب الأقربية نوعا ، أو أن المعتبر هو الظن النوعي وإن لم يفد الظن الشخصي ~~، أو أن PageV02P464 # المعتبر أبعدية أحدهما عن الخلاف ، بمعنى أنه لو فرض العلم بصدق أحدهما ~~وكذب الآخر كان أحدهما أبعد عن الكذب وأقرب إلى الصدق ولو لم يكن مع أحدهما ~~بقول مطلق أمارة الصدق. # لا إشكال في عدم اعتبار الظن الشخصي ؛ لأن المرجحات المنصوصة شيء منها لا ~~يفيده ، فيبقى الوجهان الآخران. # واستظهر شيخنا المرتضى قدسسره الشريف الوجه الأخير من تعليلهم ~~عليهم السلام الأخذ بالخبر المخالف للجمهور بأن الحق والرشد في خلافهم ، ومن ~~تعليلهم الأخذ بالموافق للمشهور بأنه لا ريب فيه ، بتقريب أن نفي الريب بعد ~~عدم إرادة معناه الحقيقي وإلا لم يمكن فرض الخبرين مشهورين يراد به نفي ~~الريب بالإضافة يعني أن في الشاذ احتمالا ليس في المشهور ، فيدل على أنه ~~كلما كان مع أحد الخبرين مزية يوجب أقلية الريب فيه بالإضافة إلى الآخر وإن ~~كان مشكوكا وغير مظنون لا نوعا ولا شخصا فهو المقدم. # وهكذا كون الحق والرشد في خلاف العامة بعد عدم إرادة معناه الحقيقي وإلا ~~لم يكن للأخذ بالموافق مع السلامة عن المعارض وجه يراد به كون الخبر ~~الموافق مظنة خلاف الحق والصواب ، فاحتمال الكذب فيه آكد منه في الموافق. # ولكن فيه أن نفي الريب بعد تعذر الحقيقة وهو نفي الشك حقيقة يكون الأقرب ~~إلى معناه الحقيقي هو الظن ، وبعد عدم اعتبار الشخصي يتعين النوعي ، وأما ~~أقلية احتمال الكذب فهو رفع اليد عن أقرب المجازات إلى أقربها ، وهكذا ~~الظاهر من قوله : الحق والرشد في خلافهم بعد عدم إمكان الحقيقة هو وجود ~~الأمارة النوعية على الصدق والرشد فيه ، ولا شبهة في كونه أقرب إلى المعنى ~~الحقيقي من الأبعدية عن الكذب ، ولا غرو في كون مقابلة الخبر لمذهب العامة ~~أمارة نوعية على صدقه إذا ms1058 علم مقابلة مذهبهم نوعا للواقع والمذهب الصواب ، ~~كما يستفاد من قوله عليه السلام : ليسوا من الحنفية على شيء ؛ فإنه من قبيل ~~استكشاف الشيء من ضده ، كما يقال : يعرف الأشياء بأضدادها. PageV02P465 ### | وينبغي التنبيه على امور ### ||| ** الأول : # قد عرفت في ما تقدم أن تقديم النص الظني السند أو الجهة على الظاهر وإن ~~كان قطعي السند جمع مقبول عرفي لا يوجب خروج الكلام عن الطريق المرسوم في ~~المحاورة ، وهكذا الكلام في الأظهر والظاهر ، ولازم ذلك عدم التوقف الذي هو ~~الأصل الأولي في باب التعارض في مورد النص والظاهر والأظهر والظاهر. # وهل مورد التخيير والترجيح أيضا خاص بغير ذلك أو هو عام له أيضا؟ ، وجه ~~الأول أن مورد أخبار العلاج ما إذا تحير العرف ولم يقدر على جمع الكلامين ~~على وجه لا يخرجان عن قانون المحاورة ، ووجه الثاني أنه إن اريد بعدم ~~التحير أنه لا ينقدح في الذهن المعارضة. # وبعبارة اخرى : الخاص والأظهر يمنعان عن انعقاد الظهور في العام والظاهر ~~كما هو الشأن في القرائن المتصلة ، فهذا خلاف الوجدان ؛ إذ لا شك في انعقاد ~~الظهور الانتقاشي وبقائه بحاله حتى بعد رؤية المعارض الأقوى ، فالمتحقق ~~إنما هو رفع اليد عن الظاهر المستقر ظهوره بالظاهر الأقوى ظهورا ، ~~فالمعارضة بين المنفصلين متحققة غاية الأمر وجود العلاج له أيضا ، وبعد صدق ~~مادة التعارض فالذي يمنع عن شمول الإطلاق والعموم له وجود السيرة القطعية ~~والارتكاز التفصيلي عند أرباب اللسان كما هو المتحقق في العمل بقول الثقة ~~وفي أصل العمل بالظواهر ، ولهذا أوجب قصور عمومات النواهي الواردة عن العمل ~~بغير العلم. # وأما هنا فأصل الارتكاز سلمناه ، ولكن كونه بتلك المثابة من الوضوح ~~والظهور حتى لا ينقدح في أذهان السائلين عن حكم الخبرين المتعارضين الحاجة PageV02P466 # إلى السؤال عن حاله ممنوع ، ومجرد الارتكازية لا يوجب كونه أمرا بديهيا ~~عند أهل العرف ، ألا ترى أن كثيرا من النزاع الواقع بين العلماء يكون في ~~الارتكازيات العرفية ، سلمنا كونه مرتكزا مشروحا مفصلا عند السائلين ، لكن ~~ليس بحد لا ينقدح في ذهنه احتمال ردع الشارع عنه ms1059 وعدم إمضائه لهذه الطريقة ~~، فلعل وجه سؤاله الاطلاع عن مساعدة الشرع للعرف وعدمها. # سلمنا كون تقديم الخاص على العام وكل نص وأظهر على الظاهر من المرتكزات ~~التي ينصرف سؤال السائلين عنها ، لكن المسلم من ذلك إنما هو ما كان قبل ~~حضور العمل بأحدهما ، وأما إذا كان صدور أحدهما بعد مضي الزمان المتمادي عن ~~صدور الأول والعمل على طبق ظهوره فليس الأمر هنا بذاك الوضوح ، بل يمكن ~~دعوى تردد أهل العرف حينئذ ؛ إذ يبقى الأمر بين امور كلها بعيد. # الأول : كذب أحد الناقلين مع كونهما ثقتين. # والثاني : صدور الأول مع القرينة واختفت مع توفر الدواعي على الضبط ~~والنقل. # والثالث : كون الأخير نسخا للأول مع بعده ، بل يمكن دعوى القطع بعدم صدور ~~النسخ بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله بأن يبين الإمام عليه السلام النسخ ~~الذي مبدؤه من زمانه. # نعم يمكن ورود النسخ في زمانه صلى الله عليه وآله ، ولكن لم يطلع الناس عليه ~~فكشف الإمام عليه السلام الحجاب عنه ، وأما الأول فيمكن دعوى ارتكاز جميع ~~المسلمين على خلافه كما يدل عليه قوله عليه السلام : وهل سنة غيرتها ، بل ~~ويدل أيضا قوله عليه السلام : حلال محمد صلى الله عليه وآله الخ ، فإن إرادة ~~بقاء الشريعة وعدم مجيئي النبي الناسخ لها خلاف الظاهر ، وعلى الثاني يحمل ~~ما في بعض الأخبار من قوله عليه السلام : في أخبارنا ناسخ ومنسوخ. # والرابع : الحمل على الإرادة التوطئية المنفكة عن الجدية وتأخر البيان عن PageV02P467 # زمان الحاجة لأجل مصلحة يقتضي ذلك ، فإنه كما يقتضي المصلحة كون أصل بيان ~~الأحكام على نحو التدريج وإبقاء الناس على مقتضى البراءة العقلية القاضية ~~بترك الواجب وفعل الحرام ، كذلك قد يقتضي بيان الخلاف في ضمن عموم أو إطلاق ~~مع إخفاء المخصص والمقيد مع كونه موجبا لتفويت الواجب أو الايقاع في الحرام ~~؛ فإن ذلك مع اقتضاء المصلحة غير قبيح ، ويكون حاله كالكذب النافع. # وبالجملة ، ما ذكرنا يجدي في رفع الاستحالة العقلية لا في دخول الكلام في ~~الطريقة المألوفة عن أرباب المحاورة ، فإذا دار الأمر ms1060 بين هذه الامور ~~المستبعدة فاللازم حينئذ التوقف مع قطع النظر عن أخبار العلاج والرجوع إلى ~~التخيير أو الترجيح مع النظر إليها. # قلت : يمكن أن يقال كما أن العرف يعامل مع كلام الشخص المقنن والمتكلم ~~بالامور الكلية غير معاملته مع كلام المتكلم في الامور الشخصية لاقتضاء ~~الأول تشكيل مجالس وينجر الأمر بذلك إلى انفصال المطلق عن المقيد والعام عن ~~الخاص والظاهر عن الأظهر ، كذلك لو استقر ديدن هذا المتكلم لحكمته على ~~رعاية جهات المصالح والمفاسد والتكلم في كل زمان على حسب اقتضاء الوقت ، ~~ورأى منه كرارا في الكلمات المقطوعة الصدور منه انفصال العام عن خاصة بقطعة ~~طويلة من الزمان ، وكذا المطلق عن مقيده وهكذا ، سواء كان المقدم هو العام ~~والمطلق أو الخاص والمقيد بحيث كان العمل في تلك القطعة المتوسطة على طبق ~~الكلام الأول وصار المتعين بواسطة القطع بعدم النسخ هو الحمل على الإرادة ~~الصورية مع الانفكاك عن اللبية المستكشفة بالمخصص والمقيد ، فالعرف بعد ~~عرفان هذا الحال منه يعامل مع كلماته من هذه الجهة معاملته مع الكلمات ~~المتصلة من غيره ، وإذا صار هذا المعنى عرفيا فالاحتمالات الأخر في قباله ~~مدفوعة بالأصل ، هذا بالنسبة إلى عدم التوقف. # وأما بالنسبة إلى عدم التخيير والترجيح فلأن المفروض انصراف الأسئلة إلى PageV02P468 # غير موارد وجود الجمع العرفي ، ولهذا استقر ديدن أهل الاستدلال من الصدر ~~الأول إلى الحال على عدم ملاحظة التخيير والترجيح بين العام والخاص ~~وأشباههما. # نعم يبقى هنا خبران قد يتخيل شهادتهما على ملاحظة ذلك بين النص والظاهر ، ~~أحدهما : ما رواه علي بن مهزيار وفيه الإرجاع إلى التخيير بين قوله : صلهما ~~في المحمل ، وبين قوله : لا تصلهما إلا على وجه الأرض ، مع أن مقتضى الجمع ~~العرفي هو الجواز في المحمل على كراهة حملا لظاهر كل منهما على نص الآخر. # والثاني : ما في التوقيع الشريف عن الحجة عليه السلام وفيه أيضا الإرجاع ~~إلى التخيير بين قوله عليه السلام : «إذا انتقل من حالة إلى اخرى فعليه ~~التكبير» وبين قوله عليه السلام : «إذا رفع رأسه من السجدة الثانية ms1061 وكبر ثم ~~جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير» الخ ، مع وضوح ما بينهما ~~من العموم والخصوص المطلقين. # ولكن فيه أن التخيير في الأول يمكن كونه من قبيل التخيير المتقدم في خبر ~~العيون ، فيكون مؤكدا للجمع العرفى لا منافيا له ، وأما الثاني فمخدوش بأن ~~المحكي عدم العمل والفتوى بمضمونه في الفقه. ### ||| ** الامر الثاني : # قد عرفت تقديم الجمع الدلالي على التخيير والترجيح ، فاعلم أنه متى علم ~~كون أحد الدليلين أظهر فلا كلام ، ومتى اشتبه الحال فقد ذكروا لتشخيص ~~الأظهر أمورا لا بأس بذكر بعضها. # منها : أنه لو دار الأمر بين التقييد والتخصيص فالأول أولى ، وعلل تارة ~~بأن ظهور الإطلاق متقوم بعدم البيان ، والعموم يصير بيانا ، فيرتفع موضوع ~~الإطلاق ، واخرى بأن الإطلاق ظهور مستند إلى المقدمات والعموم إلى الوضع ، ~~والظهور الوضعى أقوى ، وفي كلا الوجهين ما لا يخفى. PageV02P469 # أما الأول فلأن الإطلاق لا يتوقف انعقاده على أزيد من عدم البيان المتصل ~~والعموم منفصل ، وأما الثاني فلأنه بعد الاعتراف بأن الإطلاق أيضا ظهور ~~لفظي مستقر ، فلا وجه لدعوى أظهرية العموم ، فالحق أن يقال : لا كلية لشيء ~~من الطرفين ، بل لا بد من ملاحظة خصوصيات الموارد ، فربما يصير التقييد ~~أولى ، وربما يصير التخصيص كذلك. # ومنها : أنه لو دار الأمر بين التخصيص والنسخ فالنسخ أولى ، لندرته وشيوع ~~التخصيص ، حتى قيل ما من عام إلا وقد خص ، وفيه أن مجرد الندرة والشيوع إن ~~لم يرجع إلى ظهور لفظي فغايته الظن الغير المستند إلى اللفظ ، ولا دليل على ~~اتباعه وحجيته. # والحق أن يقال : دوران الأمر بينهما إن كان في الأحاديث النبوية ~~صلى الله عليه وآله مع المروي عن الأئمة عليهم السلام مع كون الراوي عن النبي ~~صلى الله عليه وآله غير الإمام فلا مرجح لأحد الأمرين ، ولا بعد في النسخ في ~~مثل هذا المورد ، كما ورد في بعض الأخبار من أنه «ما بال أقوام يروون عن ~~فلان وفلان عن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يتهمون بالكذب فيجيء منكم ~~خلافه؟ قال عليه السلام ms1062 : إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن ، ومرجع هذا إلى ~~ورود النسخ في زمانه صلى الله عليه وآله ولم يطلعه الناس فكشف الإمام ~~عليه السلام في زمانه. # نعم لو قلنا بأنه يعتبر في النسخ كون المنسوخ ظاهرا في الاستمرار والدوام ~~حيث إنه التخصيص في الأزمان فلا بد من مضي زمان على المنسوخ لم يستبشع ~~إطلاق الدوام والاستمرار بالنسبة إليه ، وإلا يتعين التخصيص ، وأما إن قلنا ~~: لا يعتبر في النسخ ذلك فلا مرجح لأحدهما مطلقا ، هذا في ما إذا دار بين ~~الحديث النبوي الغير المروي على لسان الأئمة عليهم السلام مع أحاديثهم. # وأما إذا دار الأمر في نفس أحاديثهم أو أحاديثهم مع ما يروونه ~~عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله حيث إن ظاهر النقل كونه بقصد العمل ~~دون مجرد الحكاية ولو لم يكن المضمون حكم الله الفعلي في حق المخاطب ، ~~فيمكن دعوى PageV02P470 # الاطمئنان أو القطع بترجيح التخصيص فيه على النسخ ؛ فإن النسخ في زمان ~~الأئمة عليهم السلام مضافا إلى أنا لم نطلع على فرد واحد منه يكون من ~~المرتكز في أذهان المسلمين أيضا عدم إمكانه وأن حلال محمد صلى الله عليه وآله ~~وحرامه باقيان غير قابلين للتغيير والتبديل. # وأما ما ورد في حق الحجة صلوات الله عليه من أنه «يأتي بكتاب جديد ودين ~~جديد» فالمراد أنه يأتي بكتاب جمعه مولانا الأمير صلوات الله عليه ، ~~والمراد بالدين الجديد أنه بواسطة كثرة اختفاء الأدلة على الواقعيات وكثرة ~~العمل على طبق الاصول الظاهرية والأحكام العذرية صار الدين الحق الواقعي ~~الذي يظهره صلوات الله عليه دينا جديدا بالنسبة إلى ما في أيدى الناس. # وأما ما ورد في ما إذا اتي من أولهم عليهم السلام شيء ومن آخرهم خلافه ، ~~أو في العام شيء وفي القابل خلافه من الإرجاع إلى الأحدث ، فهو غير مربوط ~~بالنسخ ، بل هو راجع إلى تقية السائل وخاص بزمانه ، نظير ما ورد في الوضوء ~~في حق على بن يقطين ، وبالجملة ، دعوى الاطمئنان بعدم النسخ في هذه الموارد ~~لا ريب فيها. # وإذن فيتعين ms1063 التخصيص ، ولا بعد في كونه بعد مضي العمل وموجبا لتأخر ~~البيان عن وقت الحاجة ، لما مر من أنه كما قد يقتضي المصلحة عدم البيان في ~~مقدار من الزمان ، كذلك قد يقتضي بيان العدم بإلقاء عموم أو إطلاق يلقي ~~الناس في خلاف الواقع ؛ فإن هذا مع المصلحة غير قبيح. ### ||| ** الامر الثالث : # تعيين الأظهر والظاهر في ما إذا كان التعارض بين اثنين لا إشكال فيه ، ~~وأما إذا كان بين أزيد من اثنين فربما يشتبه الحال من حيث ملاحظة المعارضة ~~بين اثنين منها أولا ، فينقلب النسبة مع الثالث. # مثلا لو ورد : أكرم العلماء ، وعلم من الإجماع خروج الفساق من العلماء وورد PageV02P471 # أيضا : لا تكرم النحويين ، فملاحظة تخصيص العام بالمخصص اللبي أولا يوجب ~~انقلاب نسبته مع اللفظي وصيرورتها عموما من وجه. # ولكن هذا فاسد ؛ فإن مرتبة كلا الخاصين واحدة ، فلا وجه لملاحظة أحدهما ~~مقدما على الآخر ، نعم لو كان المخصص القطعي من قبيل الارتكاز الذي يصلح ~~للاعتماد عليه وجعله قرينة على إرادة الخصوص تم ما ذكر ؛ فإنه من التقييد ~~المتصل ، فيوجب انقلاب النسبة ، وأما مع عدم ذلك فمجرد كونه قطعيا إجماعيا ~~أو عقليا أو ارتكازيا غير بالغ تلك المرتبة لا يوجب تقديم ملاحظته على ~~الخاص اللفظي ، وهذا واضح. # وقال المحقق الخراساني طاب ثراه في وجه عدم الانقلاب أن النسبة إنما هي ~~بملاحظة الظهورات ، وتخصيص العام بمخصص منفصل ولو كان قطعيا لا ينثلم به ~~ظهوره وإن انثلم به حجيته ، انتهى. # واستشكل عليه شيخنا الاستاد أدام الله أيام إفادته الشريفة بأن الظهور ~~الذي لم ينثلم في المنفصل إنما هو الظهور الانتقاشي التصوري والظهور ~~التصديقي في الإرادة الاستعمالية على ما هو الحق من عدم ورود التصرف ~~بالمنفصلات في الإرادة الاستعمالية ، لكن المناط والمعيار في مقام المعارضة ~~وملاحظة النسبة بين الدليلين ليس واحدا من هذين الظهورين ، بل المعيار ~~ملاحظة ما يكون لكل من الدليلين في رتبة معارضته مع صاحبه من الحجية ~~الذاتية في الإرادة اللبية. # وتظهر ثمرة هذا الاختلاف في ما إذا ورد عامان متباينان وورد خاص موافق ms1064 ~~لأحدهما وفرض القطع بالصدور ، كما إذا ورد : ثمن العذرة سحت ، وورد أيضا : ~~لا بأس بثمن العذرة ، وورد : لا بأس بثمن عذرة المأكول اللحم ، فعلى ما ~~ذكره قدسسره لا بد من بقاء المعارضة بين ظهوري العامين ، مع أنه يمكن دعوى ~~القطع بخلافه ، وأن العرف حينئذ يحكم بتخصيص ثمن العذرة سحت بقوله : لا بأس ~~بثمن عذرة المأكول ، فيصيران بمنزلة دليل واحد مفاده أن ثمن عذرة غير ~~المأكول سحت ، و PageV02P472 # نسبته مع ثمن العذرة لا بأس به عموم وخصوص مطلق ، فيتعين التخصيص ويرتفع ~~التعارض. # فإذا كان هذا هو الحال مع القطع بالصدور فمع عدمه أيضا يكون هو المتعين ~~بناء على ما تقدم من تقديم الجمع الدلالي على ملاحظة التخيير والترجيح ، ~~ولا ينافي هذا مع ما تقدم منا في بعض المباحث المتقدمة من خروج هذين ~~العامين عن طريقة المحاورة ؛ فإنه في ما إذا لم يكن بد في مقام العلاج إلا ~~برفع اليد عن ظهور كل بنصوصية الآخر ، وأما إذا كان في البين خاص موافق ~~لأحدهما فيرتفع ذلك الاستيحاش ؛ إذ بعد ما فرضنا أن المنفصلات في كلام هذا ~~المتكلم تكون بمنزلة المتصلات في كلام غيره حتى في ما إذا كان بعد حضور وقت ~~العمل ومضي زمان طويل ، فيكون الحال كما إذا صدر هذه القضايا الثلاث من ~~متكلم في مجلس واحد متصلة. # فإذا قال : اعتق الرقبة ، ولا تعتق الكافرة ، ولا يجب عليك عتق الرقبة ، ~~فلا شك أنه بمنزلة أن يقول : اعتق المؤمنة ، ولا يجب عليك عتق الرقبة. # وحاصل ما ذكرنا أنه لا بد من ملاحظة ما بقي لكل من المتعارضين مع قطع ~~النظر عن معارضه من الحجية في الإرادة الجدية ، فلو نقص عن حجيته قبل ~~معارضة ما يكون مقدما في الرتبة على معارضه كما في المثال فلا بد من ملاحظة ~~ما بقي تحته من الإرادة بعد خروج ما أخرجه ذلك المتقدم في الرتبة مع ما ~~اريد من معارضه ، فإن كانت النسبة عموما مطلقا عومل معاملته وإن فرض كون ~~النسبة بحسب المراد الاستعمالي وقبل إيراد ذلك المتقدم ms1065 الرتبي تباينا. # وأما وجه تقديم الرتبة في ما ذكر من المثال وأشباهه أن الخاص لا معارضة ~~له مع العام الموافق ، وهو مخصص للمخالف ، فهو ليس من أطراف تلك المعارضة ، ~~بل هو مأخوذ على كل حال. # والشاهد عليه وعلى ما ذكرنا من أن معيار تعيين النسبة ما بقي لكل من ~~الدليلين PageV02P473 # بعد ملاحظة جميع ما يرد عليه مما ينقص عن حجيته مع قطع النظر عن معارضه ~~ما ذكرناه من مساعدة العرف في المثال المتقدم على عدم المعارضة مع القطع ~~بالصدور ، ولو لا أحد الأمرين لكان المتعين هو الحكم بالتعارض. # فقد تحقق أن الوجه في فساد توهم انقلاب النسبة في الخاصين أو الخصوصات مع ~~العام الواحد ما ذكرنا من استواء رتبة الخصوصات ، لا ما ذكره طاب ثراه. # ثم ملاحظة التخصيص أيضا مخصوصة بما إذا لم يبلغ عدد الخصوصات حدا يستبشع ~~التخصيص في العام إلى ذلك الحد ، وإلا فلا بد من ملاحظة التعارض بين ذلك ~~العام ومجموع الخصوصات ، وحال النسبة بينهما حال التباين ، فلا بد من ~~ملاحظة التخيير أو الترجيح بينهما حينئذ ، فإن لم يكن لأحد الطرفين مرجح ~~فإما أن يطرح العام فيؤخذ حينئذ بجميع الخصوصات ، وإما أن يؤخذ العام ، ~~فحينئذ لا يجوز طرح جميع الخصوصات ؛ إذ المعارضة ليست بينه وبين الجميع ، ~~بل بينه وبين جملة مبهمة يلزم من الأخذ بها التخصيص المستبشع ، فيطرح هذه ~~الجملة ويؤخذ بالباقي. # فيحصل التعارض حينئذ بين نفس الخصوصات ، فإما أن يعمل بالتخيير أو ~~الترجيح، وحيث إن الغرض هو المساواة يعمل بالتخيير. # ومن هنا يعلم الحال في ما لو كان المرجح في طرف العام ، أو يعمل التخيير ~~أو الترجيح بين الخصوصات ، كما أنه لو كان المرجح في جانب الخصوصات يطرح ~~العام بالمرة ، هذا مع مساواة حال العام مع جميع الخصوصات أو رجحانه ~~بالنسبة إلى الجميع أو مرجوحيته كذلك. # وأما مع اختلاف حاله بالنسبة إليها بأن كان مساويا للبعض وراجحا على ~~البعض أو مرجوحا ، أو كان راجحا على البعض ومرجوحا من البعض فالظاهر معاملة ~~حال المساواة مع الكل ؛ فإن ms1066 المعارض للعام هو البعض المبهم ، لا كل واحد ، ~~ورجحان البعض المبهم يتوقف على رجحان الجميع ومرجوحيته على مرجوحية الجميع ~~، وأما مع الاختلاف فلا رجحان ولا مرجوحية. PageV02P474 ### ||| ** الامر الرابع : # بناء على ما عرفت من تقديم العلاج الدلالي على السندي لا إشكال في النص ~~والظاهر ، والأظهر والظاهر ، سواء كان ذلك موجبا للتصرف في طرف واحد كالعام ~~والخاص ، أم في الطرفين كما مر من رفع اليد عن ظهور هيئة الأمرين المعلوم ~~وحدة التكليف في موردهما في التعيينية بنصوصية الآخر في أصل الإجزاء وحملها ~~على التخييرية ، ولا إشكال في هذا. # إنما الإشكال في ما إذا صلح رفع اليد عن كل من ظهوري الدليلين المتنافيين ~~بواسطة ظهور الآخر مع عدم أظهرية في البين ، كما إذا ورد : اغتسل للجمعة ~~وقلنا بظهور الهيئة في الوجوب ، وورد : ينبغي غسل الجمعة ، وقلنا بظهور ~~لفظة «ينبغي» في الاستحباب ، حيث إنه من الممكن إرادة الاستحباب من الهيئة ~~، وليس هذا مخرجا للكلام عن الطريقة المألوفة في المحاورة ، ومن الممكن ~~أيضا إرادة الوجوب من الثاني ، ولا يخرجه ذلك أيضا عن المرسوم في المحاورة ~~، وفرضنا تساوي الظهورين وعدم رجحان أحدهما على الآخر ، فهل يؤخذ حينئذ ~~بالسندين ويحكم بإجمال الروايتين من حيث المدلول المطابقي فيرجع إلى الأصل ~~الموافق لأحدهما ، أو أنه يرجع إلى المرجحات السندية مع وجودها ، ومع العدم ~~إلى التخيير؟ # وكذا لا إشكال في ما إذا كان التنافي بين الخبرين مع تساويهما ظهورا في ~~بعض من المدلول مع اتفاقهما في البعض الآخر ، مثلا ربما يكون مفاد أحدهما : ~~أكرم زيدا العالم ، ومفاد الآخر : لا تكرم زيد العالم ، وهذا لا إشكال في ~~شمول أخبار العلاج له لو كانا متساويين في الظهور. # وأما إذا كان مفاد أحدهما : أكرم كل عالم ، ومفاد الآخر : لا تكرم كل ~~فاسق ، فاجتمع العلم والفسق في الزيد وفرض تساويهما في الظهور فحينئذ في ~~شمول الأخبار العلاجية لهما إشكال من حيث إن المتبادر من الخبرين ~~المتعارضين ما إذا كان التنافي والتكاذب بين نفس الخبرين وهو لا يتم إلا ~~بوقوعه بين مدلوليهما PageV02P475 # المطابقيين ، وأما بالنسبة ms1067 إلى المدلول التضمني والالتزامي فليس هنا ~~إخبار عديدة بعدد أجزاء المدلول وملازماته حتى يتحقق التعارض في بعضها دون ~~بعض ، بل المشتمل على النسبة التامة التجزمية ليس في البين إلا واحد وهو ~~قوله : قال العالم : أكرم العلماء ، والمفروض أن هذا غير متناف مع الخبر ~~الآخر إلا ببعض المدلول. # كيف ولو فرض دخولهما بهذا الاعتبار تحت الاخبار لزم طرح أحدهما الغير ~~المخير أو المرجوح في تمام مدلوله حتى في ما لم يتعارضا فيه ؛ لأن الحكم في ~~الأخبار في الخبرين المتعارضين هكذا ، ولا يمكن الالتزام به والاقتصار على ~~طرحه في ما تعارضا فيه خلاف ما حكم به في الأخبار ، فلا بد من إدراجهما في ~~الأخبار باعتبار الخبر التضمني ، وقد عرفت أنه ليس في البين إلا خبران ، ~~فلا يقال للمخبر ب «جاءنى القوم» إنه أخبر أخبارا عديدة بعدد أفراد القوم. # هذا مضافا إلى أنه لا ينقدح في ذهن العرف تعارض بين السندين بمحض ملاحظة ~~العامين من وجه كما كان ينقدح عند ورود المتباينين مثل أكرم العلماء ولا ~~تكرم العلماء ، والسر تعارف مثل التكلم بالعام مع عدم إرادة بعض الأفراد ~~لبا ، وبالعام الآخر الذي نسبته مع الأول عموم من وجه وإرادة الفرد المجمع ~~للعنوانين من هذا العام الأخير أو بالعكس. # وبالجملة ، تخصيصه الفرد المجمع بأحد العامين في الإرادة اللبية لا يورث ~~خروجا عن طريقة المحاورة ، بخلاف تخصيص أحد العامين المتباينين بالتباين ~~الكلي ببعض الأصناف في اللب ، والآخر ببعض آخر ؛ فإنه خلاف رسم المحاورة ، ~~ولم يسمع من متكلم قط ، وإذا لم يكن أصل صدور الكلامين غير مخرج للكلام عن ~~قانون المحاورة فلا داعي لهم إلى الترديد في السند ؛ إذ لا يلزم من الأخذ ~~به فيهما محذور. # وبالجملة ، مصب أخبار العلاج ما إذا حدث في ذهن العرف ترديد في سند أحد ~~الخبرين وهو ما إذا قصرت يدهم عن الحكم بصدور القضيتين من المتكلم على ~~النهج العرفي ، وأما إذا أمكن ذلك فإن اتضح طريق الجمع بين الكلامين كما في النص PageV02P476 # والظاهر والأظهر والظاهر ، فلا كلام ، وإن لم يتضح ms1068 وتردد الأمر بين ~~احتمالين لا مرجح لأحدهما كما في العامين من وجه ، ومثل اغتسل للجمعة ، ~~وينبغي غسل الجمعة مع عدم أظهرية في البين ، فيحكمون حينئذ بإجمال كلام ~~المتكلم ، كما لو نقل الناقل الواحد كلاما مجملا ذا احتمالين ، فلو سألوا ~~في هذا المقام لسألوا عن تعيين المراد ، ولا يسألون عن أن أي الناقلين صادق ~~وأيهما كاذب ، كما كانوا يسألون ذلك عند التباين الكلي. # والحاصل انصراف أخبار العلاج بالنسبة إلى مورد وجود العلاج الدلالي ، ~~وهذا المورد على نسق واحد ، فلا بد من الحكم في العامين من وجه والمثال ~~المتقدم وأشباهه بالخروج عن تلك الأخبار والمشي فيهما على القاعدة الأولية ~~من التوقف والرجوع إلى الأصل. # لا يقال : الأخذ بالسند الذي مرجعه التوقف في العمل والإجمال في مقام ~~الدلالة لا معنى له. # لأنا نقول : فرق بين التعبد والبناء العملي الملازم مع العمل الجوارحي ~~على الطبق ، بل عينه ، ففيه لا يتصور التعبد المنجر إلى عدم العمل وتركه ~~وبين مقام معاملة الطريق العقلائي التي معناها النظر إليه نظر العلم ، نعم ~~يعتبر فيه أن لا يكون بلا مساس بالمكلف أصلا ، فيكفي كونه محلا لابتلائه من ~~حيث صحة نقله وإخباره الرواية عن الإمام عليه السلام ، فهذا المقدار كاف ~~لمقام الطريقية يعني لصحة إمضاء الشارع للطريقة العرفية في باب الطرق ، ~~بخلاف ما إذا كان الباب باب التعبد والبناء العملي ، فإنه لا يصح إلا في ما ~~إذا كان لنفس المؤدى عمل ، ويكون صحة الإخبار بتبعه ، فلا يكفي مصححا له ~~ابتداء. ### ||| ** الامر الخامس : # لو بنينا في المرجحات على الاقتصار على المنصوصات وأخذنا فيها بالترتيب PageV02P477 # فلا كلام ، وأما إن بنينا على التعدي وأن المعيار مطلق المزية الموجبة ~~للأقربية إلى الواقع أو الأبعدية عن الكذب ، أو بنينا على الاقتصار ، ولكن ~~اسقطنا الترتيب بمعنى عدم استفادته من الأخبار فحينئذ مقتضى القاعدة في ما ~~إذا تحقق في أحد الخبرين مزية من المزايا الموجبة لأحد الأمرين ، وفي الآخر ~~اخرى هو الرجوع إلى إطلاقات التخيير من غير فرق بين أنحاء المزايا ؛ فإن ~~منها ما يرجع إلى أقربية ms1069 الصدور ، وهو إما في الراوي كأوثقيته وأصدقيته ، ~~وإما في المتن كالفصاحة والركاكة. # ومنها ما يرجع إلى جهة الصدور مثل مخالفة العامة وموافقتهم بناء على ما ~~يستفاد من بعض الأخبار من كون جهة مرجحيته ذلك ، وهو قوله عليه السلام : «ما ~~سمعت مني يشبه قول الناس ففيه التقية ، وما سمعت منى لا يشبه قول الناس فلا ~~تقية فيه». # ومنها ما يرجع إلى أقربية المضمون وهو الشهرة وموافقة الكتاب وسائر ~~الظنون الغير المعتبرة ، فإذا كان أحد الخبرين أوثق راويا من الآخر ، أو ~~أفصح متنا ، وبعبارة اخرى : أرجح من حيث الصدور ، ولكن كان موافقا لمذهب ~~العامة ، وكان الآخر مخالفا للعامة وأرجح من حيث جهة الصدور وأقرب إلى كون ~~صدورها لبيان حكم الله الواقعي فمقتضى القاعدة هو معاملة التساوي ؛ فإن ~~موردي المرجحين وإن كان أحدهما وهو الجهة في طول الآخر وهو الصدور ، ولكن ~~المفروض عدم الترتيب بين نفس المرجحين ، هذا. # وقد خالف في ذلك شيخنا الأجل المرتضى قدسسره الشريف ، فأوجب في المثال ~~تقديم الأوثق وإن كان موافقا على غيره وإن كان مخالفا ، وعلل ذلك بأن إجمال ~~المرجح الجهتي إنما هو بعد الفراغ عن الصدور في كلا الخبرين إما قطعا كما ~~في المتواترين ، وإما تعبدا كما في المتكافئين ، وأما إذا أمكن الحكم بصدور ~~أحدهما المعين وطرح الآخر كما في المتفاضلين في الصدور فلا تصل النوبة ~~حينئذ إلى المرجح الجهتي. # ثم استشكل على نفسه بأنه لم لا يؤخذ بكلا السندين حتى يتعين حمل الموافق ~~على التقية كما في القطعيين وكما في النص والظاهر ، والأظهر والظاهر ، حيث يؤخذ PageV02P478 # فيهما بالسندين ، فيتعين التأويل في الظاهر وحمله على النص أو الأظهر. # فأجاب بأنه لا معنى للتعبد بالسند لأجل حمله على التقية وإلغائه عن مرتبة ~~الحجية ، والحال أن معنى التعبد لزوم العمل على طبق المضمون. # هذا محصل صورة مرامه قدسسره ولم يتضح لنا حقيقته ؛ فإنه بظاهره متضح ~~الإشكال ؛ فإنه قدسسره إن أراد بالفراغ عن الصدورين تعبدا كونهما مشمولين ~~للحجية الاقتضائية الجائية من قبل أدلة أصل حجية خبر الثقة فلا إشكال في ms1070 أن ~~المقام كذلك. # وإن أراد كونهما حجتين فعليتين حتى بحسب حال التعارض ، فكلامه قدسسره في ~~جواب الاستشكال مصرح بعدم إمكانه وعدم المعنى للحجية المنتهية إلى الإسقاط ~~والطرح في مقام العمل. # وإن أراد أن مرتبة الرجوع إلى المرجح الجهتي متأخرة عن مرتبة المرجح ~~الصدورى ، فهذا عين الدعوى ، فلا يصلح علة لها. # وإن أراد أن مقتضى الجمع العرفي عند كون أحد الكلامين مطابقا لمذهب ~~العامة وكون الآخر مخالفا هو حمل الأول على الصدور للتقية ، والثاني على ~~الصدور لأجل بيان الحكم الواقعي ، فهذا ينافي جعل مخالفة العامة في عداد ~~المرجحات السندية ، بل اللازم ذكره في عداد وجوه الجمع العرفية ، مع أن ~~الواجب هو الحكم بذلك في المتفاضلين أيضا ، فما وجه التفرقة بينهما وبين ~~المتكافئين والمتواترين ، وبالجملة ، هو قدسسره أعلم بما أفاد. # والحمد لله على ما تيسر لي من تحرير هذه الجملة من مسائل التعادل ~~والتراجيح وإياه أسأل أن يجعل أعمالنا الحسنة في كفة الميزان راجحة على ~~سيئاتنا ، وأن يغفر زلاتنا ويصلح شأننا ، وينفع به إيانا والمؤمنين بحق ~~محمد وآله المعصومين الغر الميامين ، عليهم أفضل صلوات المصلين ، وكان ~~الفراغ في يوم الأحد التاسع والعشرين من جمادي الثانية من سنة 1343 في بلدة ~~قم ومجمع أهل العلم والفضل ، صانها الله عن تزاحم أهل الجور والجهل خصوصا ~~في هذا الزمان المعدوم فيه العدل. PageV02P479 ### | قاعدة لا ضرر ### ||| * و ### ||| * الاستصحاب PageV02P480 ### | قاعدة لا ضرر ### ||| ** في احتمالات لا ضرر # اعلم أن فيه احتمالات ، # أحدها ما اختاره المحقق الخراساني من كونه على نهج سائر التراكيب ~~المماثلة له من «لا رجال» و «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» ، وحاصله ~~الحمل على نفي الحقيقة بطريق الادعاء ، فكما أنه قد يثبت العنوان لغير ~~الفرد مثل «زيد اسد» ويكون المجاز في الأمر العقلي وحاصله تنزيل وجود آثار ~~العنوان منزلة وجود نفسه ، ثم الإطلاق مبنيا على هذا التنزيل ، كذلك يصح ~~نفي العنوان عن بعض أفراده ويكون المجاز أيضا في الأمر العقلي أعني تنزيل ~~عدم الآثار منزلة عدم مؤثرها ، كما يقال لفرد أسد ليس فيه آثار الاسدية ms1071 : ~~ليس هذا بأسد. # ومن هذا القبيل قولنا : يا أشباه الرجال ولا رجال ، ولا صلاة لجار المسجد ~~إلا في المسجد ، ولا ربا بين الوالد وولده ، ولا غيبة لمتجاهر وأمثال ذلك ~~مما لا تحصى ، فيحمل قوله عليه السلام : لا ضرر بشهادة تداول هذا المعنى في ~~أمثاله من إرادة نفي الموضوع ادعاء بمصححية نفي الآثار على هذا المعني ، ~~هذا محصل ما أفاده مع تشريح لمرامه. # ولكن فيه أن ما تداول فى أمثاله من التراكيب إنما هو نفي الآثار المترتبة ~~على نفس هذا العنوان الذى وقع تلو كلمة «لا» كما هو المشاهد في الأمثلة ~~المتقدمة ، وهذا المعنى غير متمش هنا ؛ إذ ليس المقصود أن الأثر المترتب ~~على طبيعة الضرر منفي ، بل المقصود نفي آثار المعنون بهذا العنوان مثل ~~البيع الضرري وأمثاله ، فالمناسب لهذا المعني أن يقال في مورد البيع ~~المذكور : ليس هذا ببيع ، وبالجملة ، فعين الوجه الذي دعاه قدسسره إلى ~~اختيار هذا المعنى من شيوعه في أمثاله لا بد من أن PageV02P481 # يدعوه إلى طرحه ؛ لأن الشائع في هذه التراكيب الشائعة أيضا ما لا يتأتي ~~في المقام. # الثاني : أن يراد بالنفي النهي ، يعني لا تضروا ، كما في «لا رفث ولا ~~فسوق في الحج» ، وفيه من البعد ما لا يخفي وأما ما مثله فليس من هذا الباب ~~، كما يظهر مما سيأتي إن شاء الله تعالى. # الثالث : ما اختاره شيخ الأساتيد العظام شيخنا المرتضى قدسسره الشريف من ~~أن يكون المراد نفي الحكم الذي يوجب الضرر ويتولد منه الضرر على العباد ، ~~وبعبارة اخرى : المنفي هو الضرر الذي ينتهي إسناده إلى الشرع ويكون هو ~~السبب له بالأخرة ، وذلك بقرينة «في الإسلام». # فالمفاد : ما جعلت الحكم الضرري الذي يوقع العباد في الضرر ، إما ~~باستعمال الضرر وارادة السبب منه ، وإما بتقدير المضاف ، أعني لا موجب ضرر ~~في الإسلام. # ومثله ما اختاره بعض أساطين العصر على ما حكي من إرادة نفي حقيقة الضرر ~~في المجعولات الإسلامية من دون حاجة إلى أحد التمهلين المذكورين ، ويكون ~~صحة نفي نفس الحقيقة بملاحظة أن نفي المنشأ ms1072 وهو إنشاء الحكم الضرري وجعله ~~بيده ، كما أن المصحح لرفع المؤاخذة في حديث الرفع بالنسبة إلى ما لا ~~يعلمون وأمثاله أن إيجاب الاحتياط أو التحفظ من الخطاء والنسيان من وظيفته ~~، ويكون نفي المعلول بنفي المنشأ والعلة ، ويظهر وجه الخدشة في هذا المعنى ~~بكلا تقريبيه مما سيأتي إن شاء الله تعالى. # الرابع : ما اختاره شيخنا الاستاد أطال الله أيام إفاداته الشريفة ، ~~وحاصل ما إفادة في مجلس الدرس الشريف أن جميع هذه التراكيب المشتملة على ~~نفي وارد على موضوع غير خارج عن قسمين ، بعد اشتراك الجميع في أن مفادها ~~النفي للحقيقة على سبيل الادعاء والمجاز السكاكي ، إلا أن المصحح لهذا ~~الادعاء على قسمين. # الأول : نفي الآثار المترقبة من العنوان عن بعض الأفراد ، كما مر من مثال ~~نفي حقيقة الأسد من بعض أفراده. # والثاني : تحقق أسباب موجبة لانتفاء أسباب وجود العنوان في الخارج وعلله ، PageV02P482 # وذلك مثل السلطان القاهر الذي أوعد على وقوع الإضرار في مملكته ، وحينئذ ~~قد يسند الضرر المنفي إلى نفس السلطان ، فيقال : ليس من ناحية السلطان ضرر ~~في المملكة ، واخرى يطلق النفي بلا تقييده بإضافة ، فيقال : قد انتفى أصل ~~الضرر من هذه المملكة ، وهذا يحتاج إلى ثلاثة امور. # الأول : أن لا يصدر من السلطان نفسه موجبات ضرر الرعية ، والثاني : أن ~~يسد باب دواعي الإضرار الموجودة في أنفس نفس الرعية بعضهم بالنسبة إلى بعض ~~، والثالث : أن يوجب التدارك على من عصى منهم وأورد الضرر على أخيه ؛ إذ ~~بعد تمام تلك الجهات مع فرض قهرمانية السلطان وشدة سطوته وأليم عذابه يصح ~~إدعاء أن الضرر قد ارتفع وجوده عن الرعية في هذه المملكة بواسطة سد أبواب ~~وجوده من جميع الجهات. # والحاصل كما أن من المصحح للادعاء المذكور في جانب نفي حقيقة الشيء ~~انتفاء الآثار ، كذلك من المصحح له أيضا تحقق موجبات سد أبواب وجوده ، ومثل ~~«لا جدال ولا رفث ولا فسوق» يكون من القبيل الثاني وكذلك مقامنا. # والفرق بينه وبين ما اختاره الشيخ الأجل المرتضى قدسسره القدوسى هو ~~اختصاص المنفي على ما ذكره بالوجوديات ms1073 ، فلا يشمل الأحكام العدمية التي ~~يلزم تحقق الضرر من عدم انقلابها إلى الوجود ، مثل عدم المنع عن دواعي ~~الناس لإضرار بعضهم ببعض ، بل ولو الترخيص لهم فيه ، إذ الضرر لم يتوجه إلا ~~من ناحية الدواعي ، والترخيص إنما هو صرف عدم إحداث المانع عن اقتضاء ~~المقتضي ، فلا يصح أن يقال : إن هذا الضرر تولد من جانب الشرع ومن ناحية حكمه. # والمعين لما ذكرنا ما مر من ورود النفي على وجه الإطلاق من دون التقييد ~~بإضافة الضرر إلى الشرع ، فالمفاد أن في شريعة الإسلام قد انعدم الضرر من ~~أصله عن المتدينين به ، وهذا لا يتم إلا بالتعميم الذي ذكرنا ، هذا حاصل ~~الكلام في بيان شرح مفاد القاعدة. # وأما بيان نسبتها مع سائر الأدلة المثبتة بإطلاقها أو عمومها للحكم PageV02P483 # الضرري ، فنقول : قد ذكر شيخنا المرتضى قدسسره ضابطا لحكومة أحد الدليلين ~~على الآخر ، وهو وإن كان صحيحا في نفسه ، لكن لا كلية له ، ولا يجري في ~~جميع الموارد الذي نقول فيها بالحكومة ، وهو أن يكون أحدهما بمدلوله اللفظي ~~ناظرا إلى مدلول الدليل الآخر كذلك، وشارحا للمراد منه. # وبعبارة أخرى : كان منزلة الأول من الثانى منزلة «أى» و «أعنى» من مفسرهما ~~، فكما يقدم ظهور هذين في التفسير ولو كان في أدنى مرتبة على ظهور مفسرهما ~~ولو كان في أعلى مرتبة ، فمن هذا القبيل باب الحكومة أيضا ، ولازم هذا أن ~~يكون الحاكم لو لا الدليل المحكوم لغوا ، لكونه مفسرا بلا مفسر ، ككلمتي ~~«أى» و «أعني» إذا لم يسبقهما ما فسراه ، وهذا كما ترى غير موجود في أدلة ~~الأمارات التي نقول بحكومتها على أدلة الاصول؛ إذ لا يلزم لغوية في قضية ~~«صدق العادل» لو لم يكن أدلة الشكوك ، وهكذا الحال في مقامنا ، فلا يلزم ~~لغوية في قاعدة لا ضرر لو لم تكن إلا نفسها. # فالأولى في تعيين الضابط الذي يشمل المقامين وأشباههما أن يقال : ~~الدليلان المتخالفان تارة يكونان بحيث ينقدح في ذهن أهل العرف عند عرضهما ~~عليهم التعارض والتكاذب ولو بدويا ، يزول بعد العلاج بتقديم ما كان ms1074 نصا أو ~~أظهر ، وهذا في ما إذا كان الحكم في كلا الدليلين على الموضوع الواحد مثل ~~أكرم العلماء ولا تكرم الفساق من العلماء. # واخرى يكونان بحيث لا ينقدح في الذهن عند العرض عليه تعارض وتكاذب بين ~~مدلوليهما حتى يحتاج إلى الفحص عن العلاج ، وهذا في ما إذا كان الحكم في ~~أحدهما على الموضوع ، وفي الآخر على الحكم ، وذلك مثل دليل «توضأ» ودليل لا ~~ضرر في الإسلام في مورد اجتماعهما وهو الوضوء الضرري ، فالأول ليس له نفي ~~وإثبات في الحكم والإرادة ، وإنما هما في الموضوع وهو الوضوء ، والحكم ~~ملحوظ على المعنى الحرفي. # نعم مدلول الأصل العقلائي هو الحكم على هذا الحكم ملحوظا على المعنى PageV02P484 # الاسمي ، بمعنى أنه يجعل موضوعا ويقال : حيث لم يقيد في الكلام بشيء مخرج ~~لهذا الفرد الذي هو الوضوء الضرري فهو ثابت فيه ، فيعارض هذا الإثبات الذي ~~هو مدلول الأصل وحكم العقلاء نفس المدلول في قضية لا ضرر الذي كان هو ~~ابتداء سلب الحكم الذي يجيء منه الضرر ولو كان انسحاب هذا السلب إلى هذا ~~المورد أيضا بحكم العقلاء ، ولكن مع ذا يعد العمل بالأصل الأول في قبال ~~الثاني اجتهادا في مقابل النص. # وبالجملة ، وإن كان كل من الأصلين متقوما بعدم ورود البيان من المتكلم ، ~~ولكن الثاني يعد بيانا بالنسبة الى الأول دون العكس ، فحيث قلنا : إن ~~الحاكم متعرض لنفس الواقع لا أن يكون بلفظه ناظرا إلى حال دليل آخر تخلصنا ~~عن إشكال أن اللازم على هذا لغوية الحاكم بدون المحكوم مع عدم اللغوية في ~~«لا ضرر» و «صدق العادل» بدون محكومهما وكونهما حكمين مستقلين كسائر الأحكام ~~، وحيث قلنا : إن المدلول في الحاكم هو الحكم على الحكم وتحديده وفي ~~المحكوم هو الحكم على الموضوع تخلصنا عن النقض بالخاص والعام ، حيث إن ~~الخاص وإن كان متعرضا لنفس الإرادة الواقعية لا بما هي مدلول العام ومراد ~~منه ، نعم هو قرينة على المراد منه بحكم العقل بضميمة المرجح ، إلا أن حكمه ~~كحكم عامه وارد على الموضوع. # وهذا أولى مما اختاره المحقق ms1075 الخراساني طاب ثراه في وجه الجمع بين ~~القاعدة وأدلة المتكفلة للأحكام ، بجعلها متعرضة للحكم الفعلي المتعلق ~~بالعنوان الثانوي ، وجعل تلك الأدلة متكفلة للحكم الاقتضائى المتعلق ~~بالعنوان الأولي ، وذلك لأن الحكم الاقتضائي بحسب الاصطلاح عبارة عن حكم ~~متعلق بذات الشيء في قبال سائر الذوات المقابلة له ، من غير نظر إلى ~~الحالات الطارئة على الذات. # كما أن الفعلي عبارة عن حكم ناظر إلى الطواري والحالات ، وذلك مثل دليل ~~حلية الغنم وحرمة الغصب ، ودليل إباحة الماء والخبز وسائر الأشياء المباحة ~~مع دليل وجوب الوفاء بالعقد والشرط والنذر والحلف ، حيث إن مفاد «الغنم حلال» PageV02P485 # هو أن هذه الذات في قبال الخنزير مثلا حلال ، وهكذا مفاد «الماء حلال» ~~أنه في قبال الخمر حلال ذاتا ، وهذا المعنى لا ينافي مع حكم العنوان ~~الثانوي بل يجتمعان ، فالغنم المغصوب حلال ذاتا وحرام عرضا ، ولهذا يتفاوت ~~حرمته مع حرمة الخنزير فليس دليل العنوان الثانوي تقييدا وتخصيصا في الدليل ~~الأولي ، وأيضا لو لم يكن دليل العنوان الثانوي وكنا نشك في الحكم عند طرو ~~بعض الحالات لما أمكن التمسك بالدليل الأولي. # وشيء من هذين غير موجود في المقام ، فإن القاعدة مخصصة لبا للأدلة وإن ~~كان لا تخصيص في الصورة وكان إطلاق تلك الأدلة هو المرجع عند الشك لو لا ~~القاعدة. # ثم لا فرق في الحكومة بالمعنى الذي ذكرنا من كون مفاد أحد الدليلين تحديد ~~الحكم الواقعي لا مدلول الدليل بين أن يكون ذلك بلسان نفي الموضوع أو ~~إثباته ، وبين أن يكون مدلولا ابتدائيا ، فالثاني كما قلنا في لا ضرر ، ~~والأول كما في «لا شك لكثير الشك» ودليل البناء على الأربع مثلا عند الشك ~~بينه وبين الثلاث ؛ لوضوح أن التقريب المتقدم جار فيهما بلا فرق. # ثم إن شيخنا المرتضى قدسسره جعل لقاعدة لا ضرر حكومة على قاعدة «الناس ~~مسلطون» حيث ذكر في ما إذا كان تصرف المالك في ملكه موجبا لتضرر جاره ، ~~وتركه موجبا لتضرر نفسه أنه بعد تعارضها نرجع إلى عموم «الناس مسلطون على ~~أموالهم». # وأنت خبير بأنه مبني على عموم ms1076 القاعدة بالنسبة إلى جميع الحالات ، إذ لو ~~كانت حكما حيثيتيا متعرضا لعدم حجر المالك من حيث كونه متصرفا في ماله من ~~غير نظر إلى الحالات لما كان معنى للحكومة كما عرفت سابقا ؛ لأنها تخصيص في ~~اللب ، ولا تخصيص في الحكم الحيثي ؛ لأنه مجتمع مع الفعلي المخالف له ، ~~والظاهر هو الثاني ، وذلك لأنه هل يرضى أحد بأن مقتضى الناس مسلطون جواز ~~ضرب المالك المقمعة على رأس الغير بمحض أنه تصرف وتسلط على ماله ، ثم خصص ~~بدليل تحريم الإضرار بالغير؟ PageV02P486 # وهكذا بالنسبة إلى وطي عبده ؛ إذ أنه في هذا الحال أيضا تسلطه ثابت من ~~حيث المالية ، وإنما الحجز من جهة اخرى ، فيفرق بين الضرب بمقمعته والضرب ~~بمقمعة الغير وبين الوطي لعبده ووطي عبد الغير. # وحينئذ فإما أن نقول بأن بين فردي الضرر أو الضرر في جانب الجار والحرج ~~في جانب المالك تعارضا أو تزاحما ، فعلى الأول وإن كان ليس لنا في مقام ~~الإثبات دليل على الحرمة ولا على الجواز ، لكن نحتمل كون الحكم ثبوتا هو ~~الحرمة ، وقد فرضنا أن القاعدة لا تدفع احتمال الحرمة ، وإنما يعمل بها في ~~مورد حصل الأمن من احتمال الحرمة من جهات أخر ، وإذن فالمرجع هو البراءة. # وعلى الثاني فالظاهر عدم أهمية لأحد من الضرر والحرج بالنسبة إلى الآخر ~~في نظر الشارع ، فيصير حال تصرف المالك بلا ملاك من حيث المطلوبية والميل ~~الشرعي ، وذلك لتكاثر الجهتين في عالم المطلوبية ، حيث إن النقيضين ليسا ~~كالضدين في إمكان توجه الميل نحو كليهما ؛ فإن قضية الميل سمت العدم ~~الاشمئزاز من الوجود ، وبالعكس ، فمع وجود المصلحة في الفعل والترك معا ~~بقدر واحد يلزم انعدام الميل والاشمئزاز عن النفس ، فيصير المتحصل إباحة لا ~~اقتضائية ، وهكذا الكلام في ممانعة الجار عن تصرف المالك بعد تعارض الفردين ~~فيه أيضا ، حيث إن منعه عن الممانعة حرج عليه ، وتجويزها حرج على المالك. # فحينئذ يمكن جعل قاعدة «الناس» مرجعا ؛ فإن شرط إعمالها وهو الفراغ عن ~~احتمال حرمة المورد موجود ؛ لأن الفرض تكاثر الجهتين وحصول الإباحة قهرا ، ~~فتحقق أن ms1077 حكومة لا ضرر على القاعدة ممنوعة ، ومرجعية القاعدة أيضا مبني على ~~إحراز أن المقام من التزاحم مع تساوي الطرفين. # ثم الظاهر كون المقام من باب التزاحم وأن الشارع لا يرضى بضرر أحد من ~~عبيده ولا حرجه ، فالقصور منحصر في إمكان حفظ كلا المطلوبين ، وحينئذ وإن ~~قلنا : لا أهمية ظاهرا بين الضرر والحرج ، ولكن يمكن حدوثها من جهات أخر ، ~~فلا بد من مراعاة التساوي من تلك الجهات أيضا في الحكم بجواز تصرف المذكور PageV02P487 # وجريان قاعدة السلطنة ، وذلك لأنه كما يوازن بين فردي الضررين ولو ~~بالنسبة إلى شخصين وكذلك بين فردي الحرجين ، فمع التفاوت نختار الأقل ، ~~وليس هذا من الدوران الغير الراجع إلى الآمر. # كما لو دار الأمر بين أن يزني الإنسان زنية واحدة ، وبين أن يزني غيره ~~عشرة زنيات، فإن أمر الآمر غير دائر ؛ لأنه يأمر بترك كلا الطرفين ، بل ~~الأمر هنا راجع إلى الآمر وأنه لا محالة لا بد من عدم نيله إلى أحد غرضيه ~~في مقام الأمر ، وحينئذ لا محالة يختار ما كان المحذور المذكور فيه أقل ولو ~~كان الدوران بالنسبة إلى شخصين. # ألا ترى أن المولى الذي لا يرضى أن يتضرر واحد من عبيده لو دار أمره بين ~~أن يأمر أمرا يتضرر هذا بعشرة ، أو أمرا آخر يتضرر ذاك بعشرين ، لا محالة ~~يختار الأول ، فكذلك الشارع ، كذلك هذه الموازنة يجري أيضا في فرد من الضرر ~~وفرد من الحرج عند الدوران الآمري بينهما ، كمقامنا ، فربما يكون الحرج ~~الوارد على المالك من منعه من التصرف أهون من الضرر الوارد على الجار على ~~تقدير التجويز ، وربما يكون الأمر بالعكس ، وربما يتساوي الأمران ، فما ~~ذكرنا من الرجوع إلى قاعدة السلطنة مختص بغير الصورة الاولى ، فإنه في ~~الصورتين الأخيرتين وإن كان لا يتحقق الإباحة الشرعية ، لكن يكفي في مرجعية ~~القاعدة المعذورية العقلية من الجهات الأخر. # ثم اللازم من البيان المتقدم هو الجواز العقلي لإقدام المالك ، وهو لا ~~ينافي مع الضمان على تقدير أداء ذلك إلى تلف في ملك الجار ، فإن الضمان غير ~~دائر ms1078 مدار التحريم الشرعي، ولهذا نقول به في الأكل من مال الغير عند ~~المخمصة. # بقي في المقام شيء آخر وهو أن شيخنا المرتضى قدسسره الشريف فرق في دوران ~~الضرر بين شخصين بين الدوران الابتدائي بينهما بأن يكون المقتضي بالنسبة ~~إلى كليهما على حد سواء ، كما إذا توجه السيل وكان نسبته إلى كلتا الدارين ~~على السواء ، فجعله من باب تعارض الضررين ، وبين ما إذا كان المقتضي متوجها ~~إلى خصوص واحد منهما ، كما لو توجه السيل إلى دار هذا ، ولو أوجد السدة ~~يتوجه إلى PageV02P488 # دار جاره ، أو توجه السهم إلى رأس هذا ، ولو تحرك عن محله يتوجه إلى رأس ~~آخر ، فلم يجعله من باب التعارض ، بل أوجب تحمل الضرر وعدم دفعه بإضرار الغير. # ويستشكل عليه بأنه ما الفرق بين المقامين ، فإن منع صاحب الدار عن إيجاد ~~السدة ودفع السيل عن داره حكم ضرري بالنسبة إليه ، سواء كان توجه السيل إلى ~~أحدهما بلا عينه، أو إلى داره بالخصوص ، غاية الأمر معارضته بضرر الجار ، ~~فالوجه جعل كلتا الصورتين من تعارض الضررين ، والحاصل أنه يكفي في صحة ~~إسناد الضرر إلى الشارع عدم مانعيته عن وجوده عند تحقق مقتضيه. # ألا ترى أنه كما يصح طلب عدم القتل من زيد في صورة مباشرته للقتل ، كذلك ~~يصح مع مباشرة غيره وقدرته على الممانعة؟ فهنا أيضا بعد فرض أن مقتضي خراب ~~الحائط وهو السيل موجود ، فعدم ترخيص الشارع للدفع يصحح استناد وقوع الخراب ~~إليه ، فترخيصه مع فرض وجود الداعي في نفس صاحب الدار تسبيب لخراب حائط ~~الجار ، وعدم ترخيصه مع فرض وجود السيل المتوجه نحو الدار ترك للممانعة عن ~~سبب خراب حائط الدار ، فكل منهما مناف لقوله : لا ضرر ، بناء على أن من بعض ~~مدلوله أن الحكم الذي يوجب استناد الضرر إلى الشرع منفي. # وأما الضرر المتوجه إلى الغير فيمكن أن يقال : إن إيجاب الدفع عنه ولو مع ~~عدم الإيراد على النفس غير مدلول لا ضرر أصلا ، ألا ترى أن أحدا لا يفهم من ~~قوله عليه السلام : لا ضرر وجوب ms1079 دفع السيل المتوجه إلى دار الغير وإرساله ~~إلى الصحراء ، وهكذا أمثال ذلك مما نقطع بخروجها عن مدلول لا ضرر ، لا ~~كونها تخصيصا فيه. # لا يقال : هذا مناف مع ما اخترت من كون المفاد نفي حقيقة الضرر من دون ~~تقييد، فإنه على هذا لم ينسد هذا الباب من أبواب وجوده. # لأنا نقول : يكفي في صحة نفي الضرر على وجه الإطلاق عدم صدور موجبات ~~الضرر من الأحكام من الشارع ومنعه عن الدواعي إلى الضرر ، وأما إحداث PageV02P489 # الداعي للمنع عن مقتضى الضرر فلا يضر تركه بصدق النفي على وجه الإطلاق. # وحينئذ فنقول : إيجاب الدفع عن الغير بإضرار النفس ضرري على الدافع ، ~~وعدمه ليس ضرريا على الغير بحيث شمله القاعدة ، فلا معارضة ومزاحمة هنا ~~أصلا ، هذا. # ويمكن دفع الإشكال في صورة توجه الضرر الى النفس بأن الحكم بإيجاب التحمل ~~والمنع عن الدفع بإضرار الغير من شئون المزاحمة واختيار الأخف. # توضيح ذلك أنه لا شك أنا في مبغوضات أنفسنا التي ملاكها معلوم لنا لو دار ~~أمرنا بين ارتكاب واحد من المبغوضين المتساويين في الملاك كقتل واحد من ~~ابنينا المتساويين في المحبوبية لنا ، ولكن كان طرف الترديد قتل أحدهما ~~بمباشرتنا وتسبيبنا لأسباب القتل ، وقتل الآخر بمباشرة غيرنا وعدم المنع ~~منا لمباشر القتل مع قدرتنا على المنع لو لا المزاحمة ، فلا شك أنا نختار ~~الثاني ، فإن استناد القتل فيه إلينا استناد المعلول إلى عدم المانع ، وفي ~~الأول إلى المقتضي ، والثاني أقوى من الأول. # إذا تقرر هذا فنقول : الأمر في مقامنا الذي دار فيه أمر الشارع المقدس ~~بين منع المالك عن دفع السيل وبين عدم منعه عنه مع وجود المقتضي للدفع ~~وإضرار الجار فيه ، والأول حكم ضرري بالنسبة إلى المالك ، والثانى بالنسبة ~~إلى الجار ، نظير الأمر في المثال الذي ذكرنا وإن كان ليس مثلا له. # توضيح ذلك أن منع الشارع عن الدفع مع وجود المقتضي لضرره وهو السيل يوجب ~~استناد الضرر إليه مع الواسطة ، فإنه معلول المقتضي وهو السيل ، وعدم ~~المانع أعني عدم دفع المالك ، وهذا العدم معلول ms1080 لمنع الشارع ، فمنع الشارع ~~علة لعلة الضرر ، لا نفس علة الضرر. # وأما عدم منعه عن الدفع المذكور مع وجود مقتضيه وهو الداعي في نفس المالك ~~يوجب استناد ضرر الجار إليه بلا واسطة ؛ فإنه معلول المقتضي وهو داعى ~~المالك ، وعدم المانع وهو عدم منع الشارع ، فعدم منع الشارع نفس علة الضرر ~~، ولا شك أن المتعين عند دوران الأمر بين استناد المبغوض استنادا قريبا ~~وبين الاستناد البعيد هو اختيار الثاني ، هذا. PageV02P490 # وينبغي التنبيه على امور ، قد عرفت سابقا لزوم ملاحظة مراتب الضرر الدائر ~~بين الشخصين كالمالك لو منع من الحفر ، والجار لو لم يمنع وقد نقل هذا ~~شيخنا المرتضى في رسالته المعمولة لهذه القاعدة عن بعض من عاصره ، ثم قال : ~~وهو ضعيف مخالف لكلمات الأصحاب ، نعم لو كان تضرر الغير من حيث النفس أو ما ~~يقرب منه مما يجب على كل أحد دفعه ولو بضرر لا يكون حرج في تحمله فهذا خارج ~~عن محل الكلام ؛ لأن ما يجب تحمل الضرر لدفعه لا يجوز إحداثه لدفع الضرر عن ~~النفس ، انتهى كلامه ، رفع مقامه. # قال شيخنا الاستاد دام أيام أبحاثه الشريفة : لا شك أنا نفهم من قول ~~الشارع : لا ضرر ، كون الضرر مبغوضا له مطلقا ، حتى لو دار أمره بين إضرار ~~أحد عبديه فقد فات منه في حق المتضرر منهما هذا الغرض ، ومن العلوم أيضا أن ~~عباده متساوون في نظره ، وبعد ذلك لا يعقل أن لا يلاحظ عند الدوران مراتب ~~الضرر المختلفة حسب اختلاف الموارد والأشخاص حالا ومالا. # ثم الظاهر حيث جوزنا للمالك إضرار الغير هو الضمان ، لعدم منافاة الإذن ~~الشرعي مع عموم الضمان ، هذا وإن كان كل من هذين أعني ملاحظة المراتب وثبوت ~~الضمان على خلاف ما في كلمات المشهور رضوان الله عليهم. # المغبون من البائع والمشتري إن كان عالما بمطابقة الثمن للقيمة الواقعية ~~فلا كلام في أن حكم لزوم البيع عليه حكم ضرري ، وكذلك إن لم يعلم ، لكن ~~أحرز ذلك بطريق معتمد عند العقلاء مثل إخبار أهل الخبرة أو تميز نفسه مع ms1081 ~~كونه من أهل الخبرة ، ثم انكشف خطاء الطريق فإن اللزوم أيضا حكم ضرري ولم ~~يتحقق من المغبون أيضا إقدام ؛ فإنه وإن كان محتملا ، لكن كان غير معتنى به ~~، لقيام الطريق العقلائي على خلافه ، ومعه لا يصدق الإقدام على الضرر ~~الموجب لعدم جريان نفي الضرر المبني على الامتنان في حقه ، لوضوح كون النفي ~~في حقه أيضا امتنانيا. # وأما إذا لم يعلم ولم يقم عنده طريق ، وكان إقدامه على البيع بالثمن ~~المسمى مع الجهل والترديد في مطابقته مع القيمة وعدمها لأجل شدة الاضطرار ~~ونحوها ، فإن PageV02P491 # هذا الجهل لا يضر بصحة المعاملة ، إنما المضر هو الجهل بالثمن. # فلا إشكال أنه يصدق حينئذ في حقه أنه أقدم على ضرر نفسه ، واللزوم الذي ~~هو حكم الشارع ليس إلا إمضاء لما فعله نفس المتعاقدين الذي منها أصل القرار ~~، ومنها استحكامه ولزومه ، والإقدام ناش من الجهة الثانية ، والدليل على أن ~~الثاني أيضا من فعل المتعاقدين لا حكما من قبل الشارع أنه لو صدر هذه ~~المعاملة الواقعة عن جهل بالقيمة من الدهري الغير القائل بالشرع يصدق عندهم ~~أنه أقدم على ضرر نفسه. # وحينئذ فلا وجه لجريان القاعدة في حقه لرفع حكم اللزوم مع أنه مسوق في ~~مقام الامتنان ، ولا امتنان في موارد إقدام المتضرر على الضرر ، مع أنهم ~~رضوان الله تعالى عليهم أثبتوا خيار الغبن في غير صورة العلم بالحال ، ولم ~~يظهر وجهه. # والغرض أنه مع تسليم تمامية الاستناد إلى القاعدة لإثبات الخيار لا يتم ~~ما ذكروه على إطلاقه ، وإلا فأصل إثبات الخيار الذي هو من الحقوق بالقاعدة ~~مشكل ، إذ أولا فغاية الأمر ارتفاع حكم اللزوم ، وأين هو من إثبات الحق ، ~~وثانيا مقتضاه رفع إطلاق اللزوم بالنسبة إلى صورة عدم بذل الغابن التفاوت ~~وعدم إمكان إجباره ، وأما رفعه حتى في صورة البذل أو إمكان الإجبار فلا ، ~~إذ ليس اللزوم في هاتين الصورتين حكما ضرريا ، هذا. # الثالث : لا إشكال في صدق الضرر على النقص العيني في المال ، فهل النقص ~~القيمي أيضا مصداق له أو لا؟ ويظهر الثمر في ما ms1082 إذا وضع إنسان أمتعة للبيع ~~في دكان بجنب دكان إنسان آخر بائع لتلك الأمتعة إذا أوجب ذلك إما كساد مكسب ~~ذلك الآخر أو تنزل قيمة متاعه. # فإن قلنا بأنه مصداق للضرر جرى فيه الكلام المتقدم في تصرف المالك في ~~ملكه الموجب لتضرر جاره من التفصيل بين ما إذا كان اختيار هذا الدكان من ما ~~بين سائر الدكاكين لغوا لا لغرض عقلائي ، فنحكم بالتحريم ، وبين ما إذا كان ~~ذلك لغرض عقلائي يفوت هذا الغرض في مكان آخر فنحكم بملاحظة مراتب الضررين ، ~~ونفي ما كان أرجح والتجويز مع المساواة. PageV02P492 # وإن قلنا بعدم الصدق كان العمل المذكور جائزا على كل حال ، ولا موقع ~~للمعارضة والمزاحمة. # والظاهر من طريقة العلماء رضوان الله عليهم هو الثاني ، والظاهر من مفهوم ~~لفظ الضرر عرفا هو الأول ؛ إذ ليس هو مختصا بالنقص العيني ، بل القيمي ~~عندهم من معظم أفراده ، فعدم التزامهم بالتفصيل في المثال المذكور تخصيص في ~~القاعدة ، كما أن التزامهم في باب الغصب بعدم الضمان في النقص القيمي تخصيص ~~في قاعدة من أتلف ، هذا. # الرابع : قد يستشكل في الاستدلال بالقاعدة في موارد الضرر ، بموهونيتها ~~بتخصيص الأكثر ، فإن من لاحظ الفقه علم أن الخارج منها أكثر من الداخل ~~كالتكليف بالحج والزكاة والخمس والجهاد والصوم وغير ذلك. # قال شيخنا الاستاد أدام الله أيام إفاضاته الشريفة : يمكن دفع الإشكال عن ~~القاعدة بأن يقال : إن المنفي إنما هو الضرر الثابت في الإسلام ، أعني في ~~الأحكام المجعولة الاسلامية بعد حفظ نفس الإسلام والقوانين المقررة فيه. # توضيح ذلك أن كل حكم من أحكام الإسلام لا ينفك بطبعه عن إحداث ضرر أو حرج ~~، والقاعدة لا ينفي هذا الضرر ، ثم بعد الإغماض عن هذا يكون بين أفراد هذا ~~المضر بالطبع ضرري ، أعنى ما يزيد ضرره على ضرر أصل الطبيعة بواسطة ~~الخصوصيات الخارجية ، كظلم ظالم ، أو علة مزاج ، وغير ذلك من الأسباب ~~الخارجية ، وغير ضرري ، أعني ما يسلم عن هذا الضرر الزائد عن مقتضى الطبيعة ~~، فالقاعدة ينفي لهذا الضرر الزائد بعد حفظ أصل الحكم ، وبهذا التقريب ms1083 يخرج ~~كثير من موارد توهم التخصيص عن أفراد القاعدة كما هو واضح ، والباقي منها ~~ليس بأكثر من الداخل ، لكن يسقط على هذا عن التمسك في الحكم الابتدائي ~~الضرري ، هذا. PageV02P493 ### | الاستصحاب # فى استصحاب الحكم المستفاد من العقل. # أما تقريب مرام شيخنا المرتضى قدسسره الشريف فهو أنه قد يقال : إن موضوع ~~حكم العقل أبدا هو البسائط ، وحكم العقل في المركبات والمقيدات إنما هو من ~~باب تطبيق تلك البسائط عليها ، مثلا حكمه بقبح الصدق الضار من باب حكمه ~~بقبح عنوان الضار ، وهكذا ، وقد يقال : يمكن أن ينعقد حكمه من الابتداء في ~~موضوع ذي جزء أو قيد. # وعلى كل حال لما لم يمكن إجمال الموضوع في نظر نفس الحاكم فلا محالة لا ~~يمكن الشك في حد موضوع حكم العقل ، أما على الأول فواضح ؛ لأن معنى ذلك ~~الجهل بأصل الموضوع ، وأنه هذا أو ذاك ، وأما على الثاني فكذلك ؛ لأنه يرجع ~~إلى الجهل بأن موضوع حكمه هل هو المطلق أو المقيد أو الناقص أو التام ، ولا ~~يمكن هذا الجهل في حق نفس الحاكم. # والحاصل موضوع حكم العقل معلوم تفصيلا ، فإن علم بقاؤه علم بثبوت الحكم ~~وإن علم ارتفاعه علم ارتفاع الحكم ، وإن شك فإن كان لأجل الاشتباه في ~~الامور الخارجية كالشك في بقاء الإضرار في السم الذي حكم العقل بقبح شربه ، ~~فلا يجوز الاستصحاب ، للقطع بانتفاء حكم العقل مع الشك في الموضوع الذي كان ~~يحكم عليه مع القطع ، نعم يثبت باستصحاب بقاء الضرر ، الحرمة الشرعية ولو ~~كان ثبوتها سابقا بواسطة الحكم العقلي ، ولا منافاة بين انتفاء الحكم ~~العقلي وثبوت الحكم الشرعي ، لأن عدم الحكم العقلى مع الشك إنما هو لاشتباه ~~الموضوع عنده ، وباشتباهه يشتبه الحكم الشرعي الواقعي أيضا ؛ إلا أن الشارع ~~حكم على هذا المشتبه الحكم الواقعي بحكم ظاهري هي الحرمة. PageV02P494 # وإن كان الشك لعدم تعيين الموضوع تفصيلا ، واحتمال مدخلية موجود مرتفع أو ~~معدوم ، حادث في موضوعية الموضوع ، فهذا غير متصور في المستقلات العقلية ، ~~لأن العقل لا يستقل بالحكم إلا بعد إحراز الموضوع ومعرفته تفصيلا ، لأن ms1084 ~~القضايا العقلية إما ضرورية لا يحتاج العقل في حكمه إلى أزيد من تصور ~~الموضوع بجميع ما له دخل في موضوعيته من قيوده ، وإما نظرية ينتهي إلى ~~ضرورية كذلك ، فلا يعقل إجمال الموضوع في حكم العقل. # فإن قلت : كيف نستصحب الحكم الشرعي مع أنه كاشف عن حكم عقلي مستقل، فإنه ~~إذا ثبت حكم العقل برد الوديعة وحكم الشرع على طبقه بوجوب الرد ، ثم عرض ما ~~يوجب الشك مثل الاضطرار والخوف ، فنستصحب الحكم الشرعي ، مع أنه كان تابعا ~~للحكم العقلي. # قلت : أما الحكم الشرعي المستند إلى الحكم العقلي فحاله حال الحكم العقلي ~~في عدم جريان الاستصحاب ، نعم لو ورد في مورد حكم العقل حكم شرعي من غير ~~جهة العقل ، وحصل التغير في حال من أحوال موضوعه مما يحتمل مدخليته وجودا ~~أو عدما في الحكم جرى الاستصحاب ، وحكم بأن موضوعه أعم من موضوع حكم العقل. # ومن هنا يجري استصحاب عدم التكليف في حال يستقل العقل بقبح التكليف فيه ، ~~لكن العدم الأزلي ليس مستندا إلى قبح وإن كان موردا للقبح. # قال شيخنا الاستاد دام ظله نقلا عن سيد مشايخه الميرزا الشيرازي وشيخهم ~~الفاضل الأردكاني قدس أسرارهما : إن ما ذكره قدسسره من أن إجمال الموضوع في ~~الأحكام العقلية غير معقول ، فيه أن الحكم بمعنى الإذعان الفعلي بالنسبة ~~كذلك لا يقبل الإجمال في نظر المذعن، ولكن هذا ليس مناطا للحكم الشرعي. # والحكم بمعنى الملاءمة والمنافرة النفس الأمريين الموجودتين لدى العقل ~~الكامل وهو طرف النسبة التي هي متعلق الإذعان يمكن إجمال موضوعه في نظر ~~العقل ، ومرجع القول بعدم الإمكان أن العقل أبدا بين إدراك التمام وجهل ~~التمام ولا واسطة PageV02P495 # بينهما ، ومن الواضح فساد هذا ؛ إذ كما يمكن الجهل الرأسي ، يمكن الجهل ~~بالبعض بأن يعلم الملاك في المركب أو المقيد ولا يعلم قيامه بالمطلق أو ~~بالمقيد أو قيام ملاك آخر في المطلق. # وأما حديث عدم إحراز الموضوع فلا فرق بين وقوع المقيد تحت حكم ثم شك بعد ~~زوال قيده ، ولكن كان الباقي بحيث يراه العرف متحدا مع الوجود ms1085 الأول حيث ~~التزم قدسسره في مسألة الميسور والمعسور بجريان الاستصحاب فيه وإن كنا قد ~~خدشنا فيه وبين وقوعه موضوعا لحكم العقل ثم شك فيه بالنحو المزبور ، إذا ~~الموضوع مأخوذ من العرف ، ولا يفرق الحال فيه باختلاف المدرك. # نعم بناء على أخذه من الدليل يتفاوت ، ولكنه خلاف مذاقه وما هو الحق ، ~~نعم الخدشة المتقدمة مشتركة بين المقامين ، هذا على تقدير كون الموضوع هو ~~المقيد أو المركب. # وأما لو كان هو الأمر البسيط المنطبق عليهما فهنا تفصيل ، فإن كان مأخوذا ~~بنحو صرف الوجود فانطبق على أول وجود ، ثم شك في انطباقه في الآن الثاني ~~عليه أو ارتفاعه ، فلا يجوز الاستصحاب على ما هو الحق من عدم سراية الحكم ~~من الطبيعة الملحوظة بهذا النحو إلى أفراده كما بين في مبحث اجتماع الأمر ~~والنهي من غير فرق بين ما إذا كان الشك في الانطباق حكميا أو موضوعيا ، نعم ~~هذا في استصحاب الحكم ، وأما الموضوع فلا مانع منه لو لم يكن الشك في سعة ~~دائرة المفهوم وضيقها ، وإلا فلا مجرى له أيضا ، لما حقق في محله من أن ~~العبرة بالشك الخارجي دون المفهومي. # وإن كان مأخوذا بنحو الوجود الساري ثم شك في الانطباق على مقيد بعد زوال ~~قيده بعد العلم به قبله ، أو كان الشك ناشئا من اشتباه الأمر الخارجي فأولا ~~نستصحب الموضوع إن لم يكن الشك في ضيقه وسعته ، وإلا فاستصحاب الحكم مبني ~~على أن سراية الحكم من الطبيعة الملحوظة بهذا النحو إلى ما ينطبق هي عليه ~~بذاته ، أو بما هو من مصاديق تلك الطبيعة. PageV02P496 # وبعبارة اخرى : لا شك أن الحكم الثابت للعالم يثبت لزيد بترتيب القياس ، ~~فيقال : هذا عالم ، وكل عالم يجب إكرامه ، فهذا يجب إكرامه ، لكن الكلام في ~~أن هذا الذي وقع موضوعا في الصغرى والنتيجة هل أخذ فيه على نحو الاندماج ~~والإجمال حيث العالمية ، كما اخذ في الإنسان حيث الحيوانية والحمل مبني على ~~المغايرة بالإجمال والتفصيل ، كما في «الإنسان حيوان ناطق» أو أنه عبارة عن ~~الذات المجردة عن حيث العالمية؟. # قد ms1086 يقال بتعين الثاني ، نظرا إلى أنه لولاه لزم امتناع حمل الكلية على ~~الطبيعي في قولنا : الإنسان مثلا كلي ؛ لأن الكلية مأخوذة في الموضوع ~~إجمالا ، والطبيعى حينئذ يصير كليا عقليا يباين الخارجيات. # ويمكن دفعه بأنه لا يبتني مطلب الخصم على أخذ عين المحمول في الموضوع ، ~~بل يكفيه أخذ ما يلازم صدق الحمل. # وبالجملة ، فعلى القول بالأخذ يكون الموضوع في مورد الشك في الانطباق غير ~~محفوظ ، فلا استصحاب ، وعلى القول الآخر يجوز لإحراز الموضوع ، والظاهر ~~بناء على أخذ الموضوع في الاستصحاب من العرف هو القول الثاني ، فإنهم يرون ~~بين الحالتين مشارا إليه محفوظا ، نعم لو كان زوال القيد مورثا للتعدد ~~بنظرهم أيضا فلا مجال للاستصحاب. # فإن قلت : القول بالسراية من العنوان البسيط إلى المقيد المنطبق عليه ~~ينافي مع ما ذهبت إليه في مسألة الأقل والأكثر من أن العبرة بذلك البسيط ، ~~فالقاعدة هو الاشتغال ، لا بالمقيد حتى يكون مجرى للبراءة. # قلت : المقصود هناك أنه لا ينفع البراءة في المنطبق عليه بعد الاشتغال في ~~البسيط المنطبق ، لا أن المقصود نفي السراية حتى ينافي المقام. # * * * PageV02P497 ### | في حجية الاستصحاب في كل من الشك في المقتضي والرافع # اعلم أن شيخنا المرتضى قدسسره الشريف جعل التصرف في لفظ «اليقين» في قوله ~~عليه السلام : لا تنقض اليقين بالشك» بإرادة المتيقن منه مفروغا عنه ، نظرا ~~إلى أن النقض الاختياري القابل لورود النهي عليه لا يتعلق بنفس اليقين على ~~كل تقدير ، وحيث إن النقض اخذ في حقيقته الإبرام والتصاق الأجزاء كان ~~الأنسب بهذا المعنى عند تعذره بحسب الانس الذهني رفع الأمر الثابت ، يعني ~~ما له مقتضي الثبوت ، دون مطلق رفع اليد عن الشيء بعد الأخذ به ، فيكون ~~الخبر مختصا بالشك في الرافع دون المقتضي. # واستشكل عليه تلميذه سيد الأساتيد العظام الميرزا الشيرازي قدس نفسه ~~الزكية بأنه لا داعي إلى صرف اليقين عن ظاهره بإرادة المتيقن منه ؛ إذ كما ~~أن النقض الاختياري بالنسبة إلى نفس اليقين غير متحقق وإنما هو قهري ~~الانتقاض ، كذلك الحال بعينه في المتيقن الذي يشك المكلف في بقائه ms1087 وارتفاعه ~~، فإنه أيضا إن كان باقيا فبغير اختياره ، وإن كان منتقضا ، فكذلك ، ~~فالتصرف في النقض بإرادة رفع اليد عملا محتاج إليه على كل حال ، ومعه يكون ~~التصرف في اليقين بلا جهة ، ومن المعلوم أن نفس صفة اليقين كالعهد والبيعة ~~واليمين مما يصح استعارة النقض لها ، لما فيها من الاستحكام ، فيتخيل كونها ~~ذات أجزاء متداخلة مستحكمة ، فيكون الخبر شاملا لكل من الشكين. # فإن قلت : على هذا يكون عدم النقض بمعنى إبقاء اليقين عملا بلحاظ آثار ~~نفس اليقين ، وهو خلاف المراد ؛ لأنه إبقاء عمل المتيقن. # قلت : لمفهوم اليقين قسمان من المصاديق في الخارج ، أحدهما ما شأنه شأن ~~المعنى الحرفي في عدم الوجود الاستقلالي في نظر صاحبه ، بحيث لا يمكن الحكم ~~عليه وبه ، ولكن ليس على حد الخروج عن الالتفات والشعور إليه ، كيف ~~والمستعمل للحرف ملتفت إلى استعماله وليس خارجا عن اختياره. PageV02P498 # والقسم الثاني ما كان موجودا استقلاليا قابلا للحكم عليه وبه من حيث كونه ~~واحدا من الصفات النفسانية ، فظاهر هذا المفهوم عند الإطلاق هو القسم الأول ~~، ولا شك أن صاحب هذا القسم يرى المتيقن ويرى يقينه محركا إياه نحو متيقنه ~~، فالعمل مستند ذاتا وبالطبع إلى اليقين ، ولا ينافي هذا مع عدم استقلاله ~~كما عرفت. # والحاصل أن المتيقن بخطاب لا تشرب الخمر وكون هذا المائع خمرا يقينه ~~الطريقي مؤثر طبعا ، وفاعل وذو عمل ذاتا في جوارحه بإمساكها عن شرب الخمر ، ~~ولو فرض أن لهذا اليقين ولو بحيث طريقيته أثر خاص به مثل التصدق بدرهم ، ~~فهذا العمل ليس عملا لهذا اليقين طبعا ، وإنما حاله بالنسبة إليه حال الخمر ~~بالنسبة إلى خطاب «لا تشرب» ، بل العمل الطبعي حينئذ ليقين آخر بذاك الخطاب ~~الذي موضوعه اليقين الأول. # وبالجملة ، فرق بين العمل الطبعي والأثر الشرعي ، فالثاني عبارة عن حكم ~~الحرمة في «لا تشرب الخمر» مثلا ، وهو مرتب شرعا على الخمر ، والأول عبارة ~~عن الكف والإمساك الخارجي عن الشرب ، وهو مرتب طبعا على اليقين المرآتي ، ~~بحيث لو كان جهلا مركبا أيضا لكان العمل بحاله ، غاية الأمر اليقين المعتبر ms1088 ~~في الاستصحاب هو اليقين المطابق للمواقع ، وليس معنى «لا تنقض» جعل الأثر ، ~~بل معناه كما تقدم إيجاب معاملة المكلف في حال الشك معاملته التي كان ~~يعملها في حال اليقين ، وبعبارة اخرى : إيجاب إبقاء اليقين عملا ، ولهذا ~~قلنا خلافا لشيخنا المرتضى ومن تبعه قدس أسرارهم بجريان الاستصحاب في العدم ~~الأزلي كما تقدم بيانه. # والحاصل عمل المتيقن يكون ليقينه الطريقي ، وليس خطاب «لا تنقض اليقين» ~~واردا عليه في هذا الحال حتى يلزم انقلاب نظره من الطريقية إلى الاستقلال ، ~~بل يرد عليه في حال الشك ويقول : اعمل الآن عمل ذاك اليقين. # ولا يرد أن العمل حينئذ لليقين بخطاب «لا تنقض» ولا ارتباط له باليقين ~~السابق ، فإنه يقال : نعم ، ولكن المتحرك إليه لهذا اليقين العمل في حال ~~الشك عمل اليقين السابق ، فالمكلف يعمل عمل اليقين السابق لأجل اليقين بهذا ~~الخطاب. # ثم إن المحقق الخراساني قدسسره بعد أن ذكر إشكال السيد الأجل الشيرازي ~~على شيخه المرتضى قدس أسرارهم اختار لدفع هذا الاشكال أعني لزوم اعتبار PageV02P499 # النقض بالنسبة إلى آثار اليقين طريقا آخر وهو جعل مفهوم اليقين حاكيا ~~ومرآتا للمتيقن، لا كما ذكرنا من كون مصاديقه مرايا للمتيقنات ، قال قدسسره ~~: وذلك لسراية الآلية والمرآتية من اليقين الخارجي إلى مفهومه الكلي ، انتهى. # وما ذكره من السراية وإن كان حقا ، ولهذا كثيرا ما في مقام التعبير عن ~~حكم نفس الشيء يطلق اليقين ، كما في موارد دخالته في الموضوع بنحو الجزئية ~~أو الاستقلال ، فيقال مثلا : إذا رأيت زيدا فبلغه السلام ، فإن الرؤية لم ~~يؤخذ في هذا الكلام إلا طريقا صرفا للمتعلق ، فالموضوع هو الزيد ، لا الزيد ~~المرئي ، ولكن لا يخفي اتحاد هذا الطريق مع ما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره ، ~~غاية الأمر أنه التزام بالمجاز في كلمة اليقين ، حيث اريد به المتيقن ، ~~وعلى هذا لا مجاز مع إمكان إرادة الشيخ أيضا عدم المجازية. # وبالجملة ، كلا الطريقين شريكان في أن المتكلم قد حمل خطاب «لا تنقض» على ~~نفس المتيقنات من الطهارة وحياة الزيد وغير ذلك ، فيجيء ما ذكره الشيخ من ~~أن ms1089 المناسبة لمادة النقض مخصوصة بموارد إحراز المقتضي ؛ إذ مع فرض كون ~~اليقين في موضوع القضية ملحوظا على وجه الطريقية ، فلا يمكن ملاحظة ~~المناسبة في مادة النقض معه ، لتوقفه على استقلال النظر ، فتحقق أن المحيص ~~منحصر في ما ذكرنا ، هذا. # بقي في المقام إشكال آخر وهو أنه مع تعلق النقض بنفس اليقين أيضا يكون ~~المناسبة في ما إذا احرز المقتضي أتم من صورة الشك فيه ، ببيان أن اليقين ~~في الاستصحاب لم ينتقض بالشك ؛ لأن اليقين متعلق بالحدوث والشك بالبقاء ، ~~وحينئذ ففي مورد كون المتيقن مما له شأنية البقاء فكأن اليقين تعلق بالبقاء ~~أيضا فانحل وانفصم بواسطة الشك في البقاء من جهة الشك في رافعه ، وليس هذا ~~في مورد ليس له شأنية البقاء. # والجواب أن مصحح النقض في كلا الموردين أمر واحد مشترك بينهما ، وهو كون ~~الحدوث والبقاء للعدالة القائمة بالزيد مثلا ليس في نظر العرف كعدالة زيد ~~وعدالة بكر موضوعين حتى لا يكون ارتباط لليقين بأحدهما بالشك في الآخر ، بل ~~هما عندهم أمر واح ، فلا محالة يكون الشك ناقضا لليقين بهذا الاعتبار ، من ~~غير فرق بين الشك في المقتضي والشك في الرافع. PageV02P500 ### | في ما يتعلق بالصحيحة الثانية. (1) # اعلم أن قول السائل في الفقرة الاولى : «فإن ظننت أنه أصابه ولم اتيقن ~~ذلك فنظرت ولم أر شيئا ، فصليت فيه فرأيت فيه» تكون فيه ثلاثة احتمالات. # الأول : أن يكون المراد بقوله : ولم أر شيئا ، حصول اليقين بالعدم ، ~~ويكون المراد ، بقوله : فرأيت فيه ، رؤية النجاسة المرددة بين السابقة ~~والحادثة بعد الصلاة ، وعلى هذا يكون قوله عليه السلام : ليس ينبغي لك أن ~~تنقض اليقين بالشك ، منطبقا على قاعدة الشك الساري. # الثاني : أن يكون المراد بقوله : «لم أر» هو البقاء على الشك ، ويكون ~~المراد بقوله: «فرأيت فيه» ما تقدم من رؤية النجاسة مرددة بين الباقي ~~والحادث ، وعلى هذا يكون قوله عليه السلام : «ليس ينبغي» الخ منطبقا على ~~الاستصحاب. # الثالث : أن يكون المراد بقوله : «لم أر» أيضا هو البقاء على الشك ، ولكن ~~يكون المراد بقوله : «فرأيت فيه» رؤية ms1090 النجاسة السابقة ، وبعبارة اخرى : ~~كان متعلق «رأيت» عين متعلق «لم أر» وعلى هذا أيضا ينطبق الكلام المذكور ~~على الاستصحاب بالبيان الآتي إن شاء الله تعالى. # ثم الاحتمال الأول خلاف الظاهر ؛ لعدم ظهور قوله : «ولم أر» في حصول ~~اليقين، بل لو كان المقصود ذلك كان المناسب بمقام السؤال هو التصريح بذلك ~~عقيب قوله: «ولم أر» للاهتمام بشأنه وقوة احتمال دخله في الحكم. # وكذلك الاحتمال الثاني أيضا خلاف الظاهر ؛ لأن الظاهر كما مر أن الرؤية ~~المثبتة PageV02P501 # في قوله : «فرأيت» عين المنفية في قوله : «ولم أر» من حيث المتعلق ، ولو ~~كانت النسخة «فرأيته» كان صريحا في ذلك ، وإذن فالظاهر هو الاحتمال الأخير. # ثم نقول : بناء على هذا الاحتمال الأخير لا يمكن حفظ ظهور قوله ~~عليه السلام : «وليس ينبغي لك الخ» في كونه كبرى لعدم الإعادة ، وأن الإعادة ~~وجه عدم وجوبها كونها نقضا لليقين بالشك. # وأنت خبير بأنها على هذا الاحتمال نقض اليقين بالطهارة باليقين بالنجاسة ~~، فلا بد حينئذ من التكلف بإرادة كون الإعادة منافية لحكم «لا تنقض» الذي ~~كان ثابتا حال الدخول في الصلاة ، فيقال في توجيه المنافاة : إن هذا الحكم ~~الظاهري مقتض لعدم الإعادة؛ لأن امتثال الأمر الظاهري مفيد للإجزاء ، أو ~~يقال : إنه مقتض للعدم من جهة أن معه يكون الإحراز للطهارة الذي هو الشرط ~~موجودا ، ومع وجود الشرط لا إعادة ، ولا يمكن تطبيق شيء من هذين على الظاهر ~~؛ لأن الظاهر هو إتمام المطلب بنفس قوله : «لا تنقض» لا بمعونة مقدمة اخرى. # وبعبارة اخرى : الظاهر هو أن الكبرى الجارية في حق المكلف في هذا الحال ~~التي هي بعد الفراغ من الصلاة هو قوله : «لا تنقض الخ» لا أن يكون المقصود ~~أن هذه الكبرى كانت جارية عليك في زمان سابق على هذا الزمان ، وقضية ~~جريانها في ذاك الزمان توليد كبرى اخرى في حقك في هذا الزمان وهو أن الأمر ~~الظاهري مفيد للإجزاء ، أو أن الإحراز هو الشرط ، والصلاة معه صحيحة ، ~~ويكون عدم الإعادة صغرى لهذه الكبرى الثانية. # وأنت خبير بمساواة الوجهين في مخالفة ms1091 الظاهر ، فلا وجه للعدول من أحدهما ~~إلى الآخر تفصيا عن التكلف كما وقع في الحاشية. # ويمكن أن يقال : إنه إذا دار الأمر بين ارتكاب مخالفة الظاهر في قوله : «فرأيت PageV02P502 # فيه» بحمله على رؤية المردد بين الباقي والحادث حتى يكون قوله : «لا تنقض ~~الخ» جاريا على ظاهره ، وبين ارتكاب مثل أحد هذين التكلفين في قوله ~~عليه السلام : «لا تنقض» محافظة على ظهور «فرأيت» في رؤية السابق كان الأول ~~أولى ؛ لأن مخالفة الظاهر فيه أهون ، هذا. # ولكن لا يخفي أنه بعد كون الاحتمال الأول خلاف الظاهر كانت الرواية دليلا ~~على الاستصحاب ، سواء حملت على الثاني أو الأخير. # ثم إنه قد يدعى أنه بناء على الوجه الأخير تكون الإعادة نقضا لليقين ~~بالشك من دون حاجة إلى تطبيق كبرى كون الأمر الظاهري مفيدا للإجزاء ، بل ~~نقول : هذه الكبرى مستفادة من نفس كبرى «لا تنقض». # وبيانه أن الطهارة الواقعية المتحققة حال الصلاة من آثارها الإجزاء ~~والصحة الواقعيين وعدم لزوم الإعادة كذلك ، وإذا كان معنى «لا تنقض» ترتيب ~~آثار تلك الطهارة المتحققة الواقعية وعدم رفع اليد عنها فمعنى ذلك هو الصحة ~~الواقعية ؛ إذ لو لم يرتب هذا الأثر كان اليقين منقوضا من حيث هذا الأثر ، ~~وبعد عدم النقض حتى من هذه الجهة يلزم عدم الإعادة حتى بعد اليقين بثبوت ~~النجاسة حال الصلاة ؛ لأن الفرض ترتب الإجزاء والصحة الواقعيين على الشك ~~بمعونة «لا تنقض» ، وبالجملة ، قاعدة إجزاء الأمر الظاهري يكون من نفس مفاد ~~«لا تنقض» لا أنها كبرى له. # والجواب أن ترتيب هذا الأثر غير مدلول «لا تنقض» لأنه مختص بالآثار ~~الشرعية ، وهذا من الآثار العقلية ؛ فإن الطهارة الواقعية إذا كانت متحققة ~~فعدم الإجزاء غير معقول ؛ لعدم تعقل بقاء الأمر مع وجود متعلقه على ما ~~اعتبر فيه شطرا وشرطا ، وهذا الأثر كسائر الآثار العقلية غير مشمول لقوله ~~عليه السلام : «لا تنقض». PageV02P503 # وبالجملة ، شأن «لا تنقض» جعل حكم ظاهري في موضوع الشك ، ويتحقق به الصحة ~~والإجزاء الظاهري المفيد فائدة الصحة الواقعية ما دام الشك ، وأما إذا ~~انقلب إلى ms1092 العلم بالخلاف فلا صحة ولا إجزاء ، وأما تكوينه الصحة النفس ~~الأمرية الغير القابلة لكشف الخلاف فخارج عن شأنه. # هذا وقد وقع الخلط لجملة من الأساطين العظام في فهم مرام الإمام الأعظم ~~في هذا المقام من رسائله ، فإنه قدسسره ذكر هذه الدعوى مع جوابها عقيب تخيل ~~المتخيل حسن التعليل لعدم الإعادة بملاحظة اقتضاء الأمر الظاهري للإجزاء. # والجواب عنه بأنه خلاف ظاهر قوله : «فليس ينبغي» حيث إن ظاهره أن الإعادة ~~مصداق للنقض ، فالدعوى تأييد لمرام المتخيل بأنه ممكن مع حفظ هذا الظاهر ~~بالبيان المتقدم ، فذكر دفعها بما ذكر ، فتوهموا أن هذه الدعوى كلام مستقل ~~غير مرتبط بتتميم كلام المتخيل وهو أن من آثار جريان الاستصحاب حال الصلاة ~~عدم الإعادة ، فأجابوا بأنه ما دام كونه متلبسا بالشك ، فإذا زال الشك ~~ارتفع الحكم الاستصحابي بزوال الموضوع. # وأورد واعلى الإمام الاعظم حيث قال ردا على المدعي : هذا الأثر من الآثار ~~العقلية ، بأنه لا بأس بترتيب مثل هذا الأثر ؛ لأنه كوجوب الامتثال مما ~~يترتب عقلا على الأعم من الحكم الواقعي والجعلي ، وأيضا فكيف يجري ~~الاستصحاب قبل الصلاة ، فإن ترتيب الصحة أو البطلان عليه بعينه حاله حال ~~ترتيب عدم الإعادة والصحة في المقام ، فيلزم سد باب كلي الاستصحاب الجاري ~~في تنقيح موضوع الشرط أو الجزء. # وأيضا هذا خلاف تصريحه قدسسره في عدة أوراق قبل ذلك في مسألة ما إذا غفل ~~عن يقينه بالحدث وصلى ، حيث قال : إنه يوجب الإعادة بحكم استصحاب PageV02P504 # عدم الطهارة لو لا حكومة قاعدة الشك بعد الفراغ عليه ، فافهم. انتهى. # وكذلك في ذيل حديث الرفع حيث إنه بعد أن ذكر أن رفع المؤاخذة مما تناله ~~يد الجعل لكون المنشأ وهو رفع إيجاب الاحتياط مجعولا ، وبذلك رد توهم من ~~توهم ذلك قال : ونظير ذلك ما ربما يقال في رد من تمسك على عدم وجوب الإعادة ~~وإن كان حكما شرعيا ، إلا أنه مترتب على مخالفة المأتي به للمأمور به ~~الموجبة لبقاء الأمر الأول ، وهي ليست من الآثار الشرعية للنسيان ، وقد ~~تقدم أن الرواية لا تدل على ms1093 رفع الآثار الغير المجعولة ، ولا الآثار ~~الشرعية المترتبة عليها كوجوب الإعادة في ما نحن فيه. # ويرده ما تقدم في نظيره من أن الرفع راجع إلى شرطية طهارة اللباس بالنسبة ~~إلى الناسي ، فيقال بحكم حديث الرفع : إن شرطية الطهارة شرعا مختصة بحال ~~الذكر ، فتصير صلاة الناسي في النجاسة مطابقة للمأمور به ، فلا تجب الإعادة ~~، وكذلك الكلام في الجزء المنسي ، فتأمل ، انتهى. # وأوضح منافاة قوله قدسسره في نفس مسألتنا في الوجه الثاني من الوجهين في ~~قول السائل: فرأيت فيه ، وهو رؤية النجاسة مع احتمال الحدوث بعد الصلاة ، ~~قال قدسسره : وهذا الوجه سالم عما يرد على الأول ، وكذلك تسليمه تمامية ~~الدلالة على الاستصحاب في قوله عليه السلام أخيرا : فليس ينبغي لك ، عقيب ~~قول السائل : فإن رأيته وأنا في الصلاة ، هذا. # وأنت خبير مما ذكرنا أن كل ذلك أجنبي عما هو مرامه قدسسره . # * * * PageV02P505 ### | في ما يتعلق بالصحيحة الثالثة. (1) # إجراء «لا تنقض» بالنسبة إلى أصل إتيان الركعة المشكوكة أعم من كونها ~~موصولة أو مفصولة مبني على أن العمل الثابت للمتيقن بعدم الرابعة كان أمرين ~~: أصل الركعة ، وجعلها موصولة ، فأعمل بالقاعدة من حيث العمل الأول ، ورفع ~~عنها اليد من حيث الثاني حفظا لتقيد الركعات بعدم الزيادة. # ولكن من الممكن أن يقال : إنه عرفا عمل واحد وهو إلصاق الركعة بالركعات ~~السابقة ، وتقدم أن مفاد «لا تنقض» وجوب عمل اليقين في حال الشك ، وأصل ~~الركعة في ضمن المفصولة يعد مغايرا لعمل اليقين بعدم الركعة ، لا تبعيضا ~~فيه ، فيخرج عن مدلول «لا تنقض». # وإذن فالحمل على تحصيل اليقين بالبراءة إذا كان بعيدا من جهة استبعاد أن ~~يراد بهذه العبارة في موارد عديدة عدم نقض اليقين الموجود ، ويراد في هذا ~~المورد عدم نقض اليقين غير الموجود ولو قلنا : إن تطبيق هذه العبارة عليه ~~أيضا ممكن بملاحظة أن رفع اليد عن الموافقة القطعية بالموافقة الشكية يصح ~~إطلاق النقض عليه فالمتعين هو الحمل على الاستصحاب بالوجه الأول ، أعني كون ~~الكلام صادرا على جهة التقية ، لكن لا في أصل الكبرى ، بل في تطبيقها ms1094 على ~~المورد ، نظير تطبيق حديث الرفع على الحلف بالطلاق والعتاق في صحيحة ~~البزنطي. # وأما تبعيد ذلك بمنافاته مع الصدر حيث لم يراع فيه التقية ، فلا وجه له ؛ ~~لإمكان أن يكون المجلس حين صدور الصدر خاليا عمن يتقى منه ، ثم قارن دخوله ~~مع تكلم الإمام عليه السلام بالذيل. PageV02P506 # بقي الكلام في إمكان الجمع بين الاستصحاب وقاعدة الاحتياط في هذه العبارة ~~وعدمه ولو كان على فرض الإمكان خلاف الظاهر. # فنقول : غاية تقريب عدم الإمكان أن اليقين في الاستصحاب لا بد أن يلاحظ ~~مفروض الوجود حتى يحكم بلزوم رعاية عمله حال الشك ، وفي قاعدة الاحتياط لا ~~بد أن يلاحظ غير مفروض الوجود حتى يصح الحكم بتحصيله ، والجمع يقتضي اجتماع ~~هذين اللحاظين في موضوع اليقين. # لكن يمكن أن يقال : إنه يقتضي ذلك لو جعلنا القضية طبيعية كان الموضوع ~~فيها طبيعة اليقين ، وأما إذا جعلناها حقيقية ، وجعلنا اليقين مرآتا ~~لأفراده فنقول : لهذه الطبيعة صنفان من الأفراد والحصص يمكن جعلها مرآتا ~~لكليهما ، الأول : الأفراد الموجودة في الخارج ، والثاني : الحصص التي توجد ~~في المستقبل ، فالمتكلم يتصور كلا الصنفين ، بمعنى أنه يشير بهذه الطبيعة ~~إلى أفرادها من غير أخذه الفراغ عن الوجود أو عدم الفراغ في لحاظه ، وإنما ~~هذان وصفان ثابتان واقعا للأفراد ، فبعضها مفروغ الوجود ، وبعضها غير ~~مفروغة. # والدليل على قابلية المفهوم لهذه السعة صحة قولنا «سواء» عقيب كلمة ~~«اليقين» فنقول : اليقين سواء كان موجودا أم سيوجد فحكمه كذا. # وهذا نظير ما قلنا في إمكان الجمع بين الاستصحاب وقاعدة الشك الساري في ~~قبال الاستدلال على العدم بأن الشك في الاستصحاب لوحظ الفراغ عن حدوث ~~متعلقه ، وتعلق الشك بمرحلة بقائه ، وفي القاعدة لوحظ عدم الفراغ عنه ~~وتعلقه بأصل الحدوث ، فقلنا يمكن جعل الشك متعلقا بأصل الحقيقة الصادقة على ~~كل واحد من الحدوث والبقاء ، والدليل على قابليته لهذا التعميم إتيان كلمة ~~«سواء» عقيبه ، فيقال : الشك في العدالة سواء تعلق بحدوثها أم ببقائها. PageV02P507 # هذا كله في إمكان الجمع في موضوع اليقين ، ومثله الكلام في موضوع الشك. # وأما محمول القضية أعني ms1095 «لا تنقض» فإنه أيضا مفاد واحد بالنسبة إلى كلا ~~الصنفين ، وإنما الاختلاف في محصل هذا المفهوم ، ففي الأفراد الموجودة ~~النقض بالشك يتحقق برفع اليد عن عملها ، وفي ما سيوجد يتحقق برفع اليد عن ~~تحصيلها بالشكوك التي في قبالها ، هذا هو الكلام في مرحلة الإمكان ، ولا ~~ينافيه دعوى انعقاد الظهور على خلافه. # وحاصل ما قلنا أنه إذا لوحظ طبيعة اليقين بما هي هي فلا يخلو الإنسان من ~~ملاحظة الفراغ عن وجودها ، فيتمحض موضوعا للاستصحاب ، أو عدم هذه الملاحظة ~~فيتمحض موضوعا لقاعدة الاحتياط ، ولا يمكن الجمع في لحاظ واحد. # وأما إذا علق الحكم على الحصص كأن قيل : كل حصة حصة لو وجدت في الخارج ~~صدق عليها عنوان اليقين ، فكذا ، فحينئذ أيضا وإن كان لا يخلو الحال من أحد ~~الأمرين ، لكن الثاني منهما أعني : تجريد الحصص عن لحاظ الوجود والعدم لا ~~يتمحضها موضوعا لقاعدة الاحتياط ، وذلك لأن من تلك الحصص اليقينات الموجودة ~~الخارجية المتعلقة بالمتعلقات الخاصة ، ومنها اليقينات المتعلقة بالبراءة ~~في الموارد الخاصة الممكنة تحصيلها ، وكل منهما يصدق عليه أن هذا يقين ، ~~فيصح أن يقال : جميع حصص اليقين من الموجودة الفعلية والقابلة للتلبس ~~بالوجود حكمه كذا ، هذا في الموضوع ، وأما المحمول فقد عرفت أنه من باب ~~الاختلاف في المحقق ، كما في التعظيم. # ولكن يمكن منع ذلك هنا بواسطة اختلاف حقيقة معنى النقض في المقامين ، ~~فإنه في الحصص الفعلية عبارة عن إبقاء عملها ، وفي القابلة للوجود عبارة عن ~~تحصيلها وإيجادها. PageV02P508 # ألا ترى أن قولنا : «لا تنقض العهد والبيعة» لا يمكن أن يراد الحث إلى ~~عقدهما وعدم رفع اليد عن الحاصل منهما؟. # فإن قلت : في قاعدة الاحتياط أيضا يمكن فرض اليقين الحاصل ، ويراد بعدم ~~نقضه عدم رفع اليد عنه بأن يقال : إن الإنسان قبل إتيان العمل المحصل ~~لليقين متيقن بالبراءة على تقدير العمل وشاك فيها على تقدير الترك ، ~~فالمراد بعدم نقض ذلك اليقين بهذا الشك تحصيله. # قلت أولا : القضية المتيقنة والقضية المشكوكة ليستا بمتحدتين ، ولا بد من ~~اتحادهما في صدق النقض ، وذلك لأن اليقين بالشيء ms1096 على تقدير والشك بذلك ~~الشيء على تقدير نقيض التقدير الأول لا معنى لانتقاض أحدهما بالآخر ، وهذا ~~لا يرد على تقدير عدم أخذ اليقين حاصلا ، فإن القضية الواحدة عبارة عن أن ~~البراءة حاصلة ، فالمراد بقاعدة الاحتياط جعل هذه القضية يقينية لا شكية ، ~~فقد اتحدت القضيتان. # وثانيا : ليس ليقين البراءة على تقدير عمل حتى يراد وجوب ذلك العمل ، ~~وتحصيله ليس إتيانا بعمله ، وبالجملة مجرد ذلك لا ينفع في رفع الاختلاف عن ~~حقيقة النقض في المقامين. # * * * PageV02P509 ### | في موثقة عمار «إذا شككت فابن على اليقين». (1) # اعلم أن حالها على تقدير الاختصاص بالركعات الصلاتية حال ما تقدمها بعينه ~~، وأما على تقدير الكلية فأمرها دائر بين الاستصحاب وقاعدة الشك الساري ~~وقاعدة الاحتياط ، لكن الظاهر هو الأول ؛ إذ اليقين عليه موجود حال البناء ~~دون الأخيرين ، فإنه على الأول قد مضى وانقضى ، وعلى الثاني سيتحقق ، ~~وتعليق الحكم على العنوان ظاهر في حصوله حال الحكم ، بل الحال في مثل لفظ ~~اليقين والإنسان والحجر أصعب منها في ألفاظ المشتقات مثل العالم ونحوه ، ~~حيث يمكن القول في الثاني بكونه حقيقة في ما انقضى ، ولا إشكال في القسم ~~الأول في المجازية إلا في المتلبس حال النسبة الحكمية ، هذا. # في رواية الخصال «من كان على يقين فشك» الخ. # الإنصاف أن هذه الرواية لو كانت ونفسها كانت ظاهرة في قاعدة الشك الساري ~~، وذلك من جهتين. # الاولى : ظهورها في كون تقدم زمان اليقين على زمان الشك مأخوذا في موضوع ~~القضية ، وكونه صفة غالبية خلاف الظاهر ، بل الظاهر دخالته في الحكم ، ومن ~~المعلوم أن في الاستصحاب ليس قوام الموضوع بذلك ، ولا يخفي أن كون الغالب ~~في موارد الاستصحاب تقدم زمان اليقين على الشك لا يجدي في تطبيق القضية ~~التي اخذ في موضوعها تقدم زمان اليقين على الشك على الاستصحاب ، فإن الغلبة ~~في ذلك الباب لا يوجب انصراف هذا المفهوم بعد كونه في حد ذاته ظاهرا في ~~التقييد. # والثانية : ظهورها في اتحاد متعلق اليقين والشك من حيث الذات ومن حيث ~~الزمان ، أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلأن ms1097 تطبيق قولنا : كان على يقين ~~فشك ، في PageV02P510 # ما إذا كان على يقين بعدالة زيد يوم الجمعة ، ثم شك في عدالته في ذاك ~~اليوم لا يحتاج إلى مسامحة. # وهذا بخلاف ما إذا كان على يقين بعدالة يوم الجمعة ثم شك في عدالة يوم ~~السبت ، فإنه يحتاج تطبيق العبارة عليه من المسامحة بتجريد العدالة عن ~~التقييد بالزمان وملاحظته ظرفا لها ، وإلا فليس مصداقا حقيقيا لمن كان ~~متيقنا فشك ؛ لأن معنى ذلك صيرورة يقينه شكا ، وفي المثال لم يصر شيء من ~~يقينه مبدلا ؛ لأن يقينه بالحدوث محفوظ ، وما شك فيه لم يكن موردا لليقين ، ~~فلا يصدق بالحقيقة عند العرف أنه كان ذا يقين فرجع عن يقينه. # بل نقول : قضية «لا تنقض اليقين بالشك» أيضا ظاهرة في هذا المعنى ، لكن ~~المانع تطبيقها على مورد الاستصحاب ، كما أن المانع في هذه الرواية مساوقة ~~التعليل فيها مع تلك القضية الواردة في مورد الاستصحاب في الصحاح المتقدمة. # في ما يتعلق بموثقة عمار : «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر». (1) # قال شيخنا المرتضى قدسسره الشريف بعد ذكرها بناء على أنه مسوق لبيان ~~استمرار طهارة كل شيء إلى أن يعلم حدوث قذارته ، لا ثبوتها له ظاهرا : ~~واستمرار هذا الثبوت إلى أن يعلم عدمها ، فالغاية وهي العلم بالقذارة على ~~الأول غاية للطهارة ورافعة لاستمرارها ، فكل شيء محكوم ظاهرا باستمرار ~~طهارته إلى حصول العلم بالقذارة ، فغاية الحكم غير مذكورة ولا مقصودة. # وعلى الثاني غاية للحكم بثبوتها ، والغاية وهي العلم بعدم الطهارة رافعة ~~للحكم ، فكل شيء يستمر الحكم بطهارته إلى كذا ، فإذا حصلت الغاية انقطع ~~الحكم بطهارته لا نفسها ، انتهى موضع الحاجة من كلامه الشريف. # قال شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته العالية : هذه عبارة غامضة قد خفي ~~المراد بها على بعض الأعاظم فذكر في توجيهها ما هو أجنبي عنها. # وشرح المقصود منها أن القضية ليس لها أزيد من نسبة تامة واحدة ، فهذه PageV02P511 # النسبة الواحدة قد تتعلق بالمحمول وهو ظاهر ، فيكون الغاية غاية للنسبة ، ~~فالمقصود الحكم بأصل ثبوت الطهارة لكل شيء وهو الذي ms1098 توجه قصد المتكلم إلى ~~إلقائه إلى السامع ، والعلم بالقذارة غاية لهذا الحكم ورافعة له ، فيصير ~~الشك داخلا في موضوع الحكم ، فكأنه قيل : المشكوك طاهر ، وارتفاع الحكم حين ~~حصول العلم لأجل ارتفاع موضوعه ، ككل حكم معلق على كل موضوع ، وهذا أجنبي ~~عن الاستصحاب. # وقد تتعلق بالغاية ، فالذي توجه هم المتكلم نحوه هو بيان الغاية بعد ~~الفراغ عن أصل ثبوت الطهارة ، فكأنه قال : جعلت غاية الطهارة في كل شيء ~~العلم بالقذارة ، وليس المراد أن كلمة «طاهر» حينئذ مستعمل بمعنى مستمر ~~طهارته حتى يكون الاستمرار بمفهومه الاسمي ملحوظا ، حتى يرد أنه ما الفرق ~~بين جعل المحمول «طاهر» أو قولنا : مستمر طهارته. # فعلى كل منهما تكون الغاية للحكم ، فالقول بأنه على الأول غاية الحكم ~~وعلى الثاني غاية المحكوم به ، وغاية الحكم لا مذكورة ولا مقصودة لا وجه له ~~، بل المراد ما ذكرنا من أن النسبة التامة تلحظ عند الغاية وتكون هي ~~المقصود بالإفادة والاستفادة. # مثلا قد يكون أصل كون زيد في المدرسة مجهولا للمخاطب فنقول : هو في ~~المدرسة إلى الليل ، فالمقصود بالإفادة أصل نسبة الكون إلى زيد ، والغاية ~~غاية هذه النسبة التامة. # وقد يكون المخاطب عالما بأصل كون زيد في المدرسة جاهلا بأمده ونهايته ، ~~فيسألك إلى م يكون زيد في المدرسة؟ فتقول : إلى الليل يكون في المدرسة ، ~~فقولك : يكون ، ليس بمعنى يستمر كونه ، بل بمعناه في محل آخر ، ولكن اتي به ~~للفراغ عنه وتوطئة لذكر «إلى الليل» ، وليس المقصود الأصلي إلا بيان نهايته ~~إلى الليل ، فكأنك قلت : غاية كونه الليل، لكن الفرق أنك أفدت عين هذا ~~بالمعنى الحرفي ، فالنسبة التامة يكون تمامها بالغاية ، فلا تكون الغاية ~~لهذه النسبة مذكورة ولا مقصودة. PageV02P512 # وقد تبين أن الاستمرار مستفاد من القضية لا محمولها ، فمحمولها هو طاهر ، ~~ولكن جعل النظر ووجهة القصد الى الغاية مع الفراغ عن أصل الطهارة يستفاد ~~منه أن الطهارة مستمرة إلى كذا ، لا أنه نفس هذا المفهوم ، حتى يرد الإيراد ~~المذكور. # وعلى هذا المعنى ينطبق القضية على الاستصحاب ؛ إذ ليس هو إلا جر الطهارة ms1099 ~~المفروغ عنها في الأشياء إلى حال العلم بالنجاسة ، وقد تحقق أيضا عدم إمكان ~~الجمع في العبارة الواحدة بين المعنيين ؛ لأن القضية الواحدة ليست إلا ~~مشتملة على نسبة تامة واحدة، فإن لوحظ أصل ثبوت الطهارة مفروغا عنه تمحضت ~~في المعنى الثاني ، وإلا تمحضت في الأول ، والجمع يقتضي اجتماع لحاظي ~~الفراغ وعدمه في لحاظ واحد واستعمال كلمة «حتى» في معنيين : غاية الحكم ~~وغاية المحكوم به. # واعلم أن ما ذكره شيخنا أنه على إرادة القاعدة تكون غاية الحكم مذكورة ~~مبني على ما هو الظاهر من إرجاع القيود المذكورة في القضية مع كونها في ~~اللب راجعا إلى أحد طرفي النسبة إلى النسبة ، ولهذا نقول : «زيد ضارب غدا» ~~يعتبر فيه تلبس الزيد بالضرب في الغد لا حال النطق ، وكذلك في المقام كلمة ~~«حتى» قيد للنسبة لا للطاهر ، ولا للشيء وإلا كانت غاية النسبة أيضا غير ~~مذكورة ولا مقصودة. # ثم إن للمحقق الخراساني في كفايته هاهنا كلاما في تقريب دلالة هذا الخبر ~~وأمثاله من قوله عليه السلام : «الماء كله طاهر حتى تعلم أنه نجس» وقوله ~~عليه السلام : «كل شيء حلال حتى تعرف أنه حرام» على الاستصحاب لا بأس بنقله ~~والنظر فيه. # قال قدسسره : وتقريب دلالة مثل هذه الاخبار على الاستصحاب أن يقال : إن ~~الغاية فيها إنما هو لبيان استمرار ما حكم على الموضوع واقعا من الطهارة ~~والحلية ظاهرا ما لم يعلم بطرو ضده أو نقيضه ، لا لتحديد الموضوع كي يكون ~~الحكم بهما قاعدة مضروبة لما شك في طهارته أو حليته ، وذلك لظهور المغيا ~~فيها في بيان الحكم للأشياء بعناوينها ، لا بما هي مشكوكة الحكم كما لا ~~يخفي ، فهو وإن لم يكن له PageV02P513 # بنفسه مساس بذيل القاعدة ولا الاستصحاب ، إلا أنه بغايته دل على ~~الاستصحاب ، حيث إنها ظاهرة في استمرار ذاك الحكم الواقعي ظاهرا ما لم يعلم ~~بطرو ضده أو نقيضه ، كما أنه لو صار مغيا بغاية مثل الملاقاة بالنجاسة أو ~~ما يوجب الحرمة لدل على استمرار ذاك الحكم واقعا ، ولم يكن له حينئذ بنفسه ~~ولا بغايته ms1100 دلالة على الاستصحاب. # ولا يخفي أنه لا يلزم على ذلك استعمال اللفظ في معنيين أصلا ، وإنما يلزم ~~لو جعلت الغاية مع كونها من حدود الموضوع وقيوده غاية لاستمرار حكمه لتدل ~~على القاعدة والاستصحاب من غير تعرض لبيان الحكم الواقعي للأشياء أصلا ، مع ~~وضوح ظهور مثل «كل شيء حلال أو طاهر» في أنه لبيان حكم الأشياء بعناوينها ~~الأولية ، وهكذا «الماء كله طاهر» ، وظهور الغاية في كونها حدا للحكم لا ~~لموضوعه كما لا يخفي ، فتأمل جيدا ، ولا يذهب عليك أنه بضميمة عدم القول ~~بالفصل قطعا بين الحلية والطهارة وبين سائر الأحكام لعم الدليل وتم. # ثم لا يخفى أن ذيل موثقة عمار «فإذا علمت فقد قذر وما لم تعلم فليس عليك» ~~يؤيد ما استظهرنا منها من كون الحكم المغيا واقعيا ثابتا للشيء بعنوانه ، ~~لا ظاهريا ثابتا له بما هو مشتبه ، لظهوره في أنه متفرع على الغاية وحدها ~~وأنه بيان لها وحدها ، منطوقها ومفهومها ، لا لها مع المغيا ، كما لا يخفي ~~على المتأمل انتهى كلامه ، رفع في الخلد مقامه. # قال شيخنا الاستاد أطال الله أيام إفاداته الشريفة : لا يخلو الحال إما ~~من جعل الغاية راجعا إلى الموضوع ، أو إلى المحمول ، أو إلى النسبة ، لا شك ~~على الأولين في كون مفاد القضية هو القاعدة ؛ إذ يصير المفاد على الأول أن ~~كل شيء مشكوك طاهر ، وعلى الثانى كل شيء طاهر الشك ، لكنهما مضافا إلى ~~كونهما خلاف الظاهر كما تقدم خلاف مراده ، فإنه صرح بكونه قيدا للنسبة. # وحينئذ نقول : إن من الواضح أن القضية الواحدة لا تشتمل إلا على نسبة ~~واحدة ، نعم يمكن استفادة نسب عديدة منها بطريق الانحلال ، كما في قولك : رأيت PageV02P514 # زيد العالم العادل الكاتب الشاعر ، حيث إنه منحل إلى خمس قضايا ، لكن ~~الانحلال من جهة ضم التوابع واللواحق إلى هذه النسبة الاستقلالية الوحدانية ~~بدون تغيير فيها موضوعا أو محمولا ، ومن جملة التوابع واللواحق الغاية ، ~~فقولنا : «كل شيء طاهر حتى تعلم» في حكم قضيتين ، إحداهما «كل شيء طاهر» ~~والثانية هذه النسبة الموجودة ظرفها حال الشك ms1101 الذي هو ما قبل العلم الذي هو ~~الغاية. # وحيث إن هذه النسبة أمر وحداني لا أن له قطعة حدوث وقطعة بقاء فلا يقال : ~~إن النظر في الغاية إلى خصوص قطعة بقائها مع مفروغية قطعة الحدوث ، بل هذه ~~النسبة الواحدة وضعت في ظرف الشك تحدث بحدوثه وتبقى ببقائه. # وحيث قلنا : إن الانحلال من جهة ضم التوابع إلى هذه النسبة بحيث لا يرجع ~~إلى تغيير في موضوعها ومحمولها ، ففي المقام المفروض أن النسبة واقعة بين ~~الشيء الغير المفروغ عن طهارته والحكم بأصل ثبوت الطهارة ، وهذه النسبة ~~بهذه الحالة إذا جعلت مربوطة بالغاية المذكورة فمعنى ذلك الحكم بثبوت هذه ~~النسبة في حال الشك ، وهو أجنبي عن الاستصحاب ؛ فإن النسبة المجعولة فيه في ~~ظرف الشك إنما هي بين الشيء المفروغ عن أصل طهارته والحكم ببقاء الطهارة. # فعلم أن استفادة الاستصحاب من القضية مع الدليل الاجتهادي مبني على أحد ~~امور كلها غير معقول. # أحدها : كون القضية بوحدتها مشتملة على نسبتين ، إحداهما بين أصل الشيء ~~وأصل الطهارة ، والثانية بين الشيء بوصف الفراغ عن حدوث طهارته وبقاء ~~الطهارة. # والثاني : كون النسبة بوحدتها منقسمة إلى قطعة حدوث وقطعة بقاء. # والثالث : كون قيد النسبة مع كونه راجعا إليها مغيرا لأحد طرفيها من ~~المحمول أو الموضوع ، ومرجع الأخير إلى الأول ، فينحصر الأمر في تقدير قضية ~~اخرى ، وهو خلاف صريح كلامه. # فإن قلت : ما ذكرت من أن قيد النسبة لا يمكن أن يغير أحد طرفيها ، ينافي مع ما PageV02P515 # اخترت في باب تعليق القضية الكلية على شيء مثل «أكرم العلماء إن كان كذا» ~~حيث قلت : إن صدر القضية عام استغراقي ، ولكن الموضوع للتعليق والإناطة عام ~~مجموعي. # قلت : هذا أيضا غير راجع إلى ما ذكرت ، فإن طرفي النسبة في الصدر أيضا هو ~~كل عالم وحكم الوجوب ، ولا شك أن «كل عالم» لا ينطبق على واحد من أفراد ~~العالم ، فالانحلال جاء من ملاحظة هذا العنوان طريقا ، لا بانعزاله عن ~~الموضوعية رأسا ، فالموضوع الحقيقي للنسبة هو العموم بوصف العمومية. # ثم إن له قدسسره الشريف كلاما ms1102 آخر في تعليقته في تقريب دلالة صدر الخبر ~~على الحكم الواقعي وقاعدة الطهارة لا بأس بنقله والنظر فيه. # قال قدسسره : توضيح ذلك أن قوله عليه السلام : «كل شيء طاهر» مع قطع النظر ~~عن الغاية بعمومه يدل على طهارة الأشياء بعناوينها الواقعية كالماء والتراب ~~وغيرهما ، فيكون دليلا اجتهاديا على طهارة الأشياء ، وبإطلاقه بحسب حالات ~~الشيء التي منها حالة كونه بحيث يشتبه طهارته ونجاسته بالشبهة الحكمية أو ~~الموضوعية يدل على قاعدة الطهارة في ما اشتبه طهارته كذلك. # وإن أبيت إلا عن عدم شمول إطلاقه لمثل هذه الحالة التي في الحقيقة ليست ~~من حالاته ، بل من حالات المكلف وإن كانت لها إضافة إليه ، فهو بعمومه لما ~~اشتبهت طهارته بشبهة لازمة له لا ينفك عنه أبدا كما في بعض الشبهات الحكمية ~~والموضوعية يدل بضميمة عدم الفصل بينه وبين سائر المشتبهات على طهارتها ~~كلها ، وإلا يلزم تخصيصه بلا مخصص ؛ ضرورة صدق عنوان الشيء على هذا المشتبه ~~كسائر الأشياء بلا تفاوت أصلا كما لا يخفى. # وليس التمسك به في ما اشتبه طهارته موضوعا تمسكا بالعام في الشبهة ~~المصداقية ؛ لأن التمسك به إنما هو لأجل دلالته على القاعدة وحكم المشكوك ~~على ما عرفت ، لا لأجل دلالته على حكم الشيء بعنوانه الواقعي كي يلزم ~~تخصيصه من هذه الحيثية بنجاسة بعض العناوين أو بعض الحالات ، ولا منافاة ~~بين جواز PageV02P516 # التمسك به للحكم بطهارة المشتبه من جهة ، وعدم جوازه من جهة أخرى كما لا يخفي. # ولا ضير في اختلاف الحكم بالنسبة إلى أفراد العام وصيرورته ظاهريا ~~بالنسبة إلى بعضها ، وواقعيا بالإضافة إلى بعضها الآخر ؛ لأن الاختلاف بذلك ~~إنما هو من اختلاف أفراد الموضوع ، لا من جهة الاختلاف في المعنى المحكوم ~~به ، بل هو بالمعنى الواحد والمفهوم الفارد يحمل على ما هو واحد يعم تلك ~~الأفراد على اختلافها كما هو أوضح من أن يخفى. # فلا مجال لتوهم لزوم استعمال اللفظ في المعنيين من ذلك أصلا ، فعلى ذلك ~~يكون دليلا بعمومه على طهارة الأشياء بما هي بعناوينها وبما هي مشتبه حكمها ~~مطلقا ms1103 ، بضميمة عدم الفصل في المشتبهات بين ما يلزمه الاشتباه وبين ما لا ~~يلزمه الاشتباه ، انتهى المقصود من كلامه ، رفع في الخلد مقامه. # وقد استشكل عليه شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته العالية ، وحاصل ما ~~استفيد من مجموع كلماته الشريفة أن الحكم الظاهرى لا بد من أخذ الشك في ~~الحكم الواقعي قيدا فيه إما في الموضوع أو المحمول أو النسبة ، وتكفل ~~الإنشاء الواحد للحكم الواقعي والظاهري المتعلق بالشك في الأول غير ممكن ~~على جميع وجوهه المذكورة. # أما جعل الشك طرفا للنسبة فقد تبين مما مر حاله ، وأما إدراجه في أحد ~~طرفيها فلأن النسبة لا محالة متأخرة عن الطرفين ، والشك في نفس هذه النسبة ~~متأخر عن هذه النسبة ، ولا يعقل أخذ المتأخر عن نفس النسبة في أحد طرفيها ، ~~فإنه تقدم الشيء على نفسه. # وأما الإطلاق الذاتي بمعنى وجود النسبة بين ذات الطرفين حتى في حال الشك ~~في هذه النسبة فلا يكفي في الحكم الظاهري ، وإلا فكل حكم واقعي لا بد أن ~~يكون مشتملا على حكم ظاهري ، هذا كله في النسبة الإنشائية. # وأما الإخبارية الحاكية عن النسب الإنشائية المتعلقة بالذوات بما هي ~~والمتعلقة PageV02P517 # بها بما هي مشكوك الحكم الواقعي بلفظ واحد جامع بينهما مع كون الطائفتين ~~مجعولتين بإنشاءين ، فهي بمكان من الإمكان ، كأن يقال : الأشياء كلها مجعول ~~في هذا الشرع طهارتها مطلقا في رتبة ذاتها ورتبة الشك في طهارتها حكما أو ~~موضوعا. أو يقال : مجعول فيها الطهارة بالأعم من الواقع والظاهر. # والأول دليل اجتهادي لا ينفع معه حكم الشك في الشبهة الحكمية ، والثاني ~~يسقط عن الدليل الاجتهادي ؛ لأنه بالفرض دليل على الأعم ، فينفع حكم الشك ~~في الشبهة المذكورة. # فانقدح بما ذكرنا أن ما ذكره قدسسره الشريف لا يتم ، لا بحمل نسبة القضية ~~على الإنشاء ، ولا بحملها على الإخبار ، أما الأول فلعدم المعقولية ، مع أن ~~قوله قدسسره على تقدير عدم كون الشك من حالات الشيء بكفاية شمول العموم ~~الفردي للشيء الذي يلزمه الاشتباه معناه كفاية تحقق الحكم المتعلق بذات ~~الشيء في حال الشك في الحكم ms1104 الظاهري ، فيرد عليه مع عدم صحته في نفسه أن ~~اللازم كما ذكرنا اشتمال كل حكم واقعي على ظاهري ، لثبوت الاطلاق الذاتي فيه. # وأما الثاني فلأن القضية على أحد الوجهين دليل اجتهادي ، ويلغو كونه ~~دليلا فقاهتيا في الشبهة الحكمية ، وعلى الآخر لا يلغو كونه فقاهتيا كذلك ، ~~لكن ليس دليلا اجتهاديا ، هذا. # وقد تبين من جميع ما ذكرنا أن القضية بصدرها وذيلها لكونها قضية واحدة لا ~~يفي إلا لبيان القاعدة أو الاستصحاب ، ودلالته على الاستمرار على تقدير ~~إرادة القاعدة ليس استصحابا ؛ لأنه في قضية «كل مشكوك طاهر» أيضا ثابت ؛ ~~لأن معناه أنه ما دام مشكوكا طاهر ، والتحقيق كما مر عدم كون مثل هذا ~~استصحابا ، لاعتبار الفراغ عن أصل الطهارة فيه مع عدمه هنا ، كما تقدم ~~تفصيل ذلك. # نعم الكلام الذي ذكرنا في «لا تنقض» في وجه إمكان إرادة الاستصحاب وقاعدة ~~تحصيل اليقين بالبراءة آت هنا أيضا حرفا بحرف في إمكان إرادة الاستصحاب ~~والقاعدة فراجع. PageV02P518 ### | الاحكام الوضعية # ثم إنه لا بأس بصرف الكلام هاهنا إلى تحقيق حال الوضع في كونه كالتكليف ~~مستقلا بالجعل أو منتزعا عن جعله ، أو فيه تفصيل؟ فنقول وبالله الاستعانة : # اعلم أن المعنى الجامع للتكليف والوضع كل شيء كان بيانه وظيفة للشارع ~~وكان هو المرجع عند الشك للسؤال عن حاله ، وبعبارة اخرى : ما تناله يد ~~الجعل ، سواء كان مجعولا بالاستقلال أم بتبع منشأ الانتزاع ، أم كان غير ~~مجعول ، بل أمرا واقعيا. كشف عنه الشارع. # وحيث كان الكشف وظيفة للشارع كالطهارة والنجاسة بناء على كونهما أمرين ~~واقعيين وحينئذ فتحقيق المقام يقتضي بسط الكلام في كل قسم من الوضع على حدة. # فمن الأحكام الوضعية السببية ، فاعلم أن هنا مطلبا لا يصح أن ينسب النزاع ~~فيه إلى أهل العلم ، وهو أن يكون الشيء الغير المرتبط ذاتا بشيء آخر بإنشاء ~~العلية فيه من دون أن يتفاوت بذلك في صفاته وذاتياته علة لذاك الشيء الآخر ~~ومؤثرا فيه تكوينا ، فإن العلية منوطة بالخصوصية القائمة بذات العلة ، وإلا ~~لأثر كل شيء فى كل شيء ، فمع وجود ذلك ms1105 الربط والعلقة يتحقق العلية وإن لم ~~ينشأ السببية ، ومع عدمها لا يتحقق وإن انشأت ألف مرة ، بل لا يقبل الجعل ~~بالاستقلال تكوينا أيضا فضلا عن التشريع. # ولهذا قيل : ما جعل الله المشمشة مشمشة بل خلقها ، نعم من الممكن أن يكون ~~نفس الجعل تمام السبب لأمر أو جزئه ، كما أن جعل الوجوب محرك عقلي تكويني ، PageV02P519 # فغير المعقول جعل السببية ، لا جعل كان هو السبب ، وهذا كله واضح لا ينسب ~~إلى عالم التفوه بخلافه. # فالذي ينبغي البحث فيه هنا أن يقال : إن من المسلم في ما بينهم قبول ~~التكليف للجعل ، ومن أفراده الوجوب ، والوجوب في مقابل الامكان ، والامتناع ~~عبارة عن ضرورية الوجود للماهية وانسداد العدم فيه وعدم تطرقه إليه ، وفي ~~الوجوبات بالغير عبارة عن وجوب وجود الإحراق مثلا بعد وجود علته التامة ، ~~فالإيجاب بمعنى إعطاء ضرورية الوجود من شأن العلة التامة العقلية ، فقالوا ~~: مرادنا بأن الوجوب شرعي ومجعول للشارع أن للمولى في مقام الأمر حالتين. # الاولى : الإرادة المظهرة ، وهذه بمجردها لا يكفي في الإيجاب ، إذ ربما ~~يريد الإنسان بالإرادة الأكيدة التي يدعو الله بغاية التضرع لإنجاحها صدور ~~فعل من الغير ، لكن بإرادة منه من دون استناد إلى إرادته حتى بنحو الداعي ~~إلى الداعي ، بحيث يكون المراد مقيدا بذلك ، ومن المعلوم عدم تحقق الإيجاب ~~حينئذ مع تحقق الارادة التي هى غاية مراتب الشوق. # والثانية : بعث العبد وتحريك عضلاته وإيجاد الداعي في نفسه وتحميل الفعل ~~عليه ، وفي هذه المرتبة المتحقق في نظر الآمر هو الالتزام بالتصاق الوجود ~~وارتباطه بحيث لا يتطرق إليه العدم بماهية الفعل ، فهو في قوله : «أوجد ~~كذا» قد ربط الوجود بكذا ، وهذا هو الإيجاب الشرعي الذي هو تتميم العلة ~~للوجود من قبله وسد باب العدم في نظره. وبعبارة بعض الأكابر : إيجاد ~~بالعناية. # فقد اكتفوا في باب جعل الوجوب مع أنه من شأن العلة التامة العقلية بهذا ~~المعنى الذي سموه بالوجوب الشرعي الذي هو وجوب الوجود بنظره ومن قبله ، ولم ~~يرقبوا منه تحقق الوجوب العقلي حتى يصير من المحالات. # والمدعى في المقام ms1106 أنه ما الفرق في هذه الجهة عند هؤلاء بين جعل الوجوب و PageV02P520 # جعل السببية ، حيث تلقوا الأول بالقبول ، والثاني بالإنكار الشديد ، ~~وترقبوا فيه حصول السببية العقلية ، مع أنه فيها أيضا يجيء نظير ما ذكروه ~~في جعل الوجوب ، وهو أن يقال : إن المولى قد جعل في نظره لزوم وجود فعل كذا ~~عقيب وجود أمر كذا ، بحيث رأى الترتب لوجود الأول على الثاني لا لوجوبه. ~~كما لو جعل بالعناية والبناء القلبي هذا المعنى بين وقوع الكلب في البئر ~~ونزح أربعين دلوا ، وأثر هذا الجعل وفائدته أنه يلزم عقلا على العبد أن ~~يصير خادما لهذا السبب الجعلي بترتيب مسببه عليه ، كما صار فائدة جعل ~~الوجوب لزوم أن يصير خادما للوجوب النظري بإعطاء الوجود للفعل. # ولشيخنا المرتضى في بحث منزوحات البئر في تقريب الأصل على عدم تداخل ~~الأسباب كلام يظهر منه تسليم هذا فراجع. # وبالجملة ، فكما اكتفوا في جعل الوجوب بحصول الوجوب النظري الشرعي وقالوا ~~: هو أمر اعتباري نفس أمري منشائه هذا الجعل والعناية ، فلا بد أن يكتفوا ~~بمثله في هذا المقام، ولا يترقبوا حصول الربط الواقعي العقلي ، ويقولوا أن ~~هذا أيضا أمر اعتباري نفس أمري منشائه هذا الجعل والعناية. # ثم هذا جعل للسببية بالاستقلال وللوجوب الشرعي بالتبع ؛ إذ بواسطة قول ~~الشارع : جعلت الملازمة بين وجود الكلب في البئر وتعقب نزح الأربعين ، ~~ينتزع الوجوب للنزح ويقال: إنه واجب شرعي. # والعكس أيضا ممكن ، بأن يتعلق الجعل بالاستقلال بالتكليف وينتزع منه ~~السببية لشيء حتى في السببية العقلية ، وهذا كما إذا علق وجوب الفعل على ~~حصول أمر ، كما لو قال : أكرم زيدا إن جاءك ، فإن هذا جعل ابتدائي للوجوب ~~المشروط ، ولازمه صيرورة المعلق عليه وهو المجيء الذي علق عليه وجوب ~~الإكرام علة عقلية لمحركية الأمر المشروط ؛ فإن إناطة الأمر بفرض حصول ~~المجيء أن يكون مؤثرية PageV02P521 # هذا الأمر ومحركيته متوقفة على حصول المجيء في الخارج ، ولا يكون له ~~تحريك في غير حاله. # وليس هذا منافيا لما قدمنا من استنكار كون العلية العقلية قابلة للجعل ، ~~فإن المراد هناك أن ms1107 يصير ذات الشيء بواسطة جعل السببية فيه سببا وعلة من ~~غير أن يصير موضوع السببية هو الشيء المجعول ، بل ذاته ، والمراد هنا أن ~~يكون الشيء المجعول عنده الوجوب من لوازمه الذاتية عقلا هو التأثير في ~~محركية ذلك الوجوب بحيث يكون هذا له بوصف الجعل ، فشأن الجاعل إيجاد موضوع ~~هذه الكبرى العقلية وجعله متعلقا بالوجوب لا بالسببية ، لكن اللازم منه ~~عقلا تحقق السببية العقلية للمجيء. # وهذا هو المراد بالجعل التبعي ، كما هو المتحقق في جعل الشرطية والجزئية ~~للمأمور به عند من يقول بكونهما مجعولتين بتبع جعل التكليف ، فلم نعلم ما ~~وجه إنكاره لمثله في السببية للتكليف مع أنه بعينه جاء في السببية. # وأما إشكال الدور بتقريب أنه لا يعقل تأثير ما هو المتأخر عن المعلق عليه ~~وهو التكليف في إعطاء السببية للمعلق عليه بالنسبة إلى نفسه ، كما لا يعقل ~~تأثيره في وجوده ، فإنه دور محال فغير لازم ؛ لأن هنا وجودين ، أحدهما ~~الوجوب المشروط وهو حاصل قبل المجيء ، والآخر الوجوب المطلق وهو معلول ~~المجيء ، وإن شئت فعبر عنهما بفعلية الوجوب وفاعليته ، كما عبرنا آنفا. # فتعليق المرتبة الاولى على المجيء صار سببا لصيرورة المجيء سببا للمرتبة ~~الاخرى ، فلم يؤثر المعلق في المعلق عليه ، وإنما أثر في سببية المعلق عليه. # نعم لو كانت السببية هي المعلق عليه لزم الدور ، ولا أثر المعلق في ~~المعلق عليه سببيته لنفس المعلق حتى يلزم الدور أيضا ، وإنما أثر في سببيته ~~لشيء آخر ، هذا تمام الكلام في السببية ، ويعلم منها الحال في الشرطية ~~والمانعية للتكليف. PageV02P522 # وأما الشرطية والجزئية للمأمور به فالحق عدم كونهما قابلتين للجعل أصلا ~~لا استقلالا ولا تبعا. # أما الأول فواضح ، فإذا أمر بالصلاة مثلا مطلقا ، ثم جعل الطهارة شرطا ~~لها ، فهذا غير معقول ؛ لأنه تصرف في مرحلة الامتثال ، وهو محال ، فلا يعقل ~~جعل امتثال الأمر بالصلاة هي الصلاة مع الطهارة. # وأما الثاني فلأن مفهوم الصلاة مع الطهارة قبل تعلق الأمر بها مفهوم ~~يتوقف وجوده على وجود الطهارة ، فلا تأثير في الأمر في حصول الشرطية ، وليس ~~مجرد ms1108 تصور هذا المفهوم جعلا للشرطية ، وإلا لزم أن يكون تصور الإنسان أيضا ~~جعلا للجزئية في الحيوان والناطق. # وبالجملة ، ليس شأن التصور إلا رؤية المفهوم ، لا جعل الشرطية والجزئية ~~لشرطه وجزئه ، بل هما ذاتيتان للمتصور لا يعقل انفكاكهما عنهما ، كما أن ~~المفهوم الخالي عن الجزء والشرط لا يعقل إثباتهما له. # وحينئذ فالأمر إذا تعلق بهذا المتصور لا يؤثر شيئا إلا إضافة تلك الشرطية ~~والجزئية المحققتين إلى عنوان المأمور به ، لا أنه يصير منشئا لانتزاع ~~نفسهما كما هو المقصود بالجعل التبعي. # فإن قلت : ما ذكرته في المقيد تام ، وأما المركب فالتركب فيه لا بد له ، ~~حيث إنه ذاتا كثرات من ملاك ، وهو أحد من ثلاثة امور : وحدة الأمر ، ووحدة ~~اللحاظ ، ووحدة الغرض ، وانتزاع الكلية والجزئية إنما هو فرع رؤية ما به ~~الوحدة ، وحيث إن الوحدة اللحاظية ولا العرضية ليستا بملحوظتين للأمر فلا ~~يعلق أمره بما اخذ فيه احدى هاتين الوحدتين ، وإنما تعلقه بنفس الكثرات ، ~~فينحصر أن يكون ما به الوحدة هو الأمر ، فليس الجامع لشتات الأجزاء إلا ~~الأمر ، وهذا معنى كون الجزئية مجعولة بتبع الأمر والتكليف. PageV02P523 # قلت : ما هو متعلق للحاظ الواحد أيضا واحد وليس بكثرات ، وتوضيح ذلك أن ~~الحالات والصفات التي تتولد وتنشأ للملحوظ بتوسط اللحاظ ، مثل آلية ~~الابتداء مثلا واستقلاليته ، وتجريد الإنسان مثلا عن الخصوصيات إذا قطع ~~النظر عن اللحاظ ولم يلاحظ على وجه الاستقلال ، فتلك الحالات كيفيات ثابتة ~~للملحوظ في ظرف التقرر ، أعني ظرف التجريد عن الذهن والخارج. # فنقول في مقامنا : العشرة المتكثرة الوجود في الخارج إذا لوحظت بلحاظ ~~واحد فقد وجدت في الذهن بوجود واحد ، ولا ينسلب عنه هذه الوحدة بواسطة عدم ~~رؤيتنا الوجود الذهني استقلالا ، بل تبعا ومرآتا ، فعدم الروية الاستقلالية ~~لا ينافي مع الثبوت الواقعي ، فالملحوظ واقعا ذو عشرة أجزاء ولو لم يمكننا ~~في هذا اللحاظ الحكم بالكلية والجزئية ، ولهذا لا يقبل إلا إشارة واحدة ، ~~كما أن وصف التجريد حالة ثابتة للإنسان حتى مع تجريده عن اللحاظ ، مع أنه ~~ليس إلا من قبله ، ولهذا يقبل الحكم ms1109 بالكلية دون الجزئية. # ومن الأحكام الوضعية الصحة والفساد ، بمعنى موافقة المأتي به للمأمور به ~~ومخالفته له ، وهذا المعنى كنفس المأمور بهية من الامور المنتزعة عن ~~التكليف ، ولو جعلناهما بمعنى التمام والنقص فحالهما حال الجزئية والشرطية ~~في عدم الانتزاع عن التكليف. # ومنها : الحجية ، والمراد بها كون الشيء بحيث يعذر العبد بسببه تارة ، ~~ويعذر المولى اخرى ، وهذا المعنى لا يمكن أن يكون له واقع مع قطع النظر عن ~~العلم ، لا بمعنى أن العلم بهذا المعنى مقوم لأصل المعنى ، كيف وهو الدور ~~المحال ، بل بمعنى أن العلم بالتكليف هو المعذر والمنجز ، ولا يمكن حصول ~~العذر والتنجيز مع الجهل بالتكليف وجعل الحجية رأسا ، ولو كانت الحجية ~~بالمعنى المذكور قابلة للجعل يلزم وقوع الإنسان مع عدم اطلاعه بالواقع ولا ~~جعل خبر الواحد مثلا حجة في محذور استحقاق العقوبة ، أو في استراحة ~~المعذورية. # فإن قيل بتخصيص الحجية بظرف العلم بالجعل فإن اريد أن العلم كان مقوما لها PageV02P524 # فهو الدور المحال ، وإن اريد كون العلم كاشفا فهو وإن سلم عن محذور الدور ~~بأن يكون الجاعل قد خصص من الابتداء جعله بمن يعلم لكنه غير سالم عن ~~المحذور الذي أشرنا إليه من عدم دخالة العلم في المعذورية وعدمها وكونه ~~كالحجر المضموم. # نعم هنا معنى آخر نظير ما قلنا في جعل السببية والوجوب ، وهو سد باب عدم ~~المعذورية أو المعذورية من قبل المولى ، فلا ينافي اشتراط حصوله وفعليته ~~عقلا بالعلم. # وبعبارة اخرى : العلم بهذا المعنى هو المعذر الواقعي ، وخبر الواحد مثلا ~~هو المعذر الإنشائي ، فتكون الحجية كالملكية اعتبارا من الاعتباريات خفيف ~~المئونة قابلا للجعل والإنشاء ، وفائدة هذا الإنشاء أن العلم به يصير معذرا ~~كالعلم بالتكليف ، فلا ينحصر الأمر في الأمارات والطرق بجعل الأمر بالاتباع ~~، بل يحصل المقصود بجعل الحجية كما ذهب إليه بعض الأساطين قدس أسرارهم. # فإن قلت : بل لا محيص عن القول بجعل الحجية ، فإن الأمر الطريقي على فرض ~~القول به ، معناه عدم الأمر في تقدير المخالفة وعدم الإصابة ، لا بمعنى ~~تقييد الأمر بالإصابة، بل بمعنى إلغائه في ms1110 الذهن عدم الإصابة والالتزام ~~القلبي بكونه دائم المطابقة ، فلا يسري الأمر إلى حال عدم الإصابة ، فإذا ~~صارت حال الإصابة والعدم مشكوكة فلا محالة يكون الأمر مشكوكا ، فلا علم ~~بالأمر ولا بالحجية حسب الفرض. # قلت : يتم المقصود بجعل الطريقية كما قررته ، حيث انسد باب عدم الإصابة ~~شرعا ، والتزم بالإصابة كذلك والأمر في فرض الإصابة مقطوع ، فالحاجة على ~~هذا القول انما هي إلى جعل الطريقية دون الحجية ، وبينهما بون بعيد. # ومنها : الملكية والزوجية والحرية والرقية وهذه الأحكام غير قابلة ~~للانتزاع عن التكاليف المتعلقة بعناوينها ، للزوم تأخر الموضوع عن الحكم ، ~~نعم يمكن انتزاع الملكية عن الأحكام المتعلقة بغير عنوانها ، كما لو ابيح ~~جميع التصرفات من الناقلة وغيرها للإنسان في مال ، فإنه ينتزع من هذه ~~الاباحة ، الملكية ، وأما في مثل : «الناس مسلطون على أموالهم» فلا يمكن ~~كون المحمول محققا لإضافة المال إلى الناس. # هذا تمام الكلام في الأحكام الوضعية ، والله تعالى هو الهادي للصواب في ~~كل باب. PageV02P525 ### | في ما يتعلق باستصحاب الكلي في القسم الأول منه. (1) # اعلم أنه لا إشكال في عدم الاستغناء باستصحاب الكلي عن استصحاب الفرد لو ~~كان للفرد أيضا أثر ؛ لأنه مثبت ، وإنما الكلام في العكس وهو الاستغناء ~~باستصحاب الفرد عن استصحاب الكلي. # والحق هنا هو التفصيل بين ما إذا اخذ الجامع بلحاظ وجوداته الخارجية ~~السارية ، كما في عروض الحرارة لطبيعة النار فيغني ، وبين ما إذا اخذ بلحاظ ~~صرف الوجود المجزي عن جميع الخصوصيات وعن الوحدة والكثرة ، كما في عروض ~~الكلية لطبيعة الإنسان مثلا فلا يغني. # أما الإغناء في الأول ؛ فلأن الطبيعة بطبعها يكون في الخارج مع كل فرد ~~فرد متحدة ، ومندمجا كل في الآخر ، بحيث لا ميز أصلا بينهما ، فإذا جاءت في ~~الذهن محفوظا لها هذا الطبع ومن دون تصرف من الذهن وتغيير في حالتها ~~الأصلية ، فكل عرض ألصق بها في هذا اللحاظ فهو يسري إلى كل فرد فرد. # وإن شئت قلت : كل فرد فرد على ما هو عليه من عدم الميز لخصوصيته مع ~~الطبيعة وكونه معها شيئا واحدا ملحوظ ms1111 إجمالي ، فيتعلق الحكم بكل فرد ابتداء ~~، غاية الأمر بعلية الطبيعة ، فالطبيعة حيثية تعليلية ، فالحكم في الحقيقة ~~يلصق بذات الزيد والعمر والبكر لعلة كونها إنسانا مثلا ، فيكون ذات الزيد ~~مثلا ذا أثرين ، أحدهما ما رتب عليه بعلية الإنسانية ، والآخر ما رتب عليه ~~لخصوصية الزيدية ، فيكون الاستصحاب في الفرد متكفلا لكلا أثريه. # وأما عدم الإغناء في الثاني فلأن الذهن قد حلل الخصوصيات عن الطبيعة ~~المندمجة فيها وأخذ الطبيعة ، وألغى الخصوصيات ، فالطبيعة في هذا اللحاظ ~~متصفة بوصف التعرية والتجريد ، لا بمعني أنها اخذت مقيدة بالتجريد ، فإن ~~الإنسان بقيد PageV02P526 # التجريد عن الخصوصيات الخارجية كلي عقلي مباين مع الخارج ، بل بمعنى أنها ~~يكون من حالاتها واقع التجريد وما هو بالحمل الشائع تجريد ، وإذا كان هذا ~~حاله فلا محالة يغاير مع ما ليس ذا بحاله ، كما أن الجسم الخارجي الأبيض ~~يباين مع اللاأبيض. # ثم هذه الحالة العارضة في الذهن لها مدخلية في عروض الحكم ، بمعنى أنه لو ~~تبدلت بضدها وهو حالة المحفوفية والاندماج مع الأفراد لا يتصف بالمطلوبية ، ~~كما لا يتصف بالكلية ، وكما لا يسري عرض الكلية إلى الأشخاص ، فكذلك هنا ~~أيضا الشخص الأول المنطبق عليه صرف الوجود لا يسري إليه عرض المطلوبية ، ~~ولا يلزم عدم حصول الامتثال ؛ لأن المعروض وهو نفس الطبيعة المطلوبة منطبق ~~على أول الوجود ؛ لفرض عدم تقييده بالتجريد ، وإنما لا يسري عرضه ؛ لأن ~~لحوقه في لحاظ التجريد. # فكما أن الإنسان بذاته ينطبق على الزيد لا بوصف الكلية ، فكذا هنا أيضا ~~الطبيعة بذاتها منطبقة على أول الوجود لا بوصف المطلوبية ، وهذا يكفي في ~~صدق الامتثال ، وكما يقال : الكلية خاصة للإنسان لا ربط لها بالزيد ، ~~والجزئية خاصة الزيد لا ربط لها بالإنسان ، فكذلك يقال بالنسبة إلى العرض ~~اللاحق شرعا للإنسان مثلا في لحاظ التجريد : أنه خاصته وغير مرتبط بالزيد ، ~~كما أن حكم الزيد غير مرتبط بالإنسان بهذا اللحاظ ، فلهذا لا يكفي استصحاب ~~الفرد في ترتب أثر الجامع بهذا المعنى. ### | في ما يتعلق باستصحاب الكلي في القسم الثاني. # اعلم أنه لا إشكال في تحقق أركان ms1112 الاستصحاب في الكلي في هذا القسم ، كما ~~هو واضح ، ولكن هنا تفصيلا ، وهو أن الجامع قد يكون عقليا ، يعني ليس ~~محققاته وتشخيص أنه بم يتحقق من وظيفة الشارع ، كالحيوان ، فلا إشكال في ~~هذا القسم عند تردد فرده الموجود بين الطويل والقصير في استصحابه والشك في ~~بقائه لو قلنا PageV02P527 # بأنه متسبب ومترتب على الشك في وجود الفرد الطويل ، لكن استصحاب عدم ذلك ~~الفرد بضميمة القطع من الخارج بانتفاء سائر الأفراد ليرتب عليه نفي أصل ~~الجامع لا إشكال في كونه من الاصول المثبتة ؛ لأن ترتيب عدم الحيوان مثلا ~~على انعدام جميع أفراده عقلي لا شرعي. # وقد يكون شرعيا ، يعني بيان محققاته وأنه بم يتحقق يكون من وظيفة الشرع ، ~~وحينئذ أيضا قد يكون البيان الوارد من الشرع متكفلا لبعض محققاته مع عدم ~~التعرض لنفي غيرها ، كما إذا علمنا منه أن الحدث يتحقق بالبول والغائط ~~والمني ، ولم نعلم الانحصار ، فلا شبهة أنه عند القطع بانتفاء هذه الثلاثة ~~أيضا ليس لنا الجزم بانتفاء أصل جامع الحدث الذي فرضناه مانعا عن الصلاة ، ~~إذ هذا القطع لا يفيدنا أزيد من انتفاء هذا الجامع من قبل هذه الأشياء ، ~~ونحن نحتمل وجوده من قبل أشياء أخر كالمذي ونحوه ، فمع إحراز عدم هذه ~~الأشياء كلا أو بعضا بالأصل لا يمكن الحكم بانعدام الجامع كليا بطريق أولى. # وقد يكون البيان الواصل متكفلا لكلي طرفي القضية من الثبوت عند الثبوت ، ~~والانتفاء عند الانتفاء ، كما لو فرض في البيان اللفظي أنه اقتصر على ~~الثلاثة ، وقال : إذا حدث أحد هذه الامور فأنت محدث ، وكان في مقام البيان ~~، فإن المفهوم منه أنه إذا لم يحدث أحدها فلست بمحدث. # ففي هذه الصورة هل الحكم بانتفاء أصل جامع الحدث مرتبا على استصحاب عدم ~~هذه الامور كلا أو بعضا مع إحراز عدم الباقي وجدانا يكون مبنيا على الأصل ~~المثبت أو لا؟. # غاية تقريب الأول أن الشارع بين علية هذه الأشياء للحدث وانحصار العلية ~~بها أيضا ، وأما الحكم بأن المعلول عدم عند عدم علته المنحصرة فمن وظيفة ~~العقل ليس ms1113 إلا. # وهذا مدفوع بأن الذي تكفله الشرع نفس تطبيق الجامع عند الوجود ، ورفعه ~~عند العدم ، لا بيان العلية المنحصرة بما هي هذا العنوان ، فكما لا يتوقف في طرف PageV02P528 # الوجود في ترتيب وجود الجامع على الأصل المنقح لوجود أحد الأشياء ، فكذلك ~~في جانب العدم. # فكما أنا لو كنا قاطعين بخروج البول وعدم خروج المني ، ثم توضينا فنحكم ~~بارتفاع أصل الحدث عنا بحكم الشارع ، كذلك لو قطعنا بخروج البول وشككنا في ~~خروج المني بعده، فنحن نجري استصحاب عدم خروج المني فإذا توضينا كان الحكم ~~بعدم المحدثية من شأن الشارع. # فإن قلت : سلمنا أن حكم الشارع ليس على عنوان العلية ، بل بتطبيق ذات ~~المعلول عند وجود ذات العلة ، لكن نقول : كل من هذه الأشياء إنما يتعقبه ~~حصة من جامع الحدث ، غاية الأمر أن الحصة مشتملة على أصل الجامع ، وحينئذ ~~فالمتحصل من نفيها نفي الحصص ، وترتيب نفي الجامع بنفي الحصص عقلي. # قلت : وإن كان الجامع لا يتحقق إلا في ضمن الفرد ، ولكن الشيء يؤثر في ~~حقيقة الأثر ، مثلا النار إنما يؤثر في حقيقة الإحراق ، لا في الإحراق ~~الخاص بخصوصية كونه من قبل هذه النار الشخصية ، وكذلك مفاد القضية اللفظية ~~أو اللبية في مقامنا ترتيب أصل حقيقة الحدث على كل واحد من الامور. # فإن قلت : هذا لا يتأتى في ما إذا كان المسبب من هذه الامور مختلفا ~~بالشدة والضعف ولو كان حقيقة واحدة ، وذلك مثل الدم والبول ، حيث إن الأول ~~مؤثر في الحد الضعيف من النجاسة المرتفع بالغسل مرة ، والثانى في القوي ~~منها المتوقف رفعه على الغسل مرتين ؛ فإن نفي أصل الحقيقة بانتفاء مراتبها عقلي. # قلت : ليست المراتب منتزعة من أمر خارج عن أصل الحقيقة ، فالنور الشديد ~~ليس ما به الامتياز فيه عن النور الضعيف إلا من جنس النور ، لا أنه نور ~~وشيء آخر ، فزيادة التأثير لا يخرجه عن التأثير في أصل الحقيقة. # فإن قلت : سلمنا كل ذلك ، ولكن استصحاب عدم موجب الحدث الأكبر مثلا ~~بضميمة القطع بأنه لو لم يحدث الأكبر في الموارد الخاص ms1114 بحدث الأصغر وارتفع ~~يفيد الحكم بانتفاء حقيقة الحدث ، ولكنه غير قاض بارتفاعها ، وقد كان ~~الموضوع PageV02P529 # للاستصحاب في جانب الكلي أعني حقيقة الحدث هو الشك في البقاء والارتفاع ، ~~أعني منشأ انتزاعهما ، وهو الوجود بعد الوجود والعدم بعد الوجود ، لا هما ~~بما هما. # وهذا مراد شيخنا المرتضى قدسسره الشريف حيث قال : وتوهم عدم جريان الأصل ~~في القدر المشترك من حيث دورانه بين ما هو مقطوع الانتفاء وما هو مشكوك ~~الحدوث محكوم الانتفاء بحكم الأصل ، مدفوع بأنه لا يقدح ذلك في استصحابه ~~بعد فرض الشك في بقائه وارتفاعه. # كتوهم كون الشك في بقائه مسببا عن الشك في حدوث ذلك المشكوك الحدوث ، ~~فإذا حكم بأصالة عدم حدوثه لزمه ارتفاع القدر المشترك ، لأنه من آثاره ، ~~فإن ارتفاع القدر المشترك من لوازم كون الحادث ذلك الأمر المقطوع الارتفاع ~~، لا من لوازم عدم حدوث الأمر الآخر ، نعم اللازم من عدم حدوثه هو عدم وجود ~~ما هو في ضمنه من القدر المشترك في الزمان الثاني ، لا ارتفاع القدر ~~المشترك بين الأمرين ، وبينهما فرق واضح ، انتهى كلامه ، رفع في الخلد مقامه. # وبالجملة ، الحاكم المتوهم هنا لا يرفع التحير عن الواقع في مورد المحكوم ~~، فإن مورد استصحاب بقاء أصل الحدث الذي هو المحكوم هو الشك في بقاء ~~وارتفاع أصل الحدث ، ويحكم في هذا الموضوع بالبناء على البقاء وعدم ~~الانقطاع. # والحاكم على هذا الأصل لا بد أن يرفع التحير عن أحد الأمرين من بقاء ~~حقيقة الحدث أو ارتفاعه ناظرا إلى إلغاء الشك في بقائه وارتفاعه ، بأن يكون ~~واردا في موضوع الشك في سبب البقاء والارتفاع ، وهو الأصل المحرز ؛ لكون ~~الحادث موجب الأصغر ، فإنه رافع للشك في الارتفاع بعد الوضوء. # وأما ما جعلته حاكما وهو استصحاب عدم حدوث موجب الأكبر ، فغاية ما يرفع ~~التحير عنه هو عدم وجود ما في ضمن الأكبر من حقيقة الحدث ، هذا لو لوحظ بنفسه. # ولو ضم إليه الوجدان الخارجي أعني أنه لو لم يحدث هو لحدث الأصغر وارتفع ~~، فكلاهما يرفع التحير عن عدم وجود أصل حقيقة الحدث ms1115 ، وهو أعم من PageV02P530 # ارتفاعه ، فالشك في بقاء وارتفاع أصل الحقيقة باق بحالة لم يتكفل لرفعه ~~حاكم ، ومجرد كون هذا الأصل ليس في موضوع الشك في بقاء وارتفاع الكلي ، ~~وإنما هو في موضوع الشك في حدوث وعدم حدوث الفرد الأكبر ، ويحكم بعدم الكلي ~~لا ينفع في الحكومة. # نعم لازم عدم الحقيقة في خصوص المورد ارتفاعها ، لكن هذا إثبات لأحد ~~المتلازمين بالآخر ، ويخرج عن باب الانتقال من السبب إلى مسببه. # والحاصل أنا سلمنا السببية والمسببية شرعا بين عدم الأسباب الخاصة وعدم ~~الحدث بتقريب ذكرت ، وسلمنا أن أصالة عدم موجب الأكبر في المثال ، أعني ما ~~إذا خرج من المتطهر عن الحدثين رطوبة مرددة بين البول والمني يترتب عليها ~~عدم أصل الحدث لا الحدث في ضمنه ، بملاحظة ما ذكرت من ضم الوجدان إلى هذا ~~التعبد ، لكن لا يلزم منها رفع الشك في البقاء والارتفاع الذي هو الموضوع ~~للأصل في جانب الكلي. # وهذا بخلاف الحال في مثل استصحاب الطهارة في الماء المغسول به الثوب ~~النجس ؛ فإنه يرفع موضوع الاستصحاب في الثوب ، وهو الشك في بقاء النجاسة ~~وارتفاعها بواسطة الحكم بارتفاعها. # قلت : بعد تسليم كون المعتبر في الاستصحاب هو الشك في البقاء والارتفاع ، ~~والغض عن أنه ليس المعتبر إلا الشك في الوجود والعدم في زمان بعد القطع ~~بالوجود قبله ، سلمنا اعتبار البقاء ، لكن ليس المعتبر أن يكون عدله هو ~~الارتفاع ، بل يكفي الشك في البقاء وعدم البقاء أن الأصل المنقح لعدم أصل ~~الكلي كاف لرفع الشك في البقاء والارتفاع ؛ لأن العدم في الزمان الثاني لا ~~شبهة أنه نقيض البقاء ، والأصل المحرز لأحد النقيضين رافع للشك في النقيض ~~الآخر ، وإذا ارتفع الشك في البقاء يرتفع موضوع الاستصحاب في جانب الكلي ؛ ~~لأنه الشك في البقاء والارتفاع ، وهو يرتفع بارتفاع أحد عدليه ولو مع بقاء ~~التحير بالنسبة إلى العدل الآخر وهو الارتفاع ، فتدبر. PageV02P531 ### | في ما يتعلق باستصحاب الكلي في القسم الثالث. # اعلم أولا أن محل الكلام ما إذا رتب الأثر في الدليل على صرف وجود ~~الطبيعة المعرى عن خصوصية ms1116 جميع الأفراد ، وعن خصوصية الحدوث والبقاء ، كما ~~إذا ورد : إذا كان الإنسان موجودا في الدار فافعل كذا. # وحينئذ نقول : لا يمكن الاستشكال في أنه في صورة القطع بوجود زيد ~~وارتفاعه واحتمال حدوث عمرو في الدار مقارنا لارتفاعه قد وقعت قضية ~~«الإنسان موجود» في الزمان الأول مقطوعة ، وفي الزمان الثاني المتصل بالأول ~~والغير المتخلل بينهما بزمان مشكوكة. # ولا يمكن القول بأن ما قطع بحدوثه وارتفاعه حصة من وجود الإنسان ، وما ~~يحتمل حدوثه في الآن المقارن لارتفاع الأول حصة اخرى ، وليس لنا معنى واحد ~~محفوظ في كلا المقامين موجود في الخارج. # نعم هذا المعنى عند التحليل الذهني يكون موجودا في الذهن ، وأما الخارج ~~فحيث إن الوجود فيه مساوق مع التشخص فلا محالة تكون الطبيعة فيه مرهونة ~~بالتشخص ، وليس لها وراء وجود التشخصات وجود آخر لم يكن مرهونا بالتشخص ، ~~فإذا ارتفع فرد خارجي فقد انعدم بما فيه ، وإذا حدث فرد فقد حدث بما فيه ، ~~فلم يجتمع اليقين بالحدوث والشك في الارتفاع بأمر واحد في الخارج. # وذلك لأنا نقطع بأن بين تلك الوجودات جامعا وليست متباينة بالكنه ، وهو ~~أمر خارجي متحد معها منطبق عليها ، فالذي ينتزعه العقل بذاته موجود في ~~الخارج ، نعم بوصف تجرده غير موجود. # وعلى هذا فذلك المعنى إذا انعدام أحد تلك الوجودات لا ينعدم ولا يصح نسبة ~~العدم المطلق إليه إلا بعد انعدام تمام تلك الوجودات ، وإذن فإذا قطع بوجود ~~زيد في الآن الأول وارتفاعه في الثاني ووجود عمر ومكانه في الآن الثاني ، ~~فالقطع بوجود الإنسان قد تعلق بشيء واحد في كلا الآنين ، فكذلك لو شك في ~~وجود عمر ومقارنا PageV02P532 # لارتفاع زيد ، فالقطع والشك بملاحظة الزمانين قد تعلقا بأمر واحد خارجي ، ~~وإنكار هذا لا يليق صدوره من العالم. # نعم هنا مطلب آخر وهو أن يدعى أن موضوع الأثر الواقعي وإن كان نفس وجود ~~الطبيعة المعرى من جميع التشخصات ، ومن القلة والكثرة ومن الحدوث والبقاء ، ~~ولكن قد اخذ في موضوع الاستصحاب كون الشك متعلقا ببقاء ما كان في السابق. # وفي المثال المفروض ms1117 أعني ما إذا قطع بوجود زيد في زمان وارتفاعه بعده ، ~~واحتمال حدوث عمرو مقارنا له مع عدم تخلل زمان بين الزمانين وإن كانت هنا ~~قضية واحدة تحت اليقين والشك بملاحظة الزمانين ، بمعنى أخذ الزمانين ظرفا ~~لمتعلق اليقين والشك ، لا لنفسهما ، لكن ليس هذا ملازما مع الشك بعنوان ~~بقاء الكلي. # وجه العدم أنه لا يمكن انتزاع الشيء من وجود أمرين كلاهما ضدان منافيان ~~له ، وفي المقام ، المفروض أن زيدا قد ارتفع ، وعمروا على فرض الوقوع قد ~~حدث ، وكل من الارتفاع والحدوث أمر منافر مع البقاء ، فكيف يؤخذ من هذين ~~المنافرين عنوان البقاء ويسند إلى الطبيعة. # فإن قلت : فإذا لم يسند البقاء فلا بد من صحة إسناد الارتفاع إليها ، ~~وهذا التزام بانتفاء الطبيعة مع عدم انتفاء جميع أفرادها. # قلت : فرق بين الارتفاع والانتفاء ، فإن الأول صفة وجودية ؛ إذ هو عبارة ~~عن انعدام الوجود السابق في الآن اللاحق ، فخصوصية الوجود السابق مأخوذ فيه ~~، وأما الثاني فهو مطلق الانعدام في مقابل أصل الوجود. # بقي أنا نرى صحة إطلاق البقاء في أمثال هذه الموارد ، ألا ترى صحة قولنا ~~: نوع الإنسان باق من لدن خلقة آدم على نبينا وآله و عليه السلام إلى يومنا هذا؟. # ويمكن الجواب بأنه مبني على المسامحة ، وتنزيل تلك الوجودات المتغايرة ~~بمنزلة وجود واحد ممتد ، نظير المسامحة في بقاء الزمان مع كونه غير قار الذات. # وعلى هذا فتفصيل شيخنا المرتضى قدسسره الشريف بين ما إذا احتمل حدوث ~~الفرد الآخر مقارنا لزوال الفرد المقطوع ، فلا يجرى استصحاب الكلي ، وبين ~~ما إذا احتمل وجود فرد آخر مقارنا لوجود ذلك المقطوع ، واحتمل بقائه بعد PageV02P533 # ارتفاعه ، فيجري استصحابه يكون متوجها ، هذا. # ولكن الحق خلاف الدعوى المذكورة ، فإن تعريف القوم بأن الاستصحاب إبقاء ~~ما كان وإن كان يساعدها ، ولكن ليس في الأخبار ما يستظهر منه هذا القيد ؛ ~~فإن المستفاد منها ليس بأزيد من توارد اليقين والشك على أمر واحد ولو لم ~~ينطبق عليه في الآن الثاني البقاء ، كما في الزمان والزماني ، إذ لو لم ~~يعامل في الآن ms1118 الثاني حينئذ معاملته في الآن الأول يصدق أنه نقض يقينه عملا. # وهذا هو المعيار في جريانه ، وهو مطرد مع وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة ~~ولو لم يكن في البين بقاء ، هذا هو الكلام في جريان الاستصحاب بحسب الذات. # وأما فعليته فمبني على عدم محكوميته باستصحاب عدم حدوث الفرد المحتمل ~~الحدوث مقارنا لوجود مقطوع الزوال أو لزواله وقد عرفت أن هذا الاستصحاب ~~حاكم في الجوامع الشرعية. # وعلى هذا فلو غسل الثوب المتنجس بالدم مره ، واحتمل ملاقاته مع البول في ~~حال تنجسه بالدم أو مقارنا للغسل مرة ، فاستصحاب أصل النجاسة ليرتب عليه ~~المانعية للصلاة وإن كان جاريا ذاتا ، ولكن استصحاب عدم ملاقاة البول يرفع ~~هذا الشك ، ويترتب عليه بعد وجدان حدوث الدم أن الغسل مرة كاف لطهارة المحل ~~وارتفاع نجاسته ، وهذا واضح من التقرير السابق ، فراجع. # ثم إن شيخنا المرتضى بعد ما اختار التفصيل المتقدم قال : ويستثنى من عدم ~~الجريان في القسم الثاني ما يتسامح فيه العرف ، فيعدون الفرد اللاحق مع ~~الفرد السابق كالمستمر الواحد ، مثل ما لو علم السواد الشديد في محل وشك في ~~تبدله بالبياض أو بسواد أضعف من الأول ، فإنه يستصحب السواد ، إلى أن قال : ~~وبالجملة ، فالعبرة في جريان الاستصحاب عد الموجود السابق مستمرا إلى ~~اللاحق ولو كان الأمر اللاحق على تقدير وجوده مغايرا بحسب الدقة للفرد ~~السابق ، انتهى المقصود من كلامه الشريف. # وقال المحقق الخراساني في ما علقه هنا : بل يجري في مثله مع ابتنائه (أي ~~الاستصحاب) على المداقة ، بناء على ما هو التحقيق من أصالة الوجود ، لما حقق في PageV02P534 # محلة من أن الوجود عليه في جميع المراتب المتبدلة شدة وضعفا واحد شخصي ما ~~دام متصلا ولم يتخلل العدم في البين وإن انتزعت عنه ماهيات مختلفة وأنواع ~~متفاوته ، انتهى كلامه الشريف. # قال شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته الشريفة : حال الشدة والضعف في ~~الأعراض بعينها حال الزيادة والنقصان في الجواهر ، مثل البحر والقطرة ، ولا ~~يخفي أن ما هو المادة لتلك المراتب المتكثرة ، مما دون القطرة إلى ما فوق ~~البحر ليس ms1119 له فعلية الوجود إلا في حال تلبسه بإحدى تلك الصور ، وإلا فإن لم ~~يكن مرهونة في فعلية الوجود بها فاللازم أن يكون البحر فعليات ووجودات غير ~~متناهية ، غير أنها متصفة باتصال كل منهما بالآخر ، فإذا فرق بينهما فلم ~~يتبدل إلا الوصف العرضي هو الاتصال ، وإلا فعين الوجودات السابقة باقية ~~بحالها ، وهذا هو محل التشاجر بين المشائيين والإشراقيين. # قال المحدث الأسترآبادي في كلامه الذي نقله شيخنا المرتضى في بحث حجية ~~القطع : ومن الموضحات لما ذكرنا من أنه ليس في المنطق قانون يعصم من الخطاء ~~في مادة الفكر ، أن المشائيين ادعوا البداهة في أن تفريق ماء كوز إلى كوزين ~~إعدام لشخصه وإحداث لشخصين آخرين ، وعلى هذه المقدمة بنوا إثبات الهيولى ، ~~والإشراقيين ادعوا البداهة في أنه ليس إعداما للشخص الأول وفي أن الشخص ~~الأول باق ، وإنما انعدمت صفة من صفاته وهو الاتصال، انتهى. # فتحصل أن الهيولى موجودة ، لكن بعين وجود البحر أو القطرة ، وليس لها ~~وجود منحاز ، نعم هي بالقوة موجودة بوجود القطرة ، والوجود الفعلي خاص ~~بالبحر ، وكذا العكس ، نظير وجود العلقة في ضمن النطفة بالقوة. # وبالجملة ، فعلية الوجود بالحد ، فما لم ينضم إليه الحد الكذائي فلا وجود ~~ولا فعلية ، نعم له شأنية الوجود واستعداده وقوته ، فإذا ارتفع الحد ارتفع ~~ذلك الشخص من فعلية الوجود وحدث مقارنا لزواله شخص آخر من الفعلية المتقومة ~~بالحد الآخر الحادث. # ثم لا فرق في ذلك بين الجواهر والأعراض ، لاشتراك الملاك في البابين ، ~~كما هو واضح. PageV02P535 ### | في ما يتعلق باستصحاب الزمان ### ||| * والزماني والمقيد بالزمان. (1) # اعلم أنه لا شبهة في ما إذا قطع بوجود السير والحركة المبتدئة من مكان ~~كذا مثلا إلى مكان كذا ، وشك في وصولها إلى غايتها وعدمه ، وبعبارة اخرى : ~~شك في أن الفاعل أعطاها الحد أولا ، فهناك قضيتان ، متيقنة ومشكوكة متحدتان ~~؛ لأن متعلق اليقين والشك أمر واحد شخصي وهو وجود الحركة ، ولا شبهة أن هذه ~~الحركة المتوسطة بين الحدين ما لم يعرضها حد واحد شخصي بالدقة وعند العرف. # أما الثاني فواضح ، وأما الأول فلأنه لو كان ms1120 هنا وجودات متلاصقة يلزم ~~الانتهاء إلى الجزء الذي لا يتجزى ، أو الانتهاء إلى ما لا يتناهى ، فينحصر ~~الأمر في أن هنا حدا واحدا خارجيا ، نعم يفرض له حدود كثيرة غير متناهية ، ~~لكن لا واقعية لها غير الفرض. # وبالجملة ، لا شبهة في وحدة القضيتين ، وبعد ذلك فإن شئت سم الشروع حدوثا ~~وما بعدها بقاء ، وإن شئت فسم التمام حدوثا وقل : إنه أمر واحد يحدث شيئا ~~فشيئا وعلى التدريج. # كما أنه لا شبهة في أنه لو كان موضوع الأثر قطعة خاصة من الحركة محدودة ~~بالحدين فلا يفرض فيه القطع بالحدوث والشك في البقاء عقلا ؛ لأنه أمر آني ~~الحصول ؛ إذ ما لم يحرز الجزء الأخير منه لا نقطع بالحدوث ، وإذا احرز لا ~~يمكن الشك في البقاء ؛ لأنه مقرون بالقطع بالارتفاع. # ثم الزمان كله من هذا القبيل ؛ فإن أقسامه من الدقيقة والساعة ونصف ~~الساعة والنهار والليل ، إلى غير ذلك أسام لقطعات خاصة محدودة بحدود معينة ~~من حركة PageV02P536 # الفلك ، نعم هذا القسم المسمى بالحركة القطعية مع الأول المسمى بالتوسطية ~~كلاهما يجريان في الزماني ، مثل حركة زيد ، كما هو واضح ، هذا بحسب الدقة. # وأما عرفا فمن الممكن حصول اليقين والشك ؛ فإن العرف يسامحون ، فيرون هذا ~~المجموع المركب حاصلا بحصول أول جزء منه ، ألا ترى أن الليل مع أنه اسم ~~لمجموع ما بين الحدين ولهذا يطلق نصف الليل وليلة واحدة وليلتان يرونه ~~داخلا بمجرد دخول أوله ، فيقولون : دخل الليل ، وكذلك يطلقون البقاء ~~فيقولون : كم بقي من الليل ، وعلى هذه المسامحة فرض اليقين والشك في غاية ~~الإمكان. # نعم استصحاب الزمان على هذا الوجه لا يفيد تطبيق عنوان الليل أو النهار ~~مثلا على الجزء الموجود فعلا ، فالذى يفيده الاستصحاب إنما هو مفاد كان ~~التامة وهو وجود الليل مثلا ، دون مفاد كان الناقصة وهو وجود الليلية لهذا. # وعلى هذا فاستصحاب عدم دخول رمضان ليرتب عليه عدم إيجاب الصوم واستصحاب ~~بقائه ليرتب عليه حرمة الإفطار لا ينطبق على القاعدة ، إذ لا يثبت به ~~رمضانية هذا اليوم حتى يكون الإفطار إفطارا في ms1121 رمضان ، ولا عدم رمضانيته ~~حتى يكون الصوم صوما في غير رمضان. # نعم لو كان المستفاد من الأدلة أن وجود رمضان سبب لإيجاب الصوم لا أن ~~يكون المسبب الصوم المتقيد بكونه في رمضان أمكن الاستصحاب ؛ إذ لم يرتب ~~الأثر إلا على مفاد كان التامة ، كما أنه يمكن إجراء الاستصحاب على فرض جعل ~~الأثر لمفاد كان الناقصة بنحو آخر وهو إجرائه في نفس الفعل المقيد ، بأن ~~يقال : لم يكن الصوم على فرض تحققه في اليوم الماضي صوما في رمضان ، فالآن ~~كما كان ، وكذا كان الإفطار في اليوم الماضي على فرض تحققه إفطارا في رمضان ~~، فالآن كما كان. # فإن قلت : هذا استصحاب تعليقي في الموضوع ، وقد تقرر في محله بطلانه. # قلت : ما تقرر بطلانه غير هذا ، وهو ما إذا رتب الأثر في الأدلة على الوجود PageV02P537 # الفعلي ، كوجود الكر الفعلي ، فاستصحاب وجوده التعليقي لا ينفع على ما ~~قرر في محله وهذا بخلاف المقام ، فإن الأثر قد رتب على نفس الملازمة ، فإن ~~الوجوب مرتب على الصوم الذي لو تحقق كان في رمضان ، والحرمة على الأكل الذي ~~لو تحقق كان في رمضان ، وذلك لعدم إمكان ترتبه عليهما على نحو فعلية الوجود ~~، للزوم الأمر بالحاصل والزجر عن الحاصل ، فالمقام نظير استصحاب المضرية في الصوم. # ومن هنا يظهر الحال في القسم الأخير أعني المقيد بالزمان إذا كان الشك من ~~جهة الشك في انقضاء قيده ، إذ استصحاب نفس المقيد بعد كون الزمان بالمسامحة ~~العرفية مما يقبل البقاء لا مانع منه. # نعم لو كان الشك من جهة الشك في حدوث حكم آخر في المقيد بما بعد ذلك ~~الزمان أو في المطلق على نحو تعدد المطلوب فالاستصحاب الموضوعي لا وجه له ~~أصلا ، للقطع بالارتفاع بسبب القطع بانقضاء القيد ، كما لا مجرى لاستصحاب ~~شخص الحكم ، وأما استصحاب الجامع فمبني على جريان استصحاب الكلي في القسم ~~الثالث ، هذا. # ولشيخنا المرتضى في هذا القسم كلامان متدافعان ، لأنه قدسسره في صدر ~~المبحث بعد أن نقل عن جماعة جريان الاستصحاب في نفس الزمان قال : فيجري في ms1122 ~~القسمين الأخيرين بطريق أولى ، ثم عند ذكر القسم الأخير في مقام التفصيل ~~قال : وأما القسم الثالث وهو ما كان مقيدا بالزمان فينبغي القطع بعدم جريان ~~الاستصحاب فيه ، فإن كان القسم الثالث في كلامه عبارة عما كان الشك فيه من ~~جهة الشك في تقضي الزمان صح كلامه الأول ، كما عرفت ، ولكن لا يصح كلامه ~~الأخير. # وإن كان عبارة عما كان الشك بعد القطع بتقضي الزمان من جهة الشك في بقاء ~~الحكم بأحد النحوين المذكورين كان كلامه الثاني صحيحا ، ولكن لا يصح الأول ~~، كما هو واضح ، وكون المقصود به متعددا في المقامين مما يأباه العبارة ؛ ~~لأن القسم PageV02P538 # الثالث متحد مع ما ذكره في صدر البحث ، وإذن فلا محيص عن وقوع سهو من ~~قلمه قدسسره أو قلم النساخ. # بقي الكلام في ما تنظر فيه شيخنا المرتضى من كلام المحقق النراقي ~~قدسسرهما ، وحاصل ما ذكره المحقق المذكور أن الامور المجعولة الشرعية ~~كالوجوب والطهارة الحدثية والخبثية إذا علم وجودها في قطعة خاصة من الزمان ~~، كوجوب الجلوس يوم الجمعة ، إلى الزوال وشك فيها في ما بعد تلك القطعة ~~فهنا استصحابان متعارضان ؛ لأن هنا شكا ويقينين ، أما الشك ففي الوجوب في ~~ما بعد زوال يوم الجمعة ، وأما اليقينان ، فلأن المفروض هو اليقين بالوجوب ~~في ما قبل الزوال من يوم الجمعة ، ومقتضاه استصحاب وجود هذا الوجوب ، وكذا ~~اليقين بعدم مجعولية الوجوب من الأزل في ما بعد ظهر يوم الجمعة ، ومقتضاه ~~استصحاب بقاء هذا العدم الأزلي. # وحاصل إشكال شيخنا قدسسره عليه أنه : لا يخلو الأمر من شقين ، إما نفرض ~~الزمان قيدا لهذا الأمر المجعول أو لمتعلقه بأن لوحظ وجوب الجلوس المقيد ~~بما قبل الزوال شيئا مغايرا للجلوس المقيد بكونه بعد الزوال ، وإما نفرض ~~ظرفا له ، بأن لوحظ ما قبل الزوال ظرفا للتكليف ولوحظ الجلوس أمرا واحدا ~~مستمرا في الأزمنة. # فعلى الأول يجري استصحاب عدم وجوب هذا المقيد ، ولا مجال لاستصحاب الوجود ~~؛ للقطع بارتفاع ما علم وجوده ، بل لا يتصور البقاء لذلك الموجود بعد فرض ~~كون الزمان من مقوماته. # وعلى ms1123 الثاني يجري استصحاب الوجود ، ولا مجال لاستصحاب العدم ؛ لأن العدم ~~انتقض بالوجود المطلق ، وقد حكم عليه بالاستمرار بمقتضى أدله الاستصحاب. # وانتصر شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته الشريفة للمحقق المذكور على شيخنا ~~المرتضى قدسسرهما بأنا نختار الشق الأول تارة ، ونقول بأن استصحاب عدم ~~المقيد معارض باستصحاب جامع الوجوب المحتمل بقائه بحدوث فرد آخر له بعد ~~زوال فرده الأول بلا فصل زمان ، كما في كل استصحاب جار في الكلي في القسم ~~الثالث ، فإنه معارض باستصحاب عدم الفرد المشكوك الحدوث إذا كان أمرا ~~مجعولا. PageV02P539 # نعم هذا الإشكال لا يرد على مذاقه (قدسسره) المتقدم من اختيار عدم ~~الجريان في القسم الثانى من القسم الثالث مع عدم المسامحة العرفية الذي ~~مقامنا من قبيله ، لكن كلام المحقق قابل للحمل عليه. # ونختار الشق الثاني اخرى ونقول : المفروض وإن كان ظرفية الزمان للوجوب ، ~~لكن لنا شك ويقين بالنسبة إلى المقيد بالزمان ، وعموم «لا تنقض» يشمله ، ~~وهو معارض لاستصحاب الوجوب. # ألا ترى أنه لو كان دليلان اجتهاديان مفاد أحدهما أن الجلوس واجب في ما ~~بعد زوال الجمعة ، ومفاد الآخر أن جلوس ما بعد زوال يوم الجمعة غير واجب ، ~~كانا متعارضين، فإن الحكم في الأول وإن كان على المطلق ، وفي الثاني على ~~المقيد ، لكن المطلق أيضا مقيد في اللب ؛ إذ ليس المراد أن ما بعد الزوال ~~ظرف التكليف مع كون المكلف به موسع الزمان ، فكذا الحال في الاستصحابين. # وقد أجاب عن هذا شيخنا الاستاد دام ظله في الدرر بما لفظه : «وأما الشق ~~الثاني فاستصحاب الوجوب ليس له معارض ، فإن مقتضى استصحاب عدم وجوب الجلوس ~~المقيد بالزمان الخاص أن هذا المقيد ليس موردا للوجوب على نحو لوحظ الزمان ~~قيدا ، ولا ينافي وجوب الجلوس في ذلك الزمان الخاص على نحو لوحظ الزمان ~~ظرفا للوجوب» انتهى كلامه الشريف. # واستشكل دام ظله على هذا الكلام في مجلس البحث بما حاصله أن المنافاة ~~العرفية حاصلة بين قولنا : عتق الرقبة واجب ، وقولنا : عتق الرقبة الكافرة ~~غير واجب ، وقولنا : العالم واجب الإكرام ، وزيد غير واجب الإكرام ، ضرورة ms1124 ~~أن المطلق والمقيد لا يمكن عروض المتضادين أو المتناقضين عليهما ، والمقيد ~~بما هو مقيد وإن كان يصح سلب الوجوب عنه مع إثباته للمطلق ، لكن سلب الوجوب ~~عنه بقول مطلق وبلا قيد كما هو المستصحب في المقام لا إشكال في عدم اجتماعه ~~مع الإثبات للمطلق. # هذا مضافا إلى إمكان دعوى إرجاع المطلق في المقام إلى المقيد ، فإن ~~الزمان أعني ما بعد الزوال مثلا وإن كان ظرفا للوجوب بحسب الصورة ، لكن الجلوس PageV02P540 # مقيد به بحسب اللب ؛ إذ ليس المراد إيجاب أصل الجلوس ولو كان في زمان آخر ~~، فيرجع الأمر بالأخرة إلى إيجاب المقيد وسلب إيجابه. # ولكن أجاب (1) دام ظله عن هذا أيضا بأن إضافة الوجوب إلى المقيد يمكن ~~بطريقين، الأول بالجعل الابتدائي المتعلق بنفس المقيد ، بحيث يكون للقيد ~~دخل في الجعل ، والثاني بالجعل في الطبيعة الذي لازمه السراية قهرا إلى ~~أفرادها ، فيصير المقيد أيضا محكوما بالوجوب، فيقال : زيد واجب الإكرام عند ~~جعل الوجوب في طبيعة العالم بنحو الوجود الساري ، نعم خصوصية القيد لا دخل ~~لها في الحكم ، لكن الحكم وارد على المقيد بتبع المطلق. # وحينئذ فإذا شككنا في وجوب الجلوس المقيد بما بعد الزوال ، فتارة يكون ~~الشك في الجعل الابتدائى ، واخرى في الجعل بالسراية والتبع ، والأول في ~~المقام مقطوع العدم ، وعلى فرض الشك فيه محكوم بالعدم بمقتضى الأصل ، ولا ~~منافاة بينه وبين استصحاب الوجوب في أصل الجلوس ، فالكلام كله في القسم ~~الثاني ، ولا إشكال في أن الشك في وجوب المقيد بهذا النحو أعني بالجعل ~~التبعي مسبب وناش عن الشك في بقاء الوجوب في موضوع أصل الجلوس إلى هذا ~~الحين الذي هو ما بعد الزوال ، فيكون الأصل الجاري فيه محكوما للأصل الجارى ~~في السبب. # ونظير هذا ما إذا شككنا في بقاء حكم حرمة شرب الخمر أو ارتفاعه بالنسخ ، ~~فلا إشكال أن مقتضى الاستصحاب هو البقاء ، مع أن مقتضى الاستصحاب بملاحظة ~~تقييد شربها بهذا الزمان المقارن للشك هو عدم المحكومية بالحرمة بالعدم ~~الأزلي الثابت قبل تشريع الشرع اياها ، مع ذلك لا يعامل معاملة المعارضة ms1125 ~~بينهما ، وسره ما ذكرنا من أن ارتفاع الشك في الكلي رافع للشك في الأشخاص ، ~~ومن أثر محكومية الكلي محكومية الأفراد ، سواء ذلك في المحكومية بالحكم ~~الظاهري أم الواقعي ، فليس هذا من الأصل المثبت الممنوع ، هذا. # ولكن الكلام الوارد في مسألة الاستصحاب التعليقي الآتي بعيد هذا إن شاء ~~الله تعالى آت هنا حرفا بحرف. PageV02P541 ### | في ما يتعلق بالاستصحاب التعليقي. (1) # اعلم أن المهم في هذه المسألة بيان حكومة هذا الاستصحاب على استصحاب ~~الحكم الفعلي ، وحاصل الإشكال فيها أن المستصحب في جانب الحكم الفعلي هو ~~الإباحة الثابتة قبل الغليان في مسألة العصير الزبيبي ، ورفعها ملازم ~~للحرمة الفعلية اللازمة للحرمة المعلقة عند حصول الغليان ، وحيث إن ~~الملازمة كاللزوم في فعلية الحرمة ثابتة للأعم من الحكم الظاهري والواقعي ~~فإشكال مثبتية الاستصحاب المقصود ترتيب رفع الإباحة عليه مرتفع. # وكذا لا شبهة أيضا في جريان ما هو ملاك الحكومة في البين ، ببيان أن ~~استصحاب الحرمة المعلقة موضوعه الشك في الحرمة المعلقة ، والملازم للحرمة ~~الفعلية اللازمة للحرمة المعلقة إنما هو نفس رفع الإباحة ، لا رفعها في ~~موضوع الشك في الإباحة ، فإن الحرمة سواء ظاهريا أم واقعيا ملازم مع ارتفاع ~~الإباحة ، نعم في موضوع نفس الحرمة إن كان شكا وإن كان واقعا. # ولكن الإشكال كله أن الكلام بعينه وارد في العكس أيضا ، فيقال : استصحاب ~~الإباحة أيضا موضوعه الشك فيها والمضادة من الطرفين ، فلازم هذه الإباحة ~~ولو في الظاهر عدم علة ضدها أعني الحرمة المعلقة ، وهذه الحرمة المعلقة ~~التي يحكم بعدمها العقل ليس موضوعها الشك في نفسها ، نعم يحكم بعدمها في ~~موضوع الشك في الإباحة ، وبالجملة ، عين تقريب الحكومة في جانب استصحاب ~~الحرمة التعليقية جار في استصحاب الحلية الفعلية. # والحق عدم ورود هذا الإشكال ، وأن الإشكال من جهة اخرى ، توضيح الحال ~~يحتاج إلى بسط المقال. # فنقول : وعلى الله الاتكال : إن كان لنا حكم تعليقي كأكرم زيدا إن جاءك ، ~~فطرأ حالة شككنا في بقاء هذا الحكم ، لا إشكال في تمامية الأركان وأن الحكم ~~التعليقي PageV02P542 # أيضا نوع من الحكم ، لا أنه لا ms1126 حكم قبل المعلق عليه ، فمقتضى الاستصحاب ~~هو الحكم الظاهري بأنه إن جاءك زيد فأكرمه ، ثم كما في حال القطع عند حصول ~~المجيء كان لازم ذلك الحكم التعليقي الواقعي هو الفعلية عند الشك ، أيضا ~~لازم هذا الحكم الظاهري التعليقي هو الفعلية عند حصول المجيء ، وليس مثبتا ~~من هذه الجهة ، لأن اللازم من لوازم نفس الحكم ، الأعم من الظاهري ~~والواقعي. # لكن الكلام في أن هنا استصحابا آخر مخالفا ، وهو أن الزيد قبل حصول ~~المجيء ليس في حقه حكم (أكرمه) مجعولا ، فقضية الاستصحاب عدم المجعولية ، ~~فهل أحد هذين مقدم على الآخر أولا؟ قال شيخنا المرتضى قدسسره : إن ~~الاستصحاب التعليقي مقدم على الفعلي ، للحكومة وهو محل إشكال. # وتوضيحه بعد تقديم مقدمة ، وهي أن ملاك حكومة أصل على آخر أن يكون مفاد ~~أحد الأصلين مولدا لحكم في موضوع في غير حال الشك في ذلك الموضوع ، وكان ~~مفاد الآخر إثبات نقيض ذلك الحكم في ذلك الموضوع في حال الشك ، فحينئذ لا ~~محالة الأصل الأول يزيل الحكم الثاني ، مثلا الأصل أو الاستصحاب المفيد ~~لطهارة الماء يتولد منه حكم بأن الثوب المغسول بهذا الماء طاهر ، لا طاهر ~~إذا شككت ، ومقتضى الاستصحاب في نفس الثوب أنه إذا شككت فيه فابن على ~~النجاسة ، ومن المعلوم حكومة ما مفاده هذا طاهر على ما مفاده هذا : إن شككت ~~في طهارته ، فابن على نجاسته ، ووروده على ما مفاده هذا : إن ليس لك طريق ~~فابن على نجاسته. # إذا تمهدت هذه المقدمة نقول : ليس هذا الملاك موجودا في المقام ، وذلك ~~لأن حكم أكرمه في قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ليس قبل المجيء وبعده إلا ~~حكما واحدا ، غاية الأمر قبل المجيء لا فعلية له ، وبعده يتصف بها ، فإذا ~~كان قضية الاستصحاب جعل هذا الخطاب التعليقي في موضوع الشك اعني : إذا شككت ~~فابن على وجود خطاب : إن جاءك فأكرمه ، فليس هنا حكم آخر متولدا من هذا الحكم. # نظير طهارة الثوب في المثال بأن يقال هنا أيضا : يترتب عليه حكم آخر وهو ~~خطاب «أكرمه» الفعلي بعد تحقق المجيء ms1127 ، وهو حكم في غير موضوع الشك ، فيقدم PageV02P543 # على ذلك الاستصحاب المفيد ؛ لأن خطاب أكرمه الفعلي غير مجعول إذا شككت ، ~~بل هنا حكم واحد في موضوع الشك ، فيرجع الأمر بالأخرة إلى أن هنا أصلين ، ~~أحدهما يقول: هذا العصير المغلى مثلا حلال إذا شككت ، والآخر يقول : حرام ~~إذا شككت ، فيكون مثل ما إذا كان من أثر طهارة الماء طهارة الثوب إذا شك في ~~طهارته ؛ إذ لا شبهة في عدم الحكومة حينئذ ، لعدم الناظرية لأحدهما على الآخر. # إن قلت : هذا بالنسبة إلى الحرمة متين ، وأما بالنسبة إلى رفع الحلية فلا ~~، لأنه من باب المضادة ، وليس حكما في حال الشك. # قلت : لا يفرق الحال من هذه الجهة بين الحرمة وعدم الحلية ؛ لأنا نقول : ~~مفاد القضية الاستصحابية التعليقية أنه إذا شككت في أن الزبيب إذا غلى حرام ~~أو حلال فاستصحب حكمه السابق ، وهو أنه إذا غلى يحرم ولا يحل ، فكل من يحرم ~~ولا يحل وارد في موضوع الشك فيه. فالحاصل بالأخرة أن مفاد أحد الأصلين أنه ~~يحل ولا يحرم إذا شككت ، ومفاد الآخر أنه يحرم ولا يحل إذا شككت ، وليس بين ~~هذين حكومة ، هذا. # والذي اختاره شيخنا الاستاد دام بقاه في دفع إشكال المعارضة هو اختيار ~~طريقة اخرى غير الحكومة المصطلحة ، وهو أن يقال : الحكم وإن كان قبل الشرط ~~وبعده واحدا ، فلهذا ليس هنا مناط الحكومة ، ولكن مع ذلك لا شك أنه يحدث ~~لنا شك آخر عند حدوث الغليان غير الشك الذي كان قبل تحققه ، فإنه قبل تحققه ~~كنا نشك في ثبوت الحكم التعليقي فيه وارتفاعه ، ولكن لا نشك في الشرب ~~الخارجي ، وأما بعده فمضافا إلى ذلك الشك نشك أيضا في أن هذا الشرب حرام ~~فعلي أولا؟ والحرمة وإن كانت نفس الحرمة المشكوكة السابقة ، لكن صفة ~~الفعلية مشكوك حادث ، وكانت في السابق مقطوع العدم. # ومنشأ هذا الشك الثاني هو الشك الأول ؛ لأن الفعلية من آثار وجود الحكم ~~المعلق ، فيندرج تحت قاعدة تقدم الأصل الجاري في المنشأ على الجارى في ~~الناشئ ، ولو لم يرجع إلى الحكومة ms1128 المصطلحة ، ويأتي تفصيله إن شاء الله ~~تعالى في محله. PageV02P544 ### | في ما يتعلق بعدم حجية الأصل المثبت. (1) # اعلم أن النهي عن نقض اليقين لا بد بدلالة الاقتضاء من حمله على النهي عن ~~النقض العملي ؛ إذ النقض الحقيقي غير قابل لورود النهي ، ومعنى النقض ~~العملي هو عدم المعاملة في حال الشك المعاملة التي كانت لوصف اليقين بعنوان ~~الطريقية ، والنهي عن النقض بهذا المعنى قد يكون موجبا لجعل حكم مماثل ~~للسابق ، وقد يوجب جعل أثره ، وقد لا يوجب شيئا منهما. # مثلا المتيقن بوجوب صلاة الجمعة سابقا الشاك فيه في اللاحق إذا قيل له : ~~عامل مع الشك معاملتك التي كنت تعاملها سابقا لوصف اليقين بما هو طريق ، ~~فمعنى ذلك إيجاب صلاة الجمعة ، وهو مماثل للمستصحب ، والمتيقن بحياة زيد ~~الشاك فيها إذا قيل له : عامل عمل اليقين ، فمعناه انفق على زوجته ، ~~والمتيقن بعدم التكليف في الأزل الشاك فيه إذا قيل له : اعمل عمل اليقين ~~بعدم التكليف ، فمعناه جعل الإباحة ، وهو غير المستصحب وغير أثره ، وقد مر ~~هذا في ما تقدم أيضا. # وعلى هذا فكل مورد كان لليقين السابق على تقدير بقائه عمل فهو مجرى ~~الاستصحاب بلا كلام ، وأما ما لم يكن لليقين السابق عمل فهو على أقسام ~~يختلف وضوحا وخفاء في عدم الاندراج تحت لا تنقض. # منها : أن ينتهي إلى ما له عمل وكان الانتهاء من الملزوم إلى اللازم ~~العقلي أو العادي. # ومنها : أن ينتهي إلى ما له عمل ، ولكن كان الانتهاء من أحد المتلازمين ~~في الوجود إما عقلا وإما اتفاقا إلى الآخر. PageV02P545 # ومنها : أن لا ينتهي إلى العمل ، ولكن كان ملزومه أمرا له أثر. # ومنها : أن يكون له أثر شرعي ، ولكن لم يرتبه الشرع ، بل رتبه العقل ، ~~مثل ترتيب الحكم الشرعي على وجود مقتضيه وفقد مانعة. # ومنها : أن يكون له عمل ، ولكن كان مجعولا بتبع منشأ انتزاعه ، كالجزئية ~~والشرطية. # وعدم جريان الاستصحاب في بعض هذه الاقسام لا يحتاج إلى كثير مئونة ، وهو ~~القسم الثاني والثالث ، مثلا المتيقن بطهارة إحدى الإنائين الشاك فيها لا ~~حقا ms1129 مع العلم بأن إحداهما طاهر والآخر نجس ليس من جملة عمله الذي كان يعمله ~~لأجل اليقين بطهارة هذا الإناء الاجتناب من ذلك الإناء الآخر ، بل إنما كان ~~هذا اليقين مورثا ليقين آخر بواسطة اليقين بالملازمة متعلق بنجاسة ذلك ~~الآخر ، وكان الاجتناب عملا له ، لا لهذا وإن كان نشأ اليقين المذكور من ~~هذا اليقين. # والحاصل ، مجرد انتهاء العمل ولو بالواسطة إلى اليقين لا يصحح استناده ~~إليه عرفا وإدخال كلمة اللام عليه ، ولهذا لو سئل عن المتيقن المفروض لم ~~تجتنب عن هذا الإناء؟ فقال : لأني متيقن بطهارة ذلك ؛ أو لأن ذلك طاهر ، ~~كان باردا. # من هنا يعلم الحال في النقض باللازم إذا قصد ترتيب عمل اليقين بالملزوم ~~عليه ، فإن عمل اليقين بالملزوم لا يسند إلى اليقين باللازم. # وأما القسم الرابع أعني : ما إذا كان الأثر شرعيا ، ولكن ترتيبه على شيء ~~واقعا كان من وظيفة العقل ، فالحق فيه الجريان ، لأن حكم العقل إنما هو في ~~موضوع الواقع ، ولا حكم له في حال الشك في الموضوع ، والفرض أن المحمول ~~شرعي قابل للجعل ، فلا مانع عن عموم الأدلة ، هذا بحسب كبرى المسألة. # وأما بحسب ما عد لهذا مصداقا أعني : مسألة ترتب الحكم الشرعي على عدم ~~المانع مع وجود المقتضي كما هو مبنى شيخنا المرتضى قدسسره في كتاب طهارته PageV02P546 # حيث أسس الأصل في حال الشك في الانفعال وعدمه ، وجعله الانفعال بتقريب ~~أنا قد استفدنا من الأدلة سببية الملاقاة للتنجس وأن الكرية مانعة ، فإذا ~~شككنا في حد الكر وتردد بين الزائد والناقص ، ولاقى الماء المحدود بالحد ~~الناقص مع النجاسة ، فاستصحاب عدم وجود عنوان المانع ليرتب عليه النجاسة لا ~~مانع منه ؛ فإن الحكم بالنجاسة في موضوع عدم المانع. الواقعي وإن كان عقليا ~~، لكن في موضوع العدم المشكوك لا حكم للعقل ، والمفروض أن نفس الحكم أعني ~~النجاسة مما يقبل الجعل ، فلا مانع من جريان عموم الأدلة فالحق عدم الجريان ~~، لا لأن الأثر مما رتبه العقل ، بل لأنه ليس لهذا العنوان أثر أصلا حتى ~~بحكم العقل ، فإن المؤثر إنما هو ms1130 ذات المانع لا هو بعنوان أنه مانع وكذا في ~~جانب العدم ، مثلا الذي هو المؤثر ذات الكر أو عدمه ، لا هو بعنوان ~~المانعية ، وإنما هو وصف ينتزعه العقل من مرتبة تأثير الذات ، وهذا واضح. # وأما القسم الخامس ، أعني ما كان مجعولا شرعيا ، ولكن لا استقلالا ، بل ~~تبعا لجعل شيء آخر كالجزئية والشرطية ، فربما يستشكل في الاستصحاب فيه بأنه ~~لا عمل لليقين في مثل ذلك ، فإن الجزئية مثلا بالفرض منتزع عن جعل الوجوب ~~على المركب فهو متقدم رتبة عليها ، والإنسان حال يقينه إنما يتحرك نحو ~~إتيان الجزء بسببية اليقين بالوجوب ، لا اليقين بمعلوله الذي هو الجزئية ~~ولو كان للجزئية أيضا على فرض انفكاكها عن الوجوب محالا هذا التأثير ~~والاقتضاء أيضا ، لكن حال اجتماعهما مع الوجوب يكون التأثير ، لا سبق ~~العلتين وهو الوجوب ، فينعزل الجزئية عن التأثير. فيندرج تحت القسم الثالث ~~المتقدم آنفا من ترتيب عمل الملزوم على اليقين باللازم ، وقد استشكلنا في ~~دخوله تحت العموم ، لأن عمل الملزوم لا ربط له باليقين باللازم. PageV02P547 # ولا يخفي أنه لا يندفع هذا الإشكال بفرض معارضة الاستصحاب في المنشأ أعني ~~الوجوب وسقوطه بها ، فإن ذلك لا يصحح جريان الاستصحاب في الجزئية بعد كون ~~العمل في حال اليقين إنما هو مضاف إلى يقين الوجوب دون يقين الجزئية ، كما ~~لا يندفع أيضا بأن الاستصحاب المثبت أو النافي للجزئية يلزمه الإثبات أو ~~النفي في المنشأ ؛ إذ لا يجتمع وجود الجزئية مع عدم الوجوب ولو في الظاهر ، ~~ولا عدمها مع الوجوب كذلك ، فإن هذه النتيجة فرع عدم المانع عن أصل الجريان ~~، وما ذكرنا موجب لعدم انطباق مورد الأدلة على الشك في الجزئية المسبوق ~~باليقين. # واجيب عن الإشكال أولا : بأن حاله ليس بأدون من استصحاب الموضوع كحياة ~~الزيد ، فإن العمل أولا وبالذات لحكم الشرع عليه بكذا وإسناده أولا إلى ~~يقين الحكم ، وثانيا إلى يقين الموضوع ، فكما صح هناك هذه المسامحة ولم ~~يوجب خروجه عن مورد الدليل ، فليكن الحال في المقام أيضا كذلك ؛ إذ ليس ~~المسامحة في إسناد عمل الوجوب على ms1131 العشرة من حيث إضافته إلى كل من الآحاد ~~إلى جزئية كل واحد إلا مثل تلك المسامحة ، فكما يصح أن يقال : إنه يعمل ~~العمل لأجل كونه متيقنا بوجوبه الضمني ، كذلك يصح أن يقال لأجل جزئيته ~~للمأمور به. # وثانيا : نمنع عدم العمل للجزئية والشرطية ونحوهما ، فإن عنوان صحة العمل ~~وفساده لا يتحقق بالجعل الأولي ، وإنما ينتزع من الجزئية والشرطية ، فهما ~~متأخران في الانتزاع عن انتزاع الجزئية والشرطية ؛ فإن الصحة عبارة عن كون ~~العمل موافقا للمأمور به في الأجزاء والشرائط ، والفساد عبارة عن خلافه ، ~~وهكذا نفس الصحة والفساد ، فإن عنوان الإجزاء وعدمه مترتبان عليهما. # وحينئذ نقول : لا شبهة أن هذه العناوين أعني الجزئية وشبهها قابلة للجعل ~~، غاية الأمر تبعا ، فكما أن جاعل الأربعة جاعل للزوجية ويصح أن يقال : جعل PageV02P548 # الزوجية تحت ولايته ، كذلك جاعل الوجوب في المركب والمقيد يكون جعل ~~الزوجية والشرطية تحت ولايته ، ويكفي في عموم «لا تنقض» قابلية المورد ~~للجعل ولو بهذا النحو ، فيكون جعل الجزئية في الظاهر أيضا ملازما لجعل ~~الوجوب في ذات الجزء ، وليس كنجاسة الثوب ، حيث يمكن التفكيك في الظاهر ~~بينهما وبين نجاسة الماء بأن يحكم بنجاسته وطهارة الماء ، وكذلك الحال في ~~جعل الصحة في قاعدة الفراغ ، فإنه ملازم حتى في الظاهر لجعل المنشأ وهو ~~تقبل الناقص مكان الكامل. # وبالجملة ، لا يعتبر في المتيقن سابقا المشكوك لا حقا أن يكون بنفسه أو ~~بأثره مجعولا بالاستقلال ، بل المعتبر قابليته للأعم منه ومن الجعل بالتبع. # وإذن فالمعتبر في الاستصحاب أن يكون في البين عمل كان باقتضاء اليقين ، ~~وكان العمل أيضا من وظيفة الشارع أن يتعبدنا في حال الشك وكان في البين أثر ~~شرعي قابل للجعل بأحد النحوين ، فمع اجتماع هذه القيود يصح الاستصحاب ، ومع ~~فقد أحدها لا يصح. # فإن قلت : أي فرق بين استصحاب عدم عنوان المانع وبين استصحاب عنوان ~~المانعية والشرطية للتكليف ، حيث منعت الأول وجوزت الثاني. # قلت : المنع السابق من جهة توهم الأثر لعنوان المانع حتى يندرج استصحابه ~~في استصحاب موضوع الأثر ، ولو اريد إثبات استصحاب المانعية للتكليف ms1132 أيضا ~~بهذا الوجه توجه عليه المنع ، والمدعي في المقام إثبات جوازها من طريق كون ~~نفس المانعية من المجعولات من غير ملاحظة ثبوت أثر لها وعدمه ، ولو اريد ~~إثبات استصحاب عدم عنوان المانع أيضا بهذا الوجه بأن يكن المصحح هو التصرف ~~في المنشأ لم يكن به بأس. # بقي في المقام الفرق بين الاستصحاب حيث منعنا عن إثبات اللوازم PageV02P549 # الشرعية المترتبة على المستصحب بتوسط اللوازم أو الملازمات العقلية أو ~~العادية ، أو الملزومات مطلقا ، وبين الطرق والأمارات ، حيث لا يقتصر فيها ~~على الآثار الشرعية المترتبة على مؤدياتها بلا واسطة ، فإن مفاد دليل ~~الحجية أيضا معاملة الواقع مع مؤدى الأمارة والطريق ، فيجري عين ما تقدم في ~~دليل الاستصحاب حرفا بحرف ، فإن ترتيب الآثار المترتبة على لوازم المؤدى أو ~~ملازماته أو ملزوماته ليس عملا مضافا إلى المؤدى ابتداء. # ومحصل الفرق أنه فرق بين لسان الدليل هنا ولسانه هناك ، فلسانه هنا ~~التعبد بعدم نقض اليقين بالشك ، لا جعل الكون السابق من حيث إفادته للظن ~~النوعي بالبقاء حجة ومعتبرا ، فلا محالة لا بد من الاقتصار على موارد صدق ~~عنوان النقض. # ولسانه هناك جعل الأمارة أو الطريق من حيث كشفه وإفادته للظن النوعي ~~بمطابقة الواقع حجة ومعتبرة ، وبعبارة اخرى : إيجاب تصديقها وعدم الاعتناء ~~باحتمال كذبها ، لا التعبد وإيجاب العمل بمؤدى قولها ، ومشابهته للمقام ~~إنما هي على هذا التقدير ، إذ المقول منصرف إلى المقول الابتدائي. # وأما على التقدير الأول فاللازم التعدي من المقول إلى ما يترتب عليه ~~بواسطة ملزوماته أو ملازماته أو لوازمه إذا كنا قاطعين من الخارج بأصل ~~الملازمة وعدم انفكاك وجود الواسطة عن وجود المقول واقعا ؛ إذ حينئذ عدم ~~تحقق ذلك الأمر الشرعي المترتب ولو بألف واسطة ينحصر في أحد أمرين ، إما ~~كذب الأمارة ، وإما سهوها ، إذ بطلان الملازمة غير محتمل حسب الفرض ، وإذا ~~كان باب سهوها أيضا مسدودا بالأصل العقلائي ينحصر الأمر في كذب الأمارة ، ~~وقد فرضنا أن الشارع ألغى احتمال كذبها ، فلم يبق إلا الحكم بترتيب ذلك الأمر. # وبعبارة اخرى : إذا جعل الشارع المرتبة الخاصة ms1133 من الظن النوعي أعني PageV02P550 # الحاصل من قيام الأمارة حجة ، والمفروض أن عين تلك المرتبة حاصلة في ذلك ~~الأمر المترتب بألف واسطة كما في مقول قولها ، كما هو المشاهد لو كان مكان ~~الظن النوعي الظن الشخصي ، وقد حصلت من الأمارة ، فتكون مشمولة لدليل ~~الاعتبار بلا واسطة ، فإن المفروض عمومه لكل كشف نوعي حاصل من قولها مرتبط ~~بأمر شرعي ، فلا حاجة إلى إجراء دليل الاعتبار في كل واحد واحد من الوسائط ~~على الترتيب حتى يقال ليست هي قابلة لأن يعتبر فيها الأمارة. # ثم لا بأس بالإشارة إلى بعض الموارد التي توهم كونها من موارد الاصول ~~المثبتة وليس منها. # أحدها : ما إذا نذر التصدق بدرهم عند حياة الولد ، فيتوهم أن استصحاب ~~الحياة في زمان شك فيها مثبت ؛ لأنه محتاج إلى وساطة أن التصدق وفاء بالنذر ~~حتى يترتب الوجوب ، وإلا فنفس التصدق من حيث هو غير موضوع للوجوب ، لكن ~~لازم حياة الولد عقلا كونه ملتزما به ومنذورا ، فيترتب عليه الوجوب بتوسط ~~هذا العنوان الملازم العقلي. # ومن هذا القبيل استصحاب حياة زيد لترتب وجوب الانفاق على زوجته ، فإنه ~~أيضا بتوسط عنوان الزوج ، ومثله استصحاب حياة زيد الموقوف عليه لإثبات ~~الاستحقاق من الوقف ، فإنه بتوسط عنوان الموقوف عليه ، وهكذا. # وأجاب المحقق الخراساني قدسسره بما هذا لفظه : والتحقيق في دفع هذه ~~الغائلة أن يقال : إن مثل الولد في المثال وإن لم يكن يترتب على حياته أثر ~~في خصوص خطاب ، إلا أن وجوب التصدق قد رتب عليه ، لعموم الخطاب الدال على ~~وجوب الوفاء بالنذر ، فإنه يدل على وجوب ما التزم به الناذر بعنوانه الخاص ~~على ما التزم به من قيوده وخصوصياته ، فإنه لا يكون وفاء لنذره إلا ذلك. PageV02P551 # وبالجملة ، إنما يجب بهذا الخطاب ما يصدق عليه الوفاء بالحمل الشائع ، ~~وما يصدق عليه الوفاء بهذا الحمل ليس إلا ما التزم به بعنوانه بخصوصياته ، ~~فيكون وجوب التصدق بالدرهم ما دام الولد حيا في المثال مدلولا عليه بالخطاب ~~لأجل كون التصدق به كذلك وفاء لنذره ، فاستصحاب الحياة لإثبات وجوب التصدق ~~به ms1134 غير مثبت. # ووجه ذلك أي سراية الحكم من عنوان الوفاء بالوعد أو العقد أو النذر وشبهه ~~من الحلف والعهد إلى تلك العناوين الخاصة المتعلقة بها أحد هذه الامور ~~حقيقة هو أن الوفاء ليس إلا منتزعا عنها ، وتحققه يكون بتحققها ، وإنما اخذ ~~في موضوع الخطاب مع ذلك دونها لأنه جامع لها مع شتاتها وعدم انضباطها ، ~~بحيث لا يكاد أن يندرج تحت ميزان ، أو يحكي عنها بعنوان غيره كان جامعا ~~مانعا كما لا يخفي. # وهذا حال كل عنوان منتزع عن العناوين المختلفة المتفقة في الملاك للحكم ~~عليها المصحح لانتزاعه عنها ، كالمقدمية والضدية ونحوهما ، ولأجل ذلك يكون ~~النهي المتعلق بالضد بناء على اقتضاء الأمر بالشيء له من باب النهي في ~~المعاملة أو العبادة ، لا من باب اجتماع الأمر والنهي. # لا يقال : إن الغصب مثلا له عنوان منتزع ، فكيف إذا اجتمع مع الصلاة يكون ~~من باب الاجتماع ، لا النهي في العبادات والمعاملات. # لأنا نقول : إن الغصب وإن كان منتزعا ، إلا أنه ليس بمنتزع عن الأفعال ~~بما هي صلاة ، بل بما هي حركات وسكنات ، كما ينتزع عنها عنوان الصلاة أيضا ~~، وهذا بخلاف عنوان الضد ؛ فإنه منتزع عن الصلاة بما هي صلاة في ما إذا ~~زاحمت هي كذلك واجبا مضيقا ، فإذا اقتضى الأمر به النهي عن ضده يكون النهي ~~متعلقا بالصلاة ، فاحفظ ذلك ؛ فإنه ينفعك في غير مقام. # قال شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته الشريفة : أما ما يستفاد من ظاهر ~~كلامه من PageV02P552 # أن المناط كون العنوان المأخوذ في موضوع الحكم على نحو الجهة التعليلية ~~أو على نحو التقييدية ، فعلي الأول يجرى الاستصحاب لإجراء الحكم في ~~المصاديق ، وعلى الثاني لا يجري، فهو حق لا محيص عنه. # وذلك لما هو واضح من أن الموضوع بالحقيقة على الأول نفس المصاديق بما هي ~~هي ، والعنوان بمنزلة المصالح والمفاسد التي هي ملاك الأحكام. # وأما على الثاني فالموضوع نفس العنوان بما هو هو وفي عالم تجريده عن ~~الخصوصيات ، فاستصحاب الزيد لإثبات أثر نفس الإنسان بهذا المعني يكون مثبتا ~~، كما تقدم الإشارة إليه ms1135 في مبحث استصحاب الكلي. # ولكن الكلام كله في ما ذكره قدسسره معيارا للجهة التعليلية وأنه إذا كان ~~العنوان أمرا منتزعا عن الامور الخارجة عن الذات ولم يكن بحذائها شيء في ~~الخارج مثل الملكية والغصبية وغير ذلك ، فالجهة تعليلية وإن كان منتزعا عن ~~الامور المتأصلة الخارجة عن مرتبة الذات مثل الضارب والعالم ، وغير ذلك ، ~~فالجهة تقييدية. فإنا لا نعقل الفرق بين المقامين. # إلا أن الأول شيء ينتزعه العقل ولا يضاف إليه الوجود في الخارج ، وبعبارة ~~اخرى : ليس بحذائه شيء في الخارج ، فإن الموجود هو الزيد مثلا وليس الملك ~~موجودا آخر وفي مقامنا الموجود هو الولد والتصدق والدرهم ، وليس مطابقة ~~التصدق للمنذور التي هي عبارة عن الوفاء موجودا آخرا. # والثاني أيضا شيء ينتزعه العقل ، ولكن يضاف إليه الوجود في الخارج ، ~~وبعبارة اخرى: يكون بحذائه شيء في الخارج ، فالزيد موجود ، والضرب أو العلم ~~موجود آخر ، ولكنهما في الحمل على المصاديق على نحو واحد وكيفية واحدة وإن ~~كان أهل المعقول يسمون كلا باسم خاص به ، فيسمون الأول بالخارج المحمول ، ~~والثاني PageV02P553 # بالمحمول بالضميمة ، وبالجملة ، لا يتصور مدخلية في هذا الفرق في صيرورة ~~أحدهما جهة تعليلية ، والآخر تقييدية. # والذي يمكن أن يقال في ملاك الجهتين : إنه متى وقع العنوان باعتبار ~~الوجود الساري تحت الحكم من غير فرق بين الانتزاعي والأصالي فهو جهة ~~تعليلية ، والحكم يعبر عنه إلى المصاديق. # والشاهد صحة تشكيل القياس ، فيقال مثلا : هذا عالم ، وكل عالم يجب إكرامه ~~، ينتج : هذا يجب إكرامه ، وكذلك يقال : هذا إنسان ، وكل إنسان ضاحك ، ينتج ~~: هذا ضاحك ، فإنه بعد وضوح أن المشار إليه بهذا ليس إلا الذات لا هي ~~معنونة بالعنوان ، لا محيص عن القول بكون الجهة تعليلية ، وإلا كان اللازم ~~عدم صحة الانتساب إلى الذات إلا مع تقييدها بالعنوان. # والسر في أن معنى تعلق الحكم بالطبيعة بهذا الاعتبار جعلها مع أي وجود ~~اتحدت ذات أثر كذا ، بحث اضيف الأثر إلى ذلك الموجود المتحد معها ، كما هو ~~الحال في حرارة النار ، فإنها تسري بسراية النار ، فكما أن نفس النار ms1136 متحدة ~~مع هذه النار الشخصية المدورة مثلا ، مع أن المدورية خارجة عن حقيقة النار ~~، كذلك حرارتها أيضا قائمة في الخارج بهذه النار الشخصية المدورة ، ولا ~~يخفي أن هذا مقتضى طبع الطبيعة ، وخلاف ذلك أعني التجريد عن الخصوصيات مع ~~حفظ السريان هو المحتاج إلى المئونة. # وعلى هذا فالجهة التقييدية إنما يتحقق بملاحظة التقييد في الموضوع الخاص ~~، كأن تعلق الحكم على الزيد المقيد بالصداقة أو العلم. # وحاصل ما ذكرنا أن الحكم المتعلق بالطبيعة بلحاظ الوجود السرياني نحو ~~أكرم العالم يكون متعلقا بعين الأشخاص الخاصة من الزيد والعمرو والبكر و PageV02P554 # غير ذلك ، غاية الفرق أن هذه عناوين تفصيلية ، والملحوظ بمرآتية العالم ~~نفس تلك الذوات بطريق الإجمال. # والشاهد على هذا المدعى صحة تشكيل القياس ، حيث إنه من المعتبر في إنتاج ~~الشكل الأول كون الكبرى محصورة حتى يكون الأصغر محكوما عليه فيها بالعنوان ~~الإجمالي ، فيكون الفرق بينها وبين النتيجة في صرف كون الحكم فيها بالعنوان ~~التفصيلي ، دون الكبرى. # وبالجملة ، فحال العنوان حال «هؤلاء» و «من في الصحن» في كونه غير مقصود ~~بالأصالة ، وإنما جيء به للإحاطة بتمام الجزئيات المشتتة حتى لا يشذ عنها ~~شيء ، فشأنه السورية والإحاطة. # ولكن الفرق بينه وبين «هؤلاء» وشبهه أن فيه مضافا إلى هذه الفائدة فائدة ~~اخرى ليست في «هؤلاء» وشبهه ، وهي الإشارة إلى علة الحكم وأنه وجود هذا ~~العنوان ، فالحكم أولا على الفرد ، والعلة تحقق الطبيعة في ضمنه ، لا أن ~~الحكم على الطبيعة وهو علة لثبوته على الفرد حتى يقال : لا سببية ولا ~~مسببية بين الكلي والفرد ، لا في ذاتهما ولا في عرضهما. # والحاصل أنه تارة يقال : الحكم على العالم بالوجود السريانى سبب للحكم ~~على الزيد والعمرو والبكر ، وهذا مخدوش بما عرفت ، واخرى يقال : الحكم على ~~الزيد والعمرو والبكر ، والعلة وجود العلم فيهم ، وهذا يستفاد من مناسبة ~~الحكم والموضوع. # ويمكن أن يكون هذا وجها لعد الأصل الجاري في حكم العنوان والجاري في حكم ~~الشخص من باب الأصل في السبب والأصل في المسبب ، مثلا إذا شككنا في نسخ حكم ~~أكرم العالم ms1137 فهنا شكان ، أحدهما في بقاء هذا الحكم ، والآخر في حكم الزيد ~~الشخصي ، فتارة يقال : وجهه سببية حكم الكلي لحكم الفرد ، وهذا PageV02P555 # منقوض ، واخرى يقال : وجهه كون الشك في بقاء حكم الزيد ناشئا عن نفاد ~~علية العلم للوجوب أو بقائها ، فاستصحاب حكم الكلي حيث إنه رافع للشك في ~~بقاء العلية يكون مقدما على استصحاب حكم الجزئي ، وبهذا يمكن تقريب تقدم ~~الاستصحاب التعليقي أيضا على الفعلي المخالف ، فإن الشك في بقاء حكم الحرمة ~~مسبب عن نفاد علية الغليان وعدمه ، فالاستصحاب التعليقي يرفع هذا الشك. # فإن قلت : تمام ما ذكرت إلى هنا مبني على أن يكون الأفراد الملحوظة هي ~~الذوات المعراة عن وصف تلبسها بالعنوان ؛ إذ هذا معنى التعليلية ، ولو كان ~~الوصف مأخوذا لكان العنوان جهة تقييدية ، وكذلك يكون النتيجة في القياس ~~أيضا وهو قولنا : العالم حادث مثلا هو ذات العالم ، لا العالم المتقيد بوصف ~~التغير ، ومسلمية هذا في محل المنع ، لإمكان أن يقال : إن قولنا : زيد عالم ~~، يكون الملحوظ فيه عند قولنا : زيد ، هو المعنى الذي لا يقبل محمولا ~~مقابلا للعالم ، وهكذا قولنا : زيد جاهل يكون ملحوظ المتكلم عند قوله : زيد ~~، معنى غير قابل لحمل غير الجاهل ، وعلى هذا تكون الجهة تقييدية لا تعليلية ~~، كما هو واضح. # قلت : نعم ما ذكرت أيضا ممكن ، لكن الأمر على هذا دائر بين ما ذكرنا فلا ~~إشكال وبين ما ذكرت ، وحينئذ يمكن دعوى خفاء الواسطة ، فإن وجود هذا التقيد ~~في الموضوع على فرض ثبوته يكون بمثابة من الدقة والخفاء ، بحيث يشتبه الأمر ~~على العرف ويتوهمون كونه نفس الذات. # والحاصل إما ندعي أن ملحوظ القائل في جميع الموارد ليس إلا معنى واحدا ، ~~وهو مفاد زيد الذي هو لا بشرط عن العلم وغيره ، وعلى هذا فلا إشكال في ~~الاستصحاب ، وإما ندعي بأن الموضوع والملحوظ ولو بنحو تعدد الدال والمدلول ~~هو المقيد ، لكن العرف لا يفهم التقييد ، وعلى هذا أيضا لا إشكال في ~~الاستصحاب لخفاء الواسطة. PageV02P556 # ثانيها : الاستصحاب في الموضوعات الخارجية بتوهم أنه لا أثر لها شرعا إلا ~~بواسطة ms1138 انطباق العناوين الكلية عليها ، ضرورة أن الأحكام الشرعية يكون لها ~~لا للموضوعات الخارجية الشخصية ، فيكون استصحابها بملاحظة تلك الأحكام مثبتا. # قال شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته الشريفة : يمكن توجيه الإشكال بثلاثة وجوه. # الأول : أن يكون المراد استصحاب وجود الموضوع بتوهم أنه محتاج إلى انطباق ~~عنوان الكلي عليه ، مثل استصحاب وجود الزيد ، فإنه يحتاج إلى تطبيق «هذا ~~زوج» عليه ، فإن الحكم مرتب على الزوج لا الزيد ، وهذا إشكالا ودفعا مثل ~~المورد المتقدم حرفا بحرف. # الثاني : أن يكون المراد استصحاب اتصاف الموجود الخارجي مع الفراغ عن ~~وجوده بعنوان كذائي ، مثل استصحاب خمرية هذا المائع الموجود إذا شك في ~~انقلابها خلا بتوهم أن ما هو شأن الشارع هو الكبرى ، وهو أن الخمر حرام ، ~~وأما الصغرى وهو أن هذا خمر ، ثم النتيجة وهو أنه حرام ، فهو من فعل العقل ~~، فاستصحاب خمرية المائع محتاج إلى تطبيق خطاب «لا تشرب الخمر» على هذا ~~المائع وهو عقلي. # وجوابه أن التطبيق هنا بنفسه من فعل الشرع ، ومعنى تطبيق الخمر أيضا ~~ترتيب حكمه وهو الحرمة على هذا المائع ، والحاصل أن العقل بالنسبة إلى ~~الأفراد الواقعية للخمر يرتب القياس ويدرك حكم الشرع في موضوعه ، فشأنه ~~الإدراك فقط ، لا الحكم أو ترتيبه ، وأما الفرد التعبدي فما كان يفعله ~~العقل في الواقعي بنحو الإدراك يتصداه الشرع فيه بنحو الجعل والتنزيل ، ولا ~~دخالة للعقل بوجه. # الثالث : أن يكون المراد استصحاب الاتصاف في الموجود الخارجي أيضا ، لكن ~~بتوهم أن الحكم الشرعي لم يترتب على نفس الموضوع الخارجى ، بل على فعل PageV02P557 # المكلف متقيدا بإضافته إلى الموضوع الخارجي ، مثلا لم يترتب الحرمة على ~~عين الخمر ، بل على الشرب المضاف بها ، فاستصحاب كون هذا المائع خمرا يحتاج ~~إلى واسطة أن شربه شرب الخمر ، وعلى هذا يسري الإشكال إلى موارد كثيرة. # مثلا استصحاب القلة في الماء يحتاج إلى إثبات أن ملاقاة هذا الماء ملاقاة ~~القليل ، واستصحاب نجاسة اليد مثلا يحتاج إلى إثبات أن ملاقاتها ملاقاة النجس. # واستصحاب الطهارة في الماء مع حدوث الكرية في اللاحق ، أو استصحاب الكرية ms1139 ~~مع حدوث الإطلاق في اللاحق يحتاج إلى إثبات أن الكرية المضافة إلى هذا ~~الماء هي الكرية المضافة إلى الطاهر ، أو أن الطهارة المضافة إلى هذا ~~المائع هي الطهارة المضافة إلى الماء. # واستصحاب الطهارة الحدثية في المصلي يحتاج إلى إثبات أن صلاته صلاة شخص ~~طاهر واقعي ، إلى غير ذلك من موارد كثيرة يجدها المتأمل. # وحاصل الجواب عن الكل أن خطاب «لا تنقض» بحسب ما مر من البيان مخصوص بما ~~إذا كان للمستصحب أثر مرتب عليه بلا واسطة حتى يكون الشارع جاعلا لهذا ~~الأثر عليه بلسان «لا تنقض». # ونقول في المقام : إذا رتب الشارع حكم الحرمة على شرب الخمر بنحو التقييد ~~فالموضوع ينحل إلى شرب وخمر ، فما كان من هذا الحكم حصة الخمر وأثرها بلا ~~واسطة هو أن الشرب المتقيد بها حرام ، فاستصحاب الخمرية ناظر إلى هذا الأثر ~~، فمفاده أن الشرب المتقيد بهذا المائع بمنزلة الشرب المتقيد بالخمر. # وكذا إذا رتب حكم العصمة على الماء الطاهر الكر بنحو التقييد ، فالموضوع ~~منحل إلى أجزاء ، فما يصير حصة الماء الطاهر هو أن الكم الخاص القائم به ~~عاصم ، فاستصحاب الطهارة مع حدوث الكرية ينزل الكم المضاف بهذا المشكوك ~~منزلة الكم المضاف بالطاهر الواقعي. PageV02P558 # وكذا إذا رتب حكم الوجوب على الصلاة الصادرة عن الشخص الطاهر بنحو ~~التقييد، فما يكون حصة للشخص أن الصلاة الصادرة منه واجبة ، فمعنى استصحاب ~~الطهارة الحدثية أن الصلاة الصادرة من هذا الشخص صلاة صادرة من الطاهر ~~الواقعي. # نعم هذا إنما يستقيم إذا اعتبرت الطهارة وصفا في الفاعل ، كما هو الواقع ~~، وأما اذا اعتبرت وصفا في الصلاة فاستصحابها لا يثبت تقيد الصلاة بها. # وحاصل الفرق بين المقامين أن تقيد الصلاة في الأول بشخص هذا المصلي محرز ~~بالوجدان والاستصحاب أيضا يفيد تنزيل صدورها منه منزلة صدورها عن الطاهر ~~الواقعي ، وأما في المقام الثاني فليس للصلاة تقيد وجداني حتى ينزل منزلة ~~الواقعي ، ولا يتكفل الاستصحاب أيضا أزيد من الحكم بالطهارة مع كون الأمر ~~بحسب الواقع مرددا بين تقيد الصلاة بالطهارة وعدمها. # والحاصل أن التقيد ليس ms1140 مما تكفله الاستصحاب ، ولا هو وجداني حتى يلحقه ~~التنزيل ، ولا يتوهم أن هنا أيضا تقيدا بحالة المكلف أيا ما كانت ، فإن ~~استصحاب الطهارة لا يفيد كون الحالة طهارة ، بل يفيد نفس الطهارة ، وبعبارة ~~اخرى : مفاده أن الطهارة باق بنحو مفاد كان التامة ، لا أن هذه الحالة ~~طهارة بنحو مفاد كان الناقصة. # وضابط المقام أنه كلما اعتبر القيد في محل واعتبر إضافة المقيد إلى ذلك ~~المحل ، فاستصحاب القيد ينزل المقيد بهذا المحل منزلة المقيد بالمحل ~~المتلبس الواقعي ، فتلبس المحل محرز بالأصل ، وتقيد الذات بالمحل محرز ~~بالوجدان ، فصار الموضوع محرزا بكلا جزئية ، وكلما اعتبر القيد أولا في ~~الذات فاستصحاب القيد غير مثمر ؛ لأن مفاده أن الذات المقيدة به محكوم بكذا ~~، ولكن التقيد غير محرز لا بالاصل ولا بالوجدان. # * * * PageV02P559 ### | في ما يتعلق باستصحاب تأخر الحادث. (1) # اعلم أنه لا فرق في جريان الاستصحاب بين ما إذا كان المستصحب مشكوك ~~الارتفاع من رأس ، وبين ما إذا كان أصل الارتفاع معلوما وكان المشكوك تقدمه ~~وتأخره ، فكلا القسمان مشتركان في أنه يجري الاستصحاب إلى آخر أزمنة الشك ، ~~فلو علم انقلاب العدم بالوجود ولم يعلم متى انقلب فالعدم المحرز في الزمان ~~السابق مجرور بالاستصحاب الى أن يتيقن بالانقلاب. # نعم هذا مختص بما إذا كان الأثر ثابتا لذات العدم ، وأما الأثر المترتب ~~على عنوان الحدوث فلا يترتب بهذا الاستصحاب ، لكونه مثبتا إلا على تقدير ~~كون الحدوث عبارة عن نفس العدم السابق والوجود اللاحق. # وهكذا الحال في جانب الوجود إذا احرز في زمان سابق وشك في أنه في هذا ~~الزمان انقلب أو في الزمان البعد مع مفروغية أصل الانقلاب ، فإنه لا شبهة ~~في الاستصحاب في الزمان المشكوك بالنسبة إلى أثر أصل الوجود ، هذا هو ~~الكلام في ما لو اريد الاستصحاب بالقياس إلى ذات الأمر الحادث ، وأما ~~بالقياس إلى حادث آخر كما اذا كان هنا حادثان فلو كان الأثر لتأخر أحد ~~الحادثين عن الآخر فلا إشكال في عدم إثبات عنوان التأخر بالاستصحاب ، ولو ~~كان لعدم كل منهما في زمان وجود الآخر ms1141 ، فهذا يتصور له ثلاث حالات. # الاولى : أن يعلم تاريخ حدوث كليهما ، الثانية : أن يجهل تاريخ كليهما ، ~~الثالثة : أن يعلم تاريخ أحد الحادثين ويجهل الآخر ، فالاولى لا كلام فيها ~~، لعدم الشك فيبقي الكلام في الاخريين. # أما صورة الجهل بالتاريخين فذهب شيخنا المرتضى قدسسره الشريف إلى أن ~~أصالة العدم في كل منهما جارية ذاتا ، ولكنهما يتساقطان بالمعارضة ، مثاله ما إذا PageV02P560 # علمنا بملاقاة اليد النجسة لهذا الماء وعلمنا بقلة الماء سابقا وصيرورته ~~كرا في بعض الأزمنة اللاحقة إجمالا ، ولكن يحتمل كون الكرية قبل الملاقاة ~~والعكس وكونهما متقارنين ، فاستصحاب القلة المعلومة إلى حال حدوث الملاقاة ~~يفيد كون الملاقاة الوجدانية لهذا الماء بمنزلة الملاقاة للقليل ، واستصحاب ~~عدم الملاقاة المعلومة إلى حال حدوث الكرية يفيد كون الملاقاة الوجدانية ~~لهذا الماء بمنزلة الملاقاة للكر ، وأثر الأول التنجس والثاني عدمه ، ~~فيتعارضان. # وأما صورة الجهل بأحدهما والعلم بالآخر فالاستصحاب في المعلوم التاريخ ~~غير جار ؛ لعدم الشك في الأجزاء الخارجية ؛ إذ ما قبل ذلك التاريخ نقطع ~~بعدمه ، وبعده بوجوده ، فيبقي استصحاب العدم في الطرف المجهول إلى حال ~~الحدوث المعلوم للآخر جاريا بلا معارض. # قال شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته الشريفة : ما ذكره قدسسره في المجهول ~~تاريخ أحدهما متين ، وأما حديث المعارضة في مجهولي التاريخ فمخدوش بعدم ~~جريان الاستصحاب رأسا ، لا أنه جار ويسقط بالمعارضة ، وذلك لأن كلا من ~~الموردين شبهة مصداقية لنقض اليقين بالشك. # بيان ذلك أنا لو فرضنا العلم في أول الزوال بوجود كليهما ، ولكن احتملنا ~~حدوث كل واحد فيه وفي ما قبله ، فاستصحاب عدم كل إلى زمان حدوث الآخر بعد ~~احتمال كون زمان حدوث الآخر هو أول الزوال الذي فرض العلم فيه بانتقاض ذلك ~~العدم بالوجود يكون من الشبهة المصداقية لنقض اليقين بالشك ؛ لاحتمال كونه ~~نقضا لليقين باليقين. # توضيح المقام أن المقصود تارة إثبات أو نفي حقيقة الوجود لكل من الحادثين ~~في الأزمنة المشكوكة ، واخرى مع قيد زائد على أصل الوجود ، كالوجود المتصف ~~بصفة المقارنة للحادث الآخر أو التقدم أو التأخر. # لا إشكال في كون الثاني مسبوقا بالعدم ms1142 بنحو مفاد كان التامة ، سواء في ~~معلوم التاريخ أم مجهوله ، وليس له حالة سابقة بنحو مفاد كان الناقصة ، من ~~غير فرق بينهما PageV02P561 # أيضا ، فالكلام كله في ما إذا اريد إيراد النفي والإثبات على أصل وجود كل ~~من الحادثين ، بدون إضافة قيد إليه أصلا. # وحينئذ يفترق الحال في ما كان أحد الحادثين معلوم التاريخ والآخر مجهوله ~~، وفي ما كان كلاهما مجهوله ، ففي الأول لا استصحاب في المعلوم التاريخ ، ~~إذ الفرض أن حدوث الملاقاة مثلا في أول طلوع الخميس معلوم ، فلا شك في عدم ~~الملاقاة قبله ، ولا شك في انتقاض عدمها بالوجود بعده. # وهذا بخلاف الحال في المجهول التاريخ ، فإن أصل انتقاض عدم الكرية مثلا ~~بالوجود وإن كان معلوما ، لكن زمانه مردد بين ما قبل طلوع الخميس ونفسه وما ~~بعده ، فلا يجرى استصحاب عدمه في الجزء الأخير المعلوم فيه انتقاض العدم ~~إما فيه أو في سابقه ، ولكن لا مانع من استصحاب عدمه في ما قبله ، الذي منه ~~زمان الطلوع الذي حدث فيه الملاقاة. # هذا هو الحال في مجهول تاريخ أحدهما ، فيكون عدم الكرية محرزا بالأصل ~~والملاقاة التي هي جزء آخر للموضوع محرزة بالوجدان ، فيكون الماء قد لاقي ~~النجس بالوجدان ، وهو ليس بكر في حال حدوث الملاقاة بالأصل. # وأما المجهول تاريخ كليهما فالمقصود فيهما أيضا استصحاب أصل الوجود ~~إثباتا أو نفيا ، لا الوجود المضاف بأحد الاعتبارين ، فإشكال عدم الحالة ~~السابقة على تقدير وعدم الفرق بينهما وبين المجهول أحد التاريخين وإن كان ~~مدفوعا ، ولكن هنا شبهة اخرى وهي أن قيد زمان الحادث الآخر في قولنا : نشك ~~في وجود أحد الحادثين وانتقاض عدمه في زمان الحادث الآخر ليس جزوا من ~~المستصحب حتى يكون هو الوجود الخاص بأحد الاعتبارين ، بل المستصحب نفس ~~العدم الأزلي في كل منهما بلا أخذ شيء فيه. # وحينئذ لا محالة يصير قيد زمان الآخر إشارة صرفة إلى الأجزاء الخارجية من ~~الصبح والعصر والظهر وغير ذلك ، فلا بد أن يكون الشك متحققا في نفس الزمان ~~الخارجي المشار إليه بهذا العنوان. PageV02P562 # ونحن إذا راجعنا ms1143 الخارج رأينا من جملة قطعات الزمان الخارجي الذي يحتمل ~~كون عنوان زمان الآخر منطبقا عليه وإشارة إليه زمانا نقطع باجتماع كلا ~~الحادثين فيه ، ونحتمل كونه ظرفا لحدوث كليهما ، ونحتمل حدوث كليهما أو ~~أحدهما في ما قبله ، والمفروض أنه لا شك لنا في هذا الجزء الخارجي ، وقد ~~كان المعتبر وجود الشك في انتقاض العدم الأزلي في أي زمان خارجي فرض تطبيق ~~ذلك العنوان عليه. # ألا ترى أنه لو اريد استصحاب الفرد الواقعي في ما إذا تردد فرد الكلي بين ~~البق المقطوع الزوال والفيل المقطوع البقاء ، بحيث جعل عنوان الفرد الواقعي ~~عبرة وحكاية عن نفس الجزئي الواقعي لا يصح الاستصحاب ؛ إذا المعتبر حينئذ ~~تحقق الشك في البقاء في كل شخص خارجى محتمل انطباق هذا العنوان عليه ، وليس ~~في شيء من الخارجيين شك في البقاء. # وهنا أيضا لنا قطعتان خارجيتان من الزمان ، إحداهما طلوع الخميس ، وهي ~~ظرف الشك في انتقاض كل من العدمين بالوجود ، والاخرى زواله ، وهى ظرف القطع ~~بالوجود وانتقاض العدم ، فإذا لوحظ عنوان زمان حدوث الآخر واشير به إلى نفس ~~حقيقة الزمان الخارجى من الطلوع والزوال ، واريد استصحاب نفس العدم الغير ~~المقيد بشيء إلى هذا الزمان فلا بد من تحقق الشك في أي زمان خارجى فرض ~~مصداقا لهذا العنوان ، والمفروض تحقق القطع في الزوال ، مع كونه محتمل ~~المصداقية لهذا العنوان. # فإن قلت : زمان حدوث الآخر وإن كان إشارة ، لكنه مع ذلك مفترق عن الصورة ~~التفصيلية المشار إليها ، فإنها بين المشكوك انتقاض العدم فيها والمعلوم ، ~~ولكن هذه الصورة الإجمالية الحاكية حيث إنها ذات تقديرين ، بأحدهما يكون ~~مقطوعه ؛ لأنها إن انطبقت على قطعه الزوال كانت ظرفا للقطع ، وإن انطبقت ~~على الطلوع كانت ظرفا للشك ، كان المتحصل من اجتماع التقديرين هو الشك. # قلت : نعم الحاصل فعلا من اجتماعهما هو الشك ، لكن لا في الانتقاض وعدمه ~~، بل في الشك والقطع ، يعني أنه لا يدري هل هو شاك في هذا الزمان ، أو هو ~~قاطع ، و PageV02P563 # لا يضر شك الإنسان في حالته الوجدانية إذا كان الملحوظ وجه ms1144 المطلوب ، لا ~~هو بصورته التفصيلية ، والممتنع هو الثاني. # ألا ترى أنك لو علمت بأن زيدا عادل ، وشككت في عدالة عمرو ، فعنوان ~~أحدهما بما هو هذا العنوان وإن كان لا محالة مشكوك العدالة ، ولكن العنوان ~~المشير إلى الفردين مثل «كل منهما» أو «أي منهما» ليس مشكوكا ، بل محتمل ~~الانطباق على المشكوك والمعلوم ، ومن هنا نقول في استصحاب الحيوان المردد ~~بين الفرد القصير والطويل : إنه إنما يجري لو جعل الحيوان موضوعا ، وأما لو ~~جعل عبرة ومعرفا للفردين فلا مجرى للاستصحاب فيه ؛ لعدم الشك في البقاء في ~~شيء من الفردين. # فإن قلت : لا نجعل زمان حدوث الآخر جزء المستصحب ، بل هو نفس العدم ، ~~ولكن لا نجعله عبرة وإشارة أيضا ، بل ملحوظا على وجه الموضوعية والاستقلال ~~، وقد اعترفت بحصول الشك فيه على هذا التقدير. # قلت : إذا اعترفت بكون المستصحب نفس العدم فلا يجدي حصول الشك فيه ~~بملاحظة اقترانه بأمر خارجي كطيران الغراب ونحوه ، بل لا بد من لحوق الشك ~~في قطعة الزمان المتأخر الذي يراد استصحابه إليه بنفس المستصحب ، والمفروض ~~أن نفس العدم بلا لحاظ شيء معه أصلا إذا اريد جره إلى زمان الحدوث الواقعي ~~الخارجي للآخر ، يكون أمره مترددا بين الجر إلى زمان الشك في انتقاضه ، ~~وبين الجر إلى زمان القطع بانتقاضه ، وإن كان انتقاضه بملاحظة انضمام بعض ~~العناوين الخارجة مشكوكا فيه ، وهذا واضح لا سترة عليه. # فإن قلت : كما أنه في مورد العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإنائين مثلا يكون ~~عنوان الأحد معرفا ، ومع ذلك هو معروض العلم ، وكل من الإنائين مشكوك ولا ~~يلزم اجتماع الضدين بواسطة عدم سراية العلم من الصورة الإجمالية إلى ~~التفصيلية وهما صورتان منحازتان ، كذلك نقول بعينه في المقام أن قطعة ~~الزوال بهذه الصورة التفصيلية معروض القطع ، ولا ينافي كون العنوان المجعول ~~عبرة إلى إحدى القطعتين منها ومن قطعة الطلوع معروضا للشك ؛ لاختلاف ~~الصورتين. PageV02P564 # قلت : ما ذكرته في مورد العلم الإجمالي أيضا في محل المنع ، وكيف يكون ~~العنوان عبرة واللازم منه اجتماع الضدين ، بل متعلق العلم هناك عنوان الأحد ms1145 ~~بنحو الاستقلال والموضوعية وعدم سراية النجاسة إلى كلا الفردين منه ؛ لأجل ~~أن النجاسة المعلومة ليست متعلقة بعنوان الأحد ابتداء ، بل في ضمن الخاص ، ~~فالمعلوم لنا بالحقيقة ليس إلا الأحد النجس ، وقولنا : الأحد النجس ، يكون ~~الموضوع فيه ذا تضيق ملازم مع عنوان النجس ، وليس مطلقا مرسلا. # والشاهد الآخر على هذا أنه لو فرض نجاسة كلا الإنائين واقعا فلا مفر لك ~~عن القول بعدم الميز الواقعي للمعلوم إجمالا ، وأنه أمر متساوي النسبة إلى ~~الطرفين ، ولا ميز له واقعا ، والفرق بينه وبين صورة نجاسة أحدهما ، فيه ما ~~لا يخفي من عدم اختلاف متعلق العلم حسب الاختلاف في الواقع ونفس الأمر. # وملخص الكلام في مجهولي التاريخ أنا إذا قطعنا تفصيلا بأصل وجود كلا ~~الحادثين في أول الزوال مع التردد في كونه زمان الحدوث أو قبله ، فاستصحاب ~~العدم الأزلي لكل منهما إلى الآن المتصل بالزوال قبله لا إشكال في تحقق ~~أركانه ، لفرض كونه ظرف الشك في البقاء، ولكن الموضوع بمجرد هذا لا يتم ~~بواسطة عدم إحراز جزئه الآخر وهو حدوث الآخر في هذا الآن. # كما لا إشكال في أن استصحاب العدم إلى نفس الزوال الذي فرض القطع ~~التفصيلي فيه بالانتقاض لا مجرى له ، لعدم الشك. # فيبقي استصحاب العدم إلى الزمان الواقعي لحدوث الآخر ، وهو مردد بين آن ~~قبل الزوال الذي قلنا بتحقق المجرى للاستصحاب ، ونفس الزوال الذي قلنا بعدم ~~تحقق المجري له، وهذا معنى كونه شبهة مصداقية. # ثم إن المحقق الخراساني قدسسره حاول في الكفاية عدم جريان الاستصحاب في ~~مجهولي التاريخ ببيان آخر ، وهو عدم إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين. PageV02P565 # قال شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته الشريفة : ليس مقامنا محلا لهذا ~~الكلام ؛ إذ المفروض أن أزمنة الشك في بقاء العدم الأزلي متصلة بزمان ~~اليقين به ، وإنما محلة ما إذا كان الحادثان اللذان تكلمنا في استصحاب ~~عدمهما الأزلي بحيث وجود كل منهما كان ناقضا للآخر ، مثل الطهارة والحدث في ~~ما اريد استصحاب وجودهما ، حيث إنه لو علم المكلف بتعاقب حالتي الطهارة ~~والحدث عليه في ساعتين ms1146 ولم يعلم بأن أيهما مقدم وأيهما مؤخر ، فهو لا محالة ~~في الساعة الثالثة شاك في بقاء كل من الحالتين مع علمه بأصل حدوثهما في ~~إحدى الساعتين ، فتارة يقال بجريان الاستصحاب في الطرفين والتساقط ~~بالمعارضة. # ولكن الحق عدم الجريان ، والمانع هنا من طرف الأول ، كما كان في استصحاب ~~العدميين من طرف الآخر. # بيانه أن من المعتبر في الاستصحاب أن يكون زمان الشك عند جره بطريق ~~القهقرى متصلا بزمان تكون فيه الحالة السابقة المتيقنة ، وفي المقام لا ~~يحرز ذلك ؛ إذ لا يحرز اتصال أزمنة الشك في الطهارة مثلا بزمان الطهارة ~~المتيقنة ، لاحتمال اتصالها بزمان الحدث المتيقن ، فهذا الاستصحاب شبهة ~~مصداقية من طرف الأول لكبرى الاتصال ، كما كان في المقام المتقدم شبهة ~~مصداقية من طرف الآخر لكبرى نقض اليقين بالشك. # وأما البرهان على اعتبار الاتصال وجهان : # أحدهما : أن مفاد الاستصحاب جر المستصحب ، يعني أن نضيف إلى العمر ~~المتيقن للمستصحب عمرا آخر ونجعل عمره مطولا ، وفي ما نحن فيه لا نضيف عمرا ~~إلى عمره ، بل على فرض الجريان يطبق مطول العمر الذي فرغ عنه على المستصحب. # مثلا نفرض أن أيا من الطهارة والحدث كان متقدما كان مدة بقائه ساعة ، ~~وأيا منهما كان متأخرا ، فهو إلى الآن الذي هو زمان الاستصحاب باق ، ونفرض أن PageV02P566 # الساعات المتوسطة بين الساعة الاولى وزمان الاستصحاب ست ساعات ، فحينئذ ~~لسنا بشاكين في أن عمر كل منهما على فرض التأخر ست ساعات لا أزيد منها. # إنما الكلام في أن المتأخر هو الطهارة حتى يكون هو واجد هذه الست الساعات ~~، أو الحدث حتى يكون هو كذلك ، فالاستصحاب يفيد على فرض الجريان تعيين هذه ~~المدة المطولة المحدودة التي لا تزيد ولا تنقص في الطهارة أو في الحدث ، ~~وقد فرضنا أن شأن الاستصحاب إعطاء البقاء للمستصحب ، لا تعيين البقاء ~~المفروغ عنه في المستصحب. # والحاصل أن عدم النقض الاستصحابي متعلق باليقين بملاحظة استمرارها الجائي ~~من قبل استمرار متعلقه ، وإلا كان قاعدة الشك الساري ، وحينئذ فمفاد ~~الاستصحاب تحصيل عدم النقض فى مقام الدوران بين أصل حصول ms1147 هذا العدم ونقيضه ~~، فلسانه جعل العدم في هذا التقدير مضافا إلى اليقين ، ولازم ذلك أطولية ~~عمر اليقين وانجرار استمراره. # وأما لو كان هذا العدم حاصلا ، يعنى نعلم بأن في البين عدم نقض محققا ، ~~ونشك في إضافته إلى اليقين أو إلى أمر آخر ، فليس تحصيل هذه الإضافة من ~~وظيفة الاستصحاب ، ففي المثال السابق وإن كان لنا يقين بالحدوث وشك في ~~البقاء بالنسبة إلى كل من الطهارة والحدث في الساعة الأخيرة ، ولكن الشرط ~~المذكور وهو كون التعبد في أصل حصول عدم النقض في قبال نقيضه مفقود ، وإنما ~~يكون موجودا لو كنا نحتمل كون مدة كل من الأمرين سبع ساعات ، وليس هذا ~~بمحتمل. # فالذي نعلم أن لنا موجودين ، أحدهما في ساعة واحدة ، والآخر في ست ساعات ~~، ولا يحتمل في البين موجودا في سبع ساعات ، والذي نشك هو أن الموجود ~~الأطول هل هو الطهارة أو الحدث ، وحيث إن الاستصحاب حكم ظاهري فهو لا محالة ~~معمول في مورد الشك ، وهنا بعد التحليل صار المشكوك لنا PageV02P567 # تعيين الغير المنقوض ، وأنه هذا أو ذاك ، لا أن المشكوك هو أن هذا منقوض ~~أو لا ، ومجرى الاستصحاب هو الشك الثاني دون الأول ، هذا. # ولكن يمكن أن يقال : إن المعتبر في الاستصحاب ليس إلا يقينا وشكا موجودين ~~بالفرض ، وعند ذلك يجري حكم «تعبد بالبقاء» وليس فيه أن يكون منشأ الشك في ~~البقاء ما ذا ، فقد يتحقق الشك في بقاء الشيء بواسطة عدم العلم بأن المنطبق ~~عليه أي من الموجودين الذين أحدهما قصير والآخر طويل. # فالمتحصل بالأخرة حينئذ هو الشك في أن هذا الشيء باق أو لا ، وهذا ~~المقدار كاف ، ولو لا ذلك لما كان مجرى للاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي ~~بانتقاض الحالة السابقة ، فإن لنا موجودين ، أحدهما منتقض قطعا ، والآخر ~~غير منتقض كذلك ، فهذا الطرف المعين مثلا نشك في كونه هو المنتقض أو غير ~~المنتقض ، وحينئذ يبقي ما ذكرتم من لزوم أطولية عمر المستصحب بالاستصحاب ، ~~وهو موجود في أطراف العلم وغير موجود في المقام. # ويمكن جوابه أيضا بأنه إن كان ms1148 المقصود أن الشارع بالاستصحاب يجعل العمر ~~الواقعي للمستصحب أزيد وأطول ، فهذا المعنى مقطوع العدم في جميع المقامات ؛ ~~إذ الاستصحاب تعبد ظاهري مع بقاء المستصحب على ما هو عليه من العمر الواقعي ~~بحده الواقعي. # وإن كان المقصود أنه مع دوران أمره واقعا بين الحدين الأقل والأكثر ~~يتعبدنا الشارع في الظاهر بالبناء على الأكثر ، فهو في المقام موجود ؛ إذ ~~من المعلوم أن قول الشارع : ابن على بقاء الطهارة في المقام ، لا مانع منه ~~في الظاهر أصلا ، سواء كان عمره الواقعي ساعة واحدة أو ست ساعات ، وليس ~~مفاده : ابن على أنه سبع ساعات ، حتى يقال : إنه مقطوع الخلاف ؛ فإن لسانه ~~عدم نقض اليقين بالشك في البقاء من دون نظر له بأن الواقع ما ذا. PageV02P568 # نعم لو علمنا أن مبدأ وجود الطهارة أول السبع ساعات كان اللازم من هذا ~~الحكم الظاهري مع هذا العلم كونه سبع ساعات ، وبالجملة ، لا نظر للاستصحاب ~~في تعيين المبدا أو تعيين كم الوجود ، وإنما ينظر إلى تعيين المنتهى. # ولكنه دام أيام إفاداته الشريفة أجاب بأنا ولو قلنا بالاستصحاب من باب ~~الأخبار ، ولكن الموضوع المحكوم عليه في الأخبار متحد مع ما يقوله القائل ~~بأن ما ثبت يدوم ، وكما أن مجرى هذه القاعدة على فرض ثبوتها ما إذا كان ~~الشك في الطول والدوام للشيء الثابت ، ويزيد بسببها على مقدار ثبوته ~~المتيقن زمان آخر مشكوك فيه الثبوت ، كذلك الحال في الاستصحاب المأخوذ من ~~الأخبار ، فيكون من المعتبر فيه زيادة زمان على أزمنة الثبوت المتيقن ~~للمستصحب ، فلا مجرى له في ما لا مجال لزيادة شيء بواسطة الاستصحاب. # وإن شئت الدليل على أن المقام من هذا القبيل فافرض أنا علمنا بأن مدة ~~ثبوت كل من الحدث والطهارة كانت ست ساعات وشككنا في المتقدم والمتأخر ، فهل ~~نشك في أنه بالاستصحاب لا يزداد مدة الطهارة أو الحدث على الست ساعات ، ~~وعلى هذا فقس سائر الأمثلة ، هذا. # والوجه الثانى على اعتبار الاتصال في الاستصحاب أنا ولو قلنا بأنا لا ~~ندور في الاستصحاب مدار الشك في البقاء والارتفاع ms1149 ، ولهذا قلنا بجريانه في ~~ما ليس له البقاء والارتفاع كالتدريجيات ، ولكنه من المعتبر فيه بحسب ~~الانصراف تحقق زمان كان المكلف شاكا في الوجود والعدم بملاحظة ذلك الزمان ، ~~بحيث احتمل كونه ظرفا للوجود أو للعدم ، وليس الحال في زمان الشك في المقام ~~على هذا المنوال ؛ لأن أحد طرفي الاحتمال هو الوجود فيه ، والآخر هو العدم ~~، لكن لا فيه ، بل من السابق على هذا الزمان ، وهذا هو الحال في تمام آنات ~~زمان شكنا. # فإن قلت : قوله عليه السلام : «بل انقضه بيقين آخر» معناه حصر نقض اليقين PageV02P569 # باليقين ، ولو نقضنا يقيننا في المقام بالطهارة لكنا نقضناه لا باليقين. # قلت : المدعى أن هذا المورد حسب الانصراف خارج عن طرفي المستثنى منه ~~والمستثنى، فلا تشمله قضية انقض ولا لا تنقض. # هذا هو الكلام في اعتبار الاتصال في الاستصحاب ، وقد عرفت تفرع عدم جريان ~~الاستصحاب في الوجودين الذين أحدهما ناقض الآخر عند العلم بتحققهما وعدم ~~العلم بالسبق واللحوق. # ويظهر من المحقق الخراساني قدسسره أنه يتفرع عليه أيضا عدم جريان ~~الاستصحاب في العدمين الأزليين للحادثين المجهولي التاريخ الذي استندنا في ~~منع جريانه بكونه شبهة مصداقية لنقض اليقين بالشك. # قال في كفايته بعد ذكر عدم المورد للاستصحاب في ما كان المستصحب وما له ~~الأثر هو العدم المضاف ، ما لفظه : وكذا «يعنى لا مورد للاستصحاب» في ما ~~كان «أي الأثر» مترتبا على نفس عدمه في زمان الآخر واقعا وإن كان على يقين ~~منه في آن قبل زمان اليقين بحدوث أحدهما ؛ لعدم إحراز اتصال زمان شكه وهو ~~زمان حدوث الآخر بزمان يقينه ، لاحتمال انفصاله عنه باتصال حدوثه به. # وبالجملة ، كان بعد ذلك الآن الذي قبل زمان اليقين بحدوث أحدهما زمانان ، ~~أحدهما زمان حدوثه والآخر زمان حدوث الآخر ، وثبوته الذي يكون ظرفا للشك في ~~أنه فيه أو قبله ، وحيث شك في أن أيهما مقدم وأيهما مؤخر لم يحرز اتصال ~~زمان الشك بزمان اليقين ، ومعه مجال للاستصحاب ، حيث لم يحرز معه كون رفع ~~اليد عن اليقين بعدم حدوثه بهذا الشك من نقض ms1150 اليقين بالشك. # لا يقال : لا شبهة في اتصال مجموع الزمانين بذاك الآن ، وهو بتمامه زمان ~~الشك في حدوثه ، لاحتمال تأخره عن الآخر ، مثلا إذا كان على يقين من عدم ~~حدوث واحد منهما في ساعة ، وصار على يقين من حدوث أحدهما بلا تعيين في ساعة اخرى PageV02P570 # بعدها وحدوث الآخر في ساعة ثالثة كان زمان الشك في حدوث كل منهما تمام ~~الساعتين ، لا خصوص أحدهما كما لا يخفى. # فإنه يقال : نعم ولكنه إذا كان بلحاظ إضافته إلى أجزاء الزمان والمفروض ~~أنه بلحاظ إضافته إلى الآخر ، وأنه حدث في زمان حدوثه وثبوته أو قبله ، ولا ~~شبهة أن زمان شكه بهذا اللحاظ إنما هو خصوص ساعة ثبوت الآخر وحدوثه ، لا ~~الساعتين ، انتهى كلامه قدسسره . # أقول : إجراء القاعدة المذكورة على الاستصحاب في العدميين في مجهولي ~~التاريخ مبني على القول بكون العلم الإجمالي ناقضا ؛ إذ حينئذ نقول : نعلم ~~بانتقاض العدم الأزلي للكرية، غاية الأمر تردد زمانه بين الساعة الاولى بعد ~~الزوال مثلا ، والساعة الثانية. # فتارة نجعل مجموع الزمانين ملحوظا وظرفا للشك ، فنقول : كنا قاطعين بعدم ~~انتقاض العدم الأزلي إلى الزوال ، ونشك في انتقاضه في هذا الزمان ونشير إلى ~~الزمان الخارجي الذي مبدؤه الساعة الاولى ، ومنتهاه الساعة الثانية ، ~~باستثناء مقدار من آخرها يحصل فيه العلم بالانتقاض ، إما فيه وإما في ما ~~قبله ، فحينئذ لا شبهة في اتصال زمان الشك بزمان العدم المتيقن ، لكن موضوع ~~الاثر لا يحرز بذلك ؛ إذ لا يحرز انطباق زمان حدوث الملاقاة على شيء من ~~أجزاء هذا الزمان ، وقد كان الموضوع للأثر هو عدم الكرية في هذا الزمان ~~بالفرض ، لا العدم المطلق ، فإنه الفرض الأول ، أعني ما إذا اريد استصحاب ~~عدم الحادث بالقياس إلى نفس أجزاء الزمان ، لا بالقياس الى حادث آخر. # واخرى لا نلاحظ إلا زمان حدوث الملاقاة ، أعني نشير بهذا العنوان إلى ~~زمانه الواقعي الخارجي المردد عندنا بين الساعة الاولى والثانية ، فنقول : ~~في ذلك الزمان الواقعي للملاقاة اجتمع لنا يقين بعدم الكرية في السابق وشك ~~في انتقاضه في ذلك الزمان بالوجود. PageV02P571 # فحينئذ ms1151 حيث إن هذا الزمان الذي ظرف الشك مردد بين الساعة الاولى والثانية ~~، وانتقاض عدم الكرية الذي قلنا : إنه معلوم لنا أيضا مردد بين الساعتين ، ~~فيكون إحدى الاحتمالات كون ذلك الانتقاض ثابتا في الساعة الاولى ، وكون ذلك ~~الزمان منطبقا على الساعة الثانية ، فيكون في هذا التقدير زمان شكنا إذا جر ~~بطريق القهقرى لا يتصل بزمان العدم المتيقن الذي هو ما قبل الزوال ، بل ~~يتصل بزمان نقضه الذي علم إجمالا وتردد زمانه بين الساعتين. # فيكون الحال في هذا التقدير هو الحال في استصحابى الوجوديين لو اتصل في ~~استصحاب الطهارة مثلا زمان الشك فيها بزمان الحدث المتيقن ، غاية الأمر ~~الاشتباه هناك مع زمان الحالة السابقة المتيقنة وهو الطهارة مع تعين زمان ~~الشك وعدم اشتباهه ، وهنا الأمر بالعكس ، فيكون الاشتباه مع زمان الشك مع ~~تعين زمان الحالة السابقة المتيقنة وهو العدم الأزلي وعدم اشتباهه ، فتكون ~~نتيجة الاشتباه في كلا المقامين عدم إحراز اتصال زمان الشك بزمان الحالة ~~السابقة المتيقنة. # ومن هنا يعلم عدم جريان هذا الكلام في استصحاب الطهارة في الإنائين ~~المعلوم وقوع نجاسة في أحدهما لا بعينه ، فإنه ليس انتقاض الطهارة في شخص ~~كل منهما معلوما بالتفصيل ، وكان زمانه مرددا ، بل مشكوك تفصيلى ، بخلاف ~~المقام ، حيث إن الانتقاض معلوم تفصيلي إضافته بشخص كل من العدميين ، ~~والتردد إنما هو في الزمان ، فلهذا يكون استصحاب الطهارة في كل من الإنائين ~~في حد ذاته بلا مانع. # كما أنه لا مانع منه في مجهول التاريخ من الحادثين إذا كان الآخر معلوم ~~التاريخ ، فإنه لاحتمال تأخره عن معلوم التاريخ يكون تمام ما بين الزوال ~~وزمان حدوث المعلوم التاريخ ونفس هذا الزمان ظرفا لشكه ، وهذا المجموع متصل ~~بالزوال الذي هو آخر أزمنة اليقين ، ولو كان تاريخ المعلوم هو الزمان ~~المتصل بالزوال فالأمر أوضح. PageV02P572 ### | في ما يتعلق باستصحاب حكم الخاص. (1) # اعلم أنه لو دل الدليل الدال على الحكم في الزمان السابق عليه في اللاحق ~~إثباتا أو نفيا ، فلا إشكال في عدم جريان الاستصحاب ، لأن مورده عدم وجود ~~الدليل الاجتهادي. # إنما ms1152 الكلام في أنه لو كان لنا عام يدل على ثبوت الحكم لأفراده ، ثم خرج ~~منه فرد في زمان ففي ما بعد ذلك الزمان هل نرجع إلى استصحاب حكم المخصص ، ~~أو إلى عموم العام؟ مثلا لو قال : أكرم العلماء ، ثم علمنا بالإجماع عدم ~~وجوب إكرام زيد في يوم ، ففي ما بعد ذلك اليوم هل نرجع إلى استصحاب عدم ~~وجوب الإكرام أو إلى عموم أكرم العلماء؟. # لا بد أولا من تعيين موضوع البحث ، فنقول وبالله المستعان وعليه التكلان ~~: إن لاحظ المتكلم قطعات الأزمنة أفرادا ، كما لو قال : أكرم العلماء في كل ~~زمان ، فلا شبهة في أنه إذا خرج فرد في زمان يحكم بدخوله في حكم العام في ~~ما بعد ذلك الزمان ، سواء جعل تلك القطعات بحسب عناية الدليل قيدا للفعل ~~المأمور به أم ظرفا للنسبة الحكمية ، فإنه على الفرض الأول يصير الإكرام في ~~كل زمان فردا مستقلا للعام غيره في زمان آخر ، وعلى الثانى يصير القضية ~~متعددة بتعدد الأزمنة. # ولا إشكال في أن خروج زيد يوم الجمعة لا يوجب سقوط العام عن الحجية في ما ~~بعده على التقديرين ، فإنه على الأول إكرام زيد يوم الجمعة فرد من الإكرام ~~، وإكرامه في يوم السبت فرد آخر ، فإذا خرج فرد من العام نتمسك في الباقي ~~بعمومه ، وعلى الثاني القضية في حكم القضايا المتعددة ، فكأنه صدرت من ~~المتكلم قضية في يوم الجمعة وخرج منها زيد ، وأيضا صدرت منه تلك القضية في ~~يوم السبت ولم نعلم بخروجه من تلك القضية الثانية. PageV02P573 # والحاصل أن المقام مقام الأخذ بالعموم دون الاستصحاب ، بل قال شيخنا ~~المرتضى قدسسره : إنه في هذا المورد لم يجز التمسك بالاستصحاب وإن لم نتمسك ~~بعموم العام أيضا. # لكن في ما أفاده قدسسره نظر نبه عليه سيد المشايخ الميرزا الشيرازي ~~قدسسره ، وهو أن المانع من الأخذ بالاستصحاب مع قطع النظر عن العموم ليس ~~إلا عدم اتحاد الموضوع ، والموضوع في الاستصحاب بعد عدم أخذه من العقل كما ~~سيجيء إن شاء الله تعالى إما مأخوذ من الدليل ، وإما من ms1153 العرف. # فإن اعتبرنا الأول فالمعيار هو الموضوع المأخوذ في دليل الحكم المستصحب ، ~~وربما يكون الزمان قيدا بحسب الدليل الدال على العموم وظرفا للحكم بحسب ~~الدليل الدال على المخصص ، وإن اعتبرنا الثاني فالأمر اوضح ، فإنه قد يكون ~~الزمان قيدا في دليل المخصص أيضا ، لكن العرف يراه ظرفا للحكم ، مع ما عرفت ~~من عدم ملازمة ملاحظة الأزمنة أفرادا مع كونها قيدا للمأمور به ، لما مضى ~~من وجه آخر أيضا ، هذا على تقدير ملاحظة الأزمنة أفرادا. # وأما على تقدير عدم ملاحظة ذلك فالظاهر أن الحكم في القضية المفروضة ~~يتعلق بكل فرد ، ويستمر ذلك دائما ، حيث إنه لم يحدده بحد خاص ، ولم يقيده ~~بزمان خاص بالفرض ، ولا يخفي أن الاستمرار المستفاد هنا من مقدمات الإطلاق ~~حاله حال الاستمرار المستفاد من دليل الاستصحاب ، فيقتضي إطاعات عديدة ~~بتعدد الأزمنة ، ويكون له عصيانات كذلك. # والحاصل أنه فرق بين استمرار نفس الحكم وبين استمرار المأمور به ، فالأول ~~يفرض له إطاعات وعصيانات ، والثاني لا يفرض له إلا إطاعة واحدة وعصيان واحد ~~، والمقام من قبيل الأول. # وكيف كان فربما يدعى في هذه الصورة أنه إذا خرج الفرد من تحت العام في ~~زمان لم يكن العام دليلا على دخوله في الزمان الآتي ؛ لأن دلالة العام على ~~استمرار الحكم المتعلق بالفرد فرع دلالته على نفس الفرد ، فإذا خرج الفرد ~~من تحته يوم الجمعة PageV02P574 # فأنى لنا بعموم يشمل ذلك الفرد يوم السبت حتى يشمله الحكم ، ويحكم ~~باستمرار ذلك الحكم أيضا من أول يوم السبت؟. # والحاصل أنه على الفرض الأول كان الفرد الخارج يوم الجمعة فردا ، والفرد ~~الذي يتمسك بالعموم له في السبت فردا آخر ، أو كان لنا في يوم الجمعة قضية ~~عامة خرج منها فرد ، وفي يوم السبت أيضا قضية عامة مثلها نشك في خروج الفرد ~~منها ، ولا إشكال في كلا الاعتبارين في التمسك بالعموم في المشكوك ؛ لأن ~~عدم دخول الفرد المفروض تحت العام يستلزم تخصيصا آخر زائدا على التخصيص ~~المعلوم ، وهذا واضح ، بخلاف الفرض الثاني ، فإن الفرد المفروض خروجه يوم ~~الجمعة لو ms1154 كان خارجا دائما لم يلزم إلا مخالفة ظاهر واحد ، وهو ظهور وجوب ~~إكرامه دائما. # فإن قلت : كيف نتمسك بالإطلاقات بعد العلم بالتقييد ونقتصر في عدم التمسك ~~بها على المقدار الذي علم بخروجه ، والحال أن مفادها واحد ، وبعد العلم ~~بالتقييد يعلم أنه ليس بمراد. # مثلا لو فرضنا ورود الدليل على وجوب عتق الرقبة ، وعلمنا بالدليل المنفصل ~~أن الرقبة الكافرة عتقها غير واجب ، فيلزم أن لا يكون الموضوع في الدليل ~~الأول هو المفهوم من اللفظ المذكور فيه ، وبعد ما لم يكن هذا المعنى مرادا ~~منه لا يتفاوت في كونه خلاف الظاهر بين أن يكون المراد منه الرقبة المؤمنة ~~، أو مع كونها عادلة ، وليست مخالفة الظاهر على تقدير إرادة المفهوم الثاني ~~من اللفظ أكثر حتى يحمل اللفظ بواسطة لزوم حفظ مراتب الظهور بقدر الإمكان ~~على الأول ؛ إذ ليس في البين إلا تقييد واحد كثرت دائرته أم قلت ، والمفروض ~~أنا نرى أن ديدن العلماء قدس أسرارهم على التمسك بالإطلاق في المثال ~~المذكور والحكم ببقاء الرقبة المؤمنة ، سواء كانت عادلة أم فاسقة تحت ~~الإطلاق. # قلت : الفرق بين المطلق وما نحن فيه أن المطلق يشمل ما تحته من الجزئيات ~~في عرض واحد ، والحكم إنما تعلق به بلحاظ الخارج ، فظهور القضية استقر في ~~الحكم على كل ما يدخل تحت المطلق بدلا ، أو على سبيل الاستغراق على PageV02P575 # اختلاف المقامات ، فإذا خرج بالتقييد المنفصل شيء الباقي بنفس ذلك الظهور ~~الذي استقر فيه أولا. # وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فإن الزمان في حد ذاته أمر واحد مستمر ليس جامعا ~~لأفراد كثيرة متباينة ، إلا أن يقطع بالملاحظة وجعل كل من قطعاته ملحوظا في ~~القضية كما في قولنا : أكرم العلماء في كل زمان ، وأما إذا لم يلاحظ على ~~هذا النحو كما في قولنا : أكرم العلماء ، ومقتضى الإطلاق أن هذا الحكم غير ~~مقيد بزمان خاص فلازمه الاستمرار من أول وجود الفرد إلى آخره ، فإذا انقطع ~~الاستمرار بخروج فرد في يوم الجمعة مثلا فليس لهذا العام المفروض دلالة على ~~دخول ذلك الفرد يوم السبت ms1155 ؛ إذ لو كان داخلا لم يكن هذا الحكم استمرارا ~~للحكم السابق كما هو واضح ، هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الدعوى. # ولكنه مع ذلك قد استشكل فيه شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته الشريفة أولا ~~: أنا نتصور المعنى الواحد الذي لا ينثلم وحدته بالاستثناء من وسطه ، وذلك ~~كما في العموم المجموعي مثل قولك : أكرم زيدا في مجموع السنة إلا يوم كذا ~~في وسطها ، وكما في عنوان الاستمرار لصحة قولك : أكرم زيدا مستمرا إلا يوم ~~كذا ، فوجود الحكم في ما بعد يوم كذا لا شبهة في كونه حفظا للعموم المجموعي ~~في الأول ، ولمعنى الاستمرار في الثاني ، وعدمه مخالفة ظاهر آخر فيهما. # نعم يتصور أيضا معنى واحدا ينثلم وحدته بالاستثناء كما في عنوان البقاء ، ~~فليس الوجود بعد تخلل العدم بقاء للوجود السابق ، ولهذا لا نتمسك ~~بالاستصحاب لو خرج منه فرد في زمان في ما بعد ذلك الزمان ، ولكن أنى لنا ~~بإثبات أن المعنى الواحد الذي هو مفاد المقدمات عنوان البقاء ، فمن الممكن ~~أن يكون عنوان الاستمرار الذي قد عرفت أن حاله حال العموم المجموعي. # وثانيا : سلمنا أن مفاد المقدمات معنى البقاء الذي يفيده الاستصحاب ، لكن ~~الملاك الجاري في الأخذ بالإطلاق في سائر المطلقات بعد ورود التقييد ~~بالنسبة إلى ما عدا مورده بعينه جار في المقام ، وما ذكرت من عرضية الأفراد ~~في غير المقام PageV02P576 # بخلاف المقام غير فارق. # بيان ذلك أنكم قلتم في وجه التمسك هناك : إنا نجمع بين دليل المقيد وظهور ~~المطلق بحمل المطلق على الإرادة الإنشائية المنشأة بغرض التوطئة وضرب ~~القانون ، وهي محفوظة كما كانت من غير تصرف فيها ، غاية الأمر التصرف في ~~أصل عقلائي آخر وهو الأصل الحاكم بتطبيقها على الجد ، ففي كل مورد ظهر خلاف ~~هذا الأصل نرفع اليد عنه ويبقي في غيره على حاله. # وبالجملة ، دليل المقيد يحكي عن ثبوت الإرادة الجدية على خلاف المطلق في ~~مورده ، لا عن كون المطلق مستعملا في غير الإطلاق ، وحينئذ فظهور المطلق في ~~استعماله في الإطلاق يبقي بلا مزاحم ، فيحمل على ms1156 الإرادة الإنشائية ~~المنطبقة مع الجد تارة والمنفكة عنه اخرى. # وبعبارة اخرى : كون المتكلم في مقام البيان من حيث الإرادة الإنشائية ~~التوطئية لا ينثلم بظهور المقيد ، والذي تفيده المقدمات ليس إلا ظهور ~~المطلق في هذه الإرادة ، وتطبيقها على الجد خارج من وظيفة المقدمات ، ويكون ~~بمقتضى الأصل العقلائي الآخر. # وحينئذ فنقول : عين هذا المعنى جار في المقام ، فإن ظهور المقيد في بعض ~~الأزمان لا ينثلم بسببه ظهور المطلق في بقاء الإرادة الإنشائية ، فإنها كما ~~عرفت باقية بحالها غير مرتفعة في زمان من الأزمنة ، وإنما التصرف في أصالة الجد. # وبالجملة ، حال معنى البقاء الذي يفيده المقدمات هنا حال العموم البدلي ~~أو الاستغراقي الذي يفيده في الأفراد العرضية ، فكما أن مصب الأخيرين هو ~~الإرادة الإنشائية ، فكذلك الأول بلا فرق. # وحاصل الكلام أنه كلما كان الحال في الاستثناء المتصل هو الأخذ بالثاني ، ~~فالحال في المنفصل أيضا كذلك ، والإشكال الوارد في الثاني مدفوع ، مثلا لو ~~قال : كل هذا الرغيف إلا هذا الجزء ، فاللازم أخذ البقية ، وكذلك لو ورد ~~منفصلا عدم جواز أكل ذلك الجزء ، فإنه يؤخذ بدليل : كل هذا الرغيف ، ~~بالنسبة إلى البقية. PageV02P577 # والإشكال بأنه بعد عدم إرادة المعنى الشامل لهذا الجزء ، الأمر دائر بين ~~امور ، والتجوز في كل منها من حيث الانس اللفظي على نسق واحد ، مثلا إرادة ~~ما سوى هذا الجزء وما سوى الجزءين والثلاثة إلى أن يبقى مقدار لا يصح فيه ~~التجوز كلها في القرب والبعد على حد سواء ، فتعيين الأول من بينها بلا مرجح ~~، مدفوع بأن الاستثناء ليس عن الإرادة الاستعمالية ، بل اللفظ قد اعطى ~~معناه ، وإنما الاستثناء يتعلق بمقام الجد ، فيكون المتبع في ما بقي أصالة ~~التطابق بين الاستعمال والجد. # وهذا الإشكال عين الإشكال الذي أوردوه على العام الاستغراقي المخصص ~~بالمنفصل على القول بحجيته في الباقي وعلى المطلقات المقيدة بالدليل ~~المنفصل على القول بالحجية في الباقي ، فإن تقريب إشكالهما أنه بعد ورود ~~المخصص والمقيد نعلم بعدم إرادة المتكلم ما هو معنى الكل من الاستيعاب ، ~~وما هو معنى الإطلاق من وقوع الطبيعة ms1157 بنفسها بلا ضم شيء إليها تحت الحكم ، ~~وبعد معلومية ذلك يبقى الأمر دائرا بين المراتب ، وليس المرتبة الثالثة ~~للعموم والإطلاق أقرب من حيث الانس ، وإنما هو أقرب من حيث السعة والكم ، ~~والمعيار الأول. # وجواب هذا الإشكال الذي أوردوه ففي ذينك البابين عين ما ذكرنا من أن ~~التخصيص والتقييد ليسا إخراجا عن المراد الاستعمالي ، بل اللفظ مستعمل في ~~معناه والإخراج إنما هو عن المراد اللبي الجدي ، فالمتبع في ما عدى مورد ~~التخصيص والتقييد هو الأصل العقلائي على تطابق الارادتين. # وعلى هذا فنقول : عين هذا المعنى إشكالا وجوابا وارد في مقامنا ، فإشكاله ~~ليس إشكالا آخر ، وجوابه أيضا ذلك الجواب ، فإن إشكال المقام هو أن ~~الاستمرار أمر وحداني ، فما دام الفرد باقيا تحت العام يكون الاستمرار ~~محفوظا ، وإذا خرج في زمان فقد انقطع الاستمرار ، وشمول العام لما بعده فرع ~~دلالته على هذا الجزء من الزمان بعنوانه ومستقلا ، وأما إذا كانت الدلالة ~~بتوسط عنوان الاستمرار فبعد تخلل العدم في البين لا يبقي الأمر الواحد ~~المستمر ، بل الموجود شيئان متماثلان مفصولان ، وهذا معنى كلام شيخنا ~~المرتضى قدسسره من أنه لا يلزم من ثبوت PageV02P578 # حكم الخاص في ما بعد الزمان المتيقن الخروج زيادة تخصيص في العام حتى ~~يقتصر فيه على المتيقن بل الفرد خارج واحد ، دام زمان خروجه أو انقطع ، ~~فليس الأمر دائرا بين قلة التخصيص وكثرته حتى يتمسك بالعموم في ما عدا ~~المتيقن. # والحاصل أن الاستمرار إذا انقطع فلا دليل على العود إليه ، كما في جميع ~~الأحكام المستمرة إذا طرأ عليها الانقطاع. # وحاصل الجواب أنه بعد أن التخصيصات المنفصلة ليست إخراجا عن المراد ~~الاستعمالي ، فالاستمرار في المقام بوحدته باق ، من غير انثلام فيه أصلا ~~بحسب الاستعمال ، ولم يطرأ عليه الانقطاع بحسبه ، وبعد ذلك يبقي الأمر ~~منحصرا في الأصل العقلائي على التطابق ، ومن المعلوم لزوم الاقتصار في ~~مخالفته على المقدار المعلوم. # نعم لو كان التخصيص يوجب انثلاما وانصداما في المراد الاستعمالي لكان ~~تمام ما ذكروه واردا ؛ إذ الأمر الوحداني لم يبق بعد تخلل العدم في البين ms1158 ، ~~ولكن لو بنينا على هذا ليسري الإشكال في العموم الاستغراقي أو الإطلاق ~~الحالي أيضا ، فإنه يقال : إن المعنى الوحداني البسيط غير مراد من اللفظ ، ~~والتجوز بالنسبة إلى غيره من مراتب التخصيص والتقييد على نسق واحد. # وبالجملة ، لا نعقل فرقا أصلا بين مفاد الكل ومفاد لفظ «دائما» ونحوه ، ~~فكل منهما أمر وحداني لا ينحفظ مع خروج بعض ما يشمله ، فكيف لا يرتفع هذه ~~الوحدة في الأول بسبب التخصيص ، ويرتفع في الثاني ، وقد عرفت الحال في مثال ~~الرغيف؟. # وكذا الحال في دليل الاستصحاب الذي مفاده الإبقاء وعدم نقض ما كان ؛ فإنه ~~قد ينقطع البقاء فيه بواسطة تبدل الشك باليقين بخلاف الحالة السابقة ، ولا ~~كلام فيه ، فإنه من تبدل الموضوع ، وقد ينقطع هذا الحكم الظاهري من الوسط ~~مع بقاء الشك بالنسبة إلى الواقع وإن كان هذا مجرد فرض لا واقع له ، فحينئذ ~~يجرى فيه ما ذكرنا من أنه بعد انقضاء الزمان المتيقن من الدليل المخرج نرجع ~~إلى عموم إبقاء ما كان. # وعلى هذا لا يبقي فرق بين منقطع الوسط والابتداء والآخر في جواز التمسك ~~في الكل كما هو واضح بعد ملاحظة ما ذكرنا من أنه بحسب الاستعمال قد اعطي كل PageV02P579 # من العموم الفردي والإطلاق الزماني معناه ، وإنما التصرف بحسب الجد ، ~~فيقتصر في مخالفته على مقدار العلم ويرجع في ما زاد إلى أصالة الجد. # ونقل شيخنا الاستاد دام ظله عن سيده الاستاد طاب ثراه أنه استدل على عدم ~~جواز التمسك بالعموم في جميع الصور الثلاث المذكورة بأن الاستمرار الذي ~~يفيده الإطلاق إنما هو تبع لما هو مفاد اللفظ بحسب الوضع ، فإذا كان المفاد ~~الوضعي منحصرا في تعليق الحكم على كل فرد فالإطلاق من حيث الزمان في كل فرد ~~منوط بدخول هذا الفرد تحت العموم ، فلو خرج في زمان ولم ينعقد فيه مفاد ~~القضية ، فليس لنا مقدمات حكمة قاضية بالاستمرار ، لانتفاء موضوعها ، ~~والعمل بالعموم يكفيه دخول الفرد زمانا ما ولو كان في آخر وجوده. # نعم لو كان هنا في مدلول القضية وما هو ملحوظ المتكلم ms1159 ملاحظة الزمان سواء ~~بنحو العموم الأفرادي أم المجموعي كان للأخذ بالعموم الزماني بعد انقضاء ~~الزمان المتيقن مجال ، ولكنه خلاف الفرض وأنه من باب الإطلاق وعدم لحاظ ~~الزمان أصلا ، وحينئذ فعقد المقدمات منوط بالعموم الفردي ، وهذا ما استفاده ~~هذا الحقير من نقله دام ظله في مجلس الدرس. # ولكن للحقير إشكال في هذا وهو أن العموم الفردي إذا كان يكفيه زمان ما ~~ولو في آخر أزمنة الوجود ، والإطلاق الزماني أيضا تابع للعموم الفردي فيلزم ~~جواز الرجوع إلى استصحاب عدم الحكم من أول وجود الفرد والحال أن هذا خارج ~~عن قضية كل من العموم والإطلاق ، وليس في البين حسب الفرض ظهور آخر كان ~~قضيته ذلك ، ولهذا صرحوا بأن الأمر في صورة خروج الفرد من أول الأمر دائر ~~بين رفع اليد عن أحد الظهورين من العموم والإطلاق ، وعلى هذا لا منافاة فيه ~~لشيء منهما. # هذا مضافا إلى عدم تمامية أصل الكلام على فرض السلامة عن هذه الخدشة ، ~~لورود الإشكال السابق عليه ، وقد اعترف بذلك الاستاد دام علاه ؛ إذ بعد ~~محفوظية مرتبة الاستعمال عن ورود التصرف عليه لا مجال للكلام المذكور ، كما ~~هو واضح من البيان المتقدم. PageV02P580 ### | في ما يتعلق بمسألة بقاء الموضوع في الاستصحاب. # يعتبر في الاستصحاب كون الشك في بقاء القضية المحققة في السابق بعينها في ~~الزمان اللاحق ، وهذا المعنى يتوقف على بقاء الموضوع ، والموضوع مختلف حسب ~~اختلاف القضايا ، ففي قضية «زيد موجود» وكذا «قيام زيد موجود» هو الطبيعة ~~المقررة ذهنا ، وفي قضية «زيد قائم» هو الطبيعة بوصف وجودها الخارجي ، فلا ~~بد من تحقق الموضوع في اللاحق على النحو الذي كان معروضا في السابق. # وعلى هذا فإذا شك في اللاحق في قيام زيد مع الشك في وجوده ، سواء كان ~~الشك الأول مسببا عن الثاني أم لا صح الاستصحاب إذا كانت القضية الشرعية ~~على النحو الأول ، ولا يصح إذا كانت على النحو الثاني. # أما الأول فواضح ؛ لأن الشك قد تعلق بعين ما كان متيقنا وهو مفهوم قيام ~~زيد ، وأما الثاني فلأن القضية الشرعية هو ms1160 زيد قائم ، وهي محتاجة إلى وجود ~~زيد والفراغ منه ، وهو منتف حسب الفرض ، فما كان موضوعا للأثر ليس مشكوكا ~~حتى يستصحب ، والذي هو مشكوك ليس له أثر شرعي. # لا يقال : في صورة عدم الموضوع يكون نقيض القضية متحققا ، وإلا يلزم ~~ارتفاع النقيضين ، ففي جانب الثبوت وإن ثبت الاحتياج إلى فراغ الوجود ، ~~ولكن في جانب اللاثبوت يكفي عدم الموضوع ، كما يكفي عدم المحمول ، ~~فالقضيتان مشتركتان في صحة الاستصحاب. # والحاصل : لا إشكال في صورة الشك في أصل حدوث الزيد ، فإن المستصحب إما ~~عدم تحقق قيام زيد ، وإما عدم تحقق قضية «زيد قائم» وأثره ارتفاع الأثر ~~المترتب على الأمرين ، وكذا لا إشكال أيضا في صورة العلم بحدوثه وبقائه مع ~~العلم باتصافه سابقا إما بالقيام ، وإما بنقيضه ، فإن المستصحب هو الحالة ~~السابقة PageV02P581 # على كلا الفرضين ، إنما الإشكال في صورتين. # إحداهما : صورة العلم بالحدوث والشك في البقاء إما مع وجود الحالة ~~السابقة في الاتصاف بالقيام أو بنقيضه ، أو مع عدمها ، والثانية : صورة ~~العلم بالحدوث مع البقاء وعدم الحالة السابقة في الاتصاف ، ففي كلتا ~~الصورتين مع عدم الحالة السابقة يستصحب عدم تحقق قضية «زيد قائم» وعدم ~~خروجها عن العدم الأزلي إلى الوجود ، وكذا في الصورة الاولى مع سبق الاتصاف ~~بعدم القيام ، وفي الصورة الاولى مع سبق الاتصاف بالقيام نقول : الأصل بقاء ~~قضية «زيد قائم» وبقائها في عالم الكون ، وعدم انقلابها بالنقيض. # لأنا نقول : استصحاب عدم تحقق القضية أو تحققها لا يثبت اتصاف شيء خارجي ~~بعدم المحمول أو بثبوتها ، وإنما يثبت معنى بسيطا وهو ثبوت الشيء أو نفيه ، ~~وهو غير ثبوت شيء لشيء ، ونفي شيء عن شيء. # مثلا لو شككنا في الماء الموجود في اتصافه بالكرية أو عدمها من أول وجوده ~~فعلى قولك يصح استصحاب عدم تحقق قضية «هذا الماء كر في الازل» فيحكم بترتب ~~آثار قلة هذا الماء الخارجي ، ويقال : إنه بالملاقاة تنجس ، وذلك لأن عدم ~~الانفعال مرتب على قضية «هذا الماء كر» فإذا استصحب نقيض الموضوع لا يبقي ~~شك في نقيض الحكم ، ونقيض عدم الانفعال ms1161 هو الانفعال ، فيحكم بانفعال الماء ~~الخارجي ، هذا ما يلزم من قولك ، مع أنه لا يمكن الالتزام به ؛ لأن ~~الانفعال أثر الاتصاف بالقلة وعدم الكرية ، والاستصحاب المذكور لا يثبت حال ~~الماء الخارجي وأنه كر أولا ، وإنما يثبت أن قضية هذا كر غير متحقق ، وهذا ~~غير أن هذا الماء غير كر. # وكذلك استصحاب عدم حيضية هذا الدم من الأزل لا يفيد بحال هذا الدم ، ولا ~~يحكم بأنه استحاضة ، فيرتب عليه ما يرتب على دم الاستحاضة من الآثار. # ومن هذا الباب استصحاب عدم التكليف الأزلي الذي تمسك به للبراءة في ~~الشبهة الحكمية ، فإن عدم مجعولية الحرمة في شرب التتن من الأزل لا يفيد بحال PageV02P582 # هذا المكلف وهذا التتن ، فإن المستصحب عدم القضية لا جعل قضية موضوعها ~~الأفراد الفرضية ، ومحمولها عدم الحرمة ، فإن هذا ليس له حالة سابقة ، ~~فلعله كان من الأزل الملازمة بين الوجود والحرمة ثابتة. # لا يقال : يمكن إثبات حال الموضوع الخارجي أيضا بأن يقال : هذا الشيء ~~المفروغ عن وجوده لم يكن في الأزل موجودا أو موصوفا بوصف كذا ، فالفراغ عن ~~الوجود حالى ، وظرف النسبة استقبالي فيقال : هذا الماء الذي فرغ عن وجوده ~~في الحال لم يكن في الأزل متصفا بالكرية. # وبعبارة اخرى : كما يقال : زيد كاتب وشاعر وقائم مع الإشارة إلى الوجود ~~المفروغ ، كذلك يقال : زيد حادث بعين العناية الاولى ، بلا فرق أصلا ، ~~ومعنى حدوثه انعدامه في الأزل ، وكذلك يقال : هو بحيث ينعدم ، وليس هذا ~~اجتماعا للنقيضين ؛ لاختلاف الزمان ، وإنما يلزم مع اتحاده ، كما قيل : زيد ~~كان معدوما ، كما يقال : كان كاتبا ، ويلاحظ عناية وجوده في ظرف النسبة ، ~~والمفروض أن عناية الوجود في حال النطق. # ولا فرق بين قولنا : هذا الزيد غير كائن في المسجد ، وبين قولنا : هذا ~~الزيد غير كائن في الأزل ، فكما لا يلزم اجتماع النقيضين في الأول ، فكذا ~~في الثانى ، غاية الأمر لاختلاف المكان في الأول ولاختلاف الزمان في الثاني ~~، ثم بعد ما صح سلب أصل الوجود الأزلي ولم يناف مع عناية الوجود فليس حال ~~أعراض الوجود من ms1162 القيام وغيره بأعلى منه ، فكما أن وجود زيد حادث ، كذلك ~~كتابته وقيامه وغير ذلك من عوارضه ، فكما يقال : زيد المتلبس بالوجود فعلا ~~غير متلبس بالوجود في الأزل ، كذلك يقال : زيد المتلبس فعلا بالوجود غير ~~متلبس بالكتابة الكائنة في الأزل. # لأنا نقول : لا يخلو الحال إما [أن] يجعل الزمان والأزل قيدا للمحمول ، ~~أو يجعل ظرفا للنسبة ، فعلى الأول لا ينافي مع عناية الوجود كما ذكرت ، ~~ولكن هذا المعنى غير قابل للاستصحاب ؛ لأن العدم الأزلي غير مشكوك حتى ~~يستصحب ، وعلى الثاني فلا بد من تعليق العدم في ظرف الأزل بالموضوع مع ~~عناية الوجود ، كما يقال PageV02P583 # في جانب المكان : هذا الزيد المتلبس بالوجود فعلا لم يكن في المجلس ~~المنعقد عشر سنين قبل هذا حاضرا ، ومن المعلوم اجتماع النقيضين لو اعتبر ~~هذا المعنى بالنسبة إلى ظرف الأزل ، بأن يقال : هذا الزيد المتلبس بالوجود ~~لم يكن في الأزل موجودا أو كاتبا ، فالذي يتعلق به النسبة إنما هو الذات ~~المعراة ، وعناية الوجود يكون من قبيل ضم الحجر. # وحينئذ فحق الكلام أن يقال : لا مانع من استصحاب نقيض قضية «زيد قائم» في ~~صورة الشك في أصل الحدوث ، وفي صورة العلم بالحدوث مع عدم الحالة السابقة ، ~~سواء مع العلم بالبقاء ، أم مع الشك فيه ، ولكن في صورة العلم بالبقاء لا ~~يفيد اتصاف هذا الموجود بعدم القيام ، فلا يفيد في إثبات أثر اتصافه بعدم ~~القيام لو كان له أثر ، وإن كان يفيد في رفع أثر اتصافه بالقيام ، بل حينئذ ~~يجري استصحاب نقيض قضية «زيد ليس بقائم» أيضا ، فيتعارض الاستصحابان لو كان ~~في البين مخالفة عملية. # وأما في صورة العلم بالحدوث مع الشك في البقاء مع الحالة السابقة ~~القيامية ، فلا يمكن استصحاب قضية «زيد قائم» ؛ لأنه لا يفيد لنا وجودا ~~خارجيا يحكم عليه بأنه قائم ، فهو نظير ما قلنا من عدم إفادة استصحاب نقيض ~~القضية أن هذا الموجود غير قائم. # وبعبارة اخرى : فرق بين قولنا : قضية زيد قائم موجود ، وبين قولنا : زيد ~~قائم ، فإن الأول من مفاد كان التامة ، وليس ms1163 من ثبوت شيء لشيء ، فالذي ~~يستصحب غير ذي أثر، والذي له الأثر لم يستصحب. # نعم لو كان الأثر مرتبا على الوجود والقيام على تقدير الوجود ، جاز إحراز ~~جزئي الموضوع بإجراء استصحابين ، أحدهما في إثبات الوجود ، والآخر في إثبات ~~القيام على تقدير الوجود ، فإن لوجود الموضوع على هذا دخلا في موضوع الحكم ~~، وكذا لثبوت المحمول على تقدير وجود الموضوع ، من دون حاجة إلى توسط تشكيل ~~قضية كان الناقصة ، نعم هذا في ما إذا كان في كل منهما شك مستقل. PageV02P584 # وأما لو كان الشك في القيام مسببا عن الشك في الموضوع فلا يجري إلا ~~استصحاب الموضوع وحده ؛ إذ ليس في القيام على تقدير الوجود شكا مستقلا حتى ~~يجرى فيه الاستصحاب ، ولعل من هذا القسم وجود المجتهد واجتهاده وأعلميته في ~~موضوع التقليد ، فالموضوع هو الشخص الحي الذي كان على تقدير حياته مجتهدا أعلم. # لا يقال : ما ذكرت من قبيل الاستصحاب التعليقي في الموضوع ، وقد منع عنه ~~في محله. # لأنا نقول : لا بأس به إذا كان التعليق مأخوذا في لسان الدليل وموضوعا ~~للأثر ، نظير الصوم ، حيث إنه عند كونه بحيث لو وجد كان غير مضر وقع تحت ~~الإيجاب ، فتحقق أن المتصور في موضوعية قيام زيد للأثر الشرعي انحاء ثلاثة ~~يختلف حكمها في جريان الاستصحاب. # ثم إن الدليل على اعتبار بقاء الموضوع في الاستصحاب توقف صدق البقاء ~~والنقض عليه ، فليس عدم الحكم بقيام عمرو نقضا لقيام زيد ، ولا عدم الحكم ~~بقيام زيد نقضا لزيد قائم ، وهكذا ، وعلى هذا فلا يحتاج إلى إقامة برهان ~~وإن أقامه شيخنا المرتضى قدسسره . # قال قدسسره : الدليل على اعتبار هذا الشرط في جريان الاستصحاب واضح ؛ ~~لأنه لو لم يعلم تحققه لا حقا ، فإذا اريد إبقاء المستصحب العارض له ~~المتقوم به فإما أن يبقي في غير محل وموضوع وهو محال ، وإما أن يبقي في ~~موضوع غير الموضوع السابق ، ومن المعلوم أن هذا ليس ابقاء لنفس ذلك العارض ~~وإنما هو حكم بحدوث عارض مثله في موضوع جديد ، فيخرج عن الاستصحاب ، بل ~~حدوثه للموضوع ms1164 الجديد كان مسبوقا بالعدم ، فهو المستصحب دون وجوده. # وبعبارة اخرى : بقاء المستصحب لا في موضوع محال ، وكذا في موضوع آخر ، ~~إما لاستحالة انتقال العرض ، وإما لأن المتيقن سابقا وجوده في الموضوع ~~السابق والحكم بعدم ثبوته لهذا الموضوع الجديد ليس نقضا للمتيقن السابق ، ~~انتهى كلامه قدسسره . PageV02P585 # واعترض عليه المحقق الخراساني طاب ثراه بأن المحال إنما هو الانتقال ~~والكون في الخارج بلا موضوع بحسب وجود العرض حقيقة ، لا بحسب وجوده تعبدا ، ~~كما هو قضية الاستصحاب ، ولا حقيقة لوجوده كذلك إلا ترتيب آثاره الشرعية ~~وأحكامه العملية ، ومن المعلوم أن مئونة هذا الوجود خفيفة ، مع أنه أخص من ~~المدعى ، فإن المستصحب ليس دائما من مقولات الأعراض ، بل ربما يكون هو ~~الوجود ، وليس هو من إحدى المقولات العشر ، فلا جوهر بالذات ، ولا عرض وإن ~~كان بالعرض. # إن قلت : نعم لكنه مما يعرض على الماهية كالعرض. # قلت : نعم إلا أن تشخصه ليس بمعروضه ، فيستحيل بقائه مع تبدله ، بل يكون ~~القضية بالعكس ، ويكون تشخص معروضه به كما حقق في محله بحيث لا ينثلم وحدته ~~وتشخصه بتعدد الموجود وتبدله من نوع إلى نوع آخر ، فينتزع من وجود واحد ~~شخصي ماهيات مختلفة حسب اختلافه نقصا وكمالا ، ضعفا وشدة ، فصح استصحاب هذا ~~الوجود عند الشك في بقائه وارتفاعه ولو مع القطع بتبدل ما انتزع عنه سابقا ~~من الماهية إلى غيره مما ينتزع عنه الآن لو كان ، هذا ، انتهى كلامه رفع مقامه. # أقول : يمكن توجيه كلام الشيخ على وجه يندفع عنه الاعتراض ، وتوضيحه أنه ~~ليس مراده قدسسره من وجود الموضوع خارجا وجوده الخارجي البحت ، بل المقصود ~~وجوده الذهني الحاكي عن الخارج ، كما في وجوده التقرري ، ولهذا يصرح بعد ~~هذا في كلامه بجريان استصحاب العدالة على تقدير الحياة. # وبالجملة ، من الواضح أن المقصود ليس العارض والمعروض في الخارج ، بل ~~المقصود بالمعروض ، الموضوع في القضية الاستصحابية ، وبالعارض المحمول فيها ~~؛ فإن المحمول عارض في الذهن في مقام تشكيل القضية على الموضوع ، ولهذا ~~يقال : الأخبار بعد العلم بها أوصاف. # وحينئذ نقول : إنا عند إبقاء هذا ms1165 العارض بالحكم ببقائه في القضية ~~الاستصحابية PageV02P586 # في ما كانت القضية المتيقنة : الصلاة واجبة ، أو هذا المائع خمر مثلا ، ~~إما نقول واجبة ، أو خمر ولا نرتبطها بشيء أصلا ، فهذا يلزم منه تركب ~~القضية من جزءين ، وبقاء هذين العارضين بلا معروض ، وإما نقول : واجبة أو ~~خمر ونرتبطها بشيء آخر غير الصلاة وهذا المائع ، وحينئذ فإما نجعل المرتبط ~~نفس المحمول العارض على الصلاة وهذا المائع ، فهذا انتقال للعرض ، وإما ~~نجعله محمولا مستقلا أجنبيا عنه ، وهذا ليس إبقاء للمحمول السابق ، بل حكم ~~بحدوث مثله في موضوع جديد. # وعلى هذا فالكون بلا موضوع والانتقال إنما هما بالنسبة إلى وجود العرض ~~حقيقة ، غاية الأمر لا في الخارج ، بل في الذهن ، ولا فرق أيضا بين حمل ~~الوجود وغيره من العوارض. # لا يقال : لا شبهة أنه يجوز عند الشك في وجود الزيد مثلا تشكيل قضية «زيد ~~قائم» على وجه الكذب ، ولا شبهة أن التعبد أيضا من سنخه ، غاية الأمر أنه ~~مجوز ، فيصح أن يقال في صورة الشك : إن الاستصحاب مفيد لبقاء هذه القضية ~~حتى ينحل إلى تعبدين ، تعبد بوجود الزيد وآخر بقيامه على تقدير الوجود لو ~~كان مشكوكا ، بل وإن لم يكن مشكوكا أيضا كان جاريا بملاحظة التعبد الأول ، ~~فهذا أنفع من الاستصحابين المتقدمين. # لأنا نقول : لا يخفى أن التعبد الجائي من قبل الحكم الاستصحابي إنما هو ~~في المحمول في القضية الاستصحابية ، لا في موضوعها ، وإلا يلزم اشتمالها ~~على نسبتين ، فلا محيص عن إجراء الاستصحابين ، أحدهما مفاده التعبد في وجود ~~الموضوع ، والآخر في ثبوت المحمول للوجود المفروض. ### ||| ** فيما يتعلق بتعيين معيار الوحدة. # اعلم أن المعيار لتشخيص وحدة القضيتين ، والحاكم باتحاد الموضوع في ~~القضيتين تارة هو العقل ، واخرى هو الدليل ، وثالثة العرف ، فعلى الأول لا يجرى PageV02P587 # في الشبهات الحكمية اصلا بناء على تبعية الأحكام الشرعية للأحكام العقلية ~~، ذلك لأن الموضوع في القضية العقلية هو العلة التامة للمحمول ، ولا يعقل ~~انتفاء المحمول مع بقاء الموضوع ، ولهذا لا تخصيص في الأحكام العقلية ، فكل ~~موارد عدم المحمول راجع إلى التخصص ، لأن جميع ms1166 ما له دخل في الحكم حتى عدم ~~المانع مأخوذ في موضوع حكمه ، فكلما انتفى عنه الحكم فلا محالة خارج عن ~~دائرة الموضوع ، فلا يمكن الشك مع حفظ الموضوع ، بل لا بد من الشك في بقائه. # نعم لو قلنا بالمصلحة في نفس الحكم كما هو الحق أمكن الشك مع حفظ الموضوع ~~لاحتمال مفسدة في نفس الحكم ، ولكنه نادر ، وبالجملة ، على هذا يختص ~~الاستصحاب بالشبهات الموضوعية دون الحكمية ، كما هو مذهب أصحابنا ~~الأخباريين ، ولا يمكن عد هذا دليلا على بطلان هذا الوجه كما هو واضح ، بل ~~الوجه ما سيأتي إن شاء الله تعالى في بطلان الوجه الثانى. # وعلى الثانى يختص بما إذا كان في البين دليل لفظي وكان الموضوع المعتبر ~~فيه باقيا ، فلا يجري في ما كان الدليل لبيا ، ولا إذا كان لفظيا ، ولكن لم ~~يبق الموضوع الدليلي ، فيفرق إذن بين ما إذا كان مفاد الدليل اللفظي نحو ~~قولنا : الماء نجس إذا تغير ، فيحكم بالبقاء بعد زوال التغير ، وبين ما كان ~~نحو قولنا : الماء المتغير نجس ، فلا يحكم ، وكذا بين قولنا : ثمرة الكرم ~~إذا كان عنبا لو غلى ينجس ، فيحكم بالبقاء عند الجفاف ، وبين قولنا : العنب ~~لو غلى ينجس ، فلا يحكم ، وبالجملة ، لا بد من اتباع دليل المستصحب في كل ~~باب ، واللازم سد باب الاستصحاب كثيرا. # وعلى الثالث يجري ولو كان مفاد الدليل نحو قولنا : الماء المتغير نجس ، ~~وقولنا : العنب لو غلى ينجس ؛ إذ بعد زوال التغير والعنبية يرى العرف مشارا ~~إليه محفوظا ، فيقول : هذا كان متغيرا أو عنبا ، فيصدق في نظره بقاء ~~النجاسة في هذا وارتفاعها عن هذا ، وأما وجه عدم جرمه من نفس الدليل فلأجل ~~احتمال اشتراط النجاسة ببقاء التغير العنبية. # ثم الحق تعين الوجه الأخير ، والدليل عليه أن الخطابات المعلقة على ~~العناوين PageV02P588 # منزلة بقرينة حكمة الشارع على المصاديق العرفية دون الدقية ، فإن القضايا ~~الملحوظ فيها وجود الطبيعة بنحو السريان حال العنوان فيها حال «هؤلاء» في ~~كونه إشارة إلى الأفراد ، ومحط الحكم نفس الأفراد ، غاية الفرق أن الحكم في ~~مثل ms1167 هؤلاء يمكن أن يكون بملاكات عديدة ، وأما هنا فالظاهر أنه في الجميع ~~بملاك واحد وهو وجود العنوان فيها. # وإذن فنقول : إما يلحظ الشارع بتوسط العنوان المصاديق الواقعية ، ويجعل ~~نظر العرف طريقا ، وإما يضيق العنوان تارة ويوسعه اخرى ، مثل أن يقيده بقيد ~~العرفي ، وإما ينزل نظره ويصير بمنزلة أحد من العرف ويتكلم مع العرف ~~بلسانهم ، نظير من يتكلم مع أهل بلدة كلهم إلا نادرا أحول يرى الواحد اثنين ~~؛ فإنه في تفهيم مراده يتكلم معهم بلسانهم ويشير إلى الواحد ويقول : يا هذا ~~ايتني بهذين الاثنين. # وليس هذا منه تصرفا في لفظ اثنين واستعمالا له في غير معناه ، بل هو سنخ ~~المجاز السكاكي ، غاية الأمر كان التنزيل والتصرف هناك في الشيء الخارجي ~~المطبق عليه العنوان ، ويكون هنا في نظر المتكلم ، فيجعل نفسه أحولا ثم ~~يتكلم مثل الأحول بلا تصرف ، لا في الكلمة ولا في الإسناد ولا في الأمر ~~العقلي. # ثم المتعين من بين الوجوه الثلاثة هو الأخير ؛ لأنه المحفوظ عن المحذور ، ~~بخلاف الأولين ، أما محذور الأول فهو أنه في مقام التفهيم ما اتي بشيء مفهم ~~للمقصود ، بل اتي بما يدل على خلاف المقصود في بعض الموارد ، وذلك للعلم ~~بتخلف نظرهم نوعا عن الواقع ، وأما الثاني فهو تصرف في اللفظ على وجه بارد ~~، فيدفعه ظاهر اللفظ ، فتعين الثالث ، ولازمه عدم رجوع أحد من العرف لو ~~اتضح له الواقع عن الحكم ؛ لأنه وإن كان يصدق عدم مصداقية المورد ، ولكن ~~يحكم بكونه مصداقا لموضوع حكم الشارع بالدقة ، أو أنه مع كونه مصداقا ~~للعنوان ليس بمصداق لموضوع الحكم كذلك. # إذا عرفت ذلك فنقول : من جملة الخطابات قول الشارع : «لا تنقض اليقين ~~بالشك» ولو قال واحد من أهل العرف هذا الكلام لآخر لا شبهة أنه يعامل على ~~نحو ما مضى في الوجه الثالث من عدم الاعتناء بالموضوع الدليلي ولا العقلي ، وإنما PageV02P589 # يلاحظ أن المشار إليه المحفوظ في أي موضع تحقق وفي أي موضع غير متحقق ، ~~فيعمل القاعدة في الأول دون الثاني ، هذا. # تذييل : وإذ قد عرفت أن المتبع ms1168 هو العرف فاعلم أن العرف يختلف نظره ، ~~فتارة يرى المشار إليه محفوظا واخرى يراه مرتفعا وأن الموجود فعلا مباين ~~معه ، وعلى الأول تارة يجزم بالحكم بعد زوال العنوان بنفس الدليل من غير ~~حاجة إلى الأصل ، واخرى لا يجزم ، بل يحتاج في حكمه ببقاء الحكم إلى الأصل ~~المقتضى للبقاء ، فهذا ثلاثة أقسام. # مثال الأول أعني ما كان المشار إليه محفوظا ورأى بقاء الحكم بنفس الدليل ~~مثل قولك في الحنطة المغصوبة : هي حرام على الغاصب ، فإنه يحكم ببقاء ~~الحرمة على ذات الحنطة في أي صورة دخلت من الدقيقية والعجينية والخبزية. # مثال الثاني هو هذه الصورة مع الاحتياج في الحكم بالبقاء إلى الاستصحاب ، ~~مثل ما تقدم من مثالي الماء المتغير والعنب. # مثال الثالث نحو ما إذا صار الخشب رمادا ، فإنهم يحكمون بأنهما وجودان ، ~~أحدهما صار منشأ للآخر وسببا لتوليده ، ونظير الأب والابن ، وكما في الماء ~~والسماد الغائرين في الأرض ، فيورث الثمر في الشجر المغروس فيها ، فإنه ~~بحسب الدقة وإن كان عين ذلك الماء والسماد ، ولكن العرف يراهما منعدمين في ~~أعماق الارض ومورثين لاستعداد الشجر لحمل الثمر. # وعلى هذا فنقول : لا فرق بين استحالة النجس والمتنجس في أنه متى صارت ~~الاستحالة إلى حد صار المستحال منه مبائنا ومعدا عند العرف لحدوث المستحال ~~إليه ، كما في العذرة يصير دودا ، والخشب يصير رمادا ، فهنا لا مجرى ~~لاستصحاب النجاسة ، بل نرجع إلى إطلاق دليل طهارة المستحال إليه لو كان ، ~~وإلا فإلى قاعدة الطهارة ، ومتى لم يصل إلى هذه الحد ، بل كان عندهم شيء ~~مشار إليه بهذا محفوظا كما لا يبعد أن يكون منه استحالة الجسم النجس أو ~~المتنجس ملحا ، فاستصحاب النجاسة حينئذ جار في كليهما ، والله العالم. PageV02P590 ### | ايضا فى ما يتعلق بمسألة بقاء الموضوع في الاستصحاب # اعلم أن في مسألة بقاء الموضوع في الاستصحاب مطلبين لا يحتاج شيء منهما ~~إلى زيادة مئونة. # أولهما : أن البقاء بمعنى اتحاد القضيتين المتيقنة والمشكوكة موضوعا ~~ومحمولا إلا في جهة اليقين والشك مما لا بد منه ، فإنه بدونه لا يصدق النقض ~~العملي ms1169 ، فإنا لو علمنا سابقا بوجوب الجمعة وعملنا بها ، وشككنا في اللاحق ~~في وجوب الدعاء عند الرؤية فلم نعمل ، فلا يصدق في حقنا أنا نقضنا عملنا ~~السابق. # وبالجملة ، لا إشكال في احتياج صدق عنوان خطاب «لا تنقض» إلى وحدة ~~الموضوع والمحمول ، ولا نحتاج إلى إقامة برهان كما تكلفه شيخنا المرتضى ~~قدسسره الشريف. # وثانيهما : أن الوحدة المذكورة تارة تكون بالدقة ، واخرى بالعرف بحسب ~~النظر في المدلول اللفظي للدليل الدال على الحكم المستصحب ، وثالثة بالعرف ~~بحسب تشخيص الموضوع الذي شك في محموله ، ولا يخفى الفرق بين الأول ~~والأخيرين ، فإن العقل يدرج الشرائط وعدم الموانع في الموضوع ، فباختلاف كل ~~من الامور المحتملة الدخل نحتمل اختلاف موضوعه ، نعم إلا في ما إذا شك في ~~محمول الوجود للماهية ، أو إذا احتملنا ارتفاع الحكم لمحض طرو مفسدة في نفس ~~الحكم مع القطع بتمامية ملاكه في المتعلق على ما هو عليه. # وأما الفرق بين نفس الأخيرين فهو أن الأول إعمال نظر العرف في تشخيص ~~موضوع القضية اللفظية الحاكية للحكم ، والثاني إعماله في تشخيص الموضوع ~~الذي شك في محموله، وهما مقامان ولا تلازم بينهما. # لا يقال : كيف لا تلازم والحال أنه إذا حكم العرف بأن الموضوع في القضية ~~اللفظية مثلا هو الماء المقيد بالتغير ، ثم شككنا بعد زوال التغير من قبل ~~نفسه في PageV02P591 # زوال النجاسة ، فكيف نحكم بأن موضوع هذه النجاسة المشكوكة هو الماء ، ~~فادعاء ذلك مساوق لادعاء أن العرف لا يرى التفاوت بين المطلق والمقيد ، بل ~~لا حاجة حينئذ إلى التشبث بذيل الاستصحاب ، بل نتشبث بنفس دليل نجاسة الماء ~~المتغير. # لأنا نقول : المقصود أن العرف بعد جزمه بأن الموضوع المقيد والموضوع ~~المطلق متغايران لا يراهما موضوعين كزيد وعمرو ، ولا يرى بينهما المباينة ~~والتعدد الموضوعي بحيث لا يرى بينهما هذية محفوظة. # مثلا لو علق البيع بهذا الفرس بشرط كونه عربيا ، فتبين أنه عجمي ، فهو ~~يفهم أن واجد القيد غير فاقده ، ولكنه لا يرى هذا الفرس غيره في حال ~~العربية مثل تفاوت الفرسين، بل يقول : هذا هو الذي وقع العقد ms1170 عليه ، فوجه ~~عدم التشبث بالدليل أنه قد أخذ فيه القيد، والمفروض انتفائه ، والمقيد لا ~~يصدق على فاقد القيد ، فلا يمكن التمسك بإطلاق الدليل. # وأما التمسك مع ذلك بالاستصحاب مع احتمال دخالة القيد حدوثا وبقاء فهو أن ~~هاهنا هذية محفوظة ، ولهذا لو قطع بأن القيد دخيل حدوثا وبقاء يصدق عند ~~العرف عنوان الارتفاع والذهاب ، ولو قطع بعدم دخالته بقاء يصدق عندهم عنوان ~~البقاء ، وهذا كاشف عن محفوظية الموضوع ، فلو شك في الأمرين فلازمه الشك في ~~البقاء والارتفاع ، ولازم ذلك أن يصدق على عدم ترتيب العمل السابق أنه نقض عملي. # إذا عرفت ذلك فنقول : المعتبر من هذه الوحدات الثلاثة هو الأخيرة ، وهذا ~~المطلب أيضا كالمطلب السابق لا يحتاج إلى زيادة مئونة ؛ لأن الخطاب الصادر ~~في المقام ينصرف إلى ما هي مصاديق بنظر العرف لكبرى نقض اليقين بالشك ، لا ~~إلى مصاديقها العقلية كما هو الحال في كل مقام. # فإذا فرضنا أن الدليل اللفظي قد أخذ الموضوع للنجاسة ، الماء المتغير ، ~~فالموضوع بحسب الدليل والعقل كليهما غير باق مع زوال التغير ، ولكن مع ذلك ~~رأينا العرف يطلقون بواسطة روية الهذية المحفوظة عنوان نقض اليقين بالشك على PageV02P592 # ترك الامتناع من التوضؤ بالماء المذكور بعد ما كان ممتنعا منه ، كنا ~~تابعين لنظر العرف دون نظر العقل ، كما في اختلافهما في تشخيص مصداق الدم ~~في اللون ، حيث يراه العقل مصداقا ، ولا يراه العرف ، فكما نتبع في ذاك ~~الباب طريقة العرف ونقول بعدم نجاسة اللون من هذه الجهة ، نقول هنا أيضا ~~بأن المعيار في الوحدة هي الوحدة العرفية بالطريق الثالث ، دون الوحدة ~~العقلية ودون العرفية الدليلية. # وهذا لا إشكال فيه بناء على مذاق من يقول بأن العناوين الواقعة في لسان ~~الشارع يقع عبرة ومرآتا للأفراد العرفية ، بمعنى أن الشارع ينظر بها إلى ~~الأفراد بالنظر العرفي المسامحي ، لا الدقي العقلي ، فيقع حكمه بالدقة على ~~المصاديق العرفية للعناوين. # وإنما الإشكال يكون بناء على مذاق آخر في المسألة وهو أن العناوين يجب ~~أخذ مفهومها ومدلولها اللفظي من العرف لو وقع الاختلاف بين ms1171 الحقيقة ~~الواقعية للشيء وبين مدلوله ومتفاهمه من لفظه ، كما في حقيقة الدم والماء ~~ومدلولي لفظهما في اللون والماء الممزوج بمقدار كثير من التراب ، حيث إن ~~الحقيقة الواقعية بخواصها وآثارها باقية في الموردين ، ولكن لا يصدق مفهوم ~~لفظي الماء والدم. # ووجهه أن الواضع هو العرف وهم ينتزعون من المصاديق الخاصة بخصوصية مفقودة ~~في الموردين كالكون ذا جسمية محسوسة أو غير ممزوج بشيء آخر بمقدار جامعا ~~ويضعون اللفظ لهذا الجامع ، هذا في الموارد التي يكون بين العرف والعقل ~~اختلاف مفهومي. # وأما في ما إذا لم يكن بينهما اختلاف في المفهوم كالبيع والباطل ، فإن ~~المبادلة المسببية ومقابل الحق أمران غير قابل للاختلاف بين العقل والعرف ، ~~وإنما الاختلاف في تعيين أسباب هذين المسببين ، ففي هذه الموارد نقول : إن ~~نظر الشارع حين الخطاب تعلق بالمصاديق الحقيقية لهذه العناوين. # وأما وجه كوننا آخذين بنظر العرف ما لم يرد تخطئة من الشرع فهو من باب ~~تقرير الشارع وعدم تخطئته لنظرهم ، كما في سائر السير العرفية الغير ~~المخطئة في لسان الشارع. PageV02P593 # ويظهر الثمر بين المذاق الأول وهذا المذاق في هذا القسم في ما إذا قطعنا ~~من الخارج بخطاء العرف ، فإنه لا وجه للأخذ به بعد انكشاف خطاء الطريق بناء ~~على المذاق الثاني ، ويجب الأخذ به بناء على الأول ؛ لأنه من المصاديق ~~الحقيقية لمحل الحكم ، وكذا في ما لو ورد من الشرع حكم بعدم ترتيب الأثر ~~على مصداق عرفي ، فإنه تخصيص بناء على المذاق الأول وليس بتخصيص بناء على ~~المذاق الثاني ، وإنما هو تخطئة للطريق وأن ما عينه الطريق مصداقا ليس ~~بمصداق. # وبالجملة ، فعلى هذا المذاق الثاني يشكل الحال في مسألتنا هذه كما في ~~مسألة حجية الاستصحاب في ما إذا كان في البين واسطة خفية ، ووجه الإشكال أن ~~صاحب هذا المذاق يلتزم في موارد اختلاف العقل والعرف إما بالاختلاف ~~المفهومي كما في الدم والماء ، وإما بالطريقية لنظر العرف ، وشيء من ~~الأمرين لا يجيء في هذين المبحثين. # أما الثاني فواضح ؛ لأن الطريق إنما هو طريق ما لم ينكشف خطائه بالقطع ms1172 ، ~~وقد فرضنا أنه لا يصدق كبرى نقض اليقين بالشك بحسب الدقة العقلية في ~~الموردين ، أعني في مورد خفاء الواسطة وفي مورد تخلف الوصف الذي يراه العرف ~~تخلف حال الموضوع لا تخلف ذاته ، فكيف مع القطع بهذا نتبع نظره؟. # وأما الوجه الأول فلأن في لفظي الدم والماء أمكنه أن يقول بأن هنا جامعا ~~مغايرا للجامع الدقي الحقيقي مثل ما هو ذو الجسمية المحسوسة أو ما هو ممتاز ~~عما عداه غير مخلوط بغيره ، وأما في المقام فألفاظ اليقين والشك والنقض ليس ~~في شيء منها تطرق لمثل هذه الدعوى ؛ إذ كما أن اليقين ليس بين العقل والعرف ~~في مفهومه خلاف وكذا لفظ الشك ، كذلك حال لفظ النقض ، فإنه بمعنى واحد ~~عندهما وهو ضد الابرام ، وإذا كان مفردات الدليل هكذا فكيف يحصل الخلاف من ~~هيئة تركيبهما؟. # والحاصل أن في العناوين الواقعة في الخطابات الشرعية مذاقين. # أحدهما للمولى الخراساني وهو أنها مرايا للمصاديق الواقعية الحقيقية التي ~~لا مسامحة في مقام التطبيق أصلا ، بل العقل يشخصها مصاديق لتلك العنوانات ، ~~نعم في مقام أخذ حدود أصل المفهوم يكون المرجع هو العرف ، وأما بعد أخذه ~~بماله من PageV02P594 # السعة والضيق عندهم فهى عبرة للمصاديق النفس الامرية فلو فرض ان العرف ~~تخيل خطأ ما ليس بمصداق مصداقا فهو اجنبي عن الحكم ، وإلا يلزم ان يكون ~~اللافظ استعمل اللفظ في معناه الغير الواقعي ، بل التخيلي للسامع ، وهو ~~مقطوع الخلاف ، كما هو الحال في عامة الألفاظ ، فمن يقول : أنا مجتهد ، ~~يريد بلفظ المجتهد معناه الواقعي ، لا المقيد بالعندية ، وهكذا الشارع إذا ~~قال : حكم العنوان الكذائي كذا. يريد به افراده النفس الأمرية لا الخيالية ~~المعتقدة عند المخاطبين والمكلفين. # ثانيهما للسيد المحقق الفشاركي الأصفهاني استاد استادنا اعلى الله مقامه ~~، وهو أن اللافظ لا يريد في مقام الاستعمال غير معناه الحقيقي ، بل يجعله ~~قالبا له ، لا المقيد بالعندية للسامع حتى يقال : إنه مقطوع الخلاف مخالف ~~للوجدان ، بل اللفظ المعطى معناه قد استعمل على نحو يستعمله واحد من أهل ~~العرف وينزل المتكلم نفسه مع كونه عالما ms1173 بحقيقة الحال وأن مخاطبيه مخطئون ~~كثيرا في تشخيص المصاديق كواحد منهم ، وبعد جعل عينه إلى المصاديق الخارجية ~~عينا عرفيا يجعل المفهوم عبرة للخارج ، ولا محالة يقع حكمه حينئذ على ~~المصاديق العرفية ، ولنعم ما قيل في الفارسية : # چون كه با كودك سرو كارت فتاد %~% پس زبان كودكي بايد گشاد # فهذا مشترك في النتيجة مع التقييد في مقام الاستعمال بقيد العندية ~~العرفية ، ولكنه سالم عن محذوره ، ألا ترى أن واحدا من أهل العرف متى ~~يستعمل اللفظ لا يريد منه غير معناه الحقيقي ، ومع ذلك لا يريد بالإرادة ~~الجدية إلا الأفراد التي هي أفراد في نظره ، لا الأفراد النفس الأمرية ، ~~فلا فرق بينه وبين الشارع غير أن الشارع عالم بحقيقة الحال وجاعل نفسه كذلك ~~عن التفات وعمد ، وهم مجبولون غير شاعرين بذلك. # مثلا لو أردت من عبدك الأحول العين المجيء برجل واحد أمامكما ، فأمرك ~~دائر بين أن تقول : جئني بهذا الرجل الواحد ، فيبقى عبدك متحيرا ؛ لأنه لا ~~يرى في أمامه إلا اثنين ولا يرى في غيرهما شخصا. # وبين أن تقول : جئني بهذين الاثنين حتى تصل إلى مقصودك بسهولة ، فأنت ~~تختار هذا الطريق الثاني ، وأنت حين تقول : لفظ الاثنين ، لا تريد به غير ~~معناه في سائر الأحيان، ولكن التفاوت إنما هو في نظرك التطبيقي ، فمورد ~~حكمك جدا هو PageV02P595 # الواحد الحقيقي ، والاثنان الحقيقيان غير مورد لحبك جدا. # وهكذا في خطابات الشرع ، فالمصاديق النفس الأمرية التي لا يفهما العرف ~~غير متعلق لحب الشارع وبغضه وجعله جدا ودقة وحقيقة ، والأشياء الأجنبية ~~التي يتخيلونها أفرادا موضوعات لأحكامه كذلك أعني دقة وحقيقة. # إذا عرفت المذاقين فنقول : موارد اختلاف الحقيقة النفس الأمرية عن النظر ~~العرفي على قسمين ، أحدهما : ما يمكن إرجاعه إلى الاختلاف المفهومي ، بمعنى ~~أن الحقيقة النفس الأمرية وإن كان أعم أو اخص ، لكن العرف في وضعهم اللفظ ~~اعتبروا خصوصية زائدة غير دخيلة فيها ، مثلا حقيقة الدم التي هي واحد من ~~الأخلاط الأربعة لها واقعية محفوظة لا مدخلية في تحققها وجود الجرم المحسوس ~~لها ، ولهذا يراه العقل مع اللون ms1174 أيضا ، ولكن العرف قد أخذوا في مفهوم لفظ ~~الدم كونه مع الجسمية المحسوسة. # وكذا حقيقة الماء التي من أحد العناصر الأربع له حقيقة محفوظة ولو مع ~~الاختلاط بمقدار كثير من التراب ، بحيث صار اسمه عند العرف طينا ، فإن ~~حقيقة المائية والترابية محفوظتان فيه قطعا ، ولكن العرف في وضعهم لفظ ~~الماء اعتبروا خلوه عن المزج بالغير بهذا المقدار. # فالاختلاف بين العقل والعرف في أمثال هذه الموارد يكون في أصل العنوان ، ~~ويمكن في مثله القول بأن العنوان العرفي عبرة لمصاديقه بالنظر التدقيقي ~~العقلي ، لا المسامحي العرفي ، فالمسامحة وإن اعملت في عالم استعمال اللفظ ~~وإرادة المفهوم ، ولكن في عالم التطبيق روعي التدقيق والتحقيق. # والقسم الثاني ما لا يجري فيه الكلام المذكور أعني القول بأن هنا حقيقة ~~واقعية نفس أمرية ومفهوما عرفيا مخالفا له بالعموم والخصوص ، بل المقطوع أن ~~الحقيقة الواقعية والمتفاهم العرفي واحد لا تفاوت بينهما أصلا ، بل منشأ ~~الاختلاف إنما هو ضعف ونقصان في فهم العرف ، حيث يرون غير المصداق مصداقا ، ~~أو المصداق أجنبيا ، كما كان المنشأ في الأحول ضعفا ونقصانا في حاسته ، ~~وإلا فليس للأحول PageV02P596 # اصطلاح واختراع جديد في لفظ الاثنين. # فنقول : هكذا الكلام في عنوان نقض اليقين بالشك في مورد خفاء الواسطة وفي ~~مورد زوال الوصف المحتمل الدخل عن الموضوع ، فإنه بحسب الحقيقة ونفس الأمر ~~لا مصداق للنقض في الموردين ؛ لاختلاف الواسطة وذيها حقيقة وعدم ترتيب أثر ~~شيء على شيء آخر لا يسمى نقضا حقيقة ، وكذلك الموصوف بالوصف العنواني إذا ~~زال عنه الوصف وقد كان الحكم منوطا به وجودا وعدما ، فقد تبدل ما هو ~~الموضوع للحكم حقيقة ؛ إذ لا فرق بين تبدل الذات وتبدل الوصف مع بقاء الذات ~~في أن الموصوف بما هو موصوف قد انتفى في كليهما حقيقة. # وعلى هذا فإن احتملنا دخالته في الحكم بقاء بعد القطع بدخالته حدوثا فزال ~~، كان من باب الشك في بقاء الموضوع وتبدله. # هذا بحسب الحقيقة ونفس الأمر ، وأما بحسب نظر العرف فلو فرض القطع أيضا ~~بدخالة الوصف حدوثا وبقاء ودوران الحكم مداره ms1175 وجودا وعدما ، فزال الحكم ~~بزوال الوصف ، فالعرف يحكمون مع ذلك بأن الحكم على هذه الذات قد ارتفع بعد ~~ما ثبت ، كما أنه لو حدث فيه الحكم متصلا بزوال الوصف بواسطة ملاك آخر ~~يقولون : حكمه ما ارتفع ، وليس الحال هكذا عندهم في ما إذا تبدلت الصورة ~~النوعية للشيء ، كما إذا صارت النطفة إنسانا ، فلا يقولون : هذا كان نجسا ~~ثم ارتفع عنه حكم النجاسة ، بل يقولون : النطفة شيء آخر وهذا موضوع آخر ، ~~ولم يكن قط محكوما هذا الموضوع بالنجاسة حتى يرتفع عنه. # وقد عرفت أن ما يحكمونه في هذه الصورة هو الحق الواقع في صورة تبدل الوصف ~~العرضي أيضا إذا فرض تقيد الحكم به وجودا وعدما. # ففي الصورتين لا يكون مصداق للبقاء والارتفاع حقيقة ، وفي صورة الشك في ~~الدخالة بحسب البقاء يكون من باب الشك في بقاء الموضوع ، فليس تصحيحهم ~~لإطلاق عنواني البقاء والارتفاع في صورة تبدل الوصف العرضي إلا ناشئا عن ~~أحولية عين عقلهم والتباس الأمر عليهم ، حيث مع التفاتهم إلى دخالة الوصف في PageV02P597 # الحكم ثبوتا وعدما والتفاتهم إلى أن الكل ينتفي بانتفاء جزئه ، والموصوف ~~بما هو موصوف ينتفي بانتفاء واحد من الذات ووصفه يرون في صورة زوال الوصف ~~صحة إطلاق الانتقاض والارتفاع حقيقة. # فنقول : صاحب المذاق الثاني في فسحة في هذا المقام ، فإنه يقول : قد ألقى ~~الشارع خطاب «لا تنقض» بالنظر العرفي ، فوقع نظره على هذه الأشياء الموهومة ~~المتخيلة للعرف كونها نقضا ، مع أنه لا واقعية لنقضيتها ، فوقعت موردا ~~لحكمه بالدقة والحقيقة. # وأما صاحب المذاق الأول فلا مخلص له هنا بالذهاب إلى الاختلاف المفهومي ~~بأن يقول : هنا نقض حقيقي نفس أمري ، ونقض خيالي موهومي والعرف في وضعهم ~~لفظ النقض أخذوا الجامع مما يشمل الأفراد الموهومة ، وذلك لأنا نقطع بأن ~~ألفاظ النقض واليقين والشك والنسب التركيبية الواقعية بينها ليس شيء منها ~~محل اصطلاح خاص لأهل العرف وراء حقائقها النفس الأمرية ، كما عرفت في مثال ~~الاثنين عند الشخص الأحول العين ، بحيث كان لها حقائق يدركها العقل ، وكان ~~لها مفاهيم يدركها العرف ، وكان ms1176 بينهما العموم والخصوص المطلقان أو من ~~وجهين ، وإنما نشأ الاشتباه من نقص الفهم كما نشأ في الأحول من نقص الحاسة. # تتميم : حكى شيخنا المرتضى قدسسره عن بعض المتأخرين أنه فرق في الاستحالة ~~بين نجس العين والمتنجس ، فجعل الأول طاهرا بعدها دون الثاني ، نظرا إلى أن ~~النجاسة فيه غير معلقة إلا على عنوان الجسمية المحفوظ بعد الاستحالة ، ~~وبالجملة ، الموضوع في نجس العين قد زال ، فارتفع النجاسة بارتفاع الموضوع ~~، وأما في المتنجس فهو محفوظ غير زائل ؛ لأنه مطلق الجسم من غير مدخلية ~~صورة من الصور. # وأورد عليه شيخنا المرتضى قدسسره بأنه وإن كان جسما في بادي النظر ، ولكن ~~دقيق النظر يقتضي خلافه ؛ إذ لم يعلم أن موضوع النجاسة في المتنجس مطلق ~~الجسم ، وأما قاعدة «كل جسم لاقى النجس برطوبة فهو نجس» فليست مورد خبر ، ~~وإنما هي معقد الإجماع ، ومن الممكن أن المقصود بها الإشارة إلى عموم الحكم ~~لكل فرد من أفراد الجسم بلا استثناء شيء منها ، وكانت متخذة من الأخبار PageV02P598 # الواردة في الموارد المخصوصة. # ألا ترى أنه لو قال قائل : كل جسم له خاصية ، فليس مراده أن الخاصية ~~قائمة بعنوان الجسمية بحيث لو تبدلت صورته النوعية أو الصنفية أيضا لم يزل ~~تلك الخاصية ، بل المقصود منه إلقاء العموم ، وإلا فالخاصية في كل جسم ~~قائمة بصورته النوعية أو الصنفية ، فمن المحتمل أن يكون الأمر في مقامنا ~~أيضا كذلك ؛ إذ بعد احتمال أن يكون منشأ القاعدة هي هذه الأخبار ، فالمدرك ~~في الحقيقة ليس إلا تلك الأخبار. # ولو كنا نحن وهذه الأخبار التي قد وردت في الموارد المختلفة في الثوب ~~واليد والإناء والقربة إلى غير ذلك ، لم يكن لنا استفادة أن قوام التنجس ~~بالملاقاة إنما هو بعنوان الجسمية ، نعم الذي كنا نستفيد هو العموم وعدم ~~الاختصاص بفرد من أفراد الجسم ، وأما أن القوام بحيث الجسمية أو بحيث ~~الصورة الفعلية فليس على شيء منهما دليل ؛ إذ العموم مع كل منهما تمام. # وبعبارة اخرى : يمكن أن يكون الأثر قائما بالهيولى القابلة للصور التي ~~ليس إلا صرف الاستعداد ms1177 والشأنية لقبول الصور ، ويمكن أن يكون للوجود الفعلي ~~الحاصل حال الملاقاة ، ولازم الأول بقائه بعد التبدل ، ولازم الثاني ~~انتفائه ، فإذا تردد الأمر بين الوجهين فلا دليل لنا عند تغير الصورة ، ~~بحيث عد الوجود الفعلي عند العرف غير الوجود الفعلي الثابت حال الملاقاة ~~يدل على ثبوت التنجس ، وحينئذ فالموارد بين ثلاثة. # أحدها : ما يستقل العرف بنفس الدليل الأول ، لعدهم التغير من باب تغير ~~الحال ، ولعل منه تبدل الحنطة المتنجسة بالدقيق. # وثانيها : ما يقع فى الشك معه ولا يرى للاستصحاب أيضا مجال ، ولعل منه ~~تبدل الماء المتنجس بولا لمأكول اللحم أو ماء للبطيخ. # وثالثها : ما يقع معه في الشك من حيث الدليل ولكن يراه موردا للاستصحاب ، ~~ولعل منه تبدل الخشب المتنجس بالفهم ، كما أن هذه الأقسام بعينها موجودة في ~~طرف الأعيان النجسة ، فعلم أن الحق عدم الفرق ، هذا محصل ما يستفاد من كلماته PageV02P599 # قدسسره في هذا المقام. # ولكن استشكل عليه شيخنا العلامة الاستاد أدام الله علينا وعلى المحصلين ~~أيام إفاداته بأن احتمال كون العموم المذكور ملقاة لأجل محض العموم ، ولو ~~كان معقدا للإجماع ، خلاف الظاهر ، ألا ترى أنه لو قام الإجماع على أن كل ~~جسم نجس كان الظاهر أن النجاسة معلقة بعنوان النجاسة ، فكذلك إذا قام على ~~أن كل جسم ملاق للنجس نجس يفهم أيضا بملاك الجسمية والملاقاة. # وأما التنظير بقولهم : كل جسم له خاصية ، فالإنصاف أنه مع الفارق ، فإن ~~أشخاص الأجسام في أشخاص الخاصية مختلفة ، فكل صنف أو نوع يفيد خاصية غير ما ~~يفيده الآخر ، وهذا بخلاف ما نحن فيه ، حيث إن المحمول شيء واحد وهو ~~النجاسة ، فالظهور المذكور إنما نشأ من اختلاف المحمولات هناك ، فلا ربط له ~~بالمقام المفروض فيه وحدة المحمول. # قال الاستاد دام ظله : وما ذكرناه في الدرر أيضا غير مرضي ، وهو أن ~~الموضوع هو مطلق الجسم ، ولكن نحتمل أن يكون تبدل الصورة من المطهرات ~~والمزيلات للنجاسة ، والدليل المثبت للنجاسة غير متعرض لحيث المزيل ، فلا ~~ينافي الاعتراف بموضوعية الجسم الاحتياج إلى الاستصحاب مع بقاء الموضوع في ~~الحكم ببقاء ms1178 النجاسة ، بخلاف ما إذا لم يبق الوحدة العرفية ، فحينئذ لا ~~يكفي الدليل ، لما مر ، ولا الاستصحاب ، لعدم الموضوع العرفي. # إذ فيه أنا بعد تسليم كون الموضوع مطلق الجسم لا نحتمل كون التبدل الصورى ~~من المطهرات الشرعية ، بل من المقطوع كونه من باب زوال الحكم بزوال الموضوع ~~، والاعتراف المذكور سد لهذا الباب. # فالأولى والأسد بعد تسليم موضوعية مطلق الجسم أن يقال : إن الجسم إذا ~~لاقى يصير هو ما دام محفوظية هذائيته العرفية نجسا ، وأما بعد ما صار جسما ~~آخر ووجودا آخر بنظرهم ، فلا يبقى موضوع الملاقي ، لأنهم يقولون كان في ~~البين جسم لاقى وهو ارتفع ، وهذا جسم آخر ولم يلاق من أول وجوده. PageV02P600 # نعم يقولون : هذا كان كذا ، كما يقولون مشيرا إلى الآدمي : هذا كان نطفة ~~، لكن محط الإشارة عندهم هو الهيولى التي قلنا : إنه وجود استعدادي ، لا ~~فعلي ، وليس محطها الوجود الفعلي ، والمعيار في التمسك بالدليل وتشكيل ~~الصغرى والكبرى إنما هو الوجود الفعلي بأن أمكننا أن نقول : هذا لاقى النجس ~~، وكل ملاق للنجس نجس ، فهذا نجس ، وهذا منتف مع فرض استحالة الموضوع وتبدل ~~الوجود الفعلي وعده عرفا وجودا مغايرا للوجود الأول. # نعم كلام البعض المتقدم ذكره من الفرق بين النجس والمتنجس صحيح في بعض ~~الموارد وهو صورة انقلاب العنوان إلى عنوان آخر مع عدم الوصول إلى حد ~~الاستحالة وتبدل الحقيقة العرفية وإن كان محل كلامه هو الاستحالة ، مثلا ~~إذا علق الشارع حكم النجاسة العينية على عنوان الخمر فزال وتبدل بالخل ~~فالدليل قاصر عن شموله ، نعم لا مانع من الاستصحاب ، وهذا بخلاف ما إذا لم ~~يجعل الخمر نجسا ذاتيا ، ولكن تنجس عرضا بالملاقاة ثم تبدل خلا ، فإن ~~الدليل هنا واف بنجاسته من غير حاجة إلى الاستصحاب. # فإن قلت : لو صنع لبن نجس العين سمنا ، فكيف تحكمون بنجاسته مع زوال ~~العنوان عنه بنفس دليل نجاسة الكلب والخنزير. # قلت : وجهه أن النجاسة لم يعلق بعنوان اللبن من حيث إنه لبن ، بل بالكلب ~~والخنزير والأجزاء المنفصلة منهما ، وهذا وإن صار سمنا لا يخرج عن ms1179 كونه من ~~الأجزاء المنفصلة منها. # نعم لو كان الحكم في الدليل معلقا على عنوان اللبن لتوقفنا عن الحكم بعد ~~صيرورته جبنا أو سمنا ، ولكن لا نتوقف في اللبن المتنجس ؛ لأن ذلك ليس مغير ~~الحقيقة العرفية ، بل يعد من اختلاف الحالات والطواري مع محفوظية الموضوع ، ~~وقد قلنا : إن هذا المقدار كاف في دليل المتنجس. # وحاصل الكلام أن الفرق بين النجس والمتنجس في باب الاستحالة غير صحيح ، ~~وفي باب الانقلاب صحيح بحسب الدليل وإن كان لا فرق أيضا بحسب أصل الحكم ~~بالنجاسة بالأعم من كونه بالدليل أو بالاستصحاب. PageV02P601 ### | أيضا فى استصحاب حكم الخاص (1) # لا إشكال في عدم حجية الاستصحاب مع وجود الدليل الاجتهادي ، لكن لو ورد ~~عام وخرج منه فرد في زمان وشك فيه في ما بعد ذلك الزمان فهل يرجع فيه إلى ~~عموم العام ، أو إلى استصحاب حكم المخصص؟ فيه خلاف بين إمامي الفن المحقق ~~الثاني والشيخ العلامة الأنصارى أعلى الله مقامهما ، فذهب الأول إلى الأول ~~والثاني إلى الثاني. # ولا بد أولا من تحرير محل النزاع ، ثم التكلم بما يقتضيه المجال وعلى ~~الله التوكل في كل حال ، فاعلم أنه لا كلام في ما إذا كان المخرج يخرج ~~الفرد بالعنوان ، كما لو وجب على كل مكلف الصلاة الرباعية ، ثم أخرج الدليل ~~المنفصل عنوان المسافر ، فكان زيد يوم الجمعة حاضرا ، ثم صار يوم السبت ~~مسافرا ، ثم عاد يوم الأحد حاضرا ، فلا شك لأحد في أن المرجع هو عموم العام ~~دون الاستصحاب. # فمحل الكلام ما إذا لم يكن للدليل المخرج اعتبار عنوان ، بل إنما أخرج ~~ذات الفرد في زمان خاص مع السكوت عما بعده. # وحينئذ نقول : حال المتكلم بالعام بالنسبة إلى الزمان لا يخلو من أحوال ؛ ~~لأنه إما أن يلاحظ أجزاء الزمان بنحو التقطيع ، وإما يلاحظها بنحو الوحدة ~~والاستمرار وكونه شيئا واحدا وعلى الأول إما يلاحظ أجزاء الزمان قيودا في ~~الموضوع أو في المحمول ، وإما يلاحظها ظروفا للنسبة الحكمية ، فالأول كأن ~~يقول : كل عالم في كل زمان أكرمه ، بحيث ينظر إلى زيد في يوم ms1180 الجمعة بنظر ~~وراء النظر إليه في يوم السبت ، والثاني كأن يقول : إكرام كل يوم لكل عالم ~~واجب ، بحيث جعل كل إكرام يوم مصداقا ورائه في يوم آخر ، والثالث كأن يقول ~~: إكرام العلماء واجب في كل يوم ، فكأنه قال : هذه النسبة الانشائية يتجدد ~~كل يوم يوم ، فقضية يوم الجمعة غير قضية يوم السبت وهكذا. # إذا عرفت ذلك فمحل الكلام ما إذا لم يكن الزمان بأحد هذه الأنحاء ملحوظا ~~له ، أعني بأنحاء التقطيع بجميعها ، بل إنما قال : أكرم العلماء مثلا ، ~~فحينئذ إذا خرج زيد PageV02P602 # العالم لا بعنوان من العناوين في يوم الجمعة مثلا فشك في يوم السبت ~~فمختار المحقق هو الرجوع إلى العام ، ومختار شيخنا عدمه. # أما تقريب كلام الأول فهو أن المفروض أن الحكم تعلق بالطبيعة بلحاظ ~~الوجود الساري دون صرف الوجود الذي يقنع فيه بفرد واحد ، وذلك بقضية ~~المقدمات ، فكما أن قضية السريان الأحوالي التي يقتضيه المقدمات أنه إذا ~~خرج حال يوجد بمقتضاها ، في غيره ، فكذلك الحال في السريان الزمان الذي هو ~~أيضا بمقتضاها لا بالعموم الوضعي على ما هو مفروض محل الكلام ، فلا فرق في ~~المقامين في الأخذ بالإطلاق في ما سوى المقدار المتيقن من التقييد المنفصل ~~، فنقول : إن الزيد المقيد بما سوى يوم الجمعة مثلا حكمه بنحو السريان ~~الزماني وجوب الإكرام ، ومقتضاه كونه في يوم السبت واجب الإكرام. # وأما تقريب مرام الشيخ الذي هو العمدة في المقام ومحل التشاجر بين ~~الأعلام ، فنقول وبالله الاعتصام : إن شيخنا الاستاد العلامة أدام الله على ~~جميع المسلمين ولا سيما المحصلين أيامه ذكر وجهين لذلك. # الأول : أن يقال ان الأخذ بالإطلاق إنما هو في موضع كان في البين ملحوظ ~~فشككنا في أن الزائد عليه هل له مدخل أو لا؟ ومفروض كلامنا أنه لم يتعلق ~~بجنس الزمان لحاظ من المتكلم أصلا. # توضيحه أن الحكم تارة يعلق على الطبيعة باعتبار صرف الوجود ، وهذا لا ~~يقتضي أزيد من فرد ما في زمان ما ، وليس هذا محلا للكلام ، واخرى يعلق على ~~الطبيعة بلحاظ سريانها ، أعني أن المنشئ ms1181 ينشئ الإيجاب في طبيعة الإكرام ~~ويجعله لازم وجود ماهيته ، نظير لازم الوجود للماهية في التكوينيات ، مثل ~~حرارة النار ، فكما أن النار الكبيرة حرارتها أشد والنار الصغيرة حرارتها ~~أضعف وتسري الحرارة معها أينما سارت وتجرى معها في الزمان ، كذلك الآمر ~~أيضا جعل الوجوب لوجود طبيعة الإكرام أيضا لازما لوجود ماهيته بحيث لا ينفك ~~عنه ، ولازم هذا قهرا أن يجري معها بجريان الزمان ويدوم معها بدوامه ، لا ~~أن الدوام أو جنس الزمان وقع تحت لحاظ منه ، وإجراء المقدمات والأخذ بها ~~فرع اللحاظ ، لا لوصف الإطلاق ، PageV02P603 # بل لما يزيد توسعته ، مثل جنس الزمان في المقام ، فإذا لم يكن جنس الزمان ~~ملحوظا فمن أين لنا الحكم بإطلاقه والتسوية بين أجزائه ، هذا. # ولكنه دام ظله استشكل في هذا الوجه بأن الجعل الإنشائي الذي ينتزع منه ~~السريان الزماني ويكون هو لازما قهريا له يكون بحسب مرحلة الاستعمال محفوظا ~~، والتقييد إنما هو وارد على اللب ، فلا نحتاج إلى لحاظ الزمان ، بل يكفينا ~~لحاظ الطبيعة بنحو السريان الذي هو ملزوم للسريان الزماني. # الوجه الثاني : أن يقال : إن الزمان أيضا ملحوظ باللحاظ الإطلاقي ، ~~كالأحوال ، إلا أن بينهما فرقا من حيث إن الأحوال بذاتها أشياء متبددة ~~متعددة ، فيلزم من تسرية الحكم إليها تعدد الحكم وانحلاله أيضا ، فإذا ورد ~~التصرف في لب بعض هذه الأحكام فأصالة التطابق بالنسبة إلى باقي المنحلات ~~محفوظة ، وأما أجزاء الزمان فليست أشياء متعددة في نفسها ، ألا ترى أن ~~الزيد في اليوم ليس بغيره في الأمس والغد ، والمفروض أن المتكلم أيضا لم ~~يقطعها في اللحاظ ، فهي باقية على وحدتها خارجا وذهنا. # فكما أن الزيد شخص واحد بمرور الزمان لا ينثلم وحدته ، كذلك قضية أكرم ~~العلماء المنحل إلى : أكرم زيدا وأكرم عمروا وهكذا ، أيضا كلها أحكام واحدة ~~لا ينثلم وحدة كل من هذه الأحكام بمرور الزمان وإن كان في كل جزء من الزمان ~~له أثر الأحكام المستقلة ، بمعني أنه له بحسب أجزاء الزمان إطاعات وعصيانات ~~، ولكن لا يضر هذا بوحدته ، فإن تعدد الأثر لا يضر بوحدة المؤثر. # وحينئذ ms1182 فليس لنا أحكام عديدة حتى نقول : إذا تبين مخالفة بعضها مع الجد ~~فأصالة التطابق في الثاني محفوظة ، بل إنما هو حكم واحد كوحدة موضوعه ، ~~فكما إذا قتل الزيد في زمان فليس لحياته في اليوم البعد أثر ، كذلك إذا مات ~~حكمه في زمان أيضا لا يبقى لمؤثره الأول تأثير في ما بعد ، بل يحتاج إلى ~~مؤسس جديد ، بل نقول : لو لوحظ مثل هذه الوحدة في جانب الموضوع أيضا مثل أن ~~يلاحظ العشرة بما هي واحدة وشيء واحد وعلق عليها حكما ، فعلم عدم الحكم في ~~شيء من تلك الأشياء العشرة. PageV02P604 # فيجيء هنا ما ذكره القائل بعدم حجية العام المخصص في الباقي من استكشاف ~~عدم الارادة الاستعمالية للعموم من الابتداء ، ثم بعد عدم إرادته الأمر ~~دائر بين المراتب الأخر ، وكلها متساوي النسبة إلى المعني الحقيقي ، وليس ~~أقربها كما أقربها انسا ، وهو المعتبر في العلاقة المجازية ، فيجري في هذا ~~الموضع أيضا نظير هذا الكلام. # نعم يبقى على هذا علينا الإشكال بأنه لا يبقي وجه للتمسك بالعام بمجرد ~~خروج فرد من الأفراد عن تحته في شيء من أزمنة عمره ، سواء من الابتداء أم ~~الوسط أم الآخر ، فلا يجوز في منقطع الأول أيضا التمسك للأزمنة المتأخرة ، ~~ولا في منقطع الآخر للأزمنة المتقدمة لعين ما ذكرت من عدم إمكان حفظ ذلك ~~المعني الوحداني أصلا ، إلا إذا لم يخرج من أجزاء الزمان من أول عمر الفرد ~~إلى آخره شيء أصلا. # غاية الأمر أن أصالة العموم الفردي مقتضية لعدم خروج الفرد بالمرة عن تحت ~~الحكم ؛ لأنه إذا دار الأمر بين ورود التصرف على الظهور الإطلاقي أو وروده ~~على العموم الفردي ، فحيث إنهما في كلام واحد ، والأول متقوم بعدم البيان ~~المتصل ، فالعموم مقدم بمراعاة عدم ورود التخصيص عليه ، ويصير قرينة لورود ~~التصرف على الإطلاق ، فمقتضى ذلك أن الفرد المذكور يكون داخلا تحت الحكم ~~ولو في زمان ما من عمره ، وليس على ما زاد من ذلك دليل ؛ لأنه فرع إمكان ~~تقييد الإطلاق. # وبالفرض أنه أمر واحد غير قابل للتقطع والتجزي كنفس ms1183 الفرد في أزمنة عمره ~~، ولكن الحق على ما أفاده شيخنا الاستاد دام ظله العالي في مجلس البحث على ~~خلاف ما كتبه في الدرر هو الفرق ، وحاصل ما ذكره في وجهه أن الحاكم والمنشئ ~~لم يلحظ في إنشائه مبدءا ولا منتهى ، وإنما جعل الحكم متعلقا بالموضوع ولم ~~يقيده بزمان ، ولازم هذا هو السريان بسريان الزمان. # وهكذا في ما إذا لاحظ الزمان بنحو الاستمرار مثل قوله : دائما أو مستمرا ~~، فإنه أيضا ليس فيه تعيين المبدا والمنتهى ، وإنما يتعينان قهرا من عدم ~~وجود المخرج ، فإن لم يرد مخرج لا في أول عمر الفرد ولا في آخر عمره استوعب ~~الحكم قهرا جميع عمره ، وإن وجد في أوله أو في آخره انقطع من الاستمرار ~~مقدار زمان المخرج من PageV02P605 # أوله أو من آخره ، فيتعين المبدا في الأول قهرا من أول انقضاء زمان ~~الخروج ، والمنتهى في الثاني في ما قبل زمان حدوثه ، وأما إذا حدث في وسط ~~عمر الفرد فليس لنا عموم يقتضي الشمول للفرد مرة اخرى ، والشمول في المرة ~~الاولى قد حصل مقتضاه في ما قبل حدوث المخرج. # وبالجملة ، حاصل إشكال المستشكل أن مقدار زمان الخروج من الأول في منقطع ~~الأول ومقداره من الآخر في منقطع الآخر يكون بتقييد في إطلاق أكرم العلماء ~~، وبالفرض اطلاقه يفيد معنى واحدا وهو من أول الفرد إلى آخره وليس لنا ~~إطلاق آخر ، نعم لنا عموم فردي لا إطلاق له وهو يقتضي آنا ما ، وأما ~~الاستمرار فهو ببركة الإطلاق المفروض القطع بعدم إرادته. # والجواب أن الإطلاق إنما اقتضى من أول الفرد إلى آخره بواسطة عدم المخرج ~~، وإلا فليس فيه تعرض للأول والآخر. # وإن شئت قلت : إنا بأصالة العموم إنما نحرز الإرادة الجدية ، وإلا ~~فالإنشائية في كل فرد مقطوع لا يحتاج إلى إجراء الأصل ، وهذا الحكم ~~المستفاد في الفرد من بركة أصالة العموم ليس فيه تقييد بزمان دون زمان ، ~~ولازم عدم تقييده بزمان هو أنه متى دخل الفرد تحت هذا الحكم الجدي بقي في ~~سلسلة الزمان ، وبعد انقضاء المخرج في منقطع الأول ms1184 يكون الفرد داخلا ، كما ~~يكون كذلك قبله في منقطع الآخر ، ولازم ذلك استيعاب ما عدى زمان المخرج في ~~القسمين. # وأما عدم اندراج الفرد في منقطع الوسط بعد انقضاء زمان المخرج فلأجل عدم ~~أصالة عموم اخرى غير ما أجريناه من الأول ، وأما وجه اندراج الفرد في منقطع ~~الأول متصلا بزمان انقضاء المخرج لا متراخيا فهو الوجه الذي اقتضى اندراج ~~الفرد من أول وجوده في ما إذا لم يكن مخرج له أصلا ، لا أولا ولا آخرا ولا وسطا. # فإن قلت : إنه باقتضاء الإنشاء ، قلت : كلا ، بل الإنشاء في ظرف الزمان ، ~~وهو غير إنشاء المقيد بالزمان ، فلا يبقى إلا أنه شمول قهرى من جهة وجود ~~المقتضي وعدم المانع، وهو بعينه موجود بعد زمان انقضاء المخرج في منقطع الأول. PageV02P606 ### | فى استصحاب تأخر الحادثين (1) # مقدمة : قد يتوهم من قولهم في مقام تصحيح بعض الأجزاء بالأصل وبعضها ~~بالوجدان أنه إن كان اعتبارها بنحو التركيب جاز ، وإن كان بنحو التوصيف ~~والتقييد لم يجز ، فربما يتوهم من هذا الكلام أن موضوع النجاسة هو الماء ~~الملاقي للنجس مع عدم الكرية ، بحيث يعرض النجاسة على المجموع في عرض واحد. # وهو توهم بارد ، بل المقصود من قولهم اعتبار التركيب أن الموضوع هو الماء ~~الملاقي في حال عدم الكرية لا بوصف عدمها ، فلو لاقي اليد النجسة الماء ~~وجدانا واستصحب عدم كريته فإن اعتبر عدم الكرية في التنجس حالا جاز ، وإن ~~اعتبر وصفا لم يجز. # وليس المراد بالحال هو الحال النحوي أعني ما عبر عنه في الألفية بقوله : ~~«الحال وصف فضلة منتصب» فإنه أيضا وصف لذي الحال ، وقد اعتبر اتصافه به ، ~~مثلا إذا قيل : لو مات الميت والحال أن عليه الدين فكذا ، أو تولد الولد ~~حالكونه حيا فكذا ، فلا يجوز ضميمة استصحاب الحياة والدين إلى الولادة ~~والموت الوجدانيين ، لعدم إحراز الاتصاف إلا على الأصل المثبت ، نعم قد ~~تصورنا وجها لجريانه بإرجاعه إلى إسقاط الوصف ، لكن الكلام الآن مع الغض ~~عنه والمماشاة على طريقة القوم. # بل المراد به هو ما يعبر عنه في الفارسية ms1185 ب «گاه وهنگام» أعني أنه إنما ~~اعتبر مجرد أن يكون زمان واحد مجمعا للأمرين ، أعني الملاقاة وعدم الكرية ، ~~بدون ملاحظة لزائد على هذا. # فكل موضع اعتبر أحد الشيئين في حال الشيء الآخر بهذا المعنى جاز إثبات ~~أحدهما بالأصل والآخر بالوجدان ، سواء كان ذلك بنحو مفاد كان التامة ، أعني PageV02P607 # اعتبر مجموع الأمرين بما هو شيء واحد كالملاقاة في حال عدم الكرية ، أو ~~بنحو مفاد كان الناقصة أعني اعتبر أحد الأمرين مفروغا عنه واعتبر كونه في ~~زمان الآخر ، كالملاقاة المفروغة المعتبر كونها في حال عدم الكرية. # ففي كل من الصورتين جاز استصحاب عدم الكرية وجره إلى حال الملاقاة ، فإن ~~المجموع المركب بعناية الشيء الواحد أو بعناية الشيئين متحقق بعضه بالأصل ~~وبعضه بالوجدان ، فلا يبقي مجال لجريان الأصل في المركب ، أعني أنه لم يكن ~~أزلا ، فالآن كما كان، لأن الشك فيه مسبب كما في كل مركب عن الشك في أجزائه ~~، فإذا جرى الأصل المنقح للسبب لا يبقى للمسبب مجال. # فإن قلت : هذا على تقدير الاعتبار بنحو كان التامة أعني الملاقاة الخاصة ~~موضوعا لأثر النجاسة حسن ، وأما على تقدير الاعتبار بنحو كان الناقصة أعني ~~أن الملاقاة المفروضة الوجود اعتبر كونها في حال الكرية موضوعا للأثر ~~المذكور فلا نسلم جريان الاستصحاب فيه لا بلحاظ مجموعه ولا بلحاظ جزئه. # أما الأول فلعدم الحالة السابقة ؛ إذ في أي زمان كنا عالمين بحال هذه ~~الملاقاة المعينة من حيث كونها في زمن عدم الكرية وعدمه حتى نستصحبه في ~~اللاحق؟. # وأما الثاني فلمنافاته مع ما قلتم في مثل هذه القضية أعني مفاد كان ~~الناقصة من أن جر العدم الأزلي بالاستصحاب إلى حال الموضوع المحرز بالوجدان ~~لا يتحقق لنا القضية المذكورة ، مثلا جر عدم القيام إلى حال وجود الزيد ~~المفروغ لا يحقق لنا قضية زيد ليس بقائم ، فكذا في المقام جر عدم الكرية ~~إلى زمان وجود الملاقاة لا يحقق لنا قضية الملاقاة كائنة في حال عدم الكرية ~~، وبيان ذلك في محله. # قلت : أما ما ذكرت في عدم جريانه في المجموع لأجل ms1186 عدم الحالة السابقة ~~فمتين ، بل الحالة السابقة على الخلاف متحقق ، بمعني أنه بعد الغض عن ~~استصحاب الجزء نقول : الأصل عدم تحقق هذا المجموع المركب ، أعني القضية ~~بموضوعها ومحمولها ، فإنها حادثة ولم تكن في الأزل ، فيرفع أثر التنجس ~~بارتفاع موضوعه. # وأما ما ذكرت من عدم الجريان في الجزء ففيه أن هذا الكلام غير مناف مع ما PageV02P608 # قررناه في محله ؛ لأن العدم الأزلي في موضوع الماء له حالة سابقة متيقنة ~~، ولم نقصد بالعدم الأزلي إحراز الاتصاف في الماء ، وإنما اريد جر هذا ~~الاتصاف بالعدم في الماء الذي له حالة سابقة إلى زمان وجود الملاقاة لينتج ~~جمعها في الوجود في زمان واحد ، فيقال : هذا الماء غير كر بحكم الاستصحاب ، ~~وهذه ملاقاة للنجاسة في زمانه ، فقد اجتمع كلا جزئي الموضوع. # إذا عرفت هذه المقدمة فنقول في الحادثين المشكوك تقدم أيهما وتأخر أيهما ~~كالكرية والملاقاة للنجاسة الحادثين كلاهما في الماء ولم يعلم السابق منهما ~~، فلا يدرى أهو نجس أم طاهر : يفترق الحال في جريان الاستصحاب وعدمه بين ~~صورتى الجهل بكلا التاريخين والعلم بأحدهما مع الجهل بالآخر ، وكذا بين ~~اعتبار خصوصية عدم الكرية حالا للملاقاة في جانب النجاسة ، وعدم الملاقاة ~~حالا للكرية في جانب الطهارة ، وبين اعتبارهما وصفين لهما أعني الملاقاة ~~المقترنة بعدم الكرية ، أو الكرية المقرونة بعدم الملاقاة. # فعلى تقدير دخالة وصف الاقتران لا يجري إلا استصحاب عدم هذا المجموع ؛ ~~لأن الخصوصية مشكوكة ولو كان أصل الوجود معلوما ، من غير فرق بين الاعتبار ~~بنحو مفاد كان التامة أو الناقصة ، ومن غير فرق أيضا بين مجهولي التاريخين ~~والمجهول أحدهما ، وهذا واضح. # وعلى تقدير الدخالة بنحو الحالية لا إشكال أيضا في احراز وجود هذا ~~المجموع جزءا بالأصل وجزءا بالوجدان ، من غير فرق بين مفاد كان الناقصة أو ~~التامة في خصوص المجهول أحد التاريخين في خصوص مجهولهما ، وأما معلومهما ~~فليس فيه شك كما هو واضح ، نعم لو فرض عدم إجراء الأصل في هذا الجزء لعلة ~~من العلل ، نرجع إلى أصالة عدم المجموع أيضا ، كما هو أيضا واضح. # وأما ms1187 في مجهولي التاريخ بناء على الاعتبار بنحو الحالية فلا غبار على ~~إحراز المجموع أيضا ، سواء اخذ بنحو كان التامة أو الناقصة ، جزءا بالأصل ~~وجزءا بالوجدان من جهة المثبتية كما مر تقريبه في المقدمة. PageV02P609 # نعم هنا إشكال آخر وهو كون المورد شبهة مصداقية لنقض اليقين بالشك أو ~~لنقض اليقين باليقين كما هو مبين في محل آخر ، فلا مجرى للأصلين في ~~الجانبين أصلا ، لا أنهما يجريان ويتعارضان. # نعم هذا حال الأصلين الجاريين في مجموع القضيتين ، لكونهما معدومتين في ~~الأزل ، أعني قضية الملاقاة كانت في زمن عدم الكرية ، وبارتفاعها يرفع أثر ~~النجاسة ، وقضية الكرية كانت في زمن عدم الملاقاة وبارتفاعها يرفع أثر ~~الطهارة ، فيتعارضان ، هذا هو الحال في الحادثين الذين ليس أحدهما ناقضا ~~للآخر كما مر من المثال. # بقي الكلام في الناقضين كالحدث والطهارة إذا علم بحدوث كليهما ولم يعلم ~~المتقدم منهما ، فنشك لأجله في الحال الفعلية ، فقد يتوهم أن الاستصحاب في ~~كل من الحدث والطهارة جار في حد ذاته ، غاية الأمر أنهما يتعارضان. # وليعلم أن محل الكلام ما إذا لم يعلم الحالة السابقة مع معلومية تحققهما ~~بوصف الناقضية ، فإنه حينئذ لا يبقي شك في الحال الفعلية ؛ إذ على تقدير ~~كون الحالة السابقة هي الطهارة يعلم أنه طاهر ، وعلى تقدير كونها الحدث ~~يعلم أنه محدث ، كما هو واضح. # فمحل الكلام ما إذا لم تكن حالة سابقة معلومة ، أو كانت ولم يعلم وصف ~~ناقضية السابق منهما ، بأن احتمل أنه كان الوضوء على الوضوء ، أو الحدث على ~~الحدث. وحينئذ نقول : الحق عدم الجريان الذاتي لوجوه ثلاثة وإن كان الظاهر ~~رجوعها إلى الواحد. # أحدها : أن المعتبر في الاستصحاب أن يكون في البين شك بمقدار عمر زائد ~~على مقدار عمر متيقن للمستصحب ، وهاهنا ليس الأمر هكذا ؛ إذ كل من الحدث ~~والطهارة معلوم محدود عمره لا يزيد ولا ينقص ، فإنا نعلم أن طول مدة السابق ~~منهما مثلا خمس ساعات ، واللاحق أربع ، فعلى تقدير اللحوق لا نحتمل الزيادة ~~، وعلى تقدير السبق أيضا لا نحتمل الإضافة على عمر كل منهما ms1188 على المقدار ~~الذي نعلمه. PageV02P610 # ثانيها : أن المعتبر في الاستصحاب أن يكون الشك في ارتفاع المستصحب ~~وبقائه في زمان واحد ، وهو هنا منتف ؛ إذ كل من الحدث والطهارة لا نحتمل ~~ارتفاعه حالا ، كما لا نحتمل بقائه في رأس الساعة السادسة في المثال ، بل ~~نحتمل بقائه هنا وارتفاعه هناك ، وفي سائر المواضع هذا المعنى متحقق ولو ~~دفعة ، كما في الحيوان المردد بين البق والفيل ، فإنه في آخر الزمان الذي ~~هو آخر عمر البق نحتمل البقاء والارتفاع ، فنجري الاستصحاب ، وهو بوحدته ~~كاف لجميع الأزمنة المتأخرة ، ولا يحتاج إلى إجراء مستقل بالنسبة إلى كل ~~جزء جزء من الزمان. # ثالثها : إنه لا بد في الاستصحاب أنا إذا رجعنا قهقرى وردنا من حالة شكنا ~~إلى حالة اليقين بالوجود في استصحاب الوجود ، وإلى حالة اليقين بالعدم في ~~استصحاب العدم، ولو كان يقينا تقديريا مرددا بين زمانين ، كما في استصحاب ~~الحدث في ما إذا علم بتحققه إما في الساعة الاولى وإما في الثانية ، ولكن ~~شك على كل تقدير في بقائه إلى الثالثة ، بل يحتمل زواله عقيب حدوثه بسرعة ، ~~فإنا حينئذ وإن كنا لا نصل إلى زمان اليقين بالوجود التفصيلي ، ولكن نصل ~~إلى الإجمالي. # وهذا المعني في المقام مفقود ، فإنا وإن كنا شاكين في الحدث وعدمه ، ولكن ~~لا يصل هذا الشك بطريق القهقرى إلى زمان يقين ولو مردد بين زمانين ؛ إذ على ~~تقدير لحوق الحدث لا نشك في بقائه ، وعلى تقدير تقدمه لا نشك في ارتفاعه. # نعم هذا المعنى الذي ذكرنا في مثال الحدث المتقدم متحقق في ما نحن فيه ~~بالنسبة إلى جامع الحدث والطهارة لو كان بينهما جامع ، ولكن لا جامع بينهما ~~، وأما بالنسبة إلى شخص كل منهما فلا يتحقق فيهما شك ويقين متصل ذلك الشك ~~بذلك اليقين ؛ إذ مع تقدير اليقين في الزمان اللاحق لا يبقي شك ، ومع الغض ~~عن هذا التقدير يتحقق الشك ، ولكن لا يتصل باليقين أبدا ، بل جميع الأزمنة ~~مستوعب بحال الشك والتردد ؛ لأن المعتبر حال إجراء الاستصحاب ، لا ما تقدمه ~~من الأزمنة ، وفي ms1189 هذا الحال إذا نظرنا إلى الأزمنة السابقة فكلها يكون ~~حالنا فيه مرددا بين الحدث والطهارة كهذا الحال. PageV02P611 # نعم كان في موطنه لنا يقين بالحدث ويقين بالطهارة ، لكنهما فعلا زالا ~~وتبدلا بالشك ، والمعيار هو الحال الفعلي. # إشكال : وهو أن من المقرر عندهم جواز استصحاب الطهارة للمصلي وعدم ~~الإشكال فيه بأنه مثبت ؛ لإحراز تقيد الصلاة واتصافها بكونه حاصلة عن طهارة ~~، فلا يعلم الفرق بينه وبين استصحاب عدم لبس جزء الغير المأكول وإن اعتبر ~~قيدا في الصلاة ، وكذا في استصحاب حياة الولد إلى حال الولادة لإثبات إرثه ~~، واستصحاب دين الميت إلى زمن الموت ، فيقولون : لا يثبت بهذه الاصول اتصاف ~~الصلاة بكونها واقعة في جزء غير المأكول ، واتصاف الولادة بكونها في حال ~~الحياة ، واتصاف الموت بكونه في حال الدين. # وحاصل الإشكال أن كل شيء فرض في الخطاب مفروغا بمعني أنه لم يحمل إيجاده ~~على المكلف ، بل أو كل إلى أسبابه ، مثل ذات المكلف في قوله : أيها المكلف ~~افعل كذا ، فهذا الشيء متى اعتبر فيه قيد فاللازم أن لا يتعلق به التكليف ~~الذي يتعقب هذا الشيء ، فمتى اعتبر في قوله : أيها المكلف خصوصية فاللازم ~~عدم إحاطة التكليف بهذا الخصوصية ، بل يكون المكلف الواقع تحت الخطاب مكلفا ~~مخصوصا ، كما هو الحال في أيها المكلف المسافر قصر ، فإن تكليف قصر لا يحيط ~~بوصف المسافرية ، كما لا يحيط بموصوفه ، فإن كان قيد الطهارة في الصلاة من ~~هذا القبيل فاللازم أن لا يجب تحصيله ، بل يكون الوجوب مخصوصا بمن يتصف به ~~اتفاقا. # نعم يمكن وقوعه تحت تكليف مستقل نفسي ولو للغير ، لكنه خلاف المحقق ~~المسلم من كونه مكلفا به تكليفا غيريا ، وهو لا يمكن إلا بملاحظة القيد في ~~جانب الفعل ، بأن يقول : أيها المكلف افعل الصلاة المخصوصة بكونها في حال ~~طهارتك. # نعم لو كان المحل الآخر غير الفعل أيضا مما يجب تحصيله ، كأن يجب تحصيل ~~اللباس ويعتبر فيه قيد ، لا مانع من جريان الاستصحاب فيه ؛ فإن استصحاب ~~طهارة اللباس يفيد أن الصلاة في هذا اللباس بمنزلة الصلاة في اللباس ms1190 الطاهر ~~، فلو كان الخطاب هنا أيضا هكذا ، بأن يجب تحصيل صلاة صادرة من فاعل طاهر ~~بحيث كما يجب PageV02P612 # تحصيل الصلاة يجب تحصيل الفاعل أيضا ولو بالإجارة والتسبيب كان أيضا ~~جريان الاستصحاب بلا مانع. # لكن العمدة هو أن المحل أعني الفاعل قد اخذ موردا للخطاب ومفروغا عنه ، ~~فلا يقع التكليف إلا متعلقا بما بعده ، فكلما اخذ فيه من الصفات ، لا محالة ~~يقع التكليف متعلقا بما بعده كالموصوف ، فالمحيص منحصر في أن يلاحظ قيدا في ~~نفس العمل الصلاتي فيقال : أيها المكلف افعل الصلاة عن طهارة ، ولا يصح : ~~أيها المكلف الطاهر افعل الصلاة. # وإذن فيرد الإشكال بأنه ما الفرق بين هذا المورد حيث تسالموا على جريان ~~الاستصحاب ، بل وقد ورد فيه النص ، وبين الموارد الأخر التي اخذ القيد في ~~نفس الموضوع ، حيث يقال : إن استصحاب القيد إلى حال الموضوع لا يثبت اتصاف ~~الموضوع بذلك الوصف ، كما في قيد عدم وقوع الصلاة في جزء غير المأكول ~~وتقييد ولادة الولد في إرثه بكونه حيا ، وتقييد الموت في الحكم بصرف التركة ~~في الدين بكونه في حال الدين؟. # ويمكن التخلص عن إشكال المثبتية في جميع تلك الموارد بأنه إنما يلزم ~~الإشكال لو اريد بالأصل إثبات المتصف أو الاتصاف ، ولكن يمكن إجراء ~~الاستصحاب بدون توسيط ذلك والانتفاع به. # توضيحه أنه كما يكون من مصحح جريان الاستصحاب كون المورد بنفسه مجعولا ~~وكونه ذا أثر مجعول بلا واسطة ، أو مع واسطة شرعية وكونه مجعولا بتبع ~~المنشأ كما في استصحاب الشرطية ، حيث ليست بنفسها مجعولة ولا لها أثر مجعول ~~، فإن جواز الدخول في المشروط عند حصول الشرط أثر عقلي ، ولكنها بالمنشإ ~~تناله يد الجعل ، كذلك يكون من مصححات جريان الاستصحاب كون المورد قابلا ~~للتصرف الشرعي ، بأن يكون معنى عدم نقضه عملا إسقاطه عن المكلف في بعض ~~الموارد ، كما في استصحاب الطهارة أو تحميله عليه في بعض آخر ، كما في ~~استصحاب الحدث ، فإنه قد تحقق للمكلف في هذين الموضوعين يقين سابق وشك لا حق ، و PageV02P613 # كان يعمل في حال يقينه بها عملا ms1191 وهو كونه آتيا ببقية المأمور به في الأول ~~وبها مع الطهارة في الثاني ، فالشارع بلسان : أبق عملك الذي كنت تعمله في ~~حال اليقين بهذين يسقط القيد عن العمل في صورة استصحاب الطهارة ويضيفه إليه ~~في صورة استصحاب الحدث ، وهكذا الحال في سائر الموارد الأخر. # والحاصل لا إلجاء إلى انتهاء الأمر إلى إثبات الموضوع المتصف في قابلية ~~المورد لشمول دليل لا تنقض ، بل الدليل واف بنفس اجرائه في القيد بدون ~~الانتهاء المذكور ، إذ لا يعتبر في شموله إلا وجود العمل المربوط بالشرع مع ~~وجود قابلية المحل للتصرف الشرعي بأحد أنحائه، وقد فرضنا حصولهما بالنسبة ~~إلى نفس القيد ، فلا حاجة إلى إثبات المتصف أو الاتصاف به. # نعم قد يكون الوجود الاستصحابي للقيد غير كاف إما للتكليف (1) بالبقية ، ~~وإما لتحقق عنوانه ، توضيح ذلك أن بعض التكاليف لا يقنع فيها بالوجود ~~الأصلي ، بل ولا بالوجود الأماري ، بل لا بد فيها من وجود الموضوع تحقيقا ~~مثل تكليف تقبيل اليد ، فإنه لو شهدت البينة أيضا بالحياة لا يتوجه إلى ~~المكلف تكليف «قبل» فضلا عن قيام الأصل على الحياة ، وذلك للشك في مقدوريته ~~بدون القطع الوجداني. # وبعضها يكون كذلك لأجل تقوم عنوان التكليف بالوجود التحقيقي ، وذلك مثل ~~عنوان القتل لو وقع موردا لتكليف ، فرأينا جثة ملقاة على الأرض وشككنا في ~~حياتها وموتها ، فقدها رجل نصفين ، فلا يمكن استصحاب الحياة إلى زمان الضرب ~~نصفين ؛ لأن القتل ليس عبارة عن الضرب في حال حياة المضروب ، بل هو إزهاق ~~للروح الحقيقي ، ولا يكفيه الروح الاستصحابي. # والفرق بين هذا المثال والمثال السابق أن الأمارة هنا لو قامت على الحياة ~~كانت مفيدة لإثبات القتل ، بخلافها هناك كما عرفت. # وحينئذ نقول : يمكن أن يكون إشكالهم في استصحاب حياة الولد حين انفصاله PageV02P614 # لإثبات إرثه من هذه الجهة ، لا لعدم إثبات الاتصاف ، وذلك لأن مفهوم ~~الإرث والوارثية قد اخذ فيه كون الشخص حيا ، لا أنه عبارة عن انتقال مال ~~إلى شخص مطلقا ، غاية الأمر شرط وجوده ووقوعه الحياة ، بل في حاق معناه ~~ومفهومه قد اخذ ms1192 قيد الحياة ، فهو كعنوان القتل في المثال الثاني من ~~المثالين. # فتلخص مما ذكرنا أنا لم نعثر بعد التأمل على وجه لما قالوه من الفرق بين ~~القيد المأخوذ في الفاعل والمأخوذ في الفعل وإن كنا نعتقده سابقا. ### ||| ** كلام صاحب الكفاية في المقام # في الكلام على مرام الكفاية في الحادثين المجهول تقدم أيهما وتأخر الآخر ~~، فإنه قدسسره قسم الموضوع إلى أنحاء يختلف باختلافها الحال في جريان ~~الاستصحاب وعدمه وفي وجه عدم جريانه. # منها : أن يكون الموضوع هو الوجود المتصف لكل منهما بعنوان التقدم أو ~~التأخر أو التقارن بالإضافة إلى الآخر ، فإن كان بنحو مفاد كان التامة ~~فالاستصحاب جار في مجهولي التاريخ وفي المجهول أحدهما ، ويتعارضان ، وإن ~~كان بنحو مفاد كان الناقصة فلا حالة سابقة لهذا الاتصاف في الوجود المفروغ ~~عنه ، فلا استصحاب أصلا في شيء من مجهولي التاريخ وشيء من المجهول أحدهما. # ومنها : أن يكون الأثر للعدم في زمان الآخر ، وهذا على قسمين : # أحدهما : أن يعتبر الاتصاف بهذا العدم في الوجود بأن يكون الأثر للوجود ~~المتصف بالعدم في زمان ، فهذا أيضا لا حالة سابقة فيه للوجود المفروغ حتى ~~يستصحب. # وثانيهما : أن لا يعتبر الاتصاف به في الوجود ، بل كان الموضوع نفس العدم ~~في زمن الآخر ، وفي هذا القسم يختلف الحال في مجهولي التاريخ والمعلوم أحد ~~التاريخين ، فلا مجرى للاستصحاب في المجهولين ، وله المجري في المجهول أحد PageV02P615 # التاريخين بالنسبة إلى مجهولهما دون معلومهما. # أما عدم المجرى في المعلوم من الأخيرين ، فلأجل عدم الشك في عدمه ووجوده ~~في زمان حتى يستصحب ، وأما عدم الجريان في المجهولين ، فلأجل عدم إحراز ~~اتصال زمان الشك باليقين ، بخلاف الحال في المجهول التاريخ من المختلفين ؛ ~~فإن الاتصال فيه محرز. # وقد بين مرامه قدسسره على سبيل الاحتمال شيخنا الاستاد دام ظله في مجلس ~~بحثه الشريف بأنا نعلم بأن الملاقاة مثلا إما حدث سابقا على الكرية وإما ~~العكس ، فاستصحاب عدم الملاقاة إلى الزمان الواقعي لحدوث الكرية غير جار ؛ ~~إذ زمان اليقين بعدم الملاقاة يحتمل فصله عن زمان شكه بتخلل حدوثها بأن ms1193 كان ~~زمان حدوثها أسبق من حدوث الكرية ، وعلى تقدير هذا يكون متعلقا لعلمنا ؛ ~~لأنا نعلم إجمالا بحدوثها إما فيه وإما في اللاحق ، فإذا فرضنا ثلاثة آنات ~~وكان الآن الأول زمان قطعنا بعدم كليهما ، والآن الثاني زمان القطع بواحد ~~منهما ، والثالث زمان القطع بالآخر لا على التعيين ، فاستصحاب عدم الملاقاة ~~مثلا إلى الآن الثالث غير جائز ؛ لاحتمال انفصال الآن الأول بحدوث الملاقاة ~~في الآن الثاني ، فيكون نقض اليقين بالعدم حينئذ نقضا باليقين بالوجود ، لا ~~بالشك ، وهكذا الحال في استصحاب عدم الكرية. # ولا يخفي عدم رجوع هذا إلى مختاره دام ظله ؛ لأنه دام ظله يدعي ذلك ~~بالنسبة إلى زمان العلم التفصيلي بوجود الملاقاة الأعم من حدوثها وبقائها ~~على تفصيل مر في ما تقدم ، وهذا كما ترى مبني على ناقضية العلم الإجمالي أيضا. # وعلى هذا فأورد عليه أولا بجريانه في المجهول التاريخ من المختلفين أيضا ~~؛ لأنا نعلم إجمالا بحدوثه إما قبل معلوم التاريخ ، وإما بعده ، فجر عدمه ~~بالاستصحاب إلى زمان معلوم التاريخ مشكوك كونه نقض اليقين باليقين أو بالشك ~~؛ لاحتمال تقدم حدوثه على حدوث المعلوم التاريخ. # وثانيا بجريان نظيره في أطراف العلم الإجمالي كالإناءين المشتبهين الذين PageV02P616 # حالتهما السابقة هي الطهارة مع القطع ببقاء الطهارة في أحدهما ، والتبدل ~~بالنجاسة في الآخر فان استصحاب الطهارة في كل منهما غير جار فان ترتيب اثر ~~النجاسة على كل يحتمل كونه نقضا لليقين بالطهارة باليقين بالنجاسة ، ويحتمل ~~كونه مخالفة لليقين الفعلي الحاصل بالطهارة ، فلا يحتمل كونه من مصاديق نقض ~~اليقين بالشك. # بل وكذا الحال في ما نحن فيه ؛ فإن الآنين الذين نقطع بحدوث واحد لا ~~بعينه من الملاقاة والكرية في كل منهما يكون ترتيب أثر الوجود فيهما مرددا ~~بين كونه نقضا لليقين باليقين أو مخالفة لليقين الفعلي ، فلا وجه لاحتمال ~~كونه نقضا لليقين بالشك. # وثالثا بأن العلم الإجمالي غير قادح في صدق الشك ، فإن اليقين التقديري ~~مع مشكوكية التقدير يكون شكا فعلا ، وأما عدم جريان الأصل مع ذلك فلاحتمال ~~انطباق زمان حدوث الآخر على زمان القطع التفصيلي بوجود ms1194 المستصحب كما تقدم بيانه. # ورابعا بأنه قدسسره في طي شرحه لمرامه ذكر إيرادا على نفسه بأنا نفرض أن ~~هنا ثلاث ساعات ، والساعة الاولى نقطع بعدمهما ، والساعتان الاخريان نقطع ~~فيهما بحدوث الأمرين ، غاية الأمر نشك في أن حدوث أيهما في الساعة الثانية ~~، وحدوث أيهما في الثالثة ، فمجموع هاتين الساعتين ظرف الشك في الحدوث لكل منهما. # فذكر في الجواب تسليم ذلك لو كان المقصود هو استصحاب العدم في نفس أجزاء ~~الزمان ، وأما مع كون المقصود استصحاب العدم بالقياس إلى الآخر ، فزمان ~~الشك في خصوص زمان حدوث الآخر ، لا مجموع الساعتين ، هذا ما ذكره. # وأنت خبير بأنه بعد فرض القطع بحدوث الأمرين مع الشك في التقدم والتأخر ~~في هذين الآنين ، فكيف يقول بإمكان جريان الاستصحاب إذا لوحظ بالنسبة إلى ~~نفس الزمان إلى الآن الثاني منهما ، والحال أن من المقطوع فيه الوجود لكل ~~منهما بالأعم من الحدوث والبقاء ، والأثر غير مرتب على خصوص العدم في زمان ~~الحدوث حتى يقال : إن عنوان الحدوث مشكوك في كلا الآنين ، بل مرتب على ~~الأعم منه ومن البقاء. PageV02P617 # فالإنصاف أن ما ذكره في الإيراد تأييد لما ذكرناه من التقريب لعدم جريان ~~الاستصحاب فتذكر ، هذا حاصل ما ذكره العلامة الاستاد دام ظله في هذا ~~المقام. # ولكن ذب الإشكال عن وجه مرام المحقق الخراساني طاب ثراه بعض الأفاضل ~~الحاضر في مجلس بحث الاستاد دام ظلهما ، وحاصل بيانه لمرام المحقق المذكور ~~أن المحقق المذكور لا يقول بأن العلم الإجمالي مناف لصدق الشك ، بل مقصوده ~~من جعل الاستصحاب في المجهولي التاريخ شبهة مصداقية للا تنقض اليقين بالشك ~~أن المفروض لما كان عدم ترتب الأثر على العدم في نفس الزمان بلا إضافته إلى ~~الآخر بل للإضافة أيضا مدخل في الأثر ، فلا محيص عن ملاحظة الإضافة ، ومع ~~ملاحظتها لا يحرز اتصال زمان اليقين بالعدم وهو الآن الأول ما قبل الآنين ~~بزمان الشك ، أعني زمان حدوث الآخر الذي هو معروض الأثر ، لا مطلق الزمان. # وجه عدم إحرازه أنه يحتمل أن يكون هو الآن الثاني من الآنين ms1195 ، وعلى هذا ~~التقدير حصل الطفرة ؛ لأنا قد جررنا العدم من الآن الأول إلى الآن الثالث ~~بدون توسيط للآن الثاني ؛ إذ لم يتحقق فيه الإضافة المذكورة التي فرضنا ~~مدخليتها في ترتب الأثر ، وعلى هذا فلا يرد عليه قدسسره شيء من الإشكالات ~~بأسرها. # أما إشكال ابتنائه على ناقضية العلم الإجمالي مع بداهة عدم منافاته مع ~~الشك الفعلي، فلوضوح عدم الابتناء عليه على هذا التقرير. # وأما إشكال لزوم عدم جريان الاستصحاب في المجهول أحد التاريخين ، فلوضوح ~~إحراز الاتصال فيه بهذا المعنى الذي ذكرنا. # وأما إشكال النقض بأطراف العلم الإجمالي كالإناءين المشتبهين ، فلما عرفت ~~من عدم قوله بنا قضية العلم الإجمالي ، ولا إشكال في اتصال زمان الشك في كل ~~إناء بخصوصه بزمان يقينه. # وأما الإشكال الأخير فقد أصلحه في حاشية الكفاية فراجع. # والحاصل أن مرامه قدسسره لزوم اتصال زمان الشك في ما هو الموضوع والمنشأ ~~للأثر بزمان يقينه ، والمنشأ هاهنا حيث إنه خصوص العدم في زمان حدوث PageV02P618 # الآخر ، فلا جرم لا بد من مراعاة هذه الإضافة إلى الآخر في الزمان الذي ~~نريد جر العدم بالتعبد إليه ، وإلا فلا يفي دليل الاستصحاب بجر العدم إلى ~~نفس الزمان من دون تطبيق الإضافة المذكورة عليه. # وحينئذ فكما يحتمل انطباق الزمان بوصف الإضافة إلى الحادث الآخر على ~~الزمان المتقدم المتصل بزمان اليقين بعدم الحادثين ، كذلك يحتمل انطباقه ~~على الزمان المتأخر المنفصل عنه بالزمان المتقدم ، فيكون على هذا التقدير ~~قد جررنا العدم من زمان إلى زمان مع عدم لحاظ ما بينهما من الزمان ، وهذا ~~خارج عن عهدة «لا تنقض اليقين بالشك» ، وهذا شك في الاتصال من جانب تردد ~~زمان الشك بين المتقدم والمتأخر مع تبين حال زمان القطع. # ومثله الحال في عكسه أعني تبين زمان الشك وتردد زمان القطع والمستصحب بين ~~المتأخر المتصل بزمان الشك والمتقدم المنفصل عنه ، كما هو الحال في مسألة ~~توارد الحالتين الحدث والطهارة ، فإن الساعة الثالثة زمان الشك ، والثانية ~~والاولى مجموعهما زمان القطع ، ولكن لا نعلم أن الاولى زمان الطهارة ~~والثانية زمان الحدث أو بالعكس ms1196. # فاستصحاب كل من الحدث والطهارة إذا أردناه في الساعة الاولى فلا قطع لنا ~~فيها إلا بواحد غير معين منهما ، وإن أردناه في الساعة الثانية فالعلم حاصل ~~لكليهما حينئذ ، ولكن لا نعلم أن أيا منهما حدث في الساعة الاولى وقد ارتفع ~~جزما ، وأيا منهما حدث في الثانية ، ومع هذا التردد لا يحرز اتصال زمان ~~اليقين بزمان الشك ، فإن من المحتمل أنا قد جررنا الطهارة المتيقنة الكائنة ~~في الساعة الاولى إلى الساعة الثالثة والحال أن الساعة الثانية في ما ~~بينهما فاصلة ، فيكون هذا أيضا طفرة وخارجا عن صدق لا تنقض ، هذا. # ولكنك خبير بأن ما ذكره في توارد الحالتين إن رجع إلى ما حققه استادنا ~~العلامة أدام الله أيامه فهو ، وإلا فلا نسلم وإنما هو دعوى بلا بينة. PageV02P619 # وأما ما ذكر في الحادثين المجهولي التاريخ فمجرد كون الأثر مرتبا على ~~العدم في زمن حدوث الآخر لا يوجب عدم جريان الاستصحاب في الآن الأول من ~~الآنين المتصل بآن اليقين بالعدم ؛ فإن للعدم أثر الجزء الموضوعي ، فإشكاله ~~إنما هو في عدم إحراز الجزء الآخر، وهو حدوث الآخر في زمان هذا العدم ، فلو ~~اقتصر إلى ما قبل زمان القطع التفصيلى بكلا الحادثين بالأعم من الحدوث ~~والبقاء فلا يحرز ذلك ، وإن اشير إلى واقع زمان حدوث الآخر ويجر العدم ~~بالاستصحاب إليه كان من المحتمل انطباقه على زمان القطع التفصيلي ، وهذا ما ~~حققه شيخنا الاستاد العلامة أيضا ، فلا إشكال وراء ما ذكره ، ألا ترى صحة ~~الاستصحاب في ما إذا كان أحدهما معلوم التاريخ والآخر مجهوله في مجهولهما. # والحاصل أن زمان الحادث الآخر إن اعتبر قيدا للمستصحب ، بأن كان المستصحب ~~عدم الكرية المتصف بكونه في زمان الملاقاة مثلا ، فالمستصحب حينئذ عدم هذا ~~العدم الخاص لا نفسه إن اعتبر الاتصاف بنحو مفاد كان التامة ، وإن اعتبر ~~بنحو مفاد كان الناقصة فلا حالة سابقة أصلا. # وإن لم يعتبر قيدا بأن كان المستصحب نفس عدم الكرية بدون قيد له فلا جرم ~~يكون عنوان زمان الملاقاة إشارة إلى الزمان الخارجى ، ولا شك ms1197 أن الزمان ~~الخارجي منقسم إلى قسمين ، قسم يكون فيه الشك التفصيلي في وجود الكرية ، ~~ولكن لم يحرز فيه وجود الملاقاة، وقسم احرز فيه وجود الملاقاة ، ولكن يكون ~~ظرفا للعلم التفصيلي بوجود الكرية ، فالاستصحاب غير جار ؛ لكونه شبهة ~~مصداقية لنقض اليقين بالشك أو باليقين الآخر ، وأين هذا من عدم إحراز اتصال ~~زمان شكه بزمان يقينه كما هو مرام المحقق المزبور وأيده الفاضل المذكور. # وإن شئت توضيح المقام ازيد من هذا فارجع إلى ما كتبناه من تقريرات بحث ~~الاستاد العلامة أدام الله على المحصلين أيامه في الدورة السابقة ، والله ~~العالم وهو الهادي إلى الصواب في كل باب. PageV02P620 ### | أيضا في الاستصحاب التعليقي (1) # لا إشكال في جريان استصحاب الحكم التعليقي في حد ذاته ، لتحقق الأركان ~~فيه ، فإنه حكم وله نحو ثبوت ونفس أمرية ، فإذا صار متعلقا لليقين والشك مع ~~وحدة الموضوع عرفا ، فلا مانع من عموم دليل الاستصحاب. # وتوهم أنه ليس بحكم أصلا قبل وجود المعلق عليه كما يظهر من كلام بعض ~~الأكابر أعلى الله مقامهم وبعد وجوده يكون مشكوك الحدوث ، قد بين دفعه في ~~محله من أن الوجوب المشروط يكون للمنشإ فيه وجود وثبوت وتحقق. # نعم قد يستشكل في المثال الذي دار في الألسن لهذا الاستصحاب من قضية «إذا ~~غلى العصير يحرم» إذا تبدل العنبية بالزبيبية وصار منشئا لشكنا في زوال ~~الحرمة التعليقية المذكورة عن الزبيب ، بأن سنخ الحكم الذي كان في السابق ~~غير محتمل البقاء في الحال اللاحق ؛ لأنه حرمة عصير العنب في تقدير الغليان ~~، وهذا يعلم بعدم تحققه في موضوع الزبيب المفروض كونه جافا لا ماء له. # نعم يمكن وضعه في الماء حتى يتداخل منه أجزاء لطيفة في ذلك الماء ، لكن ~~هذا لا يصحح إضافة ذلك الماء إليه إلا بضرب من المسامحة ، والحاصل كانت ~~الحرمة التعليقية في العنب متعلقة بمائه الحقيقي ، وليس للزبيب ماء حقيقي ~~حتى يتعلق ببركة الاستصحاب التعليقي الحرمة المذكورة أيضا به ، وإنما قال ~~من قال بحرمة العصير الزبيبي بواسطة الأخبار الخاصة ، كما يعلم بمراجعة الفقه. # وكيف كان فهذه ms1198 مناقشة في المثال لا يضر بأصل المطلب وهو تحقق الأركان في ~~الاستصحاب في الحكم التعليقي في ما إذا كان محتمل البقاء لاحقا مع حفظ ~~الوحدة العرفية في الموضوع ، إنما الإشكال في معارضته مع الاستصحاب الفعلي ~~الموجود في غالب الموارد على خلافه وإن أمكن تفكيكه في بعض الموارد لتحقق ~~الموافقة بينهما. PageV02P621 # وتقريب المعارضة أن العصير الزبيبي مثلا كان قبل الغليان محكوما بالإباحة ~~التنجيزية ، وبعده صارت مشكوكة البقاء ، فنستصحبها ، وقد كان مقتضى استصحاب ~~الحرمة التعليقية الحرمة الفعلية بعد الغليان. # لا يقال : كما كانت الحرمة معلقة بالغليان كانت الحلية أيضا مغياة به ، ~~وهما مع القطع بثبوتهما كما في حال العنبية لم يكن بينهما تضاد ، بل كانتا ~~مجتمعتين ، فكيف يتحقق التضاد من وجودهما الاستصحابي. # لأنا نقول : ليس مقصودنا استصحاب حكم «يحل إذا لم يغل» حتى تقول : لا ~~معارضة بينه وبين استصحاب «يحرم إذا غلى» بل المقصود استصحاب الحلية ~~الفعلية الثابتة قبل الغليان ، وهي من المحتمل أن تكون محدودة بالغليان كما ~~كانت في حال العنبية ، وأن تكون باقية بعده وكان ذلك من خواص حال الزبيبية ~~، فنستصحب الحلية المتيقنة قبل الغليان إلى ما بعده. # والظاهر أنه مما لا إشكال في جريانه ومعارضته مع استصحاب الحكم المعلق ~~وإن جزم بعض الأساطين بوحدة الشكين خارجا ، أعني الشك في بقاء الحكم المعلق ~~وفي بقاء الحكم المطلق. # وبالجملة ، قد أجاب شيخنا العلامة الأنصاري أعلى الله مقامه الشريف عن ~~إشكال المعارضة بتقدم الاستصحاب التعليقي على التنجيزي للحكومة. # وقد استشكل عليه شيخنا الاستاد العلامة أدام الله أيامه في كتاب الدرر ، ~~وحاصل مرامه أنا نسلم أن الحكم التعليقي سواء كان واقعيا أم ظاهريا أصليا ، ~~يكون من اللوازم الثابتة له بحكم العقل الفعلية عند ثبوت المعلق عليه ، ~~فإذا شككنا في الثاني كان هذا الشك مسببا عن الشك في منشائه أعني الحكم ~~المعلق. # وبعبارة اخرى : نسلم أن هنا حكمين ، أحدهما ثابت قبل حصول المعلق عليه ، ~~والآخر يحدث بحدوثه ، والثاني من توابع الأول ولوازمه العقلية ، فمن يحكم بحرمة PageV02P622 # العصير إذا غلى ، يحرمه تنجيزا لا محالة بعد ms1199 حصول الغليان خارجا ، والشك ~~في الثاني مسبب عن الأول ، إلا أن مطلق تسبب أحد الشكين عن الآخر لا يكون ~~ملاكا للحكومة، بل الملاك لها أن يكون أحد الأصلين دليلا على حكم الشرع في ~~مورد الآخر مع قطع النظر عن حال شك نفسه ، حتى يكون طريقا رافعا للتحير عن ~~الواقع فيه ، حتى يرتفع عنه حكم الأصل بنحو التخصص ، ولا كذلك العكس ، ~~بمعنى أنا لو قدمنا الأصل في المورد الآخر لم يكن رافعا لتحيرنا عن الواقع ~~وطريقا شرعيا إلى الواقع بالنسبة إلى مورد الأصل الأول ، بل تحيرنا باق ، ~~فلو ارتفع الأصل عنه كان تخصيصا. # ولا إشكال في عدم جريان هذا الملاك في هذا المقام ؛ فإن الحكم الفعلي وإن ~~كان مرتبا على التعليقي إلا أن الحاكم بترتبه عليه ليس هو الشرع ، فالحكم ~~المنسوب إلى الشرع حكم واحد وهو الحكم التعليقي في موضوع الشك فيه ، وليس ~~هنا حكم آخر من الشارع بأنه متى تحقق في موضوع حكم معلق فهو فعلي عند حصول ~~المعلق عليه ، بل هو صرف حكم عقلي في كل حكم في موضوعه واقعا كان أم شكا. # فالحاصل أن الشارع حكم على الشاك في بقاء الحرمة المعلقة بالإبقاء لها ، ~~والعقل أيضا حكم بعد هذا الحكم في موضوعه الذي هو الشك بصيرورتها فعلية ، ~~فالحكم بالفعلية ناش من العقل وفي موضوع الشك ، وقد فرضنا أنه يلزم في ~~الحكومة وجود الحكم من الشارع وناظرا إلى مرحلة الواقع بالنسبة إلى مورد ~~الشك المسبب. # وإن كان صرف حكم العقل في مرحلة الشك والظاهر كافيا لرفع موضوع الأصل عن ~~الجانب الآخر ، لكان الأصل الجاري في جانب الحكم التنجيزى أيضا كافيا لرفع ~~الموضوع بالنسبة إلى الاستصحاب التعليقي ، فإن التضاد ثابت بين الإباحة ~~الفعلية وعدم علة ضدها ، سواء في الواقع أم الظاهر. PageV02P623 # وقد عرفت جريان مثل هذا الإشكال بعينه في حكومة استصحاب الوجوب في جانب ~~مطلق الجلوس على استصحاب العدم في جانب الجلوس المقيد في الفصل المتقدم ~~آنفا ، هذا محصل الإشكال. # ولكنه دام بقاه قد أجاب عن هذا الإشكال في كلا ms1200 الموضعين في مجلس درسه ~~الشريف بما حاصله : أما ما ذكرتم من حديث الحكومة العقلية في جانب الحكم ~~الفعلي وترتبه على التعليقي فمحل المنع ، بل التحقيق أن الحكم شرعي وترتبه ~~على التعليقي أيضا شرعي ، بمعنى أن نفس المريد بالإرادة التعليقية بشيء متى ~~التفت بحصول المعلق عليه لا محالة يريده بإرادة فعلية ، وانما نصيب العقل ~~في هذا المقام هو الإدراك والكشف عما يفعله الشارع. # وحينئذ نقول : كما أن الشارع رتب على طهارة الماء واقعا وجعل من آثاره ~~كذلك طهارة الثوب المغسول به مع الشرائط ، فيكون الأصل الذي مفاده طهارة ~~الماء ، طريقا شرعيا حاكما بطهارة المغسول به واقعا ، لا في موضوع الشك ~~فيها ، كذلك الشارع الذي جعل الوجوب في مطلق الجلوس ، أو جعل الحرمة ~~التعليقية حكم في موطن الواقع ونفس الأمر بالوجوب فى المقيد وبالحرمة ~~التنجيزية عند حصول المعلق عليه مترتبا كل منهما على ذينك الحكمين الأولين ~~ترتب الأثر على مؤثره الشرعي. # فالأصل الذي مفاده إثبات الحرمة التعليقية أو وجوب مطلق الجلوس يكون ~~طريقا شرعيا ومثبتا للحكم الشرعي بالنظر إلى الواقع ونفس الأمر بالنسبة إلى ~~حكم ما بعد المعلق عليه وحكم الجلوس المقيد ، يعني يفيد أن حكمها عند ~~الشارع هو الحرمة والوجوب ، وليس هذا الحكم فى موضوع الشك في هذين ، بل في ~~موضوع الشك في الملازمة وحكم مطلق الجلوس. # وهذا بخلاف الحال في العكس ، بمعنى أن الأصل الجاري في نفي الوجوب عن PageV02P624 # المقيد ، أو في الإباحة التنجيزية لا يفيد شرعا انتفاء الوجوب في المطلق ~~، أو انتفاء الحرمة التعليقية واقعا وبحسب نفس الأمر حتى يكون طريقا رافعا ~~للتحير عنهما ، بل العقل حاكم بأنه متى ثبت الرخصة في المقيد أو الإباحة ~~التنجيزية في مرحلة الظاهر ومقام الشك فلا يتمشي من جاعلهما أن يجعل في ~~مرحلة الظاهر ومقام الشك أيضا الحكم بالوجوب في المطلق أو الحرمة المعلقة ، ~~لتهافت ما بين الحكمين في أي عالم كان. # ففي عالم الواقع يلازم جعل الرخصة والإباحة المذكورتين عدم جعل الوجوب ~~والحرمة التعليقية المذكورين في ذلك العالم ، وفي عالم الظاهر والشك ms1201 أيضا ~~يلازم عدمه في هذا العالم ، فالأصل المثبت للرخصة والإباحة غاية ما يثبته ~~بتوسط الملازمة العقلية الثابتة للأعم من الظاهر والواقع إنما هو انتفاء ~~الجعل الاستصحابي في جانب المعلق والجلوس المطلق ، وأين هذا عن الكشف لحال ~~الواقع مع قطع النظر عن الشك. # وبالجملة ، مفاده أن الشاك في هذين الحكمين إذا جعل في حقه دستورا لمقام ~~شكه استصحاب الإباحة الفعلية ، فهذا ملازم مع أن لا يجعل في حقه الدستور ~~الظاهري الآخر ، اعني استصحاب الحرمة المعلقة ، لمكان المصادرة بين الحكمين ~~بمرتبة استصحابيتهما ، وهذا كما ترى معناه ارتفاع حكم الاستصحاب عن الحرمة ~~المعلقة مع حفظ موضوع تحيرها ، وهو تخصيص. # وأما استصحاب الحرمة المعلقة فهو وإن كان حاكما في موضوع الشك في ~~الملازمة ببقاء الحرمة المعلقة ، إلا أنه حاك عن ثبوت الحرمة الفعلية بعد ~~حصول المعلق عليه بعنوان أنه نفس أثر الحرمة التعليقية الواقعية بدون ~~ملاحظة الشك في نفس هذا الحكم في موضوعه ، فيكون رافعا للتحير عن مورد ~~الأصل التنجيزى وهو تخصص ، وعليك بالتأمل التام في المقام. PageV02P625 ### | فى استصحاب الزمان والزمانى (1) # في جريان الاستصحاب في الزمان والزماني ، وجامعهما الامور التدريجية ~~الغير القارة التي يتجدد شيئا فشيئا ، التي يقال لها بالفارسية : «دارد ~~موجود مى شود» وفي المقيد بأحدهما. # ومجمل الكلام في المقام أن الموضوع للحكم تارة يكون الحركة التوسطية التي ~~هي عبارة عن كون الجسم بين المبدا والمنتهى بدون تعيين محل له إلا كونه بين ~~الحدين ، وهذا المعنى أمر خارجي واقعي له الحدوث وله البقاء والاستمرار. # وحينئذ لا إشكال في تحقق أركان الاستصحاب سواء في الزمان أو الزماني ، أو ~~المقيد بأحدهما حتى على القول باحتياجنا في باب الاستصحاب إلى تعلق الشك ~~بعنوان البقاء ؛ لأنك عرفت أن البينية أمر ذو بقاء بالحقيقة والدقة. # واخرى تكون الحركة القطعية وهي المحدودة بالحدود الفرضية الخيالية ~~الوهمية في ما بين المبدا والمنتهى بدون واقعية لتلك الحدود ، وإلا يلزم ~~كون الغير المتناهي محصورا بين حاصرين ، فإن الحدود الفرضية غير متناهية ~~بعد بطلان الجزء الغير المتجزى ، فكل جزء ولو بلغ التقسيم إلى ms1202 ما لا نهاية ~~له قابل للانقسام والتحديد والتجزئة ، فلو كان الحدود واقعيات وخارجيات لزم ~~ما ذكرنا. # بل هي صرف التخيل ، وينتزع الحركة القطعية من هذه الحدود الموهومة ، ~~فيتخيل أمر ممتد متصل مركب من هذه الحدود الفرضية ، وهذا المعنى كما ترى ~~ليس له بقاء ، بل أبدا يكون في الحدوث والتجدد ، ولهذا يقال بالفارسية : ~~«دارد هست مى شود» ولكنه وجود واحد بالوحدة الشخصية الحقيقية بالدقة ~~العقلية ، لما ذكرنا من لزوم محصورية غير المتناهي بين الحاصرين لو فرض ~~التعدد. # نعم بالمسامحة العرفية يصح إطلاق البقاء ، بأن يلاحظ ذلك الأمر الطولاني الغير PageV02P626 # المتحقق في كل آن إلا جزئه ، ثم ينعدم ويتحقق جزئه الآخر ، كأن مجموعه من ~~البداءة إلى النهاية قد تحقق أول جزء منه ، ولهذا يقال : تحقق الليل بمحض ~~الغروب ، وفي الفارسية : «شب شد» ومع ذلك يطلقون النصف ، فيقولون : انتصف الليل. # فالتعبير بالانتصاف بملاحظة الواقع ، والتعبير بالتحقق مبني على المسامحة ~~التي ذكرنا ، فباعتبار هذه المسامحة يصح إطلاق البقاء وإن كان ليس مظروفا ~~للزمان ، بل هو نفسه الزمان ، فإنه من قبيل : مضى الزمان ، وعلم الله ، ~~فليس في حاق البقاء والمضي عناية الزمان ، ولهذا صح إطلاقهما بلا عناية على ~~نفس الزمان وعلى المجردات في المثالين. # وكيف كان ففي هذا القسم لا يتحقق أركان الاستصحاب إن اعتبرنا في ~~الاستصحاب تعلق الشك بعنوان البقاء كما اعتبروه في تعريفه إلا على المسامحة ~~المذكورة ، وإن لم نعتبره كما هو الحق فالوحدة الشخصية هنا متحققة بالدقة ~~العقلية بلا حاجة إلى المسامحة أصلا ، ولكن تحقق اليقين والشك بهذا الأمر ~~المحدود محتاج إلى المسامحة ، وإلا فلا يفرض اليقين به إلا بعد تحقق جزئه ~~الأخير ، ومعه نقطع بارتفاعه ولا نشك في بقائه. # والوجهان كما ترى مشتركان في الجريان بين الزمان والزماني أعني الامور ~~التدريجية غير الزمان مثل التكلم والمشي والحركة ونبع الماء وسيلان دم ~~الحيض ونحوها ، والمقيد بأحد الأمرين كما لو رتب أثر على قيام زيد في ~~النهار فشككنا في النهار أو في قيامه. # فإن الوجهين جاريان في التكلم وأمثاله كما في الزمان ، غاية ms1203 الأمر نقول ~~في الزمان : إن التوسط عبارة عن كون الشمس بين المشرق والمغرب فوق الأرض في ~~النهار ، وكونها بينهما تحتها في الليل ، والقطعية عبارة عن حركتها ~~المحدودة بحدود المسافة ، وفي التكلم مثلا نقول : التوسط عبارة عن كون ~~الكلام والأصوات والحروف بين المبدا والمنتهى ، والقطع عبارة عن الأصوات ~~المحدودة المتصلة المعدودة شيئا واحدا ، وهكذا قياس البواقي. PageV02P627 # وعلى هذا فلو ترتب على وجود النهار وجوب التصدق بدرهم بنذر ونحوه أو على ~~وجود تكلم زيد متصلا إلى ساعة مثلا ، أو على قيامه في النهار ، فشك في ~~الاول في انقضاء النهار ودخول الليل وعدمه ، وفي الثاني في انقضاء التكلم ~~قبل الساعة ، وفي الثالث في وجود النهار مع القطع بقيامه على تقدير الوجود ~~أو في قيامه مع القطع بالوجود ، فلا إشكال في الاستصحاب في الجميع بناء على ~~جميع المباني في الاستصحاب ، بدون حاجة إلى المسامحة العرفية لو اخذ النهار ~~والتكلم على معنى الحركة التوسطية موضوعا للأثر. # كما أنه لو أخذ على المعنى الآخر فالاحتياج ثابت على جميع المباني ، كما ~~يتضح وجهه من البيان السابق. # نعم هنا استصحاب آخر في المقيد بالزمان وهو الاستصحاب الحكمي بعد القطع ~~بتحقق انقضاء زمانه وعدم الشك الموضوعي في البين ، وهذا الاستصحاب لا وجه ~~لتوهم جريانه بعد فرض أخذ الزمان قيدا للواجب ، كما هو المفروض ، لا ظرفا ~~للوجوب ، فإن وجوب المقيد مقطوع وليس بمشكوك حتى يستصحب ، فضلا عن أن ينتفع ~~به لإثبات الوجوب في المقيد بالزمان المتأخر ، كما لو كان الجلوس إلى ~~النهار واجبا وشككنا في وجوبه في الليل ، فإن استصحاب وجوب المقيد بالنهار ~~غير جار أولا ، وغير نافع بحال وجوبه في الليل ثانيا. # نعم يمكن أن ينتزع مهملة وجوب مضافة إلى مهملة جلوس ، فيقال : هذه ~~المهملة المتعلقة بتلك المهملة كانت مقطوعة في النهار ونشك فيها في الليل ، ~~فيكون مستصحبة ، ومن استشكل فيه ، ولكنه من استصحاب القسم الثالث من الكلي ~~كشيخنا المرتضى قدسسره لا بد أن يستشكل فيه ، نعم لا غبار عليه على المختار ~~من جريانه. # وربما يتخيل أن الحركة القطعية ms1204 أمر خيالي كالشعلة الجوالة لا واقعية لها ~~، وليس كما يتخيل ، فإن الشعلة الجوالة يخفى عن الحس انفصال الأجزاء ، ~~فلهذا يتخيل الدائرة المتصلة ، وأما المقام فليس رأس الأمر المستطيل الممتد ~~من مبدإ الحركة إلى منتهاها وآخره مجتمعين في الحس المشترك حتى يتشكل مثل ~~تلك الدائرة شيء متصل في الخيال. PageV02P628 # فالحق الذي نتصوره أن هنا أمرين واقعيين ، أحدهما موجود خارجي وهو كون ~~الجسم بين المبدا والمنتهى الذي هو الحركة التوسطية ، والآخر أمر واقعي ~~يتحصل من عدمين ، عدم الحركة الثابت قبل المبدا ، وعدمها الثابت بعد ~~المنتهى ، مثل شروع الطائر في الطيران من محل ونزوله في محل ، والفرق بينه ~~وبين الخط أن الخط قد حواه بجميع أجزائه زمان واحد ، ولكنه منبسط الأجزاء ~~على أجزاء الزمان ، فلو اجتمع شتاته أيضا لصار خطا واقعيا ، لا خياليا ، ~~والمقصود حساب الواقع ، ولسنا بصدد بيان مراد اصطلاح أهل المعقول. # وعلى كل حال ففي الحركة القطعية لا يمكن حصول القطع والشك بواسطة انبساط ~~أجزائه على أجزاء الزمان ، فهو أمر آني الحصول ، وليس كالخط موجودا بوجود ~~استقراري حتى يتعلق به اليقين والشك باعتبار زمانين ، سواء قلنا : إن ~~المعتبر في الاستصحاب هو الشك في البقاء ، أم قلنا : يكفي الشك في عين ما ~~قطع به ، كما أنه يمكن إجراء الاستصحاب بناء على المسامحة المتقدمة على كلا ~~المذاقين ، هذا. # ولكن العمدة في المقام التي صارت معضلة وعويصة غامضة فيه فهم مرام شيخنا ~~الأعظم الأجل المرتضى أعلى الله مقامه في هذا الموضوع من رسائله ، فإنه ~~قدسسره أولا قسم المستصحب في هذا الموضع إلى ثلاثة أقسام : الزمان والزماني ~~والمقيد بالزمان وقال : لما كان المعتبر في الاستصحاب هو الشك في البقاء ~~وهو وجود ما كان موجودا في الزمان الأول في اللاحق ، وهو غير معقول في ~~الأقسام الثلاثة ، فلا مجرى له فيها ، نعم يظهر من كلمات جماعة جريانه في ~~الزمان ، ولو فرض إمكان جريانه فيه لكان جاريا في القسمين الآخرين بطريق أولى. # ثم صار بصدد تحقيق المقام ، فقال في القسم الأول ما محصله أنه لا يعقل له ~~البقاء ms1205 حقيقة وبلا تجوز وعناية ، نعم مبنيا على المسامحة والتنزيل بأن ينزل ~~مثلا وجود الجزء الأول من الليل منزلة وجود كله ، وينزل وجود الأجزاء ~~الباقية منزلة بقائه ، صح اعتبار اليقين والشك وإجراء الاستصحاب في الليل ~~مثلا بهذه الملاحظة عند الشك في انقضائه ، ولكنه لا ينفع لتطبيق عنوان ~~الليل على الجزء المشكوك فيه لو PageV02P629 # كان المطلوب ذلك ، نعم في نفسه لا مانع منه بعد المسامحة المذكورة. # ومثل ذلك قال في القسم الثاني إلى أن انتهى إلى القسم الثالث فقال فيه : ~~ينبغي القطع بعدم جريان الاستصحاب فيه ، هذا محصل موضع الإشكال من كلامه ~~قدسسره . # أما بيان الإشكال فهو أن المراد من القسم الثالث الذي هو المقيد بالزمان ~~الذي جعله في أول الكلام موردا للاستصحاب بطريق أولى لو فرض جريانه في ~~الزمان ، وفي ذيل الكلام جعله مما ينبغي القطع بعدم الجريان فيه غير معلوم ~~، فإن الأنحاء المتصورة في مراده قدسسره لا يتم في شيء منها هذان المطلبان ~~، أعني الأولوية والجزم بالعدم. # فإنه إما يقال بأن مراده الموضوع المقيد إذا شك في انقضاء زمانه الذي هو ~~قيده ، مثل ما لو تعلق الوجوب بالجلوس المقيد بالنهار ، فشك في انقضاء ~~النهار ، وهذا عين القسم الأول وليس مغايرا له أصلا ، فضلا عن أن يكون ~~جريان الاستصحاب فيه بطريق أولى ، ولا أن يكون العدم فيه مقطوعا. # وإما يقال : إن مراده الحكم ومطلق الأمر المجعول الشرعي المقيد بالزمان ~~إذا شك في حصول ذلك الأمر المجعول بعد ذلك الزمان بدون شك في الخارج في ~~انقضاء ذلك الزمان ، وهذا يتصور له صور. # الاولى : أن يفرض مثلا أن خطاب الصوم توجه إلى المكلف في يوم الجمعة بنحو ~~يكون يوم الجمعة ظرفا للخطاب ، لا عنوانا وقيدا له ، ثم شك في يوم السبت في ~~وجود الصوم وعدمه ، وهذا لا إشكال في جريان الاستصحاب فيه. # والثانية : أن يفرض يوم الجمعة في المثال عنوانا وقيدا للخطاب ، ولكنا ~~نحتمل تعدد المطلوب بأن يكون الصوم المطلق أيضا مطلوبا مع القيد ، ففي ~~السبت يبقي المطلق وإن انتفى المقيد ، وهذا أيضا ms1206 يجري فيه استصحاب القسم ~~الثالث من أقسام الكلي على النحو الذي لا يستشكل فيه شيخنا العلامة المرتضى ~~قدسسره ، وهو أن يكون مع الفرد المقطوع وجود فرد مقارن محتملا. # والثالثة : أن يفرض قيدا وبنحو وحدة المطلوب ، ولكن يحتمل وجود ملاك PageV02P630 # آخر خاص بالمقيد بيوم السبت ، وهذا لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه ~~، أعني استصحاب الوجود ، بل الجاري ، فيه استصحاب عدم الوجوب المتعلق بصوم ~~السبت ، ولكن كيف يتم فيه أولوية الجريان على تقدير الجريان في نفس الزمان. # الرابعة : أن يعلم بالوجوب مثلا وكونه مقيدا بالزمان ، ولكن دار الأمر ~~بين كون الزمان الذي قيده هو النهار مثلا ، أو مجموع النهار والليلة ، وهذا ~~أيضا له شبهة في جريان الاستصحاب فيه. # فهذه خمسة أنحاء ، وقد عرفت عدم مباينة الأول منها مع نفس الزمان ، ~~والبقية لا يتم في شيء منها كلا الأمرين الذين أثبتهما الشيخ العلامة أعلى ~~الله مقامه. # هذا حاصل الإشكال على ما استفدته من بحث شيخي الأجل أدام الله علينا وعلى ~~المحصلين بركات أنفاسه الشريفة. # ويختلج بخاطر هذا القاصر في مقام التفصي عن هذه العويصة أن مراد شيخنا ~~العلامة أعلى الله مقامه هو الحكم المقيد بالزمان ، لكن تقييد الحكم إذا ~~كان هو الطلب بل مطلقا لا يمكن إلا بتقييد متعلقة على ما اختاره قدسسره في ~~بحث الواجب المشروط ، فلو تعلق في صورة العبارة بالطلب أيضا فهو لا محالة ~~راجع إلى المطلق ، لكن بعد تقييد المطلق لا محالة يصير الطلب مقيدا بتبعه ، ~~مثلا لو قال : مطلوبي هو الجلوس المقيد بالنهار ، فلا محالة يصير الطلب ~~مقيدا بالنهار. # وحينئذ فتقريب القطع بعدم جريان الاستصحاب أعني استصحاب الوجود لو احتمل ~~وجود الملاك في المقيد الآخر ، وفرض عدم دليل في البين يرتفع به الشك واضح ~~، كما أن الفرق بين صورة التقييد وصورة الظرفية والمظروفية بجواز استصحاب ~~الوجود في الثانية أيضا لا يكاد يخفي. # وأما تقريب أنه كيف يكون حال استصحاب الوجود في صورة التقيد أولى وأسهل ~~من الاستصحاب في نفس الزمان ، فهو أن مراده قدسسره أنه لو فرض ms1207 محالا تصور ~~البقاء في نفس الزمان ، وقلنا بجريان الاستصحاب فيه على حسب الدقة مع كونه ~~متمحضا في التدرج ومأخوذية التدرج في حاق ذاته ، ففي الأمر PageV02P631 # الذي يكون التدريج فيه عرضيا وبواسطة الزمان وإلا ففي ذاته لا تدرج فيه ~~مع قطع النظر عن الزمان ، كالتكلم والوجوب المقيد بالزمان يكون جاريا بطريق أولى. # وينادي بأن مراده قدسسره ما ذكرنا من استصحاب الحكم المقيد امور ، الأول ~~: ما أشار إلى سبق التكلم فيه من الاستشكال في استصحاب الأحكام التكليفية ، ~~فراجع محله في كلامه ، وهو في ذيل بحثه على تفصيل الفاضل التوني قدسسره . # والثاني : تفريعه البحث مع المحقق النراقى قدسسره على هذا المقام. # والثالث : ذكره في طي الجواب عن إشكال المحقق المذكور في مواضع ما يدل ~~على ذلك ، منها : قوله قدسسره : الأمر الوجودي المجعول إن لوحظ الزمان قيدا ~~له أو لمتعلقه ، بأن لوحظ وجوب الجلوس المقيد بكونه إلى الزوال شيئا ، ~~والمقيد بكونه بعد الزوال شيئا آخر متعلقا للوجوب ، فلا مجال لاستصحاب ~~الوجوب ، للقطع بارتفاع ما علم وجوده ، والشك في حدوث ما عداه ، ولذا لا ~~يجوز الاستصحاب في مثل «صم يوم الخميس» إذا شك في وجوب صوم يوم الجمعة. # ومنها : قوله قدسسره : الموجود في الزمان الأول إن لوحظ مغايرا من حيث ~~القيود المأخوذة فيه للموجود الثاني ، فيكون الموجود الثاني حادثا مغايرا ~~للحادث الأول ، فلا مجال لاستصحاب الوجود ؛ إذ لا يتصور البقاء لذلك ~~الموجود بعد فرض كون الزمان الأول من مقوماته. # ومنها : قوله قدسسره : وإن اخذ قيدا له «يعني الزمان للشيء» فلا يجري الا ~~استصحاب العدم ؛ لأن انتقاض عدم الوجود المقيد لا يستلزم انتقاض المطلق ، ~~والأصل عدم الانتقاض ، كما إذا ثبت وجوب صوم يوم الجمعة ولم يثبت غيره ، انتهى. # وقد أشار قدسسره إلى عدم جريان الاستصحاب في الحكم المقيد في خيارات ~~المكاسب عند البحث عن كون خيار الغبن على الفور أو على التراخي ، حيث قسم ~~اعتبار الزمان على قسمين : كونه مكثرا لأفراد العام ، وكونه ظرفا لها ، ~~فعلى الأول صرح بالرجوع إلى العام، بل لو لم يكن عام ms1208 لما يرجع إلى استصحاب ~~حكم الخاص ، ووجهه هو ما فصله في هذا المقام. PageV02P632 # وبالجملة ، لا يكاد يشك أحد في كون مراده قدسسره من القسم الثالث هو ما ~~ذكرنا ، الذي هو الوجه الرابع من الوجوه المتقدمة ، دون الوجوه الأربعة ~~الأخر ؛ إذ لا يلائم أحد منها مع ما نقلناه من عبارته ، كما هو أوضح من أن ~~يخفى ، فراجع. ### ||| ** تنبيه : # وقع بين إمامي الفن الاستاد المحقق النراقي والاستاد المحقق المرتضى ~~الأنصاري أعلى الله مقامهما تشاجر في هذه المسألة في ما إذا شككنا في ~~امتداد وجوب فعل إلى أمد أو إلى أزيد منه ولم يكن في الدليل إطلاق زماني ، ~~فذهب الأول إلى أن استصحاب بقاء ذلك الوجوب إلى ما بعد ذلك الأمد معارض ~~باستصحاب عدم وجوب الفعل مقيدا بالزمان المتأخر. # مثلا لو وجب علينا الجلوس في ظرف الزمان بحيث لم يلاحظ تقطيعه بقطعات ~~الأزمان ، بل لوحظ شيء مستمر باستمرار الزمان ، ولكن شككنا في العشاء مثلا ~~أنه يمتد إلى هذا الحين أولا ، فاستصحاب الامتداد إليه معارض باستصحاب عدم ~~وجوب الجلوس الخاص بخصوصية كونه في العشاء. # لا يقال : لا معارضة في البين ؛ لأن الأول مثبت للوجوب في الجلوس بما هو ~~جلوس مع قطع النظر عن الخصوصية الآتية من قبل الزمان ، والثاني ناف له ~~بملاحظة الخصوصية الزمانية ، ولا منافاة بين الأمرين أصلا. # لأنا نقول : نعم لو كان الحكم متعلقا بصرف وجود الجلوس ، ولو كان في سنة ~~بعد الخطاب كان الأمر كما ذكرت من عدم المنافاة ، ولكن الأمر ليس على هذا ~~النحو ، بمعنى أن زمان الخطاب بعينه هو زمان الفعل ، ففي الحقيقة الطلب ~~يوجه نحو الفعل المقيد بكونه في هذا الزمان ، وهذا بديهي المنافاة مع ~~الرخصة في ترك المقيد الذي معناها أنه مرخص في تركه رأسا ، وهو مع وجوب ~~الفعل مما لا يجتمعان ، وليس معنى الرخصة رفع البأس من حيث الخصوصية حتى لا ~~ينافي مع وجوده من حيث الذات ، بل معناها رفعه عنه بشر اشره ، وهو مع ~~الخطاب الفعلي الحالي نحو PageV02P633 # الفعل مما لا يجتمعان ، هذه غاية تقريب ms1209 مرام المحقق النراقي أعلى الله ~~مقامه الشريف. # وأما شيخنا الأجل العلامة الأنصاري عليه رضوان الله الملك الباري ، فذهب ~~إلى عدم المعارضة بتقريب أنه إذا كان لسان الدليل الدال على الحكم في ~~الزمان الأول حسب ما فرض اعتبار الزمان ظرفا ، فلا يجري إلا استصحاب الوجود ~~، كما أنه لو فرض أن لسانه تقطيعه الحكم بحسب قطعات الزمان كان الجاري ~~استصحاب العدم فقط ، وهذا بظاهره مخدوش بأن إجراء الاستصحاب في جانب العدم ~~غير دائر مدار لسان الدليل في طرف الوجود ، فإنه وإن فرض أن لسانه اعتبار ~~ظرفية الزمان ، لكن لنا اعتبار الزمان المتأخر قيدا في الفعل ، ويكون هو ~~موضوعا مستقلا متعلقا لليقين والشك باعتبار سبقه بعدم جعل الحكم فيه من ~~الأزل ، والشك في انقطاع سلسلة العدم الأزلي فيه وتبدله بالوجود أو لا ، ~~فيجري فيه دليل الاستصحاب ويعارض استصحاب الوجود بالتقريب المتقدم. # كما أنه على تقدير اعتبار قيدية الزمان فى لسان الدليل يمكن إجراء ~~استصحاب الوجود على مذاق من يقول بجريان استصحاب المهملة عن الخصوصيات في ~~ما إذا قطع بزوال خاص وشك في حدوث خاص آخر مقارنا لزواله ، فيعارض هذا ~~الاستصحاب أيضا مع استصحاب عدم الخاص المتأخر بالتقريب المتقدم نعم هذا ~~الإشكال غير وارد على مذاقه حيث لم يقل بجريان الاستصحاب في المهملة في ~~الصورة المذكورة ، هذا ما يورد على ظاهر عبارته. # ولكن وجه مرامه شيخنا الاستاد العلامة أدام الله علينا أيامه في مجلس ~~بحثه الشريف بإمكان أن يكون نظر شيخنا أعلى الله مقامه إلى أن الاستصحابين ~~وإن كانا في حد ذاتهما جاريين في صورة اعتبار الزمان في لسان الدليل ظرفا ، ~~والجلوس شيئا واحدا يمر عليه الزمان ، إلا أن استصحاب امتداد حكم الوجوب ~~إلى زمان الشك يرفع بلسانه الشك عن وجوب الجلوسات الخاصة بخصوصيات الأزمان ~~التي منها هذا الجلوس الخاص العشائي مثلا. # وذلك لأنه لو فرض بحسب موطن الثبوت أن حكم الوجوب كان متعلقا بالجلوس ~~المطلق الممتد من حيث الزمان ، فلا محالة يسري منه الوجوب إلى PageV02P634 # الجلوسات الخاصة بتبع ذلك الجلوس العام الذي هو ms1210 القدر المشترك بينها ، ~~والمفروض انحصار شكنا في وجوب الجلوس الخاص في سراية الوجوب إليه من ناحية ~~المطلق أو لا ، ولا يحتمل أن يكون واجبا بوجوب مستقل آخر ، ولو فرض كونه ~~محتملا كان منفيا بحكم الاستصحاب بلا معارض ، فالشك ممحض فى وجوبه من جهة ~~السراية المذكورة والعدم. # وحينئذ فالاستصحاب المثبت لامتداد الوجوب في موضوع الجلوس المطلق رافع ~~للشك بلسانه بالنسبة إلى وجوب الجلوس المقيد ، فإن السراية المذكورة ثابتة ~~للحكم الأعم من الظاهري والواقعي ، ولا عكس. # فاستصحاب عدم الوجوب للمقيد لا ينفي الامتداد في المطلق بلسانه الاولى ، ~~بل بالملازمة ، وهي وإن كانت ثابتة أيضا للأعم من الظاهري والواقعي حيث إن ~~عدم الوجوب للمقيد لا يجامع مع امتداد الوجوب للمطلق لا في الظاهر ولا في ~~الواقع إلا أنه لا فرق بين الانتقال من حكم إلى حكم آخر بواسطة الملازمة ، ~~وبين إثبات الملزوم الذي لازمه شيء ، وخصوصا كان ذلك اللازم أيضا حكما ~~شرعيا كما في المقام ، حيث إن حكمه بأن الجلوس واجب حالا ، يئول إلى أن ~~الجلوس الحالي واجب. # وأما الحكم بأن الجلوس الحالي غير واجب فليس لسانه أن الامتداد في حكم ~~مطلق الجلوس غير ثابت ، بل هو مما يحكم به العقل بعد ملاحظة عدم إمكان ~~الجمع بين الأمرين، لا نقول : إن حكم الوجوب في المطلق عين الوجوب في ~~المقيد ، كيف ويمكن في حق غير الشارع أن لا يخطر الثاني بباله حين إنشاء ~~الأول ، بل نقول : إن الحكم الأول متضمن للثاني بنحو الإجمال ، فالأصل الذي ~~مفاده الحكم الأول يكون رافعا للتحير عن مرحلة واقع تلك الأحكام الجزئية ، ~~لا عن موضوع شكها ، كما يأتي مزيد توضيحه في المبحث الآتي إن شاء الله تعالى. # وإن شئت التعبير بالفارسية قلت : «حكم أول سايه مى اندازد بر أحكام جزئية ~~وسايه اش آنها را فرا مى گيرد» وهذا بخلاف العكس ؛ فإنه لا يرتفع تحيرنا في ~~الواقع بواسطة أصالة عدم وجوب المقيد بالنسبة إلى حكم امتداد المطلق. PageV02P635 # نعم الذي يثبت أن الجاعل الذي جعل الاستصحاب الأول في مرحلة الظاهر ~~والشك ms1211، لا يجعل الاستصحاب الثاني أيضا في هذه المرحلة ، ويجيء إن شاء الله ~~تعالى مزيد توضيح في الاستصحاب التعليقي. # ثم هذا كله هو الكلام في صورة ظرفية الزمان للحكم ، كما استظهر شيخنا ~~الاستاد دام بقاه كونها مورد كلام المحقق النراقي. # وأما الصورة الاخرى فعلى ما تقدم في محله من جريان الاستصحاب في المهملة ~~عن القيود لتحقق اليقين والشك بالشيء الواحد حقيقة كان اللازم جريانه في ~~المقام ، ومعارضته مع استصحاب العدم في المقيد المتأخر. # نعم الذي يزيده مقامنا على سائر المقامات أنه يحتاج إلى انتزاع المهملة ~~عن شيئين ، أحدهما عن الموضوع وهو الجلوسات المقيدة ، فينتزع منها أصل ~~الجلوس ، والثاني عن الحكم وهو الأحكام الجزئية فينتزع منها أصل الوجوب ~~المتعلق بأصل الجلوس ، وهذا هو الذي قلنا بأنه متيقن في باب الأقل والأكثر ~~الارتباطيين. # وكيف كان فقد يقال : إن استصحاب جامع الموضوع حيث إنه جعل الأثر لا مانع ~~منه ، وأما استصحاب جامع الحكم فحيث إنه جعل نفس ذلك الجامع فلا يعقل ، ~~لكنه مع إمكان دفعه بأنه غير قابل للجعل المستقل ، وأما الجعل بتبع جعل ~~الجزئي فقابل ، فهو نظير استصحاب الجزئية فيه أنه مبني على الالتزام بلزوم ~~رجوع الاستصحاب إلى أحد الجعلين ، إما جعل مماثل أثر الموضوع المستصحب ، ~~وإما جعل مماثل الحكم المستصحب. # ولكنا قلنا في محله : أنا لا نفهم من قوله عليه السلام : لا تنقض اليقين ~~الخ إلا أن كل مورد كان عمل مربوط بالشرع والآن نشك في بقائه ، فالشرع يحكم ~~بإبقاء ذلك العمل وعدم نقضه بواسطة الشك ؛ فإن تحقق بواسطة ذلك جعل مماثل ~~فهو ، وإلا فلا مانع من إجرائه بعد تحقق موضوعه ، وفي مقامنا أيضا نشك في ~~بقاء العمل الذي كان لمهملة الوجوب في مهملة الجلوس ، فيحكم بعدم جواز نقضه ~~، وهذا معناه إيجاب جزئي في مهملة الجلوس ، ولا بأس به بعد مساعدة الدليل. PageV02P636 ### | في حال الاستصحاب مع سائر القواعد ### ||| * وفي تعارض الاستصحابين (1) # ونذكر ذلك في طي مقالات. # الاولى : فى حالها مع أصالة الصحة في فعل النفس التي يعبر عنها بقاعدة ~~الفراغ ، وفي فعل ms1212 الغير ، ومع قاعدة التجاوز. # فنقول : أما بناء على الطريقية في القاعدتين فالحال واضح ، وأما على ~~الأصلية فلتقديم القاعدتين على الاستصحاب طريقان ، الأول لزوم اللغوية ، ~~ولا بد أولا من ملاحظة النسبة بين مفادي القاعدتين مع مفاد الاستصحاب وأنها ~~التعارض أو الحكومة؟ الظاهر حكومة القاعدتين على الاستصحاب تارة ، وحكومته ~~عليهما اخرى ، ولا ثالث. # وتفصيل الموارد أن كل ما اعتبر من وجودي أو عدمي في المركب في الموضوع ~~المفروغ عنه فشك في ثبوته وعدمه نظير الموالات في الصلاة والعربية في العقد ~~، فلا مجرى للاستصحاب لا في طرف الوجود ولا العدم ، لعدم الحالة السابقة ، ~~نعم يمكن جريانه في الصلاة المقيدة أو العقد المقيد ، ولكن شكهما مسبب عن ~~الشك في التقييد ، والقاعدتان رافعتان للشك فيه ، فتكونان حاكمتين على ~~الاستصحاب. # وكل ما اعتبر من وجودي أو عدمى في المركب بلا عناية الفراغ عن الموضوع ، ~~فالاستصحاب جار وهو حاكم على القاعدتين ، وذلك مثل طهارة الفاعل في الصلاة ~~، وبلوغ العاقد في العقد ، فإنه إذا استصحب طهارة المصلي أو عدمها ، أو عدم ~~بلوغ العاقد كان الشك في التقييد مرتفعا. # بيان ذلك أن الطهارة من حيث نفسها ومع قطع النظر عن ارتباطها إلى مركب لا ~~يتصور فيها الشك بعد المحل ولا بعد الفراغ ؛ إذ ذلك مع فرع وجود المحل والعمل PageV02P637 # الذي اعتبر أصل الطهارة فيه ، ومن المعلوم أن الطهارة في أي وقت صحيحة ~~ومع أي عمل حاصلة ، ولا اختصاص لها كصوم رمضان بوقت دون وقت ، ولا كالركوع ~~بعمل دون عمل، وإذن فالشك فيها من حيث إنها شيء بحياله وحال من حالات ~~المكلف لا يكون مصداقا إلا لموضوع الاستصحاب إذا كانت مسبوقة بحالة سابقة ، ~~وأما القاعدتان فصيرورتها مصداقا لموضوعهما متوقفة على لحاظ تقيد عمل ~~بالطهارة. # وإن شئت قلت : الطهارة المتقيد بها الصلاة شك فيها بعد المحل أو بعد ~~الفراغ ، ومن المعلوم أن الشك في عنوان التقيد أو في الطهارة المتقيد بها ~~الصلاة مسبب عن الشك في نفس الطهارة ، فإذا جرى الاستصحاب فيها ارتفع موضوع ~~القاعدتين. # فإن قلت : إذا صدق الشك في ms1213 الطهارة الخاصة بعد المحل أو بعد الفراغ فقد ~~صدق بالنسبة إلى أصل الطهارة ، لوجود المقسم في القسم. # قلت : هذا على سبيل المسامحة والوصف بحال متعلق الموصوف ؛ فإن قولنا : ~~الطهارة المتقيد بها الصلاة مضى محلها أو فرغ عن عملها بمعنى أن تقيدها مضى ~~محله أو فرغ عن عمله ، وذلك لأن المحل والفراغ إنما يتحققان بالنسبة إلى ما ~~هو جزء العمل وهو التقيد ؛ فإنه الداخل ، وأما القيد فخارج ، غاية الأمر أن ~~التقيد جزء عقلي تحليلي ، لا خارجي. # ثم إن هذا الكلام بعينه جار في البلوغ المعتبر فى العقد وإن كان في كلام ~~شيخنا المرتضى قدسسره أن مفاد أصالة الصحة في فعل الغير مقدمة على ~~الاستصحابات الموضوعية ، ببيان أن الاستصحاب إنما يفيد كون هذا العقد صادرا ~~عن غير البالغ ، وهو لا يفيد في نفي الأثر إلا بعد القطع بعدم فرد آخر صادر ~~من البالغ ، والقاعدة تفيد العقد الصادر من البالغ، وهو وإن ذكر ذلك في ~~أصالة الصحة في فعل الغير ، ولكنك خبير بجريانه في قاعدة الفراغ أيضا ، ~~فعند الشك في تحقق الركوع مقتضى الاستصحاب أن هذه الصلاة غير واجدة الركوع ~~، والإعادة أثر عدم وجود الصلاة مع الركوع ، وأما القاعدة فتفيد تحقق ~~الصلاة مع الركوع. # وفيه أنه كما أن من مقتضى القاعدة كون هذا العقد صادرا من البالغ ، وكون هذه PageV02P638 # الصلاة مع الركوع وأثرهما صحة هذا الشخص ، كذلك مقتضى الاستصحاب كون هذا ~~العقد صادرا من غير البالغ وكون هذه الصلاة بلا ركوع ، وأثرهما فساد هذا ~~الشخص ، فيحصل التنافي بين المضمونين. # وإذن فحاصل المقام أن الاستصحاب حاكم في الطائفة الثانية من الموارد على ~~القواعد الثلاث ، وهو غير جار ، أو جار ومحكوم لتلك في الطائفة الاولى ، ~~فاللغوية إنما يلزم إذا كان ندرة الطائفة الاولى بحد يوجب الاقتصار عليها ~~في إجراء القواعد الثلاث صيرورتها كاللغو ، والإنصاف حصول ذلك. # والطريق الثاني شهادة نفس أخبار القاعدتين ، حيث اجريت فيها قاعدة ~~التجاوز في موارد يجري فيها لولاها الاستصحاب ، وكذا قاعدة الفراغ فراجع. # ثم إن ما ذكرنا في الطريق الأول غير ms1214 جار في الأجزاء ؛ لأنها معتبرة في ~~المركب بنحو العرضية ، يعني كل واحد في عرض الآخر ، وليس حالها كالشرط حتى ~~يكون التقيد داخلا والقيد خارجا ، فإذا شك في وجود الحمد فمقتضى الاستصحاب ~~عدمه ، ومقتضى قاعدة التجاوز والفراغ وجوده ، فيتعارضان من دون حكومة ~~بينهما أصلا ، هذا. # ولكن الحقير يقول : يمكن نظير ما ذكر هناك هنا أيضا ، بأن يقال : الذي هو ~~مجرى القاعدتين هو الجزء بالنظر الاندكاكى في الكل الذي باعتباره يحمل عليه ~~عينية الكل ، وكونه ذا المقدمة ومجرى الاستصحاب هو بلحاظه الاستقلالي الذي ~~بهذا الاعتبار يتصف بالغيرية مع الكل والمقدمية له ، ولا شك أن الشك فيه ~~بالاعتبار الأول مسبب عن الشك فيه بالاعتبار الثاني ؛ إذا الشك في ذي ~~المقدمة مسبب عن الشك في مقدمته ، هذا. # لا يقال : ما ذكرتم من الحكومة من كل من الجانبين أعني من جانب القاعدتين ~~، بل القواعد على الاستصحاب ومن جانب الاستصحاب عليها مبنية على الترتب ~~الشرعي ، وليس ، والمتحقق هو العقلي ؛ فإن إثبات المقيد بإثبات التقيد عقلي ~~، وكذلك اثبات التقيد بإثبات القيد. PageV02P639 # لأنا نقول : كلا ، بل هو في كلا الموردين شرعي ، أما الأول فلأن إثبات ~~المقيد نفس مفاد قاعدة الفراغ والصحة ، فإن مفاده أن المركب من ناحية الخلل ~~المشكوك غير مختل ، فالحكم بثبوت المقيد من نفس حكم الشرع ، وكذلك في قاعدة ~~التجاوز يكون ترتيب عدم اختلال المقيد على الحكم بثبوت قيده من الشارع كما ~~هو واضح. # وأما الثاني فلأن من آثار كون الإنسان طاهرا تعبديا من الحدث كون الصلاة ~~الصادرة منه بمنزلة الصلاة الصادرة من الطاهر الواقعي. # نعم يبقي الكلام في ما ذكره الحقير من إلحاق الأجزاء بالشروط ، فإن ترتيب ~~وجود ذي المقدمة على مقدمته عقلي ، وإن شئت قلت : ترتب الكل على الجزء عقلي. ### ||| ** في حال الاستصحاب مع القرعة (1) # فنقول : في رواية الخاصة : «كل مجهول ففيه القرعة ، قلت له : إن القرعة ~~يخطئ ويصيب ، قال : كل ما حكم الله به فليس بمخطئ». # وفي رواية العامة على ما حكي «القرعة لكل أمر مشكل» وفي اخرى «لكل أمر ~~مشتبه». # أما الاولى ms1215 فلا إشكال في تقديم دليل الاستصحاب ، بل كل أصل شرعي عليها ؛ ~~لأخصية دليله عن دليلها ، وأما في غير مورد الاصول الشرعية ، سواء كان حكم ~~عقلي مثل موارد البراءة والاشتغال والتخيير أو لم يكن وإن كان في هذا إشكال ~~؛ إذ لا مورد إلا وللعقل فيه تعيين الوظيفة عند انقطاعه عن الشرع ، وعلى كل ~~حال فحيث نعلم إجمالا بورود التخصيص على عموم القرعة في تلك الموارد أيضا ~~وليست موارده بيدنا تفصيلا فلا بد في العمل به من ملاحظة جبره بعمل ~~الأصحاب. # إن قلت : إن كان سنده صحيحا وكان دلالته تامة فنحن لا نقلد في الدلالة ، ~~وإن كان السند صحيحا ولم تكن الدلالة تماما فلا يكفي عمل الأصحاب. PageV02P640 # قلت : نعم ولكن وجه اتباعهم أنه يكشف كثرة موارد التخصيص عن احتفاف ~~الكلام بقرينة إما لفظية وإما حالية لم يلزم معها التخصيص المستبشع ، ~~فبواسطة العمل نستكشف كون المورد من موارد تلك القرينة ، أو يقال : وإن لم ~~يلزم التخصيص المستبشع ، لكن حيث إن لنا علما إجماليا بأزيد من الموارد ~~المعلومة تفصيلا فبعملهم نستكشف كون المورد خارجا عن مصداقية عنوان المخصص ~~، وهكذا الكلام في رواية العامة على تقدير رواية المشتبه. # وأما على رواية المشكل فيشكل العمل حتى في موارد وجود حكم من العقل ؛ إذ ~~لا يصدق أنه أشكل الأمر على الإنسان إلا بعد انسداد جميع الطرق والحيل عليه ~~، نعم بعض الأحكام من العقل محمول على موضوع المشكل ، مثل حكمه بالتخيير في ~~دوران الأمر بين المحذورين ، فحينئذ يقدم عموم القرعة مع عدم العلم ~~بالتخصيص ، ولكن في هذه الموارد مع قلتها أيضا نحتاج إلى الجبر بعمل ~~الأصحاب ، للعلم الإجمالى بالتخصيص وعدم وضوح عنوان المخصص علينا ووضوح ~~خروج المورد عن مصداقيته بعد عملهم. ### ||| ** في حاله مع اليد. (1) # أما على أمارية اليد فلا إشكال ، وأما على الأصلية فوجه تقديم اليد هو ما ~~أشار إليه الإمام عليه السلام في رواية حفص بن غياث من أنه لو لا ذلك لم يقم ~~للمسلمين سوق ، إذ لو بني على ترجيح الاستصحاب لزم ذلك. # وأما تحقيق ms1216 كون اليد أمارة أو أصلا حتى يظهر الثمر في إثبات اللوازم ، ~~وعلى تقدير الأمارية هل لها الأمارية المطلقة أو المقيدة الغير المفيدة ~~لإثبات اللوازم؟ الظاهر من ارتكازيات العرف والعقلاء هو المعاملة معها ~~معاملة العلم وسائر الطرق. # نعم لا دلالة في رواية الحفص المتقدم إليها الإشارة على الأمارية بملاحظة جواز PageV02P641 # الشهادة بالملكية الواقعية بسبب اليد وجواز الحلف على طبقها ، فإن هذا ~~موجود في الاستصحاب مع عدم الأمارية ، فمن الممكن كون اليد من هذا القبيل ، ~~وأما الارتكاز والسيرة فلا شبهة فيه. # فإن قلت : فما وجه حكمهم بأن ذا اليد إذا اعترف بانتقال الملك إليه من ~~المدعي انقلب مدعيا ، مع أنه لو كانت اليد أمارة مطلقة كان اللازم إثبات ~~اللازم ، وهو سبب الملك الذي بالفرض منحصر في الانتقال عن المدعي ، ومعه لم ~~ينقلب صاحبها مدعيا ، لمطابقة قوله مع الأمارة ، فحكمهم يشهد بأن المحكم في ~~تعيين السبب هو استصحاب عدم الانتقال ، والمطابق له قول الطرف الآخر ، فهو ~~المنكر وصاحب اليد هو المدعي ، فهذا يدل إما على أصلية اليد ، أو قصور ~~أماريته عن إثبات اللوازم. # قلت : ما ذكرت إنما يتوجه لو كان من المفروغ عنه أن المطابقة للأمارة لا ~~ينفك عن المنكرية ولا يجتمع مع المدعية ، وهو محل الإنكار ، بل المدعى ~~مفهوم من المفاهيم المرجوع في تعيينها إلى العرف وهو من ينشئ الخصومة ، ومن ~~الممكن بمكان دعوى صيرورة ذي اليد في الفرض المذكور هو المنشئ للخصومة بعد ~~ما كان المنشئ لها قبل اعترافه هو خصمه. # وإذن فينطبق كلامهم مع أمارية اليد ولهذا لو لم يكن في قباله مدع ، أو ~~كان ولكن اسند الملك السابق إلى غيره بأن ادعى عليه الزيد فقال : اشتريته ~~من عمر ولم ينتزع العين من يده ويعامل معاملة ملكه ، ولو كان وجه حكمهم ~~جريان الاستصحاب في السبب كان اللازم هو التوقف عن الحكم بملكيته في هذين أيضا. # وحينئذ نقول في ما إذا كان في قباله منكر أيضا لم يخرج اليد عن الأمارية ~~، والاستصحاب في السبب محكوم لها ، ولكن ذاها مدع عرفا ، وقد ms1217 استقر حكم ~~الشارع على اختصاص الفاصل للخصومة بالبينات والأيمان. # ومن هنا صح للصديقة الطاهرة سلام الله عليها تشبثها باليد مع دعواها ~~عليها السلام تلقي الملك من رسول الله صلى الله عليه وآله ، واحتجاج الأمير صلوات PageV02P642 # الله عليه على أبي بكر بمطالبته إياها عليها السلام البينة مع كونه سلام ~~الله عليها ذا اليد ، فإنه يقال: إذا اعترف ذو اليد بالانتقال من الطرف ولم ~~يظهر الطرف لا تصديقا ولا إنكارا ، بل ادعى عدم العلم كما هو الحال في تلك ~~الواقعة لم تكن في البين مخاصمة وخصومة ، فإن الشاك أيضا تكليفه الرجوع إلى ~~هذه الأمارة ورفع الشك بها ، لعدم اختصاص حجيتها بواحد دون واحد. # فوجه الاحتجاج أن مقام مطالبة البينة صورة وجود خصومة في البين ، وأما مع ~~اقتران الدعوى باليد وعدم منكر في القبال ، فليس مطالبة البينة إلا ديدن ~~الجهال. # في حاله مع الأمارات والأدلة الاجتهادية ، ويعبر عن الكل بالطرق الشرعية. (1) # اعلم أنه لا ريب حسب الارتكاز وشهادة الطبع في تقديم الطرق على الاصول ~~أعني قول الشارع : خذ بحكاية الأمارة الفلانية على قوله : خذ بالحالة ~~السابقة عند الشك ، أو ابن على الحلية أو الطهارة كذلك. # إنما الكلام في أن هذا التقديم هل هو من باب التخصيص أو التخصص أو ~~الحكومة؟ # اختار شيخنا المرتضى قدسسره أنه من باب الحكومة ، وذكر في توضيح الحكومة ~~أنها كون أحد الدليلين بمفاده اللفظي بيانا وتفسيرا للمفاد اللفظي للدليل ~~الآخر ؛ فإن مقتضى الجمع العرفي حينئذ الأخذ بظهور التفسير وإن فرض في أدنى ~~مرتبة ، ورفع اليد عن ظهور المفسر وإن كان في أعلى مرتبة ، وتطبيق ذلك على ~~المقام أن الشارع جعل في حق الجاهل طائفتين من الوظيفة. # الاولى : بلسان حفظ الشك في الواقع والحكم على موضوع الشك ، والثانية : ~~بلسان رفع الشك وإزالته ، فيشترك مع الإخبار في هذه الجهة ، أعني كما أن ~~نظر المخبر إلى الواقع المشكوك ورفع حجاب الشك عنه ، كذلك الشارع في قوله : قول PageV02P643 # الثقة عين الواقع ، نظر إلى الشك بعنوان إزالته ، غاية الأمر أن الرفع في ~~الإخبار وجداني ms1218 وهنا تعبدي ، فكأنه قال بعنوان التعبد قد اتضح الواقع فلا ~~شك بعد اتضاحه ، وقوله : ما قاله العادل عين الواقع ، نظير قولك مشيرا إلى ~~جاهل : هذا عالم عند قصد ترتيب آثار العلم ، وقوله : لا شك لك بعده ، نظير ~~قولك مشيرا إلى عالم : هذا ليس بعالم ، بقصد رفع أثر العلم عنه. # فتحصل من هذا أن قوله : إذا شككت في كذا فابن على كذا ، لا نظر له أصلا ~~إلى قوله : قول الثقة عين الواقع ، ولكن الثاني ناظر إلى الأول باعتبار ~~اشتماله على أنه لا شك بعد قوله بعد معلومية أن نفي الموضوع تعبدا إنما هو ~~بلحاظ رفع آثاره ، كما أن إثباته كذلك بلحاظ إثباتها ، هذا. # واستشكل عليه قدسسره بأن ما ذكره في ضابط الحكومة لا إشكال في مصححيته ~~للتقديم متى تحقق ، ولكن الشأن في إثباته في المقام وسائر المقامات التي ~~يقولون بالحكومة فيها ، بيان ذلك أن اللازم من هذا التقرير أن يكون الدليل ~~الحاكم لغوا وبلا مورد لو لم يكن الدليل المحكوم ، فإنه بمنزلة «أعني» فكما ~~أنه ناظر إلى مقام الإثبات ، ولو لم يكن قبله مفسر في مقام الإثبات كان ~~لغوا وبلا مورد ، كذلك الدليل الحاكم على ما قرره قدسسره . # ولا شبهة في عدم حصول هذا المعيار في شيء من موارد الحكومة ، فإن منها ~~قاعدة لا ضرر في الإسلام ، ومن المعلوم أن القائل بهذا الكلام يفيد هذا ~~الكلام منه ، ولو لم يصدر منه لعارض في مرحلة الإظهار وعالم الإثبات شيء من ~~المجعولات الاسلامية ، فإن الإسلام عبارة عن الوجود اللوح المحفوظي ، وهكذا ~~في قوله : لا شك لكثير الشك ، فإنه لو لم تكن الأدلة المتكفلة لحكم الشكوك ~~في ركعات الصلاة لما خلي من الفائدة ، فإن عدم الحكم في نفسه أمر واقعي ، ~~وهكذا في «لا حرج» وكذا في المقام ، لوضوح عدم لغوية قوله : الحكاية ~~الفلانية صدق وعين الواقع لو لم يكن حكم في موضوع الشك مجعولا أصلا. # وإذن فيتحقق التنافي بين مدلولي الأصل والطريق ، فإن مفاد الأصل أن الحكم PageV02P644 # اللوح المحفوظي في حق الشاك كذا ، ومفاد ms1219 الأمارة أيضا إثبات خلاف ذلك في ~~اللوح المحفوظ ، من دون نظر أحدهما إلى ما يفيده الآخر في مرحلة الإثبات. # وقد ذكر للحكومة ضابط آخر مسلم الانطباق على غير المقام ، وهو كون أحد ~~الدليلين متكفلا للحكم على غير الحكم من الموضوعات الأخر ، والآخر متعرضا ~~للحكم على الحكم ولو بوجوده النفس الأمري الثبوتي لا الإثباتي. # مثلا لا ينقدح التعارض بين قوله : أكرم العلماء وقوله : إرادتي للإكرام ~~في الفاسق غير ثابتة ، أو إرادتي للإكرام في حق زيد الجاهل ثابتة ، ولا ~~يلاحظ الترجيح في مرتبة الظهور ، بل يرجح الثاني ولو كان أضعف ظهورا على الأول. # فإن قلت : كيف تقول : ليس الحكم في قضية أكرم العلماء على الإرادة ، مع ~~أن مفاد الهيئة هو الطلب. # قلت : فرق بين إيجاد الطلب الحقيقي في النفس متعلقا بفعل من الأفعال ففي ~~هذا اللحاظ لا يمكن الحكم على الإرادة وبين لحاظ الطلب بما هو كسائر ~~العناوين والحكم عليه. # ولعل السر في التقديم أن نسبة الإرادة إلى المتكلم في قضية أكرم العلماء ~~خارج عن مفاد اللفظ ، وإنما هو حكم العقل في مقدار ، والعقلاء في الزائد ~~عليه ، فيتحصل من العقل والعقلاء حكم على موضوع إرادة المتكلم وطلبه ، وهو ~~نسبته إليه ، وأما في القضية الاخرى فهذا المطلب صار مفادا لفظيا ، وقد ~~تكفله نفس المتكلم ، فإذا اريد بالحكم العقلي العقلائي أن يحكم على مورد ~~التصادق بثبوت إرادة الإكرام للقائل يعارضه نفس قول القائل : إرادتي غير ~~موجودة هنا ، وإن كان هذا أيضا محتاجا إلى إجراء الأصل العقلائي فيه ، لكن ~~هذا الأصل العقلائي ينتهى إلى قول من القائل له إثبات ونفي في نفس مورد ~~القضية العقلائية في الجانب الآخر. # لا يقال : حكم العقل إنما هو بمطابقة الاستعمال للجد ، ولازم هذا ثبوت ~~الإرادة ، وحكم الشارع في الحاكم بنفي الارادة على وجه المدلول المطابقي ، ~~فما حصل التكاذب بينهما في المدلول المطابقي. PageV02P645 # لأنا نقول أولا : حيثية المطابقة تعليلية ، يعني يحكم بالإرادة الجدية ~~بعلية مطابقتها للاستعمالية ، وعلى فرض التسليم فالعقل يحكم بالإرادة ~~الخاصة ، والشرع ينفي الإرادة المطلقة ، فيحصل التنافي. # ثم ms1220 لا يجري هذا الضابط أيضا في المقام ؛ لأن الشارع ما حكم في دليل ~~اعتبار الطريق إلا بواقعية المؤدى ، ولم يحكم بنفي الشك تعبدا حتى يرجع إلى ~~نفي أحكامه فيجيء فيه التقريب المذكور. # فإن قلت : بعد أن لسان التعبد بالأمارة إنما هو لسان الإرشاد إلى الواقع ~~فكما أن المخبر حقيقة إنما يخبر بغرض رفع الشك بإخباره بأن يحصل العلم ~~الحقيقي فيرتفع الشك حقيقة ، أو العلم العادي فيرتفع تعبدا ، كذلك التعبد ~~بلسان الإرشاد أيضا ظاهر في كونه بغرض رفع الشك تعبدا ، فهاهنا تنزيلان ~~طوليان ، أحدهما غرض للآخر ، فلا يقال : يلزم اجتماع اللحاظين. # قلت : مضافا إلى أنه يلزم ترتيب الآثار المترتبة على صفة اليقين لأن غرض ~~المخبر الحقيقي حصوله أيضا ففي التعبد يكون الغرض هو التعبد بثبوته ، فيرجع ~~إلى ثبوت آثاره ، ولا تلتزمون به يرد عليه أنا لو سلمنا هذا الظهور فإنما ~~هو في رفع الشك بلحاظ ما له من الأثر بالنسبة إلى الواقع ، وأما الأثر ~~المترتب على صفة الاحتمال والترديد فلا ، هذا. # وهاهنا تقريب لورود أدلة الطرق على أدلة الاصول وهو أن يقال : إن العلم ~~المجعول غاية في الاصول أعني قوله : لا تنقض اليقين بالشك بل تنقضه بيقين ~~آخر ، وكذا قوله : كل شيء حلال حتى تعلم أنه حرام ، وقوله : كل شيء طاهر ~~حتى تعلم أنه قذر ، ونحو ذلك يراد بحسب لفظه ما يقابل الثلاثة من الظن ~~والوهم والشك ، ولكن المناسبة المقامية مقتضية لتعميم الحكم إلى غيره من ~~سائر أفراد الحجة وما يوجب رفع الحيرة عن الواقع. # وذلك بدعوى أن الأحكام المعلقة عند العرف على صفة اليقين يفهمون منها ~~إلغاء هذه الصفة في ترتيب تلك الأحكام وأنها منوطة بذلك الجامع ، نظير قول PageV02P646 # المولى : يا فلان ، مناديا لأحد عبيده باسمه ، حيث يفهمون أنه بملاك يشمل ~~سائر العبيد ، أو قولك : ينبغي للإنسان أن يحفظ قبائه من القذارة ، حيث ~~يفهم أنه بملاك يشمل اللبادة وسائر اللباس ، فإنه إذا قيل : لا ينبغي رفع ~~اليد عن اليقين بالشك ، يفهمون أنه بملاك مطلق عدم الحيرة عن الواقع وثبوته ~~في ms1221 اليد ولو بحجة غير علمية ، وإذن فيراد بالشك ما يقابله وهو عدم الطريق ، ~~فعند قيام الطريق يرتفع موضوع عدم الطريق وجدانا. # لا يقال : كما يكون الشك في الاصول بهذا المعنى ، كذلك في جانب الطريق ؛ ~~إذ لا شك أن التعبد إنما يصح في مورد عدم العلم ، فدليل اعتبار الطريق حيث ~~إنه تعبد يكون مختصا بغير العالم ، فيراد بعدم العلم المعتبر فيه عقلا أيضا ~~عدم الطريق للمناسبة المقامية. # لأنا نقول : ليس في دليل اعتبار الطريق لفظ اليقين أو الشك مذكورا ، ~~وإنما ورد التعبد على سبيل الإطلاق ، والمناسبة المقامية مستفادة من ذينك ~~اللفظين ، نعم العقل حاكم بالتقييد ، والقدر المسلم الحاكم به العقل إنما ~~هو عدم العلم بمعنى الصفة ، والزائد عليه تقييد بلا داع يقتضيه. # وإذن فيلزم من تقديم دليل الطريق التخصص في دليل الأصل ، ويلزم من تقديم ~~الأصل التخصيص في دليل الأمارة ، وإذا دار الأمر بين الأمرين فالتخصص أولى. # وهنا تقريب آخر للورود اختاره بعض الأساطين طاب ثراه ، وهو أن الشك وإن ~~كان باقيا ، إلا أن ما تعلق النهي به وهو نقض اليقين بالشك يرتفع بعد قيام ~~الأمارة ، فيصير النقض بالأمارة لا بالشك. # فإن قلت : قد جعل الغاية هو اليقين ؛ لقوله : بل انقضه بيقين آخر. # قلت : الطريق أيضا مفيد لليقين ، غاية الأمر بالحكم الظاهري لا الواقعي. # والحاصل أن كلا من الطريق والاصل مشتركان في أنه يحصل بسببهما اليقين مع ~~وجود الشك في الواقع بوجه في كليهما ، ولكن الفرق أن العلم جعل غاية في ~~أدلة الاصول ، ولم يجعل كذلك في أدلة الطرق فمع تقديم الاصل يلزم تخصيص دليل PageV02P647 # الطريق وأما مع تقديم الطريق فلا يلزم تخصيص في دليل الاصول ، لحصول ~~غايته وهو العلم ، والحاصل أن حكم الأصل مرتب على الشك في الواقع بوجه من ~~الوجوه ، وغايته العلم به أيضا بوجه من الوجوه. # واستشكل عليه الاستاد أولا بأنه لا وجه للالتزام ببقاء الشك ، فإن الظاهر ~~أنه مقابل اليقين المجعول غاية ، فالمراد به عدم ذلك اليقين ، فإذا كان ~~المراد اليقين بوجه فالمراد هو الشك من جميع ms1222 الوجوه. # وثانيا : لا يتم هذا في الشبهة الموضوعية ، مثل الشك في حياة زيد مع قيام ~~البينة على موته ، فإنه لم يحصل القطع الذي هو الغاية بواسطة البينة بشيء ~~من الوجوه ؛ لأن الحياة غير قابلة للجعل. # وثالثا : التعبير بالوجه لا يحسن ؛ لأن عنوان تصديق الطريق وأخذ حكايته ~~ليس كعنوان الغصبية ، بل هو إشارة إلى العنوان الواقعي ، فالذي يناسب هو ~~التعبير بأن الحكم الفعلي في عنوان الفعل الكذائي صار معلوما بعد قيام ~~الطريق ، فحصل الغاية. # ولكن فيه أن الظاهر كون المراد بالشك واليقين في أدلة الاصول تعلقها ~~بالواقع ، فإنها وظائف مقررة لرعاية الواقع ، فالملحوظ فيها نفسه ، لا ~~الأعم منه ومن المجعول في مرتبة الشك فيه. ### ||| ** في حاله مع سائر الاصول. (1) # والأمر هنا أشكل من المسألة السابقة ، فإن الشك في كلا الطرفين مأخوذ ، ~~فإن جعل عبارة عن الصفة فتقريب الحكومة وارد في كليهما ، وإن جعل عبارة عن ~~عدم الطريق فالورود وارد في كليهما. # والذي اختاره هنا أيضا بعض الأساطين قدسسره أن أصالة الحلية أو الطهارة ~~حكم على الشك ما دام لم يحصل العلم بوجه من الوجوه بالحرمة والنجاسة ، ~~والاستصحاب يوجب حصول هذه الغاية وجدانا ، وهو أيضا وإن كان مغيا بمثل ذلك ~~، ولكن ذينك الأصلين ليس مفادهما إلا نفس الحلية والطهارة ، و PageV02P648 # هو عين تجويز نقض الحالة السابقة ، ولا يثبتانهما بتوسط عنوان من ~~العناوين غير الشك ، بخلاف الاستصحاب ، فإنه يثبت ضديهما بعنوان نقض اليقين بالشك. # وقد استشكل عليه شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته الشريفة بأن المفروض عدم ~~الطريقية في جانب الاستصحاب ، وإنما هو صرف التعبد الشرعي وإن كان بلحاظ ~~الكشف النوعي الحاصل من حكاية الثبوت السابق عن الدوام ، وحينئذ ففي كل من ~~الطرفين المتحقق حكم من الشارع ، غاية الأمر في أحدهما بلسان : هذا حلال أو ~~طاهر ، وفي الآخر بلسان : لا يجوز نقض الحالة السابقة ، وأي مرجح لتقديم ~~الثاني حتى يحصل غاية الأول ، ولم لا يجوز العكس حتى يحصل غاية الثاني؟. # واختار شيخنا المرتضى قدسسره الشريف الحكومة ، ببيان أن الاستصحاب معمم ~~للنهي السابق إلى زمان ms1223 الشك ، فهو ناظرا إلى رفع الحكم المغيا بورود النهي ~~في قوله : كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ، فالاستصحاب مفيد لبقاء النهي ~~السابق ، يعنى أن الغاية حاصلة. # ولكن فيه أولا : أن الغاية هو العلم لا واقع النهي ، وثانيا : كما أن ~~مفاد الاستصحاب أن النهي الواقعي باق ، مفاد أصالة الحل والطهارة أن ~~الترخيص الواقعي حاصل ، فلم لا يقدم هذان ويحكم بحصول غاية الاستصحاب ، وما ~~الترجيح للعكس. # ويمكن أن يقال : إن مفاد لا تنقض الخ : أبق آثار اليقين وعامل معاملته ، ~~ولا داعي للحمل على المتيقن ، ولهذا يشمل الشك في المقتضى ؛ لأن صفة اليقين ~~مشتملة على إبرام يصح بلحاظه إتيان مادة النقض ، غاية الأمر أن مصاديق هذا ~~المفهوم في الخارج مرايا للمتعلقات ، يعنى أخذه المتكلم جامعا لتلك ~~المصاديق الخاصة ، لكنه نظر إليه بنظرة موضوعية ، لا أنه جعله عبرة للمتعلق ~~، فيكون المعنى : أنك أيها الشاك كما كنت سابقا ذا يقين وكان يقينك لأجل ~~طريقيته وبلحاظ مرآتيته محركا سمت المتعلق وآثاره ، فكن حال الشك أيضا كذي ~~اليقين. # ولا يخفي أن صاحب اليقين المرآتي كما يتحرك سمت الواقع وآثاره ، لا يحتاج PageV02P649 # أيضا إلى دستور لأجل الواقع ؛ لأن من وجد نفس الواقع غير محتاج إلى ~~الدستور ، فالتنزيل المفاد للاستصحاب يشمل هذا الأثر أيضا ، يعنى : كن كحال ~~يقينك طالبا وعاملا بآثار الواقع وغير متفحص عن الدستور المضروب لأجله. # وحينئذ نقول : تارة نقول : إن الشك والعلم في دليلي البراءة والطهارة ~~مثلا يراد بهما الصفتان الخاصتان بملاك خاص بهما ، واخرى نقول : علق الحكم ~~عليهما بملاك أعم شامل للطريق المعتبر وعدم الواجدية له. # وعلى كل حال فالظاهر أن المراد بالعلم المجعول غاية هو العلم المصيب إلى ~~الواقع لا الأعم منه ومن الجهل المركب ؛ إذ هي بمقام إعطاء دستور للواقعيات ~~في حال الجهل ، فالمفاد أنك لو جهلتها فدستورك كذا إلى أن تعلمها ، فتنقطع ~~بطبعك عن الدستور. # وبعبارة اخرى : الموضوع هو الشاك بالواقع من حيث كونه محتاجا إلى الدستور ~~للواقع ، والعالم غير موضوع من حيث إنه واجد الواقع ، وواجد نفس الواقع لا ~~يحتاج ms1224 إلى دستور له. # وعلى هذا فتقريب الحكومة أو الورود واضح من طرف الاستصحاب على أصالة ~~البراءة والطهارة ؛ لأن مفاده على الحكومة : إنك ذو يقين بالواقع ، وقد ~~فرضنا الغاية في الأصلين هو اليقين بالواقع ، ولا عكس. # إن قلت : بل العكس أيضا ممكن ؛ لأن الأصلين أيضا مفادهما : هذا حلال ~~واقعا ، وطاهر كذلك ، ومفادهما وإن لم يكن واجدية الواقع ، لكن الواجدية ~~قهري عقيب وجود الحكمين للمكلف ، فيحصل بذلك غاية الاستصحاب ، أو يرتفع ~~موضوعه تعبدا ؛ إذ الموضوع كما مر ليس الشك إلا بحيثية الاحتياج إلى دستور ~~الواقع ، فيرفع هذا الموضوع بدليل كان لسانه إعطاء الواقع ، كما يرفع بدليل ~~كان لسانه إعطاء يقين الواقع وكونه في اليد على نحو الجزم. # قلت : نعم ، لكن رتبة الدليل الثاني أعني ما كان لسانه إعطاء الواجدية ~~والكون في اليد أسبق من رتبة الدليل الأول الذي مفاده جعل الواقع الأولي ~~بلسان التنزيل ؛ PageV02P650 # إذ كما أن جعل الواقع الأولي الحقيقي أمر ، وواجديته أمر آخر ، كذلك ما ~~يتصداه الدليل المفيد للتنزيل ليس إلا نفس الجعل بلسان الواقع ، وأما ~~الواجدية فخارج عن مدلوله المطابقي والالتزامي ، وإنما هي لازمة لوجوده ~~ومتأخرة عنه ، وهذا اللازم لمتأخر مصرح به في القضية في الجانب الآخر ، ~~والحاصل أحدهما يعطي الواقع ليصير المكلف واجدا لواقع ، والآخر يقول: أنت ~~واجد الواقع ، فلسان الثاني أقدم حكومة من الأول. # وبهذا البيان يتضح الحال بناء على الورود ، فإنه وإن كان كل لو قدم صار ~~واردا على الآخر ، لكن هذا اللسان للاستصحاب يوجب تقدمه للحكومة ، فهو ورود ~~للحكومة. # ثم إنك من مطاوي هذه الكلمات قدرت على إجراء الحكومة في الأمارات على ~~الاصول بناء على أخذ الشك والعلم في الاصول بالمعنى الصفتي بالملاك الأخص ؛ ~~فإنها دستورات للشاك الغير العالم بالواقع من حيث احتياجه إلى دستور للواقع ~~الذي جهله ، والأمارة أيضا وإن كانت دستورا له ، ولكن بلسان أن ما أداه هو ~~الواقع ، فقد أعطى المحتاج ما احتاج إليه ، لا أنه رفع عنه الاحتياج ، فلا ~~يقال : إنه ورود ، ولكن لما أن لسانه : هذا واقع ، تكون حاكمة على ms1225 الاصول ~~المعلق فيها الحكم على المنقطع اليد عن الواقع المحتاج إلى دستوره ، هذا. ### ||| ** في تعارض الاستصحابين : (1) # وهو على قسمين : ، أن يكون أحدهما جاريا في الشك السببي ، والآخر في ~~المسببي ، وأن يكونا جاريين في شكين مسببين عن ثالث. # أما القسم الأول ، فمثاله ما إذا علم بطهارة ماء قليل ثم شك فيه لاحتمال ~~وقوع نجاسة فيه ثم غسل الثوب القطعي التنجس بصب ذلك الماء القليل عليه مع ~~مراعاة شرائط التطهير ، فإن هنا استصحابين ، واستصحاب طهارة الماء من أثره طهارة PageV02P651 # الثوب ، واستصحاب نجاسة الثوب ليس من أثره نجاسة الماء ؛ إذ لو كان نجسا ~~ليعلم أنه بغير نجاسة الثوب. # وعلى هذا فالتقريبان المتقدمان من الحكومة والورود تامان في الاستصحاب ~~الجاري في السبب ، بيانه أما على الحكومة فلأنه يحكم في موضوع الشك في ~~الماء بطهارته ، وفي الطول بطهارة الثوب المغسول به ، فحكمه بطهارة الثوب ~~نظير حكم الأمارة حكم بالثبوت بلسان الواقع بدون التعليق على الشك ، وإنما ~~علق على الشك في شيء آخر ، وأما الحكم بالنجاسة في جانب استصحاب المسبب فهو ~~حكم معلق على الشك في نفسه ، فمفاد أحدهما «الثوب طاهر» ومفاد الآخر الثوب ~~عند الشك فيه نجس ، فيكون الأول حاكما لو اريد من الشك الصفة بالملاك الأخص ~~، وواردا لو اريد به ذاك بالملاك الأعم ، ولا عكس؛ إذ استصحاب المسبب ليس ~~له نفي وإثبات في جانب السبب ، لعدم حجية الأصل المثبت. # نعم يتم فيه أيضا ذلك لو قيل بطريقية الاستصحاب وأنه من باب جعل الظن ~~النوعي بأن ما ثبت يدوم معتبرا وحجة ، أو بأصليته مع القول بحجية الأصل ~~المثبت ، وقد رام على هذين شيخنا الاستاد في درره أيضا تقديم الأصل السببي ~~بواسطة تقدم الرتبة طبعا. # ولكنه كما نبه هو دام بقاء في مجلس بحثه مخدوش أولا بأنا نرى وجدنا ~~انقداح التعارض بين أمارتين إحداهما تخبر بالعلة والاخرى بعدم المعلول ، أو ~~تقول إحداهما : هذا الرجل ابن زيد والاخرى : زيد لا يقتل ابنه ، ثم رأينا ~~الزيد قتل الرجل ، ولو كان التقدم الطبعي كافيا في حيازة الأمارة الأسبق ~~حكم ms1226 الحجية والاعتبار لما انقدح التعارض في المثال ، والتالي باطل ~~بالضرورة. # وثانيا بأن التقدم والتأخر في الرتبة بين الفردين للعام بحسب الوجود ~~الخارجي لا ينافي عرضيتها بحسب المشمولية للعام وفي لحاظ المنشئ للعموم ، ~~فالمنشئ لأكرم العلماء لاحظ العالم الأب والعالم الابن في فرض واحد وإن ~~كانا في الخارج مترتبين. PageV02P652 # إن قلت : نعم لكن الكبرى بدون الصغرى غير مفيدة ، والصغرى أبدا محققة في ~~المتقدم أسبق منها في المتأخر. # قلت : وإن كان الحكم على الفرد المحقق فعليا دون الغير المتحقق ، لكنه في ~~غير المتحقق أيضا موجود في تقدير الوجود ، فيتحقق المنافاة بين الحكمين ~~الفعلي والمشروط ، وهذان الإشكالان كما ترى وارد في عامة مقامات الترجيح ~~بالتقدم الطبعي. # وثالثا وهو خاص بالمقام ، بأن الترتب بين طهارة الماء وطهارة الثوب بحسب ~~الواقع كما لا يلازم الترتب بينهما بحسب العلم فقد يكون علم المعلول سببا ~~لعلم العلة ، وقد يكونان معلولين لثالث ، فكذا الحال في شكيهما ، فليس أبدا ~~شك طهارة الثوب متولدا عن شك الماء ، بل قد ينعكس ، فيتولد شك الماء من شك ~~الثوب ، وقد يكونان حاصلين دفعة، فالكلام المذكور لا يصحح المطلب على وجه ~~الكلية ، بل يوجب عكس المدعي في بعض المقامات. # ورابعا وهو أيضا خاص بالمقام ، بأنه كما لا تنافي بين الأحكام الواقعية ~~والأحكام الظاهرية ، كذلك لا تنافي بين طبقات الأحكام الظاهرية ، أعني ما ~~بين الأحكام الطريقية والأحكام الاستصحابية ، وما بين الأحكام الاستصحابية ~~والأحكام البراءتية ؛ إذ عين النسبة الكائنة بين الأحكام الواقعية ~~والظاهرية حاصلة بين الطائفتين في المقامين الأخيرين ، مثلا لو كان طريق في ~~الواقع حجة وقائما على الوجوب مثلا ولم يظفر به المكلف بعد الفحص بالمقدار ~~اللازم وكان الاستصحاب مفيدا للحرمة مثلا ، فهو واقعا موضوع للاستصحاب ، لا ~~أنه يجري أولا أصلا في عدم وجود الطريق المعتبر ، ثم يعمل بالاستصحاب حتى ~~يكون حكما ظاهريا في ظاهري ، بحيث لو تبين الخلاف له انقدح أنه ما كان ~~موظفا بوظيفة الاستصحاب. # والحاصل أن وجود الطريق واقعا ليس بأعلى من وجود نفس الواقع ، فكما أنه ~~بوجوده لا يوجب تقييد دليل ms1227 الأصل ، بل بعلمه ، كذلك الطريق المعتبر أيضا ~~بوجوده الواقعي غير مقيد ورافع للحكم الأصلي ، وإنما يرفعه بلسان الحكومة أو PageV02P653 # الورود على المذاقين السابقين بوصوله وحجيته وصيرورته علميا عند المكلف. # وكذا الحال في الاستصحاب السببي مع المسببي وفي الاستصحاب مع سائر الاصول ~~، مثلا لو اعتقد أحد بعدم جريان الأصل السببي باعتقاد خطائي فلا شبهة أنه ~~محكوم بالأصل المسببي. # والحاصل : لا تنافي بين المجعولين في جميع هذه المقامات بحسب واقعهما ، ~~وإنما يحدث التنافي في مرتبة الوصول والعلم. # وحينئذ نقول : تعدد الرتبة لو سلم في المقام فإنما هو في مقام أصل الجعل ~~، يعني جعل الأصل السببي أسبق من المسببي ، وقد عرفت عدم التنافي بينهما في ~~هذا المقام ، والمقام الذي يحدث التنافي بينهما وهو عند علم المكلف فلا ~~تعدد وترتب بينهما ، لأنهما في رتبة واحدة معلومان ، ولو فرض حصول الترتب ~~بين العلمين أحيانا بملاك ترتب المتعلقين أعني الحكمين فانما هو أحيانا وفي ~~بعض المقامات ، وأين هذا من دعوى الكلية. # وأما القسم الثاني وهو ما إذا كان الشك في كليهما ناشئا عن أمر ثالث ، ~~ومثاله لو علم إجمالا بنقض الحالة السابقة في أحد المستصحبين ، ومحصل القول ~~في ذلك أن العمل بالاستصحابين تارة يوجب المخالفة القطعية العملية ، واخرى ~~لا يوجب ذلك ، أما الأول وهو ما إذا كان العلم الإجمالي بالتكليف ، ~~والاستصحابان نافيين له ، كما لو علم بنجاسة أحد الإنائين وكان مقتضى ~~الاستصحاب طهارتهما. # تنقيح المقام يبتني على الكلام أولا في إمكان الترخيص على الخلاف في مورد ~~العلم الإجمالي بالتكليف وعدمه. # فنقول : أما على قول من يجعل للحكم مراتب من الشأنية والفعلية فإمكان ~~الترخيص في كلا الطرفين فضلا عن الطرف الواحد واضح ، بل وكذا مع العلم ~~التفصيلي ، نعم لما يكون الإيصال من مرتبة الشأنية إلى الفعلية أمرا وظيفته ~~للشارع أمكن أن يجعل الشارع العلم الإجمالي كالتفصيلي موصلا. # وأما على ما هو الحق من عدم المرتبة للحكم وأنه فعلي أبدا ، فمجمل الكلام أنه PageV02P654 # لا يحتمل مع العلم التفصيلي أن يكون غرض آخر أهم من امتثال المعلوم ؛ إذ ~~لو ms1228 كان لكان جعل ذلك الحكم لغوا ، وأما مع العلم الإجمالي فلا يحتمل أيضا ~~حدوث غرض أهم مزاحم لحرمة المخالفة القطعية للزوم اللغوية ، ولكن يحتمل ~~حدوث غرض أقوى وأهم من إدراك الموافقة القطعية ، وحيث إن هذا الغرض يعلم ~~عدم مربوطيته بالغرض المعلوم الإجمالي فهو كالاضطرار إلى واحد لا معين ، لا ~~إلى الواحد المعين ، فلا يوجب التقييد في الواقع ، بل هو على ما عليه من ~~المطلوبية التامة ، والمكلف قادر على امتثاله ، غاية الأمر جاهل به تفصيلا ~~، وهو غير مناف مع قدرته واختياره المصحح لتكليفه. # ولا يصح القول بأن التكليف حينئذ مشروط بعدم اختياره دفع ذلك المحذور ~~الأقوى في الواقع وفي علم الله في ضمن الطرف المشتمل على الواقع ، وأما مع ~~ذلك فلا تكليف ؛ إذ الفرض أنه مع اختياره ذلك أيضا يفعله باختياره لا خارجا ~~عن قدرته واختياره. # وبالجملة ، يصير مع وجود هذا المزاحم حال المقام حال الحرج المخل بالنظام ~~اللازم من الموافقة القطعية ، فكما أن العقل يستقل حينئذ برفع اليد عن ~~الموافقة القطعية مع ثبوت التكليف الواقعي على ما هو عليه من المطلوبية ~~التامة ، ولهذا لا ينقلب العلم احتمالا ، كذلك مع وجود هذا الغرض الذي لا ~~يدركه عقولنا. # إن قلت : نعم لكن الفرق أن الحاكم بالترخيص هناك هو العقل ، ولا يلزم من ~~حكمه نقص وكسر في ناحية حكم الآمر ، وأما هنا فالآمر والمرخص واحد وهو ~~الشارع ، فحينئذ فلا محالة يرفع اليد عن أمره عند وجود متعلقة في الطرف ~~المرخص فيه ؛ إذ لا يمكن طلب الواقع مطلقا بنحو الإيجاب الكلي مع الإذن في ~~مخالفته في بعض التقادير ، ضرورة مناقضة الإيجاب الكلي مع السلب الجزئي ، ~~وحينئذ فيلزم من الترخيص ارتفاع العلم الإجمالي ، فلا مقتضى للاحتياط ~~بالنسبة إلى الطرف الآخر الغير المرخص فيه أيضا. PageV02P655 # قلت : يمكن دفع الإشكال بأن الترخيص صادر منه بما هو حكيم ومرشد للعباد ~~إلى ما لا يصل إليه عقولهم ، والأمر صادر منه بما هو مولى وشارع ، ويمكن ~~نقض الحاكم الواحد غرض نفسه باختلاف الحيثيتين ، وكم له من نظير. # وبالجملة ، فلا مانع ms1229 عقلا من شمول أدلة الترخيص لبعض أطراف العلم ~~الإجمالي جمعا بين الغرضين وبما أن الشارع حكيم مرشد لعباده إلى مصالحهم ، ~~هذا بحسب الثبوت. # أما بحسب الإثبات فاعلم أن العلم الإجمالي غير رافع لموضوع الاصول ؛ إذ ~~العلم الذي غايتها ويرفع موضوعها هو ما يزول الشك ويتبدل هو به ، وأما مع ~~محفوظية الشك كما هو المفروض فلا ، وذلك لأن هذا هو الظاهر من أدلتها. # وحينئذ فحيث لا يمكن الإجراء في كلا الطرفين ، فلا بد من التخصيص على وجه ~~لا يلزم ذلك بحكم العقل ، والإجراء في واحد معين ترجيح بلا مرجح ، لوضوح ~~كون نسبة العموم إلى هذا كنسبته إلى ذاك. # فيبقى القول بإبقاء الواحد المبهم المعرى عن الخصوصية تحته ، وهو مبتن ~~على كونه مدلولا للعموم حتى يكون حفظه حفظ ظهور للعام ، وغاية ما يمكن أن ~~يقال لتقريب ذلك أنه كما أن الجمع مفاد التزامي للعام عند بقاء كلا الفردين ~~تحت العموم ، كذلك لو لم يمكن بقاء كلا الفردين لمحذور في الجمع يكون الأحد ~~المبهم حينئذ مدلوله الالتزامي ، والدليل على ذلك صحة الاستثناء. # ألا ترى صحة قولك : جئني بهذه العشرة إلا واحدا ، والاستثناء دليل العموم ~~، ولهذا نراهم يتمسكون ظاهرا بعموم قوله تعالى : ( @QUR@05 أحل لكم ما وراء ~~ذلكم ) لجواز نكاح إحدى الاختين بعد خروج الجمع بقوله تعالى ( @QUR@04 وأن ~~تجمعوا بين الأختين ). # فإن قلت : العلم الإجمالي إنما هو مقتض بالنسبة إلى إيجاب الموافقة ~~القطعية بمعنى الاكتفاء بجعل البدل ، بمعني أنه لو كان العلم بالحرام يجعل ~~أحد الأطراف حراما ظاهريا ، ولو كان بالواجب يجعل أحدها واجبا كذلك ، ~~فحينئذ لا مانع من الرخصة في ارتكاب أو ترك البقية. PageV02P656 # وأما بلا جعل بدل أصلا للواقع في مرحلة الظاهر فالعقل لا يجوز المخالفة ~~الاحتمالية حينئذ ، ووجه الاكتفاء في الأول أنه جازم بإتيان الواقع إما ~~نفسا ، وإما بدلا ، وأما بدون ذلك فلا جزم بالامتثال بأحد النحوين ، نعم ~~يحتمل الامتثال ، والامتثال الاحتمالي لا يجوزه العقل ، وعلى هذا فحيث ليس ~~في أدلة الترخيص في المشكوكات عين ولا أثر من جعل البدل ، فلا يمكن ms1230 القول ~~بشمولها للمقام. # قلت : لم يحدث للمقام شيء زائد على سائر المقامات التي تحكمون بورود دليل ~~الترخيص الجائي من غير ناحية الشك في أطراف العلم ، مثل دليل رفع الاضطرار ~~ورفع الحرج إذا كانا شرعيين ، فكما تقولون بشمول تلك الأدلة لمورد العلم ~~وتبعضون في الاحتياط فكذلك نقول في أدلة المشكوكات والحل في الكل هو الكشف ~~إنا عن جعل البدل وجعل الطرف الآخر حراما ظاهريا وممنوعا. # إن قلت : ما ذكرت حق لو كان الترخيص حكما فعليا ، وأما إذا كانا حيثيتيا ~~فمعناه أنك لا تعاقب لأجل أنك ارتكبت أو تركت المشكوك ، وهذا لا ينافي ثبوت ~~العقاب من حيث ارتكاب أو ترك المعلوم الإجمالي ، وعلى هذا ففي كل مورد كان ~~العلم الإجمالي موجبا للاحتياط بحسب العقل ولم يكن في أحد الأطراف أصل ~~لخروجه عن محل الابتلاء أو غير ذلك ، لا يمكن لنا إجراء الأصل في الطرف ~~الخالي عن المزاحم ؛ لأنه لا يفيد إلا حكما حيثيتيا ، وهو غير نافع ، فيبقي ~~اقتضاء العلم بحاله. # قلت : كونه حكما حيثيتيا خلاف الظاهر ، فكما أنه قبل العلم حكم فعلي ، ~~فكذلك بعده ، ويشهد له فهم العلماء منه ذلك ، فهم بين مرخص في جميع الأطراف ~~تدريجا ، وبين مرخص في أحد لا بعينه تخييرا قائلا بجعل البدل ، ويشهد له ~~أيضا قوله عليه السلام في بعض الأخبار الواردة في الجبن ونحوه مما يعلم ~~إجمالا بوجود الحرام فيها : «كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال» وقد مضى ~~في أصل البراءة. # هذا غاية ما يمكن أن يقال ، ولكنه مع ذلك لا يخلو عن الخدشة ، وذلك لأن ~~الأحد الذي قلنا بدخوله تحت العام إنما هو أحد مندك في المعينات والحكم عليه PageV02P657 # من باب أن الحكم إذا تعلق بالمعينات كما هو المفروض من كون القضية محصورة ~~أو طبيعية ملحوظا فيها الطبيعة بالوجود الساري يتعلق بالمهملة فيها أيضا ~~بالتبع ، فيصح نسبة الحكم إليه بالحقيقة ، ولكن هذا الحكم المتعلق بالمهملة ~~بهذا النحو لا إطلاق فيه ولا تقييد ، وليس اختيار تطبيقه بيد المكلف. # والحاصل فرق بين وقوع الأحد تحت ms1231 الحكم أولا وأصالة. فحينئذ نحكم بمقدمات ~~الإطلاق بأن تطبيقه على كل مصداق شاء المكلف جائز ، وبين المقام الذي وقع ~~تحت الحكم بتبع الحكم على المصاديق ، فليس هذا الحكم بأزيد من علمنا ، لأنا ~~نعلم أيضا بأن الأحد لا منع منه ، ولكن الشأن كله في إثبات أن لنا اختيار ~~تعيينه في ما شئنا ، وليس في البين مقدمات إطلاق حتى نحكم بواسطتها بذلك ، هذا. # ولإثبات الرخصة في الواحد التخييري طريقان آخران ، الأول التمسك بإطلاق ~~المادة بعد سقوط الهيئة في المعينات ، للزوم المخالفة القطعية والترجيح من ~~غير مرجح ، فيكون الحال كما لو ابتلي المكلف بغريقين لا يقدر إلا على إنقاذ ~~أحدهما ، حيث إن الهيئة ساقطة ويحكم بإطلاق المادة بمطلوبية الإنقاذ ، وحيث ~~لا ترجيح فالعقل حاكم بالتخيير ، فكذا هنا بعد سقوط الهيئة للقصور اللفظي ~~والمانع العقلي العقل حاكم بعد استظهار وجود مقتضيين للترخيص في الطرفين من ~~إطلاق المادة وعدم إحراز الأهمية بالتخيير ، وليس الحكم من الشارع حتى يقال ~~بعدم الاستظهار من الدليل ، بل من العقل ، كما في أمثال المقام. # وفيه أن الفرق بين المقام ومثال الإنقاذ عدم ابتلاء المكلف بجهة اخرى ~~احتمل مزاحمتها لمطلوبية الإنقاذ ، ولهذا استقل العقل بالتخيير ، وأما هنا ~~فيزاحم التخيير مع وجوب الموافقة القطعية الذي اقتضاه العلم الإجمالي ولم ~~يحرز أهمية مقتضى الترخيص عن هذا المقتضى لعدمه. # فإن قلت : كما يستكشف بإطلاق المادة عن وجود المقتضي ، كذلك يستكشف به عن ~~عدم المانع والمزاحم ، والمفروض تسليم كون الهيئة على تقدير جريانها في ~~أطراف العلم مفيدة لحكم فعلي ناظر إلى جميع الطوارى حتى هذا الطاري ، ولازم ~~ذلك أنها على تقدير السقوط أفادت مادتها الاقتضاء الغير المزاحم بشيء في ~~هذا الحال. PageV02P658 # قلت : أولا يمكن منع استكشاف عدم المانع من إطلاق المادة ، والقدر المسلم ~~بمناسبة الحكم مع الموضوع هو وجود المقتضي ، وعدم المانع إنما يستكشف إنا ~~من فعلية الحكم المستفاد من الهيئة ، فإذا سقط الهيئة فلا دليل على عدم ~~المانع. # وثانيا : سلمنا استكشاف عدم المانع أيضا ، لكن المسلم هو وجود العلة ~~التامة من حيث القيود والشروط ms1232 الراجعة إلى الغرض المولوي ، دون الجهات ~~الراجعة إلى صحة الحكم وعدمها عقلا ، فالخطاب من حيث هذه الجهات ساكتة ، ~~ومن المعلوم أن اقتضاء العلم لوجوب الموافقة حكم عقلي في مرحلة الامتثال ~~غير راجع إلى أغراض الشرع. # فإن قلت : حكم العقل باللزوم في جانب الموافقة حكم تعليقي معلق على عدم ~~الترخيص والمؤمن في بعض الأطراف ، وليس كحكمه بحرمة المخالفة القطعية حكما ~~مطلقا غير قابل للرفع ، وعلى هذا فبعد فرض أن المقتضي للترخيص في بعض ~~الأطراف من حيث الغرض الشرعي موجود والمانع منه من هذا الحيث أيضا مفقود ~~بواسطة إطلاق المادة ، فهذا مؤمن. # قلت : المفروض عدم مزاحمة ذلك الغرض المقتضي للترخيص بالغرض المعلوم ~~الإجمالي، وإنما يزاحم الموافقة القطعية له ، فحاصل إطلاق المادة أن هنا ~~مقتضيا تاما للترخيص غير مزاحم بشيء أصلا في الأغراض الآمري ، مع السكوت عن ~~حاله من حيث مزاحمة احتمال مخالفة الغرض المعلوم الذي هو محذور عقلي في ~~مرحلة الامتثال ، والذي علق عليه حكم العقل هو الترخيص المطلق حتى من هذا الحيث. # نعم لو فرض حفظ الهيئة كان ذلك مستكشفا من فعلية الحكم بطريق الإن ، إذ ~~ليس هذا من الشرائط العقلية لحسن الخطاب حتى لا يمكن استكشافها من أصالة ~~العموم لاشتراط الخطاب الظاهري أيضا كالواقعي ، بل هو كالمصالح والمفاسد ~~المستكشفة من العموم والإطلاق في الحكم الفعلي. # الطريق الثاني ، التمسك بإطلاق الهيئة ، بمعنى أن الترخيص في كل طرف شامل ~~لحال ارتكاب الآخر وحال تركه ، فيتقيد عقلا في الشبهة التحريمية بحال تركه ، وفي PageV02P659 # الوجوبية بحال فعله ، ولا مانع من هذا الوجه إلا امور كلها مردودة. # الأول : أنه يلزم التفكيك في مدلول دليل الترخيص بالنسبة إلى الشبهات ~~البدوية والمقرونة بالعلم بحمله على الترخيص المطلق في الاولى والمشروط في ~~الثانية ، وجوابه أن التصرف إنما هو في اللب مع بقاء الاستعمال بحاله. # والثاني : أنه يلزم الترخيص في كلا الطرفين في صورة تحقق شرط الترخيص ~~فيهما وهو تركهما في التحريمية وفعلهما في الإيجابية ، وجوابه أن إطلاق ~~الحكم تكليفا وترخيصا لا يشمل حال وجود المتعلق ، ولا حال عدمه ms1233 ، لامتناع ~~طلب الحاصل أو المعدوم والزجر عنهما والإذن فيهما ، فمورد الحكم هو الذات ، ~~وأثره إما طرد الوجود وجلب العدم أو العكس أو التخيير فيهما ، وهذا واضح. # والثالث : أن الأمر دائر بين التقييد على الوجه الذي ذكرت وبين التخصيص ~~بالأخذ إما مخيرا وإما مبهما ، وحيث قد مر عدم فائدة الإذن في الأحد المبهم ~~فيحصل الإجمال ويسقط الدليل عن قابلية الاستدلال ، وجوابه أن الأحد المبهم ~~طرح للظهور بالنسبة إلى الخصوصيات ، بخلاف الوجهين الآخرين ، أعني الأحد ~~المخير والتقييد ، فإن الأحد المبهم حاصل مع الخصوصية ، فاختيار الأول مع ~~إمكان هذين طرح للظهور بلا جهة ، وحينئذ فيدور الأمر بينهما ، وكل منهما ~~كان فنتيجته الرخصة في الواحد والمخير بشرط لا ، ولا وجه لتساقطهما في ما ~~توافقا عليه. # أما القسم الثاني فهو على قسمين ، أحدهما : أن يكون مقتضى الاستصحاب في ~~أحد الطرفين ثبوت التكليف وفي الآخر عدمه ، ونحن نعلم بعدم التفكيك بينهما ~~، والثاني : أن يكون مقتضاه ثبوت التكليف في كليهما ، ونحن نعلم بعدمه في ~~أحدهما. # أما الأول فلا مانع من الأخذ بالاستصحاب فيه ، لعدم لزوم المخالفة ~~القطعية ، ومجرد العلم بعدم التفكيك واقعا لا يؤثر شيئا إلا أن يعلم بعدم ~~التفكيك وثبوت الملازمة حتى في مرحلة الظاهر ، كما لو قام الإجماع على وحدة ~~الماءين المختلطين طهارة ونجاسة حتى في الظاهر ، فيتعارض استصحاب طهارة ~~أحدهما واستصحاب نجاسة الآخر ، ويرجع إلى قاعدة الطهارة في الماء المذكور. PageV02P660 # أما الثاني فإن احتمل وجود التكليف في الآخر فالظاهر عدم المانع من ~~الاستصحاب أيضا ، ففائدته تنجيز ذلك التكليف المحتمل في كل طرف على تقدير ثبوته. # وأما إن علم بثبوته في الآخر ، كما علم بنفيه في أحدهما ، فإن ترتب على ~~الاستصحابين أثر آخر غير تنجيز الواقع المعلوم مثل نجاسة الملاقي في ~~الإنائين المشتبهين المعلوم نجاسة أحدهما وطهارة الآخر فلا مانع أيضا ، وإن ~~انحصر الفائدة في تنجيز المعلوم بالإجمال فالظاهر عدم الجريان ؛ لأن ~~الأحكام الظاهرية ليست بنفسية مجعولة لمصلحة في متعلقاتها ، وإنما روعي حال ~~الواقعيات في جعلها ، والمفروض في المقام العلم بعدم التكليف في أحد ~~الطرفين ms1234 ، والعلم بثبوته في الآخر ، فالتكليف الموجود معلوم ، وقد مر في ~~محلة أن التكليف بعد ما علم لا محل لأمر مولوي آخر بنفس متعلقه ؛ لأن شأن ~~الأمر المولوي هو الصالحية لإيجاد الداعي في المكلف ، والأمر الثاني غير ~~صالح لذلك ، بل إما لغو وإما جزء المؤثر. # فإن قلت : مؤثرية العلم في التحريك إنما هو بحكم العقل ، وهو معلق على ~~عدم بيان من الشرع ، فإذا ورد حكم الشرع ارتفع موضوع حكم العقل ، كما هو ~~الحال في البراءة الشرعية ، حيث إنها واردة على العقلية ، ولا يوجب استقلال ~~العقل في موردها بالبراءة لغويتها وسقوطها عن المولوية ، فكذلك المقام بلا فرق. # قلت : الظاهر الفرق بين المقامين ، فإن موضوع حكم العقل بقبح العقاب هو ~~عدم البيان مطلقا ، لا على الوجود ولا على العدم ، والبراءة الشرعية بيان ~~العدم ، وأما المقام فبابه باب التكليف ، ولا بد فيه من صلاحية العلة ~~التامة المفقودة بالفرض. # وبعبارة اخرى : يمكن القناعة في باب البراءة بالتأكيد بأن يكون الغرض من ~~بيان العدم مع كفاية اللابيانية هو التأكيد ، ولكن لا يمكن في باب الأمر ~~والنهي المولويين ، فتدبر ، والحمد لله رب العالمين. PageV02P661 ### | في قاعدة اليقين (1) # لا إشكال أنه يعتبر في الاستصحاب ثبوت اليقين بالمستصحب بالنظر إلى زمان ~~السابق ، وتمحض الشك فيه بالنظر إلى الزمان اللاحق ، فلو سرى الشك إلى ~~الزمان السابق فليس هو استصحابا ، نعم يمكن ورود التعبد فيه أيضا بعدم ~~الاعتناء بالشك ، ويسمى حينئذ في لسانهم بقاعدة اليقين وقاعدة الشك الساري. # وربما يتوهم إمكان إرادة الجامع بين الاستصحاب والقاعدة من قولهم صلوات ~~الله عليهم : لا تنقض اليقين بالشك ، ومن كان على يقين فأصابه شك فليمض على ~~يقينه ، وتقريب ذلك يكون بأحد وجهين. # الأول : أن المتكلم بالكلام المزبور لا يخلو حاله من ثلاثة وجوه لا رابع ~~لها ؛ لأنه إذا قال مثلا : لا تنقض اليقين بعدالة زيد بالشك فيها ، فإما ~~يريد من قوله : بعدالة زيد ، عدالته المقيدة بالزمان السابق ، كعدالة زيد ~~المقيدة بيوم الجمعة ، فحينئذ لا محالة يرجع الضمير في قوله : بالشك فيه ، ~~أو أصابه شك فيه ms1235 إلى ذلك المقيد ، لا إلى غيره ، لوضوح اختلاف المتعلق ~~حينئذ مع وضوح استفادة اتحاده من القضية المذكورة ، وحينئذ يتعين الكلام في ~~القاعدة. # وإما يريد عدالة زيد باعتبار الزمان السابق بحيث يجعل الزمان ظرفا لا ~~قيدا ، ويريد من الشك فيها الشك باعتبار الزمان اللاحق كذلك ، لوضوح عدم ~~اختلاف النظر واللحاظ في الكلام الواحد ، فإذا لاحظ الزمان ظرفا في جانب ~~اليقين فيكون هكذا الحال في طرف الشك ، نعم يمكن اعتبار الزمان الأول أيضا ~~ظرفا في جانب المشكوك حتى ينطبق أيضا على القاعدة ، لكن لا يمكن الجمع بين ~~لحاظ ظرفية الأول ولحاظ ظرفية الثاني ، وقد عرفت أن قوام القاعدة بالأول ، ~~وقوام الاستصحاب بالثاني. PageV02P662 # وإما يريد نفس عدالة زيد مجردة عن ملاحظة الزمان رأسا ، لا بنحو الظرفية ~~، ولا بوجه القيدية ، فاليقين بأصل وجود عدالة زيد لا بد أن لا ينقض بالشك ~~في أصل وجود تلك العدالة. # والكلام على هذا قابل للانطباق على القاعدة والاستصحاب كليهما ، وجه ذلك ~~أنا نفرض شخصين أحدهما قاطع بعدالة زيد يوم الجمعة مثلا وشاك فيها في يوم ~~السبت ، والآخر كان قاطعا بعدالته يوم الجمعة ، ثم تبدل يقينه بالشك في نفس ~~عدالته يوم الجمعة ، فهما معا في عرض واحد في شمول عموم «لا تنقض» لهما. # فمقتضاه في حق الأول أن لا يرفع اليد عن يقين عدالة يوم الجمعة بالشك في ~~يوم السبت ، ومعناه البناء على العدالة يوم السبت ، ومقتضاه في حق الثاني ~~أن لا يرفع اليد عن يقين عدالة يوم الجمعة بالشك في يوم الجمعة ، ومعناه ~~البناء على ترتيب آثار العدالة يوم الجمعة لو كان له آثار في المستقبل ، ~~وبالجملة ، فاليقين بأصل الشيء إذا قوبل بالشك في أصل الشيء يجب الأخذ ~~باليقين وطرح الشك ، وهذا حاصل تقريب الوجه الأول. # وقد أجاب عنه شيخنا الاستاد العلامة أدام الله علينا أيامه بما حاصله ~~يحتاج إلى تمهيد مقدمة ، وهي أن الطبيعة المهملة للشيء التي يكون لها أنحاء ~~من الوجود ويعرضها الحياة بعدد ما لها من الأفراد لا يمكن أن يطرأها العدم ~~والحال أن أحد ms1236 أنحاء وجوده ثابت ، للزوم اجتماع النقيضين ، مثلا طبيعة ~~الإنسان لا يعرضها العدم إلا اذا انعدم تمام ما له من الأفراد ، فلو انعدم ~~العمرو وكان الزيد موجودا فلا يصدق عدم الطبيعة ؛ إذ المفروض صدق وجودها ~~بواسطة وجود الزيد ، وبعد صدق الوجود يستحيل بداهة صدق العدم. # فإن قلت : ما ثبت لأحد المتحدين ثبت للآخر بالضرورة ، ولا ينقض هذا ~~بجزئية الزيد وكلية النوع ؛ لأن الجزئية والكلية من عوارض المفهوم ، وهما ~~متغايران مفهوما وإن اتحدا خارجا ، فالعارض على أحدهما في الخارج الذي هو ~~موطن اتحادهما لا محالة يثبت للآخر ، وإلا كان خلفا في الاتحاد ، مثلا لو ~~قام الزيد PageV02P663 # صدق أنه قام الإنسان ، ولو قعد العمرو في ذلك الحال صدق أنه قعد الإنسان ~~، ثم لما يصدق أن زيدا ما قعد بحكم أن ضد الشيء يلازم نقيضه ، يصدق أيضا : ~~ما قعد الإنسان، ولكن الحصة المتحدة مع الزيد غير الحصة المتحدة مع العمرو ~~، ولهذا لا يلزم اجتماع النقيضين ولا الضدين في الشيء الواحد. # والحاصل : كما أن عوارض الوجود ونقائضها مضافة إلى الطبيعي بواسطة اتصاف ~~الأفراد المختلفة بها ، كذلك الوجود والعدم أيضا مضافان إليها بواسطة ~~إضافتهما إلى الفردين له ، ويرفع غائلة اجتماع الضدين والنقيضين تعدد الحصص ~~المتحدة من الطبيعي مع الأفراد وكونها كالآباء مع الأولاد ، لا الأب الواحد ~~مع الأولاد المتعددين. # قلت : الحق الفرق بين الضدين والنقيضين في الطبيعي بصدق الأولين معا في ~~زمان واحد فيه بواسطة اتصاف فردين منه بهما ، وعدم صدق الثانيين ، أما ~~الأول فلأن محل عروض الضدين هو الوجود ، لا نفس الطبيعة المهملة ، فالقيام ~~والقعود مثلا إنما يعرضان مهملة الإنسان بتبع عروض الوجود عليها ، فإن ~~العارض على العارض عارض ، فإذا فرض تعدد أنحاء الوجود للمهملة وأمكن تلبس ~~كل وجود منها بضد غير ما تلبس الآخر به صح إضافة الضدين إلى المهملة في ~~زمان واحد. # وأما الثاني فلأنه إذا تعدد أنحاء الوجود العارضة على الطبيعي ، فنحو من ~~وجوده وجوده مع زيد ، ونحو منه وجوده مع عمرو ، وهكذا إلى آخر الأفراد ، ~~وهكذا الحال في الأعراض العارضة عليه ms1237 بتبع عروض الوجود مثل القيام والقعود ~~، فلا محالة لا يصدق الانعدام مضافا إلى الطبيعي أو إلى أحد الأعراض ~~المتأخرة عن الوجود مضافا إلى الطبيعي إلا بعد سلب جميع تلك الأنحاء ~~الوجودية عنه ؛ إذ مع ثبوت واحد من تلك الأنحاء لا مجال لصدق الانعدام مع ~~ضرورة النقاضة بينه وبين الوجود. # وعلى هذا فلا ضير في اجتماع الضدين في الطبيعي في زمان واحد ، إذ قد عرفت PageV02P664 # أنهما لا يعرضان عليه بلا واسطة حتى يمتنع حين اتصافه بالقعود مثلا ~~اتصافه بالقيام ، بل هما عارضان أولا على الوجود ، والعارض الأولي على ~~الطبيعة منحصر في الوجود والعدم ، وإذا تعدد الوجودات العارضة على الطبيعة ~~المهملة بوحدتها وكان واحد من تلك الوجودات قائما والآخر قاعدا ، فلا مانع ~~من عروضهما الثانوي على الطبيعة في زمان واحد ، فالممتنع اجتماعهما في ~~الوجود الواحد من وجوداته في زمان واحد ، لا في مطلق وجوده الصحيح إضافته ~~إليه ، فإنه لا محذور في اجتماع الضدين فيه بحسب هذا الوجود لاتساعه وسعته ~~للضدين بدون حدوث مضادة ومزاحمة بينهما ، وهذا واضح. # إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : كما أن الانعدام لا يعرض الطبيعي إلا إذا ~~ارتفع جميع أنحاء وجوده ، ولا يصدق الانعدام مع بقاء واحد منها في دار ~~الوجود ، كذلك لا يتلبس الطبيعي بمشكوكية الوجود والعدم إلا مع تلبس جميع ~~أنحاء وجوده بالشك ، ولا يصدق الشك فيه مع كون أحد أنحاء وجوده مقطوعا. # وحينئذ ففي الفرض الثالث من الفروض الثلاثة المتقدمة التي فرضتم فيه الشك ~~في أصل وجود عدالة زيد في العالم بالأعم من يوم الجمعة ويوم السبت لا بد في ~~تحقق هذا الشك من الشك في عدالته الخاصة في كل من اليومين ؛ إذ مع القطع ~~بأحد الخاصين كيف يمكن تعلق الشك بالعام الجامع بينهما؟ والحال أنك عرفت أن ~~الشك في المقسم لا يطرأ إلا بطرو الشك في جميع الأقسام ، وعلى هذا فالكلام ~~يكون كالفرض الأول ممحضا في الشك الساري ، لا جامعا بينه وبين الاستصحاب ~~كما ادعاه المدعي. # الوجه الثاني : نظير ما ذكره صاحب الفصول في قاعدة ms1238 «كل شيء طاهر حتى تعلم ~~أنه قذر» من إمكان استفادة الاستصحاب وقاعدة الطهارة منها صدرا وذيلا ، وقد ~~وافقه المحقق الخراساني مصرا عليه ، فقال هنا بنظير ذلك ، وحاصل تقريبه أن ~~يقال : إنا نعتبر المتيقن مقيدا بالزمان ، ولكن نقول : الشك فيه تارة مقرون ~~بالقطع في ما بعده ، واخرى بالشك. PageV02P665 # مثلا إذا قطعنا بعدالة زيد المقيدة بيوم الجمعة ، ثم شككنا في هذا المقيد ~~، فتارة نقطع بعدالته أو فسقه في ما بعد يوم الجمعة ، واخرى نشك فيهما بعده ~~أيضا ، فقاعدة لا تنقض اليقين بالشك بإطلاقه يعم كلا الشكين ، فمفاده عدم ~~رفع اليد عن عدالته يوم الجمعة بواسطة الشك ، بل البقاء عليها والمعاملة ~~معه معاملة العدالة ما دام الشك ، ويؤيده قوله عليه السلام : بل تنقضه بيقين ~~مثله ، فما دام لم يحصل اليقين الآخر بالفسق يبقي على اليقين الأول. # قال شيخنا الاستاد دام ظله : قد أجبنا في ما تقدم عن نظير هذا التوهم في ~~قاعدة «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» ويجري مثله في المقام ، وحاصله أن ~~القضية غير مشتملة إلا على نسبة تامة واحدة ، وهي لا محالة إما الحكم بأصل ~~الثبوت في الموضوع الغير المفروغ عن ثبوت المحمول له ، وإما الحكم ~~بالاستمرار والبقاء في الموضوع الذي فرغ عن أصل الثبوت فيه ، وهذان حكمان ~~يحتاجان إلى موضوعين ومحمولين ، والنسبة التامة في أحدهما غير النسبة ~~التامة في الآخر ، ولا يمكن أن يجتمعا في قضية واحدة. # وقوله : «كل شيء طاهر حتى تعلم ...» في قوة قولك : كل شيء مشكوك طاهر ، ~~ودوام الحكم بدوام موضوعه وهو الشك لا يسمى استصحابا ؛ إذ يعتبر فيه الدوام ~~المسبوق بالحدوث المفروغ ، لا مطلق الدوام. # ففي المقام أيضا إذا فرضتم أن المتيقن هو العدالة المقيدة بيوم الجمعة ، ~~والدليل دال على عدم نقض هذا اليقين بالشك ما دام الشك باقيا ، وعدم رفع ~~اليد عنه إلا بيقين آخر ، فهذا معناه أن أحكام هذه العدالة المقيدة بيوم ~~الجمعة لا بد من ترتيبه في المستقبل ولو إلى آخر العمر ، وأين هذا من ترتيب ~~آثار العدالة يوم السبت والأحد ms1239 وما بعدهما ؛ إذ متعلق اليقين والشك لا بد ~~من وحدتهما ، فإذا فرضتم أخذ الزمان في متعلق اليقين قيدا فلا بد من أخذه ~~في متعلق الشك أيضا كذلك ، وإلا خرجا عن الاتحاد. # ولو فرض تجريد المتيقن عن قيد الزمان رأسا حتى بنحو الظرفية كما مر في PageV02P666 # الوجه الثالث فعدم نقض يقينه حينئذ بالشك في أصل الشيء وإن كان يعم ~~الشكوك المتأخرة ، فيلزم البناء على آثار العدالة مثلا في يوم السبت والأحد ~~وما بعده في المثال المتقدم ، إلا أنه حينئذ تصير قاعدة نظير قاعدة الطهارة ~~، وليست بقاعدة الاستصحاب ولا قاعدة اليقين ، وذلك لعدم المفروغية عن أصل ~~الثبوت فيه المعتبر في الاستصحاب وكونه متعرضا للشكوك المتأخرة المفقودة في ~~قاعدة اليقين. # وقد تحقق مما ذكرنا أن المعتبر في قاعدة اليقين أخذ الزمان قيدا في ~~المتيقن والمشكوك ، فمتعلقهما شيء واحد من جميع الخصوصيات حتى الزمان ، ولا ~~اختلاف بينهما حتى في الزمان والاختلاف الزماني إنما هو لوصفي اليقين والشك ~~، وإلا فالمتعلق واحد لا اختلاف فيه ، والمعتبر في الاستصحاب تجريد المتعلق ~~عن الزمان بنحو القيدية وملاحظة الوحدة بين ما كان منه في الزمان السابق ~~وما كان في اللاحق ، ولكن ملاحظة الزمان أيضا لا بد منه لكي يكون اليقين ~~متعلقا بالحدوث والزمان السابق ، والشك بالبقاء والزمان اللاحق ، والجمع ~~بين هذين أعني الاتحاد بين المتعلقين ومفروغية أصل الثبوت إنما هو بلحاظ ~~الزمان السابق واللاحق ظرفين للموصوفين لا للوصفين. # وأنت خبير بأن ملاحظة الزمان قيدا في الشيء وظرفا له فينثلم وحدته في ~~الأول ولا ينثلم في الثاني لحاظان متغايران غير مجتمعين في لحاظ واحد ، ~~وهذا مع ملاحظة الزمان بنحو ما في المتعلق. # ومع تجريده عنه رأسا بنحو من الوجهين أيضا قد عرفت عدم صيرورة القضية ~~جامعة بين المعنيين ، وقد عرفت حال الغاية أيضا آنفا. # وقد أشار شيخنا المرتضى قدسسره إلى الوجه الثاني لوجهي الجمع الذي هو ~~نظير ما توهم في قوله : «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» ورده بأنه مستلزم ~~للاستعمال في معنيين ، ومقصوده قدسسره ما ذكرنا ، لا ربما ms1240 يتوهم في بادي ~~النظر من أن محط كلامه إرادة بقاء الحكم ببقاء الشك ، كيف وقد أوضح هو نفسه في طي PageV02P667 # الكلام على قوله عليه السلام ، كل شيء طاهر الخ أن هذا المعنى غير منطبق ~~على الاستصحاب المصطلح وأن دوام الحكم ما دام الموضوع الذي هو الشك في ~~مقامنا ليس استصحابا ، بل هو الحكم بالاستمرار المقرون بالفراغ عن الثبوت ، ~~وهذا لا يجتمع في كلام واحد مع التكفل فيه للحكم بأصل الثبوت ، وغرضه ~~قدسسره في هذا الكلام الذي أفاده في هذا المقام أيضا هذا المعنى ، أعني دفع ~~توهم الجمع بين الاستصحاب والقاعدة بهذا النحو ، فلا تغفل. # ثم لما فرغ قدسسره عن بيان عدم الإمكان بشيء من النحوين في كلامه ، أورد ~~بناء على المماشاة وتسليم إمكان الجمع بأن اللازم حينئذ وقوع المعارضة بين ~~القاعدة والاستصحاب ، فإن من تيقن بعدالة زيد يوم الجمعة ثم شك فيها ، ~~فلهذا الشك فردان معارضان من اليقين، أحدهما اليقين بعدم العدالة المطلقة ~~قبل يوم الجمعة ، والآخر اليقين بعدالته المقيدة في يوم الجمعة ، ومقتضى ~~عدم نقض اليقين الثاني هو البناء على وجود العدالة يوم الجمعة ، ومقتضى عدم ~~نقض الأول هو البناء على عدمها ، فيسقط الكلام بسبب ذلك عن قابلية التمسك. # واعترض عليه المحقق الخراسانى قدسسره في حاشيته بما حاصله أن التعارض وإن ~~كان حاصلا ، إلا أن بين القاعدة والاستصحاب السببية والمسببية ، وليس ~~المراد هو السببية والمسببية الواقعيتين بين فردين من الشك ، كما في الأصل ~~السببي والمسببي ، لفرض وحدة الشك هنا ، ولكنه حيث إن له طرفان : احتمال ~~الوجود واحتمال العدم ، فلكل من طرفيه يقين مناقض ، لا أن هنا شكان ~~مستقلان. # فالمقصود بالسببية والمسببية نظير ما نقول في دليل حجية الأمارة في مورد ~~جريان الأصل حيث إن الشك هناك أيضا واحد ، ولكن لو قدم دليل الأمارة يوجب ~~ارتفاع الشك وهو الموضوع لدليل الأصل ، ولكن لو قدم الأصل فحيث إنه حكم في ~~موضوع الشك ودليل الأمارة ليس حكما في موضوع الشك ، فيكون موضوعه محفوظا. # نعم لا يمكن الجمع بينه وبين الأصل المخالف لمؤداه ms1241 في المشمولية لدليلها ~~، فلا بد PageV02P668 # من تخصيص دليل الأمارة على فرض تقديم الأصل ، ولكن لا يلزم ذلك في دليل ~~الأصل على تقدير تقديم الأمارة ، بل اللازم فيه هو التخصص ، فمراده قدسسره ~~في المقام إثبات مثل هذه السببية بين القاعدة والاستصحاب. # والذي ذكره الاستاد ودام ظله لتوجيه هذا المعنى بينهما أن يقال : إن ~~اليقين بعدم العدالة المطلقة قبل يوم الجمعة قد انتقض حقيقة بواسطة حصول ~~اليقين بالعدالة المقيدة يوم الجمعة ، بخلاف العكس ، فلم يحدث انتقاض لهذا ~~اليقين الثاني باليقين الأول ، لفرض تأخره عنه. # وحينئذ فمتى تبدل هذا اليقين الثاني بالشك الساري ، فالموضوع للاستصحاب ~~وإن كان يتحقق ، إلا أن القاعدة تنزل الشك المزبور منزلة اليقين بالعدالة ~~المقيدة الذي كان بوجوده مانعا ورافعا لليقين بمطلق العدالة ، فكأنه يقول : ~~الآن أيضا أنت على يقينك الناقض. # وهذا بخلاف الحال لو أجرينا الاستصحاب ، فليس له هذا اللسان ؛ إذ لم يحدث ~~خارجا لليقين بعدم العدالة صفة الناقضية ليقين الوجود حتى ينزل الاستصحاب ~~الشك الطاري بمنزلته في هذه الجهة ، فالقاعدة يثبت وجود الناقض التنزيلي ~~للاستصحاب ، ولكن الاستصحاب لا يفيد وجود الناقض كذلك للقاعدة ، نعم لا ~~يمكن مع جريانه جريان القاعدة ، فلا بد من رفع اليد عن حكمه مع بقاء موضوعه ~~، هذا غاية تقريب مرامه. # ولكن استشكل عليه شيخنا الاستاد دام ظله بأن صفة الناقضية إنما هي ثابتة ~~لنفس اليقين ، سواء كان صفة أم طريقا ، لا للمتيقن ، ويكون أثرا عقليا أيضا ~~، لا بترتيب من الشارع ، ولو فرض ورود الحكم به من الشارع كان محمولا على ~~الإرشاد ، وقد عرفت في ما تقدم في مبحثه أن النقض وعدمه ملحوظان بالنسبة ~~إلى آثار المتيقن ، وبعبارة اخرى إلى الآثار المترتبة على اليقين من حيث ~~كونه طريقا ، فلا ينظر إلى ما يرتب على نفسه ، سواء حملنا العبارة على ~~الاستصحاب أم على القاعدة ، فعلى كل منهما يكون المفاد عدم النقض لآثار ~~العدالة المتيقنة. PageV02P669 # وعلى هذا لا يبقي ترجيح لأحدهما على الآخر ، بل هما في عرض واحد ، ~~فأحدهما يثبت وجوب ترتيب آثار وجود العدالة ، والآخر وجوب ms1242 ترتيب آثار عدمها ~~، وبين هذين المضمونين تهافت وتناقض بدون سبق لأحدهما على الآخر. # ثم إن الظاهر من كلام شيخنا العلامة قدسسره أن وجود هذا التعارض دائمي. # واستشكل عليه شيخنا الاستاد دام ظله بأنه إنما يتم لو اريد من اليقين ~~بالعدم الثابت قبل يوم الجمعة اليقين بعدم هذا المقيد ، فإنه حينئذ دائمي ؛ ~~إذ ما من مقيد بزمان إلا وهو مسبوق بعدمه قبل ذلك الزمان. # وأما لو اريد به اليقين بعدم العدالة المطلقة كما هو الظاهر ، بل الصريح ~~من كلامه ، ففيه أنه لا يلزم أن يكون هذه المعارضة دائمية ؛ إذ ربما لا ~~يكون هنا حالة سابقة من أول وجود الزيد ، نعم حينئذ يجري أصالة عدم العدالة ~~بنحو مفاد ليس التامة ، لكن إنما يفيد هذا لو كان مورد الأثر هو بهذا ~~المعنى ، وأما إذا كان الأثر لثبوت العدالة لزيد ونفيها عنه فلا يكفي هذا ~~الاستصحاب في إثباته ، فلا معارضة حينئذ ؛ لعدم الجرى للاستصحاب ، فتدبر. # ثم بعد ما عرفت من عدم إمكان إرادة القاعدتين من هذه الأخبار فنقول : لا ~~بد من حملها على الاستصحاب بملاحظة تطبيق العبارة عليه في بعض الأخبار ~~بقرينة المورد ، حيث إن مورد بعضها الشك في الطهارة الحدثية ، والآخر الشك ~~في الطهارة الخبثية بقاء مع العلم بالحدوث ، فيكون سائر الأخبار التي وردت ~~العبارة فيها بلا سبق سؤال وتطبيق على مورد محمولا على هذا المعنى حتى لا ~~يلزم اختلاف السياق والمضمون في العبارة الواحدة المتكررة في الموارد ~~العديدة. وعلى هذا لا يبقي على قاعدة اليقين دليل. # نعم ربما يتمسك بقاعدة التجاوز عن المحل ، ولكنها غير قاعدة اليقين ، ~~لعدم اعتبار اليقين السابق فيها ، بل من المحتمل الغفلة في المحل عن ~~المشكوك ، نعم يعم موارد الشك الساري أيضا بناء على تعميم تلك القاعدة ~~لجميع الأبواب ، فاللازم التكلم في تلك القاعدة، وملاحظة مقدار مدلولها. PageV02P670 ### | في قاعدة التجاوز (1) # ولا بد أولا من التيمن بذكر الأخبار الواردة في تلك القاعدة فنقول : # منها : صحيحة زرارة «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : رجل شك في الأذان ~~وقد دخل في ms1243 الإقامة؟ قال عليه السلام : يمضي ، قلت : رجل شك في الأذان ~~والإقامة وقد كبر؟ قال عليه السلام : يمضي ، قلت : رجل شك في التكبير وقد ~~قرء؟ قال عليه السلام : يمضي ، قلت : شك في القراءة وقد ركع؟ قال عليه السلام ~~: يمضي ، قلت شك في الركوع وقد سجد؟ قال عليه السلام يمضي على صلاته ، ثم ~~قال عليه السلام : يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشككت فليس ~~بشيء» (خ ل) فشكك ليس بشيء. # وعن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال : «إن شك في ~~الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض ، كل شيء شك ~~فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه». # وفي الموثق عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام «قال : ~~إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشيء ، إنما الشك إذا ~~كنت في شيء لم تجزه». # وفي الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهما السلام قال : «كل ما شككت ~~فيه مما قد مضى فامضه كما هو». # والتكلم في مدلول هذه الأخبار يكون في مقامات. # اعلم أن الظاهر من هذه الأخبار أنه متى شك في وجود الشيء وقد كان مضى ~~محله، كما لو شك في قراءة «غير المغضوب» والحال أنه في قراءة «ولا الضالين» ~~أو في كيفية قائمة بالشيء بعد إتيان ذلك الشيء الذي اعتبر فيه الكيفية ، PageV02P671 # كما لو شك في الجهر بالقراءة بعد إتمام القراءة ، فإن محل الكيفية هو ~~الشيء المكيف ، أو في نفس العمل المأمور به بعد مضي محله ووقته مثل الشك في ~~أصل الصلاة بعد الوقت ، فكل ذلك بملاك واحد محكوم بعدم الاعتناء ، وهو كون ~~الشك بعد مضي محل المشكوك. # والعبارة وإن كانت قابلة للتطبيق على معنى آخر وهو الشك في جزء المركب ~~المأمور به أو شرطه بعد الفراغ منه ، بل قد يستطهر هذا المعنى بملاحظة أنه ~~لا يحتاج إلى تقدير المحل للمجاوزة ms1244 والمضي ؛ لأن المتجاوز عنه على هذا هو ~~المركب ، وقد شككنا فيه ، أعني في جزئه أو قيده ، ولكن حيث قد طبقت العبارة ~~في صحيحة زرارة ورواية إسماعيل بن جابر على الشك في وجود الشيء بعد مضي ~~محله كان هذا بقرينة استبعاد إرادة معنيين من عبارة واحدة واردة في موارد ~~دليلا على إرادته في الخبرين الأخيرين أيضا. # فالمعيار في الكل شيء واحد وهو الشك في الشيء ، سواء كان جزءا ، أم شرطا ~~، أم وصفا كيفية ، أم عملا مأمورا به بعد مضي محله ، غاية الأمر في بعض ~~المقامات لا يتحقق المضي إلا بالدخول في الغير كما في الأجزاء ، وقد يتحقق ~~بلا حاجة إلى الدخول في الغير كما مثلنا من مثال الشك في الكيفية بعد ~~الفراغ عن الذات ولو لم يدخل في الغير. # ولكن يرد على هذا الذي استظهرناه أنه لا يتم في موثقة ابن أبي يعفور ~~بملاحظة الإجماع والأخبار الواردة بالاعتناء في باب الوضوء بالشك في أجزائه ~~ما دام في أثنائه ولو دخل في الجزء الآخر ، ونحن وإن أرجعنا الضمير في غيره ~~إلى الوضوء بقرينة هذا الإجماع والأخبار ، ولكن الذيل يفيدنا أن الصدر أحد ~~مصاديق هذه القاعدة ، فيحصل المحذور وهو مخالفة الإجماع من جهة الذيل ؛ إذ ~~بعمومه شامل لما إذا شك في أحد أجزاء الوضوء بعد الدخول في غيره مع كونه في ~~أثناء الوضوء ، ولا يقبل التخصيص بهذا الفرد ، لأنه من قبيل تخصيص المورد ~~بخلاف سائر الأخبار. # وإن شئت قلت : قيد الدخول في غير الوضوء في مصداقية الشك في أحد أجزاء PageV02P672 # الوضوء لكبرى الشك في الشيء بعد تجاوز محله قيد مستهجن ، فهو نظير قولك : ~~أكرم العالم الذي هو أفقه البلد ؛ لأنه يجب إكرام العلماء. # ومن هنا ذهب المحقق الخراساني طاب ثراه إلى أن المستفاد من هذه الأخبار ~~قاعدتان، إحداهما مضروبة للشك في الشيء بعد تجاوز المحل ، وهي مستفادة من ~~الصحيحة ورواية إسماعيل بن جابر ، والثانية مضروبة للشك في المركب والمقيد ~~بعد الفراغ منه في جزئه وقيده ، وهي المستفادة من الموثقين ، فلا يلزم ~~المحذور المذكور ms1245 أعني تخصيص المورد. # وهو قدسسره ارتكب هذا مع كونه مخالفا لظاهر الأخبار من وحدة المضمون ، ~~لأجل التخلص عن الإشكال المذكور والتمحل الذي ارتكبه شيخنا المرتضى قدسسره ~~في مقام دفعه من أن المطلوب بالأفعال الوضوئية حيث إنه شيء واحد ، فنزلت ~~هذه الأفعال منزلة الشيء الواحد البسيط ، فيكون الشك فيه بعد المحل لا ~~محالة بعد الفراغ عن مجموعه ، وأما في أثنائه فالشك شك قبل مضي المحل. # وأنت خبير بأنه قدسسره أيضا محتاج بعد ما ارتكبه من خلاف الظاهر إلى هذا ~~التمحل أيضا ؛ لأنا نقول : من أحد مصاديق الكلية المذكورة في الذيل أعني ~~قوله : إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه ، هو الشك في غسل المرفق بعد ~~الفراغ عن غسل اليد في الوضوء ، فإن غسل اليد شيء مركب وقد وقع مأمورا به ~~في قوله تعالى : ( @QUR@05 فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ) فيكون ~~داخلا تحت الكبرى المذكورة ، فيلزم تخصيصها بما عدى هذا الفرد بحكم ~~الإجماع. # نعم هذا سالم عن الاستهجان السابق ؛ لأن الفرد الخارج على هذا ليس من ~~قبيل المورد ، لكن نحتاج في خروجه إما إلى دعوى مثل التمحل المذكور حتى لا ~~يجعل كل جزء من الوضوء شيئا مستقلا ، أو دعوى أن كلمة «الشيء» عبارة عن ~~المركبات المأمور بها ، والمركب لا يشمل مثل غسل اليد ، ومثل الفاتحة في ~~الصلاة ؛ لأنها جزء للمركب لا نفس المركب ، وعلى هذا فيكون ما ارتكبه من ~~خلاف الظاهر بلا وجه. PageV02P673 # بل احتمل شيخنا الاستاد دام ظله أن يكون المراد بقوله عليه السلام في ~~الرواية المصرحة بلفظ الفراغ عن الصلاة وأنه لا اعتناء بالشك في شيء منها ~~بعد الفراغ أيضا هو ذكر أحد مصاديق قاعدة التجاوز ، والنكتة لذكر قيد ~~الفراغ أن الشك في الأثناء له حالتان ، قبل التجاوز وبعده ، فالمقصود أن ~~الشك بعد الفراغ محكوم بالمضي بنحو الكلية وبلا تفصيل. # ثم انه قدسسره جعل الروايتين الأوليين خاصتين بباب الصلاة وما يحسب منها ~~من الأذان والإقامة ، والأخيرتين عامتين لجميع أبواب العبادات ، بل ~~المعاملات ، وجعل الوجه في تخصيص الاولى أن العموم فيه ms1246 إنما هو بمعونة ~~مقدمات الحكمة ومن جملتها عدم القدر المتيقن في مقام الخطاب وهو موجود ~~بواسطة سبق السؤال عن غير واحد من الأفعال الصلاتية وما يحسب منها ، فلا ~~يكون له عموم بالنسبة إلى سائر الأبواب. # وفي تخصيص الثانية مع اشتمالها على كلمة «كل» في قوله : كل شيء شك فيه ~~الخ أن عموم الكل إنما هو بتبع سعة المدخول وضيقه ، والمعيار في تعيين حاله ~~من هذه الجهة هو المقدمات ، وهو أيضا كسابقه محفوف بالسؤال عن الأجزاء ~~الصلاتية ، فيكون القدر المتيقن منه ذلك الباب ، ولا ينفع بعده عموم كلمة ~~الكل ، فهاتين الروايتين غير شاملتين لباب الوضوء ، وأما الأخيران فليس ~~فيهما ما يوجب التخصيص بباب دون باب ، أما الأخيرة فواضح ، وأما الاولى فلا ~~يوجب كون السؤال فيها عن الوضوء تخصيص الكلية به ، إذ يستلزم تخصيصها بفرد ~~واحد ، وهذا واضح. # وقد استشكل شيخنا الاستاد دام ظله على ما ذكره قدسسره مضافا إلى ما مر من ~~مخالفته لظاهر الأخبار من وحدة المضمون مع عدم نفعه في رفع الإشكال السابق ~~بأن : ما ذكره في وجه اختصاص الاولى مبني على مختاره قدسسره في باب ~~المطلقات من أن من جملة شرائطها عدم وجود القدر المتيقن في مقام الخطاب ، ~~ونحن قد استشكلنا على هذا الكلام في الباب المذكور ، فلا نطيل بالإعادة ، فلو PageV02P674 # فرض أن سبق الأسئلة المذكورة أورث انصرافا في الكلام المذكور فهو ، وإلا ~~فصرف كونها قدرا متيقنا لا يفيد بالاختصاص. # وأما ما ذكره قدسسره في وجه اختصاص الثانية مع كونه مشتملة على كلمة «كل» ~~ففيه أنا ولو سلمنا مختاره في باب المطلق من شرطية عدم القدر المتيقن في ~~مقام الخطاب ، فلا بد أن نقول بعدم شرطيته في ما إذا وقع اللفظ الدال على ~~الطبيعة تلو كلمة «كل» وشبهها ، فإن العموم المستفاد من هذه الكلمة إذا ~~انضم مع مفاد لفظة «الشيء» أو الرجل مثلا وهو الطبيعة المهملة يصير المحصل ~~استيعاب تمام أفراد هذه الطبيعة المهملة ، ويكون هذا بيانا لفظيا رافعا ~~لاحتمال دخالة قيد آخر ولو كان متيقنا في مقام ms1247 الخطاب ؛ إذ المفروض أن لفظة ~~«رجل» ليس معرفا لشخص خاص ، كما في قوله تعالى : ( @QUR@05 وجاء رجل من ~~أقصى المدينة )، لأن هذا خلاف الظاهر ، بل استعملت في نفس معناها وهو ~~المهملة الجامعة بين المطلق والمقيد ، وهو غير كون المعنى مرددا بين المطلق ~~والمقيد. # والحاصل : تارة تكون كلمة «رجل» مجملا من حيث المعنى إما لأجل كونه معرفا ~~لشخص خاص وهو مردد بين الخصوصيات ، وإما لأجل كون معناه مرددا بين المطلق ~~والمقيد ، وحينئذ لا محالة لا يفيد عموم الكل شيئا ، وكذا لو أورث قرينة ~~المقام انصرافا في معناه إلى قيد خاص ، فإنه أيضا في حكم الذكر اللفظي. # وأما إذا فرضنا عدم شيء من هذه الوجوه فإن المهملة معنى معين لا ترديد ~~فيه أصلا ، نعم الترديد حاصل في وجودها في الذهن ، حيث انها لا ينفك عن أحد ~~الأمرين ، إما المتحقق في ضمن المطلق ، وإما في ضمن المقيد ، وأين هذا عن ~~كون اللفظ مرددا بين المعنيين ومجملا. # وكذلك كونه معرفا عن المتخصص بخصوصية أيضا خلاف الظاهر ، ولا انصراف في ~~لفظه أيضا ، وإنما المتحقق صرف أن المتيقن بحسب الخطاب خصوص صنف خاص من ~~الرجل كالبغدادي مثلا. # فحينئذ وإن قلنا : إنه لو لا كلمة «كل» لتوقفنا عن الحكم بالعموم ، لأن برهان PageV02P675 # نقض الغرض غير تام مع كون القيد قدرا متيقنا ، إذ لا يلزم نقض غرض على ~~تقدير إرادته المقيد ، فإن القيد قدر متيقن بالفرض ، ولكن لا يمكننا هذا ~~الكلام في ما إذا لم نتكل في الحكم بالعموم إلى ذلك البرهان ، بل كان ~~اتكالنا إلى كلمة «كل» فإن مفادها اللفظي مع مفاد لفظة «الرجل» يكفي في دفع ~~احتمال القيد المذكور. # والحاصل أن موضع «كل» وموضع المقدمات كليهما هو المهملة ، فكما يفيد ~~الثانية وصف العموم والسراية في المهملة ، فكذلك الأول ، لا أن موضع الكل ~~هو المهملة بعد جريان المقدمات عليها ، واتصافها ببركتها بوصف الإطلاق ، ~~ولعل عرفية المسألة أغنتها عن زيادة شرح وبيان ، فراجعهم ، فالعرف ببابك ~~والعرب جنابك ، فتراهم لا يتوقفون عن الحكم بالعموم بعد وجود كلمة «كل» ~~وأمثاله في ms1248 الكلام ، وإذن فالأقوى هو العموم وعدم العبرة بخصوصية المورد. # وحاصل ما اخترنا أن القضايا الواردة في أخبار المقام باختلاف تعبيرها من ~~الشك في الشيء بعد الخروج عنه والشك فيه بعد مجاوزته والشك فيه بعد مضيه ~~كلها آئلة إلى المضمون الواحد ، ومفيدة لمعنى فارد ، نظير العبارات ~~المختلفة الصورة المتحدة المعنى في باب الاستصحاب من قولهم عليهم السلام : ~~لا تنقض اليقين بالشك ، ولا يدفع اليقين بالشك ، واليقين لا ينقضه الشك ، ~~فكما قلنا بوحدة المضمون فيها فكذا في المقام. # وذلك المعنى الواحد في ذاك المقام كان مرددا بين الاستصحاب والقاعدة ~~والجامع ، لكن استحالة الجامع وورود التنصيص على تطبيقها على مورد ~~الاستصحاب صار منشأ لحملها عليه ، وهو في هذا المقام أيضا مردد بين الشك في ~~الوجود وبين الشك في الصحة للشيء المفروغ الوجود والجامع بين الشكين. # وكما قلنا في ذلك المقام أن الشك في الحدوث كما هو موضوع القاعدة ، والشك ~~في البقاء مع مفروغية الحدوث كما هو موضوع الاستصحاب يستحيل اجتماعهما في ~~اللحاظ ؛ إذ يلزم اجتماع الفراغ واللافراغ ، كذلك هنا أيضا يجري مثل هذا ~~الكلام ، حيث إن الشك في الوجود الذي هو موضوع قاعدة التجاوز يكون لا محالة مع عدم PageV02P676 # الفراغ ، والشك في الصحة الذي هو موضوع قاعدة الفراغ يكون مع الفراغ عن ~~وجود الشيء، والجمع بينهما غير ممكن. # وحينئذ يدور الأمر بين خصوص إحدى القاعدتين ، ولكن تطبيقهما على الشك في ~~الوجود منصوص في روايتين من الأخبار المتقدمة ، فيكون هذا دليلا على حمل ~~البقية على قاعدة التجاوز كما قلنا في أخبار الاستصحاب حرفا بحرف ، هذا ما ~~ربما يقال في هذا المقام. # ولكن الحق إمكان إرادة الجامع في مقامنا وإن قلنا باستحالته في المقام ~~المتقدم ؛ لأن وجه الاستحالة في هذا المقام أمران ، أحدهما : ما تقدم من ~~عدم إمكان ارادة الشك في الشيء مع الفراغ ومع عدمه من قولنا : كل شيء شك ~~فيه ، والآخر أنه لا بد في الشك في الوجود من تقدير المحل في قولنا : وقد ~~جاوزت منه ، أو خرجت منه ، أو مضى ، بأن يكون ms1249 المراد مجاوزة محل الشيء ~~المشكوك ، وأما في الشك في الصحة فلا حاجة إلى التقدير ؛ لأن الخروج ~~والمجاوزة يكون عن نفس الشيء المشكوك في صحته. # أما الوجه الأول فمدفوع بأن الشك إذا اضيف إلى الشيء الغير الملحوظة معه ~~وجود ولا عدم ولا شيء من الأعراض ، فلا معنى له ، فلا بد من ملاحظة شيء ~~خارج عن ذاته حتى يصح إضافة الشك إليه وتعلقه به. # وذلك الشيء تارة يكون الوجود والعدم ، واخرى يكون الصحة والفساد ، ~~وبعبارة اخرى الكيفية القائمة بالوجود والوصف العارض عليه ، وثالثة يلاحظ ~~مطلق التعلق والتماس للشك بذات الشيء ، سواء كان من جهة الوجود ، أو من جهة ~~كيفيته ، فنحن لا نتصور حين قولنا في شيء إلا ذات الشيء بلا أخذ الوجود معه ~~، ونلاحظ تعلق ما للشك به ، فيكون جامعا بين القسمين. # ولا غرو في استعمال لفظة «في» في جامع التعلقين ، كما استعملت في موثقة ~~ابن بكير الواردة في باب لباس المصلي من قوله : فالصلاة في وبره وشعره ~~وروثه وبوله الخ ، في جامع التعلق بوجه الظرفية المتحققة في اللباس وبوجه ~~المصاحبة المتحققة في المحمول. PageV02P677 # لا يقال : مثل هذا يرد في أخبار الاستصحاب ؛ لأن الملحوظ هناك أيضا ذات ~~العدالة المعراة عن الوجود والعدم ، ويراد من الشك المتعلق بهذه الذات هو ~~جامع التعلق الحاصل بالشك في الحدوث والشك في البقاء. # لأنا نقول : ما ذكرنا سابقا إنما كان مبنيا على أخذها باعتبار الوجود كما ~~هو الظاهر بمعنى أن يكون المراد الشك في وجود العدالة ، لا الشك المماس ~~بماهية العدالة مساسا ما ، وإلا فمع هذا المعنى والغض عن الظاهر المذكور ~~الحق في ذاك الباب أيضا إمكان الجمع بين الاستصحاب والقاعدة. # وأما الوجه الثاني فمدفوع أيضا بإمكان تقدير المحل في كلا الشكين ، مثلا ~~إذا دخل المصلي في السورة وشك في أصل وجود الحمد ، أو شك في صحته بعد فراغ ~~وجوده ، فكلاهما شك مماس بالحمد بعد مضي محله الشرعي ، فإن محله شرعا قبل ~~السورة. # نعم لو شك في صحته وجهره بعد فراغه قبل السورة لا يكون على هذا ms1250 محكوما ~~بالصحة بقاعدة الفراغ ، كما أنه لو شك في الركعات بعد فراغ الصلاة ، فلا بد ~~من الفرق بين بقاء الوقت وعدمه ، فيحكم بالصحة مع العدم وبالإعادة مع ~~البقاء بمقتضى هذه الأخبار. # هذا بحسب مقام الإمكان ، وأما بحسب الظهور فيمكن دعواه في الجامع بقرينة ~~قوله عليه السلام : هو حين العمل أذكر ؛ فإنه يعلم منه أن المناط في الحكم ~~بالمضي في الكبريات المذكورة هو الأذكرية حال العمل ، ومن المعلوم تحققه في ~~مورد كلتا القاعدتين ولكن الإنصاف أن إرادة الجامع خلاف الظاهر ، بل ظاهرها ~~هو الشك في الوجود ، خصوصا مع تطبيقها في روايتين على الشك في وجود الأجزاء ~~الصلاتية. # بل نقول في موثقة ابن أبي يعفور الواردة في الوضوء أيضا يكون من ذلك ~~القبيل ، وأما الاستيحاش السابق في التقييد بقوله : ودخلت في غيره فيمكن ~~رفعه بدون الحاجة إلى تمحل شيخنا المرتضى قدسسره ، بأن يقال : إن التقييد ~~تارة لأجل PageV02P678 # أن الشيء ناقص في المصداقية للكبرى المذكورة في الذيل بدون هذا القيد ، ~~وهذا هو المستوحش ، واخرى لا لأجل ذلك ، بل لأجل أنه ورد التخصيص في ~~الصحيحة الاخرى بالنسبة إلى الشكوك الواقعة في أثناء الوضوء ، وبعد هذا ~~التخصيص المنفصل يكون الحكم في الأفراد الباقية معللا بتلك الكبرى ، فكان ~~الإمام عليه السلام حاله حال المفتي المستدل في فتواه بكلام المعصومين صلوات ~~الله عليهم. # فكما أنه لو بلغه العام والخاص المذكوران منفصلين فأراد بيان الفتوى في ~~الشكوك الحادثة بعد الوضوء مع الاستدلال ، لكان يقول : الشك الذي في بعض ~~أجزاء الوضوء إذا حدث بعده يكون غير معتنى به بقولهم عليهم السلام : إنما ~~الشك إذا كنت في شيء لم تجزه ، فكذلك حال الإمام عليه السلام . # وبالجملة ، الإمام عليه السلام قد يكون لسان الله في بيان الكبرى عن الله ~~، وقد يكون مفتيا ، فيتمسك بالكبرى التي بينها عن الله في مقام آخر ، فيكون ~~مقامنا نظير ما إذا قال عليه السلام : الزوجة يرث من غير العقار ، لقوله ~~تعالى : ولهن الربع. # وبالجملة ، مجرد هذا التقييد لا يخرج الكلام عن الظهور في وحدة السياق ، ~~ألا ms1251 ترى أنه لو قال المتكلم : أكرم علماء هذا البلد لوجوب إكرام العلماء ، ~~وهكذا قال بالنسبة إلى علماء بلدان كثيرة في كلمات منفصلة معللا في الجميع ~~بوجوب إكرام العلماء ، وقال في بلد مخصوص : أكرم علماء هذا البلد إن كانوا ~~فقهاء ، لوجوب إكرام العلماء ، وعلمنا أن القيد المذكورة في كلامه احترازي ~~لأجل الإخراج ، فهل ترى أنه يدخل في ذهننا كبرى اخرى وراء ما سبق إليه ~~ذهننا في الكلمات السابقة؟ لا أراك تشك في ذلك ، ومقامنا من هذا القبيل. # وحينئذ فالروايات المذكورة غير متعرضة للشك بالصحة بهذا العنوان ، نعم ~~يمكن أن يقال : إنه يعلم منها حكم هذا الشك باعتبار أن منشأ الشك في الصحة ~~هو الشك في تحقق أمر وجودي معتبر في الصلاة مثلا ، جزاء كان أم وصفا أم ~~كيفية ، وعلى كل حال يكون مصداقا للشيء ، والروايات ناطقة بأنه متى شككت في الشيء PageV02P679 # وقد جاوزت عن محله فلا تعتن بالشك ، ولا وجه لدعوى انصراف الشيء إلى غير ~~الكيفية والوصف أعني ذا الكيفية ، فإن الجهر في القراءة مثلا شيء ، ونفس ~~القراءة أيضا شيء ، فكلاهما مشمولان للقاعدة في عرض واحد. # هذا مضافا إلى عموم التعليل المستفاد من قوله عليه السلام في بعض أخبار ~~الشك في الوضوء بعد الفراغ منه : هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك ؛ إذ لا ~~فرق في عمومه بين الكيفية وذي الكيفية. # وقد يقال في تقريب إدراج الشك في الكيفيات في عموم الشك في الشيء بعد ~~تجاوزه: بأن المقيد بما هو مقيد بالكيفية المشكوكة مشكوك التحقق فبهذا ~~الاعتبار يصح إدراجه في العموم ، مثلا القراءة الجهرية مشكوك الوجود بواسطة ~~الشك في كيفيتها ، لا نقول ذلك باعتبار الشك في تحقق عنوان الصحيح حتى يقال ~~: الظاهر من الشيء هو بعنوانه الأولي دون مثل هذا العنوان الانتزاعي ، بل ~~نقول : إن المشكوك منشأ انتزاع هذا العنوان وهو القراءة الجهرية ، فإنه ~~داخل في عموم الشيء قطعا وقد شك فيها بعد محلها. # والفرق بين هذا التقريب وما قبله يظهر في ما إذا شك في الجهر في الحمد ~~بعد الفراغ ms1252 عنه قبل الدخول في السورة مثلا ، فإنه على هذا التقريب لم يمض ~~محل المشكوك وهو المقيد ، وعلى الأول مضى ؛ لأن المشكوك هو الجهر في الحمد ~~ومحله الحمد وقد مضي ، هذا بناء على أن الدخول في الغير إنما اعتبر في ~~الاخبار ، محققا لعنوان التجاوز وليس له موضوعية ، وإلا فلا فرق بينهما. # وهذا التقريب وإن لم نستشكل عليه بانصراف الشك في الشيء إلى الشك الأولي ~~، وهذا أعني الشك في المقيد شك ثانوي ، وما يتحقق الشك فيه ابتداء إنما هو ~~الجهر والكيفية، وذلك لأنه لو صح هذا الانصراف لما صح شمول الأصل المسببي ~~في شيء من الاصول وهو خلاف بنائهم ، يرد عليه أنه بعد صحة التقريب الأول ~~تكون القاعدة باعتبار الشك في نفس الكيفية أصلا في الشك السببي ، وباعتبار ~~الشك في المتكيف في الشك المسببي ، فلا يبقى للثاني مجال مع جريان الأول ، ~~نعم له مجال مع PageV02P680 # عدم جريانه كما هو الشأن في كل أصلين ، أحدهما سببي والآخر مسببي. # فعلى هذا لو قلنا بأن الشيء منصرف إلى الأشياء الوجودية فلا يدخل في ~~عمومه الكيفيات العدمية المعتبرة في الصلاة مثل عدم التكفير وعدم التكلم ~~وعدم الحدث ، إلى غير ذلك ، فلا مجرى للقاعدة باعتبار الشك في نفس هذا ~~الأمر العدمي للانصراف ، ويكون لها المجرى باعتبار الشك في المكيف به ، ~~لأنه أمر وجودي. # فنقول حينئذ : لو شك في تحقق التكفير في صلاة الظهر مثلا وعدمه ، فإن كان ~~الوقت ماضيا ، كان الشك باعتبار المكيف مشمولا للأخبار ، وإن كان باقيا فلا ~~يشمله هذه الأخبار ، أما باعتبار نفس العدم فلانصراف الشيء عنه ، وأما ~~باعتبار الصلاة المقيدة به فلعدم مضي وقته ومحله ، نعم التمسك بعموم ~~التعليل المتقدم له وجه. # كما يصح التمسك بقوله في رواية محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله ~~عليه السلام يقول : كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه ولا إعادة ~~عليك فيه ، والمقصود نفي إمكان التمسك بالأخبار العامة المتضمنة للشك في ~~الشيء بعد التجاوز عنه. # فإن قلت : صلاة الظهر متى شك فيها بعد الدخول ms1253 في العصر فقد مضى محلها ، ~~ولا حاجة إلى مضي الوقت بأجمعه. # قلت : كلا ؛ فإن الترتيب شرط في العصر دون الظهر ، ألا ترى أنه لو صلى ~~الظهر ولم يصل العصر كانت صلاته صحيحة؟ فبعدية العصر ليست من قبيل الشرط ~~المتأخر للظهر ، بل يكون شرطا في العصر فقط ، هذا. # ولكن يمكن لنا التشبث بذيل الأخبار العامة المذكورة في الشك في العدميات ~~أيضا بتقريب أن الشيء وإن كان منصرفا إلى الوجودي ، ولكن الحكم بعدم ~~الاعتناء في هذه الأخبار ليس عبارة عن البناء على الوجود ، بل أعم منه ومن ~~البناء على العدم ، ففي ما كان المعتبر وجود ذلك الأمر الوجودي مثل الأجزاء ~~والشروط كان معناه البناء على الوجود ، وفي ما اعتبر عدمه كالموانع ، كان ~~معناه البناء على عدمه. PageV02P681 # فنقول : إذا فرغنا عن الصلاة وشككنا في شيء من العدميات المعتبرة فيها ~~فنقول : هنا شيء وجودي وهو الحدث ، أو الاستدبار ، أو التكلم ، أو التكفير ~~، وقد وقع الشك فيه بعد مضى محله الذي اعتبر فيه عدمه وهو الصلاة ، فهذا ~~الشك بحكم الأخبار ليس بشيء ، ويكون غير معتنى به. # وبالجملة ، لا نسلم انصراف قولك : إذا شككت في شيء وقد جاوزته فليس شكك ~~بشيء إلى الوجوديات المعتبر وجودها ، بل المراد من الموضوع هو الشك في تحقق ~~الأمر الوجودى ولا تحققه وفي المقام هذا الموضوع متحقق ؛ إذ المفروض هو ~~الشك في تحقق الأمر الوجودي ولا تحققه ، وأما المحمول فهو قوله : ليس شكك ~~بشيء ، وما هو إلا مثل قوله في أخبار كثير الشك : لا شك لكثير الشك ، فكما ~~أن المراد به هناك هو البناء على الوجود في ما اعتبر فيه وجود المشكوك ، ~~وعلى العدم في ما اعتبر فيه عدمه ، فكذلك هاهنا بلا فرق ، فلا وجه لدعوى ~~الانصراف لا موضوعا ولا محمولا. # نعم هذا كله بالنسبة إلى ما إذا شك في تحقق المانع أو القاطع بعد الفراغ ~~من الصلاة ، وأما لو شك وهو في الركعة الثانية مثلا في تحقق المانع أو ~~القاطع في الركعة الاولى ، فإن كان المانع اعتبر عدمه في فعل ms1254 مخصوص من ~~أفعال الصلاة مثل ما لو اعتبر عدم التكفير في قيام الصلاة ، فهذا الشك شك ~~في الشيء بعد محله ؛ لأنه مضى القيام الأول بدخوله في الركوع ، وأما إن ~~اعتبر في تمام الصلاة من أولها إلى آخرها من دون تخصيص بجزء دون جزء فمحله ~~ما دام في الصلاة باق ، وليس هذا مخصوصا بالموانع ، بل يجرى في الشرائط أيضا. # مثلا لو شك وهو في الركعة الثانية في تحقق الاستقبال في الركعة الاولى ~~كان شكا في الشيء مع بقاء محله ، إذ محل الاستقبال هو الصلاة ، وهو بعد في ~~الصلاة ، وليس حاله حال ما لو شك وهو في آخر القراءة في الجهر بالنسبة إلى ~~أولها ؛ فإن محل الجهر هو الكلمات والحروف ، فكلما مضت كلمة فقد مضى محل ~~الجهر الذي اعتبر فيها. PageV02P682 # وهذا بخلاف ما اعتبر وجوده أو عدمه في الصلاة من حيث إنها صلاة ، فعدم ~~التكلم من حيث إنه في الركعة ، أو في القراءة ، أو في الركوع غير معتبر في ~~الصلاة ، وإنما المعتبر عدمه في الصلاة ، وهذا لا يمضي محله إلا بعد لخروج ~~عن الصلاة. # والحاصل أنه يشكل الحال في عامة الشرائط والعدميات المعتبرة في الصلاة لو ~~شك فيها في أثناء الصلاة ؛ لعدم اندراجها في عموم أخبار الشك بعد مضي المحل ~~، وكذا في عموم التعليل المتقدم ؛ إذ المفروض أنه لم يمض حين العمل ما دام ~~في الصلاة ، فهو في هذا الشك مثله لو شك في أصل وجود الصلاة والوقت باق ، ~~فإنه لا يشمله الأخبار ولا التعليل قطعا ، وكذا لا يستفاد حكمه من الرواية ~~المتقدمة : كل ما مضى من صلاتك وطهورك الخ ، فإن كلمة «من» بيانية لا ~~تبعيضية ، لئلا يلزم خلاف الإجماع بالنسبة إلى أجزاء الوضوء لو شك في واحد ~~منها وقد دخل في الآخر ، ولا أقل من الإجماع المسقط عن الاستدلال. # المقام الثاني : هل المراد بالمحل الذي يعتبر التجاوز عنه هو المحل ~~الشرعي أو العادي النوعي ، أو العادي الشخصي؟ الظاهر عدم العبرة بالأخير ، ~~فإنه لا ينصرف عنوان المضي عن محل الشيء بقول مطلق ms1255 إلى الأخير ، فلو اعتاد ~~شخص التوضؤ عقيب الحدث بلا فصل أو إتيان عمل بعد الصلاة كذلك ، فشك في ~~الوضوء بعد مضي زمان عن الحدث ، أو شك في الصلاة وقد رأى نفسه في ذلك العمل ~~، لا يصدق أنه جاوز عن محل الصلاة أو الوضوء بقول مطلق. # نعم يصدق مع الإضافة إليه ، كأن يقال : [جاوز] عن محلهما بحسب اعتياد هذا ~~الشخص ، وظاهر الخبر صدق ذلك بلا قيد ، والصدق كذلك أعني على وجه الإطلاق ~~إنما يتحقق مع مجاوزة المحل الشرعي ، كما لو شك في الحمد بعد الدخول في ~~السورة ، أو العادي النوعي ، كما في اعتبار نوع الناس على إتيان أجزاء ~~الغسل متوالية في مجلس واحد ، وإتيان الظهرين والعشاءين كذلك ، فشك في ~~إتيان العصر أو العشاء مع القطع بإتيان الظهر أو المغرب ، ومضى الزمان ~~المعتاد فيه إتيان العصر أو العشاء ، أو شك في غسل الجانب الأيسر مع تخلل ~~الفصل المخل بالموالاة العادية. PageV02P683 # أو شك في غسل مخرج البول مع تخلل الفصل المخل بالموالاة العادية بينه ~~وبين غسل مخرج الغائط. # وبالجملة ، فالمعيار صدق هذا العنوان بلا إضافة إلى شخص خاص عادة خاصة ، ~~ولا شبهة في استواء ذلك بين الموضعين ، أعني مورد التجاوز عن المحل الشرعي ~~وعن المحل العادي النوعي. # فإن قلت : كما يصدق المجاوزة عن المحل بملاحظة عادة النوع ، يصح إطلاق ~~عدمها بملاحظة قرار الشارع ، مثلا يصح أن يقال : لم يمض محل غسل الجانب ~~الأيسر بحسب الشرع. # قلت : قد عرفت من السابق جواب هذا ، فإن صدق الأول لا يحتاج إلى تقييد ، ~~وصدق الثاني يحتاج إليه ، والمعيار هو الصدق المطلق ، وليس هذا من استعمال ~~اللفظ في أكثر من معنى بملاحظة شمول موردي المحل الشرعي والنوعي ، وذلك لأن ~~منشأ الصدق مختلف والمعنى واحد ، فالمجاوزة عن المحل أمر واحد تارة يكون ~~منشأ صدقه جعل الشارع ، واخرى استقرار عادة النوع ، وإذا تحقق الموضوع من ~~أي منشأ كان تعلق عليه حكمه. # ولا يرد أن العرف ليس لهم تعيين المحل ، وإنما ذلك وظيفة الشارع ، فإنه ~~يجاب : نعم ليس لهم تبديل ما ms1256 جعله الشارع ، وأما الموضع الذي جعل إليهم ~~الخيار في 7 تيان العمل فورا ، أو في وقت متراخ فجعلوا بنائهم على الإتيان ~~متعاقبا ، فلا مانع عن ذلك ، ثم يصير هذا منشئا لصدق عنوان المضي عن المحل ~~قهرا ، ومن المعلوم أن هذا العنوان إذا لم يلحظ فيه خصوصية ، ينصرف إلى ~~مصاديقه العرفية ، وهي ما ذكرنا من الموردين. # نعم يعتبر في مورد تحقق العادة النوعية عدم استقرار العادة من شخص الشاك ~~على خلاف عادة النوع ، فإن في صدق عنوان المجاوزة عن محل العمل حينئذ ~~بالنسبة إليه محل إشكال ، ولا يبعد دعوى تبادر أن يكون المضي عن المحل ~~حاصلا حتى بالنسبة إليه ، لا أن يكون هو خارجا ، فلا يفهم الإنسان من ~~العبارة عدم PageV02P684 # التفات الشاك إلى شكه بمحض مضي المحل بحسب استقرار عادة نوع الناس غيره ، هذا. # ويظهر من شيخنا المرتضى الاستشكال في الاعتماد على العادة النوعية ، نظرا ~~إلى أن فتح هذا الباب يوجب الالتزام بفروع يبعد التزام الفقيه بها ، ومثل ~~بأمثلة كلها من قبيل العادة الشخصية ، وقال : إنه يوجب مخالفة إطلاقات كثيرة. # قال شيخنا الاستاد دام ظله : أما استبعاد الالتزام في الفقه بالموارد ~~المذكورة أعنى موارد العادة الشخصية فمسلم ، ولكنه لا يضر بالمدعى من ~~العادة النوعية ، وقد ذكر هو قدسسره ان مسألة معتاد الموالاة في الغسل ~~مذكورة في كلام جماعة من الأصحاب مع اختيار عدم الاعتناء إذا شك في الجزء ~~الأخير. # وأما مخالفة الإطلاقات الكثيرة فالظاهر أن مراده إطلاقات أدلة الوضوء ~~والصلاة ، ولا يخفي أن تلك الإطلاقات غير متعرضة لحال الشك في وجود العمل ، ~~وإنما المتكفل له قاعدة الاشتغال واستصحاب العدم ، ومن المعلوم ورود قاعدة ~~التجاوز على فرض الشمول على الاولى ، وتقدمها لأجل الحكومة أو لزوم اللغوية ~~على الثاني. # والحاصل : لم يعرف ما مراده قدسسره بهذه الإطلاقات الكثيرة ، فإن كان ~~إطلاقات الصلاة والوضوء فشأنه أجل من حمل كلامه عليه ؛ لأن تلك الأدلة غير ~~متعرضة لحال الشك في الوجود ، بل هي متعرضة لأصل التكليف ، وهذا واضح ، وإن ~~كان إطلاق دليل الاستصحاب فلا وجه له ، لما ms1257 مر. # نعم قد يحتمل أن يكون مراده إطلاق ما دل على اعتبار الشك في الصلاة في ~~الوقت، وفيه مضافا إلى أنه إطلاق ، لا إطلاقات فضلا عن كونها كثيرة ، أنه ~~يكون بينهما عموم من وجه ، فمقتضى ذلك الاعتناء بالشك ، ومقتضى هذا عند ~~تحقق العادة المزبورة عدمه ، فلا وجه لتقديم ذلك ، والحاصل هو قدسسره أعلم ~~بما أفاد. # المقام الثالث : هل الدخول في الغير معتبر في الحكم بالمضي ، أو يكفي ~~مجرد التجاوز، وتظهر ثمرة هذا البحث في القيود بناء على شمول الكبرى في ~~الأخبار للأعم من الأجزاء والقيود لأعمية الشيء منهما ، فإن الأجزاء ينحصر ~~الشك بعد PageV02P685 # التجاوز فيها في الدخول في الغير ، فلا يتحقق التجاوز فيها إلا بذلك ، ~~وأما القيود فيمكن تحقق التجاوز من دون الدخول في شيء آخر ، فإذا خرج من ~~الحمد ولو لم يدخل في السورة فهو قد جاوز عن الجهر المعتبر في الحمد ~~وموالاة أجزائه وترتيبها ، وهكذا من سائر قيودها. # وتظهر في الشك في بعض أجزاء القراءة وقد حصل الفصل المخل بالموالاة على ~~فرض عدم الإتيان بالجزء المشكوك فيه ، وفي الشك في السلام بعد حصول السكوت ~~الطويل ، فان محل «غير المغصوب» مثلا قبل حصول هذا البعد عن «أنعمت عليهم» ~~ومحل السلام قبل حصول هذا السكوت الطويل فالشك بعد تحقق ذلك شك فيهما بعد ~~مضي محلهما ، مع أنه لم يتحقق الدخول في غيرهما. # إذا عرفت ذلك فنقول : لا يخفى ندرة الموارد التي فرضناها للشك بعد ~~التجاوز المنفك عن الدخول في الغير ، والغالب هو الشك في الأجزاء على نحو ~~لا يتحقق التجاوز إلا بالدخول في الغير. # وحينئذ فمن المحتمل قريبا أن تكون النكتة في ذكر قيد الدخول في الغير ~~الواقع في صحيحة زرارة ورواية ابن جابر هذه الغلبة ، فلا يضر بإطلاق أحد ~~الموثقين وذيل الآخر ، لما تقرر في محله من أنه يشترط في التقييد أن لا ~~يكون لذكر القيد نكتة نحتمل وروده لأجلها ، فإذا كانت فلا يبقى له ظهور في ~~التقييد ، وحينئذ فالمطلق المتصل به أيضا لا يصح التمسك بإطلاقه ، لانثلام ~~مقدماته ms1258 فيه ، وذلك لاحتفافه بما يصلح للقيدية ، وأما المطلق المنفصل فلا ~~مانع من الأخذ به. # فإذا قال : جئني بماء عذب ، واحتمل كون القيد واردا مورد الغالب ، لا ~~يبقي له ظهور في التقييد ، ولكن يوجب الإجمال في لفظ الماء المتصل به في ~~هذا الكلام ، وأما إذا كان هذا القائل قال في كلام منفصل له في مقام آخر ~~جئني بماء ولم يقيده هناك بالعذب فإطلاق ذلك الكلام مأخوذ به ، وما نحن فيه ~~من هذا القبيل ، كما هو واضح. # نعم قد يكون الغلبة بحد يوجب انصراف اللفظ إلى الغالب ، ولكنه في هذا ~~المقام ممنوع ، فالمقدمات بناء على الحاجة إليها ، أو الظهور اللفظي الذي ~~ادعيناه في محله كلاهما تام بالنسبة إلى المطلق المنفصل في المقام ، أعني ~~ذيل موثقة ابن أبي يعفور : إنما PageV02P686 # الشك إذا كنت في شيء لم تجزه ، وكذلك الموثقة الاخرى : كل ما شككت فيه ~~مما قد مضى فامضه كما هو. # إن قلت : الشك في القيود الذي هو أحد موارد ظهور الثمرة كيف يمكن إدراجه ~~في ذيل الموثقة ، فإنه كيف يمكن الشك في جهر الحمد مثلا في محله ، فإذا لم ~~يمكن إدراجه في المنطوق فالمفهوم تابع للمنطوق ، فهذا دليل اختصاص الذيل ~~بالأجزاء. # قلت : مضافا إلى كفاية الموثقة الاخرى أنه فرق بين عقد المنطوق في شيء ~~خاص ، فلا بد من تحقق المصداق له في هذا الخاص ، وبين عقده في عام هذا ~~الخاص أحد مصاديقه، فيكفي وجود المصداق للمنطوق في بعض أفراده في توسعة ~~المفهوم لجميع أفراده. # فإذا قيل : الشيء المربوط بالصلاة إذا شككت فيه في محله يجب الاعتناء به ~~، لا في غير هذه الصورة ، فالشيء الصلاتي شامل للحمد ولكيفيته ، والحمد وإن ~~كان مشمولا لعمومي المنطوق والمفهوم ، إلا أن الكيفية غير داخلة في المنطوق ~~، لعدم وجود المصداق له فيها ، ولكن لا يوجب ذلك عدم اندراجها في المفهوم ، ~~وبالجملة ، إطلاق كلا الموثقين لما قبل الدخول وما بعده محكم في القيود ~~وغيرها من الموردين المتقدمين. # لا يقال : ما ذكرت من احتمال ورود القيد لأجل الغلبة غير متمش في ms1259 رواية ~~ابن جابر ؛ وإذ يعلم منه علاوة على دخل الدخول في الغير أنه لا يكفي كل غير ~~، بل لا بد أن يكون من الأشياء المعتبرة في الصلاة والمعدودة من أفعال ~~الصلاتية ، فلا يكفى كونه من مقدماتها ، وذلك لأنه اعتبر فيها في عدم ~~الاعتناء بالشك في الركوع الدخول في السجود ، وفي السجود الدخول في القيام ~~، ولا يجرى فيه احتمال الورود مورد الغالب ، وإلا لكان الأنسب ذكر الهوي في ~~الأول والنهوض للقيام في الثاني ؛ لأنهما أقرب بالركوع والسجود من غيرهما ، ~~إلا أنهما من مقدمات الأفعال الصلاتية ، فيعلم أن وجه الإعراض عنهما ذلك ، ~~لا أن الغرض من ذكر السجود والقيام مجرد التمثيل للمجاوزة. PageV02P687 # لأنا نقول : يمكن دعوى غلبة اخرى ، وهي أن الشك في الركوع في الغالب لا ~~يتحقق في حال الهوي ، وكذلك في السجود في حال النهوض ، وذلك لقرب عهدهما ~~بالمشكوك ، فالشك إما لا يحدث فيهما ، وإما لا يستقر ، بل يزول ويرتفع ، ~~فالشك الحادث الغير الزائل يكون أول أوقات إمكان حصوله بحسب الغالب ما إذا ~~بعد عن الركوع بالدخول في السجود، وعن السجود بالدخول في القيام ، فذكر ~~الدخول في الغير لأجل محققيته للمجاوزة، وذكر الغير الخاص لأجل غلبة عدم ~~وقوع الشك في الركوع والسجود في ما قبل هذا الغير. # كما أن هذا هو السر أيضا في فرض زرارة الشك في الأذان بعد الدخول في ~~الإقامة ، مع أن بينهما أيضا بعض الأدعية والأعمال. # وبالجملة ، فلا يبقى لهذه الرواية أيضا كرواية زرارة ظهور في التقييد ، ~~حتى يزاحم ظهور ذلك الإطلاقين المنفصلين. # هذا مع أنه قد ورد في رواية اخرى الحكم بعدم الاعتناء ، مع أن السائل فرض ~~الشك في الركوع في حال الهوي ، وهذه عبارتها : # «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : رجل أهوى إلى السجود فلم يدر أركع أم لم ~~يركع؟ قال عليه السلام قد ركع». # وفي رواية اخرى : «قلت لأبي عبد الله عليه السلام أستتم قائما ، فلا أدري ~~ركعت أم لا؟ قال عليه السلام : بلى قد ركعت ، فامض في صلاتك ، فإنما ذلك من ~~الشيطان. # والشيخ ms1260 قدسسره وإن حمل هذه على القيام من السجدة إلى الركعة التالية ، ~~إلا أنه لا داعي ولا شاهد على هذا الحمل ، فإن استتمام القيام كما يصدق ~~بذاك ، كذلك بالقيام من الهوي للركوع ثم شك في أنه بلغ هويه حد الركوع أو ~~لا ، فالحق أن الدخول في الغير غير معتبر في جريان القاعدة ، نعم الشك في ~~السجود خرج عن هذه الكلية ، بواسطة ورود النص بعدم اعتبار الشك فيه إلا بعد ~~القيام. # المقام الرابع : قد خرج من هذه الكلية باب الوضوء بواسطة النص بالاعتناء PageV02P688 # بالشك في بعض أجزائه ما دام مشغولا به ، وهذا مما إشكال فيه ، إنما ~~الإشكال في أن ذيل الموثقة المتقدمة يدل على جريان القاعدة في باب الوضوء ؛ ~~لأنه قال في مقام الضابط : إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه ، ولا يخفى ~~وحدة مضمونه مع ما ورد في الشك بعد تجاوز المحل. # وحينئذ يستشكل بأنه أي مدخلية في صدق التجاوز عن المحل للدخول في غير ~~الوضوء بناء على عود ضمير «غيره» إلى الوضوء لئلا يخالف الإجماع ، وإن قيل ~~: لا مدخلية ولكن خرج ما عدى هذا الفرد عن تحت العموم ، قيل : إنه تارة ~~تكون الكبرى واردة غير منطبقة على باب الوضوء ، فحينئذ يقبل هذا التخصيص ، ~~وأما إذا كان تطبيقها على مورد الوضوء فحينئذ يكون التخصيص بشيعا. # ولأجل التفصي عن هذا الإشكال اختار المحقق الخراساني أعلى الله مقامه كون ~~الذيل منزلا على قاعدة الشك بعد الفراغ ، ثم استشكل عليه بلزوم التهافت ~~حينئذ في ما لو شك في غسل جزء من اليد اليمنى بعد ما دخل في اليسرى ، فإنه ~~من حيث كونه شكا في صحة غسل اليمنى بعد الفراغ محكوم بالصحة ، ومن حيث كونه ~~شكا في صحة الوضوء قبل الفراغ محكوم بالاعتناء بحكم الضابط. # فأجاب عن هذا نقضا بما إذا شك في صحة الحمد بعده قبل الفراغ من الصلاة ؛ ~~فإن هذا التهافت موجود بعينه ، وحلا بأن المراد بالشيء الامور التي لها ~~عنوان مستقل ، وغسل اليمنى ليس له عنوان مستقل كالوضوء والصلاة. # ثم استشكل ms1261 على ما ذهب إليه شيخنا المرتضى قدسسره الشريف في وجه التفصي عن ~~الإشكال من أن الوضوء لبساطة أثره نزل منزلة الشيء البسيط الذي لا جزء له ، ~~ولا أول له ولا آخر حتى نفرض الشك الحادث بينه شكا بعد المحل ؛ لأنه فرع ~~وجود الأجزاء ، وهو مناف مع نظر البساطة والوحدة. # فاستشكل عليه بأن بساطة الأثر غير مختصة بباب الوضوء ، بل في كل مركب امر ~~بها بغرض واحد ، كالصلاة بغرض الانتهاء عن الفحشاء والمنكر ، فإن كان بساطة ~~الأثر مورثة لنظر البساطة إلى المؤثر فلا بد منه في كلا المقامين ، وإن لم PageV02P689 # يوجب ذلك فلا بد أن لا يوجبه في شيء منهما ، فلا وجه للتفكيك. # قال شيخنا الاستاد دام ظله : الإنصاف عدم ورود هذا الإشكال على شيخنا ~~المرتضى أعلى الله مقامه ؛ لأنه إنما جعل المصحح لنظر البساطة في السبب ~~وحدة المسبب الذي وقع بنفسه تحت الأمر ، كما هو الحال في باب الوضوء ، حيث ~~وقعت الطهارة التي هي مسببة منه مأمورة بها ، وأين هذا من بساطة مسبب لم ~~يقع تحت أمر أصلا ، قال شيخنا الاستاد دام ظله : قد مضى التحقيق في رفع ~~الإشكال هنا ، والإنصاف عدم ارتفاعه بشيء مما اختاره شيخنا المرتضى ، ولا ~~ما اختاره المحقق الخراساني قدسسرهما اللطيف. # أما الأول : فلأن نظر البساطة والوحدة كيف يجتمع مع الإتيان ب «من» ~~التبعيضية في قوله : شيء من الوضوء ، وأما حملها على كونها للتبيين فبعيد ~~غايته ، بحيث يكون الكلام معه خارجا عن قانون المحاورة ، وبالجملة ، بعد ما ~~هو ظاهر فيه لو لا النصوصية من تبعيضية «من» لا نعلم كيف يجتمع في نظر ~~المتكلم لحاظ الوحدة والبساطة. # وبعبارة اخرى : إما نفرض هذا البسيط أمرا تدريجي الحصول كالخط المستطيل ، ~~فإنه بسيط بناء على بطلان الجزء الذي لا يتجزى ، وإما آني الحصول ، فعلى ~~الأول يكون فيه للشك بعد التجاوز مجال ، وعلى الثاني كيف يتصور الشك في بعض ~~منه ، كما هو مفاد قوله عليه السلام : إذا شككت في شيء من الوضوء؟ # وأما الثاني : ففيه مضافا إلى ما عرفت سابقا من ms1262 عدم نفعه في التخلص عن ~~الإشكال ما لم يضم إليه أن الشارع نظر إلى الوضوء بنظر البساطة ، كما عرفته ~~من شيخنا المرتضى قدسسره ، فإنه لو يضم إلى كلامه هذا لورد عليه الإشكال ~~بأن الشك في جزء من غسل اليد اليمنى بعد الدخول في اليسرى من صغريات الضابط ~~المذكور في الذيل ، وقد كان اختيار حمله على قاعدة الفراغ لأجل التخلص من هذا. # وهذا غير إشكال التهافت الذي أشار إليه في كلامه ؛ فإنه غير وارد بعد كون ~~أحد الشكين وهو الشك في الكل مسببا عن الآخر وهو الشك في الجزء ؛ لأن PageV02P690 # الشيء المذكور في الذيل عبارة عن الشيء المذكور في الصدر ، وقد كان هو ~~جزء من أجزاء الوضوء ، فتكون المجاوزة أيضا معتبرة بالنسبة إليه ، وهذا عين ~~قاعدة التجاوز. # وأما حمل الشيء في الذيل على الوضوء ففي غاية البعد والمخالفة للظاهر ، ~~كما عرفت أن حمل «من» في الصدر على التبيينية كما في الرواية الاخرى : كل ~~ما مضى من صلاتك وطهورك ، يكون أيضا في غاية البعد ومخالفة الظاهر. # فالحق في المقام أحد الأمرين ، إما الحمل على قاعدة التجاوز والتزام ~~التخصيص بالنسبة إلى الشك في أجزاء الوضوء في أثنائه كما مر تقريبه وإما ~~القول بمخالفة الرواية مع روايات الاعتناء بالشك في أثناء الوضوء ومع ~~الإجماع ، ولكن مجرد ذلك لا يوجب إلا طرح صدره دون ذيله ، فيكون كتلك ~~الكبريات الغير المنطبقة على باب الوضوء ، ومثله غير عزيز ، وعلى هذا فيبقي ~~قاعدة الفراغ غير ممكن الاستفادة من هذه الأخبار. # نعم في خصوص بابي الصلاة والوضوء ورد أخبار بعدم الاعتناء بالشك بعد ~~الفراغ ، مثل صحيحة زرارة في باب الوضوء ، ومثل ما روى محمد بن مسلم عن أبي ~~جعفر عليهما السلام : كل ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ، ومثل قوله ~~عليه السلام : كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فامضه ولا إعادة عليك ~~فيه ، بناء على جعل «من» بيانية كما هو الظاهر لا تبعيضية ، وإلا كان دليلا ~~على قاعدة التجاوز. # ثم إنه قد يستشكل في ms1263 هذا المقام بأن الشك المسببي أصله محكوم لأصل الشك ~~السببي ، فإن كان الأصلان مفادي دليل واحد ، فلا إشكال ، وأما إذا ورد دليل ~~بالخصوص في الشك المسببي والمفروض ورود الدليل المستقل في السببي ، كان ~~الدليل الأول لغوا دائما. # لكن ندفع هذا الإشكال بأن التسبب فرع تعدد الشك ، فإن جعلنا موضوع إحدى ~~القاعدتين هو الشك فى الجزء وموضوع الاخرى هو الشك في الكل لزم ما PageV02P691 # ذكر ، وأما إذا جعلنا الموضوع في كليهما هو الشك في الجزء ، غاية الأمر ~~في إحداهما بقيد كونه بعد الفراغ عن الكل فلا إشكال ، ولا يخفى أن هذا هو ~~مفاد صحيحة زرارة في باب الوضوء ، وكذا رواية محمد بن مسلم : كل ما شككت ~~فيه بعد ما تفرغ الخ ، واحتمال كون الفراغ محققا لمصداق عنوان التجاوز خلاف ~~الظاهر ؛ لأن ظاهر العناوين هو الموضوعية. # نعم موضوع الرواية الثالثة هو الكل ، فينحصر مورده في الشك في الجزء ~~الأخير قبل الفصل الطويل إذا رأى نفسه منصرفا ، فإنه لا مجرى لقاعدة ~~التجاوز حينئذ لبقاء المحل ، وكذا في الشروط إن قلنا بعدم شمول قاعدة ~~التجاوز إياها ، وعلى كل حال لا إشكال في الخبرين الآخرين أصلا. # فإن قلت : لكن ينقدح المعارضة في الشك بعد المحل قبل الفراغ بين ~~القاعدتين ، لأن مقتضى قاعدة التجاوز هو المضي ، ومقتضى قاعدة الفراغ ~~بمفهومها عدمه. # قلت : أولا لا نسلم كون كلمة «إذا» و «كل ما» مثل كلمة «إن» في إفادة ~~الإناطة والعلية الانحصارية ، وإنما مفادها العموم الزماني ، وثانيا : ~~سلمنا ذلك لكن في خصوص المقام لم يسق القضية لأجل المفهوم ، فإن التعبد ~~إنما هو في المنطوق ، وأما المفهوم فهو مطابق لقاعدة الاشتغال ، وثالثا : ~~سلمنا ذلك ، لكنه حينئذ كقضيتى إذا خفي الأذان، وإذا خفي الجدران. # المقام الخامس : قد عرفت مما ذكرنا سابقا أن حكم الشك في الشرط حكم الجزء ~~في عدم الاعتناء إذا كان بعد المحل ، لعموم لغوية الشك في الشيء بعد تجاوز ~~محله ، والكلام هنا في أنه هل يكفي الشرط المحرز بهذه القاعدة لمشروط آخر ~~محله باق بالنسبة إليه أو لا ms1264؟ مثلا إذا شك في الطهارة بعد صلاة الظهر ، فلا ~~شبهة في صحة صلاة الظهر ، ولكن هل يحكم بصحة العصر أيضا ، أو لا بد من ~~تجديد الطهارة؟ # قد يقال بالكفاية نظرا إلى أن الشرط ليس إلا حقيقة الطهارة من دون دخل ~~شيء آخر ؛ إذ قيد المقارنة أيضا وارد على تلك الحقيقة ، ولا شبهة أن ~~الحقيقة الواحدة إذا كان لها محال متعددة ومضى بعضها وبقي الآخر ، فإما أن ~~يقال بصدق PageV02P692 # القاعدة ، فلا بد من عدم التكليف بين الصلوات في الصحة ، وإما أن يقال ~~بعدم الصدق إلا بعد مضي الجميع ، فلا بد من عدم التفكيك في البطلان ، فما ~~وجه التفكيك؟ # نعم لا يرد هذا الإشكال في قاعدة الفراغ ؛ لأن الحكم بالصحة يكون على ~~مجموع العمل المفروغ منه بلحاظ الخلل المحتمل ، ولا ربط لهذا بعمل آخر لم ~~يشرع فيه ، وأما هنا فالمفروض جريان الحكم بالوجود في المحتمل العدم وهو ~~نفس الطهارة ، فاللازم الكفاية في كل مشروط بالطهارة ، هذا. # ولكن يمكن أن يقال بأن الحكم وإن كان بوجود الطهارة ، ولكن حيث إن اعتبار ~~المحل لها إنما هو بالإضافة إلى أشخاص الصلوات فالقدر المتيقن من الحكم هو ~~الثبوت لهذا المركب الذي فرض انقضاء المحل بالنسبة إليه ، ولا يمكن التعدي ~~إلى غيره ، لكن هذا بناء على كون القاعدة من قبيل الأصل. # وأما بناء على الطريقية فلا شبهة في الكفاية لفرض القطع بالبقاء على ~~تقدير الحدوث ، فاللازم التكلم في هذا المجال ، فنقول وبالله المستعان في ~~كل حال : مطلقات الأخبار ظاهرة في كون القاعدة من قبيل الأصل ، إلا أن ~~رواية الوضوء الواردة في من يشك بعد ما يتوضأ ، حيث قال في مقام القاعدة : ~~«هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك» ربما يستظهر منه الطريقية ، بمعنى أن يكون ~~المراد بذلك رفع شك الشاك المذكور ، فإن الطريقية قائمة بالكشف بالنوعي مع ~~عناية كون الحكم بعنوان الواقع ورفع الشك عنه. # ولكن يمكن الخدشة بأنه مع فرض حفظ الشك حكم بعدم الاعتناء بهذه العبارة ، ~~فالغلبة الكاشفة علة لتشريع الحكم على الشك ، لا محكومة ms1265 بنفسها بالاعتبار. # وحاصل الكلام في المقام أن الاحتمالات هنا ثلاثة ، الأول : أن يكون ~~المطلقات باقية بإطلاقها ، وتكون الرواية المذكورة بمقام الحكمة والتقريب ، ~~والثاني : أن تكون الرواية بمقام التعليل ، فيوجب تضييق دائرة الإطلاق بما ~~إذا كان احتمال الخلل ممحضا في السهو على ما سيأتي من عدم شموله للخلل ~~العمدي ، والثالث : أن يؤخذ بإطلاق المطلقات وتكون الرواية أيضا مفيدا لحكم ~~طريقي في موارد احتمال الخلل PageV02P693 # السهوي ، بأن يقال : إن من المسلم المستمر عليه سيرة العقلاء حمل أفعال ~~العاقل وأقواله على الصدور لا عن سهو وعدم تحقق ترك شطر أو شرط سهوا ، ~~ولهذا لو سمعنا القائل يقول: رأيت أسدا ، واحتملنا أنه أراد ذكر «يرمي» ~~وسها ، كان غير معتنى به ، وهكذا في أفعاله. # وعلى هذا فالكلام المذكور إمضاء لهذه الطريقة ، فتكون قاعدة الشك بعد ~~المحل محكوما في موارد احتمال السهو بهذا الطريق العقلائي الممضى نظير ~~قاعدة الطهارة في موارد وجوب البينة على الطهارة ، ولعل الاحتمال الأخير ~~سالم عن ارتكاب مخالفة ظاهر شيء من الدليلين ، هذا حاصل تقريب الطريقية. # ولكنه مع ذلك محل الخدشة بملاحظة أنه ليس من المسلم استمرار السيرة على ~~عدم السهو عند احتمال ترك شيء في مقام إتيانه ، وبعبارة اخرى : عند الشك في ~~الوجود ، وإنما المسلم هو الأخذ به عند مفروغية صدور عمل من العاقل ، ونشك ~~في أنه بتمامه أو ببعض أجزائه وكيفياته اتى به سهوا أو عمدا. # فإذا علمنا صدور عمل مشتمل على تسعة أجزاء مثلا واحتملنا أنه أراد عشرة ~~فنقص واحدا سهوا ، أو ثمانية فزاد واحدا كذلك ، ندفع الاحتمالين بالأصل ، ~~وأما إذا لم نعلم المأتي به ما ذا حده ، هل العشرة أو التسعة مع العلم بأن ~~ما أراده هو العشرة فلا أصل هنا يعول عليه في نفي احتمال التسعة ونقصان ~~الواحد. # فالمقام نظير أصالة الحقيقة حيث إنه عند تميز المعنى الحقيقي عن المجازي ~~مع الشبهة في المراد جارية ، وأما مع تميز المراد والشبهة في المعنى ~~الحقيقى غير جارية ، والدليل على عدم الجريان في المقام عند تردد المأتي ~~بين الزائد والناقص ms1266 ، وبعبارة اخرى : في مطلق موارد الشك في الوجود أنه إذا ~~علمنا أن زيدا يريد اشتراء دار عمرو ، والعمرو أيضا يريد شرائه منه ، وعينا ~~لذلك يوما كذا ، وعلمنا بعدم حصول البداء وأن ترك البيع على فرضه مستندا ~~إلى سهوهما عن إيقاعه ، فنحن في هذا الفرض بعد انقضاء اليوم الكذائي هل ~~نعامل مع تلك الدار معاملة ملك زيد؟ لا نرى من وجداننا المساعدة لذلك. PageV02P694 # وإذن فالحق في المقام أن يقال : إن الرواية المذكورة في مقام التعليل ~~بأمر غير ارتكازي، نظير تعليل حرمة الخمر بالإسكار. # وحينئذ فهل الرواية في مقام التعليل حتى يضيق تلك الإطلاقات ، أو بمقام ~~التقريب والحكمة ، يشهد للثاني أمران. # الأول : كثرة الإطلاقات الواردة بمقام البيان مع عدم ذكر القيد فيها. # والثاني : ما رواه ثقة الإسلام عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن على ~~بن الحكم عن الحسين بن أبي العلاء «قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ~~الخاتم إذا اغتسلت؟ قال : حوله من مكانه ، وقال في الوضوء : تديره ، فإن ~~نسيت حتى تقوم في الصلاة فلا امرك أن تعيد الصلاة». # وربما يجاب بأنه إنما حكم بصحة الصلاة من باب قاعدة الفراغ ، فلا ربط له ~~بقاعدة التجاوز في الوضوء. # وفيه مع عدم جريانه على ما نقلناه من قوله : «حتى تقوم في الصلاة» وإنما ~~يصح بناء على ما نقل عن الصدوق من نقل «حتى تقوم من الصلاة» بدل «في ~~الصلاة» أن التعليل المذكور كما يجرى في قاعدة التجاوز ، يجرى بعمومه في ~~قاعدة الفراغ أيضا ، بل يمكن أن نقول بوروده في مورد قاعدة الفراغ في باب ~~الوضوء ، كما في بعض روايات قاعدة الفراغ أيضا. # والحاصل تظهر ثمرة التقييد والإطلاق في ثلاث صور ، الاولى : صورة تمحض ~~الترك المحتمل في العمدي ، والثانية : صورة تردده بين السهوى والعمدي ، ~~والثالثة صورة القطع بالغفلة حال العمل واحتمال حصول الانغسال اتفاقا ، كما ~~هو مورد الرواية المذكورة. # فبناء على الإطلاق يجرى الحكم في الجميع ، وعلى التقييد يختص بصورة تمحض ~~الخلل في السهوي ، وذلك بناء على استظهار كون المقدمة ms1267 الاخرى المطوية PageV02P695 # في كلام الإمام عبارة عن مفروغية عدم الترك العمدي عمن يريد إتيان الصلاة ~~وإطاعة مولاه ، فلو وقع الخلل منه فلا محالة كان عن سهو ، وفي هذا الفرض تم ~~قوله عليه السلام : «إنه حين العمل أذكر» فلم يصدر عنه سهو ، فوقع المشكوك ~~في محله ، فالتعبد إنما هو في عدم السهو ، لا فيه وفي عدم العمد ، كما ربما ~~يدعي ، فإنه خلاف الظاهر. # وكيف كان فالحق في مسألتنا المتقدمة عدم الاكتفاء بالطهارة المحرزة ~~بالقاعدة لصلاة الظهر مثلا في صلاة العصر ، لما ذكرنا من عدم الطريقية ، ~~هذا في ما إذا اجري بعد الفراغ من العمل. # وأما لو اجريت في اثناء عمل واحد فهل يكتفى به لبقية العمل أو لا؟ ومجمل ~~الكلام في المقام أن كيفية اعتبار قيد وجودي أو عدمي في الصلاة مثلا يتصور ~~على نحوين ، الأول : أن يعتبر ذلك الوجود أو العدم مقارنا لأول أجزاء ~~المركب إلى آخرها ، كما في الاستقرار وعدم التكلم ، غاية الأمر أن الأول في ~~الاحوال المتخللة غير معتبر ، والثاني معتبر. # والثاني : أن يعتبر أمر واحد متصل من أول الأجزاء إلى آخرها في جميع ~~الأجزاء ، ويلاحظ ذلك الأمر المستمر ملاك ارتباط تلك المتشتتات واتصال ~~بعضها ببعض ، وذلك مثل وجود الطهارة الحدثية وعدم الحدث ، ويسمي الأول في ~~العدمي بالمانع ، والثاني فيه أيضا بالقاطع. # ولازم النحو الأول أنه لو فقد بعض الأجزاء ذلك الأمر الوجودي أو العدمي ~~لا يوجب ذلك نقصا في الأجزاء السابقة على تلك الأجزاء التي هي واجدة له ، ~~بل هي باقية على صحتها التأهلية ، يعني هي بحيث لو انضم إليها باقي الأجزاء ~~واجدة للشرط المذكور صلحت للانضمام معه ويلتئم المركب من المجموع ، فلو فات ~~الاستقرار في السورة سهوا فاعيدت مع الاستقرار انضمت مع الحمد السابق. PageV02P696 # ولازم النحو الثاني عدم قابلية السابق أيضا كاللاحق الفاقد ، فلو فاتت ~~الطهارة الحدثية في السورة لا يمكن تجديد الطهارة وإتيان سورة اخرى ؛ لأن ~~الحمد السابق خرج عن القابلية ؛ إذ كما كانت السورة المأتي بها أولا مشروطة ~~بالطهارة حالها ، كان الحمد أيضا مشروطا ms1268 بتلك الطهارة ، والحاصل أن الطهارة ~~في حال التسليمة شرط للتكبيرة ، كما أن الطهارة في حال التكبيرة شرط ~~للتسليمة ، وبعبارة اخرى الطهارة في حال الكل شرط في الكل. # وحينئذ نقول : لو شككنا في القسم الأول لا شبهة في جريان القاعدة بالنسبة ~~إلى ما مضى من الأجزاء ، كما لا بد من الإحراز بالنسبة إلى ما يأتي ، فيبني ~~عند الشك في الاستقرار حال الحمد بعد مضية على ثبوته ، ونأتي بالاستقرار في ~~بقية الأجزاء. # نعم لا يأتي هذا في الطهارة التي يحتاج إحرازها إلى المحصل ولو في فرض ~~عدم الإخلال في الصلاة بالفعل الكثير لو اتى بالوضوء في الأثناء ، وذلك ~~للقطع باللغوية ، إذ هو إما طاهر واقعا ، وإما محدث ، وعلى كل حال نقطع ~~باللغوية ، أما على الأول فواضح ، وأما على الثاني فلفوات الترتيب بين ~~الأجزاء بفساد السابقة. # نعم يمكن إتمام الكلام في الطهارة أيضا بناء على كونها من هذا القسم ~~بتقريب آخر ، وهو أن يقال : إن المحصل محله الشرعي إنما هو قبل الصلاة ، ~~لقوله تعالى : ( @QUR@05 إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) الخ ، وإذا اجريت ~~القاعدة بالنسبة إلى المحصل ارتفع الشك بالنسبة إلى المحصل ؛ لأن الشك فيه ~~حيث إن المقطوع عدم مجيء الناقص إنما هو ناش عن الشك في وجود المحصل ، فإذا ~~حكم بمقتضى القاعدة بوجوده ارتفع الشك عنه تعبدا. # لا يقال : فلم لا يكتفى في صلاة العصر بهذه الطهارة المحرزة بالقاعدة في ~~محصلها. # لأنا نقول : وجه عدم الاكتفاء أن محل محصلها بالنسبة إلى العصر ما مضى ، ~~وبعبارة اخرى كل فرد من أفراد الصلاة له اقتضاء إيجاد الغسلتين والمسحتين قبله ، PageV02P697 # فإذا كان إيجادها قبل الصلاة السابقة على هذه الصلاة محرزا وجدانا كان ~~هذا كافيا عنه ، وأما إذا لم يحرز وجدانا والتعبد إنما أثبته من حيث اضافته ~~إلى الصلاة السابقة ، ومن المعلوم أن الغسلتين بهذه الإضافة لا يكفي للاحقة ~~، وأما بالنسبة إلى أجزاء صلاة واحدة ، فمحل محصل طهارة الكل جعل قبل ~~الصلاة وقد انقضى. # فالذي يحرز بالقاعدة ليس له إضافة بخصوص بعضها دون بعض ، وإنما له إضافة ms1269 ~~إلى الكل ، فيفيد الطهارة للكل حدوثا وبقاء أما حدوثا فواضح ، وأما بقاء ، ~~فللقطع بعدم الناقض ، وحكم الشرع على موضوع وجود الغسلتين والمسحتين وعدم ~~الناقض بالبقاء ، هذا. # ولكن هذا التقريب لا يجيء في مثل ما إذا شك في أثناء العصر أنه توضأ له ~~وللظهر قبل الظهر أو لا ؛ إذ لا يحتمل الوضوء قبل العصر ، وقاعدة التجاوز ~~مثبتة للوضوء بالنسبة إلى الظهر ، هذا كله في القسم الأول. # وأما القسم الثاني فلو شككنا في وجوده وعدمه في أثناء الصلاة فقد انقضى ~~المحل بالنسبة إليه حتى بالإضافة إلى الأجزاء الآتية ؛ لأن قوام هذا المعنى ~~الوحداني بالحدوث من أول الصلاة ، فلو لم يحدث لما تحقق هذا المعنى ، ~~فبانقضاء محل الحدوث يصدق أن محل هذا المعنى قد انقضى ؛ إذ لا يمكن في ~~الأثناء تحصيل هذا المعنى لا بالنسبة إلى الماضية ولا بالنسبة إلى اللاحقة ~~، بحيث يقطع بلغوية الوضوء في الأثناء على كل حال. # وبالجملة نقول : إن المحل بالنسبة إلى المجموع المركب الممتد من أول ~~الصلاة إلى آخرها من الطهارة قد انقضى بانقضاء أول جزء الصلاة ، إذ لا يمكن ~~بعده إحراز هذا الأمر الوحداني الملحوظ على نحو البساطة ، هذا. # مضافا إلى إمكان تقريبين آخرين في هذا القسم في خصوص الطهارة أيضا ، ~~الأول : ما مر من الإجراء في المحصل ، لكن عرفت عدم جريانه في جميع الأمثلة ، PageV02P698 # الثاني : وهو عام لجميع الأمثلة وهو أن يقال : سلمنا عدم إفادة القاعدة ~~في نفس هذا المعنى الوحداني البسيط إلا إحراز الحدوث ، وأما البقاء فمحله ~~باق ولم يمض ، وإثباته محتاج إلى تعبد آخر ، لكن نقول : يثبت البقاء بتعبد ~~آخر غير قاعدة التجاوز بعد إثبات أصل الحدوث بالقاعدة بضميمة القطع بعدم ~~طرو الناقض وحكم الشرع بثبوت الطهارة عند حدوثها إلى أن يرفعها الرافع. # وبعبارة اخرى : كما أنه لو احرز بالقاعدة حدوث الطهارة على وجه الإطلاق ~~يحكم بالبقاء كما إذا شك بعد الوضوء في بعض أجزائه أو شروطه حيث تجري ~~القاعدة في نفس الوضوء ويحرز بسببها حدوث أصل الطهارة على وجه الإطلاق ~~المفيد لجميع الصلوات ms1270 ، مع أن الكلام المذكور جار فيه بعينه ؛ إذ يمكن أن ~~يقال : إن غاية ما أثبته القاعدة هو تمامية الوضوء الموجبة لحدوث الطهارة ، ~~وأما بقائها فبم يثبت؟ فيحتاج إلى ضميمة القطع بعدم طرو الناقض وتعبد ~~الشارع ببقاء الطهارة عند حدوثها حتى يجيء الرفع كذلك لو احرزت الطهارة على ~~وجه التقييد وبالإضافة إلى جميع أجزاء الصلاة المخصوصة أيضا يحكم بالبقاء ~~لهذا الموضوع الخاص أيضا ؛ إذ التعبد الشرعي بالملازمة بين الحدوث والبقاء ~~لا فرق فيه بين كون الحدوث ثابتا على نحو الإطلاق أو لموضوع خاص. # مثلا لو قلنا : إن التيمم سبب للطهارة في موضوع فاقد الماء لكان اللازم ~~الحكم بالبقاء في هذا الموضوع أيضا ما لم يرفعها رافع ، كذلك نقول في ~~المقام : إذا ثبت الحدوث لأجزاء الظهر بتمامها يثبت البقاء أيضا لتلك ~~الأجزاء ما لم يحصل الناقض ، هذا تمام الكلام في أصالة الصحة في فعل النفس. # * * * PageV02P699 ### | أصالة الصحة في فعل الغير (1) # استدل عليها بالأدلة الاربعة ، فمن الكتاب. # بقوله تعالى : ( @QUR@02 أوفوا بالعقود ) و ( @QUR@03 تجارة عن تراض ) ~~بناء على جواز التمسك بالعام في الفرد المشتبه أنه من أفراد المخصص ، ولكنه ~~قد حقق في الاصول فساده ، مع أخصيته من المدعى ، فإنه يعم المعاملات ~~والعبادات. # وقوله تعالى : ( @QUR@03 قولوا للناس حسنا ) # و ( @QUR@08 اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ) بناء على إرادة ~~الظن والاعتقاد من القول في الآية للاولى ، فيصير المحصل من الآيتين وجوب ~~حسن الظن في حق الغير وحرمة ظن السوء به ، وحيث إن نفس الصفة النفسانية غير ~~قابلة للتكليف لخروج أسبابه عن حيز الاختيار بخلاف الاعتقادات الراجعة إلى ~~اصول العقائد ، فإن أسبابها وبراهينها محققة في محلها ويمكن لكل أحد ~~المراجعة إليها وتحصيل القطع فاللازم إرجاع التكليف إلى مقام الإظهار ~~بالجوارح وترتيب الآثار ، يعني لا تظهروا آثار سوء الظن ، وأظهروا آثار حسن ~~الظن ، فاحتمال فساد المعاملة أو العبادة الصادرة من الغير سوء الظن ، ~~واحتمال الصحة حسن الظن ، فيحرم ترتيب آثار الأول ، ويجب ترتيب آثار ~~الثاني. # ومنه يظهر تقريب الاستدلال بالأخبار الدالة على وجوب وضع أمر أخيك ms1271 على ~~أحسنه ، وتكذيب السمع والبصر ، وتكذيب خمسين قسامة وتصديقه لو شهدوا أنه ~~قال قولا وقال : لم أقله ، وحرمة اتهام المؤمن. # وفيه أن هذه الآيات والأخبار في مقام تبرئة الفاعل عن القبيح وانه مجتنب PageV02P700 # عنه ، وبعبارة اخرى : مفادها أنه عند احتمال صدور شيء من الأخ ينافي مقام ~~الاخوة ويوجب سد باب العشرة وطرح المرافقة يجب البناء العملي على أنه ما ~~فعل شيئا من ذلك وعدم سد باب رفاقته ، بل البناء على أنه طاهر الذيل من هذه ~~النسبة ، فالمعاملة معه كما في السابق. # وأين هذا من ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على فعله ، ومما ينادي بإرادة ~~هذا المعنى خبر تكذيب القسامة ، ألا ترى أنه لو شهد خمسون قسامة عند متولي ~~الحدود الشرعية بشرب المؤمن الفلاني الخمر ، فالخبر يحكم بأنه لا يجرى عليه ~~الحد بمحض قول نفسه ، لم أشربه؟ وحينئذ فإذا احتملنا صيرورته فاسقا وغير ~~مبال بالفساد في المعاملة أو العبادة لا نغير معه سلوكنا في مقام المعاشرة ~~، ولكن لا دليل على عدم الاعتناء بهذا الشك في مقام ترتيب الآثار الشرعية ~~المترتبة على تلك المعاملة أو العبادة. # وبالجملة ، التعدي عن مقام المعاشرة إلى الآثار المترتبة شرعا على ~~الأفعال لا دلالة عليه في الأدلة المذكورة. # وأما الإجماع فالإنصاف وجود القولي منه والعملي ، فإنهم لا يختلفون في ~~تقديم قول مدعي الصحة معللا بموافقته للأصل ، وكذلك سيرة جميع الناس من ~~المتدينين وغيرهم على حمل أفعال الغير على الصحيح وعدم المداقة فيه ، ولا ~~اختصاص هذا بالمسلم من حيث إنه مسلم ومتحرز عن القبيح ، كما يظهر من كلمات ~~شيخنا المرتضى قدسسره . # ألا ترى أن الدهرية والطبيعية أيضا عندهم نكاح صحيح وفاسد ، وطلاق كذلك ، ~~وهكذا ، ومع ذلك يرتبون الآثار على نكاح الغير وطلاقه ، وهكذا كل عمل له ~~صحيح وفاسد ، فبنائهم على عدم المداقة فيه إذا صدر عن الغير ، فهذا أصل ~~عقلائي موضوعه العاقل أعم من المسلم والكافر. PageV02P701 # وأما العقل ، فللزوم اختلال نظام المعاش والمعاد لو بني على المداقة في ~~كل جزئي جزئي من الامور المرتبطة من الإنسان بغيره ، فإن هذا ms1272 الاشتغال ~~يشغله عن جميع المهام ، وإلا فلا بد من ترك العشرة ، وهو أيضا موجب ~~للاختلال ، فالعقل بعد ملاحظة ذلك يحكم بحقية الأصل المذكور ، لأن ما كان ~~نقيضه مستلزما لامور باطلة كان نقيضه باطلا ، لأن مستلزم الباطل باطل ، فلا ~~محالة يكون ذلك الشيء حقا ، لأن نقيض الباطل حق. # ثم لا شبهة في أن المحمول عليه عند العقلاء هو الصحة الواقعية ، فيحكمون ~~بتفكيك الزوجة عقيب طلاق الغير واقعا ، وملكية المال عقيب بيعه كذلك ، ~~فيقدمون على تزويج المرأة وشراء المال من المشتري وانتقاله إلى وارثه وهكذا ~~، دون الصحة الاعتقادية ، وهذا واضح جدا ، إلا أن تشخيص موارد هذا الأصل من ~~حيث الضيق والسعة وأنه جار مطلقا حتى يعلم الخلاف من غير فرق بين الموارد ، ~~أو يختص مورده ببعض المقامات فمحل الشبهة والإشكال ، والقدر المتيقن من ~~مورده ما إذا جهل حال الفاعل رأسا من حيث كونه عالما بالصحيح والفاسد أو ~~جاهلا معذورا ، أو مقصرا مباليا بالصحة أو غير مبال في اموره ، أو علم علمه ~~بالصحيح ولم يعلم عدم مبالاته. # وأما إذا احرز أنه معتقد لخلاف الواقع باجتهاد خطائي أو تقليد كذلك ، أو ~~جاهل مقصر ، أو أنه غير مبال في أفعاله بالصحيح ، فلا يعلم وجود البناء في ~~هاتين الصورتين. # * * * PageV02P702 ### | في تعارض الاستصحاب مع قاعدة التجاوز # قد تمسك لتقديم الثانية بلزوم اللغوية لو قدم الأول ؛ إذا ما من مورد من ~~موارد القاعدة إلا ويجرى هناك الاستصحاب إما على الوفاق أو على الخلاف إلا ~~المورد النادر ، فيلزم جعل القاعدة لهذا المورد النادر ، بيان ذلك يحتاج ~~إلى تفصيل الموارد. # فنقول : منها ما إذا كان الشك في القيد المعتبر في الفاعل كالطهارة التي ~~هي شرط المصلي ، ومنها ما إذا كان الشك في قيد العمل ، كالجهر في الحمد ~~والعربية في الصيغة ، ومنها ما إذا كان الشك في جزء العمل ، كالشك في نفس الحمد. # أما القسم الأول فلا إشكال في جريان الاستصحاب في إحراز القيد أو نفيه مع ~~وجود الحالة السابقة ومع عدمها ، فالأصل عدم تحقق العمل المقيد بصدوره من ~~الفاعل الخاص ms1273 ، إلا أن شكه مسبب عن الشك في القيد ، وقد قررنا في السابق أن ~~كلا من قاعدتي التجاوز والفراغ لسانهما إثبات القيد المشكوك ، لا المقيد ، ~~فيكونان في هذه الصورة مقدمين على الاستصحاب لأجل الحكومة ، وهكذا في جميع ~~موارد القسم الثاني ؛ إذ الأصل فيه أيضا جار في نفي المقيد لعدم الحالة ~~السابقة في القيد ، والقاعدتان مثبتان للقيد. # وأما القسم الثالث فالاستصحاب جار في نفي الجزء ، وليس ارتباط الأجزاء ~~شيئا آخر حتى يقال : ليس له حالة سابقة كما في القيد ، فيكون الاستصحاب ~~أبدا مقدما على القاعدتين في هذا القسم ، ولا يخفي كثرة موارد هذا القسم ، ~~لكن لا بد من صيرورة القسم الثاني بتمام موارده والقسم الأول في صورة عدم ~~الحالة السابقة نادرين. # لكن يمكن أن يقال : إن حكومة الاستصحاب على الاصول الأخر ليس على حد ~~الحكومة الاصطلاحية ، ولا من التخصيص ، أما الثاني فواضح ، وأما الأول ~~فلأنه ليس بين الاستصحاب مع الاصول الأخر تناف مدلولي ، بل كل ملائم مع ~~الآخر في موطن نفسه ، كيف وليس حالهما بأعلى من الواقعي والظاهري ، وقد PageV02P703 # ثبت عدم التنافي بينهما في مرحلة الثبوت. # نعم العلم بالواقعي موجب لرفع الشك الذي هو الموضوع للظاهري ، وكذا الحال ~~في الاستصحاب ، فهو غير مجامع مع سائر الاصول بحسب الإثبات لا الثبوت. # وإذن فالاستبشاع اللازم في موارد التخصيص بالكثير أو الأكثر ، وكذا ~~الحكومة المصطلحة في الكثير أو الأكثر غير لازم في هذا المقام ، لأنه ليس ~~إلا مثل ما إذا جعل الشارع قانونا كليا لأجل الشك وكان مصداقه في جميع ~~الأعصار منحصرا في مسألة واحدة لكثرة الطرق الموصلة إلى الواقع علما ، فإن ~~جعل تلك القاعدة ليس فيه استبشاع التخصيص بالأكثر والتخصيص بالكثير ~~واللغوية ؛ إذ يكفي في الخروج عن اللغوية وجود المورد الواحد المبتلى به ~~للعامة ، وعلى هذا فهذا الطريق مخدوش. # نعم هنا طريق آخر سالم عن الخدشة وهو أنه قد عد في غير واحد من أخبار ~~القاعدة الشك في غير واحد من الأجزاء الصلاتية موردا لها على وجه يعلم منه ~~المثالية ، مع أنك عرفت جريان ms1274 الاستصحاب النافي فيها ، فهذا دليل على ~~تقديمها على الاستصحاب ، هذا حال تعارض الاستصحاب مع قاعدة التجاوز. وأما ~~مع أصالة الصحة في عمل الغير فعلى فرض صحة الطريق المتقدم إليه الإشارة ~~أعني لزوم اللغوية في المقام المتقدم يكون غير صحيح في هذا المقام ، إذ ~~دليل هذا الأصل ليس لفظيا حتى يقال بلزوم اللغوية أو التخصيص بالكثير ~~المستبشع ، وإنما المتحقق بناء العقلاء ، فغاية ما يلزم ردع هذا البناء ، ~~فالذي هو المهم أنه هل البناء في مورد جريان الاستصحاب ثابت أو لا ، ثم ~~بيان أن عموم دليل الاستصحاب أو إطلاقه غير قابل للردع. # أما الأول فالظاهر أنه مما لا شبهة فيه ، وأما الثاني فلأن الأمر ~~الارتكازي الذي صار العقلاء مجبولين عليه ، لا يحتملون خلافه حتى يكون ~~إطلاق دليل «لا تنقض» رادعا لهم ، بل يجعلونه منصرفا عن هذا المورد ، وأما ~~الأوحدي الذي ينقدح عنده احتمال الخلاف يصير هذا برهانا عقليا عنده على رضى ~~الشارع ، أعني أنه لو لم يرض الشارع لنبههم بلفظ صريح، لا مثل الإطلاق الذي ~~لا يوجب الاحتمال في حقهم فضلا عن الظهور. PageV02P704 ### | في تعارضه مع قاعدة القرعة (1) # اعلم أن الأخبار في القرعة وردت على ثلاثة مضامين ، الأول أنها لكل أمر ~~مشكل ، والثاني أنها لكل أمر مجهول ، والثالث أنها لكل أمر مشتبه. # ولا يخفى أن عنوان المشكل أخص من الأخيرين ، إذا الظاهر منه هو الأمر ~~الذي ليس فيه من العقل ولا من الشرع حيلة ولا خلاص ، كالمال المردد بين ~~اثنين إذا لم يتراضيا على الصلح وكذا تمييز الحقوق المشاعة في مقام القسمة ~~، وتعيين بعض مفروز من العين لشريك وبعض آخر لشريك آخر ، فإنه ليس في العقل ~~ولا من النقل من غير دليل القرعة ما يزيل الحيرة. # ولا يخفي أيضا أن إجراء حكم المطلق والمقيد المثبتين لا يجوز في هذا ~~المقام ؛ لأنه مختص بما إذا لم يلزم التقييد بالأكثر أو الكثير كما هو كذلك ~~في المقام ، فإنه غير جائز ، كما أنا نعلم من هذه الجهة أيضا بعدم إرادة ~~المعنى الظاهري من العنوانين الأخيرين ms1275 بهذه الوسعة ؛ لأنا نقطع بجعل الطرق ~~والأمارات والاصول الشرعية في كثير من الشبهات الحكمية والموضوعية بحيث ~~يستلزم خروج تلك الموارد عن هذا العموم بقرينة منفصلة التخصيص المستبشع ولو ~~فرض ورود القرينة قبل زمان العمل ، فإن قبحه ليس من جهة الإغراء بالجهل ، ~~بل من جهة أن أداء الكلام بصورة العموم ثم تضييقه بحيث يبقى تحته واحد ~~واثنان خارج عن قانون المحاورة. # وبالجملة ، فنعلم إجمالا بورود القرينة المتصلة بصورة القيد ، لا ~~الاستثناء ، فإنه لا مانع مع القيد عن الإتيان بكلمة «كل» ولو كان منحصرا ~~في واحد كما هو واضح ، PageV02P705 # وحيث إن هذا القيد المتصل غير معلوم لنا فكل مورد نحتمله غير مصداق لذلك ~~القيد فلا جرم يحتاج إلى ضميمة عمل جماعة من الأصحاب يورث عملهم القطع أو ~~الاطمئنان بكون القيد المتصل منطبقا على المورد. # ولا يتوهم أن العمل حينئذ إنما يكون بالقطع أو الاطمئنان ، لا بدليل ~~القرعة ؛ إذا الفرض كون عمل الجماعة على التمسك بحيث أوجب الاطمئنان على ~~انطباق القيد لا بنفس الحكم ، لكن لا يخفى عليك أنه يوجب هذا العلم إجمال ~~ذاك العنوانين. # وأما عنوان المشكل فهو سالم عن العلم الإجمالى المذكور ، لأنا لا نعلم ~~بالتخصيص فيه إلا في مورد الدرهم الودعي ونقتصر على مورده ، ولا يلزم منه ~~محذور ، ولعله كان القرينة المتصلة بسائر الأخبار المشتملة على العنوانين ~~الآخرين أيضا منطبقا مفادا مع هذا العنوان ، فلا نحتاج في العمل بالقرعة في ~~مورد المشكل إلى الجبر بعمل الأصحاب رضوان الله عليهم ، نعم في الزائد عليه ~~نحتاج إليه بالبيان المتقدم. # * * * PageV02P706 ### | في تعارضه مع اليد (1) # اعلم أن الظاهر من معاملة السيرة وبناء العقلاء كون اليد عندهم أمارة ، ~~ويحكمون معه بالواقع على نحو ما هو شأن الطريق ، لا أنهم يحكمون ويبنون ~~عملا عند الشك. # وأما كونه برزخا كما هو الحال في الاستصحاب فلا يتصور ؛ لأن البرزخية من ~~لسان التعبد وليس البناء والارتكاز أمرا لفظيا ذا لسان ، فالمتصور أحد ~~أمرين ، إما معاملة الطريقية ، بمعنى أنهم يحكمون بمفاده في حق جميع أهل ~~العالم حتى المتيقنين بالخلاف ، وإما ms1276 معاملة الأصلية ، بمعنى أنهم يخصونه ~~بعنوان الشاك فيحكمون بمؤداه في حق الشاكين ، والظاهر من معاملاتهم في اليد ~~الدالة على الملكية هو الأول. # وهو الظاهر أيضا من رواية حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ~~«قال له رجل : إذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز لي أن أشهد أنه له؟ قال ~~عليه السلام : نعم ، قال الرجل: أشهد أنه في يده ولا أشهد أنه له ، فلعله ~~لغيره ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : أفيحل الشراء منه؟ قال : نعم فقال ~~أبو عبد الله عليه السلام : فلعله لغيره ، فمن أين لك أن تشتريه ويصير ملكا ~~لك ثم تقول بعد الملك : هو لي ، وتحلف عليه ، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ~~ملكه من قبله إليك ، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : لو لم يجز هذا لم ~~يقم للمسلمين سوق». # فإن الظاهر من السؤال والجواب هو التسالم على الأمارية لا التعبد عند ~~الشك ، ولكن السائل توهم أنه في مقام الشهادة لا يكفي غير العلم الوجداني ، ~~فردعه الإمام عليه السلام عن هذا. PageV02P707 # والحاصل أن هذا الخبر وإن كان ليس بمقام التأسيس ، بل بمقام تقرير ما هو ~~عند العقلاء ، ولكن يظهر منه أن ما هو المرسوم عندهم هو معاملة العلم مع ~~اليد ، وقوله عليه السلام : لو لم يجز إلخ حكمة لإمضاء الشرع هذه الطريقة. # وبالجملة ، فعلى هذا لا يبقي إشكال في تقديم اليد على الاستصحاب ، مع أنه ~~لو سلم كونه أصلا تعبديا عند العقلاء كان لنا تقديمه على الاستصحاب أيضا من ~~قوله عليه السلام : لو لم يجز هذا الخ ، إذ ما من مورد من موارد اليد إلا ~~ونحن نعلم بسبق ملكية الغير ، فلو كان الاستصحاب مقدما لما كان للمسلمين ~~سوق ، وهذا مما لا إشكال فيه. # إنما الإشكال في ما اسند إلى المشهور من حكمهم بأن ذا اليد لو أقر ~~بانتقال الملك إليه من المدعي انتزع العين من يده وصار مدعيا والمدعي منكرا ~~، فإنه مبني على تقديم الاستصحاب على اليد ، وإلا لم يكن وجه ms1277 لما حكموا به ~~، فإن شأن الأمارة إثبات اللوازم والملازمات والملزوم ، فإذا انحصر السبب ~~حسب إقراره في الانتقال من الخصم إليه فاللازم حجية هذه بالنسبة إلى هذا ~~المطلب الملازم لملكيته. # والجواب بأن بقاء أمارية يده لا ينافي مع انقلاب كونه منكرا إلى كونه ~~مدعيا فإن معيار تشخيص العنوانين هو العرف ، ولا يخفى أن العرف حاكمون بعد ~~الإقرار المذكور بالقلب ولو كان معه أمارة مدفوع بأنه ما وجه حكمهم ~~بالانتزاع قبل إقامة البينة منه أو صدور الحلف من خصمه. # والذي أفاده شيخنا الاستاد لتصحيح كلام المشهور أن يدعى أن بناء العقلاء ~~على حجية اليد واعتباره مقيد بعدم إقرار صاحبه في مقام المنازعة بالملكية ~~السابقة لخصمه ، أو لمورث خصمه ، أو لمن هو قائم مقامه ، وإلا سقط يده عن ~~الحجية بمحض الاعتراف اللساني المذكور الراجع إلى الاعتراف بأنه لو لا ~~النقل من ناحيته ، فيده يد غاصبة عادية. PageV02P708 # ولهذا ترى أنه صار من دأب الخصوم في مجلس المرافعة إذا سألهم خصمهم من ~~أين حصل لك هذا المال؟ يقولون : سقط من السماء وصار ملكي ، فإنه أيضا فرار ~~من الاعتراف الموجب لبطلان يدهم. # والحاصل أنه لو اعترف بالنقل من شخص آخر لا يضر ، ولو كان معلوما لنا أنه ~~لو كان مالكا لكان مسببا من يد خصمه ، ولكن لم ينطق هو بهذا لسانا لا يضر ~~أيضا ، فالمضر هو إقراره اللساني لخصمه في مقام المنازعة ، وأما سؤال أنه ~~ما وجه هذا التقييد مع أنه لا فرق في الكشف والطريقية بين ما قبل الاعتراف ~~وما بعده فليس علينا الفحص عنه ، وهل هو إلا نظير السؤال في عدم حجية بعض ~~الظنون مع عدم قصورها في الطريقية عن بعض الظنون المعتبرة. # وبالجملة ، فعلى هذا يصير القلب والانتزاع المذكوران على طبق القاعدة ، ~~فإن بطل حسب الفرض وصار كالمعدوم فنرجع إلى الاستصحاب للملكية الثابتة ~~بإقراره للخصم ، فهو مدع وخصمه منكر ، وثبوت العين في يده أيضا على خلاف ~~الاستصحاب. # ثم إن ما ذكرنا من بطلان اليد بالإقرار بالتلقي من الخصم أو مورثه ، أو ~~مورث من ms1278 يقوم مقامه إنما هو مخصوص بما إذا قام المنكر بقباله وأنكر إنكارا ~~جزميا ، وأما إذا لم ينكر وإنما أظهر الجهل ، فلا يسقط اليد عن الحجية أصلا. # ومن هنا يظهر أن مطالبة أبي بكر البينة من سيدتنا فاطمة سلام الله عليها ~~كانت على خلاف قوله صلى الله عليه وآله : البينة على المدعي واليمين على من أنكر. # ولا يرد الإشكال بأنها صلوات الله عليها ادعت التلقي ممن تركته فيء ~~المسلمين على زعمهم الفاسد في مقابل أبي بكر الذي هو وليهم بزعمهم الكاسد ، ~~فقد أبطلت يدها دعواها هذه وصارت مدعية والمسلمون منكرين ، وذلك لأنه لم ~~يقم بقبالها صلوات الله عليها أحد بالدعوى الجازمة بتكذيبها صلوات الله ~~عليها في دعوى النحلة والعطية ، وقد قلنا : إن بطلان اليد مع عدم إظهار ~~الجزم من الطرف غير صحيح. PageV02P709 ### | في حاله مع الطرق الشرعية # الأعم من الأدلة الاجتهادية المعمولة في الأحكام والأمارات المعمولة في ~~الموضوعات (1)، ولا إشكال عند الكل في تقديمها عليه ، فضلا عن سائر الاصول ~~العملية ، سواء كانت موافقة أم مخالفة. # إنما الكلام في وجه التقديم ، فالجاري على لسان شيخ الأساتيد وبعض ~~الأساتيد ممن بعده هو أن الوجه حكومة تلك على الاستصحاب وسائر الاصول ~~الشرعية ، والذي أفاده شيخنا المذكور قدسسره في بيان معنى الحكومة على ما ~~يوجد من كلامه في التعادل والتراجيح هو أن يكون أحد الدليلين بمدلوله ~~اللفظي شارحا ومفسرا للمراد لمدلول الآخر وبمنزلة «أعني وأي» المفسرة ~~بالنسبة إليه ، حتى يلزم كونه لغوا وبلا مورد لو فرض عدم وجود الدليل ~~المحكوم ، كما هو الحال في «أي وأعني» لو لم يتقدمهما كلام. # وهذا المعنى وإن كان متى تحقق يورث التقديم ولا يعامل معاملة التعارض من ~~ملاحظة الأظهرية والنسبة ، بل يقدم ولو كان الدليل الشارح في لسان الشارحية ~~أضعف ظهورا من المحكوم في معناه ، على خلاف بعض الأساتيد حيث اعترض على ~~الشيخ واعتبر كونه في الشرح أظهر ، إلا أن هذا المعنى ليس بضابط ومنطبق على ~~الموارد التي يقولون فيها بالحكومة، مثل دليل لا ضرر ، ودليل لا شك لكثير ms1279 ~~الشك ، وأدلة الطرق بالنسبة إلى أدلة الشكوك ، لوضوح أنه لا يلزم خلو ~~المورد واللغوية في شيء مما عرفت لو لم تكن الأدلة التي محكومة لها ، بل ~~يكفيها النظر إلى نفس الأمر. # فكما أن مفاد أقيموا الصلاة» إثبات هذا الحكم بالنظر إلى نفس الأمر بدون ~~نظر إلى مرحلة إثبات حكم آخر ، كذلك هذه الأحكام أيضا ناظرة إلى نفس الأمر PageV02P710 # بدون نظر إلى علم المكلف وجهله ، وهذا واضح. # فالأحسن في مقام تعيين الضابط اختيار طريق آخر منطبق على هذه الأمثلة ، ~~ولا بد أولا أن يعلم أن مرادنا من أن دليل كذا حاكم على دليل كذا أنه مقدم ~~بدون رعاية الأظهرية، بل لو كان مقابله ، أظهر ، وكذا بدون لحاظ النسبة ، ~~فيقدم ولو كان النسبة عموما من وجه. # وحينئذ نقول : معيار هذا المطلب أن يكون حال الدليلين عند إلقائهما على ~~أذهان العرف بحيث لا يحدث من ملاحظتهما في أذهانهم تناقض وتناف ، سواء كان ~~ذلك من جهة أن أحدهما شارح ومفسر للآخر وبمنزلة «أي وأعني» بالنسبة إليه ، ~~فإن المعنى المذكور متحقق معه ، أم كان من جهة أن أحد الدليلين متعرض للحكم ~~على الموضوع الخارجي ، والدليل الآخر للحكم المحمول على تلك القضية الاولى ~~من ناحية العقل أو العقلاء. # فالأول كما في أدلة إثبات الجزئية والشرطية ، حيث إن حكم العقل لزوم ~~الاعادة لو أخل بالجزء والشرط سهوا ، وليس هذا مفاد الدليل ، فدليل لا تعاد ~~بناء على مذاق الشيخ قدسسره من عدم تصرفه في واقع الجزئية والشرطية متعرض ~~لنفي هذا الحكم العقلي المحمول على قضية : «الستر شرط للصلاة» وأمثالها. # والثاني كما في هذا المثال بناء على القول الآخر ، فإن دليل إثبات ~~الشرطية ليس مدلولها إلا جعل الشرطية والإيجاب ، وأما أن هذا المدلول مراد ~~جدي ، فليس من مدلول هذا الدليل ، بل هو من حكم العقلاء في كل قضية صادرة ~~من كل متكلم شاعر عاقل ، ودليل لا تعاد مفاده نفي الشرطية الجدية في حال ~~السهو ، فكأنه قال : أنا متبرئ من الحكم بجزئية وشرطية هذا الامور في حال ~~السهو ، ففي كلتا ms1280 هاتين الصورتين ليس للفظ لسان الشرح ، بل هو ناظر إلى ~~مطلب نفس أمري من غير نظر إلى علم وجهل المكلف بهذا الحكم أو بغيره أصلا. # ولكن المعيار المذكور من عدم إحداث التنافي والتناقض الابتدائي الصوري PageV02P711 # المتحقق في مورد التعارض متحقق ، ولعل السر في عدم الإحداث أن الأصل ~~العقلائي متبع ما دام لم ينشأ من ناحية المتكلم خلافه ، وإلا فلا اعتبار به. # وحاصل الفرق بين الحاكم والمحكوم وبين المطلق والمقيد أن المصادمة هناك ~~في موضوع واحد ، أعني في إكرام الزيد مثلا ، فأكرم العالم يقتضي بعمومه ~~وجوب إكرام الزيد ، ولا تكرم زيدا يقتضي عدمه ، فالمصادمة بين نفس ما هو ~~مفاد القضيتين ابتداء وهو الحكم على الموضوع الخارجي ، وأما في الحكومة ~~فالمصادمة ليس بين نفس المفادين ، بل المفاد المطابقي للحاكم مصادم مع ~~الأصل العقلائي الجاري في مفاد المحكوم ، أو مع الحكم العقلي كذلك. # ولا يخفى عدم انتقاض هذا الضابط بالدليلين الذين أحدهما متعرض للعنوان ~~الأولي ، والآخر للثانوي ، مثل دليل حلية الغنم ، ودليل حرمة الغضب ، وكذا ~~الأدلة الواقعية مع الأدلة الظاهرية ، فإنه لا منافاة بين هذين الدليلين ~~حتى باللازم أيضا ، وأما في الحكومة فعدم التنافي إنما هو في النظرة الاولى ~~، وأما عند التأمل فالتنافي ثابت. # وعلى كل حال ، هذا الميزان الذي ذكرنا منطبق على جميع الموارد ، فإن منها ~~قاعدة لا ضرر مع الأدلة الواقعية ، فنقول : دليل «توضأ» مثلا ليس مفاده ~~الأولي أن الوضوء الشيني مراد للشارع جدا ومحبوب له واقعا ، بل إنما مفاده ~~الأولي جعل الإيجاب بحسب الإنشاء الشامل حتى لمورد الضرر ، وأصالة الجهة ~~والتطابق بين الجد والصورة حاكمة بأنه مراد في مورد الضرر ، وهذا حكم صادر ~~من العقلاء ، وأما لا ضرر فهو حكم من ناحية نفس المتكلم بأنه لا يصدر مني ~~حكم ضرري ولا ينقدح في نفسي وقلبي إرادة ضررية ، وهذا المفاد ليس مقابلا ~~للمفاد الأولى من القضية الاولى ، بل لأصالة جهته. # إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى ما هو المقصود من أن وجه تقديم الأدلة والأمارات ~~على الاستصحاب وسائر الاصول التعبدية هل هو ms1281 الحكومة أو الورود ، فاعلم أن ~~لازم الحكومة على أي معنى فسرناها تخصيص المحكوم بحسب الواقع بغير مورد PageV02P712 # الحاكم ، وعلى هذا فكيف يمكن القول بها في المقام ، فيلزم أن لا يكون «لا ~~تنقض» وسائر أدلة الشكوك مجعولة واقعا في حق من قام عنده دليل معتبر أو ~~أمارة معتبرة. # وهذا وإن كان لا تالي فاسدا له عقلا ولا نقلا ، ولكن من البعيد التزامهم ~~به ، كما أنه لا تظهر له ثمرة في مقام العمل إلا ما ربما يتخيل من الإجزاء ~~بناء على القول بإجزاء الأمر الظاهري على الورود وعدمه على الحكومة ، لما ~~هو واضح من أنه على الأول يتحقق امتثال الأمر الظاهري ما لم ينكشف له ~~الطريق المخالف ، وعلى الثاني يتخيل أنه امتثله ، وبعد انكشاف الطريق يتبين ~~أنه ما كان هناك أمر ظاهري ، وهو مدفوع بأنه على الحكومة نتمسك في مقام ~~الشك في الطريق بأصالة العموم في «لا تنقض» ونحوه ، وهو أصل ظاهري ممضى ~~للشارع ، وكفى به حكما شرعيا ، فيكون حكما ظاهرا في ظاهري. # وعلى كل حال لا تظهر في البين ثمرة عملية بين القولين ، ولا يترتب على ~~عدم جريان «لا تنقض» واقعا في مورد الدليل والأمارة الواقعيين خدشة إلا ~~استبعاد كون الواقع الثانوي حاله أعلى من الواقع الأولي ؛ فإنه بوجوده ~~الواقعي غير مناف مع لا تنقض وشبهه ، والأول على هذا مناف ومخصص. # وبالجملة ، فمع الغض عن هذا يرد على الحكومة أنه لا يتم حكومة دليل ~~اعتبار الطريق إلا بالنظر التنزيلي فيه إلى الشك في مورده وجعله بمنزلة ~~العدم ، وهو غير ممكن الاجتماع مع النظر التنزيلي الآخر إلى نفس المؤدى ~~والمدلول من جعله بمنزلة الواقع ، فكيف يمكن تكفل إنشاء واحد لهذين ~~التنزيلين حتى نحكم بمقتضى أحدهما بلزوم اتباع الطريق والمعاملة معه معاملة ~~العلم ، وبمقتضى الآخر بحكومته على الأصل الموجود في مورده. # وهذا نظير الإشكال الذي اورد على قيام الطرق والأمارات مقام العلم ~~المأخوذ جزءا للموضوع على نحو الطريقية ، وقد تخلصنا منه هناك بأن المراد ~~من العلم المأخوذ جزء الموضوع هو مطلق الطريق المعتبر ms1282. PageV02P713 # ونقول على حسبه فى هذا المقام أيضا بأن العلم والشك المأخوذين في دليل ~~الاصول هو وجود الطريق المعتبر وعدمه ، فمتى ورد دليل معتبر أو أمارة كذلك ~~فى مورده ارتفع موضوعه ، وهذا معنى الورود ، فلا وجه للحكومة. # والعجب من شيخنا المرتضى قدسسره حيث إنه قدسسره مع فرض جعل العلم والشك ~~بمعنى الطريق واللاطريق استشكل في تقديم الأمارة والدليل على الاصول بأن ~~التحير في حد ذاته قبل الأخذ بأحدهما محفوظ ، فما وجه الأخذ أولا بالأمارة ~~حتى يتحقق الورود ، ولم لا يعكس الأمر ، ولا يندفع مغالطة هذا الكلام إلا ~~بالحكومة. # هذا ما كنا نورده عليه أعلى الله مقامه في سالف الزمان ، ولكن الآن نقول ~~: كلامه رفع في الخلد أعلامه في غاية المتانة ونهاية الجودة ، ليس فوقه مزيد. # وحاصل تقريبه أن كل حكم رتب على عنوان ولو كان عنوان الشك فهو حكم واقعى ~~لهذا العنوان ، فلو اخذ في دليل آخر الشك في هذا الحكم موضوعا للحكم كان ~~الدليل الأول مقدما على الثانى بلسان الحكومة ، ولهذا نقول : يتقدم الأصل ~~في الشك السببي ولو كان قاعدة الطهارة على الأصل في المسببى وإن كان هو ~~الاستصحاب ، والأمارة والأصل كلاهما مشتركان في كون جعلهما مخصوصا بالشاك ~~وغير العالم ، وإنما الفرق باللسان ، فالموضوع في كليهما واحد ، إما هو ~~الشك بمعنى الصفة ، وإما هو التحير وعدم الطريق ، فإنه كما لا وجه لجعل ~~الطريق للعالم ، كذلك لا معنى لجعله لذي الطريق. # فإن جعلنا موضوع الأصل والأمارة كليهما هو الشك فنقول : الفرق بينهما أن ~~الأصل مجعول في موضوع الشك مع حفظه ، وأما دليل الأمارة فحاله حال الأخبار ~~، فهو مجعول بغرض رفع الشك غاية الأمر تعبدا لا وجدانا ، كما أن الغرض من ~~الخبر رفعه وجدانا ، وهذه فائدة يترتب عليه طولا ، فكذلك هذا التعبد في ~~دليل الأمارة يكون طوليا بالنسبة إلى التعبد بأصل المدلول ، فيكون هذا وجه ~~حكومة الأمارة والدليل على الأصل على هذا التقدير. PageV02P714 # وأما إن جعلنا موضوعهما التحير وعدم الطريق فنقول حينئذ : وإن كان يتحقق ~~الورود لو قدمنا كلا منهما ومن الأصل ms1283 فإن الموضوع في كلا الطرفين هو ~~المتحير ، والحكم في كليهما بلسان الواقع ، ولكن الفرق أيضا باللسان ~~المذكور أعني أن الأصل لسانه إعطاء الواقع في موضوع التحير ، ولكن دليل ~~الأمارة والدليل لسانه إعطاء الواقع بغرض رفع التحير ، فهذا اللسان يوجب ~~تقديم هذا الدليل على دليل الأصل وإن كان بعد تقديمه يتحقق الورود بالنسبة ~~إلى دليل الأصل. # فغرض الشيخ أعلى الله مقامه أنه لا محيص عن القول بالحكومة ، سواء فسرنا ~~الشك والعلم المأخوذ شرعا في موضوع الاصول والمعتبرين عقلا في أدلة ~~الأمارات والأدلة بمعنى الصفة النفسانية ، أم فسرناهما بمعنى التحير ~~واللاتحير ، فعلى كل تقدير يحتاج إلى إثبات الحكومة والنظر التنزيلى ~~المذكور في دليل الأمارة والطريق ، وليس اختيار الثاني تفصيا عن التزام ~~الحكومة ، كما يظهر من المتوهم الذي ذكر الشيخ قدسسره هذا الكلام في دفع توهمه. # ثم إنه قد بان مما ذكرنا وجه دفع للإشكال المتقدم في مبحث حجية القطع على ~~قيام الأمارات وبعض الاصول مقام العلم المأخوذ جزء الموضوع على نحو ~~الطريقية بما مرت الإشارة إليه ، وقد أجبنا عنه بأن مراد الشيخ قدسسره من ~~القطع الطريقي جامع الطريق المعتبر. # فاستشكل بأنه حينئذ تكون الأمارة مصداقا حقيقيا ، فلا معنى للتعبير ~~بالقيام مقامه الظاهر في كونه تنزيليا ، إذ بناء على ما مر هنا نقول في دفع ~~الإشكال المذكور مع تسليم أنه ليس بالمراد باليقين الطريقي جامع الطريق أن ~~الملحوظ في دليل اعتبار الأمارة أولا تنزيل المؤدى والمفاد منزلة الواقع ، ~~وثانيا وفي الطول تنزيل الظن منزلة العلم بالتقريب المتقدم ، فلا مجال ~~للإشكال. # ثم إنه ذهب المحقق الخراساني قدسسره إلى ورود الأمارات والطرق على ~~الاستصحاب وسائر الاصول العملية ، والذي أفاده في تقريب المدعى يرجع PageV02P715 # حاصله إلى أن الشك الذي هو موضوع الاصول وإن كان محفوظا ، وليس الدليل ~~المعتبر والأمارة كذلك رافعا بوجوده لهذا الموضوع ، لكن العنوان الذي وقع ~~تحت النهي ، أعني نقض اليقين بالشك ينقلب بعد قيام الدليل والأمارة ، فإنه ~~لا نقض بعده بالشك ، بل يكون بالدليل. # لا يقال : مقتضى قوله عليه السلام في بعض أخبار ms1284 الاستصحاب ، بل تنقضه ~~بيقين آخر إيجاب نقضه باليقين الآخر والدليل المعتبر غير اليقين. # لأنا نقول : وإن كان لا يقين في مورد الدليل بالعنوان الأولي ، لكنه ~~بالعنوان الثانوي موجود ، فصلاة الجمعة بعنوان ذاتها وإن كان لا نعلم ~~وجوبها ، لكن بعنوان ثانوي وهو كونه مما قام عليه خبر العادل بالوجوب واجب ~~قطعا ، فقد تحقق النقض باليقين ، هذا ملخص ما أفاده طاب ثراه. # وقد استشكل عليه شيخنا الاستاد دام بقاه بوجوه # الأول : أن في كلامه طاب ثراه شبة تناقض ، فإنه أولا سلم وجود المورد ~~للأصل مع قيام الطريق ، ومقتضى ذيل كلامه أن الغاية هو القطع ولو ببعض ~~الوجوه ، ومقتضى المقابلة أن يكون المراد بالشك ما يقابله ، أعني الشك من ~~جميع الوجوه ، وحينئذ لا يبقى في مورد الطريق مورد للأصل ، إلا أن يقال بأن ~~المورد هو الشك من بعض الوجوه ، والغاية هو العلم من بعضها أيضا ، وهو خلاف ~~الظاهر. # الثاني : ليس المقصود من قولهم : «لا تنقض الخ» إلا نقض اليقين في حال ~~الشك ، وليس المنظور «بالباء» السببية والاستناد ، وإلا فيلزم جواز النقض ~~استنادا إلى إجابة مؤمن ، وحينئذ فالنقض بالدليل لا يخرج عن كونه نقضا في ~~حال الشك ، وإن كان ليس نقضا بسبب الشك بل بسبب الدليل. # إن قلت : الكلام متعرض للحكم من حيث الشك ، فلا منافاة له مع العنوان ~~الطاري وقيام الدليل كذلك. # قلت : هذه الدعوى إنما ينفع في ما إذا قطع بتحقق عنوان طار ، لا في مثل ~~المقام مما PageV02P716 # يكون التكلم في وجه التوفيق بين دليلين كل منهما رتب فيه الحكم على موضوع ~~واحد ، وهو الشاك من جميع الجهات فإن ادعي الحيثية في أحدهما جرت مثلها في الآخر. # الثالث : أن عنوان تصديق العادل ليس بما هو موضوعا للوجوب مثل الإحسان ~~لليتيم حتى يقال : إن الفعل بعنوانه الأولي وإن كان مشكوك الحكم ، لكن ~~بعنوانه الثانوي مقطوع، وكفى ذلك في مقطوعية الاستصحاب وسائر الاصول ، بل ~~سمت ذلك سمت الطريقية ، ومعناه كونه عبرة وواسطة لعبور الحكم منه إلى ~~العنوان الأولي للفعل ، فالوجوب ثابت لصلاة الجمعة التي ms1285 أخبر العادل ~~بوجوبها ، غاية الأمر في الرتبة الثانية. # وإذن فكما أن الدليل يفيد القطع بوجوبها بعنوانها وجوبا ثانويا ، كذلك ~~الاستصحاب لو قدم يفيد القطع بحرمتها بعنوانها حرمة ثانوية ، فأي مزية ~~لأحدهما على الاخرى. # والحاصل تارة نقول : الموضوع في الأصل عدم الطريق ، وفي الأمارة القيد ~~الذي يحكم العقل باعتباره صفة الشك والترديد ، فلا محيص حينئذ عن الورود ، ~~لكن الفرض أنهما معا متحدان في أن الموضوع فيهما صفة الشك من جميع الوجوه ~~مع قطع النظر عن حكم نفسه ، وهذا المعنى في حد ذاته متحقق ، وبالأخذ بكل ~~منهما مرتفع حقيقة ، فما وجه الترجيح لدليل الأمارة والطريق على دليل الأصل. # الرابع : عدم تماميته في الشبهة الموضوعية ، فإنه لا يثبت بالأمارة ~~حقيقية كما كان يثبت الحكم بسببها كذلك ، لا أعني أن مرجع الأمارة ~~الموضوعية جعل الحكم حتى لا يصح الحكومة أيضا ، ضرورة أنه يصح التعبير بجعل ~~الموضوع بمصححية جعل حكمه ، وفائدته الحكومة على أصل حاكم ابتداء بجعل ~~الحكم ، ولكن المقصود أنه لا يتحقق حقيقة الموضوع الخارجي بالتعبد بوجوده ، ~~كما هو واضح ، بل هو بعد باق على مشكوكية الوجود ، فلا يتحقق فيها إلا ~~الحكومة. وقد نقل شيخنا الاستاد دام بقاه أنه اورد بذلك على المحقق المذكور ~~في مجلس درسه وبعده ، فاعترف بوروده وأنه لا محيص في هذا الشبهة عن التزام ~~الحكومة. PageV02P717 ### | في حال الاستصحاب مع سائر الاصول (1) # لا إشكال في وروده على العقلية منها ، سواء الموافق أم المخالف ، فإن ~~العقاب يكون مقرونا ببيان الوجود أو ببيان العدم من جانب الشارع ، فيخرج عن ~~كونه بلا بيان من طرفه ، وكذلك قاعدة دفع الضرر المحتمل ما دامت لم يكن ~~ترخيص شرعي ، فإنه معه لا يحتمل الضرر ، وكذلك لم يكن أمر شرعي ، فإنه ~~موضوع لوجوب الإطاعة ، وكذلك قاعدة التخيير العقلي إنما يكون إذا لم يرد من ~~الشارع حكم بتخيير أو ترجيح ، وإلا فلا حكومة للعقل ؛ إذ لا حيرة مع ~~الاطلاع على حكم الشرع. # إنما الكلام في تقديمه على الاصول التعبدية الشرعية مثل أصالة الحل ~~المأخوذة من قوله عليه السلام : «كل ms1286 شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» ومثل أصالة ~~الطهارة. # والذي أفاده شيخنا المرتضى قدسسره في هذا المقام أن الاستصحاب معمم للنهي ~~السابق بالنسبة إلى أزمنة الشك ، مثلا إذا شككنا في حكم العصير بعد صيرورة ~~العنب زبيبا ، فهذا الموضوع مشمول لكلتا القاعدتين ؛ لأنه شيء مشكوك الحلية ~~والحرمة ، وكذلك الطهارة والنجاسة ، ولكن الاستصحاب يعمم وينزل قول الشارع ~~: «اجتنب عن العصير العنبي» منزلة كونه مطلقا وعاما بالنسبة إلى حال طرو ~~الزبيبية ، وهذا معنى الحكومة. # وربما يستشكل عليه طاب ثراه بأنه إن جعلنا اليقين في قوله عليه السلام : ~~«لا تنقض اليقين الخ» بمعناه ولم نفسره بالمتيقن كما فعله شيخنا المذكور ، ~~ولهذا قوى قول المحقق الخوانساري طاب ثراه باختصاص الحجية بالشك في الرافع ~~، كان لما ذكره وجه ؛ لأنه ناظر إلى آثار اليقين من حيث إنه طريق ، وهو وإن ~~كان مفاده الأولي ترتيب آثار المتيقن بهذا اللسان ، ولكنه بغرض التعبد ~~بحصول اليقين وإثبات آثاره من حيث الطريقية أعني الغائية للأصل ورافعية ~~حكمه ، فهذا التعبد يكون في طول PageV02P718 # التعبد الأول ، وأما سائر الاصول فليس مفادها إلا إثبات نفس الواقع من ~~غير نفى واثبات في موضوع اليقين. # وأما إذا حملناه على المتيقن فهو والاصول سواء حينئذ من حيث النظر إلى ~~نفس الواقع ، فهذا تعبد بالحرمة أو النجاسة مثلا ، وهما تعبد بالحلية ~~والطهارة ، فأي ترجيح لأحدهما على الآخر. # لكن يمكن دفعه بأنه على الثاني ناظر إلى الشك وإلى إصلاح معارضته في مقام ~~التأثير مع المتيقن ، فإنه فرض اجتماعهما في موضوع واحد ؛ إذ المفروض إلغاء ~~خصوصية الزمان ، وبعد هذا الاجتماع والتعارض في التأثير حكم بترجيح جانب ~~المتيقن وإلغاء الشك ، فيكون له لسان الحكومة على سائر الاصول ، ويتحقق له ~~مقام البرزخية بين الأصل والأمارة ، فإن دليل الأمارة لسانه جعل الحكم بغرض ~~رفع الشك ، والأصل لسانه جعل الحكم في موضوع الشك ومع حفظه ، وأما ~~الاستصحاب فالشك معه محفوظ ، ولكنه يفيد أنه بلا حكم ، وإن كان هذا حكما ~~أيضا ، لكن تعبيره هكذا يوجب حكومته على الأصل ، فإنه قد حكم على موضوع ~~الشك بلسان ms1287 أنه موضوع وله حكم. # وأما الاستصحاب فلسانه أنه لا قابلية له بإعطاء الحكم في مقابل اليقين ، ~~ولا اعتناء بشأنه في جنبه ، فليس لسانه رفع الشك وجودا ، كما في الأمارة ، ~~ولا لسانه إعطاء الحكم للشك كما في الأصل ، بل لسانه نفي الحكم عن الشك ، ~~كما في قوله عليه السلام : لا شك لكثير الشك ، وهذا معنى برزخيته وتقدمه على ~~سائر الاصول ، ولعل هذا مراد شيخنا المرتضى طاب ثراه. # وحاصل المقام أن الاستصحاب وأصل الإباحة وإن كانا بحسب اللب شيئا واحدا ؛ ~~فإن الأول جعل الحكم المماثل مثلا في موضوع الشك ، وهذا جعل حكم الحلية في ~~موضوع الشك أيضا ، إلا أن الفرق في اللسان وصورة الأداء اللفظي ، فالثاني ~~إعطاء الحكم للشك والأول عدم الاعتناء بالشك الموجود في مقابل اليقين ، ~~فهما مفارقان لدليل الأمارة في أنه بلسان «لا ينبغي الشك» كما في قوله ~~عليه السلام : PageV02P719 # لا عذر لأحد من موالينا التشكيك الخ ، وهذان حكمان في موضوع الشك الموجود ~~، أما القاعدة فواضح ، وأما الاستصحاب فلأن المفروض فيه اجتماع اليقين مع ~~الشك والحكم بعدم نقض أحد هذين المجتمعين في الوجود وهو اليقين بالآخر ، ~~فمن هذا الحيث أعني لحاظ وجود الشك يفارق الأمارة ، حيث كان الملحوظ فيه ~~رفع الشك ، ومن حيث إن الحكم فيه وإن كان لبا جعل المماثل ، إلا أنه بلسان ~~شكك ليس بشك أو ليس له حكم يفارق القاعدة. # فإن قلت : بل الملحوظ في الاستصحاب تنزيل المشكوك منزلة المتيقن ، وأما ~~تنزيل الشك منزلة اليقين فيحتاج إلى لحاظ وإنشاء آخر لا يكفيه اللحاظ الأول ~~، والعبارة وإن كان بصورة «لا تعمل بشكك في مقابل اليقين» لكن المقصود منه ~~عدم التوقف في ترتيب آثار اليقين ، وأين هو من التعبد بعدم ترتيب الآثار ~~المرتبة على الشك شرعا. # قلت : إن كان مرجع دعواك أنه لا يستفاد من العبارة إلا الأمر بالاعتناء ~~باليقين ، وأما عدم الاعتناء بالشك فلا يستفاد منه ، فهو خلاف الظاهر من ~~الكلام ، فإن ذكر الشك في مقابل اليقين والنهي عن نقض الثاني بالأول مستلزم ~~بالتزام البين بالمعنى الأخص لمفاد ms1288 قولنا : لا تعتن بالشك ، وطرحه في مقابل ~~اليقين ، لا أنه خصوص مفاد قولنا : اعمل باليقين في مقابل الشك. # وإن كان مرجعها إلى أنه وإن كان يستفاد القضيتان بطريق المطابقة ~~والالتزام ، إلا أنه لا يلزم منه الحكومة على أدلة الشكوك إلا بالنظر إلى ~~مفادها اللفظي بنظر الشارحية الموجودة في أعنى وأمثاله. # ففيه ما مر سابقا من عدم الاحتياج في الحكومة إلى ذلك ، فنحن نفرض أن ~~القائل من الابتداء تكلم بمفاد قولنا : لا تعتن بالشك في مقابل اليقين ، أو ~~لا شك لمن اجتمع له شك مع اليقين ، فهل يتوقف حينئذ عن الحكومة ، وأي فرق ~~بينه وبين قوله عليه السلام : لا شك لكثير الشك ، فإنه أيضا وإن كان لبا ~~بمقام جعل الحكم بالبناء على وجود المشكوك ، إلا أن يضر ، فالبناء على ~~العدم ، ولكنه لما كان بلسان PageV02P720 # عدم الاعتناء بهذا الشك وعدم الحكم له صار مقدما على أدلة الشكوك. # وإن كان لا نظر له إليها بمثل أعني ونحوه ، وكذلك قوله عليه السلام : لا ~~شك لمن كان له شك مع اليقين وإن كان معناه جعل الحكم المماثل مثلا ، إلا ~~أنه لما كان بلسان عدم الاعتناء بهذا الشك وعدم ترتيب الأثر عليه ، صار هذا ~~اللسان موجبا لتقدمه على أدلة الشكوك ، حيث إنها بأصالة الإطلاق مقتضيه ~~لإسراء حكمها إلى هذا المورد ، وهذا بلسانه اللفظي يقوم بإزاء أصالة ~~الإطلاق المذكورة كما تقدم بيانه. # والحاصل : إن كان الإشكال من جهة عدم المعقولية للزوم اجتماع اللحاظين ~~الذي أورد نظيره المحقق الخراساني في أدلة الأمارات ، فجوابه بالطولية ~~بينهما ، والممتنع هو الجمع العرضي ، وإن كان عدم الاستظهار من الدليل ~~فالمحكم فيه العرف. # ويكفيه شاهدا بأنه يستفاد من عبارة «لا تنقض اليقين بالشك» قضيتان ، ~~اوليهما مدلول مطابقي ، وهو الالتزام باليقين وعدم نقضه ، والاخرى مدلول ~~التزامي وهو عدم الاعتناء بالشك وعدم ترتيب الأثر عليه مع وجود اليقين ، ~~وبعد إثبات هاتين المقدمتين يدخل تحت الضابط المتقدم للحكومة ، كما في «لا ~~شك لكثير الشك» بلا فرق. # ثم هذا على تقدير أخذ الشك في كلا الطرفين بمعنى ms1289 صفة التردد النفساني ، ~~وإن جعلناه فيهما بمعنى التحير وانقطاع اليد عن الحكم الشرعي مع قطع النظر ~~عن حكم نفس القاعدة فيها ونفس الاستصحاب فيه ، فحينئذ وإن كان الأخذ بكل ~~منهما يوجب رفع موضوع الآخر ، ولكن الوجه في تقديم الاستصحاب أيضا هو ~~اللسان المذكور ، فإنه بلسان أنه إذا اجتمع التحير مع وجدان الطريق فلا بد ~~من الأخذ بالثاني وطرح الأول ، فالورود على هذا مبني على الحكومة ، كما ~~ذكرنا نظيره في توجيه كلام لشيخنا المرتضى قدسسره في تقديم الأمارات على ~~الاصول. # ثم إنه بقي في المقام مطلب وهو أن المحقق الخراساني قدسسره ذكر في ~~الحاشية في وجه تقديم الاستصحاب ما حاصله يرجع إلى ما اختاره في تقديم ~~الأمارات على الاصول من تقريب الورود ، وأنه لا يبقي الشك الموضوع في سائر ~~الاصول ، لأنه PageV02P721 # شك من جميع الوجوه ، وعنوان نقض اليقين وجه من الوجوه ، وقد علمت الحرمة ~~بهذا الوجه وإن لم تعلمها بوجه العنوان الأولي ، وهذا يكفي في ارتفاع موضوع ~~قاعدة الحل ، لأنه شك في الحرمة بجميع عناوين الشيء أوليا كان أم ثانويا. # وفيه أنه إن أراد بالوجه الحيثية التقييدية ، ثم تقريب الورود ، حيث إنه ~~لم يؤخذ في هذا الطرف عنوان غير عنوان الشك فحكم الشيء مجهول بجميع ~~العناوين ، وأما المأخوذة في الطرف الآخر عنوان من العناوين ، ولكن فيه أن ~~الوجه المذكور ليس حيثية تقييدية ، بل تعليلية. # ألا ترى أنه لو سألك أحد إذا أردت الذهاب إلى المسجد لأن تصلي الجمعة ~~لحكم الاستصحاب : لم تذهب إلى المسجد؟ فقلت في جوابه : أذهب لأن لا أنقض ~~اليقين بالشك ، كان مستهجنا باردا؟ وهذا دليل على أن المجعول حكم ظاهري في ~~موضوع الشك في العنوان الأولي ، غاية الأمر بعلية هذا العنوان ، فنقول في ~~جواب السائل : أذهب لأن أصلي الجمعة التي أوجبها الشارع بعلة عدم لزوم نقض ~~اليقين بالشك ، فالحاصل عنوان العمل المحكوم بالحكم الاستصحابي ليس إلا ~~العنوان الأولي. # وحينئذ نقول : نحن قد وجهنا كلامه طاب ثراه في تقريب ورود الأمارات على ~~الاصول بأن مراده من الجهة هو التعليلية ms1290 ، ولكن الشك المأخوذ في الاصول ~~عبارة عن الشك المطلق من جميع الوجوه ، أعني من حيث الاحكام الظاهرية ~~والواقعية وأما في الأمارة فحيث إن أخذه بحكم العقل مع إطلاق اللفظ ، ~~فيكفيه مهملة الشك وشك ما ، وهو الشك في الواقع ، وهذا المعنى لا يرتفع ~~بالأخذ بالاصول ، وأما الشك المطلق فهو يرتفع بالأخذ بالأمارة. # وهذا التوجيه غير متأت هنا كما لا يخفى ، فإن الشك معتبر في الدليل ~~اللفظي في كلا الطرفين ، ولا بد بناء على المبنى المذكور من جعله بمعنى ~~الشك المطلق في كليهما ، وعنوان الموضوع أيضا في كلا الطرفين ليس إلا عنوان ~~الأولي ، والفرق ممحض في أن العلة للحكم معلومة في أحد الطرفين ، وغير ~~معلومة في الآخر ، ومجرد هذا لا يجدي شيئا أصلا ، فينحصر المخلص بما ذكرنا ~~من تقريب الحكومة ، والله العالم. PageV02P722 # 1 مربوط به ص 30 # التعليقة 1 اعلم أن هنا إشكالا وهو أن المراد بالتثليثين أعني المذكور في ~~كلام الإمام والمذكور في كلام النبي صلى الله عليه وآله إنما هو العمل الخارجي ~~دون الفتوى والقول ، وقوله في تثليث الإمام : «يرد حكمه إلى الله» محمول ~~بقرينة قوله : فيتبع ويجتنب ، وتثليث النبي صلى الله عليه وآله على الاحتياط ~~العملي ، فيراد من رد الحكم إلى الله بطريق الكناية الاحتياط في العمل ، ~~وحينئذ فما وجه تطبيق ذلك على أخذ المجمع عليه وترك الشاذ معللا بأن المجمع ~~عليه لا ريب فيه الذي هو مقام الأخذ حجة والنسبة إلى الشرع. # والحاصل أن هنا موضوعين ، أخذ المجمع عليه بعنوان الحجية ونسبة مضمونه ~~إلى الشرع ، وأخذ النادر كذلك ، والأول داخل في بين الرشد ، والثاني في بين ~~الغي ، لأنه تشريع محرم ، وظاهر الرواية تطبيق بين الرشد على الأول ، ~~والمشكل ، والشبهة على الثاني. # فإن كان من جهة اشتباه المضمون في حد ذاته فقد عرفت أن التثليثين متعرضان ~~لمقام العمل ، ومقصود الإمام عليه السلام تحريم النسبة وإسناد المضمون. # وإن كان من حيث أن نفس الأخذ والنسبة عمل من الأعمال فقد عرفت أنه ليس ~~مما اشتبه حكمه ، بل هو من بين الغي. # ويمكن الدفع بمنع ms1291 الاختصاص بالعمل ، بل المقصود أن في الشبهة لا بد من ~~الانتهاء إلى الشرع سواء في القول أم العمل ، غاية الأمر أن أنحاء الانتهاء ~~والوصول إلى حكم الشرع مختلفة ، فتارة بتحصيل حكم الواقعة بعنوانها الأولي ~~، واخرى بتحصيل حكمها بعنوان كونها مشتبهة ، وثالثة باختيار الطرف الذي ~~يخلو عن PageV02P723 # المحذور على كل حال كاختيار جانب الترك في الشبهة التحريمية عملا ، ~~واختيار المجمع عليه إذا دار الأمر بينه وبين النادر أخذا ، فإنه يعلم أنه ~~غير واقع في مخالفة الشرع عملا في الأول وقولا في الثاني. # وعلى هذا فالرواية دالة على المنع عن اختيار طريقه اخرى غير الانتهاء إلى ~~الحكم الشرعي ، فكل شبهة ورد فيها بعنوان كونها شبهة حكم من الشارع ~~بالبراءة مثل الموضوعية والوجوبية فهو ، وإلا كما في الشبهة الحكمية ~~التحريمية فاللازم عدم الانتهاء إلى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ولزوم ~~الانتهاء إلى حكم الشرع باختيار طريقة الاحتياط ، وعلى هذا يصلح مستندا ~~للأخباري ، فينحصر الجواب في أظهرية أخبار البراءة. # ويمكن الدفع أيضا بمنع كون المقصود بأخذ المجمع عليه الأخذ بعنوان الحجية ~~، والبناء على أن مضمونه حكم الله تعالى ، بل المقصود العمل الخارجي ~~بمضمونه ، وذلك لشهادة صدر الرواية ، فإن مفروض السؤال رجلان تنازعا في دين ~~أو ميراث هل يحل لهما الترافع إلى السلطان أو إلى القضاة؟ وأجاب الإمام ~~عليه السلام بمنع ذلك وأن التحاكم إليهم بحكم التحاكم إلى الطاغوت ، وما ~~يأخذه بحكمهم سحت وإن كان حقه ثابتا ، فقال السائل : فكيف يصنعان؟ فأجاب ~~بالرجوع إلى العارف بالحلال والحرام من الشيعة فقال : إن اختار كل منهما ~~رجلا فاختلف الرجلان في الحكم لأجل اختلافهما في الحديث؟ فأجاب بتعيين ~~الأعدل والأفقه والأصدق في الحديث والأورع ، ففرض السائل تساويهما في ~~الصفات المفروضة ، فأجاب بتعيين ما كان من الحديثين مجمعا عليه إلى آخر ما ذكره. # فمن جملة موارد التنازع في الميراث التنازع في سلاح الأب بين الولد ~~الأكبر وسائر الأولاد ، فدل أحد الحديثين على أنه من الحبوة ، فيختص بالولد ~~الأكبر ، و PageV02P724 # الآخر أنه من جزء التركة ، فيقسم بين الأولاد ، فما ms1292 زاد عن سهم الولد ~~الأكبر مردد بين الاختصاص بالأكبر والاختصاص بالأصغر ، وهذه شبهة لا سبيل ~~للعقل إلى حلها ، لدوران الأمر بين المحذورين ، فأجاب عليه السلام بأنه يعمل ~~على طبق مضمون الخبر المجمع عليه ، لأنه لا ريب فيه ، يعني أنه طريق ظاهري ~~متبع لدى العقلاء وإن كان بحسب الواقع ومرحلة الثبوت يحتمل كون حكم الله ~~على طبق مضمون الخبر الشاذ ، ولهذا سمي الأول «لا ريب فيه» يعني ظاهريا ~~وإثباتا ، والثاني بقرينة المقابلة مما فيه الريب ، يعني باطنا وثبوتا ، ~~ومن المعلوم أن مثل تلك الشبهة التي لا سبيل للعقل فيها ينحصر مرجعها إلى ~~الشرع ، وهذا معنى قوله في تثليث الإمام من أن المشكل يرد حكمه إلى الله ~~ورسوله ، فإن معنى المشكل ما لا سبيل إليه وانقطع الطريق إلى علاجه. # وينطبق على هذا أيضا قوله النبي صلى الله عليه وآله : «وشبهات بين ذلك ، فمن ~~ترك الشبهات نجى من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من ~~حيث لا يعلم» فإن المراد الشبهات بين الحلال البين والحرام البين ، فينحصر ~~في الشبهة المحصورة وهي الشبهة التي تكون خطرية. # فالحاصل من مجموع التعليل والتثليثين هو أن كل شبهة فيها احتمال الخطر ~~بواسطة تحير العقل في حكمها وعدم السبيل إلى علاجها لا بد من الرجوع إلى ~~طريق ظاهري شرعي إن كان ، وإلا الاحتياط ، وعلى هذا فالرواية غير مرتبطة ~~بمرام الأخباري والاعتصام في كل الأمور بالله الملك الباري. # * * * PageV02P725 # مربوط به ص 220 # التعليقة 2 الحكم بالبراءة في هذه الصورة مقتضى النظر البدوي ، ولكن دقيق ~~النظر يقتضي الاحتياط ، وبيانه كما أفاده شيخنا الاستاد دام أيام إفاداته ~~الشريفة أن المقام من قبيل الشك في القدرة ، حيث نقطع بمطلوب مطلق للمولى ~~ونشك في التكليف الفعلي من جهة الشك في القدرة ، والعقل لا يرخص في مثله ~~ترك الاقدام. # لا يقال : كيف نقطع في المقام بمطلوب مطلق للمولى والاحتمالات بين ثلاث : ~~كون المطلوب المطلق هو التام ولازمه عدم التكليف الفعلي ، وكونه الناقص ~~ولازمه التكليف الفعلي به ، وعدم المطلوب للشارع بالمرة لا في التام ولا ms1293 في ~~الناقص. # لأنا نقول : الاحتمال الأخير مبني على تقييد مادة الأمر بالقدرة على ~~الجزء المعجوز عنه ، فتكون القدرة شرطا شرعيا ، وهذا خلاف إطلاق مادة الأمر ~~وأن المطلوب هو ما وقع تحت الهيئة ، والقدرة إنما هي شرط عقلي ، فالأمر ~~منحصر في الاحتمالين الأولين. # وحينئذ فنقول : متى أحرزنا من المولى مطلوبا على الإطلاق أعني رأيناه صار ~~بصدد تحصيل شيء منا بتوسيط الأمر وأنه لا قيد لطلبه بحسب ما يرجع إلى غرضه ~~وإن كان ليس له طلب بملاحظة ما عدا ذلك من الامور المعتبرة عقلا في المأمور ~~لقابليته ، لتوجه الخطاب ، فإن الأوامر ليست ناظرة إلى هذه الطواري ، ويعبر ~~عن هذا المعنى بإطلاق المادة ، فحكم العقل هو الاشتغال لو فرض الشك من هذه ~~الجهات. # ولا فرق بين اتفاق ذلك في موضوع مفصل كما لو شك في القدرة على إنقاذ ~~الغريق، وبين اتفاقه في موضوع مردد بين أمرين ولو متباينين ، وذلك مثل ما PageV02P726 # قويناه على خلاف شيخنا المرتضى قدسسره من الاحتياط في ما إذا خرج أحد ~~طرفي العلم الإجمالي عن محل الابتلاء وكان الآخر داخلا فيه. # ومقامنا من هذا القبيل ؛ إذ لا يخلو الأمر بحسب موطن الثبوت عن أمرين ، ~~إما يكون للجزئية إطلاق وإما لا ، فعلى الأول يحكم بمقتضى إطلاق المادة ~~وكون القدرة على ذلك الجزء شرطا عقليا لا شرعيا بكون المطلوب هو التام ، ~~وعلى الثاني نحكم بمقتضاه أيضا بكونه هو الناقص ، ولا ثالث لهذين ، فنعلم ~~إجمالا بوجود الطلب المطلق ، يعني ما لا قيد له أصلا ، أوله قيد ولكنه حاصل ~~إما متعلقا بالتام أو بالناقص ، ولكنا نشك في فعلية الخطاب من جهة احتمال ~~تعلقه بالتام ، ومقتضى ذلك العلم هو الاحتياط بالموافقة الاحتمالية. # لا يقال : إنا ندور في متابعة الغرض مدار الأمر ، فالمقدار الذي وقع تحت ~~التحميل بالأمر هو اللازم ، وغيره غير لازم وإن بقي احتمال بقاء الغرض ، ~~كما مر ذلك مفصلا في بيان الانحلال في الأقل والأكثر ، وهنا أيضا نقول : ~~حيث إن المفروض أنه لا إطلاق في شيء من أمري الناقص والتام ، فلو كان هنا ms1294 ~~غرض في الناقص لكان عليه جعل الأمر بالناقص مطلقا ، والمفروض عدمه ، ~~فالقصور من قبل الآمر ، ولا ربط بالمكلف. # قلت : مضافا إلى عدم الفرق بين هذا وبين المثال المسلم من الشك في القدرة ~~إلا في كون الشك هناك موضوعيا ليس رفعه وظيفة الشارع ، وهنا حكميا رفعه من ~~وظيفته ، وقد قرر في محله أن مجرد ذلك لا يجدي فرقا في حكم العقل بقبح ~~العقاب بلا بيان ، أن المفروض في المقام أيضا هو العلم بأحد الأمرين ، إما ~~بالتام وإما بالناقص ، فالأمر بالناقص طرف للعلم الإجمالي وإن كان ليس له ~~طريق إثبات تفصيلى. وبالجملة ، صار بصدد تحصيل غرضه بالأمر ، وإتيان الناقص ~~يكون باقتضاء ما علم من أمره ، لا أنه خارج عن ذلك حتى يجري فيه الكلام ~~المتقدم. PageV02P727 # ثم هذا الذي ذكرنا في تقريب الاشتغال يجرى في الصورتين الاخريين من العجز ~~الطاري في الواقعة الواحدة وفي الوقائع المتعددة ، كما هذا هو الكلام في ~~الأصل العقلي. # وأما النقلي وهو قاعدة الاستصحاب والميسور في صورتي طرو العجز بناء على ~~كون قاعدة الميسور قاعدة تعبدية كما يظهر من تمسك العلماء بها لا عقلية ~~إرشادية ، فيكون محطها ما إذا كان المقتضي للمطلوبية في الميسور مفروغا عنه ~~مطلقا ، فلا يخفى عدم تمامية أحد تقريبيهما وهو المسامحة في عدم عد الغيرية ~~والنفسية معددين لشخص الوجوب ، لكون هذا على خلاف الواقع. # فمن كان يطلب شراء الدلو مثلا طلبا غيريا مترشحا من طلب استقاء الماء من ~~البئر إذا زال منه هذا الطلب بزوال علته وحدث فيه طلب نفسي بهذا الموضوع ، ~~يعد العرف هاتين الحالتين منه فردين متغايرين من الطلب ، أحدهما حدث بعد ~~زوال الآخر ، والاستصحاب والقاعدة بملاحظة شخص الوجوب غير جاريين ، فلا بد ~~من ملاحظتهما بالنسبة إلى الجامع حتى يكون من قبيل استصحاب الكلي من القسم ~~الثالث ، وهو أيضا غير جار في خصوص المقام. # وأما التقريب الثاني وهو المسامحة في الموضوع وإجراء القاعدتين بالنسبة ~~إلى الحكم النفسي فقد يورد عليه بأن لازم هذا التقريب جواز الاكتفاء ~~بالناقص حتى في حال التمكن من التام ms1295. # وبعبارة أخرى : إن رأى العرف للشرط والجزء المعسورين مدخلية في الموضوع ~~فلا يعقل أن يرى عين القضية السابقة بموضوعها ومحمولها باقية بعد التعذر ، ~~وإن لم يفهم المدخلية فاللازم التوسعة في القضية من أول الأمر قبل طرو العجز. # والجواب أن رؤية المدخلية لا تنافي مع رؤية الموضوع هو الناقص ، ألا ترى ~~أن الماء ما لم يتغير لا يتصف بالنجاسة ، والعرف أيضا ملتفت من الشرع إلى ~~ذلك ، ومع PageV02P728 # ذلك عند زوال وصف التغير يرى البقاء والارتفاع بالنسبة إلى النجاسة. # والسر أن الشرط وإن كان بالدقة يورث تضييقا في الموضوع ، لكن العرف يرى ~~الموضوع هو الذات الجامعة بين الواجد والفاقد ، ويرى الشرط أمرا خارجا عن ~~كلا الطرفين مع الموضوع والمحمول. # وبالجملة ، فكما أنه في المثال مع ذلك لا يحكم بحدوث النجاسة ما لم يتغير ~~، كذلك هنا أيضا ما دام التمكن لا يحكم بثبوت الوجوب في الفاقد ، فحال ~~الجزء والشرط الزائدين حال التغير ، وحال تعذرهما بعد التمكن حال زواله بعد ~~الثبوت ، وحينئذ فمصداق النقض وعدمه متحقق عرفا وإن لم يتحقق عقلا ، هذا. # ولكن قد يورد على التقريب المذكور بوجه آخر ، وهو أنه إذا اتصف موضوع ~~خارجي بالوجوب ونحوه لأجل صفة غير دخيلة في قوام ذاته بنظر العرف ، ثم زالت ~~عنه تلك الصفة ، فالحكم كما ذكرت من صدق البقاء والنقض عرفا ، وذلك كما في ~~مثال الماء المتغير ، حيث إن النجاسة اتصفت بها الماء الخارجى لأجل اشتماله ~~على وصف التغير. # وأما إذا لم يكن موضوع خارجي في البين وعلق الحكم على عنوان كلي معتبر ~~فيه وصف كذا ، كما إذا علق الحكم على كلي الماء المتغير ولم يوجد له مصداق ~~في الخارج ، فلا يصح الحكم في الأفراد الغير المتغيرة من الماء بالنجاسة ~~بمقتضى الاستصحاب ، وذلك لأن كلي الماء المتغير مغاير لكلي الماء الغير ~~المتغير عند العرف أيضا ، فالمسامحة العرفية ورؤية الموضوع واحدا مختص بحال ~~انطباق الكلي الواجد على موجود خارجي ثم زال عند الوصف. # ولهذا تراهم يفتون في باب البيع بأنه لو باع هذا الفرس العربي مشيرا ms1296 إلى ~~الفرس الغير العربي فالبيع صحيح ، وقد تخلف الوصف ، فيثبت الخيار ، ولو باع ~~سلما كلي PageV02P729 # الفرس العربي فسلم الغير العربي فهو من تسليم غير المصداق كتسليم الحجر ، ~~لا أنه سلم المبيع فاقدا لوصفه. # فنقول : المقام من قبيل الثاني ، لأن المتيقن السابق هو الوجوب النفسي ~~للعنوان العام الذي هو الصلاة التامة أو المقيدة ، والمقصود إسراء حكمه إلى ~~عنوان كلي آخر وهو الصلاة الناقصة ، وهذا حال الاستصحاب. # وأما القاعدة ، فإن قلنا : إن السقوط وعدمه بالنسبة إلى حكم الميسور ~~والمعسور ، أي لا يسقط حكم الميسور أعني الناقص بواسطة حكم المعسور أعني ~~الكل أو المقيد فالكلام فيه هو الكلام في الاستصحاب حرفا بحرف ؛ فإن عدم ~~السقوط كالبقاء بالنسبة إلى الوجوب النفسي كما هو محل الكلام يحتاج إلى ~~حالة سابقة مفقودة بالنسبة إلى كلي الصلاة الفاقدة. # وأما إن قلنا بأنهما ملحوظان بالنسبة إلى نفس الميسور والمعسور أعني نفس ~~الصلاة الفاقدة والواجدة باعتبار أن نفس العمل كالدين ، بل هو حقيقة دين ~~الله فيصح فيه اعتبار الثبوت في الذمة والسقوط عنها ، فلا غبار حينئذ على ~~التقريب المذكور ؛ إذ نقول : كان الحمد وكذا وكذا في الذمة حال التمكن من ~~جزء أو شرط كذا ، فهذه الذوات باقية غير ساقطة عن عهدة المكلف عند عسرهما. # ويمكن أن يقال : إنه وإن كان لا يمكن استصحاب شخص الوجوب الغيري في موضوع ~~الناقص والمطلق ، لكون النفسي والغيري شخصين من الوجوب ، ولا استصحاب شخص ~~الوجوب النفسي فيهما ، لكونهما مع التام والمقيد شخصين من الموضوع ، ولكن ~~لنا انتزاع الجامع في الطرفين ، فنقول : أصل الوجوب النفسي الجامع بين ~~الضمني والاستقلالي متعلقا بالمهملة عن حدي الإطلاق والتقييد والنقص ~~والتمام كان متيقن الحدوث مشكوك البقاء. PageV02P730 # أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلأنا نحتمل بقاء هذا الجامع بواسطة حدوث ~~الوجوب النفسي الاستقلالي في موضوع المطلق أو الناقص عند زوال الوجوب ~~النفسي الاستقلالي في موضوع المقيد أو التام بناء على صدق البقاء بالنسبة ~~إلى الكلي عند حدوث فرد منه بعد زوال فرده الآخر ، كما هو الحق ، على خلاف ~~ما اختاره شيخنا ms1297 المرتضى قدسسره ، كما نرى صدق قولنا : وجود الإنسان باق في ~~الأرض من لدن أدم عليه السلام إلى زماننا ، وبالجملة ، عموم قضية لا تنقض ~~بالنسبة إلى الجامع من حيث صدق البقاء والنقض لا قصور فيه. # نعم قد يستشكل فيه في خصوص ما إذا كان الجامع حكما من حيث كونه خارجا عن ~~وظيفة الشارع ولا تناله يد الجعل ، بخلاف ما إذا كان موضوعا لحكم ، والفرق ~~أن مفاد الاستصحاب في الثاني جعل الأثر ، والمفروض أنه أثر واحد شخصي ، ~~وأما في الأول فمفاده جعل نفس الحكم وتكوينه ، والمفروض أنه الجامع الملغى ~~عنه الخصوصيتان ، وهو غير قابل للجعل بالاستقلال ، وإنما القابل له هو الخاص. # ولكن يمكن دفعه أيضا بأنه يكفي قابليته للجعل بالتبع ، أعني بتبع جعل ~~الخاص ، وهو في المقام جعل الوجوب النفسي في موضوع المطلق أو الناقص ، وهذا ~~المقدار من القابلية يكفي في شمول لا تنقض ، ألا ترى أن من المسلم استصحاب ~~الصحة ، مع أن الصحة بنفسها غير قابلة للجعل مستقلا ؛ لأنها أمر قهري ~~الانتزاع عن موافقة المأتي به للمأمور به ، لكنها قابلة له تبعا لجعل منشأ ~~الانتزاع ، هذا. # ولكنه مع ذلك غير خال عن الخدشة ، وبيان الخدشة موقوف على تقديم مقدمة ~~وهي أن معنى لا تنقض ليس «أبقيت السابق» حقيقة ، لوضوح أنه خطاب إلى المكلف ~~، وليس مفاده إعطاء وظيفة التشريع والجعل إياه ، فبقي أن يكون المراد هو ~~القول والاعتقاد بوجود السابق أو العمل على طبقة ، وحيث إن التصديق الجناني PageV02P731 # غير مقصود ، فبقي أن يكون المراد هو عدم النقض العملي ، كما أن المراد ~~بقضية «صدق العادل» هو التصديق العملى. # نعم يلزمه غالبا إبقاء السابق حقيقة بنفسه في ما كان هو الحكم ، أو بأثره ~~في ما كان هو الموضوع ، فإن اللازم من إبقاء وجوب صلاة الجمعة عملا هو ~~وجوبها ، واللازم من إبقاء حياة الزيد المترتب عليها وجوب الإنفاق على ~~عياله من ماله عملا وجوب الإنفاق. # ومن هنا يندفع الإشكال بأنه كيف يمكن إرادة إبقاء السابق بنفسه في بعض ~~الموارد وبأثره في بعض آخر من عبارة ms1298 «لا تنقض اليقين بالشك» مع أنه مستلزم ~~لاجتماع اللحاظين في لحاظ واحد. # وحاصل وجه الاندفاع أن المدلول المطابقي للقضية ليس هو إبقاء ما كان ~~تشريعا وجعلا الذي هو فعل الشارع ، وإنما هو لازم المدلول المطابقي بحسب ~~الغالب ، والمدلول المطابقي هو إبقاء ما كان عملا ، وهو أمر واحد في جميع ~~الموارد ، ولكن لازمه مختلف حسب اختلافها. # وإنما قيدنا بالغالب على خلاف ما يظهر من كلمات شيخنا المرتضى ومن تأخر ~~عنه قدس أسرارهم من كون أحد الأمرين لازما للاستصحاب دائما ، بل داخلا في ~~معناه ، للاحتراز عن استصحاب عدم الوجوب أو الحرمة الأزليين ، مثل استصحاب ~~عدم جعل الشارع الحرمة في موضوع شرب التتن أزلا. # فعلى قولهم رضوان الله عليهم من كون المعنى إبقاء الشارع جعله السابق فهو ~~منحصر في موارد وجود الجعل سابقا ، فلا يجري في مثل المثال المتحقق فيه عدم ~~الجعل ، وهو وإن كان اختياريا بملاحظة تمكن الشارع من قلبه بالوجود ، ولكن ~~ليس مجعولا ، لأن العدم غير قابل للجعل ، والحاصل أن المتحقق سابقا عدم القضية PageV02P732 # رأسا ، لا القضية التشريعية التي محمولها العدم. # وعلى ما قلنا من كون المعنى إبقاء المكلف عمله السابق ، فهو غير منحصر في ~~تلك الموارد ، نعم غالبا يكون كذلك ، فيجري في المثال أيضا لأن المكلف في ~~الزمان السابق المفروض عدم الجعل فيه رأسا كان عمله ولو باستقلال من عقله ~~هو الإطلاق وعدم الالتزام بأحد من الفعل والترك ، فإبقاء ذلك العدم الأزلي ~~عملا هو الإطلاق المذكور ، ولازمه الترخيص الشرعي ، مع أن المفروض عدم تحقق ~~حكم مجعول في السابق رأسا ، لا رخصة ولا غيرها. # إذا تمهدت هذه المقدمة فنقول : إبقاء المهملة الموجودة في ضمن المقيد ~~سابقا بإيجاد فردها الآخر أعني المطلق وإن كان إبقاء لها ، ولكن لا يصدق ~~على العمل على طبق الوجوب المطلق أنه إبقاء عملى لوجوب المهملة المعلوم في ~~السابق ، وذلك لأن عمل المهملة المعلوم قيدها ليس الإتيان بها في ضمن فاقد ~~القيد ، بل هو أجنبي عنها ، وإنما هو الإتيان بها في ضمن المقيد لا غير ، ~~والمفروض في اللاحق ms1299 عدم إمكان هذا العمل ، والعمل بإتيان المهملة في ضمن ~~الفاقد ليس إبقاء العمل السابق ، ولا يخفي أن هذا الإشكال خاص باستصحاب ~~الجامع بين الوجوب النفسي الضمني والنفسي الاستقلالي في المهملة ، كما هو ~~محل الكلام ، وأما استصحاب الجامع بين الوجوب الغيري الاستقلالي والنفسي ~~كذلك في الناقص فهو سليم عن هذا الإشكال ؛ لأن عمله لم يكن إلا إتيان ~~الناقص. # فتحقق من جميع ما ذكرنا من أول البحث إلى هنا أن الأصل العقلي هو ~~الاشتغال ، وكذا الشرعي ، لا من جهة الاستصحاب ، بل من جهة قاعدة الميسور ~~إن تم فيها التقريب المتقدم ، أعني كون المراد عدم سقوط نفس الميسور لا ~~حكمه ، وإلا فالأصل الشرعي على البراءة من جهة استصحاب عدم وجود الناقص ، هذا. PageV02P733 # مربوط به ص 474 جلد أول # التعليقة 3 محصل ما اختاره المحقق الخراساني بعد ما اختار في الحاشية ~~الجمع بالشأنية والفعلية فرأى أن ذلك يوجب عدم تنجيز الأمارات للواقعيات ، ~~فإن الوصول من مرتبة الشأنية إلى الفعلية على هذا لا بد وأن يكون بجعل ~~الشارع ، ففي العلم قد استرحنا بواسطة قوله : «الناس في سعة ما لم يعلموا» ~~الذي مفهومه أنهم ليسوا في سعة متى علموا ، فيستفاد منه أن العلم يوصل إلى ~~مرتبة الفعلية ، فالعلم موضوعي في هذا الأثر ، ولهذا صرح بأن قول الأخبارية ~~على هذا يمكن تصحيحه بأن يجعل الشارع لبعض العلوم اختصاصا ، ولكن هذا ~~المعنى غير متمش في الأمارة لقصور دليل الحجية عن شمول هذا الأثر فيكون ~~الشك متعلقا بالشأني مع عدم الوصول إلى الفعلية ، ومن المعلوم أن العلم ~~والشك المتعلقين بالحكم الشأني لا أثر لهما أصلا. # فلهذا عدل عن هذا الطريق في الكفاية وفصل بين الأمارات والاصول ، فاختار ~~في الاولى أن الواقع فعلي من جميع الجهات ، وجعل الأمارة إنما هو جعل ~~حجيتها لا جعل الحكم ، واختار في الثانية حيث لا حجية مجعولة في البين أن ~~الواقع فعلي بجميع الحيثيات سوى حيثية جهل المكلف وشكه ومقتضى الترخيص الذي ~~تحقق فيه. # وبعبارة اخرى : الحكم في ذاته بالغ مرتبة الفعلية ، والجهل مانع ، لا أن ~~يكون ms1300 المقتضي في ذاته قاصرا ، فإذا ارتفع تحير المكلف في وظيفته في مقام ~~العمل وعلم بواسطة الحكم الأصلي أنه الحلية يصير الواقع على تقدير كونه ~~الحلية فعليا قهرا ، وعلى تقدير كونه غيرها يرتفع المضادة ، لأجل عدم ~~تمامية فعلية الواقع. # وبعبارة ثالثة : للحكم ثلاث مراتب ، الاولى : مجرد الإنشاء المتحقق بقصد ~~تحقق المفهوم عند التلفظ أو الكتابة أو الإشارة ، وهذا كالجسد بلا روح ، ~~والثانية : أن يترقى من هذه المرتبة وينفخ فيه روح الفعلية الثابتة بحسب ~~الاقتضاء والسالمة عن المزاحم من جميع الحيثيات غير حيثية الشك والترخيص ، ~~فلا فعلية له من هذه PageV02P734 # الجهة فقط ، ولا نقص فيه من هذه الجهة اقتضاء أيضا ، بل هذه الجهة أعني ~~ورود الترخيص والإذن في موضوع الشك جهة غالبة ويوجب مغلوبية الحكم المذكور ~~، فالحكم المذكور يصير مقتضيا تاما للبعث والزجر مغلوبا للجهة العارضة ~~الغالبة أعني الحكم الأصلي بالخلاف. # ومثل هذا لا يحتاج في تنجيز العلم المتعلق به إلى تتميم من الشارع كما ~~كان كذلك في المرتبة الاولى ، فالعلم في المرتبة الاولى موضوع على وجه ~~الطريقية وكان له أثران ، أحدهما شرعي وهو إعطاء الفعلية ، والآخر عقلي وهو ~~التنجيز. # ولهذا استشكل المحقق لمذكور في قيام الطرق والاصول مقامه على حسب مذاقه ~~قدسسره ، وأما في هذه المرتبة فهو طريقي محض لا أثر له إلا التنجيز ، فإن ~~إعطاء الفعلية قد تم فيه نفسه ، والمزاحم الذي يغلبه وهو الحكم الأصلي ~~المخالف معدوم بالفرض ، فلا يؤثر العلم فيه أثرا شرعيا ، بل يتمحض تأثيره ~~في العقلي وهو التنجيز. ولهذا لا إشكال في قيام الإمارات والاصول مقام هذا ~~العلم ، هذا. # فتحقق من هذا أن الموضوع للأصل أيضا متحقق ، فإنه الشك في حكم لو تعلق به ~~بدون إمداد جعل آخر شرعي إليه العلم لأثر التنجيز وهو موجود في المقام ، ~~بخلاف الحال بناء على مختار الحاشية. # والمرتبة الثالثة هي الفعلية التامة من تمام الجهات الملازمة للبعث ~~والزجر في النفس النبوية أو الولوية صلوات الله عليهما ، فالذي يتولد منه ~~المحذور احتمال وجود هذه المرتبة في مورد الأصل المرخص ، فإنه احتمال ms1301 ~~التناقض ، وأما الفعلية المترقبة عن محض الإنشاء المنحصر مانعة في الترخيص ~~الناشئ عن المقتضي والملاك الموجود في الشك فاحتمال وجودها في مورد الأصل ~~المرخص لا محذور فيه ، فإنه إن كان الموجود في الواقع هو الترخيص فليس من ~~اجتماع المثلين لكون الحلية الأصلية متحدة وعينا مع ذلك الترخيص ، لكونها ~~ناظرة إلى الواقع ومن سنخ الحكم الطريقي ، وإن كان الموجود هو الإيجاب أو ~~التحريم فلا تناقض ، لعدم البعث والزجر ومجرد الفعلية المنفكة عنهما بواسطة ~~المغلوبية لا تضاد الإذن والترخيص. PageV02P735 # مربوط به ص 583 جلد اول # التعليقة 4 وحاصل الجواب أن حجية الخبر على وجه الطريقية ليست معناها ~~الأخذ بمفاد قوله مطابقة أو التزاما حتى لا يتعدى عن هذا الميزان ، كما لا ~~يجوز لنا في قوله عليه السلام : «لا تنقض» الخروج من دائرة نقض اليقين بالشك ~~، بل يجب الجمود عليه ، وجه ذلك أنا نأخذ بما هو ملازم للمخبر به علما ، لا ~~لازم ولا ملزوم ولا ملازم له عادة أو عقلا بملاحظة أثره الشرعي ، وليس هذا ~~أخذا بمدلول قوله ، وكذلك ليست معناها التعبد بالمدلول ثم بعده جعل ~~الملازمة بمعنى أن يرد التنزيل أولا على حياة زيد مثلا المخبر به ثم على ~~بياض لحيته ، أو على الملازمة بينهما ثم على صلاة ركعتين ، فإنه مضافا إلى ~~عدم قابلية الوسائط للجعل لا عين ولا أثر لتنزيل اللوازم والملزومات ~~والملازمات في الدليل. # والحاصل : لسنا دائرين مدار عنوان الاخبار والاندراج تحت عنوان المخبر ~~بهية ، وإلا لم يشمل ما ليس في الكلام إشعار به ولا في ذهن قائله احتمال له ~~، إذ كيف يصح حينئذ إطلاق أنه قاله ، أو أخبر به ، أو دل عليه لفظه ، أو ~~أمثال ذلك؟ ولا أن تكون هنا تنزيلات في كل واسطة واسطة طوليات مترتب كل لا ~~حق على سابقه ، إذ ليس في البين اسم لهذه التنزيلات المتعلقة باللوازم ~~وغيرها ، بل من الواضح أن هنا تنزيل واحد متعلق بلا واسطة بما هو الحكم ~~والأثر الشرعي حتى يلزم على التقدير الأول أنه بواسطة «صدق» في خبر الشيخ ~~يحرز المقول لقول ms1302 المفيد ثم ب «صدق» في هذا المقول التعبدي يحرز مقول ~~الصدوق وب «صدق» فيه مقول الصفار وب «صدق» فيه صلاة ركعتين. # وعلى التقدير الثاني أنه يجري حكم «صدق» أولا في قول الشيخ ثم في ملازمته PageV02P736 # مع قول المفيد ثم فيه ثم في ملازمته مع قول الصدوق ، ثم في ملازمته مع ~~قول الصفار ثم في صلاة ركعتين حتى يقال على التقديرين أن الأثر المنتهى ~~إليه بالأخرة لما يكون هو وجوب التصديق فيلزم أن يكون التنزيل بلحاظ نفسه. # بل الحق في استكشاف حقيقة معنى الطريقية أن يتبع الطرق العقلائية ، ونحن ~~إذا راجعناهم نراهم أن كل انكشاف يحصل في أنفسهم ويكون مستنده وجهته حسن ~~الظن بعدم كذب العادل ، وبعد احتمال الكذب في حقه فهم يرتبون أثر الصدق عليه. # فلو أخبر ثقة أنه أخبر ثقة فلاني وهكذا إلى عشر ثقات أن العاشر قال كذا ~~فانكشاف هذا المعنى قد حصل من جهة ذلك الخبر الوجداني الأول بضميمة إحرازهم ~~موثوقية الوسائط ، وبعد ذلك فعين ذلك الدرجة من حسن الظن وبعد الكذب الذي ~~يحصل عند الإخبار بلا واسطة يحصل بعينها وبلا تفاوت من هذا القول ، إذ لو ~~لم يكن المقول الأخرى يلزم الأمر المستعبد وهو كذب أحد الثقات المذكورة في ~~السلسلة. # وبالجملة ، معنى الطريقية عندهم الأخذ بكل انكشاف كان منشؤه ومبناه حس ~~الظن بالعادل وبعد احتمال الكذب في حقه ، وهذه الانكشافات وإن كانت في ~~الوجود مترتبة ، لكن في ملاك الأخذ كلها في عرض واحد. # فيصير هذا المعنى العرفي العقلائي شاهدا على حمل ما ورد في الشرع من ~~الأدلة اللفظية في باب الطريقية على هذا المعنى ، يعني كل انكشاف حصل ونشأ ~~من الاعتماد بقول العادل ولو كان مطرح قوله شيئا آخر أجنبيا بالمرة عن ~~المنكشف بحيث يلزم على تقدير عدم هذا المنكشف كذب العادل في ذلك الإخبار ~~بذلك الشيء الأجنبي فالشارع حكم من الابتداء بلزوم الأخذ بهذا الانكشاف ، ~~فالتنزيل أولا يتعلق به بدون تعلق له بما قبله ولو كان ألف واسطة. PageV02P737 # فافهم حتى لا تشتبه في المراد ولا ms1303 تورد أن السيرة العقلائية ليست إلا على ~~العمل ، فلعله كان لأجل المناط أو القضية الطبيعية لو كان لفظ في البين ، ~~والكلام هنا مع قطع النظر عنهما ، فإن المقصود هنا استفادة الفرق من هذه ~~السيرة بين «لا تنقض» وبين «صدق العادل» وأن مفاد الأول هو الدوران مدار ~~هذا العنوان ، وأما الثاني فمفاده بشهادة هذه القضية الارتكازية هو الأخذ ~~بكل انكشاف كذلك من دون موضوعية لعنوان المخبر بهية أو المفادية أو ~~المدلولية وأمثال ذلك ، ولا لعنوان ملازم المخبرية أو لازمه أو ملزومه ، بل ~~العنوان الموضوع في هذا الباب هو الانكشاف المذكور. # فيلزم على هذا في موارد اللوازم العقلية والعادية والملزومات والملازمات ~~كذلك تعلق التنزيل أولا وابتداء بذلك الانكشاف الأخير ، لأنه القابل للتعبد ~~من بين الانكشافات من دون حاجة إلى إجرائه في ما قبله. # وبعد ذلك نقول في المقام : إذا قال الشيخ : قال المفيد : قال الصدوق : ~~قال الصفار: قال العسكري عليه السلام : صلاة الجمعة واجبة فلا نحتاج بعد ~~إحراز أمرين أحدهما : وجود صدق في ذات كل من خبر المفيد والصدوق والصفار ~~ولو بنحو القضية التعليقية يعني: لو أخبروا فصدقهم ، والآخر : إحراز عدالة ~~هؤلاء ، وفي الحقيقة بعد إحراز الأول ، إذ الثاني موضوع للاول إلا إلى تعبد ~~واحد بتصديق واحد ، إذ بعد ذلك نقول : خبر الشيخ محرز وجدانا وهو كاشف نوعا ~~عن خبر المفيد ، وهكذا المكشوف النوعى كاشف نوعا عن خبر الصدوق إلى أن ~~ينتهي إلى وجوب الجمعة. # فيحصل لنا انكشاف ناقص لوجوب صلاة الجمعة ، لأن الكاشف عن الكاشف كاشف ، ~~والكشف الناقص كما في كل مقام يصير بواسطة «صدق» تاما يعني PageV02P738 # كشف خبر الشيخ عن وجوب الصلاة فيصدق على هذا الانكشاف لصلاة الجمعة أنه ~~انكشاف حاصل من قول العادل ، ومنشؤه حسن الظن بالعادل وبعد احتمال الكذب في ~~حقه بحيث لو لم يكن المنكشف يلزم إما كذب الشيخ أو المفيد أو الصدوق أو ~~الصفار. # نعم لو كان واحد من السلسلة خارجا عن تحت «صدق» لا يتم ما ذكرنا بأن كان ~~فاسقا أو مشكوك الحال ، فلا يرد ms1304 النقض بما إذا كان في الوسائط أولوية ظنية ~~أو غيرها من الظنون الغير المعتبرة ، فإنا نقول : نحتاج إلى وجود دليل ~~الاعتبار في كل واسطة ولو على نحو التعليق ، ولا نحتاج إلى إحراز موضوعه ~~قطعا ، إذ يلزم حينئذ عند عدم ترتيب الأثر إما كذب الشيخ ، ولو صدق هو كذب ~~المفيد ، ولو صدق هو كذب الصدوق ، ولو صدق هو كذب الصفار وكل منهم ورد ~~الأمر بتصديقهم وعدم تكذيبهم بلا تقييد بوصول شخص خبرهم إلينا تفصيلا ، إذ ~~الألفاظ موضوعة للمعاني النفس الأمرية لا للمعاني الواصلة المحرزة عند ~~المكلف تفصيلا. # وبالجملة ، لا نحتاج في إجراء دليل التعبد في هذا الانكشاف إلى إدراجه ~~تحت عنوان مقول العادل حتى يحتاج إلى التعبدات المترتبة ، ولا نحتاج أيضا ~~إلى تصحيح الملازمات الكائنة قبل هذا المنكشف لنحتاج أيضا إلى التعبدات ~~المترتبة ، بل يجري أولا دليل التعبد في نفس هذا الانكشاف لاتصافه بما هو ~~المعيار وهو كون الانكشاف حاصلا من قول العادل وأنه لولاه لزم كذب العادل ~~ولو في إخباره بشيء آخر. # * * * PageV02P739 # مربوط به ص 18 جلد أول # التعليقة 5 لا يخفى عدم تمامية الإشكال على الدعوى الأولى ، في مثل «بعت» ~~الإخباري و «بعت» الإنشائي ، وذلك أن معنى البيع لا إشكال أنه سهم المادة ~~ولا ربط له بما وضع له الهيئة وإنما الموضوع له للهيئة هو النسبة بين ~~المسند والمسند إليه باعتبار نفس الامرية والخارجية لا باعتبار اللحاظ ~~والتصور الذهني ، فإن النسبة لا موطن لها ولا نفس الأمر لها سوى في النفس ، ~~ولكن كما يتصور سائر المفاهيم مثل مفهوم الضرب وغيره كذلك يتصور هذا ~~المفهوم أيضا وهو الموضوع له لمادة الطلب ، وأما الموضوع له للهيئة فهو ~~حقيقة الطلب والصفة الخارجية القائمة بالنفس. # إذا عرفت ذلك فاعلم أن عقد القلب والبناء القلبي الذي هو النسبة الحاصلة ~~في الذهن بين الموضوع والمحمول يكون لوجودها في النفس نحوان وكيفيتان ، ~~الأول أن يحصل على نحو الحكاية عن وقوع أمر في الخارج ، والثاني أن يحصل ~~على نحو لا حكاية له عن شيء وكان له اقتضاء وجود الشيء ms1305. # مثلا القضية المعقولة التي نتصورها عند التكلم بقضية «أنت حر» لا إشكال ~~أنه مشتمل على عقد قلب فيما بين «أنت» و «حر» فتارة توجد هذه العقدة في نفسك ~~على وجه يحكى عن وقوع الحرية في الخارج ، واخرى توجدها على نحو ليس لها ~~حكاية عن وقوع ذلك وإنما له اقتضاء أن يقع ويوجد الحرية بنفس هذا العقد ~~والبناء. # وحينئذ نقول : يتحقق كمال المشابهة والاتحاد بين هذا المقام أعني ~~الإخبارية والإنشائية وبين الاسمية والحرفية في معاني الأسماء والحروف ، ~~فلا إشكال هنا زائدا PageV02P740 # على ما هناك ، فقد يقال : ما الدليل على أن الواضع عند وضع هذه القضية ~~وضعها للجامع بين الكيفيتين ولم يضعها للخاصين ، وهذا مشترك بين هذا المقام ~~ومعاني الحروف والأسماء وقد تقدم تفصيل الكلام فيه. # وقد يقال : إن هنا إشكالا مختصا به ولو سلمنا القول المذكور في الحروف ~~والأسماء وهو أن كيفيات الملاحظة والتصور للمعنى لا شك أنها يعد من أطوار ~~المعنى وأطوار المستعمل فيه وأطوار الاستعمال كما في معنى من ولفظ الابتداء ~~، فإن حيث الاستقلالية والاندكاكية كلاهما راجعان إلى كيفية اللحاظ وذات ~~المعنى واحد وإن كان لنا فيه كلام أيضا. # وما في القضية الخبرية والإنشائية فليس الخصوصيتان راجعتين إلى كيفية ~~ملاحظة الموضوع له ، فإن الموضوع له بالفرض هو القدر المشترك بين الحكاية ~~والايجاد وهو مطلق عقد القلب المهمل من الجهتين ، وليس لحاظ إحدى ~~الخصوصيتين مع هذا الجامع معدودا من كيفيات ملاحظة هذا الجامع. # ألا ترى أن لفظ الإنسان الموضوع للجامع بين زيد وعمرو وغيرهما لو اوجد ~~فرد منه في الخارج عند مقام استعماله فليس الراجع إلى استعمال هذا اللفظ ~~سوى الملاحظة والتصور المتعلق بأصل الإنسان ، وأما التصور الحاصل بالخصوصية ~~فهو كالحجر في جنب الإنسان بالنسبة إلى هذا الاستعمال. # والحاصل أنا نسلم أن القائل المذكور يقول بوضع الإنشاء والإخبار لواقع ~~عقد القلب ونفس أمره وإن كان لنا في كونه قائلا بذلك أيضا تأمل لكن نقول : ~~ليس المرتبط بالاستعمال إلا الملاحظة الحاصلة حين إيجاد عقد القلب حيث ~~تلتفت إلى أن فعلك ما ms1306 ذا ، فالقدر الراجع إلى الاستعمال ما كان من هذه ~~الملاحظة متعلقة بالجامع وإن كان لا ينفك عن ملاحظة إحدى الخصوصيتين ، لكن ~~هذا لا يعد من PageV02P741 # أنحاء ملاحظة الجامع حتى يعد من أطوار استعمال اللفظ الموضوع للجامع ، بل ~~هو من باب ملاحظة شيء وشيء آخر ، ومجرد كون الموضوع هو الجامع بواقعه ~~وخارجه وأن الجامع لا يوجد في الخارج إلا في ضمن الفرد لا يوجب كون ملاحظة ~~الفرد من كيفيات ملاحظة الجامع. # فتحصل أنا وإن تصورنا رجوع الاستقلالية والاندكاك إلى كيفيات ملاحظة ~~المعنى الواحد في الحروف والأسماء ، لكن لا يعقل رجوع ملاحظة إحدى ~~الخصوصيتين من الحكاية عن الخارج وعدمهما إلى كيفيات ملاحظة القدر الجامع ~~بينهما وهو عقد القلب. # هذا ما قاله الاستاد في مجلس الدرس ولي فيه نظر ، وذلك لأن الحال كما ~~ذكره لو كان الموضوع والمعنى هو عقد القلب بوجوده التصوري كما في لفظ ~~الإنسان ، فإن ملاحظة الزيدية خارجة عن كيفية ملاحظة أصل الإنسان. وأما إذا ~~فرضنا الفرق بين وضع المفردات ووضع هيئة القضايا بأن المعنى في الثاني هو ~~الوجود النفس الأمري وكان الموضوع له هو الجامع فليس الاستعمال حينئذ إلا ~~التلفظ باللفظ وإيجاد المعنى عنده ، وحيث إن الإيجاد لا يتعلق بالجامع إلا ~~في ضمن الخصوصية فلا محالة يكون من أطوار إيجاد الجامع إيجاده في ضمن ~~خصوصية كذا ، وحيث إن استعماله أيضا عبارة عن هذا الإيجاد فتكون هذه ~~الخصوصية من أنحاء استعماله أيضا. # والحاصل أن إيجاد المعنى في هذا المقام يكون بمكان تصور المعنى في معاني ~~الأسماء والحروف ، فكما أن الاستعمال هناك عبارة عن تصور المعنى عند اللفظ ~~فيكون كيفيات التصور من أنحاء الاستعمال فكذا في المقام استعمال اللفظ ~~عبارة عن إيجاد عقد القلب عند التلفظ ، فيكون أنحاء إيجاده من أنحاء ~~الاستعمال ، هذا. PageV02P742 # ولا يخفى أن الحكاية عن الخارج في القضية الخبرية على هذا ليست من شأن ~~اللفظ بلا واسطة ، بل هو يحكى عن الصفة النفسية التي هي عقد القلب وهو يحكى ~~عن الخارج ، فيكون اللفظ حاكيا عن الخارج بالواسطة ويصح ms1307 بهذه الملاحظة ~~إسناد الحكاية عن الخارج إلى نفس اللفظ أيضا ، لفنائه في ما هو الحاكي ، ~~كما أن لفظ زيد مثلا حاك عن الصورة الذهنية وهي حاكية عن الجثة الخارجية ~~ومع ذلك يصح إسناد الحكاية عن الجثة الخارجية إلى لفظ زيد. # ولكن لا يتم كلام القائل أعني كون الإنشائية والإخبارية راجعين إلى أطوار ~~الاستعمال في صيغ الأمر والنهي وما يتحد معها بحسب المادة من القضايا ~~الإخبارية مثل اضرب ، أو لا تضرب ، وضرب زيد ، أو لم يضرب زيد ، حيث إن ما ~~هو المحكي في الخبرية هو نسبة الضرب إلى زيد وليس هذا موجودا في اضرب بل هو ~~الطلب المتعلق بالضرب وليس هو من مقوله النسبة التامة بل من الناقصة ، مثل ~~نسبه «في الدار» في ما إذا قلت : اضرب في الدار ، فلم يتحقق الجامع إلا أن ~~يقال : إن المفاد هنا أيضا إيجاد التصاق الضرب بالزيد ، فكما أنه لو اوجد ~~الضرب تكوينا كان يوجد النسبة في الخارج إلى زيد واتصاف الزيد به ، فكذلك ~~فيما إذا توجد هذه الإرادة تشريعا فكأنه يلصق الضرب بالزيد ، هذا. # * * * PageV02P743 ### | فهرست المطالب # المقصد السابع في الاصول العلمية # المسألة الاولى : الشك في التكليف وحجج الاخباريين لوجوب الاحتياط ~~فيه........... 5 # هل يكون فى البين ~~بيان........................................................ 7 # هل نفس احتمال التكليف ~~بيان................................................ 12 # هل يستفاد من الآيات والاخبار وجوب ~~الاحتياط................................ 16 # الاخبار ثلاث ~~طوائف........................................................ 17 # الطائفة ~~الثانية............................................................... 25 # الطائفة ~~الثالثة............................................................... 30 # التمسك بالمعقولات لوجوب ~~الاحتياط.......................................... 33 # التمسك بالعلم ~~الاجمالى...................................................... 33 # الجواب ~~بوجوه................................................................ 37 # الوجه ~~الاول................................................................. 37 # الوجه ~~الثانى................................................................. 37 # الوجه ~~الثالث................................................................ 46 # فى حجج الاصوليين ~~للبراءة.................................................... 49 # حديث ~~الرفع................................................................ 49 # الخدشة فى حديث الرفع من حيث صحة الاستدلال به ~~وجوابها..................... 49 # الخدشة فيه من حيث المعنى ~~وجوابها............................................. 59 # الخدشة الثانية ~~وجوابها......................................................... 60 PageV02P744 # الخدشة الثالثة ~~وجوابها......................................................... 60 # تخصيص الناسى ~~بالخطاب..................................................... 65 # صحيحة عبد الرحمن بن ~~الحجاج............................................... 68 # حديث كل شىء فيه ~~حلال................................................... 72 # حديث كل شىء ~~مطلق....................................................... 78 # التمسك بالاستصحاب ~~للبراءة................................................. 80 # الشبهة ~~الموضوعية............................................................ 83 # اصل عدم ~~التذكية............................................................ 89 # الموارد التى يكون الاصل الحاكم على البراءة ~~موجودا............................... 93 # المسألة الثانية : الشك فى المكلف به مع العلم الاجمالى ~~بالتكليف................... 95 # ما يستفاد من حديث الرفع وغيره ~~فيه........................................... 96 # كيفية شمول حديث الرفع لاطراف العلم ms1308 ~~الاجمالى............................... 101 # قصور حديث الرفع ~~للشمول................................................. 102 # الوجه الثانى : التمسك باطلاق ~~المادة......................................... 108 # الوجه الثالث : التمسك بالاطلاق الحالى والعموم ~~الحالى......................... 111 # التنبيه على امور : # الامر الاول فى بيان شرط تنجيز العلم ~~الاجمالى................................. 124 # صورة الاضطرار الى واحد لا ~~بعينه............................................. 132 # صورة خروج احد الطرفين عن محل ~~الابتلاء..................................... 135 # الامر الثانى لو تعقب العلم الاجمالى بالتفصيلى وله ~~صور......................... 142 # الامر الثالث فى الشبهة الغير ~~المحصورة......................................... 157 # فصل فى الشك بين الاقل ~~والاكثر............................................ 160 # بيان القائلين بالاشتغال ~~فيه.................................................. 161 PageV02P745 # تقريب البراءة العقلية ~~فيه..................................................... 164 # البراءة النقلية ~~فيه........................................................... 176 # التنبيه على ~~امور.............................................................. 179 # الامر الاول إذا دار الامر بين التعيين ~~والتخيير.................................. 179 # الامر الثانى الشبهة الموضوعية بين الاقل ~~والاكثر................................ 181 # وهم ~~ودفع................................................................. 187 # فى بيان الفرق بين المتعلق والموضوع ~~للحكم..................................... 188 # الحكم فى المسألة ~~الماهوتية.................................................... 194 # الكلام فى الشبهة الماهوتية بحسب ~~الروايات.................................... 203 # الامر الثالث لو شك فى الجزئية من حيث عمومها لحال العمد ~~وغيره.............. 205 # قاعدة لا ~~تعاد................................................................ 210 # الامر الرابع لو شك فى ثبوت الجزئية والشرطية مطلقا حتى فى حال ~~العجز.......... 219 # الامر الخامس اذا دار الامر بين اعتبار وجود شىء بالجزئية وعدمه ~~بالمانعية.......... 226 # الامر السادس فى شرط اجراء البراءة وهو ~~الفحص............................... 229 # وجوب التعلم والتفقه ~~والفحص............................................... 237 # فى الوجوب ~~الطريقى........................................................ 240 # الشرطان الآخران لاجراء ~~البراءة............................................... 241 # فى بيان ضابط ~~الحكومة..................................................... 253 # الفرق بين التزاحم ~~والتعارض................................................. 256 # قاعدة الضرر......................................................... ~~246 و480 # فى بيان النسبة بين هذه القاعدة وسائر الادلة.......................... ~~252 و483 PageV02P746 # المسألة الثالثة : فى دوران الامر بين ~~المحذورين................................... 263 # قاعدة ~~الاستصحاب........................................................... 269 # تعريف ~~الاستصحاب........................................................ 269 # تعتبر فيه فعلية اليقين ~~والشك................................................ 270 # تقسيمات الاستصحاب..................................................... 274 # الامور التى تكون محلا للنقض والابرام فى مباحث ~~الاستصحاب................... 274 # الامر الاول استصحاب حكم العقل.................................. 275 و494 # الامر الثانى فى ادلة حجية ~~الاستصحاب....................................... 281 # صحيحة ~~زرارة.............................................................. 286 # صحيحة ثانية لزرارة................................................. ~~292 و501 # صحيحة ثالثة له................................................... 298 و506 # موثقة عمار........................................................ 302 و510 # رواية الخصال...................................................... 303 و510 # الكلام فى امكان الجمع بين قاعدة اليقين والاستصحاب فى عبارة ~~واحدة........... 305 # مكاتبة ~~القاسانى............................................................ 308 # الروايات ~~المؤيدة............................................................ 309 # الامر الثالث فى الاستصحاب الكلى.................................. 314 و526 # الامر الرابع فى استصحاب الزمان والزمانى...................... 328 و536 و626 # الامر الخامس فى الاستصحاب التعليقى........................ 335 و542 و621 # الامر السادس فى استصحاب احكام الشرائع ~~السابقة........................... 338 # مناظرة بعض اهل ~~الكتاب................................................... 341 # الامر السابع فى الاصل المثبت........................................ ~~344 و545 # تنبيه ~~نافع................................................................. 350 PageV02P747 # اتباع ms1309 نظر العرف فى المفهوم وتطبيقه على ~~المصداق.............................. 351 # اذا كان العنوان موضوعا للحكم بالوجود السارى ينتشر حكمه فى الوجودات ~~الخاصة 353 # بعض الموارد التى توهم كونها من الاصول ~~المثبتة.......................... 352 و551 # الامر الثامن فى اصالة تأخر الحادث........................... 357 و607 و560 # الامر التاسع فى استصحاب حكم الخاص...................... 361 و573 و602 # الامر العاشر فى اعتبار بقاء الموضوع لجريان الاستصحاب................ ~~371 و581 # الثانى من شروط تحقق ~~الاستصحاب.......................................... 381 # قاعدة التجاوز ~~والفراغ.................................................. 384 و671 # روايات ~~القاعدة............................................................ 384 # لنا ~~قاعدتين................................................................ 385 # هل يمكن ارادة الاعم من قاعدة التجاوز وقاعدة الصحة من الروايات ام ~~لا......... 389 # المراد من المحل الذى يعتبر التجاوز ~~عنه................................. 392 و683 # هل الدخول فى غير المشكوك معتبر فى اجراء هذه القاعدة................ ~~393 و685 # حول رواية ابن ابى ~~يعفور.................................................... 395 # قاعدة التجاوز تشمل ~~الشروط............................................... 396 # قاعدة اصالة ~~الصحة.......................................................... 397 # تقدم اصالة الصحة على الاستصحاب................................ 399 و637 # الامر الحادى عشر فى بيان وجه تقديم الامارات على الاستصحاب 406 و643 و710 # تتمة فى وجه تقديم الاستصحاب على سائر الاصول............ 416 و648 و718 # الامر الثانى عشر فى تعارض الاستصحابين............................. 419 و651 PageV02P748 # التعادل والترجيح # البحث فى تعارض ~~الدليلين.................................................. 423 # فى انه لا معنى للحكومة فى ~~اللبيات........................................... 426 # فى تعارض ~~الخبرين.......................................................... 431 # الكلام فى الخبرين المتكافئين على حسب ما تقتضيه ~~القاعدة...................... 431 # الكلام فى الخبرين المتكافئين مع النظر الى ~~الاخبار............................... 436 # بناء على التخيير فهل يختص بالمجتهد ام يشمل ~~المقلد............................ 439 # هل التخيير ابتدائى او ~~استمرارى.............................................. 440 # هل يجب الترجيح بواسطة وجود المزية فى احد ~~الخبرين............................ 442 # فى المتزاحمين......................................................... ~~...... 445 # ادلة وجوب ~~الترجيح........................................................ 449 # هل يقتصر فى الترجيح على المزايا ~~المنصوصة.................................... 463 # بناء على التعدى هل يعتبر الظن ~~الشخصى.................................... 464 # التنبيه على ~~امور.............................................................. 466 # الامر الاول هل يشمل التخيير والترجيح الاظهر والظاهر والنص ~~والظاهر........... 466 # الامر الثانى ما قيل لتشخيص ~~الاظهر......................................... 469 # الامر الثالث فى انقلاب ~~النسبة............................................... 471 # الامر ~~الرابع................................................................ 475 # الامر ~~الخامس.............................................................. 477 # تاريخ تأليف ~~الكتاب........................................................ 479 # قاعدة لا ضرر والاستصحاب........................................... 480 و246 # فى احتمالات لا ~~ضرر....................................................... 481 PageV02P749 # نسبة قاعدة لا ضرر مع سائر الادلة.................................. 483 و252 # حكومة لا ضرر على قاعدة «الناس مسلطون»................................. 486 # دوران الضرر بين ~~شخصين.................................................. 488 # التنبيه على ~~امور.............................................................. 491 # الامر ~~الاول................................................................ 491 # الامر الثانى فى اثبات خيار الغبن بقاعدة لا ~~ضرر............................... 491 # الامر الثالث النقص القيمى مصداق لضرر ام ms1310 ~~لا............................... 492 # الامر الرابع تخصيص الاكثر فى قاعدة لا ~~ضرر.................................. 493 # الاستصحاب............................................................. ~~.... 494 # فى استصحاب حكم العقل.......................................... 494 و275 # فى حجية الاستصحاب فى الشك فى المقتضى.................................. 498 # صحيحة زرارة الثانية................................................ ~~501 و292 # صحيحة زرارة الثالثة................................................ ~~506 و298 # موثقة عمار........................................................ 510 و302 # رواية الخصال...................................................... 510 و303 # كل شىء طاهر حتى....................................................... 510 # الاحكام ~~الوضعية........................................................... 519 # استصحاب الكلى.................................................. 526 و314 # القسم الثانى ~~منه........................................................... 527 # القسم الثالث ~~منه.......................................................... 532 # استصحاب الزمان.......................................... 536 و626 و328 # فى اشكال صاحب الدرر على ما فى الدرر فى مجلس ~~الدرس...................... 540 PageV02P750 # الاستصحاب التعليقى....................................... 542 و621 و335 # الاصل المثبت...................................................... 545 و344 # فى الفرق بين الاصول ~~والامارات.............................................. 545 # الموارد التى توهم كونها من الاصول ~~المثبتة............................... 551 و352 # شأن المعقل فى ترتيب حكم الكلى على الفرد الادراك ~~فقط....................... 557 # فى الفرق بين ما اذا اعتبر الطهارة قيدا للمصلى او قيدا ~~للصلاة................... 559 # فى عدم جريان الاستصحاب فى مجهول التاريخ للشبهة المصداقية للا ~~تنقض......... 565 # استصحاب تأخر الحادث.................................... 560 و607 و357 # استصحاب حكم الخاص.................................... 573 و602 و361 # اعتبار بقاء الموضوع فى الاستصحاب.................................. 581 و371 # فيما يتعلق بتعيين معيار ~~الوحدة............................................... 587 # الخطابات منزلة على المصاديق ~~العرفية.......................................... 588 # استصحاب حكم الخاص.................................... 361 و602 و573 # استصحاب تأخر الحادث.................................... 607 و560 و357 # كلام صاحب الكفاية ~~ره.................................................... 615 # الاستصحاب التعليقى.............................................. 621 و524 # فى بيان ملاك ~~الحكومة...................................................... 622 # استصحاب الزمان والزمانى........................................... 626 و536 # حال الاستصحاب مع اصالة الصحة.................................. 637 و399 # الاستصحاب مع الفرعة............................................. 640 و705 # الاستصحاب مع اليد............................................... 641 و707 # حال الاستصحاب مع الامارات.............................. 643 و710 و406 # حال الاستصحاب مع سائر الاصول.......................... 648 و718 و416 # فى تعارض الاستصحابين............................................ 651 و419 PageV02P751 # فى قاعدة ~~اليقين............................................................ 662 # فى قاعدة التجاوز................................................... ~~671 و384 # المقام ~~الاول................................................................ 671 # المقام الثانى فى بيان المراد من ~~المحل..................................... 683 و392 # المقام الثالث : هل الدخول فى الغير معتبر.............................. ~~685 و393 # المقام الرابع : خروج باب الوضوء ~~بالنص....................................... 688 # المقام ~~الخامس.............................................................. 692 # اصالة ~~الصحة................................................................ 700 # تعارض الاستصحاب مع قاعدة ~~التجاوز....................................... 703 # تعارضه مع قاعدة القرعة............................................. ~~705 و640 # تعارضه مع اليد.................................................... 707 و641 # حاله مع الطرق الشرعية............................................. 710 و643 # فى بيان ضابط ~~الحكومة..................................................... 711 # حاله مع سائر الاصول.............................................. 718 و648 # تعليقة حول حديث ~~التثليث................................................. 723 # تعليقة ص 220 من المجلد ~~الاول............................................. 726 # تعليقة حول الاشكال فى شمول آية النبأ للاخبار مع ~~الواسطة..................... 736 # تعليقه ص 18 من المجلد ~~الاول............................................... 740 # فهرست المطالب.................................................... 752 743 PageV02P752 ### |EDITOR| ENDNOTES: (1). إذ وضع مفردات القضية لا يفي بصدق القضية التامة التي ms1311 يصح السكوت عليها ؛ لأن معاني المفردات معان تصورية وتعدد المعاني التصورية لا يستلزم القضية التامة التي يصح السكوت عليها ، فلا بد أن تكون القضية المستفادة من قولنا : زيد قائم مسببة من وضع آخر غير وضع المفردات ثابت للهيئة. منه قدسسره . PageV01P033 (1) متعلق بكلمة فالحق الواقعة قبل الشارحتين ، أي فالحق أن يقال ... PageV01P101 (1) عطف على سؤالا وجوابا ، أي يفترق عن هذا المبحث موردا. PageV01P236 (1) وهذا غير المطلق ؛ فإن دلالة المطلق على العموم البدلي عقلي وبمقدمات الحكمة ، وهنا وضعي أو عرفي وبدلالة اللفظ مثل قولنا في الفارسية : هركدام دلت مى خواهد ، فتدبر ، منه رحمهالله . PageV01P274 (1) ومحصله أن أصالة الجهة أعني أصالة التطابق بين الإرادتين في صورة الاتصال غير جارية ؛ لاحتفاف الكلام بما يصلح للقرينية ، وهي جارية في صورة الانفصال في غير مورد حجية الدليل الخاص ، وأما الظهور الاستعمالي فلا شبهة في انعقاده في العموم موضوعا وحكما سواء في المتصل الذي من قبيل أكرم كل عالم إلا زيدا أو ولا تكرم زيدا أم في المنفصل. نعم المتصل الذي من قبيل أكرم كل عالم عادل تضيق لدائرة موضوع الحكم المنشأ في القضية الاستعمالية أيضا ، ففي صورة إجماله يصير مورد الشك من الشبهة الموضوعية التي لا شبهة في عدم اعتبار العام فيها لعدم الظهور رأسا لا لعدم جريان أصالة الجهة مع حفظ الظهور ، فانقدح أن في المتصل يكون وجه الإجمال إما نقصان الدلالة وإما نقصان PageV01P282 الجهة ، وأما المنفصل فلا نقصان في شيء من جهتيه ، منه عفي عنه. PageV01P283 (1) أي الملاحظة الاولى. PageV01P352 (1) أي يبنى المجيب PageV01P362 (1) والقائل صاحب الفصول أعلى الله مقامه. منه قدسسره . PageV01P375 (1) وهذا وجه ثان لبطلان القول باضطراريتها ؛ فإن البرهان في كل مقام لو كان الوجدان على خلافه كان ساقطا عن درجة الاعتبار ، وإن عجزنا عن تخريبه ورفعه فإن البرهان إنما يكون متبعا لكونه منتهيا إلى الوجدان ، فإذا كان الوجدان على خلافه فهو بمجرده غير مفيد ، وفي المقام مع كون الوجدان على خلاف نتيجة البرهان يكون نفس البرهان أيضا مخدوشا وممكن الرفع ، فيكون غير مفيد بطريق أولى. منه عفي عنه ms1312. PageV01P379 (1) ذهب شيخنا المرتضى قدسسره إلى أنه لو ترك شرب الخمر ولكن كان بانيا على حليته فلا بأس ؛ إذ لا دليل على وجوب عقد القلب على كل حكم تفصيلا ، وإنما المسلم في تحقق الإسلام عقد القلب على العنوان الإجمالى الذي هو كل ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله ، وفيه أنه نعم لا يكون شرطا في الإسلام أن يكون عالما بالأحكام تفصيلا بواقعها وبانيا عليها على التفصيل حتى يلزم كفر الجاهل بالأحكام الفرعية كلا أو بعضا بالجهل البسيط أو بالجهل المركب ، بل يكفي عقد القلب على أن كل ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله إجمالا حق ومن جانب الله عزوجل ، وهذا أمر علاوة على الاعتقاد الجناني الذي هو عبارة عن اليقين والجزم بالحقية الحاصل لتمام الكفار الجاحدين في زمانه صلىاللهعليهوآله ؛ فإنه اتضح الأمر عليهم أجلى من الشمس في رابعة النهار ، ولكن كانوا جاحدين. والمراد بالجحود ليس هو الإنكار اللساني ، بل يجتمع مع الخرس وعدم التكلم أيضا وهو الإباء القلبى عن قبول أحكامه ورسالته والتزامه وعقد القلب على خلاف أحكامه والعتو والتمرد عن الدخول تحت إطاعته وامتثال أو امره ، والطغيان والاستكبار عن تذليل النفس له ولرسالته وما يقابل هذا ، وهو الذي يعتبر في تحقق الإسلام والاقرار اللساني كاشف عنه وليس له موضوعية. ولذا يتحقق الإسلام مع الخرس وعدم التكلم وهو التباني وتذليل النفس وتوطينها على انقياد حكمه وقبول رسالته وعقد القلب والالتزام بها ، وهو أيضا أمر قلبي باطني كالعلم والجزم ولكنه غيرهما. والحاصل أنه وإن كان لا يعتبر في الإسلام زيادة على الاعتقاد وعقد القلب الجنانيين على صحة وحقية كل ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله على سبيل الإجمال ، ولكن كما PageV01P396 لا يجتمع هذا الاعتقاد فيما إذا علم وجدانا بأن الشيء الفلاني مصداق ما جاء به مع الاعتقاد بعدم حقية هذا المصداق ، ولا محالة يكون هذا استثناء من تلك الكلية ؛ ضرورة أنه لا يمكن الاعتقاد بالموجبة الكلية مع السالبة الجزئية ؛ فإنهما متناقضان ، كذلك التباني وعقد القلب على تلك الكلية الإجمالية أيضا لازم وجوده الذي لا ينفك ms1313 عنه أنه إذا صار مصداقه تفصيليا صار هو أيضا تفصيليا قهرا ، وإلا يكشف عن عدم الإجمال أيضا. ولهذا ذكروا أنه لا ينفك إنكار الضروري أو التشكيك فيه عن إنكار الرسالة وحقية ما جاء به ، أو التشكيك في ذلك مع الالتفات إلى كونه ضروريا واصلا عن النبي صلىاللهعليهوآله إلى أيدي الناس ، فحينئذ لا محالة يكون عقد القلب على بعض ما جاء به دون تمامه ، منه قدسسره . PageV01P397 (1) ما بين المعقوفتين كلام المحقق الخراساني في الكفاية. PageV01P408 (1) فإنه على مذهب من يقول بالتوفيق بين الحكم الظاهري والواقعي يجعل الواقعي شأنيا والظاهري فعليا يمكن له القطع بعد الاطلاع على الدليل على الحكم الظاهري ، أما قبل الاطلاع لا يمكن له هذه الدعوى ؛ لأنه لا يدري لعل الأحكام الواقعية كانت فعلية ، وعلى هذا التقدير يعترف بالاستحالة ، فكيف يصح له دعوى القطع بعدمها بقول مطلق؟. وكذلك على قول من يذهب إلى الجمع بنحو الترتب بضميمة أخذ حال التجرد عن الشك في موضوع الواقعي على سبيل الحالية لا القيدية كما في التجريد في موضوع الكلية ؛ فإنه يمكن له بعد الظفر على الدليل أن يستكشف على طريق الإن من دخل التجرد على النحو المذكور ، ولكن قبل ذلك يحتمل عدم ذلك ، ومعه يبقى محذور المناقضة والمضادة بحالهما ، فلا يمكن له أيضا دعوى القطع بعدمه لا محالة. (2) وقد يقال : إنه غير معقول ؛ لأنه بعد مساواة طرفي الإمكان والاستحالة في النظر فترجيح أحدهما على الآخر ترجيح بلا مرجح ، وفيه : أنه معقول وإلا فكيف تعقلتم من PageV01P437 العقلاء الحكم بعدم القرينة عند احتمال وجودها وعدمها؟ والحل : أنه يمكن أن يكون غلبة عدم القرينة في نظرهم طريقا إلى العدم ، وفي مقامنا غلبة الممكنات طريقا إلى الإمكان فالأولى القول بأنه غير مسلم. PageV01P438 (1) والمناقشة في المثلية بأن أحدهما إخبار عن حس والآخر عن حدس ، أو أن في الإخبار عن الله الدواعي على الكذب متوفرة للكشف عن علو الرتبة وسمو المنزلة بخلاف الأخير ، مخدوشة ؛ فإن ذلك إنما يصلح فارقا في مرحلة الوقوع لا الإمكان العقلي ؛ فإن شيئا من ذلك ms1314 لا يمنع عن الإمكان العقلي ، منه قدسسره . PageV01P439 (1) أي ترتب الأمر بالعمل بمؤدى الأمارة على الأمر بالواقع ، وانظر الصفحة : 168. PageV01P452 (1) يعني عنوان تصديق العادل ليس بموضوع ، بل مشير إلى الواقع ، منه قدسسره PageV01P463 (1) بيانه قد سبق قبل هذا فليراجع. PageV01P464 (1) أي الوجه الثاني الذي ذكره المحقق الخراساني قدسسره . PageV01P467 (1) يعني حصلت له بالوضع طبيعة ثانوية في أن يقصد به تفهيم ما وضع له ، لأن ذلك حكمة الوضع ، فلو عومل معه ذلك كان على وفق طبعه ، وخلاف ذلك محتاج إلى دليل وإحراز ، وأما هو فمقتضى الأصل الأولى. فإن قلت : غاية الأمر أن الطبع مقتض لوجود مقتضاه ، لكنه يجامع مع المانع ، فبمجرده لا يكفي في الحكم بتحقق المقتضى بالفتح ما لم يحرز عدم المانع ، ففي المقام القرينة الصارفة مانع ومزاحم لهذا المقتضى ، فلا بد من إحراز عدمها. قلت : معنى بناء العقلاء أنهم يبنون على وفق المقتضي ويحكمون بوجود المقتضى بالفتح ومن المعلوم أن وجود المقتضى بالفتح لا يجامع مع وجود المانع ، فيعلم بالملازمة عدمه ، وليس هذا بضائر في الاصول اللفظية ؛ لأنها أمارات ومثبتها حجة. منه قدسسره . PageV01P485 (1) والكثرة إنما تحققت في المجازات المتشتتة لا في واحد معين ، فلا يقال : إنه يلزم أن ينقلب الطبع ويصير مع المعنى المجازى ، ولهذا لو تحققت في واحد صار كذلك ويسمونه بالمجاز المشهور ، والحاصل أن الطبع إنما يمشي على وفقه ما دام لم يصل الخروج عن مقتضاه إلى خلافه بحد الكثرة ، وبعد هذا ينهدم الطبع ولا بد في إثبات مقتضاه من التماس دليل من الخارج ، وفي مقامنا لا بد من التماس دليل مثبت لعدم القرينة حتى يثبت إرادة المعنى الحقيقي. منه قدسسره الشريف. PageV01P486 (1) يعني أن الظهور الانتقاشي التصوري الحادث قهرا حتى من اللفظ المسموع من الجدار إذا استقر ، يعني ما يتيقن بعد ضم اللواحق والضمائم والخصوصيات المكتنفة به من الحالية والمقالية ، فهذا المعنى الانتقاشي متى والشك في إرادة المتكلم تفهيمه في مقام الاستعمال ولم يكن في البين ما يورث الإجمال والتوقف مما يصلح للقرينية فبنائهم على الأخذ بهذا الظاهر الانتقاشي وأنه الذي أراد ms1315 المتكلم تفهيمه. فلا يقال : إن الظهور PageV01P487 بمعنى الرجحان لا يجامع الشك ، وذلك لأن المراد بالظهور هو المعنى الانتقاشي ، والشك إنما هو في ما قصد المتكلم تفهيمه ، فالمدعى أن العقلاء يحكمون بأن ما قصد المتكلم تفهيمه يكون على وفق المعنى الانتقاشي ، ومدركهم في هذا الحكم إما أصالة الحقيقة ، وإما أصالة عدم القرينة كما تقدم توضيحها. PageV01P488 (1) وبهذا يجاب عن الإشكال بأن غاية ما في الباب عدم ثبوت الردع من الشارع ، لكن الإمضاء أيضا غير ثابت ، فحيث إن المقام مقام الشك في الحجية ، والمرتكز عند العقلاء فيه أيضا عدم معاملة الحجة فاللازم الحكم بعدمها. وحاصل الجواب أن الأمر الجبلي للناس الذي يكون مغفولا عنه للعامة ولا ينقدح احتمال خلافه إلا لمن استأنس ذهنه بالدقائق العلمية ، فهذا الأمر لو كان غير مرضي الشرع لوجب عليه إظهار الردع بالتنصيص وعدم الاكتفاء فيه بالعموم والإطلاق ، وحيث ما كان يقطع برضى الشارع هذه الطريقة ، فيصير هذا برهانا للأوحدي المحتمل ، منه قدسسره . PageV01P491 (1) حاصل الجواب إسقاط الخبرين عن الظهور لا تسليمه ورفع اليد عنه بالأخبار المعارضة : وحاصل المحمل الذي يحمل عليه إما ابتداء وإما بملاحظة الجمع أن الافتاء بالقرآن منحصر في طائفتين لا ثالث لهما ، الاولى : من كان عارفا بالقرآن حق معرفته ، يعني كان عارفا بناسخه ومنسوخه وعامه وخاصه ، أعني عرف أن العمومات التي اريد منها العموم كم هي وما هي ، والعمومات التي اريد منها الخصوص مع كونها بصورة العموم كآية الارث حيث إنها خاصة بغير الزوجة والحبوة كم هي وما هي ، فانهما بهذا المعنى يصح جعلهما في رديف الناسخ والمنسوخ ، وإلا فالعام والخاص الاصطلاحيان فعرفهما كل أحد ولا يختص بشخص خاص. والثانية من لم يكن له هذه المعرفة ولكنه يتتبع مظان معرفة ذلك ويتفحص عنها أعني : يرجع إلى الأئمة عليهمالسلام . ثم نقول : عدم كون أبي حنيفة من الطائفة الثانية كان مفروغا عنه وما كان محتاجا إلى السؤال ؛ لمعلومية عدم رجوعه إليهم عليهمالسلام وكونه مدعيا للمرتبة الاولى ، ومن المعلوم أن الخطاب الصادر إلى هذا الموضوع المتحيث بهذه الحيثية لا ms1316 يصح إلا على الوجه الذي أداه الإمام عليهالسلام من سلب معرفة القرآن عنه وتوبيخه على الإفتاء مع عدم المعرفة. والحاصل : خصوص المورد إنما لا يخصص الوارد إذا علم من الخارج بالغاء الخصوصيات ، وأما مع احتمال دخلها فلا وجه للإلغاء ، نظير ما ورد في قضاء الولد الأكبر حيث ورد الخبر بلفظ «الرجل» وإن احتملنا عدم سراية الحكم إلى المرأة الميت فلا وجه للإسراء. PageV01P497 فإن قلت : نعم ، لكن العبرة بعموم العلية وهي ما يستفاد من قوله عليهالسلام : أتعرف القرآن حق معرفته. قلت : نمنع استفادة العلية على وجه الاستقلال ؛ لعدم ذكر اللام ، والعلية على وجه الجزئية لا يفيد المدعى. ثم لو سلم عدم الظهور الأولي فيما ذكرنا فلا أقل من كونه حملا قريبا بملاحظة المعارض مثل أخبار عرض الأخبار المعارضة على القرآن ، فإنه يعلم منها أن لغيرهم أيضا معرفة القرآن ، وإلا فكيف يميز الموافق عن المخالف ، وهكذا سائر الأخبار الواردة في الموارد الخاصة التي احصاها شيخنا المرتضى في رسائله ، فيكون ما ذكرنا بعد ملاحظة الجميع وجه جمع قريب ، وعليه فلا يكون محل التعرض في الخبر إلا أبو حنيفة ونظرائه ، فيكون الشيعة مسكوتا عنهم غير مشمولين للنهي ، فهم باقون تحت الأصل الأولي. منه قدسسره . PageV01P498 (1) والحاصل : قد يحصل للإنسان بعد مراجعة كتب اللغة الاطمئنان بالمعنى فهذا في الحقيقة اعتماد على الاطمئنان ، والمدعى من حجيته في المقام هو الاعتماد على قوله ولو لم يورث ظنا أصلا ، بل ولو حصل على خلافه نظير الحجية في الظواهر وقول البينة ، فالمقصود منها صحة الاحتجاج بين العبد والمولى وإن كان السر هو الكشف النوعي وحصول الظن منه نوعا. منه قدسسره الشريف PageV01P506 (1) فإن الطهارة من قبيل الحصول والانفعال نحو الشرافة والكرامة ، والتطهر من قبيل الفعل والحركة ، ويعبر عن الأول بالفارسية ب «پاك شدن» وعن الثاني ب «پاك كردن» وباب التفعل وإن كان لازما لأنه للقبول والمطاوعة إلا أن الكون من قبيل الفعل والحركة يلائم مع اللزوم والتعدي ، ألا ترى أن «ضحك» و«تبسم» و«ذهب» ونحوها أفعال لازمة ومع ذلك يكون ms1317 من قبيل الفعل والحركة للفاعل دون ما كان قهري الحصول له. والحاصل أن قراءة التخفيف لا شبهة في كونه من قبيل الحصول المعبر عنه في الفارسية ب «شدن» فلا محالة يكون عبارة عن الطهارة عن الدم ، فيكون غاية الحرمة على هذا هو الانقطاع ، وأما التطهر فحيث إنه من باب التفعل وهو لم يستعمل في ما عهدنا من مواضع استعماله في الحصول ، بل استعمل في الكل في الفعل والحركة للفاعل سواء استعمل في القبول والمطاوعة أم الغي عنه ذلك فلا محالة يكون عبارة عن التطهير الذي هو من مقولة الفعل الاختياري للفاعل ، وليس ما كان فعلا للمكلف في المقام وصالحا للغائية للحرمة سوى الغسل ، وأما غسل الفرج فهو وإن كان فعلا ولكنه لم يقل بغائيته قائل ، فتعين معنى الآية على هذه القراءة في غائية الغسل بالضم ، وحيث لا يمكن إرادة كليهما فلا بد إما من حمل الطهارة على الطهر الحاصل عقيب التطهر ، فيكون المراد الطهارة من الحدث ، وإما من حمل التطهر على المعنى الحصولي ، ولا يخفى أن الثاني مستلزم للتجوز بخلاف الأول ، فإنه لم يؤخذ في معنى الطهارة إلا مجرد الحصول ، وأما عدم تعقبه للفعل PageV01P516 الاختياري للفاعل فلم يؤخذ فيه بأن يعتبر أن يكون حصولا قهريا لم يعمل في مقدماته أيضا اختيار الفاعل ، بل هو من ذلك ومن الحصول الذي يحدث عقيب فعل اختياري للفاعل. وإذن فبناء على تواتر القراءات يتضح دلالة الآية الشريفة على كون الحرمة مغياة بالغسل دون الانقطاع ، ولكن الشأن في ثبوت التواتر ، وذلك لوضوح عدم حصول القطع بقرآنية ما يروونه القراء السبع. وإذن فتصير الآية الشريفة مجملة ، فلا بد من التكلم على القاعدة من استصحاب حكم المخصص أو الرجوع إلى العام ، إلا أن يقال : إن قوله تعالى بعد ذلك : ( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) رافع للإجمال ، فعلى هذا أيضا تكون الغاية هو الغسل ، فيكون الكلام على القاعدة مع الإغماض عن ذلك ، كما يكون مع الإغماض عن الأخبار الخاصة في المقام أيضا ، وأما مع النظر إلى ms1318 الأخبار الخاصة فهي بين مصرح بالجواز وبين الناهي عن الوطي قبل الغسل ، ومن المعلوم أن مقتضاها الحمل على الكراهة وحمل يطهرن أيضا على الطهارة من الدم ، هذا. منه قدسسره الشريف. PageV01P517 (1) أي آية البناء. PageV01P532 (1) وحاصل هذا الجواب أن الخصوصية كون الشهرة في الرواية مأخوذة في الجواب ، ونحن إنما لا نعتني بخصوصية المورد مع كون الوارد عاما ، لا في مثل المقام ، وهذا الجواب مختص بالمرفوعة ولا يجري في المقبولة ؛ لعموم العلة فيها. منه قدسسره . PageV01P545 (1) وليعلم أن المقصود تقية نفس الإمام في بيان الحكم بأن يبين خلاف الواقع لخوفه عليهالسلام عن الظالمين ، لا أن يكون الداعي تقية غيره بأن يبين حكم عامة الشيعة المبتلين بالتقية ، فتبصر. منه عفي عنه وعن والديه PageV01P549 (1) ولو فرض أنه ليس من هذا القبيل اصطلاحا فلا شك في اتحاده معه في الملاك ، لراقمه عفي عنه. PageV01P574 (1) هذا تقرير آخر لكلام آية الله العظمى الحائري قدسسره وإشكال المؤلف طاب ثراه عليه. PageV01P592 (1) الأولى في رد التمسك بالآية أن يقال : مفاد الآية وجوب الإنذار ومطلوبية الحذر ، لكن الحذر عبارة عن الخوف النفساني لا العمل الأركاني ، فإنه يحصل للإنسان عقيب PageV01P599 الوعظ والإنذار حالة الخوف ، ويكفي فيه مجرد احتمال صدق المنذر ، فعند هذا الاحتمال والخوف يبعثه عقله نحو أحد الأمرين : إما الاحتياط ، أو الفحص والوصول إلى الواقع ، فالآية غير مرتبطة بمقام الحجية أصلا. (1) الإنصاف أن هذا الإشكال بعد تسليم أن المراد مطلوبية العمل بعد الحذر ولأجله غير وارد من وجهين ، الأول : أن الظاهر من الحذر في الآية هو الخوف عن العقوبة الاخروية ، والثاني : أن المصالح والمفاسد يختص فهمها بالأوحدي من الناس ممن يحكم عقله باستتباع الأحكام للمصالح والمفاسد في المتعلقات ، وبعد الفهم أيضا يختص الارتداع عن الوقوع في ضررها بالأوحدي من الأوحدي. منه قدسسره الشريف. PageV01P600 (1) PageV01P607 (1) فإنه ليس اذن خير على هذا لجميع المؤمنين كما يستفاد من قوله تعالى : قل اذن خير لكم ، بل يكون اذن خير لبعض وشر لآخر ، فإنه إذا سعى مؤمن مؤمنا آخر فترتيب جميع الآثار يقتضي إجراء الحد مثلا لو كان المسعى ms1319 به مقتضيا له عليه ، وأما إذا كان اذن خير في مقام المعاشرة فلازمه أن لا يسخط على الساعي ولا يطرده ولا يعامل مع المسعى أيضا معاملة العداوة ، بل يصدق ظاهرا ويقبل قول كليهما ولا يغير حسن سلوكه في حق واحد منهما. منه قدسسره الشريف. PageV01P608 (1) وقد يستفاد من شيخنا الاستاد دام بقاه دعوى تواتر الأخبار بحجية الاستصحاب. منه قدسسره الشريف PageV01P624 (1) يمكن رفع الحرج بأدلته الشرعية بوجهين ، الأول : بالتصرف في مرحلة الامتثال PageV01P647 بمعنى أن الشارع بما هو عاقل يمكن أن يرى أن في الامتثال الحرجي محذورا أشد من محذور ترك الموافقة القطعية يقصر عن دركه سائر العقول ، فإن أرشد العباد إلى ذلك لا يعد هذا منه نقضا لغرضه ، فإنه إنما يطلب الواقعيات بما هو شارع ، وإرشاده في مقام امتثالها إلى ترك الموافقة القطعية من جهة ملاحظة المزاحمات والكسر وفحينئذ فقوله تعالى : ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) لا مانع من الاخذ به بتقريب أن الله بنظر الشارعية والعاقلية معا لا يرضى بوقوع العباد في العسر. الوجه الثاني : بالتصرف في الواقعيات ، بمعنى أن الواقعيات من حيث القيود الراجعة إلى غرض الشارع فعلية ، ولكنها بالنظر إلى الطواري والمزاحمات الحاصلة بملاحظة الجمع بين هذه الأغراض وغرض آخر للمولى ليست بفعلية ، ومن تلك الطواري الحرج الطاري على نفس تلك الواقعيات في مقام الامتثال ، وبالجملة ، حال الواقعيات مع عموم لا حرج بالنسبة إلى الحرج الحاصل في مقام الامتثال وتحصيل الموافقة القطعية حال دليل حلية الغنم مع دليل حرمة الغصب. وحينئذ نقول : أمر هذا الشخص دائر بين أن يهمل جميع الوقائع حتى يقطع بفوت ذلك الغرض الذي يهتم لأجله المولى ، وبين أن يتحرك نحوه بمقدار لا ينافي حفظ غرضه الآخر الأهم وهو عدم وقوع عبده في الحرج ، فالعقل مستقل بالثاني ، ولا يقال : إنه حيث لا يعلم لعله يقع تمام موارد التكليف في ما يتركه لأجل الحرج ، وحينئذ ليس التكاليف فعلية ، فهو شاك في التكليف الفعلي ، فيجري في حقه قبح العقاب بلا بيان ، فإنه ليس الموضوع للتنجيز ms1320 العقلي القطع بالتكليف الفعلي وإلا لاجرى البراءة في الشك في القدرة ، بل العقل مستقل بالتنجيز في موارد القطع بثبوت الغرض للمولى ، ولو شك في التكليف الفعلي ، وإن شئت قلت في المقام : إن الجمع بين الغرضين للمولى مما يحكم به العقل ، فإن أمكن على نحو القطع فهو ، كما لو علم بمبغوضية شرب الخمر للمولى ومحبوبية برء المرض له ، وتوقف برء مرض العبد على واحد من شرب الخمر أو السكنجبين ، فإن العقل قاطع بعلاج المرض بالسكنجبين ، وفي مقامنا لا يمكن حفظ الغرضين بالقطع ، لكن يمكن بطريق الظن فيجب بحكم العقل ، والسر ما ذكرنا من عدم توقف التنجيز العقلي على إحراز فعلية التكليف بعد إحراز أصل غرض المولى الذي صار PageV01P648 بصدد تحصيله من العبد ، ومن هنا تبين أن تقديم الظن على غيره من باب الحكومة العقلية. فإن قلت : يلزم على ما ذكرت في صورة الاضطرار إلى الواحد المعين قبل حدوث العلم الإجمالي كون العلم الإجمالي منجزا ، مع أنك معترف في ما يأتي بعدم التنجيز ، والفرق بينه وبين الاضطرار إلى غير المعين. قلت : الفرق بين الصورتين ظاهر ، فإنه مع الاضطرار إلى الواحد لا بعينه يكون الغرض مطلقا ، فلهذا يسأل الله أن يدفع عنده الاضطرار بغير مورد غرضه ، وأما في الصورة الاخرى فلا يحرز هنا غرض مطلق للمولى ؛ إذ لعل مورد الغرض هذا الذي صار مضطرا إليه بعينه ، ليس له حالة الرجاء والاستيفاء من العبد ، فسقوط الغرض عن الإطلاق هنا يكون من أول حدوث الاضطرار ، وهناك بعد دفع الاضطرار خارجا بمورد الغرض. PageV01P649 (1) ولا يلزم ثبوت الأخبار العلاجية بالدليل القاطع ، فإنه على فرض احتمال حجية الخبر فهي أيضا من هذا السنخ ، وبالجملة ، الخبر إن كان حجة فهي أيضا حجة. منه قدسسره الشريف. PageV01P664 (1) والتحقيق هو الانحلال الحقيقي بتقريب أن يقال : إنه لا شك في أن العلم الإجمالي بالتكليف مع كون التكليف الواقعي واحدا يكون منجزا لشخص هذا التكليف الواحد و PageV01P667 حجة عليه ، كما إذا علم بنجاسة أحد الإنائين إجمالا وكان أحدهما واقعا نجسا والآخر طاهرا ، فإن العلم ms1321 الإجمالي ينجز تكليف «اجتنب» في شخص هذا الإناء ، ومع كون التكليف الواقعي متعددا يكون حجة على المبهم ، كما إذا كان النجس في المثال كلا الإنائين ، فإنه حجة على الأحد المبهم ، لا على خصوص هذا ولا خصوص ذاك. وحينئذ فنقول : إذا قام طريق على وجوب الجمعة مثلا وعلمنا إجمالا بوجوب واحد من الظهر والجمعة فهنا ثلاثة احتمالات ، أحدها : أن يكون كل من الظهر والجمعة في الواقع واجبا ، والثاني : أن يكون أحدهما واجبا دون الآخر ، وهذا أيضا ذو احتمالين أحدهما أن يكون هذا الواحد هو ذا الطريق ، والثاني أن يكون غيره. فعلى التقدير الأول أي كون الواجب كلا من الطرفين فالعلم حجة على المبهم ، والطريق حجة على الشخص ، فيكون المبهم متعينا في الشخص ، كما في العلم التفصيلي بعد العلم الإجمالي بعينه ، فكما أن العلم التفصيلي يعين مورد الإجمالي في الشخص فكذلك هنا الحجة التفصيلية وهو الطريق يعين موارد الحجة الإجمالية وهو العلم في الشخص ، فيصير الطرف الآخر مشكوكا بدويا بلا حجة. وعلى التقدير الثاني أي كون الواجب هو ذا الطريق فالأمر واضح. وعلى التقدير الثالث أي كون الواجب غير ذي الطريق فلا شبهة أن تنجيز العلم لذاك الواقع الموجود في غير ذي الطريق مبني على خطاء الطريق ؛ إذ لو كان مصيبا فلا تنجيز كما عرفت ، فمعاملة تنجيز العلم لذاك الواقع معاملة الخطاء مع الطريق ، وهذا مناف مع دليل حجية هذا الطريق ، فإنه قد تكفل هذا الدليل خطاء هذا الطريق وجعله في حكم العدم ، فمقابلة الخطاء مع هذا لا يجوز للشارع الذي هو قد ألغى خطاء الطريق وجعله بمنزلة العدم ، فتدبر جيدا. منه قدسسره الشريف. PageV01P668 (1) وهم ودفع ، أما الأول فهو أنه ما معنى هذا النزاع مع تسليم الجانبين أن مرحلة الامتثال غير قابلة لحكم الشرع ، وإنما المتصرف فيه العقل ، فكيف يمكن أن يستكشف العقل جعل الشرع في ما لا يقبل الجعل ، أما الثاني فهو أن تصرف الشرع يمكن على نحوين ، الأول : أن يقوم الشرع في مقام العقل ويحكم ما حكمه العقل من تعيين ms1322 وظيفة PageV01P671 امتثال الواقعيات في حال الانسداد ، وهذا ما تسالموا على عدم قابليته للجعل ، ولو ورد في لسان الشرع يحمل على الإرشاد ، والثاني أن يتصرف الشرع في موضوع حكم العقل ويجعله أوسع أو أضيق ، فكما أن الأوامر والنواهي الواقعية موضوعات لاستقلال العقل فيها بوجوب الامتثال ، كذلك عند الانسداد يجعل أمرا ونهيا في عرض تلك الأوامر والنواهي حتى يصير موضوعا لذلك الحكم العقلي في عرضها ، وهذا لا شبهة لأحد في إمكانه ، وما وقع البحث في المقام في وجوده وعدمه هو هذا. منه قدسسره الشريف PageV01P672 (1) الحق اختصاص الجواب عن إشكال مناقضة الظاهري مع الواقعي بتعدد الرتبة بالشبهات البدوية ، أما في موارد العلم الإجمالي فللتوفيق ورفع المناقضة مسلكان سلكهما شيخنا الاستاد دام بقاه في بحثه ، أحدهما أن الشرع يقوم مقام العقل ويظهر ما لا يدركه العقل ، فكما أن العقل لو أدرك مفسدة أهم في الموافقة القطعية يحكم بسقوطها ، كذلك لا مانع لو لم يدرك ، ولكن الشرع بما هو عقل كامل يقوم مقام عقل المكلف ويبين له ما كان عقله يريد ويرشد لو كان يدرك تلك المفسدة ، ولا مناقضة بين حكمه في هذه النظرة مع حكمه الصادر عنه بالنظرة المولوية والشارعية ، كالمفتي بحرمة العصير الذي يرشد العوام باعتبار كونه خبرة إلى الأعلم منه ، المفتي بحليته ، فإن إرشاده إلى تقليد ذلك الأعلم حتى في مسألة العصير لا يناقض فتواه وحكمه بحرمة العصير واعتقاده بخطاء رأى الأعلم المذكور ، لأن الثاني من حيث كونه مفتيا ، والأول من حيث كونه خبرة ومرشدا. والمسلك الثاني : سلمنا عدم قبول مرحلة الامتثال لتصرف الشرع حتى بمثل هذا التصرف الذي مرجعه إلى تنزيل نفسه منزلة العقل ، وإلغاء جنبة المولوية وإصدار الحكم الإرشادي ، ولكن نقول : لفعلية الواقع مراتب ، فمرتبة منها هي الفعلية التامة من جميع الجهات أعني من الجهات الراجعة إلى قيود نفس ما هو محصل الغرض بحيث كان مع انتفائها المقتضى ناقصا ، ومن الجهات الأخر الطارئة بملاحظة المزاحمات وملاحظة الكسر والانكسار الحاصلة في طريق امتثال الحكم الصادر على طبق محصل الغرض ، مثل الحرج ms1323 اللازم عند الإتيان بجميع الأطراف والمحتملات ، ومرتبة اخرى هي الفعلية PageV01P674 من خصوص الجهات الراجعة إلى تحصيل الغرض ورفعها من حيث الجهات الطارئة في مرحلة الامتثال بناء على ما هو الظاهر من شمول دليل نفي الحرج للحرج في مقام الامتثال وعدم اختصاصه بالحرج في نفس الواقع ؛ إذ حينئذ يحكم العقل بأن للمولى غرضين مطلقين قد تصدى بمقام إخراجهما من جوارح العبد ، فلا يجوز الاستراحة ، بل يجب الإتيان بالمحتملات والأطراف بمقدار لا يلزم منه الحرج ، وهو غاية الجمع بين الغرضين ، ومن المعلوم أنه يتعين جعل ترك الاحتياط في مظنونات العدم حتى يحصل الاطمئنان بالجمع. وبالجملة ، على كلا المسكين المنجز هو العلم الإجمالي إما بالتكليف الفعلي من جميع الجهات وإما بالتكليف الفعلي من حيث نفسه والغير الفعلي من حيث طريق امتثاله ، ولا فرق في منجزية العلم الإجمالي في حكم العقل بين أن يتعلق بالتكليف الفعلي من جميع الجهات أو الفعلي من حيث الغرض ، والشأني من حيث الغرض الآخر كما هو واضح ، وبالجملة ، الأساس هو منجزية العلم الإجمالي وعدم وجوب الاحتياط التام ؛ فإن العقل كاف واف بلزوم الاحتياط الناقص على حسب مقدار دفع الحرج ، وبعد استقلال العقل فمن الممكن بمكان من الإمكان إحالة الشرع أيضا إلى هذا الحكم وعدم نصب الوظيفة لهم ، فكيف يمكن استنتاج كشف الحجية الشرعية من المقدمات. منه قدسسره الشريف. PageV01P675 (1) قد عرفت في ما تقدم أن صرف استكشاف الاهتمام لا يوجب منجزية الاحتمال ، و PageV01P676 قياسه بالاغراض النفسانية يوجب عدم الفرق بين احتمال التكليف المهتم أو غير المهتم ، ويأتي إن شاء الله تعالى في محله الفرق وأن العبد ليس مهمه في نظر العقل تحصيل أغراض المولى ، بل يدور مدار الحجة ، وقوله : ما علمت بإرادتك حجة بين الموالي والعبيد وإن كان محتملا للإرادة المهتمة وفرض واقعيته ، وإذن فمجرد استكشاف الاهتمام من الإجماع الأول لا يوجب تنجيز الواقعيات وخروج العقاب عليها عن كونه بلا بيان وحجة ، فغاية ما يلزم من هذا الإجماع ولو مع ذلك الاستكشاف هو وجوب امتثال ما قام عليه الإجماع وهو ms1324 يحصل بإتيان الموهومات والمشكوكات ، فالطريق السالم عن المحذور أن يدعي مدع أنا نستكشف بطريق اللم من هذا الاهتمام المستكشف من الإجماع إيجاب الاحتياط الطريقي أو جعل الطريق حتى يصير المنجز للواقعيات ذلك المجعول الطريقي ، ولا يخفي أنه على هذا يصير حجية الظن شرعية لا عقلية ، غاية الأمر أن الاحتياط أو الطريق الذي جعله الشارع يعينه العقل في الظن. منه قدسسره الشريف. PageV01P677 (1) لكن يمكن تقرير كلام شيخنا المرتضى قدسسره بأن ما يجزم ويدرك حسنه فعلا عند تمام المقدمات لا يقبل الإهمال ولو كان بعض القيود المأخوذة في موضوع جزمه وحكمه الفعلي مشكوك الدخل في الملاك ، والكلام هنا أيضا في أن ما يحكم عليه العقل بالحجية هو المهملة أو المعينة ، فيتوجه عليه كلام شيخنا أنه كيف يمكن إهمال الموضوع في نظر الحاكم والجازم ، يعني أن القاطع لا يدري أن موضوع قطعه وعدم ترديده هل هو المطلق أو المقيد ، بل هو متعين عنده لا محالة وإن كان مرددا في الملاك ، منه قدسسره الشريف. PageV01P678 (1) قد يقال : إن قضية حكم العقل بحسب الموارد هو التفصيل بين ما ليس للشارع مزيد اهتمام فيه ، وبين ما فيه مزيد الاهتمام كما في الفروج والدماء وسائر حقوق الناس وأنه مستقل بالاكتفاء بالإطاعة الظنية في الأول ووجوب الاحتياط في الثاني ، ولا يخفى ما فيه ، فإن الكلام ممحض في ما يحكم به العقل من قبل المقدمات ، وأين هو مما هو ثابت سواء تمت المقدمات أم لا ، فوجوب الاحتياط في ما احرز الاهتمام على القول به لا يختص بحال دون حال ، فاحتساب التفصيل نتيجة للمقدمات لا وجه له ، فالذي يقتضيه المقدمات أنه لا فرق بين الموارد ، ومن المعلوم أن الكلام ممحض في موارد لم يتحقق التنجيز من جهات اخرى ، منه قدسسره الشريف. PageV01P680 (1) فإن من المركوز في ذهن كل أحد السؤال عن علة الضرب والإيلام الوارد من الغير عليه وأنه لأي جهة ، ولو لم يكن قبيحا من دون جهة لما كان للسؤال عن الوجه وجه. منه قدسسره الشريف. PageV02P006 (1) وحاصل هذا الكلام إمكان التمسك ms1325 بالأدلة الشرعية الواردة في تحريم إلقاء النفس في الضرر مثل آية ( ولا تلقوا ) وأمثالها ، وحاصل الجواب أن الضرر والتهلكة التي يكون الإلقاء فيها بمقتضى الآية محرما إن كانت هو العقاب الاخروي فهو لا بيان عليه ، والحكم المذكور في الآية أيضا لا يمكن أن يحقق موضوع نفسه ، وإن كانت هو المصلحة والمفسدة اللتين يقول بهما العدلية فأولا PageV02P008 لا نسلم كون كل مفسدة ومصلحة راجعة إلى الضرر والنفع ، وثانيا أن الآية محمولة على ما هو التهلكة بنظر العرف والعامة ، وأما مثل هذا الذي لا يخطر بأذهان العوام ، بل الخواص مختلفون ، فبين من يعتبر المصالح والمفاسد في نفس المتعلقات وبين من يكتفي بوجودها في نفس الأحكام والإنشاءات ، فيمكن دعوى القطع بخروجه عن مدلول الآية ، منه قدسسره الشريف. PageV02P009 (1) حاصل الإشكال أنه لو بنينا على ما ذكر من وجوب تحصيل أغراض المولى على وجه أكمل من أغراض نفسه ، فنقول : لا شبهة أن الإنسان كما يحتاط في مورد إحراز كون كبرى الغرض على تقدير انطباقها على المورد اهتمامية ، كذلك لو دار أمرها بين الاهتمامية وغيرها ، ومجرد كون الاهتمام حينئذ يصير محتملا في محتمل حيث إنه محتمل على تقدير محتمل لا يوجب الفرق ؛ إذ PageV02P013 بالأخرة هو يحتمل كون هذا الشرب مثلا مورثا لهلاكه ، فلا محالة يحتاط منه. وحينئذ نقول هذا المعنى موجود فى كل مقام شك فى تطبيق كبرى شرعية ملزمة عليه إلا اذا احرز انها على تقدير الوجود والانطباق غير اهتمامية وإلا فبعد القطع بان للشارع كسائر ذوى الاغراض قسمين من الاغراض اهتماميا وغيره فلا محالة فى كل مورد شبهة يحتمل كون الغرض على تقدير الوجود من كل واحد من القسمين. فالإنصاف عدم تمامية هذا الوجه لحسم المادة ، فالوجه أن يقال : لا بد من ملاحظة الطريقة المسلوكة بين الموالي والعبيد الظاهرية ، وإذا راجعناهم نراهم يتمسكون في قبال الموالي بقول : «ما علمت بارادتك» ، فيجعلون الحجة مطلقا هو العلم ، فإن كان التكليف معلوما فهو ، وإن قام عليه طريق علمي فهو أيضا منته إلى العلم ، وإن لم يكن شيء ms1326 منهما لكن علم أن التكليف على تقدير ثبوته اهتمامي يستكشف إيجاب الاحتياط ويكون هو الحجة العلمية ، لا أن نفس الشك والاحتمال حجة ، وإن علم أن على تقدير الثبوت غير اهتمامي فيقطع بعدم الحجة ، وإن كان مرددا بين الأمرين فإيجاب الاحتياط الذي هو الحجة لا يكون حينئذ علمية ، وقد فرضناه المعيار دون نفس الاحتمال حتى يقال : المحتمل في المحتمل محتمل. وأما دعوى أنه مع فرض كون المعيار إيجاب الاحتياط أيضا وهو في هذا الفرض موجود ، فيكذبه مراجعة ما هو المتعارف بين الموالي والعبيد ، فإنهم في موارد احتجاجاتهم بعدم العلم كثيرا ما يحتملون بين الكبريات المحتمل انطباقها وجود الاهتمامي ، وليس كل مورد معلوم الحال عندهم. ومن هنا يظهر وجه اندفاع أن احتجاجهم إنما هو في مورد الغفلة وعدم الالتفات رأسا ، فإنه أيضا يكذبه الوجدان والعيان ، وكذلك اندفاع دعوى اختصاص ذلك بالموالي والعبيد المتجاورين ، حيث إن السكوت مع كونه حاضرا واصل اليد إلى العبد طريق عقلائي إلى عدم الإرادة ، وأما العبيد البعيدون عن الموالي إذا احتملوا أن المولى لو كان حاضرا لما سكت ، بل كان يأمر أو ينهى ، فليس لهم طريق عقلائي إلى العدم ، وحالنا مع الشارع هكذا ، لأنا نحتمل صدور التكليف منه واقعا واختفائه علينا ، فإن ذلك أيضا يكذبه الوجدان ، فإن صريح احتجاجهم بقول : «ما علمت» في العربية و«چه مى دانستم» في الفارسية أن المعيار هو العلم لا مجرد الاحتمال. منه قدسسره . PageV02P014 (1) ويمكن حمله على هذا التقدير على الوجوب نظرا إلى ذلك ، وعلى الاستحباب نظرا إلى وجود الأمارات التي ذكرها. منه قدسسره الشريف. (2) ويمكن أيضا أن يكون قد راعى التقية في تطبيق الكبرى على المورد مع كون الكبرى هي أن كل شبهة حكمية يجب فيها أن تأخذ بالحائطة ، فالتطبيق وإن كان تقية ، لكن الكبرى يعلم على هذا مفروغيتها من كلام الإمام عليهالسلام ، ولا يقال : إنه على هذا لا يتأدى التقية ، فإن الاحتياط ليس بمثابة الجزم بمخالفتهم ومراتب التقية مختلفة ، فيمكن أن يكون إظهار الحكم بصورة الفتوى والجزم مخالفا لها ، وإظهاره بصورة ms1327 الاحتياط ملائما معها ، وعلى هذا يتم تقريب استدلال الأخباري بهذا الخبر ، وينحصر الجواب حينئذ بظهور قوله عليهالسلام : «أرى لك» في الاستحباب ، ومعارضة هذا المعنى مع ما ذكره الاستاد دام بقاه من عدم كون قوله : «وتأخذ» متمما للسابق وبمنزلة العلة له ، بل كان جملة مستقلة بعد الإفتاء بوجوب الانتظار مضمونها وجوب ستر هذا الفتوى عن العامة. منه قدسسره الشريف. PageV02P028 (1) راجع ص 723 PageV02P029 (1) اعلم أن الفقرات الثلاث لو كانت متفرقة بعضها عن بعض لكان الجواب بما في المتن صحيحا ، فإن تثليث النبي صلىاللهعليهوآله حاله حال أخبار الوقوف المتقدمة ، والكلام المتقدم فيها جار فيه حرفا بحرف ، وتثليث الإمام ناظر بمقام الحكم والإفتاء ، والتعليل بمقام أخذ الحجة والعمل بالمضمون على أنه حكم الله ، وكل ذلك أجنبي عن مرام الاصولي ، ولكن الإشكال كله من جهة اجتماع هذه الفقرات في كلام واحد ، ووقوع البعض علة للآخر ، وجه الإشكال أنا لو أغمضنا عن أن ظاهر تثليث الإمام حرمة الإفتاء بحكم المشكل ورفعنا اليد عن هذا الظهور بواسطة أظهرية التعليل أعني تثليث النبي صلىاللهعليهوآله في حرمة العمل ؛ إذ العكس لا يحتمل وإرجاع المشكل في كلام الإمام إلى الحرام البين في كلام النبي صلىاللهعليهوآله أيضا بعيد غايته ، لكن نقول : إن في مقامنا موضوعين وثلاث كبريات. أما الموضوعان فهما الشاذ الذي فيه الريب والمجمع عليه الذي لا ريب فيه ، ولا إشكال في اندراج PageV02P030 الثاني تحت كبرى بين الرشد والحلال البين ، فيدور الأمر في الأول بين تطبيق بين الغي والحرام البين عليه وقد عرفت انه خلاف الظاهر وبين تطبيق المشكل والشبهة ، وقد عرفت حملهما على مقام العمل ومقصود الإمام حرمة الأخذ والتدين بما فيه الريب. وإذن فيقرب كمال القرب أن يكون الكبرى هو وجوب استناد الإنسان قولا وعملا إلى حكم الشارع وعدم الاكتفاء في شيء من المقامين بما هو عند نفسه وحكم عقله ، والاستناد يمكن بثلاثة أنحاء الأول أن يحصل من الشرع حكم العنوان الأولي للواقعة ، مثل حكم شرب التتن بما هو شرب التتن ، والثاني أن يحصل من الشرع حكمه بعنوانه الثانوي ms1328 أعني كونه مشتبه الحكم ، والثالث أن يكون غير محرز لحكم بشيء من الوجهين ، ولكن كان أحد طرفي الواقعة من الوجود والعدم مقطوع الموافقة مع حكم الشرع ، كما أن اختيار الترك في ما نحن فيه أعني الشبهة التحريمية التي لا احتمال للوجوب في البين كذلك ، وعلى هذا فيتسق جميع أجزاء الكلام ، فإن مفاد قوله : يرد حكمه إلى الله ورسوله صلىاللهعليهوآله هو عين ما ذكرنا من تحصيل الحكم والاستناد مطلقا في مقام العمل والإفتاء ، ومفاد التعليل بيان صغرى ذلك وأنه عند الأخذ بما في وجوده الريب ينتقض هذا المعنى ، وأما عند طرحه وتركه فيقطع بكونه موافقا لحكم الشارع ، وهكذا ينطبق على ذلك قول النبي صلىاللهعليهوآله حيث قال صلىاللهعليهوآله : من أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم ، ومن ترك الشبهات نجى من المحرمات ، وعلى هذا فيكون خروج الشبهة الموضوعية والحكمية الوجوبية من باب التخصيص ، وذلك لقيام الإجماع على البراءة فيهما ، فقد علم حكمهما الشرعي بالعنوان الثانوي ، والجواب عن تقريب الاستدلال بهذا النحو منحصر في ورود أدلة البراءة التي سيأتي إن شاء الله. منه قدسسره الشريف. PageV02P031 (1) فإن الحكم المعلق على عنوان تارة يكون مزيلا لذلك العنوان مثل : ارفع هذا الجالس ، واخرى يكون ملائما معه وباقيا ببقائه مثل : أكرم الجالس ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، فلا بد أن يكون الوصف العنواني أعني كونه ما لا يعلم باقيا حين الرفع ، فلا بد أن لا يتعلق الرفع بنفسه ، وإلا لا نقلب إلى المعلوم العدم وهو خلاف الفرض وإن كان متصورا ، فإن ما لا يتصور أن يكون الحكم بحدوثه رافعا لحدوث الموضوع ، لا بحدوثه لبقائه ، كما أن إشكال الدور أيضا أجنبي عن المقام ، فإن الدور إنما يلزم لو كان الحكم الواقعي بحدوثه موقوفا على العلم أو عدم الجهل ، وأما إذا كان في حدوثه مطلقا وفي بقائه مشروطا بالعلم بالحدوث أو عدم الجهل به فلا دور كما هو واضح ، نعم يلزم التصويب الباطل بالإجماع ، ومن هنا يظهر وجه آخر لما قلنا في الحديث. منه قدسسره ms1329 الشريف. PageV02P052 (1) هنا بياض في الأصل بمقدار سطر. PageV02P058 (1) نقل الاستاد دام بقاه عن حجة الإسلام صدر الاصفهانى طاب ثراه أن هذا الوجه من الميرزا الشيرازى ، وأنه بعد التأمل يعلم أنه حق معنى الرواية وأطرى في توصيفه ونقله آقا رضا الهمدانى في حاشيته على الرسائل أيضا. منه قدسسره الشريف. PageV02P068 (1) يمكن تصحيح التمسك مع ذلك بأن يقال : المراد بقوله : «يرد» هو البروز والظهور على النحو PageV02P077 المتعارف ، لا من مثل النقل من صدر إمام إلى صدر إمام آخر ، فيكون المعنى أن النهى المجعول الواقعى الغير الوارد على نحو ورود سائر الأحكام لا يضر مخالفته ، فقيد عدم الورود يحرز بالاستصحاب. نعم هذا لا ينفع في بعض الموارد وهو ما إذا ورد نهى وإباحة ولم يعلم المتقدم من المتأخر ، ولا يمكن التمسك بعدم القول بالفصل بمعنى أنه بعد ما ثبت في بعض موارد الجهل بورود النهى الحكم بالحلية والإطلاق يثبت في سائرها بعدم الفصل ، وجه عدم الإمكان أنه إنما يمكن لو كان المثبت للحلية في البعض دليلا ، لا ما إذا كان أصلا كما هو المفروض ؛ إذ ليس في البين إلا مجرد ملازمة بين الحلية في الموردين ، ولا يثبت الملازم بالأصل إلا إذا كانت الملازمة سارية إلى مرتبة الظاهر ، فإن الملازم حينئذ يثبت بالأصل أيضا ، كما يدعى في الماء المتمم والمتمم. منه قدسسره الشريف. PageV02P078 (1) غاية ما يتوهم للفرق بين الشبهة الحكمية والموضوعية في ما كان متعلق الحكم هو الطبيعة PageV02P085 باعتبار الوجود السارى بالبراءة في الاولى والاشتغال في الثانية أن في الاولى ما هو وظيفة الشرع وهو بيان الحكم الكلي أو المفهوم الكلي لم يرد بيانه من الشرع ، فكان العقاب قبيحا ، وأما في الثانية فالمفروض أن ما هو شأن الشارع وهو الكبرى لا نقصان فيه ، والشك في أمر خارج عن وظيفته ، ومعه لا قبح في العقاب ، وحاصل الدفع أن البيان الذى اخذ في قاعدة قبح العقاب بلا بيان ليس خصوص البيان الذي كان وظيفة للشارع ، بل المقصود مطلق وضوح الحال الذي يعبر في الفارسية في مقام الاحتجاج «مى ms1330 دانستى» أو «چه مى دانستم» ومن المعلوم أن النتيجة تابعة لأخس المقدمتين ، فكما عند الشك في الكبرى يصدق هذا المعنى فكذلك مع الشك في الصغرى ، وهذا واضح ، وإلا فقد يكون البيان في الحكمية أيضا خارجا عن وظيفته ، وهو ما إذا بين بيانا متعارفيا لو لا منع المانعين وإخفاء الظالمين لوصل إلينا أيضا ، لكن منعوا فلم يصل ، فليس رفع هذا المانع من وظيفته. ثم إن حكم العقل في الحكمية والموضوعية على نسق واحد من تقييده بما بعد الفحص ، بمعنى أنه لو كان أمارة وحجة يظفر بها بفحص متعارف فلا استقلال للعقل بقبح العقاب لو ترك الفحص وارتكب فتبين الحرمة ، نعم البراءة الشرعية غير مقيدة فيشمل ما قبل الفحص أيضا لإطلاق دليلها. منه قدسسره الشريف. PageV02P086 (1) يعني الشرعيتين ، وإلا فبالنسبة إلى البراءة العقلية وارد. منه قدسسره . PageV02P089 (1) محصل القول في إمكان الترخيص في بعض أطراف العلم الإجمالى أنه كما يمكن أن يحدث المزاحم في خصوص مورد التكليف كأن يتوقف حفظ حياة العبد على شرب الخمر ، كذلك من الممكن أن يحدث في الاحتياط بمراعاة جميع الأطراف التي يكون الواقع فيها مشتبها ، كأن يكون هذا الاشتغال مفوتا لتكميل آخر عن العبد ففي الأول لا محالة يتقيد الغرض الباعث على التكليف بغير هذه الصورة ، وفي الثاني لا يجوز رفع اليد عن ذلك الغرض ، كما لا يجوز عن مزاحمه ، بل يجب الجمع بينهما بقدر الإمكان ، وهو يمكن بأحد أنحاء ثلاثة ، إما بالإذن في البعض الغير المعين ، وإما في البعض المعين ، لاختصاص غيرة بأولوية المراعاة ، وإما بالإذن في كل مقيدا بترك الآخر. ولا فرق في ما ذكرنا بين أن نختار في وجه الجمع بين هذا الترخيص والتكليف الواقعى القول PageV02P095 بثبوت المراتب للأحكام وهبوطها حينئذ عن درجة الفعلية إلى الشأنية بواسطة الكسر والانكسار ، أو القول ببقائها على الفعلية ورفع المنافاة بدخالة لحاظ التجريد عن الشك في عروضها على متعلقاتها ، كدخالة لحاظ التجريد عن الخصوصيات في عروض الكلية على الطبائع ، وذلك لأن الغرض الواقعي على كل حال فعلي مطلق لا دخالة ms1331 للعلم والجهل فيه ، وإلا يلزم التصويب الباطل ، فالهبوط عن الفعلية على الأول ودخالة صفة التجريد لحاظا لا قيدا على الثاني إنما هما بالنسبة إلى التكليف دون الغرض الباعث عليه. ومما ذكرنا تبين أنه لا يقاس الترخيص في بعض أطراف العلم الإجمالي بالترخيص في جميعها أو بالترخيص في مخالفة العلم التفصيلي ، وذلك لأنه مع حدوث المزاحم في الأخيرين فلا محالة يزاحم نفس مورد التكليف ، فيوجب تقييد الغرض الباعث على التكليف ، وهو تصويب في الأول منهما ، ومع عدمه يكون ترخيصا في القبيح، بخلاف الترخيص في البعض ، فإنه ممكن مع سلامته عن المحذورين. نعم يمكن حدوث المزاحم في جميع الأطراف أيضا ، لكن من غير جهة الشك ، كما توقف حفظ الحياة على مناولة الجميع ، فيوجب تقييد الواقع ، كما أن ذلك في العلم التفصيلي أيضا واضح الإمكان والوقوع. منه قدسسره الشريف PageV02P096 (1) هذا تقريب آخر للوجه الأول كتبه قدسسره في الدورة الثانية من الاصول. فجعلناه فى المتن. PageV02P103 (1) لا يخفي أن المثال العرفي الآتي في الوجه الثالث يوجب شهادة الارتكاز على المقام فلاحظ. منه قدسسره الشريف. PageV02P104 (1) أي الوجه الثالث أورده قدسسره في الهامش وأثبتناه في المتن. PageV02P114 (1) هذا الإشكال وارد على التقريب الأول أيضا على تقدير تماميته وعدم ورود ما أوردنا عليه سابقا. منه قدسسره الشريف. PageV02P118 (1) الحكم بالبراءة في الاضطرار السابق أو المقارن إلى المعين إنما يتم في ما إذا لم يعلم بعد الاضطرار بتوجه الخطاب نحوه قبل حدوث الاضطرار ، بأن علم حدوث نجاسة هذا الإناء مثلا في أزمنة الاضطرار إلى شربه أو ذاك مع عدم الاضطرار إليه ، وأما لو علم بأن الخطاب كان قبل حدوث الاضطرار متوجها [إليه] ، كما لو علم في السبت أنه صار في الخميس أحدهما نجسا واستمر إلى الآن وكان حدوث اضطراره في الجمعة ، فإنه يجب حينئذ الاحتياط ، لأنه يعلم بتوجه الخطاب ويشك في سقوطه ، فهو كمن يعلم بعد مضي شطر من الوقت بتوجه خطاب «صل» نحوه ولا يعلم أنه امتثله أولا. والحاصل ليس معيار الاشتغال اجتماع وصف اليقين مع الاشتغال في زمان واحد ms1332 ، بل يكفي ثبوتهما ولو في زمانين ، منه قدسسره الشريف. PageV02P126 (1) اعلم أنه لا مجال لهذا البحث على تقدير أن يكون النهي في «لا تشرب» مثلا متعلقا بصرف الوجود ، فإنه بعد الاضطرار سواء إلى المعين أو غيره قبل العلم أم بعده يجب الاجتناب عن الآخر ، فإن غاية الأمر كونه شبهة بدوية ، وعرفت أن الشبهة الموضوعية من هذا القسم واجب الاجتناب وإن كانت بدوية ، فالبحث إنما هو على تقدير كون النهي متعلقا بالوجود الساري ، فكل فرد فرد من الخمور الخارجية موضوع لنهي مستقل وله إطاعة ومعصية مستقلتان. وحينئذ نقول : إما نفرض العموم الاستغراقي بالنسبة إلى الزمان في النهي في كل فرد ، فهو في كل فرد أيضا ينحل إلى نواهي عديدة بعدد الازمان ، وإما لا نفرض كذلك ، بل نقول : إن النهي في كل ممتد بامتداد الزمان ، فلا تحصل إطاعة كل فرد إلا بعد فقدانه أو موت المكلف ولم يشربه ، وأما مع وجودهما وإن مضى على ذلك سنون فلا إطاعة ولا معصية. وعلى هذا قد يفرض الاضطرار قيدا للتكليف ، فلو علم المكلف بأنه سيضطر في أحد أزمنة عمره إلى شرب هذا الفرد جاز له شربه من هذا الحين ، فإنه علم بأن هذا التكليف الواحد غير ممكن الإطاعة ، وقد يفرض قيدا للفعل أو متعلقه فنقول : الشرب أو الخمر المضطر إليه لا نهي عنه ، ومورد النهي هو الشرب أو الخمر الغير المضطر إليه ، وعلى هذا فلا يجوز الشرب قبل حدوث الاضطرار وإن على بحدوثه في ما بعد. ثم المتعين من هذين هو الثاني ، لأنا نعلم بالضرورة أن من يعلم باضطراره في الغد إلى شرب الخمر لا يجوز له قبل الغد. وأما الوجهان الأولان أعني ملاحظة العموم بالنسبة إلى الأزمنة في كل فرد وعدمه فكل ممكن. فإن قلت : يمكن استظهار الأول بملاحظة حال الغصب ، فإن المقدار الواحد منه يزداد عصيانه قطعا بازدياد مدته. قلت : لا دلالة فيه على ذلك ، فإن النهي المتعلق بالوجود الساري كما يتعدد بتعدد الوجودات ، يختلف شده وضعفا باختلاف الوجودات كذلك ، فالقطرة من الخمر فرد ms1333 والحب منه أيضا فرد ، وكل منهما تعلق به نهي واحد. لكن النهي في الثاني أشد من الأول بمقدار أشدية الحب من القطرة. وبالجملة ، حال النهي على هذا حال البرودة العارضة للوجود الساري للماء ، فكما يتعدد بتعدد الماء يختلف شدة وضعفا على حسب اختلافه كذلك، وعلى هذا فالغاصب المذكور يكون في أثناء PageV02P128 المعصية ولم يتم معصيته بعد. إذا عرفت ذلك فنقول : إن لم يعتبر العموم الأزماني في كل فرد ، بل اعتبر الزمان ظرفا ، فإن كان الاضطرار قيدا للتكليف لم يجب الاجتناب في الاضطرار إلى الواحد المعين ، سواء حدث قبل العلم أم بعده ؛ لأنه في الثاني أيضا يعلم بعدم التكليف من الابتداء على تقدير كون المضطر إليه هو الخمر ، والآخر مشكوك بدوى ، لكن هذا مقطوع العدم كما مر ، فيدور الأمر بين ظرفية الزمان مع كون الاضطرار قيدا منوعا للموضوع ، وبين العموم الأزماني في كل فرد ، وعلى كل حال فالقاعدة مع حدوث الاضطرار إلى المعين بعد العلم هو الاشتغال. أما على الأول ؛ فلأنه يعلم بتوجه خطاب «لا تشرب» إليه ، ولكن يتردد في أن مدته هل كانت ساعة مثلا أو أكثر منها ، فيكون من باب الدوران بين التكليف القصير والتكليف الطويل في موضوعين ، ومن المعلوم أن القاعدة فيه الاشتغال. وأما على الثاني ؛ فلأنه أيضا يعلم بتوجه الخطاب المزبور إليه ، لكن يتردد في عدده بين عشرة خطابات مثلا في هذا الإناء أو أكثر في تلك ، فيكون من قبيل الدوران بين التكليف الأقل والأكثر في موضوعين ، والقاعدة فيه أيضا هو الاشتغال ، هذا. وقد ذكر استادنا الأعظم دام ظله بأنه قرر هذا التقريب في مجلس بحث الاستاد الخراساني طاب ثراه فارتضاه ونقل أنه ذكر ذلك في حاشية الكفاية. منه قدسسره الشريف. PageV02P129 (1) سواء كان ترخيصا أم تحريما أم إيجابا كما في غير المقدور ، أم كان المستهجن خصوص التحريم والترخيص دون الإيجاب كما في مورد انصراف الدواعي. منه قدس سره الشريف. PageV02P134 (1) يعني بعد الكسر والانكسار ، فالمفسدة الذاتية في شرب الخمر موجودة حتى بعد الاضطرار ، ولكنها بملاحظة المصلحة الطارئة من ms1334 قبل الاضطرار ولو كانت هي الامتنان على العباد والتسهيل عليهم صارت مضمحلة وشأنية وساقطة عن التأثير ، وهذا بخلاف الحال في العجز والخروج عن محل الابتلاء ، فإن الخمر المعجوز عنها أو الخارجة عن محل الابتلاء مبغوضية شربها فعلية لا نقصان فيها من هذه الجهة عن الخمر المقدورة الداخلة في محل الابتلاء ، وهكذا الحال في الاضطرار إلى الأحد لا بعينه ، أو الحرج في رعاية الاحتياط في تمام الأطراف كما في حال الانسداد ، فإن الاضطرار والحرج وإن كانا مغيرين للغرض الفعلي ومقيدين لإطلاق المادة ، لكن ذلك في خصوص صورة عروضهما على نفس العمل المورد للتكليف بخصوصه ، لا صورة عروضهما على الأحد لا بعينه من أشياء هو أحدها ومشتبه بينها ؛ فإن ذلك لا يوجب تقييد الغرض ، بل فعليته وإطلاقه بعد باق بحالها ، بخلاف عروضهما على الأحد المعين من هذه الأشياء المشتبه بينها محل التكليف ، فإن إطلاق الغرض وفعليته حينئذ غير محرزين ، فلا بيان على الغرض الفعلي الذي كان هو معيار الاشتغال عند العقل. PageV02P135 (1) فإن قلت : كيف يحصل الانحلال والحال أن كلا من الإجمالي والتفصيلي المتأخر متعلق بصورة غير ما تعلق به الآخر ، فإن متعلق الأول هو الصورة الإجمالية ، ومتعلق الثاني هو التفصيلية وهما أمران منحازان ، ولهذا يصير الثاني معروضا للشك في حال كون الأول معروضا لليقين. والحاصل : الواقع إن كان في الطرفين موجودا فمن باب عدم لزوم الترجيح بلا مرجح نقول : إن العلم إنما نجز الجامع الذي نسبته إليهما على السواء ، وأما إن كان أحدهما واقعا والآخر أجنبيا عنه فحينئذ المنجز بسبب العلم نفس الواقع الموجود في أحد الطرفين على ما هو عليه من جميع الخصوصيات الشخصية الثابتة له واقعا وتعلق علمنا باشتماله عليها إجمالا ، والمعلوم بالتفصيل PageV02P141 غير معلوم بالفرض اشتماله على جميع تلك الخصوصيات ، لفرض عدم العلم بالانحصار واحتمال التعدد. قلت : سلمنا أنهما صورتان منحازتان ، لكن تنجيز العلم وتأثيره هذا الأثر في كلا الطرفين موقوف على بقاء الترديد في النفس في الزمان المتأخر بملاحظة زمان حدوث التكليف المعلوم ، وبلحوق العلم التفصيلي يزول الترديد ms1335 ، فصورة الجامع وصورة الشخص صورتان ، لكن لا يبقى ترديد الأول مع الثاني ، فلا يمكن أن يقال : إما هذا نجس سابقا وإما ذاك ، بل هذا نجس في السابق قطعا وذاك مشكوك الحال. والسر في ذلك أن ما تعلق به العلم عنوان كلي وهو عنوان النجس الواحد في هذا البين ، وهذا العنوان كان قبل العلم التفصيلي مرددا بين أن يكون منطبقا على هذا أو على ذاك ، وبعده صار معلوم الانطباق على هذا ومشكوكه على الآخر ، وهذا الشك ليس عين الترديد الناشي من العلم ، بل عين الشك البدوي الذي كان حاصلا مع العلم الإجمالي متعلقا بعنوان الزائد ، ولهذا لو لم يكن معه هذا الشك بأن كنا عالمين بالانحصار لما بقي شك في غير المعلوم بالتفصيل ، فقولك : لو كان ذات المعلوم في البين واحدا في الواقع فهو بجميع خصوصياته الواقعية يقع في عهدة المكلف فيه أنه وإن كان ذات المعلوم جزئيا حقيقيا ، ولكن المعلوم بوصف المعلومية لا يعقل أن يكون تلك الخصوصيات الممتازة عما سواها ، كيف وهي مورد الشك ، فيلزم اجتماع الضدين في محل واحد. فالمعلوم ليس إلا أمرا جامعا بين جميع الخصوصيات المحتملة وهو في المعلوم بالتفصيل موجود بالفرض ، فيصير المحصل أن الشيء الواجد للون من الألوان وكيف من الكيفيات وكذا المتصف بالنجاسة إما منطبق على هذا أو ذاك ، وهذا الترديد يزول بعد العلم التفصيلي ؛ إذ يصدق العنوان المذكور بجميع القيود المذكورة على المعلوم بالتفصيل تفصيلا ينافي الترديد. ومن هنا يعلم أن ذات المعلوم بالإجمال في صورة وحدته واقعا وإن كان محتمل الانطباق على المعلوم بالتفصيل ، لكن بوصف المعلومية مقطوع الانطباق عليه ، ومن هنا يعرف الخدشة في ما في المتن (المراد بالمتن الدورة الاولى من الاصول ، وهذه المطالب من الدورة الثانية اثبتناها هنا للمناسبة) من أنه لو انضم إلى المعلوم بالإجمال خصوصية اجنبية عن مراد الشارع مثل الأسودية لا يضر في الانحلال بالعلم التفصيلي مع عدم إحراز تلك الخصوصية. وجه الخدشة أنها وإن كانت أجنبية عن مراد الشرع ، لكن الحصة الخاصة من المبغوض ms1336 الشرعي PageV02P142 مثلا الملازمة لهذه الخصوصية صارت في عهدة المكلف ، فإنه وإن كان خطاب «أكرم العالم» مثلا متعلقا بعنوان جامع ، لكن مع ذلك مؤاخذة المولى عبده بترك إكرام الزيد إذا علم أنه عالم صحيحة. وبالجملة ، عدم ارتباط الخصوصية بالغرض الشرعي لا ينافي تنجيز العلم إياها ، وإذن فالمعلوم بوصف المعلوم غير معلوم الانطباق على المعلوم التفصيلي وقد كان هو المعيار في الانحلال. ثم نقول : سلمنا قولك : إنه في صورة وحدة الواقع يكون المنجز هو بشخصه وبما عليه من جميع الخصوصيات لا من جهة أن المعلوم بوصف المعلومية له عنوان زائد على عنوان أحدهما ، بل من جهة أنه ربما يقال : يكفي في حكم العقل بالتنجيز العلم بالشيء ولو بالوجه ، لكن نقول : يشترك هذا المبنى مع المبنى المتقدم في انطباق المعلوم الإجمالي على التفصيلي ، إذ الأمر على هذا دائر بين وجهين لا ثالث لهما ، إما ثبوت الواقع في كلا الطرفين أو في أحدهما ، فعلى الأول إنما يؤثر العلم في تنجيز الجامع ، والجامع معلوم الانطباق على التفصيلي ، وعلى الثاني وإن كان مؤثرا في الشخص ، لكن على هذا الاحتمال ينحصر الشخص في المعلوم التفصيلي ، فيكون بشخصه معلوم الانطباق عليه ، فما هو معيار الانحلال وهو التطبيق القطعي لعنوان المعلوم الإجمالي على شيء حاصل على كلا الوجهين. إن قلت : ما تقول في ما إذا رأينا قطرة بول وقعت في كأس معين في ساعة معينة ، ثم اشتبه بكأس آخر ، ثم علمنا تفصيلا أن أحدا معينا من هذين الكأسين كان في تلك الساعة متنجسا بالبول ، فهل تلتزم بالانحلال بملاحظة أن المعلوم بعنوانه الخاص الذي هو المتنجس بالبول صار منطبقا تفصيلا على هذا الكأس؟ قلت : هذا داخل في ما إذا كان العلم الإجمالي متعلقا بأحدهما مع عنوان غير دخيل في حكم الشرع ، ولا يضر عدم دخالته فيه دخالته في موضوع تنجيز العقل ، والنجس المعنون بكونه ذاك المرئي وقوع البول الخاص فيه في الساعة المعينة غير معلوم الانطباق على هذا الكأس ، وكلامنا في ما إذا تعلق العلم الإجمالي بأحدهما بلا عنوان أصلا ms1337 حتى مثل هذه الخصوصية المرددة الغير المعلومة تفصيلا ؛ إذ لا فرق بين أن ينضم بالمعلوم بالإجمال عنوان كأس زيد ، وبين أن ينضم به الخصوصيات الشخصية الواقعية الغير المعلومة تفصيلا بواسطة سبق العلم التفصيلي بها. فإن قلت : لو رأينا قطرة بول في ساعة معينة وقعت وتقطرت في أحد الكأسين المعينين ولكن خفي على حاستنا شخص الذي وقعت فيه من الكأسين ، ثم علمنا تفصيلا بأن هذا المعين منهما كان في PageV02P143 تلك الساعة متنجسا بالبول ، فهل تقول بالانحلال في هذه الصورة؟ قلت : لا نقول : فإن المعلوم إجمالا في هذا أيضا معنون بكونه متنجسا بنجاسة متسببة من تلك القطرة الخاصة المرئية في تلك الساعة ، وهذا المعنون لنا غير معلوم الانطباق على المعلوم التفصيلي ، فمحل الكلام ما إذا كان المعلوم إجمالا من جميع الجهات وكل الحيثيات بلا عنوان ، ولم يتلبس بلباس العلم غير عنوان أحد الكأسين مثلا. فإن قلت : فعلى هذا يلزم جواز الاكتفاء في الامتثال باجتناب أحد الكأسين ؛ لأنه مصداق لعنوان الأحد الذي قد فرض عدم حيازة العلم إلا إياه ، فكيف يعقل حيازة أثره وهو التنجيز زيادة على هذا المفهوم الكلي. قلت : ليس متعلق العلم هذا المفهوم بصرفه ، بل مع ضميمة عنوان النجس أو عنوان الواجب ، أو عنوان الخمر أو نحو ذلك ، فلو احرز في مصداق الأحد الذي يكتفي به هذه الضميمة كان كافيا بلا شبهة. فإن قلت : ما ذكرت من الضميمة حكم على موضوع الأحد ، ولا معنى لاحتساب الحكم جزء وضميمة لموضوعه ، فالمعلوم قضية موضوعها عنوان الأحد ، ومحمولها وجوب الاجتناب أو وجوب الارتكاب ، ولازم هذا جواز الاكتفاء باجتناب أو ارتكاب ما يصدق عليه عنوان الأحد كما هو الشأن في جميع المقامات. قلت : كلامنا في الوجوب العقلي ، ولا شبهة أن موضوعه تمام القضية الشرعية بجزأيها من الموضوع والمحمول إذا صارت معلومة ، فالأحد الواجب الاجتناب أو الارتكاب شرعا المعلوم لنا بهذا الوصف يحكم العقل بوجوب الاجتناب أو الارتكاب له بالوصف المذكور ، ففي هذا الحكم أخذ الوصف جزء الموضوع. فإن قلت : لازم وقوع الأحد تحت الوجوب ms1338 الشرعي الاكتفاء بمصداقه في مقام الامتثال عقلا ، والوجوب العقلي ليس إلا وجوب الخروج عن عهدة ما اقتضاه الحكم الشرعي لا أزيد وقد فرضنا أنه لا يقتضي إلا عنوان الأحد. قلت : تارة يقع الأحد تحت الحكم الشرعي مستقلا ، وهذا يجري فيه ما ذكرت من الاكتفاء بكل ما يكون مصداقا له ، واخرى يقع تحته بتبع اتحاده مع خاص هو واقع تحته مستقلا ، والحكم المتعلق بالأحد بهذا النحو لا يسري منه إلى جميع مصاديقه ، فالوجوب الشرعي تعلق بالخاص ، وهو PageV02P144 غير معلوم الانطباق على المعلوم التفصيلي ، لاحتمال التعدد ، ولكن علمنا تعلق بعنوان الأحد بماله من الصفة التبعية ، بل ومع ضميمة عنوان الخاص ، فالمعلوم هو عنوان الواحد الخاص الواجب بعنوان هذه المفاهيم الثلاثة ، فما دام لم نعلم تطبيق هذا المجموع على واحد معين يكون هذا العنوان المعلوم لا محالة مترددا بين الطرفين. فيسرى تنجيز العلم بتبعه أيضا إليهما. وأما إذا علمنا تطبيق جميع الثلاث على واحد معين فلا محالة يخرج عن الترديد والدوران إلى التفصيل والتعيين ، فمعروض هاتين الصفتين إنما هو هذه الصورة الكلية ، فإنها قد تتصف بالدوران والترديد ، واخرى بالتفصيل والتعيين ، ومن الممتنع اجتماعهما مع وحدة المحل ، فلا مساس لما ذكرت من تعدد صورة الجامع مع صورة الفرد بمقامنا ؛ فإن هذا لا ينكره أحد ، فيقع صورة الإنسان محلا للعلم وصورة الزيد محلا للشك ، بل المدعى في المقام أن صورة الجامع في فرض اتصاف صورة الفرد بالشك متصفة بالدوران ، وفي فرض اتصافها بالعلم يخرج عن الدوران إلى التعيين ، لا أن يكون مفروض الترديد صورة الجامع ومفروض التفصيل صورة الفرد حتى ينفع تعدد المحل في اجتماعهما كالعلم والشك. PageV02P145 (1) كذا ، والظاهر أن كلمة «عدم» زائدة. PageV02P148 (1) «الالهي أو النجس الشرعي إما هذا وإما ذاك ولا إشكال انه بعد قيام الطريق يحصل العلم الوجداني التفصيلي بأن الواجب الالهي أو المحرم» PageV02P149 (1) وأما التمسك لعدم الاجتناب بأن العلم الإجمالي مع عدم الانحصار كلا علم ، يعني يكون PageV02P156 بلا تأثير وتنجيز ففيه أنه سلمنا عدم ترتب أثر العلم على هذا العلم ، لكن لا ms1339 يقصر حاله عن الشك ، فغاية الأمر عدم البيان العلمي على جانب العلم ، لا وجود البيان على الخلاف ، ولازم هذا أن يعامل مع الشبهة الغير المحصورة معاملة الشبهة الابتدائية ، فيعمل بالأصل الجاري فيها حسب اختلافه باختلاف المقامات ، ففي مشكوك الطهارة والنجاسة هو الطهارة ، وفي مشكوك الحلية والحرمة هو الحلية ، لكن في الماء المشكوك إضافته وإطلاقه مثلا الأصل عدم التوضي به ، لاشتراط إحراز الإطلاق علما أو استصحابا في جواز التوضي به ، فليس الأصل في جميع الموارد مساعدا لعدم الاجتناب ، فلا يصح دعواه على وجه الكلية المستلزمة لجواز التوضي بالمشتبه بالمضاف في غير المحصور. نعم لو تم ما ذكر في المتن من كون الاحتمال في الشبهة الغير المحصورة ضعيفا وموهوما وبعيدا لا يعتد به العقلاء سلم عن هذا الإشكال ؛ إذ عليه يتحقق البيان على الجانب المخالف وهو الاطمئنان بعدم وجود المعلوم بالإجمال في كل فرد معين اشير إليه من غير المحصور بالبيان المذكور في المتن. پس هم علم كلا علم است وهم احتمال كلا احتمال است. منه عفي عنه وعن والديه. PageV02P157 (1) هذا ليس من الاستاد ، بل من بعض فضلاء حضار مجلس البحث أورده على الاستاد ، فأجاب دام ظله بما ذكر. منه قدسسره الشريف. PageV02P177 (1) لكن صرح بخلافه ولزوم الاحتياط في الجلد الثاني من الكفاية في التنبيه الثالث من تنبيهات أصالة البراءة ، منه قدسسره الشريف. PageV02P185 (1) قد استشكل الاستاد دام ظله في مجلس الدرس بعد تسليم إمكان إرادة ذلك من أدلة الشكوك حتى تكون متكفلة للحكم الظاهري والواقعي معا في استظهاره من تلك الأدلة ، بل استظهر الخلاف وقد ذكرته في تعليقتي على رسالة الاستاد في مبحث الإجزاء فليراجع ثمة. منه PageV02P203 قدسسره الشريف. PageV02P204 (1) لا يخفى أن الرواية فى باب خلل الركوع من الوسائل ليس بهذه الصورة ، بل هي حسنة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إذا استيقن أنه قد زاد فى الصلاة المكتوبة ركعة لم يعتد بها واستقبل الصلاة استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا» إلا أن يكون فى مقام آخر بتلك الصورة. PageV02P216 (1) راجع التعليقة الرقم (2) فى ms1340 صفحة 727 هذا المجلد PageV02P219 (1) كما فى الحمار ونحوه حيث يسرع فى المشي برؤية آلة الضرب ، وكما فى الهرة ونحوها حيث تفر برؤية ذلك. منه عفي عنه. (2) توضيح : ليس هذا من الاستاد دام ظله ، بل هو من نفسي الحقيرة ، منه عفي عنه. PageV02P224 (1) والمراد بالشبهة الحكمية ما كان وظيفة رفعها من شأن الشارع ، سواء كانت الشبهة في طرف الحكم ، كما في الشك في أصل مانعية التكلم ، أم في طرف الموضوع من حيث المفهوم بعد الفراغ عن أصل الحكم ، كما في الشك في أن التكلم المانع هل هو الأعم من المشتمل على حرف واحد ، أو المشتمل على حرفين ، أو هو خاص بالثاني. منه عفي عنه. PageV02P226 (1) والتحقيق في المقام أن يقال : لا فرق بين الشبهة الموضوعية والحكمية ، لا في البراءة العقلية ، ولا في النقلية ، فالبراءة العقلية التي هي عبارة عن الترخيص المستند إلى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان يتوقف في كلتا الشبهتين على الفحص عن الواقع بمقدار المتعارف ؛ إذ مع عدمه ووجود الواقع ووجود الأمارة المتعارفة عليه ليس العقاب بلا بيان ، وهذا واضح. وأما البراءة النقلية فلا بد أولا من التكلم في أنه هل لأدلته اللفظية من مثل حديث الرفع إطلاق شامل للشبهة بكلتا قسميها قبل الفحص ، فنحتاج في الشبهة الحكمية التي لا نقول فيها بعدم الفحص إلى التماس الدليل من الإجماع وغيره على وجوب الفحص؟ أو أنها قاصرة في كلتا القسمين من شمول الشك الغير المفحوص عن جهات رفعه ، وذلك للبناء على أن لفظ ما لا يعلم ، والشك وأمثالهما وإن كانا يصدقان لغة بمحض عدم العلم مطلقا ، ولكنهما لا يصدقان عرفا إلا فيما كان للشك استقرار ، وأما من كان بجنبه من لو سأله يخبره بالواقع مثلا ، والحاصل يكون العلم بالواقع سهل التناول له فلا يصدق في حقه أنه لا يعلم. ألا ترى أن من لا يعلم أن زيدا مطالب منه وذو دين عليه ، ولكنه لو نظر في دفتره لاتضح عليه الحال لا يصدق عليه أنه جاهل بالحال؟. وعلى هذا بنى سيد الأساتيد الميرزا ms1341 الشيرازي طاب رمسه في الشكوك الصلاتية حيث أفتى بتعلق الأحكام على حالة استقرار الشك الحاصل بعد التروي ، لا على مجرد حصوله ، وعلى هذا فنحتاج في الشبهة الموضوعية التي نقول فيها بالبراءة قبل الفحص إلى التماس الدليل من الإجماع ، فيقتصر على مقداره وهو الشبهات التحريمية، وباب الطهارة والنجاسة. PageV02P231 (1) راجع ص 480 من هذا المجلد. PageV02P245 (1) فيه أنه فرق واضح بين جعل الظن الحاصل من العادة والغلبة حجة ، وبين كونه علة لتشريع الحكم للشاك ، ومفاد الطريق هو الأول كذا أفاده دام ظله. منه قدسسره الشريف. PageV02P271 (1) فيه أن كون التعليل المذكور من باب الحكمة أو العلة لا ربط له بما نحن فيه من استظهار الطريقية منه ، فإنه على فرض تماميته في نفسه يتم على التقديرين ، نعم هذا الكلام إنما ينفع للفرع الفقهي وهو أنه هل يندرج تحت القاعدة صورة القطع بعدم الالتفات حال العمل أو لا ، كذا أفيد. منه قدسسره الشريف. PageV02P272 (1) راجع هذا البحث فى ص 496 PageV02P274 (1) راجع هذا البحث فى ص ... PageV02P280 (1) راجع ص 501 PageV02P291 (1) وتظهر الثمرة بين الوجهين في صورة المعذورية العقلية كما لو صلى في النجس معتقدا بأنه طاهر بالجهل المركب أو غافلا عن أنه نجس ، فإن قلنا بأن المعتبر هو الحكم الشرعي بالطهارة الخبثية فهذا خارج عن عموم التعليل ، لعدم وجود الحكم الشرعي فيه ، وإن قلنا بأن المعتبر إحراز الطهارة الخبثية ولو انفك عن الحكم الشرعي بها والاكتفاء بالشك المسبوق بالعلم من باب أنه إحراز بحكم الشرع لا من باب حكم الشرع عليه بالطهارة فهذا داخل ، لوجود الإحراز الوجداني فيه. أما في صورة الجهل المركب فواضح ، وأما في صورة الغفلة فلأن الغافل كالناسي يدخلان في العمل باعتقاد أنه صحيح تام الأجزاء والشرائط وإن لم يكن لهما إحراز تفصيلي لطهارة خصوص هذا الشخص من اللباس ، فكما أن الغافل أو الناسي عن كون هذا الشيء حية مستريح النفس عن إضرار الحية ، فكذلك هذا المصلي أيضا مستريح النفس عن مانعية النجاسة. وبالجملة ، فهذا المقدار أيضا مرتبه من الإحراز ، غاية الأمر على نحو الإجمال. فإن قلت : لا يمكن ms1342 حمل التعليل على الوجه الثاني ، وذلك لما تقرر في محلة من أن اليقين إذا اخذ طريقا موضوعا للحكم ولم يكن للواقع مدخلية في الحكم أصلا فلا يمكن استفادة تنزيل الشك منزلة اليقين بالنسبة إلى هذا الحكم من دليل التنزيل مثل قوله : لا تنقض اليقين بالشك ، وعلى هذا الفرض يكون موضوع الشرطية نفس اليقين من دون مدخلية للطهارة الواقعية فيه. قلت : يمكن فرض الطهارة الواقعية بحيث لا تخلو عن الأثر رأسا بفرضها موضوعا في الطول ، بأن يكون المعتبر أولا هو الطهارة الواقعية ، وعلى فرض عدمها كان المعتبر إحرازها. ثم الظاهر من الرواية هو الوجه الثاني ، وذلك لما يستفاد من الأخبار وكلمات الأخيار من أن المعتبر مجرد عدم سبق العلم بالنجاسة ، وهذا يشمل صورة الجهل المركب والغفلة. PageV02P293 فإن قلت : نحن نقول إن المعتبر إما الطهارة الواقعية ، وإما حكم الشرع بالطهارة الخبثية من طريق الاستصحاب ، فلا يجوز التعدي إلى صورة المعذورية العقلية ، بل ولا إلى صورة وجود الحكم الشرعي بالطهارة الخبثية من غير طريق الاستصحاب كصورة وجود البينة أو إخبار ذي اليد أو أصالة الصحة في عمل الغير على الطهارة. قلت : لا وجه للاقتصار بعد فهم العرف إلغاء خصوصية الاستصحاب ، نعم لو ادعي انصراف الرواية عن الشبهة الحكمية ونسيان الحكم كان له وجه ، بأن يدعى انصرافها إلى صورة الجهل بما هو النجس مع الفراغ عن النجاسة ، كالجهل بوجود الدم ، في الثوب بعد الفراغ عن نجاسة الدم دون صورة الجهل بأصل النجاسة مع الفراغ عن وجود الموضوع في الثوب ، فلو اعتقد بأن فضلة الخفاش طاهرة لقيام خبر ثقة على ذلك فتبين خلاف ذلك وخطاء الطريق فلا تشمله الرواية. ولا يخفي أن الجهل بالحكم ونسيانه خارجان عن سائر الأخبار الخاصة كما يظهر بمراجعتها وعن عموم خبر لا تعاد أيضا ، كما مر تحقيقه فراجع. PageV02P294 (1) راجع ص 506. PageV02P297 (1) راجع ص 510 PageV02P301 (1) راجع ص 510 PageV02P302 (1) راجع ص 511 PageV02P308 (1) هنا في الأصل بياض بمقدار نصف الصفحة تقريبا. PageV02P311 (1) راجع ص 526 PageV02P313 (1) راجع ص 536 وص 626 PageV02P327 (1) كذا ، والصحيح ظاهرا : الشك واليقين. PageV02P328 (1) راجع ص 542 وص 621 PageV02P334 (1) فإن معرفة النبوة ms1343 الشخصية إنما يحصل بمعرفة آثارها وهي صدور المعجزات من شخص المدعي ، وطريق معرفة ذلك منحصر في النقل القطعي وهو في حق أمثالنا ممن يبعد عصره من تلك الأعصار منحصر في التواتر ، وحينئذ فإن ادعوا وجود التواتر في نبوة موسى أو عيسى دون نبينا عليه وعلى آله و عليهماالسلام نقول : علينا بإتيان فوق ما أتيتم به من الأخبار ، فإن أفاد القطع فليفد كلاهما ، وإن لم يفد فلا بد أن لا يفيد كلاهما ، ففي تقدير لا يقين سابق ، وفي آخر لا شك لا حق ، وهذا مما شاة معهم ، وإلا فلا تواتر على ثبوتهما غير التواتر القائم على نبوة نبينا عليه وآله و عليهاالسلام ، فإنه بضميمة تصديقه صلىاللهعليهوآله لنبوتهما عليهماالسلام مفيد لنبوتهما ، وحينئذ فالنبوة التي إثباتها طفيل لإثبات نبوة اخرى كيف يرفعها بالاستصحاب. PageV02P342 (1) راجع ص 545 (2) ولا يذهب عليك أن الجامع ترتيب آثار المتيقن ، فإن المتيقن فيما إذا كان هو الحكم أثره وجوب الامتثال ، وحكم العقل لا يتعلق به جعل الشارع ، فلا يمكن جعله بالاستصحاب ، وإنما الممكن جعل حكم ظاهري بالاستصحاب ، حتى يصير موضوعا لوجوب الامتثال ؛ لعدم الفرق في PageV02P343 موضوعه بين الحكم الواقعي والظاهري ، وأما العمل الخارجي فهو أثر لنفس اليقين الطريقى ، فعدم نقضه بمعنى بقاء هذا العمل حكم ظاهري موضوع لوجوب الامتثال فيما إذا كان المتيقن السابق هو الحكم. منه عفي عنه. PageV02P344 (1) راجع ص 602 وص 573 PageV02P360 (1) راجع ص 560 وص 607. PageV02P368 (1) راجع ص 581 PageV02P370 (1) راجع ص 662 PageV02P380 (1) راجع ص 671. PageV02P383 (1) كتب قدسسره الشريف صدر هذه الصفحة روايات أخلاقية أوردناها تذكارا لأنفسنا واخواننا الطلبة : إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله ، اطلبوا العلم وتزينوا بالحلم والوقار. بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر، وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل. لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من الكبر. من حقر الناس وتجبر عليهم فذلك الجبار. من استخف بمؤمن فبنا استخف وضيع حرمة الله عزوجل . PageV02P394 (1) قبل هذا بياض في الأصل بمقدار نصف الصفحة ، والظاهر أنه كان من قصده قدسسره كتابة الموضع السابع. (2) راجع ص 700 PageV02P396 (1) كما لو كان ms1344 العربية شرطا في العقد عند الجاهل وغير شرط عند الفاعل ، ولكن احتمل مع ذلك إجرائه العقد بالعربية ، أو كان حصول الطهارة عند الجاهل متوقفا على الغسل مرتين وعند الفاعل كفى مرة واحدة ، ولكن احتمل أنه غسل الثوب النجس مثلا مرتين ، منه عفي عنه. (2) راجع ص ... PageV02P398 (1) راجع ص 643 و710 PageV02P405 (1) لا يخفى الفرق بين هذا وبين ما ذكرنا ، فإن الشك على هذا مأخوذ صفة ، والمتعلق هو الحكم الفعلي الأعم من الظاهري والواقعي ، والشك على ما ذكرنا يكون بمعنى عدم الطريق ، والمتعلق نفس الواقع سواء كان حكما واقعيا أم موضوعا واقعيا. منه قدسسره الشريف. PageV02P414 (1) راجع ص 648 و718 PageV02P415 (1) راجع ص 651 PageV02P418 (1) إلى هنا تم ما كتبه قدسسره في مبحث لا ضرر والاستصحاب في هذه الدورة وما كتب PageV02P421 فيهما فى الدورة الأخرى قد جعلناه بعد بحث التعادل والترجيح فراجع واغتنم. PageV02P422 (1) راجع ص 292 PageV02P500 (1) راجع ص 298 PageV02P505 (1) راجع ص 302 PageV02P509 (1) راجع ص 309 PageV02P510 (1) راجع ص 314 PageV02P525 (1) راجع ص 328. PageV02P535 (1) سيأتي نقض هذا الجواب بدعوى العينية بين الحكم الكلي وحكم الفرد في الأصول المثبتة فراجع. PageV02P540 (1) راجع ص 335 PageV02P541 (1) راجع ص 344 PageV02P544 (1) راجع ص 369 PageV02P559 (1) راجع ص 361 PageV02P572 (1) راجع ص 573 PageV02P601 (1) راجع ص 560 PageV02P606 (1) اللام للصلة لا للعلية. PageV02P613 (1) راجع ص 542 PageV02P620 (1) راجع ص 536 PageV02P625 (1) راجع ص 419 PageV02P636 (1) راجع ص 705 PageV02P639 (1) راجع ص 707 PageV02P640 (1) راجع ص 406 PageV02P642 (1) راجع ص 416 PageV02P647 (1) راجع ص 419 PageV02P650 (1) راجع ص 381 PageV02P661 (1) راجع ص 384 PageV02P670 (1) راجع ص 397 PageV02P699 (1) راجع ص 640 PageV02P704 (1) راجع ص 641 PageV02P706 (1) راجع ص 406 PageV02P709 (1) راجع ص 416 PageV02P717 ms1345