######OpenITI# #META# 000.SortField :: Shamela_0026350 #META# 000.BookURI :: NOCODE #META# 010.AuthorAKA :: NODATA #META# 010.AuthorNAME :: شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى، أبو العباس المقري التلمساني (المتوفى: 1041هـ) #META# 011.AuthorBORN :: NOTGIVEN #META# 011.AuthorDIED :: 1041 #META# 019.AuthorDIED :: NODATA #META# 020.BookTITLE :: أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض #META# 020.BookTITLESUB :: NODATA #META# 021.BookSUBJ :: التراجم والطبقات #META# 022.BookVOLS :: 5 (هذا الكتاب الإلكتروني هو الـ3 أجزاء التي طبعت في مصر، ثم طبع الباقي صندوق إحياء التراث الإسلامي المشترك بين المملكة المغربية، ودولة الإمارات المتحدة - الرباط، بتحقيق سعيد أحمد أعراب - محمد بن تاويت - عبد السلام هراس) #META# 025.BookLANG :: NODATA #META# 029.BookTITLEalt :: NODATA #META# 030.LibURI :: Shamela_0026350 #META# 030.LibURIextra :: NODATA #META# 031.LibREADONLINE :: http://shamela.ws/browse.php/book-26350 #META# 031.LibURL :: http://shamela.ws/index.php/book/26350 #META# 031.LibURLFILE :: NODATA #META# 031.LibURLextra :: NODATA #META# 040.EdALL :: NODATA #META# 040.EdEDITOR :: مصطفى السقا (المدرس بجامعة فؤاد الأول) - إبراهيم الإبياري (المدرس بالمدارس الأميرية) - عبد العظيم شلبي (المدرس بالمدارس الأميرية) #META# 041.EdNUMBER :: NODATA #META# 041.EdNumber :: NODATA #META# 043.EdPUBLISHER :: مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر - القاهرة #META# 044.EdPLACE :: NODATA #META# 045.EdYEAR :: 1358 هـ - 1939 م #META# 049.EdISBN :: NODATA #META# 049.EdPAGES :: NODATA #META# 049.EdPHYSICAL :: NODATA #META# 049.EdVOLUME :: NODATA #META# 090.RecMISC :: NODATA #META# 999.MiscINFO :: NODATA #META#Header#End# ### | المقدمة # بسم الله الرحمن الرحيم # صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله # الحمد لله الذي أعلى مراتب العلماء الأعلام وزكى منهم العقول الراجحة ~~والأحلام ومنحهم مآثر تقصر عن جمعها المحابر والأقلام ومفاخرات طارت كل ~~مطار. وجعل معاليهم زاهرة زاهية وأضواء فهومهم نامية سامية وأنواء علومهم ~~شامعة هامية وبواكف الأمطار وأطلعهم على حقائق الأسرار وهداهم وهدى بهم إلى ~~ترتيب المدارك وتقريب المسالك وجلى بمشارق الأنوار من معارفهم وآدابهم عمن ~~تمسك بأذيالهم وأهدابهم غياهب الجهل الحوالك فأضاءت الأقطار. وعرفهم ~~المقاصد الحسان والوسائل المغتبطة والإلماع بأصول الرواية والسماع والإعلام ~~بحدود قواعد الإسلام وإرشادهم إلى التنبيهات المستنبطة السامية الأخطار حتى ~~رفلوا من حلل التحقيق السابغة في مطارف وبرود وورود من منهال السائغة كل ~~عذب PageV01P001 # برود وتنسموا من حجج الحق البالغ الروض المعطار واتنوا أزهار أضحت منية ~~الطالب وبغية الرائد واجتلوا جواهر نظمت منها الدرر والفرائد في أجياد ~~السطار. فإن أمهم ناقص عديم ألفي لديهم الغنية والإكمال أو قصدهم عليل سقيم ~~وجد في أيديهم الشفاء فنال غاية الآمال وظفر بمنتهى الأوطار. والصلاة ~~والسلام على سيدنا ومولانا محمد أفضل العالمين بإطلاق سراج المريدين وكنز ~~العارفين الذي لا يخشى معه إملاق عمدتنا العظمى ووسيلتنا الكبرى عند الملك ~~الخلاق صاحب المعجزات الباهرة التي اهتدى بها ذوو الأفكار والآيات الظاهرة ~~التي حصل بها التمييز لمن له استذكار الموطأ الأكناف والأخلاق المنتقي من ~~أعظم الذخائر وأنفس الأعلاق المختار من قبل نشأة آدم والكون PageV01P002 # لم تفتح له أغلاق صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين ~~لنجومهم في سما الحق أتلاق صلاة وتسليما دائمين ما أنشئت في ثنائه الأحمدي ~~وأنشئت بفنائه المحمدي القصائد والأبيات والأشطار وبعد: # فيقول أحمد ذو القصو ... ر المقرى إذا انتسب # جبر المهيمن صدعة ... ووقاه سي ما أكتسب # وحباه منحة مؤمن ... محض العباد وأحتسب # وأسدي إليه من المواهب أسناها ومن العواقب حسناها. # إنه لما سبق القضاء وجرت الأقدار بارتحالي عن الوطن المحبوب والقرار بعد ~~أن شممت عراره النجى ولا أشجان ولا أكدار في عشية لم يكن بعدها ms001 من عرار ~~ونزحت عن بلد به الوالد وما ولد محل قطع التمائم وفتح الكمائم سقى الله ~~عهاده صوب الغمائم: # بلد تحف به الرياض كأنه ... وجه جميل والرياض عذاره PageV01P003 # وكأنما واديه معصم غادة ... ومن الجسور المحكمات سواره # وكان ذلك وغصن النشاط يانع وبرد الشباب قشيب وشمل النفس مجتمع دون مانع ~~وكأس الأنس مزج بتسنيم القرب وشيب وفود الرأس غير خاضع ولا خانع إذ لم تطرق ~~ساحته ولم تجس خلاله جيوش المشيب حللت الحضرة الفاسية حاطها الله حيث ~~المجالس غاصة بالعامة والخاصة والمساجد آهلة معمورة والمشاهد بالزوار ~~مغمورة والحل المعارف فضاضه والعوارف الجليلة مفاضه حضرة ديباجها ربيعي ~~وامتزاجها بالنفوس طبيعي ولم لا وقد نظمت المفاخر ونسقتها وجمعت المآثر ~~ووسقتها جادتها غر السحاب وسقتها: # بلاد بها الحصباء در وتربها ... عبير وأنفاس الرياح شمول # تسلسل منها ماؤها وهو مطلق ... وصح نسيم الروض وهو عليل # فألقيت بها عصا التساير وقاها الله من الآفات والأغاير وأقتفيت في ذلك ~~سنن بعض سلفي الأخيار إذ كان أشهر أسلافنا الشيخ الإمام صاحب التصانيف ~~الشهيرة التي اقتادت المحاسن بزمام القاضي الأشهر العلامة PageV01P004 # الأظهر أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد المقري القرشي التلمساني ~~النشأة والقبر أفاض الله سجال الرحمة على مثوى ذلك الحبر انتقل إليها أيام ~~السلطان المرحوم أبى عنان فارس فولاه قضاء جماعتها وبنى له المتوكلية أعظم ~~المدارس حسبما ذكره غير واحد من أهل الفهارس وأشار إليه الوزير أبن الخطيب ~~في كتاب الإحاطة التي أحيت من التأريخ الرسم الدارس. # ولم تزل كتب الأقارب والإخوان ترد على وتثني عنان اعتنائها إلى وتكرر ~~وتعدد وتنتاب وتتردد وتتنوع وتتجدد فأرتاح إليها ارتياح الغصن عند هزته ~~وأحن إليها حنين كثير إلى معاهد عزته: # يا من يذكرني حديث أحبتي ... طاب الحديث بذكرهم ويطيب # اعد الحديث على من جنباته ... إن الحديث عن الحبيب حبيب # وكثير ما يحرك ذلك منى كامن شوق شب عمره عن الطوق وأجد من لواعج الأوار ~~ما وجده الفرزدق عند مباينة النوار: PageV01P005 # بلد الجزائر ما أمر نواها ... كلف الفؤاد بحبها وهواها ms002 # يا عاذلي في حبها كن عاذري ... يكفيك منها ماؤها وهواها # والحنين إلى الوطن مجال لكل حر ومضمار: # إيه أحاديث نعمان وساكنه ... إن الحديث عن الأحباب أسمار # وليس بمستنكر حنين الناب إلى عطنه والمرء إلى محل نشأته ووطنه. # وقد روينا في الصحيح من حنين سيد الوجود عليه الصلاة والسلام وأصحابه إلى ~~مكة ما لا يجهله إلا من هو عن العلوم بمعزل. ومن الأبيات السائرة: # كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأول منزل # ورب ذكرى أثارت الأشواق وحركتها وأنشبت النفوس في حبائل البوس وتركتها ~~وكم من ماجد بكى لفقد المشاهد وأهتم لبعد المعالم والمعاهد: # سلام على تلك المعاهد أنها ... مرتاع ألافى وعهد صحابي # ويا سرحة أنعمى فلطالما ... سكبت على مثواك ماء شبابي # فله تلك المعاهد ما أبهج محياها وحاط بعين كلاءته تلك المشاهد ما أطيب ~~رياها حين باكرها الوسمى وحياها: PageV01P006 # حيا تلمسان الحيا فربوعها ... صدف يجود بدره المكنون # ما شئت من فضل عميم إن سقى ... أروى ومن ليس بالممنون # أو شئت من دين إذا قدح الهدى ... اورى ودنيا لم تكن بالدون # ورد النسيم لها بنشر حديقة ... قد أزهرت أفنانها بفنون # وإذا الحبيبة أم يحيا أنجبت ... فلما الشفوف على عيون العون # طالما ذكرت الأبلة وشعب بوان ... وأنست صروف الزمان الخوان # وأنبتت أزهار أنس ذات ألوان وثمار نخل من القرب صنوان وغير صنوان والشمل ~~مجتمع بالجيران والإخوان والروض مطلول النبات مخضر العذبات مخضل الجنبات ~~مفوف الخمائل PageV01P007 # متضوع الشمائل مساب الماء منجاب السماء والغصون متأودة الأعطاف دانية ~~الجنى والقطاف والنسيم يعبق نشرا والجو يتألق رونقا وبشرا فتقصر عنه أوصاف ~~دوى الأصناف: # والزهر حيانا بثغر باسم ... والنهر قابلنا بقلب صافي # ولآلئ الأنداء في الغدير غرقى ودموع النهر لا ترقا والزهر تسقط وأكف ~~الريح تكتب والغمام ينقط: # كأن أكف الريح تكتب أسطرا ... على النهر إلا أن أحرفها زرق # فتحنى عليهن الغصون قدودها ... لتقرأها جهرا من الورق الورق # والورقاء تهتف لفقد إلف نازح فتهيج شجو الجاد والمازح: # رب ورقاء هتوف بالضحى ... ذات شجو صدحت في فنن ms003 # ذكرت إلفا ودهرا صالحا ... فبكت شجوا فهاجت حزنى # فبكائي ربما أراقها ... وبكاها ربما أرقني # فإذا تبدؤني أسعدها ... وإذا أبدؤها تسعدني # ولقد تبكى فما أفهمها ... ولقد أبكى فما تفهمني # غير أني بالشجا أعرفها ... وهي أيضا بالشجا تعرفني PageV01P008 # فأكرم بها من ذات طوق عبرت عما في ضميرها من جوى وسوق فساقت لواعج ~~الأفكار أي سوق وبينها وبين الصب فرق عند ذوى الذوق: # وترنمت ذات الجناح بسحرة ... بالواديين فهيجت أشواقي # ورقا تعلمت البكا والبث من ... يعقوب والأحان من إسحاق # أني تضاهين هوى وصبابة ... وأسى وفرط جوى وفيض مآقى # وأنا الذي أملي الهوى من خاطري ... وهي التي تملي من الأوراق # فما كان أسرع من تمزيق ذلك الإهاب وحصول شمله في يد الانتهاب وأنشد لسان ~~حاله عند الذهاب: # إلا إن هذا الدهر يوم وليلة ... يكران من سبت عليك إلى سبت # فقل لجديد العيش لا بد من بلى ... وقل لاجتماع الشمل لا بد من شت # وهكذا الدنيا إحلاء وإمرار وإقرار وإنكار وإعلان وإسرار تعفى كل ربع عامر ~~وتببد كل مأمور وآمر: # كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر # بعدما نعمنا برهة من الزمان في ظلال الأمان وقطعنا نبذة من PageV01P009 # الشباب في مواطن الأحباب ما بين دراسة ودراية ورواية وممارسة أمور تبعد ~~عن طرق الغواية وتحبير طروس وملازمة دروس بين يدي أشيخ مجالستهم نامية ~~الغروس وخصوصا شيخهم الذي فضله لا يفترق إلى دلال عمنا فتينا سيدي سعيد ~~أحمد المقري شكر الله خلاله فهو شيخ أولئك الأعلام الذين ورثوا العلم من ~~غير كلاله وعمروا ربوع المجد وتفيوا ظلاله وأرشدوا إلى سبل الهدى وأزاحوا ~~عن الضلالة وعمرت أرضهم بكل مجد وجلاله وإن نبت بي عن جفوة وملالة فآها على ~~ذلك العصر ما أبهاه وأجمله وأتمه وأكمله عصر يكاد يكلمنا فيه الجماد ~~وتروينا الثماد وتحيينا العشيات والبكر ولا تنتابنا التعلات ولا الفكر فإن ~~سألنا فعنه في الحقيقة وإن صرحنا أو كنينا فنعنى حماه وعقيقه: # نسائل عن ثمامات بحزوى ... وبان الرمل يعلم ما عنينا # وقد كشف ms004 الغطا فما نبالي ... أصرحنا بذكرى أم كنينا # ولو إني أنادي يا سليمى ... لقالوا ما أردت سوى لبينى # إلا لله طيف كان يسقى ... بكاسات الكرى زورا ومينا # فأمسينا كأنا ما افترقنا ... وأصبحنا كأنا ما التقينا # وكنا نحسب الدهر لا يدور وأن الأعجاز صدور والأهلة بدور PageV01P010 # حتى ضرب الدهر ضربانه، وبدد الرفيق وأبانه؛ فلم تتأود قدود الأغصان، ولم ~~تترنح أعطاف ألبان؛ وانقطعت الأسباب عن مواصلة الجيران والأحباب؛ الذين: # جرى بعضهم ذات اليمين وبعضهم ... شمالا وقلبي بينهم متوزع # فو الله ما أدرى بليل وقد مضت ... حمولهم أي الفريقين أتبع؟ # وهأنا الآن أحاول إطفاء لهيب بالضلوع وقد، وأعالج أدواء سقم جل وكيف لا ~~وقد: # روعت بالبين حتى ما أراع به ... وبالمصائب في أهلي وجيراني # لم يترك الدهر لي علقا أضم به ... إلا رماه بفقد أو بهجران # وفي هذا التاريخ الغريب وردت كتب من تلك الناحية حركت شجو الغريب؛ والشوق ~~إلى لقائهم، والتوق إلى ما يرد من تلقائهم، يقتادان القلب بزمام فينقاد، ~~ويوقدان نار الوجد بين الضلوع أي إقاد: # هي الدار لا أصحو بها علاقة ... لأمر لنا بين الجوانح مضمر # فجاء على أرجائها الغيث أنها ... منازل جيران كرام ومعشر # وكان من جملة فصولها، وفروع اصلها؛ طلب التعريف والإلمام، ببعض أحوال ~~الشيخ الإمام، قاضي الأئمة وعلم الأعلام، عمدة أرباب المحابر والأقلام، ~~ومفخر علماء الإسلام ذى الفضائل التي استقلت رسومها، فلم تحتج إلى إعمال PageV01P011 # العلام؛ والمحاسن التي بهرت أقمارا وشموسا سيدي أبي الفضل عياض أبن موسى؛ ~~الشهير الصيت في كل قطر، صب الله على مثواه من الرحمات شآبيب القطر: # فهو الإمام الذي سارت مآثره ... في الشرق والغرب سير الشمس والقمر # وكم له من تآليف قد اشتهرت ... بكل قطر فسل تنبيك عن خبر # فقالت: نالي بهذا الأمر يدان، ولو أيدني كل قاص ودان؛ وماذا عسى أن اصف ~~من جلالة يتهلل بشرها، وجزالة يتضوع نشرها؛ وبلاغة تبذ بلاغة سحبان، وبراعة ~~تقاعس عن رتبتها الشيب والشبان، وعلم أظهر غوامض الحقائق وأبان، وحلم أرسخ ~~من رضوى وأبان. ومحاسن، ماؤها غير آسن ms005، وحلى، حازت مراتب العلى، ومصنفات، ~~مقرطات مشنفات، أعلاق لا تعدلها الأثمان، ولا تشد على مثلها الأيمان. # على إني لست من رجال هذا المجال ولا من فرسان ميدان الإحسان؛ إذ الباع ~~قصير، والعقل بقواعد العلم غير بصير؛ والقلب حليف أشجان وأوصاب، والفكر ~~أليف غصص تجرع منها جنى حنظل أو صاب؛ PageV01P012 # لا أستطيع إنشاء قول، ولا أفكر إلا في هم أو هول؛ إلى ما دهم من الفتن، ~~التي محت ما بالدهر من ازديان؛ وطرق من المحن، التي يغنى عن خبرها العيان؛ ~~فتنوعت منها الأعداد، إلى أفراد وأزواج، وكثر الترداد، من الخطوب ذات ~~الجموع والأفواج؛ وتفاقم وازداد، هول بحورها المتلاطمة الأمواج: # ملنا من الأيام ما لا نطيقه ... كما حمل العظم الكسية العصائبا # وعصر رجوعنا منه إبداء منحة ... فأندى ولكن محنة ومصائبا # وما حال من قرت المصائب عيونه دموعا وجوانحه جوى، ورمته النوائب عن قسى ~~النوى؛ فخلع على الكواكب كراه، وبرح به الشوق وبراه. وقطع ودج صبره وفراه، ~~واعتراه من الدهر ما اعتراه، وضاعف ما به كذب حاسد افتراه؛ يأكل المحاسن، ~~ويجهل بمساويه أن يحاسن؛ ويعيد الحق باطلا، والحلى عاطلا؛ ويقلب النحة ~~محنة، ويرى المصافاة إحنة؛ يخاتل مخاتلة الذيب، ويكدر مناهل الخلوص ~~والتهذيب، ويقابل الحق PageV01P013 # الواضح بالتكذيب؛ ويشتغل بما لا يعنيه، ويعرض عما يقربه إلى ربه ويزلفه ~~ويدنيه: # لي حيلة فيمن ينم ... وليس للكذاب حيله # من كان يخلق ما يقو ... ل فحيلتي فيه قليلة # إلى الله المشتكى من هذا وأضرابه، ممن لم تصف موارد شرابه: # مضت أعمارنا ومضت سنونا ... ولم تظفر بذى ثقة يدان # وجربنا الزمان فلم يفدنا ... سوى التخويف من أهل الزمان # ولا غرو أن كان لأهل الزمان اشباه، ولله بعض أهل الذكاء والتيقظ ~~والانتباه: # والناس مثل زمانهم ... قدوا الحذاء على مثله # ورجال دهرك مثل ده ... رك في تقلبه وحاله # ولذا إذا فسد الزما ... ن جرى الفساد على رجاله # أستغفر الله، هذه نفثة مصدور ذي المثل، أو هفوة مغمور ساعدها طغيان ~~القلم: # نذم زمانا ما له من جناية ... ونشكوه لو تغنى عن المرء ms006 شكواه # ولا ذنب فينا للزمان وإنما ... جنينا فعوقبنا بما د جنيناه # هو القدر الجاري على الكره والرضا ... فصبرا وتسليما لما قدر الله # ونفوسنا أولى باللوم لو سلكنا سبيل خيار القوم؛ واقتفينا سنن التقوى، ~~وتمسكنا بحبل التوفيق الأقوى: PageV01P014 # وما دارنا إلا موات لو أننا ... نفكر والأخرى هي الحيوان # شربنا بها عزا بهمن جهالة ... وشتان عز للفتى وهوان # وحق لمن علم تقلبات الدهر بأهله وتصرفاته، أن يستعمل ما بقى من عمره فيما ~~يوصله إلى منازل النعيم المقيم وغرفاته: # للدهر قوس لا تزال سهامها ... تصمى الأنام أصاغرا وأكابرا # طوبى لمن هجر القبيح ولم يكن ... إلا على فعل الجميل مثابرا # جعلنا الله ممن ثابر على فعل الجميل، وبلغ من خير الدارين غاية التأمل. # وين ورد علي هذا الخطاب الذي تقدم، وألفى ركن الاصطبار كاد يتهدم أو ~~تهدم؛ أضربت عن جوابه حينا من الدهر، وما طلت مقتضى دينه من يوم إلى يوم، ~~ومن شهر إلى شهر؛ والأرض تميد اضطرابا واختلالا، والأحوال تزيد دنفا ~~واعتلالا؛ وأنا أحوم على مناهل الجواب حوما، وأروم الورود في مشاربها ~~العذبة يوما فيوما؛ والأيام لا تسمح بنهله، ولا تفسح إليها فسحة ولا توسعها ~~مهله؛ ثم وقع العزم والتصميم على جواب هذا السائل، راجيا من الله سبحانه أن ~~يكون ذلك من أفضل القرب وأعظم الوسائل؛ ودخلت من هذا الباب بعد أن قرعت، ~~وأخذت في هذا الغرض وشرعت، وشربت من ماء التصنيف وكرعت، وبذرت في أرض ~~التأليف وزرعت، هذا مع إني ما مهرت ولا برعت؛ ولا أتقنت لصناعة التأليف ~~عملا: # لكن قدرة مثلي غير خلفية ... والنمل يعذر في القدر الذي حملا # وكثيرا ما خرجت من الشيء إلى ما يناسبه ويدانيه؛ وربما أبعت PageV01P015 # النجعة، ثم وقعت الأوبة والرجعة على رغم أنف قالي ذلك وشانيه وقربت بذلك ~~كله شاسعا كي تسهل مئونته على معانيه وهصرت أفنان ألفاظه ومعانيه ليقرب ~~اقتطاف لجانيه وسميته بأزهار الرياض في أخبار عياض وما يناسبها مما يحصل به ~~ارتياح وارتياض تسمية وافقت إن شاء الله معناه وناسبت منزله ومغناه لأنه ~~جمع ms007 أزهار ذات ألوان من ورد وأقحوان وبهار عرفه ذو انتشار ومنثور روضه مريع ~~ممطور ونسرين يفوق أرجه مسك دارين وآيس عاطر الأنفس وشقيق خليق بالمدح حقيق ~~ونيلوفر حاز من المحاسن النصيب الأوفر وأجريت جداول أنهار من الحكايات لسقي ~~هذه الأزهار فأينع النوار وتألقت الأنوار وتفنن الناظر بين أنجاد وأغوار ~~ولم يدر وقد انتقل من أطوار إلى أطوار وتأمل صرحا بني على غير شفا جرف هار: # أضياء هدى أم ضياء نهار ... وشذا المحامد أم شذا الأزهار PageV01P016 # وقد أفصح ترجمان التراجم عن عدها وسردها ولوح لنكته الاختتام بنيل وفرها ~~والافتتاح بوردها. # وهي هذه الترجمة: الأولى: روضة الورد في أولية هذا العالم الفرد. # الثانية: روضة الأقحوان في ذكر حالة المنشأ والعنفوان. # الثالثة: روضة البهار في ذكر جملة من شيوخه الذين فضلهم أظهر من شمس ~~النهار. # الرابعة: روضة المنثور في بعض ماله من منظوم ومنثور. # الخامسة: روضة النسرين في تصانيفه العديمة النظير والقرين. # السادسة: روضة الآس في وفاته وما قابله الدهر الذي ليس لجرحه من آس. # السابعة: روضة الشقيق في جمل من فوائده ولمع من فرائده المنظومة نظم الدر ~~العقيق. # الثامنة: روضة النيلوفر في ثناء الناس عليه وذكر بعض مناقبه التي هي أعطر ~~من المسك الأذفر. # فدونك أيها الناظر روضات أزهار وجنات تجري من تحتها الأنهار ابوابها ~~ثمانية وقطوفها دانية تعطر منها نسيم الصبا بزهر الآداب وسما إلى PageV01P017 # محاسنها من تعلق من التاريخ بأهداب لم أسبق إلى مثلها فما رأيت وإن بعدت ~~فيها عن المهيع المطروق ونأيت والإنسان مغرم ببنيات أفكاره وإن قوبل ما صدر ~~منه بإنكار وقد أنشدت بلسان حالها مخاطية من رضى بانتسابها وانتحالها: # سرح جفونك في الحدا ... ئق وأجن أزهار الرياض # من ورد أحمر أو شقا ... ئق أو بهار ذي بياض # وأشرب بكاسات الرفا ... ئق من عيون أو حياض # وأنظر مناقب ذي الحقا ... ئق عالم الدنيا عياض # واركع بماء التعريف زلالا وأدر كأس التشريف حلالا وأرو من هذا النهر ~~واقطف ما شئت من أصناف الزهر وأخطر هذه الروضة ببالك وأدر إليها ms008 وجه قبولك ~~وإقبالك فمؤلفها وإن لم يكن بمصيب ولا ممن له في الإجادة حظ وافر ولا نصيب ~~فمن ألفيت فيه تحسن بإحسان وتنال المرعى الخصيب: # سلام مثل عرف المسك طيبا ... وحسنا مثل أزهار الرياض # على لفظ الجلالة والمعالي ... إمام الدين والدنيا عياض # إذا ما قيس بالعلماء طرا ... غدا بحرا وأضحوا كالحياض PageV01P018 # وكنت حين شرعت في هذا المجموع السامي وأطلعت على بعضه صاحبنا الفقيه ~~العلامة الأصيل الحاج الرحال أبا الحسن سيدي علي بن أحمد الخزرجي الشامي ~~حفظ الله كماله وبلغه آماله خاطبني بقصيدة من نظمه أسماها الله ألم فيها ~~بذكر هذا الموضوع بما يقتضيه شرف خلاله وكرم جلاله وأشار فيه إلى نقص العزم ~~الرحلة التي نويت إذ ذاك للمكان الشريف لا حرمنا الله من مشاهدته عن قرب في ~~حفظ وعافية بمنة ويمنة. وهي هذه وأنشدنيها من لفظه وكتبها بخطه وأرسلها إلي ~~شكر الله صنيعه: # أمفتي الغرب أبدعتم طرازا ... نثرتم فيه أزهار الرياض # ونظمتم عقودا من لآل ... لجيد حلي المآثر من عياض # وأورقتم غصون علاه لما ... سقاها فكرم سقي الحياض # ونمقتم مطارف ما رأينا ... كطرتهم سوادا في بياض # وناديتم عقائلها فذلت ... شوامسها إليكم باتياض # وأسستم من الآثار طرا ... قواعد لا تساوم بانتقاض # لك التبريز في العلياء فاقض ... على علمائها ما أنت قاضي PageV01P019 # تبديتم بها بدرا وحزتم ... خصال سباقكم دون اعتراض # نعتم بالكمال بغير عطف ... وكلهم بذلك النعت راضي # وما وفوا بحقكم ولكن ... يؤدي البعض من بعض افتراض # بعلمكم شفيتم أرض غرب ... وكانت ذات أحشاء مراض # ولما أن بدا منكم فراق ... توقعت أن يؤل إلى انقراض # وأن نجومها بالبعد يخشى ... عليها من سقوط وأنقضاض # فأرسل شافعا خل حشاه ... بهذا البعد أمست في انفضاض # يذكركم ليالي نيرات ... بأنسكم تنير دجى المضاض # يود الطرف يجعلها اكتحالا ... مكان سواده دون اغماض # بحق الله لا تبدي دجاها ... بغيبة بدركم بعد اتماض # ولا تمهل شفاعة مستهام ... صدوق الود في آت وماضي # ودم للدين والدنيا إماما ... وبحر هدى علومك في افتياض # يعم الأرض ما لاحت بدور ... وما فاحت أزهار ms009 في رياض # يكرع منه الملوك علا ونهلا ويضرع في الجواب فعلا لا قولا ويعيد السلام ~~التام الزكي العام على المجلس العلمي ورحمه الله تعالى وبركاته. # انتهى ما كتب به صانه الله وأضفى عليه حلل المجد. PageV01P020 # وقد ذكرت في هذا المكتاب جكايات مختلفة وفنون مفيدة يزداد الناظر بها ~~معرفة حسبما جرت بذلك عادة كثير من الأمة في مصنفاتهم ومجالس درسهم. وقد ~~قال الماوردي أقضى القضاة في كتاب آداب الدين والدنيا: القلوب ترتاح إلى ~~الفنون المختلفة وذكر أن المأمون كان ينتقل في قصره من موضع إلى موضع وينشد ~~قول أبي العتاهية: # لا يصلح النفس إذا كانت مدبرة ... إلا التنقل من حال إلى حال # وقال أبو حنيفة: الحكايات عن العلماء أحب إلي من كثير من الفقه لأنها ~~آداب القوم. وقال الشيخ سيدنا أبو القاسم الجنيد رضي الله عنه ونفعنا ~~ببركاته: الحكايات جند من جنود الله يقوي الله بها أبدان المريدين. وقال ~~الإمام المواق في كتابه المسمى " سند المهتدين " عن شيخه المنتوري بسنده ~~إلى أبي العباس بن العريف قال: كنت في مجلس أستادي أبي علي الصدفي أقرأ ~~عليه الحديث فقرأ يوما الحديث ثم أغلق الكتاب وجعل PageV01P021 # يحكي حكايات الصالحين فوقع في نفسي: كيف يجيز الشيخ أن يقطع حديث رسول ~~الله) ويحكي الحكايات؟ قال: فما تم لي الخاطر حتى نظر إلي الشيخ شزرا وقال: ~~يا أحمد الحكايات جند من جنود الله يثبت الله بها قلوب العارفين من عباده. ~~قال: فما بقي في جسدي شعرة إلا قطر منها العرق. فلما رآني دهشت قال لي: يا ~~أحمد أين مصداق ذلك في كتاب الله؟ قلت: الشيخ أعلم قال: قوله تعالى:) وكلا ~~نقص عليك من أنباء الرسل (الآية. انتهى. # وهذا أوان الشروع وعلى الله قصد السبيل وهو حسبي ونعم الوكيل. PageV01P022 ### | روضة الورد في أولية هذا الإمام الفرد # أقول وعلى الله أعتمد ومن بحر كرمه أستمد: هذه ترجمة نذكر فيها أصله ~~ومحتده وأوليته ومولده. # قال الشيخ الإمام الرحال أبو عبد الله محمد بن جابر الوادي آشي الملقب ~~بشمس الدين رحمه ms010 الله ورضى عنه: هو عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى ~~بن عياض بن محمد أبن عبد الله بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي. هكذا ذكر ~~نسبه الشيخ أبو القاسم الملاحي. وعمرون ثبت عنده بنون بعد الواو. # ووقع في نعجم أصحاب الصدفي للإمام الشهير القاضي ابى عبد الله محمد بن ~~عبد الله القضاعي المعروف بابن الأبار عمرو دون نون. # قلت: ونحوه لابن خاتمة في الكتاب المسمى " مزية المرية على غيرها من ~~البلاد الأندلسية ". # وقال الشيخ أبو القاسم بن الملجوم: إجتاز علينا القاضي عياض عند انصرافه ~~من سبته قاصدا إلى الحضرة زائرا لأبي بداره عشية يوم الأثنين الثامن لرجب ~~سنة ثلاث وأربعين وخمس PageV01P023 # مائة وفي هذه العشية استجزته وسألته عن نسبه فقال لي: إنما أحفظ: عياض بن ~~موسى بن عياض بن عمرون بن موسى بن عياض. وأحفظ أيضا بعد ذلك: محمد بن عبد ~~الله بن موسى بن عياض. ولا أعرف أن محمدا هذا هو أبو عياض أو بينهما أحد. ~~انتهى كلام أبن الملجوم. # وقوله اجتاز علينا يعني بمدينة فاس وقوله قاصدا إلى الحضرة يعني مراكش. # وأفادني الشيخ العارف المتبتل الرباني البركة سيدي حسين الزرويلي أبقى ~~الله بركاته وأدام وجوده والنفع به: أن القاضي عياض رضي الله عنه لما دخل ~~الحضرة الفاسية حاطها الله نزل بدار أبن الغرديس التغلبي بزنقة حجامة حسبما ~~أشار إليه أبن الأحمر ولم تزل هذه الدار إلى الآن بيد أولاد أبن الغرديس. # وقال نجل عياض الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن عياض قاضي دانية على ما ~~قال أبن خلكان وقاضي غرناطة على ما قال أبن قنفذ وغيره. ولعله تولى القضاء ~~فيهما معا رحمه الله المتوفى سنة خمس وسبعين وخمس مائة: PageV01P024 # " كان أبي يقول: لا أدري: هل محمد والد عياض أو بينهما رجل؟ فهو جده " ~~انتهى. # وهو مثل ما حكى أبن الملجوم عن عياض كما سبق قريبا. # ورأيت في تاريخ الشمس أبن خلكان المسمى " وفيات الأعيان " في تعداد آباء ~~القاضي عياض خلاف ما سبق ولا أدري ms011 هل ذلك تحريف من الناسخ أو هو من المؤلف؟ ~~ونصه: " عياض بن موسى بن عياض بن موسى بن عياض بن محمد بن موسى بن عياض ~~اليحصبي ". انتهى. # فأنت تراه قد أسقط عمرون فيما بين عياض وموسى وأسقط أيضا عبد الله فيما ~~بين محمد وموسى. # وقد وافق في إسقاط عبد الله الشيخ العلامة أبن خاتمة في " مزية المرية " ~~فأنه قال في باب العين ما نصه: " ومن الغرباء: عياض بن موسى بن عياض بن ~~عمرو بن موسى بن عياض بن محمد بن موسى بن عياض اليحصبي ". انتهى. # على إن أبن خلكان وغيره من المشارقة ربما يقع لهم الغلط في تاريخ أهل ~~المغرب لبعد الديار ولغير ذلك مما لا يخفى على ممارس علم التاريخ كما إن ~~كثيرا من المغاربة لا يحررون تاريخ المشارقة لما ذكرناه ولذا قال شيخ ~~الإسلام أبن حجر في تأليفه المسمى " إنباء الغمر بأنباء العمر " حين عرف PageV01P025 # بشيخه ولي الدين بن خلدون الحضرمي المغربي قاضي القضاة المالكية بالديار ~~المصرية، وهو صاحب التاريخ الكبير المشهور، الموسوم " ديوان العبر، وكتاب ~~المبتدأ والخبر، في تاريخ العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان ~~الأكبر " ما نصه: " وصنف التاريخ الكبير في سبع مجلدات ضخمة، ظهرت فيه ~~فضائله، وأبان فيه عن براعته، ولم يكن مطلعا على الأخبار على جلتها، ولا ~~سيما أخبار المشرق وهذا بين لمن نظر في كلامه ". انتهى. # وأين هذا الكلام وقول الشيخ شمس الدين البغدادي في الشيخ ولي الدين عبد ~~الرحمن بن خلدون المذكور، رحم الله تعالى الجميع: # قاضي القضاة لبن خلدون أتى عجبا ... تاريخه مخبر عن سائر الدول # وليس بدعا ولا في الله ممتنعا ... أن يجمع العلم الكلي في رجل # وبالجملة فما ذكرنا أولا في تعداد آباء القضي عياض، رحمه الله، هو الذي PageV01P026 # عليه المعول، وعليه اعتمد ولده، وأبن الملجم، وابن بشكوال، وأبن جابر ~~وأبن الخطيب في " الإحاطة " وغير واحد؛ وكفى بهؤلاء حجة. وناهيك بولده وأبن ~~الملجم الذي أخذ ذلك من لفظه، حسبما سبق آنفا؛ وهو الصواب الذي لا يعدل ~~عنه ms012، والله تعالى اعلم. # واليحصبي، بضم الصاد وكسرها، وزاد بعضهم فتحها ونحوه لابن خلكان؛ واقتصر ~~بعضهم على الكسر قائلا: وهو الصواب بناء على أنها اعني القبيلة، يحصب بكسر ~~الصاد، كتغلب. ولا اشك أن النسب إليه إن كان بكسر الصاد: يحصبي بالكسر ~~كتغلبي؛ وأما ضم الصاد في النسب فهو مبني على أن " يحصب " بضم الصاد في ~~الحي. قال أبن سيده في محكمه: ويحصب: قبيلة، وإنما هي يحصب، يعني بضم ~~الصاد، نقلت من قولك: حصبه بالحصى يحصبه؛ قال أبن جابر: وليس بالقوي ويحصب: ~~من حمير وهو يحصب بن مدرك حسبيما هو مذكور في كتب الأنساب. # قال القاضي أبو عبد الله محمد بن القاضي أبي الفضل عياض: PageV01P027 # " استقر اجدادنا في القديم بجهة بسطة، من بلاد الندلس، ثم انتقلوا إلى ~~مدينة فاس، وكان لهم استقرار بالقيروان، فلا أدري أكان قبل استقرارهم ~~بالأندلس أم بعده؟ ولذلك يقول عبد الله بن حكيم: # وكانت لهم بالقيروان مآثر ... عليها لمحض الحق أوضح برهان # قال: وكان " عمرون " والد جد أبي، رحمه الله على جميعهم، رجلا خيرا ~~صالحا، من أهل القرآن، حج إحدى عشرة حجة وغزا مع أبن أبي عامر غزوات كثيرة، ~~وانتقل من مدينة فاس إلى مدينة سبته، بعد دخول بني عبيد الغرب، وكان سبب ~~ذلك أنه كان له ة لأبيه نباهة بمدينة فاس، فأخذ أبن أبي عامر رهنا من أعيان ~~مدينة فاس فأخذ فيهم أخوي " عمرون ": عيسى والقاسم، فخرج عمرون إلى مدينة ~~سبتة، ليقرب من أخبارهما بمدينة قرطبة، فاستحسن سكنى مدينة سبتة، وكان ~~موسرا، فاشترى بها أرضا وهي المعروفة بالمنارة فبنى في بعضها مسجدا وفي ~~بعضها دارا حبسها على المسجد وهو حتى الآن منسوب اليه، وحبس الأرض للدفن، ~~ولم يزل منقطعا في ذلك المسجد إلى أن مات رحمه الله سنة سبع وتسعين وثلاث ~~مائة. وولد له قبل وفاته بيسير ابنه عياض ثم ولد لعيلض ابنه موسى ثم ولد ~~لموسى ابنه PageV01P028 # عياض أبي رحمهم الله أجمعين؛ وذلك فيما رايته بخطه في النصف من شعبان عام ~~ستة وسبعين وأربع مائة بسبتة ms013 " انتهى. # والسبتي: نسبة إلى سبتة، مدينة بساحل بحر الزقاق، مشهورة واختلف في سبب ~~تسميتها فقيل لانقطاعها في البحر من قولك: سبت النعل: إذا قطعتها وقيل لأن ~~مخطها هو سبت بن حام بن نوح وإلى هذا الأخير ينظر قول لسان الدين الوزير ~~الشهير، العلامة أبو عبد الله بن الخطيب السلماني الغرناطي، رحمه الله من ~~قصيدة: # حييت يا مختط سبت بن نوح ... بكل مزن يغتدى أو يروح # مغني أبي الفضل على الذي ... أضحت برياه رياض تفوح # وفيها يقول الأديب أبو الحكم مالك بن المرحل، من قصيدة طويلة بديعة جدا، ~~مطلعها: # سلام على سبتة المغرب ... أخية مكة أو يثرب # وفي مدحها يقول أيضا رحمه الله: # اخطر على سبتة وانظر إلى جمالها تصبو إلى حسنه # كأنها عود غناء وقد ... ألقى في البحر على بطنه # وقال الحجاري في المسهب: " أول من سكن بر الدوة وبر الأندلس من نوح بعد ~~الطوفان سبت واندلس ابنا يافث بن نوح فنزل سبت في ىخر المعمور من بر ~~العدوة، PageV01P029 # وبنى له منزلا في موضع سبتة فدعيت باسمه، وتناسلت منه قبائل البربر، ~~واتسعت في بر العدوة إلى أن بلغت إلى فلسطين، وكان ملكهم يسمى جالوت، وكان ~~مجوسيا، وهزمه طالوت، وقتله داود، فانضمت البربر عن فلسطين وعن الديار ~~المصرية واقتصرت من برقة إلى آخر المعمور؛ وسكن أخوه أندلس مقابلا له في ~~انتهاء المعمور فعرفت باسمه " انتهى. # وأكثر بلاد العدوة في الإقليم الثالث، وفيه حضرتها مراكش وما قارب منها ~~الأندلس كسبتة وما قرب منها في الإقليم الرابع. # قال أبن سعيد: " ولا نطالب في هذا البر بما صنعناه في الأندلس فأهل ~~الأندلس إما عرب أو متعربون، قد توارثوا قوام اللسان وحافظوا عليه وأهل بر ~~العدوة أما بربر أو متبربرون ". انتهى. # وفي وصفها يقول لسان الدين بن الخطيب في مقامة وصف البلدان: " قلت: ~~فمدينة سبتة؟ قال: تلك عروس المجلي، وثنية الصباح الأجلى؛ PageV01P030 # تبرجت تبرج العقيلة، ونظرت وجهها من البحر في المرآة الصقيلة، واختص ~~ميزان حسناتها بالأعمال الثقيلة؛ وإذا قامت بيض أسوارها وكان جبل بليونش في ms014 ~~جوارها وتهيم الخواطر بين أنجادها وأغوارها؛ إلى الميناء الفلكية، والمراقي ~~الملكية. والركية الزكية غير المنزورة ولا البلكية ذات الوقود الجزل، المعد ~~للأزل، والقصور المقصورة على الجد والهزل؛ والوجوه الزهر السحن، المضنون ~~بها عن المحن؛ دار الناشبة، والحامية المضرمة للحرب المناشبة؛ والأسطول ~~المرهوب، المحظور الألهوب والسلاح المكتوب المحسوب، والأثر المعروف ~~المنسوب؛ كرسي الأمراء والشراف والوسيطة، لخامس أقاليم البسيطة، فلا حظ لها ~~في الأنحراف؛ PageV01P031 # بصرة علوم اللسان وصنعاء الحلل الحسان وثمرة امتثال قوله " إن الله يأمر ~~بالعدل والإحسان " الأمينة على الأختزان، القويمة المكيال والميزان، محشر ~~أنواع الحيتان، ومحط قوافل العصير والحرير والكتان، وكفاها السكنى ببليونش ~~في فصول الأزمان، ووجود المسكن النبيهة بأرخص الأثمان؛ والمدفن المرحوم غير ~~المزحوم، وخزانة كتب العلوم، والآثار المنبئة عن أصالة الحلوم؛ إلا أنها ~~فاغرة الأفواه للجنوب للغيث المصبوب عرضة للرياح ذات الهبوب عديمة الحرث ~~فقيرة من الحبوب ثغر تنبو فيه المضاجع بالجنوب وناهيك بحسنة تعد من الذنوب؛ ~~فأحوال أهلها رقيقة، وتكلفهم ظاهر مهما ظهرت وليمة أو غنيمة، واقتصادهم لا ~~تلتبس منه طريقة وأنساب نفقاتهم في تقدير الأرزاق عريقة؛ فهم يمصون ~~البلالةمص المحاجم، ويجعلون الخبز في الولائم بعدد الجماعة، وفتنتهم ببلدهم ~~فتنة الواجم بالبشير المهاجم، وراعي الجديب بالمطر السحيم؛ فلا يفضلون على ~~مدينتهم مدينة الشك عندي في مكة والمدينة ". انتهى. قلت: ولعله عرض بقوله: ~~" الشك عندي في مكة والمدجينة " بقول مالك بن المرحل: " أخية مكة أو يثرب " ~~والله اعلم. # وكان لسان الدين بن الخطيب كثيرا ما ينزل في وجهاته المغربية عند الشريف ~~الشهير، سيدي أبي العباس أحمد بن سيدي محمد أبن سيدي احمد، PageV01P032 # أبن سيدي طاهر سيدي رفيع أبن سيدي علي المدعو بالمكين، أبن سيدي أحمد، ~~أبن سيدي علي، أبن سيدي أبي الطاهر، أبن سيدي الحسين، أبن سيدي موهوب، أبن ~~سيدي أحمد، أبن سيدي محمد، أبن سيدي طاهر، أبن سيدي الحسين، أبن مولانا ~~علي، المعو بالهادي، أبن مولانا محمد، المدعو بالجواد، أبن مولانا علي ~~الرضا أبن مولانا موسى، المدعو بالكاظم، أبن مولاي جعفر الصادق، أبن مولاي ~~محمد الباقر بن ms015 زين العابدين علي، أبن ملانا الحسين الشهيد، أبن مولانا ~~أمير المؤمنين، مولانا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ونفعنا ببركته هؤلاء ~~السادات، الذين سردنا أسمائهم تبركا بها. # قال صاحب كتاب " الكواكب الوقادة، في ذكر من دفن في سبتة من العلماء ~~والصلحاء القادة ": # " كان هذا السيد الشريف يوسع أبن الخطيب إكراما، وكان من عادة الشريف ~~المذكور أن يخرج إلى بساتينه في المصيف بقرية بليونش، كمنية العبا، وجنة ~~الحافة، ويخرج في القبة السامية المطلة على البحر بجنة الحافة، ويجعل ~~الطريق تحته، فإذا رأى جماعة سائرين من أي صنف كانوا، من التجار أو الغرباء ~~أو البلديين، يوجه رجاله إليهم ويقدم لهم الطعام، ويرتاح إلى ذلك ويسر به ~~ويؤنس كلا بما يناسبه، من ذكر عيون أخبار بلده، وخاصة قطره، وما يجر إلى ~~ذلك ويرجع اليه، من بديع الحكايات، ولطيف PageV01P033 # النوادر؛ ثم يأمر بإدارته على تلك البستان، ورؤية ما بها من المصانع، ثم ~~يبعث وراء آخرين، وينزل كل واحد منزلته، ويغيب عمن يخجله حضوره؛ ويغضى عن ~~مداعبة إن وقعت، ويتجاهل الهفوة أن بدرت. وكان يخرج الوزير أبن الخطيب عند ~~نزوله عنده إلى هذه القرية البليونشية. # ومن بديع نظم أبن الخطيب فيها: # بليونش أسنى الأماكن رفعة ... وأجل أرض الله طرا شانا # هي جنة الدنيا التي من حلها ... نال الرضا والروح والريحانا # قالوا القرود بها فقلت فضيلة ... حيوانها قد قارب الإنسانا # وفيها يقول القاضي عياض: # بليونش جنة ولكن ... طريقها يقطع النياطا # كجنة الخلد لا يراها ... إلا الذي جاوز الصراطا # ونقلت من خط أبن حيان بعد كلام في سبتة ما نصه: " ومتنزهاتها أعظمها ~~بليونش تحتوي على مياه عيون وأودية ومتنزهات، وأبنية عظيمة؛ وفيها من جميع ~~الأشجار والثمار ". PageV01P034 # وفيها يقول أبو الحجاج المنصفي: # بليونش شكلها بديع ... أفع في قالب الجمال # فيها الذي ما رأته عيني ... يوما ولم يخطر ببالي # طريقها كالصدود لكن ... تعقبه لذة الوصال # قال أبن رشيد: وأنشدني القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي عبد الرحمن ~~الكميلي قاضي أزمور فيها: # بليونش كلها عذاب ... فالمشي في سبلها ms016 عقاب # يكنفها شامخ منيف ... كأنه فوقها عقاب # وهذا الشامخ يعرف بجبل نوسى. وإليه أشار المنصفي في مخمسة: وطود موسى لها ~~تاج تاج على الراس وبهذا الجبل متعبد مبارك، وبساحله مغطس المرجان، ومن ~~عجائب هذا المتعبد أن من دخله ممن ليس له أهلا فانه يجد في عنقه صفعا إلى ~~اسفل الجبل؛ وهو مسيرة ثلاثة أميال، وهو من سبتة على تسعة اميال، وبهذا ~~الجبل منشأ PageV01P035 # القرود، وهو مستشرف على بعض الأندلس. وبسبتة مدرسة بناها أبو الحسن ~~الشاري، ووقف بها كتبا عظيمة. # وبموضع يقال له التوتة يوجد كثير من اليلقوت الأحمر دقيق. ومن عجائبها أن ~~البلارج لا تعشش فيها، وقلما تخطر عليها. ويقال أنها بناها سبت بن سام بن ~~نوح وأنه دعا لها باليمن والبركة ورووا في ذلك حديثا عن مالك عن نافع عن ~~أبي عمر. قال عياض: وأبرأ أنا من عهدته، وقد خرجه في الغنية، ولذلك قال بعض ~~الشعراء: # فكل جبار إذا ما طغى ... وكان في طغيانه يسرف # أرسل الله إلى سبتة ... فكل جبار بها يقصف # أنشدها أبو عبد الله محمد بن حمادة البرنسي، خال أبي لأمه، في كتابه ~~المسمى " المقتبس، في أخبار المغرب والأندلس ". # ومن نظم المنصفي في بليونش من قصيدة: # انظر إلى نضرة زهر الربا ... كأنه وشى على كاعب # ومتع الطرف ببليونش ... ومائها المنبعث الساكب # تشاركت والحسن في وصفها ... تشارك العين مع الحاجب PageV01P036 # وقد أرتنا اليوم من حسنها ... ما لم يكن في زمن الحاجب # والحاجب: أحد ملوك سبتة؛ وله عمل أبن مرانة قصيدة في الكوائن والحوادث. # فعالة بالطبع في أهلها ... ما تفعل القهوة بالشارب # تذكر الشيخ زمان الصبا ... وتفسد التوبة للتائب # وله: # انظر إلى بهجة بليونش ... وحسن ذاك المنظر اللامع # تحكى الثريا عندما أسرجت ... بليلة الختمة في الجامع # ولما قفل السلطان الأشهر أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الأحمر من المغرب، ~~حين رجوعه إلى بلده مع قاضي حضرته غرناطة، أبي الحسن علي بن الحسن، المعروف ~~بالنباهي شيخنا، ووزيره أبي عبد الله بن الخطيب، صنع له ضيافة ملوكية ~~بالمنية، من ms017 قرية بليونش المشار إليها، حيث القصر هناك، وعنصر PageV01P037 # الماء المختص بها. ومن هناك ركب البحر ليلا وذلك في جمادى الآخر من عام ~~ثلاثة وستين وسبع مائة. وفي الحادي والعشرين من الشهر المذكور دخل دار ملكه ~~حمراء غرناطة، وأكل من فضل هذه الضيافة معظم من كان بالقرية من قوي وضعيف ~~ورفيع ووضيع. # وكان شيخنا القاضي أبو الحسن المذكور يثني عليه، ويعظمه تعظيما يليق ~~بمثله، ويقول في أثناء حديثه: فعل أبو العباس الشريف صاحب سبتة كذا، وصنع ~~كذا. ولم تزل حالته هذه، رحمه الله عليه، إلى أن أسن وأقعد، فلزم منزله ~~ثلاث سنين، من غير أن ينقص ذلك من منصبه شيئا ولا من انتفاع الناس به؛ وكان ~~ابيض اللون، حسن الهيئة والملبس، يخضب بالحناء؛ وتوفي في زمانته وقد نيف ~~على الثمانين، عام ستنة وسبعين وسبع مائة، وله الآن قرابة بمدينة فاس بقيد ~~الحياة " انتهى كلام صاحب الكواكب الوقادة باختصار، وبعضه بالمعنى. # ومن نظم هذا الشريف، مما أمر به أن ينقش بالقبة المذكورة آنفا في معنى ~~الآستعاذة: # وثقت بالله ربي ... وحسبي الله حسبي # والله كاف وواق ... ودافع كل خطب # ولست أخشى إذا ما ... وثقت بالله ربي # بلغت فيها مرادي ... منها مع صحبي # والخمس تفقأ عينا ... لكل حاسد ندب PageV01P038 # وكان السلطان المرحوم أبو عنان فارس، أبن سلطان أبي الحسن المريني يجل ~~هذا الشريف، ويعترف له بالفضل، ويعطيه العطاء الجزل، وكان يستدعيه كل سنة ~~إلى حضرته فاس، لحضور المولد السعيد، الذي سنه ببلاد المغرب الشيخ أبو ~~العباس العزفي، وتلك السنة إلى الآن بحسن نيته، واعتنائه بالجانب العلى، ~~نفعه الله بذلك، ويخلع عليه الخلع الملوكية، ويعد له دينارا مسكوكا يصنع ~~بمدينة مراكش، زنته مائة دينار ذهبا، يدفع له ذلك مع جائزته، إلى غير ذلك ~~مما كان يتحفه به، رحمه الله، ويصحبه في وجهته تلك من الضعفاء والتجار ما ~~لا يحصى كثرة، ويتولى هو الإنفاق على الجميع من ماله، ويرفع عنهم اللوازم ~~المخزنية، فكان التجار لأجل ذلك يرصدون وقت سفره وقفولته. وقدمه السلطان ~~أبو عنان لمذكور ناظرا ms018 إلى بلده سبتة، وأمر صاحب قصبتها ألا يقطع أمرا إلا ~~بمشورته، فكان العمال يخافونه ويشاورونه، فإذا رأى من أحدهم خروجا عن ~~العادة، أو حيفا على الرعية، كتب إلى السلطان في شأنه، فيزله من فوره، ~~ويعوضه بغيره. وكان يقول للسلطان: لعلك تحسبني خديما، لست كذلك، وإنما نحن ~~معشر أهل البيت شفعاء في الدنيا، وشفعاء في الآخرة. فكان أهل سبته في أيامه ~~في عيش هني، ونعمة شاملة، بقي على هذه الحالة المرضية مدة عشرين سنة. وله ~~بسبتة آثار تحكى الآثار العزفية، كالرياض PageV01P039 # الأعظم، الذي إمام باب الميناء الأسفل الذي تأنق فيبنيانه وأبدع صنعته، ~~وجلب إليه المياه بالدواليب حتى أوصله إلى القبة ذات الأعمدة، وكالرياض ~~الذي بالصفارين، حيث كان قعوده مع خواص الناس وعامتهم. # قال صاحب الكواكب الوقادة: " سمعت أحد كتابه الخاص به، الملازم له ليلا ~~ونهارا، مع مرور الأيام والسنين، يقول: ما أمرني قط سيدي ومولاي الشريف ~~بكتب شيء مخالف للشرع، بل في رفع المظالم، وإنهاء الشفاعات، وتوجيه ~~الأمانات، وما في معنى ذلك، مما ندب إليه الشرع، وحض عليه، ووعد بالثواب ~~على فعله. وطالما سمعت الكاتب المذكور يقسم على ذلك، فنفعه الله به ". ~~انتهى. # قلت: تذكرت بهذا الفعل الجميل ما كتب به على دواة أمير المؤمنين أبي ~~عنان، رحمه الله، وهو: # أنا دواة فارس ... أبي عنان المعتمد # حلفت من يكتب بي ... بالواحد الفرد الصمد # أن لا يمد مدة ... في قطع رزق لأحد # وقد رأيت في هذا الأيام دواة في غاية ما يكون من الإتقان والصنعة ~~والتذهيب، وفيها مكتوب البيتان الأخيران، وهي عند بعض أصحابنا الكتاب ~~الحضرة الفاسية أحاطه الله وأظنها هي الدواة التي كانت لأبي عنان، والله ~~اعلم. PageV01P040 ### || رجع إلى ذكر الشريف # وكان الشريف المذكور يصنع أنواع المطاعم الرفيعة، ويتبسط في ألوانها، ~~ويطعمها الغني والفقير، والقوي والضعيف، ممن يحضر مجالسه أو يأتي إليه، ~~وبالجملة فهو قطب الجود الذي عليه المدار، وإمام الأدب الذي لا يجاريه ~~الرضي ولا مهيار؛ ومن نظمه وقد ساير قاضي الجماعة بحضرة غرناطة، أبا ~~البركات البلفيقي الشهير بابن الحاج ms019 السلمي، ومن ولد العباس بن مرداس رضي ~~الله عنه، زمن الشبيبة في بعض أسفاره ببر الأندلس، فلما أنتهبا إلى قرية ~~بزليانة وأدركهما النصب، واشتد عليهما حر الهجير، نزولا وأكلا من باكر ~~التين الذي هنالك، وشربا من ذلك الماء العذب، واستلقى أبو البركات على ظهره ~~تحت شجرة مستظلا بظلها، ثم التفت إلى الشريف وقال: # ماذا تقول، فدتك النفس في حالي ... يفنى زماني في حل وترحال # وارتج عليه فقال لأبي العباس: أجز؛ فقال بديها: # كذا النفوس اللواتي العز يصبها ... ترضى بمقام دون آمال PageV01P041 # دعها تجوب الفيافي والقفار إلى ... أن تبلغ السؤال أو تفنى بتجوال # وكان عطاء هذا السيد الشريف المرسوم له من بيت المال، ثلاثين دينارا من ~~الذهب العين في رأس كل شهر، وهو خاتمة الشرفاء العظام بمدينة سبتة. ولهؤلاء ~~الشرفاء بمدينة سبتة نحو الثلاثين قبرا، في روضتهم المنسوبة إليهم، بالجانب ~~الشرقي من رابطة الفصال. وهؤلاء الشرفاء من ذرية أبي الطاهر الذي خرج من ~~جزيرة صقلية، وكانت لهم بسبتة وجاهة وسيادة، وجلالة ومجادة؛ لمكان بيتهم ~~الشريف، ونسبهم العالي المنيف؛ ما منهم واحد إلا غذاه العلم بلبانه، والأدب ~~ببيانه. وولى منهم قضاء بلدهم سبتة رجلان، لم يطلع مثلهما الملوان؛ تقى ~~وعلما، وأناة وحلما؛ وأولهما القاضي أبو الشرف الرفيع، والثاني ابنه القاضي ~~أبو الحسن علي. وكم نشأ عن هذا الأصل الطاهر من جهبذ تحرير، وعالم ماهر؛ ~~وسخى جواد، له إلى الإعطاء ارتياح وإلى الكرم استناد؛ وناهيك بخاتمهم أبي ~~العباس المذكور. # وكان فائدة مضرب الميناء لهذا الشريف الحسيني، دون أن يشكره غيره، وكان ~~له بضرب أويات يوم يضرب فيه، ويومان لبيت المال، PageV01P042 # وكانت عادة عامل المضارب، الناظر في فوائدها وما تحتاج إليه من نفقة ~~وآلة، أن يأمر رجاله وأعوانه، حين يقعد النواتية الكيس، بالوقوف إليه، ~~والدفاع عنه، بعد أن يحضر الشهود، خفرا وضبطا لما يحصل من فائدة المضرب ~~المالي في يوميه؛ فإذا كان يوم السيد الشريف يأمر رجاله وخادمه وأعلاجه ~~الإسلاميين، بإباحة المضرب للمساكين، وتفريق الحوت على من لا يصل إليه، ممن ~~يحضر متنزها، إما ms020 لحفظ مروءة، وإما لغير ذلك. ولا يزال الناظر من قبله، وهو ~~القائد فارح أحد أعلاجه، واقفا على حصانه، وقد أحاطت به رجاله، إلى أن يرضى ~~كل من يحضر، وما فضل عن ذلك فهو له. وأما السيد الشريف فلا يحضر، إذ همته ~~أرفع من ذلك، وقدره أعظم، ومكانته بسبته مكانته، بحيث يأتي إليه في الموضع ~~الذي أعده لجلوسه برياضة الذي بالصفارين صبيحة كل يوم صاحب القصبة، كائنا ~~من كان، مسلما عليه، ثم ينصرف، ثم يأتي الوالي على قبض الجباية مسلما، ثم ~~ينصرف بعد تقبيل قدمه، ثم يأتي صاحب الشرطة، وكذا جميع أمراء سبتة، إلا ~~القاضي، لمكان خطته، فيعامل كلا بما يستحق من إكرام وإهانة، وإغلاظ ~~ومجاملة، فلا يتخلف أحد عن غرضه، ولا يصدر إلا عن رأيه ونظره. وهذا كله مع ~~النصيحة للمسلمين، وجلب المنفعة لهم بالقول والفعل، وإطعام الطعام الذي لا ~~يقدر عليه الأمير فمن دونه، ورفع المظالم، ومنح الجاه، إلى غير ذلك، نفعه ~~الله. فكان من حكمة الله عز وجل وبركته أهل البيت، PageV01P043 # وفضل الجود والكرم ومكارم الأخلاق، وإيصال المنفعة للعباد، أن يخرج في ~~اليوم الذي له بالمضرب من الحوت، أي نوع كان من الجاري، أضعاف ما يخرج في ~~اليومين، ويحصل له من الفائدة أكثر مما يحصل لمتولي النظر فيهما، فيتصل ~~بيده من فائدة يومه خمس مائة الدينار وسبع المائة، وربما يزيد، وقد انتهى ~~في بعض الأحيان إلى ألفي دينار في اليوم، حسبما يسنيه الله عز وجل؛ هذا بهد ~~العادة التي عودها نفسه النفيسة، من الإيثار والبذل، للسرى والنذل. ولم تكن ~~له همة، رحمه الله، في احتكار المال وجمعه، بل يصرف ذلك كله في إطعام ~~الطعام، الخاص والعام، وفي تشديد البنيان، والإنفاق على الفعلة والصناع ~~والخدام، وآثاره ومصانعه بداخل سبتة وخارجها شهادة بذلك مدى الأيام؛ وكم في ~~أثناء هذا التصرف من مؤاساة الفقير، وإعانة الضعيف، وإغاثة الملهوف، برفع ~~لازم أو وظيف، حسبما هو معلوم معروف منقول. # وكان ملوك بني مرين يعتنون له أتم اعتناء، ويبادرون إلى موافقة أغراضه، ~~وقبول شفاعته ms021، وما يتلقاه حين وروده على حضرتهم فاس إلا الملك بنفسه، إلى ~~غير ذلك من مناقبه رضي الله عنه، ونفعنا به، وبسلفه الطاهر. # قلت: وإنما ذكرت التعريف بهذا الشريف الفياض، تفاؤلا بالابتداء به بعد ~~عياض، لأني اشترط إني أخرج من الشيء إلى ما يناسبه، فبدأت PageV01P044 # في ذلك بهذا السيد الشريف، الذي عظمت مجادته، وكرمت مناسبه، وزكت مآثره، ~~وعلت مناصبه؛ والأعمال بالنيات، والله يبلغنا في الدارين غاية الأمنيات. # وبعد أن بلغت سبته ما ذكرناه من أحوالها، وبقيت مدة آمنة من شرور الدنيا ~~وأهوالها، وأطلعت في سمائها نجومها، كانت علومها للمردة وجومها؛ كعياض ~~المؤلف فيه هذا الكتاب، وهؤلاء الشرفاء الذين لا يمترى في فضلهم ولا يرتاب، ~~وبنى العز في المشاهير الذين برزوا في ميدان السبق على الخاصة والجماهير؛ ~~وحازوا رياسة الدين والدنيا، وفازوا بالمكانة السامية والمرتبة العليا؛ ~~وغيرهم ممن لا يحصى كثره، ممن كان لهم تقديم وأثرة، عدا عليها الدهر ~~بعدوانه، وسقط شرفها من إيوانه؛ واستولى عليها العدو الكافر، في قضية يطول ~~شرحها، وعظم على أهل الإيمان قرحها، وأعضل أطبائها الملوك إلى الآن جرحها، ~~ولم يزل بنفوس المؤمنين شجوها وبرحها. # أخبرني الفقيه الطيب العدل الفرضي، سيدي أبو القاسم بن محمد الوزير ~~الغساني رحمه الله: أنه لما دخل سبته، حين وجهه أمير المؤمنين، مولانا ~~المنصور، رحمه الله، إليها في شأن فداء الكفار المأخوذين بالغزوة الشهيرة، ~~ذهب إلى المدرسة التي كان بناها أحد ملوك بني مرين رحمهم الله، وأظنه أبا ~~عنان، PageV01P045 # وهي من أجل المدارس وأعظمها، فرأى في محرابها ناقوسا وصليبا، قال: فساءني ~~ذلك، فرفعت بصري فإذا كتابة بخط رائق، في تلك النقوش فوق ذلك الناقوس، فيها ~~قوله تعالى:) شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما ~~بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام (. وكان ذلك ~~الكتب قديما فيها من جملة ما كتب المسلمون بها حين بناها، على ما جرت به ~~عادة الملوك من كتب الآيات القرآنية في النقوش بالزليج والمرمر. قال لي ~~رحمه الله: فتعجبت من ms022 ذلك الاتفاق، وسلاني ذلك بعض التسلى، وإلى الله ترجع ~~الأمور. # وكان أخذ سبتة، أعادها الله، سنة تسع وعشرون وثمان مائة. بعد ما استولى ~~العدو الكافر على معظم بلاد الأندلس، مثل قرطبة، ومرسية، وطليطلة، وبلنسية، ~~وغيرها، مما يطول تعداده. # وقد قال بعض الشعراء حين أخذت طليطلة، وكانت من أول ما اخذ من القواعد ~~العظام، يخاطب أهل الأندلس: # يأهل أندلس شدوا رحالكم ... فما المقام بها إلا من الغلط # السلك ينثر من أطرافه وأرى ... سلك الجزيرة منثور من الوسط # من جاور الشر لا يأمن بوائقه ... كيف الحياة مع الحيات في سفط PageV01P046 # ولله در الإمام العلامة خاتمة أدباء الأندلس، أبي الطيب صالح أبن شريف ~~الزندي رحمه الله إذ قال بلاد الأندلس، ويبعث العزائم ويحركها من أهل ~~الإسلام لنصرة الدين، وإنقياد البلاد من يد الكافرين، ولسان الحال ينشده " ~~لقد أسمعت لو ناديت حيا ". # لكل شيء إذا ما تم نقصان ... فلا يغر بطيب العيش إنسان # هي الأمور كما شهدتاها دول ... من سرة زمن ساءته أزمان # وهذه الدار لا تبقى إلى أحد ... ولا يدوم على حال لها شان # يمزق الدهر حتما كل سابغة ... إذا نبت مشرفيات وخرصان # وينتضى كل سيف للفناء ولو ... كان أبن ذي يزن والغمدان غمدان # أين الملوك ذوو التيجان من يمن ... وأين منهم أكاليل وتيجان # وأين ما شداه شداد في إرم ... وأين ما ساسه في الفرس ساسان # وأين ما حازه قارون من ذهب ... وأين عاد وشداد وقحطان # أتى على الكل أمر لا مرد له ... حتى قضوا فكان القوم ما كانوا # وصار ما كان من ملك ومن ملك ... كما يحكى عن خيال الطيف وسنان # دار الزمان على دارا وقاتله ... وأم كسرى فما آواه إيوان PageV01P047 # كأنما الصعب لم يسهل له سبب ... يوما ولا ملك الدنيا سليمان # فجائع الدهر أنواع منوعة وللزمان مسران وأحزان # وللحوادث سلوان يهونها ... وما لما حل بالإسلام سلوان # دهى الجزيرة أمر لا عزاء له ... هوى له أحد وانهد ثهلان # أصابها العين في الإسلام فارتزئت ... حتى خلت منه أقطار وبلدان # فاسأل بلنسية ما شأن ms023 مرسية ... وأين شاطبة أم أين جيان # وأين قرطبة دار العلوم فكم ... كم عالم قد سما فيه له شأن # وأين حمص وما تحويه من نزه ... ونهرها العذب فياض وملآن # قواعد كن أركان البلاد فما ... عسى البقاء لم تبق أركان # تبكي الحيفة البيضاء من أسف ... كما بكى لفراق الإلف هيمان # على ديار من الإسلام خالية ... قد أسلمت ولها بالكفر عمران # حيث المساجد قد صارت كنائس ما ... فيهن إلا نواقيس وصلبان # حتى المحاريب تبكي وهي جامدة ... حتى المنابر ترثى وهي عيدان # يا غفلان وله في الدهر موعظة ... إن كنت في سنة فالدهر يقظان # وماشيا مرحا يلهيه موطنه ... أبعد حمص تغر المرء أوطان PageV01P048 # تلك المصيبة أنست ما تقدمها ... وما لها مع طول الهر نسيان # يا أيها الملك البيضاء رايته ... أدرك بسيفك أهل الكفر لا كانوا # يا راكبين عتاق الخيل ضامرة ... كأنها في مجال السبق عقبان # وحاملين سيوف الهند مرهفة ... كأنها في ظلام النقع نيران # وراتعين وراء البحر في دعة ... لهم بأوطانهم عز وسلطان # أعندكم نبأ من أهل أندلس ... فقد سرى بحديث القوم ركبان # كم يستغيث بنو المستضعفين وهم ... أسرى وقتلى فما يعتز إنسان # ماذا التقاطع في الإسلام بينكم ... وانتم يا عباد الله إخوان # ألا نفوس أبيات لها همم ... أما على الخير أنصار وأعوان # يا من لذة قوم بعد عزهم ... أحال حالهم كفر وطغيان # بالأمس كانوا ملوكا في منازلهم ... واليوم هم في بلاد الكفر عبدان # فلو ترهم حيارى لا دليل لهم ... عليهم من ثياب الذل ألوان # ولو رأيت بكاهم عند بيعهم ... لهالك الأمر واستهوتك أحزان # يا رب أم وطفل حيل بينهما ... كما تفرق أرواح وأبدان PageV01P049 # وطفلة ما رأتها الشمس إذ برزت ... كأنها هي ياقوت ومرجان # يقودها العلج للمكروه مكرهة ... والعين باكية والقلب حيران # لمثل هذا يذوب القلب من كمد ... إن كان في القلب إسلام وإيمان # انتهى وكان السيخ الإمام العلامة الفقيه الوزير الكاتب أبو يحيى بن عاصم ~~صاحب الشرح على تحفة أبيه، رحم الله الجميع، عند ما رأى اختلال أمر الجزيرة ~~أعادها الله وأخذ النصارى ms024 دمرهم الله لمعظمها، ولم يبق إذ ذاك بيد المسلمين ~~إلا غرناطة، وما يقرب منها، مع وقوع فتن بين ملوك بني نصر حينئذ ثم أفضى ~~الملك إلى بعضهم، بعد تمحيص وأمور يطول بيانها، ألف كتابا سماه: " جنة ~~الرضى، في التسليم لما قدر الله وقضى " وهو كتاب جدا غريب، رأيت بعضه ~~بتلمسان، ونقلت منه ما نصه: " من استقرأ التواريخ المنصوصة، وأخبار الملوك ~~المقصوصة، علم أن النصارى دمرهم الله لم يدركوا في المسلمين ثارا، ولم ~~يرحضوا عن أنفسهم عارا، ولم يخربوا من الجزيرة منازلا وديارا، ولم يستولوا ~~عليها بلادا جامعة وأمصارا، إلا بعد تمكينهم لأسباب الخلاف، واجتهدوا في ~~وقوع الافتراق، بين المسلمين والاختلاف؛ وتضربهم بالمكر والخديعة بين ملوك PageV01P050 # الجزيرة؛ وتحريشهم بالكيد والخلابة بين حماتها في الفتن المبيرة؛ ومهما ~~كانت الكلمة مؤتلفة، والأهواء لا مفترقة، والعلماء بمعاناة اتفاق القلوب ~~إلى الله مزدلفة؛ فالحرب إذ ذاك سجال، ولله إقامة الجهاد في سبيله رجال، ~~وللممانعة في غرض المافعة ميدان رحب ومجال وروية وارتحال. # ثم قال: وتطاولت الأيام ما بين مهانة ومقاطعة؛ ولا أمل للطاغية إلا في ~~التمرس بالإسلام والمسلمين، وإعمال الحيلة على المؤمنين، وإضمار المكيدة ~~للموحدين، واستبطان الخديعة للمجاهدين؛ وهو يظهر أنه ساع للوطن في العاقبة ~~الحسنى، وأنه المصلحة لخاصتهم وجمهورهم؛ وهو يسر حسوا في ارتغائه، ويعمل ~~الحيلة في التماس هلك الوطن وابتغائه. فتبا لعقول تقبل مثل هذا المحال، ~~وتصدق هذا الكذب بوجه أو حال؛ وليت المغرور الذي يقبل هذا لو فكر في نفسه، ~~وعرض هذا المسموع على مدركات حسه، وراجع أوليات عقله وتجريبات حدسه، وقاس ~~عدوه الذي لا ترجى مودته على أبناء جنسه؛ فأنا أناشده الله هل بات قط ~~بمصالح النصارى وسلطانهم مهتما، وأصبح من خطب طرقهم مغتما؛ ونظر المفكر في ~~العاقبة الحسنة، أو قصد لهم قصد PageV01P051 # المدبر في المعيشة المستحسنة؛ أو خطر على قلبيه أن يحفظ في سبيل القربة ~~أربابهم وصلبانهم، أو عمر ضميره من تمكين عزهم بما ترضاه أحبارهم ورهبانهم؛ ~~فإن لم يكن ممن يدين بدينهم الخبيث ولم يشرب قلبه حب التثليث؛ ويكون ms025 صادق ~~اللهجة منصفا عند قيام الحجة؛ فسيعترف أن ذلك لم يخطر له قط على خاطر ولا ~~مر له ببال، وأن عكس ذلك هو الذي كان به ذا اغتباط وبفعلة ذا اهتبال، وإن ~~نسب لذلك المعنى فهو عليه أثقل من الجبال، وأشد على قلبه من وقع النبال؛ ~~هذا وعقده التوحيد، وصلاته التحميد؛ وملته الغراء وشريعته البيضاء ودينه ~~الحنيف القويم، ونبيه الرءوف الرحيم، وكتابه القرآن الحكيم، ومطلوبه ~~بالهداية الصراط المستقيم؛ فكيف نعتقد هذه المزية الكبرى، والمنقبة الشهرى؛ ~~لمن عقده التثليث، ودينه المليث؛ ومعبوده الصليب، وغافر ذنبه القسيس؛ وربه ~~عيسى المسيح ونظره ليس البين ولا الصحيح، وإن ذلك الرب قد ضرج بالدماء، ~~وسقى الخل عوض الماء؛ وأن اليهود قد قتلته مصلوبا، وأدركته مطلوبا وقهرته PageV01P052 # مغلوبا؛ وأنه جزع من الموت وخاف إلى سوى ذلك مما يناسب هذه الأقاويل ~~السخاف فكيف يرجى من هؤلاء الكفرة من الخير مثقال الذرة أو يطمع منهم في ~~جلب المنفعة أو دفع المضرة اللهم أحفظ علينا العقل والدين واسلك بنا سبيل ~~المهتدين " انتهى. # ومنه أيضا ما نصه: " كانت خزانة هذه الدار النصرية مشتملة على كل نفيسة ~~من الياقوت ويتيمة من الجوهر وفريدة من الزمرد وثمينة من الفيروز وفاخر من ~~الآلة ونادر من الأمتعة فمن عقود فذة وسلوك جمة وأقراط تفضل على قرطى مارية ~~نفاسة فائقة وحسنا رائقا ومن سيوف شواذ في الإبداع غرائب في الإعجاب ~~منسوبات الصفائح في الطبع خالصة الحلى من التبر ومن دروع مقدرة السرد ~~متلاحمة النسج واقية للبأس في يوم الحرب مشهورة النسبة إلى داود نبي الله ~~ومن جواشن سباغة اللباسة وذهبية الحلي PageV01P053 # هندية الضرب ديباجية الثوب ومن بيضات عسجدية الطوق جوهرية التنضيد ~~زبرجدية التقسيم ياقوتية المركز ومن مناطق لجينية الصوغ عريضة الشكل مزججة ~~الصفح ومن درق لمطية مصمتة المسام لينة المجسة معروفة المنعة صافية الأديم ~~ومن قسى ناصعة الصبغة هلالية الخلقة منعطفة الجوانب زارية بالحواجب إلى ~~آلات فاخرة من أتوار نحاسية ومناور بلورية وطيافير دمشقية وسبحات زجاجية ~~وصحاف صينية وأكواب عراقية وأقداح طباشيرية وسوى PageV01P054 # ذلك مما ms026 لا يحيط به الوصف، ولا يستوفيه العد؛ وكل ذلك ألهبه شواظ الفتنة، ~~والتقمه تيار الخلاف والفرقة، فرزئت الدار منه بما يتعذر إتيان الدهور ~~بمثله، وتقتصر ديار الملوك المؤثلة عن بعضه فضلا عن كله ". انتهى. # وسنذكر من كلامه رحمه الله بعد هذا، زيادة على ما جلبناه الآن، والله ~~المستعان. # وكانت غرناطة منتهى الآمال، ووسطى قلادة الأمصار، ولم تزل محاسنها مجلوة ~~على منصة الدهور والأعصار. وقد استولى وصفها لسان الدين الوزير أبو عبد ~~الله بن الخطيب في كتاب الإحاطة، ويرحم الله القائل: # غرناطة ما لها نظير ... ما مصر ما الشام ما العراق؟ # ما هي إلا العروس تجلى ... والأرض من جملة الصداق # قال الفقيه الأديب أبو عبد الله بن محمد بن أحمد بن الحداد الشهير ~~بالوادي آشى، نزيل تلمسان: # كان على ظهر النسخة الرائقة الجمال، والفائقة الكمال، من الإحاطة، في ~~تاريخ غرانطة، المحبسة على المدرسة اليوسفيه، من الحضرة العليه، بخط قاضي ~~الجماعة، ومنفذ الأحكام الشرعية المطاعة، صدر البلغاء، وعلم العلماء، ووحيد ~~الكبراء، وأصيل الحسباء، الوزير المعظم أبي يحيى بن عاصم رحمه الله، ما ~~نصه: PageV01P055 # " الحمد لله، الاستدلال بالأثر على المؤثر مما سلمه الإعلام، وشهدت به ~~العقول الراجحة والأحلام، وهو الحجة المعتمدة حين تتفضل الألباب، وتتقصر ~~الأفهام، وبه الاستمساك إن طرقت الشكوك، أو عرضت الأوهام. وحسبك بما يسلم ~~في هذا المقام المتعالى من الأدلة، وما يعتمد في هذا المجال المتضايق من ~~البراهين المستقلة؛ فتحقيق أن يتلقى هذا النوع من الاستدلال فيما دون الفن ~~المشار إليه بالقبول، ويستقبل المهتدي لاستنباطه لما فيه من التبادر إلى ~~الأفهام والتسابق للعقول؛ وإذا ثبت أن المستدل بهذه الأدلة سالك على سواء ~~سبيل، ومنتم من صحة النظير إلى أكرم قبيل، فلا خفاء إن كتاب " الإحاطة " ~~للشيخ الرئيس ذي الوزارتين أبي عبد الله بن الخطيب رحمه الله، من أثر هذه ~~الدولة النصرية أدامها الله بكل اعتبار، ومآثرها التي هي عبرة لأولي ~~الألباب، وذكرى لأولي الأبصار. # أما الأول فلأن الأنباء التي أظهرت صحتها، وأوضحت حجتها، وشرفت مقصدها، ~~وكرمت مصعدها، وإنما هي مناقب ms027 ملوكها الكرام، ومكارم خلفائها الأعلام، ~~وأخبار من اشتملت عليه دولتهم الشريفة من صدور حملة السيوف والأقلام؛ ~~وأفذاذ حفظة الدين والدنيا، والشرف والعليا، والملك والإسلام؛ أو ما يرجع ~~إلى مفاخر حضرة الملك، وينظم نظم الجمان في ذلك السلك، من حضانة قلعتها، ~~وأصالة منعتها؛ PageV01P056 # وقديم اختطاطها، وكريم جهادها ورباطها؛ وحسن ترتيبها ووضعها، وما اشتمل ~~عليه من مقاصد الأنس أهل ربعها؛ وما سوى هذه الأقسام الثلاثة فمن قبيل ~~القليل، ومما يرجع إلى شرف الحضرة، ممن انتابها من أهل الفضل الواضح والمجد ~~الأثيل. # وأما ثانيا فإن راسم آياتها المتلوه، ومبدع محاسنها المجلوة، وناقل ~~صورتها من الفعل إلى القوه، وإنما هو حسنة من حسنات هذه الدولة النصرية ~~الكريمة، ونشأة من نشأت جودها الشامل النعمة، الهامل الديمة، فما ظهر عليه ~~من كمالات الأوصاف، على الإنصاف، فأخلاف هذه المكارم النصرية أرضعته، ~~وعنايتها الجميلة أسمته، فوق الكواكب ورفعته؛ وإليها ينسب إحسان إن انتسب، ~~منشؤه الذي عظم فيه قدره، بل افقه الذي اشرق فيه بدره؛ والتشريفات ~~السلطانية هي التي فتقت اللهى باللهى، وأحلت من مراق العز فوق السها؛ ~~وأمكنت الأيدي من الذخائر والأعلاق، وطوقت المنن كالقلائد في الأعناق؛ ~~وقلدت الرياسة والأقلام أعلام؛ فبهرت أنواع المحاسن، وورد معين البلاغة غير ~~المطرق ولا الآسن؛ وبرعت التواليف، في الفنون المتعددة، واشتهرت التصانيف، ~~ومنها هذا التصنيف المشار إليه، لما له PageV01P057 # من الأذمة المتأكدة. وإذا ظهر هذا الاستدلال، وأوضح البيان ما كتمه ~~الإجمال، فلنفضح الآن بما قصد، ولنلحق من انجم السعادة ما رصد، وذلك أن ~~لمولاي أمير المؤمنين، المجاهد في سبيل رب العالمين، الغالب بالله، المؤيد ~~بنصره أبي عبد الله، محمد بن الخلفاء النصريين أيده الله ونصره، وسنى له ~~الفتح المبين ويسره مآثر لم يسبق إليها، ومكارم لم يجر أحد ممن وسم بالكرم ~~عليها، لجلالة قدرها، وضخامة أمرها، من ذلك هذا للقصد الذي آثر لها كالكتاب ~~المذكور وسواه مما هو أحد وفذلك في معناه؛ عقد جميعها التحبيس على أهل ~~العلم والطلبة بحضرته العلية هنالك، ليشتمل به الامتناع، ويعم به الانتفاع؛ ~~والله ينفع بهذا القصد ms028 الكريم، ويتولى المثوبة على هذا العقد الجسيم. # وهذه النسخة في أثنى عشر سفرا، متفقة الخط والعمل، أكتتب هذا على ظهر ~~الأول منها بتاريخ رجب الفرد، عام تسعة وعشرين وثمان مائة، عرف الله بركته ~~بمنة، آمين ". انتهى. # وقال الوزير أبو يحيى بن عاصم المذكور، قدس الله روحه الطيبة، وسقى مثواه ~~غيث رحمته الصيبة، في كتابه المسمى ب " الروض الأريض، في ترجمة شموس العصر، ~~من ملوك بني نصر "، في اسم الغني بالله محمد بن يوسف بن إسماعيل أبن فرج بن ~~نصر الخزرجي، بعد كلام ما نصه: PageV01P058 # " كان قد جرى عليه التمحيص الذي أزعجه عن وطنه، إلى الدار البيضاء ~~بالمغرب من إيالة بني مرين، فأفاده الحنكة والتجربة هذه اليسيرة التي وقف ~~شيوخها على تحقيقها، وانتهجوا واضح طريقها، وبلغتنا منقولة بألسنة صدقهم، ~~معبرا عنها في عرف التخاطب بالعادة، فلم يكن الوزير الكيس، والرئيس الجهبذ ~~يجريان من الاستقامة على قانون، ولا يطردان من الصواب على أسلوب، إلا ~~بالمحافظة على ما رسم من القواعد، والمطابقة لما ثبت من العوائد، وكان ذوو ~~نبل من هذه الطبقة، وأولو الحذق من أرباب هذه المهن السياسية، يتعجبون من ~~صحة اختيارها لما رسم، وجوده تمييزه لما قعد، ويرون المفسدة بالخروج عنها ~~ضربة لازب، وأن الاستمرار على مراسمها آكد واجب؛ فيتحرونها بالالتزام كما ~~تتحرى السنن، ويتوخونها بالإقامة كما تتوخى الفرائض، وسواء تبادر لهم ~~معناها ففهموه، أو خفي عليهم وجه رسمها فجهلوه ". # حدثني شيخنا القاضي أبو العباس أحمد بن أبي القاسم الحسني: أن الرئيس أبا ~~عبد الله بن زمرك دخل على الشيخ ذي الوزارتين أبي عبد الله بن الخطيب ~~يستأذنه في جملة مسائل، مما يتوقف عادة على إذن الوزير، وكان معظمها فيما ~~يرجع إلى مصلحة الرئيس أبي عبد الله. قال الشريف: فأمضاها كلها له، ما عدا ~~واحدة منها تضمنت نقص عادة مستمرة، فقال له ذو الوزارتين PageV01P059 # أبن الخطيب: لا والله يا رئيس أبا عبد الله، لا آذن لك في هذا، لأنا ما ~~استقمنا في هذه الديار إلا بحفظ العوائد. # ثم قال صاحب الروض ms029: فلما تأذن الله تعالى للدولة بالاضطراب، واستحكم ~~الوهن بتمكن الأسباب، عدل عن هذه القواعد الراسخة، واستخف بتلك القوانين ~~الثابتة؛ فنشأ من المفاسد ما أعوز رفعه، وتعدد وتره وشفعه، واستحكم ضرره ~~حتى لم يمكن دفعه، وتعذر فيه الدواء الذي يرجى نفعه، وكان قد صحبه من الجد ~~ما سنى آماله، وانجح بأذن الله أقواله وأعماله؛ فكان يجري الأمر على رسم من ~~السياسة واضح، ونطر من الآراء السديدة راجح؛ ثم يحفه من الجد السياج لا ~~يفارقه، إلى تمام الغاية المطلوبة من حصوله، وتمكن مقتضى الإرادة السلطانية ~~من فروعه وأصوله. # انتهى كلام أبن عاصم، وإنما أتيت به لغرابته. وقال أبو عبيد البكري رحمه ~~الله: " الأندلس شامية في طيبها وهوائها، يمانية في اعتدال استوائها، هندية ~~في عطرها وذكائها، أهوازية في عظم جبايتها، صينية في جواهر معادنها، عدنية ~~في منافع سواجلها، فيها آثار عظيمة لليونانيين ". PageV01P060 # قال ذو الوزارتين أبو عبد الله بن الخطيب: خص الله بلاد الأندلس من ~~الريع، وغدق السقيا، ولذاذة الأقوات، وفراهة الحيوان، ودرور الفواكه، وكثرة ~~المياه، وتبحر العمران، وجودة اللباس، وشرف الآنية وكثرة السلاح، وصحة ~~الهواء، وابيضاض ألوان الإنسان، ونبل الأذهان، وقبول الصنائع، وشهامة ~~الطباع، ونفوذ الإدراك، وإحكام التمدن والاعتمار، بما حرمه الكثير من ~~الأقطار، مما سواها. # ثم قال: وحديث الفتح، وما فتح الله على الإسلام من المنح، وأخبار ما أفاء ~~الله من خير، على موسى من نصير، وكتب من جهاد، لطارق بن زياد، مملول قصاص ~~وأوراق، وحديث أفول وإشراق، وإرعاد وإبراق؛ وعظم امتشاش. وآلة معلقة في ~~دكان قشاش. انتهى. # ولا خفاء بما كان لملوك المسلمين بالأندلس والعداوة على النصارى. دمرهم ~~الله من الاستطالة والغلبة، حتى وقع التخاذل والتدابر، فأنعكس الأمر. وقد ~~حكي غير واحد أن دن جناحه بن دن افنش، استنصر على أبيه بالسلطان المجاهد ~~أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني، ولاذ به، ورهن عنده تاجه ذخيرة ~~النصارى، ولقيه بصخرة عباد، من أحواز رنده، فسلم عليه، PageV01P061 # ويقال إن أمير المسلمين لما فرغ من ذلك، طلب بلسان زناتة الماء، ليغسل ~~يده به ms030 من قبلة الفنش، أو مصافحته. # أبن الخطيب: # " والشيء يذكر بالشيء، فأثبت حكاية اتفقت بسبب ذلك، استدعى بها الدعاء ~~ممن يحسن عنده موقعها، وهي أن اليهودي الحكيم أبن زرزار، على عهد ملك ~~النصارى، حفيد هذا الفنش المذكور، وصل إلينا بغرناطة في بعض جوائجه، وحخل ~~إلى بدار سكناي، مجاورا لقصر السلطان بحمراء غرناطة، وعندي القاضي اليوم ~~بغرنطة وغيرها من أهل الدولة، وبيده كتاب من سلطان المغرب محمد بن أبي عبد ~~الرحمن بن السلطان الكبير المولى أبي الحسن، وكان محمد هذا قد فر إلى صاحب ~~قشتالة، واستدعى من قبله إلى الملك، فسهل له ذلك، وشرط عليه ما شاء، وربما ~~وصله خطابه بما لم يقنعه في إطرائه، فقال لي: مولاي السلطان دن بطرة يسلم ~~عليك، ويقول لك: انظر مخاطبة هذا الشخص، وكان بالأمس كلبا من كلاب بابه، ~~حتى ترى خسارة الكرامة فيه، فأخذت الكتاب من يده، وقرأته وقلت له: ابلغه ~~عني أن هذا الكلام ما جرك إليه إلا خلو بابك من الشيوخ، الذين يعرفونك ~~بالكلاب والأسود، وبمن تغسل الأيدي منهم إذا قبلوها، فتعلم من الكلب الذي ~~تغسل اليد منه، ومن لا، وأن جد هذا الولد هو الذي قبل جدك يده، PageV01P062 # واستدعى الماء ليغسل يديه منه بمحضر النصارى والمسلمين؛ ونسبة الجد إلى ~~الجد كنسبة الحفيد إلى الحفيد؛ وكونه لجأ إلى بلادك بعار عليه، وأنت معرض ~~إلى اللجإ إليه، فيكافئك بأضعاف ما عاملته به. فقام أبن الحسن المستقصي ~~يبكي ويقبل يدي، ويصفني بولي الله، وكذلك من حضرني. وتوجه إلى المغرب ~~رسولا، فقص على بني مرين خبر ما شاهد مني وسمعه؛ وبالحضرة اليوم ممن تلقى ~~منه ذلك كثير، جعل الله ذلك خالصا لوجهه ". انتهى. # ولما تقلص ظل الإسلام بالجزيرة، أعداها الله للإسلام، واسترد الكفار، ~~دمرهم الله، أكثر أمصارها وقراها، على وجه العنوة والصلح والاستسلام، ~~ويستنهضون عزماتهم من كل الأمصار. فمن ذلك ما كتب به الكاتب الرئيس أبو عبد ~~الله بن زمرك رحمه الله لما نزل المسلمون بآخر مرج غرناطة، متوجهين لفج ~~خير: " أعلموا أنا نذكر لكم ما ms031 لا يغيب عن أديانكم وأحسابكم، إن هذا الجهاد ~~وليمة دعا الله عباده إليها، وحضهم عليها، فالآيات في المصاحف مسطوره، ~~والأحاديث مشهورة، لبيع النفوس فيها من الرحمن، وبذل المهج رغبة في حصول ~~ثواب الملك والديان، ينزل الله فيها الملائكة المسومين. وتفرح الحور العين، ~~وتسح الرحمة من رب العالمين، ويباهي الله ملائكته بالمجاهدين؛ وقد PageV01P063 # تضافرت على ذلك النصوص، وكفى شرفا الفوز بمحبة الله في قوله) إن الله يحب ~~الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص (؛ فينبغي فيه الاستغفار من ~~سالف الذنوب، وتطهير السرائر والقلوب، واجتماع الأيدي والكلمة في مرضات ~~علام الغيوب ". # وابلغ منه ما كتب به ذو الوزارتين أبو عبد الله بن الخطيب في الحث على ~~الجهاد، والترغيب فيه، وهو: " أيها الناس، رحمكم الله، إخوانكم المسلمون قد ~~دهم العدو قصمه الله ساحتهم، ورام الكفر قبحه الله استباحهم؛ وزحفت أحزاب ~~الطواغيت عليهم، ومدينة الصليب ذراعيه إليهم؛ وأيديهم بعزة الله أقوى، ~~وانتم المؤمنون أهل البر والتقوى؛ وهو دينكم فانصروه، وجواركم القريب فلا ~~تحفزوه، وسبيل الرشد قد وضح فلتبصروه. والجهاد، فقد تعين الجار الجار، فقد ~~قرر الشرع حقه وبين الله الله في الإسلام، الله الله في أمة محمد عليه ~~السلام؛ الله الله في المساجد المعمورة بذكر الله، الله الله في وطن الجهاد ~~في سبيل الله، قد استغاث بكم الدين فأغيثوه، قد تأكد عهد الله وحاشاكم أن ~~تنكثوه؛ أعينوا إخوانكم بما أمكن من الإعانة، أعنكم الله عند الشدائد، ~~جددوا عوائد الخير، يصل الله لكم ميل العوائد؛ صلوا رحم الكلمة، وآسوا ~~أنفسكم وأموالكم تلك الطوائف المسلمة؛ كتاب الله بين أيديكم، وألسنة الآيات ~~تناديكم، وسنة رسول الله) قائمة فيكم، والله يقول فيه:) يأيها الذين آمنوا ~~هل أذلكم على تجارة تنجيكم (. ومما صح عنه قوله: " من اغبرت قدماه في سبيل PageV01P064 # الله حرمها الله على النار ". " لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم ~~".) ومن جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا (. أدركوا رمق الدين قبل أن يفوت ~~بادروا عليل الإسلام قبل أن يموت احفظوا وجوهكم مع الله يوم ms032 يسألكم عن ~~عباده جاهدوا في الله بالألسن والأموال حق جهاده: # ماذا يكون جوابكم لنبيكم ... وطريق هذا العذر غير ممهد # إن قال لم فرطتم في أمتي ... وتركتوهم للعدو المعتدي # تالله أن العقوبة لم تخف ... لكفى من وجه ذاك السيد # اللهم اعطف علينا قلوب العباد اللهم بث لنا الحمية في البلاد اللهم دافع PageV01P065 # المربني نص محل الحاجة لنا منها: " ولا شك عند عاقل أنكم إن انحلت عروة ~~تأميلكم أو أعرضتم عن ذلك الوطن استولت عليه يد عدوه ". انتهى. # فكتب بطرته أبو عبد الله الوادي آشي المذكور ما نصه: " كذلك وقع آخر ~~الأمر. وكان الاستيلاء على غرناطة آخر ما بقي من بلاد اللأندلس للإسلام في ~~محرم عام سبة وتسعين وثمان مائة فرحم الله أبن الخطيب العاقل اللبيب وغفر ~~له برحمته ". انتهى كلام الوادي آشي. # على أنه يظهر في كلام بعضهم أن الصلح كان في محرم ودخول الجيش القصبة ~~الحمراء كان في ربيع فلا منافاة والله أعلم. # ورأيت بخط الإمام الوانشريشي سيدي عبد الواحد رحمه الله ما نصه: " استولى ~~العدو على جبل الفتح سنة ستة وستين وثمان مائة وعلى الحمة تاسع المحرم يوم ~~الخميس عام سبعة وثمانين وثمان مائة وفي عام خمسة وتسعين وثمان مائة استولى ~~العدو على جميع بلاد الأندلس ما عدا غرناطة وبشرتها وكان قبله في عام اثنين ~~وتسعين استولى على مالقة في رمضان منه وفي عام سبعة وتسعين استولى على ~~غرناطة ". انتهى. PageV01P066 # ولما دخل النصارى إلى الحمراء خرج أميرها أبو عبد الله بن محمد بن أبي ~~الحسن علي النصري واشترط المسلمون على العدو الكافر شروطا أظهر قبولها وبسط ~~لهم جناح العدل حتى بلغت بزعمهم نفوسهم مأمولها وكان من جملتها أن من شاء ~~البقاء عنده أقام في ظل الأمان مكرما ومن أراد الخروج إلى بر العدوة أنزل ~~بأي بلاد شاء منها من غير أن يعطي كراء ولا مغرما وأظهر للمسلمين العناية ~~والاحترام حتى كان النصارى يحسدونهم على ذلك ويقولون لهم: أنتم عند ملوكنا ~~أعز وأكرم منا ووضع عنهم المغارم حيلة منه وكيدا ms033 ليغرهم بذلك ويثبطهم على ~~الجواز. فوقع الطمع لكثير من الناس وظنوا أن ذلك البرق ليس بخلب فاشترى ~~كثير من المقيمين الرباع العظيمة ممن أراد الذهاب للعدوة بأرخص الأثمان ~~وأمر لعنه الله بانتقال سلطة غرناطة أبي عبد الله إلى قرية أدرش من قرى ~~البشرة فارتحل أبو عبد الله بعياله وحشمه وأقام بها ينتظر ما يؤمر به ثم ~~ظهر للطاغية أن يجيزه إلى العداوة فأمر بالجواز وأعد له المراكب العظيمة ~~وركب معه كثير من المسلمين ممن أراد الجواز حتى نزلوا بمليلة من ريف المغرب ~~ثم ارتحل السلطان أبو عبد الله إلى مدينة فاس حرمها الله وما زال أعقابه ~~بها إلى الآن من جملة الضعفاء السؤال عبد الملك الطويل العريض فسبحان المعز ~~المذل المانح المانع لا إله إلا هو. PageV01P067 # وكان خلع أبيه أبي الحسن يوم الأحد ثالث جمادى الأخرى من عام تسعين وثمان ~~مائة، خلعه أخوه، ودخل أبو عبد الله المذكور، أبن أبي الحسن بض البيازين ~~سادس عشر شوال عام واحد وتسعين، وافتك ملك أبيه من يد عمه، وتوفى رحمه الله ~~بفاس عام أربعة وعشرين، وتسع مائة، ودفن بإزاء المصلى، خارج باب الشريعة، ~~وخلف ولين، اسم أحدهما يوسف، والآخر محمد وعقبه بها الآن بها كما ذكرناه ~~والله وارق الأرض ومن عليها والله خير الوارثين. # وكان من قدر الله تعالى أنهم لما وصلوا مدينة فاس أصاب الناس بها شدة ~~عظيمة من الجوع والغلاء والطاعون حتى فر كثير منها بسبب ذلك ورجع بعض أهل ~~الأندلس إلى بلادهم فأخبروا بتلك الشدة فتقاعس من أراد الجواز وعزموا على ~~الإقامة والدجن ولم يجز النصارى أحد بعد ذلك إلا بالكراء والمغرم وعشر ~~المال فلما رأى الطاغية أن الناس قد تركوا الجواز وعزموا على الاستيطان ~~والمقام في الوطن أخذ في نقض الشروط التي اشترط عليه المسلمون أول مرة ولم ~~يزل ينقضها فصلا فصلا إلى أن نقض جميعها وزالت حرمة المسلمين وأدركهم ~~الهوان والذلة واستطال عليهم النصارى وفرضت عليهم المغارم الثقيلة وقطع ~~عنهم الأذان في الصوامع وأمرهم بالخروج من غرناطة إلى ms034 الأرباط والقرى ~~فخرجوا أذلة صاغرين ثم بعد ذلك دعاهم إلى التنصر وأكرههم عليهم وذلك سنة ~~أربع وتسع مائة فدخلوا فيه كرها وصارت الأندلس كلها PageV01P068 # دار كفر ولم يبق من يجهر بكلمة التوحيد والأذان وجعلت في المساجد والمآذن ~~النواقيس والصلبان بعد ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن فإنا لله وإنا إليه ~~راجعون لا راد لما قضاه الله الملك الديان. # وقد رأيت لبعضهم رسالة ببعض شرح ذلك ونصها: " وتعرفنا من غير ما طريق ~~وعلى لسان غير فريق أن قطر الأندلس نظر الله إليه عاد بنوره عليه طرق أهله ~~خطب لم يجر في سالف الدهر وذلك أنهم أكرهوا بالقتل إن يقع منهم النطق بما ~~يقتضي في الظاهر الكفر ولم يقبل منهم الأشر وكان الابتداء في ذلك من أهل ~~غرناطة جدد الله رسمها وأعاد إلى بلاد المسلمين أسمها وخصوصا أهل واسطتها ~~لقلة الناس وكونهم من الرعية الدهماء مع عدم العصبية بسبب اختلاف الأجناس ~~علم النصارى دمرهم الله بأن من يقي بها من المسلمين إنما هم إسارا في ~~أيديهم وعيال عليهم وبعد أن انتزعوا منهم الأسلحة والمعاقل وعتوا فيهم ~~بالخروج والجلاء فلم يبق من المسلمين طائل ونقض اللعين طاغية النصارى عهوده ~~ونشر بمحض الغدر بنوده من غير معذرة لفقها ولا كذبة من معرض العذر نمقها ~~إلا أعجاز من الكفر وصدورا من الغيض والمكر وخالص لغدر جمعها وفرقها وكان ~~الطاغية إذا ذاك باشبيلية جبرها الله وجعل بها قدره ووقى المسلمين والإسلام ~~شره وبعد أن كان قبل قد انسل إلى غرناطة انسلال PageV01P069 # القطا إلى الماء وطلع إليها طلوع الرقيب على خلوات الأحباء وأمر بإخلاء ~~الأرباض وأذن بالسفر في البحر للأبعاض ولم يحضر من الأجفان إلا القليل وما ~~كان قصده إلا التفريق والتهويل على ما عهد من غدر النصارى وطغيانهم وفعلهم ~~الذميم مع المسلمين وثورانهم والإعلان بمحنتهم والحرص على ارتدادهم وفتنتهم ~~وأقام بعد انصرافه عنها وخروجه منها بأشبيلية مديدة وعقاربه لأشياعه من ~~النصارى بغرناطة تدب وتسري ونفسه الخبيث بالعاب تفري ثم انتقل عن الواسطة ~~للبيازين حيث الحمية والنصرة الإيمانية ms035 ومع السراجة والنحية والعقل الرصين ~~والدين المتين فجعل صعبها ذلولا وأعاد للكفر كرها من كان بحضرتها وتمتع ~~أحزاب الشيطان قصمهم الله بنضرتها نسأل الله تعالى أن يجعل تمتعه قليلا ". # وزيادة الخبر: " أن الطاغية قشتالة وأرغون قصمه الله صدم غرناطة صدمة ~~وأكره على الكفر من بقي بها من الأمة بعد أن هيض جناحهم وركدت رياحهم وجعل ~~بعد جنده الخاسر على جميع جهات الأندلس ينثال والطاغية يزدهي في الكفر ~~ويختال ودين الإسلام تنثر بالأندلس نجومه وتطمس معالمه ورسومه فلوا رأيتم ~~ما صنع الكفر بالإسلام بالأندلس لكان PageV01P070 # كان مسلم يندبه ويبكيه فقد عبث البلاء برسومه وعفى على أقماره ونجمه ولو ~~حضرتم من جبر بالقتل على الإسلام وتوعد بالنكال والمهالك العظام ومن كان ~~يعذب في الله بأنواع العذاب ويدخل به من الشدة في باب ويخرج من باب لأنساكم ~~مصرعه وساءكم مفظعه وسيوف النصارى إذ ذلك على رؤوس الشرذمة القليلة من ~~المسلمين مسلوله وأفواه الذاهلين محلوله وهم يقولون ليس لأحد بالتنصر أن ~~يمطل ولا يلبث حينا ولا يمهل وهم يكابدون تلك الأهوال ويطلبون لطف الله في ~~كل حال ". انتهى. # وكان جمعة من علماء الأندلس خرجوا إلى تلمستان منهم القاضي الشهير أبو ~~عبد الله بن الأزرق صاحب الشرح العجيب على مختصر خليل وكتاب السياسة الملخص ~~من مقدمة تاريخ أبن خلدون وفيه زيادات بديعات وكتاب روضة الأعلام بمنزلة ~~العربية من علوم الإسلام وغير ذلك وأرتحل من تلمستان إلى المشرق وسنلم ~~بذكر. ومنهم بنو داود المذكورون في فهرسة الشيخ أبن غازي وهؤلاء خرجوا من ~~الأندلس قبل أخذ غرناطة ولكن لما رأوا استطالة العدو عليها وأنه آخذها لا ~~محالة قوضوا رحالهم عنها فنزلوا بتلمستان المحروسة وأخذة الحضرة الغرناطية ~~بعد ارتحالهم بقريب رحمهم الله. ومنهم الفقيه الأديب حائز قصب السبق في ~~كثرة النسخ والكتابة أبو عبد الله محمد بن الحداد الشهير بالوادي آشي ~~وسنذكره إن شاء الله رحم PageV01P071 # الله الجميع. وممن خرج بفاس من العلماء أبو لعباس البقي ثم رجع إلى ~~غرناطة وقضيته معروفة. # ولا بأس أن نورد كتاب السلطان ms036 أبي عبد الله محمد بن الأحمر المخلوع ~~المذكور الذي بعث به لصاحب فاس في ذلك العهد تمهيدا لعذره وتوطئة لمقصده ~~وتطارحا على تلك الأبواب وتملقا وتمسكا بذلك الجناب وتعلقا وهو في الغاية ~~الفصاحة والبلاغة من إنشاء الفقيه الأديب الشاعر الناظم الناثر الكتب ~~المجيد البارع البليغ أبي عبد الله محمد بن عبد الله العربي العقيلي رحمه ~~الله وسماه بالروض العاطر الأنفاس في التوسل إلى المولى الإمام سلطان فاس ~~ونصه بعد الافتتاح: # مولى الملوك ملوك العرب والعجم ... رعيا لما مثله يرعى من الذم # بك استجار ونعم الجار أنت لمن ... حار الزمان عليه جور منتقم # حتى غدا ملكه بالرغم مستلبا ... وأفظع الخطب ما يأتي على الرغم # حكم من الله حتملا مرد لم ... وهل مرد لحكم منه منحتم PageV01P072 # وهي الليالي وقاك الله صولتها ... تصول حتى على الآساد في الأجم # كنا ملوكا لنا في أرضنا دول ... نمنا بها تحت أفنان من النغم # فأيقظتنا سهام للردى صيب ... يرمى بأفجع حتف من بهن رمي # فلا تنم تحت ظل الملك نومتنا ... وأي ملك بظل الملك لم ينم # يبكي عليه الذي قد كان يعرفه ... بأدمع مزجت أمواهها بدم # كذلك الدهر لم يبرح كما زعموا ... يشم بو الصغار الأنف ذا الشمم # وصل أواصر قد كانت اشتبكت ... فالملك بين ملوك الأرض كالرحم # وأبسط لنا الخلق المرجو باسطه ... واعطف ولا تنحرف وأعذر ولا تلم # لا تأخذنا بأقوال الوشاة ولم ... نذنب ولو كثرت أقوال ذي الوخم # فما أطقنا دفاعا للقضاء وما ... أرادت أنفسنا ما حل من نقم # ولا ركوبا بإزعاج لسابحة ... في زاخر بأكف الموج ملتطم # والمرء ما لم يعنه الله أضيع من ... طفل تشكي بفقد الأم في اليتم # وكل ما كان غير الله يحرسه ... فإن محروسه لحم على وضم PageV01P073 # كن كالسمؤل إذ سار الهمام له ... في جحفل كسواد الليل مرتكم # فلم يبح أدرع الكندي وهو يرى ... أن ابنه البر قد أشفى على الرجم # أو كالمعلى مع الضليل الأروع إذ ... أجاره من أعاريب ومن عجم # وصار يشكره شكرا يكافئ ما ... أسدى إليه من ms037 الآلام والنعم # ولا تعاتب على أشياء قد قدرت ... وخط مسطورها في اللوح بالقلم # وعد عما مضى إذ لا ارتجاع له ... وعد أحرارنا في جملة الخدم # إيه حنانيك يا بن الأكرمين على ... ضيف ألم بفاس غير محتشم # فأنت أنت ولولا أنت ما نهضت ... بنا إليها خطا الوخادة الرسم # رحماك يا رحما ينمي إلى رحما ... في النفس والأهل والأتباع والحشم # فكم مواقف صدق في الجهاد لنا ... والخيل عالك الأشداق للجم # والسيف يخضب بالحمر من علق ... ما ابيض من سبل وأسود من لمم # ولا ترى صدر عضب غير منقصف ... ولا ترى متن لدن غير منحطم PageV01P074 # حتى هينا بدهيا لا اقتدار بها ... سوى على الصون للأطفال والحرم # فقال من لم يشاهدها فربتما ... يخال جامحها يقتاد بالخطم # هيهات لو زبنته الحرب كان بها ... أعيا يدا من يد جالت على زلم # تالله ما أضمرت غشا ضمارنا ... ولا طوت صحة منها على سقم # لكن طلبنا من الأمر الذي طلبت ... ولاتنا قبلنا في الأعصر الدهم # فحاننا عنده الجد الخئون ومن ... تقعد به نكبات الدهر لم يقم # فاسود ما اخضر من عيش دهته عدا ... بالأسمر اللدن أو بالأبيض الخدم # وشتت البين شملا كان منتظما ... والبين أقطع للموصول من جلم # فرب مبنى شديد قد أناخ به ... ركب البلا فقرته أدمع الديم # قمنا لديه أصيلانا نسائله ... أيا جوابا وما بالربع من أرم # وما ظننا بإن نبق إلى زمن ... نرى به غرر الأحباب كالحمم # لكن رضا بالقضا الجاري وإن طويت ... منا الضلوع على برح من الألم PageV01P075 # لبيك يا من دعانا نحو حضرته ... دعاء إبراهيم الحجاج للحرم # وأعط الأمن الذي رصت قواعده ... على أساس وفاء غير منهدم # خليفة الله وافاك العبيد فكن ... في كل فضل وطول عند ظنهم # وبين أسلافنا ما قد علمت به ... من اعتقاد بحكم الإرث مقتسم # وأنت منهم كأصل مطلع غصنا ... أو كالشراك الذي قد قد من أدم # وقد خطوت خطاهم في مآثرهم ... فلم يذموا إذن فيها ولم تذم # وصيت مولى الورى الشيخ الإمام غدا ... في الناس أشهر من نار ms038 على علم # سلالة الأمراء الجلة الكبارا ... العليلة الظهراء القادة البهم # بنو مرين ليوث في عرين أبوا ... رؤيا قرين لهم في البأس والكرم # النازلين من البيضاء وسط حمى ... أحمى من الأبلق السامي ومن إرم # والجائسين بجهم الخيل كل ذرى ... والدعسين بسمر الخط كل كمي # يريك فارسهم إن هز عامله ... في مأزق بلظى الهيجاء مضطرم PageV01P076 # ليثا على أجدل عار من أجنحة ... يسطو بأرقم لداغ بغير فم # في اللام يدغم من عساله ألفا ... ولم نجد ألفا أصلا بمدغم # أهل الحفيظة يوم الروع يحفظهم ... من عصمة الله ما يربى على العصم # بأس تطير شرار منه محرقة ... لكل مدرع بالحزم محتزم # هم بطائفة التثليث قد فتكوا ... كمثل ما يفتك السرحان بالغنم # وإن يلثمهم يوم الوغى رهج ... أنسوك ما ذكروه عن ذوى اللثم # تضئ آراؤهم في كل معضلة ... إضاءة السراج في داج من الظلم # هذا ولو من حيا ذاب محتشم ... لذاب منهم حياء كل محتشم # طابت مدائحهم إذ طابت أنفسهم ... فاشتاقت النسمات أسما من النسم # لله درهم والسحب باخلة ... بدرهن على الأنعام والنعم # بحيث الأفق من لون حمرته ... كالشيب يخضب بالحناء والكتم PageV01P077 # هناك تنهل أيديهم بصوب حيا ... يحيى بالاجداث ما فيها من الرمم # وإن بيتي زيادة طالما ذكروا ... إذا ألمت أحاديث بذكرهم # أحلام عاد وأجساد مطهرة ... من العقمة والآفات والأثم # يرون حقا عليهم حفظ جارهم ... فلم يضر نازل فيهم ولم يضم # فروعه بالدواهي لا يراع ولا ... يغنم منها بما يعرو من الغنم # هم البحار سماحا غير أن بها ... ما قد أناف على الأطواد من همم # وليس يسلم من حتفه محاربها ... حتى يكون إليهم ملقى السلم # كم فيهم من أمير أوحد ندس ... يقرطس الغرض المقصود بالفهم # ولا كسبط أبى حسون من حسنت ... أمداحه حسن ما فيه من الشيم # هذا كم أبن أبي زكري الهمام فقل ... في اصله المنتقى من مجده العمم PageV01P078 # خليفة الله حقا في خليقته ... كنائب ناب في حكم عن الحكم # مهما تنر قسمات منه نيرة ... تنل بنان له ما جل من نعم # فوجهه بدجى وكفه ms039 بجدا ... أبهق من الزهر أو أندى من الديم # وفضله وله الفضل المبين جرى ... كجري الأمثال في الأقطار والأمم # وجوده المتوالى للبرية ما ... وجوده بينها طرا بمنهدم # إذا ابتغت نعما منه العفاة له ... لم سمعوا كلمة منه سوى نعم # وإن يعبس زمان في وجوههم ... لم يبصروا غير وجه منه مبتسم # وجه تبين سمات المكرمات به ... كما تبين سمات الصدق في الكلم # وراحة لم تزل في كل آونة ... في نيلها راحة الشاكي من العدم # لله ما التزمته من نوافله ... أيام لا فرض مفروض بملتزم # أنسى الخلائف في حلم وفي شرف ... وفي سخاء وفي علم وفي فهم # فجاز معتمدا منهم ومعتضدا ... وامتاز عن قائم منهم ومعتصم # وناصر الدين في الإقبال فاق وفي ... محبة العلم أزرى بابنه الحكم # أفعال أعدائه معتلة أبدا ... متى يرم جزمها بالحذف تنجزم PageV01P079 # فويل أهل الفلا من حية ذكر ... للمتلئب اللهام المجر ملتقم # رامو عداوة من إن شاء غادرهم ... مثل الأحاديث عن عاد وعن إرم # فسوف يأكل من جيشه لجب ... بكل قرم إلى لحمانهم قرم # وإن الأعراب إذ ساروا لغابته ... لسائرون إلى لقم على لقم # وهم كما قاله ماض: أرى قدمي ... بسعيه نحو حتفي قد أراق دمي # فقل إذن للمناوي الناوي الآن الأذى ... ياغر غرك ما أبصرت في الحلم # له صوارم لو ناجتك السنها ... لبشرتك بعمر منك منصرم # وإن روحك عن قرب سيقبضه ... قبض المسلم ما قد حاز من سلم # فهو الذي ما له ند يشابهه ... من كل متصف بالدهي متسم # يدبر الأمر تدبيرا يخلصه ... مما عسى أن يرى فيه من الوهم # ويبصر الغيب لحظ الذهن منه إذا ... تعمى أدراجه ألحاظ كل عم PageV01P080 # وينعم النظر المفضى بناظره ... لصوب وجه صواب واضح اللقم # ذو منطق لم تزل تجلوا نتائجه ... عن مبطل بخصم المبطل الخصم # ومسمع ليس يصغي للوشاة فلم ... ينفق لديه الذي عنهم إليه نمي # فعقله لا توازيه العقول وهل ... يوازن الطود ما قد طال من أكم # إيه جميع الورى من بدو أو حضر ... نداء مرتيط بالنصح مرتسم # شدوا وجدوا ولا ms040 تعنوا ولا تهنوا ... قد لفها الليل بالواقة الحطم # هذا الأمير المريني السعيد له ... سعد يؤيده في كل مصطدم # قد أقسمت أنه المنصور ألسنة ... من نخبة الاوليا مبرورة القسم # فشيعوه ووالوه تروا عجبا ... وتظفروا معه بالأجر والغنم # والحمد لله إذ أبقى خلافته ... كهفا لنا من يخيم فيه لم يرم # حرز حريز وعز قائم وندى ... غمر دراك بلا من ولا سأم PageV01P081 # دامت ودام لها سعد يساعدها ... في كل مبتدأ منه ومختتم # فالله عز أسمه قد زانها بحلى ... من غر امداحه كالدر في النظم # الواهب الألف بعد الألف من ذهب ... كالجمر يلمع في مستوقد الضرم # والفاعل لم يهمم به أحد ... والقائل القول فيه حكمة الحكم # ذاكم هو الشيخ فاعجب أنه هرم ... جودا وحاشاه أن يعزى إلى هرم # وحسبنا أن أيدينا به أعتصمت ... من حبله بوثيق غير منفصم # فما محالفه يوما بمضطهد ... ولا موالفه يوما بمهتضم # ولا موافيه في جهد بمطرح ... ولا مصافيه في ود بمتهم # ولا محيا محيه بمنكسف ... ولا راجاء مرجيه بمنخرم # وما تكرمه سرا بمنكشف ... ولا تنكره جهرا بمكتتم # وليس لامح مرآه بمكتئب ... وليس راضع جدواه بمنفطم # ولا مقبل يمناه الكريمة في ... محل ممتهن بل دست محترم # وما وسيلتنا العظمى إليه سوى ... ما ليس ينكر ما فيها من العظم # وإنما هي وما أدراك ما هي من ... وسيلة ردها أدهى من الرضم PageV01P082 # نبينا المصطفى الهادي بخير هدى ... محمد خير خلق الله كلهم # داعي الورى من أولى خيم وأهل قرى ... إلى طريق الرشاد لأحب أمم # عليه منا صلاة ما ذكرت ... أمن تذكر الجيران بذي سلم # وما تشفع فيها بالشفيع له ... دخيل حرمته العلياء في الحرم # " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ". # " أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا أنت خير الراحمين ". " ربنا عليك توكلنا ~~وإليك أنبنا وإليك المصير ". " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين ~~لا مولى لهم ". " نعم المولى ونعم النصير ". # أما بعد حمد الله الذي لا يحمد على السراء والضراء سواه؛ والصلاة والسلام ~~على سيدنا ومولانا محمد ms041، الذي طلع طلوع الفجر بل البدر فلاح، يدعوا إلى ~~سبيل كل فلاح، أولى قلوب غافلة، ونفوس سواه؛ والرضا عن أصحابه، وعترته ~~الأكرمين وأحزابه، الذين تلقوا بالقبول ما أورده عليهم من أوامر ونواه، ~~وعزروه ونصروه في حالي قربه ونواه. # فيا مولانا، الذي أولانا من النعم ما أولانا؛ لا حط الله تعالى لكم من ~~العزة رواقا، ولا أذوى لدوحة دولتكزم أغضانا ولا أرواقا؛ ولا زالت مخضرة ~~العود، متبسمة عن زهرات البشائر متحفة بثمرات السعود، ممطورة PageV01P083 # بسحاب البركات المتداركات دون بروق ولا رعود: هذا مقام العائذ بمقامكم، ~~المتعلق بأسباب ذمامكم لعواطف قلوبكم، وعوارق إنعامكم، المقبل الأرض تحت ~~أقدامكم، المتلجلج اللسان عند محاولة مفاتحة كلامكم؛ وماذا الذي يقول من ~~وجهة خجل، وفؤاده وجل، وقضيته المقضية عن التنصل والاعتذار تجل، بيد أني ~~أقول لكم لربى، واجترائي عليه أكثر وإجرامي إليه أكبر: اللهم لا برئ ~~فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، لكني مستقيل مستنيل مستعتب مستغفر؛ " وما أبرئ ~~نفسي، إن النفس أمارة بالسوء ". هذا على طريق التنزل والاتصاف، بما تقتضيه ~~الحال ممن يتحيز إلى الإنصاف؛ وأما على وجهة التحقيق، فأقول ما قالته الأم ~~ابنة الصديق: " والله إني لأعلم أني بما يقوله الناس، والله يعلم إني منه ~~بريئة، ولأقولن ما لم يكن، ولئن أنكرت ما تقولون لا تصدقونني، فأقول ما ~~قاله أبو يوسف: صبر جميل، والله المستعان على ما تصفون ". # على إني لا أنكر عيوبي، فأنا معدن العيوب، ولا أجحد ذنوبي، فأنا PageV01P084 # جبل الذنوب، إلى الله أشكو عجري وبجري، وسقطاتي وغلطاتي. نعم، كل شيء ولا ~~ما يقوله المتقول، المشنع المهول، الناطق بفم الشيطان المسول. ومن أمثالهم: ~~" سبني واصدق ". ولا تفتر ولا تخلق؛ فمثلى كان يفعل أمثالها، ويحمل من ~~الأوزار المضاعفة أحمالها، ويهلك نفسه ويحبط أعمالها؛ عياذا بالله من خسران ~~الدين، وإيثار الجاحدين والمعتدين، قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين. وأيم ~~الله لو علمت شعرة في فودي تميل تميل إلى تلك الجهة لقلعتها، بل لقطفت ما ~~تحت عمامتي من هامتي وقطعتها؛ غير أن الرعاء في كل وقت وأوان، للملك ms042 أعدائه ~~وعليه أحزاب وأعوان، كان أحمق وأجهل من أبن ثروان، أو أعقل من أشج بني ~~مروان؛ ورب متهم برئ، ومسربل بسربال وهو منه عري؛ وفي الأحاديث صحيح وسقم، ~~ومن التراكيب المنطقية منتج وعقيم، ولكن ثم ميزان عقل، تعتبر به أوزان ~~النقل؛ وعلى الراجح الاعتماد، ثم إشاعة الإحماد، المتصل المتماد؛ وللمرجوع ~~الأطراح، ثم الذم الصراح، بعد النفض من الراح؛ وأكثر ما تسمعه الكذب، وطبع ~~جمهور الخلق إلا من PageV01P085 # عصمة الله إليه منجذب؛ ولقد قذفنا من الأباطيل بأحجار، ورمينا بما لا ~~يرمى به الكفار، فضلا عن الفجار؛ وجرى من الأمر المنقول عن لسان زيد وعمرو، ~~مالكم منه حفظ الجبار؛ وإذا عظم الإنكاء، فعلى تكأة التجلد الاتكاء؛ أكثر ~~المكثرون، وجهد في تعثيرنا المتعثرون؛ ورومنا عن قوس واحده، ونظمونا في سلك ~~الملاحده؛ أكفر أيضا كفرا! غفرا اللهم غفرا، أعد نظرا يا عبد قيس، فليس ~~الأمر على ما خيل لك ليس، وهل زدنا على طلبنا حقنا، ممن رام محقه ومحقنا؟ ~~فطاردنا في سبيله عداة كانوا لنا غائظين؛ فأنفتق علينا فتق، لم يمكنا له ~~رتق: وما كنا للغيب حافظين. # وبعد، فاسأل أهل الحل والعقد، والتميز والنقد؛ فعند جهينتهم تلق الخبر ~~يقينا، وقد رضينا بحكمهم يوثمنا قيوبقنا، أو يبرئنا فيقينا. إيه يا من أشرب ~~إلى ملامنا، وقدح حتى في إسلامنا؛ رويدا رويدا، فقد وجدت قوة وأيدا؛ ويحك، ~~لنما طال لسانك علينا، وامتد بالسوء إلينا، لأن الزمن لنا مصغر، ولك مكبر، ~~والأمر عليك مقبل، وعنا مدبر، كما قاله كاتب الحجاج المدبر. PageV01P086 # وعلى الجملة، فهبنا صرنا إلى التسليم مقالك جدلا، وذهبنا فأقررنا بالخطأ ~~في كل ورد وصدر، فالله در القائل: إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر وكأنا ~~بمعتسف إذا وصل إلى هنا، وعدم إنصافه يعلمه الهنا؛ قد أزور متجانفا، ثم ~~افتر متافنا، وجعل يتمثل بقولهم: " إذا عيروا قالوا مقادير قدرت " # وبقولهم: " المرء يعجز لا محالة "؛ فيعارض الحق بالباطل، والحالي ~~بالعاطل، وينزع بقول القائل: " رب مسمع هائل، وليس تحته من طائل ". وقد ~~فرغنا أول أمس من جوابه، وتركنا الضغن يلصق ms043 حرارة PageV01P087 # الجوى به؛ وسنلم الآن بما يوسعه تسكينا، ويقطعه تبكيتا. فنقول له: ناشدك ~~الله تعالى، هل اتفق لك قط وعرض، خروج أمر ما على القصد منك فيه والغرض؛ مع ~~اجتهادك أثناءه في إصدارك وإيرادك، في وقعه على وفق اقتراحك ومرادك؟ أو ~~جميع ما تزاوله بإرادتك، لا يقع إلا مطابقا لإرادتك؟ أو كل ما تقصده ~~وتنويه، تحرزه كما تشاء وتحويه؟ فلابد أن يقر اضطرارا. بان مطلوبه يشذ عنه ~~مرارا، بل كثيرا ما يفلت صيده من أشراكه، ويطلبه فيعجز عن إدراكه؛ فنقول: ~~ومسألتنا من هذا القبيل: أيها النبيه النبيل؛ ثم نسرد له من الأحاديث ~~النبوية ماشينا، مما يسايرنا في غرضنا منه ويماشينا، كقوله) : " كل شيء ~~بقضاء وقدر حتى العجز والكيس ". وقوله أيضا: " لو اجتمع أهل السماوات وأهل ~~الأرض على أن ينفعوك بشيء، لم يقض الله لك، ولم يقدروا عليه، ولو اجتمعوا ~~على أن يضروك بشيء لم يقض الله عليك، لم يقدروا عليه ". أو كما قال) . ~~فأخلق به أن يلوذ بأكناف الإحجام، يزم على نفثة فيه كأنما ألجم بألجام؛ ~~حينئذ نقول له، والحق قد أبان وجهه وجلاه، وقهره بحجته وعلاه: ليس لك من ~~الأمر شيء قل إن الأمر كله لله. وفي محاجة آدم موسى ما يقطع لسان الخصم، ~~ويرحض عن أثوب أعراضنا ما عسى أن يعلق بها من درن الوصم؛ وكيفما كانت ~~الحال، وإن أساء الرأي والانتحال، ووقعنا في أوجال وأوحال؛ فثل عرشنا، ~~وطويت فرشنا، ونكس لواؤنا، وملك مثوانا، فنحن من سوانا؛ وفي الشر خيار، PageV01P088 # ويد اللطائف تكسر من صولة الأغيار؛ فحتى الآن لم نفقد من اللطيف تعالى ~~لطفا، ولا عمدنا أدوات أدعية تعطف بلا مهلة على جملتنا المقطوعة جمل النعم ~~الموصولة عطفا؛ وإلا فتلك بغداد دار السلام، ومتبوأ الإسلام، المحفوف ~~بفرسان السيوف والأقلام؛ مثابة الخلافة العباسية، ومقر العلماء والفضلاء ~~أولى السير الأويسية، والعقول الإياسية؛ وقد نوزلت بالجيوش ونزلت، وزوولت ~~بالخزوف وزلزلت، وتحيف جوانبها وداخلها كفار التتار عنوة بالسيف، ولا تسل ~~إذ ذاك عن كيف؛ أيام تجلت عروس المنيه، كاشفة عن ساقها مبدية ms044، وجرت الدماء ~~في الشوارع والطرق كالأنهار والأودية، وقيد الأئمة والقضاة تحت ظلال السيوف ~~منتصاة عمائمهم في رقابهم والأردية؛ وللنجيع سيول، تخوضها الخيول؛ فتخضبها ~~إلى أرساغها، وتهم ظماؤها، فتنكل عن تجرعها ومساغها؛ فطاح عاصمها ~~ومستعصمها، وراح ولم يغد ظالمها ومتظلمها؛ وخربت مساجدها وديارها، وأصطلم ~~بالحسام أشرارها وخيارها؛ فلم يبق من جمهور أهلها عين تطرف، حسما عرفت أو ~~حسما تعرف؛ فلا تكن متشكشكا متوقفا؛ فحديث تلك الواقعة الشنعاء أشهر عند PageV01P089 # المؤرخين من قفا؛ فأين تلك الجحافل، والآراء المدارة في المحافل؛ حين ~~أراد الله تعالى بإدالة الكفر، ولم تجد ولا قلامة ظفر؛ إذن فمن سلمت له ~~نفسه التي هي رأس ماله، وعياله وأطفاله، واللذان هما من أعظم آماله؛ وكل أو ~~جل أو أقل رياشه، وأسباب معاشه، الكفيلة بإنتهاضه، وانتعاشه؛ ثم وجد مع ذلك ~~سبيلا إلى الخلاص، في حال مياسرة ومساهلة، دون تصب وأعتياض، بعد ما ظن كل ~~الظن أن لا محيد ولا مناص؛ فما أحقه حينئذ وأولاه، أن يحمد خالقه ورازقه ~~ومولاه؛ على ما أسداه إليه من رفد وخيره، ومعافاته مما أبتلي به كثير من ~~غيره؛ ويرضى بكل إيراد وإصدار، وتتصرف فيهما الأحكام الإلهية والأقدار، ~~فالدهر غدار، والدنيا دار مشحونه بالأكدار؛ والقضاء لا يرد، ولا يصد؛ ولا ~~يغلب، ولا يطلب؛ والدائرات تدور، ولا بد من نقص وكمال للبدور؛ والعبد مطيع ~~لا مطاع، وليس يطاع إلا بالمستطاع، والخالق القدير جلت قدرته في خليقته علم ~~غيب، للأذهان عن مداه انقطاع؛ ومالي والتكلف لما لا احتاج إليه من هذا ~~القول، بين يدي ذي الجلالة والمجادة والفضل والطول: فله من العقل الأرجح من ~~الخلق والأسجح، ما لا تلتاط معه تمتي بصفره، ولا تنفق عنده وشاية الواشي، ~~لا عد من نفره، ولا فاز قدحه بظفره؛ والموالي يعلم الدنيا تلعب باللاعب، ~~وتجر براحتها إلى المتاعب؛ وقديما للأكياس من الناس خدعت، وانحرفت عن ~~وصالهم ما كانوا وقطعت، PageV01P090 # وفعلت بهم ما فعلت، بيسار الكواعب التي جببت وجدعت، ولئن رهصت وهصرت # فقد نبهت وبصرت، ولئن قرعت ومعضت، لقد أرشدت ووعظت؛ ويا ويلنا ms045 من تنكرها ~~لنا بمرة، ورمينا لنا في غمرة أي غمرة؛ أيام قبلت لنا ظهر المجن، وغيم ~~أفقها المصحى وأدجن، فسرعان ما عاينا حبالها منها ما لم نحسب كما تقوم ~~الساعة بغتة؛ فمن استعاذ من شيء، فليستعذ مما صرنا إليه، من الحور بعد ~~الكور، والانحطاط من النجد إلى الغور: # فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا ... إذا نحن فيهم سوقة نتنصف # فأف لدينا لا يدوم نعيمها ... تقلب تارات بنا وتصرف # وأبيها لقد أرهقتنا إرهاقا، وجرعتنا ن صاب الأوصاب كأسا دهقا؛ ولم نفزع ~~إلى غير بابكم المنيع الجناب، والمنفتح حين سدت الأبواب، ولم نلبس غير لباس ~~نعماكم حين خلعنا ما ألبسنا الملك من الأثواب؛ وإلى أمه يلجأ الطفل لجأ ~~اللهفان، وعند الشدائد تمتاز السيوف من الأجفان. ووجه الله تعالى PageV01P091 # يبقى، وكل من عليها فإن، وإلى هنا ينتهي القائل ثم يقول: حسبي هذا وكفان، ~~ولا ريب من اشتمال العلم الكريم، على ما تعارفته الملوك بينها في الحديث ~~والقديم، من الأخذ باليد عند زلة القدم، وقرع الأسنان وعض البنان من الندم، ~~دينا به تدنيت حتى مع اختلاف الأديان، وعادة أطرد فيهم على تعاقب الأزمان ~~والأحيان. # ولقد عرض علينا صاحب قشتالة مواضع معتبرة، خير فيها وأعطى من أمانه، ~~المؤكد فيه بأيمانه، ما يقنع النفوس ويكفيها. فلم نر ونحن من سلالة الأحمر، ~~مجاورة الصفرة، ولاسوغ لنا الإيمان الإقامة بين ظهراني الكفر؛ ما وجدنا على ~~ذلك مندوحة ولو شاسعة، وأمنا المطالب المشاغب حمة شر لنا لا سعة؛ وأدكرنا ~~أي إدكار، قول الله تعالى المنكر لذلك غاية الإنكار: " ألم تكن أرض الله ~~واسعة "؛ وقول الرسول عليه الصلاة والسلام، المبالغ في ذلك بأبلغ الكلام: " ~~أنا برئ من مؤمن مع كافر لا تتراءى نارهما "؛ وقول الشاعر الحاث على حث ~~المطية، المتثاقلة عن السير في طريق منحاتها البطيه: # وما أنا والتلدد نحو نجد ... وقد غضت تهامة بالرجال PageV01P092 # ووصلت أيضا إلينا، من الشرق كتب كريمة المقاصد لدينا؛ تستدعي الانحياز ~~إلى تلك الجنبات، وتتضمن ما لا مزيد عليه من الرغبات؛ فلم نختر إلا دارنا، ~~التي ms046 كانت دار آبائنا من قبلنا، ولم نرتض الانضواء إلا لمن بحبله وصل ~~حبلنا، وبريش نبله ريش نبلنا؛ إدلالا على محل إخاء متوارث عن كلالة، ~~وامتثالا لوصاة أجداد لأنظارهم وأقدارهم أصالة وجلاله؛ إذ قد روينا عمن سلف ~~من أسلافنا، في الإيصاء لمن يخلف بعدهم من أخلافنا؛ ألا يبتغوا إذا دهمهم ~~داهم بالحضرة المرينية بدلا، ولا يجدوا الفجاج، وركبنا إلى بحر الفرات ظهر ~~بحر الأجاج؛ فلا غرو أن نرد منه على ما يقر العين، ويشفي النفس الشاكية من ~~ألم البين، ومن توصل هذا التوصل، وتوسل بمثل ذلك التوسل؛ تطارحا على سدة ~~أمير المؤمنين المحارب للمحاربين، والمؤمن للمستأمنين؛ غير حليق الحقيق، ~~بأن يسوغ أصفى مشاربه، ويبلغ أوفى مآربه؛ على توالي الأيام والشهور ~~والسنين، ويخلص من الثبور إلى الحبور، ويخرج من الظلمات إلى النور خروج ~~الجنين؛ ولعل شاع سعادته يفيض علينا، ونفحة قبول إقباله تسرى إلينا؛ ~~فتخامرنا أريحية تحمنا على أن نبادر، لإنشاد قول الشريف الرضي في الخليفة ~~القادر: # عطفا أمير المؤمنين فأننا ... في دوحة العلياء لا نتفرق # ما بيننا يوم الفخار تفاوت ... أبدا كلانا في المعالي معرق PageV01P093 # إلا الخلافة ميزتك فأنني ... أنا عاطل منها وأنت مطوق # لا، بل الأحرى بنا والأحجى، والإنجاح لسعينا والارجى؛ أن نعدل عن هذا ~~المنهاج، ويقوم وافدنا بين يدي علاه مقام الخاضع المتواضع الضعيف المحتاج، ~~وينشد ما قال في الشيرازي أبن الحجاج: # الناس يفدونك اضطرارا ... منهم وأفديتك باختياري # وبعضهم في جوار بعض ... وأنت حتى أموت جاري # فعش لخبزي وعش لمائي ... وعش لداري وأهل داري # ونستوهب من المنان الوهاب تعالى وجلت أسماؤه، وتعاظمت نعماؤه؛ رحمة تجعل ~~في يد الهداية أعنتنا، وعصمة تكون في مواقف المخاوف جنتنا؛ وقبولا يعطف ~~علينا نوافر القلوب، وصنعا يسني لنا كل مرغوب ومطلوب، ونسأله، وطالما بلغ ~~السائل سؤلا ومأمولا، متابا صادقا على موضوع الندم ممولا، ثم عزاء حسنا ~~وصبرا جميلا، عن أرض أورثها من شاء من عباده لهم ومديلا، وسادلا عليهم من ~~ستور الإملاء الطويلة سدولا، " سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة ms047 ~~الله تبديلا ". فلينظر الطائر الوسواس المرفرف مطيرا، كان ذلك في الكتاب ~~مسطورا، ولم نستطع عن مورده صدورا، وكان أمر الله قدرا مقدورا. PageV01P094 # ألا، وإن لله سبحانه في مقامكم العلى الذي أيده وأعانه، سرا من النصر، ~~يترجم عنه لسان من النصل، وترجع فروع البشائر الصادقة، بالفتوحات ~~المتلاحقة، من قاعدته المتأصلة إلى أصل، فبمثله يجب اللياذ والعياذ؛ ولشبهه ~~يحق الالتجاء والارتجاء. ولأمر ما آثرنا واخترناه، بعد أن استرشدنا الله ~~تعالى واستخرناه، ومنه جل جلاله نرغب أن يخير لنا ولجميع المسلمين، ويؤوينا ~~من حمايته ووقايته إلى معقل، وجانب رفيع، آمين، آمين، آمين. # نرجو أن يكون ربنا، الذي هو في جميع الأمور حسبنا؛ قد خار لنا حيث أرشدنا ~~وهدانا، وساقنا توفيقه وحدانا؛ إلى الاستجارة بملك حفي، كريم وفي؛ أعز جارا ~~من أبي داود، وأحمى أنفا من الحارث بن عباد. يشهد بذلك الداني والقاصي ~~والحاضر والبائد، إن أغاث ملهوفا فما الأسود أبن قنان يذكر، وإن أتعش حشاشة ~~هالك فما كعب بن مامة على فعله وحده يشكر PageV01P095 # جليسه كجليس القعقاع بن شور، ومذكراه كمذكر سفيان المنتسب من الرباب إلى ~~ثور، إلى التحلى بأمهات الفضائل، التي أضدادها أمهات الرذائل؛ وهي الثلاث: ~~الحكمة والعدل والعفة، التي تشملها الثلاث: الأقوال، والأفعال، والشمائل؛ ~~وينشأ منها ما شئت من عزم وحزم، وعلم وحلم، وتيقظ وتحفظ، واتقاء وارتقاء، ~~وصول وطول، وسماح ونائل؛ فبور حلاه المشرق، يفتخر المغرب على المشرق؛ ~~وبمحتده السامي خطره في الأخطار، وبيته الذي ذكره في النباهة والنجابة قد ~~طار، يباهي جميع ملوك الجهات والأقطار، وكيف لا وهو الرفيع المنتهى ~~والنجار، الراضع من الطهارة صفو ألبان، الناشئ من السراوة وسط أحجار، في ~~ضثضئ المجد، وبحبوح الكرم، وسراوة أسرة المملكة التي أكنافها حرم، وذؤابة ~~الشرف التي مجاذبها لم ترم؛ من معشر أي معشر، بخلو إن وهبوا ما دون ~~أعمارهم، وجنوا إن لم يحملوا سوى ذمارهم، وبنو مرين، وما أدراك ما بنو ~~مرين: PageV01P096 # سم العداة وآفة الجزر # النازلون بكل معترك ... والطيبون معاقد الأزر # لهم من الهفوات أنتفاء، وعندهم من السير النبوية أكتفاء ms048؛ وانتسبوا إلى ~~برين قيس، فخرجوا في البر عن القيس؛ ما لهم القديم المعروف، وقد نفد في ~~سبيل المعروف، وحديثهم الذي ناقلته رجال الزحوف، من طرق القنا والسيوف، على ~~الحسن من المقاصد موقوف؛ تحمد من صغيرهم وكبيرهم، ذابلهم ولدنهم، فلله آباء ~~أنجبوهم، وأمهات ولدنهم: شم الأنوف من الطراز الأول إليهم في الشدائد ~~الاستناد، وعليهم في الأزمات المعول، ولهم في الوفاء والصفاء والاحتفاء، ~~والعناية والحماية والرعاية، الخطو الواسع، والباع الأطول، كأنما عناهم ~~بقوله جرول: # أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى ... وإن عاهدوا وفوا وإن عقدوا شدوا PageV01P097 # وإن كانت النعماء فيهم جزوابها ... وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا # وتعذلني أبناء سعد عليهم ... وما قلت إلا بالتي علمت سعد # وبقوله الوثيق مبناه، البليغ معناه: # قوم إذا عقودا عقدا لجارهم ... شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا # يزيحون عن النزيل كل نازح قاصم، وليس له منهم عائب ولا واصم، فهم أحق بما ~~قاله في منقر قيس بن عاصم: # لا يفطنون لعيب جارهم ... وهم لحفظ جواره فطن # حلاهم هذه الغريزة التي ليست باستكراه ولا جعل، أمير المؤمنين، دام نصره، ~~قسيمهم فيها حذو النعل بالنعل، ثم هو عليهم وعلى من سواهم بالأوصاف ~~الملوكية مستعل؛ ارفض مونهم منه عن غيث ملث يمحوا أثار اللزبه، وانشق غيلهم ~~منه عن ليث ضار منقبض على براثنه للوثبة، فقل PageV01P098 # لسكان الفلا: لا تغرنكم أعدادكم وأمدادكم، فلا يبالي السرحان المواشي، ~~سواء مشى إليها النقلاى أو الجفلى؛ بل يصدمهم صدمة تحطم منهم كل عرنين، ثم ~~يبتلع بعد أشلائهم المعفره ابتلاء التنين: فهو هو كما عرفوه، وعهدوه ~~وألفوه؛ أخو المنايا، وأبن جلا وطلاع الثنايا، مجتمع أشده؛ قد أحتنكت سنه ~~وبان رشده جاد مجد محتزم بحزام من الحزم، مشمر عن ساهد الجد: # لا يشرب الماء إلا من قليب دم ... ولا يبيت له جار على وجل # أسدى القلب أدمى الرواء، لابس جلد النمر لذوي العناد والنواء: # وليس بشاوي عليه دمامة ... إذا ما سعى يسعى بقوس واسهم # ولكنه يسعى عليه مفاضة ... دلاص كأعيان الجراد المنظم PageV01P099 # فالنجاء النجاء سامعين له طائعين ms049، والوحاء الوحاء، لا حقين به خاضعين قبل ~~أن تساقوا إليه مقرنين في الأصفاد، ويعيا الفداء بنفائس النفوس والأموال ~~على الفاد؛ حينئذ يعض ذو الجهل والفدامه، على يديه حسرة وندامة، إذا رأى ~~أبطال الجنود، تحت خوافق الرايات والبنود، قد لفحتم نار ليست يذات خمود، ~~وأخذتم صاعقة الذين من قبلهم: عاد وثمود، زعقات سبطات تؤز الكتائب أزا، ~~وهمزا محققا للخيل بعد المد المشبع للأعنة همزا، وسلا للهندية سلا وهزا ~~للخطية هزا، حتى يقول النسر: هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا. ثق ~~الخليفة بذلك في كل من رام أذى رعيتك أو أذاك، فتلك عادة الله سبحانه ~~وتعالى في ذوي الشقاق والنفاق، الذين يشقون عصا المسلمين، ويقطعون طريق ~~الوفاق؛ وينصبون حبائل البغي والفساد في جميع النواحي والآفاق؛ فلن يجعلهم ~~الله عز وجل من الآمنين، أنى وكيف وقد أفسدوا وخانوا؟ وهو سبحانه لا يصلح ~~عمل المفسدين، ولا يهدي كيد الخائنين. # وها نحن قد وجهنا إلى كعبه مجدكم وجوه صلوات التقديس والتعظيم، بعد ما ~~زينا معاطفها بأستعطافكم بدر ثناء أبهى من در العقد النظيم؛ منتظمين PageV01P100 # في سلك أوليائكم؛ متشرفين بخدمة عليائكم؛ ولا فقد عزة ولا عدمها، من قصد ~~مثابتكم العزيزة وخدمها؛ وإن المترامي على سنائكم، لجدير بحرمتكم ~~واعتنائكم؛ وكل ملهوف تبوأ من كنفكم حصنا حصينا، عاش بقية عمره محروسا من ~~الضيم مصونا؛ وقد قيل في بعض الكلام: من قعدت به نكاية الأيام، أقامته ~~إغاثة الكرام؛ ومولانا أيده الله تعالى ولي ما يزفه إلينا من مكرمة بكر، ~~ويصنعه لنا من صنيع حافل يخلد في صحائف حسن الذكر، ويروى معنعن حديث حمده ~~وشكره طرس عن قلم عن بنان عن لسان عن فكر؛ وغيره من نيام عن ذلك فيوقظ، ~~ويسترسل مع الغفلة حتى يذكر ويوعظ؛ وما عهد منذ وجد إلا سريعا إلى داعي ~~الندى والتكرم، بريئا من الضجر بالمطالبة والتبرم؛ حافظ للجار الذي أوصى ~~النبي) بحفظه، مستغفرا وسعه في رعيه المستمر ولحظه، آخذا من حسن الثناء في ~~جميع الأوقات والآناء بحظه: # فهو من دوحة السنا فرع ms050 عز ... ليس يحتاج مجتنيه لهز # كفه في الإمحال أغزر وبل ... وذراه في الخوف أمنع حرز # حلمه يسفر أسمه لك عنه ... فتفهم يا مدعي الفهم لغزى # لا تسله شيئا ولا تستنله ... نظرة منه فيك تغنى وتجزى # فنداه هو الفرات الذي قد ... عام فيه الأنام عوم الإوز # وحماه هو المنيع الذي تر ... جع عنه الخطوب مرجع عجز PageV01P101 # فدعوا ذهنه يزاول قولي ... فهو أدرك بما تضمن رمزي # دام يحيى بكل صنع ومن ... ويعافي من كل بؤس ورجز # وكأنا به قد عمل على شاكلة جلاله من ظلاله وتمهيد خلاله وتلقى ورودنا ~~بحسن تهلله واستهلاله وتأنيسنا بجميل قبوله وإقباله وإيرادنا على حوض كوثره ~~المترع بزلاله. والله سبحانه يسعد مقامه العلي ويسعدنا به حله وارتحاله ~~ومآله وحاله ويؤيد جنده المظفر ويؤدنا بتأيدنا على نزال عدوه واستنزاله وهز ~~الذوابل لإطفاء ذباله وهو سبحانه وتعالى المسئول أن يريه قرة العين في نفسه ~~وأهله وخدامه وأمواله وأنظاره وأعماله وكافة شئونه وأحواله. وأحق ما نصل ~~بالسلام وأولى على المقام الجليل مقام الخيفة المولى أزكى الصلاة والسلام ~~على خاتمة أنبياء اله وأرسله سيدنا ومولانا محمد) وعلى جميع أصحابه وآله ~~صلاة وسلاما دائمين أبدا موصلين بدوام الأبد واتصاله ضامنين لمجدها ~~ومرددهما صلاح فاسد أعماله وبلوغ غاية آماله وذلك بمشيئة الله تعالى وإذنه ~~وفضله وإفضاله. انتهى الكتاب وأوردته بطوله لما فيه من ذكرى واعتبار بما ~~فعلته الدنيا مع الملوك الأعاظم الكبار ولأن الكلام جر إليه والله تعالى ~~الكفيل بخلاص من توكل عليه. PageV01P102 # وصاحب هذا الإنشاء وصفة الإمام أبن داود بقوله: " الفقيه الخطيب الفاضل ~~خاتمة الأدباء بالأندلس أبو عبد الله محمد بن الفقيه الصالح أبي محمد عبد ~~الله العقيلي المعروف بالعربي. # ومن بديع نظمه هذه الأبيات: # جز بالبستانين والرياض فما ... أبهج مرئيها وأجلاه # واعجب بها للبنات ولتلك في ... أسفلها ناظر وأعلاها # وقدس الله عند ذلك وقل ... سبحان لا اله إلا هو # ورأيت بخط أبن داود المذكور أنه وقع بينه أعني أبن داود وبين الفقيه ~~المدرس أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل بن إبراهيم ms051 البسطي نزاع في مسألة ~~نحوية قال: وطال فيها الكلام بن ما تقيد عني في غير هذا فقال: الفقيه ~~الخطيب الأديب العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله العربي يروي بالقضية ~~ويشير إلى قصة نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام: # ندد البسطي في مسألة ... لابن داود وقد أحكمها # وقديما وقعت معضلة ... وابنداود الذي فهمها # انتهى. # ومن نظم الشيخ الفقيه الأستاذ المقرئ الخطيب الفذ الأوحد سيدي PageV01P103 # أبي العباس أحمد الدقون رحمه الله قصيدة في ندب الجزيرة تذكر النفوس ~~بشجوها فترسل العيون دموعها الغزيرة افتتحها نصه: الحمد لله على كل حال ~~والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله خير آل أما بعد فيقول خديم أهل ~~الله تعالى عبيد الله أحمد بن محمد الأندلسي الشهير بالدقون لطف الله به ~~بمنه وكرمه: إنه لما غابت شمس الجزيرة الخضراء بأخذ الحمراء قرعت باب ~~الندبة لما تقدم من الصحبه فقلت أبيات صدرت من قلب كئيب مبكية كل لبيب أريب ~~وسميتها بالموعضة الغراء بأخذ الحمراء مبيحا لمن رغب فيها ولم يرغب عنها أو ~~استحسن شيئا منها أن يحدث بها عني وذلك بعد إتقان لفظها وحفظها وفهم وعظها ~~ولحظها وإن كنت لا أحسن أن أقول وربما أعزى بها إلى الفضول لكني لا أعدم ~~المثيل وفي مثل هذا قيل: # ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلا أن تعد معايبه # والله حسبي وعدتي وهو مقيل عثرتي. وهذا مطلع صباحها ومنبع افتتاحها: # أمنت من عكس آمال وأحوال ... وعشت ما بين أعمام وأخوال # ولا ابتليت بما في القلب من نكد ... فالجسم مشتغل من غير أشغال # وكيف لا وبقاع الدين خالية ... من أرض أندلس من أجل أهوال PageV01P104 # عمت فغمت قلوب المسلمين فيا ... للمسلمين من أعداء وأنكال # جاشت بها من جيوش الكفر ما درست ... بهم معالم أخيار وأقيال # أهل الشجاعة أهل العلم أهل تقى ... أهل النفاسة في قول وأفعال # عنهم وفيهم أحاديث النبي بدت ... وهم معاقل قول الله للتالي # رهبان ليل وفرسان نهار فمن ... يلمم بساحاتهم يظفر بآمال # لا عيب فيهم ms052 سوى أن المضاف لهم ... يسلو عن أهل وأوطان وأموال # فهل ترى بعد هذا النفس سائلة ... وكيف تسأل عن وصف وعن حال # تالله لا زال ما في القلب من أسف ... ولو أكن حليفة المنزل الخالي # أو يفتح الله في نصر يمن به ... فالله باق يقي من كل محتال # قد رام إطفاء نور الله مجتهدا ... وباذلا كل ما قد حاز من مال # سطى بجيش كموج البحر في عدد ... نعم وفي عدد من رهط أبطال # مؤيدا باجمالع المصر يتبعه ... شر الخلائق مسرور بإقبال # يسبي المسامع بالأنفاض مشبهة ... وقع الصواعق في هد وزلزال # يبني ليهدم ما للإسلام شيده ... والوصف يعجز من يدعي بقلقال # فهو المقاتل في الأبراج منتقل ... إلف النحوس وتغير وترحال # فاستوطن المرج لا ينوي الرحيل ولا ... يخشى المغيث بسهل أو بأجبال # والمسلمون من الأضغان قد ملئت ... قلوبهم وأبوا تسديد أخلال PageV01P105 # والحق مختلف والحمق مؤتلف ... والكل منصرف عن نصر أبطال # وهم لديه كطير وهو ينتفه ... والطير يرجو البقا مع كيد قتال # إذا تجرد من ريش يطير به ... أضحى يدافع عن روح بأوصال # سدوا مسالك أرزاق ومنفعة ... كدودة القز في نسج لسربال # ثم استغاثوا: ألا فرسان عادية ... قال الصدى: لست ذا رمح ونبال # والصيف ضيعت ما أملت من لبن ... ففارق الجبح من تدخين نحال # وارحل بنحلك نحو الغرب في كرم ... من قبل وضعك في قيد وأغلال # فاستمكن الرعب في الأكباد واتفقت ... بعد اختلاف على تأمين أرذال # واتل غرناطة الغراء قد عدمت ... حب الحصيد ونصر الله والآل # كأنها الشمس في أفق العلى كسفت ... فهل على طلل ترمى بأبطال؟ # وهل تعود ليال قد سلفن بها ... ونحن لا نشكي تنكيد ضلال؟ # وهل يعود لها الدين الذي أنست ... به وقد أيست من فتح أبدال؟ # فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم ... كمثل عاد وما عاد بأشكال # قد فرقوا كسبا في كل منزلة ... وقد سبا من أيد أو عال PageV01P106 # فلا المساجد بالتوحيد عامرة ... إذ عمروها بناقوس وتمثال # ولا المنابر للواعظ بارزة ... للأمر والنهي أو تذكير آجال # ولا المكاتب بالصبيان آنسة ... تتلو ms053 القرآن بأسحار وأوصال # آه على الدين والدنيا وما نفعت ... آه إذا صدرت من قلب بطال # أنا إلى الله والرجعي له وبه ... تلق القلب في تصحيح إعلال # وكان ما كان والألطاف شاملة ... لاحت بنقة نسوان وأطفال # فلنكرم الآن من ينزل بمنزلنا ... فالدهر ذو دول فاسمع لأمثال # وإذ ولا قدرة تدني المنى فلهم ... حق الجوار ولا توصف بإهمال # نلقاهم ولنا بشر ومعذرة ... ورحمة يا حماة العم والخال # ولا نذد عن ورود الحوض وارده ... ولا ندع قول ذي نصح وإجمال # إخوانكم رفعوا أيدي الضراعة مع ... كسر القلوب فلا يلقوا بإخمال # وقل لوال تلطف في مغامرمهم ... يلطف بك الله إذ تدعى لأحمال # هذا النذير جهرا جاء ينذرنا ... والأذن في صمم عن قيل أو قال # ونحن في غفلة عما يراد بنا ... نمشي على مهلة من طول إمهال # يأهل فاس أما في الغير موعضة ... إن السعيد لموعوظ بأمثال # قل تعالوا إلى نصح وتذكرة ... فالأمر جد فلا تصحب لمكسال # كيف الحياة إذا الحيات قد نفحت ... على السواحل أو همت بإرسال # ولا سبيل إلى الترياق غير تقي ... والحزم في سعة من قبل إعجال # والأخذ في جمع القلوب على ... بذل النصيحة أو إبراء ادخال PageV01P107 # والزهد في الدنيا وزخرفها ... والأمر بالعرف مع تحسين مقوال # ولا ترم أمان الروم منزلة ... خوفا على الدين أو بعدا من أنذال # فمن يبت في أمان الكب منتصبا ... لسخط مولى ولا عذر بأثقال # واربأ بنفسك عن أرض تهان بها ... فحيثما كنت لا تخشى من أقلال # فالموت عندي خير من حياة فتى ... قد اكتسى بعد عز ثوب إذلال # والهجرة الآن قد عادت كما سبقت ... فافهم تفاصيل أقوال وإجمال # واحتل بذهنك ولتسمع نصائح من ... قد طب من حب لم يوصف بمحتال # في صدر سبع على التسعين زائدة ... شمس الجزيرة غابت بعد إكمال # وبلغ الكلب ما قد شاء من أرب ... إذ لم يجد ذائدا عن ديننا العالي # ليقضي الله أمرا كان قدره ... والأمر لله في قول وأفعال # وقد عظمت ولو أسمعت لانتشرت ... سحاب الدمع لم تقلع عن انزال # فاليشتغل ms054 كل مسكين بمهجته ... والله يحفظنا من كل مهوال # ثم الصلاة على المختار سيدنا ... محمد والرضا عن آل أو تالي # ومما كتبه بعض أهل الجزيرة بعد استيلاء الكفر على جميعها للسلطان أبي ~~يزيد خان العثماني رحمه الله ما نصه بعد سطر الافتتاح: الحضرة العلمية وصل ~~الله سعادتها وأعلى كلمتها ومهد أقطارها وأعز أنصارها وأذل عداتها حضرة ~~مولانا وعمدة ديننا ودنيانا السلطان الملك الناصر ناصر الدين والدنيا سلطان ~~الإسلام والمسلمين قامع أعداء الله PageV01P108 # الكافرين كهف الإسلام وناصر دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم محي العدل ~~ومنصف المظلوم ممن ظلم ملك العرب والعجم والترك والديلم ظل الله في أرضه ~~القائم بسنته وفرضه ملك البرين وسلطان البحرين حامي الذمار وقامع الكفار ~~مولانا وعمدتنا وكهفنا وغياثنا مولانا أبو يزيد لا زال ملكه موفور الأنصار ~~مخلد المآثر والآثار مشهور المعالي والفخار مستأثرا من الحسنات بما يضاعف ~~الله الأجر الجزيل في الدار الآخرة والثناء الجميل والنصر في هذه الدار ولا ~~برحة عزماته العلية مختصة بفضائل الجهاد مجردة من أعداء الدين من بأسها ما ~~يروي صدور السمر والصفاح وألسنة السلاح باذلة نفائس الذخائر في المواط التي ~~تألف فيها الأخيار مفارقة الأرواح للأجساد سالكة سبيل السابقين الفائزين ~~برضا الله وطاعته يوم يقوم الأشهاد: # سلام كريم دائم متجدد ... أخص به مولي خير خليفة # سلام على مولاي ذي المجد والعلا ... ومن ألبس الكفار ثوب المذلة # سلام على من وسع الله ملكه ... وأيده بالنصر في كل وجهة # سلام على مولاي من دار ملكه ... قسنطينة أكرم بها من مدينة # سلام على من زين الله ملك ... بنجد وأترك من أهل الرعاية # سلام عليكم شرف الله قدركم ... وزادكم ملكا على كل ملة PageV01P109 # سلام على القاضي ومن كان مثله ... من العلماء الأكرمين الأجلة # سلام على أهل الديانة والتقى ... ومن كان ذا رأي من أهل المشورة # سلام عليكم من عبيد تخالفوا ... بأندلس في أرض غربة # أحاط بهم بحر مثال الروم زاخر ... وبحر عميق ذو ظلام ولجة # سلام عليك من عبيد أصابهم ... مصاب عظيم يا لها من ms055 مصيبة # سلام عليكم من شيوخ تمزقت ... شيوبهم بالنتف من بعد عرة # سلام عليكم من وجوه تكشفت ... على جملة الأعلاج من بعد سترة # سلام عليكم من بنات عواتق ... يسقهم اللباط قهرا لخلوة # سلام عليكم من عجائز أكرهت ... على أكل خنزير ولحم لجيفة # نقبل نحن الكل أرض بساطكم ... وندعو لكم بالخير كل ساعة # أدام الإله ملككم وحياتكم ... وعافاكم من كل سوء ومحنة # وأيديكم بالنصر والظفر بالعدا ... وأكنكم دار الرضا والكرمة # شكونا لكم يا مولاي ما قد أصابنا ... من الضر والبلوى وعظم الرزية # غدرنا ونصرنا وبدل ديننا ... ظلما وعوملنا بكل قبيحة # وكلنا على دين النبي محمد ... نقاتل عمال الصليب بنية # ونلقي أمورا في الجهاد عظيمة ... بقتل وأسر ثم جوع وقلة # فجاءت علينا الروم من كل جانب ... بسيل عظيم جملة بعد جملة PageV01P110 # ومالوا علينا كالجراد بجمعهم ... بجد وعزم من خيول وعدة # فكنا بطول الدهر نلقي جموعها ... فنقتل فيها فرقة بعد فرقة # وفرسانهم تزداد في كل ساعة ... وفرساننا في نقص وقلة # فلما ضعفنا خيموا في بلادنا ... ومالوا علينا بلدة بعد بلدة # وجاءوا بأنفاط عظيم كثيرة ... تهدم أسوار البلاد المنيعة # وشدوا عليها بالحسار بقوة ... شهورا وأياما بجد وعزمة # فلما تفانت خيلنا ورجالنا ... ولم نر من إخواننا من إغاثة # وقلت لنا الأقوات وأشتدت حالنا ... أطعناهم بالكره خوف الفضيحة # وخوفا على أبنائنا وبناتنا ... من أن يؤسروا أو يقتلوا شر قتلة # على أن نكون مثل من كان قبلنا ... من الدجن من أهل البلاد القديمة # ونبقى في آذاننا وصلاتنا ... ولا نتركن شيئا من أمر الشريعة # ومن شاء منا البحر جاز مؤمنا ... بما شاء من مال أرض عدوة # إلى غير ذلك من شروط كثيرة ... تزيد على الخمسين شرطا بخمسة # فقال لنا سلطانهم وكبيرهم ... لكم ما شرطتم كملا بالزيادة # وأبدى لنا كتيا بعهد وموثق ... وقال لنا هذا أماني وذمتي # فكونوا على أموالكم ودياركم ... كما كنتم من قبل دون أذية # فلما دخلنا تحت عقد ذمامهم ... بدا غدرهم فينا بنقض العزيمة # وخان عهودا كان قد غرنا بها ... ونصرنا بعنف وسطوة PageV01P111 # واحرق ما كانت لنا ms056 من مصاحف ... وخلطها بالزبل أو بالنجاسة # وكل كتاب كان في أمر ديننا ... ففي النار ألقوه بهزء وحقرة # ولم يتركوا فيها كتابا لمسلم ... ولا مصحفا يخلي به للقراءة # ومن صام أو صلى ويعلم حاله ... ففي النار يلقوه على كل حالة # ومن لو يجيء منا لموضع كفرهم ... يعاقبه اللباط شر العقوبة # ويلطم خديه ويأخذ ماله ... ويجعله في السجن في سوء حالة # وفي رمضان يفسدون صيامنا ... بأكل وشرب مرة بعد مرة # وقدر أمرنا أن نسب نبينا ... ولا نذكره في رخاء وشدة # وقد سمعوا قوما يغنون باسمه ... فأدركهم منهم ألم المضرة # وعاقبهم حكامهم وولاتهم ... بضرب وتغريم وسجن وذلة # ومن جاءه الموت ولم يحضر الذي ... يذكرهم لم يدفنوه بحيلة # ويترك في زبل طريحا مجدلا ... كمثل حمار ميت أو بهيمة # إلى غير هذا من أمور كثيرة ... قباح وأفعال غزار ردية # وقد بدلت أسماؤنا وتحولت ... بغير رضا منا وغير إرادة # فآها على تبديل دين محمد ... بدين كلاب الروم شر البرية # وآها على أبنائنا وبناتنا ... يروحون للبلاط في كل غدوة # يعلمون كفرا وزورا وفرية ... ولا يقدروا أن يمنعهم بحيلة # وآها على تلك المساجد سورت ... مزابل للكفر بعد الطهارة # وآها على تلك الصوامع علقت ... نواقيسهم فيها نظير الشهادة # وآها على تلك البلاد وحسنها ... لقد أظلمت بالكفر اعظم ظلمة PageV01P112 # وصار لعباد الصليب معاقلا ... وقد أمنوا فيها وقوع الإغارة # وصرنا عبيدا لا أسارى فنفتدى ... ولا مسلمين نطقهم بالشهادة # فلو أبصرت عيناك ما صار حالنا ... إليه لجادت بالدموع الغزيرة # فيا ويلنا ويا بؤس ما قد أصابنا ... من الضر والبلوى وثوب المذلة # سألناك يا مولاي بالله ربنا ... وبالمصطفى المختار خير البرية # وبالسادة الأخيار آل محمد ... وأصحابه أكرم بهم من صحابة # وبالسيد العباس عم نبينا ... وسيبته البيضاء أفضل شيبة # وبالصالحين العارفين ربهم ... وكل ولي فاضل ذي كرامة # عسى تنظروا فينا وفيما أصابنا ... لعل إله العرش يأتي برحمة # فقولك مسموع وأمرك نافذ ... وما قلت من شيء يكون بسرعة # ودين النصارى أصله تحت حكمكم ... ومن ثم يأتيهم إلى كل كورة # فبالله يا مولاي منوا بفضلكم ... علينا ms057 برأي أو كلام بحجة # فانتم أولو الأفضال والمجد والعلا ... وغوث عباد الله في كل آفة # فسل بهم أعني المقيم برومة ... بماذا أجازوا الغدر بعد الأمانة؟ # وما لهم مالوا علينا بغدرهم ... بغير أذى منا وغير جريمة # وجنسهم المغلوب في حفظ ديننا ... وأمن ملوك ذي وفاء أجلة # ولم يخرجوا من دينهم وديارهم ... ولا نالهم غدر ولا هتك حرمة # ومن يعظ عهدا ثم يغدر بعهده ... فذاك حرام الفعل في كل ملة # ولا سيما عند الملوك فإنه ... قبيح شنيع لا يجوز بوجهة PageV01P113 # وقد بلغ المكتوب منكم إليهم ... فلم يعلموا منه جميعا بكلمة # وما زادهم إلا اعتداء وجرأة ... علينا وإقداما بكل مساءة # وقد بلغت أرسال مصر إليهم ... وما نالهم غدر ولاهتك حرمة # وقالوا لتلك الرسل عنا بأننا ... رضينا بدين الكفر من غير قهرة # وساقوا عقود الزور ممن أطاعهم ... علينا لهذا القول أكبر فرية # ولكن خوف القتل والحرق ردنا ... نقول كما قالوه من غير نية # ودين رسول الله ما زال عندنا ... وتوحيدنا لله في كل لحظة # ووالله ما نرضى بتبديل ديننا ... ولا بالذي قالوا من أمر الثلاثة # وإن زعموا أنا رضينا بدينهم ... بغير أذى منهم لنا ومساءة # فسل وحرا عن أهلنا كيف أصبحوا ... أسارى وقتلى تحت ذل ومهنة # وسل بلفيقا عن قضية أمرها ... لقد مزقوا بالسيف من بعد حسرة # ومنيافة بالسيف مزق أهلها ... كذا فعلوا أيضا بأهل الشرة # وأندرش بالنار أحرق أهلها ... بجامعهم صاروا جميعا كفحمة # فما نحن يا مولاي نشكو إليك ... فهذا الذي نلناه من شر فرقة # عسى ديننا يبقى لنا وصلاتنا ... كما عاهدونا قبل نقض العزيمة # وإلا فيجلونا جميعا من أرضهم ... بأموالنا للغرب دار الأحبة # فإجلاؤنا خير لنا من مقامنا ... على الكفر في عز على غير ملة # فهذا الذي نرجوه من عز جاهكم ... ومن عندكم تقضى لنا كل حاجة PageV01P114 # ومن عندكم نرجو زوال كروبنا ... وما نلنا من سوء حال وذلة # فأنتم بحمد الله خير ملوكنا ... وعزتكم تعلو على كل عزة # فنسأل مولانا دوام حياتكم ... بملك وعز في سرور ونعمة # وتهدين أوطان ونصر على العدا ms058 ... وكثرة أجناد ومال وثروة # وثم سلام الله تتلوه رحمة ... عليكم مدى الأيام في كل ساعة # انتهت الرسالة بحمد اله، وكتبتها وإن كانت ألفاظها غير بليغة، تكميلا ~~للفائدة، والله الهادي إلى سواء السبيل. # وكان أهل الأندلس في عنفوان أمرهم في غاية البلاغة. حتى قال الرئيس أبن ~~الجياب يفتخر بذلك: # أبى الله أن تكون اليد العليا ... لأندلس من غير شرط ولا ثنيا # وإن هي عضتها نيوب نوائب ... فصيرت الشهد المشور بها شربا # فما عدمت أهل البلاغة والحجا ... يقيمون فيها السم للدين والدنيا # إذا خطبوا قاموا بكل بليغة ... تجلي القلوب الغلف والأعين العميا # وإن شعروا جاءوا بكل غريبة ... تخال النجوم النيرات لها حليا # فنسأل في الدنيا من الله سترة ... علينا وفي الأخرى إذا حانت اللقيا # ولعمري لقد صدق قائل هذه الأبيات، فإن البلاغة لم تزل شمسها بالأندلس ~~باهرة الإياة، ظاهرة الآيات إلى أن استولى عليها العدو وعطل PageV01P115 # من أهل الإسلام الرواح إليها والغدو، وفي أهل بقية لسان ويراعة، وتصرف في ~~فنون الإجادة وبراعة، وقد قصصنا عليك آنفا الرسالة التي كتبها الملك ~~المخلوع لصاحب المغرب فيما سردناه، واطلعت منها على ما يؤيد ما قلناه من ~~الغرض الذي انتحيناه وأردناه: وقد كان ذلك الكتاب وطبقته تلقفوا كرة ~~البلاغة من يد طبقة أخرى حازت معلى القداح، ويبرجت لها من الفصاحة كل خود ~~رداح، كالفقيه الكاتب أبي عبد الله الشران، المبرز في أدواته على الأنداد ~~والأقران، وكالأديب الشهير الفقيه عمر، الذي لم تزل أخباره إلى الآن سمر، ~~وكفارس تلك الحلبة، الكاتب القاضي الرئيس، الوزير الفقيه، أبي يحيى بن ~~عاصم، الذي حليت بعلومه اللبات والمعاصم، وغيرهم من الجهابذة النقاد، ~~والأعلام الذين تخضع لهم المحاسن وتنقاد، إن جدوا وصلوا مقطوع الأسباب، وإن ~~هزلوا، على عادة الأفاضل من مثل هذا الباب، ملكوا النفوس وسحروا الألباب؛ ~~وقد سبق من كلام أبن عاصم ما يصحح ما ادعيناه ولنورد زيادة إذا أبصرنا ~~المنصف المستفيد تقر عيناه، فنقول: أما الفقيه عمر فهو أشهر من نار على ~~علم، وأزجاله ومنظوماته ومقاماته عند العامة محفوظة، وعند ms059 الخاصة مرفوضة، ~~إلا القليل الذي يسمح في مثله لصاحب القلم، كمقامته التي سماها بتسريح ~~المصال، إلى مقاتل الفصال، ونصها: PageV01P116 # يا عماد السالكين، ومحط رحال المستفيدين والمتبركين وثمال الضعفاء ~~والمساكين والمتروكين، في طريقتك يتنافس المتنافس، وعلى أعطافك تزهى ~~العبارات وتروق الدلافس؛ وبكتابك تحيا جوامد الأفهام، وبمذبتك تشرد ذباب ~~الأوهام؛ وفي زنبيلك يدس التالد والطارف، وبعصاك يهش على بدائع المعارف، ~~الله في سالك، ضاقت عليه المسالك؛ وشاد رمي بالبعاد، أدركته متاعب الحرفة، ~~وأقيم من صف أهل الضفة؛ فلا يجد نشاطا على ما يتعاطى، ولا يلقى اغتباطا، ~~وإن حل زاوية أو نزل رباطا؛ أقصى عن أهل القرب والتخصيص، وابتلى بمثل حالة ~~برصيص؛ فأحيل عليك، وتوقفت إقامته على توبة بين يديك؛ فكاتبك استدعاء، ~~واستوهب منك هداية ودعاء؛ ليسير ما سويت، ويتحمل عنك أشتات ما رويت؛ فيلقى ~~الأكفاء الظرفاء عزيزا، ويباهى بك كل من خاطبك مستجيرا، فاصرف إلى محيا ~~الرضا، وأعد من إيناسك العهد الذي مضى، ولا تلقى معرضا ولا معرضا، واصغ إلى ~~سمعك كما قدر الله وقضى: # تعال نجددها طريقة ساسان ... وعض عليها ما توالى الجديدان PageV01P117 # ونصرف إليها من مثار عزائم ... ونحلف عليها من مؤكد أيمان # ونعقد على حكم الوفاء هواءنا ... لنأمن من أقوال زور وبهتان # ونقسم على ألا نصدق واشيا ... يروح ويغدو بين إثم وعدوان # يطرق حوالينا ليفسد بيننا ... بمنطق إنسان وخدعة شيطان # على أننا من عالم كلما بدا ... تعوذ منه عالم الإنس والجان # وحاشاك أن تلفي عن الصلح معرضا ... إلى الصلح آلت حرب عبس وذبيان # وإني أهمتني شئون كثيرة ... وصلحك أولى ما أقدم من شاني # فأنت إمامي إن كلفت بمذهب ... وأنت دليلي إن صدعت ببرهان # سأرعاك في أهل العباءات كلما ... رأيتك في أهل الطيالس ترعاني # ويا لابسي تلك العباءات أنها ... لباس إمام في الطريقة دهقان # تفرقت الألوان منها إشارة ... بأنك تأتي من حلاك بألوان # ويا بابي الفصال شيخ طريقة ... خلوب لألباب لعوب بأذهان # إذا جاء في الثوب المحبر خلته ... زنيبرة قد مدينة منها جناحان # فما تأمن الأبدان آفة لسعتها ... وإن أقبلت في ms060 سابغات وأبدان PageV01P118 # سأدعوك في حالات كيدي وكديتي ... بشيخي ساسان وعمي هامان # وإن كان في الأنساب منا تباين ... فما تنكر الآداب أنا نسيبان # ألا فادع لي في جنح ليلك دعوة ... لتنجح آمالي ويرجح ميزاني # لك الطائر الميمون في كل وجهة ... سريت إليها غير نكس ولا واني # فكم من فقير بائس قد عرفته ... فرقت عليه نعمة ذات أفنان # وكم من رفيع الجاه أوليت أنسه ... فعاش قرير العين مرتفع الشان # فلو كنت للفتح بن خاقان صاحبا ... لما خانه المقدار في ليلة الخان # ولو لكنت لصابي صديقا ملاطفا ... لما قبلت فيه مقالة بهتان # ولو كنت من عبد الحميد مقربا ... لم هزم السفاح أشياع مروان # ولو كنت قد أرسلتها دعوة على ... أبن مسلم ما حاز أرض خرسان # ولو كنت في يوم الغبيط مراسلا ... لبسطام لم تهزم به آل شيبان PageV01P119 # ولو كنت في حرب الأمين لطاهر ... لما هان في يوم القاء أبن ماهان # ولو كنت في مغزى أبي يوسف لما ... رماه بغدر عبده في تلمسان # ولو أن كسرى يزدجرد عرفته ... لما طاح مقتولا على يد طحان # ولو أن لذريقا وطئت بساطه ... لما أثرت فيه مكيدة أليان # وفيما مضى في فاس أوضح شاهد ... غني لدينا عن بيان وتبيان # ولما اغتنى منك السعيد بكاتب ... رأى ما ابتغى من عز ملك وسلطان # فلا تنسى من أهل ودك إنني ... أخاف الليالي أن تطوف فتنساني # ولا خير أن تجعل كفاء قصيدتي ... كفاء أبن دراج على مدح خيران # فجد بدنانير ولا تكن التي ... ألم بها الكندي في شعب بوان PageV01P120 # فجودك فينا الغيث في رمل عالج ... وفضلك فينا الخير في دار عثمان # وما زلت من قبل السؤال مقابلا ... مرادي بإحساب وقصدي بإحسان # ولا تنس أياما تقضت كريمة ... بزاوية المحروق أو دار همدان # وتأليفنا فيها لقبض أتاوة ... وإرغام مسنون وقسمة حلوان # وقد جلس الطرقون بالبعد مطرقا ... يقول نصيبي أو أبوح بكتمان # عريف يلحاني إذا ما أتيته ... ولم أنصرف عنكم بواجب الحان # وقد جمعت تلك الطريقة عندنا ... أئمة حساب وأعلام كهان # إذا استنزلوا الأرواح عند ms061 الحلول تأرجحت ... مجامرهم عن زعفران واوبان # وإن فتحوا الدارات في رد آبق ... ثنت عزمه أوهام خوف وخذلان PageV01P121 # فيحسب الله عز وجل الأرض حيث ارتمت به ... ركائبه سرعان رجل وركبان # وقد عاشرنا أسرة كيموية ... أقامت لدينا في مكان وإمكان # فلله من أعيان قوم تألفوا ... على عقد سحر أو على قلب أعيان # ونحن على ما يغفر الله إنما ... نروح ونغدو من رباط إلى حان # مع الصبح نضيفها عباءة صفة ... والليل ندليها زنانير رهبان # أتذكر في سفح العقاب مبيتكم ... ثمانين شخصا من إناث وذكران # لديكم من الألوان ما لم يجيء به ... طهور أبن ذنون ولا عرس بوران # ثم ذكر خمسة أبيات أقذع فيها، فلذا تركتها، ثم قال: # فاقسم بالأيمان لولا تعففي ... عن السوء لا نحلت عقيدة إيماني # فعد للذي كنا عليه فإن لي ... على الغير إن صاحبته حقد غيران # فمن يوم إذ صيرت ودي جانبا ... وأعرضت عني ما تناطح عنزان # ولا روت الكتاب بعد نفران ... محاورة من ثعلبان لسرحان PageV01P122 # وما هو قصدي منك إلا إجازة ... تخولني التفضيل ما بين خلاني # وإنك إن سخرت لي وأجزتني ... لنعم وليا صان ودي وجازاني # ولم لا ترويني وأنت أجل من ... سقاني من قبل الرحيق فرواني # ولا تنس للدباغ نظما عرفته ... فإنكما في ذلك النظم سيان # ومزدوجات ينسبون نظامها ... إلى أبن شجاع في مديح أبن بطان # وألمم بشيء من خرافات عنتر ... وألمع ببعض من حكايات سوسان # وإن كنت طالعت اليتيمة وانسى ... بلامية في الفحش من نظم واساني # أجزني بكشف الدك أرضى وسيلة ... وخير جليس في بساط ودكان # وناولني المصباح فهو لغربتي ... ميسر أغراضي ورائد سلواني # وألحق به شمس المعارف إنني ... أسائل عن إسناده كل إنسان # وقد كنت قبل اليوم عرفتني به ... ولكنني أنسيته بعد عرفان PageV01P123 # ولا بد يا أستاذ من أن تجيزني ... ببدء أبن سبعين وفصل أبن رضوان # وكتب أبن أخلي كيف كنت فإنها ... لوزن رقيق القول أكرم ميزان # ولا تنس ديوان الصبابة والصفا ... لإخوان صدق في الصفا خير إخوان # وزهر رياض في صنوف أضاحك ... وجبذ كساء في ms062 مكايد نسوان # كذاك فناولني كتاب حباحب ... وزدني تعريفا بها وببرجان # ولي أمل في أن أروي رسالة ... مضمنة أخبار حي بن يقظان # وحبس على الكاس والكوز والعصا ... فإنك مثر من عصي وكيزان # وصير لي الدلفاس أرفع لبسة ... فقد جل قدري عن حرير وكتان # وقد رق طبعي وأعتراني خشية ... يكاد بها روحي يفارق جثماني # وخل مفاتيح الطريقة في يدي ... وسوغ لهم مزيدى ونقصاني # فإني لم أخدمك إلا بنية ... وإني لم أتبعك إلا بإحسان # فكن لي بالأسرار افصح معلن ... فإني قد أخلصت سري وإعلاني # انتهت المقامة. وأثبتها لأنها أخف ما رأيت من هزليات الفقيه عمر المالقي، ~~رحمه الله وسامحه، ومثل هذا الهزل قد وقع لكثير من الأئمة على سبيل PageV01P124 # الإحماض، ولم يعنوا غالبا إلا إظهار البلاغة والاقتدار، كما فعل الحريري ~~وغير واحد، والأعمال بالنيات. # ومن نظم الفقيه عمر المذكور قوله عفا الله عنه: # إلى الله ربي أشتكي حالتي ... عسى فرج يأتي بأفضل حالي # وما أسفي إلا لمالي أبيعه ... وخائن مالي يشتري بمالي # ومن أبدع ما صدر عنه رحمه الله مقامة في أمر الوباء، رأيت أن أثبتها ~~لغرابة منزعها، وإن كان بعض فصولها لا يجري على المشهور من مذاهب العلماء، ~~ونصها: # إلى حمراء الملك وقلعته، ومقر العز ومنعته، ومطلع كل قمر نصري يخجل ~~الأقمار بطلعته، أبقاها الله على تعاقب الزمان، منزل أمان ودار إيمان، ~~وأمتعها بحياة الملك الخزرجي الإيمان، من موجبة إجلالها كما يجب، المعترفة ~~بفضلها وشرفها وأنوار الشمس لا تحتجب، والواقفة عند إشارتها وطاعتها، فإن ~~تأمر أمتثل وإن تدع أستجب، مالقة، المستمسكة بذمتها الوثيقة، المتشوفة إلى ~~أخبارها تشوف المحبة الشفيقة، إلى ريحانة قلبها في الحقيقة، وإلى هذا يا ~~سيدتي ويا عدتي، ويا ذخيرتي ويا عمدتي، أمتعنا الله وإياك بحياة من ~~استنفذها من الورطات، وردنا إلى الصواب مما كان منا من الغلطات، مولانا ~~الغالب بالله وحده، الموعود بعزيز النصر وقريب الفتح والله ميسر وعده. # سلام عليك يتعطر بذكر مولانا أمير المسلمين فوحه، وينشق PageV01P125 # كالمسك الفتيت روحه، ورحمة الله وبركاته. # أما بعد فإني أحمد الله ms063 الذي إذا استكفى بعزته كفى، وإذا استشفى بكلمته ~~شفى، وإذا سئل بواسع رحمته عفا؛ واصلي على رسوله محمد الكريم المصطفى، وعلى ~~آله وأصحابه، أكرم من نصح له وأخلص ووفى. # كتبته إليك يا سيدي عن نفس قلقة، ساهرة أرقه، حاذرة مشفقة، ملهبة بل ~~محترقة؛ وإني اقسم عليك بالرب الذي كرمك بالعز وشرفك، وعرفك من لطائف الفرج ~~بعد الشدة ما عرفك، أن تسعدني على تسكين لوعتي، وتأمين روعتي وتراجع رقادي ~~بعد سهادي، وقضاء حاجة جلت في فؤادي، وتفهمي مراد إشارتي وإشارة مرادي. # ومبنى هذه الرسالة إليك على قولهم: " الشفيق مولع بسوء الظن "، ومن منن ~~الله على عبده الوقاية من المتالف جل الله العظيم المن؛ وعلى قول المتنبي: # ربما ضر عاشق معشوقا ... ومن البر ما يكون عقوقا # والمثل الأول لي والآخر لك، والله ييسر في حفظ مولانا أملي وأملك. وإني ~~أتعجب من مساعتتك على إقامة مولانا بمنزل، هذا المرض به فاش، وهذا الهواء ~~الفسد بين دياره جاء وماش، وسمعت أن حديث السفر لمالقة اثقل عليك من حديث ~~رقيب وعاذل وواش؛ وأن الآراء في ذلك اختلف، ولم يرجع فيها إلى سنن تقدمت ~~وعوائد سلفت؛ والأوائل من المؤمنين رحمهم الله ما تركوا شيئا سدى، بل نصبوا ~~كل طريق إلى النجاة علم هدى، وسمعت PageV01P126 # يا سيدي أن القضية عول على المقام والاستسلام، وخلوف فيها رأي الخليفة ~~الرشيد لما تحول في مثلها عن سكنى دار السلام، بمحضر أركان الدين وأعلام ~~الإسلام؛ وقد سمعت في الأجوبة الظريفة، ما صدر من قوله: أخشى أن أكون أول ~~خليفة؛ وقد كنت يا سيدي أرتجي أن يكون لهذا المرض ارتفاع، أو يحصل بدخول ~~فصل البرد انتفاع؛ فتركت الكتب منتظرة لذلك إلى أن تزايدت الحال وأنت على ~~حالك، لا يمر الترحال بخاطرك ولا ببالك، وأنا أقول: أما واجب التسليم، ~~لتقدير العزيز العليم؛ فمتأكد شرعا، لا يضيق به المؤن ذرعا؛ لكن ما يفعل ~~المستسلم بالروح والجسد، إذا قيل له اهرب من الأسد؛ وقد أبصره مقبلا إليه، ~~أو منقضا عليه؛ أن يأخذ في تحفظه واحتراسه ms064، أم يصبر لافتراسه؟ ومن قيل له ~~في ظلم الليل: ارتفع عن هذا المكان تنج من السيل؛ أن ينام في مكانه، أم ~~يبادر إلى السلامة بجهد إمكانه؟ ومن نوى: هذه الخيل قد طلعت مغيرة، والرعاة ~~في الجبال مستجيرة؛ فارفع غنمك قبل الاكتساح، فالوقت في انفساح؛ أيتركها ~~تسرح، ولا يبرح؛ أم يرفعها لتسلم، مما تدرب وتعلم؟ وكذلك إذا قامت الرماة ~~صفوفا وأصابت سهامهم من الخلق ألوفا؛ أيرجح الحق يباعدا أم وقوفا؟ وكذلك ~~أيضا المنازل، التي تدوم بها الزلازل فأرضها في كل يوم تميد، ودهش القلوب ~~بها حاضر عتيد أو الخسوف بها في يوم ينقض وفي يوم يزيد لا تسمع فيها إلا ~~سقوط جدار، على ركن دار؛ وانفكاك الأركان، على السكان؛ وإخراج ميت، من تحت ~~بيت؛ وسقوط سارية، على جارية؛ أيعزم على السكنى والاستيطان تحت هذه ~~الحيطان؛ أم يؤخذ في الاحتيال، PageV01P127 # بالخروج بالأطفال والعيال؟ يا سيدتي الحمراء، سألتك فاخبريني، وإن تحير ~~فهمي فاعذريني ووصل إلي الكتاب الشريف، من جنان العريف؛ يذكر أن السلامة ~~كانت به مستصحبة لمولانا ولناسه، وأن العافية كانت بهم منتشقة أنفاس رنده ~~وآسه، ما عرضت به إلى طبيب حاجة ولا استدعى فيه المعاور للنظر في زجاجة؛ ~~ولا لقول ولا عمل، ولا بلغ في الجساوة والقساوة أقل أمل؛ ولم ينتقص من ~~الساكنين بهذا البستان، من عبيد مولانا السلطان، غير فتى من الخصيان، لا ~~يساوي عشرة دراهم في سوق الفتيان، والجميع بحمد الله استمرت عافيتهم على ~~استقامة، بطول أيام الإقامة؛ وعرفني أيضا جنان العريف في وافد كتابه، ووارد ~~خطابه، أن رغبته كانت في انتقال مولانا نصره الله من صحيح هوائه، وسلسبيل ~~مائه؛ ونفحة جنابه، وتلاعب النسيم العاطر بين قبابه. إلى مالقة حيث الجو ~~الصقيل، والروض الذي يطيب به المقيل، والراحة التي تمتزج بالأرواح كما قيل؛ ~~حيث العرف الأرج، والوادي المعرج والساحل الذي ينشرح به الصدر الحرج، حيث ~~البنفسج يدير كئوس البهار، والياسمين نجوم طالعة بالنهار؛ حيث يتمازج طيب ~~الزهر، بعرف الأترج ونفحات السحر حيث يشبه أنين السواني، حنين المتعشقات من ~~الغواني، إذا ms065 حمد الصباح، وانفلق الإصباح؛ وعمرت صغار القوارب، ونادت بحرية ~~الشباك: PageV01P128 # إلى المضارب، وسالت أنوار المشارق على جوانب المغارب، ونادى محرك الجيش: ~~ظهور الخيل، وصباح الخير، واستقبلوا الوادي الكبير لمصيد الأرانب والحوت ~~والطير؛ شكر الله جنان العريف على ما قصد ونوى، وعلى ما اظهر من اتباع حق ~~ومخالفة هوى، اعتمادا من أخبار الدول القديمة على ما حفظ وروى. وقال لي يا ~~سيدتي انك وقفت مع الحديث المنصوص، الوارد في مثل هذا المرض على الخصوص؛ ~~وفيه النهى عن الخروج من منازل هذا المرض على الخصوص؛ وفيه النهى عن الخروج ~~من منازل هذا المرض ومواضعه، ومن القدوم على معتركاته ومصارعه؛ والحديث ~~الصحيح، والرشد فيه قول صريح؛ ولكن للعلماء فيه أقوال طويلة التفصيل، وقد ~~لخصها وبينها الإمام أبن رشد في كتابه الجامع من البيان والتحصيل؛ والاتفاق ~~من الجميع أن النهى في هذا الحديث ليس بنهى تحريم، وإنما هو على سبيل إرشاد ~~وأدب وتعليم؛ # فلا إثم ولا حرج، على من أقام ولا على من خرج. وقال عمرو بن العاص: ~~الأفضل الخروج لأهل الفطنة، اتقاء من يؤدى إلى فتنه؛ وكفى بعمرو بن العاص ~~حجة لمن أراد انتصارا، والكلام كثير، ولكني اختصرته اختصارا؛ وإن نظرا قدمه ~~كثير من الصحابة ورجحه، لخليق بأن يقال فيه ما أسعده وما أنجحه! يا ليت ~~تفقهي كله يكون من هذا القبيل، وجاريا على هذا السبيل، مستندا إلى قول ~~صحابي جليل، ومستدلا بأرشد علم ودليل، ولو كان على خلاف المشهور من قول PageV01P129 # خليل. وهنا يقال: ما في هذه القلة غير هذا الإغريل. يا سيدتي الحمراء؛ ~~أراك في هذه القضية تفقهت فيما بينه عالم وذو علم، ومنعت مما ليس فيه حرج ~~ولا إثم؛ ولو كنت حاضرة لكان لي معك حديث طويل، واحتجاج ينصره نص وتأويل. ~~وسمعت أنك اشفقت من عظيم النفقة، وليس هذا موضع الشفقة؛ فالأمر ليس بغال، ~~ولو يشترى بكل ذخيرة وكل مال؛ والأولى بالملامة، من يفضل شيئا على السلامة. ~~القمح يأكله السوس، والذهب تغنى عنه النفوس، فكيف يستعظمان فيما تؤمن به ~~النفوس ms066. وبلغني أنك قلت: مالقة ليس بها زرع، وبقليل المقام يضيق لها صدر ~~وذرع وفلاحتها وحرثها ليس لهما أصل ولا فرع؛ وعز علي هذا الكلام وكنني سلمت ~~والسلام؛ فإن سعري عن سعر غرناطة منحط، وفي لمحة بصر يضيق مني بالطعام في ~~كثير من الأيام ساحل وشط، ولا يعلم أنه دامت لي شدة قط. لي في الاعتصام ~~بالتوكل على الله ما يزيد على سبع مائة العام، ما اشغلت فيها فكرا ولا قلبا ~~بادخار قوت ولا باحتكام طعام؛ أثق في اليوم والغد، بالرزق الرغد؛ تأتى به ~~الرياح على الأعناق، ويفيض سيله على جوانب الدواوين وأكناف الأسواق، وتجلبه ~~الأحباب والأعداء بإذن اللطيف الخبير الوهاب الرزاق. PageV01P130 # قالت النملة: افتخاري، بادخاري؛ قالت العصفورة: توسلي، بتوكلي؛ قالت ~~النملة: أعتمد على الحب؛ قالت العصفورة: أتوكل على الرب. فلما جن الليل، ~~اقبل السيل؛ فخرجت النملة بالعوم، وبقيت الحبوب بين الدوم؛ فنزلت العصفورة ~~وسجدت، والتقطت من مدخر النملة كل ما وجدت؛ وقالت: خسر المحتكر، وربح طالب ~~الرزق المبتكر، الكريم لا يفتخر بما يدخر. # وصح عندي أن الوزير أعزه الله ليس عنده في هذا كله كلام ولا قول وأن ~~الأمر عنده مفروض إلى الرب الذي له القوة والحول. وسمعت يا سيدتي أن هذا ~~السقم، أعظم تأثيره إنما هو في قطع الأكباد، من صغار الأولاد؛ الذين من فوق ~~السبع ودون العشر، وهم في هذه السنين رياحين القلوب العاطرة النشر؛ وهذا ~~إلى كتبي لك اعظم داع، فإن الأولاد سوائم والوالد راع؛ والراعي لا يترك ~~غنمه في الطريق سبع ضار، ولا قريبا من حريق نار؛ ومحن نشاهد الطير ينقل ~~أفراخه من وكر إلى وكر، ويسترها بملتف الشجر إذا خاف عليها عادية جارح أو ~~صاحب مكر؛ فكيف لا نقتدي في تأمين روعتنا بمن تقدم من الأكابر، ونقف في ~~حامل السيل بأولادنا الأصاغر؛ فما عندك في هذا كله من القول ومن الجواب؟ ~~وما يظهر لك من وجه الرأي والصواب؟ اكتبي بذلك كتابا اعتمد عليه، وأستند ~~إليه؛ وقبلي عني يد مولانا تقبيلا، ويا ليتني وجدت إلى ذلك ms067 سبيلا؛ وأخبريه ~~أني في خدمته على نيتي الأولى، عاكفة على شكر منته الطولى؛ أدام الله حياطة ~~البلاد والنفوس بحفظه وحياطته؛ وأسمعني البشارة PageV01P131 # بقدومه ع محدث مالقة من حمراء غرناطة؛ ويحفظه في النفس والأولاد والملك ~~والبلاد، بمنه وفضله. # وكتب بتاريخ ربيع الآخر عام أربعة وأربعين وثمان مائة. انتهت المقامة. # وكلام المذكور كثير، ومحله من عذوبة المنطق أثير؛ أعلى طبقة من نثره ~~طريقة معريه، حسبما يظهر ذلك بالتأمل لنفوس بالإنصاف حرية؛ وله عدة تآليف ~~أكثرها هزلية، ولذلك لم اجلب شيئا منها سوى ما تقدم، مما يقتضي ما أصلناه ~~من المزية، والفضيلة للبلاد الأندلسية. # ومن أحسن مقطوعاته التي تطرح بها على باب الكريم، وتطفل بها تطفل من لا ~~يبرح عن باب سيده ولا يريم؛ ويرجى له بها كل جميل، والله لا يخيب ما أمله ~~من تأميل قوله رحمه الله: # عقيدة دين الحق أن محمدا ... له الفضل إطلاقا على كل مخلوق # وإن سبقت رسل بكتب وبعثة ... فما هو في مجد وفضل بمسبوق # فهذا إذا ما عشت أولى عقيدتي ... وهذا إذا ما مت آخر منطوق # وقوله: # جئتك يا رب ولا عذر لي ... وهل لعبد السوء من معذرة؟ # أرجوك فيما أنت أهل له ... فأنت أهل العفو والمغفرة # وقوله في مرضه: # يا سامعين الكلام مختلطا ... نظما ونثرا قلائدا ودرر # صلوا على المصطفى وسيلتنا ... محمد وارحموا الفقيه عمر PageV01P132 # وأما الكاتب الرئيس أبو عبد الله الشران، فهو الشيخ الفقيه الرئيس الصدر، ~~العلامة العماد، الذخر الأرفع، العلم الأوحد، الأمجد الأسرى، الذي لا يجارى ~~في الإنشاد والاختراع كلاما جزلا، وقولا فصلا، رئيس الكتبة بالحضرة العلية، ~~أبو عبد الله أبن الشيخ الفاضل الماجد الأعز الأرفع الأوجه أبي إسحاق، كان ~~حيا سنة سبع وثلاثين وثمان مائة. هذا كلام بعض الأندلسيين فيه. # وقال القلصادي في حقه: هو الفقيه الوجيه اللبيب اليقظ الأدرى، الأديب ~~الأحظى، الرئيس النبيل الأرقى؛ وحيد عصره وأوانه، وفريد دهره وأقرانه، أبو ~~عبد الله محمد الشران الغرناطي، تغمده الله برحمته. # وذكر هذا الشيخ القلصادي في طالعة شرحه لأرجوزة أبي عبد الله الشران ms068 ~~المذكور، التي أولها: # بحمد خير الوارثين أبتدى ... وبالسراج النبوي أهتدى # وهي أرجوزة عذبة النظم، سهلة المأخذ مختصرة في علم الفرائض. # ومن بديع نظم الكاتب أبي عبد الله الشران رحمه الله تعالى قوله: # فلا تمنع العين انهمالا فأنه ... غرام شج إسناده غير مهمل # أحاديث ترويها الجفون عن الحشا ... ويثبت منها مرسل بمسلسل # وقوله يخاطب الفقيه الصالح سيدي أحمد بن حرشون، وقد أهدى له قرص زعفران: # أهلا بقرص زعفران أطلعت ... من حسنها للقلب باعث أنسه # حيا الخوص به وغير عجيبة ... للبدر أن حيا بقرص شمسه # يا نيرا للمجد أهدي نيرا ... كل امرئ إهداؤه من جنسه PageV01P133 # لما اختفت شمسك عن ناظري ... أرست منه مطر الدمع # وأقبلت ظلمة الليل النوى ... فما ترى في رخصة الجمع # ز حكى الحافظ أبو عبد الله التنسي رحمه الله أنه لما صرف الفقيه أبو ~~الفضل أبن جماعة عن رياسة الكتابة بغرناطة إلى قضاء الجماعة وولى مكانه ~~صاحب الترجمة أبو عبد الله الشران لقي بعض رؤساء الدول جماعة يوما فقال له: ~~يا سيدي إن السر الذي عهدناه الحضر غاب عنها بغيبتك. فقال له: وكيف لا وقد ~~تركتم الفضل المجموع وأخذتم الشر المكرر. # قم إن أبن جماعة كان عنده إعذار فدعا أعيان البلد إليه ولم يدع الشران ~~فكتب إليه الشران: # ماذا أعد المجد من أعذاره ... في ترك دعوتنا إلى إعذاره # إن كان الرسم دون محضرنا اكتفى ... لا بد أن يبقى على إعذاره # ثم قال الشيخ التنسي: والشران هذا ممن له باع مديد في الشعر وتصرف حسن. ~~انتهى. # ومن بديع نظم الشران المذكور قوله رحمه الله: # دوام الحال من قضايا المحال ... واللطف موجود على كل حال # والنصر بالصبر محلى الظبي ... والجد بالجد مريش النبال # وعادة الأيام معهودة ... حرب وسلم والليالي سجال # وما على الدهر انتقاد على ... حال فإن لحال ذات انتقال PageV01P134 # من لليالي بائتلاف وكم ... من اعتبر باختلاف الليال # أخذ عطاء محنة محنة ... تفرق جمع جلال جمال # حال انتظام وانتثار معا ... كأنما هذي الليالي لآل # وهل سنى الصبح وجنح الدجى ... لخقة الأضداد ms069 إلا مثال # والظلم الحلك على نورها ... تدل والعسر بيسر يدال # والسيف قد يصدأ في غمده ... ثم يجلى صفيحته الصقال # والمس بعد الغيم تجلى كما ... للغيث من بعد القنوط انهمال # والفرج الموهوب ترجي به ... لطائف لم تجر يوما ببال # فصابر الدهر بحاليه من ... حلو ومر واعتدا واعتدال # فما للصبر على حالة ... وإنما الصبر حلى الرجال # ولا يضيق صدرك من أزمة ... ضاقت فصنع الله رحب المجال # إلى هنا توجد هذه القصيدة بأيدي الناس ورأيت بخط بعض الأخيار بعد هذا ~~البيت زيادة كثيرة على ذلك منسوبة لصاحب القصيدة وهي لا تبعد من نفسه على ~~إن فيها إطاء. وها أنا أيضا أثبتها بجملتها لغرابتها وجزالتها ولاشتمالها ~~على مديح المصطفى المجتبى) ونصها بعد قوله: " رحب المجال ": # وانظر بلطف العقل كم كربة ... فرجها لطف كحل العقال # وكل إليه كل حاج فما ... لذي حجا إلا عليه اتكال PageV01P135 # وكل بدء فله غاية ... وغاية الخطب الخطب الشديد انحلال # وكل عود فله آية ... وأية العقل اعتبار المآل # وفي مآل الصبر عقبى الرضا ... من فرج يدني وأجر ينال # عجبت للعبد الضعيف القوي ... يغر بالرب الشديد المحال # يهوي على الآمال مسترسلا ... طوع الهوى حيث أمالته مال # تخدعها النفس بتخييلها ... وهل خيال النفس إلا خبال # يخال أن الأمر جار على ... تدبيره هيهات مما يخال # الخلق والأمر لمن لم يزل ... في ملكه الملك وما إن يزال # والفعل والترك دليل على ... مراده والكل طوع انفعال # يعطي فلا منع ويقضي فلا ... دفع ويمضي حكمه لا يبال # يدبر الأمر فعن أمره ... تقدير ما في الكون سفل وعال # يضل يهدي حكمة أنفذت ... فضلا وعدلا في هدى أو ضلال # وحكمة البارئ في حكمه ... ما لمجال العقل فيها مجال # والرب لا يسأل عن فعله ... قد قضى الأمر ففيم السؤال # فيا أخا الفكر اشتغالا بما ... في غيره للفكر حق اشتغال # سلم ففي التسليم من كل ما ... ينفذ تسليم وتنعيم بال # وارض بما فاتك أو نلته ... فعكسه ما لك فيه مجال # وفوض الأمر إلى الحق لا ... تركن من الدنيا لحال محال # فذو ms070 الحجا فيما اتقى وارتجى ... بالعدل حال ومن العذل خال # يرضى بقسم الرب كل الرضا ... في كل حال ما عن العهد حال PageV01P136 # يرى خلال الشكر والصبر في ... ما سر أو ساء أبر الخلال # فهو على الحالين قد نال من ... مناه في الدارين اقصى منال # ما أقصر الدنيا على مرها ... كال الظل ما أقصر مد الظلال # فافطن لها حزما ففي ظلها ... ما قال حازم حيث قال # ما يقظات العيش إلا كرى ... ولا مرائي العين إلا خيال # يا ليت شعري والمنى غبرة ... والشعر قول ينافي الفعل # هل يستحيل العهد من صبوته ... فقد مضى عهد الصبا واستحال # والشيب هل يقظني صبحه ... فالنوم في ليل من اللهو طال # وكسرتي من عسرتي هل تقى ... وعثرتي من عبرتي هل تقال # هذا زماني في تول وفي ... عزمي توان والهوى في توال # حال من احتل ... بدار البلا ولم يحدث نفسه بارتحال # يا رب ما المخلص من زلتي ... لا عمل لا حجة لا احتيال # يا رب ما يلقاك مثلي به ... عن طاعة لم ألقها بامتثال # يا رب لا أحمل حر الصبا ... فكيف بالنار لضعفي احتمال # أو كيف عذري وقد أعذرت لي ... بأخذ حذري من دواعي النكال # رحمتك اللهم فهي التي ... لها على العاصين مثلي انثيال # ولا تعاملنا بأعمالنا ... لكن رجا آمالنا صل ووال PageV01P137 # وبامتداح المصطفى هب لنا ... مآثم الفعل لبر المقال # فما سوى حبي للمصطفى ... وسيلة لي بعرها اتصال # ذلك تجري وعلى فضله ... طمعت في الفضل بلا رأس مال # فإن يفز قدحي بمدحي له ... فقد يجل النور قدر الذبال # ورائد الغر الغوالي على ... موثقة مما نوى من نوال # أعظم بأمداح نبي الهدى ... حبل اعتلاق أو شفاء اعتلال # خير الورى من باد أو حاضر ... أكرمهم من خاف أو ذي انتعال # فاديهم من فتكات الردى ... هاديهم في هلكات الضلال # حاميهم بالعض ذا لا حمى ... كاليهم في الخطب إذ ليس كال # منيلهم إذ لا جدى يرتجى ... مقيلهم إذ لا عثار يقال # قريعهم في بقات العلا ... شفيعهم في عرضات السؤال # مؤويهم من حوضه من ms071 صدى ... مؤويهم من جاهه في ظلال # أطول من سال بسيب الندى ... أصول من في الحق بالسيف صال # من خصه الله بخصل المدى ... في كل ما عم الهدى من خصال # من باهر الحسن وفضل التقى ... وحكمة النطق ومجد الفعال # حال من العلم بأسنى حلى ... واف من الحلم بأزكى خلال # نور مبين صادق فارق ... مبشر هاد ختام كمال # أبيض يستسقي الحيا بأسمه ... كهف الأيامي لليتامى ثمال PageV01P138 # الرحمة المهداة ضمن احتفا ... والتعمة المسداة خلف احتفال # كم آية جلى لنا أو تلا ... وغاية جلى بها دون تال # ذو العرش أسمى قدره فاسمه ... في العرش مقرون مع اسم الجلال # وذكره رفع في ذكره ... حمدا ليتلو مدحه كل تال # أعطاه دون الرسل خمسا كفت ... يد امتنان العطايا الجزال # لم يبعث الرسل اشتمالا وفي ... بعثته للثقلين اشتمال # وقسمة الأنفال حلا وما ... من قبل كانت لنبي حلال # والأرض طهرا ومصلى لأن ... كان له كون بها واحتلال # والنصر بالرعب لشهر مدى ... ينازل الأعداء قبل النزال # والنعمة الكبرى التي نالها ... شفاعة الأخرى ونعم المنال # وليلة المعراج أسرى فما ... اسرى واسنى شرفا في الليال # جال وجبريل أنيس له ... من السماوات العلى حيث جال # حتى انتهى من سدرة المنتهى ... إلى مقام لم ينله مقال # قال له الروح مقامي هنا ... وأنت فاصعد لمقام الوصال # فقال: يا أنسى أفردتني ... حيث دهتني مدهشات الجلال # فقال: كلا إنما الأنس ما ... أنت موال ولك الله وال # طأ حضرة القدس اتصالا فما ... أبيح منها لسوك اتصال # فزجه في النور زجا رأى ... وراءه للحق نور الجمال # شاهد ما شاهد مما ارتقى ... عن مبلغ العقل ووهم الخيال # فقال قوم بفؤاد رأى ... وعالم بالعين والقلب قال PageV01P139 # وليس ذا وهو محال على ... حال مقام الحب مما يحال # حيث تدلى قاب قوسين أو أدنى نجيبا في ظلال الدلال # وبعد ما في النجم يتلى علا ... ثم أتى والنجم في الأفق عال # وباحتمال الجسم والروح في ... مسراه صح القول دون احتمال # وبانشقاق الصدر فقس ... له انشقاق البدر عند اكتمال # لنسبة بينهما في الهدى والحسن والقرب ms072 وبعد المنال # فنور هذا كم جلا من دجى ... ونور هذا كم هدى من ضلال # كلا بل الأنوار حيث انجلت ... حسا ومعنى منه كلا تنال # لا نشقاق البدر من نوره ... أبدى انشقاقا وهو تغيير حال # شق هلالين على صفحتى ... ظلمائه في كل شق هلال # والشطر منه لاستلام الثرى ... بين يديه بالسلام استمال # بل اخجل البدر لنقصانه ... فانحط منشقا لبدر انكمال # هم سألوها آية أعرضوا ... عنها وقد جاءت وفاق السؤال # قالوا وقد جالوا بسحر أتي ... فقالت هذا السحر سحر حلال # بل عجبوا من نكتة الكون أن ... أعطاه رب الكون ما منه سال # وهجرة بل وصلة للرضا ... وربما نيل بهجر وصال # ضفا لحجب الستر دون العدا ... في الدار والغار عليه انسدال # إذ غار بالحكمة نور الهدى ... في الغار من غارة حزب الضلال # وما اختفي من خيفة بل لأن ... تظهر أسرار معاني المعال PageV01P140 # حيث ثنى بعد عنان الردى ... سراقة عما سرى واستقال # هيل كثيب الطرف خسفا به ... عن كثب والصنع للطرف هال # أهوى كما أهوت بميلاده ... من قصر كسرى الشرفات العوال # نسبة حال كان من سرها ... أن بسواريه غدا وهو حال # هناك هامت بالحمام العدا ... فحام حوليه حمام فحال # فاطرد الكسر على جمعهم واطرد الفتح له صدق فال # والعنكبوت اعتمدوا حجة ... خالوا بها الغيل من الليث خال # فأعجب لهم بالوهن استوثقوا ... ظنا وللبرهان هم في جدال # ما أصدق الصديق في قوله ... عدل لنا في حجج الصدق قال # أشفق لا حرصا على نفسه ... بل غار من علق نفيس يذال # يا أيها الصديق بشراك لا ... تحزن وشم للنصر أمضى النصال # فحكمة العصمة إحرازها ... ما بين أظفار الظبي والعوال # لله ما أشرفها عزة ... ليس لغير الله منها ابتهال # نبوة لاحت براهينها ... قطيعة ترغم أنف الجدال PageV01P141 # وهل جدال في على أوجبت ... وآدم في طينه ذو انجدال # وإذ نجى في فلكه ... كان على أنوار هذا اشتمال # كذا خليل الله في ناره ... من نوره أهدى هدى الخلال # إذ قال جبريل له سل تنل ... فقال علم الحال حسب السؤال # ونال إسماعيل ms073 منه الفدا ... بالذبح أو إسحاق إن صح نال # وهود استجلى لديه الهدى ... ويوسف منها تحلى الجمال # وخلعة الإشراق منها أكتسى ... بالطور موسى عند خلع النعال # والروح روح الله لاقى بها ... بشرى تلقتها صدور الرجال # فيا له نور انتقاء بدا ... في غرر الآباء منه انتقال # والشمس والبدر معا والضحى والشهب منه أشرفت والهلال # ونوره أجلى، وبرهانه ... أعلى، وكم من دونها من معال # تفجرت أنمله الندى ... معنى وبالحس جرت بالزلال # وأنطق الطير بتصديقه ... وأفصح الذئب به والغزال # وسبحت في راحتيه الحصى ... وانهزم الجمع لحثو الرمال # والجذع إذ عوض من وصله ... بفصله حن حنين الفصال # وهل إلى آياته منتهى ... وعن غاياته النجم آل # فما بليغ بالغا وصفه ... يقصر عن ذاك المقام المقال # وبعد معبد نون أو منتهى ... براءة ماذا عسى أن يقال PageV01P142 # يا سيد الكونين فضلا به ... قد ساد في الأولى ويوم المآل # يا سابق الرسل اصطفاء ويا ... خاتمهم جمعا لمعنى الكمال # يا ملجأ الخلق ومنجاهم ... إذا بهم ضاق انفساح المجال # يا من به نال المحب الرضا ... ويا شفيعا في الذنوب الثقال # رحماك فينا يا بني الهدى ... فلم تزل رحماك ذات انهمال # رحماك في أوطاننا راعها ... من لحظك الأحمى بعين ابتهال # رحماك في سلطاننا واله ... من نصرك الأمضى بأرضى نوال # رحماك في غربتنا كن لها ... أنسا فإن العهد بالأنس طال # رحماك في كربتنا حلها ... منك بسر فهي رهن اعتقال # رحماك في عيلتنا أغنها ... أنا على رفدك طرا عيال # رحماك في قلتنا زكها ... زكاة تكثير لجاه ومال # صالت علينا بالوفور العدا ... وهل على راجيك غوثا يصال # صالت بعد واعتداد معا ... وما على ذاك الحمى يستطال # خالت بأنا لا غياث لنا ... حاشى غياث الخالق مما يخال # وبالغنى اختالت وما إن لنا ... في غير أفياء غناك اختيال # فأنت للخلق ملاذ الورى ... والوزر الأحمى لدى ذي الجلال # صلى عليك الله نور الهدى ... أزكى صلاة قرنت باتصال # انتهت القصيدة. ومن ذلك قوله رحمه الله: # لك يا فقيه وضعت خدى في الثرى ... طمعا بوصلك منك غير مؤجل # فأجاب ذلك ms074 لا يجوز لأنه ... عندي ربا من باب ضع وتعجل PageV01P143 # وقوله: # لي سيد زار وما زرته ... فمني النقص ومنه التمام # إن يحتمل سهوى ففقه مضى ... لأنني المأموم وهو الإمام # وطالما زار الغمام الثرى ... ولم يزر قط الثرى للغمام # وقوله رحمه الله، وهو غاية في بابه: # بعثت بها ذكرى على ثقة إلى ... مؤمل وعد من لقائك مرقوب # فما زلت فذا في رءوس ذوي العلى ... وما وعد رأس مثل موعد عرقوب # وقوله: # عاب مني العداة شعرا وثغرا ... رميا في الصبا بشيب وشين # قلت: لا عيب في ما دام فضل ... في النهى واللسان والشفتين # وقوله: # قلت لما جبرت بالعاج ثغرا ... ولقد رمت بالمحال احتجاجا # صاح لا بأس أن يعوج شبابي ... تلافي أما ترى الثغر عاجا # وقوله: # أتراني أحوط الثغر ربطا فأضحكت ... وتاهت بثغر بالجفون يحاط # فقلت لخوف الحل منه ربطته ... أينكر في الثغر المخوف رباط # وقوله: # إلهي لك الشكوى وحسبي رحمة ... نداؤك في شكوى الخطوب إلهي PageV01P144 # وحقك ما للهو أبدعت خلقي ... وها أنا في غي البطالة لاهي # بنفسي وشيطاني ودنياي والهوى ... فتنت ولكن أنت حسبي لاهي # ولنختم ما أردنا جلبه من نظمه الذي هو بحر لا ساحل له بقوله: # يا رب قلت وقولك الحق الذي ... أحكمت: انك تستجيب لمن دعا # فاختم لعبدك بالرضا وأحكم له ... بالستر في الدنيا وفي الآخرة معا # وأما الرئيس أبو يحيى بن عاصم فهو الإمام العلامة، الوزير الرئيس، ~~والكاتب البليغ الجليل الخطيب الجامع الكامل، الشاعر المفلق الناثر، الحجة، ~~والخاتمة رؤساء الأندلس بالاستحقاق، القاضي محمد بن محمد بن محمد بن محمد ~~بن محمد بن عاصم القيسي الأندلسي الغرناطي، قاضي الجماعة بها، كان رحمه ~~الله تعالى من اكابر فقهائها وعلمائها، أخذ عن الإمام المحقق أبي الحسن بن ~~سمعة، والإمام القاضي أبي القاسم بن سراج، الشيخ الراوية أبي عبد الله ~~المنتوري، والإمام أبي عبد الله البياني وغيره من وذكر في شرحة تحفة والده ~~أنه ولى القضاء عام ثمان وثمانين وثمان مائة، وله عدة تآليف منها شرحه ~~العجيب على تحفة والده في الأحكام، وهو ms075 كتاب نافع، فيه فقه متين، ونقل ~~صحيح، وكانت بينه وبين عصريه الإمام مفتي غرناطة أبي عبد الله السرقسطي، ~~مراجعات ومنازعات في مسائل فقهية. ومن تآليفه رحمه الله: كتاب جنة الرضى، ~~في التسليم لما قدر الله وقضى؛ وكتاب الروض الأريض، كأنه ذيل به إحاطة أبن ~~الخطيب، PageV01P145 # وله غير ذلك، وسنذكر شيئا من كلامه بعد هذا إن شاء الله تعالى. ومن أغرب ~~ما صدر عنه، رضي الله عنه، قصيدة، تنفك منها قصيدتان أخريان بديعتان، ~~إحداهما من المكتوب الأحمر، والأخرى من المكتوب بالأخضر، وكل واحدة من ~~هاتين البنتين تلد موشحة، كما ستراه، وقد ألفيتها بخط بعض أعلام سبته، وهو ~~الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن فرج، وجده محمد بن فرج هو الذي ~~نأتي بجملة من نظمه في النعل النبوية، عند ما نتعرض لذلك إن شاء الله ~~تعالى، في محل هو انسب من هذا الموضع، وقد سقط من هذه القصيدة نحو ثلاثة ~~أبيات، فعوضتها بغير ذلك السنن، على أن بعض كلماتها لم تسقط إلى الطرف. # ونص ما كتبه السبتي المذكور من نظم السيد الأستاذ العلم الصدر المفتي ~~القاضي رئيس الكتاب، ومعدن السماحة، ومنبع الآداب يسدي أبي يحيى أبن عاصم ~~رحمه الله ورضى عنه، يمدح السلطان العادل المقدس المنعم المرحوم المجاهد، ~~أبا الحجاج يوسف بن نصر، قدس الله روحه، ونضر ضريحه، قال: ونقلتها من خط ~~ناظمها رحمه الله. انتهى. وهذه هي القصيدة: # أما الهوى " ما كنت " مذ بان عهده ... أهيم بلقيا من تناثر وده # رعى الله " لو أنصف " الصب في الهوى ... لما فاض منه الدمع مذ بان صده PageV01P146 # ولو جاد من " بعد المطال " بروزة ... لما شب اشواقي وقلبي زنده # كما خان صبري يوم أصبح و " أصلى ... لظى " زاد ماء من جفوني وقده # لذلك أسال الدمع كالدر مدمعي ... من " الوجد " فاستولى على الجفن سهده # حكى لؤلؤا من سلكه متناثرا ... و " إلا ليم " قد تتابع مده # ذخرت الثمين القدر منه بمقلتي ... وما زلت من خوف " الكنال " أعده # ولا عجب مذ أعوز القرب أن ms076 غدا ... و " كالقمر الزاهي " سناه وبعده # أيلحق باللقيا أو الوصل من يغو ... ر " في نوره " بدر السماء وجنده # وصير جسمي للصبابة والتلا ... قي يتم قلبي إذ تمكن وجده # أقطع أنفاسي " عليه كآبة " ... والله من بدر لغيري سعده # فمن شعره " الليل البهيم " ومن سنى ... مقبله للحسن نور يمده # بحكم " الدلال " الجور حكم جوره ... ومن شأنه ألا قرين يرده # له معطف " مستحسن القد " ناعم ... به علقت في الحب بالرغم أسده # رمى في فؤادي جمرا " ذكى " لهيبه ... به ظبي أنس قد تلهب خده # فيعبق من نار الحيا عاطر " الشذا ... كأني " بذاك الخال قد نم نده # ويبدو بآفاق الجمال هلاله ... له " الليل فراعوا " الكواكب عقده # كأن الظبي في مرتع الطرف لظه ... كأن " القنا في " اللين والفعل قده # يروق العيون العطف منه فشبهت ... به قضب ألبان " اعتدال " وملده # ويا نعم ورد الخد لو جاز قطفه ... وطيب رحيق الثغر لو حل ورده PageV01P147 # يجول به ريق " شهي " يحيلني ... إليه لظى في القلب قد شب وقده # ويحمي المحيا و " اللمى " بلواحظ ... عن الدنف المغرى به فتصده # فلله من ريم ضلوعي كناسه ... وروض يسقيه من الدمع عهده # ويمنع منه المستهام فما له ... و " في لثمه " لو جاد باللثم قصده # وبالحسن منه يستبيح حمى النهى ... و " كان المنى واليمن يحويه برده # ويلوي بديني في الهوى وهو موسر ... له در ثغر " لو ينال " وعقده # أفي العدل أن يحكم بتحريم ريقه ... لأن " كان للشهد المعلل ورده # تخيلته لو نيل بالنهب في الكرى ... " وما ذقته يشفي من السقم شهده # فأجنى كما شاء الوصال " رضابه " ... ويجني على قلبي هواء وصده # ويشفي بذلك المبسم " العذب " ريقه ... فؤادي إذ يشفي بلثمي خذه # وحلو " الجنى " مر الجفا باهر الس ... نى له نهب هذا القلب قسرا ورده # بدا " في المثال " كالغزال محاسنا ... وتخشاه أبطال العرين وأسده # وللحب يدعو لحظه الأوطف الورى ... ألا هكذا قلب المشوق أقده # تملك رقى طرفه " مع سقمه " ... وبالشرع في حكم الغرام يرده # وأظهر مكنون الهوى منذ جار في أل ... معنى الذي قد طال في ms077 الحب جهده # وقد كان تحت الكتم عذرى ووجده ... فأسهر منه ما اختفى قبل صده # ويحسبه في الحكم بالجور كالورى ... وهل بالسليم القلب يحسب ضده # إذا بالظنون الكاذبات يناله ... ينام فكم عم الليالي سهده PageV01P148 # يلوح سناه للمشوق وقربه ... عليه حرام إذ يحلل بعده # وفي مجتلاه الباهر الحسن والروا ... حياتي، وشبه القتل للنفس فقده # وأنعش القلب بالإنصاف " مهما بدا " وإن ... أرى منه ظلما عاود القلب وجده # ويبديه نور الحسن وهنا " لمقلتي " ... ويخفيه فرع فاحم الوصف جعده # يميل على المشتاق بالهجر حكمة ... فمنه استعار الميل عني قده # فيا هاجري والصد قاتل ... وروض " نعيمي " في رضاك وخلده # أما والفتون البابلي وسحره ... ليقنعني هزل " الوصال " وجده # ويا مقولي مالي سواك مؤزر ... فخل الهوى وامدح لمن حق حمده # فصغ لؤلؤء من مدحي أبن ملوكنا ... " إمام الورى " الباهي على الخلق رفده # من أورثه الملك المؤصل نصره ... وأكسبه المجد المؤثل سعده # لباب العلى " قطب المعالي " وتاجها ... وبدر أهدى الوضاح في الدهر سعده # به قد غدا ثغر " الهدى " وهو باسم ... منير سناه مشرق الأفق سعده # وأضحى الكمال طوده فإن أعتدى ... على البدر نقص فالجبين يمده # ومهما عفا عاد الحجا وهو قائل ... كذلك الحلم والصفح الذي أستعده # وبالشم يزرى عقله " الأرجح " الذي ... لنحو المعالي والمجادة قصده # فمعنى الحلى تهديه للقلب ذاته ... و " سر العلى " يبديه للعين مجده # ومن كفه غيث الندى وغمامه ... ومعنى السماح المستماح ورغده # إذا انهل منه الواكف الثر للورى ... فصفو الندى والجود قد لذلك ورده PageV01P149 # تخال هتون البذل منهن زائلا ... يكفيه برق الجلال ورعده # وكل نوال هامل من بنانه ... فأقصى صفات الجود قد جاز جوده # وفيض نداه يشرح الحال إنه ... يمد الحيا في السمح إذ يستمده # وفي غيثه الثجاج للمعتفي الغني ... إذا بالأيادي منه يبدأ رفده # وللفضل والإحسان والبأس سبقه ... وللملك والإسلام والعلم عضده # وأفعله عند استباق المدا شأت ... وفعل ظباه بالكماة وجرده # له مشرفي دائم القطع للطلا ... فكل كمي للعدا فيه فقد # وبين سكون في الندى من الحجا ... وبين مضا بالقتال يعده # وزينه من قصده الجمع ms078 للعلا ... كما زين السيف الصقيل فرنده # وحزم وعزم بين بكر وثيب ... به المرهف الماضي يفلل حده # فيوم الندى الإسلام يسعد دهره ... ويوم الوغى الإشراك يتعس جده # ومن بأسمه أضحى الحما متمنعا ... وللفخر منه صارم يستعده # وتمسي عداه كالحميم شرابهم ... وما شيدوا في دهره فيهده # ويغدو الموالي في سرور وغبطة ... من البشر أبكار وعون توده # قد اعتاد ترك الكافرين وشأنهم ... لهيب وشأن هامل الدمع ورده # فأبطالهم رهن الفناء ومالهم ... إلى البذل عقباه وبالسيف رده # ولم يبق إلا من حمى الحسن للعطا ... وشفع في أحيائه منه خده # ولأصبح في العلياء كالبحر كفه ... كما قد غدا مثل الجواهر رفده # فصوب الحيا في جوده برقه الظبي ... يربك هشيم الكفر مما يقده PageV01P150 # نداه المعين الثر قد نعم الهدى ... ويشفي به حزب الضلال وجنده # وأحكم رفع الملك إذا نصب العدا ... على حال ذل نال من ضل جهده # أيا سامي القدر الذي جل ذكره ... ويا محرز المجد الذي عز نده # صفاتك في العيا عزيز منالها ... لها كل طبع أحرز الفضل فرده # فما شئته من عزة الجار والحمى ... وقد رسما فوق السملين مجده # وابعدت في وصف العلى عن مسابق ... لها وتداني من نوالك رغده # وجودك فيه ذو الرجا مغرم فإن ... حمى جوده ذم المهلب أزده # وكم من فنون يستمد بها الضحى ... إذا ما تناءى لمنال ممده # وكم بات يتلو سورة الفتح عزمه ... ويحكم مثل الأمر والنهى وجده # وأصبح باستحقاقه الحمد من أولى الذي ... عدالة في الأحكام قد بان رشده # بعدل وإحسان قد آخت كليهما ... حلاه كما آخى المهند غمده # وبأس وبطش يحميان حمى الهدى ... فحتى لقد تلفى مع السرح أشده # وحلم وجودها تن ومكارم ... علاهن كل الوصف عنها وجهده # وكيف ينال المدح أوصاف ماجد ... يود العلا حينا وحينا توده # يعم بعفو خص بالذنب مطقه ... وتهدي إلى الرشد المبين ألده # وللسيف نصر يا بن نصر على العدا ... فساعة إذ يجلى جلي الكفر حده # وللملك عز أكسب الذل من بغي ... فحاقت به من مؤلم القهر نكده # ففي ذمة العلياء تلك ms079 الحلا العلى ... ولما بدت للدين أنجز وعده # أنرت بها من فاحم الظلم ما دجا ... فلجت سعودهن للملك عضده # فزالت دجون الجور عن مطلع الهدى ... فنور سناه في اقتبال وسعده # هو الملك لم تغطه إلا نزاره ... بما ليس في إمكانها ومعده PageV01P151 # وفي منتهاك الأشرف الصل للورى ... دليل يحوز الشفع في المجد فرده # ويمناك يوم الجود ترب الحيا أغدت ... ألا فهي أقسام السمح وحده # لك المرهف السفاح بالفتح مثنى ... مع العلم الموعود بالنصر جنده # وجمعت شتى الجود في وتر راحة ... فغيث الندى منها قد انهل عهده # فكم كامل الأوصاف والذات ماجد ... إلى ذلك الهامي العميم مرده # علي يمين قلتها غير حانث ... لجودك تنظم النوال ونضده # فقد عز في الدنيا له المثل في العلى ... فما يوسف إلا الحيا طاب ورده # وأبن المسامي والمضاهي مجادة ... لناصر دين الله والمجد مجده # سففي الفخر أضحى الفضل والمجد طبعه ... وفي الدهر أمسى ليس يوجد نده # ومحتده السامي الكريم نجاره ... يماثله في رفعة القدر بنده # فشتى الخلال العز جمعهن عنده ... بما حاز من علم ودين يمده # ودونك الأعطاف تلعب بالنهى ... فتسبى الحجا طورا وطورا ترده # هدية عبد مخلص لك قلبه ... وفي تلكم الذات الكريمة وده # فالفاظها تحكي جمان دموعه ... وقرطاسها يحكيه في اللون خده # قال جامع هذا التصنيف: أشار الرئيس أبو يحيى بهذا الشطر الأخير إلى ~~الكاغد الأصفر الذي كانت فيه هذه القصيدة مكتتبة، ثم قال: # وأنقاسها من كل لون غريبها ... وترتيبها من ذاته يستهده # فأكحلها من مقلتي أستميحه ... وأحمرها من أدمعي أستمده PageV01P152 # وأخضرها من طيب عيشي الذي مضى ... لديك وأرجو بالرضا تسترده # وأعجب شيء أنها بكر فكرتي ... وما بلغت معشار شهر نعده # وقد ولدت بنتين ثنتين مثلها ... يروقك من معناها ما توده # وكلتاهما قد جردت من نظامها ... موشحة كالسيف راق فرنده # فخذها ففيها للتواظر مسرح ... ومن مدحك الحسن الذي تستمده # بقيت كما تهواه ما هبت الصبا ... فمالت بها بان العذيب ورنده # انتهت القصيدة الفريدة، وهأنا أذكر البنتين اللتين ولدت، ثم أذكر ما ولدت ~~كل واحدة منهما بحول ms080 الله وقوته. # فاما القصيدة الخارجة من المكتوب بالأخضر فهذا نصها، وتوشيحها ينتظم من ~~المكتوب فيها بالأخضر وهي هذه: # تناثر الدمع من جفوني ... كالدر من سلكه الثمين # مذ أعوز الوصل والتلاقي ... من بدر حسن بلا قرين # علقت في الحب ظبي أنس ... جماله مرتع العيون # وحل في القلب عن كناس ... فماله يستبيح ديني # يحكم بالنهب في فؤادي ... إذ ناله نهبه العرين # أهكذا الشرع في المعنى ... العذري والحكم بالظنون # يحلل القتل منه ظلما ... بالهجر والصد والفتون # مالي سوى مدحي أبن نصر ... بدر الهدى المشرق الجبين # ذا الحلم والصفح والمعالي ... غيث الندى الواكف الهتون PageV01P153 # قد جاز في السمح والأيادي ... سبق المدى دائم السكون # وقصده الجمع بين بكر ... للفخر في دهره وعون # وشأنه البذل للعطايا ... كالبحر في جوده المعين # نال من المجد كل طبع ... وصف العلا فيه ذو فنون # وسور الحمد من حلاه ... لقد تلاهن كل حين # تهدى إلى الرشد إذ تجلى ... تلك الحلى فاحم الدجون # كأنها الشفع فهي مثنى ... في وتر الأوصاف واليمين # قل له المثل والمضاهي ... في الدهر في رفعة ودين # انتهت البنت الخضراء، وهذا نص بنتها الموشحة، المستخرجة من الأخضر: # تناثر الدمع، كالدر ... مذ أعوز الوصل من بدر # علق في الحب ... جماله # وحل في القلب ... فماله # يحكم بالنهب ... إذ ناله # أهكذا الشرع العذري ... يحلل القتل بالهجر # ما لي سوى ودحي ... بدر الهوى # ذا الحلم والصفح ... غيث الندى # قد جاز في السمح ... سبق المدى # وقصده الجمع للفخر ... وشأنه البذل كالبحر # نال من المجد ... وصف العلا # وسور الحمد ... لقد تلا # تهدى إلى الرشد ... تلك الحاى # كأنها الشفع في الوتر ... قل لها المثل في الدهر PageV01P154 # انتهت. # ويمكن أن تستخرج باختصار هكذا: تناثر الدمع، مذ أعوز الوصل علقت في الحب، ~~وحل بالقلب، يحكم بالنهب أهكذا الشرع، يحلل القتل؟ مالي سوى مدحي، ذا الحلم ~~والصفح، قد حاز في السمح وقصده الجمع، وشأنه البذل له من المجد، وسور ~~الحمد، تهدي إلى الرشد كأنها الشفع، قل لها المثل انتهت. # وأما البنت الحمراء فهي الخارجة من المكتوب بالأحمر، وتوشيحها ينتظم ms081 من ~~المكتوب فيها بالأحمر، وهذا نصها: # ما كنت لو أنصف بعد المطال ... أصلى لظى الوجد الأليم النكال # كالقمر الزاهي في نوره ... عليه كالليل البهيم الدلال # مستحس القد ذكى الشذا ... كالليل فرعا والقنا في اعتدال # مورد الخد شهي اللمى ... في لثمه كل المنى لو ينال # كأن للشهد وما ذقته ... رضابه العذب الجني في المثال # ولحظه الأوطف مع سقمه ... أسهر منه كالسليم الليل # وحسنه الباهر مهما بدا ... لمقلتي منه نعيم الوصال # خل الهوى والمدح إمام الورى ... قطب المعالي والهوى والكمال PageV01P155 # طود الحجا الأرجح سر العلى ... معنى اليماح والندى والجلال # نواله يشرح للمعتفى ... فعل ظباه لبا لعدا في القتال # لسيفه المرهف يوم الوغى ... أضحى الحمام كالحميم الموال # مرفع القدر عزيز الحمى ... وقد تدانى جوده للمنال # ممثل الأمر والأحكام قد ... حمى الهوى وجوده أن ينال # وخص بالنصر على من بغى ... لما بدت سعوده في اقتبال # الملك الأشرف ترب الحيا ... غيث الندى الهامي العميم النوال # يوسف الناصر دين الهدى ... ذو الفضل والمجد الكريم الخلال # انتهت البنت الحمراء. # وهذا نص موشحتها، وهي بنتها، الخارجة منها من المكتوب بالأحمر: # ما كنت لو أنصف ... أصلى لظى الوجد الأليم # كالقمر الزاهي ... عليه كالليل البهيم # مستحسن القد ... كالليل فرعا والقنا # مورد الخد ... في لثمه كل المنى # كأن للشهد ... رضابه العذب الجني # ولحظه الأوطف ... اسهر منه كالسليم # وحسنه الباهر ... لمقلتي منه نعيم PageV01P156 # خل الهوى والمداح ... قطب المعالي والهوى # طود الحجا الأرجح ... معنى السماح والندى # نواله يشرح ... فعل ظباه بالعدى # لسيفه المرهف ... أضحى الحمام كالحميم # فيترك الكافر ... وقد غدا مثل الهشيم # مرفع القدر ... وقد تدانى جوده # ممثل الأمر ... حمى الهوى وجوده # وخص بالنصر ... لما بدت سعوده # الملك الشرف ... غيث الندى الهامي العميم # يوسف الناصر ... ذو الفضل والمجد الكريم # ويمكن اختصارها أيضا هكذا: ما كنت لو انصف، كالقمر الزاهر مستحسن القد، ~~مورد الخد، كأن للشهد ولحظه الأوطف، وحسنه الباهر خل الهوى وامدح، طود ~~الحجا الأرجح، نواله يشرح لسيفه المرهف، فيترك الكافر # مرفع القدر، ممثل الأمر، وخص بالنصر # الملك الأشرف، يوسف الناصر PageV01P157 # قلت: وإنما ms082 لم أجزم بهذه المختصرة لأجل أن الناظم صرح بأن كل واحدة من ~~البنتين الحمراء والخضراء لم تلد إلا موشحة واحدة من البنتين، ولو ولدت ~~موشحين لصرح بذلك، ولا شك أن الموشحة غير المختصرة أتم معنى، وأكمل مساقا، ~~فالأصوب الاقتصار عليها، وإن كان يمكن استخراج أكثر منها لمن تأمل حق ~~التأمل، والله تعالى أعلم. # وعلى كل حال فقد أبدع هذا الرئيس في هذه القصيدة، وإن كان فيها بعض تكلف، ~~وقصده ابداع من قصد صاحب عنوان الشرف الشامي، لأن هذا اخرج من الخارج شيئين ~~على ما لا يخفى، غير أن صاحب عنوان الشرف أطال، واستخرج أربعة علوم ~~متباينة، من أول وهلة، وكلاهما قد أبدع رحمهما الله؛ ولم أتحقق: هل وقف أبن ~~عاصم على كتاب عنوان الشرف، فاهتدى بأضوائه أم لا؟ والله تعالى أعلم. # ومن كتاب جنة الرضى له رحمه الله ما نصه: # " الحمد لله الذي عوض من الخلاف وفاقا من الافتراق اجتماعا واتفاقا، وهيأ ~~لأسواق الائتلاف برفع الخلاف نفاقا، ويسر لوطن الجهاد من توثير المهاد ~~أرفاقا، وزين بأنجم المسعود من النصر الموعود آفاقا، وعقد على جمع الكلمة ~~من الأمة المسلمة إجتماعا وإصفاقا. نجمده سبحانه وهو المحمود بجميع اللغات، PageV01P158 # ونشكره على ما سنى من آمال على وفق الأمنية مبلغات، ونثني عليه بما أسدى ~~من عوارف مخولات، ومواهب مسوغات؛ حمدا نستنكثر من درره النفيسة إنفاقا، ~~وأمانته العظيمة فلا نابى من حمدها إشفاقا؛ ونشهد أنه الله لا إله إلا هو ~~الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد؛ ~~شهادة نرفع لواءها المرنح العذبات خفاقا، فلا لاقي بعد هذه الشهادة لمقاصد ~~السعادة إخفاقا؛ ونشهد أن سيدنا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ~~ورسوله، ونبيه المصطفى وخليله؛ نبي الرحمة، ونور الظلمة، وشفيع الأمة، ~~والمبعوث بالكتاب والحكمة، والمجموع له بين مزية السبق ومزية التتمة؛ شهادة ~~تستحفظ بقاع الأرض أرفاقا، فلا تخشى معها القلوب، وقد حصل منها الغرض ~~المطلوب، شكا ولا نفاقا؛ ونصلي على النبي الكريم، المبعوث بالحق العظيم؛ ~~صلاة نحل بها ms083 من عقلة الذكر وثاقا، ونؤكد بها القبول إذا عارض العمل ~~المقبول ميثاقا؛ ونرضى عن آل محمد وصحبه، وعشيرته وحزبه، المختصين بالقربة، ~~الفائزين بالرضا من ربه؛ أكرم الناس أعراقا، وأعظمهم من خشية الله إطراقا، ~~وأبهرهم في مقامات الهداية إشراقا؛ ونستوهب منه التأييد والنصر، والفتح ~~الذي تفوت عجائبه الحصر، والمنح الذي لا تعرف صلاته القصر؛ لهذه الخلافة ~~الغالية، التي أطبقت على الإغضاء أحداقا، وأظهرت من احلم لما كان من مكنون ~~العلم مصداقا؛ ونبتهل إلى الله في دوام أيامها، وإعلامها، وإمضاء ذابلها ~~المرهوب وحسامها؛ حتى يتنفس الإسلام خناقها، وتسير بها الرفاق، وقد تهادتها ~~الآفاق، وخدا وإعنلقا، وتخضع لها الجبابرة، والملوك القياصرة، رقابا ~~وأعناقا؛ ونمد إليه PageV01P159 # يد الافتقار، ونبسط كف الضراعة والاضطرار في كف الفتن عن هذا الوطن وكف ~~الكفار عن هذه الديار وتيسير الفرج القريب لهذا القطر الغريب وتسهيل الصعب ~~العسير لهذا الصعق النائي عن الولي والنصير فيجمع بين القلوب النافرة ~~والنفوس المتنافرة افتراقا ويجعل دم العداة بسيوف الحماة الكماة مراقا ~~ويتحف بأنبائه المعجبة وأخباره المغربة المطربة شاما وعراقا. # أما بعد فإن الله على كل شيء قدير وإنه بعباده لخبير بصير وهو لمن أهل ~~نيته وأخلص طويته نعم المولى ونعم النصير بيده الرفع والخفض والبسط والقبض ~~والرشد والغي والنشر والطي والمنح والمنع والضر والنفع والبطء والعجل ~~والرزق والأجل والمسرة والمساءة والإحسان والإساءة والإدراك والفوت والحياة ~~والموت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون فهو الفاعل في الحقيقة وتعالى ~~الله عما يقول الآفكون وهو الكفيل بأن يظهر دينه على الدين كله ولو كره ~~المشركون وإن في أحوال الوقت الداهية لذكرى لمن كان عنده قلباو ألقى السمع ~~وهو شهيد وعبرة لمن تفهم قوله تعالى: إن الله يفعل ما يشاء وإن الله يحكم ~~ما يريد فبينما الدسوت عامر والولاة آمرة والفئة مجموعة والدعوة مسموعة ~~والإمرة مطاعة والأجوبة سمعا وطاعة إذا بالنعمة قد كفرت والذمة قد خفرت ". # ثم قال رحمه الله: # " والسعيد من اتعظ بغيره ولا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا جعلنا الله ممن ~~قضى بخيره ms084 وبينما الفرقة حاصلة والقطيعة فاصلة والمضرة واصلة والحبل PageV01P160 # في انبتات والوطن في شتات والخلاف يمنع رعى متات والقلوب شتى من قوم ~~أشتات والطاغية يمتطي لقصم الوطن وقضمه ويلحظه لحظ الخائف على هضمه والأخذ ~~بكضمه ويتوقع الحسرة إن يأذن الله بجمع شمله ونظمه على رغم الشيطان ورغمه ~~إذا بالقلوب قد ائتلفت والمتنافرة قد اجتمعت بعدما اختلفت والأفئدة بالألفة ~~قد اقتربت إلى الله وازدلفت والمتضرعة إلى الله قد ابتهلت في إصلاح الحالة ~~التي سلفت فألقت الحرب أوزارها وأدنت الفرقة النافرة مزارها وجلت الألفة ~~الدينية أنوارها وأوضحت العصمة الشرعية آثارها ورفعة الوحشية الناشبة ~~أضافرها وأعذارها وأرضت الخلافة الفلانية أنصارها وغضة الفئة المتضرعة ~~أبصارها وأصلح الله أسرارها فتجمعت الأوطان بالطاعة والتزمت نصيحة الدين ~~بأقصى الأستطاعة وتسابقت إلى لزوم السنة والجماعة وألقت إلى الإمامة ~~الفلانية يد التسليم والضراعة فتقبلت فيئاتهم وأحمدت جيئاتهم وأسعدت آمالهم ~~وارتضيت أعمالهم وكملت مطالبهم وتممت مآربهم قضيت حاجاتهم واستمعت مناجاتهم ~~وألسنتهم بالدعاء قد انطلقت ووجهتهم إلى الخلوص قد صدقت وقلوبهم على جمع ~~الكلمة قد اتفقت وأكفهم بهذه الإمامة الفلانية قد اعتلقت وكانت الإدالة في ~~الوقت على عدو الدين قد ظهرت وبرقت ". PageV01P161 # إلى أن قال رحمه الله تعالى: " وكفت بقدرة ربه القدرة القاهرة والعزة ~~الباهرة من عدوان الطاغية غوائل بإعزاز دين الله الموعود بظهوره على الدين ~~كله فواتح وأوائل. ومعلوم بالضرورة أن الله لطيف بعباده حسبما شهد بذلك ~~برهان الوجود وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها دليل على سوغ الكرم والجود وإن ~~من أعظم نعمه التي يعجز عن أداء شكرها وإن طالت آماد الأعمار ويتناغى في ~~الثناء عليه في أمرها فلا يبلغون من ذلك معشار المعاشر وتتجارى الألسنة ~~والأقلام في تقرير وصفها فلا تصل من ذلك إلى حدثني يقنع ولا إلى مقدار وفي ~~مثلها قال الله تعالى:) واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين ~~قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار (. وما ذلك إلا ~~منة قدرها عظيم وخطرها جسيم وصراط العدل بها مستقيم وبها أمتن الله في ms085 ~~قوله:) وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله (إلى:) حكيم (. فهل يستطاع شكر ~~النعمة التي لا يكون إنفاق الأرض جميعها أهل قيمة أو يختلف اثنان بوجه أو ~~حال في كون هذه النعمة عظيمة أو يتمارى أحد في كون جمع الكلمة في هذا الوطن ~~الغريب منة ومنحة كريمة! ومن استقرأ التواريخ المنصوصة وأخبار الملوك ~~المقصوصة علم أن النصارى دمرهم الله لم يدركوا في المسلمين ثارا ولم يرفعوا ~~في أنفاسهم عارا ". PageV01P162 # قال الجامع الموضوع وفقه الله: قد قدمت هذا من كلام الرئيس أبن عاصم وهو ~~قوله: " ومن استقرأ التواريخ المنصوصة فراجعه فيما سبق إلى قوله هناك: " ~~وروية وارتجال ". # ثم قال هنا بإثره ما نصه: " إلى أن استقلت هذه الدولة الفلانية على ~~قواعدها واستقرت بأحلامها الراجحة وأعلامها الشامخة واستمرت على قوانين من ~~السياسة كانت ضابطة نشر المملكة عن الأفتراق واستظهرت أبناؤها الغر من ~~الوفاء بشم اعتلقت بها أتم الاعتلاق فحفظ الله الدولة الفلانية إلا في ~~الندرة ووقاها من ذلك الأمر الصعب بوقاية من الاكتساب ووقاية من القدر ~~وتطاولت الأيام ما بين مهادنة ومقاطعة ". # وقال جامع الموضوع وفقه الله: راجع تمام هذا الكلام فيما قدمنها إلى قوله ~~هنالك: " اللهم احفظ علينا العقل والدين واسلك بنا سبيل المهتدين ". # وقال هنا بإثره ما نصه: " وإنما النعمة التي لا يقدر قدرها ولا يوفى ~~شكرها هي التي تكلفت بتبينها تكييفات الأقدار وانجلت عن بيانها تدبيرات ~~الفاعل المختار فجمع الله بها القلوب وهيأ الغرض المطلوب وتتابعت بيعات ~~البلاد وتوافقت أهواء العباد وانتظم الملك جسما واحدا له روحا طاهرة واستقل ~~الإسلام رسما ثابتا حكمه نص وعدله ظاهر وهدى الله المسلمين مع جمع الكلمة ~~إلى القصد الشرعي ووفقهم إلى القيام بحكمه المحتوم وحقه المرعى فاتخاذ ~~السلطان في مثل PageV01P163 # هذه الأوطان واجب قياسا وسماعة وتعذر الخلافة في مثل هذه المسافة غير ~~جائز إجماعا. # أيها الملأ المشتمل على الشرفاء الذين بتقديمهم يستنجز من البركة موعودها ~~والعلماء الذين هم حفظة الشريعة الحنفية أن تتعدى حدودها والأشياخ الذين ~~بجهادهم أستقر واجبها واستقام واجبها واستند عمودها ms086 والقواد الذين بحمايتها ~~تقام أحكامها وتحاط أعلامها وتوفى عهودها والفرسان الذين هم حماتها ~~وأنجادها وأنصارها وجندها والخاصة الذين بهم يرجح عملها وينجح أملها ويتم ~~مقصودها. # تعلمون حقا إن هذا الوطن الفلاني كان قد تعين للهلاك بسبب هذا الخلاف ~~وتوقدت القلوب المشفقة حدوث الفاقرة بسبب هذا الأختلاف وإن الشارع صلوات ~~الله سلامه عليه يمنع من كل ما يؤدي إلى الفرقة بأتم الوجوه ويؤكد الترغيب ~~والترهيب بكل ما يخافه المؤمن ويرجوه وأن الفقه المذهبي إذا حصلت البيعة في ~~الأعناق وتحلت بها تحلي الحمام بالأطواق معروف ومعلوم وإن اشتداده في سد ~~باب الافتراق على العموم والإطلاق لازم محتوم والأقدار الإلهية قد هيأت قصد ~~الألفة بلا كلفة ويسرت سبب الاتفاق بحكم الوفاق فأقبلوها نعمة مسداه وتحفة ~~مهداه وشدوا عليها أيدي الضنة واعلموا ما فيها لله عليكم من منة وتعاقدوا ~~على ألا تبقوا من الخلاف أثرا واتفقوا على القصد الذي يخلصكم عند الله سمعا ~~ونظرا وفي هذا التيسر الذي ساعدت به الألطاف الخفية وساعفت به من قبل الرب ~~الصنائع الحفية ما يتأكد PageV01P164 # به الأعتبار ويرشد إلى أنه أراد الله نفوذه وربك يخلق ما يشاء ويختار ~~ومما يستكمل هذا القصد الذي أشرنا إليه ويستوفيه قول تاج الدين رحمه الله ~~عليه: ما ترك من الجهل شيئا من أراد أن يظهر في الوجود غير ما أراد الله أن ~~يظهر فيه. # وفرض على كل إنسان في نفسه ما طلبه به الشارع وعذبت فيه بالتفويض لحكم ~~الله المشارع. فالواجب علينا أن نجتمع ونأتلف ونتفق ولا نختلف ونعتمد صريح ~~الفقه أخذا وتركا ونتبع صحيح النقل الذي لا يدع ريبا ولا شكا ونسأل من الله ~~الهداية إلى سبيل السلف الذين سبقوا ونعزم العزم على أمر الله في قوله:) ~~واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (. # وإن أولى الناس في ذلك بإرهاف العزيمة وتوخي السبل المستقيمة والقيام ~~بمضمون هذا الرسم المستقل والوفاء بتكميل قصد الكاتب فيه والممل لخواص ~~الدولة الفلانية الذين لحقهم التمحيص والاختبار وتخولتهم بأبلغ الموعظة ~~الأقضية والأقتدار وهم الذين ربحت منهم في ms087 هذه السوق والتجارة والمقصودون ~~بالخطاب من باب إياك أعني واسمعي يا جارة وهم الممنون عليهم باسترجاع ~~المغصوب المستحق والواقفون من انكسار القلوب والتنصل من الذنوب موقف الأولى ~~به والأحق والمعنيون بقوله:) ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ~~وما نزل من الحق (. ويختص منهم عماد الدولة وعميد الجملة بالحظ الأوفر مما ~~يتضمنه هذا التأنيب ويستمنح من الله عقب التذكرة بهذه الموعظة:) وما يتذكر ~~إلا من ينيب (. PageV01P165 # فإنا إذا نظرنا إلى ما كان قد طرق من الابتلاء وشاهدنا ما كان معرضا ~~للوقع من البلاء وراجعنا البصيرة في النعم التي كنا عنها مسلوبين والتربة ~~التي كنا عليها مغلوبين والأبواب التي كنا عنها محجوبين والشرذمة التي ~~كتابها مربوبين والأنفال التي كنا في عدد من يحيى رسومها محسوبين وقد سلط ~~الله علينا كثيرا من الظلمة الذين أعناهم فعند ذلك لعناهم وأهاننا الذين ~~كنا أكرمناهم جزاء لما احترمناهم فنسونا أحوج ما كنا إلى أن يذكرونا ~~وخذلونا أفقر ما كنا إلى أن ينصرونا وأسلمونا أشد ما كنا فاقة إلى أن ~~ينجدونا وتركونا أعظم ما كنا حاجة إلى أن يساعدونا وخانونا أظهر ما كنا ~~اضطرارا إلى وفائهم وظاهروا علينا أتم ما كنا افتقارا إلى غناهم فلا شك إن ~~المؤاخذة كانت بسبب تلك الذنوب وأن الجناية هي التي أوجبت ما طرقنا من ~~الخطوب فأزف العذب وعاد من أعدى الأعادي الأحباب وتبرأ الذين اتبعوا من ~~الذين اتبعوا وتقطعت بهم الأسباب وكادت العقوبة العظيمة إن تلحق والأخذة ~~الربانية أن تمحق لولا أن الله تداركنا بالعفوا وتجاوز عن الهفوا وأنالكم ~~من الإدالة ما كنتم تؤملون واستخلفكم في الأرض لينظر كيف تعملون. فلنجعل ما ~~وعظنا الله به من تلك الأزمات نصب العين ولنتخذ حمده على ما مننا من ~~الإنالة هجير الألسن ولنعلم أن ذلك التمحيص إنما كان تنبيها من الله على ما ~~عطلنا من حدوده وإيقاظا من الغفلة عن القيام بحقوقه والوفاء بعهوده ولنتحقق ~~أن ما من الله به من جبر الأحوال وخلف PageV01P166 # الأموال؛ واستقبال العز غضا جديدا، وصرف الهوان ms088 كان عذابا شديدا؛ إنما هو ~~إبلاغ في الحجة علينا، وأعذار بالموعظة إلينا؛ وربما عاهدنا الله لئن آتانا ~~من فضله لنقصدن ولنكونن من الصالحين، أو لننزعن عما ارتكبنا من جرائر ~~العاصين وجرائم الطالحين؛ فالوفاء حتما إن أردنا أن نكون من المفلحين. ~~وقلما أزف العذاب فرفع إلا عمن كان من الصالحين،) فلولا كانت قرية آمنت ~~(إلى قوله:) إلى حين (؛ فلنقدر قدر هذا التدارك، الذي أخذ بأيدينا من مهاوي ~~الانتقام، ولنتأمل موقع البلاء الذي أحلنا من تجديد النعمة بأسنى مقام؛ ~~ولنحذر نسيان ما ذكرنا به، فلم نذكر تلك الشدائد بل نسيناها، ولا نفرح بما ~~أوتينا فرح المغرور الذي لا يتراجع ولا يتناهى؛ فإن في ذلك أمل الشيطان ~~وسؤله، ولعن الله ومقته، قال الله تعالى:) فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا ~~عليهم أبواب كل شيء (إلى قوله:) بغته (. # اللهم هل بلغت، وبالغت في النصح وأبلغت، اللهم فأشهد. و " يا قوم إن كان ~~عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت "، وإليه أبرأ من حولي ~~وتقصيري عما فيه قصرت، وعما عنه نكلت. # ثم قال رحمه الله: # " وإن مولانا السلطان الملك الفاضل التالي الذاكر، العفيف الطاهر، ~~المسترجع الصابر، المجاهد المصابر، المرابط المشاغر؛ أمير المسلين أبن نصر ~~الخزرجي نسبأ السعدي منشأ النصري جدا وأبا، أيده الله على أعداء الدين، ~~وجعله PageV01P167 # من الأئمة المهتدين؛ ممن إذا جنى عليه غفر، لعلمنا به أنه حليم والله آخذ ~~بيده كلما عثر؛ فأرشدنا بذلك إلى أنه كريم، وممن تطرقه الخطوب، وهو ~~بالألطاف مصحوب، وتحدق إليه النوائب وهو من نظرها الشخزر محجوب، وممن جمع ~~له الناس على أن يخشاهم فزاده إيمانا، وقال: حسبي الله ونعم الوكيل، فانقلب ~~بفضل من الله ونعمة، وممن صبر واسترجع في نقص الأموال والأنفس والثمرات، ~~فبشر بصلوات من ربه ورحمة، فتمالأت على أذنيه أصناف من الناس في مرات ~~متعددة، وإناء من الدهر متجدده، فأتعس الله جدودهم، وأضرع إليه خدودهم، ~~وأرغم بحوله وقوته أنوفهم، ورد عنه بسيف من الأقدار رماحهم وسيوفهم، وأدنى ~~لهم بأسباب مختلفة الأنواع حتوفهم: فمن آمن أخذ ms089 من مأمنه الذي كان يستند ~~إليه ومن خائف قد أدهشه الروع فهو يحسب كل صحية عليه؛ فكأن ألسنة الأقدار ~~تنهاهم عن منازعة الإرادة، وكأن واعظ الاعتبار يحذرهم من شقاقهم الكفيل له ~~بالسعادة؛ وكأن شاهد الحال يقول هذه إرادة الله قضاها، وسنته السابقة ~~أنفذها وأمضاها، فمن المنازع فيما حكم الله به وقضى، ومن الساخط في المحل ~~الذي يطلب فيه من الله الرضا؟ ولو كان استيلاؤه على الملك يقوة عصبيته، ~~وإهلاك مناوئته عن البيعة غضبه؛ لارتاب في ذلك الناظر ووحد السبيل إلى ~~الاحتياج المناظر، ولكنه طالما عورض في الملك فكبا معارضه لفيه، وأتيحت له ~~النصرة محل لم يحسبها فيه؛ وشد ما احتال على نصرته غير واحد، فانعكست عليه ~~حيلته؛ وتوسل إلى مكروهه، فطاحت في قليب الانقلاب عليه وسيلته؛ وبغى عليه ~~غير ما مرة فنصره الله على من بغي عليه، PageV01P168 # وابتغى بالسوء فرده الله على من سعى به إليه؛ ولعل ذلك لغيب عن العيان ~~مكتوم، وحكم من الحكيم العليم محتوم؛ أو لأثر من الاختصاص قد علمه الله ~~وليس لنا بمعلوم، أو لأمر قد تقاصرت عنه مدارك العقول، وكلت دونه رواجح ~~الحلوم؛ ولهذه المعاني المقررة، والمقاصد المحرره، والمذاهب المفسر، ~~والفوائد المسطرة، وغرائب أحاديثها المشتهرة، خص الملأ المقصود فيه ~~بالتذكرة، والمعتمد منه بالإيقاظ والتبصرة؛ من أعضاد الدولة، وسيوف الصوله، ~~وأولياء الخلوص الزكي الشيمة، وموالي النعمة الفلاية، وهم الذين خولتهم ~~موعظته الحسنه، وأعجبتهم أغراضه المتعدده، ومقاصده المستحسنة؛ وعلموا أنه ~~الحق، فسألوا من الله التوفيق إليه؛ والإرشاد إلى الاتصاف به والعمل عليه، ~~والهداية إلى التماس رضا الله لديه، ووقفوا على ما هو لهم في هذا الكتاب ~~منصوص، وأن سلطانهم بمزية الدفاع عنه مخصوص، وأنه قد تطابقت على إيثاره ~~نصوص، واستوى في تسلم الطاعة له عموم وخصوص؛ فجددوا له البيعة الوثيقة، على ~~ما أوجب في ذلك الحكم المشروع، وأعطوه على ذلك العهد الأكيد حسبما اتفقت ~~عليه أصول وفروع؛ وعقدوا له مضمونها عقدا صحيحا، وعهدوا على ما تقتضيه ~~السنة صريحا؛ وشهدوا له فيه على أنفسهم انهم بالوفاء بها قائمون ms090، ولشروطها ~~المرعية حافظون؛ وعلى أحكامها الشرعية محافظون؛ وعلى ما بويع عليه رسول ~~الله) من السمع والطاعة، ولزوم السنة والجماعة، وغمحاض النصيحة جهد ~~الاستطاعة؛ فأيديهم في السلم والحرب صروفة في مرضاته، ونيتهم صادقه في ~~مسنونات الوفاء ومفترضاته؛ ولقد شاهدوا الفرقة وما جنته، والفتنة وما ~~فتنته، والألفة وما سنته، والهدنة PageV01P169 # وما قربت من إصلاح وأدنته فليغتبطوا بها عهدا كريما وعقدا قد تضمن فضلا ~~عظيما بل عميما واستلزمن إنعاما جسيما وليوفوا بها الوفاء الذي يوليهم بها ~~نعيما مقيما ويدفع عنهم عذابا أليما فإنه عز وجل يقول: " فمن نكث " إلى ~~قوله: " عظيما ". وقد بسطوا أكفهم إلى الله ضارعين وفي رحمته طامعين ~~ولعظمته خاضعين ومن هيبته خاشعين ولخليفته طائعين وفي الخيرات مسارعين ~~يدعونه رغبا ورهبا مستنزلين لرحمته بالإخلاص والإنابة واقفين على قدم ~~الرجاء بباب الذي أمرهم بالدعاء ووعدهم بالإجابة ويسألونه خير ما قدره ~~وقضاه والسلوك على ما فيه رضاه. # اللهم بابك قصدنا وقبولك أردنا وعلى فضلك اعتمدنا وإلى عزتك استندنا وفي ~~مرضاتك اجتهدنا وبهدايتك استرشدنا فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأصلح ~~شأننا كله اللهم إنا بك مستنصرون وبعزتك مستظهرون ولغناك مفتقرون ومن ~~تقصيرنا مستعيذون ومن ذنوبنا مستغفرون ولشامل عفوك منتظرون وفي خف ألطافك ~~مستبصرون ولعظيم انتقامك مستحضرون ولعميم صفحك مستشعرون فآتنا في الدنيا ~~حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللم انصر من بايعناه سلطانا ومهد ~~به بلادا وأوطانا وأرغم بتوخيه للحق طاغية وشيطانا وآتنا من لدنك رحمة وهيء ~~لنا من أمرنا رشدا. اللهم اعمر بالمسرة ناديه وكاف عنا أياديه واكبت اللهم ~~أعاديه وكن لنا وليا نصيرا فأنت نعم المولى ونعم النصير. وصل اللهم على ~~سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي القرشي الهاشمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ~~كثيرا فأنت اللطيف وأنت الخبير ". PageV01P170 # انتهى ما أردت نقله من جنة الرضا للرئيس أبي يحيى بن عاصم رحمة الله ~~عليه. # ورأيت بخط الوادي آشي ناقلا من كتابه المسمى بالروض الأريض ما نصه: أبن ~~فتوح إبراهيم بن أحمد بن قتوح العقيلي يكنى أبا إسحاق العالم المتفنن صحبنا ~~محقق ms091 نظائر وأستاذ فوائد تدريسه لجين ونضار كلا بل جواهر ويواقيت ومناسك ~~هذى لها من السعادة مواقيت فحسب الطالب الموثق بفهمه المصروف للتحصيل مطالع ~~مواقع سهمه أن يلازم حلقة تعليمية وإن يشد يد الضنة بما يلقي من محصول ~~تفهيمه فإكسير الإفادة إنما حصلة الوافدون من جابر صنعته وكيمياء السعادة ~~إنما يلقاها الظافرون في نضرة روضة المخضل ونبعته وقرض الشعر مما يمكن ~~دخوله تحت فرعه ويندرج تحت قدرة تصرفه بجنسه نوعه إلا أنه لما يصدر منه عن ~~قريحة كاتم وسالك من البخل به على طرف النقيض مما سلكه حاتم. # فمما علق بحفظي منه خطوبة أرجوزة صنفها في النجوم: # سبحان رافع السماء سقفا ... ناصبها دلالة لا تخفى # مبدعها فلا ترى فروجا ... مودعها الأفلاك والبروجا # انتهى. وإنما ذكرته لتعلم اصلاحه في كتاب الروض الأريض. وقد نقلت كلاما ~~آخر منه فما سبق فراجعه ولو تتبعت ما حصل لدي من نظمه ونثره لطال الكتاب ~~جدا. PageV01P171 # وقد وقفت بتلمسان المحروسة على ظهير منشور سلطاني أصدر للرئيس أبن يحيى ~~بن عاصم المذكور بتقديمه للنظر في أمور القضاء وغيره ونصه: # هذا الظهير كريم إليه أنهيت الظهائر شرفا عليا وبه تقررت المآثر برهانا ~~جليا وراقت المفاخر قلائج وحليا وتميزت الأكابر الذين افتخرت بهم الأقلام ~~والمحابر اختصاصا مولويا. فهو وإن تكاثرت المرسومات وتعددت وتوالت ~~المنشورات وتجددت أكبر مرسوم تمم في الاعتقاد نظرا خطيرا وأحكم في التفويض ~~أمرا كبيرا وأبرم في الأستخلاص عزما أبيا اعتمد بمسطورة العزيز واختص ~~بمنشوره الذي تلقاه المين بالتعزيز من لم يزل بالتعظيم حقيقا وبالأكابر ~~خليقا وبالإجلال حريا فهو شهير لم يزل في الشهرة سابقا هاد لم يزل بالهدى ~~ناطقا بليغ لم يزل بالبلاغة دريا عظيم لم يزل بالنفوس معظما علم لم يزل في ~~الأعلام مقدما. كريم لم يزل في الكرام سنيا اشتملت منه محافل الملك على ~~العقد الثمين وحلت به المشهورة في الكنف المحوط والحرم الأمين فكان في ~~مشكاة الأمور هاديا وفي ميدان المآثر جريا فإلى مقاماته تبلغ مقامات ~~الإخلاص وإلى مرتبته تنتهي مراتب الاختصاص فيمن حاز ms092 فضلا وزين فعلا وشرف ~~نديا واستكمل همما واستعمل قلما مشرفيا فلله ما أعلى قدر هذا الشرف الجامع ~~بين المتلد والمطرف السابق في الفضل أمدا قصيا الحال من PageV01P172 # الاصطفاء مظهرا، الفارع من العلا منبرا، الصاعد من العز كرسيا؛ حاز الفضل ~~إرثا وتعصيبا، واستوفى الكمال حظا ونصيبا؛ ثناء أرجه كالروض لو لم يكن ~~الروض ذابلا، وهديا نوره كالبدر لو لم يكن البدر آفلا، ومجدا علوه كالسها ~~لو لم يكن السها خفيا؛ فما أشرف الملك الذي اصفاه، وكمل له حق التقريب ~~ووفاه، وأحله قرارة التمكين، ومن باختصاصه بالمكان المكين، فسبق في ميدان ~~التفويض وسما، ورأى من الأنظار الحميدة ما رأى، صادعا بالحق إماما علما، ~~ومنها: ضحا من الدين نهجا أمما، هديا من الواجب صرطا سويا؛ بانيا للمجد ~~صرحا مشيدا، مشهدا للعدل قول مؤيدا، مبرما للخير سببا قويا؛ فالله تعالى ~~يصل لمقام هذا الملك الذي أطلع في سمائه بدرا دونه البدر وصدرا تلوذ به ~~الصدور سعدا لا تماطله الأيام في تقاضيه، ومصرا يمضي به نصل الجهاد فلا ~~يزال ماضيه، على الفتح مبنيا؛ ويولي له عزا يذود عن حزم الدين، ويمنحه ~~تأييدا يصبح في أعناق الكفر حديث سيفه قطعيا؛ أمر به مرسوما عزيزا لا تبلغ ~~المرسومات إلى مداه، ولا تبدى بآثار الاختصاص مثل ما أبداه، عبد الله أمير ~~المسلمين محمد الغالب بالله، أبن الأمير المقدس فلان أيد الله تعالى مقامه ~~ونصر أعلامه، ويسر مرامه؛ لإمام الأئمة وعلم الأعلام وعماد دوي العقول ~~والأحلام، وبركة حملة السيوف والأقلام، وقدوة رجال الدين وعلماء الإسلام؛ ~~الشيخ الفقيه أبي يحيى أبن كبير العلماء شهير العظماء؛ حجة الأكابر ~~والأعيان مصباح البلاغة والبيان؛ قاضي القضاة وإمامهم اوحد الجلة وطود ~~شمامهم الشيخ الفقيه أبي بكر بن عاصم، أبقاه الله تعالى ومناطق الشكر له ~~فصيحة اللسان، ومواهب الملك به معهودة الإحسان، PageV01P173 # وقلائد الأيادي منه مقلدة بجيد كل إنسان قد تقرر والمفاخر لا تنسب إلا ~~لبنتها، والفضائل لا تعتبر إلا بمن يشيد أركانها ويبنيها؛ والكمال لا يصفى ~~شربه، إلا لمن يؤمن سربه؛ وإن هذا العلم ms093 الكبير، الذي لا يفي بوصفه ~~التعبير؛ علم بآثاره يقتدى، وبأنظاره يهتدى؛ وبإشارته يستشهد، وبإرادته ~~يسترشد؛ إذ لا أمد علو إلا وقد تخطاه، ولا مركب فضل إلا وقد تمطاه؛ ولا ~~شارقة هدى إلا وقد جلاها، ولا لبة فخر إلا وقد حلاها؛ ولا نعمة إلا وقد ~~اسداها، ولا سومة إلا وقد أبداها؛ لما له في دار الملك من الخصوصية العظمى، ~~والمكانة التي تسوغ النعمى؛ والرتب التي تسمو العيون إلى مرتقاها، ~~وتستقبلها النفوس، بالتعظيم وتتلقاها؛ حيث سر الملك مكتوم، وقرطاسه مختوم، ~~وأمره محتوم؛ والأقلام قد روضت الطروس وهي ذاوية، وقسمت الأرزاق وهي طاوية؛ ~~شقت ألسنتها فنطقت، وقطعت أرجلها فسبقت؛ ويبست فاثمرت إنعامها، ونكست ~~فأظهرت قوامها؛ وخطت فأعطت، وكتبت فوهبت، ومشقت فدفقت، وأبرمت؛ فكم يسرت ~~الجبر، وعقرت الهزبر؛ وشنقت المسامع وكفيت المطامع؛ وأقلت فيما ارتفع من ~~الواضع، وأحلت لما امتنع من المواضع؛ فهي تنجز النعم، وتحجز النقم؛ وتبث ~~المذاهب وتحث المواهب؛ وتروض المراد وتنهض المواد؛ وتحرس الأكناف، وتغرس ~~الأشراف؛ ومضيغة لنداء هذا العماد الأعلى، طامحة لمكانه الذي سما واستعلى؛ ~~فيما يملي عليها من البيان # الذي يقر له بالتفضل، الملك الضليل؛ ويشهد له بالإحسان، من البيان، الذي ~~يقر له بالتفضيل، الملك الضليل؛ ويشهد له بالإحسان PageV01P174 # لسان حسان؛ ويحكم له ببرى القوس حبيب بن أوس ويهيم بما من الأساليب عنده ~~شاعر كندة؛ ويستمطر سحبه الثرة، فيصيح المعره؛ إلى منثور تزيل الفقر فقره، ~~وتدر الرزق درره؛ لو أنهى إلى قس إياد لشكر في الصنيعة أياديه، واستمطر ~~سحبه وغواديه، أو بلغ إلى سحبان اسحره، وما فارقه عشيته ولا سحره؛ ولو رآه ~~الصابي لأبدى إليه من صبره ما أبدى؛ أو سمعه أبن عباد، لكان له عبدا؛ أو ~~بلغ بديع الزمان لهجر بائعه، واستنزر بضاعئه؛ أو أتحف به البستي لاتخذه ~~بستانا، أو عرض على عبد الحميد لأحمد من صوبه هتانا؛ فأعظم به من عال لا ~~ترقى ثنيته، ولا تحاز مزيته؛ ولا يرجم أفقه، ولا يكتم حقه؛ ولا ينام له عن ~~اكتساب الحمد ناظر، ولا ينقاس به في الفضل مناظر؛ وهل ms094 تقاس الأجادل ~~بالبغاث، أو الحقائق بالأضغاث؛ ألا وإن بيته هو البيت الذي طلع في أفقه كل ~~كوكب وقاد ممن رسخ به للعلوم اتقاء واتقاد، وتراءى به للمدارك وانتقاد؛ ~~فأعظم بهم أعلاما وصدورا، وأهلة وبدورا؛ خلدت ذكرهم الدواوين المسطرة، وسرت ~~في محامدهم الأنفس المعطرة، إلى أن مشا في سمائهم هذا الأوحد، الذي شهرة ~~فضله لا تجحد؛ فكان قمرهم الأزهر، ونيرهم الأظهر؛ ووسيطة عقدهم الأنفس، ~~ونتيجة مجدهم الأقعس؛ فأبعد في المناقب آماده، ورفع الفخر وأقام عماده؛ ~~وبنى على الأساس المشيدة، وجرى لإدراك تلك الغايات البعيدة؛ فسبق وجلى وشنف ~~بذكره المسامع وحلى؛ ورفع PageV01P175 # المشكل ببيانه، وحرر الملتبس ببرهانه؛ إلى أن أحله قضاء الجماعة درة أفقه ~~الأصعد، وبوأه عزيز ذلك المقعد؛ فشرف الخطة، والمجلس السلطاني أعلاه الله ~~تعالى يختصه بنفسه، ويفرغ عليه من حلل الأصطفاء ولبسه؛ ويستمطر فوائده، ~~ويجري بأنظاره حقوق الملك وعوائده؛ فكان بين يديه حكما مقسطا، ومقسما لحظوظ ~~الأنعام مقسطا، إلى أن خصه بالكتابة المولوية، ورأى له في ذلك حق الأولوية؛ ~~إذ كان والده المقدس نعم الله ثراه، ومنحه السعادة في أخراه؛ مشرف ذلك ~~الديوان، ومعلي ذلك الإيوان؛ يحبر رقاع الملك فتروق، وتلوح كالشمس عند ~~الشروق؛ فحل ابنه هذا الكبير شرفا، الشهير سلفا؛ مرتبته التي سمت وافترت به ~~عن السعد وابتسمت؛ فسحبت به للشرف مطارف، وأحرزت به من الفخر التالد ~~والطارف؛ فهو اليوم في وجهها غرة، وفي عينها قرة؛ والله هو في ملاحظة ~~الحقائق ورعيها، وسمع الحجج ووعيها؛ فلقد فضل بذلك أهل الاختصاص وسبقهم في ~~تبيين ما يشكل منه وما يعتاص؛ إذ المشكلة معه جلية الأغراض، والآراء لديه ~~آمنة من مآخذ الاعتراض؛ فكم رتبة عمرها بذويها، فأكسبها تشريفا وتنويها؛ ~~وعلى ذلك فأعلام قضاة الوطن، ومن عبر منهم وقطن؛ مع أقدارهم السامية، ~~ومعاليهم التي هي للزهر مسامية؛ إنما رقتهم وساطته التي أحسنت، وزينت بهم ~~المجالس وحسنت؛ فبه أمضوا PageV01P176 # أحكامهم، وأعملوا في الأباطيل احتكامهم؛ وكتبوا الرسوم وكبتوا الخصوم؛ ~~وحلو دست القضاء، وسلوا سيف المضاء؛ وفي زمانه تحرجوا وفي بستانه تأرجوا؛ ~~ومن خلقه اكتسبوا، وإلى ms095 طرقه انتسبوا؛ وعلى موارده حاموا وحول فرائده ~~قاموا؛ وبتعريفه عرفوا، وبتشريفه شرفوا؛ وبصفاته كلفوا وبعرفانه وقفوا؛ ~~فأمنوا مع انكساب سحبه إفادته من الجدب وقاموا بذلك الغرض بسبب ذلك الندب؛ ~~وهل العلماء وإن عمت فوائدهم، وانتظمت بجياد الأذهان فرائدهم؛ إلا من ~~أنواره مستمدون وإلى الاستفادة من أنظاره ممتدون، وببركاته معتدون، ~~وبأسبابه مشتدون؛ فبه اجتنبت من أفنان المنابر ثمراتهم، وتأرجحت في روضات ~~المعارف زهراتهم؛ وبه عمروا الحق وائتلق من أنوارهم ما ائتلق؛ إذ كل من ~~اصطناعه محسوب، وإلى بركته منسوب؛ فهو بدرهم الأهدى وغيثهم الأجدى؛ وعقدهم ~~المقتنى، وروضهم المجتنى؛ وبدر منازلهم، وصدر محافلهم؛ وعلى ما أعلى المقام ~~المولوى من مكانه، وقضى به من استمكانه؛ واعتمد من إبرامه وأبرم من اعتماده ~~ومهد من إكرامه وأكرم من مهاده؛ واختص من علاه، وأعلى من اختصه، واستخلص من ~~حلاه، وحلى من استخلاصه؛ ووفى من تكرمه، وكرم من وفائه، وأصفى من مجده، ~~ومجد من اصطفائه؛ وقدم من براعته، وحكم من يراعته؛ وشقق من كتابته، وأنطق ~~من خطابته، وسجل من أنظاره وعدل من اختياره؛ فذكا ذكره، PageV01P177 # وسطا سطره؛ وأمعن معناه، وأغنى مغناه. أشار # أيده الله تعالى باستئناف خصوصيته وتجديدها، وإثبات مقامته وتحديدها؛ ~~لتعرف تلك الحدود فلا تتخطى وتكبر تلك المراتب فلا تستعطي؛ فاصدر له - شكر ~~الله تعالى إصداره، وعمر بالنصر داره - هذا المنشور الذي تأرج بمحامده نشره ~~وتضمن من مناقبه البديع فراق طيه ونشره؛ وغدا وفرائد المآثر لديه مكنونه، ~~وأصبح للمفاخر مالكا لما أتى به مدنونه؛ وخصه فيه بالنظر المطلق الشرط، ~~الملازم للتفريض ملازمة الشرط للمشروط؛ المستكمل الفروع والأصول، المستوفي ~~الأجناس والفصول؛ في الأمور التي تختص بأعلام القضاة الأكابر، وكتاب القضاة ~~ذوي الأقلام والمحابرو شيوخ العلم وخطباء المنابر، وسائر أرباب الأقلام ~~القاطن منهم والغابر؛ بالحضرة العلية وجميع البلاد النصرية؛ تولى الله جميع ~~ذلك بمعهود ستره، ووصل له ما تعود من شفع اللطف ووتره؛ يحوط مراتبهم التي ~~قطفت من روضتها ثمرات الحكم وجنيت، ويراعى أمرهم التي أقيمت على القواعد ~~وبنيت وحقوقهم التي حفظت لهم في المجالس السلطانية ورعيت؛ ويحل ms096 كل واحد مهم ~~في منزلته التي تليق، ومرتبته التي هو بها خليق؛ على مقتضى ما يعلم من ~~أدواتهم، ويخبر من تباين ذواتهم؛ ويرشح كل واحد إلى ما استحقه، ويؤتى كل ذي ~~حق حقه، اعتمادا على أغراضه التي عدلت، وصدحت على أفنانها من الأفواه طيور ~~شكر وهدلت؛ واستنادا في ذلك إلى آرائه، وتفويضا له في هذا الشأن بين خلصاء ~~الملك وظهرائه؛ ولمقتضى ما كان عليه أعلام الرياسة الذين سبقوا، وانتهضوا ~~بهممهم واستبقوا؛ كالشيخ PageV01P178 # الرئيس الصالح ابي الحسن بن الجياب، والشيخ ذي الوزارتين ابي عب بن ~~الخطيب، رحمهما ات فليقم - أبقاه الله تعالى - بهذه الأعمال التي سمت ~~واعتزت ومالت بها أعطاف العدل واهتزت؛ وسار بها الخبر حيث سرى، وصار بها ~~الحق مشدود العرى؛ وعلى جميع القضاة الأصفياء، والعلماء الأرضياء، والخطباء ~~الأولياء، والمقرئين الأذكياء، وحملة القلام الأحطياء؛ أن يعتمدوا على هذا ~~الولي العماد في كل ما يرجع إلى عوائدهم، ويختص في دار الملك من مرتباتهم ~~وفوائدهم؛ وما يتعلق بولاياتهم وأنياتهم، ويليق بمقاصدهم ونياتهم؛ فهو الذي ~~يسوغهم المشارب ويبلغهم المآرب؛ ويستقبل العلى بالعلى، والعطل بالحلي ~~والمشكل بالجلي والمفرق بالتاج، والمقدمة بالإنتاج؛ وعلى ذلك فهذا المنشور ~~الكريم قد اقرهم على ولايتهم وأبقاهم، ولقاهم من حفظ المراتب ما رقاهم؛ ~~فليجروا على ما هم بسبيله، وليهتدوا برشد هذا الاعتناء ودليله. # وكتب في صفر عام سبعة وخمسين وثمان مائة ". انتهى. # وإنما كتبته برمته لتعلم به مصداق ما قد مناه من تمكن أبن عاصم المذكور ~~من مراتب الاصطفاء والاحتفاء. # ولنختم ترجمته، رحمه الله بتخميس عجيب من نظمه: # سبحان من أظهر الأنوار واحتجابا ... وكل حمد وتمجيد له وجبا PageV01P179 # إذا ابتغى العقل في إدراكه سببا ... جاء الحجاب فألقى دونه الحجبا # حتى إذا ما تلاشى عندها ظهرا # سبحان من كان والأكوان لم تكن ... في غير أين ولا وقت ولا زمن # حتى أتى الجود بالإحياء والمنن ... وكان ما قد رسمناه بما ومن # وأظهر الشمس ذات النور والقمر # سبحان من حجب الأبصار فاحتجبت ... وكم أراد مريد نيلها فأبت # ومن حدثته أمانيه فقد كذبت ... حقيقة ms097 ذاتها عن ذاتها وجبت # لا يدرك العقل من أخبارها خبرا # سبحا من شأنه في شأن عجب ... يخفى فيظهر أو يبدو فيحتجب # يا أيها العاكفون السادة النجب ... هل فيكم من سعى سعيا كما يجب # ففاز بالغرض المطلوب أو ظفر # سبحان من لم يزل بالعلم منفردا ... ومن تعالى عن الاشباه فاتحدا # سبحانه وتعالى واحدا صمدا ... تبارك الله لم يولد ولم يلد # تنزه الله عما يلحقون البشرا # سبحان من أخرج الموجود من عدم ... رسما برى كونه في غير مرتسم # فلا محل سوى كنه من الكلم ... ولم يزل هو في ديمومة القدم # مؤثرا يخلق التأثير والأثر # سبحان من خلق الأشياء أجمعها ... فمن رآها رأى أفعاله معها PageV01P180 # وكان أتقها صنعا وأبدعها ... نفس إلى العالم العلوي رعها # وخصها من معاليه بما بهرا # سبحان من عم بالإنعام ما خلقا ... وشفع العدل بالإحسان فاتفقا # وزاد بالذكر في قلب التقي تقى ... فاستكمل الدين والإيمان والخلقا # وكان مدركه الصديق أو عمرا # سبحان من سبحته كل سابحة ... وكل عائمة في الماء سائحة # وكل غادية تغدو ورائحة ... وسبحته خفايا كل جانحة # لم تعرف السر حتى جاورت صورا # سبحان من حمدته ألسن البشر ... في السر والجهر والآصال والبكر # وفي الدجى تشدو ونصف الليل والسحر ... بالشكر والذكر والآيات والسور # توليه حمدا وتتلو بعده سورا # سبحان من نزهته ألسن عزفت ... عن كل ما يوهم التشبيه إذ وصفت # صفا لها مورد التحقيق حين صفت ... فلم تفارقها حتى أثبتت ونفت # ولم يدع شبهة تؤذي ولا ضررا # سبحان من شكره في الدين مفترض ... وليس جسم ولا عرض # ينهي ويأمر ما في ذا وذا غرض ... فاذكر لنعماه ذكرا ليس ينقرض # فمن تحدث بالنعمى فقد شكرا # سبحان من خضع السبع الطباق له ... وأعظمته قلوب حشوها وله # تريد إن تعلم الأبقي وتعقله ... طوبى لمن أمل الأبقى وأم له # واستكثر الزاد لما آنس السفر PageV01P181 # سبحان من زين الأفلاك بالشهب ... وبين الدين بالآيات والكتب # ولم يدعنا لدى لهو وفي لعب ... لكن نهانا وآتانا على الرتب # حتى انتهينا وأذعنا لما أمرا # سبحان من جعل ms098 الأشياء تختلف ... فتارة تتناءى ثم تأتلف # هذا الظلام بنور الصبح ينصرف ... كما الضلال لنور العلم يقف # فسله نورا ينير السمع والبصرا # سبحان من خلق الأخلاق والخلقا ... والشمس والبدر والظلماء والغسقا # يروقك الكل مجموعا ومفتراقا ... وانظر لنفسك واسلك نحوه طرقا # فأسعد الناس من في نفسه نظرا # سبحان منزل الماء المزن في المطر ... يروي النبات ويسقي يانع الثمر # كأنما الزهر تهديه إلى الزهر ... إذا رأيت تلاقيها على قدر # رأيت صنع قدير أحكم القدرا # سبحان من قدر الأوقات والأجلا ... وتابع الوحي واستتلى به الرسلا # فمن تعدى حدود الفوق قيل غلا ... ومن تجاوز منحطا فقد سفلا # ومن تخطى خطوط المنتهى كفرا # سبحان من فجر الأنهار فانفجرت ... وقدر الخير في إجرائها فجرت # فزينة الأرض بالأزهار قد ظهرت ... وللبصيرة عين كلما نظرت # رأت جمالا وإجمالا ومعتبرا PageV01P182 # سبحان من خلق الإنسان من علق ... وأعقب الليلة الليلاء بالغسق # يا بهجة الشمس دوني عذت من فلق ... ويا سنا البدر عارض حمرة الشفق # حين تعود لنا من ليلتنا سحرا # سبحان من علم الإنسان بالقلم ... وسلط الهم والبلوى على الهمم # فقاومتها جنود الصبر والكرم ... ثم ابتلى قلب غير العارف الفهم # فما أطلق ولا أوفى ولا صبرا # سبحان من خلق الإنسان من عجل ... فليس يمشي إلى شيء على مهل # ولا يقول سوى هذا وذلك لي ... مقسم الحال بين الحرص والحيل # فليس تلقاه إلا ضارعا حذرا # سبحان من زانه بالعلم والأدب ... وبالفضائل والإيمان والطلب # فلا يزال حليف الفكر والتعب ... رام الكمال فلم يبلغ ولم يخب # ولم يرد بعد في ري ولا صدرا # سبحان من شأنه بالكبر والأشر ... يمسي ويصبح في غي وفي بطر # مردد العزم بين الجبن والخور ... لا يستفيق من الشكوى إلى البشر # ولا يزحزح عن ظلم إذا قدرا # سبحان محرقه في وقدة الحسد ... فلا يزال أخا غيظ وفي نكد # كالبحر يرمي إلى العينين بالزبد ... إذا رأى أثر النعمى على أحد # يود لو كان أعمى لا يرى ضجرا PageV01P183 # سبحان من أمر الأرواح فأتمرت ... ثم استديمت فلم تنهض بما أمرت # وكل نفس إذا ms099 سامحتها فجرت ... فلا تصلها إذا خانتها أو غدرت # واقطع علائق من قد خان أو غدرا # سبحان من بسط التعليم ثم طوى ... فأعق القلب وجدا دائما وهوى # وذاب في ملتظى أشواقه وذوى ... وكان أزمع واستوفى المنى ونوى # حجا فلما انى ميقاته حصرا # سبحان من في بساط العدل أجلسنا ... وباغتفار عظيم الذنب آنسنا # وزان بالعلم والإيمان أنفسنا ... فكان أعظمنا قدرا وأنفسنا # من انتهى أو نهى أو خاف فازدجرا # سبحان من خص بالإيمان أنفسنا ... وخافه من عذاب النار أنفسنا # لولاه لم نعرف المعروف والحسنا ... ولا استفدنا لسانا ناطقا لسنا # ولا درينا: أباح الشرع أو حظرا # سبحان من جعل الإيمان بالقدر ... والحشر والنشر منجاة من الضرر # فلا خلود مع الإيمان في سقر ... ولا وصول إلى أمن دون حذر # حتى تكون لأمر الله مؤتمرا # سبحان من إن يشأ أعطاك أو منعك ... ومن إذا شاء أمرا حادثا وقعا # وتارة يخفض الأمر الذي رفعا ... يوما يفرق للإنسان ما حمعا # ولا يبالي بمن أثرى ومن خسرا # سبحان من هو يوم الفصل يجمعنا ... وللنعيم بفضل منه يرفعنا PageV01P184 # من بعد رؤية أهوال تروعنا ... يرى لها والها هيمان أورعنا # حيران عريان يبدي كل ما سترا # سبحان من شاء في الدنيا سعادتنا ... بطاعة أحسنت منا إرادتنا # ويبتلينا ويستحلي عبادتنا ... حتى إذا شاء في الأخر إعادتنا # أعادنا مثل ما كنا كما ذكرا # سبحان من يحشر الإنسان مكتئبا ... خوف الجراء ويجزيه بما كسبا # ويحكم الحكم يمضيه كما وجبا ... فالقاسطون إلى نيرانه عصبا # والمقسطون إلى جناته زمرا # سبحان من فضل الإسلام في الأمم ... بالطيبات الطاهر المبعوث في الحر # محمد خير من يمشي على قدم ... إذا عددت بيوت المجد والكرم # فمنه حتى إلى عدنان أو مضرا # سبحان من ختم الأديان في الأزل ... بالملة السمحة البيضاء في الملل # أتى بها خير مأمور وممتثل ... محمد خاتم السادات والرسل # وخير من حج بيت الله واعتمرا # إذا وصفنا فبالتقصير نعترف ... فكل لفظ بليغ دونه يقف # هو النبي الذي في ذكره شرف ... فإن طلبت رضاه الذي تصف # فكن على وصفه في ms100 الذكر مقتصرا # صلى الإله عليه ما بدا قمر ... وما سرى في الديجاء أنجم زهر # وما تباينت الأشكال والصور ... وما تدورست الآيات والسور # وما قضى مؤمن من حاجة وطرا PageV01P185 # وبالجملة فابن عاصم أبو يحيى كان يسميه أهل زمانه أبن الخطيب الثاني، ~~حسبما قاله الوادي آشي وغيره. # ولا بد إن نلم بنبذة من أخبار أبن الخطيب السلماني الوزير: إذ هو لسان ~~الدين، وفخر الإسلام بالأندلس في عصره، فنقول: هو محمد بن عبد الله أبن ~~سعيد بن عبد الله بن سعيد ين علي بن أحمد السلماني، قرطبي الأصل، ثم لوشيه، ~~يكنى أبا عبد الله، ويلقب من الألقاب المشرفة بلسان الدين، الوزير الشهير، ~~الطائر الصيت، المثل المضروب في الكتابه والشعر والمعرفة بالعلوم على ~~اختلاف أنواعها، رحمه الله. # أوليته # قال أبن الأحمر في نثير فرائد الجمان في حقه ما نصه: " ذو الوزارتين ~~الفقيه الكاتب، أبو عبد الله محمد، أبن الرئيس الفقيه الكاتب المفتي ببلدة ~~لوشة، عبد الله، أبن الفقيه الكاتب سعيد أبن الفقيه الصالح ولي الله الخطيب ~~سعيد السلماني اللوشي بابن الخطيب ". انتهى. # وقال غيره: إن بيتهم يعرف في القديم ببني الوزير، ثم في الحديث PageV01P186 # ببني الخطيب. وسعيد جده الأعلى أول من تلقب بالخطيب، وكان من أهل العلم ~~والدين والخير، وكذلك سعيد جده الأقرب كان على خلال حميدة، من خط، وتلاوة، ~~وفقه، وحساب، وأدب، خيرا، صدرا، وتوفي عام ثلاثة وثمانين وست مائة، وأبوه ~~عبد الله كان من أهل العلم بالأدب والطب، وقرأ على أبي الحسن البلوطي، وأبي ~~جعفر الوزير، وغيرهما، وأجازه طائفة من أهل المشرق، وتوفي بطريف عام واحد ~~وأربعين وسبع مائة شهيدا يوم الاثنين السابع من جمادى الأولى من العام ~~مفقودا ثابت الجأش، شكره الله فعله. قال ابنه لسان الدين صاحب الترجمة: ~~أنشدت والدي أبياتا من شعري فسر وتهلل، وارتجل رحمه الله تعالى: # الطب والشعر والكتابة ... سماتنا في بني النجابه # هي ثلاث مبلغات ... مرتبات بعضها الحجابه # انتهى. # نشأته: ونشأ لسان الدين على حالة حسنة سالكا سنن أسلافه، فقرأ القرآن على ~~المكتب، الأستاذ الصالح أبي ms101 عبد الله عبد الولي العواد، تكتبا، ثم حفظا، ثم ~~تجويدا؛ ثم قرأ القرآن أيضا على أستاذ الجماعة أبي الحسن القيجاطي، وقرأ ~~عليه العربية، وهو أول من انتفع به، وقرأ على الخطيب أبي القاسم بن جزي؛ PageV01P187 # ولازم قراءة العربية والفقه والتفسير على الشيخ أبي عبد الله بن الفخار ~~البيري، شيخ النحوين لعهده؛ وقرأ على قاضي الجماعة أبي عبد الله بن بكر؛ ~~وتأدب بالرئيس أبي الحسن بن الجياب؛ وروى عن كثير من الأعيان، كالمحدث شمس ~~الدين بن جابر، وأخيه أبي جعفر، والقاضي أبي البركات بن الحاج؛ والشيخ أبي ~~محمد بن سلمون، وأخيه أبي القاسم بن سلمون، وأبي عمرو بن الأستاذ أبي جعفر ~~بن الزبير، وله روايه عالمية، والأستاذ اللغوي أبي عبد الله بن بيبش؛ ~~والمحدث الكاتب أبي الحسن التمساني المسن، والقائد الكاتب أبي بكر بن ذي ~~الوزارتين أبي عبد الله بن الحكيم، والقاضي المحدث أبي بكر أبن شيرين، ~~والشيخ أبي عبد الله أبن الفقيه القاضي أبي عبد الله بن عبد الملك، والخطيب ~~أبي جعفر الطنجالي، والقاضي أبي بكر بن منظور، والرواية أبي عبد الله بن ~~حزب الله، وعن اشهر أسلافنا المتأخرين القاضي أبي عبد الله بن محمد المقري ~~القرشي، التلمساني المولد والمنشأ والمقبر، قاضي الجماعة بفاس، وعن الشريف ~~أبي علي الحسن بن يوسف، وعن الخطيب الرئيس الراوية أبي عبد الله أبن مرزوق، ~~وعن المحدث الفاضل الحسيب أبي العبياس بن يربوع السبتي، والرئيس الكاتب أبي ~~محمد بن عبد المهيمن الحضرمي السبتي، والشيخ المقري أبي محمد بن أيوب ~~المالقي، آخر الرواة عن أبي الاحوص، وعن أبي عثمان أبن ليون من أهل المرية، ~~وعن القاضي أبي الحجاج المنتشافري، من أهل رندة، إلى غيرهم ممن يطول ذكره ~~من أهل الأندلس، والعدوة الغربية، PageV01P188 # والمشرق وأفريقية بالإجازة؛ وأخذ الطب والتعالم وصناعة التعديل عن الإمام ~~أبي زكريا يحيى بن هذيل، ولازمه. ### || تآليفه # قال أبن الأحمر رحمه الله: " لأبن الخطيب الأوضاع المصنفات، التي آذان ~~إحسانها هي المقطرات المشنفات، ومنها في التصوف الذي أكثر أهل الحقائق إليه ~~نظر التشوف: روضة التعريف ms102 بالحب الشريف ". انتهى. # ثم سرد غيرهما من كتبه، ومنها: الإحاطة، في تاريخ غرناطة، في خمسة عشر ~~سفرا؛ واللمحة البدرية في الدولة النصرية؛ والحلل المرقومة؛ ومثلى الطريقة، ~~في ذم الوثيقة؛ والوثيقة؛ والسحر والشعر؛ وريحانة الكتب، ونجعة المنتاب، في ~~أسفار؛ والصيب والجهام، والماضي والكهام، في جموع شعره؛ ومعيار الاختيار؛ ~~ومفاضلة مالقة وسلا؛ ورسالة الطاعون؛ ورسالة الطاعون؛ والمسائل الطبية، في ~~سفر؛ والرجز في عمل الترياق؛ واليوسفي في الطب، في سفرين؛ والتاج المحلى في ~~مساجلة القدح المعلى؛ والكتيبة الكامنة، في أدباء المائة الثامنة، ونفاضة ~~الجراب، في أربعة أسفار، وهي من أحسن تآليفه، ولم أزل أكثر البحث في هذا ~~التاريخ عنها، فلم أقف منها على عيه ولا أثر، إلا عدة أوراق متفرقة، وقد ~~كنت قبل هذا التاريخ رأيت بعضها. والبيزرة، في سفر، والبيطرة، في سفر جامع ~~لما يرجع إليه من محاسن الخيل وغيره ورسالة تكون الجنين؛ والوصول لحفظ ~~الصحة في الفصول؛ ورجز الطب، ورجز الأغذية، ورجز السياسة؛ PageV01P189 # وكتاب الوزارة ومقامة السياسة والغيرة على أهل الحيرة وحمل الجمهور على ~~السنن المشهور والزبدة الممخوضة والرد على اله الإباحة وسد الذريعة في ~~تفضيل الشريعة وخطرة الطيف ورحلة الشتاء والصيف وطرفة العصر في دولة بني ~~نصر في ثلاثة أسفار وتقرير الشبه وتحرير الشبه واستنزال اللطف الموجود في ~~سر الوجود وبستان الدول وهو غريب في معناه في فنون السياسة في ثلاثين جزءا ~~ولم يكمل وأبيات الأبيات فيما اختاره رحمه الله من مطالع ما له من الشعر ~~ورقم الحلل في نظم الدول في غاية من الحلاوة والعذوبة والجزالة وفتات ~~الخوان ولقط الصوان في سفر يتضمن المقطوعات وعائد الصلة في سفرين وصل به ~~صلة الأستاذ أبي جعفر بن الزبير وتلخيص الذهب في اختيار عيون الكتب ~~الأدبيات وجيش التوشيح ورجز في أصول الفقه شرح ولي الدين بن خلدون صاحب ~~التاريخ المشهور والإكليل الزاهر وكناسة الدكان بعد انتقال السكان وعمل من ~~طب لمن حب والدرر الفاخرة واللجج الزاخرة جمع فيه نظم بن صفوان والباخر ~~الطيبية في المفاخر الخطيبية وخلع الرسن في أمر القاضي أبن ms103 الحسن وأعمال ~~الأعلام فيمن بويع من ملوك الإسلام قبل الاحتلام. وألف أيضا في الموسيقى ~~ومصنفاته زادت على الخمسين وقد ذكرنا نحو الخمسين. PageV01P190 ### || حاله # قال أبن الأحمر: " هو شاعر الدنيا وعلم المفرد والثنيا وكتاب الأرض إلى ~~يوم العرض لا يدافع مدحه في الكتاب ولا يجنح فيه إلى العتب آخر من تقدم في ~~الماضي وسيف مقولة ليس بالكهام إذ هو الماضي وإلا فانظر كلام الكتاب الأول ~~من العصبة كيف كان فيهم بالإفادة صاحب القصبة للبراعة باليراعة وبه اسكت ~~صائلهم وما حمدت بكرهم وأصائلهم المشوبة بالحلاوة الممكنة من مفاصل الطلاوة ~~وهو نفيس العدوتين ورئيس الدولتين بالاطلاع على العلوم العقلية والإمتاع ~~بالفهوم النقلية لكن صل لسانه في الهجاء لسع ونجاد نظاقة في ذلك اتسع حتى ~~صدمني وعلى القول فيه أقدمني بسبب هجوه في أبن عمي ملك الصعق الأندلسي ~~سلطان ذلك الوطن في النفر الجنسي المعظم في الملوك بالقول الجني والإنسي ثم ~~صفحت عنه صفحة القادر الوارد من مياه الظفر غير الصادر لأن مثلي لا يليق به ~~إظهار العورات ولا يجمل به تتتبع العثرات اتباعا للشرع في تحريم الغيبة ~~وضربا عن الكريهة وإثباتا لحظوظ النقيبة الرغيبة فما ضره لو اشتغل بذنوبه ~~وتأسف على ما شرب من ماء الهجو بذنوبه. وقد قال بعض الناس: من تعرض للأعراض ~~أرسى عرضه هدفا لسهام الأغراض ". انتهى كلام أبن الأحمر. # وقال غيره: تقلد الكتابة أيام السلطان أبي الحجاج في أخريات دولته بعد PageV01P191 # شيخه أبن الجياب. # قال أبن الصباغ العقيلي: " كان أبو الحسن بن الجياب رئيس كتاب الأندلس ~~وهم رؤساء غيرهم واختص به الوزارتين أبو عبد الله بن الخطيب اختصاصا تاما ~~وأورثته رتبته من بعده وعهد بها إليه مشيرا بذلك على من استشاره من أعلام ~~الحجاب عند حضوره عمره. وتدرب بذكائه حتى استحق أزمته فأنسى بحسن سياسته ~~شيخه المذكور ونال التي لا فوقها من الحظوة وبعد الصيت وسعادة البخت. # اتفق له يوما بعد ما عزم النصراني على ورود البلاد وضاقت به الصدور فأنشد ~~أبن الجياب بديها بمحضر الكتاب: # هذا العدو قد ms104 طغى ... وقد تعدى وبغى # وقال لابن الخطيب: أجز أبا عبد الله فأنشده بديها: # وأظهر السلم وقد ... أسر حسوا في أرتغا # فبلغ الرحمن سي ... في النصر فيه ما ابتغى # ورده رد ثمود ... والفصيل قد رغا # حتى يرى وليمة ... لكل مرهوب الثغا PageV01P192 # فقال أبن الجياب: هكذا وإلا فلا وعجب الحاضرون من هذه البديهة ". انتهى ~~كلام أبن الصباغ. # ولما توفي أبو الحجاج ازدادت منزلة أبن الخطيب عند ابنه أبي عبد الله إلى ~~أن كانت عليه الدائرة فقبض على أبن الخطيب وعلى أملاكه ثم تخلص منها نكبة ~~مصحفية بشفاعة السلطان المستعين بالله أبي سالم إبراهيم أبن السلطان الشهير ~~الكبير أبي الحسن المريني صاحب المغربو كان تحريك عزائم السلطان ابى سالم ~~للشفاعة فيه بسعاية الغالبع دولته الحاجب الرئس الخطيب الراحل أبي عبد الله ~~بن مرزوق. ولما تخلص لبن الخطيب من هذه الأنشوطة لحق بسلطانه أبي عبد الله ~~كما نذكره قريبا وورد صحبته المغرب واستقر أبو عبد الله بن الخطيب بسلا تحت ~~الجراية التامة متكلفا خدمة ضريح الملوك من بني مرين ليمت باب إلى صاحب ~~الملك من بينهم كما يقضي له ما بقي من مآربه بالأندلس بشفاعة غير مردودة ~~وفي أثناء هذه المدة كان يتطوف ببلاد المغرب مثل مراكش وأنظارها. ثم لما ~~رجع مخدومة لغرناطة عاد هو في صحبة أولاده فألقى مقاليد رياسته وأزمة ~~سياسته ورقاه إلى الذروة PageV01P193 # التي لا فوقها ثم سم الخدمة وتسخط النعمة وأضمر الفرار عندما سمع بأن ~~الملك استوثق للسلطان أبي فارس بن أبي الحسن المريني وأنه ملك تلمستان ~~فأظهر الذهاب إلى تفقد أحوال بعض الثغور فكان آخر عهد الأندلس به وخرج ~~بتلمستان واهتزت دولة السلطان أبي فارس لقدومه ثم كان من أمه ما سنذكره. # ولنورد بعض تفضيل لما سبق الإلمام به وما لم يسبق فنقول: قال في كتابه ~~المسمى باللمحة البدرية في الدولة النصرية عند ذكره خلع السلطان أبي عبد ~~الله وقيام الأمير إسماعيل عليه وذلك في شهر رمضان المعظم من عام ستين وسبع ~~مائة ما نصه: # " وكان السلطان أبو عبد ms105 الله عند تنصير الأمر إليه قد ألزم أخاه إسماعيل ~~قصرا من قصور أبيه بجوار داره مرفها عليه متممة وظائفه له وأسكن معه أمه ~~وأخواته منها وقد أستأثر يوم وفاة والده بمال جم من خزائنه الكائنة في ~~بيتها فوجدت السبيل إلى السعي لولدها فجعل تواصل زيارة ابنتها التي عقد لها ~~الوالد مع أبن عمه الرئيس أبي الوليد أبن الرئيس أبي عبد الله المبايع له ~~بأندروش أبن الرئيس أبي السعيد جدهم الذي تجمعهم جرثومته وشمر المهر ~~المذكور عن ساعد عزمه وجده وهو على ما هو من الإقدام ومداخلة ذؤبان الرجال ~~واستعان بمن آسفه الدولة وهفت به الأطماع فتألف منها زهاء مائة قصدوا جهة PageV01P194 # من جهات القلعة متسنمين شفا صعب المرتقي واتخذوا آلة تدرك ذروته لصعود ~~بنية كانت عن التمام وكسبوا حرسيا بأعلاه بما اقتضى صماته فاستووا به ~~ونزلوا إلى القلعة سحر الليلة الثامنة والعشرين من شهر رمضان عام ستين وسبع ~~مائة فاستظهروا بالمشاعل والصراخ وعالجوا دار الحاجب رضوان ففضوا أغلاقها ~~ودخلوا فقتلوه بين أهله وولده وانتهبوا ما اشتملت عله داره وأسرعت طائفة مع ~~الرئيس فاستخرجت الأمير المستقل إسماعيل وأركبته وقرعت الطبول ونودي بدعوته ~~وقد كان أخوه السلطان متحولا بولده إلى سكنى الجنة المنسوبة إلى العريف لصق ~~داره وهي المثل المضروب في الظل الممدودة والماء المسكوب والنسيم البليل ~~يفصل بينها وبين معقل الملك السور المنيع والخندق المصنوع فما راعه إلا ~~النداء والعجيج وأصوات الطبول وهب إلى الدخول إلى القلعة. فألفها قد أخذت ~~دونه شعائها كلها ونقابها وقذفته الحراب ورشقته السهام فرجع أدراجه وسدده ~~الله في مخل الحيرة ودس له عرق الفحول من قومه فامتطى صهوة فرس كان مرتبطا ~~عنده وصار لوجهه فأعيا المتبع وصبح مدينة وادي آش ولم يشعر حافظ قصبتها إلا ~~به وقد تولج عليها فالتف بها أهلها وأعطوه صفتهم بالذب عنه فكان أملك بها ~~وتجهزت الحشود إلى منازلته وقد جدد PageV01P195 # أخوه المتغلب على ملكه عقد السلم مع طاغية قشتالة باحتياجه إلى سلم ~~المسلمين لجراء فتنة بينه وبين البرجلونيين من أمته واغتبط ms106 به أهل المدينة ~~فذبوا عنه ورضوا بهلاك عمتهم دونه واستمرت الحال إلى يوم عيد النحر من عام ~~التاريخ ووصله رسول صاحب المغرب مستنزلا منها ومستدعيا إلى حضرته لما عز عن ~~إمساكها. وراسل ملك الروم فلم يجد عند من معول فانصرف ثانية يوم عيد النحر ~~المذكور وتبعه الجمع الوافر من أهل المدينة خيلا ورجالا إلى مربلة من ساحل ~~إجازته. وكان وصوله إلى مدينة فاس مصحبا من البر والكرامة بما لا مزيد عله ~~في السادس من شهر محرم فاتح عام واحد وستين وسبع مائة وركب السلطان للقائه ~~ونزل إليه عند ما سلم عليه وبالغ في الحفاية به. # وكانت قد لحق به مفلتا من شرك النكبة التي استأصلت المال وأوهمت سوء ~~الحال بشفاعة السلطان أبي سالم قدس الله روحه فقمت بين يديه في المحفل ~~المشهود يومئذ وأنشدته: # سلا هل لديها من مخبرة ذكر ... وهل أعشب الوادي ونم به الزهر # وهل باكر الوسمي دارا على اللوى ... عفت آيها إلا التوهم والذكر # بلادي التي عاطيت مشمولة الهوى ... بأكنافها والعيش فينان مخضر # وجوى الذي ربي جناحي وكره ... فها أنا ذا مالي جناح ولا وكر PageV01P196 # نبت بي لاعن جفوة وملالة ... ولا نسخ الوصل الهني بها هجر # ولكني الدنيا قليل متاعها ... ولذاتها دأبا تزور وتزور # فمن لي بقرب العهد منها ودونها ... مدى طال حتى يومه عندنا شهر # ولله علينا من رآنا وللأسى ضرام له في كل جارحة جمر # وقد بددت در الدموع يد النوى ... وللشوق أشجان يضيق لها الصدر # بكينا على نهر الشروب عشية ... فعاد أجاجا بعدنا ذلك النهر # أقول لأظعاني وقد غالها السرى ... وآنسها الحادي وأوحشها الزجر # رويدك بعد العسر يسر أن أبشري ... بأنجاز وعد الله قد ذهب العسر # ولله فينا سر غيب ربما ... أتى النفع من حال أريد بها الضر # وإن تخن الأيام لم تخن النهى ... وإن يخذل الأقوام لم يخذل الصبر # وإن عركت مني الحظوب مجربا ... نقابا تساوى عنده الحلو والمر # فقد عجمت عودا صليبا على الردى ... وعزما كما تمضي المهندة البتر # إذا أنت بالبيضاء ms107 قررت منزلي ... فلا اللحم حل ما حييت ولا الظهر # زجرنا بإبراهيم برء همومنا ... فلما رأينا وجهه صدق الزجر # بمنتخب من آل يعقوب كلما ... دجا الخطب لم يكذب لعزمته فجر # تناقلت الركبان طيب حديثه ... فلما رأته صدق الخبر الخبر # ندى لو حواه البحر لذ مذاقه ... ولم مده أبدا جزر PageV01P197 # وبأس غدا يرتاع من خوفه الردى ... وترفل في أثوابه الفتكه البكر # أطاعته حتى العصم في قنن الربا ... وهشت إلى تأميله الأنجم الزهر # قصدناك يا خير الملوك على النوى ... لتنصفنا مما جنى عبدك الدهر # كففنا بك الأيام عن غوائلها ... وقد رابنا منها التعسف والكبر # وعذنا بذاك المجد فانصرم الردى ... ولذنا بذاك العز فانهزم الذعر # ولما أتينا البحر يرهب موجه ... ذكرنا نداك الغمر فاحتقر البحر # خلافتك العظمى ومن لم يدن بها ... فإيمانه لغو وعرفانه نكر # ووصفك يهدي المدح قصد صوابه ... إذا ضل في أوصاف من دونك الشعر # دعتك قلوب المؤمنين واخلصت ... وقد طاب منها السر لله والهجر # ومدت إلى الله الأكف ضراعة ... فقال لهن الله قد قضى الأمر # وألبسها النعمى ببيعتك التي ... لها الطائر الميمون والمحتد الحر # فأصبح ثغر الثغر بيسم ضاحكا ... وقد كان مما نابه ليس يفتر # وأمنت بالسلم البلاد وأهلها ... فلا ظبة تعرى ولا روعة تعرو # وقد كان مولانا أبوك مصرحا ... بأنك في أبنائه الولد البر # وكنت خليقا بالإمارة بعده ... على الفور لكن كل شيء له قدر # وأوحشت من دار الخلافة هالة ... أقامت زمانا لا يلوح بها البدر # فرد عليك الله حقك إذ قضى ... بأن تشمل النعمى وينسدل الستر # وقاد إليك الملك رفقا بخلقه ... وقد عدموا ركن الإمامة واضطروا PageV01P198 # وزادك بالتمحيص عزا ورفعة ... وأجرا ولولا السبك ما عرف التبر # وأنت الذي تدعى إذا دهم الردى ... وأنت الذي ترجى إذا أخلف القطر # وأنت إذا جار الزمان محكم ... لك النقض والإبرام والنهى والأمر # وهذا أبن نصر قد أتى وجناحه ... مهيض ومن علياك يلتمس الجبر # غريب يرجى منك ما أنت أهله ... فإن كنت تبغي الفخر قد جاءك الفخر # ففز يا أمير المسلمين ببيعة ... موثقة قد ms108 حل عروقها الغدر # ومثلك من يرعى الدخيل ومن دعا ... بيا لمرين جاءه العز والنصر # وخذ يا إمام الحق بالحق ثأره ... ففي ضمن ما تأتى به العز والأجر # وأنت لها يا ناصر الحق فلتقم ... بحق فما زيد يرجى ولا عمرو # فإن قيل مال مالك الدهر وافر ... وإن قيل جيش عندك العسكر المجر # يكف باب العادي ويحيا الهدى ويبني بك الإسلام ما هدم الكفر # أعده إلى أوطانه عنك راضيا ... وطوقه نعماك التي مالها حصر # وعاجل قلوب الناس فيه بجبرها ... فقد صدهم عنه التغلب والقهر # وهم يرقبون الفعل منك وصفقة ... تحاولها يمناك ما بعدها خسر # مرامك سهل لا تؤودك كلفة ... سوى ما إن له في العلا خطر # وما العمر إلا زينة مستعارة ... ترد ولكن الثناء هو العمر # ومن باع ما يفني باق مخلد ... فقد انجح المسعى وقد ربح التجر PageV01P199 # ومن دون ما تبغيه يا ملك الهدى ... جياد المذكى والمحجلة الغر # وراد وشقر واضحات شياتها ... فأجسامها تبر وأرجلها در # وشهب إذا ما ضمرت يوم غارة ... مطهمة غارت بها الأنجم الزهر # وأسد رجال من مرين مخيفة ... عمائمها بيض وآسالها سمر # عليها من الماذى كل مفاضة ... تدافع في أعطافها اللجج الخضر # هم القوم إن هبوا لكشف ملمة ... فلا الملتقى صب ولا المرتقى وعر # إذا سئلوا أعطوا وإن نوزعوا سطوا ... وإن واعدوا وفوا وإن عاهدوا بروا # وإن مدحوا أهتزوا ارتياحا كأنهم ... نشاوى تمشت في معاطفهم خمر # وإن سمعوا العوراء فروا بأنفس ... حرام على هماتها في الوغى الفر # وتبسم ما بين الوشيج ثغورهم ... وما بين قضب الدوح يبتسم الزهر # أمولاي غاضت فكرتي وتبدلت ... طباعي فلا طبع يعين ولا فكر # ولولا حنان منك داركتني به ... وأحييتني لم تبق عين ولا أثر # فأوجدت مني فائتا أي فائت ... وأنشرت ميتا ضم أشلاءه قبر # بدأت بفضل لم أكن لعظيمة ... بأهل فجل اللطف وانفرج الصدر # وطوقتني النعمى المضاعفة التي ... يقل عليها مني الحمد والشكر # وأنت بتتميم الصنائع كافل ... إلى أن يعود الجاه والعز والوفر # جزاك الذي أسنى مقامك عصمة يفك بها عان وينعش ms109 مضطر # إذا نحن أثنينا عليك بمدحة ... فهيهات يحصى الرمل أو يحصر القطر # ولكننا نأتى بما نستطيعه ومن بذل المجهود حق له العذر PageV01P200 # فلا تسأل عن امتعاض وانتقاض، وسداد أنحاء في التأثر لنا وأغراض، والله ~~غالب على أمره. # وفي صبيحة يوم السبت السابع عشر من شهر شوال عام اثنين وستين وسبع مائة ~~كان انصرافه إلى الأندلس، وقد ألح صاحب قشتالة في طلبه، وترجح الرأي على ~~قصده، فقعد السلطان بقبة العرض من جنة المصارة، وبرز الناس وقد أسمعهم ~~البيرح، واستحضرت البنود، والطبول والآلة، وألبس خلعة الملك، وقيدت له ~~مراكبه فاستقل، وقد التف عليه كل من جلا عن الأندلس من لدن الكائنة في جملة ~~كثيفة، ورئي من رقة الناس وإجهاشهم وعلو أصواتهم بالدعاء ما قدم به العهد، ~~إذ كان مظنة ذلك سكونا وعطافا وقربا، قد ظله الله بوارق الرحمة، وعطف عليه ~~وشاج المحبة، إلى كونه مظلوم العقد، منزع الحق، فتبعته الخواطر وحميت عليه ~~الأنفس، وانصرف لوجهته؛ وهو الآن برندة مستقل بها وبجهاتها، ومقتنع برسم ~~سلطانها وقد قام له برسم الوزارة الشيخ القائد أبو الحسن علي بن يوسف بن ~~كماشة الحضرمي، وبكتابه الفقيه أبو عبد الله بن زمرك، وقد استفاض عنه الحزم ~~والتدرب والتيقظ للأمور والمعرفة بوجوه المصالح ما لا ينكر، كان الله له ~~ولنا بفضله. انتهى كلام أبن الخطيب في اللمحة البدرية. PageV01P201 # وقد عرفت أنه في ذلك التاريخ لم يكن دخل السلطان غرناطة، ولم يلحق به أبن ~~الخطيب حتى دخلها. # وقد ذكر ولي الدين بن خلدون هذه الواقعة في تاريخه الكبير وأحسن سردها ~~فقال في ترجمة أيام السلطان أبي سالم ما نصه: الخبر عن خلع أبن الأحمر صاحب ~~غرناطة ومقتل رضوان ومقدمه على السلطان لما هلك السلطان أبو الحجاج سنة خمس ~~وخمسين وسبع مائة ونصب ابنه محمد للأمر واستبد عليه رضوان مولى أبيه وكان ~~قد رشح ابنه الأصغر إسماعيل بما ألقى عليه وعلى أمه من محبته فلما عدلوا ~~بالأمر عنه حجبوه ببعض قصورهم وكان له صهرا من أبن عمه إسماعيل بن الرئيس ~~أبي ms110 سعيد فكان يدعوه سرا إلى القيام بأمره حتى أمكنته فرصة في الدولة بخروج ~~السلطان إلى بعض متنزهاته برياضه فصعد سور الحمراء ليلة سبع وعشرين لرمضان ~~من سنة ستين في بعض أوشاب جمعهم من الطغام وعمد إلى دار الحاجب رضوان ~~فاقتحم عليه الدار وقتله بين حرمه وبناته وقربوا إلى إسماعيل فرسه فركب ~~فأدخلوه القصر وأعلنوا بيعته وقرعوا طبولهم بسور الحمراء وفر السلطان من ~~مكانه بمتنزهه فلحق بوادي آش وغدا الخاصة والعامة على إسماعيل فبايعوه ~~واستند على هذا الرئيس أبن عمه فخلعه لأشهر من بيعته واستقل PageV01P202 # بسلطان الأندلس. ولما لحق السلطان أبو عبد الله محمد بوادي آش بعد مقتل ~~حاجبه رضوان واتصل الخبر بسلطان المولى أبي سالم امتعض لمهلك رضوان وخلع ~~السلطان رعيا لما سلف له في جوارهم وأزعج لحينه أبا القاسم الشريف من أهل ~~مجلسه لاستقدامه فوصل إلى الأندلس وعقد مع أهل الدولة على إجازة المخلوع من ~~وادي أش إلى المغرب وأطلق من اعتقلهم الوزير الكاتب أبا عبد الله أبن ~~الخطيب كانوا اعتقلوه لأول أمرهم لما كان رديفا للحاجب رضوان وركنا لدولة ~~المخلوع فأوصى المولى أبو سالم إليهم بإطلاقه فأطلقوه ولحق مع الرسول أبي ~~القاسم الشريف بسلطانه المخلوع بوادي آش للإجازة إلى المغرب وأجاز لذي ~~القعدة من سنته وقدم على السلطان بفاس وأجل قدومه وركب للقائه ودخل به إلى ~~مجلس ملكه وقد احتفل ترتيبه وغص بالمشيخة والعلية ووقف وزيره أبن الخطيب ~~فأنشد السلطان قصيدته الرائية يستصرخه لسلطانه ويستحثه لمظاهرته على أمره ~~واستعطف واسترحم بما أبكى الناس شفقة له ورحمة. # ثم سرد ولي الدين بن خلدون القصيدة التي قدمنا ذكرها إلى آخرها قال: ثم ~~انفض المجلس وانصرف أبن الأحمر إلى نزله وقد فرشت له القصور وقربت الجياد ~~بالمراكب الذهبية وبعث إليه بالكسى الفاخرة ورتبت الجرايات له ولمواليه من ~~المعلوجي وبطانته من الصنائع وحفظ عليه رسم سلطانه في الراكب والراجل ولم ~~يفقد من ألقاب ملكه إلا الآلة PageV01P203 # أدبا مع السلطان واستقر في جملته إلى أن كان من لحاقه بالأندلس وارتجاع ~~ملكه سنة ثلاث ms111 وستين ما نحن نذكره. # انتهى كلام أبن خلدون وفيه بعض مخالفة يسيرة لكلام أبن الخطيب في اللمحة ~~البدرية. # ولا بد أن نسرد كلام أبن خلدون في شأن أبن الخطيب إذ ذكره في ترجمة ~~السلطان أبي الفارس أبن السلطان أبي الحسن المريني بما نصه: الخبر عن قدوم ~~الوزير أبن الخطيب على السلطان بتلمستان نازعا إليه عن سلطانه أبن الأحمر ~~صاحب الأندلس أصل هذا الرجل من لوشة على مرحلة من غرناطة في الشمال من ~~البسيط الذي فيه ساحاتها المسمى بالمرج على وادي شنجيل ويقال شنبيل المخترق ~~في ذلك البسيط من الجنوب إلى الشمال كان بها له سلف معدود في وزرائها ~~وانتقل أبوه عبد الله إلى غرناطة واستخدم لملوك بني الأحمر واستعمل على ~~مخازن الطعام ونشأ ابنه محمد بغرناطة وقرأ وتأدب على مشيختها واختص بصحبة ~~الحكيم المشهور يحيى بن هذيل وأخذ عنه العلوم الفلسفية وبرز في الطب وانتحل ~~الأدب وأخذ عن أشياخها وامتلأ حوض السلطان من نظمه PageV01P204 # ونثره مع انتقاء الجيد منه ونبغ في الشعر والترسيل بحيث لا يجاري فيهما ~~وامتدح السلطان أبا الحجاج من ملوك بني الأحمر لعصره وملأ الدنيا بمدائحه ~~وانتشرت في الآفاق فرقاه السلطان إلى خدمته وأثبته في ديوان الكتاب ببابه ~~مرؤوسا بأبي الحسن بن الجياد شيخ العدوتين في النظم والنثر وسائر العلوم ~~الأدبية وكاتب السلطان بغرناطة من لدن أيام محمد المخلوع من سلفه عندما قتل ~~وزيره محمد بن الحكيم المستبد عليه كما مر في أخبارهم. فاستبد أبن الجياد ~~برياسة الكتاب من يومئذ إلى أن هلك في الطاعون الجارف سنة تسع وأربعين وسبع ~~مائة فولى السلطان أبو الحجاج يومئذ محمد أبن الخطيب رياس الكتاب ببابه ~~مثناة بالوزارة ولقبه بها فاستقل بذلك وصدرت عنه غرائب من الترسيل في ~~مكاتبات جيرانهم من ملوك العدوة ثم دخله السلطان في تولية العمال على يده ~~بالمشارطات فجمع له بها أموالا وبلغ به في المغالطة إلى حيث لم يبلغ بأحد ~~ممن قبله وسفر عنه إلى السلطان أبي عنان ملك بني مرين بالعداوة معزيا بأبيه ~~السلطان أبي ms112 الحسن فجلى في أغراض سفارته. ثم هلك السلطان أبو الحجاج سنة ~~خمس وخمسين عدا عليه بعض الزعانف يوم الفطر بالمسجد في سجوده للصلاة وطعنه ~~فأشواه وفاظ لوقته وتعاورت سيوف الموالي المعلوجي هذا القاتل فمزقوه أشلاء PageV01P205 # وبويع ابنه محمد بالأمر لوقته وقام بأمره مولاهم رضوان الراسخ القدم في ~~قيادة عساكرهم وكفالة الأصاغر من ملوكهم واستبد بالدولة وأفرد أبن الخطيب ~~بوزارته. كما كان لأبيه واتخذ لكتابته غيره وجعل أبن الخطيب رديفا له في ~~أمره ومشاركا في استبداده معه فجرت الدولة على أحسن حال وأقوم طريقة ثم ~~بعثوا الوزير أبن الخطيب سفيرا إلى السلطان أبي عنان مستمدين له على عدوهم ~~الطاغية على عادتهم مع سلفه فلما قدم على السلطان ومثل بين يديه تقدم الوفد ~~الذين معه من وزراء الأندلس وفقهائها واستأذنه في إنشاد شعره قدمه بين يدي ~~نجواه فأذن له وأنشد وهو قائم: # خليفة الله ساعد القدر ... علاك ما لاح في الدجى قمر # ودافعت عنك كف قدرته ... ما ليس يستطيع دفعه البشر # وجهك في النائبات بدر ذجي ... لنا وفي المحل كفك المطر # والناس طرا بأرض أندلس ... لولاك ما أوطنوا ولا عمروا # وجملة الأمر أنه وطن ... في غير علياك ما له وطر # ومن به مذ وصلت حبلهم ... ما جحدوا نعمة ولا كفروا # وقد أهمتهم بأنفسهم ... فوجهوني إليك وانتظروا # فاهتز السلطان لهذه الأبيات وأذن له في الجلوس وقال له قبل أن يجلس PageV01P206 # ما ترجع إليهم إلا بجميع طلباتهم ثم أثقل كاهلهم بالإحسان وردهم بجميع ما ~~طلبوه. وقال شيخنا القاضي أبو القاسم الشريف وكان معه في ذلك الوفد: لم ~~نسمع بسفير قضى سفارته قبل أن يسلم على السلطان إلا هذا. # ومكثت دولتهم هذه بالأندلس خمس سنين ثم ثار بهم محمد الرئيس أبن عم ~~السلطان شركه في جده الرئيس أبي سعيد وتحين خروج السلطان إلى متنزهه خارج ~~الحمراء وتسوروا دار الملك المعروفة بالحمراء وكبس رضوان في بيته فقتله ~~ونصب للملك إسماعيل أبي الحجاج بما كان صهره على شقيقته وكان معتقلا ~~بالحمراء فأخرجه وبايع له وقام بأمره مستبدا ms113 عليه وأحس السلطان محمد بقرع ~~الطبول وهو بالبستان فركب ناجيا إلى وادي آش وضبطها بالخبر إلى السلطان أبي ~~سالم إثر ما استولى على ملك آبائه بالمغرب وقد كان مثواه أيام أخيه أبي ~~عنان عندهم بالأندلس واعتقل الرئيس القائم بالدولة هذا الوزير أبن الخطيب ~~وضيق عليه في محسبه وكانت بينه وبين الخطيب أبن مرزوق مودة استحكمت أيام ~~مقامعه بالأندلس وكان غالبا على هوى السلطان أبي سالم فزين له استدعاء هذا ~~السلطان المخلوع من وادي آش يعده زبونا على أهل الأندلس ويكف به عادية ~~القرابة المرشحين هناك متى طمحوا إلى ملك المغرب فقبل ذلك منه وخاطب أهل ~~الأندلس في تسهيل طريقه من وادي آش إليه وبعث من أهل مجلسه الشريف أبا ~~القاسم التلمساني وحمله مع ذلك الشفاعة في أبن الخطيب وحل معتقله فأطلق ~~وصحب الشريف أبا القاسم إلى وادي آش وسار في ركاب سلطانه وقدموا على PageV01P207 # السلطان أبي سالم فهتز لقدوم أبي الأحمر وركب في الموكب لتلقيه وأجلسه ~~إزاء كرسيه وأنشد أبن الخطيب قصيدته كما مر يستصرخ السلطان لنصره فوعده ~~وكان يوما مشهودا وقد مر ذكره ثم أكرم مثواه وأرغد نزله ووفر أرزاق ~~القادمين في ركابه وأرغد عيش أبن الخطيب في الجراية والإقطاع. ثم استأنس ~~واستأذن السلطان في التجوال بجبهات مراكش والوقوف على آثر الملك بها فأذن ~~له وكتب إلى العمال بإتحافه فتباروا في ذلك وحصل منه على حظ وعندما مر بسلا ~~إثر قفوله من سفره دخل مقبرة الملوك بشالة ووقف على قبر السلطان أبي الحسن ~~وأنشد قصيدته على روي الراء الموصولة يرثيه ويستجير به في استرجاع ضياعه ~~بغرناطة مطلعها: # إن بان منزله وشطت داره ... قامتمقام عيانه أخباره # قسم زمانك عبرة أو عبرة ... هذا ثراه وهذه آثاره # فكتب السلطان أبو سالم في ذلك إلى أهل الأندلس بالشفاعة فشفعوه واستقر هو ~~بسلا منتبذا عن سلطانه طول مقامه بالعدوة. ثم عاد السلطان محمد المخلوع إلى ~~ملكه بالأندلس سنة ثلاثة وستين وبعث عن مخلفه بفاس من الأهل والوالد ~~والقائم بالدولة يومئذ عمر بن عبد الله ms114 بن علي فاستقدم أبن الخطيب من سلا ~~وبعثهم لنظره فسر السلطان لقدومه ورده إلى منزلته كما كان مع رضوان كفله ~~وكان عثمان بن يحيى بن عمر شيخ الغزاة وأبن أشياخهم قد لحق بالطاغية في ركب ~~أبيه عندما أحس بالشر من الرئيس PageV01P208 # صاحب غرناطة وأجاز يحيى من هنالك إلى العداوة وأقام عثمان بدار الحرب ~~فصحب السلطان في مثوى اغترابه هنالك وتقلب في مذاهب خدمته وانحرفوا عن ~~الطاغية بعد ما يئسوا من الفتح على يده فتحولوا عنه إلى ثغور بلادهم ~~وخاطبوا الوزير عمر بن هب في أن يمكنهم من بعض الثغور الغريبة التي ~~لطاغيتهم بالأندلس يرتقبون منها الفتح وخاطبني السلطان المخلوع في ذلك ~~وكانت بيني وبين عمر بن عبد الله أذمة مرعية وخاصة متأكدة فوفيت للسلطان ~~بذلك من عمر بن عبد الله وحملته على أن يرد عليه مدينة زندة إذ هي من تراث ~~سلفه فقبل إشارتي في ذلك وتسوغها السلطان المخلوع ونزل بها وعثمان بن يحيى ~~في جملته وهو المقدم في بطانته ثم غزوا منها مالقة فكانت ركابا للفتح ~~وملكها السلطان واستولى بعدها على دار ملكه بغرناطة وعيمان بن يحيى متقدم ~~القوم في الدولة عريق في المخالصة وله على السلطان دالة واستبداد على هواه. ~~فلما وصل أبن الخطيب بأهل السلطان وولده وأعاده إلى مكنه في الدولة من علو ~~يده وقبول اشارته أدركته الغيرة من عثمان ونكر على السلطان الأستكفاء به ~~وأراه التخوف من هؤلاء الأعياض فحذره السلطان وأخذ في التدبير عليه حتى ~~نكبه وأباه وإخوته في رمضان سنة أربع وستين وأودعهم المطبق ثم غربهم بعد ~~ذلك وخلا لابن الخطيب PageV01P209 # الجو وغلب على هوى السلطان ودفع إليه تدبير الدولة وخلط بنيه بندمائه ~~ولعل خلوته وانفراد أبن الخطيب بالحل والعقد وانصرفت إليه الوجوه وعلقت به ~~الآمال وغشى بابه الخاصة والكافة وغصت به بطانة السلطان وطشيته فتفننوا في ~~السعايات فيه وقد صم السلطان عن قبولهم ونمى الخبر بذلك إلى أبن الخطيب ~~فشمر عن ساعده في التفويض واستخدم للسلطان عبد العزيز أبن السلطان أبي ~~الحسن ملك ms115 الغدوة يومئذ في القبض على أبن عمه عبد الرحمن أبن أبي يفلوس أبن ~~السلطان أبي علي كانوا قد نصبوه شيخا على الأندلس لما أجاز من العدوة بعد ~~ما جاس خلالها لطلب الملك وأضرم بها نار الفتنة في كل ناحية وأحسن دفاعه ~~الوزير عمر بن عبد الله القائم يومئذ بدولة بني مرين فاضطر إلى الإجازة إلى ~~الأندلس فأجاز هو ووزيره مسعود بن ماساي ونزلوا على السلطان المخلوع عام ~~سبعة وستين فأكرم نزلهم وتوفى على بن بدر الدين شيخ الغزاة فقدم عبد الرحمن ~~مكانه. وكان السلطان عبد العزيز قد استبد بملكه بعد مقتل الوزير عمر بن عبد ~~الله غص بما فعله السلطان المخلوع من ذلك وتوقع انتقاض أمره منهم ووقف على ~~مخاطبات من عبد الرحمن يسر بها في بني مرين فجزع لذلك وداخله أبن الخطيب في ~~اعتقاله أبن يفلوسن وابن ماساي وإراحة نفسه من شغبهم على أن يكون له المكان ~~من دولته متى نزع إليه فأجابه إلى ذلك وكتب له العهد بخطه على يد سفيره إلى ~~الأندلس وكاتبه أبن يحيى بن أبي مدين وأغرى أبن الخطيب سلطانه بالقبض على ~~أبن يفلوسن بن ماساي فقبض عليهم واعتقلهم وفي خلال ذلك استحكمت نفرة أبن ~~الخطيب لما بلغه من البطانة PageV01P210 # من القدح فيه والسعاية وربما تخيل السلطان مال إلى قبوله وأنهم قد أحفظوه ~~عليه فأجمع التحول عن الأندلس إلى المغرب واستأذن السلطان في تفقد الثغور ~~الغربية وسار إليها في لمة من فرسانه ومعه أبنه علي الذي كان خاصة للسلطان ~~وذهب لطيته فلما حاذى جبل الفتح فرضة المجازة إلى العدوة مال إليه وسرح ~~اذنه بين يديه فخرج قائد الجبل لتلقيه. وقد كان السلطان عبد العزيز أوعز ~~إليه بذلك وجهز له الأسطول من حينه فأجاز إلى سبتة وتلقاه ولاتها بأنواع ~~التكرمة وامتثال المراسم ثم سار لقصد السلطان فقدم عله سنة ثلاث وسبعين ~~بمقامه تلمستان فهتزت له الدولة وأركب السلطان خاصته لتلقيه وأحله لمجلسه ~~بمحل الأمن والغبطة ومن دولته بمكان التنويه والعز وأخرج لوقته كتابه أبا ~~يحيى بن ms116 أبي مدين سفيرا إلى صاحب # الأندلس في أهله وولده فجاء بهم على أكمل حالت الأمن والتكرمة ثم أكثر ~~المنافسون له في شأنه وأعزوا سلطانه بتتبع عثراته وإبداء ما كان كامنا في ~~نفسه من سقطاته وإحصاء معايبه وشاع على ألسنة أعدائه كلمات منسوبة إلى ~~الزندقة أحصوها عليه ونسبوها إليه ورفعت إلى قاضي الحضرة أبي الحسن بن ~~الحسن فإسترعاها وسجل عليه بالزندقة وراجع صاحب الأندلس رأيه فيه وبعث ~~القاضي أبن الحسن إلى السلطان عبد العزيز في الانتقام منه بتلك السجلات ~~وإمضاء حكم الله فيه فصم على ذلك وأنف لذمته أن تخفر ولجواره أن يرد وقال ~~لهم: هلا انتقمتم منه عندكم وانتم عالمون بما كان عليه وأما أنا فلا يخلص ~~إليه بذلك أحد ما كان في جواري ثم وفر PageV01P211 # الجراية والإقطاع له ولبنيه، ولمن جاء من أهل الأندلس في جملته. فلما هلك ~~السلطان عبد العزيز سنة أربع وسبعين، ورجع بنو مرين إلى المغرب، وتركوا ~~تلمسان، سار هو في ركاب الوزير أبي بكر بن غازي، القائم، فنزل بفاس، ~~واستكثر من شراء الضياع، وتأنق في بناء المساكن، واغتراس الجنات، وحفظ عليه ~~القائم بالدولة الرسوم التي رسمها له السلطان المتوفى، واتصلت حاله على ~~ذلك، إلى أن ما نذكره. # انتهى كلام أبن خلدون وأكثره بلفظه. # قلت: وقد وقفت على كتاب القاضي أبي الحسن المذكور يخاطب به أبن الخطيب ~~يعظه، ويشير إلى ما نشغل من البنيان، وفيه ما بين كلام أبن خلدون السابق ~~وزيادة، وما يدل على ما ذكره أبن خلدون من أنه سجل عليه بأمور منكرة، وعند ~~الله تجتمع الخصوم، وقد أسقطت بعضه اختصارا، ونص ما تعلق به الغرض قوله ~~يخاطب الوزير أبن الخطيب: فشرعتم في الشراء، وتشديد البناء؛ وتركتم ~~الاستعداد لهدام اللذات، هيهات هيهات؛ تبنون ما لا تسكنون مالا تأكلون، ~~وتؤملون مالا تدركون؛ أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة، ~~فأين المهرب مما هو كائن! ونحن إنما نتقلب في قدرة الطالب، شرقتم أو غربتم، ~~والأيام تتقاضى الدين، وتنادي بالنفس الفرارة إلى أين إلى أين ms117! نترك الكلام ~~مع الناقد فيما ارتكبه من تزكية نفسه، وعد ما جلبه من مناقبه، ما عدا ما ~~هدد به من حديد لسانه، خشية اندراجه في نمط من قال فيه رسول الله) : PageV01P212 # " إن من شر الناس من تركه الناس اتقاء فحشه ". ولا غيبة فيمن ألقى جلباب ~~الحياء عن وجهه؛ ونرحمه على ما أبداه وأهداه من العيوب التي نسبها لأخيه، ~~واستراح على قوله بها فيه، ونذكره على طريقة نصيحة الدين، بالحديث الثابت ~~في الصحيح عن رسول الله) ، وهو قوله: " أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس ~~فينا من لا درهم له ولا متاع! فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة ~~بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم ~~هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل ~~أن يقضى مت عليه أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار ". ويعلم ~~الله أن معنى هذا الحديث الثابت عن النذير الصادق، هو الذي حملني على نصحكم ~~ومراجعتكم في كثير من الأمور، منها الإشارة عليكم بإذهاب عين ما كتبتم به ~~في التاريخ وأمثاله، فإنكم نفعتم بما وقعتم فيه من الغيبة المحرمة أحياء ~~وأمواتا، لغير شيء حصل بيدكم، وضررتم نفسكم بما رتبتم من المطالبات بنص ~~الكاتب والسنة قبلكم، والرضا بهذه الصفقة الخاسرة أمر بعيد من الدين ~~والعقل. وقد قلت لكم غير ما مرة عن أطراسكم المسودة، بما دعوتم إليه من ~~البدعة، والتلاعب بالشريعة: إن حقها التخريق والتحريق، وإن أطراها لكم فقد ~~خدع نفسه وخدعكم، والله الشهيد بأني نصحتكم وما غششتكم، وليس هذا القول وإن ~~كان ثقيلا عليكم، بمخالف لما ذنبتم به من تقدم المواجهة بالملاطفة، ~~والمعاملة بالمكارمة، فليست المداراة بقادحة في الدين، بل هي محمودة PageV01P213 # وفي بعض الأحوال، مستحسنة على ما بينه من العلماء، إذ هي مقاربة في ~~الكلام، أو مجاملة بأسباب الدنيا، لصلاحها أو صلاح الدين، وإنما المذموم ~~المداهنة، وهي بذل الدين لمجرد الدنيا به لتحصيلها؛ ومن خالط للضرورة مثلكم ~~وزايله بأخلاقه، ونصحه ms118 مخاطبة ومكاتبة، واستدل له بكتاب الله وسنة رسول ~~الله) على صحة مقالته، فقد سلم والحمد لله من مداهنته، وقام لله بما يجب ~~عليه في حقكم من التحذير والإنكار، مع الإشفاق والوجل. وأكثرهم في كتابهم ~~من المن بما ذكرتم أنكم صنعتم، وعلى تقدير الموافقة لكم، ليتكم فعلتم ~~فسلمنا من المعرة وسلمتم، وجل القائل سبحانه:) قول معروف ومغفرة خير من ~~صدقة يتبعها أذى والله غني حليم (. وقلما شاركتم أنتم في شيء إلا بأعراض ~~حاصلة في يدكم، أو لأغراض دنيوية خاصة بكم، فالملام إذا في الحقيقة إنما هو ~~متوجه إليكم. وأما ما أظهرتم بمقتضى حركاتكم، من التندم على فراق محلكم، ~~والتعلل بأخبار قطركم وأهلكم، فتناقص منكم، وإن كنتم فيه بغدركم: # أتبكي على لبنى وأنت تركتها ... فكنت كآت حتفه وهو طائع # وما كأن ما منتك نفسك خاليا ... تلاقي ولا كل الهوى أنت تابع # فلا تبكين في إثر شيء ندامة ... إذا نزعته من يديك النوازع PageV01P214 # وعلى أن تأسفكم لما وقعتم فيه من الغدر لسلطانكم، والخروج لا لضرورة ~~غالبة عن أوطانكم، من الواجب بكل اعتبار عليكم، سيما وقد مددتم إلى التمتع ~~لغيرها عينيكم. ولو لم يكن لهذه الجزيرة الفريدة من الفضيلة إلا ما خصت به ~~من بركة الرباط، ورحمة الجهاد، لكفاها فخرا على ما يجاورها من سائر البلاد، ~~قال رسول الله) : " رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم سواه ". وقال ~~عليه السلام: " الروحة يروحها العبد في سبيل الله والغدوة خير من الدنيا ~~وما فيها ". وعلى كل تقدير فإذا لم يكن يا أخي فراركم من الأندلس إلى الله ~~وحده بالتوبة المكملة والاستغفار، مع الانقطاع في أحد المواطن المكرمة ~~المعظمة بالإجماع، وهي طيبة أو مكة أو بيت المقدس، فقد خسرتم صفقة رحلتكم، ~~وتبين أن لغير وجه الله العظيم كانت نية هجرتكم؛ اللهم إلا إن كنتم قد ~~لاحظتم مسألة الرجل الذي قتل مائة نفس، وسأل أعلم أهل الأرض، فأشار عليه ~~بعد إزماع التوبة بمفارقة المواطن التي ارتكب فيها الذنوب، وأكتسب بها ~~العيوب؛ فأمر آخر، مع أن كلام ms119 العلماء في هذا الحديث معروف؛ ويقال لكم من ~~الجواب الخاص بكم: فعليكم إذا بترك القيل والقال، وكسر حربة الجدال ~~والقتال، وقصر ما بقي من مدة العمر على الانشغال بصالح الأعمال. ووقعت في ~~مكتوبكم كلمات اوردها النقد في قالب الاستهزاء والازدراء، والجهالة بمقادير ~~الأشياء، منها: ريح صرصر، وهو لغة القرآن، وقاع قرقر: وهو لفظ سيد العرب ~~والعجم محمد) ، ثبت في الصحيح في باب التغليظ فيمن لا يؤدي زكاة ماله، " ~~قيل: يا رسول الله، والبقر والغنم؟ قال: ولا صاحب بقر ولا غنم PageV01P215 # لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد ~~منها شيئا، تنطحه بقونها، وتطؤه بأظلافها ". الحديث الشهير. قال صاحب ~~المعلم: بطح لها البقاع قرقر، أي ألقى على وجهه، والقاع: المستوى من الأرض، ~~والقرقر: كذلك؛ هذا ما حض من الجواب. وبقي في مكتوبكم حشو كثير من كلام ~~الإقذاع، وفحش بعيد من الحشمة والحياء، رأيت أن من الصواب الإضراب عن ذكره، ~~وصون اليد عن الاستعمال فيه، والظاهر أنه إنما صدر عنكم وانتم بحال مرض، ~~فلا حرج فيه عليكم إن شاء الله، أجلكم، ومكن أمنكم، وسكن وجلكم، ومنه جل ~~اسمه نسأل لي ولكم حسن الخاتمة، والفوز بالسعادة الدائمة، والسلام الأتم ~~يعتمدكم، والرحمات والبركات من كتابه علي بن عبد الله بن الحسن، وفقه الله. # وذلك بتاريخ أخريات جمادى الأولى من عام ثلاثة وسبعين وسبع مائة. # وقيد رحمه الله في مدرج طي هذا الكتاب ما نصه: يا أخي، أصلحنى الله ~~وإياكم، وبقي من الحديث شيء، الصواب الخروج عنه لكم، إذ هذا أوانه، وتأخير ~~البيان عن وقت الحاجة فيه ما فيه، وليكن البناء بعد أن كان على أصل صحيح ~~بحول الله، وحاصله: # أنكم عددتم ما شاركتم فيه بحسب الأوقات، وقطعتم بنسبة الأمور كلها ~~لنفسكم، وأنها إنما صدرت عن أمركم وبأذنكم، من غير مشاركة في شيء منها لكم، ~~ثم مننتم بها المن القبيح، المبطل لعمل بركم، على تقدير PageV01P216 # التسليم في فعله لكم، ورميتم غيركم بالتقصير في حاله كله، طريقة من يبصر ms120 ~~القذى في عين أخيه ويدع الجذع في عينه، وأقصى ما تسنى للمحب أيام كونكم ~~بالأندلس، تقلد كلفة قضاء الجماعة، وما كان إلا أن وليتها بقضاء الله ~~وقدره، فقد تبين لكل ذي عقل سليم أنه لا موجد إلا الله، وإذا كان كذلك كان ~~الخير والشر والطاعة والمعصية حاصلا بإيجاده سبحانه وتخليقه وتكوينه، من ~~غير عاضد له على تحصيل مراده ولا معين، ولكنه، جلت قدرته، وعد فاعل الخير ~~بالثواب فضلا منه، وأوعد فاعل الشر بالعقاب عدلا منه، وكأني بكم تضحكون من ~~تقرير هذه المقدمة، وما أحوجكم إلى تأملها بعين اليقين، فكابدت أيام تلك ~~الولاية النكدة من الكناية، باستحقاركم للقضايا الشرعية، وتهاونكم بالأمور ~~الدينية، ما يعظم الله به الأجر، وذلك في جملة مسائل، منها مسألة أبن ~~الزبير المقتول على الزندقة بعد تقضي موجباته، على كره منكم؛ ومنها مسألة ~~أبن أبي العيش المثقف في السجن على آرائه المضلة، التي كان منها دخوله على ~~زوجه إثر تطليقه إياها بالثلاث، وزعمه أن رسول الله) أمره بالمشافهة ~~بالاستمتاع بها، فحملتم أحد ناسكم تناول إخراجه من الثقاف، ومن غير مبالاة ~~بأحد؛ ومنها أن أحد الفتيان المتعلقين بكم توجهت عليه مطالبة بدم القتيل، ~~وسيق المدعي عليه للذبح بغير سكين، فما وسعتني بمقتضي الدين إلا حبسه على ~~ما أحكمته السنة، فأنتقم لذلك، وسجنتم الطالب ولي الدم، وسرحتم الفتى ~~المطلوب على الفور، إلى غير ذلك مما لا يسع الوقت شرحه، ولا يجمل بي ولا ~~بكم PageV01P217 # ذكره. والمسألة الأخرى أنتم توليتم كبرها، حتى جرى فيها القدر بما جرى من ~~الانفصال، والحمد لله على كل حال. وأما الرمى بكذى وكذا مما لا علم لنا به ~~بسببه، ولا عذر لكم من الحق في التكلم به، فشئ قلما يقع من البهتان، ممن ~~كان يرجوا لقاء ربه، وكلامهم في المدح والهجو هو عندي من قبيل اللغو الذي ~~نمر به كراما، والحمد لله فكثروا أو أقلوا من أي نوع شئتم، وانتم وما ~~ترضونه لنفسكم، وما فهت لكم بما فهت من الكلام، إلا على جهة الإعلام، لا ~~على ms121 جهة الانفعال، لما صدر أو يصدر عنكم من الأقوال، فمذهبي غير مذهبكم، ~~وعندي ما ليس عندكم. # وكذلك رأيتم تكثرون في مخاطبتكم من لفظ الرقية في معرض الإنكار لوجود ~~نفعها، والرمى بالمنقصة والحمق لمستعملها، ولو كنتم قد نظرتم في شيء من كتب ~~السنة، وسير الأمة المسلمة، نظر مصدق، لما وسعكم إنكار ما أنكرتم، وكتبه ~~بخط يدكم، فهو قادح كبير في عقيدة دينكم، فقد ثبت بالإجماع في سورة الفلق ~~أنه خاطب للنبي) ، وإن المراد بها هو وآحاد أمته؛ وفي أمهات الإسلام الخمس ~~أن رسول الله) كان إذا اشتكى رقاه جبريل، فقال: بسم الله يبريك، ومن كل داء ~~يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، ومن شر كل ذي عين. وفي الصحيح أيضا إن أناسا ~~من أصحاب رسول الله) كانوا في سفر، فروا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم ~~فلم يضيفوهم، فقالوا: هل فيكم راق؟ فإن سيد الحي لديغ أو مصاب: فقال رجل من ~~القوم: نعم، فأتاه بفاتحة الكتاب، فبرئ الرجل، فأعطى قطيعا من PageV01P218 # غنم، الحديث شهير. قال أهل العلم: فيه دليل على جواز اخذ الأجرة على ~~الرقية والطب وتعليم القرآن، وهو قول مالك والشافعي وأحمد وأبي ثور وجماعة ~~من السلف، وفيه جواز المقارضة، وإن كان ضد ذلك أحسن، وفي هذا القدر كفاية. ~~وما رقيت قط أحدا على الوجه الذي ذكرتم، ولا إسترقيت، والحمد لله، وما ~~حملني على تبين ما تبينته الآن لكم في المسألة، إلا إرادة الخير التام ~~لجهتكم، والطمع في إصلاح باطنكم وظاهركم، فأبى أخاف عليكم من الإفصاح ~~بالطعن في الشريعة، ورمى علمائها بالمنقصة، على عادتكم وعادة المستخف أبن ~~هذيل سيخكم، منكر علم الجزيئات، القائل بعدم قدرة الرب على جمع الممكنات؛ ~~وانتم قد انتقلتم إلى جوار أناس أعلام، قلما تجوز عليهم، حفظهم الله، ~~المغالطات، فتأسركم شهادة العدول التي لا مدافع لكم فيها، وتقع الفضيحة، ~~والدين النصيحة، أعاذنا الله من درك الشقاء، وشماتة الأعداء، وجهد البلاء. ~~وكذلك أحذركم من الوقوع بما لا ينبغي في الجانب الرفيع، جناب سيد المرسلين، ~~وقائد الغر المحجلين، صلوات الله ms122 وسلامه عليه، فانه نقل عنكم في هذا الباب ~~أشياء منكرة، يكبر في نفوس التكلم بها، انتم تعاملونها، وهي التي زرعت في ~~القلوب ما زرعت من بغضكم، وإيثار بعدم، مع استشعار الشفقة والوجل من وجه ~~آخر عليكم ولولا أنكم سافرتم قبل تقلص ظل السلطنة عنكم، لكانت الأمة ~~المسلمة، امتعاضا لدينها ودنياها، قد برزت الجهات، لطلب الحق منكم، فليس ~~يعلم أنه صدر عن مثلكم من خدام الدول ما صدر عنكم، من البعث في الأبشار ~~والأموال، وهتك الأعراض، وإفشاء الأسرار، وكشف الأستار، واستعمال المكر ~~والحيل والغدر في غلب الأحوال، للشريف والمشروف، والخديم والمخدوم، ولو لم ~~يكن في الوجود من الدلال على صحة ما رضيتم به لنفسكم، من PageV01P219 # الاتسام بسوء العهد، وتجاوز المحض وكفران النعم والركون إلى ما تحصل من ~~الحطام الزائل إلا عملكم مع سلطانكم ومولاكم وأبن مولاكم أيده الله بنصره ~~وما ثبت من مقالاتكم السيئة فيه وفي الكثير من أهل قطره لكفاكم وصمة لا ~~يغسل دنسها البحر ولا ينسى عارها الدهر فإنكم تركتموه أولا بالمغرب عند ~~تلون الزمان وذهبتم للكدية والأخذ بمقتضى المقامة الساسانية إلى أن استدعاه ~~الملك وتخلص له بعد الجهد الأندلس فسقطتم عليه سقوط الذباب على الحلواء ~~وضربتم وجوه رجاله بعضا ببعض حتى خلا لكم الجو وتمكن الأمر والنهي فهمزتم ~~ولزمتم وجمعتم من المال ما جمعتم ثم وريتم بتفقد ثغر الجزيرة الخضراء مكرا ~~منكم فلما بلغتم أرض الجبل انحرفتم عن الجادة وهربتم بأثقالكم الهروب الذي ~~أنكه عليكم كل من بلغه حديثكم أو يبلغه إلى آخر الدهر في العدوتين من مؤمن ~~وكافر وبر وفاجر فكيف يستقيم لكم بعد المعرفة بتصرفاتكم حازم أو يثق بكم في ~~قول أو فعل صالح أو طالح. ولو كان قد بقي لكم من العقل ما تتفكرون به في ~~الكيفية التي ختمتم بها عملكم بالأندلس من الزيادة في المغرم وغير ذلك مما ~~لكم وزره ووزر من عمل بعدكم إلى يوم القيامة حسبما ثبت في الصحيح لحملكم ~~على مواصلة الحزن وملازمة الأسف والندم على ما أوقعتم فيه نفسكم الأمارة ms123 من ~~التورط والتنشب وأشطان الآمال ودسائس الشيطان ونعوذ بالله من شرور الأنفس ~~وسيئات الأعمال. # وأما قولكم عن فلان: أنه كان حشرة في قشور اللوز وإن فلان كان PageV01P220 # برغوثا في تراب الخيول فكلام سفساف يقال لكم من الجواب عليه: وأنتم يا ~~هذا أين كنتم من خمسين سنة مثلا؟ خلق الله الخلق لا استظهارا بهم ولا ~~استكثارا وأنشأهم كما قدر أحوالا وأطوارا واستخلفهم في الأرض بعد أمة أمما ~~وبعد عصر أعصار وكلفهم شرائعه وأحكامه ولم يتركهم هملا وأمرهم ونهاهم ~~ليبلوهم أيهم أحسن عملا إن أكرمكم عند الله أنقاكم وبكل اعتبار فلا نعلم في ~~نمط الطلبة تدريجا كان أسمح في تدريجكم ونبدأ من كذا فإنه كان كذا وكذا ~~وأكثر أهل زمانه تخملا وتقللا في نفسه بالنسبة إلى منصبه كان الشيخ أبو ~~الحسن بن الجياب ولكنه حين علم رحمه الله من نشأتكم وحالتكم ما علم نبذ ~~مصاهرتكم وصرف عليكم صداقكم وكذلك فعلت بنت جزي زوج الرهيصي معكم حسبما هو ~~مشهور في بلدكم وذكرتم أنكم مازلتم من أهل الغنى حيث نفرتم بذكر العرض وهو ~~بفتح العين والراء: حطام الدنيا على ما حكى أبو عبيد قال أبو زيد: هو بسكون ~~الراء: المال الذي لا ذهب فيه ولا فضة وأي مال خالص يعلم لكم أو لأبيكم بعد ~~الخروج من الثقاف على ما كان قد تبقى عنده مثال مجبى قرية مترايل ثم من ~~العدد الذي برز قبلكم أيام كانت أشغال الطعام بيدكم على ما شهد به الجمهور ~~من أصحابكم وأما الفلاحة التي أشرتم إليها فلا حق لكم فيها إذ هي في ~~الحقيقة لبيت مال المسلمين مع ما بيدكم على ما تقر في الفقهيات والمعدوم ~~شرعا كالمعدوم حسا ولو قبل من أهل المعرفة بكم بعض مالديهم من سقطاتكم ~~والقالي والقيل ولم يصر إلى دفع معرتها عنكم وجه التأويل لكانت مسألتكم ~~ثانية لمسألة أبي الخير بل أبي الشر الحادثم أيام خلافة الحكم المسطورة في ~~نوازل PageV01P221 # أبي الأصبغ بن سهل فاعلموا ذلك ولا تهملوا إشارتي عليك قديما وحديثا ~~بلزوم الصلوات وحضور ms124 الجماعات وفعل الخيرات والعمل على التخلص من التبعات ~~إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. # وقلتم في كتابكم: أين الخطط المتوارثة عن الآباء والأجداد؟ وقد أذهب الله ~~عنا ببركة الملة المحمدية غيبة الجاهلية في التفاخر بالآباء ولكنني أقول ~~لكم على جهة المقابلة لكلامكم: إن كانت الإشارة إلى المجيب بهذا فمن ~~المعلوم المتحق عند أفضل الناس أنه من حيث الأصالة أحد أماثل قطره. قال ~~القاضي أبو عبد الله بن عسكر: وقد ذكر في كتابه من سلفى فلان بن فلان ما ~~نصه: وبيته بيت قضاء وعلم وجلالة لم يزالوا يرثون ذلك كابرا عن كابر استقضى ~~جده المنصور أبن أبي عامر. وقال غيره وغيره وبيدي من عهود الخلفاء وصكوك ~~الأمراء المكتتبة بخطوط أيديهم من لدن فتح جزيرة الأندلس إلى هذا العهد ~~القريب ما تقوم به الحجة القاطعة للسان الحاسد والجاحد والمنة لله وحده. ~~وإن كانت الإشارة إلى غير من الأصحاب في الوقت حفظهم الله فكل واحد منهم ~~إذا نظر إليه بعين الحق وجد أقرب منكم نسبا للخطط المعتبرة وأولى بميراثها ~~بالفوض والتعصيب أو مساويا على فرض المسامحة لكم قال رسول الله) : المسلم ~~أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره حرام دمه وماله وعرضه. # ونرجع إلى طريقة أخرى فنقول: من كان يا فلان من قومكم في عمود نسبكم ~~فقيها مشهورا أو كاتبا قبلكم معروفا أو شاعرا مطبوعا أو رجلا نبيها مذكورا ~~ولو كان يا لوشي وكان لكان من الواجب الرجوع إلى التناصف PageV01P222 # والتواصل والتواضع وترك التحاسد والتباغض والتقاطع إن الله لا ينظر إلى ~~صوركم وأبدانكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم. # وكذلك العجب كل العجب من تسمياتكم الخربات التي شرعتم في بنائها بدار ~~السلامة وهيهات هيهات المعروف من الدنيا أنها دار بلاء وجلاء وعناء وفناء ~~ولو لم يكن من الموعظة الواقعة بتلك الدار في الوقت إلا موت سعيدكم عند ~~دخولها لأغناكم عن العلم اليقيني بمآلها وأظهر تم سرورا كثيرا بما قلتم ~~إنكم نلتم حيث أنتم من الشهوات التي ذكرتم ms125 أن منها الإكثار من الأكل والخرق ~~والقعود بإزاء جارية الماء على نطع الجلد والإمساك أولى بالجواب على هذا ~~الفضل فلا خفاء بما فيه من الخسة والخباثة والخبث وبالجملة فسرور العاقل ~~إنما ينبغي أن يكون بما يجمل تقديمه من زاد التقوى للدار الباقية فما العيش ~~كما قال رسول الله) إلا عيش الآخرة فقدموا إن قبلتم وصاة الحبيب أو البغيض ~~بعضا عسى أن يكون لكم ولا تخالفوا كيلا يكون عليكم هذا الذي قلته لكم وإن ~~كان لدي من يقف عليه من نمط الكثير فهو في اعتبار المكان وما مر من الزمان ~~في حيز اليسير وهو في نفسه قول حق وصدق ومستند أكثره كتاب الله وسنة محمد ~~رسول الله) وعلى سائر أنبيائه فاحمدوا الله العلي العظيم على تذكيركم به إذ ~~هو مجري النصيحة الصريحة يسرني الله وإيام لليسرى وجعلنا ممن دكر فانتفع ~~بالذكرى والسلام. # انتهى كلام القاضي أبي الحسن النباهي رحمه الله. # قلت: ولعل هذا الكلام وأشباهه هو الحامل لابن الخطيب على هجو القاضي PageV01P223 # ابن الحسن المذكور في الكتيبة الكامنة حيث ذكره ولقبه بجعسوس ووصفه بما ~~لا يليق ذكره ثم ألف في ذلك تأليف مختلفة مستقلا سماه بخلع الرسن في وصف ~~القاضي أبن الحسن حسبما ألفيت ذلك بخط شيخنا القاضي سيدي عند الواحد ~~الوانشريسي رحمه الله ولا يخلو كلام كل واحد منهما من تحامل على صاحبه ~~والله يسمح لنا ولهما بجاه النبي) . # وقال ولي الدين بن خلدون في تاريخه في موضع أخر ما نصه: # كان محمد بن الأحمر المخلوع قد رجع من رندة إلى ملكه بغرناطة في جمادي من ~~سنة ثلاث وستين وقتل له الطاغية عدوه الرئيس المنتزى على ملكهم حين هرب من ~~غرناطة إليه وفاء بهد المخلوع واستوى على كرسيه واستقل بملكه ولحق به كاتبه ~~وكاتب أبيه محمد بن الخطيب فاستخلصه وعقد له على وزارته وفوض إليه القيام ~~بملكه فستولى عليه وملك هواه وكانت عينه ممتدة إلى المغرب وسكناه إلى إن ~~نزلت به آفة في رياسته فكان لذلك قدم السوابق والوسائل عند ms126 ملوكه وكان ~~لأبناء السلطان أبي الحسن كلهم غيرة من ولد عمهم السلطان أبي علي ويخشونه ~~على أمرهم ولما لحق الأمير عبد الله الرحمن بن أبي يفلوس بالأندلس اصطفاه ~~أبن الخطيب واتخلصه لنجواه ورفع في الدولة وتبته وأعلى منزلته وحمل السلطان ~~على أن عقد له على الغزاة المجاهدين من زنانة مكان بني عمه من الأعياض ~~فكانت له آثار في الأضطلاع بها ولما استبد السلطان عبد العزيز بأمره واستقل ~~بملكه وكان أبن الخطيب ساعيا في مرضاته عند سلطانه فدس إليه باعتقال عبد ~~الرحمن PageV01P224 # أبن أبي يفلوس ووزيره المطارد به مسعود بن ماسايو أدار أبن الخطيب في ذلك ~~مكره وحمل السلطان عليهما إلى أن سطا بهما أبن الأحمر واعتقلهما سائر أيام ~~السلطان عبد العزيز وتغير الجو بين أبن الأحمر ووزيره أبن الخطيب وأظلم ~~وتنكر له فنزع عنه إلى عبد العزيز سلطان المغرب سنة ثنتين وسبعين لما قدم ~~من الوسائل ومهد من السوابق فقبله السلطان وأحله في مجلسه محل الاصطفاء ~~والقرب وخاطب أبن الأحمر في أهله وولده فبعثهم إليه واستقر في جملة ~~السلطان. ثم تأكدت العداوة بينه وبين أبن الأحمر فرغب السلطان عبد العزيز ~~في مل الأندلس وحمله عليه وتواعدوا في ذلك عند رجوعه من تلمستان إلى المغرب ~~ونمى ذلك إلى أبن الأحمر فبعث إلى السلطان عبد العزيز بهدية لم يسمع بمثلها ~~انتقى فيها من متاع الأندلس وماعونها وبالها الفارهة ومعلوجة السبى وجواريه ~~وأوفد بها رسله يطلب إسلام وزيره أبن الخطيب إليه فأبى السلطان من ذلك ~~ونكره. ولما هلك واستبد الوزير أبن غازي بالأمر تحيز إليه أبن الخطيب ودخله ~~وخاطبه أبن الأحمر فيه بمثل ما خاطب السلطان عبد العزيز فلج واستنكف عن ذلك ~~وأقبح الرد وانصرف رسوله إليه ود رهب سطوته فأنطلق أبن الأحمر لحينه عبد ~~الرحمن بن أبي يفلوس وأركبه الاسطول وقذف به إلى ساحل بطوية ومع الوزير ~~مسعود بن ماساي ونهض يعني أبن الأحمر إلى جبل الفتح فنازله بعساكره ونزل ~~عبد الرحم ببطوية. PageV01P225 # ثم ذكر أبن خلدون كلاما كثيرا تركته لطوله وملخصه ms127: أن الوزير أبا بكر أبن ~~غازي الذي كان معه أبن الخطيب ولي أبن عمه محمد بن عثمان مدينة سبتة خوفا ~~عليها من أبن الأحمر ونهض هو أعني الوزير إلى منازلة عبد الرحمن بن أبي ~~يفلوس ببطوية إذ كانوا قج بايعوه فامتنع عليه وقاتله أياما ثم رجع إلى تازا ~~ثم إلى فاس واستولى عبد الرحمن على تازا وبينما الوزير أو بكر بفاس يدبر ~~الرأي إذ وصله الخبر بأن أبن عمه محمد بن عثمان بايع السلطان أحمد بن أبي ~~سالم وهو المعروف بذي الدولتين وهذه هي دولته الأولى وذلك إن أبن عم الوزير ~~وهو محمد بن عثمان لما تولى سبتة كان أبن الأحمر قد طاول حصار جبل الفتح ~~وأخذ بمخنقة وتكررت المراسلة بينه وبين محمد بن عثمان والعتاب فاستعتب له ~~وقبح ما جاء به أبن عمه الوزير أبو بكر بن غازي من الاستغلاظ له في شأن أبن ~~الخطيب وغيره فوجد أبن الأحمر بذلك السبيل إلى غرضه وداخله في البيعة لابن ~~السلطان أبي سالم من الأبناء الذين كانوا بطنجة تحت الرقبة وإن يقيمه ~~للمسلمين سلطانا ولا يتركهم فوضى وهملا تحت ولاية الصبي الذي لم يبلغ ولا ~~تصح ولايته شرعا وهو السعيد بن أبي فارس الذي بايعه الوزير أبي بكر بن غازي ~~بتلمستان حين مات أبوه واستبد عليه واختص أبن الأحمر أحمد أبن أبي سالم من ~~بين أولئك الأبناء لما سبق بينه وبين أبيه أبي سالم من المولاة. وكان أبن ~~الأحمر اشترط على محمد بن عثمان وحزبه شروطا منها أن ينزلوا له من جبل ~~الفتح الذي هو محاصر له وأن يبعثوا له جميع أبناء الملوك من بني مرين ~~ليكونوا تحت حوطته وأن يبعثوا إليه بالوزير أبن الخطيب متى قدروا PageV01P226 # عليه فانعقد أمرهم على ذلك وتقبل محمد بن عثمان شروطه وركب من سبتة إلى ~~طنجة واستدعى أبي العباس أحمد من مكان اعتقاله فبايعه وحمل الناس على طاعته ~~واستقدم أهل سبتة للبيعة وكتابتها فقدموا وبايعوا وخاطب أهل جبل الفتح ~~فبايعوا وأفرج أبن الأحمر عنهم. وبعث إليه ms128 محمد بن عثمان عن سلطانه بالنزول ~~له عن جبل الفتح وخاطب أهله بالرجوع إلى طاعته فارتحل أبن الأحمر من مالقة ~~إليه ودخله ومحا دعوة بني مرين مما وراء البحر وأهدى للسلطان أبي العباس ~~وأمده بعسكره من غزاة الأندلس وكمل إليه مالا للإعانة على أمره. ولما وصل ~~الخبر بهذا إلى الوزير أبي بكر بن غازي قامت عليه القيامة وكأن أبن عمه ~~محمد بن عثمان كتب إليه يموه بأن هذا عن أمره فتبرأ من ذلك ولاطف أبن عمه ~~أن ينقض ذلك الأمر فاعتل له بانعقاد البيعة لأبي العباس. وبينما الوزير أبو ~~بكر ينتظر إجابة أبن عمه إلى ما رامه منه بلغه الخبر بأنه أشخص الأبناء ~~المعتقلين كلهم بالأندلس وحصلوا تحت كفالة ابن الأحمر فوجم وأعرض عن أبن ~~عمه ونهض إلى تازا لمحاصرة عبد الرحمن بن أبي يفلوس فاهتبل في غيبة أبن عمه ~~محمد بن عثمان ملك المغرب ووصله مدد السلطان أبن الأحمر من رجال الأندلس ~~الناشبة نحو ستمائة وعسكر آخر من الغزاة. وبعث أبن الاحمر رسله إلى الأمير ~~عبد الرحمن باتصال اليد مع أبن عمه السلطان أحمد ومظاهرته واجتماعهما على ~~مل فاس وعقد بينهما الاتفاق على أن يختص عبد الرحمن بملك سلفه فتراضيا. ~~وزحف محمد بن عثمان وسلطه إلى فاس وبلغ الخبر إلى الوزير أبي بكر بمكانه من PageV01P227 # تازا فانفض معسكره ورجع إلى فاس ونزل بكدية العرائس وانتهى السلطان أبو ~~العباس أحمد إلى زرهون فصمد إليه الوزير بعسكره فاحتل مصافه ورجع إلى عقبة ~~مفلولا وانتهب عسكره ودخل البلدة الجديدة البيضاء وجأجأ بالعرب أولاد ~~الحسين فعسكروا بالزيتون ظاهر فاس فنهض إليهم الأمير عبد الرحمن من تازا ~~بمن كان معه من العرب الأجلاف وشردهم إلى الصحراء وشارف السلطان أبو العباس ~~أحمد بمجموعة من العرب وزناتها وبعثوا إلى ولي دولتهم ونزمار بن عريف ~~بمكانه من قصره الذي اختطه بملوية فجاءهم وأطلعوه على كامن أسرارهم فأشار ~~عليهم بالاجتماع والاتفاق فاجتمعوا بوادي النجا وتخالفوا ثم ارتحلوا إلى ~~كدية العرائس في ذي القعدة من سنة خمس وسبعين وبرز ms129 إليهم الوزير بعساكر ~~فانخزمت جموعه وأحيط به وخلص إلى البلد الجديد بعد غص الريق. واضطرب معسكر ~~السلطان أبي العباس بكدية العرائس ونزل الأمير عبد الرحمن بإزائها وضربوا ~~على البلد الجديد سياجا بالبناء للحصار وأنزلوا بها أنواع القتال والإرهاب ~~ووصلوهم بمدد # السلطان أبن الأحمر فأحكموا الحصار وتحكموا في ضياع أبن الخطيب بفاس ~~فهدموها وعاثوا فيها. ولما كان فاتح سنة ست وسبعين داخل محمد بن عثمان عمه ~~الوزير أبا بكر في النزول عن البلد الجديد والبيعة للسلطان لكون الحصار قد ~~اشتد به ويئس وأعجزه المال فأجاب وأشترط عليهم الأمير PageV01P228 # عبد الرحمن التجافي له عن أعمال مراكش بدل سجلماسة فعقدوا له على كره ~~وطووا على المكر وخرج الوزير أبو بكر إلى السلطان أبي العباس وبايعه وأقضى ~~عهده بالأمانة وتخلية سبيله من الوزارة ودخل السلطان أبو العباس إلى البلد ~~الجديد سابع المحرم وارتحل الأمير عبد الرحمن يومئذ إلى مراكش واستولى ~~عليها. ### || محنة أبي الخطيب ووفاته: # ثم ذكر أبن خلدون الخبر عن مقتل أبن الخطيب فقال: ولما استولى السلطان ~~أبو العباس على البلد الجديد دار ملكه فاتح سنة ست وسبعين استقل بسلطانه ~~والوزير محمد بن عثمان مستبد عليه وسليمان بن داود بن أعراب كبير بني عسكر ~~رديف له وقد كان الشرط وقع بينه وبين السلطان أبن الأحمر عندما بويع بطنجة ~~على نكبة أبن الخطيب وإسلامه إليه لما نمى إليه عنه أنه كان يغري السلطان ~~عبد العزيز المريني بملك الأندلس فلما زحف السلطان أبو العباس من طنجة ~~ولقيه أبو بكر بن غازي بساحة البلد الجديد فهزمه السلطان ولازمه بالحصار ~~أوى معه أبن الخطيب إلى البلد الجديد خوفا على نفسه. فلما استولى السلطان ~~على البلد أقام أياما ثم أغراه سليمان بن داود بالقبض عليه فقبضوا عليه ~~وأودعوه السجن وطيروا بالخبر إلى السلطان أبن الأحمر وكان سليمان بن داود ~~شديد العداوة لابن الخطيب لما كان سليمان قد بايعه السلطان أبن الأحمر على ~~مشيخة PageV01P229 # الغزاة بالأندلس، متى أعاد الله إلى ملكه، فلما استقر له سلطانه، جاز له ~~سليمان سفيرا ms130 عن الوزير عمر بن عبد الله، ومقتضيا عهده من السلطان، فصده ~~أبن الخطيب عن ذلك، محتجا بأن تلك الرياسة إنما هي لأعياض الملك من بني عبد ~~الحق، لأنهم يعسوب زناتة، فرجع سلمان، وأثار حقد ذلك لأبن الخطيب، ثم جاوز ~~الأندلس لمحل إمارته من جبل الفتح، فكانت تقع بينه وبين أبن الخطيب مكتبات، ~~يشير كل واحد منهما لصاحبه، بما يحفظه، مما كمن في صدورهما. وحين بلغ خبر ~~القبض على أبن الخطيب إلى السلطان أبن الأحمر بعث كاتبه ووزيره بعد أبن ~~الخطيب، وهو أبو عبد الله أبن زمرك، فقدم على السلطان أبي العباس، وأحضر ~~أبن الخطيب بالمشور في مجلس الخاصة، وعرض عليه بعض كلمات وقعت له في كتابه ~~المحبة، فعظم النكير فيها، فوبخ ونكل، وامتحن بالعذاب بمشهد ذلك الملأ، ثم ~~نقل إلى محبسه، واشتوروا في قتله بمقتضى تلك المقالات المسجلة عليه، وأفتى ~~بعض الفقهاء فيه، ودس سليمان بن داود لبعض الأوغاد من حاشيته بمقتله، ~~فطرقوا السجن ليلا، ومعهم زعانفة جاءوا في لفيف الخدم، مع سراء السلطان أبن ~~الأحمر، وقتلوه خنقا في محبسه، واخرج شلوه من الغد، فدفن في مقبرة باب ~~المحروق، ثم أصبح من الغد على سافة قبره طريحا، وقد جمعت له أعواد، وأضرمت PageV01P230 # عليه نار، فاحرق شعره، واسود بشره، فأعيد إلى حفرته، وكان في ذلك انتهاء ~~محنته. وعجب الناس من هذه الشنعاء التي جاء بها سليمان، واعتدوها من هناته، ~~وعظم النكير فيها عليه وعلى قومه وأهل دولته، والله الفعال لما يريد. وكان، ~~عفا الله عنه، أيام امتحانه بالسجن يتوقع مصيبة الموت، فتجهش هواتفه ~~بالشعر، يبكي نفسه، ومما قال في ذلك: # بعدنا وإن جاورتنا البيوت ... وجئنا بوعظ ونحن صموت # وأنفاسنا سكنت دفعة ... كهجر الصلاة تلاه القنوت # وكنا عظاما فصرنا عظاما ... وكنا نقوت فيها نحن قوت # وكنا شموس سماء العلا ... غربن فناحت علينا السموت # فكم خذلت ذا الحسام الظبا ... وذو البخت كم جدلته البخوت # وكم سيق للقبر في خرقة ... فتى ملئت من كساه التخوت # فقل للعدا ذهب أبن الخطيب ... وفات ومن ذا الذي ms131 لا يفوت # ومن كان يفرح منهم له ... فقل: يفرح اليوم من لا يموت # انتهى كلام أبن خلدون في ديوان العبر. # ورأيت تخميسا لبعض بني الصباغ على هذه القطعة، لكنه زاد فيها بعض أبيات ~~على ما ذكره أبن خلدون، وها أنا أثبته تتميما للفائدة، وهو: # أيا جاهلا غره ما يفوت ... وألهاه حال قليل الثبوت # تأمل لمن بعد أنس يصوت ... بعدنا وإن جاورنا البيوت # وجئنا بوعظ ونحن صموت PageV01P231 # لقد نلت من دهرنا رفعة ... تقضت كبرق مضى سرعة # فهيهات ترجوا لها رجعة ... وأصواتنا سكنت دفعة # كهجر الصلاة تلاه تفوت # بدا لي من العز وجه شباب ... يؤمل سيبي وبأسي يهاب # فسرعان مزق ذاك الإهاب ... ومدت وقد أنكرتنا الثياب # علينا نسائجها العنكبوت # فآها لعز تقضي مناما ... منحنا به الجاه دوما كراما # وكنا نسوس أمورا عظاما ... وكنا عظاما فصرنا عظاما # وكنا تقوت فها نحن قوت # وكنا لذا الملك حلي الطلا ... فآها عليه زمانا خلا # نعوض من جدة بالبلى ... وكنا شموس سماء العلا # غربن فناحت علينا السموت # تعودت بالرغم صرف الليالي ... وحملت نفسي فوق احتمالي # وأيقنت أن سوف يأتي ارتحالي ... ومن كان منتظرا للزوال # فكيف يؤمل منه الثبوت PageV01P232 # هو الموت يا ما له من نبا ... يجوز الحجاب إلى من أبى # ويألف أخذ سنى الحبا ... فكم أسلمت ذا الحسام الظبا # وذا البخت كم جدلته البخوت # هو الموت أفضح من عجمة ... وأيقظ بالوعظ من نومة # وسلى عن الحزن ذا حرقة ... فكم سيق للقبر في خرقة # فتى ملئت من كساه التخوت # تقضى زماني بعيش خصيب ... وعندي لذنبي انكسار المنيب # وها الموت قد صبت مني نصيبي ... فقل للعدا ذهب أبن الخطيب # وفات ومن ذا الذي لا يفوت # مضى أبن الخطيب كمن قبله ... ومن بعده يقتفي سبله # وهذا الردى ناثر شمله ... فمن كان يفرح منهم له # فقل يفرح اليوم من لا يموت PageV01P233 # هو الموت عم فما للعدا ... يسرون بي حين دقت الردى # ومن فاته اليوم يأتي غدا ... سيبلي الجديد إذا ما المدى # تتابع آحاده والسبوت # أخي توخ طريق النجاة ... وقدم لنفسك قبل ms132 الممات # وشمر بجد لما هو آتي ... ولا تغترر بسراب الحياة # فإنك عما قريب تموت # انتهى. وقد تذكرت بقوله: # سيبلي الجديد إذا ما المدا ... تتابع آحاده والسبوت # قول الآخر: # نطوى سبوات وآحادا وننشرها ... ونحن في الطي بين السبت والأحد # فعد ما شئت من سبت ومن أحد ... لا بد أن يدخل المطوي في العدد # شعره # قال بعض الأعلام: شعر أبن الخطيب ما بعده مطمع لطامع، ولا معرج على شاعر ~~بعده الآذان والمسامع؛ فمن ذلك قوله سامحه الله: # عسى خطرة بالركب يا حادي العيس ... على الهضبة الشماء من قصر باديس PageV01P234 # لنظفر من ذاك الزلال بعلة ... وننعم في تلك الظلال بتععريس # حبست بها ركبي فواقا وإنما ... عقدت على قلبي لها عقد تحبيس # لقد رسخت آي الجوافي جوانحي ... كما رسخ الإنجيل في قلب قسيس # بميدان جفني للسهاد كتيبة ... تغير على السراح الكرى في كراديس # وما بي إلا نفحة حاجرية ... سرت والدجى ما بين وهن وتغليس # إلا نفس يا ريح من جانب الحمى ... تنفس من نار الجوى بعض تنفيس # ويا قلب لا تلق السلاح فربما ... تعذر في الدهر أطراد المقاييس # وقد تعتب الأيام بعد عتابها ... وقد يعقب الله النعيم من البوس # ولا تخشى لج الدمع يا خطرة الكرى ... إلى الجفن بل قيس على صرح بلقيس # تقول سليمى: ما لجسمك شاحبا ... مقالة تأنيب يشاب بتأنيس # وقد كنت تعطو كلما هبت الصبا ... بريان في ماء الشبيبة مغموس # ومن رابح الأيام يا بنت عامر ... يجوب الفلا راحت يداه بتفليس PageV01P235 # فلا تحسبي والصدق خير سجية ... ظهور النوى إلا بطون النواميس # وقفراء أما ركابها فمضلل ... ومربعها من آنس غير مأنوس # سنحنا بها من هضبة لقرارة ... ضلالا وملنا من كناس إلى خيس # إذا ما نهضنا عن مقيل غزالة ... نزلنا فعرسنا بساحة عريس # أدرنا بها كأسا دهاقا من سرى ... أملنا بها عند الصباح من الروس # وحانه خمار هدانا لقصدها ... شميم الحميا واصطكاك النواقيس # تطلع ربانيها من جداره ... يهيم في جنح الظلام بتقديس # بكرنا وقلنا إذ نزلنا بساحة ... عن الصافنات الجرد والضمر العيس # أيا ms133 عابد الناسوت أنا عصابة ... اتينا لتثليث بلى ولتسديس # وما قصدنا إلا المقام بحانة ... وكم ألبس الحق المبين بتلبيس # فأنزلنا قوراء في جنباتها ... محاربب شتى الاختلاف النواميس # بدرنا بها طين الختام بسجدة ... أردنا بها تجديد حسرة إبليس # ودار العذاري بالمدام كأنها ... قطا تتهادى في رياش الطواويس # وصارفنا فيها نضار بمثله ... كأنا ملأنا الكأس ليلا من الكيس PageV01P236 # وقمنا نشاوي عندما متع الضحى ... كما نهضت غلب الأسود ن الخيس # فقال: لبئس المسلمون ضيوفنا ... أما وأبيك الحبر ما نحن بالبيس # وهل في بني مثواك إلا مبرز ... بحلة شورى أو بحلقة تدريس # إذا هز عسال اليراعة فاتكا ... أسال بجميع الحبر فوق القراطيس # يقلب تحت النقع مقلة ضاحك ... إذا التفت الأبطال عن مقل شوس # سبينا عقار الروم في عقر خاننا ... بحيلة تمويه وخدعة تدليس # لئن أنكرت شكلي ففضلى واضح ... وهل جائز في العقل إنكار محسوس! # رسبت بأقصى الغرب ذخر مضنة ... وكم درة علياء في قاع قاموس # وأغربت سوسى بالعذيب وبارق ... على وطن داني الجوار من السوس # ومن ذلك قوله رحمه الله في الميلاد النبوي على صاحبه الصلاة والسلام يمدح ~~مخدومه أبا عبد الله المخلوع: # ما على القلب يدعكم من جناح ... أن يرى طائرا بغير جناح PageV01P237 # وعلى الشوق أن يشب إذا هب ... بأنفاسكم نسيم الصباح # جيرة الحي والحديث شجون ... والليالي تلين بعد الجماح # أترون السلو خامر قلبي ... بعدكم؟ لا، وفالق الإصباح # ولو إني أعطي اقتراحي على الأيام ... ما كان بعدكم باقتراحي # ضايقتني فيكم صروف الليالي ... واستدارت على دور الوشاح # وشقنى كأس الفراق دهاقا ... في اغتباق مواصل واصطباح # واستباحت من جدتي وفتائي ... حرما لم أخله بالمستباح # ومنها: # يا ترى والنفوس أسرى أماني ... مالها من وثاقها سراح # هل يباح الورود ذياد ... أو يباح اللقاء بعد انتراح # وإذا أعوذ الجسوم التلاقي ... ناب عنه تعارف الأرواح # وهي طويلة، ولم يحضرني منها في هذا التاريخ سوى ما كتبته. قلت: وأظن أن ~~الفقيه الكاتب أبا زكريا يحيى بن خدلون كاتب الإنشاء يتلمسان المحروسة أيام ~~السلطان ابى حمو موسى بن يوسف الزياني رحمه الله ms134 نسج على منوال هذه القصيدة ~~في قصيدته بديعة له، ورفعها إلى السلطان أبي حمو في مولد سنة PageV01P238 # ثمان وسبعين وسبع مائة. وهذا أبن خلدون أخو ولي الدين صاحب التاريخ ~~المشهور، ونص القصيدة: # ما على الصب في الهوى من جناح ... أن يرى حلف عبرة وافتضاح # وإذا ما المحب عيل اصطبارا ... كيف يصغي إلى نصيحة لاحي # يا رعي الله بالمحصب ربعا ... آذنت عهده النوى بانتزاح # كم أدرنا كأس الهوى فيه مزجا ... رب جد من الجوى في المزاح # هل إلى رسمه المحيل سبيل ... يا حدادة المطى تلك الطلاح # نسأل الدار بالخليط ونسقى ... ذلك الربع بالدموع السفاح # أي شجو عانيت بعد نواها ... من أسى لازم وصبر مزاح # أهل ودى إن رابكم برح وجدوى ... من صبا بارح وبرق لياح # فأسألوا البرق عن خفوق فؤادي ... والصبا عن سقام جسمي المتاح # يا أهيل الحمى نداء مشوق ... ما له عن هوى الدمى من براح # طالما استعذب المدامع وردا ... في هواكم عن كل عذب قراح # عاده بالطلول للشوق عيد ... من حمام بدوحهن صداح # من لقلب من الجوى في ضرام ... ولجفن من البكا في جراح # ولصب يهيجه الذكر شوقا ... فهو سكرا يرتاح من غير راح # وليال قضيت للهو فيها ... وطرا والشباب ضافي الجناح PageV01P239 # راكبا في الهوى ذلول تصاب ... ساحبا في الغرام ذيل مراح # ونجوم المنى تنير إلى أن ... روع الشيب سربها بالصباح # أي مري حمدت لم ادخل منه ... بسوى حسرة وطول افتضاح # واخسارى يوم القيامة إن لم ... يغفر الله زلتي واجتراحي # لم اقدم وسيلة فيه إلا ... حب خير الورى الشفيع الماحي # سيد العامين دنيا وأخرى ... اشرف الخلق في العلا والسماح # سيد الكون من سماء وأرض ... سره بين غاية وافتتاح # زهرة الغيب مظهر الوحي معنى الن ... ور كنه المشكات والمصباح # آية المكرمات قطب المعالي ... مصطفى الله من قريش البطاح # أول الأنبياء تخصيص زلفى ... آخر المرسلين بعث نجاح # صفوة الخلق أرفع الرسل قدرا ... وسراج الهدى وشمس الفلاح # من لميلاده بمكة ضاءت ... من قرى قيصر جميع الضواحي # وخبت نار فارس وتداعت ... من مشيد ms135 الإيوان كل النواحي # من رقى في السماء سبعا طباقا ... ورأى آي ربه في اتضاح # ودنا منه قاب قوسين قربا ... ظافرا في العلى بكل اقتراح # من هدى الخلق بين حمر وسود ... وجلا ليل غيهم بالصباح # من يجير غدا يوم يجزى ... كل عاص وطائع باجتراح PageV01P240 # من إلى حوضه وظل لواه ... يلجأ الناس بين ظام وضاحي # أحمد المجتبى حبيبا وإني ... فوق عز الحبيب مرمى طماح # في أناجيله المسيح تلاه ... باسمه والكليم في الألواح # ولكم حجة وبرهان صدق ... في سماع أتى بها والتماح # إن في النجم والنبات لآيا ... بهرت والجماد والأرواح # معجزات فتن المدارك وصفا ... وحسابا كالزهر أو كالصباح # يا رواة القريض ولا شعر عجزا ... ما عسى تدركون بالأمداح # إنما حسبنا الصلاة عليه ... وهي للفوز آية استفتاح # يا الهي بحق أحمد عفوا ... عن ذنوب جنيتهن قباح # وأدم دولة الخليفة موسى ... ذي المعالي المبينة الأوضاح # مفخر الملك مستقر المزايا ... مظهر اللطف ذو التقى والصلاح # ناصر الحق خاذل الجور عدلا ... ملجأ الخائفين بحر السماح # يتلقى لاندى بوجه حيي ... ويلاقي العدا ببأس صفاح # وله المكرمات إرثا ولبسا ... حاز حمدا بها معلى القداح # من علا باذخ وفخر صميم ... وكمال بحت ومجد صراح # وأحاديث في المعالي حسان ... رويت عنه في العلى الصحاح # عاقد صفقة العلا كل حين ... فائز فيه سعيه بالرباح PageV01P241 # للنى والهدى يروح ويغدو ... أي مغدي إلى العلا ومراح # ملك تشرق الأسرة منه ... في سماء السرير نور صباح # وإذا ما علا بعالي العوالي ... صهوة الجود فهو ليث الكفاح # لبس الدهر منه حلة حسن ... وثنى للسرور عطف مراح # وعلا عاتق الخلافة منه ... طراز فخر سبي النهى بالتماح # ورث الملك شامخا عن سراة ... شيدوا ركنه بأيدي الصفاح # من بني القاسم الذي تحلوا ... بالمعالي واستأثروا بالفلاح # فرعوا هضبة الخلافة مجدا ... رفعوا سقفه على الأرماح # نشروا راية المفاخر حمدا ... خافق النور بالرابا والبطاح # يا إماما بذلك الملك جلالا ... وجمالا فديت بالأرواح # أنت شمس الكمال دمت عليا ... في اغتباق من المنى واصطباح # وبنوك الأعلون أنجم سعد ... زاهرات بنورك الوضاح # وأبو تشافين بدر منير ms136 ... زانه الله بالخلال الصباح # أكمل العالمين خلقا وخلقا ... اشرف الناس في الندى والكفاح # وبكم زينت سماء المعالي ... واهتدى الناس في الدجى والصباح # قلت: قوله: # أكمل العامين خلقا وخلقا ... اشرف الناس في الندى والكفاح # لا يخلو من قلة تحفظ، ومثل هذا في الحقيقة إنما يطلق على رسول) ، وإن كان ~~المتكلم أراد أهل عصره. PageV01P242 # وكان السلطان أبو حمود موسى بن يوسف الممدوح في هذه القصيدة يحتفل لليلة ~~مولد رسول الله) غاية الاحتفال، كما كان ملوك المغرب والأندلس في ذلك العصر ~~وما قبله يعتنون بذلك، ولا يقع منهم فيه إغفال؛ وقد تقدم أن العزفي صاحب ~~سبته هو الذي سن ذلك في بلاد المغرب، وأتى بزلفى تدينه إلى الله وتقرب؛ ~~واقتفى الناس سننه، وتقلدوا مننه؛ تعظيما للجناب الذي وجب له السمو والعلو، ~~على أن بعضهم قد خرج في ذلك إلى حدثني الإسراف والغلو؛ وكل يعمل على ~~شاكلته. # ومن جملة احتفال السلطان أبي حمو المذكور ما قاله صاحب راح الأرواح: " ~~أنه كان يقيم ليلة الميلاد النبوي، على صاحبه الصلاة والسلام، بمشورة من ~~تلمسان المحروسة، مدعاة حفيلة، يحشر فيها الناس خاصة وعامة، فما شئت من ~~نمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة؛ وبسط موشاة، ووسائد بالذهب مغشاة؛ وشمع ~~كالأسطوانات، وموائد كالهالات؛ ومباخر صفر منصوبة كالقباب، يخالها المبصر ~~من تبر مذاب؛ ويفاض على الجميع أنواع الأطعمة، كأنها أزهار الربيع ~~المنمنمة؛ تشتهيها الأنفس وتستلذها النواظر، ويخالط حسن رياها الأرواح ~~ويخامر؛ رتب الناس فيها على مراتبهم ترتيب احتفال، وقد علت الجميع أبهة ~~الوقار والإجلال؛ وبقرب ذلك يحتفل المسمعون بأمداح المصطفى عليه الصلاة ~~والسلام، ومكفرات ترغب في الإقلاع عن الآثام؛ يخرجون فيها من فن إلى فن، ~~ومن إلى فن، ومن أسلوب إلى أسلوب؛ ويأتون من ذلك بما تطرب له PageV01P243 # النفوس وترتاح إلى سماعه القلوب؛ وبالقرب من السلطان، رضوان الله عليه، ~~خزانة النمجانة وقد زخرفت كأنها حلة يمانية لها أبواب مرتجة على عدد ساعات ~~الليل الزمانية؛ فمهما مضت ساعة وقع النقر بقدر حسابها، وفتح عند ذلك باب ~~من أبوابها؛ وبرزت منه جارية صورت في ms137 أحسن صورة، في يدها اليمنى رقعة ~~مشتملة على نظم فيه تلك الساعة باسمها مسطورة؛ فتضعها بين يدي السلطان ~~بلطافة، ويسارها ع فمها كالؤدية بالمبايعة حق الخلافة؛ هكذا حالهم الى ~~انبلاج عمود الصباح، ونداء المنادي حي على الفلاح ". # انتهى كلام صاحب راح الأرواح. # وقال في نظم الدرر والعقيان في هذا المعنى ما نصه: " وكان يعني السلطان ~~أبا حمو يقوم بحق ليلة مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويحتفل لها بما هو ~~فوق سائر المواسم، يقيم مدعاة، يحشر لها الأشراف والسوقة، فما شئت من نمارق ~~مصفوفة، وزرابي مبثوثة، وشمع كالأسطوانات، وأعيان الحضرة على مراتبهم تطوف ~~عليهم ولدان قد لبسوا أقبية الخز الملون، وبأيديهم مباخر ومرشات، ينال كل ~~منهم بحظه، وخزانة المنجانة ذات تماثيل لجين محكمة الصنعة، بأعلاها أيكة ~~تحمل طائرا فرخاه تحت جناحيه ويختله فيهما أرقم خارج من كوة بجذر الأيكة ~~صعدا، وبصدرها أبواب مرتجة PageV01P244 # بعدد ساعات الله الزمانية، يصاقب طرفيها بابان كبيران وفوق جميعها دوين ~~رأس الخزانة قمر أكمل يسير على خط الاستواء سير نظيره من الفلك، ويسامت أول ~~كل ساعة بابها المرتج، فينقص من البابين الكبيرين عقابان بفي كل واحد منهما ~~صنجة صفر يلقيها إلى طست من الصفر مجوف بوسطه ثقب يفضى بها إلى داخل ~~الخزانة فيرن وينهش الأرقم أحد الفرخين فيصفر له أبواه فهنا يفتح باب ~~الساعة الذهبية وتبرز منه جارية محتزمة كأظرف ما أنت راء، بيمينها إضبارة ~~فيها اسم ساعتها منظومة ويسراها موضوعة على فيها، كالمبايعة بالخلافة، ~~والمسمع قائم ينشد أمداح سيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا ومولانا محمد ~~صلى الله عليه وسلم ثم يؤتى آخر الليل بموائد كالهالات دورا والرياض نورا؛ ~~قد اشتملت من أنواع محاسن الطعام على ألوان تشتهيها الأنفس وتستحسنها ~~الأعين، وتلذ بسماعها الأذان، ويشره مبصرها للقرب منها والتناول وإن كان ~~ليس بغرثان؛ والسلطان لم يفاق مجلسه الذي ابتدأ جلوسه فيه وكل ذلك بمرأى ~~منه ومسمع حتى يصلي هنالك صلاة الصبح. # على هذا الأسلوب تمضي ليلة مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم في جميع أيام ~~دولته ms138 أعلى الله مقامه في عليين وشكر له في ذلك صنعه الجميل آمين. # وما من ليلة مولد مرت في أيامه إلا ونظم فيها قصيدا في مدح المصطفى صلى ~~الله عليه وسلم أول ما يبتدئ المسمع في ذلك المحفل العظيم بإنشاده، ثم ~~يتلوه إنشاد من رفع إلى مقامه العلي في تلك الليلة نظما ". # انتهى كلام صاحب نظم الدرر والعقيان، وهو أتم مساقا من كلامه في راح ~~الأرواح. PageV01P245 # أقول: ولا بد أن نذكر جملة من الطع التي أنشأها الكاتب أبو زكريا يحيى بن ~~خلدون كاتب السلطان أبو حمو المذكور على لسان جارية المنجانة مخاطبة بما مر ~~من الليل وكانت تأتي بها في يدها اليمنى كما ذكرناه فمن ذلك قوله رحمه الله ~~في مضي ساعتين من الليل: # أخليفة الرحمن والملك الذي ... تعنو لعز علاه أملاك البشر # لله مجلسك الذي يحكى علا ... بك مالكي أفق السماء لمن نظر # أو ما ترى فيه النجوم زواهرا ... وجه الخليفة بينهن هو القمر # والليل منه ساعتان قد أنقضت ... تثني عليك ثنا الرياض على المطر # لازال هذا الملك منصورا بكم ... وبلغت مما ترتجي أسنى الوطر # وقوله رحمه الله في انقضاء ثلاثة ساعات من الليل: # أمولاي يا بن الملوك الألي ... لهم في المعالي سنى الرتب # تولت ثلاث من الليل أب ... قت لك الفخر في عجمها والعرب # فدم حجة الله في أرضه ... تنال الذي شئته من أرب # وقوله رحمه الله في مضي ست ساعات: # يا ماجد وهو فرد ... تخاله في عساكر # ست من الليل ولت ... ما إن لها من نظائر # دامت لياليك حتى ... إلى المعاد نواضر # وقوله رحمه الله في مضي ثمان ساعات: # يا أكرم الخلق ذاتا ... وأشرف الناس أسره # مرت ثمان وأبقت ... في القلب منى وحسره PageV01P246 # فيهن كان شبابي ... أخا نعيم ونضره # ولي بها الدهر عني ... ترى لها بعد كره # فالله يبقيك مولى ... يطيل في السعد عمره # وقوله رحمه الله في مضي عشر ساعات: # يا مكان الخير والخيل التي حكمت ... له بعز على الأيام مقتبل # هذا الصباح وقد لاحت بشائره ... والليل ms139 ودعنا توديع مرتحل # لله من الساعات باهرة ... مضين لاعن قلى منا ولا ملل # كذا تمر ليالي العمر راحلة ... عنا ونحن مع الآمال في شغل # نمسي ونصبح في لهو نسر به ... جهلا وذلك يدنينا من الأجل # والعمر نمضي ولا ندري فوا أسفا ... عليه إذ مر في الآثام والزلل # يا ليت شعري غدا كيف الخلاص به ... ولم نقدم له شيئا من العمل # يا رب عفوك عما قد جنت يدي ... فليس لي بجزاء الذنب من قبل # يا رب وانصر أمير المسلمين أبا ... حمو الرضا وأنله غاية الأمل # وأبق في العز والتمكين مدته ... وأعل دولته الغرا على الدول # ومن الموشحات التي خوطب بها السلطان أبو حمو رحمه الله في مولد سنة سبع ~~وستين وسبع مائة قول طبيب دولته أبي عبد الله محمد بن أبي جمعة الشهير ~~بالتلاليسي رحمه الله تعالى: # لي مدمع هتان ... ينهل مثل الدرر # قد صير الأجفان ... ما إن لها من أثر PageV01P247 # حق له يجري ... دما على طول الدوام # مذ جد في السير ... ناس إلى خير الأنام # وعاقني وزري ... يا صاح عن ذلك المقام # وسارت الأظعان ... يحدي بها في السحر # فاستبشر الركبان ... بقرب نيل الوطر # يا سعده من زار ... قبر النبي المصطفى # محمد المختار ... قطب المعالي والوفا # في مدحه قد حار ... الخلق طرا وكفى # في محكم القرآن ... وشرحه والسير # فضله الرحمن ... على جميع البشر # يا حادي الركب ... بالله إن جئت البقيع # تحية الصب ... بلغ إلى الهادي الشفيع # غرب بالمغرب ... عن ذلك المغني الرفيع # وليس لي إمكان ... ينهضني للسفر # إلا من السلطان ... الملك المظفر # من لم يزل يسمو ... إلى المعالي كل حين # ذاك أبو حمو ... المولى أمير المسلمين # طاعته غنم ... نلنا بها دنيا ودين # أظهر في البلدان ... من عدله المشتهر # وعم بالإحسان ... للبدو ثم الحضر PageV01P248 # قابله إسعاد ... تكل عنه الألسنة # قبيل عبد الواد ... به غدت في سلطنة # أيامه أعياد ... يا ليتها ألف سنة # ملك بني زيان ... بالمشرفي الذكر # أحياه إذا قد كان ... ليس له من خبر # تاهت تلمستان ... بملكه على البلاد # صار لها ms140 شان ... وسعدها حلف ازدياد # قد ضل إنسان ... قال بها يشكو السهاد # ليل الهوى يقظان ... والحب ترب السهر # والصبر لي خوان ... والنوم من عيني بري # وكان هذا السلطان أبو حمو رحمه الله يقرض الشعر ويحب أهله وله رحمه الله ~~تأليف حسن في السياسة لخص فيه سلوان المطامع لابن ظفر وزاد عليه فوائد ~~وأورد فيه جملة من نظمه وأمورا جرت له مع معاصريه من ملوك بني مرين وغيرهم ~~وصنفه برسم ولي عهده أبي تاشفين وسماه نظم السلوك في سياسة الملوك. # وكان الفقيه ذو الوزارتين أبو عبد الله بن الخطيب المذكور آنفا كثيرا ما ~~يوجه إليه بالأمداح ومن أحسن ما وجه له قصيدة سينية فائقة وذلك عندما أحس ~~بتغير سلطانه عليه فجعلها مقدمة بين يدي نجواه لتمهد له مثواه PageV01P249 # وتحصل له المستقرة إذا ألجأه إلى الأمر إلى المفر فلم تساعده الأيام كما ~~هو شأنها في أكثر الأعلام وهي هذه: # أطلعن في سدف الفروع شموسها ... ضحك الظلام لها وكان عبوسا # وعطف قضبا للقدود نواعما ... بوئن أدواح النعيم غروسا # وعدلن عن جهر السلام مخافة ال ... واشي فجئن بلفظه مهوسا # وسفرن من دهش الوداع وقومهن ... إلى الترحل قد أناخوا العيسا # وخلسن من خلل الحجال إشارة ... فتركن كل حجالها مخلوسا # لم أنسها من وحشة والحي قد ... زجر الحمول وآثر التغليسا # لا الملتقي من بعدها كثب ولا ... عوج الركاب تسأم التخييسا # فوقفت وقفة هائم برحاؤها ... وقفت عليه وحبست تحبيسا # ودعوت عيني عاتبا وعيونها ... بعصا النوى قد بجست تبجيسا # نافست يا عيني در دموعهم ... فعرضت درا للدموع نفيسا # ما للحمى بعد الأحبة موحشا ... ولكم تراءى آهلا مأنوسا # ولسر به حول الخميلة نافرا ... عمن يحس به وكان أنيسا # ولظله المورود غمر قليبه ... لا يقتضي وردا ولا تعريسا # حييته فأجابني رجع الصدى ... لا فرق بينهما إذا ما قيسا # ما إن يزيد على الإعادة صوته ... حرفا فيشفى بالمزيد نسيسا PageV01P250 # نضب المعين وقلص الظل الذي ... ظلنا وقوفا عنده وجلوسا # نتواعد الرجعى ونغتنم اللقا ... وندير من شكوى الغرام كؤوسا # فإذا سألت فلا تسأل مخبرا ms141 ... وإذا سمعت فلا تحس حسيسا # عهدي به والدهر يتحف بالمنى ... وقد اقتضت نعماه أن لا بوسا # والعيش غض الريع والدنيا قد اج ... تليت بمغناه على عروسا # أترى يعيد الدهر عهدا للصبا ... درست مغاني الأنس فيه دروسا # أوطان أوطار تعوض أفاقها ... من رونق البشر البهي عبوسا # هيهات لا غني لعل ولا عسى ... في مثلها إلا لآية عيسى # والده في دست القضاء مدرس ... فإذا قضى يستأنف التدريسا # تفتن في جمل الورى أبحاثه ... لا سيما في باب نعم وبيسا # وسجية الإنسان ليس بناصل ... من صبغها حتى يرى مرموسا # يغتر مهما ساعدت آماله ... فإذا عراه الخطب كان يئوسا # فلو إن نفسا مكنت من رشدها ... يوما وقدسها الهدى تقديسا # لم تستفز رسوخها النعمى ولا ... هلعت إذا كشرت إليها البوسا # قل للزمان إليك عن متذمم ... بضمار عز لم يكن ليخيسا PageV01P251 # فإذا استحر جلاده فأنا الذي اس ... تغشيت من سرد اليقين لبوسا # وإذا طغا فرعونه فأنا الذي ... من ضره أذاه عذت بموسى # أنا ذا أبو مثواه من يحمي الحمى ... ليثا ويعلم بالزئير الخيسا # بحمى أبى حمو حططت ركابي ... لما اختبرت الليث والعريسا # أسد الهيجاء إذا خطا قدما سطا ... فيخلف الأسد الهزبر فريسا # بدر الهدى يأبى الظلال ضياؤه ... أبدا فيجلو الظلمة الحنديسا # جبل القار رسا وأشرف وأعتلى ... وسما فطأطأ الجبال رءوسا # غيث النوال إذا الغمام حلوبة ... مثلث بأيدي الحالبين بسوسا # تلقاه يوم الأنس روضا ناعما ... وتراه بأسا في الهيجاء بئيسا # كم غمرة جلى وكم خطب كفى ... إن أوطأ الجرد العتاق وطيسا # كم حكمة أبدى وكم قصد هوى ... للسالكين أبان منه دريسا # أعلى بني زيان والفذ الذي ... لبس الكمال فزين الملبوسا # جمع الندى والباس والشيم العلا ... والسودد المتواتر القدموسا # والحلم ليس يباين الخلق الرضا ... والعم ليس يعارض الناموسا PageV01P252 # والسعد يغني حكمه عن نصبة ... تستخبر التربيع والتسديسا # كم راض صعبا لا يراض معاصيا ... كم خاض حربا لا يخاض ضروسا # بلغ التي لا فوقها متمهلا ... وعلا السها واستسفل البرجيسا # يا خير من خفقت علي سحابة ... للنصر تمطر أجش بجيسا # وأجل من ms142 حملته صهوة سابح ... إن كرم الله وجهه ضعضع كره الكردوسا # قسما بمن رفع السماء بغير ما ... عمد ورفع فوقها إدريسا # ودحا البسيطة فوق لج مزبد ... ما إن يزال على القرار حبيسا # حتى يهيب بأهله الوعد الذي ... حشر الرئيس إليه والمرءوسا # ما أنت إلا ذخر دهرك دمت في الص ... وان الحريز ممتعا محروسا # لو ساومته الأرض فيك بما حوت ... لرآك مستاما باب الرجل مبخوسا # حلف البرور بها ألية صادق ... ويمين من عقد اليمين غموسا # من قاس ذاتك بالذوات فإنه ... جهل الوزان وأخطأ التقييسا # لا تستوي الأعيان فضل مزية ... وطبيعة فطر الإله وسوسا # لعناية التخصيص سر غامض ... من قبل ذرء الخلق خص نفوسا # من أنكر الفضل الذي أوتيته ... جحد العيان وأنكر المحسوسا PageV01P253 # من دان بالإخلاص فيك فعقده ... لا يقبل التمويه والتلبيسا # والمنتمي عيصك لم تكن ... لترى دخيلا في بنيه دسيسا # بيت البتول ومنتمى الشرف الذي ... تحمى الملائك دوحه المغروسا # أما سياستك التي أحكمتها ... فرميت بالتقصير أسطاليسا # فلوان كسرى الفرس أبصر بعضها ... ما كان أن يعد سؤوسا # لو سار عدلك في السنين لما اشتكت ... بخسا ولم يك بعضهن كبيسا # ولو الجواري الخنس انتسبت إلى ... أقوام عزك ما خنسن خنوسا # قدت الصعاب فكل صعب سامح ... لك بالقياد وكان قبل شموسا # تلقى الليوث وللقتام غمامة ... قدح الصفيح وميضها المقبوسا # وكأنها تحت الدروع أراقم ... ينظرون من خلل المغافر شوسا # ما لابن ملمة في القديم وحاتم ... ضرب الزمان بجودهم ناقوسا # من جاء منهم مثل جودك كلما ... حسبوا المكارم كسوة أو كيسا # أنت الذي أفتك السفين وأهله ... إذ أوسعت سبل الخلاص طموسا # أنت الذي أمددت ثغر الله بالص ... دقات تبلس كرة إبليسا # وأعنت أندلس بكل سبيكة ... موسومة لا تعرف التدليسا PageV01P254 # وشحنته بالبر في سبل الرضا ... والبر قارب قاعها القاموسا # إن لم تجر بها الخميس فطالما ... جهزت فيها النوال خميسا # وملأت أيديهم وقد كادت على ... حكم القضاء تشابه التفليسا # صدقت للآمال صنعة جابر ... وكفيتها التشميع والتشميسا # والحل والتقطير والتصعيد والت ... خمير والتوصيل والتكليس # فسكبت من آمالها مالا ومن ... أوراقها ms143 ورقا وكن طروسا # بهتوا فلما استخبروا لم ينكروا ... وزنا ولا لونا ولا ملموسا # تدبير من قلب السطور سبائكا ... منها ومن طبع الحروف فلوسا # ونحوت نحو الفضل تعضد منه بال ... مسموع ما ألفيت منه مقيسا # وجبرت بعد الكسر قومك جاهدا ... تغني العديم وتطلق المحبوسا # ونشرت راية عزهم من بعدما ... دال الزمان فسامها تنكيسا # أحكمت حيلة برئهم بلطافة ... قد أعجزت في الطب جالينوسا # وفللت من حدثني الزمان وإنه ... أوحى وأمضى من غرار الموسى # وشحذت حدا كان قبل مثلما ... ونعشت جدا كان قبل تعيسا PageV01P255 # لم ترج إلا الله جل جلاله ... يقال شدة تكفي وجرح يوسى # قدمت صبحا فاستضأت بنوره ... ووجدت عند الشدة التنفيسا # ما أنت إلا فالح متيقن ... بالنجح تعمر ممرعا ويبيسا # ومتاجر جعل الأريكة صهوة ... عربية والمتكا القربوسا # ما إن تبايع أو تشاري واثقا ... بالربح إلا المالك القدوسا # والعزم يفترع النجوم بناؤه ... مهما أقام على التقى تأسيسا # ومقام صبرك واتكالك مذكر ... بحديث الشبلي أو طاووسا # ومن ارتضاه الله وفق سعيه ... فرأى العظيم من الحظوظ خسيسا # ما ازددت بالتحميص إلا جدة ... ونضوت من خلع الزمان لبيسا # ولطالما طرق الخسوف أهله ... ولطالما اعترض الكسوف شموسا # ثم انجلت نسماتها عن مشرق ... للسمد ليس بحاذر تتعيسا # خذها إليك على النوى سينية ... ترضي الطباق وتشكر التجنيسا # إن طوولت بالدر من حول الطلى ... يوما تشكت حظها الموكوسا # لولاك ما أصغت لخطبة خاطب ... ولعنست في بيتها تعيسا # قصدت سليمان الزمان وقاربت ... في الخطو تحسب نفسها بلقيسا PageV01P256 # لي فيك ود لم أكن من بعدما ... أعطيت صفقة عهده لأخيسا # كم لي بصحة عقده من شاهد ... لا يحذر التجريح والتدليسا # يقفو الشهادة باليمين وأنه ... لمؤمن من أن يعد فسيسا # لا يستقر قرار أفكاري إلى ... أن أستقر لدي علاك جليسا # وأرى تجاهلك مستقيم السير لل ... قصد الذي أعملته معكوسا # هي دين أيامي فان سمحت به ... لم يبق من شيء عليه يوسى # لا زال صنع الله مجنوبا إلى ... مثواك يهدي البشر والتأنيسا # متتابع كتتابع الأيام لا ... يذر التعاقب جمعة وخميسا # فلو أنصفتك إيالة الملك ms144 التي ... رضت الزمان وكان شريسا # قرنت بذكرك والدعاء لك الذي ... تختاره التسبيح والتقديسا # القلب أنت لها رئيس حياتها ... لم تعتبر مهما صلحت رئيسا # قال الحافظ أبو عبد الله التنسي رحمه الله ورضى عنه: حذا أبن الخطيب في ~~هذه السينية حذو أبي تمام في قصيدته التي أولها: # أقشيب ربعهم أراك دريسا ... تقري ضيوفك لوعة ورسيسا # وأختلس كثيرا من ألفاظها ومعانيها. انتهى. # ووصل أبن الخطيب هذه السينية بنثر بارع يخاطب به السلطان أبا حمو المذكور ~~ونصه: PageV01P257 # " هذه القصيدة أبقى الله أيام المثابة المولوية الموسوية ممتعة بالشمل ~~المجموع والثناء المسموع والملك المنصو الجموع نفثه من باح بسر هواه ولبى ~~دعوة الشوق العابث بلبه وقد ظفر بمن يهدي خبر جواه إلى محل هواه ويختلس ~~بعثت حيته إلى مثير أريحيته وهي بالنسبة إلى ما يعتقد من ذلك الكمال الشاذ ~~عن الآمال عنوان من الكتاب وذواق من أوقار ذات أقتاب وإلا فمن يقوم بحق تلك ~~المثابة لسانه أو يكافئ إحسانها إحسانه أو يستقل بوصفها يراعه أو تنهض ~~بأيسر وظيفها ذراعه ولا مكابرة بعد الاعتراف والبحر لا ينفذ بالاغتراف لا ~~سيما وذاتكم اليوم والله يبقيها ومن المكاره يقيها وفي معارج القرب من حضرة ~~القدس يرقيها ياقوتة اختارها واعتبرها ثم بلاها بالتحميص في سبيل التخصيص ~~واختبارها وسبيكة خلصها وسجرها فحلصها بسجره من الشوب وأبرزها من لباب ~~الذوب وقصرت عن هذا الأثمان وسر بصدق دعواه البهرمان ليفاضل بين الجهام ~~والصيب ويميز الله الخبيث من الطيب فأراكم أن لا جدوى للعديد ولا للعده ~~وعرفكم بنفسه في حال الشدة ثم فسح لكم بعد ذلك في المدة لتعرفوه إذا دال ~~الرخاء وهبت بعد تلك الزعازع الريح الرخاء وملاكم من التجارب وأوردكم من ~~ألطافه أعذب المشارب ونقلكم بين الزمان وإحلائه ولم يسلبكم إلا حقيرا عند ~~أوليائه PageV01P258 # وأعادكم المعاد المطهر وألبسكم من أثواب اختصاصه العلم المشهور فأنتم ~~اليوم بعينه العناية بالإفصاح والكناية وقد وقف الدهر بين يديكم موقف ~~الاعتراف بالجناية فإن كان الملك اليوم علما يدرس وقوانين في قوة الحفظ ~~تغرس وبضاعة برصد التجارب ms145 تحرس فانتم مالك دار هجرته المحسوبة وأصمعي شعوبه ~~المنسوبة إلى ما حزتم من أشتات الكمال المربية على الآمال فالبيت علوى ~~المنتسب والملك بين المورث والمكتسب والجود يعترف به الوجود والدين يشهد به ~~الركوع والسجود والبأس تعرفه التهائم والنجود والخلق يحسده الخلق المجود ~~والشعر يغترف من عذب نمير ويصدق من قال بدى بأمير وختم بأمير وإن مملوككم ~~حوم من بابكم على العذب البرود فعاقه الدهر عن الورود واستقبل افقه ليحقق ~~الرصد ولكنه أخطأ القصد ومن أخطأ الغرض أعاد ورجا من الزمان الإسعاد فربما ~~خبئ نصيب أو كان مع الخواطي سهم مصيب وكان يؤمل صحبة ركاب الحجاز فانتقلت ~~الحقيقة منه إلى المجاز وقطعت القواطع التي لم ينلها الحساب ومنعت الموانع ~~التي خلص منها إلى الفتنة الانتساب ومن طلب الأيام أن تجري على اقتراحه وجب ~~العمل على اطراحه فإنما هي البحر الزاخر الذي لا يدرك منه الآخر والرياح ~~متغايرة والسفينة الحائرة فتارة يتعذر من المرسى الصرف وتارة تقطع المسافة ~~البعيدة فبل أن يرتد الطرف هذا إن سالمها عطبها واعقى من الوقود حطبها ولقد ~~علم الله عز وجل إن لقاء ذلك المقام الكيرم عند المملوك تمام المطلوب ممن ~~يجبر كسر القلوب فانه مما انعقد على كماله الإجماع وصح في عوالي معاليه ~~السماع وارتفعت في وجوه مقاله الأطماع أخلاقا هذبها الكرم الوضاح PageV01P259 # وسجية كلف بها إكمال الفضاح وحرصا على الذكر الجميل وما يتنافس فيه إلا ~~من سمت هممه وكومت ذممه وألفت الخلد زممه إذ الوجود سراب وما فوق التراب ~~تراب ولا يبقى إلا عمل راق أو ذكر بالجميل يسكر في أوراق حسبما قلت من ~~قصيدة كتبتها على ظهر مكتوب وضوع أشار به من كانت له طاعة فوفت بمقترحه ~~استطاعه: # يمضي الزمان فكل فإن ذاهب ... إلا جميل الذكر فهو الباقي # لم يبق من إيوان كسرى بعد ذا ... ك الحفل إلا الذكر في الأوراق # هل كان للسفاح والمنصور وال ... مهدي من ذكر الإطلاق # أو للرشيد وللأمين وصونه ... لولاه شباه يراعة الوراق # رجع التراب إلى التراب بما اقتضت ms146 ... في كل خلق حكمة الخلاق # إلا الثناء الخالد العطر الشذا ... يهدي حديث مكارم الأخلاق # والرغبة من مقامكم الرفيع الجناب أن يمكنها من حسن المثاب فتحظى بحلول ~~ساحته ثم بلئم راحته ثم بالإصغاء ولا مزيد للابتغاء إلى أن ترتفع الوساطة ~~وتغنى عن التركيب البساطة وينسى الأثر بالعين ويحسن الدهر قضاء الدين ونسأل ~~الذي أغرى بها القريحة ولم يجعل الباعث إلا المحبة الصريحة أن يبقي تلك ~~المثابة زينا للزمان وذخرا مكنوفا باليمين والأمان مظللا برحمة الرحمن ~~بفضله وكرمه ". انتهى. # ومن مقطوعاته أي أبن الخطيب البديعة في مخاطبة هذا السلطان أبي حمو صاحب ~~تلمستان قوله يشكره على ما كان أعان به أهل الأندلس: PageV01P260 # لقد زار الجزيرة منك بحر ... يمد فليس تعرف منه جزرا # أعدت لها بعهدك عهد موسى ... سميك فهي تتلو منه ذكرا # أقمت جدارها وأفدت كنزا ... ولو شئت اتخذت عليه أجرا # وقوله: # وقالوا الجزيرة قد صوحت ... فقلت غمام الندى تنتظر # إذا وكفت كف موسى بها ... غمام يعود الجناب الخضر # ومخاطبات الوزير أبن الخطيب للسلطان أبي حمو كثيرة جدا ولنقتصر منها على ~~ما ذكرناه. # ومن نظم أبن الخطيب رحمه الله: # يا إمام الهدى وأي إمام ... أوضح الحق بعد إخفاء رسمة # أنت عبد الحكيم حلمك نرجو ... فالمسمى له نصيب من اسمه # وله يخاطب عبد الواحد بن زكريا بن أحمد الليحاني أبا مالك أبن سلطان ~~إفريقيا مودعا: # أبا مالك أنت نجل الملوك ... غيوث الندى وليوث النزال # ومثلك يرتاح للمكرمات ... وما لك بين الورى من مثال # عزيز بأنفسنا أن نرى ... ركابك مؤذنة بارتحال # وقد هبرت منك خلقا كريما ... أناف على درجات الكمال # وفازت لديك بساعات أنس ... كما زار في الليل طيف الخيال # ولولا تعللنا أننا ... نزورك فوق بساط الجلال PageV01P261 # ونبلغ فيك الذي نبتغي ... وذاك على الله سهل المنال # لما فترت أنفس من أسى ... ولا برحت أدمع في انهمال # تلقتك حيث احتللت العود ... وكان لك الله في كل حال # وتوفي أبو مالك المخاطب بهذا ببلد الجريد سنة خمس وسبع مائة. # وأبدع ما وقع لابن الخطيب لاميته التي ms147 أولها: الحق يعلو والأباطل تسفل ~~قال أبن حجة في شرح بديعته الذي سماه بتقديم أبي بكر ما نصه: " ومما يشعر ~~بالتهنئة والنصر على الأعداء براعة الاستهلال للعلامة أمام المغرب ذي ~~الوزارتين لسان الدين أبن الخطيب وهي: # الحق يعلو والأباطل تسفل ... والله على أحكامه لا يسأل # فانه قال: نظمت للسلطان أسعده الله تعالى وأنا بمدينة سلا لما انفصل ~~طالبا حقه بالأندلس قصيدة كان صنع الله براعة استهلالها ووجهت بها إليه إلى ~~رندة قبل الفتح ثم لما قدمت أنشدتها بين يديه بعد الفتح وفاء بنذري ~~وسميتها: " المنح الغريب في فتح القريب " منها قوله رحمه الله: # وإذا استحالت حالة وتبدلت ... فالله عز وجل لا يتبدل # واليسر بعد العسر موعود به ... والصبر القريب موكل # والمستعد لما يؤمل ظافر ... وكفاك شاهدا قيدوا وتوكلوا PageV01P262 # أمحمد والحمد منك سجية ... بحليها دون الورى تتجمل # أما سعودك فهو دون مناز ... عقد بأحكام القضاء مسجل # ولك السجايا الغر واليم التي ... بغريبها يتمثل المتمقل # ولك الوقار إذا تزلزلت الربا ... وهفت من الروع الهضاب المثل # عوذ كمالك ما استطعت فانه ... قد تنقص الأشياء مما تكمل # تاب الزمان إليك مما قد جنى ... والله يأمر بالمتاب ويقبل # إن كان ماض من زمانك قد مضى ... بإساءة قد سرك المستقبل # هذا بذاك فلشفع الثاني الذي ... أرضاك فيما قد جناه الأول # والله قد ولاك أمر عباده ... لما ارتضاك ولاية لا تعزل # وإذا تغمدك الإله بنصره ... وقضى لك الحسنى فمن ذا يخذل # وظعنت عن أوطان ملكك راكبا ... متن العباد فأي صبر يجمل # والبحر قد حنيت عليك ضوعه ... والريح تقطع للزفير وترسل # ولك الجواري المنشآت قد أغتدت ... تختال في برد الشباب وترفل # جوفاء يحملها ومن حملت به ... من يعلم الأنثى وماذا تحمل # صبحتهم غرر الجياد كأنما ... سد الثنية عارض متهلل PageV01P263 # من كل منجرد أغر مجل ... يرمي الجياد به أغر محجل # زجل الجناح إذا أجد لغارة ... وإذا تغنى للصهيل فبلبل # جيد كما التفت الظلم فوقه ... أذن ممشقة وطرف أكحل # ومنها: # وخليج هند راق حسن صفائه ... حتى يكاد يعوم فيه الصقيل ms148 # غرقت بصفحته المنال وأوشكت ... تبغي النجاة فأوثقتها الأرجل # فالصرح منه ممرد والصفح من ... ه مورد والشط منه مصندل # وبكل أزرق إن شكت ألحاظه ... مره العيون فبالعجاجة يكحل # متأود أعطافه في نشوة ... مما يعل من الدماء وينهل # عجبا له أن النجيع بطرفه ... رمد ولا يخفى عليه مقتل # لله موقفك الذي وثباته ... وثباته مثل به يتمثل # والنصل خط ومجال صحيفة ... والسمر تنقط والصوارم تشكل # والبيض قد كسرت حروف جفونها ... وعوامل الأسل المثقف تعمل # وهي طويلة وجميعها فرائد ولم أكثر منها لعلمي أن كلام لسان الدين أبن ~~الخطيب غريب في هذه البلاد ". انتهى كلام أبن حجة رحمه الله. # ومن هذه بعد قوله " وطرف أكحل ": # فكأنما هو صورة في هيكل ... من لطفه وكأنما هو هيكل PageV01P264 # ومنها بعد قوله: " والبيض قد كسرت " البيت قوله: # لله قومك عند مشتجر القنا ... إذ ثوب الداعي المهيب وأقبلوا # قوم إذا لفج الهجير وجوههم ... حجبوا برايات الجهاد وظللوا # ومن مقطوعات أبن الخطيب قوله لما أشرف على مراكش: # ماذا أحدث عن بحر سبحت به ... من البحار فلا إثم ولا حرج # دحاه مبتدع الأشياء مستويا ... ما إن به درك كلا ولا درج # حتى ما للمنار الفرد لاح لنا ... صحت بشرى يا مطايا جاءك الفرج # قربت من عامر دارا ومنزلة ... والشاهد العدل هذا الطبيب والأرج # وقال رحمه الله: # كأنا بتامسنا نجوس خلالها ... وممدودها في سيرنا ليس يقصر # مراكب في البحر المحيط تخبطت ... ولا جهة تدري والبر يبصر # قال أبن الخطيب: ولما قضى الله عز وجل بالإدالة ورجعنا إلى أوطاننا من ~~العدوة واشتهر عني ما اشتهر من الانقباض عن الخدمة والتيه على السلطان ~~والدالة والتكبر على أعلى رتب الخدمة وتطارحت على السلطان في استنجاز وعد ~~الرحلة ورغبت في تبرءة الذمة ونفرت عن الأندلس بالجملة خاطبني يعني أبا ~~جعفر بن خاتمة بعد صدر بلغ من حسن الإشارة وبراعة الاستهلال الغاية بقوله: PageV01P265 # " وإلى هذا سيدي ومحل تعظيمي وإجلالي، أمتع الله تعالى بطول بقائكم، ~~وضاعف في العز درجات ارتقائكم، فانه من الأمر الذي لم يغب عن رأى ms149 العقول، ~~ولا أختلف فيه أرباب العقول؛ أنكم بهذه الجزيرة شمس أفقها، وتاج مفرقها؛ ~~ووساطة سلكها، وطراز ملكها؛ وقلادة نحرها، وفريدة درها، وعقد جيدها ~~المنصوص، وكمال زينها على العموم والمخصوص؛ ثم انتم مدار أفلاكها، وسر ~~سياسة أملاكها؛ وترجمان بيانها، ولسان إحسانها، وطيب مارستانها، والذي عليه ~~إدارتها، وبه قوام إمارتها؛ فلديه يحل المشاكل، وإليه يلتجأ في الأمر ~~المعضل، فلا غر وأن تقيد بكم الأسماع والأبصار، وتحدق نحوكم الأذهان ~~والأفكار؛ ويزجر عنكم السانح والبارح؛ ويستنبأ ما تطرف عنه العين وتخلج ~~الجوارح؛ واستقراء لمرامكم، واستطلاع لطالع أعتزامكم، واستكشاف عن مرامي ~~سهامكم؛ لا سيما مع إقامتكم على جناح خفوق، وظهوركم في ملتمع بروق، واضطراب ~~الظنون فيكم مع الغروب والشروق؛ حتى تستقر بكم الديار، ويلقى التسيار، ولها ~~العذر في ذلك إذ صدعها بفراقكم لم يندمل، وسرورها بلقائكم لم يكتمل؛ فلم ~~يبر بعد جناحها المهيض، ولا جم ماؤها المغيض، ولا تميزت من داجيها لياليها ~~البيض؛ ولا استوى نهارها، ولا تألقت أنوارها؛ ولا اشتملت نعماؤه؛ ونسيت ~~غماؤها؛ بل هي كالناقة، والحديث العهد بالمكاره، تستشعر نفس العافية، ~~وتتمسح منكم باليد الشافيه؛ فبحناكم عليها، وعظيم PageV01P266 # حرمتكم على من لديها؛ لا تشوبوا لها عذب المجاج بالأجاج، وتفطموها عما ~~عودت من طيب المزاج؛ فما لدائها وحياة قربكم غير طبكم من علاج؛ وإني ليخطر ~~بخاطري محبة فيكم وعناية بما يعنيكم ما نال جانبكم صانه الله بهذا الوطن من ~~الجفاء، ثم أذكر ما نالكم من حسن العهد وكرم الوفاء؛ وأن الوطن إحدى ~~الحواضن الأظآر، التي يحق لها جميل الاحتفاء، وما يتعلق بكم من حرمة أولياء ~~القرابة وأوداء الصفاء؛ فيغلب على ظني أنكم لحسن العهد أنجح، وبحق نفسكم عن ~~حق أوليائكم أسمح، والتي هي أعظم قيمة من فضائلكم أوهب وأسجح. وهب أن الدر ~~لا يحتاج في الإثبات، إلى شهادة النحور والبات؛ والياقوت غنى المكان، عن ~~مظاهرة القلادة والتيجان، أليس أنه أعلى للعيان، وابعد عن مكابرة البرهان، ~~تألقها في تاج الملك انوشروان؛ فالشمس وإن كانت أم الأنوار، وجلاء الأبصار، ~~مهما أغمى مكنها من الأفق قيل: أليل ms150 هو أم نهار؛ وكما في علمكم ما فارق ذوو ~~الأرحام، وأولو الأحلام؛ موطن استقرارهم، وأماكن قرارهم، إلا برغمهم ~~واضطرارهم، واستبدال دار خير من دارهم؛ ومتى توازن الأندلس بالمغرب، أو ~~يعوض عنها إلا بمكة أو يثرب؟ ما تحت أديمها أشلاء أولياء وعباد، وما فوقه ~~مرابط جهاد، ومعاقد ألوية في سبيل الله ومضارب أوتاد؛ ثم يبوى ولده مبوأ ~~أجداده، ويجمع له بين طارفه وتلاده، أعيذ أنظاركم المسددة من رأى فائل، ~~وسعى طويل لم يحل منه بطائل، فحسبكم من ه الإياب السعيد، والعود الحميد " ~~وهي طويلة. قال ابن الخطيب: فأجبته بقولي: # لم في الهوى العذري أو لا تلم ... فالعذل لا يدخل أسماعي # شأنك تعنيفي وشأني الهوى ... كل الهوى في شأنه ساعي PageV01P267 # أهلا بتحفة القادم، وريحانة المنادم، وذكرى الهوى المتقادم؛ لا يصفر الله ~~مسراك، بما أسراك؛ لقد جبت إلى من همومي ليلا، وجست رجلا وخيلا، ووفيت من ~~صاع الوفاء كيلا، وظننت بي الأسف على ما فات فأعلمت الالتفات لكيلا؛ فأقسم ~~لو أن أمري اليوم بيدي، أو كانت اللمة السوداء من عددي؛ ما أفلت شراكي ~~المنصوبة لأمثالك، وحول المياه وبين المسالك، ولا علمت ما هنالك؛ لكنك طرقت ~~حمى كسعته الغارة الشعواء، وغيرت ربعة الأنواء؛ فحمد بعد ارتجتجه، وسكت ~~أذين دجاجه، وتلاعبت الرياح الهوج فوق فجاجه، وطال عهده بالزمان الأول، وهل ~~عند رسم دارس من معول؛ وحيا اندبا الى زيارتي ندبك، وبآدابه الحكيمة أدبك: # فكان وقد أفاد بك الأماني ... كمن أهدى الشفاء إلى العليل # وهي شيمة بوركت من شيمة، وهب الله من لدن المشيمة، ومن مثله في صلة رعى، ~~وفضل سعى، وقول ووغى؟ # قسما بالكواكب الزهر ... والزهر عاتمه # إنما الفضل ملة ... ختمت بابن خاتمة # كساني حيلة فضلة وقد ذهب زمان التجمل، وحملني شكره وكتدمي واه عن التحمل، ~~ونظرني بالعين الكليلة عن العيب فلا أجاد التأمل، واستطلع طلع بثي، ووالي ~~من مبرك المعجزة حتى، إنما أشكو بثي: # ولو ترك القطا ليلا لناما PageV01P268 # وما حال شمل وتده مفروق، وقاعدته فروق، وصلوع بني أبيه مسروق، وقلب قرحه ~~من عضة ms151 الدهر دام، وجمرة حسرته ذات احتدام؛ هذا وقد صارت الصغرى، التي كانت ~~الكبرى؛ لمشيب لم يدع أن هجم لما نجم، ثم تهلل عارضة وانسجم: # لا تجمعي هجرا علي وغربة ... فالهجر في تلف الغريب سريع # نظرت فإذا الجانب ناب، والنفس فريسة ظفر الناب، والمال أكيلة انتهاب، ~~والعمر رهن ذهاب، واليد صفر من كل انتساب، وسوق المعاد مترامية والله سريع ~~الحساب: # ولو نعطى الخيار لما افترقنا ... ولكن لا خيار مع الزمان # وهب العمر جديد، وظل الأمن مديد، ورأى الاغتباط بالوطن سديد، فما الحجة ~~لنفسيي إذا مرت بمطارح جفوتها، وملاعب هفوتها؛ ومثاقف قناتها، ومظاهر عزاها ~~ومناتها ولود وزناد الكون غير صلود! # وإذا أمرؤ لدغته أفعى مرة ... تركته حين يجر حبل يفرق # ثم إن المرغب قد ذهب، والدهر قد استرجع ما وهب، العارض قد اشتهب؛ وآراء ~~الاكتساب مرجوحة مرفوضة، وأسماؤه على الجوار مخفوضه، والنية مع الله على ~~الزهد فيما بأيدي الناس معقودة، والتوبة بفضل الله عز وجل منقودة، غير ~~معترضة ولا منقودة، والمعاملة سامريه، ودروع الصبر سابرية، والاقتصاد PageV01P269 # قد قرت العين بصحبته، والله قد عوض حب الدنيا بمحبته؛ فإذا راجعتها مثلي ~~من بعد الفراق، وقد رقى لدغتها ألف راق؛ وجمعتني بها الحجرة، فما الذي تكون ~~الأجرة؟ جل شأني، وإن رضى الوامق وسخط الشاني؛ وإني إلى الله مهاجر، وللعرض ~~الأدنى هاجر، ولأظعان السرى زاجر، ولنجد إن شاء الله تعالى أو حاجر؛ لكن ~~دعناي للهوى، إلى هذا المولى المنعم هوى؛ خلعت نعلي الوجود وما خلعته، ~~وشوقي أمرني فأطعته، وغالب صبري الله فما استطعته، والحال أغلب، وعسى ألا ~~يخيب المطلب؛ فإن يسر رضاه فأمل كمل، وراحل احتمل، وحاد أشجى الناقة ~~والجمل؛ وان ك خلاف ذ فالزمان جم العوائق، والتسلم بمقامي لائق: # ما بين غمضة عين وانتباهتها ... يصرف الأمر من حال إلى حال # وأما تفضيله هذا الوطن على غيره، ليمن طيره، وعموم خيره؛ وبركة جهاده، ~~وعمران رباه ووهاده، بأشلاء عباده وزهاده؛ حتى لا يفضله إلا أحد الحرمين، ~~فحق برئ من المين؛ لكني للحرمين جنحت، وفي جو الوشق إليهما ms152 سنحت؛ فقد أفضت ~~إلى طريق قصدي محجته، ونصرني والمنة لله حجته؛ وقصدي سيدي أسنى قصد توخاه ~~الحمد والشكر، معروف عرف به النكر؛ والآمالمن فضل الله بعد تمتار، والله ~~يخلق ما يشاء ويختار؛ ودعاؤه بظهر الغيب مدد، وعدة وعدد، وبره حالي الظعن ~~والإقامة معتمل ومعتمد، ومجال المعرفة بفضله لا يحصره أمد. والسلام. انتهى. # وقال في الإحاطة في ترجمة السلطان أبي سالم أبن الحسن المريني، بعد كلام ~~كثير، ما نصه: PageV01P270 # " فلقد كان بقية البيت، وآخر القوم دماثة وحياء، وبعدا عن الشر، وركونا ~~للعافية، وأنشدت على قبره الذي ووريت به جثة بالقلة من ظاهر المدينة، قصيدة ~~أديت فيها بعض حقه، وهي: # بنى الدنيا بني لمع السراب ... لدوا للموت وابنوا للخراب # انتهى المقصود منه. # ومن نظم أبن الخطيب في الرغبة إلى الله تعالى: # إلهي بالبيت المقدس والمسعى ... وجمع إذا ما الخلق قد نزلوا جمعا # وبالموقف المشهود يا رب في منى ... إذا ما أسال الناس من خوفك الدمعا # وبالمصطفى والصحب عجل إقالتي ... وانجح دعائي فيك يا خير من يدعى # صدعت وأنت المستغاث جنابه ... أقل عثرتي يا مأملي واجبر الصدعا # وقال رحمه الله عقب الإياب من الرحلة المراكشية: # أفادت وجهتي بنداك مالا ... قضي ديني وأصلح بعض حالي # ومتعت الخواطر بانشراح ... وأطرفت النواظر باكتحال # وأبت خفيف ظهر والمطايا ... بجاهك تشتكي ثقل الرحال # وشأني للمعلم غير شأني ... وحالي بالمكارم جد حال # فحب علاك إيماني وعقدي ... وشكر نداك ديني وانتحالي # كأن قد صح لله انقطاعي ... بتأميلي جنابك وارتحالي # وما يبقى سوى فعل جميل ... وحال الدهر لا تبقي بحال # وكل بداية فالي انتهاء ... وكل إقامة فالي ارتحال # ومن سام الزمان دوام أمر ... فقد وقف الرجاء على المحال PageV01P271 # وقال رحمه الله في الضراعة إلى مولاه: # مولاي إن أذنبت، ينكر أن يرى ... منك الكمال ومني النقصان؟ # والعفو عن سبب الذنوب مسبب ... لولا الجناية لم يكن غفران # وقال سماحه الله مما كتب في حيطان المدرسة التي بناها السلطان أبو ~~الحجاج: # ألا هكذا تبنى المدارس للعلم ... وتبقى عهود المجد ثابتة الرسم # ويقصد وجه الله ms153 بالعمل الرضا ... وتجنى ثمار العز من شجر العزم # تفاخر مني حضرة الملك كلما ... تقدم خصم في الفخار إلى الخصم # فأجدى إذا ضن الغام من الحيا ... وأهدى إذا جن الظلام من النجم # فيا ظاعنا للعلم يطلب رحلة ... كفيت أعتراض البيدا ولجج اليم # ببابي حط الرحل لا تنو وجهة ... فقد فزت في حال الإقامة بالغنم # فكم من شهاب في سمائي ثاقب ... ومن هالة دارت حلى قمر تم # يفيضون من نور مبين إلى هدى ... ومن حكمة تجلو القلوب إلى حكم # جزى الله عني يوسفا خير ما جزى ... ملوك بني نصر عن الدين والعلم # وقال أبن الخطيب مررت يوما مع شيخنا أبي البركات ببعض مسالك غرناطة، ~~فأنشد من نظمه: # غرناطة ما مثلها حضرة ... الماء وابهجة والخضرة # واستجارني رحمه الله، فقلت ". # سكانها قد اسكنوا جنة ... فهم يلقون بها نضره # وكتب رحمه الله عن سلطانه أبي عبد الله بن نصر يخاطب الضريح المقصود، ~~والمنهل المورد، والمرعى المنتجع، والخوان الذي يكفي الغرثي، ويمرض المرضى، PageV01P272 # ويقوت الزمني، ويتعداهم إلى أهل الجدة زعموا والغني، قبر ولي الله سيدي ~~أبي العباس السبتي، نفعنا الله به وجبر جالنا ببركاته النعم، ودفع علينا ~~النقم: # يا ولي الإله أنت جواد ... وقصدنا إلى حماك المنيع # راعنا الدهر بالخطوب فجئنا نرتجي من علاك الحسن الصنيع # فمددنا لك الأكف نرجي ... عودة العز تحت شمل جميع # وقد جعلنا وسيلة تربك الزاكي وزلفي إلى العليم السميع # كم غريب أسرى إليك فوفي ... برضا عاجل وخير سريع # يا ولي الله الذي جعل جاهه سببا لقضاء الحاجات، ورفع الأزمات، وتصريفه ~~باقيا بعد الملمات، وصدق نقل الحكايات ظهور الآيات؛ نفعني الله بنيتي في ~~بركة تربك، وأظهر على أثر توسل بك إلى ربك؛ مزق شملي؛ وفرق بيني وبين أهلي؛ ~~وتعدى على وصرفت وجوه المكايد إلي حتى أخرجت من وطني وبلدي، ومالي وولدي؛ ~~ومحل جهادي، وحقي الذي صار لي طوعا عن آبائي وأجدادي؛ عن بيعة لم يحل عقدها ~~الدين، ولا ثبوت جريمة نشين؛ وأنا قد قرعت باب الله بتأميلك، فالتمس لي ~~قبوله بقبولك؛ وردني ms154 إلى وطني على أفضل حال، وأظهر على كرامتك التي تشد ~~إليها ظهور الرحال؛ فقد جعلت وسيلتي إليك رسول الحق؛ إلى جميع الخلق؛ ~~والسلام عليك آيها الولي الكريم، الذي يأمن به الخائف وينتصف الغريم، ورحمه ~~الله. PageV01P273 # وقال سامحه الله في التورية الطيبة، بالدواء المسمى بدم الأخوين، في شأن ~~سلطان الأندلس القائم عليهم وأخيه، وشان ذلك الدواء النفع من الجراح: # بإسماعيل ثم أخيه قيس ... تأذن هم ليلى بانبلاج # دم الأخوين داوي جرح قلبي ... وعالجني وحسبك من علاج # وقال مقتبسا في غير ذلك: # يا من بأكناف فؤادي ربع ... قد ضاق بي في حبسك النتسع # ما فيك لي جدوى ولا أرعوي ... شح مطاع وهوى منبع # وقال في التورية بالطلب: # إني وإن كنت ذا اعتلال ... رث القرى بين الهزل # في عارض التيس لي شفاء ... فكيف في عارض الغزال # وقال يخاطب الحاجب الفقيه الخطيب، سيدي أبا عبد الله بن مرزوق، وطغا على ~~بيت المشارقة في العذار: # أما والذي تبلى لديه السرائر ... لما كنت أرضى الخسف لولا الضرائر # غدوت لضيم أبن الربيب فريسة أما ثار من قومي لنصري ثائر # إذا التمس كفى لديه جرابني ... كأني جان أوبقته الجرائر # وما كان ظني أن أنال جراية ... يحكم من جرائها في جائر # متى جاد بالدينار أخضر زائفا ... ودارته دارت عليها الدوائر # وقد اخرج التعنيت كيس مرارتي ... ورقت لبواي النفوس الأخاير PageV01P274 # تذكرت يبتا في العذار لبعضهم ... له مثل بالحسن في الأرض سائر: # وما أخضر ذاك الخد نبتا وإنما ... لكثرة ما شقت عليه المرائر # وجاه أبن مرزوق لدي ذخيرة ... وللشدة العظمى تعد الذخائر # ولو كان يدري ما دهاني لساءه ... وأنكر ما صارت إليه المصاير # وكان أبن الربيب هذا من خدام السلطان أبي سالم، وكانت جارية أبن الخطيب ~~وغيره ممن قدم من أعيان الأندلس على يده، فكان لا يوفي بحقهم، فاشتكى أبن ~~الخطيب به إلى الحاجب أبن مرزوق بهذا النظم المذكور، إلى الله ترجع الأمور. # وقال رحمه الله يخاطب أحد الشرفاء الكرام: # أعيا اللقاء على إلا لمحة ... في جملة لا تقبل التفصيار # فجعلت ms155 باب عن يمينك نائبا ... أهديه عند زيارتي تقبيلا # فإذا وجدتك نلت ما أملته ... أو لم أجدك فقد شفيت غليلا # وقال في مخاطبة السلطان أبى سالم رحمه الله في سبيل الشكر، عندما خلصه من ~~الورطة بشفاعته التي قدمنا ذكرها: # سمي خليل الله أحييت مهجتي ... وعاجلي منك الصريح على بعد # فإن عشت أبلغ فيك نفسي عذرها ... وإن لم أعش فالله يجزيك من بعدي # قال: وقلت في التغزل، وما أبعد عني في الوقت، والحمد لله: PageV01P275 # أصبح الخد منك جنة عدن ... مجتلى أعين وشم أنوف # ظللتها من الجفون سيوف ... جنة الخلد تحت ظل السيوف # وجاطب صاحب الأشغال أبا عبد الله أبن القاسم بن أبي مدين يهنئه بنقل ~~الخطة من رسالة: # تعود الأماني بعد انصاف ... ويعتدل الشيء بعد انحراف # فإن كان دهرك يوما جنى ... فقد جاء ذا خجل واعترف # طلع البشير أبقاك الله، بقبول الخلافة المرينية، والإمامة السنية، خصها ~~الله لتذكر عهدها وبكت، وكاد السرور ينقطع لولا أنها تركت منك الوارث الذي ~~تركت؛ فلولا الغذر الذي تألأكدت ضرورته، والمانع الذي ربما تقررت لديكوم ~~صورته؛ لكنت أول مشافة بالهناء، ومصارف لهذا الاعتناء، الوثيق البناء، ~~فنقول والحمد لله والثناء. وهي طويلة. # وقال يخاطب السلطان أبا سالم عند انقطاعه بضريح والده بشالة سلا، حيث ~~مدفن ملوك بني مرين: # عن باب والدك الرضا لا لأبوح ... يأسو الزمان لأجل ذاك ويجرح # ضربت خيامي في حماه فصبيتي ... تجني الحميم به وبهمي تسرح # حتى يراعى وجهه في وجهتي ... بعناية تشفي الصدور وتسرح # أيسوغ عن مثواه سيري خائبا ... ومنابر الدنيا بذكرك تصدح PageV01P276 # أنا في حماه وأنت أبصر بالذي ... يرضيه منك فوزن عقلك أرجح # في مقلها سيف الحمية ينتضى ... في مثلها زند الحفيظة يقدح # وعسى الذي بدأ الجميل يعيده ... وعسى الذي سد المذاهب يفتح # ومما كتب به إلى السلطان أبي سالم من مدينة سلا، بعد عودته من مراكش. # مولاي المرجو لإتمام الصنيعة وصلة النعمة وإحراز الفخر أبقاكم الله تضرب ~~بكم الأمثال في البر والرضا، وعلو الهمة ورعي الوسيلة. # مقبل موطئ قدمكم، المنقطع إلى تربة ms156 المولى والدكم أبن الخطيب، من الضريح ~~المقدس بشالة، وقد حطرحل الرجاء في القبة المقدسة وتيمم بالتربة الزكية ~~وقعد بازاء لحد أبيكم ساعة إيابه من الوجهة المباركة وزيارة الربط المقصودة ~~والترب المعظمة وقد عزم ألا يبرح طوعا من هذا الجوار الكريم، والدخيل ~~المرعي حتى يصله من مقامكم ما يناسب هذا التطارح على قبر هذا المولى العزيز ~~على أهل الأرض ثم عليكم والتماس شفاعته في أمر سهل عليكم لا يجر إنفاذ مال ~~ولا اقتحام خطر إنما هو إعمال لسان وخط بنان وصرف عزم وإحراز فخر وأجر، ~~وإطالة ذكر، وذلك أن العبد عرفكم يوم وداعكم أنه ينقل عنكم إلى المولى ~~المقدس بلسان المقال، ما يحضر مما يفتح الله فيه ثم ينقل عنه لكم بلسان ~~الحال، ما يتلقى عنه من الجواب. وقال لي صدر دولته وخالصتكم وخالصة المولى ~~والدكم، سيدي الخطيب سني الله أمله، من PageV01P277 # سعادة مقامكم وطول عمركم: يا فلان أنت والحمد لله ممن لا ينكر عليه ~~الوفاء بهذين الفرضين، وصدر عنكم من البشر والقبول والإنعام ما صدر جزاكم ~~الله جزاء المحسنين. وقد تقدم تعريف مولاي بما كان من قيام العبد بما نقله ~~إلى التربة الزكية عنكم، حسبما أداه من حضر ذلك المشهد من خدامكم والعبد ~~الآن يعرض عليكم الجواب، وهو إني لما فرغت من مخاطبته بمرأى من الملأ ~~الكبير والجم الغفير اكببت على اللحد الكريم، داعيا ومخاطبا وأصغيت بأذني ~~نحو قبره وجعل فؤادي يتلقى ما يوحيه إليه لسان حاله فكأني به يقول لي: قل ~~لمولاك: يا ولدي وقرة عيني المخصوص برضاي وبري الذي ستر حريمي ورد ملكي ~~وصان أهلي وأكرم صنائعي ووصل عملي اسلم عليك واسأل الله أن يرضى عنك ويقبل ~~عليك؛ الدنيا دار غرور والآخرة جير لمن اتقى وما الناس إلا هالك وأبن هالك ~~ولا تجد إلا ما قدمت من عمل يقتضي العفو والمغفرة أو ثناء يجلب الدعاء ~~بالرحمة ومثلك من ذكر فتذكر وعرف فما أنكر؛ وهذا أبن الخطيب قد وقف على ~~قبري وتهمم بي وسبق الناس إلى رثائي، وأنشدني ومجدني ms157 وبكاني ودعا لي وهنأني ~~بمصير أمري إليك وعفر وجهه في تربي وأماني لما انقطعت مني آمال الناس فلو ~~كنت يا ولدي حيا لما وسعني أن أعمل معه إلا ما يليق بي وأن أستقل فيه ~~الكثير وأحتقر العظيم لكن لما عجزت عن جزائه وكلته إليك وأحلته يا حبيب ~~قلبي عليك وقد أخبرني أنه سليب المال مثير العيال ضعيف الجسم قد ظهر في عدم ~~نشاطه اثر السن وأمل أن ينقطع بجواري ويستتر بدخيلي PageV01P278 # وخدمتي ويرد عليه حقه بحرمتي ووجهي ووجوه من ضاجعني من سلفي ويعيد الله ~~تحت حرمتك وحرمتي وقد كنت تشوفت إلى استخدامه في الحياة حسبما يعلمه حبيبنا ~~الخالص المحبة وخطيبنا العظيم المزية القديم القربة أبو عبد الله أبن مرزوق ~~فسله يذكرك واستخبره يخبرك فأنا اليوم أريد أن يكون هذا الرجل خديمي بعد ~~الممات إلى أن نلحق جميعا برضوان الله ورحمته التي وسعت كل شيء وله يا ولدي ~~ولد نجيب يخدم ببابك وينوب عنه في ملازمة بيت كتابك وقد استقر بدارك قراره ~~وتعين بأمرك مرتبه ودثاره فيكون الشيخ خديم الشيخ والشاب خديم الشاب هذه ~~رغبتي منك، وحاجتي إليك. واعلم هذا الحديث لا بد أن يذكر ويتحدث به في ~~الدنيا وبين أيدي الملوك والكبراء فاعمل ما يبقي لك فخره ويتخلد ذكره وقد ~~أقام مجاورا ضريحي تاليا كتاب الله علي منتظرا ما يصله منك ويقرؤه علي من ~~السعي في خلاص ماله، والاحتجاج بهذه الوسيلة في جبره وإجراء ما يليق بك من ~~الحرمة والكرامة والمنعة، فالله الله يا إبراهيم اعمل ما يسمع عني وعنك فيه ~~ولسان الحال أبلغ من لسان المقال ". انتهى # والعبد يا مولاي مقيم تحت حرمته وحرمة سلفه منتظر منك قضاء حاجته ~~ولتعلموا وتتحققوا إني لو ارتكبت الجرائم ورزأت الأموال وسفكت الدماء وأخذت ~~حسائف الملوك الأعزة ممن وراء النهر من التتر وخلف البحر من الروم ووراء ~~الصحراء من الحبشة وأمكنهم الله مني من غير عهد بعد أن بلغهم تذممي بهذا ~~الدخيل ومقامي بين القبور الكريمة ما وسع أحدا منهم من حيث الحياء ms158 والحشمة ~~من الأموات والأحياء وإيجاب الحقوق التي PageV01P279 # لا يغفيا الكبار للكبار إلا الجود الذي لا يتعقبه البخل والعفو الذي لا ~~تفسده المؤاخدة فضلا عن سلطان الأندلس أسعده الله بموالاتكم فهو فاضل وأبن ~~ملوك فاضل وحوله أكياس ما فيهم من يجهل قدركم وقدر سلفكم لا سيما مولاي ~~والدكم الذي أتوسل به إليكم وإليهم فقد يتبنى مولاي أبا الحجاج ويشمله ~~بكنفه وصارخه بنفسه وأمده بأمواله ثم صير الله ملكه إليكم وأنتم من أنتم ~~ذاتا وقبيلا، فقد قرت يا مولاي عين العبد بما رأت في هذا الوطن المراكشي من ~~وقور حشودكم وكثرة جنودكم وترادف أموالكم وعددكم زادكم الله من فضله ولا شك ~~عند عاقل أنكم إن انحلت عروة تأميلكم وأعرضتم عن ذلك الوطن استولت عليه يد ~~عدوه، وقد علم تطارحي بين الملوك الكرام الذين خضعت لهم التيجان وتعلقت ~~بثوب الملك الصالح، والد الملوك الكرام، مولاي والدكم وشهرة حرمة شالة ~~معروفة حاش لله أن يضيعها أهل الأندلس وما ترسل إليهم قط بها إلا الآن، وما ~~يجهلون اغتنام هذه الفضيلة الغريبة، وأملي منكم أن يتعين من بين أيديكم ~~خديم بكتاب كريم يتضمن الشفاعة في رد ما أخذ لي ويخبر بمثواي على قبر ~~والدكم ويقرر ما لزمكم بسبب هذا الترامي من الضرورة المهمة والوظيفة ~~الكبيرة عليكم وعلى قبيلكم حيث كانوا وتطلبون منهم عادة المكرمة بحل هذه ~~العقدة ومن المعلوم أني لو طلبت بهذه الوسائل من طيب مالهم ما وسعهم بالنظر ~~العقلي إلا حفظ هذا الوجه مع هذا القبيل وهذا الوطن فالحياء والحشمة يأبيان ~~العذر عن هذا في كل ملة ونحلة وإذا تم هذا الغرض ولا شك في إتمامه بالله ~~تقع صدقتكم على القبر الكريم PageV01P280 # بي وتعينوني لخدمة هذا المولى وزيارته وتفقده ومدح النبي صلى الله عليه ~~وسلم ليلة المولد في جواره وبين يديه وهو غرض غريب مناسب لبركم به، إلى أن ~~أحج بيت الله بعناية مقامكم وأعود داعيا مثنيا مستدعيا للشكر والثناء من ~~أهل المشرق والمغرب وأتعوض من ذمتي بالأندلس ذمة بهذا الرباط المبارك يرثها ~~ذريتي ms159 وقد ساومت في شيء من ذلك منتظر ثمنه مما يباع بالأندلس بشفاعتكم ولو ~~ظننت أنهم يتوقفون لكم في مثل هذا أو يتوقع فيه وحشة أو جفاء والله ما ~~طلبته لكنكم أسرى وأفضل وانقطاعي أيضا لوالدكم مما لا يسع مجدكم إلا عمل ما ~~يليق بكم فيه وهاأنا أرقب جوابكم بما لي عندكم بما لي عندكم من القبول ~~ويسعني مجدكم في الطلب وخروج الرسول لاقتضاء هذا الغرض والله يطلع من مولاي ~~على ما يليق به. والسلام. # وكتبه في الحادي عشر من رجب عام أحد وستين وسبع مائة. # وفي مدرج الكتاب بعد نثر هذه القصيدة: # مولاي هاأنا في جوار أبيكا ... فابذل من البر المقدر فيكا # أسمعه ما يرضيه من تحت الثرى ... والله يسمعك الذي يرضيكا # واجعل رضاه إذا نهدت كتيبة ... تهدي إليك النصر أو تهديكا # واجبر لجبري قلبة تنل المنى ... وتطالع الفتح المبين وشيكا # فهو الذي سن البرور بأمه ... وأبيه فاشرع شرعه لبنيكا # وابعث رسولك منذرا ومحذرا ... وبما تؤمل نيله يأتيكا # قد هز عزمك كل قطر نازح ... وأخاف مملوكا به ومليكا # فإذا سموت إلى مرام شاسع ... فغضونه ثمر المنى تنجيكا # ضمنت رجال الله منك مطالبي ... لما جعلتك في الثواب شريكا PageV01P281 # فلئن كفيت وجوهها في مقصدي ... ورعيتها بركاتها تكفيكا # وإذا قضيت حوائجي وأريتني ... أملي فربك ما أردت يريكا # واشدد على قولي يدا فهو الذي ... برهانه لا يقبل التشكيكا # لكن رأيت جناب شالة مغنما ... يضفي علي العز في ناديكا # وفروض حقك لا تفوت فوقها ... باق إذا استجزيته يجزيكا # ووعدتني وتكرر الوعد الذي ... أبت المكارم أن يكون لأفيكا # أضفى عليك الله ستر عناية ... من كل محذور الطرو يقيكا # ببقائك الدنيا تحاط وأهلها ... فالله جل جلاله يبقيكا # ولما وصل هذا السلطان أبا سالم رحمه الله راجعه بما نصه بعد البسملة ~~والصلاة: من عبد الله المستعين بالله إبراهيم أمير المسلمين المجاهد في ~~سبيل رب العالمين أبن مولانا أمير الملمين المجاهد في سبيل رب العالمين أبي ~~الحسن أبن مولانا أمير المسلمين المجاهد في سبيل رب العلمين أبي سعيد أبن ms160 ~~ملانا أمير المسامين المجاهد في سبيل رب العالمين يوسف بن يعقوب بن عبد ~~الحق أيد الله أمره وأعز نصره إلى الشيخ الفقيه الأجل الأسنى الأعز الأحظى ~~الأوجه الأنوه الصدر الأحفل المنصف البليغ الأعرف الكمل أبي عبد الله أبن ~~الشيخ الأجل الأعز الأسنى الوزير الأرفع الأنجد الأصيل الأكمل المرحوم ~~المبرور أبي محمد بن الخطيب وصل الله عزته ووالى نعمته. PageV01P282 # سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد حمد الله تعالى والصلاة والسلام ~~على سيدنا ومولانا محمد رسوله الكريم المصطفى والرضى عن آله وصحبه أعلام ~~الإسلام وأئمة الرشد والهدى وصلة الدعاء لهذا الأمر العلي العزيز المنصور ~~المستعين بالنصر الأعز والفتح الأسنى. # فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم بلوغ الأمل ونجح القول والعمل من منزلنا ~~الأسعد بضفة وادي ملوية يمنه الله وصنع الله جميل ومنه جزيل والحمد لله ~~ولكم عندنا المكانة الواضحة الدلائل والعناية المتكلفة برعى الوسائل ذلكم ~~لما تميزتم به من التمسك بالجناب العلي المولوي العلوي حدد الله عليه ملابس ~~غفرانه وسقاه غيوث رحمته وحنانه وبما أهديتم إلينا من التقرب لدينا بخدمة ~~ثراه الطاهر والاشتمال بمطارف حرمته السامية المظاهر وإلى هذا وصل الله ~~حظوتكم ووالي رفعتكم فإنه ورد علينا خطابكم الحسن عندنا قصده المقابل ~~بالإسعاف المستعذب ورده فوقفنا على ما نصه واستوفينا ما شرحه وقصه فآثرنا ~~تلطفكم في التوسل بأكبر الوسائل إلينا ورعينا أكمل الرعية حق ذلكم الجناب ~~العزيز علينا وفي الحين عينا لكمال مطلبكم وتمام مأربكم والتوجه بخطابنا في ~~حقكم والاعتمال بوفقكم خديمينا أبا البقاء بن تاشكورت وأبا زكريا بن فرقاجة ~~أنجدهما الله وتولاهما وأمس تاريخه انفصلا مودعين إلى الغرض المعلوم بعد ~~التأكيد عليهما فيه وشرح العمل الذي يوفيه فكونوا على علم من ذلكم وابسطوا ~~له جملة آمالهم وإنا لنرجو ثواب الله في جبر أحوالكم وبرء اعتلالكم والله ~~سبحانه يصل PageV01P283 # مبرتكم ويتولى تكرمتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. # كتب في الرابع والعشرين لرجب عام واحد وستين وسبع مائة. # فراجعه أبن الخطيب بما نصه: مولاي خليفة الله بحق وكبير ملوك الأرض عن ~~حجة ms161 ومعدن الشفقة والرحمة ببرهان وحكمة أبقاكم الله عالي الدرجة في ~~المنعمين وافر الحظ عند جزاء المحسنين وأراكم ثمرة بر أبيكم في البنين وصنع ~~لكم في عدوكم الصنع الذي لا يقف عند معتاد وأذاق العذاب الآليم من أراد في ~~مثابتكم بإلحاد. # عبدكم الذي ملكتم رقه وآويتم غربته وسترتم أهله وولده وأسنيتم رزقه ~~وجبرتم قلبه يقبل موطئ الأخمص الكريم من رجلكم الطاهرة المستوجبة بفضل الله ~~لموقف النصر الفارعة هضبة العز المعمولة الخطو في مجال السعد ومسير الحظ ~~أبن الخطيب من شاله التي توكد بملككم الرضي احترامها وتجدد برعيكم عهدها ~~واستبشر بملككم دفينها وأشرق بحسناتكم نورها وقد ورد على العبد الجواب ~~المولوي البر الرحيم المنعم المحسن بما يليق بالملك الأصيل والقدر الرفيع ~~والهمة السامية والعزة القعساء من رعي الدخيل والنصرة للذمام والاهتزاز لبر ~~الأب الكريم فثاب الرجاء وانبعث الأمل وقوى العضد وزار اللطف فالحمد لله ~~الذي أجرى الخير على يدكم الكريمة وأعانكم على رعي ذمام الصالحين المتوسل ~~إليكم أولا بقبورهم PageV01P284 # ومتعبداتهم وتراب أجدادهم ثم بقبر مولاي ومولاكم ومولى الخلق أجمعين الذي ~~تسبب في وجودكم واختصكم بحبه وغمركم بلطفه وحنانه وعلمكم آداب الشريعة ~~وأورثكم ملك الدنيا وهيأتكم دعوته بالاستقامة إلى ملك الآخرة بعد طول المدى ~~وانفساح البقاء وفي علومكم المقدسة ما تضمنت الحكايات عن العرب من النضرة ~~عن طائر داست أفراخه ناقة في جوار رئيس منهم وما انتهى إليه الامتعاض لذلك ~~مما أهينت فيه الأنفس وهلكت الأموال وقصارى من امتعض لذلك أن يكون كبعض ~~خدامكم من عرب تامسان فما الظن بكم وأنتم الكريم أبن الكريم أبن الكريم ~~فيمن لجأ أولا إلى حماكم بالأهل والوالد عن حسنة تبرعتم بها وصدقة حملتكم ~~الحرية على بذلها ثم فيمن حط رحل الاستجارة بضريح أكرم الخلق عليكم دامع ~~العين خافق القلب دامي القرحة يتغطى بردائه ويستجير بعليائه كأني تراميت ~~عليه في الحياة أمام الذعر الذي يذهل العقل ويحجب عن التمييز بقصر داره ~~ومضجع رقاده ما من يوم إلا وأجهر بعد التلاوة: يا ليعقوب باب الرجل لمرين ~~نسأل الله إلا ms162 يقطع عني معروفكم ولا يسلبني عنايتكم ويستعملني ما بقيت في ~~خدمتكم ويتقبل دعائي فيكم ولحين وصول الجواب الكريم نهضت إلى القبر المقدس ~~ووضعته بإزائه وقلت: يا مولاي يا كبير الملوك وخليفة الله وبركة بني مرين ~~صاحب الشهرة والذكر في المشرق والمغرب عبدك المنقطع إليك المترامي بين يدي ~~قبرك المتوسل إلى الله ثم إلى ولدك بك أبن الخطيب وصله من مولاه ولدك ما ~~يليق بمقامه من رعى وجهك والتقرب إلى الله برعيك والاشتهار في مشرق الدنيا ~~ومغربها ببرك وانتم من PageV01P285 # أنتم من إذا صنع صنيعة كملها وإذا بدا منة تممها انتم من إذا صنع صنيعة ~~كملها وإذا بدا منة تممها وإذا أسدى يدا أبرزها طاهرة بيضاء غير معيبة ولا ~~ممنونة ولا منتقصة وأنا تحت ذيل حرمتك وظل دخيلك حتى يتم أملي ويخلص قصدي ~~وتحف نعمتك بي ويطمئن إلى مأمنك قلبي. # ثم قلت للطالبة: أيها السادة بيني وبينكم تلاوة كتاب الله منذ أيام ~~ومناسبة النحل وأخوة التألف بهذا الربط المقدس والسكنى بين أظهركم فأمنوا ~~على دعائي بإخلاص من قلوبكم واندفعت في الدعاء والتوسل الذي نرجو أن يتقبله ~~الله ولا يضيعه وخاطب مولاه شاكرا لنعمته مشيدا بصنيعته مسرورا بقبوله ~~وشأنه من التعلق والتطارح شأنه حتى يكمل القصد ويتم الغرض معمور الوقت ~~بخدمة يرفعها ودعاء يردده والله المستعان. # وفي يوم الخميس سابع عشر من شعبان من العام المؤرخ ورد كتاب فتح تلمستان ~~فأصدر أبن الخطيب إلى باب السلطان أبي سالم ما نصه: مولاي فتاح الأقطار ~~والأمصار فائدة الزمان والأعصار أثير هبات الله الآمنة من الاعتصار قدوة ~~الأيدي والأبصار ناصر الحق عند قعود الأنصار وهي طويلة انظرها في الريحانة ~~وبعدها قصيدة بديعة مطلعها: # أطاع لساني في مديحك إحساني ... وقد لهجت نفسي بفتح تلمستان # ومن مخاطباته للحاجب أبن مرزوق: سيدي بل مالكي بل شافعي ومنتشلي من ~~الهفوة ورافعي وعاصمي عند تجويد حروف الصنائع ونافعي الذي بجاهه أجزلت ~~المنازل قراى وفضلت أولاي والمنة لله أخراى وأصبحت وقول الحسن هجيراي: PageV01P286 # علقت بحبل من حبال محمد ... أمنت به من ms163 طارق الحدثان # تغطيت من دهري بظل جناحه ... فعيني ترى دهري وليس يراني # فلو تسأل الأيام ما اسمي ما درت ... وأين مكاني ما عرفن مكاني # وصلت مكناسة حرسها الله تعالى تحت غيث حذاني حذو نداك وسحائب لولا الخصال ~~المبرة قلت يداك وكأن الوطن لاغتباطه بجواري وما رآه من انتياب زواري وأوعز ~~إلى بهت يقطع الطريق وأطلق يده على التغريق وأشرق القوافل مع كثرة الماء ~~بالريق فلم يسع إلا المقام أياما قعودا في البر وقياما واختيارا لضروب ~~الأنس واعتياما ورأيت بلدة معارفها أعلام وهواؤها برد سلام ومحاسنها تعمل ~~فيها ألسنة وأقلام فحيا الله سيدي فلكم من فضل أفاد وأنس أحاء وقد باد وحفظ ~~منه على الأيام الذخر والعتاد كما ملكه زمام الكمال فاقتاد وأنا أتارح عليه ~~في صلة تفقده وموالاة يده بأن يسهمني في فرض مخاطبتها مهما خاطب معتبرا من ~~هذه الجهات ويصحبني من مناصحته بكئوس مسرة يعمل فيها هاك وهات فالعز بعزه ~~معقود والسعد بوجوده موجود ومنهل السرور بسرور مورود والله عز وجل يبقيه ~~ببقاء الدهر ويجعل حبه وظيفة السر وحمده وظيفة الجهر ويحفظ على الأيام من ~~زمنه زين الدهر ويصل لنا تحت إيالته العام بالعام والشهر بالشهر آمين آمين. ~~انتهى. # وقال رحمه الله: حضرت يوما بين يدي السلطان أبي عنان في بعض وافاداتي ~~عليه لغرض الرسالة وجرى ذكر بعض أعدائه فقلت ما اعتقده في اطراء ذلك العدو ~~وما عرفته من فضله وأنكر على بعض الحاضرين ممن لا يحطب إلا في حبل السلطان ~~فصرفت وجهي وقلت: أيدكم الله تحقير عدو السلطان بين يديه PageV01P287 # ليس من السياسة في شيء بل غير ذلك أحق وأولى، فإن كان السلطان غالبا عدوه ~~كان قد غلب غير حقير وهو الأولى بفخره، وجلالة قدره وإن لبه العدو لم يغلبه ~~حقير فيكون أشد للحسرة وأوكد للفضيحة. فوافق رحمه الله على ذلك واستحسنه ~~وشكر عليه وخجل المعترض. انتهى. # ومن نظمه رحمه الله: # وكناسة جمعت بها زمر العدا ... فمدي بريد فيه ألف بريد # من واصل للصوم لا لريلضة ... أو مدمن ms164 للجوع غير مريد # فإذا لكت طريقها متصوفا ... فابن السلوك بها على التجريد # ولما دخل رحمه الله مدينة آنفي، ومر منها على دار عظيمة تنسب إلى والي ~~جبايتها " عبو " من بني الترجمان قارون قومه، وغني صنفه قال: # قد مررنا بدار " عبو " الوالي ... وهي ثكلى تشكو صروف اللالي # أقصدت ربها الحوادث لما ... رشقته بصائبات نبال # كان بالأمس واليا مستطيلا ... وهو اليوم ما له من وال # ومن نظمه رحمه الله في الشيخ أبن بطان الصنهاجي: # لله درك يا أبن بطان فما ... لشهير جودك في البسيطة جاحد # إن كان في الدنيا كريم واحد ... يزن الجميع فأنت ذاك الواحد # أجريت فضلك جعفرا يحيا به ... ما كان من مجد فذكرك خالد # وهي الليالي لا تزال صروفها ... يشقى بموقعها الكريم الماجد # وبمستعين الله يصلح منك ما ... قد كان أفسد الزمان الفاسد PageV01P288 # وقال رحمه الله وقد انتابه البرغوث: # زحفت إلي ركائب البرغوث ... نم الظلام بركبها المحثوث # بالحبة السوداء قابل مقدمي ... لله أي قرى أعد خبيث # كسحت بهن ذباب سرح تجلدي ... ليلا فحبل الصبر جد رثيث # إن صابرت نفسي أذاه تعبت ... أو صحت منه أنفت من تحنيثي # جيشان من ليل وبرغوث فهل ... جيش الصباح لصرختي بمغيث # ومن نظمه رحمه الله في عثمان بن يحيى بن عمر بن روح: # أسمى ذي النورين وجهك في الوغى ... شمس الضحى حلت بليث عرين # إن تفخر بمرين أرض العدوة ال ... قصوى فانك أنت فخر مرين # وقال يخاطب الوالي محمد بن حسون بن أبي العلاء وصدر بها رسالة: # لم يبق لي جود اولاية حاجة ... في الأمن أو في الجاه أو في المال # بعد اللقاء أو لو الفضائل بغيتي ... وأريت هذا القصد شرط كمال # أجملته وتشوفت لبيانه ... همم فكنت مفسر الإجمال # وخصصت بالإلغاء غيرك غيرة ... وجعلت ذكرك شاهد الأعمال # أنسيت يا بن العلا قشب الملا ... وتركت أهل الأرض في أسمال # تثني عليك رعية آمالها ... في أن تفوز يداك بالآمال PageV01P289 # أرعيتها هملا فلم يطرق لها ... بمنيع سورك طارق الإهمال # من كنت واليه تولته العلا ... ومن اطرحت فما ms165 له من والي # وقال رحمه الله عند وقوفه على مراكش واعتباره بما صار إليه أمرها: # بلد قد غزاه صرف الليالي ... وأباح المصون منه مبيح # فالذي خر من بناه قتيل ... والذي خر منه بعض جريح # وكأن الذي يزور طبيب ... قد تأتى له بها التشريح # أعجبت منه أربع ورسوم ... كان قدما بها اللسان الفصيح # كم معان غابت بتلك المغاني ... وجمال أخفاه ذاك الضريح # وملوك تعبدوا الدهر لما ... أصبح الدهر وهو عبد صريح # دوخوا نازح البسيط حتى ... قال ما شاء ذابل وصفيح # حيث شبت لهم من البأس نار ... ثم هبت لهم من النصر ريح # أثر يندب المؤثر لما ... طال بعد الدو منه النزوح # ساكن الدار روحها كيف يبقى ... جسد بعد ما تولى الروح # وقال يخاطب عميد مراكش المتميز بالرأي والسياسة والهمة وإفاضة العدل وكف ~~اليد والتجافي عن مال الجباية، عامر لن محمد بن علي بن الهنتاتي: # تقمل لي الأظعان والشوق في الحشى ... له الحكم يمضي بين ناه وآمر # إذا جبل التوحيد أصبحت فارعا ... فخيم قرير العين في دار عامر PageV01P290 # وزر تربة المعلوم إن مزارها ... هو الحج يفضي نحوه كل ضامر # ستلقى بمثوى عامر بن محمد ... ثغور الأماني من ثنايا البشائر # ولله ما تبلوه من سعد وجهة ... ولله ما تلقاه من يمن طائر # وتستعمل الأمثال في الدهر منكما ... بخير مزور أو بأغبط زائر # أقول: عامر بن محمد هذا هو قريع هنتاتة وكانت له مع أبي الحسن المرني في ~~الوفاء أحاديث صححت عند أبي عنان وغيره متاته ولم يزل في رياسته مدة أبي ~~عنان ومن بعده من ملوك بني ورين إلى زمن أبي فارس عبد العزيز أبن أبي الحسن ~~فنازله بجنوده، وحاصره بمعتقله حتى استولى عليه وقتله. # وقد ساق أمره أبي خلدون واستوفاه، ومنعنى من الإتيان به ما حصل من ~~التطويل في هذه الترجمة، وقد أشار إليه أبن الأحمر في " نثير فرائد الجمان ~~" عند ما ذكر الشريف الشبوكي ونصه: " صاحبنا الفقيه محمد بن يوسف بن أحمد ~~بن محمد بن يوسف يكنى أبا عبد الله ويعرف ms166 بالشوكي، رأيته وصحبته، ونسبته ~~حسبما نقلته من خطه على متن كتاب، وأخبرني هو به وسمعته أيضا بفاس من بعض ~~الناس وهو محمد أبن يوسف بن أحمد بن محمد بن يوسف بن عمران بن عبد الرحيم ~~بن نوح بن شعيب بن علي بن أبي محمد بن حيان بن فضل بن طاهر بن مطهر بن حمود ~~بن زياد إبن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويعرف ~~بالشبوكي. وشبوكة: قرية بينها وبين مدينة فاس ثلاثة أميال؛ واخبرني أن جده ~~عبد الرحيم PageV01P291 # أتى من المشرق إلى المغرب، واستوطن بشبوكة وهو شريف ويوسف أبوه كان رحمه ~~الله جميل الوجه جدا شاعرا مجيدا فقيها وبرز عدلا في سماط شهود فاس ~~واستخدمه أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عنان المريني شاهد في دار ~~صناعته وأحمد والد يوسف كان فقيها صوفيا ومحمد والد أحمد كان فقيها صالحا ~~ويوسف والد محمد كان فقيها عالما صالحا مكاشفا مجاب الدعوة من أمل الطبقة ~~العليا في الصلاح وأبو على الله كتب الوثيقة بشهود فاس. # حاله أكرمه الله: # هو فارس القريض وحامل لوائه الطويل العريض وله وجه وسيم وحياء جسيم وسمو ~~همته لم يبلغ إنسان ولم ولم يسمع بمثلها في سالف الأزمان ويؤثر عزة نفسه ~~على هواه ويختار مهيع السمو على ما ساه وأنشدني لنسه يمدح أمير المؤمنين ~~أبا فارس عبد العزيز المريني بعد قتل لوزيره المتغلب على أمره عمر بن عبد ~~الله بن علي الياباني وحرضه على قتال الشيخ أبي ثابت عامر بن محمد بن علي ~~الهنتاتي صاحب جبل هنتاتة من حوز مراكش حين خرج عليه به بالسلطان المعتمد ~~على الله أبي الفضل محمد بن أخي السلطان عبد العزيز هذا: # أبان في حبه ما قال عاذله ... دمع جرى فوق صفح الخد هامله # فبات من وطأة التفريق ذا وجل ... يستنجد الصبر عونا وهو خاذله # صب إذا ما بدا بالرقمتين له ... وميض برق الحمى هاجت بلابله # يبكي لمنزل أنس بان آهله ... وظاعن عنه عنه قد شطت منازله # يا حسن ms167 عصر بهم قضيته زمنا ... رقت حواشيه إذ رقت أصالته PageV01P292 # كأن صوب دموعي بعد بعدهم ... سيب الملك إذا وافاه سائله # عبد العزيز الذي عزت بدولته ... مراتب الحق والتاحت دلائله # وأصبح الملك في أمن وفي دعة ... من الذي كان عالته غوائله # عادت بعيد لنا نضارته ... فعاد يافعا واشتد كاهله # كالروض باكره طل على ظمأ ... وجاده بعد ذلك الطل وابله # هو الإمام الذي من أم ساحته ... جادت عليه بجدواها أنامله # ومن تخلف جهلا عن إجابته ... سارت إليه على علم صواهله # قل للذي عنه أقضيته جرائمه ... وعقلته عن العليا معاقله # زر حضرة الملك الميمون طالعه ... تحظ بما أنت في دنياك آمله # فطبعه الصفح والمعروف شيمته ... والحلم والصون والتقوى شمائله # أبلغ جميع العدا أن سوف يشملهم ... من الظبي كل ماضي الحد فاصله # هذا المليك أتاهم في كتائبه ... لنسخ آجالهم تنضي رواجله # بكل خرق طويل الباع متئد ... مقصر عمر من تلقى مناصله # وجحفل فيه سمر الخط مشرعة ... قد حجبت أنجم الشعري قساطله # سيعلم الغمر عقبي ما جناه إذا ... كلت مواضيه وانفضت كلاكله # وحاط بالجبل البحر المحيط ولا ... حت فوق أرؤسهم منه جداوله # فانهض إليهم أمير المؤمنين فقد ... أعطيت كل المنى فيما تحاوله # من ذا ينازل جيشا أنت قائده ... يوم الكريمة أو من ذا يناضله PageV01P293 # إلا ترى المارق الرعيد حين عتا ... وأضمر المكر صادته حبائله # ظن الضنين بأن يسمو ويعلو في ... دنيا سمت وعلت فيها بواطله # قادرته الصعاد الزرق منجدلا ... فوق الصعيد تناديه جنادله # دنياه تضحك من أحواله عجبا ... به وفي الحي تبكيه أرامله # فليهن دين الهدى من بعد مدته ... أن أنت يا ذا المحايا المطلق كافله # ينتصب قط في الدنيا لواء علا ... إلا ومن آل عبد الحق حامله # مولاي مولاي دم ما عشت مصطبا ... علا وفخرا عزا لا تزايله # إن سار جيشك فالتأكيد يقدمه النصر عاجله يقفوه آجله # انتهى كلام أبن الأحمر. # وأقارب هذا الشريف الشبوكي لم يزالوا إلى الآن ولهم مصاهرة مع ولينا ~~الفقيه المحدث الحاج الرحال البركة القدوة الصالح الناصح أبي عبد الله سيدي ms168 ~~محمد بن الولي الصالح سيدي أبي بكر بن محمد صاحب الدلا أبقى الله علاهم ~~وألهم على ما أولاهم. # ولنرجع إلى أبن الخطيب فنقول: وقال رحمه الله وقد شاهد بجبل هنتاتة محمد ~~وفاة السلطان أبي الحسن المريني حيث أصابه طارق الأجل الذي فصل الخطة وأصمت ~~الدعوة ورفع المنازعة وعاينه مرفها عن الابتذال بالسكنى مفترشا بالحصباء ~~مقصدا بالابتهال والدعاء فلم يبرح يوم زيارة محل وفاته أن قال: PageV01P294 # يا حسنها من أربع وديار ... أضحت لباغي الأمن دار قرار # وجبال عز لا تذل أنوفها ... إلا لعز الواحد القهار # ومقر توحيد وأس خلافة ... آثارها تني عن الأخبار # ما كنت أحسب أن أنهار الندى ... تجري بها جملة الأنهار # ما كنت أحسب أن أنوار الحجا ... تلتاح في قنن وفي أحجار # مجت جوانبها البرود وإن تكن ... شبت بها الأعداء جذوة نار # هدت بناها سبيل وفائها ... فكأنها صرعى بغير عقار # لما توعدها على المجد العدا ... رضيت بعيث النار لا بالعار # عمرت بجبلة عامر وأعزها ... عبد العزيز بمرهف بتار # فرسا رهان أحرزا قصب الندى ... والبأس في طلق وفي مضمار # ورثا عن الندب الكبير أبيهما ... محض الوفاء ورفعة المقدار # وكذا الفروع تطول وهي شبيهة ... بالأصل في ورق وفي أثمار # أزرت وجوه الصيد من هنتاتة ... فب جوها بمطالع الأقمار # لله أي قبيلة تركت لها الن ... ظراء دعوى الفخر يوم فخار # نصرت أمير المؤمنين وملكه ... قد أسلمته عزائم الأنصار # وارت عليا عندما ذهب الردى ... والروع بالأسماع والأبصار # تخاذل الجيش اللهام وأصبح ال ... أبطال بين تقاعد وفرار PageV01P295 # كفرت صنائعه فيمن دارها ... مستظهرا منها بعز جوار # وأقام بين ظهورها لا يتقى ... وقع الردى وقد ارتمى بشرار # فكأنها الأنصار لما آنست ... فيما تقادم غربة المختار # لما غدا لحظا وهم أجفانه ... نابت شفارهم عن الأشفار # حتى دعاه الله بين بيوتهم ... فأجاب ممتثلا لأمر الباري # لو كان يمنع من قضار الله ما ... خلصت إليه نوافذ الأقدار # قد كان يأمل أن يكافئ بعض ما ... أولوه لولا قاطع الأعمار # ما كان يقنعه لو امتد المدى ... إلا القيام بحقها من دار ms169 # فيعيد ذلك الماء ذائب فضه ... ويعيد ذاك الترب تبر نضار # حتى تفوز على النوى أوطانها ... من ملكه بحلائل الأوطار # حتى يلوح على وجوه وجوههم ... أثر العناية ساطع الأنوار # ويسوغ الأمل القصي كرامها ... من غير ما ثنيا ولا استعصار # ما كان يرضى الشمس أو بدر الدجدى ... عن درهم فيهم ولا دينار # أو أن يتوج أو يقلد هامها ... ونحورها بأهلة ودرارى # حق على المولى ابنه إيثار ما ... بذلوه من نصر ومن إيثار # فلمثلها ذخر الجزاء ومثله ... من لا يضيع صنائع الأحرار # وهو الذي يقضي الديون وبره ... يرضيه في علن وفي إسرار PageV01P296 # حتى تحج محلة رفعوا بها ... علم الوفاء لاعين النظار # فيصير منها البيت بيتا ثانيا ... للطائفين إليه أي بدار # تغنى قلوب القوم عن هدى به ... ودموعهم تكفي لرمي جمار # حييت من دار تكفل سعيها ال ... محمود بالزلفى وعقبى الدار # وضفت عليك من الإله عناية ... ما كر ليل فيك إثر نهار # وقال رحمه الله حين زار بخارج أغمات قبر المعتمد بالله أبي القاسم أبن ~~عباد أمير حمص وقرطبة والجزيرة وما إلى ذلك الصقع الغربي ونصه كلامه الذي ~~رتبه في ذلك أنه قال: وقفت على قبر المعتمد بالله بمدينة أغمات في حركة ~~راحلة أعملتها إلى الجهات المراكشية باعثها لقاء الصالحين ومشاهدة الآثار ~~عام واحد وستين وسبع مائة وهو بمقبرة اغمات في نشر من الأرض قد حفت به سدرة ~~وإلى جنبه قبر اعتماد حظيته مولاة رميك وعليهما هيئة التغرب ومعاناة الخمول ~~من بعد الملك فلا تملك العين دمعها عند رؤيتهما فأنشدت في الحال: # قد زرت قبرك عن طوع بأغمات ... رأيت ذلك من أولى المهمات # لم لا أزورك يا أندى الملوك يدا ... ويا سراج الليالي المدلهمات # وأنت من لو تخطى الدهر مصرعه ... إلى حياتي لجادت فيه أبياتي # أناف قبرك في هضب يميزه ... فتنتحيه حفيات التحيات # كرمت حيا وميتا واشتهرت علا ... فأنت سلطان أحياء وأموات PageV01P297 # مائ مثلك في ماض ومعتقدي ... أن لا يرى الدهر في حال ولا آتي # وقال رحمه الله مخاطبا أحمد بن يوسف حفيد الولي ms170 الصالح سيدي أبي محمد ~~صالح النائم في ظل صيته رحمهم الله: # يا حفيد الولي يا وارث الفخ ... ر الذي نال مقال وحال # لك يا أحمد بن يوسف جبنا ... كل قفر يعني أكف الرحال # ولما خرج رحمه الله من آسفي سار إلى منزل ينسب لأبي خدو فيه رجل من بني ~~المنسوب إليه اسمه يعقوب قال في نفاضة الجراب فألطف وأجزل وآنس في الليل ~~وطلبني بتذكرة تثبت عندي معرفته فكتب له: # نزلنا على يعقوب نجل أبي خدو ... فعرفنا الفضل الذي ما له حدثني # وقابلنا بالبشر واحتفل القرى ... فلم يبق لحم ننله ولا زبد # يحق علينا أن نقوم بحقه ... ويلقاه منا البر والشكر والحمد # وقال يخاطب السلطان: # أنت للمسلمين خير عماد ... وملاذ وأي حرز حريز # لو رأى ما شرعت للخلق فيه ... عمر الفاضل أبن عبد العزيز # لجرى ملكك المبارك خيرا ... وقصى بالسيوف والتبريز # فاشكر الله ما استطعت بفعل ... وبقول مطول أو وجيز PageV01P298 # كل ملك يرى بصحبة أهل ال ... علم قد باء بالمحل العزيز # فإذا ما ظفرت منهم بإكسير ... ملأت البلاد من إبريز # والبرايا تبيد والملك يفنى ... أين كسرى الملوك مع أبرويز # وقال: أنشدت أبني عبد الله وقد وصل لزيارتي من الباب السلطاني حيث جرايته ~~ووظيفته وانجر حديثما فقد بغرناطة في شجون الكلام: # يا بني عبد الإله احتسابا ... عن أثاث ومنزل وعقار # كيف يأسي على خسارة جزة ... من يرى الكل في سبيل الخسار # هدف لا تنى سهام الليالي ... عن سباق تجاهه وبدار # واحد طائش وثان مصيب ... ليس ينجى منها اشتمال حذار # غير ذي الدار صرف الهم فيها ... فمناخ الرحيل ليس بدار # وقال: أنشدته وأمرته بحفظه والتأدب به واللهج نحكمته: # إذا ذهبت بيمينك لا تضيع ... زمانك في البكاء على المصيبه # ويسراك اتنم فالقوس ترمي ... وما تدري أرشقتها قريبه # وما بغريبة نوب الليالي ... ولكن النجاة هي الغريبه # وقال رحمه الله: # يأهل هذا القطر ساعده القطر ... بليت فدلوني لمن يرفع الأمر # تشاغلت بالدنيا ونمت مفرطا ... وفي شغلي أو نومتي سرق العمر # وقال رحمه الله: # مالي أذهب نفسي ms171 في مطالبها ... والنفس تأنف تأنف تهذيبي وتهذي بي PageV01P299 # إذا استعنت على دهري بتجربة ... تأبى المقادير تجريبي ويجري بي # وقال رحمه الله موريا حين أكل مشرف الدار القابض أي أخذ ماله: # مشرف دار الملك ما باله ... منتفخ الجوف شكا نافضا # فقيل لي ليس به علة ... لكنه قد أكل القابضا # وقال رحمه الله: # يا نفس لا تصغي إلى سلوى ... كم أخلف الموعود عرقوب # وأنت يا قلبي وصاك إب ... راهيم بالحزن ويعقوب # قال: وقلت في رأس الغادر بالدولة حين عرض علي: # في غير حفظ الله من هامة ... هام بها الشيطان في كل واد # ما تركت حمدا ولا رحمة ... في فم إنسان ولا فؤاد # وقال رحمه الله: # يا كواكب الحسن يا معناه يا قمره ... يا روضه المتناهي الريع يا ثمره # أمرتني بسلو عنك ممتنع ... مأمور حسنك لما يقض ما أمره # وقال رحمه الله في السعيد أبي بكر أبن السلطان أبي عنان: # أميرا كأن قمير الدجا ... أفاض الضياء على صفحتيه # تملأ قلبي من حبه ... غداة نظرت بعيني إليه # فلا بسط الدهر كف الردى ... لذاك الشخيص وذاك الوجيه PageV01P300 # وقال عندما انصرف عنه ابنه إلى مدينة فاس، لإقامة رسمه من الخدمة قال: ~~وأشجاني انصرافه لوقوع قرحه على قرح، والمستعان الله: # بان اليوم الخميس قرة عيني ... حسبي الله أي موقف بين # لو جنى موقف النوى حين حي ... حان يوم الوداع والله حيني # ضايقني صروف هذي الليالي ... وأطالت همي وأولت بديني # وطن نازح وشمل شتيت ... كيف يبقى معذب بين ذين؟ # يا الهي أدرك بلطفك ضعفي ... إن ما أشتكيه ليس بهين # قال: وخاطبت أسيادة الخطيبية مع طيفور طعام: # تعلم طيفوري خلال السميه ... وإن كان منسوبا إلى غير بسطام # وجاء فقير الوقت لابس خرقة ... فليس براض غير صحبة صوام # فديتك لا تردده عنك مخيبا ... ودرسه يا مولاي قصة بلعام # قال: وكتبت إلى أسياد الخطيبية ووصل ولدها إلى سلا ومنعني عن لقائه عذر ~~من مرض وكان نزوله بزاوية النساك: # صدني عن لقاء نجلك عذر ... يمنع الجسم عن تمام العباده # واختصرت القرى لأن ms172 حط رحلا ... في محل الغنى ودار الزهاده PageV01P301 # ولو إني احتفلت لم يعن الدهر ... ولا نلت بعض بعض أراده # وعلى كل حالة قصوري ... عادت إذ قبولك العذر عاده # لا عدمت الرضا من الله والحسنى ... كما نص وحيه والزيادة # وقال يخاطبه من ضريح السلطان أبي الحسن بشالة لا استنهاض عزيمته في قضاء ~~غرضه: # برئت لله من حولي ومن حيلي ... إن نام عني ولي فهو خير ولي # أصبحت مالي من عطف أؤمله ... من غيره في مهمات ولا بدل # ما كنت أحسب أن أرمي بقاصية ... للهجر أقطع فيها جانب الأمل # من بعد ما خلصت نحوي الشفاعة ما ... بين الفلا والدجى والبيض والأسل # إن كنت لست بأهل للذي طمحت ... إليه نفسي وأهوى نحوه أملي # فكيف يلغى ولا ترعى وسيلته ... دخيل قبر أمير المسلمين علي # من بعد ما اشتهرت حالي به وسرت ... بها الركائب في سهل وفي حبل # والرسل تترى ولا تخفى نتائجها ... عند التأمل من قول ولا عمل # ولا لليلي من صبح أطلعه ... كأن همي قد مد الدجنة لي # لو أنني يا بن مرزوق عقدت يدي ... وكان محتكما في خيرة الدول # لكان ركبي قد أفضى إلى فرج ... وكان حزني قد أوفى على جذل # ألممت بالعتب لم أحذر مواقعه ... " أنا الغريق فما خوفي من البلل " # ولست أجحد ما خولت من نعم ... لكنها النفس لا تنفك عن الأمل # ولست أيأس من وعد وعدت به ... إنما " خلق الإنسان من عجل " PageV01P302 # وقال رحمه الله يخاطب السلطان أبا الحجاج: # مولاي إن الشعر ديوان حكمة ... يفيد الغني والعز والجاه من كانا # وقد وجد المختار في الحفل منصتا ... له وحبا كعبا عليه وحسانا # وفيما رواه الناقلون وأثبتوا ... بذلك ديواننا صحيحا فديوانا # بأن أبا بكر خليفته الرضا ... وفاروق الأدنى إليه وعثمانا # لهم في ضروب القول إذ هم فحوله ... خطاب وشعر يستقران تبيانا # وفاض على أهل القريض نوالهم ... فروض روض القول سحا وتهتانا # وأنت أحق الناس إن تفعل التي ... بها فعل المختار دينا وإيمانا # فما زلت تهدي في البرية هديه ... وتفضي بما يرضيه سرا ms173 وإعلانا # وإن قيل قدر المرء ما هو محسن ... فصنعة نظم القول أرفعه شانا # وقال رحمه الله في فن التورية: # بنفسي حبيب في ثناياه " بارق " ... ولكنها للواردين عذاب # إذا كان لي منه الوصل " حاجر " ... فمعي " ععقيق " بالجفون مذاب # وقال: # عذبت قلبي بالهوى فقيامه ... في نار هجرك دائما وقعوده # ولقد عهدت القلب وهو موحد ... فعلام يقضي في العذاب خلوده # وقال في التجنيس: # دعوتك للود الذي جنباته ... تداعت مبانيها وهمت بأن تهي PageV01P303 # وقلت لعهد الوصل والقرب بعدما ... تناءى أأسلو عن حياتي وأنت هي # ومن شام من جو الشبيبة بارقا ... ولم تنهه عنه النهى كيف ينتهي؟ # وقال أيضا: # ناديت دمعي إذ جد الرحيل بهم ... والقلب من فرق التوديع قد وجبا # سقطت يا دمع من عيني غداة نأى ... عني الحبيب ولم تقض الذي وجبا # وقال موريا: # كتبت بدمع عيني صفح خدي ... وقد منع الكرى هجر الخليل # وراب الحاضرين فقلت هذا ... كتاب العين ينسب للخليل # وتذكرت بهذا قول الشيخ أبي حيان: # سبق الدمع بالمسير المطايا ... إذ نوى من أحب عني نقله # وأجاد السطور في صفحة الخد ... ولم لا يجيد وهو أبن مقله # والبيت الثاني أدرت ولكن أبن الخطيب قد قصد تورية أخرى لم يقصدها أبو ~~حيان وكلاهما قد أحسن في توريته. # وقال أبن الخطيب: # ولما رأت عزمي على السرى ... وقد رابها صدري على موقف البين # أتت بصحاح الجوهر دموعها ... فعارضت من دمعي بمختصر العين # وقال أيضا: # بحق ما بيننا يا ساكني القصبه ... ردوا علي حياتي فهي مختصبه # ماذا جنيتم على قلبي ببينكم ... وانتم الأهل والأحباب والعصبه PageV01P304 # وقال عفا الله عنه: # مضجعي فيك عن قتادة يروي ... وروي عن أبي الزناد فؤادي # وكذا النوم شاعر فيك أمسي ... من دموعي يهيم في كل وادي # وقال رحمه الله: # حين ساروا عني وقد خنقتني ... عبارات قد أعربت عن ولوعي # صحت من ينصر الغريب فلما ... لم أجد ناصرا بلعت دموعي # وقال عفا الله عنه: # قال لي والدموع تنهل سحبا ... في عراض من الخدود محول # بك ما بي فقلت مولاي عفا ... ك المعافي ms174 من عبرتي ونحولي # أنا جفني القريح يروي عن الأعمش ... والجفن منك عن مكحول # وقال وقد جلس السلطان في يوم شديد البرد للسلام: # جلس المولى لتسليم الورى ... ولفصل البرد في الجو احتكام # فإذا ما سألوا عن يومنا ... قلت هذا اليوم برد وسلام # وقال رحمه الله تعالى: # يا أبي بدر غزاني ... مستبيحا سرح صدري # فأنا اليوم شهيد ال ... حب من غزوة بدر # وقال: # أشكوا لمبسمه الحريق وقد حمى ... عني لماه المشتهى ورحيقه # يا ريقه حيرتني ومطلتني ... ما أنت إلا بارد يا ريقه PageV01P305 # وقال فيمن ركب البحر وماد: # ركب السفينة واستقل بأفقها ... فكأنما ركب الهلال الفرقد # وشكو إلي بميدهم فأجبتهم ... لا غرو أن ماد القضيب الأملد # وقال أيضا: # يا مالكي بخلال ... تهدي إلى الفكر حيره # أضرمت قلبي نارا ... يا مالك بن نويره # وقال عندما خرج السلطان أبن الأحمر من فاس متوجها إلى الأندلس لطلب حقه: # ولما حثثت السير والله حاكم ... لملكك في الدنيا بعز وفي الأخرى # حكى فرس الشطرنج طرفك لا يرى ... ينقل من بيضاء إلا إلى حمرا # وقال رحمه الله تعالى: # تعجلت وخط الشيب في زمن الصبا ... لخوضي خمار الهم في طلب المجد # فمهما رأيتم شيبة في المفارقي ... فلا تنكروها إنها شيبة الحمد # وقال رضي الله عنه: # يا من تقلد للعلاء سلوكا ... والفضل أضحى نهجه مسلوكا # كاتبتني متفضلا فملكتني ... لا زلت منك مكاتبا مملوكا PageV01P306 # وقال عفا الله عنه: # أجاد يراع الحسن خط عذاره ... وأودعه السر المصون الذي يدري # ولم يفتقر فيه لختم وطابع ... فمبسمه أغناه عن طابع السر # وقال في رجل حلف واقسم أنه ذو مال وأمانة وطلب من السلطان الخدمة: # حلفت لهم بأنك ذو يسار ... وذوثقة وبر في اليمين # ليستندلوا بحفظ مال ... فتأكل باليسار وباليمين # وقال في الفخر: # ما ضرني أن لم أكن متقدما ... فالسبق يعرف أخر المضمار # ولئن غدا ربع البلاغة بلقعا ... فلرب كنز في أساس جدار # وقال في مديح السلطان أبي الحجاج: # في مصر قلبي من خزائن يوسف ... حب وعير مدائحي تمتاره # حليت شعري باسمه فكأنه ... في كل قطر ms175 حله ديناره # وقال يخاطب ابنه السلطان أبا عبد الله: # قالوا لخدمته دعاك محمد ... فكرتها وزهدت في التنويه # فأجبتهم أنا والمهيمن كاره ... في خدمة المولى محب فيه # ومن قوله في غرناطة: # أحبك يا مغنى الكمال بواجب ... وأقطع في أوصافك الغر أوقاتي # تقسم منك الترب قومي وجيرتي ... ففي الظهر أحيائي وفي البطن أمواتي PageV01P307 # وقال في غرض ينحو به نحو المشارقة: # رموا بالسلو حليف الغرام ... وأدمعه كالحيا الهاطل # أعوذ بعزك يا سيدي ... لذلي من دعوة الباطل # وقال أيضا: # يا ليل طلت ولم تجد بتبسم ... وأريتني خلق العبوس النادم # هلا رحمت تغربي وتفرقي ... لله ما أقساك باب الرجل بن الخادم # وقال في سكين الأضاحي للسلطان أبي الحجاج رحمه الله: # لي الفضل أن شاهدتني واختبرتني ... على كل مصقول الغرارين مرهف # كفاني فخرا أن تراني قائما ... بسنة إبراهيم في كف يوسف # وقال في مروحة سلطانية: # كأني قوس الشمس عند طلوعها ... وقد قدمت من قلبها نسمة الفخر # وإلا كما هبت بمحتدم الوغى ... بنصر ولكن من بنود بني نصر # وقال يخاطب شيخه أبن الجياب: # بين السهام وبين كتبك نسبة ... فيها يصاب من العدو المقتل # وإذا أردت لها زيادة نسبة ... هذي وهذي في الكناية تجعل # وقال يتغزل وفيه معنى غريب: # إن اللحاظ هي السيوف حقيقة ... ومن استراب فحجتي تكفيه # لم يدع غمد السيف جفنا باطلا ... إلا لشبه اللحظ يغمد فيه # قيل أحسن منه قول غيره: # إن العيون النجل أمضى موقعا ... من كل هندي وكل يمان PageV01P308 # فضل العيون على السيوف بأنها ... قتلت ولم تخرج من الأجفان # وأصل ما قاله أبن الخطيب قول الآخر: # بين السيوف وعينيه مشاركة ... من أجلها قيل للأغماد أجفان # وقال أبن الخطيب أيضا في البراغيث: # بتنا نكابد هم القحط ليتنا ... وأنجد السهد والكرب البراغيثا # وكان يحمل ما كنا نكابده ... من المشقة لو أن البراغيثا # وقال خالد البلوي صاحب الرحلة وقد استكثر من سرقة كتاب " البرق الشامي " ~~للعماد الأصبهاني: # خليلي إن يلف اجتماع بخالد ... فقولا له قولا ولن تعدوا الحقا # سرقت العماد الأصبهاني برقة ... وكيف ترى في شاعر ms176 سرق البرقا؟ # وقال في المنجانة: # تأمل في المنجان منقطعا ... يجري وقدره عمرا منك منتهيا # والله لو كان وادي الرمل ينجده ... ما كان كامله إلا وقد ذهبا # وقال: # أقول لعاذلي لما نهاني ... وقد وجد المقالة إذ جفاني # علمت بأنه مر التجني ... وفاتك أنه حلو اللسان PageV01P309 # وقال في غرض صوفي: # لا تنكروا أن كنت قد أحببتكم ... أو أنني استولى على هواكم # طوعا وكرها ما ترون فإنني ... طفت الوجود فما وجدت سواكم # وقال يمدح وفيه تورية: # وإن نظرت إلى لآلاء غرته ... يوم الهياج رأيت الشمس في الأسد # ونسب إليه الحافظ أبو على التنسي رحمه الله قصيدة يخرج منها أكثر من ثلاث ~~مائة بيت ونسبها غير التنسي إلى بعض المشارقة فالله أعلم وهي: # داء ثوى بفؤادي شفة سقم ... لمحنتي من دوائي الهم والكمد # يوم النوى حل في قلبي لم ألم ... وحرقتني وبلائي فيه بالرصد # توجعي من جوى شبت حرارته ... مع العنا رثى لي فيه ذو الحسد # أصل الهوى ملبسي وجدا بهه عدم ... لمهجتي من رشا بالحسن منفرد # تتبعي وجه من تزهو نضارته ... إذا انثنى قاتلي عمدا بلا قود # مهدي الجوى مولع بالهجر منتقم ... ما حيلتي قد كوى قلبي مع الكبد # لمصرعي معتد تحلو مرارته ... يا قومنا آخذ نحو الردى بيدي # قلبي كوى ملك في النفس محتم ... لقصتي فهو سولى وهو معتمدي # مروعي قمر تسبي إشارته ... إذا رنا ساطع الأنوار في البلد PageV01P310 # هد القوى حسن كالبدر مبتسم ... لفتنتي موهن عند النوى جلدي # مودعي النار قد شبت زيارته ... لما جنى مورثي وجدا مع الأبد # قلت: وعندي أنها بعيدة من نفس أبن الخطيب مع أن الحافظ التنسي نسبها له ~~وغيره لبعض المشارقة وذكر التنسي أنه يخرج منها ثلاث مائة بيت ونيف ستون ~~بيتا والله ولي التوفيق. # ثم وقفت بعد هذا على كراسة من بعض تآليف الصفدي بخطه وعبر فيها أنها لبعض ~~المشارقة وأورد القطعة مع تقديم وتأخير فأردت أن أذكره إتماما للفائدة ~~ونصه: صالح بن أحمد بن عثمان صلاح الدين القواس الشاعر الخلاطي ثم البعلبكي ~~توفي سنة ms177 ثلاث وعشرين وسبع مائة كان رجلا خيرا متواضعا صحب الفقراء وسافر ~~الكثير وكان يعبر الرؤيا قال الصفدي: أنشدني من لفظه الشيخ الحافظ الذهبي ~~قال: أنشدني المذكور قصيدته السائرة ذات الأوزان وهي: # داء ثوى بفؤادي شفه سقم ... لمحنتي من دواعي الهم والكمد # بأضلعي لهب تذكو شرارته ... من الضنى في محل الروح من الجسد # يوم النوى ظل النوى في قلبي به ألم ... وحرقتي وبلائي فيه بالرصد # توجعي من جوى شبت حرارته ... مع العنا قد رثى لي فيه ذو الحسد # أصل الهوى ملبسي وجدي به عدم ... لمهجتي من رشا بالحسن منفرد PageV01P311 # تتبعي وجه من تزهو نضارته ... لما جنى مورثي وجدا مع الأبد # هد القوى حسن كالبدر مبتسم ... لفتنتي موهن عند النوى جلدي # مروعي قمر تسبي إشارته ... إذا رنا ساطع الأنوار في البلد # مهدي الجوى مولع بالهجر منتقم ... ما حيلتي قد كوى قلبي مع الكبد # لمصرعي معتد تحلو مرارته ... يا قومنا آخذ نحو الردى بيدي # قلبي كوى ملك في النفس محتم ... لقصتي فهو سولى وهو معتمدي # تتبعي وجه من تزهو نضارته ... إذا انثنى قاتلي عمدا بلا قود # قال الصفدي: قلت: هذه القصيدة تقرأ على ثلاث مائة وستين وجها. # وقال في المشيب: # إني لمبلي بالهوى من بعدما ... للوخظ بالفودين أي دبيب # لبس البياض وحل ذروة منبر ... مني ووالي الوعظ فعل خطيب # وكتب ببعض الحيطان لما أجاز بسبته: # أقمنا برهة ثم ارتحلنا ... كذلك الدهر حالا بعد حال # وكل بداية فإلى انتهاء ... وكان إقامة فإلى ارتحال # ومن سام الزمان دوام أمر ... فقد وقف الرجاء على المحال # وقد قدمنا بعض هذه المقطوعات على غير هذا الوجه. # وقال مما يكتب في طاق الماء بباب القبة: # أنا طاق تزهو بي الأيام ... تعبت في بدائعي الأفهام PageV01P312 # وتباديت للنواظر محرا ... با كأن الإناء في إمام # واقف للصلاة حتى إذا ما ... جئت للشراب حان مني السلام # وقال في ذلك أيضا: # يا صانعي لله ما أحكمته ... فلأنت بين العالمين رئيس # أحكمت تاجي يوم صغت رقوشه ... فصبت إليه مفارق ورءوس # وأقمت في محرابه فكأنه ... محلى ms178 إناء الماء فيه عروس # وكتب إليه شيخه أبن الجياب بقوله: # أيا كتابي إذا ما جئت مالقة ... دار المكارم من ثني ووحدان # فلا تسلم على ربع بذي سلم ... بها وسلم على الربع لسلمان # فأجابه أبن الخطيب بقوله: # يا ليت شعري هل يقضي تألفنا ... ويثني الشوق عن غاياته الثاني # أو هل يحن على نفسي معذبها ... أو هل يرق لقلبي قلبي الثاني # وقال رحمه الله: # عد عن كيت وكيت ... ما عليها غير ميت # كيف ترجى حالة البق ... يا لمصباح وريت # وقال رحمه الله: # والله ما جان على ماله ... أو جاهد من ذاد عن عرضه PageV01P313 # والناس في خير وفي ضده ... هم شهداء الله في أرضه # وقال رحمه الله: ومما قلته من الموشحات التي أنفرد باختراعها الأندلسيون ~~وطمس الآن رسمها: # رب ليل ظفرت بالبدر ... ونجوم السماء لم تدر # حفظ الله ليلنا ورعى # أي شمل من الهوى جمعا # غفل الدهر والرقيب معا # ليت نهر النهار لم يجر ... حكم الله لي على الفجر # علل النفس يا أخا العرب # بحيث أحلى من الضرب # في هوى من وصاله أربي # كلما مر ذكر من تدري ... قلت يا برده على صدري # صاح لا تهتم بأمر غد # وأجز صرفها يدا بيد # بين نهر وبلبل غرد # وغصون تميد من سكر ... أعلنت يا غمام بالشكر # يا مرادي ومنتهي أملي # هاتها عسجدية الحلل # حلت الشمس منزل الحمل # وينود الربيع في النشر ... والصبا عنبرية النشر PageV01P314 # غرة الصبح هذه وضحت # وقيان الغصون قد صدحت # وكأن الصبا إذا نفحت # وهفا طيبها عن الحصر ... مدحة في علا بني نصر # هم ملوك الورى بلا ثنيا # مهدوا الدين زينوا الدنيا # وحمى الله منهم العليا # بالإمام المرفع الخطر ... والغمام المبارك القطر # إنما يوسف إمام هدى # حاز في المعلومات كل مدى # قل لدهر بملكه سعدا # افتخر جملة على الدهر ... كافتخار الربيع بالزهر # يا عماد العلا والمجد # أطلع العيد طالع السعد # ووفي الفتح فيه بالوعد # وتجلت فيه على القصر ... غرر من طلائع النصر # فتناهت من حسنها البهج # بحياة النفوس والمهج # واستمعها ودع مقال شجي ms179 # قسما بالهوى لذي حجر ... ما لليل المشوق من فجر # ومن بديع موشحاته رحمه الله قوله: # كم ليوم الفراق من غصة ... في فؤاد العميد # نرفع الأمر فيه والقصة ... للمولى الحميد PageV01P315 # رحل الركب يقطع البيدا ... بسفين النياق # كل وجناء تتلع الجيدا ... وتبذ الرفاق # حسبت ليلة القا عيدا ... فهي ذات اشتياق # صائمات لا تقبل الرخصة ... قبل فطر وعيد # فهي مذ أملته مختصه ... بجهاد جهيد # ومنها وهو آخرها: # يا إمام العلا والفخر ... ذا السنا البهيج # هاكها لا عدمت في الدهر ... آملا يرتجى # عارضت قول بائع التمر ... بمقال شج # غربوك الجمال يا حفصة ... من مكان بعيد # من سجلمات ومن قفصة ... وبلاد الجريد # ومن بديع نظمه رحمه الله في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه القصيدة ~~المشهورة وهي: # سل ما لسلمى بنار الهجر تكويني ... وحبها في الحشي من قبل تكويني # وفي معناها تمنيت المنى فغدا ... تغلبي كئيبا ببلواه يناجيني # وفي قباب قبا قامت لنا بقبا ... طرازها مذهب في الحسن تزيين # لما انثنت في الحلى تزهو ببهجتها ... وبالغزالة تزري والسراحين # لما تفننت في أفنان قامتها ... تفننت بفنون الصد تفنيني # ويحسب الصب يسليني محبتها ... هيهات لو أن جم النار يصليني # النار في كبدي والشوق يقليني ... والقرب ينشرني والبعد يطويني PageV01P316 # وركن صبري تخلى في الغرام وقد ... تمكن الحب في أي تمكين # وقد رأيت ميسري عز مطالبه والطرف والظرف يبكيني ويكويني # حالي لرفع الضم منجزم ... بالكسر عل برشف الضم تحييني # يا صاح عج بالحمى وانزل بهم سحرا ... وأنظر لعجب أثيلاث البساتين # وفوق سفح العميق عج لترى ... جآذر الحي بين الخرد العين # ومل على أثلاث ألبان منعطفا ... وحي سلعا وسل عن حال مسكين # ثم أت جزعا وجز عن حي كاظمة ... واقر السلام على خير النبيين # محمد المصطفى المختار من ظهرت ... آياته فتسلى كل جاء بالدين # ومن شهاب بدا من نوره رجمت ... والماء من كفه يزري بجيحون # وهو الذي اختاره الباري وأرسله ... برا رءوفا رحيما بالمساكين # إن سار في الرمل لم يظهر أثر ... وإن علا الصخر كالطين # كأن بالرمل ما بالصخر ms180 بالصخر من جلد ... شوقا وبالصخر ما بالرمل من لين # وفي الصحيحين أن الجذع حن له ... والعذاق أن إليه أي تأنين # وقد سمعنا بأن الطير خاطبته ... في منطق مفصح من غير تلكين # والظبي والضب جاءا يشهدان بان ... لا شيء أعظم من ويسين # فكيف أحسن مدحا في محاسنه ... لكن لي قبولا منه يكفيني # أقبل الأرض إجلالا لهيبته ... وألم الترب عل الوصل يحيني # وقد أقول أبن حمدان أتى ... منديا بفؤاد منه محزون # يا أكرم الخلق من عرب ومن عجم ... وأحسن الناس من حسن وتزيين PageV01P317 # إني أتيتك فاقبلني بيدي ... ومن لهيب لظى وسجين # وقد مدحتك فارحمني وجد فعسى ... من هول يوم اللقاء والحشر تنجيني # وكن شفيعي من النيران يا أملي ... ولعل أحظى بأجر غير ممنون # صلى عليك إله العرش ما غردت ... حمائم فوق أغصان البساتين # صلى عليك إله العرش وما وفدت ... نويقة لحمي الأطلال تبريني # صلى عليك إله العرش ما هطلت ... مدامع السحب أو عين المحبين # صلى عليك إله العرش ما ضحكت ... مباسم الزهر في ثغر الأفانين # وألف ألف صلاة لا نفاد لها ... مضروبة في ثمان ألف تسعين # عليك يا خير خلق الله قاطبة ... وألف ألف سلام في ثمانين # وآلك الغر والأصحاب كلهم ... وتابعيهم ليوم الحشر والدين # ما عطر الروض في الأسحار صبا ... وفاح تسر خزامى منه نسرين # وما شدا منشد صب لفرط جوي ... سل ما لسلمى بنار الهجر تكويني # وقال رحمه الله: # لبسنا فلم نبل الزمان وأبلانا ... يتابع أخرانا على الغي أولانا # ونغتر بالآمال والعمر ينقضي ... فما كان بالرجعى إلى الله أولانا # وماذا عسى أن ينظر الدهر ما عسى ... فما انقاد للزجر وللزجر الحنيث ولا ~~لانا # جزينا صنيع الله شر جزائه ... فلم نزع ما من سابق الفضل أولانا # فيا رب عاملنا بما أنت أهله ... من العفو واجبر صدعنا أنت مولانا # انتهى. PageV01P318 # ولنقتصر من نظمه على هذا القدر، فانه طويل عريض، وإنما أطلت النفس في ~~ترجمة أبن الخطيب، رحمه الله، علما مني بأن الذين رغبوا في تأليف هذا ~~الموضوع، لهم تشوف إلى أنباء أبن ms181 الخطيب، وكلامه وجيلة أحواله ليست عندهم، ~~وإنما يحفظون بعض نظمه ونثره، ولا يدرون ابتداء أمره وانتهاءه، وقد حكي غير ~~واحد أنه رئ رحمه الله بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي ~~بسبب بيتين، وهما: # يا مصطفى من قبل نشأة آدم ... والكون لم تفتح له أغلاق # أيروم مخلوق ثناءك بعد ما ... أثنى على أخلاق # وقد رأيت على هذين البيتين تخميسا لا بأس به، لأبي عبد الله بن جابر ~~الغساني المكناسي، رحمه الله، وهو: # يا سائر لضريح خير العالم ... ينتهى إليه مقال صب هائم # بالله ناد وقل مقالة عالم ... يا مصطفى من قبل نشأة آدم # والكون لم تفتح له إغلاق # بثناك قد شهدت ملائكة السما ... والله قد صلى عليك وسلما # يا مجتبي ومعظما ومكرما ... أيروم مخلوق ثناء بعد ما # أثنى على أخلاقك الخلاق # انتهى. # وأولاد أبن الخطيب رحمه الله ثلاثة: عبد الله، ومحمد، وعلي. وكلهم حدث عن ~~أبيه وعن أبن الجياب، وعلى منهم هو صاحب السلطان أحمد المرني الملقب ~~بالمستنصر. PageV01P319 # وحكى أنه حضر معه في بستان، سح فيه ماء المذاكرة الهتان؛ وقد أبدى الأصيل ~~شواهد الأصفرار، وأزمع النهار لما قدم الليل على الفرار؛ فقال المستنصر لما ~~لأن جانبه، وسالت بين سرحان البستان جداوله ومذانبه: # يا فاس وأيم الله ذو شغف ... في كل ربع له معناه يسبيني # وقد أنست بقرب منك يا أملي ... ونظرة فيكم بالأنس تحسيني # فأجابه على بن الخطيب بقوله العذب المصيب: # لا أوحش الله ربعا أنت زائره ... يا بهجة الملك والدنيا مع الدين # يا أحمد الحمد أبقاك الإله لنا ... فخرا وسلطان السلاطين # وأما عبد الله فقد كتب بالعودتين، عن ملوك الحضرتين. وأما محمد فقد نال ~~حظا من التصوف، ولم يكن له إلى خدمة الملوك تشوف. # ولا بد أن نلم بوصية أبن الخطيب، رحمه الله، لأولاده المذكورين، لما فيها ~~من الحكم والوصايا النافعة لمن عمل بها، وهي: # الحمد لله الذي لا يروعه الحمام المرقوب، إذا شم نجمه المثقوب، ولا يبغته ~~الأجل المكتوب، ولا يفجوه الفراق المعتوب، ملهم ms182 الهدى الذي تطئن به القلوب، ~~وموضح السبيل المطلوب، وجاعل النصيحة الصريحة في قسم الوجوب، لا سيما للولي ~~المحبوب، والولد المنسوب، القائل في كتابه المعجز الأسلوب، " أم كنتم شهداء ~~إذ حضر يعقوب "، " ووصي بها إبراهيم بنيه يعقوب "؛ والصلاة PageV01P320 # والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسوله اكرم على نوره جيوب الغيوب، وأشرف ~~من خلعت عليه حلل المهابة والعصمة، فلا تقتحمه العيون ولا تصمه العيوب، ~~والرضا عن آله وأصحابه المثابرين على سبيل الاستقامة بالهوى المغلوب # والأمل المسلوب، والاقتداء الموصل للمرغوب، والعز والأمن من اللغوب. ~~وبعد، فإني لما علاني المشيب بغمته، وقادني الكبر في رمته، وادكرت الشباب ~~بعد أمته لما أضفت، وندمت بعد الفطام على ما رضعت؛ وتأكد وجوب نصحي لمن ~~لزمني رعيه، وتعلق سعيه، وأملت أن تتغذى إلى ثمرات استقامته، وأنا رهين ~~فوات، وفي أموات، ويأمن العثور في الطريق التي اقتضت عثاري، إن سلك وعسى ~~ألا يكون ذلك على آثاري: فقلت أخاطب الثلاثة الولد؛ بعد الضراعة إلى الله ~~توفيقهم، وإيضاح طريقهم، وجمع تفريقهم؛ وأن يمن على فيهم بحسن الخلف، ~~والتلافي من قبل، وأن يرزق خلفهم التمسك بهدي السلف؛ فهو ولي ذلك والهادي ~~إلى خير المسالك. اعلموا هداكم من بأنواره يهتدي الضلال، وبرضاه ترفع ~~الأغلال، وبالتماس قربه يحصل الكمال؛ إذا ذهب المال، وأخلفت الآمال، ~~والتبرات من يمينها. الشمال؛ أني مودكم وإن سالمني الدرى، ومفارقكم وإن طال ~~المدى، وما عدا PageV01P321 # مما بدا؛ فكيف وأدوات السفر جمع، ومنادي الرحيل يسمع؛ ولا أقل للحبيب ~~المودع من وصية محتضر، وعاجلة مقتصر، ورتيمة تعقد في خنصر، ونصيحة تكون ~~نشيدة واع ومبصر، تتكفل لكم بحسن العواقب من بعدي، وتوضح لكم في الشفقة ~~والحنو قصدي، حسبما تضمن وعد الله من قبل وعدي، فهي أربكم الذي لا يتغير ~~وقفه، ولا ينالكم المكروه ما رف عليكم سقفه، وكأني بشبابكم قد شاخ، ~~وبراحلكم قد أناخ؛ وبنشاطكم قد كسل، واستبدل الصاب من العسل، ونصول الشيب ~~تروع بأسل، لا بل السام من ليس حدب قد نسل، والمعاد اللحد ولا تسل؛ فبالأمس ~~كنتم فراخ حجر، واليوم آباء عسكر ms183 مجر، وغدا شيوخ مضيعة وهجر؛ والقبور ~~فاغره، والنفوس عن المألوفات صاغره؛ والدنيا بأهلها ساخرة، والأولى تعقبها ~~آخره؛ والحازم من لم يتعظ به في أمر، وقال: بيدي عمرو، فاقتنوها من وصية في ~~النصح قصية؛ وخصوا بها أولادكم إذا عقلوا، ليجدوها زادها إذا انتقلوا؛ ~~وحسبي وحسبكم الله الذي لم يخلق الخلق هملا، ولكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا؛ ~~ولا رضى الدنيا منزلا، ولا لطف بمن أصبح عن فئة الخير منعزلا؛ ولتلقنوا ~~تلقينا، وتعلموا علما يقينا؛ أنكم لن تجدوا بعد أفرد بذني، ويفترش التراب ~~جنبي؛ ويسح إنسكابي، وترهول عن المصلى ركابي؛ أحرص مني على سعادة إليكم ~~تجلب، أو غاية كمال بسببكم ترتاد وتطلب؛ حتى لا يكون في الدين والدنيا أورف PageV01P322 # منكم ظلا، ولا أشرف محلا ولا أغبط نهلا وعلا وأقل ما يوجب ذلك عليكم أن ~~تصيخوا الى قولي الآذان وتتلمحوا صبح نصحى فقد بان وسأعيد عليكم وصية ~~لقمان: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) وإذ قال لقمان لابنه وهو يعضه يا بني ~~لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم (.) يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف ~~وأنه عن المنكر وأصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور. ولا تصعر خدك ~~للناس ولا تمشي في إلا مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور. وأقصد في مشيتك ~~وأغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير. (. # وأعيد وصية خليل الله وإسرائيله حسبما محكم تنزيله:) يا بن إن الله أصطفى ~~لكم الدين فلا تموتن إلا وانتم مسلمون (. والدين الذي ارتضاه واصطفاه ~~وأكمله ووفاه وقرره مصطفاه من قبل أن يتوفاه إذا أعمل فيه افتقاد فهو عمل ~~واعتقاد وكلاهما مقرر ومستمد من عقل أو نقل محرر والعقل متقدم وبناؤه مع ~~رفض أخيه متهدم فالله واحد أحد فرد صمد ليس له والد ولا ولد تنزه عن المكان ~~والزمان وسبق وجوده وجود الأكوان خالق الخلق وما يعملون والذي لا يسأل عن ~~شيء وهم يسألون الحي العليم المدبر القدير ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ~~أرسل الرسل رحمة لتدعوا العباد إلى النجاة من ms184 الشقاء وتوجه الحجة في مصيرهم PageV01P323 # إلى دار البقاء مؤيدة بالمعجزات التي لا تتصف أنوارها بالاختفاء ولا يجوز ~~على تواترها دعوى الانتقاء ثم ختم ديوانهم بنبي ملتنا المرعية للهمل ~~الشاهدة على الملل فتلخصت الطاعة وتبينت له الإمرة المطاعة ولم يبق بعده ~~إلا ارتقاب الساعة ثم إن الله قبضه إذ كان بشرا وترك دينه يضم من الأمة ~~نشرا فمن اتبعه لحق به ومن حاد عنه تورط في منتسبه وكانت نجاته على قدر ~~سببه. # روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لم ~~تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي فعضوا عليهما بالنواجذ ". # فاعلموا يا بني بوصية من ناص جاهد ومشفق شفقة والد واستشعروا حبه الذي ~~توفرت دواعيه وعوا مراشد هدية يافوز واعيه وصلوا السبب بسببه وآمنوا بكل ما ~~جاء به مجملا أو مفصلا على حسبه وأوجبوا التجلة لصحبه الذين اختارهم الله ~~لصحبه واجعلوا محبتكم إياهم من توابع محبته واشملواهم بالتوفير وفضلوا منهم ~~أولى الفضل الشهير وتبرءوا من العصبية التي لم يدعكم إليها داع ولا تع ~~التشاجر بينهم أذن واع فهو عنوان السداد وعلامة سلامة الاعتقاد ثم اسحبوا ~~فضل تعظيمهم على فقهاء الملة وأئمتها الجلة فهم صقلة نصولهم وفروع ناشئة ~~على أصولهم وورثة رسولهم واعلموا إني قطعت في البحث زماني وجعلت النظر شاني ~~منذ براني الله وأنشاني مع نبل يعترف به الشاني وإدراك يسلمه العقل ~~الإنساني فلم أجد خابط ورق ولا مصيب عرق ولا PageV01P324 # نازع خطام ولا متكلف فطام ولا مقتحم بحر طام إلا وغايته التي يقصدها قد ~~فضلتها الشريعة وسبقتها وفرعت ثنيتها وارتقتها فعليكم بالتزام جادتها ~~السابلة ومصاحبة رفقتها الكافلة والاهتداء بأقمارها غير الآفلة والله يقول ~~وهو أصدق القائلين:) ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة ~~من الخاسرين (وقد علت شرائعه وراع الشكوك فلا تستنزلكم الدنيا عن الدين ~~وابذلوا دون النفوس فعل المهتدين فلن ينفع متاع بعد الخلود في النار أبد ~~الآبدين ولا يضر مفقود مع الفوز بالسعادة والله أصدق الواعدين ومتاع الحياة ~~الدنيا ms185 أخس ما ورث الأولاد عن الوالدين اللهم قد بلغت فأنت خير الشاهدين ~~فاحذروا المعاطب التي توجب في الشقاء الخلود وتستدعي شوه الوجوه ونضج ~~الجلود واستعيذوا برضا الله من سخطه واربئوا بنفوسكم عن غمطه وارفعوا ~~آمالكم عن القنوع بغرور قد خدع أسلافكم ولا تحمدوا على جيفة العرض الزائل ~~ائتلافكم واقنعوا منه بما تيسر ولا تأسوا على ما فات وتعذر فإنما هي دجنة ~~ينسخها المصباح وصفقة يتعقبها الخسار والرباح ودونكم عقيدة الإيمان فشدوا ~~بالنواجذ عليها وكفكفوا الشبه أن تدنو إليها واعلموا أن الإخلال بشيء من ~~ذلك خرق لا يرفؤه عمل وكل ما سوى الراعي همل وما بعد الرأس في صلاح الجسم ~~أمل وتمسكوا بكتاب الله حفظا وتلاوة واجعلوا حمله على حمل التكليف علاوة ~~وتفكروا في آياته ومعانيه وامتثلوا أموامره وانتهوا عن نواهيه ولا تتأولوه ~~ولا تغلوا فيه وأشربوا قلوبكم حب PageV01P325 # من أنزل على قلبه وأكثر من بواعث حبه وصونوا شعائر الله صون المحترم ~~واحفظوا القواعد التي ينبنى عليها الإسلام حتى لا ينخرم. # الله الله في الصلاة ذريعة التجلة وخاصة الملة وحاقنة الدم وغنى المستأجر ~~المستخدم وأم العبادة وحافظة اسم المراقبة لعالم الغيب والشهادة والناهية ~~عن الفحشاء والمنكر مهما عرض الشيطان عرضهما ووطأ للنفس الأمارة سماءها ~~وأرضهما والوسيلة إلى بل الجوانح ببرود الذكر وإيصال تحفة الله إلى مريض ~~الفكر وضابطة حسن العشرة من الجار وداعية المسالمة من الفجار والواسمة بسمة ~~السلامة والشاهدة للعقد برفع الملامة وغاسول الطبع إذا شانه الطبع والخير ~~الذي كل خير له تبع فاصبروا النفس على وظائفها بين إبداء وإعادة فالخير ~~عادة ولا تفضلوا عليها الأشغال البدنية وتؤثروا على العلية الدنية فإن ~~أوقاتها المعنية بالانفلات تنبس والفلك بها من أجلكم لا يحبس وإذا قرنت ~~بالشواغل فلها الجاه الأصيل والحكم الذي لا غيره الغدو والأصيل والوظائف ~~بعد أداتها لا تفوت وأين حق من يموت من حق الحي الذي لا يموت؟ وأحكموا ~~أوضاعها إذا أقمتموها وأتبعوها الموافل ما أطقتموها فبالإتقان تفاضلت ~~الأعمال وبالمراعاة استحق الكمال PageV01P326 # ولا شكر مع الإهمال ولا ربح مع ms186 إضاعة رأس المال وثابروا عليها الجماعات ~~وبيوت الطاعات فهو أرفع للملام وأظهر لشرائع الإسلام وأبر بإقامة الفرض ~~وأدعى إلى مساعدة البعض البعض. # والطهارة التي هي في تحصيلها سبب موصل لمشروطها محصل فاستوفوها والأعضاء ~~نظفوها وميهها بغير أوصافها الحميدة فلا تضفوها والحجول والغرر فأطيعوها ~~والنيات في كل ذلك فلا تهملوها فالبناء بأساسه والسيف برئاسه. واعلموا أن ~~هذه الوضيفة من صلاة وطهور وذكر مجهور وغير مجهور تستغرق الأوقات وتنازع ~~شتى الخواطر المفترقات فلا يضبطها إلا من ضبط نفسه بعقال وكان في درجة ~~الرجولة ذا انتقال واستعرض صدأه وإن تراخى تقهقر الباع وسرقته الطباع وكان ~~لما سواها أضيع فشمل الضياع. # والزكاة أختها الحبيبة ولدتها القريبة مفتاح السماحة بالعرض الزائل ~~وشكران المسئول على الضد من درجة السائل وحق الله فيمال من أغناه لمن أجهده ~~في المعاش وعناه من غير استحقاق مل يده وإخلاء يد أخيه ولا علة القدر الذي ~~يخفيه وما لم ينله حظ فلا خير يه فاسمحوا بمتفرقاتها للحاضر لإخراجها ~~واختيار عرضها ونتاجها واسحيوا من الله أن تبخلوا عليه ببعض ما بذل وخالفوا ~~الشيطان كلما عذل واذكروا خروجكم إلى الوجود لا تملكون ولا تدرون أين ~~تسلكون فوهب وأقدر وأورد PageV01P327 # بفضله وأصدر ليرتب بكرمه الوسائل أو يقيم الحجج والدلائل فابتغوا إليه ~~الوسيلة بماله واغتنموا رضاه ببعض نواله. # وصيام رمضان عبادة السر المقربة إلى زلفى الممحوضة لمن يعلم السر وأخفى ~~مؤكدة بصيام الجوارح عن الآثام والقيام ببر القيام والاجتهاد وإيثار السهاد ~~على المهاد وإن وسع الاعتكاف فهو من سننه المرعية ولواحقه الشرعية فبذلك ~~تحسن الوجوه وتحصل النفوس من الرقة على ما ترجوه وتهذب الطباع ويمتد في ~~ميدان الوسائل إلى الله الباع. # والحج مع الاستطاعة الركن الواجب والفرض على العين لا يحجبه الحاجب وقد ~~بين رسول الله صلى الله عليه وسلم قدره فيما فرض عن ربه وسنه وقال: ليس له ~~جزاء عن الله إلا الجنة. # ويلحق بذلك الجهاد في سبيل الله وإن كانت لكم قوة عليه وغنى لديه فكونوا ~~ممن يسمع نفيره ويطيعه وإن عجزتم فأطيعوا ms187 من يستطيعه. # هذه عمد الإسلام وفروضه ونقود مهره وعروضه فحافظوا عليها تعيشوا مبرورين ~~وعلى من يناوئكم ظاهرين وتلقوا الله لا مبدلين ولا مغيرين ولا تضيعوا حقوق ~~الله فتهلكوا مع الخاسرين. # واعلموا أن بالعلم تستكمل وظائف هذه الألقاب وتجلى محاسنها من بعد ~~الانتقاب فعليكم بالعلم النافع دليلا بين يدي الشافع فالعلم مفتاح هذا ~~الباب والموصل إلى اللباب والله عز وجل يقول:) هل يستوي الذين يعلمون ~~والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب (. والعلم وسيلة النفوس PageV01P328 # الشريفة إلى المطالب المنيفة وشرطه الخشية لله والخيفة وخاصة الملأ ~~الأعلى وصفة الله في كتبه التي تتلى والسبيل في الآخرة إلى السعادة وفي ~~الدنيا إلى التجلى عاده والذخر الذي قليله يشف وينفع وكثيره يعلىو يرقع لا ~~يغصبه الغاصب ولا يسلبه العدو المناصب ولا يبتزه الدهر إذا مال ولا يستأثر ~~به البحر إذا هال من لم ينله فهو ذليل وإن كثرت آماله وقليل وإن جم ماله ~~وإن كان وقته قد فات اكتسابكم وتخطى حسابكم فالتمسوه لبنيكم واستدركوا منه ~~ما خرج عن أيديكم واحملوهم على جمعه ودرسه واجعلوا طباعهم ثرى لغرسه ~~واستهلوا ما ينالهم من تعب من جراه وسهر يهجر له الجفن كراه تعقدوا لهم ~~ولاية عز لا تعزل وتحلوهم مثابة رافعة لا يحط فارعها ولا يستنزل واختاروا ~~من العلوم التي ينفقها الوقت ما لا يناله في غيره المقت وخير العلوم علوم ~~الشريعة وما نجم وما نجم بمنابتها المريعة من علوم لسان لا تستغرق الأعمار ~~فصولها ولا يضايق ثمرات المعاد محصولها فإنما هي آلات لغير وأسباب إلى خير ~~منها وخير فمن كان قابلا منها لازدياد وألفى فهمه ذا انقياد فليخص تجويد ~~القرآن بتقديمه ثم حفظ الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه ثم الشروع في أصول ~~الفقه فهو العلم العظيم المنة المهدي كنوز الكتاب والسنة ثم المسائل ~~المنقولة عن العلماء الجلة والتدرب في طرق النظر وتصحيح الأدلة وهذه هي ~~الغاية القصوى في الملة ومن قصر إدراكه عن هذا المرمى وتقاعد عن التي هي ~~أسمى فليرو الحديث بعد تجويد الكتاب وإحكامه ms188 وليقرأ المسائل الفقهية على ~~مذهب إمامه وإياكم والعلوم القديمة والفنون المهجورة الذميمة فأكثرها لا ~~يفيد إلا تشكيكا ورأيا ركيكا ولا يثمر في PageV01P329 # العاجلة إلا اقتحام العيون وتطريق الظنون وتطويق الاحتقار وسمة الصغار ~~وخمول الأقدار والخسف من بعد الإبدار وجادة الشريعة أعرق في الاعتدال وأوفق ~~من قطع العمر في الجدال هذا أبن رشد قاضي المصر ومفتيه وملتمس الرشد ومؤتيه ~~عادت عليه بالسخطة الشنيعة وهو إمام الشريعة فلا سبيل إلى اقتحامها والتورط ~~في ازدحامها ولا تخلطوا سامكم بحامكم إلا ما كان من حساب ومساحة وما يعود ~~بجدوى فلاحة وعلاج يرجى على النفس والجسم براحة وما سوى ذلك فمحجور وضرم ~~مسجور وممقوت مهجور. # وأمروا بالمعروف أمرا رفيقا وانهوا على المنكر نهيا حريا بالاعتدال حقيقا ~~واغبطوا من كان سنة الغفلات مفيقا واجتنبوا ما تنهون عنه حتى لا تسلكوا منه ~~طريقا وأطيع أمر من ولاه الله من أموركم أمرا ولا تقربوا من الفتنة جمرا ~~ولا تدخلوا في الخلاف زيدا وعمرا. # وعليكم بالصدق فهو شعار المؤمنين وأهم ما أضرى عليه الآباء السنة البنين ~~وأكرم منسوب إلى مذهبه ومن أكثر من شيء عرف به. وإياكم والكذب فهو العورة ~~التي لا توارى والسوءة التي لا يرتاب في عارها ولا يتمارى وأقل عقوبات ~~الكذب بين يدي ما أعد الله له من العذاب ألا يقبل صدقه إذا صدق ولا يعول ~~عليه إن كان بالحق قد نطق. # وعليكم بالأمانة فالخيانة لوم وفي وجه الديانة كلوم ومن الشريعة التي PageV01P330 # لا يعذر بجهلها أداء الأمانات إلى أهلها وحافظوا على الحشمة والصيانة ولا ~~تجزوا من أقرضكم دين الخيانة ولا توجدوا للغدر قبولا ولا تقروا عليه طبعا ~~مجبولا وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا ولا تستأثروا بكنز ولا خزن ولا ~~تذهبوا لغير مناصحة المسلمين في سهل ولا حزن ولا تبخسوا الناس أشياءهم في ~~كيل أو وزن والله الله أن تعينوا في سفك الدماء ولو بالإشارة أو بالكلام أو ~~ما يرجع إلى وظيفة الأقلام واعلموا أن الإنسان في فسحة ممتدة وسبيل الله ~~غير منسده ما لم ms189 ينبذ إلى الله بأمانة ويغمس في الدم الحرام بيده أو لسانه ~~قال الله في كتابه الذي هدى به سننا قويما وجلى من الجهل والضلال ليلا ~~بهيما:) ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالد فيها وغضب الله عليه ولعنة ~~وأعد له عذابا عظيما (. # واجتناب الزنا وما يتعلق به من كرمت طباعه وامتد سبيل السعادة باعه ولو ~~لم تتلق نور الذي لم يهد شعاعه فالحلال لم تضق عن الشهوات أنواعه ولا عدم ~~إقناعه ومن غلبت عليه غرائز جهله فلينظر هذا يحي أن يزني بأهله؟ والله قد ~~أعد للزاني عذابا وبيلا وقال:) ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء ~~سبيلا (. # والخمر أم الكبائر ومفتاح الجرائم والجرائر واللهو لم يجعله الله في ~~الحياة شرطا والمحرم قد أغنى عنه بالحلال الذي سوغ وأعطى وقد تركها في ~~الجاهلية أقوام لم يرضوا لعقولهم الفساد ولا لنفوسهم بالمضرة في مرضاة PageV01P331 # الأجساد والله جعلها رجسا محرما على العباد وقرنها بالأنصاب والأزلام في ~~مباينة السداد. # ولا تقربوا الربا فإنه من مناهي الدين والله تعالى يقول:) وذروا ما بقي ~~من الربا إن كنتم مؤمنين (. وقال:) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ~~ورسوله (في الكتاب المبين. ولا تأكلوا مال أحد بغير حق يبيحه وانزعوا الطمع ~~عن ذلك حتى تذهب ريحه والتمسوا الحلال يسعى فيه أحدكم على قدمه ولا يكل ~~اختياره إلا للثقة من خدمة ولا تلجئوا إلى المتشابه إلا عند عدمه فهو في ~~السلوك إلى الله أصل مشروط والمحافظ عليه مغبوط. # وإياكم والظلم فالظلم ممقوت بكل لسان مجاهر لله بصريح العصيان والظلم ~~ظلمات يوم القيامة كما ورد في الصحاح الحسان والنميمة فساد وشتات لا يبقى ~~عليه ممات وفي الحديث: " لا يدخل الجنة قتات ". واطرحوا الحسد فما ساد حسود ~~وإياكم والغيبة فباب الخير عنها مسدود والبخل فما رئى البخيل وهو مودود ~~وإياكم وما يعتذر منه فموقف الخزي لا تستقال عثراته ومظنات الفائح لا تؤمن ~~غمراتها وتفقدوا أنفسكم مع الساعات وأفشوا السلام في الطرق والجماعات ورقوا ~~على ذوي الزمانات والعاهات وتاجروا مع ms190 الله بالصداقة يربحكم في البضاعات ~~وعولوا عليه وحده في الشدائد واذكروا المساكين إذا نصبتم الموائد وتقربوا ~~إليهم باليسر من ماله واعلموا أن الخلق عيال الله وأحب الخلق إليه المحتاط ~~لعياله وارعوا حقوق الجار PageV01P332 # واذكروا ما ورد في ذلك من الآثار وتعاهدوا أولى الأرحام والوشائج البادية ~~الالتحام واحذروا شهادة الزور فإنها تقطع الظهر وتفسد السر والجهر والرشا ~~فإنها تحط الأقدار وتستدعي المذلة والصغار ولا تسامحوا في لعبة قمر ولا ~~تشاركوا أولي البطالة في أمر وصونوا المواعد من الإخلاف والأيمان من حنث ~~الأوغاد والأجلاف وحقوق الله من الازدراء والاستخفاف ولا تلهجوا بالآمال ~~العجاف ولا تكلفوا بالكهانة والإرجاف واجعلوا العمر بين معاش ومعاد وخصوصية ~~وابتدعاد واعلموا أن الله بمرصاد وأن الخلق بين زرع وحصاد وأقلوا بغير ~~الحالة الباقية الهموم واحذروا القواطع عن السعادة كما تحذر السموم واعلموا ~~أن الخير أو الشر في الدنيا محال أن يدوم وقابلوا بالصبر أذية المؤذين ولا ~~تقارضوا مقالات الظالمين فالله لمن بغي عليه خير الناصرين ولا تستعظموا ~~حوادث الأيام كلما نزلت ولا تضجعوا للأمراض إذا أعضلت فكل منقرض حقير وكل ~~منقض وإن طال فقصير وانتظروا الفرج وانتشقوا من جناب الله الأرج وأوسعوا ~~بالرجاء الجوانح واجنحوا إلى الخوف من الله فطوبى لعبد إليه جانح وتضرعوا ~~إلى الله بالدعاء والجئوا إليه في البأساء والضراء وقابلوا نعم الله بالشكر ~~الذي يقيد منها الشارد ويعذب الموارد وأسهموا منها للمساكين وأفضلوا عليهم ~~وعينوا الحظوظ منها لديهم فمن الآثار: " يا عائشة أحسني جوار PageV01P333 # نعم الله فإنها قلما زالت عن قوم فعادت إليهم ". ولا تطغكم النعم فتقصروا ~~في شكرها وتلفكم الجهالة بكسرها وتتوهموا أن سعيكم جلبها وجدكم حلبها فالله ~~خير الرازقيم والعقبة للمتقين ولا فعل إلا الله إذا نظر بعين اليقين. والله ~~الله لا تنسوا الفضل بينكم ولا تذهبوا بذهابه زينكم وليلتزم كل منكم لأخيه ~~ما يشتد به تواخيه بما أمكنه من إخلاص وبر ومراعاة في علانية وسر ~~وللإنسانية مزية لا تجهل وحق لا يهمل وأظهروا التعاضد والتناصر وصلوا ~~التعاهد والتزاور ترغموا بذلك الأعداء وتستكثروا ms191 الأوداء ولا تنافسوا في ~~الحظوظ السخيفة ولا تهارشوا تهارش السباع على الجيفة واعلموا أن المعروف ~~يكدر بالامتنان وطاعة النساء شر ما افسد بين الإخوان فإذا أسديتم معروفا ~~فلا تذكره وإذا برز قبح فاستروه وإذا أعظم النساء أمرا فاحقروه والله الله ~~لا تنسوا مقارضة سجلى وبروا أهل مودتي من أجلي ومن رزق منكم مالا بهذا ~~الوطن القلق المهاد الذي لا يصلح لغير الجهاد فلا يستهلك أجمع في العقار ~~فيصبح عرضة للمذلة والاحتقار وساعيا لنفسه إن تغلب العدو على بلده في ~~الافتضاح والافتقار ومعوقا عن الانتقال أمام النوب الثقال وإذا كان رزق ~~العبد على المولى فالإجمال في الطلب أولى وازهدوا جهدكم في مصاحبة أهل ~~الدنيا فخيرها لا يقوم بشرها ونفعها لا يفي بضرها وأعقاب ما تقدم شاهده ~~والنواريخ لهذه الدعوى عاضدة ومن بلى منكم بها فليستظهر بسعة الاحتمال ~~والتقلل من المال ويحذر معاداة الرجال ومزلات الإذلال وفساد الخيال ومداخلة ~~العيال وإفشاء الأسرار وسكر الاغترار PageV01P334 # وليصن الديانة ويؤثر الصمت ويلزم الأمانة ويسر من رضا الله على أوضح ~~الطرق ومهما اشتبه عليه أمران قصد أقربهما إلى الحق وليقف في التماس أسباب ~~الجلال وسمو القدر ورفعة الحال دون الكمال فما بعد الكمال غير النقصان ~~والزعازع تسالم اللدن اللطيف من الأغصان. وإياكم وطلب الولايات رغبة ~~واستجلابا واستظهارا على الحظوظ وغلابا فذلك ضرر بالمروءات والأقدار داع ~~إلى الفضح والعار ومن امتحن منك بها اختيار أو جبر عليها إكراها وإيثار ~~فليتلق # وظائفها بسعة صدره وليبذل من الخير فيها ما يشهد أن قدرها دون قدره ~~فالولايات فتنة ومحنة وأسر وإحنة وهي بين إخطاء سعادة وإخلال بعادة وتوقع ~~عزل وإدالة رخاء بأزل وبيع جد من الدنيا بهزل ومزلة قدم واستتباع ندم ومآل ~~العمر كله فوت ومعاد واقتراب من الله وابتعاد جعلكم الله ممن نفعه بالتصبير ~~والتنبيه وممن لا ينقطع بسببه عمل أبيه. # هذه أسعدكم الله وصيتي التي أصدرتها وتجارتي التي لربحكم أدرتهم فتلقوها ~~بالقبول لنصحها والاهتداء بضوء صبحها وبقدر ما أمضيت من فروعها واستغشيتم ~~من دروعها اقتنيتم من المناقب الفاخرة ms192 وحصلتم على سعادة الدنيا والآخرة ~~بقدر ما أضعتم من لآليها النفيسة القيم استكثرتم من بواعث الندم ومهما ~~شئمتم إطالتها واستغزرتم مقالتها فاعلموا أن تقوى الله فذلك الحساب وضابط ~~هذا الباب كان الله خليقي عليكم في كل حال فالدنيا مناخ ارتحال وتأميل ~~الإقامة فرض محال فالموعد للالتقاء دار البقاء PageV01P335 # جعلها الله من وراء خطة النجاة ونفق بضائعها المزجاه المرتجاة والسلام ~~عليكم من حبيبكم المودع والله يلامه حيث شاء من شمل متصدع والدكم محمد بن ~~عبد الله بن الخطيب ورحمة الله وبركاته. # انتهت الوصية وهي غربة في معناها. # قلت: ولأجل ذلك كان شيخنا الفقيه الإمام القاضي العلامة سيدي عبد الواحد ~~الوانشريشي رحمه الله كثيرا ما يدخل منها في خطبه على مالا يخفق على من ~~طالعها وإلى الله ترجع الأمور. # وإذ بلغنا في ترجمة أبن الخطيب إلى هذا الحد الذي يستطيل الناظر فيه وهو ~~والله يتمم التعريف بابن الخطيب ولا يوفيه فلنذكر # القاضي النبهاني # والكاتب أبن زمرك اللذين كان لهما مع أبن الخطيب أول الأمر مصافاة ومتات ~~ثم استحالت إلى ما علمت من العداوة ذات البتات. PageV01P336 ### || ### ||| القاضي النبهاني # بسم الله الرحمن الرحيم # أما القاضي النباهي فهو علي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن ~~الحسن الجذامي المالقي النباهي، أبو الحسن الشهير بابن الحسن، قاضي الجماعة ~~بغرناطة، الإمام العالم العلامة، كان رحمه الله من أكابر المشهورين بها، ~~ممن له الفصاحة والبلاغة والجلالة، إلى الاتصاف بالعلم والمعرفة، والتفنن ~~في العلوم معقولها ومنقولها. # ذكره ابن الخطيب في الإحاطة وأثنى عليه، وذكر أن ولادته عام ثلاثة عشر ~~وسبع مئة، على ما ذكره بعضهم، وتأخرت وفاته عن ابن الخطيب، بحيث إنه كان ~~حيا عام اثنين وتسعين وسبع مئة. # وقال ابن الخطيب في ترجمة السلطان ابن الأحمر ما نصه: ثم قدم للقضاء ~~الفقيه الحسيب أبا الحسن، وهو عين الأعيان بمالقة، المخصوص برسم التجلة، ~~والقيام بالعقد والحل، فسدد وقارب، وحمل الكل، وأحسن PageV02P005 # مصاحبة الخطبة والخطة، وأكرم المشيخة، مع النزاهة، ولم يقف في حسن التأتي ~~عند غاية؛ فاتفق ms193 على رجاحته، ولم يقف في النصح عند غاية؛ أعانه الله. انتهى ~~ملخصا. # وكم بين ما قال فيه هنا وبين ما في " الكتيبة الكامنة " من تلقيبه ~~بجعسوس، ووصمه بما لا يليق سماعه. وعلى كل حال فقد انتصف كل واحد منهما من ~~صاحبه بلسانه، وعفو الله وراء الجميع. # وقال في حقه الشيخ أبو زكرياء يحيى السراج في فهرسته: الشيخ الفقيه ~~الراوية، قاضي الجماعة بالأندلس وخطيبها، أبو الحسن؛ أخذ عن أبي محمد عبد ~~الله بن أحمد التجيبي الموطأ والشفاء وأكثر الصحيحين؛ وعن الخطيب أبي جعفر ~~الطنجالي، والقاضي العارف أبي القاسم بن سعيد الحميدي، والوزير أبي بكر بن ~~الحكيم، والقاضي أبي جعفر أحمد بن عبد الحق، والحاج الراوية أبي القاسم بن ~~المهنى؛ وقرأ على الفقيه الحاج أبي القاسم بن أحمد بن محمد بن عمران ~~الحضرمي بعض مختصر ابن الحاجب، والتسهيل البديع في اختصار التفريع؛ والحاج ~~أبي عبد الله محمد بن علي السكوني، والخطيب أبي عبد الله الساحلي، والقاضي ~~أبي الحجاج المنتشافري. قدم رسولا لفاس عام سبعة وستين، ثم عام ثمانية ~~وثمانين. انتهى. PageV02P006 # قلت: تقدم من كلام ابن خلدون أنه جاء رسولا في شأن ابن الخطيب، وذلك خلاف ~~هذين التارخين معا، فتأمله. # وله رحمه الله بحث في مسألة الدعاء بعد الصلاة، رام فيه الرد على الشيخ ~~الإمام أبي إسحاق الشاطبي، حسبما نقله صاحب المعيار. ومن تآليفه رحمه الله: ~~" كتاب المرقبة العليا، في مسائل القضا والفتيا " في جزأين، وهو كتاب ممتع ~~إلى الغاية، وقفت على الجزء الأول منه، وقد ذكر في أثنائه أخبار سلفه رحمه ~~الله، ولم أقف من أمره على غير ما ذكرته في هذا الموضوع. وقد قدمنا أنه كان ~~مع السلطان أبي عبد الله بن الأحمر المخلوع حين # رجع # إلى طلب ملكه من المغرب؛ ورأيت لبعض المتأخرين وصفه بالقاضي الأجل ذي ~~الوزارتين. والله أعلم. ### ||| ابن زمرك # وأما ابن زمرك فهو محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف ~~الصريحي، أبو عبد الله، ويعرف بابن زمرك. هكذا ذكر غير واحد من المحققين ms194، ~~وسيأتي في كلام ابن الأحمر حذف " محمد " فيما بين " أحمد " و " يوسف "، ~~ولعله من باب النسبة إلى الجد، والله أعلم. # قال ابن الخطيب في الإحاطة: ولد هذا الفاضل بغرناطة، ونشأ بها، PageV02P007 # وهو من مفاخرها، وكان صدرا من صدور طلبة الأندلس، وأفراد نجبائها، مختصا ~~مقبولا، هشا خلوبا، عذب الفكاهة، حلو المجالسة، حسن التوقيع، خفيف الروح، ~~عظيم الانطباع، شره المذاكرة، فطنا بالمعاريض، حاضر الجواب، شعلة من شعل ~~الذكاء، تكاد تحتدم جوانبه، كثير الرقة، فكها غزلا، مع حياء وحشمة، جوادا ~~بما في يده، مشاركا لإخوانه؛ نشأ عفا طاهرا، كلفا بالقراءة، عظيم الدؤب، ~~ثاقب الذهن، أصيل الحفظ، ظاهر النبل، بعيد مدى الإدراك، جيد الفهم؛ اشتهر ~~فضله، وذاع أرجه، وفشا خبره، واضطلع بكثير من الأغراض، وشارك في جملة من ~~الفنون، فأصبح متلقف كرة البحث، وصارخ الحلقة، وسابق الحلبة، ومظنة الكمال؛ ~~ثم ترق في درج المعرفة والاطلاع، وخاض لجة الحفظ، وركض قلم التسويد ~~والتقييد والتعليق، ونصب نفسه للناس متكلما فوق الكرسي المنصوب، وبين الحفل ~~المجموع، مستظهرا بالفنون التي بعد فيها شأوه، من عربية وبيان، وما تقذف به ~~لجة النقل من أخبار وتفسير، متشوفا مع ذلك إلى السلوك مصاحبا للصوفية، آخذا ~~نفسه بارتياض ومجاهدة؛ ثم عانى الأدب، فكان أملك به. # ورحل في طلب العلم والازدياد، فترقى إلى الكتابة عن ولد السلطان أمير ~~المسلمين بالمغرب أبي سالم بن أبي الحسن، وعرف في بابه بالإجادة، ثم رجع مع ~~السلطان ابن الأحمر في طلب ملكه، فلطف محله منه، وخصه بكتابة سره،) وثابت PageV02P008 # الحال، ودالت الدولة، وكانت له الطائلة، فأقره على رسمه (، معروف ~~الانقطاع والصاغية، كثير الدالة، مضطلعا بالخطة: خطا، وإنشاء، ولسنا، ~~ونقدا؛ فحسن منابه، واشتهر فضله، وظهرت مشاركته، وحسنت وساطته، ووسع الناس ~~تخلقه، وامتد في ميدان النظم والنثر باعه، فصدر عنه من المنظوم قصائد بعيدة ~~الشأو في مدى الإجادة، من الإغراض المتعددة، من ميلاديات وغيرها، وهو بحالة ~~الموصوفة إلى الآن، أعانه الله وسدده. # وأخذ العربية عن رحلة الوقت في فنها، أبي عبد الله) بن الفخار؛ ثم على ~~إمامها القاضي الشريف ms195، إمام الفنون اللسانية، أبي القاسم محمد بن أحمد ~~الحسني؛ والفقه والعربية على الأستاذ المفتي أبي سعيد بن لب؛ واختص بالفقيه ~~المحدث الصدر أبي عبد الله (بن مرزوق، روى عنه كثيرا؛ ولقي الحافظ القاضي ~~أبا عبد الله المقري لما قدم الأندلس رسولا، وذاكره؛ وقرأ الأصول على أبي ~~علي منصور الزواوي؛ وروى عن القاضي أبي البركات بن الحاج، والمحدث أبي ~~الحسين بن التلمساني، والخطيب ابن اللوشي، والمقرئ أبي عبد الله بن بيبش؛ ~~وقرأ بعض الفنون العقلية بفاس على الشريف الرحلة أبي عبد الله العلوي ~~التلمساني، واختص به اختصاصا لم يخل فيه من استفاردة، وحنكة في الصناعة. # وأما شعره فمترام إلى نمط الإجادة خفاجي النزعة، كلف بالمعاني البديعة، ~~والألفاظ الصقيلة، غزير المادة PageV02P009 # مولده في رابع عشر شوال عام ثلاثة وثلاثين وسبع مئة. # انتهى كلام ابن الخطيب. # وأورد له ابن الخطيب فيما يرجع إلى الفخر قوله - قال ابن الخطيب: ولقد ~~صدق -: # ولائمتي في الجود والجود شيمتي ... جبلت على إيثارها يوم مولدي # ذريني فلو أني أخلد بالغنى ... لكنت ضنينا بالذي ملكت يدي # وأورد له ايضا قوله: # لقد علم الله أني امرؤ ... أجر رثوب العفاف القشيب # فكم غمض الدهر أجفانه ... وفازت قداحي بوصل الحبيب # وقيل رقيبك في غفلة ... فقلت أخاف الإله الرقيب # وله أيضا رحمه الله: # ما لي بحمل الهوى يدان ... من بعد ما أعوز التداني # أصبحت أشكو إلى زمان ... ما بت منه على أمان # ما بال عينيك تسجمان ... والدمع يرفض كالجمان # ما ذاك والإلف عنك وان ... والبعد من بعده كواني؟ # يا شقوة من هوان ... لججت في أبحر الهوان PageV02P010 # لم يثنني عن هواك ثان ... يا بغية القلب قد كفاني # انتهى. # ثم أظلم الجو بينه وبين ابن الخطيب، وتولى مكانه بعد فراره كما قدمناه؛ ~~وحظي عند ابن الأحمر جدا، وبقي على ذلك مدة. # قلت: وقد رأيت بتلسان كتابا ملوكيا من تأليف بعض سلاطينها بني الأحمر، ~~وهو حفيد ابن الأحمد المخلوع، سلطان الأندلس، الذي كتب له ابن زمرك المذكور ~~بعد ابن الخطيب، أورد فيه كلام ابن زمرك، وسماه ms196: " البقية والمدرك، من كلام ~~ابن زمرك "، وهو سفر ضخم، ليس فيه إلا نظمه فقط؛ وذكر فيه أن ابن زمرك مات ~~قتيلا بعد التسعين وسبع مئة، فكان ذلك الواقع له مساويا لما وقع لابن ~~الخطيب شيخه، حسبما قدمناه. # ونص ما قيدت من ذلك الكتاب من أوله: " أما بعد ما يجب من حمد الله تعالى ~~في كل حال، وشكره على ما أولى ويسر من صلاح الأحوال؛ والصلاة والسلام على ~~سيدنا محمد صفوة الأنبياء، وسيد الأرسال، والرضا عمن له من صحب وأنصار وآل؛ ~~فإن من المعلوم أن الأدب له بالنفس علاقة تؤديه إلى الاستحسان، وتؤثر من ~~اشتهر به بالملاحظة بلحظ الحظ مع تعاقب الأحيان؛ ولا خفاء أن أيام مولانا ~~الجد المقدس، الغني بالله، تولاه الله برضوانه، كانت غررا في وجوه الأيام، ~~ومواسم تجمع الطم والرم PageV02P011 # من الرؤساء الأعلام؛ الآخذين بأعنة الكلام، السابقين في حلبة النثار ~~والنظام؛ وأن الفقيه الرئيس المدرك، الناظم الناثر أبا عبد الله محمد بن ~~يوسف ابن زمرك؛ عفا الله عنه - وحسبك بمن ارتضاه مولانا) الجد (رحمه الله ~~لكتابته، وصرفه في الوجوه المتعددة من رسالته وحجابته؛ فكان بذلك خليقا، ~~لما جمع فيه من أدوات الكمال علما وتحقيقا؛ وإدراكا ونبلا، وفقها وأوصولا، ~~وفروعا وأدبا وتحصلا، وبيانا وتفسيرا ونظما وترسيلا - لما كان قد أخفت ~~الأيام سنى صبحه، وخابت وسائل نصحه، وعادت بعدوانها بعد فوز قدحه؛ وعثر بين ~~أقدام أقوام لا يعرفون أي ذخر فقدوا، ولا أي مطلق من تصرفاته الجميلة ~~قيدوا؛ مستبصرين بالجهل في دياجي غيهم، معجبين بما ارتكبوه من جياد بغيهم؛ ~~جميعهم يلحظه بمقل داميه، وألفاظ حامية؛ يصابحونه بأوجه خلت عن الوجاهة، ~~سيماها الحسد، وضميرها السخط بما قدره الواحد الصمد. # فخر على الألاءة لم يوسد ... كأن جبينه سيف صقيل # فيا لله من أشلاء هنالك ضائعة، وأعلاق غير مصونة، ووسائل مخفورة؛ وأذمة ~~قطعت أرحامها، ولم يرع ذمامها؛ وعاثت الأيدي الفاتكة حينئذ على بنيه، ~~وارتكبوها شنعاء في أهله وذويه. PageV02P012 # هل كان إلا حيا تحيا العباد به ... هل كان إلا قذى في عين ذي عور ms197 # إن قال قولا تر الأبصار خاشعة ... لما يخبر من وحي ومن أثر # يا لهف نفسي لو قد كنت حاضره ... غداة جرعه أدهى من الصبر # لما تركت له شلوا بمضيعة ... ولا تولى صريع الناب والظفر # وكان ما كان مما لست أذكره ... فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر # وإن سأل سائل عن الخبر الذي ألمعنا بذكره، وضمنا هذا البيت ذروا من فظيع ~~أمره؛ فذلك عند ما نسب صاحب الأمر إليه ما راب، وتله) وابنيه (للجبين ~~معفرين بالتراب؛ وصدمه في جنح السيوف، وتعاورته الحتوف؛ وأذهبه سليبا ~~قتيلا، مصيرا مصراع منزله كثيبا مهيلا، وتعاورته الحتوف؛ وأذهبه سليبا ~~قتيلا، مصيرا مصراع منزله كثيبا مهيلا، وكنا على بعد من هذه الآزفة التي ~~أورثت القلوب شجنا طويلا؛ وذكرتنا بعناية مولانا) الجد (الغني بالله بجانبه ~~أعظم ذكرى، فأغرينا برثائه خلدا وفكرا؛ وارتجلنا عند ذكره الآن هذه الأبيات ~~إشارة مقنعة، وكانية في السلوان مطمعه؛ وأرضينا بالشفقة أو داءه، وأرغمنا ~~بتأبينه أعداءه. ولما تبلج الصبح لذي عينين، وتلقينا راية الفرج بالراحتين؛ ~~عطفتنا على أبنائه عواطف الشفقه، وأطلقنا لهم ما عاثت الأيدي عليه صلة لرحم ~~طالما أضاعها من جهل الأذمة، وأخفر عهود تخدمه لمن سلف من الأئمة؛ وصرفنا ~~للبحث والتفتيش وجوه آمالنا، وجعلنا ضم ما نثرته الحوادث PageV02P013 # من منظوماته من أكيد أعمالنا؛ وكان تعلق بمحفوظنا جملة وافرة من كلامه، ~~مشتملة على ما راق وحسن من نثاره ونظامه؛ فأضفنا ذلك إلى ما وقع عليه ~~اجتهادنا من رقاعه، الحائلة المنتهبة بأيدي النوائب، الدائرة المستلبة ~~بتعدي النواهب؛ فخلص من الجملة قلائد عقيان، وعقود در ومرجان؛ ترتاح النفوس ~~النفيسة لإنشادها، وتحسد الأبصار الأسماع عند إيرادها؛ إلى ما يتخللها من ~~تخليد مآثر سلفنا، والإشادة بعظيم ملكنا؛ فشرعنا في تقييد أوابدها الشارده، ~~وإحياء رسومها البائدة؛ كلفا بالأدب؛ لوضوح فضله، وتأدية لما يجب من رعاية ~~أهله. # ولنبدأ بالتعريف بحال هذا الرئيس المنبه عليه، ونظهرها ما كنا نضمره من ~~الميل إليه، في كل ما له أو عليه، فنقول: هو الفقيه الكاتب، الفذ الأوحد، ~~أبو عبد الله، محمد بن يوسف ms198 بن محمد ابن أحمد بن يوسف الصريحي، ويعرف بابن ~~زمرك؛ أصله من شرق الأندلس، وسكن سلفه بالبيازين من غرناطة، وبها ولد؛ فنشأ ~~ضئيلا كالشهاب يتوقد، مختصر الجرم والأعين بإطالة فواضله تشهد، ومكتب الفئة ~~القرآنية يؤثره بالجناب الممهد، فاشتغل أول نشأته بطلب العلم، والدؤوب على ~~القراءة، وأخذ نفسه بملازمة حلقات التدريس، ولم يبلغ حد وجوب المفترضات إلا ~~وهو متحمل الرواية، وملتمس لفائد الدرايه، مصابح كل يوم أعلام العلوم، ~~ومستهد بمصابيح الحدود العلمية والرسوم. فافتتح أبواب الكتب النحوية ~~بالإمام أبي عبد الله ابن الفخار، الآية الكبرى في فن العربية، وتردد ~~الأعوام العديدة إلى قاضي الجماعة أبي القاسم الشريف؛ فأحسن الإصغاء، وبذ ~~النحاة البلغاء، بما أوجب رثاءه عند الوقوف على ضريحه بالقصيدة الفريدة، ~~التي أولها: PageV02P014 # أغرى سراة الحي بالإطراق # حسبما تأتى مستوفاة إن شاء الله تعالى. واهتدى إلى طريق الخطبة ومناهج ~~الصوفية، بالخطيب المعظم أبي عبد الله بن مرزوق، الوافد على مولانا الجد ~~أبي الحجاج رضي الله عنه في عام ثلاثة وخمسين وسبع مائة، وإليه جنح، وإياه ~~قصد، عند تغربه إلى المغرب، في دولة السلطان أبي سالم، فتوجه بالعمامة التي ~~ارتجل بين يديه فيها: # توجتني بعمامة ... توجت تاج الكرامة # فروض حمدك يزهى ... منى بسجع الحمامة # وأخذ علم الأصلين عن الحافظ الناقد أبي المنصور الزواوي، وبرع في الأدب، ~~أثناء الانقطاع وأول الطلب لأبي عبد الله بن الخطيب، ولكن لم يحمد بينهما ~~المآل. واقتدى في العلوم العقلية بالشريف أبي عبد الله التلمساني، قدوة ~~الزمان؛ وحصلت له الإجازة والتحديث بقاضي الجماعة، وشيخ الجملة، أبي ~~البكرات بن الحاج، وبالخطيب البليغ أبي عبد الله اللوشي، وبالخطيب الورع ~~أبي عبد الله بن بيبش العبدري، رضي الله عن جميعهم. وبواجب محافظتنا على ~~عهدهم، إذ نحن واردون بالإجازة التامة عذب وردهم، وصل سببنا بهم الكثير من ~~شيوخنا، مثل الإمام المعظم أبي محمد عبد الله بن جزي، ومعلمنا الثقة ~~المجتهد أبي الله الشريشي، والقاضي الإمام أبي عبد الله محمد بن علي علاق، ~~وغيرهم رحمة الله عليهم. لذلك صار صدرا في نوادي طلبة ms199 الأندلس، وأفراد ~~نجبائها؛ فما شاءه المحضر يجده في خضله، ويتلقاه من باهر فضله؛ فكاهة ~~ومجالسة أنيقة ممتعة، ومحادثة أريضة مزهرة، وجوابا مطبقا للمفصل، وذهنا PageV02P015 # سابقا لإيضاح المشكل؛ مع انقياد الطبع، وإرسال الدمعة، في سبيل الخشوع ~~والرقة، ورشح الجبين عند تلقي الموعظة، وصون الوجه بجلباب الحياء، ومقابلة ~~الناظر إليه بالاحتشام، والمبادرة للاستدعاء، على طهارة، وبذل وسع، وكرم ~~نفس، لم يعهد أجمل مشاركة منه لإخوانه، ولا أمتع منه بجاهه، إلى مبالغة في ~~الهشة والمبرة والإيثار بما منح، وجنوح إلى حب الصالحين، ذلك بالأنضواء إلى ~~شيخ الفرق الصوفية، الولي أبي جعفر بن الزيات، وأخيه الفاضل الناسك شيخنا ~~أبي مهدي، قدس الله مغناه، وسواهما من أهل الأندلس والعدوة، وحملة أشد ~~الحمل على كل تلبس كأبي البرغوطي وسواه. # ومن تنديداته زعموا على أبي الحسن المحروق لميله عنه: # ولد الفقر والرباط ولكن ... نفسه للسلوك ذات افتقار # وخطب الأدب يافعا وكهلا، وحاز علمه إدراكا ونبلا. # ولما كانت الحادثة على مولانا الجد رحمه الله، واجتاز إلى المغرب، كما ~~تقرر في غير هذا، كلف به، وأنس إليه، لحلاوة منطق، ورفع استيحاش، ومراوضة ~~خلق؛ ثم كرم الله وجهه في صحبه ركابه، فعلت منزلته، ولطف محله. وقفنا على ~~وقعة من رقاعه وهو يبدي فيها ويعي، ويقول: " خدمته سبعا وثلاثين سنة، ثلاثة ~~بالمغرب، وباقيها بالأندلس، وأنشدته فيها ستا وستين قصيدة، في ستة وستين ~~عيدا، وكل ما في منازله السعيدة، من القصور والرياض والدشار والسبيكة، من ~~نظم الرائق، ومدح فائق، في القباب والطاقات والطرز وغير PageV02P016 # ذلك فهو لي، وكانت أؤا كله وأؤا كل ابنه مولاي أبا الحاج وهما كبيرا ملوك ~~أهل الأرض. وهنأته بكذا وكأن قصيدة، وفوض لي في عقد الصلح بين الملوك ~~بالعدوتين، وصلح النصارى عقدته تسع مرات، ألحسه فوض إلى ذلك "؟ قلنا: صدق ~~في جميع ما ذكره، وبذلك شاهدة له. # وخصه عام ثلاثة وسبعين بكتابة سره، واستعمله بعد أعوام في السفارة بينه ~~وبين ملوك عصره، فحمد منابه، ونمت أحواله، ورغد جنابه. وكان هنالك بعض ~~تقولات تشين وجه اجتهاده، وتومئ بما احتقبه ms200 من سوء مقاصده، وما صرفه من ~~قبيح أغراضه، وهاجت الفتنة، فكانت سفارته أعظم أسبابها. وعند الأشد من عمره ~~عرضت لأفكاره تقبلت، وأقعده عن قداح السياسة آفات مختلفات، وأشعرته حدة ~~ذهنه إنه متخبط في أشراك وقعات؛ فقد بجامع مالقة، ثم بمسجد الحمراء، ملقيا ~~على الكرسي فنونا جمله، وعلوما لم يزل يتلقاها عن أولياء التعظيم والتجله، ~~فأنحاز إلى مادة أمم بمالقة طما منهم البحر، وتراءى لأبصارهم وبصائرهم ~~الفخر؛ وكان التفسير أغلب عليه لفرط ذكائه، وما كان قيده وحصله أيام قراءته ~~وإقرائه؛ فما شئت من بيان، وإعجاز قرآن؛ وآيات توحيد وإخلاص، ومنهاج صوفيه ~~تؤذن بالخلاص، يوم الأحد بالنواص. مرارا عدة سمع ما يلقيه ولي الأمر وياشدة ~~البلوى التي أذاقه مرها، وأمطاها إلى طية الهلاك ظهرها، ويا قرب ما كان ~~الفوت، والحسام الصلت، من تباعد هذه القرب التي ألفيت. PageV02P017 # قلنا: لقد جمع جواد القلم، فأطلقنا ونحن نشير إلى هذا الرئيس وتبدل ~~طباعه، بعد انقضاء أعوام شاهدة باضطلاعه؛ وإحراز شيم أدت إلى علو مقداره، ~~واستقامة مداره؛ فآل عمر مولانا جدنا إلى النفاذ، ورمت رئيس كتابه هذا أسهم ~~الحساد؛ فظهر الخفي، وسقط به الليل على سرحان قد طالما جرب الوفي والصفي. # وكان من شأنه الاستخفاف بأولياء الأمر من حجاب الدولة، والاسترسال في ~~الرد عليهم بالطبع والجبلة مع الاستغراق في غمار الفتن اندلسا وغربا، ~~ومراعاة حظوظ نفسه استيلاء وغظبا؛ أما الجراءة فانتضى سيوفها، وأما إكفاء ~~السماء على الأرض فقواصم نوع صنوفها، وأما المجاهدة فوقف الميدان الاعتراض ~~صفوفها، وأما المجاملة فنكر معروفها. أداة هذا النبأ العظيم إلى سكنى ~~المعتقل بقصبة المرية، وعلى الأثر كان الفرج قريبا، وسطور الموحدة قد ~~أوسعها العفو تضريبا. ونالته هذه المحنة عند وفاة مولانا الجد الغني بالله ~~وكانت وفاته غرة شهر صفر عام ثلاثة وتسعين وسبع مائة لأسباب يطول شرحها، ~~أظهرها شراسة في لسانه، واعتزاز بمكانه، وتضريب بين خدام السلكان وأعوانه، ~~فكبا PageV02P018 # لليدين وللفم، إلى أن من الله يسراحه، وأعاده إلى الخضرة في أول شهر ~~رمضان المعظم عام أربعة وتسعين وسبع مائة، فكان ما ms201 كان من وفات مولانا ~~الوالد رحمه الله، وقيام أخينا محمد مقامة الأمر، فاستمر الحال أياما ~~قلائل، وقدم للكتابة الفقيه أبن عاصم لمدة من عام، ثم أعاد المذكور إلى ~~خطته، وقد دمثت بعض أخلاقه، وخمدت شراسته. وحلا بعض مذاقه، فما كان إلا ~~كلاوليت، وإذابة قد ساء مشهدا وغيبا، وأوسع الضمائر شكا وريبا الإحن عليه. ~~وغلت مراجلها لديه؛ وصار يتقلب على جمر الغضي، وتبرم بالقضا؛ ويظهر النصح ~~وفي طيه التشفي، ويسم نفسه بالصلاح، ويعلن بالخشوع، ويشير بأنه الناصح ~~الأمين، ويتلو قول الله سبحانه:) ولكن لا تحبون الناصحين (. ورتب على ~~المشتغلين كبيرهم وصغيرهم ذنوبا ولم يقترفوها، ونسب إليهم نسبا من التضييع ~~لم يعرفوها، وانهم أحتجنوا الأموال، وأساءوا الأعمال والأقوال؛ فلم يظفر من ~~ذلك بكبير طائل، ولا حصل على تفاوت أعداده على حاصل؛ هذا على قلة معرفته ~~بتلك الطريقة الاشتغالية، وعدم اضطلاعه بالأمور الجبائية فمن نفس يروع ~~سرابها، ويكدر بالامتحان والامتهان شربها؛ ومن ضارعة PageV02P019 # خاشعة لله سلبت، وطولبت بغير ما اكتسبت، وتعدت الأيدي إلى أقوام جلة ~~سعدوا بشفائه، وامتحنوا وهم المبرءون من تزويره واعتدائه وسيسألون يوم لا ~~يغني مال ولا بنون؛ وصار يصرف أغراضه، ويظهر أحقاده بين إفصاح بما كان ~~الإعجام خيرا من إلقائه، وأن عمر المسكين المستضعف لا حاجة في طول بقائه؛ ~~إلى مجاهرة عهد منه أيام شبيبته نقيضها، وانعكس في شاخته تصريحها المنغص ~~وتعريضها؛ لا يريح نفسه من جهد ولا يقف من اللجاجة عند حدثني. وقد كان ثقل ~~سمعه فساءت إجابته وطغت أخلاقه فسم الناس وساطته وبما استحلف؛ فلم يكن بين ~~اللازمة واللازمة إلا الحنث عن قصد وغير قصد، ودعا على نفسه وأبنائه بإنجاز ~~وعد وأن يقيض الله ولهم قاتل عمد. فسبحان القهار فوق عباده، الرحيم بهذا ~~الشخص وبالأموات من شيعته وأولاده. # فاستمر على ذلك إلى إحدى الليالي، فهلك في جنح الليل في جوف داره على يدي ~~مخدومه؛ تلقاه زعموا عند الدخول عليه وهو بالمصحف رافع به يديه فجدلته ~~السيوف وتناولته الحتوف فقضي عليه وعلى من وجد من خدامه وابنيه: كل ذلك ms202 ~~بمرأى عين من أهله وبنايه، ولم يتقوا الله فيه حق تقاته؛ فكانت أنكى ~~الفجائع وأفظع الوقائع؛ وساءت القالة وعظم المصاب وكل شيء إلى أجل نافذ ~~وكتاب. PageV02P020 # ولما تلخصت هذه المقدمة بين يدي نظامه، وتم جميع ما أبرزه البحث ~~والاجتهاد من خير كلامه؛ اخترنا له اسما يوافقه، ويوضح مشارقه، وهو " ~~البقية والمدارك من شعر أبن زمرك ". أما البقية فلما بقى بعد هلاكه وتخطته ~~الحوادث وشح الهر بإمساكه؛ والمدارك: لأجل ما ترك في مبيضاته، ولم يخرجه في ~~حياته. وهانحن ننظم درره الرائقة ونطلع في مراتب التأليف كل شارقة. # فمن ذلك قوله في ذكر الحضرة العلية، وتهنئة مولاه الجد رحمه الله عليه ~~ببعض المواسم العيدية؛ ووصف كرائم من جياده وآثار ملكه وجهاده: # يا من يحين إلى نجد وناديها ... غرناطة قد ثوت بجد بواديها # قف بالسبيكة وانظر ما بساحتها ... عقيلة والكثيب الفرد جاليها # تقلدت بوشاح النهر وابتسمت ... أزهارها وهي حلي في تراقيها # وأعين النرجس المطلول يانعة ... ترقرق الطل دمعا في مآقيها # وافتر ثغر أقاح من أزهارها ... مقبلا خد ورد من نواحيها # كأنما الزهر في حافاتها سحرا ... دراهم والنسيم اللدن يجيبها # وانظر إلى الدوح والأنهار تكنفها ... مثل الندمى سواقيها سواقيها # كم حولها من بدور تجتني زهرا ... فتحسبت الزهر قد قبلن أيديها # حصباؤها لؤلؤ قد شف جوهره ... والنهر قد سال ذوبا من لآليها PageV02P021 # نهر النجم والزهر المطيف به ... زهر النجوم إذا ما شئت تشبيها # يزيد حسنا على نهر المجرة قد ... أغناهه در حباب عن دراريها # يدعي المنجم رائيه وناظره ... مسميات أبانتها أساميها # إن الحجاز مغانيه بأندلس ... ألفاظها طابقت منها معانيها # فتلك نجد ساقها كل منسجم ... من الغمام يحييها فيحييها # وبارق وعذيب كل مبتسم ... من الثغر يحليها مجليها # وإن أردت ترى وادي العقيق فرد ... دموع عشاقها حمرا جواريها # وللسبيكة تاج فوق مفرقها ... تود در الدراري لو تحليها # كأن حمراءها والله يكلؤها ... ياقوتة فوق ذاك التاج يعليها # إن البدور لتيجان مكللة ... جواهر الشيب في أبهى مجاليها # لكنها حسدت تاج السبيكة إذ ... رأت أزهاره زهرا يجليها # بروجها لبروج الأفق ms203 مخجلة ... فشهبها في جمال لا تضاهيها # تلك القصور التي راقت مظاهرها ... تهوى النجوم قصورا عن معاليها # لله لله عينا من رأى سحرا ... تلك المنارة قد رقت حواشيها # والصبح في الشرق قد قد لاحت بشائره ... والشهب تستن سبقا في مجاريها # تهوى إلى الغرب لما هالها سحر ... وغمض الفجر من أجفان واشيها PageV02P022 # وساجع العود العود في كف النيم إذا ... ما استوقفت ساجعات الطير يغريها # يبدي أفانين سحر في ترنمه ... يصبي العقول بها حسنا ويسبيها # يجسه ناعم الأطراف تحسبها ... لآلئا وهي نور في تلاليها # مقاتل بلحاظ قوس حاجبيها ... ترمي القلوب بها عمدا فتصميها # فباكر الروض والأغصان مائلة ... يثني النفوس لها شوقا تثنيها # لم يرقص الدوح بالأكمام من طرب ... حتى شدا من قيان الطير شاديها # وأسمعتها فنون السحر مبدعة ... ورق الحمام وغناها مغنيها # غرناطة آنس الحمن ساكنها ... باحت بسر معانيها أغانيها # أعدى نسيمهم لطفا نفوسهم ... فرقة الطبع منه يعديها # فخلد الله أيام السرور بها ... صفرا عشيتها بيضا لياليها # وروض المحل منها كل منبجس ... إذا اشتكت بغليل الجدب يرويها # يحكي الخليفة كفا كلما وكفت ... بالجود فوق موات الأرض يحيها # تغنى العفاة وقد أمت مكارمه ... عن السؤال بالإحسان تغنيها # لها بنان فما غيث يساجلها ... جودا ولا سحبه يوما تدانيها # فإن تصب سحبه بالماء حين همت ... بسجد ولحن صاب هاميها # يا أيها الغيث أنت الغوث في زمن ... ملكوه تلفت لولا تلافيها # إن الرعايا جزاك الله صالحة ... ملكت شرقا وغربا من يراعيها PageV02P023 # إن الخلائق في الأقطار أجمعها ... سوائم أنت في التحقيق راعيها # فكل مصلحة للخلق تحكمها ... وكل صالحة في الدين تنويها # إذا تيممت أرضا وهي مجدبة ... فرحمة الله بالسقيا تحييها # يا رحمة بثت الحمى بأندلس ... لولاك زلزلت الدنيا بمن فيها # في فضل جودك قد عاشت مشيختها ... في ظل أمنك قد نامت ذراريها # في طول عمرك يرجو الله آمالها ... بنصر ملكك يدعو الله داعيها # عوائد الله قد عودت أفضلها ... لتبلغ الخلق ما شاءت أمانيها # سل السعود وخل البيض مغمدة ... واضرب بها فرية التثليث تفريها # لله أيامك الغر التي اطردت ms204 ... فيها السعود بما ترضى ويرضيها # لله دولتك الغراء إن لها ... لكافلا من إله العرش يكفيها # هيهات أن تبلغ الأعداء مأربة ... في جريها وجنود الله تحميها # هذي سيوفك في الأجفان نائمة ... والمشركون سيوف الله تفنيها # سريرة لك في الإخلاص قد عرفت ... حسنى عواقبها حتى أعاديها # لم تحتجب شهب الآفاق عن بصر ... إلا وهديك الأبصار يهديها # يا بن الملوك وأبناء الملوك إذا ... تدعو الملوك إلى طوع تلبيها # أبناء نصر ملوك عز نصرهم ... وأوسعوا الخلق تنويها وترفيها PageV02P024 # هم المصابيح نور الله موقدها ... تضئ للدين والدنيا مشاكيها # هم النجوم وأفق الهدى مطلعها ... فوزا لمهديها عزا لهاديها # هم البدور كمال ما يفارقها ... هم الشموس ظلام لا يواريها # قضت قواضيها أن لا انقضاء لها ... وأمضت الحكم في الأعداء مواضيها # وخلدت في صفاح الهند سيرتها ... وأسنت عن عواليها معاليها # وأورثتك جهادا أنت ناصره ... والأجر منك يرضيها ويحظيها # كم موقف ترهب الأعداء موقفه ... والخيل تردي ووقع السمر يرديها # ثارت عجاجته واليوم محتجب ... والنقع يوثر غما من دياجيها # والأسنة شهب كلما غربت ... في الدارعين تجلت من عواليها # وللسيوف بريق كلما لمعت ... تزجي الدماء وريح النصر يزجيها # أطلعت وجها تريك الشمس غرته ... تبارك الله ما شمس تساميها # من أين للشمس تطلق كله حكم ... يعيدها كل حين منك مبديها # لك الجياد إذا تجري سوابقها ... فللرياح جياد ما تجاريها # إذا انبرت يوم سبق في أعنتها ... ترى البروق طلاحا لا تباريها # من أشهب قد بدا صبحا تراع له ... شهب السماء فإن الصبح يخفيها # إلا التي في لجام منه قيدها ... فإنه سامها عزا وتنويها # أو أشرقت مرعب شقر البرق وقد ... أبقى لها شفقا في الجو تنبيها # أو أحمر جمره في الحرب متقد ... يعلو لها شرر من بأس مذكيها PageV02P025 # لون العقيق وقد سال العقيق دما ... بعطفه من كماة كرم الله وجهه يدميها # أو أدهم مثل صدر الليل تنعله ... أهله فوق وجه الأرض يبديها # إن حارث الشهب ليلا في مقلده ... فصبح غرته بالنور يهديها # أو اصفر بالعشيات ارتدى مرجا ... وعرفه بتمادي الليل ينبيها # مموه بنضار تاه ms205 من عجب ... فليس يعدم تمويها ولا تيها # ورب نهر حسام راق رائقه ... متى ترده نفوس الكفر يرديها # تجري الرءوس حبابا فوق صفحته ... وما جرى غير أن البأس يجريها # وذابل من دم الكفار مشربة ... يجني الفتوح وكف النصر تجنيها # وكم هلال لقوس كلما نبضت ... ترى النجوم رجوما في مراميها # أئمة الكفر ما يممت ساحتها ... إلا وقد زلزلت قسرا صياصيها # يا دولة النصر هل من مبلغ دولا ... مضين أنك تحييها وتنسيها # أو مبلغ سالف الأنصار مالكة ... والله بالخلد في الفردوس يجزيها # أن الخلافة أعلى الله مظهرها ... أبقت لنا شرفا والله يبقيها # يا بن الذين لهم في كل مكرمة ... مفاخر ولسان الدهر يمليها # أنصار خير الورى مختار هجرته ... جيران روضته أكرم بأهليها # أسمتهم الملة السمحاء تكرمة ... أنصارها وبهم عزت أواليها PageV02P026 # ففي حنين وفي بدر وفي أحد ... تلفي مفاخرهم مشهورة فيها # ولتسأل السير المرفوع مسندها ... فعن مواقفهم تروي مغازيها # مآثر خلد الحمن أثرتها ... بنصها من كتاب الله قاريها # ماذا يجيد بليغ أو ينمقه ... من الكلام ووحي الله تاليها # له الجهاد به تسري الرياح إلى ... ممالك الأرض من شتى أقاصيها # تحدى الركاب إلى البيت العتيق به ... فمكة عمرت منه نواديها # بشائر تسمع الدنيا وساكنها ... إذا دعا باسمك الأعلى مناديها # كفى خلافتك الغراء منقيبة ... أن الإله يوالي من يواليها # وقد أفاد بنيه الدهر تجربة ... أن السعود تعادي من يعاديها # إذا رميت سهام العز صائبة ... فما رميت بل التوفيق راميها # شكرا لمن عظمت منا مواهبه ... وإن تعد فليس العد يحصيها # عما قريب ترى الأعياد مقبلة ... من الفتوح ووفد النصر حاديها # وتبلغ الغلية القصوى بشائرها ... فقد أظلت بما ترضى مباديها # فاهنأ بما شئت من صنع تسر به ... وانو الأماني فالأقدار تدنيها # مولاي خذها كما شاءت بلاغتها ... ولو تباع لكان الحسن يشريها # أرسلتها حيثما الأرواح مرسلة ... نوادرا تنشر البشرى أهاليها # جاءت تهنيك عيد الفطر معجبة ... بحسنها ولسان الصدق يطريها # البشر في وجهها واليمن في يدها ... والسحر في لفظها والدر في فيها PageV02P027 # لو رصع البدر منها تاج نفرقه ... لم يرض ms206 در الدرارى أن تحليها # فإن تكن بنت فكري وهو أوجدها ... نعماك في حجره كانت تربيها # في روض جودك قد طوقني مننا ... طوق الحمام فما سجعي موفيها # ولو أعرت لسان الدهر يشكرها ... لكان يقصر عن شكر يوفيها # بقيت للدين والدنيا إمام هدى ... مبلغ النفس ما ترجو أمانينا # والسعد يجري لغايات تؤملها ... ما دامت الشمس تجري في مجاريها # ومن ذلك أيضا قوله هناء لمولانا الجد رحمه الله بالفتح المغربي للسلطان ~~أبي العباس بن السلطان أبي سالم المريني: # هي نفحة هبت من الأنصار ... أهدتك فتح ممالك الأمصار # في بشائرها وبشارة الدنيا بها ... مستمتع الأسماع والأبصار # هبت على قطر الجهاد فروحت ... أرجاءه بالنفحة المعطار # وسرت وأم الله طي برودها ... يهدي البرية صنع لطف الباري # مرت بأرواح المنابر فانبرت ... خطباؤها مفتنة الأطيار PageV02P028 # حنت معارجها إلى أعشارها ... لما سمعن بها حنين عشار # لو أنصفتك لكلت أدواتها ... تلك البشائر يانع الأزهار # فتح الفتوح أتاك في حلل الرضا ... بعجائب الأزمان والأعصار # كم آية لك في السعود جليلة ... خلدت منها عبرة استبصارها # كم حكمة لك في النفوس جليلة ... خفيت مداركها عن الأفكار # كم من أمير أم بابك فانثنى ... يدعي الخليفة دعوة الإبكار # أعطيت أحمد راية منصورة ... بركاتها تسري من الأنصار # أركبته في المنشآت كأنما ... جهزته في وجهة لمزار # من كل خافقة الشرع مصفق ... منها الجناح تطير كل مطار # ألقت بأيدي الريح فضل عنانها ... فتكاد تسبق لمحة الأبصار # مثل الجياد تدافعت وتسابقت ... من طافح الأمواج في مضمار # لله منها في المجاز سوابح ... وقفت عليك الفخر وهي جواري # لما قصدت بها مراسي سبتة ... عطفت على الأسوار عطف سوار # لما رأت من صبح عزمك غرة ... محفوفة بأشعة الأنوار # ورأت حبيبها دونه شمس الضحى ... لبتك بالإجلال والإكبار PageV02P029 # فأفضت فيها من نداك مواهبا ... حسنت مواقعها على التكرار # وأريت أهل الغرب عزم مغرب ... قد ساعدته غرائب الأقدار # وخطبت من فاس الجديدة عقيلة ... لبتك طوع تسرع وبدر # ما صدقوا متن الحديث بفتحها ... حتى رأوه في متون شفار # وتسمعوا الأخبار باستفتاحها ... والخبر قد يغني عن الأخبار # قولوا ms207 لقرد في الوزارة غره ... حلم مننت به على مقدار # أسكنته من فاس جنة ملكها ... متنعما منها بدار قرار # حتى إذا كفر الصنيعة وازدرى ... بحقوقها ألحته بالنار # جرعت نجل الكأس كأسا مرة ... دست إليه الحتف في الإسكار # كفر الذي أوليته من نعمة ... لا تأنس النعماء بالكفر # فطرحته طرح النواة فلم يفز ... من عز مغريه بغير فرار # لم يتفق لخليفة مثل الذي ... أعطى الإله خليفة الأنصار PageV02P030 # لم أدر والأيام ذا عجائب ... تردادها يحلوا على التذكار # ألواء صبح في ثنيه مشرق ... أم راية في جحفل جرار # وشهاب أفق أم سنان لامع ... ينقض نجمها في سماء غبار # ومناقب مولى الإمام محمد ... قد أشرقت أم هن زهر دراري # فاق الملوك بهمة علوية ... من دونها نجم السماء الساري # لو صافح الكف الخضيب بكفه ... فخرت بنهر للمجرة جاري # والشهب تطمع في مطامع أفقها ... لو أحرزت منه منيع جوار # سل بالمشارق صبحها عن وجهه ... يفتر منه عن جبين نهار # سل بالغمام صوبها عن كفه ... تنبيك عن بحر بها زخار # سل بالبوارق صفاحها عن عزمه ... تجبرك عن أمضي شبا وغرار # قد أحرز الشيم الخطيرة عندما ... أمطى العزام صهوة الأخطار # إن يلق ذو الإجرام صفحة صفحة ... فسح القبول له خطا الأعمار # يا من إذا هبت نواسم حمده ... أزرت بعرف الروضه المعطار # يا من إذا افترت سباسم بشره ... وهب النفوس وعاش في الإقتدار # يا من إذا طلعت شموس سعوده ... تعشى أشعتها قوى الأبصار # قسما بوجه في الضياء وإنه ... شمس تمد الشمس بالأنوار PageV02P031 # قسما بعزمك في المضاء وإنه ... سيف تجرده يد الأقدار # لسماح كفك كلما استوهبته ... بزري بغيث الديمة المدرار # لله حضرتك العلية لم تزل ... يلقى الغريب بها عصار التسيار # كم من طريد نازح قذفت به ... أيدي النوى في الفقر رهن سفار # بلغته ما شاء من آماله ... فسلا عن الأوطان بالأوطار # صيرت بالإحسان دارك داره ... متعت بالحسنى وعقبى الدار # والخلق تعلم أنك الغوث الذي ... يضفى عليها وافي الأستار # كم دعوة لك في المحول مجابة ... أغرت جفون المزن باستعبار # جارت مجاري الدمع من ms208 قطر الندى ... فرعى الربيع لها حقوق الجار # ففأعاد وجه الأرض طلقا مشرقا ... متضاحكا بمباسم النوار # يا من مآثره وفضل جهاده ... تحدى القطار بها إلى الأقطار # حطت البلاد ومن حوته ثغورها ... وكفى بسعدك حاميا لذمار # فلرب بكر للفتوح خطبتها ... بالمشرفية والقنا الخطار # وعقيلة للكفر لما رعتها ... أخرست من ناقوسها المهذار # أذهبت من صفح الوجوه كيانها ... ومحوتها إلا من التذكار # عمروا بها منات عدن زخرفت ... ثم انثنوا عنها ديار بوار # صبحت منها روضة مطلولة ... فأعدتها للحين موقد نار # وأسود وجه الكفر من خزى متى ... ما احمر وجه الأبيض البتار PageV02P032 # ولرب روض للغنا متأود ... ناب الصهيل به عن الأطيار # مهما حكت زهر الأسنة زهره ... حكت السيوف معاطفها الأنهار # متوقد لهب الحديد بجوه ... تصلى به الأعداء لفح أوار # فبكل ملتفت صقال مشهر ... قداح زند للحفيظة وارى # في كف أروع فرق نهد سابح ... متموج الأعطاف في الإحضار # من كل منحفز بلمحة بارق ... حمل السلاح به على طيار # من أشهب كل الصبح يطلع غرة ... في مستهل العسكر الجرار # أو أدهم كالليل إلا أنه ... لم يرض بالجوزاء حلي عذار # أو أحمر كالجمر يذكى شغله ... وقد ارتمى من بأسه بشرار # أو أشقر حلي الجمال أديمة ... وكساه من زهو جلال نضار # أو أشعل راق العيون كأنه ... غلس يخالط سدفة بنهار # شهب وشقر في الطراد كأنها ... روض تفتح عن شقيق بهار # عودتها أن ليس تقرب منهلا ... حتى يخالط بالدم الموار # يأيها الملك الذي أيامه ... غرر تلوح بأوجه الأعصار # يهني لواءك أن جدك زاحف ... بلواء خير الخلق للكفار # لا غر أن فقت الملوك سيادة ... إذ كان جدك سيد الأنصار # السابقون الأولون إلى الهدى ... والمصطفون لنضرة المختار PageV02P033 # متهللون إذا التنزيل عراهم ... سفروا له عن أوجه الأقمار # من كل وضاح الجبين إذا احتبى ... تلقاه معصوبا بتاج فخار # قد لاث صبحا فوق بدر بعدما ... لبس المكارم وارتدى بوقار # فاسأل ببدر عن مواقف بأسهم فهم تلافوا أمره ببدار # لهم العوالي عن معالي فخرها ... نقل الرواة عوالي الأخبار # وإذا كتاب الله يتلو حمدهم ... أودى القصور بمنة ms209 الأشعار # باب الرجل بن الذين إذا تذكروا فخرهم ... فخروا بطيب أرومة ونجار # حقا لقد أوضحت من آثارهم ... لما أخذت لدينهم بالثار # أصبحت وارث مجدهم وفخارهم ... ومشرف الأعصار والأمطار # صادرا في الفتح عن ورد المنى ... رد ناجح الإيراد والإصدار # وهنأ بفتح جاء يشتمل الرضا ... خذلان يرفل في حلى استبشار # وإليكها ملء العيون وسامة ... حيتك بالأكبار من أفكاري # تجري حداة العيس طيب حديثها ... يتعللون به على الأكوار # إن مسهم لفح الهجير أبلهم ... منه نسيم ثنائك المعطار # وتميل من أضغى لها فكأنني ... عاطيته منها كئوس عقار # قذفت بحور الفكر منها جوهرا ... لما وصفت أناملا ببحار # لا زلت للإسلام سترا كلما ... أم الحجيج البيت ذا الأستار # وبقيت يا بدر الهدى تجري بما ... شاءت علاك سوابق الأقدار # انتهى ما تعلق به الغرض من هذا التأليف الملوكي وقد أتيت به بحروفه PageV02P034 # من أوله إلى هذا الموضع وتتبعه يطول ولكني أنتقي منه نبذة زائجة على ما ~~سبق من مواضيع شتى فنقول: قال المؤلف رحمه الله: ومن ذلك أثناء وجهه مولانا ~~الجد رحمه الله لتجديد الدولة الأحمدية صدر عام تسعة وثمانين وسبع مائة: # هب النسيم على الرياض مع السحر ... فاستيقظت في الدوح أجفان الزهر # ورمى القضيب درهما من نوره ... فاعتاض من طل الغمام بها درر # نثر الأزهار بعد ما نظم الندى ... يا حسن ما نظم النسيم وما نثر # قم هاتها والجو أزهر باسم ... شمسا تحل من الزجاجة في القمر # إن شجها بالماء كف مديرها ... ترمي من شهب الحباب بها شرر # نارية نورية من ضوئها ... يقد السراج لنا إذا الليل اعتكر # لم يبق منها الدهر إلا صبغة ... قد أرعشت في الكأس من ضعف الكبر # من عهد كسرى لم يفض ختامها ... إذ كان يذخر كنزها فيما ذخر # كانت مذاب التبر فيما قد مضى ... فأحالها ذوب اللجين لمن نظر # جدد بها عرس الصبوح فإنها ... بكر تحييها الكرام مع البكر # وابلل بها ريق الأصيل عشية ... والشمس من رغد الغروب على خطر PageV02P035 # محمرة مصفرة قد أظهرت ... خجل المريب يشوبه وجل الحذر # من كف ms210 شفاف تجسد نوره ... من جوهر لألاء بهجته بهر # تهوي البدور كمالها وتود أن ... لو أوتيت منه المحاسن والغرر # قد خط عذاره في خده ... قلمان من آس هناك ومن شعر # وإلى عليك بها الكئوس وربمنا ... يسقيك من كأس الفتور إذا فتر # سكر الندامي من يديه ولحظة ... متعاقب مهما سقى وإذا نظر # حيث الهديل مع الهدير تناغيا ... فالطير تشدو في الغصون بلا وتر # والقضب مالت للعنان كأنها ... وفد الأحبة قادمين من السفر # متلاعبات في الحلي ينوب في ... وجناتها الورد حسنا عن خفر # والنرجس المطلول يرنو نحوها ... بلواحظ دمع الندى منها انهمر # والنهر مصقول الحسام متى يرد ... درع الغدير مصفقا فيه صدر # تجري على الحصباء وهي جواهر ... متكسرا من فوقها مهما عثر # هل هذه أم روضة البشرى التي ... فيها لأرباب البصائر معتبر # لم أدر من شغف بها وبهذه ... من منها فتن القلوب ومن سحر # جاءت بها الأجفان ملء ضلوعها ... ملء الخواطر والمسامع والبصر # ومسافر في البحر ملء عنانه ... وافى مع الفتح المبين على قدر # قادته نحوك بالخطام كأنه ... جمل يساق إلى القياد وقد نفر # وأراه دين الله عزة أهله ... بك يا أعف القادرين إذا قدر PageV02P036 # يا فخر أندلس وعصمة أهلها ... للسر في اختصاصك قد ظهر # كم معضل من دائها عالجته ... فشفيت منه بالبدار وبالبدر # ماذا عسى يصف البليغ خليفة ... والله ما أيامه إلا غرر # ورثت هذا الفخر يا ملك الهدى ... عن كل من آوى النبي ومن نصر # من شاء يعرف فخرهم وكمالهم ... فليتل وحي الله فيهم والسير # أبناؤهم أبناء نصر بعدهم ... بسيوفهم دين الإله قد انتصر # مولاي سعدك والصباح تشابه ... وكلاهما في الخافقين قد اشتهر # هذا وزير الغرب عبد آبق ... لم يلف غيرك في الشدائد من وزر # كفر الذي أوليته من نعمة ... والله قد حتم العذاب لمن كفر # إن لم يمت بالسيف مات بغيظه ... وصلى سعيرا للتأسف والفكر # ركب الفرار مطية ينجو بها ... فجرت به حتى أتقر على سقر # وكذا أبو حمو وكان حماسه ... قد حم وهو في الحياة على غرر # بلغته والله ms211 أكبر شاهد ... ما شاء من وطن يعز ومن وطر # حتى إذا جحد الذي أوليته ... لم يبق منه الحادثات ولم تذر # في حاله والله أعظم عبرة ... لله عبد في القضاء قد اعتبر # فاصبر تنل امثالها في مثله ... إن العواقب في الأمور لمن صبر # رد حيث شئت مسوغا ورد المنى ... فالله حسبك في الورود وفي الصدر PageV02P037 # لا زلت محروسا بعين كلاءة ... ما دام عين الشمس تعشى من النظر # ومنها وقد أضاف إلى ذلك من التغزل طوع بداره وحجة اقتداره فقال: # والعود في كف النديم بسر ما ... تلقى لنا منه الأنامل قد جهر # غنى عليه الطير وهو بوحه ... والآن غنى فوقه ظبي أغر # عود ثوى حجر القضيب رعى له ... أيام كانا في الرياض مع الشجر # لاسيما لما رأى من ثغره ... زهرا وأين الزهر من تلك الدرر # ويظن أن عذاره من آسه ... ويظن تفاح الخدود من الثمر # يسبي القلوب بلفظه وبلحظه ... وافتنتي بين التكلم والنظر # قد قيدته لأنسنا أوتاره ... كالظبي قيد في الكناس إذا نفر # لم يبل قلبي قبل سمع غنائه ... بمعذر سلب العقول وما اعتذر # جس القلوب بجسه أوتاره ... حتى كأن قلوبنا بين الوتر # نمت لنا ألحانه بجميع ما ... قد أودعت فيه القلوب من الفكر # يا صامتا والعود تحت بنانه ... يغنيك نطق الخبر فيه عن الخبر # أغنى غناؤك عن مدامك يا ترى ... هل من لحظك أم بنانك ذا السكر # باحت أناملك اللدان بكل ما ... كان المتيم في هواه قد ستر # ومقاتل ما سل غير لحاظه ... والرمح هز من القوام إذا خطر # دانت له منا القلوب بطاعة ... والسيف يملك ربه فيمن قهر # ثم قال بعد إيراد جملة من كلامه: # وقال شاكرا لنعمة وصلته من مولانا رحمه الله عليه في عاشوراء: PageV02P038 # مولاي يا أبن السابقين إلى العلا ... والرافعين لواءها المنشورا # إن لحقوا في المعلوات فإنهم ... طلعوا بآفاق العلاء بدورا # أو فوخروا في المكرمات فإنهم ... نظموا بأسلاك الفخار شذورا # أبناء أنصار النبي وصحبه ... في الذكر أصبح فجرهم مذكورا # والمؤثرين وربنا أثنى بها ... في الحشر خلد وصفهم ms212 مسطورا # فاضت علينا من نداك غمائم ... وتفجرت من راحتيك بحورا # من كف شفاف الضياء تخاله ... لصفاء جوهره تجسد نورا # منوعة تعدد وفرها ... أعجزت عنها شكرى الموفورا # في موسم للدين قد جددته ... وأقمت فينا عيده المشهورا # أضعاف ما أهديتنا من منة ... تهدي إليك ثوابها عاشورا # وعلى الطريق بشائر محمودة ... ألقاك جذلانا بها مسرورا # ثم قال: ومن لفظه في وصف القرنفل الصعب الاجتناء بجل الفتح وقد وقع له ~~مولانا الغني بالله بذلك فارتجل قطعا منها: # أتوني بنوار يروق نضارة ... كخد الذي أهوى وطيب تنفسه # وجاءوا به من شاهق متمنع ... تمنع ذلك الظبي في ظل مسكنه # رعى المنى عاشقا متقنعا ... بزهر حكى في الحسن خد مؤنسه PageV02P039 # وأن هب خفاق النسيم بنفحة ... حكت عرفه طيبا قضى يتأنسه # ومنها: # رعى الله زهرا ينتمي لقرنفل ... حكى عرف من الهوى وإشراق خده # ومنبته في شاهق متمنع ... كما امتنع المحبوب في صده # أميل إذا الأغصان مالت بروضة ... أعناق منها القضب شوقا لقده # وأهوف لخفاق النسيم إذا سرى ... وأهوج أريج الطيب من عرف نده # ومنها: # يقر بعيني أن أرى الزهر يانعا ... وقد نازع المحبوب في الحسن وصفه # وما أبصرت عيني كزهر قرنفل ... حكى خد من يسبي الفؤاد وعرفه # تمنع في أعلى الهضاب لمجتن ... تمنعه منى إذا رمت إلفه # وفي جبل الفتح اجتنوه تفاؤلا ... بفتح لباب الوصل يمنح عطفه # وما ضر ذلك الغصن وهو مرنح ... إذا ما ثنى نحو التميم عطفه # ثم قال: ومن قصائده التي يود الصباح سناها، والنسيم اللدن رقه معناها ~~يهني مولانا الجد رضي الله عنه، عند وصول خالصة مقامه، وكبير خدامه، القائد ~~خالد، رحمه الله تعالى، من تلمسان بالهداية، وتجديد المقاصد للوديه، ووفاق ~~استئناف راحة من الذات العليه، ومن فروع دوحتها الزكيه: # أدرها ثلاثا من لحاظك وأحبس ... فقد غال منها الشكر أبناء مجلس # إذا ما نهاني في الشيب عن أكؤس الطلا ... تدير علي الخمر منها بأكؤس # عذيري من لحظ ضعيف وقد غدا ... يحكم منا في جسوم وانفس PageV02P040 # وروض شباب ماس قوامه ... وفتح فيه للحظ أزهار نرجس ms213 # وما زال ورد الخد وهو مضعف ... يعير أقاح الثغر طيب تنفس # وكم جال طرف في روض حسنه ... يقيده فيه العذار بسندس # أما وليالي الوصل الصبا ... ومألف أحبابي وعهد تأنسي # لئن نسيت تلك العهود أحبتي ... فقلبي عهود العامرية ما نسي # وحاشا لنفسي بعد ما أفتر فودها ... من الشيب عن صبح به متنفس # وألبسها ثوب الوقار خليفة ... به لبس الإسلام أشرف ملبس # وجدد للفتح المبين مواسما ... أقام بها الإيمان أفراح معرس # وأورثته العلياء كل خليفة ... نماه إلى الأنصار كل مقدس # فيا زاجر الأظعان وهي ضوامر ... بغير الفلا والوحش لم تتأنس # إذا جئت من دار الغنى بربة ... مناخ العلا والعز فانزل وعرس # فإن شئت من بحر السماحة فاغترف ... وإن شئت من نور الهداية فاقبس # أمولاي والي السهد منك ولاية ... أنارت بها الأكوان جذوة مقبس # إذا شئت إن ترمي القضى من المنى ... تدور لك الأفلاك مرفوعة القسى # فترمى بسهم من سعودك صائب ... سديد لأغراض الأماني مقرطس # أهنيك بالأبلال ممن شفاؤه ... شفاؤك فاسكر من تلاقي وقدس # ودعني أرد يمناك فهي غمامة ... تبخل صوب المعارض المتبجس PageV02P041 # أقبل منها راحة إثر راحة ... أتتك بها الركبان من بيت مقدس # ومن نسب الفتح المبين ولادة ... إليه بغير الفخر لم يتأسس # فيأيها المولى الذي بكماله ... خلائف ذلك العصر في الفخر تأتسي # لآمنت موسى من عوادي سمية ... ولولاك لم يبرح بخفية موجس # بعثت بميمون النقيبة، في اسمه ... خلود لعز ثابت متأسس # فجاءك بالمال العريض هدية ... بها الدين أثواب المسرة يكتسي # وشفعها بالصافنات كأنها ... وقد راق مرآها جآذر مكنس # تنص من الإشراف جيد غزالة ... وترنو من الإيجاس عن لحظ أشوس # لك الخير، موسى كلاهما ... بغير شعار الود لم يتلبس # فلا زلت في ظل النعيم وكل من ... يعاديك لا ينفعك يشقي بأبؤس # عليك سلام مثل حمدك عاطرا ... تنفس وجه الصبح عنه بمعطس # ثم قال بعد ذكر كثير من نظمه وبعض ميلاداته: وأنشد في مولد عام خمسة ~~وستين: # لعل الصبا إن صافحت روض نعمان ... تؤدى أمان القلب عن ظبية ألبان # وماذا على الأرواح وهي ms214 طليقة ... لو احتملت أنفاسها جاجة العاني # وما حال من يستودع الريح سره ... ويطلبها وهي النموم بكتمان # وكالطيف استقريه في سنة الكرى ... وهل تنقح الأحلام غلة ظمآن PageV02P042 # أسائل عن نجد ومرمى صبابتي ... ملاعب غزلان الصريم بنعمان # وأبدى إذا ريح الشمال تنفست ... شمائل مرتاح المعاطف نشوان # عرفت بهذا الحب لم أدر سلوة ... وإني لمسلوب الفؤاد بسلوان # فيا صاحبي نجواي والحب غاية ... فمن سابق جلى مداه ومن واني # وراءكم ما اللوم يثني مقادتي ... فإني عن شأن الملامة في شأن # وإني وإن كنت الأبي قياده ... ليأمرني حب الحسان وينهاني # ولا زلت أرعى العهد فيمن يضيعه ... وأذكر إلفي ما حييت وينساني # فلا تنكر ما سامني مضض الهوى ... قمن قبل قد أود بقيس وغيلان # لي الله إما أومض البرق في الدجى ... أقلب تحت الليل مقلة وسنان # وإن من غمد الغمام حسامه ... بري كبدي الشوق الملم وأضناني # تراءى بأعلام الثنية باسما ... فأذكرني العهد القديم وأبكاني # أسامر نجم الأفق حتى كأننا ... وقد سدل الليل الرواق حليفان # ومما أناجي الأفق أعديه بالجوى ... فأرعى له سرح النجوم ويرعاني # ويرسل صوب القطر من فيض أدمعي ... ويقدح البرق من نار أشجاني # وضاعف وجدي رسم دار عهدتها ... مطالع شهب أو مراتع غزلان # على حين شرب الوصل غير مصرد ... وصفوف الليالي لم يكدر بهجران # لئن كدرت عيني الطلول فإنها ... تمت إلى قلبي بذكر وعرفان # ولم أر مثل الدمع في عرصاتها ... سقى تربها حين استهل وأظماني # ومما شجاني أن سرى الركب موهنا ... تقاد به هوج الرياح بأرسان # غوارب في بحر السراب تخالها ... وقد سبحت فيه مواخر غربان PageV02P043 # على كل نضو مثله فكأنما ... رمى منهما صدر المفازة سهمان # ومن زاجر كوماء مخطفة الحشى ... توسد منها فوق عوجاء مرنان # نشاوي غرام يستميل رءوسهم ... من النوم والشوق المبرح سكران # أجابوا نداء البين طوع غرامهم ... وقد تبلغ الأوطار فوقة أوطان # يؤمنون من قبر الشفيع مثابة ... تطلع منها جنة ذات أفنان # إذا نزلوا من طيبة بجواره ... فأكرم مولى ضم أكرم ضيفان # بحيث علا الإيمان وامتد ظله ... وزان حلي التوحيد تعطيل ms215 أوثان # مطالع آيات مثابة رحمة ... معاهد أملاك مظاهر إيمان # هنالك تصفو للقبول موارد ... يسقون منها فضل عفو وغفران # هناك تؤدي للسلام أمانة ... يحيهم عنها بروح وريحان # يناجون عن قرب شفيعهم الذي ... يؤمله القاصي من الخلق والداني # لئن بلغوا دوني وخلفت أنه ... قضاء جرى من مالك الأمر ديان # وكم عزمة منيت نفسي صرفها ... وقد عرفت مني مواعد ليان # إلى الله نشكوها نفوسا أبية ... تحيد عن الباقي وتغتر بالفاني # ألا ليت شعري هل تساعدني المنى ... فأترك أهلي في رضاه وجيراني # وأقضي لبنات الفؤاد بأن أرى ... أعفر خدي في ثراه وأجفاني # إليك رسول الله دعوة نازح ... خفوق الحشى رهن المطامع هيمان # غريب بأقصى الغرب قيد خطوه ... شباب تقضى في مراح وخسران PageV02P044 # يجد اشتياقا للعقيق وبانه ... ويصبو إليها ما استجد الجديدان # وإن أومض البرق الحجازي موهنا ... يردد في الظلماء أنه لهفان # فيا مولي الرحمي ويا مذهب العمى ... ويا منجد الفرقي ويا منقذ العاني # بسط يد المحتاج يا خير راحم ... وذنبي ألجأني إلى موقف الجاني # وسيلتي العظمى شفاعتك التي ... يلوذ بها عيسى وموسى بن عمران # فأنت حبيب الله خاتم رسله ... وأكرم مخصوص بزلفي ورضوان # وحسبك أن سماك أسماءه العلا ... وذاك كمال لا يشاب بنقصان # وأنت لهذا الكون علة كونه ... ولولاك ما امتاز الوجود بأكوان # ولولاك للأفلاك لم تجل نيرا ... ولا قلدت لباتهن بشهبان # خلاصة صفو المجد من آل هاشم ... ونكته سر الفخر من آل عدنان # وسيد هذا الخلق من نسل آدم ... وأكرم مبعوث إلى الإنس والجان # وكم آية أطلعت في أفق الهدى ... يبين صباح الرشد فيها ليقظان # وما الشمس بحلوها النهار لمبصر ... بأجلى ظهورا أو بأوضح برهان # وأكرم بآيات تحديتها بها ... ولا مثل آيات لمحكم فرقان # وماذا عسى يثني وقد أتى ... ثناؤك في وحي قديم وقرآن # فصلى عليك الله ما انسكب الحيا ... وما سجعت ورقاء في غصن ألبان PageV02P045 # وأيد مولانا أبن نصر فإنه ... لأشرف من ينمي لملك وسلطان # أقام كما يرضيك مولدك الذي ... به سفر الإسلام عن وجه جذلان # سمي رسول الله ناصر دينه ... معظمه ms216 في حال سر وإعلان # ووارث سر المجد آل خزرج ... وأكرم من تنمي قبائل قحطان # ومراسلها ملء الفضاء كتائبا ... تدين لها الملوك بإذعان # حدائق خضر والدروع غدائر ... وما أنبت إلا ذوابل مران # تجاوب فيها الصاهلات وترتمي ... جوانبها بالأسد من فوق عقبان # فمن كل خوار العنان قد أرتمى به كل مظعام العشيات مطعان # ومورد ظمآي الكعوب ذوبلا ... ومصدرها من كل أملد ريان # ولله منها والربوع مواحل ... غمام ندى كفت به المحل كفان # إذا أخلفت الناس الغمام وأمحلوا ... فإن نداه والغمام لسيان # إمام أعاد الملك بعد ذهابه ... إعادة لأنابي الحسام ولا واني # فغادر أطلال الضلال دوارسا ... وجدد للإسلام ارفع بنيان # وشيدها والمجد يشهد دولة ... محافلها تزهى بيمن وإيمان # وراق من الثغر الغريب ابتسامة ... وهز له الإسلام أعطاف مزدان # لك الخير ما أسنى شمائله التي ... يقصر عن إدراكها كل إنسان # ذكاء إياس في سماحة حاتم ... وإقدام عمرو في بلاغة سبحان # أمولاي ما أنسى مناقبك التي ... هي الشهب لا تحصى بعد وسبحان # فلا زلت يا غوث البلاد وأهلها ... مبلغ أوطار ممهد أوطان # ثم قال بعد سرد ميلادية، وانشد ذلك في مولد سنة سبع وستين وسبع مائة وألم ~~في أخرياتها بوصف المشور الأسنى، الرفيع المبنى: PageV02P046 # زار الحيال بأيمن الزوراء ... فجلا سناه غياهب الظلماء # وسرى مع النسمات يحسب ذيله ... فأتت تنم بعنبر وكباء # هذا وما شيء ألذ من المنى ... إلا زيارته مع الإعفاء # بتنا خيالين التحقا بالضنى ... ما نخشى من الرقباء # حتى أفاق الصبح من غمراته ... وتجاذبت أيدي النسيم ردائي # يا سائلي عن سر من أحببته ... السر عندي ميت الأحياء # تالله ما أشكو المحبة والهوى ... لسوى الأحبة أو أموت بدائي # يا زين قلبي لست أبرح عانيا ... أرضى بسقمي في الهوى وعنائي # أبكى وما غير النجيع مدامعي ... أذكى ولا ضرم سوى أحشائي # أهفو إذا تهفو البروق وأنثني ... لسرى النواسم من ربا تيماء # بالله يا نفس الحمى رفقا بمن ... أغريته يتنفس الصعداء # عجبا له يندى على كبدي وقد ... أذكى بقلبي جمرة البرحاء # يا ساكني البطحاء أي لبانة ... لي عندكم ms217 يا ساكني البطحاء # أترى النوى يوما تخيب قداحها ... ويفوز منكم بلقاء # في حيكم قمر فؤادي أفقه ... تفديه نفسي من قريب نائي # لم تنسني الأيام يوم وداعه ... والركب قد أوفى على الزوار # أبكى ويبسم والمحاسن تنجلي ... فعلقت بين تبسم وبكاء # يا نظرة جادت بها أيدي النوى ... حتى استهلت ادمعي بدماء PageV02P047 # من لي بثانية تنادي بالأسى: ... " قدك اتئد أسرفت في الغلواء " # ولرب ليل بالوصال قطعه ... أجلو دجاء بأوجه الندماء # أنسيت فيه القلب عادة حلمه ... وحثثت فيه أكوس السراء # وجريت في طلق التصابي جامحا ... لا أنثني لمقادة النصحاء # أطوبي شبابي للمشيب مراحلا ... برواحل الإصباح والإمساء # يا ليت شعري هل أرى أطوبا إلى ... قبر الرسول صحائف البيداء # فتطيب في تلك الربوع مدائحي ... ويطول في ذلك المقام ثوائي # حيث النبوة نورها متألق ... كالشمس تزهى في سنى وسناء # حيث الرسالة في ثنية قدسها ... وفعت لهدى الخلق خير لواء # حيث الضريح أكرم مرسل ... فخر الجود وشافع الشفعاء # المصطفى والمرتضى والمجتبي ... والمتقي من عنصر العلياء # خير البرية مجتباها ذخرها ... ظل الإله الوارف الأفياء # تاج الرسالة ختمها وقوامها ... وعمادها السامي على النظراء # لولاه للأفلاك ما لاحت بها ... شهب تنير دياجي الظلماء # ذو المعجزات الغر والآي التي ... أكبرن عن عد وعن إحصاء # وكفاك رد الشمس بعد غروبها ... وكفاك ما قد جاء في الإسراء # والبدر شق له وكم من آية ... كأنامل جادت ينبع الماء # وبليلة الميلاد كم من رحمة ... نشر الإله بها ون نعماء # قد بشر الرسل الكرام ببعثه ... وتقدم الكهان بالأنباء PageV02P048 # أكرم بها بشرى على قدر سرت ... في الكون كالأرواح في الأعضاء # أمسى بها الإسلام يشرق نوره ... والكفر أصبح فاحم الأرجاء # هو آيه الله التي نورها ... تجلو ظلام الشك أي جلاء # والشمس لا تخفي مزية فضلها ... إلا على ذي المقله العمياء # يا مصطفى والكون لم تعلق به ... من بعد أيدي الخلق والإنشاء # يا مظهر الحق الجلى ومطلع النور السنى السافر الأضواء # يا ملجأ الخلق المشفع فيهم ... يا رحمة الأموات والأحياء # يا آسي المرضى ومنتجع الرضا ... ومؤاسي الأيتام والضعفاء # أشكو إليك ms218 وأنت خير مؤمل ... داء الذنوب وفي يديك دوائي # إني مددت يدي إليك تضرعا ... حاشى وكلا أن يخيب رجائي # إن كنت لم أخلص إليك فإنما ... خلصت إليك محبتي وندائي # وبسعد مولاي الإمام محمد ... تعد الأماني أن يتاح لقائي # ظل الإله على البلاد وأهلها ... فخر الملوك السادة الخلفاء # غوث العباد وليث مشتجر القنا ... يوم الطعان وفارج الغماء # كالدهر في سطواته وسماحه ... تجري صباه يزعزع ورخاء # رقيت سجاياه وراقت مجتلى ... كالنهر وسط الروضة الفيحاء # كالزهر في إيراقه والبدر في ... إشراقه والزهر في اللألاء # يا أبن الآلي إجمالهم وجمالهم ... فلق الصباح وواكف الأنواء PageV02P049 # أنصار دين الله حزب رسوله ... والسابقين بحلبة العلياء # يا بن الخلائف من بني نصر ومن حاطوا ذمار الملة السمحاء # من كل من تقف الملوك ببابه ... يستمطرون سحائب النعماء # قوم إذا قادوا الجيوش إلى الوغى ... فالرعب رائدهم إلى الأعداء # العز مجلوب بكل كتيبة ... والنصر معقود بكل لواء # يا وارثا عنها مناقبها التي ... تسمو مراقيها على الجوزاء # يا فخر أندلس وعصمة أهلها ... يجزيك عنها الله خير جزاء # كم خضت طوع صلاحها من مهمة ... لا تهتدي فيه القطا للماء # تهدي بها حادي السرى بعزائم ... تهدي نجوم الأفق فضل ضياء # يا رافع لواء الفخر غير مدافع ... واسحب ذيول العزة القسعاء # يا هنا بمبناك السعيد فإنه ... كهف ليوم مشورة وعطاء # منه هالة قد أصبحت ... حرم العفاة ومصرع الأعداء # تقاتبها طير الرجاء فتجتني ... ثمر المنى من دوحة الآلاء # منه قبة مرفوعة ... دون السماء تفوت لحظ الرائي # راقت بدائع وشيها فكأنها ... وشى الربيع بمسقط الأنداء # علمت ميلاد النبي محمد ... وشفعته بالليلة الغراء # أحييت ليلك ساهرا فأفدتنا ... قوت القلوب بذلك الإحياء # يا أيها الملك الهمام المجتبى ... فاتت علاك مدارك العقلاء # من لي بأن أحصي مناقبك التي ... ضاقت بهن مذاهب الفصحاء PageV02P050 # وإليك مني روضة مطلولة ... أرجت أزهارها بطيب ثناء # فافسح لها أكناف صفحك إنها ... بكر أتت تمشي على استحياء # قال: وأنشد من ذلك في مولد عام ثمانية وستين وقد كان مولانا رضي الله عنه ~~أبي أن يرسل العنان في مدح ms219 مقامه مبالغة في توقير جانب المصطفى صلى الله ~~عليه وسلم وإعظامه فلهذا القصد الأدبي الكريم أتى من المدح السلطاني في ~~آخرها الملتمح القريب واكتفى من القلادة بما أحاط بالترتيب ومد القول في ~~ذكر الرسول وعجائب مجده حسبما اقتضاه الاختيار من مولانا كافأ الله جميل ~~قصده آمين: # هذا الصباح صباح الشيب قد وضحا ... سرعان ما كان ليلا فاستنار ضحى # للدهر لونان من نور ومن غسق ... هذا يعاقب هذا كلما برحا # ونلك صبغته أعدى بينه بها ... إذا تراخى مجال العمر وانفسحا # ما ينكر المرء من نور جلا غسقا ... ما لم يكن لأماني النفس مطرحا # إذا رأيت بروق الشيب قد بسمت ... بمفرق فمحيا العيش قد كلحا # يلقى المشيب بإجلال وتكرمة ... من قد أعد من الأعمال ما صلحا # أما ومثلي لم يبرح بعلله ... من النسيم عليل كلما نفحا # والبرق ما لاح في الظلماء مبتسما ... من جانب السفح إلا دمعه سفحا # فما له بقريب الشيب من قبل ... من بعد ما لام في شأن الهوى ولحا PageV02P051 # يأبى وفائي أن أصغي للأئمة ... وأن أطيع عذولي غش أو نصحا # يأهل نجد سقي الوسمي ربعكم ... غيثا ينيل غليل الترب ما اقترحا # ما للفؤاد إذا هبت يمانية ... تهديه أنفاسها الأشجان والبرحا # يا حبذا نسمة من أرضكم نفحت ... وحبذا ربرب من جوكم سنحا # يا جيرة تعرف الأحياء جودهم ... ما ضر من ضن بالإحسان لو سمحا # ما شملت بارقة من جو كاظمة ... إلا وبت لزند الشوق مقتدحا # في ذمة الله قلبي ما أعلله ... بالقرب إلا وعاد القرب منتزحا # كم ليلة والدجى راعت جوانبها ... قلب الجبان فما ينفك مطرحا # سريتها ونجوم الأفق فيه طفت ... جواهرا وعباب الليل قد طفحا # بسابح اهتدى ليلا بغرته ... والبدر في لجو الظلماء قد سبحا # والسحب تنثر در الدمع من فرق ... والجو يخلع من برق الدجى وشحا # ما طالبت همتي دهري بمعلوة ... إلا بلغت من الأيام مقترحا # ولا أدرت كئوس العزم مغتبقا ... إلا أدرت كئوس العز مصطبحا # هذا وكل الذي نلت من أمل ... مثل الخيال تراءى ثمت انتزحا # كم ms220 يكدح المرء لا يدري منيته ... أليس كان امرئ يجزى بما كدحا # وارحمتا أيامنا ضاع أطيبه ... فما فرحت به قد عاد لي ترعا # أليس أيامنا اللائى سلفنا لنا ... منزلا أعلمت فيها الخطا مرحا PageV02P052 # إنا إلى الله ما أولى المتاب بنا ... لو أن قلبا إلى التوفيق قد جنحا # الحق أبلج والمنجاة عن كئب ... والأمر لله والعقبى لمن صلحا # يا ويح نفس توانت عن مراشدها ... وطرفها في عنان الغي قد جمحا # نرجو الخلاص ولم تنهج مسالكها ... من باع رشدا بغي قلما ريحا # يا رب صفحك يرجو كل مقترف ... فأنت أكرم من يغفو ومن صفحا # يا رب لا سبب أرجو الخلاص به ... إلا الرسول ولطفا منك إن نفحا # فما لجأت له في دفع معضلة ... إلا وجدت جناب اللطف منفسحا # ولا تضايق أمر فاستجرت به ... إلا تفرج باب الضيق وافتحا # يا هل تبلغني مثواه ناجية ... تطوي بي القفر مهما امتد وانفسحا # حيث الربوع بنور الوحي آهلة ... من حلها احتسب الآمال مقترحا # حيث الرسالة تجلو من عجائبها ... من الجمال بنور الله متضحا # حيث النبوة تتلو من غرائبها ... ذكر يغادر صدر الدين منشرحا # حيث الضريح بما قد ضم من كرم ... قد بذلك في الفجر من ساد ومن نجحا # يا حبذا بلدة كان النبي بها ... يلقي الملائك فيها آية سرحا # يا دار هجرته يا أفق مطلعه ... لي فيك بدر بغير الفكر ما لمحا # من هاشم في سماء العز مطلعة ... أكرم به نسبا بالعز متشحا # من آل عدنان في الأشراف من مضر ... من محتد تطمح العلياء إن طمحا # من عهد آدم ما زالت أوامره ... تسام بالمجد من آبائه الصرحا PageV02P053 # عناية سبقت قبل الوجود له ... والله لو ووزنت بالكون ما رجحا # يا مصطفى وكمام الكون ما فتقت ... يا محبتي وزناد النور ما قدحا # لولاك ما أشرقة شمس ولا قمر ... لولاك ما راقت الأفلاك ملتمحا # صدعت بالنور تجلو كل داجية ... حتى نهج الحق واتضحا # يا فاتح الرسل لو يا خاتمها شرفا ... بوركت مختتما قدست مفتتحا # دنوت للخلق بالألطاف تمنحا ... والقلب في ms221 العالم العلوي ما برحا # كالشمس في الأفق الأعلى مجرتها ... والنور إلى الأبصار قد وضحا # كم آية لرول الله معجزة ... نكل عن منتهاها ألسن لفصحا # إن ردت الشمس من بعد الغروب له ... قد ظللته غمام الجو حيث نحا # يا نعمة عظمت في الخلق منها ... ورحمة تشمل الغادرين والروحا # الله أعطاك ما لم يؤته أحد ... والله أكرم من أعطى ومن منحا # حبيبه مصطفاه مجتباه وفي ... هذا بلاغ لمن حلاك ممتدحا # أثنى عليك كتاب الله ممتدحا ... فأين يبلغ في علياك من مدحا # قد أبعدتني ذنوبي عنك يا أملي ... فجهدي اليوم أن أهدي لك المدحا # لعل رحماك والأقدار سابقة ... تدنى محبا بأقصى الغرب منتزحا # نفس شعاع وقلب خان أضلعه ... مما يعاني من الأشواق قد برحا # إذا البروق أضاءت والغمام همت ... فزفرتي إذ كيت أو مدمعي سفحا # لم لا أحن وهذا الجذع حن له ... لما تباعد عن لقياه وانتزحا # كم ذا التعلل والأيام تمطلنا ... كأنها لم تجد عنك منتدحا # ما أقدر الله أن يدنى على شحط ... وأن يقرب بعد البين من نزحا PageV02P054 # يا سيد الرسل يا نعم الشفيع إذا ... طال الوقوف وحر الشمس قد لفحا # أنت المشفع الأبصار شاخصة ... أنت الغياث وهو الخطب قد فدحا # جاش العلا وجميل الظن يشفع لي ... أن يخفق السعي مني يعد ما نجحا # غساك يا خير من ترجى وسائله ... تنجي غريقا ببحر الذنب قد سبحا # ما زال معترفا بالذنب معتذرا ... لمل حبك يمحو كل ما اجترحا # عسى البشر غداء الروح يسمعني ... بشرى تعود لي البؤسى بها فرحا # لا تيأسن فإن الله ذو كرم ... وحبك العاقب الماحي الذنوب محا # صلى الإله على المختار صفوته ... ما العارض انهل أو ما البارق التمحا # وأيد الله مولانا بعصمته ... بأي باب إلى العلياء قد فتحا # وهنأ الدين والدنيا على ملك ... لسعده الطائر الميمون قد سنحا # أنا الضمين لمكحول بغرته ... ألا ترى عينه بؤسا ولا ترحا # مولاي خذها كما شاءت بلاغتها ... غراء لم تعدم الأحجال والقزحا # كأن سرب قوافيها إذا سنحت ... طير على فنن الإحسان قد ms222 صدحا # قال: ومن إعذارياته المحكمة نسقا ورصفا المتناهية في كل فن حسن تحلية ~~غريبة وصفا حسبما اقتضاه ملاحظة النسبة الرفيعة لصناع مولانا رحمه الله ~~واحتفاله المناسب لعز ملكه من تعميم الخلق بالجفلى في دعواهم واستدعاء أشرف ~~الأمم من أهل المغرب وسواهم تقننا في مكارم متعدد أيامها على أصالة المجد ~~معربة وإغراء لهم الملك بما يتم الأمن من أوضاع مغربة ومباهاة بعرض الجيوش ~~للعدو الكافر ومكاثر من مماليك دولته PageV02P055 # بالعدد الوافر مما ألجم اللسن الذكي عيا وغادر الإعذار الذنوني منسيا ~~كافأ الله أبوته المولوية عنا وعن آبائنا وتلقى بالقبول الكفيل بتحديد ~~الرضوان ما نصل إليه من خالص دعائنا أنه منعم جواد قوله في الصنيع المخلص ~~من ذلك بمولانا الوالد قدس الله روحه وذلك سنة أربع وستين وسبع مائة: # معاذ الهوى أن أصحب القلب ساليا ... وأن يشغل اللوم بالعذل باليا # دعاني أعط الحب فضل مقادتي ... يقضي على الوجد ما كان قاضيا # ودون الذي رام العواذل صبوة ... رمت بي في شعب الغرام المراميا # وقلب إذا ما البرق أومض موهنا ... قدحت به زندا من الشوق واريا # خليلي إني اليوم طارقة النوى ... شقيت بمن لو شاء أنعم باليا # وبالخيف يوم النفر يا أم مالك ... تخلفت قلبي في حبالك عانيا # وذو أشر عذب المنايا مخصر ... يسقي به ماء النعيم الأقاحيا # أحوم عليه مادجا الليل ساهرا ... وأصبح دون الورد ظمآن صاديا # يمضي ظلام الليل ما بين أضلعي ... إذا البارق النجدي وهنا بدا ليا # أجيرتنا بالرمل والرمل منزل ... مضى العيش فيه بالشبيبة حاليا # ولم أر ربعا منه أقضى لبانة ... وأشجى حمامات وأحلى مجانيا # سقت ظله الغر الغوادي ونظمت ... من القطر في جيد الغصون لآليا # أبثكم أي على النأي حافظ ... ذمام الهوى لو تحفظون ذماميا # أناشدكم والحر أوفى بعهده ... ولن يعدم الإحسان والخير جازيا PageV02P056 # هل الود إلا ما تحاماه كاشح ... وأخفق في مسعاه من جاء واشيا # تأوبنى والليل يذكى عيونه ... ويسحب من ذيل الدجنة ضافيا # وقد مثلت زهر النجوم بأفقها ... حبابا على نهر المجرة طافيا # خيال على بعد المزار ms223 ألم بي ... فأدركني من لم أكن عنه ساليا # عجبت له كيف اهتدى نحو مضجعي ... ولم يقول مني السقم والشوق باقيا # رفعت له نار الصبابة فاهتدى ... وخاض لها عرض الدجنة ساريا # ومما أجد الوجد سرب على النقي ... سوانح يصقلن الطلى والتراقيا # نزعن عن الألحاظ كل مسدد ... فغادرن أفلاذ القلوب دواميا # ولما تراءى السرب قلت لصاحبي ... وأيقنت أن الحب ما عشت دائيا # حذارك من سقم الجفون فإنه ... سيعدي بما يعيى الطبيب المداويا # وإن أمير المسلمين محمدا ... ليعدى نداه الساريات الهواميا # تضئ النجوم الزاهرات خلاله ... وينفث في روح الزمان المعاليا # معال إذا ما النجم صوب طالبا ... مبالغها في العز خلف وانيا # يسابق علوي الرياح إلى الندى ... وتفضح جدوي راحتيه الغواديا # ويغضي عن العوراء إغضاء قادر ... ويرجح في الحلم الجبال الرواسيا # هما يروع الأسد في حومة الوغى ... كما راعت الأسد الظباء الجوازيا # مناقب تسمو للفخار كأنما ... تجري إلى المجد النجوم الجواريا # إذا استبق الأملاك يوما لغاية ... ابيت وذاك المجد إلا التناهيا # بهرت فأخفيت الملوك وذكرهم ... ولا عجب فالشمس تخفى الدرايا # جلوت ظلام الظلم من كل معتد ... ولا عرو أن تجلو البدور الدياجيا PageV02P057 # هديت سبيل الله من ضل رشده ... لا زلت مهديا إليها وهاديا # أفدت وحتى الملك مما أفدته ... وطوقت أشراف الملوك الأياديا # وقد عرفت منها مرين سوابقا ... تقر لها بالفضل أخرى اللياليا # وكان أبو زيان جيدا معطلا ... فزينته حتى اغتدى بك حاليا # لك الخير لم تقصد بما قد أفديته ... جزاء ولكن همة هي ما هيا # فما تكبر الأملاك غيرك آمرا ... ولا ترهب الأشراف غيرك ناهيا # ولا تشكي الأيام من داء فتنة ... فقد عرفت منك الطبيب المداويا # أندلس أوليت ما أنت أهله ... وأوريتها وردا من الأمن صافيا # تلافيت هذا الثغر وهو على شفى ... وأصبحت من داء الحوادث شافيا # ومن بعد ما ساءت ظنون بأهلها ... وحاموا على ورد الأماني صواديا # فما يأملون العيش إلا تعللا ... ولا يعرفون الأمن إلا أمانيا # عطفت على الأيام عطف راحم ... وألبستها ثوب امتنانك ضافيا # فآنس من تلقائك الملك رشده ... ونال بك ms224 الإسلام ما كان راجيا # وقفت على الإسلام نفسا كريمة ... تصد عدوا عن حماه وعاديا # فرأى كما انشق الصباح وعزمة ... كما صقل القين الحسام اليمانيا # وكانت رماح الخط خمصا ذوابلا ... فأنهلت منها في الدماء صواديا # وأوردت صفح السيف أبيض ناصعا ... فأصدرته في الروع أحمر قانيا # لك العزم تستجلي الخطوب بهديه ... ويلفى إذا تنبو الصوارم ماضيا # إذا أنت لم تفخر بما أنت أهله ... فما الصبح وضاح المشارق عاليا # ويهنيك دون العيد شرعته ... تبث به في الخالقين التهانيا PageV02P058 # أقمت به من فطرة الدين سنة ... وجددت من رسم الهداية عافيا # صنيع تولى الله تشييد فخره ... وكان لما أوليت فيه مجازيا # تود النجوم الزهر لو مثلت به ... وقضت من الزلفى إليك الأمانيا # وما زال وجه اليوم بالشمس مشرقا ... سرورا به والليل بالشهب حاليا # على مثله فليعقد الفخر تاجه ... ويسمو به فوق النجوم مراقيا # به يعمر الأنداء كل مفوه ... ويحدو به من بات بالفقر ساريا # ويوسف فيه بالجمال مقنع ... كأن له من كل قلب مناجيا # وأقبل قد شاب الحيا مهابة ... ويقلب وجه البدر أزهر باهيا # وأقدم لا هيابة الحفل واجما ... ولا قاصرا فيه الخطا متوانيا # شمائل فيه من أبيه وجده ... ترى العز فيها مستكنا وباديا # فيا علقا أشجى القلوب لو أننا ... فديناك بالأعلاق ما كنت غاليا # جريت فأجريت الدموع تعطفا ... وأطلعت فيها للسرور فواشيا # وكم من ولي ددون بابك مخلص ... يفديه بالنفس النفيسة واقيا # وصيد من الحيين أبناء قيلة ... تكف العوادي أو تبيد الأعاديا # بهاليل غر إن أعدوا لغارة ... أعادوا صباح الحي أظلم داجيا # فو الله لولا أن توخيت سنة ... رضيت بها أن كان ربك راضيا # لكانت بها للأعوجيات جولة ... تشيب من الغلب الشباب النواصيا PageV02P059 # وتترك أوصال الوشيج مقصدا ... وبيض الظبي حمر المتون دواميا # ولما قضى من سنة الله ما قضى ... وقد حسدت منه النجوم المساعيا # أفضنا نهنى منك أكرم منعم ... أبى لعيم الجود إلا تواليا # فيهني صفاح الهند والبأس والندى ... وسمر العوالي والعتاق المذاكيا # ويهني البنود الخافقات فإنها ... سيعقدها في ذمة النصر غازيا # كأني به ms225 يشفى الصوارم والظبي ... ويحطم في لأم الضلال العواليا # كأني به قد توج الملك يافعا ... وجمع أشتات المكارم ناشيا # وقضى حقوق الفخر في ميعة الصبا ... وأحسن من دين الكمال التقاضيا # ما هو إلا السعد إن رمت مطلعا ... وسددت سهما كان ربك راميا # فلا زلت يا فخر الخلافة كافلا ... ولا زلت يا خير الأئمة كافيا # ودمت قرير العين منه بغبطة ... وكان له رب البرية واقيا # نظمت له حر الكلام تمائما ... جعلت مكان الدر فيها القوافيا # لآل بها باهي الملوك نفاسة ... وجلت لعمري أن تكون لآليا # أرى المال يرميه الجديدان بالبلى ... وما إن أرى إلا المحامد باقيا # ثم قال: ومن ذلك ما أنشد في الصنيع الثاني المختص بعمينا السيدين الأمير ~~بن سعد ونصر رحمة الله عليهما وأجاد في وصف الجند والجرد والطلبة وغرائب ~~الأوضاع. # أللمحة من بارق مبتسم ... أرسلته دمعا تضرج بالدم PageV02P060 # ولنفحة تهفو ببانات اللوى ... يهفو فؤادك عن جوانح مغرب # هي عادة عذرية من يوم أن ... خلق الهوى تعتاد كل متيم # قد كنت أعذل ذا الهوى من قبل أن ... أدري الهوى واليوم أعذل لومي # كم زفرة بين الجوانح ما اتقت ... حذر الرقيب ومدمع لم يسجم # إن كان اشي الدمع قد كتم الهوى ... هيهات واشي السقم لما يكتم # ولقد أجد هواى رسم دارس ... قد كاد يخفى عن خفي توهم # وذكرت عهدا في حماه قد انقضى ... فأطلت فيه ترددي وتلومي # ولربما أشجى فؤادي عنده ... ورقاء تنفث شجوها بترسم # لا أخرب الله الطلول فطالما ... أشجى الفصيح بها بذكاء الأبكم # يا زاجر الأظعان يحفزها السرى ... قف بي عليها وقفة المتلوم # لترى دموع العاشقين برسمها ... حمرا كحاشية الرداء المعلم # دمن عهدت بها الشبيبة والهوى ... سقيا لها ولعهدها المتقدم # وكتيبة للشوق قد جهزتها ... أغزو بها السلوان غزو مصمم # ورفعت فيها القلب بندا خافقا ... وأريت للعشاق فضل تهمم # فأنا الذي شاب الحماسة بالهوى ... لكن من أهوى مضايق مقدمي # فطعنت من قد القوام بأسمر ... ورميت غنج اللحاظ بأسهم # يا قاتل الله الجفون فإنها ... مهما رمت لم تخط كلة الرمي # ظلمت ms226 قتيل الحب ثم تبينت ... للسقم فيها فترة المتظلم # يا ظبية سنحت بأكناف الحمى ... سقى الحمى صوب الغمام المسجم PageV02P061 # ما ضر إذ أرسلت نظرة فاتك ... أن لو عطفت بنظرة المترحم # فرأيت جسما قد أصيب فؤاده ... من مقلتيك وأنت لم تتأثمي # ولقد خشيت بأن يقاد بجرحه ... فوهبت لحظك ما أحلك من دمي # كم خضت دونك من غمار مفارزة ... لا تهتدي فيها الليوث لمجثم # والنجم يسري من دجاه بأدهم ... رحب المقلد بالثريا ملجم # والبدر في صفح السماء كأنه ... مرآة هند وسط لج ترتمي # والزهر زهر والسماء حديقة ... فتقت كمائم جنحها عن أنجم # والليل مربد الجوانح قد بدا ... فيه الصباح كغزوة في أدهم # فكأنما فلق الصباح وقد بدا مرأى أبن نصر لاح للمتوسم # ملك أفاض على البسيطة عدله ... فالشاة لا تخشى اعتداء الضيغم # هو منتهى آمال كل موفق ... هو مورد الصادى وكنز المعدم # لاحت مناقبه كواكب أسعد ... فرأت ملامح نوره عين العمي # ولقد تراءى بأسمه وسماحه ... فأتى الجلال من الجمال بتوءم # من أمثالهم في الغمام وقد تضاحك برقه ... فأفاد بين تجهم وتبسم # أنسى سماحة حاتم وكفاك في ... يوم اللقاء ربيعة بن مكدم # سير تسير النيرات بهديها ... وتعير عرف الروض طيب تنسم # فالبدر دونك في علا وإنارة ... والبحر دونك في ندى وتكرم # ولك القباب الحمر ترفع للندى ... فترى العمائم تحتها كالأنجم PageV02P062 # يذكى الكباء بها كأن دخانه ... قطع السحاب بجوها المتغيم # ولك العوالي السمر تشرع للعدا ... فتخر صرعى لليدين وللفم # ولك الأيادي البيض قد طوقتها ... صيد الملوك ذوي التلاد الأقدم # شيم يقر الحاسدون بفضله ... والصبح ليس ضياؤه بمكتم # ورث السماحة عن أبيه وجده ... فالأكارم أبن الأكرم أبن الأكرم # نقلوا المعالي كابرا عن كابرا ... كالرمح مطرد الكعوب مقوم # وتسنموا رتب العلاء بحقها ... بأب وجد في الخلافة وابم # يا آل نصر أنتم سرج الهدى ... في كل خطب قد تجهم مظلم # الفاتحون لكل صعب مقفل ... والفارجون لكل خطب مبهم # والباسمون إذا الكماة عوابس ... والمقدمون على السواد الأعظم # أبناء أنصار النبي وجزبه ... وذوي السوابق والجوار الأعصم # سل عنهم أحدا وبدرا ms227 تلفهم ... أهل الغناء بها وأهل المغنم # وبفتح مكة كم لهم في يومه ... بلواء خير الخلق من متقدم # أقسمت بالحرم الأمين ومكة ... والركن والبيت العتيق وزمزم # لولا مآثرها وفضل علاهم ... ما كان يعزى الفضل للمتقدم # ماذا عسى أثني وأنثنت على ... عليائهم آي الكتاب المحكم # يا وارثنا عنها مآثرها التي ... قد شيدت للفخر أشرف معلم # يا فخر أندلس لقد مدت إلى ... علياك كف اللائذ المستعصم PageV02P063 # أما سعودك في الوغى فتكفلت ... بسلامة الإسلام فاخلد واسلم # وافيت هذا الشعر وهو على شفى ... فشفيت معضل دائه المستحكم # ورعيته بسياسة دارت على ... مختلطه دور السوار بمعصم # كم ليلة قد بت فيها ساهرا ... تهدي الأمان إلى العيون النوم # يا مظهر الألطاف وهي خفية ... ومهب ريح النصر للمتبسم # له دولتك التي آثارها ... سير الركاب لمنجد أو متهم # ما بعد يومك في المواسم بعد ما ... أتبعت عيد الفطر أكرم موسم # وافتك أشراف البلاد بيومه ... من كل ندب للعلا متبسم # صرفوا إليك ركابهم وتيمموا ... من بابك المنتاب خير ميمم # وتبؤوا منه بدار كرامة ... فالكل بين مقرب ومنعم # ودت نجوم الأفق لم مثلت به ... لتفوز فيه برتبة المستخدم # والروض مختال بحلة سندس ... من كل موشي الرقوم منعنم # ورياحه نسمت بنشر لطيمة ... وأفاحه بسمت بثغر مثلم # وأريتنا فيه عجائب جمة ... لم تجر في خلد ولم تتوهم # أرسلت فيه سرعان الجياد كأنها ... أسراب طير في التنوفة حوم # من كل منحفز بخطفة بارق ... قد كلد يسبق لمحة المتوهم PageV02P064 # طرف يشك الطرف في اشتثابته ... فكأنه ظن بصدر مرجم # ومسافر في الجو تحسب أنه ... يرقى إلى أوج السماء بسلم # رام استراق السمع وهو ممنع ... فأصيب من قضب العصى بأسهم # رجمته من شهب النصال حواصب ... لولا تعرضه لها لم يرجم # ومدارة الأفلاك أعجز كنهها ... إبداع كل مهندس ومهندم # يمشي الرجال بجوفها وجميعهم ... عن مستوى قدميه لم يتقدم # ومنوع الحركات قد ركب الهوا ... يمشي على خط به متوهم # فإذا هوى من جوه ثم استوى ... أبصرت طيرا حل صورة آدمي # يمشي على فنن الرشاء كأنه ... فيه مساور ذابل أو ms228 أرقم # وإليك من صوب العقول عقيلة ... وقفت ببابك وقفة المسترحم # ترجو قبولك وهو أعظم منحة ... فاسمح به خلدت من متكرم # طارت فيها وصف كل غريبة ... فنظمت شارده الذي لم ينظم # ودعوت أرباب البيان أريهم ... " كم غادر الشعراء من متردم " # ما ذاك إلا بعض أنعمك التي ... قد علمتنا كيف شكر المنعم # ثم قال: وأنشد من ذلك في الصنيع المخصوص بعمنا الأمير أبي عبد الله رحمه ~~الله وأطنب في وصف دار الملك وغير ذلك من ضخامة آثار مولانا الجد رضي الله ~~عنه: # سل الأفق بالزهر الكواكب حاليا ... فإني قد أودعته شرح حاليا PageV02P065 # وحملت معتل النسيم أمانة ... قطعت بها عمر الومان أمانيا # فيا من رأى الأرواح وهي ضعيفة ... أحملها ما يستخف الرواسيا # وساوس كم جدت وجد بي الهوى ... فعد بها القلب المقلوب هازيا # ومن يطع الألحاظ في شرعة الهوى ... فلا بد أن يعصي نصيحا ولا حيا # عدلت بقلبي عن ولاية حكمه ... غداة ارتضى من جائر اللحظ واليا # وما الحب إلا نظرة تبعث الهوى ... وتعقب ما يعيي الطبيب المداويا # فيا عجبا للعين تمشي طليقة ... ويصبح من جرائها القلب عانيا # إلا في سبيل الله نفس نفيسة ... يرخص منها الحب ما كان غاليا # ويا رب عهد للشباب قضيته ... وأحسنت من دين الوصال التقاضيا # خلوت بمن أهوى من غير رقبة ... ولكن عفافي لم أكن عنه خاليا # ويوم بمستن الظباء شهدته ... أجد وصالا باليا فيه باليا # وأصح من خمر اللحاظ وقد غدا ... به الجو وضاح الأسرة ضاحيا # وجرد من غمد الغمامة صارما ... من البرق مصقول يمانيا # تبسم فاستبكى جوني عبرة ... ملأت بدر الدمع منها ردائيا # وأذكرني ثغرا ظمئت لورده ... ولا والهوى العذري ما كنت ناسيا # وراح خفق القلب مثلي كأنما ... ببرق الحمى من لوعة الحب مابيا # وليلة بات البدر فيها مضاجعي ... وباتت عيون الشهب نحوي روانيا # كرعت بها بين العذيب وبارق ... بمورد ثغر بات بالدر حاليا PageV02P066 # رشفت بها شهد الرضاب سلافة ... وقبلت في ماء النعيم الأقاحيا # فيا برد ذاك الثغر رويت غلتي ... ويا حر أنفاسي أذابت فؤاديا # وروضة ms229 حسن للشباب نضيرة ... هصرت بغصن ألبان فيها المجانيا # وقد بت أقي وردة الخد أدمعي ... فأصبح فيها نرجس اللحظ ذاويا # ومالت بقلبي مائلات قدودها ... فما للقدود المائلات وماليا # جزى الله العهد عودا فطالما ... أعاد على ربع الظباء الجوازيا # وقل لليال في الشباب نعمتها ... وقضيتها أنسا سقيت لياليا # ويا واديا رفت على ظلاله ... ونحن ندير الوصل فديت واديا # رمتني عيون السرب فيه وإنما ... رمين بقلبي في الغرام المراميا # فلولا اعتصامي بالأمير محمد ... لما كنت من فتك اللواحظ ناجيا # فقل لذي يبني على الحسن شعره ... عليه مع الإحسان لا زلت بانيا # فكم من شكاة في الهوى قد رفأتها ... ورقتها بالمدح إذ جاء تاليا # وكم ليلة في مدحه قد سهرتها ... أباهي بدر النظم فيه الدراريا # ولاح عمد الصبح مثل انتسابه ... رفعت عليه للمديح المبانيا # إمام أفاد المكرمات زمانه ... وشاد له فوق النجوم المعاليا # وجاوز قدر البدر نورا ورفعة ... ولم يرض إلا بالكمال مواليا # هو الشمس بثت في البسيطة نفعها ... وأنوارها أبدت قريبا وقاصيا # هو البحر بالإحسان يزخر موجه ... ولكنه عذب لمن جاء عافيا PageV02P067 # هو الغيث مهما يمسك الغيث سحبه ... يروي بسحب الجود من كان صاديا # شمائله لو أن الرياض بحسنها ... لما صار فيها زهرها الغض ذاويا # فيا بن الملوك من آل خزرج ... وذا نسب كالصبح عز مساميا # ألست الذي ترجو العفاة نواله ... فتخجل جدواه السحاب الغواديا # ألست الذي تخشى البغاة صياله ... فتنزل عليه الصعاب العواديا # وهديك مهما ضلت الشهب قصدها ... تولته في جنح الدجنة هاديا # وعزمك أمضى من حسامك في الوغى ... وإن كان مصقول الغرارين ماضيا # فكم قادح في الدين يكفر ربه ... قدحت له زند الحفيظة واريا # وما راعه إلا حسام وعزمة ... يضيئان في ليل الخطوب الدواجيا # فلولاك يا شمس الخلافة لم يبن ... سبيل جهاد كان من قبل خافيا # ولولاك لم ترفع سماء عجاجة ... تلوح بها بيض النصول دراريا # ولولاك لم تنهل غصون من القنا ... وكانت إلى ورد الدماء صواديا # فأثمر فيها النصل نصرا موزرا ... فأجني قطاف الفتح غضا ودانيا # ومهما غدا سفاح سيفك ms230 عاريا ... يغادر وجه الأرض بالدم كاسيا # قضى الله من فوق السموات أنه ... على من أبى الإسلام في الأرض قاضيا # فكم معقل للفر صبحت أهله بجيش أعاد الصبح أظلم داجيا # رقيت إليه والسيوف مشيحة ... وقد بلغت فيه النفوس التراقيا PageV02P068 # ففتحت مرقاة الممنع عنوة ... وبات به التوحيد يعلو مناديا # وناقوسه بالقسر أمسى معطلا ... ومنبره بالذكر أصبح حاليا # عجائب لم تخطر ببال وإنما ... ظفرنا بها عن همة هي ماهيا # فمنك أستفاد الدهر كل عجيبة ... يباهي بها الأملاك أخرى لياليا # وعنك يروي الناس كل غريبة ... تخط على صفح الزمان أماليا # ولله مبناك الجميل فإنه ... يفوق على حكم السعود المبانيا # فكم فيه للأبصار من متنزه ... تجد به نفس الحليم الأمانيا # وتهوي النجوم الزهر لو ثبتت به ... ولم تك في أفق السماء جواريا # ولو مثلك في ساحتيه لسابقت ... إلى خدمة ترضيك منها الجواريا # به البهو قد حاز البهاء وقد غدا ... به القصر آفاق السماء مباهيا # وكم حلة جللته بحليها ... من الوشي تنسي السباري اليمانيا # وكم من قسي في ذراه ترفعت ... على عمد بالنور باتت حواليا # فتحسنها الأفلاك دارت قسيها ... تظل عمود الصبح إذ لاح باديا # سواري قد جاءت بكل غريبة ... فطارت بها الأمثال تجري سواريا # به المرمر المجلو قد شف نوره ... فيجلو من الظلماء ما كان داجيا # إذا ما أضاءت بالشعاع تخالها ... على عظم الأجرام منها لآليا # به البحر دفاع العباب تخاله ... إذا ما انبرى وفد النسيم مباريا PageV02P069 # إذا ما جلت أيدي الصبا صفح متنه ... أرتنا دروعا أكسبتها الأياديا # وراقصة في البحر طوع عنانها ... تراجع الحان القيان الغواليا # إذا ما علت في الجو ثم تحدرت ... تحلى بمرفض الجمان النواحيا # يذوب لجين سال بين جواهر ... غدا مثلها في الحسن أبيض صافيا # تشابه جار للعيون بجامد ... فلم أدر أيا منها كان جاريا # فإن شءت تشبيها له عن حقيقة ... تصيب بها المرمى وبوركت راميا # فقل أرقصت منها البحيرة بنتها ... كما يرقص المولود من لاهيا # أرتنا طباع الجود وهي وليدة ... ولم ترض في الإحسان إلا تغاليا # سقت ثغر زهر الروض ms231 عذب برودها ... وقامت لكي تهدي إلى الزهر ساقيا # كأن قد رأت نهر المجرة ناضبا ... فرامت بأن تجري إليه السواقيا # وقامت بنات الدوح فيه موئلا ... فرادى ويتلو بعضهن مثانيا # رواضع في حجر الغمام ترعرعت ... وشبت فشبت حبها في فؤاديا # بها كل ملتف الغدائر مسبل ... تجيل به أيدي النسيم مداريا # وأشرف جيد الغصن فيها معطلا ... فقلدت النوار منه التراقيا # إذا ما تحلت در زهر غروسه ... يبيت لها النمام بالطيب واشيا PageV02P070 # مصارف النقدين فيها بمثلها ... أجاز بها قاضي الجمال التقاضيا # فإن ملأت كف النسيم مع الضحى ... دراهم نور ظل عنها مكافيا # فيملأ حجر الروض حول غصونها ... دنانير شمس تترك الروض حاليا # تغرد الطير في أفنانها كلما ... تجس به أيدي القيان الملاهيا # تراجعها سجعا فتحسب أنها ... بأصواتها تملي عليها الأغانيا # فلم ندر روضا منه أنعم نضرة ... وأعطر أرجاء وأحلى مجانيا # ولم نر قصرا منه أعلى مظاهرا ... وأرفع آفاقا وأفسح ناديا # معاني من نفس الكمال انتقيتها ... وزينت منها بالجمال المغانيا # وفاتحت مبناها بعيد شرعته ... تبث به في الخافقين التهانيا # ولما دعوت الناس نحو صنيعه ... أجابوا له من جانب الغور داعيا # وأموه من أقصى البلاد تقربا ... وما زال منك السعد يدني الأقاصيا # وأذكرت يوم العرض جودا ومنعة ... بموقف عرض كنت فيه المجازيا # جزيت به كلا على حال سعيه ... فما غرست يمناه أصبح جازيا # وأطلعت من جزل الوقود هو ادجا ... تذكر يوم النفر من كان ساهيا # وحين غدا يذكى ببابك للقرى ... فلا غرو أن أجريت فيه المذاكيا PageV02P071 # وطامحة في الجو غير مطالة ... يرد مداها الطرف أحسر عانيا # تمد لها الجوزاء كف مصافح ... ويدنو لها بدر السماء مناجيا # ولا عجب أن فاتت الشهب بالعلا ... وأن جاوزت منها المدى المتناهيا # فبين يدي مثواك قامت لخدمة ... ومن خدم الأعلى استفاد المعاليا # وشاهد ذا أني ببابك واقف ... وقد حسدت زهر النجوم مكانيا # وقد أرضعت ثدي الغمام قبلها ... رياض كن فيه نواشيا # فلما بنيت عن قرارة أصلها ... أرادت إلى مرقى الغمام تعاليا # وعدت لقاء السحب عيدا وموسما ... لذلك اغتدت بالزمر تلهي الغواديا ms232 # فأضحك البرق الطروب خلالها ... وبات لأكواس الدراري معاطيا # رأت نفسها طالت فظنت بأنها ... تفوت على رغم اللحاق المراميا # فخفت إليها الذابلات كأنها ... طيور إلى وكر أطنان تهاويا # حنكت شبها للنحل والنحل حوله ... عصى إلى مثواه نهوى عواليا # فمن مثبت منها الرمية مدرك ... ومن طائش في الجو حلق وانيا # وحصن منيع في ذراه قد ارتقى ... فأبعد في الجو الفضاء المراقيا # كأن بروج الأفق غارت وقد رأت ... بروج قصور شدتهن سواميا # فأنشأت برجا صاعدا ومتنزلا ... يكون رسولا بينهن مداريا # تظورت حالات أتى في ضروبها ... بأنواع حلي تستفز الغوانيا PageV02P072 # فحجل برجليها وشاح بخصرها ... وتاج إذا ما حل منها الأعاليا # وما هو إلا طير سعد بذروة ... غدا زاجرا من أشهب الصبح بازيا # أمولاي يا فخر الملوك ومن به ... سيبلغ دين الله ما كان راجيا # بنوك على حكم السعادة خمسة ... وذا عدد للعين ما زال واقيا # تبيت لهم كف الثريا معيدة ... ويصبح معتل النسيم رواقيا # أسام عليها للسعادة ميسم ... ترى العز فيها مستكنا وباديا # جعلت أبا الحجاج فاتح طرسهم ... وقد عرفت منك الفتوح التواليا # وحسبك سعد ثم نصر يليهم ... محمد الأرضي فما زلت راضيا # أقمت به من فطر الدين سنة ... وجددت من رسم الهداية عافيا # وجاءوا به ملء العيون وسامة ... يقلب وجه البدر أزهر باهية # فيا عاذلا ما كان أجرأ مثله ... فمثلك لا يدمى الأسود الضواريا # وجاءتك من مصر التحايا كرائما ... كما فتقت أدي التجار الغواليا # ووافتك من أرض الحجاز تميمة ... تتمم صنع الله لا زال باديا # وناداك بالتهويل سلطان طيبة ... فيا طيب ما أهدى إليك مناديا # وقام وقد وافى ضري محمد ... لسلطانك الأعلى هنالك داعيا # سيريرتك الرحمى جزاك بسعيها ... اله يوفي في الجزاء المساعيا # فوالله لولا سنة نبوية ... عهدناه مهديا إليها موهاديا # وعذر من الإعذار قرر حكمه ... من الشرع أخبار رفعن عواليا PageV02P073 # لراعت بها للحرب أهوال موقف ... تشيب بمبيض النصول العواليا # لك الحمد فيه من صنيع تعده ... فثالثه في الفخر عزز ثانيا # تشد له الجوزاء عقد نطاقها ... لتخدم فيه كي تنال المعاليا # وهنيت بالأمداح ms233 فيه وقد غدا ... وجودك فيه بالإجادة وافيا # ودونك من بحر البيان جوهرا ... كرمن فما يشرين إلا غواليا # وطاردت فيها وصف كل غريبة ... فأعجزت من يأتي ومن كان ماضيا # فيا وارث الأنصار لا عن كلالة ... تراث جلال يستخف الرواسيا # بأمداحه جاء الكتاب مفصلا ... يرتله في الذكر من كان تاليا # لقد عرف الإسلام مما أفدته ... مكارم أنصارية وأياديا # عليك سلام الله فاسم مخلدا ... تجدد أعياد وتبلى أعاديا # ثم قال: ومن ذلك أيضا فيما اعتمدنا به نحن وأخونا المتولى بالأمر بعد ~~مولانا الوالد رحمة الله على الجميع من تلك الصنائع وهي جامعة لجم الأوصاف ~~والبدائع: # نجوم أمدتها بدر كوامل ... لها النور من شمس الخلافة شامل # وفي الشهب من بدر اللسماء مشابه ... وفي البدر من شمس النهار مخايل # وتعرف فيها من أبيها شمائل ... كما في أبيها من أبيه شمائل # مراتب في عدد الحساب ثلاثة ... وهن لأقمار العلاء نازل # طلعن على حكم السعود أهلة ... وسرعان ما تبدو وهن كوامل PageV02P074 # تجلت إلى الأبصار من أفق الهدى ... وبثت إلى الأنصار منها وسائل # فيأيها المولى الذي شاد آخرا ... من الفخر ما لم تستطعه الأوائل # بنوك كأمثل الأناب عدة ... فزانت يد الإسلام تلك الأنامل # غصون بروض الجود منك ترعرعت ... وقد جادها من صوب نعماك وابل # فوا ما أدري إذا ما تذوكرت ... أأخلاقها تجلى لنا أم خمائل # غيوث سماح والعفاة مسايل ... ليوث كفاح والكماة تنازل # سيوف محلاة على عاتق الهدى ... إذا تنتضي تمضي وتنبو المناصل # تخاف عداة الدين منهم وتتقي ... كما تتقى الأسد الظباء الجوافل # وإن أبا الحجاج وهو كبيرهم ... محل كثير دونه متضائل # مليك إذا اتقبلت غزة وجهه ... تخليت أن الشمس فيما تقابل # إذا استمطرت في المحل سحب بنانه ... فهن لمستجد هوام هوامل # وإن سال ماء البشر فوق جبينه ... فليس بمدفوع عن الورد سائل # تقلد منه عاتق الملك صارما ... له العزم نصل والسعود حمائل # وأبناؤه در تناسق عقده ... يحلى بهم من لبة الفخر عاطل # أزهار في روض المحاسن أينعت ... فلا روضها ذاو ولا الزهر ذابل # زواهر في أفق العلاء ms234 تطلعت ... يشابه بعض بعضها ويشاكل # فما منهم إلا أغر نحجل ... بورد المعالي في الشبيبة ناهل # أقمت لها الإعذار موسم رحمة ... تسنت به للمتقين المآمل # وما هو إلا مورود لسعادة ... تفيض لها منه المنى والفواضل PageV02P075 # وأجريت سرعان الجياد بملعب ... تذكر فيه موقف الجد هازل # نجوم وآفاق الطرد مشارق ... عليها بدور من وجه كوامل # مفاتيح أبواب الفتوح فطالما ... أبيحت بها للكافرين المعاقل # فأشهب كالإصباح راق أديمه ... وغالت به شهب السماء الغوائل # ألم تر أن الشهب في الأفق كلما ... تجلى له الإصباح فهي أوائل # وأحمر زان الورد منه جمية ... يحف به نهر من السيف سائل # جرت لونه من فوقه مهج العدا ... فلله منه الجامد المتسابل # تلاقي به أمثاله فكأنها ... جمار وقد أذكى بها البأس باسل # إذا قبست بالركض في حومة الوغى ... تنير بها ليل القتام مشاعل # وأشقر مهما جاول البرق في مدى ... يفوت جواد البرق منه المجاول # تحلى بمحلون النضار أديمه ... فكل محلى دونه فهو عاطل # وأدهم في مسح الدجى متلفع ... وقد خاض منه في الصبح الأسافل # يكلل بالجوزاء حلى لجامه ... فدر الدراري من حلاه عواطل # ولم يرضه سرج الهلال مفضضا ... فأعرض عنها للأهلة ناعل # وأصفر في ثوب الأصيل قد ارتدى ... وربما ودت حلاه الأصائل # وقد قد من برد العشى جلاله ... وفي ذيله صبغ من الليل حائل PageV02P076 # وصاعدة في الجو ملء عنانها ... تسامت أعنان السما وتطاول # طلعت تحيي البدر منها بصعدة ... عليها لواء الصبح في الأفق ماثل # وقد أعربت بالرفع عن طيب فخرها ... متى نصبتها في الفضاء العوامل # يمد لها الكف الخصيب بساعد ... ويشكي السماك الأعزل الرمح عامل # وتنتابها هيف العصي كأنها ... سهام وعاها للرمية نابل # تراوغها طورا وطورا تضيفها ... فسام لأعلى مرتقاها ونازل # وبالأمس كانت بعض أغصان دوحها ... فنقله عنها على الرغم ناقل # فحنت إلى أوطانها وتسابقت ... تعارد مسراها بها وتواصل # وبرج منيف في ذراها قد ارتقى ... لترفع منه للبروج الرسائل # تطور حالات أتى في جميعها ... بأوضاع حاي وصفه متغافل # فتاج بأعلاها وشاح بخصرها ... وفي الساق منه قد أديرت خلاخل # وما هو ms235 إلا قائم مد ملكه ... إلى الله في البقايا لما صد سائل # ولله عينا من رأى القصر حوله ... منازل فيها للسعود منازل # تروقك فيه للبدور مطالع ... إذا مثلت في ساحتيه الأماثل # مظاهر أقمار مراتب أنجم ... منازل بالنصر العزيز أواهل # وقد كان هول الحفل روع أهله ... وأشعرت الإشفاق تلك المحافل PageV02P077 # فأدبت به أبناء نجلك أوجها ... تبين إلى السارين منها المجاهل # فلا الحفل مرهوب ولا الخطو قاصر ... ولا السرب مرتاع ولا الروع هائل # ولا القلب منخوب ولا الحلم طائش ... ولا العقل معقول ولا الفكر ذاهل # أولئك أبناء الخلافة بوكروا ... وتجرى على أعدائهن الصواهل # هنيئا بها من سنة نبوية ... زها الفخر محصول لديها وحاصل # ورحمى له من عاذر بان عذره ... وأوهم نقصا فضله متطاول # فنقص الهلال الأفق ما زال مؤذنا ... لمرآة أن يبدو وهو كامل # ومن نقص ظل الشمس تزداد رفعة ... إلى أن ترى والظل في الشرق مائل # وإن تابع النقص الشهور فإنها ... على إثره تأتي وهن كوامل # ونقص صلاة الظهر يوم عروبة ... لمعنى كمال أوضحته الدلائل # وإن نقص البازي رياشه جناحه ... يزيد استباقا وهو للصيد خاتل # وتستفرغ الأنعام ما في ضروعها ... عيشا لتغدو والضروع حوافل # ونقص زكاة المال فيه وفورة ... ومشق ذباب السيف يخشاه صاقل # لك الخير من صنع جلوت محاسنا ... يحدى بها حدي السرى ويناقل # إلا هكذا فليعقد الفخر تاجه ... ويسمو إلى أوج العلا ويطاول # بأبلج ار الصبح منه بطلعة ... لها البدر تاج والنجوم قبائل # إذا خطب العليا تخطت بركبه ... على خطر المسعى القنا والقنابل # ولو رام إدراك النجوم بحيلة ... لا حرز من إدراكها ما يحاول # وإن طلبت زهر النجوم لحاقة ... فمن دون ما تبغي المدى المتطاول # وتخفق بالنصر العزيز بنوده ... إذا خفقت فيها الصبا والشمائل # وليل جهاد بات يرعى نجومه ... فلا الليل منجاب والنجم آفل PageV02P078 # يرعى حماة الدين فيه بمقلة ... يرعى بها الإسلام كاف وكافل # إذا اشتاق هز الريح خافق بنده ... وإن حن غنته الجياد الصواهل # وفي الله عن وصل الأحبة مرغب ... وفي الغزو عن ذكر المنازل شاغل # من الخزرجيين اللذين ms236 نمتهم ... عشائر من قحطانها وفصائل # تسامي إلى ماء السماء فجوده ... بماء السماء في البسيطة حائل # أقول لمستام الربيع وقد غدا ... يرود مصاب الغيث والعام ماحل # أمامك دار للغنى بربه ... بأرجائها للمعتفين مناهل # تجر من كفيه عشرة أبحر ... يغض بهن البحر وهي أنامل # فتجري بها سفن الرجاء إلى مدى ... وليس إلى الجودي من الجود ساحل # فراجيه تستجدى العفاة نواله ... وسائله تزجى إليه الوسائل # أحاديث عنه في السماح غريبة ... يروى عواليها عطاء وواصل # لك الله من تول غمام بنانه ... أقامت فروض البر منها النوافل # طلعت بأفق الغرب نير رحمة ... وقد شرقت منك العلا والفضائل # فحمدك أحرى ما أفادت حقائب ... وذكرك أسنى ما أقلت رواحل PageV02P079 # تروم جواري الشهب شأوك في العلا ... ومن دونه للنيرات مراحل # وفي الصبح من ذاك الجبين أشعة ... وفي الشمس من ذاك المحيا دلائل # وفي الروض من رياك عرف ونفحة ... وفي الغيث من يمناك جود ونائل # إذا أنت لم تزج الجنود إلى العلا ... فإن جنود الله عند تقاتل # وإن لم تقومها سهاما مريشة ... فإن سهام الله عنك تناضل # تريش لك الأقدار أسهم أسعد ... تصاب بها للدار عين مقاتل # لك العز تستجلي الخطوب بنوره ... فليس له إلا الصباح مماثل # إذا العزم لم يصقل حسام كميه ... فما نافع ما قد جلته الصياقل # فقبل مضاء السيوف تمضي عزائم ... وبعد بناء الرأي تبنى المعاقل # وما يستوي ... والعلم لله وحده عليم بأعقاب الأمور وجاهل # تظلل سحب الطير جيشك حيثما ... تميل به الرايات وهي حوامل # فلاقى بها عقبان طير وراية ... تبدي الأعادي والرماح حبائل # فقل لعميد الروم دونك فارتقب ... طلائع فيها للمنايا رسائل # وشم بارق السيف اللموع جفونه ... سحاب قتام تحته الدم سائل # ولا تزجر الغربان في البحر إنها ... سفائن والبحر المذلل حامل # ولكنها والله ينجز وعده ... جواد بآساد الرجال حوامل # ومخضرة الأرجاء في جنباتها ... مارح تحميها الرماح الذوابل # ترى الدوح منها بالأسنة مزهرا ... إذا ما سقته للسيوف الجداول # تبل غليل الرمح من مهج العدا ... إذا ما كست منها الرماح غلائل PageV02P080 # فيا عجبا للرمح رويته دما ms237 ... وقد راق منه العين ريان ذابل # لقد كملت فيك المحاسن كلها ... وما كل من يعطى الخلافة كامل # فعند جميع الخلق شكرك عاجل ... وعند الإله الحق أجرك آجل # ودونك من نظمى جوهر حكمة ... يفاخر منها اللسحر بالشعر بابل # وما هو إلا ذكر أوصافك العلا ... فتفعل يا مولاي والعبد قائل # فتتلى على الأسماع منها بدائع ... وتجلى على الأبصار منها عقائل # ولو أنني أدركت أعصار من مضى ... لما قال فيها الشاعر المتخايل # " وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل " # ولافتخرت قدما إياد بقسها ... ولا استصحبت سبحان في الفخر وائل # فلا زلت يا مولاي مورد رحمة ... عطاش الأماني في رضاك نواهل # تقيم رسوم المعلوات بمغرب ... وذكرك في أقصى البسيطة حائل # وأدركت في الأعداء ما أنت طالب ... وبلغت في الأبناء ما أنت آمل # ثم قال: ومن ذلك في الصنيع المختص بالأمراء الجلة أخينا المعز لدولتنا ~~أبي الحسن وأخينا أبي العباس وأبن عمنا أبي عبد الله وصلى الله سعودهم ولقد ~~أبدع في تشييده وتأسيسه وبسط يد الحسن من براعة تخميسة وذلك عام عودة ~~مولانا رحمة الله تعالى عليه من سبتة لما عادت إلى مكة قال: PageV02P081 # أرقت لبرق مثل جفني ساهرا ... ينظم من قطر الغمام جواهرا # فأضحط زهر الروض منه أزهارا ... وصبح حكى وجه الخليفة باهرا # تجسم من نور الهدى وتجسدا # شفائي معتل النسيم إذا انبرى ... وأسند عن دمعي الحديث الذي جرى # وقد فتق الأرجاء مسكا وعنبرا ... كأن الغنى بالله في الروض قد سرى # فهبت به الأرواح عاطرة الردا # عذيري من قلب إلى الحسن قد صبا ... تهيجه الذكرى ويصبو إلى الصبا # ويجري جياد اللهو في ملعب الصبا ... ولولا أبن نصر ما أفاق وأعتبا # رأي وجهه صبح الهداية فاهتدى # إليك أمير المسلمين شاكية ... حنى الحسن فيها للقلوب جناية # وأعظم فيها بالعيون نكاية ... وأطلع في ليل من الشعر آية # محيا جميلا بالصبح قد ارتدى # بهديك تهدي النيرات وتهتدي ... وأنوارها جدوى يمينك تجتدي # وعدلك للأملاك أوضح مرشد ... بآثار في مشكل الأمر تقتدي # فما بال سلطان الجمال قد ms238 اعتدى # تحكم منا في نفوس ضعيفة ... وسل سيوفا من جفون نحيفة # ألم يدر أنا في ظلال خليفة ... ودولة أمن لا تراع منيفة # بها قد رسا دين الهدى وتمهدا PageV02P082 # خذوا بدم المشتاق لحظا أرقته ... وبرقا بأعلام الثنية شاقة # وإن كلفوه فوق ما قد أطاقه ... يبث حديثا ما ألذ مساقه # خليفتنا المولى الإمام محمد # تقلد حكم العدل دينا ومذهبا ... وجور الليالي قد أزاح وأذهبا # فيا عجبا للشوق أذكى وألهبا ... وسل صباحا صارم البرق مذهبا # وقد بات في جفن الغمامة مغمدا # يذكرني ثغرا لأسماء أشنبا ... إذا اتسم تجلو من الليل غيهبا # كعزم أمير المسلمين إذا احتبى ... وأجرى به طرفا من الصبح أشهبا # وأصدر في ذات الإله وأوردا # فسبحان من أجرى الرياح بنصره ... وعطر أنفاس الرياض بشكره # فبرد الصبا يطوي على طيب نشره ... ومهما تجلى وجهه وسط قصره # ترى هالة بدر السماء بها بدا # إمام أفاد المعلوات زمانه ... فما لحقت زهر النجوم مكانه # ومد على شرق وغرب أمانه ... ولا عيب فيه غير أن بنانه # تغرق مستجدية في أبحر الندى # هو البحر مد العارض المتهللا ... هو البدر لكن لا يزال مكتملا # هو الدهر لا يخشى الخطوب ولا ولا ... هو العلم الخفاق في هضبة العلا # هو الصارم المشهور في نصرة الهدى PageV02P083 # أما والذي أعطى الوجود وجوده ... وأوسع من فوق البسيطة جوده # لقد أصحب النصر العزيز بنوده ... ومدينة بأملاك السماء جنوده # وأنجز للإسلام بالنصر موعدا # أمولاي قد أنجحت رأيا وأيا ورواية ... ولم تبق في سبق المكارم غاية # فتهدي سجاياك أبن رشد نهاية ... وإن كان هذا السعد منك بداية # سيبقى على مر الزمان مخلدا # سعودك تغني عن قراع الكتائب ... وجودك يزري بالغمام السواكب # وإن زاحمتها شهبها بالمناكب ... ووجهك بدر المنتدى والمواكب # وقد فسحت في الفخر أبناؤك المدى # بنوك كأمثال الأنامل عدة ... أعدت لما يخشى من الدهر عدة # وزيد يهم برد الخلافة جدة ... أطال لهم في ظل ملكك مدة # إله يطيل العمر منك مؤبدا # يدور بأوصاف الكمال استقلت ... غمام بفياض النوال استهلت # سيوف على الأعداء بالنصر سلت ... نجوم بآفاق ms239 العلاء تجلت # ولاحت كما شاءت سعودك أسعدا # وإن أبا الحجاج سيفك منتضى ... وبدر بآفاق الجمال تعرضا # بنورك يا شمس الخلافة قد أضا ... وراقت على أعطافه حلل الرضا # فحل محلا من رضاك ممهدا PageV02P084 # مليك له تعنو الملوك جلاله ... يجرر أذيال الفخار مطالة # وتفرق أسد الغاب منه بسالة ... وترضاه أنصار الرسول سلالة # فأبناؤه طابوا فروعا ومحتدا # أزاهر في روض الخلافة أيعنت ... زواهر في أفق العلاء تطلعت # جواهر أعيت في الجمال وأبدعت ... وعن قيمة الأعلاق قدرا ترفعت # يسر بها الإسلام غيبا ومشهدا # بعهد ولي العهد كرم عهده ... وأنجز في تخليد ملكك وعهده # تنظم منهم تحت شملك وعقده ... وأورثهم فخرا أبوه وجده # فأعلى عليا حين أحمد احمدا # تحوط بهم ملكا عزيزا وملة ... وتلحظ عين السعد منهم أهلة # ستبدو على أفق العلا مستقلة ... وسحبها بفياض الندا مستهلة # تفجر بحرا للسماحة مزبدا # ونجلك نصر يقتفي نجل رسمه ... أمير يزين العقل راجح حلمه # أتاك بنجل يستضاء بنجمه ... لحب رسول الله سماه بأسمه # وباسمك في هذي الموافقة اقتدى # أقمت بإعذار الإمارة سنة ... وطوقها من حلى فخرك منة # وأسكنتها في ظل برك جنة ... وألحفتها برد اعتنائك جنة # وعمرت منها بالتلاوة مسجدا PageV02P085 # لله عينا من رآهم تطلعوا ... غصونا بروض الجود منك ترعرعوا # وفي دوحة العلياء منك تفرعوا ... ملوك بجلباب الحياء تقنعوا # أضاء بهم أفق قصرك منتدى # وقد أشعروا الصبر الجميل نفوسهم ... وقد أفرغوا فوق الحلى لبوسهم # وقد زينوا بالبشر فيه شموسهم ... وعاطوا كئوس الأنس فيه جليسهم # وأبدوا على هول المقام تجلدا # شمائل فيهم من أبيهم وجدهم ... تفصل آي الفخر فيها بحمدهم # وتنسبها الأنصار قدما لسعدهم ... تضئ بها نورا مصابيح سعدهم # ولم لا ومن صحب الرسول توقدا # فو الله لولا سنة قد أقمتها ... وسيرة هدى للنبي علمتها # وأحكم عدل للجنود رسمتها ... لجالت بها الأبطال تقصد سمتها # وتترك أوصال الوشيج مقصدا # ويا عاذرا أبدى لنا الشرع عذه ... طرقت حمى قد عظم الله قدره # وأجريت طيبا يحسد الطيب نشره ... لد جئت ما تستطعم الصيد أمره # وتفديه إن يقبل خليفها فدا # رعى الله منها ms240 دعوة مستجابة ... أفادت نفوس المخلصين إنابة # ولم تلف من دون القبول حجابة ... وعاذرها لم يبد عذرا مهابة # فأوجب عن نقص كمالا تزيدا PageV02P086 # فنقص زكاة المال وفر نصل به ... وما السيف إلا بعد مشق ذبا به # وما الزهر إلا بعد شق إهابه ... بقطع يراع الخط حسن كتابه # وبالنقص يزداد الذبال توقدا # ولما قضوا من سنة الشرع واجبا ... ولم نلق من دون الخلافة حاجبا # أفضنا منك جذلان واهبا ... أفاض علينا أنعما ومواهبا # تعود بذل الجود فيما تعودا # هنيئا بهذا قد بلغت مؤملا ... وأطلعت نورا يبهر المتأملا # وأحرزت أجر المنعمين مكملا ... تبارك من أعطى جزيلا وأجملا # وبلغ فيك الدين والملك مقصدا # إلا في سبيل العز والفخر موسم ... يظل به ثغر المسرة يبسم # وعرف الرضا من جوه يتبسم ... وأرزاق أرباب السعادة تقسم # ففي وصفه ذهن الذكي تبلدا # وجللت في هذا الصنيع مصانعا ... تمنى بدور التم منها مطالعا # وأبديت فيها للجمال بدائعا ... وأجريت للاحسان فيها مشارعا # يود بها نهر المجرة موردا # وأجريت فيها الخيل وهي سوابق ... وإن طلبت في الروع فهي لواحق # نجوم وآفاق الطرد مشارق ... يفوت التماح الطرف منها بوارق # إذا ما تجارى الشهب تستبق المدى PageV02P087 # وتطلع في ليل القتام كواكبا ... وقد وردت نهر النهار مشاربا # تقود إلى الأعداء منها كتائبا ... فترسم من فوق التراب محاربا # تخر رءوس الروم فيهن سجدا # سواج بالنصر العزيز سوانح ... وهن لأبواب الفتوح فواتح # توقد إليك النصر والله مانح ... فما زلت باب الخير والله فاتح # وما ثم شيء قد عدا بعد ما عدا # رياح لها مثنى البروق أعنة ... ظباء فإن جن الظلام فجنة # تقيها من البدر المتمم جنة ... وتشرع من زهر النجوم أسنة # فتقذف شهب الرجم في ثغر العدا # فأشهب من نسل الوجيه إذا انتمى ... جرى فشأى شهب الكواكب في السما # وخلف منها في مقلد انجما ... تردي جمالا بالصباح وربما # يقول له الإصبح نفسي لك الفدا # واحمر قد أذكى به البأس جمرة ... وقد سلب الياقوت والورد حمرة # أدار به ساق من الحرب خمرة ... وأبدى حبابا فوقها ألسن غرة # يزين ms241 بها خدا أسيلا موردا # وأشقر مهما الركض برقه ... أعار جواد البرق في الأفق سبقه # بدا شفقا قد جلل الحسن أفقه ... ألم تر أن الله أبدع خلقه # فسأل على أعطافه الحسن عسجدا # وأصفر قد ورد الأصيل جماله ... وقد من برد العشى جلاله PageV02P088 # إذا أسرجوا جنح الظلام ذباله ... فغرته نجم تضئ مجاله # وفي ذيله ذيل الظلام قد ارتدى # وأدهم في مسح الدجى متجرد ... يجيش به بحر من الليل مزبد # وغرته نجم به متوقد ... له البدر سرج والنجوم مقلد # وفي فلق الصبح المبين تقيدا # وأبيض كالقرطاس لاح صباحه ... على الحسن مغداه وفيه مراحه # وللظبيات الأنسات مراحة ... تراه كنشوان أمالته راحة # وتحسبه وسط الجمال معربدا # وذاهبة في الجو ملء عنانها ... وقد لفعتها السحب برد عنانها # يفوت يرتداد الطرف لمح عيانها ... وختمت الجوزاء سبط بنانها # وصاغت لها حلي النجوم مقيدا # أراها عمود الصبح علو المصاعد ... وأوهمها قرب المدى المتباعد # ففاتته سبقا في مجال الرواعد ... واتحفت الكف الخضيب بساعد # فطوقت الزهر النجوم بها يدا # وقد قذفتها للعصى حواصب ... قد انتشرت في الجو منها ذوائب # تزاور منها في الفضاء حبائب ... فبينها من قبل ذلك مناسب # لأنهما في الروض قبل تولدا # بنات لأم قد حيين بروحها ... دعاها الهوى من بعد كتم لبوحها PageV02P089 # فأقلامها تهوى لخط بلوحها ... فبالأمس كانت بعض أغصان دوحها # فعادت إليها اليوم من بعد عودا # ويا رب حصن في ذراعها قد اعتلى ... أنارت بروج الأفق في مظهر العلا # بروج قصور شدتها متطولا ... فأنشأت برجا صاعدا متنزلا # يكون رسولا بينها مترددا # وهل هي إلا هالة حول بدرها ... يصوغ لها حليا يليق بنحرها # تطور أنواعا تشيد بفخرها ... فحجل برجلها وشاح بخصرها # وتاج بأعلى رأسها تنضدا # أراد استراق وهو ممنع ... فقام بأذيال الدجى يتفلح # وأصغى لأخبار السما يتسمع ... فأتبعه منها ذوابل شرع # لتقذفه بالرجم مثنى موحدا # وما هو إلا قائم مد كفه ... ليسأل من رب السموات لطفه # لمولى تولاه وأحكم رصفه ... وكلف أرباب البلاغة وصفه # واكرم منه القانت المتهجدا # ملاقي ركب من وفود النواسم ... مقبل ثغر للبروق البواسم # مختم ms242 كف بالنجوم العواتم ... مبلغ قصد من حضور المواسم # تجدده مهاما صنيع تجددا # ومضطرب في الجو أثبت قامة ... تقدم يمشي في الهواء كرامة # تطلع في غصن الرشاء كمامة ... وتحسبه تحت الغمام عمامة # يسيل على أعطافه عرق الندى PageV02P090 # هوى واستوى في حاله وتقلبا ... كخاطف برق قد تألق خلبا # ونحسبه قد دار في الأفق كواكبا ... ومهما مشى واستوقف العقل معجبا # تقلب فيه العين لحاظا مرددا # لقد رام للسماء بسلم ... فيمشي على خط به متوهم # أجل في الذي بيديه فكر توسم ... ترى طائرا قد حل صورة آدمي # وجنا بمهواة الفضاء تمردا # ومنتسب للخال سموه ملجما ... له حكمات حكمها فاه ألجما # تخالف جنسا والداه إذا ابتمى ... كما جنسه أيضا تخالف عنهما # عجبت له إذ لم يلد وتولدا # قلاثتها في الذكر جاءت مبينة ... من اللاء سماها لنا الله زينة # وأنزل فيها آية مستبقية ... وأودع فيها للجهول سينة # والاءه فيها على الخلق عددا # كسوه من الوشي اليماني هودجا ... يمد على ما فوقه الظل سجسجا # وكم صورة تجلى به تبهر الحجا ... وجزل وقود ناره تصدع الدجى # وقلب حسود غاظ مذكيا موقدا # وما هي إلا مظهر لجاحده ... أرتنا بها الأفراح فضل اجتهاده # ملاعبها هزت قدود صعاده ... وإذ كرت الأبطال يوم طراده # فما ارتبت فيه اليوم صدقته غدا PageV02P091 # إلا جدد الرحمن صنعا حضرته ... ودوح الأماني في ذراه هصرته # بقصر طويل الوصف فيه اختصرته ... يقيد طرف الطرف مهما نظرته # " ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا " # دعوت له الأشراف من كل بلدة ... فجاءها بآمال له مستجدة # وخصوا بألطاف لديه معدة ... أياد بفياض الندى مستمدة # فكلهم من فضله قد تزودا # وجاءتك من آل النبي عصابة ... لها في مرامي المكرمات إصابة # أحبتك حبا ليس فيه استرابة ... ولبت دواعي الخير منها إجابة # وناداهم التخصيص فابتدروا الندى # أجازوا إليك البحر والبحر يزخر ... لبحر سماح مدة ليس يجيز # فرواهم من عذب جودك كوثر ... وواليت من نعماك ما ليس يحصر # وعظمتهم ترجو النبي محمدا # عليه صلاة ثم سلامه ... به طاب من هذا النظام اختتامه # وجاء بمحمد الله حلوا كلامه ms243 ... يعز على أهل البيان مرامه # وتسمى له الكواكب حسدا # أبت به حادي الركاب مشرقا ... حديث جهاد للنفوس مشوقا # رميت به من بالعراق مفوقا ... وأرسلت منه بالبديع مطوقا # حماما على دوح الثناء مغردا PageV02P092 # ركضت به خيل البيان إلى مدى ... فأحرزت فضل السبق في حلبة الهدى # ونظمت من در الدراري مخلدا ... وطوقت جيد الفخر عقدا منضدا # وقمت به بين السماطين منشدا # نسقت من الإحسان فيه غرائدا ... وأرسلت في روض المحاسن رائدا # وقلدت عطف الملك منه قلائدا ... تعودت فيه للقبول عوائدا # فلا زلت للفضل الجزيل معودا # ولا زلت للصنع الجميل مجددا ... ولا زلت للفخر العظيم مخلدا # وعمرت عمرا لا يزال مجددا ... ومتعت بالأبناء أوحد أواحد # وقرت بهم عيناك ما سائق حدا # ومن العيديات: # هذي المعالم لفظ أنت معناه ... كل يقول إذا استنطقته الله # بحر والوجود فلك الكون جارية ... وباسمك الله مجراه ومرساه # من نور وجهك ضاء السكون أجمه ... حتى تشيد بالأفلاك مبناه # عرش وفرش وأملاك مسخرة ... وكلها ساجد لله مولاه # سبحان من أوجد الأشياء من عدم ... وأوسع قبل الكون نعماه # من ينسب النور للأفلاك قلت له ... من أين أطلت الأفلاك لولاه # مولاي مولاي بحر الجود أغرقني ... والخلق أجمع في ذا البحر قد تاهوا # فالك تجري كما الأفلاك جارية ... بحر السماء وبحر الأرض أشباه PageV02P093 # وكلهم نعم للخلق شاملة ... تبارك الله لا تحصى عطاياه # يا فاتق الرتق من هذا الوجود كما ... في سابق العلم قد خطت قضاياه # كن لي كما كنت لا عملا ... أرجو ولا ذنب قد أذنبت أخشاه # وأنت في حضرات القدس تنقلني ... حتى استقر بهذا الكون مثواه # ما أقبح العبد أن ينسى وتذكره ... وأنت باللطف والإحسان ترعاه # غفرانك الله من جهل بليت به ... فيمن أفاد وجودي كيف أنساه # مني على حجاب لست أرفعه ... إلا بتوفيق هدى منك ترضاه # فعد على بما عودت من كرم ... فأنت أكرم من أملت رحماه # ثم الصلاة صلاة الله دائمة ... على الذي بأسمه في الذكر سماه # المجتبي وزناد النور ما قدحت ... ولا زكا من نسيم الروض مسراه # والمصطفى وكمام ms244 الكون ما فتقت ... عن زهر يروق العين مرآه # ولا تفجر نهر للنهار على ... در الدراري فغطاه وأخفاه # يا فاتح الرسل أو يا خاتمها شرفا ... والله قدس في الحالين معناه # لم أدخر غير حب فيك أرفعه ... وسيلة لريم يوم ألقاه # صلى عليك إله أنت صفوته ... ما يطيب بلذيذ الذكر أفواه # وعم بالروح والريحان صحبته ... وجادهم من نمير العفو أصفاه # وخص أنصاره الأعلين صفوته ... وأسكنوا من جوار الله أعلاه # أنصار ملته أعلام بيعته ... مناقب شرفت أثنى بها الله # وأيد الله من أحيا جهادهم ... وأوصل الفخر أولاه بأخراه # المنتقي من صمم الفخر جوهره ... ما بين نصر وأنصار تهاداه # والعلم والحلم والإقبال شيمته ... والبأس والجود بعض من سجاياه PageV02P094 # وهي طويلة سردها هذا المؤلف كلها ومنها: # يهني زمانك أعياد مجدد ... من الفتح مدى الأيام تغشاه # غضبت للدين والدنيا بحقهما ... يا حبذا غضب في الله أرضاه # فوقت للغرب سهما راشه قدر ... وسدد الله للأعداء مرماه # سهم أصاب وراميه بذي سلم ... لقد رمى الغرض الأقصى فأصماه # من كان بندك يا مولاي يقدمه ... فليس يخلفه فتح ترجاه # من كان جندك جند الله ينصره ... أناله الله ما يرجو وأسناه # ملكته غربة خلدت من ملك ... للغرب والشرق منه ما تمناه # وسام أداءك الأشقين ما كسبوا ... ومن ترى رداء الغدر أرداه # قل للذي رمدت جهلا بصيرته ... فلم تر الشمس الهدى عيناه # غطى الهوى عقله حتى إذا ظهرت ... له المراشد أعشاه وأعماه # هل عنده وذنوب الغدر توبقه ... أن الذي قد كساه العز أعراه # لو كان يشكر ما أوليت من نعم ... ما زلت ملجاه الأحمى ومنجاه # سل السعود وخل البيض مغمدة ... فالسيف مهما مضى فالسعد أمضاه # واشرع من البرق نصلا راع مصلته ... وارفع من الصبح بندا راق محلاه # فالعدوتان وما قد ضم ملكتهما ... أنصار ملكك صان الله علياه # لا أوحش الله قطرا أنت مالكه ... وآنس الله بالألطاف مغناه # لا أظلم الله أفقا أنت نيره ... لا أهمل الله سرحا أنت ترعاه PageV02P095 # وأهنأ بشهر الصيام جاء رائده ... ميتنزلا من إله العرش رحماه # أهل بالسعد فانهلت ms245 به منن ... وأوسع الصنع إجمالا ووفاه # أما ترى بركات الأرض شاملة ... وأنعم الله قد عمت براياه # وعادك العيد تستحلي موارده ... ويجزل الرحمى مصلاه # جهزت جيش دعاء فيه ترفعه ... لذي المعارج والإخلاص رقاه # أفضت فيه من النعماء أجزلها ... وأحسن البر ما الإحسان زكاه # واليت للخلق ما أوليت من نعم ... وإلى لك الله ما أولى ووالاه # ثم قال بعد سرد عدة قصائد: ومن بدائعه المنيفة عيدية ميلاد وافقتها وجهته ~~من غزوات مولانا الجد أيضا: # لو كنت أعطي من لقائك سولا ... لم أجد برق الغمام رسولا # أو كنت أبلغ من قبولك مأملي ... لم أودع الشكوى صبا وقبولا # لكن معتل النسيم إذا سرى ... ما زال يوسع ذا الهوى تعليلا # وبملتقى الأرواح دوحة أيكة ... جاذبتها عند الهبوب مميلا # عهدي بها سدلت على ظلالها ... فسدلت ظلا للشباب ظليلا # رتعت به حولي الظباء أوانسا ... فنعمت فيه معرسا ومقيلا # وصقلت للحسناء صفح مودتي ... لما اجتليت العارض المصقولا # ثم انتشيت وقد تعاطيت الهوى ... ريما أغر وجؤذرا مكحولا # كم فيه ملح لمرتاد الهوى ... تركت فؤاد محبه متبولا PageV02P096 # لم ترو لي عيناه حكمة بابل ... إلا أخذت حديثها مقبولا # ولقد أجد جواي لما زرته ... رسما كحاشية الرداء محيلا # قد أنكرته العين إلا لمحة ... عرفت به آثاره تخبيلا # وإذا الطول تعرضت لمتيم ... غادرن دمع جفونه مطلولا # من ينجد الصبر الجميل فانه ... بعد الأحبة قد أجد رحيلا # كيف التجمل بعدهم وأنا الذي ... أنسيت قيسا في الهوى وجميلا # من عاذري والقلب أول عاذل ... فيمن أفند لائما وعذولا # اتبعت في دين الصبابة أمة ... ما بدلوا في حبهم تبديلا # يا موردا حامت عليه قولبنا ... لو نيل لم يخر المدامع نيلا # ما ضر من وقت غلائله ضحى ... لو بات ينقع للمحب غليلا # كم ذا أعلل بالحديث وبالمنى ... قلبا كما شاء الغرام عليلا # أعديت وصلة الهديل بسخرة ... شجوا وجانحة الأصيل نحولا # وسريت في طي النسيم لعلنى ... أحتل حيا بالعقيق حلولا # هذا ووجدي مثل وجدي عندما ... استشعرت من ركب الحجاز رحيلا # قد سددوا الأنضاء ثم تتابعوا ... يتلو رعيل في الفلاة ms246 رعيلا # مثل القسى ضوامر قد أرسلت ... يذرعن عرض البيد ميلا ميلا # مترنحين على الرحال كأنما ... عاطين من فرط الكلال شمولا # إن يلتبس علم الظريق عليهم ... جعلوا التشوق للرسول دليلا PageV02P097 # يا راحلين وما تحمل ركبكم ... إلا قلوب العاشقين حمولا # ناشدتكم عهد المودة بيننا ... والعهد فينا لم يزل مسئولا # مهما وصلتم خير من وطي الثرى ... إن توسعوا ذاك الثرى تقبيلا # يا ليت شعري هل أعرس ليلة ... فأشم حولي إذخرا وجليلا # أو تروني يوما مياه مجنة ... ويشيم طرفي شمامة وطفيلا # وأحط في مثوى الرسول ركائبي ... وأبيت للحرم الشريف نزيلا # بمنزل الوحي التي قد شرفت ... قد شافهت أعلامها التنزيلا # بمعاهد الإيمان والدين التي ... قد صافحت عرصاتها جبريلا # ومهاجر الدين الحنيف وأهله ... حيث استقر به الأمان دخيلا # دار الرسول ومطلع القمر الذي ... إبداؤه ما فارق التكميلا # يا حبذى تلك المعالم والربا ... يا حبذا تلك الطلول طلولا # حيث النبوة قد جلت آفاقها ... وجها من الحق المبين جميلا # حيث الرسالة فصلت أحكامها ... لتبين التحريم والتحليلا # حيث الشريعة قد رست أركاتها ... فالنص منها يعضد التأويلا PageV02P098 # حيث الهدى والدين والحق الذي ... محق الضلال وأذهب التضليلا # حيث الضريح يضم أكرم مرسل ... وأجل خلق الله جيلا جيلا # إن الإله اختارها لمقامه ... واختاره للعالمين رسولا # رحم الإله العالمين ببعثه ... فيهم وفضل جنسه وتفضيلا # بدعائه انقشع الغمام وقبله ... والت بدعوته الغمام همولا # والشمس قد ردت له ولطالما ... قد ظللته سحابها تظليلا # لم لا يطاوعه الوجود وقد غدا ... من نوره في خلقه معلولا # يا نكتة إلا كوان يا علم الهدى ... آيات فضلك رتلت ترتيلا # لولاك لم يك للكيان حقيقة ... ولكان باب وجودها مقفولا # لولاك للزهر الكواكب لم تلح ... مثل الأزاهر ما عرفن ذبولا # لولاك لم تجعل السماء شموسها ... ولكان سجف ظلالها مسبولا # لولاك ما عبد الإله وما غدا ... ربع الجنان بأهله مأهولا # يا رحمة الله التي ألطفها ... سحبت علينا للقبول ذيولا # يا حجة الله التي برهانها ... ما كان يوما صدقه مجهولا # كم آيه لك قد صعدت بنورها ... ليل الضلال وإفكه المنحولا # أوضحتها كالشمس عند ms247 طلوعها ... وعقلت عن إدراكهن عقولا # وأتيت بالذكر الحكيم مبينا ... قد فضلت آياته تفضيلا # أثنى عليك بكتبه من أنزل ... القرآن التوراة والإنجيلا PageV02P099 # قذا البليغ يروم مدحك جاهدا ... أضحى حسام لسانه مفلولا # يا شافع الرسل الكرام ومن به ... يرجون في يوم الحساب قبولا # رفقا بمن ملك القضاء زمامه ... فغدا ذنوبه معقولا # وحسرتا ضيعت عمري في الهوى ... والتوب أضحى دينه ممطولا # وجريت في طلق البطالة جماحا ... حتى انثنى طرف الشباب كليلا # وعثرت في طلب المفاز جهالة ... لكن وجدتك للعثار مقيلا # يا صفوة الله الأمين لوحيه ... من أم جاهك أحرز التأميلا # والله مالي للخلاص وسيلة ... إلا رضاك وعفوك المأمولا # إن كنت ما أعددت زادا نافعا ... أعددت حبك شافعا مقبولا # صلى عليك الله ما ركب سرى ... فأجد وخدا في المفازة ميلا # وأعز من ولاه أمر عباده ... فحباهم إحسانه الموصولا # واقام مفروض الجهاد بعزمة ... تركت أفئدة العداة فلولا # والله ما أدرى وقد حضر الوغى ... أحسامه أم عزمه مصقولا # ملك إذا لثم الوجود يمينه ... فالبحر عذبا والرياض بليلا # أو يخلف الناس الغمام وامحلوا ... فنداه لا يخشى العفاة محولا # من دوحة نصرية يمنية ... وشجت فروعا في العلا وأصولا # فإذا سألت الكتاب نقل فضيلة ... لم تلف إلا فخرها منقولا PageV02P100 # يا أيها الملك الذي أيامه ... وضحت بأوجه دحرز محولا # والله ما آثار هديك عندنا ... إلا نجوما ما عرفن أفولا # لم يعرف التركيب سيفك في الوغى ... فأعجب له قد أحكم التحليلا # كم صورة لك في الفتوح وسورة ... تجلى وتتلى بكرة وأصيلا # لم تسر سارية الرياح بطيبة ... إلا لتحمل ذكرك المعسولا # وكأن صفح البرق سيفك ظل من ... غمد الغمامة مرهفا مسلولا # كم بلدة للكفر قد عوضت من ... ناقوسها التكبير والتهليلا # صدقت مقدمة الجيوش فصيرت ... من حينها موضوعها مخمولا # كسروا تماثيل الصليب ومثلوا ... بمن انتمى لولائه تمثيلا # لما أحط بها وحان دمارها ... أخرجت مترفا الأعز ذليلا # تجرى الدموع وما تبل غليله ... فمصفد يبكي هناك قتيلا # سلت يمين الملك منك على العدا ... عضبا مهيب الشفرين صقيلا # لم يرض سيفك أن يحلى جوهرا ... حتى يحلى ms248 عسجدا مخلولا # لم ترض همتك القليل من التقى ... حتى أتت بالصالحات قبيلا # فأقمت ميلاد الرسول بليلة ... أوضحت فيها للجهاد سبيلا # حيث القباب البيض جللت الربا ... أزهار روض ما اكتسين ذبولا # مواقد النيران تذكى حولها ... فينير مشعلها ربأ وسهولا # والأفق فوقك قبة محبوكة ... مدت عليك طرفها المسدولا PageV02P101 # ورمى إليك ببدره ونجومه ... يهديك منه التاج والإكليلا # حيث الكتائب قد تلاطم موجها ... وتدفقت فيها الخيول سيولا # زخرت بأمواج الحديد وربما ... ضاق الفضاء فما وحدن مسيلا # يتجاوب التكبير في جنباتها ... فتعيد غر الجياد صهيلا # حملت من الأبطال كل مشمر ... لا يقتني سمر القنا ونصولا # آساد ملحمة إذا اشتجر الوغى ... دخلوا من الأسل المثقف غيلا # إن شمروا يوم الحروب ذيولهم ... سحبوا من الزرد المفاض ذيولا # أو قصروا يوم الطعان رماحهم ... وصلوا بها الخطو الوساع طويلا # يا ليلة ظفرت يداي بأجرها ... ومهرت فيها بالرضا مشمولا # والله لو عوضت عنك شبيبتي ... ما كنت أرضى بالشباب بديلا # يا ناصر الإسلام يا ملك العلا ... الله يؤتيك الجزاء جزيلا # جهز جيوشك للجهاد موفقا ... وكفى بربك كافيا وكفيلا # وللتعبد الغارات في أرض العدا ... والله حسبك ناصرا ووكيلا # وإليك من سمر الجهاد غريبة ... جاءتك تقرضك الثناء جميلا # وأطلت لكني أطبت وعادتي ... ألفي مخيبا في المديح مطيلا # لا زال نصرك كلما استنجدته ... لمهم دينك عائدا موصولا PageV02P102 # ثم قال بعد ذكر جملة من قصائد: ومن ذلك وقد عاد من وجهه للصيد أعملها ~~وأعنت للجياد في ميادين ذلك الطرد أرسلها ما أنشده: # حياك يا دار الهوى من دار ... نوء السماك بديعة مدرار # وأعاذ وجه رباك طلقا مشرقا ... متضاحكا بمماسم النوار # أمذ كرى دار الصباب والهوى ... حيث الشباب يروق حسن نضار # عاطيتني عنها الحديث كأنما ... عاطيتني منها كئوس عقار # إيه وإن أذ كيت نار صبابتي ... وقدحت زند الشوق بالتذكار # يا زاجر الأظعان وهي مشوقة ... أشبهتها في زفرة وأوار # حنت إلى نجد وليست دارها ... وصبت إلى هندية والقار # لكنها شامت به برق الحمى ... واعتادها طيف الكرى بمزار # هل تبلغ الحاجات إن حملتها ... إن الوفاء سجية الأحرار # عرض ms249 بذكرى في الخيام وقل إذا ... جئت العقيق مبلغ الأوطار # عار بقومك يا بنة الحيين أن ... تلوي الديون وأنت ذات يسار # أمنعت ميسور الكلام أخا الهوى ... وبخلت حتى بالخيال الساري؟ # وأبان جاري الدمع عذر هيامه ... لكن أضعت حقوق داك الجار # هذا وقومك ... ما علمت خلالهم أوفى الكرام بذمة وجوار PageV02P103 # الله في نفس شعاع كلما ... هب النسيم تطير كل مطار # بالله يا لمياء منع الصبا ... إلا تهب بعرفك المعطر # يا بنت من تشدو الجداة بذكره ... متعللين به على الأكوار # ما ضر نسمة حاجر لو أنها ... أهدت لناخبر من الأخبار # هل بأنه من بعدنا متأود ... متجاوب مترنم الأطيار # وهل الظباء الآنسات كعهدها ... يصر عن أسد الغاب وهي ضواري # يفتكن من قاماتها ولحاظها ... بالمشرفية والقنا الخاطر # أشعرت قلبي حبهن صبابة ... فرمينني من لوعتي بجمار # وعلى الكثيب سوانح حمر الحلى ... بيض الوجوه يصدن بالأفكار # أدنى الحجيج مزارهن ثلاثة ... بمنى لو أن ديار قرار # لكن يوم النفر جدن لنا بما ... عودننا من جفوة ونفار # يا بن الالي قد أحرزوا فضل العلا ... وسموا بطيب ارومة ونجار # وتنوب عن صوب الغمام أكفهم ... وتنوب أوجههم عن الأقمار # من آل سعد رافعي علم الهدى ... المصطفين لنصرة المختار # أصبحت وارث مجدهم وفخارهم ... ومشرف الإعصار والأمصار # وجه كما حسر الصباح نقابه ... ويد تند أناملا ببحار # جردت دون الدين عزامة أروع ... جددت منها سنة الأنصار PageV02P104 # حطت البلاد ومن حوته ثغورها ... وكفى بسعدك حاميا لذمار # لله رحلتك التي نلنا بها ... أجر الجهاد ونزهة الأبصار # أوردتنا فيها لجودك موردا ... مستعذب الإيراد والإصدار # وأفضت فينا من نداك مواهبا ... حسنت مواقعها على التكرار # أضحكت ثغر الثغر لما جئته ... وخصصته بخصائص الإثار # حتى الفلاة تقيم يوم وردتها ... سنن القرى بتلالؤ الأنوار # وسرت عقاب الجو تهديك الذي ... تصطاد من وحش ومن أطيار # والأرض تعلم أنك الغوث الذي ... تضفي عليها وافي الأستار # ولرب منتد الأباطح موحش ... عالي الربا متباعد الأقطار # همل المسارح لا يراع قنيصه ... إلا لنبأة فارس مغوار # سرحت عنان الرياحفيه وربما ... ألقيت بساحته عصا التسيار # باركته والأفق قد ms250 خلع الدجى ... مسحا ليلبس خدمة الإسفار # وجرى به نهر النهار كمثل ما ... سكب النديم سلافة من قار # عرضت به المستنفرات كأنها ... خيل عراب جلن في مضمار # أتبعتها غرر الجياد كواكبا ... تنقض رجما في سماء غبار # والهاديات يومها عبل الشوى ... متدفق كتدفق التيار # أزجيتها شقراء رائقة الحلى ... فرميت منها بشعلة نار PageV02P105 # أثبت فيه الرمح ثم تركته ... خضب الجوانح بالدم الموار # حامت عليه الذابلات كأنها ... طير أوت منه إلى أوكار # طفقت أرانبه غداة أثرتها ... تبغي الفرار ولات حين فرار # هل ينفع الباع الطويل وقد غدت ... يوم الطراد قصيرة الأعمار # من كل منحفز بلمحة بارق ... فاتت خطاه مدارك الأبصار # وجوارح سبقت إليه طلابها ... فكأنما طالبنه بالثار # سود وبيض في الطرد تتابعت ... كالليل طارده بياض نهار # ترمي بها وهي الحنايا ضمرا ... مثل السهام نزعن أوتار # طنت بأن بها كلا ولو ... أغريته بأرانب الأقمار # وبكل فتخاء الجناح إذا ارتمت ... فكأنها نجم السماء الساري # زجل الجناح مصفق كمن الردى ... في مخلب منه وفي منقار # أجلى الطريد من الوحوش وإن رمى ... طيرا أتاك به على مقدار # وأريتنا الكسب الذي أعداده ... ملأت جملا أعين النظار # بيض وصفر خلت مطرح سرحها ... روضا عن شقيق بهار # من كل موشي الأديم مفوف ... رقمت بدائعه يد الأقدار # خلط البياض بصفوة في لونه ... فترى اللجين يشوب دوب نضار # أو أشعل راق العيون كأنه ... غلس يخالط سدفة بنهار PageV02P106 # سرحت بمخصر الجوانب يانع ... تنساب فيه أراقم الأنهار # قد أرضعته الساريات لبانها ... وحللن فيه أزرة النوار # أخذت سعودك حذرها فلحكمة ... أغرت جفون المزن باستعبار # لما أرتك الشمس صفرة حاسد ... لجبينك المتألق الأنوار # نفثت عليك السحب نفث معوذ ... من عينها المتوقع الأضرار # فارفع لواء الفخر غير مدافع ... واسحب ذيول العسكر الجرار # وأهنأ بمقدمك السعيد مخولا ... ما شئت من عز ومن أنصار # قد جئت دارك محسنا ومؤملا ... متعت بالحسنى وعقبى الدار # وإليكها من روض فكرى نفحة ... شف الثناء بها على الأزهار # ثم قال: ومن ذلك ما أنشده رضي الله عنه في رحلة ركاب المجاهد إلى المرية ~~بالقصر الصمادحي ms251 في حدود عشر سنين وسبع مائة: # الخمول تحن للأطلال ... ويشوقها ذكر الزمان الخالي # يثني أزمة هيمها شوق إلى ... ظل الأراك وأزرق سلسال # ذكرت بها الحي الجميع كعهدها ... والربع منها أخضر السربال # والدار حالية المعاطف والربا ... ومرادها بالروضة المخضال # أييان ما لعبت بها أيدي النوى ... وتراهنت في الحال والترحال PageV02P107 # وجرت بسدتها الحداة كأنها ... قطع السفائن خضن بحر ليال # دعني أطارحها الحنين فإنني ... لا أنثني لمقالة العذال # وهي النازل أشبهت سكانها ... أعمارها تفضي إلى الآجال # بليت محاسنها وخف أنيسها ... والشوق والتذكار ليس ببالي # ولقد أقول وما يعنف ذو الهوى ... ذهب الغرام بحيلة المحتال # أحشى تذوب صبابة ومدامع ... تغري جفون المزن باستهلال # ووراء مطلع الخدور جآذر ... تجلي شموسا في غمام حجال # يا ساكني نجد وما نجد سوى ... نادي الهوى ومخيم الآمال # ما للضباء الآنسات بربعكم ... عطلا وهن من الجمال خوالي # أو للرياح تهب وهي بليلة ... فتهيج من وجدى ومن بلبالي # هي شيمة عذرية عودتها ... قلبا شعاعا ما يرى بالسالي # يا بنت من غمر العفاة نواله ... هلا سمحت ولو بطيف خيالي # فلكم بعثت مع النسيم تحيتي ... عودت ساري البرق من أرسالي # بالله يا ريح النعامي جرري ... فوق الخزامي عاطر الأذيال # وإذا مررت على الكثيب برامة ... صافح محيا الروضة المخضال # فيها المعاهد قد طلعن بأفقها ... زمنا ولم أجنح لوقت زوال PageV02P108 # أمذ كرى عهد الشبيبة جاده ... صوب العهاد بواكف هطال # عاطيتني عنه الحديث كأنما ... عاطيتني منه أبنة الجريال # هذا على أني نزعت عن الصبا ... وصرمت من حب الحسان حبالي # حسبي وقارا في الندى إذا احتبى ... وتجاولوا في الفخر كل مجال # أني ألوذ بدولة نصرية ... حليت محاسنها بكل كمال # حيث الوجوه صبيحة والمكرما ... ت صريحة والعز غير مزال # حيث المكارم سنها أعلامها ... من كل فياض الندى مفضال # بيض الأيادي والوجوه أعزة ... قد شيدوا العليا بسمر عوالي # هم آل نصر ناصروا دين الهدى ... والمصطفون لخيرة الأرسال # ما شئت من مجد قديم شاده ... أبناء قيلة أشراف الأقيال # ما منهم إلا أعز محجل ... يلقى العظائم وهو غير مبالي # متبسم واليوم ms252 أكلح عابس ... والحر تدعو بالكماة نزال # قد عودا النصر العزيز وخولوا ال ... فتح المبين بملتقى الأبطال # بذلوا لدى الهيجاء كرائم أنفس ... قد أرخصت في الله وهي غوالي # يا أيها الملك الهمام المجتبى ... ومنيل دين الله خير منال # أصبحت وارث مجدهم وفخارهم ... ومشرف الأمصار والأبطال # وطلعت في أفق الخلافة نيرا ... تجلو ظلام الظلم والإضلال PageV02P109 # فقت الملوك جلالة وبسالة ... وشأوتهم في الحلم والإجمال # أعدت محاسنك المحاسن كلها ... فجمالها يزرى بكل جمال # فالشمس تأخذ من جبينك نورها ... والروض ينفح عن كريم خلال # والريح تحمل عن ثنائك طيبها ... في ملتقاها من صبا وشمال # والغيث إلا من نداك مبخل ... فالغيث يقلع والندى متوالي # تعطي الذي لا فوقه لمؤمل ... وتجود بالإحسان قبل سؤال # طاولت علوى النجوم بهمة ... لا فاقدا عزا ولا مكسال # وبلغت من رتب السعادة مبلغا ... أبعت فيه مرتقاك العالي # وقياس سعدك في مرامك كله ... يقضى مقدمه بصدق التالي # لمن الجياد الصافنات كأنها ... في الورد أسراب القطا الأرسال # من كل ملموم القوى عبل الشوى ... مرخى العنان محفز جوال # لمن القباب الحمر ترشع للندى ... فتفيض للعافين فيض سجال # لمن الخيام البيض تحسب أنها ... زهر الكواكب أطلعت بحلال # منداحة الأرجاء عالية الذرى ... فكأنها في الوهد شم جبال # هو مظهر الملك العلي ومطلع الن ... ور الجلي بمرقب متعالي # آثار مولانا الإمام محمد ... بدر الهدى لا زال حلف كمال PageV02P110 # لله وجهتك التي نلنا بها ... أجر الجهاد وبغيه الآمال # ما شئت من حسن يفوق كماله ... ويروق منظره الجميل الحالي # كم من عجائب جمة أظهرتها ... ما كان يخطر وصفهن ببال # أمت وفود الناس منك مملكا ... قد خص بالتعظيم والإجلال # جاءوا مواقيت اللقاء منك كأنهم ... وفد الحجيج برامة وألال # لله عينا من رأى ملك العلا ... حف الوقار جماله بجلال # في موكب لبسوا الخلوص شعاره ... وتميزوا منه بزي جمال # بلغوا به العدد الكثير وكلهم ... أرضاهم إحسانا المتوالي # يهني المرية نعمة سوغتها ... جادت بها الأيام بعد مطال # قدست واديها وزرت خلالها ... فلها الفخار بها على الآصال # وكسوتها برد الشباب مفوفا ... وشفيت ما تشكو من ms253 الأوجال # مولاي لا أحصى ثناك أنه ... أربى على التفصيل والإجمال # أعليت في أفق العناية مظهري ... وخصصته بعوارف الإفضال # ظفرت يداي بكل ما أملته ... في النفس أو في الجاه أو في المال # لم تبق لي أملا وما بلغته ... بلغت ما ترجوا من الآمال # ثم قال بعد ذكر بعض العيدان: ومن ذلك: # بشرى كما وضح الصباح واجمل ... يعشى سناها كل من يتأمل PageV02P111 # أبدي لها وجه النهار طلاقة ... وافتر من ثغر الأقاح مقبل # ومنابر الإسلام يا ملك الورى ... بحلاك أو بحليها تتكمل # تجول لنا الأكوان منك محاسنا ... تروى على مر الزمان وتنقل # فالشمس تأخذ من جبينك نورها ... والبشر منك بوجهها يتهلل # والروض ينفتح عن ثنائك طيبه ... والروق فيه بالمادح تهدل # والبرق سيف من سيوفك منتضى ... والسحب تمهي من يديك وتهمل # يا أيها الملك الذي أوصافه ... در على جيد الزمان مفضل # الله أعطاك كما حسر الصباح نقابه ... لضيائه تعشو البدور الكمل # تلقاه في يوم السماحة والوغى ... والبشر في وجناته يتهلل # كف أبت الاتكف عن الندى ... أبدا فإن ضن الحيا تسترسل # وشمائل كالروض باكره الحيا ... وسر برياه الصبا والشمأل # خلق أبن نصر في الجمال كخلقه ... ما بعده عن غاية تستكمل # نور على نور بأبهى منظر ... في حسنه لمؤمل ما يأمل # فاق الملوك بسيفه وبسيبه ... فبعدله وبفضله يتمثل # وإذا تطاول للفخار عميدهم ... فله عليه تطاول وتطاول PageV02P112 # يا آية الله التي أنوارها ... يهدي بها قصد الرشاد الضلل # قل للذي التبست معالم رشده ... هيهات قد وضح الطريق الأمثل # قد ناصح الإسلام خير خليفة ... وحمى عرين الملك أغلب مشبل # فلقد ظهرت من الكمال بمستوى ... ما بعده لذوى الخلافة مأمل # وعناية الله اشتملت رداءها ... وعلقت منها عروة لا تنفصل # فالجودة إلا من يديك مقتر ... والغيث إلا من نداك مبخل # والعمر إلا تحت ظلك ضائع ... والعيش إلا في جنابك ممحل # حيث الجهاد قد اعتلت راياته ... حيث المغانم للعفاة تنفل # حيث القباب الحمر ترفع للقرى ... قد قام في أرجائهن المندل # يا حجة الله التي برهانها ... عز المحق به وذل المبطل # قل للذي ms254 ناوأك يرقب يومه ... فوراه ملك يقول ويفعل # والله جل جلاله إن أمهلت ... أحكامه مستدرجا لا تهمل # يا ناصر الإسلام وهو فريسة ... أسد العدا من حولها تتسلل # يا فخر أندلس وعصمة أهلها ... لك فيهم النعمى التي لا تجهل # لا يهمل الله الذين رعيتهم ... فلأنت أكفى والعناية أكفل # لا يبعد النصر العزيز فإنه ... آوى إليك وأنت نعم الموئل # لولا نداك لها لما نفع الندى ... ولجف من ورد الصنائع منهل PageV02P113 # لولاك كان الدين يغمط حقه ... ولكان دين النصر فيه يمطل # لكن جنيت الفتح من شجر القنا ... وجنى الفتوح لمن عداك معلل # فلطالما استفتحت كل ممنع ... من دونه باب المطامع مقفل # ومتى نزلت بمقل متأشب ... فالعصم من شعفاته تستنزل # وإذا غزو فإن سعدك ضامن ... ألا تخيب وإن قصدك يكمل # فمن السعود أمام جيشك موكب ... ومن خلال دون جندك جحفل # وكتيبة أردفتها بكتيبة ... والخيل تمرح في الحديد وترفل # من كل منفخر كلمحة بارق ... بالبدر يسرج والأهلة ينعل # أوفى بهاد كالظليم وخلفه ... كفل كما ماج الكثيب الأهيل # حتى إذا ملك الكمى عنانه ... يهوى كما يهوى بجو أجدل # حملت أسود كريهة يوم الوغى ... ما غابها إلا الوشيج الذبل # لبسوا الدروع غدائر مصقولة ... والسمر قضب فوقها تتهدل # من كل معتدل القوام مثقف ... لكنه دون الضريبة يعسل # أذكيت فيه شعلة من نصله ... يهدى بها إن ضل عنه المقتل # ولرب لماع الصقال مشهر ... ماض ولكن فعله مستقبل # رقت مضاربه وراق فرنده ... فالحسن فيه مجمل ومفضل # فإذا الحروب تسعرت أجوالها ... ينساب في يمناك منه جدول PageV02P114 # وإذا دجا ليل القتام رأيته ... وكأنه فيه ذبال مشعل # فأعجب لها من جذوة لا تنطفي ... في أبحر زخرت وهن الأنمل # هي سنة أحييتها وفريضة ... أدنيتها قرباتها تتقبل # فإذا الملوك تفاخرت بجهادها ... فلأنت أحفى بالجهاد وأحفل # يا ابن الذين جمالهم ونوالهم ... شمس الضحى والعارض المتهلل # يا ابن الأمام ابن الإما ... م أبن الإمام وقدرها لا يجهل # آباؤك الأنصار تلك شعارهم ... فلحيهم آوى النبي المرسل # فهم الألى نصروا الهدى بعزائم ... مصقولة وبصائر لا تخذل # ماذا يحبر شاعر في ms255 مدحهم ... وبفضلهم أثنى الكتاب المنزل # مولاي لا أحصي مآثرك التي ... بحديثها تمضي المطي الذلل # وإذا الحقائق ليس يدركها ... سيان فيها مكثر ومقلل # فاليك من شوال غرة وجهه ... أهداكما يوم أغر محجل # عذراء راق العيد رونق حسنها ... فغدا بنظم حليها يتجمل # رضعت لبان العلم في حجر النهى ... فوفت لها منه ضروع حفل # سلك البيان لها سبيل إجازة ... لولا صفاتك كان عنها يعدل # جاءت تهني العيد أيمن قادم ... وافى بشهر صيامه يتوسل # وطوى الشهور مراحلا معدودة ... كيما يرى بفناء جودك ينزل PageV02P115 # وأتى وقد شف النحول هلاله ... ولشوقه للقاء وجهك ينحل # عقدت بمرقبه العيون مسرة ... فمكبر لطلوعه ومهلل # فاسلم لألف مثله في غبطة ... ظل المنى من فوقها يتهدل # فإذا بقيت لنا فكل سعادة ... في الدين والدنيا بها تتكفل # ثم قال بعد إراد جملة قصائد: ومن جياد أناشيده المتميزة بالسبقية، ~~وبارقات تهانيه في المواسم العقيقية، قوله يهنئه، رضوان الله تعالى عليه، ~~بطلوع مولانا الوالد قدسه الله تعالى: # طلع الهلال وأفقه متهلل ... فمكبر لطلوعه ومهلل # أوفى على وجه الصباح بغرة ... فغدا الصباح بنورها يتجمل # شمس الخلافة قد أمدت نوره ... وبسعدها يرجو التمام ويكمل # لله منه هلال سعد طالع ... لضيائه تعشو البدور الكمل # وألحت يا شمس الهداية كواكبا ... يعشى سناه كل من يتأمل # والتاج تاج البدور في أفق العلا ... ما زال بالزهر النجوم يكلل # ولئن حوى كل الجمال فإنه ... بالشهب أبهى ما يكون وأجمل # أطلعت يا بدر السماح هلاله ... والملك أفق والخلافة منزل # يبدو بهالات السروج وأنه ... من نور وجهك في العلا يستكمل # قلدت عطف الملك منه صارما ... بغنائه ومضائه يتمثل # حليلته بحلي الكمال وجوهر ... الخلق النفيس وكل خلق يجمل # يغزو أمامك والسعود أمامه ... وملائك السبع العلا تتنزل PageV02P116 # من مبلغ الأنصار منه بشارة ... غر البشائر بعدها تسترسل # أحيا جهادهم وجدد فخرهم ... بعد الئين فملكهم يتأثل # فبه إلى الأجر الجزيل توصلوا ... وبهم إلى رب السما يتوسل # من مبلغ الأذواء من يمن وهم ... قد توجوا وتملكوا وتقيلوا # أن الخلافة في بنيهم أطلعت ... قمرا به سعد الخليفة يكمل # من ms256 مبلغ قحطان آساد الشرى ... ما غابها إلا الوشيج الذبل # أن الخليفة وهو شبل ليوثهم ... قد حاط منه الدين ليث مشبل # يهنى بني الأنصار أن مليكهم ... قد بلغته سعود ما يأمل # يعني البنود فإنها ستظله ... وجناح جبريل الأمين يضلل # يهني الجياد الصافنات فإنها ... بفتوحه تحت الفوارس تهدل # يهني المذاكي والعوالي والضبى ... فبها إلى نيل المنى يتواصل # يهني المعالي والمفاخر أنه ... في مرتقى أوج العلا يتوقل # سبقت مقدمة الفتوح قدومة ... وأتاك وهو الوادع المتمهل # وبدت نجوم السعد قبل طلوعه ... تجلو المطالع قبله لا تأمل # وروت أحاديث الفتوح غرائبا ... والنصر يملي والبشائر تنقل # ألقت إليك به السعود زمامها ... فالسعد يمضي ما تقول ويفعل # فالفتح بين معجل ومؤجل ... ينسيك ماضيه الذي يستقبل PageV02P117 # أوليس في شأن المسير دلالة ... أن المقاصد من طلابك تكمل # ناداهم داعي الضلال فأقبلوا ... ودعاهم داعي المنون فجدلوا # عصوا الرسول إباية وتحكمت ... فيهم سيوفك بعدها فاستمثلوا # كانوا جبالا قد علت هضابها ... نسفتهم ريح الجلاد فزلزلوا # كانوا بحارا من حديد زاخر ... أذكتهم نار الوغى فتسيلوا # ركبت أرجلها الأداهم كلما ... يتحركون إلى قيام تصهل # كان الحديد لباسهم وشعارهم ... واليوم لم تلبسه إلا الأرجل # الله أعطاك التي لا فوقها ... فتحا به دين الهدى يتأثل # جددت الأنصار حلي جهادهم ... فالدين والدنيا به تتجمل # من يتحف البيت العتيق وزمزمها ... والوفد وفد الله فيه ينزل # متسابقين إلى مثابة رحمة ... من كل ما حدب إليه تنسل # سما كأفواج القطا قد ساقها ... ظمأ شديد والمطاف المنهل # من كل فروع الأكف ضراعة ... والقلب يخفق والمدامع تهمل # حتى إذا روت الحديث مسلسلا ... بيض الصوارم والرماح العسل # عن فتحك الأسنى عن الجيش الذي ... بثيابه أهل الوغى تتمثل # أهدتهم السراء نصرة دينهم ... واستبشروا بحديثها وتهللوا # وتناقلوا عنك الحديث مسرة ... بسماعه واهتز ذاك المحل # ودعو بنصرك وهو أعظم مفخرا ... إن الحجيج بنصر ملكك يحفل # فاهنأ بملكك واعتمد شكرا به ... لطف الإله وصنعه تتخول # شرفت منه باسم والدك الرضا ... يحيا به منه الكريم المفضل PageV02P118 # أبديت من حسن الصنيع عجائبا ... تروي على مر الزمان وتنقل # خفقت به ms257 أعلامك الحمر التي ... يخفوقها النصر العزيز موكل # هدرت طبول العز تحت ظلالها ... عنوان فتح إثرها يستعجل # ودعوت أشراف البلاد وكأنهم ... يثني الجميل وصنع جودك أجمل # وردوا ورود الهيم أجهدها الظما ... فصفا لهم من ورد كفك منهل # واثرت فيه للطراد فوارسا ... مثل الشموس وجوههم تتهلل # من كل وضاح الجبين كأنه ... نجم وجنح النقع ليل مسبل # يرد الطراد على أغر محجل ... في سرجه بطل أغر محجل # قد عودوا قبض الكماة كأنما ... عقبانها ينقص منها أجدل # يستتبعون هوادجها موشية ... من كل بدع فوق ما يتخيل # قد صورت منها غرائب جمة ... تنسي عقول الناضرين وتذهل # وتضمنت جزل الوقود حمولها ... والنصر في التحقيق ما هي تحمل # والعاديات إذا تلت فرسانها ... آي القتال صفوفها تترتل # الله خيلك أنها لسوابح ... بحر القتام وموجه متهيل # من كل برق بالثريا ملجم ... بالبدر يسرح والأهلة ينعل # أو في بهاد كالظلم وخلفه ... كفل كما ماج الكثيب الأهيل # هن البوارق غير أن جيادها ... عن سبق خيلك يا مؤيد تنكل # من أشهب كالصبح يعلو سرجه ... صبح به نجم الضلالة يأفل # أو أدهم كالليل قلد شهبه ... خاض الصباح فأثبتته الأرجل PageV02P119 # أو أشقر سال انضار بعطفه ... وكساه صبغة بهجة لا تنصل # أو احمر كالجمر أضرم بأسه ... بالركض في يوم الحفيظة يشعل # كالخمر أرتع كأسها لندامها ... وبها حبابة غرة تتسيل # أو أصفر لبس العشى ملاءة ... وبذيله لليل ذيل مسبل # أجملت في هذا الصنيع عوائدت ... الجود فيها مجمل ومفصل # أنشأت فيها من نداك غمائما ... بالفصل تنشأ والسماحة تهمل # فجرت من كفيك عشرة أبحر ... تزجي سخاب الجود وهي الأنمل # من قاس كفك بالغمام فانه ... جهل القياس ومثلها لا يجهل # تسخو الغمام ووجهها وتجهم ... والوجه منه مع الندى يتهلل # والسحب تسمح بالمياه وجوده ... ذهب به أهل الغنى تتمول # من قاس بالشمس المنيرة وجهه ... ألفيته في حكمه لا يعدل # من أين للشمس المنيرة منطق ... بيانه در الكلام يفصل # من أين للشمس المنيرة راحه ... تسخو إذا بخل الزمان الممحل # من قاس بالبدر المنير كماله ... فالبدر ينقص والخليفة يكمل # من أين للبدر ms258 المنير شمائ ... تسري برياها الصبا والشمأل # من أين للبدر المنير مناقب ... بجهادها تنقص المطي الذلل # يا من إذا نفحت نواسم حمده ... فالمسك يعبق طيبه والمندل # يا من إذا لمحت محاسن وجهه ... تعشو العيون ويبهر المتأمل # يا من إذا تليت مفاخر قومه ... آي الكتاب بذكرها تتنزل # كفل الخلافة منك يا ملك العلا ... والله جل جلاله بك أكفل # مأمونها وأمينها ورشيدها ... منصورها مهديها المتوكل PageV02P120 # حسب الخلافة أن تكون وليها ... ومجيرها من كل من يتخيل # حسب الزمان بأن تكون إمامه فله بذلك عزة لا تهمل # حسب الملوك بأن يكون عميدها ... ترجو الندى من راحتيك وتأمل # حسب المعالي أن تكون عميدها ... فعليك أطناب المفاخر تسدل # يا حجة الله التي بهانها ... عز المحق به وذل المبطل # أنت الإمام ابن الإمام ابن الإما ... م ابن الإمام وفخرها لا يعدل # علمت حتى لم تدع من جاهل ... أعطيت حتى لم تدع من يسأل # وعناية الله أشتملت رداءها ... وعلقت منها عروة لا تفصل # اتصل بهذا البيت جملة أبيات من القصيدة المترجمة في العيديات التي أولها: ~~بشرى كما وضح الصباح وأجمل وحذفناها من هذه اقتصارا للتكرار، وزاد في هذه: # أخذت قلوب الكافرين مهابة ... فعقولهم من خوفها لا تعقل # حسبوا البروق صوارما مسلولة ... أرواحهم من بأسها تتسلل # وترى النجوم مناصلا ورهوبة ... فيقر منها الخائف المتنصل # يا أبن الألي إجمالها وجمالهم ... شمس الضحى والعارض المتهلل # مولاي لا أحصي ما ثرك التي ... بجهادها يتوسل المتوسل PageV02P121 # أصبحت في ظل إمتداحك ساجعا ... ظل المنى من فوقه يتهدل # طوقته طوق الحمائم أنعما ... فغدا بشكرك في المحافل يهدل # فاليك من صون العقول عقلية ... أهداكها صنع أغر محجل # عذراء راق الصنع حسنها ... فغدا بنظم حليها يتكلل # خيرتها بين المنى فوجدتها ... أقص مناها أنها تتقبل # لا زلت شمسا في سماء خلافة ... وهلا لك الأسمى يتم ويكمل # ثم قال بعد ذكر جملة من نظمه: ومن رقيق منازعه في بعض نزه مولانا رضوان ~~الله عليه بالقصر السلطاني من شنيل قوله: # نفسي الفدى لشادن مهما خطر ... فالقلب من سهم الجفون على خطر ms259 # فضح الغزالة والاقاحة والقنا ... منها تثني أو تبسم أو نظر # عجبا لليل ذوائب من شعره ... والوجه منه عن صباح قد سفر # عجبا لعقد الثغر منه منظما ... والعقد من دمعي عليه قد انتثر # ما رمت أن أجني الأقاح بثغره ... إلا قد سل السيوف من الحور # لم أنسه ليل ارتقاب هلاله ... والقلب من شك الظهور على غرر # بتنا نراقبه بأول ليلة ... فإذا به قد لاح في نصف الشهر # طالعته في روضة كخلاله ... والطيب من هذى وتلك قد اشتهر # وكلاهما يبدي محاسنه جملة ... ملء المشامم والمسامع والبصر # والكأس تطلع شمسها في خده ... فتكاد تعشى بالأشعة من نظر PageV02P122 # نورية جبينه وكلاهما ... يجلوا ظلام الليل بالوجه الأغر # هي شيمة للشيخ فيها نسبة ... ما إن يزالا يرعشان من الكبر # أفرغت في جسم الزجاجة روحها ... فرأيت روح الأنس منها قد بدر # لا تسق غير الروض فضلة كأسها ... فالغصن في ذيل الأزاهر قد عثر # ما هب خفاق النسيم مع السحر ... إلا وقد شاق النفوس وقد سحر # ناجى القلوب الخافقات كمثله ... ووشى بما تخفى الكمام من الزهر # وروى عن الضحاك من زهر الربا ... ما أسند الزهري عنه عن مطر # وتحملت عنه صحيح حديثه ... رسل النسيم وصدق الخبر الخبر # يا قصر شينل وربعك آهل ... والروض منك على الجمال قد اقتصر # لله بحرك والصبا قد سردت ... منه دروعا تحت أعلام الشجر # والآس حف عذاره من حوله ... عن كل من يهوى العذار قد اعتذر # قبل بثغر الزهر كف خليفة ... يغنيك صوب الجود منه عن المطر # وافرش خدود الورد تحت نعاله ... واجعل بها لون المضاعف عن خفر # وانظم غناء الطير فيه مدائحا ... وانثر من الزهر الدراهم والدرر # المنتقى من الجوهر الشرف الذي ... في مدحه قد أنزلت آي السور # والمجتبى أنت عنصر النور الذي ... في مطلع الهدى المقدس قد ظهر PageV02P123 # ذو سطوة مهما كفى ذو رحمة ... مهما عفا ذو عفة مهما قدر # كم سائل للدهر أقسم قائلا ... والله ما أيامه إلا غرر # مولاي سعدك كالمهند في الوغى ... لم يبق من رسم الضلال ولم يذر ms260 # مولاي وجهك والصبح تشابها ... وكلاهما في الخافقين قد اشتهر # إن الملوك كواكب أخفيتها ... وطلعت وجهك في مظاهرها قمر # في كل يوم من زمانك موسم ... في طيه للخلق أعياد كبر # فاستقبل الأيام يندى روضها ... ويرف والنصر العزيز له ثمر # قد ذهبت منها العشايا ضعف ما ... قد فضضت منها المحاسن في السحر # يا بن الذين إذا تعد خلالهم ... نفذ الحساب وأعجزت عنها القدر # إن أوردتهم السيوف غدائرا ... مصقولة فلطالما حمدوا الصدر # سائل ببدر عنهم بدر الهدى ... فبهم على حزب الضلال قد انتصر # واسأل مواقفهم بكل مشاهد ... واقر المغازي في الصحيح وفي السير # تجد الثناء ببأسهم وجودهم ... في مصحف الحي المنزل مستطر # فبمثل هديتك فلتنر شمس الضحى ... وبمثل قومك فليفتخر من فخر # ماذا أقول وكل وصف معجر ... والقول فيك مع الإطالة نختصر # تلك المناقب كالثواقب في العلا ... من رامها بالحصر أدركه الحصر # إن غاب عبدك عن حماك فانه ... بالقلب في تلك المشاهد قد حضر PageV02P124 # فاذكره إن الذكر منك سعادة ... وبما على كل الأنام قد افتخر # ورضاك عنه غاية ما بعدها ... إلا رضا الله الذي ابتدع البشر # فاشكر صنيع الله فيك فانه ... سبحانه ضمن المزيد لمن شكر # وعليك من روح الإله تحية ... تهفو إليك مع الأصائل والبكر # ثم قال: ومن أغراضه الوقتية استرسالا مع الطبع البديهي، في الشكر على ~~ضروب من التحف التي يقتضيها التحفي السلطاني بأولياء خدمته، نبذ متعددة ~~فيما يظهر؛ فمنها قوله: # يا خير من لك الملوك بجوده ... وبفضله قد أشبه الأملاكا # والله ما عرف الزمان وأهله ... أمنا ويمنا دائما لولاكا # وافيت أهلي بالرياض عشية ... في روض جاهك تحت ظل رضاكا # فوجدته قد طله صوب الندى ... بسحائب تنهل من يمناكا # وسفائن مشحونة ألقى بها ... بحر السماح يجيش من نعماكا # رطب من الطلع النضيد كأنها ... قد نظمت من حسنها أسلاكا # من كل ما كان النبي يحيها ... وأحبها الأنصار من أولاكا # وبدائع التحف التي قد أطلعت ... مثل البدور أنارت الأحلاكا # نصف من النور المبين تجسمت ... حتى حسبنا أنهن هداكا PageV02P125 # يحلو على الأفواه طيب مذاقها ms261 ... لولا التجسد خلتهن سناكا # طافت بها النشأ الصغار كأنها ... سرب القطا لما وردن نداكا # نجواهم مهما سمعت كلامهم ... ونداهم: مولاي أو مولاكا # أبلغت في الأبناء عبدك سؤله ... لازلت تبلغ في بنيك مناكا # يتدارسون من الدعاء صحائفا ... كيما يطيل الله في بقياكا # فبقيت شمسا في سماء خلافة ... وهم البدور أمدهن سناكا # ثم قال: ومنها وقد أهداه رحمه الله أطباقا من حب الملوك: # كتب الإله على العباد محبة ... لك كان فرض كتابها موقوتا # وأنا الذي شرفته من بينهم ... حتى جعلت له المحبة قوتا # ما زلت تتحفه بكل ذجيرة ... حتى لقد أتحفته الياقوتا # والي الملوك قد اعتزى من عزه ... فغدا له ياقوتها ممقوتا # ومنها في مثل ذلك: # يا خير من ملك الملوك ... أهديتني حب الملوك # فكأنما ياقوتها ... نظمت لنا نظم السلوك # إن الملوك إذا لجوا ... فغياثهم أن أملوك # وكذا العفاة إذا شكوا ... فغناهم أن يسألوك # فالله يقبل من دعا ... لعلاك من أهل السلوك PageV02P126 # لا لا زلت تطلع غرة ... كالشمس في وقت الدلوك # ومنها وقد أهاه صيدا مما صاده بنوه رضي الله عنه: # يا خير من ورث السماح عن الألى ... نصروا الهدى وتبوءوا الإيمانا # في كل يوم منك تحفة منعم ... وإلى الجميل والجزل الإحسانا # قد أذكرت دار النعيم عبيده ... وتضمنت من فضله رضوانا # تهدي مواليك الذين تفرعوا ... عن دوح فخرك في العلا أغصانا # لجلالك الأعلى قنيصا أتبعوا ... في صيده الأرواح والأبدانا # فتخصني منه بأوافر قسمة ... فسحت لعبدك في الرضا ميدانا # لله من مولى كريم بالذي ... تهدي المالي يتحف العبدانا # تدعو بني إلى الغنى بربه ... يا ربنا أغن الذي أغنانا # وعليك من قدس الإله تحية ... تهديك منه الروح والريحانا # ومنها وقد أهداه رحمه الله أصنافا من الفواكه: # يا من له الوجه الجميل إذا بدا ... فاقت محاسنه البدور كمالا # والمنتقى من جوهر الفخر الذي ... فاق الخلائف عزة وجلالا # ما أبصرت عيناي مثل هدية ... أبدت لنا صنع الإله تعالى # فيها من التفاح كل عجيبة ... تذكي بريحها صبا وشمالا # تهدى لنا نهد الحبيب وخده ... وترى من الورد الجني ms262 مثالا # وبها من الأتراج شمس أطلعت ... من كل شطر للعين هلالا # ويحفها ورق يروق كأنه ... ورق النضار وقد أجاد نبالا PageV02P127 # لون العشية ذهبت صفحاتها ... رقت وراقت بهجة وجمالا # وبها من النقل الشهي مذكر ... عهدا تولى ليته يتولى # لله مها خضرة من حضرة ... تغني العفاة وتحسب الآمالا # أذكرتني العهد القديم ومعهدا ... كانت شموس الراح فيه تلالا # فأردت تجديد العهود ة إنما ... متب المشيب على عذاري لالا # فأدركت من ذكراك كأس مدامة ... وشربت من حبي لها جريالا # فبقيت شمسا في سماء خلافة ... لا يستطيع لها الزمان زوالا # ثم قال: ومنها عاشوراء: # يا أيها المولى الذي بركاته ... رفعت لواء للندى منشورا # لك راحة تزجى الغمام بأنمل ... فجرت منها بالنوال بحورا # واليوم موسم قربة وعبادة ... وغدا ظفرت بأجره عاشورا # راعيت فيه سنة نبوية ... يروي الثقات حديثها المشهورا # لا زلت عامك كله في غبطة ... لقيت منها نصرة وسرورا # ومنها في بعض قطعه: # واليت ما أوليت يا بحر الندى ... ووحق وجهك ما رأيت كهذه # فإذ يهز اللسان حسامه ... فصفات فخرك قد قضت بنفاذه # علمت فرسان الكلام نظامها ... كتعلم التلميذ من أستاذه # والبحر تمتار السحائب ماءه ... فتجوده من غيثها برذاذه PageV02P128 # ومنها وقد أهداه باكورا: # يا وارث الأنصار وهي مزية ... بفخارها أثنى الكتاب المنزل # أهديتني الباكور وهي بشارة ... ببواكير الفتح الذي تستقبل # وولادة لهلال تم طالع ... وجه الزمان بوجهه يتهلل # هو أول الأنوار في أفق الهدى ... وترى الأهلة بعده تسترسل # مولاي صدق الفأل جربته ... من لفظ عبدك والعواقب أجمل # ثم قال: ومنها جفنة ثريد: # طعامك من دار النعيم بعثته ... فشرفتني من حيث أدري ولا أدري # بهضبة نعمى قد سمونا لأوجها ... فصدنا بأعلاها الشهي من الطير # وقوراء قد درنا بهالة بدرها ... كما دارت الزهر النجوم على البدر # وقد حملت فوق الرؤس لأنها ... هدية مولى حل في مفرق الفخر # فما شئت من طعم زكي مهنا ... وما شئت من عرف ذكي ومن نشر # فلو أنها قد قدمت لخليفة ... لأعظمها قدرا وبالغ في الشكر # وكم لك نعمى على عميمة ... يقل لأدناها الجميل ms263 من الذكر # فلا زلت يا مولى الملوك مبلغا ... أماني ترجوها إلى سالف الدهر # ومنها شكرا عن كتاب: # مولاي يوم الجمعة ... سعوده مجتمعة # فانعم صباحا واغتنم ... أوقاته المجتمعة # وابشر بصنع عاجل ... أعلامه مرتفعة PageV02P129 # وانتظر الفتح الذي ... يأتيك بالنصر معه # وبيضة وسمرة ... إلى العداة مشرعة # واللطف مرجو فرد ... بفضل ربي مشرعة # فاتحتني شرفتني ... برقعة مرتفعة # بل روضة ممطورة ... أزهارها منوعة # حديقة قد جدتها ... بصوب جود مترعة # وراية منشورة ... وآية مستبدعة # كم حكمة لطيفة ... في طيها مستودعة # عقيلة صورتها ... من الجمال مبدعة # سقيتني بفضلها ... من فضل كأس مترعة # فدم وأملاك الورى ... على علاك مجمعة # ومنها شكره على خلعة: # يا بدر تم في السماء خلافة ... حفت نجوم السعد هالة قصره # ألبست عبدك من ثيابك ملبسا ... قد قصرت عنه مدارك شكره # ورضاك عنه خير ما ألبسته ... فلقد أشاد بجاهه وببره # ألبستني أركبتني شرفتني ... أهديتني ما لا أقوم بحصره # نظري لوجهك وهو أجمل نير ... يزرى على شمس الزمان وبدره # أعلى وأعظم منه لا سيما ... وأنا المنعم في الحضور ببشره # لا زلت مولى للملوك مؤملا ... وعلاك للإسلام مفخر دهره PageV02P130 # ثم قال: ومنها وقد خلع رضوان الله عليه على رسول من أرساله: # أبحر سماح مدينة عشرة أبحر ... تفيض غمام الجود وهي الأنامل # بكفك غيث للبلاد وأهلها ... يروض محل الأرض والعام ماحل # لك الخير إن أصبحت بحر سماحة ... يعم نداه فالمواهب ساحل # خلعت على هذا الرسول ملابسا ... بها تتسنى في علاك المآمل # وبلغته آماله كيف شاءها ... فبلغت يا مولاي ما أنت آمل # ثم قال بعد إيراد عدة مقطوعات وقصائد من نمط ماسبق: وأنشد وقد مرض بعض ~~أبنائه رحمة الله عليه وعليهم سائلا عن حاله: # أسائل بدر التم كيف هلاله ... وأدعو له الرحمن جل جلاله # وأسأله تعجيل راحته التي ... وسيلتنا فيها النبي وآله # ستبلغ فيه ما تؤمل من منى ... ويرضيك يا بدر الكمال كماله # وفي مثله يقول رحمه الله: # أقول لبدر التم كيف هلالكا ... نعمت صباحا بالسرور وآلكا # وبلغت في النجل السعيد سعادة ... تقر بها عينا وينعم بالكا # وخصصت بالبشرى ms264 من الله ربنا ... كما عم أقطار الجهات نوالكا PageV02P131 # وفي التورية باسم قائد مولاه مولانا رضي الله عنه على جماعة من الجند: # يا أيها المولى الذي أيامه ... تهمى بسحب الجود من آلائه # أبشر لجيشك بالسعادة كلما ... يغزو فنصر الله تحت لوائه # وأنشده رضي الله عنه في ملبس اتخذه: # أمولاي يا بن السابقين إلى العلا ... ومن نصروا الدين الحنيفي أولا # غنيت بنور الله من كل زينة ... وألبست من رضوانك أشرف الحلى # وقارك زاد الملك عزا وهيبة ... وسوغه من رحمة الله منهلا # ويا شمس هدى في سماء خلافة ... وأبناؤه الزهر المنير تجلى # تبارك من أبداك في كل ظهر ... جميلا جليلا مستعاذ مؤملا # فيخجل منك الشمس شمس هداية ... ويحسد منك البدر بدرا مكملا # إذا أنت ألبست الزمان وأهله ... ملابس عز ليس يدركها البلى # وطوقت أجياد الملوك أياديا ... وتوجتهم بالفخر تاجا مكللا # فما شئت فالبس فالمشاهد قائل: ... تبارك ما أسنى وأبهى وأجملا # ألا كل من صلى وضحى ومن دعا ... ومد يديه ضارعا وتوسلا # وجودك شرط في حصول قبوله ... وجودك أثرى كفه متنفلا PageV02P132 # وقال برسم ما يرسم على ثوب في بعض هدايا مولانا رحمه الله للسلطان أبي ~~العباس: # أهدى أبا العباس ... ملك الندى والباس # ثوب السماء لأنه ... بدر بدا للناس # فلق الصباح بوجهه ... عوذته بالناس # يكسو إماما لم يزل ... بحلى المحامد كاس # فياله من مرتاد ... ثوب التقى لباس # أذياله من حمده ... مسكية الأنفاس # وبطروز مدح زرى ... بالمدح في القرطاس # إن كنت في لون السماء ... بنسبة وقياس # فلأنت يا بدر العلا ... شرفتني بلباس # أنا منشد ما في وقو ... فك ساعة من باس # لترى رياضا أطلعت ... زهرا على أجناس # أوراقها توريقها ... بقضيبها المياس # ومن المديح مدامتي ... ومن المحابر كاسي # فالله يمتع لابسي ... بالبشر والإيناس # وفي مثل ذلك قوله رحمه الله: # إن الإمام محمدا ... أهدى الخليفة أحمدا PageV02P133 # للباسه ثوبا وقد ... لبس المحامد وارتدى # وعمامة التقوى التي ... من فوقها شمس الهدى # يا أحسنها إذا أرسلت ... من كفه غيث الندى # وكأن وشي رقومها ... بالبرق طرز عسجدا # وبطرزه لون السماء ... ووجهه قمر ms265 بدا # لله من نير ... حل المنازل أسعدا # مستنصرا أعلى له ... فوق الكواكب مصعدا # ثم قال بعد ذكر قصيدة في المدح: وأنشده وهو على جواد أدهم: # تجلى لنا المولى الإمام محمد ... على أهدم قد راق حسن أديمه # فأبصرت صبحا فوق ليل وقد حكى ... مقلد ذاك الطرف بعض نجومه # وكتب له مع هدية زهرية: # أمولاي تقبيلي ليمناك شاقني ... ولا ينكر الظمآن شوقا إلى البحر # ولما رأيت الدهر ماطني بها ... وشوقني من حيث أدري ولا أدري # بعثت لك الزهر الجني لعلها ... يقبلها عني ثغور من الزهر # وكتب إليه أيضا متشوقا: # كتبت ودمعي بلل الركاب قطره ... وأجرى به بين الخيام السواقيا PageV02P134 # حنينا لمولى أتلف المال جوده ... ولكنه قد خلد الفخر باقيا # وما عشت بعد البين إلا لأنني ... أرجى بفضل الله منه التلاقيا # وأنشده أيضا وهو بحال تألم: # كأني بلطف الله قد عم خلقه ... وعافى إمام المسلمين وقد شفى # وقاضي القضاء سجل حكمه ... وخط على رسم الشفاء له: أكتفى # وقال في مثل ذلك: # لك الخير يا مولاي أبشر بعصمة ... عقدت مع الأيام في حفظها صلحا # وعافية في صحة مستجدة ... تجدد للدين السعادة والنجحا # فوجه التهاني مشرق متهلل ... وجو الأماني بعد ما غام قد أصحى # وقد ظهرت للبرء منك علامة ... علامتك العظمى تقول لنا: صحا # وفي مثل ذلك: # يا إماما قد تخذنا ... ه من الدهر ملاذا # خط يمناك ينادي ... صح هذا صح هذا # وقال مهنئا بالشفاء: # الحمد لله بلغنا المنى ... لما رأيناك وزال العنا # وفزت بالأجر وكبت العدا ... وفزت بالعز وطيب الثنا # فالحمد لله على ما به ... من علينا من ظهور السنى PageV02P135 # وقال أيضا في نحو منه: # نعم قرت العينان وانشرح الصدر ... وقد لاح من وجه الإمام لنا البدر # سرينا بليل التيه يكذب فجره ... فلما تجلى بشره صدق الفجر # أغر المحيا بالحياء مقنع ... زهاه الكلام الحر والنسب الحر # إمام الهدى قد خصه بخلافة ... إله في خلقه النهي والأمر # وقال في مثله وقد ركب رحمه الله عليه لمعاهد حضرته: # هنيئا هنيئا لا نفاد لعده ... وبشرى لدين الله ms266 إنجاز وعده # فقد لاح بدر التم في أفق العلا ... وحل كما يرضى منازل سعده # وطاف إمام المسلمين محمد ... بحضرته العلياء مبلغ قصده # ولاحت به الأنوار من بشر وجهه ... وفاح بها النور من نشر حمده # وأبصر الأبصار شمس هداية ... وأشرقت الأرجاء من زهر وفده # ولوحت الأعلام فيها بنصره ... كما لوح الصبح المنير ببنده # سهدى له الأيام كل مسرة ... ويحيى به الرحمن آثار جده # غسل حسام السعد واضرب بحده ... وخل حسام الهند في كن غمده # فسيفك سيف الله مهما سللته ... يقيم حدود الله قائم حده PageV02P136 # وأنشده رضي الله عنه في طرد مولانا الوالد رحمه الله ويصف البازي ويشكر ~~ما أهداه من صيده: # يا من تمد له الملوك أكفها ... تدعو الإله له بطول بقاء # أضحى ولي العهد نجلك صائدا ... شأن الملوك العلية العظماء # ورمى البزاة على القناة يصيده ... صيد الخليفة شارد الأعداء # من كل خافقة الجناح إذا مشت ... تبدي اختيال الغادة العذراء # أهدت لنا سبج العيون وطوقت ... أرجاءها بعقيقة حمراء # واستاقت الياقوت في منقارها ... ومشت على المرجان في استحياء # ووشت يد الأفدار في أعطافها ... وشيئا زرى بالحلة السيراء # ملك الطيور أتى إلى ملك الورى ... فاستاقها لمؤمل الخلفاء # وقضى سماحك أن تجود ببعضها ... للعبد تعليه على الجوزاء # لله هل شرف يضاهي ذا الذي ... أوليته من منة غراء # هيهات أين جزاؤها من شكره ... يجزيك عنا الله خير جزاء # أولست قد أوليت كل خليفة ... شرقا وغربا أصواب الآراء # فلصاحب الصفراء فخر خالد ... يحظى به من صاحب الحمراء # بيضا وسمرا قد شرعت لنصره ... واعنت بالبيضاء والصفراء # لا زلت شمس خلافة أبناؤه ... مثل البدور بمرقب العلياء PageV02P137 # وأجاب عن أبيات خمس كتب رضي الله عنه بها إليه: # لك في الخلافة مظهر لا يفرع ... من دون مرقبه النجوم الطلع # يا أيها الملك الذي أيامه ... غرر بوجه الدهر لا تتقنع # سبحان من حلاك بالخلق الرضا ... وكساك منه حلة لا تخلع # أما المدام فدمت تطلع شمسها ... بين البدور وشمس وجهك تسطع # أغنيتني عنها بخمر بلاغة ... فالطيب من نفحتها يتضوع # بوأتني من عز ms267 نظمك روضة ... طاب الجنى منها ولذلك المشرع # وأريتني جنح الدجنة غرة ... فالنور من قسماتها يتطلع # يعنو لها البدر المنير وقد علا ... والبدر تاج بالنجوم مرصع # فاتحتني منها بخمس ولائد ... لتعيذها من كل عين تلقع # قبلتها ألفا وبت لربها ... دعوا له حتى الصباح وأضرع # وقال يصف غربانا أجراها رحمه الله ويتفائل له بالراحة من شكاية ثلاثة: # أعلامك الحمر فوق السفن خافقة ... وريح سعدك تجريها على قدر # ما إن رفعت قسي السفن في وطن ... إلا ونلت قصي السؤل والوطر # قالوا السفائن فوق البر ذا عجب ... من غير بحر ولا موج ولا غرر # فقلت آثار مولانا التي سفرت ... لنا العناية عن آياتها الكبر # تجري بريح سعود في بحار ندى ... تغني بنانك عن بحر وعن مطر # لله يوم عجيب الصنع ذو أثر ... محجل رائق الأوضاح والغرر # استبشر الناس فيه بالصنيع وقد ... تضمن البشر في ورد وفي صدر PageV02P138 # زجرته بشفاء قد أتاك كما ... يرضى علاك جميل الخبر والخبر # إذا شكوت فكل الكون ذو وصب ... فأنت منه مكان السمع والبصر # ومن شكا بأليم الوجد في بصر ... فقد تعود غير السهد والسفر # فأسأل الله رب العرش في لطف ... يسرى إليك بها إنعام مقتدر # وأن يدافع عن ذات بحرمتها ... تعود الخلق لطف الله في القدر # ثم قال بعد إيراد جملة من نظمه: وأنشد وقد عاد رحمه الله من بعض متوجهاته ~~الجهادية لجبل الشوار: # على الطائر الميمون والطالع السعد ... قدمت مع الصنع الجميل على وعد # وقد عدت من جبل الشوار لتجتلي ... عقائل للفتح المبين بلا عد # ثم قال بعد ذكر جملة: وقال مما رسم في طيقان الأبواب بالمباني السعيدة ~~التي أبتناها مولانا رضي الله عنه: # أنا تاج كهلال ... أنا كرسي جمال # ينجلي الإبريق فيه ... كعروس ذي اختيال # جود مولانا أبن نصر ... قد حباني بالكمال # وفي المعنى: # من رأى التاج الرفيعا ... قد حوى الشكل البديعا PageV02P139 # تحسد الأفلاك منه ... قوسه السهل المنيعا # دمت ربعا للتهاني ... أنظم الشمل الجميعا # وفيه: # للغني بالله قصر ... للتهاني يصطفيه # فيه محراب صلاة ... يقف الإبريق فيه # ثاليا ms268 سورة حبى ... والمعالي تقتفيه # وفيه: # أي قوس ذي كمال ... سهمه سهم السعادة # ملك الإبريق فيه ... عود الإخسان عادة # ذو صلاة من صلات ... كلها دأبا معاده # وفي المعنى مما كتبه لمبتني لعمنا سعد رحمه الله: # انظر لأفق جمال ... به الأباريق تصعد # بديع حسن حباه ... به الأمير الممجد # فخر الإمارة سعد ... به الخليفة يسعد # وكيف لا وأبوه فخر الملوك محمد # عليه حلى رضاه ... في كل يوم تجدد # وفيه أيضا: # رفعت قوس سماء ... يزهي بتاج الهلال PageV02P140 # قد قلدته نقوشي ... در الدراري الغوالي # ترى الأباريق فيه ... تهديك عذب الزلال # قد زان قصري سعد ... بسعده المتوالي # فدام يعمر ربعي ... في ظل مولى الموالي # وقال في الغرض: # ما ترى في الرياض أشباهي ... يسحر العقال حسنى الباهي # زان روضي أميره سعد ... وهو نجل الغني بالله # دام منه بمرتقى عز ... آمر بالسعود أو ناهي # وقال في غرض الشكر عن مغطى صنهاجي أهداه إياه: # لمن قبة حمراء مد فضاؤها ... تطابق منها أرضها وسماؤها # وما أرضها إلا خزائن رحمة ... وما قد سما من فوق ذاك غطاؤها # وقد شبه الرحمن خلقتنا بها ... وحسبك فخرا بان منه اعتلاؤها # ومعروشة الأرجاء مفروشة بها ... صنوف من النعماء منها وطاؤها # ترى الطير في أجوافها قد تصففت ... على أنعم عند الإله كفاؤها # ونسبته صنهاجة غير أنه ... تقصر عما قد حوى خلفاؤها # حبتنيبها دون العبيد خلافة ... على الله في يوم الجزاء جزاؤها PageV02P141 # وفي مثله: # ما للعوالم جمعت في قبة ... قد شادها كرم الإمام محمد # في صفح صرح بالزجاج مموه ... وبجود مولاي الإمام ممهد # ما إن رأيت ولا سمعت بطائر ... عن ثوب موشى الرياش مجرد # إن لم تكن تلك الطيور تغردت ... فلشكر هذا العبد سجع مغرد # صفت عليها للفواكه كل ما ... قد عاهدته بدوحها المتعود # لو أبصرت صنهجة أوضاعه ... دانت له أملاكها بتعبد # عودتني الصنع الجميل تفضلا ... لا زلت خير معود ومعود # وبسورة الأنعام كم من آية ... فيها لقار بالنوال مجرد # وقال تذييلا لبيتي أبن المعتز: # سقتني بليل شبيه بشعرها ... شبيهة خديها بغير رقيب # فأمسيت في ليلين للشعر ms269 والدجى ... وشمسين من خمر وخد حبيب # إلى إن بدا الصبح المنير كأنه ... محيا أبن نصر لم يشن بغروب # شمائله مهما أديرت كئوسها ... قلائد أسماع وأنس قلوب # وقال مذيلا على بيت أبن وكيع أيضا: # هي في أوجه الندامي عقيق ... وهي مثل النظار في الأقداح # كابن نصر تراه في الحرب ليثا ... وهو بدر الهدى وغيث السماح PageV02P142 # ذكره قد ثنى قدود الندامي ... وأعاد الحياة في الأشباح # وقال مما يرسم للغني بالله: # للغنى بالله ملك ... برده بالعز مذهب # دام في رفعة شان ... ماجلا الإصباح غيهب # وقال أيضا: # يا بن نصر لك ملك ... ليس تعوده الفتوح # دمت روحا للمعالي ... ما سرى في الجسم روح # وقال من مقطوعة: # وأبن نصر ليس محيا كصبح ... إن تجلى جلا دجى كل كرب # ذو حسام كأنه لمع برق ... في بنان كأنها غيث سحب # ومن أخرى: # وكأن النجوم في غسق اللي ... ليس جمان يلوح في آبنوس # وكأن الصباح في الأفق يجلى ... بجلي النجوم مثل العروس # وكأن الرياض تهدي ثناء ... للغنى بالله فوق الطروس # ثم قال بعد قصائد كثيرة عيدية: وقال بعد أخرى عيدية شاركتها في كثير من ~~أبياتها قصيدة فتحية PageV02P143 # هي نفحة هبت من الأنصار # والمختص بهذه: # أضياء هدى أم ضياء نهار ... وشذا المحتمد أم شذا الأزهار # ومنها بعد كثير: # قسما بهديك في الضياء وإنه ... شمس تمد الشهب بالأنوار # ومنها أيضا: # كم من لطائف للهدى أوضحتها ... خفيت مداركها على الأفكار # كم من جرائم قد غفرت عظيمها ... مستنزلا من رحمة الغفار # علمت ملوك الأرض أنك فخرها ... فتسابقت لرضاك في مضمار # ومنها يصف الجيش: # سالت به تحت العجاج سفينة ... نفحت بريح العزم من أنصار # أرست بجدوى الجود في يوم الندى ... وجرت بيوم الحرب في تيار # ومنها: # ألقى بأيدي الريح فضل عنانه ... فيكاد يسبق لمحة الأبصار # ومنها: # فهي العراب متى أثيرت في الوغى ... قد أعربت عن صنع لطف الباري PageV02P144 # ومنها: # إن خاض في بحر العجاج رأيته ... يجلو دجنتة بوجه نهار # ومنها: # كم فيهم من قاري ضيف طارق ... وضحت شواهد فضله للقاري # ومنها أيضا: # يا ms270 أيها الملك الذي أيامه ... غرر تلوح بأوجه الإعصار # قد زارك العيد السعيد مبشرا ... فاسمح لألف مثله بمزار # لما أزدهته عواطف ألطفتها ... عطف الإله عليك عطف سوار # فأتى يؤمم منك هداية صالحا ... كي يستمد النور بعد سرار # وأتاك يسحب ذيل سحب أغدقت ... تغري جفون المزن باستعبار # جادت بجاري الدمع من قطر الندى ... فرعي الربيع لها حقوق الجار # فأعاد وجه الأرض طلقا مشرقا ... متضاحكا بمباسم النوار # لما دعاك إلى القيام بسنة ... حكمة دواعي الجود والإيثار # فأفضت فينا من نداك مواهب ... حسنت مواقعها على التكرار # فاهنأ بعيد عاد يشتمل الرضا ... جذلان يرفل في حلى استبشار PageV02P145 # ومنها: # لا عذر لي أن كنت فيه مقصرا ... سدت صفاتك أوجه الأعذار # فإذا نظمت من المناقب درها ... شرفني منها بنظم دراري # فلذلك أنظمها قلائد لؤلؤ ... لألاؤها قد شف بالأنوار # ثم أورد هذا المؤلف قصيدة ميمية طويلة، أولها: # هناء له ثغر الهدى يتبسم ... وبشرى بها عرف الرضا يتنسم # تبسم ثغر الثغر عنها بشارة ... فأعدى ثغور الزهر منه التبسم # ولا عجب من مبسم الزهر في الربا ... فللبرق من خلف السحائب مبسم # عناية من أعطى الخليفة رتبة ... عليها النجوم النيرات تحوم # فمنه استفاد الملك كل غريبة ... تخط على صفح الزمان وترسم # ومنه تلقى الهدى كل خليفة ... كأنهم مما أفاد تعلموا # ومنها بعد نيف على ستين بيتا: # وكم من لواء في الفتوح نشرته ... وللرعب جيش دونه يتقدم # فقل لملوك الأرض دونكم فقد ... أعلم ما لا زال بالنصر يعلم # تسامت به للنصر اشرف ذمة ... لها من رسول الله عهد مكرم # وكم من جهاد قد أقمت فروضه ... يزار به البيت العتيق وزمزم # وكم عزمة جردت منها إلى العدا ... حساما به داء الضلالة يحسم # وكم بيت مال في الجهاد بذلته ... وأقرضت منه الله ما الله يعلم # وكم ليلة قد جئت فيها بليلة ... من النقع فيها للأسنة أنجم # جرئت بها والله أجراها ... تؤمن فيها الخلق والخلق نوم PageV02P146 # وفوقك من سعد لواء مشهر ... ودونك من عزم حسام مصمم # إذا أنت جهزت الجياد لغارة ... فأن صبح الحي أغبر ms271 أقتم # فمن أشهب مهما يكر رأيته ... صباحا بليل النفع لا يتكتم # وأحمر قد أذكى به البأس جذوة ... إذا ابتل عطفا في الوغى يتضرم # وأشقر أعدى البرق لونا وسرعة ... ولكن له دون البروق التقدم # وأصفر في لون العشى وذليله ... ولون الذي بعد العشية يعلم # وأدهم مثل الليل غرة ... وبالشهب في حلى المقلد ملجم # وأشهب كالقرطاس صفحة ... كتاب من النصر المؤزر محكم # ورب جلاد من جدال سطرته ... يراع القنا فيه تخط وترسم # وقام خطيب السيف فوق رءوسهم ... فأعجب منه أعجم يتكلم # فكم من رءوس عن جسوم أزالها ... فأثكل منها كل باغ يجسم # وزرق العيون للأسنة قد بكت ... ولا دمع إلا ما أسيل به الدم # ونهر حسام كلما أغرق العدا ... تلقتهم منه سريعا جهنم # فأصليت عباد المسيح من الوغى ... سعيرا به يرضى المسيح ومريم # أبر من التثليث بالله وحده ... فمن يعتصم بالله فالله يعصم # ونبه سيوفا ماضيات على العدا ... وخل جفون المرهفات تهوم # ولله من شهر الصيام مودع ... على كل محتوم السعادة يكرم # تنزل فيه الذكر من عند ربنا ... فيبدأ بالذكر الجميل ويختم PageV02P147 # ولله فيه من ليال منيرة ... أضاء بنورها الوحي منهن مظلم # وصابت سحاب الدمع يمحي بمائها ... من الصحائف أوزار تخط ومأثم # ولله فيه ليلة القدر قد غدت ... على ألف شهر من الثواب تقدم # تبيت بها حتى الصباح بإذنه ... ملائكة السبع الطباق تسلم # وبشري بعيد الفطر أيمن قادم ... عليك بمجموع البشائر يقدم # جعلت قراه سنة نبوية ... لها في شعار الدين قدر معظم # ومن عدوات للإله رفعتها ... تسدد منها للإجابة اسهم # وفي كل عين من محياك قرة ... وفي كل كف من نوالك أنعم # إذا أنت لم تفخر بما أنت أهله ... فلا ابصر المصباح من يتوسم # فما مهد الإسلام غير خليفة ... على عطفه در المحامد ينظم # فكم بيت شعر قد عمرت بذكره ... فبات به جادي السرى يثرنم # ولسن بيوتنا بل قصورا مشيدة ... تطل على أوج العلا وتخيم # وما ضرها أن قد تأخر عهدها ... إذا طال مبناها الذين تقدموا # وإذ أنت مولاها وعامر ربعها ... فكل ms272 فخار تدعيه مسلم # أنا العبد قد أسكنته جنة الرضا فلا زلت فيها خالدا تتنعم # ولا زلت في الأعياد ساجع روضها ... إذا احتفلت أشرافها أترنم # بقيت متى يبل الزمان تجده ... وفي كل يوم منك عيد وموسم PageV02P148 # ودمت لألف مثله في سعادة ... يذل بها باغ ويعتز مسلم # ولما رأيت الفخر جهد مقصر ... وأنك أعلى من مديحي وأعظم # ختمت ثنائي بالدعاء وهأنا ... أقلب في كف الندى وأسلم # ثم قال: ولما أنتقل مولانا الجد إلى رضوان الله ونعيم خلده، وقام مولانا ~~الوالد ولي عهده بالأمر من بعده، وانشد رثاء في السلف، وهناء في الخلف، ~~رحمه الله تعالى عليهما: # عزاء فإن الشجو قد كان يسرف ... وبشرى بها الداعي على الغور يشرف # لئن غرب البدر المنير محمد ... لقد طلع البدر المكمل يوسف # وإن رد سيف الملك صونا لغمده ... فقد سل من غمد الخلافة مرهف # وإن طوت البرد اليماني يد البلى ... فقد نشر البرد الجديد المفوف # وإن نضب الوادي وجف معينه ... فقد فاض بحر بالجواهر يقذف # وإن صوح الروض الذي ينبت الغنى ... فقد أزهر الروض الذي هو يخلف # وإن أقلعت سب الحيا وتقشع ... فقد نشات منها غمائم وكف # وإن صدع الشمل الجميع يد النوى ... بيوسف فخر المنتدى يتألف # وإن راع قلب الدين نعى إمامه ... فقد هز منه بالبشارة معطف # وقد ملك الإسلام خير خليفة ... من البدر أبهى بل من الشمس أشرف # يعير محياه الصباح إذا بدا ... وتخجل يمناه الغمام وتخلف # فمن ور مرآه الكواكب تهتدي ... ومن فيض جدواه الحيا نتوكف PageV02P149 # ولما قضى المولى الإمام محمد ... تحكم في الناس الأسى والتأسف # فلا جفن إلا مرسل سحب دمعه ... ولا قلب بالجوى يتلهف # وقد كادت الدنيا تميد بأهلها ... وقد كادت الشم الشوامخ ترجف # وقد كادت الأفلاك ترفض حسرة ... وكادت بها الأنوار تخفو وتكسف # ولكن تلافي الله أمر عباد ... بوارثه والله بالناس أرأف # فللذين والدنيا ابتهاج وغبطة ... وللثغر ثغر بالمنى يرتشف # أمان كما تندى الشبيبة نضرة ... يمد له ظل على الأرض أورف # طلعت على الإسلام في دولة الرضا ... فأمنته من كل ms273 ما يتخوف # بوجه يرينا البدر عند طلوعه ... وفي وجنه البدر المنير التكلف # وعزم كما انشق الصبح مصمم ... ورأى به بيض الصوارم ترهف # وحولك من حفظ الإله كتائب ... وفوقك من ظل السعادة رفرف # فوالله ما ندري وللعلم عندنا ... براهين عن وجه الحقائق تكشف # أوجهك أم شمس النهار تطلعت ... وكفك أم سحب الحيا نتوكف # فكم لك من ذكر جميل ومفخر ... عمم على أوج الكواكب يشرف # يزار به البيت العتيف وزمزم ... ويعرفه حتى الصفا والمعرف # ومن يسأل الأيام تخبره أنها ... بقومك تزهى في الفخار وتشرف # وهل تهدم الأيام بنيان مفخر ... تشيده آي كرام ومصحف # ولو كانت الأيام قبل تنكرت ... فباسمك يا بدري الهدى تتعرف # ألا لا ترعنا الحادثات فإننا ... عصابة توحيد به نتشرف PageV02P150 # وليس لنا إلا التوكل عادة ... وظن جميل وعده ليس يخلف # فمن مبلغ عنا الغنى بربه ... وقد سار للفردوس يحيا ويتحف # بآية ما بلغت دين محمد ... أماني للرحمن تدني وتزلف # وعنك يروي الناس كل غريبة ... يروي لنا منها الغريب المصنف # فكسرت تمثالا وهدمت بيعة ... وناقوسها بالكفر يهدي ويهتف # وكم من منار بالأذان عمرتها ... فصارت به الآذان بعد تشنف # وسرت وقد خلفت خير خليفة ... لك الفخر منه والثناء المخلف # أيوسف قد أرضيته أجمل الرضا ... وكان بما ترضى وتختار يكلف # وكنت له يا قرة العين قرة ... على برة المحتوم تحنو وترأف # ستجري على آثاره سابق المدى ... فيهدي له منك الثناء المضعف # سيلقى عدو الدين منك عزائما ... إليه بجرار لكتائب تزحف # ويأسف لمن يبصر البر يرتمي ... بفرسانه والبحر بالسفن يقذف # وتفتح من بلدانه كل مقفل ... يعبد عباد الصليب ويؤسف # فما أرؤس الكفار إلا حصائد ... بسيفك سيف الله تجني وتقطف # حسا بك رقراق الصفيح كأنه ... بكفك من ماء السماء ينطف # ضعيف يصح النصر من فتكانه ... فيروي لنا منه الصحيح المضعف # ورمحك مرتاح المعاطف هزة ... كأن قد سقته من دم الكفر قرقف # ولا عيب فيه غير أن سنانه ... إذا شم ريح النقع في الحرب يرعف PageV02P151 # فإن كعت الأبطال في حومة الوغى ... يشير لنا منه البنان المطرف ms274 # لقد فخر الإسلام منك ببيعة ... وزال بها عنه الأسى والتخوف # وألبسته بردا من الفخر ضافيا ... على عطفه وشى المديح يفوف # وقد نظمت فيه السعود ميامنا ... كما ينظم العقد النفيس ويرصف # فدمت قرين العين في كل غبطة ... بما شئت من آمالك الغر تسعف # وأنشد في لحده المقدس رحمه الله في المعنى قوله: # ضريح أمير المسلمين محمد ... يخصك ربي بالسلام المردد # وحياك من روح الإله تحية ... مع الملإ الأعلى تروح وتغتدي # وشقت جيوب الزهر فيك كمائم ... يرف بها الريحان عن خضر ندى # وصابت من الرحمى عليك غمائم ... تروى ثرى هذا الضريح المنجد # وزارتك من حور الجنان أوانس ... نواعم في كل النعيم المخلد # وجاءتك بالبشرى ملائكة الرضا ... كما جاء في الذكر الحكيم الممجد # وصافح منك الروض أطيب تربة ... وعاهد المزن أكرم معهد # رضا الله والصفيح الجميل وعفوه ... يوالي على ذلك الصفيح المنضد PageV02P152 # ويا صدفا قد حاز من جوهر العلا ... لكل نفيس بالنفاسة مفرد # أعندك أن الحلم والعلم والحجا ... وزهر الحلى أدرجت طي ملحد # وهل أنت إلا هالة القمر الذي ... بنور هداه الشهب تهدي وتهتدي # ويا عجبا من ذلك الترب كيف لا ... يفيض ببحر للسماحة مزبد # لقد ضاقت الأكوان وهي رحيبة ... بما حزت من فخر عظيم وسؤدد # قدمت على الرحمن أكرم مقدم ... وزودت من رحماه خير مزود # أقام بك المولى الإمام محمد ... مؤمل فوز بالشفيع محمد # فجاء كما يرضى وترضى به العلا ... وأنجز للآمال أكرم موعد # ومدينة ظلال العدل في كل وجهة ... وكف أكف البغي من كل معتدي # وقام بمفروض الجهاد عن الورى ... وعود دين الله خير معود # قضى بعد ما قضى الخلافة حقها ... وعامل وجه الله في كل مقصد # وفتح بالسيف الممالك عنوة ... ومدت له أملاكها كف مجتدي # وكسر تمثال الصليب وأخرست ... نواقيس كانت للضلال بمرصد # وطهر محرابا وجدد منبرا ... وأعلن ذكر الله في كل مسجد # ودانت له الأملاك شرقا وغربا ... وكلهم ألقى له الملك باليد # وطبق معمور البسيطة ذكره ... وسارت به الركبان في كل فدفد # وسافر عن دار الفناء ليجتني ... بما قدم ms275 اليوم السعادة في غد PageV02P153 # وقام بأمر الله حق قيامه ... بعزمة لا وان ولا متردد # لثن سار للرحمن خير مودع ... وحل من الفردوس أشرف مقعد # فقد خلف المولى الخليفة يوسفا ... له غر المساعي ويبتدي # سبيلك في سبيل المكارم يقتفي ... وهديك يا خير الأئمة يقتدى # محمد جلى الخطب من بعد يوسف ... ويوسف جلى الخطب بعد محمد # ولو وجد الناس الفداء مسوغا ... فداك ببذل النفس كل موحد # ستبكيك أرض كنت غيث بلادها ... وتبكيك حتى الشهب في كل مشهد # وتبكي عليك السحب ملء جفونها ... بدمع يروي غلة المجدب الصدي # وتلبس فيك النيرات ظلامها ... حدادا ويذكى النجم جفن مسهد # وما هي إلا أعين قد تسهدت ... فكحلها نجم الظلام بإثمد # فلا زلت في ظل النعيم مخلدا ... ونجلك يحيا بالبقاء المخلد # وأوردك الرحمن حوض نبيه ... وأصدر من خلفت عن خير مورد # علك سلام مثل حمدك عاطرا ... يفض ختام المسك عن تربك الندى # وصلى على المختار من آل هاشم ... صلاة بها نرجو الشفاعة في غد # ثم قال: وقال أيضا في هذا الغرض من رثائه ومدح مولانا الوالد في أثنائه: # سلام على الدنيا جميعا وما فيها ... غدات نعت شمس الخلافة من فيها # نعت ملك الأملاك والكلمل الذي ... يكف عواري الحادثات ويكفيها # عميد بني الأنصار غير مدافع ... ومحي معاليها ومولى مواليها PageV02P154 # وبدر دياجها وشمس نهارها ... وبشر محياها ونور مجاليها # خفا الكواكب الوقاد قد كان نوره ... يجلى من الدهم الخطوب دياجها # هوى القمر الوضاح من أفق العلا ... فأظلم جو النيرات بساريها # وقد كسفت شمس الهداية بعدما ... أبان سبيل الحق للخلق هاديها # هو الجبل الراسي تصدع بعد ما ... أقرت به شم الجبال رواسيها # يعز على دين الهدى أن شمسه ... يطول بأطباق التراب تواريها # يعز على زهر النجوم متى سرت ... ولا تلمح الهدى الذي كان يهديها # لأندلس ثكل عليه مردد ... له لبست سود المسوح نواحيها # ثلاثين حولا بعد خمس تعودت ... يدافع عنها كل خطب ويحميها # أبيه للرايات يخفق بندها ... وفي مرقاب النصر المؤزر يعليها # أبيه للخيل المغيرة ... بالضحى وقد أبعد الفتح الميبن مراميها ms276 # ويبكيه معمور البسيطة كلها ... وما ضم من داني البلاد وقاصيها # وتبكيه سحب أخجلتها بنانه ... وترسل دمع الغيث حزنن مآقيها # وتبكيه حتى الشهب في أفق العلا ... وتلبس جلباب الظلام جواريها # عزاء أمير المسلين فإنها ... مقادير رب الخلق في الخلق يجريها # هو الموت ورد للخليفة كلها ... أواخرها تقفو سبيل أواليها # وما بيننا حي وما بين آدم ... إلا هكذا سوى البرية باريها PageV02P155 # وفي موت خير الخلق أكبر أسوة ... تصبر أحرار النفوس وتسليها # أمولاي لو كان الفداء مسوغا ... فديناك بالدنيا جميعا وما فيها # أمولاي كم من نعمة لك عندنا ... إذا نحن رمنا حصرها ليس بحصيها # أمولاي خلفت العبيد إلى الأسي ... يناجيك من فرط الشجون مناجيها # وقد مات منا الصبر إلا صبابة ... بذكرك في جنح الدجنة نحييها # أمولاي يا مولاي هل أنت سامعي ... أبثك ما يشجى القلوب ويدميها # تحفيت بي حتى نضوت شبيبتي ... عزيزا وجيها حيثما رمت توجيها # وقد كان ظني أن تكون جنازتي ... يشيعها منك الرضا ويواريها # وقد عشت حتى ذقت فقدك قلما ... تبلغ نفس ما تريد أمانيها # ز لولا أبو الحجاج نجلك لم يكن ... لدين الهدى كرات بحر يزجيها # ولكنه والله يجمل صبره ... مناقبك الغر الكرام سيحييها # فخلفتنا منه لأكر كافل ... يحمل أعباء الخلافة كافيا # سريرته الرحمى وسيرته الرضا ... وأخلاقه الغر الكريمة تدريها # وسيلتك العظمى وظلك فوقنا ... وعمدتنا والله في العز يبقيها # فما كنت إلا الشمس قد غربت لنا ... وأنوارها بدر التمام يجليها # وما أنت المسك إن تخف ذاته ... يم بها العرف الذكي فيفشيها # إلا قدس الرحمن نفيسا كريمة ... بكل عزيز في الوجود نفديها # وبشرى لنا أن السعادة نزلها ... وأن رضا الله الكريم يرضيها # وحاشا وكلا أن تضيع وسائل ... سيذخرها الرب الكريم وينشيها PageV02P156 # فكم من جهاد رفعت بنوده ... وقد أثمرت فيها المعالي عواليها # كسرت تماثيل الصليب وأخرست ... نواقيس كانت بالضلال تناغيها # وكم من منار قد أعدت أذانه ... وأعلن فيه دعوة الحق داعيها # وكم من رياض للكتائب قد غدت ... تضيق بمستن الجياد نواحيها # وملتف زرع الأسنة مزهر ... ولكن به المران تحلو مجانيها # إذا ظمئت ms277 منها الذوابل في الوغى ... جداول أنهار السيوف ترويها # غرس زكي للجهاد غرسته ... فصرت إلى دار السعادة تجنيها # ولو لم يكن إلا سنين قطعتها ... رهين شكاة لا تزال تعانيها # صبرت لها صبر الكرام وإنما ... ذخرت أجورا فضل ربك جازيها # أمالك في الأنصار خير وسيلة ... وقد كنت بالنصر العزيز تحييها # وحسبك بالمختار أكرم شافع ... وسنته والله لا زلت تحييها # على علم الدنيا وفخر ملوكها ... تحية رب لا يزال يواليها # سأبكيه ما دام الحمام مطوقا ... وما سجعت تبكي الهديل قماريها # وأهديه من طيب السلام معطرا ... كما فتقت أيدي التجار غواليها # وأسبل رب العرش سحب كرامة ... نسخ على ذاك الضريح غواديها # ونسأل فتحا للخليفة يوسف ... يملكه أقصى البلاد ومن فيها # ثم ذكر هذا المؤلف جملة نظم أبن زمرك في السلطان أبي الحجاج واستعطافه ~~وما يهز له لرضا من شمائل أعطافه ومنها: # بما قد حزت من كرام الخلال ... بما أدرت من رتب الجلال PageV02P157 # بما خولت من دين ودنيا ... بما قد حزت من شرف المعالي # بما أوليت من صنع جميل ... يطابق لفظه معنى الكمال # تغمدني بفضلها واغتفرها ... ذنوب في الفعال وفي المقال # ثم قال: ومن ذلك أيضا يخاطب أخانا السلطان أبا عبد الله رحمه الله تعالى ~~متوسلا بقديم ذمامه والخدم المتدععة من نظامه: # أتعطش أولادي وأنت غمامة ... تعم جميع الخلق بالنفع والسقيا # وتظلم أوقاتي ووجهك نير ... تفيض به الأنوار للدين والدنيا # وجدك قد سماك ربك باسمه ... وأورث الرحمن رتبته العليا # وقد كان أعطاني الذي أنا سائل ... وسوغني من غير شرط ولا ثنيا # وشعري في غر المصانع خالد ... يحييه عنى في الممات وفي المحيا # وما زلت أهدي المدح مسكا مفتقا ... فتحمله الأرواح عاطة الريا # وقد كثر العبد التشكي وأنه ... وحقك يا فخر الملوك قد استحيا # وما الجود إلا ميت غير أنه ... إذا نفخت يمناك في روحه يحيا # فمن شاء أن يعدو لدين محمد ... فيدعو لمولانا الخليفة بالبقيا # ثم ذكر قصائد كثيرة ومقطوعات في مدحه لأخيه أبي عبد الله إلى أن قال: ~~وقال أيضا وقد نزل بالولجة من ms278 مرج الحضرة: # منزل اليمن والرضا والسعود ... أنجزت فيه صادقات الوعود PageV02P158 # كل يوم نزاهة إن تقضت ... أنشدتها السعود بالله عودي # جمع المستعيف وصف الكمال ... بين بأس عم الملوك وجود # فاهن في غبطة وعزة ملك ... أنت والله فخر هذا الوجود # وقال أيضا مشيرا لتوليته العلامة: # لك غرة ود الصباح جمالها ... ومحاسن تهوي البدور كمالها # وشمائل تحكي الرياض خلالها ... وأنامل ترجو الأنام خلالها # للمستعين خلافة نصرية ... عرفت ملوك العالمين جمالها # وأنا الذي قد نال منك معاليها ... تهوي النجوم الزاهرات منالها # تهديه ما قد نلته من بعضها ... والفخر كل الفخر فيمن نالها # في كل يوم منك منة منعم ... لو طاولت سمك العلا ماطالها # بلغت آمال العبيد فبلغت ... فيك العبيد من البقا آمالها # ثم قال: وقال أيضا وكتبها إليه مع خمسة أقلام: # أيا ملكا لم يبد للعين حسنة ... سوى ملك قد حل من عالم القدس # لك الخير خذها كالأنامل خمية ... تعوذ مرآك المكمل بالخمس # فمن أبصرت عيناه مرآك فليقل ... أعوذ برب الناس أو آية الكرسي # ثم قال بعد ذكر قصيدة: وقال يخاطب مولانا الوالد رحمه الله PageV02P159 # وقد مر معه بفحص رية والثلج قد عم أنديته وبسط أرديته في وجهة توجهها ~~مولانا الجد رحمه الله: # يا من رتب المعالي تعتلي ... ومعالم الفخر المشيد تبتني # ازجر بهذا الثلج فألا إنه ... ثلج اليقين بنصر مولانا الغني # بسط البياض كرامة لقدومه ... وافتر ثغرا عن مسرة معتني # فالأرض جوهرة تلوح لمجتل ... والدوح مزهرة تفوح لمجتنى # سبحان من أعطى الوجود وجوده ... ليدل منه على الجواد المحسن # وبدائع الأكوان في إتقانها ... أثر يشير إلى البديع النقتن # ثم قال: ومن غير السلطانيات مما بز فيه سبقا وتبريزا وعرضه على نقدة ~~البيان فرأت منه كل مذهبة خلصت إبريزا مرثيته للقاضي المعظم الشريف أبي ~~القاسم الحسني من شيوخه أنجزها الوعد السابق في المقدمة بها: # أغرى سراة الحي بالإطراق ... نبأ أصم مسامع الآفاق # أمسى به ليل الحوادث داجيا ... والصبح أصبح كاسف الإشراق # فجع الجميع بواحد جمعت له ... شتى العلا ومكارم الأخلاق # هبوا لحكمكم الرصين فإنه ... صرف ms279 القضاء فما له من واق # نفش الزمان بصرفه في صفحة: ... كل جماع مؤذن بفراق # ماذا ترجى من زمانك بعدما ... علق الفناء بأنفس الأعلاق # من تحسد السبع الطباق علاءه ... عالوا عليه في الثرى بطباق PageV02P160 # إن المنايا للبرايا غاية ... سبق الكرام لخصلها بسباق # لما حسبنا أن تحول أبؤسا ... كشفت عوان حروبها عن ساق # ما كان إلا البدر طال سراره ... حتى رمته يد الردى بمحاق # أنف المقام مع الفناء نزاهة ... فنوى الرحيل إلى مقام باقي # عدم الموقف في مرافقة الدنا ... فثنى الركاب إلى الرفيق الباقي # أسفا على ذلك الجلال تقلصت ... أفياؤه وعهدن خير رواق # يا آمري بالصبر عيل تصبري ... دنى عدتك لواعج الأشواق # وذر اليراع تشي بدمع مدادها ... وشى القريض يروق في الوراق # يا حسرتي للعلم أقفر ربعه ... والعدل جرد أجمل الأطواق # ركدت رياح المعلوات لفقدها ... كسدت به الآداب بعد نفاق # كم من غوامض قد صدعت بفهمها ... خفيت مداركها على الحذاق # كم قاعد في البيد فوق قعوده ... قعدت به الآمال دون لحاق # لمن الركائب بعدك تنتضي ... ما بين شأم ترتمي وعراق # تفلى الفلا بمناسم مفلولة ... تسم الحصى بنجيعها الرقراق # كانت إذا اشتكت الوجى وتوقفت ... يهفو نسيم ثنائك الخفاق # فإذا تنسمت الثناء أمامها ... مدت لها الأعناق في الإعناق # يا مزجي البدن القلاص خوافقا ... رفقا بها فالسعي في إخفاق PageV02P161 # مات الذي ورث العلا عن معشر ... ورثوا تراث المجد باستحقاق # رفعت لهم رايات كل جلالة ... فتميزوا في حلبة السباق # علم الهدة وقطب أعلام الورى ... حرم العفاة لمجتني الأرزاق # رقث سجاياه وراقت مجتلى ... كالشمس في بعد وفي إشراق # كالزهر في لألائه والبدر في ... عليائه والزهر في الإبراق # مهما مدحت سواه قيد وصفه ... وصفاته حمد على الإطلاق # يا وارثا نسب النبوة جامعا ... في العلم والأخلاق والأعراق # يا بن الرسول وإنها لوسيلة ... يرقى بها أوج المصاعد راقي # ورد الكتاب بفضلهكم وكمالكم ... فكفى ثناء الواحد الخلاق # مولاي إني في علاك مقصر ... قد ضاق علم النجوم نطاقي # ومن الذي يحصى مناقب فضلكم ... عد الحصى والرمل غير مطاق # يهني قبورا زرتها فلقد ms280 ثوت ... منا مصون جوانح وحداق # خط الردى منها سطورا نصها: ... لا بد أنك للفناء ملاق # ولحق ترجمة الكتاب وصدره ... وفوائد المكتوب في الألحاق # كم من سراة في القبور كأنهم ... في بطنها در ثوى بحقاق # قل للسحاب اسحب ذيولك نحوه ... والعب بصارم برقك الخفاق # أودي الذي غيث العباد بكفه ... يزري بواكف غيثك الغيداق PageV02P162 # إن كان صوبك بالمياه فدرها ... در يروض ما حل الإملاق # بشر كثير قد نعموا لما نعى ... قاضي القضاة وغاب في الأطباق # ألبستهم ثوب الكرامة ضافيا ... وأرحت من كد ومن إرهاق # يتفيئون ظلال جاهك كلما ... لفحت سموم الخطب بالإحراق # عدموا المواقف في فراقك وانطوى ... عنهم بساط الرفق والإرفاق # رفعوا سريرك خافضين رءوسهم ... ما منهم إلا حليف سياق # لكن مصيرك للنعيم مخلدا ... كان الذي أبق على الأرماق # ومن العجائب أن يرى بحر الندى ... طود الهدى يسري على الأعناق # إن يحملوك على الكواهل طالما ... قد كنت محمولا على الأحداق # أو يرفعوك على العواتق طالما ... رفعت ظهر منابر وعتاق # ولئن رحلت إلى الجنان فإننا ... نصلى بنار الوجد والأشواق # لو كنت تشهد حزن من خلفته ... لثنى عنانك كثرة الإشفاق # أن جن ليل جن من فرط الأسى ... وسوى كلامك ماله من راق # فابعث خيالك في الكرى يبعث به ... ميت السرور لثاكل مشتاق # أغليت يا رزء التصبر مثلما ... أرخصت در الدمع في الآماق # إن يخلف الأرض الغمام فإنني ... أسقي الضريح بدمعي المهراق PageV02P163 # ومن أوليات نظمه يخاطب شيخه الوزير أبا عبد الله بن الخطيب رحمه الله ~~مادحا قوله من قصيدة مطلعها: أما وانصدع النور من مطلع الفجر يقول فيها بعد ~~أبيات: # لك الله من فذلك الجلالة أوحد ... تطاوعه الآمال في النهي والأمر # لك القلم الأعلى الذي طال فخره ... على المرهفات البيض والأسل السمر # يقلد أجياد الطروس تمائما ... بصنفي لآل من نظم ومن نثر # تهيبك القرطاس فاحمر إذ غدا ... يقل بحور من أناملك العشر # كأن رياض الطرس خد مورد ... يطرزه وشي العذار من الحبر # فشارة على الملك رائقة الحلى ... بألوية حمر وبالصحف الحمر # وما روضة غناء عاهدها ms281 الحيا ... بها وشى الربيع يد القطر # تغنى قيان الطير في جنباتها ... فيرقص غصن ألبان في حلل خضر # تمد لأكواس العرار أناملا ... من السوسن الغض المختم بالتبر # ويحرس خد الورد صام نهرها ... ويمنع ثغر النور بالذابل النضر # يفاخر مرآها السماء محاسنا ... فتزرى نجوم الزهر منها على الزهر # إذا مسحت كف الصبا جفن نورها ... تنفس ثغر الزهر عن عنبر الشحر # بأعطر من ريا ثنائك في السرى ... وأبهر حسنا من شمائلك الغر # عجبا له يحكى خلال خميلة ... وتفوق منه الأسد في موقف الذعر PageV02P164 # إذا أضرمت من بأسها الحرب جاحما ... تأجج منه العضب في لجى البحر # وإن كلح الأبطال في حومة الوغى ... ترقرق ماء البشر في صفحة البدر # لك الحساب اوضاح والسؤدد الذي ... نطاق الوصف فيه عن الحصر # تشرفت أفق أنت بدر كماله ... فغرناطة تختال تيها على مصر # تكلل تاج الملك منك محاسنا ... وفاخرت الأملاك منك بنو نصر # بعزمة مضمون السعادة أوحد ... وغرة وضاح المكارم والنجر # طوى الحيف منشور اللواء مؤيدا ... حمى الإسلام بالطي والنشر # ومدينة ظلال الأمن إذ قصر العدا ... فيتلى ثناء الملك بالمد والقصر # إذا احتفل الإيوان يوم مشورة ... وتضطرب الآراء من كل ذي حجر # صدعت بفضل القول غير منازع ... وأطلعت آراء قبس من الفجر # فإن تظفر الخيل المغيرة بالضحى ... فعن رأيك الميمون تظفر بالنصر # فلا زلت للعلياء تحمى ذمارها ... وتسحب أذيال الفخار على النسر # وللعلم فخر الدين والفتك بالعدا ... بأوت به يا بن الخطيب على الفخر # يهنيك عيد الفطر من أنت عيده ... ويثنى بما أوليت من نعم غر # جبرت مهيضا من جناحي ورشته ... وسهلت لي من جانب الزمن الوعر # وبوأتني من ذروة العز معتلى ... وشرفتني من حيث أدري ولا أدري # وسوغتني الآمال عذبا مسلسلا ... وأسميت من ذكرى ورفعت من قدري # فدهير عيد بالسرور وبالمنى ... وكل ليالي العمر لي ليلة القدر PageV02P165 # فأصبحت مغبوطا على خير نعمة ... يقل لأدناها الكثير من الشكر # قال: وكتب إليه جوابا عن رسالة خاطب أولاده بها صدرها: مالي بحمل الهوان ~~يدان قال جامع هذا الموضوع وفقه الله تعالى ms282: هذه قد تقدمت في هذا الموضوع ~~فراجعها. # ثم قال: وكتب إليه جوابا عن آخر كذلك: # حيت صباحا فأحييت ساكني القصبة ... واسترجعت أنفسا بالشوق مغتصبة # قضى البيان لها إلا نظير لها ... فأحرزت من معاني فضله قصبة # ناجت طليح سرى لا يستفيق لها ... هدت جوارحها واستوهنت عصبة # فحركته على فتك الكلال به ... وأذهبت بسرور الملتقى نصبه # وأذكرت عهد مهديها على شحط ... فعاود القلب من تذكاره وصبه # ما كنت أسمح من ذهري بجوهره ... لو كان يسم لي بالقلب من غصبة # سل أدمع الصب من أغرى السحاب بها ... وقلبه بجمار الشوق من حصبة # فالله يحفظ مهديها ويشكره ... فوجهها بعصاب الحسن قد عصبه # من كان وارث آداب يشعشعها ... بالفرض إني في إرثي لها عصبة # هذا الملاذ ملاذ الناس قاطبة ... سبحان من لغياث الخلق قد نصبه PageV02P166 # وخاطب كذلك: # طالعتها دون الصباح صباحا ... لما جلت غرر البيان صباحا # ولقد رأيت وما رأيت كحسنها ... وجها أغر ومبسما وضاحا # عذراء أرضعها البيان لبانه ... وأطال مغدى عندها ومراحا # فأتت كما شاءت وشاء نجيها ... تذكى الحجا وتنعم الأرواح # لا بل كمثل الروض باكره الحيا ... وسقى به زهر الكمام ففاحا # وطوت بساط الشوق منى بعدها ... نشرت على من القبول جناحا # وخاطبه كذلك: # يكلفني مولاي رجع جوابه ... وما لتعاطي المعجزات وما ليا # أجيبك للفضل الذي أنت أهله ... وأكتب مما قد أفدت الأماليا # فأنت الذي طوقتني كل منة ... وأحييت آمالي وأكسبت ماليا # وأنت الذي أعدى الزمان كماله ... وصيرت أحرار الزمان مواليا # فلا زلت للفعل الجميل مواصلا ... ولا زلت للشكر الجزيل مواليا # وخاطبه كذلك: # ذروني فأني بالعلاء خبير ... أشير فإن النيرات تسير # وكم بت أطوي الليل في طلب العلا ... كأني إلى نجم السماء سفير # بعزم إذا ما الليل مدينة رواقه ... يكر على ظلمائه فينير # أخو كلف بالمجد لا يستفزه ... مهاد إذا جن الظلام وثير # ذاما طوى يوما على السر كشحه ... فليس له حتى الممات نشور PageV02P167 # وإني وإن كنت الممنع جاره ... لتسبى فؤادي أعين وثغور # وما تعتريني فترة في مدى العلا ... إلى أن أرى لحظا عليه ms283 فتور # وفي السرب من نجد ظبية ... تصول على ألبابنا وتغير # وتمنع ميسور الكلام أخا الهوى ... وتبخل حتى بالخيال يزور # أسكان نجد جادها وأكف الحيا ... هواكم بقلبي منجد ومغير # ويا سكنى بالأجرع الفرد من منى ... وأيسر حظ من رضاك كثير # ذكرتك فوق البحر والبعد بيننا ... فمدته من فيض الدموع بحور # وأومض خفاق الذؤابة بارق ... فطارت بقلبي أنه وزفيره # ويهفو فؤادي كلما هفت الصبا ... أما لفؤادي في هواك نصير # ووالله ما أدري أذكرك هزني ... أم الكأس ما بين الخيام تدور # فمن مبلغ عني النوى ما يسؤها ... وللبين حكم يعتدىو يجور # بأنا غدا وبعده سوف نلتقي ... ونمسي ومنا زائر ومزور # إلى كم أرى أكني ووجدي مصرح ... وأخفي اسم من أهواه وهو شهير # أمنجد آمالي ومغلي كاسدي ... ومصدر جاهي والحديث كثير # أن أنسى ولا أنسى مجالسك التي ... بها تلتقي نضرة وسرور # نزورك في جنح الظلام وننثني ... وبين يدينا من حديثك نور # على أنني إن غبت عنك فلم تغب ... لطائف لم يحجب لهن سفور # نروح ونغدو كل يوم وعندها ... رواح علينا دائم وبكور # فظلك فوقي حيثما كنت وارف ... ومورد آمالي لديك نمير PageV02P168 # وعذرا فأني إن أطلت فإنما ... قصارى من بعد البيان قصور # وكتب إليه خاتمة رسالة كذلك: # وحقك ما استطعت بعدك غمضة ... من النوم حتى آذن النجم بالغروب # وعارضت مسرى الريح قلت لعلها ... تنم بريا منك عاطرة الهبوب # إلى أن بدا وجه الصباح كأنه ... محياك إذ تجلى بغزته الخطوب # فقلت لقبي استشعر الأنس وابتهج ... فإن تبعد الأجسام لم تبعد القلوب # وسر في ضمان الله حيقث توجهت ... ركابك لا تخشى الحوادث أن تنوب # ثم قال: وقال - بعد إيراد جملة من نظمه في النسيب وما يناسبه - يصف ~~مصباحا: # لقد زادني وجدا بي الجوى ... ذبال بأذيال الظلام قد التفا # تشير وراء الليل منه بنانة ... مخضبة والليل قد حجب الكفا # تلوح سنانا حين لا تنفح الصبا ... وتبدو سرورا حين تثنى له العطفا # قطعت بها ليلي يطار حتى الجوى ... فآونة يبدو وآونة يخفى # إذا قلت لا يبدو أسال لسانه ... وإن ms284 قلت لا يخبو الضياء به كفا # إلى أن أفاق الباح من غمرة الدجى ... وأهدى نسيم الروض من طيبه عرفا # لك الله يا مصباح أشبهت مهجتي ... وقد شفها من لوعة الحب ما شفا PageV02P169 # ثم قال وكتب له صدر رسالة: # أزور بقلبي معهد الأنس والهوى ... وأنهب من أيدي النسيم رسائلا # ومهما سألت البرق يهفو من الحمى ... يبادر به دمعي مجيبا وسائلا # فيا ليت شعري والأماني تعلل ... أيرعى لي الحي الكرام الوسائلا # وهل يجيرني الأولى كما قد عهدتهم ... يوالون بالإحسان من جاء سائلا # ثم قال بعد أن ذكر عدة قطع: وقال يصف الزرافة في قصيدة مدح بها السلطان ~~أبا سالم ملك المغرب - رحمه الله - وقد ورد عليه بها وفد الأحابش في هدية ~~من ملكهم، ونصها: # لولا تألق بارق التذكار ... ما صاب واكف دمعي المدرار # لكنه مهما تعرض خافقا ... قدحت يد الأشواق زند أواري # عليه السلام المشوق إذا تذكر معهدا أن يغري الأجفان باستعبار # أمذكري غرناطة حلت بها ... أيدي السحاب أزرة النوار # كيف التخلص للحديث ودونها ... عرض الفلاة وطافح زخار # هذا على أن التغرب مركبي ... وتولج الفيح الفساح شعاري # فلكم أقمت غداة زمت عيسهم ... أبغي القرار ولات حين قرار # وطفقت استقري المنازل بعدهم ... يمحو البكاء مواقع الآثار # إنا بني الآمال تخدعنا المنى ... فنخادع الآمال بالتسيار # نتجشم الأهوال في طلب العلا ... ونروع سرب النوم بالأفكار PageV02P170 # لا يجوز المجد الخطير سوى امرئ ... يمطي العزائم صهوة الأخطار # إلا يفاخر بالعتاد ففخره ... بالمشرفية والقنا الخطار # مستبصر مرمى العواقب واصل ... في حمله الإيراد بالإصدار # فاشد ما قاد الجهول إلى الردى ... عمه البصائر لا عمى الأبصار # ولرب مربد الجوانح مزبد ... سبح الهلال بلجه الزخار # فتقت كمائم جنحه عن أنجم ... سفرت زواهرهن عن أزهار # مثلت على شاطي المجرة نرجسا ... تصطف منه على خليج جاري # فكأنما بدر التمام بجنحه ... وجه الإمام بجحفل جرار # وكأنما خمس الثريا راحة ... ذرعت مسير الليل بالأشبار # اسرجت من عزمي مصابيحا بها ... تهدي السراة لها من الأقطار # وارتاع من بازي الصباح غرابه ... لما اطل فطار كل مطار # ومنها ms285: # وغريبة قطعت إليك على الونى ... بيدا تبيدها هموم الساري # تنسيه طيبته التي قدأمها ... والركب فيها ميت الأخبار # يقتادها من كل مشتمل الدجى ... وكأنما عيناه جذوة نار # تشدو بحمد المستعين حداتها ... يتعللون به على الأكوار # إن مسهم لفح الهجير أبلهم ... منه نسيم ثنائك المعطار # خاضوا بها الفلا فتخلفت ... منها خلوص البدر بعد سرار PageV02P171 # سلمت بسعدك من غوائل مثلها ... وكفى بسعدك حاميا لذمار # وأتتك يا ملك الزمان غريبة ... قيد النواظر نزهة الأبصار # موشية الأعطاف رائعة الحلى ... رقمت بدائعها يد الأقدار # راق العيون أديمها فكأنه ... روض تفتح عن شقيق بهار # ما بين مبيض وأصفر فاقع ... سال اللجين به خلال نضار # يحكي حدائق نرجس في شاهق ... تنساب فيه أرقام الأنهار # تحدو قوائم كالجذوع وفوقها ... جبل أشم بنوره متواري # وسمت بجيد مثل جذع مائل ... سهل التعطف لين خوار # تستشرف الجدران منه ترائبا ... فكأنما هو قائم بمنار # تاهت بكلكلها وأتلع جيدها ... ومشى بها الأعجاب مشي وقار # خرجوا لها الجم الغفير وكلهم ... متعجب من لطف صنع الباري # كل يقول لصحبه قوموا انظروا ... كيف الجبال تقاد بالأسيار # ألقت ببابك رحلها ولطالما ... ألقى الغريب به عصا التسيار # علمت ملوك الأرض انك فخرها ... فتسابقت لرضاك في مضمار # يتبوءون به وإن بعد المدى ... من جاهك الأعلى أعز جوار # فارفع لواء الفخر غير مدافع ... واسحب ذيول العسكر الجرار # واهنأ بأعياد الفتوح مخولا ... ما شئت من نصر ومن أنصار # وإليكها من روض فكري نفحة ... شف الثناء بها على الأزهار PageV02P172 # في فضل منطقها ورونق رسمها ... مستمتع الأسماع والأبصار # وتميل من أصغى لها فكأنني ... عاطيته منها كئوس عقار # وقال رحمه الله تعالى يخاطب كتاب الإنشاء بالمغرب وقد حضر هنالك ميلاد ~~الرسول) ، وانشد قصائدهم، وأستنجز بعد ذلك وعدهم بتقييد نسخها بمقطوعات ~~مرتجلة أجابوه عنها، منها: # أكتيبة الكتاب أيد جمعكم ... بعناية المولى الخليفة أحمد # لا تمطلوا دين الغريب فأنني ... منكم وإن رغمت لذلك حسدي # زينتم حفل البيان بسحركم ... اليوم زينة سحركم من موعد # فلتسمحوا لي بالقصائد عاجلا ... ولتبلغوا مما أؤمل مقصدي # وقال أيضا: # أيا علية الكتاب منصف ms286 ... عليكم بكم في مقطع الحق يستعدي # سمحتم بنظم الدر في لبة العلا ... فكم راق من سمط هناك ومن وعقد # فما ضركم أن تسمحوا ليس بكتابها ... فتستجزلوا شكري وتستجيبوا احمدي # وقال أيضا: # ما عذركم أن لم تجدوا بعدما ... ملكتم كف الخليفة أحمد # فلتبعثوا لي كل بكرة فذة ... تأتي بفخر خلالها وسط الندي # وكتب إليهم في المعنى أيضا وقد كان السلطان أبو العباس أعطاه قصيدة من ~~نظمه تلك الليلة: PageV02P173 # ظلالكم تندو وموردكم عذب ... وترضون أن أضحى وبالملح لي شرب # وانتم وما أنتم غمائم رحمة ... تصوب وأحلام العفاة لها تصبو # أفيضوا علينا وأنظرونا بفضلكم ... لنقتبس نورا لا يخيب ولا يخبو # ألفت الهوى حتى أنست بجوره ... فكل عذاب نالني في الهوى عذب # وقلت لجسمي إنه ثوبك الضني ... وقلت لقلبي إنه إلفك الحب # وقالوا صبا والشيب لاح صباحه ... فقلت ببيض كالصباح أنا صب # نهبت عذاري الحي ليلة عرضها ... وقد جلبت منها لمبصرها شهب # ولم أر منها غير رجع حديثها ... فتجهل منها العين ما يعرف القلب # عراب إذا استنت بشأو بلاغة ... تقصر من دون اللحاق لها العرب # وإن أسندت ما بين نجد وحاجر ... تقول رواة الشرق يا حبذا الغرب # فنعمة صدق للخلافة قد ضفت ... على من حواه من مهابته حجب # وجو صقيل قد جلته يد الصبا ... يسافر طرف الطرف فيه فما يكبو # فلولا التي من دونها طاعة الهوى ... لحقت بها حولي الأباريق والشرب # ولكن نهاني الشيب إن أقرب الهوى ... إذا لم يتح ممن أحب لي القرب # فلا تمطلوا دين المعلل عن غني ... فجانبكم سهل ومنزلكم رحب # وإن لم تروني كفهن ترفعا ... وصدكم من دون خطبها خطب # فمولاي قد أهدى العميد عقيلة ... يكالها من لفظها اللؤلؤ الرطب # أدارت كئوسا من مدام صبابة ... كما امتزج الصهباء والبارد العذب # فوالله لولا موعد يومه غد ... لواجهتكم مني على مطلبي العتب PageV02P174 # أكتاب مولانا الخليفة أحمد ... وحسبكم الفخر العميم به حسب # به اعتزت الآداب وامتد باعها ... وطالت يداها واستخف بها العجب # فلو لم يكن بالفضل تنفق سوقها ... لكان يقال التبر في أرضه ms287 ترب # بقيتم به في ظل جاه وغبطة ... تخب إلي لقيا نجيبكم النجب # وقال يراجع الكتاب أبا زكريا بن أبي دلامة منهم، وقد أجابه رحمه الله ~~تعالى عليه: # على الطائر الميمون والطالع السعد ... أتتني مع الصنع الجميل على وعد # وأحييت يا يحيى بها نفس مغرم ... يجيل جياد الدمع في ملعب السهد # نسيت وما أنسى وفائي وخلتي ... وأقفر ربع القلب إلا من الواجد # وما الطال في ثغر من الزهر باسم ... بأذكى وأصفى من ثنائي ومن ودي # فأصدقتها من بحر فكري جواهرا ... تنظم من در الدراري في عقد # وكنت أطيل القول لولا ضرورة ... دعتني إلى الإيجاز في سورة الحمد # وانشد السلطان أبا العباس المذكور في غراب من إنشائه: # أإنسان عين الدهر جفنك قد غدا ... يحفك منه طائر اليمن والسعد # إذا ما هفا فوق الرءوس شراعه ... أراك جناحا مدينة للجزر والمد # وأنشده فيه أيضا: # لك الخير شأن الجفن يحرس عينه ... وهذا بعين الله يحرس دائما # تبيت له خمس الثريا معيذة ... تقلده زهر النجوم تمائما PageV02P175 # فيا جفن لا تنفعك في الحفظ دائما ... وإن كنت في لج من البحر عائما # انتهى ما انتقيت من هذا التأليف الملوكي مع أني تركت أكثره. # قلت: وإنما أطلت في كلام الرئيس أبن زمرك رحمه الله تعالى لوجوه: أولها: ~~أن الذي ألفت الكتاب من أجله راغب في ذلك. # الثاني: ولوع كثير من الناس بكلامه، حتى قال شيخنا سيدي الإمام العلامة ~~المؤلف الكبير أبو العباس الشهير ببابا السوداني رحمه الله، بعد أن ذكر في ~~التعريف به نحو عشرين سطرا: إني لم أقف في أمره على غير هذا، ولم أقف على ~~وفاته. وبالجملة فالذي تكلم خواص الناس فيه من أمره هو ما في الإحاطة ~~والكتيبة: وأما الجم الغفير فهم بمعزل عما في الكتابين فضلا عن غيره. # الوجه الثالث: أن ما نقلته من ذلك كان عندي مقيدا في عدة أوراق، فخفت ~~عليه الدروس، فلذا جمعت بعضه هنا. # الرابع: ما اشتمل عليه من أوصاف الجهاد والخيل وغير ذلك من الغرائب، وليس ~~الخبر كالعيان. # الخامس: ما ms288 في بعضه من أمداح المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو المقصود ~~بالذات وغيره تبع، وهو في مسك ختام هذه الأوجه الخمس، وليس يحتاج إلى دليل ~~نول القمر والشمس. وقد عن لي أن أذكر جملة من موشحاته لغرابتها، ولأن جل ما ~~وقفت عليه منها ينخر في سلك المعرب، إذ أكثره من مخلع البسيط. PageV02P176 # فمن ذلك قوله تشوقا إلى غرناطة أعادها الله ومادحا الغنى بالله: # بالله يا قامة القضيب ... ومخجل الشمس والقمر # من ملك الحسن في القلوب ... وأيد اللحظ بالحور # من لم يكن طبعه رقيقا ... لم يدر ما لذة الصبا # فرب حر غدا رقيقا ... تملكه نفحة الصبا # نسوان لم يشرب الرحيقا ... لكن إلى الحسن قد صبا # فعذب القلب بالوجيب ... ونعم العين بالنظر # وبات والدمع في صبيب ... يقدح من قلبه الشرر # أواه من قلبي المعنى ... يهفو إذا هبت الرياح # لو كان للصب ما تمنى ... لطار شوقا بلا جناح # وبلبل الدوح إن تغف ... أسهر ليلي إلى الصباح # عساك إن زرت يا طبيبي ... بالطيف في رقدة السحر # أن تجعل النوم من نصبي ... والعين تحمي من السهر # كم شادن قاد لي التحوفا ... بمربع القلب قد سكن # يسل من لحظه سيوفا ... فالقلب بالورع ما سكن # خلقت من عادتي ألوفا ... أحن للإلف والسكن # غرناطة منزل الحبيب ... وقربها السؤل والوطر PageV02P177 # تبهر بالمنظر العجيب ... فلا عدا ربعا المطر # عروسة تاجها السبيكة ... وزهرها الحلي والحلل # لم ترض من عزها شريكة ... بحسنها يضرب المثل # أيدها الله من مليكة ... تملكها اشرف الدول # بدولة المرتجى المهيب ... الملك الطاهر الأغر # تخال من بردها القشيب ... في حلة النور والزهر # كرسها جنة العريف ... مرآتها صفحة الغدير # وجوها الطل في شنوف ... تحكيمه صنعته القدير # والأنس فيها على صنوف ... فيمن هديل ومن هدير # كم خرق الزهر من جيوب ... وكلل القضب بالدرر # فالغصن كالكعاب اللعوب ... والطير تشدو بلا وتر # ولائم النصر في احتفال ... وفرح دين الهدى جديد # سلطانها معمل العوالي ... محمد الظافر السعيد # ومخجل البدر في الكمال ... سلطانها المجتبي الفريد # أصفح مولى عن الذنوب ... أكرم عاف إذا قدر # وشمس هدى ms289 بلا مغيب ... وبحر جود بلا حسر PageV02P178 # مولاي يا عاقد البنود ... تظلل الأوجه الصباح # أوحشت يا نخبة الوجود ... غرناطة هالة السماح # سافرت باليمن والسعود ... وعدت بالفتح والنجاح # يا ملهم القلب للغيوب ... ومطعم النصر والظفر # أسمعك الله عن قريب: ... " على السلاما من الالسفر " # وقال أيضا من الموشحات الفائقة، في مثل أغراض هذه السابقة، وأشار إلى ~~محاسن من وصف " الرشاد ": # نسيم غرناطة عليل ... لكنه يبري العليل # وروضها زاهر بليل ... ورشفه ينقع الغليل # سقى بنجد ربا المصلى ... مباكرا روضها الغمام # فجفنه كلما استهلا ... تبسم الزهر في الكمام # والروض بالحسن قد تجلى ... وجرد النهر عن حسام # ودوحها ظله ظليل ... يحسن في ربعه المقيل # والبرق والجو مستطيل ... يلعب بالصارم الصقيل # عقيلة تاجها السبيكة ... تظل بالمراقب المنيف # كأنها فوقه مليكه ... كراسيها جنة العريف PageV02P179 # تطلع من عسجد سبيكة ... شموسها كلما تطيف # أبدعك الخيال الجليل ... يا منظرا كله جميل # قلبي إلى حسنه يميل ... وقبلنا قد صبا جميل # وزاد للحسن فيك حسنا ... محمد الحمد والسماح # جدد للفخر فيك مغنى ... في طالع اليمن والنجاح # تدعى رشادا وفيك معنى ... يخصك الفأل بافتتاح # فالنص والسعد لا يزول ... لأنه ثابت أصيل # سعد وأنصره قبيل ... آباؤه عترة الرسول # أبدى به حكمة القدير ... وتوج الروض بالقباب # ودرع الزهر بالغدير ... وزين النهر بالحباب # فمن هديل ومن هدير ... ما أولع الحسن بالشباب # هبت على روضها القبول ... وطرفها بالسرى كليل # فلم يزل بينها يجول ... حتى تبدت له حجول # للزهر في عطفها رقوم ... تلوح للعين كالنجوم # وللندى بينها رسوم ... عقد الندى فوقه نظيم # وكل واد بها يهيم ... ولم يزل حولها يحوم PageV02P180 # شنيلها مد منها نيل ... والشين ألف لمستنيل # وعين واد تسيل ... من فوق خد له أسيل # كم من ظلال به ترف ... تضفو لها فوقه ستور # ومن زجاج به يشف ... ما بين نور وبين نور # ون شموس بها تصف ... تديرها بيننا البدور # مزاجها العذب سلسبيل ... ياهل إلى رشفها سبيل # وكيف والشيب لي عذول ... وصبغة صفرة الأصيل # يا سرحة في الحمى ظليلة ... كم نلت في ظلك المنى # روضك الله من خميلة ... يجنى ms290 بها أطيب الجنى # وبرقها صادق المخيلة ... ما زال بالغيث محسنا # أنجز لي وعدك القبول ... فلم أقل مثل من يقول # " يا سرحة الحي يا مطول ... شرح الذي بيننا يطول " # ومن ذلك ما كتب به للغني بالله: # أبلغ لغرناطة سلامي ... وصف لها عهدي السليم # فلو رعى طيفها ذمامي ... ما بت في ليلة السليم # كم بت فيها على اقتراح ... أعل من خمرة الرضاب # أدير منها كئوي راح ... قد زانت الثغر بالحباب PageV02P181 # أختال كالمهر في الجماح ... نشوان في روضة الشباب # أضحكك الزهر في الكمام ... مباهيا روضة الوسيم # وأفصح الغصن في القوام ... إن هب من جوها نسيم # بينا أنا والشباب ضافي ... وظله فوقنا مديد # ومورد الأنس فيه صافي ... وبرده رائق جديد # إذ لاح في الفود غير خافي ... صبح به نبه الوليد # أيقظ من كان ذا منام ... لما انجلى ليلة البهيم # وأرسل الدمع كالغمام ... في كل واد به أهيم # يا جيرة عهدهم كريم ... وفعلهم كله جميل # لا تعذلوا الصب إذ يهيم ... فقبل قد صبا جميل # القرب من ربعكم نعيم ... وبعدكم خطبه جليل # كم من رياض به وسام ... يزهى بها الرائد المسيم # غديرها أزرق الججمام ... ونبتها كله جميم # أعندكم أنني بفاس ... أكابد الشوق والحنين # أذكر أهلي بها وناسي ... فاليوم في الطول كالسنين PageV02P182 # الله حسبي فكم أقاسي ... من وحشة الصحب والبنين # مطارح ساجع الحمام ... شوقا الذي الإلف والحنين # والدمع قد لج في أنسجام ... وقد وهى عقده النظيم # يا ساكني جنة العريف ... أسكنتم جنة الخلود # كم ثم من منظر شريف ... قد حف باليمن والسعود # ورب طود به منيف ... أدواحة الخصر كالبنود # والنهر قد سال كالحسام ... ولراحة الشرب مستديم # والزهر قد راق بابتسام ... مقبلا راحة النديم # بلغ عبيد المقام صحبي ... لا زلتم الدهر في هنا # لقاكم بغية المحب ... وقربكم غاية المنى # فعندكم قد تركت قلبي ... فجدد الله عهدنا # ودارك الشمل بانتظام ... من مرتجى فضله العميم # في ظل سلطاننا الإمام ... الطاهر الظاهر الحليم # مؤمن العبدوتين مما ... يخاف من سطوة العدا # وفارج الكرب إن ألما ... ومذهب الخطب والردى # قد راق حسنا وفاق ms291 حلما ... وما عدا غير ما بدا # مولاي يا نخبة الأنام ... وحائز الفخر في القديم # كم أرقب البدر في التمام ... شوقا إلى وجهك الكريم PageV02P183 # ومن موشحاته في غير المخلع موطئا على موشحة أبن سهل التي أولها: " ليل ~~الهوى يقظان " قوله: # نواسم البستان ... تنثر سلك الزهر # والطل في الأغصان ... ينظمه بالجوهر # وراية الإصباح أضاء منها المشرق # تنشرها الأرواح ... فلا تزال تخفق # والزهر زهر فاح ... لها عيون ترمق # فأيقظ الندمان ... تبصر ما لم يبصر # جواهر الشهبان ... قد عرضت للمشري # قدحت لي زندا ... يأيهذا البارق # أذكرتني عهدا ... إذ الشباب رائق # فالشوق لا يهدا ... ولا الفؤاد الخافق # وكيف بالسلوان ... والقلب رهن الفكر # وسحب الهجران ... تحجب وجه القمر # لولا شموس الكآس ... نديرها بين البدور # وعرج الإناس ... منا على ربع الصدور PageV02P184 # لكن لها وسواس ... يغري بربات الخدود # كم واله هيمان ... بصبح وجه مسفر # ضياؤه قد بان ... من تحت ليل مقمر # يا مطلع الأنوار ... كم فيك من مرأى جميل # ونزهة الأبصار ... ما ضر لو تشفي الغليل # يا روضة الأزهار ... وعرفها يبري العليل # قضيبك الفينان ... يسقى بدمع همر # فلا عج الأشجان ... فيض الدموع يجري # هل في الهوى ناصر ... أو هل يجار الهائم # لو كان لي زائر ... طيف الخيال الحائم # ما بت بالساهر ... ودمع عيني ساجم # والحب ذو عدوان ... يجهد في ظلم البري # وصارم الأجفان ... مؤيد بالحور # رحماك في صب ... أذكرته عهد الصبا # بواعث الحب ... قادت إليه الوصبا # لم تهف بالقلب ... ريح الصبا إلا صبا # بليلة الأردان ... قد ضمخت بالعنبر # يشير غصن ألبان ... منها بفضل المئزر PageV02P185 # طيبها حمد ... فخر الملوك المجتبى # من يرجح الطود ... من حلمه إذا احتبى # قد جرد السعد ... منه حساما مذهبا # فالبأس والإحسان ... والغوث للمستنصر # تحمله الركبان ... تحية للمنبر # عصابة الكتاب ... حق لها الفوز العظيم # تختال في أثواب ... ألبستها الظول الجسيم # فحسبها الإنطاب ... في الحمد والشكر العميم # خليفة الرحمن ... لازالت زاهية المظهر # يا مورد الظمآن ... ورأس المعسر # خدها بلا دعوى ... تزهي على الروض الوسيم # جاءت كما تهوى ... أرق من لدن النسيم # قد طارحت شكوى ... من قال في ms292 الليل البهيم # " ليل الهوى يقظان ... والحب ترب السهر # والصبر لي خوان ... والنوم من عيني بري " # ومخلع البسيط في الصبوحيات قوله سامحه الله تعالى ورحمه ورضى عنه: # ريحانة الفجر قد أطلت ... خضراء بالزهر تزهر PageV02P186 # وراية الصبح إذ أظلت ... في مرقب الشرق تنشر # فالشهب من غارة الصباح ... ترعد خسوفا وتخفيق # وأدهم الليل في جماح ... أعنة البرق يطلع # والأفق في ملتقى الرياح ... بأدمع الغيث يشرق # والسحب بالجوهر استهلت ... فالبرق سيف مجوهر # صفاحة المذهبات حلت ... في راحة الجو تشهر # كم للصبا ثم من مقيل ... بطينه الزهر يشهد # والنهر كالصارم الصقيل ... في حلية النور يغمد # ورب قال به وقيل ... للطير في حين تنشد # فألسن الورق قد أملت ... مدائحا عنه تشكر # ونسمة الصبح حين كلت ... في سندس الروض تعثر # والكأس في راحة النديم ... يجلو بها غيهب الهموم # أقبست النار في القديم ... من قبل أن تخلق الكروم # والغصن في ملعب النسيم ... للزهر في عطفه رقوم # فلبة القضب قد تحلت ... والطل في الحلى جوهر PageV02P187 # وبهجة الكون قد تجلت ... والروض بالحسن يبهر # يذكرني وجنة الحبيب ... والآس في صفحة العذار # وشارب العجيب ... بين أقاح وجلنار # يدير من ثغره الشنيب ... سلافة دونها العقار # حلت لأهل الهوى وجلت ... بالذكر والوهم تسكير # كم من نفوس بها تسلت ... فما لها الدهر منكر # يا غصن بان يميل زهوا ... ريان في روضة الشباب # لو كنت تصغى لرفع الشكوى ... أطلت من قصة العتاب # ومن لمثلي ببث نجوى ... للبدر في رفرف السحاب # عزائم الصبر فيك حلت ... وعقدة الصبر تذخر # قد أكثرت منك ما استقلت ... وليت لو كنت تشعر # كم ليلة بتها وبتا ... ضدين في سهد والرقاد # أسامر النجم فيك حتى ... علمت أجفانه السهاد # أراقب بدر وأنتا ... قد لحت في هالة الفؤاد # نفسي وليت ما تولت ... دعاها على الشوق تصبر # لو سمتها الهجر ما تولت ... ولم تكن عنك تنفر # علمها الصبر في الحروب ... سلطاننا عاقد البنود # معفر الصيد للجنوب ... أعز من حف بالجنود PageV02P188 # نصرت بالرعب في القلوب ... والبيض لم تبرح الغمود # عناية الله فيه حلت ... بسعده الدين ينصر # والخلق ms293 في عصره تملت ... غنائما ليس تحصر # مولاي يا نكته الزمان ... دار بما ترضى الفلك # جللت باليمن والأمان ... كل مليك وما ملك # لم بدر وصفي ولا عياني ... أمملك أنت أم ملك # جنودك الغلب حيث حلت ... بالنصر والفتح تخفر # وعادة الله فيك دلت ... أنك بالكفر تظفر # يا آية الله في الكمال ... ومخجل البدر في التمام # قدمت بالعز والجلال ... والدهر في ثغره ابتسام # يختال في حلة الجمال ... والبدء قد عاد في اختتام # ريحانة الفجر قد أطلت ... خضراء بالزهر تزهر # وراية الصبح إذ أظلت ... في مرقب الشرق تنشر # وقال رحمه الله تعالى وسامحه: # قد طلعت راية الصباح ... وآذن الليل بالرحيل # فباكر الروض باصطباح ... واشرب على زهره البليل # فالورق هبت من السنان ... لمنبر الدوح تخطب PageV02P189 # تسجع مفتنة اللغات ... كل عن الشوق يعرب # والغصن بعد الذهاب يأتي ... لأكوس الطل يشرب # وأدمع السحب في أنسياح ... في كل روض لها سبيل # والجو مستبشر النواحي ... يلعب بالصارم الصقيل # قم فأغتنم بهجة النفوس ... ما بين نور وبين نور # وشفع الصبح بالشموس ... تديرها بيننا البدور # ونبيه الشرب للكئوس ... تمزج من ريقه الثغور # ما أجمل الراح فوق راح ... صفراء كالشمس في الأصيل # تغادر الصدر ذا انشراح ... للأنس في طيفه مقيل # ولا تذر خمرة الجفون ... فكسرها في الهوى جنون # ولتخش من اسهم العيون ... فإنها رائد المنون # عرضت منها إلى الفتون ... وكل خطب لها يهون # أهيم بالغادة الرادح ... والجسم من حبها عليل # لو بت منها على اقتراح ... نقعت من ريقها الغليل # أواعد الطيف للمنام ... ومن لعيني بالمنام # أسهر في ليله التمام ... وأنت يا بدر في التمام # وألم الزهر في الكمام ... عليه من ثغرك ابتسام PageV02P190 # سفرت عن مبسم الأقاح ... وريقك العذب سلسبيل # قل لي يا ربة الوشاح ... هل لي إلى وصل من سبيل # يا كعبة الحسن زدت حسنا ... وللهوى حولك المطاف # وغصن بان إذا تثنى ... لو جان من زهرك القطاف # ألا انعطاف على المعنى ... فالغصن يزهو بالانعطاف # أصبحت تزهو على الملاح ... بذلك المنظر الجميل # ووجهك الشمس في اتضاح ... لو أنها لم تكن تميل # ما الزهر ms294 إلا بنظم در ... تحسد في حسنه العقود # للملك الظاهر الأغادر ... أكرم من حف بالسعود # محمد الحمد وأبن نصر ... وباسط العدل في الوجود # مساجل السحب في السماح ... بالغيث من رفده الجليل # ومخجل البدر في اللياح ... بغرة مالها مثيل # يا مشرب الحب في القلوب ... وواهب الصفح للصفاح # نصرت بالرعب في الحروب ... والرعب أجدى من السلاح # قد لحت من عالم الغيوب ... لم تعدم الفوز والنجاح # مراكش نهبة افتتاح ... والصنع في فتحها جليل PageV02P191 # بشراك بالفتح والنجاح ... والشكر من ذلك القبيل # ومن غير المخلع قوله في الهناء بالشفاء من مرض: # في كئوس الثفر من خمر اللعس ... راحة الأرواح # وتغشى الروض مسكي النفس ... عاطر الأرواح # قد كسا الأدواح وشيا مذهبا ... يبهر الشمسا # عسجد قد حل من فوق الربا ... يبهج النفسا # فاتخذ للهو فيه مركبا ... تحلق الأنسا # منبر الغصن عليه قد جلس ... ساجع الأدواح # حلل السندس خضرا قد لبس ... عطفه المرتاح # قم ترى هذا الأصيل شاحبا ... حسنه قد راق # ولأذيال الغصون ساحبا ... في حلى الأوراق # ونديمي قال لي مخاطبا ... قول ذي إشفاق # عادة الشمس بغرب تخلس ... هات الشمس الراح # إن أرانا الجو وجها قد عبس ... أوقد المصباح # ووجوه الشرب تغنى عن شموس ... كلما تجلى # بلحاظ أسكرنا عن كئوس ... خمرها أحلى PageV02P192 # تطنب لله في الثناء ... تقول: سلمت يا سلام # كم من ثغور لها ثغور ... تبسم إذ جاءها البشير # ومن خدور بها بدور ... يشير منها له المشير # تقول إذ حفها السرور ... تبارك المنعم القدير # قد أنعم الله بالبقاء ... في ظل مولى به اعتصام # قد صادف النجح في الدواء ... فالداء عنا له انفصام # ينهيك مولاي بل يهنا ... ببرئك الدين والهدى # فالغرب والشرب منك يعني ... بمذهب الخطب والردى # والله لولاك ما تهنا ... من فيه من سطوة الردى # يا مورد الأنفس الظماء ... قد كان يشتفها الأوام # وقرة العين بالبهاء ... رددت للأعين المنام # لو أبذل الروح في البشارة ... بذلت بعض الذي ملك # فأنت يا نفس مستعارة ... مولاك بالفضل جملك # لم أرد إذ أسطر العبارة ... أملك هو أم ملك # لا زلت مولاي في هناء ms295 ... تبلغ القصد والمرام # ودمت للملك في أعتلاء ... تسحب أيذاله الغمام # وقال أيضا يصف مالقه ويمدح الغنى بالله: # عليك يا رية الإسلام ... ولا عدا ربعك المطر # مذخل في قصرك الإمام ... فقربك السؤل والوطر # كم فيك للغرم المشوق ... من منظر يبهج النفوس PageV02P195 # والدوح في روضك الأنيق ... للشكر قد حطت الرءوس # والجو من وجهك الشريق ... تحسده أوجه الشموس # وأعين الزهر لا تنام ... تستعذب السهد والسهر # تنفث من تحتها الغمام ... ترقيك من أعين الزهر # عروسة أنت يا عقيله ... تجلى على مظهر الكمال # مدت لك الكف مستقيله ... تمسح أعطافك الشمال # والبحر مرآتك الصقيله ... تشف عن ذلك الجمال # والحلي زهر له انتظام ... يكال القضب بالدرر # قد راق من ثغره ابتسام ... والورد في خدها خفر # إن قيل من بعلها المفدى ... ومن له وصلها مباح # أقول أسنى الملوك رفدا ... مخلد الفخر بالصفاح # محمد الحمد حين يهدى ... ثناؤه عاطر الرياح # تخبر عن طيبه الكمام ... والخبر يغني عن الخبر # فالسعد والرعب والحسام ... والنصر آياته الكبر # ذو غرة تحسر البدورا ... وطلعته تخجل الصباح # كم راية سامها ظهورا ... تظلل الأوجه الصباح # وكم ظلام جلاه نورا ... أظفر بالفوز والنجاح # الطاهر الظاهر الهمام ... أعز من صال وافتخر PageV02P196 # لسيفه في العدا احتكام ... جرى به سابق القدر # يا مرسل الخيل في الغوار ... لو تطلب البرق تلحق # لك الجواري إذا تجاري ... سوابق الشهب تسبق # تستن في لجى البحار ... فالكفر منهن يفرق # فالدين وليقصر الكلام ... بسيفيك اعتز وانتصر # كذلك أسلافك الكرام ... هم نصروا سيد البشر # وقال من غير هذا البحر في المحدث بمالقة: # قد نظم الشمل أتم انتظام ... واغتنم الأحباب قرب الحبيب # واستضحك الروض ثغور الكمام ... عن مبسم الزهر البرود الشنيب # وعمم النور رءوس الربا ... وجلل النور صدور البطاح # وصافح القضب نسيم الصبا ... فالزهر يرنو عن عيون وقاح # وعاد للروض زمان الصبا ... فقلد النهر مكان الوشاح # وأطلع القصر بدور التمام ... في طالع الفتح القريب الغريب # خدورها قامت مقام الغمام ... لا أشتكى من بعدها بالمغيب # أصبحت يا رية مجلى الشموس ... جمالك العين به تبهر # والبشر في جميع النفوس ... وراية ms296 الأنس بها تنشر # والدوح للشكر تحط الرءوس ... وأنجم الزهر بها تزهر PageV02P197 # وراجع النهر غناء الحمام ... وقد شدت تسجع الخطيب # بمنبر الغصن الرشيق القوام ... لما انثنى يهفو بقد رطيب # يا حبذا مبناك فخر القصور ... بدوحة طالت بروج السما # ما مثله في سالفات العصور ... ولا الذي شاد أبن ما السما # كم فيه من مرأى بهيج ونور ... في مرتقى الجو به قد سما # خليفة الله ونعم الإمام ... أتحفك الدهر بصنع عجيب # يهنيك شمل قد غدا في التئام ... ممهد في ظل عيش خصيب # نواسم الوادي بممسك تفوح ... ونفحة الند به تعبق # وبهجة السكان فيه تلوح ... وجوه من نورهم يشرق # وروضة بالسر منه تبوح ... بلابل عن وجده تنطق # لو أن من يفهم عنا الكلام ... فهي تهنيك هناء الأديب # ونهره قد سل منه الحسام ... يلحظه النرجس لحظ المريب # فأجمل الأيام عصر الشباب ... وأجمل الأجمل يوم اللقا # يا درة القصر وشمس القباب ... وهازم الأحزاب في الملتقى # بشرك الرب بحسن المآب ... متعك الله بطول البقا # ولا يزال القصر قصر السلام ... يختال في برد الشباب القشيب # يتلو عليك الدهر في كل عام ... " نصر من الله وفتح قريب " PageV02P198 # وقال رحمه الله من المخلع في الشفاء: # في طالع اليمن والسعود ... قد كملت راحة الإمام # فأشرق نور في الوجود ... وابتسم الزهر في الكمام # قد طلعت راية النجاح ... وانهزم البأس والعنا # وقال حي على الفلاح ... مؤذن الفوز بالمنى # فالدهر يأتي بالاقتراح ... مستقبلا أوجه الهنا # تخفق منشورة البنود ... والسعد يقدم من أمام # والأنس مستجمع الوفود ... واللطف مستعذب الجمام # وأكؤس الطل مترعات ... بأنمل السوسن الندى # والطير مفتنعة اللغات ... تشدو بأصوات معبد # والغصن يذهب ثم يات ... بالسندس الغض مرتدى # والدوح يومي إلى السجود ... شكرا لذي الأنعم الجسام # والريح خافقة البنود ... تبارك الروض بالغمام # مظاهر للجمال تجلى ... قد هز أعطافها السرور # وباهر الحسن قد تجلى ... ما بين نور وبين نور # قد هنأت بالشفاء مولى ... بعصره تفخر العصور # ما بين باس وبين جود ... قد مهد الأمن للأنام # فالدين ذو أعين رقود ... وكان لا يطعم المنام # والكأس في راحة ms297 السقاة ... تروح طورا وتغتدي PageV02P199 # يهديكها رائق السمات ... ما بين برق وفرقد # والشمس تذهب للبيات ... قد لبست ثوب عسجد # والزهر في اليانع المجرد ... يقابل الشرب بابتسام # والروض من حلبة الغمود ... قد جرد النهر عن الحسام # مولاي يا أشرف الملوك ... وعصمة الخلق أجمعين # أهديك من جوهر السلوك ... يقذفه بحرك المعين # جعلت تنظيمه سلوكي ... وأنت لي المنجد المعين # تحية الواحد المجيد ... ورحمة الله والسلام # عليك من راحم ودود ... يا مخجل البدر في التمام # وقال رحمه الله تعالى من الرمل المجروء: # وجه هذا اليوم باسم ... وشذا الأزهار ناسم # هاتها صاح كئوسا ... جالبات للسرور # وارتقب منها شموسا ... طالعات في بدور # ما نرى الروض عروسا ... في حلى نور ونور # وأتت رسل النواسم ... تجتلي هذي المواسم # قد أهلت بالبشائر ... أضحكت ثغر الأزاهر # سنحت في يمن طائر ... ونظمن كالجواهر # فانشروها في العشائر ... إن هذا الصنع باهر # وأشيعوا في العوالم ... الغنى بالله سالم PageV02P200 # أي نور يتوقد ... أي بدر يتلالا # أي فخر يتخلد ... أي غيث يتوالى # إنما المولى محمد ... رحمة الله تعالى # فهذا البحر المقاسم ... وبها حج المباسم # خير أملاك الزمان ... من بني سعد ونصر # ما ترى أن الشواني ... في صعيد البر تجري # قد أطارتها التهاني ... دون بحرى وبحر # مذ رأت بحر النعام ... كلها جار وعام # فهنيئا بالشفاء ... يا أمير المؤمنين # ولنا حتى الهناء ... وجميع المسلمين # إن جهرنا بالدعاء ... ينطق الدهر أمين # دمت محروس المكارم ... بظبي البيض الصوارم # وقال يهنئ السلطان موسى بن السلطان أبن عنان وقد وجه إليه الغنى بالله ~~أمه وعياله عند تملكه المغرب من قبله: # قد نظم الشمل أتم انتظام ... ولاحت الأقمار بعد المغيب # وأضحك الروض ثغور الكرام ... عن مبسم الزهر البرود الشنيب PageV02P201 # وعاود الغصن زمان الصبا ... وأشرب الأنس جميع النفوس # وعمم النور رءوس الربا ... وجلل النور وجه الشموس # وأطرب الغصن نسيم الصبا ... فالدوح للشكر يحط الرءوس # واستقبل البدر ليالي التمام ... وصافح الصبح بكف خضيب # وراجع الأطيار سجع الحمام ... بكل ذي لحن بديع غريب # نواسم الوادي بمسك تفوح ... ونفحة الند به تعبق # وبهجة السكان منه تلوح ... وجوه ms298 من نورهم يشرق # وعرفهم بالطيب منهم يفوح ... كأنه من عنبر يفتق # والنهر قد سل كمثل الحسام ... حبابه تطفو وطورا تغيب # وقال ثغرها قد راق منه ابتسام ... يهنئ الأحباب قرب الحبيب # كواكب أبراجهن الخدور ... يلوح عنها كل بدر لياح # جواهر أصدافهن القصور ... نطمها السعد كنظم الوشاح # يا حبذا والله ركب السرور ... يبشر المولى بنيل اقتراح # ابتهج الكون بموسى الإمام ... واختال في برد الشباب القشيب # وعاده يخدم مثل الغلام ... شبابه قال عاد بعد المشيب # أكرم به والله وفد الكريم ... مولاتنا الحرة في مقدمه # مرضاتها تحظى بدار النعيم ... وتوجب التوفيق من منعمه PageV02P202 # بشر بالنصر وفتح جسيم ... وخيره أجمع في مقدمه # لقاؤها المبرور مسك الختام ... بشرك الله بصنع عجيب # وقصرك الميمون قصر السلام ... خص بحفظ من سميع عليم # مولاي يهنيك وحق الهنا ... قد نظم الشمل كنظم السعود # قد فزت بالفخر ونيل المنى ... وأنجز السعد جميع الوعود # وقرت العين وزال العنا ... وكلما مر صنيع يعود # فلا يزال ملكك حلف الدوام ... يحوز في التخليد أو في نصيب # يتلو عليك الدهر بعد السلام ... " نصر من الله وفتح قريب " # وقال رحمه الله في وصف غرناطة والطرد وغيرها: # لله ما أجل روض الشباب ... من قبل أن يفتح زهر المشيب # في عهده أدرت كأس الرضاب ... حبابها الدر بثغر الحبيب # من كل من يخجل بدر التمام ... مهما تبدى وجهه للعيون # ويفضح الغصن بلين القوام ... وأين منه لين قد الغصون # ولحظه يمضي مضاء الحسام ... ويذهل القلب بسحر الجفون # أبصرت منه إذ يحط النقاب ... شمسا ولكن ما لها من مغيب # إذا تجلت بعد طول أرتقاب ... صرفت عنها اللحوظ خوف الرقيب # من عاذري منه فؤاد صبا ... للامع البرق وخفق الرياح # يطير إن هب نسيم الصبا ... تعيره الريح خفوق الجناح PageV02P203 # ما أولع الصب بعهد الصبا ... وهل على من قد صبا جناح # فقلبه من شوقه في ألتهاب ... قد أحرق الأكباد منه الوجيب # والجفن منه سحبه في انسكاب ... قد روض الخد بدمع سكيب # غرناطة ربع الهنا والمنى ... وقربها السؤل ونيل الوطر # وطيبها بالوصل لو أمكنا ... لم أقطع ms299 الليل بطول السهر # عما قريب حق فيه الهنا ... بيمين ذي العود بعد السفر # ويحمد الناس نجاح الإياب ... بل صنع مستجد غريب # ويكتب الفأل على كل باب ... " نصر من الله وفتح قريب " # ما لذة الأملاك إلا القنص ... لأنه الفأل بصيد العدا # كم شارد جرع فيه الغصص ... وأورد المحروب ورد الردى # وكم بذا الحص لنا من حصص ... قد جمع البأس بها والندى # ومنها أبيات سقطت: # مولاي مولاي وأنت الذي ... جددت للأملاك عهد الجلال # والشمس والبدر من العوذ ... لما رأت منك بديع الجمال # والروض في نعمته يغتدي ... بطيب ما قد حزته من خلال # بشراك بشراك بحسن المآب ... تستضحك الروض بثغر شنيب # ودمت محروس العلا والجناب ... بعصمة الله السميع المجيب PageV02P204 # وقد طال الكلام ولنجعل آخر موشحة له رحمه الله تعالى زهرية في مدح ~~المصطفى صلى الله عليه وسلم وتكون مسك الختام وهي: # لو ترجع الأيام بعد الذهاب ... لم تقدح الأشواك ذكرى الحبيب # وكل من نام بليل الشباب ... يوقضه الدهر بصبح المشيب # يا راكب العجز ألا نهضة ... قد ضيق الدهر عليك المجال # لا تحسبن أن الصبا روضة ... تنام فيها تحت فئ الظلال # فالعيش نوم والردى يقظة ... والمرء ما بينهما كالخيال # والعمر قد مر كمر السحاب ... والملتقى بالله عما قريب # وأنت مخدوع بلمع السراب ... تحسبه ماء لا تستريب # والله ما الكون بما قد حوى ... إلا ظلال توهم الغافلا # وعادة الظل إذا ما استوى ... تبصره متنقلا زائلا # أنا إلى الله عبيد الهوى ... لم نعرف الحق ولا الباطلا # فكل من يرجو سوى الله خاب ... وإنما الفوز لعبد منيب # يستقبل الرجعي بصدق المتاب ... ويرقب الله الشهيد القريب # سا حسرتا مر الصبا وانقضى ... وأقبل الشيب يقص الأثر # واخجلتا والرحل قد قوضللا ... وما بق في الخبر غير الخبر # وليته لو كنت فيما مضى ... أدخر الزاد لطول السفر # قد حان من ركب التصابي إياب ... ورائد الرشاد اطال المغيب # يا أكمله القلب بغين الحجاب ... كم ذا أناديك فلا تستجيب PageV02P205 # هل يحمل الزاد دار الكريم ... والمصطفى الهادي شفيع مطاع # فجاهه ذخر الفقير العديم ... وحبه ms300 رادى ونعم المتاع # والله سماه الرءوف الرحيم ... فجاره المكفول ما إن يضاع # عسى شفيع الناس يوم الحساب ... وملجأ لدفع الكروب # يلحقني منه قبول مجاب ... يشفع لي في موبقات الذنوب # يا مصطفى والخلق لهم العدم ... والكون لم يفتق كمام الوجود # مزية أعطيتها في القدم ... بها على كل نبي تسود # مولدك المرقوب لنا نجم ... أنجز للأمة وع السعود # ناديت لو يسمع لي بالجواب ... شهر ربيع: يا ربيع القلوب # أطلعت للهدى بغير احتجاب ... شمسا ولكن مالها من غروب # وليكن هذا آخر ما أردناه وقصدناه من شأن أبن زمرك وسردناه. # وسنح لي أن أنتقي بعض كلام أبن خلدون في تاريخه الكبير في ذكر الموشحات ~~والأزجال فنقول: قال رحمه الله: وأما أهل الأندلس فلما كثر الشعر في قطرهم ~~وتهذبت مناحيه وفعوله وبلغ التعميق فيه الغاية استحدث المتأخرون منهم فنا ~~منه وسموه بالموشح ينظمونه أسماطا أسماطا وأغصانا أغصانا يكثرون منها ومن ~~أعاريضها المختلفة ويسمون منا بيتا واحدا ويلتزمون عدد قوافي تلك الأغصان ~~وأوزانها متتالية فيما بعد إلى آخر القطعة وأكثر ما ينتهى عندهم إلى سبعة ~~أبيات ويشتمل كل بيت على أغصان عددها بحسب الأغراض والمذاهب وينسبون فيها ~~ويمدحون كما يفعل في القصائد وتجاوزوا PageV02P206 # في ذلك إلى الغاية واستضرفه الناس جملة الخاصة والكافة ولسهولة تناوله ~~وقرب طريقه. # وكان المخترع لها بجزيرة الأندلس مقدم بن معافي القبري من شعراء الأمير ~~عبد الله بن محمد المرواني وأخذ عنه ذلك عبد ربة صاحب كاتب العقد ولم يظهر ~~لهما مع المتأخرين ذكر وكسدت موشحاتهما فكان أول من برع في هذا الشأن ~~بعدهما عبادة القزاز شاعر المعتصم بن صمداح صاحب المرية وقد ذكر الأعلم ~~البطليوسي أنه سمع أبا بكر بن زهر يقول: كل الواشاحين عيال على عبادة ~~القزاز فيم اتفق له من قوله: # بردتم شمس الضحى ... غصن نقا مسك شم # ما أتم ما أوضحا ... ما أورقا ما أنم # لا جرم من لمحا ... قد عشقا قد حرم # وزعموا أنه لم يسبق عبادة وشاح من معاصريه الذي كانوا في زمان ملوك ~~الطوائف وجاء مصليا ms301 خافه منهم أبن ارفع رأسه شاعر المأمون بن ذي النون صاحب ~~طليطلة. قالوا: وقد أحسن في ابتدائه في الموشحات التي طارت له حيث يقول: PageV02P207 # العود قد ترنم ... بأبدع تلحين # وسقت المذانب ... رياض البساتين # وفي انتهائه حيث يقول: # تخطر ولا تسلم ... عساك المأمون # مروع الكتائب ... يحيى بن ذي النون # ثم جاءت الحلبة التي كانت في مدة الملثمين فظهرت لهم البدائع وفرسان ~~حلبتهم الأعمى التطيلي ثم يحيى بن بقي وللتطيلي من الموشحات المذهبة قوله: # كيف السبيل إلى ... صبري وفي العالم أشجان # والركب وسط الفلا ... بالخرد النواعم قد بانوا # وذكر غير واحد من المشايخ أن أهل هذا الشأن بالأندلس يذكرون أن جماعة من ~~الواشين اجتمعوا في مجلس بإشبيلية وكان كل واحد منهم قد صنع موشحة وتأنق ~~فيها فتقدم الأعمى التطيلي للإنشاد فلما افتتح موشحته المشهورة بقوله: # ضاحك عن جمان ... سافر عن بدر # ضاق عنه الزمان ... وحواه صدري # خرق أبن بقي موشحته وتبعه الباقون. PageV02P208 # وذكر الأعلم البطليوسي أنه سمع زهر يقول: ما حسدت قط وشاحا على قول إلا ~~أبن بقي حين وقع له: # أما ترى أحمد ... في مجده العالي لا يلحق # أطلعه المغرب ... فأرنا مثله يا مشرق # وكان في عصرهما من الوشاحين للطبوعين أبو بكر بن الأبيض وكان في عصرهم ~~أيضا الحكيم أبو بكر بن باجة صاحب التلاحين المعروفة. # ومن الحكايات المشهورة أنه حقر مجلس مخدومة أبن تيفلوت صاحب سرقسطة فألقى ~~على بعض قيناته موشحته التي أولها: # جرر الذيل أيما جر # فطرب الممدوح لذلك وختمها بقوله: # عقد الله راية النصر ... لأمير العلا أبي بكر # فلما طرق ذلك التلحين سمع أبن تيفلويت صاح: واطرباه وشق ثيابه وقال: ما ~~أحسن ما بدأت وما ختمت وحلف بالأيمان المغلظة إلا يمشي أبن باجة إلى داره ~~إلا على الذهب فخاف الحكيم سوء العاقبة فاحتال بأن جعل ذهبا في نعله ومشى ~~عليه. # ثم قال أبن خلدون بعد كلام: واشتهر بعد هؤلاء في صدر دولة الموحدين محمد ~~بن أبي الفضل بن شرف. ثم قال: وأبن هردوس الذي له: # يا ليلة الوصل ms302 والسعود ... بالله عودي PageV02P209 # وأبن موهل الذي له: # ما العيد في حلة وطاق ... وشم طيب # وإنما العيد في التلاقي ... على الحبيب # وأبو إسحق الدويني: سمعت أبا الحسن سهم بن مالك يقول أنه دخل على أبن ~~زهير وقد أسن وعليه زي البادية، إذ كان يسكن بحصن إستبه، فلم يعرفه؛ فجلس ~~حيث انتهى به المجلس، وجرت المحاضرة أن أنشده لنقصه، موشحة وقع فيها: # كحل الدجى يجرى من مقلة ... الفجر على الصباح # ومعقتم النهر في حلل ... خضر من البطاح # فتحرك ابن زهر، وقال: أنت تقول هذا؟ قال: اختبر؛ قال: ومن تكون عرفه، ~~فقال: ارتفع فوالله ما عرفتك. قال ابن سعيد: وسابق الحلبة التي أدركت هؤلاء ~~أبو بكر ابن زهر موشحاته وغربت. قال: وسمعت أبا الحسن سهل بن مالك يقول: ~~قيل لابن زهر: كان لو قيل لك ما أبدع ما وقع لك في التوشيح؟ فقال: كنت ~~أقول: # ما للموله ... من سكره لا يفيق يا له سكران # من غير خمر ... ما للكئيب المشوق بندب الأوطان # هل تستعاد ... أيامنا بالخليج وليالينا # إذ يستفاد ... من النسيم الأريج مسك دارينا PageV02P210 # وإذ يكاد ... الحسن المكان البهيج إن يحيتا # نهر أظله ... دوح عليه أنيق مورق فيتان # والماء يجري ... وعائم وغريق من جنى الريحان # واشتهر بعده أبن حيون. إلى إن قال أبن خلدون: وبعد هؤلاء أبن حمزون ~~بمرسية. ذكر أبن الرائس إن يحيى الخزرجي دخل عليه في مجلسه: فأنشده موشحه ~~لنفسه، فقال له أبن حزمون: ما الموشح بموشح حتى يكون عاريا عن التكلف؛ ~~فقال: على مثل ماذا؟ قال على مثل قولي: # يا هاجري هل إلى الوصال ... منك سيبل # أو هل ترى عن هواك سالي ... قلب العليل # وأبو الحسن سهل بن مالك بغرناطة. قال أبن سعيد: كان والدي يعجب بقوله: # إن سيل الصباح في الشرق ... عاد بحرا في أجمع الأفق # فتداعت نوادب الورق ... أتراها خافت من الغرق # فبكت سحرة على الورق # واشتهر باشبيلية لذلك العهد أبو الحسن بن الفضل. قال أبن سعيد عن والده: ~~سمعت سهل بن مالك يقول له: يا بن الفضل ms303، لك على الوشاحين الفضل بقولك: # وأحسرنا لزمان مضى ... عشية بان الهوى وانقضى # وأفرد بالرغم لا بالرضا ... وبت على جمرات الغضى PageV02P211 # أعانق بالفكر تلك الطلول ... وألثم بالوهم تلك الرسوم # قل: وسمعت أبا بكر بن الصابوني ينشد الأستاذ أبا الحسن الدباج موشحاته ~~غير ما مرة، فما سمعته يقول: لله درك إلا في قوله: # قسما بالهوى لذي حجر ... ما الليل المشوق من فجر # جمد الصبح ليس يطرد ... ما لليالي فيما أظن غد # صح يا ليل انك الأبد # أو فقضت قوادم النسر ... فنجوم السماء لا تسرى # ومن محاسن موشحات أبن الصابوني قوله: # ما حال صب ذي ضني واكتئاب ... أمرضته يا ويلتاه الطبيب # عامله محبوبه باجتناب ثم ... اقتدى فيه الكرى بالحبيب بالحبيب # جفا جفوني النوم لكنني ... لم ابكه إلا لفقد الخيال # وذا الوصال اليوم قد عزني ... منه كما شاء وشاء الوصال # فلست باللأئم من صدني ... بصورة الحق ولا بالمحال # واشتهر ببر العداوة أبن خلف الجزاري صاحب الموشحة المشهورة: # يد الإصباح ... قد زناد الأنوار من مجامر الزهر # وأبن الخرز البجائي، وله من موشحة: # ثغر الزمان موافق ... حياك منه بابتسام PageV02P212 # ومن محاسن الموشحات للمتأخرين موشحة أبن سهل شاعر اشبيلية وسبتة من بعدها ~~فمنها قوله: # هل درى ظبي الحمى أن قد حمى ... قلب صب حله عن مكنس # فهو في نار وخفق مثلما ... لعبت ريح الصبا بالقيس # وقد نسج على منواله فيها صاحبنا الوزير أبو عبد الله بن الخطيب شاعر ~~الأندلس والمغرب لعصره فقال: # جادك الغيث إذا الغيث همى ... يا زمان الوصل بالأندلس # لم يكن وصلك إلا حلما ... في الكرى أو خلسة المختلس # إذ يقود الدهر اشتات المنى ... تنقل الخطو على ما يرسم # زمرا بين فرادي وثنى ... مثلما يدعو الوفود الموسم # والحيا قد جلل الروض سنى ... فثغور الزهر فيه تبسم # وروى النعمان عن ماء السما ... كيف يروي مالك عن أنس # فكساه الحسن ثوبا معلما ... يزدهي منه بأبهى ملبس # في ليال كتمتا سر الهوى ... بالدجى لولا شموس الغرر # مال نجم الكأس فيها وهوى ... مستقيم السير سعد الأثر # وطر ما فيه ms304 من عيب سوى ... أنه مر كلمح البصر # حين لذلك النوم مع حلو اللمى ... هجم الصبح هجوم الحرس PageV02P213 # غارت الشهب بنا أو ربما ... أثرت فينا عيون النرجس # أي شيء لأمري قد خلصا ... فيكون الروض قد مكن فيه # تنهب الأزهار منه الفرصا ... أمنت من مكره ما تتقيه # فإذا الماء تناجى والحصى ... وخلا كل خليل بأخيه # تبصر الورد غيور برما ... يكتسي من غيظه ما يكتسي # وترى الآس لبيبا فهما ... يسرق السمع بأذني فرس # يأهل الحي من وادي الغضى ... وبقلبي مسكن انتم به # ضاق عن وجدي بكم رحب الفضا ... لا أبالي شرقه من غربه # فأعيدوا عهد أنس قد مضى ... تعتقدوا عانيكم من كربه # واتقوا الله وأحيوا مغرما ... يتلاشى نفسا في نفس # حبس القلب عليكم كرما ... أفترضون عفاء الحبس # وبقلبي منكم مقترب ... بأحاديث المنى وهو بعيد # قمر أطلع منه المغرب ... شقوة المغرى به وهو سعيد # قد تساوي محسن أو مذهب ... في هواه بين وعد ووعيد # ساحر المفلة معسول اللمى ... جال في النفس مجال النفس # سدد السهم وسمى ورمى ... ففؤادي نهبة المفترس # إن يكن جار وخاب الأمل ... وفؤاد الصب بالشوق يذوب PageV02P214 # فهو للنفس حبيب أول ... ليس في الحب لمحبوب ذنوب # أمره معتمد ممتثل ... في ضلوع قد براها وقلوب # حكم اللحظ بها فاحتكما ... لم يراقب في ضعاف الأنفس # منصف المظلوم ممن ظلما ... ومجازي البر منها والمسى # ما لقلبي هبت صبا ... عاده عيد من الشوق جديد # كان في اللوح له مكتتبا ... قوله: " إن عذابي لشديد " # جلب الهم له والوصبا ... فهو للأشجان في جهد جهيد # لاعج في أضلعي قد أضرمها ... فهي نار في هشيم اليبس # لم يدع في مهجتي إلا ذما ... كبقاء الصبح بعد الغلس # سلمي يا نفس في حكم القضا ... واعمري الوقت برجعي ومتاب # دعك من ذكرى زمان قد مضى ... بين عتبي قد تقضت وعتاب # وأصر في القول إلى المولى الرضا ... ملهم التوفيق في أم الكتاب # الكريم المنتهي والمنتمي ... أسد السرج وبدر المجلس # ينزل النصر عليه مثلما ... ينزل الوحي بروح القدس # قال: وأما المشارقة فالتكلف ظاهر على ما ms305 عانوه من الموشحات. ومن أحسن ما ~~وقع لهم في ذلك موشحة أبن سناء الملك المصري التي اشتهرت شرقا وغربا ~~وأولها: # حبيبي أرفع حجاب النور ... عن العذار PageV02P215 # ننظر المسك على الكافور ... في جلنار # كللي ... يا سحاب التيجان الربا بالحلى # واجعلي ... سوارها منعطف الجدول # ولما شاع فن التوشيح في أهل الأندلس وأخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق ~~كلامه وتصريع أجزائه نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله ونظموا على ~~طريقته بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيه إعرابا واستحدثوا فنا سموه ~~بالزجل والتزموا النظم فيه على مناحيهم إلى هذا العهد فجاءوا فيه بالغرائب ~~واتسع فيه للبلاغ مجال بحسب لغتهم المستعجمة. # وأول من أبدع في هذه الطريقة الزجلية أبو بكر بن قزمان وإن كانت قيلت ~~قبله بالأندلس لكن لم تظهر حلاها ولا انسبكت معانيها ولا اشتهرت رشاقتها ~~إلا في زمانه وكان لعهد الملثمين وهو إمام الزجالين على الإطلاق. قال أبن ~~سعيد: ورأيت أزجاله مروية ببغداد أكثر مما رأيتها بحواضر المغرب. قال: أبا ~~الحسن بن حجدر الإشبيلي إمام الزجالين في عصرنا يقول: ما وقع لأحد من أئمة ~~هذا الشأن مثل ما وقع لابن قزمان شيخ الصناعة وقد خرج إلى متنزه مع بعض ~~أصحابه فجلسوا تحت عريش وأمامهم تمثال أسد من رخام يصب الماء من فيه على ~~صفائح من الحجر فقال: # وعريش قد قام على دكان ... بحال رواق # وأسد قد ابتلع الثعبان ... في غلظ ساق PageV02P216 # وفتح فمه بحال إنسان ... به الفواق # وانطلق يجري على الصفاح ... وألقي الصياح # وكان أبن قزمان مع أنه قرطبي الدار كثير ما يتردد إلى أشبيلية وينتاب ~~نهرها. # ثم ذكر أبن خلدون عنه وعن جماعة حكاية وكلاما إلى أن قال: وجاءت بعدهم ~~حلبة كان سابقها مدغليس وقعت له العجائب في هذه الطريقة فمن قوله في زجله ~~المشهور: # ورذاذ دق ينزل ... وشعاع الشمس يضرب # فترى الواحد يفضض ... وترى الآخر يذهب # والنبات يشرب ويسكر ... والغصون ترقص وتطرب # وتريد تجئ إلينا ... ثم تستحي وتهرب # ومن محاسن أزجاله قوله: لاح الضياء والنجوم حيارى ثم قال أبن خلدون ms306: وظهر ~~بعد هؤلاء في إشبيلية أبن جحدر الذي فضل على الزاجلين في فتح ميروقة بالزجل ~~المشهور الذي أوله: # من عاند التوحيد بالسيف يمحق ... أنا برئ ممن يعاند الحق # قال أبن سعيد: لقيته ولقيت تلميذه البعج صاحب الزجل المشهور الذي أوله: PageV02P217 # يا ليتني إن رأيت حبيبي ... أفتل اذنو بالرسيلا # ليش أخذ عنق الغزيل ... وسرق فم الحجيلا # ثم جاء من بعدهم أبو الحسن سهل بن مالك إمام الآداب ثم من بعدهم لهذه ~~العصور صاحبنا الوزير أبو عبد الله بن الخطيب إمام النظم والنثر في الملة ~~الإسلامية غير مدافع فمن محاسنه في هذه الطريقة: # أمزج الأكواس واملالي نجدد ... ما خلق المال إلا أن يبدد # ومن قوله على طريقة الصوفية وينحو منحى الششتري منهم: # بين طلوع وبين نزول ... اختلطت الغزول # ومضى من لم يكن ... وبقمن لم يزول # ومن محاسنه أيضا قوله في ذلك المعنى: # البعد عنك يا بني ... أعظم مصابي # وحصل لي قمسك ... نسيت أقاربي # وكان لعصر الوزير أبن الخطيب بالأندلس محمد بن عبد العظيم من أهل وادي آش ~~وكان إماما في هذه الطريقة وله من زجل يعارض به مذغليس في قوله: لاح الضياء ~~والنجوم حيارى بقوله: # حل المجون يأهل الشطارا ... مذ حلت الشمس بالحمل PageV02P218 # ثم ذكر أبن خلدون جملة من هذا الزجل وقال بعد ذلك: وهذه الطريقة الزجلية ~~لهذا العهد هي فن العامة بالأندلس من الشعر وفيها نظمهم حتى إنهم لينظمون ~~بها في سائر البحور الخمسة عشر لكن بلغتهم العمامية ويسمونه الشعر الزجلي. ~~إلى أن قال: وكان من المجيدين في هذه الطريقة لأول هذه المئة الأديب أبو ~~عبد الله اللوشي وله من قصيدة يمدح فيها السلطان أبن الأحمر: # طل الصباح قم يا نديم نشربو ... ونظحكو من بعد ما نطربو # ثم سردها أبن خلدون وهي طويلة جدا. # ثم قال: ثم استحدث أهل الأمصار بالمغرب فنا آخر من الشعر في أعاريض ~~مزدوجة كالموشح نظموا فيه بلغتهم الحضرية أيضا وسموه عروض البلد وكان أول ~~من استحدثه بينهم رجل من أهل الأندلس نزل بفاس يعرف بابن عمير ms307 فنظم قطعة ~~على طريقة الموشح ولم يخرج فيها عن مذهب الإعراب إلا قليلا مطلعها: # أبكاني بشاطي النهر نوح الحمام ... على الغصن في البستان قريب الصباح # وكف السحر تمحو مداد الظلام ... وماء الندى يجري بثغر الأقاح # باكرت الرياض والطل فيه افتراق ... سر الجوهر في نحور الجوار # ودمع النواعر ينهرق انهراق ... يحاكي ثعابين حلقت بالثمار # لووا بالغصون خلخال على كل ساق ... ودار الجميع بالروض دور السوار PageV02P219 # وأيدي الندى تخرق جيوب الكمام ... وتحمل نسيم المسك عنها رياح # وعاج الضياء يطلى بمسك الغمام ... وجر النسيم ذيلو عليها وفاح # رأيت الحمام بين الورق في القضيب ... قد ابتلت ارياشو بقطر الندى # ينوح مثل ذاك المستهام الغريب ... قد ألتف من ثوبو الجديد ردا # ولكن بفاح أحمر وساق خصيب ... ينظم سلوك جوهر ويتقلدا # جلس بين الأغصان جلسة مستهام ... جناحا توسد والتوى في جناح # وصار يشتكي ما في الفؤاد من غرام ... منها ضم منقارو لصدرو وصاح # فقلت أحمام أحرمت عيني الهجوع ... أدى ما تزال تبكي بدمع سفوح # قال لي بكيت حتى صفت لي الدموع ... بلا دمع نبقى طول حياتي ننوح # على فرخ طار لي لم يكن لو رجوع ... ألفت البكا والحزن من عهد نوح # كذال هو الوفا كذا هو الذمام ... انظر للجفون صارت بحال الجراح # وانتم من بكى منكم إذا تم عام ... يقول قد عياني ذا البكا والنواح # فقلت أحمام لو خضت بحر الضنى ... كان تبكي وترثي لي بدمع هتون # ولو كان بقلبي ما بقي أنا ... رماد كان يصير تحتك فروع الغصون # اليوم لي نقاسي الهجر كم من سنا ... حتى لا سبيل جملة تراني العيون # ومما كسا جسمي النحول والسقم ... أخافني نحولي عن عيون اللواح PageV02P220 # لو جتني المنايا كان نموت في المقام ... ومن مات بعد يا قوم لقد استراح # ثم قال أبن خلدون: فاستحسنه أهل فاس وولعوا به ونظموا على طريقته وتركوا ~~الإعراب الذي ليس من شأنهم وكثر شياعه بينهم واستحفل فيه كثير منهم ونوعوه ~~أصنافا إلى المزدوج والكازي والملعبة والغل واختلفت أسماؤها باختلاف ~~ازدواجها وملاحظاتهم فيها. # فمن المزدوج ms308 ما قاله أبن شجاع من فحولهم وهو من أهل تازا: # المال زينة الدنيا وعز النفوس ... يبهى وجوها ليس هي باهيا # فهل كل من هو كثير الفلوس ... ولوه الكلام والرتبة العاليا # يكبروا من كثر ماله ولو كان صغير ... ويصغر عزيز القوم إذا يفتقر # من ذا ينطبق صدري ومن ذا بغير ... وكاد ينفقع لولا الرجوع للقدر # حتى يلتجي من في قومه كبير ... لمن لا أصل عندو ولا لو خطر # لقد ينبغي نحزن على ذي العكوس ... ونصبغ عليه ثوبي من راس خابيا # أدى صارت الأذناب أمام الرءوس ... وصار يستفيد الواد من الساقيا # ضعف الناس عمل ذا أو فساد الزمان ... ما ندريو على من نكثرو ذا العتاب # أدى صار فلان اليوم يصبح بو فلان ... ولو ريت وكيف حتى يرد الجواب PageV02P221 # عشنا والسلام حتى رأينا عيان ... أنفاس السلاطين في جلود الكلاب # كبار النفوس جدا ضعاف الأسوس ... هم في ناحيا المجد في ناحيا # يروا أنهم ... والناس يروهم تيوس وجوه البلد والعمد الراسيا # ثم ذكر أبن خلددون كلاما آخر لابن شجاع. ثم قال: وكان منهم على بن الؤذن ~~بتلمستان. وكان لهذه العصور القريبة من فحولهم بزرهون من نواحي مكانسة رجل ~~يعرف بالكفيف أبدع في مذاهب هذا الفن ومن أحسن ما علق له بمحفوظي قوله رحلة ~~السلطان أبي الحسن بني مرين إلى أفريقية يصف هزيمتهم بالقيروان ويعزيهم ~~عنها ويؤنسهم بما وقع لغيرهم بعد أن عيبهم على غزاتهم إلى أفريقية في ملعبة ~~من فنون هذه الطريقة يقول في مفتتحها وهو من أبدع مذاهب البلاغة في الإشعار ~~بالمقصد في مطلع الكلام وافتتاحه ويسمى براعة الاستهلال: # سبحان مالك خواطر الأمرا ... بنواصيها في كل حين وزمان # إن طعناه أعظم لنا نصره ... وإن عصيناه عاقب بكل هوان # إلى أن يقول في السؤال عن جيوش المغرب بعد التخلص: # كن مرعى قل ولا تكن راعي ... فالراعي عن رعيته مسئول PageV02P222 # واستفتح بالصلاة على الداعي ... للإسلام والرضى السنى المكمول # للخلفا الراشدين والأتباع ... واذكر بعدهم إذا تحب وقول # أحجاجا تخللوا الصحرا ... ودروا شرح البلاد مع السكان # عسكر فاس ms309 المنيرة الغر ... أين سارت به عزائم السلطان # أحجاج بالنبي زرتم ... وقطعتهم لو كلاكل البيدا # عن جيش الغرب جيت نسألكم ... المتلوف في أفريقيا السودا # وأمير كان بالعطا يزودكم ... ويدع برية الحجاز رغدا # قام كل كلسد صادف الجزرا ... ويعجز شوط بعد ما لحقان # وتركوا دم ولهب في الغبرا ... أدى صار إذ غار له سيحان # لو كان ما بين تونس الغربا ... وبلاد الغرب سد الاسكندر # مبنى من شرقها إلى غربا ... طبقا بحدبد وثانيا بصفر # لا بد للطير كان يجي بنبا ... أو يأتي الريح عنهم بفرد خبر # ما أعوصها من أمور وما شرا ... لو تقرا كل يوم على الويدان # لجرت بالدم وانصدع حجرا ... وهوت الاجراف وجفت الغدران # ادري لي بعقلك الفحاص ... وتفكر لي بخاطرك جمعا PageV02P223 # إن كان يعلم حمام ولا رقاص ... عن السلطان شهر وقبله سبعا # بكتاب عبد المهيمن القواص ... وعلامات تنشر على الصمعا # إلا قوم العاربين بلا سترا ... مجهولين لا مكان ولا إمكان # لم يدريوا كيف يصيروا الكسرا ... أو كيف دخلوا مدينة اليروان # أمولاي بو الحسن خطينا الباب ... بقضة سيران إلى تونس # في غنا كنا عن الجريد والزاب ... وايش لك بعرب إفريقية القونس # ما بلغك عن عمر بن الخطاب ... الفارق فاتح القرى المونس # ملك الشام والحجاز وتاج كسرى ... ولم يفتح من أفريقيا دكان # كان إذا تذكر له كره ذكرا ... ويقول اسمها يفرق الإخوان # هذا الفاروق زمرد الأكوان ... صرح في أفريقيا بذا التصريح # وبقت حمى إلى زمن عثمان ... وفتحها أبن الزبير عن تصحيح # لما دخلت غنايمها الديوان ... مات عثمان وانقلب علينا الريح # وافترق الناس على ثلاث أمرا ... وبقى ما هو السكوت عنو إيمان # إذا كان ذا في مدة البررا ... أيش نعمل في أواخر الأزمان # وأصحاب الجفر في كتيباتنا ... وفي تاريخ كتابنا وكيوانا PageV02P224 # تذكر في صحفها وأبياتا ... شق وسطيح وأبن مرلنا # أبن مرين إذا انكبت برايانا ... لجدار تونس فقد سقط شانا # قد ذكرنا ما قال سيد الوزرا ... عيسى بن الحسن الرفيع الشان # قال لي رينا وأنا بها أدري ... لكن إذا جاء القضا عمت الاجفان # ويقول ms310 لك ما رمى المرينيا ... من حضرة فاس إلى عرب دياب # راد المولى يموت أبو يحيى ... سلطان تونس وصاحب العناب # ولقد كان قبل ذا الأشيا ... جعل أولاد أبو الحسن أنسابا # ثم أخذ في ترحيل السلطان وجيوشه إلى آخر رحلته ومنتهى أمره مع أعراب ~~أفريقية وأتى فيها بكل غريبة من الإبداع. # وأما أهل تونس فاستحدثوا فن الملعبة أيضا على لغتهم الحضرية إلى أن أكثره ~~رديء ولم يعلق بمحفوظي منه شيء لرداءته. # وكان لعامة بغداد أيضا فن من الشعر يسمونه المواليا وتحته فنون كثيرة ~~يسمون منها القوما وكان ومنه مفرد ومنه في بيتين ويسمونه دوبيت على اختلاف ~~الموازين المعتبرة عندهم في كل واحد منها وغالبا مزدوجة من أربعة أغصان ~~وتبعهم في ذلك أهل مصر والقاهرة وأتوا فيها بالغرائب PageV02P225 # وتجاروا فيها بأساليب البلاغة بمقتضى لغتهم الحضرية فجاءوا بالعجائب. # ورأيت في ديوان الصفي الدين الحلي من كلامه أن المواليا من بحر البسيط ~~وهو ذو أربعة أغصان وأربع قواف يسمى صوتا وبيتين وأنه من مخترعات أهل واسط ~~وأن كان وكان في قافية واحدة وأوزان مختلفة في أشطاره والشطر الأول من ~~البيت أطول من الشطر الثاني ولا تكون قافيته إلا مردفة بحرف العلة وأنه من ~~مخترعات البغداديين وأنشد فيه. # ثم ذكر أبن خلدون عدة مقطعات من المواليا ومنها: # ناديتها ومشيبي قد طاوني طي ... جودي على مقبله في الهوى يا مي # قالت وقد تركت داخل فؤادي كي ... ما ظن القطن يغشى فم من هو حي # ومنها: # يا حاديا العيس أزجر بالمطايا زجر ... وقف على منزل أحبابي قبيل الفجر # وصح في حيهم ما من يريد الأجر ... ينهض يصلي على ميت قتيل الهجر # ومنها: # عيني التي كنت أرعاكم بها باتت ... ترعى النجوم وبالتسهيد اقتاتت # واسهم البين صابتني ولا فاتت ... وسلوتي عظم الله أجركم ماتت PageV02P226 # ثم قال: ومن الذي يسمونه ذو بيت: # قد أقسم من أحبه بالباري ... أن يبعث طيفه مع الأسحار # يا نار أشواقي به فاتقدي ... ليلا عساه يهتدي بالنار # واعلم أن الذوق من معرفة البلاغة منها كلها إنما يحصل ms311 لمن خالط تلك اللغة ~~وكثر استعماله لها ومخاطبته بين أجيالها حتى يحصل ملكتها كما قلناه في ~~اللغة العربية فلا يشعر الأندلسي بالبلاغة التي في شعر أهل المغرب ولا ~~المغربي بالبلاغة التي في شعر أهل الأندلس والمشرق ولا المشرقي بالبلاغة ~~التي في شعر أهل الأندلس والمغرب لأن اللسان الحضري وتركيبته مختلفة فيهم ~~وكل واحد منهم مدرك بلاغة لغته وذائق محاسن الشعر من أهل بلدته وفي خلق ~~السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم آيات للعالمين. # انتهى كلام أبن خلدون في ديوان العبر ببعض الاختصار. # قلت: كأن بمنتقد ليس له خبره يسدد سهام الاعتراض ويتولى كبره ويقول: ما ~~لنا وإدخال الهزل في معرض الجد الصراح؟ والذي أحوجنا إلى ذر هذا المنحى ~~والأليق طرحه كل الاطراح؟ فنقول في جوابه على الإنصاف: لم تزل كتب الأعلام ~~مشحونة بمثل هذه الأوصاف وليس مرادهم إيثار الهزل على غيره وإنما ذلك من ~~باب ترويح القلب وهو أعون على خيره وللسلف في مثل ذلك حكايات يطول جلبها ~~ولا يقدح ذلك في سكينتهم ولا يتوهم لسببه سلبها ويرحم الله تعالى عياض إذ ~~قال: # قل للأحبة والحديث شجون ... ما ضر أن شاب الوقار مجون # والأبيات الآتية في محلها. PageV02P227 # وليس قصدنا نحن بهذا علم الله غرضا فاسدا ننفق منه في سوق الهزل كاسدا ~~وإنما غرضنا صحيح وزندنا غير شحيح. على أن المقصود الأعظم مدح النبي صلى ~~الله عليه وسلم بهذه الأوزان وكل ما سيق وسيلة إلى ذلك مما راق أوزان. # وأعلو أيها الناظر أذهب الله عن ساحتك الأشجان أن كثيرا من الأئمة مدحوا ~~بذلك المبعوث رحمة إلى الإنس والجان صلى الله عليه وسلم صلاة وسلاما يتوضع ~~نشرهما في المشارق والمغارب ويتألق نورهما فيهتدي به قائلهما لقضاء الأغراض ~~والمآرب. فمن ذلك قول بعض من كرع من منهل حبه العذب المشارب من موشح لم أقف ~~من إلا على قوله: # البلبل في الرياض لما نشدا ... بالقول شدا # والغصن له يميل حتى سجد ... مما وجدا # قد مدينة له الأكف من غير ندا ... يمتاح ندى # والورق شدت بصوتها ms312 الملحان ... دون العلق # لما ذكر بأطيب الألحان ... رب الفلق # يا أشرف مرسل به الله هدى ... من رام هدى # بالمدح لديك عبد وهاب غدا ... يرجوك غدا # يا من مديحه جلا كل صدا ... ممن رصدا # يا ملجأ كل خائف أو جاني ... بالذنب شقي PageV02P228 # لا زال حماك روضة للجاني ... والمنتشق # يا عرب الشهامة حماكم أربي ... فيه العربي # فالسعي لغير أرضكم لم يجب ... حث النجب # فالفضل لكم مع كمال الحسب ... عند النسب # من مدحكم تصرمت أحزاني ... والفرح بقي # عندي أبدا وفوحت أوزاني ... مسك العبق # ومن ذلك قول بعض العدول من أهل العصر القريب من عصرنا رحمهم الله تعالى: # يا عريب الحمى من حي الحمى ... أنتم عيدي وانتم عرسي # لم يحل عنك ودادي بعدما ... حلت لا وحياة الأنفس # من عذيري في الذي أحببته ... ملك القلب شديد البرحا # بدر تم أرسلت مقلته ... سهم لحظ لفؤادي جرحا # إن تبدي أو تثني خلته ... غصن بان فوقه شمس ضحى # تطلع الشمس عشاء عندما ... تتحلى منه أبهى ملبس # وترى الليل أضاء منهزما ... وترى الصبح أضاء في الغلس # يا حياة النفس صل بعد النوى ... وألها مضنى شديد الشغف # قد براه السقم حتى ذا الهوى ... كاد أن يفضي به للتلف # آه من ذكرى حبيب باللوى ... وزمان بالمنى لم يسعف PageV02P229 # كنت أرجو الكيف يأتي حلما ... عائدا يا نفس من ذا فا يأسي # هل يعود الطيف الصبا مغرما ... ساهرا أجفانه لم تنعس # همت في أطلال ليلى وأنا ... ليس في الأطلال لي من أرب # ما مرادي رامة والمنحى ... لا ولا ليلى وسعدي مطلبي # إنما سؤلي وقصدي والمنى ... سيد العجم وتاج العرب # أحمد المختار طه من سما ... الشريف أبن الشريف الكيس # خاتم الرسل الكريم المنتمى ... طاهر الأصل زكي النفس # ولم أقف من هذه الموشحة على غير هذا القدر وهو عجيب عارض موشحتي أبن سهل ~~وأبن الخطيب السابقتي الذكر. # ومن ذلك جملة موشحات أنتقيتها من كلام الشيخ الإمام الصالح الزكي الصوفي ~~أبي عبد الله محمد بن أحمد بن الصباغ الجذامي وقد ألف ذلك بعض الأئمة في ~~تأليف ms313 رفعه للسلطان المرتضى صاحب مراكش وأطال فيه من موشحات هذا الشيخ ~~وسائر نظمه ولم أذكر من موشحاته إلا الغرر على أنها كلها غرر فمن ذلك قوله ~~رحمه الله: # ألف المضنى الشجونا ... وارتضى الأحزان دينا # فوق صفح الوجنتين ... أهمل الدمع الهتونا # يقطع الأيام حزنا ... وبكاء وعويلا # فارحموا صبا معنى ... قلبه يذكى غليلا PageV02P230 # ملهب الأحشاء مضنى ... بالنوى أضحى عليلا # ذاب شوقا وحنينا ... وسقاما وأنينا # يا له من حلف بين ... يرتضى فيك المنونا # أترى عهدا تقضى ... منكم هل لي يعود # فمتى عني ترضى ... قد برئ جسمي الصدود # لم أطق والله نهضا ... فبحق الحق جودوا # وارحموا صبا مهينا ... كم شكى البين سنينا # وشئون المقلتين ... تسكب الدمع المعينا # قد ذوى غصن الشباب ... ومضى عمري وولى # آن لي وقت الإياب ... كم أسلى النفس جهلا # هذه عرس المتاب ... في قباب الوصل تجلى # حسنوا فيها الظنونا ... وادخلوها آمنينا # قد وصلنا كل بين ... وعفونا ورضينا # نحو هانيك الربوع ... فاجهدوا كد الحمول # وإلى قبر الشفيع ... أعملوا سير الرحيل # إن تكن خلي مطيعي ... يمن خير رسول # كن لي يا رب معينا ... وصل الصب الجزينا # قبل أن يحين حيني ... وأرى الموت يقينا PageV02P231 # نم ريحان التداني ... وسرت ريح الوصال # قد صفا ورد الأماني ... فانتهض نحو المعالي # صاح كم هذا التواني ... فاستمع عذب المقال # وبلينا وابتلينا ... واش يقول الناس فينا # قم بنا يا نور عيني ... نجل الشك يقينا # وقوله في التشوق إلى مكة وطيبة على ساكنها الصلاة والسلام: # زهر شيب المفارق ... تفتحت عنه الكمام # فابك الزمان المفارق ... وحاك في النوح الحمام # عوضت بالصبح الأصيل ... وقد عرا البدر أنكساف # ألم بالغصن الذبول ... وكان لدنا ذا انعطاف # ريح الصبا كان تميل ... كأن سلا صرف السلاف # حتى رمى القلب راشق ... وفوقت نحو السهام # ولسان الحال ناطق ... يخبرني أن لا دوام # يا بدر أيام الشباب ... هل للأفول منك طلوع # أضحى فؤادي ذا المذاب ... حليف أشجان فزوع # ونار حزني في ألتهاب ... تذكى بأحناء الضلوع # فإن هفا البرق خافق ... ذكرت عهدي بالخيام PageV02P232 # إن تأوه عاشق ... ساجلت في دمي الغمام # ولى ms314 الشباب وانقضى ... فدمع عيني في انهمال # وفي الحشى جمر الغضا ... لفقد هاتيك الليال # يا عهد أيام الرضا ... هل رجعت دني الوصال # تحيا بها نفس وامق ... مضنى الفؤاد مستهام # نحو العذيب وبارق ... يحدو به حادي الغرام # يهيجه لمع البوارق ... من طيبة حين تشام # فإن تعقني العوالق ... ألصقت خدي بالرغام # يا دار هل يدنو المزار ... فيعقب الليل الصباح # لهفي على بعد الديار ... وقال الأصمعي: أرياش الجناح # متى أرى أحدو القطار ... فقد براني الأنتزاح # أشدو المطايا السوابق ... مزمزما عند المقام # ثغر الزمان الموافق ... حياك منه بابتسام # وقوله رحمه الله: # رسوم ظاهر البلى ... بكل رسم طامس العنوان # وربعهم ما أشكلا ... منها لك حازم تبيان PageV02P233 # قف بالديار وأعتبر ... إن كنت من أهل العبر # وأنظر لها وأزدجر ... فإن فيها الأجر # كم معلم قد دثر ... فلم يبن منه أثر # تبكيه ورق الفلا ... وفي بكى الحمام أشجان # فلننتدب إلى الطلا ... ففي فؤاد الهائم أحزان # سماعا من الوجود ... عنه تفاهم العقول # فغيبه وشهود ... كلاهما عين الدليل # حتى متى يا مريد ... تختال في ثوب الخمول # تشكو لنا العللا ... وأنت بالمآثم جذلان # فلذ بعز العلا ... فعندنا للنادم إحسان # فناء أهل الطريق ... هو الوجود المطلق # فكل معنى دقيق ... بوصفهم يحقق # أنوارهم في شريق ... بها استضاء الموفق # قد أوضحوا السبيلا ... فهم لنا في العالم برهان # فاجنح إليهم ولا ... تعفل للمواسم إبان # يا ناسيا لوصلنا ... أيقظ من النوم الجفون # سلم إلينا فعلنا ... ما كان منه أو يكون # لا حول إلا حولنا ... فأنف الشكوك والظنون PageV02P234 # يا غادرا قد سلا ... أقصر فليس يجمل سلوان # لله ما أجملا ... من بات وهو بالهوى نشوان # يا طلبي للندى ... يبغي السماحة والنوال # يمم ... فديت احمدا بدر العلا شمس الكمال # وعد عمن شدا ... واستغرق المدح وقال: # إن جئت أرض سلا ... تلقاك بالمكارم فتيان # هم سطور العلا ... ويوسف بن القاسم عنوان # وقوله رحمه الله: # بأرض طيبة معهد ... شوقي إليه مجدد # هل لي بتلك الطلول # من زورة ومقيل # يا قبر خير رسول # متى يراك فيسعد ... صب ببعدك مكمد # مذ قد براه انتزاح # وقص ms315 منه الجناح # له إليك ارتياح # بالغرب أضحى مقيد ... والضعف والشيب يشهد # ربع التواصل أقوى # فمن على الهجر يقوى # قد صير الجسم نضوا PageV02P235 # سهم بعاد مسدد ... لقد رماني فأقصد # متى يتاح التداني # لمكد القلب عاني # يشدو بكل لسان # عسى الذي كنت أعهد ... مما تقضى يجدد # يا بغيتي يا مرادي # أشكوك فرط بعادي # في كل وادي أنادي: # مالي غيرك مقصد ... فكيف بالهجر أقصد # فوضت أمري إليك # فذاك وقف عليك # مالي شفيع لديكا # إلا بكائي سرمد ... فمن على الحسن يسعد # بي فاعل ما تشاء # أضحى لي منك الرجاء # فكل داء دوا # وكل رأيي مسدد ... وكل أمر مرشد PageV02P236 # وقوله رحمه الله: # قم وناج الله في داجي الغلس ... تنتشي الأرواح # والتمس للعفو فيه ملتمس ... وانتبه قد فاح # عرف أزهار الرضا ثم اقتبس ... نور رشد لاح # وانتشق يا صاح أرواح السحر ... يا لها مشموم # عرفه إن هب في إثر الزهر ... ينعش المزكوم # مرغ الخد ونادي بالنحيب ... واهمل الأجفان # قف بمغناهم وقوف مستريب ... حالف الأشجان # واشك إن وافقت إصغاء الطبيب ... علة الهجران # فعسى بالوصل تحيي ما دثر ... ويطيب النعيم # فالنوى ما إن عليه مصطبر ... والبعاد أليم # يا رحيم الخلق رحماك فقد ... جئت مغنى رحيب # ليس للعبد على النار جلد ... وهو عبد مريب # عبد سوء لحماك قد قصد ... يشتكي بالذنوب # من له يوم ترامي بالشرر ... زفرات الجحيم # فيهاب الخلق من خير البشر ... عافني يا رحيم # أنا ما بين مقامين مقيم ... أورثاني شجا PageV02P237 # في فؤادي من دموعي كلوم ... قلما ترتجي # واعتلاقي بجناب الكريم ... مشعر بالنجا # ها أنا في الحالتين في خطر ... والفؤاد سليم # سلك التوحيد فيه بالنظر ... سبل نهج قويم # أحليف الحزن تشكو بالعباد ... لذ بمجد أثيل # في قباب المجد تحظى بالمراد ... حيث حل الرسول # عنده يشفي صداه الفؤاد ... واسألن من يقول: # ليتني رملة الحرة # وقوله رحمه الله: # نأت بي الأوطان ... عن حضرة الإحسان ولا معين # فمن لذي أحزان ... لطيبة قد كان له حنين # شطت بي الدار ... فيا شوقها ليثرب # أحبابه ساروا ... والبين أقصاه بالمغرب # في قلبه نار ... تذكيه ms316 أمراه فلتعجب # لو سابق الإخوان ... في ذلك الميدان أضحى مكين PageV02P238 # فحالف الأشجان ... واصحب مع الأحيان قلبا حزين # للمورد العذب ... والمنهل السلسل شدوا الرحيل # فيا ظما قلبي ... لذلك المنهل هل من مقيل # بساحة القرب ... فيبرد السلسل حر الغليل # إن أمكن الإمكان ... أن يكرع الظمآن من المعين # في مشرب الرضوان ... فذاك سعد دان للرائدين # يا حادي الظعن ... وسائق الركب إلى العقيق # أسفت للبين ... فهل إلى القرب يلفي طريق # متى النوى تدنى ... من مطلع الشهب قلبا خفوق # فيثرب بستان للروح والريحان ... فيه فنون # ودوحه المزدان ... تحيا به الأكوان في كل حين # يا خير مرسول ... للحر والعبد بالمعجزات # نداء مخبول ... نادى على بعد خوف الممات # أنتم مني سولي ... وانتم قصمدي ولي صفات # تمجها الآذان ... وتقتضي الهجران فما تكون # من ذي شجون عان ... يحكى بدوح ألبان شادي الغصون # يا صاح والقصد ... أن يظفر الأواه بقصده PageV02P239 # إن شفك البعد ... فثق بعفو الله عن عبده # ودع فتى يشدو ... واللهو قد ألهاه عن رشده # جنان يا جنان ... أجن من البستان الياسمين # وخل الريحان ... بحرمة الرحمن للعاشقين # وقوله رحمه الله تعالى: # لأحمد المصطفى مقام # جل علا فلا يرام # بنوره يهتدى الأنام # فأي شمس وأي بدر ... قد أطلعته لنا السعود # بنوره تشرق الشموس # في حبه تخلع النفوس # يا أيها المسمع الرئيس # أدر علينا كئوس فخر ... من ذكره تعط ما تريد # أمدح خير الروى نعيم # نحن أناس بها نهم # يا مادحيه بالله قوموا # خوضوا بنا موج بحر فخر ... من مات فيه فهو شهيد # الشطح في حله مباح # ونحن قوم لنا ارتياح # قلوبنا حشوها جراح PageV02P240 # من نأي مغنيات ليت شعري ... متى يرى قبره العميد # إن سمح الدهر بالوصول # لقبر خير الروى الرسول # السيد الأرفع الجليل # فثم نخلع ثياب طهر ... وتوفى روح لمن تريد # وقوله أيضا: # لهفي على عمري مضى ... والشيب في الفود بدا وما قضيت الغرضا # أيام ريعان الشباب ... ولت ولم تنو الإياب # فنار حزني في التهاب ... ودمع عيني في انسكاب # يا عهد أيام الرضا ... ليس رجعة تشفي الصدى وتبقي المرضا # إن ms317 كنت من أهل الصفا ... دع عنك أوصاف الجفا # وأذكر كرم الله وجهه لرسم قد عفا ... وهو بمدح المصطفى # الهاشمي المرتضى ... تاج العلا شمس الهدى لا تبغ منه عوضا # وشم ربوعا للحبيب ... وانزل بمغناه الرحيب # ولذ بمرعاه الخصيب ... فهو لما تشكو الطبيب # ناد به معرضا ... هل تقبلون مكمدا قد كان عنكم اعرضا # رمت فؤادي النوى ... وغصن عمري قد ذوى # والشوق قلبي قد كوى ... واها على فقدي القوى PageV02P241 # قضى النوى ما قد قضى ... هل يستطيع الجلدا قلب على جمر الغضى # لقد تناءت الديار ... وشط بي عنها المزار # لو كان لي حكم اختيار ... ما قر بي عنها قرار # ما شاءه حكم القضا ... يجري ولو طال المدى فلا تكن معترضا # وقوله رحمه الله: # أطلع الصبح راية الفجر ... فتبدي المكتوم من سري # إن تكن باحثا عن الأسرار ... فانتشق صاح نفحة الأسحار # وأطل في الأصائل الأذكار ... فهي أذكى من عاطر الأزهار # أين طيب المسك وشذا الزهر ... في دجى الليل من شذا الذكر # آو من أدمعي ومن حزني ... فجعة البين كم ترى تضني # جسم مشتاق دمعي الجفن ... يا عذولي عليهم عني # عبراتي تنهل كالقطر ... وفؤادي يذكى على الجمر # شفني الوجد فأجبروني صدعي ... يوم بنتم عن ساحتي سلع # خدد الحد ساكب الدمع ... إن تدعون متيم الجزع # بدل العسر منه باليسر ... وأتته السعود بالبشر # ليس للعبد منكم بدك ... قد براني وشفني البعد PageV02P242 # من لصب أذابه الوجد ... بات في دوح حزنه يشدو # في هواكم لقد فنى عمري ... فالطفوا بي وأمنوا ذعري # سيدي أنت ملجأ الصب ... فأجر من ضني النوى قلبي # إن تكن لي أو إن تكن حبسي ... فيك أشدو مقال ذي عجب # جبرر الذليل أيما جر ... وصل الشكر منك بالشكر # وقوله رحمه الله تعالى: # لأحمد بهجة ... كالقمر الزاهر في أبراج السعد # علاؤها يسبي ... بنوره الباهر كل سنى مجد # في عالم القدس ... قدس علياه ففاق في الحمد # بالبدر والشمس ... يزري محياه فجل عن ند # للجن والإنس ... أرسله الله يهدي إلى الرشد # أذل بالحجة ... وأمره الظاهر من خان للعهد # بالشرق والغرب ... ثناؤه ms318 العاطر أندى من الند # يا خير مرسول ... من خيرة الخلق أذابي البعد # إليك يا سوبي ... قد شوقي فكم أرى أشدو # بصوت مخبول ... حكى غنا ورق هيجا الوحد # غرقت في لجة ... وليس لي ناصر على جوي البعد PageV02P243 # إلا يا حسبي ... وأدمع الناظر تنهل في الخد # إن عاقني ذنبي ... عن ذلك المغنى فليس لي حول # وكيف بالقرب ... للهمام المضى وبيننا سبل # تذيب بالكرب ... جسما ذوى حزنا وشفه الخبل # إليكم وجه ... وجها غدا حائر والدمع في الخد # ينهل كالسحب ... وزفرة الخاطر تلهب بالوقد # يا سامع النجوى ... إليك أوصابي تشكو بأوجالي # تركتني تنضوا ... ألوذ بالباب مقسم البال # إن كان بالبلوى ... لطول أغيابي أسأتم حالي # فقلبكم رجه ... بها أرى حاسر إن لم تكن ندى # أعوذ بالحب ... من أمرك الآمر بالبعد للعبد # بحب من تحدى ... لقبره النجب السيد الطاهر # هم دائما وجدا ... يا أيها الصب وعد عن خاطر # من قال إذ أودى ... بقلبه الحب قولا غد سائر # بدائع البهجة ... ونزهة الناظر وجنة الخلد # وبغية القلب ... وراحة الخاطر في ذلك الخد PageV02P244 # وقوله، رحمه الله تعالى: # لأحمد تعنو الأقمار ... فعدد فخاره # وأنظم ثناه أشعار ... ولازم وقاره # لأحمد بدر الأفق ... وشمس المعالي # تأجج نار إنشوق ... وكيف احتيالي # لئن فاز أهل السبق ... بذاك الكمال # وحلوا بهاتيك الدار ... وحازوا جواره # ففي القلب نار الأفكار ... قد أذكت أواره # حادي الركب بلغ عني ... سلاما كثيرا # وقل مغرم ذو حزن ... قد أضحى أسيرا # أصمته سهام البين ... لم يلف نصيرا # وقد أبعدته الأقدار ... والحزن أثاره # في القلب تنائي الأقطار ... يضرم ناره # إذا لاح لمع البرق ... من اكناف نجد # دعاني إليه شوقي ... وافرط وجدي # إلى قبر خير الخلق ... سأجهد جهدي # لعلي أقضى الأوطار ... وأعطى مزاره PageV02P245 # فعني تمحى الأوزار ... إذا زرت داره # يا حادي شوقي زمزم ... بذكر حبيب # يا حر وجدي ضرم ... نيران الوجيب # يا دمع عيني ارقم ... بخد الكثيب # رسوم سطور التذكار ... لربع أناره # سنا نور وجه المختار ... قد أعلى مناره # أيا رب بالمختار ... والصحب الكرام # قرب قرب نائي الدار ... من ذلك المقام # وأغفر قول ذي ms319 إصرار ... غنى في هيام # من يروني دار العطار ... بذرا المناره # ثيابي وما تحي الدار ... نعطه البشاره # وقوله رحمه الله تعالى: # آه من فرط الوجيب ... أورثت قلبي خبلا # زفرات شوق مدنف ... منكم لم يعط وصلا # قد أذابته الشجون ... والبكاء والأنين # نحوكم له حنين ... أبدا به يدين PageV02P246 # دمع خديه الهتون ... دميت منه الجفون # يا ساقمي يا طبيبي ... عفوكم عني أولى # لم تزل باللطف توصف ... فأنل عبدك فضلا # لم تزل بي في أموري ... سيدي مولى لطيفا # أنت مولاي نصيري ... فاجبر العبد الضعيفا # من عذيري أو مجيري ... إن أطلت بي الوقوفا # يا ليومي العصيب ... وسجل الصحف يتلى # وقلوب الخلق ترجف ... ولنار الخوف تصلى # بالنبي بالعلى ... بالرفيع القدر أحمد # وعتيق الرضى ... وأبي حفص الممجد # والشهيد وعلى ... غرر الفجر المؤبد # نحو ساحات الحبيب ... فلتيسر لي سبلا # فمتى بالقرب أسعف ... أو أرى لذلك أهلا # يا حداة العيس عنى ... فاحملوا نحو العقيق # أسفي وطول حزني ... وبكائي وشهيقي # علني بالخيف أجنى ... زهر إبان اللحوق PageV02P247 # هل لصب من نصيب ... فيعود الهجر وصلا # يا زمان القرب أعطف ... وأنل مضناك شملا # سيدي قد ذبت حزنا ... لا تخيب فيك قصدي # وأنلني منك حسني ... قد براني طول بعدي # واغتفر قول معنى ... هائما يشكو بوجدي # يا فلان إن زرت حبي ... افتل أذن وبالرسيلا # ليس أخذ عنق الخشيف ... وسرق فم الحجيلا # انتهى ما قصدته من موشحة هذا الشيخ النبوية. # وأما نظمه في غير الموشحات فمنه قوله رحمه الله: # هب النسيم بطيب ذكر الهادي ... فتأرجت نفحات عرف النادي # يا شاديا يشدو بمدح محمد ... كرر فديتك مدحه يا شادي # كرر على الأسماع ذكر محمد ... فلذكره برد على الأكباد # وأعد علينا نظم فخر هلال من ... بهر الورى من حاضر أو بادي # هو ذروة المجد اللأثيل وقطبه ... هو صفوة الأشراف والأمجاد # هو بحر جود فاض عذب نواله ... وصفت موارده لدى الوراد # هو خير خلق الله والمختار من ... أعلى بحار جل عن أنداد PageV02P248 # هو منتهى أملي وملجأ مفزعي ... هو شمس إيماني وبدر رشادي # هو عصمتي مما أخاف وحبه ... يوم القيامة للخطوب ms320 عمادي # إشراق كل النيرات وحسنها ... من نور حسن شهابه الوقاد # لا تعجبوا فعناية المختار قد ... خرقت قياس العقل في المعتاد # شوقي إلى ذاك المقام أثاره ... حزن تلهب لفحه بفؤادي # يا ويح مكتئب وما قد شفه ... من فرط أحزان وطول بعاد # كم رام قرب الدار من أحبابه ... لو أسعف المقدور بالإسعاد # كم رام أن يشفى بزورته ظلما ... لب إلي تلك المعاهد صادي # أيام أطلع بدر حسن شبابه ... من فوق ناعم غصنه المياد # فالآن قد لعبت به أيامه ... وعدت عليه للمشيب عوادي # شيب وضعف وانتزاح مواطن ... فمتى الدهر نيل مراذي # لهفي على عمر تصرم واقضى ... أفنيت فيه طارفي وتلادي # فلأنزحن مدافعي أسفا على ... ما قدمته يدي ليوم معادي # يا حادي الأضعان يأمل طيبة ... أقصص فديتك قصتي يا حادي # وانزل بهاتيك الربوع وقف على ... نادي الندامي إن عرضت وناد: # هذا أسير بعادكم أجفانه ... تجلى بفيض الدمع سحب عهاد # فمتى على بعد الديار وشحطها ... يحظى بوصلكم حلف سهاد # فعليكم مني لسلام طيب ... ما ناح غريد بسرحة وادي # وقوله رحمه الله: # سأنظم من فخر النبي محمد ... لآلئ لا يبلى جديد نظامها PageV02P249 # تضوع طيبا عرفها فكأنه ... تضوع أزهار بدت من كمامها # سجايا أبت إلا السماكين منزلا ... ففاق على العلياء علق مقامها # خلال إذا لاحت قباب لدى علا ... تنيف فتعلوها قباب خيامها # إذا يمموا يوما إمام مكارم ... فأحمد قد أضحى إمام إمامها # فكم ذو علا أو ما لدرك مقامها ... فمر ولم يدرك مرامي مرامها # وكم ظامي رام يروى بريها ... فآب وقد ضحى عليل أوامها # لذلك العلا قلبي مشوق بحبهم ... وقد شوقت نفسي بطول مقامها # فلله عيه لا تمل بكاءها ... وقد حرمت فيه لذيذ منامها # ونفس على بعد الدار قريحة ... تطارح في البلوى حمام حمامها # وعمر مضت أيام شرخ شبابه ... وقد صرف الدهر غصن قوامها # قيا نسمة الأسحار من نحو يثرب ... ألمى بنفس قد ذوت بضرامها # ويا حادي الأظان نحو قبابهم ... إلا فاخصص العليا بطيب سلامها # ومن ذلك قوله رحمه الله مخمسا شعرا لغيره: # إلا هل إلى وادي ms321 العقيق طريق # فقد هاج شوقا للديار مشوق # يقول وفي الأكباد منه خفوق # دموعي على وادي العقيق عقيق ... ولي زفرة تحدو بها وتسوق PageV02P250 # إذا ما حدا في ظلمة الليل دالج # تحركني نحو العقيق لواعج # وعندي من الشوق المبرح هائج # وفي كبدي من لوعة البين لاعج ... يهيج بها بين الضلوع حريق # ولما جرت بي نحو طيبة أسعدي # وبلغت آمالي وأوتيت مقصدي # وأوردني التوفيق أعظم مورد # نظرت فقالوا إن ذا قبر أحمد ... وذاك أبو حفص وذاك عتيق # فما ذاك إلا أنني شممت بارقا # ففت الجوى مني ضلوعا خوافقا # وأبديت وجدا للعوائد خارقا # فما ملكت عيني دموعا سوابقا ... ولا هدأت لي زفرة وشهيق # بذكرك يا خير الأنام تلذذي # وباسمك من خطب البعاد تعوذي # وما زال قلبي بامتداحك يتغذى # ألا يا رسول الله حبك منقذي ... وإني لفي بحر الذنوب غريق # عليك مدى الأحيان تنهل أدمعي # وفيك وإن أبدعت ما زال مطمعي # شفيعي حبي للنبي المرفع # وهل تحرقن النار قلبي وأضلعي ... وحبك في قلبي وأنت رفيق PageV02P251 # ثناؤك ريحاني ومسكي ومندلي # عليك رسول الله كل معولي # حنانيك للقلب المتيم فابذل # فكم فيه من مثقال حبة خردل ... وربك بالوعد الكريم حقيق # قلت: ولنجعل آخر ما أوردناه من أمداحه النبوية قوله: # تركت انتداح العالمين ولذت من ... مدائح خير الخلق بالعروة الثقى # سأجعلها كهفي وحصني وملجئي ... لعلي بالأمداح أستوجب العتقا # نسأل الله بجاه هذا النبي الشرف القدر العظيم المزية أن يعتقنا من النار ~~ويجيرنا في الدنيا والآخرة من كل مصيبة ورزية وأن يسهل علينا زيارته ~~العظيمة البركات وأن يلطف بنا في السكنات والحركات. # وقد عن لي لما ذكرت كلام أبن خلدون في الموشحات أن أذكر كلام الإمام أبن ~~خاتمة. # قال رحمه الله تعالى في كتابه " مزية المرية " في باب محمد ما نصه: " ~~محمد بن عبادة يكنى أبا بكر ويعرف بالقزاز وأحسبه من أهل مالقة كان من صدور ~~الأدباء ومشاهير الشعراء والألباء وممن له باع فسح في طريقة التوشيح حتى ~~طار اسمه فيها كل مطار واشتهر بها نظمه أي اشتهار. وهذه ms322 الطريقة من مخترعات ~~أهل الأندلس ومبتدعاتهم الآخذة PageV02P252 # بالأنفس هم الذين نهجوا سبيلها ووضعوا محصولها. # قال أبو الحسن بن بسام: وأول من صنع أوزان هذه الموشحات بأفقنا واخترع ~~طريقتها فيما بلغني محمد بن محمود القبري الضري وكان يصنعها على أعاريض ~~أشطار الأشعار غير أن أكثرها على الأعاريض المهملة غير المستعملة يأخذ ~~اللفظ العامي أو العجمي يسميه المركز ويضع عليه الموشحة من غير تضمين فيها ~~وأغصان. وقيل إن أبا عمر بن عبد ربة صاحب كتاب العقد هو أول من سبق إلى هذا ~~النوع من الموشحات. # وحكى الكاتب أبو الحسن علي بن سعيد العنسي في كتابه " المقتطف من أزهار ~~الطرف " أن الحجاري ذكر في كتابه " المسهب في غرائب المغرب " أن المخترع ~~لها بجزية الأندلس المقدم بن معافي القبري من شعراء الأمير عبد الله ~~المرواني وأخذه عنه أبو عمر بن عبد ربة صاحب العقد ثم غلبهما عليه ~~المتأخرون. وأول من برع فيه منهم عبادة بن القزاز شاعر المعتصم صاحب ~~المرية. # قال الأستاذ أبو الحسن على بي سعد الخيري البلنيس في كتابه: " نزهرة ~~الأنفس وروضة التأنس في توشيح أهل الأندلس " ضمنه عشرين وشاحا على طريقتها ~~في الإجادة والإحسان. # العباديون ثلاثة: أبن ماء السماء وهو عبادة بن عبد الله بن محمد بن عبادة PageV02P253 # أبن ماء السماء بن أفلح بن الحسين بن سعيد بن قيس بن سعد بن عبادة ~~الخزرجي الأنصاري من أهل مالقة. وعبادة بن محمد بن عبادة بن الأقرع ومحمد ~~بن عبادة القزاز هذا. # قال الأستاذ أبو جعفر: وكان محمد بن عبادة من شعراء المعتصم فوشحه منها ~~بكل در منتظم وعقد بمعنى البلاغة والبراعة ملتم. ومن أظرف ما وقع له في ~~المديح من التوشيح موشحته التي أولها: # كم في القدود الليان ... تحت اللمم من أقمار عواطي # ومن أظرف ما وقع له من خلالها من حسن الاتئام وسهولة النظام ما يندر وجود ~~مثله في منثور الكلام وذلك في أحد مراكزها حيث يقول: # لما غدا قادرا ... أضحى قليل المعذلة # يا حاكما جائرا ... قتلت من لا ذنب له ms323 # سطوت بالهيمان ... ظلما ولم تستبصر يا ساطي # خفف سطوة الرحمن ... إذا حكم بين البري والخاطي # ويخرج في هذه الموشحة على قوله: # ما أملح المهرجان ... وفل ينم كالعنبر للسواطي # والفلك كالعقبان ... والمعتصم بالعسكر في الشاطي # ثم قال أبن خاتمة: " ومن شعره ما أنشد أبو أحمد جعفر بن إبراهيم أبن ~~الحاج المعافري في كتابه محك الشعر ونسبه إليه: PageV02P254 # أودع فؤادي حرقا أو دع ... ذاتك تردى أنت في أضلعي # وأرم سهام اللحظ أو كفها ... أنت بما ترمى مصاب معي # موقعها قلبي وأنت الذي ... مسكنه في ذلك الموضع # وله رحمه الله: # أنظر إلى البدر الذي لاح لك ... في وسط اللجة تحت الحلك # قد جعل البحر سماء له ... واتخذ الفلك مكان الفلك # وحضر مجلس المعتصم أبن صمادح وبين أيديهم ورد مصبوب فبرز من داخل وردة ~~منها الحيوان الأخضر الموجود في الورد وتسميه العرب القيقزان فقال له ~~المعتصم: صفه فقال: # وأخضر حمادي في الورد لائح ... على صفح ورد حسنه متناهي # كما أخذت حسناء فص زمرد ... بصفرة مسواك وحمرة شفاه # وكتب يوما إلى المعتصم وقد تأخرت صلات شعرائه: # يا أيها الملك الذي حاز العلا ... معن أبوه وخاله المنصور # بفناء قصرك عصبة أدبية ... لا زال بشملهم معمور # زفوا إليك بنات أفكارهم ... واستبطئوك فهم لهن قصور # انتهى كلام أبن خاتمة رحمه الله تعالى. PageV02P255 # رجع # وحيث انتهينا إلى هذا المقدار من الخروج عن أصل الترجمة فلنثن العنان إلى ~~ما ألممنا به أولا مع ذكر سبتة أعادها الله فنقول: # إن بعض الفقهاء يذكر في شأن سبتة حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~قد اختلف الناس في أمره وقد حدث به الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد أبن ~~يحيى السراج عن جده العلامة أبي زكريا السراج قال أخبرنا أبو البركات محمد ~~بن إبراهيم قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد الغافقي حدثنا محمد بن عبد الله بن ~~أحمد الأزدي حدثنا محمد بن حسن بن عطية هو أبن غازي حدثنا أبو الفضل عياض ~~حدثنا أحمد بن قاسم أبو العباس الصنهاجي شيخ لا ms324 بأي به أنبأنا أبو علي بن ~~خالد وأبو عبد الله محمد بن عيسى قالا حدثنا عبد الله محمد بن علي بن الشيخ ~~حدثنا وهب بن ميسرة عن محمد بن وضاح عن محنون عن أبي القاسم عن مالك عن ~~نافع عن أبن عمر قال: " مدينة بالمغرب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~يقول إنها على مجمع بحري المغرب وهذا مدينة بناها سبت بن سام بن نوح عليه ~~السلام واشتق لها اسما من اسمه فهي سبتة ودعا لها بالبركة والنصر فلا يريد ~~أحد بها سوءا إلا رد الله دائرة السوء عليه ". PageV02P256 # هكذا ذكره الشيخ الإمام الحافظ سيدي أبو عبد الله محمد أبن الشيخ العالم ~~الرباني سيدي الحسن بن مخلوف التلمساني رحمه الله في شرحه للشفاء ورواه عن ~~شيخه أبي عبد الله السراج المذكور بالسند المذكور وقال إثره: تردد رأي ~~القاضي عياض في هذا الحديث ففي الغنية: " أنا براء من عهدة هذا الحديث ". ~~وفيه: " هذا حديث موضوع. وأبن الشيخ لا يتهم ولا أدري من أين دخل عليه هذا ~~". وفي المدارك: " هو حديث رواه أبن الشيخ عن وهب بن ميسرة يرفعه إلى مالك ~~عن نافع عن أبن عمر: أن في أقصى المغرب على ساحل من سواحل البحر مدينة تسمى ~~سبتة أسسها رجل صالح اسمه سبت واشتق لها اسما من اسمه ودعا لها بالنصر ~~والظفر فما رامها أحد بسؤ إلا رد الله بأسه عليه ". # وذكر أشياء على من رامها بسوء ثم قال: وهكذا كله يصدق هذا الحديث. انتهى. # وكانت سبتة مطمح همم ملوك العدوتين وقد كان للناصر المرواني صاحب الأندلس ~~عناية واهتم بدخولها في إيالته حتى حصل له ذلك ومنها ملك المغرب حسبما هو ~~مذكور في أخباره وكان تملكه إياها سنة تسع عشرة وثلاث مائة وبها أشتد سلطته ~~وملك البحر بعدوانيته وصار المجاز في يده وتوطدت طاعته لأرض المغرب وكان ~~أول من سما إلى ذلك من أملاك PageV02P257 # الأندلس مذ سكنها الإسلام فاستظهر بها على أمره وخلقها ميراثا لمن بعده ~~من ولاة الأندلس وأكرم وجوه ms325 أهل سبتة الذين جنحوا إلى طاعته ورفع منازلهم ~~وقضى حوائجهم ووصلهم وخلع عليهم وعلى قاضيهم حسين أبن فتح. # والناصر أول من تسمى بأمير المؤمنين من بني أمية بالأندلس لأن الدولة ~~عظمت في أيامه حين أختل نظام ملك العباسيين بالمشرق وتغلبت عليه الأعاجم ~~ولم يتسم أحد من سلفه بالأندلس إلا بالأمير وكان ملكه بالأندلس في غاية ما ~~يكون من الضخامة ورفعة الشأن وهادته الروم وأزدلفت إليه تطلب مهادنتها ~~ومتافحته بعظيم الذخائر ولم تبق أمة سمعت به من ملوك الروم والأفرنج ~~والمجوس وسائر الأمم إلا وجرت إليه أو وفدت خاضعة راغبة وانصرفت عنه راضية. ~~وقد سرد الإمام أبن حيان من ذلك في تاريخه الكبير ما هو معلوم وذكر هو ~~وغيره أن صاحب مدينة القسطنطينية العظمى هاداه ورغب في موادعته. # وكان وصول أرسال صاحب القسطنطينية عظيم الروم قسطنطين بن ليون في شهر صفر ~~سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة وتأهب الناصر لورودهم وأمر أن يتلقوا أعظم تلق ~~وأفخمه وأحسن قبول وأكرامه وأخرج إلى لقائهم ببجانة يحيى بن محمد بن الليث ~~وغيره لخدمة أسباب الطريق فلما صاروا بأقرب المحلات من قرطبة خرج إلى ~~لقائهم القواد في العدد والعدة PageV02P258 # والتبعية فتلقوهم قائدا بعد قائد وكمل اختصاصهم بعد ذلك بأن أخرج إليهم ~~الفتيين الكبيرين الخصيين ياسرا وتماما إبلاغا في الاحتفاء بهم فلقياهم بعد ~~القواد فاستبان لهم بخروج الفتيين إليهم بسط الناصر وإكرامه وأنزلوا بمنية ~~ولي العهد الحكم المنسوبة إلى نصير بعدوة قرطبة في الربض ومنعوا وحموا من ~~لقاء الخاصة والعامة وملابسة الناس جملة ورتب لحاجتهم رجال تخيروا من ~~الموالي ووجه الحشم فصيروا على باب قصر هذه المنية ستة عشر رجلا لأربع دول ~~لكل دولة أربعة منهم ورحل الناصر لدين الله من قصر الزهراء إلى قصر قرطبة ~~لدخول وفود الروم عليه فقعد لهم يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع ~~الأول من السنة المذكورة في بهو المجلس الزاهر فقعودا حسنا نبيلا فقعد عن ~~يمينه من بنيه ولي العهد الحكم ثم عبد الله ثم عبد العزيز ثم ms326 الأصبغ ثم ~~مروان وقعد عن يساره المنذر ثم عبد الجبار ثم سلمان وتخلف عبد الملك لأنه ~~كان عليلا لم يطق الحضور وحضر الوزراء على مراتبهم يمينا وشمالا ووقف ~~الحجاب من أهل الخدمة من أبناء الوزراء والموالي والوكلاء وغيرهم وقد بسط ~~صحن الدار أجمع بعتاق البسط وكرائم الدرانك وظللت أبواب الدار وحناياها ~~بظلل الديباج ورفيع السور فوصل رسل ملك الروم حائرين مما رأوه PageV02P259 # من بهجة الملك وفخامة السلطان ودفعوا كتاب ملكهم صاحب القسطنطينية وهو في ~~رق مصبوغ لونا سماويا ومكتوب بالذهب بالخط الإغريقي وداخل الكتاب مدرجة ~~مصبوغة اياضا مكتوب بفضة بخط إغريقي أيضا فيها وصف هديته التي أرسل بها ~~وعددها وعلى الكتاب طابع ذهب وزنه أربعة مثاقيل على الوجه الواحد منه صورة ~~المسيح وعلى الآخر صورة قسطنطين الملك وصورة ولده. وكان الكتاب بداخل درج ~~فضة منقوش عليه غطاء ذهب فيه صورة قسطنطين الملك معمولة من الزجاج الملون ~~البديع وكان الدرج داخل جعبة ملبسو بالديباج وكان في ترجمة عنوان الكتاب في ~~سطر منه: " قسطنطين ورومانس المؤمن بالمسيح الملكان العظيمان ملكا الروم ". # وفي سطر آخر: " العظيم الاستحقاق للفخر الشريف النسب عبد الرحمن الخليفة ~~الحاكم على العرب بالأندلس أطال الله تعالى بقاءه ". # وفي خمس بقين من نقل هؤلاء الرسل من منلهم بمنيطة نصير بالربض إلى دار ~~إبراهيم الفتى بداخل قرطبة. # وفي آخر هذا الشهر أعاد الناصر لين الله القعود الثاني لرسل ملك الروم ~~بقصر الزهراء فاحتفل لذلك أيضا واستكم له الأهبة وبالغ في الزينة وقعد على ~~باب السدة صحب المدينة مع من ضم إليه من العرفاء والشرط والحرس وهم صنوف ~~قيام وقام مع سور القصر سماط من المولى في PageV02P260 # الملابس الحسان والسلاح وألزم الفصلان كلها جملا من العبيد والحشم ~~والبوادبين وغيرهم في أشكال زينهم. # ثم أعاد العقود لهم بالزهراء وهذا العقود الثالث كان يوم الخميس لثلاث ~~بقين منه على ما تقدم في الأهبة والاحتفال في الزينة. # وفي النصف من جمادي الأولى منها أدخل الناصر لدين الله هؤلاء الرسل على ~~نفسه في مجلس خاص قعد ms327 بهم فيه بقصر الزهراء في المجلس المشرف على الرياض ~~فلما خرجوا من عنده أدخلوا في ديار الصناعات والعدة بأكناف الزهراء ودار ~~السكة وطيف بهم بأرجائها ثم صرفوا إلى دار نزولهم فاتصل مقامهم بقرطبة في ~~كرامة موصلة وعطايا متوالية إلى أن كملت الهدية التي كوفئ بها الطاغية ~~مرسلهم وأسلمت إليهم مع أجوبتهم وأمروا بالرحيل. # وجلس لهم الناصر لدين الله في النصف من شوال من السنة بعدها فدخلوا ~~للوداع وجددت لهم الخلع وانطلقوا لسبيلهم متعجبين مما رأوه من عز الإسلام ~~وفي سنة سبع وعشرين وثلاث مائة لثمان خلون من شهر جمادي الأولى وردت على ~~ناصر لدين الله هدية وزيره أحمد بن عبد الملك بن شهيد العظيمة الشأن التي ~~اشتهر ذكرها إلى الآن ووقع الإجماع على أنه لم يهاد أحد من ملوك الأندلس ~~بمثلها فأعجب الناصر وأهل مملكته جميعا وأقروا أن نفسا PageV02P261 # لم تسمح بإخراج مثلها ضربة عن يدها وكتب مع هديته هذه رسالة حسنة ~~بالاعتراف للناصر لدين الله بالنعمة والشكر عليها واستحسنها الناس وكتبوها. ~~وزاد الناصر وزيره هذا حظوة واختصاص وأسمى منزلته على سائر الوزراء جميعا ~~فأضعف له رزق الوزارة وبلغة ثمانين دينارا في الشهر وبلغ مصروفه إلى ألف ~~دينار في السنة وثنى له العظمة لتثنيته له الرزق فسماه ذا الوزارتين لذلك ~~وكان أول من سمى بذلك بالأندلس امتثالا لاسم صاعد بن مخلد الوزير بني ~~العباس ببغداد وأمر بتصدير فراشه في البيت وتقديم اسمه في زمام الارتزاق في ~~أول التسمية فعظم مقداره في الدولة جدا. # وتفسير هديته هذه على ما ثبت في كتابه للناصر: وذلك من المال العين خمس ~~مائة ألف دينار ومن العود المرتفع أربع مائة رطل منها في قطعة واحد مائة ~~وثمانون رطلا ومن المسك الذكي المفضل في جنسه مائتا أوقية واثنتا عشرة ~~أوقية ومن العنبر الأشهب الذي بقي على خلقته ولم تدخله صناعة مائة أوقية ~~منها قطعة عجيبة الشكل أربعون أوقية ومن الكافور المرتفع النقي الذكي ثلاث ~~مائة أوقية ومن أنواع الثياب ثلاثون شقة وبقج خاصية للباسه بيضا وملونة ms328 ~~وخمس ظهائر شعيبية خاصية له وعشرة فراء من عالي الفتك منها سبعة بيض ~~خرسانية وثلاثة ملونة وستة مطارف عراقية خاصية له وثمان وأربعون ملحفة ~~لكسوته ومائة ملحفة زهرية PageV02P262 # لرقاده وعشرة قناطير شد فيها مائة جلد سمور وأربعة آلاف رطل من الحرير ~~المغزول وألف رطل من لون الحرير قبض جميع ذلك صاحب الطراز وثلاثون بساطا من ~~صوف مختلفة الصناعات طول كل بساط منها عشرون ذراعا ومائة مصلى من وجوه ~~الفراش المختلفة الصناعات من جنس البسط وخمس عشر نخا من عمل الخز المقطوع ~~شطرها وسائرها من جنس البسط الوجوه ومن السلاح والعدة مائة تجفاف بأبدع ~~الصناعات وأغربها وأكملها وألف تريس سلطانية ومائة ألف سهم ومن الخيل مائة ~~فرس منها من الخيل العراب المتخيرة لركابة خمس عشر فرساو خمسة من عرض هذه ~~الخيل ملجمة لمراكب الخلافة مجالس سروجها خز عراقي وثمانون فرسا مما يصلح ~~للوصفاء والحشم وخمسة أبغل عالية الركاب وأربعون وصيفا وعشرون جارية من ~~متخير الرقيق بكسوتهم وجميع آلاتهم. # وفي الكتاب: كان قد أمرني أيده الله بابتياعهم من المال الأخماس قبل ~~فابتعتهم من نعمته عندي وصيرتهم من بيتي ومع ذلك عشرة قناطير سكر طبرزذ ~~لاسحاق فيه. # وفي آخر الكتاب: ولما علمت تطوع مولاي أيده الله تعالى إلى قرية كذا ~~بالعقبانية النطقة الغرس في شرفها وترداده أيده الله PageV02P263 # تعالى لذكرها لم أهنأ بعيش حتى أعملت الحيلة في أبتياعها وأحوازها وأكتبت ~~وكيلة أبن بقية اللوثيقة فيها باسمه وضمها إلى ضياه وكذلك صنعت في قرية ~~شيرة من نظر الجيان عندما اتصل من وصفه لها وتطلعه إليها فما زلت أتصدى ~~لمسرته بها حتى ابتاعها الآن بأحوازها وجميع منازلها وربوعها واحتاز ذلك ~~كله الوكيلة أبن بقية وصار في يده له أبقاه الله سبحانه وأرجو أنه سيرفع ~~فيها في هذه السنة آلاف أمداد من الأطعمة إن شاء الله تعالى. # ولما علمت نافذ عزمه أبقاه الله تعالى في البنيان به وفكرت في عدد من ~~الأماكن التي تطلع نفسه الكريمة إلى تخليد آثاره في بنينها مدينة الله في ~~عمره وأوفى ms329 بها على أقصى أمله علمت أن أسه وقوامه الصخر والاستكثار منه ~~فأثارت لي همتي ونصيحتي حكمة حيلة أحكمها سعدك وجدك اللذان يبعثان ما لا ~~يتوهم علمه حيلة أقيم لك بها في عام واحد عدد ما كان يقوم على يد عبدك أبن ~~عاصم في عشرين عاما وينتهى تحصيل النفقة فيه إلى نحو الثمانين ألفا أعجل ~~شأنه في عام سوى التوفير العظيم الذي يبديه العيان إن شاء الله تعالى وكذلك ~~ما ثاب إلي في أمر الخشب لهذه المنية المكرمة فإن أبن خليل عبدك المجتهد ~~الدءوب انتهى في تحصيل عدد ما تحتاج إليه ثلاث مائة ألف عود ونيف على عشرين ~~ألف عود على أنه لا يدخل منه في السنة إلا نحو الألفي عود ففتح لي سعدك ~~رأيا أقيم له بتمامه جميع الخشب العام على كماله بورود الجلبية لوقتها ~~وقيمته على الرخص ما بين الخمسين ألفا إلى الستين ألفا. PageV02P264 # انتهى ما بث به الوزير أبن شهيد ملخصا. # ومن الغريب ما يحكى أن أمير المؤمنين أراد الفصد فقعد في البهو بالمجلس ~~الكبير المشرف بأعلى مدينته بالزهراء وأستدعى الطبيب لذلك وأخذ الطبيب ~~المبضع وجس عضد الناسر فبينما هو كذلك إذ أطل زرزور فصعد على إناء ذهب ~~بالمجلس وأنشد: # أيها الفاصد رفقا ... بأمير المؤمنينا # إنما تفصد عرقا ... فيه محيا العالمينا # وجعل يكرر ذلك المرة بعد المرة فاستظرف أمير المؤمنين الناصر ذلك عاية ~~الاستظراف وسر به غاية السرور وسأل عمن أهتدى إلى ذلك وعلم الزرزور فذكر له ~~أن السيدة الكبرى مرجانة أم ولده ولي عهد الحكم المستنصر بالله صنعت ذلك ~~وأعدته لذلك الأمر فوهب لها ما ينيف على ثلاثين ألف دينار. # والناصر المذكور هو الباني لمدينة الزهراء العظيمة المقدار. وكان يعمل في ~~جامعها حين شرح فيه من حذاق الفعلة كل يوم ألف نسمة منها ثلاث مائة بناء ~~ومائتا نجار وخمس مائة من الأجراء وسار أهل الصنائع فاستتم بنيانه وإتقانه ~~في مدة ثمانية وأربعين يوما وجاء غاية الإتقان من خمسة أبهاء عجيبة الصنعة. ~~وطوله من القبلة إلى الجوف حاشي ms330 المقصورة ثلاثون ذراعا وعرض البهو الأوسط ~~من أبهائه من الشرق إلى الغرب ثلاث عشرة ذراعا وعرض كل بهو من الأربعة ~~المكتنفة له أثنتا عشرة ذراعا وطول PageV02P265 # صحنه المكشوف من القبلة إلى الجوف ثلاث وأربعون ذراعا، وعرضه من الشرق ~~إلى الغرب إحدى وأربعون ذراعا، وجميعه مفروش بالرخام الخمري؛ وفي وسطه ~~فوارة يجري فيها الماء؛ فطول هذا المسجد أجمع من القبلة إلى الجوف سوى ~~المحراب سبع وتسعون ذراعا، وعرضه من الشرق إلى الغرب تسع وخمسون ذراعا، ~~وطول صومعته في الهواء أربعون ذراعا، وعرضها، عشر أذرع في مثلها. وأمر ~~الناصر لدين الله باتخاذ منبر بديع لهذا المسجد؛ فصنه في نهاية من الحسن، ~~ووضع في مكانه منه، وحظرت حوله مقصورة عجيبة الصنعة. وكان وضع هذا المنبر ~~في مكانه من هذا المسجد عند إكماله، وذلك يوم الخميس لسبع بقين من شعبان من ~~سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. # وكان في صدر هذه السنة كمل الناصر بنيان القناة الغريبة الصنعة، التي ~~أجرى فيها الماء العذب من جبل قرطبة إلى قصر الناعورة غربي قرطبة، في ~~المناهر المهندسة، وعلى الحنايا المعقودة، ويجري ماؤها بتدبير عجيب، وصنعة ~~غريب محكمة، إلى بركة عظيمة، عليها أسد عظيم الصورة، بديع الصنعة، شديد ~~الروعة، لم يشاهد أوفى منه ولا أبهى منه فيما صور الملوك في غابر الدهر، ~~مطلي بذهب إبريز، وعيناه جوهريتان، لهما وميض شديد. يجوز هذا الماء إلى عجز ~~هذا الأسد، فيمجه في تلك البركة من فيه، فيبهر الناظر بحسنه وروعة منظره، ~~وثجاجة صبه، فتسقى من مجاجة جنان هذا القصر على سعتها، ويستفيض على ساحاته ~~وجنباته، ويمد النهر الأعظم بما فضل منه، فكانت هذه القناة وبركتها، ~~والتمثال الذهب الذي يصب فيها، من أعظم آثار الملوك في PageV02P266 # غابر الدهر، لبعد مسافتها، واختلاف مسالكها، وفخامة بنيانها، وشموا ~~أبراجها، التي يترقى الماء فيها، ويتصوب من أعاليها. # وكان مدة العمل فيها، من يوم ابتدئت من الجبال إلى أن وصلت أعني القناة ~~إلى هذه البركة، أربعة عشر شهرا. وكان انطلاق الماء في هذه البركة الانطلاق ~~الذي اتصل واستمر ms331، يوم الخميس غرة جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وكانت ~~للناصر في هذا اليوم بقصر الناعورة دعوة حسنة، أفضل فيها على عامة أهل ~~مملكته، ووصل المهندسين والقوام بصلات حسنة جزيلة. واستمر العمل في مدينة ~~الزهراء من عام خمسة وعشرين وثلاث مائة إلى آخر دولة الناصر وابنه الحكم، ~~وذلك نحو من أربعين سنة. # ولما فرغ من بناء مسجد الزهراء على ما ذكره آنفا، كانت أول جماعة صليت ~~فهذا صلاة المغرب من ليلة الجمعة لثمان بقين من شعبان، وكان الإمام لها فيه ~~القاضي أبا عبد الله محمد بن عبد الله لن أبي عيسى. ومن الغد صلى الناصر ~~فيه الجمعة، وأول خطيب خطب به القاضي المذكور. ولما بنى الناصر قصر ~~الزهراء. المنتهى في الجلالة والفخامة، وأطبق الناس على أنه لم يبن مثله في ~~الإسلام البتة، وما دخل إليه أحد قط من سائر البلاد النائية، والنحل ~~المختلفة، من ملك وارد، ورسول وافد، وتاجر، وجهبذ، وفي هذه الطبقة من الناس ~~تكون المعرفة والفطنة، إلا وكلهم قطع أنه لم ير له شبيها، بل بم يسمع به، ~~بل لم يتوهم كون مثله، حتى أنه كان أعجب ما يؤمله القاطع إلى الأندلس في ~~تلك العصور النظر إليه، وتحدث عنه؛ والأخبار عن هذا تتسع جدا، والأدلة عليه ~~تكثر، ولو لم يكن فيه إلا السطح الممرد، PageV02P267 # المشرف على الروضة، المباهي بمجلس الذهب والقبة وعجائب ما تضمنته من ~~إتقان الصنعة، وفخامة الهمة، وحسن المستشرف، وبراعة الملبس والحلة، ما بين ~~مرمر مسنون، وذهب موضون، وعمد كأنما أفرغت في القوالب، ونقوش كالرياض، وبرك ~~عظيمة محكمة الصنعة، وحياض وتماثيل عجيبة الأشخاص، لا تهتدي الأوهام إلى ~~سبيل استقصاء التعبير عنها؛ فسبحان الذي أقدر هذا المخلوق الضعيف على ~~إبداعها واختراعها من أجراء الأرض المنحلة، كيما يرى الغافلين عنه من ~~عباده، مثالا لما أعده لأهل السعادة في دار المقامة، التي لا يسلط عليها ~~الفناء، ولا تحتاج إلى الكرم، لا اله إلا هو المنفرد بالكرم. وذكر المؤرخ ~~أبو مروان بن حيان صاحب الشرطة، أن باني قصر الزهراء اشتملت على ms332 أربعة آلاف ~~سارية، ما بين كبيرة وصغيرة، ومحمولة، ونيف على ثلاث مائة سارية زائدة؛ ~~وفسر بعضهم هذا النيف بثلاث عشرة منها ما جلب من دينة رومة، ومنها ما أهداه ~~صاحب القسطنطينية؛ وأن مصاريع أبوابها، وصغارها وكبارها، كانت تنيف على ~~خمسة عشر ألف باب، وكلها ملبسة بالحديد والنحاس المموه، والله أعلم، فإنها ~~كانت من أهول ما بناه الإنس، وأجله خطرا، وأعظمه شأنا. # وقال بعض المؤرخين: وكان عدد الفتيان بالزهراء ثلاثة عشر ألف فتى وسبع ~~مائة وخمسين فتى، ودخالتهم من اللحم كل يوم، حاشى أنواع الطير والحوت، ~~ثلاثة عشر ألف رطل؛ وعدة النساء بقصر الزهراء، الصغار والكبار وخدم الخدمة، ~~ستة آلاف وثلاث مائة امرأة وأربع عشرة. ورأيت في بعض الدواوين PageV02P268 # وهو صواب إن شاء الله أن عدد الصقالبة ثلاثة آلاف وسبع مائة وخمسون، وجعل ~~بعضهم مكان الخمسين وثمانين، وعدد النساء بقصر الزهراء مثل ما ذكرنا أولا. # ثم قال بإثره: وكان هؤلاء من اللحم ثلاثة عشر ألف رطل، تقسم من عشرة ~~أرطال للشخص إلى ما دون ذلك، سوى الدجاج والحجل وصنوف الطير وضروب الحينان. ~~والله تعالى اعلم. # وقال أبن حيان: ألفيت بخط أبن دحون الفقيه، قال مسلمة بن عبد الله العريف ~~المهندس: بدأ عبد الرحمن الناصر لدين الله بنيان الزهراء أول سنة خمس ~~وعشرين وثلاث مائة، وكان مبلغ ما ينفق فيها كل يوم من الصخر المنحوت ~~المنجور المعدل ستة آلاف صخرة المنصرف في التبليط، فإنه لم يدخل في هذا ~~العدد. وكان يخدم في الزهراء كل يوم ألف وأربع مائة بغل، منها أربع مائة ~~زوامل الناصر لدين الله، ومن الدواب الأكرية الراتبة للخدمة ألف بغل، لكل ~~منها ثلاثة مثاقيل في الشهر، يجب لها في الشهر ثلاثة آلاف مثقال. وكان يرد ~~الزهراء من الجير والجص في كل ثالث من الأيام ألف ومائة حمل، وكان فيها ~~حمامان، واحدة للقصر والثانية للعامة. وذكر بعض أهل الخدمة في الزهراء أنه ~~قدر النفقة فيها في كل عام بثلاث مائة ألف دينار، مدة خمسة وعشرين عاما ~~التي بقيت من دولة ms333 الناصر، من حين ابتدأها، لأنه توفي سنة خمسين، وحصل جميع ~~الاتفاق فيها، فكان مبلغه خمسة عشر بيت مال. PageV02P269 # قال: وجلب إليها الرخام من قرطاجة وأفريقيا وتونس، وكان الذين يجلبونه ~~عبد الله بن يونس عريف البنائين وعلى ابنا جعفر الإسكندراني. وكان الناصر ~~يصلهم على كل رخمة، صغيرة أو كبيرة بعشرة دنانير. # وقال بعض المؤرخين الأثبات: كان يصلهم على كل رخامة صغيرة بثلاثة دنانير، ~~وعلى كل سارية بثمانية دنانير سجلماسية، وكان عدد السواري المجلوبة من ~~أفريقيا ألف سارية، وثلاث عشرة سارية، ومن بلاد الإفرنج تسع عشرة سارية. ~~وأهدى إليه ملك الروم مائة وأربعين سارية، وسائرها من مقاطع الأندلس: ~~طركونة وغيرها؛ فالرخام المجزع من رية، والأبيض من غيرها، والوردي والأخضر ~~من أفريقيا، من كنيسة سفاقس. وأما الحوض المنقوش المذهب الغريب الشكل، ~~الغالي القيمة، فجلبه إليه أحمد اليوناني من القسطنطينية، مع ربيع الأسقف ~~القادم من إيلياء؛ وأما الحوض الصغير الأخضر المنقوش يتماثيل الإنسان، ~~فجلبه أحمد من الشام، وقيل من القسطنطينية مع ربيع الأسقف أيضا وقالوا أنه ~~لا قيمة له، لفرط غرابته وجماله، وحمل من مكان إلى مكان، حنى وصل في البحر، ~~ونصبه الناصر في بيت المنام، في المجلس المستشرف الشرقي، المعروف بالمؤنس، ~~وجعل عليه أثنى عشر تمثالا من الذهب الأحمر مرصعة بالدر النفيس الغالي، مما ~~عمل بدار الصناعة بقرطبة: صورة أسد إلى جانبه صورة غزال، إلى جانبه صورة ~~تمساح، وفيما يقابله ثعبان وعقاب، وفي جانبه صورة غزال، إلى جانبه صورة ~~تمساح، وفيما يقابله ثعبان وعقاب، وفي PageV02P270 # المجنبتين حمامة، وشاهين، وطاووس، ودجاجة، وديك، والثاني عشر لم يحضرني ~~اسمه الآن، وكل هذا من ذهب مرصع بالجوهر النفيس، ويخرج الماء من أوفها. ~~وكان المتولي لهذا البنيان المذكور أنه الحكم، لم يتكل فيه الناصر على أمين ~~غيرة، وكان يخبز في أيامه كل يوم برسم حيتان البحيرة ثمان مائة خبزة وقيل ~~أكثر، إلى غير ذلك مما يطول تتبعه. # وكان الناصر قد قسم الجباية أثلاثا، ثلث للجند وثلث للبناء، وثلث مدخر. ~~وكانت جباية الأندلس يومئذ من الكور والقرى خمسة آلاف ms334 ألف، وأربع مائة ألف، ~~وثمانين ألف دينار، ومن الستوق والمستخلص سبع مائة وألف، وخمسة وستين ألف ~~دينار، وأما أخماس الغنائم فلا يحصيها ديوان. وقيل إن مبلغ تحصيل النفقة في ~~بنيان الزهراء مائة مدى من الدراهم القاسمية، بكيل قرطبة. وقيل إن مبلغ ~~النفقة فيها بالكيل المذكور ثمانون مديا وستة أقفزة، من الدراهم المذكورة. ~~واتصل بناء الزهراء أيام الناصر خمسا وعشرين سنة، شطر خلافته، ثم اتصل بعد ~~وفاته خلافة ابنه الحكم كلها، وكانت خمسة عشر عاما وأشهرا. فسبحان الباقي ~~بعد فناء الخلق، لا اله إلا هو. PageV02P271 # وكانت قرطبة إذ ذاك أم المدائن، وقاعدة الأندلس، وقرارة الملك، وكان عدد ~~شرطاتها أربعة آلاف وثلاثة مائة، وكانت عدة الدور التي في القصر الكبير ~~أربع مائة دار ونفيا وثلاثين، وكانت عدة دور الرعايا والسواد بها، والواجب ~~على أهل المبيت في السور، مائة ألف دار، وثلاثة عشر ألف دار، حاشى دور ~~الوزراء وأكابر الناس والبياض، وعدد أرباضها ثمانية وعشرون، وقيل أحد ~~وعشرون؛ ومبلغ المساجد بها ثلاثة آلاف وثمان مائة وسبعة وثلاثون مسجدا؛ ~~وعدد حمامات المبرزة للناس سبع مائة حمام، وقيل ثلاث مائة؛ ووسط الأرباض ~~قصبة قرطبة، التي تختص بالسور دونها. وأما اليتيمة التي كانت في القص في ~~المجلس البديع؛ فإنها كانت من تحف قصر اليونانيين، بعث بها صاحب ~~القسطنطينية إلى الناصر مع تحف كثيرة سنية. وكان القاضي منذر بن سعيد ~~البلوطي ممن يكرمه الناصر ويجله، وولاه قضاء جماعته؛ وكان أول الأسباب في ~~معرفته بالناصر، وزلفاه لديه، إن الناصر لما احتفل بالجلوس لدخول رسل ملك ~~الروم الأعظم صاحب القسطنطينية عليه بقصر قرطبة، الاحتفال الذي اشتهر ذكره ~~في الناس، حسبما تقدم بعض الإلماع به، أحب أن يفوم الخطباء والشعراء بين ~~يديه، لتذكر جلالة مقعده، وعظيم سلطانه، وتصف ما تهيأ له من توطيد الخلافة ~~في دولته. وتقدم إلى الأمير الحكم ابنه وولي عهده، بإعداد من يقوم بذلك من ~~الخطباء، ويقدمه أمام نشيد PageV02P272 # الشعراء، فأمر الحكم صنيعه الفقيه الكسيباني بالتأهب لذلك وإعداد خطة بين ~~يدي الخليفة وكان يدعى من المقدرة على ms335 تأليف الكلام ما ليس في وسع غيره ~~وحضر لمجلس السلطاني فلما قام يحاول التكلم بما رآه بهره هول المقام وأبهة ~~الخلافة فلم يهتد إلى لفظة بل غشى عليه وسقط إلى الأرض فقيل لأبي علي ~~البغدادي إسماعيل بن القاسم القالي صاحب الأمالي والنوادر وهو حينئذ ضيف ~~الخليفة الوافد عليه من العراق وأمير الكلام قم فارقع هذا الوهى فقام فحمد ~~الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ثم ~~انقطع به القول فوقف ساكتا مفكرا في كلام يدخل به إلى ذكر ما أريد منه فلما ~~رأى ذلك منذر بن سعيد وكان ممن حضر في زمرة الفقهاء قام من ذاته بدرجة من ~~مرقاته فوصل افتتاح أبي علي لأول خطبته بكلام عجيب وفصل مصيب يسحه سحا ~~كأنما يحفظه قبل ذلك بمدة وبدأ من المكان الذي انتهى إليه أبو علي البغدادي ~~فقال: # أما بعد حمد الله والثناء عليه والتعداد لآلائه والشر لنعمائه والصلاة ~~على محمد صفيه وخاتم أنبيائه فإن لكل حادثة مقام ولكل مقام مقال وليس بعد ~~الحق إلا الضلال وإني قمت من مقام كريم بين يدي ملك PageV02P273 # عظيم فأصغوا إلى معشر الملأ بأسماعكم والقنوا عني بأفئدتكم إن من الحق ~~يقال للمحق صدقت وللمبطل كذبت وإن الجليل تعالى في سمائه تقدس بصفاته ~~وأسمائه أمر كليمه موسى صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا وعلى جميع أنبيائه ~~يذكر قومه بأيام الله عز وجل عندهم وفيه وفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ~~أسوة حسنة وأني أذكركم بأيام الله عندكم وتلافيه لكم بخلافة أمير المؤمنين ~~التي لمت شعثكم وأمنت سربكم ورفعت قوتكم بعد أن كنتم قليلا فكثرتم ~~ومستضعفين فقواكم ومستذلين فنصركم ولاه الله رعايتكم وأسند إليه أمانتكم ~~أيام ضربت الفتنة سرادقها على الآفاق وأحاطت بكم شعل النفاق حتى صرتم في ~~مثل حدقة البعير من ضيق الحال ونكد العيش والتقتير فاستبدلتم بخلافته من ~~الشدة الرخاء وانتقلتم بيمن سياسته إلى تمهيد كنف العافية بعد استيلاء ~~البلاء. أنشدكم بالله معاشر المللأ ألم تكن الدماء مسفوكة ms336 فحقنها والسبل ~~مخوفة فأمنها والأموال منتهبة فأحرزها وحصنها ألم تكن البلاد خرابا فعمرها ~~وثغور المسلمين مهتضمة فحماها ونصرها فاذكروا آلاء الله عليكم بخلافته ~~وتلافيه جميع كلمتكم بعد افتراقا بإمامتها حتى أذهب الله عنكم غيظكم وشفى ~~صدوركم وصرتم يدا على عدوكم بعد أن كان بأسكم بينكم فأنشدكم الله ألم تكن ~~خلافته قفل الفتنة بعد انطلاقها من عقالها ألم يتلاف صلاح الأمور بنفسه بعد ~~اضطراب أحوالها ولم يكل ذلك إلى القواد والأجناد حتى باشره بالقوة والمهجة PageV02P274 # والأولاد واعتزل النسوان وهجر الأوطان ورفض الدعة وهي محبوبة وترك الركون ~~إلى الراحة وهي مطلوبة بطوية صحية وعزيمة صريحة. وبصيرة نافذة ثاقبة وريح ~~هابة غالبة ونصرة من الله واقعة واجبة وسلطان قاهر وجد ظاهر وسيف منصور تحت ~~عدل مشهور متحملا للنصب مستقلا لما ناله في جانب الله من التعب حتى لانت ~~الأحوال بعد شدتها وانكسرت شوكة الفتنة عند حدتها ولم يبق لها غارب إلا جبة ~~ولا نجم لأهلها قرن إلا جده فأصبحتم بنعمة الله إخوانا وبلم أمير المؤمنين ~~لشعثكم على أعدائه أعوانا حتى تواترت لديكم الفتوحات وفتح الله عليكم ~~بخلافته أبواب الخيرات والبركات وصارت وفود الروم وافدة عليه وعليكم وآمال ~~الأقصين والأدنين مستخدمة إليه وإليكم يأتون من كل فج عميق وبلد سحيق لأخذ ~~حبل بينه وبينكم جملة وتفصيلا " ليقضي الله أمرا كان مفعولا " لن يخلف الله ~~وعده ولهذا الأمر وما بعده وتلك أسباب ظاهرة بادية تدل على أمور باطنة ~~خافية دليلها قائم وجفنها غير نائم " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا ~~الصالحات ليستخلفهم في الأرض كم استخلف الذين من قبلهم " الآية. وليس في ~~تصديق ما وعد الله اتياب ولكل نبأ مستقر ولكل أجل كتاب فاحمدوا الله أيها ~~الناس على آلائه واسألوه المزيد من نعمائه فقد أصبحتم في خلافة أمي أيده ~~الله بالعصمة والسداد وألهمه بخالص التوفيق إلى سبيل الرشاد أحسن الناس ~~حالا وانعمهم بالا وأعزهم قرارا وأمنعهم دارا وأكثفهم جمعا وأجملهم صنعا لا ~~تهاجون ولا تذادون وانتم بحمد الله على أعدائكم ظاهرون فاستعينوا على صلاح ~~أحوالكم ms337 بالمناصة PageV02P275 # لإمامكم والتزام الطاعة لخليفتكم أبن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم فإن من ~~نزع يدا من الطاعة وسعى في تفريق الجماعة ومرق من الدين فقد خسر الدنيا ~~والآخرة ذلك هو الخسران المبين وقد علمتم أن في التعلق بعصمتها والتمسك ~~بعروتها حفظ الأموال وحقن الدماء وصلاح الخاصة والدهماء وأن بقوم تقام ~~الحدود وتوفى العهود وبها وصلت الأرحام ووضحت الأحكام وبها سد الله الخلل ~~وأمن السبل ووطأ الأكناف ورفع الاختلاف وبها طاب لكم القرار واطمأنت بكم ~~الدار فاعتصموا بما أمركم الله بالاعتصام به فإنه تبارك وتعالى يقول: " ~~أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " الآية. وقد علمتم ما أحاط ~~بكم في جزيرتكم هذه من ضروب المشركين وصنوف الملحدين الساعين في شق عصاكم ~~وتفريق ملئكم والآخذين في مخاذلة دينكم وهتك حريمكم وتوهين دعوة نبيكم صلى ~~الله عليه وسلم وهذا جميع النبيين والمرسلين. أقول قولي هذا وأختتم بالحمد ~~لله رب العالمين وأستغفر الله الغفور الرحيم # فإنه خير الغافرين. ه خير الغافرين. # فخرج الناس يتحدثون عن حسن مقام المنذر وثبات جنانه وبلاغة لسانه. وكان ~~الخليفة الناصر لدين الله أشدهم تعجبا منه فأقبل على ولي عهده ابنه الحكم ~~يسأله عنه ولم يكن يثبت معرفة عينه وقد سمع باسمه فقال له الحكم: هو منذر ~~بن سعد البلوطي. فقال: والله أحسن ما شاء فلئن كان حبر خطبته هذه وأعدها ~~مخافة أن يدور ما دار غفي تلافى الوهى PageV02P276 # فإنه لبديع من قدرته واحتياطه ولئن كان أتى بها على البديهة لوقته إنه ~~لأعجب وأغرب فكان سبب اتصاله به واستعماله له. # وذكر أبن أصبغ لهمداني عن منذر القاضي أنه خطب يوما وأراد التواضع فكان ~~من فصول خطبته أن قال: حتى متى وإلى متى أعظ غيري وأتعظ وأزجر ولا أزدجر ~~أدل الطريق على المستدلين وأبقى مقيما مع الحائرين كلا إ هذا لهو البلاء ~~المبين " إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء " الآية. اللهم ~~فرغني لما خلقتني له ولا تشغلني بما تكفلت لي به ولا تحرمني وأنا أسألك ms338 ولا ~~تعذبني وأنا أستغفرك يا أرحم الراحمين قال: وكان الخليفة الناصر لدين الله ~~كلفا بعمارة الأرض وإقامة معالمها وتخليد الآثار الدالة على قوة الملك وعزة ~~السلطان فأفضى به الإغراق في ذلك إلى أن ابتنى مدينة الزهراء البناء الذي ~~شاع ذكره واستفرغ وسعه في تنميقها وإتقان قصورها وزخرفة مصانعها فأراد ~~القاضي منذر أن يغض منه بما يتناوله من الموعظة بفضل الخطاب والحكمة ~~والتذكير بالإنابة والرجوع فأدخل في خطبته فص مبتدئا بقوله تعالى: " أتبنون ~~بكل ريع آية تعبثون. وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون. وإذا بطشتم بطشتم جبارين. ~~فاتقوا الله وأطيعون. واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون. أمدكم بأنعم وبنين. PageV02P277 # وجنات وعيون. إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ". ولا تقولوا: " سواء علينا ~~أوعظت أم لم تكن من الواعظين ". " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن ~~أتقى " وهي دار القرار ومكان الجزاء. # ووصل ذلك بكلام جزل وقول فصل ومضى في ذم تشييد البنيان والاستغراق في ~~زغرفته والإسراف في الإنفاق عليه فجرى طلقا وانتزع فيه قوله تعالى: " أفمن ~~أسس بنيانه على التقوى من الله ورضوان خير " الآية وأتى بما يشاكل المعنى ~~من التخويف بالموت والتحذير من فجأته والدعاء إلى الزهد في هذه الدار ~~الفانية والحض على اعتزالها والرفض لها والندب إلى الإعراض عنها والإقصار ~~عن طلب اللذات ونهي النفس عن اتباع هواها فأسهب في ذلك كله وأضاف إليه آي ~~القرآن ما يطابقه وجلب من الحديث والأثر ما يشاكله أدكر من حضر من الناس ~~وخضعوا ورقوا واعترفوا وبكوا ودعوا وأعلنوا التضرع إلى الله والتوبة ~~والابتهال في المغفرة وأخذ خليفتهم من ذلك بأوفر حظ وقد علم أنه المقصود ~~فبكى وندم على مثال سلف له من فرطه واستعاذ بالله من سخطه إلا أنه وجد على ~~المنذر بن سعيد لغلظ تقرعه به فشكا ذلك إلى ولده الحكم بعد انصرافه وقال: ~~والله قد تعمدني منذر بخطبته وما عنى بها غيري فأسرف علي وأفرط في تقريعي ~~ولم يحسن السياسة في وعضي فزعزع قلبي وكاد بعصاه يقرعني واستشاط غيظا عليه ~~فأقسم إلا يصلي PageV02P278 # خلفه ms339 صلاة الجمعة خاصة فجعل يلتزم صلاتها وراء أحمد بن مطرف صاحب الصلاة ~~بقرطبة ويجانب الصلاة بالزهراء وقال له الحكم: وما الذي يمنعك من عزل ~~المنذر من الصلاة بك والاستبدال منه إذ كرهته؟ فزجره وانتهره وقال له: أمثل ~~منذر بن سعيد في خير وفضله وعلمه لا أم لك يعزل لإرضاء نفس ناكبة عن الرشد ~~سالكة غير القصد هذا ما لا يكون وإني لأستحي من الله ألا أجعل بيني وبينه ~~في الصلاة الجمعة شقيعا مثل منذر في ورعه وصدقه ولكنه في أحرجني فأقسمت ولو ~~وددت أني أجد سبيلا إلى كفارة يميني بملكي بل يصلي بالناس حياته وحياتنا إن ~~شاء الله تعالى. # وقحط الناس آخر مدة الناصر فأمر القاضي المذكور منذر بن سعيد بالبروز إلى ~~الاستسقاء بالناس فتأهب لذلك وصام بين يديه أياما ثلاثة تنفلا وإنابة ورهبة ~~فاجتمع له الناس في مصلى الربض بقرطبة بارزين إلى الله تعالى في جمع عظيم ~~وصعد الخليفة مصانعه المرتفعة من القصر ليشارف الناس ويشاركهم في الخروج ~~إلى الله تعالى والضراعة له فأبطأ القاضي حتى اجتمع الناس وغصت بهم ساحة ~~المصلى ثم خرج نحوهم ماشيا متضرعا مخبتا متخشعا وقام ليخط فلما رأى بدار ~~الناس إلى ارتقابه واستكانتهم من خيفة الله وإخباتهم له وإبتهالهم إليه رقت ~~نفسه وغلبته عيناه فاستعبر وبكى حينا ثم افتتح خطبته بأن قال: يا أيها ~~الناس سلام عليكم ثم سكت ووقف شبيه الحصر ولم يك من PageV02P279 # عادته فنظر الناس بعضهم إلى بعض لا يدرون ما عراه ولا ما أراد بقوله ثم ~~اندفع تاليا لقوله تعالى " كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سواءا ~~بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم " استغفروا ربكم أنه كان غفارا ~~واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه وتزلفوا بالأعمال الصالحات لديه. # قال الحاكي: فضج الناس بالبكاء وجأروا بالدعاء ومضى على تمام خطبته فقرع ~~النفوس بوعظه وانبعث الإخلاص بتذكريه فلم ينقص النهار حتى أرسل الله السماء ~~بماء منهمر روى الثرى وطرد المحل وسكن الأزل والله بعباده. # وكان له في ms340 خطبة الاستسقاء استفتاح عجيب ومن أن قال وقد سرح طرفه في ملأ ~~الناس عندما شخصوا إلي بأبصارهم فهتف بهم كالمنادي: يا أيها الناس وكررها ~~عليهم مشيرا بيده في نواحيهم: " أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني ~~الحميد. إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد. وما ذلك على الله بعزيز ". فاشتد ~~وجه الناس وانطلقت أعينهم بالبكاء ومضى في خطبته. # قال القاضي أبو الحسن: ومن أخبار منذر المحفوظة له مع الخليفة الناصر في ~~إنكاره عليه الإسراف في البناء أن الناصر اتخذ لسطح القبيبة المصغرة الاسم ~~للخصوصية التي كانت مائلة على الصرح الممرد المشهور شأنه بقصر الزهراء ~~قراميد مغشاة ذهبا وفضة أنفق عليها مثال لا جسيما وقرمد PageV02P280 # سقفها به وجعل سقفها حمراء فاقعة إلى بيضاء ناصعة فتستلب الأبصار بأشعة ~~أنوارها وجلس في إثر تمامها يوما لأهل مملكته فقال لقرابته ومن حضر من ~~الوزراء وأهل الخدمة مفتخرا عليهم بما صنعه من ذلك: هل رأيتم أو سمعتم ملكا ~~كان قبلي فعل مثل هذا أو قدر عليه؟ فقالوا: لا والله يا أمير المؤمنين وإنك ~~لأوحد في شأنك كله وما سيبقك إلى مبتدعاتك هذه ملك رأيناه ولا انتهى إلينا ~~خبره فأبهجه قولهم وسره. فبينما هو كذلك إذ دخل عليه القاضي منذر بن سعيد ~~واجما ناكس الرأس فلما أخذ مجلسه قال له كالذي قال لوزرائه من ذكر السقف ~~المذهب واقتداره على ابتداعه فأقبلت دموع القاضي تتحدر على لحيته وقال له: ~~والله يا أمير المؤمنين ما ظننت أن الشيطان لعنه الله يبلغ منك هذا المبلغ ~~ولا أن تمكنه من قيادك هذا التمكين مع ما آتاك الله من فضله ونعمته وفضلك ~~به على العالمين حتى ينزلك منازل الكافرين. قال: فانفعل عبد الرحمن لقوله ~~وقال له: انظر ماذا تقول وكيف أنزلتني منزلتهم. فقال له: نعم أليس الله ~~تعالى يقول: " ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن ~~لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ". فوجم الخليفة وأطرق مليا ~~ودموعه تتساقط خشوعا لله سبحانه. ثم أقبل منذر وقال له: جزاك الله ms341 يا قاضي ~~عنا وعن نفسك خيرا وعن الدين والمسلمين أجمل الجزاء وكثر في الناس أمثالك ~~فالذي قلت هو الحق. وقام عن مجلسه ذلك وهو يستغفر الله PageV02P281 # تعالى وأمر بنقض سقف القبيبة وأعاد قرمدها ترابا على الصفة غيرها. انتهى. # وحكى غير واحد أنه وجد بخط الناصر رحمه الله: أيام السرور التي صفت له ~~دون تكدير يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ويوم كذا من كذا. وعدت تلك الأيام ~~فكانت أربعة عشر يوما. # فأعجب أيها العاقل لهذه الدنيا وعدم صفائها وبخلها بمال الأحوال ~~لأوليائها. هذا الخليفة الناصر حلف السعود المضروب به المثل في الارتقاء في ~~الدنيا والصعود ملكها خمسين سنة وستة أو سبعة أشهر وثلاثة أيام ولم تصف له ~~إلا أربعة عشر يوما فسبحان ذي العزة القائمة والمملكة الدائمة تبارك اسمه ~~تعالى لا اله إلا هو. # وحكى أنه اعني الناصر لما أعذر لأولاد ابنه أبي مروان الأكبر عبيد الله ~~أتخذ لذلك صنيعا عظيما بقصر الزهراء لم يتخلف عنه أحد من أهل مملكته وأمر ~~أن ينذر لشهوده الفقهاء المشاورون ومن يليهم من العلماء والعدول ووجوه ~~الناس فتخلف من بينهم الفقيه المشاور أبو إبراهيم المذكور الذكر في كتب ~~النوادر والأحكام وافتقد مكانه لارتفاع منزلته فساء ذلك الخليفة الناصر ~~ووجد على أبي إبراهيم وأمر ابنه ولي العهد الحكم بالكتاب إليه والتفنيد له ~~فكتب إليه الحكم رقعة نسختها: PageV02P282 # بسم الله الرحمن الرحيم حفظك الله وتولاك وسددك ورعاك لما امتحن أمير ~~المؤمنين مولاي وسيدي أبقاه الله الأولياء الذين يستعد بهم وجدك متقدما في ~~الولاية متأخرا عن الصلة على أن قد أنذرك أبقاه الله خصوصا للمشاركة في ~~السرور الذي كان عنده لا أعدمه الله توالي المسرة ثم انذرك من قبل إبلاغا ~~في التكرمة فكان على ذلك كله من التخلف ما ضاقت عليه فيه المعذرة واستبلغ ~~أمير المؤمنين في إنكاره ومعاتبته عليه فأعيت عليك عنك الحجة. فعرفني أكرمك ~~الله ما العذر الذي أوجب توقفك عن إجابة دعوته ومشاهدة السرور الذي سر به ~~ورغب المشاركة فيه لنعرفه أبقاه ms342 الله بذلك فتسكن نفسه العزيزة إليه إن شاء ~~الله تعالى ". # فأجابه أبوه إبراهيم: " سلام على الأمير ورحمة الله وبركاته. # رأت أبقى الله سيدي هذا الكتاب وفهمته ولم يكن توقفي لنفسي إنما كان ~~لأمير المؤمنين سيدنا أبقاه الله ولسلطانه لعلمي بمذهنه ولسكوني إلى تقواه ~~واقتفاره لأثر سلفه الطيب رضوان الله عليهم فإنهم كانوا يستبقون من هذه ~~الطبقة بقية لا يمتهنوها ولا بما يغض منها ويطرق إلى تنقصها فيستعدون بها ~~لدينهم ويتزينون بها عند رعاياهم ومن يفد عليهم من قصادهم فلهذا تخلفت ~~ولعمي بمذهبه توقفت إن شاء الله تعالى. # قال فلما اقرأ أباه الناصر لين الله جواب أبي إبراهيم إسحاق PageV02P283 # أعجبه واستحسن اعتذاره وزال ما بنفسه عليه. وكان الفقيه أبو إبراهيم ~~المذكور معظما عند الناصر وابنه الحكم وحق لهما أن يعظماه. # وقد حكى الفقيه أبو القاسم مفرج بن محمد بن مفرج قال: كنت أختلف إلى ~~الفقيه أبي إبراهيم رحمه الله فيمن يختلف إليه للتفقه والرواية فإني لعنده ~~في بعض الأيام في مجلسه بالمسجد المنسوب لأبي عثمان الذي كان يصلي فيه قرب ~~داره بجوفي قصر فرطبة ومجلسه حافل بجماعة الطلبة وذلك بين الصلاتين إذ دخل ~~عليه خصي من أصحاب الرسائل جاء من عند الخليفة الحكم فوقف وسلم وقال له: يا ~~فقيه أجب أمير المؤمنين أبقاه الله فإن الأمر خرج فيك وها هو قاعد ينتظرك ~~وقد أمرت بإعجالك فالله الله. فقال له: سمعا وطاعة لأمير المؤمنين ولا عجلة ~~فارجع إليه وفقه الله وعرفه عني أنك وجدتني في بيت من بيوت الله عز وجل مع ~~طلاب العلم أسمعهم حديث أبن عمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم يقيدونه ~~عني وليس يمكنني ترك ما أنا فيه حتى يتم المجلس المعهود لهم في رضاء الله ~~وطاعته فذلك أوكد من مسيري إليه الساعة فإذا انقضى أمر من اجتماع إلي من ~~هؤلاء المحتسبين في ذات الله الساعين في مرضاته مشيت إليه إن شاء الله ~~تعالى. # ثم أنه أقبل على شأنه ومضى الخصى يهينم متضاجرا من توقفه فلم يك ms343 إلا ~~ريثما أدى جوابه وانصرف سريعا ساكن الطيش. فقال له: يا فقيه أنهيت قولك على ~~نصه إلى أمير المؤمنين أبقاه الله فأصغى إليه وهو يقول لك جزاك الله خيرا ~~عن الدين وعن أمير المؤمنين وجماعة المسلمين PageV02P284 # وامتعهم بك وإذا أنت أعبت فامض إليه راشدا إن شاء الله تعالى فقد أمرب أن ~~أبقى معك حتى ينقضي شغلك وأذكرك تمضي معي. فقال له: حسن جميل ولكني أضعف عن ~~المشي إلى باب السدة ويصعب علي ركوب دابة لشيخوختي وضعف أعضائي وباب ~~الصناعة الذي يقرب إلي من أبواب القصر المكرم أحوط لي وأرفق بي فإن رأى ~~أمير المؤمنين أيده الله تعالى أن يأمر بفتحه لأدخل إليه منه هون علي المشي ~~وودع جسمي وأحب أن تعود فتنهي إليه ذلك عني حتى تعرف رأيه فيه وكذلك تعود ~~إلي فإني أراك فتى شديد فكن على الخير معينا. # ومضى عنه الفتى ثم رجع بعد حين وقال: يا فقيه قد أجابك أمير المؤمنين إلى ~~ما سألت وأمر بفتح باب الصناعة وانتظارك من قبله ومنه خرجت إليك وامرت ~~بملازمتك مذكرا بالنهوض عند فراغك وقال: افعل راشدا وجلس جانبا حتى أكمل ~~أبو إبراهيم مجلسه بأكمل وأفسح ما جرت به عادته غير منزعج ولا قلق فلما ~~انفضضنا عنه قام إلى داره فأصلح من شأنه ثم مشى إلى الخليفة الحكم فوصل ~~إليه من ذلك الباب وقضى حاجته من لقائه ثم صرفه على ذاك الباب فأعيد إغلاقه ~~على إثر خروجه. # قال المفرج: ولقد تعمدنا في تلك العشية إثر قيامنا عن الشيخ أبي إبراهيم ~~المرور بهذا الباب المعهود إغلاقه بدير القصر لنرى الذي تجشم الحليفة له ~~فوجدناه كما وصف الخصي مفتوحا قد حفه الخدم والأعوان منزعجين ما بين PageV02P285 # كناس وفراس متهيئين لانتظار أبي إبراهيم فاشتد عجبنا لذلك وطال تحدثنا ~~عنه. انتهى. # هكذا هكذا تكون المعالي ... طرق الجد غير طرق المزاح # وكان الخليفة الحكم المستنصر المذكور قام بأعباء الملك أحسن قيام لما ~~توفي والده الناصر في يوم الأربعاء لثالث وقيل لاثنين مضين من شهر رمضان من ms344 ~~سنة خمسين وثلاث مائة واستقرت الخلافة به حتى لم يعدم من الناصر إلا شخصه ~~واعتلى سرير الملك ثامن وفاة أبيه يوم الخميس وأنفذ الكتب إلى الأفاق بتمام ~~الأمر له ودعا الناس إلى بيعته واستقبل من يومه النظر في تمهيد سلطانه ~~وتثقيف مملكته وضبط قصوره وترتيب أجناده. # وأول ما أخذ البيعة على صقالبة قصره الفتيان المعروفين بالخلفاء الأكابر ~~كجعفر صاحب الخيل والطرز وغير من عظمائهم وتكفلوا بأخذها على من وراءهم ~~وتحت أيديهم من طبقتهم وغيرهم وأوصل إلى نفسه في الليل دون هؤلاء الأكابر ~~من الكتاب والوصفاء والمقدمين والعرفاء فبايعوه فلما كملت بيعتهم وبيعة أهل ~~القصر تقدم إلى عظيم دولته جعفر بن عثمان بالنهوض في أخيه شقيقه أبي مروان ~~عبيد الله المتخلف لعلته بأن يلزمه الحضور للبيعة دون معذرة وتقدم إلى موسى ~~بن أحمد بن حدير بالنهوض أيضا في أبي الأصبغ عبد العزيز شقيقه الثاني فمضيا ~~اليهما كل واحد منهما في قطيع من الجند وأتيا بهما إلى قصر مدينة الزهراء ~~ونفذ غيرهما من وجوه المال في الخيل للإتيان بغيرهما من الإخوة وكانوا ~~يومئذ ثمانية فوافى جميعهم الزهراء في الليل فنزلوا في مراتبهم PageV02P286 # بفصلان دار الملك وقعدوا في المجلسين الشرقي والغربي وقعد المستنصر بالله ~~على سرير الملك في البهو الأوسط من الأبهاء المذهبة القبلية التي في السطح ~~الممرد فأول من وصل إليه الإخوة فبايعوه وأنصتوا لصحيفة البيعة والتزموا ~~الأيمان المنصوصة بكل ما أنعقد فيها ثم بايع بعدهم الوزراء وأولادهم ~~وإخوتهم ثم أصحاب الشرطة وطبقات أهل الخدمة وقعد الإخوة والوزراء والوجوه ~~عن يمينه وشماله إلا عيسى بن فطيس فانه كان يأخذ البيعة على الناس وقام ~~الترتيب على الرسم في مجالس الاحتفال المعروفة فاصطاف في المجلس الذي قعد ~~فيه أكابر الفتيان يمينا وشمالا إلى آخر البهو كل منهم على قدره في المنزلة ~~عليهم الظاهر البيض شعار الحزن قد تقلدوا فوقها السيوف ثم تلاهم الفتيان ~~الوصفاء غليهم الدروع السابغة والسيوف الحالية صفين منتظمين في السطح وفي ~~الفصلان المتصلة به ذوو الأسنان من الفتيان الصقالبة الخصيان لابس ms345 البياض ~~بأيديهم السيوف يتصل بهم من دونهم من طبقات الخصيان الصقالبة ثم تلاهم ~~الرماة متنكبين قسيهم وجعابهم ثم وصلت صفوف هؤلاء الخصيان الصقالبة صفوف ~~العبيد الفحول شاكين في الأسلحة الرائقة والعدة الكاملة وقامت التعبية في ~~دار الجند والترتيب من رجالة العبيد عليهم الجواشن والأقبية البيض وعلى ~~رءوسهم البيضات الصقلية وبأيديهم التراس الملونة والأسلحة المزينة انتظموا ~~صفين إلى آخر الفصيل. وعلى باب السدة الأعظم البوابون وأعوانهم ومن خارج ~~باب السدة فرسان العبيد إلى باب الأقباء واتصل بهم فرسان الحشم وطبقات ~~الجند والعبيد والرماة مواكبا PageV02P287 # إثر مواكب إلى باب المدينة الشارع إلى الصحراء فلما تمت البيعة إذن للناس ~~بالنفضاض إلا الإخوة والوزراء وأهل الخدمة فإنهم مكثوا بقصر الزهراء إلى أن ~~احتمل جسد الناصر رحمه الله إلى قصر قرطبة للدفن هنالك في تربة الخلفاء. # وفي ذي الحجة من سنة خمسين المذكورة تكاثرت بباب الخليفة الحكم من البلاد ~~للبيعة والتماس المطالب من أهل طليطلة وغيرها من قواعد الأندلس وأصقاعها ~~فتوصلوا إلى مجلس الخليفة بمحضر جميع الوزراء والقاضي منذر أبن سعيد والملأ ~~وأخذت عليه البيعة ووقعت الشهادات في نسخها. # وفي آخر صفر من سنة إحدى وخمسين أخرج الخليفة الحكم المستنصر مولييه ~~محمدا وزيادا أبني أفلح الناصري في كتيبة من الحشم والخدم لتلقي غالب ~~الناصري صاحب مدينة سالم المورود للطاغية أردون بن أدفنوش الخبيث في الدولة ~~المتملك على طوائف من امم الجلالقة والمنازع لابن عمه المملك قبله شانجه بن ~~ردمير وتبرع هذا اللعين اردوت بالمسير إلى باب المستنصر بالله من ذاته غير ~~طالب أذن ولا مستظهر بعهد وذلك عندما بلغه ن اعتزام المستنصر بالله في عامه ~~ذلك على الغزو إليه وأخذه في التأهب له فاحتال في تأميل المستنصر بالله ~~والارتماء إليه وخرج قبل أمان يعقد له اوو ذمة تعصمه في عشرين رجلا من وجوه ~~أصحابه تكنفهم غالب الناصري الذي خرج إليه فجاء بهم نحو مولاه الحكم ~~وتلقاهم ابنا أفلح بالجيش المذكور فأنزلاهم ثم تحركا بهم ثاني يوم نزولهم ~~إلى قرطبة فأخرج المستنصر بالله إليهم هشام بن ms346 محمد بن عثمان المصحفي في ~~جيش عظيم كامل التعبية وقدموا إلى باب قرطبة PageV02P288 # فمروا باب قصرها فلما انتهى أردون إلى ما بين السدة وباب الجنان سأل عن ~~مكان رمس الناصر لدين الله فأشير إلى ما يوازي موضعه من داخل القصر في ~~الروضة فخلع قلنسوته وخضع نحو مكان القبر ودعا ثم رد قلنسوته إلى رأسه. # وأمر المستنصر بإنزال اردون في دار الناعورة وقد كان تقدم في فراشها ~~بأنواع الغطاء والوطاء وانتهى من ذلك إلى الغاية وتوسع له في الكرامة ~~ولأصحابه فأقام بها الخميس والجمعة فلما كان يوم السبت تقدم المستنصر بالله ~~باستدعاء أردون ومن معه بع إقامة الترتيب وتبعية الجيوش والاحتفال في ذلك ~~من العدد والأسلحة والزينة وقعد المسنتصر بالله على سرير الملك في المجلس ~~الشرقي من مجالس السطح وقعد الإخوة ونوهم والوزراء ونظراؤهم صفا في المجلس ~~فيهم القاضي منذر بن سعيد والحكماء والفقهاء فأتى محمد بن القاسم بن طملس ~~بالملك أردون وأصحابه وعالي لبوسه ثوب ديباجي رومي أبيض وبليوال من جنسه ~~وفي لونه وعلى رأسه قلنسوة رومية منظومة بجوهر وقد حفته جماعة من نصارى ~~وجوه الذمة بالأندلس يؤنسونه ويبصرونه فيهم وليد بن حيزران قاضي النصارى ~~بقرطبة وعبيد الله بن قاسم مطران طليطلة وغيرهما فدخل بين صفي الترتيب يقلب ~~الطرف في نظم الصفوف ويجيل النظر في كثرتها وتظاهر أسلحتها ورائق حليتها ~~وفراعهم ما أبصروه PageV02P289 # وطبوا على وجوههم وتأملوا ناكسي رءوسهم غاضين من جفونهم قد سكرت أبصارهم ~~حتى وصلوا إلى باب الأقباء أول قصر الزهراء فترجل جميع من كان خرج إلى ~~لقائه وتقدم الملك أردون وخاصة قوامسه على دوابها حتى انتهوا إلى باب السدة ~~فأمر القوامس بالترجل هنالك والمشي على الأقدام فترجلوا ودخل الملك أردون ~~وحده راكبا مع محمد بن طملس فأنزل في برطل البهو الأوسط من الأبهاء الفبلية ~~التي بدار الجند على كرسي مرتفع مكسو الأوصال بالفضة وفي هذا المكان بعينه ~~نزل فبله عدوه ومناوئه شانجا بن ردمير الوافد على الناصر لدين الله رحمه ~~الله تعالى فقعد أردون على الكرسي وقعد ms347 أصحابه بين يديه وخرج الإذن لأردون ~~الملك من المستنصر بالله بالدخول عليه فتقدم يمشي وأصحابه يتبعونه إلى أن ~~وصل إلى السطح فلما قابل المجلس الشرقي الذي فيه المستنصر بالله وقف وكشف ~~رأسه وخلع برنسه وبقي حاسرا إعظاما لما بان له من الدنو إلى السرير واستنهض ~~فمضى بين الصفين المرتبين في ساحة السطح إلى أن قطع السطح وانتهى إلى باب ~~البهو فلما قابل السرير خر ساجدا سويعة ثم استوى قائما ثم نهض خطوات وعاد ~~إلى السجود ووالى ذلك مرارا إلى أن قدم بين يدي الخليفة وأهوي إلى يديه ~~فناوله إياها وكرر راجعا مقهقرا على عقبه إلى وساد الديباج مثقل بالذهب جعل ~~له هنالك ووضع على قدر عشرة أذرع من السرير فجلس عليه والبهر قد علاه وأنهض ~~خلفه من استدنى من قوامسه وأتباعه فدنوا ممتثلين PageV02P290 # فعله في تكرير الخنوع وناولهم الخليفة يده فقبلوها وانصرفوا مقهقرين ~~فوقفوا على رأس ملكهم ووصل بوصولهم وليد بن حيزران قاضي النصارى بقرطبة ~~فكان الترجمان عن الملك أردون ذلك اليوم وأطرق الخليفة الحكم عن تكليم ~~الملك أردون إثر قعوده أماما وقتا ريما يفرخ روعه فلما رأى أن قد خفض عليه ~~افتتح تكليمه فقال: ليسرك إقبالك ويغبطك تأميلك فلدينا لك من حسن رأينا ~~ورحب قبولنا فوق ما قد طلبته. # فلما ترجم له كلامه إياه تطلق وجه أردون وانحط عن رتبته فقبل البساط ~~وقال: أنا عبد أمير المؤمنين مولاي المتورك على فضله القاصد إلى مجده ~~المحكم في نفسه ورجاله فحيث وضعني من فضله وعوضني من خدمته رجوت أن أتقدم ~~فيه بنية صادقة ونصيحة خالصة. # فقال له الخليفة: أنت عندنا بمحل من يستحق حسن رأينا وسينالك من تقديمنا ~~لك وتفضيلنا إياك عن أهل ملتك ما يغبطك وتتعرف به فضل جنوحك ألينا ~~واستظلالك بظل سلطاننا. # فعاد اردون إلى السجود عند فهمه مقالة الخليفة وابتهال داعيه وقال: إن ~~شانجة أبن عمي تقدم إلى الخليفة الماضي مستجيرا به مني فكان من إعزازه إياه ~~ما يكون من مثله من أعاظم الملوك وأكارم الخلفاء لمن قصدهم ms348 وأملهم وكان ~~قصده قصد مضطر قد شتأته رعيته وأنكرت سيرته واختارني لمكانه من غير سعي مني ~~علم الله ذلك ولا دعاء إليه فخلعته وأخرجته عن ملكه مضطرا مضطهدا فتطول ~~عليه رحمة الله بأن صرفه إلى ملكه PageV02P291 # وقوى سلطانه واعز نصره. ومع ذلك فلم يقم بفرض النعمة التي أسديت إليه ~~وقصر في أداء المفروض عليه وحقه وحق أمير المؤمنين مولاي من بعده وأنا قد ~~قصدت باب أمير المؤمنين لغير ضرورة من قرارة سلطاني وموضع احتكامي محكما له ~~في نفسي ورجالي ومعاقلي ومن تحويه من رعيتي فشتان ما بيننا من قوة الثقة ~~ومطرح الهمة. # فقال الخليفة: قد سمعنا قولك وفهمنا مغزاك وسوف يظهر من إقراضنا إياك على ~~الخصوصية فوق شأنه ويترادف من إحساننا إليك به أضعاف ما كان من أبينا رضي ~~الله عنه إلى ندك وإن كان له فضل التقدم بالجنوح إلينا والقصد إلى سلطاننا ~~فليس ذلك مما يؤخرك عنه ولا ينقصك مما أنلناه وسنصرفك مغبوطا إلى بلدك ونشد ~~أواخي ملكك ونملكك جميع من انحاش إليك من أمتك ونعقد لك بذلك كتابا يكون ~~بيدك نقرر به حد ما بينك وبين أبن عمك ونقبضه من كل ما يصرفه من البلاد إلى ~~يدك وسيرادفك عليك من إفضالنا فوق ما احتسبته. والله على ما نقول وكيل. # فكرر أردون الخضوع وأسهب في الشكر وقام للانصراف مقهقرا لا يولي الخليفة ~~ظهره وقد تكنفه الحفدة من جلة الفتيان فأخرجوه إلى المجلس الغربي في السطح ~~وقد علاه البهر وأدهله الروع من هول ما باشره وجلالة ما عاينه من فخامة ~~الخليفة وبهاء العوة. فلما أن دخل المجلس ووقعت عينه على مقعد أمير ~~المؤمنين خاليا منه انحط ساجدا إعظاما له ثم تقدم الفتيان به إلى البهو ~~الذي بجوف هذا المجلس فأجلسوه هناك على وساد مثقل بالذهب وأقبل نحوه الحاجب ~~جعفر فلما بصر به قام إليه وخضع له PageV02P292 # وأومأ إلى تقبيل يده، فقبضها الحاجب عنه، وانحنى إليه فعانقه وجلس معه، ~~فغبطه ووعده من إنجاز عدات الخليفة له بما ضاعف سروره؛ ثم أمر ms349 الحاجب جعفر ~~فصبت عليه الخلع التي أمر بها الخليفة وكانت دراعة منسوجة بالذهب وبرنسا ~~مثلها، له لوزة مفرعة من خالص التبر مرصعة بالجواهر والياقوت ملأت عين ~~العلج تجلة فخر ساجدا وأعلن بالدعاء؛ ثم دعا الحاجب أصحابه رجلا فخلع عليهم ~~على قدر استحقاقهم؛ فكمل جميع ذلك بحسب ما يصلح لهم. وخر جميعهم خاضعين ~~شاكرين، ثم انطلق الملك " اردون " وأصحابه وقدم لركابه في أول البهو الأوسط ~~فرس من عتاق خيل الركاب، عليه سرج حلي، ولجام حلي مفرع، وانصرف مع أبن طملس ~~إلى قصر الرصافة، وكان تضييفهن وقد أعد له كل ما يصلح لمثله من الآلة ~~والفرش والماعون، واستقر الملك أردون وأصحابه فيما لا كفاء له من سعة ~~التضييف، وإرغاد المعاش، واستشعر الناس من مسرة هذا اليوم وعزة الإسلام ~~فيه، ما أفضوا في التبجح به، والتحدث عنه أياما. # وكانت للخلفاء والشعراء بمجلس الخليفة في هذا اليوم مقامات حسان وإنشادات ~~لأشعار محكمة متان يطول القول في اختيارها. # فمن ذلك قول عبد الملك بن سعيد المردي من قصيدة طويلة: # ملك الخليفة آية الإقبال ... وسعوده موصولة بنوال # فالمسلمون بعزة وبرفعة ... والمشركون بذلة وسفال # القت بأيديها الأعاجم نحوه ... متوقعين لصولة الرئبال # هذا أميرهم أتاه آخذا ... منه أواصر ذمة وحبال PageV02P293 # متواضعا لجلاله متخشعا ... متبرعا لما يرع بقتال # سينال بالتأميل للملك الرضا ... عزا يعم عداه بالإذلال # لا يوم أعظم للولاة مسرة ... وأشده غيظا على الأقبال # من يوم أردون الذي إقباله ... أمل المدى ونهاية الإقبال # ملك الأعاجم كلها أبن ملوكها ... وال نكاه الأعاجم وال # إن كان جاء ضرورة فلقد أتى ... عن عز مملكة وطوع رجال # فالحمد لله المنيل إمامنا ... حظ الملوك بقدرة المتعالي # هو يوم حشر الناس إلا أنهم ... لم يشألوا فيه عن الأعمال # أضحى الفضاء مفعما بجيوشه ... والأفق أقتم أغبر السربال # لا يهتدي الساري لليل قتامه ... إلا بضوء صوارم وعوالي # وكأن الأجسام الكماة تسربلت ... مذ غبرت منه جسوم صلال # وكأنما العقبان الفلا ... منقصة لتخطف الضلال # وكأن منتصب القنا مهتزه ... أشطان نازحة بعيدة جال # وكأنما خيل التجافيف اكتست ... نارا توهجها ms350 بلا إشعال # وتتبع مثل هذه الأخبار لا آخر له؛ والله المستعان. # وكان القاضي منذر بن سعيد السابق ذكره، سمع بالأندلس من عبيد الله أبن ~~يحيى بن يحيى ونظرائه، ثم رحل حاجا سنة ثمان وثلاث مائة، فسمع من عدة ~~أعلام، منهم محمد بن المنذر النيسابوري، سمع عليه كتابه المؤلف في PageV02P294 # اختلاف العلماء، المسمى بالإشراف، وروى بمصر كتاب العين للخليل عن أبي ~~العباس بن ولاد وروى عن أبي حعفر بن النحاس؛ وكان متفننا في ضروب العلوم ~~وغلب عليه التفقه بمذهب أبي سليمان داود بن علي الأصبهاني، المعروف ~~بالقياسي وبالظاهري؛ فكان منذر بن سعيد يؤثر مذهبه ويجمع كتبه ويحتج ~~لمقالته ويأخذ به في نفسه وذويه؛ فإذا جلس ببحكومة قضى بمذهب الإمام مالك ~~وأصحابه، بالذي استقر عليه العمل في بلدهم، وحمل عليه السلطان أهل مملكته. # وله تواليف مفيدة؛ منها كتاب أحكام القرآن؛ والناسخ والمنسوخ، وغير ذلك ~~في الفقه والكلام والرد على أهل المذاهب؛ وكان خطيبا بليغا عالما بالجدل، ~~حاذقا فيه، شديد العارضة حاضر الجواب عتيده ثابت الحجة ذا شارة عجيبة ومنظر ~~جميل وخلق حميد وتواضع لأهل الطلب وانحطاط لهم وإقبال عليهم؛ وكان مع وقاره ~~التام فيه دعابة مستملحة وله نوادر مستحسنة لولا السآمة لجلبنا طرفا. وكانت ~~ولايته القضاء بقرطبة للناصر في شهر ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وثلاث ~~مائة، ولبث قاضيا من ذلك التاريخ للخليفة الناصر إلى وفاته، ثم للخليفة ~~الحكم المستنصر، إلى أن توفى رحمه الله، عقب ذي الحجة سنة خمس وخمسين وثلاث ~~مائة، رحمه الله ورضى عنه. ودفن بمقبرة قريش بالربض الغربي من قرطبة، ~~أعادها الله، جوفي مسجد السيدة الكبرى بقرب داره. PageV02P295 # قال القاضي أبو الحسن: كان شيخنا القاضي أبو عبد الله بن عياش الخزرجي ~~يستحسن من كلام القاضي منذر قوله في التزكية: اعلم إن العدالة من أشد ~~الأشياء تفاوتا وتباينا ومتى حصلت ذلك عرفت حالة الشهود لأن بين عدالة ~~أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعدالة التابعيين رضي الله عنهم فوتا عظيما ~~وتباينا شديدا وبين عدالة أهل زماننا وعدالة أولئك مثل ms351 ما بين السماء ~~والأرض؛ وعدالة أهل زماننا على ما هي عليه بعيدة التباين أيضا. والأصل في ~~هذا عندي، والله الموفق، أن من كان الخير أغلب عليه من الشر، وكان متنزها ~~عن الكبائر فواجب أن تعمل شهادته، فإن الله تعالى قد أخبرنا بنص الكتاب أن ~~من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية، وقال في موضع آخر:) فأولئك هم المفلحون ~~(؛ فمن ثقلت موازين حسناته بشيء لم يدخل النار؛ ومن استوت حسناته وسيئاته ~~لم يدخل الجنة في زمرة الداخلين أولا، وهم أصحاب الأعراف، فذلك عقوبة لهم، ~~إذ تخلفوا عن أن تزيد حسناتهم على سيئاتهم؛ فهذا حكم الله في عباده. ونحن ~~إنما كلفنا الحكم بالظاهر، فمن ظهر لنا أن خيره أغلب عليه من شره حكمنا له ~~بحكم الله في عباده، ولم نطلب له علم الباطن ولا كلفه محمد صلى الله عليه ~~وسلم فقد ثبت عنه أنه قال " إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم ~~أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأحكم له على نحو مما أسمع ". فأحكام الدنيا ~~على ما ظهر، وأحكام الآخرة على ما بطن؛ لأن الله تعالى يعلم الظاهر ~~والباطن، ونحن لا نعلم إلا الظاهر؛ وأهل كل قوم قد تراضى عليهم عامتهم فبهم ~~تنعقد منكحهم وبيعهم وقد قدموهم في المساجد ولجمعهم وأعيادهم، فالواجب على ~~من استقصى على PageV02P296 # موضع أن يعمل شهادة أمثالهم وفقهائهم، وأصحاب صلواتهم، وإلا ضاعت حقوق ~~ضعيفهم وقويهم، وبطلت أحكامه. ويجب عليه أن يسأل إن استراب في بعضهم في ~~بعضهم في الظاهر والباطن عنهم، فمن لم يلبث عنده عليه اشتهار في كبيرة، فهو ~~على عدالة ظاهرة، حتى يثبت غير ذلك. انتهى. قلت: تذكرت هنا ما رأيته بخط ~~الأمام الحافظ سيدي أحمد الونشريشي رحمه الله على ظهر كتاب أبن الخطيب: " ~~مثلى الطريقة في ذم الوثيقة "، وقد مدينة فيه أبن الخطيب الباع في ذم ~~الموثقين، وذكر مثالبهم، ونص ما ألفيته بخط المذكور: # الحمد لله. جامع هذا الكلام المقيد هنا بأول ورقة منه، قد كد نفسه في شيء ~~لا يعني الأفاضل، ولا ms352 يعود عليه في القيامة ولا في الدنيا بطائل، وأفنى ~~طائفة من نفيس عمره في التماس مساوي طائفة، بهم تستباح الفروج، وتملك ~~مشيدات الدور والبروج، وجعلهم أضحوكة لذوي الفتك والمجانة، وانتزع عنهم ~~جلباب الصدق والديانة، سامحه الله وغفر له. قال ذلك وخطه بيمنى يديه عبيد ~~ربه أحمد بن يحيى بن محمد بن على الونشريشي، خار الله سبحان له، انتهى. ~~ولنرجع إلى ما كنا فيه من أخبار سبتة فنقول: ولنرجع إلى ما كنا فيه من ~~أخبار سبتة، فنقول: كان أهل سبتة في غاية الذكاء والفطنة، والعلم والمعرفة؛ ~~وقد حكي الشيخ النظار أبو إسحاق الشاطبي في شرحه على ألفية أبن مالك، عن ~~شيخه أبي عبد الله الفخار، عن بعض أهل سبتة، أن الشيخ أبا عبد الله بن خميس ~~التلمساني لما ورد على سبته بقصد الإقراء بها، اجتمع عليه عيون طلبتها؛ ~~فألقوا عليه PageV02P297 # مسائل من غوامض باب الاشتغال، فحاد عن الجواب، بأن قال لهم: انتم عندي ~~كرجل واحد. يعني أن ما ألقوا عليه من المسائل إنما تلقوا من رجل واحد، وهو ~~أبن أبي الربيع؛ إنما يخاطب رجلا واحدا، ازدراء بهم. فاستقبله أصغر القوم ~~سنا وعلما، بأن قال له: إن كنت بالمكان الذي تزعم، فأجبني عن هذه المسائل، ~~من باب معرفة علامات الإعراب، التي أذكرها لك؛ فإن أجبت فيها بالصواب، لم ~~تحظ بذلك في نفوسنا، لصغرها بالنظر إلى تعاطيك من الإدارك والتحصيل، وإن ~~أخطأت فيها لم يسعك هذا البلد، وهي عشيرة: الأولى: انتم يا زيدون تغزون. # والثانية: انتن يا هندات تغزون. # والثالثة: انتم يا زيدون ويا هندات تغزون. # والرابعة: انتن يا هندات تخشين. # والخامسة: أنت يا هند تخشين. # والسادسة: أنت يا هند تمرين. # والثامنة: انتن يا هندات تمحون أو تمحين كيف تقول. # والتاسعة: أنت يا هند تمحين أو تمحون كيف تقول. # والعاشرة: أنتما تمحوان أو تمحيان، كيف تقول. PageV02P298 # وهل هذه الأفعال كلها مبنية أو معربة؟ أو بعضها مبني وبعضها معرب؟ وهل ~~كلها على وزن واحد أم على أوزان مختلفة؟ علينا السؤال، وعليك التمييز، ~~لنعلم الجواب ms353. فهبت الشيخ وشغل المحل بأن قال: إنما يسأل عن هذا صغار ~~الولدان. فقال له الفتى: فأنت دونهم إن لم تجب. فأنزعج الشيخ وقال هذا سوء ~~أدب، ونهض منصرفا، ولم يصبح إلا بمقالة، ومتوجها إلى غرناظة، فلم يزل بها ~~مع الوزير أبن الحكيم، إلى أن مات. تغمده الله برحمته. انتهى. وأورد هذه ~~الحكاية أيضا عالم الدنيا، سيدي أبو عبد الله بن مرزوق، في شرحه على ~~الألفية لابن مالك، وهو شرح متسع جدا، وقفت منه على بعضه بتلمسان، وكان آخر ~~السفر الأول اسم الإشارة، وذلك السفر أعظم جرما من جميع شرح المرادي؛ ونص ~~محل الحاجة منه: وقد حكي أن بعض طلبة سبتة أورد على أبي عبد الله بن خميس ~~عشر مسائل من هذا النوع، وهي: أنتم يا زيدون تغزون؛ وانتن يا هندات تغزون؛ ~~وانتم يا زيدون ويا هندات تغزون، وانتن يا هندات تخشين؛ وأنت يا هند تخشين؛ ~~وأنت يا هند تمرين، وأنتن يا هنادت تمرين، وانتن يا هندات تمحون أو تمحين ~~كيف تقول. وأنت يا هند تمحين أو تمحين كيف تقول؛ وأنتما تمحوان أو تمحيان، ~~على لغة من قال محوت كيف تقول؟ وهل هذه الأمثلة كلها مبنية او معربة او ~~مختلفة؟ وهل وزنها واحد أو مختلف؟ قالوا: ولم يجب بشيء. قلت: فلعله استسهل ~~أمرها. PageV02P299 # كتنظرون، فاستثقلت ضمة الواو، التي هي لام، فحذفت، ثم حذفت الواو أيضا، ~~لالتقائها ساكنة مع واو الضمير، وكانت أولى بالحذف، لأن واو الضمير فاعل، ~~ولغير ذلك مما تقدم بعضه. وأما الثاني فمبني، ووزنه تفعلن، كتخرجن. وأما ~~الثالث فكالأول إعرابا ووزنا، لأن فيه تغليب المذكر على المؤنث. وأما ~~الرابع فمبني، ووزنه تفعلن، مثل تفرحن لأنه لما احتياج إلى تسكين آخر ~~الفعل، لاستناده إلى نون جماعة النسوة، ردت الياء إلى أصلها، لأنها إنما ~~قلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، والآن ذهبت حركتها لاستحقاقها السكون. ~~وأما الخامس فمعرب، ووزنه تفعين، وأصله تخشين، كتفرحين، فقبلت الياء ألفا، ~~لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لالتقائها ساكنة مع ياء الضمير، وتركت ~~فتحة الشين دالة ms354 على الألف. # وأما السادس فمعرب، ووزنه تفعين. وأصله ترمين، كتضربين، حذفت كسرة الياء ~~لاستثقالها، ثم حذفت الياء لاجتماعها ساكنة مع ياء الضمير. وأما السابع ~~فمبني، ووزنه تفعلن كتضربن. # وأما الثامن والتاسع، فمضارع محي ورد بالأوزان الثلاثة، فمن قال يمحو قال ~~في المضارع من جماعة النسوة: تمحون، مثله من غزا ناء ووزنا، ومن قال يمحى ~~قال فيه: تمحين كترمين، بناء ووزنا. ومن قال يمحى قال PageV02P300 # فيه تمحين كتخشين، بناء ووزنا. ويقال في المضارع الواحدة على اللغة ~~الأولى تمحين كتدعين: إعرابا ووزنا وتصريفا. وقد تقدم في كلام المصنف. وعلى ~~الثانية، كما يقال لها من رمى إعرابا ووزنا وتصريفا. وعلى الثالثة كما يقال ~~لها من تخشى أيضا، وقد تقدما. # وليس ما وقع في السؤال كما نقل خط بعض الشارحين أنه يقال فيها " تمحون " ~~كتفرحن بشيء. # وأمر التثنية ظاهر. انتهى بحروفه. # قلت: وقد جزم واحد بان أبن خميس لا يجهل مثل هذه المبادئ، إذ هو من أكابر ~~الأعلام العارفين بالنحو واللغة وغيرهما وغير من أنواع العلوم؛ وقد نقل بعض ~~من له خبرة بأحوال أنه كان يحسن علم السيمياء والله اعلم. # وهو محمد بن عمر بن محمد بن محمد بن عمر بن محمد الحجري بفتح الحاء وسكون ~~اليم، الرعيني، نسبة إلى حجر ذي رعين. وهو من أهل تلمسان، يكنى أبا عبد ~~الله، ويعرف بابن خميس. قال أبن الخطيب في " عائد الصلة ": كان رحمة الله ~~نسيج وحده زهدا وانقباضا وأدبا وهمة، وحسن الشيبة، وجميل الهيئة، سليم ~~الصدر، قليل التصنع، بعيدا عن الرياء والهوى، عاملا على السياحة والعزلة، ~~عارفا بالمعارف القديمة، مضطلعا بتفاريق النحل، قائما على العربية ~~والأصلين، طبقة الوقت في الشعر، وفحل الأوان في المطول، أقدر الناس على ~~اجتلاب الغريب. # ثم ذكر أبن الخطيب من أحواله جملة، إلى أن قال: وبلغ الوزير أبا عبد الله PageV02P301 # أبن الحكيم أنه يروم السفر، فشق ذلك عليه، وكلفه تحريك الحديث بحضرته، ~~وجرى ذلك. فقال الشيخ: أنا كالدم بطبعي أتحرك في كل ربيع. انتهى. وقال أبن ~~خاتمة في حقه، بعد إن ms355 وصفه بالشاعر المجيد: أنه رحل من تلمسان بلده إلى ~~سبتة، فأقام بها مدة، ومدح رؤساءها من بني العزفي، ثم أجاز البحر إلى ~~الأندلس، فأحتل بحضرة غرناطة في أواخر سنة ثلاث وسبع مائة، في جوار الوزير ~~أبي عبد الله بن الحكيم، فتقارضا حلل المجد، وتباريا في الرفد والحمد، ~~فأدنى له ذو الوزارتين أخلاف بره وإكرامه، وخلع عليه أبن خميس أثواب نثره ~~ونظامه، فله فيه القصائد التي حليت بها لبات الآفاق، وتنفست عنها صدور ~~الرفاق. وكان رحمه الله من فحول الشعراء، وأعلام البلغاء، يصرف العويص، ~~ويرتكب مستصعبات القوافي، ويطير في القريض مطار ذوي القوادم الباسقة ~~والخوافي، حافظا لأشعار العرب وأخبارها، له مشاركة في العقليات، واستشراف ~~على الطلب؛ وعقد لإقراء العربية بحضرة غرناطة، وكان ما ينتحله من العلم فوق ~~ما يحصله. ومال بأخرة إلى التصوف والتجوال، والتحلي بحسن السمت، وعدم ~~الاسترسال، بعد طي بساط ما فرط له في بلده من الأحوال، وكان صنع اليدين. ~~حدثني بعض من لقيه من الشيوخ أنه صنع قدحا من الشمع على أبدع ما يكون، في ~~شكله، ولطافة جوهره، وإتقان صنعته، وكتب بدائرة شفته: # وما كنت إلا زهرة في حديقة ... تبسم عني ضاحكات الكمائم # فقبلت من طور لطور فهأنا ... أقبل أفواه الملوك الأعاظم # وأهداه خدمة للوزير أبي عبد الله بن الحكيم. # وأنشدتا شيخنا أبو البركات أبن الحاج وحكي لنا، قال: PageV02P302 # أنشدني أبو عبد الله بن خميس وحكي لي، قال: لما وقفت على الجزاء الذي ~~ألفه أبن سبعين، يعني أبا محمد عبد الحق بن أحمد بن إبراهيم بن نصر، وهو ~~الذي سماه بالفقيرية، كتبت على ظهره: # الفقر عندي لفظ دق ... معناه من رامه من ذوي الغايات عناه # كم من غبي بعيد عن تصوره ... أراد كشف معماه فعماه # وأنشدنا شيخنا الأستاذ أبو عثمان بن ليون غير مرة، قال: سمعت أبا عبد ~~الله بن خميس ينشد، وكان يحسب انهما له، ويقال انهما لأبن الرومي: # رب قوم في منازلهم ... عرر صاروا بها غررا # ستر الإحسان ما بهم ... ستري لو زال ما سترا # ثم ms356 قال أبن خاتمة بعد الكلام: وقد جمع شعره ودونه صاحبنا القاضي أبو عبد ~~الله بن إبراهيم الحضرمي في جزء سماه: " الدر النفيس من شعر أبن خميس "، ~~وعرف به صدر الجزء. وقد نقلت منه هنا: وقدم أبو عبد الله بن خميس المرية ~~سنة ست وسبع مائة، فنزل بها في كنف القائد الحاضر بها حينئذ، أبي الحسن بن ~~كماشة، من خدام الوزير أبي عبد الله أبن الحكيم، فوسع له في الإيثار ~~والمبرة، وبسط له وجه الكرامة طلق الأسرة؛ وبها قال في مدح الوزير أبي عبد ~~الله بن الحكيم قصيدته التي أولها: # العشى تعيا والنوابغ ... عن شكر أنعمك السوابغ # ووجه بها إليه من المرية. ومنها: # ودسائع أبن كماشة ... مع كل بازغة وبازغ PageV02P303 # تأتي بما تهوى النغا ... نع من شهيات اللغالغ # ويقال إ الوزير أبا عبد الحكيم اقترح عليه أن ينظم له قصيدة هائية فابتدأ ~~منها مطلعها وهو قوله: # لمن المنازل لا تجيب هواها ... محيت معالمها وصم صدها # وذلك في أواخر شهر رمضان من سنة ثمان وسبع مائة. ثم لم يزد على ذلك إلى ~~معناه وقد آذن أولاه بحضور أخراه فكانت وفاته بحضرة غرناطة قتيلا ضحوة يوم ~~الفطر مستهل شوال سنة ثمان وسبع مائة وهو أبن نيف وستين سنة وذلك يوم مقتل ~~مخدومة الوزير أبي عبد الله بن الحكيم أصابه قاتله لحقده على مخدومه. ويقال ~~إنه لما هم به قاتله قال له: أنا دخيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ~~يلتفت إليه وجعل يجهز عليه فقال له: لم لم تقبل الدخيل بيني وبينك؟ فكان ~~آخر ما سمع منه: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟ ثم أنه استفاض بذلك من حال ~~القاتل أنه هلك قبل أن يكمل سنة من حين قتله من فالج شديد أصابه فكان يصح ~~ويستغيث: أبن خميس يطالبني أبن خميس يعذبني أبن خميس يقتلني. وما زال الأمر ~~يشتد به حتى قضى نحبه على تلك الحال. # نعوذ بالله من المورطات ومواقعات العثرات. انتهى كلام أبن خاتمة. # وحكى غيره أن تلك القصيدة نظمه ms357 ليهنئ بها أبن الحكيم في ذلك العيد الذي ~~قتل فيه فلم يقدر على زيادة شيء فلما قتل كتب بعضهم بعد قوله: لمن المنازل ~~لا تجيب هواها لابن الحكيم. PageV02P304 # ونقل غير واحد في شأن قاتله خلاف ما حكاه أبن خاتمة. والله أعلم. # ومن مشهور نظمه رحمه الله قصيدته التي أولها: # مشوق زار ربعك يا أماما ... محا آثار دمنتها الشآما # تتبع ريقه الطل ارتشافا ... فلا نفعت ولا نقعت أوامها # وهي طويلة ولكنها من غرر القصائد يمدح بها أبا سعيد بن عامر ويذكر الوشحة ~~الواقعة بينه وبين أبي بكر بن خطاب. # ومن بديع شعره قوله مطلع قصيدة: # تراجع من دنياك ما أنت تارك ... ونسألها العتبى وها هي فارك # تؤمل بعد الترك رجع ودادها ... وشر وداد ما تود الترائك # حلالك منها ما حلالك في الصبا ... فأنت على حلوائه متهالك # تظهار بالسلوان عنها تجملا ... فقلبك محزون وثغرك ضاحك # تنزهت عنها نخوة لا زهادة ... وشعر عذاري أسود اللون حالك # وهي من القصائد الطنانة وتركتها لطولها وآخرها يقول: # فلا تدعون غيري لدفع ملمة ... إذا ما دهى من حادث الدهر داهك # فما إن لذاك الصوت غيري سامع ... وما إن لبيت المجد بعدي سامك # يغص ويشجى نهشل ومجاشع ... بما أورثتني حمير والسكاسك # تفارقني الروح التي لست غيرها ... وطيب ثنائي لاصق بي صائك PageV02P305 # وماذا عسى ترجو لداتي وأرتجي ... وقد شمطت مني اللحى والأفانك # يعود لنا شرخ الشباب الذي مضى ... إذا عاد للدنيا عقيل ومالك # ومما اشتهر من نظمه قوله: # أرق عيني بارق من أثال ... كأنه في جنح ليلى ذبال # أثار شوقا من صميم الحشى ... وعبرتي في صحن خدي أسال # حكى فؤادي قلقا واشتعال ... وجفن عيني أرقا وانهمال # جوانح تلفح نيرانها ... وأدمع تنهل مثل العزال # قولوا وشاة الحب ما شئتم ... ما لذة الحب سوى أن يقال # أعذر لوامي ولا عذر لي ... فزلة العالم ما إن تقال # قم نطرد الهم بمشمولة ... تقصر الليل إذا الليل طال # وعاطها صفراء ذمية ... تمنعها الذمة من أن تنال # كالمسك ريحا واللمى مطعما ... والتبر لونا والهوا في ms358 اعتدال # عتقها في الدن خمارها ... والبكر لا تعرف غير الحجال # لا تثقب المصباح ولا واسقني ... على سنى البرق وضوء الهلال PageV02P306 # فالعيش نوم والردى يقظة ... والمرء ما بينهما كالخيال # خذها على تنعيم مسطارها ... بين خوابيها وبين الدوال # في روضة باكر وسميها ... أخمل دارين وأنسى أوال # كأن فأر المسك مفتوقة ... فيها إذا هب الصبا أو شمال # من كف ساجي الطرف ألحاظه ... مفوقات أبدا للنظال # من عذاري والكل لي عاذر ... من حسن الوجه قبيح الفعال # من خلبي الوعد كذابه ... ليا لا يعرف غير المطال # كأنه الدهر وأي امرئ ... يبقى على الدهر إذا الدهر حال # أما تراني آخذا ناقضا ... عليه ما سوغني من محال # ولم أكن قط له عائبا ... كمثل ما عابته فبلي رجال # يأبى ثراء المال علمي وهل ... يجمع الضدان علم ومال # وتأنف الأرض مقامي بها ... حتى تهاداني ظهور الرحال # لولا بني زيان ما لذلك لي ال ... عيش ولا هانت علي الليال # هم خوفوا الدهر وهم خففوا ... على بني الدنيا خطاه الثقال # ألفيت من عامرهم سيدا ... غمر رداء الحمد جم النوال PageV02P307 # وكعبة للجود منصوبة ... يسعى إليها الناس في كل حال # خذها أبا زيان من شاعر ... مستعذب النزعة عذب المقال # يلتفظ الألفاظ لفظ النوى ... وينظم الآلاء نظم الآل # مجاريا مهيار في قوله ... " ما كنت لولا طمعي في الخيال " # ومقطع قصيدة مهيار التي عارضها أبن خميس هو قوله: # ما كنت لولا طمعي في الخيال ... أنشد ليلى بين طول الليال # وربما يهجس في خاطر من يرى وصف هؤلاء الأئمة للخمر وغيرها أن ذلك منهم ~~على حقيقته حاشاهم من ذلك وإنما مقصدهم بذلك خلاف ما يتوهم فلا يساء بهم ~~الظن فإن العذر لهم في مثل ذلك بين واعتقاد براءتهم من هذا الشين المتعين ~~ويرحم الله شيخ الشيوخ ولي الله الرباني الشهير البركات سيدي أبا مدين ~~شعيبا أفاض الله علينا من أنواره إذ يقول على ما نسب له بعض الأئمة: # بكت السحاب فأضحكت لبكائها ... زهر الرياض وفاضت الأنهار # وقد أقبلت شمس النهار بحلة ... خضراء وفي أسرارها أسرار # وأتى ms359 الربيع بخيله وجنوده ... فتمتعت في حسنه الأبصار # والورد نادي بالورود إلى الجنى ... فتسابق الأطيار والأشجار # والكأس ترقص والعقار تشعشعت ... والجو يضحك والحبيب يزار PageV02P308 # والعود للغيد الحسان مجاوب ... والطار أخفى صوته المزمار # لا تحسبوا الزمر الحرام مرادنا ... مزمارنا التسبيح والأذكار # وشرابنا من لطفه وغناؤنا ... نعم الحبيب الواحد القهار # والعود عادات الجميل وكاسنا ... كاس الكياسة والعقار وقار # فتألفوا وتطيبوا واستغنموا ... قبل الممات فدهركم غدار # والله أرحم بالفقير إذا أتى ... من والديه فإنه غفار # ثم الصلاة على الشفيع المصلى ... ما رنمت بلغاتها الأطيار # وقد تذكرت بلامية أبن خميس المذكورة قصيدة على رويها ووزنها أولها قوله: # ما حال من فارق ذاك الجمال ... وذاق طعم الهجر بعد الوصال # وهي من نظم الشيخ العارف الصالح سيدي إبراهيم التازي رضي الله عنه رأيت ~~أن أذكرها هنا كفارة لما يتوهمه السامع في لامية أبن خميس وقد كنت رأيت ~~بتلمستان تخميسا لبعض الأكابر على قصيدة سيدي إبراهيم هذه وأنشدته الشيخ ~~مولانا العم شيخ الإسلام سيدي سعيد بن أحمد المقري رضي الله عنه فانفعل ~~لذلك غاية واهتز وهأنا أذكر القصيدة ضمن التخميس وهو: # بدت كغصن ناعم في اعتدال # وأبدلت وصلي بصاد ودال # قلت كصب عاشق حيث قال PageV02P309 # ما حال من فارق ذاك الجمال ... وذاق طعم الهجر بعد الوصال # صب صبا من وجد لحظ الرشا # من حبه عن لبه ينتشي # وسره بدمعي قد فشا # والعقل منه ذاب والحشى ... ملتهب والجسم يحكي الخيال # شأني بها ما دمت في رقها # راق ولا رغبة في عتقها # دمت لها عبدا ومن حقها # أبيت أرعى النجم في أفقها ... وليل أهل الحب رحب طوال # جاء بها التنصيص في جملتي # أقضي بها فرضي وهي ملتي # نأت بصبري صحت واخجلتني # والدمع كالمدرار من مقلتي ... يجري على الوجنة يا للرجال # ما عمرت لي بالهوى راحة # من بعدها ولا خلت ساحة # من حسنها إذا هي وضاحة # وليس لي عيش ولا راحة ... والحال يغني ذا الحجا عن سؤال # الوصل قد أبدى لنا حسنة PageV02P310 # والبعد قد أبدى لنا شينة # قولوا لمن ليل الهوى ms360 جنة # يا قبح الله النوى إنه ... قتل بلا سيف وداء عضال # إلفي مذ حل بقلبي قضى # أعاد الله لنا بالرضا # بطالع السعد ونور أضا # ويا رعى الله زمانا مضى ... بالأنس في وارف تلك الظلال # لله أطلال بها خيمت # فكم بها من أمة أحرمت # ويا رعى الله بها ما حمت # ظلال تيماء التي تيمت ... قلبي وخلت مهجتي في نكال # نلت لذيذ الوصال في تربها # لو دام ما غيبت عن قربها # فكيف لا أعلن من حبها # آها لها من لي بأنس بها ... خوف الوجى ما بين تلك الجبال # تلك الربوع فاز من حلها PageV02P311 # وعقدة الإبعاد قد حلها # من لي بقرب أجتني وصلها # ألزمها أبث أمري لها ... أنعم الطرف بذاك الجمال # ما فاز إلا من غدا خلها # ومن أتاها قاصدا أهلها # يا عاشقين استعطفوا دلها # لله ما أحسن خال لها ... تقبيله المحظور عين الحلال # نفسي فدا من حل في ركبها # ومرغ الخدين في تربها # ونال ظل الأمن في حزبها # وما ألذ العيش في قربها ... في ريه بذل العطا والنوال # يأهل ذاك المنصب المولي # عن حبكم قلبي ما يرعوي # لأني من مائكم أرتوي # يا سادتي يا صفوتي يا ذوي ... برى وشكرى يا كرام الفعال # كم بت ليلى بكم ساهرا # سامرت فيه كوكبا زاهرا PageV02P312 # وصرت من شوقي لكم زاهرا # كان سروري بكم وافرا ... وبدر سعدي مشرقا في كمال # فهأنا اليوم أعاني العنى # وظل أمني كان في المنحنى # وبدر سعدي ناظم شملنا # فانخسف البدر وراح الهنا ... ما كان ذا يخطر مني ببال # يا من بدا قلبي بهم مغرما # من أجل خود حسنها قد سما # من لي بها أرشف ذاك اللمى # يا جيرة الحي وأهل الحمى ... انتم منى القلب على كل حال # كانت بكم في الهوى نزهة # فصرت أبكي إذ بدت وحشة # وهأنا لم ترق لي دمعة # وليس بي صبر ولا سلوة ... عنكم ولو شط المدى واستطال # يا من بهم قلبي غدا مولعا # وحق من طاف ومن قد سعى # ما العبد إلا صادق ما ادعى # فارعوا ذمامي ms361 واجهدوا في الدعا ... للمدنف المضنى عسى ذو الجلال # متى أرى ركبي بهم قافلا PageV02P313 # وربعكم أضحى به آهلا # فالله أرجو داعيا سائلا # أن يجمع الشمل بكم عاجلا ... في ذلك المغنى العديم المثال # ومن نظم أبن خميس التلمساني المذكور قوله: # نظرت إليك بمثل عيني جوذر ... وتبسمت عن مثل يمطي جوهر # عن ناصع كالدر وكالبرق أو ... كالطلع أو كلأقحوان مؤشر # تجري عليه من لماها نطفة ... بل خمرة لكنها لم تعصر # لو لم يكن خمرا سلافا ريقها ... تزري وتلعب بالنهى لم تحظر # وكذلك ساجي جفنها لو لم يكن ... فيه مهند لحظها لم يحذر # لو عجت طرفك في حديقة خدها ... وأمنت سطوة صدها المتنمر # لرتعت من ذاك الحمى في جنة ... وكرعت من ذاك اللمى في كوثر # طرقتك وهنا والنجوم كأنها ... حصباء در في بساط أخضر # والركب بين مصعد ومصوب ... والنوم بين مسكن ومنفر # بيضا إذا أعتكرت ذوائب شعرها ... سفرت فأزرت بالصبح المسفر # سرحت غلائلها فقلت سبيكة ... من فضة أو دمية من مرمر # منحتك ما منعتك يقظانا فلم ... تخلف مواعيدها ولم تتغير # وكأنما خاف بغاة وشاتها ... فأتتك من أردافها في عسكر # ويجزع ذاك المنحنى إدمانه ... تعطو فتسطو بالهزير القسور PageV02P314 # وتحية جاءتك في طي الصبا ... أزكى وأعطر من شمم العنبر # جرت على واديك فضل ردائها ... فعرفت فيها عرف ذاك الإذخر # هاجت بلابل نازح عن إلفه ... متشوق ذاكي الحشى متسعر # وإذا نسيت ليالي العهد التي ... سلفت لنا فتذكريها تذكري # رحنا تغنينا ونرشف ثغرها ... والشمس تنظر مثل عين الأخزر # والروض بين مفضضو معسجد ... والجو بين ممسك ومعصفر # وقد تذكرت بهذه القصيدة قول الأديب أبن مرج الكحل: # عرج بمنعرج الكثيب الأعفر ... بين الفرات وبين شط الكوثر # ولتغتبقها قهوة ذهبية ... من راحي أحوى المراشف أحور # وعشية قد كنت أرقب وقتها ... سمحت بها الأيام بعد تعذر # نلنا بها آمالنا في روضة ... تهدي لناشقها شميم العنبر # والدهر من قدم يسفه رأيه ... فيما مضى منه بغير تكدر # والورق تشدو والأرائكة تنثني ... والشمس ترفل في قميص اصفر # والروض بين مفضض ومعسجد ... والزهر بين مدهم ومدنر ms362 # والنهر مرقوم الأباطح والربا ... بمصندل من زهره ومعصفر # وكأنه خضرة شطه ... سيف يسل على بساط أخضر PageV02P315 # وكأنما ذاك الحباب فرنده ... مهما طفا في صفحه كالجوهر # وكأنه وجهاته محفوفة ... بالآس والنعمان خد معذر # نهر يهيم بحسنه من لم يهم ... ويجيد فيه الشعر من لم يشعر # ما أصفر وجه الشمس عند غروبها ... إلا لفرقة حسن ذاك المنظر # وما أحسن قول أبن الكحل المذكور: # رأوا بالجزع برقا فاستهاموا ... ونام العاذلون ولم يناموا # وعندي من مراشفها حديث ... يخبر أن ريقها مدام # وفي أجفانها السكرى دليل ... وما ذقنا ولا زعم الهمام # تعالى الله ما أجرى دموعي ... إذا عرضت لمقلتي الخيام # واشجاني إذا لاحت بروق ... وأطربني إذا غنى الحمام # وكان السلطان أبو عنان المربني رحمه الله كثير الاعتناء بنظم الشيخ أبي ~~عبد الله بن خميس وحفظه وروايته. قال رحمه الله: أنشدني بلفظه الشيخ الفقيه ~~القاضي المحدث، الراوية العالم المدرس، خطيب حضرتنا العلمية، أبو عبد الله ~~محمد بن الشيخ الأجل، الصالح المبارك الراوية، المرحوم أبي الحسن بن عبد ~~الرزاق وذلك بقصر المصارة يمنه الله في يوم الأثنين خامس عشر من شهر المحرم ~~المبارك مقتتح عام خمسة وخمسون وسبع منه؛ قال أنشدنا شيخ الأدباء، وفحل ~~الشعراء، أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن خميس الحميري، ثم الحجري: ~~حجر ذي رعين، لنفسه، رحمه الله تعالى: PageV02P316 # أنبت ولكن بعد طول عتاب ... وفرط لجاج ضاع فيه شبابي # وما زلت والعليا تغني غريمها ... أعلل نفسي دائما بمتاب # وهيهات من بعد الشباب وشرخه ... يلذ طعامي أو يسوغ شرابي # خدعت بهذا العيش قبل بلائه ... كما يخدع الصادي بلمع سراب # تقول هو الشهد المشور جهالة ... وما هو إلا السم شيب بصاب # وما صاحب الدنيا كبكر وتغلب ... ولا ككليب رىء فحل ضراب # إذا كعت الأبطال عنها تقدموا ... أعاريب غراء في متون عراب # وإن ناب خطب أو تفاقم معضل ... تلقاه منهم كل اصيد ناب # تراءت لجالس مخيلة فرصة ... تأتت له في جيئة وذهاب # فجاء بها شوهاء تنذر قومها ... بتشييد أرحام وهدم قباب # وكان رغاء السقب ms363 في قوم صالح ... حديثا فأنساه رغاء سراب # فما سمع الآذان في عرصاتهم ... سوى نوح ثكلى أو نعيب غراب # وسل عروة الرحال عن صدق بأسه ... وعن بيته في جعفر بن كلاب PageV02P317 # وكانت على الأملاك منه وفادة ... إذا آب منها آب خير مآب # يجير الحيين قيس وخنف ... بفضل يسار أو بفضل خطاب # زعامة مرجو النوال مؤل ... وعزمة مسموع الدعاء مجيب # فمر يزجيها حواسر ظلعا ... بما حملوها من منى ورغاب # إلى فدك والموت أقرب غاية ... وهذا المنى يأتي بكل عجاب # تبرض صفو العيش حتى استسفه ... فداف له البرض فشب حباب # فأصبح في تلك المعاطف نهزة ... لنهب ضباع أو لنهش ذئاب # وما سمه عند النضال بأهزع ... ولا سيفه عند المصاع بنابي # ولكنها الدنيا تكر على الفتى ... وإن كان منها في أعز نصاب # وعادتها ألا توسط عندها ... فإما سماء أو تخوم تراب # فلا ترج من دنياك ودا وإن يكن ... فما هو إلا مثل ظل سحاب # ومثال الحزم كل الحزم إلا اجتنابها ... فأشقى الورى من تصطفي وتحابي # أبيت لها ما دام شخصي أن ترى ... تمر ببابي أو تطور جنابي # فكم عطلت من أربع وملاعب ... وكم فرحت من أسرة وصحاب # وكم عفرت حاسر ومدجج ... وكم أثكلت من معصر وكعاب # إليك بني الدنا نصيحة مشفق ... عليكم بصير بالأمور نقاب PageV02P318 # طويل مراس الدهر جزل مماحك ... عريض مجال الهم حلس ركاب # تأتت له الأوهام أدهم سابقا ... وغصت به الأيام أشهب كابي # ولا تحسبوا أني على الدهر عاتب ... فأعظم ما بي منه أيسر مابي # وما أسفي إلا شباب خلعته ... وشيب أبى إلا نصول خضاب # وعمر مضى لم أحل منه بطائل ... سوى ما حلا من لوعة وتصابي # ليالي شيطاني على الغي قادر ... وأعذب ما عندي أليم عذاب # عكسنا قضايانا على حكم عادنا ... وما عكسها عند النهى بصواب # على المصطفى المختار أزكى تحيني ... فتلك التي أعتد يوم حسابي # فتلك عتادي أو ثناء أصوغه ... كدر سحاب أو كدر سخاب # ومن مشهور نظم أبي خميس رحمه الله تعالى: # عجبا لها أيذوق طعم وصالها ... من ليس ms364 يأمل أن يمر ببابها # وأنا الفقير إلى تعلة ساعة ... منها وتمنعني زكاة جمالها # كم ذاد عن عيني الكرى متألق ... يبدو ويخفي في خفي مطالها # يسمو له بدر الدجى متضاءلا ... كتضائل الحسناء في أسمالها # وأين السبيل يجيء يقبس نارها ... ليلا فتمنحني عقيلة مالها # يعتادني في النوم طيف خيالها ... فتصبني ألحاظها بنبالها # كم ليلة جاءت به فكأنما ... زفت على ذكاء وقت زوالها PageV02P319 # أسرى فعطلها وعطل شهبها ... بأبي شذا المعطار من معطارها # وسواد طرته كجنح ظلامها ... وبياض غرته كضوء هلالها # دعني أشم بالوهم أدنى لمعة ... من ثغرها وأشم مسكة خالها # ما راد طرفي حقيقة خدها ... إلا لفتنتة بحسن دلالها # أنسيب شعري رق مثل نسيمها ... فشمول راحك مثل ريح شمالها # وأنقل أحاديث الهوى وأشرح غريب لغاتها واذكر ثقات رجالها # وإذا مررت برامة فتوق من ... أطلائها وتمس في أطلالها # وانصب لغزلها حبالة قانص ... ودع الكرى شر كالصيد غزالها # وأسل جداولها بفيض دموعها ... وانضح جوانحا بفضل سجالها # أنا من بقية معشر عركتهم ... هذى النوى عرك الرحى بثفاله # أكرم بها فئة أريق نجيعها ... بغيا فراق العين حسن مألها # حلت مدامة وصلها وحلت لهم ... فإن انتشوا فبحلوها وحلالها # بلغت بهرمس غاية ما نالها ... أحد وناء لها لبعد منالها # وعدت على سقراط سورة كأسها ... فهرق ما في الدن من جريالها # وسرت إلى فارات منها نفحة ... قدسية جاءت بنخبة آلها # ليصوغ من ألحانه في حانها ... ما سوغ القسيس من أرمالها # وتغلغلت في سهر ورد فأسهرت ... عينا يؤرقها طوق خيالها PageV02P320 # فخبا شهاب الدين لما أشرفت ... وخوى فلم يثبت لنور جلالها # ما جن مثل جنونه أحد ولا ... سمحت يد بيضا بمثل نوالها # وبدت على الشوذى منها نشوة ... ما لاح منها غير لمعة آلها # بطلت حقيقته وحالت حاله ... فيما يعبر عن حقيقة حالها # هذى صبابتهم ترق صبابة ... قيروق شاربها صفاء زلالها # اعلم أبا الفضل بن يحيى أنني ... من بعدها أحرى على آمالها # فإذا رأيت مدلها مثلي فخذ ... في عذله إن كنت من عذالها # لا تعجبن لما ترى من شأنها ... في حلها إن كان ms365 أو ترحالها # فصلاحها بفسادها ونعيمها ... بعذابها ورشدها بضلالها # ومن العجائب أن اقيم ببلدة ... يوما وأسلم من أذى جهالها # شغلوا بدنياهم أما شغلتهم ... عني فكم ضيعت من اشغالها # حجبوا بجهلهم فإن لاحت لهم ... شمس الهدى عبثوا بضوء ذبالها # وإن انتسبت فإنني من دوحة ... يتفيأ الإنسان برد ظلالها # من حمير من ذي رعين من ذوي ... حجر من العظماء من أقيالها # وإذا رجعت لطينتي معنى فما ... سلساله بأرق من صلصالها # لله درك أي نجل كريمة ... ولدت فاس منك بعد حيالها PageV02P321 # ولأنت لا عدمتك والد فخرها ... وسماك سؤددها وبدر كمالها # اغلظ على عاث من أنذالها ... واخشع لمن تلقاه من أبدالها # والبس بما أوليتها من نعمة ... حلل الثناء وجر من اذيالها # خذها أبا الفضل بن يحيى تحفة ... جاءتك لم ينسج على منوالها # ما جاء في مضمارها شعر ولا ... سمعت قريحة شاعر بمثالها # وأنل أبا البركات من بركاتها ... وادفع محال شكوكه من آلها # قال السلطان أبو عنان رحمه الله: أخبرنا شيخنا الإمام العالم العلامة، ~~وحيد زمانه، أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الآبلي رحمه الله قال: لما توجه ~~الشيخ الصالح الشهير أبو إسحاق التنسي من تلمسان إلى بلاد المشرق اجتمع ~~هناك بقاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد، فكان من قوله له: كيف حال ~~الشيخ العالم أبي عبد الله بن خميس؟ وجعل يحليه بأحسن الأوصاف ويطنب في ذكر ~~فضله فبقى السيخ أبو إسحاق متعجبا، وقال: من يكون هذا الذي حليتموه بهذا ~~الحلى ولا أعرفه ببلدي؟ فقال له هو القائل: " عجبا لها أيذق طعم وصالها " ~~قال: فقلت له: إن هذا الرجل ليس هو عندنا بهذه الحالة التي وصفتم، إنما هو ~~عندنا شاعر فقط. فقال له: إنكم لم تنصفوه، أنه لحقيق بما وصفناه. # قال السلطان أبو عنان: وأخبرنا شيخنا أبو عبد الله المذكور إن قاضي ~~القضاة أبن دقيق العيد كان قد جعل القصيدة المذكورة بخزانته كانت له، تعلو ~~موضع جلوسه للمطالعة وكان يخرجها من تلك الخزانة ويكثر تأمله والنظر فيها. # ثم قال السلطان أبو عنان: قال لنا شيخنا ms366 أبو عبد الله الآبلي المذكور: PageV02P322 # وقد تعرفت أنه لما وصلت هذه القصيدة إلى قاضي القضاة تقي الدين المذكور ~~لم يقرأها حتى قام إجلالا لها. انتهى. # وقد وصل أبي خميس رحمه الله هذه القصيدة إلى قاضي القضاة بنثر لم أثبته ~~هنا لطوله، ولما قيل إن هذا الرجل معري النزعة أي نظمه أحسن من نثره؛ وقد ~~أوردها أبن الخطيب في الإحاطة وأوردها السلطان أبو عنان في مروياته. # وكان أبي خميس بعد مفارقته بلده تلمسان، سقى الله أرجاءها أنواء نيسان ~~كثيرا ما يتشوق لمشاهدها ويتأوه عند تذكره لمعاهدها، وهي شيمة الأحرار في ~~حنينهم إلى أوطانهم وللدهر إحلاء وإمرار. # فمن ذلك قوله رحمه الله تعالى: # تلمسان لو أن الزمان بها يسخو ... منى النفس لا دار السلام ولا الكرخ # وداري بها الأءلى التي حيل دونها ... مثار الأسى لو أمكن الحنق اللبخ # وعهدي بها والعمر في عنفوانه ... وماء شبابي لا أجين ولا مطخ # قرارة تهيام ومغنى صبابة ... ومعهد أنس لا يلذ به لطخ # إذ الدهر مثنى العنان منهنه ... ولا ردع يثني من عنان ولا ردخ # ليالي لا أضغي إلى عذل عاذل ... كأن وقوع العذل في اذني صمخ # معاهد أنس عطلت فكأنها ... ظواهر ألفاظ تعمدها النسخ # وأربع آلاف عفا بعض آيها ... كما كان يعرو بعض ألواحنا اللطخ PageV02P323 # فمن يك سكرانا من الوجد مرة ... فإني منه طول دهري لملتخ # أأنسى وقوفي لاهيا في عراصها ... ولا شاغل إلا التودع والسبخ # وإلا اختبالي ماشيا في سماطها ... رخيا كما يمشي بطرته الرخ # وإلا فعدوي مثل ما ينفر الطلا ... وليدا وحجلي مثل ما ينهض الفرخ # كأني فيها أردشير بت بابك ... وملك لي إلا الشبيبة والشرخ # وإخوان صدق من لداتي كأنهم ... جآدر رمل لا عجاف ولا بزخ # وعاة لما يلقى إليهم من الهدى ... وعن كل فحشاء ومنكر صلخ # هم القوم كل القيوم سيان في العلا ... شبابهم الفرعان والشيخة السلخ # مضوا ومضى ذاك الزمان وأنسه ... ومر الصبا والمال والأهل والبذخ # كأنهم لم يكن يوما لأقلامهم بها ... صرير ولم يسمع لأكعابهم جبخ # ولم يك من ms367 أرواحها من ثنائهم ... شيم ولا في القضب من لينهم ملخ # ولا في محيا الشمس من هديهم سنى ... ولا في جبين البدر من طيهم ضمخ PageV02P324 # سعيتم بني عمور في شت شملنا ... فما تجركم ربح ولا عيشنا ربخ # دعيتم إلى ما يرتجى من صلاحكم ... فردكم عنه التعجرف والجمخ # تعاليتم عجبا فطم عليكم ... عباب له في رأس عليائكم جلخ # وهي طويلة جدا ألم فيها بمدح سبتة وملوكها بني العزفي فقال: # تركت لمينا سبتة كل نجمة ... كما تركت للعز أهضابها الشمخ # وآليت إلا أرتوي غير مائها ... ولو حل لي في غيره المن والمذخ # وألا أحط الدهر إلا بعقرها ... ولو بوأتني دار إمرتها بلخ # فكم نقعت من غلة تلكم الأضا ... وكم أبرأت من علة تلكم اللبخ # وحسبي منها عدلها واعتدالها ... وأبحرها العظمى وأريافها النفخ # وأملاكها الصيد المقاولة الألى ... لعزهم تعنو الطراخمة البلخ # كواكب هدى في سماء رياسة ... تضئ فما يدجوا ظلال ولا يطخو # ثواقب أنوارها ترى كل غامض ... إذا الناس في طخياء غبها التخوا PageV02P325 # وروضات آداب إذا ما تأرجت ... تضاءل في أفياء أفنانها الرمخ # مجامر ند في حدائق نرجس ... تنم ولا لفح يصيب ولا دخ # وأبحر علم لا حياض رواية ... فيكبر منها النضح أو يعظم النظج # بنو العزفيين الألى من صدورهم ... وأيديهم تملا القراطيس والرخ # إذا مثال الفتى منهم تصدى لغاية ... تأخرت من ينحو وأقصر من ينخو # رياسة أخيار وملك أفاضل ... كرام لهم في كل صالحة رضخ # إذا ما بدا منا جفاء تعطفوا ... علينا وإن حلت بنا شدة رخوا # نزورهم حذا نحافي فننثني ... وأجمالنا دلح وأبداننا دلخ # يربوننا بالعلم والحلم والنهى ... فما خرجنا بز ولا حدنا برخ # والزهد في أملاك التقى ... ببدع وللدنيا لزوق بمن يرخو # وإلا ففي رب الخورنق غنية ... فما يومه سر ولا صيته رضخ PageV02P326 # تطلع يوما والسدير أمامه ... وقد نال العجب ما شاء والجفخ # وعن له من شيعة الحق قائم ... بحجة صدق لا عبام ولا وشخ # فأصبح يجتاب المسوح زهادة ... وقد كان يؤذى بطن أخمصه النخ # وفي واحد الدنيا أبي حاتم لنا ms368 ... دواء ولكن ما لأدوائنا نتخ # تخلى عن الدنيا تخلى عارف ... يرى أنها في ثوب نخوته لتخ # وأعرض عنها مستهينا بقدرها ... فلم يثنه منها اجتذاب ولا مصخ # فكان له من قلبها الحب والهوى ... وكان لها من كفه الطرح والطخ # وما الغرض عنها وهي في طلابه ... كمن في يديه من معاناتها نبخ # ولا مدرك ما شاء من شهواتها ... كمن حظه منها التمجع والنجخ # ولكننا نعمى مرار عن الهدى ... ونصلج حتى ما لآذاننا صمخ PageV02P327 # وما لامري عما قضى الله مزحل ... ولا لقضاء الله نقض ولا نسخ # أبا طالب لم تبق شيمة شؤدد ... يساد بها إلا وأنت لها سنخ # لسوغت أبناء الزمان أياديا ... لدرتها في كل سامعة شخ # وأجريتها فيهم عوائد سؤدد ... فما لهم كسب سواها ولا نخ # غذتهم غواديها فهي في عروقهم ... دماء وفي أعماق أعظمهم مخ # وعمتهم حزنا وسهلا فأصبحوا ... ومرعاهم وزخ ومرعيهم ولخ # بني العزفيين أبلغوا ما أردتم ... فما دون ما تبلغون وحل ولا زلخ # ولا تقعدوا عمن أراد سجالكم ... فما غربكم جف ولا غرفكم وضخ # وخلوا وراء كل طالب غاية ... وتيهو على من رام شأوكم وانخوا # ولا تذروا الجوزاء تعلو عليكم ... ففي رأسها من وطء أسلافكم شدخ # لأفواه أعدائي وأعين حسدي ... إذا جليت خائيتي الغص والفضخ # دعواها تهادي في ملاءة حسنها ... ففي نفسها من مدح أملاكها مدخ PageV02P328 # يمانية زارت يماني فانثنت ... وقد جد فيها الزهو واستحكم الزمخ # ومن مطلع قصيدة لابن خميس رحمه الله في مدح بلدة تلمستان حاطها الله ~~تعالى قوله: # تلمستان جادتها الغوادي الروائح ... وأرست بواديها الرياخ اللواقح # وسح على ساحات باب جيادها ... ملث يصافي تربها ويصافح # يطير فؤادي كلما لاح بارق ... ويزداد شوقي كلما مر سانح # ولم يعلق بحفظي من هذه القصيدة سوى ما ذكرت. وكنت تركتها بتلمستان ولم ~~أرها الآن بفاس حماها الله. # وباب جياد التي أشار إليها هي إحدى أبواب تلمسان المحروسة وفيها يقول ~~الفقيه العلامة الناظظم الناثر أبو عبد الله محمد بن يوسف الثغري من قصيدة ~~رفعها للسلطان أبي حمو رحم الله الجميع: # أيها ms369 الحافظون عهد الوداد ... جددوا أنسنا بباب الجياد # وصلوها أصائلا بليال ... كلآل نظمن في الأجياد # في رياض منضدات المجاني ... بين تلك الربا وتلك الوهاد # وبورج مشيدات المباني ... باديات السنى كمشهب بوادي # رق فيها النسيم مثل نسيبي ... وصفا النهر مثل صفو دوادي # ورها الزهر والغصون ثثنت ... وتغنت عليه ورق شوادي PageV02P329 # وانبرى كل جدول كحسام ... عاري الغمد سندسي النجاد # وظلال الغصون تكتب فيه ... أحرفا سطرت بعير مداد # تذكر الوشم في معاصم خود ... قضب فوقه ذوات امتداد # وكئوس المنى تدار علينا ... بجنى عفة ونقل اعتقاد # واصفرار الأصيل فيها مدام ... وصفير الطيور نغمة شادي # كان غدونا بها لانس روحنا ... جادها رائح من المزن غادي # ولكم روحة على الدوح كادت ... أن تربح الصبا لنا وهو غادي # ورقت الشمس في عشاياها حتى ... أحدثت منه رقة في الجماد # جددت بالغروب شجو غريب ... هاجه الشوق بعد طول البعاد # يا حيا المزن حيها من بلاد ... غرس الحب غرسها في فؤادي # وتعاهد معاهد الأنس منها ... غرس الصبا بصوب العهاد # حيث مغنى الهوى وملهى الغواني ... ومراد المنى ونيل المراد # ومقر العلا ومرقى الأماني ... ومجرى القنى ومجرى الجياد # كل حسن على تلمستان وقف ... وخصوصا على ربا العباد # ضحك النور في رباها وأربى ... كهف ضحاكها على كل نادي # وسما تاجها على كل تاج ... وسطا على كل وادي PageV02P330 # يدعى غيرها الجمال فيقضي ... حسنها أن تلك دعوى زياد # وبشعري فهمت معنى علاها ... من حلاها فهمت من كل وادي # حضرة زانها الخليفة موسى ... زينة الحلي عاطل الأجياد # وحبها بكل عذل وعدل ... وحماها من كل باغ وعادي # ملك جاوز المدى في المعالي ... فالنهايات عنده كالمبادي # معقل للهدى منيع النواحي ... مظهر للعلا رفيع العماد # قاتل المحل والأعادي جميعا ... بغرار الظبا وغر الأيادي # كلما ضنت السحائب أغنت ... راجتاه عن السحاب الغوادي # كم هبات له وكم صدقات ... عائدات على العفاة بوادي # فأيادي خليفة الله موسى ... أبحرت عذبة على الوراد # ركب الجود في بسيط يديه ... فتلافى به تلاف العباد # جل باريه ملجأ للبرايا ... كالحيا ضامنا حيا البلاد # جل من خصه بتلك المزايا ms370 ... باهرات من طارف وتلاد # شيم حلوة الجنى وسجايا ... يشيد المحد أنها كالشهاد # يا إمام الهدى وشمس المعالي ... وغمام الندى وبدر النوادي # لك بين الملوك سر خفي ... ليس معناه للعقول ببادي PageV02P331 # فكأن البلاد كفك مهما ... كان فيها من ينتمي للعباد # قبض كفك البنان عليه ... فانثنى بالإذعان حلف انقياد # وبكم تصلح البلاد جميعا ... إن آراءكم صلاح البلاد # لم نزل دائما تحن إليكم ... كحنين السقيم للعواد # لو أعينت بمنطق شطرتكم ... مثل شكر العفاة للأجواد # قد أطاعتكم البلاد جميعا ... طاعة أرغمت أنوف الأعادي # فأريحوا الجياد أتعبتموها ... وأقروا السيوف في الأغماد # واهنئوا خالدين في عز ملك ... قائم السعد دائم الإسعاد # وإليكم من مذهبات القوافي ... حكما سهلت ليان المقاد # كل بيت من النظام مشيد ... عطر الأفق بالثناء المشاد # ذو ابتسام كزهر روض مجود ... وانتظام كسلك در مجاد # ومن قول الثغري المذكور في تلمستان وسلطانه أيضا: # تاهت تلمستان بحسن شبابها ... وبدا طراز الحسن في جلبابها # فالبشر يبدو من حباب ثغورها ... متبسما أو من ثغور حبابها # قد قابلت زهر النجوم بزهرها ... وبروجها ببروجها وقبابها # حسنت بحسن مليكها المولى أبي ... حمو الذي يحمي حمى أربابها # ملك شمائله كزهر رياضها ... ونداه فاض بها كفيض عبابها PageV02P332 # أعلى ملوك الصيد من أعلامها ... وأجلها من صفوة ولبابها # غارت بغرة شمس الضحى ... وتنقبت خجلا بثوب ضبابها # والبدر حين بدت أشعتها له ... حسنا تضاءل نوره وخبا بها # لله حضرته التي قد شرفت ... خدامها فسمو بخدمة بابها # فاللثم في يمناه يبلغها المنى ... والمدح في علياه من أسبابها # وتذكرت بقوله # رحمه الله # تعالى: # أيها الحافظون عهد الوداد ... جددوا أنسنا بباب الجياد # قصيدة أبي المكارم منديل بن آجروم في ذكر فاس المحروسة وباب الفتوح منها ~~وموضع من متنزهاتها ولا شك أن كل واحدة من هاتين القصيدتين تنظر إلى الأخرى ~~وناظماها متعاصران فالله أعلم أيهما أخذ من الآخر على أن الورى مختلف وقد ~~يقال إن ذلك من باب توارد الخواطر. # ونص قصيدة أبن آجروم المذكور: # أيها العارفون قدر الصبوح ... جددوا أنسنا بباب الفتوح # جددوا ثم أنسنا ثم جدوا ... نسرح ms371 الطرف من مكان فسيح # حيث شابت مفارق اللوز نورا ... وتساقطن كاللجين الصريح # وبدا منه كل ما أحمر يحكى ... شفقا مزقته أيدي الريح PageV02P333 # وكأن الذي تساقط منه ... نقط لحن من دم مسفح # وإذا ما وصلتم للمصلى ... فلتحلوا بموضع التسبيح # وبطيفورها فطوفا لكيما ... تبصروا من ذراه كل سطوح # ولتقيموا هناك لمحة طرف ... لتردوا بها دماء الروح # ثم حطوا رحالكم فوق نهر ... كل في وصفه لسان المديح # فوقحافاته حدائق خضر ... ليس عنها لعاشق من نزوح # وكأن الطيور فيها قيان ... هتفت بين أعجم وفصيح # وهي تدعوكم إلى قبة الجو ... ز هلموا إلى مكان مليح # فيه ما تشتهون من كل نور ... مغلق في الكمام أو مفتوح # وغصون تهيج رقصا متى ما ... سمعت صوت كل طير صدزح # فأجيبوا دعاءها أيها الشر ... باب وخلوا مقال كل نصيح # واجنحوا للمجون فهو جدير ... وخليق من مثلكم بالجنوح # واخلعوا ثم للتصابي عذارا ... إن خلع العذار غير قبيح # وإذا شئتم مكانا سواه ... هو أجلى من ذلكم في الوضوح # فاجمعوا أمركم لنحو أتى ... جاء كالصل من قفار فيح # عطرت جانبيه كف الغوادي ... بشذا عرف زهرها الممنوح # قل لمهيار إن شممت شذاها ... قول مستخير أخي تجريح # أين هذا الشذا الذكي من القي ... صوم والرند والغضا والشيح # حبذا ذلك المهاد مهادا ... بين دان من الربا ونزوح # ثم من ذلك المهاد أفيضوا ... نحو هضب من الهموم مريح PageV02P334 # فيه للحسن دوحة وزوايا ... وانشراح لذي فؤاد قريح # وحجار تدعى حجار طبول ... غير أن التطبيل غير صحيح # تنشر الشمس ثم كل غدو ... زعفرانا مبللا بنضوح # وسبو من هناك يسبي عقولا ... ويجلي لحاظ طرف طموح # وعيون بها تقر عيون ... وكلام يأسو كلوم الجريح # فرشت فوقها طنافس زهر ... ليس كالعهن نسجها والمسوح # كلما مر فوقهن طليح ... عاد من حسنهن غير طليح # فانهضوا أيها المحبون مثلي ... لنرى ذات حسنها المملوح # هكذا يربح الزمان وإلا ... كل عيش سواه غير ربيح ### || نظم ابن خميس رحمه الله # ومن بديع نظمه قصيدة مدح الوزير أبن الحكيم. # قال أبن الخطيب: وهي من مشاهير أمداحه فيه، وكتب ms372 بها إليه من المرية، ~~وألم فيها بذكر بلده تلمسان، وما حل بها من البلاء والحصار في ذلك التاريخ ~~من قبل السلطان أبي يعقوب يوسف أبن السلطان المجاهد الكبير PageV02P335 # أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق، نفعنا الله ببركاته، في أهل تلمسان ~~المحصورين فلم يقبل شفاعتهم، فقال الشيخ سيدي أبو زيد كلاما معناه: إن ~~سعادة يقضي هذا، ورجع الشيخ إلى فاس، فاتفق هذا العبد كان مع السلطان في ~~الحمام، وكان له عليه حقد، فانتهز فيه الفرصة ووجأه بخنجر، فكان في ذلك ~~حتفه، فنفس الله أهل تلمسان بعد حصارها نحو العشر سنين. # ولما وصل الخبر إلى سيدي أبي زيد بموت السلطان قال: وعبد الرحمن يموت، ~~يعني نفسه؛ و " يموت ": بتشديد الميم، على لغة البربر؛ فتوفى رحمه الله ~~ودفن بمسجد الصابرين، وقبره مشهور مقصود الإجابة، نفعنا الله به، وقد زرته ~~مرارا لا أحصيها، ودعوت الله عنده بما أرجو قبوله. # وقد أشار أبو عبد الله بن خميس في هذه القصيدة إلى ذلك الحصار وكان من ~~الاتفاق الغريب، سرعة وقوع ما تمناه أبن خميس هذه من الخبر، بعد طول ~~المحنة، واشتداد البلاء، ولم يتأخر ذلك عن تاريخ القصيدة غير أربعة أشهر. # ونص القصيدة: # سل الريح لم تسعد السفن أنواء ... فعند صباها من تلمسان أنباء PageV02P336 # وفي خفقان البرق منها إشارة ... إليك بما تنمى إليك وإيماء # تمر الليالي ليلة بعد ليلة ... وللأذن إصغاء وللعين إكلاء # وإني لصبوا للصبا كلما سرت ... وللنجم مهما كان للنجم إسراء # وأهدي إليها كل يوم تحية ... وفي رد إهداء التحية إهداء # واستجلب النوم الغرار ومضجعي ... قتاد كما شاءت نواها وسلاء # لعل خيالا من لديها يمر بي ... ففي مره بي من جوى الشوق إبراء # وكيف خلوص الطيف منها ودونها ... عيون لها في كل طلعة راء # وإبي لمشتاق إليها ومنبي ... ببعض اشتياقي لو تمكن إنباء # وكم قائل تفنى غراما بحبها ... وقد أخلفت منها ملاء وأملاء # اعشرة أعوام عليها تجرمت ... إذا ما مضى قيظ بها جاء إهراء # يطنب فيها عائثون وخرب ... ويرحل عنها قاطعون وتناء # كأن رماح ms373 الناهبين أملكها ... قداح وأموال المنازل ابداء PageV02P337 # فلا تبغين فيها مناخا لراكب ... فقد قلصت منها ظلال وأفياء # ومن عجب أن طال سقمي ونزعها ... وقسم أضناء عليها وأطناء # وكم أرجفوا غيظا بها ثم أرجئوا ... فيكذب إرجاف ويصدق إرجاء # يرددها عيابها الدهر مثلما ... يردد حرف الفاء في النطق فأفاء # فيا من لا نال الردى منه ما اشتهى ... ترى هل لعمر الأنس بعدك إنساء # وهل لي زمان أرتجي فيه عودة ... إليك ووجه البشر أزهر وضاء # فياهي مالي إن هلكت ولم أقل ... لصحبي بها الغر الكرام ألا هاءوا # لم أطرق الدرب الذي كنت طارقا ... لعاد وبدر الأفق أسمع مشناء # أطيف به حتى تهر كلابه ... وقد نام عساس وهوم سباء # ولا صاحب إلا حسام ولهذم ... وطرف لخد الليل مذ كان وطاء # واسحم قاري كشعري حلكة ... تلألأ فيه من سنى الصبح أضواء # فما لشربي في سواك مزازة ... ولا لطعمي دون مائك إمراء PageV02P338 # ويا داري الأولى بدرب مغيلة ... وقد جد عيث في بلاها وإرداء # أما آن أن يعشو لنارك طارق ... جنيب له رفع إليك ودئداء # يرجى نوالا أو يؤمل دعوة ... فما زال قار في ذراك وقرا # أحن لها ما أطئت النيب حولها ... وما عاقها عن مورد الماء أظماء # فما فاتها مني نزاع على النوى ... ولا فاتني منها على القرب إجشاء # كذلك جدى في صحابي وأسرتي ... ومن لي به من أهل ودي إرفاء # ولولا جوار أبن الحكيم محمد ... لما فات نفسي من بني الدهر إقماء # حماني فلم تنبت محلي نوائب ... بسوء ولم ترزأ فؤادي أرزاء # وأكفأ بيتي في كفالة جاهه ... فصاروا عبيدا لي وهم لي أكفاء # يؤمون قصدي طاعة ومحبة ... فما عفته عافوا وما شئته شاءوا # دعاني إلى المجد الذي كنت آملا ... فلم يك لي عن دعوة المجد إبطاء # وبواني من هضبة العز تلعة ... يناجي السها منها صعود وطأطاء PageV02P339 # يشيعني منها إذا سرت حافظ ... ويكلوني منها إذا نمت كلاء # ولا مثل نومي في كفالة غيره ... وللذئب إلمام وللصل إلماء # بغيضة ليث أو بمرقاب خارب ... تبز كسا فيه وتقطع أكساء ms374 # إذا كان لي من نائب الملك كافل ... ففي حيثما هومت كن وإدفاء # وأخوان صدق من صنائع جاهه ... يبادرني منهم قيام وإيلاء # سراع لما يرجى من الخير عندهم ... ومن كل ما يخشى من الشر أبراء # إليك أبا عبد الإله صنعتها ... لزومية فيها لوجدي إفشاء # مبرأة مما يعيب لزومها ... إذا عاب إكفاء سواها وإيطاء # أذعت بها السر الذي كان قبلها ... عليه لأحناء الجوانح إضناء # وإن لم يكن الذي كنت آملا ... وأعوز إكلاء فما عاز إكماء # ومن يتكف مفخما شكر منة ... فما لي إلى ذاك التكلف إلجاء # إذا منشد لم عنك ومنشي ... فلا كان إنشاد ولا كان إنشاء # وأبن الحكيم المذكور: هو ذو الوزارتين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن ~~أبن إبراهيم بن يحيى بن محمد بن سعد بن محمد بن فتوح بن محمد بن أيوب بن ~~محمد اللخمي، من أهل رندة، الكاتب الأديب البليغ الشهير الذكر بالأندلس، ~~ويعرف بابن الحكيم PageV02P340 # أصل سلفه من أشبيلية، من أعيانها، ثم انتقلوا إلى رندة؛ وأول من انتقل ~~منهم إليها جده محمد بن فتوح، في دولة بني عباد، ويحيى جد والده هو المعروف ~~بالحكيم لطبه، وكانوا قديما يعرفون ببني فتوح. # قدم ذو الوزارتين أبو عبد الله على حضرة غرناطة أيام السلطان أبي عبد ~~الله محمد بن محمد بن نصر، إثر قفوله من الحج، فألحقه بكتابه، وأقام يكتب ~~له في ديوان الإنشاء، إلى أن توفي هذا السلطان في ثامن شعبان سنة إحدى وسبع ~~مائة، وتقلد الملك بعده ولي عهده أمير المسلمين، أبو عبد الله محمد ~~المخلوع، فقلده الوزارة والكتابة، وكان مشتركا معه في الوزارة الوزير ~~الجليل التقي، أبا سلطان عبد العزيز سلطان الداني، فلما توفي أبو سلطان ~~الداني، أفرده سلطانه بالوزارة، ولقبه بذي الوزارتين، وصار صاحب أمره ~~ونهيه، إلى أن توفي بحضرة غرناطة قتيلا، غدوة يوم الفطر، مستهل شوال سنة ~~ثمان وسبع مئة، وذلك لتاريخ خلع سلطانه، وخلافة أخيه أمير المسلمين أبي ~~الجيوش مكانه؛ ومولده ببلده رندة في شهر ربيع الأول سنة ستين وست مائة. ~~وكان رحمه ms375 الله علما في الفضيلة والسراوة ومكارم الأخلاق؛ كريم النفس، واسع ~~الإيثار، متين الحرمة، عالي الهمة، كاتبا بليغا شاعرا، حسن الخط، يكتب ~~خطوطا على أنواع، كليما جليل الانطباع، خطيبا فصيح القلم، زاكي الشيم، مؤثر ~~لأهل العلم والأدب، برا بأهل الفضل والحسب، نفقت في مدته للفضائل أسواق، ~~وأشرقت بإمداده للأفاضل آفاق. وراحل إلى المشرق، وكانت إجازته البحر من ~~المرية، فتقضى فريضة الحج، PageV02P341 # وأخذ عمن لقي هنالك من الشيوخ، فمشيخته متوافرة. وكان رفيقه في هذه ~~الوجهة الخطيب أبو عبد الله بن رشيد، فتعاونا على هذا الغرض، وقضيا منه كل ~~نفل ومفترض، واشتركا فيمن أخذا عنه من الأعلام، في كل مقام. وكانت له عناية ~~بالرواية، وولوع بالأدب، وصبابة باقتناء الكتب، جمع من امهاتها العتيقة، ~~وأصولها الرائقة الأنيقة، ما لم يجمعه في تلك الأعصر أحد سواه، ولا ظفرت به ~~يداه. # أخذ عنه الخطيب الصالح أبو إسحاق بن أبي العاصي التنوخي، والخطيب أبو عبد ~~الله بن رشيد تدبج معه، وابنه الوزير الكاتب الأديب الفاضل أبو بكر محمد بن ~~محمد بن الحكيم، وغيرهم. ومدحه الكاتب العلامة أبو الحسن بن الجياب، ومن ~~بديع ما مدحه به قصيدة رائية رائقة، يهنئه فيها بعيد الفطر، وهي قوله: # يا قادما عنت الدنيا بشائره ... أهلا بمقدمك الميمون طائره # ومرحبا بك من عيد تحف به ... من السعادة أجناد تظافره # قدمت فالخلق في نعمي وفي جذل ... أبدى بك البشر بادبه وحاضره # والأرض قد لبست أثواب سندسها ... والروض قد بسمت منه أزاهره # حاكت يد الغيث في ساحاته حللا ... لما سقا دراكا منه باكره # فلاح فيها من الأنوار باهرها ... وفاح من النوار عاطره # وأم فيها خطيب الطير مرتجلا ... والزهر قد رصعت منه منابره # موشي ثوب طواه الدهر آونة ... فها هو اليوم للأبصار ناشره PageV02P342 # فالغصن من نشوة يثني معاطفه ... والطير من طرب تشدو مزاهره # وللكمام انشقاق عن أزاهرها ... كما بدت لك من خل ضمائره # لله يومك ما أزكى فضائله ... قامت لدين الهدى فيه شعائره! # فكم سريرة فضل فيك قد خبئت ... وكم جمال بدا للناس ظاهره # فأفخر بحق ms376 على الأيام قاطبة ... فما لفضلك من ند يناظره # فأنت في عصرنا كابن الحكيم إذا ... قيست بفخر أولى العلياء مفاخره # يلتاح منه بأفق الملك نور هدى ... تضائل منه الشمس مهما لاح زاهره # مجد صميم على عرش السماك سما ... طالت مبانيه واستعلت مظاهره # وزاره الدين والعلم الذي رفعت ... أعلامه والندى الفياض زاخره # وليس هذا ببديع مكارمه ... ساوت أوائله فيه أواخره # يلقى الأمور بصدر منه منشرح ... بحر وآراؤه العظمى جواهره # راعي أمور الرعايا معملا نظرا ... كمثل علياه معدوما نظائره # والملك سير في تدبيره حكما ... تنال ما عجزت عنه عسا كره # سياسة الحلم لا بطش يكدرها ... فهو المهيب وما تخشى بوادره # لا يصدر الملك إلا عن إشارته ... فالرشد لا تتعداه مصايره # تجرى الأمور على أقصى إرادته ... كأنما دهره فيها يشاوره # وكم مقام له في كل مكرمة ... أنست موارده فيها مصادره # ففضلها طبق الأفاق أجمعها ... كأنه مثل قد سار سائره # فليس يجحده إلا أخو حسد ... يرى الصبح فيعشى منه ناظره PageV02P343 # لا ملك أكبر من ملك يدبره ... لا ملك أسعد من ملك يؤازره # يا عز أمر به اشتدت مضاربه ... يا حسن ملك به أزدانت محاضره # تثنى البلاد وأهلوها بما عرفوا ... ويشهد الدهر آتيه وغابره # بشرى لآمله الموصول مأمله ... تعسا لحاسده المقطوع دابره # فالعلم قد أشرقت نورا مظالعه ... والجود قد أسبلت سحا مواطره # والناس في يسر والملك في ظفر ... عال على كل عالي القدر قاهره # والأرض قد ملئت أمنا جوانبها ... بيمن من خلصت فيها سرائره # وإلى أياديه من مثنى وموحدة ... تساجل البحر إن فاضت زواخره # فكل يوم تلقنا عوارفه ... كساه أمواله الطولي دفاتره # فمن يؤدي لما أولاه من نعم ... شكرا ولو أن سحبانا يظاهره # يا أيها العيد بادر لثم راحته ... فلثمها خير مأمول تبادره # وأفخر بان قد لقيت أبن الحكيم على ... عصر يباريك أو دهر تفاخره # ولي الصيام وقد عظمت حرمته ... فأجره لك وافيه ووافره # وأقبل العيد فاستقبل به جذلا ... وأهنأ به قادما عمت بشائره # ومن أحسن ما رثي له رحمه الله تعالى، ثلاثة أبيات لبعض الأعلام ms377 من أهالي ~~ذلك الزمان، وهي: # قتلوك ظلما واعتدوا ... في فعلهم حدثني الوجوب PageV02P344 # ورموك أشلاء وذا ... أمر قضته لك الغيوب # إن لم يكن لك سيدي ... قبر فقبرك في القلوب # قال أبن خاتمة: ومن شعره ما أنشدني ابنه الوزير أبو بكر، مقدمه على ~~المرية، غازيا مع الجيش المنصور، قال أنشدني أبي رحمه الله تعالى: # ولما رأيت الشيب حل بمفرقي ... نذير بترحال الشباب المفارق # رجعت إلى نفسي لها أنظري ... إلى ما أرى، هذا ابتداء الحقائق # وأنشدني شيخنا الخطيب أبو إسحاق بن أبي العاصي إذنا، قال أنشدني الوزير ~~أبو عبد الله بن الحكيم إن لم يكن سماعه فإجازة: # فقدت حياتي بالمفارق ومن غدا ... بحال نوى عمن يحب فقد فقد # ومن أجل بعدي عن ديار ألفتها ... جحيم فؤادي قد تلظى وقد وقد # وقد سبقه إلى هذا المعنى القائل: # أواري أواري بالدموع تجلدا ... وكم رمت إطفاء اللهيب وقد وقد # فلا تعذلوا من غاب عنه حبيبه ... فمن فقد المحبوب مثلي فقد فقد # هكذا رواه أبن خاتمة، ورواه غيره هكذا: # أواري أواري والدموع تبينه ... ون لي بإطفاء الغرام وقد وقد # وهو الصواب. # قال أبن خاتمة: وأنشدني رئيس الكتاب الصدر البليغ الفاضل، أبو القاسم عبد ~~الله بن يوسف بن رضوان النجاري، قال: أنشدني رئيس الكتاب الجليل، أبو محمد ~~عبد المهيمن بن محمد الحضرمي، قال: أنشدني رئيس الكتاب ذو الوزارتين، أبو ~~عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن الحكيم، رحمه الله تعالى: PageV02P345 # سح الكتاب وعنه ... واختم على مكتنه # واحذر عليه من مخا ... لسة الرقيب بجفنه # واجعل لسانك سجينه ... كي لا ترى في سجنه # قال ابن خاتمة: وفي سند هذه القطعة نوع غريب من التسلسل. انتهى. # ومن بديع نظم ذي الوزارتين أبن الحكيم قوله رحمه الله: # يا ليت شعري هل تطول حياتي ... حتى أرى هذا الزمان الآتي؟ # يا رب إن قدرت لي ببلوغه ... فاجعله عصرا بالسرور مواتي # وإن انقضت أيام عمري قبله ... فاجعل على ما تريضيه مماتي # لا شيء للدنيا وللأخرى معا ... أرجو إذا ضاقت علي جهاتي # إلا يبقني أن جودك ms378 فوق ما ... يرجى وانك غافر الزلات # ومن نثره آخر فصل خاطب به الشيخ أبا علي الجراوي رحمه الله قوله: وهأنا ~~أجري معه على حسن مغتقده وأكلمه في هذا الغرض إلى ما رآه بمقتضى تودده ~~وأجيز له ولولديه، اقر الله بهما عينه، وجمع بينهما وبينه رواية جميع ما ~~حملته ونقلته وحسن اطلاعه يفصل من ذلك ما أجملته، فقد أطلعت لهم الإذن في ~~جميعه، وأبحت لهم الحمل عني ولهم الاختيار في تنويعه، والله عز وجل يخص ~~أعمالنا لذاته، ويجعلها ابتغاء مرضاته. # قال هذا وكتبه محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى بن محمد اللخمي بن PageV02P346 # الحكيم، عفا الله عنه، حامدا الله عز وجل ومصليا على رسوله المصطفى، ~~ومسلما عليه وعلى آله، في منتصف جمادي الآخرة، عام ثلاث وسبع مائة. # وحكي غير واحد أن ذا الوزارتين أبن الحم المذكور لما اجتمع مع الفقيه ~~الجليل الكاتب أبن أبي مدين أنشده أبن مدين رحمه الله تعالى: # عشقتكم بالسمع قبل لقاكم ... وسمع الفتى يهوى لعمري كطرفه # وحببني ذكر الجليس إليكم ... فلما التقينا كنتم فوق وصفه # فأنشده ذو الوزارتين: # ما زلت أسمع عن علياك كل سنى ... أنهى من الشمس أو أجلى من القمر # حتى رأى بصري فقوق الذي سمعت ... أذني فوفق بين السمع والبصر # وتذمرت هنا قول الحاج الكاتب أبي إسحاق الحسناوي رحمه الله تعالى: # سحر البيان بناني صار يعقده ... والنفث في عقده من منطقي الحسن # لا أنشد المرء يلقاني ويبصرني: ... أنا المعيدي فاسمع بي ولا ترني # وكان الوزير أبن الحكيم المذكور كما أسلفناه رفيق أبن رشيد الفهري في ~~رحلته الحجازية وقد اشتملت رحلة أبن رشيد على رأي وروى. # وهو محمد بن عمر بن عمر بن محمد إدريس بن عبد الله بن سعيد أبن مسعود بن ~~حسن بن محمد الفهري، من أهل سبته، يكنى أبا عبد الله، ويعرف بأبن رشيد، ~~وكأنه تصغير رشد، الخطيب المحدث الشهير. # رحل إلى المشرق لأداء فريضة الحج ولقاء أهل العلم سنة ثلاث وثمانين PageV02P347 # وست مائة، وكانت إجازته البحر من المرية فتلاقى ms379 بها هو وذو الوزارتين أبو ~~عبد الله بن الحكيم المذكور وكان قصدهما واحد ومسعاهما متعاضدا؛ فترافقا في ~~السفر، كما ترافقا في الوطر. فدخل إفريقية ومصر والشام والحجاز وأخذ عمن ~~لقي من الأئمة الأعلام، وأكثر من هذا الشان وأجاد فيه الضبط والإتقان وتوسع ~~في الرواية وذهب في ذلك إلى ابعد غاية. وكان له تحقق بعلوم الحديث وبزجاله، ~~وضبط أسناده، ومعرفة انقطاعه واتصاله، إماما في هذا الشأن مشار إليه في هذا ~~الفن معتمدا عليه مع كمال اثقة وشهوة العدالة. # قال القاضي أبو البركات أبن الحاج في حقه: أبن رشيد ثقة عدل من أهل هذا ~~الشأن المتحققين به، وكان أيضا من أهل المعرفة بعلم القراءات وصناعة ~~العربية وعلم البيان والآداب والعروض والقوافي مشاركا في غير ذلك من الفنون ~~من خدام الكتاب والسنة، حسن العهد كريم العشرة برا بأصدقائه، فاضلا في جميع ~~أنحائه، أديبا بليغا، ذاكرا متأدبا يقرض الشعر على تكلف ويجود النثر ويبصر ~~مواقع حسنه، وأعظم عنايته بعلم الحديث: متنه وسنده ومعرفة رجاله، ولذلك كان ~~جل اشتغاله، وفيه عظم احتماله، حتى حصل منه على غاية قصده ومنتهى آماله. # قرأ بسبتة بلده على الأستاذ أبي الحسن بن أبي الربيع القرآن العزيز ~~بالقراءات السبع بمضمن كتاب التفسير، وتفقه عليه في العربية وقيد عنه PageV02P348 # تقيدا حسنا على كتاب سيبويه، وأخذ عنه غير ذلك. وقرأ أيضا الكتاب العزيز ~~على الأستاذ أبي الحسن علي بن محمد الكتامي أبن الخضار بالمقارئ السبعة، ~~وأخذ بالمرية في اجتيازه عليها، عن الخطيب أبي عبد الله محمد بن محمد بن ~~الصائغ والوزير الأديب أبي جعفر أحمد بن محمد أبن سلبطور قيد عنه من شعره. ~~ورحل فأخذ ببجاية عن الحافظ أبي محمد عبد العزيز بن عمر القيسي أبن كحيلا ~~نزيلها. وبتونس عن قاضي الجماعة بها، أبي القاسم بن أبي بكر بن زيتون. وأخذ ~~بإسكندرية عن العدل المبرز سراج الدين أبي بكر بن أحمد بن إسماعيل أبن فارس ~~التميمي، والعدل الصالح أبي عبد الله محمد بن عبد الخالق بن طرخان القرشي. ~~وبالقاهرة عن الحافظ أبي ms380 محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، والأديب ~~الصوفي شهاب الدين أبي عبد الله محمد بن عبد المنعم بن محمد بن يوسف أبن ~~أحمد الأنصاري، أبن الخيمي، نزيل إيوان الحسين رضي الله عنه من القاهرة. ~~وبدمشق عن شيخ الشيوخ عز الدين أبي العز عبد الله بن عبد المنعم أبن علي ~~الحراني، وبقية المسندين فخر الدين أبي الحسن علس بن أحمد بن عبد الواحد ~~المقدسي والمسند أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك المقدسي. ~~وبالحرم لاشريف عن المحدث الأديب مقيم الحرم الشريف أبي إسحاق عبد لاصمد بن ~~عبد الوهاب بن عساكر الدمشقي، وبقية المحدثين مقيم الحرمين أبي عبد الله ~~محمد أبي بكر بن خليل بن إبراهيم المكي. وبالمدينة المشرفة المنورة عن ~~الشيخ الإمام النحوي عفيف الدين أبي محمد عبد السلام بن محمد PageV02P349 # أبن مزروع البصري وغيرهم. وفي أشياخه كثيرة وقد أودمهم رحلته الحافلة ~~التي سماها: " ملء العيبة فيما جمع بطول الغيبة في الوجهتين الكريمتين إلى ~~مكة وطيبة ". وهب أربعة أسفار وقفت عليها بتلمستان وقد جمع فيها من الفوائد ~~الحديثية والفرائد الأدبية كل غريبة عجيبة. # من تآليفه " ترجمان التراجم " في إبداء وجه مناسبات تراجم صحيح البخاري ~~لما تحتها مما ترجمت عليه. ومنها " السنن الأبين في السند المعنعن " و " ~~المقدمة المعروفة لعلو المسافة والصفة " و " المحاكمة بين البخاري ومسلم " ~~" إحكام التأسيس في أحكام التجنيس " و " الإضاءات والإنارات " في البديع ~~المسماة: " بإيراد المرتع المربع لرائد التسجيع والترصيع " و " وصل القوادم ~~بالخوافي " شرح فيه كتاب القوافي لشيخه أبي الحسن حازم القرطاجني وجزء ~~مختصر في العروض وتقييد على كتاب سيبويه. # وذكر بعضهم أن الإمام أبن رشيد كان ظاهري المذهب والمعروف أنه كان مالكيا ~~والله اعلم. # وكان يعتمد في شرح كلام البخاري على " المحير الفصيح في شرح البخاري ~~الصحيح " لبي عمرو الصفاقسي المعروف بابن التين لأجل حظور البربر في مجلسه ~~ومعتمد المدونة وأبو عمرو في هذا الكتاب ينقل المونة وكلام شراحها عليها. # وتكلم يوما بعد فراغه من إسماع الشمائل وكانت بالمغرب فتنة على قوله عليه ms381 ~~الصلاة واليلام: " بحسب أصحابي القتل " فقال: معنى الحديث أنه منجيهم من ~~عذاب الله تعالى كما قالوا: بحسبك زيد ثم قال: على أنه PageV02P350 # روى النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة فعظم أمرها فقالوا: يا رسول الله ~~لئن أدركنا هذا الزمان لنهلكن فقال: كلا غن بحسبكم القتل. # ويدل على صحة هذا التأويل ما خرجه أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم قال: " أمتى هذه امة محرومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في ~~الدنيا الفتن والزلازل والقتل ". وترجم عليه أبو داود: " باب ما يرجى في ~~القتل " ثم أدخل الحديث تحت الترجمة. # وقال تلميذه أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى: أنه تكلم يوما على قول رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ". فقال: ~~رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو مائة نفس من الصحابة فيهم العشرة ~~المشهود لهم بالجنة ولا يعرف حديث مثله وإن كانت ألفاظه تختلف لكن هو ~~متواتر المعنى. # وفي رسمه من حرف الميم من إحاطة أبن الخطيب ما نصه: # حدثني بعض شيوخنا قال: قعد يوما على المنبر فظن أن المؤذن الثالث قد فرغ ~~فقام يخطب والمؤذن قد رفع صوته بأذانه فاستفظع ذلك بعض الحاضرين وهم آخر ~~بإشعاره وتنبيهه وكلمه آخر فلم يثنه ذلك عما شرع فيه وقال بديهة: أيها ~~الناس رحمكم الله إن الواجب لا يبطله المندوب وإن الأذان الذي بعد الأول ~~غسر مشروع الوجوب فتأهبوا لطلب العلم PageV02P351 # وتنبهوا وتذكروا قوله تعالى: # ) وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (فقد روينا عنه صلى الله ~~عليه وسلم أنه قال: " من قال لأخيه والإمام يخطب أنصت فقد لغا ومن لغا فلا ~~جمعة له ". جعلنا الله وإياكم ممن علم فعمل وعمل فقبل وأخلص فتخلص. # فكان ذلك مما استدل به قوة جنانه وانقياد لسانه لبيانه. انتهى. # وتذكرت بهذه القضية من قام من اثنتين ولم يذكر حتى استقل ومن نسى المضمضة ~~والاستنشاق حتى شرع في غسل الوجه وراجع شرح أبن ناجي على المدونة فانه ms382 ذكر ~~أن بعض شيوخه لم يرجع من الخطبة كما فعل أبن رشيد وبعض الأشياخ رجع لما سمع ~~المؤذن وفعل الأول أصوب والله اعلم. # وكان رحمه الله تعالى أعني أبن رشيد يقول: ليس بالمغرب عالم إلا أبن ~~البنا بمراكش وأبن الشاط بسبتة والقاضي أبا عبد الله محمد بن محمد الخمي ~~قرطبي. ومن المشارقة خلق كثير كابن دقيق العيد والشريف أبي الحسين العراقي ~~واخيه أبي إسحاق وجماعة. # وفي تأليف أبن رشيد في التجنيس يقول صاحب الفقيه الأديب البارع الفاضل ~~أبو بكر محمد بن محمد القالونسي من نظمه حتى طالعه بغرناطة: PageV02P352 # أبدع في التجنيس إنشاءا ... فليحو فضل السبق إن شاءا # إذ كل من ألف من قبله ... ما جاء فيه بالذي جاءا # ومن شعر أبن رشيد رحمه الله تعالى ولنا فيه أسانيد قوله: # صيام عاشور أتى ندبة ... في سنة محكمة قاضية # قال الرسول المصطفى إنه ... تكفير ذنب السنة الماضية # ومن يوسع يومه لم يزل ... في عامه في عيشة راضية # ومن ذلك قوله: # تغرب ولا تحفل بفرقة معشر ... تفز بالمنى في كل ما شئت من حاج # فلولا اعتراب المسك ما حل مفرقا ... ولولا اغتراب الدر لم يحظ بالتاج # وقوله رحمه الله تعالى في البحر وقد انبسط عليه ضوء القمر في ليلة البدر: # أنظر إلى البدر وقد مدت أشعته ... على خضارة حتى ابيض أزرقه # والريح قد صنعت درعا مسمارها ... جباب ماء يروق العين رونقه # وذكر رحمه الله تعالى عن أبي الخير الفضل بن على بن نصير بن عبد الله بن ~~رواحة الأنصاري الخزرجي أنه أملئ عليه بمدينة بلبيس بمصر حرسها الله تعالى: # وأرجو إن عجزت عن الأماني ... أمانا من ذمامك يا إلهي # فلي ظن أحققه يقينا ... برحمتك التي كل المنى هي # وأسأل منك عونا لي على ما ... أمرت به وتركي للمناهي PageV02P353 # قال رحمه الله: من عمد إلى أحاديث خراش ودينار وأبي هدبة وشبهم الذين ~~يسميهم أهل الرواية والنقل طيور أنس فمثل هؤلاء لا يعرج عليهم ولا يفرح ~~بعلوهم وروايتهم شبه الريح وإنما يكتب حديثهم للتعريف به ms383. وقد جمع الحافظ ~~أبو الطاهر الأصبهاني جماعة منهم في بيتين فأحس أحسن الله إليه. أنشدني ~~المكتسب الخير المقيد أبو عبد الله محمد أبن أبي العباس أحمد بن حيان ~~الشاطبي صاحبنا بتونس قال أنشدنا الشيخ الخطيب أبو محمد بن بركات رحمه الله ~~قال: قرأت على الحافظ أبي عمر بن عات قال: سمعت فيما قري على السلفى رحمه ~~الله تعالى من نظمه: # حديث بن نسطور وقيس ويغنم ... وبعد أشج الغرب ثم خراش # ونسخة دينار نسخة تربه ... أبى هدبة القيسي شبه فراش # قال لي أبو عبد الله الله إذا فرغ من إنشاده لهما ينفخ في يديه. فمثل ~~هؤلاء لا يلتفت إليه ولو بلغ أقصى الممكن في القرب. انتهى. PageV02P354 # ووجد بخط القاضي اليزناسي ما نصه: الحمد لله. وقفت على إجازة أبي عبد ~~الله بن رشيد لست العرب بنت عبد المهيمن الحضرمي مؤرخة بغرة محرم عام إحدى ~~وعشرين الذي توفي فيه وقال أحسن الله افتتاحه واختتامه: ومن لم يكن يعرفني ~~فإني: # أنا المذنب الخطاء والعفو واسع ... ولو لم يكن ذنب لما عرف العفو # انتهى. # ولما قفل الشيخ أبن رشيد من المشرق عاد إلى بلدة سبتة فلم يساعده فيها ~~المقدور ولم يعرف له بها مقدار فكتب إليه رفيقه الوزيرابن الحكيم يستدعيه ~~إلى حضرة غرانطة ويعده بنيل كل أمنيه رعيا لما سلف له معه من الصداقة ~~المرعية فأعمل الرحلة إليه حتى قدم الحضرة الغرناطية عليه فألفاه من عناية ~~السلطان تحت جاه واسع فأهله من ماليه وقرب إليه من أمانيه كل شاسع وأكرم ~~مثواه وحمد لديه مغبة سراه وتقدم حينئذ للصلاة والخطبة بالجامع الأعظم ~~بغرناطة وخول كل كرامة ومبرة. ثم لما توفى الأستاذ أبو جعفر بن الزبير عن ~~قضاء المناكح خلفه عليها فاتصلت له الأثرة بالأثرة ولم يزل مقيما بحضرة ~~غرناطة منتصبا للإقراء ومركزا لدائرة القراء إلى أن قتل الوزير أبو عبد ~~الله بن الحكيم فرحل أبو عبد الله بن الحكيم فرحل من غرناطة ولحق بحضرة فاس ~~فحل بها تحت عناية وفي كنف رعاية وجعل له الأمر السلطاني ms384 الاختيار حيث ~~اختار أو الاستقرار فاختار التحول إلى مراكش إذ كان قبل قد سكنها واستحسنها ~~فورد عليها ورود الإنامة ونزل بها نزول البر والكرامة وقدم للصلاة والخطبة ~~بجامعها العتيق وأقام بها سنين يبث بها PageV02P355 # العلم ليس له شغل غير التدريس والتحقيق. ثم غن المقام السلطاني دعاه منها ~~بعد مدة إلى حضرة فاس فانتقل إليها الإيثار والإيناس فلحق بحاضرة السلطان ~~والتحف من الوجاهة النباهة برداء سابغ الأردان وصار في عداد خواصه وآل ~~مجلسه من الخلصاء إلى أن توفي رحمه الله بفاس في الثالث والعشرين من شهر ~~محرم سنة إحدى وعشرين وسبع مائة قيل ليلة الاثنين الرابع والعشرين من شهر ~~محرم. وأما قول من قال إنه توفي ثامن المحرم فغلط. ودفن خارج باب الفتوح ~~بالروضة المباركة المعروفة بمطرح الجنة حيث تدفن العلماء والصلحاء الواردون ~~في فاس من الغرباء. # ومولده بسبتة في شهر رمضان سنة سبع وقيل تسع وخمسين وست مائة. # وروى عنه الجم الغفير كأبي البركات بن الحاج والأستاذ الخطيب أبي عبد ~~الله بن أبي العاصي التنوخي وآخرين رحم الله جميعهم ونفعنا بهم. # وقد قدمنا أن أبن الحكيم تدبج معه ومعنى التدبيج: أن يروى كل واحد من ~~القرينين عن صاحبه. # وكان ذو الوزارتين أبو عبد الله بن الحكيم المقدم الذكر محط رحال الأفاضل ~~وكم للناس فيه من أمداح وتآليف وله ألف الشيخ الفقيه المحدث الحافظ أبو ~~القاسم عبد الرحمن بن أبي طالب عبد الله العزفي كتاب " الإشادة بذكر ~~المشتهرين من المتأخرين بالإفادة ". وكان أبو القاسم هذا سمع من PageV02P356 # أبي جعفر بن الزبير وتوفي رحمه الله يوم الأربعاء الثالث عشر من رجب ~~الفرد من عام سبعة عشر وسبع مائة قرب الزوال بالدرب الطويل من فاس المحروسة ~~وتوفي أخوه الشاعر الجليل أبو العباس أحمد بغرناطة في ذي الحجة من عام ~~ثمانية وستع مائة. # ومن إنشاداته في كتاب الإشادة من شعر أخيه أبي العباس المذكور رحمه الله ~~تعالى: # ملكت رق بالجمال فأجمل ... وحكمت في قلبي بجورك فاعدل # أنت الأمير على الملاح ومن يجر ... في حكمه ms385 إلا جفونك يعزل # إن قيل أنت البدر فالفضل الذي ... لك بالكمال ونقصه لم يجهل # لولاك الحظوظ لكنت أنت مكانه ... ولكان دونك في الحضيض الأسفل # عيناك نازلتا القلوب فكلها ... أما جريح أو مصاب المقتل # هزت ظباها بعد كسر جفونها ... فأصيب قلبي في الرعيل الأول # ما زلت أعذل في هواك ولم يزل ... سمعي عن العذال فيك بمعزل # صبحت في شغل بحبك شاغل ... عن أن أصيخ إلى كلام العذل # لم اهمل الكتمان لكن أدمعي ... هملت ولو لم تعصي لم تهمل # جمع الصحيحين الوفاء مع الهوى ... قلبي وأملئ الدمع كشف المشكل # وهي طويلة مدح بها الوزير أبن الحكيم وأجاد. PageV02P357 # وله من مطلع قصيدة فيه أيضا: # هذا الصباح فغادني بصبوح ... وانهض براحك فهي راحة روحي # لا تكترث لخطوب دهرك واسقني ... كأس تحسن منه كل قبيح # واسرح سوام اللفظ بين حدائق ... ما سائم في مثلها بمريح # فتنت بزهرة زهرها فتمايلت ... تختال في الحبرات نعد مسوح # شقت شقائقها جيوب كمائم ... أسفا على زق يخر جريح # وعيون نرجسها تلوح شواخصا ... لوميض برق في الكئوس مليح # والورد تخجله أنامل سوسن ... تومئ إليه بالسلام وتوحي # وأتى الربيع ربوعها بسواجع ... عجم تشق فؤاد كل فصيح # سجعت تنشرها بعود شبابها ... فأصخ إلى شق بها وسطيح # مالي وللأطلال أسأل صامتا ... منها وأعول في مهامه فيح # في الراح الريحان شغل شاغل ... لي عن عيافة بارح وسنيح # وأهيم في ورد الخدود وآسها ... لا في عرار بالفلاة وشيح # وأصون سمعي عن مقلة عاذل ... لتذللي والحب غير مشيح # كم عرضوا لي بالملام وصرحوا ... فعصيت في التعويض والنصريح # ومنها أيضا: # عجبا لهم يلقونني بملامهم ... في حب من يسلقون بالتسبيح PageV02P358 # إن صوح الروض النضير فخذه ... أزهاره أمنت من التصويح # وتحار أعين مبصريه إذا بدا ... في ثقل أرداف وخفة روح # قلبي بعذلهم يزيد توقدا ... لا غرو في نار تشب بريح # وهي طويلة. # ومما أورده في " الإشادة " لبعض الأعلام وأظنه قاضي الموحدين أبا حفص أبن ~~عمر رحمه الله تعالى في وصف الدنيا كلام بديع نصه: هذه الدنيا حفظك الله ~~كما قد ms386 علمته فأعرض بحلمك عن جهلها وارغب بنفسك عن أهلها واذكر قبائح ~~أنبائها واصرم وصل أبنائها لا ترتع في روضها ولا تركع في حوضهم وقل الله ثم ~~ذرهم في خوضهم وإذا مررت باللاغين بذكر محاسنها اللاهين بحسن ظاهرها عن قبح ~~باطنها فاله عن لهوهم ومر كريما بلغوهم مر المهتدي في سيره وأعرض عنهم حتى ~~يخوضوا في حديث غيره فالسيادة والسعادة في نبذها لا في أخذها وفي تركها لا ~~في دركها وإليك عن وصلها إليك وعليك بهجرها عليك واتل قوله تعالى:) ولا ~~تمدن عينيك (وقوله تعالى:) ولا تعد عيناك عنهم (واحرص أن يكون منهم فزخرت ~~الدنيا في نظر العين زين وفي نظر العقل شين فغمض عينك تبصر ولا تمدها وأقصر ~~جعلنا الله ممن نظر بفلبه وأبصر بلبه فأولو الألباب والفكر المخصوص بالذكر ~~والعلم أرفع المزايا وأوسع العطايا هو غاية المنال والمدراك من ناله أي شيء ~~فاته ومن فاته أي شيء أدركه ولا علم إلا علم الكتاب والسنة هما أفضل ~~العطايا والمنة فمن PageV02P359 # علمهما ونظر فيهما وعمل بهما نال غاية السعادة وأدرك منتهى السيادة قال ~~الله تعالى لنبيه الكريم:) ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم (. ~~هذه المزاية العالية والعطايا الواسعة الباقية لا ما نهت عنه الآية الثانية ~~جعلنا الله ممن أبصر رشده وذكر مراده ووجه إليه قصده ورأى في أول أمره آخره ~~وابتغى فيما آتاه الله الدار الآخرة بمنه وفضله. آمين. # يا راكضا في طلب الدنيا ... ليس لمن تصرع انتعاش # تتح يا عرضة لرام ... أسهمه بالرد تراش # تحش نارا هوى لظاها ... بمن له حولها انحياش # أعذر منك الفراش ألا ... علمت ما يجهل الفراش # تطلبها لا تنام عين ... عنها ولا يستقر جاش # من لك بالري من شراب ... يشتد من شربه العطاش # دها فطلابها رعاع ... طاشت بألبابهم فطاشوا # واظمأ لتروى وكن كقوم ... ماتوا بها عفة فعاشوا # لم لم يردوها فهم رواء ... وواردوها هم العطاش # كأن آمالنا ظباء ... ونحن من حيرة خراش # لا تأمنن بها انبساطا ... به لأعمارنا انكماش PageV02P360 # كأن آجالنا صقور ... ونحن من تحتها ms387 خشخاش # انتهى. # وأبو حفص بن عمر هذا هو القاضي الجليل أبو حفص عمر بن القاضي الجليل أبي ~~محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر السلمي. وذكر الحافظ أبن الأبار ~~أن أصله من جزيرة شقر. قال: وولد بأغمات وسكن مدينة فاس. # روى عن جده لأمه أبي محمد عبد الله بن علي اللخمي أجاز له في صغره وعن ~~أبي مروان بن مسرة وأبي عبد الله بن الرمامة وأخذ عن أبي بكر بن طاهر كتاب ~~سيبويه تفهما وكان من أهل المعرفة واليقين أديبا شاعرا مجيدا غلب عليه ~~الأدب حتى عرف به وشهر مع جودت الخط وبراعة الأدوات. # وولى قضاء تلمسان ثم نقل إلى قضاء فاس بعد أبيه بزمن وولى قضاء إشبيلية ~~وغيرها ونال دنيا عريضة. # وحكى عن أبي الربيع بن سالم أنه توفي بإشبيلية فجأة في الخامس من ربيع ~~الأول سنة ثلاث وست مائة. ومولده في حدود الثلاثين وخمس مائة. وقد غلط أبن ~~فرقد فذكر أنه ولد سنة خمس وثلاثين وروايته عن جده أبي محمد عبد الله بن ~~علي المتوفى سنة ثلاث وثلاثين مع صحتها تقضي ببطلان ذ. قال أبن فرقد: توفي ~~عام اثنين وسنة ست مائة بإشبيلية وهو يتولى قضاءها بعد صرف محمد بن حوط ~~الله وكان أبو حفص قد صرف بأبي محمد بعد ذلك بعام أو أزيد. # ومن مشهور نظمه رحمه الله تعالى يمدح أمير المؤمنين أبا يعقوب يوسف بن ~~عبد المؤمن بن علي الموحدي رحمهم الله تعالى: PageV02P361 # الله حسبك والسبع الحواميم ... تغزو بها سبعة وهي الأقاليم # سبع المثاني التي لله قمت بها ... علي من نصرها نص تقديم # وأنت بالسرور السبع الطوال على ... كل الورى حاكم بالله محكوم # والدهر سبعته سبعة جعلت ... جواد مالك والمنصور مخدوم # وسبعة الشهب لم تحفل بها ثقة ... بوعد ربك هيهات التناجيم # تسمو بنفسي على السبع الشداد سمت ... فينا ثم لنا زلفى وتكريم # أنوار عدلك في الآفاق داعية ... هل في البسيطة ظلام ومظلوم # أعلى بك الله أعلاما هديت بها ... فأنت فيمن إكمال وتتميم # عليك ms388 أهل الهدى والحق متفق ... وحبل من فارق الإجماع مصروم # ومنها أيضا: # فؤاده بضياء العلم منشرح ... ووجهه بجمال النور موسوم # وكفة بطنها بالخير منهمر ... وظهرها لعهود الله ملثوم # العلم قيمته والحلم شيمته ... طابت أرومته والنفس والخيم # لطالبي العلم ما شاءوا بخدمته ... غنى وعز وإرشاد وتعليم # سحب العلوم عليها من سماحته ... تهمي فهم في بحرها هم شرع هيم # العين من نظر والأذان في خبر ... لا تشبعان وباغي العلم منهوم # يغضي أناة وحلما عالما وله ... في موضع الحق إقدام وتصميم PageV02P362 # تشتد فيمن عصى أو خان وطأته ... وفي الثقاف لذات الزيغ تقويم # إرادة فوق إدراك العقول لها ... فحسبها منه إيماء وتسليم # حتى إذا ما بدا منها النجاح بدت ... كالشمس ما دونها في الجو تغييم # انظر خواتمها تفهم مبادئها ... بالشرح ما ليس بالمفهوم مفهوم # والحظ سماء علاها عبرة وكفى ... من يسترق سمعها بالشهب مرجوم # إن الخليفة سر الله ظاهرة ... آياته وهو عند الله معلوم # فسلموا واخلعوا الآراء واتبعوا ... حكم الإمام فما في الدين تحكيم # الشرق والغرب من عرب ومن عجم ... في كفه عودهم بالقبض معجوم # والبحر والبر من سهل ومن جبل ... جميعها بزام الرأي مخطوم # ومنها أيضا: # وكل حدثني مفاد من علائك من ... نسيمه نفس العلياء مشموم # للمسلمين أمير المؤمنين حمى ... يحله من صروف الدهر تحريم # الدهر في أنفه من حكمة برة ... بها الزمان على الأبرار مخزوم # العلم والدين والدنيا وساكنها ... في سلك رأيك يا وسطاه منظوم # جزاء سعيك عند الله مدخر ... هذا كتابك في الأبرار مرقوم # عطفا على حسن أمداحي وإن عجزت ... إن الجمال على العلات مرحوم PageV02P363 # ما علقوا لو رأوا هذا قفا وألا ... هبي ولو جاءهم حجر وكلثوم # إذا لقال لرواية علقمية: ... " هل ما علمت وما استودعت مكتوم "؟ # يا سامعي أماديح الإمام ألا ... فاجثوا على الركب الإعظام أو قوموا # خذ كأس لفظي دهاقا من مدائحه ... فيها الحقائق لا لغو وتأثيم # ندعو له بدلا من مدحه لقصو ... رب المدح عنه وفيه العذر معلوم # عز الإمام فلا تضرب به مثلا ... من ذا يقاس به ومثل ms389 معدوم # أعطي الورى فضل ما أعطاه خالقه ... عليه من ربه بشرى وتسليم # صل بالصلاة عليه صدق مدحته ... ذاك الرحيق بهذا المسك مختوم # وحكى أنه لما قال: # يا سامعي أماديح الإمام ألا ... فاجثوا على الركب الإعظام أو قوموا # قام جميع من في المجلس وكان فيهم الشاعر المفلق أبو العباس الجراوي ~~فاحتاج إلى مشايعتهم في لذلك وثقل عليه لضخامته فجعل وهو يحاول القيام يسب ~~القاضي أبا حفص عمر ويشير إلى أنه انتصف منه. # وحكى أيضا أنه لما أنشد القاضي أبو حفص هذه القصيدة قال فيه الجروي ~~المذكور وكان شديد الحسد له والإذاية لعسفه وكان له تقد في تلك الدولة: # نبغت عمرة بنت أبن عمر ... هذه فلتعجبوا أم العبر # قل لها عني إذا لاقيتها ... قولة تترك في الصخر أثر PageV02P364 # هبك كالخنساء في أشعارها ... أو كليلي هل تجارين الذكر # فقال أبو حفص حينئذ: # نهاني حلمى فلا أظلم ... وعز مكاني فلا أظلم # ولا بد من حاسد قلبه ... بنور مآثرنا مظلم # رحمت حسودي على أنه ... يقاسي العذاب وما يرحم # بغناك الحسود ولسنا ما ... يقول ولكن كما يعلم # وكان أبو العباس الجراوي المذكور هجاء حاضر البادرة سريع الجواب. ومن ~~أغرب ما صدر عنه في ذلك أنه هجا قبيلة بني غفجوم استطرادا بهجو أهل فاس ~~وقاضيهم أبن الملجوم والكبير البيت الشهير الأصالة فقال: # يا بن السبيل إذا نزلت بتادلا ... لا تنزلن على بني غفجوم # أرض أغاربها العدو فلن ترى ... إلا مجاوبة الصدى للبوم # قوم طووا ذكر السماحة بينهم ... لكنهم نشروا لواء اللوم # لا يملكون إذا استبيح حريمهم ... إلا الصياح بدعوة المظلوم # لا حظ في أموالهم ونوالهم ... للسائل العافي ولا المحروم # يا ليتني من غيرهم ولو إنني ... من أرض فاس من بني الملجوم # ومن نظم القاضي أبي حفص المذكور من مطلع قصيدة يمدح أبا يعقوب بن عبد ~~المؤمن ويهنئه ببيعته الثانية: # إلا هكذا تبنى العلا والمآثر ... وتسمو إلى الأمر الكبير الأكابر PageV02P365 # نؤم لبيعات الرضا مطلع الهدى ... وحيث الهدايا تعتلى والأوامر # ومن غزلياته قوله: # هم نظموا لواحظها فهاموا ... وتشرب عقل ms390 شاربها المدام # يخاف الناس مقلتها سواها ... أيذعر قلب حامله الحسام # سما طرفي إليها وهو باك ... وتحت الشمس ينسكب الغمام # وأذكر قدها فأنوح شوقا ... على الأغصان تنتدب الحمام # وأعقب بينها في الصدر غما ... إذا اغتربت ذكاء أتى الظلام # وقوله أيضا رحمه الله: # مها القفر لادمية المرمر ... وفي العرب لا في بني الأصفر # بنفسي يعافر تلك الخيام ... ومسرحها في النقا الأعفر # ملاعب يصبو إليها الحكيم ... ويسلب فيها فؤادي الجري # وفي الضباء بنات الأسود ... غيارى متى بغم تزأر # فخيس الهزبر كناس الغزال ... به الشبل ناش مع الجؤذر # تخالسها نظر تحته ... غرام به الحي لم يشعر # وباللحظ يقدح زند الهوى ... فطرف غر وفؤاد بري # وكفرها بقوله: # بقلبك يا غافلا فانظر ... وعينيك غمضهما تبصر # إذا أرسل الطرف هام الفؤاد ... وبعض المرائي عمى المبصر # وآفة قلب الفتى عينه ... فإن ترع قلبك لا تنظر # ومن قوله: # أغار على الصب من أنبه ... هو الحب من يطفه ألهبه PageV02P366 # نأى القلب عني وشوقي معه ... فلله أمري ما أعجبه # يحن فؤادي إلى قاتلي ... كذلك الهوى عند من جربه # ترق شمائل من ذاقه ... وتلطف شمأل من هذبه # يجود لمسخطه بالرضا ... ويطلب راحة من اتعبه # إذا شف قلبي غرام الهوى ... دعا بالنعيم لمن عذبه # وكان القاضي أبو حفص هذا كريما ممدحا وممن أجاد فيه الشيخ الأديب الفقيه ~~أبو العباس أحمد بن أبي الحكم يعيش بن علي بن شكيل الصدفي من أهل شريش ~~المتوفى سنة خمس وست مائة ومولده سنة ثمان وسبعين وخمس مائة وأمداحه فيه ~~كثير قدم قبلها كلاما نصه: # فيه استغفرت مجهودي وإليه جلبت عدتي وعديدي لأنه كان آدب أهل زمانه غير ~~مدافع وأولاهم بالفضل غير منازع لتحليه بالتواضع في الجلالة والبشاشة في ~~الجزالة ووردت عليه غلاما أحسب زندي سخاما وحدي كهاما فتلقى نزري ~~بالاستكثارو نسب بحري إلى الاستبحار وأولى نضر الله وجهه من البر لجاني ~~والاستطراف لمذاهبي والثناء على أنديته الآهلة ومجالسه الحافلة ما شهدت له ~~بالتبريز وخلص معه فكرى من تخوف النقدة الحسدة خلوص الإبريز فقدحت فيه زند ~~فكري فورى ms391 وفجرت فيه ينبوع شعري فجرى وأطلت فيه إطالة المفتن المغرب وجعلت ~~أمداحه نقلة المشرق والمغرب ومع ذلك لم أنهض إلى عزه اعزه الله حيا وهابطا ~~إلى خطة القضاء فأتى مع سن الشيبة إلى رتبة مشيخة العلماء فراسة منه وتوسما ~~واسترواحا PageV02P367 # للنجابة توهما إلا إن البلد التي فيها كانت خشنة المباركة فكنت اتقلى ~~فيها على جمر الغضى وأخابطها بما لو ألقي على الحجر لا نفجر وكانت الأناة ~~غالبة على طباعه وجائلة على نظره وسمعه وكان مع ذلك مكدودا بالشفاعات ~~ومضيقا عليه في الجهاد والطاعات فخلعت عن عاتقي نجاد تلك الخطة ودار فلك ~~أمري على غير تلك النقطة وهو عفا الله عنه يقابل توقعي ابلنبساط وفترتي ~~بتجديد الإنشاط انبساطا الأمكنة والأزمنة فقطع عليه غرضه تأخره عن الخطة ~~فما قطعت عنه امتداحا ولا نسيت أيامه حنينا وارتياحا. ثم أعيد إلى الولاية ~~فعدت إليه وقد أتى الهرم والسقم عليه فعاقت منيته عن بلوغ الآمال سلبتني ~~علقا نفيسا لما تخلف الأيام والليال: # يا من لصبح الشيب كيف تنفسا ... في لمتي فأجابه ليل الأسى # لا تحسبن سواد شعري نعمة ... لكن كسته هموم قلبي حندسا # إلا يكن شاب العذار ولا انحنى ... ظهري فقد شاب الفؤاد وقوسا # إني لأغضى مقلتي عن لائمي ... وأرى ابتسامي من ضميري عبسا # ويلين قلبي للخليل مودة ... فإذا أحس يوما هضيمة قسا # وأجيل لحظي في المنى شغفا بها ... واجل شوقي عن لعل وعن عسى # مالي أرى الهالات عدن وهوادجا ... ولهذه الأضلاع صارت مكنسا # طويت على بيض الدمى فتكانست ... فيها ظباء يرتعين الأنفسا # فهي الدراري في الهواجر خنسا ... وهي الجواري في الهوادج كنسا # يطرقن أمواه الفلاة تعربا ... ويردن نيران الضلوع تمجسا PageV02P368 # فيهن جائلة الوشاح تنفست ... فزها النسيم أريجها فتنفسا # زارت كما زار الخيال تسترا ... وعطت كما يعلوا الغزال توجسا # حذرت من الرقباء حول طرافها ... فأتت تجر على التراب السندسا # ملت بطاريق الرجال وشاقها ... صعلوك حي ليس يبقى منفسا # زعمت فتاة الحي أني مملق ... أرأيت إملاقي لمجدي مركسا # باتت تهيجها وساوس حليها ... حتى إذا الصبح المنير ms392 تنفسا # بكرت تلمومك في الندى كندية ... صدفية تنمي السكون وأشراسا # يا بنت عمى هل سمعت بماجد ... يبكين أوتي الذم أطعم أوكسا # لا تحسبي أكل المرار عميدنا ... غرثا ولكن عزة وتغطرسا # أذهلت عن عقبي الندى إن الندى ... ليرد وحشي المنى متأنسا # عقر المطية للعذاري ربها ... فأبيح ثغرا من عنيزة أومسا # لم ينس ميتا بالطلاب وربما ... قد ضاق ذرعا أن يفوه فيلبسا # ونسيت حجرا يوم هيج بالعصا ... أسدا ومن هاج الأسود تفرسا # هبطت كواهل ملكه من كاهل ... أبدا أصابت منه يوما أنحسا # فلئن أبيرت مالك أو كاهل ... فلقد أبارت منه قرما أحمسا # قد كان ملك في كنود والندى ... في ظبية فتفردا وتقيسا # كملوك جيش كلما وطئوا الثرى ... وأظن أن لها الثرى والأشمسا # ولطودها السلمي قاضيها الرضا ... كرم وجود ينطقان الأخرسا PageV02P369 # شهدت له أصحابه وعداته ... حتى الغمام إذا همي وتبجيسا # قسما لأندى بالندى وإعتاده ... فينا فسار مع الركاب وعرسا # وكسا الورى العدل المبين وقبله ... سلبوا بجور ولاتهم تلك الكسا # وأعد أقدار الأمور بحزمه ... ورمى به غرض الخطوب فقرطسا # وأتته للبيت الرفيع عماده ... عمد له مجدا وعزما أقعسا # قالوا بنو ثعل: نفس مكارما ... تعزى لحاتمها، فقلت: وما عسى؟ # جيئوا بواحد لحاتم طيء ... من هذه وعلى ألا أنفسا # أو سائلوني في الأنام سوى أبي ... حفص فهل تجدون عنه معدسا # أو فاحملوا بعض الذي هو حامل ... ليردكم منه يلملم قد رسا # الناس أشباه ولكن بينهم ... في الفضل ما بين الذؤابة والنسا # أحسبتم كل امرئ غمر الندى ... ما كل بيت بالشآم المقدسا # يا خجلة القمر المنير وقد رأى ... عمرا بأنواع الجلالة ملبسا # لو يستطيع لجاء مقتبسا لها ... من أفقه وإذا لصادف مقبسا # خاب امرؤ يرجو نداه غضاضة ... إلا الكفور فانه قد ابلسا # طيبت أفواه الرواة بمدحه ... فكان عطارا يضمخ معرسا # وعلوت قدر الناطقين بشكره ... ولئن تمادى في نداه لأخرسا # يا واحد العرب الذي لو صورت ... طرفا عتيقا كان منه القونسا # إنى دعوتك للأماني الغر في ... ظلم الزمان السوء أحكي يونسا PageV02P370 # إن يلقم نون الحوادث مطلبي ... فأمده له ms393 يقطين جودك ملبسا # أنت الرواء إذا تعذر مورد ... والماء إن كدر الرجاء فأيأسا # والعجز أن يرجى سواك وإنما ... أخشى نبات الروضة المتخلسا # فلأنت أنفس عقدة مذخورة ... لم لا أصون عن ابتذالي الأنفسا # انتهى. # قال صاحب الإشادة العزفي المذكور: القاضي أبو حفص من مفاخر المغرب، لم ~~يذكره أحد من لقيه وتعرض لذكره، إلا أطنب في الثناء عليه، ووصفه بالعلم ~~والفضل، والعدل في القضاء، مع براعة النظم والنثر؛ ويكفي من ذلك ثناء ~~المحدث أبي عبد الله محمد أبن عبد الرحمن التجيبي، نزيل تلمسان عليه، وقد ~~ذكره في شيوخه فقال: ونقلته من خط الشيخ الفقيه الأجل، الكاتب المجيد، ~~الحسيب الأديب، الأرفع الأكمل، القاضي المسدد، الموفق الأعدل، أبي حفص. ثم ~~قال: لقيته بتلمسان حرسها الله، قدمها علينا قاضيا، فشمل أهل البلد كلهم ~~أجمعين بفضله وأدبه وعدله، وإجلاله وإكباره وحسن خلقه، لا سيما مع طائفة ~~الطلب، وأهل الأدب والحسب، فجزاه الله عن نفسه وعنهم افضل الجزاء، فلا يعرف ~~الفضل إلا فاضل، ولا يكرم الناس إلا الكريم، وكل يميل إلى جنسه، وما هو من ~~طبعه، كما قال بعض الأدباء، وأجاد في مقالته، وأحسن PageV02P371 # القول: " ما عبر الإنسان عن فضله، بمثيل إلى أهله ". # وذلك منظوم في قول الشاعر: # وما عبر الإنسان عن فضل نفسه ... بمثل اعتقاد الفضل في كل فاضل # وإن أخس النقص إن بنفي الفتى ... قذى النقص عنه بانتقاص الأفاضل # وامتثال رضى الله عنه قول الآخر: " أصحبوا الناس صحبة إن عشتم معها حنوا ~~عليكم، وإن متم بكوا عليكم ". واستعمل ما قاله الشاعر في كلماته، ونظمه في ~~قافيته: # وإنما المرء حديث بعده ... فكن حديثا حسنا لمن وعى # ففعل والله ذلك أيام كونه بتلمسان، واستعمله بطبعه وطبيعته، وخلقه ~~وخليقته، إلى أن نقله الخليفة إلى قضاء فاس، فلا تسأل عما أصاب الناس ~~والإخوان من فقده، وفقد أدبه وعلمه، فذكر الطيب، والثناء الجميل، باقيان ~~عليه إلى الآن بتلمسان، وهو مستقر في غيرها من الأوطان. # وكان أبو حفص رحمه الله حسن الخلق والخلق، مليح الخط، فصيح الخطابة ~~والكتابة، وكنت إذا رايته ms394 تمثلت عند رؤيته والنظر إليه، باب الرجل أنشدنا ~~شيخنا الحافظ أبو طاهر السلفي الأصبهاني، رضي الله عنه، في مدح هادي بن ~~إسماعيل: # لهادي بن إسماعيل خلات أربع ... بهن غدا مستوجبا للإمامة # خاطب أبن عبادة، وخط أبن مقلة ... وخلق أبن يعقوب، وخلق أبن مامة PageV02P372 # وأنشدته رضي الله عنه البيتين، فاستحسنهما وشكر لي ذلك، وكان لي من بره ~~وتأنيسه وبشره حظ جزيل، وقسم كبير، ورغب إلى أن كتب له بخطي بعض ما عندي من ~~أخبار الصالحين، وأئمة المتقين، وأولياء الله المطيعين، فكتبت له من ~~الأحاديث الوعظية العلمية، والأشعار الحكمية، ما أمكنني، فسر بذلك، وشكر ~~عليه؛ ولما أتى مدينة فاس، صار يرى ذلك أوداءه وأحبابه، ويشكر عليه، ويثني ~~خيرا، وبارك الله تعالى فيه. ثم قدر الله تعالى بوصولي بعد انفصاله عن ~~مدينة فاس، وتوليته لقضاء أغمات، إلى حضرة مراكش، حرسها الله تعالى، وكان ~~بالحضرة المذكورة، فسمع بذلك، وكنت نزلت بفندق من فنادقها، يقال له فندق ~~السكر، فوصل إليه، واجتمع بي، فدعوت له وشكرت، ثم أولاني من بره وتأنيسه ما ~~عهدت قبل منه، وزاد عليه، ورغب في الوصول إليه إلى أغمات، فوصل إليه بعد ~~ذلك، فرحب وسهل وانزل، وأثنى على عند الأصحاب والإخوان خيرا، وقال ما يصدر ~~عن مثله، فالعنصر الطيب لا يخرج منه إلا الطيب، وكنت معه في داؤه في خصب ~~وسعة، وطلاقة وجه، وحسن خلق، وطيب حديث، وكريم مشاهدة ومناشدة، لنفسه ~~ولغيره. # انتهى ما قدصت جلبه من كلام صاحب الإشادة، المنقول عن التحيبي نزيل ~~التلمسان، رحم الله الجميع. # لنجعل آخر نظم القاضي أبي حفص رخ قوله: # العلم يكسو الحلل الفاخرة ... والعلم يحيي الأعظم الناخرة # كم ذنب أصبح رأسا به ... ومذنب أبحره زاخرة PageV02P373 # ما شرف النسبة إلا التقي ... أين تهيم الأنفس الفاخرة # من يطلب العز بغير التقي ... ترع عنه نفسه داخرة # أعرض عن الدنيا تكن سيدا ... بل ملكا فيها وفي الآخرة # وبين العزفين، الذين منهم صاحب الشهادة بسبتة أعادها الله مشهور، وكانت ~~لهم الرياسة بها مدة، ثم أعقب الدهر جدتها بالبلى، ثم كل ms395 شيء فأن ولا يبقى ~~إلا الواحد الذي ليس معه ملكه ثان. # وأبو القاسم منهم هو الذي تأمر ورأس سبتة هو أبو القاسم محمد بن القاضي ~~المحدث أبي العباس أحمد بن محمد بن الحسين، بن الفقيه الإمام على المعاصر ~~لابن أبي زيد، بن محمد بن سليمان بن محمد، الشهير بابن عزفة اللخمي. ينتهي ~~نسبهم إلى قابوس بن النعمان بن المنذر، وكان قيامه بسبتة ليلة سبع وعشرين ~~من رمضان، من عام سبعة وأربعين وست مائة، في دولة المرتضى الخليفة بمراكش، ~~وقتل والي سبتة أبا عثمان بن خالد تلك الليلة، وملك طنجة، ودخل أصيلا، وهدم ~~سورها، وتوفي بسبتة يوم الخميس الثالث عشر من ذي الحجة من عام سبعة وسبعين ~~وسن مائة وله سبعون سنة، وكانت دولته ثلاثين وشهرين وسنة عشر يوما، من شهدة ~~بين كتفيه، مرض بها واحد وعشرين يوما، وكان مولده بسبتة في منتصف شوال عام ~~سبعة وست مائة. PageV02P374 # وهو الذي اكمل " الدر المنظم، في مولد النبي المعظم ". من تأليف أبيه أبي ~~العباس رحمه الله. # ورأيت على نسخة كتبت في حياته أول الكتاب المذكور ما نصه: قال سالك سنن ~~السنة، القائم من أعمال البر بما يضيق عنه وسع المنة المعتصم بجبل الله ~~القوي المتين، المعتمد على لطفه الشامل وفضله العميم المبين، الشيخ الفقيه ~~الأجل، العلم الأكمل، أبو القاسم بن الشيخ الفقيه الإمام، العارف العالم، ~~علم العلماء العاملين المتقنين، ونخبة الفضلاء الصالحين المتقنين، أبي ~~العباس أحمد بن الشيخ الفقيه القاضي العالم المحدث، أبي عبد الله اللخمي، ~~ثم العزفي، من أهل سبتة حرسها الله وأجزل قسمه من عفوه ورضاه، وأنجح عمله ~~وقوله وقصده، وجعل في ذاته وسبيل مرضاته صدوره ووروده. انتهى. # وفي موضع آخر من هذه النسخة ما نصه: السفر الأول من كتاب " الدر المنظم ~~في مولد النبي المعظم، صلى الله عليه وسلم، وشرف وكرم ". # لما شرع في تأليفهن ومات ولم يكمله الشيخ الفقيه الصالح، علم العلماء، ~~ونخبة الصالحين الفضلاء، أبو العباس أحمد، بن الشيخ الإمام الفقيه، الصالح ~~القاضي، العالم المحدث، المقدس المرحوم، أبي ms396 عبد الله اللخمي، ثم العزفي ~~السبتي، رحمه الله، ورضي عنه، ونضر وجهه، وأجزل ثوابه، وأكمل بعده، وأوضح ~~فيه قصده، أبنه الشيخ الفقيه الأفضل، العلم الأوحد، السني السبتي، المبارك ~~الأكمل، أبو القاسم، أدام الله عافيته ووفقه، وشرح صدره، وختم بالكتاب ~~والسنة ديوان علمه الصالح وعمره، يذكر فيه بعض ما خص الله تعالى به نبيه) PageV02P375 # وفضله على كل من تأخر من خلقه أو تقدم، وما امتن به عليه وعلى أمته، في ~~أن جعله أفضل الأنبياء، وجعلهم أفضل الأمم، من بين ولد آدم، ليتخذوا مولده ~~الكريم موسما، يتركون به ما كانوا يقيمونه من أعياد النصارى وعوائدهم، التي ~~يجب لمغانيها أن تعطل، ولمبانيها أن تهدم. انتهى. # وكان الرئيس أبو القاسم المذكور كتب خطه بالإجازة في هذا الكتاب للخطيب ~~أبي على، بن الخطيب أبي فارس بن غالب الجمحي، مع جماعة من أهل سبتة ~~وأعيانها، حين قرءوه عليه بالجامع الأعظم من سبتة، في شهر ربيع الثاني، من ~~عام سبعة وخمسين وست مائة، قائلا: أجزت له بحق روايتي لما فيه عن أبي، ~~ومشاركتي له في تأليفه، على حكم الإجازة وشرطها، وصحة الرواية، عاشر الربيع ~~المذكور. انتهى. وبعضه بالمعنى. ونسبهم إلى لخم لا مدفع فيها عند الثقات، ~~وبذلك وصفهم الأكابر، غير أن أبن الخطيب في الإحاطة، نقل عن " الكتاب ~~المؤتمن، في أنباء أبناء الزمن " ما نصه: وتزعم بعض أهل سبتة أن أصلهم من ~~مجكسة من البربر، فيقولون: ما للخم ومجكسة؟ وهذا موكول إلى قائلة، إذ لا ~~نعلم حقيقة الأمر فيه. نعم، الإنصاف في المسألة أن كل من عرف بالأصالة في ~~المغرب الأقصى، ولم يعلم لآبائه قدوم من المشرق، حيث جراثيم العرب، ولا ~~قدوم من الأندلس، حيث أبناء العرب، وانتسب مع ذلك إلى قبيلة، فلا بد له من ~~الاستظهار على ذلك، وإلا كان ما أتى به مظنة لأحد أمرين: أما لكون سلفه من ~~الموالي، فانتسبوا إلى ساداتهم، إذ يجوز لمن كان مولى عربي أن ينتسب إلى ~~قبيلة سيده؛ وأما للكذب. وهذا أعدل ما يقال. انتهى. PageV02P376 # ونقله في الإحاطة في ms397 ترجمة الفقيه المشارك في الطلب والأدب أبي إسحاق ~~إبراهيم بن أحمد بن أبي عزفة اللخمي. وإلى ترجع الأمور. # وكان الرئيس الفقيه أبو القاسم العزفي المذكور فقيها أصوليا نحويا لغويا ~~محدثا عارفا بالرواية شاعرا مجيدا. # فمن نظمه في آل بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم: # ذرية المصطفى إني احبكم ... وحبكم واجب في الدين مفترض # فليس يبغضكم لا كان باغضكم ... إلا امرؤ مارق في قلبه مرض # وحسبكم شرفا في الدهر أنكم ... خير البرية هذا ليس يعترض # ولست أظالب في حبي لكم ثمنا ... إلا الشفاعة فهي السؤل والغرض # ولما توفي رحمه الله تعالى قام بعده بالأمر ابنه أبو الحاتم أحمد ثم خلع ~~وتولى أخوه أبو طالب عبد الله في سنة ثمان وسبعين وست مائة وخلع ليلة ~~الأربعاء السابع والعشرين من شوال سنة خمس وسبع مائة فكانت دولته سبعا ~~وعشرين سنة وتوفي بفاس مخلوعا عام ثلاثة عشر وسبع مائة وله خمس وسبعون سنة. ~~والذي خلعه الأمير فرج بن إسماعيل بن يوسف بن الأحمر دخل عليه سبتة عنوة في ~~الليلة المذكورة وقبض عليه. # ثم تولاه الأمير يحيى بن الأمير أبي طالب أبن أبي القاسم ويكنى أبا عمر ~~وبويع سبتة عام عشرة وسبع مائة وخلع في سنة إحدى عشرة وسبع مائة وكانت ~~دولته الأولى هذه سنة وستة أشهر. وبويع ثانيا بسبتة في سنة أربع PageV02P377 # عشرة وسبع مائة وتوفي بها في ظهر يوم السبت السادس لشعبان سنة تسع عشرة ~~وسبع مائة وكانت ولادته بها في رمضان سنة سبع وسبعين وست مائة. وكان فقيها ~~فاضلا جميل الوجه شجاعا بطلا عافا بالأصول والفقه والمنطق والعربية واللغة ~~والحديث وقيل أنه أول من ركب بالرمح والسيف من بني العزفي وجند الجنود. # ثم تولى بعده ابنه أبو القاسم محمد بن يحيى وبويع بعد أبيه في شعبان من ~~عام تسعة عشر وسبع مائة وخلع في صفر سنة عشرين وسبع مائة فكانت دولته ستة ~~أشهر وتوفي بفاس وهو كاتب الحضرة المرينية ليلة السبت حادي عشر صفر عام ~~ثمانية وستين وسبع مائة وله ثمان وستون ms398 سنة وولد بسبتة في شوال عام تسعة ~~وتسعين وست مائة. وكان فقيها شاعرا مكثرا مليح الفكاهات وشاحا وقد بز أهل ~~زمانه في الموشحات وقد حكي عنه أنه أراق الدواة في في محفل جليل فقال ~~بديهية: # ألا يا كرام الناس غضوا ... فإني من الفعل القبيح مريب # هرقت دواة وهي كالكأس بينكم ... وللأرض من كأس الكرام نصيب # وكان مولعا بنظمه بالتورية. # وعزم السلطان أبو عنان لما أخذ قسطنطينية على استعماله بها فبكى لبعد ~~الشقة عن ولده وبلده فتركه. وهو آخر المذكورين من هذا البيت رحم الله ~~الجميع. وصاحب الإشادة المتذدم الذكر هو عم أبي القاسم محمد بن يحيى هذا ~~لأن صاحب الإشادة كما أسلفنا هو عبد الرحمن بن أبي طالب عبد الله بن محمد ~~بن أحمد أبن محمد بن أحمد وهذا محمد بن يحيى بن أبي طالب عبد الله بن محمد ~~بن أحمد. وقد عرف في إشادته بابن خبارة ورأيت أن أذكر بعض ذلك فنقول: PageV02P378 # هو أبو عمرو ميمون بن علي بن عبد الخالق الخطابي نسبة إلى قبيل من صنهاجة ~~الذي بقطر فاس ويعرف بابن خبارة نسبة إلى خاله الشاعر المشهور بابن خبارة. ~~عرف به أبو عبد الملك المراكشي فقال: كان بارع الخط وكان من أكبر أعاجيب ~~الدهر في سرعة البديهة ناظما أو ناثرا مع الإجادة التي لا تجاري والتفنن في ~~أساليب الكلام معربه وهزله على اختلاف اللغات. تطور كثيرا وتصوف ونسك ووعظ ~~وكان في أخر عمره جانحا إلى امتداح ملوك عصره فكان يأتي في ذلك بما لم يسمع ~~بمثله ولا يطمع في لحاقه بسرعة ارتجاله وحسن افتنان وسرعة امتثال وله في ~~ذلك أخبار غريبة عريقة. وولى بأخرة حسبة الطعام بمراكش. # وذكر أبو عبد الله بن الأبار في التحفة فيمن لم يجد له غير الهجاء وظلمه ~~كما أثبت أبو بكر بن رفاعة الشريشي وقد شهد فيه في كتاب التكملة له بما ~~يخالف ذلك وكناه أبا سعيد وذكر أنه لقيه بإشبيلية وسمع منه بعض كلام في غير ~~ذلك بمالقة وتوفي برباط الفتح في ms399 أول سنة سبع وثلاثين وست مائة. # وأنشد له من قصيدة: # وجد النبوة حلة مطوية ... لا يستطيع الخلق نسج مثالها # فأسر حسوا في ارتغاؤ يبتغي ... بمحاله نسجا على منوالها # وذكر أنه قالها بمراكش. انتهى. PageV02P379 # قال صاحب الإشادة: قال هذه القصيدة في المأمون بن المنصور حين تبرأ من ~~إمامهم المهدي وأبدى مساوية. وأسقط اسمه من الخطبة وهو المعنى بقوله: وجد ~~النبوة حلة مطوية. # وقد كتب عن أبي عمرو هذا كثيرا من شعره أبو عمرو بن سالم بن صالح ~~النهرواني المالقي الأديب المقيد الضابط وتاريخ إجازته إياه سنة أربع وست ~~مائة. ومات ابن سالم فبله بست عشرة سنة. # ومن شعره أي أبي همرو المذكور يرثي أبا محمد عبد الله أحمد بن محمد أبن ~~عبد الملك بن الحافظ أبي بكر بن الجد ويعزي أباه عنه وهو يومئذ وزير ~~إشبيلية وعظيمها وكانت حينئذ حاضرة الأندلس: # أرجة الصعق يوم النفخ في الصور ... أم دكة الطود يوم الصعق في الطور # أم هدت الأرض إظهارا لما زجرت ... به الخليفة من إيقاع مخدوع # أم الكواكب في آفاقها انتثرت ... وباتت الشمس في طي وتكوير # ما للنهار تعرى من ثياب سنى ... وأشبه الليل في أثواب ديجور # قد كان للصبح طرف زان بلق ... فقسم الخلق بين الدجن والنور # فما الملم الذي غشى بدهمته ... أديمه عنبر من بع كافور # أصح لتسمع من أبائها نبأ ... يطوي من الإنس فيها كل منشور # وانظر فإن بني عدنان ما حشروا ... إلا لرزء عظيم القدر مشعور # وافى مع العيد لا عادت مضاضته ... فشاب سلساله الأصفي بتكدير # واعتا دارا لها في السبق جمهرة ... من المفاخر أزرت بالجماهير PageV02P380 # رمى قريشا فأصمى سهم حادثه ... أبناء فهر بتفريق المقادير # فحانه الجد في أبن الجد حين قضى ... وأثر الخطب فيها أي تأثير # لله المجد ما أبقاه من أثر ... أخرى الليالي بطيب الذكر مأثور # نوارة عندما راقتبدوحتها ... أهوت إلى الترب من بين النواوير # جار الذبول عليها بعدما ملأت ... معاطس الدهر من طيب وتعطير # وسيف بأس الخطب أغمده ... صرف الحوادث فيها بعد تكسير # ثضى فوافق ms400 شهر الصيام مرتجلا ... ووافق الشهر في فضل وتطهير # واختاره خاطب الخطب الملم به ... للصهر كفئأ فأمضى العقد للحور # فسار للحين مسرورا وخلفا ... للحزن فاعجب لمجزون بمسرور # نادته أنجشة الأحزان يوم حدا ... أظعان فلبي رفقا بالقوارير # فالوجد والدمع من الحزن قد اقتسما ... قلبي وجفني بمنظوم ومنثور # فالقلب بالغيظ في تصعيد مستعر ... والجفن بالفيض في تصويب ممطور # وساق الخطاب يشدو الحاملين به ... يسوقهم سوق حادي العير للعير # وللملائك في آفاقها زجل ... قد شيعته بتهليل وتكبير # أثنى المصاب على شيخ الجزيرة في ... عقد وحل وتقديم وتأخير # ز خي طويلة جدا منها: # مقدمات الليالي طالما فضحت ... نتائج الغدر منها كل مغرور # جمع السلامة معدوم الوجود بها ... وكم بها للردى من جمع تكسير # وعامل الموت فيد أحصى مهنديه ... منازل العمر عدا دون تكسير # والأرض طرس وهذا الخلق أحرفه ... والحرف ما بين ننحو ومبتور PageV02P381 # والدهر بالأفعال يظهراها ... طورا ويعجم منها كل مسطور # وإنما الخلق أسماء تعاورها ... إعرابه بين مرفوع ومجرور # وكلهم في مدى الأعمار تحسبهم ... كحالها بين ممدود ومقصور # والموت مثل عروضي يقطع من ... أبياتهم كل موزون ومكسور # يا من يؤمل أن يبقى وقد نفضت ... أيدي المقادير من إبرام تقدير # هذي الحقيقة لا ما حدثتك به ... آمال نفسك عن دنياك من زور # لا تخدعنك الليالي إن فتنتها ... كادت فكادت ترينا كل محذور # كم بادرت بعبوس الخطب من ملك ... قد بات بالبشر وضاح الأسارير # سائل كسرى مليك الفرس هل تركت ... له المنايا جناحا غير مكسور # وانزلا بصنعاء في قصر ذي يزن ... تلمم بقصر على الأغيار مقصور # اعبر على حيرة النعمان معتبر ... تعبر بأطلال نعمى ذات تغيير # وأين من كان سجن الجن في يده ... والإس والجن في قهر وتسخير # وأين مخترق الدنيا بعزمته ... يطوى البلاد بها طي الطوامير # بادروا فليس باب الرجل باد يحس به ... منهم وأفناهم ريب الدهارير # هو القضاء أبا بكر أصبت به ... فاصبر وسلم تسليم مأجور # والله يحرس دنياكم ويدفع عن ... سامي معاليك أنواع المحاذير # وحكي أن المتصم يحيى بن الناصر بن المنصور الموحدي ضرب ms401 بظاهر مراكش قبة ~~حمراء فبادر إليها العرب والنصارى من عسكر عمه المأمون فقطعوا أطنابها ~~فسقطت فقال في ذلك أبو عمرو هذا من قصيدة: PageV02P382 # انظر إلى القبة الحمراء ساقطة ... لما رأت مضر الحمراء عن كثب # من كان أولى بها إن كنت ذا بصر ... لعجم أو معدن العليا من العرب # ونما سجدت لما سمت وغدت ... فوق الضلال وكانت أعجب العجب # ومن رائق نظم أبي عمرو قوله: # هب النسيم ضحى ففاح المندل ... وتأرجت منه الصبا والشمال # أسرى عليلا فاستحث إلى الصبا ... صبا بأنفاس الصبا بتعلل # يهوى العذير وساكنيه ومن له ... لو كان يدنو منه ذاك المبزل # ما شام برقا بالفضا إلا انبرى ... شوقا على جمر الغضى بتمليل # والبرق في نقع السحائب سيفه ... سيف الكمى إذا يكر ويحمل # فكأن ذاك البرق واش قد مشى ... بنميمة والرعد لاح يعذل # وأنا الفداء لجيرة نزلوا الحمى ... وحمى القلوب هو الحمى والمنزل # وتحلوا يوم الفراق وإنما ... بقلوبنا يوم الفراق تحملوا # قبسوا ومن قلب المعذب موقد ... وردوا ومن جفن المعنى منهل # ما ضرهم إذ أعرضوا لو عرضوا ... للوصل أو ذكروا العهود فأقبلوا # حملوا الجمال على الجمال كأنما ... أفلاكها منها الأهلة تكمل # أبدت لنا حلي الطلى وتبسمت ... زهرا فراق مقلد ومقبل # ومن العجائب أن أهيم بجنة ... حلت بقلبي هو نار تشعل # ويهان مرسل ناظري في حبها ... ومن التناصف أن يعز المرسل # ومن شعره رحمه الله تعالى هذه القصيدة الفريدة التي ندح بها المصطفى صلى ~~الله عليه وسلم وأشار إلى جملة من مناقبه الربانية ومآثره العرفانية وآياته PageV02P383 # الباهرة ومعجزات الظاهرة صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ومجد عظم وبارك ~~انعم وتحنن وترحم وهي قوله: # حقيق علينا أن نجيب المعاليا ... لنفني في مدح الحبيب المعانيا # ونجمع أشتات الأعاريض حسبة ... ونحشد في ذات الإله القوافيا # ونقتاد للأشعار كل كتيبة ... لنصر الهدى والدين تردى الأعاديا # فألسن أرباب البيان صوارم ... مضاربها تنسي السيوف المواضيا # لنطلع من أمداح أحمد أنجما ... تلوح فتجلو من سناه الدياجيا # كواكب إيمان تنير فيهتدي ... بأضوائها من بات للحق ساريا # سهوت بمدح ms402 الخلق دهري فهذه ... لجبري كل ما قلت ساهيا # فلا مدح إلا للذي بمديحه ... تطيع إذا ما كنت بالمدح عاصيا # رسول براه الله من صفو نوره ... وألبسه برادا من النور ضافيا # وما زال ذاك النور من عهد آدم ... ينير به الله العصور الخواليا # ثوى في ظهور الطيبين يصونه ... وديعه سر صار بالبعث فاشيا # وخص بطون الطيبات بحمله ... ليحمل فرعا بالسيادة زاكيا # به وزن الله الخلائق كلهم ... فألقاه فيهم راجح الوزن وافيا # وأنقذنا من ناره بظهوره ... ولولاه كان الكل بالشرك صاليا # وآدم لما خاف يجزى بذنبه ... توسل بالمختار لله داعيا # فتاب عليه الله لما دعا به ... وأدنا منه بعد ما كان نائيا # وقد يهجر المحبوب في حالة الرضا ... ويأبى إلا يصدق واشيا PageV02P384 # وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا # وأدرك نوحا في السفينة رعية ... فخلصه الله كان في الموج داعيا # وما زال سام وهو ثاو بظهره ... على أخويه بالفضائل ساميا # فخصص حتى بالمكان كرامة ... وأسكن في أعلى البلاد مراقيا # وأنزل حام بالجنوب مجانيا ... ويافث في أقصى الشمال مؤازيا # وأنزل سام للفضيلة وحده ... بأوسط معمور البلاد الأعاليا # وبادر جبريل الخليل لأجله ... ليحميه إذ أبصر الجمر حاميا # ويخبر في وقت البلاء يقينه ... فصادف ورد الخلة العذب صافيا # فقال له: هل تسألني كفاية ... فجاوبه حسبي بربي كافيا # فكانت عيه النار بردا كما أتى ... به وسلاما وهي نار كما هيا # وجازاه في الإسراء عنها نبينا ... وألهمنا فوق السموات ساريا # فلما انتهى جبريل عند مقامه ... بحيث تلقى الأمر ألا تماديا # أشار على المختار أن سر فإنه ... مقامي لا أعدوه ما دمت باقيا # فناداه يا جبريل: هل لك حاجة ... إلى الله فأسألها لتعطي الأمانيا # فقال له: سله لأبسط رغبة ... على النار منى للعصاة جناحيا # فدلي في أفق المهامه رفرف ... وزج براق العز في النور راقيا # ومن أجله خص الذبيح فداؤه ... وفد ظهره المختار أصبح ثاويا # فداه بذبح عظيم الله شأنه ... لأن كان دهرا في الفيراديس راعيا PageV02P385 # وثنى بعد الله حامل فضله ... فكان بذاك الفرع ms403 للأصل راقيا # لذلك ما قال الرسول منبها: ... أنا أبن ذبيحيها بعد المعاليا # وعف أبوه إذا دعته لنفسها ... فتاة رأت نور النبوة غاديا # مضى ولذلك النور بين جبيته ... شعاع السنى يعشى العيون الروانيا # فأعرض عنه ثم سار لشأنه ... وكان له الرحمن بالحفظ واقيا # وعاد وقد أدى أمانة ربه ... لأمته وعدا من الله ماضيا # ومر على حي الفتاة فنوديت ... هلمي تصادف لذعة الحب راقيا # فقالت لهم قد كان ذلك مرة ... لأمر عصينا في هواه النواهيا # أردت بأن أعطي سناه وقد قضى ... لغيري به من كان بالحق قاضيا # وكم طالب ما لا ينال وقاعد ... سعادته تبدي له السؤل دانيا # وكم شاهدت من آية أمة به ... يصيربها جيد الديانة حاليا # رأت في معاليه مرأئي جمة ... فصدقت الآثار منه المرائيا # وقيل لها بشاك فزت بخير من ... يرى فوق أكناف البسيطة ماشيا # وحفت به الأملاك في حين وضعه ... بليلة إفضال تزين اللياليا # وبشر رضوان الجنان بخلقه ... ففتح جنات النعيم الثمانيا # ونادى منادي العز طوفوا بأحمد ... جهات الدنا طرا وعموا النواحيا # بدا واضعا كفيه بالأرض رافعا ... بعينيه نحو الأفق بالطرف ساميا # وأعول إبليس اللعين وقال قد ... يئست وقدما كنت للكفر راجيا # وصار إلى صنعاء شيبة جده ... فحل محلا للوفادة قاضيا PageV02P386 # وحيا بغمدان أبن ذي يزن بها ... وهنأه بالملك إذ عاد واليا # فقربه دون الوفود وخصه ... ليسمع قولا في الرسالة شافيا # وقال له أنا وجدنا بكتبنا ... نبيا يرى من نحو أرضك آتيا # يموت أبوه ثم تهلك أمه ... ويكفل بعض العمومة حانيا # وقال له والبيت ذو الحجب زاره ... وفود الورى جابوا إليه الفيافيا # لأنت على ما يقتضيه الوعد جده ... فشيد به للمجد ما كنت بانيا # وقال له احفظ ما أقول فإنه ... سيملك أرضي إذ رأى الملك واهيا # وقول هرقل إذ أظل زمانه ... فقال أرى ملك الختان مدانيا # وطالع فيه مصحف الأفق ناظرا ... كما زعمو يستشير الدراريا # فلم تنقض الأيام حتى أتى له ... كتاب رسول الله للحق داعيا # فباحث عن أهل مكة ائلا ... وكان بأوصاف النبيين داريا # ولبى الهدى لما ms404 دعاه اله ... وهام قليلا ثم ألفى ساليا # وورد الرضا لا يتدي لسبيله ... فيروي به من كان في الله صاديا # وإيوان كسرى ارتج يوم وضعه ... وبات عليه قصره متداعيا # وزاد برؤيا الموبذان ارتياعه ... فأذهله أن يستبين المساعيا # وفسرها شق وشق غباره ... سطيح بسجع قص ما كان رائيا # فنصا على إرسال أحمد مثبتا ... لدين الهدى بالرغم للكفر ماحيا # وأخمدت النيران نيران فارس ... وكانت تلظى ألف عام تواليا # وحمل ذاك الحلم حجر حليمة ... لترضعه در الفضائل صافيا PageV02P387 # أبى حملة النسوان لليتيم وانبرت ... له فرأت من حينا الرزق ناميا # فحاز به السبق الأتان كرامة ... وأخصب مرعاها ففاق المراعيا # وشارفها إذ لا تبض بقطرة ... فصارت به ثجا تروى الصواديا # وفي حياه وافاه جبريل قاصدا ... وأقبل ميكائيل بالأمر تاليا # فشقا به صدر النبي لشرحه ... فكان لما يلقى له الله واعيا # ورداه في الحين التئاما فما ترى ... سوى أثر ما زال للشرح باقيا # وجاءا بمنديل وطست ليغسلا ... بماء الرضا قلبا عن الله راضيا # وعاد أخوه جازعا مخبرا بما ... جرى من مخوف كان للأمر جاريا # فسارت به من حينه نحو أمه ... تخاف عليه إن أقام العواديا # وما زال محروسا أمينا مؤمنا ... سبوقا صدوقا سامي القدر عاليا # حبيبا وفيا خاشعا متواضعا ... كريما حليما يستفز الرواسيا # وفي سيره للشام شام بقربه ... بروق الهدى من لم يكن قط رائيا # أكب عليه في طريق مسيره ... إليها بحيرا للهدى متراميا # ولما رأى تلك العلامة لم يزل ... لما وافق الكتب القديمة باكيا # وكانت به من غلة الشوق علة ... فساق له الله الطبيب المداويا # وقصدته في ذي المجاز وعمه ... به ظمأ قد صير الصبر فانيا # فأهوى ولا ماء إلى الأرض راكضا ... ففجر ينبوعا من الماء جاريا # وكم بان من يسر لميسرة به ... يرد أخا سكر الغواية صاحيا # فكان إذا اشتد الهجير أظله ... غمام عليه لا يزال مماشيا PageV02P388 # وأخبره نسطور بصري ببعثه ... فأظهر من غيب الرسالة خافيا # وبغضت الأصنام للمصطفى فلم ... يزل هاجرا فعل الضلالة قاليا # وكان يرى ضوءا يلوح لعينه ... ويسمع تسليما عليه محاذيا # ويأتي ms405 حراء للتعبد قاصدا ... حبا لأسباب الوصال مراعيا # ويخرج من بيت البيوت لعله ... يحدث عن نفسه في السر خاليا # وكان رآه الله أكرم خلقه ... فأرسله الحق للخلق هاديا # وأسرى به ليلا إلى حضرة العلا ... فما زال فيها للحبيب مناجيا # وسار على ظهر البراق كرامة ... له راكبا إذ سار جبريل ماشيا # ولما أتاه الوحي وارتاع قلبه ... لشدة ما قد كان منه ملاقيا # فسارت به عمدا خديجة زوجه ... لتسأل حبرا بالزمانة فانيا # وكان امرأ قد مارس الكتب قارئا ... وبات لضيفان المعارف قاريا # فبشره أن سوف يطلع صبحه ... فيكشف من ليل الغواية داجيا # وقال له يا ليتني كنت حاضرا ... بها جذعا أوليك نفسي وماليا # ووقتك أن يدرك زماني يومه ... ومن لي به أنصرك نصرا مواليا # وآيته في الغار إذ نزلا به ... وكان له الصديق بالصدق ثانيا # وقد أرسل الله الحمام لبابه ... وقارنه بالعنكبوت مضاهيا # فباض على الفور الحمام وشيدا ... من النسيج أيدب العنكبوت مبانيا # فدافع عن صديقه ورسوله ... بأضعف أسباب الوجود مقاويا # وكم آية خصت سراقة إذ مشى ... على أثر المختار للغار قافيا PageV02P389 # فشاهد آثارا من الخسف كاد أن ... يكون لقارون السفاه مؤاخيا # ولما دعا بالهاشمي أجاره ... فأبصر في الحين من ذاك ناجيا # وأصبحه منه ظهيرا مكرما ... بخط أبي بكر يخيف الدواهيا # وأخبره أن سوف يفتح أمره ... مدائن كسرى والبلاد الأقاصيا # ويجعل في كفيه من بعد فتحها ... سواراه مما يحز الدين ساميا # فأنجرها الفاروق في حين فتحها ... له عدة بالصدق فيها مباهيا # وآيته في خيمتي أم معبد ... وفي الشاة إذ لم تبق تصحب راعيا # وفي الذئب إذ أقعى وأخبر مفصحا ... عن المصطفى والذئب ما زال عاويا # وفي الضب لما أن دعاه أجابه ... وقال لبيك داعيا # وآيته إذ فارق الجذع فضله ... فحن إليه الجذع في الحال شاكيا # وإن انشقاق البدر أعظم آية ... ترد على من كان للدين زاريا # وفي الجمل الآتي بحضرة صحبه ... ليشكو تكليف المشقة راغيا # وقصته في المحل لما دعا لهم ... فأبصرت سحبا كالجبال هواميا # وسال به وادي قناة لأجله ... ثلاثين يوما لم ms406 يزل متواليا # وفي قصة الزوراء للخلق آية ... وذكرى لعبد كان للذكر ناسيا # دعا بإناء ليس ينقع مائه ... لقتلته بالرى من كان صاديا # ففاض نمير الماء من بين بنانه ... وكان ضوءا للكتيبة كافيا # وكونه يوم الحديبية التي ... أفاض بها الله البنان سواقيا PageV02P390 # وإشباعهم الجم الغفير بقبضة ... من التمر حتى شاهدوا التمر باقيا # وإخباره بالشيء من قبل كونه ... فيأتي على النص الذي قال حاكيا # فأخبره ذا النورين أن ستصيبه ... على الأمر بلوى تعقب الأجر وافيا # وأخبر عمارا بأن حياته ... سيقطعها بالبغي من كان باغيا # وقال لذي السبطين أشقى الورى الذي ... سيخضبها من هامة الرأس عاصيا # يصادف نور الشيب أبيض ناصعا ... فيسقسه صوب الحتف أحمر قانيا # ونص على السبط الشهيد بكر بلا ... فقام له الدين الحنيفي ناعيا # وفي الحسن الزاكي أبان بأنه ... سيصلح بين الناس للأجر ناويا # وقال لقوم إن آخركم بها ... مماتا سيصلى جاحم الجمر حاميا # وقال إذا ما مات كسرى فما ترى ... سميا له أخرى الليالي مساميا # وأخبر عن موت النجاشي حينه ... وبينهما بحر من الموج طاميا # وقال على قرب الحمام لبنته ... تموتين بعدي فافرحي بلقائيا # وآياته جلت من العد كثرة ... فما تبلغ الأقوال منها تناهيا # وأعظمها الوحي الذي خصه به ... فبلغ عنه آمرا فيه ناهيا # تحدى به أهل البين بأسرهم ... فكلهم ألفاه بالعجز وانيا # وجاء به وحيا صريحا يزيده ... مرور الليالي جدة وتعاليا # تضم أحكام الوجود بأسرها ... وحكم القضاء مثبتا فيه نافيا # وأخبر عما كان أو هو كائن ... يرى ماضيا أو ما يرى بعد آتيا # ووافق أخبار النبيين كلهم ... وتمم بالغابات منها المباديا PageV02P391 # وما كتبت يمناه قط صحيفة ... ولا رئ يوما للصحائف تاليا # عليه السلام الله زال رائحا ... عليه مدى الأيام منا وغاديا # ولتكن هذه القصيدة الفريدة النبوية آخر ما أوردناه في روضة الورد فقد طال ~~الكلام واتسع وكثر السرد على أن ما تركناه أكثر مما جلبناه وقد انثالت ~~علينا أشغال شاغلة من خطوب الدهر والله يبلغنا من رضوانه ما طلبناه. # ونسأل الله تعالى حسن الختام وأن يدفع عن قلوبنا ms407 القتام بجاه سيدنا ~~ومولانا محمد المصطفى خير الأنام صلى الله عليه وسلم الذي جعلنا مديحه مسك ~~الختام. PageV02P392 ### | روضة الأقحوان في ذكر حاله في المنشأ والعنفوان # أقول ومن الله أسأل التأييد والعون والوقاية والصون: عقدنا هذه الترجمة ~~الثانية لبيان حاله في حله وترحاله. # فاعلم أرشدنا الله وإياك إلى طريق الرضوان وجنب جميعنا مسالك الذل ~~والهوان أن حال هذا الإمام لا تفي بها عبارتي القاصرة ولا تحيط إشارتي بمن ~~عقد الفضل عليه خناصره. وما أجد لبعض ذلك مثلا إلا بعض قول الرئيس القاضي ~~الكاتب أبي يحيى بن عاصم عند ما عرف بأبيه صاحب التحفة وقال فيه ما نصه: ~~مولاي الوالد يكنى أبا بكر إن بسطت القول وعددت الطول وأحكمت الأوصاف ~~وتوخيت الإنصاف أنفدت الطروس وكنت كما PageV03P005 # يقول الناس في المثل: " من مدح العروس ". وإن أضربت عن ذلك صفحا وآثرت ~~غضا من البنوة وسفحا فلبئسما صنعت ولشد ما أمسكت المعروف ومنعت ولكم من ~~حقوق الأبوة أضعت ومن ثدي المعقة رضعت ومن شيطان لغمصة الحق أطعت ولم أرد ~~إلا الإصلاح ما استطعت وإن توسطت واقتصرت وأوجزت واختصرت فلا الحق نصرت ولا ~~أفنان البلاغة هصرت ولا سبيل الرشد أبصرت ولا عن هوى الحسدة أقصرت. هذا ولو ~~أني أجهدت ألسنة البلاغة فجهدت وأيقظت عيون الإجادة فسدت واستعرت مواقف ~~عكاظ على ما عهدت لما قررت من الفضل إلا ما به الأعداء قد شهدت ولا استقصيت ~~من المجد إلا ما ما أوصت به الفئة الشانئة لخلفها الأبتر وعهدت فقد كان ~~رحمه الله علم الكمال ورجل الحقيقة وقارا لا يخف راسية ولا يعرى كاسيه ~~وسكونا لا يطرق جانبه ولا يرهب غالبه وحلما لا تزل حصاته ولا تهمل وصاته ~~وانقباضا لا يتعدى رسمه ولا يتجاوز حكمه ونزاهة لا ترخص قيمتها ولا تلين ~~عزيمتها وديانة لا تحسر أذيالها ولا يشف سربالها وإدراكا لا يفل نصه ولا ~~يدرك خصله وذهنا لا يخبو نوره ولا ينبو مطوره وفهما لا يخفى فلقه ولا يلحق ~~طلقه وصدقا لا يخلف موعده ويأسن مورده وحفظا لا يسبر ms408 غوره ولا يذبل نوره بل ~~لا يطرق بحره ولا يعطل فخره PageV03P006 # وتحصيلا لا يفلت قنيصه ولا يسأم حريصه بل لا يحل عقاله ولا يصدأ صقاله ~~وطلبا لا تتحد فنونه ولا تتعين عيونه بل لا تحصر معارفه ولا تقصر مصارفه. # انتهى المقصود منه وبعض كلامه أردت لا كله إذ هو اللائق بوصفه القاضي أبي ~~الفضل عياض إمام الملة. # قال الملاحي: كان القاضي عياض رحمه الله تعالى بحر علم وهضبة دين وحلم ~~أحكم قراءة كتاب الله تعالى بالسبع وبلغ من معرفته الطول والعرض وبرز في ~~علم الحديث وحمل راية الرأي ورأس في الأصول وحفظ أسماء الرجال وثقب في علم ~~النحو وقيد اللغة وأشرف على مذاهب الفقهاء وأنحاء العلماء وأغراض الأدباء. # انتهى كلام الملاحي. # وقال ابنه القاضي أبو عبد الله بن عياض رحمه الله: نشأ أبي علي عفة ~~وصيانة مرضى الحال محمود الأقوال والأفعال موصوفا بالنبل والفهم والحذق ~~طالبا للعلم حريصا عليه مجتهدا فيه معظما عند الأشياخ من أهل العلم كثير ~~المجالسة لهم والاختلاف إليهم إلى أن برع أهل زمانه وساد جملة أقرانه فكان ~~من حفاظ كتاب الله تعالى مع القراءة الحسنة والنغمة العذبة والصوت الجهير ~~والحظ الوافر من تفسيره وجميع علومه وكان من أئمة الحديث في وقته أصوليا ~~متكلما فقيها حافظا للمسائل عاقدا للشروط بصيرا بالأحكام نحويا ريان من ~~الأدب شاعرا مجيدا كاتبا خطيبا حافظا للغة والأخبار والتواريخ حسن المجلس PageV03P007 # نبيل النادرة حلو الدعابة صبورا حليما جميل العشرة جوادا سمحا كثير ~~الصداقة دءوبا على العمل صليبا في الحق وبلغ في التفنن في العلوم ما هو ~~مشهور وفي العالم معلوم. # قال ابنه وابن خاتمة في مزية المرية: # وأخذ عن أشياخ بلدته سبتة كالقاضي أبي عبد الله بن عيسى والخطيب أبي ~~القاسم والفقيه أبي إسحاق بن الفاسي وغيرهم. ثم رحل إلى الأندلس وكان خروجه ~~من سبتة يوم الثلاثاء منتصف جمادى الأولى سنة سبع وخمس مائة فوصل إلى قرطبة ~~يوم الثلاثاء مستهل جمادى الآخرة فأخذ بها عن ابن عتاب وابن حمدين وابن ~~الحاج وابن رشد ms409 وأبي الحسين بن سراج وأبي الحسن بن مغيث وأبي القاسم بن ~~النحاس وأبي بحر الأسدي وأبي القاسم بن بقي وأبي الوليد هشام بن أحمد بن ~~العواد وغيرهم من أعلام قرطبة. ثم خرج منها إلى مرسية يوم الاثنين لخمس ~~بقين من المحرم سنة ثمان من التاريخ فوصل مرسية يوم الثلاثاء الثالث من صفر ~~بعده. # كذا قال ولده وهو أعرف. # وقال ابن خاتمة في مزية المرية: إنه وصل مرسية في غرة صفر فوجد الحافظ ~~أبا هلي الصدفي مختفيا قال ابن خاتمة: وكان اختفى قبل ذلك بأيام لنبذة خطة ~~القضاء من غير أن يعفى ووجد الرحالين إليه قد نفذت نفقات بعضهم ومنهم من ~~ابتدأ كتابا لم يتمه فأخذ أكثرهم في الرجوع إلى مواطنهم وتربص بعضهم فمكث ~~هو بقية صفر وشهر ربيع الأول لا يقع له على خبر سوى الظن بكونه هنالك وقابل ~~أثناء ذلك بأصوله وكتب منها PageV03P008 # ما أمكن على يد خاصته من أهله ولا يشك أن تصرفه في ذلك لم يكن إلا بأمره ~~إلى أن وصل كتاب قاضي الجماعة أبي محمد بن منصور بحل القاضي أبي علي عن ~~القضاء. # قال ابنه: ووصل كتابه إلى أبي معلما له بذلك إذ كان يكرم عليه وعلم ~~برحلته إليه فخرج أبو علي من اختفائه وجلس للتسميع فسمع عليه كثيرا وزمه ~~وكان له به اختصاص فحصل له سماع كثير في أمد يسير. # قال ابن خاتمة: سمع عليه الصحيحين والمؤتلف والمختلف ومشتبه النسبة لعبد ~~الغني والشهاب للقضاعي وغير ذلك وكتب عنه فوائد كثيرة عارض بأصوله وأجاز له ~~جميع رواياته. # قال ابنه رحمه الله: حكى أبو الفضل عياض رحمه الله أن القاضي أبا علي ~~الصدفي رحمه الله قال له: لولا يسر خروجي بلطفه لكنت عزمت أن أشعرك بموضع ~~يقع عليه الاختيار من بلاد الأندلس لا يؤبه لكوني فيه فتدخل إليه وأخرج ~~مختفيا إليه بأصولي فتجد ما ترغب لما كان في نفسي من تعطيل رحلتك وإخفاق ~~رغبتك. # ولقي في رحلته هذا قولهم: جماعة من أعلام الأندلس وأجاز أبو علي الجياني ms410 PageV03P009 # وشريح وابن شبرين وغيرهم من أعلام غرب الأندلس وأجاز أيضا أبو جعفر بن ~~بشتغير وابن الأدقر وأبو زيد بن منتال وغيره من أعلام شرق الأندلس. # قال ابن خاتمة: وفي رحلته هذه دخل المرية وبها لقيه القاضي أبو جعفر بن ~~مضاء. # قال ابنه: ووصل بلده بعد هذه الرحلة ليلة السبت سابع جمادى الآخرة سنة ~~ثمان وخمس مائة وأجلسه أهل بلده للمناظرة عليه في المدونة وهو ابن اثنين ~~وثلاثين عاما وبعد ذلك بيسير أجلس للشورى ثم ولى القضاء عام خمس عشر وخمس ~~مائة لقلاق بقين من صفر فسار فيها أحسن سيرة محمود الطريق مشكور الحالة ~~أقام جميع الحدود على ضروبها واختلاف أنواعها وبنى الزيادة الغربية في جامع ~~سبتة التي كمل بها جماله وبنى في جبل المينا الرابطة المشهورة إلى غير ذلك ~~من الآثار المحمودة والمساعي المرضية فعظم جاهه وبعد صيته. # ثم نقل إلى غرناطة ووصل إليه الكتاب بذلك في أول يوم من صفر عام أحد ~~وثلاثين وخمس مائة فنهض إليها وتقلد خطة قضائها على المعتاد من شيمته ~~السنية وأخلاقه المرضية مشكور عند جميع الناس لكن تاشفين ضاق به ذرعه وغص ~~بمراقبته وصد أصحابه عن الباطل وخدمته عن الظلم وتشريدهم عن الأعمال فسعى ~~في صرفه عن قضاء غرناطة فصرف بعد انفصاله عنها زائرا أهله وترك ابن أخيه ~~الزاهد أبا عبد الله رحمه الله على الأحكام PageV03P010 # وذلك في رمضان المعظم عام اثنين وثلاثين وخمس مائة. # ثم ولى قضاء سبتة ثانية في آخر عام تسعة وثلاثين وخمس مائة قدمه إبراهيم ~~بن تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين فابتهج أهل بلده بذلك فسار فيهم السيرة ~~التي عهدوا منه ثم بادر بالمسابقة إلى الدخول في نظام الموحدين والاعتصام ~~بحبلهم المتين فأقره أمير المؤمنين أدام الله أمره على ما كان عليه وصوف ~~أمور بلده إليه وخاطبه بالتنوية وحظى عنده وشكر بداره وسبقه. ثم رحل إليه ~~فاجتمع به بمدينة سلا عند توجهه إلى محاصرة مراكش فأوسع له وأجزل صلته ولقي ~~منه برا تاما وإكراما عاما وانصرف إلى أحسن ms411 حال إلى أن ثارت الفتنة. # انتهى كلام ولده وسنذكر بقيته في محله إن شاء الله تعالى. # وقال الشيخ العلامة أبو زيد عبد الله الرحمن الغرناطي المعروف بابن ~~القصير رحمه الله لما ورد علينا القاضي عياض غرناطة خرج الناس للقائه ~~وبرزوا تبريزا ما رأيت لأمير مثله وحزرت أعياد البلد الذين خرجوا إليه ~~ركابا نيفا على مائتي راكب ومن سواد العامة ما لا يحصى كثرة وخرجت مع أبي ~~رحمه الله تعالى في جملة من خرج فلقيناه شخصا بادي السيادة منبئا عن اكساب ~~المعالي والإفادة. قال: وكان وروده علينا يوم الخميس لخمس بقين من ربيع ~~الآخرة سنة ثلاثين وخمس مائة. انتهى. # وانظر قوله سنة ثلاثين مع ما تقدم لولده من أن ولايته قضاء غرناطة سنة ~~إحدى وثلاثين فلا أدرى أيهما أصوب إلا أن يقال أحدهما تحريف من الناسخ. ~~والله اعلم. PageV03P011 # ثم إني رأيت في الاحاطة أنه تولى قضاء غرناطة عام أحد وثلاثين فتبين أن ~~ذلك هو الصواب. ورأيت مثله غير موضع فبان أنه لا تحريف فيه. ويبقى النظر في ~~الآخر المنقول عن عبد الرحمن بن القصير وقد نقله ابن جابر الوادي آشي عن ~~عبد الرحمن المذكور كما حكيته سنة ثلاثين فالله اعلم. # ثم قال عبد الرحمن المذكور: ولما استقر عندنا كان مثل التمرة كلما ليكت ~~زاد حلاوة ولفظة عذب في كل ما صرف من الكلام للنفس إليه تتوق وله طلاوة ~~وكان برا بلسانه جوادا ببنانه كثير التخشع في صلاته مواصلا لصلاته وقد ~~جمعنا من سيره جملا في الكتاب الذي جمعنا فيه مناقب من أدركنا من أعيان ~~عصرنا ونبهائه وذكرنا له ما يفاخر برونقه وبهائه وكان مع براعته في علوم ~~الشريعة خطيبا في تحبير للخطب وفي لفظه ظاهر الخشوع عند التلاوة وفي لحظه ~~سريع العبرة مديما للتفكير والعبرة كاتبا إذا نثر ناظما إذا شعر. # انتهى. نقله ابن جابر وغير واحد كابن رشيد. # وقال في أوله ما نصه: قال أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن أحمد الأزدي: ~~ولي عندنا ببلدنا غرناطة حرسها الله تعالى ms412 الفقيه الأجل الحافظ الأحفل ~~القاضي الأكرم الأفضل الإمام الخطيب المصقع الأديب الأبرع أبو الفضل أبو ~~الفضل عياض. انتهى. # ونقلت من خط بعض تلامذة ابن رشيد وهو محمد بن البردعي ما نصه: وعبد ~~الرحمن هذا قد سألت عنه شيخنا المذكور يعني ابن رشيد فقال PageV03P012 # لي: لم يعرف به أحد من أهل الصلات. قلت: ولا المللاحي أيضا. # انتهى ببعض اختصار. # وكان الإمام القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله كثير الإنصاف ومما يدل على ~~إنصافه الحق وتواضعه ما حكاه عبد الرحمن المذكور آنفا إذ قال: دخلت مجلس ~~القاضي أبي الفضل عياض رحمه الله تعالى إذ كان قاضيا عندنا بغرناطة وبه ~~جماعة من الطلبة الأعيان يسمعون تأليفه المسمى بالشفا فلما وصل القارئ إلى ~~هذه الكلمات: " ومن قسم به أقسط " قرأه ثلاثين وكذلك كان في الأم التي كان ~~يقرأ فيها فقلت للقاضي وصل الله توفيقه: هذا لا يجوز في هذا الموضع. فقال: ~~ما تقول؟ فقلت: إنما هو أقسط لأن المراد في هذا الموضع " عدل " فالفعل منه ~~رباعي كما قال الله تعالى: # ) واقسطوا إن الله يحب المقسطين (. وأما قسط فإنما هو " جار " كما قال ~~تعالى:) وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا (. فتعجب وقال لمن حضر: إن هذا ~~الكتاب قد قرأه على من العالم ما لا يحصى كثرة ولا أقف على منتهى أعدادهم ~~وما تنبه لهذه اللفظة. وفاه بلسان الإنصاف وشكر بفضله وأبلغ ببراعة علمه في ~~تحسين المناقب والأوصاف وأورثني ذلك عنده كرامة كبيرة ومبرة ولم تزل مستمرة ~~وصنع من المكارم أجزل صنيع وأبره رحمه الله من طود علم وهضبة فضل وحلم ~~وتغمده إيانا برحمته ونفعه كما نفع في الدنيا والآخرة بعلمه. انتهى. PageV03P013 # قلت: وقد رأيت نسخة من الشفا بخط هذا الشيخ عبد الرحمن المذكور وحكى هذه ~~المسألة في الطرة بخطه كما نقلته حرفا حرفا إلا قوله: " المسمى بالشفا " ~~فانه لم يقله. وألفيت في آخر هذه النسخة بخط الفقيه محمد بن البردعي ~~المتقدم الذكر، تلميذ ابن رشيد الفهري عندما ذكر هذه الحكاية، ما نصه: # وعبد الرحمن هذا هو ms413 كاتب هذه النسخة وقد عاناها أحسن معاناة إلا الكراسة ~~الأخيرة فإنها ليست بخطه وقد ذكر هذه الحكاية في بعض طرره المتياسرة حيث ~~وقعت اللفظة المذكورة منه وأثبتها هنالك بخطه كما أثبت غيرها مما يدل على ~~علمه وتفننه في المعارف. وقد سألت عنه شيخنا أبا عبد الله المذكور يعني ابن ~~رشيد فقال لي: لم يعرف به أحد من أهل الصلات. قلت: ولا الملاحي أيضا. # انتهى ما ألفيته بخط ابن البردعي، وقد نقلت بعضه قبل هذا بأسطر، وأعدته ~~هنا لارتباط بعضه ببعض، والله الموفق. # قلت: ما ذكره ابن رشيد وتلميذه ابن البردعي، من أن عبد الرحمن المذكور لم ~~يعرف به أحد من أهل الصلات، قصور واضح وكذا قول ابن البردعي إن الملاحي لم ~~يذكره، فقد ذكره الملاحي وأبو جعفر بن الزبير في صلة الصلة وكناه أبا جعفر، ~~لا أبا القاسم، ولا أبا زيد، كما كناه ابن جابر وغيره مما ذكرناه. PageV03P014 # ونص ما في صلة ابن الزبير: عبد الرحمن بن أحمد بن أحمد بن محمد الأزدي، ~~من أهل غرناطة، يكنى أبا جعفر، ويعرف بابن القصير، من بيت شورى وجلالة، روى ~~عن أبيه القاضي أبي الحسن أحمد بن أحمد، وعن عمه أبي مروان عبد الملك بن ~~أحمد، وعن أبوي الحسن بن دري وابن الباذش، وأبي الوليد بن رشد، وأبي إسحاق ~~إبراهيم بن رشيق الطليطلي، نزيل وادي آش، وأبي بكر بن العربي، وأبي الحسن ~~بن موهب، وأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية، وأبي عبد الله بن أبي ~~الخصال، وأبي الحسن يونس بن مغيث، وأبي القاسم بن ورد، وأبي بكر بن مسعود ~~الخشني، وأبي القاسم بن بقي، وأبي الفضل عياض بن موسى وغيرهم، وكان فقيها ~~مشاورا، رفيع القدر، جليلا بارع الأدب، عارفا بالوثيقة، ناقدا لها، صاحب ~~رواية ودراية، تقلب ببلاد الأندلس، وأخذ الناس عنه بمرسيو وغيرها، ورحل الة ~~مدينة فاس، فأخذ الناس عنه بها، ثم رحل إلى أفريقية وولى قضاء تقيوس، ببلاد ~~الجريد، بمقربة من توزر، ثم ركب البحر قاصدا الحج، فتوفى شهيدا في ms414 البحر، ~~قتلته الروم بمرسى تونس، مع جماعة من المسلمين، صبح يوم الأحد، في العشر ~~الوسط من شهر ربيع الآخر، سنة ست وسبعين وخمس مائة. # وله تواليف وخطب ورسائل ومقامات، وجمع مناقب من أدركه من أهل عصره، ~~واختصر كتاب الحيل لابن خاقان الأصبهاني، وغير ذلك، وألف برنامج يضم ~~رواياته. ذكر أبو القاسم بن الملجوم في برنامجه، وروى عنه، واستوفى خبره، ~~وذكره الملاحي، وذكره الشيخ في الذيل، فيمن أسمه أحمد، PageV03P015 # وغلطه في ذلك الكنية، ثم ذكره فيمن اسمه عبد الرحمن، وظن أنمها رجلان. ~~انتهى كلام صاحب الصلة. # قلت: ولعل الحامل لابن رشيد وتلميذه على هذا القصور، اعتمادها على ~~الكنية، التي هي أبو زيد وأبو القاسم، وقد عرفت أن صاحب الصلة قد كناه بأبي ~~جعفر فقط، فلما فلعلهم لم يقفا على ما ذكرناه من التعريف به أصلا، أو وقفا ~~على أوله، حين رأيا صاحب الصلة كناه أبا جعفر، ظنا أنه غيره، ولم يمعنا ~~النظر في الترجمة إلى آخرها. وإلى الله مرجع العلم. # ثم إن الغلط في أمره وقع قبلهما لصاحب الذيل، كما قاله ابن الزبير. والله ~~سبحانه اعلم بالصواب. # قلت: وقد ذكرت في هذا الموضوع بعض فوائد عبد الرحمن المذكور، المكتوبة ~~بهامش الشفا، الذي بخطه، فراجعه في ترجمة تآليف عياض، عند ذكر كتاب الشفا. # وقال الفقيه الأجل، الراوي العدل، الزاهد الصالح، أبو القاسم خلف بن عبد ~~الملك بن بشكول رحمه الله، في ذكر القاضيابي الفضل عياض في صلته، ما نصه: # عياض بن موسى بن عياض اليحصبي، من أهل سبتة، يكنى أبا الفضل، قدم الأندلس ~~طالبا للعلم، وأخذ بقرطبة عن القاضي أبي عبد الله مج بن علي، وغيرهم، وأجاز ~~له أبو علي الغساني ما رواه، وأخذ بالمشرق عن القاضي علي حسين بن محمد ~~الصدفر كثيرا، وعن غيره، وعني بلقاء الشيوخ، والأخذ PageV03P016 # عنهم، وجمع من الحديث كثيرا، وله عناية كبيرة بهم، واهتم بجمعه وتقييده، ~~وهو من أهل التفنن في العلم، والذكاء واليقظة الفهم، واستقضى ببلده مدة ~~طويلة، فحمدت سيرته فيها، ثم نقل عنها إلى قضاء ms415 غرناطة، فلم يطل أمده بها، ~~وقدم علينا قرطبة في ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة، وأخذنا عنه ~~بعض ما عنده. وسمعته يقول: سمعت القاضي أبا علي بن محمد الصدفي يقول: سمعت ~~الإمام أبا محمد التميمي ببغداد يقول: ما لكم تأخذون العلم عنا، وتستفيدونه ~~منه منا، ثم لا تترحمون علينا، فرحم الله جميع من أخذنا عنه، من شيوخنا ~~وغيرهم. # ثم كتب إلى القاضي أبو الفضل بخطه، فذكر أنه ولد في منتصف شعبان من سنة ~~ست وسبعين وأربع مائة، وتوفي رحمه الله بمراكش، مغربا عن وطنه، وسط سنة ~~أربع وأربعين وخمس مائة. انتهى كلام ابن بشكول في الصلة، وذكرته كله وإن ~~كان بعضه قد تقدم ما يغني عنه، وبعضه يأتي، لأنه كلام أرتبط ببعضه. # ورأيت في كتاب " المرقبة العليا، في الأقضية والفتيا " للقاضي الخطيب أبي ~~الحسن علي بن عبد الله بن الحسن النباهي الغرناطي، رحمه الله، بعد أن ذكر ~~كلام صاحب الصلة السابق، ما نصه: قلت: وسكن القاضي أبو الفضل هذا بمالقة ~~مدة، وتمول بها أملاكا، وأصله من مدينة بسطة، ذكر ذلك حفيده، في الجزء الذي ~~صنفه في التعريف به وبتواليفه، وبعض أخباره وخطبه، تغمده الله وإيانا ~~برحمته، انتهى. PageV03P017 # وقال صاحب المطمح والقلائد في وصف القاضي عياض ما نصه: " جاء على القدر، ~~وسبق إلى نيل المعالي وابتدر، فاستيقظ لها والناس نيام، وورد ماءها وهم ~~حيام، وجلى من المعارف ما أشكل، وأقدم على ما أحجم عنه سواه ونكل، فتحلت به ~~للعلوم نحور، وتجلت له منها حور، " كأنهن الياقوت والمرجان "، " لم يطمثهن ~~إنس قبلهم ولا جان " قد ألحفته الأصالة رادءها، وسقته أنداءها، وألقت إليه ~~الرياسة مقاليدها، وملكته طريفها وتليدها، فبذ على فتائه الكهول، سكونا ~~وحلما، وسبقهم معرفة وعلما، وأزرت محاسنه بالبدر اللياح، وسرت بفضائله مسرى ~~الرياح، فتشوقت لعلاه الأقطار، ووكفت تحكي نداه الأمطار، وهو على اعتناء ~~بعلوم الشريعة، واختصاصه بهذه الرتبة الرفيعة، يعني بإقامة أود الأدب، ~~وينسل إليه أربابه من كل حدب ". # قال ابن جابر: هكذا وصفه صاحب المطمح. انتهى. # وهذا يدل على ms416 أن بعض ألفاظ المطمح كألفاظ القلائد لأن هذا الذي نقله ابن ~~جابر عن المطمح، هو بعينه في قلائد العقيان، وزاد بعد قوله: " من كل حدب " ~~ما نصه: إلى سكون ووقار كما رسا الطود، وجمال مجلس كما حليت الخود، وعفاف ~~وصون، ما علما فساد بعد الكون، وبهاء، لو رأته الشمس ما باهت بأضواء، وخفر، ~~لو كان للصبح ما لاح وأسفر. انتهى. # وقد رأيت بعض أوراق من المطمح، بخزانة الكتب من الجامع الأعظم بتلمستان، ~~حرسها الله، أعني الخزانة الوسطى، التي فوق محراب الصحن، وهي التي يجلس بها ~~الأشراف، أحفاد الشيخ الإمام، علم الأعلام PageV03P018 # سيدي أبي عبد الله الشريف التلمستاني، رحمه الله تعالى، شارح جمل ~~الخونجي، وصاحب التآليف المشهورة، المبرز على العلماء المعقول المنقول، ~~وعادة هؤلاء الأشراف أن يجلسوا بها يوم الجمعة، بعد الصلاة وقبلها، فوجدت ~~ألفاظ - أعني المطمح - كألفاظ القلائد، من غير فرق، غير أنه في المطمح ذكر ~~رجلا لم يذكرهم في القلائد، فظهر من مقتضى ذلك أن المطمح إنما زاد على ~~القلائد في الرجال، وأما ما اتففنا عليه فلفظهما فيه واحد. # وذكر غير واحد من الأئمة أن المطمح ثلاث نسخ: كبرى، ووسطى، وصغرى. وأصل ~~تسميته: " مطمح الأنفس، ومسرح التأنس، في ذكر أعيان الأندلس ". # ولعلنا نذكر فيما يأتي من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى، التعريف بصاحب ~~المطمح والقلائد المذكور، وهو الفتح بن عبد الله، الكاتب المعروف بابن ~~خاقان، في موضع أنسب من هذا، والله سبحانه المستعان، نسأله سبحانه أن ييسر ~~علينا كرم الله وجهه مرام، ويغتمد بالعفو ما ارتكبناه من إصرار وإجرام، ~~بجاه أشرف الخلق، ووسيلتهم إلى الحق، سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد الطلب ~~ابن هاشم، عليه من الله أفضل صلوات وأزكى سلامة، وعلى جميع إخواننا ~~المرسلين والنبيين، وعلى آله، وأصحابه، وأشياعه، وأنصاره، وأزواجه، وذريته، ~~وأهل بيته الطاهرين. # وكان القاضي أبو الفضل عياض - رحمه الله - حسن الإلقاء للمسائل، PageV03P019 # كثير التحرير للنقول، وقد انتفع به من العلماء ما لا يحصى، كأبي زيد عبد ~~الرحمن بن القصير، المتقدم الذكر. # وممن أخذ ms417 عنه القاضي الشهير أبو جعفر أحمد بن عبد الله الرحمن بن مضاء ~~اللخمي رحمه الله، وقد قدمنا أنه لقيه بالمرية. # وكان القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى وقورا، ذا سمت حسن، وهدي مستحسن، ~~وربما تقع منه دعابة، كما تصدر من الفضلاء أمثاله. # ومن دعابته ما حكاه ولده، قال: قال بعض أصحابنا: صنعت أبياتا تغزلت فيها، ~~والتفت إلى أبيك رضي الله عنه، ثم اجتمع بي، فاستشهدني إياها، فوجمت، فعزم ~~علي، فأنشدته: # أيا مكثرا صدى ولم آت جفوة ... وما أنا عن فعل الجفاء براضي # سأشكو الذي توليه من سوء عشرة ... إلى حكم الدنيا وأعدل قاضي # ولا حكم بيني وبينك أرتضي ... قضايا في الدنايا سوى ابن عياض # قال: فلما فرغت حسن وقال: ومتى عرفتني قوادا يا فلان، على طريق المداعبة، ~~رحمه الله تعالى، ورضي عنه وأرضاه. # وكان القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى كثير الاعتناء بالتقييد والتحصيل. # قال ابن خاتمة: كان لا يبلغ شأوه، ويدرك مداه، في العناية بصناعة الحديث، ~~وتقييد الآثار، وخدمة العلم، مع حسن التفنن فيه، والتصرف الكامل في فهم ~~معانيه، إلى اضطلاعه بالآداب، وتحققه بالنظم والنثر، ومهارته في الفقه، ~~ومشاركته في اللغة العربية. PageV03P020 # وبالجملة فكان جمال العصر، مفخر الأفق، وينبوع المعرفة، ومعدن الإفادة، ~~وإذا عدت رجالات المغرب، فضلا عن الأندلس، حسب فيهم صدرا. انتهى. وإنما ~~يعرف الفضل لأهل الفضل ذووه أهل الفضل. # وكان رحمه الله تعالى معظما للسنة، عالما عاملا، خاشعا قانتا، قوالا ~~للحق، لا يخاف في الله تعالى لومة لائم. وكان رحمة الله معتنيا بضبط ~~الألفاظ النبوية على اختلاف طرقها، وكتابه " المشارق " أزكى شاهد على ذلك، ~~ولقد كان بعض من لقيته من صلحاء عصرنا وعلمائه يقول: لا أحتاج في كتب ~~الحديث إلا للمشارق، فإذا كان عندي، أبالى بما فقدت منها، أو كلاهم هذا ~~معناه. وسنذكر إن شاء الله تعالى بعض ما قيل في كتاب المشارق في محله من ~~هذا الموضوع. # وكان رحمه الله حاضر الجواب حاد الذهن، متوقد الذكاء جامعا للفنون آخذا ~~منها بالحظ الأوفر. # وكان القاضي أبو الفضل ms418 عياض رحمه الله بارع الخط المغربي، وقد وقفت على ~~خطه رحمه الله، فرأيت خطأ رائقا، وكان سريع الوضع، ويدل على ذلك كثرة ~~أوضاعه، وكتب مع ذلك كتب كثيرة بيده. # وكان رحمه الله تعالى حسن العبارة لطيف الإشارة، وتآليفه شاهدة بذلك، وله ~~في الفقه المالكي اليد الطولي، وعليه المعول في حل ألفاظ المدونة وضبط ~~مشكلاته، وتحرير رواياتها، وتسمية رواتها. وتحقيق ذلك أنه جمع بين شرح ~~المعاني وإيضاحها، وضبط الألفاظ، وذكر من رواها من الحفاظ. # صناعة التأليف بالمغرب # ولقد وقف في بعض التعاليق لأحد المتأخرين على كلام في صناعة PageV03P021 # التأليف، رأيت أن أجلبه جميعه، لما فيه من ذكر بلاغة القاضي عياض ونصه: # وقد كان للقدماء، رضي الله عنهم، في تدريس المدونة اصطلاحان: اصطلاح ~~عراقي، واصطلاح قروي. فأهل العراق جعلوا من مصطلحهم مسائل مدونة كالأساس، ~~وبنو عليها فصول المذهب بالأدلة والقياس، ولم يعرجوا على الكتاب بتصحيح ~~الروايات، ومناقشة الألفاظ، ودأبهم القصد إلى إفراد المسائل، وتحرير ~~الدلائل، ورسم الجدليين، وأهل النظر من الأصوليين. وأما الاصطلاح القروي ~~فهو البحث على ألفاظ الكتاب، وتحقيق ما احتوت عليه بواطن الأبواب، وتصحيح ~~الروايات وبيان وجوه الاحتمالات والتنبيه على ما في الكلام من اضطراب ~~الجواب، واختلاف المقالات، مع ما أنضاف إلى ذلك من تتبع الآثار، وترتيب ~~أساليب الأخبار، وضبط الحروف على حسب ما وقع من السماع، وافق ذلك عوامل ~~الأعراب أو خالفها. # فهذه كانت سرة القوم رضوان الله عليهم، إلى أن عم التكاسل، وصار رسم ~~العلم كالماحل. ويحقق ما قلناه تصرف التونسي في تعاليقه اللطيفة المنزع، ~~واللخمي في تبصرته البارعة الختام والمطلع إلى غير ذلك من تآليف القرويين ~~وتعاليق المحققين، من شيوخ الأفريقيين. # وقد سلك القاضي عياض في تنبيهاته مسلك جمع فيه بين الطريقتين PageV03P022 # والمذهبين وذلك لقوة عارضته، نفعه الله بذلك، وأعاد إلينا من بركاته. ~~انتهى. # وقال في هذا التعليق في موضوع آخر ما نصه: وأغلب تآليف المشارقة الإيجاز، ~~لتمكن ملكتهم من التصرف، مثل كتاب ابن الحاجب، في فروعه وفي أصوله، ~~والخونجي في المنطق، وغيرهما، وإن كان الغالب على ms419 جل أئمة المشارقة ~~الإطناب، مثل الغزالي والإمام الفخر وغيرهما. # وأما أهل الأندلس فالغالب عليهم فيهقة البلاغة، في حسن رصف الكلام ~~وانتقائه، مثل عبارة القاضي عياض في تآليفه، التي لا تسمح القرائح بالإتيان ~~بمثلها والنسج على منوالها. # وانتهت صناعة التأليف في علماء المغرب، على صناعة أهل المشرق، لشيخ شيوخ ~~العلماء في وقته، ابن البناء الازدء المراكشي، في جميع تصانيفه، أوجب ذلك ~~براءة نسبة من البداوة، وملكنه في التصرف، التي هي نتيجة تحصيله. # ولم يظهر من علماء فاس شيء من التآليف المرتجلة ولا الملخصة، إلا ما كان ~~سبيله النسيج بها على ما هي عليه فقط، كما في تأليف المدونة المنسوبة للشيخ ~~أبي اللحسن وهي التي اعتنى بها طلبته، وبنوها على ما قيدوه عنه من فوائد ~~المجلس، وذلك كله في العشرة الرابعة من المائة الثامنة. ثم تلاهم طلبة PageV03P023 # الشيخ الجزولي على الرسالة، وتعددت تلك التقاييد أيضا، ونسبة إلى الشيخ ~~وإنما له فيها ما قيد عنه في المجلس. واختلف نظر الشيخين بحسب تعدد ~~السلكات، فقيد كل طالب ما سمع. فلا يقال في هذه تآليف، لكونها منسوخة من ~~أماكن معزوة. # والعلة في ذلك كون صناعة التعليم، وملكة التلقي، لم تبلغ فاسا، كما هي ~~بمدينة تونس، اتصلت إليهم من الإمام المازري، كما تلقاه عن الشيخ الخمي، ~~وتلقاها اللخمي عن حذاق القرويين، وانتقلت ملكة هذا التعليم إلى الشيخ ابن ~~عبد سلام، مفتي البلاد الإفريقية وأصقاعها، المشهود له برتب التبريز ~~والامامة، واستقرت تلذ الملكة في تلميذه ابن عرفة رحمه الله، وفي الشيخ ابن ~~الإمام التلمساني. ونجب من طلبة ابن الإمام تلميذه الإمام أبو عبد الله ~~الشريف، شارح الجمل وانتهت طريقته لولده أبي يحيى PageV03P024 # المفسر العالم. واستقرت أيضا طريقة ابن الإمام، في تلميذه سعيد بن محمد ~~العقباني، وانتهى ذلك إلى ولده شيخنا أبي الفضل قاسم العقباني، رحمهم الله ~~جميعا. قال ابن خلدون، ولمن ذكرنا من أهل المائة الثامنة انتهت طريقة ~~التعليم، وملكة التلقي. يعني بذلك الشريف والعقباني رحمهما الله تعالى، ~~قال: لكونهما ألفا التصانيف البعيدة، وزاحما رتبة الاجتهاد من ms420 غير منازع. # قلت: وكذلك بلغ رتبة التبريز في تحصيل العلم، كل واحد من ولديهما، الفقيه ~~السيد أبو القاسم بن سعيد، والفقيه الأوحد السيد أبو يحيى الشريف، إذ بلغ ~~درجة الإمامة والفتيا. وأما الإمامة ابن عرفة، فانتفع به جماعة، فكان ~~أصحابه كأصحاب سحنون: أئمة في كل بلد، فمنهم أيضا من بلغ درجة التأليف ووقع ~~الاتفاق على إمامته، وتقدمه وسمو رتبته، كشيخنا الإمام الحافظ المحصل أبي ~~القاسم بن أحمد البرزلي، مفتي ابلاد الإفريقية، ومؤلف كتاب الأسلة الحاوية ~~للنوازل والفتاوي. ومنهم شيخنا الإمام الحافظ المجتهد، صاحب التصانيف ~~المفيدة، أبو عبد الله محمد بن مرزوق، وله " المنزع النبيل، في شرح مختصر ~~خليل "، و " شرح التهذيب "، وغير ذلك من المسائل العلمية. PageV03P025 # قلت: إنما اقتصرت على ذكر هذين الشيخين الإمامين، لما لهما علي من ~~المشيخة، ولشهرتهما بالتأليف، التي تقوم مقام الشاهدة لما قلته، حتى نبد عن ~~شبه التعصب. # وأما من نجب من تلاميذة شيخ شيوخنا ابن عرفة، وتمكن من ملكة التعليم، ~~فخلق يطول عددهم، فمنهم من أدركناه، وأخذنا عنه، وأجزنا مروياته، ومنهم من ~~لم ندركه، نفع الله بجميعهم، وأعاد علينا من بركاتهم. # قلت: هنا انتهت ملكة الفقه من علماء القيروان عن المازري، إلى من ذكرنا، ~~ثم إلى من لقينا. # وأما ملكة العلوم النظرية، فهي قاصرة على البلاد المشرقية، ولا عناية ~~لحذاق القرويين والإفريقيين إلا بتحقيق الفقه فقط. ولم يزل الحال كذلك إلى ~~أن رحل الفقيه ابن زيتون إلى الشرق، فلقي تلاميذ الفخر بن خطيب، ولازمهم ~~زمانا، حتى تمكن من ملكة التعليم، وقدم إلى تونس، فانتفع به أهلها، وانتهت ~~طريقته النظرية إلى تلميذه ابن عبد السلام المذكور، واستقل تلميذه بن عرفة ~~بعده بتلك الطريقة، وكذلك أبو عيسى موسى ابن الإمام التلمساني المذكور ~~ولهذا تجد أثر العلوم النظرية بتلمستان. # قال الإمام ابن خلدون وغيره من أئمة التاريخ: لم نشاهد في المائة الثامنة ~~من سلك طريق النظار بفاس، بل في جميع هذه الأقطار، لأجل انقطاع ملكة ~~التعليم عنهم، ولم يكن منهم من له عناية بالرحلة، PageV03P026 # بل قصرت هممهم على ms421 طريق تحصيل القرآن، ودرس التهذيب فقط. نعم أخذوا شيئا ~~من مبادئ العربية من أهل الأندلس، القادمين عليهم من يبتة وغيرها، باستدعاء ~~ملوك بني مرين. قال: ولهذا لم يتصدر من الفاسيين من يقرئ " الكتاب " كما هو ~~متناول بين أهل الأندلس، مثل ابن أبي الربيع والشلوبين وغيرهما، لوجود ملكة ~~النحو في قطر الأندلس، بسبب رحلة علمائها إلى تلقيه من أربابها بالمشرق، ~~كما ارتحل أعلامهم إلى بغداد في تحصيل الفقه من الابهري، وكذا يحيى بن يحيى ~~عن مالك، وغير واحد وكذلك علوم الحديث وغيره، كرحلة الإمام الحافظ أبي بكر ~~بن العربي. # ولما كمل غرض أبي عنان، كبير ملوك بني مرين، من بناء مدرسته بالمتوكلية ~~بفاس، وكل بعيد الصيت في علو الهمة، قال انظروا من يقري بها الفقه، فوقع ~~الاختيار على الشيخ الصرصري الحافظ، ولما جلس بها واتسع صيته، وجه إليه أبو ~~عنان المذكور من يسأله في مسائل التهذيب، التي انفرد باتقانها وحفظها، ~~وطالبه بتحقيق ذلك وإتقانه، وحسن تلقيه، ولا أدري المنتخب له: هل هو أبو ~~عيسى موسى ابن أبي الإمام المذكور آنفا، أم السيد الشريف أبو عبد الله شارح ~~" الجمل "، المتقدم الذكر، أو هما معا، فطالباه بتحقيق ما أورده من المسائل ~~عن ظهر قلب، على المشهور من حفظه، فانقطع انقطاعا فاحشا، ولما أضجره ذلك ~~نزل عن كرسيه، وانصرف كئيبا، في PageV03P027 # غاية القبض، ولما اشتهر ذلك عنه وجه إليه أبو عنان الملك المتقدم الذكر، ~~فلما مثل بين يديه آنسة وسكنه، ثم قال له: أنا أمرت بذلك، كي تعلم ما عندك ~~من العلم، وما عند الناس، وتعلم أن دار الغرب في كعبة كل قاصد، فلا يجب أن ~~تتكل على حفظك، وتقتصر على ما حصل عندك، ولا يمنعك ما أنت فيه من التصدي، ~~عن ملاقاة من يرد من العلماء، والتنزل للأخذ عنهم، ولا يقدح ذلك في رتبتك ~~عندنا، إن شاء الله تعالى. # لخصت هذه الحكاية من تاريخ القيسي، فأنظرها. # قلت: وعكس هذا وقع لفقهاء فاس في أواسط المائة الثامنة، لما شرق السلطان ~~أبو الحسن رحمه الله ms422، وانتهت به درجة الاستبداد والاستقلال ببلاد إفريقية، ~~فظهر فقهاء المغرب ممن صحبه، على فقهاء تونس، لحفظهم كتاب التهذيب عن ظهر ~~قلب، وزعيم فقهاء المغرب يومئذ الرجل الصالح، أبو عبد الله السطي رحمه الله ~~ونفع به، إلى أن جاءت نوبة الشيخ ابن عبد السلام، وعقد مجلسه بمحضر السلطان ~~المذكور، ومن معه من الفقهاء والنحاة والكتاب والرؤساء، وتوجهت مطالبة ~~فقهاء المغرب له، فكان رحمه الله على ما وصفه به من أرخ الواقع، كأنه بحر ~~تلاطمت أمواجه، فكان يقطعهم واحد بعد آخر، وتلميذه ابن عرفة كذلك، إلى أن ~~قال ولي الله المنصف، أبو عبد الله السطي للسلطان: يا علي، كذا يكون ~~التحصيل، وكذا يقرأ الفقه، ولو لم يكن بتونس إلا هذا الإمام لكان بها كل ~~خير! فلا بد من ملازمة هذا لهذا المجلس، حتى ينتفع به أصحابنا، وينتع ~~بطريقه. وذلك هو السبب في التنويه بالشيخ ابن السلام رحمه الله، على أنه ~~كانت رغبته فيما عند الله أن مات. PageV03P028 # قلت: وإنما ذكرت هذه القضايا تنشيطا للناظر، وتحميضا للذاكر، ولم نزل ~~نسمع من أئمتنا ومن ذكرنا، في مجالي دروسهم، ما يشبه ما ذكرناه من آثار ~~السلف لما في ذلك من تقوية باعث الطالب على كيفية التحصيل والدرك، والجد في ~~إدراك أسبابه، وأخذ العلم من أربابه، والولوج إليه من بابه. # وكان الإمام المازري رحمه الله كثير الحكايات في المجلس، ويقول: هي جند ~~من جنود الله، حتى كان لا يخلي مجالسه منها. # تنبيه: إياك أن تظن القصور بمن تصدى للتقييد على " التهذيب "، من طلبة ~~الشيخ أبي الحسن، وكذا من تلاهم من طلبة الشيخ أبي زيد عبد الرحمن الجزولي، ~~ويقرع سمعك ما أفتى به الشيوخ، ومن له في العلم الرسوخ، أن تقاييد " ~~التهذيب " و " الرسالة " لا يعول عليها في الإقراء، ولا يوثق بشيء منها في ~~الفتيا، وأن من عول عليها في الإقراء يرد المراتب. # فاعلم شرح الله صدرك، إن القوم كانوا أهل صلاح وورع، وجد في طلب الفقه، ~~وإفراط حرص ومثابرة على درس " التهذيب "، وحفظ ما يتعلق به ms423 من النصوص فقط، ~~فبنى كل واحد في تقييده على ما سمعه من الشيخ، وما ناسب اجتهاده ونظره ومن ~~تقايد الفقهاء، مثل ابن يونس، واللخمي، والتنبيهات، وابن رشيد واختلف رأيهم ~~في ذلك، فمنهم الموجز، ومنهم المطنب، وباب الفتيا باب احتياط، فلا بد ~~للمفتي من مباشرة الكتب المروية، والأمهات الأصلية، ولا ينبغي له الاقتصار ~~على الواسطة، إذ لا يؤمن من خلل أو تصحيف، لفقد PageV03P029 # ملكة التأليف، وإنما الغالب على طباعهم تغفل البداوة، فقدح ذلك في صناعة ~~التصنيف، وكيفية التأليف، والقوم أهل دين متين كما وصفنا، فلا يقدح ذلك في ~~مراتبهم، ولا يثلم مناصبهم. # ووجه ثان: ذكر أهل الاصول في باب الاجتهاد أن مجهول الحال لا تقبل فتياه ~~كالراوي، وإن أضاب كل واحد، ولا يخفى عليك وقوع مثل هذا لأصحاب تلك ~~التقاييد. # ووجه ثالث: مبنى ما أفتى به العلماء من عدم التعويل على شيء منها في ~~الإقراء والفتايا، هو الله اعلم، لما اشتملت عليه من ذكر الشيء وضده، على ~~أسلوب واحد، وقد وقفت على ذلك في جل تلك التقاييد، وهو أن المقيد يجمع ~~للخلاف المذهبي ما ليس فيه، بل هو خارج المذهب، وقد وقع ذلك في موضع غير ~~واحد من تلك القاييد، كما نقل بعضهم الخلاف في التنقل في الصحراء قبل صلاة ~~العيد وليس كذلك، بل الخلافة قيما إذا صليت في المسجد، وأما في الصحراء فلم ~~يقل به إلا الشافعي. ومثل ذلك ما وقفت عليه في حكم السواك، قال المقيدع ~~كلام الشيخ في باب جمل من الفرائض: واختلف في حكم السواك على قولين: فقيل ~~إنه واجب، وقيل سنة، فأنت ترى هذا لخلاف، ولم يل بوجوبه إلا أهل الظاهر، ~~وعملا بصيغة ظاهر الحديث الوارد في ذلك. وكذلك وقفت على الخلاف في غسل ~~الجمعة، فقال المقيد: اختلف فيه: فقيل فرض، وقيل سنة. وقد علمت أيضا قول ~~أهل الظاهر بوجوبه، عملا بظاهر الحديث. وكذا الغسل: هل هو للجمعة أو لليوم؟ ~~فقال المقيد: اختلف في ذلك على قولين: وقد علمت قول اهخل الظاهر، وأنه ~~لليوم، حتى لو ms424 اغتسل بعد الصلاة لأجزأه. PageV03P030 # وكذا وقفت على القول ببطلان صلاته، على القول بفريضته، ولم يقل بذلك أهل ~~التصوف. وكذا القول بموجب المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل، وقد علمت ~~نصوص أهل المذهب في هذه المسائل. ومن في تلك التقاليد ما لا يحصى كثرة لمن ~~تأملها؛ وفيما ذكرنا كفاية، فلعل هذا هو سبب نقد العلماء في مجموع تلك ~~التقاليد. والله اعلم. # تنبيه: أحذر أيها الناظر، شرح الله صدري وصدرك، أن يقع في نفسك أن عجز ~~هؤلاء السادات عن صناعة التأليف، والحذق في التصنيف، وعدم الاقتدار، على ~~الترجيح والاختيار، وعدم القيام بمواد مدارك المحققين والنظار، يوجب قدحا ~~في مناصبهم، أو وصما في مراتبهم، فتكون ممن أساء الظن بالسالف، وعرض نفسه ~~إلى الهوى في مهاوي التلف، بل أوجب ذلك ما أصلناه وقدمناه، من أن القوم ~~كانوا أهل عمل ودين متين، وجرى على سنن السلف الأقدمين الصالحين العاملين، ~~فشغلهم ما أخذوا فيه من مدينة العمل، وإثقال التقلل والمجاهدة، وتحري ~~الحلال، والزهد والإقلال، عن تتبع مواد التحقيق، إلى فقد الملكة النظرية من ~~هذا القطر، وانقراضها منه منذ زمان إلى عصرنا هذا: وما حكوه من عدم ~~الترتيب، وقلة العزو للأقوال، حال من صرف عنايته لتقييد العلم من حيث هو، ~~ولم يتكلف ذكر مشهور، ولا ما عليه الجمهور، أو يكون اعتمد في تقييد ما قيد ~~على ما سمع من الشيخ في السلكات، فيعذر على هذا ولا يفند. والتقييد المعزو ~~للشيخ أبي الحسن اقل تكلفا لا محالة، إلا أنه لا يخفى ما فيه من ضعف ~~الاختيار، عند التحقيق والاستبصار. # أعاد الله علينا من بركاتهم، ونفعنا بهم. PageV03P031 # وما ذكرته في هذا الاستطراد مست الحاجة إليه، كما مست حاجة أئمة الحديث، ~~على جلالتهم وورعهم، إلى تبيين الضعيف والمجرح، وتدوين أخبار الضعفاء، ومن ~~نسب إليهم وهم أو تدليس أو وهن، وهذا لولا مسيس الحاجة، لم ينبغ أن يلتفت ~~إليه، والله الموفق بفضله. # ثم قال هذا العالم في موضع آخر: تنبيه: ولا يعترض على ما وقع للشيخ، من ~~الحكاية التي حدثنا بها شيخنا ms425 الإمام البرزلي رحمه الله، قال: لما قدم ~~الفقيه القباب، حافظ مدينة فاس، وزعيم فقهائها في عصره، يريد أداء فريضة ~~الحج، فاجتاز بحضرة تونس، فحضرة مجلس شيخنا ابن عرفة، هو ومن كان معه من ~~الفقهاء، فاستطرد الشيخ رحمه الله الكلام إلى إن قال: وكثيرا ما نجد في ~~تقييد الشيخ أبي الحسن: " يؤخذ من هذه المسألة "، فلا أدري صورة ذلك الأخذ ~~ما هو؟ هل هو من طريق الاستقراء، أو الاستنباط، أو القياس، أو المفهوم؛ وكل ~~قسم من هذه الأقسام يفتقر إلى شرط، ولا شيء من ذلك؟ فقال القباب لأصحابه ~~بعد انصرافهم: علمتم ما تحصل بأيدينا من الفقه، وصح عندكم أن الملكة التامة ~~في التحصيل والتصرف، إنما هذا في قوى أهل تونس ومن يليهم من أهل المشرق، ~~وإن قصارى ما عندنا وعند مشايخنا إنما هو حفظ المنصوص، وإبقاؤها على ما هي ~~عليه، وأن ملكة القروبين انتقلت إلى الأفريقيين. # فهذا الواقع من الشيخ، ليس هو بالمعارض لما وقع في جوابه، من اعتبار ~~المفهوم، إنما هو بحث في شرط المفهوم، وكيفية الاستنباط خاصة، فأعلم ذلك. # تنبيه: لا يقع في ذهنك قصور الشيخ في قوله: " يؤخذ من هذه المسألة "، ~~وأنه خفي عليه كيفية الأخذ. فاعلم، أرشدك الله، أن الشيخ أبا الحسن، كان ~~إمام PageV03P032 # وقته في فقه المدونة، وهو المستقل برياستها بعد شيخه الفقيه راشد، ما أخذ ~~عنه حتى ظهرت على يديه الكرامات الخارقة، في شفاء أصحاب العلل المزمنة وغير ~~ذلك، ولم ينظر في الفقه حتى أتقن علم الفرائض، وفنون البلاغة، وتلقى ذلك من ~~أربابه، وارتحل، وانتقل إلى تازا، فلازم أهل اللسان، وفرسان المعارف وقتا ~~طويلا، ثم اعتكف على قراءة " التهذيب "، ولازم الفقيه راشدا، واقتصر عليه، ~~وكان الفقيه راشد لا ينفذ بمدينة فاس حكما، ولا جوابا في نازلة، حتى يحضره، ~~ويعتني به، فلم تخط فراسته فيه؛ وكان لا يحجر عليه في القراءة، بل يقرأ من ~~" التهذيب " من أي مكان شاء، وقد صدقت فراسته فيه، فكان في ميزان حسناته ~~يوم القيامة. # واستيفاء التعريف بالشيخ، وذكر محنته بالقضاء، وسبب ms426 عزله، وذكر وفاته، ~~يخرجنا عن الاختصار. # انتهى ما مست الحاجة إليه من كلام هذا المتأخر، ونقلت أكثره بلفظه، تبركا ~~بعبارته، التي تلوح عليها إمارات الصالحين، وبالله التوفيق. # ولنذكر كلامنا من هذا المعنى، فنقول: قال الإمام أبو عبد الله الأبي رحمه ~~الله تعالى في شرح مسلم، عند كلامه على قوله) : " أو علم ينتفع به بعده ": ~~كان شيخنا أبو عبد الله ابن عرفة يقول: إنما تدخل التواليف في ذلك ذا ~~اشتملت على فائدة زائدة، وإلا فذلك تخسير للكاغد. ونعني بالفائدة الزائدة ~~على ما في الكتب السابقة عليه، وأما إذا لم يشتمل التأليف إلا على نقل ما ~~في الكتب المتقدمة، فهو الذي قال فيه: أنه تخسير للكاغد، وهكذا كان يقول في ~~مجالس التدريس، وأنه إذا لم يكون في مجلس التدريس التقاط PageV03P033 # زائدة من الشيخ، فلا فائدة في حضور مجلسه، بل الأولى لمن حصلت له معرفة ~~بالإصلاح، والقدرة على فهم ما في الكتب، أن ينقطع لنفسه، ويلازم النظر؛ ~~انتهى. # ونظم في ذلك أبياتا، وهي: # إذا لم يكن في مجلس الدرس نكتة ... بتقرير إيضاح لمشكل صورة # وعوز غريب انقل أو حل مقفل ... أو أشكال أبدته نتيجة فكرة # فدع سعيه وانظر لنفسك واجتهد ... ولا تتركن فالترك أقبح خلة # وكنت قلت في جواب أبياته هذه: # يمينا يمن أولاك أرفع رتبة ... وزان بك الدنيا بأحسن زينة # لمجلسك الأحظى الكفيل بكل ما ... على حسن ما عنه المحاسن جلت # فأبقاك من رقاك للناس رحمه ... وللدين سيفا قاطعا كل بدعة # وإني في قسمي هذا لبار، فلقد كنت أقيد من زوائد إلقائه، وفوائد إقرائه، ~~على الدول الخمس، التي كانت تقرأ بمجلسه، وهي: التفسير، والحديث، والدول ~~الثلاث التي بالتهذيب، نحو الورقتين كل يوم، مما ليس في كتاب، فالله ~~المسئول أن يقدس روحه، فلقد كان الغاية، وشهادة ذلك ما اشتملت على تواليفه ~~من ذلك، وناهيك بمختصره في الفقه، الذي ما وضع في الإسلام مثله، لضبطه فيه ~~المذهب: مسائل وأقوالا، مع الزيادة المكتملة، والتنبيه على المواضع ~~المشكلة، وتعريف الحقائق الشرعية. انتهى كلام الأبي ورأيت بخط ms427 بعض الأكابر ~~ما نصه: المقصود بالتأليف سبعة: شيء لم يسبق إليه فيؤلف، أو شيء ألف ناقصا ~~فيكمل، أو خطأ فيصحح، أو PageV03P034 # مشكل فيشرح، أو مطول فيختصر، أو مفترق فيجتمع، أو منثور فيرتب. وقد نظمها ~~بعضهم فقال: # ألا فاعلمن أن التأليف سبعة ... لكل لبيب في النصيحة خالص # فشرح لإغلاق وتصحيح مخطئ ... وإبداع حبر مقدم غير ناكص # وترتيب منثور وجمع مفرق ... وتقصير تطويل وتتميم ناقص # وألفيت بخط شيخ شيخنا، الإمام القاضي سيدي عبد الواحد الونشريشي، رحمه ~~الله، ما نصه: ألفيت بخط والدي، رحمه الله، على طرة من هذا المحل، وأعني ~~كلام الأبي السابق، ما نصه: # قلت: من هنا يعلم أن انطلاق اسم المدرس على المقتصر على نقل تقاييد ~~الرسالة والمدونة، من غير فتش ولا تنزيل، ولا كشف واستظهار بغيرها: مجاز، ~~لا حقيقة؛ وهذا الوصف كاد أن يعم أهل الوقت أو عمهم، فنسأل الله العظيم ~~المغفرة من التطفل، وتعاطي ما ليس في المقدور. # وقال أيضا: تأمل هاهنا الثناء على شيخ الإسلام، الإمام أبي عبد الله بن ~~عرفة، أسكنه الله دار السلام، وعلى تآليفه، لا سيما مختصره الفقهي، الذي ~~أعجز معقوله ومنقوله الفحول، خلافا لبعض القاصرين من طلبة فاس، فأنهم ~~يقولون: ما يقول شيئا، يطفئون نور الله، ويحتقرون ما عظم الله، ومستندهم في ~~ذلك بزعمهم حكاية تؤثر عن شيخ المحقق أبي العباس القباب، لا رأس لها ولا ~~ذنب، وحاشاه من ذلك، وما أراهم في هذا إلا كما قال الأول: # وكم من غائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقم PageV03P035 # ولقد حبس ملوك المغرب، رضوان الله عليهم، بخزانتي القرويين والأندلس، من ~~هذا الديوان المبارك نسخا عديدة، ثم لا يعرج عليها للمطالعة في هذا الوقت ~~أحد من الطلبة الحضرة، شتاء ولا صيفا، فأنا لله وأنا إليه راجعون، بخلاف ما ~~قيد عن الشيخ الجزولي، وأبي الحسن الصغير، فإنك تجدهم يزدحمون عليها في كل ~~زمان، وخصوصا فصل الشتاء، لا يلحق الآخر منها ورقة واحدة، مع كثرة عددها ~~بحيث ذكر، بل تجدهم يتنافسون في اقتنائها، بالأثمان العظيمة المجحفة، ومن ~~ملك ms428 منهم المسبع من الجزولي، وتقييد اليحمدي، وحائر مذهب إمام دار الهجرة ~~على التمام، والقائم بأمره. ولقد كان الحسن المغيلي عندهم في أعلى طبقة من ~~الفقه والتفقه، لقيامه على مسبع الجزولي نقلا، ولقد شاهدتهم يتساقطون ~~كالفراش، على نسخة من الجزولي بجزالة القروين، وزعموا أنها بخط أبي الحسن ~~المذكور، وهي مشحونة بالتصحيف، تعمى البصر والبصائر، نور الله قلوبنا ~~بذكره، وعمر ألسنتنا بشكره، ووفقنا لما فيه رضاه عنا. # انتهى ما ألفي بخط الشيخ سيدي أحمد الونشرينس، رضي الله عنه. أقول: ولقد ~~احسن بعض الأكابر من طلبة ابن عرفة، رحمه الله تعالى إذ يقول في مدح مختصره ~~المذكور: # إذا ما شئت أن تدعى إماما ... فخذ في درس مختصر الإمام # تنال به السعادة والمعالي ... وتضحى ظاهرا بين الأنام PageV03P036 # كتاب قد حوى من كل علم ... كبستان سقي غيث الغمام # فدع عنك السآمة وادرسنه ... وعن عينيك دع طيب المنام # وحل بدره جيد المعالي ... تفز بالخلد على أعلي مقام # وما أشار إليه الشيخ الونشريشي من قوله: " ومستندهم في ذلك بزعمهم حكاية ~~تؤثر عن القباب، لا رأس لها ولا ذنب "، أشار به إلى ما يزعمون عن الشيخ ~~القباب، وقد نقلها شيخنا الإمام سيدي أحمد بابا، أبقاه الله في تكميله ~~لديباج ابن فرحون، ونصه: ويقال أنه لما حج اجتمع في تونس بابن عرفة، فأوقفه ~~على ما كتب من مختصره الفرعي، وقد كان شرح في تأليفه، فقال له القباب: ما ~~صنعت شيئا. فقال له ابن عرفة: ولمه؟ قال: لأنه لا يفهمه المبتدئ، ولا يحتاج ~~إليه المنتهي. فتغير وجه ابن عرفة، ثم ألقى عليه مسائل أجابه عنها القباب. # ويقال إن كلامه هو الحامل لابن عرفة على أن بسط العبارة في أواخر ~~المختصر، وبين الاختصار، والله اعلم. انتهى كلام شيخنا أبقاه الله. قلت: ~~رأيت بخط ابن داود الأندلسي ثم التلمساني، ما نصه: وجدت بخط الرملي ما نصه: ~~حدثنا الشيخ ابن عرفة رضي الله عنه الله عنه، عن الشيخ القباب الفاسي، عن ~~الآبلي، قال: أورد السلطان أبو عثمان على فقهائه الحلة، في قول عائشة ms429 رضي ~~الله عنه عنها، في حديث مسلم: " فتوفي رسول الله) ، وكان مما يقرأ: " خمس ~~رضعات يحرمن ". أنظره في مسلم. قال: يلزم على هذا الخلف في خبرها، رضي الله ~~تعالى عنها، أو عدم حفظ القرآن، PageV03P037 # وكلاهما محال. قال: فسكت الحاضرون بأجمعهم. قال: فقلت: القرآن على قسمين ~~متحدين به، وهو المعجز، وغير متحدى به، والأول هو المحفوظ، بخلاف الثاني ~~بدليل هذا الحديث، قال: فقبله الحاضرون كلهم. # ولنورد هنا تمام الحكاية: وهذا يحتاج إلى دليل. وشنعه الأستاذ أبو سعيد ~~ابن لب غاية التشنيع، وقال: كون القرآن على قسمين قسم معجزة متحدى به محفوظ ~~يصلى به، وقسم بخلاف ذلك يحتاج إلى دليل ولا يوجد. انتهى. # ولو قيل: أنه لم يبلغها النسخ، كما أجابوا به حديث ابن مسعود في حديث ~~سورة:) والليل إذا يغشى (، لكان ابين وأحسن. وذكر ابن الخطيب القسنطيني ~~أنها في أسئلة مجموعة، منسوبة إلى السلطان أبي عنان رحم الله تعالى الجميع. ~~انتهت الوجادة. ونقلها بطولها لما فيها من الفائدة. والمسألة اعتاد الكلام ~~عليها في " مرتقى الوصول إلى بناء الفروع على الأصول " للسيد أبي عبد الله ~~الشريف، فراججعها منه. انتهى كلام ابن داود رحمه الله. # قلت: وبالجملة قإمامة الشيخ ابن عرفة لا تنكر ولا تجحد ومعرفته بالفنون ~~وتبريزه على أهل عصره، مما يعترف به كل منصف لوزعي أوحد، ولله در صاحب " ~~الشقائق النعمانية، في علماء الدولة العثمانية " حيث صرح بأن ابن عرفة فاق ~~أقرانه في فقه المالكية بالمغرب، آخر الثامن. ونص كلامه، عند ترجم لصاحب ~~القاموس: ### || ترجمة الفيروزأبادي عن الشقائق النعمانية # هو المولى الفاضل مجد الدين أبو الطاهر، محمد بن يعقوب بن محمد الشيرازي ~~الفيروزابادي. # كان رحمه الله تعالى ينتسب إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، صاحب PageV03P038 # التنبيه، وربما يرفع نسبه إلى أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، وكان يكتب ~~بخطه: " الصديقي ". # دخل بلاد الروم، واتصل بخدمة السلطان بايزيد بن السلطان مراد، ونال عنده ~~رتبة وجاها، وأعطاه السلطان مالا جزيلا، وأعطاه الأمير تيمور خمسة آلاف ~~دينار، ثم جال البلاد شرقا وغربا، وأخذ عن علمائها ms430، حتى برع في العلوم ~~كلها، لا سيما الحديث والتفسير والفقه. وله تصانيف كثيرة، تنيف على أربعين ~~مصنفا، وأجل مصنفاته " اللامع المعلم العجاب، الجامع بين المحكم والعباب "، ~~وكان تمامه في ستين مجلد، ثم لخصها في مجلدين، وسمى ذلك الملخص ب " القاموس ~~المحيط " وله تفسير القرآن العظيم، وشرح البخاري والمشارق، وكان لا يدخل ~~بلدة إلا وأكرمه واليها، وكان سريع الحفظ، وكان يقول: لا أنام حتى أحفظ ~~مائتي سطر، وكان كثير العلم والاطلاع على المعارف العجيبة؛ وبالجملة كان ~~آية في الحفظ والاطلاع والتصنيف. # ولد رحمه الله تعالى سنة تسع وعسرين وسبع مائة بكارزين، من أعمال شيراز، ~~وتوفى قاضيا بزبيد، في بلاد اليمن، ليلة العشرين من شوال، سنة ست أو سبع ~~عشرة وثمان مائة، ودفن بتربة الشيخ إسماعيل الجبتي. # وهو آخر من مات من الرؤساء، الذين أنفرد كل منهم بفن فاق فيه أقرانه، على ~~رأس القرن الثامن، وهم الشيخ سراج الدين البقيني، في الفقه على مذهب ~~الشافعي؛ والشيخ زين الدين العراقي في الحديث؛ والشيخ سراج الدين ابن ~~الملقن، في كثرة التصانيف وفن الفقه والحديث؛ والشيخ شمس الدين الفناري، في ~~الاطلاع على كل العلوم العقلية والنقلية والعربية؛ والشيخ أبو عبد الله بن PageV03P039 # عرفة، في فقه المالكية بالمغرب، والشيخ مجد الدين الشيرازي، في اللغة. ~~رحمهم الله تعالى أجمعين رحمة واسعة. # انتهى ما قصدته من كلام صاحب " الشقائق النعمانية، في علماء الدولة ~~العثمانية ". # قيل: ولو زاد ولي الدين بن خلدون في التاريخ وطبائع العالم، لحسن، والله ~~تعالى أعلم. # قلت: وإذ جرى ذكر صاحب القاموس، فلا بأس أن نورد ترجمته، على أتم مما ~~ذكره صاحب " الشقائق النعمانية " وربما وقع التخالف، فنقول: ### || ترجمة ثانية للفيروزابادي، عن الضوء اللامع للسنحاري # قال بعض حفاظ المشارق، وهو الإمام السخاوي في كتابه " الضوء اللامع ": هو ~~محمد بن يعقوب بن ابراهيم، بن عمر، بن أبي بكر، بن احمد، ابن محمود، بن ~~إدريس، بن فضل الله، بن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الكارزيني، المشهور ~~بمولانا الشيخ مجد الدين، الفيروزابادي، اللغوي الشافعي. ولد في ربيع الآخر ~~سنة ms431 عشرين وسبع مائة بكارزين، فنشأ بها، وحفظ القرآن وهو ابن سبع، وانتقل ~~إلى شيراز وهو ابن ثمان، فأخذ الأدب واللغة عن والده، ثم عن القوام عبد ~~الله بن محمود بن النجم، PageV03P040 # وغيرهم من علماء شيراز، وانتقل إلى العراق، فدخل واسط وبغداد، وأخذ عن ~~الشرف عبد الله بن بكتاش، وهو قاضي بغداد، ومدرس النظامية بها، وولى به ~~تداريس وتصادير، وظهرت فضائله، وكثر الأخذ عنه، فكان ممن أخذ عنه الصفدي. ~~ثم دخل القاهرة ولقي بها البهاء بن عقيل، والجمال الأسنوي، وابن هشام. وأخذ ~~عن علمائها، وجال في البلاد المشرقية والشمالية، ودخل الروم والهند، ولقي ~~جمعا من الفضلاء، وحمل عنهم شيئا كثيرا تجمعهم مشيخته، تخريج الجمال بن مسى ~~المراكشي، وفيه أن من مروياته الكتب الستة، وسنن البيهقي، ومسند أحمد وصحيح ~~ابن حبان، ومصنف ابن أبي شيبة، وغير ذلك، غير مشايخ عديدة، وجم غفير. PageV03P041 # ثم دخل زبيد في رمضان سنة ست وتسعين، بعد وفاة قاضي الأقضية باليمن كله، ~~الجمال الريمي شارح التنبيه فتلقاه الأشرف إسماعيل بالقبول وبالغ في إكرامه ~~وصرف له ألف دينار سوى ألف أخرى أمر ناظر عدن أن يجهزه بها واستمر مقيما في ~~كنفه على نشر العلم وكثر الانتفاع به وأضيف إليه قضاء اليمن كله في ذي ~~الحجة سنة سبع وتسعين بعد ابن عجيل فأرتفع بالمقام في تهامة وقصده الطلبة ~~وقرأ السلطان فمن دونه عليه فاستمر بزبيد مدة عشرين سنة وهي بقية أيام ~~الأشراف ثم ولد الناصر أحمد. وكان الأشراف قد تزوج ابنته لمزيد جمالها ونال ~~منه برا ورفعة بحيث أنه صنف كتابا وأهاداه له على أطباق فملأها له دراهم ~~وفي أثناء هذه المدة قد مكة مرارا وجاور المدينة والطائف وعمل بها مآثر ~~حسنة وكان يحب الانتساب إلى مكة ويكتب بخطه: " الملتجئ إلى حرم الله تعالى ~~" ولم يدخل بلدا إلا وأكرمه متوليها وبالغ في تعظيمه مثل شاه منصور بن شجاع ~~صاحب تبريز والأشرف صاحب مصر والسلطان بايزيد خان بن عثمان متولى الروم ~~وابن أويس صاحب بغداد وتمرلنك وغيرهم. # واقتنى كتبا كثيرة حتى ms432 نقل عنه أنه قال: اشتريت بخمسين ألف مثقال ذهبا ~~كتبا. ولا يسافر إلا وفي صحبته منها أحمال ويخرجها من كان منزل وينظر فيها. ~~وصنف كتبا كثيرة منها: " بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز " ~~مجلدان و " تنوير المقباس في تفسير ابن عباس " PageV03P042 # أربع مجلدات و " تيسير فائحة الإهاب في تفسير فاتحة الكتاب " مجلد كبير و ~~" الدر النظيم المرشد إلى مقاصد القرآن العظيم " و " حاصل كور الخلاص في ~~فضائل سروة الإخلاص " و " شرح خطبة الكشاف " و " شوارق الأسرار العلمية في ~~شرح مشارق الأنوار النبوية " أبرع مجلدات و " منح الباري بالسيل العفسيح ~~الجاري في شرح صحيح البخاري " كمل ربع العبادات منه في عشرين مجلدا و " ~~الإسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد " ثلاث مجلدات و " النفحة العنبرية في ~~مولد خير البرية " و " الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر " و " الوصل ~~والمنى في فضل منى " و " المغانم المطالبة في معالم طالبه " و " مهيج ~~الغرام إلى البلد الحرام " و " إثارة الحجون لزيارة الحجون " عمله في ليلة ~~و " أحسن اللطائف في محاسن الطائف " و " فصل الدرة من الخرزة في فضل ~~السلامة على الخبزة " قريتان بالطائف و " روضة الناظر في ترجمة الشيخ عبد ~~الله الادر " و " المرقاة الوفية في طبقات الحنفية " و " البلغة في تراجم ~~أئمة النحو واللغة " و " الفضل الوفي في العدل الأرفي " و " نزهة الأذهان ~~في تاريخ أصبهان " و " تعيين الغرفات للمعين في عين عرفات " و " منية السول ~~في دعوات الرسول " و " التجاريح في فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح " و " ~~تسهيل طريق الوصول إلى الأحاديث الزائدة في جامع الأصول " و " الأحاديث ~~الضعيفة " و " الدر الغالي في الأحاديث العوالي " و " سفر السعادة " و " ~~المتفق وضعا المختلف صنعا " و " الامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم ~~والعباب وزيادات امتلأ بها PageV03P043 # الوطاب " قدر تمامه في مائة مجلد يقرب كل مجلد منه من صحاح الجوهري اكمل ~~منه خمس مجلدات و " القاموس المحيط والقابوس الوسيط " و " مقصود ذوي ~~الألباب في علم الإعراب " مجلد و " تخبير الموشين فيما يقال بالسين والشين ~~" تتبع في ms433 أوهام المجمل لابن فارس في ألف موضع و " المثلث الكبير " في خمس ~~مجلدات و " الروض المسلوف فيما له اسمان إلى الألوف " و " تحفة القماعيل ~~فيمن يسمى من الملائكة والناس إسماعيل " و " أسماء السراح في أسماء النكاح ~~" و " الجليس الأنيس في أسماء الخندريس " مجلد و " أنوار الغيث في أسماء ~~الليث " و " ترقيل الأسل في تصفيق العسل " في كراسين و " زاد المعاد في وزن ~~بانت سعاد " وشرحه في مجلد و " التحف الظرائف في النكت الشرائف " وغير ذلك ~~من مختصر ومطول. # وقال التقي الكرماني: كان عديم النظير في زمانه نظما ونثرا بالفارسي ~~والعربي جال البلاد واجتمع بمشايخ كثيرة وأقام بدهلك مدة عظمة سلطانها ~~وجاور بمكة عشرين سنة وصنف بها القاموس في مجلدات فأمره والدي باختصاره ~~فاختصره في مجلد ضخم وفيه فوائد عظيمة واعتراضات على الجوهري وسافر إلى ~~الهند والروم وعظمة سلاطينها واجتمع بتمرلنك فعظمه وأنعم عليه بمائة ألف ~~درهم. # وقال الخزرجي في تاريخ اليمن: إنه لم يزل في ازدياد من علو الجاه ~~والمكانة ونفوذ الشفاعات والأوامر على القضاة في الأمصار. PageV03P044 # ورام عام تسعة وتسعين الوصول إلى مكة شرفها الله فكتب إلى السلطان ما ~~مثاله: # " ومما ننهيه إلى العلوم الشريفة ضعف العبد ورقدة جسمه ودقة بنيته وعلو ~~سنه وقد آل إلى أن صار كالمسافر الذي تحزم وانتعل إذ وهن العظم والرأس ~~اشتعال وتضعضع السن وتقعقع الشن فما هو إلا عظام في جراب وبنيان قد أشرف ~~على الخراب ود ناهز العشرة التي تسميها العرب دقائق الرقاب وقد مر على ~~المسامع الشريفة غير مرة في صحيح البخاري قولهم: رسول الله صلى الله عليه ~~وسلم: إذا بلغ المرء ستين سنة فقد أعذر الله إليه فكيف من ينيف على السبعين ~~وأشرف على الثمانين؟ ولا يجمل بالمؤمن أن يمضي علليه أربع سنين ولا يتجدد ~~له سوق وعزم إلى بيت رب العالمين وزيارة سيد المرسلين. وقد ثبت في الحديث ~~النبوي ذلك والعبد له ست سنين عن تلك المسالك وقد غلب عليه الشوق حتى جل ~~عمره عن الطوق ومن أقضى أمنيته ms434 أن يجدد العهد بتلك المعاهد ويفوز مرة أخرى ~~بتلك المشاهد وسؤاله من المراحم العلية الصدقة عليه بتجهيزه في هذا العام ~~قبل اشتداد الحر وغلبة الأوام فإن الفصل أطيب والريح أزيب وأيضا كان من ~~عادة الخلفاء سلفا وخلفا أنهم كانوا يبردون البريد لتبليغ سلامهم لحضرة سيد ~~المرسلين صلى الله عليه وسلم فاجعلني PageV03P045 # جعلني الله فداك ذاك البريد فلا أتمنى شيئا سواه ولا أريد. # شوقا إلى الكعبة الغراء قد زادا ... فاستحمل القلص الوخادة الزادا # واستأذن الملك المنعام زيد علا ... واستودع الله أصحابا وأولادا # فلما وصل كتابه إلى السلطان كتب على طرته ما مثاله: " إن هذا الشيء ما ~~ينطق به لساني ولا يجري به قلمي فقد كانت اليمن عمياء فاستنارت فكيف يمكن ~~أن نتقدم وأنت تعلم أن الله قد أحيا بك ما كان ميتا من العلم؟ فبالله عليك ~~إلا ما وهبت لنا بقية هذا العمر. والله يا مجد الدين يمينا بارة أرى فراق ~~الدنيا ونعيمها ولا فراقك أنت اليمن وأهله. # قال الفاسي: له شعر كثير ونثره أعلى وكان الاستحضار لمحسنات الشعر ~~والحكايات وله خط جيد مع السرعة وكان كثير الحفظ حتى يقال إنه قال: ما كنت ~~أنام حتى أحفظ مائتي سطر وكانت له دار بمكة على الصفا عملها مدرسة للأشرف ~~صاحب اليمن وقرر بها مدرسين وطلبة وفعل بالمدينة كذلك وله بمنى دور ~~وبالطائف بستان وقد سارت الركبان بتصانيفه لا سيما القاموس فإنه أعطى قبولا ~~كثيرا. # قال الاديب المفلق نور الدين بن محمد العفيف المكي الشافعي لما قرأ عليه ~~القاموس: # مذ مدينة مجد الدين في أيامه ... من فيض أبحر علمه القاموسا # ذهبت صحاح الجوهري كأنها ... سحر المدائن حين ألقى موسى PageV03P046 # ومن شعره مما كتبه عنه الصلاح الصفدي رحمه الله: # أحبتنا الأماجد إن رحلتم ... ولم ترعوا لنا عهدا وإلا # نودعكم ونودعكم قلوبا ... لعل الله يجمعنا وإلا # وكان يرجو وفاته بمكة المشرفة فما قدر الله له ذلك بل توفي بزبيد وقد ~~ناهز التسعين وهو ممتع بحواسه وذلك ليلة العشرين من شوال سنة سبع عشر وثمان ~~مائة ms435 تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته. انتهى ملخصا من الضوء ~~للسخاوي رحمه الله. # ولأبي عبد الله الفيومي يمدح القاموس المذكور: # لله قاموس يطيب وروده ... أغنى الورى عن كل معنى أزهر # لفظ الصحاح بلفظه والبحر من ... عاداته يلقى صحاح الجوهري # وقال عبد الرحمن بن معمر الواسطي في رموزة: # وما فيه من رمز بحرف فخمسة ... فميم لمعروف وعين لموضع # وجيم لجمع ثم هاء لقرية ... وللبلد الدال التي أهملت فع # وأنشدنا فيه لغيره سيدنا ومولانا شيخ الشيوخ وخاتمة أهل التثبت والرسوخ ~~ملحق الأحفاد بالأجداد المبرز على النظراء والأنداد مفتي تلمسان وأصقاعها ~~ومعتمد أهل أقطارها وبقاعها عمنا سيدي سيد بن أحمد المقري صب الله عليه ~~شآبيب رضوانه آمين: PageV03P047 # ألا ما لهذا في اللغات متشابه ... فما هو إلا كاسمه زاخر بحر # أحاط بما يحوي سواه وفاقه ... بمبدع لفظ مع لغات بها كثر # جزى الله خيرا من تصدى لجمعه ... وآتاه فضلا زاد ما اتصل الدهر # قلت: هذه الأبيات لتقي الدين الواسطينظمها تجاه الكعبة المشرفة. وأنشدني ~~أيضا رحمه الله تعالى وكتبها بخطه: # وما جاء القاموس رمزا فستة ... لموضعهم عين ومعروف الميم # وجج لجمع الجمع دال لبلدة ... وقريتهم هاء وجمع له الجيم # انتهى. # قلك: ومن غرب ما منح الله تعالى المجد مؤلف القاموس المذكور أنه بدمشق ~~بين باب النصر والفرج تجاه بغل النبي صلى الله عليه وسلم على ناصر الدين ~~أبا عبد الله محمد بن جهبل صحيح مسلم في ثلاثة أيام وتبجح فقال: # قرأت بحمد الله جامع مسلم ... بجوف دمشق الشام جوفا لإسلام # على ناصر الدين الإمام بن جهبل ... بحضرة حفاظ مشاهير أعلام # وتم بتوفيق الإله بفضله ... قراءة ضبط في ثلاثة أيام # فسبحان المانح الذي يؤتي فضله من يشاء. ### || ترجمة ثالثة للفيروز ابادي عن انباء الغمر لابن حجر # وبعد أن كتبت هذه الترجمة وقفت على كلام تلميذه الإمام ابن حجر " إنباء ~~الغمر بأنباء العمر " فأوردته هنا وإن كان مخالفا في بعض المواقع قدمها إذ ~~لا يخلو من فائدة ونصه: محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عمر الشيرازي ms436 الشيخ ~~العلامة PageV03P048 # مجد الدين أبو الطاهر الفيروزابادي كان يرفع نسبه إلى الشيخ أبي إسحاق ~~الشيرازي صاحب التنبيه ويذكر أن بعد عمر أبا بكر بن أحمد بن أحمد بن فضل ~~الله بن الشيخ أبي إسحاق. ولم أزل اسمع مشاهير مشيخنا يطعنون في ذلك ~~مستندين إلى أن الشيخ أبا إسحاق لم يعقب. # ثم ارتقى الشيخ مجد الدين درجة فادعى بعد أن ولي قضاء اليمن بمدة طويلة ~~أنه من ذرية أبا بكر الصديق رضي الله عنه. وزاد إلى أن رأيت بخطه لبعض ~~نوابه في بعض كتبه: " محمد الصديق " ولم يكن مدفوعا عن معرفة إلا أن النفس ~~تأبى قبول ذلك. # ولد الشيخ مجد الدين سنة تسع وعشرين وسبع مائة بكارزين وتفقه ببلاده وسمع ~~بها من محمد بن يوسف الزرندي المدني صحيح البخاري وعلى بعض أصحاب الرشيد بن ~~أبي القاسم ونظر في اللغة فكانت جل قصده في التحصيل فمهر فيها إلى أن تميز ~~وفلق أقرانه ودخل الديار الشامية بعد الخمسين فسمع بها وظهرت فضائله وكثر ~~الآخذون عنه ثم دخل القاهرة ثم جال في البلاد الشمالية والمشرقية ودخل ~~الهند وعاد منها على طريق اليمن قاصدا مكة المشرفة ودخل زبيد فتلقاه الملك ~~الأشرف إسماعيل بالقبول وكان ذلك بعد وفاة جمال الدين الريمي قاضي الأقضية ~~باليمن كله فقرره الأشرف مكانه وبالغ في إكرامه فاستقرت قدمه بزبيد واستمر ~~في ذلك إلى أن مات. وقدم هذه المدة مكة مرارا وأقام بها وبالطائف ثم رجع ~~وصنف القاموس المحيط في اللغة لا مزيد عليه في حسن الاختصار وميز فيه PageV03P049 # زياداته في الصحاح بحيث لو أفردت لكانت قدر الصحاح وأكثر في عدد الكلمات ~~وقرئ غليه. وكان أولا أبتدا بكتاب كبير في اللغة سماه: " اللامع المعلم ~~العجاب الجامع بين المحكم والعباب " وكان يقول: لو كمل لكان مائة مجلد. ~~وذكر عنه الشيخ برهان الدين الحلبي أنه تتبع أوهام المجمل لابن فارس في ألف ~~موضع وكان مع ذلك يعظم ابن فارس ويثني عليه. # وقد أكثر المجاورة بالحرمين الشرفين وحصل دنيا طائلة وكتبا نفيسة لكنه ~~كان كثير ms437 التبذير وكان لا يسافر إلا وصحبته عدة أحمال من الكتب ويخرج ~~أكثرها من كل منزل فينظر فيها ويعيدها إذا رحل وكان إذا أملق باعها. وكان ~~الأشرف كثير الإكرام له حتى إنه صنف له كتابا وأهداه له على أطباق فملأها ~~له دراهم وصنف للناصر كتابا سماه: " تسهيل الوصول إلى الأحاديث الزائدة على ~~جامع الأصول " و " الإصعاد إلى رتبة الاجتهاد " في أربعة أسفار وشرع في شرح ~~مطول على البخاري ملأه بغرائب المنقولات وذكر أنه بلغ عشرين سفرا. إلا أنه ~~لما اشتهرت باليمن مقالة ابن عربي ودعا إليها الشيخ إسماعيل الجبرتي وغلب ~~على علماء تلك البلاد صار الشيخ مجد الدين يدخل في شرح البخاري من كلام ابن ~~عربي في الفتوحات ما كان سببا لشين الكتاب المذكور. # ولم أكن أتهم الشيخ بالمقالة المذكورة إلا أنه كان يحب المداراة. وكان ~~الناشري فاضل الفقهاء بزبيد يبالغ في الإنكار على إسماعيل وشرح ذلك يطول. ~~ولما اجتمعت بالشيخ مجد الدين أظهر لي إنكار مقالة ابن عربي وغض PageV03P050 # منها ورأيته يصدق بوجود رتن الهندي وينكر على الذهبي قوله في الميزان إنه ~~لا وجود ليس. قال الشيخ مجد الدين: إنه دخل قريته ورأى ذريته وهم مطبقون ~~على تصديقه وقد أوضحت ذلك في ترجمة " رتن " من كتاب الإصابة. # ومن تصانيفه: " شوارق الأسرار في شرح مشارق الأنوار " و " الروض المسلوف ~~قيما له اسمان إلى الألوف " و " تحبير الموشحين فيما يقال بالسين والشين ". ~~وكان يقول: ما كنت أنام حتى أحفظ مائتي سطر ولم يقدر له قط أنه دخل بلدة ~~إلا وأكرمه متوليها وبالغ في إكرامه مثل شاه شجاع صاحب تبريز والأشرف صاحب ~~اليمن وابن عثمان صاحب التركية وأحمد بن أويس صاحب بغداد وغيرهم ومتعه الله ~~بسمعه وبصره إلى أن مات. # سمع الشيخ مجد الدين من ابن الجبار وابن القيم وابن الحموي وأحمد ابن عبد ~~الرحمن المرداوي وأحمد بن مطر النابلسي والشيخ تقي الدين السبكي ويحيى بن ~~علي بن مجلى بن الحداد وغيرهم بدمشق في سنة نيف وخمسين وبالقدس من العلائي ~~والبياني وبمصر من ms438 القلانسي ومظفر الدين PageV03P051 # وناصر الدين التونسي وابن نباتة والفارقي والعرضي والعز بن جماعة وبمكة ~~من خليل مالكي والتقى الحرازي ولقي بغريها من البلاد جمعا جما من الفضلاء ~~وحمل عنهم شيئا كثيرا وخرج له الجمال المراكشي مشيخة واعتنى بالحديث. # اجتمعت به بزبيد وفي وادي الخصيب وناولني جل القاموس وأذن لي مع المناولة ~~أن أرويه عن وقرأت عليه من حديثه عدة أجزاء وسمعت منه المسلسل بالأولية ~~لسماعه من السبكي وكتب لي قريظا على بعض تخريجاتي أبلغ فيه وأنشدني لنفسه ~~في سنة ثمان مائة بيتين كتبهما عنه الصلاح الصفدي في سنة سبع وخمسين بدمشق ~~وبين كتاباته عنه ووفاته ستون سنة رحمه الله: # أخلانا الأماجد إن رحلتم ... ولم ترعوا لنا عهدا وإلا # نودعكم ونودعكم قلوبا ... لعل الله يجمعنا وإلا # مات رحمه الله تعالى في ليلة العشرين من شوال وهو ممتع بحواسه وقد ناهز ~~التسعين. # انتهى كلام ابن حجر في ترجمته سنة سبع عشرة وثمان مائة من " إنباء الغمر ~~بأنباء العمر ". # ووجدت في بعض المقيدات بخط بعض الفضلاء ممن يوثق بدينه وعلمه من أهل ~~عصرنا ما نصه: سئل شيخ الإسلام الشيخ مجد الدين الفيروزبادي رضي الله عنه ~~صاحب كتاب القاموس في اللغة بما نصه: PageV03P052 # ما يقول سيدنا ومولانا شيخ الإسلام في الكتب المنسوبة إلى الشيخ محي ~~الدين بن عربي كالفتوحات والفحوص هل تحل قراءتها وإقراؤها ومطالعتها؟ وهل ~~هي من الكتب المسموعة المقروءة أم لا؟ فقال رضي الله عنه: الذي أقول ~~وأتحققه وأدين الله به: أن الشيخ محي الدين كان شيخ الطريقة حالا وعملا ~~وإمام التحقيق حقيقة ورسما ومحيي رسوم العارفين فعلا واسما: # إذا تغلغل فكر المرء في طرف ... من بحره غرقت فيه خواطره # فهو بحر لا تدركه الدلاء وسحاب لا تتقاصر عنه الأنواء كانت دعواته تخترق ~~السبع الطباق وتفترق بركتها فتملأ الآفاق وإني أصفه وهو يقينا فوق ما وصفته ~~وناطق بما كتبته وغالب ظني أني ما أنصفته: # وما علي إذا ما قلت معتقدي ... دع الجهول يعد العدل عدوانا # والله والله والله العظيم ومن ... أقامه حجة ms439 للدين برهانا # إن الذي قلت بعض مناقبه ... ما زدت إلا لعلي زدت نقصانا # وأما كتبه ومصنفاته فهي البحار الزواخر ما وضع الواضعون مثلها. انتهى. ~~وباقي الجواب سقط سهل الله كماله. PageV03P053 # قلت: ولما جرى ذكر الشيخ بن عربي الحاتمي فلا بأس من أن نلم ببعض حاله ~~فنقول: قال ابن خاتمة: محمد بن علي الطائي بن عربي الصوفي من أهل إشبيلية ~~وأصله من سبتة يكنى أبا بكر ويعرف بابن عربي وبالحاتمي أيضا. # أخذ عنه مشيخة بلده ومال إلى الأدب وكتب لبعض الولاة بالأندلس ثم رحل إلى ~~المشرق حاجا فأدى الفريضة ولم يعد بعدها إلى الأندلس وسمع الحديث من أبي ~~القاسم الخرستاني وغيره وسمع صحيح مسلم من الشيخ أبي الحسن ابن أبي نصر في ~~شوال سنة ست وست مائة وكان يحدث بالإجازة العامة عن أبي طاهر السفلفي ويقول ~~بها وبرع في علم التصويف وله في ذلك تواليف كثيرة منها: " ملاك التأويل ~~وحقائق التنزيل " و " الجذوة المقتبسة والحظوة المختلسة " و " كتاب المعارف ~~الإلهية " و " كتاب الإسرا إلى المقام الأسرى " و " كتاب مواقع النجوم ~~ومطالع أهلة أسرار العلوم " و " كتاب عنقاء مغرب في صفة ختم الأولياء وشمس ~~المغرب " وكتاب في فضائل شيخه عبد العزيز بن أبي بكر القرشي المهدوي ~~والرسالة الملقبة " بمشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية " في ~~كتب أخر عديدة. # وقدم على المرية من مرسية مستهل شهر رمضان سنة خمس وتسعين وخمس مائة وبها ~~ألف كتابه الموسوم بمواقع النجوم. # قال الأستاذ أبو جعفر: ولا نسلم له جميع مقالاته وموضوعاته وإن كان لعلو ~~في الإعراب قد تكلم من وراء حجاب وتحصن من الرمز بسند PageV03P054 # منيع الحرز ففي الإشارة الراجحة الدليل ما يقوم مقام العبارة الواضحة ~~السبيل. # ولقد حكى لي بعض تقات أصحابنا عمن لقي من كبار شيوخ أهل العلم أنه كان ~~يطعن عليهم ويرميه بوهن يقال دينه ويناسبه إليه والله اعلم بحقيقة ذلك إذ ~~كل كلام يغلب المجاز والاستعارة عليه من غير قرينة فهو مستشعب المسالك. ~~وعلى الجملة فهو الذي جرأ على نفسه لمآخذه المظلمة ms440 المدارك المشوشة على ~~السالك. # قال ابن الأبار: وقد لقيته جماعة من العلماء والمتعبدين وأخذوا عنه وتوفي ~~بعد الأربعين وست مائة. # ذكر ابن الأبار وقال: أفادني بعض أصحابنا أنه أجاز إجازة عامة لمن أحب ~~الرواية عنه. انتهى كلام ابن خاتمة. # والذي عند كثير من الأخيار من أهل هذه الطريقة التسليم لهم ففيه السلامة ~~وهو أحوط من إرسال العنان وقول يعود على صاحبه بالملامة. # وما وقع لأبي حيان وابن حجر في تفسيره من إطلاق اللسان في هذا الصديق ~~وأنظاره فذلك من فلس الشيطان. والذي أعتقده ولا يصح غيره أن الإمام أبي ~~عربي ولي صالح وعلام ناصح وإنما فوق إليه سهام الملامة من لم يفهم كلامه. # على أنه دست في كتبه مقالات يجل قدرها عنها وقد عرض من المتأخرين ولي ~~الله الرباني سيدي عبد الوهاب الشعراني نفعنا الله تعالى ببركاته PageV03P055 # لتفسير كلام الشيخ على وجه يليق وذكر من البراهين على ولايته ما شرح صدره ~~أهل التحقيق فليطالع ذلك ما أراده والله ولي التوفيق. ### || التجديد والمجدود # قلت: وإذ قد تقدم أمر التجديد أواخر القرن الثامن فيما جلبناه في التعريف ~~المنقول آنفا ناسب أن نذكر نظم إمام الدنيا جلال الدين السيوطي المسمى " ~~بتحفة المهتدين بأسماء المجددين " ونصه: # الحمد لله العظيم المنة ... المانح الفضل لأهل السنة # ثم الصلاة والسلام نلتمس ... على نبي دينه ولا يندرس # لقد أتى في خبر مشتهر ... رواه كل حافظ معتبر # بأنه في رأس كل مائة ... يبعث ربنا لهذي الأمة # منا عليها عالم يجدد ... دين الهدى لأنه مجتهد # اختلف الناس في المراد بالمجدد فقيل من العلماء وقيل من الأولياء وقيل من ~~الملوك ولكل حجة مذكورة في محلها. وسمعت شيخنا الإمام بقية الناس سيدي أحمد ~~بابا السوداني التنبكتي أبقى الله جلاله وأدام عزته وحفظ جلاله يقول غن ذلك ~~يكون في كل قطر بحسبه وليس من شرطه أن يعم الدنيا أو غالبا والله أعلم. # ولأجل ذلك قال أبقاه الله في رجزه في هذا المعنى حيث ذكر المجددين. قال ~~في العاشر ما نصه: PageV03P056 # وعاشر القرون فيه ms441 قد أتى ... محمد إمامنا وهو الفتى # يعني به الشيخ العلامة سيدي محمد بغيع رحمه الله. ولا خفاء أن هذا منه ~~أبقاه الله بناء على اعتبار كل قطر على حدة إذ هذا الشيخ الذي جزم بتجديده ~~إنما هو في صقع تنبكت جاغو. وأما بلاد المغرب وغيرها فلا وهو مخالف لما عند ~~السيوطي في هذا النظم كما تراه قريبا والله تعالى أعلم بالصواب. # ولنرجع إلى كلام الاما الجلال السيوطي رحمه الله تعالى قال: # فكان عند المائة الأولى عمر ... خليفة العدل بإجماع وقر # والشافعي كان عند الثانية ... لما له من العلوم السارية # وابن الشريح ثالث الأئمة ... والأشعري عدة من أمة # والباقلاني رابع أو سهل أو ... الاسفرايني خلافا قد حكموا # والخامس الحبر وهو الغزالي ... عدة ما فيه من جدال # والسادس الفخر الإمام الرازي ... والراغعي منثله يوازي # والسابع الراقي إلى المراقي ... ابن دقيق العيد باتفاق # والثامن الحبر وهو البلقيني ... أو حافظ الأنام زين الدين PageV03P057 # وعد سبط الميلق الصوفية ... لو وجدت مئته وفيه # والشرط في ذلك أن تمضي المائة ... وهو على حياته بين الفئة # يشار بالعلم إلى مقامة ... وينصر السنة في كلامه # وأن يكون جامعا لكل فن ... وأن يعم علمه أهل الزمن # وأن يكون في حديث قد روى ... من أهل المصطفى وهو قوي # وكونه فردا وهو المشهور ... قد نطق الحديث والجمهور # وهذه التاسعة المئين قد ... أتت ولا يخلف ما الهادي وعد # وقد رجوت أني المجدد ... فيها ففضل الله ليس يجحد # وآخر المئين فيها يأتي ... عيسى نبي الله ذو الآيات # يجدد الدين لهذه الأمة ... وفي الصلاة بعضنا قد أمه # مقررا لشرعنا ويحكم ... بحكمنا ذا في السماء يعلم # وبعده لم يبق من مجدد ... ويرفع القرآن مثل ما بدي # وتكثر الأشرار والإضاعة ... من رفيعه إلى قيام الساعة # وأحمد الله على ما علما ... وما جلا من الخفاء والعمى # مصليا على النبي الرحمة ... والآل مع أصحابه المكرمة # انتهى وليكن هذا آخر هذه الترجمة والله ولي التوفيق لا رب غيره ولا معبود ~~سواه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ms442 تسليما. PageV03P058 ### | روضة البهار في ذكر جملة من شيوخه الذين فضلهم أظهر من شمس النهار # أقول معتمدا على ذي الطول الذي بيده القول والحول: أردنا أن نذكر في هذه ~~الترجمة مشاهير شيوخ القاضي الإمام أبي الفضل عياض رحمه الله وقد قدمنا في ~~الترجمة قبل هذه أسماء بعضهم على سبيل الإجمال خيث جر الكلام إليها وهذا هو ~~محلها وقد تكفل رحمه الله بذكرهم في كتابه الذي أسماه بالغنية وقد ذكر فيها ~~نحو المائة. # وقال ابنه رحمه الله: انتهى عدد أشياخه الذين ذكرهم في فهرسته من سمع أو ~~أجازه وايسير منهم لقيه وجالسه ولم يسمع منه إلى مائة شيخ. انتهى. # وقد ذكر كثيرا من أحوالهم في الغنية ولم تحضرني نسخة منها الآن بفاس لأني ~~تركت التي عندي بتلمستان ولم أجد منها بفاس نسخة وكل ما أذكره هنا من ~~التعريف ببعض أشياخه فهو منقول من غيرها وقد يتفق لفظه مع ما فيها. ### || شيوخ عياض ### $ فمن جملة أشياخه رحمه الله تعالى: القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن ~~أحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله رشد الفقيه ذكره ابن بشكوال ~~فقال: قاضي الجماعة بقرطبة PageV03P059 # وصاحب الصلاة بالمسجد الجامع بها يكنى أبا الوليد. # روى عن أبي جعفر بن زرق الفقيه، وتفقه معه، وعن أبي مروان بن سراج، وأبي ~~عبد الله محمد بن خيرة، وأبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني، ~~وأجاز له أبو العباس العذري ما رواه؛ وكان فقيها عالما، حافظا للفقه، مقدما ~~فيه على جميع أهل عصره، عارفا بالفتوى على مذهب مالك وأصحابه، بصيرا ~~بأقوالهم، واتفاقهم واختلافهم، نافذا في علم الفرائض والأصول، من أهل ~~الرياسة في العلم، والبراعة والفهم، مع الدين والفضل، والوقار والحلم، ~~والسمت الحسن، والهدي الصالح. # سمعت الفقيه أبا مروان عبد الملك بن مسيرة يقول: شاهدت شيخنا القاضي أبا ~~الوليد يصوم يوم الجمعة دائما، في الحضر والسفر. ومن تواليفه كتاب " ~~المقدمات الأوائل كتب المدونة "، و " كتاب البيان والتحصيل، لما في ~~المستخجة من التوجيه والتعليل "، و " اختصار المبسوطة "، و ms443 " اختصار مشكل ~~الآثار " للطحاوي، إلى غير ذلك من تواليفه. سمعنا عليه بعضها، وأجاز لنا ~~سائرها وتقلد القضاء بقرطبة وسار فيه بأحسن سيرة، وأقوام طريقة، ثم استعفى ~~عنه فأعفي، ونشر كتبه وتواليفه، ومسائله وتصانيفه، وكان الناس يلجئون إليه ~~ويعولون في مهماتهم عليه، وكان حسن الخلق، سهل اللقاء، كثير النفع لخاصته ~~وأصحابه جميل العشرة لهم، حافظا لعهودهم، كثير البر بهم، وتوفى عفا الله ~~عنه ليلة الأحد، ودفن عشى يوم الأحد الحادي عشر من ذي القعدة، سنة عشرين ~~وخمس مائة، ودفن بمقبرة العباس، وصلى عليه ابنه أبو القاسم، وشهده جمع عظيم ~~من الناس، وكان الثناء عليه حسنا جميلا. PageV03P060 # ومولده في شوال سنة خمسين وأربع مائة. # وقد كان أيام حياته توجه إلى المغرب، إثر الكائنة التي كانت بين المسلمين ~~والنصارى، بالموضع المعروف بالربنيول، وذلك في منتصف شهر صفر عام عشرين ~~وخمس مائة، فاستخار القاضي أبو الوليد في النهوض إلى المغرب، مبينا لمير ~~المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، ما الجزيرة عليه، فوصل إليه فلقيه أكرم ~~لقاء، وبقي عنده أبر بقاء، حتى استوعب في مجالس عديدة، إيراد ما أزعجه ~~إليه، وتبين ما أوفده عليه، فاعتقد ما قرره لديه؛ وانفصل عنه، وعاد إلى ~~قرطبة، فوصلها آخر جمادى الأولى من السنة المذكورة، وعلى اثر ذلك أصابته ~~العلة التي أضجعته، إلى أن أفضت به قضاء نحبه، ولقاء المرتقب من محتوم لقاء ~~ربه، وتبارى الأدباء والشعراء في تأبينه؛ وحق لهم ذلك، رضى الله عنه ~~وأرضاه. ### || ومن أشياخ القاضي أبي الفضل عياض: ### $ الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خلف بن إبراهيم التجيني الرطبي، ~~الشهير بابن الحاج، قاضي الجماعة بقرطبة. روى عن أبي جعفر أحمد بن زرق ~~الفقيه، وتفقه عنده، وقيد الغريب واللغة والأدب عن أبي مروان عبد الملك ابن ~~سراج، وسمع عن أبي عبد الله محمد بن فرج الفقيه، وعن أبي علي الغساني ~~وغيرهم. وكان من جلة الفقهاء، وكبار العلماء، معدودا في المحدثين والأدباء، ~~بصيرا بالفتيا، رأسا في الشورى، وكانت الفتيا في وقته تدور عليه، لمعرفته ~~وثقته وديانته ms444، وكان معتنيا بالحديث والآثار، جامعا لها، مقيدا لما أشكل من ~~معانيها، ضابطا لأسماء رجالها ورواتها، ذاكرا للغريب والأنساب، واللغة PageV03P061 # والأعراب، وعالما بمعاني الأشعار والسير والأخبار. قال ابن بشكوال: قيد ~~العلم عمره كله، وعنى به عناية كاملة، ما أعلم أحدا في وقته عنى كعنايته، ~~قرأت عليه وسمعت، وأجازني بخطه؛ وكان له مجلس بالجامع بقرطبة، يسمع الناس ~~فيه، وتقلد القضاء بقرطبة مرتين، وكان في ذاته لينا صابرا، حليما متواضعا، ~~لم يحفظ له جور في قضية، ولا ميل بهوى، ولا إصغاء إلى عناية، وكان كثير ~~الخضوع والذكر لله تعالى، ولم يزل آخر عمره يتولى القضاء بقرطبة، إلى أن ~~قتل ظلما بالمسجد الجامع بقرطبة، يوم الجمعة وهو ساجد، لأربع بقين من صفر، ~~من سنة تسع وعشرين وخمس مائة، ومولده في صفر سنة ثمان مثال خمسين وأربع ~~مائة. وكتابه في نوازل الأحكام، المتداول لهذا العهد بأيدي الناس: من ~~الدلائل على تقدمه في المعارف وبراعته. تغمدنا الله وإياه برحمته. ### || ومن أشياخ القاضي أبي الفضل عياض رحمه الله: ### $ القاضي الشهير الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد ~~الله ابن أحمد بن العربي المعافري الأشبيلي، رحل إلى المشرق مع أبيه يوم ~~الأحد، مستهل شهر ربيع الأول سنة خمس وثمانين وأربع مائة، فدخل الشام، ولقي ~~بها أبا بكر محمد بن الوليد الطرطوشي، وتفقه عنده، ورحل إلى الحجاز في موسم ~~سنة نسع وثمانين، ودخل بغداد مرتين، وصحب أبا بكر الشاشي، وأبا حامد الطوسي ~~الغزالي، وغيرهما من العلماء والأدباء، فأخذ عنهم، ثم صدر عن بغداد، ولقي ~~بمصر والأسكندرية جماعة، ثم عاد إلى الأندلس سنة ثلاث وتسعين، وقدم إلى ~~إشبيلية بعلم كثير، لم يدخل به أحد قبله، ممن كان له رحلة إلى المشرق، PageV03P062 # ولذا نقل عنه أنه قال: كل من رحل لم يأت بمثل ما أتيت به أنا والقاضي أبو ~~الوليد الباجي، أو كلاهما هذا معناه. أو قال: لم يرحل غيري وغير الباجي، ~~وأما غيرنا فقد تعب، أو نحو هذا، مما لم تحصني عباراته الآن. # وكان من ms445 أهل التفنن في العلوم، متقدما في المعارف كلها، متكلما في ~~أنواعها، حريصا على نشرها. واستقصى بمدينة إشبيلية، فقام بما قلد أحمد ~~قيام، وكان من أهل الصرامة في الحق، والشدة والقوة على الظالمين، والرفق ~~بالمساكين، ثم صرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثه. # قال المحدث أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال: قرأت عليه بإشبيلية، ~~وسألته عن مولده، فقال لي: ولدت ليلة الخميس لثمان بقين من شعبان سنة ثمان ~~وستين وأربع مائة؛ وتوفي رحمه الله بالعدوة، ودفن بمدينة فاس في ربيع الآخر ~~سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة. انتهى. # وقال ابن بشكوال أيضا في حقه: هو الحافظ المستبحر ختام علماء الأندلس ~~وآخر أئمتها وحفاظها. انتهى. # ومن تكملة المحدث أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن الأبار، عن أبي عبد ~~الله بن مجاهد الإشبيلي الزاهد العابد: أنه لازم القاضي أبا بكر بن العربي ~~نحوا من ثلاثة أشهر، ثم تخلف عنه، فقيل له في ذلك، فقال كان يدرس وبغلته ~~عند الباب، ينتظر الركوب إلى السلطان. انتهى. # وذكره الأستاذ أبو محمد أحمد بن إبراهيم بن الزبير في صلته، وقال فيه: ~~رحل مع أبيه أبي محمد عند انقراض الدولة العبادية إلى الحج، سنة خمس ~~وثمانين وأربع مائة، وسنه إذ ذاك نحو سبعة عشر عاما، فلقى شيوخ مصر؛ وعدد ~~أناسا ثم قال: وقيد الحديث، وضبط ما روى، وأتسع في الرواية PageV03P063 # وأتقن مسائل الخلاف والأصول والكلام، على أئمة هذا الشأن، وعاد إلى بغداد ~~بعد دخولها، وانصرف إلى الأندلس، فأقام بالإسكندرية، فمات أبوه بها أول سنة ~~ثلاث وتسعين. ثم انصرف إلى الأندلس، فسكن بلده إشبيلية، وشوور فيه، وسمع ~~ودرس الفقه والأصول، وجلس للوعظ والتفسير، وصنف في غير فن تصانيف مليحة، ~~حسنة مقيدة، وولى القضاء مدة، أولها في رجب من سنة ثمان وعشرين، فنفع الله ~~به، لصرامته ونفوذ أحكامه، والتزم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، حتى ~~أوذي في ذلك، بذهاب كتبه وماله، فأحسن الصبر على ذلك كله، ثم صرف عن ~~القضاء، وأقبل على نشر العلم وبثه، وكان ms446 فصيحاحافظا، أديبا شاعرا، كثير ~~الملح، مليح المجلس. # ثم قال: قال القاضي أبو الفضل عياض بن موسى - وقد وصفه بما ذكرته - ثم ~~قال: ولكثرة حديثه وأخباره، وغريب حكاياته ورواياته، أكثر الناس فيه ~~الكلام، وطعنوا في حديثه، وتوفي منصرفه من مراكش، من الوجهة التي توجه فيها ~~مع أهل بلده إلى الحضرة، بعد دخول مدينة إشبيلية، فحبسوا بمراكش نحو عام، ~~ثم سرحوا، فأدركته منيته بطريقه، على مقربة من فاس بمرحلة، وحمل ميتا إلى ~~مدينة فاس، فدفن بها، بباب الجيسة. # قال: وروى عنه الجم الغفير. فمن جملة من روى عنه من علماء المائة ~~الخامسة، القاضي أبو الفضل عياض بن موسى، وأبو جعفر بن الباذش، وطائفة. ~~انتهى. # قال القاضي أبو الحسن بن الحسن النباهي في كتاب " المرقبة العليا، في ~~القضاء والفتيا " بعد أن ذكر ما قدمناه، ما نصه: والصحيح في القاضي أبي بكر PageV03P064 # أنه إنما دفن في خارج باب المحروق من فاس، وما وقع من دفنه بباب الجيسة، ~~وهم من ابن الزبير وغلط، وقد زرناه وشاهدنا قبره بحيث ذكرناه. # أرضاه الله وغفر لنا وله. انتهى. # قلت: وقد سبق ابن الزبير إلى ذلك القاضي أبو الفضل عياض في الغنية، فانه ~~قال: دفن جارج باب الحبيسة. واعتذر عنه بعض الأكابر، بأن باب المحروق لم ~~يكن إذ ذاك فتح، لأنه من بناء أمير المؤمنين الناصر بن أمير المؤمنين يعقوب ~~المنصور بن أمير المؤمنين يوسف بن أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي، ولا شك ~~أن ذلك متأخر عن زمان عياض قطعا، ويبقى الإشكال في كلام ابن الزبير، لتأخر ~~زمانه عن ذلك. ### || استطراد وتحقيق بين الشيخين: ابن غازي والوانشريشي # وبع ما كتبت هذا هنا، وقفت على تأليف ~~لطيف صغير الجرم، مثير العلم للشيخ الإمام العالم أبي عبد الله محمد بن ~~غازي رحمه الله تعالى ألم في آخره بالمسألة المذكورة، فرأيت أن أورده ~~بطوله، لما اشتمل عليه من الفوائد، وإن كانت أجنبيه عما نحن فيه، ولكن لا ~~يخلو من فوائد جمة، وختمته بهذا الغرض الذي ذكرتناه، وخاطب به الشيخ الحافظ ~~الإمام ms447 سيدي أحمد بن يحيى الوانشريشي الملد، التلمساني المنشأ والقراءة، ~~الفاسي القبر والدار آخر عمره، بل أوسط عمره، وسماه: " بالإشارات الحسان، ~~المرفوعة إلى حبر فاس وتلمسان " يعني بحبر فاس وتلمسان: الشيخ الوانشريشي ~~المذكور؛ وقد كتب بطرره الشيخ الوانشريشي المذكور زوائد، هاأنا أذكرها في ~~محلها، تتميما للغرض، ونصه: PageV03P065 # بسم الله الرحم الرحيم صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم. # الحمد لله حمدا كثرا طيبا مباركا في حق حمده، والصلاة والسلام على سيدنا ~~محمد نبيه وعبده. # إلى السيد الفقيه، العلم، المحقق، المدرس، المفتي الصدر، الحجة، الكبير، ~~الخطير، الأحضى، الملحوظ، الأحفل الأكمل، أبي العباس سيدي أحمد بن سيدي ~~يحيى الوانشريشي، حفظ الله سبحانه وتعالى كماله، وبلغه في الدارين آماله، ~~من محبة طبعا وشرعا، أصلا وفرعا، وترا وشفعا، إفرادا وجمعا، محمد بن أحمد ~~بن غازي، سمح الله سبحانه وتعالى له، مسلما عليكم أكمل السلام، مخصصا لكم ~~بمحض البر والإكرام. # سيدي متى صار النهر يستمد من الساقية؟ وكيف السيح يفتقر إلى السانية؟ # في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل # ليس التكحل في العينين كالكحل # كتبت، كتب الله لك السعادة، وبلغك منها الحسنى والزيادة، تشارك محبكم في ~~أمر سعيد بردا بإسكات عمر بن عبد العزيز، أو إخراجه من المسجد، هل كان ذلك ~~في خلافة، أو في إمرته بالمدينة؟ ومن برد هذا، ون عرف به؟ ومن قال بإسلام ~~أبي طالب غير المسعودي؟ ومن أبو العباس العشاب، الذي نقل عنه ابن عرفة في ~~فصل الاستثناء من كتاب الطلاق؟ ومن الآبلي المصري؟ وهل ألف أحد في التعريف ~~برجال أهل السنة والمعتزلة؟ PageV03P066 # فتوزع فكر محبكم في أرادكم شذر مذر، ولم يكن بد من إسعاف ردكم، ولو ~~بالتشدق والهذر. # 1 - # أما قضية سعيد بن المسيب بن حزن مع عمر بن عبد العزيز بن مروان ابن الحكم ~~بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، المذكور في سماع القرينين من صلاة ~~العتبيه، فليس عند محبكم في طرده، إلا ما فسر به القاضي أبو الوليد بن رشد: ~~أنه من جواره، لا من المسجد ms448 جملة؛ فإن وقفتم على تفسير أحد له بالإخراج من ~~المسجد، فلكم الفضل في إفادتنا به، ثم لا مرية أن سعيدا مدني، وأن عمر كان ~~عاملا على المدينة، إلى أن عزل عنها سنة ثلاث وتسعين، حسبما هو في ترجمة ~~مالك من المدارك، عن مصعب لن عبد الله. # وفي جامع الموطأ لمالك، أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من ~~المدينة، التفت إليها فبكى، ثم قال: يا مزاحم، أتخشى أن نكون ممن نفت ~~المدينة؟ قال أبو عمر: ذكر أهل السير أن خروج عمر مع مزاحم مولاه من ~~المدينة، كان في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين، وذلك أن الحجاج كتب إلى ~~الوليد: إن عمر بن عبد الله العزيز بالمدينة كهف لأهل النفاق، وأهل البغضاء ~~والعداوة لأمير المؤمنين. فجاوبه الوليد: إني أعزله. فعزله، وولى عثمان بن ~~حيان المري؛ وذلك في شهر رمضان المذكور. فلما صار عمر بالسويداء قال ~~لوزاحم: يا مزاحم أتخاف أن نكون ممن نفت المدينة؟ وقال ميمون بن مهران: ما ~~رأيت ثلاثة مجتمعين خيرا من عمر بن PageV03P067 # عبد العزيز، وابنه عبد الملك، ومولاه مزاحم. انتهى. # قلت: مات ابنه ومولاه المذكوران قبله مطعونين ومات هو مسموما. ذكر ذلك ~~أبو نعيم الحافظ في " حلية الأولياء ". وكان ميمون بن مهرا كاتبه رضي الله ~~عنه. # وأفضت الخلافة إلى عمر باستخلاف سليمان النهم إياه فاستقر بالشام دار ~~خلافة قومه بني أمية إلى أن قبض ودفن بدير سمعان. # قال ابن الخطيب في شرح رقم الحلل: من عمل حمص في أخريات رجب سنة إحدى ~~ومائة. وقبره مشهور يغشاه الناس. انتهى. # وقال الشاعر يرثيه رضي الله عنه: # أقول لما نعى الناعون لي عمرا ... لا يبعدن قوام الحق والدين # قد غيث الرامسون اليوم إذ رمسوا ... بدير سمعان قسطاس الموازين # وفي رواية " جبران الموازين ". أنشدهما أبو نعيم في حلية. ورأيت في نسخة ~~منها جريان بالياء آخر الحرف وأظنه تصحيفا لأن مصدر جريان جري جريان بفتح ~~الراء والوزن يأباه مع ما فيه من القلق من جهة المعنى وصوابه والله تعالى ~~اعلم ms449 جربان بضم الجيم وإسكان الراء وبالباء ثانية الحروف وأظن أن منه اللفظ ~~الذي في صرف العتيبة فيمن له على رجل دينار فأعطاه به نصفين وازنين قال: لا ~~خير فيه إلا أن يكون للدينار جربان: كعيار عنده. قال اللقاضي أبو الوليد بن ~~رشد: جربان أي وزن معلوم. وفي صحاح الجوهري: الجريب من الطعام والأرض: ~~ممقدار معلوم والجمع أجربة وجربان. انتهى. PageV03P068 # وبين التفسيرين فرق ولكنهما حول حقيقة واحدة يدندنان. وإن كان عند سيدنا ~~في تحقيق هذا اللفظ غير هذا فعسى أن يفيدنا به. # فإذا تقرر سكناه بالمدينة أيام العمالة ثم بالشام أيام الخلافة فالأظهر ~~أن طرد سعيد إياه كان أيام العمالة حيث كان ثاويا بالمدينة لقوله في ~~الرواية: كان عمر بن عبد العزيز يخرج من الليل أراه في آخره وكان ظاهره في ~~المثابرة ومظنتها الإقامة لولا أن شيخ الحقيقة وإمام الطريقة القاضي أبا ~~الوليد بن رشد قال: لم يهبه لمكانه من الخلافة لجزالته وقوته في الحق وقلة ~~مبالاته باأئمة. فاقتضى كلامه أن ذلك كان وهو خليفة لا وهو عامل. فإن صح ~~ذلك فيحتمل أن يكون جاء ليزور المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام في ~~أيام خلافته وأقام فيها للعبادة. وربما يتعين هذا بأن النافلة في البيوت ~~افضل لغير الغرباء والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. # وقد ذكر قول ابن رشد هذا محبكم ما في صحيح البخاري عن سعيد بن المسيب أنه ~~قال: جاء جدي حزن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ما اسمك؟ قال: ~~حزن. قال أنت سهل. فقال: ما كنت أغير اسما سماني به أبواي. قال سعيد: فما ~~زالت الحزونة فينا بعد. انتهى. # ولصلابته في الحق وشدته على الدين امتحنه عبد الملك بن مروان وضربه ~~بالسياط ألبسه المسوح وتبانا من الشعر ونهى عن الجلوس إليه. وذلك أيام ~~استعماله هذا بن إسماعيل على المدينة وهو صاحب المد الشامي PageV03P069 # لا الدينار الهاشمي، خلافا لمن نسبه له، وإلا قيل الشامي أيضا وتغيرات ~~النسب مقصورة على السماع، وبالله تعالى التوفيق. # قال عبيد الله ms450 أحمد بن محمد المقري لطف الله به، وجدت بخط الإمام سيدي ~~أحمد الوانشريشي في طرة: قول الإمام ابن غازي: " ولصلاته في الحق ... الخ " ~~ما نصه: قلت: ذكر أبو العرب في كتاب الملحن، أنه لما أراد عبد الملك بن ~~مروان أن يكتب العهد لابنه الوليد، قيل له لا يتم لك هذا الأمر إلا بابن ~~المسيب، فكتب له، فكتب إليه أن يبايع، فرد إليه: إن رسول الله صلى الله ~~عليه وسلم نهانا أن نبايع لخليفتين، فإن أردتها لابنك، فاخلع نفسك، وإلا ~~فلا. فكتب عبد الملك إلى عامل المدينة، هشام بن إسماعيل المخزومي: إن لم ~~يبايع فأضربه مائة سوط، فضربه مائة، وحلق رأسه ولحيته، وكساه تبانا من شعر، ~~ونادى عليه، وطيف به اى الليل، فأغلقت الدور، وكثر البكاء والتحسر، وما سمع ~~يوئذ بالمدينة إلا نائحة أو هاتف، لما انتهك من حرمته. وكان أيضا قبل ذلك ~~ضربه جابر بن الأسود على البيعة لابن الزبير. انتهى. # ابن الحذاء: وكان جابر بن الأسود والي المدينة لابن الزبير، فدعاه إلى ~~البيعة لابن الزبير، فضربه ستين سوطا. ودعاه هشام بن إسماعيل أيضا إلى ~~البيعة للوليد وسليمان بالعهد، فلم يفعل؛ فضربه ستين سوطا، وطاف به في ~~المدينة، في تبان من شعر. انتهى. PageV03P070 # قال بعض الشيوخ: إن كان استناد ابن المسيب في إبايته من البيعة للوليد ~~حديث: " إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما "، فإنما الحديث في البيعة ~~للخليفتين، يفرق الثاني جماعة الأمل، ويشق العصا. وإن كان النهي في غير هذا ~~الحديث، فهو أعلم بما استند إليه، قال: وأما امتناعه من البيعة لابن ~~الزبير، فإن البيعة حينئذ كانت انعقدت لبني امية في الشام، وكان مذهب ابن ~~المسيب كمذهب الأكثر، في منع القيام على من انعقدت له البيعة ثم ظهر فسقه. ~~وانظر هذا مع قول مالك: ابن الزبير أحق بها من مروان وابنه عبد الملك. # انتهى ما ألفيته على هذا المحل بخط الشيخ العلامة الوانشريشي. # ووجدت أيضا بخطه ما نصه: ### ||| تنبيهات # الأول - ولد أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي ms451 وهب المخزومي، لسنتين ~~مضتا من خلافة عمر بن الخطاب. وتوفي بالمدينة، قال يحيى بن سعيد: سنة إحدى ~~أو اثنتين وتسعين؛ وقال الواقدي: سنة أربع وتسعين؛ وكان يقال لهذه السنة ~~الفقهاء، لكثرة من مات منهم؛ وقال المدائني ويحيى بن معين: سنة خمس ومائة. # الثاني - قال غير واحد: عمال عبد الملك بن مروان: الحجاج بالعراق، وأخوه ~~محمد في اليمن، والمهلب بخراسان، وهشام بن إسماعيل بالمدينة، وابنه عبد ~~الله بمصر، وموسى بن نصير بالمغرب، ومحمد بن قلان بالجزيرة. # قال ابن خلكان: وكل واحد من هؤلاء ظلوم غشوم. # الثالث - هشام بن إسماعيل المذكور هنا هو ثالث آباء أبي هشام، PageV03P071 # محمد بن سلمة لبفقيه المدني، صاحب مالك. قال الشيرازي: وكان مالك إذا دخل ~~على الرشيد دخل رجلين من بني مخزوم: المغيرة عن يمينه وابن مسلمة عن يساره. # وهشام هذا هو الذي نسب إليه مدينة هشام المذكور في الوضوء والظهار والذي ~~يذكر عنه ذكر عهدة الرقيق في خطبته وانظر شدة إنكار ابن العربي اعتبار ~~مدينة في آية الظهار في أحكامه تطالع. انتهى ما ألفيت بخط الوانشريش. # وقد سنح لي أن ما ذكره الشيخ ابن غازي عن ابن رشد من أن طرد سعيد بن ~~المسيب عمر بن عبد العزيز إنما كان في خلافته لا يتم إلا على الول بأن ~~وفاته أعني سعيدا كانت على رأس المائة أو بعدها وأما على قول الأكثر إنه ~~بعد التسعين بسنة أو سنتين أو أربع فلا يصح قطعا فتديره. # ومن العجائب إغفال الشيخين: ابن غازي والوانشريشي له. وإلى الله منتهى ~~العلم. # ولنرجع إلى تكميل كلام الشيخ ابن غازي في التأليف المذكور ونصه: أما برد ~~فليس عند معظم قدركم أكثر من أنه مولى سعيد كما أن زيد بن حارثة وسفينة ~~وأبا رافع وشقران: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال بن رباح مولى ~~أبي بكر ويرفأ مولى عمر بن الخطاب وحمران مولى عثمان بن عفان ونافع مولى ~~ابن عمر وكريب وعكرمة البربري موليا ابن عباس مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز ~~رضي ms452 الله تعالى عنهم. وقد صرح بذلك الحافظ أبو نعيم قائلا في ترجمة سعيد من ~~الحلية عن برد مولى سعيد ابن المسيب: ما نوي للصلاة منذ أربعين سنة إلا ~~وسعيد في المسجد. انتهى. PageV03P072 # ولم أجد عند أبي جعف العقيلي ولا عند أبي يحيى الباجي ولا عند ابن أبي ~~أحد عشر الذي جمع بينهم من اسمه برد وذلك والله أعلم لأحد وجهين: إما أنه ~~لم يتكلم فيخ أحد بجرح أو لكونه لا رواية له. ولا يعترض هذا بوقوعه في سند ~~الحلية المتقدم إذ ليس بمرفوع. وقد ذكروا بعض من اسمه بريد وبريدة لوقوعهما ~~في أسانيد المرفوع وتكلم بعض الأئمة فيهما ببعض الجرح وبالله العصمة لا رب ~~غيره. # وأبو عبد الله بن أبي أحد عشر المذكر: هو من أهل المرية وقد عده صاحب ~~بغية الراغب في أشياخه وعرف به تعريف كافيا. # 2 - # وأما أبو طالب فليس عند معظم منصبكم في شأن غير ما تضمنته الصحاح من قوله ~~آخر كلامه عند الموت: " على ملة عبد المطلب " وحديث الضحضاح الذي يغلي منه ~~دماغه وقوله: " لولا أن تعيرني النساء على المغازل لأقررت بها عينك " وما ~~نزل فيه من قوله تعالى:) ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ~~ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم (وقوله سبحانه:) ~~إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء (وقوله جل وعلى في أحد ~~التأويلين: " وهم ينهون عنه وينأون عنه ". وأنشد في في تفسيرها الثعلبي ~~والزمخشري له يخاطب رسول ليس صلى الله عليه وسلم: # والله لن يصلوا إليك بجمهم ... حتى أوسد في التراب دفينا # فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة ... وابشر بذاك وقر منه عيونا # ودعوتني وزعمت أنك ناصح ... ولقد صدقت وكنت ثم أمينا PageV03P073 # وعرضت دينا لا محال أنه ... من خير أدينا البرية دينا # لولا الملامة أو حذاري سبة ... لوجتني سمحا بذاك مبينا # وقد فسر اللطيب في فتوح الغيب غريبها. # وبحسب ما تقرر من حاله أورد علماؤنا القاضي أو الفضل عياض وغيره السؤال ~~على قوله ms453 عليه السلام: " لعله تنفعه شفاعتي " مع قوله تعالى:) فما تنفعهم ~~شفاعة الشافعين (وانفصلوا عنه بما في كريم علم سيدنا. # وأما عبد المطلب الذي قلده من أهل الفترة وللقاضي أبي بكر بن العربي في ~~كتاب الناسخ والمنسوخ كلام مليح على أهل الفترة عند قوله تعالى:) إن الذين ~~آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل ~~صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عيهم ولا هم يحزنون (. # وقد حدث محبكم غير واحد عن الشيخ سيدي أبي محمد عبد الله العبدوسي أنه ~~كان يلهج بحديث وقف عليه في بعض الكتب غير واحد عن الشيخ سيدي أبي محمد أن ~~الله عز وجل بعث لرسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه حتى آمنا به صلى الله ~~عليه وسلم إكراها لنبيه عليه السلام وكان العبدوسي يستحسنه ويسر به كثيرا. # وقد أنشدني بعض أصحابنا للنميري السلوى: # وإن ابن طلاع روى أن أحمدا ... رأى أبويه بعد ذوق المنية # فأحياهما رب العباد فآمنا ... به ثم عادا مكرمين لتربة # وقدره عليه السلام أوسع من هذا كله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم وعظم: # لو ناسبت قدره آياته عظما ... أحيا اسمه حين يدعى دارس الرعم PageV03P074 # وأما قول المسعودي في أبي طالب فما استفاده محبكم إلا من كتبكم أبقى الله ~~لنا بركاتنا. # قال جامع هذا الموضوع عبيد الله أحمد بن محمد المقري وفقه الله: وجدت على ~~هذا المحل من كلام الشيخ ابن غازي في الطرة بخط الإمام سيدي أحمد ~~الوانشريشي رحمه الله ما نصه: قال القاضي أبو عبد الله محمد بن خلفة ~~الوشتاتي المعروف بالأبي في إكمال الإكمال ما نصه: السهيلي: ورأيت في بعض ~~كتب المسعودي: وقيل إنه مات مؤمنا. ولا يصح لم تقدم من الآي والأحاديث. # ولا يحتج لذلك بما في السير من قول العباس: " والله لقد قال أخي الكلمة ~~التي أمرته بها يا رسول " لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم اسمعها. ~~ولو أن العباس شهد بذلك بعد إسلامه قبلت شهادته لأن العدل إذا قال: سمعت ms454 ~~وقال الأعدل: لم اسمع أخذ بقول من أثبت لأن عدم السماع قد يكون لسبب. فإن ~~قلت: قد ذكرت أن السير تدل على أنه كان مصدقا بقلبه وقدمت الخلاف في صحته ~~إيمان من صدق بقلبه ولم ينطق بلسانه فهل يدخل في إيمانه ذلك الخلاف؟ قلت: ~~لا يدخل لأنه صرح بالنقيض في قوله هو: " على ملة عبد المطلب ". # انتهى ما ألفيت بخط الوانشريشي. # ولنرجع إلى تتميم كلام ابن غازي. # 3 - # قال رحمه الله: وأما أبو العباس العشاب الذي عرف بابن طلحة PageV03P075 # فلا يعرف مجل سيادتكم إلا من كلام ابن عرفة وكأنه مؤرخ. # قال أحمد المقري وفقه الله: ألفيت على طرة هذا المحل بخط سيدي أحمد ~~الوانشريشي رحمه الله ما نصه: لت أبو العباس العشاب المعروف بابن طلحة في ~~كتاب الطلاق وقد وهم فيه وعرف في الترجمة مواقع الشهادات بابن الخبازي ~~النحوي: هو أحمد بن محمد بن إبراهيم المرادي المعروف بالعشاب. قال ابن ~~مرزوق الخطيب في فهرسة شيوخه: هو من أعظم من لقيت بثغر الإسكندرية وأكثرهم ~~تحصيلا قرأت عليه بعض موطأ الإمام وكتاب الشفا في التعريف بحقوق المصطفى ~~وكتاب التيسير وكتاب التفسير من تأليفه جمع فيه بين تفسير ابن عطية وتفسير ~~الزمخشري وقرأت عليه أوائل الكتب الستة بأسانيده فيها. ويحمل عن أعلام منهم ~~أبو القاسم بن البراء والشيخ العارف أبو العباس أحمد بن عثمان بن أحمد بن ~~عجلان القيسي الإشبيلي وأبو عمر عثمان بن سفيان المعروف بابن الشقي وأبو ~~محمد عبد الله بن محمد بن أحمد الواعظ المعروف بابن الحجام وأبو العباس بن ~~الغماز وعبد الحميد بن أبي البركات بن أبي الدنيا الصدفي وأبو القاسم بن ~~زيتون وأبو علي بن عبيل. # انتهى ما ألفيت في هذا المحل بخط الشيخ سيدي أحمد الوانشريشي. # ولنرجع إلى تكميل كلام ابن غازي. # قال رحمه الله: نعم ابن طلحة الذي عرف به: هو شيخ محمود الأعرج الزمخشري ~~قرأ عليه كتاب سيبويه بمكة شرفها الله تعالى سمعت ذلك من شيخنا الأستاذ ~~سيدي أبي عبد الله الكبير برد الله تعالى ضريحه ms455 وقد عرف PageV03P076 # صاحب الخريدة الزمخشري وهو بخزانة جامع الأندلس. وفي اعتقاد محبكم أن ابن ~~طلحة هذا النحوي خلاف الفقيه صاحب المدخل وأن حظه من مسألة الاستثناء ~~اللسان دون الفقه. فإن صح عند سيدنا أنه هو فليفدنا به متطولا مأجورا ~~مشكورا. # قال أحمد المقري وفقه الله: وجدت على طرة هذا المحل بخط سيدي أحمد ~~الوانشريشي رحمه الله ما نصه: # قلت: بل هو هو وهو عبد الله بن طلحة بن محمد عبد الله اليابري نزل ~~إشبيلية أبو بكر وأبو محمد الأول أشهرهما. روى عن جماعة من الأعلام نزل مكة ~~شرفها الله وكان من أهل المعرفة بالفقه وأصوله ماهرا في النحو حافظا ~~للتفسير قائما عليه ذاكرا للقصص المتعلقة به وذلك الغالب عليه وحلق به ~~للعامة تنثال على مجلسه. وله مصنفات منها في التفسير كتاب كبير ومنها في ~~الفقه وأصوله وشرح صدر رسالة الشيخ أبي محمد ومنها رد على ابن حزم ومنها ~~كتاب في الفقه على مذهب مالك سماه سيف الإسلام ومنها كتاب سمها المدخل إلى ~~هذا المتاب واستوطن مصر وقتا ثم رحل إلى مكة فجاور فيها إلى أن توفي بها ~~رحمه الله. وكان حيا سنة ست عشرة وخمس مائة وكانت له معرفة تامة بكتاب ~~سيبويه وبسببه ارتحل إليه الزمخشري من خوارزم لقراءته عليه. انتهى. # من كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك. # وذكر الشيخ أبو حيان في باب القسم أن الزمخشري رحل من خوارزم إلى مكة قبل ~~العشرين والخمس مائة لقراءة كتاب سيبويه على رجل من أصحابنا وما أهل ~~الأندلس يعرف بابي بكر بن طلحة اليابري وكان مجاورا بها عالما PageV03P077 # بالكتاب وغيره وله تصانيف تقرأ عليه. # قلت: وتوفي فخر خوارزم أبو القاسم محمود سنة ثمان وثلاثين وخمي مائة. ~~وقطعت إحدى رجليه بسبب الثلج ولم يكن لريبة والله اعلم. # انتهى ما وجد بخط الشيخ الوانشريشي على هذا المحل. # ولنرجع لكلام الإمام ابن غازي. # قال رحمه الله: وثم ابن طلحة آخر وهو مخاطب أحد بني رغبوش بقصيدة مديحية ~~زائة الروى هائية الوصل حسبما ذكر ابن عبد ms456 الملك في تكلمته. # 4 - # وأما الآبلي المصري فلا إخالة طرق اسمه سمعي إلا من جهتكم فإنكم ذكرتموه ~~لي في غير هذا الوقت وقد سألت الفقيه المحقق سيدي أبا عبد الله الغوري ليلة ~~عن ضبط باء الآبلي الذكي الرحال: أبالضم أو بالكسر فكأنه ترجح فيه ثم مال ~~إلى الضم. # 5 - # وأما رجال أهل السنة والمعتزلة فلا علم لمحبكم هل صنف فيهم أم لا. نعم ~~ربما سمعت أو رأيت بعض حكاياتهم في المناظرة كمناظرة الشافعي حفصا الفرد ~~بعد ما أنشده الشافعي يتوعده متمثلا: # ستعلم يا يزيد إذا التقينا ... بشط الزاباي فتى أكون # وذكرهم أبو نعيم في الحلية ومناظرة القاضي أبي بكر الطيب الباقلاني ابن ~~المؤدب إذ أخرج ابن المؤدب فولا فرمى به يعرض بالباقلاني فأخرج PageV03P078 # الباقلاني سوطا فرمى به يعرض بابن المؤدب والحكاية ظريفة ذكرها صاحب بغية ~~الراغب في ترجمة أبي عبد الله البغدادي. # قال أحمد المقري وفقه الله: وجدت بخط الوانشريشي بطرة هذا المحل ما نصه: ~~أبو عبد الله هذا هو أبو بكر بن مجاهد والله أعلم. انتهى. # ولنرجع إلى كرم ابن غازي: قال رحمه الله ما نصه: قال قال فنا خسرو يوما ~~لوزرائه: هؤلاء المثبنة أما لهم ناصر؟ فقال له القاضي قاضي الجماعة بشر بن ~~الحسين: ليس لهم ناصر وإنما هم قوم رعاع أتباع حشوية لا يعرفون النظر وإنما ~~هم أصحاب روايات وأخبار والمعتزلة هم فرسان المناظر والجدل. فقال فنا خسرو: ~~محال أن يكون مذهب قد طبق الأرض وليس له ناصر. فقال له بشر بن الحسين: سمعت ~~أن رجلين بالبصرة أحدهما شيخ والآخر شاب فأما الشيخ فهو أبو بكر محمد بن ~~مجاهد وأما الشاب فهو أبو بكر بن الطيب. فأرسل إليهما الأمير فنا خسرو ~~وخمسة آلاف درهم فضة طيبة. فقال أبو بكر بن مجاهد هؤلاء قوم ظلمة فسقة لا ~~يحل لي أن أطأ بسطهم وليس غرضهم منا إلا أن يقال إن مجلسه مشتمل على أصحاب ~~المحابر ولو كان ذلك الله تعالى لكانت أموره جارية على السداد وأنا لأحضر ~~عند قوم هذه الصفة ms457. قال أبو بكر بن الطيب فقلت له هكذا قال عبد الله ابن ~~كلاب والحارث بن أسد المحاسبي: إن المأمون ظالم فسق ولا نحضر مجالسه حتى ~~سيق أحمد بن حنبل إلى طرسوس ولما مات المأمون ضربه المعتصم PageV03P079 # بالسياط ولو نصروه لكان أولى لأن الرجل كان الرجل كان يدعى أن أهل السنة ~~ليست لهم حجة على قولهم وإنما غراضهم رياسة العامة ودفن الحق ولو مضوا إلى ~~المعتصم وبينوا له أن الذي يدعى زور وبهتان لأرتدع المعتصم ولكن أسلموا ~~أحمد بن حنبل لابن أبي داود القاضي فجرى على أحمد ما جرى وهم ينظرون. وكذلك ~~أنت سلكت مسلكهم حتى يجري على الفقهاء ما جرى على أحمد بن حنبل وهنأ خارج. # فقال له ابن مجاهد: إذا شرح الله لك صدرك لذلك فافعل. # قال القاضي أبو بكر بن الطيب: فخرجت إلى شيراز فلما دخلت المدينة ~~استقبلني ابن الخفيف في جماعة من الصوفية وأهل السنة فلما جلسنا في موضع ~~كان ابن خفيف يدارس فيه أصحابه اللمع للشيخ أبي الحسن الأشعري قال له ~~القاضي أبو بكر: تماد على التدريس كما كنت فقال له ابن خفيف: أصلحك الله ~~إنما أنا بمنزلة المتيم عند عدم الماء فإذا وجد الماء فلا حاجة إلى التيمم. ~~فقال له القاضي: جزاك الله خيرا وما أنت بمتيمم بل لك وافر من هذا العلو ~~وأنت على الحق والله ينصرك. # قال القاضي أبو بكر: قلت: متى الدخول إلى فنا خسرو؟ فقال لي: يوم الجمعة ~~لا يحجب عنه صاحب طيلسان. فدخلت والناس قد أجمعوا والملك قاعد على سرير ~~ملكه والناس صفوف على يسار الملك وفوق الكل قاضي القضاة بشر بن الحسين وكان ~~يدخل مع الوزراء في وزاراتهم ويصغي الملك إلى رأيه في أمر الدولة. # قال القاضي أبو بكر: فلما رأيت ذلك كرهت أن أتقدم على الناس وأتخطى ~~رقابهم من غير أن أرفع ولم تدعني نفسي أن اقعد في أخريات الناس PageV03P080 # وكان عن يمين الملك المجلس خاليا ولا يقعد هناك إلا ملك أو وزير عظيم ~~المنزلة فمضيت وقعدت عن ms458 يمينه بحذاء قاضي القاضاة فوجدوا من ذلك وفزعوا ~~واضربوا لأن كان عندهم من الجنايات العظام وما كان في المجلس من يعرفني إلا ~~رجل واحد فقال للقاضي: أطال الله بقاء سيدنا هذا هو الرجل الذي طلبه الملك ~~مولانا. فقال قاضي القضاة: أطال الله بقاء مولانا هذا هو الرجل الذي كتبت ~~فيه وهو لسان المثبتة فنظر إلى الغلمان بين يديه والحجاب فطاروا من بين ~~يديه ثم قال لهم: اذكروا له مسألة. وكان في المجلس رئيس البغداديين وهو ~~الأحدب وما كان زمانه أفصح منه ولا أعلم منه عندهم فأما البصريون فحضر منهم ~~خلق كثير أقدمهم أبو إسحاق النصيبي. فقال الأحدب لتلاميذه: سلوه: هل لله ~~تعالى أن يكلف الخلق ما لا يطيقونه أو ليس له ذلك؟ فقال الرجل للقاضي: هل ~~لله تعالى أن يكلف الخلق ما لا يطيقونه أو ليس له ذلك؟ فقال له القاضي أبو ~~بكر: إن أردت بالتكليف القول المجرد فالقول المجرد قد توجه لأن الله تعالى ~~قال:) قل كونوا حجارة أو حديدا (ونحن لا نقدر أن نكون حجارة ولا حديدا وقال ~~تعالى) أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين (فطلبهم بما لا يلمون وقال ~~تعالى) ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون (وهذا كله أمر بما لا يقدر عليه ~~الخلق وإن أردت التكليف الذي نعرفه وهو ما يصح فعله وتركه فالكلام متناقض ~~وسؤالك فاسد. # فاخذ الأحد الكلام وقال: أيها الرجل أنت سئلت عن كلام مفهوم PageV03P081 # فطرحه في الاحتمالات وليس ذلك بجواب والجواب - إذا سئلت: هذا لله تعالى ~~أن يكلف الخلق ما لا يطيقون - أن تقول: نعم له أن يكلف أو ليس له أن يكلف. ~~فعدلت عن الجواب إلى ما ليس بجواب وهذا اضطراب شديد. # قال القاضي: فلما لم يوقرني ولم يخاطبني بما يليق قلت له: أيها الرجل أنت ~~عائم ورجلاك في الماء إني طرحت الكلام في الاحتمالات فلم تعدل أنت إلا لعجز ~~أو لعي فإن كان معك كلام في المسألة وإلا تكلم في غيرها. # فال الملك للأحدب: هذا قد بين الاحتمالات وتلا عليك الآيات ms459. ثم إني ~~جمعتكم إلا لنستفيد ولا لما لا يليق بالعلماء. ثم التفت إلى وقال لي: تكلم ~~على المسألة فقالت: ما لا يطاق على ضربين: أحدهما يطاق للعجز منه والآخر لا ~~يطاق للاشتغال عنه بضده كما يقال: فلان لا يطيق التصرف لاشتغاله بالكتابة ~~وما أشبه ذلك وهذا سبيل الكافر: إنه لا يطيق الإيمان لا لأنه عاجز عن ~~الإيمان لكنه لا يطيقه لاشتغاله بضده الذي هو الكفر فهذا يجوز تكليفه بما ~~لا يطاق. # وأما العاجز فما ورد في الشريعة تكليفه ولو ورد لكان صوليا وقد أثنى الله ~~تعالى على من سأله ألا يكلفه ما لا طاقة له به لأن الله تعالى له أن يفعل ~~في ملكه ما يريد. # ثم تجاوز الأحدب إلى غيره من الكلام ومال الملك إلى قول القاضي أبي بكر. # قال القاضي: ثم سألني النصيبى عن مسألة الرؤية: هذا يرى الباري سبحانه ~~بالعين؟ وهل تجوز الرؤية عليه أو تستحيل؟ وقال: كل شيء يرى PageV03P082 # بالعين فيجب أن يكون في مقابلة العين. فالتفت الملك إلى القاضي أبي بكر ~~وقال له: تكلم أيها الشيخ في المسألة. # فقال القاضي: لو كان الشيء يرى بالعين لوجب أن يكون في مقابلة العين على ~~ما قال ولكن لا يرى الشيء بالعين. فتعجب الملك من ذلك والتفت إلى قاضي ~~القضاة فقال: إذا لم يرى الشيء بالعين فبأي شيء يرى؟ فقال: يسأله الملك. ~~فقال: أيها الشيخ فبأي شيء يرى إذا لم يرى بالعين؟ فقال أبو بكر يرى ~~بالإدراك الذي في العين. ولو كل شيء يرى بالعين لكان يجب أن نرى كل عين ~~قائمة وقد علمنا أن الأجهر عينه قائمة ولا يرى شيئا. # فزاد الملك تعجبا وقال للنصيبي: تكلم. فقال النصيبي: إني لم أعلم أنه ~~يقول هذا ولا بنيت إلا على ما نعرف وظننت أنه يسلم أن الشيء يرى بالعين. ~~فغضب الملك وقال: ما أنت مثل الرجل لأنك بنيت المسألة على الظن. ثم التفت ~~إلي وقال: تكلم. فقلت: العين لا ترى وإنما ترى الأشياء بالإدراك الذي يحدثه ~~الله تعالى فيها ms460 وهو البصر إلا ترى أن المحتضر يرى الملائكة ونحن لا نراهم؟ ~~وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى جبريل عليه السلام ولا يراه من يحضره؟ ~~والملائكة يرى بعضهم بعضا ولا نراهم نحن؟ والدليل على جواز رؤية الباري ~~تعالى أنه ليس فيها قلب للحقائق ولا إفساد للأدلة ولا إلحاق صفة نقص ~~بالقدير تعالى فوجب أن يكون كسائر الموجودات لأنه تعالى موجود والشيء إنما ~~يرى لأنه موجود لأن المرئي لم يكن مرئيا لأنه جنس لانا نرى سائر الأجناس ~~المختلفة ولا لقيام معنى بالمرئى لانا نرى الأعراض التي لا تحتمل المعاني ~~وقد ثبت بالنص PageV03P083 # وجوب رؤية الحق سبحانه في الدار الآخرة. ثم طول الكلام. # قال ولم يزل فنا خسرو يتقرب إليه وينزل عن سريره ملكه حتى صار بين يديه ~~لما استعذب من كلامه. # فلما فرغ من المسألة قيل للفارابي صاحب المنطق: تكلم معه فتلجلج في كلامه ~~واقشعر وقال: إنما أنا صاحب إصطرلاب ما قدر هؤلاء وهم فرسان الكلام: الأحدب ~~وبرغوث وغيرهم على جدالة. # فخرج القاضي أبو بكر وأمر الملك بإنزاله والجراية عليه وقال: والله ما ~~كنت إلا مفكرا بأي لون من القتل أقتله إذا لم يستحق مكانه وأما الآن فقد ~~ظهر لي أنه أحق بمكاني هذا ولكني مبتلى بالملك. انتهى. # والمراد بالمثبتة هنا: أهل السنة والزمخشري يسميهم المجبرة وقع له ذلك ~~وفي أماكن من الكشاف منها في تفسير قوله تعالى:) قل لا يستوي الخبيث والطيب ~~(وفي وقوله سبحانه:) وقال الشيطان لما قضى الأمر (. ولصاحب " الانتصاف من ~~الكشاف " ولصاحب فتوح الغيب في الرد عليه عند تفسير الآيتين كلام حسن ينبغي ~~الوقوف عليه. وسمى أهل السنة المجبرة لاعتقاده قرب مذهبهم من مذهب الجبرية ~~لا سيما وقد قال بعض أئمة أهل السنة: " وبالجبر أقول والله المستعان ". PageV03P084 # وقد حدثنا شيخنا الأستاذ سيدي أبو عبد الله الكبير عن شيخه أبي عبد الله ~~العكرمي وكان لسنا أنه كان كثيرا ما يقول: إمامان عظيمان قالا بالجبر من ~~أئمتنا: القاضي أبو بكر بن العربي والفخر بن الخطيب كما أن إمامين عظيمين ms461 ~~من أئمتنا نسب إليهما القول بالجهة وهما أبو محمد بن أبي زيد وأبو عمر بن ~~عبد البر وجنح لذلك ابن المرابط في تفسير البخاري وهو ديوان كبير بخزانة ~~جزيرة الأندلس. # ثم عند محبكم تردد في أبي بكر بن مجاهد هذا هو شيخ أئمة الإقراء الذي ~~يعتمد عليه أبو عمرو الداني في إيجاز البيان وفي التمهيد كثيرا. وقال فيه ~~الجعبري إنه المسبع الأول. صنف كتاب السبعة على رأس الثلاث مائة. وقال أبو ~~علي الأهوازي: هو الذي أخرج يعقوب من السبعة وجعل الكستنائي مكانه. وهو ~~الذي قال له الشبلي: أين تجد في القرآن العزيز أن الحبيب لا يعذب حبيبه؟ ~~فقال: لا أدري. فأشار إلى قوله تعالى:) قل فلم يعذبكم بذنوبكم (حسبما بسطه ~~القاضي أبو الفضل عياض في ترجمة الشبلي من المدارك. وفي ظنى أن اسم المقرئ ~~موسى وقد سمى هذا هاهنا محمدا فلسيدنا الفضل في تحقيق ذلك لنا في كتاب ~~طبقات القراء لأبي PageV03P085 # عمرو الداني ومن تعريف الجعبري الذي ختم به شرح القصيد وهما بخزانة جامع ~~القرويين عمره الله تعالى. # لله در على بن المدني حيث قال: أشد التصحيف في أسماء الرجال. ولا شك أن ~~هذا موضع لبس كابني وابني زياد ممن اتحد اسمه وتعدد مسماه وكالأبهرى ~~والصالحي في عكسه. # ورحم الله الفقيه الشيخ سيدي أبا محمد عبد الله العبدوسي فقد حدثني عنه ~~التقة أنه كان يمثل هذا المعرض الذي نحن بصدده بقضية القاضي أبي بكر ابن ~~العربي فإن كثيرا من الناس ينكرون أن يكون هو المدفون خارج باب المحروق ~~ويقولون إنما هو مدفون خارج باب الجيسة واغتروا في ذلك بظواهر التواريخ. ~~وذلك أن القاضي أبا الفضل عياض ذكر في الغنية أنه دفن خارج باب الجيسة قال: ~~وجوابه أن باب المحروق لم يكن فتح في ذلك الوقت وإنما فتح على رأس ست مائة ~~سنة فكان ذلك الخارج كله ينسب لباب الجيسة ثم يدفع في صدر هذا الجواب ما في ~~بعض هذه التواريخ أنه دفن على مقربة من حارة الجذامي. قال: وجوابه أن ms462 ~~الجذامي كانوا هناك قديما حتى تضرر أهل فاس بسكناهم على رأس مائهم فنقلوا ~~إلى موضعهم اليوم. PageV03P086 # ثم يرد على هذا أنا نجد عند باب الجيسة إلى جنب حارة الجذمى قبر رجل يسمى ~~بابن العربي يقصده الناس بالزيارة كثيرا فلعله هو. قال: وجوابه أن ذلك رجل ~~آخر يدعى أيضا بابن العربي كان موقتا في القرويين. # قلت: ويزاد فيه إن الفقيه هو أبو بكر وهذا الذي خارج باب المحروق اشتهر ~~بابي يحيى. وجوابه إنهما كنيتان مترادفتان على مسمى واحد وبالله سبحانه ~~وتعالى التوفيق. # وقد هذى محبكم هنا وهجر وأهدى التمر لأهل هجر وجلب العنبر إلى البحر ~~الأخضر فلكم الفضل في الإغضاء والتجاوز والإمضاء. # وكتب في أوائل ذي الحجة الحرام خاتم عام سبعة وثمانين وتسع مائة عرفنا ~~الله خيره ووقانا ضيره والسلام الكريم يخص مقامكم العلي ومنصبكم السمي ~~وأهليكم وذويكم ومن هو منكم وفيكم ورحمة الله تعالى وبركاته. # انتهى التأليف العجيب للشيخ العلامة أبي عبد الله بن غازي رحمه الله ~~ووجدت في آخره ما نصه: الحمد لله وكذلك يسلم على كريم مقامكم خديمكم أحمد ~~بن محمد بن غازي قاصدا بتوالي كتبه التبرك بكم ملتمسا منكم الدعاء أفاض ~~الله علينا من بركاتكم ونفعنا بمحبتكم بجاه النبي عليه السلام. انتهى. # وأوردت جميعه لما قدمته والله تعالى المنجد المعين. # قلت: وقد وقفت على كلام لبعض الأقدمين " ينفي الاحتمال " في أمر ابن ~~العربي المذكور ونصه: توفي ابن العربي منصرفه من مراكش بموضع PageV03P087 # يعرف بأغلان على مسيرة يوم من فاس غربا منها فاحتمل فينا إلى فاس في ~~اليوم الثاني من موته وذلك يوم الأحد السابع من ربيع الأول سنة ثلاث ~~وأربعين وخمس مائة ودفن بأعلى مدينة فاس خارج القصبة بتربة القائد مضفر ~~وصلى عليه صاحبه أبو الحكم بن حجاج رحمه الله. انتهى. # وقدمنا عن ابن بشكوال أنه توفي في ربيع الآخر من هذه السنة فالله اعلم. # وقد ذكر بعض من شرح الشفا أن ابن العربي توفي سنة أثنتين وأربعين. قلت: ~~وهو غير صحيح إن شاء الله تعالى وإنما ms463 الصحيح ما قدمته. # ومن صلابة الإمام أبي بكر بن العربي رحمه الله أنه حكم في زامر بثقب ~~أشتداق حسبما نقله صاحب المعيار وغيره. # ومن بديع نظمه رحمه الله: # أتتني نؤنبي بالبكا ... فأهلا بها وبتأنيبها # تقول وفي نفسها حسرة ... أتبكي بعين تراني بها # فقلت إذا استحسنت غيركم ... أمرت جفوني بتعذيبها # وقال رحمه الله: دخل علي ابن صارة وبين يدي نار قد علاها رماد فقلت: لتقل ~~في هذا فقال: # شابت نواصي النار بعد سوادها ... وتسترت عنا بثوب رماد # ثم قال لي ابن صارة: أجز فقلت: # شابت كما شبنا وزال شبابنا ... فكأنما كنا على ميعاد PageV03P088 # وحكى غير واحد أن أبا بكر بن العربي رحمه الله بينما هو جالس في محل درسه ~~إذ دخل شاب من الملثمين وبيده رمح فهزه فقال القاضي أبو بكر رحمه الله: # يهز على الرمح ضبي مهفهف ... لعوب بألباب البرية عابث # فلو كان رمحا واحدا لاتقيته ... ولكنه رمح وثاني وثالث # وقد اختلف حذاق الأندلس من أهل الأدب في معنى الرمح الثاني والثالث ~~وأكثرهم يقول: هما القد واللخظ والله اعلم. # ولما ذكر الإمام ابن العربي المذكور رحمه الله في كتاب قانون التأويل ~~ركوبه البحر في رحلته من إفريقية قال: # وقد سبق في علم الله أن يعظم علينا البحر بزوله ويغرقنا في هوله فخرجنا ~~من البحر خروج الميت من القبر وانتهينا بعد خطب طويل إلى بيوت بني كعب بن ~~سليم ونحن من السغب على عطب ومن العرى في أقبح زي قد قذف البحر زقاق زيت ~~مزقت الحجارة منيئتها ودسمت الأدهان وبردها وجلدها فاحتزمناها أزرا ~~واشتملناها لفعا تمجنا الأبصار وتخذلنا الأنصار فعطف أميرهم علينا فأوينا ~~إليه فآوانا وأطعمنا الله تعالى على يديه وسقانا وأكرم مثوانا وكسانا بأمر ~~حقير ضعيف وفن من العلم ظريف. # وشرحه: أنا لما وقفنا على بابه ألفيناه يدير أعواد الشاه فعل السامد ~~اللاه فدنوت منه في تلك الأطمار وسمح لي بياذقه إذ كنت من الصغر في PageV03P089 # حدثني يسمح فيه للأغمار ووقفت بأزائهم أنظر إلى تصرفهم من ورائهم إذ كان ~~علق ms464 بنفسي بعض ذلك من بعض القرابة في خلس بطالة مع غلبة الصبوة والجهالة ~~فقلت للبياذقة: الأمير أعلم من صحابه فلمحوني شزرا وعظمت في أعينهم بعد أن ~~كنت نزرا وتقدم إلى الأمير من نقل إليه الكلام فاستدعاني فدنوت منه وسألني: ~~هل لي بما فيه بصر؟ فقلت لي فيه بعض نظر سيبدو لك ويظهر حرك تلك القطعة ~~ففعل وعارضه صاحبه فأمرته أن يحرك أخرى وما زالت الحركة بينهم كذلك تترى ~~حتى هزمهم الأمير وانقطع التديبر فقال: ما أنت بصغير. وكان في أثناء تلك ~~الحركات قد ترنم ابن عم الأمير منشدا: # وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه ... وفي الهجر فهو الدهر يرجو ويتقي # فقال: لعن الله أبا الطيب أو يشك الرب؟ فقال له في الحال: ليس كما ظن ~~صاحبك أيها الأمير إنما أراد بالرب ها هنا الصاحب. يقول: ألذ الهوى ما كان ~~المحب فيه من الوصال وبلوغ الغرض من الآمال على ريب فهو في وقته كله على ~~رجاء لما يؤمله وتقاة لما يقطع به كما قال: # إذا لم يكن في الحب سخطا ولا رضا ... فأين حلاوة الرسائل والكتب # وأخذنا نظيفالى ذلك من الأغراض في طرفي الإبارم والانتقاض ما حرك منهم ~~إلى جهتي داعي الانتهاض وأقبلوا يعجبون مني ويسألونني كم سني ويستكشفونني ~~عني فبقرت لهم حديثي وذكرت لهم نجيثي وأعلمت الأمير بأن أبي معي فاستدعاه ~~وقمنا الثلاثة إلى مثواه فخلع علينا خلعه وأسبل علينا أدمعه وجاء كل خوان ~~بأفنان الألوان. # ثم قال بعد المبالغة في وصف ما نالهم من إكرامه: PageV03P090 # فانظر إلى هذا العلم الذي هو إلى الجهل اقرب مع تلك الصبابة اليسيرة من ~~الأدب كيف أنقذانا من العطب؟ وهذا الذي يرشدكم إن غفلتم إلى الطلب. # وسرنا حتى انتهينا إلى ديار مصر. انتهى مختصرا. # والزوال العجب ونجيث الخبر: ما ظهر من قبيحه يقال: بدا نجيث القوم: إذا ~~ظهر سرهم الذي كانوا يخفونه. قالها الجوهري. # إفادة: قال الإمام غازي رحمه الله: في هذه الرحلة لقي ابن العربي شيخه ~~ذانشمند الأكبر وهو إسماعيل الطوسي ودانشمند ms465 الأصغر وهو أبو حامد الغزالي ~~الطوسي. ومعنى ذامنشد بلغة الفرس عالم العلماء وكان شيخنا الأستاذ أبو عبد ~~الله الصغير يحكي أنا عن شيخه أبي محمد عبد الله العبدوسي أنه بلغه الفرس ~~يفخمون ميم دانشمند والله تعالى اعلم. # قال ابن العربي في قانون التأويل: ورد علينا دانشمند يعني الغزالي فنزل ~~برباط أبي سعد بإزاء المدرسة النظامية معرضا عن الدنيا مقبلا على الله ~~تعالى فمشينا إليه وعرضنا أمنيتنا عليه وقلنا له: أنت ضالتنا التي كنا ننشد ~~وإمامنا به نسترشد. فلقيناه لقاء المعرفة وشاهدنا منه ما كان فوق الصفة ~~وتحققنا أن الذي نقل إلينا من الخبر على الغائب فوق المشاهدة ليس على ~~العموم ولو رآه علي بن العباس لما قال: # إذا ما مدحت امرأ غائبا ... فلا تغل في مدحه واقصد PageV03P091 # فإنك إن تغل تغل الظنو ... ن فيه إلى الأمد الأبعد # فيصغر من حيث عظمته ... لمفضل المغيب على المشهد # انتهى. # وقال بعض من عرف به، أعنى بابن العربي رحمه الله، ما نصه: علم الاعلام، ~~الطاهر الأثواب، الباهر الألباب، الذي أنسى ذكاء إياس، وترك التقليد ~~للقياس، وانتج الفرع من الأصل، وغدا في يد الإسلام أمضى من النصل، سقى الله ~~به الأندلس، بعد ما أجدبت من المعارف، ومدينة عليها منه الظل الوارف، ~~فكساها رونق نبله، وسقاها ريق وبله، وكان أبوه أبو محمد بإشبيلية المأمون ~~لابن أبي داود، ولاه الولايات الشريفة، وبواه المراتب المنيفه، فلما أقفزت ~~حمص من ملكهم وخلت، وألقتهم منها وتخلت، رحل به إلى المشرق، وحل فيه محل ~~الخائف الفرق، فجال في أكنافه، وأجال قداح الرجاء في استقبال العز ~~واستئنافه، فلم يسترد ذاهبا، ولم يجد كمعتمد باذلا زاهيا، فعاد إلى الرواية ~~والسماع، وما استفاد من إجالة تلك الأطماع، وأبو بكر إذ ذاك في ثرى الذكاء ~~قضيب ما دوح، وفي روض الشباب زهر ما صوح، فألزمه مجالس العلم رائحا وغاديا، ~~ولازمه سائقا إليها وحاديا، حتى استقرت به مجالسه، واطردت له مقياسه، فجد ~~في طلبه، واستجد به أبوه منخرق أربه، PageV03P092 # ثم أدرك حمامه، ووراته هناك رجامه، وبقي ms466 أبو بكر متفرد، وللطلب متجردا، ~~حتى أصبح في العلم وحيدا، ولم تجد عنه الرياسة محيدا، فكر إلى الأندلس، ~~فحلها والنفوس إليه متطلعه، ولأنبائه متسمعه، فناهيك من حظوة لقي، ومن غزة ~~سقى، ومن رفعة سما إليها ورقي، وحسبك من مفاخر قلدها، ومن محاسن أنس أثبتها ~~فيها وخلدها. # وقد أثبت من بديع نظمه ما يهز أعطافا، وترده الأوهام نطافا. فمن ذلك قوله ~~يتشوق إلى بغداد، ويخاطب أهل الوداد: # أمنك سرى والليل يخدع بالفجر ... خيال حبيب قد حوى قصب الفخر # جلا ظلم الظلماء مشرق نوره ... ولم يخبط الظلماء بالأنجم الزهر # ولم يرض بالأرض البسيطة مسحبا ... فسار على الجوزاء إلى فلك يجرى # وحث مطايا قد مطاها بعزة ... فأوطأها قسرا على قنة النسر # فصارت ثقالا بالجلالة فوقها ... وسارت عجالا تتقي ألم الرجر # وجرت على ذيل المجرة ذيلها ... فمن ثم يبدو ما هناك لمن يسري # ومرت على الجرباء توضع فوقها ... فآثارها ما مرت به كلف البدر # وسافت أريج الخلد من جنة العلى ... فدع عنك رملا بالأنيعم يستذري PageV03P093 # فما حذرت قيسا ولا خيل عامر ... ولا أضمرت خوفا لقاء بني ضمر # سقى الله مصرا والعراق وأهلها ... وبغداد والشامين منهل القطر # انتهى. # وما أقربه من نفس الفتح، صاحب القلائد والمطمح، ولعل هذا من كلامه في ~~المطمح. والله اعلم. # وقد طال الكلام، ولكن لا يلحقنا في مثله الملام. # ومن تآليف الإمام أبي بكر بن العربي المذكور، كتاب " القبس، في شرح موطأ ~~مالك بن انس " وكتاب " ترتيب المسالك، في شرح موطأ مالك "، وكتاب " أنوار ~~الفجر " في تسعين سفرا، وكتاب " أحكام القرآن "، وكتاب " عارضة الأحوذي ~~بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة، وفتح الواو، وكسر الذال المعجمة، وآخره ~~ياء مشددة على الترمذي "، وكتاب " مراقي الزلف "، وكتاب " الخلافيات "، ~~وكتاب " نواهي الدواهي "، وكتاب " سراج المردين "، وكتاب المشكلين ": مشكل ~~القرآن والسنة، وكتاب " الناسخ والمنسوخ في القرآن "، وكتاب " قانون ~~التأويل "، وكتاب " النيران في الصحيحين "، وكتاب " سراج المهتدين "، وكتاب ~~" الأمد الأقصى، بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا:، وكتاب غيره الكلام على ~~" مشكل حديث السبحات والحجاب "، وكتاب " العقد الاكبر، للقاب الأصغر ms467 "، و " ~~تبيين الصحيح، في تعيين الذبيح "، و " تفضيل التفضيل، PageV03P094 # بين التحميد والتهليل "، ورسالة " الكافي، في أن دليل على النافي "، ~~وكتاب " السباعيات "، وكتاب " المسلسلات "، وكتاب " التوسط في المعرفة بصحة ~~الاعتقاد، والرد على من خالف أهل السنة من ذوي البدع والإلحاد "، وكتاب " ~~شرح غريب الرسالة "، وكتاب " الإنصاف "، وكتاب " ملجئة المتفقهين، إلى ~~معرفة غوامض النحويين ". # ورأيت في بعض المجاميع ما نصه: قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله: ~~قال علماء الحديث: ما من رجل يطلب الحديث إلا كان على وجهه نضرة، لقول ~~النبي) : " نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها ". الحديث. # قال: وهذا دعاء منه عليه السلام لحمالة علمه، ولا بد بفضل الله من نيل ~~بركته. # وإلى هذه النضرة أشار أبو العباس العزفي رحمه الله بقوله: # أهل الحديث عصابة الحق ... فازوا بدعوة سيد الخلق # فوجوههم زهر منضرة ... لألاؤها كتألق البرق # يا ليلتي معهم فيدركني ... ما أدركوا بها من السبق # انتهى. ### || ومن أشياخ القاضي عياض رحمه الله. ### $ القاضي أبو عبد الله بن حمدين التغلبي، وهو محمد بن على بن محمد بن عبد ~~العزيز بن أحمد التغلبي، بمثناه من فوق، وغين معجمة، منسوب لتغلب بكسر ~~اللام وفتحها. PageV03P095 # ولد سنة تسع وثلاثين وأربع مائة؛ ومات يوم الخميس لثلاث بقين من المحرم ~~سنة ثمان وخمس مائة؛ ودفن يوم الجمعة بعد صلاة العصر: وقال في حقه صاحب ~~القلائد: حامي ذمار الدين وعاضده، وقاطع ضرر المعتدين وخاضده، ملك للعلوم ~~زماما، وجعل العكوف عليها لزاما، فحيا رسمها، وأعلى اسمها، وخاصمت الملحدين ~~منه ألسن لد، وتهدلت به على العالمين أغصن ملد، وكف أيدي الظالمين، فلم تكن ~~لهم استطالة؛ وأرهف خواطر المجتهدين، فلم تسنح لهم بطالة؛ فأصبح أهل مصره ~~بين دارس علم، ولابس حلم، وآيس ظلم؛ ناهيك من رجل كثير الرعى لأهل المعارف، ~~مؤو من بره إلى ظل وارف؛ أعم الورى منه، وأعظم خلق الله منه؛ وأقام وأدنى ~~وأبعد، وأنحس وأسعد؛ فتقلصت به الظلال وفاءت، وحسنت به الأيام وساءت؛ واعمل ~~للضرر والنفع لسانه ويده، وشغل بالرفع والوضع يومه وغده ms468، وعمر بهما فكره ~~وخلده؛ حتى هد الجبال الشوامخ، واجتث الأصول الرواسخ. # وما أدار ابن الحاج من خلافة سنة تسع وتسعين ما أدار، واتفق هو ومن واطاه ~~على ما فسخته الأقدار، واستشير في الخلع فما أساغه، واريغ ضيره فلم يكن ~~فيمتن راغه، وعوض على الحمام فما هابه، ووالي في نقض ما أبرموه جيئته ~~وذهابه، وسمح في ذلك بنفسه، وقنع من غده بذكر أمسه. فلما أنجلت ظلماؤه، ~~وتحلت بنجوم ظفره سماؤه، أغرى بالمطالبين اهتضامه PageV03P096 # وحيفه، وسرى إليهم مكره سرى قيس لحمل وحذيفه، وأعلن لمن أسر إغراء ولم ~~ينظر بالمكروه نظراءه، فأخمل منهم أعلاما، وأورث نفس الدين منهم آلاما، ~~وألبسهم ما شاء ذما من الناس وملاما، فدجت مطالع شموسهم، وخلت مواضع ~~تدريسهم، فأصبحوا ملتحفين بالمهانة، ومتسوفين إلى الإهانة، يروغهم الرواح ~~والغدو، ويحسبون كل صيحة عليهم هم العدو، ويذعرهم طروق النوم للأجفان، ~~وينكرهم الثابت العرفان، فقد فقدوا حبورا، وعادت منازلهم قبورا، إلى أن نفس ~~بعد أحوال، وخلا أفقهم من تلك الأهوال، فتشنقوا ريح الحياة، وأشرقوا من تلك ~~الظلمات، بعد أن أحال البؤس نعيمهم، وأخذ الحمام زعيمهم. # وكان رحمه الله متضح طريق الهدى، منفسح الميدان في العلم والندي، مع أدب ~~كالبحر الزاخر، ونثر كالدر الفاخر، وقد أثبت منه ما تعذب مقاطفه، وتلين ~~معاطفه. فمن ذلك فضل راجع به ابن شماخ: عمر بابك، وأخضب جنابك، وطاوعك ~~زمانك، ونعم أوانك # وسقي ديارك غير مفسدها ... صوب الربيع وديمة تهمى # فما درج لسبيله من كنت سلالة سلسله، ووارث معرسه ومقيله، وما خام PageV03P097 # وضرع، فخر رمى عن وتر قوسك ونزع، ولم يهلك هالك، ترك مثل مالك، فتركت ~~المهاد، وألفت السهاد، وتقيلت الآباء والأجداد، فأسرجت في ميدان الحمد ~~براقا، أتخذ الريح خافية وساقا، فأحتل من شعاب المجد صعقا، أثار به نقعا، ~~ودوم في أفق السماء، تدويم فرخ الماء، حتى كأنه على قمة الرأس ابن ماء، فحق ~~لباهر فضلك أن يطول فيقول: # لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ... وبنفسي فخرت لا بجدودي # أو يتنزل فيتمثل: # لسان واحسبنا كرمت ... يوما على الأحساب نتكل ms469 # تبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل ما فعلوا # كم متعاط شأو طلقك، سولت له نفسه شق غبارك، واقفاء منهاج آثارك فما أدرك، ~~وطلح بغيره وبرك. وفي فصل منها: بيننا وسائل، أحكمتها الأوائل، ما هي ~~بالأنكاث، والوشائج الرث من دونها عهد، جناه شهد، أرج عرف النسيم، مشرف ~~جبين الأديم، رائق رقعه الجلباب، مقتبل رداء الشباب، كالصباح المنجاب، تروق ~~أساريره، وتلقاك قبل اللقاء تباشيره. # ورثناهن عن آباء صدق ... ونورها إذا متنا بنينا PageV03P098 ### $ ومن أشياخ القاضي أبي الفضل عياض الفقيه الإمام الحافظ أبو بكر بن عطية ~~رحمه الله. # قال صاحب القلائد في حقه: # شيخ العلم وحامل لوائه، وحافظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم وكوكب ~~سمائه، شرح الله لتحفظه صدره، وطاول به عمره، مع كونه في كل علم وافر ~~النصيب مياسرا بالمعلى والرقيب، رحل إلى المشرق لأداء الفض، لابس برد من ~~العمر الغض، فروى وقيد، ولقي العلماء وأسند، وأبقى تلك المآثر وخلد. نشأ في ~~نبتة كريمة وأرزمة من الشرف غير مرومة لم يزل فيها على وجه الزمان أعلام ~~علم، وأرباب مجد ضخم، قد قيدت مآثرهم الكتب، وأطلعتهم التواريخ كالشهب، وما ~~برح الفقيه أبو بكر يتسنم كواهل المعارف وغواربها، ويقيد شوارد المعاني ~~وغرائبها، لاستضلاعه بالأدب الذي أحكم أصولاه وفروعه، وعمر برهة من شبيبته ~~ربوعه، وبرز فيه تبريز الجواد المستولي على الأمد، وجلى عن نفسه به كما جلى ~~الصقال عن النصل الفرد، وشاهد ذلك ما أثبته من نظمه الذي يروق جملة ~~وتفصيلا، ويقوم على قوة العارضة دليلا. # فمن ذلك قوله يحذر من خلطاء الزمان وينبه على التحفظ من الإنسان قال: # كم بذئب صائد مستأنسا ... وإذا أبصرت إنسانا ففر # إنما الإنسان بحر ماله ... ساحل فاحذره إياك الغرر # واجعل الناس كشخص واحد ... ثم كن من ذلك الشخص حذر # وله في الزهد: PageV03P099 # أيها المطرود من باب الرضا ... كم يراك الله تلهو معرضا # كم إلى كم أنت في جهل الصبا ... قد مضى عمر الصبا وانقرضا # قم إذا الليل دجت ظلمته ... واستلذ الجفن إن يغمضا # فضع الخد على الأرض ms470 ونح ... واقرع السن على ما قد مضى # وقال في هذا المعنى: # قلبي يا قلبي المعنى ... كم أما أدعى فلا أجيب # كم أتمادى على ضلال ... لا أرعوي لا ولا أنيب # ويلاه من سوء ما دهاني ... يتوب غيري ولا أتوب # وا أسفا كيف برء دائي ... دائي كما شاءه الطبيب # لو كنت أدنو لكنت أشكو ... ما أنا من بابه قريب # أبعدني منه سوء فعلي ... وهكذا يبعد المريب # ما لي قدر وأي قدر ... لمن أخلت به الذنوب # وله في المعنى أيضا: # لا تجعلن رمضان شهر فكاهة ... تلهيك فيه من القبيح فنونه # واعلم بأنك لا تنال قبوله ... حتى تكون تصومه وتصونه # وله في مثل ذلك: # إذا لم يكن في السمع مني تصاون ... وفي بصري غض وفي مقولي صمت # فحظي إذن صومي الجوع والظمأ ... وأن قلت إني صمت يومي فما صمت # وله المعنى الأول: # جفوت أنسانا كنت آلف وصلهم ... وما في الجفا عند الضرورة من باس PageV03P100 # بلوت فلم أحمد وأصبحت آيسا ... ولا شيء أشفى للنفوس من الياس # فلا عذلوني في انقباضي فإنني ... رأيت جمع الشر في خلطة الناس # وله يعاتب بعض أخوانه: # وكنت أظن أن الجبال رضوى ... يزول وأن ودت لا يزول # ولكن الأمور لها اضطراب ... وأحوال ابن آدم تستحيل # فإن يك بيننا وصل جميل ... وإلا فليكن هجر طويل # وأما شعره الذي اقتدحه من مرخ الشباب وعفاره وكلامه الذي وشحه بمآرب ~~الغزل وأوطاره فإنه أنسى إلى ما تناساه وتركه حين كساه العلم والورع من ~~ملابسه ما كساه. فما وقع من ذلك قوله: # كيف السلو ولي حبيب هاجر ... قاسي الفؤاد يسومني تعذيبا # لما درى أن الخيال مواصلي ... جهل السهاد على الجفون رقيبا # وله أيضا رحمه الله: # يا من عهودي لديك ترعى ... أنا على عهدك الوثيق # إن شئت أن تسمعي غرامي ... من مخبر عالم صدوق # فاستخبري قلبك المعنى ... يخبرك عن قلبي المشوق # انتهى. ### || ومن أشياخ القاضي أبي الفضل عياض رحمه الله: ### $ الشيخ الإمام النحوي الأديب ~~اللغوي أبو عبد الله بن محمد بن السيد PageV03P101 # بكسر السين البطليوسي بفتح الموحدة ms471 والطاء المهملة والتحتانية وسكون ~~اللام والواو نزيل بلنسية. # قال السيوطي في الطبقات: كان عالما باللغات والآداب متبحرا فيها انتصب ~~لإقراء علم النحو وجتمع إليه الناس وله يد في العلوم القديمة. ذكره في ~~قلائد العقيان وبالغ في وصفه. # وكان لابن الحاج صاحب قرطبة ثلاثة أولاد من أجمل الناس صورة: رحمون وعزون ~~وحسون فأولع بهم وقال فيهم: # أخفيت سقمي حتى كاد يخفيني ... وهمت في حب عزون فعزوني # ثم أرحموني برحمون فإن ظمئت ... نفسي إلى ريق حسون فحسوني # ثم خاف على نفسه فخرج من قرطبة. # صنف: شرح أديب الكتاب شرح الموطأ شرح سقط الزند شرح ديوان المتنبي إصلاح ~~الخلل الواقع في الجمل الحلل في شرح أبيات الجمل المثلث المسائل المنثور في ~~النحو وله كتاب " التنبيه على الأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في ~~رأيهم واعتقادهم " وهو كتاب عظيم. لم يصنف مثله وغير ذلك. ولد سنة أربع ~~وأربعين وأربع مائة ومات في رجب سنة إحدى وعشرين وخمس مائة ببلنسية. PageV03P102 # ومن شعره: # أخو العلم حي خالد بعد موته ... وأوصاله تحت التراب رميم # وذو الجهل ماش على الثرى ... يظن من الأحياء وهو عديم # ذكر في جمع الجوامع. انتهى كلام السيوطي في الطبقات. ### || ترجمة ابن السيد البطليوسي للفتح بن خاقان. # ورأيت تأليفا بديعا للفتح صاحب القلائد والمطمح ضمنه التعريف بهذا الإمام ~~ابن السيد خاصة وهأنا أورده بجملته لغرابته وفصاحته وبلاغته وإن كان فيه ~~بعض ما هو من قبيل الهزل الذي الإعراض عند أول وقد جرت عادة الأشياخ بذكر ~~مثل ذلك وحسبك ما ذكره الإمام السيوطي آنفا في حق ابن السيد. وقد اغتفر ~~الناس المقامات مع ما فيها من سخيف المقالات والأعمال بالنيات. # قال ذو الوزارتين الكاتب أبو نصر الفتح بن عبيد الله المعروف بابن خاقان ~~رحمه الله: أما بعد حمد الله الذي جعل الليل لباسا وأزال عن قلوبنا شكا ~~والتباسا PageV03P103 # وأرانا من الهدى منارا وجعل لنا من الشجر الأخضر نارا وخلقنا أطوارا ~~وأطلع لنا شموسا وأقمارا تدل على حكمته ويستدل بها على مقدار نعمته. # والصلاة على نبيه ms472 الذي بعثنا من مرقد الضلالة وجلى عنا غياهب الجهالة ~~فظهر الرشاد بعد احتجابه وتوارى الغي في حجابه صلى الله عليه وسلم تسليما. # فإني لما فرغت من الكتاب الذي أبديت به للإحسان مبسما وجعلته لمحاسن ~~الثمان موسما وجلوت فيه أبكار المفاخر وعونها وخصصت به نكت المآثر وعيونها ~~وشعشعت فيه المحاسن وروقتها وفتقت فيه كمائم البدائع وشققتها حتى أتت أزهى ~~من الحديقة وأبهى من ملك النعمان بين الشقيقة يتمنى السحر أن يحلها والعيون ~~النجل أن تكحلها فصارت به لأهل الأندلس السن مفتخرة وانتشرت لمعاليهم عظام ~~نخرة ورأيت فيه فضل الأواخر على الأوائل وجريت به أمام سبحان وائل وملكت ~~بسببه كل قياد وتركت ورائي قس أياد وكان لي فيه أمل ثناني أن يجلى وعداني ~~أن ينص ويتلى فطويته طي السجل ولويته لي محيا الخجل وتركته كالبدر في ~~السرار وأخفيته كما خفى في الغمد ماضي الغرار والخواطر تهيم به أعظم هيم ~~وتستمطره أستمطار المحل المديم والنفوس تتشوف إليه تشوف الضال للمرشد ~~والآذان تصيخ إليه إصاخة الناشد للمنشد وأنا أجعل لقاحه حيالا ولا أريه طيف ~~ولا خيالا ثم خشيت أن يكسو الزمان جوهره عرضا ويتخذ الحدثان بدره عرضا ~~فتمحى من وجهه الزمان غرته وتسقط عن جبين الدهر درته ومالمح منه عنان ولا ~~شيم منه ما فيه سلوان فتذوب النفوس عليه عيون الذكاء بعد رمدا فرأيت أن ~~أستخرج من أخباره دلالة اللفظ على المعنى واللحظ على المغنى وينبئ عنه ~~إنباء PageV03P104 # النسيم على الزهر ويشير إليه إشارة الشاطئ إلى النهر. # ولما كان الفقيه الأجل أبو محمد عبد الله بن السيد أدام الله علوه تاج ~~مفرقه وهلال أفقه ومهب نفح صواره ومحلى أنواره ومجلى أنجاده وأغواره وأنت ~~قد أحكمت نسق أخباره وسردها وفوفت مطرفها وبردها وأطلقتها قمرا وجعلتها ~~سمرا إذ هو أزخر علمائنا بحرا وأوسعهم نحرا وأحسنهم خواطرا وأكسبهم مواطرا ~~وأسيرهم أمثالا وأعدمهم مثالا وأصدقهم لسانا وأعمهم إحسانا وأرفعهم راية ~~وأبعدهم راية وأبعدهم غاية ومحاسنه أعذب جماما وأصفى غماما وأظهر إعجازا ~~وأحسن صدورا وأعجازا رأيت أن أفرد كتابا ms473 في أخباره وأجرد ذبابا في إعظامه ~~وإكباره ليبين به فضل من ضمنته تصنيفي ويعلم بأخباره ما أودعت عن تأليفي ~~ويرى أنه قطرة من غمام ودرة من نظام وصبح يدل على النهار ونفح صدر عن حقائق ~~وأزهار. # والله المولى العون والكيل بالكلاءة والصون لا رب غيره. # الفقيه الحافظ الإمام الأوحد أبو محمد هو عبد الله بن محمد بن السيد ~~البطليوسي وشلب بيضته ومنها كانت حركة أبيه ونهضته وفيها كان قرارهم ومنها ~~نم آسهم وعرارهم ونسب إلى بطليوس امولده بها ومن حيث كان فقد طبق الأرض ~~علما وملأها ذكاء وفهما. # وأنا أقول: لو أن للأيام ألسنا ناطقة وأوصافا متناسقة تردد فنون ~~بيانهاكالطير ترجع على أفنانها ما جرت إلى إنصافه ولا درت بعض أوصافه ولو ~~أني أمددت ببيان سحبان وأيدت تأييد لسان حسان وأغراني PageV03P105 # ابن صوحان الفصاحة وعلمني خالد صفوان إيضاحه لما أعربت عن مقداره الرفيع ~~ولا أغربت بما له من التعظيم والترفيع فكيف بلسان قد فل غراره وبنان قد ذوى ~~رنده وعراره وخاطر قد ارتمى في لجج الأخطار ووخز بأطراف القنا الخطار فما ~~تذل له عصي إحسانه ولا تحل النوائب عقدة لسانه فحسبي أن أقتصر من وصفه على ~~لمحة وأعطر من عرفه بنفحة فأقول: إنه ضارب قداح العلوم ومجيلها وغرة أيامنا ~~البهية وتحجيلها لو أدركه قيس لما قضى للحلم وترا ولا شفعا ولو عاصره ابن ~~العاصي لما ادعى ضرا ولانفعا حلب الدهر أشطره وتلا حروفه وأسطره وخذم ~~الياسات وعلم طرق السياسات ونفق وكسد ووقف وتوسد. وهو اليوم شيخ المعارف ~~وإمامها ومن في يديه مقودها وزمامها لديه تنشد ضوال الأعراب وتوجد شوارذ ~~اللغات والأعراب إلى مقطع دمث ومنزع من النفاسة غير منتكث وندى خرق به ~~العوائد وأورق في يد الرائد وعفاف كف حتى عن الطيف وحكى المحرمين بالخيف ~~ولقد نزلت منه بالتقى الطاهر ولقيت منه ما لقي عوف بن محلم من ابن طاهر ~~ورأيت نار مكارمه تتألق وبت كأنما على النار الندى والمحلق وله تحقيق ~~بالعلوم الحديثة والقديمة وتصرف في طرقها المستقيمة ما ms474 خرج بمعرفتها عن ~~مضمار شرع ولا نكب عن أصل للسنة ولا فرع. وتواليفه PageV03P106 # في الشروحات وغيرها صنوف وهي اليوم في آذان الأيام شنوف. فمنها المقتبس ~~في شرح موطأ مالك بن أنس والاقتضاب في شرح أدب الكتاب. وكتاب التنبيه على ~~السبب الموجب لاختلاف العلماء في اعتقاداتهم وآرائهم وسائر أغراضهم ~~وأنحائهم وغير ذلك مما يشتمل عليه هذا الموضوع ويخفيه ويوقف على تفسيره ~~فيه. # وقد أثبت من محاسنه التي تدور جريالا ويصير الحبر بقصتها نيالا وما ينشي ~~ويسكر وبحمده الوسمي المبكر. # فمن ذلك أنه حضر مع القادر بالله بد ذي النون بمجلس الناعورة بطليطلة في ~~المنية المتناهية البهاء والإشراق المباهية لزوراء العراق التي ينفح شذاها ~~العطر ويكاد من الغضارة يمطر والقادر بالله رحمه الله قد التحف الوتار ~~وارتداه وحكم العقار في جوده ونداه والمجلس يشرق كالشمس في الحمل ومن حواه ~~يبتهج كالنفس عند منال الأمال والزهر عبق وعلى ماء النهر مصطبح ومغتبق ~~والدولاب يئن كناقة إثر حوار أو كثكلى من حر الأوار والجو قد عنبرته أنواؤه ~~والروض قد بللته أنداؤه والأسد قد فغرت أفواهها ومجت أمواهها فقال رحمه ~~الله يصف الحال: # يا منظرا إن رمقت بهجته ... أذكرني حسن جنة الخلد # تربة مسك وجو عنبر ... وغيم ند وطش ما ورد # والماء كاللازورد قد نظمت ... فيه اللآلئ فواغر الأسد # كأنما جائل الحباب به ... يلعب في حافتيه بالنرم # تراه يزهى إذا يحل به ال ... تادر زهو الكعاب بالعقاد PageV03P107 # تخاله إن بدا به قمرا ... تما بدا في مطالع السعد # كألأنما ألبست حدائقه ... ما حاز من شيمة ومن مجد # كأنما جادها فروضها ... بوابل من يمينه رغد # لا زال في عزة مضاعفة ... ميمم الرفد واري الزند # وله يصف فرسا وهو مما أبدع في التمثيل له والتشبيه ونبه خاطره فيه أحسن ~~تنبيه وخلع عليه شيات لاحق والوجيه وعمه بالمحاسن وتوج ونسبة إلى الخاطر ~~أعوج: # وأقب من آل الوجيه ولاحف ... قيد العيون وغاية المتمثل # ملك النواظر والقلوب بحسنه ... فمتى ترق العين فيه تسهل # ذو منخر رحب وزور ضيق ... وسماوة خضب وأرض ms475 ممحل # قصرت له تسع وطالت أربع ... وصفت ثلاث منه للمتأمل # وتراه أحيانا لعزة نفسه ... يرنو بلا قبل بعين الأقبل # وكأنما سال الظلام بمتنه ... وبدا الصبح بوجهه المتهلل # ز كأن راكبه على ظهر الصبا ... من سرعة أو فوق ظهر الشمأل # وله يصف فرسا للظافر عبد الرحمن بن عبيد الله بن ذي النون رحمه الله: # وأدهم من آل الوجيه ولاحق ... له الليل لون والصبح حجول # تحير ماء الحسن فوق أديمه ... فلولا التهاب الخصر ظل يسيل # كأن هلال الفطر لاح بوجهه ... فأعيننا شوقا إليه تميل # كأن الرياح العاصفات تقله ... إذا ابتل منه محزم وتليل PageV03P108 # إذا الظافر الميمون في متنه علا ... بدا الزهو في الطفين منه يجول # فمن رام تشبيها له قال موجزا ... وإن كان وصف الحسن منه يطول # هو الفلك الدوار في صهواته ... لبدر الدياجي مطلع وأوفل # وما أبدع قوله في وصف الراح والحض على النبذ للهموم والاطراح بمعاطاة ~~كئوسها وموالاة تأنيسها ومعاقرة دنانها واهتصار ثمار الفتوة وأفنانها ~~والإعراض عن الأيام وأنكادها والجري في ميدان الصهوة إلى أبعد آمادها: # سل الهموم إذا نبا زمن ... بمدامة صفراء كالذهب # مزجت فمن در على ذهب ... طاف ومن حبب على لهب # وكأن ساقيها يثير شذا ... مسك لدى الأقوام منتهب # ولله هو فقد ندب إلى المندوب وذهب إلى داواة القلوب من الندوب وإبارئها ~~من الآلام وإهدائها كل تحية وسلام وابهاجها بآصال وبكر وعلاجها من هموم ~~وفكر في زمن حلى عاطله وجلى في أحسن الصور باطله ونفقت محالاته وطبقت أرضه ~~وسماءه استحالتها فليبد كأسد وذيبه مستاسد وأحفاسه تنمر وبعاثه قد استنسر ~~استراحة إلا في معاطاة حميا ومؤاخاة وسيم المحيا وقد كان ابن عمار ذهب ~~مذهبه وفضضه بالإبداع وذهبه حين دخل سرقسطه ورى غباره أهلها وتكاثف جهلها ~~وشاهد منها من لا يعلم معنى ولا فصلا وواصل من لا يعرف قطعا ولا وصلا فأقبل ~~على راحة يتعاطاها PageV03P109 # وعكف عليها ما تعداه ولا تخطاها حتى بلغه أنهم نقموا معاقرته للعقار ~~وجالت ألسنتهم في توبيخه مجال ذي الفقار فقال: # نقمتم على الراح أدمن ms476 شربها ... وقلتم فتى راح وليس فتى مجد # ومن ذا الذي قاد الجياد إلى الوغى ... سوى من أعطى الكثير ولم يكد # فديتكم لم تفهوا السر إنما ... قليتكم جهدي فأبعدتم جهدي # ودخل ليلة إلى مجلس قد احتشد فيه الأنس والطرب وقرع السرور نبعه بالغرب ~~ولاحت نجوم أكواسه وفاح نسيم رنده وآسه وأبدت صدور أباريقه أسرارها وضمت ~~عليه المجالس أزرارها والراح يديرها أهيف وأوطف والأماني تجنى وتقطف فقال: # يا رب ليل قد هتكت حجابه ... بمدامة وقاد كالكواكب # يسعى بها أحوى الجفون كأنها ... من خده ورضاب فيه الأشنب # بدران: بدر قد أمنت غروبه ... يسعى ببدر جانح للمغرب # فإذا نعمت برشف بدر غارب ... فانعم برشفة طالع لم يغرب # حتى ترى زهر النجوم كأنها ... حول المجرة ربرب في مشرب # والليل منحفز يطير غرابه ... والصبح يطرده أشهب # وقال يمدح بعض الأعيان وهي قصيدة اشتملت على المحاسن اشتمال الليل ~~وانفردت بالمحاسن انفراد سهيل ودرت فيها أخلاف الإبداع وزرت عليها جيوب ~~الانقطاع وأفصح لسان الإحسان وسح عليها عنان الأفتنان فجاءت بالأغراب ~~محفوفة ولاحت كالخريدة المزفوفة. PageV03P110 # وسمعت السيئ الاعتقاد الغبي الفهم والانتقاد الكافر الملحد النافر لمن ~~يعظم الله ويوحد الذي ما نطق متشرعا ورمق متورعا ولا أقر بباريه ولا قر عن ~~جريه في ميدان الغي وتباريه بدعى مدحه ويقول: أنه إليه بعث نفحها وإنه الذي ~~افتض عذرتها وقطف زهرتها. وحاشا لقائلها أن يمدح المذموم وينضح بكوثرها نفح ~~سموم أو يشرف بها وضيعا ويرضع ثديها من غذا للؤم رضيعا وهي: # أما إنه لولا الدموع الموامع ... لما بان مني ما تجن الأضالع # وكم هتكت ستر الهوى أعين ألمها ... وهاجت لي الشوق الديار اللاقع # خليلي مالي كلما لاح بارق ... تضلى الحشا وارفض مني المدامع # هل الأفق في جبيني بالبرق لامع ... أم المزن في جفني بالودق هامع # ففي القلب من نار الشجون مصايف ... وفي الخد من ماء الشئون مرابع # وما هاج هذا الشوق إلا مهفهف ... هو البدر أو بدر الدجى منه طالع # إذا غاب يوما فالقلوب مغارب ... وإن لاح يوما فالجيوب مطالع # يضرج خديه ms477 الحياء كأنما ... بخديه من فتك الجفن وقائع # رماني عن قوس المحاجر لحظه ... بسهم غدا من مهجتي وهو وادع # وما زلت من ألأحاظه متوقيا ... ولكنه ما حم لا بد واقع # يرق فتور اللحظ منه كأنه ... إلى قلبه من قسوة الهجر شافع # كما رق بالآداب طبع محمد ... فحاكت لمى الأحباب منه الطبائع # رخيم حواشي الطرف حلو كأنه ... سجايا أيام السرور الرواجع PageV03P111 # أبا بكر استوفيت زهر محاسن ... تنافسها زهر النجوم الطوالع # قدحت زنادا من ذكائك لم يزل ... ينير فتعشى البارقات اللوامع # وما ذلك عن نيل لذيك رجوته ... فيصدق ظن أو يكذب طامع # ولا أنا ممن يرتضي الشعر خطه ... فتجذبه نحو الملوك المطالع # ولكن قلبا بين جنبي قد غدا ... يجاذبني فيك الهوى وينازع # طوى لك من محض الوداد كمائنا ... تبدت لها فوق اللسان طلائع # أن أزعم في نظم البديع ولم يزل ... لك السبق فيه والورى لك تابع # وأي مقال لي وقولك سائر ... وأي بديع لي ومنك البدائع # وقال يتغزل وتصرف فيه غيلات مي ووصف كل حواء وحي وذكر العشق وارتاد ~~الإبداع حتى عدا به مصره فأجاد معانيه وأشاد مبانيه: # تأوبه من همه ما تأوبا ... فبات على جمر الأسى متقلبا # مرت مزن عينيه غداة تحملوا ... عواصف ريح الشوق حتى تصببا # دموع هتكن الستر عن مضمر الجوى ... وأبدين من سر الهوى ما تغيبا # حليلي مالي كلما لا بارق ... تذكرت برقا بالعقيق وزينبا # أؤنس بالنائين نوما مشردا ... وأطمع بالثاوين قلبا معذبا # ومن لي برد الخل إذ جدت النوى ... به وبوصل الحبل أن يتقضبا # أفي كل حين أمترى غرب مقلة ... أبى الوجد إلا أن تجود فتغربا PageV03P112 # إذا عن لي ظبي بوجرة شادن ... تذكرت من عنى الفؤاد وعذبا # وأرتاح للأرواح من نحو أرضها ... وتثني عنان للصبا نفحة الصبا # ولولا التهاب الشوق بين جوانحي ... لأمرع خدي بالدموع وأعشبا # ألا قاتل الله الهوى كيف قادني ... إلى مصرعي طوعا وقد كنت مصعبا # وما كنت أخشى أن أبيت معذبا ... بعذب رضاب من حمى الثغر أشنبا # وخذ الاقي دون شم رياضه ... من اللحظ هنديا ms478 وللصدغ عقربا # أجدك لم تبصر تألق بارق ... يجد نشاطا في ذرى الأفق أهدبا # إذا ما بدا في الجو أحمر ساطعا ... حسبت الظلام ابنوسا مذهبا # كأن رياض الحو غب سمائه ... تردين وشي العبقري المخلبا # كأن الشقيق والفجر ساطع ... خدود زهاها الحسن أن تتنقبا # تمتع بريعان الشباب وظله ... فلا بد يوما أن يبينا ويذهبا # فما العيش إلا أن تروح وتغتدي ... محبا براه سقمه أو محببا # وكتب إلى الكاتب أبي الحسن راشد يستدعيه إلى مجلس قد لاحت قد لاحت شموس ~~مدامه وارتاحت نفوس ندامه وتأودت تأود الغصون قدود خدامه: # عندي مشكود من الخمر مبق # فيه مني مصطبح ومغتبق # يحكي شذا المسك إذا المسك فتق # كأنه من خلقك الحلو خلق PageV03P113 # كأنما كئوسه تحت الغسق # في راحة الساقي نجوم تأتلق # تخالها وهي تلظي كالحرق # أحشاء صب ملئت من الحرق # ترى لدى المزج إذا الماء انفق # فيها حبابا لاح كالدر النسق # وأنت أنسي والمفدى بالحدق # فاطلع طلوع القمر التم اتسق # في يومنا هذا إذا الظهر نطق # يا راشدا إذا دجى الغي غسق # وماجدا حاز السبق السبق # لله معنى طابق اسما لك حق # توافقا فيك إذا الاسم اتفق # فراجعه راشد: # لبيك من داع إلى العيش الغدق # في سجسج من ظله غض الورق # ندير صفو الراح صرفا قد عتق # وشبهها لونا وطعما وعبق # وكان يجلى في ملاء من فلق # تحسده من حسنه بيض السرق PageV03P114 # ثم كساه السهد ثوبا من شفق # بل من إياة الشمس من غير رنق # كأنه من خد من أهوى استرق # كأنه بريقه العذب فتق # فجاء يشفي من جوى ومن حرق # أحلى من الأمن أتى بعد الفرق # رضيته مصطبا ومغتبق # على رياض أدب ذات أنق # أجين ما أهوى وأذهبن القلق # عند فتى ندب عبير الخلق # مؤتزر بالمكرمات منتطق # إن قال قدسدت الورى قيل صدق # وقال يصف مجلس أنس وتصرف في وصفه سقاته وإقبال الصبح لميفاته ومدح الراح ~~بأحسن أسمائها وطلوع الفجر هازما لدجى ليلتهم وظلمائها وإيقاظ أصحابه من ~~نومه وترغيبه لهم في اصطباح يومهم: # صاح بنه ms479 كل صاح يصطبح ... فضلة الزق الذي كان اغتبق # قهوة تحكي الذي في أضلعي ... من جوى الحب ومن لفح الحرق # بيدي ساق ترى في طوقه ... بدر تم في تجلى في غسق PageV03P115 # خلتها إذ غربت في قغره ... شمسها أبقت بخديه شفق # أفرغ الماء عليها فحكت ... ذائب الإبريز أو ذوب ورق # إن مسك الليل قد أعقبه ... من سنى الإصباح كافور عبق # فكأن الفجر عين تفجرت ... وكأن الليل زنجي غرق # وكأن الأنجم الزهر مها ... راعه السرحان صبحا فاقترق # وقال في الزهد وهو غرض قد أكثر القول فيه والضارعة لباريه وراش أنواعه ~~وبرى وجلب فنونه ومرى وذلك مما يدل على ورعه وصفاء منهله التقي ومشرعه ~~فكثيرا ما يعلن به ويسر ويطلع على لسانه متمما ولا يستسر: # إلهي إني شاكر لك حامد ... وإني لساع في رضاك وجاهد # وإنك مهما زلت النعل بالفتى ... على العائد التواب بالعفو عائد # تباعد مجدا وانيت تعطفا ... وحلما فأنت المدني المتباعد # ومالي على شيء سواك معول ... إذا دهمتني المعضلات الشدائد # أغيرك أدعو لي إلها وخالقا ... وقد أوضح البرهان أنك واحد # وقدما دعا قوم سواك فلم يقم ... على ذاك برهان ولا لاح شاهد # وبالفلك الدوار قد ضل معشر ... وللنيرات السبع داع وساجد # وللعقل عباد وللنفس شيعة ... وكلهم عن منهج الحق حائد # وكيف يضل القصد ذو العلم والنهى ... ونهج الهدى من كان نحوك قاصد PageV03P116 # وهل في التي طاعوا لها وتعبدوا ... لأمرك عاص ولحقك جاحد # وهل يوجد المعلول من غير علة ... إذا صح فكر أو رأى الرشد راشد # وهل غبت عن شيء فينكر منكر ... وجودك أم لم تبد منك الشواهد # وفي كل معبود سواك دلائل ... من الصنع تنبني أنه لك عابد # وكل وجود عن وجودك كائن ... فواجد أصناف الورى لك واجد # سرت منك فيها وحدة لو منعتها ... لأصبحت الأشياء وهي بوائد # ومولك في خلق الورى من دلائل ... يراها الفتى في نفسه ويشاهد # كفى مكذبا للجاحدين نفوسهم ... تخاصم إن أنكروا وتعاند # وقال يمدح الظافر عبد الرحمن بن عبيد الله بن ذي النون وهو مدح طايق ~~الممدوح ms480 ووصف شاكله كالروض والغمام السفوح فنظم الدر بأبهى جيد ولد الفخر ~~أعلى مجيد ووضع العلق في يدي مميزه وأجرى الجواد في ميدان مجوزه لم يحمل ~~إلى غير موضع نفاق ولا شام به مخيله ذات إخفاق فإنه كان أندى من الغيث ~~وأمضى من الليث وأذكى من الجسام وأبهى من البدر ليلة التمام حتى خاض هولا ~~لم يسر فيه إلى صبح وسلك شعبا لم ينش منه بريح فصافح المنايا وطلع له غير ~~معهود الثنايا والشعر قوله: # لعلكم بعد التجنب والهجر ... تديلون من بعد وتشفون من ضر # فإن الذي غادرتم بين أضلعي ... يزيد مر الزمان ويسترشي # ولم تنبكم عني النوى غير أنكم ... رحلتم من اللجفن القريح إلى الفكر # ومن عجب أني أسائل عنكم ... ومنزلكم بين الجوانح والصدر PageV03P117 # واستعطف الأيام فيكم لعلها ... تعيد الليالي السابقات كما أدري # وأطمع منها في الوصال ولم أزل ... عليما بما يؤثر من شيم الغدر # ويوحشني الزمان لنأيكم ... وإن كنت مأنوس الجوانح بالذكر # ولم أنس إذ صدت كما صد شادن ... غرين من الربعي أوجس من ذعر # تميس كما ماس القضيب على القنا ... وترنو كما أغضى الشريف من السكر # وما زلت صبا بالغواني تصيدني ... ذوات الثنايا الغر والأوجه الزهر # وعندي أحشاء ملئن صبابة ... كألحاط أجفان ملئن من السحر # ولوعة وجد ما تفيق وظمأة ... لأشنب معسول اللمى طيب النشر # وكم في كناس السمهرية من رشا ... أغن يقيم العذر في الخلع للعذر # وأهيف يثنيه النسيم إذا جرى ... فلو شاء من لين تختم في الخصر # وساحرة الألفاظ لو أنها دعت ... بنغمتها ميتا للبى من القبر # حسرت القناع الستر فيها ولم يكن ... يطيب النوى يوما لمن دان بالستر # ولله ليل باللوى أبعد الجوى ... وقرب نحرا من مشوق إلى نحر # فما شئت من شكوى أرق من الهوى ... وما شئت من نجوى ألذ من الخمر # سرت لم تمس الطيب عجبا بحسنها ... وقد أفعمت عرض البسيطة بالعطر # فقلت: عبيد الله أو نجله سرى ... فذكرني ذارين أو بت بالشحر # كأن ضياء الصبح في الليل إذ سرى ... بصيرة إيمان سرت ms481 في عمى كفر # كأن مها في الأفق ريعت وقد بدا ... لها ذنوب السرحان من وضح الفجر # كأن سنى الشمس المنيرة إذ بدا ... كسا ورق الإصباح ذؤبا من التبر # وإلا فوجه الظافر الملك انجلى ... فجلى ظلام النقع في الجحفل المجر PageV03P118 # عجبت لأيام تداعت خطبها ... لتثلم من غربي وتقدح في وفري # ولم تدر أني في حمى الظافر الرضا ... أرد العدى عني بصمصامتي عمرو # حللت جنايا منه مدينة ظلاله ... علي وأعطاني أمانا من الدهر # جناب بكت فيه غمائم جوده ... فأضحكن روض المجد عن زهر الشكر # وكم نلت مذ أصبحت ألثم كفه ... بيمناه من يمن ويسراه من يسر # لدي ملك ما لاح ضوء جبينه ... بجنح الدجى إلا كفى مطلع البدر # ومتقد الآراء جال في الوغى ... بخاطره أغنى عن البيض والسمر # ولولا اضطرام البأس فيه غدا القنا ... براحته يهتز بالورق الخضر # أرى عابد الحمن رخمة من قست ... عليه الليالي أمن من ريع بالفقر # وكعبة آمال كثيرا حجيجها ... لها حرم فيه مشاعر للشعر # له من حجاه بالسماحة آمر ... ومن حلمه ناه عن اللغو والهجر # فتى لم يشمر قط إلا عنا له ... عاه وساق الحرب مسبلة الأزار # ولم يعترك بخل بميدان عدله ... وجدواه إلا فاز جدواه بالنصر # أبا عامر زلت للمجد عامرا ... فإنك وسطى العقد في عنق الفخر # وقمت العدا عني برأفة ماجد ... وغمر نوال سر إذ ساء ذا الغمر # وأوسعت نعمى ضقت ذرعا بحملها ... فإن خففت عمري لقد أثقلت ظهري # ولما ارتقت بي في سمائك همتي ... غذا أخمصي فوق النعائم والنسر # فحييت شمس الملك في فلك العلا ... وشمست سحاب الجود في بارق البشر # أيرجو ضلالا أن يناويك حاسد ... وقد حزت خصل السبق وهو على الإثر # وأرسى عبيد الله بيتك في العلا ... وطنبه بين السماكين والغفر PageV03P119 # وأصبحت كالمأمون تقنو سبيله ... كأنك موسى تقتفي أثر الخضر # وما علت صبرا حين قلدك العلا ... وجاء بأمر من بدائعه أمري # فلله ما شادوا وشدت من العلا ... ولله ما حازوا وما حزت من ذكر # نظمت شتيت الملك بالعدل والتقي ... وقمت بحق الله ms482 في السر والجهر # وجاءك صوم إثر فطر قضيته ... بحظين من سعد جزيل ومن أجر # وأدبر سقم عنك بشر جسمه ... بإقبال نعمى واتصال من العمر # سيملا شكرى كل قطر تحله ... بنشر ثناء عنك أذكى من العطر # وتبقى لكم بين الضلوع محبة ... ألاقي بها الرحمن في موقف الحشر # وكتب إلى ذي الوزارتين أبي عيسى بن لبون: # قم نصطبح من قهوة بكر ... حتى نرى صرعى من السكر # أنف تنساها الورى حتى ... لم تجر في بال ولا ذكر # فترى الدنان وما حوت منها ... كجوانح طويت على فكر # نفحت فقلت المسك أو ما قد ... أحيا أبو عيسى من الذكر # لا شيء يحكى طيبها إلا ... شيم عذاب منه أو شكري # ما زلت أخبر من محاسنه ... قدما بعرف ليس بالنكر # وأحن نحو لقائك طربا ... كالطير إذ جنت إلى وكر # فالآن شاهدت الذي يحكى ... ولقيت فيه الفضل للشكر # وكان أبو عيسى ممن رأس وما شف ووكف جوده وما كف وأعاد سوق البدائع نافقه ~~ورفع الآمال راية من الندى خافقة وأوردهم منها جوده معينا وزف لهم من ~~مبراته أبكار وعونا فلما بلغته قوله هذا وسمعه استنبله PageV03P120 # واستبدعه؛ وأحضره إلى مجلس نام عنه الدهر وغفل، وقام لفرط أنسه واحتفل؛ ~~قد بانت صروفه، ودنت في الزائرين قطوفه؛ وقال هلم بنا إلى الاجتماع بمذهبك، ~~والاستماع بما شئته ببراعة أدبك؛ فأقاموا يعملون كأسهم، ويصلون إيناسهم؛ ~~وباتوا ليليهم ما طرقهم نوم، ولا عداهم عن طيب اللذات سوم. # ودخل سرقسطة أيام المستعين بالله وهي جنة الدنيا، وفتنة المحيا؛ ومنتهى ~~الوصف وموقف السرور والقصف؛ ملك نمير البشاشة، كثير الهشاشة؛ وملك بهج ~~الفناء، أرج الأرجاء؛ يروق المحتلى، ويفوق النجم المعتلى؛ وحضرة منسابة ~~الماء، منجابة السماء؛ يبسم زهرها، وينساب نهرها؛ وتتفتح خمائلها، وتتوضع ~~صباها وشمائلها؛ والحوادث لا تعترضها، والكوارث لا تقترضها؛ ونازلها من عرس ~~إلى موسم، وآملها متصل بالأماني ومتسم؛ فنزل منها في مثل الخورنق والسدير، ~~وتصرف فيها بين روضة وغدير؛ فلم يخف على المستعين اختلاله، ولم تخف لديه ~~خلاله؛ فذكره معلما به ومعرفا، وأحضره منوها له ومشرفا ms483؛ وقد كان فر من ابن ~~رزين، فرار للسرور من نفس الحزين؛ وخلص من اعتقاله، خلوص السيف من صقاله؛ ~~فقال يمدحه: # هم سلبوني خنس صبري إذ بانوا ... بأقمار أطواق مطالعها بان # لئن غادروني باللوى إن منجتي ... مسايرة أظغانهم حيثما كانوا # يقى عهدهم بالخيف عهد غمائم ... ينازعها مزن من الدمع هتان # أن أحبابنا هل ذلك العهد راجع ... وهل لي عندكم آخر الدهر سلوان PageV03P121 # ولي مقلة عبرى وبين جوانحي ... فؤاد إلى لقياكم الدهر حنان # تنكرت الدنيا لنا بعد بعدكم ... وحفت بنا من معضل الخطب ألوان # أناخت بنا في أرض شنت مرية ... هواجس ظن خن والظن خوان # وشمنا بروقا للمواعيد أتعبت ... نواظرها دهرا، ولم يهم هتان # فسرنا وما نلوي على متعذر ... إذا وطن أقصاك آوتك أوطان # ولا زاد إلا ما انتشته من الصبا ... أنوف وحازته من الماء أجفان # رحلنا سوام الحمد عنها لغيرها ... فلا ماؤها صدا ولا النبت سعدان # إلى ملك حاباه بالمجد يوسف ... وشاد له البيت الرفيع سليمان # إلى مستعين بالإله مؤيد ... له النصر حزب والمقادير أعوان # جفتنا بلا جرم كأن مودة ... ثنى نحوها منها الأعنة شنآن # ولو لم تنفذ منا الشعر وحده ... لحق لنا بر عليه وإحسان # فكيف ولم نجعل بها الشعر مكسبا ... فيوجب للمكدى جفاء وحرمان # ولا نحن ممن يرتضى الشعر خطة ... وإن قصرت عن شأوها فيه أعيان # ومن أوهمته غير ذاك ظنونه ... فثم مجال للمقال وميدان # خليلي من يعدي على زمن له ... إذا ما قضى حيف علي وعدوان # وهل راء من قبلي غريق مدامع ... يفيض بعينيه الحيا وهو حران # وهل طرفت عين لمجد ولم تكن ... لها مقلة من آل هود وإنسان # فوجه ابن هود كلما أعرض الورى ... صحيفة إقبال لها البشر عنوان # فتى المجد في بردية بدر وضيغم ... وبحر وقدس ذو الهضاب وثلان PageV03P122 # من النفر الشم الذي أكفهم ... غيوث ولكن الخواطر نيران # ليوث شرى ما زال منهم لدى الوغى ... هزير بيمناه من السحر ثعبان # وهل فوق ما فد شاد مقتدر لهم ... ومؤتمن بالله لقياه إيمان # ألا ليس فخري في الورى ms484 غير فخرهم ... وإلا فإن الآخر زور وبهتان # فيا مستعينا مستعانا لمن نبا ... به وطن يوما وعضته أزمان # كسوتك من نظمي قلائد مفخر ... يباهى بها جيد المعالي ويزدان # وإن قصرت عما لبس فربما ... تجاور در في النظام ومرجان # معان حكت غنج الحسان كأني ... بهن حبيب أو بطليوس بغدان # إذا غرست كفاك غرس مكارم ... بأرضي أجنتك الثنا منه أغصان # وكان عند وصوله إلى ابن رزين قد رفعه أرفع محل وأنزله منزلة أهل العقد ~~والحل؛ وأطلعه في سمائه، وأقطعه ما شاء من نعمائه، وأورده أصفى مناهل مائه، ~~وأخضره مع خواص ندمائه؛ وكانت دولته موقف البيان، ومقذف الأعيان؛ ومحصب ~~جمار الآمال، وأعذب موارد الاجمال؛ لولا سطوته الباطشه، ونكباته البارية ~~لسهام الرزء الرائشة؛ فقلما سلم منها مفاد الأموال، ولا أحمد عقباه معه ~~صاحب ولا وال؛ فأحمد هو أول أمره معه، واستحسن مذهبه في جانبه ومنزعه؛ ولم ~~يدر أن بعد ذلك الشهد شرب علقم، وأن السم تحت لسان ذلك الأرقم؛ فقال رحمه ~~الله يمدحه: # عسى عطفة ممن جفاني يعيدها ... فتقضي لباناتي ويدنو بعيدها # فقد تعتب الأيام بعد عتابها ... ويمحى بوصل الغانيات صدودها PageV03P123 # وكم للصبا عندي يد لست جاحدا ... لها إن كفران الأيادي جحودها # ليالي أسرى في ليالي غدائر ... كواكبها حليي المها وخدودها # وأهصر أغصان القدود فتنثني ... علي برمان النحور نهودها # فلله ليل بت فيه كأنني ... بوجرة أغتال المها وأصيدها # أبيح ثغورا كالثغور ودونها ... أسنة ألحاظ قناها قدودها # تشابه منها ما حوته مباسم ... عذاب ولبات يروق فريدها # فإن تك من تلك العقود ثغورها ... وإلا فمن تلك الثغور عقودها # وحمراء حلاها المزاج فخلتها ... عقيلة خدر زين بالبدر جيدها # بدت في دلاص من حباب وأشرعت ... سنان انسكاب والكئوس جنودها # فما برحت حتى كأن شروبها ... من السكر صرعى أنعستها حدودها # ترى شربها جنح الظلام كأنهم ... بها مصطلوا نار يشب وقودها # إذا أنكحوا من فضة الماء تبرها ... أتى اللؤلؤ المكنون وهو وليدها # كما أنكحوا البدلا استقامت سعوده ... هذيلا من الشمس استقامت سعودها # فجاءا بعبد الملك للملوك كوكبا ... ليحمي سماء المجد ممن ms485 يكيدهل # رمى جنة الأعداء لما سموا لها ... بشهب القنا حتى استشاط مريدها # حلفت بعليا عابدا الملك ذي الها ... وأيد له كالقطر جم عديدها # لئن كان قد أبلت هذيلا يد الدى ... فإن علاه ليس يبلى جديدها # وإن رفعت كفاه قبة مفخر ... فإن قنا عبد الملك عمودها # فتى أحرز العليا، وحاز مدى الندى ... فما إن له من ريبة يستزيدها PageV03P124 # سرى بارق من بشره غير خلب ... إلى أرض آمالي فأورق عودها # وبوأني من مجده في مكانة ... سعود النجوم الزاهرات صعيدها # فيا أيها الملى الذي أنا عبده ... وقدما رجا طول الموالي عبيدها # أصخ نحو حر الشعر من عبد أنعم ... بدائعه ما زال منك يفيدها # قواف تروق السامعين كأنما ... تحلى سجاياك الحسان قصيدها # ولولاك أضحت أرض شنت مرية ... مناخ خطوب لا ينادى وليدها # وما زلت يقظان الجفون لرعيلها ... إذا أعين الأملاك طال هجودها # تكف الأذى عن أهلها وتحوطها ... وتبدي الأيادي فيهم وتعيدها # وقال يرثي الوزير الأجل، أبا عبد الملك بن عبد العزيز، وبنو عبد العزيز ~~بهذا الشرق، هم كانوا بدور غياهبه، وصدور مراتبه، وبحور مواهبه؛ نظمت فيهم ~~المدائح، وعظمت منهم المنائح، ونفقت عندهم أقدار الأعلام، وتدفقت لديهم ~~بحار الكلام؛ وخدمتهم الدنيا وبنوها، وأمنتهم الأيام ولم يأمنوها؛ فرقت ~~جموعهم، وأخلت ربوعهم ونثرت ملكهم ومزقت ملكهم؛ وهدت مشيد بنائهم، واحتلت ~~الحوادث في فنائهم؛ وبقي أبو عبد الملك هذا آخرهم، فأحيا مفاخرهم؛ وكان بدر ~~الأفق وشمسه، وروح هذا القطر ونفسه؛ أبدى لذلك السنى لمعا، وأعاد من تلك ~~العلا جمعا؛ إلى أن دب إليه الحمام واستسر بدره بعد التمام؛ والقصيدة: # فؤادي قريح قد جفاه اصطباره ... ودمعي أبت إلا انسكابا غزاره PageV03P125 # يسر الفتى بالعيش وهو مبيده ... ويغتر بالدنيا وما هي داره # وفي عبر الأيام للمرء واعظ ... إذا صح فيها فكره واعتباره # فلا تحسبن يا غافل الدهر صامتا ... فأفصح شيء ليله ونهاره # أصخ لمناجات الزمان فإنه ... سيغنيك عن جهر المقال سراره # أدار على الماضين كأسا فكلهم ... أبيحت مغانيه وأقوت دياره # ولم يحمهم من أن يسقوا بكأسهم ... تناوش أطراف القنا واشتجاره # وغالت ms486 أبا عبد المليك صروفه ... وقد كان دهرا لا يباح ذماره # فأصبح مجفورا وقد كان واصلا ... وأمسى قصيا وهو دان مزاره # ولم أنس إذ أودى الحمام بنفسه ... فلم يبق إلا فعله وادكاره # إذا رقأت عيني استهلت شئونها ... لمأتم حزن قد أرن صواره # تجاوب هذى تلك عند بكائها ... كترجيع شول حين حنت عشاره # كأن لم يكن كالمزن يرهب صعقه ... عدو ويرجى في المحول انهاره # ودوحة عز يستظل بظلها ... وروضا من الآداب تجنى ثماره # أما وعلى مروان إن مصابه ... أثار أسى تذكى على القلب ناره # فلا شرب إلا قد تكدر صفوه ... ولا نوم إلا قد تجافى غراره # فأي حيا للفضل أجلى غمامه ... ونظم العلياء حان انتثاره # خوى المجد من مروان وانهد طوده ... وجد بجد المكرمات عثاره # وما خلت أن الصبح يشرق بعده ... لعين وإن الروض يبقى اخضراره # فيا طود عز زلزل الأرض هده ... وبدر علا راع الأنام انكداره # هنيئا للحد ضم شلوك أن غدا ... عميد الندى والمجد فيه قراره # ولم أر درا قط أصدافه الثرى ... ولا بدر ثم في التراب مغاره # فيا بني عبد العزيز وإن خلا ... من المجد مغناه وهد مناره PageV03P126 # ففيكم لهذا الصدع آس وجابر ... وإن كان صعبا أسوه وانجباره # لكم شرف أرسى قواعد بيته ... أبو بكر السرى إليكم نجاره # أجل وزير عطر الأرض ذكره ... وأخجل زهر النيرات فخاره # فلو كان للعلياء جيد ومعصم ... لأصبح منكم عقده وسواره # ومما يستغرب له ويستبدع، ويشاد بذكره ويسمع ويعد مما ابتكر معناه واخترع؛ ~~قوله في وصف طول الليل عليه، كابد منه ما عظم لديه. # ترى ليلنا شابت نواصيه كبرة ... كما شبت أم في الجو روض بهار # كأن الليالي السبع في الأفق جمعت ... ولا فصل فيها بينها لنهار # وحضر عند الظافر عبد الرحمن بن عبيد الله بن ذي النون، رحمه الله، مجلسا ~~رفعت فيه المنى لوائها، وخلعت عليه الشمس أضوائها، وزفت إليه المسرات ~~أبكارها، وفارقت إليه الطير أوكارها؛ فقال يصفه: # ومجلس جم الملاهي أزهارا # ألذ في الأجفان من طعم الكرى # لم تر عيني مثله ولا ms487 ترى # أنفس في نفس وأبهى منظرا # إذا تردى وشيه المصورا # من حلوك صنعاء وحولك عبقرا # ونسج قرقوب ونسج تسترا PageV03P127 # خلت الربيع الطلق فيه نورا # كأنما الإبريق حين قرقرا # قد أم لثم الكاس حين فغرا # وحشية ظلت تناغي جؤذرا # ترضعه الدر ويرنو حذرا # كأنما مج عقيقا أحمرا # أوفت من رياه مسكا أذفرا # أو عابد الرحمن يوما ذكرا # فنم مسكا ذكره وعنبرا # الظافر الملك الذي من ظفرا # بقربه نال العلاء الأكبرا # لو أن كسرى راءه أو قيصرا # هلل إكبارا له وكبرا # تبدي سماء الملك منه قمرا # إذا حجاب المجد عنه سفرا # يا أيها المنضي المطايا بالسرى # تبغي غمام المكرمات الممطرا # وقال رحمه الله: # يغلو لساني فيكم وما أفك PageV03P128 # فاهزز به غضبا إذا هز فتك # قائمه قلبي والغم الحنك # وقال يتغزل أيام جرى في ميدان الصبا متهافتا وأبدى له الجوى نفسا خافتا؛ ~~وهو من أبدع أنواع الاستعطاف، وأحسن من النور عند القطاف؛ خضع فيه لمحبوبه ~~وذل، وهان له وابتذل؛ ورضى بما سامه من العذاب، وبذل نفسه في رشفة من ~~ثناياه العذاب؛ وتشكى من جوره وحيفه، وبكى حتى من اجتناب طيفه؛ واستدعى ~~رضاه، وخلع ثوب التناسك ونضاه؛ ونحا في استلطافه أرق منحى وتصام عن قول من ~~عذل ولحى؛ وهذا غرض من كواه الغرام وسبيل من رام من الوصال ما رام؛ فما مع ~~الهوى عز ولا صبر، وما هو إلا ذل أو قبر. # والقطعة: # أبا عامر أنت الحبيب إلى قلبي ... وإن كنت دهرا من عتابك في حرب # أتعرض حتى بالخيال لدى الكرى ... وتبخل حتى بالسلام مع الركب # كأني أخو ذنب يجازي بذنبه ... وما كان لي غير المودة من ذنب # فيا ساخطا هل من رجوع إلى الرضا ... ويا نازحا هل من سبيل إلى القرب # ويا جنة الفردوس هل يقطع العدا ... بجريا لك المختوم أو مائك العذب # ويا بائنا بان العزاء بينه ... فأصبحت مسلوب العزيمة والقلب # أذقني بالعتبى جنى النحل منعما ... فإنك قد جرعتني الصاب بالعتب # وكنت أرى الهجران أعظم حادث ... فقد صار عند البين من أصغر ms488 الخطب PageV03P129 # أتتركني رهنا بأيدي حوادث ... غدوت لها نهبا وما كنت بالنهب # سأجعل عيدا يوم عودك يغتدي ... محياك فيه قبلة الهائم الصب # أقيم لواء الوصل في حلة الصبا ... به وأضحى بالصبابة والكرب # لك القلب ما فيه لغيرك منزل ... منحتكه فانزله بالسهل والرحب # وقال شاكيا مثل هذه الشكوى مخبرا بما يلقاه من البلوى: # خليلي هل تقضي لبانة هائم ... أم الوجد والتبريح ضربة لازم # فإني بما ألقى من الوجد مغرم ... كسال قلبي بائح مثل كاتم # ولي عبرات يستهل غمامها ... بخدي إذا لاحت بروق المباسم # كفى حزنا إني أذوب صبابة ... وأشكو الذي ألقى إلى غير راحم # وأرتع من خديه في جنة المنى ... ويصلى فؤادي من هواه بجاحم # تقضي الصبا واللهو إلا حشاشة ... تجدد لي عهد الصبا المتقدم # كأني لم أقطع بصبح وقهوة ... زماني ولم أنعم بأحور ناعم # ولابت في ليل الغواية لائما ... له تحت أستار الدجى وهو لائمي # إذا ما أدار الكأس وهنا حسبته ... يدير هلالا طالعا في غمائم # أبا حسن إني بودك معصم ... فهل أنت يوما من جفائك عاصمي # جعلتك في نفسي وقلبي محكما ... لترضى فقد أصبحت أجور حاكم # أتظلمني ودي وما زال فيكم ... قريع علي يرجى لرد المظالم # وقد كان فص الفجر في خنصر العلا ... أبوك ووسطى فوق جيد المكارم PageV03P130 # وكم ضم ظهر الأرض منكم وبطنها ... بدور دجى من كل أشوس حازم # وأبلج فضفاض القميص حلاحل ... طويل نجاد السيف ماضي العزائم # وما أذهلني عن ودادك غيبة ... قدحت بها نار الأسى في حيازمي # وكم لي فيها نحوكم من تحية ... أحملها مرضى الرياح النواسم # إذا مر ذكر منك يوما على فمي ... توهمته مسكا سرى في خياشمي # دعاني إليك الشوق فاهتاج طائري ... ضحى بخواف للهوى وقوادم # ولو إنني في ملحدي ودعمتني ... للبتك من تحت الصعيد رمائمي # سأصفيك محض الود ما هبت الصبا ... وما سجعت في الأيك ورق الحمائم # وقال أيضا جاريا على عادته في التشبيب، وسالكا جادته من الخضوع للحبيب، ~~إلا أنه اعتذر من الهوى في المشيب، وأنكر أخلاق الشباب على الشيب: # خليلي ما للريح ms489 أضحى نسيمها ... يذكرني ما قد مضى ونسيت # أبعد نذير الشيب إذ حل عارضي ... صبوت بأحداق المها وسبيت # ولي سكن أغرى بي الحزن حسنه ... جرئ على قتل المحب مقيت # تلاحظني العينان منه برحمة ... فأحيا ويقسو قلبه فأموت # فيا قمرا أغرى بي النقص واكتسى ... كمالا ووافى سعده وشقيت # وليت فرقي إذ وليت لهائم ... سباه لمى كالشهد منك وليت # وجودي ببرد الوصل يا جنة المنى ... فإني بحر الوجد منك صليت PageV03P131 # وكتب إليه الكاتب أبو الحسن راشد بن عريب يستدعيه إلى معاطاة قهوة، ساعات ~~سلوة: # طرت إلى شمسية قد تروقت ... فأربت على الصهباء لونا ورائحة # فلو فيها نقطة هندسية ... لباتت بها في ظلمة الليل بائحة # فكن مسعدي يا من سجاياه لم تزل ... وأخلاقه تغني عن المسك فائحة # فأجابه رحمه الله: # طربت فأطربت الخليل إلى الذي ... طربت له فالنفس نحوك جانحة # وكم أكسرتنا منك من غير قهوة ... شمائل تغنينا عن المسك فائحة # فلله أيام بقربك أسعدت ... غواد علينا بالسرور ورائحة # فساني الطولي لديك قصيرة ... وصفقة كفي في التجارة رابحة # وقد يصف كتابا ورد عليه من محبوب كان هجره، ووعده فيه باللقاء وبشرة: # نفسي فداء كتاب حاز كل مني ... جاء الرسول به من عند محبوب # مبشرا أن ذاك السخط عاد رضا ... وبدلت منه بعد بتقريب # حبيته ناظرا نحوي بناظره ... ومهديا لي ما في فيه من طيب # ظلت أطويه من وجد وانشره ... وكاد يلبيه تقبيلي وتقليبي # كم فيلة لي في عنوانه عذبت ... وبردت بالتلظي حر تعذيب # كأنه حين جلى الحزن عن خلدي ... " قميص يوسف في أجفان يعقوب " # لو كل ما فيه من موعوده كذبا ... شفي فكيف بوعد غير مكذوب # وكتب إليه بعض إخوانه متمثلا بقول القائل: # ودادكم كالورد ليس بدائم ... ولا خير فيمن لا يدوم له عهد PageV03P132 # وودي لكم كالآس حسنا وبهجة ... له خضرة تبقى إذا ذهب الورد # فراجعه بهذا الشعر: # لعمري لقد شرفت ودي بثلبه ... وصيرت لي فضلا عليك ومفخرا # صدقت: وداد الورد رطبا ويابسا ... وماء إذا عصر الأزاهر أدبرا # وودك مثل الآس ليس بنافع ... ولا ms490 نافح إلا إذا كان أخضرا # ألم تر أن الورد يكرم إن ذوي ... ويطرح في الميضاة آس تغيرا # أفضلت عبد السوء جهلا على الذي ... غدا في الأزاهير الأمير المؤمرا # وكتاب إلى الكتاب أبي عبد الله بن أبي الخصال، يراجعه عن شعر خاطبه به: # بماذا أكافي ندبا كساني ... حلى من علاه بها قد حباني # وقلد جيدي من دره ... ما لم تقلد نحور الغواني # محاسن أصبح لي لفظها ... معارا وأضحت لديه المعاني # فقل للذي حاز خصل المدى ... فليس يباريه في السبق ثاني # ألهذي شمائلك الزاهرا ... ت أهديتها أم ثغور الحسان # أم الأنجم الزهر أطلعتها ... على أفق بسماء البيان # أم الوشى ما نمنمت راحتا ... ك أم الأعين الحور جاءت رواني # أم الروض بات نديم الغمام ... يسقيه من غير بنت الدنان # يضاحكه عن ثغور البروق ... ويشدوه من وعده بالأغاني # تئن زف ودك نحوي لقد ... غدا من فؤادك بأعلى مكان PageV03P133 # ومهما أساءت بطول البعاد ... خطوب فقد أحسنت بالتداني # كأن الزمان أتي تائبا ... إلي وأنت اعتذار الزمان # ومن شعره الذي يزري بزهر الرياض وغنج الأعين المراض قوله: # أيا ممرضنا جسمي بأجفانه المرضى ... سلبت الكرى عني فهب منه لي البعضا # ليهنك غمض العين عمن تركته ... سمير نجوم الليل ما يطعم الغمضا # أتسخط من ذلي لعزك في الهوى ... وأرضى بخدي أن يكون لكم أرضا # قضى الله أن أشقى وغيري بوصلكم ... سعيد ومن يستطيع ردا لما يقضى # ومما أغرب به وأبدع قطعة تنفك منها ست قطع وهي: # نفسي الفداء لجؤذر حلو اللمى ... مستحسن بصدوده أضناني # في فيه سمطا جوهر يروي الظما ... لو علني ببروده أحياني # ثم زاد في غرابة هذا المنزع بأن صنع قطعة تنفك منها تسع قطع وهي: # طيف سرى من خاطر القلب الذوي ... فوفى لنا بعداته وقضى الوطر # بذلك الكرى عن ناظر الصب الجوي ... وشفى الضنى بهباته ومضى حذر # وقال يصف تينا أسودا مكتبا: # أهلا بتين كالنهود حوالك ... ضمخن مسكا شيب بالكافور # وكأن ما زرت عليه جيوبها ... شهد يشاب بسمسم مقشور PageV03P134 # وكأنما لبست لجينا محرقا ... فيه بقايا من ms491 بياض معطر # وقال يصف حماما: # أرى الحمام موعظة وذكرى ... لكل فتى أريب ذي ذكاء # يذكرنا عذاب ذوي المعاصي ... وأجيانا نعيم الأتقياء # شقا هجر يشوب نعيم وصل ... وحر النار في برد الهواء # إذا ما أرضه التهبت بنار ... تبادر سمكه هطلا بماء # كصدر الصب جاش بما يلاقي ... فلج الطرف منه بالبكاء # كأن له حبيبا بان عنه ... فبان وخانه حسن العزاء # ومن شعره المطرب وتغزله المعجب قوله: # أيا قمرا في وجنتيه نعيم ... وبين ضلوعي من هواه جحيم # إلى كم أقاسي منك روعا وقسوة ... وصرما وسقما إن ذا لعظيم # وإني لأنهى النفس عنك تجلدا ... وأزعم أني بالسلو زعيم # فإن خطرت بالقلب ذكراك خطرة ... ظللت بلا لب إليك أهيم # ومن مديحه الذي أبدع فيه وأغرب وذهب فيه أحسن مذهب قوله يمدح القادر رحمه ~~الله تعالى: # ضمان على عينيك أني هائم ... تصدع قلبي حول وصلك حائم # فؤادك قاس ليس لي في رحمة ... ويوهم منك اللحظ أنك راحم # ظلمت ولم ترهب مغبة ما جنت ... جفون لها في العاشقين ملاحم PageV03P135 # أظن عقاب الله نالك في الهوى ... فخصرك مظلوم وردفك ظالم # ولحظك مضني ما يفيق من الضنى ... كما ضنيت فيك الجسوم النواعم # وخدك بالألحاظ دائبا ... فكل له باللحظ مدم وكالم # يقولون غصن ألبان ما حاز خصره ... ودعص النقا ما حاز منه المعاكم # وفي طوقة بدر الدجنة طالع ... تجلله قطع من الليل فاحم # وقالوا اللمى المحمر فص عقيقه ... بمبسمه المعسول والثغر خاتم # لك المثل الأعلى وفي الجهل عاذر ... بتقصيرهم إن لامهم فيك لائم # وما أنت إلا آية الله في الورى ... وحكمته إن قال بالعلم عالم # لقد يخسوك الحق جهلا وأخطأت ... بما رجمت فيك الظنون الرواجم # كما يخسوا يحيى بن ذي النون حقه ... فقالوا ابن سعدي في النوال وحاتم # وقالوا حكى الضرغام في الروع بأسه ... وذلك ما لا تدعيه الضراغم # وقالوا هو الدهر الذي ليس دونه ... حمى وهو المخدوم والدهر خادم # وأني لليث الغاب في الروع بأسه ... إذا صال في الهيجاء والنقع قاتم # ومن أين للسيف الحسام مضاؤه ... إذا انتضيت للحرب ms492 منه العزائم # ومن أين للمزن الكنهور جوده ... إذا انهملت من راحتيه المكارم # لنا بارق من بشره خلبا ... إذا شامه يوما من الناس شائم # عليه من المأمون يحيى مشابه ... ترى ولإسماعيل فيه مياسم # همامان شادا مجد له التقى ... أساس وأطراف الرماح دعائم # أبا الحسن استنشق ثنائي فإنما ... فؤادي دارين وشعري لطائم PageV03P136 # لبست حلي للفضل حائكها التقى ... ومعلمها الإفضال والمجد راقم # وأورثك المأمون صارمه الذي ... به لم تزل تفري الطلى والجماجم # فصمم ولا تحجم فإنك صارم ... حسام ومنه في يد الله قائم # لك السرحة الغناء في المجد لم تزل ... تروضها من راحتيك الغمائم # رياض لنا سجع بمدحك وسطها ... كأنا على أفنانهن حمائم # ودونك بكرا من ثنائي زففتها ... إليك كما زف الغوالي الكرائم # كستك بطليوس بها عبقرية ... كما انشق عن زهر الرياض كمائم # وما أنت ذو فقر لما أنا واصف ... ولا أنا ذو إفك بما أنا زاعم # سجاياك تملي الفخر والدهر كاتب ... وعلياك تعطي الدر والشعر ناظم # فدم عامرا للمجد تعنو لك العدا ... وتحسدنا فيك النجوم النواجم # قال أبو نصر: هذا ما سمح به خاطر لم تخطر عليه سلوة وذهن ناب لم ترهف له ~~نبوة ووقت أضيق من المأزق المتداني ومقت للزمن شغلني عن كل شيء وعداني ~~أتجرع به الصاب وأتدرع منه الأوصاب فما أتفرغ لإنشاء قول ولا أصحو من ~~الانتشاء من هول وإلا فمحاسن هذا الرجل كانت أهلا أن يمتد عنانها ويسكب ~~عنانها لكن عاق عن ذلك الدهر الذي شغل وأوغلنا في شعاب الأنكاد حيث وغل. # انتهى التأليف البارع. # ولابد أن نذكر ما لأبي نصر من القلائد في حق الرجال المذكور وأختصر ما ~~جرى ذكره هنا من النظم. PageV03P137 # قال في القلائد في حق الشيخ ابن السيد المذكور ما نصه: الفقيه الأستاذ ~~أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي شيخ المعارف وإمامها ومن في ~~يده زمامها لديه تنشد ضوال الأعراب وتوجد شوارد لغات الإعراب إلى مقطع دمث ~~ومنزع في النفاسة غير منتكث وكان له في دولة ابن رزين مجال ممتد ومكان ms493 معتد ~~لما رأى الأحوال واختلالها والأقوال واعتلالها وتلك الشموس قد هوت ونجوم ~~الآمال قد خوت وأضرب عن مثواه ونكب عن نجواه واغترب بلوعة ابنرزين وجواه ~~ونصب نفسه لإقراء علوم النحو وقنع بتغييم جوه بعد الصحو وله تحقيق بالعلوم ~~الحديثة والقديمة وتصرف في طرقها القويمة ما خرج بمعرفتها عن مضمار مشرع ~~ولا نكب عن أصل للسنة ولا فرع وتواليفه في الشروحات وغيرها صنوف وهي اليوم ~~في الآذان شنوف وقد أثبت له يريك شنوفه وتجد على النفس خفوفه. # فمن ذلك قوله في طول الليل: ترى ليلنا # ..... # البيتين وقد سبقا. # ثم قال الفتح: وأخبرني أنه حضر مع المأمون بن ذي النون في مجلس الناعور ~~بالمنية التي تطمح إليها المنى ومرآها هو المقترح والمتمنى والمأمون قد ~~احتبى PageV03P138 # وأفاض الحبا والمجلس يروق كأنه الشمس في أفقه والبدر كالتاج في مفرقه ~~والنور عبق وعلى ماء النهر مصطبح ومغتبق والدولاب يئن كناقة إثر الحوار أو ~~كثكلى من حر الأوار والجو قد عنبرته أنواؤه والروض قد رشته أنداؤه والأسد ~~قد فغرت أفواهها ومجت أمواهها فقال: يا منظرا إن نظرت بهجته # ..... # الأبيات وقد تقدمت. # ثم قال الفتح: وله رقعة يصف بها هذا التصنيف يعني قلائد العقيان: تأملت ~~فسح الله لسيدي ووليي في أمد بقائه كتابه الذي شرع في إنشائه فرأيت كتابا ~~سينجد ويغور ويبلغ حيث لا تبلغ البدور وتبين به الذرى والمناسم وتغتدي له ~~غرر في أوجه ومواسم فقد أسجد الله الكلام لكلامك وجعل النيران طوع أقلامك ~~فأنت تهدي بنجومها وتردي برجومها فالنثرة من نثرك والشعري من شعرك والبلغاء ~~لك معترفون وبين يديك متصرفون وليس يبارك مبار ولا يجاريك إلى الغاية مجار ~~إلا وقف حسيرا وسبقت ودعي أخيرا وتقدمت لا عدمت شفوفا ولا برح مكانك ~~بالآمال محفوفا بعزة الله. # وله يراجع الأستاذ أبا محمد بن جوشن عن شعر كتب به إليه وتضمن عزلا في ~~أول القصيدة فحذا حذوه: # حلفت بثغر قد حمى ريقه العذبا ... وسل عليه من لواحظه عضبا # وفرحة لقيا أذهبت ترحة النوى ... وعتبي حبيب هاجر أعقبت عتبا ms494 PageV03P139 # لقد هز عطفي بالقريض ابن جوشن ... سرورا كما هزت صبا غصنا رطبا # كساني ارتياح الراح حتى حسبتني ... حليف بعاد نال من حبه قربا # وأطربني حتى دعاني الورى فتى ... وقالوا كبير بعد كبرته شبا # كأن المثاني والمثالث هيجت ... سروري ولم أسمع غناء ولا ضربا # فيا مزمع الترحال قل لابن جوشن ... مقال محب لم يشب جده لعبا # أمهدي سجاياه إلي وناظما ... لي الشهب عقدا راقني نظمه عجبا # وما خلت إهداء الشمائل ممكنا ... لمهد وأن الدهر ينتظم الشهبا # فهل نال عبد الله من سحر بابل ... نصيبا فأربي أو حوى الدهي والإربا # ليهنك فضل حزت من خصله المدى ... ونظم بديع قد غدوت له ربا # وهاك سلاما صادرا عن مودة ... عمرت به مني الجوانح والقلبا # وله رحمه الله في الزهد من لزوم ما لا يلزم: # أمرت إلهي بالمكارم كلها ... ولم ترضها إلا وأنت لها أهل # فقلت اصفحوا عمن أساء إليكم ... وعودوا بحلم منكم إن بدا جهل # فهل لجهول خاف صعب ذنوبه ... لديك أمان منك أو جانب سهل # وله رحمه الله يجيب شاعرا قرطبيا مدحه: # قل للذي غاص في بحر من الفكر ... بذهنه فحوى ما شاء من درر # لله عذراء زفت منك رائحة ... تختال من حبرها المرقوم في حبر PageV03P140 # صدقها الصدق من ودي ومنزلها ... بصيرتي وسواد القلب لا بصري # كأنما خامرتني من بشاشتها ... راح وسكر بلا راح ولا سكر # هزت بدائعها عطفي من طرب ... لحسنها هزة المشغوف للذكر # ما كنت أحسب أن النيرات غدت ... يصيدها شرك الأوهام والفكر # ولا توهمت أيام الربيع ترى ... في تاجر غضة الأنوار والزهر # أما الجزاء فشئ لست مذركه ... ولو بدرت إلى التوجيه بالبدر # لكن جزائي صفاء الود أضمره ... إذا القلوب انطوت منه على كدر # جاراك ذهني في مضمارها فكبا ... ذهني وفزت بخصل السبق والظفر # وهل بطليوس في نظم مناظرة ... يوما لقرطبة في حكم ذي نظر # وله أيضا رحمه الله يصف زربطانة ملغزا: # وذات عمى لها طرف بصير ... إذا رمدت فأبصر ما تكون # لها من غيرها نفس معار ... وناظرها لذي الإبصار طين ms495 # وتبطش باليمين إذا أردنا ... وليس لها إذا بطشت يمين # وكتب إلى الأستاذ أبي الحسن بن الأخضر رحمه الله: # يا سيدي الأعلى وعمادي وعمادي الأسنى وحسنة الزمان الحسني الذي جل قدره ~~وسار مسير الشمس ذكره ومن أطال الله بقاءه لفضل يعلى مناره PageV03P141 # وعلم يحيى آثاره نح أعزك الله نتدانى إخلاصا وإن كنا نتناءى أشخاصا ~~ويجمعنا الأدب وإن فرقنا النسب فالأشكال أقارب والآداب مناسب وليس يضر ~~تناثي الأشباح إذا تقاربت الأرواح وما مثلنا في هذا الانتظام إلا كما قال ~~أبو تمام رحمه الله: # نسيبي في رأيي وعلمي ومذهبي ... وإن بإعدتنا في الأصول المناسب # ولو لم يكن لمآثرك ذاكر ولا لمفاخرك ناشر إلا ذو الوزارتين أبو فلان ~~أبقاه الله لقام لك مقام سبحان وائل وأغناك عن قول قائل فإنه يمد في مضمار ~~ذكراك باعا رحيبا ويقوم بفخرك في كل ناد خطيبا حتى تنثني إليه الأحداق ~~وتلوى نحوه الأعناق فكيف وما يقول إلا بالذي علمت يعد وما تقرر في النفوس ~~من قبل ومن بعد فذكرك قد أنجد وغار ولم يسر فلك حيث سار وإن ليل جهل أطلعت ~~فيه فجر تبصيرك لجدير بأن يصير نهار وإن نبع فكر قدحته بتذكيرك لجدير أن ~~يعود مرخا فهنيئا لك الفضل الذي أنت فيه راسخ القدم شامخ العلم منشور ~~اللواء مشهور الذكاء مليت الآداب عمرك ولا عدمت الألباب ذكرك ورقيت من ~~مراتب أعلاها ولقيت من المآرب أقصاها بفضل الله. # وكتب مراجعا إلى الوزير أبي محمد بن سفيان رحمه الله: يا سيدي الأعلى ~~وعمادي الأسنى ومشربي الأصفى ومن أدام الله عزه وحمى من النوائب حوزته ~~وافاني لك كتاب سرى الموضع سنى PageV03P142 # الموقع أطال على إيجازه وأطمع بعد إعجازه وقابلت الرغبة التي ضمنتها فيه ~~بما تقتضيه جلاله مهديه ولئن تراخى الكتاب عن حسن في ذلك العتاب فإن المودة ~~لم يقدح فيها من الملل قادح ولم يسنح لها من الخلل سانح بل كانت كالبرد طوى ~~على غره إلى أوان جلائه ونشره وقد علم علام الضمائر والذي يظن غائبا وهو ~~حاضر أني أعتقدك ms496 القدح المعلى وأضرب بك المثل الأعلى وأرى أنك تحجيل واضح ~~في دهمة الزمان وعلق راجح في كفة الامتحان وبقية سنخ كريم ما عهدهم عنا ~~بذميم. # عليهم سلام الله ما ذر شارق ... ورحمة ما شاء أن يترحما # وما أدعي لك جانبا من السيادة إلا لك عليه أعدل الشهادة ولكن قديما سفل ~~ذو الرجحان وعاد الكمال على أهله بالنقصان وكبت الأعالي بارتفاع الأسافل ~~حتى اقتضى ذلك قول القائل: # فوا عجبا كم يدعى الفضل ناقص ... ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل # وقال المذمر للناتجين ... متى ذمرت قلبي الأرجل # وقد جاريتك أعزك الله في ميدان من البلاغة أنا فيه كمن كاثر البحر والمطر ~~وجلب التمر إلى هجر والذي حداني إليه أنه مر بي زمن ألهي خاطري عنك فيه وسن ~~فقلت قد كان من العقوق ترك رعاية الحقوق فلأستمطرن مزن القول فقد كنت ~~عهدتها تسجم فتغدق ولأستسقين PageV03P143 # جابية الشيخ العراقي فقد كانت تطم فتفهق أيام كنت أسحب ذيل الشباب وأسلك ~~مسلك الكتاب ويعجبني سلوك سهل الكلام وحوزته والتصرف بين أبكاره وعونه أستن ~~استنان الطرف الجامح ولا أثنى عنان الطرف الطامح وأورى هامتي وأقول بما صبت ~~على غمامتي إلى أن تعمم مفرقي بالقتير وعلتني أبهة الكبيرة وودعت زمني ~~الزائل وعادت سهامي بين رث وناصل وعريت أفراس الصبا ورواحله وسددت على سوى ~~قصد السبيل معادلة فلئن هريق ماء الشباب واستشن الأديم وأقشع السحاب وتجلت ~~الغيوم فلعل في الأفق ربابه وفي الحوض صبابة وعسى أن يكون في أخلاف المقالة ~~در يرضع في حقاق البلاغ در يرصع وزفنا عذراء لا ترضى إلا الأكفاء فليس يبين ~~النجد إلا في مآزق الهيجاء ولا يحسن العقد إلا في عنق الحسناء ولأجعلن ~~الشعر لها شعارا وفقر النثر لها دثارا فاهتصرها إليك ولهي عروبا قد رضيت PageV03P144 # بك محبا ومحبوبا فتضمخك بمسكها وتؤمنك من فركها وتذر ذرور الشمس عليك ~~وتهز في ندوة الحي عطفيك فإن قضت من حقك فرضا ورتقت من فتق الإخلال ولو ~~بعضا فذاك ما تضمنه الخاطر الذي نمنم بردها ونظم عقدها وإن ms497 أخلف الظن ما ~~أوهم ووعد وقصر الذهن فيها أحكم وسدد فللخاطر عذر في أنه منصل أغفل شحده ~~وجلاؤه حتى ذهب فرنده وماؤه ومنهل ضيع ورده فنضب عده: # والشوال ما حلبت رسلها ... وتجف درتها إذا لم تحلب # وله من قصيدة يمدح بها ذا الوزارتين أبا محمد بن الفرج: # نبه الليل بالوجيف ولا تو ... لع بدار الهوان بالإغماض # واقر ضيف الهموم كل أمون ... عنتريس وبازل شرواض # أنقذتني من الردى وطأتي البيد ... ونقض الهموم بالإنقاض # شكلها كالقسي وهي سهام ... للفلا والرغاء كالإنباض PageV03P145 # خلنا حين الليل سبحا ... غمست من دجاه في خضاض # صدعت عرمض الدياجر حتى ... كرعت في كاء الصبح المفاض # حين راع الظلام وخط مشيب ... قد سرى في سواده ببياض # وقال في الزهد: # تجوهدك الأدنى عنيت بحفظه ... وضيعت من جهل تجوهرك الأقصى # لقد بعت ما يبقى بما هو هالك ... وآثرت لو تدري على فضلك النقصا # وقال في ذلك أيضا: وما دارانا إلا موات # ..... # البيتين. # وقد تمثلت بهما في خطبة هذا الكتاب فراجعهما. # وله أيضا يعزي ذا الوزارتين أبا عيسى بن لبون في أخيه: # المرء في أيامه عبر ... والصفو يحدث بعده كدر # خرس الزمان لمن تأمله ... نطق وخبر صروفه خبر # نادي فأسمع لو وعت أذن ... وأرى العواقب لو أرى بصر # كم قال هبوا طالما هجعت ... منكم عيون حقها السهر # أبأذن من هو مبصري صمم ... أم قلب من هو سامعي حجر # لولا عماكم عن هدى نذري ... ومواعظي ما جاءت النذر PageV03P146 # هذي مصارع معشر هلكوا ... وعظتم بالصمت فاعتبروا # ومنها: # قالت أرى ليل الشباب بدت ... للشيب فيه أنجم زهر # فأجبتها لا تكثري عجبا ... من شيبة لم يجنها كبر # لكن طويت من الهموم لظى ... أضحى لها في عارضي شرر # ومنها: # حسنت شمائلكم وأوجهكم ... فتطابقا مر أي ومختبر # والحسن في صور النفوس وإن ... راقتك من أجسامها الصور # لا ضعضعت أيدي الخطوب لكم ... ركنا ولا راعتكم الغير # وقال يخاطب مكة أعزها الله: # أمكة النفوس الكرائم ... ولا برحت تنهل فيك الغمائم # وكفت أكف السوء عنك وبلغت ... مناها قلوب كي تراك حوائم ms498 # فإنك بيت الله والحرم الذي ... لعزته ذل الملوك الأعاظم # وقد رفعت منك القواعد بالتقى ... وشادتك أيد برة ومعاصم # وساويت في فضل المقام كلاكما ... تنال به الزلفى وتحمى المآثم # ومن أين تعدوك الفضائل كلها ... وفيك مقامان: الهدى والمعالم # ومبعث من ساد الورى وحوى العلا ... بمولده عبد الإله وهاشم # نبي حوى فضل النبيين واغتدى ... لهم أول في فضله وهو خاتم # وفيك يمين الله يلثمها الورى ... كما يلثم اليمني من الملك لاثم # وفيك لإبراهيم إذا وطئ الثرى ... ضحى قدم برهانها متقادم PageV03P147 # دعا دعوة الصفا فأجابه ... قطوف من الفج العميق وراسم # فأعجب بدعوى لم تلج مسمعي فتى ... ولم يعها إلا ذكي وعالم # ألهفي لاقدار عدت عنك همتي ... فلم تنهض مني إليك العزائم # فيا ليت شعري هل أرى فيك داعيا ... إذا ما دعت لله فيك الغمائم # وهل تمحون عني خطايا اقترفتها ... خطى فيك لي أو يعملان رواسم # وهل لي من سقيا حجيجك شربة ... ومن زمزم يروى بها النفس حائم # وهل لي في أجر الملبين مقسم ... إذا بذلت للناس فيك المقاسم # وكم زار مغناك المعظم مجرم ... فحطت به عنه الخطايا العظائم # ومن أين لا يضحى مرجيك آمنا ... وقد أمنت فيك المها والحمائم # لئن فاتتني منك الذي أنا رائم ... فإن هوى نفسي عليك لدائم # وإن يحمني حامي المقادير مقدما ... عليك فإني بالفؤاد لقادم # عليك سلام الله ما طاف طائف ... بكعبتك العليا وما قام قائم # إذا نسم لم تهد عني تحية ... إليك فهديها الرياح النواسم # أعوذ بمن أسناك من شر خلقه ... ونفسي فما منها سوى الله عاصم # وأهدي صلاتي والسلام لأحمد ... لعلي به من كبة النار سالم # انتهى ما أوردة في القلائد دون ما قدمناه. # ولنختم ترجمة ابن السيد بقوله: # إليك أفر من ذلي وذنبي ... فأنت إذا لقيت الله حسبي # وزورة أحمد المختار قدما ... مناي وبغيتي لو شاء رتبي # فإن أحرم زيارته مجسمي ... فلم أحرم زيارته بقلبي PageV03P148 # فدونك يا رسول الله مني ... تحية مؤمن وهدي محب # سأجعل عروتي الوثقى يقيني ... لصحة ما أتيت به وحبي # عسى ود ثوى ms499 لك في فؤادي ... على بعد سيوجب منك قربي # شهدت بأن دينك خير دين ... بلا شك وصحبك خير صحب # ولنمسك العنان. ### || ومن أشياخ القاضي أبي الفضل عياض رحمه الله: ### $ الشيخ أبو علي الجياني وهو حسين بن محمد بن أحمد الغساني بغين معجمة وسين ~~مهملة مشددة الجياني بجيم ومثناة من أسفل مشددة رئيس المحدثين بقرطبة وليس ~~هو منها وإنما نزلها أبوه في الفتنة وأصلهم من الزهراء. # روى عن أبي العاصي حكم بن محمد الجذامي وأبي عمر بن عبد البر وأي شاكر ~~القبري وأبي عبد الله محمد بن عتاب وأبي القاسم حاتم بن محمد وأبي عمر بن ~~الحذاء القاضي وأبي مروان الطبني والقاضي سراج بن عبد الله وابنه أبي مروان ~~وأبي الوليد الباجي وأبي العباس العذري وجماعة غيرهم يطول تعدادهم سمع منهم ~~وكتب الحديث عنهم. # وكان من جهابذة المحدثين وكبار العلماء المستندين وعني بالحديث وكتبه ~~وروايته وضبطه وكان حسن الحظ جيد الضبط وكان له بصر باللغة والأعراب ومعرفة ~~بالغريب والشعر والأنساب وجميع من ذلك كله مالم يجمعه أحد في وقته ورحل ~~الناس إليه وهولوا في رواية عليه وجلس لذلك بالمسجد PageV03P149 # الجامع بقرطبة، وسمع منه أعلام قرطبة وكبارها، وفقهاؤها وجلتها. # أخبر عنه واحد من الشيخ، ووصفوه بالجلالة، والحفظ والنباهة، والتواضع ~~والصيانة. وذكره الشيخ أبو الحسن بن مغيث فقال: كان من أكمل من رأيت علما ~~بالحديث، ومعرفة بطرقه، وحفظا لرجاله، عانى كتب اللغه، وأكثر من رواية ~~الأشعار، وجمع من سعة الرواية ما لم يجمعة أحد أدركناه؛ وصحح من الكتب ما ~~لم يصححه غيره من الحفاظ، كتبه حجة بالغة، وجمع كتابا في الرجال الصحيحين، ~~سماه " تقييد المهمل المشكل " وهو كتاب حسن مفيد، أخذه الناس عنه. # قال أبو القاسم بن بشكوال: قرأت بخط أبي علي رحمه الله تعالى في كتابه: ~~أنا حكم بن محمد، قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن رزيق، قال: ~~سمعت أبا بكر محمد بن أحمد البغدادي الوراق، قال: سمعت ابن الأصم يقول: ~~سمعت أبي يقول - إذا رأى أصحاب الحديث -: # أهلا وسهلا ms500 بالذين أحبهم ... وأودهم في الله ذي الآلاء # أهلا بقوم صالحين ذوي تقى ... غر الوجوه وزين كل ملاء # يا طالبي علم النبي محمد ... ما أنتم وسواكم بسواء # وأصابت الشيخ أبا علي زمانه عطلته، فأعمل الرحالة إلى المرية للاستشفاء، ~~بماء حمتها، حمة بجانة؛ فقدم عليها في صدر المحرم سنة ست وتسعين وأربع ~~مائة؛ وكان نزوله بها على الشيخ الفقيه أبي الربيع سليمان السبائي وفي ~~منزله وبقراءته وقراءة القاضي أبي القاسم بن ورد، وكان أكثر ما سمع عليه من ~~بالمرية ويوجد السماع عليه بحمية بجانة؛ ثم قفل إلى قريته، وبها توفى رحمه ~~الله ليلة PageV03P150 # الجمعة لاثني عشرة ليلة خلت من شعبان وقال أبو جعفر بن الباذش لعشرة خلون ~~منه سنة ثمان وتسعين وأربع مائة؛ ودفن يوم الجمعة بمقبرة الربض عند الشريعة ~~القديمة؛ ومولده في المحرم سنة سبع وعشرين وأربع مائة؛ وكان لزم داره قبل ~~موته لزمانته. # ذكر ذلك كله ابن بشكوال؛ وفيه عن غيره، وهذا هو الصحيح الذي لا يلتفت إلى ~~غيره، ممن قال إن وفاته سنة ست وتسعين وأربع مائة. والله أعلم. # ### || ومن أشياخ القاضي أبي الفضل عياض رحمه الله تعالى: ### $ القاضي الشهير الشهيد أبو علي الصدفي. وهو حسين بن محمد بن فيره ابن حيون ~~بن سكرة. وفيره " بكسر أوله، وياء مثناة في أسفل، وراء مضمومة مشددة، وهاء ~~ساكنة ": قيل معناه الحديد بلغة العجم، وقد صرح بذلك صاحب الديباج المذهب. ~~وحيون بحاء مهملة، وياء مثناة من أسفل مشددة. وسكرة: " بضم السين المهملة، ~~وفتح الكاف المشددة، وآخره تاء تأنيث ": مؤنت سكر. والصدفي: بفتح أوله ~~وثانيع. وهو من أهل سرقسطة، سكن مرسية، وروى بسرقسطة عن أبي الوليد سليمان ~~بن خلف الباجي، وأبي محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل وغيرهما، وسمع ~~ببانسية من أبي العباس العذري، وسمع بالمرية من أبي عبد الله محمد بن سعدون ~~القروي، وأبي عبد الله بن المرابط، وغيرهما. # ورحل إلى المشرق أول المحرم من سنة إحدى وثمانين وأربع مائة، وحج من ~~عامه، ولقي بمكة أبا عبد الله الحسين بن علي ms501 الطبري: إمام الحرمين، وأبا ~~بكر الطرطوشي، وغيرهما، ثم صار إلى البصرة، فلقي بها أبا يعلى المالكي، ~~وأبا العباس الجرجاني، وأبا القاسم بن شعبة، وغيرهم؛ وخرج إلى بغداد، PageV03P151 # فسمع بواسط من أبي المعالي محمد بن عبد الله السلام الأصبهاني وغيره، ~~ودخل بغداد يوم الأحد السادس عشر لجمادى الآخرة، سنة اثنتين وثمانين وأربع ~~مائة، فأطال الإقامة بها خمس سنين كاملة، وسمع بها من أبي الفضل أحمد بن ~~الحسن ابن خيرون مسند بغداد، ومن أبي الحسين بن البارك بن عبد الجبار ~~الصيرفي، وأبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبي الفوارس طراد بن ~~محمد الزينبي، وأبي عبد الله الحميدي؛ وتفقه على الفقيه أبي بكر الشاشي ~~وغيره، وسمع من جماعة سواهم من رجال بغداد ومن القاديمين عليها أيام كونه ~~بها. ثم رحل عنها في جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين وأربع ملئة، فسمع بدمشق ~~من أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبي الفرج سهل بن بشر السفرائني ~~وغيرهما، وسمع بمصر من القاضي أبي الحسن علي بن الحسين الخلعي، وأبي العباس ~~أحمد بن إبراهيم الرازي وأجازه له أبو إسحاق الحبال مسند مصر في وقته ~~ومكثرها؛ وسمع بالإسكندرية من أبي القاسم مهدي بن يوسف الوراق، ومن أبي ~~القاسم شعيب بن سعد وغيرهما. # ووصل إلى الأندلس في صفر من سنة تسعين وأربع مائة؛ وقصد مرسية، ~~فاستوطنها، وقعد يحدث الناس بجامعها؛ ورحل الناس من البلدان إليه، وكثر ~~سماعهم عليه، وكان عالما بالحديث وطرقه، عارفا بعلله وأسماء رجاله ونقلته، ~~بصيرا بالمعدلين؛ وكان حسن الخط، جيد الضبط وكتب بيده علما مثيرا وقيده؛ ~~وكان حافظا لمصنفات الحديث، قائما عليها، ذاكرا لمتونها وأسانيدها ورواتها، ~~وكتب منها صحيح البخاري في سفر، وصحيح مسلم في سفر، وكان قائما على ~~الكتابين، مع مصنف أبي عيسى الترمذي. وكان فاضلا دينا، متواضعا حليما، ~~وقورا عالما عاملا؛ واستقضي بمرسية ثم PageV03P152 # استعفي فأعفى؛ وأقبل على نشر العلم وبثه. # قال ابن الأبار: وقد ذكره أبو القاسم بن عساكر في تاريخه، لدخوله الشام. ~~قال: وبعد أن استقرت به النوى، واستمرت إفادته ms502 بما قيد وروى؛ رفعته ملوك ~~أوانه، وشفعته في مطالب إخوانه؛ فأوسعته رعيا، وحسنت فيه رأيا؛ ومن ابنائهم ~~من جعل يقصده، لسماع مسنده. وعلى وقاره الذي كان به يعرف، ندر له مع بعضهم ~~ما يستظرف، وهو أن فتى منهم يسمى يوسف، لازم مجلسه، معطرا رائحته، ومنظفا ~~ملبسه، ثم غاب لمرض قطعه، أو شغل منعه؛ ولما فرغ أو أبل، عاود ذلك النادي ~~المبارك والمحل؛ وقبل إفضائه إليه دل طيبه عليه؛ فقال الشيخ، على نزاهته من ~~المجون، وسلامته من الفتون: " إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ". وهي من ~~طرف نوادره، رحمة الله عليه. # ولما قلد الشيخ أبو علي قضاء مرسية، وعزم عليه في توليه، ولم يوسعه عذرا ~~في استعفائه مقدمه لذلك وموليه؛ خرج منها إلى المرية، فأقام بها، سنة خمس ~~وبعض سنة وخمس مائة. وفي سنة ست قبل قضاءها على كره، إلى أن استعفى آخر سنة ~~سبع، في قصة يطول إيرادها. ولطول مقامه بالمرية أخذ الناس عنه فيها، فلما ~~كانت وقعة كتندة، ويقال قتندة بالقاف، من خيز دورقة، من عمل سرقسطة، من ~~الثغر الأعلى، وذلك سنة أربع عشرة وخمس مائة وكان الشيخ أبو هلي ممن حضرها ~~هو وقرينه في الفضل أبو عبد الله بن الفرج، خرجا مع الأمير إبراهيم بن يوسف ~~بن تاشفين غازيين، فكانا فيمن فقد فيها واختلف فيها أصحابه، فجعلها أبو ~~جعفر بن الباذش بعد العصر، من يوم الأربعاء السابع عشر من ربيع الآخر، من ~~السنة المذكورة، وتابعه أبو عبد الله بن عبد الرحيم؛ وجعلها القاضي أبو ~~الفضل عياض بن موسى يوم الخميس، لست PageV03P153 # بقين منه. وقال أبو القاسم بن بشكوال: استشهد القاضي أبو علي في وقعة ~~قتندة، بثغر الأندلس، يوم الخميس ووافق عياضا إلا في الشهر، فانه قال من ~~ربيع الأول. قال ابن الأبار: وهو الأصح. وقال أبو عمرو والخضر بن عبد ~~الرحمن: توفي في الكائنة على المسلمين بكتندة، عشي يوم الخميس، الثامن عشر ~~من شهر ربيع الأول، فتابع ابن بشكوال على الشهر. قال أبو عبد الله بن ~~الأبار ms503: وقرأت بخط أبي عبد الله بن مدرك بن الغساني المالقي: استشهد الفقيه ~~أبو علي رحمه الله تعالى في وقعة كتندة، يوم الخميس، التاسع من ربيع الأول، ~~وذكر السنة. قال: وكنت على المسلمين، جبرهم الله تعالى قتل فيها من المطوعة ~~نحو عشرين ألفا، ولم يقتل فيها من العسكر يعني الجند أحد، وحكي غيرهم أن ~~العسكر انصرف مفلولا إلى بلنسية، في الموفى عشرين من ربيع الأول أيضا، وأن ~~القاضي أبا بكر بن العربي حضرها. قال: وسئل مخلصه منها عن حاله، فقال، حال ~~من ترك الخبا والعبا. قال أبي بشكوال: وكان القاضي أبو علي يومئذ من ابناء ~~الستين، وقد ذكره ابن بشكوال، وقال: وهو ممن كتب إلينا بإجازة ما رواه، ولم ~~ألقه. وذكره ابن الأبار في معجم أصحابه، وقد ألف ابن الأبار هذا المعجم في ~~أصحاب القاضي أبي علي، كما ألف القاضي أبو الفضل عياض بن موسى نعجم شيوخه، ~~رحمة الله عليهم أجمعين. # ### || ومن أشياخ القاضي أبي الفضل عياض رحمه الله تعالى: ### $ أبو الوليد هشام بن أحمد بن هشام الهلالي، يعرف بابن بقوى، ويقال ابن ~~بقوة، من أهل غرناطة، وسكن المرية وسمع من شيوخ المرية، مثل طاهر ابن هشام ~~الأزدي، وأبي محمد حجاج بن علي بن محمد الرعيني، المعروف بابن PageV03P154 # المأموني، وأبي القاسم خلف بن أحمد الجراوي، وأبي العباس أحمد بن عمر ~~العذري، وغيرهم؛ ومن الطارئين عليها، مثل القاضي أبي الوليد الباجي، وأبي ~~عبد الله محمد بن سعدون القروي. وكان جروجه من المرية بعد سنة اثنتين ~~وتسعين وأربع مائة، وسكن غرناطة مدة، وولي الأحكام بعدة جهات من كورة ~~ألبيرة. وكان من حفظ الحديث المعتنين بالتنقير عن معانيه، واستخراج الفقه ~~منه، مع التقدم في حفظ مسائل الرأي، والبصر بعقد الوثائق، والتقدم في معرفة ~~أصول الدين. روى عنه جماعة. وولد في صفر سنة أربع وأربعين وأربع مائة، ~~وتوفي بغرناطة في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين وخمس مائة؛ ذكره ابن بشكوال. ### || ومن أشياخ القاضي أبي الفضل عياض رحمه الله: ### $ القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد ms504 الرحمن بن علي بن سعيد بن عبد الله بن ~~شبرين، بشين معجمة مكسورة، وباء موحدة ساكنة، وراء مكسورة، بعدها ياء، آخر ~~الحروف، وآخره نون، الجذامي، من أهل مرجيق: حصن من حصون شلب، بينها أربعون ~~ميلا من الغرب. # أخذ عن القاضي أبي الوليد الباجي كثيرا من مروياته وتآليفه، وصحبه واختص ~~به، وكان من أهل العلم، والمعرفة والفهم، عالما بالأصول والفروع، واستقصى ~~بإشبيلية، وحمدت سيرته، ولم يزل يتولى القضاء بها، إلى أن توفي ليلة ~~الأربعاء لثلاث خلون من رجب الفرد، سنة ثلاث وخمس مائة. # قال ابن بشكوال: كتب إلي القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن PageV03P155 # عياض بوفاته، وقال قيدتها حين وفاته. قلت: وهذا هو الصواب لا ما قله بعض ~~من شرح الشفا: أنه توفي يوم الخميس رابع رجب المذكور، ولعله ظن أن يوم دفنه ~~يوم وفاته، على أن مثل هذا قريب، لا سيما إن كانت وفاته آخر الليل، فلا ~~يكون بين اليوم والليلة إلا مديدة قليلة جدا، فافهم. # وحكي القاضي أبو الحسن عيسى بن حبيب: أنه رحل إلى أبي الوليد الباجي سنة ~~تسع وستين وأربع مائة، وصحبه بسرقسطة، ثم سافر معه إلى الورية، حتى مات أبو ~~الوليد، فكانت صحبته له نحو أربعة أعوام، ووصل من منفعته به في العلم في ~~هذه المدة، ما لم يصل إليه غيره منه في المدة الطويلة، رحمهما الله ~~تعالى؛وأجاز له جميع رواياته أبو العباس العذري، وأبو القاسم عبد الجليل ~~الربعي القيرواني، مع تواليفه، وأجاز له أبو عبد الله بن المرابط روايته عن ~~الطلمنكي وخلف البغوي، وصحب بعد وفاة القاضي أبي الوليد الباجي ابنه أبا ~~القاسم، وأجاز له جميع ما رواه، وانصرف إلى حصن مرجيق، فولى الأحكام به، ثم ~~نقل إلى قضاء شلب، فأقام بها قاضيا أعواما، ثم نقله الأمير سير بن أبي بكر ~~إلى قضاء إشبيلية، بعد صرف أبي القاسم بن منظور عن قضائها، فضبط الأمر، ~~وجمع المتفرق من شئون القضاء، وكان صليبا في الحق، نافذا في أحكامه، لا ~~تأخذه في الله لومة لائم، وشنئه ms505 أقوام، فبغوا عليه، بغيا وحسدا، عند أمير ~~المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين، فصرفه عن القضاء، ثم لم يلبث إلا نحو خمسة ~~عشر يوما، حتى رده إليه أحسن رد. وكان الفقيه أبو مروان عبد الله بن شبزين. ~~ولم يزل قاضيا بإشبيلية، مضطلعا بأعباء القضاء، حسن السياسة فيه، ناشرا ~~للعلم، إلى أن توفي بها، رحمه الله تعالى. ذكره ابن بشكوال. PageV03P156 # وإذا تتبعنا أشياخ القاضي عياض بالتعريف، لم يسمع ذلك هذا الموضوع، وقد ~~تقدم أنهم نحو المائة، ورتبهم ولده على الحروف، حسبما نقل من فهرسته. ### || فمنهم في حرف الهمزة: ### $ الشيخ بن بقي وهو أحمد بن محمد بن محمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد ~~ابن بقي بن مخلد. ولد في شعبان سنة ست ة أربعين وأربع مائة. ومات منسلخ ذي ~~الحجة سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة. وكف بصره بآخر عمره. رحمه الله. ### $ ومنهم في هذا الحرف: أبو جعفر بن المرخي، وهو أحمد بن محمد بن عبد العزيز ~~اللخمي توفي ليلة الجمعة لثمان بقين من ربيع الأول، سنة ثلاث وثلاثين وخمس ~~مائة. ### $ ومنهم: الشيخ ابن غلبون، وهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن ~~عثمان ابن غلبون، بفتح الغين المعجمة، وضم الباب الموحدة، وآخره نون. ولد ~~سنة ثمان عشرة وأربع مائة، ومات في شعبان سنة ثمان وخمس مائة. ### $ ومنهم: أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري الشارقي، توفي ~~قرب خمس مائة. ### $ ومنهم: أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر بن أحمد الفقيه اللواتي، بفتح اللام ~~منسوب PageV03P157 # للواتة، مخففة الواو، مفتوحتها، ومفتوحة اللام أيضا، وتاء مثناة من فوق، ~~قبيلة. الفاسي، نسبة لفاس الحضرة المشهورة، حاط الله أرجاءها، وبلغها من ~~الأمن والعافية رجاءها. مات في الثامن من جمادي الآخرة، سنة ثلاث عشرة وخمس ~~مائة. ### $ ومنهم: أحمد بن سعيد بن بشتغير، وأحمد بن محمد بن مكحول، إلى غيرهم من ~~جملة سبعة عشر رجلا في هذا الحرف، أعني حرف الهمزة. ### || ومنهم في حرف الحاء: ### $ الحسين بن محمد الصدفي، والحسين بن محمد الغساني، وقد ms506 تقدم الكلام ~~عليهما، والحسين بن عبد الأعلى السفاقسي، والحسين بن علي بن طريف. ### || ومنهم في حرف الخاء: ### $ خلف بن إبراهيم أبو القاسم الخطيب المقري. وهو خلف بن إبراهيم بن خلف بن ~~سعيد المعروف بابن النخاس، بخاء معجمة، وبابن الحصار. ولد سنة سبع وعشرين ~~وأربع مائة، وتوفي بقرطبة يوم الثلاثاء، سادس عشر صفر سنة إحدى عشرة وخمس ~~مائة. وخلف بن خلف الأنصاري بن الأنقر. وخلف ابن يوسف بن فرتون. ### || ومنهم في حرف الميم: ### $ القاضي أبو الوليد بن رشد، والقاضي عبد الله بن حمدين، والقاضي أبو عبد ~~الله بن الحاج، والقاضي ابن العربي، والقاضي ابن شبرين، وقد تقدم ذكرهم. PageV03P158 # وأبو عبد الله التميمي، وهو محمد بن عيسى بن حسين، ولد سنة تسع وعشرين ~~وأربع مائة، ومات بسبتة صبيحة يوم السبت لتسع بقين من جمادى الأولى سنة خمس ~~وخمس مائة. ### $ وأبو عامر محمد بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن إسماعيل الطليطلي، بظم ~~الطاءين. ولد سنة ست وخمسين وأربع مائة ومات بقرطبة، في ربيع الأول سنة ~~ثلاث وعشرين وخمس مائة. ### $ وأبو عمران موسى بن عبد الرحمن بن أبي تليد بمثناة من فوق مفتوحة، ~~الشاطبي الرعيني، منسوب لذي رعين من حمير. ولد سنة أربع وأربعين وأربع مائة ~~ومات في ربيع الآخر سنة سبع عشرة وخمس مائة. # ومن شعره رحمه الله ورضى عنه: # الليالي تسوء ثم تسر ... وصروف الزمان ما تستقر # بينما المرء في حلاوة عيش ... إذ أتاه على الحلاوة مر # فالكريم المصاب يفزع فيه ... لكريم وينفع الحر حر ### $ وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سعيد الأشقري المقري النحوي، مات ~~سنة خمس وخمس مائة. ومحمد بن علي الشاطي ابن الصيقل، ومحمد بن سليمان ~~النفزي بن أخت غانم، ومحمد بن عيسى التجيبي القاضي، إلى غيرهم من جملة أحد ~~وثلاثين شيخا في هذا الحرف، منهم المازري والطرطوشي، لكن بالإجازة له، إذ ~~لم يلقهما كما سيأتي قريبا. PageV03P159 ### || ومنهم في حرف العين: ### $ أبو محمد عبد الله بن السيد البطليوسي، وقد تقدم ذكره. وأبو محمد بن عتاب ~~الجذامي ms507، الإمام الشهير، فقيه قرطبة وإمامها، وشيخ زمانه في العلم الموروث ~~كابر عن كابر، توفي سنة ثمان وخمس مائة. وأبو محمد عبد الله بن أبي جعفر، ~~وهو عبد الله بن محمد بن عبد الله الخشني. وعبد الرحمن بن محمد السبتي ابن ~~العجوز، وعبد الله بن محمد بن أيوب الفهري. وعبد الرحمن بن محمد بن بقي. ~~وعلي بن أحمد الأنصاري بن الباذش. وأبو الحسن علي بن مشرف " اسم مفعول شرف ~~بالتشديد " وهو ابن مسلم " مفعول، سلم مشدد " ابن أحمد بن عبد المنعم بن ~~عبد الرحمن الأنماطي " بفتح الهمزة "، الإسكندراني. وأبو محمد عبد الله بن ~~أحمد العدل " بالفتح وسكون الدال " التميمي ومات بسبتة عام أحد وخمس مائة. ~~وعلى بن عبد الرحمن التجيبي بن الأخضر؛ إلى غيرهم من جملة سبعة وعشرين في ~~هذا الحرف. ### || ومنهم في حرف الغين: ### $ غالب بن عطية المحاربي، وقد تقدم. ### || ومنهم في حرف السين: ### $ سراج بن عبد الملك بن سراج أبو الحسن. وأبو بحر سيفان بن العاصي الأسدي، ~~مات بقرطبة لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة عشرين وخمس مائة، وولد سنة تسع ~~وثلاثين، وقيل لربعين وأربع مائة، وفي سنة وفاته المذكورة توفي القاضي أبو ~~بكر الطرطوشي رحمه الله، وفيها أيضا توفي الإمام المؤرخ الشيخ الراوية، أبو ~~مروان حيان بن حيان رحمه الله. # وشيوخ القاضي أبي الفضل في هذا الرف خمسة. PageV03P160 ### || ومنهم في حرف الشين: ### $ شريح بن محمد الرعيني الإشبيلي. ### || ومنهم في حرف الهاء: ### $ أبو الوليد هشام بن أحمد بن العواد، الفقيه المشهور، ولد سنة اثنتين ~~وخمسين وأربع مائة، وتوفي سنة تسع وخمس مائة. ### $ وهشام بن أحمد الهلالي الغرناطي، وقد تقدم ذكره. ### || ومنهم في حرف الياء: ### $ يونس بن محمد بن مغيث بن الصفار. ### $ ويوسف بن موسى الكلبي، سمع القاضي أبو الفضل منه أرجوزته. # وهو الضرير الأديب النحوي المتكلم الزاهد. وأصله من سرقسطة، وسمن مراكش، ~~وبها توفي سنة عشرين وخمس مائة. وهو من تلاميذ أبي بكر محمد ابن الحسن ~~المرادي الحضرمي. والمرادي هذا أول من أدخل علوم الاعتقاد إلى المغرب ~~القصى، وسكن ms508 بأغمات؛ فلما توجه أبو بكر بن عمر إلى الصحراء حمله وولاه ~~القضاء، فمات بأركر من صحراء المغرب سنة تسع وثمانين وأربع مائة؛ فخلفه أبو ~~الحجاج يوسف في علوم الإعتقادات، وغلب عليه الزهد؛ وله أرجوزة صغرى في علم ~~الاعتقاد، قرأها عليه القاضي أبو الفضل عياض، كما ذكرناه. # قال عياض: وأجاز جميع تآليفه ورواياته وكتاب التحرير لشيخه المرادي أخذ ~~أبي الحجاج، قال عياض رحمه الله المرادي رحمه الله تعالى: PageV03P161 # علمي بقبح المعاصي حين اركبها ... يقضي بأني محمول على القدر # لو كنت أملك نفسي أو أصرفها ... ما كنت أطرحها في لجة العذر # كلفت فعلا ولم أقدر عليه ولم ... أكن لأفعل أفعالا بلا قدر # وكان في عدل ربي أن يعذبني ... فلم أشاركه في نفع ولا ضرر # إن شاء نعمني وإن شاء عذبني ... أو شاء صورني في أقبح الصور # يا رب عفوك عن ذنب قضيت به ... عدلا على فهب لي صفح مقتدر # ومن شيوخ القاضي عياض رحمه الله تعالى في حرف الياء: يوسف بن عبد العزيز ~~بن عديس الطليطلي رحم الله جميعهم. ### || وممن أجاز القاضي أبا عياض ولم يلقه: ### $ الشيخ الأستاذ أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي الطائر الصيت الشهير ~~الذكر وقد تقدم ذكر وفاته. # وهو محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب القرشي الفهري ~~الطرطوشي بضم الطاءين المهملتين وقد تفتح الطاء الأولى أصله من طرطوشة بلاد ~~الأندلس ويعرف بابن أبي رندقة براء مهملة مفتوحة ثم نون ساكنة ثم دال مهملة ~~مفتوحة ثم قاف كنيته أبو بكر وهو المعنى بقول ابن الحاجب في مختصره الفقهي ~~في باب العتق: " وقال الأستاذ: ومقتضاه إذا باعه قبل التقويم أن يقوم ". # صحب القاضي أبا الوليد الباجي بسر قسطة وأخذ عنه مسائل الخلاف وسمع منه ~~وأجازه وقرأ الفرائض والحساب بوطنة قرأ الأدب على أبي محمد ابن حزم بمدينة ~~إشبيلية. PageV03P162 # ثم رحل إلى المشرق سنة ست وسبعين وأربع مائة وحج ودخل بغداد والبصرة ~~فتفقه عند أبي بكر الشاشي وأبي أحمد الجرجاني وسمع في البصرة من أبي علي ms509 ~~التستري وسكن الشام مدة ودرس بها وكان إماما عالما عاملا زاهدا متواضعا ~~دينا ورعا متقشفا متقللا من الدنيا راضيا منها بالسير. # ومن كلامه رضي الله عنه: إذا عرض لك أمران: أمر دنيا وأمر أخرى فبادر ~~بأمر الأخرى يحصل لك أمر الدنيا والأخرى. # وله عدة تآليف منها مختصر تفسير الثعالبي والكتاب الكبير في مسائل الخلاف ~~وكتاب في تحريم جبن الروم وكتاب سراج الملوك وهو من أنفع الكتب في بابه ~~وأشهرها وكتاب بدع الأمور ومحدثاتها وكتاب شرح رسالة ابن أبي زيد. # ولد سنة إحدى وخمسين وأربع مائة تقريبا وتوفي في ثلث الليل الأخير من ~~ليلة السبت لأربع بقين من جماد الأولى وقال ابن بشكوال في الصلة: في شعبان ~~سنة عشرين وخمس مائة كما تقدم بثغر الإسكندرية وصلى عليه ولده محمد ودفن ~~قبلي الباب الأخضر. رحمه الله ورضي عنه. # وقال ابن خلكان في حقه ما نصه: محمد بن الوليد بن محمد بن خلف ابن سليمان ~~بن أيوب القريشي الفهري الأندلسي الطرطوشي المالكي المعروف بابن أبي رندقة ~~بالراء المهملة المفتوحة وتسكين النون PageV03P163 # إمام ورع وأديب متقلل. وكان يقول: إذا عرض لك أمران: أمر أخرى وأمر دنيا ~~فبادر بأمر الأخرى يحصل لك أمر الدنيا والأخرى. # وله طريقة في الخلاف وله أشعار منها: # إذا كنت في حاجة مرسلا ... وأنت بأنجازها مغرم # فأرسل بأبلة خلابة ... به صمم أغطش أبكم # ودع عنك كل رسول سلوى ... رسول يقال له الدرهم # قال الطرطوشي: كنت ليلة نائما في البيت المقدس إذ سمعت في الليل صوتا ~~حزينا ينشد: # أخوف ونوم ذا لعجيب ... ثكلتك من قلب فأنت كذوب # أما وجلال الله لو كنت صادقا ... لما كان للإغماض فيك نصيب # قال: فأيقظ النوم وأبكى العيون. # وكان الطرطوشي ينشد: # إن لله عبادا فطنا ... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا # فكروا فيها فلما علموا ... أنها ليست لحي وطنا # جعلوا لجة وأتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا # ودخل الطرطوشي على الأفضل بن أمير الجيوش فوعظه وقال: إن الأمر الذي ~~أصبحت فيه من الملك إنما صار إليك بموت من كان قبلك ms510 وهو خارج عن يدك بمثل ~~ما صار إليك فاتق الله فيما خولك من هذه الأمة فإن PageV03P164 # الله عز وجل سائلك عن النقير والقطمير والفتيل وأعلم أن الله عز وجل آتي ~~سليمان بن داود ملك الدنيا بحذافيرها فسخر له الإنس والجن والشياطين والطير ~~والوحش والبهائم وسخر له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ورفع عنه حساب ذلك ~~أجمع فقال عز من قائل:) هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب (فما عد ذلك ~~نعمة كما عدد تموها ولا حسبها كرامة كما حسبتموها بل خاف أن يكون استدراجا ~~من الله عز وجل فقال:) هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر (فافتح الباب ~~وسهل الحجاب وانصر المظلوم وكان إلى جانب الأفضل رجل نصراني فأنشده: # يا ذا الذي طاعته قربة ... وحقه مفترض واجب # إن الذي شرفت من أجله ... يزعم هذا أنه كاذب # وأشار إلى ذلك النصراني فأقام الأفضل من موضعه. # وتوفي الطرطوشي سنة عشرين وخمس مائة بالإسكندرية. # انتهى كلام ابن خلكان. وذكرته برمته وإن كان بعضه قد تقدم تكميلا للغرض ~~وقد يقع لي مثل هذا في هذا الموضع كثيرا والقصد به التقوية لما تكرر معه أو ~~غير ذلك كارتباط الكلام بعضه ببعض وعلى الله قصد السبيل. # ### || وممن أجاز القاضي عياض ولم يلقه: ### $ الشيخ الإمام المجتهد أبو عبد الله المازري محمد بن علي بن عمر بم محمد ~~التميمي المازري بفتح الزاي عند الأكثر وجوز كسرها جماعة نسبة إلى مازر ~~بليدة بجزيرة صقلية أعادها ا. أخذ عن الشيخين أبي الحسن PageV03P165 # اللخمي وأبي محمد بن عبد الحميد القروي المعروف بالصائغ وكان إماما محدثا ~~وهو أحد الأئمة الأعلام المشار إليهم في حفظ الحديث والكلام عليه عمدة ~~النظار وتحفة الأمصار المشهور في الآفاق والأقطار حتى عد في المذهب إماما ~~وملك من مسائله زماما. وله تآليف مفيدة عظيمة النفع منها كتاب المعلم ~~بفوائد مسلم وكتاب التعليقة على المدونة وكتاب شرح التلقين وكتاب الرد على ~~الإحياء للغزالي المسمى بكتاب الكشف والإنباء عن المترجم بالإحياء وكشف ~~الغطا عن لمس الخطا وكتاب إيضاح ms511 المحصول من برهان الأصول وتعليقة على ~~أحاديث الجوزقي وله أيضا إملاء على شيء من رسائل إخوان الصفا سأله السلطان ~~تميم عنه وكتاب النكت القطعية في الرد على الحشوية والذين بقدم الأصوات ~~والحروف وفتاوى. # توفي ثامن عشر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وخمس مائة وقيل يوم الاثنين ~~ثامن الشهر المذكور بالمهدية وعمره ثلاث وثمانون سنة رحمه الله ورضي عنه. # وحكى أن بعض طلبة الأندلس ورد على المهدية وكان يحضر مجلس المازري ودخل ~~شعاع الشمس من كوة فوقع على رجل الشيخ المازري فقال الشيخ: هذا شعاع منعكس ~~فذيل الطالب المذكور حين رآه متزنا فقال: # هذا شعاع منعكس ... لعلة لا تلتبس # لما رآك عنصرا ... من كل علم ينبجس # أتى يمد ساعدا ... من نور علم يقتبس # وأظن أني رأيت هذه الحكاية في نظم الدر والعيقان للشيخ الحافظ PageV03P166 # أبي عبد الله التلمساني فلتراجع ثم لأني نقلتها بالمعنى. ### || وممن أجاز القاضي عياض ولم يلقه: ### $ الشيخ الحافظ إمام المحدثين أبو الطاهر السلفي أحمد بن محمد بن أحمد بن ~~محمد بن إبراهيم سلفة الأصبهاني الملقب صدر الدين. # قال ابن خلكان: هو أحمد الحفاظ المكثرين. رحل في طلب الحديث ولقي أعيان ~~المشايخ وكان شافعي المذهب. ورد بغداد واشتغل بها على الكيا أبي الحسن على ~~الهراسي في الفقه وعلى الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي ~~باللغة وروى عن أبي محمد جعفر بن السراج وغيره من الأئمة الأماثل وجاب ~~البلاد وطاف الآفاق ودخل الإسكندرية سنة إحدى عشرة وخمس مائة في ذي القعدة ~~وكان قدومه إليها في البحر من مدينة صور وأقام بها وقصده الناس من الأماكن ~~البعيدة وسمعوا عليه وانتفعوا به ولم يكن في آخر عمره في عصره مثله. وبني ~~له العادل أبو الحسن علي بن السلار وزير الظافر العبيدي صاحب مصر في سنة ست ~~وأربعين وخمس مائة مدرسة بالثغر المذكور وفوضها إليه وهي معروفة به الآن. ~~وأدركت جماعة من أصحابه بالشام والديار المصرية وسمعت عليهم وأجازوني وكان ~~قد كتب الكثير ونفلت من خطة فوائد جمة ومن جملة ما ms512 نقلت من خطة لأبي عبد ~~الله محمد بن عبد الجبار الأندلسي في قصيدة: PageV03P167 # لولا اشتغالي بالأمير ومدحه ... لأطلت في ذاك الغزال تغزلي # لكن أوصاف الجلال عذبن لي ... فتركت أوصاف الجمال بمعزل # ونقلت من خطه أيضا لبثينة صاحبة جميل ترثيه: # وإن سلوى عن جميل لساعة ... من الدهر ما حانت ولا حان حينها # سواء علينا يا جميل بن معمر ... إذا مت بأساء الحياة ولينها # وكان كثيرا ما ينشد: # قالوا نفوس الدار ساكنها ... وأنتم عندي نفوس النفوس # وأماليه وتعاليقه كثيرة والاختصار بالمختصر أولى. # وكانت ولادته اثنتين وسبعين وأربع مائة تقريبا بأصبهان وتوفي ضحوة نهار ~~الجمعة وقيل ليلة الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمس مائة بثغر ~~الإسكندرية. ودفن في وعلة وهي مقبرة داخل السور عند الباب الأخضر فيها ~~جماعة من الصالحين كالطرطوشي وغيره وهي بفتح الواو وسكون العين المهملة ~~وبعدها لام ثم هاء. ويقال إن هذه المقبرة منسوبة إلى عبد الرحمن بن وعلة ~~السبئي المصري صاحب ابن عباس رضي الله عنهما. وقيل غير ذلك رحمه الله تعالى ~~آمين. # قلت: وجدت العلماء المحدثين بالديار المصرية من جملتهم الحافظ زكي الدين ~~أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري المحدث محدث مصر في زمانه يقولون ~~في مولد الحافظ السفي هذه المقالة. ثم وجدت في كتاب: زهر الرياض المفصح عن ~~المقاصد والأغراض تأليف الشيخ جمال الدين أبي القاسم عبد الرحمن ابن أبي ~~الفضل عبد المجيد بن إسماعيل بن جفص الصفراوي الإسكندري وأن PageV03P168 # الحافظ السلفي المذكور وهو شيخه كان يقول: مولدي بالتخمين لا باليقين سنة ~~ثمان وسبعين فيكون مبلغ عمره على مقتضى ذلك ثمانيا وتسعين سنة. هذا آخر ~~كلام الصفراوي المذكور. # ورأيت في تاريخ الحافظ محب الدين محمد بن محمود المعروف بابن النجار ~~البغدادي ما يدل على صحة ما قاله الصفراوي فإنه قال: قال عبد الغني ~~المقدسي: سألت الحافظ السلفي عن مولده فقال: أنا أذكر قتل نظام الملك في ~~سنة خمس وثمانين وأربع مائة وكان لي من العمر حدود عشر سنين. # قلت: ولو كان مولده ms513 على ما يقوله أهل مصر إنه في سنة اثنتين وسبعين ما ~~كان يقول أذكر قتل نظام الملك في سنة خمس وثمانين وأربع مائة فإنه على ما ~~يقولونه قد كان عمره ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة ولم تجر العادة أن من ~~يكون في هذا السنة يقول: أنا أذكر القضية الفلانية وإنما يقول ذلك من يكون ~~عمره تقديرا أربع أو خمس أو ست سنين. # فقد ظهر بهذا أن قول الفراوي تلميذه أقرب إلى الصحة وقد سمع منه أنه قال: ~~مولدي في سنة ثمان وسبعين وليس الصفراوي ممن يشك في قوله ولا يرتاب في صحته ~~مع أننا ما علمنا أن أحدا منذ ثلاث مائة سنة إلى الآن بلغ المائة فضلا عن ~~أنه زاد عليها سوى القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري فإنه عاش مائة ~~سنة وسنتين وكما سيأتي في ترجمته. # ونسبة السلفي إلى جدة إبراهيم سلفة بكسر السين المهملة وفتح اللام والفاء ~~وفي آخره الهاء وهو لفظ عجمي ومعناه بالعربي ثلاث شفاه لأن شفته الواحدة ~~كانت مشقوقة فصارت مثل شفتين غير الأخرى الأصلية PageV03P169 # والأصل فيه سلبة بالباء فأبدلت بالفاء. # انتهى كلام ابن خلكان. # قلت: ولا يخلو ما ذكره من بحث لأن السلفي قال: أنا أذكر قتل نظام الملك ~~وأنا في حدود العشر سنين وبحث ابن خلكان يقتضي أنه ابن ست سنين ونحوها بل ~~قد يقال: إن قول السلفي وكان في حدود عشر سنين لا ينافي قول الآخرين لما ~~جرت العادة به من العلماء من إلغاء الكسر الزائد. سلمنا عدم ذلك فلا ذليل ~~فيه لواحد منهما فتأمله منصفا والله سبحانه أعلم. # وكأن ابن قنفذ اعتمد في وفاته على قول المصريين في مولد أبي الطاهر ~~السلفي فلذا قال ما نصه: " وتوفي القاضي بغرناطة أبو عبد الله بن محمد بن ~~القاضي عياض سنة خمس وسبعين وخمس مائة وعرف في تاريخه بأبيه وفي التي تليها ~~توفي الشيخ أبو الطاهر السلفي وعمره مائة وأربع سنين وكان أجاز لكل أدركه ~~حياته. وسلفة بكسر السين المهملة ms514: قرية في المشرق ". # انتهى. # وما قاله في سلفة مخالف لما سبق قريبا لابن خلكان ولعل قول ابن خلكان هو ~~الصواب والله تعالى اعلم. # ومن المشهور نظم السلفي رحمه الله قوله: # ليس على الأرض في زماني ... من شأن في الحديث شاني # علما ونقدا ولا علوا ... فيه على رغم كل شاني # ومن ذلك قوله رحمه الله: # بالله يا معشر أصحابي ... اغتنموا علمي وآدابي PageV03P170 # إن نذير الموت جاء وقد ... حلف لا يرحل إلا بي # ومن نظمه رحمه الله ما أجاب به القاضي عياضا حين استجازه بقصيدة على روى ~~القاف أولها: # أبا طاهر خذها على البعد والنوى ... تحية مشتاق لذكراك شيق # فأجابه أبو الطاهر بقوله: # أتاني نظم الألمعي الموفق ... يميس اختيالا بين غرب ومشرق # وسيأتيان معال عند تعرضنا لذكر نظم عياض رحم الله الجميع. # أقول: ولم يزل الفضلاء من الأئمة والنبهاء من أعلام هذه الأمة يستجيزون ~~الأشياخ الأخيار عند تعذر اللقاء وبعد الديار ولو تتبعنا ذكر من قعل ذلك ~~لضاق عنه هذا الموضوع ولما احتمله هذا المجموع. وقد استجاز الإمام الشهير ~~الأديب الكبير الشيخ العلامة أبو الحسن حازم صاحب المقصورة وجيه الدين ~~منصور فكتب إليه الوجيه رحمه الله بقوله: # إني أجزت لحازم بن محمد ... صدر الأفاضل والإمام السيد # مجموع ما رويته فرويته ... عن ألف شيخ من رواة المسند # في مصرها مع شامها وعراقها ... وحجازها من متهم أو منجد # وجميع ما صنفته وجمعته ... في علم فقه الشافعي محمد # فليروا عني ما رويت رواية ... مشروطة بتوثيق وتشدد # وليبق في روض العلوم منعما ... بسعادة وسيادة وتأيد # وإذا جرى ذكر حازم فلا بد أن نورد بعض التعريف به فنقول: PageV03P171 # قال السيوطي في الطبقات: حازم بن محمد بن حسن بن محمد بن خلف بن حازم ~~الأنصاري القرطاجي النحوي أبو الحسن شيخ البلاغة والأدب. # قال أبو حيان: كان أوحد زمانه في النظم والنثر والنحو واللغة والعروض ~~وعلم البيان. روى عن جماعة يقاربون الألف وروى عنه أبو حيان وابن رشد وذكره ~~في رحلته فقال: حبر البلغاء وبحر الأدباء ذو اختيارات فائقة ms515 واختراقات ~~رائقة لا نعلم أحد ممن لقيناه جمع من علم اللسان ما جمع ولا أحكم من معاقد ~~علم البيان ما أحكم من منقول ومبتدع وأما البلاغة فهو بحرها العذب والمتفرد ~~بحمل راياتها أميرا في الشرق والغرب وأما حفظ لغات العرب وأشعارها وأخبارها ~~فهو حماد روايتها أوقارها يجمع إلى ذلك جودة التصنيف وبراعة الخط ويضرب ~~بسهم في العقليات والدراية أغلب عليه من الرواية. # صنف سراج البلغاء في البلاغة وكتاب في القوافي وقصيدة في النحو على روى ~~الميم ذكر منها ابن هشام في المغني أبياتا في المسألة الزنبورية وقد ~~ذكرناها في الطبقات الكبرى مع أبيات أخر. # مولده سنة ثمان وست مائة ومات ليلة السبت الرابع والعشرين من رمضان سنة ~~أربع وثمانين وست مائة. # ومن شعره: # من قال حسبي من الورى بشر ... فحسبي الله حسبي الله # كم آية للإله شاهدة ... بأنه لا إله إلا هو # انتهى كلام السيوطي. PageV03P172 # ولنرد نحن ما أمكننا، حيث لم يوف السيوطي بحقه في الطبقات الصغرى، لأنها ~~مبنية على الاختصار، وليس نقف على الطبقات الكبرى التي أحال عليها؛ فنقول: ~~قال بعض المؤرخين: هو حازم بن محمد بن الحسن بن حازم الأنصاري، فجعل والد ~~الحسن حازما، وجعله السيوطي محمدا، فلا ندري هل هذا من النسبة إلى الجد، ~~فيرجع مع ما عند السيوطي إلى وفاق، أو هما مختلفان؟ القرطاجني: منسوب إلى ~~قرطاجنة من سواحل كورة تدمير، من شرقي الأندلس. وهو خاتمة شعراء الأندلس ~~الفحول، مع تقدمه في معرفة لسان العرب وأخبارها، ونزل إفريقية بعد خروجه من ~~بلده فطار بها صيت، وعمر إلى أن مات بتونس، حضره ملوكها، ليلة الرابع ~~والعشرين من رمضان، من سنة أربع وثمانين وست مائة. وفي بعض المجاميع ~~الأدبية من تأليف ابن المرابط نزل تونس، أنه كان في حضرة مراكش أيام ~~الرشيد، انتهى. # قلت: وله في الرشيد أمداح كثيرة، أنشدها في الإشادة، ومدح الأمير أبا ~~زكريا صاحب إفريقية، وولده أبا عبد الله المتنصر، وله ألف المقصورة ~~المشهورة، وقصر محاسنها على مدحه، ومدح أخاه أبا يحيى. # ومطلعها: # لله ما ms516 قد هجت يا يوم النوى ... على فؤادي من تباريح الجوى # قلت: قد كنت ضمنت مطلعها باكتفاء وتورية فقات: # لم أنس يموا للنوى عيوبه ... في نهر فارس شجن هاج الجوى PageV03P173 # فقلت إذ ذكرني معاها ... " لله ما قد هجت يا يوم النوى " # ومقصورته تدل على اطلاعه، وصدرها بخطبة بليغة جدا، وتولى شرح هذه ~~المقصورة الشيخ أبو القاسم الشريف الحسني القاضي كان بغرناطة، وسمي شرحه ~~هذا رفع الحجب المستورة عن محاسن المقصورة، وملأه بكل غريبة، وقد طالعته ~~غير مرة. وقد ألف الإمام المكودى شارح الألفية، مقصورة بديعة نبوية؛ وعاب ~~على ابن دريد وحازم جعلهما مقصورتيهما مدحا في بني الدنيا، فكان من جملة ~~أبياتها: # فحازم قد عد غير حازم ... وابن دريد لم يفده ما درى # وقد تولى شرح مقصورة المكودي بعض أصحابه وهو الكاتب الأديب أبو عبد الله ~~المكلاني أعانه الله تعالى. # ومن بديع نظمه رحمه الله قصيدة جيمية، غريبة المنزع، لها صيت عظيم عند ~~الحذاق من أهل الأدب، والنجارين من الفضلاء، عارض بها في المعنى رائية ابن ~~عمار الوزير؛ للمعتمد بن عباد. وفضل غير واحد هذه الجيمية الحازمية، على ~~تلك الرائة العمارية: # أدر المدامة فالنسيم مؤرج ... والروض مرقوم البرود مدبج # والأرض قد لبست برود جمالها ... فكأنما هي كاعب تتبرج # والنهر مما ارتاح معطفه الللى ... لقيا النسيم عبابه متموج # يمسي الأصيل بعسجدي شعاعه ... ابدا يوشي صفحه ويدبج # وتروم أيدي الريح تسلب ما اكتسى ... فتزيده حسنا بما هي تنسج PageV03P174 # فارتح لشرب كؤس راح نورها ... بل نارها في مائها تتوهج # واسكر بنشوة لحظ من أحببته ... أو كأس خمر من لماه تمزج # وايمع إلى نغمات عود تطبى ... قلب الخلي إلى الهوى وتهيج # بم وزير يسعدان مثانيا ... ومثالثا طبقاتها تتدرج # من لم يهيج قلبه هذا فما ... للقلب منه محرك ومهيج # فأجب فقد نادى بألس حاله ... للأنس دهر للهموم مفرج # طربت جمادات وأفصح أعجم ... فرحا وأصبح من سرور يهزج # أفيفضل الحي الجماد مسرة ... والحي للسراء منه أحوج # ما العيش إلا نعمت به وما ... عاطاك فيه الكأس ظبي أدعج # ممن ms517 يروقك منه ردف مردف ... عبل وخصر ذو اختصار مدمج # فإذا نظرت لطرة ولغرة ... ولصفحة منه بدت تتأجج # أبقيت أن ثلاثهن وما غدا ... من تحتها ينآد أو يتموج # ليل على صبح على بدر على ... غضن تحمله مثيب رجرج # كأس ومحبوب يظل بلحظه ... قلب الخلي إلى الهوى يستدرج # يا صاح ما قلبي بصاح عن هوى ... شيئين بينهما المنى تستنتج # وبمهجتي الظبي الذي في أضلعي ... قد حل وهو يشبها ويؤجج # ناديت حادي عيسه يوم النوى ... والعيس تحدي والمطايا تحدج # قف أيها لاحادي أودع مهجة ... قد حازها دون الجوانح هودج # لما تواقفنا وفي أحداجها ... قمر منير بالهلال متوج # ناديتهم قولوا لبدركم الذي ... بضيائه تسري الركاب وتدلج # يحيا العليل بلفظة أو لحظة ... تطفي غليلا في الحشا يتأجج PageV03P175 # قالوا نخاف يزيد قلبك لاعجا ... فأجبتهم خلوا اللواعج تلعج # وبكيت واستبكيت حتى ظل من ... عبراتنا بحر ببحر يمزج # وبقيت أفتح بعدهم باب المنى ... ما بيننا طورا وطورا يرتج # وأقول يا نفس اصبري فعسى النوى ... بصباح قرب ليلها يتبلج # فترقب السراء من دهر شجا ... والدهر من ضد لضد يخرج # وترج فرجة كل هم طارق ... فلكل هم في الزمان تفرج # وتذكرت بهذه الجيمية قصيدة ابن قلاقس الإسكندري رحمه الله تعالى: # عرضت لمعترض الصباح الأبلج ... حوراء في طرف الظلام الأدلج # فتمزقت شية الدجا عن غرتي ... شمسين في أفق وكلة هودج # ووراء أستار الحمول لواحظ ... غزلان معتدل الوشيج الأعوج # من كل مبتسم السنان إذا جرى ... دمع النجيع من الكمى الأهوج # ولقد صحبت الليل قلص برده ... لعباب بحر صاحبه المتموج # وكأن منتثر النجوم الآلي ... نظمت على صرح من الفيروزج # وسهرت أرقب من سهيل خافقا ... متفردا وكأنه قلب الشجي # واستعبرت مقل السحاب فأضحكت ... منها ثعور مفوف ومدبج # وابن قلاقس هذا له في النظم البارع المديد؛ ومن محاسنه قوله رحمه الله ~~تعالى: # سددها من القلوب رمحا ... وانتضوها من الجفون صفاحا PageV03P176 # يا لها حالة من السلم حالت ... فاستحالت ولا كفاح كفاحا # صح إذ أذرت العيون دماء ... انهم أثحنوا القلوب جراحا # يا فؤادي وقد أخذت أسيرا ... أتفطرت ms518 أم وضعت سلاحا # قل لأعتادك التي أقسموها ... ضربوا فيك بالعيون قداحا # عجبا للجفون وهي مراض ... كيف تستأسر القلوب الصحاحا # آه من موقف يود به المغرم ... لو مات قبله فاستراحا # حيث يخشى أن ينظم اللثم عقدا ... فيه أو يعقد العناق وشاحا # رجع إلى قول حازم رحمه الله تعالى: فمن قوله من قصيدة: # فتق النسيم لطائم الظلماء ... عن مسكة قطرت مع الأنداء # وغدا الصباح يفض خاتم عنبر ... بالشرق عن كافورة بيضاء # والكوكب الدري يزهو سابحا ... في مائه كالدرة الزهراء # وكأنما ابن ذكاء مجمرا ... منه يفيد الريح طيب ذكاء # وقال سامحه الله من قصيدة في المستنصر: # أمن بارق أورى بجنح الدجى سقطا ... تذكرت من حل الأبارق فالسقطا # وبان ولكن لم يبن عنك ذكره ... وشط ولكن طيفه عنك ما شطا # حبيب لو أن البدر جاراه في مدى ... من الحسن لأستدني من البدر واستبطا # سقى الله عيشا قد سقانا من الهوى ... كئوسا بمعسول اللمى خلطت خلطا PageV03P177 # وله مطلع قصيدة: # سلطان حسن عليه للصبا علم ... إذا رأته جيوش الصبر تنهزم # وقال رحمه الله يصف وردة بيضاء: # ومبيضة الأثواب بوردة ... تقل لها الأشباه عند التماسها # أنافت على ساق لتشرب عندما ... أشارت لها كف البروق بكاسها # كجارية قامت ببيض غلائل ... مرفعة أذيالها حول رأسها # ومن بديع نظمه رحمه الله تعالى تضمينه قصيدة امرئ القيس، وصرف معناها إلى ~~مدح المصطفى) ، وهي من غر القصائد: # لعينيك قل إن زرت أفضل مرسل ... " قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل " # وفي طيبة فانزل ولا تغش منزلا ... " بسقط اللوى بين الدخول فحومل " # وزر قد طالما طاب نشرها ... " لما نسجتها من جنوب وشمأل " # وأثوابك أخلع محرما ومصدقا ... " لدى الستر إلا لبسة المتفضل " # لدى كعبة قد فاض دمعي لبعدها ... " على النحر حتى بل دمعي محملي " # فحيا حادي الآبال سربي ولا تقل ... " عقرت بعيري يامرأ القيس فانزل " # فقد حلفت نفسي بذاك وأقسمت ... " على وآلت حلفة لم تحلل " # فقلت لها لا شك أني طائع ... " وأنك مهما تأمري القلب يفعل " # وكم حملت في أظهر العزم وحلها ... " فيا عجبا من ms519 كورها المتحتل " # وعاتبت العجز الذي عاق عزمها ... " فقالت لك الويلات إنك مرجلي " PageV03P178 # نبي هدى قد قال للكفر نوره ... " إلا أيها الليل الطويل ألا انجل " # تلا سورا ما قولها بمعارض ... " إذا هي نصته ولا بعطل " # لقد نزلت في الأرض ملة هديه ... " نزول اليماني ذي العياب المحمل " # أتت مغربا من مشرق وتعرضت ... " تعرضت أثناء الوشاح المفضل " # ففازت بلاد الشرق من زينة بها ... " بشيق وشق عندنا لم يحول " # فصلى عليه الله ما لاح بارق ... " كلمع اليدين في حبي مكلل " # نبي غزا الأعداء بين تلائح ... " وبين إكام بعد ما نتأمل " # فكم ملك وفاه في منجد ... " بمنجرد قيد الأوابد هياكل " # وكم من يمان واضح جاءه اكتسى ... " بضاف فويق الأرض ليس بأعزل " # ومن أبطحي نيط منه نجاده ... " بجيد معم في العشيرة مخول " # ومن أبطاحي نيط منه نجاده ... " بجيد معمم في العشيرة مخول " # أوالوا ببدر عن سروجهم العدا ... " كما زالت الصفواء بالمتنزل " # ونادوا ظباهم لا يفتك فتى ولا ... " كبير أناس في بجاد مزمل # وفض جموعا قد غدا جامعا بها ... " لنا بطن ذي قفاف عفنقل " # وأحموا وطيسا في حنين كأنه ... " إذا جاش فيه حمية غلي مرجل " # ونادوا بنات النبع بالنصر أثمري ... " ولا تبعدينا من جناك المعلل " # وممن له سددت سهمين فاضربي ... " بسهميك في أعشار قلب مقتل " # فما أغنت الأبدان بها أكتست ... " ترائبها مصقولة كالسجنجل " # وأضحت لواليها ومالكها العدا ... " ويقولون لا تهتك أسى وتجمل " # وقد فر منصاع كما فر خاضب ... " لدى سمرات الحي ناقف حنظل " # وكم قال يا ليل الوغى طلت فانبلج ... " بصبح وما الإصباح منك بأمثل " # فليت جوادي لم يسر بي إلى الوغى ... " وبات بعيني قائما غير مرسل " PageV03P179 # وكم مرتق أوطاس منهم بمسرج ... " متى ما ترق فيه تسهل # وقرطه خرصا كمصباح مسرج ... " أهان السليط في الذبال المفتل " # فيزهو لهاد فوق هاديه طرفه ... " بناظرة من وحش وجرة مطفل " # ويسمع من كافورتين بجانبي ... " أثنيت كقنو النخلة المتعثكل " # ترفع أن يعزى له شد شدان ... " وإرزاخه سرحان وتقريب تتفل " # ولكنه يمضي كما مر مزبد ... " يكب على الأذقان دوح الكنهبل " # ويغشى العدا كالسهم ms520 أو كالشهاب أو ... " كجلمود صخر حطه السيل من عل # جياد أعادت رسم رستم دارسا ... " وهل عند رسم دارس من معول " # وريعت بها خيل القياصر فاختفت ... " جواهر في صرة لم تزيل " # سبت عربا من نسوة العرب تستبي ... " إذا ما اسبكرت بين درع ومجول " # وكم من سجايا الفرس والصفر أسهرت ... " نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل " # والحزن بدورا من ليالي شعورها ... " تضل المداري في مثنى ومرسل " # وأبقت بأرض الشام هاما كأنها ... " بأرجائها القصوى أنابيش عنصل " # لخضراء ما دبت ولا نبتت بها ... " أساريع ظبي أو مساويك إسحل # شدا طيرها في مثمري ذي أرومة ... " وساق مغار الفتل شد بيذبل " # وكم هجرت في القيظ تحكى دوارعا ... " عذاري دوار في الملاء المذيل " PageV03P180 # وكم أدلجت والقطر يهفو هزيرة ... " ويلوى بأثواب العنيف المثقل " # وخضن سيولا فضن بالبيد بعد ما ... " أثرن غبارا بالكديد المركل " # وكم ركزوا ومحا بدعص كأنه ... " من السيل والغثاء فلكة مغزل " # فلم تبن حصنا خوف حصنهم العدا ... " ولا أطما إلا مشيد بجندل " # فهدت بغضب شد بعد صقاله ... " بأمراس كتان إلى صم جندل " # وجيش بأقصى الأرض ألقى جرانه ... " وأردف أعجازا وناء بكلكل " # يداك الصفا دكا ولو مر بعضه ... " وأيسره على الستار فيذبل " # دعا النصر والتأبيد راياته اسحبي ... " على أثرينا ذيل مرط مرحل " # لواء منير النصل طاو كأنه ... " منارة ممسي راهب متبتل " # كأن دما الأعداء في عذباته ... " عصارة حناء بشيب مرجل " # صحاب بروا هام العداة وكم قروا ... " صفيف شواة قدير معجل " # وكم أكثروا ما طاب من لحم جفرة ... " وشحم كهذاب الدمقس المفتل " # وكم جبن من غبراء لم يسق نبتها ... " دراكا ولم ينضح بماء فيغسل " # حكى طيب ذكراهم ومر كفاحهم ... " مداك عروس أو صلابة حنظل " # لأمداح خير الخلق قلبي قد صبا ... " وليس صباي عن هواها بمنسل " # فدع من لأيام صلحن له صبا ... " ولا سيما يوم بدارة جلجل " # وأصبح عن أم الحويرث ما سلا ... " وجارتها أم الرباب بمأسل " # وكن في مديح المصطفى كمديح ... " يقلب كفيه بخيط موصل " # وأمل به الأخرى ودنياك دع فقد ... " تمتعت من لهو بها غير معجل " PageV03P181 # وكم ms521 لنبيث للفؤاد منابث ... " نصيح على تعذاله غير مؤتل " # ينادي إلهي إن ذنبي قد عدا ... " على بأنواع الهموم ليبتلى " # فكن لي مجيرا من شياطين شهوة ... " على حراص لو يشرون مقتلي " # وينشد دنياه إذا ما تدللت ... " أفاطم مهلا بعض هذا التدلل " # فإن تصلي حبلى بخير وصلته ... " وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي " # وأحسن بقطع الحبل منك وبته ... " فسلى ثيابي من ثيابك تنسل " # أيا سامعي مدح الرسول تنشقوا ... " نسيم الصبا بريا القرنفل " # وروضة حمد للنبي محمد ... " غذاها نمير الماء غير المحلل " # ويا من أبي الإصغاء ما أنت مهتد ... " وما إن أرى عنك العماية تنجلي " # فلو مطفلا انشدتها لفظها أرعوت ... " فألهيتها عن ذي تمائم محول " # ولو سمعته عصم طود أمالها ... " فأنزل منها العصم من كل منزل " # وقال رحمه الله في مثل هذا الغرض، مؤديا من مدح رسول الله) المفترض، ~~مضمنا قصيدة أخرى لامرئ القيس: # أقول لعزمي أو لصالح أعمالي ... " ألا عم صباحا أيها الطال البالي " # أما وأعظى شيب سما فوق لمتي ... " سمو حباب الماء حالا على حال " # انار به ليل الشباب كأنه ... " مصابيح رهبان تشب لقفال " # نهاني عن غي وقال منها ... " ألست ترى السمار والناس أحوالي " # يقولون غيره لتنعم برهة ... " وهل يمعن من كان في العصر الخالي " PageV03P182 # أغالط دهري وهو يعلم إنني ... " كبرت وإلا يحسن اللهو أمثالي " # ومؤنس نار الشيب يقبح لهوه ... " بآنسة كأنها خط تمثال " # أشيخا وتأتى فعل من كان عمره ... " ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال " # وتشغفك الدنيا وما إن شغفتها ... " كما شغف المهنوءة الرجل الطالي " # ألا إنها الدنيا ما أعتبرتها ... " ديار لسلمى عافيات بذي خال " # فأين الذين استأثروا قبلنا بها ... " لناموا فما إن من حديث ولا صال " # ذهلت بها غيا فكيف الخلاص من ... " لعوب تنسيني إذا قمت سربالي " # وقد علمت مني مواعيد توبتي ... " بأن الفتى يهذي وليس بفعال " # ومذ وثقت نفسي بحب محمد ... " هصرت بغصن ذي شماريخ ميال " # وأصبح شيطان الغواية خاسئا ... " عليه القتام سيئ الطن والبال " # ألا ليت شعري هل تقول عزائمي ... " لخيلي كرى كرة بعد إجفال # فأنزل دارا للرسول نزيلها ms522 ... " قليل الهموم ما يبيت بأوجال " # فطوبى لنفس جاورت خير مرسل ... " بيثرب أدنى دارها نظر عالي " # ومن ذكره عند القبول تعطرت ... " صبا وشمائل في منازل قفال " # جوار رسول الله مجد مؤثل ... " وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي " # ومن ذا الذي يثني عنان السرى وقد ... " كفاني ولم أطلب قليل من المال " # ألم تر أن الظبية استشفعت به ... " تميل عليه هونة غير مجفال " # وقال لها عودي فقالت له نعم ... " ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي " # فعادت إليه والهوى قائل لها ... " وكان عدائي الوحش مني علي بالي " # ويا لبعير قال أزمع مالكي ... " ليقتلني والمرء ليس يقتال " # وثور ذبيح بالرسالة شاهد ... " طويل القوا والروق أخنس ذيال " PageV03P183 # وحن إليه الجذع حنة عاطش ... " لغيث من الوسمى رائدة خال " # وأصلين من نخل قد التأما له ... " بما احتسبا من لين وتسهال " # وقبضة ترب منه ذلت لها الظبا ... " ومسنونة زرق كأنياب أغوال " # وأضحى ابن جحش بالعسيب مقاتلا ... " وليس بذي رمح وليس بنبال " # وبذت به العجفاء كل مطهم ... " له حجبات مشرفات على الفال " # ويا خسف أرض تحت باغيه علا ... " على يكل نهد الجزارة جوال " # وقد أخمدت نار لفارس طالما ... " أصابت غضى جز لا وكف بأجزال " # أبان سبيل الرشد إذ سبل الهدى ... " يقلن لأهل الحلم ضلا بتضلال " # لأحمد خير المرسلين انتقيتها ... " ورضت فذلت صعبة أي إذلال " # وإن رجائي أن ألاقيه غدا ... " ولست بمقلي الخلال ولا قالي " # فأدرك آمالي وما كل آمل ... " بمقدرك أطراف الخطوب ولا آلي " # قلت: هكذا وجدت بخط بعض أعلام مراكش نسبة هذه القصيدة لأبي الحسن حازم ~~المذكور، واعتمدت على هذه النسبة، ثم بان لي خطؤها، وإنما هذه القصيدة من ~~نظم العلامة أبي بكر بن جزي الكلبي الغرناطي، حسبما نص على ذلك غير واحد. # ولنورد كلام بعض الأئمة في حقه، لأن فيه المطلوب وزيادة، ونصه: محمد بن ~~أحمد عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن يوسف بن جزي الكلبي، PageV03P184 # يكنا أبا القاسم، من أهل غرناطة، وذوي الأصالة والنباهة فيها، وأصل سلفه ~~من ولبه، من حصن البراجلة، نزل بها أولهم عند الفتح ms523، صحبة قريبهم أبي ~~الخطار حسام بن ضرار الكلبي، وعند خلع دعوة المرابطين كان لجدهم يحيى ~~بجيان، رياسة وانفراد بالتدبير. # وكان رحمه الله على طريقة مثلى، من العكوف على العلم، والاقتيات من حر ~~النشب، والاشتغال بالنظر والتقييد والتدوين، فقيها حافظا، قائما على ~~التدريس، مشاركا في فنون من العربية والفقه والأصول والقراءات والحديث ~~والأدب، حافظا للتفسير للأقوال جماعة للكتب، موكلي الخزانة، حسن المجلس، ~~ممتع المحاضرة، قريب الغور، صحيح الباطن؛ تقدم خطيبا بالمسجد الأعظم من ~~بلده، على حداثة سنه، فاتفق على فضله، وجرى على سنن أصالته. ومن شيوخه ~~الأستاذ أبو جعفر بن الزبير وابن الكماد وابن رشيد والحضرمي وابن أبي ~~الأحوص وابن برطال، وأبو عامر بن ربيع الأشعري والوالي أبو عبد الله ~~الطنجالي، وابن الشاط. # تواليفه: كتاب " وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم "؛ و " الأنوار السنية ~~في الكلمات السنية "؛ وكتاب " الدعوات والأذكار "؛ وكتاب " القوانين ~~الفقهية "؛ وكتاب " تقريب الوصول إلى علو الأصول "؛ وكتاب " النور المبين ~~في قواعد عقائد الدين "؛ إلى غير ذلك مما قيده في التفسير والقراءات. # شعره: قال في الأبيات الغنية، ذاهبا مذهب الجماعة، كأبي العلاء المعري ~~والرئيس ابن المظفر، وأبي الطاهر السلفي، وأبي الحجاج بن الشيخ، وأبي ~~الربيع PageV03P185 # ابن سالم، وأبي علي بن أبي الأحوص، وغيرهم: # لكل بني الدنيا مراد ومقصد ... وإن مرادي صحة وفراغ # لأبلغ في علم الشريعة مبلغا ... يكون به لي للجنان بلاغ # ففي مثل هذا فلينافس ذوو النهى ... وحسبي من دار الغرور بلاغ # فما الفوز إلا في النعيم مؤبد ... به رغد والشرب يساغ # وقال في مذهب الفخر: # وكم من صفحة كالشمس تبدو ... فيسلى حسنها قلب الحزين # غضضت الطرف عن نظري إليها ... محافظة على عرضي وديني # انتهى. # ومن مشهور نظمه رحمه الله: # أروم امتداح المصطفى فيردني ... قصوري عن إدراك تلك المناقب # ومن لي بحضر البحر والبحر زاخر ... ومن لي بإحصاء الحصى والكواكب # ولو أن أعضائي غدت وهي ألسن ... لما بلغت في القول بعض مآربي # ولو أن كل العالمين تألفوا ... على مدحه لم يبلغوا بعض واجب # فأقصرت عنه كان فيه بلاغة ms524 ... ورب كلام فيه عبي لعائب # ورأيت بخط الإمام ابن داود أن قوله وكم من صفحة البيتين، ليس PageV03P186 # من كلامه، بل من كلام ابنه أبي بكر وهو خطأ لابن ابن الخطيب ذكر في ~~الكتيبة أن البيتين للشيخ أبي القاسم لا لابنه أبي بكر والله الموفق. # ثم قال هذا المعرف بابن جزي: مولده: يوم الخميس التاسع لربيع الثاني من ~~عام ثلاثة وتسعين وست مائة. # وفاته: فقد وهو يحرض الناس ويشحذ بصائرهم ويثبتهم يوم الكائنة بطريف ضحوة ~~يوم الاثنين السابع لجمادى الأولى عام واحد وأربعين وسبع مائة. تقبل الله ~~شهادته. انتهى. # ولنختم ترجمته بقوله رحمه الله تعالى وعفا عنا وعنه بمنه: # يا رب إن ذنوبي اليوم قد عظمت ... فما أطيق لها حصرا ولا عددا # وليس لي بعذاب النار من قبل ... ولا أطيق لها صبرا ولا جلدا # فانظر إلهي إلى ضعفي ومسكنتي ... ولا تذيقنني حر الجحيم غدا # ثم قال في التعريف بولده أبي بكر المقصود ذكره هنا وهو الذي ألف له أبوه ~~الأنوار السنية ما نصه: هو أحمد بن محمد بن أحمد بن جزي الكلبي يكنى أبا ~~بكر من أهل الفضل والنزاهة والهمة وحسن السمت واستقامة الطريق غرب في ~~الوقار ومال إلى الانقباض وله مشاركة حسنة في فنون من فقه وعربية وخط ~~ورواية وأدب وشعر وتسمو بعظمة الإجادة إلى غاية بعيدة وقرأ على والده ~~ولازمه واستظهر ببعض تأليفه وتفقه وتأدب به وقرأ على بعض معاصري أبيه ثم ~~ارتسم في PageV03P187 # الكتابة السلطانية لأول دولة السلطان أبي الحجاج بن نصر وولى القضاء ~~ببرجة وبأندرش ثم بوادي آش مشكور السيرة معروف النزاهة. # ومن شعره: # أرى الناس يولون الغنى كرامة ... وإن لم يكن أهلا لرفعة مقدار # ويلوون عن وجه الفقير وجوههم ... وإن كان أهلا أن يلاقي بإكبار # بنو الدهر جاءتهم أحاديث جمة ... فما صححوا إلا حديث ابن دينار # ومن بديع ما صدر عنه تصدير أعجاز قصيدة امرئ القيس بقوله: # أقول لعزمي أو لصالح أعمالي ... " ألا عم صباحا أيها الطلل البالي " # ثم سرد منها أحد عشر بيتا إلى قوله ms525: # فأين الذين استأثروا قبلنا بها ... " لناموا فما إن من حديث ولا صال " # ثم قال ما نصه: وهي ثمانية وأربعون بيتا ولا خفاء ببراعة هذا النظم ~~وإحكام هذا النسيج وشدة هذه المعارضة. # وله تقييد على كتاب والده المسمى بالقوانين الفقهية ورجز في الفرائض ~~وإحسان كثير. # وتقدم قاضيا للجماعة بحضرة غرناطة ثامن شوال عام ستين وسبع مائة ثم صرف ~~عنها. ثم لما توفي الأستاذ الخطيب العالم الشهير أبو سعيد فرج بن لب رحمه ~~الله تعالى وكان خطيب الجامع الأعظم بغرناطة ولي عوضا منه أستاذا وخطيبا ~~عام اثنين وثمانين وسبع مائة فبقي في الخطابة ثلاثة أعوام ثم توفي. وأظن أن ~~وفاته إنما كانت في أواخر عام خمسة وثمانين وسبع مائة رحمه الله تعالى. ~~انتهى. PageV03P188 # ولا شك أن ما ذكره هذا الإمام في حق والده إنما هو من كلام ابن الخطيب في ~~الإحاطة والله أعلم. # ولأبي بكر بن جزي هذا أخ كتاب مجيد من عجائب الزمن وهو الفقيه الكاتب ~~محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن يحيى بن الأمير أبي بكر عبد الرحمن ~~الثائر بجيان ابن يوسف بن سعيد الغرناطي المتوفى بفاس في عام ثمانية وخمسين ~~وسبع مائة رحمه الله وقيل بل توفي آخر شوال من السنة قبلها مبطونا رحمه ~~الله. # قلت: وهذا هو الصواب في وفاته فإني رأيت بخط من يوثق به من الأعلام الذين ~~عرفوا حاله أنه بداره من البيضاء قرب المغرب من يوم الثلاثاء التاسع ~~والعشرين لشوال من عام سبعة وخمسين وسبع مائة وكان دفنه يوم الأربعاء بعد ~~صلاة العصر وراء الحائط الشرقي الذي بالجامع الأعظم من المدينة البيضاء ~~وكان مولده في شوال من عام واحد وعشرين وسبع مائة. انتهى. # يكنى أبا عبد الله. قال ابن الأحمر في نثير الجمان: أدركته ورأيته وهو من ~~أهل بلدنا غرناطة وكان أبوه أبو القاسم محمد أحد المفتين بها عالم الأندلس ~~الطائرة فتياه منها إلى طرابلس وقتل شهيدا في المعترك في الوقيعة التي كانت ~~للنصارى دمرهم الله بطريف على المسلمين في سنة إحدى ms526 وأربعين وسبع مائة بعد ~~أن أبى بلاء حسنا. # وأبو عبد الله محمد هذا كتب بالأندلس في حضرة ابن عم أبينا أمير المسلمين ~~أبي الحجاج يوسف وله فيه أمداح عجيبة ولم يزل كاتبا في الحضرة الأحمرية PageV03P189 # النصرية إلى أن امتحنه أمير المسلمين أبو الحجاج ابن عم أبينا. # قلت: كان هذا الامتحان الذي ذكره ابن الأحمر هو أنه ضربه بالسياط من غير ~~ذنب اقترفه بل ظلمه ظلما بينا. هكذا ألفيته في بعض المقيدات والله أعلم. # ثم قال ابن الأحمر: فقوض الرحال عن الأندلس، واستقر بالعدوة، فكتب ~~بالحضرة المرينية، لأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي عنان، إلى أن توفي ~~بها رحمه الله. # حاله رحمه الله: طلع في السماء العلوم بدرا مشرقا وسارت براعته غربا ~~ومشرقا، وسما بشعره فوق الفرقدين، كما أربى بنثره على الشعري والبطين، له ~~باع مديد في التاريخ، واللخة، والحساب، والفقه والنحو والبيان والآداب ~~بصيرا بالأصول والفروع والحديث عارفا بالماضي من الشعر والحديث؛ إن نظم ~~أنساك أبا ذؤيب برقته، ونصيبا بمنصبه ونخوته؛ وإن كتب أربى على ابن مقلة ~~بخطه، وإن أنشأ رسالة أنساك العماد بحسن مساقها وضبطه؛ وهو رب هذا الشان، ~~وفارس هذا الميدان؛ ومع تفقه في العلوم فهو في الشعر قد نبغ، وما بلغ أحد ~~من الشعر عصره منه ما بلغ؛ بل سلموا التقدم فيه إليه، وألقوا زمام الاعتراف ~~بذلك في يديه؛ ودخلوا تحت راية الأدب التي حمل، إذ ظهر ساطع براعته ظهور ~~الشمس بالحمل. # أنشدني لنفسه يمدح أمير المسلمين أبا الحجاج يوسف بن أمير المسلمين أبي ~~الوليد إسماعيل عم أبينا ابن جدنا الرئيس الأمير سعيد فرح، ابن جدنا PageV03P190 # الأمير أبي الوليد إسماعيل ابن جدنا الأمير أبي الحجاج يوسف الشهير ~~بالأحمر، ابن جدنا أمير المؤمنين المنصور بالله أبي بكر، محمد بن أحمد بن ~~محمد بن خميس بن نصر الخزرجي، هذه القصيدة البارعة، وحذف منها الراء ~~المهملة: # قسما بوضاح السنى وهاج ... من تحت مسبول الذوائب داج # وبأبلج بالمسلك خطت نوره ... من فوق وسنان اللواحظ ساج # وبحسن خد دبجت صفحاته ... فغدت تحاكي ms527 مذهب الديباج # وبمبسم كالعقد نظم سلكه ... ولمى حكى الصهباء دون مزاج # وبمنطق نصبو القلوب لحسنه ... أنسى المسامع نغمة الأهزاج # وبمائس الأعطاف تثنيه الصبا ... فيميس كالخطى يوم هياج # ومنعم مثل الثيب يقله ... متضعف يشكو من الإدماج # وبموعد للوصول أنجز فجأة ... من بعد طول تمنع ولجاج # ويا كؤوس أطلعن في جنح الدجى ... شمس السلافة في سماء زجاج # وحدائق سحب السحاب ذيوله ... فيما وبات لها النسيم يناجي # وجداول سلت سيوفا عند ما ... فجئت بجيش للصبا عجاج # وبأقحوان قد تضاحك إذ بكت ... عين الغمام بمدمع ثجاح # وقدود أغصان يملن كأنها ... تخفي حديثها بينها وتناجي # وحمائم يهتفن شجوا بالضحى ... فهديلهن لذي الصبابة شاجي # إن المعالي والعوالي والندى ... والبأس طوع يدي أبي الحجاج # ملك تتوج بالمهابة عندما ... لم يستجر في الدين لبس التاج # وأفاض حكم العدل في أيامه ... فالحق أبلج وأوضح المنهاج # هو منقذ العاني ومغنى المعتفي ... ومذلل العاتي وغوث اللاجي PageV03P191 # ماضي العزيمة والسيوف كليلة ... طلق المحيا والخطوب دواجي # علم الهدى والناس في عمياء قد ... ضلوا لوقع الحادث المهتاج # غيث الندى والسحب تبخل بالحيا ... والمحل يبدي فاقة المحتاج # ليث الوغى والخيل تزججى بالقنا ... والبيض تنهل في دم الأوداج # يتقشع الإظلام إذ يبدو له ... وجه كمثل الكوكب الوهاج # من آل قيلة من ذؤابة سعدها ... أعلى بني قحطان دون خلاج # حيث العلا ممدوحة الأطناب لم ... تخلق معالمها يد الإنهاج # والأعوجيات السوابق تمتطي ... فتظلل الآفاق سحب عجاج # والبيض والأسل العوامل تقضي ... مهج الكماة بأبلغ الإزعاج # مجد ليوسف جمعت أشتاته ... أعيا سواه بعد طول علاج # مولاي هاك عقيلة تزهو على ... أخواتها كالغادة المغناج # إنشاء عبد خالص لك حبه ... ومن العبيد مداهن ومداجي # أوى إلى أكناف نعماك التي ... ليست إليه صلاتها بخداج # سباق ميدان البلاغة والوغى ... لشعاب كل منها ولاج # جانبت أخت الزاي فيها عامدا ... فأتت من الإحسان في أفواج # فافتح لها باب القبول وأول من ... أهداكما ما ينبغي من حاج # قال ابن الأحمر: وأنشدني أيضا لنفسه، يمدح أمير المؤمنين المتوكل على ~~الله أبا عنان فارسا ملك المغرب، رحمه الله: # إن ms528 قلبي لعهدة الصبر ناكث ... عن غزال في عقدة السحر نافث # أضرم النار في فؤادي وولى ... قلائد لا تخف فإني عابث PageV03P192 # ورماني من مقلته بسهم ... ثم قال اصطبر لثان وثالث # كم عذول أتى يناظر فيه ... كان تعذاله على الحب باعث # ويمين آليتها بالتسلي ... فقضى حسنه بأني حانث # جبر الله صدع قلب عميد ... صدعت شمله صروف الحوادث # فهو يهفو إلى البروق ويروى ... عن نسيم الصبا ضعاف الأحادث # سلبته الأشجان إلا بقايا ... من أمان حبالهن رثائث # وبكاء على عهود مواض ... ملأت صدره هموما حدائث # لست وحدي أشكو بليه وجدي ... إن داء الغرام ليس بحادث # يا مضيع العهود والله يعفو ... عنك إني ارتضيت خطة ناكث # غرني منك الجمال غرور ... وظبا اللحظ في القلوب عوابث # مقل يقتسمن أعشار قلبي ... بالرضا مني اقتسام الموارث # كيف غيرت بانتزاحك حالي ... وتغيرت لي وليس بحارث # فرط حبي وفرط حبك إلا ... أن عينيك بالفتور نوافث # وندى فارس وحسنك ردا ... قول من قال سد باب البواعث # ملك البأس والندى فهو بالسي ... ف وبالسيب عابث أو غائث # محرز المجد والثناء فهذا ... سائر في الورى وذلك لابث # أوطأ الشهب رجله وترقى ... صاعدا في سموه غير ماكث # فدرار تسري وما لحقه ... ونجوم خلف القصور لوابث # وله المقربات لا بل هي العق ... بان من فوقها الليوث الدلاهث # مطلعات من كل نعل هلالا ... فلهذا تجلو دجى كل حادث # إن توافقن فالجبال الرواسي ... أو تسابقن فالغيوث الحثائث PageV03P193 # والمواضي كأنها قد أعيرت ... حدة الذهن منه عند المباحث # هي نار محرقات الأعادي ... وهي ماء مطهرات الخبائث # فبردن بالوغى ذكورا عطاشا ... ثم يصدرن ناهلات طوامث # من معاليه قد رأينا عيانا ... كل فضل ينصه من يحادث # خلق كالنسيم مر سحيرا ... بالأزاهير في البطاح الدمائث # في سبيل الإله يقضى ويدنى ... ويوالي في ذاته ويناكث # شرف الملك منه سام وحام ... فقدته سام وحام ويافث # حاكها من بنات كسرى بكرا ... ليس يسموها من الناس طامث # ذات لفظ لا يعتريه اختلال ... ومعان لا تنتحيها المباحث # ذوو فريض أبقوا بقايا ... كنت دون الورى لهن الوارث # من ms529 تقتادها فهي هذي ... عرضة البحث فليكن جد باحث # إن السلطان أبا عنان أطل من برج يشاهد الحرب على ما جرت به عادة الملوك ~~فقال ابن جزي هذا في وصف PageV03P194 # الحال ما يكاد تعد معارضته من قبيل المحال وهو: # لله يوم بدار الملك مر به ... من العجائب ما لم يجر في خلد # لاح الخليفة في برج العلا قمرا ... يشاهد الحرب بين الثور والأسد # ومن بارع نظمه رحمه الله تعالى: # أبا حسن إن شتت الدهر شملنا ... فليس لود بالفؤاد شتات # وإن حلت عن عهد الإخاء فلم أزل ... لقلبي على حفظ العهود ثبات # وهبني سرت مني إليك إساءة ... ألم تتقدم قبلها حسنات # وهو الذي ألف رحلة ابن بطوطة حسبما هو معلوم. # قال ابن الأحمر: ومن بارع نظمه رحمه الله تعالى قوله وهو بحال مرض: # إن يأخذ السقم من جسمي مآخذه ... وأصبح القوم من أمري على خطر # فإن قلبي بحمد الله مرتبط ... بالصبر والشكر والتسليم للقدر # فالمرء في قبضة الأقدار مصرفه ... للبرء والسقم أو للنفع والضرر # وحكى لي غير واحد أن الفقيه الكاتب القاضي الحاج الرحال إسحاق ابن الحاج ~~النميري بقي في خلوته جميع شهر رمضان المعظم من عام سبعة وخمسين وسبع مائة ~~فلما خرج يوم عيد الفطر أنشده سيدي أبو عبد الله بن جزي المذكور لنفسه ~~يخاطبه: # ما سرار البدور إلا ثلاث ... فلماذا أرى سرارك شهرا # أتعجلته سرورا لعام ... ثم تبقي في سائر العام بدرا PageV03P195 # وحكى أنه كتب رحمه الله للرئيس الكاتب أبي القاسم بن رضوان يطلب منه شراب ~~سكنجبين وقصد التصحيف بقوله: أحسن زان بيتك نجيب تسر به برء مرضى. # تصحيفه: أحب شراب سكنجبين شربه برء مرضى. # قال فجاوبه ابن رضوان بقوله: إن برء نفيس تصحيفه مقلوبا: يشفيك ربنا. # وتذكرت بهذا ما وقع للرئيس ابن الجياب فإنه أهدى له الفقيه ابن قطبة ~~رمانا ثم دخل عليه عائدا فلما رآه قال له: يا فقيه نعم بالهدنة زمانك أراد: ~~نعمت الهدية رمانك. وكان هذا قبل موته من مرضه بيسير وهو مما يدل على ثقوب ms530 ~~ذهنه حتى قرب الموت سامحه الله وغفر له. # ومن نظم أبي عبد الله بن جزي المذكور قوله: # رعي الله عهدا بالمرية لا أرى ... له أبدا ما عشت في الناس بالناسي # وكيف ترى بالله صحبة معشر ... مجاهد بعض منهم وابن عباس # ومن ذلك قوله رحمه الله في الزاوية التي أنشأها أبو عنان وهو مكتوب عليها ~~إلى قرب هذا التاريخ: # هذا محل الفضل والإيثار ... والرفق بالسكان والزوار # دار على الإحسان شيدت والتقى ... فجزاؤها الحسنى وعقبى الدار PageV03P196 # هي ملجأ للواردين ومورد ... لابن السبيل وكل ركب ساري # آثار مولانا الخليفة فارس ... أكرم بها في المجد من آثار # لا زال منصورا اللواء مظفرا ... ماضي العزائم سامي المقدار # بنيت على يد عبدهم وخديم با ... بهم العلي محمد بن جدار # في عام أربعة وخمسين انقضت ... من بعد سبع مئين في الأعصار # ومن بديع نظمه رحمه الله قوله: # وما أنسى الأحبة حين بانوا ... تخوض مطيهم بحر الدموع # وقالوا اليوم منزلنا الحنايا ... فقلت نعم ولكن من ضلوعي # وقوله رحمه الله: # ورب يهودي أتى متطببا ... ليأخذ ثارات اليهود من الناس # إذا جس نبض المرء أودي بنفسه ... سريعا ألم تسمع بفتكة جساس # وقوله رحمه الله: # من أي أشجان التي جنت الهوى ... أشكو العذاب وهن في تنويع؟ # من وصلي الموقوف أومن هجري ال ... موصول أو من نومي المقطوع؟ PageV03P197 # وقوله رحمه الله: # فخدي وجسمي والفؤاد وأدمعي ... شهود بهم دعوى الغرام تصحح # ومن عجب أن رجع الناس نقلهم ... وكلهم ذو جرحة فيه تقدح # جسمي ضعيف والفؤاد مخلط ... ودمعي مطروح وخدي مجرح # وقوله رحمه الله: # يا محيا كتب الحسن به ... أحرفا أبدع فيها وبرع # ميم ثغر ثم نون حاجب ... ثم عين هي تتميم البدع # أنا لا أطمع في وصلك لي ... وعلى وجهك مكتوب منع # قال ابن الأحمر: ومن إنشاء البارع موريا بالكتب ورفعها لأمير المؤمنين ~~المتوكل على الله أبي عنان فارس رحمه الله يهنئه بإبلال ولده وولي عهده ~~الأمير أبي زيان محمد بن مرض: # ماذا عسى أدب الكتاب يوضح من ... خصال مجدك وهو الزاهر الزاهي ms531 # وما الفصيح بكليات موعبا ... كاف فيأتي بإنباء وإنباه # أبقى الله مولانا الخليفة ولسعادته القدح المعلى ولزاهر كماله التاج ~~المحلى تجلى من حلاه نزهة الناظر ويسير بعلاه المثل السائر ويتسق من ثناه ~~العقد المنظم ويتضح بهداه القصد الأمم ولا زالت مقدمات النصر له مبسوطة PageV03P198 # ومعونة السعد بإرشاته منوطة وهدايته متكفلة بإحياء علوم الدين وإيضاح ~~منهاج العابدين وإرشاده يتولى تنبيه الغافلين ويأتي من شفاء الصدور بالنور ~~المبين وميقات الخدمة ببابه مطمح الأنفس وملخص الجود من كفة بغية المتلمس ~~قد حكم أدب الدين والدنيا بأنك سراج الملوك لما أتته عوارفك بالمشرع السلسل ~~ومعارفك بنظم السلوك ووضحت معالم مجدك وضوح أنوار الفجر وزهت بعدلك المسالك ~~والممالك زهو خريدة القصر فلك في جمهرة الشرف النسب الوسيط ومن جمل المآثر ~~الخلاصة والبسيط وسبل الخيرات لها برعايتك تيسير ومحاسن الشريعة لها ~~بتحصيلك تحبير وأنت حجة العلماء الذي تقصر عن قصي مآثره فطن الأذكياء إن ~~أنبههم التفسير ففي يديك ملاك التأويل أو اعتاص تفريع الفقه فعندك فضل ~~البيان له والتحصيل وإن تشعب التاريخ فلديك استيعابه أو تطاول الأدب ففي ~~إيجاز بيانك اقتضابه وإن ذكر الكلام ففي انتقائك من برهانه المحصول أو ~~المنطق ففي موجز أماليك لبابه المنخول وليس أساس البلاغة إلا ما تأتي به من ~~فصل المقال ولا جامع الخير إلا ما حزته في تهذيب الكمال ولذلك صارت خدمتك ~~غاية المطلوب وحبك قوت القلوب وغزو أن كنت من العلياء درتها المكنونة ~~فأسلافك الكرام هم جواهرها الثمينة بحمامتهم أصيب مقاتل الفرسان وبجود ~~جودهم تسني ري الظمآن وبتسهيل عدلهم وضحت شعب الإيمان وأنت المنتقى من سمط ~~جمانها والواسطة في قلائد عقيانها عنك تؤثر سيرة الاكتفاء وعن فروعك ~~السعداء تروى أخبار نجباء الأنباء فهم لمملكتك العلية بهجة مجالسها وانس ~~مجالسها وقطب سرورها ومطالع نورها وولي عهدك درتهم الخطيرة وذخيرتهم ~~الأثيرة PageV03P199 # لا زال كمال سعادته بطول مقامك محكما وحرز أمانيه بالجمع بين الصحيحين: ~~حبك ورضاك معلما وقد وجبت التهنئة بما كان في حيلة برئه من التيسير وما ~~تهيأ في استقامه قانون صحته ms532 من نجح التدبير ولم يكن إلا أن بعدت به عنك ~~المسالك وأعوز نور طرفه تقريب المدارك وتذكر ما عهده من الإيناس الموطأ ~~جناية عند فضل مالك فوري من شوقه سقط الزند والتهب في جوانح القبس الوجد ~~فأمددته من دعائك الصالح بحلية الأولياء فظفر لما شارف مشارق الأنوار من ~~حضرتك بالشفاء وقد حاز إكمال الأجر بذلك العارض الوجيز وكان كتشبيب الإبريز ~~وهاهو قادم بالطالع السعيد آئب بالمقصد الأسنى من الفتح والتمهيد يطلع بين ~~يديك طلوع الشهاب ويبسم عن مفصل الثناء في الهناء بذلك زهر الآداب فأعد له ~~تخفة القادم من إحسانك الكامل واخصصه بالتكملة من إيناسك الشامل فهو ~~الكواكب الدرى المستمد من أنوارك السنية وفي تهذيب شمائله أيضاح للخلق ~~الكريمة الفارسية لا زالت تزدان بصحاح مآثرك عيون الأخبار وتتعطر بنفحة ~~الزهر من ثنائك روضة الأزهار وتتلى من محامدك الآيات البينات وتتولى عليك ~~الألطاف الإلهيات بمن الله وفضله. # والسلام عليكم يعتمد المقام العلي ورحمة الله وبركاته. انتهى. # وقد قال أبو عبد الله بن جزي المذكور رحمه الله عدة قطع يوري فيها بأسماء ~~الكتب منها قوله: PageV03P200 # ظبي وهو الكامل في حسنه ... وثغره أبهى من العقد # جماله المشرق لكنها ... أخلاقه تحكي صبا نجد # وقوله رحمه الله: # لك الله من خل حباني برقعة ... حبتني من آياتها بالنوادر # رسالة رمز في الجمال نهاية ... ذخيرة نظم أتحفت بالجواهر # وقوله رحمه الله: # قصتي في الهوى المدونة الكب ... رى وأخبار عشقي المبسوطة # حجتي في الغرام واضحة إذ ... لم تزل مهجتي بوجد منوطة # أقول: ما أبدع هذا الفصل الذي حبره هذا الحبر في فن التورية وشاهده على ~~استحقاق مبرز عدل لا يحتاج إلى تركية. # وتذكرت بهذه التورية بأسماء الكتب قول بعض الأكابر وأظنه الشيخ الكاتب ~~أبا محمد عبد المهيمن الحضرمي لأن الكاتب أبا إسحاق بن الحاج النميري رحمه ~~الله قال حسبما وجدت بخطه ما نصه: أنشدني شيخنا الإمام أبو محمد لنفسه: # من أغتدي موطأ أكنافه ... صح له التمهيد في أحواله # وقابل استذكاره بالمنتقي ... من رأيه المختار من أعماله # وأضحت المسالك ms533 الحسنى له ... تدني تقصيا قصي آماله # وسار من مشارق الأنوار في ... أدنى المدارك أو إلى إكماله PageV03P201 # ثم قال أبو إسحاق بن الحاج المذكور: ولما وقف على ذلك صاحبنا الفاضل ~~العالم أبو علي حسين بن صالح بن أبي دلامة أنشدني له هذه الأبيات وزاد ذكر ~~القبس والمعلم: # قل للموطأ للورى أكنافه ... بشرى بالتمهيد في الأحوال # وإذا اكتفى بالمنتقي استذكاره ... وفي له المختار في الأعمال # ومسالك الحسنى تؤديه إلى ... أقصى التقصي من قصي الآمال # ويلوح من قبس الهداية رشده ... من معلم التفصيل والإجمال # انتهى كلام ابن الحاج. # ومن هذا المعنى قول الوزير أبي عبد الله بن الخطيب: # وظبي لأوضاع الجمال مدرس ... عليم بأسرار المحاسن ماهر # أرى جيده نص المحلى وقررت ... ثناياه ما ضمت صحاح الجواهر # وقول ابن خاتمة: # ومعطر الأنفاس يبسم دائما ... عن در ثغر زانه ترتيب # من لم يشاهد منه عقد جواهر ... لم يعر ما التنقيح والتهذيب # ومن قول ابن خاتمة أيضا: # سفهني عاذلي عليه ... وقال لي وده عليل # فقلت معتل أو صحيح ... يودعه عينه الخليل PageV03P202 # وقال بعضهم: # حاز الجمال بصورة قمرية ... تجلو عليك مشارق الأنوار # وحوى الكمال بسيرة عمرية ... تتلو عليك مناقب الأبرار # ولنرجع إلى نظم ابن جزي فنقول: وانشد في الإحاطة لأبي عبد الله بن جزي ~~المذكور: # تلك الذؤابة ذبت من شوقي لها ... واللحظ يحميها بأي سلاح # يا قلب فانج يوما إخالك ناجيا ... من فتنة الجعدي والسفاح # وقوله رحمه الله تعالى: # وعاشق صلى ومحرابه ... وجه غزال ظل يهواه # قالوا تعبدت فقلت نعم ... تعبدا يفهم معناه # وقوله رحمه الله: # نصب الحبائل للورى بالحسن إذ ... رفع اللثام وذيله مجرور # وأماله عني العواذل ضلة ... فهو المحال وقلبي المكسور # وقوله رحمه الله: # لا تعد صنفك إن ذهبت لصاحب ... تعتده لكن تخير وانتق # أوما ترى الأشجار مهما ركبت ... إن خوالفت أصنافها لم تعلق # انتهى. PageV03P203 # ولنختم ما أوردنا من نظمه بقوله: # أيتها النفس قفي عندما ... ألزمت فعلا كان أو قولا # فمن يكن يرضى بما ساءه ... أو سره فهو له الأولى # لا يترك العبد وما شاءه ms534 ... إلا إذا أهمله المولى # وقوله رحمه الله: # لولا ثلاث قد شغفت بحبها ... ما عفت في حوض المنية موردي # وهي الرواية للحديث وكتبه ... والفقه فيه وذاك حسب المهتدي # ولنعد إلى ذكر حازم فنقول: كان أبو حسن حازم والكاتب الفقيه المحدث أبو ~~عبد الله بن الأبار فرسا رهان في ميدان الآداب وقد جمعها الزمان وتعلقهما ~~من الدولة الحفصية بأهداب. # وإذ قدمنا نبذة من أخبار أبي الحسن حازم فلا بأس أن نتبعها بمثلها من ~~أخبار الإمام ابن الأبار. # وهو الفقيه الأجل الكاتب الحافل الراوية المحدث الفاضل الناقد البارع ~~الحافظ الكامل أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعي البلنهسي المعروف ~~بابن الآبار. # قال قاضي القضاة ولي الدين بن خلدون في تاريخه الكبير الموسوم بديوان ~~العبر وكتاب المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ~~ذوي لسلطان الأكبر ما نصه: PageV03P204 ### || الخبر عن مقتل ابن الأبار وسياقته الأولية: # كان هذا الحافظ أبو عبد الله بن الأبار من مشيخة أهل بلنسية وكان علامة ~~في الحديث ولسان العرب وبليغا في الترسيل والشعر وكتب عن السيد أبي عبد ~~الله بن حفص بن عبد المؤمن ببلنسية ثم عن ابنه ثم دخل معه دار الحرب حين ~~نزع به ثم كتب عن ابن مردنيش. ولما زحف الطاغية إلى بلنسية ونازلها، بعث ~~زيان بوفد بلنسية وبيعتهم، إلى الأمير أبي زكريا، وكان فيهم ابن الأبار هذا ~~الحافظ، فحضر مجلس السلطان، وأنشد قصيدته على روى السين يستصرخه، فبادر ~~السلطان بإغاثتهم، وشحن الأساطيل بالمدد إليهم، من المال والأقوات والكسا، ~~فوجدهم في عسرة الحصار، إلى أن تغلب الطاغية على بلنسية، ورجع ابن الأبار ~~بأهله إلى تونس، غبطة بإقبال السلطان عليه، فنزل منه بخير مكان، ورشحه لكتب ~~علامته في صدور رسائله ومكتوباته، فكتبها مدة، ثم إن السلطان أراد صرفها ~~لأبى العباس الغسانى، لما كان يحسن كتابتها بالخط المشرقي، وكان آثر عنده ~~من الخط المغربي، فسخط بن الأبار، أنفة من إيثار غيره عليه، وافتات على ~~السلطان في وضعها في كتاب أمر بإنشائه، لقصور الترسيل يومئذ في ms535 الحضرة ~~عليه، وأن يبقى مكان العلامة منه لواضعها. فجاهز بالرد، ووضعها استبدادا ~~وأنفة؛ وعوتب على ذلك، فاستشاط غضبا، ورمى بالقلم، وأنشد متمثلا: # اطلب العز في لظى وذر الذل ولو كان في جنان الخلود PageV03P205 # فنمى ذلك إلى السلطان فأمر بلزومه بيته ثم استعتب السلطان بتأليف رفعه ~~إليه عد فيه من عوتب من الكتاب وأنب وسماه إعتاب الكتاب واستشفع المستنسر ~~بالله فغفر السلطان له وأقل عثرته وأعاده إلى الكتابة ولما الأمير أبو ~~زكريا رفعه المستنصر إلى حضور مجلسه مع الطبقة الذين كانوا الأندلس وأهل ~~تونس. وكان في ابن الأبار أنفة وبأو وضيق خلق وكان يزرى على المستنصر في ~~مباحثه ويستقصر مداركه فخشن له صدره مع ما كان يسخط به السلطان من تفضيل ~~الأندلس وولاتها عليه. # وكانت لابن أبى الحسين فيها سعاية لحقد قديم سببه أن ابن الأبار لما قدم ~~في الأسطول من بلنسية نزل ببنزرت وخاطب ابن أبى الحسين بغرض رسالته ووصف ~~أباه في عنوان مكتوبة بالمرحوم ونبه على ذلك فاستضحك وقال إن أبا لا تعرف ~~حياته من موته لأب خامل ونميت إلى ابن أبى الحسين فأسرها في نفسه ونصب له ~~إلى أن حمل السلطان على إشخاصه إلى بجاية ثم رضى عنه واستقدمه ورجعه إلى ~~مكانه من المجلس وعاد هو إلى مساءة السلطان بنزعاته إلى أن جرى في بعض ~~الأيام ذكر مولد الواثق وساءل عنه السلطان بعض من حضره فاستبهم فغدا عليه ~~ابن الأبار بتاريخ الولادة وطالعها فاتهم بتوقع المكروه للدولة والتربص بها ~~كما كان أعداؤه يشيعون عنه بما كان ينظر في النجوم فتقبض عليه وبعث السلطان ~~إلى داره فرفعت إليه كتبه أجمع وألفى في أثنائها -فيما زعموا- رقعة بأبيات ~~أولها: # طغا بتونس خلف ... سموه ظلما خليفه # فاستشاط لها السلطان وأمر بامتحانه ثم بقتله فقتل قعصا بالرماح وسط محرم PageV03P206 # من سنة ثمان وخمسون، يعني وست مائة. ثم أحرق شاوه، وسيقت مجلدات كتبه، ~~وأوراق سماية ودواوينه، فأحرقت معه. # انتهى كلام ابن خلدون. # والقصيدة السينية التي أشار إليها ابن خلدون، كنت عزمت على ذكرها ms536 أول ~~تراجم هذا الكتاب، حين ذكرت أمر الجزيرة، وأتيت بقصيدة صالح ابن شريف، ~~فنسيت ذلك، حتى قضى الله به الآن؛ وهي من غرر القصائد الطنانة، وهذا نصها: # أدرك بخيلك خيل الله أندلسا ... إن السبيل إلى منجاتها درسا # وهب لها من عزيز النصر ما التمست ... فلم يزل منك عز النصر ملتمسا # وحاش مما نعانيه حشاشتها ... فطالما ذاقت البلوى صباح مسا # يا للجزيرة أضحى أهلها جزارا ... للحوادث وأمسى جدها تعسا # في كل شارقة إلمام بائقة ... يعود مأتمها عند العدا عرسا # وكل غاربة إجحاف نائبة ... تثنى الأمان حذار والسرور أسا # تقاسم الروم لا نالت مقاسمهم ... ولا عقائلها المحجوبة الأنسا # وفي بلنسة منها وقرطبة ... ما ينسف النفس أو ما ينزف النفسا # مدائن حلها الإشراك مبتسما ... جذلان وارتحل الإيمان مبتئسا # وصيرتها العوادي العابثات بها ... يستوحش الطرف منها ضعف # فمن دساكر كانت دونها حرما ... ومن كنائس كانت # يا للمساجد عادت للعدا بيعا ... وللنداء غدا # لهفي عليها إلى استرجاع فائتها ... مدارسا للمثاني PageV03P207 # وأربعا نمنمت أيدي الربيع لها ... ما شئت من ... موشية وكسا # كانت حدائق للأحداق مونقة ... فصوح النضر من أدواحها وكسا # وحال ما حولها من منظر عجب ... يستجلس الركب أو يستركب الجلسا # سرعان ما عاث جيش الكفر واحربا ... عيث البا في مغانيها التي كبسا # وابتز بزتها مما تحيفها ... تحيف الأسد الضاري لما افترسا # فأين عيش جنيناه بها خضرا ... وأين غصن جنيناه بها سلسا # حمى محاسنها طاغ أتيح لها ... ما نام عن هضمها حينا ولا نعسا # ورج أرجاءها لما أجاط بها ... فغادر الشم من أعلامها خنسا # خلا له الجو فامتدت يداه إلى ... إدراك ما لم تطأ رجلاه مختلسا # وأكثر الزعم بالتثليث منفردا ... ولو رأى راية التوحيد ما نبسا # صل حبلها أيها الملى الرحيم فما ... أبقى المراس لها حبلا ولا مرسا # وأحي ما طمست منها العداة كما ... أحييت من دعوة المهدي ما طمسا # أيام سرت لنصر الحق مستبقا ... وبت من نور ذاك الهدى مقتبسا # وقمت فيها بأمر الله منتصرا ... كالصارم اهتز أو كالعارض انبجسا # تمحو الذي كتب التجسيم من ms537 ظلم ... والصبح ماحية أنواره الغلسا # وتقضي الملك الجبار مهجته ... يوم الوغى جهرة لا ترقب الخلسا # هذي رسائلها تدعوك من كثب ... وأنت أفضل مرجو لمن يئسا # فتك جارية بالنجح راجية ... منك الأمير الرضا والسيد الندسا # ..سبحت والريح عاتية ... كما طلبت بأقصى شدة الفرسا # ... عبد الله الواحد بن أبي ... حفص مقبلة من تربة القدسا PageV03P208 # ملك تقلدت الأملاك طاعته ... دينا ودنيا فغشها الرضا لبسا # من كل غاد على يمناه متسلما ... وكل صاد إلى نعماه ماتمسا # مؤيد لو رمى نجمها لأثبته ... ولو دعا أفقا لبى وما احتبسا # تالله إن الذي ترجى السعود له ... ما جال في خلد يوما ولا هجسا # إمارة يحمل المقدار رايتها ... ودوللة عزها يستصحب القعسا # يبدي النهار بها من ضوئه شنبا ... ويطلع الليل من ظلماته لعسا # ماضي العزيمة والأيام قد نكلت ... طلق المحيا ووجه الدهر قد عبسا # كأنه البدر والعلياء هالته ... تحف من حوله شهب القنا حرسا # تدبيره وضع الدنيا وما وسعت ... وعرف معروفه واسى الورى وأسا # قامت على العدل والإحسان دولته ... وأنشرت من وجود الجود ما رمسا # مبارك هديته باد سكينته ... ما قام إلا إلى حسنى ولا جلسا # قد نور الله بالتقوى بصيرته ... فما يبالي طروق الخطب ملتبسا # برى العصاة وراش الطائعين فقل ... في الليث مفترسا والغيث مرتجسا # ولم يغادر على سهل ولا جبل ... حيا لقاحا إذا وفيته بخسا # ... أصيد لا تلقي به صيدا ... ورب أشوس لا تلقي له شوسا # ..... # والملوك معا ... في نبعة أثمرت للمجد ما غرسا # ........ # وصان صيغته أن # ...... PageV03P209 # فظل يوطن من أرجائها حرما ... وبات يوقد من أضوائها قبسا # بشرى لعبد إلى الباب الكريم حدا ... آماله ومن العذب المعين حسا # كأنما يمتطي واليمين يصحبه ... من البحار طريقا نحوه يبسا # فاستقبل السعد وضاحا اسرته ... من صفحة فاض منها النور وانعكسا # وقبل الجود طفاحا غواربه ... من راحة غاص فيها البحر وانغمسا # يا أيها الملك المنصور أنت لها ... علياء توسع أعداء الهدى تعسا # وقد تواترت الأنباء أنك من ... يحيى بقتل ملوك الصفر أندلسا # طهر بلادك منهم إنهم نجس ... ولا طهارة ما ms538 لم نغسل النجسا # تنبيه: " نغسل النجسا " هكذا ثبت بالنون كما رأيته في بعض النسخ العتيقة ~~وهو أصوب مما وقع بخط بعضهم بالتاء لأن مثله لا يصلح للمخاطبات السلطانية ~~ولم يشتهر عند أكثر الناس إلا بالتاء والصواب ما قدمته من أنه بالنون والله ~~اعلم. # وأوطئ الفليق الجرار أرضهم ... حتى يطأطئ رأسا كل من رأسا # وانصر عبيد بأقصى شرقها شرقت ... عيونهم أدمعا تهمي # هم شيعة الأمر وهي الدار قد نهكت ... داء PageV03P210 # وذكر غير واحد أنه دخل مرة على المستنصر بالله الحفصي فلما مثل بين يديه ~~آنسه بإقباله أو سؤاله فأنشده الحافظ رحمه الله: # بشرى باشرت الهدى والنورا ... بلقاني المستنصر المنصورا # فإذا أمير المؤمنين لقيته ... لم ألق إلا نضرة وسرورا # ومن بديع نثره رحمه الله رسالته الحافلة التي كتب بها للمستنصرو هي ~~الرسالة الغريبة مساقا المتلألئة نظما واتساقا التي لم ينسج على منوالها ~~ولم يأت أحد بمثالها يصف وصول الماء إلى تونس ويشير في ذلك إلى إشارات ~~عجيبة تدل على أن قريحته الوقادة لداعي الإجابة مجيبه وهي: الحمد لله حمدا ~~لا نقلله. هذا الزمان الذي كنا نؤمله " بلدة طيبة ورب غفور " ودولة مباركة ~~لمحاسنها سفور. # إلى أبي حفص آلوا فهل جالت النجوم حيث جالوا أو نالت الملوك بعض ما نالوا ~~ملك يشتمل الإقبال وعز يقلقل الأجيال وكرم صريح الانتماء في النماء وشرف ~~سمت ذوائبه على السماء إلى عدل وإحسان هما قوام نوع الإنسان مع رفق واسجاح ~~ضمنا كل فوز ونجاح فقد آضت الظلماء أنوارا وفاضت البركات أنجادا وأغوارا ~~أليس العام ربيعا والعالم جميعا والسعود طالعة والعصور طائلة مصالح الأعمال ~~تحليها وعلى منصات الكمال تجليها فمن ذا أيها المولى يجاريك إلى مدى أو ~~يباريك في إقدام صادق وندى وآياتك للأبصار هدى وحياتك للكفر ردى بسيرتك عدل ~~الدهر وما جار ولولا نور غرتك ما أنار لقد حسنت بك الأوقات حتى كأنك في فم ~~الزمن ابتسام أعرقت في المجد والعليا وعنيت بالدين فعنت لك الدنيا PageV03P211 # أي عنيد أو عميد ما ألقى باليد واتقى في اليوم عاقبة ms539 الغد إصفاقا على ~~التعوض بصفحك واسعادك وإشفاقا من التعرض لصفاحك وصعادك تعمر بالحسنات آناءك ~~وتتبع في القربات آباءك بانيا كما بنوا بل زائدا على ما أتوا وباديا من حيث ~~انتهوا: # أناس من التوحيد صيغت نفوسهم ... فزرهم تر التوحيد شخصا مركبا # ومن ساكبات المزن فيض أكفهم ... فردهم ترى ماء الغمام وأعذبا # أمجاد أجواد في الحباء بحار وفي الحبا أطواد تقيل أبو زكريا نهج أبي محمد ~~وأيدا جميعا بأبي حفص المؤيد: # نسب كأن عليه من شمس الضحى ... نورا ومن فلق الصباح عمودا # أولئك صفوة الأئمة وحفظة الأذمة والقائمون دون الأمة في الحوادث الدلهمة ~~وهذه الدولة المحمدية الخالدية بمكانها الدعوة المهدية إليها انتهت المراشد ~~وعليها التفت المحامد وبها اعتزت حين اعتزت العناصر والمحاتد ومن خصائصها ~~انفعال الوجود ومن مراسمها الإيثار بالموجود والبدار إلى إغاثة الملهوف ~~وإعانة المنجود ما برحت للخيرات إيضاعها وخبها وبالصالحات غرامها وحبها حتى ~~لقد فهمت أسرارها وأودعت أنوارها وكلفت أو كفلت إفشاءها وإظهارها يمينا أن ~~يمين الحق به طولي وللآخرة خير لها من الأولى بمولانا أيده الله عز مكانها ~~وخلدت سديدة آثارها شديدة أركانها لا جرم أنه الطاهر كالماء الذي جلبه ~~للطهارة والظاهر ولاء ولواء في مصعد الخلافة ومقعد الإمارة بالسعادة ~~الأبدية وجدة وكلفة وما همة إلا تجاوز ما أسلفه سلفه فجر من الأرض ينبوعا ~~وجدد للجدوى رسوما عافية وربوعا ساحتها الحرم وهو زمزم قصاده وحجاجه وراحته ~~البحر الخضم غير PageV03P212 # طعمه وارتجاجه ما أظهره خلالا وأبهره جلالا " هكذا هكذا وإلا فلا لا " ~~غابت كماة المعارك وشهد ونامت ولاة الممالك وسهد فمتى قسطوا أقسط وإذا غورا ~~أنبط ولذلك ما أبطل عمله أعمالهم غلبهم على صفتي الندى والباس وسلبهم ~~منقبتي حمزة والعباس. # قال جامع هذا المصنف: أشار الإمام ابن الأبار بقوله: " منقبتي حمزة ~~والعباس " إلى شجالعة حمزة الشهير الذكر وثباته الذي يجعل عن الفكر وإلى ~~استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما فأتى من الحيا ما عم بالحيا وهمر من ~~الماء ما شفي بعميم الإرواء نفوس الظماء الله اعلم. # ### || رجع إلى كلام ابن ms540 الآبار # فلا غزو أن من أمن ووقي ثم لما كسا وأطعم سقي آية نعمتي وفت بالميعاد ~~وحسني مثلها يعود للمعاد وأتت بماء معين قد أصبح غورا وملأت ما بين لابتيها ~~جنانا ترف ظلا وترق نورا فيا بشرى لتونس أخصب جديبها وأحسن وصف الروض ~~والغدير أديبها وطالما أطلعت صحراء بل بغضاء فكم للإمارة قبلها من يد بيضاء ~~غشيت حبر الحبور والسرور وعوضت برد الظل من وهج الحرور خمائل وجداول تزاول ~~منها العين ما تزاول تلك يضل من أحصاها وهذه يصل بها حصاها ويا لقصرها ~~السعيد نعمت أدواحه وهبت على خضر الأغصان وزرق الغدران أرواحها هذا وإن بات ~~السماح المفاض يسقيه والجود الفضفاض ينقع فؤاده ويشفيه وهنيئا للمسجد ~~الجامع أن رويت جوانحه الصاديه وجمعت في شرعته السارية والغادية PageV03P213 # فها هو فجره بادي الغرر والأوضاح وصخره منبجس بالزلال القراح وللجمهور ~~بصفوه المنساب لهج الغياب بالإياب وطرد الشيب لذكر الشباب أمسوا قد سوغوا ~~مآربهم وأضحوا قد علم كل أناس مشربهم فهم يردون على العذب النمير ويجدون ~~بركة رأي الأمير مكرمة ذخرها لسلطانه الزمانو كرامة هنأها به الإيمان وقضية ~~إن حجبت عن داود فما حجب عنها سليمان: # جمعت للناس بين الري والشبع ... فهم بأخصب مصطاف ومرتبع # ولم تدع كرما إلا أتيت به ... تضيف مبتدعا لمبتدع # لما وليت خلعت الخير أجمعه ... عليهم فبدوا في أجمل الخلع # لله أيامك استوفت محاسنها ... فلا فضيلة للأعياد والجمع # ذامت مساعيك والأقدار تسعدها ... تولي المساجد إنصافا من البيع # اللهم إن الإيالة الحفصية قد أعليت مظاهرها نصرت معاشرها وقصرت على ~~المصالح الدينية والدنيوية مواردها ومصادرها ثم اصطفيت من شرف بيتها الصراح ~~ومعدن سوددها الوضاح مولانا الأمير الأجل المؤيد البارك أبا عبد الله ~~فانتضيته حساما في يدك قائمه وارتضيته إماما لا تلين في ذاتك صرائمه ولا ~~يلحق شأوه في النيل من عداتك رائمه يمضي بأساحين لامضاء للحسام العضب ويهمي ~~جودا والسماء في أزر من نجيع الجدب ينتدب سعيا لكل حسنى أعيت على القريع ~~الندب. # فاقض اللهم لسلطانه بتأييد وأدم بأيامه المباركة نعمة التمهيد ms541 وضاعف عزة ~~جانبه بأعزازه كملة التوحيد. واجزه اللهم أفضل الجزاء عن PageV03P214 # إفاضة النعماء وإنارة الظلماء وكافئه عن نقل الغلل والأظماء بما فجر من ~~ينابيع الماء وكما شرفته فعله في الأفعال واسمه في الأسماء فاجعله في ~~الدنيا داعيا إلى سبيلك وفي الأخرة هاديا إلى حوض رسولك صلى الله عليه وسلم ~~الذي آتيته بعدد نجوم السماء. # آمين آمين والسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. # ومن بديع ما كتب به مخاطبا رئيس منورقة سعيد بن حكم القرشي رحمه الله ~~تعالى: # إن سعيد بن حكم ... صنو العلا نجل الكرام # رآسة بمثلها ... يفاخر السيف القلم # وسودد مجموعة ... فيه محاسن الشيم # معتمد من شأنه ... رعي العهود والذمم # فاتحني ممهدا ... إلى جوابه القلم # عادة ندب أروع ... خص ببره وعم # فشكره في كل حا ... ل ومنال ملتزم # حيا الحيا حضرته ... وجادها ثر الديم # اقتضيتها أيها السيد الأعظم والسند الأعصم أبقاه الله وجنابه محفود ~~ومنابه محمود وجزبه مودود وشربه مورود ورواق السعادة والنضرة المفادة فوقه ~~ممدود من دانيه كلأها الله تعالى والوقت مضايق والرعب ملازم لا يفارق وأنا ~~بسيادته الأصيلة دائم الاعتداد وعلى عنايته الجميلة قاصر الاعتماد والله PageV03P215 # يبقيه كاسمه سعيدا ويسميه مبدئا في المعلوات ومعيدا بمنه. # ووصلني وصل الله حراسته وكلا من الغير والغيل رياسته مخاطبته الكريمة ~~الخطيرة مشرفة بالسؤال عن خاص الأحوال ومنفيه بما تضمنت من الاعتناء والبر ~~المتوافر الأجزاء على الأماني البعيدة والآمال فلثمت سطورها قياما بحقه ~~الأكبر ولزمت من شكره ما لا أقصر عنه بمشيئة الله تعالى ولا أقصر وكان الظن ~~بناديه الأشرف جميلا فقد عاد يقينا والأمل فيه متينا فعاد مبينا ويعلم الله ~~سبحانه أني أعطر بذكره الأمكنة وأزكي بشكره الأزمنة وبودي لو ركبت ثبج هذا ~~البحر حتى أوفيه بعض واجبه وأشافهه بما أجنح إليه وأنطوى عليه من اعتماد ~~جانبه واحماد مقاصده الرياسية ومذاهبه وقد حملت فلانا عصمه الله ويسر مرامه ~~وأدام حفظه وإكرامه من جمل الإعظام ما يؤديه مفسرا وأفهمته أني كاتبت ~~معتقدا خالصا ومضمرا وإن تفضل سيدي الأعلى حرسه الله بتكليف ms542 بعض أعراضه ~~الكريمة شفع يده البيضاء بمثلها واستزاد معلوة لم يزل من أهلها وما يصدر عن ~~الجانب الرياسي أسماه الله من الألتفات إليه والاعتماد عليه فإنه معدود بره ~~الجسيم ويد من أياديه التي أعيت على التعديد والتقسيم والله يعلى محله ~~ويسعد عقده وحله ويسوغه من مورد الإسعاد في حالتي الإصدار والإيراد أعلاه ~~وأجله ويصل حراسته ويؤيد رياسته بمنه وكرمه. # والسلام الكريم المبارك العميم يخص به مقامه الأظهر ملتزم إكباره وإجلاله ~~المعتد بتمامه في السيادة وكماله محمد بن عبد الله بن أبي بكر من الأبار ~~ورحمة الله تعالى وبركاته. PageV03P216 # وكتب له أيضا شافعا ومعتنيا. # تعتمد رياستكم المؤملة وسيادتكم المؤثلة تحية الشاكر لاعتنائها المباهي ~~بسناها الوضاح وسنائها المستديم للأحرار والممتطين إليها أثباج البحار شرف ~~عنائها وكرم غنائها محمد بن الآبار ولا مزيد على ما عنده من إعظام يؤدي ~~وظائفه واعتداد يشفع بتالده طارفه وثناء يعاطيه أولياء جلالكم ومعارفه ~~والله يصعد مكانكم ويسعد زمانكم بمنه وكرمه. # وتتأدى إلى رياستكم حفظها الله في جانب أبي فلان أعزه الله وبلغه أبعد ~~أمله وأقصاه وهو من علمتم مكان بيته النبيه من حيه وسبب نزوحه عن وطنه ~~المحبب ونأيه واستحقاقه بالمزايا المعلومة والسجايا الكريمة لإجزال حفظه ~~ورعيه وما زال لكمالكم واصفا وعلى تعظيم جانبكم والإفصاح بواجبكم عاكفا ~~إمضاء لما أكد بينكم وبينه سالف الأيام وتمييزا بحفظ الود الذي يحفظه غير ~~الكرام. # ومن مطالبي به حمله من التكرمة والتقدمة على النهج الأقوم وإنزاله من ~~جلالكم هنا وهنالكم منزلة المحب المكرم وتوصيته المخصوص بالفارة في أشغالكم ~~المباركة بأن يستصحبه عند الإياب ويورده محفوظ الجانب على ذلكم الجانب ~~واختصاصه مع ذلكم بمخاطبة كريمة ترفعه مكانا عليا ويكون لما يرد عليه ويخلص ~~بمشيئة الله إليه عنوانا جليا ومجدكم حرسه الله يغتفر جناية الإذلال ويبلغ ~~نهاية الآمال والله يبقى رياستكم تجبر الكسير وتيسر المرام والعسير وهو ~~سبحانه يؤيد مقامكم ويكافئ إنعامكم بمنه. PageV03P217 # والسلام الكريم المبارك العميم يعتمد محلكم الرياسي بدءا وعودا ورحمة ~~الله تعالى وبركاته. # وكتب يهنئ الفقيه الأجل القاضي أبا المطرف ms543 بن عمير بولايته قضاء شاطبة: # بأي بنان أم بأي بيان ... تخط وتملى شكرها الملوان # لولاية عقد لواءها الوجوب وأسفر وجه محاسنها المحجوب فأشرق لألاء محيها ~~وتعاطى الأولياء حميها فما شئت من جذلان يحبر شكرا ونشوان يجهر سكرا يترنم ~~كالشادي الباغم ويترنح كالغصن الناعم وكلا أصلح الله قاضينا الأعلى لا نكر ~~على من يصف حالة السكر وإن تناهى طربا وقضى من رفض الأناء أربا فالمرتاح لا ~~يتماسك ولا يتمالك والارتياح لا يهلك أحدا على راحه يتهاك لا جرم أنه تسمو ~~به الجدود وتدرأ عنه بالشبهات الحدود ويا أيها المولى أشرف الخطط الضيق من ~~عادي جلاله وخالدي جلاله أرحب الخطط. # قال جامع هذا الموضوع أحمد بن محمد المقري وفقه الله: أشار ابن الآبار ~~بقوله: " وخالدي خلاله " إلى إن أبا المطرف من ولد خالد بن الوليد رضي الله ~~عنه فاعلم ذلك. ### || رجع إلى كلام ابن الآبار # ما نبأ تهاداه النجد الغور واقتسم الحياة والموت به العدل والجور سوغ ~~المجد المنيف نطافه وهز له الدين الحنيف أعطافه حين قر الحكم الشرعي في ~~نصابه وشفي من آلامه وأوصابه وأرغم المناصب لذلك بنصبه PageV03P218 # وانتصابه وسر معلم العلم فأساريره متهلله وسل حسام الحق فأبطال الباطل ~~متسللة سنان الشرع فكل معتد بالجهالة معتدل وهب نسيم المهابة فكل معتز ~~للسفاهة معتزل أما وخطة خطبت منك أكفى أكفائها وأقرت عين الهدى بتعيينها لك ~~وهدائها لقد عصبت بقاض يسعى للقوم ويسعد ونيطت بماض ينهض في ذات الله وينهد ~~ولا عجب أن آثرت جلاله واعتمدت خلاله فلم تك تصلح إلا له فهنيئا لها ما ~~ألبست من شرف خالد وأن حرست بأقلام ابن سيف الله الخالد ويقال لبلدة وطئ ~~تربتها وبوئ رتبتها ما أخصب عيشتها وأرغدها وأسعد يومها وغدها وماذا بها من ~~دين ودنيا ومجد وعليا إذ جمعت المهاجرين إلى الأنصار وأطلعت محامدها ~~ومحاسنها ملء الأسماع والأبصار لا زالت حوزتها تحوز الأكابر وإمرتها تعز ~~عزتها المكابر ودام عمادنا المفضل وعهادنا المخضل بين ولي شاكر حامد وعدو ~~كاشر حاقد ينزل الرتب المنيفة ويطول به ms544 مالك أبا حنيفة والله ينهضه بما ~~تقلد ويخلد مجده الأولى بأن يخلد. # والسلام الأتم الأكمل يخصه كثيرا ورحمة الله تعالى وبركاته. # وكتب رحمه الله تعالى إلى رئيس شاطبة أبي الحسين بن عيسى شافعا في فكان ~~أسير وتيسير عسير: # كتبته إلى سيدي حرس الله شرفه العبادي وكلأ كنفه السيادي ولا مزيد على ما ~~عندي من الإعظام لرفيع جانبه والقيام بكبير واجبه والله يحفظ شرف بيته ~~العتيق وحديث قديمه الفائت بطيبه المسك الفتيت الفتيق ومؤديه فلان أدام ~~الله حفظه وعصمته وأتم عليه إحسانه ونعمته والمذكور PageV03P219 # يمت إليكم بقديم الإخلاص، ويرغب أن ينظم لديكم في أهل الإخلاص؛ وقد بلغكم ~~ما نابه من غير الدهر وبوبه، وكيف نشب في حبالة الأشرار الذي أتى على نشبه؛ ~~وعلمكم بنباهة بيته أغنى عن التنبيه عليه، وفضلكم كفيل بتسيب الإحسان إليه؛ ~~وقد وثق بسعيكم الكريم في جبر كسره، وأمل سيادتكم للتهممبأمره، والتصرف ~~فيما يصرف عليه بعض ما بذل في خلاصه من أسره؛ ومثلكم اصطنع أمثاله، وآثر ~~فيما يليق بنباهته استعماله؛ والله يعلي شأنكم، ويحرس مكانكم والسلام. # وكتب أيضا شافعا بما نصه: تلك السجايا العذاب، والكرم اللباب، والساحة ~~التي ألبسها جدته الشباب؛ مخصوصة بتحية التوقير والتكبير المعبرة أنفاسها ~~العبقة عن العبير. ومنهيها من زان قومه الأمر والنهي وحسم قضاؤهم وعطاؤهم ~~الوهن والوهي؛ فلان، جمع الله له بين الأوطار والأوطان، وأعاده إلى عادته ~~من عزة الجوانب وشدة الأركان؛ وهو كريمة كرام، آلت بعدهم الأيام، وشكا ~~فقدهم الأنام، والبست الحداد عليهن الأسياف الحداد والأقلام؛ وما بانوا إلا ~~وأياديهم أطواق في الرقاب، وتشريفهم باق في الأعقاب، على مر الأحقاب. # وهذا فلان عرفه الله إسعاد الأقدار، وأعفى مشاربه ومشاعره من الأكدار؛ ~~يروق وقاره ويكرم سباره وعينه فراره؛ وأدنى حلاه الطلب، وبعض خصائصه الأدب؛ ~~ثم شأنه الأخطر شانه ومكانه من حيه الذي يتقدم الأحياء مكانه؛ ورأى عند ~~أخذه في النقلة، وعزمه على الرحلة؛ أن يستصحب إلى PageV03P220 # مجدكم هذه الحروف، ويستدفع بمعلوم جدكم الصروف؛ وإن تأملتم ماله من سمت ~~وسيما، أقبلتموه وجه الإقبال وسيما؛ وأوليتموه ms545 من رعي الحق الواجب، ما يراه ~~ضرباؤكم ضربة لازب؛ والله يبقيكم للمكارم تشيدون رسومها الدائرة، وتنظمون ~~عقودها المتناثرة؛ وهو تعالي يكلأ محلكم الرحيب، ولا يعدمكم من الزمان ~~وأهله الترجيب والترحيب، والسلام. # ومن نظمه رح قوله في المجبنات: # بنفسي مثلجات للصدور ... لها سمتان من نار ونور # حوامل وهي أبكار عذارى ... تزف على الأكف مع البكور # كبرد الطل حين تذلق طعما ... وفي أحشائها وهج الحرور # لها حالان بين قم وكف ... إذا وافتك رائعة السفور # فتغرب كالأهلة في لهاة ... وتطلع في يمين كالبدور # وقوله يشكو الزمان: # تحيف حالتي حيف الزمان ... وصدق اليأس من كذب الأماني # وبرت في أليتها الليالي ... بترويعي فإني بالأمان # أما قنعت وقد كلفت بهضمي ... وضيمي دون ابناء البيان # أحاول أن أقوم لما يواتي ... فتقعدني الخطوب بلا تواني # وأطباق الثرى بالحر أحرى ... إذا ألفى الثراء من الهوان # فهل من آخذ بيدي أخيذ ... بعين الله شدة ما يعاني PageV03P221 # أيا يا أشتكيه من أيامي ... عوار في يد البلوى عواني # وما أبلغي على تلفي دليلا ... كفاني إنني حي كفاني # وقوله أيضا: # يعيرني قومي بجفوة سلطاني ... ويشفيهم شكوى بنبوة أوطاني # يرون خمولا عطلتي لتوقفي ... وتلك محض النباهة برهاني # وقالوا خفوف قلت لا بل رجاحة ... كفتني إلقاء بكفي لإذعان # إذا عهدوني للنزاهة راكبا ... فصعب الأسى وإن هدأركاني # وقوله أيضا رحمه الله: # علت سني وقدري في انخفاض ... وحكم الرب في المربوب ماض # إلى كم اسخط الأقدار حتى ... كأني لم أكن يوما براضي # وقال أيضا في معنى التسليم للمقدور: # أما إنه قد خط في اللوح ما خطا ... فلا تعتقد للدهر جورا ولا قسطا # ولا تسخط المقدور وأرض بما جرى ... عليك به إن الرضا يفضل السخطا # وقال أيضا رحمه الله في معناه: # إلام في حل وفي ربط ... تخبط جهلا أيما خبط! # دع الورى وارج إله الورى ... فأنه ذو القبض والبسط # ليس لما يعطيه من مانع ... ولا لما بمنع من معطي PageV03P222 # وقال رحمه الله معارضا للرصافي في أبياته التي أولها: " ومهذب الشطين ~~تحسب أنه " بقوله: # ونهر كما ذابت سبائك فضة ms546 ... حكى بمحانيه انعطاف الأراقم # إذا الشفق استولى عليه احمراره ... تبدى خضيبا مثل دامي الصوارم # وتحسبه سنت عليه مفاضة ... لإرهاب هبت الرياح النواسم # وتطلعه في دكنة بعد زرقه ... ظلال لأدواح عليه نواعم # كما انفجرت المطل على الدجى ... ومن دونه في الأفق سحم الغمائم # وقال أيضا في معناه: # سقيا لروض ردته رأد الضحا ... وحمامه طربا يناغي البلبلا # شتى محاسنه فمن زهر على ... نهر يسيل كالحباب تسلسلا # وكأنما حمى الربيع لقطفه ... واستل منه يذود عنه منصلا # غربت به شمس الظهيرة لا تني ... إحراق صفحته لهيبا مشعلا # حتى كساه الدوح من أفيائه ... بردا تمزق بالأصائل هلهلا # وكأنما لمع الظلال بمتنه ... قطع الدماء جمدن حين تخللا # وقال في معناه أيضا: # لله نهر كالحباب ... ترقيشه سامي الحباب # يصف السماء صفاؤه ... فحصاه بذي احتجاب # وكأنما هو رقة ... من خالص الورق المذاب PageV03P223 # غازلت في شطيه أبكار المنى عصر الشباب # والظل يبدو فوقه ... كالخال في خد الكعاب # لا بل أدار عليه خو ... ف الشمس منه كالنقاب # مثل المجرة جر فيها ... ذيله جر السحاب # وقال في تمثال نعل النبي صلى الله عليه وسلم من قصيدة: # سجام لعمري أدمع وسجال ... لأن عز من نعل الرسول مثال # وهل يملك العينين في مثلها سوى ... خلى عداه عن هداه ضلال # ومنها: # مثال إلى نعل المطهر يعتزى ... فإعزازه للحسنين منال # أقبله شوقا تملكي لما ... حكي وشهيدي لو يفوه قبال # وإلى اشتراك مما عقدت به الهوة فلا صح عزمي إن صحا لي بال # مرادي من تمويغ شيبي عليه أن ... تسح من الرحمى على سجال # ومن وضعه بحظى من جوار محمد ... وهل بعد تنويل الجوار نوال # وله في ذلك المعنى أيضا رحمه الله: # لمثال نعل المصطفى أصفي الهوى ... وأرى السلو خطيئة لن تغفرا # وإذا أصافحه وأمسح لائما ... أركانه فمعززا وموقرا # سرى أعتزازي في جهاز تذللي ... لجلاله أثرا بقلبي أثرا PageV03P224 # إن شاقني ذاك المثال فطالما ... شاق المحب الطيف يطرق في الكرى # لي أسوة في العاشقين وقصدهم ... لثم الطلول لأهلهن تذكرا # وبكائهم تلك المعاهد ضلة ... تحت الظلام على الغرام ms547 توفرا # أفلا أمرغ فيه شيبي راشدا ... وأريق دمعي وسطه مستبصرا # ثقة بإثرائي من الخيرات في ... شغفي بنعلي خير من وطي الثرى # وقال في التشوق إلى الضريح الشريف على الدفين به صلوات الله وسلامه: # وحللت أطيب طينة من طيبة ... جارا لمن أوصي بحفظ الجار # حيث استبان الحق للأبصار ... لما استثار حفائظ الأنصار # يا زائرين القبر قبر محمد ... بشرى لكم بالسبق في الزوار # أوضعتم لنجاتكم فوضعتم ... ما آدكم من فادح من فادح الأوزار # فوزوا بسبقكم وفوهوا بالذي حملتكم شوقا إلى المختار # أودا السلام سلمتم وبرده ... أرجو الإجارة من ورود النار ### || استطراد لما قيل في نعل النبي صلى الله عليه وسلم: # قلت: وإذ جرى ذكر ~~النعل النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فلا بد أن نورد جملة مما ~~قيل في مثالها على جهة التبرك، والتوصل بصاحبها إلى الله سبحانه، أن يفرج ~~عنا بجاهه كرب الدنيا والآخرة، وأن يجعلنا من الذين حازوا الرتب الفاخرة، ~~وظفروا بالمقام الأسني، وفازوا بالزيادة والحسنى. PageV03P225 # فمن ذلك قول الشيخ أبي عبد الله محمد بن فرج، مخمسا لأبيات الإمام الشهير ~~أبي الربيع بن سالم الكلاعي، رحمه الله، التي على رويها وقافيتها سلك ابن ~~الآبار، رحمه الله، في الأبيات المذكورة آنفا: # خبال عرا ما إن جناه سوى النوى # نوى من نوى من كشف بلوى ما نوى # فيا منكر ما قد عراني في الهوى # خواطر ذي البلوى عوامر بالجوى ... ففي كل يوم يعتريه خبال # سمعت اسمه الأعلى الشريف المشرفا # فحيلتنني يعقوب ذكر يوسفا # ومن شيم الصب المتيم ذي الوفا # متى يدع داع باسم محبوبه هفا ... فيهتاج بلبال ويكسف بال # رعى الله صبا بالهوى نفسه سمت # له آية في الحب بالكتم أحكمت # فما لم ير من آثاره أثرا همت ... له من غروب المقتلين سحال # فيا نفسي الجالي دجاها هلالها # أما أنه نور البدور كمالها # ألا فاعذري نفسا تحن فحالها # كحاكي وقد أبصرت نعلا مثالها ... لنعل الرسول الهاشمي مثال # ويا أيها الراني إلى مفندا # وقد كدت لولا نهى حبي لأسجدا PageV03P226 # هوى وجدي إن يبل ms548 دهر تجددا # " عراني ما يعرو المحب إذا بدا ... لعينيه من مغنى الأحبة آل " # ذكرت به عصرا مضى ومعاهدا # فنوديت من نفس نداء مساعدا # وحدت فعاود لثمه تدع واجدا # " فقبلت في ذاك المثال معاودا ... أرى أن ذلي في هواه جلال " # وشبهته صفحا ونفحا حديقة # مفتحة الأزهار غنا أنيقة # شقتها غواد قد غدون غديقة # " ومثلته نعل الرسول حقيقة ... وإني لأدري أن ذاك محال " # فيا جاهلا داء المحبين والدوا # غويت ولا تدري فلا كان من غوى # أتنكر لثم المثل في حالة النوى # " ومن سنة العشاق أن يبعث الهوى ... مثال ويقتاد الغرام خيال " # تساوت معاني الحب في كل مقصد # فمن مقلة عبرى وجفن مسهد # وبرح وتهيام وشوق مجدد # " فلا فرق إلا أن حب محمد ... هدى والهوى فبمن عداه ضلال " # انتهى. PageV03P227 # ولمحمد بن فرج المذكور عفا الله عنه، وتقبل بكرمه ورحمته منه؛ قطع على ~~حروف المعجم، في لزوم؛ وسماها بالقطع المخمسة، في مدح النعال المقدسة. # قال رحمه الله حسبما نقلت من خطه: وآثرت التخميس على التعشير، ليكون أسرع ~~لحفظها، وأبرع للفظها؛ وأيضا فوجود خمس من القوافي في نظم لزومي أو نثر، ~~أهون على الفكر من وجود عشر. هذا وإن كان اللسان العربي فصيحا فسيحا لا ~~يضيق، ولا يكاد يخرج عنه لسان كل فريق؛ ليس من شرط المطالعة، أن يحفظ ~~الغريب من الكلام كل من طالعه؛ والله سبحانه أسأل أن يجعلها من القربات ~~التي تنفع، والوسائل التي تشفع، والتمائم التي تذود كل سوء في الدارين ~~وتدفع، وصلى الله على الشفيع المشفع؛ وسلم تسليما، من آفة الانفصال سليما. ### ||| قافية الهمزة # أتمثال نعل كان يلبسها الذي ... إذا عدت الأرسال ليس له كفء # أبو القاسم الأسمى الذي وطى السما ... بأخمصه ليلا فشرفها الوطء # أقبل في طرس حواك كأنني ... عليل وفي تقبيل شكلك لي البرء # أنا المرء بالآثار ممن هويته ... قنعت وقد يخطي إذا قنع المرء # أأحمد لا يهوى الفؤاد سواك ما ... تقدم عود الشيء في الرتبة البدء ### ||| قافية الباء # بنفسي مثال النعل محمد ... نبي الهدى المخصوص بالقرب والحب PageV03P228 # بدا ms549 لي فكان البدر جاي بنوره ... غياهب أشجان تاكمن في قلبي # بكت مقلتي شوقا للابسها وهل ... بمطمئنة نار الأسى دمعه الصب # بعثت به شخصا من الأنس ميتا ... فبشرني بالقرب منه على قرب # بموطئها قد شرف الله تربة ... عليها مشت فالتبر يحسد للترب ### ||| قافية التاء # تلوت وقد أبصر مثلا لنعل من ... تميز بالوصف الشريف وبالنعت # ترفعت من نعل بأخمص مرسل ... قد انقذ من شر الطواغيت والجبت # تقدست الأرض التي قد مشى بها ... عليها فصار الفوق يغبط للتحت # تمنيت لو إني ظفرت بتربها ... فمرغت فيه الخد للحين والوقت # تمنى صب عاشق دنف جو ... معنى كئيب حفظ ذى الست ### ||| قافية الثاء # ثمار الأماني قد جنى الطرف إذا رأى ... مثال نعال المصطفى من أولى البعث # ثراها ومن أعلاه طاب نسيمه ... وما أنا في هذي اليمين بذي حنث # ثريا السما ودت لتنقل بالثرى ... إليك فلم تنقل فهاهن في بث # ثويت به يا طيب فهو كمسكة يفرق ... شذاها المسك في الطيب والمكث # ثوابي يا من شرفت بلباسه ... على مدحها تأمين خوفي في البعث ### ||| قافية الجيم # جللت أيا نعلا بأخمص سيد ... إلى حضرة لاقدس العلية عاج PageV03P229 # جبلت على حب له فمتى بدا ... من آثاره شيء تنور لواعجي # جنى الأنف منهت زهر روض إذا انبرى ... نسيم شذاه بذلك عرف النوافج # جبرت به صدعا جناه الهوى وما ... شفيت بغنج الخود ذات الدمالج # جزى الله عني القلب خيرا فانه ... تعلق بالهادي لأهدى المناهج ### ||| قافية الحاء # حظيت أيا نعلا بأخمص مرسل ... قد انزل رب العرش فيه ألم نشرح # حللت بساط القدس حين عروجه ... ليوضح في المسرى له الله ما أوضح # حلفت: لأرض قد وطئت ترابها ... لكالمسك مفضوضا أما أنه أفوح # حللت نطاق الكتم لما رايتها ... فصرح من حبي اللسان بما صرح # حبيبي الرسول المصطفى ومن اجله ... مدحت لنعليه وحق بأن أمدح ### ||| قافية الخاء # خذيها أيا نفسي المشوقة كلما ... سرى نفس ممن هواي به بذخ # خميلة شعر أودعت مدح نعل من ... بشرعته كل الشرائع قد نسخ # خضبت نصال الشيب لما رأيتها ... بدمع محب ms550 عقد كتمانه فسخ # خطاها أفاد الأرض زهوا فأنفها ... على قمم الشهب المنيفة قد شمخ # خصصت أيا نعلا بأجلى مزية ... تبين لمن في العلم أخمصه رسخ ### ||| قافية الدال # دع الطرف يسرح في رياض تزينت ... بمدح نعالي المصطفى الرسول أحمدا # دعي فمشى فوق السماء فلم يطأ ... بها موضعا إلا وأصبح مسجدا PageV03P230 # دنا فتدلى قاب قوسين إذ دنا ... فأوحى الذي أوحى إليه من الهدى # دنو حبيب من حبيب لأجله ... لآدم أملاك السموات أسجدا # درى فضله من في السماء فكلهم ... يرون وجيه المرسلين محمدا ### ||| قافية الذال # ذر الأنف يستنشق خمائل روضة ... تبذ نسيم المسك أنفاسها بذا # ذكرت به نعلا لأكرم مرسل ... براه الذي أعلاه في رسله فذا # ذرور ثراها المسك فاق فإن تسل ... عن أذكى من المسك الفتيق شذا فذا # ذكاء تمنت أن تكون سحاءة ... تعي مدحها أو جلدة مثلها تحذى # ذوو حبه التذوا برؤيتها كما ... بثوب ابن يعقوب أبوه قد التذا ### ||| قافية الراء # رأيت مثال النعل الذي به ... إلى حضرة القدس العلية قد أسري # رعى الله منها نعل أي كريمة ... برجل علت فخرا على قمة النسر # روى أنه نوى وقد رام خلعها ... وماء الحيا في وجنتيه معا يجري # رسولي لا تخلع تشرف بوطئها ... بساطي يا معنى وجودي يا سري # رفعت لواء المكرمات جميعها ... بيمنى العلا والناس في قبضة الذر ### ||| قافية الزاي وهي متجانسة # زفير اشتياقي إذ بدا معتقي ... مخاطبتي كتمي وعزمي قد عزا PageV03P231 # زكت شفة قد قبلت نعل سيد ... به عالم الإنسان أجمعه عزا # زعيم به هنا السرور لنا وفي ... مصائبنا العظمى المصاب به عزى # زهو سناه ظلمة الشرك قد جلا ... ولولاه كنا نعبد اللات والعزى # زماني لا أنفك لاثمها أرى ... هوان هونا يا أخلاءنا عزا ### ||| قافية الطاء # طوت بعض ما من وحشة نشر النوى ... نعال خطاها في المكارم لا تخطا # طفقت أنادي حين لاحت لناظري ... وزند الهوى بالسقط قد وصل السقطا # طب انعم تنزه يا فؤادي فهذه ... نعال الذي جاوزت في حبه الفرطا # طبعنا على حب له فمتى يلح ... لنا أثر ننثر ms551 من ادمعنا سمطا # طلعنا نجوما في هواه فأفقنا ... قد اخلد عنه النجم للارض وانحطا ### ||| قافية الظاء # ظللت أنادي إذ رأيت نعال من قد أنقذني والحمد لله لظى # ظهرت لنا في شكل بدر فلم نكن ... لبدر الدجى من بعد ذاك لنلحظا # ظمئنا فكنت الماء مقلوب همزة ... نقعت وميم جيء في إثرها بظا # ظهيري رسول الله أنت لحظتني ... بهذي وفي الأخرى ترى لمن الحظا # ظلالكم من كل سوء حفظنني ... وما كنت لولا الفضل منكم لأحفظا ### ||| قافية الكاف # كرمت أيا نعلا لأكرم مرسل ... به وهو وسطى السلك قد ختم السلك # كأنك في عيني نافحة خلت ... وأبقى بها للأنف من نفحه المسك PageV03P232 # كتمت فلما لحت لي باح محجري ... بسر معنى قلبه بالنوى يشكو # كفاني كفاني أن بدا أثر لمن ... به من إسار الشرك قلبي مفتك # كريم كرام الرسل أحمدها الذي ... بتوحيده الإشراك أودى فلا شرك # قافية اللام # لمثلك يا نعلا بلابسه نعلو ... ويا طيب قلبي كلما قلت يا نعل # لثمت وما أبغيه باللثم لا ولا ... سواه فما قصدي النعال بلا الرجل # لها الله من رجل مشت بأجل من ... شأى رسل الله الكرام وأن جلوا # لنا قد أتى منا عزيز عليه ما ... عنتنا رءوف راحم ما له مثل # لعمري لولاه لما سحت السما ... ولا دحيت أرض ولا برئ الكل ### ||| قافية الميم # وفيها وفيما بعدها لزوم زائد لم يهد الله إليه ولا ألهم، إلا بعد الفراغ ~~من نظم ما تقدم، وإلا فجناب مجده فسيح، ولسان الألكن في مدحه عليه السلام ~~فصيح، وصلى الله على سيدنا محمد النبي المليح: # مثالك نعل المصطفى هاج لي جوى ... جناه هوى قلبي السعيد به سما # مددت له عيني مشوق به على ... صبابته ألا تحل قد اقسما # مشيت به فوق السماء فكلما ... وطئت سماء فاخرت فوقها سما # موكئه قسمن فيها مناسكا ... فأسمى الذي أدناه ذاك المقسما # محمد أبكيت الثرى إذ عرجتم ... وعدتم إليه بعد ذا فتبسما ### ||| قافية النون # نظرت بعيني هائم القلب مذنف ... شجي أبى إلا البكا طرفه خدنا PageV03P233 # نعال حبيب مصطفى ms552 من حبيبه ... دنا فتدلى قاب قوسين أو أدنى # نبي جميع الرسل ساد حلي كما ... بمبعثه فينا جميع الورى سدنا # نجي لرب العرش ناج محبه ... غدا من لظى ذات اللظى وارثا عدنا # نزعنا إلى التوحيد من ملك شركنا ... ولولاه ما والله لله وحدنا ### ||| قافية الصاد # صبرت فلما لاح لي مثل نعل من ... حلاه نعالت أن تعد وتستقصى # صببت دموعا من جفون كأنها ... عزالى سحاب نؤيها النأي قد أقصى # صبوت هوى في السيد العلم الذي ... قد اسرى به ليلا إلى المسجد الأقصى # صميم صميم الجلة القمر الذي ... وقاه الإله المحق والكشف والنقصا # صراطي هواه للجنان وأنه ... يقي ووقى جيد اعتصامي به الوقصا ### ||| قافية الضاد # ضلوعي لا تهدا ودمعي لا يرقا ... وليس سوى حاليهما منهما أرضى # ضلالي هدى في ذا الهوى عند أهله ... ذوى النظر الأقوى ذوى السنن الأرضى # ضعوا قلبي الشاكي بحيث نعالهم ... فآثارهم تشفي أحبتها المرضى # ضممت نعال المصطفى رجله التي ... بها شرف الله السموات والأرضا # ضعوها كمثلي فوق أرؤسكم فقد ... زكا من رأى تعظيم مقدارها فرضا ### ||| قافية العين # على وجنتي فاضت دموعي فصرحت ... بسر فؤاد بالتكتم أولعا # عشى بدت نعل الحبيب كأنها ... هلال بآفاق القلوب قد اطلعا PageV03P234 # عجبت لقلبي أن رآها ولم يطر ... ويخرق شغافا قد حواه وأضلعا # عراه خيال فاستقر ولم يطر ... إليها وشيكا حين بالأمر طولعا # عسى من أراني نعله أو مثلها ... يرني ضريحا للمكارم مطلعا ### ||| قافية الغين # غليلي لا يطفا وشجوي لا يفنى ... ودمعي لغير المزن ليس بمنبغي # غسلت به رين الجوى وهو نكتة ... بخدي وقلت اسفك نجيعك واصبغ # غداة بدت نعل لأكرم مرسل ... رفيع شفيع ذي مكارم سبع # غيور شكور راحم متلطف ... كريم منيل واسع السيب مسبغ # غلامك يا مولاي يبغي شفاعة ... وذلك أمر ما لغيرك ينبغي ### ||| قافية الفاء # فؤادي لا تشك البعاد فهذه ... نعالهم فاستشفين بها تشفى # فمن قبلها مثل نعل كريمة ... بتقبيلها يشفي سقام من استشفى # فليت يميني والشمال ومسمعي ... قلبن شفاها تحسن اللثم والرشفا # فأصطفي بالتقبيل والرشف جمرة ... قد أشعلها شوق على الهلك ms553 بي أشفى # فأقسم يا نعل الحبيب لأنت من ... شراب بطون النحل للمشتكي أشفى ### ||| قافية القاف # قلبي لا تقنط فهذي نعال من ... علقت به من قبل مرتبة العلق # قد أبصرتها في أفق كفي كأنها ... هلال منير للعيون قد ائتلق # قفا في السنى آثاره القمر الذي ... للابسه كالبردة انشق وانفلق PageV03P235 # قرأت حذار العين لما رايته ... بأفق يميني طالعا سورة الفلق # قست مهجة قد أبصرته وما جرت ... مسابقة شهب المدامع في طلق ### ||| قافية السين # سموت أيا نعل الرسول برجله ... على قمم الشهبان والبدر والشمس # سرى ليلة المعراج فوق براقه ... ليسمى أقطار السموات باللمس # سماء به فلتفخري بدر سؤدد ... سليم السنى يضحى منيرا مكا يمسي # سراج به طلنا الذين تقدموا ... ولا عجب أن يفضل اليوم للأمس # سلمنا بفضل الله لكننا وهم ... حروف ومت الإطباق في الحرف كالهمس ### ||| قافية الشين # شمخت أيا نعلا لأكرم سيد ... رسول على السبع السموات قد مشى # شريف له قد أسجد البدر والتفت ... إليه تجده بالترب منمشا # شغى مبصري القلب والطرف نوره ... وقد منت أعشى القلب والطرف أعمشا # شفاعته نرجو امتداد ظلالها ... إذا ما الرجا فيما سواها تكمشا # شققت جيوب الكتم وجدا وقلت يا ... يدي وهى حبل التصبر فاخمشا ### ||| قافية الهاء # هي النعل قد كانت سماء ورجله ... هلالا غما أسنى وأضوأ أفقها # هيا منكرا تقبيلها بعد بدرها ... على دنف ما أنت منه بأفقها # هل القصد إلا رجل لابسها الذي ... سيسمعني يوم القيامة خفقها PageV03P236 # هلالي وشمسي في دجى الحشر سيدي ... مبلغ نفسي ما يوافق وفقها # همت عبرتي شوقا له إذ رأيتها ... فما ترجى الأجفان من بعد رفقها # انتهى ما ألفته من هذه القطع ولم أجد تكملة الحروف؛ وقد كمل ما بقي منها ~~على نمطها، صاحبنا الفقيه الأصيل أبو الحسن الشامي، حفظه الله، وسيأتي ذلك ~~قريبا. # وألفيت أيضا بخط هذا الشيخ محمد بن الفرج السبتي، رحمه الله عدة قصائد ~~ومقاطع في هذا الغرض، منها قوله رحمه الله: # ولق رأيت مثال نعل محمد ... فاشتد شوقي عند ذاك وهاجا # فظللت أمسح وجنتي بشسعه ... مسحا وأجله ms554 برأسي تاجا # يا نعل أكرم مرسل لما أني ... دخل الورى في دينه أفواجا # كرمت من نعل حوت رجلا مشت ... بأجل باد في الظلام سرجا # شرفت بموطي نعله السبع العلا ... لما ارتقاها عارجا ليناجى # ومنها قوله رحمه الله: # نثرت محاجر مقلتي من سلكها ... درا وشذا مفرغا من سلكها # شوقا لمبعوث أتي فاستبشرت ... مهج الورى بنجاتها من هلكها # عاينت مثل نعاله ومحمد ... هو خاتم الأرسال وسطى سلكها # فوجدت فيها ريحه ولربما ... فاح النوافج بعد فرقة مسكها # أشرف بها نعلا عمائم كل ذي ... شرف تقر بأنها من ملكها # فلق وعت قدما سعت في فلكها ... من راحتي كفرانها أو شركها PageV03P237 # جعلت موطئها الملائك عندما ... أسرى به ليلا مواضع نسكها # يا ليت أعضائي شفاه كلها ... فمتى تقبلها شفاهي تحكها # قد كنت ذا خوف ووحشة أبدلا ... رغد المسرة للفؤاد بضنكها # فكأنها صك أتى عبدا وقد ... تعطى المولى أمنها في صكها # وهلال أطلع فانجلى من وحشتي ... ما قد تراكم من سحائب حلكها # فأنا العتيق وأن تشك النفس في ... عتقي يمط للحين عارض شكها # يا منجي الحوباء من بحر الردى ... ولقد غدا لولاك معصب فلكها # شكوى غريق ذنوبه مهما شكت ... حوباؤه لسواك لم يشكها # ولقد أمرت بترك أسباب بها ... تقوى الذنوب فما أخذت بتركها # ولئن هدمت مبانيا مستورة ... بستور لطف لا سبيل لهلكها # فلقد بنيت من الرجاء مبانيا ... ردت فواتك خيفتي عن فتكها # وجعلت حبك يا محمد أسها ... علما بأن الأس ممسك سمكها # صلى عليك إلهنا ما طل ان ... ف ذكرك العطر الشذا مستنكها # ومن ذلك قوله رحمه الله: # أقول وهجراني سيعقبه الوصل ... فعقد الهوى الشرعي ما أن له حل # غداة رأت عيني مثال نعال من ... بدا فهدى أهل السعادة إذ ضلوا # تمنيت لو أني ظفرت بتربة ... عليها مشت نعل بلابسها نعلو # فأكحل عينا أرمدت ببعاده ... وليس سوى ذاك التراب لها كحل # هو الكحل يجلو ما بعيني من قذى ... وكم كحل أن تكحل به العين لا يجلو # فطوباك طوبى ثم طوبى وحق أن ... أردد طوبى ثم طوبى أيا ms555 نعل PageV03P238 # فإنك قد أودعت رجلا علت على ... بساط علا لم تعله قبلها رجل # فأقسم لو تؤتي العمائم سؤلها ... لما كان غير النعل كان لها سؤل # وناهيك من رجل مشت بمحمد ... مفضل رسل الله إن عدت الرسل # أبو القاسم الأسمى وطئ السما ... فنودي من فيها ألا خلقه صلوا # ولو لم تطأها رجله كان للثرى ... على الفلك الأعلى بموطئها الفضل # فيا مرسلا ما في النبيين مثله ... رسولا وهل للشمس من جنسها مثل # أثرت ظلام الجهل فالقلب نير ... محا العلم منه أحرفا خطها الجهل # فكان كمثل السيف أصبح صادئا ... وأمسى وقد جلى مضاربه الصقل # يلوح به الإيمان شكلا لناظر ... ولولاك لم يطلع به ذلك الشكل # فحق لذي عقل بأن يقطع المدى ... مدى غمره ما دام يصحبه العقل # وما شغله إلا امتداح جلالكم ... فتعم الفتى من شغله ذلك الشغل # أمولاي يا مولاي ألفا وبعده ... كذلك ألف ثم ألف له قبل # عديد الحصى والرمل بل عد ما إذا ... بدا فالحصى جزء بدا منه والرمل # فحبكم كهفي الذي مذ حللته ... إذا اشتد بي الكرب على الفور ينحل # وسيفي السريجي الذي مذ سللته ... رأيت خطوب الجهل عني تنسل # ورمحي الرديني الذي مذ شرعته ... صرعت به ثكلى فلا نعش الثكل # وقوسي التي مذ سدد الصدق نبلها ... أصابت أسى ما خاب له نبل # فها أنا في ظل من الأمن قاطع ... على الأمن أن يتدلى ذلك الظل # ومن يدري ما أدري من افضالك الذي ... هو الباب والأفضال أجمعه فصل # أو الأصل والإفضال بعض فروعه ... وما يستوي في الرتبة الفرع والأصل PageV03P239 # ينم آمنا من جور دهر صروفه ... سواهر واستقضى وليس له عدل # محمد يا غوثي وغيثي كلما ... تجهمت الأيام أو أحجف المحل # محمد يا حزري وعزي كلما ... تفاقمت الأهوال أو طرق الذل # أكرر في أحوالي اسمك أنه ... كالشهد ما كررته في فمي يحلو # أما أنه أحلى وأيمن مجتنى ... فكم مجتن للشهد تلسعه النحل # وإن كان في الشهد الشفاء لمشتك ... بعلة جسم أصلها الشرب والأكل # فباسمك يشفي كل قلب إذا اشتكى ... إليك ms556 بداء جره القول والفعل # وما جسد الإنسان مثل فؤاده ... فمنزل ذا علو ومنزل ذا سفل # فبالفضل يا ذا الفضل والبذل إن عدت ... خطوب ولما يلف فضل ولا بذل # أجرى من نار ضريع طعامها ... ومهل وما يغني ضريع ولا مهل # ومن أهلها العاصي أوامر ربه ... وإني لها أو يغفر الله لي أهل # أما إنني أرجو النجاة وإن تكن ... ذنوبي حملا لا يطاق لها حمل # فإني قد أعددت أي ذخيرة ... تخفف من ثقل الذنوب فلا ثقل # هواك الذي للمعضلات خبأته ... فمن مهجتي حق ومن غيرتي قفل # ألا هكذا فليخبإ الحب مدنف ... إذا ما سلا أهل المحبة لا يسلو # وإن يعتلل وقتا غرام فيختلل ... فما حبه يعتل وقتا فيختل # فكم بين من قد تيم الفضل والعلا ... وبين الذي قد تيم الغنج والدل # لبينهما ما بين وصل وقطعة ... وهيهات ما بالقطع يشتبه الوصل # وإن غرست كفهما شجر الهوى ... فمغروس ذا شرى ومغروس ذا نخل # فيا قلبي أحلل من هواك بجنة ... بها أحتل قلب حبه ليس يعتل PageV03P240 # وناد الورى إني احتللت بجنة ... بها كل من يهوى هواي سيحتل # أدير بها كأسا دهاقا وما سوى ... سروري بمحبوبي مدام ولا نقل # هي الخمر لم يتلف بها عقل شارب ... وتلك حرام في الكتاب وذي حل # ويا فكري الرامي المصيب بنبله ... مقاتل أغراض أراها له النبل # وفي قتلها عند اللبيب حياتها ... ومن أعجب الأشياء أن يحيي القتل # بتأليف شمل المدح في المصطفى اشتغل ... يعنك على تأليفه ذلك الشمل # فذاك محل المدائح قابل ... إذا انحصرت فيه مدائح من قبل # محل يسمى في علاه مقصرا ... أديب وفي الأمداح من طبعه يغلو # محل علا فوق السماء ولم يكن ... لأعلى محل ذلك العلو إن يعلو # فقل للأديب المكثر القول في حلى ... علاه: كثير القول في مجده قل # فضائله بحر وسجل كلامنا ... وليس يغيض البحر دلو ولا سجل # وتالله ما البحر الغطامط مشبها ... فضائله أو يشبه الوابل الطل # ولكنها الأمثال تضرب للورى وليس من المشروط أن يفعل الكل # وقد ضرب الله الأقل لنوره ... فقال ms557 كمشكاة وليس له مثل # أخير رسول جاء للخلق هاديا ... وقد درست سبل النجاة فلا سبل # وكلهم نشوان من خمرة الهوى ... فمعبودهم نسر ومدعوهم بعل # فما منهم إلا أمير ضلالة ... ففي جيده غل وفي رجله كبل # فدلوا على سبل النجاة بنوره ... جميعا ولولا ذلك النور ما دلوا # فأعقب ذلك النور مدلوله حلى ... ففي جيده عقد وفي رجله حجل # وقفت بباب الجود والكرم الذي ... غمامته وطفا وعارضه وبل # فما كرم يروق عن الجود واهبا ... مواهبه تترى ونائله جزل PageV03P241 # وقيس بذا إلا وقال أولو النهى ... ألا إن ذاك الجود في جنب ذا بخل # ولي حاجة عنت إليك، قضاؤها ... عليك بفضل الله يا سيدي سهل # زيارة أرض طيب الله تربها ... فما المسك مفضوض الختام لها شكل # هي البلدة الغراء طيبة التي ... بها ديم الرحمى مدى الدهر تنهل # فمن حل مثوى أنت فيه مخيم ... ويا طيب أقوام بطيبة قد حلوا # يكن آمنا من كل حزن وخيفة ... ويعظم له جاه ويكرم له نزل # فما داخل عدنا يخاف مثال الردى ... وتشهد آيات الكتاب الذي نتلو # ولا فرق ما بين الجنان وبينها ... لدى من له عقل من الناس أو نقل # وصلى عليك الله ما هبت الصبا ... وما كان للزمن التي أعصرت هطل # ومما له أيضا رحمه، ملتزما تشبيه النعل المختصة بالشرف والرفعة، وقد ~~أبصرها مرسومة بالحبر في رقعة: # أشفي برؤيتها يا نفسي الدنفه ... نعلا لرجل رسول الله مكتنفه # كأن طرسا به بالحبر قد رسمت ... برد من الحبرات البيض ذو صنفه # ومما له أيضا نفعه الله بها، ورسم مثال النعل الكريمة إثرها: # يا سائلا أفتيه إثر سؤاله ... عما يرى إن يشك من إشكاله # تراه سواد القلب والعينين في ... شكل هلال الأفق من أشكاله # أخطأت لست بعائد ولكم مصيب مخطي في البعض من أقواله # فالبدر يكسف في منازل سعده ... ويصيبه النقصان إثر كماله # وكلاهما شين وهذا قد وفى ... من كل شين يدر سر جماله PageV03P242 # أو ليس تمثال النعال نعال من ... وطئ السموات العلى بنعاله # نعل بلابسها بأت ويحق أن ... تبأى ms558 به لجلاله وخلاله # فلقد حوت رجلا مشت بالصفوة المختار عند الله من أرساله # فالثمه تمثالا لها لثم أمرئ ... باللثم يروى من صدى بلباله # فلرب مشتاق رأى آثار من ... يشتاقه فشفته من أوجاله # أو ما ترى يعقوب عاد بثوب من ... يهودي سنى عينيه بعد زواله # وهوى في مولاي يفضل حب يعقوب على المروى من أحواله # فمحمد هو معتقي من ملك شر ... ك كنت طوع يمينه وشماله # قطعت هدايته حبال ضالتي ... بحسامها الجالي الردى بصقاله # فغدوت معتقلا ورحت مسرحا ... متمسكا من هديه بحباله # يرتاح في عدن الهدى قلبي ولا ... يخشى الإعادة من جحيم ضلاله # أصل النداء معرفا بعوارف ... بلغ الفؤاد بها مدى آماله # يا قوم إقرار أمري بفضائل ... عظمت على لأحمد ولآله # كنت الذليل فمذ تملك مجده ... نفسي بما قد كان من إفضاله # ما زال يسعى في عزازة عبده ... حتى محا بالعز نقطة ذاله # فأنا الدليل لأعبد ذلوا على ... أن يصبحوا مثلي عبيد جلاله # مولاي يا مولاي ألفا مردفا ... بمثاله ومثاله ومثاله # أضعاف أضعاف الذي في البحر من ... نقط: أجاج الماء أو سلساله # أنا عبدك القن الذي أطلقته ... من جهل أوثق مهجتي بعقاله # فبما على لكم من الفضل الذي ... ضعفت قوي شكري عن استقلاله # إلا حملت إلي الأساة بطيبة ... جسما سكا بفراق قلب واله PageV03P243 # وأظنه والظن يصدق هاهنا ... عندي وإني للخبير بحاله # قد حل من فلك العلى الحلى ... شهب تحف بشمسه وهلاله # بلدا يذود المارقين جلاله ... بسيوفه ولدانه ونباله # فكأنه كير نفي خبشا وأبقى من رضي الرحمن باستعماله # أربي على أمثاله ووحقه ... لأفنكت في قولي على أمثاله # فالأرض مثل ذبالة وهو السنى ... منها وكم بين السنى وذباله # هو طيبة الغراء أشرف موطن ... حث النهى شرعا على إجلاله # حرم متى ما حله ذو خيفة ... يأمن به في حاله ومآله # أمر الملائك بالدعاء لأهله ... أهل الفخار نسائه ورجاله # وأرى ثراه من لأجل سناه خر ... الملك للمخلوق من صلصاله # ونجا ابن لأمك في السفين إذا استوى ... ماء الدرى بسهوله وجباله # ونجا ابن آرز من لظى ms559 الإشراك إذ ... نال الذي قد نال من تمثاله # وفدى ابن هاجر حين تل وإنه ... لمسلم لأبيه في أفعاله # وأحتل إدريس مكانا في السما ... أسمى، منال النجم دون مناله # والمرء يخلق من ثرى القبر الذي ... سيكون منطبقا على أوصاله # هذا حديث صح عنه لدى الألى ... نظموا عقود مقاله وفعاله # ولذلك قال بفضل طيبة مالك ... وهو الإمام المقتدي بمقاله # إذ لا تراب اجل من تراب نشا ... منه حبيب الله من أرساله # فنهاك ينحى الجسم متصلا بمن ... أشجاه وهو القلب يوم فصاله # أسعد بمجتمعين في دار بها ... شخص الذي قنعا بطيف خياله # مولاي إن لم تؤب عبدك سؤله ... ورددت خائبة يمين سؤاله PageV03P244 # لا عتب بل عتبي فما هو صالح ... بك للذي قد ساء من أعماله # لكن سنة سيدي في عبده ... إسعافه ما دام من سؤاله # والصفح عن زلاته ولو أنها ... كالرمل عدا في جميع رماله # ومتى يجد فالغيث إلا أنه ... عم الخليقة كلها بنواله # ومتى يجر فالليث إلا إنه ... يضحى المجار لديه من أشباله # فالخائفون المعسرون مؤمنو ... ن وموسرون بجاهه وبماله # هذى خصال من خصال جمة ... ومن الذي يحصى شريف خصاله # صلي عليه إلهنا من مرسل ... وجد الوجود الخير في إرساله # ومما له أيضا تقبل الله منه، ولا صرف وجه وقايته بمنه وكرمه عنه: # خذه أيا صاح خذ ... تمثال نعل قد حذى # على نعال أحمد ... منجى الأنام المنقذ # السيد المختار من ... قبيلة وفخذ # ذي الطول ذي الفضل الذي ... حلاه لا تحصى بذي # وانظر إليه نظرة ... يجلى بها طرف قذى # وقبلنه دائما ... تقبيل ذي تلذذ # وقل إذا قبلته ... ذي قبل تلذذ # وناده يا سيدا ... بغيره لم ألذ # شكوى محب ما درى ... غير الهوى من مأخذ # رمى بنبل للنوى ... صوائب لم تشحذ # لكنها مهما رمى ... بها فليس تنفذ PageV03P245 # فقلبه من رشقها ... كمثل جلد القنفذ # وقد رجوت والرجا ... نهجي الذي قد أحتذى # إدالتي بالقرب من ... هذا النوى المستحوذ # وبالجلال النبوي ... الهاشمي تعوذي # من أن يضيع لي هوى ... به فؤادي يغتذي # فيا فؤادي بالعرا ... أفعى المخافة أنبذ ms560 # وإن تسر للسع من ... زمرد الدجى خذ # وأره لمقلتي ... ها كي تسيل ذي وذي # فذاك من الأفاعي من ... عوائد الزمرذ # ومما له أيضا رحمه الله تعالى: # يا مغرما برسول ... لك يخلق الله مثله # هذا مثال نعال ... شراكها ضم رجله # أشرف بها ثم أشرف ... نعلا تماثل نعله # فقلبن فيه مثلي ... تقبيل صب موله # لرب شاكي اشتياقي ... نال الشفاء بقبله # يا رب أشكوك شوقي ... والشوق أعضل عله # فقرب الدار ممن ... ابنت في الرسل فضله # فهو الذي بنواه ... فؤاد عبدك وله # صلى الإله عليه ... من شارع خير قبله PageV03P246 # وفاسخ كل حكم ... وناسخ كل ملة # ما حرك الوجد قلبا ... وأرق البعد مقلة # ومما له أيضا تقبل الله عمله وبلغه أمله: # انظر إلى هلالا ... فاق البدور جمالا # أستغفر الله ربي ... فقد أفكت مقالا # فالمحق ليس مصيبي ... وقد يصيب الهلالا # لكن حكيت نعالا ... لسيد قد تعالى # شأى النبيين جاها ... وحظوة وخلالا # فإن شكوت بشوق ... فؤادك الصب نالا # فلتلثمني فلثمي ... يشق اشتياقا توالى # نعم لثمتك شوقا ... لما حكيت النعالا # ومن يظن بنعل ... شغفت ظن المحالا # بلابس النعل همنا ... ومنه نبغي الوصالا # يا رب يشكوك قلبي ... يشكوك صادا ودالا # فقرب الدار ممن ... برأت فاء وذالا # فما لأحمد ندري ... في المرسلين مثالا # هذا وإن كان منهم ... والكل حاز الكمالا # ففي السما نيراب ... وكلها يتلالا # وليس منها مضاه ... للشمس في النور لالا PageV03P247 # صلى عليه إله ... به أزال الضلالا # ما لحق الجزم فعلا ... أو لزم النصب حالا # ثم سلام عبيد ... ما إن عن الرق حالا # يخص مولى كريما ... عم العبيد نوالا # وآله خير آل ... إن عدد الخلق آلا # ما أطلع الأفق شمسا ... وأنشأ الجو آلا # ومن قوله أيضا رحمه الله وهي من أول ما قاله: # بكيت وقد رأيت مثال نعله ... بكاء هو عن الأحباب وله # وما حب النعال أسال دمعي ... ولكن حب من كرمت برجله # محمدا الرفيع القدر أعني ... حبيب الله أحمد خير رسله # عليه السلام ذي مقة مشوق ... إليه ظل معتصما بحبله # مدى افتخرت سموات وأرض ... على حر الخدود بوطء ms561 نعله # وله رحمه الله قصيدة مطولة نحا منحى رائية أبي الربيع بن سالم وهي: # تبدت لنا والشوق يقدح زنده ... بقلب شج لا وجد يشبه وجده # نعال رسول الله أشرف بنعل من ... قد اختص بين الرسل بالسر وحده # وإلا تكن نعل الرسول فإنها ... مثال وكم ند يذكر نده # فيا ناظرا منها حديقا تعاهدت ... عهدا الحيا تروي رباه ووهده # فلله ما أذكى وأطيب نفحه ... إذا حركت ريح الصبابة رنده PageV03P248 # وأطلق شوق الحب بدرا بهاره ... وشمسا تروم الغروب في الصيف ورده # على الفور قبل فيه تقبيل فاخر ... بمولى أعز الله في الخلق عبده # ونزه به طرفا جفا النوم جفنه ... ومرغ به خدا دم الجفن خده # فربت ذي وجد رأي أثرا لمن ... له وجده يوما فأطفأ وجده # أمولاي يا أعلى النبيين منزلا ... لدى الله والمختص بالفضل عنده # نداء عبيد أضرم الشوق وجده ... فباح بحب أبرم الصدق عقده # وإن الهوى مالم يبن لكخمرة ... بعنقود والسقط لازم زنده # بحق هواي المحض فيك الذي متى ... يقس بهوى في الدهر ألفي وحده # أنلي ما أبغيه منك وإنه ... زيارة قبر شرف الله لحده # بأشرف جثمان لأشرف روح من ... وقي الله مما يوهن المجد مجده # هو المجد لا مجد يماثله وهل ... يماثل صفح السيف في القطع حده # سكرت وما خمري سوى حبه ومن ... حسا خمر هذا الحب لم يخش حده # فيا طيبة الغراء أسعد منزل ... تود النجوم الزهر تنزل وهده # إلا فاحملي بند الفخار وحققي ... بأنك قد شرفت بالحمل بنده # ونوطي على جيد العلا عقده ترى ... مشرفة أيضا بذلك عقده # بأعضاء مختار من الخلق مرسل ... إليهم بدين أوثق الله عهده # به نسخت أديان من كان قبله ... ولا دين يأتي الخلق للحشر بعده # به شاد أبراج العلا الله ربه ... وثل به عرش الضلال وهده # ورد به عنا الردى وهو مقبل ... وما كان لولا جاهه ليرده # رسول على الأرسال فضله الذي ... حباه بما لا يبلغ النطق عده PageV03P249 # وإن كان رسل الله صلى عليهم ... وسلم ما ضد ينافر ضده # حكوا سور القرأن نورا ms562 وحكمة ... فأحمد قد أضحى من الرسل حمده # وفي الحمده ما فيها من الشرف الذي ... يبين لمهدي من الناس رشده # وحسبك أن يبدا ويختم قارئ ... بها ومصل فرضه ثم ورده # كذاك رسول الله أول آخر ... له المنزل الأعلى الذي لن نحده # أمولاي ذا قصدي إليك وأنت من ... يبلغ ذا الشوق المبرح قصده # فيا طيب عبد واصل أرض طيبة ... يمرغ في تلك المعاهد خده # معاهد أمسنى الأنس منها بظهرها ... لذي وحشة قد قرب الله بعده # وأصبح منقولا إلى بطنها فيا ... وجاهة بطن قد وعاه وسعده # سعيد صعيد منه أنشى أحمد ... وفيه الذي أنشا به الفضل رده # فكان كمثل الورد فارق ورده ... لمنفعة ما ثم عاود ورده # أخيرا كريم ليس تطرق آفة ... فتى حبه للطارقات أعده # عليك وأنت السيد العلم الذي ... أفاد الثنا بهر السنى ومعده # بل العالم الإنسى عموما ومنهم ... خصوصا فريق أكمل الله جده # هي الأمة العليا التي هديت ومن ... أريد به خير من الخلق يهده # صلاة وتسليم ورحمة مدى انتمى ... لك الفضل يا فذلك الوجود وفرده # عديد صنوف الخلق علوا وأسفلا ... صموتا وذا نطاق جمادا وضده # ولست مجيزا أن أضيف إلى كذا ... بعدى فيأتي ما لساني حده # كشمس الضحى كالمسك كالقطر لم ينط ... به برقه الأفق الصقيل ورعده # أجاعل تشبيهي حقيقة التفت ... غلطت فللباب المجازي رده # فشمس الضحى المسك والقطر عابها ... أخو النقد والبرهان يعضد نقده PageV03P250 # بكسف وإمساك وهذا دليله ... على ذاك الإيضاح لم يتعده # وتلك التي شبهتها سلمت سنى ... فجاءت كما شاء الكمال ووده # صلاة وتسليما ورحمى على الذي ... سنى وحي ذي العرش المجيد أمده # على العورة الوثقى على القمر الذي ... على الخلق ظل الأمن والمن مده # على منقذ الإنسان من حفر الردى ... ولولا سناه كان فيها يدهده # على من له الخلق العظيم على الذي ... أبان جميع الرسل والكتب جده # على من له المجد الصميم على الذي ... به شرف الرحمن آدم جده # على أحمد المعروف في ظهر آدم ... بترديده شكر الإله وحمده # على مجتبى قد نور الله قلبه ... على ms563 مصطفى قد طهر الله برده # له المعجزات اللإء لحن لطرف من ... نفى نومه سعد وأثبت سهده # فمنها انشقاق البدر ثم نزوله ... رآه الذي التوفيق وافق رصده # ومنها حنين الجذع بالمسجد الذي ... بطيبة لما آنس الجذع فقده # ومنها طلوع القرص بعد غروبه ... وما بسوى دعوى دعاها استرده # ومنها سقوط السيف من كف غورث ... وقد كان مقدام الضلال ونجده # ومنها انفجار الماء من بين أنمل ... تقسم في ابناء آدم رفده # إلى أن روى منه الخميس فيا له ... خميسا أطاب الله ذو الفضل ورده # ومنها نماء التمر حتى قضى به ... ديون أبيه جابر حين جده # ومنها كلام الشاة تنهى عن أكلها ... فلم يبلغ السمام بالسم قصده # ومنها كلام الضب والجمل الذي ... شكا كده الموهى قواه وجلده # وكيف مواليه يريدون نخوة ... ولما يرعوا فيه بالأمس كده PageV03P251 # ومنها البعير المبطئ السير ساطعه ... فما وخدت من بعد ذا النجب وخده # إلى غيرها من معجزات بواهر ... فضحن عدوا باغيا رام جحده # تكاثر رمل الأرض عدا ونبتها ... وتفضل سلك الدر حسنا وعقده # وتزري سنى بالنيرين توصلا ... من الفلك المجلو بالصحو كبده # ومما به قد خصه الله رحمة ... وفضلا وفخرا قد قضى الله خلده # صحابته الغر الألي سعدوا ففي ... قلوبهم قد أسكن الله وده # هم نصروا دين الهدى بسيوفهم ... كما خذلوا نسر الضلال ووده # وأولهم سبقا وحيدهم حلى ... وأوجههم عند الإله وعنده # مقربه محبوب مصطفاه من ... جميعهم لا خلق يعلم نده # خليفته في المسلمين الذي له ... مناقب عود الطيب تنسى ونده # ميمم ضلال اليمامة غازيا ... ليروى دما قضب الحديد وملده # فما سلم الكذاب منها رئيسهم ... مسيلم خنزير الضلال وقرده # أقاويله الزورية اللاء قد دجت ... ورأس الدجى لا شك بالنور يشده # مقاتل أهل الردة الرجس الألى ... نحو سد باب حرم الله سده # أبو بكر الصديق أصدق صاحب ... وأبدلهم في نصرة الدين جهده # الموصوف بالشدة التي ... بها دينه قوي الإله وشده # ........ # الدهر منه بعزة ... تحل من الخطب الكرية أشده # ......................... # بالقنا ... مددن بالعود يظهر زهده PageV03P252 # مواصل أسباب الهدى الندس الذي ... عن الحق ms564 ما شيء من الدهر صده # أميرهم فاروقهم عمر الذي ... مدى العمر لم يفرق من الأمر آده # وثالثهم ذو الهجرتين الفتى الذي ... شكا هجره شخص النعيم وصده # مجمع ما في الذكر من سور ومن ... متى رد داع قد دعا يرده # مجهز جيش العسرة الفاضل الذي ... تردى رداء غيره لم يرده # فذلك عثمان الشهيد بداره ... بسيف شقي في لظى يتدهده # أبو عمرو المعمور قلبا بذكر من ... له من ضروب الصخر أنطق صلده # فسبحت الحصباء من كفه كما ... أتى في حديث أكثر الناس سرده # ورابعهم من ألبسته يد العلا ... أجل قميص للعلا وأجده # ووشحه إيمانه وجنانه ... أجذ حسام للطلى وأحده # تسمى لتفريق الفقار به بذي ال ... فقار فما أفرى وأقطع حده # هو السيف لم تجل الصياقل صفحه ... ولا رقمت أيدي القوين فرنده # تزوج بنت الموت بكرا صداقها ... أجل صداق أحكم الحب عقده # وليس سوى الأرواح أشركن بالذي ... براهن ما أكلا وعجل نقده # ومن جنة الفردوس كان خروجه ... لهذي وتلك الدار كانت مرده # فيا عظم ما أبلى به في مواطن ... تشيب رأس الطفل لم يعد مهده # إمام همام قاسر كل قسور ... ومدركه لو كانت الريح نهده # به فتح الرحمن خبير عنوة ... وسد به ما قبله لم يسده PageV03P253 # وكان رسول الله قال لأعطين ... غدا راية الفتح المبين وبنده # فتى وده خلاقه وأوده ... كما ودنا والله ينصر وده # فلم يك يعطاها سواه كرامة ... بها اختصه من شد بالعضد عضده # وقد كان مشدود المحاجر أرمدا ... ففتح ريق الحب ما الداء سده # فهب هبوب الريح قسور جحفل ... تولى به رب البرية عضده # وبالباب باب الحصن يسراه ترست ... فلله منه قسور ما أشده # هو الآية العظمى التي طفئت به ... من الكفر ما قد أضرم الجهل وقده # ومن كان مولاه الرسول فإنه ... كذلك مولاه فطوباك عبده # أبوه الذي ربي النبي ولم يزل ... له حاميا في السر والجهر جهده # متى خاصمت فيه قريش تلقهم ... خصم اللسان الهاشمي ملده # ومن قوله فيه يعظم شأنه ... وينشر ما الرحمن أودع مجده # وأبيض يستسقي الغمام ms565 بوجهه ... ثمال يتيم كدر اليتيم ورده # فياحسرتا إن مات لم يجن زهرة ... قد أبرزها الإيمان بالله وحده # ولكنها الأقدار تنفذ بالذي ... نود وقد تجرى بما لن نوده # فينأى الذي أدنى ويدنى الذي نآى ... وكل بعلم يجهل العبد قصده # ونجلاه سبطا المصطفى السيدان من ... بني المجد لا ضيم ينال معده # جبيباه في الدارين ريحانتاه لم ... يزل منهما يستنشق الورد ورده # وأمهما من أحمد بضعة ومن ... يكن من رسول الله جزءا يمده # أفاطم لم يبلغ نصيفك فاضل ... من الخلق لم يبلغ أولو الفضل مده # فيا صاح قل لا مجد يشبه مجده ... وصوتك مهما قلت لا فلتمده # أبو الحسن الأسمي على العلا الذي ... مو البحر لم يدرك يد الجزر مده PageV03P254 # وخامسهم بحر الندى الأسد الذي ... يبذ ليوث الباس أيدا وأسده # مفدى رسول الله بالوالدين إذ ... ملا قلبه المغسول بردا وكبده # وبشر من قد حز بالسيف رأسه ... لئم زمان كان فيه ووغده # بنار لها غيض على كل قاتل ... فما أردى وأشأم عمده # حواريه من قد حوى زينه سنى ... سنى العلم بالرحمن كان ممده # أبو عابد الله الزبير الذي امتطى ... مطهمة المجد الأثيل وجرده # وسادسهم ذو الجود والسودد الذي ... يعد الصدى اللهفان للغوث عده # موقي رسول الله بالكف جودها ... يحل من العيش المهنا رغده # فشلت وقد سلت من الهند مرهفا ... محلى صقيلا أكسب الفخر هنده # فطوبى لها يمنى جنت ثمر المنى ... وقد حليت قلب النعيم وقلده # فقل طلحة ذو المجد طلح ثقاية ... لسان بيان الشرع أحكم نضده # وسابعهم ذو الفضل أقصد سالك ... أدل طريق للهدى وأسده # ومفرغ قطر الزهد يجعل بينه ... وما بين يأجوج الزخارف سده # أمير أولى الإيمان عامرهم أبو ... عبيدة ذو الخير الذي لن نعده # وثامنهم ذو المجد في المال والتقى ... فلله ما أجدى وأبرك وجده # ملا ذكره بطن السماء وماله ... ملا بطن هذي الأرض غورا ونجدة # وكم بات لم يطعم وأطعم غيره ... وقام ولم يترك من الجوع ورده # ومعمم خير الرسل فاتح دومة ... كما ود خير المرسلين ووده PageV03P255 # فذاك ابن عوف مقلة ms566 المجد طرفة ... أجل فتى يثني عليه ويمده # وتاسعهم ذو الرمي بالنبل والدعا ... فمن يرم من قوس وفيه يوده # له السيرة الحسنى له النجدة التي ... رمت فارس الكفر الصراح وكرده # فعوضهم من عيشهم واعتزازهم ... بموت وذل يعذب الموت عنده # فكم فرس قد راح أشهب واغتدى ... من الدم يحكى أشقر اللون ورده # وكم فارس من فارس بشماله ... عنان فقدت منه يمناه قده # فيا بن أبي العاص انك واقص ... من الكفر جيلا أوجب الله طرده # ويا سعد يا خال النبي لقد سمت ... فروع نجار ثابت كنت سعده # وعاشرهم ذو النسك كالمسك ذكره ... سعيد ولا سعد يماثل سعده # فتى المكرمات الأكارم الماجد الذي ... يزيزن جمع المجد طرا ووفده # سلالة زيد الفجر أرشد مهتد ... عن الشرك جد سابق قد أصده # قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمة وحده. # ومما به أيضا حبا الله أحمدا ... وعزز ذا الدين العزيز وجنده # ذوو المجد عماه وجعفر الذي ... ملائكة الرضوان وارته لحده # فحمزة ليث الله لا ليث غابة ... يصادره إن هاجت الحرب جرده # له الفتكات البيض سودت العدا ... وزادت سنى بدر الجهاد وأحده PageV03P256 # وكان إذا ما قارب الطرف وامتطى ... قراه بريش الرأل يعلم برده # ولا برد إلا نثرة عربية ... لأمثالها داود قدر سدره # فيرعد منه القرن حتى كأنما ... به نافض قد قرب الروع ورده # إلى أن أراد الله منه شهادة ... تبوئه عدن الجزاء وخلده # على يد أشقى الزنج راميه قدرة ... بحربته شل المهيمن زنده # فنادى الذي قد ألحف قلبه ... بأسود مما ألحف الرب جلده # بقتلك يا وحشي سامي سامها ... أصاب سواد الجلد حاما وولده # وعباس العم الأعم مكارما ... تقصر من فخر الكرام أمده # أبو الخلفا ساي الحجيج أجل من ... به يصرف الصرف الجليل وينده # وجعفر الطيار ذو المشهد الذي ... ملائكة الرحمى غدت فيه شهده # محمرا رايات الهدى بدم العدا ... بني الأصفر الأسد الألي لم يدهدهوا # مقدم يمناه ويسراه قربة ... إلى منزل في دار عدن أعده # وأمسك بالعضدين بعدهما اللوا ... لواء الهدى يبغي ms567 من الله عضده # وبعدهم الأنصار والكل أنجم ... قد أطلعها مولاه تكلأ مجده # بهم خضد الإشراك شرقا ومغربا ... ولولاه ما كان أعوض خضده PageV03P257 # ذوابلهم قضبان بان نواعم ... قد انبتن سوسان الحديد وورده # تصيب قلوب الشرك طعنا كأنها ... يحب القضا الجاري فتقصد قصده # وإلا فبين الشرك حقد وبينها ... فتطلب منه موضعا ضم حقده # وأسيافهم زرق رقاق كأنها ... نطاف بها قد عين الموت ورده # ذكور ويعروها المحيض كأنها ... إناث ولا غسل عليهن بعده # فيا معشر السادات والكل منكم ... يرى الصبر في نصر الهدى هو شهده # كأن عداة الدين زرع محطم ... توليتهم بالبيض والسمر حصده # فأقررتم عين الرسول وحسبكم ... بذا قرة تهدي إلى الطرف برده # ولله من أزواجه أمهاتنا ... فرائد علاء قد أسر بن وده # وأكرمهن الدرة الفذة التي ... بها زين المجد المؤثل عقده # خديجة ذات الجاه إن ينشد أمرؤ ... به الله في أمر تقبل نشده # لها الأثر المحمود والأثر التي ... متى مر عرف الطيب عنه ترده # بنو المصطفى ما دون إبراهيم الذي ... رداه رداء الصبر بالثكل قده # بنوها وكل أشمس وأهلة ... كوامل رسم الفخر حازوا وحده # وفيها رسول الله قال مكرما ... خليتها والدمع يخضل خده # إلا إنها كانت تزور خديجة ... ومن خلق ذي الإيمان يحفظ عهده # فبشرها جبريل عن ربها بما ... لها الله في دار النعيم أعده PageV03P258 # وعائشة بنت الحبيب عتيق ال ... مصدق إيعاد الرسول ووعده # فريدة بسوان الوجود مناقبا ... متى يبل ذكر صالح تستجده # هليمة أهل العلم التي ... جلت سدف الجهل المضل وسده # وجفصة ذات الصيت والمنصب الذي ... هو الطود لا ترفي السوابق مهده # مواصلة الأرواد والصوم دائما ... مواصلة القلب الموحد عقده # وفذة مخزوم جلالا مبلغا ... قصي المنى في المنزلين معده # وزينب ذات الطول والطول أنملا ... مواهبها تنسي الغمام وعهده # وزينب ذات الفضلى بنت خزيمة ... لقد وصلت بالجود ما البخل جده # وسودة ذات السودد العد والتقي ... متى صد عن قلب تقي لم يصدهو # وميمونة الميومونة البرة التي ... لها الفضل لم ترق الفواضل نجده # وبنت حيي ربة الصون والحيا ... صفية من أصفى لها ms568 السعد وده # ورملة رمل الأرض يمكن عده ... لنا والذي خصت به لن نعده PageV03P259 # وجارية العليا جورية التي ... تقد سناما أختها لم تقده # هنا منتهى الأزواج والكل أشمس ... سناها أسداف الجهالة يشده # وما رئ من ترب لمارية التي ... هوها له لا صرد يشبه صرده # سرية سرياته أي منزل ... يرقى من الطود الفخاري فنده # فسرية الإنسان تسمو بمن لها ... تسري وهذا المجد تعلم جده # وإن لم تكن أما لنا فهي أم من ... لفقدانه أيدي حبيبك وحده # حبيبي حبيبي فطرة وشريعة ... قد احكمتا من حبل حبي مسده # مدحتك والأزواج والصحب والألي ... بقربك شهب الفخر أكروا وورده # فعاد مجلى كل فخر قدامس ... سكيتا تولى القرد بالسوط جلده # هو المدح ما كررته زاد طيبه ... فينسي مشور الأري طعما وقنده # فصله أيا فكري لعلك بالغ ... من البحر ذي الماء الروي العذب ثمده # ولازم جناب المجد ذا المجد مادحا ... ودع جانبا هند الجمال ودعده # ولا تطلبي يا نفس غير شفاعة ... ووصل كريم لا أحاذر صده # وعافية شهبانها كلما عرا ... بلاء تولت عن جنابي لهده PageV03P260 # وقمع عداة لم يخافوا إلههم ... فباروا ذئاب الفقر ضرا وعقده # مذاهبهم ظلم العباد فإن يقل ... لهم ناصح كفوا عن الظلم يزدهوا # وعبدك بالإيثار دان فلم يكن ... ليختص دون الغير بالخير وحده # فعم بهذا الخير كل موحد ... هواك لديه علق أعده # وسلم رب العرش بدءا وعودة ... عليك أيا فذلك الوجود وفرده # سلاما أيضا هي هدى من قد ذكرته ... وتصلية جاءت كذلك بعده # انتهى ما أردت جلبه من كلام هذا الإمام في تمثال نعل المصطفى عليه الصلاة ~~السلام. # قلت: وقد اعتنى الناس والأئمة بتمثال النعل الكريمة وكيف لا وحتى على كل ~~مؤمن أن فلى لمشاهدته الفلا فإذا شاهدها قبلها ألفا وألفا وتوسل بصاحبها ~~إلى الله الكريم زلفى ولثم ثراها لثما وأزاح به عن نفسه حوبا وإمثا وجعلها ~~فوق رأسه تاجا واستغنى بالتوسل بمن لبسها فلم يك إلى غابر الدهر محتاجا. ~~وقد أفردها أبو اليمن بن عساكر بالتأليف وصنف فيها جزءا مفردا وكذلك أفردا ~~بالتأليف أبو ms569 إسحاق إبراهيم بن محمد بن خلف السلمي الشهير بابن الحاج من ~~أهل المرية وكذا غيرهما. PageV03P261 # ومن بعض ما ذكر في فضلها وجرب من نفعها وبركتها ما ذكره أبو جعفر أحمد بن ~~عبد المجيد وكان شيخا صالحا ورعا قال: حذوت هذا المثال لبعض الطلبة فجاءني ~~يوما فقال لي: رأيت البارحة من بركة هذه النعل عجبا أصاب زوجي وجع شديد كاد ~~يهلكها فجعلت النعل في موضع الوجع وقلت اللهم أرني بركة هذا النعل فشفاها ~~الله للحين. # وقال أبو إسحاق: قال محمد أبو القاسم بن محمد: ومما جرب من بركته أن من ~~أمسكه عنده متبركا به كان له أمانا من بغي البغاة وغلبة العداة وحرز من كل ~~شيطان مارد وعين كل حاسد وإن أمسكته المرأة الحامل بيمينها وقد اشتد عليها ~~الطلق تيسر عليها أمرها بحول الله وقوته. # ولله در الأمام الشيخ أبي اليمن بن عساكر رحمه الله حيث قال: # يا منشدا في رسم ربع خالي ... ومناشدا لدوارس الأطلال # دع ندب آثار وذكر مآثر ... لأحبة بانوا وعصر خالي # والثم ثرى الأثر الكريم فحبذا ... أن فزت منه بلثم ذا التمثال # أثر له بقلوبنا أثر لها ... شغل الخلى بحب ذات الخال # قبل لك الإقبال نعلي أخمص ... حل الهلال بها محل قبال # ألصق بها قلبا يقلبه الهوى ... وجلا على الأوصاب والأوجال # صافح بها خدا وعفر وجنة ... في تربها وجدا وفرط تغال # تشفيك حر جوى ثوى بجوانح ... في الحب ما جنحت إلى الإبلال # يا شبه نعل المصطفى روحي الفدا ... لمحلك الأسمى الشريف العالي # هملت لمرآك العيون وقد نأى ... مرآي العيان بغير ما إهمال # وتذكرت عهد العقيق فناثرت ... شوقا عقيق المدمع الهطال PageV03P262 # وصبت فواصل الحنين إلى الذي ... ما زال بالي منه في بلبال # أذكرتني قدما لها قدم العلا ... والجود والمعروف والإفضال # أذكرتني من لم يزل ذكري له ... يعتاد في الأبكار والآصال # لو أن خدي يحتذي لمثالها ... لبلغت من نيل المنى آمالي # ولها المفاخر والمآثر في الدنا ... والدين في الأقوال والأفعال # أو أن أجفاني لوطء نعالها ... أرض سمت عزا بذا ms570 الإذلال # وما أحسن قصيدة نسبها الشيخ أبو إسحاق بن الحاج للأديب العلامة أبي الحكم ~~مالك بن المرحل رحمه الله تعالى وهي قوله: # بوصف حبيبي طرز الشعر ناظمه ... ونمنم خد الطرس بالنقش راقمه # رؤوف عطوف أوسع الناس رحمة ... وجادت عليهم بالنوال غمائمة # له الحسن والإحسان في كل مذهب ... فآثاره محبوبة ومعالمه # بخ ختم الله النبيين كلهم ... وكل فعال صالح فهو خاتمه # أحب رسول الله حبا لو أنه ... تقاسمه قومي كفتهم مقاسمه # كأن فؤادي كلما مر ذكره ... من الورق خفاق أصيبت قوادمه # أهيم إذا هبت نواسم أرضه ... ومن لفؤادي أن تهب نواسمه # فأنشق مسكا طيبا فكأنما ... نوافجه جاءت به ولطائمه # ومما دناني والدواعي كثيرة ... إلى الشوق أن الشوق مما أكاتمه # مثال لنعلي من أحب حديثه ... فها أنا في يومي وليلي لاثمه # أجر على رأسي ووجهي أديمه ... وألثمه طورا وطورا ألازمه PageV03P263 # أمثله في رجل أكرم من مشي ... فتبصره عيني وما أنا حالمه # أحرك من خدي أحسب رفعه ... على وجنتي خطوا هناك يداومه # ومن لي بوقع النعل في حر وجنتي ... لماش فوق النجوم براجمه # سأجعل فوق الترائب عودة ... لقلبي لعل القلب يبرد جامحه # وأربطه فوق الشئون تميمة ... لجفني لعل الجفن يرقا ساجمه # إلا بأبي تمثال نعل محمد ... لطاب محاذي وقدس خادمه # يود هلال الأفق لو أنه هوى ... يزاحمنا في لثمة ونزاحمه # وما ذاك إلا أن حب نبيينا ... يقوم بأجسام الخليفة لازمه # سلام عليه كلما هبت الصبا ... وغنت بأغصان الأراك حمائمه # وللشيخ أبي بكر أحمد بن الإمام أبي محمد عبد الله القرطبي في ذلك: # ونعل خضعنا هيبة لهائها ... وأنا متى نخضع لها أبدا نعل # فضعنا على أعلى المفارق إنها ... حقيقتها تاج وصورتها نعل # بأخمص خير الخلق حازت مرية ... على التاج حتى باهت المفرق الرجل # معاني الهدى عنها استنارت لمبصر ... وإن بحار الجود من فيضها تحلو # سلونا ولكن عن سواها وإنما ... يهيم بمغناها الغريب وما يسلو # فما شاقنا مذ راقنا رسم عزها ... حميم ولا مال كريم ولا أهل # شفاء لذي سقم رجاء لبائس ... أمان لذي خوف ms571 كذا يحسب الفضل PageV03P264 # ورأيت في بعض تماثيل النعل الكريمة مكتوبا بطرفها الشريف ما نصه: # مثال نعل الرسول ... خذه بحن القبول # ففضله ليس يحصى ... لدفع كل مهول # وفي وسطها ما نصه: # أمرغ في المثال بياض وجهي ... فقد عقد النبي لها قبولا # وما حب المثال شغفن قلبي ... ولكن حب من لبس المثالا # ورأيت مكتوبا بدائرتها ما نصه: ما كان هذا المثال الكريم في دار فسرقت ~~ولا في سفينة فغرقت وفيه خواص عجيبة. انتهى. # وقد حكى غير واحد أن سراج الدين سيدي عمر الفاكهاني شارح العمدة والرسالة ~~لما أبصر تمثال النعال المطهرة أغمي عليه ساعة ثم أنشد حين أفاق متمثلا: # ولو قيل لمجنون ليلى ووصلها ... تريد أم الدنيا وما في زواياها # لقال غبار من تراب نعالها ... أحب إلى نفسي وأشفى لبلواها # وقد ذكر أن السراج الفاكهاني أما أحتضر أغمي عليه ساعة فلقنه بعض من حضره ~~ففتح عينيه وأنشد: # وغدا يذكرني عهودا بالحمى ... ومتى نسيت العهد حتى أذكره PageV03P265 # ثم أدخل عليه تمثال النعل الطيبة فحين شاهدها أغمي عليه ساعة ثم أنشد ~~البيتين المذكورين حين أفاق. # وقال الشيخ الرحال أبو عبد الله بن رشيد الفهري: لما دخلت دار الحديث ~~الأشرفية برسم رؤية النعل الكريمة للمصطفى صلى الله عليه وسلم ولثمتها ~~حضرتني هذه الأبيات فقلت: # هنيئا لعيني أن رأت نعل أحمد ... فيا سعد جدي قد ظفرت بمقصدي # وقبلتها أشفي الغليل فزادني ... فيا عجبا زاد الظما عند موردي # فلله ذاك اللثم لهو ألذ من ... لمى شفة لميا وخد مورد # ولله ذاك اليوم عيدا ومعلما ... بتاريخه أرخت مولدا أسعد # عليه صلاة نشرها طيب كما يحب ويرضى ربنا لمحمد # ولا بد أن نرسم تمثال النعل الكريمة تبركا بصاحبها عليه الصلاة والسلام: PageV03P266 # رسم النعل ص267 تمثال النعل النبوية في دار الحديث الأشرفية بدمشق كما ~~رسمته النسخة التيمورية. PageV03P267 ### |||| ما كتب في المثال الأيمن # وكتبت في داخله ما نصه من نظم المؤلف رحمه الله تعالى: # يا ناظرا تمثال نع ... ل المصطفى سر الوجود # عظم علاه ففضله ... ملأ التهائم والنجود # واجعله خير وسيلة ms572 ... فالله ذو كرم وجود # صلى عليه الله ما ... أحيا الحيا الروض المجود # ولغيره: # يا مبصرا تمثال نعل نبيه ... قبل مثال نعاله متذللا # واذكر به قدما علت في ليلة ال ... إسراء به فوق السموات العلا # واخضع له وامسح جبينك ولتكن ... متبركا أبدا به متوسلا # وللمؤلف رحمه الله تعالى: # يا مبصرا تمثال نعل قد علا ... طالع محاسنه وكن متوسلا # واخضع له وامسح جبينك ولتكن ... متبركا أبدا به متوسلا # واسأل به متضرعا مستمطرا ... ألطاف رب لم يزل متفضلا # فهو الوسيلة والملاذ إذا عرا ... خطب وأضحى الكرب أمرا مذهلا # فلكم أغاث بجاهه ... أناله أقصى المرام مسهلا PageV03P268 # يا خير خلق الله دعوة حائر ... لم يتخذ إلا جنابك موئلا # صلى عليك الله يا نور الهدى ... والآل والصحب الكرام ومن تلا # ما حن مشتاق لذكرك أو غدا ... لمثال نعلك لازما ومقبلا # وللشامي الفقيه منن أهل العصر: # أيا ناظرا متع جفونك ساعة ... بأزهار هذا الروض من حيث ما تخطو # وقف الإذلال لله واطلبن ... بها نعمة الرضوان إن راعك السخط # فلو لم تكن مقبولة عند ربنا ... لما كان من هذا النعال بها وخط # وللمؤلف: # يا ناظرا تمثال نع ... ل المصطفى قبله ألفا # واجعله خير وسيلة ... تدني إلى الحمن زلفى # واحفظه فهو ذخيرة ... ما مثلها في الدهر يلفى # وللشامي أيضا: # أيا نعل الرسول سموت قدرا ... وفخري غير خفي للبيب # أقول لمن بحبي ذات شوقا ... وأعيا داؤه طب الطبيب # تنشق مسك أنفاسي لتشفي ... بهذا الطيب من عرف الحبيب # وللمؤلف أيضا: # بشرف المختار قد شرفت ... نعاله حتى سما ذا المثال # فاسأل له الرحمن جل أسمه ... فما به يسأل إلا أنال # وكيف لا يدرك مستمسك ... بالعروة الوثقى المنى بالسؤال PageV03P269 # وجاه خير الخلق أعظم به ... ملاذنا في حالنا والمآل # صلى عليه الله مع صحبه ... وآله أجل صحب وآل # انتهى ما كتب في المثال الأيمن. ### |||| ما كتب في المثال الأيسر # وفي الآخر ما نصه: وللمؤلف: # يا ناظرا تمثال نع ... ل المصطفى في ذا الكتاب # قبله ألف ثم زد ... ما شئت لا تخش العتاب # واسأل به ms573 رب الورى ... سبحانه حسن المآب # وله أيضا مما قاله بديهة: # حاز هذا المثال كل المزايا ... إذا حكى نعل رجل خير البرايا # أحمد المصطفى الملاذ إذا ما ... طرق الدهر أهله بالبلايا # فلجإ العالمين طرا إذا ما ... جمع الناس يوم تخشى الرزايا # خيرة الله مجتباه ومن حا ... ز خلالا حميدة وعطايا # فعليه الصلاة ما قبل النعل ... مشوق يروم محو الخطايا # وللكاتب المكلاتي من أهل العصر يشير إلى هذا المثال الكريم: # انظر إلى البدر وتكليفه ... بين شراك يا لها من قبال # ما صار كالعرجون من تمة ... إلا محاكاة لهذا المثال PageV03P270 # وللمؤلف أيضا في ذلك: # يا ناظرا في مثال ... أضحى هنا ذا ارتسام # يحكى نعال تناهت ... في الحسن دون مسامي # قبله تقبيل صب ... موله مستهام # وضعه من فوق راس ... تاجا لمفرق هام # وابسط له حر وجه ... ولا تخف من ملام # ففضله ليس يحصى ... بنثر أو بنظم # واحفظ علاه وصنه ... وكن له ذا احترام # أمان حرف وخوف ... تيسير كل مرام # لا يطرق الدهر دارا ... غدت به في اتسام # والفلك إن كان فيها ... لم يخش من هول طامي # فيا لها بركات ... شهيرة في الأنام # وكيف لا وهو ينمي ... للهاشمي التهامي # خير البرية طرا ... إمام كل إمام # أسخى الخليفة كفا ... أرعاهم لذمام # إنسان عين النعالي ... وذو السجايا الجسام # عليه صلاة ... بطيبة وسلام # والصحب والآل طرا ... والتابعين الكرام # ما استنشقت نسمات ... من عرف مسك الختام # انتهى ما في النعل الكريمة واتصل به ما نصه: PageV03P271 # ومما قيل في النعل الكريمة قول الإمام المحدث الرحال أبي عبد الله محمد ~~بن جابر الوادي آش ونظمها بدار الحديث الأشرقية من دمشق وقد رأى فيها تمثال ~~نعل النبي صلى الله عليه وسلم فقبله وقال: # دار الحديث الأشرفية للشفا ... فيها رأت عيناي نعل المصطفى # ولثمته قنعت وقلت يا ... نفس أنعمي أكفاك قال لي: كفى # لله أوقات وصلت بها المنى ... من بعد طيبة ما أجل وأشرفا # لك يا دمشق على البلاد فضيلة ... أيامك الأعياد لازمها الصفا # ولكم بجيرون جررت ولم أخف ... ذيلا وبرح هواى فيها ms574 ما اختفى # قلت ومما أنشدني الفقيه الأريب العلامة الأديب الحاج الرحال أبو الحسن ~~صاحبنا سيدي علي بن أحمد الشامي الخزرجي لنفسه في تمثال النعل الكريمة قوله ~~نفعه الله بقصده وكتبه لي بخطه وكنت طلبت منه ذلك لأثبته في هذا الموضوع: # دعوا شفة المشتاق من سقمها تشفي ... وترشف من آثار ترب الهدى رشفا # وتلثم تمثلا لنعل كريمة ... بها الدهر يستسقي الغمام ويستشفى # ولا تصرفوها عن هواها وسؤالها ... بعدلكم فالعدل يمنعها الصرفا # ولا تعتبوها فالعتاب يزيدها ... هياما ويسقيها مدام الهوى صرفا # جفتها بكتم الدمع بخلا جفونها ... فمن لامها في اللثم فهم لها أجفى PageV03P272 # لئن حجبت بالبعد عنهم فهذه ... مكارمهم لم يبق سترا ولا سجفا # وإن كان ذاك الخيف موعد وصلهم ... فها نفحة الإفضال قربت الخيفا # واغنت بفضل عن مشقة شقة ... نكابد مسراها شتاء يلي صيفا # فحركت الأشواق منا لروضة ... أباح لنا الإسعاد من زهرها قطفا # تولى كمثل الطيف إذ زار في الكرى ... وإلا كمثل البرق إذ سارع الخطفا # تقضي وما قضى بلبنى لبانة ... لقيس الهوى والحب منا وما استوفى # فزلنا وما زلنا نعلل باللقا ... نفوسا وما تجدي لعل ولا سوفا # كأنا وما كنا نجوب منازلا ... يود بها المشتاق لو راهق الحتفا # ولم تبصر الأبصار منها محاسنا ... ولم تسمع الآذان من ذكرها هتفا # كذاك الليالي لم تحل عن طباعها ... متى واصلت يوما تصل قطعها ألفا # فلا عسش لي أرجوه من بعد بعدهم ... وهيهات يرجى العيش من فارق الإلفا # ويا حبذا قتل إذ العيش لم تزل ... سيوف الهوى تفري به القلب والجوفا # ومن لي بقتل في سبيل الهوى التي ... وعنا عليها بالجنان ومن أوفى # أيا من نأت عنه ديار أحبة ... فمن بعدهم مثلي على الهلك قد أشفى # لئن فاتنا وصل بخيف مناهم ... فها نفحة من عرفهم للحشا أشفى # وهاتيك أزهار الرياض تنفست ... بأنفاسهم فاستشفين بها تشفى # وقل للألي هاموا اشتياقا لبانهم ... هلموا لعرق ألبان نستنشق العرفا # فصفخة هذا الطرس أبدت نعالهم ... وصارت لها ظرفا فيا حسنه ظرفا # تعالوا تغالوا في مديح علائها ... فرب غلولم ms575 يعب ربه عرفا # ولله قوم في هواها تنافسوا ... وقد غرفوا من بحر أمدادها غرفا PageV03P273 # وإنا وإن كنا على الكل لم نطق ... نحاول بعض البعض من بعض ما يلفي # لئن قبلوا ألفا نزد نحن بعدهم ... على الألف ما يستغرق العد والألفا # وإن وصفوا واستغرقوا الوصف حسبنا ... نجيل بروض الحسن من وصفهم طرفا # ونقبس من أنوارهم وسعنا ... ونركض في مضمار آثارهم طرفا # فمن قال بدر ألتم أو طلعة الضحى ... أو الروض يحكيها فما انصف الوصفا # فما الشمس إلا من محاسن ضوئها استنارت ولولاها للازمت الكسفا # وما البدر إلا من مشارق نورها استمد ولولاها لما فارق الخسفا # وما طاب نشر الروض إلا لأنه ... يمد مدى الأيام من نشرها عرفا # وما أخضر ترب الأرض إلا لأنها ... تخطته فاختط النبات به حرفا # فحلوا بها أعلى المفارق واكحلوا ... بها مقلة العينين أو عطروا الأنفا # فآثارها تبرى الجوى وترابها ... لسقم الحشا انفع أو أنفى # لها الفخر أن سارت بها رجل من سرى ... إلى حضرة التقديس والقرب والزلفى # وودي لا تخلع نعالك واقربن ... وألفي بها من نفحة الحب ما ألفي # وأدناه قربا قاب قوسين ربه ... وناداه قل تسمع وسل تعط عد تكفي # نبي به نلنا المنى وتوا كفت ... علينا من الرحمن سحب الرضا وكفا # تعلى على العلياء حتى أنار من ... علاه العلا والغور والنجد والخيفا # وقاتل في إظهار أنوار دينه ... جميع العدى حتى زوى الضيم والحيفا # وكان إلى الهيجاء أول سابق ... وما فارق الغضب المنهد والسيفا # هواه هدى الهادين منه إلى الهدى ... وحبه أهدى الوارد المورد الأصفي # وآياته كالزهر والزهر نفحة ... وعدا فمن ذا يستطيع لها وصفا # كفت كفه الجيش اللهام عن الحيا ... وكفت جيوش الكفر عن غيها كفا PageV03P274 # وردت له الشمس المنير شعاعها ... كذا البدر بعد التم صار له نصفا # وجوده أجدى من رياح عواصف ... ومن ذا يباري الريح إن رامت العصفا # أمولاي يا مولاي يا خير سيد ... تسامى على الأشباه طرا مع الأكفا # نأت بي عنكم موبقات جنيتها ... وعفوكم من كل كلف بها أكفى # وهأنا عند ms576 الباب راج وخائف ... دموعي لا ترقا وشجوى لا يطفا # أناديك يا خير البرية كلها ... نداء عبيد يرتجى العفو والعطفا # وإني محق في هوى حبك الذي ... يفل جيوش الهم إن أقبلت زحفا # وما أنا فيه كالذي قال هازلا ... " أليلتنا إذ أرسلت واردا وحفا " # فآها لنفسي ثم آها إذا أنا ... طردت ويا لهفا ارددها لهفا # وواحسرتا يا حسرتا ثم حسرتا ... إذا لم تكن في موقف الحشر لي كهفا # ولعلكن لي ظنا جميلا بنسبتي ... لأنصاركم يا خير من راقب الحلفا # كما أن لي أيضا متاتا بمدحي ... نعالا بها نيل العلى والمنى يلفي # أبي النظم يستوفي حلاها وهل يفي ... روى بآثارها الهدى ألف أوفا # عليك صلاة ما بدا بدر تمكم ... وما اشتاق مشتاق إلي وعدك الأوفى # ومما أنشدنيه أيضا لنفسه في ذلك قوله: # مثال النعل في القرطاس خطا ... بسمر الشوق في الأحشاء خطا # ولما أن لثمت ندى ثراه ... وغشي نوره جفني وغطى # شممت الورد من رياه يندى ... وشمت البدر من علياه حطا # ففجر لي من العينين بحرا ... ونثر من لآلي الدمع سمطا PageV03P275 # وروى من جماد الجفن جسمي ... وأروى من زناد الشوق سقطا # وهز من أهوى غطف ارتياحي ... لأرض لم تزل تزداد شخطا # وذكراني معاهد لست انسى المزار بها ولو بالبعد شطا # معاهد خير من ركب المطايا ... واكرم من خطا نعلا وأوطا # بأخمص رجله الحسناء حازت ... مفاخر لم يطقها الوصف ضبطا # سمت فسعت لها زهر الدراري ... لتلثم وتطوف شوطا # فكلت دونها وسط عليها ... ولا بدعا بذاك الفخر يسطى # فمن قال الهلال لها مثال ... لعمر الله في التمثيل أخطا # ولكن البدور لها نعال ... تود بها تدارس علا وتخطى # وما طلعت عيون الشمس إلا ... لطلعتها تروم بها محطا # وما رقصت غصون النبت إلا ... لعلياء تحط الراس حطا # وما غنت طيور الأيك إلا ... عليها تعتلى الأغصان حوطا # وما حنت حداة العيس إلا ... إليها تبتغي أثلا وخمطا # وما هبت نسيم المسك إلا ... لريها تنال بذاك خلطا # ولو يوما تخطت أرض جدب ... لما ألفت بها في الدهر قحطا # يحق لنا ms577 نعظمها جلالا ... ونربط طرسها بالقلب ربطا # وننتعل الوجوه بها جمالا ... ونجعلها على الآذان قرطا # وتعتصب المفارق من ثراها ... وتكتحل العيون بذاك شرطا # نعفر وجنة فيها وخدا ... ونخضب من سواد الرأس شمطا # وننشد من يعاتب في هواها ... " إليك خبط من عشواء خبطا " # ودعنا والهوى أنا أناس ... يزيد غرامنا بالعتب فرطا PageV03P276 # وأنا معشر العشاق ممن يرى جور النوى والبعد قسطا # ونقنع بالجيال مدى الليالي ... وإن طال التباعد أو تشطا # ولا سيما المثال وقد تبدى ... يجر على علا الجوزاء مرطا # وما نعلا نريد ولا مثالا ... ولكن من بها العلياء تخطى # نبي إن أتيت إلى حماه ... وجدت سماحة في الخلق بسطا # أتى والدين أصبح في انقباض ... فعاناه إلى أن نال بسطا # وقاتل في سبيل الله حتى ... أزال عن الورى قنطا وضغطا # وعمت دعوة منه وغمت ... بآبيات الهدى فرسا وقبطا # فطوبى للذي لبى سريعا ... ويا ويل الذي عن ذاك أبطا # سما لسما العلاء فنال قربا ... وهم بنعله نزعا وكشطا # ونودى طأ ولا تخلع نعالا ... وأبدل من مقام الروع بسطا # وأيده الإله بروح قدس ... ومد له من التقديس بسطا # وعظمه على الأرسال طرا ... ونظمه بذاك العقد وسطى # هناك حباه فرضا من صلاة ... بها عنا الذنوب تصيب حبطا # وسدده إلى إن جاء موسى ... وردده إليه يروم حطا # إلى أن يصير الخمسين خمسا ... وأبقى أجرها والإضر حطا # وأعطاه الشفاعة يوم حشر ... يقول أنا لها والناس قنطى # وتعجز دونها الأرسال طرا ... وتأتى الناس سبطا ثم سبطا # إذ الجبار يبرز بانتقام ... ويبدي للورى غضبا وسخطا # فيدنيه ويلهمه بفضل ... محامد مثلها ما قط أعطى # ومهما رام يشرع في سجود ويضرع بالدعا ويخر هبطا PageV03P277 # يناد ارفع تطلع وأشفع تشفع ... وقل يسمع وسل ما شئت تعطى # فيحظى بالمراد قرير عين ... بما أولاه تكرمة وغبطا # ويصدر شافعا في كل عاص ... مصر دنس الأعمال وخطا # ويخرج من له أدنى نواة ... من الأيمان والنيران فرطا # جزاه الله عنا كل خير ... وحاط به ديار الدين حوطا # ولا زالت صلاة الله تترى ... عليه ما بدا بدر وغطى # تفوح ms578 وختمها مسك عبيق ... يعم عبيره آلا ورهطا # وأنشدني أيضا لنفسه في ذلك، مكملا ما سقط من الحروف من كلام ابن فرج ~~السبتي المتقدم الذكر قوله جاريا على طريقته: ### ||| قافية الواو # وقفت على تمثال نعل كريمة ... فأحييت برسم الشوق مني ما أقوى # وأيقنت إني إذ ظفرت بلثمها ... تمسكت في أخرى بالسبب الأقوى # وناديتها يا نعل عذرا فإنني ... على مدح بعض من معاليك لا أقوى # وطئت ربوعا للهدى ومغنيا ... علاها على الرضوان أسس والتقوى # ولامست وجلا لو يطاوع تربها ... ثريا السما شدت لتقبيله حقوا ### ||| قافية لام الألف # لآلي نعال المجد أهلا بها أهلا ... وشكرا لأن كنا لتقبيلها أهلا # لآلى رسول مسها جلد رجله ... بها ورد فخر مذب العل والنهلا # لآدم هذا الفخر أيضا لأننا ... بذي النعل أنقذنا الغواية والجهلا PageV03P278 # لأقسم يا من لآم فيها عليك لا ... تعذب بتعاذلي ومهلا به مهلا # لأني غريق في هوى حبها وكم ... محب يرى التعذيب في حبها سهلا ### ||| قافيه الياء # يود لساني أن يؤدي مدحها ... نعالا فيعينني علاها وحرف اليا # يؤدي ولكن لا يطيق كمالها ... ولو أنه يفعل بيان الورى فليا # يمينا وإني في يميني صادق ... لحليتها صيغت من الجنة العليا # يواقيت سر الكون والجود رصت ... بها وطأة التقديس فانتظمت حليا # يواري علا رجل على من مشى بها ... سلام مدى ما ازداد من ربه وليا # وأنشدني أيضا لنفسه في ذلك قوله: # هذى نعال أحمد ... مولى المقام الأحمد # فاشكر أخي إذ شمت من ... برق سناها وأحمد # واكتحلن بتبرها ... فهو شفاء الأرمد # وارشف ثراها أنه ... يجلى صدا القلب الصدي # وألمس بها طرسها ... تنل كمال المقصد # واقبس سنى من نورها ... فهي سراج المهتدي # وضمها لصدره ... ضمة ذي تودد # من لم تزل في بيته ... يحظى بعيش رغد PageV03P279 # يضحى ويمسي آمنا ... في كل يوم أو غد # لا يمترى في فضلها ... سوى غبي أو غد # أو جاهل بقدرها ... أو جاحد أو ملحد # كم أبرأت من علة ... من كل داء مجهد # وكم أبانت من هدى ... بنورها المؤيد # وكم أبادت من عدي ... بسيفها المهند # وكم ms579 أجارت من حمى ... بركانها المشيد # فهي أمان خائف ... وهي رجاء القاصد # وهي عماد الملتجي ... وهي مراد الرود # بالغ أخي في مدحها ... واشدد بأزري وأعضد # وانسب لها ما شئت من ... فخر ولا تفند # وقف هنا هنيهة ... وقفة صب مسعد # وانهض إلى نقبيلها ... نهضة خل منجد # وقل إذا قبلتها ... مقالة المستنجد # يا أكرم الخلق الذي ... قد حاز كل سودد # يا مصطفى آثاره ... بها الأنام تهتدي # ويا مجير خائف ... من كل سوء يعتدي # ويا محب سائل ... إذا أتاه يجتدي # عبيدكم ببابكم ... حيران ذا تردد # وافي علاك تائبا ... من ذنبه المعدد PageV03P280 # يرفع من مديحه ... إلى علاك الأمجد # عقائلا تنسق من ... در ومن زبرجد # تحكي عقود جوهر ... أقسامها من عسجد # فامنن له بعطفه ... من فضلك الممجد # ونهلة من حوضظ ال ... عذب اللذيذ المورد # ووقفة بروضك ... الغض الندى المورد # وزورة لقبرك ... المرضي الزكي الملحد # وأوبة له عسى ... يكون ثم مرقدى # صلى عليك الله ما ... بدا ضياء الفرقد # والآل والصحب الألى ... فازوا بكل الأسعد # ومن أتى من بعدهم ... من كل حبر أوحد # ومن تلا جميعهم ... ما زم ركب أو حدى # ورددت من منشد ... هذي نعال أحمد # وأنشد أيضا لنفسه في ذلك الغرض: # نعال بها يشفى العليل من الجوى ... وتجلي بها عنه المصائب والبلوى # هي البرء إلا أن شرب دوائها ... لذائقه أحلى من المن والسلوى # هلموا نقبل تربها فعسى به ... نخمد جمرا من لظاها الحشي تكوى # فرب عليل جاءه من طبيبه ... بشير فخفت عنه من حينه الشكوى PageV03P281 # وأنشد أيضا لنفسه في ذلك الغرض: # أتت شمس السماء تحط راسا ... لهذي النعل من دون النعال # وتلثم تربها ذلا لتحظى ... بما رامته من رتب المعالي # فقال لها الهلال وقد رآها ... أنخضع لا محالة للنعال؟ # فنادته أبتدرها لا تؤخر ... فيفتضح المعالي بالمعالي # وخاطبني في هذا الغرض مشيرا إلى إثبات هذه المنظومات التي سمحت بها ريحته ~~في هذا الموضوع: # أمفتي فاس زند شوقي قد ورى ... بخير الورى فانقاد طوع عنان # وهبت صبا نجد فهاجت صبابتي ... وساعد بلبالي بيان بناني # وصالت على أوصال فكري ms580 فأقلعت ... عرائس غرس من جنان جناني # وقد ذوت الأغصان وانتثرت بها ... أزهارها تحكي نثير جمان # وهذا أوان الغرس جودوا بنقلها ... لروضكم تحظى بنيل أمان # ولنرجع بعد هذا المقدار إلى ما كنا بصدده فإن مثل هذا الغرض لا سبيل لحصر ~~عدده فنقول: ### || بين القاضي عياض والزمخشري # وممن استجاره القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله ولم يجزه الزمخشري صاحب ~~الكشاف سامحه الله. PageV03P282 # وسمعت غير واحد ممن لقيته يخبر أن القاضي عياض لما بلغه امتناع الزمخشري ~~من إجازته قال: الحمد لله الذي لم يجعل علي يدا لمبتدع أو فاسق أو نحو هذا ~~من العبارات والله اعلم. # وإمامة الزمخشري في العلوم معروفة ولكن أعنة القلوب إلى من بيده التوفيق ~~وضده مصروفة. ولا بد من الإلمام ببعض أحوال هذا الرجل الذي اختلفت في أمره ~~الآراء وآنس من جانب البيان والنحو نارا وأنكر الحق وقد وضح النهار وذكر ~~يعضهم أنه تاب ويأبى ذلك تصريحه في كشافه بما خالف السنة جهارا فإنه لو صح ~~ذلك لمحاه أو أشهد على نفسه بالرجوع عما قصده فيه وانتحاه وكثير من الأئمة ~~أغضى عن اعتزاله وانتفع بكشافه مع قطر النظر عن موضع التهمة واختزاله. ### || بين الحافظ السلفي والزمخشري # وممن استجاره فأجازه الإمام الحافظ أبو الطاره السلفي الأصبهاني المتقدم ~~الذكر رحمه الله فإنه خاطبه في ذلك بما نصه بعد البسملة: إن رأي الشيخ ~~الأجل العالم العلامة أدام الله توفيقه أن يجبز جميع سماعاته ورواياته وما ~~ألفه في فنون العلم وأنشأه من المقامات والرسائل والشعر لأحمد بن محمد بن ~~أحمد السلفي الأصبهاني يذكر مولده ونسبه إلى أعلى أب يعرف ويثبت كل ذلك ~~بخطه تحت هذا الاستدعاء مضافا إليه ذكر ما صنفه وذكر شيوخه الذين أخذ عنهم ~~وما سمع عليهم من أمهات المهمات حديثا كان أو لغة فعل مثاب وإن تمم إنعامه ~~بإثبات أبيات قصار ومقطوعات في الحكم والأمثال والزهد وغير ذلك PageV03P283 # من نظمه ومما أنشده شيوخه من قلبهم أو من قبل شيوخهم بعد تسمية كل منهم ~~وإضافة شعره إليه والشرط في كل هذا ms581 أن يكون بالإسناد المتصل إلى قائله كان ~~له الفضل وكذلك إن صحبه أصحبه بشيء من رواياته أنعم بكتب أحاديث عاليه ~~والله تعالى يوفقه ويحسن جزاءه ويطيل لنشر العلم والإفادة بقاءه. # ويعلم وقه الله أنه قد وقع إلينا كتاب من يعقوب بن شرين الجندي رحمه الله ~~وفيه قصيدة يرثي بها البرهان البخاري والحاجة داعية إلى معرفة اسمه ونسبه ~~وضبطه هل هو ابن شرين بالسين المهملة أو المعجمة وكذلك الجندي بفتح الجيم ~~والنون أو ضم الجيم وإسكان النون بعدها. # والحمد لله حق حمده وصلواته على سيدنا محمد نبيه وعبده وعلى آله وصحبه ~~أجمعين من بعده. # فكتب إليه الزمخشري ما نصه: # بسم الله الرحمن الرحيم. أسأل الله أن يطيل بقاء الشيخ العالم ويديمه ~~لعلم يغوص على جواهره ويفتق الأصداف عن ذخائره ويوفقه للعمل الصالح الذي هو ~~مرى أغراض أولى العقل ومطمح أبصار المرتكضين إلى غاية الفضل ولقد عثرت من ~~مقاطر قلمه على جملة تنادي على غزارة بحره وتطبي القلوب إلي التزين بسموط ~~دره. وأما ما طلب عندي وخطب إلي من العلوم والدرايات والسماعات والروايات ~~فبنات خلعت على تربيتهن الشباب ثن دفنهن وحثوت عليهن التراب وذلك حين آثرت ~~الطريقة الأويسية على بنيات الطرائق وأخذت الحجب والعوائق ونقلت كتبي كلها PageV03P284 # إلى مشهد أبي حنيفة رحمه الله وأصفرت منها يدي إلا دفترا واحدا قد تركته ~~تميمة في عضدي وهو كتاب الله المبين والحبل المتين والصراط المستقيم لأهب ~~لما قعدت بصدده كلي وألقى عليه وده كلي لا يشغلني عنه بعض مثال يجعل الرأي ~~مشتركا ويرد القلب مقتسما ولذت بحرم الله المعظم وبيته المحرم وطلقت ما ~~وزرني بتا وكفت ذيلي عنه كفتا ما بي هم إلا خويصت وما يلهيني إلا النظر في ~~قصتي أنتظر داعي الله صباح مساء وكأني به وقد امتطيت الآلة الحدباء قد وهنت ~~العظام ووهنت القوى وقلت الصحة وكثر الجوى وما أنا ذماء يتردد في جسد هو ~~هامة اليوم أو غد فما لمثلي وليس له من الآخرة شيء. ولقد أجزت له يروى. # محمود الخوارزمي ثم ms582 الزمخشري منسوب إلى قرية منها هي مسقط رأسي ولبعض ~~أفاضل المشرق: # فلو وازن الدنيا تراب زمخشر ... لأنك منها زاده الله رجحانا # وللشريف الأجل الإمام علي بن عيسى ببن حمزة بن وهاس الحسني: # جميع قرى الدنيا سوى القرية التي ... تبوأها دارا فداء زمخشرا # وأحر بأن تزهي زمخشر بامرئ ... إذا عد في أسد الشرى زمخ الشرى # فلولا ما طن البلاد بذكرها ... ولا ظار فيها منجدا ومغمورا # فليس ثناها بالعراق وأهله ... بأعرف منه في الحجاز وأشهر # ومن المقطوعات التي اخترعتها من فبلي: # ومروعة بمشيب رأسي أقبلت ... تبكي فقلت لها ودمعي جاري PageV03P285 # هذا المشيب لهيب نار أوقدت ... في القلب موقدها حذار النار # أخرى: # إليك إلهي المشتكى نفس مشته ... إلى الشر تدعوني عن الخير تنهاني # وما يشتكي الشيطان إلا مغفل ... إلا إن نفس المشتهى ألف شيطان # أخرى: # شكوت إلى الأيام سوء صنيعها ... ومن عجب باك تشكي إلى المبكى # فما زادت الأيام إلا شكاية ... ومازالت الأيام تشكي ولا تشكى # أخرى: # مسرة أحقاب تلقيت بعدها ... مساءة يوم أريها شبة الصاب # وكيف بأن تلقي مسرة ساعة ... وراء تقضيها مساءة أحقائب # أخرى: # الخوض في دول الدنيا يلج بكم ... كأنها لجج خواضها لجج # كم خلصت لجج البحر الرجال وما ... أقل من خلصته هذه اللجج # أخرى: # مبالاة مثلى بالرزايا غضاضة ... أباها وثيق العقدين حصيف # إذا أقبلت يوما على صروفها ... لأنيابها في مسمعي صريف # عتاب لها حتى أشقى نحورها ... أسنة عزم حدهن رهيف # يمسحن أركاني وهن قوافل ... صفا صادرات النبل عنه مصيف PageV03P286 # والقاضي أديب الملوك أبو إسماعيل يعقوب بن شرين الجندي أفضل الفتيان في ~~عصره وأعقلهم وأذكاهم وأدهاهم وكان كاتب سلطان خوارزم فاستعفى وهو يكتب ~~باللسانين العربية والفارسية ويحسن وهو ممن رببت وخرجت وبلغت تلك الذروة ~~وهو أوثق سهم من كنانتي. # والحمد لله أولا وآخرا والصلاة على نبينا محمد وآله والطيبين. # ثم غن الشيخ السلفي عاوده الاستجازة في السنة الثانية من إسكندرية كأنه ~~ما وصلته إجازته فقال: # بسم الله الرحمن الرحيم. المسئول من كرم الشيخ الأجل العلامة أدام الله ~~بهجته وحرس مهجته ms583 أن يجيز لأحمد بن محمد السلفي الأصبهاني جميع مسموعاته ~~ومجموعاته في جميع الفنون ويثبت بخطه أساميها تحت هذا الخط ويضيف إلى ذلك ~~ذكر شيوخه الأعلام الذين أخذ عنهم الحديث واللغة ويذكر جملا مما سمعه عليهم ~~ويتمم تفضيله بإثبات أحاديث قصار من رواياته عنهم وكتب شيء من شعر من رآه ~~وأنشده من قبله بعد المبالغة في التعريف به ولا يذكر من الأبيات إلا القصار ~~التي تصلح لأصاب الحديث ويتصور إخراجها في الأمالي وأواخر الفوائد ويذكر ~~متفضلا مولده والسنة التي ولد فيها فالحاجة داعية إلى كل ذلك ويبين ذكر ~~الموتلف والمختلف الذي ألفه في أي فن هو وعلى أي شيء يجوز؟ أعلى ذكر ~~الفقهاء أو الأدباء PageV03P287 # أم أهل الحديث؟ ولا يحوج أدام الله توفيقه إلى المراجعة فالمسافة بعيدة ~~وقد كتب في السنة الماضية ولم يجبه بما يشفي الغليل وله في ذلك الثواب ~~الجزيل إن شاء الله تعالى وبه الثقة. # فأجاب فجر خوارزم بما نصه: بسم الله الرحمن الرحيم ما مثلي مع أعلام ~~العلماء إلا كمثل السها مع مصابيح السماء والجهام الصفر والرهام مع الغوادي ~~الغامرة للقيان والإكام والسكيت المخلف مع خيل السباق والبغاث مع الطير ~~العتاق وما التلقيب بالعلامة إلا شبه الرقم بالعلامة كما قال العرب وقيل له ~~لم سميت نعامة: الأسماء علامة وليست بكرامة ولو كانت كرامة لاشتراك الناس ~~في اسم واحد. والعلم مدينة أحد بابيها الرواية والثاني الدراية وأنا في كلا ~~البابين ذو بضاعة مزجاه ظلي فيه أقلص من ظل حصاه وأما الرواية فحديثة ~~الميلاد قريبة الإسناد لم تستند إلى علماء نحارير ولا إلى أعلام مشاهير ~~وأما الدراية فثمد لا يبلغ أفواها وبرض لا يبل شفاها ولا يغرنكم قول الوزير ~~مجير الدولة: # وجولت فكرى في البلاد فلم يقع ... على رجل في علمه غير راجل # إلى أن جرى الطير السنيح فدلني ... على فخر خوارزم ورأس الأفاضل # ولا قول المنتخب محمد بن أرسلان: # وما ناصر الإسلام إلا ابن بجدة ... يحيط بعلم لا يحيط به الورى PageV03P288 # أبو القاسم المحمود محمود الذي ... به تفخر ms584 الدنيا وناهيك مفخرا # ولا قول الشريف الأجل ذي المناقب أبي الحسن علي بن حمزة بن وهاس الحسني ~~المدني. # قال أحمد المقري وفقه الله: هو علي بضم أوله وفتح ثانيه ابن عيسى ابن ~~حمزة بن وهاس الحسني العلوي وقيل إن الكشاف برسمه صنعه الزمخشري رحم الله ~~الجميع. # رجع إلى قول الزمخشري: # وكم للإمام الفرد عندي من يد ... وهانيك مما قد أطاب وأكثر # أخي العزمة البيضاء والهمة التي ... أنافت به علامة العصر والورى # جميع قرى الدنيا سوى القرية التي ... تبوأها دارا فداء زمخشرا # وأحر بأن تزهي زمخشر بامرئ ... إذا عد أسد الشر زمخ الشرى # فلولا ما ظن البلاد بذكرها ... ولا طار فيها منجدا ومغمورا # فليس ثناها بالعراق وأهله ... بأعرف من في الحجاز وأشهرا # إمام فلينا من فلينا وكلما ... طبعناه سبكا كان أنضر جوهرا # ومكة راووق الرجال فهاكه ... مصفى وخذ من شئت منهم مكدرا # رسا طود تقوى فاض بحر فضائل ... فكم أذل أطوادا وغيض أبحرا # وتحت علاق الصدق سر مطهر ... يمدان دينا كالمجرة نيرا PageV03P289 # فلولا سماء أشمست ثم أقمرت ... كفى بمعاليه شموسا وأقمرا # ولا قوله رحمه الله: # لقد شجى في أم رأسي عزمه ... فأصبحت من عزم الإمام أمما # تمنيت لو لم ألقه وجهلته ... ولم يخشى قلبي بالفراق كلوما # فديت أمرا يحشو الفؤاد فراقه ... كلوما ولقياه حشته علوما # وكائن رأينا من أولى العلم والتقى ... رجالا أناخوا بالحجاز قروما # فأخمد أستاذ الزمان ضياءهم ... وكان وكانوا شارقا ونجوما # ولا قوله رحمه الله: # أتى حرم الله العظيم مجاورا ... فلله ما أدنت جمال وأينق # فمن حوضه عنت ظماء ذوي النهى ... فآبت رواء وهو ملآن يفهق # ولا قول العميدي رحمه الله: # ولو وازن الدنيا تراب زمخشر ... لأنك منها زاده الله رجحانا # ولا قول بعض فتيانها المجيدين: # دعوك بحار الله والله عالم ... بأنك جار الله حقا كما وجب # لعمري لقد فاضت وأنت مفيضها ... على حرم الله الصنائع والقرب # رقبت ذمام الله من كل مؤمن ... وواسيتهم بالعلم طرا وبالنشب # وأنت الإمام الزاهد الورع الذي ... أبيت أغترارا باللجين وبالذهب # وإنك للعلامة الجامع ms585 الذي ... جمعت أفنين العلوم إلى الأدب # وما نصر الإسلام غيرك أهله ... وإن طار أعلى المنازل والرتب # ومن طالع التفسير أيقن أنه ... من الفلك الأعلى أتى اللقب PageV03P290 # وإنك أستاذ الزمان وكلهم ... تلامذة جاثون ضغرا على الركب # وسمتك إذ فرقت في كل بلدة ... جواهر علم شيخها العجم والعرب # فما لخوارزم التي أنت فخرها ... علتها الثريا إن ذاك من العجب # ولا قول ابن القرطبي: # قسما بلغ تحياتي إلى ... شيخنا العلامة الحبر العلم # ليس قس عنده قسا ولا ... سيبويه الشهم يدري ما الكلم # أي آداب وعلم وتقى ... منه فارقت وحلم وحكم # قل إذا ما الدهر أمسى عابسا ... إن محمودا لك ابن يبتسم # لو جعلت اليم حبرا والفيلا ... مهرقا كانت معاليه أطم # إن من جراه لولا المصطفى ... كنت فضلت على العرب العجم # كل موجود سواه حيث لم ... أر ذاك الفضل في عيني عدم # ولا قول الخطيب الموفق: # لسانك غواص ولفظك لؤلؤ ... وفكرك بحر للفضائل طامي # لسان يود الحاسدون لو أنه ... سنان قناة أو غرار حسام # ولا قوله أيضا: # أفخر خوارزم مالي عنك منحرف ... ما دام يختلف الأنوار والسدف # ألست أنت الذي خولتني نعما ... تطوي وتنشر في تعدادها الصحف # ألست أنت الذي أوليتني رتبا ... بفضل رفعتها الإيوان يعترف # ألست أنت الذي من ورد نعمته ... وورد حكمته أجنى وأغترف # أعداؤك استنشر فوني من جهالتهم ... في وصفها وهي عندي فوق ما أصف PageV03P291 # ولا قول أديب الملوك يعقوب بن شرين الجندي: # فتى سار الآفاق ركبان ذكره ... مغربة طورا وطورا مشرقة # إذا حل في أرض أتاه فحولها ... تفيد علوما حوله متحلقة # وإن خاض في شرح العلوم رأيتها ... لفرط احتشام من معاليه مطرقة # فليس له في كل شرق ومغرب ... نظير بنو الدنيا على ذاك مطبقة # ولا قول البديع الخوارزمي: # أمكة هل تدرين ماذا تضمنت ... يمقدم جار الله منك الأباطح # به وإليه العلم ينمي وينتمي ... وفيه لأرباب العلوم المناجح # محاط رحال الفاضلين فلم يزل ... يحط إليه الرحال غاد ورائح # إذا انتابه الوطاب رأيته ... تحول عنه وهو ملآن طافح # بمته الكرام الغر من ms586 خير أسرة ... هم قدوة الدنيا الكهول الجحاجح # أدلاء ضلال البرايا جباههم ... مصابيح رهبان فدتها المصابح # فإن ذلك اغترار منهم بالظاهر المموه وجهل بالباطن المشوه. # ولعل الذي غرهم مني ما رأوا من النصح للمسلمين وبليغ الشفقة على المستفيد ~~وقطع المطامع عنهم وإفادة المبار والصنائع عليهم وعزة النفس والرب بها عن ~~الإسفاف للدنيات والإقبال على خويصتي والإعراض عمالا يعنيني فجللت في ~~عيونهم وغلطوا في ونسبوني إلى ما لست في قبيل ولا دبير. PageV03P292 # وما أنا فيما أقول بهاضم لنفسي كما قال الحسن رحمه الله في أبي بكر ~~الصديق رضي الله عنه وقوله: " وليتكم ولست بخيركم " إن المؤمن ليهضم نفسه ~~وإنما صدقت الفاحص عني وعن كنه روايتي ودرايتي ومن لقيت وأخذت عنه وما مبلغ ~~علمي وقصاري فضلي وأطلعته طلع أمري وأفضيت إليه بخبيئة وألقيت إليه عجزي ~~وبجرئ وأعلمته نجمي وشجري. # وأما المولد فقرية مجهولة من قرى خوارزم تسمى زمخشر وسمعت أبي رحمه الله ~~يقول: اجتاز بها أعرابي فسأل عن أسمها واسم كبيرها فقيل له مخشر والرداد. ~~فقال: لا خير في شر ورد ولم يلمم بها. # ووقت الميلاد شهر الله الأصم في عام سبع وستين وأربع مائة. # والحمد لله المحمود والمصلى عليه محمد صلى الله عليه وسلم. انتهى. # قلت: وإنما أوردت ذلك مع ما في بعضه من الغلو وعد التأدب مع الشرع في بعض ~~الألفاظ كي تعلم فضل أهل السنة رضي الله عنهم حيث انتصروا على من هذه صفته ~~على زعمه بالحجج البالغة وكسروا أم رأسه ورأس شيعته بالحجارة الدامغة ولم ~~يغن عنه شيء من اعتقاد هؤلاء الغلاة فيه ولمتنفعه ألستنهم التي تأتي ~~بالباطل في صور الحق وتستفضي مطلوبها وتستوفيه اللهم إلا أن يكونوا غير ~~عالمين باعتقاده فلهم عذر عند اعتراض المعارض وانتقاده وأيا ما كان فقد هدم ~~أهل السنة رضي الله عنهم له ولأحزابه أساسا وكلما حمى حوزته البدعية كليب ~~من شيعته قيض الله له جساسا فظهر الحق وأهله وارتفع غي البتدع وجهله. PageV03P293 # ومن بديع نظم الزمخشري المذكور قوله: # هو النفس الصعاد عن كبد ms587 حرى ... إلى أن أرى أم القرى مرة أخرى # سريت بشخصي لا بنفسي وهمتي ... وهيهات ما للأخشبين وللمسرى # مقيمان عند البيت ما ذر شارق ... منيخان بالبطحاء ما ذكت الشعرى # وله من قصيدة: # مليح ولكن عند كل جفوة ... ولم أر في الدنيا صفاء بلا كدر # ولم أنس إذ غازلته قرب روضة ... إلى جنب حوض فيه للماء منحدر # فقلت له جئني بورد وإنما ... أردت به ورد الخدود وما شعر # فقال انتظر رجع طرف أجئ به ... فقلت له: هيهات ما لي منتظر # فقال ولا ورد سوى الخد حاضر ... قلت له إني قنعت بما حضر # وقوله: # إذا التصقت بالبحث في العلم ركبتي ... بركة نحري على الجد دأب # فإن دام لي عون الإله على الذي ... أعانيه من فضل وبر وأداب # وإن نظرت عيني على الد والصفا ... مع البر والتقوى نواظر أحباب # فقل لملوك الأرض يلهوا ويلعبوا ... فذلك أهوى ما حييت وتلعابي # وقوله أيضا: # أربعة للدين أركان ... حبهم يمن وإيمان # أربعة أول أسمائهم ... عين وهم في الناس أعيان # عتيق والفاروق والجتبى ... منهم ذو النورين عثمان PageV03P294 # وقال السيوطي في لطبقات الصغرى ما نصه: محمود بن عمر بن محمد بن أحمد ~~الزمخشري أبو القاسم جار الله كان واسع العلم كثير الفضل غاية في الذكاء ~~وجودة القريحة متفننا يقال كل علم معتزليا قويا في مذهبه مجاهرا به حنفيا. # ولد في رجب سنة سبع وستين وأرب مائة وور بغداد غير مرة وأخذ الأدب عن أبي ~~الحسن علي بن المظفر النيسابوري وأبي مضر الأصبهاني وسمع من أبي سعد ~~الشقاني وشيخ الإسلام أبي منصور الحارثي وجماعة وجاور بمكة وتلقب بجار الله ~~وفخر خوارزم أيضا. وكتب إليه الحافظ السلفي يستجيزه وأصابه خراج في رجله ~~فقطعها وصنع عوضا عنها رجلا من خشب وكان إذا مشى ألقى عليها ثيابا الطوال ~~فيظن من يراه أنه أعرج. # وله من التصانيف: الكشاف في التفسير الفائقد في غري الحديث المفصل في ~~النحو المقامات المستقضي في الأمثال ربيع الأبار أطواق الذهب صميم العربية ~~شرح أبيات الكتاب الأنموذج في النجو الرائض في ms588 الفرائض شرح بعض مشكلات ~~المفصل الكلم النوابغ القسطاس في العروض الأحاجي النحوية وغير ذلك. # مات يوم عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة. # أسندنا حديثه في الطبقات الكبرى وتكرر في جمع الجوامع. PageV03P295 # وله: # إن التفاسير في الدنيا بلا عدد ... وليس فيها لعمري مثل كشافي # إن كنت تبغي الهدى فالزم قارءته ... فجهل كالداء والكشاف كالشافي # انتهى كلام السيوطي. # وقال ابن خلكان فيه ما نصه: # محمود بن عمر بن حتى الخوارزمي الزمخشري أبو القاسم الإمام له الكتب في ~~التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان. إمام عصره غير مدافع تشد إليه ~~الرحال في فنونه وصنف التصانيف الشريفة منا الكشاف لم يصنف قبله مثله ~~والمفضل في النحو وغير ذلك. وسافر إلى مكة وأقام مجاورا زمانا فصار يقال له ~~جار الله لذلك وكان هذا الاسم علما عليه وكانت إحدى رجليه ساقطة وكان يمشي ~~في جارن خشب وسبب سقوطها أنه أصابه في بعض أسفاره ببلاد خوارزم ثلج وبرد ~~شديد فسقطت رجله وكان بيده محضر فيه شهادة خلق كثير ممن أطلعوا على حقيقة ~~ذلك خوفا من أن يظن به أنها قطعت لريبة وقيل إنه سئل عن قطع سبب رجله فقال: ~~دعاء الوالدة وذلك أني في صباي أمسكت عصفورا وربطت خيطا في رجله فأفلت من ~~يدي فأركته وقد دخل في خرق فجذبته فانقطعت رجله في الخيط فتألمت والدتي ~~لذلك وقالت قطع الله رجل الأبعد كما قطعت رجله. فلما دخلت إلى بخارى لطلب ~~العلم سقطت من الدابة وانكسرت الرجل وعملت على عملا أوجب قطعها. وكان ~~الزمخشري معتزلي الاعتقاد متظاهرا به وكان إذا قصد صاحبا PageV03P296 # له واستأذن عليه في الدخول يقول له: أبو القاسم العتزلي بالباب. # وأول من صنف الكشاف كتب استفتاح الخطبة: " الحمد لله الذي خلق القرآن " ~~فقيل له: متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس ولا يرغب أحد فيه فغيره ~~وقال: " الحمد لله الذي جعل القرآن " وجعل عندهم: بمعنى خلق. ورئي في كثير ~~من النسخ: " الحمد لله الذي أنزل القرآن " وهذا إصلاح الناس لا إصلاح ~~المصنف. # ومن شعره يرثي ms589 شيخه أبا مضر محمودا: # وقائلة ما هذه الدرر التي ... تساقط من عينيك سمطين سمطين # فقلت لها الدر الذي كان قد حشا ... أبو مضر أذنى تساقط من عيني # وأنشد في كتابه الكشاف لبعضهم: # يا من يرى مدينة البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الأليل # ويرى عروق نياطها في نحرها ... والمخ في تلك العظام النحل # اغفر لعبد تاب من فرطته ... ما كان منه في الزمان الأول # ويروى أن الزمخشري أوصى أن تكتب هذه الأبيات على لوح قبره. # وقال غير ابن خلكان في البيت الأخير: # أمنن على بتوبة أمحو بها ... ما كان مني في الزمان الأول # وهذا لا يناسب الكتب على لوح القبر وإنما يناسبه ما روي ابن خلكان ~~فتأمله. PageV03P297 # ثم قال ابن خلكان: وحدث بعض الأصحاب أنه رأى بجزيرة سواكن تربة ملكها ~~عزيز الدولة ريحان وعلى قبره مكتوب: # يا أيها الناس كان لي أمل ... قصر بي عن بلوغه الأجل # فليتق الله ربه رجل ... أكنه قبل موته العمل # ما أنا وحدي نقلت حيث ترى ... كل إلى ما نقلت ينتقل # توفي الزمخشري ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة. # انتهى كلام ابن خلكان. # وقد تقدم في التأليف الذي نقلناه عن الشيخ ابن غازي رحمه الله بعض إلمام ~~بحال الزمخشري سامحه الله. # ومن نظم الزمخشري قوله يمدح كتاب سيبويه رحمه الله: # ألا صلى الإله صلاة حق ... على عمرو بن عثمان بن قنبر # فإن كتابه لم يغن عنه ... بنو قلم ولا ابناء منبر ### || بين الزمخشري وأهل السنة # وأنشد الزمخشري في كشافه لبعض العدلية يعرض بأهل السنة والجماعة المفلحين ~~وينصر مذهبه الفاسد: # لجماعة سموا هواهم سنة ... وجماعة حمر لعمري موكفة PageV03P298 # قد شبهوه بخلقه وتخوفوا ... شنع الورى فتستروا بالبلكفة # ود تصدى للرد عليه من أهل السنة رضي الله عنهم جم وافر وأبدوا ما يؤيد ~~مذهبهم الظافر وتركوا المبتدع يحك رأسه بغير أظافر. # ولنذكر الآن ما حضرنا من ذلك كقول صاحب الانتصاف من لكشاف وهو ناصر الدين ~~بن المنير الإسكندراني رحمه الله تعالى: # وجماعة كفروا برؤية ربهم ... هذا ووعد ms590 الله ما أن يخلفه # وتلقبوا عدلية قلنا أجل ... عدلوا بربهم فحسبهم سفه # وتلقبوا الناجين كلا انهم ... إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه # وكقوله أيضا أعني أصحاب الانتصاف: # عجبا لقوم ظالمين تلقبوا ... بالعدل ما فيهم لعمري معرفة # قد جاءهم من حيث لا يدرونه ... تعطيل ذات الله مع نفي الصفة # وكقول الشيخ الإمام أبي علي عمر بن محمد خليل السكوني الأصولي رحمه الله: # سميت جهلا صدر أمة أحمد ... وذوي البصائر بالحمير المؤكفة # ورميتهم عن نبعة سويتها ... رمي الوليد غدا يمزق مصحفة # وزعمت إن قد شيهوه بخلقه ... وتخوفوا فتستروا بالبلكفة # نطق الكتاب وأنت تنطق بالهوى ... فهو الهوى بك في المهاوي المتلفة # وجب الجسار عليك فانظر منصفا ... في آية الأعراف فهي المنصفة PageV03P299 # أترى الكليم أتى بجهل ما أتى ... وأتى شيوخك ما أتوا عن معرفة # وقول القاضي أبي عمر بن عبد الرفيع: # جورية وتلقبت عدلية ... وعن الصواب عدولها للسفسفه # نفوا الصفات وعطلوا وتمجسوا ... ويكابرون وشأنهم جلب السفه # هكذا وجد بخط الإمام أبي عبد الله بن مرزوق ورأيته بخط بعض الأصحاب: ~~وشأنهم حال السفه، والأمر في ذلك قريب. # وقول الإمام القاضي أبي عبد الله محمد بن علي الأجمي التونسي قاضي ~~الأنكحة رحمه الله تعالى: # لهواتف هتفوا وظنوا هتفهم ... عدلا لقد بلغوا النهاية في السفه # زعموا بأن الذات قام بغيرها ... صفة وفيها أوجبوا حكم الصفة # خرقوا سياجا شاده سلف الهدى ... وتمذهبوا بمذاهب مستنكفة # وأتى الأخير الغمر من أتباعهم ... يبغي الحجاج معرضا بالبلكفة # أعني الخوارزمي ذا الصلفال ... لم يتئد من جهله بالمعرفة # بل تاه في بيدا الجهالة معرضا ... كحمار وحش في مهامة متلفة # وقول الفقيه أبي زكريا يحيى بن منصور التونسي قال الشيخ ابن مرزوق رحمه ~~الله: وفي جوابه تعريض بجواب الأجمي فوقه: # عجبا لحبر في البلاغو ذائق ... علم الفصاحة فرده ومؤلفه # جمع المعاني والبيان مكشفا ... أسرار قرآن بأكمل معرفة # وأضل الله العظيم فراغ عن ... سنن الصواب وحاد عنه وحرفه # فأحق قدرة حادث وأحال رؤ ... ية واجب أو أن تكون له صفة # ما ذاك إلا فعل قهار ms591 به ... قوم ذوو رشد وقوم في سفه PageV03P300 # والله أسأل رحمة لجميعنا ... ودخولنا فيمن حباه وشرفه # متوسلين بأحمد خير الورى ... صلى عليه الله ما نطقت شفة # وقوله الفقيه أبي محمد عبد الواحد اليفرني: # قل للذي جمع النظام وخلفه ... من بعده لك موعد لن تخلفه # أثبت عدل جماعة في جورهم ... والجور أثبته لهم نفي الصفة # ستكون من تلك الجماعة يوم هم ... حمر لغي أو لكي موقفه # وقوله شيخ الإسلام أبي عبد الله بن عرفة رحمه الله: # لحثالة سموا هواهم معدلا ... وحثالة حمر لكي موقفه # قد شهوه بالمحال وعطلوا ... وتستروا باللذات عن نفي الصفة # قوله: " قد شبهوه بالمحال " أي لقولهم: " عالم لا بعلم " ونفي العلم ~~يستلزم أن يكون محالا. هكذا ألفي في بعض المقيدات والله اعلم. # وقول خطيب الخطباء الرئيس الحاجب الفيه المحدث الرحال سيدي أبي عبد الله ~~بن مرزوق التلمساني رحمه الله تعالى: # وجماعة عرفت لعمري بالسفه ... وتمسك بظلال أهل الفلسفة # عدلت عن النهج القويم فلقبت ... عدلية وعدولها عن معرفة # ضلت وقالت لن يرى ربي الورى ... يوم الجزاء فألزت نفي الصفة # هذا وكم من زلة زلت وكم ... من مذهب ذهبت به في متلفه # وكذاك أسلمت الأمور لنفسها ... هيهات تنقذ نفسها من متلفه # كيف السبيل لصرفها عن غيها ... والعدل يمنع صرفها والمعرفة # وقال سعد الدين الالتفتزاني رحمه الله عند ذكر البيتين اللذين أنشدهما PageV03P301 # الزمخشري ما نصه: ولقد عورض ما أنشده وأنشأه من الهذيان. قال الإمام ~~المحقق محي السنة قامع البديعة كامل الدين المظفر ردا عليهم: # لجماعة كفروا برؤية ربهم ... ولقائه حمر لعمري موكفة # هم عطلوه عن الصفات وعطلوا ... عنه الفعال فيها لها من منكفة # هم نازعوا الخلق حتى أشركوا ... بالله زمرة حاكة وأساكفه # هذا غلقوا أبواب رحمته التي ... هي لا تزال على العصاة موكفة # ولهم قواعد في العقائد رذلة ... ومذاهب مجهولة مستنكفة # يبكي كتاب الله من تأويلهم ... بدموعهم المنهلة المستوكفة # وكذا أحاديث النبي دموعها ... منهم على الخدين غير مكفكفه # فالله أمطر في سحاب عذابه ... وعقابه أبدا عليهم أوكفه # انتهى لكلام السعد رحمه الله ms592. # وقال الطيبي رحمه الله: وأجابه بعض أهل السنة بقوله: # عبا لقوم ظالمين تستروا ... بالعدل ما فيهم لعمري معرفة # البيتين وقد تقدم أنهما لصاحب الانتصاف حسبما صرح بذلك الإمام ابن مرزوق ~~فبان أنه المعنى بقول الطيبي: أجاب بعض أهل السنة والله اعلم. # قلت: وقد رأيت بتلمستان بخط الفقيه أبي عبد الله محمد بن الحداد الوادي # آشي ثم الغرناطي نزيل تلمستان رحمه الله جوابا بديعا جدا للشيخ الإمام ~~ابن الجبير اليحصبي أحد أعلام المناخرين بالأندلس ونقلته ن خطه الحسن وهو: # وجماعة منشوءة بدعية ... مصروفة عن رشدها متعسفة # حاروا وسموا قومهم عدلية ... عدلوا ولكن عن طريق المعرفة PageV03P302 # قوم نفوا عن ربهم أحكامه ... في خلقه لما نفوا عنه الصفة # غطوا على التعطيل بالتنزيه إذ ... ضلوا ضلال الأسرة المتفلسفة # فطريقهم أس الضلال وقولهم ... عين المحال محض السفه # الحق جب سنام جبائيهم ... وقناة نجل عبيدهم متقصفة # وتناثرت خرزات نظام لهم ... والكودن العلاف بل المعلفة # والشيخ محمود هو الفيل الذي ... كادوا به المعنى الذي في البلكفة # ما منهم إلا حمار صوتت ... في فيه جحفلة ويحسبها شفة # قال وكتب بخطه الرائق تحت قوله إلا حمار ما نصه: البادي أظلم. انتهى. # ولا خفاء ببراعة هذا النظم وحسن مساه وتوطئته للتورية البديعة التي هي ~~قوله: " والشيخ محمود " الخ فإن هذا التلميح لقصة الفيل المذكورة في القرآن ~~في قوله تعالى:) ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل (وقد صرح غير واحد من أهل ~~التفسير والسير أن اسم ذلك الفيل الذي جاء به أبرهة لهدم الكعبة محمود فجبر ~~بذلك ابن الجبير ما ضاع ن الاتفاق الغريب والله تعالى يجازيه أفضل جزائه ~~وجميع أهل السنة بما أتوا به ن الحجج التي جدعت أنف كل مستريب. # وبعد أن كتب ما ذكرته من حفظي راجعت مقيداتي فألفيت بها مما نقلته من خط ~~الوادي آشي المذكور ما نصه: أنشدنا شيخنا وبركتنا العالم الجليل الخطيب ~~المصقع البليغ المفيد إمام PageV03P303 # وقته في العلوم والتحصيل والفهوم قاضي الجماعة سيدنا أبو عبد الله محمد ~~بن علي بن الازرق رضي الله ms593 عنه وأمتع ببقائه وإفادته ووصل أسباب سعادته. ~~قال: أنشدني شيخ الأدباء وحجة البلغاء الكاتب المجيد الأبرع أبو عبد الله ~~محمد بن الجبير اليحصبي معارضا للبيتين الشهيرين اللذين أنشدهما الزمخشري ~~فعارضهما ابن الجبير بقوله: # وجماعة منشوءة بدعية ... مصروفة عن رشدها متعسفة # الأبيات. قال شيخنا: ولما أنشده الأبيات ناظمها كتبها له بخطه الحسن وكتب ~~تحت قول إلا حمار البادي أظلم انتهى. # ثم قال الوادي آشي المذكور: ولسيدي ابن الجبير المذكور ومن خطه قيدت: # كلما رمت أن أقدم خيرا ... لمعادي ورمت أني أتوب # صرفتني بواعث النفس قسرا ... فتقاعست والذنوب ذنوب # رب قلب قلبي لعزة خير ... بمتاب ففي يديك القلوب # وله أيضا وقد أشار عليه الرئيس الكاتب أبو عبد الله الشران بإنشاء صدر ~~لمكاتبات سلطانية: # ذرعي وصدري بالصدور ... هذا يضيق وذا يدور # أنت الملئ بكتبها ... ما للصدور سوى الصدور # فأجابه الشران بقوله: # تجر اجتهادك لن يبور ... فدع الكلام وكن صبور PageV03P304 # إن الصدور بك ازدهت ... بالدر تزدان الصدور # نقلت هذا كله من خط الفقيه أبي عبد الله محمد الوادي آشي المذكور آنفا ~~رحمه الله تعالى. # ثم قال الوادي آشي المذكور: سمعت شيخنا الإمام سيدي بن الازرق اصبحي رحمه ~~الله بمجلس تدريسه من الجامع الأعظم بغرناطة يقول: كان أبو محمد عوف بن ~~يوسف الخزاعي من أهل القيران يقول: الخلائق كلهم أعداء بني آدم وبنو آدم ~~كلهم أعداء المسلمين وجميعهم أعداء أهل السنة. انتهى. # وذكر الرشاطي بسند متصل إلى أنس بن مال رضي الله عنه قال: قال رسول الله ~~صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى:) وإن جندنا لهم الغالبون (قال: هم ~~أهل السنة والجماعة. # انتهى ما قيدته من خط الوادي آشي المذكور رحمه الله. # وكان رحمه الله ممن حل بتلمستان بعد أخذ غرناطة أعادها الله وحصلت له بها ~~مصاهرة مع أعيانها بني مرزوق ثم آلت إلى مقاطعة حسبما ذكر ذلك في بعض ما له ~~من النظم وكان له نظم لا بأس به فمن ذلك قوله رحمه الله بعد بيت سقط من ~~حفظي مضمنه أن الناس ms594 لاموه عندما طلق بنت ابن مرزوق أظنه هكذا: # يلومني الأقوام من بعد مثال سطا ... علي ابن مرزوق ومن بإنفاق PageV03P305 # فقلت لهم كفوا الملام فإنني ... تركت ابن مرزوق وأممت رزاقي # ومن ذلك قوله يرثي الشيخ الإمام الحافظ بل حافظ الإسلام سيدي أحمد بن ~~يحيى الونشريشي الأصل التلمساني نزيل فاس صاحب المعيار وغيره: # لد أظلمت فاس بل الغرب كله ... بموت الفقيه الونشريشي أحمد # رئيس ذوي الفتوى بغير منازع ... وعارف أحكام النوازل الاوحد # له دربه فيها ورأى مسدد ... بإرشاده الأعلام في ذاك تهتدي # وتالله ما في غربنا اليوم مثله ... ولا من يدانيه بطول تردد # عليه من الرحمن أفضل رحمة ... تروح على مثواه وتغتدي # وقوله في رثائه أيضا: # أبعد ابن يحيى اليوم في الغرب عالم ... يطبق بالفتيا المفاصل مثله # ويعرف من فقه النوازل غاية ... يوقع منها ما به بان نبله # وإن جئت للإنصاف لم يبق مثله ... وهذا الجليل ليس ينكر فضله # فإذ كان جاء الموت فالصبر والرضا ... على ما قضي فالحول حوله # وقوله في ذلك: # رأيت نجوم الدين تبكي حزينة ... على فقد حبر كان قطب أولي العليا # فقلت ومن هذا فقال مجيببة ... على الونشريشي رئيس ذوي الفتيا # فصحنا وقلنا: ويلنا ثم ويلنا ... على فقده مذ غاب أظلمت الدنيا PageV03P306 # عليه من الرحمن أفضل رحمة ... تعاهد مثواه مع لجود والسقيا # وقوله وقد بدل القافية: # رأيت نجوم الدين تبكي حزينة ... على فقد من قد كان قطب زمانه # فقلت ومن فقالت مجيبة ... على الوانشريشي وحيد أوانه # إليه أنتهت في الفقه كل رياسة ... ومعرفة زينت بحسن بيانه # ومذ غاب عنا أظلم الكون كله ... وصار الضحى ليلا لفقد عيانه # وإن عزائي فيه للخلق كلهم ... خصوصا ذوي فقه لعز مكانه # وكانت وفاة الإمام الوانشريشي المذكور يوم الثلاثاء موفى عشرين من صفر من ~~عام أربعة عشر وتسع مائة بمدينة فاس رحمه الله ونجب ولده شيخ شيخنا القاضي ~~سيدي عبد الواحد رحمه الله. # ومن نظمه أعني الوادي آشي المذكور رحمه الله يمدح الفقيه أحمد العبادي ~~يقول: # ومن مثله في العلم فنونه ... مع الدين ms595 والتقوى على صغر السن # فأثبته المولى وأثبت أمره ... وزكى علوما حاز في غير ما فن # ومن نظم الوادي آشي المذكور قوله: # يلمسان أرض لا تليق بحالنا ... ولكن لطف الله نسأل في القضا # وكيف يحب المرء أرضا يسوسها ... يهود وفجار ومن ليس يرتضى PageV03P307 # وقوله رحمه الله: # غريب في تلمسان وحيد ... من الأحباب ليس له مشاكل # وكم فيها من الأصحاب ولكن ... عدمت بها المناسب والمماثل # وكان رحمه الله كثير النسخ والتقليد آية الله في ذلك حتى أني رأيت في ~~خزائن أهل تلمسان بخطه نحو المائة سفر ورأيت بفاس نحو المثان مائة. وأخبرني ~~مولانا شيخ الإسلام عمنا مفتي تلمسان سيدي سعيد بن أحمد المقري رحمه الله ~~أنه نسخ بخطه نحو العشرين نسخة من توضيح خليل وكان يحترف بالنسخ رحمه الله ~~ونظمه نظم فقيه وربما يقع له النادر ولولا الإطالة لجلبت أشياء من ذلك ~~زيادة على ما سبق. # ورأيت بخطه رحمه الله ما نصه: ولسيدي محمد العربي أبقاه الله عند محاصرة ~~النصارى للحضرة: # بالطبل في كل يوم ... وبالنقير نراع # وليس من بعد هذا ... وذاك إلا القراع # يا رب جبرك يرجو ... من هيض منه الدراع # لا تسلبني صبرا ... به لقلبي أدراع # وله أيضا وقد ظفر ببعض المرتدين ممن صار والعياذ بالله غبيا يجره الناس ~~بالحضرة حيا: PageV03P308 # إلا رب مغمور تنصر ضلة ... فحاق به شؤم الضلال وشره # فإن يرتفع عند النصارى بالعتنا ... فكم عندنا من حرف حبل يجره # وله أيضا: # صور أن كنت نبيلا صورة ... دام في تصويرها البحث وطالا # زوجة إن دخلت بيتا فقد ... حرمت من بعد ما كانت حلالا # جوابه: # هي إن لم تلتبس زوج امرئ ... بنسا بيت قد أعجزن الرجالا # حيث قد أنكرن طرا عصمة ... منه قد ضمن دعواها المقالا # وله أيضا ملغزا: # ما رجل يعجب من أمره ... من لم يحقق نفسه أمره # حللت له وحرمت زوجته ... في اليوم تثني عشرة مرة # انتهى. # قلت: وهذا أبو عبد الله المذكور هو صاحب الكتاب الذي بحث به سلطان ~~الأندلس أبو عبد الله المخلوع آخر ملوك ms596 الأندلس إلى السلطان الشيخ الوطاسي ~~صاحب فاس وقد تقدم ذكره في أول هذا الموضوع فراجعه إن شئت. # وقد حلاه الوادي آشي بقوله: PageV03P309 # " بليغ العصر بل الدنيا وكالك زمامي النظم والنثر بلا ثنيا سيدي محمد ~~العربي أنسأ الله أجله وبلغه الله أمله ". انتهى. # ورأيت بخط الوادي آشي المذكور ما نصه: من الوثائق المجموعة: إن ذكر ~~الموصي في تابه أن تنفذ وصيته من سكة كانت تجري في حين الوصية ثم توفي ~~الموصي وقد انقطعت تلك السكة فإن وصيته إنما تنفذ من تلك السكة التي كانت ~~تجري يوم الوصية إلا أن يكون نص في وصيته أن تكون وصيته من النقد الجاري ~~يوم تنفذ الوصية فيكون الله عهد فإن وقعت وصيته مطلقة ولم يشترط صفة فإما ~~يكون ذلك مما يجري يوم التنفيذ وذلك بخلاف الكوالي والديون. انتهى. # قال محمد الوادي آشي قوله: " إنما تخرج مما يجري يوم التنفيذ إن لم يشترط ~~الصفة " والذي في الكافئ لابي عمر خلافه وعلى ما في الكافي في ذلك العمل ~~وبه شاهدت شيخنا المواق يفتي وشيخنا قاضي الجماعة ابن منظور رحمه الله ~~يحكم. انتهى. # ورأيت بخطه رحمه الله ما نصه: وجد الرئيس القاضي أبي يحيى بن عاصم رحمه ~~الله تعالى: الحمد لله. # إنما تستقل العقود الصحيحة وتتم الموجبات الصريحة بثبوتها لدى الحاكم ~~المنعقد ولايته عند تحصيل شروطها صحة وكمالا وذلك بأداء نصاب PageV03P310 # شهادتها العادلة استتماما واستكمالا، فإذا كان أحد شهدائها السلطان ~~الأعظم أو من أقامه السلطان مقامه، وهو قيوم الشرعة الذي ارتضاه الإمام ~~لإنفاذ أحكامها عوضا منه؛ فإن العمل الجاري بهذه الحضرة عند أهل كتب ~~الأحكام، وهو اللازم اقتفاؤه، إذا أريد ثبوت العقد فيه هذه الشهادة ~~واكتفاؤه؛ أن يشهد القاضي الذي به نصاب هذه الشهادة عليها اثنين من شهداء ~~العدالة أنها شهادته، ثم يؤدي عنده هذان العدلان، ويخطب هذا الرسم على ما ~~مرت به شهادته، ويعلم للشهادة من شهد معه أداء وقبولا، خطابا عند غيره من ~~القضاة مقبولا، فإذا كان الفقه هكذا مقررا، والعمل على هذه السنة محررا؛ ~~فمن ms597 أشهده الآن قاضي الجماعة بحضرة غرناطة فلان بن فلان الأول من شهيدي ~~الرسم فوقه، على أن الشهادة الموضوعة فيه أولا هي شهادته التي بها أشهد، ~~وأنها مكتوبة بخط يده الذي منه تعود وأنه تحملها مسؤلة منه تحقيقيا ويؤدي ~~عليها مطلقا إيجابا لها وتصديقا في كذا. # قال الوادي أشي ومن خطه أيضا: الحمد لله. # القول الظاهر الأدله، الدارج على ارتكاب القضاة الأجلة؛ الجاري لدينا به ~~العمل فيما تقبل به العقود المستقلة، قبول خطاب الحكم العدل مطلقا وإن عزل ~~أو توفى، وخط القاضي المعلوم العدالة إذا ثبت أنه خطه بكفي. والقول الآخر ~~هو الذي رجحه غير واحد، وأكثروا على صحته من الحجج والشواهد. وللخروج من ~~الخلاف وصون موعده من الاختلاف؛ أشهد الآن قاضي الجماعة، وقيوم أحكامها ~~المطاعة، فلان بن فلان وصل الله توفيقه، وكافأ PageV03P311 # تثبته في النظر وتقيقه، بثبوت الرسم فوقه لديه، واستقلاله عنده الاستقلال ~~الكافي المعتمد عليه، لثبوت الرسم فوقه، لصحة الشهادة الأولى، ولإعلامه ~~المعرب عن صحة ثانية الشاهدتين هنالك أداء وقبولا، فما كان كذلك لمن يرد ~~عليه من القضاة أن يقبله على ثاني القولين اتفاقا، هو الذي أشهد به الآن ~~برهانا لما ثبت لديه من ذلك ومصداقا؛ تسجيلا بإشهاده لصحة عقده، وذخيرة ~~لليوم وما يأتي من بعده، وعمدة تقي الحكم على أمل الاحتمالين وأولاهما من ~~إجازته أو رده؛ شهد على قاضي الجماعة المسمى بما فيه عنه من ثبوت وتسجيل ~~وقبول وتعديل؛ وهو في مجلس أحكامه، ومظهر نقضه وإبرامه؛ في كذا. انتهى. # قال محمد الوادي آشي رحمه الله: هذه المسألة فوق هذا تليه، قد صنف فيها ~~الشيخ الفقيه القاضي الجليل سيدي الحاج أحمد بن عبد الجليل اللخمي - ممن ~~أدركناه بغرناطة مدرسا ونائبا عن قاضي الجماعة بها، وأدينا مرارا شهادات، ~~وحضرنا جنازته رحمه الله - تصنيفا مفيدا، لخص فيه المسألة وأستظهر بالنقول، ~~ولم يبق لأحد ما يقول. # وأما من كان شاهدا في رسم ثم صادف أن صار قاضيا، وطولب بخطابه، فقد نزلت ~~بي هذه بالمنكب، وأنا أنوب بها لضرورة بعض أيام، لمنيب قاضيها ms598 إذ ذاك ~~بالحضرة، أواخر شعبان وأوائل رمضان عام سبعة وتسعين وثمان مائة، فصنعت ~~طريقة مختصرة، كنت تلقيتها من شيخنا ابن منظور وأخبرني أنها طريقة شيخه ~~البدوي: أشهدت عدلين على شهادتي، وأديا لدي بذلك فقبلتهما، وشهد على خط PageV03P312 # الآخر لمغيبه بالحضرة، وكتبت على الغائب: عرف بها عدلان لمغيبه، وعلى ~~شهادتي: أشهدت بها عدلين، وأديا لدي بذلك فقبلتهما، وكتبت أسفله: ثبت ~~بواجبه، وأعلم بذلك فلان، وفقه الله تعالى على من يقف عليه. # ونقلت من خط الوادي آشي المذكور ما نصه: وجدت بخط سيدي وشيخي الكاتب ~~الإمام الأعرف، سيدي محمد بن الجبير، رحمه الله تعالى وعفا عنا وعنه، ما ~~نصه: ### || دعاء مبارك لتفريج الأزمات # اللهم إني تبرأت من حولي وقوتي، واستوثقت بحولك وقوتك، أرني عجائب لطفك، ~~وغرائب حكمتك وقدرتك، وأتني بفرج من عندك كما فرجت على يوسف الصديق نبيك، ~~يا ارحم الراحمين. # هذا الدعاء إن ذكره أسير أو مسجون أو مكروب تسعين ألف مرة، يقول آخر كل ~~ألف: يا لطيف يا لطيف يا لطيف، بعد البسملة، عاجله الفرج في حين، ونفس الله ~~سبحانه عنه، انتهى. # ومن خطه أيضا رحمه الله ما نصه: من كلام بعض العلماء، وينسب إلى الأستاذ ~~أبي سعيد بن لب، رحمه الله: قد يأمر بما يريد فلا يكون وقد ينهى عما أراد ~~فيكون، كلف العباد وأراد منهم ما علم أنهم بع عاملون، كلف بما شرع، وجعل له ~~عاقبة، PageV03P313 # وأراد ما وقع، وقطع الارتباط بين المشرع والواقع، فلا يقتضي أحدهما ~~الآخر. انتهى. # ومن خطه أيضا ما نصه: ومن شرح خليل لسيدي أبي القاسم بن سراج: يحتاج إذا ~~بيع الفدان وفيه زرع لم ينبت، أن يقول عاقد الوثيقة: " وفي الأرض زرع لم ~~ينبت، فهو للمشتري بالعقد على مقتضى الشرع " لأنه إن لم يذكر هذا فقد ~~يتنازع المتبايعان بعد ذلك: هل كان الزرع قد نبت أو لم ينبت، فيؤدي إلى ~~اختلاف المتبايعين، انتهى. # ومن خطه أيضا: وفي شرح عقيدة النسفي للتفتزاني ما نصه: وفي فتاوى قاضي ~~خان: أجمعوا على أنه إذا ارتشى - يعني ms599 القاضي - لا ينفذ قضاؤه فيما ارتشى، ~~وأنه إذا أخذ القاضي القضاء بالرشوة لا يصير قاضيا ولو قضى لا ينفذ قضاؤه، ~~انتهى. # ومن خطه أيضا رحمه الله: ولبعضهم وكان شيخنا ابن منظور يستحسنهما غاية ~~هذان البيتان: # لما أسر الماء في أذن الحصى ... وقف النسيم ليسمع الأخبارا # فوشى به غرد فخاف فضيحة ... فبكى الغمام فأضحك الأنهارا # ومن خطه أيضا رحمه الله: حدثني الفقيه العدل سيدي حسن بن القائد الزعيم ~~الأفضل سيدي إبراهيم العراف، أنه حضر مرة لإنزال الطلسم PageV03P314 # المعروف بفروج الرواح، من العلية بالقصبة القديمة من غرناطة بسبب البناء ~~والإصلاح؛ وأنه عاينه من سبعة معادن، مكتوبا فيه: # إيوان غرناطة الغراء معتبر ... طلسمه بولاة الحال دوار # وفارس روحه ريح تدبره ... من الجماد ولكن فيه أسرار # فسوف يبقى قليلا ثم تطرقه ... دهماء يخرب منها الملك والدار # ومن خطه أيضا رحمه الله: أنشدنا شيخنا القاضي ابن منظور بمجلس إقانه ~~قائلا: إن فقيها من رندة كان كثيرا ما يتمثل بهذين البيتين: # أرى الكساد في صنعة الكتبة ... ما إن يباع بها شقص ولا عتبة # تبا لصنعة قوم رأس مالهم ... حبر تبدده في صفحة قصبة # ومن خطه أيضا رحمه الله ما نصه: ألفيت بخط شيخ شيوخنا قاضي الجماعة، ~~الحافظ أبي القاسم بن سراج، رحمه الله، ما نصه: # تنبيه # جاءت الرواية في العتبية فيمن اشترى ثمرة على ألا يقوم بالجائحة: أن ~~البيع صحيح والشرط باطل. فلما نزل ما أرى الله به من مجيء النصارى إلى فحص ~~غرناطة، وأفسدوا الزرع، غرم المكترون الكراء، لأن الجيش ليس من الجوائح ~~التي تحط من الكراء، فامتنع الناس بعد ذلك من اكتراء الأرض خوفا من مجيء ~~النصارى، وأدى ذلك إلى خسارة على الأحباس، فرأيت أن تكرى الأرض بشرط أنه إن ~~جاء النصارى وأفسدوا، أن يحط الكراء. فاعتمدت في صحة العقد على قياس العكس، ~~وهو أنه لا تفسخ PageV03P315 # المعاملة بشرط القيام بالجائحة، فيما لا يشرع فيه القيام بالجائحة، ويبقى ~~النظر في الوفاء بالشرط في مسألة الكراء، لما في ذلك من عموم المصلحة. ~~انتهى. # ومن خط ms600 الوادي آشي المذكور أيضا ما نصه: قال محمد بن الحداد الوادي آشي، ~~رحمه الله: وقعت مسألة وهي: رجل رهن بيد آخر دارا له، وحوره أياها، ~~وشرطالمرتهن المنفعة لنفسه، ثم إن الراهن دخل الدار وسكنها، وعادت بيده، ~~واتصل الأمر كذلك إلى تمام الأمد، وحلول الدين، فطلب المرتهن الرهان بكراء ~~المثل، فظهر لي بقصوري وتقصيري، وجهلي المركب وعدم مقدوري، أنه لا كراء له، ~~بدليل ظاهر الأقوال والروايات، ومنها ما حكاه في المقرب عن ابن القاسم ~~ونصه: ومن ارتهن دار ثم أذن للراهن أن يسكنها، أو يكريها فقد خرجت من ~~الرهن، وإن لم يسكن ولم يكر، ومنها ما هو مقرر معلوم أن المتهن إذا ترك ~~كراء الدار ولها خطب وقدر، فمذهب ابن الماجشون أنه يضمن كراء مثلها، لأنه ~~تعمد إبطالها، ما لم يكن الراهن عالما، فإنه لا يضمن حينئذ لأن سكوت الراهن ~~عن ذلك رضا منه. # وكان شيخنا وإمامنا قاضي الجماعة سيدي محمد بن الأزرق، ابقى الله بركته، ~~وهو الذي وقعت النازلة بين يديه؛ لا يوافق على ما ظهرلي؛ وينازع في ذلك ~~ويرى إلزام الكراء؛ ونسيت الآن ما كان يستدل به، ولست على تحقيق بما حكم ~~بهفيها آخر الأمر، وذلك في عام تسعين وثمان مائة، بيد أنه تكلم فيها مع ~~طلبته بمجلس درسه، وحضرت لذلك وأنا أعطلهم وأقلهم علما، وأسوئهم فهما، ~~وأقلهم تحصيلا ونبلا، وهلم جرا؛ فأجبت بما قيدت PageV03P316 # هنا، مستدلا بما نقلته، فلم يوافقني هو ولا غيره، فضل الله يؤتيه من ~~يشاء، فقد قدر الله أن بضاعتي في العلم مزجاة، ولا حول ولا قوة إلا بالله ~~العلي العظيم. # انتهى ما حضرني الآن من كلام الوادي آشي؛ ومقيداته وإفاداته وإنشاداته ~~كثيرة جدا. # وشيخه ابن الأزرق، المشار إليه في كلامه: هو الإمام العلامة الخطيب ~~الحجة، الأعرف المؤرخ، الناظم الناثر الراوية، قاضي الجماعة بحضرة غرناطة، ~~أعادها الله دار إسلام، سيدي أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد، الشهير ~~بابن الأزرق الغرناطي. # قال السخاوي: لازم الأستاذ إبراهيم بن أحمد بن فتوح، مفتي غرناطة، في ~~النحو ms601 والأصلين والمنطق، بحيث أنه كان جل انتفاعه به، وحضر مجالس أبي عبد ~~الله محمد بن محمد السرقسطي، العالم الزاهد مفتيها أيضا في الفقه، ومجالس ~~الخطيب أبي الفرج عبد الله بن أحمد البقني، والشهاب قاضي الجماعة أحمد بن ~~أبي يحيى الشريف التلمساني. انتهى. # وله تآليف عظيمة النغع وقفت عليها بتلمسان منها شرحه اللحافل على مختصر ~~خليل، وسماه شفاء الغليل، وقد توارد مع ابن غازي على هذه التلسية، فالله ~~أعلم بالسابق منها إليها. # على أني أعتقد أن كل واحد منها لم يسمع بتسمية الآخر. وقد كان مولانا ~~العم، سقى الله ثراه، يقول: لعل تسمية ابن الأزرق شفاء العليل " بالعين ". # قلت: ويبعده إني رأيت الخطبة بخط تلميذه الوادي آشي، السابق أنفا: PageV03P317 # الغليل " بالغين "، ومثله بخط عم أبينا الفقيه العلامة، آية الله في ~~معرفة الأحكام، سيدي محمد المقري رحمه الله. # وهذا الشرح لم يؤلف على مختصر خليل مثله: إقناعا ونقلا وفيها، وقد رأيت ~~منه نحو الثلاثة أسفار، ولا أدري هل أتمه أم لا؟ وتمامه يكون في نحو ~~العشرين سفرا، وقد كتبت بتلمسان خطبته في كراسة، وقد أتى فيها بالعجب ~~العجاب، وهي أدل دليل على غزارة علمه، واتساعه في الفروع والأصول، رحمه ~~الله تعالى. # ومن جملة تآليفه: روضة الإعلام، بمنزلة العربية من علوم الإسلام؛ غاية في ~~بابه، سفر ضخم فيه فوائد وحكايات. وكتاب بدائع السلك، وطبائع الملك؛ كتاب ~~بديع في موضوعه لخص فيه مقدمة تاريخ ابن خلدون المسمى بكتاب العبر، وزاد ~~عليه زيادات كثيرة نافعة، وهو في سفر ضخم وقد نقل عنه صاحب المعيار، أعني ~~عن ابن الأزرق، وأظن أنه نقل عنه في الجامع الذي ختم بع المعيار. # وقد ارتحل رحمه الله إلى تلمسان، عند غلبة العدو الكفار على هضم ما بقى ~~بيد المسلمين بلأندلس، ثم ارتحل منها إلى المشرق ولم أقف على وقت وفاته، ~~إلا أنه كان ارتحاله لتلمسان بعد التسعين وثمان مائة بلا شك، وغالب ظني أن ~~ذلك في أواخر العشرة التي كملت بها تسع مائة سنة للهجرة النبوية، والله ~~اعلم. ولم أتحقق ms602 الآن هل دخلها، أعني تلمسان بعد أخذ غرناطة أو قبله، وقد ~~قدمنا أول هذا الموضوع وقت أخذها. PageV03P318 # ومن شعره رحمه الله عند نزوله طاغية النصارى دمرهم الله بموج غرناطة، ~~أعادها الله للإسلام بجاه النبي عليه الصلاة والسلام: # مشوق بخيمات الأحبة مولع ... تذكره نجد وتغريه لعلع # مواضعكم يا لائمين على الهوى ... فلم يبق للسلوان في القلب موصع # ومن لي بقلب تلظى فيه زفرة ... ومن لي بجفن تنهى منه أدمع # رويدك فارقب للطائف موقعا ... وخل الذي من شره يتوقع # وصبرا فإن الصبر خير تميمة ... ويا فوز من قد كان للصبر يرجع # وبت واثقا باللطف من خير راحم ... فألطافه من لمحة العين أسرع # وإن جل خطب فانتظر فرجا له ... فسوف تراه في غد عنك يرفع # وكن راجعا لله في كل حالة ... فليس لنا إلا إلى الله مرجع # ومنه قوله عند وفاة والدته رحمها الله تعالى: # تقول لي ودموع العين واكفة ... ما أفظع البين والترحال يا ولدي # فقلت أين السرى قالت لرحمة من ... قد عز في الملك لم يولد ولم يلد # ومن بارع نظمه رحمه الله قوله في المجبنات: # ورب محبوبة تبدت ... كأنها الشمس في حلاها # فاعجب لحال الأنام: من قد ... أحبها منهم قلاها # ومن بديع نظمه رحمه الله قصيدة مدح فيها شيخه الإمام العلامة الجليل PageV03P319 # أبا يحيى بن عاصم وهي من غرر النظام وحر الكلام وأثبتها لغرابتها: # خضعت لمعطفه الغصون الميس ... وزنا فهام بمقلتيه النرجس # ذو مبسم زهر الربا في كسبه ... متنافس عن طيبه متنفس # ومورد من ورده أو ناره ... يتنعم القلبالعميد وييأس # فالورد فيه من دموعي يرتوي ... والنار فيه من ضلوعي تقبس # كملت محاسنه فقد ناصر ... ولواحظ نجل وثغر العس # صعب التعطف بالغرام حبيته ... فالحب يحيى والعطف يحبس # غرس التشوق ثم أغرى الوجد بي ... فالوجد يغري والتشوق يغرس # ما كنت أشقى لو حللت بجنة ... من وصله تحيا اديها الأنفس # ألحاظه ورضابه وعذاره ... حور بها أو كوثر أو سندس # وليالي أنس قد أمنت بهن من ... واش ومن رقيب يحرس # أطلعت شمس الراح فيها ms603 فاهتدى ... عاش إلينا في الدجى ومغلس # صفراء كالعقيان في الألوان للن ... دمان كالشهبان منها أكؤس # صبت شقيقا فاستحالت نرجسا ... في مزجها فمورد ومورس # وحبابها يقني بأسنى جوهر ... أنفى لغم المعدمين وأنفس # يجلى بها للغم منها حندسا ... قمر عليه من الذؤابة حندس # حتى إذا عمشت مراة البدر من ... صبح بدا تلقاءه يتنفس # ناديته وسنى الصباح محصحص ... ينجاب عنه من الظلام معسعس # يا مطلع الأنوار زهرا يجتنى ... ومشعشع الصهباء نارا تلمس # بك مجلس الأنس اطمأن وبابن عا ... صم اطمأن من الرياسة مجلس PageV03P320 # بدر بانوار الهدى متطلع ... غيث بأشتات الندى متبجس # حامى فلم نرتع لخطب يعترى ... ووفى فلم نحفل بدهر ينحس # شيم مهذبة وعلم راسخ ... ومكارم هتن ومجد أقعس # لو كان شخصا ذكره لبدا على ... أعطافه من كل حمد ملبس # ذاكم أبو يحيى به تحمى العلا ... وبه خلال الفخر طرا تحرس # بيت على عمد الفخار مطنب ... مجد على متن السماك مؤسس # خيم وعرس في حماه فكم حوى ... فيه المراد مخيم ومعرس # إنا لنغدو هيما فينيلنا ... ريا ويوحشنا النوى فيؤنس # حتى أقمنا والأماني منهضا ... تعالى وابتسمنا والزمان معبس # لم ندر قبل يراعه وبنانه ... أن الذوابل بالغمائم تحبس # هن اليراع بها يؤمن خائف ... ويحاط مذعور ويغني مفلس # مهما انبرت فهي السهام يزي لها ... وقع لأغراض البيان نقرطس # تشفى بمأمله التشكي المعترى ... تحبي بمأمنه الحمام المؤيس # فتقص حين تشق منها ألسن ... وتسير حين تقط منها أرؤس # من كأن وشاء بأسرار النهى ... درب بإظهار السرائر يهجس # قد جمع الأضداد في حركاته ... فلذا اطراد فخاره لا يعكس # عطشان ذو ري يبيس مثمر ... عضبان ذو صفح فصيح أخرس # لله من تلك اليراع جواذب ... للسحر منك كأنها النغنبطس # رضنا شماس القول في اوصافها ... فهي التي راضت لنا ما يشمس # وإليكما حللا تنساب نسجها ... مثلي يفصلها ومثلك يلبس # واهنأ بعيد باسم مبتهل ... وافاك يجهر بالسرور ويهمس PageV03P321 # واحبس لواء الفجر موقوفا فإن ... الحمد موقوف عليك محبس # وبعد أن كتبت هذه القصيدة حدث لي شك: هل هي من نظم القاضي أبي غب بن ms604 ~~الأزرق المذكور أو من نظم ابن الأزرق الآخر الذي جرى ذكره في روضة الأعلام ~~وأنشد له مما يكتب في سيف قوله: # إن عمت الأفق من نقع الوغى سحب ... فشم بها بارقا من لمع إيماض # وإن نوت حركات النصر أرض عدى ... فليس للفتح إلا فعلي الماضي # قلت: ولق صدق رحمه الله في كل ما وصف به قلم الرئيس أبي يحيى بن عاصم ~~الذي تحلت بجواهره لدولة بني نصر نحور ومعاصم فإنه كان آية الله في النظم ~~والنثر وقد تقدم في هذا الموضوع بعض كلامه، وهو قل من كثر؛ ولولا أني أطلت ~~النجعة في هذا الباب، لأتيت بما حصل عندي من كلامه الذي يسحر الألباب؛ وقد ~~أخذ من الفقه ومعرفة الأحكام بحظ بذلك فيه نظراءه، والنفرد في عصره بطريق ~~الأدب، فكان كل أنداده لا يدركه بل يسير وراءه حتى قال الوادي آشي: إن ابن ~~عاصم أبا يحيى، هو ابن الخطيب الثاني، على أن الدولة النصرانية في زمانه ~~وهت منها المباني؛ ومع ذلك فكان رحمه الله يجبر صدع الواقع، ثم اتسع بعده ~~الخرق على الرقع؛ وقد ألمنا فيما سلف من هذا الكتاب بالتعريف به، وذكرنا ~~جملة من كلامه، فراجع ذلك فيما تقدم. # ومن بديع نظمه رحمه الله قوله قاصدا مخاطبة شيخه الحافظ قاضي الجماعة أبي ~~القاسم بن سراج وقد طلب منه الاجتماع به زمان فتنة، فظن أنه يستخبره عن سر ~~من أسرار السلطان، فباعده معتذرا ولم يصدق الظن: PageV03P322 # فديتك لا تسأل عن السر كاتبا ... فتلقاه في حال من الرشد عاطل # ونضطره إما لحالة خائن ... أمانته أو خائض في الأباطل # فلا فرق عندي بين قاض وكاتب ... وشى ذا بحق أو قضى ذا بباطل ### || عود إلى الرد على بيتي الزمخشري # ولنرجع إلى ما كنا فيه من ذكر الرد على البيتين اللذين أنشد الزمخشري ~~فنقول: ومن ذلك قول الإمام ابن عاصم، حسبما نقله عنه العبدري رحمهما الله: # قل للذي سمى الهداة أولى النهى ... حمرا لأن سلب الهدى والمعرفة # فغدا يرجع الاعتزال جهالة ... ويروقه زور وشاة وزخرفه ms605 # الحق أبلج واضح لكنه ... يعشى عيون أولى الضلالة والسفه # اخسأ فقولك طائح كهباءة ... طاحت بها هوج الرياح المعصفه # سوغت ذم جماعة سنية ... قد أحرزوا من كل فضل أشرفه # قطفوا أزهار كل علم نافع ... وأتوا بكل بديعة مستطرفة # قوم هم قمعوا الضلال وحزبه ... بمعاول حكت المواضي المرهفة # هم شيعة الحق الذي ما بعده ... إلا مهاو في الضلالة متلفه # آراؤهم يجلو البصائر نورها ... ويميط أدواء القلوب المدنفه # أقصر فإن شقاقهم كفر فلا ... تدع الرشاد لعصبة متعسفة # من شذ عن سنن الجماعة قد غوى ... جاءت بذا الكتب الصحاح معروفة PageV03P323 # قال العبدري وقد نظم في مثل هذا القاضي أبو حفص بن عمر، فقال: # أجعلتم العلماء حمرا موكفه ... هذا لأنكم أو لو تلك الصفة # أجعلتم صفة الأله وفعله ... ونسبتموه لغيره بالزخرفه # وأردتم تنزيهه فوقعتم ... في الشرك والإلحاد والأمر السفه # خالفتم سنن النبي وصحبه ... وتبعتم في الزيغ أهل الفلسفة # انتهى. # ومما سلك هذا السبيل في الرد على هذين البيتين المتقلصي الظلال، الشيخ ~~الإمام العالم النظار المتبحر، سيدي إبراهيم بن هلال، فقال: # عجبا لقوم عادلين عن الهدى ... ودعوا أولي الحق الحمير الموكفة # وتقبلوا عدليته لما رأوا ... بمقالة شنعاء رأى الفلسفة # ما ذاك إلا من عمى لبصيرة ... وهوى هووا من أجله في متلفة # وأتوا بما دان المجوس وانهم ... حقا مجوس الأمة المتشرفة # هذا وكم من بدعة وضلالة ... من رد حق بالمحال وبالسفة # ردوا القرآن وما تواتر نقله ... من رؤية الباري وهم نفوا الصفة # فالعدل مع هذي المخازي منتف ... والجور معها مثبت والسفسفة # ولقاضي الجماعة الفقيه العلامة المفسر، الدراكة البياني، سيدي الرئيس PageV03P324 # أبي القاسم بن أبي النعيم قاضي حضرة فاس المحوطة بالله، في هذا التاريخ، ~~أبقي الله جلاله: # فيه المجوسية بشرك كفرت ... وصلاح إيجاب ونفي للصفة # وبرؤية الباري تجلى غيهم ... في نفيها وتستروا بالفلسفة # وأنشدني الفقيه الأديب الحاج الرحال الحسيب الأصيل، سيدي علي بن أحمد ~~الشامي الخزرجي، حفظه الله لنفسه، سالكا سنن هؤلاء الأعلام، ومتشبثا بأذيال ~~حزبهم، ومتمسكا بوثقى عروتهم السنية وقربهم، وكتب لي ذلك بخطه أيضا، حفظه ~~الله ms606 تعالى آمين: # يا من أقام على الضلالة معكفه ... ولوى عن الحق الجلى واستنكفه # لا بد من يوم تهل من ... رب العباد مواهب مستو كفه # ويرى به رب العلا رغما على ... انف العداة العائبين البلكفه # وتقول إذ تمسي طريدا ليتني ... أمسيت فيه مع الحمير الموكفه PageV03P325 # وقد آن لنا أن نمسك عنان القلم الذي جمح، فقد طال بن الكلام في هذه ~~الترجمة، ومن نظر ما أوردنا بعين الرضا ولمح، التمس لنا أحسن الأعذار وأغضى ~~وسمح، والحديث ذو شجون، وكما قيل في الامثال، وربما تكثر المناسبات وتنثال؛ ~~ومقصودنا الفائدة، وهذه الأشياء المجلوبة بها غاية، والله يوفقنا إلى عمل ~~يرضي به عنا، ويدفع كل خطب أتعب وعسى يقبل منا، ويعاملنا بمحض كرمه تطولا ~~ومنا، فليس لنا رب سواه، لا اله إلا هو. # وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا؛ ولا حول ولا ~~قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو حسبنا. PageV03P326 ms607