######OpenITI# #META# URI: 1434CabdGhaffarMakkawi.KhutbatIdanaTawila.Hindawi14053942 #META# Tags: plays #META# ID: 14053942 #META# Title: خطبة الإدانة الطويلة عند سور المدينة وفرناندو كراب أرسل إليَّ هذا الخطاب #META# AuthorID: 46308160 #META# Author: عبد الغفار مكاوي #جمع وترجمة# #META# EditorID: None #META# Editor: None #META# TranslatorID: None #META# Translator: None #META# Related_books: None #META#Header#End# # تقديم‏ # خطبة الإدانة الطويلة أمام سور المدينة‏ # فرناندو كراب أرسل إلي هذا الخطاب‏ # تقديم‏ # خطبة الإدانة الطويلة أمام سور المدينة‏ # فرناندو كراب أرسل إلي هذا الخطاب‏ # | خطبة الإدانة الطويلة عند سور المدينة وفرناندو كراب أرسل إلي هذا الخطاب # | خطبة الإدانة الطويلة عند سور المدينة وفرناندو كراب أرسل إلي هذا الخطاب # جمع وترجمة # عبد الغفار مكاوي # | تقديم # «كان السؤال الذي شغلني وحركني في جميع مسرحياتي هو هذا السؤال: كيف ينبغي على الإنسان ~~أن يعيش، وما الذي ينبغي عليه أن يفعله؟» .. ولأن السؤال قد طرحته أجيال من الأدباء ~~والمفكرين والبشر العاديين منذ عصور لا تدركها الذاكرة، وسوف تواصل طرحه أجيال أخرى في ~~عصور لا نستطيع أن نتنبأ بطبيعتها وأحوالها، فقد اهتدى السائل - وهو الكاتب المسرحي ~~تانكريد دورست الذي نقدم في هذا الكتاب عملين من أجمل وأشهر أعماله - إلى الحقيقة البسيطة ~~التي تلزمنا بالخضوع لها، دون التوقف في الوقت نفسه عن معاودة طرح السؤال بكل الصيغ ~~والأشكال الممكنة، ألا وهي استحالة التوصل لإجابة نهائية وحيدة عليه، لأن كل الإجابات ~~التي زعمت على مدى التاريخ أنها هي الأخيرة والقاطعة قد ثبت فشلها الذريع، وربما تسبب ~~بعضها في كوارث ومآس لا أول لها ولا آخر .. لهذا لا يدهشنا أن نجد كاتبنا يقول عن مسرحه: ~~إنه هو مسرح الحيرة والتساؤل المستمر الذي يكتفي بإثارة العقل والوجدان ولا يتورط في ~~الزعم الأجوف بتقديم الحقيقة أو الحقائق النهائية، وكأن هذا المسرح يستظل بالعبارة ~~الجدلية الساخرة الشهيرة التي أطلقها سقراط في القرن الخامس قبل الميلاد، وهي أنه لا يعرف ~~سوى أنه لا يعرف، أو بالعبارة المفعمة بالشك والألم التي أطلقها «مونتني» في القرن السادس ~~عشر الميلادي، وكانت - وما تزال - أوجع سخرية من عجز الإنسان وغروره الباطل: ماذا أعرف أو ماذا ~~يمكنني أن أعرف؟ # لا عجب إذن أن نجد هذا الكاتب يعترف في مقال مهم سبق تأليفه للمسرحيتين التاليتين ~~وعبر فيه عن رؤيته التي استخلصها من تجاربه ومحاولاته المختلفة في التأليف لمسرح العرائس ~~والسينما والإذاعة المسموعة والمرئية والعروض والألعاب الدرامية ms01 المتنوعة، وهو المقال الذي ~~جعل عنوانه: خشبة المسرح هي المكان المطلق (1962): «المسرح في نظري نوع من التجربة؛ إنه ~~المحاولة الدائبة لعرض الإنسان وإظهاره على خشبة المسرح، الإنسان الذي يحيا الآن بكل ما ~~يحركه ويقلقه، وبكل ما يعمله وينتجه وما يقيده كذلك ويحدده. والأدوات التي ~~أتوسل بها في سبيل ذلك قديمة قدم المسرح ذاته: فهي استخدام القناع، والخلط (الناتج عن ~~سوء الفهم)، وإبراز المظاهر المنعكسة، وأسلوب المسرح في المسرح. وهي جميعا تستغل لإظهار ~~وجود الممثل على خشبة المسرح في صورة رائعة ومثيرة للتساؤل في الوقت نفسه، وبذلك نتمكن من ~~وضع أنفسنا - لأننا مشاركون كذلك في التجربة - ووضع أحكامنا وقيمنا ومعاييرنا الاجتماعية ~~وأخلاقنا موضع التساؤل» .. هذه العبارات أو بالأحرى الاعترافات القصيرة تكشف لنا عن الموقف ~~المبدئي لهذا الكاتب من الواقع الشامل، وهو في صميمه موقف يعبر عن علاقته الدرامية أو ~~«التمثيلية» به، ويسري مسرى الدم في شرايين أعماله وأوردتها، ويؤكد نزعتها النقدية الساخرة ~~من روح العصر، ومن البرجوازي الأوروبي أو إنسان الطبقة الوسطى المتزمت الضيق الأفق الذي ~~لا يكاد يشغله شيء في حياته بقدر ما يشغله «الإنجاز» و«التملك»، كما يبين محاولاته المستمرة ~~في تسليط الضوء على الحقيقة الإنسانية العارية البسيطة، حقيقة الإنسان العادي أو «الإنسان ~~الصغير» الذي كان على الدوام هو المحرك الفاعل للتاريخ والضحية الأولى والأخيرة له ~~وللطغاة والمستبدين الكبار والصغار الذين تحكموا وما زالوا يتحكمون فيه ... من هنا كان ~~همه الدائم هو تقديم الدراما الإنسانية - لا التاريخية أو الوثائقية! - على خشبة ~~مسرح إنساني أو عالمي شامل، في عرض أو استعراض تمثيلي يمتع المشاهد العادي، ويدهشه، ~~وربما ينجح أيضا في تغييره أو على الأقل في البقاء في ذاكرته ووعيه مدى الحياة، لا سيما ~~إذا نجح كما قلنا في الكشف عن الحقيقة البشرية العارية من كل غطاء أيديولوجي أو فلسفي أو ~~أخلاقي زاعق، وفي دعوة هذا الإنسان إلى معرفة دوره والقيام به لإنقاذ الأرض التي تندحر ~~وتنحدر إلى حضيض الهاوية دون أن ننتبه لذلك! وحثه على المشاركة في إيقاف الكارثة التي ms02 ~~يندفع إليها التاريخ، وتهدد بتدمير الحياة وتخريب الإنسان بعد تجويعه وتعذيبه بفظاعة ~~ووحشية دونها فظاعة الوحوش. ~~••• # ولد تانكريد دورست - مؤلف المسرحيتين التاليتين اللتين ترجع إحداهما لفترة مبكرة من ~~حياته (1961) والأخرى لما قبل سنوات قليلة (1992) - في اليوم التاسع عشر من شهر ديسمبر سنة ~~1925 في بلدة «أوبرلند» القريبة من مدينة «زونيبرج» بولاية تورنجن لأسرة يشتغل عائلها ~~بالهندسة وصناعة الآلات. وقد توفي أبوه وهو في السادسة من عمره، ولم يكد يتم تعليمه ~~الأولي والثانوي في موطنه الأصلي حتى استدعي في عام 1942 - وهو بعد في السادسة عشرة من عمره - للانخراط في الجيش، وعانى من أهوال الحرب العالمية الثانية التي كانت على أشدها ~~في ذلك الحين، وتعلم الخشونة والصرامة والطاعة وروح العمل الجماعي، كما تعلم كيف ينظر إلى ~~الواقع المحيط به نظرة المراقب الذي يشك في كل شيء ويسخر من كل طموح وهمي فاسد، حتى وصل ~~إلى الاقتناع ببطلان كل المشروعات العالمية الكبرى وهشاشتها (على نحو ما يعبر بعض أبطاله ~~في مسرحيته الفيلا - 1980 - وهينريش أو آلام المخيلة - 1985) وبعد أن تقلب في معسكرات ~~الاعتقال في بلجيكا وإنجلترا والولايات الأمريكية المتحدة حتى سنة 1947، رجع إلى وطنه، ~~وحاول أن يستأنف دراسته في بامبيرج ثم في ميونخ ابتداء من سنة 1951، حيث أقبل على سماع ~~المحاضرات التي كانت تلقى هناك عن الأدب الألماني وتاريخ الفن وعلوم المسرح. لكن ظروف ~~حياته القاسية حالت دون إتمام دراسته، فراح يبحث عن قوته في أعمال مختلفة ومهن متنوعة ~~أتاحت له الاقتراب من بسطاء الناس والتعرف على حياتهم وهمومهم اليومية: «كانت أحوالي في ~~السنوات الأولى بالغة السوء .. كنت أجلس في حجرتي الضيقة الصغيرة في حي شفابينج (وهو حي ~~الفنانين المشهور في مدينة ميونخ) وأكتب مسرحيات للعرائس لم تدر علي أي إيراد يذكر. ~~لم أستطع في ذلك الحين أن أتصور كيف يمكن أن يكسب الإنسان شيئا من المال. ثم حصلت في سنة ~~1959 على جائزة من مسرح مدينة مانهايم الوطني عن مشروع مسرحية كتبتها وهي «مجتمع في ~~الخريف»؛ فبدأت أحوالي منذ ذلك الحين في التحسن.» # ولا بد ms03 من الانتباه إلى أهمية تلك الفترة التي قضاها دورست في ميونيخ مع أوائل ~~الخمسينيات في التأليف لمسرح العرائس الذي كان يعرف باسم اللعبة الصغيرة، وتأثيرها البالغ ~~على حياته وإنتاجه وأسلوب كتابته المسرحية بوجه عام. فلا شك أن عمله في ذلك المسرح الذي ~~شارك في تأسيسه وإدارته وإخراج تمثيلياته فيه، قد كان له أعمق الأثر على اختياره لموضوعاته ~~من الأساطير القديمة والحكايات الشعبية الشرقية والغربية، والقصص والأمثولات والخرافات ~~والحواديت التي تثير أحلام الأطفال الذين يتوجه إليهم كثيرا بخطابه، كما يعلق عليهم ~~أمله الوحيد في إنقاذ كوكبنا البائس الصغير من أيدي السادة الكبار أصحاب المشروعات الضخمة، ~~وأمله في تحقيق «اليوتوبيا» (المدينة المثالية الفاضلة) التي ثبتت استحالتها وفشلها - كما ~~سبق القول - ولم تعش حتى الآن وربما لن تعيش وتزدهر إلا في خيال الأطفال والفلاسفة ~~والأدباء ... والمهم من كل ذلك أن المسرحيات التجريبية الصغيرة التي كتبها دورست في ذلك الحين ~~مثل مسرحية «المنحنى» (1960) التي نقلها إلى العربية المرحوم الدكتور إبراهيم حمادة ونشرها ~~مع مسرحيات أخرى في كتابه «أقنعة الملائكة» ومسرحية خطبة الإدانة - أو التشهير - الطويلة ~~أمام سور المدينة (1961) التي تجدها في هذا الكتاب، ومسرحية القط ذي الحذاء أو كيف تلعب ~~اللعبة (1963) أقول إن المهم من كل ذلك أن المسرحيات المذكورة قد تأثرت تأثرا مباشرا ~~بكتابته لمسرح العرائس في تلك الحقبة القصيرة من حياته، كما تغلغل تأثيرها أيضا بصورة غير ~~مباشرة في معظم ما كتبه حتى يومنا الحاضر .. وهذه المسرحيات التجريبية الساخرة التي ذكرناها ~~تعبر عن تأثره بمسرح العبث أو اللامعقول من جهة، وبالمسرح الملحمي وأساليبه المختلفة ~~عند بريشت وبعض الكتاب الذين جاءوا بعده - مثل دورنمات وماكس فريش - من جهة أخرى، كما ~~أنها تستفيد من خبرته في التأليف لمسرح العرائس والكتابة عنه (سر مسرح العرائس 1957، ~~ومحاولات عن مسرح العرائس 1959). والواقع أن الموضوعات التي طرقها فيها وعالجها بأشكال ~~وتنويعات مختلفة ظلت تسيطر على بقية مسرحياته، إذ نحس منها أن رؤيته للوجود ذات طابع ~~تمثيلي، كما نلمس محاولاته المستمرة لتقديم لعبة المسرح في المسرح، ونشاهد الكثير من ms04 الطقوس ~~الخالية من أي معنى، ونشعر باستحالة التواصل بين البشر الذين يضعون على وجوههم أقنعة لا ~~يلبثون مع مرور الزمن أن يندمجوا فيها ويتحدوا بها بحيث يتعذر عليهم تمييز الوجه من ~~القناع، والدور الذي يؤدونه من الحياة الحقيقية التي يعيشونها. # وفي عقدي الستينيات والسبعينيات تمرس بالعمل في دور النشر والكتابة للسينما والإذاعة ~~المسموعة والمرئية، وترجم عن الفرنسية بعض مسرحيات موليير والكاتب الأيرلندي سين أوكيزي ~~ترجمة جديدة، كما ترجم وأعد للمسرح رواية مفكر عصر التنوير وأديبه المشهور ديدرو وهي ابن ~~أخت رامو (التي سبق أن ترجمها لأول مرة شاعر الألمان الأكبر جوته) وقد قضى سنة 1970 كاتبا ~~مقيما في كلية أوبرلين بولاية أوهيو بالولايات المتحدة الأمريكية، كما قام سنة 1973 ~~بالتدريس في بعض الجامعات في أستراليا ونيوزيلاندا. وربما كانت هذه المرحلة من حياته ~~وإنتاجه قد مهدت لاهتمامه بعد ذلك بالموضوعات التاريخية التي راح يعرضها من زاوية البحث ~~الدائب عن الحقيقة، حيث تناول حياة عدد من كبار الأدباء الغربيين الذين توهموا أن الأدب ~~يمكن أن يصنع ثورة، وأن الكلمة يمكن أن تكون فعلا أو تنوب عن الفعل، وكذلك بعض الأدباء ~~الذين أدينوا بتهمة التعاون مع النازيين وتلويث أقلامهم وأيديهم بوضعها في الأيدي التي ~~تلطخت بالدم والوحشية. ولم يكن هدفه من ذلك هو فضح تلك الشخصيات ولا الصراخ بآراء ~~وأفكار صاخبة عن الحقيقة والحرية، بل اكتشاف أعماقهم الإنسانية، وإثبات فشل الأدب والفن ~~كليهما عندما يتصوران في نفسهما القدرة على حل مشكلات الواقع أو السيطرة عليها. ولعل أبرز ~~الأمثلة على ذلك هي بعض مسرحياته التي جلبت له شهرة عالمية، كمسرحية «عصر الجليد» عن واحد ~~من أكبر أدباء النرويج وهو كنوت هامسون (1859-1952) صاحب رواية «الجوع» الشهيرة، ويقدمه ~~دورست من خلال أحد عشر مشهدا تدور في دار استشفاء أو مصحة للعجزة المصابين بالأمراض ~~العقلية والعصبية، وتعرض علينا شخصية هذا العجوز العنيد الواثق بنفسه، والمستمسك بنزعته ~~العدوانية الشرسة نحو المجتمع والناس والجيل الجديد الذي لعنه وأدان وقوفه مع أعداء بلاده ~~من وحوش النازية (وقد ظهرت المسرحية في سلسلة المسرح ms05 العالمي الكويتية - العدد 188 - في ~~ترجمة عربية ممتازة مع مقدمة جيدة ووافية). وتذكر في هذا الصدد كذلك مسرحيته «تولر» ~~(1968) عن أديب الحركة التعبيرية الألمانية والثائر الخيالي المتحمس والمنفصم عن الواقع ~~وهو إرنست تولر (1893-1939). الذي كتب مسرحيات مثيرة عن زحف جحافل الآلات والجماهير، وشارك ~~في قيادة ثورة قصيرة العمر عرفت باسم «ثورة ميونيخ»، وأسست ما سمي باسم «جمهورية ~~اللجان الاشتراكية» التي لم تبق على قيد الحياة سوى أسابيع قليلة. # وتتألف المسرحية من لوحات ولقطات استعراضية من الأحداث التي وقعت بين إعلان قيام جمهورية ~~اللجان الاشتراكية وسقوطها في سنة 1919. ولم يكن هدف «دورست» من هذه المسرحية - كما قلنا - ~~هو التوثيق التاريخي، بل كان هدفه هو عرض مشكلة الالتزام السياسي الذي ينخرط فيه المثقف ~~والفنان المبدع في موقف زمني وتاريخي محدد، فيتصور أنه قادر على إبداع الثورة كما أبدع ~~أعماله الفنية، وأن الثورة يمكن أن تصبح فعلا خلاقا كالفعل الإبداعي سواء بسواء .. ~~والواقع أن حماس «تولر» واندفاعه الثوري ينسيانه ضرورة تنظيم الثورة أو إدارتها. ويصور ~~المؤلف «تولر» في صورة ممثل «يلعب» الثورة، بحيث تصبح هذه الثورة نوعا من الأدب، ويحل ~~الانفعال الأدبي محل التنظيم العملي، وتعجز الشعارات الأخلاقية والطموحات المثالية عن ~~حماية الثورة من أعدائها الذين هزموها واعتقلوا وأعدموا أعضاء لجنتها الذين كان معظمهم من ~~الأدباء الذين لا يكفون عن الثرثرة والمناقشات والمحاورات وكأنهم في مهزلة دموية! والمهم ~~أننا نخرج من هذا العرض المسرحي بأن الثورة التي يصممها الأديب لا بد أن تنتهي بأن ~~تكون هي الأخرى أدبا لا صلة له بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يحياه الناس. # وقد اشترك «دورست» في هذه الفترة من حياته مع المخرج المسرحي الشهير بيتر زاديك في إنتاج ~~سيناريوهات أفلام ومسرحيات متنوعة تتناول الأزمات الاجتماعية وعجز المثقفين وتناقضاتهم في ~~التعامل معها، مثل الاغتيال الأحمر أو كنت ألمانيا (1969)، ورمل (1971) وعصر الجليد (1973) ~~وجونكورا وإلغاء الموت (1977)، وهو يعمد فيها جميعا إلى إثارة المتفرج بدلا من وعظه، ~~وذلك مع افتراض نضج هذا المتفرج وقدرته على تحمل مسئولياته الأخلاقية. وقد تبعت ذلك ~~سيناريوهات ms06 أفلام سينمائية وتليفزيونية متعددة منها دور وتيا ميرتس (1976)، وأم كلارا ~~(1978) وموش (1980) بالإضافة إلى مسرحياته الألمانية التي يتناول فيها علاقته التمثيلية ~~بالتاريخ المعاصر من خلال قصة حياته وحياة عائلته وموقفه النقدي من الواقع الاجتماعي في ~~ألمانيا منذ عهد جمهورية فيمار في العشرينيات حتى أوائل السبعينيات من القرن العشرين، مثل ~~فوق الشيباروزو (1974) والفيلا (1980) وهينريش أو آلام المخيلة (1980)، وأخيرا نذكر ~~السيناريو الذي كتبه بعنوان «البستان المحرم» (1983) عن شاعر إيطاليا الكبير جابربيل ~~دانوننزيو (1863-1938) الذي اتهم بوضع يده في أيدي الفاشيين، كما كان آخر دعاة البطولة ~~والقوة والنشوة بالعنف والرعب سبيلا للانتصار المزعوم على الركود والضعف والموت، وتحقيق ~~«الخلود» الوهمي عن طريق عبادة الشعر والجمال اللذين يضيفان - في نظر ذلك الشاعر الكبير ~~المعتوه - غلالتهما السحرية المسمومة حول جسد الواقع والإنسان العادي والحقيقة العارية ~~المباشرة والبسيطة .. وتذكر في هذا السياق أيضا مسرحيته الشعبية التي تلجأ لأسلوب العرض أو ~~الاستعراض الغنائي والموسيقي في مناظر متتالية تشبه لقطات حية منتزعة من واقع الأحوال ~~المعيشية البائسة خلال الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي اجتاحت أوروبا في الثلاثينيات وسبقت ~~استيلاء النازيين على السلطة في سنة 1933. والمسرحية التي نقصدها وهي «أيها الإنسان ~~الصغير، ما العمل الآن؟» مأخوذة مع عنوانها نفسه من رواية حققت شهرة واسعة في تلك ~~السنوات العجاف للأديب الواقعي هانز فالادا (1893-1947) الذي كتبها في سنة 1932، وظلت هي ~~تاج إنتاجه الروائي الذي يكاد يدور حول موضوع واحد هو هموم الرجل العادي ومتاعبه وسط ~~عالم يسحقه ويحبطه كل يوم، ولكنه لا يستسلم أبدا لهذا الإحباط، بل يفتح لنفسه فتحة في ~~جدار الواقع المظلم الصلب لينفذ منه ويرتفع فوقه ولو بأجنحة الحلم والخيال. وقد عرض ~~فيها دورست - على طريقة الكباريه أو الجريدة الغنائية والموسيقية - مشاهد ولوحات شديدة ~~التنوع عن ألوان العذاب والضياع والمهانة التي يلقاها زوجان شابان ربط بينهما الحب الحقيقي ~~وحاول عبثا حراس الحصار المطبق عليهما من ذئاب المال والأعمال أن يستغلوا جمال الزوجة ~~وفقر الزوج في تمريغهما في الوحل وتلطيخهما بالعار، ولكن الزوجين المحبين يفضلان في ~~آخر المطاف أن ينهيا مأساة جحيمهما ms07 الأرضي بالموت الإرادي - وربما غير الإرادي بسبب الجوع ~~والإرهاق! - فيرتفعان معا كحمامتين حزينتين وغاضبتين إلى رحاب فردوس سماوي يعوضهما ~~عن ظلم الأرض وبشاعة أهلها وخراب ذممهم ونظامهم الاجتماعي والسياسي الذي لم يستطع أن ~~يوفر لهما الكفاف من خبز العدل والرحمة. # والظاهر أن هذه الإعدادات السينمائية والاستعراضية المتنوعة لم تستطع أن تشبع طموحه ~~لإنجاز عمل مسرحي كبير يضع فيه خبرته الطويلة وحنينه الدائم لأجواء الحكاية الشعبية ~~وميله المستمر لمزج الماضي بالحاضر والخرافة بالواقع في لوحات متتالية تحمل انتقاداته ~~للحياة الاجتماعية والنفسية التي يكابدها الناس على أرض الواقع. ولهذا تجده يتجه في سنة ~~1981 إلى كتابة عمل شامل استوحى مادته من الحكايات المشهورة في العصر الوسيط - القرن ~~الثاني عشر الميلادي - عن الملك آرتوس وفرسان المائدة المستديرة، وهذا العمل الشامل هو ~~مسرحيته الطويلة «ميرلين أو الأرض الخراب» - التي تتألف من سبعة وتسعين منظرا يستغرق ~~عرضها ما يقرب من عشر ساعات في ليلتين متتاليتين! - تدور حول موضوع أثير لدى المثقفين ~~الساخطين منذ أفلاطون على أقل تقدير على واقعهم المتردي، كما أثارته الأحداث الأخيرة بعد ~~السقوط المدوي للتطبيق الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي السابق والدول التي كانت تدور في ~~فلكه، وهو موضوع فشل اليوتوبيات (أو المدن المثالية الفاضلة) .. فالساحر ميرلين الذي كان ~~مولده ثمرة الزواج العجيب لشيطان من عذراء، يكلفه أبوه بأن ينزع من قلوب البشر الخوف من ~~الشر. ولكن ميرلين يرفض القيام بهذه المهمة، ويصمم على تجاربه مع الخير الكامن في نفوس ~~البشر، وينجح في إقناع الملك أرتوس بجمع أبطال العصر وفرسانه حول مائدته ليقيموا النظام ~~العادل في هذا العالم. غير أن صراعات الحقد والحسد القاتلة سرعان ما تدب بين فرسان ~~المائدة المستديرة، ويكتشف ميرلين أنه يقف على أرض خراب (إيماء لقصيدة إليوت المشهورة) ~~اختفى منها كل أمل في العدل والخير، وكل رجاء في تحقيق اليوتوبيا على هذه الأرض، كما يكتشف ~~في النهاية أنه حقق رغبة أبيه دون أن يدري. ويودع ميرلين التاريخ البشري كله بعد أن ~~تأكد من غباء أبطاله وفرسانه الجوف: لقد سئمت منهم ms08 جميعا! لا أريد أن أرى أي واحد ~~منهم! لا الأخلاقي ولا الاشتراكي ولا الرأسمالي ولا البنيوي! وتساعده حورية الغاب فيفيانه ~~على أن ينفي نفسه بنفسه في دغل شوكي كثيف يلوذ فيه بسكون الطبيعة وسكينتها الأبدية من ~~فظائع التاريخ البشري، بينما يستمر الصراع خارج الدغل، وترجع الآلهة الوثنية إلى حلبة ~~القتال بعد أن طردها السيد المسيح في بداية المسرحية. # وفي النهاية نذكر فيلمه السينمائي «هانز الحديدي» (1983) الذي يدور حول عجز الناس ويأسهم ~~في إحدى المدن الصغيرة على الحدود مع ألمانيا الشرقية السابقة، وكذلك «أنا فوبرباخ» الذي ~~يصور عجز الفنان وسقوطه ضحية تناقضاته الذاتية التي تصطدم مع تناقضات مجتمع يفترسه ~~القلق والإحساس العام بالرعب والخراب وطغيان الشر عليه إلى حد اليأس من إمكان الخلاص. وفي ~~هذا الخط أيضا تدور مسرحية كوربيس (1988) التي اعتمد فيها على إحدى الحكايات الشعبية ~~القديمة .. بقي أن نقول إنه يعيش ويعمل منذ أوائل السبعينيات مع الكاتبة والمترجمة أورزولا ~~إيلر التي شاركته في كتابة عدد كبير من أعماله، ومنها إحدى المسرحيتين التاليتين. ~~••• # ونأتي الآن إلى المسرحيتين أو بالأحرى اللعبتين المسرحيتين اللتين نقدمهما في هذا الكتاب، ~~راجين أن نتمكن من النظر فيهما على ضوء المعلومات السابقة عن حياة مؤلفهما وأعماله. ونبدأ ~~بالمسرحية الأولى التي وضع لها عنوانا مثيرا وغير عادي في طوله: «خطبة الإدانة (أو ~~التشهير) الطويلة أمام سور المدينة». # ما إن ترفع الستارة عن المنظر الوحيد الممتد إلى نهاية المسرحية حتى نرى ونسمع امرأة ~~صينية شابة وجميلة وفقيرة تقف أمام سور المدينة وتطلق استغاثتها المستميتة بالقيصر: ~~أيها القيصر. أيها القيصر. وربما تصورنا - بمعلوماتنا القليلة عن الصين الغامضة البعيدة! ~~- أن السور الذي يواجه المرأة ويواجهنا يمثل جزءا من سور الصين العظيم الذي لم يبن ~~من أحجار فحسب، بل من عادات وتقاليد وقيم وأخلاق تجمدت بمرور الزمن فصارت بدورها حجارة ~~ثقيلة .. وقد نتخيل كذلك منذ البداية أن هذا السور يوحي بمعنى مجازي يدل على كل ~~الأسوار التي تقف عقبة أمام الفقراء والمظلومين والمحرومين من أبسط حقوق الإنسان العادي في ~~شيء من ms09 الحرية والعدل والأمن والسعادة. ويتكرر هتاف المرأة باسم القيصر وسخرية الجنود ~~والضباط الذين يتولون حراسته. ونفهم بالتدريج أن هذه الشجرة البشرية الخضراء المنضرة ~~بالفتنة والصحة والرغبة في الحياة الطبيعية البسيطة تجأر بالشكوى لأب العائلة الصينية ~~الكبرى من الغربان التي تريد أن تعشش على فروعها، ومن الثعابين التي تحاول أن تتسلقها ~~وتنهش لحمها الأخضر. لقد غاب زوجها عنها وطالت غيبته فتعرضت للوحوش الخبيثة المراوغة، ~~وعلى القيصر الذي أخذه جنوده منها عنوة أن يرده إليها لتحمي نفسها من الفتنة والغواية، ~~ولتحيا في الحلال - كما نقول في إطار ثقافتنا الدينية - مع زوجها الشرعي الذي نفهم أيضا ~~أنه كان مجرد صياد سمك خامل وخائن وفاشل، ولم يكن أبدا هو الزوج المثالي لامرأة في مثل ~~قوتها وفتنتها وحرصها على الحياة النظيفة الشريفة. # ونحس أيضا منذ البداية أن الزوجة «فان شين تنج» تشعر بنوع من اليقين الداخلي بأن ~~زوجها «هسوي لي» قد مات في الحرب التي يخوضها القيصر الصيني جريا وراء أوهام المجد ~~والبطولة والقوة والتوسع، وأنها قد صممت على أن تأخذ زوجا آخر يعوضها عن الزوج ~~المفقود مهما كان الثمن، ومهما تعرضت للامتحان العسير لمدى صدقها في الزعم بأن الجندي ~~الذي أشارت إليه من بين الجنود الذين يمرون أمامها من فوق السور هو نفسه زوجها الذي ذاقت ~~معه من المر أكثر بكثير من الحلو .. وقد اشترط القيصر نفسه أن تدخل هذا الامتحان العسير ~~قبل أن يسمح لها بالانصراف مع الزوج المزعوم، وأن تظل رماح الجنود مصوبة نحو زوجها إذا ~~ثبت فشله في أداء دوره وعجز عن إثبات مصداقيته. أما الامتحان نفسه فيفرض عليها أن تدخل بكل ~~قوة وحسم في لعبة المسرح في المسرح التي تجعلها تستعرض مشاهد مختلفة من حياتها وتجاربها مع ~~ذلك الزوج البديل الذي اختارته وراحت تدفعه باستمرار لأداء الدور وتصحح أخطاءه الجسيمة ~~التي يقع فيها بحكم غبائه وعجزه الشديد عن مجاراة تلك الأنثى الطاغية التي وقفت منه موقف ~~الملقن من ممثل ضيق الأفق بطيء التفكير .. بالإضافة إلى جبنه وكذبه! # وتتوالى أمامنا عروض ms10 التمثيل لمشاهد من حياة هذه المرأة الشابة الوحيدة، زوجة الجندي ~~السابق التي تكلم الجدران وتهتف في الريح، ومع ذلك تبحث عن الخروج من التمثيل بأي زوج؛ ~~لأنها تعرف فضائل الأسرة وتحرص على القيام بواجبات الزوجة .. ويشارك في التمثيل، أو بالأحرى ~~يستدرج إليه، اثنان من أصحاب السعادة وحضرات الضباط، فيؤدي أحدهما مرة دور قاضي القرية ~~الذي تخونه زوجته من وراء ظهره مع زوج المرأة، ويؤدي الآخر دور تاجر الزيت الذي يطمع فيها ~~ويستغل جوعها وفقرها وجمالها ووحدتها ليعرض عليها الزيت بسعر رخيص مقابل الانفراد بها في ~~كوخها الصغير الخالي. بل إن القيصر نفسه يشارك من بعيد في اللعبة بإصدار أوامره وتسلية نفسه ~~بالتفرج على لعبة هذه الفلاحة الفصيحة الداهية، والظهور من حين إلى حين من فوق السور ~~متدثرا بالقشور الذهبية التي تغطيه من رأسه إلى كعب قدميه، وكأنه سمكة عظيمة تلمع في شمس ~~الصباح. # ومع التدخل المستمر للضابط السمين والضابط النحيف في مجرى العرض وفي سياق الحوار بين ~~الزوجة المحرومة والزوج البديل الخائب، ومع إدراك الضابطين اللذين يراقبانهما أن هذا الزوج ~~مرتبك وبليد، وأن معظم الكلام والفعل يتدفق من الزوجة التي تحاول إصلاح ما يفسده وإكمال ~~التمثيل بأي ثمن، تتابع المشاهد القصيرة من الحياة الماضية البائسة واحدا بعد الآخر: ~~تعرف الزوجين على بعضهما عند النبع ومساعدة زوج المستقبل لها في حمل الجرة أثناء سيرهما ~~معا إلى بيت القاضي الذي تعمل فيه خادمة، اكتشاف الزوجة أن زوج المستقبل على علاقة خفية ~~بزوجة القاضي الذي غادر البلدة على حماره لكي يقيم العدل بين الناس بينما الظلم والشر ~~يجوسان في بيته ويعبثان بشرفه وسمعته، رجوع القاضي إلى بيته مسرعا بعد أن سمع الإشاعات ~~المريبة وكيف تدخلت لإنقاذ زوج المستقبل المخادع من الشنق وتسترت على الفضيحة رغم كل ~~شيء، مشاهد من حياة الزوجين «الشرعيين» التي استمر شقاؤها أربع سنوات في كوخها الفقير على ~~شاطئ النهر؛ حيث لا تطمع فان شين-تونج في أكثر من الحياة في سلام مع زوجها، بينما يحلم هو ~~بالانطلاق إلى مدن ms11 العالم فرارا من عش الزوجية الضيق الخانق .. فشل الزوج المزيف في البقاء ~~مع زوجته على سطح كوخهما وفي إبداء ذرة واحدة من الصبر على محنة الفيضان الذي أغرق كل شيء ~~حولهما وتصميمه على الهرب منها، بل اعترافه المفاجئ بأنه لم يكن زوجها في يوم من الأيام، ~~تدخل الزوجة مرة أخرى لإنقاذ العرض الذي أوشك على التوقف واعتذارها بقلق زوجها وبحرصها ~~على المحافظة عليه رغم كل تصرفاته، نزول الرجال الذين يجمعون المتطوعين للحرب إلى القرية ~~ونجاحهم في أخذه معهم برغم اختفائه في أحراش الغاب طوال الصيف وتصنته من موقعه على ~~المحاولات الفاشلة لتاجر الزيت الأصلع الدنيء لاستغلال فقر زوجته بإقراضها بعض العملات ~~النحاسية أو مساومتها على تأجيل سداد ثمن الزيت إكراما للطفها وفتنتها ونجاحها مع ذلك في ~~المحافظة على شرفها وسمعتها وبيتها رغم غياب الزوج، مغالبتها لدموعها واستمرارها في تمثيل ~~دورها برغم إحضار الجنود للتميمة المعدنية التي عثروا عليها مع جثة زوجها الحقيقي وإنكارها ~~لمعرفة ذلك الميت حتى تخرج من اللعبة ومعها زوج يسترها، عودة الزوج المزيف للاعتراف بأنه ~~كان مع الزوج الحقيقي عندما أرداه سهم نفذ في عينه ثم تراجعه عن اعترافه رعبا من المصير ~~الذي ينتظره وانخراطه بعد ذلك في الدور الذي لم يتقن تمثيله، تهور الزوج الذي يطعن تاجر ~~الزيت انتقاما لما تصور أنه شرفه المطعون، ثم هروبه من الجنود الذين جاءوا للقبض عليه ~~وهروبه النهائي من خلف السور بعد اقتناعه بفشله في تمثيل دور الزوج الحقيقي واقتناع ~~الضابطين أيضا بفشل الزوجة في مداراة غباء البديل برغم كل براعتها في تمثيل دورها والتدخل ~~المتواصل لإنقاذ اللعبة اليائسة، وأخيرا تأتي محاولة الزوجة للاستغاثة بالقيصر الذي انصرف ~~من ساحة الملعب بعد أن استمتع بالفرجة .. ولذلك لم يبق أمامها إلا أن تخمش السور الأخرس ~~الكثيف - كالذئبة الجائعة الجريحة - بأظافر صرخاتها اليائسة من إمكان تحقيق العدالة على ~~الأرض، ومن استحالة الحد الأدنى من السعادة والأمان للإنسان الصغير الذي تحوطه الأسوار من ~~كل جانب .. وهكذا تتدافع لعناتها المحبطة الغاضبة على القيصر وزبانيته وطموحاته ms12 ومشروعاته، ~~وعلى كل الأخلاق والأفكار والقيم والتقاليد التي شاركت في إقامتها وتدعيمها منذ أن كان ~~سادة وعبيد، وحكام ومحكومون، وأغنياء وفقراء، ومضطهدون مظلومون مستغلون يقاسون ~~الأمرين من كل مضطهد ومستغل وظالم، في خطبة طويلة يختتم بها العرض، وتنتهي معها ~~اللعبة التي لم تزل مستمرة بأشكال أخرى أخبث وأدهى مما كانت عليه في زمن قديم في الصين ~~القديمة. # وينزل الستار على لعبة المسرح في المسرح، بينما يتردد صراخ المرأة المسكينة التي جربت ~~كل ذكائها الفطري في اقتناص نصيبها القليل من العدل والاستقرار ثم فشلت في التجربة .. ~~وتتوغل صيحات المرأة المحتجة في ضمائرنا وتسري في دمائنا مسرى الرصاصات العنقودية التي ~~تتفجر فيها وتفجر معها كل ما توهمناه من إمكان الراحة أو الطمأنينة في عالمنا المدني ~~الذي تطوقه أسوار الظلم والوحشية وقسوة الإنسان على أخيه الإنسان .. وتتحول الخطبة إلى ~~دعوى اتهام طويلة لكل المسئولين عن عذاب الإنسان العادي أو الإنسان الصغير عبر جميع العصور ~~وفي ظل مختلف النظم والمدن والمجتمعات والحضارات، وداخل كل الأسوار المادية أو الأسوار ~~العقلية والقانونية والأخلاقية والروحية: «أنتم يا من فوق السور! أيها المطرزون بالذهب ~~- يا أصحاب القوانين الجميلة والأخلاق الجميلة - لم لا تفسرون لي السبب في انتشار ~~العفن الفظيع في العالم كله؟ .. وأنت أيها السور! أيها السور السميك! ابتعد! ابتعد! أيها ~~السور السميك العظيم القديم الغبي - أنا فان شين تينج أقف هنا تحتك .. سأظل ألطمك برأسي حتى ~~تتهدم ... إنني أكرهك. أبصق عليك أضحك عليك. ألعنك، أنا .. أنا .. أنا .. أنا ...» # ويدخل أحد الجنود المكلفين بالحراسة ووجهه - كوجهي الضابطين اللذين انصرفا ضاحكين - ~~مغطى بقناع. وتكتشف أنه هو نفسه ذلك الرجل الذي حاول أن ينتهز الفرصة ويستمتع بالهروب من ~~قهر السلطة مع امرأة جميلة سعت إليه بقدميها، كما حاول عبثا أن يتقمص دور الزوج الغائب ~~إلى الأبد، ثم لم يلبث أن رجع إلى جموده وبروده وانضم مرة أخرى إلى جماعة السور ليعود ~~حجرا من أحجاره الغليظة، ويضع رقبته في النير الذي أعدته له وللجميع .. ذلك أن أخلاق ~~بناة ذلك السور، وغيره ms13 من الأسوار عبر العصور، قد استلبته ووضعته في قوالب قيمها ~~وتقاليدها «وأيديولوجياتها» الجاهزة على الدوام. وإذا كان قد خرج لفترة قصيرة من هذه ~~القوالب في محاولة لاسترداد هويته الإنسانية، فقد فشل في أداء الدور، وتنكب الحقيقة ~~البسيطة من طول ما تغذى على الكذب المصنوع، ووجد نفسه مضطرا للدخول من جديد في القالب ~~أو التابوت الذي احتواه ولم يزل يحتوينا جميعا بدرجات وأشكال مختلفة. وفي النهاية يمد ~~الرجل المقنع حربته ويلكز بها الشخصية الوحيدة التي لم تضع على وجهها أي قناع وهو ~~ينهرها قائلا: «اذهبي! لن يسمعك أحد!» - وتقشعر المرأة فزعا وتحدق فيه صامتة، ~~ونقشعر نحن أيضا من رعب الأسوار الظاهرية والخفية. وربما خرجنا من اللعبة المرة وبين ~~جوانحنا شيء من العزم - أو حتى النية الطيبة! - على تحطيم الأسوار، كل الأسوار. ~~••• # إذا كانت المسرحية السابقة - التي ترجع، كما قلت، لفترة مبكرة من إنتاج دورست (1961) - قد سلطت الضوء على الحقيقة العارية البسيطة للإنسان العادي أو «الإنسان الصغير» الذي يطالب ~~بمكان آمن ونظيف تحت الشمس، فإن هذه المسرحية المتأخرة (1992) قد خاطرت بوضع هذا العنوان ~~الفرعي تحت اسمها: «محاولة للكشف عن الحقيقة.» ويتبادر إلى أذهاننا السؤال المركب من أسئلة ~~لا حصر لها: ما هو تصور المؤلف للحقيقة؟ وما الذي فهمه من أبعادها وزواياها الكثيرة كثرة ~~حيرت الفلاسفة والمناطقة والعلماء والأدباء على مر العصور؟ وما نوع الحقيقة التي يبحث ~~عنها، وما الفرق بينها وبين الواقع بالنسبة لكاتب يؤكد أنه واقعي؟ # لنؤجل النظر في هذه الأسئلة العويصة - التي تفتح الأبواب لتفسيرات واحتمالات وافتراضات لا آخر لها! - حتى نفرغ من إلقاء نظرات أخرى سريعة على هذه اللعبة المسرحية الجديدة ~~والشخصيات المشتركة فيها، سواء أكانوا ضحايا أم جلادين. # واللعبة التمثيلية تدور حول شخصية رجل مستبد بقوته وثروته يصمم على الزواج من امرأة ~~فاتنة الجمال وينفذ بسطوته وجبروته ما قد صمم عليه. وتتم الزيجة وتتطور بصورة غريبة، ~~فرجل الأعمال الموضوعي البارد لا يكترث كثيرا بزوجته، بل يضن عليها من أول المسرحية إلى ~~آخرها بالعبارة الوحيدة التي كان من الممكن ms14 أن تجعل للزواج معنى، وهي أنه يحبها. وتميل ~~الزوجة الحساسة إلى الدوق المثقف الحساس مثلها تجد عنده ما يستحيل أن تجده عند الزوج ~~العملي الذي اشتراها بماله وتصور أنه ضمها إلى أملاكه وأشيائه التي يتحكم فيها كما ~~يشاء. وتعترف الزوجة في لحظة كبرياء بأنها تعشق الدوق، وأنها فعلتها معه مرات عديدة لا مرة ~~واحدة. ويجن جنون فرناندو كراب الواقعي العاقل فيدبر خطته الشيطانية التي تودي بجوليا ~~إلى الجنون ثم إلى الموت البطيء أو الانتحار الصامت. لقد نجح الرجل في «استلاب» زوجته أو ~~«تشييئها» كما يعبر فلاسفة الاغتراب، ولكنه انجرف دون أن يدري أو يقدر إلى داخل ~~الدوامة المسرحية التي اصطنعها بنفسه وأحكم نسج خيوطها الأخطبوطية الشريرة. وفي المشهد ~~الأخير نفاجأ بالجلاد وقد صار هو الضحية، إذ يتفجر شلال الاعتراف بحبه للزوجة المحتضرة ~~مكتسحا كل السدود والأغلال التي حبسه وراءها، وتتدافع الدموع والصرخات بعد فوات الأوان ~~لنكتشف من شظايا مراياها المهشمة كيف تجاهل وخان أقرب الحقائق إلى الإنسان، وهي حقيقة ~~قلبه. # أما شخصية جوليا فهي أكثر تركيبا وتعقيدا وأبعد ما تكون عن شخصية زوجها ذي البعد الواحد ~~.. إنها تقبل منذ البداية أن تكون سلعة تشترى وتباع في سوق الزواج رحمة بأبيها الذي ~~هددها بأن يشنق نفسه إن لم توافق على العرض المغري. وبالرغم من ثورتها الغاضبة في ~~البداية، ومن ثوراتها اللاحقة في وجه الغرور والخيانة والقسوة والجبروت والتهديد التي تبرز ~~كالقسمات الواضحة المحفورة على وجه زوجها، فإنها تبقى حتى النهاية شيئا جميلا عاجزا عن ~~إثبات ذاته أو حتى الانتقام لكرامته المهانة (إزاء فحش زوجها مع إحدى الخادمات في مزرعته ~~وتباهيه بذلك وكأنه شيء عادي من الحياة العادية لرجل في مثل قوته وتسلطه وغناه.) وهي ~~تتمنى أن يقول لها مرة واحدة إنه يحبها - كما في المشهدين الثاني والرابع عشر والأخير - ~~كما تحاول سدى أن تعرفه أو تعرف شيئا عن طفولته وشبابه، بل تتمنى لو شعر مرة واحدة ~~بالغيرة عليها فانفعل وانتقم بسببها (المشهد السادس): ~~- المهم أنك ضربته بسببي. ~~- بسببك؟ شيء مضحك. # وتحاول ms15 كذلك عبثا أن تعرف حقيقة مشاعره نحوها فتواجه بمخلوق فظ مجرد من كل عاطفة ~~(المشهد السابع والمشهد الرابع عشر): ~~- ولكن هل تعتقد أني أحبك؟ ~~- ليست المسألة مسألة اعتقاد، هذا هو الواقع! # وحتى عندما تنفجر في اعتراف كاذب ومتعمد بأنها تعشق الدوق وتخون زوجها معه، فإن رده ~~الوحيد عليها هو الانفجار في الضحك. وحين تؤكد له أنها خانته بالفعل وتسأله إن كان سينتقم ~~لنفسه بقتلها أو خنقها - كما سبق له أن خنق زوجته المكسيكية الأولى - لا يكون رده إلا ~~ببركان الضحك المخيف (المشهد السابع) وبعباراته القاطعة كحد السيف بأن ذلك ليس صحيحا كما ~~أن إشاعة قتله للمليونيرة العجوز ليست صحيحة كذلك. وبعد قليل يؤكد أن بيته ليس مسرحا، ~~وأنهما لا يمثلان مسرحية، وذلك في نفس الوقت الذي يدبر فيه مسرحيته الشيطانية التي ~~يثبت بها جنون زوجته، ويشتري الدوق الحساس، ويفتعل لعبة الطبيبين المعالجين ثم يمعن في ~~اللعبة الجهنمية كأنه ساحر أو منوم مغناطيسي يتحكم في الوسيط ويأمره فيستجيب حتى لما ~~يستحيل فيه الأمر وتتعذر الاستجابة. لقد نجح السينارست أو المدبر لعملية «غسيل المخ» ~~في أن يوقع في وهمها - إلى حد الاقتناع المؤكد! - بأنها تحبه، وبأن اعترافها السابق بحبها ~~للدوق المسكين لم يكن إلا زلة لسان أو نوبة جنون محموم تستحق الاعتذار عنها وطلب الصفح من ~~الحبيب الرومانسي الخائب .. وتتكشف النتيجة عن الذروة التي نلقاها في المشاهد الأخيرة: ~~فالحب الكاذب المفروض عليها لا ينجح إلا في تدميرها خطوة فخطوة، والتنكر للذات أو للقلب ~~أو للحقيقة لا يؤدي بالزهرة الناضرة المتلألئة إلا إلى الذبول والانطفاء. وعندما يحمل ~~فرناندو كراب الجسد الواهن الخفيف خفة الرماد وهو يصرخ بحبه ويؤكد في الوقت نفسه أنه لن ~~يسمح بالتنازل عما يملكه حتى للموت ذاته، عندها يكون الحكم العادل بالانتقام العادل قد ~~سقط على رأسهما معا، فتلفظ الجميلة أنفاسها الأخيرة، ويكفر المستبد الفظ والنرجسي ~~الصادي - الذي طالما ردد كلمة أنا الملعونة! - عن تنكره للحقيقة بقطع شريان يده وسقوطه ~~جثة هامدة إلى جوارها. ~~••• # ونعود للسؤال أو الأسئلة التي سقناها ms16 في بداية الحديث عن هذه اللعبة المسرحية الدامية: ~~ما هي الحقيقة التي يحاول الكاتب أن يكشف عنها؟ وأي بعد من أبعادها الكثيرة يريد أن ~~يسلط عليه الضوء؟ هل استطاع أن يقربنا من تلك الحقيقة العارية البسيطة - التي وصفناها ~~بأنها هي حقيقة القلب الإنساني النابض بالحب الحقيقي - أم تملصت منه هذه الحقيقة فاحتجبت ~~وتخفت مثل حقيقة الوجود التي زعم الفيلسوف هيدجر (1889-1976) أنها تتأبى علينا وتظل ~~غائبة عنا، وكلما تصورنا أننا اهتدينا إليها ضاعت منا في الحقائق الجزئية للموجودات ~~والمجالات الجزئية، ولم يتجل للعين البصيرة ولا للأذن المصغية إلا بصيص خافت من ~~نورها الأصلي في كلمات الشعراء العظام وألحان الموسيقيين الكبار وأعمال المبدعين؟ # أغلب ظني أن الكاتب لم يقصد إلى شيء من هذه المعاني الفلسفية ولم يكن في حاجة إلى ذلك ~~(على الرغم من إمكان التسليم بوجود ظلال من هذه المعاني الكامنة في كتاباته من خلال قراءاته ~~الواسعة.) # ولعله كذلك لم يقصد إلى أي تعميم نظري يمكن أن نقع فيه بسهولة حين نتصور أن فرناندو ~~كراب هو نموذج للشخصية الأوروبية التي تحاول على مدى أربعة قرون منذ عصري النهضة والتنوير ~~وحتى اليوم أن تهيمن على كل شيء في الطبيعة والإنسان وتغزوه وتتملكه. وحتى الدلالات ~~الضمنية الممكنة لشخصية رجل الأعمال المتجبر على شخصية البرجوازي الأوروبي المتزمت ~~والمتغطرس بقدرته على امتلاك كل شيء وإنجاز كل فعل وإخضاع أي حقيقة - بل الحقيقة نفسها! - ~~لسيطرته، يمكن أن تكون مجرد تكهنات تفسيرية نلجأ إليها أو يلجأ سوانا إلى غيرها حسب ~~ثقافته وذوقه وأسلوب قراءته للنصوص. على أن الشيء الذي يمكنني قوله وأستند فيه إلى الشعور ~~قبل كل شيء هو أن هذه اللعبة المسرحية تريد - كما أرادت اللعبة السابقة! - أن تنبهنا إلى ~~حقيقة غاية في البساطة، وهي أننا نحن البشر - سواء في الغرب المتقدم المغرور بعلمه ~~وصناعته أو في الشرق اللاهث وراءه أو وراء التقدم والمستقبل المرسوم له سلفا! - أننا نحن ~~البشر نتجاهل الحقيقة الإنسانية المباشرة، أي حقيقة الحياة البسيطة المباشرة المرادفة للحب ~~والمستحيلة بغير الحب، وتجاهلنا لهذه ms17 الحقيقة القريبة البعيدة في آن واحد يجعلنا ننخرط - ~~بدرجات وأشكال مختلفة - في لعبة خداع النفس والتدليس عليها التي انخرط فيها «فرناندو كراب» ~~وحشد لها كل وسائله الخسيسة للوصول إلى الغاية التي لا تقل عنها خسة: وهي السيطرة ~~والتسلط والقوة والتملك (لما لا سبيل للوصول إليه إلا بالحب والتفهم والتعاطف ~~والمشاركة!) وحتى إذا بررنا الغاية بمنطق مكيافيللي، فلا بد أن نسأل وما الذي يبرر ~~الوسائل المنحطة؟ - هل يمكن أن يكون الطريق إلى قلب المرأة الجميلة - أي إلى قلب الحياة ~~- مفروشا بأشواك الكذب والتآمر وفرض الهيمنة والنرجسية والصادية .. إلخ؟ # إن المصير الفاجع الذي لقيته «جوليا»، والمصير العادل الذي فاجأ «فرناندو كراب» لجديران ~~بأن يحملانا على التفكير الجدي في حياتنا - ولعل كلامنا يسأل نفسه بعد قراءة هاتين ~~المسرحيتين: هل اقتربت من حقيقتي كإنسان؟ وهل أسير على أقل تقدير على الطريق الصحيح ~~المؤدي إليها؟ # عبد الغفار مكاوي # | خطبة الإدانة الطويلة أمام سور المدينة # الشخصيات # زوجة شابة. # جندي. # ضابط نحيف. # ضابط سمين. ~~(المنظر: أمام سور المدينة.) # 1 ~~(امرأة شابة تقف أمام السور العظيم وتهتف ...) # المرأة ~~: # أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر! # الضابط السمين ~~(صوت من أعلى السور) ~~: # امرأة تريد أن ~~تكلم القيصر! ~~(تسمع ضحكات في أعلى السور. ~~سكون) # المرأة ~~: # أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر! انظر إلي! # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # امرأة تريد أن تكلم القيصر. # الضابط النحيف ~~(من أعلى السور) ~~: # ماذا تريدين من ~~القيصر؟ # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # ماذا تريدين يا امرأة؟ # المرأة ~~: # أنا زوجة الجندي هسوي لي. # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # وأين هو؟ # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # ألا يحتمل أن يكون قد مات؟ # المرأة ~~: # لا تحاولوا إخفاءه. إني أعلم مكانه. فهو يشارك في حراسة البوابة ~~الجنوبية. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # هل يعرف هنا أحد من الضباط الجندي ~~هسوي لي؟ # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # الذي تركع امرأته أسفل ~~السور. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # امرأة جميلة حقا. # المرأة ~~: # لاحظوا يا حضرات الضباط أنني ما زلت شابة. هل رأيتموني وأنا أجتاز الشارع ~~جريا على قدمي وأعبر حقل الذرة فرارا من الفلاحين الذين ms18 كانوا يطاردونني؟ ~~ومع ذلك لا أشعر بالتعب وأنا أقف أمام السور؟ انظروا إلى ذراعي. إنهما قادرتان ~~على حمل دلوين، وقادرتان على القبض على رجل قوي. في استطاعتي أن أمسكه ~~بإصبعين أو بثلاثة أصابع بحيث يتعذر عليه الإفلات مني. وإذا كنتم تستطيعون أن ~~تطلوا علي بأبصاركم الحادة كالصقور التي ترقب الحملان، فلا بد أنكم، يا ~~أصحاب السعادة ويا حضرات الضباط، لا بد أنكم تلاحظون أن وجهي خال من التجاعيد، ~~وأن عيني سوداوان، تحت الحاجبين: ماكرة أنا، وشديدة الفتنة. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # ماذا تريد؟ # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # ماذا تريدين أيتها المرأة؟ أترغبين ~~أن أنزل إليك؟ يمكننا أن يستمتع كل منا بالآخر. # المرأة ~~: # أريد أن أرى القيصر. عليه أن يعيد إلي زوجي. زوجي الذي يخدم مع ~~الجنود. # الضابط النحيف ~~: # يخدم مع الجنود؟ إذن فهو بخير. # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # أجل هو بخير يا امرأة. يجد الكساء ~~الجيد والطعام الطيب. كما يحلو في أعين النساء. # المرأة ~~: # لكنني لست بخير يا أصحاب السعادة، يا حضرات الضباط. آه لو عرفتم حالي. أنام ~~الليالي الطويلة وحيدة في فراشي، أنا زوجة الجندي هسوي لي. أكلم الجدران، أهتف ~~في الريح، هذا هو ما أفعله. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # يجب أن تتعودي على هذا يا امرأة ... ~~ألا يشرفك أن يصبح زوجك أحد جنود القيصر؟ # المرأة ~~: # بالطبع يشرفني هذا يا أصحاب السعادة. لكن ماذا يجديني؟ سوف أخونه. وأنا ~~امرأة تعرف فضائل الأسرة وواجبات الزوجة. ولكن إذا لم يرجع إلي فسوف ~~أخونه. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # إذا كان قد تطوع بمحض إرادته، فما ~~الذي يدعوه للرجوع؟ # المرأة ~~: # لقد أخذه القيصر. أعرف هذا تمام المعرفة. هذه هي الحقيقة. وعلى القيصر أن ~~يسلمه لي. أيها القيصر! أيها القيصر! أيها القيصر! # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # ما زلت تنادين على القيصر! # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # هل يعرف القيصر الجندي هسوي ~~لي؟ ~~(ضحكات.) # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # هل يعرف أحد منكم الجندي هسوي ~~لي؟ # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # أليس من الممكن أن يكون قد ~~مات؟ ~~(سكون.) # المرأة ~~: # أنا أعرفه. وسط ظلام الليل الدامس أعرفه ms19 . رائحة السمك تفوح منه، صوته معبأ ~~بالدخان، فقد اعتاد أن يدخن أوراق السمسم وعيدان القنب، وهذا بطبيعة ~~الحال شيء لا يروق أنوف حضراتكم الرقيقة. وإذا ضحك، استطاعت أذني أن تميز ~~صوته من بين ثلاثين جنديا. # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # تقول إنها تعرف زوجها ~~الجندي. ~~(ضحكات.) # المرأة ~~: # لا .. ليس واحدا من هؤلاء الذين أراهم فوق السور. أيها القيصر! أيها ~~القيصر! # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # سوف يسمع القيصر صراخها. هيا ~~نقتلها! # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # صبوا الزيت المغلي. # المرأة ~~: # أيها القيصر! # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # إذا لم تسكتي فسوف نصب عليك ~~برميلا من الزيت المغلي. # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # القيصر قادم! # المرأة ~~(مفزوعة) ~~: # إنني أرى القيصر، أراه بعيني. ~~متدثرا بالقشور الذهبية من رأسه إلى كعوب قدميه. كأنه سمكة تلمع في شمس ~~الصباح. لقد جاء من أجلي. وأنا أرتجف من الخوف. سألقي بنفسي في التراب. # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # القيصر يسألك إن كنت تستطيعين أن ~~تعرفي زوجك من بين الجنود. # المرأة ~~: # سأعرفه على الفور عندما تكون الشمس في ظهري. # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # القيصر يريد أن يختبرك. وقد أمر ~~جنوده بأن يصطفوا فوق سور المدينة. انظري إليهم وحاولي أن تتعرفي على ~~زوجك. # المرأة ~~: # وإذا عرفته؟ # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # سيسمح له بالذهاب معك. # المرأة ~~: # هل تتعهدون بهذا؟ # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # ألا تثقين بنا؟ # المرأة ~~(مصممة) ~~: # لا تترددوا! لا تضيعوا الوقت! # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # أيتها المرأة! الآن تسير أمامك ~~الفصيلة التي دافعت أمس عن البوابة الجنوبية. ~~(يسمع صوت أقدام الجنود في سيرهم أعلى السور دون أن تتمكن ~~المرأة من رؤيتهم.) # المرأة ~~: # أربعة، خمسة، ستة، الدروع والخوذات تسطع في ضوء الشمس. لا أتبين وجها ~~واحدا. الجميع يتحركون حركة واحدة. كيف يتسنى لي أن أعثر بينهم على ~~زوجي؟ # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # تقدمي أيتها المرأة. ماذا ~~تنتظرين؟ # المرأة ~~: # ما أشق هذه المهمة! ولكن هذا الذي أراه هناك يتبع الآخرين بصعوبة، يبدو ~~عليه أنه يفكر أكثر منهم. إنه هو! ~~(ضحكات.) # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # وها هو لك! ~~(تلقى عليها دمية من القش. الجنود يتضاحكون.) # المرأة ~~(غاضبة) ~~: # أيها ms20 الغشاشون! أيها القتلة السكارى المأجورون! إنكم تهزءون بي! # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # اهدئي يا امرأة! # المرأة ~~(في خضوع) ~~: # أسأل سعادتك العفو والمغفرة. ~~لقد قصرت في تقديم الاحترام الواجب. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # لعل زوجك هسوي لي قد سقط في ~~المعركة؟ # المرأة ~~: # أؤكد لسعادتك أنه كان قويا موفور الصحة. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # سقط عدد كبير من الجنود عند ~~البوابة الجنوبية وكانوا كذلك أصحاء وأقوياء. # المرأة ~~: # إنه يعلق حول رقبته سلسلة بها لوح معدني صغير يحميه. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # دعي خرافاتك للعجائز! # المرأة ~~: # اسمى فان شين-تينج محفور على اللوح، وسوف يردونه إلي إذا كان زوجي قد ~~سقط. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # الموتى الذين سقطوا أمس لم ~~يجردوهم بعد من ملابسهم. # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # أظهر القيصر عطفه السامي عليك، فقد أصدر أوامره باستعراض الجنود الذين يحرسون جانبي البوابة الجنوبية. وإذا ~~كان زوجك لم يسقط، فلا بد أن يكون بينهم. # المرأة ~~: # أتقدم للقيصر بالشكر وأنحني أمامه في خشوع. ~~(الجنود يزحفون أعلى السور دون أن تراهم المرأة.) # المرأة ~~: # ثمانية، تسعة، عشرة، أحد عشر، ما أكثر عددهم! خمسة عشر. الجميع يلبسون ~~الدروع الثقيلة والخوذات. كيف أميز زوجي من بينهم؟ هذا الذي هناك يرجع حافة ~~خوذته للوراء، هسوي لي! لقد كنت تشعر دائما بأن الحر شديد حتى ولو لبست ~~قميصا من الكتان، إنه هو! # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # أيهم؟ # المرأة ~~(تشير إلى أعلى بحركات عنيفة) ~~: # إنه هو! ~~هو! # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # أأنت هسوي لي، زوج المرأة التي تقف هناك أسفل السور وتطالب بك؟ # الجندي ~~(صوت) ~~: # نعم أنا! # المرأة ~~: # انزل يا هسوي لي! اخلع خوذتك لنبيعها في المدينة. واملأ فمك بحفنة من الذرة، ~~فأمامنا طريق طويل. # الجندي ~~(صوت) ~~: # أريد أن أنزل إليك. ولكني لا ~~أستطيع. # المرأة ~~(بقوة) ~~: # قلت لك انزل! أتوسل إليك يا ~~صاحب السعادة أن تصفح عني. إنني ألقي بنفسي في التراب أمام القيصر الجليل. ~~لكنني امرأة شابة، وأنتم تدركون، يا أصحاب السعادة ويا حضرات الضباط ~~المحترمين، أنني أريد زوجي. هيا انزل يا هسوي لي، ماذا تنتظر؟ # الجندي ~~(صوت) ~~: # لا ms21 أستطيع. # المرأة ~~: # جبان! عبد تعس! ألا تسبق غيرك في الجري عندما تخلع حذاءك؟ ألا تفهم كيف ~~تنحني عندما يصوبون السهام نحوك؟ # الجندي ~~(صوت) ~~: # لا أستطيع. # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # اسمعي أيتها المرأة! إن القيصر الذي ~~يطل عليك من عليائه يبدي عطفه السامي عليك. وهو يقول: يجب على الجندي أن ~~يذهب معك. ولكن يتحتم عليكما قبل ذلك أن تقنعانا بأنه هو زوجك الشرعي وأنك ~~زوجته الشرعية. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # سوف نراقبكما مراقبة دقيقة. وإذا ~~تبين أنكما خدعتما القيصر فسوف يقتل الجندي وتطاردين وراء النهر. ~~فهمت؟ # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # هل وافقت على هذا الشرط؟ # المرأة ~~: # انزل يا هسوي لي، يا زوجي الشرعي الذي قسم لي، نريد أن نبين للقيصر ~~الجليل كيف عشنا معا أربع سنوات، أم أنك يا زوجي خائف؟ # الجندي ~~(صوت) ~~: # أنا قادم. # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # انتظر أيها الجندي. أين السلسلة ذات ~~اللوح المعدني التي أعطتك إياها زوجتك عندما تطوعت في الحرب؟ # الجندي ~~(صوت بعد فترة صمت) ~~: # ليست معي. # المرأة ~~(تتدخل بسرعة في الحديث) ~~: # باعها يا صاحب ~~السعادة. إنني أعرفه، باعها في مقابل ثلاث صحاف حقيرة من الأرز. هذا هو ~~طبعه. # الضابط النحيل ~~(صوت) ~~: # فكر في الأمر مليا يا جندي. ~~لم يزل في إمكانك التراجع. وسنترك بوابة السور مفتوحة طالما استمر ~~اللعب. # المرأة ~~: # لن تأخذوه مني مرة ثانية يا صاحب السعادة. ما بقي حيا فلن تأخذوه ~~مني. # الضابط السمين ~~(صوت) ~~: # لا تتعجلي يا امرأة. لننتظر وسنرى ~~من يكسب في النهاية. # الضابط النحيل ~~(صوت) ~~: # والآن انتبهي يا امرأة! انتبه يا ~~هسوي لي! إن القيصر يستمتع بالنظر إليكما من أعلى السور. ورماح الحراس ~~مسددة إلى صدر هسوي لي. لن تستطيعا الفرار. سوف نرى إلى أين تنتهي ~~الحكاية. # المرأة ~~(لنفسها) ~~: # آه! كم أخاف على نفسي من الرماح ~~ومن نظرة القيصر. فأنا لا أعرف هذا الرجل الذي يهبط إلي من السور ولم أره ~~أبدا. لكن ما دام زوجي الشرعي لم يظهر إلى الآن فلن يرجع مطلقا، ولهذا ~~صممت أن آخذ هذا الرجل الآخر. لا بد أن ms22 أكون حريصة في الكلام معه حتى لا ~~يهرف بالباطل. وما دام قد جاء إلي بإرادته، فعلي أن أتشجع وأخاطر بأداء ~~هذه اللعبة الخطرة التي فرضها حضرات الضباط علي. أخذ القيصر مني رجلا، ولا بد أن يعيد إلي رجلا آخر. # الرجل ~~(يدخل وهو يكلم نفسه) ~~: # أنا خائف على ~~نفسي، لأني لا أعرف المرأة التي تقف هناك. سوف يقتلونني إذا لاحظوا أنني لا ~~أنتمي إليها ولا هي تنتمي إلي. إن بشاعة الخدمة فوق السور هي التي تشجعني ~~على المغامرة باللعبة الخطرة. # الضابط النحيل ~~(صوت) ~~: # لماذا تقفان هكذا بعيدين كل عن ~~الآخر؟ # المرأة ~~: # فرحة اللقاء العظيمة، يا صاحب السعادة، هي التي تحبس الكلمات وتشل ~~الحركات. # الرجل ~~: # زوجتي! # المرأة ~~: # هسوي لي، زوجي! ~~(يتبادلان التحية، يدخل الضابطان من فتحتين في السور، لابسين ~~دروعا وخوذات على شكل أقنعة تظهرهما في صورة مهولة تبث الرعب في القلوب. يجلسان ~~على منصة الدرج كأنهما قاضيان في محكمة.) # الضابط النحيف ~~(صوت) ~~: # انتبهي يا زوجة الجندي هسوي لي! كيف ~~كان الحال عندما تعارفتما لأول مرة؟ # المرأة ~~(للرجل) ~~: # كنت كسولا. # الرجل ~~: # كسول؟ # المرأة ~~: # كسول مثل كيس محشو بقش الذرة، مثل غصن مقطوع فوق مياه النهر، كسول مثل ~~القاضي في قريتنا ~~(للضباط) # إذا أذنتم يا ~~أصحاب السعادة بهذا التشبيه البعيد عن اللياقة، ألم تجلس هناك على شاطئ النهر ~~وتبصق في الماء، بينما الأسماك تنظر إليك، وأتيت إلى البيت ومعك سلة فارغة ~~وثرثرة مزعجة؟ مع أن يديك خفيفتان مثل سمكتين. أليس الأمر كذلك؟ # الرجل ~~: # أجل .. ولكن كانت لي وجهة نظري يا امرأة. # المرأة ~~: ~~«تعالوا انظروا! ها أنا ذا قد صرت سمكة بشوكة تقف في حلق وزير العدل.» هكذا ~~رحت تصيح بهذه الكلمات الكافرة: «تعالوا انظروا! إذا فتحت جوف هذه السمكة ~~فماذا أجد فيه؟ مرسوم تعييني وزيرا للمالية. انتظروا قليلا، وسوف أصدر أنا ~~القوانين.» آه! هذا هو زوجي الذي يفغر فاه عن آخره. وكأن العالم يسمح بإصلاح ~~كل شيء. والبنات الغبيات استمعن إليك عند النبع، أليس كذلك؟ وعندما استمعن إليك ~~رحن يقلن: ولد يعصر الواحدة ms23 منا عصرا فوق العشب. يزرع حقل ذرة كاملا في يوم ~~واحد. أما ما يفعله بالليل ... # الضابط السمين ~~: # وماذا تفعل يا هسوي لي! # الرجل ~~(متلعثما) ~~: # أنا ...؟ أرجوك يا صاحب السعادة ~~... # المرأة ~~: # نعم، لن يتكلم عن هذا .. لن يستطيع الكلام عنه. كانت زوجة القاضي تعرف، يا ~~صاحب السعادة، ما يفعله بالليل، كانت تعرفه أكثر مني، أنا الخادمة المتواضعة في ~~بيت القاضي. # الضابط النحيف ~~: # والقاضي؟ # المرأة ~~: # لتحمني الآلهة من الإساءة إلى موظف مرموق من رجال العدالة. كان يغط في ~~النوم. # الضابط السمين ~~(للرجل) ~~: # وزوجة القاضي، يا هسوي لي؟ كيف ~~كانت؟ # الرجل ~~: # كانت .. الإنسان ينسى كل شيء، يا صاحب السعادة. # الضابط السمين ~~(ضاحكا) ~~: # يا لها من إجابة! # المرأة ~~: # ولكنك قابلتني عند النبع، يا هسوي لي. # الرجل ~~: # كنت أمر بالصدفة. لم أكن أعرفها. # المرأة ~~: # قلت لي: جرتك ثقيلة، يا فان شين-تينج. وكنت قد سمعت اسمي عندما نادتني ~~زوجة القاضي قائلة: «فان شين تينج». # الرجل ~~: # فان شين-تينج، كان عليك أن تحملي جرتك مسافة طويلة. # المرأة ~~(تبدأ في تمثيل المشهد) ~~: # إلى بيت القاضي ~~الذي ركب حماره وغادر البلدة يا هسوي لي. # الرجل ~~: # هل تسمحين لي بمساعدتك على حملها؟ # المرأة ~~: # أنت بالطبع تعرف الطريق. ولكن طريقتك في الالتفاف حوله عبر الحقول وخلال ~~البستان تجعله أطول بكثير. # الرجل ~~: # الأفضل أن نمشي في خط مستقيم. هيا بنا! # المرأة ~~: # لكنني فكرت بيني وبين نفسي: لا شك أنه طريق عسير وشاق على من يجلس طول ~~النهار على ضفة النهر. خير له ألا يحمل الجرة ويكتفي بأن يسندها أثناء ~~السير. وضحكت علي فتيات القرية وقلن لي: «حتى الجرة لم يحملها عنك هسوي لي ~~إلى باب البيت، مع أنه قوي مثل الثور. كيف تتصورين أنه متعلق بك»؟ # الضابط النحيل ~~: # انتظري! أنت يا امرأة تكثرين من الكلام وحدك. وهذا يوحي إلينا بأن هسوي لي لا ~~يعرف الكثير عما تحكينه. ~~(يواصل الرجل والمرأة سيرهما. ويقوم الرجل بتمثيل دور حامل ~~الجرة.) # الرجل ~~: # أجل أجل. إنها ثرثارة. لم تتوقف عن الكلام طوال الطريق، بينما كنت أنا ms24 ~~أتصبب عرقا. وتملكني الغضب لأنني حملت عنها الجرة. # المرأة ~~: # هسوي لي. أنت تحمل الجرة كما يفعل الرجال الأشداء. يا لها من عضلات ~~قوية! لكن ماذا تعنيني عضلاتك؟ أنا لا أوهم نفسي بأي شيء لمجرد أنك تسير معي. ~~ولكن ربما تصورت أنني مشغوفة بك بحجة أنني تركتك تحمل الجرة؟ إنني لا أراك على ~~الإطلاق، هل تأكل سمكة مطبوخة أم مقلية؟ # الرجل ~~: # مقلية. # المرأة ~~: # أنا لم أتعلم القلي، إنني أسلقها وأضع معها سبعة أعشاب زكية الرائحة. أرأيت؟ ~~لن نستطيع أن نأكل معا، هل تفهم في بيع السمك بالسعر الذي يستحقه في ~~نظرك؟ # الرجل ~~: # هذا عمل التاجر، لا عمل الصياد. # المرأة ~~: # أرأيت؟ سوف نجوع معا. لا يهمني، يا هسوي لي، أن توصل الجرة إلى بيت القاضي. ~~يمكنك أن تضعها على الأرض إن كانت ثقيلة، هل تنام في العادة على جنبك الأيمن ~~أم على جنبك الأيسر؟ # الرجل ~~: # على جنبي الأيسر. # المرأة ~~: # أما أنا فعلى جنبي الأيمن. أرأيت؟ إذا رقد الزوج على جنبه الأيسر بجوار زوجته ~~فمعنى هذا أننا سننام وظهورنا لبعضنا، ولن نتمكن من النظر في وجوه بعضنا ونحن ~~ممددان على الحصيرة، قل لي: ما هو رأيك في السنوات القادمة؟ كيف تتصور ~~أحوالها؟ # الرجل ~~: # إن الذين يتحكمون فينا هم الذين يصنعونها. ماذا أستطيع أن أفعله أنا؟ # المرأة ~~: # سيصنعونها بخيرها أو شرها يا هسوي لي، ولكن لا شك أنهم يصنعونها أفضل منك. ~~فلهم أيد أكثر عددا من يديك. وهم وحوش، لكل منهم أربعون يدا. تنبت من كل ~~مكان في أجسادهم، من البطن والكتفين، بل تنبت من آذانهم. وأنت ستقضي حياتك كلها ~~في كيس من الكتان المملوء بالقمل. ولكن استمر في حمل الجرة عني، أيها الخامل ~~الكسول، حتى بيت القاضي. لا تقف في مكانك. تقدم! هيا تعال! تعال! ~~(للضباط) # باختصار يا صاحب السعادة أفصحت له عن ~~حبي بقدر ما استطعت وبقدر ما أضمرت له من الحب. # الضابط السمين ~~: # ما زلنا نسمعك أنت وحدك يا امرأة، ماذا قال؟ # الرجل ~~(يتوقف عن السير، ويتصرف كما لو كان يضع ms25 الجرة على ~~الأرض) ~~: # أخيرا وصلنا. # الضابط النحيف ~~(بحدة) ~~: # ماذا قلت؟ # الرجل ~~(ينطق العبارات التالية بغير إحساس، كأنه يحفظها عن ~~ظهر قلب) ~~: # فان شين تينج. الآن أراك على حقيقتك، لأنك حافية، أرى ~~قدميك الجميلتين، لأنك فقيرة لا تملكين شراء أدوات الزينة، أرى ابتسامتك، لأنك ~~ترتدين ثوبا باليا، أشعر بشهوة جسدك، فان شين تينج، لأجلك قطعت هذا ~~الطريق. # الضابط السمين ~~: # غلط! هل سمع أحد عاشقا يريد أن يعانق امرأة ومع ذلك يتكلم بهذه الطريقة؟ ~~نغمة صوتك الكاذبة كشفت القناع عن وجهك. # الضابط النحيف ~~(يقفز من مكانه ويقول بحدة) ~~: # انكشفت يا ~~هسوي لي! سيكلفك هذا رقبتك! # المرأة ~~: # يا صاحب السعادة. اسمح لي أن أثني على أذنك الحادة السمع وعلى نظرتك التي لا ~~تخيب. ولكنكم لم تلاحظوا سوى جزء من الحقيقة. أما ما حدث في الواقع، فسوف يظهر ~~الآن في النور. هل تتكرم سعادتك بأن تساعدني على ذلك؟ # الضابط النحيف ~~: # هل تكلم معك هسوي لي بهذه الطريقة أم لم يتكلم؟ # المرأة ~~: # صحيح يا صاحب السعادة، ولكنه لم يفعل ذلك أثناء الطريق. أرجوك أن تتذرع ~~بالصبر. كنا قد وصلنا إلى بيت القاضي. وكان القاضي قد غادر البلدة على ظهر ~~حماره. دخل هسوي لي البيت واتجه إلى زوجة القاضي. ~~(تعطي الرجل إشارة. يدخل الرجل البيت الذي يتوارى خلف أشجار ~~كثيفة متشابكة.) # الضابط النحيف ~~: # تريدين إبعاده لئلا يفضح نفسه أكثر مما فعل. كوني على حذر. # المرأة ~~: # ذهب إلى زوجة القاضي، يا صاحب السعادة، ولم تكن هذه هي أول مرة، هل كان هذا ~~عدلا؟ # الضابط السمين ~~(بحسن نية) ~~: # لا بد أن زوجة القاضي كانت ~~أجمل منك. # الضابط النحيف ~~(بحدة) ~~: # كان هذا ظلما وعدوانا. لأن سلطة ~~القاضي قد أضيرت بسلوكه هذا بصورة مهينة. # المرأة ~~(للضابط النحيف) ~~: # ليت سعادتك تساعدني على ~~عرض حكايتنا كما حدثت في الحقيقة والواقع. كان القاضي قد غادر القرية على ظهر ~~حماره. # الضابط السمين ~~: # استمري. # المرأة ~~: # آه! السيد القاضي يزور قريتنا، يا له من سيد نبيل! كيف لامرأة مغمورة مثلي ~~أن تجرؤ على قول شيء يسيء ms26 إلى هذا السيد؟ أليس من واجب موظف العدالة المرموق ~~أن يهتم بإقرار العدل؟ أليس من واجبه أن يعاقب الظلم والشر، وأن يحيا في بيته ~~الجميل حياة طاهرة بعيدة عن اقتراف الشر وعن تحمله؟ إن السيد القاضي يقيم ~~العدل بسمعته الطيبة وحدها. فإذا ساءت سمعته فكيف يحترمه البسطاء الذين يعيشون ~~في بيوتهم الصغيرة؟ وأين يجدون القدوة؟ أليس كذلك يا صاحب السعادة؟ # أما أمثالنا فما أكثر ما يفعلون الشر ويتعرضون له. وما أكثر ما يمرغون ~~وجوههم في التراب أمام العدالة. لكن القاضي الحكيم يقول كذلك يا صاحب السعادة: ~~إن ما يفعله الصغار صغير مثلهم؛ فهو لا يسقط عصفورا من أعلى الشجرة. وأما ما ~~يفعله السادة الكبار في بيوتهم الجميلة، فإن الناس تتناقله سرا وفي كل مكان، ~~حتى يتحول فجأة إلى قانون. لهذا يتحتم، إن كان شرا، أن يعاقب عقابا ~~أشد صرامة. ألا يتكلم القاضي النزيه بهذه الطريقة؟ # الضابط النحيف ~~: # القاضي الذي يحافظ على سمعته يبث الخوف في قلوب صغار الناس الذين لا يعرفون ~~حدودهم. # المرأة ~~: # أتمنى يا صاحب السعادة أن تقوم بدور القاضي في حكايتنا، لكى يتسنى لك أن ~~تعرف حقيقة ما حدث. # الضابط النحيف ~~: # دور القاضي المخدوع؟ الذي يضحك عليه الناس في القرية لأن صياد السمك النتن قد ~~ذهب إلى زوجته؟ # المرأة ~~: # بل دور السيد موظف العدالة الذي يحرص كل الحرص على سمعته في سبيل إقرار ~~العدل. يا له من سيد نبيل! وكم أتمنى ألا يسقط عليه ظل واحد من ظلال ~~اللوم! # الضابط السمين ~~(للضابط النحيف) ~~: # مثل معنا. إن اللعبة ~~تستحق أن نتسلى بها. # الضابط النحيف ~~: # كن على حذر. # المرأة ~~: # يا له من دور رائع لكما يا صاحبي السعادة. إن السيد موظف العدالة رجل ~~مرموق، وكلامه دقيق صارم، مثل كلامكما تماما يا صاحبي السعادة، وتأثيره قوي ~~على الفلاحين، أما عن نظرة عينيه فتكفي نظرة واحدة لكي يرتعش الأشرار خوفا، ~~وما أكثر الشر الذي يعيش في الحظائر والبيوت ومخازن الغلال! سلالة من الفيران ~~الكابية اللون الراجفة الأعين. آه! السيد القاضي يركب دابته ms27 عبر الحقول. يا له ~~من دور بديع ومناسب لك يا صاحب السعادة. # الضابط النحيف ~~(يخلع درعه ويهبط من فوق المنصة) ~~: # وماذا ينبغي أن أفعل؟ # المرأة ~~: # لن تكلف نفسك حتى بالتمثيل يا صاحب السعادة. وما دمت قد نزلت من على ~~المنصة يا صاحب السعادة فأنت القاضي بشحمه ولحمه. سوف تعرفون الحقيقة عن هسوي ~~لي وعني، أنا خادمة زوجتكم المبجلة. لقد دخلت البلد على ظهر حمارك يا صاحب ~~السعادة، فأسعدت قلوب الأخيار جميعا والأبرار، وقدموا لك اللحم المدخن، ~~ونبيذ الأرز والخوخ، كما نشرت الرعب في قلوب الأشرار، فأخذوا يتنافسون كلهم في ~~تكريمكم وأداء واجب الضيافة نحوكم. ~~(يبدأ الضابط النحيف في أداء الدور الذي يتم شرحه ~~له.) # ولكن ماذا يقول لكم الفلاح الأحدب العجوز يونج-هسين خلف حقل الذرة؟ لقد قال ~~شيئا عن زوجتكم وعن صياد السمك هسوي لي. لا تصغوا إليه يا صاحب السعادة! ~~وواصلوا السير! ولكن ما إن تواصلوا السير لمدة ساعتين في القيظ الشديد، ما إن ~~تتوقفوا قليلا في المطعم الصغير في نهاية القرية، حتى تسمعوا الناس وهم ~~يتهامسون على الموائد، عن هسوي لي صياد السمك يدور الهمس بينهم .. لا تنصتوا ~~إليهم يا صاحب السعادة القاضي، لأنكم لن تسمعوا منهم إلا نصف الحقيقة. ولكن ~~ماذا يقولون؟ أجل! لقد سمعتهم الآن! إنهم يقولون: هل يمكن أن يكون قاضيا ~~عظيما من يتولى القضاء في القرية المجاورة، الواقعة على مسيرة ساعتين في الحر ~~اللافح بين دار القضاء التي تستقر فيها المشنقة وبيته الجميل الذي يحدث فيه شيء ~~يحسن السكوت عنه؟ إن السيد القاضي يرهف أذنيه لمثل هذا الحديث. ولهذا يسارع ~~بالرجوع وينزل من على ظهر حماره خلف سور الحديقة. لا يصعد الشارع الرئيسي وإنما ~~يشق طريقه خلال أشجار الدغل الكثيفة. إنه يريد أن يرى ما يجري في بيته ~~الجميل. لكنني لمحته، أنا الخادمة فان شين تينج، أرجوكم الصفح يا صاحب السعادة ~~عن خادمة مغمورة. ~~(تنادي) # هسوي لي! ربما تكون غاضبا يا صاحب ~~السعادة، لك ما تشاء. # الضابط النحيف ~~(في دور القاضي) ~~: # صياد نتن ms28 الرائحة ~~يلطخ شرف بيتي. أنا القاضي وسأحرص على أن يعلق صباح الغد على أقرب وأفضل ~~شجرة. لقد سمعت الناس بنفسي وهم يضحكون علي. # المرأة ~~: # هسوي لي! اخرج بسرعة! تعال إلي! أسرع! أسرع قل كل شيء يمكنك أن تقوله ~~لامرأة تحبك! ~~(يخرج الرجل من البيت ويتجه نحو المرأة التي يغازلها بصورة ~~رسمية متكلفة.) # الرجل ~~: # لأنك حافية، فإنني ألاحظ قدميك الجميلتين، ولأنك فقيرة ولا تملكين ثمن ~~الأصباغ، فإنني أرى ابتسامتك وحمرة وجهك، لأنك تلبسين ثوبا باليا فإني أشعر ~~بالشهوة التي تحرك جسدك، لقد حضرت إلى هنا من أجلك يا فان شين-تينج. # المرأة ~~: # اسكت! فقد رجع السيد القاضي فجأة. ~~(للضابط ~~النحيف) # يا صاحب السعادة! أتوسل إليكم أن تعفوا عن تقصيري ~~وإهمالي! سأخبر زوجتكم المبجلة على الفور بحضوركم. # الضابط النحيف ~~: # انتظري! لا تتحركي! لقد قال الناس إن زوجتي تلتقي بصياد السمك هسوي لي. هل ~~هذه هي الحقيقة؟ # المرأة ~~: # صحيح أن صياد السمك هسوي لي قد دخل بيتكم يا صاحب السعادة. ولكنه لم يدخل ~~حجرة زوجتكم المبجلة التي تنتظركم وعلى رأسها تاج الفضائل جميعا. وإذا كان ~~الأهالي الذين يرصدون حركات الناس لم يشاهدوه وهو راجع إلى كوخه في المساء، ~~فالسبب في ذلك أنه بقي معي حتى الصباح. # الرجل ~~: # هذا هو الذي حدث يا صاحب السعادة. # الضابط النحيل ~~: # إذن فلن أزعج نوم زوجتي. # المرأة ~~: # يمكنكم أن تعودوا إلى مكانكم يا صاحب السعادة، لأن السيد موظف العدالة ركب ~~حماره وانصرف على مرأى من الجميع. بهذه الطريقة يا صاحب السعادة، لم تفقد ~~العدالة في قريتنا سمعتها الطيبة. هكذا توجهنا معا، هسوي لي وأنا، إلى كوخه ~~الواقع على شاطئ النهر. ~~(وهي تنحني) # هسوي ~~لي! زوجي! # الرجل ~~: # فان شين-تينج، زوجتي. # المرأة ~~: # الرجل والمرأة مرتبطان ارتباط السماء والأرض. # الضابط السمين ~~(ضاحكا) ~~: # أجدت التمثيل يا ~~امرأة! # المرأة ~~: # شكرا لك يا صاحب السعادة على مروءتك. وأستأذن سعادتكم في السماح لي بالرجوع ~~إلى قريتي مع زوجي الشرعي. ~~(تحاول الانصراف مع الرجل.) # الضابط النحيف ~~: # انتظري أيتها المرأة! لن تفلتي منا بهذه السهولة! إن ms29 الدور الذي قمت بعرضه ~~لا يقنعنا، نريد الآن أن نعرف كيف عشتما معا. # الضابط السمين ~~: # كم مضى على حياتكما معا؟ # المرأة ~~: # أربع سنوات يا صاحب السعادة. # الضابط النحيف ~~: # وأين كان هذا؟ # المرأة ~~: # في الكوخ المطل على النهر. # الضابط النحيل ~~: # وكيف عشتما؟ # المرأة ~~: # عشنا سعيدين يا صاحب السعادة. # الرجل ~~: # من صيد السمك؟ # المرأة ~~: # تعلم ألا يلقي الأحجار في النهر كما كان يفعل. أصبح زوجي هسوي لي رجلا نشيطا. # الرجل ~~: # كان النهر قد انتفخ من كثرة الأسماك يا صاحب السعادة. # الضابط النحيل ~~(في سخرية بصوت حاد) ~~: # يا لكما من ~~محظوظين هناك! ألا تريدان أن تعرضا علينا هذا؟ # المرأة ~~: # السعيد لا يفكر في السعادة. # الرجل ~~: # لو أذنتم لنا بالانصراف لكي نرجع للنهر. ~~(يهمان بالانصراف.) # الضابط النحيل ~~: # قفا! الحراب مصوبة إلى صدوركما! لا تتحركا خطوة واحدة! أرونا كيف عشتما ~~أربع سنوات على شاطئ النهر؟ # المرأة ~~: # هذا أمر شاق. # الرجل ~~: # دعونا نذهب! # الضابط السمين ~~: # خائف؟ هل ضبطناكما متلبسين؟ # الضابط النحيف ~~: # ألا تذكران كيف كانت حياتكما معا؟ هل تعارفتما في وقت آخر؟ # المرأة ~~(تجر الرجل معها إلى التمثيل) ~~: # ذهبنا ~~معا إلى النهر وسكنا في الكوخ، وجلسنا على الحصيرة المجدولة من البوص وهكذا ~~تذكر يا هسوي لي كيف كانت حياتنا في ذلك الحين. ~~(يجلسان على الأرض متباعدين.) # الرجل ~~: # الطريق الطويل خلال الغاب الكثيف، وحوض الماء العكر إلى الركبتين، ثم الأحجار ~~التي حملتها بنفسي. # المرأة ~~: # قلبك حنون يا هسوي لي. # الرجل ~~: # حملتها حجرا بعد حجر، لأعلم بها الخليج الصغير، هناك لا ينفع الصيد ~~بالسنارة. # المرأة ~~: # لا يا هسوي لي. # الرجل ~~: # ثم صنعت السلاسل لصيد السمك. واخترت المكان الملائم، لأن الاسماك تلوذ ~~بالمخابئ التي تشعر فيها بالأمان. وهناك يتحتم صيدها. # المرأة ~~: # لقد نجحت في الوصول إلى أماكنها يا هسوي لي. # الرجل ~~: # وضفرت السلال بين أعواد الصفصاف الواسعة المستديرة التي يتخللها الماء ببطء ~~مع حركة التيار. # المرأة ~~: # وسرعان ما نصطاد السمك الذي يكفي طعامنا يا هسوي لي. # الرجل ~~: # بالأمس كانت ثماني سمكات. واليوم إحدى عشرة. سوف أجدل سلة أخرى وأثبتها ms30 في ~~النهر. وبعد الظهر أجلس على الصخور المستوية وأضع ساقا على ساق، وأظل أتطلع ~~للماء حتى تغرب الشمس بين أعواد الغاب. # المرأة ~~: # ثم تأتي إلى كوخنا. ولدينا ما يكفينا من الطعام. # الرجل ~~: # وأقول لنفسي: إذا تجمع لدي ما يكفي من السمك، وضعته في قارب، الصياد العجوز وانج وعدني أن يترك لي قاربه يومين في الأسبوع. إنه مستغن عنه، وربما ~~لا يحتاجه بعد ذلك أبدا. وأنحدر مع النهر يوما بأكمله، وأعود فأصعد بسهولة مع ~~النهر بعد أن فرغ القارب من حمله وبعت السمك. # المرأة ~~: # وترجع إلى كوخنا وتجدني في انتظارك. # الرجل ~~: # ويوما من الأيام يصبح لي قارب خاص، أبحر به إلى المدينة، هناك عند منحنى ~~النهر. # المرأة ~~: # ما أسعدك بعملك يا هسوي لي! # الرجل ~~: # وما الذي يمنعني من الانحدار مع النهر إلى أبعد من ذلك، وهناك أستأجر عربة ~~يجرها حمار، وأنتقل بين القرى؛ حيث تباع الأسماك ببضع عملات نحاسية أزيد من ~~سعرها في تلك المدينة الصغيرة البائسة عند منحنى النهر؟ ستطول الرحلة بضعة ~~أيام، ولكن ما أهمية ذلك؟ # المرأة ~~: # وأنتظرك في صبر يا هسوي لي، لأني أعلم أنك سوف تعود، وأن بيتنا ~~يحمينا. # الرجل ~~: # ليتك رأيت السوق الذي يضج بالحياة يا فان شين-تينج. هناك تجدين كبار التجار ~~الذين لا يحبون أن يخاطبهم أحد أثناء مرورهم، والطباخين الذين يعملون في بيوت ~~العائلات الغنية، أنهم يقلبون الأسماك هنا وهناك، دون أن يرضيهم شيء، ولا بد ~~في هذه الأحوال أن أظهر براعتي، وتجدين نساء العمال الحرفيين والسماسرة ~~والصرافين الذين أتعامل معهم كما أتعامل مع أمثالي، والعلماء الفقراء كذلك، ~~هاك يا صاحبي ذيل سمكة تطبخها مع شربة الكرنب. لا بد أن أكون ذكيا وأشطر من ~~غيري، وإلا تلقيت اللطمات على أذني. # المرأة ~~: # أنا واثقة من براعتك يا هسوي لي، ولا أشعر بأدنى خوف من كساد بضاعتك، فلدينا ~~ما يكفي لكي نعيش في كوخنا. # الرجل ~~: # الأشرار يدبرون الحيل كالشياطين. بالأمس كسروا إحدى عجلات عربتي لكي أتأخر ~~عنهم في الذهاب إلى السوق. كان علي أن أنتبه ms31 حتى لا يفكوا السلسلة التي ربطت ~~بها القارب بجوار الشاطئ. لا بد أن أكون أمكر منهم، فهم أعداؤنا. # المرأة ~~: # نحن لا نريد أكثر من أن نعيش في كوخنا يا هسوي لي، فكيف يكون لنا ~~أعداء؟ # الرجل ~~: # أنت لا تحسين بشيء، تعيشين طول اليوم في كوخك ولا تشعرين بما يجري في ~~العالم. أما أنا .. أما أنا ... # المرأة ~~: # نريد أن نبقى في كوخنا يا هسوي لي. # الرجل ~~(نافذ الصبر) ~~: # ألا تفهمين ما أقول؟ في ~~الكوخ! في الكوخ! ليس لديك إلا في الكوخ! الكوخ! أربع خطوات للأمام وأربع ~~للوراء. والنافذة مغلقة على الدوام. ~~(بغضب) # أنت وكوخك! # الضابط السمين ~~: # برافو! برافو! هكذا تكلم الرجل كما يليق برجل. # المرأة ~~(في قلق) ~~: # هل تأذن لنا الآن بالانصراف يا صاحب السعادة؟ # الضابط النحيف ~~: # انتظر. إن لم تخني الذاكرة فقد ارتفعت مياه النهر في العام الماضي. # لا بد أن هذا قد أصابكما أيضا. # المرأة ~~: # ليتك يا صاحب السعادة لا تذكرنا بشيء فظيع كهذا! # الضابط النحيف ~~: # أجيبا. أين كنتما عندما ارتفعت مياه الفيضان؟ أجب يا هسوي لي! ~~(الرجل يلوذ بالصمت.) # المرأة ~~: # على سطح كوخنا، إنه يرتكز على أعمدة متينة، بينما سال النهر وغمرت مياهه الضفاف المكتظة بأحراش الغاب. # الضابط السمين ~~(ضاحكا) ~~: # جلسا على السطح. ألم يكن منظرهما ~~مضحكا؟ # الضابط النحيف ~~: # كم من الوقت مضى عليكما؟ # المرأة ~~: # كم من الوقت؟! # الرجل ~~: # جرفت المياه القارب. # المرأة ~~: # نادينا الجيران من كل ناحية، لكن المصاب بالمحنة مصاب بالصمم. # الضابط السمين ~~(للمرأة) ~~: # وكم لبثتما؟ # المرأة ~~: # أظلمت السماء ثم أشرقت. # الضابط النحيف ~~(بحدة) ~~: # وهكذا جلستما على السطح. فاجلسا الآن كما كنتما تفعلان، وكما أخذتما تنظران أحدكما للآخر، فاجلسا بحيث تنظران ~~لبعضكما. ~~(يجلس الرجل والمرأة بطريقة توحي بأنهما قاعدان فوق سطح ضيق ~~مائل، مواجهين لبعضهما وناظرين كل منهما في وجه الآخر.) # المرأة ~~: # طال علينا الليل. ولما طلع الصبح ... # الرجل ~~(شاخصا ببصره إليها) ~~: # لم أرك أبدا كما ~~أراك الآن. # المرأة ~~: # يجب أن نصبر يا هسوي لي - تشانج كو - تونج، تاجر الزيت في القرية، سوف يحضر ~~بقاربه، إنه ms32 رجل طيب. # الرجل ~~(يهب واقفا) ~~: # الصبر! # المرأة ~~: # الكارثة أصابت كل القاطنين على شط النهر، لأنهم جميعا عاشوا على ~~خيره. # الرجل ~~(يهم بالانصراف) ~~: # لا أريد أن أجلس هنا ~~أكثر من هذا. # الضابط السمين ~~: # قف عندك يا هسوي لي! أتريد أن تغرق؟ حاذر أن يسقط سقفك إن قفزت من عليه كما ~~يفعل الصبية! # المرأة ~~: # هسوي لي، احش فمك بالبرقوق واشرب من الزجاجة. لم تزل في سلتي بعض صحاف الأرز ~~والبازلاء، بل معي لحم جاف، أرأيت كيف فكرت في كل شيء! يمكننا أن نتحمل العيش ~~بعض الوقت على السقف. # الضابط النحيف ~~: # انظر إلى زوجتك! لا تحرك أطرافك حركات لا داعي لها! # المرأة ~~: # ألم أفكر في كل شيء يا هسوي لي؟ # الرجل ~~(يحدق بجمود) ~~: # علينا أن نتحمل العيش ~~لبعض الوقت على السقف. # المرأة ~~: # هل تشعر بالبرد؟ أحضرت معي غطاء في السلة، وفرشة من جلود الكلاب، وحصيرة ~~جدلتها بنفسي. # الرجل ~~: # لا. # المرأة ~~: # هل تيبست أعضاؤك من جلوسك القرفصاء؟ أأدلكها لك لتعود طيعة كما كانت؟ ~~لدي خبرة في هذا ... # الرجل ~~: # لا. # المرأة ~~: # هل تشعر بالخوف؟ أحكي لك عن ذلك الصيف الجميل الذي أتينا فيه إلى ~~النهر؟ # الرجل ~~: # لا. # المرأة ~~: # هل تحس بالملل؟ أتحب أن أغني لك أغنية؟ # الرجل ~~: # لا. # المرأة ~~: # هسوي لي، يا زوجي الحبيب، إني أنتظر في خضوع أن تبدي أية رغبة. ~~(الرجل يهم بالوقوف.) # الضابط النحيف ~~: # انظر إليها يا هسوي لي! المكان ضيق على سطحكما. لا تتحرك. # الرجل ~~: # إنني أنظر إليك. # المرأة ~~: # غدا تنخفض المياه في النهر الأصفر. فيم تفكر؟ # الرجل ~~: # إنني أنظر إليك. # المرأة ~~: # ليتني أجد وسيلة لأسري عنك، سأغني لك أغنية: ~~(تبدأ في الغناء.) # في اليوم الأول # سقط المطر # فأخذ الأب قبعته، # قال لنفسه # المطر، المطر الرائع. # في اليوم الثالث # سال المطر # وفزع الأب والأم # تطلع كل في وجه الآخر # إذ سال المطر، # المطر الرائع. # في اليوم التاسع # زاد المطر هطولا # وحساؤهما ازداد نحولا # من هول المطر، # المطر الرائع، # جاء اليوم الثاني عشر # فرف جناح الشحرور # وحين يجيء اليوم الثالث عشر # سيغدو ms33 الجو جميلا # في المطر، المطر الرائع. ~~(الرجل يحدق فيها بغير انفعال.) # الضابط النحيف ~~: # لا تتحرك من مكانك يا هسوي لي! إن مياه الفيضان تتصاعد نحو السطح! انظر إلى زوجتك! انظر إليها! # الضابط السمين ~~: # انظر إلى زوجتك، انظر إليها. # الضابط النحيف ~~: # لأنك لا تستطيع الابتعاد عنها. # الضابط السمين ~~: # ولا تستطيع أن تقفز من السطح في مياه الفيضان. # الضابط النحيف ~~: # سيكون في ذلك موتك يا هسوي لي، انظر إلى زوجتك. # الرجل ~~(يهب واقفا فجأة ويصرخ) ~~: # لا. # المرأة ~~(مفزوعة) ~~: # هسوي لي! زوجي! # الرجل ~~: # دعيني. # المرأة ~~: # ماذا تنوي أن تفعل؟ ابق هنا! إنك تقتل نفسك! تقتلنا معا! # الرجل ~~: # أريد الذهاب! لا أريد البقاء معك! إني لا أحتمل! # المرأة ~~: # لا يمكن الذهاب يا هسوي لي، لا بد أن تبقى معي. أنت زوجي أمام ~~القانون. # الرجل ~~(يتنزع نفسه منها ويلقي بنفسه في الماء) ~~: # لست زوجك، إنني لا أعرفك، لم أعرفك أبدا. # المرأة ~~(ترتجف وتنكمش على نفسها، تخفي وجهها ~~بيديها) ~~: # هسوي لي! # الضابط النحيف ~~(يهب واقفا على قدميه) ~~: # ابق مكانك أيها ~~الجندي! لا تخط خطوة واحدة وإلا سمرتك الحراب! ~~(يثبت الرجل في مكانه.) # حاول الجندي هسوي لي أن يخدعنا ويخدع جلالة القيصر الذي كان رءوفا به، وذلك ~~عندما ادعى أنه الزوج الشرعي للسيدة فان شين تينج. إنه متهرب من ~~الخدمة. # المرأة ~~: # أخطأت يا صاحب السعادة. أخطأتم يا حضرات الضباط. لقد قال ما قاله وهو منفعل. ~~كما يتصرف رجل اضطر للجلوس مع زوجته على السطح. # الضابط السمين ~~: # ولكنه مثل دوره بصدق أكثر منك يا امرأة. لقد خسرت! # المرأة ~~: # يا صاحب السعادة، أنا امرأة فقيرة مسكينة، ولا بد أن أحافظ على زوجي. # الضابط النحيف ~~: # أراد الرجل أن يهرب منك، حتى الفيضان لم يستطع أن يمنعه. # المرأة ~~: # ولكن مياه النهر تراجعت بعد ثلاثة أيام. # الضابط السمين ~~: # اعترفي بأنه ليس زوجك. # المرأة ~~: # تراجعت المياه، وبدت الأرض كابية متورمة، كأنها جرذان ضخم ميت. واستمرت ~~حياتنا معا، هسوي لي وأنا. # الضابط السمين ~~: # ربما تريد أن تجرب ثانية؟ ~~(للضابط النحيف) # أعطها فرصة أخرى، فقد ms34 استطاعت أن تسلينا ساعة كاملة، بعدها يمكن أن يتم ~~هذا ~~(إشارة تدل على الشنق) # بصورة ~~أسرع. # المرأة ~~: # يا صاحبي السعادة! أشفقا على الرجل المسكين الذي أحبه! كان كوخنا قد ~~أصبح مجدبا. وجرفت المياه المائدة والكرسي والسرير. وكان لا بد من تعبيد ~~الطريق الموصل من أحراش الغاب إلى القرية. # الضابط السمين ~~: # هيا ابدئي، هل سيشارك زوجك؟ # الضابط النحيف ~~: # أم إن الرعب أخرسه؟ # الضابط السمين ~~: # لعله نادم على نزوله من فوق السور. في إمكانه أن يرجع، هذا الجندي. # المرأة ~~: # كان الرجال الذين يجمعون المتطوعين قد وصلوا في ذلك الوقت إلى القرية. ولكن ~~هسوي لي حشا أذنيه بالأعشاب ... # الضابط السمين ~~: # اسمع يا هسوي لي! إن أحوالك كما تعلم سيئة. فمعك في الكوخ زوجة ثرثارة، ~~وأهالي القرية الذين يعرفونكما يقولون إن من لا يملك شيئا لا يحصل على شيء ~~ولا يعطي كذلك شيئا. ثم إن الأسماك تموت في النهر، والرائحة النتنة منتشرة ~~فوق الضفاف! # المرأة ~~: # هسوي لي، بماذا ترد عليهم؟ # الرجل ~~: # اذهبوا، اذهبوا. # الضابط النحيف ~~(ساخرا) ~~: # ألم تسمع الأغاني التي ينشدها ~~الجنود؟ إنهم يتكلمون فيها عن الغزو، ناهيك عن الاحترام الذي يبديه الفلاحون ~~الجائعون للمجند الذي يحصل كل يوم على ثلاثة صحون من الأرز. وأصحاب القوارب ~~الذين يتنافسون على نقل الجنود عبر النهر. # المرأة ~~(بضراعة) ~~: # هسوي لي. # الرجل ~~(للرجال الذين يجمعون المتطوعين) ~~: # اذهبوا، اذهبوا. ~~(الضباط يضحكون.) # المرأة ~~: # ابق في الكوخ، يا هسوي لي، حتى يأتي الصيف ويذهب الرجال إلى الأرياف. # الضابط النحيف ~~: # زوجك ذهب بالفعل مع الجنود، لقد شبع منك بما فيه الكفاية. # المرأة ~~: # لم تكن لديه الرغبة في الذهاب يا صاحب السعادة، أقسم لك، هم الذين عثروا عليه ~~وأخذوه معهم، لقد رفض الذهاب معهم، تكلم يا هسوي لي. # الرجل ~~: # لم أستجب لطلب الرجال الذين يجمعون المتطوعين، لجأت إلى أحراش الغاب وجلست ~~هناك، بعيدا عن الكوخ، حيث يثير الماء الآسن فقاعات كابية اللون، أنا هسوي لي ~~الفقير المسكين. # ورحت أستمع إلى حديث فان شين-تينج مع تاجر الزيت الذي أخذت تتوسل إليه ليخفض ~~أسعار ms35 حاجاتنا من التموين، كما أستمع إلى أصوات الجنود الذين تتتابع خطاهم على ~~السد من فوقي واحد بعد الآخر، سمعتهم ينادون، فسددت أذني وانكفأت وسط ~~الأحراش ووجهي إلى الماء. كيف يمكنني إذن أن أعيش، أنا هسوي لي؟ ~~(يعود إلى الانخراط في دوره.) # المرأة ~~(بعيدا عنه «في الكوخ») ~~: # إنني أحبك يا هسوي لي. # الضابط النحيف ~~: # ألم تذكري من قبل يا امرأة أن تاجر الزيت جاء لزيارتكم؟ # المرأة ~~: # نعم يا صاحب السعادة. تاجر الزيت شانج كو-تونج وهو رجل ودود أصلع الرأس. ~~استجاب لتوسلاتي إليه فسمح لنا أن نستدين منه مبلغا يساوي ثلاثمائة عملة ~~نحاسية نسددها له بعد شهر. # الضابط السمين ~~: # ورجع تاجر الزيت مرة أخرى؟ # المرأة ~~: # وهو سيد لطيف يا صاحب السعادة ورقيق القلب، إن صوته يشبه صوتكم. # الضابط السمين ~~: # وزوجك هسوي لي؟ # المرأة ~~: # بقي في أحراش الغاب يا صاحب السعادة طوال الصيف. # الضابط السمين ~~: # أراد أن يقطع علاقته بك؟ # المرأة ~~: # وظل الجنود يعبرون السد المرتفع هناك واحد بعد الآخر. كان قد اختبأ ~~منهم. # الضابط النحيف ~~: # سمعت يا هسوي لي؟ أنت أيها الخامل الكسول، أيها الجبان المختبئ وسط أعواد ~~الغاب، والمياه العكرة تصل إلى سرتك. هل سمعت أن تاجر الزيت قد جاء ليسترد ~~المال الذي أقرضه لكم؟ # الضابط السمين ~~: # وهو رجل طيب، رجل رقيق القلب يا هسوي لي، لقد وافق على إمهالكم شهرا آخر، ~~لأن فان شين-تينج عرفت ببراعتها كيف تتوسل إليه. ~~(الضابطان يضحكان.) # الضابط النحيف ~~: # ويواصل الجنود عبورهم للسد من فوقك يا هسوي لي. # المرأة ~~: # لا يمكنني أن أذكر تاجر الزيت شانج كو-تونج إلا بالخير يا هسوي لي. ~~(ضحكات.) # لقد كان يشبهكم في صوته، وحركاته، وإحساسه النبيل يا صاحب السعادة ~~(تشير إلى الضابط السمين) # هل تسمحون لي يا صاحب السعادة بأن أدعوكم للنزول إلى هنا لكي تعرفوا بنفسكم حقيقة ما جرى. # الضابط النحيف ~~: # أهذه حيلة أخرى من حيلك القذرة يا امرأة؟ # المرأة ~~: # إنه رجل رءوف وسيد نبيل، كم زارني في كوخي الفقير. وكم تكلمت معه. # الضابط السمين ~~(ينزل من ms36 فوق المنصة إلى خشبة المسرح ويبدأ في ~~تشخيص دور تاجر الزيت) ~~: # عن أي شيء تكلمت معه يا امرأة؟ ~~(ضحكات.) # الضابط النحيف ~~: # أنصت يا هسوي لي، يا من تختبئ هناك في أحراش الغاب! # المرأة ~~: # عن أسعار الزيت يا صاحب السعادة، تحدثنا عنها طويلا؛ لأن كلينا يفهم فيها بعض الشيء، صباح الخير يا سيد شانج كو-تونج. # الضابط السمين ~~(في دور تاجر الزيت) ~~: # صباح الخير يا سيدة شين-تينج. # المرأة ~~: # تفضل بالدخول. # الضابط السمين ~~: # أليس زوجك بالبيت؟ # المرأة ~~: # ما الداعي لسؤال سيادتكم عن زوجي؟ لقد استأذنته في الكلام معكم عن الأمور ~~التي تهمنا. # الضابط النحيف ~~: # أنصت يا هسوي لي، يا من تقبع هناك في أحراش الغاب! # الضابط السمين ~~: # أنت في غاية اللطف يا سيدتي العزيزة. # المرأة ~~: # لندخل البيت لكي أستطيع أن أقدم لكم ما يليق بضيف كريم مثلكم. ~~(ضحكات الضابط النحيف.) # لماذا تضحك يا صاحب السعادة؟ ألا تعرف سعادتك آداب اللياقة البسيطة؟ # الضابط النحيف ~~: # استمري، استمري يا زوجة الجندي هسوي لي، ابذلي كل جهدك للحفاظ على كوخك وزوجك ~~وكل ما هو عزيز عليك. # الضابط السمين ~~: # مهما ساومتني على جرار الزيت فلن يمكنك أن تغبني حقي. فحتى لو كان الفيضان ~~قد جرف جراري، فإن البقية منها قد ارتفع ثمنها بحيث لا تهمني الجرار ~~الضائعة. # المرأة ~~: # ليس في نيتي أن أغبنك حقك يا صاحب السعادة، لأن طيبتك وكرمك معروفان لدى الجميع. # الضابط السمين ~~(يحاول الاقتراب منها، ولكنها تتحاشاه ~~بلطف) ~~: # من الأفضل إذن أن تخاطبي طيبتي بدلا من مخاطبة عقلي. سأصرف ~~النظر عن الخسارة التي يسببها لي تأخرك في الدفع. ولنحاول بدلا من ذلك أن نتفق ~~على ثمن طيبتي وكرمي. # المرأة ~~(وهي تتخلص منه) ~~: # أرجوك يا صاحب السعادة أن ~~تمهلنا شهرا آخر لنتمكن من تسديد الدين، وذلك حتى يرجع زوجي إلى عقله. # الضابط السمين ~~: # سوف يسعدني حتى ذلك الحين أن أتفاهم معك في كوخك على هذه الصفقة يا سيدتي العزيزة. # المرأة ~~: # أنت إنسان طيب القلب يا سيد تشانج كو-تونج، لا بد أن أخبر زوجي ms37 عن المفاوضات ~~التي دارت بيننا عن المبلغ المتأخر. # الضابط النحيف ~~: # أنصت يا هسوي لي لتعرف إن كانت تقول الحقيقة! ~~(يقف الرجل ويتقدم ببطء نحو الكوخ.) # المرأة ~~: # أنا لا أتكلم معكم إلا لأنني أفهم أكثر منه في أمور الزيت والتموين. # الضابط السمين ~~: # أنت امرأة ذكية يا فان شين-تينج. # المرأة ~~: # لولا الذكاء لمات الإنسان كما يموت الحيوان في جحره يا صاحب السعادة. وكل شيء ~~وله ظروفه، ولكل شيء أوانه. # الضابط النحيف ~~(يتدخل في الحديث وينادي بصوت حاد) ~~: # ولكن ~~ربما لم تكوني ذكية بما فيه الكفاية؟ # المرأة ~~(في خضوع للضابط النحيف) ~~: # أنا لا أجرؤ أن ~~أقيس ذكائي بذكائكم يا صاحب السعادة، ولكن ذكائي قوي لمجرد أن الحقيقة في ~~جانبه. # الضابط النحيف ~~: # ألم تتلقي هدايا من تاجر الزيت شانج كو-تونج؟ # المرأة ~~: # لا أذكر يا صاحب السعادة. # الضابط النحيف ~~: # فكري جيدا، فربما حرصت على أن يحضر معه بعض الهدايا التي لا تحبين أن ~~تطلعي زوجك عليها. # المرأة ~~: # بدأت أخاف من ذكائكم يا صاحب السعادة، ماذا تقصدون بسؤالكم هذا؟ # الضابط النحيف ~~: # إثبات إدانتك يا امرأة، يا من تركها زوجها وذهب مع الجنود، متى تركك ~~إذن؟ # المرأة ~~: # قبل حلول الصيف يا صاحب السعادة. # الضابط النحيف ~~: # تركك وذهب بعيدا، وها هو ذا يرجع إليك ~~(يريها التميمة) ~~. # المرأة ~~(تصاب بالرعب، تتعرف على التميمة التي كان يحملها ~~زوجها في اللوح المعدني، ولكنها تحاول أن تسيطر على نفسها) ~~: # لا أفهم قصد سيادتكم. # الضابط النحيف ~~: # هل تعرفين هذه التميمة؟ # المرأة ~~: # لا يا صاحب السعادة. # الضابط النحيف ~~: # أنصت جيدا يا هسوي لي! # المرأة ~~: # إذا كنت لم أفقدها، فكيف أتعرف عليها؟ # الضابط النحيف ~~: # أصدرنا الأوامر بتفتيش ملابس الجنود الذين ماتوا دفاعا عن البوابة الجنوبية. ~~وقد عثر عليها أحد الجنود وأحضرها الآن. # المرأة ~~: # لا شك أنه كان جنديا شجاعا وسقط في المعركة ~~(منفجرة) # هسوي لي! لماذا ذهبت وتركتني! # الضابط النحيف ~~: # ماذا قلت؟ # المرأة ~~: # ليرقد الموتى في سلام وهدوء. # الضابط النحيف ~~: # ولكن واحدا منهم يمكنه أن يزعج هدوءك. # المرأة ~~: # إنهم لا ينتقمون ممن يتمنون ms38 لهم الحياة. # الضابط النحيف ~~: # اقرئي المكتوب على اللوح المعدني. # المرأة ~~(متهربة منه) ~~: # تصعب علي القراءة يا صاحب السعادة. # الضابط النحيف ~~: # ولكنك قرأته من قبل، أليس كذلك؟ # المرأة ~~(متلعثمة) ~~: # لا أذكر يا صاحب ~~السعادة. # الضابط النحيف ~~: # ما دمت لا تريدين قراءته فسوف أتلو عليك ما كتب عليه. ~~(للرجل) # استمع يا زوج هذه المرأة التي تقف هنا ~~أسفل السور. ~~(يقرأ) ~~«هذه التميمة هدية من ~~فان شين-تينج لزوجها هسوي لي، رمز الوفاء يوم زفافها» لقد أخذناها من هسوي ~~لي. ~~(يلقي التميمة على الأرض فترفعها المرأة.) # المرأة ~~(تتحكم في أعصابها) ~~: # ليتك تترك الموتى في سلام يا صاحب السعادة. # الضابط النحيف ~~(منحنيا للأمام) ~~: # دموع يا امرأة؟ # المرأة ~~: # أنا لا أعرف الرجل المسكين الذي يرقد مع موتاكم. فلماذا أذرف الدموع؟ # الضابط النحيف ~~(للرجل) ~~: # سمعت؟ # الضابط السمين ~~: # أبدعت في التمثيل يا امرأة، إذا كان الجندي الميت هو زوجك الشرعي، وهذا هو ~~الزوج المزيف، فلا عجب أن يخاف المزيف على نفسه منك، لقد أبدعت حقا في ~~التمثيل. # المرأة ~~: # إنني أحب زوجي هسوي لي الذي يختبئ بين أحراش الغاب. أتوسل إليكما يا صاحبي ~~السعادة أن تتركاه يرجع معي. فالمثل يقول: الرجل والمرأة كالسماء والأرض ... ~~هسوي لي، تعال إلي! # الضابط النحيف ~~(للرجل) ~~: # هل سمعتها؟ # الرجل ~~(غاضبا) ~~: # أجل. زوجك مات، أصابه سهم في ~~عينه! # الضابط النحيف ~~: # انتظر أيها الجندي! الآن فضحت نفسك! لقد عرفت زوج هذه المرأة، وكنت صديقه، ~~وكنت بجانبه على السور عندما أصابه السهم، ثم تصورت أن في إمكانك أن تحل ~~محله. # الرجل ~~(مرعوبا) ~~: # يا حضرات الضباط، نحن لم نخلع ~~بعد خوذاتنا ودروعنا. وأنا لم أعرفه، الغضب وحده هو الذي جعلني أتهم ~~زوجتي. # المرأة ~~: # كان دائما غيورا علي يا صاحبي السعادة. أما السيد شانج كو-تونج فكان ~~رجلا نبيلا، كما أكدت لكم هذا من قبل. اسمعوا ماذا قلت له. ~~(يتقدم الضابط السمين لتمثيل دور تاجر الزيت.) # خيرا فعلتم برجوعكم إلى هنا يا سيد شانج كو-تونج، لأن أحوالنا سيئة. أنا ~~مضطرة للتوسل إليك بألا تطالبنا بتسديد الدين قبل ms39 شهرين. وإلا عجزنا عن ~~البقاء في كوخنا. # الضابط السمين ~~: # السيدة فان شين-تينج تتفنن في تقديم توسلاتها بطريقة آسرة. # المرأة ~~: # وأين نجد مأوى لنا؟ في الحقول تغرقنا أمطار الربيع، في القرية يهزأ بنا كل ~~من له سقف يظله، وفي الشارع يجرنا الجنود معهم، ونحن لا نطلب إلا أن ~~نبقى معا في كوخنا. # الضابط السمين ~~: # أين زوجك يا فان شين تينج؟ # المرأة ~~: # هناك وسط أحراش الغاب، غير بعيد عن هنا. # الضابط السمين ~~: # ألن يحضر الآن؟ # المرأة ~~: # لقد أخذ سكينا معه، ليقطع أعواد الغاب التي سيصنع منها الحصر. # الضابط النحيف ~~: # ماذا تفعل يا رجل؟ # الرجل ~~: # في الوقت الذي أجلس فيه هنا ينمو الغاب من حولي ويتكاتف، لأنني غرست سكيني ~~في فرع شجرة، إنني لا أفعل شيئا. كل ما هناك أنني أسمع من بعيد صوت تاجر ~~الزيت شانج كو-تونج وهو صوت مهذب ودود، يعبر عن أدب عمره ثلاثة آلاف ~~سنة، مستمد من كتب الحكمة القديمة. ولكن ماذا أفعل بهذا الأدب هنا وسط أحراش ~~الغاب، إن ما يحدث وراء أذني يعذبني. فأنا أكره المعروف الذي يقيدني في ~~الأغلال، وإذا وافق تاجر الزيت شانج كو-تونج أن يمهلنا كرمه شهرا فلا بد أن ~~يفكر فيه كلانا لمدة شهر. وإذا شاء كرمه أن يمهلنا شهرين، فلن نستطيع أن ~~نتحدث عن شيء غيره طوال شهرين. أما إذا أعفانا بفضل طيبته من ديننا كله إلى ~~الأبد، فسيكون ذلك وقتا طويلا، وعندئذ ... عندئذ ... # الضابط السمين ~~: # الواقع أنه يستحيل علي أن أطالب بالدين وأنا أرى أمامي كل هذه ~~السعادة. ~~(يريد أن يقترب منها.) # المرأة ~~(مبتعدة عنه) ~~: # أشكركم يا سيد شانج كو-تونج. # الضابط السمين ~~: # متى يرجع زوجكم؟ # المرأة ~~: # في المساء. # الضابط النحيف ~~(للرجل بلهجة حادة) ~~: # هكذا تبدو سعادتك يا جندي! اقفز عليه. اقفز عليه! ~~(يقفز الرجل مندفعا من مخبئه «ويطعن تاجر الزيت بالسكين فيرديه قتيلا» الضابط السمين ينهض واقفا على قدميه، بعد أن أرداه الرجل، ويرجع ~~إلى مكانه وهو يضحك.) # المرأة ~~: # ماذا فعلت يا رجل؟ قتلت السيد شانج كو ms40 -تونج الذي لم يقدم لنا إلا الخير، ~~كيف سيكون مصيرنا؟ أطلت الجلوس وسط الأحراش وأدمنت التفكير حتى اختل عقلك. ~~ها أنا ذا أسمع خطواتك وهم يلاحقونك، من يحميك؟ وإلى أين تهرب؟ # الرجل ~~: # لن أبقى هنا. # المرأة ~~: # في الحقول سيطاردونك بكلابهم، وفي الشارع سيجرك الجنود معهم. # الرجل ~~: # أريد أن أذهب، أن أفر. # المرأة ~~: # أنصت، إنني أسمعهم قادمين، الشرطة في الطريق، سأقف أمام الباب وتختفي أنت ~~وراءه، سأتكلم مع رجال الشرطة الذين جاءوا للقبض عليك. ~~(للضابطين) # هذا هو الذي حدث بالضبط يا صاحبي ~~السعادة، يا حضرات الضباط. ~~(تشد الرجل إلى المخبأ وراء الباب الذي تقف أمامه.) # أنتم يا من هناك! لا تندفعوا بهذه السرعة! لا تسيئوا الأدب! أهكذا يدخل ~~الإنسان بيتا غريبا؟ ثم ماذا تتشممون حولكم؟ لعلكم تريدون صحفة من لبن ~~الماعز، أو نصف دجاجة؟ لن تجدوا شيئا. ابحثوا في بيوت الأغنياء! لا، لن أبتعد ~~عن الباب، نحن فقراء يا حضرات السادة، لن تجدوا لدينا غير كيس محشو بقش ~~الذرة والبراغيث إذا أردتم أن تستريحوا، وشربة الكرنب المملحة إذا شعرتم ~~بالجوع، وهذا الباب لتخرجوا منه إذا تكرمتم بالانصراف، وعندئذ لن ألوح لكم ~~مودعة، لا، لن أترككم تدخلون من هذ الباب الذي أقف أمامه. إنكم تفتشون عن ~~زوجي، ماذا فعل لكم إذن؟ هل سرق شيئا؟ هل سكر وأثار الضجيج؟ أم تراه ~~استهزأ بكم؟ لا أستبعد أن يكون قد فعل هذا. فلتعف الآلهة عنه! لا، قلت لن ~~تدخلوا. وزوجي لن تأخذوه. لن أسمح لكم بهذا! ~~(في هذه الأثناء يفتح رجال الشرطة المتخيلون الباب - المتخيل أيضا - بعنف شديد ويزيحون المرأة جانبا، تستدير المرأة وتبحث وراء الباب فتكتشف أن الرجل قد اختفى. # ضحكات عالية تصدر من الضباط والجنود الواقفين فوق السور.) # الضابط النحيف ~~: # أين زوجك يا امرأة؟ # الضابط السمين ~~: # أرأيت كيف هرب بجلده؟ # الضابط النحيف ~~: # لقد اختفى وراء السور. # الضابط السمين ~~: # ويعجبه الحال هناك أكثر من هنا. # الضابط السمين ~~: # لن يرجع يا امرأة. انصرفي إلى بيتك! # الضابط النحيف ~~: # ننصحك شفقة عليك، انصرفي إلى بيتك. لقد خسرت ms41 اللعبة. # الضابط السمين ~~: # ألم يذهب زوجك الأول أيضا باختياره؟ # الضابط النحيف ~~: # ألم تستردي لوحك المعدني الجميل أيضا كما تقضي اللياقة؟ اذهبي إذن؟ اذهبي ~~إلى قريتك وفرجي الغسالات عليه. # المرأة ~~(يائسة) ~~: # هسوي لي! هسوي لي! ~~(الجنود الواقفون فوق السور يضحكون ضحكات عالية.) # أين القيصر؟ # الضابط النحيف ~~: # لقد استمتع القيصر بالتمثيل. ولكنه انصرف منذ قليل. # المرأة ~~(في غضب يزداد توحشا) ~~: # انصرف منذ قليل؟ دخل مخدعه لينام؟ وإذا صرخت، ألن ~~يوقظه صراخي؟ أيها القيصر! أيها القيصر! استمع إلي أيها القيصر! تكلم! هل ~~تألمت لسوء حالي؟ لقد رأيت كل شيء ثم ذهبت بغير كلمة واحدة. إنني أكرهك! ~~ينبغي أن تسقط من على عرشك. وتسقط معك قشور السمك الذهبية التي تلتف بها. ما أنت إلا بعبع وهمي. وأنا أغرق في الضحك عندما تسيل نشارة الخشب من رأسك ~~المكسور. وأنتم، يا حضرات الضباط جميعا، ما هذه الأماكن الفخمة التي حجزتموها ~~لأنفسكم فوق السور؟ إلى أي مدى يمكنكم أن تمدوا أبصاركم إلى القرى ~~والنجوع؟ يا لبراعتكم في الكلام! خذوا راحتكم في الكلام عني. بل توقفوا، إنني ~~أهزأ بكم، لن أستمع إليكم! سأهتف في كل مكان: لا تستمعوا للأغبياء فوق السور. ~~هنا على الأرض مكاني. أنا لا أنظر بعيدا. لا أسمع أكثر مما يقوله الجيران. ~~ولست أكثر ذكاء من معلمي. ولكنني أعيش. أعيش! وإذا كنت قد فشلت في حياتي، ~~فمن المسئول؟ ~~(تستطرد بعد انصراف الضباط.) # هل تعرفونه؟ ~~لا، لا أقصدكم؛ لأن مكانكم هناك في مهب الريح. إنني أضحك على نفختكم ~~الكذابة. على أناقتكم وزينتكم. فخامتكم وسمتكم كالديوك المخصية. والطريقة ~~التي تتكلمون بها؟ كلام معسول، وهباء. ماذا فعلت إذن؟ تعبت وشقيت لأكون ~~امرأة صالحة خيرة. فلم تكن النتيجة إلا الشر والفساد. أليس كذلك؟ أردت أن ~~أعيش مع زوجي في أمان. تعب وشقي بقدر طاقته، لكنه ذهب، لماذا؟ هل تعرف ~~قوانينكم سبب ذلك؟ أتستطيع عدالتكم أو طيبتكم أن تخبرني؟ أيها النواطير! إنني ~~أضحك كلما رأيتكم تفغرون أفواهكم. أين ذهب الرجل إذن؟ هسوي لي! اسمعني! اخرج ~~من مخبئك! لن يأتي زوجي ms42 لن يأتي، لقد مات! حجرا صار، كومة تراب، زوجي مات، ~~هسوي لي لن يأتي، لقد ذهب باختياره، وأنت ذهبت أيضا، أيها الجبان، أيها ~~الخامل الكسول، أيها البهيم العقيم. اذهب إلى القتلة، فما أنت إلا واحد منهم. ~~هل تصورت أنني سأبكي عليك؟ لا تستسلم للأوهام. سأعبئ الكوخ بالدخان لتخرج ~~منه رائحتك النتنة. ليتحول العالم كله إلى دخان يفترس الأعين، حتى يتخلص ~~من نتن هذا الرجل، أنتم يا من فوق السور! أيها المطرزون بالذهب، يا أصحاب ~~القوانين الجميلة والحكمة الجميلة والأخلاق الجميلة، لم لا تفسرون لي ~~السبب في انتشار العفن الفظيع في العالم كله؟ إنكم تشمخون بأنوفكم في ~~الأعالي وتشمون ما لا أشمه، ولا بد أنكم تعرفون السبب، أف أيتها الجثة ~~النتنة العفنة المخضرة التي يلتهمها الدود، إنني أسد أنفي وأبصق عليك. ~~(تتجه إلى السور) # دعوني أدخل! ~~أفسحوا لي الطريق! وأنت أيها السور، أيها السور السميك، ابتعد! ابتعد! أيها ~~السور السميك العظيم القديم الغبي! أنا فان شين-تينج أقف هنا تحتك. لا أريد أن ~~أبقى واقفة في مكاني، أريد أن أخترقك وأنفذ فيك. سأظل ألطمك برأسي حتى ~~تتهدم يا من أكرهك أشد الكراهية. ما الذي يمنع أن أعيش مع الرجل أيها السور؟ ~~ولماذا ذهب؟ لماذا لا يفهم بعضنا بعضا، ولماذا تقف هنا أيها السور؟ ولماذا أنا ~~هنا بينما الرجل على الجانب الآخر؟ لماذا خلت جميع القوانين من كل قيمة؟ ~~وتجردت كل النوايا الطيبة من أي قيمة؟ لماذا أصبح الأمل كله عدما، والحنان ~~عدما، والذكاء عدما، والحب عدما، عدما، عدما؟ أجبني على سؤالي! لماذا تقف ~~هنا أيها السور؟ لا تلذ بالصمت! لماذا تقف هنا؟ أجبني! أجبني! ~~(تدق على السور بغضب جنوني) # إنني أكرهك! أبصق ~~عليك! أضحك عليك! ألعنك! أنا .. أنا .. أنا .. أنا .. أنا .. أنا .. أنا ... ~~(يدخل أحد الجنود المكلفين بالحراسة ووجهه ~~مغطى بقناع، ولكننا نعرف من صوته أنه هو نفسه الرجل الذي أراد قبل ذلك ~~أن يذهب معها. لقد عاد إلى جموده وبروده، وتجرد من السمات الشخصية ومن ~~كل تعاطف أو انفعال. يلكز ms43 المرأة بحربته ويقول): # الجندي ~~: # اذهبي! لن يسمعك أحد! ~~(تقشعر المرأة فزعا وتحدق فيه.) ~~(ستار) # | فرناندو كراب أرسل إلي هذا الخطاب # | (محاولة للكشف عن الحقيقة) # (عن قصة للفيلسوف والشاعر الإسباني) # ميجيل دي أونامونو (1864-1936) ~~(بعنوان: رجل لا ينقصه إلا كمال الرجولة) # وكتبت المسرحية بالتعاون مع # أوزولا إيلر ~~*** # الشخصيات # فرناندو كراب. # جوليا. # الأب. # الدوق. # طبيبان للأمراض العقلية والنفسية. # 1 ~~(جوليا - الأب) # جوليا ~~: # فرناندو كراب أرسل إلي هذا الخطاب. ~~(تمد يدها بالخطاب لأبيها.) # الأب ~~(يتصنع الدهشة) ~~: # هكذا؟ # جوليا ~~: # اقرأه. # الأب ~~: # وما الذي قلته ردا عليه؟ # جوليا ~~(نافدة الصبر) ~~: # قلت لك اقرأه. # الأب ~~: # إنه رجل يتقرب منه الجميع، والجميع يتكلمون عنه في كل مكان منذ أن رجع من ~~أمريكا ومعه هذه الثروة الضخمة. كم من فتاة في ربيع العمر سيسعدها أن تتلقى ~~منه خطابا، كلهن بلا استثناء. # جوليا ~~: # اقرأه. # الأب ~~: # آه. الخطاب موجه لك أنت، يكفي أن تذكري لي ما جاء فيه، لقد قرأته ~~بالفعل. # جوليا ~~: # إنه خطاب قصير. # الأب ~~: # وهو لا يلف ولا يدور، شخصية قوية حازمة. يمكنني أن ألاحظ هذا من ~~خطه. # جوليا ~~(تقرأ عليه) ~~: # آنستي الكريمة ... # الأب ~~: ~~«آنستي الكريمة»، أهذا ما كتبه؟ بلا لف ولا دوران. لا ديباجة ولا عبارات ~~طنانة! # جوليا ~~(تواصل القراءة) ~~: ~~«سمعت أنك أجمل امرأة ~~في المدينة التي استقر بي المقام فيها منذ فترة قصيرة، وقد رأيتك عندما كنت ~~تتمشين مع أبيك في المنتزه.» # الأب ~~: # آه. هل رآنا هناك؟ # جوليا ~~(مستمرة في القراءة) ~~: ~~«ما سمعته صحيح ~~بالفعل؛ فأنت أجمل الجميلات. سوف أتزوجك، فرناندو كراب.» # الأب ~~: # إنه ينطلق مباشرة إلى هدفه، شخصية حازمة. # جوليا ~~: # كم لبثنا يوم السبت في المنتزه؟ # الأب ~~: # آه. لا أذكر. # جوليا ~~: # أبديت رغبتي في الرجوع للبيت، لكنني اضطررت لقطع الطريق الواسع المحفوف ~~بالأشجار مرتين. أنت الذي فرضت علي هذا. # الأب ~~: # معلوم أن الهواء المنعش مفيد للصحة، إنك تلازمين البيت كثيرا، تقرئين ~~وتسرحين مع خيالاتك. # جوليا ~~: # اتفقت معه على كل شيء. ~~(تقذف الخطاب في وجهه.) # الأب ~~: # أرجوك يا جوليا، أرجوك يا حبيبتي، أخبريني ماذا قلت في ردك عليه ms44 ؟ # جوليا ~~: # ها؟! # الأب ~~: # لا أعتقد أنك قلت له «ها»؛ فأنا أعرف أنك بارعة في كتابة الخطابات وخيالك ~~خصب. # جوليا ~~: # سأسمعك ما قلته لفرناندو كراب: «سيدي، فهمت من خطابك أنك اشتريتني من أبي. ~~كم طلب منك مقابل كل رطل من لحمي؟ ما ثمن كل كيلو من وزني الحي؟ وهل وافقت على ~~السعر المطلوب أم حاولت أن تساوم عليه؟ إنني أتصور الآن كيف تقلص وجه أبي من ~~شدة القلق وكيف ارتعشت شفتاه، ألم تسقط كذلك دمعة على خده المزرق العروق، ~~لمجرد أنك ترددت في دفع الثمن المطلوب؟ ولكنك تعلم أن الرجل المسكين في قبضتك، ~~وأن الديون التي تثقل كتفيه تجبره على بيع السلعة بأي ثمن.» # الأب ~~(متأوها) ~~: # أنت تمزحين يا جوليا، أنت ~~تمزحين. # جوليا ~~: ~~«أم تراك لمحت ابتسامة عارضة على وجهي عندما كنت تراقبني، فدفعك هذا لأن ~~تضيف بمحض رغبتك بضعة آلاف أخرى إلى المبلغ المطلوب؟ أؤكد لك يا سيدي أن أسناني ~~منتظمة وأن شحمتي أذني جميلتان، ناهيك عن أمور أخرى لا تسمح آداب اللياقة ~~بالكشف عنها. ولكني أنصحك إذا حضرت إلى بيت البائع، وهو أبي، بأن تدقق في ~~فحص السلعة قبل تسجيل المبلغ النهائي في عقد البيع.» # الأب ~~(مفزوعا) ~~: # جوليا! # جوليا ~~: # ألا يعبر هذا عن رأيك يا أبي؟ لقد تصورت هذا. # الأب ~~: # أنت قاسية القلب، تسخرين من خدي المنتفخين بالعروق الزرقاء ... أنا الذي ~~أقترب من الموت، أجل من الموت، من شدة قلقي عليك. # جوليا ~~: # لا تتأوه من فضلك وإلا انتابني الصداع واسودت الحلقات تحت عيني. ربما ~~يبخس هذا من السعر المطلوب. # الأب ~~: # يا طفلتي المسكينة ... من المفروض أن تدركي الخطر الذي يمكن أن تتعرضي له ~~إذا لم أهتم بمستقبلك. صحيح أن جمالك يشبه جمال فكرة من أفكار الرب، أجل إلى ~~هذا الحد وصل جمالك، ولكن رأسك مزدحم بالأفكار الغريبة التي تقلقني. إنك ~~تصدمين الناس وتلطمين وجوههم بمثل هذه التهيؤات العجيبة. # جوليا ~~: # التهيؤات؟ # الأب ~~: # هل يعقل أن ترد امرأة بمثل هذه الحماقات على طلب الزواج من رجل ثري ~~ومرموق كهذا الرجل؟ لا ms45 بد أن أبذل غاية جهدي لإعادة الأمور إلى نصابها. # جوليا ~~: # لست ملزما بهذا. # الأب ~~: # تهيؤات عجيبة. طالب مسكين لا يحتكم على شيء وليس له أي قيمة، طالب لا ~~تكادين تعرفينه ومع ذلك تطلبين منه ببساطة أن يخطفك. ألا يحق لي أن أصف هذا ~~التصرف بأنه شيء عجيب؟ أما هو فيستولي عليه الفزع ويقول: نعم. أنا تحت أمرك، ~~سأخطفك. ولكن من أين نعيش؟ وأنت؟ ماذا كان ردك عليه؟ # جوليا ~~: # وماذا كان ردي؟ # الأب ~~: # قلت له: لننتحر معا. # جوليا ~~: # يستحيل عليك أن تعرف ما قلت. # الأب ~~: # بل أعرف، وكل الناس تعرف، لقد حكى الحكاية لكل من هب ودب، هذا الشاب ~~البائس المشوش العقل، المدينة كلها تعرف هذا، ثم إنه لم يرجع. لا بد أنه قال ~~لنفسه: لا أريد أن أموت. # جوليا ~~: # ثرثار غبي. # الأب ~~: # اسمعيني يا حبيبتي، أين هو الإنسان الذي يريد الموت؟ لا أحد يريده، ولا أنا ~~أيضا، فكل إنسان يبحث عن حظه في الحياة ويتلهف على نسمة من السعادة. انظري ~~إلى أبيك العجوز، إنه يضحك، لا يتخلى عن التمسك بالأمل، رغم أنه، وهذا تعبير ~~مخفف، لا يحتكم على شيء، على الأقل في الوقت الحاضر. ~~(يطرقع بأصابعه ويضحك بمرارة.) # جوليا ~~: # كف عن هذه الطرقعة! # الأب ~~: # حقا، إنني أطرقع بأصابعي، إنها عادة سخيفة لو صرف فرناندو كراب نظره عن ~~الموضوع، لو فعل هذا بسبب خطابك المخزي فسوف أشنق نفسي. ~~(ينصرف.) # 2 ~~(جوليا - فرناندو كراب) # فرناندو كراب ~~(يدخل) ~~: # لقد أرسلت إلي خطابك، وأعجبت ~~به إعجابا شديدا. # جوليا ~~: # لم يكن هذا هو الهدف منه. # فرناندو كراب ~~: # أرى من هذا الخطاب أننا سنتفاهم على أحسن وجه. # جوليا ~~: # ولكن خطابك لم يعجبني. # فرناندو كراب ~~: # من المعروف لدى الجميع أن فرناندو كراب يحصل على كل ما يريده. أنت أجمل امرأة في المدينة، وربما كنت أجمل امرأة في البلد كلها. أريد أن أتزوجك، وها ~~أنا ذا. ~~(تبقى جوليا صامتة لا تتحرك.) # فرناندو كراب ~~(يبدو أن صمتها أثار القلق في نفسه، يتجه نحوها بعد ~~فترة من الوقت يتفحصها بنظراته، ثم ms46 يقول بلهجة موضوعية جافة) ~~: # ألست بخير؟ # جوليا ~~: # أجل بخير .. كل شيء على ما يرام. # فرناندو كراب ~~: # ولكنك ترتجفين، يبدو لي هذا. # جوليا ~~: # الدنيا برد .. الجو هنا يميل للبرودة. # فرناندو كراب ~~: # أنت مخطئة، إنه دافئ. # جوليا ~~: # حقا؟ # فرناندو كراب ~~: # أنت ترتجفين من القلق. # جوليا ~~: # ومم القلق إذن؟ # فرناندو كراب ~~: # مني؟ # جوليا ~~: # ولماذا أقلق منك؟ لا، قطعا لا! # فرناندو كراب ~~: # بل تشعرين بالقلق مني ~~(تنفجر جوليا باكية. ~~يتطلع فرناندو كراب إليها بهدوء ثم يقول) # هل تتصورين أنني وحش؟ ~~أبعدي يديك عن وجهك! انظري إلي! إن أعدائي فقط هم الذين يخشونني. # جوليا ~~: # إنني أعرض للبيع! # فرناندو كراب ~~: # هكذا؟ ومن قال هذا؟ # جوليا ~~: # أنا التي أقوله! وماذا يملك أبي المسكين؟ إنه مفلس ولا بد أن يدخل ~~السجن، ولكن قبل أن تقبض الشرطة عليه، قبل أن يسحبوه والقيود الحديدية في يديه ~~أمام صفوف المتطفلين والشامتين، قبل أن يحدث له هذا سيشنق نفسه. أنا واثقة ~~من هذا. # فرناندو كراب ~~: # لا داعي لكل هذا. # جوليا ~~: # أنت بأموالك الطائلة .. أموالك التي تعرضها في كل مكان! تفتح محفظتك، وتلوح ~~بالأوراق النقدية وتقذف بها من الشرفة على رءوس الناس لكي يحنوا ظهورهم ويزحفوا ~~على الأرض لالتقاط ورقة واحدة من الوحل. # فرناندو كراب ~~: # أبوك كان منشرحا وفي أحسن حال. لقد رتبت كل شيء ودفعت كل شيء. # جوليا ~~: # دفعت كل شيء؟ # فرناندو كراب ~~: # أجل، كم كان المبلغ؟ لقد نسيت. # جوليا ~~: # معنى هذا أنك اشتريتنا بالفعل، معناه أننا نعيش الآن من مالك؟ أليس ~~كذلك؟ ~~(تنزع الشال من حول رقبتها.) # وهذا الشال الذي أحضره أبي أمس وأعطاه لي، ألم تشتره أيضا من مالك؟ ~~والحذاء؟ حتى الحذاء أيضا! ~~(تخلع حذاءها وتقذف به رأس فرناندو كراب.) # فرناندو كراب ~~: # ألاحظ الآن يا جوليا أن قدميك جميلتان جدا! # جوليا ~~: # لن تحصل علي أبدا .. أبدا .. أبدا! إلا إذا مت. # فرناندو كراب ~~: # ولكنك تحبينني يا جوليا. أنت تحبينني الآن بالفعل! ولهذا ستتزوجيني. # جوليا ~~: # باعني! واشتريتني! # فرناندو كراب ~~: # تتصورين أنني أملك المال، وأنك أنت السلعة. # جوليا ~~(صارخة) ~~: # أجل! أجل! # فرناندو كراب ms47 ~~: # أنا لم أعرض على أبيك أي شروط عندما سلمته المال. لم أطالب بأي شيء. ~~أترفضين أن تحبيني؟ ولكن هذا مستحيل! مستحيل أن يرفض حبي أي إنسان. ~~(صمت طويل. جوليا تبكي. صمت.) # جوليا ~~(تهمس في صوت خافت) ~~: # افعل معي ما تشاء. # فرناندو كراب ~~: # ما الذي تقصدين بهذا؟ ماذا تعنين؟ # جوليا ~~: # لا أدري، لا أدري ماذا أقول؟! # فرناندو كراب ~~: # وما معنى أن أفعل معك ما أريد؟ # جوليا ~~: # معناه ... لا أدري! # فرناندو كراب ~~: # أنا لا أشتري عاهرة من الشارع، بيع وشراء! هراء! إنه زواج عن حب. أنت ~~تحبينني، ولهذا تبكين! لقد بدأت تفهمين! # جوليا ~~: # وقبلت الزواج منه ... # 3 ~~(جوليا - فرناندو كراب) # جوليا ~~: # أي نوع من الرجال أنت؟ # فرناندو كراب ~~: # وماذا عسى أن أكون؟ أنا هو أنا، فرناندو كراب. # جوليا ~~: # هذا ما تقوله دائما، لم أسمعك أبدا تتكلم عن طفولتك، ولا أعرف أي شيء عن والديك. # فرناندو كراب ~~: # ليس لي والدان، فعائلتي تبدأ بي، وأنا الذي صنعت نفسي بنفسي. # جوليا ~~: # انظر إلى يدي. # فرناندو كراب ~~: # أصابع رقيقة ورشيقة. # جوليا ~~: # لقد ورثتها عن أمي. # فرناندو كراب ~~: # وأحيانا تتقلص فجأة وتتحول إلى قبضتين صغيرتين قاسيتين غاضبتين. هذا ~~شيء يمتعني ويسليني. # جوليا ~~: # صحيح، فعندما أفكر في شيء تنقبض يدي. # فرناندو كراب ~~: # وقبل أن تدخلي حجرتي لا تطرقين الباب بعظمة إصبعك كما يفعل غيرك، وإنما ~~تخبطين بأظافرك على الخشب. # جوليا ~~: # مثل جدتي تماما. كانت هذه هي عادتها. والأنف الجميل ورثته عن أبي. # فرناندو كراب ~~: # هذا شيء لا يهمني. إنه جميل، لا نظير له! # جوليا ~~: # والخيال ورثته عن أمي، فالاستمتاع بالانطلاق مع الخيال شيء مألوف في ~~عائلتها. يحكى عن إحدى خالاتي أنها لم تضع قدمها أبدا على عتبة بيتها. كانت ~~تقول باستمرار: لماذا أغادر بيتي ما دمت أستطيع أن أتصور كل شيء في رأسي؟ إن ~~هذا أمتع بكثير. وممن ورثت أنفك يا فرناندو، وهذا الذقن المشقوق الذي ~~يعجبني؟ # فرناندو كراب ~~: # يعجبك؟ # جوليا ~~: # ألا تتذكر شيئا عن طفولتك؟ # فرناندو كراب ~~: # الطفولة لا تعنيني، أنا من أريد أن أكونه. ~~(صمت.) # جوليا ~~(بحذر ms48 ) ~~: # أود أن أسألك عن شيء آخر يا ~~فرناندو، ولكني لا أجد في نفسي الشجاعة. # فرناندو كراب ~~: # وما الذي يمنعك من السؤال؟ أنا لن أفترسك، ولم أشعر أبدا من كلامك بأنك جرحتني مرة واحدة، أنت تعرفين هذا بالطبع. # جوليا ~~: # أنا لا أشكو من شيء. # فرناندو كراب ~~: # لم يبق إلا أن تشكي أيضا! # جوليا ~~: # لا، أنا لا أشكو من أي شيء .. لكن ... # فرناندو كراب ~~: # هيا اسألي وخلصيني! # جوليا ~~: # الأفضل ألا أسال! # فرناندو كراب ~~: # قلت لك اسألي، أنا أريد أن تسألي. # جوليا ~~: # ما دمت مصرا فسوف أسأل: هل صحيح أنك كنت متزوجا؟ # فرناندو كراب ~~(يقطب جبينه) ~~: # أجل. # جوليا ~~: # وزوجتك الأولى؟ # فرناندو كراب ~~: # ماتت من سنوات طويلة، كنت أرملا عندما تزوجتك. ~~(متشككا) # هل حكى لك أحد عن شيء؟ # جوليا ~~: # كلا، ولكن ... لا، لا شيء. # فرناندو كراب ~~: # سمعت شيئا مما يحكونه، تكلمي إذن! # جوليا ~~: # أجل سمعت شيئا محددا. # فرناندو كراب ~~: # وصدقته؟ # جوليا ~~: # قطعا لا. لم أصدقه. # فرناندو كراب ~~: # هذا أمر طبيعي! فلم يكن ذلك من حقك! لم يكن في إمكانك! # جوليا ~~: # لا، بالطبع لا، لم أصدق أبدا. # فرناندو كراب ~~: # قلت لك هذا أمر طبيعي، فمن يحبني كل هذا الحب ويكون لي أنا وحدي لا يمكنه أن يصدق هذه الكذبة الفظيعة. # جوليا ~~: # نعم، إنني أحبك، لا أتمنى سوى شيء واحد. # فرناندو كراب ~~: # تمني كل شيء. # جوليا ~~: # آه ليتك قلتها لي مرة واحدة. # فرناندو كراب ~~: # يا حبيبة قلبي، يا كنزي الصغير، يا حلوتي، يا أعز الناس عندي ... هل يفترض ~~مني أن أقول شيئا كهذا؟ مثل هذه الكلمات الضحلة الحمقاء؟ إنها لا توجد إلا في ~~الروايات، وأنا أعلم أنك كنت مغرمة بقراءة الكتب. # جوليا ~~: # وما زلت أقرؤها بشغف ... # فرناندو كراب ~~: # اقرئي كما تشائين! اقرئي ما يحلو لك! سوف أصدر أوامري ببناء كشك في طرف الحديقة بالقرب من شجيرات الورد، وسوف أحضر لك كل الكتب التي ألفت منذ عهد آدم وحواء! # جوليا ~~: # ما أجمل هذا! # فرناندو كراب ~~: # كلما قلل الناس من كلامهم عن الحب، كان ذلك أفضل بكثير. # جوليا ms49 ~~: # آه يا فرناندو. # فرناندو كراب ~~: # ما الذي حكوه لك؟ هل قالوا إنني في شبابي كنت متزوجا في المكسيك؟ # جوليا ~~: # وكيف كان منظرها يا ترى؟ # فرناندو كراب ~~: # من امرأة ثرية جدا وأكبر مني في السن، من مليونيرة عجوز، أهذا ما ~~قالوه؟ # جوليا ~~: # أجل. # فرناندو كراب ~~: # وقالوا لك أيضا إنني أجبرتها على كتابة وصيتها وعلى تعييني الوريث الوحيد ~~لها، وإنني قتلتها بعد ذلك ... هل قالوا لك شيئا كهذا؟ # جوليا ~~: # زعموا أنك خنقتها في الفراش، بل ادعوا أنك خنقتها بقبعتك. # فرناندو كراب ~~: # وصدقت ما قالوه؟ # جوليا ~~: # كلا! أبدا، أبدا! # فرناندو كراب ~~: # بقبعتي! بقبعتي! ~~(يهز قبعته وهو يلوح ~~بها.) # جوليا ~~: # لا أتصور أبدا أنك يمكن أن تقتل زوجتك. # فرناندو كراب ~~: # أرى الآن أنك أذكى مما تخيلت. وما الذي يدعوني لقتل زوجتي، وهي شيء ~~أملكه؟ # جوليا ~~(تكرر في جمود) ~~: ~~«وما الذي يدعوني لقتل زوجتي وهي شيء أملكه؟» # فرناندو كراب ~~: # هل أنت ببغاء؟ لماذا تكررين ما أقول؟ # جوليا ~~: # لا أدري. # فرناندو كراب ~~: # وما الذي يحملني على هذا؟ كانت ثروتها تحت يدي، ومناجم النحاس التي تملكها ~~تحت تصرفي. فلماذا أقتل زوجتي أنا؟ لم يكن لهذا أي داع. # جوليا ~~: # ومع ذلك تقتل كثير من النساء بأيدي أزواجهن. # فرناندو كراب ~~: # ربما، ما شأني أنا بهذا؟ # جوليا ~~: # بسبب الغيرة مثلا، أو للانتقام من زوجة لها عشيق. # فرناندو كراب ~~: # الأغبياء هم الذين يشعرون بالغيرة. إنهم بلهاء عاجزون، ولديهم ما يبرر ~~ذلك أيضا! أما أنا .. فلا أعرف ما هي الغيرة، شعور ... لا بد أنه شعور من نوع ~~غريب! لست أدري ما الذي يشعر به الناس عندما يحسون بالغيرة، زوجتي أنا لا ~~يمكن أن تخدعني. زوجتي الأولى لم تستطع ذلك، وأنت أيضا لا تستطيعين، ولن ~~تتمكن من ذلك أي امرأة! # جوليا ~~: # لا تتكلم بهذه الطريقة، فلتتكلم عن شيء آخر. # فرناندو كراب ~~: # ولم إذن؟ # جوليا ~~: # يؤلمني أن تتحدث معي بهذا الأسلوب. يخيل لي أنك تكاد تشك في. وهذا ~~يحزنني. # فرناندو كراب ~~: # ولكن الموضوع يسليني. # جوليا ~~: # وكأنما خطر ببالي ولو في الحلم أن أخدعك! # فرناندو ms50 كراب ~~: # ولكنني متأكد من هذا، وهو بالضبط ما أقوله! # جوليا ~~: # لم أفكر في ذلك أبدا! # فرناندو كراب ~~: # يستحيل عليك أن تفكري فيه، أعلم هذا تماما. لا يمكنك أن تخدعيني، لقد ماتت ~~زوجتي الأولى. لم أكن في حاجة لقتلها. الآن عرفت كل شيء يا جوليا. # جوليا ~~: # أجل. ~~(صمت.) # فرناندو كراب ~~: # تنتابك حالات عصبية. # جوليا ~~: # أنا بخير. # فرناندو كراب ~~: # أجفانك متورمة، أريني! # جوليا ~~: # فرناندو ... # فرناندو كراب ~~: # ألاحظ الآن وأنا أنظر إليك أنك أغمضت عينيك. أما زلت تفكرين في تلك القصة ~~الغبية؟ لقد شرحت لك كل شيء، كما فهمت كل شيء. # جوليا ~~: # أنا حامل. # فرناندو كراب ~~: # أجل، توقعت هذا، الآن ضمنت أن يكون لي وريث. وسوف أجعل من ابني رجلا مثلي. # جوليا ~~: # ولكننا لا نعلم إن كان ابنا أو بنتا. # فرناندو كراب ~~: # ابن. أنا واثق من هذا. # جوليا ~~: # وإذا جاءت بنتا؟ # فرناندو كراب ~~: # قلت لا. من المؤكد أنه ابن. # جوليا ~~: # وحصلت على الطفل، كان ولدا. # فرناندو كراب ~~: # يا للطفل الرائع الذي وهبته لي! # جوليا ~~: # لماذا لا تقبل طفلك؟ لقد قدمت له الهدايا الثمينة عند ولادته، ووزعت ~~المال على الناس، غمرتني أيضا بالهدايا مما جعلني أعتقد أنك في غاية السعادة ~~بابنك، ومع ذلك لم تفكر مرة واحدة في أن تحمله على ذراعيك وتقبله. # فرناندو كراب ~~: # التقبيل والحركات المفتعلة تضايق الأطفال، إنني أنتظر حتى يمكنه أن يفهمني ~~عندما أتكلم معه، عندئذ سيكون لي كلام كثير. # جوليا ~~: # وأنا أتكلم معه طول الوقت، أتكلم معه بيدي وقبلاتي. # 4 ~~(جوليا - فرناندو كراب) # فرناندو كراب ~~: # هل عاد هذا الدوق إلى هنا؟ # جوليا ~~: # هذا الدوق؟ أي دوق تقصد؟ # فرناندو كراب ~~: # هذا الذي يأتي في هذه الأيام، واحد من أولئك الثرثارين المتسكعين، إنه لا ~~يكف عن الثرثرة في كل مكان، ولكنه عاجز حتى عن ترميم القصر الذي ورثه عن ~~عائلته. فالسقف آيل للسقوط، وشبابيك النوافذ مخلعة، والبوابة الفخمة ~~مسورة بالأسلاك الشائكة، وهو مضطر أن يدخل ويخرج من الباب الخلفي، لقد ~~تفرجت عليه، كما عرض علي أن أشتريه أنقاضا. # جوليا ~~: # نعم، هذا الدوق ms51 كان هنا. # فرناندو كراب ~~: # ليحضر كثيرا، إن هذا يسليك، على الأقل يمكنه أن ينفع في شيء. هذا ~~الهزؤة. # جوليا ~~(مستاءة) ~~: # ولكنه مهذب جدا ولطيف. # فرناندو كراب ~~: # مهذب، ولكن هزوءة. # جوليا ~~: # وهو مثقف جدا، يكتب أيضا. # فرناندو كراب ~~: # مثقف أو غير مثقف. ولكنه صعلوك يثير السخرية. # جوليا ~~: # لقد كتب بعض القصائد. # فرناندو كراب ~~: # القصائد، شيء يناسبه طبعا. # جوليا ~~: # ويمكن التحدث معه حديثا رائعا، فهو واسع الاطلاع على الأدب وعلى أشياء أخرى. # فرناندو كراب ~~: # وهذا أفضل، ما دام يسليك. # جوليا ~~: # ليست التسلية هي الكلمة الصحيحة، إنه تعس جدا. # فرناندو كراب ~~: # أخ! لا بد أنه يحاول إثارة الاهتمام، فهو يتعذب. يؤلف قصيدة عما يعانيه ~~ويدسها لك خفية؟ تحت فنجان القهوة مثلا؟ إن الذين يحسون بآلامه قليلون ~~جدا، ولا بد من مواساته، لا بد من التعاطف معه. # جوليا ~~: # نعم، إنه حساس جدا. # فرناندو كراب ~~: # جدا، حاولي أن تواسيه. تكلمي معه عن مشاكله النفسية. # جوليا ~~: # إنك تسيء الظن به، فهو في الواقع إنسان من نوع فريد، والجرح الدفين الذي ~~يعاني منه هو أن زوجته تخدعه. # فرناندو كراب ~~: # الدفين؟ كل الناس تعرف هذا. وهي النمرة التي يتسول بها في كل مكان؛ لأنه ~~يطمع من ورائها في التقرب من قلوب الهوانم. # جوليا ~~: # لا أفهم كيف يمكن لامرأة أن تفعل بزوجها شيئا كهذا وتفضحه علنا. # فرناندو كراب ~~: # أما أنا فأفهم ذلك تماما! لأنه صعلوك هزوءة! ربما لم تتزوجه إلا بسبب لقب ~~الدوق الذي يطلقونه عليه، وهي الآن تشعر بالملل القاتل معه. لا توجد امرأة ~~يمكنها أن تفعل هذا معي! # جوليا ~~(بعد تردد) ~~: # وإذا فعلت؟ كيف يمكن أن ~~تسير الأمور في هذه الحالة؟ # فرناندو كراب ~~: # سخافات، فأنا لست رواية مسلسلة، سخافات! وحياتنا ليست وهما من صنع الخيال؛ ~~يمكنك أن تتجاذبي عنه أطراف الحديث مع هذا الدوق، فهي حياة سوية جدا. وإذا ~~تصورت أنك تثيرين غيرتي، فأنت مخطئة! يصعب تجربة هذه الألعاب معي! معي أنا! ~~سلي نفسك كما تحبين مع هذا الهزؤة. فليس له أي قيمة عندي. # جوليا ~~(تنتحي جانبا ms52 وتكلم نفسها) ~~: # هل صحيح ~~أنه لا يكترث على الإطلاق بأن الدوق يتردد علي، وأننا نجلس كثيرا في الكشك ~~طوال العصر ونتبادل الأحاديث معا؟ هل يمكن أن يكون غير مبال إلى هذا ~~الحد؟ # هل يحبني؟ أم لا يحبني؟ إن السؤال يعذبني. ~~(توجه الكلام لفرناندو كراب) # نحن مدعوان عنده غدا. # فرناندو كراب ~~: # وماذا أفعل هناك؟ # جوليا ~~: # نحن مدعوان على الشاي. ألا تريد أن تحضر معي؟ # فرناندو كراب ~~: # على الشاي! لا، أنا لا أشرب الشاي إلا عندما أشعر بالمغص. اذهبي أنت وحدك، ~~واسي الدوق. ربما تجدين الدوقة أيضا هناك، مع عشيقها الذي جاء عليه الدور. هذا ~~هو الزواج الحديث! شيء لطيف! اذهبي على راحتك. # 5 ~~(جوليا - الدوق) # الدوق ~~(مهموما) ~~: # حياتي أشبه بتمثيلية هزلية ~~سمجة، فالمدام تتهادى في مشيتها كأنها تحجل، بين غرفة النوم والصالون، وليس ~~عليها سوى قميص النوم، قميص النوم فقط! وتظل تدندن أيضا. لماذا تدندنين دون ~~توقف؟ أدندن لأنني أشعر بالوحدة، لأن ضوء الشمس يسطع خلال النافذة. طبقان ~~وكوبان. لمن؟ لك. وبطيخة طازجة. ولكن هناك من سبقني وأكل منها شريحة. يا ~~للسخرية! وفجأة أسمع عطسة مختنقة. هل جاءت من ناحية الدولاب؟ وأفتح الدولاب ~~بحجة تغيير رباط العنق. لا أحد! هل أفتش تحت السرير؟ هل أهين نفسي إلى حد ~~الاشتراك في هذه المهزلة؟ أم أشد الستائر عنوة لأواجه برجل غبي يبتسم ~~بشماتة، رجل لا أعرفه، أو ربما يكون أعز أصدقائي، أو ساعي البريد، أو معلم ~~التنس؟ من السهل علي أن أرمي العاشق من النافذة أو أطردها في الشارع. وهي ~~نفسها تتمنى هذا، فهي تحب الفضائح، والإثارة، والصياح. ولكنني لا أفتح فمي ~~بكلمة وأهرب بنفسي. فأنا لا أصلح لهذه المسخرة السخيفة. # جوليا ~~: # كيف وقعت في هذه المصيبة؟! # الدوق ~~: # تقصدين لماذا تزوجت هذه المرأة؟ # جوليا ~~: # أجل، لماذا؟ # الدوق ~~: # احكمي علي بما تشائين. # جوليا ~~: # لا شك أنها كانت شديدة الفتنة؟ # الدوق ~~: # وما زالت! ولكن لم يكن هذا هو المهم. كانت ساذجة تماما، وهذا هو الذي ~~أعجبني فيها. مخلوقة على الفطرة. كانت خالية الذهن من أي شيء ms53 ، وتخيلت أنني ~~سأستطيع أن ألقنها كل شيء من البداية. اعتقدت أن في إمكاني أن أوقظ وعيها، ~~وأثقف عقلها، وأغرس في روحها الرقة والحساسية. وتصورت أنني سأنفخ فيها - إذا ~~جاز القول - أنفاس الحياة، وأجذب انتباهها لأمور لم يكن لديها أي فكرة عنها، ~~وأدفئ قلبها بالحماس لمعجزات الموسيقى، وجمال اللغة، وروعة الفلسفة أيضا إذا ~~استطعت. اعتقدت بالفعل أنني سأتمكن من تحقيق ذلك. # جوليا ~~: # بيجماليون؟ # الدوق ~~: # حتى اكتشفت أن سذاجتها الجميلة لم تكن إلا تبلدا في الطبع، وأن مرحها لم ~~يكن سوى خليط من الأغاني الشائعة في الأوبريتات. # جوليا ~~: # يعز علي أن تقاسي هذا العذاب يا عزيزي الدوق. # الدوق ~~: # أنا الذي طالما قاسيت من الفجاجة والابتذال! # جوليا ~~: # خدعة بشعة. # الدوق ~~: # إن روحي مرهقة حتى الموت، لكنني لا أشكو من شيء، وليس من حقي أن أشكو، كان ~~علي أن أعرف أن هناك صنفا من البشر المصابين بتبلد الإحساس، ومع ذلك ~~يحسون بأن تبلدهم يدل على نقصهم، كما يشعرون لهذا السبب بالحاجة التي ~~تدفعهم لتعذيب الآخرين، بل ربما جعلتهم يستمتعون بتعذيبهم حتى يدفئوا قلوبهم ~~الباردة بنيران الألم الذي يعانونه على أيديهم. # جوليا ~~: # آه يا عزيزي الدوق! إن ذكاءك الحاد ينفذ في الأعماق. # الدوق ~~: # الألم الذي نقاسيه في الحياة يهبنا من التبصر والمعرفة ما يعجز عنه ~~السعداء الراضون عن أنفسهم. اقرئي ليوباردي، اقرئي الشعراء الذين يعيشون بيننا ~~ويتعذبون. إن كل شعر عظيم ينهل من الشعور الأليم بالحياة، من الحزن ~~الفاجع. # جوليا ~~(فجأة) ~~: # هل أنا تعيسة؟ # الدوق ~~: # أأنت التي تسألينني يا جوليا؟ # جوليا ~~: # آه! مجرد فكرة خطرت على بالي، أرجو أن تنسى ما قلت. # الدوق ~~: # أنا لا أستطيع أن أحول أفكاري عنك. # جوليا ~~: # وما هي الأفكار التي تدور في رأسك؟ # الدوق ~~: # أحيانا أتخيل أننا تعارفنا قبل ارتباطي بهذه الإنسانة السخيفة التي جعلت ~~حياتي جحيما، وقبل أن ... # جوليا ~~: # لا يمكنك المقارنة بيننا! # الدوق ~~: # ومع ذلك فإني أعتقد ... ولكن من الأفضل أن أسكت! # جوليا ~~: # أرجوك أن تتكلم، لقد نجحت في إثارة فضولي. # الدوق ~~: # لو كنا التقينا في ذلك الحين ms54 وتحدث كل منا للآخر، إذن ل... # جوليا ~~: # أتريد أن تقول: إذن لوقعت في حبك؟ # الدوق ~~: # بلا أدنى شك! # جوليا ~~: # يا لغرور الرجال! # الدوق ~~: # لست مغرورا. # جوليا ~~: # إنهم جميعا يتصورون أن سحرهم لا يقاوم. # الدوق ~~: # لا. ليس هذا صحيحا. # جوليا ~~: # لقد قلتها بنفسك الآن. # الدوق ~~: # وأقصد بها شيئا مختلفا كل الاختلاف. # جوليا ~~: # وما وجه الاختلاف؟ تكلم من فضلك! # الدوق ~~: # لم أقصد نفسي بذلك. حبي هو الذي كان من المستحيل مقاومته. حبي! # جوليا ~~: # آه. هذا اعتراف صريح بالحب يا عزيزي الدوق، لقد نسيت أنني امرأة متزوجة، ~~وأنني أحب زوجي! # الدوق ~~: # أنت تقولينها بلسانك، ولكن ... # جوليا ~~: # وهل تشك في ذلك؟ وأن هذه هي الحقيقة، فهو رجل رائع. مفعم بالطاقة ~~والحيوية! عندما يفتح الباب وأراه واقفا أمامي أجدني أقول لنفسي: إنه هو ~~الحياة ذاتها، ولا أملك إلا أن أندفع إليه وألقي بنفسي بين ذراعيه. # الدوق ~~: # وهو؟ # جوليا ~~: # ما معنى «وهو»؟ إنه هو هذا! # الدوق ~~: # ولكنني أعلم ... أعني أنني سمعت ... # جوليا ~~: # أنه لا يحبني؟ ممن سمعت هذا؟ # الدوق ~~: # منك! # جوليا ~~: # أنا لم أتكلم أبدا عن زوجي! # الدوق ~~: # لقد تكلمت بعينيك، بإطراقة رأسك، بحركات يديك، بنبرة صوتك، وبصمتك أيضا ... # جوليا ~~: # أتريد أن تقول إنني طلبت منك أن تعلن لي عن حبك؟ هذه هي المرة الأخيرة التي ~~تدخل فيها بيتنا! # الدوق ~~: # ناشدتك الله يا جوليا! # جوليا ~~: # قلت لك هي المرة الأخيرة! # الدوق ~~: # لو أذنت لي بالبقاء في الحجرة المجاورة، في الظلام الدامس إذا شئت، فأسمع ~~صوت خطاك في الصالون، أو ربما أسمع صوتك، وأغمض عيني لأرى وجهك خلف جفني ~~المغمضين، وجهك الذي يبتسم لي. # جوليا ~~: # في الحجرة المجاورة وفي الظلام الدامس؟ # الدوق ~~: # المهم أن أكون بالقرب منك. وهو ما قلته الآن وربما أفزعك! # جوليا ~~: # لا تقل ربما! لقد أفزعتني بالفعل! # الدوق ~~: # وتصورت أن اعترافي غرور باطل! # جوليا ~~: # بالفعل. # الدوق ~~: # هذا خطأ فاحش! ومن أنا في النهاية؟ مجرد شخص حالم قليل الحيلة. اللقب القديم ~~... حسن! ولكن ما قيمته؟ النبالة والعائلة، ليس لي فضل في هذا. شيء من الثقافة ms55 ؟ ولكن من المفروض أن يكون هذا أمرا بديهيا، شأنه شأن اللياقة والسلوك ~~الحميد. حساسية خاصة بالأعمال الفنية بحيث أكاد أحس بكمال الخط واللحن ~~وظلال الألوان إحساسا شبه جسدي؟ أن بيتين من شعر لوركا كفيلان باستدرار ~~الدموع من عيني رغما عني. ولكن هذا لا يبرر بطبيعة الحال أن أكون ~~متعاليا، إنه طبع. وهو يجعلني أشعر بأني وحيد. انظري إلي يا جوليا، نظرة ~~واحدة! # جوليا ~~: # لا. # الدوق ~~: # هل ترين أمامك شخصا لا مثيل لجماله؟ من المضحك أن يصدق أحد ذلك! إنني ~~أنظر إلى نفسي في المرآة فأكتشف ظلال الاكتئاب وعلامات الدمار الخفي الذي ~~يشوه الملامح القديمة المنسجمة. أنظر إليها فأتعرف على المرارة التي ~~ترتسم خطوطها الصغيرة حول فمي وأتعمد إخفاءها عن عيون الآخرين. ابتسامتي ~~مشبعة بالألم. لا شيء في يستحق منك أن تحبيه، ومن حقك أن تحولي عينيك ~~عني كما تفعلين الآن، لو تصورت أن هذا هو الذي يمكن أن يقربك مني. # جوليا ~~: # لا أدري عن أي شيء تتكلم! # الدوق ~~: # أتكلم عن حبي، أتكلم عنه دون توقف، عن حبي المتهور المجنون لك، هذا الحب ~~هو هديتي لك، وليس هو شخصي التافه الذي لا وزن له. ~~(تضع يديها على أذنيها وتهمس) # سم ... سم! # إن أكثر الناس عاجزون عن الحب، إنهم يطالبون بالحب، إن من حقهم أن ينالوا الحب والوفاء بغير حدود، يستولي الواحد منهم على إحدى الفاتنات ويسوقها أمامه: ~~انظروا إلى زوجتي الجميلة، تفرجوا على نمرتي! ويروح يشدها من قيدها. ~~انظروا! إنها ملكي! انظروا كيف تطيعني! ولكن هذا لا يثبت أنه يحب النمرة، ~~لأنه يزهو بامتلاكها فحسب! # جوليا ~~: # لا أريد أن أسمع هذا الكلام. # الدوق ~~: # بل أنت تسمعينني جيدا ... وتفتحين أبواب روحك على اتساعها! إنني أتغلغل في ~~أعماقك، أنفذ في صميم روحك. # جوليا ~~: # اتركني في حالي! إذا جاء الآن فجأة ودخل من الباب ... # الدوق ~~: # لن يأتي! إنه لا يهتم بك! وهو يتركنا وحدنا لأنه لا يحبك. # جوليا ~~: # إنه يثق بي ثقة كبيرة. # الدوق ~~: # بل يثق بنفسه ثقة هائلة. إنه لا يعتقد، لمجرد أنه ms56 استولى على كل شيء، لأنه ~~جمع من المال ما لا حصر له - ولست أريد أن أعرف كيف! - لا يعتقد أنه يمكن أن ~~يضيع شيئا وضع يده عليه، إنه عاجز عن تخيل ما يدور في نفس امرأة، وربما كان ~~يحتقرني ... # جوليا ~~: # أجل ... إنه يحتقرك! # الدوق ~~: # لقد عرفت هذا، ولكنه يحتقرك أيضا! # جوليا ~~: # أتريد أن تقتلني بكلامك؟ # الدوق ~~: # إنه ... إنه هو الذي سيقتلك ... ولست أول امرأة قتلها! # جوليا ~~: # عار عليك أن تقول هذا! أنت تكذب! بفظاعة! زوجي لم يقتل هذه المرأة. اذهب الآن ولا ترني وجهك! # الدوق ~~: # إن الفكرة نفسها تؤلمك، لقد أفزعتك. # جوليا ~~: # قلت اذهب! # الدوق ~~: # أنا أفهم رغبتك في الانفراد بنفسك، وسوف تفكرين في الأمر طويلا ثم تستدعينني مرة أخرى، أؤكد لك أنني لن أتخلى عنك. # 6 ~~(جوليا - فرناندو كراب) # فرناندو كراب ~~(يدخل) ~~: # تصوري ما جرى اليوم! # جوليا ~~: # أين إذن؟ # فرناندو كراب ~~: # يجب أن أحكي لك الحكاية لتتسلي معي. # جوليا ~~(قلقة) ~~: # أنا مصغية لك. # فرناندو كراب ~~: # هل لديك فكرة عن المبارزة؟ # جوليا ~~: # شيء بديهي. # فرناندو كراب ~~: # تصوري! مبارزة في هذه الأيام! حفنة أولاد مهووسين تجمعوا في الغابة في ~~غبش الضباب وراحوا يتصايحون: «حدد السلاح الذي تريده!» إلى آخر الجعجعة ~~الفارغة التي لا أطيقها. # جوليا ~~(مفزوعة) ~~: # هلا طلبت أحدا ~~للمبارزة! # فرناندو كراب ~~: # وهل خفت؟ # جوليا ~~: # بالطبع، تكلم أرجوك! # فرناندو كراب ~~: # لا داعي أبدا للقلق! أنت تعرفينني تماما. أليس كذلك؟ # جوليا ~~: # لا أدري إن كنت أعرفك أو لا أعرفك. # فرناندو كراب ~~: # آه! كلامك مثل نبوءات العرافين! قلت لا داعي للقلق، فلست أنا الذي ~~يجرونه إلى هذا التخريف. مبارزة؟ هل يعقل أن أبارز؟ أنا فرناندو كراب؟ لقد ~~طردت الأولاد بطبيعة الحال. «أرسلوا إلي الحساب وتنتهي المسألة»! # جوليا ~~: # أي حساب؟ # فرناندو كراب ~~: # أجر الطبيب والتعويض عن الإصابة وكل طلباته. # جوليا ~~: # طلبات من؟ # فرناندو كراب ~~: # وإذا أصر على المبارزة فعليه أن يشرف، سأبارزه باللطمات والركلات. # جوليا ~~: # ولكنك لم تقل من هو؟ # فرناندو كراب ~~: # هو هذا ال... أخ! نسيت الآن اسمه، بل لم أكلف نفسي مرة واحدة ms57 بملاحقة اسم ~~السيد المهذب! # جوليا ~~: # وكيف نشب الخلاف الذي أدى للمشاجرة؟ # فرناندو كراب ~~: # بسبب نكتة! # جوليا ~~: # مشاجرة بسبب نكتة؟ لا أتصور أن يصدر هذا عنك. # فرناندو كراب ~~: # لم تكن مشاجرة بالمعنى الصحيح. لقد قال نكتته فضربته بالكأس على ~~رأسه. # جوليا ~~: # أجل، وهل جرح؟ # فرناندو كراب ~~: # سالت كمية من الدم تكفي لملء منديل. # جوليا ~~: # أخ! يا للبشاعة! هل أهانك إلى هذا الحد؟ # فرناندو كراب ~~: # النكتة! النكتة! ~~(يضحك.) # جوليا ~~: # أرجوك أن توضح. أنا لا أفهم شيئا من كل هذه الحكاية. # فرناندو كراب ~~: # قال نكتة ... نكتة عن زوج يرجع إلى البيت ويكتشف في غرفة النوم ... شيء من هذا ~~القبيل ... المهم أن زوجته ترقد في الفراش مع رجل، والزوج نفسه لا يلاحظ ذلك ... ~~ثم أفاجأ بمن يقول: مثل فرناندو كراب. لقد زعم أنك تخونينني. # جوليا ~~: # أخ! لا بد أن هذا استفزك وأثار غضبك. # فرناندو كراب ~~: # هل رأيتني مرة في حالة غضب؟ هل لاحظت مرة واحدة أنني خرجت عن طوري؟ # جوليا ~~: # كلا، لم أر منك هذا أبدا. ولكن من الطبيعي في هذه الحالة أن تنفعل. # فرناندو كراب ~~: # آه، الناس يثرثرون كثيرا. # جوليا ~~: # المهم أنك ضربته بسببي. # فرناندو كراب ~~: # بسببك؟ شيء مضحك! تقولين بسببك؟! كل ما في الأمر أن ضحكته لم تعجبني، هذه الضحكة الخافتة التي لا تكشف حتى عن الأسنان. # جوليا ~~: # يسعدني بطبيعة الحال أن تثق بي إلى هذا الحد. # فرناندو كراب ~~: # طبعا، طبعا! لا تحملي هما! # جوليا ~~: # ولكن ... # فرناندو كراب ~~: ~~«لكن» ممنوعة، فزوجة فرناندو كراب سعيدة بالتأكيد! # جوليا ~~: # أجل! # فرناندو كراب ~~: # الناس ينصحونني بمنع الدوق من دخول بيتي. هل رأيت أسخف من هذه النصيحة! ~~ما دام الصعلوك الهزؤة يسليك، وما دام يقوم بقفزاته البهلوانية الرشيقة! أما عن ~~رأيي فيه فليس له أي أهمية. المهم أنني مطمئن إلى أن زوجتي مستمتعة ولا تشعر ~~بالملل أثناء انشغالي بتدبير أعمالي. كلب يوضع على الحجر! هل نرميه من ~~الشباك؟! هل نضمن ألا يسقط على رأس أحد؟ ولكن بكل جدية: أنت بنفسك ستطردين ~~الدوق بمجرد أن تشعري بأنه أصبح ms58 خطرا عليك، أي عندما تبدئين في الاهتمام به. ~~أما أنك تعجبينه فهذا شيء بديهي، لأن الجميع معجبون بك. # جوليا ~~: # لقد سبق أن منعته من دخول البيت يا فرناندو. # فرناندو كراب ~~: # هكذا؟ ~~(يباغت لحظة.) # جوليا ~~: # أجل، ولكنه رجع مرة أخرى. # فرناندو كراب ~~: # عظيم! هذه علامة طيبة! # جوليا ~~: # ونحن نتقابل الآن كثيرا، عدة مرات كل أسبوع. ~~(فجأة وبعنف) # يجب أن تطرد هذا الرجل يا فرناندو! # فرناندو كراب ~~: # هذا الرجل؟ هل قلت «الرجل»؟ # جوليا ~~: # قلت لك يجب أن تمنعه من دخول بيتك. لأنني لو اهتممت به حسب تعبيرك ... # فرناندو كراب ~~: # أخ يا جوليا! لا بد أنك تريدين إثارة غيرتي! تخيلت هذه الأفكار لأنك تعيشين ~~في عالم رومانسي، وهذا هو الذي يشوش دماغك! أعتقد أنك محتاجة لقضاء بضعة ~~أسابيع في الريف، بعيدا عن المدينة. الهواء المنعش سيفيد صحتك. وإذا شعرت ~~بالملل، طلبنا من الهزؤة أن يحضر إلينا. ولم لا؟ سنسافر غدا. # الدوق ~~: # وسافرا في اليوم التالي إلى الريف. # 7 ~~(جوليا - فرناندو كراب) # جوليا ~~: # ماذا أفعل هنا طول اليوم؟ هل أحدق الساعات الطويلة في الأبقار التي تسرح ~~هناك على العشب بين الأحجار المتناثرة؟ وفي الكلاب التي تزوم وتزمجر لتتخلص ~~من سلاسلها؟ وأظل أسمع الصليل وأنا مؤرقة في الليل على فراشي بعيون مفتوحة. ~~والخادمات يزعقن طول النهار سواء في البيت أو في الحظائر أو هناك حيث يشطفن ~~الغسيل في الماء. يزعقن حين يمر واحد من الخدم. بأصواتهن المعدنية القبيحة! ~~ويستولي علي الخوف حين يلاحقني ألفونسو الأبله ويظل يرفع قبعته وهو يضحك ~~ضحكته الخبيثة ... # فرناندو كراب ~~: # أعصابك متوترة جدا يا جوليا. # جوليا ~~: # لو كان معي على الأقل بعض الكتب أو المجلات! تقول لي دائما عليك أن تهتمي ~~بالواقع. ولكن كل ما أراه يثير في نفسي الملل والتقزز. لو كان عندي كتاب واحد ~~على الأقل! ما الذي منعني من إحضار عدد منها! # فرناندو كراب ~~: # وهل منعتك أنا من ذلك؟ لقد وافقت على اقتراحي بالاستجمام عدة أيام هنا في ~~الريف. # جوليا ~~: # لأنني فهمت أن هذه هي رغبتك. # فرناندو كراب ~~: # ولكني ms59 لا أحظر شيئا عليك! هل حدث أن حرمت عليك أي شيء؟ لست مستبدا ولا ~~طاغية، إنني لا أمنع عنك شيئا ولا أطلب منك أي شيء! # جوليا ~~: # أجل، ولا تطلب حتى أن أحبك! # فرناندو كراب ~~: # ولكن يا جوليا. الحب لا يطلب! هناك أزواج يطلبونه من زوجاتهم. والزوجات ~~أيضا يستجبن لطلبهم. يمثلن أمامهم المسرحية الحمقاء المألوفة التي ينتظرها ~~الرجل من الزوجة المحبة: نبرة حلوة في الصوت، نظرة حالمة، اعترافات عاطفية ~~مكرورة وبلا نهاية - أحيانا تبدو ضعيفة وباهتة - وإن لم تختف تماما، ~~وأحيانا تتفجر فجأة فتتصاعد التنهدات والهمسات، غش ونصب! والأزواج ~~يصدقون أيضا! نصب واحتيال! الحب لا يطلب من أحد! # جوليا ~~: # ولكن هل تعتقد أنني أحبك؟ # فرناندو كراب ~~: # ليست المسألة مسألة اعتقاد، هذا هو الواقع! # جوليا ~~: # الواقع! الواقع! # فرناندو كراب ~~: # لقد رأيتني عندما التقينا لأول مرة. وعرضت نفسي عليك بكل أمانة منذ ~~البداية، أنت الآن تعرفين حقيقتي وتعلمين من أنا، ولهذا السبب تحبينني. لا ~~يمكن أن يكون الأمر غير ذلك. أما السفسطة عن هذا الموضوع فالأفضل أن تجتريها ~~مع حبيب الروح ولكن ليس معي. يمكنك أن تستدعيه إلى هنا إذا شئت. ~~(صمت.) # جوليا ~~: # هل تصورت أنني لم ألاحظ؟! ~~(تتردد.) # فرناندو كراب ~~: # ماذا؟ # جوليا ~~: # أنك تذهب إلى إحدى الخادمات التي تعتني بالأبقار، الخادمة السمينة! واسمها ~~سيمونا! لقد بدأت تكون علاقة معها. أعلم هذا تماما. # فرناندو كراب ~~: # وأنا لم أكلف نفسي بإخفاء هذا الموضوع التافه. # جوليا ~~: # في حظيرة الخيول، خلف باب غرفة الطعام، في مخزن المكانس والمقشات. # فرناندو كراب ~~: # رائع! # جوليا ~~: # سلوك بدائي بشع! # فرناندو كراب ~~: # بدائي، أجل! أنا نفسي تربيت فوق أكوام الروث. لا تنسي هذا أبدا. وعندي ~~ضعف لهذا. حيوان حسي بسيط، قذر إذا شئت، أجل قذر، ولكنه يعجبني! ألقيها في ~~الجدول، بكامل ثيابها، وأكحت الأوساخ من عليها وتطوقني بذراعيها المبللتين ~~السمينتين وتسحبني إلى الماء، وتظل تصرخ وتصيح من شدة الفرح، حتى تكاد تمزق ~~طبلة أذني. # جوليا ~~: # وهذا يعجبك؟ # فرناندو كراب ~~: # نعم. ولكن لماذا تعبسين بوجهك؟ ما شأنك أنت بهذا؟ أفصحي. # جوليا ~~: # ربما ms60 كان شيئا جميلا. إنني أحاول أن أتخيله. وربما حاولت أيضا أن ~~أتشبه بحيوانك الوحشي. # فرناندو كراب ~~: # أنت يا جوليا؟ لا، لا، إلا أنت! يجب أن تبقي كما أنت جميلة، رقيقة، أنت ~~كاملة! # جوليا ~~: # وأنت كذاب! كلامك يبدو وكأنه اعتراف بالحب، ولكنه في الواقع إهانة. # فرناندو كراب ~~: # آه من حساسيتك وأعصابك المتوترة! لقد تصورت أن حالتك النفسية ~~تحسنت. # جوليا ~~: # أتعتقد أن الرجل يستطيع أن يفعل كل شيء؟ يستطيع أن يغش ويخون؟! # فرناندو كراب ~~: # ومن الذي يخون إذن؟ # جوليا ~~(صارخة) ~~: # أنت! # فرناندو كراب ~~: # جوليا! أنت تتصورين كل شيء كأنك تقرئين رواية غرامية. ولكنها الحياة العادية ~~البسيطة. أنا لا أهتم أدنى اهتمام بالسمينة، وحتى لو كانت تعجبني اليوم، ~~وربما غدا، فلن تعجبني بعد غد. # جوليا ~~: # أهذا هو رأيك إذن؟ # فرناندو كراب ~~: # ورأيها بالضبط من رأيي. فهي تريد أن تتسلى معي. لكنني ما زلت زوجك يا ~~جوليا. # جوليا ~~: # ومعنى هذا أنني ما زلت زوجتك. # فرناندو كراب ~~: # أخيرا رجعت لعقلك. # جوليا ~~: # عقلك يعذبني يا فرناندو. # فرناندو كراب ~~: # تأكدي أن سيمونا هي المستفيدة مني. فأنا أدفع ثمن كل شيء. وبالمهر الذي ~~أعطيه لها ستحصل على زوج طيب. وعندما تزف إليه ومعها طفل مني، فسوف يفرح بغير شك لأني أنا أبوه، لأنه من صلب رجل مثلي! # جوليا ~~: # اسكت! اسكت! # فرناندو كراب ~~: # خسارة، الإرهاق العصبي ليس من السهل شفاؤه. يجب أن نبذل كل ما في وسعنا لكيلا يزداد سوءا. # جوليا ~~: # لست رجلا يا فرناندو! لست رجلا! # فرناندو كراب ~~(بتهكم) ~~: # هذا كثير. كيف خطر هذا على ~~بالك؟ # جوليا ~~: # لا. لست رجلا. # فرناندو كراب ~~: # ما أغرب الأفكار التي تدور في رأسك! وما الذي يمنعني من أن أكون ~~رجلا؟ # جوليا ~~: # سأخبرك فيما بعد. # فرناندو كراب ~~: # حسن. أخبريني فيما بعد أو لا تخبريني على الإطلاق. احتفظي بالسر في دماغك ~~الرومانسي. # جوليا ~~: # سأسكت. ~~(صمت.) # فرناندو كراب ~~: # أفضل أن تصارحيني. # جوليا ~~: # أعلم أنك لا تحبني. # فرناندو كراب ~~: # آه! رجعنا للنغمة القديمة! أحب ولا أحب، هذا اللغو الفارغ! هذا كلام تقولينه ~~لحبيب الروح. أريحيني أنا ms61 منه. # جوليا ~~: # لست في حاجة للكلام. أنا أعرف أيضا بنفسي من تصرفاتك أعرف حقيقتك. # فرناندو كراب ~~(ساخرا) ~~: # هل أحضر لك وردا؟ # جوليا ~~: # آه. ورد! إنه يملأ الحديقة! أنت لا تمانع في دخول الدوق وخروجه من عندنا ~~في أي وقت. # فرناندو كراب ~~: # المهم أن هذا يتم برضاك. # جوليا ~~: # أجل برضاي! أجل! أجل! أجل! # فرناندو كراب ~~: # رجعت للانفعال! # جوليا ~~: # ولماذا لا أرضى؟ إنه عشيقي! سمعت؟ لقد فهمت تماما ما أعنيه، نعم هو عشيقي. ~~أنا أفعلها معه. فهمت. لا بطريقتك البدائية مع سيمونا. ويجب أن تعلم أنه عاشق ~~متمرس جدا! ~~(فرناندو كراب يلزم الصمت.) # جوليا ~~: # فرناندو! # فرناندو كراب ~~: # نعم. # جوليا ~~: # لقد أقمت لي ذلك الكشك بنفسك. # فرناندو كراب ~~: # نعم. # جوليا ~~: # والأريكة المغطاة بملاءة من الحرير الهندي موجودة هناك! كنا ننزل الشيش ~~بطبيعة الحال. ~~(فرناندو كراب يواصل الصمت.) # جوليا ~~: # فرناندو! # فرناندو كراب ~~: # نعم. # جوليا ~~: # نعم! نعم! نعم! نعم! أهذا كل ما عندك؟ ألن تقتلني؟ ألن تخنقني بقبعتك كما ~~فعلت مع الأخرى؟ مع زوجتك المكسيكية؟ ~~(صمت. فرناندو كراب ينفجر فجأة في ضحك ~~مخيف.) # جوليا ~~(صارخة) ~~: # كف عن هذا! # فرناندو كراب ~~(يكف على الفور عن الضحك، ثم يقول ~~بهدوء) ~~: # ليس صحيحا أنني قتلت زوجتي الأولى، وليس صحيحا كذلك أن ~~الهزؤة هو عشيقك، أو أنه تجرأ ولمسك مرة واحدة بطرف إصبعه. أنت تكذبين ~~علي لكي تثيري غضبي. تريدين أن تجعلي مني عطيل آخر. ولكنني لست عطيل ولن ~~أكونه أبدا. إذا استمر بك الحال على هذا الهذيان وعجزت قواك بالتدريج عن ~~مقاومته، فسوف يشتد قلقي عليك. وربما تحتم حبسك في مصحة مجانين. # جوليا ~~: # أنت جبان! # فرناندو كراب ~~: # ليس بيتي مسرحا! نحن لا نمثل مسرحية! # جوليا ~~(صارخة) ~~: # جبان! جبان! ~~(تبكي. فرناندو كراب ينصرف.) ~~(الدوق بعد مرور أسبوع على الحوار السابق طلب فرناندو ~~كراب من زوجته الحضور إلى حجرة مكتبه، كان هناك سيدان في الانتظار. كذلك ~~تمكن بطريقة شيطانية من استدعاء الدوق بوردا فيلا ~~للحضور.) # 8 ~~(جوليا - فرناندو كراب - الدوق - طبيبان للأمراض العقلية ~~والعصبية) # فرناندو كراب ~~: # أقدم لك هذين السيدين اللذين ms62 لا تعرفينهما يا جوليا. إنهما البروفيسور ~~أنريك ألفاريز والبروفسور الدكتور هرمان شتيتتر، كلاهما طبيبان للأمراض العصبية ... وللمجانين، جهابذة في تخصصهما. البروفيسور ألفاريز هو رئيس قسم الأمراض ~~العصبية والنفسية في إحدى المصحتين اللتين تمولهما مؤسسة فرناندو كراب. ~~إنني فخور بأنهما أحدث المصحات العلاجية في البلاد وأكثرهما تقدما من ~~الناحية العلمية. # جوليا ~~(للدوق) ~~: # وماذا تفعل هنا يا خوان؟ # الدوق ~~: # طلب مني الحضور إلى هنا. # فرناندو كراب ~~: # سيفحصك هذان السيدان ويقومان بعلاجك. رأسك ليس على ما يرام، لذلك اضطررت ~~لترتيب هذه الزيارة. سوف تدركين هذا عندما تستردين صحتك وعافيتك. # جوليا ~~(للدوق) ~~: # كنا نتقابل دائما في أماكن أخرى ~~يا خوان، هذا المكان لا يلائم المواعيد الغرامية. # الدوق ~~: # إنني أشعر بالخجل! ~~(ينظر للأرض.) # جوليا ~~: # لماذا تحول بصرك عني؟ انظر إلي يا خوان! أنا جوليا! # الدوق ~~: # أنا أعرفك تماما يا سيدتي الفاضلة. # جوليا ~~: # لم تتعود الكلام معي بهذه الطريقة الرسمية! # فرناندو كراب ~~(للطبيبين) ~~: # لعلكما تلاحظان، يا سادتي، ~~أن رأسها ما يزال يتشبث بهذه الفكرة الثابتة. بدأ الأمر بشكل غير ملحوظ ~~إطلاقا، لكن حالتها ساءت بالتدريج حتى أصبح الكلام معها متعذرا. وتعذر ~~علي أنا نفسي أن أتكلم معها كلاما معقولا، مع أني أنا زوجها. إنها تزعم، بل ~~تصر باستمرار، على أن هذا السيد الموجود هنا، ولكن ماذا أقول؟ # جوليا ~~: # أجل، هو عشيقي! هذا صحيح، وأنا أعترف بهذا. إذا كنت مخطئة فليتكلم! # فرناندو كراب ~~: # سمعت، أيها الدوق، ما تؤكده زوجتي. ساعد المسكينة بأن تقول الحقيقة. يجب ~~أن يكون للطبيبين المختصين فكرة عن الحالة. وأنا مضطر أن أسألك بصراحة ~~كاملة: هل كانت لك أي علاقة حميمة مع زوجتي؟ # الدوق ~~: # طبعا لا! لا! أعوذ بالله! # فرناندو كراب ~~: # أرأيتم يا سادتي! # جوليا ~~: # ما هذا الذي تقوله؟ هل تنكر كل شيء؟ # الدوق ~~: # أنا لا أذكر أبدا أنني ... # جوليا ~~: # هل تنكر ما كان يجري بعد الظهر في الكشك؟ ساعات العصر الطويلة حتى الغسق ... ~~عندما كنا ننام على الأريكة متعانقين. عاريين. وكيف رجعت في إحدى الليالي ~~لأنك لم تصبر على البعد عني، ولا أنا ms63 أيضا صبرت، ثم بقيت حتى طلوع الصبح، حتى ~~اللحظة الأخيرة عندما عاد فرناندو من سفره وأخذ ينادي علي من بئر السلم، ~~بينما هربت أنت وقفزت من الشرفة. وسقط زرار منك لأنك كنت متعجلا! سقط من ~~سروالك! # الدوق ~~: # سيدتي الفاضلة ... # جوليا ~~: # وعثر فرناندو عليه! # فرناندو كراب ~~: # أنا عثرت على زرار؟ أرأيتم يا سادة ... # الدوق ~~: # تمسكي بالعقل يا سيدتي الفاضلة! عودي إلى نفسك! أتوسل إليك! # جوليا ~~: # أنت تنظر إلي بفزع شديد، وكأنك لا تعلم شيئا على الإطلاق عن الموضوع الذي ~~أتكلم عنه! # الدوق ~~: # أرجوك أن تهدئي نفسك! أرجوك! # جوليا ~~: # وهل أكذب؟ # الدوق ~~: # الكذب ... ليس هو الكلمة الصحيحة. # فرناندو كراب ~~: # حالتك للأسف ... # الدوق ~~: # أجل، كما تقول! # فرناندو كراب ~~: ~~... حالتك للأسف لا تسمح لك بالتفرقة بين الواقع والوهم. ألم تقصد هذا يا ~~دوق؟ # الدوق ~~: # أنا في غاية الأسف للحالة التي وصلت إليها زوجتك، يا للمصيبة! ليتني أستطيع ~~مساعدتها! # فرناندو كراب ~~: # كف عن هذا النواح! سيقوم الطبيبان بمساعدتها، لقد استدعيتهما لهذا ~~الغرض، ويمكن الاعتماد عليهما ... # جوليا ~~: # نهارك سعيد يا بروفيسور ألفاريز، نهارك سعيد يا سيدي الدكتور هيرما نشتتر. ~~الغريب أنني لم ألاحظ وجودكما إلا الآن! ما أجمل أن تكون لديكما النية في ~~مساعدتي! # فرناندو كراب ~~(يصفق بيديه) ~~: # برافو! # جوليا ~~: # ولكنكما لا تستطيعان مساعدتي. ~~(للدوق) ~~: ~~سؤال أخير يا خوان! أظن أنني لا أتوهم أنك كنت تتردد على بيتنا ثم أكثرت من ~~زيارتنا في الفترة الأخيرة؟ # الدوق ~~: # لا، أنت لا تتوهمين ذلك يا سيدتي الفاضلة. # جوليا ~~: # وما الذي كنا نتحدث عنه باستمرار؟ دعني أتذكر. رأينا قطة تقفز على الجدار ~~فأخذنا نتناقش عن الحيوانات وعن القطط بوجه خاص: هل لها روح؟ وإذا كان لها روح ~~فهل هي خالدة مثل روح الإنسان؟ تناقشنا حول هذا الموضوع ثم رجعنا لبعض ~~الفلاسفة وقلبنا في أعمالهم المصفوفة على رفوف المكتبة ... لم نصل فيما أعتقد ~~إلى أي نتيجة، أم تراني نسيت هذا أيضا؟ # فرناندو كراب ~~: # تناقشتما عن قطة ... نعم، نعم! هذا شيء يمكن تصديقه! # جوليا ~~: # كما تناقشنا عن الحياة بعد الموت ... ألم أقل ms64 لك إنني أشعر أحيانا بأنني مت ~~بالفعل؟ # فرناندو كراب ~~: # ما هذا الكلام؟ أنت معنا هنا بدمك ولحمك - جوليا الممتلئة بالحياة. زوجة ~~فرناندو كراب. # جوليا ~~(مشيرة إلى الدوق) ~~: # وهذا؟ # فرناندو كراب ~~: # قل لها يا دوق لماذا كنت تأتي إلى بيتنا بانتظام؟ # الدوق ~~: # طبعا بدافع صداقتي لك يا سيد كراب. # جوليا ~~: # ماذا؟ أأنتما صديقان؟ # فرناندو كراب ~~: # لقد أنقذت قصره من الانهيار، أعني ذلك الصندوق العفن القديم. هذا هو الذي ~~يقصده، أليس كذلك؟ # الدوق ~~: # أجل. # فرناندو كراب ~~: # زوجتي هي التي طلبت مني ذلك، ولولا هذا ما فعلت. # الدوق ~~: # وكنت بطبيعة الحال أتردد أيضا على بيتكم بسبب إعجابي بالسيدة الفاضلة ~~التي تسمح لي أحيانا بالتحدث معها. لا يعقل أبدا أن يسيء بوردا فيلا ~~استغلال الثقة التي وضعها فيه صديق أو أن يفكر في خيانة مثل هذا الصديق ~~الشهم. # فرناندو كراب ~~: # صديق مثلي؟ أليس هذا هو الذي تقصده؟ # الدوق ~~: # أجل مثلك. # فرناندو كراب ~~: # ماذا؟ هل تصورت أنني عملت لأمانتك أي حساب؟ أو أنني وضعت لها أي اعتبار؟ إن ~~أخلاقك لا تعنيني على الإطلاق! وهي غير موجودة بالنسبة لي. إنك توجهها كما ~~تشاء، مرة هنا ومرة هناك، حسب الاتجاه الذي تهب منه الريح، هكذا أنت! أعرف ~~هذا تماما، وأعرف أيضا أن الكل مثلك. كل الذين لا يعيشون إلا على رءوسهم ~~ويدعون أنهم يملكون حكمة العالم. لتكن إذا شئت أبرع النصابين أو أفتك ~~الفاتكين، لا المخلوق البائس الذي أراه الآن أمامي، مع ذلك لن تستطيع أن ~~تغشني. لم يخلق ذلك الذي يستطيع أن يخدع فرناندو كراب. هل فهمتني؟ هل هذا ~~هو الذي أردت أن تقوله؟ # الدوق ~~: # أجل ... أردت أن أقول شيئا يشبهه. # فرناندو كراب ~~: # يشبهه أم هو بالضبط؟ # الدوق ~~: # أجل، بالضبط. # جوليا ~~(تنفجر صارخة) ~~: # وأنا المجنونة؟ أنا؟ ~~يحبسونني في مصحة المجانين لأنك خائف من قول الحقيقة، أنت أيها الجبان! لقد ~~اشتراك بماله. وها أنت أمامي تزحف على الأرض. لسانك يتدلى من فمك ولعابك يسيل ~~منه لسان ضخم شره! ازحف على بطنك إليه، فلسانك يشتهي أن يلعق قدميه ms65 ، كم ~~يرتجف من النهم إليها. سيخلع على الفور حذاءه ويمد إليك قدميه القذرتين، ~~قدميه اللتين وقف بهما فوق أكوام الروث في الحظيرة. هيا العقهما! هيا ~~العقهما! # فرناندو كراب ~~(للطبيبين) ~~: # سادتي. لا بد أنكما قد ~~شخصتما الحالة. ساعداها من فضلكما، ابدآ العلاج، افعلا كل ما ~~تستطيعان. # 9 ~~(جوليا - طبيبا الأمراض العقلية) # الطبيب الأول ~~: # مأساة فظيعة! كيف نتصرف يا بروفيسور ألفاريز؟ # الطبيب الثاني ~~: # طاطا! يا دكتور هيرمانشتتر! # الطبيب الأول ~~: # أظن أن «طاطا» لن تساعدنا للأسف كثيرا يا بروفيسور ألفاريز. # الطبيب الثاني ~~: # ما العلاج الذي تقترحه؟ # الطبيب الأول ~~: # وأنت؟ # الطبيب الثاني ~~: # هل الصدمة الكهربائية في رأيك مناسبة لهذه الحالة؟ # الطبيب الأول ~~(بتهكم) ~~: # طاطا! # الطبيب الثاني ~~: # ولكن الحذر واجب، ورأيي ألا نبدأ مباشرة. ما رأيك في اللجوء للأدوية؟ # الطبيب الأول ~~: # المهم أن نبدأ بتهدئة أعصابها، هذا هو اقتراحي. # الطبيب الثاني ~~: # لا داعي لهذا؛ فالمريضة هادئة جدا! ~~(لجوليا) # سيدتي الكريمة الفاضلة. ~~(جوليا لا تتحرك.) # الطبيب الأول ~~: # إنها لا تسمعنا. # الطبيب الثاني ~~: # طبيعي أن تحس بالإرهاق بعد الانفعال الشديد، وهو في الواقع أمر ~~عادي. # الطبيب الأول ~~: # عادي جدا! # الطبيب الثاني ~~(لجوليا) ~~: # سيدتي الفاضلة! ~~(جوليا لا تستجيب.) # الطبيب الأول ~~: # لدي انطباع، يا بروفيسور ألفاريز، بأن رأينا واحد في هذه الحالة. # الطبيب الثاني ~~: # وما هو؟ # الطبيب الأول ~~: # لست مضطرا للإفصاح عنه. # الطبيب الثاني ~~: # أجل، لست مضطرا لذلك. إنني أقدر موقفك تماما. ولكن إذا لم تكن الحالة ~~مرضية، فهل من حقنا أن نضعها تحت المراقبة؟ # الطبيب الأول ~~(ساخرا) ~~: # طاطا! # الطبيب الثاني ~~: # لا بد أن أصارحك بنفوري من هذا الموضوع، أشعر في دخيلة نفسي بأنني غير مستريح! # الطبيب الأول ~~: # ولكننا مضطرون لهذا. # الطبيب الثاني ~~: # لا تعذبني بهذا الاضطرار! # الطبيب الأول ~~: # أنا أعذبك؟ كيف خطر هذا على بالك؟ أنا؟ # الطبيب الثاني ~~: # شيء فظيع! # الطبيب الأول ~~: # ولكن إذا أخرجناها من المصحة، إذا قلنا إنها ليست مريضة على ~~الإطلاق؟ # الطبيب الثاني ~~: # فظيع. # الطبيب الأول ~~: # سيقتلها زوجها ويقتل معها هذا المدعو بوردا فيلا. # الطبيب الثاني ~~: # أجل، ومن جهة أخرى: لدي ضميري المهني! # الطبيب الأول ~~: # أنت ms66 تدرك بغير شك أننا نمنع في هذه الحالة وقوع جريمة أسوأ! # جوليا ~~: # لست طبيبا! # الطبيب الأول ~~: # رائع! هل سمعت يا بروفيسور ألفاريز؟ أنا لست طبيبا! # الطبيب الثاني ~~: # رائع! هذا يعفينا من المسئولية! # جوليا ~~: # أنت عطيل! # الطبيب الأول ~~: # أنا عطيل؟ # جوليا ~~: # سأهمس في أذنك بأغنية ~~(تغني) ~~: ~~«البنت البنت الشغالة جلست في الصبح الباكر # جلست تحت الصفصافة وانطلقت تشدو بغناء ساحر.» # لا بد أنك تعرفها؟ فهي ليست من اختراعي! # الطبيب الأول ~~(للطبيب الثاني) ~~: # اسمع! حاول أن تسمع! # جوليا ~~: # معذرة لقد أخطأت! الواقع أن دماغي مشوش. الدليل على هذا أنني حسبتك ~~زنجيا! آه يا جوليا! يا جوليا! افتحي عينيك! ~~(الطبيب الأول يستدير نحو جوليا ... إنه هو فرناندو كراب، ثم لا يلبث أن يرجع لوضعه الأول.) # الطبيب الثاني ~~: # يتحتم علينا في الواقع أن نقرر بأن فرناندو كراب هو المجنون الحقيقي. ~~يجب علينا أن نؤكد هذا بصوت مرتفع وبكل حزم. # جوليا ~~: # أعترض على هذا! إنه أخبث بكثير من عطيل! عطيل مجرد حيوان بليد، والمشهد ~~الحاسم ~~(في المسرحية) # يوضح هذا تماما، أليس كذلك يا خوان؟ أنت الآن تلزم الصمت. تنكرني. ألم نتجاذب أطراف الحديث ~~باستمرار في الكشك؟ نتكلم عن المشكلات النفسية باستخدام الجمل الشرطية؟ لقد ~~انتقم فرناندو كراب لنفسه بطريقة مختلفة كل الاختلاف عن عطيل. هل أنا الآن ~~ميتة؟ إنه لم يخنقني؛ لأنه لا يمس بأذى أي شيء يملكه. وهو لم يقتلك أنت أيضا ~~يا خوان؛ فأنا أراك الآن أمامي. عفوا يا بروفيسور ألفاريز، أم تراني أخطئ ~~مرة أخرى. اكشف نفسك يا جبان! يا جبان! يا جبان! ~~(الطبيب الثاني يستدير نحوها. يتبين أنه هو الدوق.) # الطبيب الثاني ~~(الدوق) ~~: # جوليا! أنا يائس يأسا فظيعا يا ~~جوليا! حاولت أن أعبر عن يأسي، وأن أعطيه شكلا ... شكلا يمكن أن أسميه ~~مرثية ... لكن الألم الذي يوحي إلي بالصور السوداء الثقيلة، يمنعني في نفس ~~الوقت من تقييدها في حروف على الورق ... فاض بي الحزن حتى تعذر علي التعبير ~~عنه بالكلمات - كل شيء ينضح بالألم - أخشى على نفسي أن أتجمد! أنت تعرفين ms67 ~~استعدادي التعس للإصابة بنوبات الإغماء، جوليا ... حبيبتي جوليا، من الذي ~~سيفهمني لو فقدتك؟ أنت وحدك! # جوليا ~~: # وأنت أيها الخائن! لقد تخليت عني! أنت المسئول عن حبسي هنا ~~(صارخة) # في مصحة المجانين! # الطبيب الثاني ~~(الدوق) ~~: # آه يا جوليا المسكينة! يا روحي المسكينة! # الطبيب الأول ~~: # لو أبقيناها هنا مدة أطول، فربما تمرض بالفعل يا بروفيسور ألفاريز. # جوليا ~~: # سيدي البروفيسور ألفاريز. لقد توصلت لحقيقة لا بد أن أخبرك بها: هذه ~~الزوجة المكسيكية. # الطبيب الأول ~~: # من تقصدين؟ # جوليا ~~: # لا تدع الجهل بالموضوع! لقد جمعت بنفسك كل التقارير وقرأتها علي! أقصد ~~زوجة زوجي الأولى في المكسيك، لقد تبين لي الآن بوضوح أنه لم يلجأ إلى القوة ~~لقتلها، إذ لم يكن في حاجة لاستخدام القوة في قتلها! لقد صحوت من غيبوبتي وفتحت ~~عيني. إنه هو الذي أوصلها إلى الحالة التي دفعتها للموت من تلقاء نفسها. # الطبيب الأول ~~: # آها! # جوليا ~~: # هل تحبني، يا سيادة البروفيسور ألفاريز؟ # الطبيب الأول ~~: # عفوا؟ # جوليا ~~: # الجميع يحبونني لجمالي. سأقول لك الآن لماذا أحب زوجي، لماذا أحب فرناندو كراب، لا تهرب أرجوك! ~~(الطبيبان يلوذان بالفرار.) # جوليا ~~: # يا للدهاء الذي قهر به هذا الدوق بوردا فيلا وجعله يكشف أمامي عن تعاسته ~~المزرية! كنت عمياء، حكمت على نفسي بالعمى! أما هو! أما هو فقد أنقذني، لقد ~~عرف كل شيء ورأى كل شيء ودبر خطته الشيطانية. هل قلت «الشيطانية» يا جوليا؟ ~~أجل، هذا هو الذي قلته، ولم تزل الكلمة معلقة فوق رأسي في الهواء! لقد ~~أنقذني ملاك شيطاني من السقوط في الهاوية؛ لهذا أحبه! أحبه. # 10 ~~(جوليا - فرناندو كراب) ~~(يدخل فرناندو.) # جوليا ~~: # فرناندو، سامحني! ~~(تسقط منهارة على الأرض.) # فرناندو كراب ~~: # وعلام أسامحك؟ # جوليا ~~: # سقطت على الأرض فجأة، أشعر بضعف شديد، لقد قاسيت طويلا من المرض. # فرناندو كراب ~~: # لا، لا، يجب أن تنهضي، كل شيء على ما يرام. ~~(يرفعها من على الأرض.) # جوليا ~~: # سامحني! # فرناندو كراب ~~: # علمت من أطباء المصحة أنك عوفيت تماما من حالة الذهان التي ~~أصابتك. # جوليا ~~: # كنت مجنونة! مجنونة جنونا فظيعا! وكم كذبت في أثناء ms68 جنوني! وكل هذا لأثير ~~غيرتك! لهذا السبب وحده! هل تصدقني؟ # فرناندو كراب ~~(في غاية البرود) ~~: # لقد سألتني مرة إن ~~كنت حقا قد قتلت زوجتي الأولى. وسألتك هل يمكنك أن تصدقي هذا، هل تذكرين ~~ردك علي؟ # جوليا ~~: # قلت لك: لا، لا أصدق، ولن أصدق ذلك أبدا. # فرناندو كراب ~~: # كذلك أقول لك اليوم: كما لم تصدقي أنني ارتكبت هذه الجريمة، كذلك لم ~~أصدق أبدا تلك الحكاية مع الدوق. # 11 ~~(الدوق) # الدوق ~~(يقرأ خطابا) ~~: ~~«لعلك قد عرفت، يا عزيزي ~~الدوق بوردا فيلا، أن زوجتي قد غادرت مصحة الأمراض العقلية وهي في أتم صحة ~~وعافية، وهي تريد أن تتحدث معك، تعال لزيارتنا بعد غد الخميس لكي نسوي ~~المسألة، زوجتي ترجوك رجاء حارا، وأنا أصر على حضورك، أنا واثق من أنك ~~ستحضر، يمكنك أن تتصور العواقب الوخيمة التي قد تترتب على عدم حضورك، فأنت ~~تعرفني جيدا، فرناندو كراب.» # 12 ~~(جوليا - فرناندو كراب - الدوق) # فرناندو كراب ~~: # من فضلك أحضري الشاي بنفسك يا جوليا! واصرفي الخادمة ورئيس الخدم أيضا، يمكنهما أن يأخذا اليوم إجازة، والمساء كله. # الدوق ~~: # شاي؟ # فرناندو كراب ~~: # لا، لا، لا داعي للقلق! أنا في أتم صحة ولا أشكو من أي تعب في المعدة، أنت ~~بالطبع تحب اللقاء على الشاي، لهذا قررت أن تشرب الشاي، هل أنت مستريح في ~~مكانك؟ يمكنك بكل سرور أن تجلس على الأريكة، جوليا لن تعترض بكل تأكيد إذا رأتك ~~على ملاءتها الهندية الجميلة. # جوليا ~~: # أبدا، أبدا، ليس لدي أي اعتراض. # الدوق ~~: # أنا مستريح هنا تماما، شكرا لكما. ~~(صمت.) # فرناندو كراب ~~: # يا للهدوء البديع! لولا هذا الصوت الغريب الخافت، أخ ... إنه فنجانك الذي يحتك بالطبق! ~~(الدوق يعدل بسرعة وضع الفنجان.) # فرناندو كراب ~~: # معذرة فأذني شديدة الحساسية، لم أقصد أن أسبب لك أي حرج. # الدوق ~~: # وما وجه الحرج إذن؟ لا، لا! # فرناندو كراب ~~: # بل سببته لك! فأنت إنسان مثقف، ورأيك في أنني مخلوق فظ، ولكن لا بأس. ~~جوليا، لقد صببت الشاي لضيفنا الدوق وحده، لماذا لم تصبي لي أيضا؟ أريد أن ~~أتناول جرعة قبله ms69 ، حتى يطمئن السيد الدوق إلى أن الضيوف يمكنهم أن يستمتعوا في ~~بيتي بكل ما يقدم لهم دون أي خوف أو قلق. # جوليا ~~: # أعلم أنك تشربه بالسكر! ~~(تضع السكر في فنجان ~~الدوق.) # فرناندو كراب ~~: # أنا في العادة لا أقرأ الروايات والكتب الأدبية وما أشبه، بل أكتفي أحيانا ~~بقراءة الجرائد اليومية وأخبار الحوادث. بهذا يعرف الإنسان ما يدور في الدنيا. ~~أليس كذلك؟ # الدوق ~~: # لا أدري! لا أستطيع أن أحكم. # فرناندو كراب ~~(لجوليا بلهجة مرحة) ~~: # هل رأيت كيف ~~تقلص وجهه! إنه لا يطيق كلامي، هذا المثقف الحساس! في هذه الأخبار نقرأ ~~أحيانا عن بعض الجرائم التي لا تصدق ونتعجب من أحوال البشر، أنا نفسي ~~أتعجب منها مع أني أعتقد أنني أعرفهم بحكم أنني من رجال الأعمال، ولكن لا ~~يستطيع أحد يا سيادة الدوق أن يخدعني. # الدوق ~~: # لا، بالتأكيد لا. # فرناندو كراب ~~: # ثم إنك تعتبرني كذلك إنسانا قادرا على كل شيء! # الدوق ~~: # هناك حدود، هناك حدود معينة! # فرناندو كراب ~~: # الناس كلهم يمكن أن يباعوا ويشتروا، أم لك رأي آخر؟ # الدوق ~~: # الحقيقة .. أرجو ألا يكون هذا صحيحا! # فرناندو كراب ~~: # بعضهم يملك العقل، والبعض يملك المال. # جوليا ~~: # يجب التسامح مع الفنانين في بعض تصرفاتهم. # فرناندو كراب ~~: # ومن الذي يتكلم هنا عن الفنانين؟ تذكرت! سمعت أنك تنظم الشعر ~~للتسلية. # الدوق ~~: # إنني أحاول في بعض الأحيان .. أن أعبر عن نفسي. # فرناندو كراب ~~: # وهذا هو الذي أفعله أنا أيضا! إنني أقول ما أريد. # الدوق ~~: # أعني أنني أقوله شعرا .. في إيقاعات حرة. # فرناندو كراب ~~: # استمر في ذلك على راحتك! وإذا جمعت القدر الكافي، فسوف أطبعه على ~~نفقتي. # الدوق ~~: # سيشرفني هذا .. شرفا عظيما. # فرناندو كراب ~~: # شرف ... شرف! كلام فارغ، أنت بالطبع لا تجد أحدا يطبع ما تقوله! # الدوق ~~: # أبدى البعض قدرا من الاهتمام .. وإحدى دور النشر! # فرناندو كراب ~~: # وهذا أفضل! بهذا أشتري الكمية كلها وتخزنها، كم نسخة هي إذن؟ في كشك جوليا، عظيم جدا! هل يسعدك هذا؟ # الدوق ~~: # أشكركم على اهتمامكم. # فرناندو كراب ~~: # ولكن ينبغي عليك أن تفكر في كتابة روايات ms70 بوليسية! قصص عن جرائم القتل! سيكون ~~الإقبال عليها أشد! # الدوق ~~: # ليس هذا للأسف هو الجنس الأدبي الذي أحبه. # فرناندو كراب ~~: # تصور أنني قرأت مؤخرا عن زوج ذبح عشيق زوجته، ثم فصل رأسه الذي ينز ~~بالعقل والحكمة فصلا تاما عن جسده. # الدوق ~~: # من الواضح أنه مصاب بمرض عقلي! # فرناندو كراب ~~: # ليكن الأمر كذلك، المهم أنه قام بعد ذلك بتقطيع الجسد قطعا صغيرة وعلف بها ~~الدجاج. لم يعثر رجال الشرطة إلا على الرأس. # الدوق ~~: # شيء فظيع! # فرناندو كراب ~~: # الحقيقة أنه كان يملك مزرعة للدواجن ... وقصة أخرى لا أريد أن أضايقك ~~بها. # الدوق ~~: # أبدا، أبدا! تفضل. # فرناندو كراب ~~: # الواقع أن جوليا تأثرت تأثرا شديدا؛ فهي في العادة لا تهتم بقراءة التقارير ~~التي تنشر في صحف الحوادث والفضائح .. وهذا بالطبع شيء لا بأس به، فهي ~~تفضل أن تشغل نفسها بما هو أجمل. إنها محاولة لقتل الزوج، وهذا هو الذي كشف ~~عنه التحقيق. ولكن الزوجين تصالحا بعد ذلك وتمكنا من إرسال العاشق، وهو ~~بالمناسبة حلاق الزوجة، إلى الشيطان، مغزى القصة: شنق الحلاق نفسه. # الدوق ~~: # يا سيد كراب .. أرجو ... # فرناندو كراب ~~: # لا بد أنني أثقلت عليك! أم بدأت تشعر بالقلق لأنك لم تعرف حتى الآن لماذا رجوناك أن تشرفنا؟ جوليا! # جوليا ~~: # طلبت من زوجي أن يدعوك للحضور لأنني وجدت من واجبي أن أعتذر لك عن الإهانة ~~الشديدة التي وجهتها إليك. # الدوق ~~: # ولكني لا أعرف ماذا تقصدين بكلامك هذا يا جوليا! فأنت لم تسيئي إلي ~~أبدا! # فرناندو كراب ~~: # يستحيل على إنسان مثقف مثلك، يا سيادة الدوق بوردا فيلا، ألا يدرك حقيقة ~~الموقف على الوجه الصحيح! # جوليا ~~: # أعترف بأنني وضعتك في موقف شديد الحرج. أنا آسفة غاية الأسف. # الدوق ~~: # إنكما تسببان لي الارتباك الفظيع .. وأنا لا أعرف في الواقع ... # فرناندو كراب ~~(يقاطعه) ~~: # حذار! ~~(الدوق يصاب بالرعب ولا يدري ماذا يقول.) # جوليا ~~: # أنت إنسان في غاية الأدب والذوق ولا تريد أن تسبب لي أي حرج. # فرناندو كراب ~~: # لا بد أنك تقدر أن الإنسان الذي يلحق أذى بإنسان آخر ويشعر ms71 نتيجة ذلك ~~بالإحساس بالذنب تجاهه، لا بد أن يطلب منه أن يسامحه ويصفح عنه. # الدوق ~~: # طبعا يا سيد كراب، ولكن أي أذى تقصد؟ وما هو الظلم الذي وقع علي؟ # جوليا ~~: # لقد كنت في غاية المرض، مرض المخ! لهذا أطمع في أن تعفو عني. # الدوق ~~: # أرجوك يا جوليا ألا تعذبي نفسك. # جوليا ~~: # بل أريد أن أتكلم، أن أستجمع كل شجاعتي وأنطق بكل شيء ولا أحاول أن أجمل ~~أي شيء، حتى إذا صفحت عني، شعرت شعورا حقيقيا بأنني أصبحت حرة. # فرناندو كراب ~~(بفظاظة) ~~: # كف عن مقاطعتها! # جوليا ~~: # لقد وقعت تحت تأثير نوبة الجنون التي أصابتني فادعيت أنك لاحقتني ~~وغازلتني وهمست في أذني بالاعترافات الحارة بحبك لي، كما زعمت أنك نجحت في ~~إذكاء لهيب عواطفي نحوك. # الدوق ~~: # أنت قلت هذا يا جوليا؟ # فرناندو كراب ~~: # أجل قالته لي! والآن يبدو عليك الرعب! # جوليا ~~: # وادعيت أخيرا أنني استسلمت لك في النهاية. آه من تلك الحالة التي وصلت ~~إليها! كانت حالة جنون كامل! كيف أمكنني أن أقول شيئا كهذا؟ # الدوق ~~: # آه! يؤسفني هذا غاية الأسف. # فرناندو كراب ~~: # أجل، لقد تعرضت لموقف مؤلم غاية الألم. # جوليا ~~: # وقلت أيضا ما هو أكثر من هذا! قلت إننا ارتكبنا أفعالا فاضحة جدا، فوق ~~هذه الأريكة نفسها! لا مرة واحدة، بل مرات عديدة، وبصورة متكررة. وقلت إنك كنت ~~تحضر أحيانا بالليل، عندما يكون زوجي على سفر. إنني أعترف الآن ببشاعة كل ما ~~صدر عني، وبأنني وضعتك في موقف مؤلم ومحرج غاية الحرج! كانت فكرة ثابتة ~~تسلطت على رأسي، يؤسفني أنك تحملت الأسئلة التي وجهت إليك في حضرة ~~الأطباء عن العلاقة المزعومة بيننا. لا بد أنها كانت لحظة مريعة بالنسبة لك، ~~ومع ذلك أرجوك أن تسامحني إذا استطعت، أتوسل إليك. ~~(صمت.) # فرناندو كراب ~~: # هل تقبل هذا الاعتذار؟ # الدوق ~~: # يجب أن أعترف ... # فرناندو كراب ~~: # نعم أو لا؟ # الدوق ~~: # نعم، إنني أسامحها، أسامحكما معا. # فرناندو كراب ~~(في غلظة) ~~: # انتبه لما تقول! أنت لم تسئ ~~إلي حتى أسامحك. # الدوق ~~: # لا لم أفعل، هذا صحيح. # فرناندو ms72 كراب ~~: # ألاحظ أن أعصابك منفعلة، هدئ نفسك من فضلك. لقد سويت المسألة تماما، أرأيت يا جوليا، كان هذا هو عين الصواب. ~~(للدوق) # ليس مما يلائم طبعي وخلقي أن ~~أداري على الأشياء الكريهة. # جوليا ~~: # وأنا في غاية السعادة يا فرناندو. # فرناندو كراب ~~: # لو سولت لك نفسك أن تصور المسألة بشكل آخر يا سيادة الدوق ... # الدوق ~~: # لن أفعل قطعا! # فرناندو كراب ~~: # من يدري؟ إنك تتسكع في كل مكان وتثرثر .. ربما في «إيقاعات حرة» .. أنصحك ~~بأن تكف عن هذا. إنك تعرفني. # جوليا ~~: # آه! هذه النافذة المفتوحة، أسمع من خلالها زقزقة العصافير بين ~~الأشجار! # الدوق ~~: # أعتقد أن وجودي لم يعد مرغوبا فيه! ~~(يريد أن ~~ينصرف.) # فرناندو كراب ~~: # انتظر! لي رجاء آخر عندك يا سيادة الدوق بوردا فيلا. تعال لزيارتنا كما ~~تشاء! حتى لو كنت غائبا عن البيت، فلا يصح أن يزعجك هذا. لو قطعنا العلاقة ~~التي بيننا فجأة لأساء هذا إلى سمعتنا وأعطى الفرصة لمروجي الإشاعات. أليس ~~كذلك يا جوليا؟ # جوليا ~~: # أجل يا فرناندو. # فرناندو كراب ~~: # ربما لديكما أسرار تقولانها لبعضكما .. بعيدا عن الأنظار .. ولا تحبان أن ~~تفصحا عنها في حضوري .. لهذا أترككما الآن! ~~(ينصرف.) # 13 ~~(جوليا - الدوق) ~~(جوليا والدوق يجلسان صامتين. الدوق ينظر في قلق إلى الباب.) # جوليا ~~: # لا تتلفت دائما إلى الباب! # الدوق ~~(هامسا) ~~: # هل يمكن أن يتنصت علينا؟ # جوليا ~~: # لا داعي للهمس! # الدوق ~~: # أحس أن صوتي هرب مني. # جوليا ~~: # ليس من طبع فرناندو كراب أن يسترق السمع وراء الأبواب ويتنصت على ما ~~نقول! # الدوق ~~: # بعد كل ما جرى ... # جوليا ~~: # صدقني يا خوان، لا داعي للقلق. # الدوق ~~: # تقولين لي لا داعي للقلق؟ أنت يا جوليا! إنني الآن لا أعرف من أنا! لو لم ~~تكوني جالسة أمامي، ولولا أنك تنادينني يا خوان، بهذا الاسم الذي أعرفه ~~والذي أربطه بشخص معين يلقب بخوان دوق بوردا فيلا، شخص كنت أعتقد أنني ~~أعرفه، لولا هذا ما عرفت ... ~~(جوليا تبتسم.) # الدوق ~~: # إنني أحمل في نفسي ذكرى هذا الشخص، ليس معنى هذا أنني أعجبت به إعجابا ~~خاصا أو أنني ms73 قدرت جميع خصاله، لا، ليس هذا ما أعنيه! لكنه على أية حال لم ~~يكن في نظري شخصا مثيرا للتقزز. أما الآن يا جوليا - أما الآن فإنني ~~أتقزز من نفسي، وأشعر أن نفسي تتقزز مني! ~~(يبكي) # ها أنت ترين بنفسك المصير الذي انتهيت إليه، المصير ~~الذي آل إليه هذا الإنسان الذي سبق أن أحببته ~~(جوليا صامتة.) # الدوق ~~: # الحزن الفاجع يقهرني. # جوليا ~~: # لا يا خوان. # الدوق ~~: # هل بقي لديك أي أمل؟ هل يمكنك بعد هذه التمثيلية المشحونة بالقبح والكذب ~~والافتراء أن تتصوري بريق أمل في أن نرجع مرة أخرى لأنفسنا، وأن تبعث في ~~مشاعرنا الصافية أنفاس الحياة من جديد؟ بعد هذا المنظر البشع! # جوليا ~~: # أي منظر يا خوان؟ # الدوق ~~: # ما زلت أراني وأنا أقف هناك، تعسا مدحورا أعزل من كل سلاح، وأرى الطبيبين ~~يؤديان دور الشاهدين اللذين فهما التمثيلية الملعوبة تمام الفهم، وأدركا كيف ~~أكرهت على التنكر لك؛ هذا المنظر البشع الفظيع الذي أهنت فيه أحط ~~إهانة، كما أهنت أنت أيضا معي. # جوليا ~~: # مسكين يا خوان! # الدوق ~~: # تصورت بعدها أن عيوننا لن تتلاقى أبدا. # جوليا ~~: # هل تصورت هذا؟ # الدوق ~~: # يا لقوتك الخارقة، يا لقوتك! # جوليا ~~: # أجل، لأنها مستمدة من حبي. # الدوق ~~: # إنك ... إنك تهدين لي الحياة من جديد! تهبينني الأمل! تمنحينني كل شيء. # جوليا ~~: # كم كنت غبية! وها أنا ذا أفهم أخيرا كل شيء، بعد أن سقطت عني الأخطاء وزال ~~التشوش والاضطراب. # الدوق ~~: # أخشى أن يكون واقفا وراء الباب يتنصت علينا! كيف أصدق يا جوليا أن ~~يجبرك أحد على طلب الصفح مني؟ # جوليا ~~: # أنا نفسي وجدت أن هذا شيء بديهي. # الدوق ~~: # جوليا، أنا الآن عاجز عن فهمك. # جوليا ~~: # أظن أن كل ما حدث كان يوافق رغبتك، لقد سبق أن أكدت بأن حكاية الحب كلها ~~لم تكن إلا وهما من جانبي، كما أنني اعتذرت لك أخيرا عن خطئي. كنت على حق، ~~وليس هناك ما يدعوك للقلق. # الدوق ~~: # ولكن يا جوليا! أتريدين الآن أيضا ونحن وحدنا تماما ولا أحد يجبرنا على ~~الكذب، أتريدين أن ms74 تنكري أنك عرفت حقيقة مشاعري نحوك، وأنك استجبت لها وكنت ~~حبيبتي؟ # جوليا ~~: # كف عن هذا الكلام أرجوك. # الدوق ~~: # لكنني متأكد منه! متأكد منه! # جوليا ~~: # هذا هو الذي تتصوره يا عزيزي خوان. وهو الذي أدى بك للجنون. ~~(تضحك. الدوق يفر مذعورا.) # فرناندو كراب ~~: # أثبت فرناندو كراب أنه هو المنتصر، وهذا أمر بديهي. فقد أحبته بكل ما في ~~قلبها من قوة، ثم جاء الموت وأخذها، أخذ جمالها أولا، ثم أخذ شجاعتها، وأخيرا ~~أخذ أنفاسها. # 14 ~~(جوليا - فرناندو كراب) # فرناندو كراب ~~: # لقد أسقطت المشط من يدك. # جوليا ~~(هامسة) ~~: # أخ! لم ألاحظ هذا على ~~الإطلاق. # فرناندو كراب ~~: # هو على كل حال مجرد شيء خفيف الوزن، وهو يلتوي في يدي بمجرد أن أقبض ~~عليه. # جوليا ~~(هامسة) ~~: # أعطني إياه. # فرناندو كراب ~~: # وهذا شيء يوافق طبعي. في إمكاني أن أسوي به قصتي. # جوليا ~~(هامسة) ~~: # أجل. # فرناندو كراب ~~: # لم تضحكي لما قلت، في إمكاني أيضا أن أتحكم في تقاطيع وجهي وأرسم وجوها ~~مختلفة! انظري: هذا مثلا قرد عجوز ... وهذا أسد مزمجر! الحيوانات فقط هي ~~التي تخطر على بالي. مع أن هناك ما يكفي من الوجوه البشرية المفتعلة! يكفي أن ~~تتذكري ضحكة ألفونسو الذي كنت دائما تخافين منه! لقد حكى لي الدكتور هرما ~~نشتتر عن مجنون كان من عادته أن يجوب الشوارع ويراقب ملامح الناس وكل تعبيرات ~~الوجوه ويطبعها على ذاكرته، نوع من القهر أو الحصر! ثم يختبئ في دهليز مظلم ~~ويحاكيها جميعا في الخفاء لكي يستطيع أن يتحرر منها، مثله مثل شخص يتقيأ ~~طعاما فاسدا، حاولي أن تتصوري هذا! ها هو مشطك. # جوليا ~~(هامسة) ~~: # لا أطيق أن يسقط الشعر على ~~وجهي. # فرناندو كراب ~~: # أنت تستحقين مشطا آخر، مشطا مطعما بالألماس. # جوليا ~~(هامسة) ~~: # إنني أموت يا فرناندو. # فرناندو كراب ~~: # لا، لا، لا! كفي عن هذا الهراء! تعلمين أنني لا أطيق هذا. # جوليا ~~(هامسة) ~~: # انظر فقط إلى وجهي. # فرناندو كراب ~~(صارخا) ~~: # لن تموتي! هذا مستحيل! أنت ملكي! ~~وأنا لا أتنازل عنك! لا أتنازل عنك لأي مخلوق! ولا للموت نفسه، هذا الوغد ms75 ~~الملعون! # جوليا ~~(هامسة) ~~: # آه كم تحبني! قلها! قلها! # فرناندو كراب ~~: # أنت تعلمين هذا جيدا. # جوليا ~~(هامسة) ~~: # لكنك لم تنطق بها أبدا. لم تقلها مرة واحدة! ربما ترد إلي القدرة على الحياة. # فرناندو كراب ~~: # عندها سقطت كل الأغلال التي كانت تقيد قلبه، وتكلم لأول مرة عن حبه ~~لجوليا، تكلم كثيرا ولم يستطيع أن يتوقف، وأخذ ينشج بالبكاء ويصرخ وينوح. ~~أطبق على جسدها الواهن المنطفئ وضغطه على صدره، استلقى بجانبها على السرير ~~وراح يهتف بغير انقطاع: خذي حياتي! خذي حياتي! خذي دمي! لن أتركك ~~للموت! # جوليا ~~(هامسة) ~~: # إنك تبكي، ولكنني سعيدة. # فرناندو كراب ~~: # هكذا ماتت، وبعد أيام فتح الباب ووجدوا فرناندو مع جوليا. ولا بد أنه رفع ~~الزوجة الميتة من الفراش وحملها حتى كاد يصل إلى الباب. هناك خر معها ساقطا ~~على الأرض، وعندئذ قطع شرايين يده. هكذا مات وهو لا يزال يضمها بين ~~ذراعيه. ms76