######OpenITI#

#META# URI: 1450MuhammadRiyad.Qahira.Hindawi68184917
#META# Tags: geography
#META# ID: 68184917
#META# Title: القاهرة: نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل
#META# AuthorID: 19152686
#META# Author: محمد رياض
#META# EditorID: None
#META# Editor: None
#META# TranslatorID: None
#META# Translator: None
#META# Related_books: None

#META#Header#End#

# تقديم وإهداء‏

# القاهرة: نوستالجيا مستقبلية‏

# 1 - القاهرة والمكان‏

# 2 - تطبيقات على النمو المكاني في بعض مناطق في القاهرة‏

# 3 - القاهرة والزمان‏

# 4 - القاهرة والناس‏

# 5 - القاهرة والأنشطة الاقتصادية‏

# 6 - فصل في حياة القاهرة المعاصرة‏

# 7 - هل يمكن حل إشكاليات القاهرة‏

# الخاتمة‏

# ملحق الصور‏

# المصادر والمراجع‏

# تقديم وإهداء‏

# القاهرة: نوستالجيا مستقبلية‏

# 1 - القاهرة والمكان‏

# 2 - تطبيقات على النمو المكاني في بعض مناطق في القاهرة‏

# 3 - القاهرة والزمان‏

# 4 - القاهرة والناس‏

# 5 - القاهرة والأنشطة الاقتصادية‏

# 6 - فصل في حياة القاهرة المعاصرة‏

# 7 - هل يمكن حل إشكاليات القاهرة‏

# الخاتمة‏

# ملحق الصور‏

# المصادر والمراجع‏








# | القاهرة






# القاهرة

# نسيج الناس في المكان والزمان ومشكلاتها في الحاضر والمستقبل

# تأليف

# محمد رياض






# تقديم وإهداء

# منذ 600 سنة قال المقريزي شيخ الكتاب عن القاهرة في كتابه الرائع «الخطط»:

# مصر هي مسقط رأسي، ومجمع أترابي، ومجمع ناسي ... وموطن خاصتي وعامتي،
~~وجوي الذي ربى جناحي في وكره، وعش مأربي، فلا تهوى الأنفس غير ذكره،
~~لا زلت مذ شدوت العلم، وآتاني ربي الفطانة والفهامة، أرغب في معرفة
~~أخبارها، وأحب الإشراف على الكثير من آثارها، وأهوى مساءلة الركبان عن
~~سكانها وديارها، فقيدت بخطي في الأعوام الكثيرة من ذلك فوائد
~~قلما يجمعها كتاب، أو يحويها لعزتها وغرابتها إهاب ... فأردت أن ألخص
~~منها أنباء ما بديار مصر من الآثار الباقية عن الأمم الماضية والقرون
~~الخالية ... وأذكر ما بمدينة القاهرة من آثار القصور الزاهرة، وما اشتملت
~~عليه من الخطط والأصقاع، وحوته من المباني البديعة الأوضاع، مع التعريف
~~بحال من أسس ذلك من أعيان الأماثل، والتنويه بذكر الذي شادها من سراة
~~الأعاظم والأفاضل، وأنثر خلال ذلك نكتا لطيفة وحكما بديعة شريفة، من
~~غير إطالة ولا إكثار، ولا إجحاف يخل بالغرض ولا اختصار؛ فلهذا سميته
~~كتاب: «المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار».

# ولد الشيخ تقي الدين أحمد بن علي المقريزي في القاهرة 766 هجرية/1364 ميلادية،
~~وتوفي بها عام 845 هجرية/1442 ميلادية، عن 78 عاما ميلادية.

# لم أر أحسن مما صاغه المقريزي في تقديم هذا الكتاب عن القاهرة المعاصرة. فهي أحب
~~المدن إلي؛ مسقط رأسي، وفيها قضيت معظم مراحل حياتي، دائم التجوال في أحيائها؛ أرقب
~~بنيانها، وأسجل ms001 في الذاكرة نموها طوال عدة عقود من الزمن، وأكتب عن ذلك مذكرات لم
~~تر النشر، وبحوثا نشرت في دوريات وحوليات وصحف محاولا استنتاج إجابة على تساؤلات
~~تدور في أذهان الكثير من المفكرين والباحثين: القاهرة إلى أين؟

# وهذا الكتاب محاولة لم شمل ما كتبت وما لم أكتب، وما أحس به تجاه هذه المدينة
~~العظيمة التاريخية والمعاصرة. متبعا في ذلك منهج الجغرافي والتاريخي والاجتماعي
~~والسياسي حسب مقتضى الحال، وإن كان كل ذلك يلخصه ويهدف إليه منهج «الحياة» لمدينة
~~بموقعها ومساحتها وناسها وتفاعلاتها الدينامية العفوية التي تأتي من استجابة الناس
~~التلقائية لظرف حياتي فقير أو غني، نشط أو راكد، عامل أو عاطل ... كل يسعى إلى
~~مجرد احتياج للبقاء أو إلى مزيد من رفاهية عيش. كل ذلك يعلو على مخطط ترسمه سياسة
~~عمران بحيث تطوعه للاستجابة التي يحس بها الناس أنها الاختيار الأفضل.

# متمنيا لهذه المدينة الخالدة دوام البقاء زهرة للمدائن خالية من المتاعب التي
~~نواجهها في السياسة والعمل والتنافر المعماري ومصاعب التنقل بين جنباتها الفسيحة،
~~ووسط حشدها السكاني الذي تجاوز أحد عشر من ملايين الأنفس.

# إلى القاهرة دائمة الحياة والمجد، وإلى أرواح المقريزي ومن سلكوا دربه إلى علي مبارك
~~أهدي هذا العمل.

# محمد رياض

# مدينة نصر في 18 / 9 / 2000



# القاهرة: نوستالجيا مستقبلية

# الموضوع الآتي رؤية ذاتية أسقطها من الماضي على المستقبل. كنت أود أن يكون العنوان
~~«القاهرة التي كانت»، ولكن تراءى لي أن الخلاصة ستكون نظرة حزينة للواقع الذي نعايشه
~~في قاهرتنا المحروسة المحبوبة للمصريين والكثير من أشقائنا في العروبة والإسلام، ومن
~~ثم مزجت الماضي بالمستقبل، متخطيا الواقع المؤلم الذي نعايشه. حنين جارف للماضي،
~~وتشوق لما يمكن أن نعمله من أجل استعادة كل شيء جميل كان يميز هذه المدينة
~~الخالدة.

# الماضي الجميل

# ولدت ونشأت وعشت حتى الآن قاهريا أصيلا. ربما كانت هناك جذور ممتدة إلى
~~الشرقية، لكنني لم أعرفها إلا سردا قليلا من خلال قلة من أقرباء «شراقوه»
~~مقيمين أيضا بالقاهرة. حين شببت عن الطوق كانت تحدوني باستمرار رغبة في المشي
~~الطويل؛ للتعرف على شوارع ms002 حي الجمالية، وبرغم لهفة الأهل، فإنني كنت أغامر
~~طويلا حتى انطبعت في الذاكرة خريطة من السيدة زينب إلى باب اللوق، وغربا إلى
~~كوبري قصر النيل، وشرقا إلى عابدين والعتبة. وفي مرحلة الشباب اتسعت خريطة
~~القاهرة لتشمل المدينة الفاطمية وبدايات شبرا والعباسية، وفي مرحلة التعليم
~~الثانوي تسلقت المقطم فجر أحد أيام شتاء 1943 مع ثلاثة من زملاء الفصل في
~~مغامرة خطرة حيث كانت هناك معسكرات للجيش الإنجليزي، وتهنا عن عين موسى التي
~~كانت مسجلة عندي في خريطة، وعند العصر وجدنا أنفسنا عند الجبل الأحمر، وتكررت
~~رحلتي بمفردي إلى القناطر الخيرية بطريق إمبابة-المناشي، راكبا دراجة أو
~~ماشيا على الأقدام مع العودة بالقطار. أما الذهاب إلى الأهرامات؛ فكان يسيرا
~~بواسطة الترام الذي كان يسير في منتصف الشارع بين خضرة وورود مما كان يشكل
~~نزهة ما بعدها متعة وجمال، وتمعن في أمجاد مصر دفعني إلى قراءات كثيرة في
~~التاريخ المصري القديم. ولا أنسى فضلا لأبي في مزيد من التعرف على خريطة
~~القاهرة؛ فكل صلاة جمعة كنا نقضيها في مساجد بعيدة في المنيل وشبرا والجيزة،
~~وعشرات المساجد من القلعة والسلطان حسن - الذي تعلقت به كثيرا - والرفاعي، إلى
~~الأزهر وغيره من التحف المعمارية الإسلامي التي تتميز بها القاهرة عن بعض المدن
~~العربية الأخرى، وهذا ما زادني اتجاها إلى قراءات في تاريخ القاهرة، وشم عبق
~~الزمان في الغورية والسكرية والخيامية والجمالية ... إلخ.

# أذكر هذه الخبرة الشخصية ليس لمجرد السرد، ولكن لنعرف كيف يحاول الشباب من جيلي
~~أن يعرف مدينته إذا كانت كبيرة رحيبة مهيبة كالقاهرة.

# قد ساعد على هذه الريادات بنية ملائمة للمشي والتنقل في شوارع القاهرة آنذاك،
~~فقد كانت الشوارع كلها ظليلة بما زرع على الأرصفة من أشجار ظل كثيرة، وما
~~كانت المحلات تفرده من ستائر معلقة أمام واجهاتها في الأحياء المتوسطة
~~والشعبية؛ بل في أرجاء القاهرة القديمة كانت بعض الشوارع تظلها أسقف خشبية أو
~~من قماش سميك لدرء أشعة الشمس عن السابلة أثناء حركتهم في الأسواق، وتتخلل هذه
~~الأسقف منافذ عالية للتهوية والإنارة، وبمثل هذا ms003 التحوط البشري كان الناس
~~تلقائيا وتاريخيا يتعايشون مع البيئة القاهرية الحارة خلال الصيف الطويل،
~~بحيث إن مثل هذه الشوارع كانت تسري فيها نسمات منعشة أقل حرارة من الجو
~~المفتوح.

# وهذه هي إحدى أسس البناء عند العبقري المصري العالمي المهندس البناء حسن
~~فتحي: درس حسن فتحي أشكال البناء المصري القديم والإسلامي في القاهرة والواحات
~~والنوبة التي غرقت تحت مياه بحيرة السد أو بحيرة ناصر، مستخلصا مبادئ بسيطة
~~لكنها شديدة الفعالية في التغلب على حرارة صيف المناطق الصحراوية، ويمكن
~~تلخيصها في أمرين؛ أولهما: محاولة الحصول على الظل والنسمة من خلال تقارب
~~المباني بحيث يقلل مساحة الفراغات التي تتسلط منها أشعة الشمس، وثانيهما:
~~الإكثار من القباب على أسطح البيوت التي تزيد من حجم الغرف والصالات مع نوافذ
~~عليا تتسرب منها الحرارة المتجمعة المنبعثة من الأجسام والنشاط البشري داخل
~~الغرف؛ فالهواء الدافئ يصعد إلى أعلى والبارد ينزل إلى أرضية الغرف. كما أن
~~وظيفة الأقبية أنها تشتت أشعة الشمس الخارجية في زوايا عديدة على كل درجات
~~الميل للقباب بدلا من السطح المستوي للأسقف، وفي الممرات والدهاليز داخل
~~البيوت تسري أهوية رطبة تخفض درجة الحرارة على أن يكون لها فتحات مواجهة للرياح
~~الشمالية السائدة. ومن هنا كان بناء مساقط هواء «شخشيخة» ملونة الزجاج على أسطح
~~البيوت، يمكن التحكم بواسطتها بفتح زجاج مواجه لتيار الهواء وإغلاق غيره. ومن
~~هنا أيضا كان استخدام المشربيات على النوافذ له مثل هذه الوظائف المبردة لزمتة
~~الصيف وخنقة الرطوبة. كل هذه المبادئ البسيطة في البناء هي نتاج تاريخ طويل
~~لممارسات سكان المناطق الحارة الجافة من إيران إلى مصر وشمال أفريقيا، وكلها
~~كانت في انتظار توافق فكر مبدع يربطها معا، وهكذا كانت عبقرية المعماري حسن
~~فتحي، وما أحوجنا إلى الاحتفاء به هذه الأيام، ليس فقط بإقامة ندوات علمية؛ بل
~~أيضا بمحاولة تطبيق توافقاته البيئية بصورة أعم مما هو عليه الوضع
~~الآن.

# القاهرة كما يعرفها من هم في سني، منذ الأربعينيات والخمسينيات، ينكر أن
~~القاهرة الآن هي التي كان يعرفها منذ نصف قرن لولا ms004 بعض الشواهد الباقية
~~الباهتة. فكثير من الشوارع والميادين تغيرت أسماؤها وتدهورت أحوالها. من يقول:
~~إن شارع فؤاد (26 يوليو الآن) هو نفس الشارع
~~الذي كان متنفسا يذهب إليه الناس للترويج في ظل إطار الأشجار التي كنت تحف
~~به، ولمشاهدة مجموعة المحال شديدة الرقي: شيكوريل وشملا وبيع المصنوعات،
~~وعصافير زاهر شفيق - إن أسعفتني الذاكرة - وقهوتي بول نور وبورفؤاد على
~~ناصيتي سليمان باشا وشريف باشا، ومحلات «الأمريكين» والبن البرازيلي وحلواني
~~أسدية والكازار وتسيباس ... إلخ. والشوارع المتقاطعة بما فيها من مقاه ومطاعم
~~وسينمات، مثل: البودجا والكورسال والباريزيانا، وسينما ديانا وكايرو وسان جيمس،
~~ومسرح رتيبة وإنصاف رشدي في شارع الألفي، ومترو وميامي وكافيه ريش ومشرب الشاي
~~الهندي في سليمان باشا. وعشرات المطاعم الفاخرة الغربية والشرقية، مثل: الشيمي
~~وكورسال وسان جيمس واليونيان، وسوق التوفيقية الشهير بأصناف منتقاة من الخضر
~~والفاكهة، وسوق الممر التجاري بصناعاته الجلدية المصرية التي كانت تلقى قبولا
~~حسنا من المصريين والأجانب المقيمين والسياح.

# هذا قليل من كثير لشارع واحد محوري في القاهرة، يبدأ بمنتزه عظيم هو حديقة
~~الأزبكية التي تقطعت أوصالها، ويحاولون الآن استعادتها بعد الخسارة! كان الشارع
~~مسارا للترام والأتوبيس والسيارات، وبقربه من عماد الدين بداية مترو مصر
~~الجديدة، وبرغم ذلك كانت الضوضاء والجلبة قليلة وعادم السيارات قليل بحكم
~~انضباط قواعد إصدار التراخيص. كانت فئات الشباب تجوب الشارع صيفا بعيون مفتوحة
~~على حركة الناس والتجارة، يتناولون وجبات سريعة وقطع الجاتو في محال
~~متعددة، وكبار القوم يلتقون في البول نور في هدوء يحتسون القهوة، ورجال أعمال
~~يختارون قهوة بورفؤاد مقرا للشاي وإجراء الصفقات.

# كانت أمسيات الصيف القاهري أكثر من رائعة تتخللها نسمات رقيقة نقية الهواء،
~~والكثير من العائلات تذهب لحفلات السينما في أبهى حلة من السادسة إلى التاسعة،
~~مع القليل من محبي النظر إلى الجمال، والقليل جدا من المعاكسات الشبابية؛ لأن
~~رجال الشرطة يؤدون واجبهم وسط طاعة واحترام الجميع وتقديرهم لما تؤديه الشرطة
~~لأمن الناس. أما في الشتاء يغلق مبكرا إلا من بعض الذين يشوون أبو فروة في
~~الأمسيات الباردة، وينسحب رواد المقاهي ms005 إلى داخل المقهى والطلبة في بيوتهم
~~يستذكرون بانضباط نحسدهم عليه الآن؛ لأن المدرسة كانت حازمة بالنسبة لمن يتكرر
~~رسوبهم.

# ويمكن أن نتابع القول بالنسبة لشوارع المدينة الأخرى: سليمان وشريف وقصر النيل،
~~وميدان الأوبرا وميدان الإسماعيلية «التحرير»، وميدان الأزهار في باب اللوق
~~وميدان الحسين والسيدة زينب ... كل له طابع ورواد، والكل سعيد بما لديه،
~~ابتساماته أكثر من تعقيد الوجوه، وعلى كوبري قصر النيل وكورنيش النيل في
~~الجزيرة وأمام فندق سميراميس القديم حتى سور السفارة البريطانية، زرافات من
~~الناس صغارا وكبارا يتنسمون الهواء، ويأكلون السميط والجبنة والبيض، ويسمرون
~~حتى ساعات متأخرة من أمسيات ليالي الصيف بنسماتها الناعمة. كل ذلك دون جلبة
~~وضوضاء، فقد كان الناس حريصون ألا تطغى حريتهم على حرية الجماعات الأخرى
~~الجالسة إلى جوارهم في الصوت والحركة. كانت كل مجموعة تتحدث بصوت خفيض فيما
~~بينها، وتتخلص من بقايا أطعمتهم في صناديق النفايات التي تعلقها بلدية القاهرة
~~على أعمدة فوانيس الإنارة!

# وميدان العتبة الخضراء كان اسمه في العصر العثماني العتبة الزرقاء، وتحول إلى
~~اسم: ميدان الملكة فريدة، ثم عاد مرة أخرى إلى اسمه القديم. هذا الميدان العتيد
~~كان تحفة فنية؛ حديقة وسطى معني بها أشد العناية، تدور حولها خطوط ترام
~~الأزهر والعباسية والسيدة والقلعة وشبرا وبولاق والزمالك والعجوزة والجيزة.
~~وبنايات البريد المركزي بساعته الدقاقة الشهيرة كانت مركز التوقيت القاهري، قبل
~~أن ينتقل إلى ساعة جامعة القاهرة التي هي في الجيزة. والمطافئ المركزية إلى
~~جوار البريد يقوم رجالها بالتدريبات المستمرة التي يتجمع حولها الناظرون
~~للمشاهدة، ومسرح الأزبكية العتيد الذي شهد عشرات من الحفلات الشهرية لسيدة
~~الغناء والطرب أم كلثوم، ومقاهي البواكي الواسعة في غرب الميدان الذي كان فعلا
~~سرة القاهرة. وعند أول شارع فاروق (الجيش حاليا) مقهى ذو تراس كبير يسمى:
~~قهوة رضوان الكبرى، هو ملتقى كثير من تجار الموسكي والأزهر، وأمامه مطعم
~~العجاتي الكبابجي الشهير. ماذا أصاب هذا الميدان المركزي؟ رفع الترام وأعيد
~~ورفع مرة أخرى. بنى فوقه طريق الأزهر العلوي، فأصابه بضربه قاضية، وعمارة
~~البواكي غرب الميدان أزيلت جزئيا منذ ms006 عشرات السنين، وظلت طويلا منظرا
~~فريدا في التشويه العمراني إلى أن أزالها مشروع نفق الأزهر. أزيلت الحديقة
~~الوسطى، ثم أعيد بناؤها في الطرف البحري، وأصبح المرور في اتجاهين يسير حولها
~~في قوس متعاكس مما يسبب إشكاليات مرورية كثيرة، ولا نعرف كيف سيكون تخطيط
~~المرور بعد إتمام النفق، ومن الجلي أنه لا يمكن تخصيص الميدان للمرور في
~~اتجاه واحد؛ لأنه ما زال حيويا، فهو مركز الارتباط الأساسي بين شرق القاهرة:
~~الأزهر والدراسة وصلاح سالم ومدينة نصر والعباسية، وجنوب القاهرة: عابدين
~~والسيدة زينب والقلعة، وغرب القاهرة: الأوبرا ووسط البلد والإسعاف وبولاق
~~وكورنيش النيل بمراكزه التجارية الشاهقة، وشمال القاهرة: كلوت بك وباب الحديد
~~والفجالة والسبتية وشبرا. مسكين حقا ميدان العتبة؛ أصيب بكل الأمراض
~~التخطيطية والتدهور العمراني لكن موقعه الفريد يجعله يتحدى الشيخوخة حتى الآن.
~~فماذا سيفعل به نفق السيارات المقرر تعسفا من الأزهر إلى الأوبرا؟ أم أن النفق
~~لن يزيده مما حاق به من آلام، ويتجه إلى حديقة الأزبكية وميدان الأوبرا، ويفعل
~~بهما ما لم يفعله الزمان؟
~~«جاردن سيتي» مدينة الحدائق بقصورها وفيلاتها وشوارعها الدائرية، كانت حيا من
~~الأحياء صمم لهذا الغرض المعماري: أبنية موسرة المعمار والزخرف، وسط حدائق
~~ظليلة فلا يطغى بناء على الآخر، ولا تسمع من الخارج سوى إيقاعات البيانو
~~وموسيقى حالمة. الآن هي خليط من بقايا الزمن اللطيف وعمارات وأبراج لا تنتمي
~~أصلا إلى مخطط الشوارع ذات الأقواس. تدخل إحدى الفيلات القديمة تشم الماضي،
~~وتتصوره حيا كما كان، ولكنك تفتح عينيك على زحمة المكاتب، وتسمع طنينا
~~مخدرا لأجهزة التكييف في مركز لبنك أو إدارة لشركة أو فرع لإدارة
~~حكومية.

# والضواحي الجميلة الغناء بأشجارها وخضرتها وبلابلها، في مصر الجديدة والمعادي
~~والدقي، طغت عليها أكداس الإسمنت والزجاج في صورة العمائر علبية الشكل، تعلو
~~فوق أراضي الفيلات السابقة، وتحجب الضوء والهواء، وتنفث غازات آلاف أجهزة
~~التكييف بدلا من المسرى الطبيعي للهواء النقي، فضلا عن هدير وغازات مئات
~~الآلاف من السيارات التي تجري في شأن وغير ما شأن!

# المستقبل ... إلى أين؟

# أين ذهبت القاهرة ms007 بصيفها الناعم، وشتائها المعتدل؟ لا شك في أننا لا نبكي
~~رومانسية الماضي، فإن ما ذكرناه إنما هو لنتذكر ما كان. فماذا نفعل الآن في ظل
~~المتغيرات الكثيرة البشرية، وأولها الزحف البشري، وحلول المخططين بالتوسع
~~العمراني في الصحراء الشرقية والحقول الشمالية والغربية؟

# من هنا أردت أن أضع بين يدي القراء المهتمين كتابا حديثا مقتصد الصفحات، يرصد
~~بموضوعية - قدر الإمكان - أحوال القاهرة في المكان والزمان، وأعداد الناس
~~وأعمالهم، ومصادر رزقهم، ومشكلات المدينة الخانقة من حيث كونها عاصمة سياسية
~~واقتصادية وتجارية وثقافية، والجهد المبذول للإصلاح، لكنه عادة إصلاح
~~جزئي دون نظرات شمولية لمعالجة شيخوخة المدينة العريقة. فكان هذا الكتاب الذي
~~أرجو أن يكون إسهاما في معرفة حقيقة أوضاع المدينة التي نعيش فيها، وكيف نترفق
~~بها في معايشتنا لها، ولنكون رأيا عاما يشجع على المزيد من الاهتمام بها
~~وترقيتها بمشاركته الرأي مع الأجهزة المختصة في بلديات القاهرة الكبرى؛ لكي
~~تكون القرارات الإصلاحية مستندة إلى مشورة الناس جنبا إلى جنب مع التخطيط
~~الفيزيقي الذي يتولاه المهندسون المخططون. وبعبارة أخرى: فالمطلب هو أن يكون
~~التخطيط غير أحادي كما هو حاله الراهن؛ بل شركة بين مختلف التخصصات البشرية
~~المجتمعية والاقتصادية والصحية والجغرافية، بغرض حسن اختيار المواقع من أجل نشر
~~التنمية وتنويعها بشمولية على الكثير من الأراضي المصرية قدر إمكاناتها
~~الطبيعية، وقدر قدراتنا المادية والتكنولوجية. ومن خلال هذا المنظور الشامل سوف
~~تجد القاهرة وغيرها من المدن المصرية بعضا من الحل لمشكلاتها المعاصرة؛
~~فإن تطور اقتصاديات الريف سوف تقل معه الفوارق في الخدمات وفرص العمل، وتقل
~~تيارات الهجرة إلى المدن مما يثبت عدد سكان المدن على نسب نمو ذات قيمة أقل
~~من الأوضاع الحالية، وهذا هو ما يسمح للمدينة أن تنمو طبيعيا، وأن تجد
~~أحياءها القديمة، وأن يتحسن أداء بنيتها الأساسية، وبالتالي تقل إشكالياتها
~~لتتناظر مع حجم الحياة في كل مدينة على حدة.



# الفصل الأول

# القاهرة والمكان
~~(1) لماذا تنمو القاهرة؟
~~(1-1) العلاقات المجالية لمركزية القاهرة

# هناك عوامل محددة لنمو المدن
~~أساسها الرئيسي وظيفة المدينة، وللقاهرة وظيفة استمرت طوال فترة نحو ms008 
~~1400 سنة، ولولاها لكان الموضع الذي بنيت عليه هذه المدينة قد هجر كغيره
~~من المواقع والمواضع. لقد كانت الوظيفة الأساسية لهذا الموضع منذ تأسيس
~~الفسطاط عام 673م هي الوظيفة السياسية، وما زالت كذلك قاعدة الحكم في
~~مصر، وباستمرار هذه الوظيفة وضحت وظائف أخرى للموقع أضافت إلى المدينة
~~مبررات أخرى للبقاء والنمو، وترتب عليها علاقات أخرى صنعها الإنسان. وقد
~~أدت هذه العلاقات المجالية إلى تركز الحركة التجارية والحرفية والصناعية
~~بحكم أن القاهرة أصبحت فيما يشبه منتصف الطريق بين ثلاثة محاور هي: (1)
~~محور الدلتا - الصعيد. (2) محور بين المغرب العربي والمشرق العربي. (3)
~~المحور بين البحر المتوسط/أوروبا من ناحية والبحر الأحمر/عالم المحيط
~~الهندي من ناحية ثانية. ويحتاج شرح أهمية كل من هذه الطرق بحثا آخر غير
~~هذا المكان، لكن ملخص علاقات القاهرة المكانية بكل من هذه المحاور ما
~~يأتي:
~~(1-2) القاهرة ومصر

# المحور الأول أهميته محلية خاصة بمصر؛ فهو الرابط بين المعمور في الدلتا
~~والصعيد، وهو الأساس الذي دعم باستمرار - وإلى اليوم - أهمية موقع
~~القاهرة داخل مصر، وساعد على استمرار الوظيفة السياسية، بل وهيمنة
~~القاهرة على كل مصر معمورها ولا معمورها، وأدى ذلك إلى استمرار نمو
~~المدينة مساحة وسكانا مما لا يدعو إلى مزيد من القول.
~~(1-3) القاهرة والعالمان العربي والإسلامي

# محور المشرق-المغرب العربي يتصف بأن له أهمية مزدوجة من علاقات مركزية
~~القاهرة عربيا وإسلاميا معا. العلاقات المكانية العربية تدور حول
~~أنه يعبر مصر من المغرب وليبيا في الغرب إلى بلاد الشام والحجاز وما
~~وراءهما شرقا، وفي التاريخ ما لا يحصى من الشواهد والدارسات عن مركزية
~~القاهرة منذ الفتح الإسلامي، وامتداده إلى المغرب بعد اتخاذ مصر قاعدة
~~متينة للانطلاق إلى شمال أفريقيا وبلاد النوبة والسودان، وشواهد أخرى عن
~~تأسيس الخلافة الفاطمية القادمة من تونس في مصر، ومن ثم انطلاقها إلى
~~بلاد الشام، وهذه هي البداية الحقيقية لقوة القاهرة مقابل تداعي قوة
~~بغداد التي انتهت على أيدي المغول في منتصف القرن 13م، وظهور القاهرة دون
~~منافس مركزا عربيا إسلاميا وحيدا ضد ممالك الصليبين وإمبراطورية
~~التتار ms009. أما الأهمية الإسلامية، فتذهب أبعد من العروبة إلى ذلك الجزء من
~~العالم الممتد من المغرب الأقصى إلى السند وتركستان، ومن إقليم السودان
~~الأفريقي إلى بلاد التركمان في وسط آسيا والقوقاز والعالم الإسلامي في
~~المحيط الهندي. هذا هو عالم إسلامي لم تكن فيه حدود الممالك والإمارات
~~المتعددة مانعة للحركة بالنسبة للتجارة والناس في الجانب الأكبر من تاريخ
~~العالم الإسلامي. ومن خلال ذلك توافدت على مصر بعامة والقاهرة بخاصة كل
~~سلالات المسلمين من ترك ومغول وسودان وقوقاز وبربر وأندلس وأكراد وعرب من
~~كل الأنحاء العربية.

# وبرغم الحدود السياسية الحديثة إلا أن الحركة القومية العربية منذ أوائل
~~هذا القرن قد جعلت القاهرة أيضا في منتصف هذا العالم، ويعطي هذا المحور
~~القاهرة المعاصرة وظيفة عربية قومية، كما أعطاها في الماضي وظيفة سياسية
~~وحضارية وثقافية في معظم التاريخ الإسلامي.
~~(1-4) القاهرة والتجارة العالمية قبل القرن ال 20

# وأخيرا فإن المحور الثالث بين العوالم المدارية والأوروبية أعطى القاهرة
~~وظيفة تجارية وسياسية خارجية ذات استمرارية وديمومة؛ لأنها كانت وسيط
~~التجارة الرئيسي بين العالم الأوروبي وعالم المحيط الهندي حتى اكتشاف
~~الطريق البحري حول أفريقيا في أول القرن 16م، وأعطت هذه الوظيفة التجارية
~~الدولية للقاهرة ثروة نظيرها قليل بين مدن العالم الإسلامي، وينعكس ذلك
~~جليا على الرخاء والمعمار في العهدين الفاطمي والمملوكي، وقد انتهت هذه
~~الوظيفة بنكسة مزدوجة: اكتشاف طريق الدوران حول أفريقيا، وسيطرة البرتغال
~~ودول أوروبية أخرى على تجارة المحيط الهندي، وسقوط مصر داخل الإمبراطورية
~~العثمانية (1516م) مما أدى إلى تدهور نسبي للقاهرة ومدن مصر عامة؛ إذ
~~إن جانبا لا بأس به من تجارة التوابل الهندية والبن اليمني كان لا يزال
~~يمر بمصر إلى أوروبا والدولة العثمانية. لكن قناة السويس أعادت إلى مصر
~~عامة - بما فيها القاهرة - الأهمية القديمة بصورة معدلة.

# ويجب أن نذكر في هذا المجال أن مصر لم تكن دولة عبور لسلع خارجية فقط؛ بل
~~إن إنتاج مصر الزراعي وخاصة القمح والأرز وصناعات متعددة منها
~~المنسوجات المصرية ذات الشهرة

# 1

# من بين أشياء وسلع أخرى، كانت تتصدر قائمة أسس ms010 الرواج
~~المصري الاقتصادي حتى في ظل ظروف القلاقل السياسية الناجمة عن
~~المنافسة المستمرة بين المماليك في القرن الثامن عشر. فأرباح تجارة
~~العبور هي حكر على كبار التجار والممولين للسفن في البحر الأحمر وشرق
~~المتوسط، بينما أرباح الإنتاج الزراعي والمنسوجات والصناعات الحرفية
~~المصرية تعم كل المصريين بأقدار مختلفة.
~~(1-5) موجز وظائف القاهرة المعاصرة

# وإلى جانب تدعيم الوظيفة السياسية والتجارية القديمة والحديثة ظهرت وظائف
~~أخرى مرتبطة بموقع القاهرة بعد تبلور مصر ذاتيا كدولة ذات كيان واضح
~~محدد منذ بداية القرن 19 بعامة، ومنذ أربعينيات ذلك القرن بخاصة حينما
~~ثبتت الدولة المصرية في أسرة محمد علي داخل حدود معترف بها. فإذا
~~استثنينا تطور الأحداث السياسية في تلك الفترة، فإن التطور الداخلي كان
~~من الأهمية بحيث أصبحت القاهرة:
~~(1)

# مركزا للشبكة الحديدية الجديدة؛ مما أدى إلى انصباب
~~خطوط الدلتا المروحية إليها، وخروج خط الصعيد الطويل
~~منها، فأصبحت القاهرة بمثابة المعصم بين اليد (الدلتا)
~~والساعد (الصعيد).
~~(2)

# مركزا تجاريا وصناعيا، خاصة بعد عام 1930، وقد
~~أدى تطور الصناعة إلى ما يشبه الحلقة حول القاهرة
~~الكبرى في الوقت الحاضر «شبرا الخيمة/مسطرد في الشمال،
~~العباسية ومدينة نصر في الشرق، مصر القديمة، البساتين
~~- دار السلام وحلوان في الجنوب، الجيزة/إمبابة في
~~الغرب»، بالإضافة إلى الصناعات الحرفية التقليدية
~~والصغيرة داخل قلب القاهرة القديمة من الدراسة إلى
~~باب الحديد.

# 2
~~(3)

# التركيز الكبير لمكاتب الشركات التجارية والصناعية
~~داخل القاهرة بغض النظر عن كون أعمال هذه الشركات داخل
~~أو خارج القاهرة.

# 3
~~(4)

# التركز الكبير للأعمال المالية والائتمانية للزراعة
~~والتجارة والصناعة.
~~(5)

# مطار القاهرة
~~الدولي حرم الإسكندرية جزءا كبيرا مما كانت تتمتع به
~~من حركة النقل، وبخاصة نقل الأفراد تمشيا مع عصر
~~الطيران بعد تطوره السريع منذ منتصف القرن العشرين،
~~وقد ساعد ذلك على نمو مكاتب ووكالات السفر، ووسائل
~~النقل الداخلي، ونمو الحركة الفندقية بما فيها من
~~عمالة وخدمات كثيرة بعد أن كانت أعداد الفنادق قليلة،
~~وساعد على تنوع درجات الفنادق بعد أن كانت هناك هوة
~~بين فنادق الدرجة الأولى القليلة

# 4

# وبين فنادق الدرجة الثالثة في باب الحديد
~~ووسط البلد ms011 والعتبة والحسين والسيدة زينب .
~~(6)

# انتشار وكثافة النقل الداخلي الجوي أضاف إلى القاهرة
~~وظيفة أخرى من وظائف الاتصال الداخلي السريع بجانب
~~الطرق والسكك الحديدية.
~~(7)

# نمو الوظيفة الثقافية للقاهرة دعم سيطرتها على الحركة
~~العلمية والثقافية في رقعة أرضية أوسع من حدود مصر
~~السياسية، مبتدئا بالأزهر إلى الجامعات الثلاث؛
~~القاهرة وعين شمس والأمريكية، إلى مراكز ومجالس البحوث
~~العلمية والاجتماعية وعشرات المعاهد الفنية والمهنية
~~والأدبية والمسرحية والسينمائية والفنون الجميلة
~~والتشكيلية، وأخيرا الجامعات الأهلية الثلاث، وكذلك
~~تركز الصحف الكبرى وأجهزة الإعلام ودور النشر
~~والطباعة ... إلخ.
~~(8)

# نمو وظائف الخدمات الترفيهية والترويحية مرتبطا
~~بالسياحة الداخلية والخارجية، ولو أن هذه الوظيفة لم
~~تنم بعد بالقدر الكافي، وما زالت موظفة لخدمات
~~السياحة الخارجية.

# هذه الوظائف الكثيرة للقاهرة قد ساعدت بطريقة أو أخرى على أن تصبح
~~القاهرة قطبا فيه من طاقة الجذب ما ليس لغيرها من المدن المصرية، مما
~~أدى إلى نمو مستمر للسكان والمساحة العمرانية؛ نمو وئيد أولا، ثم
~~نمو سريع حتى أواسط القرن العشرين، وأخيرا نمو مذهل منذ الستينيات،

# 5

# ولهذا النمو الهائل بطبيعة الحال ميزة توافر الطاقة البشرية،
~~وتركز الخدمات لإمكانات المدينة الكبرى، لكن له نتائج وعواقب وخيمة إن لم
~~تتدارك في الوقت المناسب. أوضح هذه العواقب ظهور مشكلة المواصلات
~~المعقدة، وختامها أن يصبح توفير مياه الشرب لهذا العدد المتزايد من سكان
~~القاهرة مشكلة خطيرة كما يحدث في المدن الكبرى، مثل: طوكيو. ولا يجب أن
~~ننظر إلى النيل على أنه مورد ماء لا نهاية له، فالوقت قريب ذلك الذي سوف
~~يخطط فيه لاستخدام كل قطرة من مياه النيل للزراعة والصناعة واحتياجات
~~الناس في المدن والقرى تخطيطا قد يؤدي إلى تقليل المياه المستخدمة
~~بالمنازل إذا تزايد السكان عن ذلك كثيرا، وهذه مشكلة لها خطورتها
~~وحيويتها في بلاد حارة معظم السنة.

# شكل 1-1:

# نمو القاهرة حتى القرن الثامن عشر.
~~(2) أين نمت القاهرة؟

# المكان الأرضي الذي نشأت عليه القاهرة منذ إنشاء الفسطاط في منتصف القرن السابع
~~وإلى أوائل القرن العشرين، كان عبارة عن مستطيل يستدق طرفه الجنوبي عند مصر
~~القديمة، ويستعرض كثيرا ms012 في اتجاه الشمال من شبرا إلى العباسية. هذا النطاق كان
~~محكوما بعنصرين طبيعيين، أولهما: مسار النيل، والثاني: منحدرات الهضبة
~~الشرقية: طره والمقطم والجبل الأحمر.

# شكل 1-2:

# الأوضاع الطبيعية والعمرانية في منطقة القاهرة منذ
~~عشرة آلاف سنة.
~~(2-1) النيل والقاهرة

# اتسم مسار نهر النيل في منطقة القاهرة الكبرى بعدم الثبات وتغيير المكان
~~طوال أكثر من ألف عام. فقد ظل النيل يهاجر غربا من مجراه، كان يسير من
~~منطقة مصر القديمة إلى منطقة باب الحديد وشبرا الحالية إلى أن وصل مساره
~~الحالي، وثبت عليه بواسطة الجهود البشرية في تجسير ضفافه إلى نحو ما
~~نعرفه الآن. توضح الخريطة

# 1-2

# بعض المقترحات المستندة
~~إلى أدلة علمية وتاريخية أن النيل في المنطقة كان يسير في عدة أقواس
~~ومنحنيات شأنه في ذلك شأن الأنهار في مجاريها الدنيا حينما يضعف التيار،
~~وتقل المناسيب في السهول، فينعرج النهر كلما صادفته أقل العوائق شأنا،
~~ويزيد انعراجا ويترك مساره إلى مسار آخر نتيجة الإرساب والإطماء والنحت
~~البطيء، وقد كان بروز حافة طرة الهضبية سببا دفع مسار النيل غربا إلى
~~قرب نهاية الوادي الفيضي، عند هضبة أهرامات الجيزة في قوس كبير يتجه بعد
~~ذلك إلى الشرق والشمال الشرقي عند حافة المقطم، فيرتد صوب الشمال في ثنية
~~كبيرة عند الجبل الأحمر، ومن ثم يتخذ مسارا شرقي المسار الحالي في
~~منطقة شبرا، وفي هذا القوس ربما بدأ تفرع الدلتا بخروج الفرع البيلوزي
~~صوب الشمال الشرقي، تلاه بعد مسافة مكانية وفترة زمنية تفرع فروع الدلتا
~~الأخرى عند جزيرة الوراق. ثم تحركت قمة الدلتا شمالا إلى باسوس، وثبتت
~~شمالها حيث هي الآن بواسطة المجهودات الهندسية التي تمثل القناطر الخيرية
~~آخرها.

# والملاحظ من هذا الوصف العام أن مسار النهر كان يقترب من مدينة «منف»
~~عاصمة مصر الأولى ومن أهرام الجيزة ومن مدينة «أون» الجامعية (هليوبوليس
~~القديمة). وبدون شك فإن «منف» كان لا يمكن أن تقوم بعيدا عن النهر،
~~فالحضارة المصرية في مجموعها ومشتمل كينونتها حضارة نهرية، والنيل في مصر
~~ظل الطريق الأساسي للحركة والانتقال - أشخاصا وسلعا - عبر آلاف السنين ms013.
~~وكان للعاصمة «منف» أفضلية المكان المنفتح على الدلتا والصعيد بعد توحيد
~~مصر، مقارنة بأبيدوس - في سوهاج - عاصمة الملك نارمر موحد القطرين،
~~وبالمثل فإن جامعة «أون» كانت تقع على النهر، أو على الأقل عند بداية
~~الفرع البيلوزي، كوسيلة انتقال سهلة للطلاب والكهان والملوك.

# وأغلب الرأي أيضا أن النيل كان لا يزال يسير في ثنية كبيرة شمال غرب
~~«منف» إلى قرب هضبة الأهرام، ومن ثم كان طريقا مائيا سهلا لنقل أحجار
~~طرة الضخمة التي استخدمها بناة الأهرام من ملوك الأسرة الرابعة، ورأي آخر
~~نطرحه هو أن الملوك بعد ذلك كفوا عن بناء الأهرامات الضخمة؛ إما
~~للتكلفة الباهظة في المال والعمال، وإما لتحول مسار النهر تدريجيا
~~إلى الشرق بعيدا عن أهرامات محافظة الجيزة، أو للسببين معا.

# وفي نهاية العصر الروماني وبداية الفتح الإسلامي كانت الضفة الشرقية
~~للنيل تحف بسور قصر الشمع وجامع عمرو بن العاص، ثم تتجه شمالا بشرق
~~غالبا على طول ما نعرفه الآن باسم شارع حسن الأنور، ثم قرب ميدان السيدة
~~زينب وشارع الناصرية وعماد الدين، قرب عابدين والأزبكية وباب الحديد،
~~وبطول مخازن السكك الحديدية، وينحرف مع خط حديد شمال الدلتا إلى ما نعرفه
~~الآن بشبرا الخيمة. وبذلك فإن مأخذ خليج أمير المؤمنين كان في مكان ما
~~قرب ميدان السيدة زينب، ومن هنا تسمية شارع السد نسبة إلى إقامة سد على
~~بداية الخليج يفتح عند الفيضان؛ لتجري فيه المياه في حفل مهيب يسمى «جبر
~~البحر»، وبذلك أيضا كانت كل أراضي غرب القاهرة الحالية من فم الخليج إلى
~~شبرا مسارا للنيل وفيضانه السنوي.

# وظل النيل يهجر مجراه الشرقي في اتجاه الغرب، ويترك جزرا متعددة نمت ثم
~~اختفت بالالتحام بالشاطئ كجزيرة الفيل (شبرا) وجزيرة بولاق، أو بالتحام
~~جزيرتي حليمة وأروى في جزيرة واحدة هي جزيرة الزمالك الحالية بعد تعميق
~~مسار البحر الأعمى بينها وبين الجيزة. أما جزيرة الروضة فقد ظلت ثابتة في
~~مكانها مع بعض تغيرات في سواحلها الغربية، وهو ما يثير تساؤلات
~~جيمورفولوجية وهيدرولوجية حول أشكال واتجاهات النحت والإرساب النهري
~~لتفسير هذا ms014 الثبات النسبي لجزيرة الروضة مع حدوث تغيرات كثيرة في الجزر
~~القريبة منها. ولكن يبدو أن للإنسان يد في ذلك؛ ففي العهد الأيوبي قام
~~الملك الصالح بحفر وتوسيع مجرى سيالة الروضة بعد أن كادت أن تنسد وتلتحم
~~بشاطئ الفسطاط ودير النحاس، وذلك لسببين؛ أولهما: أن انسداد السيالة أو
~~ضيقها وقلة عمقها نتيجة الإطماء سوف يقضي على مصدر مياه الخليج المصري
~~الذي كان مأخذه من هذه السيالة، وفعلا اشتكى الناس كثيرا من قلة جريان
~~الماء في الخليج وتوقفه تماما وقت التحاريق، والسبب الثاني: أن الملك
~~الصالح كان قد أنشأ في جزيرة الروضة قصرا جعله مقرا له بدلا من المقر
~~الرسمي في القلعة، وبنى حصونا ومعسكرات كبيرة لمماليكه الذين أسسوا
~~فيما بعد سلطنة المماليك البحرية؛ نسبة إلى سكنهم جزيرة الروضة. وقد تلا
~~ذلك حركة تعمير من قبل السكان في الروضة. وأراد الملك الصالح بأن يبقي
~~على الجزيرة كأحد أسباب الدفاع عن مقر الحكم في تلك الفترة، وكوسيلة
~~إضافية أغرق الملك عدة مراكب عند الرأس الجنوبي للجزيرة أمام شاطئ
~~الفسطاط عند باب القنطرة بحيث يضمن تحول جانب لا بأس به من مياه النيل
~~إلى سيالة الروضة لرفع منسوب المياه فيها.

# أما الضفة الغربية للنيل فلا نعلم عنها الكثير؛ لقلة المصادر التاريخية
~~بالقياس إلى الضفة الشرقية التي كانت معمورة منذ العصر الروماني. وآخر ما
~~نعرفه هو أن النيل في عصر الخديو إسماعيل كان يسير شمال مدينة الجيزة
~~بانحراف يسير إلى الغرب قرب حديقتي الحيوان والأورمان إلى الدقي والحوتية
~~ثم إلى إمبابة، وقد ردمت كثير من هذه الأراضي بواسطة وزارة الأشغال إلى
~~مسار الضفة الحالي، وعمر إسماعيل بعض مناطقها كإنشاء قصر الجيزة - شمال
~~جامعة القاهرة مباشرة - وحدائق الأورمان والحيوان، ومن ثم إعمار المنطقة
~~بالزراعة - قريتي العجوزة والحوتية وأرض الأوقاف التي بنيت عليها أحياء
~~المهندسين وما جاورها - وإما بواسطة بناء القصور والفيلات الأنيقة في
~~منطقة الدقي.
~~(2-2) بركة الحبش

# يرد اسم بركة الحبش كثيرا في المصادر التاريخية المختلفة، ويتفق الجميع
~~على أنها كانت بركة شاسعة تمتد جنوب الفسطاط ms015 إلى قرب القرافة الكبرى ، أي
~~شمال سهل البساتين، وأنها كانت أحد أهم المتنزهات لسكان القاهرة
~~والفسطاط، و«خصوصا أيام النوروز والغطاس والميلاد والمهرجان وعيد
~~الشعانين، ونحو ذلك من أيام اللهو والقصف والعزف، فكان لا يبقى صغير ولا
~~كبير إلا خرج إلى بركة الحبش ... وقد صارت بركة الحبش من مدة وإلى الآن
~~[أواخر القرن 19] أرض مزارع يغمرها النيل زمن فيضانه إذا كان وافيا، فإن
~~لم يكن وافيا شرقت كلها أو بعضها، ولم يبق من القصور والبساتين الفاخرة
~~التي بسط المقريزي الكلام عنها إلا التلال المشاهدة الآن في تلك الجهات.»

# 6

# وقد ورد أيضا ذكرها حينما مد أحمد بن طولون قناة منها إلى
~~مدينة القطائع، عرفت باسم: قناطر طولون.

# وقد حاولت تتبع سواحل هذه البركة على خطوط المناسيب الكونتورية فلم أوفق؛
~~ذلك لوجود تداخل كبير في الارتفاعات والمنخفضات نتيجة عوامل هدم البيوت
~~السابقة وتكوم مخلفاتها إلى جانب اتخاذ مساحات كثيرة منها كمحاجر، ويحتاج
~~الأمر إلى كثير من عمليات الرفع المساحي لتبين حجم تلك البركة، ومهما
~~يكن من أمر فالحقيقة الواقعة أن هذه البركة كانت موجودة، ولعبت دورا في
~~حياة القاهريين فترة طويلة من الزمن كمتنزه طبيعي موسمي في الفترات
~~التاريخية اللاحقة للعصر الفاطمي على أحسن الفروض.
~~(2-3) الهضبة الشرقية والقاهرة

# أما العنصر الثاني المحدد لنمو القاهرة فهو حافة الهضبة الشرقية
~~ومنحدراتها التي تكون حادة في أماكن، وهينة في أخرى، وتعرف بأسماء متعددة
~~أشملها ما نسميه جبل المقطم، وإلى الجنوب منه جبل طرة، وإلى الشمال منه
~~الجبل الأحمر. وترتفع هذه الهضبة إلى ما بين 150 إلى 250 مترا، وتقطعها
~~أودية من أزمان جيولوجية ومناخية سابقة تشكل طرق ارتقاء إلى سطح
~~الهضبة، منها أودية: حوف قرب حلوان، ودجلة قرب المعادي، والدويقة شرق
~~القلعة، وترسل هذه الحافة الجبلية ألسنة تلية في اتجاه النيل، وخاصة
~~في القطاعات الجنوبية عند طره وإسطبل عنتر وكوم غراب جنوب مصر القديمة،
~~وذلك بسبب اقتراب الهضبة من النيل، أو الأصح اقتراب مسار النيل من
~~الهضبة. وحافة الهضبة هنا متقاربة خطوط المناسيب؛ مما يؤدي إلى انحدارات ms016
~~شديدة بطول المسافة من المقطم إلى حلوان، وتتباعد الهضبة تدريجيا إلى
~~الشمال الشرقي، ابتداء من المقطم إلى الجبل الأحمر في صورة منحدرات وعرة
~~حادة تظهر في مناطق الجيوشي والقلعة ومنشأة ناصر. ثم تتشكل بعد ذلك من
~~مسطحات عريضة من الانحدارات الهينة شمال وشرق الجبل الأحمر في مدينة نصر،
~~ومن أهم الألسنة التلية التي ألزمت عمران القاهرة بمناطق سهلية
~~محددة هي: لسان المقطم المنحدر إلى مصر القديمة في منطقة كوم غراب وإسطبل عنتر

# 7

# والرصد (+40−60 مترا) جنوب الفسطاط «سهل النيل عند مصر
~~القديمة 20-21مترا»،

# 8

# ووجه عمرانها صوب الشمال الشرقي عند المنحدرات الهينة لتلة
~~أبو السعود الجارحي (+30مترا)

# 9

# فيما عرف باسم الحمراء الدنيا والوسطى والقصوى، التي أصبحت
~~مجالا لمدينة جديدة اختطها العباسيون عام 751 باسم «العسكر»، وهي
~~تقريبا منطقة زين العابدين وفم الخليج (20-23 مترا). أما المرتفعات
~~التي تحتلها القلعة الآن (75-95 مترا) فهي لسان ينحدر من الجيوشي
~~والمقطم، وينتهي بجبل يشكر وقلعة الكبش
~~(+35 مترا) وتلال زينهم (31-51 مترا). وعلى قلعة الكبش بنى أحمد بن
~~طولون عاصمة لمصر المستقلة عن العباسيين سنة 870م باسم «القطائع». وبعد
~~قرن أنشأ الفاطميون مدينة «القاهرة» عاصمة ملكية للخلافة الفاطمية على
~~سهل رملي إلى الشمال من القطائع، وعلى مناسيب تتراوح الآن بين 22 مترا
~~عند درب سعادة و24 مترا عند السلطان الغوري و28,7 من المتر عند ميدان
~~الأزهر، وتتباعد هذه الألسنة التلية في شمال وشرق الجبل الحمر (80
~~إلى 120 مترا) بحيث سهلت ارتقاء العمران الحديث إلى مدينة نصر فوق
~~مناسيب 100 إلى 150 مترا.

# الخلاصة: أن القاهرة ظلت تنمو لمدة ألف عام داخل خط منسوب 20 مترا في
~~الغرب و30 مترا في الشرق عند أقدام الحافات الجبلية للمقطم وألسنته
~~المتقدمة غربا، واستمر ذلك الالتزام واضحا حتى عصر الخديو إسماعيل،
~~حينما بنيت «القاهرة الحديثة» ضمن منسوب 20-22 مترا، وقد سبقه في
~~العمران الشمالي للقاهرة محمد علي باشا بإنشاء قصر شبرا في شبرا الخيمة،
~~وتسابق بعض الأمراء في بناء قصور شبرا كالأمير طوسون. وكل شبرا هي نفس
~~المناسيب، بل تنحدر حينا إلى 19 مترا عند مأخذ ترعة الإسماعيلية
~~الحالي. وتتكرر الصورة ms017 نفسها في النمو العمراني على طول خط القبة
~~والمطرية والمرج ، منذ إنشاء قصر القبة غالبا في عصر إبراهيم باشا -
~~واستخدامه سكنا للأمير توفيق فيما بعد - نجد المناسيب تتناقص قليلا من
~~نحو 23 مترا في القبة إلى 22,4 مترا في الزيتون تمشيا مع الانحدار
~~العام، وحينما امتد عمران بر الجيزة وإمبابة من النيل غربا إلى كل
~~القاهرة الكبرى غرب النيل، فإنه إنما كان يمتد على أرض الوادي الزراعية
~~ذات الانحدار اللطيف من الجنوب إلى الشمال، ومن الهضبة الغربية صوب
~~النيل.

# أما الأماكن التي خرجت عن قاعدة خطوط المناسيب 20-30 مترا، فتتركز في
~~الشرق والجنوب على النحو الآتي:

# كانت البدايات في سبعينيات القرن 19 حينما أنشئت حلوان الحمامات كمدينة
~~استشفاء وترويح ونزهة. حلوان البلد قرب النيل كانت تقع على منسوب 22
~~مترا؛ لأنها توجد في الوادي النهري الضيق، أما حلوان الحمامات فقد
~~أنشئت على منحدر هادئ من 68 مترا في الشرق عند مصحة فؤاد إلى نحو 45
~~مترا في غرب كتلة حلوان الحمامات السكنية القديمة، ويتمشى هذا مع
~~الانحدار السريع لحافة الهضبة الشرقية صوب النيل، واستفادة من هذا
~~الموقع أنشأت الدولة مرصد حلوان شمال شرق حلوان على منسوب 114 مترا. وفي
~~الوقت الحالي يمتد عمران المعادي إلى حافة جبل طرة وأوديته بعد شق طريق
~~أوتوستراد حلوان.

# شكل 1-3:

# تأثير التضاريس على توجيه العمران «نموذج من غرب
~~مدينة نصر».

# وفي أول القرن 20 جاءت التجربة الثانية في الارتفاع إلى مناسيب أعلى في
~~صورة بناء مدينة مصر الجديدة على مناسب تتراوح بين نحو 40-45 مترا عند
~~منطقة روكسي إلى 53 مترا في منطقة ميدان الإسماعيلية، وإلى 78 مترا في
~~ألماظة. وبعد نحو ستة عقود جاءت التجربة الثالثة ببناء مدينة نصر التي
~~تبدأ في الشمال من نحو 70 مترا عند التقائها بمصر الجديدة إلى نحو +150
~~مترا في الجنوب عند نهاية المنطقة الثامنة من المدينة، وهناك مخطط
~~«القاهرة الجديدة» الذي يقع تحت الإنشاء الآن، والذي يمتد شرق مدينة نصر
~~على مناسيب أعلى من 150 مترا، وتمثل مدينة المقطم أعلا منسوب في القاهرة
~~حيث تصل الكتلة السكنية في المخطط الأول للمدينة في ms018 الهضبة العليا إلى
~~150-180 مترا، وسرعان ما بدأ تخطيط الهضبة الوسطى على مناسيب نحو مائة
~~متر، وإسكان الزلزال شرق الهضبة العليا إلى منسوب 120-140 مترا، والأغلب
~~أن إسكان الزلزال في المقطم سوف يلتحم مستقبلا مع عمران التجمعات
~~السكنية للقاهرة الجديدة.

# ومقابل هذه التجارب الناجحة بدرجات مختلفة، نجد تجربتين نتائجهما محبطة
~~في نمو المدينة الكبرى؛ أولاهما: النمو الطفيلي العشوائي لمنشأة ناصر
~~ووادي الدويقة على مناسيب 60 إلى 80 مترا على حافة شديدة الانحدار أمام
~~جبانة برقوق/قايتباي  (خريطة

# 2-7
~~)، والثانية: هي النمو العشوائي للبساتين ودار
~~السلام بين شمال المعادي ومصر القديمة والفسطاط الجديدة وعين
~~الصيرة.

# وهكذا اعتلت القاهرة المناسيب العليا التي ظلت تمنع وتحجم النمو في
~~اتجاه الشرق عشرات القرون، ويرجع ذلك إلى:

# تضاعف سكان القاهرة، وبخاصة في النصف الثاني من القرن
~~العشرين.

# إمكان التغلب على الانحدارات العالية بواسطة تقنية
~~بناء الطرق الحديثة، وشيوع نمط السيارة بأشكالها
~~المختلفة.

# القوى المركزية المتزايدة التي تجمعها القاهرة كقطب ذي
~~مغناطيسية كبيرة في جذب وتركيز إمكانات الحياة العليا،
~~وأوجه النشاط الاقتصادي والخدمي.

# وبرغم التقدم في تقنية وسائل النقل والطرق إلا أن التضاريس الوعرة ما
~~زالت تشكل عنصرا من عناصر الطبيعة ليس سهلا التغلب عليه، وربما كانت
~~خريطة

# 1-3
~~(الجبل الأحمر وغرب مدينة نصر) تمثل بصدق
~~أحد أشكال فعالية الوعورة الأرضية في توجيه مخططات العمران بعيدا
~~عنها.
~~(3) كيف نمت القاهرة؟

# من المعروف أن هناك عدة أشكال في جغرافية المدن لتفسير تاريخ نمو المدينة. لكن
~~ليست كل هذه الأشكال منفصلة عن بعضها تمام الانفصال، بل الذي يحدث أن يتم نمو
~~مدينة على شكلين أو أكثر، وإن كان هناك شكل أكثر وضوحا يتم على أساسه النمو
~~الأكبر للمدينة المعينة، خاصة إذا كانت المدينة ذات تاريخ طويل - كما هو الحال
~~في معظم المدن الكبرى في الشرق الأوسط، وحوض البحر المتوسط، والصين والهند،
~~وبدرجة أقل في أوروبا الغربية والوسطى - فالغالب في هذه الحالات أن يحدث النمو
~~المديني بشكل معين في فترة زمنية وبأشكال أخرى في فترات لاحقة.

# وفي حالة القاهرة يمكن تتبع نموها على البعدين الزماني ms019 والمكاني على ضوء معظم
~~الأشكال التي يتم بها النمو المديني ، وهذه الأشكال هي:
~~(أ)

# النمو من نواتين مدنيتين أو أكثر والتحامهما معا.
~~(ب)

# النمو المركزي من نواة واحدة، ثم النمو التدريجي حولها.
~~(ج)

# النمو المخطط، وسوف تعالج هذه الأشكال ضمن تتبع حركة النمو لأجزاء
~~القاهرة وأقسامها الجغرافية كل على حدة.
~~(3-1) المنطقة المركزية من القاهرة

# المقصود من المركزية المنطقة الأصلية للقاهرة من بولاق إلى الدراسة،
~~ومن باب الحديد إلى مصر القديمة حتى بدايات القرن العشرين، والتي غلبت
~~عليها تسمية «مصر المحروسة» خلال القرن 19، وهي ما يمكن أن نعبر عنه
~~أيضا بالمنطقة الوسطى أو قلب القاهرة، وفي هذا الجزء من المدينة نجد
~~عمليات التفاعل العديدة عبر القرون من إنشاء لمدن الحكم ونموها وتدهورها
~~والتصاقها باتجاهات نمو مكانية أقدم وأحدث. وباختصار، فإن دينامية
~~القاهرة تظهر في القاهرة المركزية؛ نمو من نواة ثم عدة نوايات ثم نمو
~~مخطط، بينما الامتدادات التالية، وخاصة في القرن العشرين تسير في اتجاه
~~واحد هو النمو المخطط؛ استجابة لمتطلبات الانطلاقة الكبرى في النمو
~~السكاني المصري والقاهري.

# القاهرة المركزية: نشأت في صورة عدة مدن الواحدة خارج الأخرى. أول هذه
~~المدن الفسطاط التي سميت بعد ذلك مصر أو مدينة مصر سنة 641م، ثم نشأت
~~العسكر إلى الشمال منها سنة 751م بعد الثورة المصرية ضد الحكم العباسي،
~~وهروبا لقاعدة الحكم من كثافة السكن والسكان داخل الفسطاط. وبعد نحو قرن
~~أنشأ أحمد بن طولون، والي مصر المستقل عن الخلافة العباسية، مدينة جديدة
~~باسم «القطائع» إلى الشمال الشرقي من العسكر عام 868م، بين حافة المقطم
~~عند موقع القلعة الحالية وبين قلعة الكبش. لكن نمو العسكر والقطائع
~~توقف بعد سقوط الدولة الطولونية عام 906م. في الوقت الذي ظلت فيه
~~مدينة مصر تنمو بالتدريج؛ لأنها كانت مركز السكن والتجارة، بينما كانت
~~العسكر والقطائع مدن حكم. وفي سنة 969م دخل جيش الفاطميين مصر بقيادة
~~جوهر الصقلي قادما من تونس بعد عدة محاولات فاطمية سابقة فاشلة
~~للاستيلاء على مصر؛ نتيجة مقاومة كافور الإخشيدي، فلما مات سنة 868 سقطت
~~مصر ms020 أمام الفاطميين. أنشئت قاهرة المعز في مكانها الحالي بين الخليج
~~المصري والتلال الشرقية في الدراسة ، وأحيطت جميعها بسور من اللبن
~~وخندق، وظلت عاصمة ملكية لمصر الفاطمية قرابة قرنين من الزمن، وكانت
~~تحتوي على القصور الملكية ومقر الحكم والجامع الأزهر، بالإضافة إلى إقطاع
~~أحياء لسكن أنصار الدولة الفاطمية من قبائل شمال إفريقية. ولا شك أن
~~العمران ظل يزحف مع الضغط السكاني من مدينة مصر تجاه الشمال الشرقي؛ أي
~~تجاه القاهرة الفاطمية منحصرا بين الخليج المصري من الغرب ومقدمات حافة
~~المقطم من الشرق. وعلى هذا ظهرت ضواح جديدة لمدينة مصر منها الحمراء
~~الدنيا والوسطى والقصوى، التي كانت في المنطقة الممتدة حاليا بين دير
~~النحاس والسيدة زينب. وفي الوقت ذاته لم تمتد مدينة مصر شمال أو غرب
~~مسار الخليج المصري؛ لكثرة المستنقعات، وطغيان مياه الفيضان عليها بين
~~حين وآخر.

# وقد أخذت أحوال مدينة مصر تسوء بعد الفتن والحروب الداخلية والمجاعة
~~أثناء خلافة المستنصر من عام 1040 إلى 1074م، ثم حدوث النزاع بين
~~الوزيرين شاور وضرغام، وتدخل الصليبيين وجيوش سلطنة ابن زنكي بقيادة
~~شيركوه وصلاح الدين في مصر بدعوة من الخليفة الفاطمي، ثم إحراقها بأمر
~~الوزير شاور عام 1169م، وقد عاد السكان إلى مدينة مصر بعد استقرار الأمور
~~في بداية العهد الأيوبي، لكن السكن اقتصر على المنطقة الغربية، وخاصة بعد
~~أن شيد الملك الصالح الأيوبي (1240م) قلعته في جزيرة الروضة، وهجر
~~الجانب الشرقي من الفسطاط بعد الحريق تماما.

# والحقيقة أن مدينة مصر كان قد أفل نجمها بعد الحريق؛ فبعد سقوط الدولة
~~الفاطمية ونزوح الناس إلى القاهرة الفاطمية التي لم تعد عاصمة ملكية،
~~اقتصر العمران في مدينة مصر على عدة شرائح عمرانية طولية في منطقة دير
~~النحاس وجامع عمرو، ومنطقة مرتفع أبو السعود الجارحي، وحول الأديرة
~~الموجودة في مصر القديمة، وظلت كذلك شرائح مبعثرة حتى الثلاثينيات من هذا
~~القرن حينما نمت القاهرة، واتصلت عمائرها بمصر العتيقة أو بقايا مدينة
~~مصر الفسطاط.

# أما القاهرة الفاطمية: فقد نما عمرانها للدرجة التي أزيل معها أسوارها
~~الشمالية والجنوبية لتبنى من ms021 جديد على مبعدة من المكان الأصلي «بدر
~~الجمالي في أواخر العصر الفاطمي»، وأدار صلاح الدين الأيوبي سورا حول 
~~القاهرة إلى الفسطاط والقلعة والنيل، وهو بذلك أول من وحد نوايات القاهرة
~~في نواة واحدة، وكان ذلك فكر عسكري لحماية المدينة، واستجابة لنمو
~~العمران الذي كان قد تعدى الأسوار في منطقة باب الشعرية الحالية متجها
~~إلى الالتحام بعمران ميناء المقس (أو المكس أو المقسي) وموقعها
~~الآن منطقة باب البحر وباب الحديد وأولاد عنان، وكانت المقس هذه ميناء
~~القاهرة الفاطمية والأيوبية، وتاريخها يرجع إلى ما قبل دخول عمرو بن
~~العاص مصر - إذ الأغلب أن المقس كانت هي قرية أو مدينة «أم دينين» كما
~~عرفها المؤرخون الأوائل مسرحا لمعركة بين الجيش العربي والرومان قبل
~~معركة بابليون.

# 10

# وقد ظلت ميناء للقاهرة حتى فترة الأيوبيين وأوائل العهد
~~المملوكي. ثم انتقل النيل غربا فصارت بولاق هي ميناء القاهرة لفترة
~~طويلة، ولم يمتد عمران القاهرة الفاطمية صوب مدينة مصر إلا في العهد
~~الأيوبي وأوائل المملوكي بعد تشييد القلعة.

# ويضاف إلى ذلك أن المنطقة الواقعة
~~بين سفح قلعة الكبش وجبل يشكر وبين باب الخلق كانت تحتله بركة كبيرة، هي
~~بركة الفيل، التي ظلت قائمة حتى عهد الحملة الفرنسية على مصر في أواخر
~~القرن 18. وكذلك عبر النمو العمراني أسوار القاهرة الفاطمية في العهد
~~الأيوبي المملوكي في منطقة باب الخلق متجها إلى منطقة باب اللوق وعابدين
~~والناصرية بعد حفر الخليج الناصري في عهد السلطان محمد بن قلاوون (1325م)
~~الذي كان مأخذه من النيل في منطقة التحرير الحالية، وربما تكونت عدة برك
~~غربي الخليج المصري نتيجة هجرة النيل، منها: بركة السقايين فيما بين
~~عابدين والسيدة زينب، وبركة الفرايين - نسبة لصناعة وتجارة الفراء - عند
~~ميدان عابدين، وبركة قاسم بك محل شارع المبتديان، وبركة قارون في
~~البغالة، وتحولت هذه المنطقة إلى بساتين وبعضها امتد داخلها العمران،
~~وأكبر البرك كانت بركة الأزبكية التي ظلت حد العمران القاهري في الغرب -
~~منطقة الموسكي، والعتبة، ووجه البركة - ويحيط بها شمالا عمران القاهرة
~~الممتد إلى المقس على طول ما ms022 نعرفه الآن بشارعي كلوت بك
~~والجمهورية.

# وموجز القول: إن العمران المديني للقاهرة الفاطمية ظل ينمو خلال العصر
~~المملوكي إلى أن عبر نهائيا الخليج المصري، وانتهى غربا عند خط يكاد
~~يتفق مع مسار شارع الجمهورية الحالي بين المقس (باب الحديد) وعابدين
~~والناصرية إلى السيدة زينب. كما أن العمران في الشمال امتد خارج الأسوار
~~إلى منطقة الحسينية وبركة الشيخ قمر والظاهر وبركة الرطلي وأرض الطبالة
~~(الفجالة). كذلك امتد العمران جنوب القاهرة الفاطمية في اتجاه القلعة،
~~وبذلك يكون العمران في منطقة القاهرة قد نما بحيث أدى إلى التحام بين
~~النواتين الرئيسيتين: مدينة مصر ومدينة القاهرة - أو ما سمي: مصر
~~الفسطاط، ومصر القاهرة - برغم أنه حينما تم الالتحام كانت مدينة مصر قد
~~تدهورت كثيرا، وقد تم الالتحام في منطقة: السيدة زينب - الناصرية - فم
~~الخليج من ناحية، وفي منطقة: السيدة زينب - القلعة - الحلمية من ناحية
~~أخرى.

# ويمكن أن نلخص الموقف في هذه النقطة على النحو التالي:

# النمو العمراني في منطقة القاهرة المركزية تم نتيجة التحام عدة نوايات،
~~أقدمها نواة مدينة مصر في الجنوب الغربي، والمقس في الشمال الغربي،
~~والقاهرة الفاطمية في الشمال الشرقي، والعسكر والقطائع والقلعة في الوسط
~~والشرق. والحقيقة أن المنطقة الوسطى كانت منطقة ضعف تذبذب فيها العمران
~~من نمو وازدهار إلى تدهور وخراب، وذلك راجع إلى اختلاف في وظيفة وطبيعة
~~العمران في النواتين الرئيسيتين؛ مصر والقاهرة، فبينما الأولى مركز
~~العمران والتجارة والسكان، كانت الثانية مركز الحكم والسياسة، ولم يحدث
~~الالتحام بينهما إلا بعد انتقال مركز الحكم إلى القلعة وفقدان القاهرة
~~الفاطمية لهذه الوظيفة.

# شكل 1-4:

# القاهرة في عصر الخديو إسماعيل (1869).
~~(3-2) النمو المخطط في القاهرة المركزية في القرن ال 19

# بعد أن تم تبلور العمران على النحو الذي ذكرناه، ظلت المدينة على هذا
~~النحو متوقفة عن النمو خلال العهد العثماني، وفي آخر القرن 18 سجلت
~~الحملة الفرنسية خريطة القاهرة في صورة مستطيل كبير حده الشرقي من
~~القلعة إلى تلال قطع المرأة في الدراسة إلى تلال ومقابر باب النصر،
~~وحده الغربي خط يكاد يوازي شارع عماد الدين ومحمد ms023 فريد من باب الحديد
~~إلى السيدة زينب، وحده الشمالي من الحسينية إلى الفجالة وباب البحر،
~~وحده الجنوبي من القلعة إلى طولون إلى البغالة (السيدة زينب)، ومن
~~هذا المستطيل الكبير (خريطة

# 3-6
~~) بدأت المدينة تنمو
~~في القرن 19م، ومقدمات النمو أخذت صورة متكررة من إنشاء قصور للحكام خارج
~~المركز المديني، وأهم الأمثلة: قصر محمد علي بشبرا، وقصر عباس بالعباسية،
~~وقصرا القبة، والقصر العالي لإبراهيم باشا بجاردن سيتي،

# 11

# وفي اتجاه تلك القصور كان العمران يمتد مع الطرق الواسعة
~~المتجهة إليها من المدينة. لكن أهم دفعة في النمو المركزي للمدينة بدأ
~~بردم بركة الأزبكية في عهد محمد علي، وإنشاء شارع الموسكي من ميدان
~~العتبة الخضراء إلى الأزهر والحسين، وشق طريق من الأزبكية إلى بولاق،
~~وتحسين شارع الخليج وغيره الذي يقود من الموسكي إلى القلعة، وبدايات
~~إنشاء شارع محمد علي من القلعة إلى العتبة، وفي عهد الخديوي إسماعيل
~~تواصلت هذه المجهودات في إنشاء الشوارع الحديثة المستقيمة من محطة القطار
~~في باب الحديد إلى العتبة والأوبرا وقصر عابدين، وإنشاء كوبري قصر النيل
~~عام 1872 للوصول إلى القصر الجديد الذي أنشأه إسماعيل في الجزيرة - الذي
~~أصبح فندق عمر خيام الجزيرة ثم فندق ماريوت الآن.

# وكذلك كان هناك دفعة جديدة في النمو المركزي، هي تلك التي التزمت بتخطيط
~~منطقة واسعة سميت الإسماعيلية والتوفيقية، وشملت ما بين بداية ميدان
~~التحرير إلى شارع 26 يوليو شمالا، ومن جسر قصر النيل غربا إلى دار
~~الأوبرا شرقا، وهي الآن «وسط البلد»،

# 12

# وارتبط ذلك التوسع بإنشاء جسر قصر النيل كخطوة في سبيل إنشاء
~~طريق رئيس بين عابدين وقصر إسماعيل في الجيزة. لم يتم ذلك إلا بعد إنشاء
~~كوبري البحر الأعمى (الجلاء) عام 1877، وعلى هذا النحو تقدم العمران
~~المخطط بين باب الحديد وبولاق شمالا وباب اللوق وميدان الإسماعيلية
~~(التحرير) جنوبا، متجها من المدينة القديمة إلى منطقة عابدين صوب الغرب
~~حتى ضفة النيل، ويمر فيها طريقان رئيسيان؛ الشمالي: من الأزبكية إلى
~~بولاق (شارع 26 يوليو)، والثاني: من عابدين إلى قصر النيل (شارع
~~التحرير)، وفيما بين باب اللوق والسيدة ms024 زينب امتد العمران إلى الغرب
~~أيضا حتى شارع قصر العيني والقصر العالي (قصر الدوبارة) غربا، وشارع
~~المبتديان جنوبا. وفي هذه المنطقة الجديدة أنشئت عدة قصور للأثرياء،
~~مثل: قصر إسماعيل باشا المفتش (وزارة المالية) في لاظ أوغلي، وكان لتركز
~~الحكم بين قصر عابدين والوزارات في لاظ أوغلي أثر كبير على امتداد
~~العمران في منطقة المالية والسيدة زينب وجنوبها إلى البغالة، لكن وجود
~~تلال زينهم أوقفت النمو في هذا الاتجاه، ونما العمران بعض الشيء من
~~الحسينية وبركة الرطل قليلا إلى الشمال صوب منطقة السكاكيني وغمرة
~~والعباسية.

# شكل 1-5:

# جنوب وسط القاهرة نماذج من خطط عمران
~~القاهرة.

# أما النمو المركزي صوب الشرق والجنوب الشرقي فقد حدده مانعان؛ أولهما:
~~تلال الدراسة، والثاني: عامل بشري متمثل في وجود منطقة مقابر
~~الجبانة الشرقية «باب الوزير، وقايتباي، وبرقوق، والغفير» والقرافة
~~الكبرى (الإمام الشافعي) في الجنوب الشرقي، وعلى هذا النحو يكون النمو
~~المركزي للقاهرة قد تخطى عقبة البرك التي كانت تمتد في خط طويل من
~~الأزبكية إلى الفرائيين إلى السقايين إلى بركة الفيل، واتجه التعمير إلى
~~النيل فأشرف عليه أو يكاد فيما بين بولاق وقصر الدوبارة فقط، بالإضافة
~~إلى منطقة قصر العيني. وكان هذا الاتجاه الغربي صوب النيل هو الذي يمثل
~~أكبر قدر من النمو المركزي في القرن 19، بينما ظل ذلك النمو ضئيلا في
~~اتجاه الشمال، ولعل السبب في ذلك وجود عقبة خطيرة هي امتداد خط السكة
~~الحديد من باب الحديد إلى السويس شمال الفجالة وغمرة مباشرة، وخط الصعيد
~~شمال السبتية، وقد كان لهذا أثره على ضعف وبطء حركة النمو المركزي من باب
~~الحديد صوب شبرا ومن غمرة إلى القبة والضواحي في الزيتون
~~والمطرية.
~~(3-3) أحياء شمال القاهرة

# سبق أن ذكرنا أن بناء القصور كان له دور في مد الطرق والجسور خارج
~~القاهرة في خلال القرن 19، وقد ساعد ذلك على أن تتخذ الطرق مجالا للنمو
~~العمراني؛ فشارع شبرا أصبح العمود الفقري للذراع العمرانية الشمالية
~~للقاهرة. ومع اتصال العمران شمال محطة باب الحديد تكون محور عمراني
~~آخر مع شارع الترعة البولاقية ms025، ومحور جزيرة بدران الموازي لخط حديد
~~الصعيد، وقد تلاحمت المباني على طول هذه المحاور؛ بحيث إنه يمكن القول:
~~إن منطقة شبرا وروض الفرج والساحل وحدائق شبرا والترعة تكون في مجموعها
~~ذراعا سميكة ضخمة تمتد قرابة 4,5كم بين باب الحديد وترعة الإسماعيلية،
~~وتتصل عبر هذه الترعة بالإشعاع العمراني الصناعي والسكني في شبرا الخيمة
~~التي تمتد قرابة ثلاثة كيلو مترات.

# شكل 1-6:

# عمران شبرا وروض الفرج في العشرينيات من القرن
~~العشرين.

# وهناك الآن ذراع عمرانية جديدة تنمو وتمتد مع محور شارع بورسعيد شمال
~~منطقة غمرة متجهة بدورها إلى ترعة الإسماعيلية، ولعل مصيرها مصير ذراع
~~شبرا من حيث إمكان تلاحمها مع الذراع الشمالية الشرقية المتجهة إلى
~~المطرية، ومع ذراع شبرا عبر منطقة مهمشا والشرابية والزاوية الحمراء
~~ومنطقة السواح والأميرية، ويتكون بذلك استمرار عمراني حده الجنوبي
~~خطوط السكة الحديد والمترو من باب الحديد إلى غمرة، وحده الشمالي ترعة
~~الإسماعيلية، وحده الغربي النيل، وحده الشرقي القبة والزيتون. فإذا
~~تم ذلك لم تعد هناك ذراع أو أذرع عمرانية مشعة من مركز المدينة؛ بل جزء
~~آخر من المدينة يضاف إليها، ويمتد منه إشعاعات عمرانية إلى شبرا الخيمة
~~ومسطرد. لكن في داخل هذا الاستمرار العمراني الشمالي ستظل خطوط السكة
~~الحديد المتجهة شمالا أو شرقا عائقا وفاصلا ثقيلا بين القاهرة
~~جنوبها وشمالها. ومن الممكن التغلب مبدئيا على هذا العائق بإنشاء أنفاق
~~وجسور - كما هو الحال في نفق الشرابية وشبرا وكوبري شبرا العلوي - لكن
~~هذه الأنفاق والجسور تؤدي إلى تكوين «عنق الزجاجة» في المواصلات؛ مما
~~يؤدي إلى اختناق في النمو العمراني وتوقف أو نمو ضئيل. وأحسن الأمثلة
~~على ذلك منطقة مهمشا والشرابية التي تقع في شكل بيضاوي يحيط به الخطوط
~~الحديدية من كل اتجاه، وبرغم وجود نفق الشرابية وغمرة إلا أن النمو ظل
~~شبه متوقف بالمقارنة بالنمو العمراني على طول محور طريق بورسعيد أو محاور
~~شبرا، فضلا عن أن العمران في الشرابية ومهمشا غير صحي وفقير جدا؛
~~نتيجة لسكن عشوائي بموازاة الخطوط الحديدية، ولكن التحسين الحالي
~~للمنطقة بعد استكمال كوبري 6 أكتوبر ms026 العلوي، ووجود منزل ومطلع له من
~~شارع بورسعيد غالبا ما يؤدي إلى إعادة تخطيط المنطقة بصورة أحسن في
~~الشرابية وبورسعيد والوايلي والزاوية الحمراء.

# شكل 1-7:

# عمران شبرا وروض الفرج في التسعينيات من القرن
~~العشرين.

# وربما كان الحل الأوفق نقل محطة حديد القاهرة من باب الحديد إلى شبرا
~~الخيمة باسم محطة الشمال لخدمة الخطوط المتجهة إلى وسط الدلتا وشمالها
~~والإسكندرية، ومحطة أخرى في مسطرد باسم محطة الشرق لخدمة النقل الحديدي
~~إلى الشرقية ومدن القناة، ومحطة ثالثة في إمبابة أو الجيزة باسم محطة
~~الجنوب، ويترك مجال الخطوط الحديدية القائمة لتسيير خطوط مترو سطحي ونفقي
~~لمزيد من خدمة النقل في الكتلة السكانية الضخمة الشمالية والغربية من
~~القاهرة.
~~(3-4) أحياء الشمال الشرقي

# أما الذراع الشمالية الشرقية فقد نشأت مع إنشاء خط حديد الضواحي الممتد
~~من كوبري الليمون إلى عزبة النخل والمرج مارا بالدمرداش والقبة
~~والزيتون والمطرية وعين شمس. وقد ظل العمران في هذه الذراع أقل سمكا
~~من عمران شبرا حتى منتصف الخمسينيات؛ وذلك لأن السكن هنا، وبخاصة أحياء
~~حدائق القبة

# 13

# والزيتون وحلمية الزيتون والمطرية، أخذ شكل الضواحي المترفة؛
~~نمط الفيلات ومدن الحدائق بتأثير القصر الملكي في القبة وقصور بعض
~~الأمراء في المطرية والمرج. وحول هذه الضواحي نشأت أحياء لسكن أفقر
~~ولتقديم الخدمات، كدير الملاك جنوب القبة ومنشية الصدر شرق القبة
~~والوايلي غرب القبة وولي العهد، والنعام وعين شمس شمال المطرية ومنطقة
~~المطراوي غرب المطرية، بالإضافة إلى سكن عرب الحصن وعرب الطوايل قرب مسلة
~~عين شمس، وقد تدهورت المنطقة بعوامل عدة منها:
~~(1)

# انتهاء الحكم الملكي الذي أفقد المنطقة البهاء الذي
~~كانت تتمتع به من ناحية التنظيم العمراني وأشكال
~~البناء.
~~(2)

# هجرة أبناء أكابر الناس وأغنيائهم إلى أحياء وأماكن
~~أخرى أكثر تقديما للخدمات، في صورة فيلات أو شقق
~~فاخرة، في مصر الجديدة والزمالك والدقي
~~والعجوزة.
~~(3)

# تدهور سكن الفيلات بالتقسيم حسب شرع الإرث إلى شرائح
~~صغيرة، ومن ثم التحول إلى نمط العمارات، وأغلبها
~~اقتصادي وفقير؛ تلبية لاحتياج السكان الجدد الذين
~~يحلون محل الأغنياء السابقين.
~~(4)

# وأخيرا سقوط أهمية قطار الضواحي كوسيلة ms027 نقل بطيء،
~~بالمقارنة بنمو متسارع لعصر السيارات التي مكنت
~~الأغنياء من الانتقال إلى أماكن متباعدة. ولحسن الحظ
~~لم يفكر أحد في إلغاء قطار الضواحي الذي ظل يعمل دون
~~كلل في خدمة الأعداد المتزايدة من السكان في هذه
~~الأحياء، إلى أن أوقف القطار، وحل محله خط المترو
~~كوسيلة أسرع وبتقاطر زمني أسرع مرات عديدة من تقاطر
~~القطارات.

# وتلبية لاحتياجات النمو المساحي والسكاني كان لإنشاء الطرق الجديدة غربي
~~قصر القبة والمطرية والسواح والمطراوي من ناحية، وتحسين شوارع جسر السويس
~~وبورسعيد والوايلي الكبير من ناحية أخرى، أثر بالغ في النمو السكني؛
~~أولا: في المناطق البينية الفضاء، وخاصة بين الزيتون والحلمية ومصر
~~الجديدة والنزهة والمطرية وأرض النعام وعين شمس وعزبة النخل، وثانيا:
~~إمكان زحف العمران خارج هذه الضواحي - للأسف - على حساب الأرض الزراعية
~~الشمالية بين عين شمس وعزبة النخل والمرج والحرفيين وبركة الحاج ومدينة
~~السلام، ومن المطرية غربا في اتجاه الأميرية ومسطرد. وكلها سكن فقير زاد
~~من فقره مساكن عشوائية كثيرة داخل هذا النطاق، مثل: عزبة «أبو حشيش،
~~وعزبة القرود» التابعتين لقسم الزيتون.

# وتمتد هذه الذراع القاهرية الشمالية الشرقية قرابة عشرة كيلومترات من
~~غمرة إلى عين شمس، ونحو 18كم إلى مدينة السلام، وهو بذلك يفوق امتداد
~~القاهرة الشمالي من باب الحديد إلى آخر شبرا الخيمة الذي يصل نحو عشرة
~~كيلومترات.

# ومن المحزن تحول منطقة مسلة عين شمس والأرض الأثرية حولها من آثار في
~~مساحة كبير مكشوفة إلى مكان ضيق مسور بالأسلاك، وسط غابة من الأبنية
~~والعمارات الفقيرة المفتقرة إلى أي حس جمالي، فلا غرو أن أي حس جمالي
~~يتنافى مع الفقر بأنواعه، ولأن هذا الزحف السكني قد بني على أرض
~~أثرية، هي أرض مدينة «أون» الفرعونية التي زارها حكماء الإغريق القدماء،
~~مثل: أفلاطون وأرسطو، وقبلهم المؤرخ الكبير هيرودوت، وعرفوها باسم:
~~«هليوبوليس» التي هي ترجمة حرفية للفرعونية بمعنى: «عين شمس» وأنها مدينة
~~العلم، وبالتالي أقدم جامعة عرفها العالم استمرت في عطائها العلمي
~~والكهنوتي ما يزيد على ثلاثة آلاف سنة، وأقرب صورة لها في أذهاننا هي ms028
~~جامع الأزهر الذي تحول منذ إنشائه إلى جامعة حفظت علوم الدين والمعارف
~~ألف سنة حتى الآن. فكيف فرطنا في هذه الأرض الأثرية التي قد تزيدنا علما
~~ب «أون» إذا ما استمرت الحفائر حولها؟! ماذا تفعل مصلحة الآثار في هذا
~~الخضم العشوائي من المساكن الكثيفة؟!

# مصر الجديدة

# وتتصل هذه الذراع من الشرق بالمنطقة العمرانية التي كانت تسمى عند
~~نشأتها عام 1905 «واحة عين شمس» أو مصر الجديدة حاليا. ولقد
~~تضخمت مصر الجديدة في كل الاتجاهات، عدا الاتجاه الجنوبي؛ حيث
~~المعسكرات القديمة التي تفصلها عن العباسية لمسافة تبلغ 3,5
~~كم.

# وضاحية مصر الجديدة لم تنشأ كذراع عمرانية، وإنما نشأت كمدينة
~~مخططة يصلها بالقاهرة خط ترام سريع - مترو - من شارع عماد الدين في
~~قلب المدينة إلى ميدان الإسماعيلية، بالإضافة إلى وصلة قديمة لترام
~~عادي من العباسية - الترام الأبيض - إلى ميدان الجامع. ونظرا
~~لنشأة مصر الجديدة المستقلة، فإنها في الواقع مدينة جديدة نشأت
~~خارج القاهرة، لكن عملية الاقتراب العمراني بينها وبين الذراع
~~الشمالية الشرقية بواسطة خط ترام قديم - شارع القبة - قد جعلتها في
~~صورتها العامة جزءا من إشعاع عمراني مرتبط بذراع القاهرة الشمالية
~~الشرقية، وعملية الاقتراب العمراني بين مصر الجديدة والعباسية كانت
~~وما زالت يقف دونها عائق بشري؛ هو: معسكرات الجيش القديمة،
~~والمنتظر بعد إزالة هذا العائق أن يتصل العمران بينها وبين المدينة
~~الكبرى اتصالا تاما. وقد بدأ فعلا هذا التفكك بتخصيص الجزء
~~الجنوبي من هذه المعسكرات لبعض كليات جامعة عين شمس والمستشفى
~~التخصصي، وإلى الشمال منها مبنى الكلية الفنية العسكرية، وأمامها
~~مصلحة الأرصاد الجوية والمساحة العسكرية، وبذلك تحول شارع الخليفة
~~المأمون من ميدان العباسية إلى بداية منشية البكري إلى طريق تحف به
~~مراكز وأبنية تعليمية وعلمية وتطبيقية وبحثية باستثناء مبنى وزارة
~~الدفاع.

# وجود العائق بين عمران مصر الجديدة والعباسية، سواء كان في صورة
~~معسكرات أو في صورة أبنية جامعية وتعليمية وحكومية، هو السبب الذي
~~يجعلنا نشعر بأن مصر الجديدة مكانيا وسيكولوجيا هي الضاحية
~~الوحيدة التي تكون مدينة في حد ذاتها لها كفاية ذاتية، بينما
~~بقية ms029 الضواحي والأذرع في احتياج مستمر إلى خدمات مركز
~~القاهرة.

# مدينة نصر

# تمتد مدينة نصر إلى الجنوب والجنوب الشرقي من طريقي الميرغني وصلاح 
~~سالم على التوالي لمسافات غير محدودة؛ بطبيعة خطة شوارعها الشبكية
~~التي يمكن أن تمتد إلى أي مسافة يصل إليها العمران، ولكنها في
~~الوقت الحاضر تمتد مسافة نحو 6كم من مدينة الألعاب الرياضية حتى
~~نهايات مدافن المدينة في الجنوب، ونحو عشرة كيلومترات من الشرق إلى
~~الغرب، ويمكن القول: إن الطريق الدائري الحالي يمثل الحد
~~الشرقي الذي يمكن أن يحيط بمدينة نصر من الشرق، ويفصل بينها وبين
~~التجمعات السكنية التي تتجمع الآن تحت مسمى القاهرة الجديدة،
~~ويحتاج الأمر إلى تحديد أكثر دقة يفصل بينها وبين القاهرة الجديدة
~~بعد اكتمال الأخيرة.

# شكل 1-8:

# نمو العمران بين مصر الجديدة والزيتون ما بين
~~1930 و1995، (1) و(2) حدود عمران مصر الجديدة سنة
~~1930. (3) سراي القبة. (4) حديقة الميريلاند.

# وقد أنشئت مدينة نصر في الستينيات كمنطقة عمارات مختلفة الأحجام،
~~وإن كان معظمها لا يصل إلى أعلى من ثمانية طوابق، بواسطة القطاع
~~العام باسم شركة مدينة نصر، وذلك على نحو مشابه لمشروعات الإسكان
~~اليوجسلافية آنذاك، وما زالت هذه الأبنية قائمة في نواحي متعددة،
~~وإن كان معظمها يتركز في المنطقة الأولى والثانية، وتركت بقية
~~المناطق والأحياء لمبادرات القطاع الخاص والهيئات العامة؛ ولهذا
~~نجد عمارات القطاع الخاص تصل إلى متوسط عشرة طوابق وأكثر، بينما
~~أبنية الهيئات أقل من ذلك، وفضلا عن ذلك فإن الدولة خصصت أماكن
~~متعددة لعدد من الوزارات والأجهزة المركزية؛ كوزارة المالية
~~والجمارك والبترول والتخطيط والإحصاء والتنظيم والإدارة ...
~~إلخ.

# وإلى جانب ذلك اتخذت عدة شركات بترولية مقرها في مدينة نصر،
~~وكذلك عدد كبير من النوادي التابعة للأسلحة العسكرية المختلفة،
~~وأخيرا مدينة الألعاب الرياضية، واستاد القاهرة، ومركز المؤتمرات،
~~وجامعة الأزهر في مقرها الجديد الذي يحتل مساحة ربما كانت أكبر
~~المساحات التي تشغلها أي جامعة مصرية أخرى.
~~(3-5) أحياء القاهرة الجنوبية

# أما الذراع العمرانية المتجهة من القلعة جنوبا فهي قديمة ونموها محدود
~~لعدة أسباب؛ منها: أن غالبيته يتكون من المقابر الكبرى للقاهرة منذ ms030 نشأة
~~الفسطاط، وفيه كثير من الأضرحة لعلماء الدين، من أهمهم: الإمامان الشافعي
~~والليثي، والسيدة نفيسة، والشيخ أبو السعود. وأخيرا فإن الذراع الجنوبية
~~الغربية هي تلك الممتدة مع خط حديد حلوان من مصر القديمة، وهي أقل الأذرع
~~العمرانية اتصالا؛ إذ إنه يتكون من عدة ضواحي سكنية منفصلة، منها:
~~المعادي والمعصرة وطرة وحلوان. لكن مع كهربة الخط الحديدي، والضغط
~~السكاني والنمو الصناعي فإن هناك اتجاه للعمران أن يتلاحم كما حدث عندما
~~امتد عمران مصر القديمة والبساتين إلى دار السلام، وما هو في طريق الوقوع
~~من امتداد بين دار السلام ومشارف حدائق المعادي، وبين المعادي
~~وطرة.

# وامتد العمران على شرائح زراعية جنوب المعصرة إلى حلوان والتبين، فتحولت
~~الكثير من العزب، مثل: عزبة الوالدة وعزبة كامل صدقي وقرية حلوان البلد
~~إلى أحياء عشوائية لسكن فقير. كما تدهورت حلوان الحمامات من ضاحية مخططة
~~جيدا ومن أماكن استشفاء وترويح إلى سكن متوسط وفقير، وارتبط كل ذلك
~~بالصناعات المتعددة التي أنشئت في جنوب القاهرة، وعلى رأسها: الحديد
~~والصلب وفحم الكوك والسيارات والطائرات حول حلوان، والأسمنت شديد التلوث
~~في طره، فضلا عن المحاجر الكثيرة المنتشرة شرقي أوتوستراد حلوان.

# وربما كانت النقاط المضيئة في هذا الخضم هي مدينة 15 مايو المخططة
~~لاستيعاب عدد كبير من العمالة الصناعية - في تعداد 1996 بلغ عدد السكان
~~نحو 65 ألفا - وكذلك المساحة الكبيرة التي أعطيت لجامعة حلوان، ولا شك
~~أن هناك مساعي من مختلف الوزارات والهيئات، وبخاصة وزارة البيئة، لتقليل
~~التلوث الشديد الذي أشاع الكثير من أمراض الصدر والعيون في جنوب
~~القاهرة.
~~(3-6) أحياء غرب القاهرة الكبرى

# ما سبق أن تناولناه من أحياء وأقسام كلها تقع شرق النيل داخل محافظة
~~القاهرة، باستثناء شبرا الخيمة التي تقع في محافظة القليوبية. لكن
~~القاهرة الكبرى تمتد عبر النيل إلى محافظة الجيزة التي تضم نواة مدينتين
~~قديمتين هما: الجيزة وإمبابة.

# وقد ظلت الجيزة مدينة صغيرة معظم تاريخ القاهرة، ولم يقدر لها النمو
~~الهائل الذي تحقق الآن إلا في الفترة الحديثة بعد بناء قصر الجيزة وحدائق
~~الأورمان والحيوان في عهد الخديو إسماعيل ms031، وكان ذلك بمثابة إيذان دفع
~~العمران إلى النمو رويدا من مدينة الجيزة شمالا في اتجاه إمبابة،
~~وغربا في اتجاه الهرم، وقد نمت الرقعة العمرانية الكبرى من الجيزة إلى
~~إمبابة في خلال السنوات الثلاثين الماضية، وإن كانت مقدماتها عدة قصور
~~متناثرة فيما بين الدقي والجيزة، وزادت عمليات النمو العمراني في المنطقة
~~الوسطى بإنشاء جامعة فؤاد الأول - القاهرة حاليا - ومجموعة من الأبنية
~~الحكومية، هي: مصلحة المساحة ومحافظة الجيزة، قبل انتقالها إلى شارع
~~الهرم، ومعهد البحوث القومي، ومعهد بحوث البناء، ووزارة الزراعة والمتحف
~~الزراعي ونادي الصيد، وكلها كانت تمثل مقومات للنمو حولها في الدقي التي
~~بدأت بعمران راق من نمط الفيلات، ثم تحولت إلى مقار لعدد من المستشفيات
~~والسفارات، وإن كان بعضها قد هجرها إلى أماكن أرحب على كورنيش المعادي
~~والمهندسين وغيرهما.

# وكان البناء الشاسع لمستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية على واجهة النيل
~~في عزبة العجوزة سببا في انهيار العزبة الزراعية، وتحول المنطقة إلى سكن
~~راق من نمط العمائر الواسعة. وبالتدريج فقدت هذه النويات الصغيرة
~~انفصالها، والتحمت مكانيا في كتلة عمرانية على واجهة النيل من العجوزة
~~إلى الجيزة، وتعمقت كثيرا إلى الغرب، لكنها وقفت أمام عائق صعب المراس
~~هو خط حديد الصعيد، وبالرغم من أن الضغوط قد أدت إلى اختراق هذا الخط في
~~أماكن معينة بواسطة أنفاق وكبار علوية، فإنه ما زال يمثل عائقا قد
~~يزول إذا ما اتخذت الجيزة محطة لبداية الطريق الحديدي إلى الصعيد، وربما
~~نعود إلى التوصية باستخدام المسار الحديدي بين الجيزة وكوبري إمبابة
~~مسارا لخط مترو سريع يتصل بمترو الجامعة والمترو المزمع إنشاؤه بين
~~إمبابة ومطار القاهرة، مرورا بالدراسة والأزهر، ويكون بذلك خط اتصال
~~سريع بين محطة حديد الجيزة ومحطة حديد الشمال المقترحة في شبرا
~~الخيمة.

# وقد تم الالتحام بين العمران على كلتا ضفتي النيل، بعد إنشاء الجسور
~~والكباري الحديثة (16 جسرا حاليا) وإن كان أقدمها جسر يربط بين مصر
~~القديمة وجزيرة الروضة منذ العصر الروماني والقبطي، والذي أعاد إنشاءه
~~الملك الصالح الأيوبي عندما ابتنى لمماليكه قلعة الروضة، ومن ثم سمي ms032
~~هؤلاء بالمماليك البحرية، وكان هناك جسر آخر عائم يصل الروضة بالجيزة،
~~وكلاهما يعودان إلى القرن 13م.

# 14

# ثم ظهرت الجسور الحديثة منذ عصر الخديو إسماعيل، وكان أولها
~~كوبري قصر النيل عام 1872 ليربط القاهرة بقصر الجزيرة الذي أنشأه في
~~مناسبة احتفالات افتتاح قناة السويس، لكنه لم يتم آنذاك. ثم جسر البحر
~~الأعمى (الجلاء حاليا) عام 1872، وهما معا يكونان أول جسرين متكاملين
~~يعبران مجري النيل الرئيسي والفرعي حول الجزيرة، ويمكنان من العبور
~~الحديث من القاهرة إلى بر الجيزة، ويخترقهما الآن شارع التحرير من ميدان
~~عابدين إلى الدقي وبولاق الدكرور، وبذلك ساعدا على تعمير منطقة الدقي
~~مبكرا عن بقية العمران في الجانب الغربي من القاهرة الكبرى.

# وتوالت بعد ذلك الجسور العابرة للنيل.

# 15

# في أوائل القرن 20 وذلك حسب مقتضيات النمو العمراني في أحياء
~~الجيزة. وفي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني نشطت حركة بناء الجسور بين
~~القاهرة والجيزة، فأنشئ كوبري إمبابة لسكة حديد الصعيد 1890، وأعيد بناؤه
~~على شكله الحالي لسكة حديد مزدوجة وسيارات ومشاة في 1925، وكان عام 1908
~~خصبا أنشئت فيه أربعة جسور مكملة لبعضها: عباس (الجيزة حاليا) والملك
~~الصالح لربط جنوب القاهرة لعمران الروضة والجيزة، فكان طريق اختراق إلى
~~تعمير منطقة شارع الهرم، وأبو العلا - أزيل مؤخرا لأسباب غير مقنعة،
~~وكان يمكن أن يظل تحفة معمارية للمشاة والنزهة - والزمالك الذي أدى إلى
~~تعمير حي الزمالك، وبدايات تعمير منطقة إمبابة التي لم يكتمل نموها إلا
~~بمخطط مدينة الأوقاف في الخمسينيات، والذي تحول الآن إلى ما يعرف
~~بالمهندسين والصحفيين ... إلخ، وتعتمد أساسا على طريق 26 يوليو الذي امتد
~~طرفه الغربي منذ عامين إلى طريق الإسكندرية الصحراوي، ويعرف باسم محور 26
~~يوليو. وفي أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات وما تلاها أنشأت حكومات
~~النظام الجمهوري كوبري الجامعة فيما بين المنيل وجامعة القاهرة، وعددا
~~آخر من الجسور الصغيرة بين المنيل من ناحية وجاردن سيتي والقصر العيني
~~وفم الخليج من الناحية الأخرى، وإعادة بناء جسر الملك الصالح وجسر الجيزة
~~(عباس سابقا)، وكذلك عبرت النيل جسور للكباري العلوية؛ أولها كوبري 6
~~أكتوبر إلى الدقي وجسر روض الفرج ms033 إلى شمال المهندسين، وأخيرا جسر المنيب
~~جنوب الجيزة وجسر الوراق شمالي إمبابة المكملين للطريق الدائري حول
~~القاهرة الكبرى.

# إن النمو العمراني على ضفة النيل في الجيزة لم يكن ممكنا إلا ببناء
~~الجسور، وكلما زادت أعداد الجسور زادت دفعة العمران على حساب الأرض
~~الزراعية في الجيزة. وعلى وجه التقريب فقد تآكلت - أو بسبيلها إلى التآكل
~~- غالب الزمامات الزراعية في كل قرى شمال وجنوب طريقي الهرم وفيصل، وكل
~~القرى غرب بولاق الدكرور: المعتمدية وزنين وصفط اللبن وطهرمس ومنشأة
~~البكاري إلى كرداسة، وسيكون ذلك مآل الزمامات في قرى عديدة، كبشتيل
~~والكوم الأحمر حول الطريق الدائري غرب وراق العرب، وكالبراجيل على طول
~~محور 26 يوليو.

# الخلاصة: أن الزحف العمراني يتقدم في جبهة عريضة من النيل إلى حافة
~~الهضبة الصحراوية الغربية، وقد وصل هذه الحافة عند نهاية طريقي الهرم
~~وفيصل، وتعداها في نهاية فيصل وميدان الرماية إلى عمق الصحراء في اتجاه
~~أطراف مدينة 6 أكتوبر على طول الطريق الصحراوي إلى الواحات والفيوم. هذا
~~فضلا عن الزحف العمراني الواسع كعملية حالية بين حي الهرم والبدرشين
~~والحوامدية، وقرى وعزب كثيرة جنوب مراكز الجيزة والعمرانية والهرم، وكلها
~~يضمها تعداد 1996 إلى القاهرة الكبرى.

# شكل 1-9:

# نمو القاهرة في قرن (1910-1995).

# فهل سيأتي اليوم الذي يتشابه فيه عمران الجيزة مع عمران القاهرة داخل
~~منظومة القاهرة الكبرى؟ لقد نما سكان محافظة القاهرة في الفترة بين
~~تعدادي 1986-1996 بنسبة 11,2٪ بينما نمت أجزاء ومراكز الجيزة الداخلة في
~~القاهرة الكبرى بنسبة 24,8٪ لنفس الفترة التعدادية - وذلك حسب التعداد
~~الرسمي 1996 - وبعبارة أخرى: إن أقسام الجيزة تنمو بنسبة هي ضعف القاهرة
~~على الأقل. فهل يعني ذلك أن محافظة القاهرة قد وصلت إلى حد التشبع بحيث
~~تنمو - نظريا - بنسبة 1,1٪ سنويا، وأن الدور في تسارع النمو السكاني
~~الآن هو في منطقة الجيزة؟ ومتى تصل الجيزة إلى حد التشبع؟ وهل تترك
~~الأمور على ما هي عليه أم تتخذ قرارات متشددة بمنع تحويل الحقول الزراعية
~~إلى حقول من غابات الطوب والإسمنت الفقير البشع كما نلاحظه الآن في أطراف
~~القاهرة الكبرى الشمالية والغربية؟ ومتى؟
~~(3-7) دينامية النمو بين ms034 ابتلاع القرى والابتلاع المعاكس

# هذا الشكل من النمو مألوف في معظم مدن العالم، وفي القاهرة حدث ابتلاع
~~لعدد كبير من القرى والعزب، من أهمها: منية السيرج في شبرا، وقرى كثيرة
~~في اتجاه الشمال منها: المطرية والقصيرين والأميرية، وكفر الجاموس في
~~امتداد جسر السويس، ومن الأمثلة التي رأيناها رأي العين: ابتلاع عزبة
~~العجوزة عندما أخذ النمو العمراني يتقدم من الدقي شمالا. ظلت العجوزة
~~محتفظة بطابعها السكني القروي فترة وإن تحولت العمالة الزراعية إلى أعمال
~~أخرى بعد التفاف العمران الحديث حولها، وترتب على ذلك ارتفاع قيمة أرض
~~القرية؛ مما دعا أهل القرية إلى هدمها أو بيعها، وتحول الإسكان إلى عمائر
~~فاخرة، والصورة تتكرر الآن في ميت عقبة في منطقة المهندسين ومعظم القرى
~~غرب إمبابة وشمالها الغربي، وإن كان النمط حول إمبابة هو اتجاه السكن
~~الفقير وليس الفاخر أو فوق المتوسط.

# ولكن الملاحظ أن هناك دينامية أخرى معاكسة كأنها رد فعل للنمو العمراني
~~الحديث الذي أدى إلى إذابة نمط القرية التي تقع تحت وطأته. فالقرى كبيرة
~~الحجم أو التاريخية أو هما معا تتحول وظيفتها من الزراعة إلى أنشطة أخرى
~~تؤدي بالمستفيدين الجدد من نفس القرية إلى تغيير نمط البيت الريفي إلى
~~البناء بالطوب والأسمنت، وبذلك تتحجر مقاومة القرية للتحلل، ولكن لأن
~~مساحات المباني الأصلية عادة صغيرة، أو صغرت بالميراث، فإن القرية بشكلها
~~الجديد تصبح كثيفة البنيان وكثيفة السكان العاملين في مهن كثيفة العمالة
~~بالقياس إلى الزراعة، وبالتالي تصبح جاذبة للسكن المتوسط والفقير، وحين
~~يتم ذلك تتحول إلى الزحف حولها سواء كان ذلك في أرض زراعية ملاصقة أو
~~إسكان غني من نمط الفيلات التي هجرها أهلها بواسطة تقسيم الإرث وغيره من
~~الأسباب سالفة الذكر، وأصبحت بذلك مكونا أرضيا في سوق العرض والطلب
~~على الأراضي، وقد حدث هذا أيضا أمام أعيننا في منطقة كالزيتون والمطرية
~~حين زحف الإسكان الكثيف والفقير على مناطق الفيلات السابقة التي كانت
~~طوال النصف الأول من القرن العشرين ضواح مترفة إلى متوسطة
~~الإسكان.

# وقد يحدث مثل ذاك في منطقة ميت عقبة ms035 حيث الصراع بين نمطي السكن الفقير
~~وبين الغني والمتوسط ما يزال محتدما؛ لأن عمران المهندسين والصحفيين
~~الحديث لم يتعد جيلين. وربما يساعد شق طريق رئيس في قلب ميت عقبة، هو
~~محور 26 يوليو، على إضعاف مقاومتها للابتلاع، ولكن طوق النجاة لميت عقبة
~~ومثيلاتها قد يتمثل في ضرورة احتياج الأحياء الغنية وفوق المتوسطة الدائم
~~إلى وجود أحياء أقل مستوى تقوم بتقديم خدمات من أنواع عديدة، وبخاصة
~~التجارة الصغيرة لمواد الغذاء.
~~(3-8) النمو الطفيلي أو العشوائي

# على عكس ظاهرة ابتلاع القرى المجاورة، يحدث أن تأتي جماعة مهاجرة أو
~~أفراد من الفقراء و«تزرع» نفسها على أطراف المدينة الكبيرة مكونة -
~~تجاوزا - «مساكن» فقيرة جدا. هذا هو النمو الطفيلي للمدن، ومساكن مثل
~~هذه التجمعات تستخدم الصفيح أو ما يشبه ذلك من مواد مستهلكة سابقة
~~الاستخدام كالأخشاب والكرتون والأقمشة، وما إلى ذلك مما يصنع فواصل
~~وسقفا يمكن العيش تحته، وتسمى عادة: «العشش» أو «عزبة» أو «منشأة». أما
~~الحكر فهو مناطق «متدنية السكن والموارد المالية» داخل المدينة مما يسمى

# slum

# التي ليس لها ترجمة عربية
~~واضحة الآن.

# وحين تلف المدينة حول هذا النمو الطفيلي بحيث يصبح داخل المدينة، فإن
~~العشش تتحول بالميراث، ووضع اليد إلى أحياء متدنية مكدسة بالناس والفقر،
~~مثال ذلك: عشش الشيخ علي جنوب بولاق، أو عشش زينهم بين طولون والسيدة،
~~وقد أزيل معظم هذه العشش لارتفاع سعر أراضيها، وحلت محلها إما بنايات
~~ووزارات على واجهة النيل، وإما بإقامة حي سكني شعبي؛ لتحسين الأوضاع
~~السكنية والاجتماعية لسكان تلال زينهم.

# ومن أمثلة هذه التجمعات السكنية: عزبة الصفيح شمال الشرابية، وعزبة
~~الهجانة ومنشأة ناصر في شرق القاهرة، وعزبة «أبو حشيش» في الزيتون.
~~والظاهرة المميزة في منطقة القاهرة ما كان في الماضي من وجود مضارب فقيرة
~~للبدو الذين يعيشون على حافة الصحراء يرعون قطعانا من الماعز. وقد تحولت
~~بعض هذه المضارب إلى عزب مبنية باللبن، ومن أهم أمثلتها: عرب الحصن وعرب
~~الطوايل بالمطرية، وعزبة جبريل شرقي المعادي، وأكبرها الآن منشأة ناصر
~~والدويقة على سفح وعر لحافة المقطم شرق القلعة، وعزبة ms036 الهجانة على طريق
~~السويس شمال مدينة نصر، وحي المنيرة الغربي في غرب إمبابة، والكثير من
~~السكن في قسم ثان لشبرا الخيمة، والكثير جدا من السكن في المنطقة
~~الممتدة بين المعصرة وحلوان، وأخيرا معظم المنطقة الممتدة بين دار
~~السلام والبساتين شمال المعادي. وسوف نعالج هذا الموضوع المهم والخطير
~~بشيء من التفصيل فيما بعد.
~~(3-9) المدن الجديدة

# وفي هذا المجال لا يكون النمو المديني تلقائيا أو معتمدا على المبادأة
~~الفردية، إنما يرتبط بعدة أمور؛ منها الإحساس بضرورة التخطيط من
~~أجل:
~~(1)

# توجيه النمو المديني وجهته الصحيحة، وبخاصة إبعاده عن
~~تبوير الأرض الزراعية.
~~(2)

# تقديم الشروط الصحية، وضمان خطوط المواصلات الداخلية
~~التي تؤمن حركة السكان من المدينة المخططة إلى
~~المدينة القديمة، ويقتضي ذلك في أحيان كثيرة التدخل
~~الفعلي من جانب سلطات المدينة المحلية.

# وتوجيه المدينة إلى وجهة نموها الصحيح أمر بالغ الأهمية بعد أن رأى
~~الكثيرون الضرر الذي يعود من النمو العشوائي المعتمد على المبادأة
~~الفردية. فقد أدى هذا إلى نمو المدينة على حساب الإقليم الذي يمدها
~~باللبن والخضراوات، ولكن هناك مناطق تخطط للنمو على حساب هذا الإقليم
~~الحيوي، نتيجة ظروف خاصة، أو نتيجة لأن هذه هي أحسن الأراضي للنمو
~~المديني.

# ومن شروط التخطيط أيضا: مد نطاقات من الخضرة داخل المدينة كمحاولة
~~لاستيفاء شروط صحية وترويحية لسكان المدن. وقد نشأت حول القاهرة في النصف
~~الأول من القرن 20 عدة مناطق عمرانية مخططة، مثل: مدينة مصر الجديدة أو
~~المعادي والهرم ومدينة الأوقاف والمقطم، وفي النصف الثاني من القرن نفسه
~~أنشئت مدينة نصر ومدينة السلام وحدائق شبرا، وقد روعي في تلك المناطق
~~كثيرا من شروط التخطيط: الطرقات الواسعة ونطاقات الخضرة. وغالب تلك
~~المناطق المذكورة قد خططت في داخل الإقليم الزراعي المحيط بالقاهرة غربا
~~وشمالا وجنوبا؛ مما يسبب خسارة كبيرة للأرض الزراعية المحدودة داخل
~~القاهرة الكبرى. أما مصر الجديدة ومدينة نصر ومدينة المقطم و15 مايو، فقد
~~خططت في الأماكن التي كان يجب للعمران المديني أن ينمو فيها، فمعظمها
~~مناطق صحراوية أو جبلية، وكذلك الحال بالنسبة لمنطقة المساكن الشعبية في
~~تلال ms037 زينهم، وامتدادها إلى منطقة «أبو السعود» والفسطاط الجديدة.

# شكل 1-10:

# مدينة المقطم - الإمام الشافعي: اختلاف أغراض
~~العمران.

# والتخطيط الذي تم به بناء منطقة الهرم أو حدائق شبرا ليس على درجة من
~~الكفاءة مثل تخطيط مدينة الأوقاف أو مصر الجديدة أو نصر؛ ذلك لأن العمران
~~في هاتين المنطقتين امتد من قديم في صورة إشعاع عمراني كما سبق القول،
~~لهذا كان التخطيط الذي تم بعد ذلك قائم على أساس عبء إعداد الأرض للعمران
~~على المبادأة الفردية أو المبادأة التي تقوم بها شركات صغيرة للإعمار،
~~والربح السريع يكون عادة الضوء الذي يهتدي به هؤلاء، مما لا يستوفي
~~الشروط اللازمة في التخطيط الحقيقي. وفي حالة مدينة الأوقاف تم التخطيط
~~لمساحة كبيرة في صورة متكاملة؛ لأن كل هذه الأرض أو معظمها كان مملوكا
~~لمالك واحد وهو وزارة الأوقاف، وكذلك الحال بالنسبة للمعادي ومصر الجديدة
~~والمقطم التي أعطي امتيازها إلى شركات كبيرة خططتها دفعة واحدة، ومدينة
~~نصر التي تتولاها هيئة شبه حكومية، ومدينة 15 مايو تم إعمارها بواسطة
~~وزارة الإسكان والتعمير، ومشروع الهضبة الوسطى في المقطم الذي تعثر
~~كثيرا حتى الآن.

# مدينة المقطم

# ويهمنا في هذا المجال أن نذكر بشيء من التفصيل موضوع مدينة المقطم؛
~~فمن الناحية الصحية والجمالية لهذا المشروع امتياز كبير على غيره
~~من مشروعات العمران القاهرية. لكن هناك عدة عقبات طبيعية وبشرية
~~أدت إلى ما يشبه توقف المشروع عن النمو فترة طويلة نذكر منها
~~العقبات الآتية:
~~(1)

# الانحدار سريع بين القاهرة والمكان الذي اتخذ
~~للمشروع - حوالي 120 مترا من بداية طريق المقطم عند
~~طريق صلاح سالم، وبين موقع المدينة، في مسافة لا
~~تزيد عن 3كم -
~~وذلك لأن المدينة اتخذ موضع لها الحافة الجنوبية
~~لقوس المقطم في شرق القاهرة، ويشرف هذا القوس على
~~منطقة القلعة والإمام الشافعي في صورة جروف عالية،
~~وقد أدى ذلك إلى انحدارات عالية في بعض مناطق
~~الطريق، مع الالتواءات والحنيات الحادة في مناطق
~~أخرى، ومثل هذا لا يجب أن يكون في منطقة عمران دائم،
~~فقد يصح ذلك في مناطق الجبال السياحية.
~~(2)

# إن الموقع الذي ms038 اختير لا يجعل هناك سوى طريق
~~واحد إلى مدينة المقطم، وبذلك تخلق عنق زجاجة لشدة
~~الحركة على هذا الطريق - فيما لو عمرت عمرانا
~~كثيفا - ومع قلة الحركة اليوم فإن الطريق يحتاج إلى
~~صيانة مستمرة مكلفة بالإضافة إلى احتمالات كبيرة
~~للحوادث.
~~(3)

# إن الشعور بأن هناك طريقا واحدا يخلق إحساسا
~~بأن الإنسان سكن «حارة سد» وهو إحساس مضايق بدون
~~شك.
~~(4)

# إن الموقع الذي اختير يشرف على منظر لا يحب
~~الإنسان أن يكرر رؤيته كل يوم، فهو يشرف على
~~«القرافة الكبرى» على حد تعبير المقريزي؛ مقابر
~~الإمام الشافعي والبساتين الممتدة قرابة أربعة
~~كيلومترات تحت المقطم مباشرة.
~~(5)

# إن الطرق الأساسية التي تقود من المدينة إلى
~~المقطم تمر بأكثر مناطق القاهرة ازدحاما وضيقا
~~بالحركة: «شارع محمد علي وميدان العتبة»، أو تقود
~~إلى منطقة خالية من الخدمات برغم اتساع الشارع: «فم
~~الخليج»، أو إلى منطقة خدمات محلية في مصر
~~الجديدة.
~~(6)

# ليس بالمقطم خدمات محلية إلا في صورة محدودة
~~جدا، وخاصة خدمات التعليم.
~~(7)

# مدينة نصر منافس خطير من حيث الموقع والموضع
~~والمساحة المخصصة للامتداد، من حيث المواصلات
~~والخدمات.

# ولكن تزويد المقطم بطرق حركة إضافية يمثلها أساسا طريق أوتوستراد
~~حلوان، وطريق الهضبة الوسطى، وطريق إلى شرق المدينة عند مساكن
~~الزلزال قد أعطى للمقطم أخيرا دفعة قوية للنمو العمراني؛ فمن خلال
~~هذه الطرق - وما يستجد مستقبلا من طرق صوب الطريق الدائري - أصبح
~~للمدينة اتصالات سريعة بمدينة نصر والمعادي وما فيهما من الأسواق،
~~فضلا عن بدايات نمو سوق داخلية وخدمات تعليمية. وكذلك كان لتعديل
~~حركة المرور في طريق صلاح سالم والقلعة أثره في ازدياد اقتراب
~~المدينة من وسط البلد، ولكن ما زال الطريق الرئيس يعاني من حدة
~~زوايا الانحدار وضيق الملفات، ويحتاج إلى تعديلات لكي يصبح
~~مأمونا.

# ولأننا لم نعتد البناء في مناطق المنحدرات الجبلية، فقد حدثت
~~أخطاء كثيرة عن حسن نية؛ فقد كان كورنيش المقطم والشوارع حوله
~~مطلبا مقصودا للسكن الفاخر الحدائقي من أجل لمسات جمالية في
~~البيئة الصخرية. لكن نقص الدراسات عن ميكانيكية التربة والصخر، وما
~~يعتريه من ms039 خطوط انكسار، واتجاهات انحدار، ونقص الصرف الصحي كانت
~~لها آثارها المهددة بالمخاطر الشديدة. فإن تسرب المياه تحت السطح
~~قد أدى إلى تآكل وانهيار صخور الحافة في حوادث مأساوية، ومن هنا
~~بدأ الناس في إدراك أن التعدي على البيئة بصورة جائرة له مخاطر
~~مهلكة، ولا شك في أن منطقة المقطم لها ميزات وفضائل على رأسها
~~الانخفاض النسبي في درجة الحرارة، والتي يزيد إحساسنا به حركة
~~الهواء الحر في صورة نسائم مستمرة، وهو ما نفتقده في الكثير من
~~أحياء القاهرة؛ لكثرة العمائر التي تعوق مسرى الرياح في اتجاه،
~~وتجعله قويا غير مرغوب في اتجاه آخر، والشيء الآخر الذي تتمتع به
~~مدينة المقطم حتى الآن هو قلة تلوث الهواء لقلة السكان وحركة
~~السيارات، ولكن تلك الميزة قد تفقد في حالة زيادة السكان
~~والسيارات، أو زيادة السيارات لأبناء الأسر الغنية والمتوسطة، وهي
~~الظاهرة الاجتماعية الحديثة في مصر، والتي معها تتناقص الميزة
~~الثالثة للمقطم، وهي: الهدوء وقلة التلوث!

# وخلاصة القول: إن التخطيط الجاد قد انتهى إلى الاهتمام بعودة النمو
~~المديني للقاهرة مرة أخرى إلى مجال ومحور النمو الطبيعي؛ أي إلى
~~الشمال الشرقي محاذية حافة المقطم،

# 16

# ومعتلية خطوطا كنتورية لم تعتلها من قبل (80-150
~~مترا في مدينة نصر و180 مترا
~~في المقطم)، وللارتفاع ميزة الجفاف والجو الصحي المفتوح، ومع قليل
~~من المغالاة نقول: إن نمو القاهرة الطبيعي إلى الشمال الشرقي هو في
~~اتجاه الرياح الشمالية الشرقية السائدة في معظم العام.

# ما سبق من مدن أصبحت جزءا من المدينة لاقترابها الكبير منها، ولكن
~~في الستينيات خططت هيئة تخطيط القاهرة الكبرى لإنشاء مدن حلقية حول
~~القاهرة وعلى مبعدة منها، وتوالت أجهزة التنفيذ في وزارة الإسكان
~~والتعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة على تنفيذ مجموعة من المدن
~~في المناطق الصحراوية شرق وغرب القاهرة، هي: 10 رمضان، ثم 6 أكتوبر
~~و15 مايو، والتجمعات: أول وثالث وخامس باسم مدينة الأمل التي تحولت
~~إلى مشروع القاهرة الجديدة، فضلا عن مدن: بدر والشروق والعبور،
~~بينما تحول مخطط مدينة الأمل إلى شريحة عرضية موازية لطريق العين
~~السخنة. أنجح هذه ms040 المدن من ناحية المكان والنمو الاقتصادي هي مدينة
~~رمضان؛ وذلك لبعدها النسبي عن القاهرة. أما 15 مايو فهي الآن عمران
~~حيوي للعمالة الكثيفة في منطقة حلوان، ومدينة أكتوبر تتحول
~~تدريجيا إلى ضاحية جديدة للقاهرة الكبرى؛ لاقترابها، ولوجود طرق
~~كبيرة تربطها بها، وسوف نعالج موضوع المدن الجديدة فيما
~~بعد.
~~(4) خطة المدينة

# تكاد تنحصر الخطط التي تبنى عليها المدن منذ القدم في:
~~(1)

# الخطة الشبكية:

# التي تتكون
~~من طرق متوازية وأخرى متعامدة عليها، وأقدم مخطط شبكي في مصر
~~هو: مدينة أخيتاتون؛ العاصمة التي بناها في شرق المنيا
~~إخناتون الفرعون الموحد بآتون إله واحد رمز إليه بقرص الشمس
~~منذ قرابة ثلاثة آلاف سنة. كذلك كانت خطة قاهرة المعز من ألف
~~عام.
~~(2)

# الخطة الإشعاعية-الحلقية:

# التي تتكون من طرق ترسم دوائر أو أنصاف دوائر حول النواة
~~القديمة، ويقطع هذه الحلقات أو الدوائر طرق أخرى نابعة من
~~المركز في اتجاه الحلقة الأخيرة في صورة إشعاعات من المركز،
~~وهذه الصورة نادرة في مدن مصر.
~~(3)

# الخطة الطولية:

# التي
~~بمقتضاها تنمو المدينة في شكل طويل ضيق على محور واحد هو
~~الطريق الرئيسي.
~~(4)

# الخطة الرومانسية:

# وهي
~~التي تتجنب هذه الخطط، ويلجأ المهندس إلى إقامة طرقات في
~~صورة أقواس أو بيضاويات أو دوائر متقاطعة داخل إطار كبير من
~~الخضرة.

# ولما كان للخطتين الحلقية والطولية شروط غير متوافرة في منطقة القاهرة، فإن ذلك
~~يترك المجال للخطة الشبكية أساسا، ولكن القاهرة بنيت - كما سبق القول - على
~~أساس اندماج عدة نوايات ومدن سابقة، ونمو مركزي ونمو إشعاعي، وكل ذلك في مراحل
~~تاريخية مختلفة؛ ولهذا فإن القول بأنه ليس في القاهرة ككل خطة واضحة، هو قول لا
~~يجانبه الصواب كثيرا؛ بل إن ذلك لا يقتصر على القاهرة، لكنه يمتد إلى معظم مدن
~~الشرق الأوسط القديمة. فخطط هذه المدن مكونة من عدة تصنيفات مرتبطة بتاريخها
~~الطويل، وتتضح هذه الحقيقة من مطالعة الخرائط الأربعة التالية، حيث نجد في
~~القاهرة تعددا واضحا بين مخطط شبكي صرف «عصر إسماعيل»، ومخطط أزقة ودروب
~~مغلقة «القاهرة القديمة»، ومخطط رومانسي «جاردن ستي»، جنبا ms041 إلى جنب مخطط شبكي،
~~وأخيرا مخطط «كليشيه» يستعمله المخططون المعاصرون بكثرة.

# وبالرغم من أن القاهرة الفاطمية بنيت في صورة مستطيل، يخترقه شارع طولي كبير من
~~باب الفتوح إلى باب زويلة؛ هو الطريق الأعظم الذي يسمى الآن: شارع المعز، فإن
~~الحارات والشوارع المتفرغة بعرض وطول هذه المدينة - بعد تحولها من مدينة ملكية
~~إلى مدينة سكنية عامة - تتداخل مع بعضها وتلتوي وتتقاطع في الوقت الحاضر، مما
~~يجعل إعادة تنظيمها أمرا شاقا، وهو في الحقيقة غير مرغوب من أجل الإبقاء على
~~المدينة التاريخية كما كانت - على الأقل في مخططها الأصلي الذي ورثناه منذ
~~القرن 18. خريطة

# 1-12

# تظهر جانبا من حي الجمالية، حيث كان
~~مخطط الطرق والحارات بعد تحولها إلى مدينة سكنية منذ العهد الأيوبي يتشكل من
~~«حارات وعطفات سد» تتفرع عنها أزقة كثيرة، وعلى أبواب الحارات الرئيسية
~~والفرعية بوابات تقفل ليلا لكفالة الأمن والحماية.

# أما الفسطاط: فالأغلب أنها نشأت وامتدت على خطة أقرب إلى الاستدارة منها إلى
~~الاستطالة، وقد كان ذلك بفعل وقوعها على مرتفع هين بين السهل الفيضي للنيل وبين
~~تلال الرصد ومنخفض بركة الحبش إلى الجنوب منها. وفضلا عن ذلك فقد سدت أبنية
~~قصر الشمع - بما فيها من أسوار وتحصينات وكنائس قائمة حتى الآن - إمكانية النمو
~~إلى الجنوب الغربي.

# وإذا استثنينا الجزء القديم من القاهرة؛ «القسم الشرقي القديم من الحسينية
~~والفجالة شمالا، إلى باب البحر وباب الخلق غربا، إلى السيدة زينب جنوبا» فإن
~~الخطة الشبكية تظهر بوضوح في مناطق القاهرة الأخرى، أوضحها: باب اللوق -
~~الزمالك - المعادي - قصر العيني - وسط البلد - شبرا عامة، وأقلها وضوحا في:
~~جزيرة بدران والذراع الشمالي الشرقي ومصر الجديدة والعباسية، وهذه الشبكات ليست
~~مكملة لبعضها إنما منفصلة؛ لأن كل شبكة وضعت وحدها وفي مرحلة زمنية مختلفة؛
~~لهذا نجد الرابط الأساسي لشبكات القاهرة ومناطقها القديمة عبارة عن طرق ماثلة
~~على خط الشبكات تمثل الشرايين الأساسية للنقل عبر القاهرة: «شارع محمد علي -
~~شارع الجيش - شارع بورسعيد - شارع رمسيس - شارع 26 يوليو - شارع التحرير»،
~~بالإضافة إلى طريق صلاح سالم خارج المدينة، وطريق الكورنيش ms042 على كلا جانبي
~~النيل، ويمكن أن تستثنى من ذلك الشوارع الرئيسية: قصر العيني - شبرا - عماد
~~الدين (محمد فريد) التي تمثل شرايين أساسية ملتزمة بخطوط الشبكة السائدة في
~~المناطق التي تمر بها.

# أما الخطة الرومانسية: فتظهر في مناطق محدودة جدا من القاهرة، والهدف منها في
~~فترة من فترات النمو المدني: تخفيف حدة الملل من الطرقات المتشابهة المتقاطعة،
~~وخلق مساكن للأغنياء وسط إطارات كثيرة من الخضرة، على نحو ما ظهر سابقا في
~~أوروبا، ولهذا سميت بمدينة
~~الحدائق

# City Garden
~~، وأوضح أمثلة الخطة الرومانسية جاردن سيتي؛ حيث
~~تدور الشوارع في أقواس ودوائر أو في صورة طرق متقاطعة مشعة من مركز واحد كما في
~~منطقة قصر الدوبارة، وكذلك كان الحال في حدائق القبة بين شوارع ولي العهد
~~والوايلي ومصر والسودان.

# ويظهر من الخريطة

# 1-13

# مخططين متجاورين: الرومانسي في جاردن
~~سيتي والشبكي الصرف في حي الدواوين، ويفصل بينهما شارع قصر العيني، وفي مدينة
~~الأوقاف خطة رومانسية أخرى تتكون من أقواس محدبة تلتقي في الوسط في مركز شبكي،
~~وتتخذ خطة مدينة المقطم صورة أجزاء من أقواس ذات أقطار كبيرة محاذية لحافة
~~المقطم، وخطة مصر الجديدة مزيج بين خطة شبكية معدلة على محاور، وأقواس
~~مائلة.

# وأخيرا فإن مدينة نصر قد بني مخططها الهيكلي على خطة شبكية صرفة، وهو المخطط
~~المتبع الآن في أغلب المدن والضواحي الجديدة، وفي داخل الشبكة عدة أحياء أو
~~مناطق تقسم بدورها إلى ما يسميه المخططون: «مجاورة سكنية»

# Neighborhood

# ترتكز على مركز أخضر ومركز
~~خدمات.  وقد أصبح التخطيط في الفترة الأخيرة
~~نمطيا كما يتضح من الخريطة

# 1-14

# على النحو السابق، علما
~~بأن تطبيقه على أراض مختلفة المناسيب أو معرضة لسفي الرمال النشطة أمر له
~~تكلفة عالية من أجل تسوية الأرض وإزاحة الرمال السافية بصفة مستمرة، والمشكلتان
~~- التضرس وسفي الرمال - شديدتا الوضوح في أراضي القاهرة الجديدة للذين يسلكون
~~الطريق الدائري في قطاعه الشرقي.

# وعلى أية حال، فإن كثرة استخدام هذا النموذج أمر يؤدي إلى تكرار المظهر الحضاري
~~والعمراني

# Landscapc

# بصورة تبعث على الملل،
~~ويؤدي أحيانا إلى فقدان الاتجاه؛ لأنه لا يترك ms043 للفروق الإنسانية فرصة التعبير
~~الجمالي أو مجرد التفرد بشكل معماري أو لون البناء.

# شكل 1-11:

# المخطط الشبكي في وسط القاهرة المركزية.

# شكل 1-12:

# خطة الشوارع والأزقة والعطوف: نموذج من حي الجمالية 
~~بين باب النصر وبيت القاضي.

# شكل 1-13:

# المخطط الشبكي ومخطط الدوائر المتقاطعة في وسط
~~القاهرة.

# شكل 1-14:

# نموذج «كليشيه» المخطط العمراني الحديث: المجاورات
~~المغلقة علي محاور.

# راجع كتاب عفاف لطفي السيد:

# Egypt In The
~~Reign of Mohammad Ali, Cambridge

# طبعة 1988.

# من الكتب المهمة في موضوع النمو الصناعي
~~كتابات كثيرة، منها: أبحاث سعاد الصحن ومحمد محمود
~~الديب المتعددة عن الصناعة والطاقة في مصر.

# الكتب سابقة الذكر.

# في أوائل القرن 20 كانت فنادق الدرجة الأولى
~~معدودة: شبرد وكونتننتال وسميراميس وهليوبوليس ومينا
~~هاوس، والآن هناك عدد كبير من فنادق النجوم الخمسة
~~والأربعة، تتخذ أسماء سلاسل الفنادق العالمية
~~كالهيلتون والشيراتون وكونراد وماريوت وأوبروي
~~والمريديان ... إلخ.

# عدد سكان القاهرة في فترات مختلفة: 398 ألفا عام 1882، 678
~~ألفا عام 1907، ومليون و64 ألفا عام 1927، ثم مليونان و90
~~ألفا عام 1947، وأربعة ملايين و220 ألفا عام 1966، القاهرة
~~الكبرى عام 1966 = 4865000 شخص، وفي 1986 زاد السكان في
~~القاهرة الكبرى زيادة مفرطة بلغت الضعف في عشرين عاما؛ حيث
~~وصلوا إلى ثمانية ملايين و406 آلاف، زادوا إلى تسعة ملايين
~~و879 ألفا في 1996، ومعظم الزيادة الأخيرة كانت في أقسام
~~الجيزة وشبرا الخيمة.

# علي مبارك، «الخطط التوفيقية» جزء أول ص75 طبعة الهيئة
~~المصرية للكتاب 1969.

# اتخذ كثير من حكام مصر هذه المنطقة من النيل إلى المقطم عبر
~~تلة إسطبل عنتر خطا دفاعيا محصنا بأسوار وقلاع لحماية
~~بابلون والفسطاط من الجنوب.

# منطقة الكنائس التاريخية المسماة قصر الشمع على مناسيب 21-23
~~مترا، وجامع عمرو بن العاص 25 مترا.

# المساكن الشعبية المواجهة لضريح وجامع أبو السعود على منسوب
~~نحو 33 مترا.

# هناك إشارات أخرى أن أم دينين كانت محل مدينة «أون»
~~الفرعونية التي هي الآن قرب المطرية الحالية.

# علي مبارك «الخطط» الجزء الأول ص83-84 طبعة بولاق
~~1306ه.

# أغلب الإشارات المكتوبة تذكر أن تخطيط حي الإسماعيلية قد تم
~~بعد زيارة إسماعيل لباريس، وإعجابه بمخططات المهندس الفرنسي
~~الشهير هوسمان في منطقة واسعة من باريس، وقام علي باشا مبارك
~~بتخطيط ms044 حي الإسماعيلية في 1869، وصمم مهندس فرنسي حدائق عامة
~~على رأسها حديقة الأزبكية.

# أنشئت شركة حدائق القبة 1908 لتعمير منطقة تفتيش القبة،
~~وذلك بوضع مخطط لبناء فيلات وقصور للأغنياء جنوب قصر القبة
~~على مساحة نحو مائة فدان.

# المقريزي «الخطط » المجلد الثاني ص138 طبعة دار إحياء العلوم
~~- لبنان.

# أول الجسور الحديثة في مصر كان مرتبطا بإنشاء خط حديد
~~الإسكندرية القاهرة. ففي 1856 بني كوبري بنها، وفي السنة
~~التالية كوبري كفر الزيات، وارتباطا باحتفالات افتتاح قناة
~~السويس وما تلا من احتفالات، أنشا إسماعيل كوبري قصر النيل
~~في 1872، وتلاه كوبري البحر الأعمى 1877. ثم جاءت فترة
~~الركود المالي الذي أعقب حكم إسماعيل وثورة عرابي والاحتلال
~~الإنجليزي في حكم توفيق، وامتدت الأزمة إلى أوائل حكم عباس
~~حلمي الثاني.

# ولما بدا الانتعاش المالي بدأت أعمال هندسية كبيرة بإنشاء
~~كوبري إمبابة لمرور سكة حديد الصعيد عام 1890 وسد أسوان 1902
~~وتعليته 1912، وإنشاء مجموعة من الجسور في القاهرة 1908، هي:
~~كوبري عباس، والملك الصالح، وكوبري أبو العلا، والزمالك،
~~وكوبري محمد علي عند الطرف الشمالي لسيالة الروضة. وأعيد
~~بناء كوبري قصر النيل وتوسعته الحالية عام 1933، وفي العصر
~~الجمهوري أعيد إنشاء الملك الصالح 1966 وعباس 1971، وأعيد
~~تسميته كوبري الجيزة، وكان كوبري الجامعة والمنيل قد سبق ذلك
~~في 1975، وكذلك كوبري فم الخليج، ويضاف إلى ذلك الكباري
~~العلوية التي تعبر النيل في التسعينيات، وهي بالترتيب: 6
~~أكتوبر، وروض الفرج، والمنيب والوراق اللذان يرتبطان بالطريق
~~الدائري حول القاهرة الكبرى.

# تاريخيا نمت القاهرة في هذا الاتجاه من الجنوب
~~الغربي إلى الشمال الشرقي: الفسطاط - العسكر - القطائع
~~- القاهرة الفاطمية - العباسية - ذراع الزيتون -
~~المطرية - مصر الجديدة - نصر.



# الفصل الثاني

# تطبيقات على النمو المكاني في بعض مناطق في القاهرة
~~(1) حلوان في قرن من الزمان

# التنمية البيئية الهادئة (1870-1950)

# لا شك في أن عصر الخديو إسماعيل (1863-1879) على قصره كان عصر تحديث
~~القاهرة وتنميتها. فهو بحق أحد البنائين العظام شأنه في ذلك شان ملوك
~~أوروبا الذين غرقوا في الديون كما غرق إسماعيل. والفرق بينه وبينهم أن
~~مصر كانت مستهدفة من قبل الإمبراطورية البريطانية التي كانت تنظر إلى مصر
~~صاحبة ms045 قناة السويس على أنها واسطة العقد في إمبراطوريتها، ولا بد من
~~احتوائها. وكانت مسألة الديون المصرية ذريعة أولى لإجبار إسماعيل ذي
~~السياسات الطموحة على التنازل عن الحكم، كما كانت ثورة المصريين على
~~الامتيازات الأجنبية في مصر وما تلاها من الحركة العرابية الخطوة الثانية
~~لاحتلال مصر سنة 1882؛ أي بعد قرابة ثلاث سنوات من سقوط حكم إسماعيل.

# وحين رغب الخديو إسماعيل في تنمية القاهرة في نطاقها الجنوبي (1874م)،
~~أنشأ حلوان الحمامات شرق حلوان البلد كضاحية حدائق موسرة على غرار ضواحي
~~المدن الأوروبية، مثل: فرساي، ومما ساعد على ذلك أن المشروع كان يتضمن
~~الاستفادة من عيون الماء الكبريتية للعلاج والترفيه. بنيت المدينة على
~~منسوب أعلى من الأراضي الزراعية - محطة سكة حديد حلوان تقع على منسوب 57
~~مترا، بينما المزارع على ارتفاع نحو 21 مترا - وروعي أن تكون البيوت
~~الواسعة على نمط الفيلات وسط حديقة ولا تتعدى طابقين، وللتشجيع بيع المتر
~~المربع بنحو مليمين، على أن تكون القطعة أكبر من 500 متر، ولا يزال هذا
~~النمط قائما في صورة متفرقة من البلدة، وإن كان غالبه قد شابه
~~القدم والإهمال، ولتشجيع حركة العمران وحركة المتنزهين بني خط السكة
~~الحديدية (1877) من ميدان المنشية تحت القلعة بحيث يسير شرق مدافن
~~الإمام وقرية البساتين إلى طرة، ثم يسير إلى حلوان في نفس مسار الخط
~~الحالي، ولكن مع امتداد العمران وبداية التفكير في إنشاء ضاحية المعادي،
~~رؤي تسهيل الحركة من وسط قاهرة إسماعيل بإنشاء خط حديدي من باب اللوق
~~(1892) عبر مصر القديمة إلى طرة، ومن ثم يستكمل الخط مساره القديم، وفي
~~1915 ازدوج خط حلوان لكي يخدم ضاحية المعادي التي بدأت امتيازها شركة
~~أراضي الدلتا في 1905.

# شكل 2-1:

# حلوان في العشرينيات.

# شكل 2-2:

# تداخل الصناعة مع السكان والزراعة في منطقة
~~حلوان.

# وفي العهود التالية أضيفت منشآت أخرى ترفيهية وترويحية وصحية، مثل:
~~الحديقة اليابانية ومصحة فؤاد الأول ومستشفى بهمان للأمراض العصبية،
~~فضلا عن الفنادق الجيدة بمستوى العصر، وبذلك صارت لحلوان مكانة ترفيهية
~~متميزة يزورها مئات الناس من القاهرة للترويح في العطلات، وتوضح الخريطة

# 2-1

# صورة التآلف الإقليمي ms046 لمنطقة
~~حلوان-المعصرة حسب خرائط المساحة المصرية عام 1929؛ حلوان الحمامات مبنية
~~على مخطط شبكي حدائقي على منحدرات هينة بعيدا عن مصبات الأودية السيلية
~~القوية كوادي حوف، وبعيدا عن النطاق الزراعي الممتد على مياه ترعتي
~~الخشاب والحاجر وتاركة القرى والعزب الزراعية تتابع نشاطها الزراعي دون
~~تداخلات اقتصادية أو بيئية مؤثرة على الحرفة الأولى، ولو أن مجرد مد الخط
~~الحديدي كان يقود في النهاية إلى مثل هذه التداخلات في الأنشطة وبخاصة
~~الخدمية، والمعنى أن تخطيط حلوان اعتمد الظروف البيئية، ولم يجور على
~~الأرض الزراعية، فصارت حلوان مشتى جميل المناخ صافي الأديم، وهو ما دعى
~~إلى إنشاء مرصد حلوان - إلى الشمال الشرقي على منسوب 114 مترا - الذي
~~كان ذائع الصيت عالميا كأحد المراصد المتوسطة في جو صاف غالبية أشهر
~~السنة، فأين هو الآن من العطاء العلمي؟ لقد نقلت كثير من وظائف المرصد
~~إلى منطقة جبلية صافية الجو في القطامية نأمل ألا تطولها أدخنة المصانع
~~التي تبنى في مدن جديدة كمدينة بدر.

# وبالرغم من هذا الشكل الجديد من العمران والطرق الحديدية والبرية في
~~حلوان الحمامات، فإن سكان القرى والعزب الكثيرة، المنتشرة اسما حتى
~~الآن، ظلوا يمارسون أعمالهم في الإنتاج الزراعي، ويعيشون في دعة؛ لقربهم
~~من سوق القاهرة الذي يستوعب منتجاتهم من الخضراوات والفواكه، وخاصة
~~الجوافة التي كان الباعة الجائلون ينادون عليها: «جوافة حلوان» على أنها
~~ترمز إلى الجودة والحلاوة.

# وفي هذا المجال لا بد من الإشارة إلى أن موقع حلوان ومناخها الطيب لم تفت
~~ملاحظة الخليفة المأمون حين زار مصر لإخماد ثورة المصريين عام 832م، وكان
~~عبد العزيز بن مروان قد سكن حلوان أثناء ولايته على مصر نحو عام 685م،
~~بعيدا عن الفسطاط التي تفشى فيها الطاعون آنذاك.

# التنمية الصناعية في نصف قرن

# تعود بدايات الصناعة في المنطقة إلى مصنع للإسمنت في طرة، ومصنع سيجوارت
~~للحراريات في المعصرة. وبطبيعة الحال فإن منطقة جبل طرة تتكون من نوع
~~راق شديد التماسك والصقل من الحجر الجيري عرفه قدماء المصريين، ومنه
~~اشتقوا أحجار الأهرام الضخمة، وهي بذلك مؤهلة ms047 لصناعة الأسمنت الممتاز،
~~ولكن هذا المنطق لم يأخذ في الحسبان أن الرياح الشمالية شبه الدائمة سوف
~~تلقي بالغبار والأتربة الناجمة عن الكسارات وتصنيع الأسمنت جنوبا إلى
~~مدينة حلوان والقرى والحقول المحيطة بها. لكن زهوة التصنيع كانت أقوى من
~~هذا التفكير البيئي المبكر، وحتى حينما أصبح رأسمال الدولة أو الشراكة
~~بين القطاعين العام والخاص هو القائم بتنمية الصناعة فإننا نجده يتخذ
~~النمط ذاته من حيث الإكثار من المصانع في منطقة حلوان، كأن مصنع أسمنت
~~طرة أصبح مثالا يحتذى في تفضيل هذا الموقع.

# صحيح أن مواقع الصناعة محكومة بمثلث «فيبر»

# Weber

# الذي تتكون رءوسه من الخامة
~~والسوق وتكلفة النقل للخامة أو المنتج النهائي، وإذا كانت طرة قد اختيرت
~~بأفضلية الخامة الموجودة، فما هو مبرر اختيار موقع صناعة الحديد والصلب
~~علما بأنه قد أنشئ خط حديدي مكلف من مناجم الواحات البحرية
~~وكوبري المرازيق لتصل الخامة إلى المصنع في التبين؟ قيل في هذا: إن السوق
~~كانت العامل الحاكم في اختيار الموقع بالإضافة إلى استيراد الفحم من
~~الخارج، ولكن سوق الحديد والصلب ليست مقتصرة على القاهرة، بل تعم المعمور
~~المصري بدرجات متفاوتة، وكذلك فإن حافة الهضبة الشرقية من قنا إلى
~~القاهرة تتكون من أنواع من الحجر الجيري الجيد، فلماذا كان التركيز على
~~طرة من البداية؟

# لا شك في أن عامل القرب من القاهرة كان الحافز البيروقراطي لاتخاذ منطقة
~~حلوان قلعة صناعية، بحيث يستفيد المسئولون من ذوي «الياقات البيضاء» من
~~سكنهم في القاهرة قرب كبار رجال السلطة، في الوقت الذي يعملون في مقار
~~لمكاتبهم لا تبعد سوى القليل من الكيلومترات، وظهر شعار لتبرير ذلك؛ أن
~~منطقة حلوان يمكن أن تكون مماثلة - بدرجة أقل - لحوض الرور الصناعي في
~~ألمانيا، وبعبارة أخرى: يمكن أن يكون هناك «رور النيل» كما أن هناك «رور
~~الراين»، والفوارق كبيرة معروفة بين الطموح والبيروقراطية وبين المقومات
~~الفعلية في جوانب توافر الخامات والموارد المالية والتكنولوجية.

# ونتيجة لهذا فقد تزاحمت الصناعة في المنطقة بشكل يعرفه الجميع. فقد توسع
~~أسمنت طرة إلى أن أصبح عملاقا يرسل ملوثاته ms048 الغازية والصلبة عاليا في
~~الجو إلى كل مناطق السكن في المنطقة، وكذلك أسمنت بورتلاند حلوان لصق
~~جنوب غرب مدينة حلوان والقومية للأسمنت إلى الجنوب منها، وبذلك وقعت
~~المدينة تحت حصار الأسمنت، وفي جنوب المعصرة مصنع 45 الحربي، وإلى الشمال
~~الشرقي من حلوان مصانع النصر للسيارات والنصر للمواسير الصلب وحلوان
~~للصناعات الهندسية وسيماف لصناعة عربات السكة الحديدية، ولصق المدينة من
~~الجنوب مصنع الطائرات، ثم إلى الغرب منها مصنع مصر حلوان للحرير - وهو من
~~أقدم الصناعات، أنشأه بنك مصر في أواخر العشرينيات - وفي منطقة التبين
~~المصنع الهائل للحديد والصلب، ومصانع فحم الكوك والأسمدة، وصناعات الطوب
~~الرملي والإسمنتي والطفلي. هذا إلى جانب عدد آخر من المصانع الأصغر تتبع
~~القطاع العام أو الخاص، وجملة عدد المصانع يزيد على 40 مصنعا أحاطت
~~وتداخلت وزاحمت كل المحلات السكنية من المعصرة شمالا إلى مدينة حلوان
~~والتبين جنوبا وما بينها من قرى كثيرة تضخمت مثل كفر العلو وعرب غنيم
~~وكامل صدقي.

# وترتب على هذا انفجار سكاني عنيف؛ في سنة 1927 كان سكان قسم حلوان نحو
~~خمسين ألفا، وفي إحصاء 1986 بلغ العدد نصف المليون بما في ذلك التبين
~~(50 ألفا) و15 مايو (25 ألفا)، وبعبارة أخرى: فقد تضاعف سكان المنطقة
~~عشر مرات في ستين سنة، بينما تضاعف سكان القاهرة ككل ست مرات في المدة
~~ذاتها. وفي تعداد 1996 كاد النمو السكاني يتوقف في قسم حلوان عن نظيره
~~قبل عشر سنوات؛ إذ بلغ نحو 519 ألفا، ولكن زاد سكان التبين إلى نحو 60
~~ألفا، بينما ارتفع عدد سكان قسم 15 مايو إلى 65 ألفا، وسكان طرة إلى
~~نحو 59 ألفا، بمجموع كلي 703 آلاف لهذه الأقسام الأربعة. ويدل هذا الرقم
~~المتزايد على عظم الزيادة السكانية الناجمة عن انتشار الصناعة في
~~المنطقة، وتكدس الناس في أحياء الكثير منها عشوائي: «الهجانة، ومنشأة
~~جمال عبد الناصر، وعزبة الصفيح»، أو قروي قديم: «الوالدة، وكفر العلو،
~~والتبين، والمرازيق، والمعصرة البلد، وكامل صدقي ... إلخ» وكلها تساوي نحو
~~ثلثي سكان المنطقة.

# وتوضح الخريطة

# 2-2

# هذا التداخل بين السكن والصناعة
~~وبقايا الزراعة بصورة لا مزيد عليها. صحيح أن كثيرا من المصانع ms049 الكبيرة
~~أنشئت في الأماكن غير المأهولة (قارن مع الخريطة

# 2-1
~~) إلا أن مردودها السكني والسكاني أدى إلى تغير استخدام الأرض الريفي
~~إلى سكن عمالي شديد العشوائية والفقر والتكدس.

# وفي 1996 بلغ عدد سكان الشريط الجنوبي للقاهرة من دار السلام والبساتين
~~والمعادي إلى منطقة حلوان سالفة الذكر، مليونا و432 ألفا، وربما زاد عن
~~مليون ونصف المليون شخص في الوقت الحاضر، أكثر من نصفهم يقطنون سكنا
~~متهالكا أو عشوائيا في حاجة ماسة إلى إرشاد ورعاية حكومية ومشاركة
~~فعالة من كثير من الجهات والجمعيات الأهلية؛ لتحسين أحوالهم السكنية
~~والمعيشية.

# المشكلات الحالية
~~(1)

# غبار الأسمنت والغازات المنبعثة من المصانع الثلاثة،
~~والكثير من المسابك الأهلية ما زالت تهدد حياة السكان.
~~المشكلة مثارة من عشرين سنة، وحلها في تركيب «فلاتر»
~~على جميع الأفران، لكن يقال: إنها تقلل الإنتاج بنحو
~~الربع أو يزيد، ولهذا يقال أيضا: إن الفلاتر تعطل بعض
~~الأيام لزيادة الإنتاج رغم أن الجهات الرسمية تؤكد أن
~~ثلاثة أرباع المصانع قد حسنت موقفها في هذا المجال،
~~ويؤكد السكان أن الغبار، وخاصة من أسمنت طرة، يغطي
~~المنطقة إلى حلوان والتبين بدليل تلويث الغسيل
~~المنشور.
~~(2)

# مصنع الحديد والصلب، وفحم الكوك تتطاير بها برادة
~~الحديد وغازات ضارة في منطقة التبين وما حولها.
~~(3)

# الصرف الصناعي مشكلة خطرة، ويلقى به في ترعة الخشاب
~~والنيل، ويؤكد المسئولون أن غالبية المصانع قد حسنت
~~الصرف الصناعي بوسائل تقنية جيدة، بما في ذلك تنقية
~~مياه الصرف الصناعي قبل وصولها إلى النيل.
~~(4)

# وتبقى مشكلة الصرف الصحي للسكن الفقير المكدس مشكلة
~~المشكلات؛ ما زال الصرف في «ترانشات»، أو يجد طريقه
~~إلى ترعة الخشاب التي تشق مناطق السكن العشوائي
~~والقروي القديم.

# وهذا هو ما يهدد أساسات البيوت الفقيرة، ويزيد من
~~مخاطر الموت. وهناك مشروع لردم ترعة الخشاب، وجعلها
~~مصرف مغطي. لكن لم يتم الردم إلا في جزء يسير من
~~المعادي حتى المعصرة، والباقي ما يزال مستخدما للصرف
~~الصحي.
~~(5)

# قوانين البيئة بصفة عامة مهملة. هناك محاولات للتشجير
~~في الشوارع، وحول المصانع، أو إنشاء غابة في التبين،
~~مع تحسين الحديقة اليابانية وإنشاء ms050 حديقة الزلزال على
~~مساحة 35 فدانا بغرض زيادة المساحات الخضراء من أجل
~~تحسين الجو. كلها أمور مفيدة إذا ما قضي تماما على
~~الملوثات الصناعية الغازية والصلبة، وخاصة أتربة
~~الأسمنت والكسارات، إضافة إلى الصرف الصحي.
~~(6)

# ترتب على هذه الأوضاع أن فاتورة العلاج في التأمين
~~الصحي ارتفعت أربع مرات في الآونة الأخيرة، وأكثر
~~الأمراض شيوعا الرمد والجهاز التنفسي وتحجر
~~الرئة!

# هذا بعض من كل

# ما ضرنا لو بدأنا تقليص تراخيص المحاجر والمصانع، وأحلنا رغبات إنشاء
~~مصانع ومحاجر جديدة إلى محافظات أخرى، وبخاصة في الصعيد حيث الكلام كثير
~~عن التنمية والفعل قليل. فالمفروض وضع خطة صارمة لمواقع الصناعات بعيدا
~~عن المدن الكبرى، وخاصة تلك الملوثة للبيئة، والتركيز على جوانب الصعيد
~~وحواجره الصحراوية من بني سويف إلى قنا وسوهاج.

# ما ضرنا لو أعدنا بعض أشكال التوازن البيئي بتفكيك بعض مصانع الإسمنت
~~ونقلها بعيدا عن القاهرة، وتفكيك ضخامة مصنع الحديد والصلب إلى مصانع
~~أحدث تكنولوجيا، وأصغر مساحة، وأكثر إنتاجا وتخصصا، واستخدام الغاز
~~بديلا للفحم؟

# ولا شك في أن هذه المطالب تستغرق زمنا لتنفيذها، ولكنها ستخفض عدد
~~السكان، وتحل مشكلة العشوائية وتكلفة العلاج المتضخمة، وتحيط القاهرة من
~~الجنوب بضواح أقل فقرا وأكثر إنسانية.
~~(2) السكن الطفيلي أو العشوائي

# هناك تضارب كبير حول معنى السكن الطفيلي أو العشوائي في الأرقام التي لدينا.
~~فهل المقصود المهاجرون الفقراء للمدن الذين يعيشون على أطراف المدن دون سكن
~~اعتيادي، ودون عمل منتظم يقيم أودهم كأفراد أو أسر؟ أم المقصود بالإضافة إلى
~~هؤلاء سكان الأحياء الفقيرة داخل المدن من العاملين أو العاطلين، المتزاحمين في
~~شقق صغيرة أو شقق الشرك مع غيرهم، بحيث يتشاركون في المطبخ والحمام وصنبور
~~الماء الوحيد؟ خاصة وأن البناء في كثير من الأحياء الفقيرة قد يخرج عن خط
~~التنظيم أو يعلو دون تصريح على أساس غير سليم، وغالبا هو آيل للسقوط أو قريب
~~من ذلك.

# الأرقام التي لدينا لا تفرق بين هذين النوعين من العشوائيات، وربما استخدمنا
~~مصطلح «سكن طفيلي» للمهاجرين الجدد على أطراف المدن، و«سكن عشوائي» على النمطين
~~معا ms051، وبخاصة سكن الأحياء المتدينة في داخل المدن، ويوضح الشكل

# 2-3

# أن القاهرة الكبرى تحتوي على ثلث عشوائيات مصر، مما
~~يجعل للموضوع أهمية بالغة الحيوية.

# توزيع سكان العشوائيات بالمحافظة 1995 (نسب مئوية)

# شكل 2-3:

# عدد سكان العشوائيات نحو 11,8 مليون شخص.

# حيث إن النيل يحد مدينة القاهرة من الغرب، فإننا نجد العشوائيات وحزام الفقر
~~يحيط بالقاهرة من الشمال والشمال الشرقي والجنوب والغرب على نحو ما تصوره
~~الخريطة

# 2-5
~~.

# الشمال الشرقي

# عشوائيات القاهرة الكبرى بالمنطقة الجغرافية

# شكل 2-4:

# الشمال: يشمل أحياء أقسام شبرا الخيمة وشبرا
~~والساحل وروض الفرج والشرابية. الشمال الشرقي: مدينة
~~السلام والمرج وعين شمس والمطرية والزيتون والزاوية
~~والقبة والوايلي، الشرق: مصر الجديدة والنزهة ومدينة
~~نصر ومنشأة ناصر، الجنوب: السيدة والخليفة ومصر
~~القديمة والبساتين ودار السلام والمعادي وطرة وحلوان
~~ومايو والتبين. الغرب: كل أقسام مدينة ومركز الجيزة
~~وإمبابة. الوسط: كل الأقسام من الزمالك وبولاق إلى
~~الجمالية والدرب الأحمر.

# حي السلام:

# ويشمل مناطق: مدينة السلام - المرج - الزهور -
~~الأندلس - كفر الشرفا - بركة الحاج - كفر الباشا -
~~كفر أبو صير - السد العالي - قباء - عزبة النخل -
~~العصارة. عدد سكان عشوائيات هذا الحي نحو 296
~~ألفا.

# حي المطرية:

# ويشمل مناطق المطرية وعين شمس: عرب الطوايلة -
~~عرب الحصن - عزبة النخل - عزبة معروف - منطقة العزب
~~- شجرة مريم - منطقة الليمون. عدد سكان العشوائيات
~~هنا 532 ألفا، وهو ثاني أكبر تجمع عشوائي في
~~القاهرة الكبرى بعد شبرا الخيمة، وقد يوازيه تجمع
~~عشوائيات إمبابة.

# حي الزيتون:

# ويشمل عزبة مرسي خليل وعزبة البمبي، هذا فضلا
~~عن عزبة «أبو حشيش» أو القرود بالزيتون وسكانهما 30
~~ألفا، وهما مدرجتان في خطة المحافظة للإزالة. عدد
~~السكان 230 ألفا (+30 ألفا).

# مجموع سكان الشمال الشرقي مليون و58 ألفا، وبإضافة عشوائيات الزاوية
~~الحمراء والوايلي (255 ألفا) يصبح إجمالي سكان عشوائيات الشمال الشرقي
~~نحو مليون و363 ألفا، وهذا الرقم يمثل ثاني أكبر تجمع عشوائي في القاهرة
~~شرق النيل.

# الشمال

# حي شبرا:

# ويشمل عزبة جرجس ومنطقة العالي. عدد سكانهما 30
~~ألفا.

# حي الساحل:

# ويشمل عزبة وهبة، داير الناحية، حكر محمود شلبي،
~~حكر قشقوش، حكر محمد علي دياب. هذا فضلا عن منطقة
~~عشش وأكشاك ms052 في حي الساحل وحكر أبو دومة بروض الفرج،
~~وسكانها نحو 5000 وهما في خطة الإزالة بمحافظة
~~القاهرة، وكذلك حكر السكاكيني بالشرابية 21 ألفا.
~~مجموع سكان منطقة أحياء شبرا 162 ألفا (+ نحو 25
~~ألفا).

# شبرا الخيمة:

# تضم أكبر تجمع عشوائي في القاهرة الكبرى يبلغ
~~سكانه 650 ألفا معظمهم في بهتيم في قسم شرق، وعزبة
~~بيجام في قسم غرب.

# جملة سكان عشوائيات شمال القاهرة الكبرى 812 ألف شخص.

# الشرق

# حي مدينة نصر:

# عزبة العرب - عزبة الهجانة - عزبة نصار. عدد
~~السكان 210 آلاف.

# حي منشأة ناصر:

# منشأة ناصر - الدويقة - برقوق - قايتباي. عدد
~~السكان 120 ألفا.

# جملة سكان عشوائيات شرق القاهرة: 330 ألف شخص.

# الجنوب

# حي السيدة زينب:

# عشش وأكشاك تلال زينهم وقلعة الكبش. عدد
~~سكانهما: 41 ألفا.

# شكل 2-5:

# عشوائيات القاهرة.

# حي مصر القديمة:

# مساكن الأرض الوعرة شرق الفسطاط، وفي خطة
~~الإزالة عزبة أبو قرن وعشش تل العقارب وسكانهما: 45
~~ألفا. عدد السكان نحو 100 ألف.

# حي البساتين:

# شرق البساتين - غرب البساتين - جنوب البساتين -
~~حسن التهامي - عزبة دسوقي - بير أم سلطان - عزب عبد
~~الخالق والعمدة والنصر. عدد السكان: 148
~~ألفا.

# دار السلام:

# دار السلام والعزب المجاورة. عدد السكان: 480
~~ألفا.

# حي المعادي:

# عزبة جبريل - عزبة فهمي عدد سكانهما: 37
~~ألفا.

# حي طرة/المعصرة:

# عدد السكان نحو 300 ألف شخص، معظمهم في المعصرة
~~البلد والمحطة.

# حي حلوان:

# حلوان البلد - منشأة جمال عبد الناصر - عرب
~~السلام وراشد وغنيم - كفر العلو - عزبة عناني -
~~مدينة الهدى - عزب النخل والهجانة والصفيح - السلام
~~- منشأة ناصر - عزبة الوالدة. عدد السكان نحو 400
~~ألف.

# حي التبين:

# الحكر البحري والقبلي - دوران كوبري المرازيق.
~~عدد السكان: 48 ألفا.

# مجموع سكان الجنوب نحو مليون و554 ألفا، وهو بهذا يعد أكبر التجمعات
~~العشوائية القاهرية.

# الغرب

# إمبابة والمنيرة الغربية

# 560 ألفا

# بولاق الدكرور

# 455 ألفا

# فيصل

# 300 ألف

# الأهرام

# 420 ألفا

# غرب المريوطية ونزلة السمان

# 325 ألفا

# ساقية مكي

# 52 ألفا

# منيل شيحة

# 30 ألفا

# المنيب

# 45 ألفا

# إجمالي سكان عشوائيات الغرب: مليونان و182 ألفا، وهو بذلك أكبر تجمع
~~عشوائي في القاهرة الكبرى.

# إلا أن هذه الأرقام غالبا ما تأخذ في الحسبان أشكالا من السكن القروي
~~المحيط بمدينة الجيزة، والتي لم تندمج بعد ms053 كسكن حضري رغم مؤثرات المدينة
~~الملاصقة، وربما جاز لنا القول: إن العشوائيات هي تلك المتداخلة في نسيج
~~المدينة في إمبابة وبولاق الدكرور وميت عقبة وقلب مركز الجيزة القديم
~~وعشوائيات عديدة ملتصقة بالامتداد الحضري على طول محوري الهرم وفيصل.
~~وبهذا يمكن القول: إن سكان العشوائيات غرب القاهرة قد لا يزيد سكانها عن
~~مليون و800 ألف شخص كحد أعلى، وهو في حد ذاته رقم يجعلها أولى عشوائيات
~~القاهرة الكبرى.

# مجموع سكان عشوائيات القاهرة الكبرى شرق النيل أربعة ملايين و60 ألفا
~~بما في ذلك مناطق خطط الإزالة التي يبلغ عدد سكانها 118000 أو ما يساوي
~~3٪ فقط من سكان العشوائيات.

# 1

# أما المجموع الكلي للقاهرة الكبرى: فهو أقل قليلا من
~~ستة ملايين عشوائي، وربما يساوي نحو 50 أو 55٪
~~من سكان القاهرة الكبرى.

# وبتحليل شكل وخريطة

# 2-5
~~«عشوائيات القاهرة الكبرى»
~~تتضح النقاط الآتية:
~~(1)

# أكبر تجمع سكاني للعشوائيات هو في غرب القاهرة، حيث
~~تزحف المدينة على مناطق ريفية، وتبتلع الكثير من
~~القرى، فضلا عن المهاجرين المستمرين من قرى محافظة
~~الجيزة والصعيد، وتضم المنطقة نحو 30٪ من جملة
~~عشوائيات القاهرة الكبرى.
~~(2)

# جنوب القاهرة هي ثاني أكبر تجمع للعشوائيات؛ وذلك
~~لكونها امتداد طبيعي من وسط القاهرة إلى نوايات أصلا
~~زراعية في البساتين ودار السلام وحلوان، والمسافة
~~الممتدة على طول ضفاف ترعة الخشاب. ثم أضيف إليها
~~تنمية حلوان الحمامات في أواخر القرن 19، ومخطط ضاحية
~~المعادي في أوائل القرن 20، ثم أضيفت إلى المنطقة
~~صناعات ضخمة للإسمنت في طرة، والحديد والصلب وصناعات
~~أخرى؛ مما جلب معه تركيز هائل للعمال

# 2

# وتحول العزب الزراعية القديمة إلى إيواء
~~فقير للعمالة، ربما ضم 25٪ من سكان عشوائيات القاهرة
~~الكبرى.
~~(3)

# التجمع العشوائي الثالث هو ذلك الذي يحتل أجزاء من
~~الأحياء الشمالية الشرقية من القاهرة، والذي يضم نحو
~~22٪ من سكان العشوائيات، والتوجه الشمالي الشرقي اقترن
~~بنمو في امتداد طبيعي على حافة جنوب الدلتا من الوايلي
~~إلى مدينة السلام ابتلع عدة قرى ومساحات زراعية، منها:
~~المطرية والمرج وعزبة النخل وبركة الحاج، وأراض شبه
~~صحراوية في عين شمس والمطرية وكفر الجاموس. ولكونها
~~المدخل الملائم لشمال ms054 القاهرة الشرقي، فقد كانت هذه
~~الأحياء مقرا للمهاجرين من جنوب الدلتا وبخاصة
~~الشرقية وشرق القليوبية، وترتب على نمو أنشطة كثيرة -
~~وبخاصة الصناعات الحرفية في مناطق كثيرة، مثل: قباء
~~والحرفيين - تركيز كبير للسكن الفقير والسكن العشوائي
~~معا، فقد استبدل السكان الزراعيون بحقولهم أرضا
~~للبناء في مساحات ووحدات سكنية صغيرة في عملية استمرت
~~منذ إنشاء خط حديد الضواحي «كوبري الليمون-المرج»، ثم
~~الطرق الإسفلتية، وأخيرا الطريق الدائري في قطاعه
~~الشمالي.
~~(4)

# يتركز نحو 13٪ من سكان العشوائيات في مناطق شبرا
~~الخيمة والساحل، والقطاع الشمالي هو أيضا أحد
~~المجالات الطبيعية لنمو القاهرة؛ لأنها تستقبل الهجرة
~~من وسط الدلتا منذ أمد طويل، وقد زاد تيار الهجرة إلى
~~الساحل وشبرا الخيمة بنشأة المصانع الكبيرة والصناعات
~~الحرفية بكثرة، والهجرة هنا مصدرها الكثير من سكان
~~بقية أحياء شبرا والمناطق المكتظة في الوايلي
~~والشرابية، إلى جانب الهجرة الريفية، وسكان القرى التي
~~ابتلعتها المدينة.
~~(5)

# ومن أنماط السكن العشوائي: سكن المقابر، الذي تكاد
~~تختص به محافظة القاهرة، والذي يضخمه بعض الكتاب على
~~أنه غير إنساني، والحقيقة أن هذا النوع من السكن ليس
~~عشوائيا بالمعنى المادي، وإن كان عشوائيا بمعنى
~~الناس الذين يمارسونه؛ فالمقابر القاهرية مناطق مخططة
~~داخل التنظيم، ومخصصة كمدينة للأموات في الجبانة
~~الشرقية (شرق الدراسة وجنوب العباسية)، والقرافة
~~الكبرى (الإمامين الشافعي والليثي)، وجبانة البساتين
~~(جنوب الإمام وفي شرق دار السلام)، والجبانات الأحدث
~~في مصر الجديدة ومدينة نصر ... إلخ.

# شكل 2-6:

# توزيع عشوائيات القاهرة الكبرى.

# شكل 2-7:

# عشوائيات منشأة ناصر على منحدرات الجبل
~~الصعبة.

# شكل 2-8:

# كثافة مفرطة للسكن في دار السلام وإسطبل
~~عنتر.

# شكل 2-9:

# عشوائيات القاهرة المطلوب إزالتها.

# ولا يمكن لأحد أن يبني مقبرة بدون ترخيص، وهناك شوارع مختطة داخل مدن
~~الأموات، والذي حدث ببساطة أن بعض اللحادين وحراس المقابر كانوا يسكنون
~~إلى جوارها، ثم انتقل أبناؤهم داخل المنطقة أو الأحواش، ثم أصبحت تؤجر
~~لمهاجرين من داخل وخارج القاهرة، وساعد على ذلك أن المقابر القاهرية -
~~خاصة القديمة منها - كانت أحواشا واسعة تملكت أسر بها غرفة أو أكثر
~~لإقامة أفراد الأسرة حين يترحمون على موتاهم ms055 في مناسبات معروفة كتقليد
~~حضاري اندثر؛ وبذلك خلت غرف المقابر من المستخدمين الأصليين، وأصبحت
~~جاذبة للسكن الدائم بما فيها من مؤسسات السكن: مبنى، وبوابة إلى جانب
~~مياه وكهرباء في أحيان، وأخيرا طرق وشوارع ومواصلات عامة. وقد أضيفت
~~أنواع أخرى من الاستخدام، وخاصة ورش سمكرة ودهان السيارات، وذلك لأن
~~شوارع المقابر الجانبية قليلة الحركة، فضلا عن أسواق معينة لأشياء سابقة
~~الاستخدام بديلا لسوق الكانتو الشهير في العتبة الخضراء، مثل: سوق
~~الملابس والأغطية والأثاث والحمام والطيور والأفاعي في أول طريق الإمام
~~الشافعي. ثم أضيف إلى ذلك سوق للأقمشة وحلقة لبيع السيارات المستعملة في
~~الجانب الشرقي من البساتين. يحتاج أمر هذا النوع من سكن المقابر والأنشطة
~~التي يمارسونها إلى دراسة ميدانية مسحية لتحديد عدد السكان، وهم على
~~الأغلب ليسوا بالكثرة التي نجدها في عشوائيات أخرى،

# 3

# ومشكلتهم آنية نتيجة لأنها مناطق مخططة أصلا، وبها من
~~البنية التحتية الشيء الكثير، والكثير من الضبط القانوني سوف يحجم هذه
~~العشوائيات، وغالبا سوف يفضي إلى نهاية تدريجية لها.

# عشوائيات القاهرة المزمع إزالتها
~~(1)

# بلغ عدد سكان هذه المناطق العشوائية 118 ألفا (أو
~~+150 ألفا نتيجة التضارب الرقمي) موزعين على 13 منطقة
~~في عدة أحياء من العاصمة، وقد تم إزالة منطقتين، هما:
~~مساكن إيواء عين شمس (2700 شخص) وعشش شرق ترعة
~~الإسماعيلية (1220 شخصا).
~~(2)

# تتراوح مساحات هذه المناطق بين 150 ألف متر مربع في
~~«أبو قرن» و75 ألف متر في تل العقارب، وبين أقل من
~~ثلاثة آلاف متر في عشش المظلوم وعشش حي الساحل، ويترتب
~~على ذلك صغر ما يخص الفرد من المساحة إلى حدود عليا
~~(+6 أمتار مربعة) في تل العقارب في جنوب القاهرة، وحكر
~~أبو دومة بروض الفرج، وبين حدود دنيا تبلغ ربع متر
~~مربع في عزبة «أبو حشيش» وعزبة القرود بالزيتون، وفي
~~عشش المظلوم شرق السكة الحديدية جنوب الزاوية الحمراء.
~~ولا شك أن هذه المساحات الصغيرة تتفاقم مشكلاتها بكثرة
~~الشقق التي تشترك فيها عدة أسر، ولعل هذه المساحات
~~تتعدل قليلا إذا أخذنا في الاعتبار أن في بعض هذه
~~المناطق المتدنية بيوتا تشمل أكثر من ms056 طابق واحد، ومن
~~ثم ترتفع مخصصات الفرد من المساحة السكنية بعض الشيء،
~~ويتضح ذلك الموقف من كثرة عدد الأفراد للعقار الواحد
~~كما هو ظاهر في الشكل.
~~(3)

# لا بد من إجراء
~~دراسة ميدانية في كل منطقة على حدة؛ لبيان حالة
~~المباني وارتفاعاتها، وعدد الأفراد للغرفة (درجة
~~التزاحم) وعدد الأسر في الوحدة السكنية (إيجار الشرك)،
~~وتعيين المخصصات السكنية من المباني بالقياس إلى
~~المباني المستخدمة في أنشطة تجارية أو حرفية أو صناعية
~~وغيرها، مثل: مساحات جمع القمامة وتصنيفها، وزرائب
~~الخنازير في الدويقة ومنشأة ناصر، أو زرائب الأغنام
~~والماعز في عزب مختلفة في المطرية والسلام ومدينة نصر
~~وجنوب وغرب القاهرة، وغير ذلك كثير مما قد تسفر عنه
~~الدراسات الميدانية. الاقتراح: أن تتولى المحافظة
~~تكليف بعض طلبة الدراسات الاجتماعية والإنسانية خلال
~~الإجازات - مقابل أجر شامل مجز - القيام بدراسة
~~قطاعات من هذه العزب والأحياء المراد إزالتها أو
~~تطويرها، بغرض التعرف على إمكانية تحسين أشكال الحياة
~~بداية من إيجاد أنشطة اقتصادية إلى تحسين الحالة
~~الصحية والتعليمية بإنشاء مدارس ومراكز صحية قليلة
~~الربح بواسطة الأهالي، ومشاركة حكومية محدودة أو
~~تشجيعية.

# ملاحظات عامة

# أولا:

# حيث إن الموضوع يتناول السكن العشوائي؛ فإن هناك
~~عشوائية كبيرة في أرقام المصادر وضحت أيضا في بعض
~~أرقام هذا الفصل، ولعل ذلك مرتبط بالمفهوم الأساسي
~~للعشوائية. مرة أخرى نسأل: هل العشوائية هي أشكال
~~السكن غير المرخص حول المدن، أم هي إلى جانب ذلك
~~جميع أشكال السكن المتدني مساحة وصحة وفقرا داخل
~~الكتل القديمة للمدن المصرية؟ فإذا كان الخيار هو
~~المفهوم الأول فلا شك أن عدد سكان العشوائيات سيهبط
~~كثيرا إلى نحو نصف الأرقام الواردة في المصادر
~~المذكورة وغيرها من البحوث التي تتناول
~~الموضوع.

# وبدراسة ليست سهلة لمحاولة فهم ما جاء في تعداد
~~1996 تحت اسم: سكن حجرة؛ أي سكن شرك، وتحت مسمى:
~~أشكال أخرى للسكن كالدكان والأسطح والجراجات ... إلخ.
~~فقد وصلنا إلى النتائج الآتية:

# المحافظة

# ألف وحدة سكن شرك

# ألف فرد سكان سكن شرك

# ألف وحدة سكن جوازي

# ألف فرد سكن جوازي

# القاهرة

# 285

# 1140

# 400

# 1610

# الجيزة

# 80

# 360

# 150

# 660

# وبعبارة أخرى ms057: فإن مجموع سكان العشوائيات يصبح
~~في القاهرة 2750000 نسمة، أي نحو نصف ما ذهبت إليه
~~الأرقام السابقة، وفي الجيزة 1020000 أيضا نحو
~~النصف، وبذلك فإن الأرقام معا تساوي ثلاثة ملايين
~~و770 ألفا، هم ربما كانوا سكان الطفيليات
~~والعشوائيات. وإذا أضفنا نحو 300 ألف من سكان
~~عشوائيات شبرا الخيمة يصبح العدد النهائي أربعة
~~ملايين أو نحوها. أي أنهم يشكلون نحو ربع سكان
~~القاهرة الكبرى وليس نصفهم، وهي أيضا نسبة كبيرة
~~توجب معالجتها.

# ثانيا:

# التوسع السكني حول القاهرة الكبرى - عشوائيا
~~أو مخططا - هو في غالبه الأعم على حساب الأراضي
~~الزراعية التي كانت في يوم ليس ببعيد مزرعة الخضر
~~للقاهرة والجيزة، وتقدر مساحة اجتياح المناطق
~~المبنية للأرض الزراعية في العقدين الأخيرين بنحو 23
~~إلى 25 ألف فدان، منها نحو النصف في الجيزة ونحو ستة
~~آلاف في شبرا الخيمة والخانكة وقليوب، ومثلها في
~~محافظة القاهرة. فكم يتكلف استصلاح مثل هذا القدر من
~~الأراضي ذات الجودة العالية؟

# 4

# ثالثا:

# صحيح أن عائد الاستثمار العقاري أعلى من
~~الزراعي، وأن نمو السكان يتطلب بإلحاح مساكن جديدة
~~كل سنة، ولكن لو كان التخطيط سليما في اختيار مواضع
~~النمو السكني لكان بالإمكان توفير أجزاء من الأرض
~~الزراعية حول القاهرة ببعثرة المدن الجديدة في
~~الأراضي الصحراوية بعيدا عن القاهرة شريطة أن تكون
~~لها قواعد اقتصادية ذاتية غير معتمدة على المدن
~~الأم، وربما كانت مدينة 10 من رمضان والسادات من
~~المدن الناجحة في هذا المضمار، فاقتراب مدينة 6
~~أكتوبر من الجيزة هو عامل حاسم في امتداد ألسنة
~~العمران المدني بطول طرق الاختراق - الهرم، وفيصل،
~~ومحور 26 يوليو، وكوبري المنيب، والدائري - تأكل
~~الأرض الزراعية، وتبتلع ما يصادفها من قرى لتحولها
~~إلى مسخ قروي-مدني. فهي اجتماعيا ما زالت ريفا
~~لكنها اقتصاديا فقدت مقومات الريف، ولم تكتسب من
~~المدينة إلا أدنى الأعمال.

# رابعا:

# غالبية المناطق العشوائية ملتصقة بأطراف المدن،
~~ووظيفتها الأساسية سكنية دون حرفة أو نشاط اقتصادي،
~~باستثناء دكاكين التجارة الصغيرة. ويعتمد العاملون
~~على موارد عمل هشة غير منتظمة في رحلة عمل يومية إلى
~~داخل المدينة، ومن ثم الفقر المدقع سمة سائدة ms058، ولكن
~~لبعض العشوائيات مهام مميزة كجمع القمامة وتصنيفها،
~~وبيع بعضها، وتربية الخنازير على البعض الآخر كما هو
~~ممارس في منشأة ناصر.

# 5

# أو أعمال نحت الحجارة والرخام والحدادة
~~في البساتين شرق أو العمل في الورش والمسابك
~~المنتشرة في شبرا الخيمة.

# خامسا:

# إن هذا التزاحم مع فقدان الخصوصية وارتفاع نسبة
~~العطالة إلى حدود عليا هو مكون أساسي في تشكيل مسرح
~~لأشكال الانحرافات والتطرف السياسي قلما يوجد خارج
~~العشوائيات، ومن ثم فإن تحسين الأحوال هو جزء مهم من
~~الواجبات الإنسانية والقومية والسياسية والأمنية
~~معا. فالغرض النهائي تحويل هذه المناطق من مجتمعات
~~سلبية إلى مجتمعات سوية تبنى بوضوح على أسس علاقات
~~ولاء مكانية وعائلية بدلا من الشتات الحالي.

# سادسا:

# التحويل المجتمعي المرغوب ليس أمرا سهلا، ولا
~~يمكن أن يتم بقرار إداري أو سياسي؛ بل هو في حاجة
~~إلى مجموعة متطلبات متشاركة معا موجزها كالآتي:
~~(1)

# ضرورة تحديد مفهوم العشوائيات حتى لا يختلط
~~الحابل بالنابل، ومن خلال هذا يمكن وضع أوليات
~~التحسين والتنمية للمناطق المحتاجة فعلا، وأولها
~~وركيزتها مواجهة المشكلات الاقتصادية التي تدفع
~~الناس للتغيير المجتمعي.
~~(2)

# معالجة أسباب الهجرة الريفية ليس بمنعها من
~~الانتقال إلى المدن بأوامر ولوائح كما يقترح البعض،
~~ولكن بالتأكيد على ضرورة تشجيع المشروعات
~~الاستثمارية لإقامة وسائط حياة فوق الزراعية في
~~الريف قبل المدينة لاجتذاب البطالة داخل إطارها
~~الريفي، ويفضل التركيز على محافظات الصعيد باعتباره
~~شريطا متباعد الأطراف.
~~(3)

# تكامل التنمية في المدن والريف في إستراتيجية
~~الدولة - سواء أجهزة الحكم المركزي والمحلي - بحيث
~~لا تحتل المدن مركز الصدارة وحدها.
~~(4)

# خفض بيروقراطية المحليات في استخراج تراخيص
~~إقامة منشآت الأعمال وأبنية السكن التي يقوم بها
~~السكان المحليون داخل القرى.
~~(5)

# أن تنفذ الجهات المختصة بحزم كل قوانين ولوائح
~~البناء، وبخاصة حول حرم مسارات الطرق السريعة حتى لا
~~نهدر قيمتها كطرق للنقل والتنقل السريع.
~~(6)

# اشتراك سكان العشوائيات مع الهيئات المحلية في
~~تحسين أحوال الحياة بنشر البنى التحتية والمدارس
~~والمراكز الصحية بأنواعهما، ومشاغل حرفية للنساء
~~والرجال كواحد من مثبتات أقدام الناس داخل
~~أحيائهم.
~~(7)

# لا تتأتي فاعلية مشاركة السكان في ms059 العشوائيات
~~بخطاب النوايا الحسنة؛ بل بدخول الباحثين الرسميين
~~والعلميين إلى
~~مثل هذه المناطق لبناء جسور تفاهم مشترك مع من
~~يتوسمون فيهم القيادة الحسنة داخل مجتمعهم وأسرهم،
~~ومن ثم إدخال أعمال نموذجية بواسطة بعض الجمعيات
~~الأهلية في مجالات التعليم والقراءة والطفولة والصحة
~~وبرامج التنشيط الاقتصادي تتضح نتائجها الطيبة لكي
~~تكون أمثلة تحتذى في التنمية الهادئة غير المتعجلة.

# 6
~~(3) المدن الجديدة حول القاهرة

# إنشاء المدن الجديدة في مصر ليس بظاهرة جديدة؛ بل هي موغلة في القدم، وغالبا
~~ما كان ذلك مرتبطا بانتقال أسرة ملكية حاكمة من مدينة الحكم إلى عاصمة أخرى
~~بدوافع غالبها سياسي وعسكري أو اقتصادي لتعمير مناطق جديدة، وفي القرن 19 أنشئت
~~مدن وضواح جديدة كبورسعيد والإسماعيلية مصاحبة لإنشاء قناة السويس، أو إنشاء
~~حي وسط البلد الذي كان يسمى حي الإسماعيلية بعد أن نزل إسماعيل من القلعة كمقر
~~للحكم إلى قصر عابدين، وإنشاء مدينة حلوان الحمامات للاستشفاء والترفيه. وفي
~~أول القرن 20 أنشئت ضواحي: مصر الجديدة والمعادي والزمالك في القاهرة، والرمل
~~في الإسكندرية؛ استجابة للتعمير المخطط الذي كانت تقوده شركات استثمارية
~~أجنبية آنذاك.

# وفي النصف الثاني من القرن 20 بدأت مصر بإنشاء عدة مدن جديدة خارج المدن الكبرى
~~المكتظة بالسكان. ففي الستينيات رسمت هيئة تخطيط القاهرة الكبرى مخططا لإنشاء
~~سلسلة من المدن الحلقية حول القاهرة على نسق مماثل للتجارب الأوروبية، وذلك
~~بغرض تخفيف الضغط السكاني في القاهرة، مع إعطاء فرصة كافية لتجديد وإعادة تخطيط
~~أحياء القاهرة المزدحمة بالسكان آنذاك، وفي السبعينيات إلى التسعينيات خططت
~~وزارة التعمير عدة مدن في ثلاثة أجيال، بعضها دخل حلقة القاهرة الكبرى: «10 من
~~رمضان، 6 أكتوبر، 15 مايو»، وبعضها خارج نطاق القاهرة: «السادات» التي كان يراد
~~بها عاصمة جديدة، «العامرية» التي أعيد تسميتها إلى برج العرب الجديدة، «دمياط
~~الجديدة» حول مشروع الميناء الجديد، «الصالحية الجديدة» عاصمة لمشروع زراعي
~~حديث المفهوم والإنتاج.

# الواضح إذن أن القاهرة، وإن استأثرت بنصف عدد المدن الجديدة، إلا أن المخطط في
~~كامل صورته كان متعادلا بين القاهرة والدلتا فقط، ولكن الصعيد لم يدخل حسابات
~~هذا المخطط آنذاك.

# هناك ms060 أسباب متعددة أدت إلى إنشاء هذه الأجيال الثلاثة من المدن الجديدة في
~~أجزاء متفرقة من أراضي جمهورية مصر، وأهم هذه الأسباب ما يأتي:

# أولا:

# الأسباب الديموجرافية الخاصة بالنمو العددي الكبير
~~للسكان مع عدم التناسب المكاني لهذه الزيادة السكانية
~~بين أجزاء مصر؛ مما أدى إلى هجرة داخلية من الريف إلى
~~الحضر بقدر لا يتم استيعابه بالدرجة التي تؤدي إلى
~~ارتفاع البطالة، وانتشار أنماط متعددة من السكن
~~العشوائي حول المدن. لقد زاد المصريون في نحو نصف قرن
~~(1947-1993) بنحو 300٪ (من 19 إلى 57 مليونا). وفي
~~الفترة 1960 إلى 1993 وضح أن معدلات الزيادة قد اختلفت
~~بين أقاليم مصر على النحو الآتي:

# جدول : جدول 2-1 معدلات النمو السنوي في أقسام مصر
~~الرئيسية (٪).
~~*

# الأقسام

# 1960-1966

# 1986-1993

# المدن الحضرية

# 3,4

# 1,8

# محافظات الدلتا

# 2,3

# 2,2

# محافظات الصعيد

# 2,1

# 2,7

# المصدر: «التقرير
~~الوطني المقدم لمؤتمر الأمم المتحدة الثاني
~~للمستوطنات البشرية (قمة المدن)» وزارة الإسكان
~~1996.

# وواضح من هذه النسب هبوط ملحوظ في المدن الحضرية
~~الأربعة: «القاهرة، الإسكندرية، السويس، بورسعيد»، وفي
~~محافظات الدلتا، بينما ارتفعت معدلات النمو في الصعيد.
~~والغالب أن هناك تحفظا على نسب الفترة 86-1993؛ حيث
~~إن غالبها دراسات عينة وتقديرات أكثر منها إحصاء
~~معتمد، ولو صحت هذه النسب لما كانت هناك المشكلات التي
~~نعرفها ونعانيها.

# ثانيا:

# الأسباب الاقتصادية المرتبطة بتغير الفكر الاقتصادي في
~~الستينيات والسبعينيات وإلى الآن، بين الأنظمة شبه
~~الاشتراكية إلى سياسة الانفتاح والتغيرات الاقتصادية
~~المختلفة التي تقع تحت مسمى: «الإصلاح الاقتصادي»،
~~والتدفقات الاستثمارية في أنشطة متعددة، على رأسها
~~الصناعة وقطاع الخدمات وتجارة الاستيراد والسياحة. أما
~~الزراعة: فقد نالها القليل من المدخرات المحلية، ربما
~~لعدم ثبات السياسة الزراعية، أو لأنها تدخل مرحلة
~~تغيير لم تستوعب تطبيقيا بالدرجة الكافية.

# شكل 2-10:

# المدن الجديدة حول القاهرة.

# بعض أشكال الحرمان في مصر الأمية والعطالة
~~والفقر 1994

# شكل 2-11:

# لاحظ ارتفاع قيم الحرمان في محافظات
~~الصعيد. فقراء الصعيد 48,5٪ من السكان والدلتا 36,3٪
~~ومحافظات المدن 13,4٪ والصحاري
~~1,8٪.

# وكل هذا أدى إلى ذبذبة كبيرة في السوق بين الإغراق
~~والندرة في السوق المحلية وسوق التصدير؛ النتيجة
~~النهائية هي: فقدان الحوافز للتمويل الزراعي، مما يؤدي
~~إلى مزيد من البطالة الريفية التي وصلت ms061 فيها العمالة
~~لحد التشبع في ظل إستاتيكية وجمود أنماط المحاصيل
~~وأدوات الإنتاج وأنماط التسويق، وحيث إن الأنشطة
~~الحديثة تتجه إلى الأوتوماتية في الإنتاج؛ فقد تناقص
~~الاحتياج إلى العمالة؛ مما يزيد من حدة البطالة التي
~~ارتفعت، على سبيل المثال، من نحو 5٪ إلى 15٪ في عقد
~~1976-1986.

# ولا شك أن البطالة العامة لا تعبر عن الاختلافات بين
~~المهن والأنشطة، لكن الأغلب أن الزراعة هي أكبر نشاط
~~تتراكم فيه البطالة، ومن ثم الهجرة إلى المدن. ففي
~~المصدر السابق ونفس الصفحة نجد أن العاملين بالزراعة
~~تناقصوا من 32٪ من قوة العمل 1991 إلى 30٪ عام 1996.
~~هبوط 3٪ ليس بالشيء القليل، فهي تساوي نحو نصف مليون
~~شخص من قوة عمل عامة قدرت ب 16,5 مليون عامل، وفي
~~الفترة المذكورة ذاتها زادت العمالة الصناعية بنسبة 1٪
~~فقط.

# ويعطي شكل

# 2-11

# صورة واضحة لظروف
~~الحياة الأساسية: كيف ترتفع كل نسب الحرمان في محافظات
~~الصعيد بالقياس إلى بقية مصر؟ وكيف ترتفع في كل الريف
~~بصفة عامة، بينما تزيد البطالة في المدن عن ريف
~~المحافظات؟ ومنحنى الفقر والفقر المدقع هو مؤشر جامع
~~لكل أشكال الحرمان، ومن ثم هو سبب جوهري في تيار
~~الهجرة الداخلية إلى المدن الرئيسية، مما يزيد من
~~إفقارها كما يتضح من الجدول

# 2-2
~~.

# الأرقام 1 إلى 21 تشير إلى أسماء المحافظات على
~~التوالي: 1 القاهرة، 2 الجيزة، 3 القليوبية، 4
~~الإسكندرية، 5 بورسعيد، 6 السويس، 7 دمياط، 8
~~الإسماعيلية، 9 الشرقية، 10 الدقهلية، 11 المنوفية، 12
~~الغربية، 13 كفر الشيخ، 14 البحيرة، 15 بني سويف، 16
~~الفيوم، 17 المنيا، 18 أسيوط، 19 سوهاج، 20 قنا، 21
~~أسوان.
~~«مصدر الأرقام التي بنيت عليها النسب التقارير السنوية
~~لمعهد التخطيط القومي سنوات: 1994 و1995
~~و1996.».

# جدول 2-2: صافي الهجرة الداخلية 1986 (الأرقام بالألف
~~شخص).

# الإقليم

# الحركة إلى

# الحركة من

# صافي الهجرة

# إقليم الحضر

# 9359

# 8343
~~+1016

# إقليم الدلتا

# 2052

# 2123
~~−709

# إقليم الصعيد
~~؟
~~؟
~~−335
~~(المصدر السابق لوزارة الإسكان 1996، ص19. الحركة في
~~محافظات الصعيد غير مقبولة؛ لأنها تعطي نحو 16,7
~~مليونا و17 مليونا على التوالي، لهذا وضعنا علامة
~~(؟) بدلا من الأرقام المذكور. علامة (+) تساوي إضافة
~~هجرة إلى الحضر، علامة (−) تساوي فقدان سكان بالهجرة
~~من الإقليم)

# شكل 2-12:

# شكل سكان المدن الجديدة. السكان المقيمون 1996
~~ونسبتهم من المستهدف ج = الجديدة - أرقام 1996 عن
~~التعداد الرسمي لسكان مصر 1996.

# ثالثا ms062:

# الكوارث الطبيعية التي تؤدي إلى موقف سكاني وسكني حاد،
~~يتطلب نمط الإيواء السريع في مدن أو أحياء تقام لذلك.
~~لكن لحسن الحظ أن مصر لا تتعرض لكوارث واسعة الدمار
~~والضحايا، وبرغم قلة ما تتعرض له مصر من كوارث طبيعية
~~- زلازل وسيول - فإن آثارها ذات أبعاد أكبر من قوتها
~~لسببين؛ أولهما: كثافة السكان العالية، وتزاحمهم في 
~~نطاقات أرضية صغيرة ومساكن غالبها متهالك مكتظ بالناس،
~~وحين تحدث الواقعة فإن ضحايا عزبة صغيرة أو حي قديم
~~تكون أخطر من قدر الكارثة، والسبب الثاني: أن الإيواء
~~ليس سريعا وغير شامل لكل من حاقت بهم الكارثة - لقصور
~~إداري على الأغلب - ومن ثم يظل شبح الكارثة لمدة طويلة
~~قابعا في صورة سكن مؤقت قد يصبح سكنا عشوائيا لطول
~~زمنه، وقد تدهم كارثة أخرى المكان ذاته بعد فترة وجيزة
~~مما يضيف متضررين جددا إلى القدماء، فتصبح أبعاد
~~الموضوع قائمة مستمرة دون حل.

# أطلنا في ذكر الأسباب؛ لأنها عوامل متفاعلة تؤدي في النهاية إلى أن الضغوط
~~السكانية في المدن، وبالذات في القاهرة، كانت وما زالت صلب أغراض بناء مدن
~~جديدة.

# جدول 2-3: أعداد السكان المستهدفة في المدن الجديدة.
~~*

# المدن حول القاهرة

# عدد السكان

# المدن في الدلتا

# السكان

# مدن الصعيد

# السكان

# 10 رمضان

# 500000

# السادات

# 500000

# بني سويف (ج)

# 120000*

# 6 أكتوبر

# 500000

# برج العرب

# 510000*

# المنيا (ج)

# 120000

# 15 مايو

# 250000

# دمياط (ج)

# 270000

# أسيوط (ج)

# 131000*

# بدر

# 250000

# الصالحية (ج)

# 100000*

# سوهاج (الكوثر)

# 60000

# العبور

# 25000*

# النوبارية

# 50000

# أسوان

# 100000

# الأمل

# 250000

# تجمعات 1، 5

# 2200000

# المجموع

# 4200000

# 1430000

# 530000

# من مجموع المستهدف

# 68٪

# 23٪

# 8,6٪

# ملاحظة: (ج) = الجديدة. العلامة (*) عند رقم تشير إلى
~~تضارب القيم على النحو الآتي: العبور في أرقام مخصصة
~~لسكن 477 ألف شخص، وفي أرقام مخصصة لسكن 52 ألفا، وفي
~~أرقام أخرى برج العرب مخصصة لسكن 150 ألفا فقط،
~~والصالحية الجديدة 70 ألفا، بني سويف مخصصة لسكن 90
~~ألفا، وأسيوط الجديدة 115 ألفا وفي أرقام أخرى هي
~~مخصصة إلى 25 ألفا.

# بدأت مدن الجيل الأول بمدينة العاشر من رمضان أوائل 1978، وكذلك ميناء ومدينة
~~دمياط الجديدة، ومدن السادات و15 مايو و6 أكتوبر وبرج العرب 1979.

# أما الجيل الثاني، فقد بدأ نحو 1986؛ أي بعد سبع سنوات من بداية الجيل الأول،
~~وهي مدة ms063 غير كافية للتجربة والخطأ. أما مشروعات الجيل الثالث، فالأغلب أنها
~~بدأت في أوائل التسعينيات؛ أي بفارق زمني قصير منذ البدء في الجيل الثاني،
~~ويظهر الجدول

# 2-3

# والشكل

# 2-12

# نسبة
~~السكان المقيمين إلى العدد المستهدف من السكان في المدن الجديدة.

# ولا شك في أن تضارب الأرقام هو أمر يجعل الدراسة غير موضوعية، والنتائج غير
~~مرضية إلا في صورة عامة كمؤشرات . وسوف نجد فيما بعد تضاربات أشد في موضوعات
~~حيوية أخرى، مثل: عدد العمالة، ورأس المال المستثمر، وقيمة الإنتاج في المدن
~~الجديدة.

# أخطر ما نستنتجه من الأرقام السابقة، هو ذلك التركيز المستهدف للسكن في منطقة
~~القاهرة، بحيث تستوعب أكثر من ثلثي السكان المراد توطينهم - كأن القاهرة فقيرة
~~سكانيا. إن الغرض الأساسي من المدن الجديدة هو رفع العبء عن المدن التي تشكو
~~علة الازدحام والاكتظاظ السكاني، وأولها القاهرة؛ فإذا بالمخططين والمنفذين
~~يزيدون المشكلة بدلا من حلها بخلخلة الاكتظاظ السكاني بإبعادهم عنها. كم هو
~~عدد سكان القاهرة الكبرى الآن؟ تتضارب الأرقام حسب مفهوم ومعنى مصطلح القاهرة
~~الكبرى؛ ففي مفهوم هم عشرة ملايين، وفي مفهوم آخر هم 12 مليونا إذا أضفنا كل
~~سكان محافظتي الجيزة والقليوبية، وماذا عن الحركة اليومية للسكان الذين يعملون
~~في القاهرة ويسكنون خارجها: هل تقدر الحركة بمليون أو نصف مليون يجيئون ويخرجون
~~يوميا، أو أكثر أو أقل؟

# وتأتي تقديرات وزارة التعمير بمخطط يزيد سكان القاهرة بنحو مليونين وربع
~~المليون! وذلك فيما عرف باسم مخطط القاهرة الجديدة التي تضم التجمعات الأول
~~والخامس والنخيل ... إلخ.

# 7

# فإذا أضفنا إليهم مليونين في مدن رمضان وأكتوبر ومايو ... إلخ. يصبح
~~لدينا إضافة سكانية قدرها ستة ملايين فوق السكان الحاليين، وبذلك تصبح القاهرة
~~الكبرى موطنا لنحو 16 إلى 18 مليونا!

# وماذا عن الرقعة المكانية لمثل هذا التجمع السكاني شديد الضخامة؟ سوف تمتد
~~القاهرة من أكتوبر إلى الكيلو 40 أو 50 من طريق السويس - مسافة تقترب من 100
~~كيلومتر في خط مستقيم من الشرق للغرب، وبين مدينتي رمضان في الشمال الشرقي
~~والتبين في الجنوب مسافة أخرى تقترب من 100 كيلومتر. هذه الرقعة الشاسعة هل
~~يمكن التحكم فيها إداريا ms064 بالنمط الذي نسير عليه؟ وماذا عن الانتقال في أرجاء
~~هذه المدينة العملاقة؟ نصف هذه المساحة مشغول الآن بالعمران والسكان، ومع ذلك
~~نرى صعوبات بالغة في الحركة برغم وجود قوانين مرور جيدة، لكنها غير قادرة على
~~التنظيم نتيجة انفلات الناس من بين أمور أخرى كثيرة.

# وفي مواجهة مشكلات القاهرة الكبرى يقترح البعض خطتين متناقضتين تماما؛ الأولى:
~~تجميع الإدارة في محافظة واحدة بدلا من محافظتي القاهرة والجيزة، والثانية:
~~تدعو إلى تفكيك هذه الكتلة السكنية المترامية إلى عدة محافظات؛ واحدة في الشمال
~~الشرقي، وأخرى في الشمال الغربي، وثالثة في الوسط، ورابعة في الجنوب ... إلخ.
~~ولكل من الاتجاهين فلسفة إدارة؛ فالتجميع يعني قرارات موحدة، والتفكيك يعني
~~قرارات نابعة عن الواقع الاقتصادي الاجتماعي الذي يختلف في أجزاء المدينة بين
~~الفقر والغنى، وبين وظائف الأعمال وتجارة الجملة والقطاعي، وبين الدكاكين
~~الصغيرة والأسواق الحديثة، وبين الموظفين وعمال الصناعة ... إلخ.

# النجاح والفشل في جذب السكان للمدن الجديدة

# قد يبدو أن موضوع المدن الجديدة لا يرتبط بالقاهرة الكبرى. لكنه في
~~الحقيقة جزء لا يتجزأ من موضوع واحد؛ لأن مخططي وزارة التعمير قد ركزوا
~~أكثر من نصف مخططاتهم حول القاهرة، وكان حريا بهم أن يبتعدوا عنها،
~~وينقلوا المنشآت العمرانية الجديدة في مناطق أخرى كنطاق القناة؛ حيث
~~التنمية ممكنة مرتكزة على تعظيم فوائد الشريان البحري العالمي لإنشاء
~~قواعد اقتصادية وعمرانية أجدى من تضخيم مشكلة القاهرة إلى حدود وخيمة.
~~وقد تنبه المسئولون في الدولة إلى هذه المزالق، وتعالج الآن بالتركيز على
~~مشروعات، مثل: شرق التفريعة وشمال رأس خليج السويس وترعة السلام وتوشكى.
~~ومع ذلك تظل مشكلة القاهرة وحلقات المدن حولها مشكلة مزمنة تحتاج إلى
~~كثير من التروي؛ لتخفيف مضار ما حدث، مع إلغاء بعض المشروعات العمرانية
~~التي ما زالت مخططات على الورق، فالكثير من مشروعات المدن الجديدة حولها
~~لم تبدأ، أو بدأت ولم تنته عمليات إعمارها، وهذا مما يسهل اتخاذ قرار
~~بإيقافها لإنقاذ القاهرة، ويوضح الجدول التالي هذه الأمور
~~الواقعة.

# جدول 2-4: السكان المقيمون بصفة دائمة في المدن الرئيسية الجديدة
~~عام 1996 ونسبتهم إلى ms065 العدد المستهدف.
~~*

# المدن حول القاهرة

# عدد السكان

# النسبة ٪

# المدن خارج القاهرة

# عدد السكان

# النسبة ٪

# 10 رمضان

# 50000

# 10

# برج العرب

# 10000

# 2

# 6 أكتوبر

# 75000

# 15

# السادات

# 16000

# 3,2

# 15 مايو

# 100000

# 40

# دمياط

# 11000

# 4

# المجموع

# 225000

# 18

# 37000

# 2,9

# وزارة الإسكان 1996 - مصدر سابق.

# وظائف المدن الجديدة حول القاهرة - مخصصات الوظائف
~~بالكيلومتر المربع منفذة أو قيد التنفيذ

# شكل 2-13:

# مصدر الأرقام كتاب «مبارك والعمران» عن وزارة
~~التعمير - بدون تاريخ، وغالبا أوخر 1999.

# ولنا بعض ملاحظات على الأرقام السابقة نوجزها فيما يلي:
~~(1)

# بعض مواصفات الصناعة في المدن الجديدة (نسب
~~مئوية)

# شكل 2-14:

# عدد المصانع 1090 - رأس المال 11 مليار جنيه -
~~قيمة الإنتاج 17 مليار جنيه - القوة العاملة 82000
~~عامل - الأجور السنوية 500 مليون جنيه.

# تتضارب هذه الأرقام المستقاة من وزارة التعمير وأرقام
~~التعداد العام للسكان 1996. فالتعداد يسجل أن المقيمين
~~في المدن الجديدة حول القاهرة بلغوا في 10 رمضان 47
~~ألفا، 6 أكتوبر 35 ألفا، ومدينة 15 مايو 66 ألفا
~~بمجموع 148 ألفا مقابل نحو 30 ألفا فقط في المدن
~~الثلاث خارج القاهرة (برج العرب 7 آلاف، السادات 16
~~ألفا، ودمياط الجديدة 6,5 آلاف)، ومرة أخرى يظهر
~~التحيز الشديد للمدن حول القاهرة.
~~(2)

# لا شك في أن نجاح مدينة 15 مايو مرتبط بوقوعها في قلب
~~المنطقة الصناعية الجنوبية للقاهرة، ومن ثم كان
~~استيطانها بنسبة عالية، وذلك برغم المخاطر الصحية
~~الناجمة عن تلوث الهواء بالأتربة ودخان المصانع، وما
~~ترتب عليه من أمراض الجهاز التنفسي.
~~(3)

# إن فشل مدينتي رمضان وأكتوبر في جذب السكان خلال عشرين
~~سنة من الإنشاء، هو دليل على خطأ اتخاذ موقع قريب من
~~الكتلة العمرانية للقاهرة والجيزة، ويصعب على العمالة
~~في مصانع المدينتين الهجرة الدائمة لنقص معروف في
~~قطاع الخدمات، ولارتباطات اجتماعية ونفسية غير موجودة
~~بالمدن الجديدة، ولهذا فإن جانبا من السكن الدائم في
~~المدينتين يرتبط بقطاع الأغنياء الذين يقيمون منتجعات
~~لعطلة نهاية الأسبوع.

# القواعد الاقتصادية للمدن الجديدة

# الفرضية الأولى للمدن الجديدة هي أنها يجب أن تنظر إلى داخلها، وليس إلى
~~المدينة الكبيرة إلى جوارها، وذلك في مجالات القوة البشرية والاقتصادية
~~والخدمية. وإذا كانت تجربة إسكان المدن الجديدة لم تلق النجاح المطلوب،
~~فإنها قد نجحت في إقامة قواعد اقتصادية جيدة ربما تساعد في ربع القرن
~~القادم على إنشاء قواعد سكانية ms066 وخدمية مواكبة للقاعدة الصناعية، ويوضح
~~الجدول

# 2-5

# والشكل البياني

# 2-14

# الوضع الحالي.

# جدول 2-5: مدى النجاح الحالي والمتوقع في الصناعة في المدن الجديدة (1996).
~~*

# مقومات الصناعة

# 10 رمضان

# 6 أكتوبر

# برج العرب

# السادات

# دمياط

# مصانع منتجة: 1090 مصنعا، منها في

# 47٪

# 25٪

# 7,14٪

# 3,8٪

# 2,5٪

# مشروع مصانع: 759 مصنعا

# 29٪

# 33٪

# 6,13٪

# 5,10٪

# 7,2٪

# رأس المال للمصانع المنتجة: 11 مليار جنيه

# 63٪

# 23٪

# 7,5٪

# 7,3٪

# 3,8٪

# قيمة الإنتاج: 17 مليار جنيه

# 57٪

# 32٪

# 8,4٪

# 5,4٪

# 0,6٪

# العمالة: 82 ألف عامل

# 34٪

# 20٪

# 3,4٪

# 2٪

# 39٪

# أجور عمال: 500 مليون جنيه

# 60٪

# 30٪

# 9,5٪

# 9,2٪

# 0,5٪

# وزارة الإسكان 1996 - مصدر سابق .

# وتتلخص التعليقات على الشكل والأرقام على النحو الآتي:
~~(1)

# التركيز واضح في مدينة 10 رمضان التي تكاد أن تحوز على
~~نصف المصانع المنتجة في المدن المذكورة أعلاه، وتنوي
~~أن تحوز على ثلث المصانع تحت الإنشاء. كما أن لها نصيب
~~الأسد في بقية العناصر الصناعية: ثلثي رأس المال، ونحو
~~الثلثين في الأجور المدفوعة للعاملين، وقيمة الإنتاج،
~~ويبدو أن الصناعة في هذه المدينة من النوع كثيف رأس
~~المال قليل العمالة.
~~(2)

# الأغلب أن 10 رمضان تتفوق على بقية المدن الأخرى لعامل
~~جغرافي شديد الفاعلية. فهي تقع في مواجهة شرق الدلتا
~~بين أقطاب عمرانية ذات شأن كمصدر تمويل وعمالة وتسويق
~~لدرجة أنه يطلق عليها أحيانا اسم: «الميناء الجاف»؛
~~فهي تتوسط أوتوستراد الإسماعيلية بين القاهرة والقناة،
~~ويتقاطع معها طريق إلى الشرقية والصالحية. العمالة
~~تأتيها من القاهرة والشرقية والخامات والتصدير السلعي
~~في اتجاه الخارج والداخل. المياه موردها ميسر نسبيا
~~من ترعة الإسماعيلية، وهي بهذا يمكن أن تصبح مدينة
~~مستقلة ذات نفوذ صناعي تجاري، وتخرج بذلك من حيز المدن
~~التوابع.
~~(3)

# أما مدينة 6 أكتوبر، فهي بحق مدينة تابعة للقاهرة
~~الكبرى، وخلفيتها لا تمتد إلى ظهير متنوع الأبعاد
~~والقوة والإنتاج على عكس مدينة رمضان، فهي أقرب إلى
~~الضاحية منها إلى مدينة ذات استقلال، ومن ثم كثر السكن
~~فيها حتى لغير العاملين بها.
~~(4)

# السادات: عبارة عن تخليق جديد لمستوطنة بنيت لهدف لم
~~يتحقق لتغير الظروف

# 8

# وربما تتطور إلى مدينة ذات خلفية زراعية
~~صناعية. العامرية أيضا تحولت من منطقة استصلاح زراعي
~~إلى تجمع صناعي يحل أزمة المكان المحدود للصناعة
~~السكندرية، وغالبا ما ستنمو باتخاذها مقرا للمطار
~~الدولي للإسكندرية. دمياط الجديدة، بالتحامها القريب
~~مع دمياط، ونمو عمل ميناء ms067 الحاويات ستشكل في المستقبل
~~تجمعا سكنيا صناعيا نشطا.

# 9
~~(5)

# وأخيرا نورد جدولا مركبا بين حقيقة الأوضاع في
~~المدن الجديدة على ضوء ما استهدفته هذه المدن من حل
~~لمشكلة التزاحم السكاني الكثيف في مصر الوادي والدلتا
~~ومدنها، وما تحقق منها بأرقام التعداد السكاني لعام
~~1996 التي هي أصدق أرقام متاحة لأحوال السكان في
~~مصر.

# جدول 2-6: موقف حلقة المدن الجديدة حول القاهرة
~~*

# المدينة

# عدد السكان
~~٪ سكان 1996 من المستهدف#
~~٪ نمو السكان 86-1996#

# المستهدف*

# 1986**

# 1996**

# 10 رمضان

# 500000

# 8509

# 47839

# 9,6٪

# 525

# 6 أكتوبر

# 500000

# 528

# 35477

# 7,2٪

# 700

# القاهرة الجديدة (القطامية + التجمعات)@

# 2200000
~~-

# 34819

# 1,6٪

# بدر

# 250000
~~-

# 248

# 0,01٪

# الشروق
~~؟
~~-
~~-

# 15 مايو

# 250000

# 24106

# 65865

# 26,5٪

# 273

# العبور

# 500000

# 1037

# 991

# 0,2٪
~~−5

# المجموع

# 4200000

# 33255

# 185239

# 4,4٪

# ملاحظات على جدول

# 2-6
~~:
~~* أرقام وزارة التعمير عن التقرير الوطني المقدم
~~لمؤتمر الأمم المتحدة الثاني للمستوطنات البشرية
~~(قمة المدن)، وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات
~~العمرانية، جمهورية مصر العربية 1996.
~~** أرقام التعداد 1996 «النتائج الأولية للتعداد
~~العام للسكان والإسكان والمنشآت لسنة 1996» فصل:
~~«عدد السكان في المدن العمرانية الجديدة مقارنا
~~بنتائج تعداد 1986».
~~من حساب الباحث.
~~@ تظهر في التعداد باسم «الأمل» وتشمل القاهرة
~~الجديدة بما فيها القطامية والتجمعات.

# شكل 2-15:

# مشروعات تطوير عمرانية بمنطقة القاهرة عام
~~2000.

# وبالرغم من أن موقف المدن الجديدة حول القاهرة غير مشجع إلى الآن، فهناك
~~مئات المباني والوحدات السكنية التي بنيت غير مسكونة لأسباب كثيرة، على
~~رأسها: قلة الخدمات الأساسية ونقص بعض البنية الأساسية، إلا أن الإعلان
~~مستمر عن إنشاء مشروعات تطوير ومشروعات إسكان وغير ذلك. وعلى سبيل المثال
~~اخترنا أحدث المشروعات التي تعلن عنها محافظة القاهرة لعام 2000 لتطوير
~~الهوامش الجنوبية من المعادي إلى القطامية، وحول الطريق الدائري كما
~~يوضحه الشكل

# 2-15
~~.

# واضح أن هناك تركيزا على الوظيفة السكنية التي تستغرق نحو نصف
~~المشروعات، وأن معظمها مركز في القطامية. يلي ذلك 26٪ من مساحة المشروعات
~~مخصصة للسياحة والترفيه حول الطريق الدائري، وربما كان ذلك هو ملاعب
~~الجولف القائمة حاليا، وثار حول العمارات الشعبية المقامة حولها جدل
~~بمعنى: هل تهدم الأبنية الشعبية القائمة حفاظا على جمال البيئة المحيطة
~~بالملاعب؟ وذلك برغم أن المساحات الخضراء مرغوبة في هذه المنطقة
~~الصحراوية الصخرية، إلا أن هذه المساحة الخضراء مغلقة على عضوية كبار
~~القوم وأغنيائهم، ولا سبيل إليها للعامة من الناس!

# الصناعة تحتل ms068 المركز الثالث في وظائف هذه المشروعات، وأغلبها مركز في
~~حلوان، والقليل منها في القطامية، وتحتل وظائف التعليم والخدمات الصحية
~~مساحة لا بأس بها في القطامية التي تفتقر إليها كمدينة ناشئة، بينما
~~تستخدم مثل هذه الوظائف القائمة في مدينة نصر والمعادي لخدمة التنمية
~~السكنية الجديدة التي يتضمنها المشروع في كل منهما.

# ولا يسعنا إلا التساؤل عن جدوى الإعلان عن مثل هذه المشروعات التنموية
~~برغم عدم استكمال سابقاتها من مشروعات؟ وهل العملية التخطيطية حول
~~القاهرة وفي القاهرة عبارة عن ميادين منفصلة لكل وزارة أو إدارة على حدة؟
~~ألا يستحسن إيجاد تكامل في التخطيط الفيزيقي والاجتماعي والخدمي معا في
~~إدارة واحدة بدلا من هذا الشتات؟
~~(4) شبرا الخيمة: مخطط للصحة والترويح في شمال القاهرة

# من نافلة القول أن المناطق الصناعية هي أحد أهم بؤرات التلوث في العالم بما
~~تطلقه من غازات ومواد عالقة وما تلقيه من مخلفات سائلة وصلبة أغلبها تحتوي على
~~مواد ضارة بالجسم البشري، وبعضها سام بكل المعنى. وقد تمكنت الدول المتقدمة من
~~الحد النسبي من هذه الملوثات بتكلفة وتكنولوجيا عالية مع رقابة صارمة من قبل
~~أجهزة عديدة حكومية وجماعات غير حكومية. ولكن تحقيق ذلك ما زال بعيد المنال في
~~الدول النامية المنشغلة بتحسين ناتجها الوطني بتنمية الصناعة بأي شكل
~~كان.

# وربما كان الوضع في مصر قد دخل مرحلة ما من الرقابة على التلويث الصناعي؛ فقد
~~كثرت الإشارة إليه، وترددت حوله الأقوال من الجهات المسئولة والصحافة وأنصار
~~البيئة معا، وأنشئت له وزارة للبيئة، وهيئة حكومية عليا، ومعاهد للدراسات
~~البيئية، ووكالات للبيئة بالكليات الجامعية، وكلها علامات مبشرة بخير قريب.
~~ومعروف أن القول يسبق الفعل، ومن ثم بدأت بعض الإجراءات تأخذ طريقها إلى حيز
~~الوجود، لكنها بكل المقاييس غير كافية بعد؛ بل إن بعض شركات الصناعة تشكو من
~~تكلفة إجراءات منع الملوثات، كما أن بعضها يرى أنها تؤدي إلى تقليل
~~الإنتاج.

# ولسوء حظ القاهرة أن المناطق الصناعية قد أنشئت في مناطق متنزهات طبيعية ظلت
~~كذلك لفترة قرون وقرون، فحلوان منذ العصر العباسي مشهود لها ms069 بطيب المناخ كمنتجع
~~لأغنياء القاهرة وولاتها. وشبرا هي رئة القاهرة الشمالية حيث تهب الرياح
~~الشمالية محملة بنسائم نقية عند مرورها على الزروع المختلفة؛ فتنعش جو القاهرة
~~القائظ صيفا وتميل إلى ترطيبه شتاء. ومن هنا كانت نشأة القصور التي بناها محمد
~~علي الكبير وبعض الأمراء في شبرا، وقد تحولت كلها إلى أبنية مدرسية باستثناء
~~قصر محمد علي في شبرا البلد الذي أصبح مقرا لكلية زراعة جامعة عين شمس منذ
~~أمد طويل. ولكن في الثلاثينيات من القرن الحالي تراءى لبعض أصحاب الفكر الصناعي
~~اتخاذ شبرا الخيمة مركزا للصناعات؛ لوجود عدة عناصر مشجعة، منها: القرب من
~~القاهرة مركز السوق الرئيسي، ولوجود الأيدي العاملة الرخيصة من سكان قرى وعزب
~~المنطقة، ومن القاهرة بصفة خاصة حتى غلب «المهاجرون» من العمال على الصيغة
~~السكانية لشبرا الخيمة. لم يفكر هؤلاء الصناعيين بمنطق التنمية الصناعية التي
~~بدأها بنك مصر وشركاته في إقامة الصناعة في أماكن بعيدة عن القاهرة كالمحلة
~~الكبرى وكفر الدوار على سبيل المثال؛ ذلك أن بدايات الصناعة في شبرا الخيمة
~~كانت صناعات محدودة رأسماليا بالقياس إلى شركات بنك مصر، وربما كان أصحابها
~~من جاليات غير مصرية هدفها تشغيل أموالهم في صناعات فردية محدودة موفورة الربح
~~بالقرب من القاهرة.

# أيا كانت الأسباب؛ فقد وقر ذي ذهن الصناعيين فيما بعد أن شبرا الخيمة منطقة
~~صناعية، وتتالت المنشآت الصناعية إلى أن وصلنا إلى الوضع الحالي، حيث تغطي
~~المناطق الصناعية ثلاثة محاور رئيسية، هي:
~~(1)

# المحور الشرقي
~~: الذي يمتد
~~على طول واجهة ترعة الإسماعيلية من زاوية الترعة إلى شمال
~~مسطرد بطول نحو خمسة كيلومترات. وعبرت الصناعة الترعة على
~~كوبري مسطرد إلى شرق الترعة - خارج المنطقة الإدارية لشبرا
~~الخيمة - لكي تلتحم مع المنطقة الصناعية النامية من غرب عزبة
~~النخل والمطرية إلى السواح.
~~(2)

# المحور الغربي
~~: ويمتد على
~~طول محور الخط الحديدي والطريق الزراعي شمالا مساحة تبلغ
~~نحو أربعة كيلومترات حتى قرب قرية ميت نما شرق الطريق
~~الحديدي، وعند ملتقى الطريق الدائري الجديد، وحتى قليوب غرب
~~الطريق مساحة تبلغ نحو ثمانية كيلو مترات تمتد ms070 سلسة من
~~المخازن والمصانع والورش.
~~(3)

# المحور الأوسط
~~: ويمتد فيما
~~بين المحورين السابقين مسافات تتراوح بين 2 إلى 3 كيلومترات
~~مكونا في أحيان كتلة ملتحمة كما هو الحال شرقي حي بيجام،
~~ومتفرقا أحيانا أخرى في غرب بهتيم. ويمر المحور الأوسط بين
~~المناطق السكنية فيقسمها قسمين: الغربي يتكون من بيجام
~~والسعادة وشبرا الخيمة، والشرقي يتكون من بهتيم وعزب أخرى
~~صغيرة اندمجت في كتلة عمرانية.

# شكل :

# شبرا الخيمة والتداخل السكني والعشوائي
~~والصناعي.

# وترتكز هذه المحاور الصناعية الثلاثة على الواجهة الشمالية لترعة الإسماعيلية
~~في امتداد نحو ثلاثة كيلومترات يراها السائر على كورنيش الترعة أمام محطة
~~كهرباء شمال القاهرة، وتتكون المنطقة الشمالية من حقول زراعية كانت مساحتها نحو
~~3500 فدان تنتج الكثير من خضراوات سوق القاهرة، لكن هذه المساحة الزراعية آخذة
~~في التناقص، ليس فقط نتيجة نمو الصناعة، ولكن إنشاء الطريق الدائري رفع فجأة
~~قيمة الأرض، فأصبحت تحسب بالمتر بدلا من القيراط من أجل زحف عمراني عشوائي غير
~~منظم ولا مضبوط ليس فقط في شمال شبرا الخيمة، بل على طول الطريق الدائري حتى
~~المرج وبركة الحاج وكفر الشرفا إلى قرب مدينة السلام.

# الصناعات الرئيسية في المنطقة هي بالترتيب: النسيج والصناعات المعدنية
~~والصناعات الكيماوية وصناعة مواد البناء، ثم الصناعات الصغيرة من مختلف
~~الأنواع: «خراطة - لحام - نجارة ... إلخ» ويعمل بها جميعا نحو سبعين ألف عامل،
~~وكل هذه الصناعات الكبيرة والصغيرة مسئولة عن أنواع عدة من التلوث، وبخاصة
~~الغازات والأتربة العالقة والساقطة، فضلا عن تصريف مخلفات الصناعة في مياه
~~الترع العديدة في المنطقة، وعلى رأسها ترعة الشابوري التي تحولت إلى رشاح هو
~~مصدر لكل السموم بكل ما تعنيه الكلمة.

# ونورد هنا نتائج بعض الدراسات التي قام بها المركز القومي للبحوث عن مقدار تلوث
~~الجو، والتي تشير إلى مخاطر صحية وعمرانية جمة.

# مثلا غاز ثاني أكسيد الكربون يتولد بنسب عالية من نواتج الصناعات المعدنية
~~والكيماوية ومصانع الطوب الحراري والزجاج والصيني والبلاط والمواسير الإسمنتية
~~والكابلات الكهربائية والغزل، ويختلط الدخان بثاني أكسيد الكربون مكونا
~~أنواعا من الجو المشبع بالضباب - ضبخان = ضباب ودخان معا - يضر ms071 بالجهاز
~~التنفسي للإنسان، ويؤدي إلى تآكل المعادن والأبنية. درجة تركيز ثاني أكسيد
~~الكربون تتراوح في المناطق المختلفة من شبرا الخيمة إلى ما بين 0,08 في المليون
~~إلى 0,33 جزء من المليون، بينما المتوسط الآمن في الدول المتقدمة يتراوح بين
~~0,01 إلى 0,03 جزء في المليون؛ أي نحو عشر ما في شبرا الخيمة. والأغلب أن
~~ارتفاع النسبة في شبرا الخيمة راجع إلى استخدام وقود صلب، الذي يزيد في الورش
~~الصغيرة الكثيرة. أما الأتربة العالقة فهي أعلى من المتوسطات المأمونة. فهي
~~+500 و+700 ميكروجرام/م

# 3

# في شبرا الخيمة وحلوان على
~~التوالي، بينما هي في حدود 100 إلى 150 في بلاد العالم المتقدم، وتحتوي الأتربة
~~العالقة على مواد سامة مثل الرصاص والزنك والنيكل.

# وبطبيعة الحال فإن التركيز في هذه الملوثات يكون على أشده فوق مناطق المصانع
~~التي أشرنا إليها سابقا، وفوق المناطق السكنية المتداخلة في المناطق الصناعية،
~~فتزيد مشكلات السكن الصحية سوءا على سوء.

# فالصناعة تخلق مناخات محلية خاصة. فإن التسخين الناجم عن دخان المصانع يخلق
~~نوعا من التيارات الهوائية الساخنة الصاعدة فوق شبرا الخيمة، ثم تبرد هذه
~~التيارات كلما ارتفعت في طبقات الجو، فترتد إلى الأرض منتشرة في صورة أتربة
~~ساقطة على مساحات واسعة فتشمل نطاق الزراعة والسكن، ليس فقط في شبرا الخيمة؛ بل
~~تنتشر أيضا على معظم شمال القاهرة نتيجة دفع الرياح الشمالية لها، ومن ثم فإن
~~الكثير من الخضراوات المزروعة في المنطقة تتأثر بالملوثات، مثل الرصاص، الذي
~~يمتص في التربة، ويدخل غذاء النمو النباتي. وبلا شك فإن الكميات القليلة من
~~الملوثات التي تدخل الجسم نتيجة لأكل هذه الحاصلات تصبح كثيرة المضاعفات الصحية
~~مع دوام أكلها. هذا فضلا عن تعرض السكان إلى الكثير من أمراض التنفس وأمراض
~~العظام، ولتأكيد ذلك فالمقترح إجراء مسوح صحية في المنطقة لتبين مدى وشيوع
~~أمراض معينة خاصة بالبيئة الصناعية بين سكان شبرا الخيمة.

# والمسألة لا تقتصر على محلية شبرا الخيمة فقط. فالرياح الشمالية الدائمة تحمل
~~معها ملوثات الصناعة المذكورة إلى بقية القاهرة، وبطبيعة الحال سيكون التأثير
~~أكبر في شمال القاهرة يقل تدريجيا صوب ms072 الجنوب إلى أن يلتقي بملوثات منطقة
~~الصناعة الجنوبية الممتدة من دار السلام والمدابغ إلى حلوان-التبين، وبذلك تقع
~~القاهرة بين شقي رحى التلوث من شبرا الخيمة في الشمال إلى حلوان في الجنوب،
~~وعلينا أن ندرك أن تأثير شبرا الخيمة على معظم القاهرة هو الأقوى بحكم أن
~~القاهرة تقع في منصرف رياح الشمال بعد أن تتحمل بملوثات الصناعة . أما ملوثات
~~الجنوب من دار السلام حتى التبين، فيقتصر أثرها الضار على جنوب القاهرة الكبرى
~~فقط.

# كيف نواجه هذه المخاطر؟

# أولا:

# إجراء مخطط شامل جديد لمنطقة شبرا الخيمة. في
~~1973 أجرت الهيئة العامة للتخطيط العمراني دراسة حول
~~التخطيط الابتدائي العام لمدينة شبرا الخيمة، فهل
~~كانت هناك متابعة لهذه الدراسة؟ وهل رسمت مخططات
~~أخرى؟ وهل دخل أي مخطط حيز التصديق والموافقة أم حيز
~~الأضابير؟ والأغلب أن شيئا لم يتم، بدليل نمو عدد
~~الورش والمصانع الصغيرة في فترة الثمانينيات؛ مما
~~أدى إلى زيادة التلوث بنسب كبيرة.

# فالمطلوب إذن تنشيط وتعديل الدراسات التخطيطية
~~السابقة، والعمل الدءوب للحصول على اعتمادها من قبل
~~متخذي القرار، والبدء بتنفيذها في صورة مرحلية. فليس
~~سهلا إجراء التنفيذ في منطقة كثيفة العمران
~~والإنتاج. ففي شبرا الخيمة الآن نحو 800 ألف
~~نسمة.

# ثانيا:

# نقل الصناعة تدريجيا من شبرا الخيمة بصورة غير
~~مفاجئة، بمعنى:
~~(1)

# وقف تراخيص إنشاء ورش أو مصانع جديدة بصورة
~~حازمة.
~~(2)

# عدم تجديد تراخيص المصانع القائمة تدريجيا،
~~وخاصة تلك التي لا تتقيد بقوانين الحفاظ على
~~البيئة.
~~(3)

# لا شك أنه في المناخ الاستثماري الحالي فإن
~~الكثير من الشركات الصناعية تفضل تحديث مساحاتها
~~وآلاتها من أجل المزيد من الإنتاج المحدث. فالكثير
~~من المصانع الحالية تشكو ضيق المكان والمخازن وقدم
~~العدد والآلات وكثرة العمالة، وكلها يجب عليها
~~بالإيجاب عمليات الانتقال إلى أماكن أرحب وآلية أحدث
~~ومشكلات عمالة أقل.
~~(4)

# لهذا فإن إعطاء حوافز من مختلف الأنواع
~~للمصانع التي تنتقل إلى أماكن جديدة سيكون مطلبا
~~مرغوبا؛ طالما أن المواقع الجديدة ملائمة لشروط
~~الصناعة من حيث الطرق والبنية الأساسية
~~والاتصالات.
~~(5)

# أن تختار مواقع الصناعة الجديدة في أماكن لا
~~تتسبب في ms073 الإضرار بالمناخ المحلي لمدينة القاهرة.
~~مثلا على امتداد طريق السويس ابتداء من الكيلو 50
~~فالمنطقة إلى جنوب هذا النطاق صحراوية بالمعنى
~~المعهود، فأي تلوث صناعي قد لا يطول القاهرة إلا إذا
~~صادفت رياحا شرقية، وهي ليست مستمرة ولا دائمة،
~~وعلي أية حال فالمفروض أن المصانع الجديدة ستكون
~~مراعية لضوابط البيئة تماما.
~~(6)

# مع هذا الانتقال يجب إنشاء مدن أو قرى سكنية
~~حديثة التخطيط ومستوفية للشروط الصحية؛ لإقامة
~~العمال والعاملين بهذه المصانع على نسق مدينة العاشر
~~من رمضان.

# تحويل شبرا الخيمة إلى متنزه وطني

# ماذا نفعل بأرض شبرا الخيمة بعد انتقال الصناعات منها؟

# أن يراعى على وجه لا تشوبه شائبة تحويل أراضي المصانع المنقولة من شبرا
~~الخيمة إلى حدائق أو متنزه وطني كبير يمتد نحو ثلاثة كيلومترات على
~~ضفاف ترعة الإسماعيلية، وبعرض يمتد نحو كيلومتر واحد، بحيث يكون رئة
~~لشمال القاهرة، على غرار المدن الكبرى، مثل: غابة بولونيا في باريس أو
~~هايدبارك في لندن أو شتاد بارك في فيينا أو سنترال بارك في نيويورك. وأن
~~يصاحب ذلك رسم مخطط شامل يهدف في النهاية إلى إقامة مدينة حدائق من أجل
~~مساحات من الخضرة تساعد على تحسين جو القاهرة كما كان الأمر في أوائل هذا
~~القرن، ويمكن أن يتم ذلك تدريجيا بضبط نوعية المباني والالتزام بقوانين
~~التنظيم الأخرى. فالكثير من أسر العاملين في الصناعة سوف تنتقل إلى
~~المواقع الجديدة، ويحدث تفريغ جزئي للمنطقة السكنية الحالية مع الوقف
~~الفوري لزحف العمران العشوائي حول الطريق الدائري حفاظا على المنطقة
~~الزراعية. ولا شك أن قيمة الأراضي السكنية سوف ترتفع في هذه البيئة
~~الجديدة؛ مما يؤدي إلى تغير الأنماط السكنية العشوائية إلى نمط عمائر
~~وبيوت أكثر انضباطا وأرقى حالا، كما حدث في النمو العمراني حينما التف
~~حول قرية الدقي أو العجوزة على سبيل المثال.

# وباختصار سوف نرفع عن القاهرة أحد مصادر التلويث الواقعة جغرافيا في
~~مهب رياح القاهرة؛ مما يؤدي إلى هواء نقي يسهم في تحسين جو القاهرة الذي
~~ابتلي بكل أشكال الملوثات، ويسبب أمراضا لم تكن معهودة من ms074 قبل.

# الأرقام فيها الكثير من التضارب، وربما يعود بعضها إلى أخطاء
~~مطبعية، وبخاصة ترقيم الأصفار. مصدر الأرقام: الإدارة العامة
~~للخطة والمتابعة - محافظة القاهرة، 1997.

# إقامة صناعة ما تخلق فرص عمل خارج الصناعة
~~لشخصين أو ثلاثة كخدمات وأنشطة مكملة. انظر: علا
~~سليمان الحكيم «ظاهرة التحضر ونمو المدن» ندوة
~~التوسع الحضري، معهد التخطيط القومي 1988
~~ص152.

# في 1976 لم يتعد سكان مناطق المقابر 145 ألفا كان منهم 18
~~ألفا فقط هم الذين يسكنون داخل الأحواش في جبانات القاهرة
~~التقليدية، وهناك تفريق بين سكان مناطق الجبانات الذين
~~يعيشون في بيوت أو شقق داخل المنطقة وبين أولئك الذين يسكنون
~~داخل الأحواش، وهؤلاء هم المعنيون باسم سكان عشوائيات، مثلهم
~~في ذلك مثل سكان أسطح العمارات حتى في أرقى أحياء
~~المدينة.

# عزة سليمان وشنوده سمعان «التوسع الحضري ومشكلة الإسكان في
~~مصر» - ورقة في ندوة التوسع الحضري التي نشرها معهد التخطيط
~~القومي بالقاهرة 1988، ص328-330.

# وفي 1984 كان تقدير سكان المقابر نحو 117 ألفا بدون تمييز
~~لعدد سكان الأحواش الفعلي. ممدوح الولي «سكان العشش
~~والعشوائيات»، نقابة المهندسين - القاهرة 1993، ص
~~50-51.

# خسرت مصر نحو نصف مليون فدان في الفترة
~~1950-1984 من الأرض الزراعية الجيدة في الدلتا
~~والصعيد نتيجة زحف المدن. انظر: محمد سمير مصطفى
~~وعزة سليمان «مستقبل التوسع الحضري في مصر وأثره على
~~البيئة» ندوة التوسع الحضري - معهد التخطيط القومي
~~1988، ص374-375.

# يتواجد الزبالون بكثرة في منشأة ناصر، لكن
~~هناك أماكن أخرى لتواجد الزبالين، مثل: عزبة النخل
~~وحلوان وطرة والمعتمدية والبراجيل، ويزيد عددهم على
~~30 ألفا، وقد بدأ المهاجرون من الوادي الجديد هذه
~~المهنة لكن لحقهم في ذلك مهاجرون من الصعيد. انظر:
~~عزة سليمان وشنودة سمعان، مصدر سابق، ص
~~340-342.

# ملاحظة: الكثير من موضوع السكن الطفيلي
~~والعشوائي متضمن في بحث للمؤلف بعنوان: «السكن
~~العشوائي في جمهورية مصر، وحالة القاهرة بشيء من
~~التفصيل» ألقي في ندوة لجنة الجغرافيا - المجلس
~~الأعلى للثقافة في مارس 2000 - تحت الطبع.

# غيرت وزارة الإسكان خطة الإسكان في القاهرة الجديدة في صمت من
~~منطقة لاستقبال الزيادة السكانية الشعبية في القاهرة إلى تخصيص
~~مساحات واسعة لفيلات وقصور وعمارات الموسرين، وبالتالي ms075 لن تستوعب
~~القاهرة الجديدة مليونين وربع المليون كما كان المستهدف، بل ربما
~~اقتصرت على ربع هذا العدد. راجع: أبو زيد راجح، رئيس الهيئة العامة
~~لبحوث الإسكان والبناء والتخطيط العمراني سابقا، عن العمران في
~~القاهرة في مجلة الكتب وجهات نظر الشهرية القاهرية عدد نوفمبر 2000
~~ص58-61.

# كان التخطيط في بناء مدينة السادات أن تصبح
~~المقر الرسمي للحكومة المصرية كخطوة نحو نقل العاصمة
~~السياسية من القاهرة. ولكن نقل موظفي بعض الوزارات،
~~وبخاصة وزارة التعمير، لقي معارضة شديدة علنية وغير
~~علنية (سياسة المقاومة السلبية)؛ مما أدى - إضافة
~~إلى متغيرات سياسية أخرى بعد رحيل السادات - إلى
~~التغاضي عن مشروع نقل العاصمة، ثم ضمت مؤخرا إلى
~~محافظة المنوفية التي استفادت من المباني الكثيرة
~~الفارغة في تحويل بعض كليات جامعة المنوفية
~~إليها.

# الأرقام مجمعة عن «قمة المدن» لوزارة الإسكان
~~1996 سابق الذكر - صفحات متعددة، وهناك في الحقيقة
~~تضارب كبير في قيمة الأرقام داخل المصدر نفسه. على
~~سبيل المثال عدد المصانع المنتجة هي 1090 في صفحة
~~و1506 في مكان آخر من نفس المصدر، ورأس المال
~~المدفوع في المصانع المنتجة 4 مليارات في مكان و11
~~مليارا في مكان آخر، وقيمة الإنتاج 4,8 مليارات و17
~~مليارا، وقس على هذا بقية الأرقام. فأيها
~~نصدق؟



# الفصل الثالث

# القاهرة والزمان

# دينامية القاهرة في أزمان مختلفة
~~(1) التاريخ السكني والسياسي لإقليم القاهرة

# توضح الخريطة (

# 1-2
~~) أن منطقة القاهرة الكبرى كانت ملائمة
~~للسكن البشري منذ عصور ما قبل التاريخ، ولكن هذه المستوطنات كانت تعتلي سطوح
~~الهضاب، ولا يغشى الناس الوادي أسفلها إلا للصيد والسماكة، فلم تكن الزراعة
~~معروفة بعد،

# 1

# وحين مارس السكان الزراعة في أشكالها الأولى في العصر النيوليتي
~~(الحجري الحديث) فإن ذلك لم يحدث نقلة اقتصادية عمرانية مفاجئة، بل تدرج الناس
~~في ممارستها جنبا إلى الصيد الذي ألفوه لزمن طويل. وحين تعلم المصريون تقنية
~~الزراعة بالتفاعل مع معطيات البيئة النهرية والممطرة معا، كان الجفاف يزحف
~~تدريجيا على مصر، مما اضطر الناس إلى التقدم بمستوطناتهم قريبا من ماء
~~النهر، تاركين سطوح الهضاب للجفاف والإجداب. وبدأ المصريون يتفاعلون بالتجربة
~~مع هيدرولوجية النيل ms076 بين الفيضان والنقصان، وابتكروا نظام ري الحياض الذي
~~استمر على الأقل ستة آلاف سنة إلى أن قضي عليه تدريجيا في قرن من نظام
~~الري الدائم بداية من القناطر الخيرية إلى السد العالي. ومع ري الحياض ثبتت
~~أماكن القرى والمحلات السكنية المصرية آلاف السنين؛ وذلك لأن القرى يجب أن تقوم
~~فوق منسوب الفيضان، واستمرار سكنها على مر الزمن جعلها تعلو كجزر صغيرة وسط
~~أحواض الزراعة لتكوم البناء فوق أكوام البيوت الهالكة جيلا بعد جيل، خاصة وأن
~~مادة البناء كانت من اللبن وجالوص الطين مع التبن وهي مادة من البيئة وإليها
~~ترجع، ومن ثم فإن غالبية أواسط القرى مرتفعة بصورة محسوسة عن أطرافها الأحدث،
~~ولم ترتفع القرى كثيرا عن محيطها من الأراضي التي كانت بدورها ترتفع بما يرسبه
~~الفيضان من طمي؛ لهذا فإن القرى المصرية مجال ممتاز للبحث الأثري.

# على أية حال فإن استمرار تقدم الزراعة والسكان المستقرين والغنى والثروة بأقدار
~~مختلفة في نواحي الوادي والدلتا - أدى إلى نشأة نظام سياسي محلي، سرعان ما أصبح
~~إقليميا بجهود أفراد ذوي قدرة تنظيمية أعلى إلى أن وصلنا إلى مصر المتحدة
~~سياسيا من خلال مجهودات الملك نارمر أو مينا أول فرعون معروف لأول أسرة حاكمة
~~لكل مصر، وكان ذلك نحو 3200ق.م. وقدر كارل بوتزر

# 2

# أن سكان مصر في ذلك الوقت كانوا بين مائة ومائتي ألف، وقد يبدو هذا
~~رقما شديد التواضع، لكنه في الحقيقة رقم كبير وضخم باعتبار شكل الظروف
~~الحياتية الصعبة في هذا الزمن السحيق، والذي يهمنا من كل هذا أن عاصمة مصر
~~الموحدة كانت في مدينة «منف» أو ممفيس كما عرفها الإغريق القدماء، ومن ثم فإن
~~إقليم القاهرة الكبرى كان يضم أول عاصمة لمصر استمرت نحو ألف عام من الزمان.

# 3

# 4

# ثم تجولت العاصمة شمالا وجنوبا في أنحاء مصر حسب مقتضيات الظروف
~~السياسية والعسكرية والدينية لمدة نحو 2800 سنة، ثم عادت مرة أخرى ببناء
~~الفسطاط في مصر الإسلامية منذ نحو 14 قرنا من الزمان.

# ولم تكن «منف» هي المدينة الوحيدة الضاربة في التاريخ في منطقة ms077 القاهرة؛ بل كان
~~إلى الشمال منها مدينة «أون» الجامعة الدينية العلمية لمصر عدة آلاف من السنين،

# 5

# والتي عرفها الإغريق باسم «هليوبوليس» أي مدينة الشمس؛ حيث ظل
~~الإله رع-أتوم مسيطرا على الفكر الديني باعتباره إله الشمس طوال الدولتين
~~القديمة والوسطى، وكان كاهن أون الأكبر يسمى: «رئيس أسرار الشمس»؛ نظرا لقوة
~~العلوم الفلكية في هذه الجامعة التي استمرت في العطاء الديني والفكري والعلمي
~~منذ ما قبل توحيد مصر السياسي إلى العصر البطلمي. وقد زارها المؤرخ الإغريقي
~~الكبير هيرودوت في القرن الرابع قبل الميلاد، وأشاد بحكمة وعلوم هذه المدرسة،

# 6

# وبذلك عاشت كمدينة علم ودين أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وقد ذكرها
~~المقريزي وقص عنها ما يفيد أن كهنتها امتحنوا فيثاغورس الإغريقي امتحانا
~~دقيقا قبل السماح له بالاطلاع على علومهم.

# 7

# وأخيرا كانت هناك في إقليم القاهرة مدينة ثالثة: «حر أون» التي حرفت إلى
~~حلوان في النصوص العربية؛ للتشابه مع حلوان الواقعة في العراق العباسي، وتعني
~~«حر أون» في المصرية القديمة: «أون العليا»، وكانت عاصمة لإحدى الوحدات
~~السياسية المصرية قبل توحيد مصر وإنشاء «منف» عاصمة لكل مصر، فطغت على أون
~~العليا؛ لقربها الشديد منها عبر النيل.

# 8

# والخلاصة أن منطقة القاهرة الكبرى الحالية ظلت باستمرار مكانا متميزا لنشأة
~~مدن ذات شأن في حياة مصر منذ أقدم العصور، وهو أمر يؤكد مدى أهمية مجال
~~العلاقات المكانية لإقليم القاهرة في التاريخ الطويل المجيد لمصر.
~~(2) العواصم التوابع: الفسطاط والعسكر

# وضع عمرو بن العاص نواة العاصمة المصرية على مقربة شديدة من حصن بابليون الذي
~~كان مقرا للحكم الإداري الروماني داخل مصر، وخاضعا للإسكندرية العاصمة
~~السياسية الرومانية والعاصمة الثقافية للعالم المعروف آنذاك.
~~(2-1) الفكر الإستراتيجي لعمر بن الخطاب، وموقع الفسطاط

# الواقع أن عمرا كانت تراوده أفكار اتخاذ مدينة الإسكندرية - فخمة
~~البناء - عاصمة للقوة الإسلامية في مصر. لكن كل الكتابات تشير إلى أن
~~الخليفة عمر رفض - كخطة إستراتيجية - أن يفصل بين عواصم الولايات
~~الإسلامية ومركز الخلافة أي عائق مائي؛ لهذا لم تتخذ مدائن كسرى أو
~~الإسكندرية حواضر للعراق أو مصر، برغم أن ms078 العوائق المائية المشار إليها
~~هي مجرد نهري الفرات والنيل، ولا شك في أن الخليفة عمر كان يخشى على
~~العرب من البحر باعتبارهم أهل بر،

# 9

# وأن هذه الخشية أدت إلى تأخر إنشاء البحرية العربية في
~~مواجهة الرومان إلى فترة الخلافة الأموية، إلا أن عمر - بفكر تكتيكي ثاقب
~~- كان يرى أن الإسكندرية مهددة بحرا بالأسطول الروماني، وهو ما لم يكن
~~للعرب أمامه حيلة في ذلك الوقت، وقد حدث ما توقعه مرات، ومن ذات المنطلق
~~خاف عمر تجدد القوة الفارسية، ومن ثم كانت الكوفة والبصرة والفسطاط عواصم
~~تقع على أطراف الصحراء الممتدة إلى الجزيرة العربية. على أي الحالات كان
~~ما كان، واتخذ عمرو الفسطاط قاعدة إسلامية لمصر.
~~(2-2) مدلولات الفسطاط وبابليون

# وقد ثار جدل مردوده قليل حول معنى كلمة «الفسطاط»؛ هل هي خيمة كاسم مطلق
~~للخيم أم هي اسم خاص بخيمة القائد؟ وهل هي فارسية أو لاتينية؛ لأنها لم
~~تكن واردة كاسم بديل للخيمة أو بيت الشعر المعروف لدى العرب؟ ويربط بعض
~~المستشرقين بين الفسطاط وبين المصطلح اللاتيني

# Fossatum

# بمعنى مكان محصن أو قلعة
~~أو معسكر حربي محصن، وربما كان ذلك أقرب إلى الصحة، فخيمة عمرو كانت وسط
~~معسكر العرب أثناء حصار قلعة بابلون.

# وكذلك يثير اسم «بابلون» أو بابليون موضوعا للمناقشة، ولكن أغلب الكتاب
~~يعيدون أصوله إلى فترة الحكم الفارسي القصيرة لمصر أثناء العصر الروماني،
~~كاسم مستعار لبابل التاريخية فيما بين النهرين.

# 10

# ولذلك فقد ورد الاسم على أنه بابل المصرية، أو اختصارا:
~~بابلون.

# وقد أسماه العرب «قصر الشمع» وهي تسمية ليست من فراغ. فكلمة قصر يطلقها
~~العرب على البناء الكبير العالي أو مجموعة الأبنية المحصنة.

# 11

# أما كلمة الشمع فهي تحريف للكلمة القبطية المصرية القديمة
~~«شمي» أو «كمي»

# 12

# بمعنى الأرض السوداء؛ أي مصر ذات التربة السوداء تميزا لها
~~عن مصر الصحاري ذات التربة الحمراء والصفراء. فقصر الشمع إذن هو: «قصر
~~مصر» أو «قلعة مصر».

# لكن المقريزي يثير قضية أخرى بناء على ما ورد عند القضاعي من أن حصن «باب
~~اليونه» أقامه الفرس على مرتفع الرصد ms079 - جبل الشرف عند المقريزي - وهو إلى
~~الجنوب من قصر الشمع خارج الفسطاط، وأن الرومان حينما استعادوا مصر من
~~الفرس أكملوا بناء الحصن، وصار معروفا باسم: بابليون،

# 13

# وهو الذي فتحه عمرو بن العاص، ولا تزال بعض آثار هذا الحصن
~~باقية على الرصد في منطقة كوم غراب الحالية أو منطقة إسطبل عنتر إلى
~~الجنوب من كوم غراب (انظر خريطة

# 3-1
~~). أما قصر
~~الشمع: فهو مجموعة الكنائس القبطية داخل الفسطاط الحالية، مسورة ومحصنة
~~بأبراج بقاياها قائمة للآن، بنيت عليها كنائس، مثل: الكنيسة المعلقة ومار
~~جرجس، وتؤيد الخريطة هذا الرأي، وهو ما نميل إليه؛ لأن الحصون غالبا ما
~~تقام على مرتفع من الأرض لتصبح أكثر منعة وأكثر إشرافا على ما جاورها من
~~الأرض، وعلى أية حال فهو موضوع جدير بالمزيد من الدرس.

# كان النيل يحف بجدران حصن بابلون الغربية قبل أن يتراجع غربا مسافة
~~قدرها محمد رمزي بنصف

# شكل 3-1:

# منطقة الفسطاط - إسطبل عنتر في العشرينيات من
~~القرن 20.

# كيلومتر،

# 14

# وذلك كجزء من تراجع نهر النيل غربا خلال العصور الوسطى كما
~~توضحه الخريطة (

# 3-3
~~)، وكذلك كان جامع عمرو على ضفة
~~النيل شمال قصر الشمع. وقد بنى عمرو بيته إلى الشرق من الجامع، وتحلقت
~~حوله بيوت وخطط القبائل والمجموعات غير العربية التي قدمت مع الجيش
~~العربي بقيادة عمرو، أو التعزيزات الكبيرة التي أرسلها الخليفة عمر
~~لمساندة جيش عمرو، وظلت المدينة تنمو وتزدهر قرنا من الزمان (643-745م).
~~قبل أن ينتقل الحكم إلى مدينة العسكر إلى الشمال قليلا منها، ولكن ذلك
~~لم يمنع استمرار نمو الفسطاط كعاصمة سكانية وقصبة تجارية لمصر حتى القرن
~~الثاني عشر.
~~(2-3) كم كانت مساحة مدينة الفسطاط؟

# قياسا على اجتهادات الباحث الأثري علي بهجت لمدينة الفسطاط (1914) فإن
~~المدينة كانت تمتد 960 مترا في محور غربي شرقي يبدأ من السور الغربي
~~لجامع عمرو على ضفة النهر إلى سور صلاح الدين. بينما كان امتدادها نحو
~~1300 متر على محور شمالي شرقي-جنوبي غربي (خريطة

# 3-2
~~)، وحيث إنها كانت تتخذ شكلا بيضاويا فإنه من الصعب تحديد المساحة،
~~فإنه قد لا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا ms080: إنها كانت في حدود كيلومتر مربع
~~واحد، وهي مساحة ذات قدر بالقياس إلى ذلك الزمان. والسؤال هو: هل هذه
~~أبعاد المدينة إبان ازدهارها؟ أم هي أبعاد لما تبقى من آثار المدينة بعد
~~النكبات التي مرت بها الفسطاط، وكان آخرها تعمد إحراقها بأمر «شاور»،
~~وزير آخر الخلفاء الفاطميين؛ تجنبا لسقوطها في أيدي الصليبين؟ والأرجح
~~أنها لبقايا المدينة؛ فنحن نعرف أن المدينة - بما فيها قصر الشمع - أصبحت
~~بعيدة عن النهر بعد أن غير النيل مجراه، وأن الأرض التي خلفها طرح النهر
~~غربي جامع عمرو وقصر الشمع أصبحت مأهولة بالدور السكنية والأسواق في فترة
~~سابقة على حريق الفسطاط.

# 15

# شكل 3-2:

# المخطط الأثري للفسطاط (محاولة الأثري علي بهجت
~~لتحديد الفسطاط).

# جامع عمرو كان غالبا هو نقطة البدء في إنشاء مدينة الفسطاط، ثم صار مركز
~~المدينة الديني والثقافي والسياسي مقابل المركز التجاري وميناء المدينة.
~~في البداية كانت مساحة الجامع لا تتجاوز 29 × 17 مترا، وأرضه يغطيها
~~الحصى، وكان سقفه منخفضا مصنوعا من الجريد، ومحمولا على دعامات من
~~جذوع النخيل، ولم يكن له صحن أو مئذنة أو محراب، وبعد 400 سنة زاره
~~الرحالة الفارسي ناصري خسرو، ووصفه بأنه قائم على 400 عمود من الرخام،
~~وكان جدار القبلة مكسوا بالرخام كتبت عليه آيات من القرآن، وفي ليالي
~~المناسبات الدينية كان يغطى بطبقات من الحصر، ويقاد 700 قنديل - الليالي
~~العادية 100 قنديل - وكان مركز اجتماع أهل المدينة، ويتلقى فيه العلم
~~مئات من الطلبة وكثير من الكتاب الذين يحررون الرسائل والصكوك.

# 16

# شتان بين البداية والتطور، وقد هدم الجامع وأعيد بناؤه عدة مرات، وزادت
~~مساحته كل مرة حتى بلغت أبعاده 112 × 120 مترا في عهد الخليفة المأمون،
~~وما تطور إليه هذا المسجد الجامع إنما هو مؤشر لحالة المدينة بين بدايات
~~صغيرة إلى عاصمة حقيقية للحياة في مصر قرابة نيف وأربعة قرون.
~~(2-4) إعمار الفسطاط وخطتها

# بدأ الإعمار بسيطا ببيت عمرو شرقي الجامع، وبيت مجاور لابن عمرو،
~~وقربهما بيت الزبير بن العوام، ثم خطة أو حي لأهل الراية - يبدو بمعنى
~~القواد - جنوب الجامع، وحي لأبناء ساحل المهرة من جنوب الجزيرة العربية ms081
~~جنوب شرقي أهل الراية، وبالتالي كان إلى الشمال والشرق من قصر الشمع، ثم
~~أبناء قبيلة - أو: تجمع - تجيب شرقي قصر الشمع، وأخيرا مجموعة «وعلان»
~~جنوب القصر ومجموعة لخم شمال شرق الجامع في اتجاه ما نعرفه الآن بدير
~~النحاس وفم الخليج، وإلى الشمال منهم مجموعات لقبت بالحمراء، وهي غير
~~عربية وبعضها من الفرس والبعض من سكان إقليم برقة في شرق ليبيا الحالية،
~~والذين كان يغلب اللون المحمر على ملابسهم، ومنها غلب اسم الحمراء. وقد
~~استقرت هذه المجموعات في الحمراء الوسطى والقصوى في خط متفرق بطول الخليج
~~المصري فيما يعرف الآن بمنطقة السد وفم الخليج. كما سكنت مجموعات من
~~هؤلاء أيضا على البر الغربي للنيل في منطقة الجيزة.

# وفي وقت ازدهار المدينة كان البناء
~~مستمرا دون خطة واضحة، بل إنها ربما كانت في صورة خطتين؛ الأولى: شبه
~~مستطيلة متبعة في ذلك ضفة النهر وأسوار قصر الشمع وجامع عمرو، ومخطط
~~شوارعها أقرب إلى الاستقامة طولا وعرضا. والثانية: شبه مستديرة في
~~القسم الشرقي مخطط دروبها شديد الالتواءات والانحناءات. وكان للدروب
~~والحارات أسماء، نذكر منها على سبيل المثال: حارة التجيب ودرب السلسة
~~وزقاق المهرة وزقاق بني العوام، وبعضها بأسماء طوائف أو السلع المميزة
~~للسوق؛ كسويقة اليهود وسويقة العراقيين وزقاق البواقيل - ربما البقول -
~~ودرب الزعفرانة. وحينما كثر السكان والثروة التجارية كانت هناك أسواق
~~غالبها قريب من الميناء كالقطانين والسراجين والدقاقين والقفطانية
~~والفطايريين وسوق الغنم وزقاق الرفائيين والمراوحيين والرزازين
~~والوراقين. وذكر البكري قيساريات (= أسواق) أخرى، منها: قيساريات العسل
~~والحبال والكباش وقيسارية عبد العزيز - ابن مروان - وهشام - ابن عبد
~~الملك - ويباع فيهما البر (= الحبوب).

# 17

# وكلها تشير إلى تنوع وازدهار كبيرين أديا إلى وصف كثير من الرحالة
~~الفسطاط بأنها مدينة كبيرة موسرة. فالبيوت أصبحت مبنية بالطوب الأحمر،
~~وأرضياتها من بلاطات الحجر الجيري وأنابيب فخارية لجري الماء داخل البيوت
~~من خزانات تملأ بواسطة السقايين،

# 18

# وكانت مجاري مياه الصرف مبلطة أو منقورة في الصخر، ولكثرة
~~السكان تطور المعمار من بيت الدور الواحد إلى بيوت متعددة الطوابق يسكنها
~~عدد كبير من الناس ms082 ربما من ذوي القربى أو ممن يستأجرون المساكن في
~~العمائر. ولعل هذا يقربنا من نمط شاع في القاهرة بعد ذلك باسم «الربع» -
~~بفتح الراء وجمعها: أرباع - حيث يستأجر الناس قدر حاجتهم من غرف أو شقق
~~في بناء كبير المساحة متعدد الطوابق، وربما نقلنا وصفا للفسطاط من بعض
~~المصادر العربية لمزيد من الإيضاح لأهمية المدينة.

# كتب ابن حوقل في صورة الأرض (القرن العاشر): «... [مصر] مدينتها العظمى
~~تسمى : الفسطاط، وهي على شمال النيل، وهي مدينة حسنة ينقسم لديها النيل
~~قسمين، فيعدي من الفسطاط إلى عدوة أولى ... تعرف بالجزيرة، ويعبر
~~إليها بجسر فيه نحو ثلاثين سفينة، ويعبر من هذه الجزيرة على جسر آخر إلى
~~القسم الثاني ... تعرف بالجيزة. والفسطاط مدينة كبيرة نحو ثلث بغداد،
~~ومقدارها نحو فرسخ على غاية العمارة والخصب والطيبة واللذة، ذات رحاب في
~~محالها وأسواق عظام ومتاجر فخام، وممالك جسام إلى ظاهر أنيق وهواء رقيق
~~وبساتين نضرة ومتنزهات على مر الأيام خضرة ... والدار تكون بها طبقات سبعا
~~وستا وخمس طبقات، وربما سكن في الدار المائتان من الناس.»

# 19

# ووصف ناصري خسرو القاهرة والفسطاط - بعد ثلاثة أرباع قرن من إنشاء
~~القاهرة الفاطمية - فقال: «الفسطاط تظهر من بعد كالجبل، وفيها منازل من
~~سبع طبقات فأكثر، وسبعة جوامع كبار، ولو وصفت ما فيها من آثار السعادة
~~والثروة لكذبني الفرس ... وأخبرت أن في القاهرة كما في مصر - يقصد:
~~الفسطاط - عشرين ألف منزل ملك السلطان، وجميعها مؤجرة، والأجرة تقبض
~~شهريا، والتأجير والإخلاء من غير جبر ولا إكراه.»

# 20

# والخلاصة أن ما ذهب إليه ناصري خسرو من أعداد كبيرة لبعض مظاهر خدمات
~~المدينة في كل من الفسطاط والقاهرة، كوجود 52 ألف جمل عاملة في نقل قرب
~~الماء للأهالي، وخمسين ألف حمار للإيجار لمن يريد الانتقال من مكان إلى آخر،

# 21

# إنما يدل على حجم سكاني ونشاط اقتصادي كبيرين، وذلك علما -
~~مرة أخرى للتأكيد - أن ناصري مكث في القاهرة سنتين (1047-1048م) أي إنه
~~عايش المدينة معايشة تامة، ولم يكن رحالا تستحثه سرعة الحركة والانتقال.
~~كما يجب ذكر أن فترة وجوده عاصرت ms083 المراحل الأولى من نمو مدينة القاهرة
~~الفاطمية؛ إذ كان عمرها ثلاثة أرباع قرن، بينما كان عمر الفسطاط قد أربى
~~على ثلاثة قرون، والغرض من هذه المداخلة أن الفسطاط كانت في زمن ناصري
~~خسرو مدينة مكتملة النمو والسكان والنشاط الاقتصادي مقابل القاهرة حديثة
~~النشأة تسودها الوظيفة السياسية، ذات مبان وقصور وبساتين واسعة، يسكنها
~~مجموعة محددة من السكان غالبهم يعملون في الإدارة والجيش، وكل هذا يشير
~~إلى أن الأرقام التي أوردها ناصري خسرو كانت تنصب على الفسطاط بنسبة أكبر
~~من تلك الخاصة بالقاهرة.

# شكل 3-3:

# خريطة الفسطاط من القرن الثامن إلى الحادي عشر
~~(بتعديل عن كليرجيه، شكل

# 2-13
~~).
~~(2-5) خط القرافة

# برغم أن القرافة هي مدينة الأموات،
~~وبذلك فهي عكس الإعمار، إلا أن قرافة الفسطاط، كانت إعمارا لبطن من
~~قبيلة المعافير تسمى: «قرافة»، لكنها فيما بعد أصبحت مقبرة لأهل الفسطاط
~~تميزت بأنها نوع من التعمير له حيز كبير، وفي ذلك كتب ابن بطوطة: «... وهم
~~يبنون بالقرافة القباب الحسنة، ويجعلون عليها الحيطان فتكون كالدور،
~~ويبنون بها البيوت ... ومنهم من يبني الزاوية والمدرسة إلى جانب التربة،
~~ويخرجون كل ليلة جمعة إلى المبيت بأولادهم ونسائهم.»

# 22

# والحقيقة أن جبانات القاهرة مليئة بالجوامع والأبنية الدينية
~~الكبيرة، مثل جوامع: السيدة نفيسة والإمام الشافعي والإمام الليثي وعمر
~~بن الفارض وحوش الباشا - مدافن الأسرة العلوية - في جبانة القاهرة
~~الجنوبية المعروفة الآن باسم الإمام، وجوامع وخانقاوات وأسبلة ومدارس
~~سلاطين المماليك في الجبانة الشرقية، مثل: إينال وبرقوق وقايتباي ومدفن
~~الخديو توفيق. فالقرافة إذن هي نوع من التعمير تمارس فيه عادات وطقوس
~~تكاد أن تختص به القاهرة، وأصبح له مخططات تنظيم ومرافق وبنى أساسية؛
~~لأن اتساع الجبانة الجنوبية - الإمام - قد ضمت قرى وعزب كالبساتين
~~ومحمد فهمي وجبريل أبو صوان وأبو نافع، أو أصبحت محاصرة بالعمران الحديث
~~بين الأزهر ومدينة نصر ومنشأة ناصر، كما هو حال الجبانة الشرقية.
~~(2-6) النيل والخليج والفسطاط

# ولا شك في أن ما يزيد المفاضلة أن الفسطاط كانت الميناء الذي يجمع تجارات
~~بلاد البحر المتوسط والدلتا والصعيد والسودان بواسطة النيل، ويجمع تجارة
~~البحر الأحمر ms084 والبحر العربي بواسطة الخليج.

# 23

# وفي ذلك ذكر ابن بطوطة (1325م): «... أن بنيلها من المراكب ستة
~~وثلاثين ألفا للسلطان والرعية تمر صاعدة إلى الصعيد ومنحدرة إلى
~~الإسكندرية ودمياط بأنواع الخير.»

# 24

# مثل هذا النشاط التجاري عبر عنه ناصري خسرو أيضا بازدحام
~~ميناء الفسطاط، وامتداد طويلا مع صف من الدكاكين والوكالات التجارية
~~العاملة في تجارة الجملة، وكان هناك مكتب للجمارك؛ فالمستورد من السلع لا
~~يدفع عنه إلا القليل؛ لأنه سبق معاملتها جمركيا في المواني، بينما
~~تفرض المكوس على السلع الواردة من ريف مصر وصعيدها وبخاصة
~~الحبوب.

# ولا شك في أن ميناء المقس كان منافسا حقيقيا لميناء الفسطاط حينما زار
~~ابن بطوطة القاهرة في عز ازدهار سلطنة المماليك.

# وربما ترتب على حفر الخليج الناصري

# 25

# زيادة جريان الماء في الخليج بصفة عامة قريبا من العمران في
~~القاهرة وضواحيها الشمالية والغربية؛ فإن عدد السقائين قد أصبح أقل عما
~~كان عليه فترة زيارة ناصري خسرو للقاهرة الفاطمية، ولكننا لا نفهم سبب
~~انكماش عدد حمير الركائب الأجرة إلا إذا كان القاهريون من الثراء بحيث
~~أصبح للأسر الموسرة ركائب خاصة، وبالمناسبة فإن الخيول قد شاعت كوسيلة
~~انتقال للفرسان المماليك، وربما ترتب على ذلك انتشار نمط عربة الكارو
~~التي تجرها الخيول غير مميزة النسب أو الخيول كبيرة العمر كوسيلة لنقل
~~البضائع بديلا للجمال ونقل النساء بديلا للحمير، ومن هنا كان الثراء
~~الكبير الذي أثار دهشة الرحالة الذين زاروا القاهرة عربا كانوا أو عجما
~~أو أوروبيين.

# صحيح أن الخليج كان يتأرجح بين العناية والإهمال المقصود، غير أنه منذ
~~البداية العربية كان ضرورة حتمية لنقل الغذاء والمؤن من مصر إلى المدينة
~~المنورة قاعدة الحكم العربي الأولى، وفي ذلك كتب الأثري علي بهجت:

# 26

# أمر عمر - رضي الله عنه - عمرو بن العاص بحفره، فساقه من
~~النيل إلى بحر القلزم فلم يأت عليه الحول حتى سارت عليه
~~السفن، وحمل فيه ما أراد من الطعام إلى مكة والمدينة ... فسمي
~~خليج أمير المؤمنين ... وجاء في «المقريزي» أن السبب في حفر
~~خليج القاهرة أن أهالي المدينة أصابهم جهد ms085 شديد في خلافة
~~عمر، فكتب إلى عمرو: أما بعد؛ فلعمري يا عمرو ما تبالي إذا
~~شبعت أنت ومن معك، أن أهلك أنا ومن معي. فكتب إليه عمرو:
~~أما بعد؛ فيا لبيك ثم يا لبيك، قد بعثت إليك بعيرا أولها
~~بالمدينة وآخرها بمصر عليه الطعام. بعد ذلك كتب إليه عمر أن
~~احفر خليجا من نيل مصر حتى يسيل في البحر؛ فهو أسهل لما
~~نريد من حمل الطعام إلى المدينة ومكة، فإن حمله على الظهر
~~يبعد ولا نبلغ به ما نريد ... تباطأ عمرو ... [فتوعده عمر] فعرف
~~عمرو أنه الجد من عمر - رضي الله عنه - ففعل.

# الملاحظ من هذا النص عدة أمور تشهد بالحنكة السياسية للخليفة عمر بن
~~الخطاب؛ أولها: المفاضلة بين النقل بالإبل والبحر، فالسفينة، على صغرها
~~آنذاك، أكثر حمولة من عدد كبير من الإبل، كما أنها أسرع إذا صادفتها
~~الرياح المساعدة. والأمر الثاني: رغبة الخليفة في إنشاء نظام اقتصادي
~~داخل الدولة الجديدة يتم بمقتضاه انتقال الغذاء والأموال من الولايات
~~المنتجة إلى مركز الحكم في المدينة المنورة والولايات المجدبة، ويرتبط
~~بذلك تكرر حدوث المجاعة أو ما يشبهها في الحجاز، وأقرب العون هو من مصر،
~~وقد ظلت مصر كذلك قرونا طوالا بالنسبة للحجاز.
~~(2-7) الفسطاط والبيئة

# لم يكن كل من كتبوا عن الفسطاط من المادحين؛ بل كانت هناك بعض الملاحظات
~~القادحة المليئة بالكثير من التحامل كما ذكر المقريزي. لكننا نرى أن
~~جانبا من إظهار مساوئ مدينة هو عمل موضوعي إذا لم يكن وراءه مقاصد
~~شخصية، أو تحدوه رغبة انتقام لتصادف معاملة أو حادث سيئ.

# ومن أحسن الكتابات الناقدة ما كتبه الطبيب ابن رضوان

# 27

# عن مساوئ موقع الفسطاط. ويحتاج الأمر إلى ذكر شبه كامل للنص
~~نقلا عن «خطط» علي مبارك.

# قال ابن رضوان: «... [الفسطاط الجبل] المقطم في شرقيها وبينها وبينه
~~المقابر، ... [و] الجبل في شرقيه يعوق ريح الصبا عنه، وأعظم أجزاء الفسطاط
~~في غور، فإنه يعلوه من الشرق المقطم وكذا من الجنوب الشرقي، ومن الشمال
~~المكان المعروف بالموقف والعسكر وجامع ابن طولون ... المواضع المتسفلة أسخن ms086
~~من المواضع المرتفعة وأردأ هواء لاحتقان البخار فيها ... وأزقة الفسطاط
~~وشوارعها ضيقة وأبنيتها عالية ... ومن شأن أهل الفسطاط أن يرموا ما مات في
~~دورهم من السنانير والكلاب ونحوها من الحيوانات التي تخالطهم في شوارعهم
~~وأزقتهم، فتتعفن ويخالط عفونتها الهواء، ومن شأنهم أيضا أن يرموا في
~~النيل الذي يشربون منه فضول الحيوانات وجيفها، وتصب فيه خرارات كنفهم،
~~وربما انقطع جري الماء فيشربون هذه العفونة باختلاطها بالماء. وفي خلال
~~الفسطاط مستوقدات عظيمة يصعد منها في الهواء دخان مفرط، وهي أيضا كثيرة
~~البخار؛ لسخونة أرضها حتى إنك تجد بها الهواء في أيام الصيف كدرا ...
~~يعلوها في العشيات بخار كدر أسود لا سيما عند سكون الرياح.»

# ولا شك في وجود جانب كبير من الصحة في كلام ابن رضوان. لكننا نرى أنه
~~بالغ في تأثير كتلة جبل المقطم شرقي الفسطاط وجنوبها، ففي الجنوب كتلة
~~تلية منخفضة نسبيا تسمى الرصد قد لا تعلو إلى أكثر من 40-45 مترا،
~~وقد ذكرها المقريزي على أنها: «... شرف - بمعنى: جرف مشرف - يطل من غربيه
~~على راشدة، ومن قبليه على بركة الحبش، فيحسبه من رآه من جهة راشدة جبلا
~~وهو من شرقيه سهل يتوصل إليه من القرافة بغير ارتقاء ولا صعود ... وكان
~~يقال له قديما: الجرف، ثم عرف بالرصد؛ [لأن ابن بدر الجمالي] أقام فوقه
~~كرة لرصد الكواكب.»

# 28

# ولعل وجود المدافن - القرافة - إلى الشرق من الفسطاط سبب في صدور بعض
~~الروائح غير المحببة، والواضح أن ارتفاع مباني المدينة خمسة إلى سبعة
~~طوابق مع وجود طرق وأزقة ضيقة ملتوية المسارات؛ سبب حقيقي في ركود
~~الهواء أو قلة الريح، وهو سبب من صنع الإنسان في هذا المجال الضيق
~~للمدينة، وبخاصة لكثرة المستوقدات التي ترسل دخانا أسود بسبب نوع الوقود
~~المستخدم، وغالبه حطب ونباتات. وبالإضافة إلى ذلك فإن تغير منسوب النيل
~~بين الفيضان والنقصان يؤدي إلى تكوين مياه آسنة في فترة التحاريق تجعلها
~~موطنا لأسراب كبيرة من الناموس والهاموش وغيرهما من الحشرات الطيارة
~~والصراصير والجرذان ... إلخ. ولهذا فإن الفسطاط كانت معرضة للأمراض
~~المتوطنة، وللأوبئة التي ms087 يتكرر حدوثها، وتكثر ضحاياها، وتكثر معها هجرة
~~الناس منها كما حدث حين تركها الوالي عبد العزيز بن مروان (689م)، وسكن
~~حلوان هربا من الطاعون. وبذلك تتكون بيئة غير صحية تتضاعف بممارسات
~~السكان في إلقاء المخلفات وماء الصرف في النهر الراكد. ولكن - للعلم -
~~فإن النيل شأنه شأن أنهار كثيرة، ينظف نفسه سنويا بما يأتيه من مياه
~~الفيضان سواء كان عاليا أو عاديا، وبعبارة موجزة: فإن بيئة الفسطاط
~~كانت سيئة باشتراك بعض عوامل طبيعية والكثير من العوامل البشرية. وعلى
~~هذا فإن ملاحظات ابن رضوان في جملتها تجعله من أوائل أنصار البيئة
~~بمفهومنا الحالي، وتجعلنا ننظر إليه من هذا المنظور المتميز. وقد أبدى
~~عبد اللطيف البغدادي ملاحظات مماثلة عن سوء موقع الفسطاط، وذلك أثناء
~~عهد صلاح الدين الأيوبي؛ أي بعد فترة من كتابات ابن رضوان التي ربما كان
~~البغدادي قد تأثر بها، فقد كانت الفسطاط في ذلك العهد بسبيلها إلى
~~الفناء.

# وبرغم هذه المضار البيئية، فإن ذلك لم يمنع من مظاهر الثراء والعز
~~والنشاط الاقتصادي الواسع الذي كانت تنعم به مصر الفسطاط.
~~(2-8) العسكر

# الأغلب أن كثافة السكن كانت سببا في زحف عمران المدينة إلى المناطق
~~الأعلى بعيدا عن النهر، كما حدث في اختيار الولاة العباسيين الحمراء
~~القصوى - ربما منطقة البغالة الحالية على حافة تلال زينهم - مكانا لبناء
~~عاصمة سياسية لهم باسم «العسكر» نحو سنة 750 ميلادية، ولأن «العسكر»
~~أزيلت بعد ذلك بالإهمال أو التعمد خلال أواخر العصر الفاطمي، فإنه لا
~~يمكننا أن نتعرف على خطة هذه المدينة على وجه اليقين، وإن كان الأغلب
~~أنها بنيت على مخطط شبكي على نحو ما نراه الآن في مخطط حي البغالة إلى
~~الجنوب من مسجد السيدة زينب.
~~(3) العواصم المستقلة: القطائع والقاهرة
~~(3-1) القطائع

# حينما استقل أحمد بن طولون بولاية مصر عن العباسيين اتجه إلى قلعة الكبش
~~شمال شرقي العسكر وتحت السفوح في مكان القلعة الحالية؛ ليبني فيها مقرا
~~لمدينته الجديدة، وكان ذلك بعد نحو قرن من تاريخ بناء العسكر.

# وعلى أية حال فإن انتقال مدن الحكم لم يؤثر على ms088 الفسطاط؛ بل إن عمرانها
~~امتد ليلتحم تدريجيا مع العسكر والقطائع، وربما كان هناك سور يلف بهم
~~وأبراج دفاعية خاصة في موقع القاهرة الفاطمية حيث كان المكان يسمى:
~~القلعة أو الطابية للدفاع عن المدينة الكبيرة من جهة الشمال.

# ولأن القطائع كانت أول عاصمة مصرية مستقلة عن الخلافة العباسية، وغالب الضرائب

# 29

# كانت تصرف فيها لتحسين أحوال الدولة الطولونية، فقد اتسمت
~~القطائع بالثراء الفاحش المتمثل في قصر أحمد بن طولون، وبالذات قصر ابنه
~~خمارويه، وضخامة جامعه الكبير الذي وصل إلينا تقريبا على معماره القديم،
~~وحفر قناطر - قناة - ابن طولون تجلب الماء من بركة الحبش إلى القطائع؛
~~حيث إن المدينة كانت تقع على مبعدة واضحة من النيل ومسار الخليج، ولأن
~~القطائع كانت أيضا على مناسيب أرضية مرتفعة - الكبش ويشكر - فلا بد أن
~~نتصور أن مياه بركة الحبش كانت ترفع بوسائل ذلك العصر - غالبا سواق -
~~إلى تلك القناة.

# ولا بد أن الثراء لم يقتصر على القطائع، بل امتد ليشمل بدرجات مختلفة
~~سكان الفسطاط والعسكر، وزادت بذلك فنون العمارة، وفنون هيدروليكية المياه
~~في صنع النوافير وري البساتين وصناعات الأخشاب، وفنون الحفر على الخشب
~~والخزف والمنسوجات، وصناعة السلاح للجيش الطولوني الكبير، والمشغولات
~~المعدنية، وصك العملات المعدنية، وصياغة الذهب والأحجار الكريمة التي هي
~~دائما من متطلبات حياة الترف والثروة والازدهار. ومعظم هذه الصناعات
~~كانت في الفسطاط والعسكر، وفي هذه الفترة أنشئ أول «مارستان» - مستشفى -
~~بمصر الإسلامية على نحو ما كان في بغداد. وبطبيعة الحال تطور الطب
~~والتمريض تطورا حسنا، واختصارا كان الرخاء يعم مصر خلال الحم الطولوني
~~القصير (868-905م).

# وقد استمر الرخاء طوال عصر الإخشيد وكافور الذي زادت فيه البساتين،
~~وبخاصة بستان الإخشيد الذي عرف فيما بعد باسم: كافور، الوصي على أبناء
~~الإخشيد والحاكم الفعلي، وهو الذي كان يقع شرقي الخليج جنوب ما نعرفه
~~الآن باسم باب الشعرية الحالية،

# 30

# والذي ضم بعد ذلك إلى مجموعة القصور كبستان للقصر الغربي
~~الصغير للخلفاء الفاطميين.
~~(3-2) القاهرة الفاطمية والمملوكية

# ما سبق أن ذكرناه عن الفسطاط والعسكر والقطائع قد اندثر، ولم يبق من ms089
~~شواهد عليه سوى جملة آثار على رأسها الخليج وجامع عمرو وجامع ابن طولون،
~~وحتى هذه الآثار نالت منها يد الزمن بين الدمار وإعادة البناء في عصور
~~لاحقة. أما ما تزهو به القاهرة الآن كعاصمة مصرية إسلامية فإنما يعود
~~أساسا إلى بناة القاهرة من فاطميين وأيوبيين ومماليك.

# والكتابات عن القاهرة خلال عصور الفاطميين والأيوبيين والمماليك كثيرة،
~~ولا يسعنا إلا أن نحيل القارئ الراغب في الاستزادة إلى عشرات من هذه
~~الكتابات ألفها عرب وفرس وترك، وعدد آخر من الأوروبيين في شتى فنون
~~الكتابة في تاريخ حياة المدينة: تجارة واقتصاد وثراء بالغ، ومسح الأراضي
~~الزراعية، وتحديد أنواع الضرائب والتعسف في جمعها واقتران الضرائب بوفاء
~~فيضان النيل، وتاريخ ثورات الفلاحين على أشكال من الضرائب وطريقة جمعها،
~~والفتن الطائفية، والتاريخ العسكري المصري في صد الصليبيين والمغول، أو
~~تقلب ولاء العسكر من زنج وترك وأكراد ومغاربة وعرب وشركس بين سلطان وآخر
~~يسعى للسلطنة، ومعارك المماليك فيما بينهم لأسباب اجتماعية وأحقاد شخصية
~~... إلخ.
~~(3-3) بناة القاهرة

# جوهر الصقلي

# قائد الجيش الفاطمي الذي فتح مصر قادما من الغرب، وربما كان هذا
~~هو الحدث الوحيد في تاريخ مصر أن يأتيها الغزو من الغرب. فكل
~~الغزوات السابقة كانت عبر سيناء من الشرق، والقليل منها عبر البحر
~~المتوسط وبخاصة الرومان.

# 31

# لم يكن اختيار جوهر لمكان العاصمة الجديدة لمصر الفاطمية من فراغ،
~~وربما وجدنا أسبابا عديدة عند تحليل أفضليات الاختيارات لمكان
~~المدينة الجديدة. وبعض الاختيارات هي على النحو الآتي، عارفين من
~~البداية أن أيا منها لم يكن وحده سببا مباشرا بل مجموعة من
~~الأسباب مجتمعة شكلت دوافع اختيار أنسب المواقع بالنسبة إلى ظروف
~~ذلك العصر في الحركة والاتصال والإستراتيجية والتحكم
~~الإقليمي.
~~(1)

# الرغبة في ابتعاد العاصمة الجديدة عن زحمة
~~الفسطاط.
~~(2)

# أن يبعد العاصمة بمذهبها الشيعي عن غالبية أتباع
~~المذهب السني في الفسطاط.
~~(3)

# الوادي جنوب الفسطاط ضيق تكتنفه تلال من جبال
~~طرة إلى الجيوشي والمقطم؛ مما يصعب الاتصال
~~بالطريق المنفتح على الشمال، لكن لها ميزة الإشراف
~~على النيل وضمان مصدر مياه مباشر. كما أنه إلى ms090 جنوب
~~الفسطاط مباشرة كانت توجد بركة الحبش التي تمتلئ
~~بالمياه على مسطح كبير إذا كان الفيضان عاليا، وهو
~~في حد ذاته مانع للحركة البرية من مثل هذا الموقع
~~الجنوبي إلى الشمال فترة من السنة.
~~(4)

# المنطقة شمالي القطائع كانت سهلا رمليا بين
~~مسار الخليج المصري وتلال نهايات المقطم والجبل
~~الأحمر؛ مما يسهل بناء المدينة دون عناء.
~~(5)

# وقد كانت هذه المنطقة معمورة بعض الشيء؛ ففيها
~~دير العظام القديم - محله جامع الأقمر الفاطمي -
~~وقلعة صغيرة أو حصن يحمي الطريق المؤدي من بلبيس
~~والحوف الشرقي إلى القطائع والفسطاط، فضلا عن وجود
~~عدة بساتين عامرة أشهرها بستان كافور الذي سبق ذكره.
~~ولا شك في أن وجود الخليج هنا كان عاملا حاسما في
~~أفضلية المكان باعتباره مصدرا دائما
~~للمياه.
~~(6)

# وأخيرا، لأن سابق انتقال العواصم من الفسطاط
~~شمالا إلى العسكر والقطائع كانت كأنها خطة مرسومة،
~~أصبحت تقليدا متبعا في إنشاء عواصم جديدة في اتجاه
~~الشمال، فاتبعها جوهر.

# ولا ندري هل دارت كل هذه الأسباب في ذهن جوهر، أم أن بعض هذه
~~الدوافع تحليل محض من تحليلات العلم الحديث لم تطف بمخيلة جوهر،
~~إلا أن المؤكد أن الأسباب 1 و2 و5 و6 كانت دوافع عند جوهر القائد
~~عن أهمية مواقع المدن.

# حين شرع جوهر في بناء المدينة (969م)، بدأ بسور من اللبن أبعاده
~~نحو 1200 متر من الشمال للجنوب، ونحو 1000-1100 متر من الشرق
~~للغرب. وربما ما دعاه لذلك أن العواصم السابقة لم تكن مسورة،
~~وبالتالي يصعب الدفاع عنها، وهذه هي عقلية القائد العسكري في
~~العصور الوسطى. وسبب آخر: هو أن جوهر أراد أن تكون العاصمة قاصرة
~~على الخلفاء الفاطميين وأتباعهم من المعاونين والجنود في عزلة عن
~~السكان؛ أي أن تكون مقرا ملكيا للحكم، وقد يكون دليل ذلك أن
~~القصر الشرقي الذي اختطه جوهر كان يشغل مساحة تساوي عشر مساحة
~~المدينة، وحينما بني القصر الغربي، وأضيف إليه بستان كافور كانت
~~المساحة الكلية للمنطقة الملكية نحو ثلث المدينة، وكان باقي
~~المدينة يشغله الجامع الأزهر وساحة العيد شمال شرقي القصر بينه
~~وبين مبنى ms091 الوزارة - الذي بني بعد عصر جوهر - وساحة قصر الشوك إلى
~~الجنوب الشرقي بينه وبين الجامع الأزهر.

# واختط جوهر أحياء وحارات لسكن أبناء قبائل كتامة والبرقية
~~وزويلة، وكلها تشير إلى مجموعات من شمال أفريقيا قدمت في جيش جوهر،
~~ثم مع المعز لتصبح سندا للدولة الجديدة.

# شكل :

# بنية القاهرة الفاطمية (عن كليرجيه شكل

# 2-14
~~).

# وأقيم خطان للجنود شمال سور القاهرة عرفا باسم الوزيرية
~~والريحانية - بين السيارج الآن - ويبدو أن الفراغ من إنشاء المدينة
~~كان بعد ثلاث سنوات من البدء فيها.

# 32

# خطة القاهرة ارتكزت على القصر كمركز، عكس الخطط السابقة التي كانت
~~ترتكز على الجامع؛ ولهذا فإن الجامع الأزهر لم يكن يحتل الصدارة،
~~بل كان في مكان أقرب إلى الجنوب الشرقي من المدينة. وقد أنشأ جوهر
~~أبوابا في كل أسوار المدينة، لكن أهمها كان بابي النصر والفتوح في
~~السور الشمالي وبابي القوس وزويلة

# 33

# على السور الجنوبي؛ لأنهما كانا يمثلان طرفي محور
~~الحركة الرئيسي للمدينة: الشمالي إلى بلبيس والشام، والجنوبي إلى
~~القطائع والفسطاط. وكان هذا الطريق المحوري - الشارع الأعظم، وهو
~~الآن شارع المعز - يحف بالواجهة الغربية للقصر الشرقي حيث ساحة
~~الجند. وأصبحت الساحة تعرف باسم: «بين القصرين» بعد أن أنشأ
~~العزيز، الخليفة الفاطمي الثاني، القصر الغربي الصغير، وعلى هذا
~~يمكن أن نتصور أن الخطة الأولى للقاهرة كانت شبكية معدلة بواسطة
~~كتلة القصرين.

# ولكي تكتمل المدينة الملكية أنشأ جوهر مقبرة الزعفران إلى الجنوب
~~الغربي من القصر الشرقي، وفيها دفن الخلفاء الفاطميون قبل أن
~~يزيلها الأمير جهاركس الخليلي، ويبني محلها وكالته والخان ومجموعة
~~أبنية تجارية باقية للآن باسم خان الخليلي، ونقل رفات الخلفاء إلى
~~مقابر مجهولة في تلال البرقية - الدراسة الشمالية.

# لم يعمر المعز طويلا في القاهرة؛ إذ توفي بعد وصوله بأربع
~~سنوات. وفي فترة حكم خلفائه؛ العزيز (976-995)، والحاكم (995-1019)
~~بلغت القاهرة أوج عزها وثرائها. ومع هذا الثراء بدأ الوهن يدب في
~~الدولة؛ نتيجة المجاعات والصراع بين القيادات المختلفة الأصول من
~~مغاربية وتركية وسودانية وعربية، وبداية الوهن تعود إلى فترة حكم
~~الخليفة الظاهر، واستشرت أيام الخليفة المستنصر
~~(1036-1102).

# وفي ms092 أواخر الفترة الزاهرة زار القاهرة الرحالة الفارسي ناصري خسرو
~~الذي أقام بها أكثر من عامين (1047-1048) وتشيع للفاطميين، ومن ثم
~~يجب أن تقرأ كتاباته على هذا الضوء. وقبل ناصري خسرو كانت رحلات
~~وكتابات عدد من مشاهير الجغرافيين العرب، مثل: ابن حوقل الذي قيل
~~عنه: إنه كان ميالا للمذهب الفاطمي،

# 34

# والمقدسي الذي زار القاهرة زمن العزيز بالله، وابن
~~سليم الأسواني

# 35

# الذي كان ضمن بعثة سياسية أرسلها جوهر إلى ملك النوبة
~~(975)؛ ومن ثم غلب عليه اسم الأسواني ، وابن زولاق (توفي 997) وله
~~كتاب في الخطط، والمهلبي الذي ألف «المسالك والممالك» ولكن غلب
~~عليه اسم «العزيزية»؛ ربما لأنه أهداه إلى الخليفة العزيز، وكتب
~~القضاعي (توفي 1062) كتابا باسم «المختار في ذكر الخطط والآثار»،
~~والبكري (توفي 1094) «المسالك والممالك» الذي فرغ منه عام
~~1064م.

# الحاكم بأمر الله

# كثر الكلام عن تدين الحاكم بأمر الله للدرجة التي خلع عليه بعض
~~متشيعيه فيما بعد كثيرا من الصفات الميتافيزيقية، وغير ذلك من
~~أمور لسنا على قدر من العلم بشأنها. كذلك كثر الكلام عن إصداره
~~أوامر غريبة كعدم أكل الملوخية، وتحديد حركة النساء، وكثرة خروجه
~~ليلا إلى أماكن مجهولة؛ مما دعا البعض إلى اتهامه بخلل عقلي، ولو
~~صح ذلك ما قام بتجديد «دار العلم» تجاه جامع الأقمر، وإباحتها
~~للناس، وتزويدها بالكتب والورق والحبر؛ لتسهيل النسخ لمن يريد.
~~وأغلب الظن أن دعوى الجنون جاءت بتحريض للخلاص منه.

# على أي الحالات، فالذي يهمنا هنا أن الحاكم كان من بناة القاهرة؛
~~ففي عهده توسعت المساكن شمال باب الفتوح إلى خط الحسينية بعد أن
~~أكمل جامع الخطبة الكبير الذي بدأه العزيز، وسمي باسم الحاكم، وقيل
~~في ذلك: إنه أراد محاكاة الجامع الأزهر، أو التفوق عليه؛ لضخامته
~~الممتدة بين بابي النصر والفتوح، وأقام مخازن كثيرة للوقود والحطب
~~شمال السور، فظن الناس أنه إنما يستعد لحرق القاهرة. ولم يقتصر
~~على اتجاهه شمالا، بل اتجه إلى المقس غربا، وأقام مسجدا كبيرا
~~به - أولاد عنان الذي اعتنى به الرئيس السادات، وأعاد بناءه،
~~وأصبحت مئذنته من أطول مآذن القاهرة - وجدد باب ms093 البحر في هذه
~~المنطقة، واعتنى بدار صناعة السفن التي بدأها أبوه فصارت منافسة
~~لسابقتها في الروضة. وكذلك فتح بابا في سور القاهرة الجنوبي؛ مما
~~أدى بدوره إلى إنشاء خط اليانسية والهلالية، وكان كل ذلك إيذانا
~~بالعمران شمال وشمال غرب القاهرة وجنوبها، وهي الاتجاهات التي
~~تواصل عليها امتداد القاهرة في العصور اللاحقة منذ الأيوبي إلى
~~العثماني. وفي الفسطاط بنى جامع راشدة وفي الروضة جامعا
~~آخر.

# وإلى جانب ذلك ربما كان من أهم منجزات الحاكم: إقامة سد وأكوام من
~~الأتربة والرمال ومخلفات البناء شرق سور القاهرة عند خط البرقية؛
~~وذلك لحماية المدينة من السيول التي كانت تنحدر إليها من تلال
~~الدراسة والجبل الأحمر في بعض السنوات فتغرق أجزاء من المدينة، وهي
~~التلال التي كانت فوقها طواحين الهواء كما جاء في خريطة الحملة
~~الفرنسية، ومحلها الآن بعض مباني الشرطة ومدينة البعوث الأزهرية
~~ودار الإفتاء ومبني مشيخة الأزهر، بحذاء الجانب الغربي من طريق
~~صلاح سالم. ولا شك في أن هذا السد الذي أقامه الحاكم قد أزاح عن
~~القاهرة غوائل السيول، ولولاه لكان كثير من مباني القاهرة الأثرية
~~قد زالت.

# بدر الجمالي

# عندما اضطربت الأمور وزادت الفتن بين طوائف الجند في عهد الخليفة
~~المستنصر - وكانت مقدماتها قد بدأت في عهد الخليفة الظاهر في صورة
~~الترف واللهو والتحاسد والأطماع - اضطر إلى الاستنجاد بأحد قواده
~~لتهدئة الموقف وإعادة الأمن، وكان ذلك هو بدر الجمالي نائب الخليفة
~~في عكا. نجح بدر الجمالي في مهمته بالقضاء على سلطة الترك والسودان
~~والعربان.

# وبدأ في فترة وزارة بدر الجمالي (1074) ووزارة خلفه وابنه الأفضل
~~شاهنشاه (1094) عصر من تنمية القاهرة، ونظرا لأن سور جوهر قد فقد
~~معناه بعد نمو المدينة خارجه، فقد بنى بدر الجمالي سورا حجريا
~~للقاهرة يضم الأحياء المستجدة، وسميت الأجزاء الجديدة: «بين السورين»

# 36

# وبطبيعة الحال أعاد بناء أبواب القاهرة على الشكل الذي
~~نعرفه الآن. كما بنى مسجد الجيوشي بالمقطم، ونتيجة لجهوده أطلق
~~اسمه على حي الجمالية الحالي، وكانت الفسطاط قد تعرضت لمجاعة
~~وأوبئة سميت بالشدة العظمى، واستمرت نحو سبع سنوات ms094، فهجرها معظم
~~السكان في اتجاه القاهرة. حاول بدر الجمالي إعادة توطين الناس
~~فشجعهم على إعادة البناء مستخدمين في ذلك أحجار البناء في مدينتي
~~العسكر والقطائع سواء كان ذلك بالبناء في الفسطاط أو القاهرة. وقد
~~ترك الناس أماكن الفسطاط الداخلية، وبنوا قريبا من النيل في شرائح
~~صغيرة مستفيدين من الأرض التي يهجرها النهر، بينما استفادوا من
~~الأماكن الشاغرة داخل مدينة القاهرة وقربها في إعادة العمران بعد
~~أن كادت القاهرة أن تفقد صفتها الملكية.

# وبرغم من فوائد التعمير في القاهرة والفسطاط إلا أن ذلك كان نهاية
~~مؤلمة للعسكر والقطائع، وظلت بقاياهما في صورة أكوام وتلال من
~~بقايا المساكن، وبذلك صارت هناك مساحة كبيرة من الأرض الفضاء بين
~~القاهرة والفسطاط، كأنها شقة حرام بين المدينتين، ولم تنصلح أحوال
~~أرض المدينتين إلا عندما نما فيهما العمران في العصر المملوكي.
~~وإلى الآن لا تزال شوارع هذه المنطقة ذات انحدارات مختلفة كشوارع
~~مراسينا وقدري والصليبة، وكلها تتجه من المنشية وقلعة الكبش إلى
~~السيدة زينب.
~~(3-4) نهاية الفسطاط، وانهيار الدولة الفاطمية

# فترة التهدئة في أواخر حكم المستنصر ووزارة بدر الجمالي والأفضل لم تكن
~~سوى فترة إنعاش مؤقت لدولة مريضة من الداخل. ففي خلال السبعين سنة
~~الأخيرة (1102-1171) توالى على الحكم خلفاء ضعاف، بعضهم صغير العمر
~~والبعض الآخر يقودهم الحسد والطمع والترف، وكلهم كانت أمورهم بأيدي وزراء
~~متناحرين تحدوهم المصالح الشخصية قبل مصالح الدولة. ومن أكبر الأمثلة
~~تحالف الوزير شاور مع الصليبيين ضد غريمه ضرغام، والمراوغات المستمرة من
~~جانبه في تحالف، ونقض التحالف مرات مع الصليبيين ومع أسد الدين شيركوه
~~وابن أخيه صلاح الدين أدت في النهاية إلى غزو الصليبيين لشرق الدلتا
~~وحصار القاهرة، وإحراق شاور للفسطاط حتى لا يستولي عليها الصليبيون؛ ضحى
~~بها شاور لأنها كانت مدينة غير مسورة أو محصنة يصعب الدفاع عنها، مقابل
~~أسوار القاهرة الحصينة، وفي النهاية تمكن صلاح الدين من تولي الحكم
~~وإنهاء الخلافة الفاطمية في 1172م.

# والذي يهمنا هنا هو مصير الفسطاط، فقد تجاذبتها في أواخر العصر الفاطمي
~~من الأضرار ما جعلها تفقد مكانتها ms095 كمدينة أولى؛ سكانا ونشاطا
~~اقتصاديا ورعاية من قبل الدولة، لأن الناس أخذوا يفضلون إقامة أعمالهم
~~التجارية والحرفية داخل القاهرة التي كانت تفقد تدريجيا صفتها كعاصمة
~~ملكية، وتتحول إلى مدينة مصر الأولى. ومع تكرار المجاعات والأوبئة وفقدان
~~الأمان نتيجة الصراعات الداخلية كان المزيد من الناجين يتجه إلى القاهرة؛
~~فيزيد ذلك من فقر الفسطاط. وحين أراد بدر الجمالي إصلاح أحوال الفسطاط
~~بدعوة الناس إلى إعادة التعمير فيها لم يجد استجابة كبيرة. ومع حريق
~~الفسطاط الذي استمر أكثر من خمسين يوما انتهت في الواقع هذه المدينة
~~التي كانت في يوم ما ذات قدر حاكم في الحياة السياسية والاقتصادية
~~والثقافية لمصر، فكأن احتضار المدينة قد استوعب نحو قرن من الزمان بين
~~تفريغ للسكان، ثم عودة عمران، ثم أخيرا اندثار شبه كامل.

# ولقد عاد الاهتمام بالفسطاط مرة أخرى على مهل شديدي، وتحت اسم: مصر عتيقة
~~أو ما نعرفها الآن بمصر القديمة. ولكن ذلك التعمير المتمهل اتخذ شريطا
~~طوليا بحذاء النهر وسيالة الروضة كمناطق خلفية للتعمير السريع الذي حدث
~~في الدولة الأيوبية والمملوكة لجزيرة الروضة، وكامتداد بطيء للعمران في
~~منطقة السيدة زينب والناصرية، وبساتين الخشاب وقاسم وغيرهما، كزحف عمراني
~~بعد تراجع مسار النيل إلى الغرب، كما سبق ذكره في الفصل

# الأول
~~.
~~(3-5) القاهرة منذ صلاح الدين إلى محمد علي

# فقدت القاهرة ازدواجيتها، وأصبحت مدينة واحدة بفضل بناء القلعة وبناء سور
~~جديد للقاهرة شمل كل الأحياء من المقس إلى مصر عتيقة، ومن النيل آنذاك
~~إلى القلعة وسور القاهرة الفاطمية الشرقي، وأوكلت هذه المهمة لقائد صارم
~~هو قره قوش، وأصبح اسمه قرينا بالأوامر التعسفية.

# 37

# وفي داخل هذا الإطار المحصن، ومن خلال الأمان أصبح نمو عمران
~~القاهرة مرتبطا بالمبادآت الفردية للأغنياء والفقراء بعد أن كانت مدنا
~~تنشأ بالأمر، سواء في ذلك فسطاط عمرو بن العاص أو قطائع أحمد بن طولون أو
~~قاهرة المعز لدين الله. وبعبارة أخرى: تكاملت شروط نمو المدن حسب حاجة
~~الناس وازدياد أعدادهم وقدراتهم المادية وتجارتهم ووكالاتهم وورشهم
~~وحرفهم الأخرى.

# ولسنا نشك في أن بعض الحكام قد ms096
~~وجهوا العمران جهة ما؛ فالناس عادة ما يبنون وراء حكامهم في الأحياء
~~الجديدة. فبناء قلعة صلاح الدين قد ساهم في نمو العمران من جنوب القاهرة
~~في اتجاه القلعة، واهتمام الملك الصالح بالروضة جذب السكان إلى هذه
~~الجزيرة وإلى ضفة النهر المقابلة في فم الخليج ودير النحاس، وإنشاء جامع
~~بيبرس في الظاهر ساهم في امتداد العمران من الحسينية إلى باب البحر فيما
~~عرف باسم أرض الطبالة، وتعمير الناصر محمد بن قلاوون لحي الناصرية جاء
~~نتيجة لاهتمامه بإقامة ملاعب الفروسية غرب الناصرية بحذاء النيل فيما
~~نعرفه الآن بالمبتديان والمنيرة، واهتمام السلطان قلاوون بإنشاء جامع
~~ومدرسة وبيمارستان قلاوون على الشارع الأعظم جعله سنة أو قاعدة؛ أن يبني
~~السلاطين مدارس وجوامع متراصة في الشارع الأعظم من باب الفتوح إلى ما بعد
~~باب زويلة، مثل جوامع: الناصر محمد وبرقوق والغوري والمؤيد شيخ.

# وقد بنيت كثير من البيوت الواسعة شرقية الطراز داخل القاهرة الفاطمية في
~~أزمان مختلفة، ولكن بعض أمراء المماليك وكبار التجار بنوا لأنفسهم قصورا
~~حول برك القاهرة، وبخاصة بركة الأزبكية وبركة الفيل نتيجة ازدحام المباني
~~داخل المدينة الأصلية. وحكر بعضهم أراضي تركها النيل فقسمت للبيع كأرض
~~بناء، مثل: باب اللوق والمهراني. وفقدت القاهرة ميناء المقس بتراجع
~~النيل، وحل محله ميناء بولاق بعد أن التحمت جزيرة بولاق بضفة القاهرة،
~~وأصبح حي بولاق مكانا متميزا للنشاط التجاري والحرفي والنقل النهري،
~~لكنه لم يلتحم ببنية عمران القاهرة إلا بعد فترة طويلة.

# وقد حدثت في الفترة الأيوبية المملوكية أحداث سياسية ودينية حاسمة في
~~تاريخ وسياسة مصر والشرق الأوسط، هي:
~~(1)

# إنهاء ممالك الصليبيين في فلسطين والشام بقيادة صلاح
~~الدين والكامل والصالح وبيبرس.
~~(2)

# إيقاف المد المغولي وتحجيمه ثلاث مرات كبيرة بقيادة
~~السلاطين: قطز وبيبرس وقلاوون؛ مما ترتب عليه ركود
~~المغول في الشرق العربي وتحولهم التدريجي للإسلام.
~~ومرة رابعة عند غزو تيمورلنك للشام وتصدى له السلطان
~~برقوق وابنه فرج دون معركة حاسمة لكنها أوقفته دون
~~مصر.
~~(3)

# تحويل مصر والشام من المذهب الفاطمي الشيعي إلى المذهب
~~السني دون معارضة حقيقية من جانب ms097 المصريين. وفي هذا
~~يقول البعض: إن المذهب الفاطمي لم يتمكن من المصريين
~~إلا رسميا، وظل أكثرهم على مذهب مالك والشافعي دون
~~أن يعارضوا الفاطمية صراحة؛ وترتب على ذلك انحسار
~~الفاطمية من شمال أفريقيا بعد سقوط مركز خلافتها في
~~القاهرة الذي استمر أكثر قليلا من قرنين من الزمان،
~~ولكن الكثير من الاحتفاليات الفاطمية ما زال يمارس حتى
~~الآن في المناسبات الدينية.
~~(4)

# تحول القاهرة إلى مركز الخلافة الإسلامية بعد سقوط
~~بغداد بأيدي المغول. وظلت القاهرة قاعدة الخلافة
~~الإسلامية قرابة ثلاثة قرون (1258-1517) منذ السلطان
~~بيبرس إلى أن انتزعها سليم الأول وحولها إلى
~~إسطنبول.

# هذه الأحداث الرئيسية مهدت للقاهرة زعامة سياسية وعسكرية وثقافية
~~ودينية في العالم الإسلامي؛ مما جعلها مركزا تجاريا واقتصاديا
~~كبيرا على مستوى العالم ذي الأهمية من الهند إلى أوروبا، فأصبحت قبلة
~~الباحثين والعلماء والرحالة زهاء أربعة قرون.

# وفي الفترة الأيوبية المملوكية حظيت القاهرة بكتابات عدد من الجغرافيين
~~البارزين من مصريين ومشارقة ومغاربة. وكان عبد اللطيف البغدادي
~~(1162-1219) عاصر القاهرة فترة صلاح الدين وخلفائه: العزيز والمنصور
~~والعادل، وكانت القاهرة تمر في فترة تحول عمراني بعد استتباب الأمن،
~~وعايش البغدادي مجاعة كبرى ووباء فتاك (1200-1202)، ودون ملاحظاته في
~~كتاب مهم باسم: «الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة
~~بأرض مصر». وبرغم كل تلك الأحداث نجده يقول: «... وأما أبنيتهم ففيها هندسة
~~بارعة وترتيب في الغاية حتى إنهم قلما يتركون مكانا غفلا خاليا من
~~المصلحة. ودورهم أفيح، وغالب سكناهم في الأعالي، ويجعلون منافذ منازلهم
~~تلقاء الشمال والرياح الطيبة، وقلما تجد منزلا إلا وتجد فيه باذاهنج
~~[شخشيخة على السطوح لها عدة منافذ تفتح وتغلق حسب اتجاه الريح؛ لتمرير
~~الهواء داخل البيت] وأسواقهم وشوارعهم واسعة، وأبنيتهم شاهقة ... ويبنون
~~الحجر النحيت والطوب الأحمر وهو الآجر، وشكل طوبهم على نصف طوب العراق،
~~ويحكمون قنوات المراحيض حتى إنه تخرب الدار والقناة قائمة، ويحفرون الكنف
~~إلى المعين فيغبر عليه برهة من الدهر طويلة ولا يفتقر إلى كسح.»

# 38

# بوصفه عالما مدققا نجد البغدادي ينتقد بشدة عملية نهب
~~الآثار المصرية، واستلاب أحجارها وأعمدتها؛ لأغراض البناء ms098، وهي ملاحظة
~~تبين عمق الفهم للقيمة الحضارية لآثار الماضي وشواهده. وأخيرا يعجب
~~البغدادي بصناعة تفريخ الدجاج باسم الترقيد في مصر، ويسمي الحضانة
~~«المعمل»، ويذكر بناءها وطريقة التدفئة وما إلى ذلك من سر الصنعة بتفصيل
~~كثير إلى اليوم الثاني والعشرين حين يفقس البيض.

# وفي أواخر العصر الأيوبي وأوائل المملوكي نجد كتابات ابن مماتي (توفي
~~1209) الذي ساعدت وظيفته كرئيس ديوان الجيش والمالية على كتابة «قوانين
~~الدواوين» الذي يبحث فيه نظام الأراضي المصرية ومساحتها وعوائدها
~~الضريبية. ومثل هذا المنحى في الكتابة أمر متكرر عند الكتاب المصريين
~~الذين تسيطر عليهم شئون البلاد أكثر من الرحلة واستجلاء خصائص الأقاليم
~~الأخرى وعادات ناسها، مثل: القلقشندي (توفي 1418)، وأبو الفدا وهو من نسب
~~الأيوبيين وأمير لمدينة حماة واسمه: إسماعيل بن علي الأيوبي، وعرف أيضا
~~باسم الملك المؤيد (1273-1357) وعاصر السلطان الناصر محمد، وشارك في عدة
~~حملات عسكرية في آسيا الصغرى، وساهم في فتح طرابلس. وكذلك زار القاهرة في
~~زمن السلطان الناصر أمير الرحلة الإسلامية ابن بطوطة، وابن دقماق الذي
~~عاصر السلطان برقوق (1382-1399)، وشيخ الجغرافيين المصريين: هو تقي الدين
~~أحمد بن علي المقريزي (ولد بالقاهرة 1364 وتوفي بها 1442) صاحب «المواعظ
~~والاعتبار في ذكر الخطط والآثار»، وهو موسوعة قاهرية على نمط كتابات
~~الخطط السابقة، لكنها أشمل وأطول تاريخا وأدق وصفا للحياة في العصر
~~المملوكي، وتعتبر خطط علي مبارك استكمالا جيدا لوصف القاهرة بيد مصرية
~~أخرى على الرغم من أربعة قرون فارق زمني بينهما. ولا ننسى أن ابن خلدون
~~(توفي 1401) كان في القاهرة زمن المقريزي.

# 39

# وآخر الجغرافيين الإسلاميين العظام الذين ارتحلوا في مصر والقاهرة، هو
~~الحسن ابن الوزان المعروف باسم ليون الإفريقي بعد ست سنوات من سقوط مصر
~~في أيدي الدولة العثمانية. كتب الوزان الكثير من المعلومات نجتزئ منها
~~الإشارات الآتية:

# 40

# سكان القاهرة أناس لطفاء ومرحون، وهم لا يبخلون بالكلمات
~~الطيبة، لكنهم لا يصنعون الكثير من الأشياء ... ويزاولون
~~التجارة والصناعة غير أنهم لا يخرجون من بلادهم.
~~ص591.

# وتقع وسط النيل وتجاه المدينة القديمة جزيرة تدعى: المقياس ...
~~وهذه الجزيرة غاصة بالسكان وتحوي قرابة 1500 أسرة ms099.
~~ص588.

# وفي جنوب الضاحية [مصر القديمة] على النيل، يقوم المكس
~~بالنسبة للبضائع القادمة من الصعيد. ص587.

# وهنا [منطقة القرافة] قبر السيدة نفيسة ... بلغت شهرته درجة
~~جعلت كل مسلم يأتي القاهرة ... عن طريق البر أو البحر، يقصد
~~هذا الضريح للتشرف به، ويقدم له النذور والهدايا ... حتى إن
~~الصدقات تصعد سنويا إلى مائة ألف أشرفي،

# 41

# وتوزع بين الفقراء من نسل الرسول ... وعلى إثر
~~دخول الترك ... قام الإنكشارية بنهب المزار، ووجدوا فيه
~~خمسمائة ألف أشرفي عدا المصابيح والسلاسل الفضية والسجاد،
~~وقد أعاد [السلطان] سليم القسم الأعظم من هذا الكنز للضريح.
~~ص587.

# ويتكلم عن أسعار الأقوات بالارتباط بفيضان النيل فيما إذا كان عاليا (15
~~ذراعا) أو منخفضا (أقل من 12 ذراعا) في خلال فترة ارتفاع المياه تكون
~~المحاصيل شحيحة، ويحق للبائع تحديد سعر الخبز في حدود مرعية وإلا وقع
~~تحت طائلة العقاب: «وبعد مضي ثمانين يوما من بداية الفيضان [أي عندما
~~يثبت حجم الفيضان] يحدد المحتسب سعر الأقوات ولا سيما سعر الخبز. ويقع
~~هذا التسعير مرة واحدة في العام.» (ص590). وإذا بلغ مقياس النيل 18
~~ذراعا فإن الأماكن المسكونة ستتعرض للغرق، ويقوم أشخاص بتحذير الناس:
~~«أيها الناس اتقوا الله! من جبل إلى جبل.» أي الفيضان يعم كل الوادي من
~~الهضبة الشرقية إلى الهضبة الغربية.
~~«... [القاهرة] مجهزة بما يلزم من الصناع والباعة الذين يقيمون على وجه
~~الخصوص في شارع يذهب من باب النصر حتى باب زويلة، وهنا يقيم أكبر جزء من
~~نبلاء القاهرة، ويوجد في هذا الشارع بضع مدارس مدهشة بأبعادها وبجمال
~~بنائها ورونقها، كما توجد بضع جوامع فسيحة وجميلة.» ص579.

# ويذكر الوزان، وغيره من قبل، أن سكان القاهرة من هواة الأكل المطبوخ من
~~المطاعم، مثل نظام المطاعم الحالية ونظام «تيك أواي». ففي شارع بين
~~القصرين 60 دكانا للحم المطبوخ، ومحال عديدة لماء الزهور والحلوى بالسكر
~~أو العسل معروضة بشكل أنيق، ومحال للفواكه المستوردة والزلابية والبيض
~~المقلي والجبن المقلي، وعند جامع الغوري فنادق - وكالات - الأقمشة، وكل
~~فندق يضم عددا كبيرا من المحلات للأقمشة المستوردة؛ بعضها لتلك من
~~بعلبك والموصل ms100، وبعضها لأقمشة إيطاليا كالساتان الموشى والمخامل والتفتا
~~والبروكار لم ير هو مثلها في إيطاليا ذاتها، ثم وكالات الأصواف
~~الأوروبية، مثل: جوخ البندقية ومايورقه ووسط إيطاليا.

# وفندق خان الخليلي، حيث يقيم التجار العجم [يقصد الأجانب] يشبه قصر أمير
~~كبير مرتفع متين البنيان، وفي الطابق الأرضي توجد الغرف التي يستقبل فيها
~~التجار زبائنهم لممارسة تجارة السلع ذات القيمة العالية، مثل: التوابل
~~والأحجار الكريمة والأقمشة الهندية. وعلى الناحية الأخرى من الشارع
~~الأعظم أحياء باعة العطور، مثل: المسك والجاوي والورق الصقيل والحجارة
~~الكريمة. وهناك حي تباع فيه منقولات مستعملة لكنها قطع رائعة مثل أقمشة
~~وملابس من أشغال الإبرة واللآلي والبسط والسجاد ... إلخ. وكلها تباع بأسعار
~~تبلغ آلاف الدينارات. والصاغة معظمهم يهود أرباحهم عالية، وأكثر أنواع
~~اللحوم رواجا الجاموس مع الخضر، والجيزة هي سوق ماشية برقة.

# وحول السكان كتب الوزان أن بالقاهرة 30500 أسرة نحو 65٪ منهم يسكنون
~~المنطقة الشرقية من القلعة إلى الدرب الأحمر والجمالية. فإذا كان متوسط
~~عدد الأسرة 6 أفراد وأكثر فمعنى ذلك أن سكان القاهرة كانوا ما بين 180
~~إلى 200 ألف أو أكثر، علما أن ذلك كان بعد كارثة سقوط المماليك، وترحيل
~~عدد كبير من الصناع والحرفيين المهرة إلى إسطنبول.

# وقد أطلنا قليلا في وصف حال القاهرة نقلا عن الوزان، فما بالنا
~~بالقاهرة عندما كانت العاصمة المزدهرة لدولة المماليك حينما كانت أحسن
~~حالا وثراء قبل ذلك التاريخ؟

# جدول : عدد الأسر في القاهرة حسب الحسن بن الوزان.
~~*

# القاهرة المسورة

# 8000 أسرة

# باب زويلة حتى جامع السلطان حسن

# 12000 أسرة

# حي طولون «عدد كبير من الصناع والتجار من
~~البربر»؟

# باب اللوق إلى الأزبكية «مواخير وملاعب ...
~~إلخ»

# 3000 أسرة

# بولاق «صناع مطاحن تجار: حبوب وزيوت وسكر + ألف
~~سفينة في الميناء»

# 4000 أسرة

# خط القرافة

# 2000 أسرة

# مصر عتيقة «جنوبها ميناء أثر النبي ويسكنها صناع
~~مختلفين»؟

# جزيرة المقياس

# 1500 أسرة

# المجموع

# 30500 أسرة

# ما تبقى من أسر في أحياء لم يذكر عددها.

# شكل 3-5:

# التوزيع المكاني لوظائف القاهرة الرئيسية في
~~القرن 18.

# ومما لا شك فيه أن الفترة العثمانية الطويلة من 1517 إلى 1797 قد جمدت
~~النمو في القاهرة، وأبقت ms101 القاهرة على ما كانت عليه من امتداد بعد أن
~~أصبحت ولاية عثمانية، وصحيح أن السلطان سليم انتقص من القاهرة مركز
~~الخلافة ومهرة الصناع، إلا أنه لا يجب أن نبالغ في أثر ذلك على أنه مسبب
~~الركود المصري؛ فالتبعية السياسية لا تعني بالضرورة انتقال النشاط
~~الاقتصادي دفعة واحدة بل تدريجيا، وحتى هذا لم يحدث سوى في بداية الحكم
~~العثماني لمصر، وظلت مصر مركزا تجاريا مهما بحكم علاقتها المكانية
~~التي بنيت على مئات السنين. هذا فضلا عن أن الدولة العثمانية ظلت
~~لفترة طويلة دولة حرب؛ فلم تنشئ علاقات ترث مصر بالنسبة لأوروبا، ومن ثم
~~كان احتياجها المستمر لضريبة مصر السنوية إليها، الأمر الذي لا يفيد معه
~~إرباك الاقتصاد المصري؛ لهذا نجد أن الدولة العثمانية كانت تحكم مصر
~~بطريق غير مباشر بواسطة بكوات المماليك المصرية.

# لكن أكبر عامل في الركود المصري كان استيلاء البرتغاليين والأوروبيين على
~~تجارة الهند بعد أن كانت شبه حكر على التجارة المصرية، وحيث إن الصراع
~~البحري المصري البرتغالي كان قد بدأ في حكم السلطان الغوري بمعارك غير
~~حاسمة، فإن ذلك كان إيذانا ببداية عهد جديد تسيطر فيه أوروبا على المحيط
~~الهندي. فلا الأسطول المصري أو المصري العثماني فيما بعد، كان بقادر وحده
~~على الوقوف أمام المد التجاري العسكري الأوروبي، ومع ذلك لا يجب تصور أن
~~تجارة الشرق قد توقفت في مصر تماما، بل ظل لها جانب من هذه التجارة،
~~وبخاصة البن والبخور والتوابل، تحتكرها لأسواق الشرق العثماني وأوروبا
~~المطلة على البحر المتوسط كاستمرار للتجارة مع البندقية وجنوا ومرسيليا
~~فترة من الزمن. هذا فضلا عن تصدير المنسوجات المصرية المتميزة، مثل:
~~الدميطي في المحلة ودمياط ورشيد ومنفلوط وأسيوط، والقمح والأرز.

# ومن هنا كان الركود في مصر والقاهرة على درجات:
~~(1)

# تناقص تجارة المحيط الهندي.
~~(2)

# الاحتلال العثماني وفقدان المبادآت المصرية.
~~(3)

# تنازع المماليك على السلطة الداخلية فيما بينهم، فقد
~~كان النظام المملوكي يتجه إلى نهايته.

# والخلاصة أنه في مجال بناء القاهرة كانت جهود الأيوبيين منصرفة إلى إنشاء
~~القلاع والحصون والأسوار؛ فقد كانت دولة حرب ms102 ضد الصليبيين، ومع ذلك فقد
~~انشغل الأيوبيون أيضا بتثبيت المذهب السني، ومن ثم كان الاتجاه إلى
~~إنشاء الجوامع والمدارس لتدريس مذاهب السنة الأربعة، وبرغم أن المماليك
~~كانوا دولة حرب في جانب كبير من عصرهم ضد المغول وبقايا الصليبيين، فإننا
~~نجدهم يتنافسون في شتى أنواع العمارة الدينية في صورة المساجد الرائعة،
~~من جامع الظاهر بيبرس إلى قمة الفن المعماري وضخامته؛ متمثلا في جامع
~~ومدرسة السلطان حسن بن الناصر قلاوون، وإلى جامع قايتباي الذي يقول عنه
~~الثقاة: إنه أقصى ما وصل إليه المعمار الإسلامي التجريدي من فنون.

# 42

# شكل 3-6:

# القاهرة كما ظهرت في الخريطة المشهورة للحملة
~~الفرنسية (1800).

# وقد أرسى المماليك دعائم القوة الاقتصادية المصرية التي استمرت حتى بعد
~~التبعية العثمانية، ودلائل ذلك تتمثل في الأسواق والخانات والوكالات
~~التجارية التي كانت تغص بها القاهرة في العصرين المملوكي والعثماني. وقد
~~بلغت الصناعات الدقيقة مبلغا كبيرا في العصر المملوكي بالذات من صناعات
~~الخزف والزجاج والمشغولات النحاسية والجلود ومنسوجات الحرير الفائقة
~~الجودة. هذا فضلا عن الصناعات التي تستهلك منتجاتها في المدينة الكبيرة
~~من صناعات الأغذية والمعادن والمنسوجات القطنية والكتانية ... إلخ.

# وتميزت الأسواق بتحديد سلعي وتوزيع مكاني؛ فسوق باب الفتوح مختص باللحوم
~~وأنواع الخضراوات، والمرجوشي - أمير الجيوش - يختص بالترزية ورفا
~~الملابس، وبرجوان بالأطعمة الجاهزة والأفران، وسوق الشمع عند جامع
~~الأقمر، ويليه سوق الدجاج، وسوق السلاح قرب القلعة، ومجموعة أسواق تدل
~~عليها أسماؤها، مثل: السروجية والمهاميز والجوخيين والحلاويين والشوائيين
~~والمغربلين ... إلخ.

# وقد ظلت شوارع القاهرة على خطة شوارع المدن القديمة؛ أي دروب وحارات
~~ذات منعطفات والتواءات وأزقة وعطفات مسدودة مغلقة عند رأسها بالبوابات
~~للحماية والأمان (راجع خريطة

# 1-12

# في الفصل

# الأول
~~)، وكانت أولى محاولات إيجاد طرق
~~مستقيمة في عهد محمد علي حينما أنشأ السكة الجديدة والموسكي كطريق مباشر
~~بين العتبة الزرقاء - الخضراء فيما بعد - وبين الجامع الأزهر والمشهد
~~الحسيني، ثم طريق مباشر من الأزبكية إلى بولاق، وثالث إلى قصر محمد علي
~~في شبرا. ويخترق طريقا بولاق وشبرا مناطق فضاء وحقول زراعية؛ مما كان
~~يسهل عملية شق الطرق دون عناء كبير ms103. وكانت هناك محاولة أخرى لفتح طريق
~~مباشر بين العتبة والقلعة، ولكنه اكتمل في عصر إسماعيل؛ والسبب في هذا
~~التأخير راجع إلى عدة أسباب، على رأسها: قيمة التعويضات التي تدفع لأصحاب
~~البيوت التي تزال، فضلا عن أن وسائل الحركة ظلت على ما هي عليه من
~~الإنسان والدواب مما لم يقتض إنشاء الشوارع المباشرة الواسعة. والخلاصة
~~أن القاهرة نمت تلقائيا في أحيان كثيرة، وظلت المنطقة الشرقية من
~~الحسينية إلى القلعة أكثرها ازدحاما، ثم تقل كثافة المباني غرب مسار
~~الخليج من المقس إلى السيدة زينب .
~~(3-6) مجتمع القاهرة

# انقسم مجتمع القاهرة إلى عدة مجموعات بعضها من أصول إثنية مختلفة،
~~وغالبها من أصول مصرية قاهرية وريفية. ولم يكن الترتيب الطبقي بين سكان
~~القاهرة جامدا أو منغلقا على نفسه، بل هو مفتوح للاختلاط والتغير على
~~نحو ما يسمى الآن: «الحراك الاجتماعي»؛ أي التحرك من أدنى إلى أعلى أو
~~العكس، أو التحرك الأفقي من فئة لأخرى.

# والمجموعات والفئات القاهرية كانت هي: المماليك - العلماء - التجار -
~~الحرفيين - العاملين.

# المماليك والجيش

# على الرغم من أن معظم المماليك ينتمون إلى شعوب تركية أو شركسية
~~وما إلى ذلك من المجموعات خارج مصر، فإن ذلك لم يمنع وجود مماليك
~~من السمر؛ نتيجة التزاوج بالرقيق الزنجي، أو مماليك من أصل مصري
~~ترقوا في الفنون العسكرية. كما أن تكوين المماليك كقوة عسكرية
~~للسلاطين والأمراء لم يكن قاصرا عليهم، وإنما كان بمقدرة الأغنياء
~~من التجار أن يكونوا لأنفسهم مماليك كقوة تحميهم من المخاطر.
~~ويثار جدل حول أصول المماليك بوصفهم أرقاء وبعضهم من أصل مسيحي
~~أرمني وسلافي وبلقاني. لكنهم بفضل تربيتهم الدينية والعسكرية
~~كثيرا ما كانوا يعتقون، ويظهرون مهارات مدهشة في تكوين الدولة
~~وتنظيمها، وحماية العالم الإسلامي من غزوات الصليبيين والمغول،
~~وإرساء قواعد الازدهار التجاري ببناء الأساطيل العسكرية والتجارية
~~التي تجوب البحر المتوسط والأحمر والمحيط الهندي.

# ومن حيث المفهوم العام لمعنى
~~مملوك، سواء في هذا مملوك لسلاطين وأمراء أو تجار أغنياء، تجد منهم
~~من يصبحون من العلماء، مثل: ياقوت الحموي والحسن بن الوزان، وبعضهم
~~قواد عظام، مثل ms104: جوهر وبيبرس وقلاوون والغوري، أو منظمين متميزين،
~~مثل: بدر الجمالي وقره قوش. ولكن تنشئتهم العسكرية جعلت غالبيتهم
~~أداة حرب مقومها الفلسفي هو القوة لتحقيق الهدف؛ لهذا كانوا كثيري
~~التنافس والحرب فيما بينهم من أجل الوصول إلى منصب أو وظيفة ذات
~~قدر مالي اجتماعي، أو الوصول إلى السلطنة ذاتها. وفي فترة الحكم
~~العثماني كان التناحر بينهم كبيرا على منصب شيخ البلد، أو بما
~~يعني: كبير المماليك الذي كانت سطوته أعلى من سطوة «الباشا» ممثل
~~السلطان العثماني في مصر، وسلطاته تكاد ألا تتجاوز أسوار القلعة
~~إلا قليلا. وقد كانت تلك أواخر زمن قوة المماليك السياسية
~~والعسكرية التي قضى عليها محمد علي بالكثير من الدهاء والسياسة
~~والقسوة. ونحن نرى الآن في «مذبحة القلعة» شيئا منافيا للأعراف،
~~لكن هكذا درج المماليك على مثل هذا الشيء من القسوة في تصفية بعضهم
~~البعض، ومن ثم فقد كانت المذبحة جزءا من خلقيات المماليك لفترة
~~طويلة، فقد عاشوا بالسيف وماتوا به أيضا، وحكمنا الحالي على
~~المذبحة ينطلق من منظور فلسفي غير منظورهم وفلسفتهم.

# وقد كان المماليك أساسا قوة الفرسان، التي تمثل في الحروب البرية
~~الحالية المدرعات التي تشق الطريق إلى بقية أفراد الجيش؛ ولهذا فقد
~~كانت الجيوش في العصور الوسطى من الفاطميين إلى المماليك
~~والعثمانيين تتكون من المشاة والطوبجية (المدفعية)، وغالبا ما كان
~~الجيش يتكون من عدة مجموعات إثنية من البربر والسودانيين وغيرهم من
~~الأكراد والترك والبدو ... إلخ. وقد حدثت منافسات شديدة في وقت السلم
~~بين هذه المجموعات أدت إلى اقتتالهم فيما بينهم، وخاصة في العصر
~~الفاطمي وأوائل فترة حكم صلاح الدين، وآخر هذه التشكيلة من الجنود
~~كانت في أوائل حكم محمد علي بين الأرناءوط والترك والمماليك، انتهت
~~بإقصائهم والقضاء عليهم جميعا، وتكوين جيش ثابت قوامه الأساسي من
~~المصريين.

# وهذا الجيش المكون من أبناء مصر هو الذي صنع أمجاد مصر في
~~الصحراء العربية والمورة والشام والأناضول، ولخطورته كانت واحدة من
~~أهم نصوص اتفاق محمد علي والدولة العثمانية - بتأييد بريطانيا
~~للعثمانيين بصفة خاصة - على تخفيض عدد الجيش المصري إلى ms105 حد
~~كبير.

# العلماء

# ظل للعلماء شأن كبير في حياة مصر منذ قدوم الإمام الشافعي وعدد من
~~آل البيت النبوي الشريف، وحيث إن العلم في ذلك الأوان كان مرتبطا
~~بالدعوة الإسلامية، وتعليم أصول الدين والمعاملات والقضاء، فقد كان
~~العلماء مرتبطين دائما بالجوامع الكبرى: عمرو والأزهر.

# وقد لعب العلماء أدوارا مهمة في حياة القاهرة السياسية، سواء في
~~ذلك علماء الشيعة في العصر الفاطمي، أو علماء مذاهب السنة الأربعة
~~بعد ذلك. فمما لا شك فيه أن مراسيم إعلان السلاطين كانت تصدر عن
~~مجمع علماء الأزهر ، وكانت لهم يد طولى في تأييد أو إنزال الولاة
~~العثمانيين، وآخرها كان موقفهم من هؤلاء الباشوات فترة الصراع بين
~~محمد علي وبين الوالي، وانتهت بنزول السلطان العثماني على إرادة
~~العلماء بتعيين محمد علي واليا على مصر.

# ولكن أهم ما نعرفه كان موقف العلماء من الحملة الفرنسية التي لم
~~تجد بدا من الاعتراف بهم كقوة سياسية دينية؛ فأدخلت بعضهم في
~~المجلس الأعلى للحكم في مصر.

# ومن الأسماء التي ترددت كثيرا في أواخر ق18 وأوائل عصر محمد علي
~~في هذا المضمار الشيوخ: المهدي، والشرقاوي، والعطار، والسادات،
~~و«نقيب الأشراف» السيد عمر مكرم الذي وقف مناهضا لسلطات محمد علي
~~فنفاه إلى دمياط.

# وليس العلماء هم رجال الدين فقط، بل كان هناك من العلماء آخرون
~~متفقهين في علوم الدين والدنيا، مثل: ابن خلدون الذي عين قاضي
~~القضاة فترة وجوده في مصر إلى أن توفي بها، والجبرتي صاحب الرأي
~~السياسي ابن الشيخ حسن أحد علماء الأزهر.

# ولعل قوة العلماء لا ترجع فقط إلى قدرهم العلمي في الأزهر الشريف،
~~بل أيضا إلى حصولهم على ما كان يعرف باسم: «مسموح المشايخ»؛ أي
~~إعفاء أراضيهم وممتلكاتهم من الضرائب، وهو ما كان يعطيهم قوة مالية
~~استفاد بعضهم منها في الحصول على المزيد من العقارات أو الاشتراك
~~في أعمال تجارية. وبرغم أن هذا «المسموح» للعلماء والمماليك وبعض
~~فئات أخرى كان جزءا من نظام عام معمول به، فإنه زاد من حمل
~~الضرائب على الفلاحين، وزاد من تفتيت الولاءات في ms106 المجتمع المصري
~~بصفة عامة.

# التجار

# ربما كان كبار تجار القاهرة من أغنى أغنياء المدينة. وهناك بعض
~~أرقام اجتهدت في تحصيلها الأستاذة عفاف لطفي السيد - مارسو

# 43

# عن ثروات بعضهم. فعند وفاة قاسم الشرايبي عام 1735 ترك
~~ثروة قدرت بنحو 12,6 مليون باره وأسطولا من السفن التجارية وعددا
~~كبيرا من المحلات والدكاكين والبيوت، وترك محمود محرم بعد نصف قرن
~~ثروة قدرت بنحو 15,7 مليون باره. هذه الثروات الضخمة ناتج احتكار
~~تجارة البن أو التوابل بالإضافة إلى نصيبهم من عملهم كملتزمين
~~لأراض زراعية واسعة، وقد ترك محمود الشرايبي التزاما يدر سنويا
~~مليون باره.

# 44

# والأمر الواقع أن بعض المماليك والعلماء كان لهم نشاط
~~تجاري احتكاري لبعض السلع، وخاصة السلع المنتجة في مصر كالأرز أو
~~منتجات الصعيد كالقمح وغيره.

# وحسب ما جاء في كتاب «وصف
~~مصر» كانت بالقاهرة في آخر القرن 18 مؤسسات تجارية تصنف إلى عشر
~~خانات - جمع خان - وهي كما جاء سابقا: أبنية متسعة مليئة بمحلات
~~تجارية غالبها متخصص في سلع معينة، وكلها مركزة في القاهرة
~~الفاطمية، وكان هناك 217 وكالة تجارية، 60٪ منها في القاهرة
~~الفاطمية و13٪ في بولاق، وبعض هذه الوكالات متخصصة في سلع محددة
~~كالصابون والزيت والمنسوجات والجلود والسلاح، والغالب أنه كان لبعض
~~هذه الوكالات معامل وورش خاصة بها. وكذلك كان هناك 71 سوقا موزعة
~~بتعادلية على أنحاء معمور القاهرة آنذاك. وهذه الأرقام تعطينا صورة
~~عن النشاط التجاري داخل المدينة، وكم كان عدد التجار صغيرهم
~~وكبيرهم، ولكنه لا يعطينا صورة عن كبار التجار الذين يتعاملون في
~~التجارة الخارجية أو تجارة الترانزيت، وبعض هؤلاء كانوا يمتلكون
~~أساطيل تجارية بحرية ونهرية؛ أي إنه كان هناك نوع من التكاملية بين
~~التجارة والنقل والتوزيع معا، مما ترتب عليه الثراء المدهش لهؤلاء
~~الكبار.

# لكن الصورة اختلفت منذ عصر محمد علي، وأصبحت الدولة هي المنظم
~~الأساسي للتجارة الخارجية. لكن بقي للتجار وأصحاب الدكاكين أهميتهم
~~في السوق الداخلي، وبخاصة في أسواق القاهرة الغذائية، واحتياجاتها
~~من الصناعات الحرفية، وربما عدنا إلى تفصيل ذلك في الفصول
~~التالية.

# الاقتصاد والسياسة

# وربما كان هنا موضع مناقشة اتجاهات التجارة ms107 المصرية سواء المعاد
~~تصديرها كتجارة ترانزيت أو المنتجة محليا. فقد كان الاتجاه
~~غالبا إلى أوروبا خلال حكم المماليك، ثم حدث بعض التغير في اتجاه
~~بعض التجارة إلى أقطار الدولة العثمانية، ومع ذلك ظل الاتجاه
~~الأكبر هو إلى أوروبا نتيجة استيراد المماليك للأسلحة الحديثة
~~والسلع الصناعية الأوروبية. وفي البداية كان الميزان التجاري لصالح
~~مصر، ولكنه أخذ في التغير لصالح أوروبا بعد حدوث عدة نكسات على
~~رأسها دخول شركات فرنسية اتفاقيات استيراد البن مباشرة مع اليمن
~~بدلا من الوسيط المصري. ويضاف إلى ذلك نجاح زراعة البن في بعض
~~مستعمرات فرنسا في البحر الكاريبي. والنكسة الأخرى هي عزوف أوروبي
~~جزئي عن استيراد المنسوجات المصرية بحجة رداءة السلعة، ولكن يجب أن
~~نضيف لذلك انتشار صناعة النسيج الآلية الحديثة في أوروبا، ورخص
~~أسعار المنتج منها بالقياس إلى الصناعة المصرية.

# وقد أدت هذه النكسات إلى تقليل أرباح ترانزيت البن، وتدهور عام في
~~الدخل مع زيادة الميزان التجاري لصالح أوروبا، إلى ضائقة مالية
~~حاول المماليك والتجار تعديلها بالاشتطاط والمغالاة في فرض الضرائب
~~التي ثقلت على الفلاحين والحرفيين؛ مما أدى إلى مردود معكوس أدى
~~إلى مزيد من قلة الإنتاج الزراعي والصناعي والحرفي. وهكذا دخلت مصر
~~دائرة مغلقة من التراجع حتى جاءت الحملة الفرنسية التي أدت بدورها
~~إلى تدهور كبير نتيجة ثورات القاهرة ضد الفرنسيين، والدمار الذي
~~أحدثه الفرنسيون لقمع تلك الثورات.

# لكن أحد أهم نتائج الحملة الفرنسية أنها أظهرت مدى تخلف النظام
~~المملوكي السياسي، وعدم قدرته على استيعاب التحديث؛ وبذلك وضعت
~~اللبنة الأخيرة في نهاية هذا النظام.

# ولا شك أن محمد علي جاء بنظام جديد يتقبل الحداثة والتحديث في
~~الحكم والإدراة والشئون المالية والاقتصاد الزراعي والصناعي
~~والعلاقات الدولية، وإن أبقى على حكم الفرد. ونحن لا نعتقد أن محمد
~~علي جاء بكل هذه التنظيمات من مصادر خارجية وطبقها مرة واحدة، بل
~~كان هناك تطويع لمبادئ الإدارة وتطبيقات تدريجية لها على قدر
~~الظروف الانتقالية في المجتمع المصري مع النظر إلى أشكال التنظيم
~~الأوروبي، والكثير من الاستشارات والتجريب. وقد وقع محمد ms108 علي أسير
~~التاريخ، فحاول بسرعة إعادة تطبيق إستراتيجية التاريخ السياسي
~~المصري في الهيمنة على الشرق الأوسط من الشام إلى الحجاز بإضافة
~~عمق في السودان لم يكن موجودا من قبل في تاريخ مصر الإسلامي؛ لهذا
~~فقد كان محرك تنظيماته الجديدة في كافة الشئون الداخلية متمحورا
~~حول الجيش القوي الذي أنشأه، ومحاولته الاستفادة من تناقضات
~~المنافسة الفرنسية الإنجليزية على الشرق باستقطاب فرنسا. لكن عصر
~~بناء الإمبراطوريات الشرقية كان قد ولى؛ لهذا توقف مشروع محمد علي
~~السياسي عند مواجهة القوي الأوروبية عامة والإنجليزية خاصة، ولما
~~هبط محرك التطور العسكري المصري هبط معه الكثير من النشاط الصناعي،
~~وبقيت الزراعة ذات التركيب المحصولي المحدث - مشروعات الري
~~الدائم، والمحاصيل الصيفية وعلى رأسها القطن - عماد التركيب
~~الاقتصادي لنحو قرن من الزمان (1840-1930).

# وقد حاول إسماعيل تقليد جده ولكن في الاتجاه الجنوبي؛ بناء
~~إمبراطورية أفريقية في الوقت الذي اشتد فيه تسارع الدول الأوروبية
~~على تقسيم أفريقيا، وكان محركه في ذلك تحسن مصادر الثروة المصرية
~~بصادرات القطن ورسوم عبور قناة السويس، فدخل في مشروعات توسع في
~~القرن الأفريقي (مصوع، زيلع، هرر، بربره) وفي منابع النيل
~~الاستوائية (أوغندا الحالية) لكنها كانت عبئا ماليا، وقصيرة
~~العمر، ونتائجها محسومة لصالح أوروبا.

# وآخر المحاولات المصرية أسيرة التاريخ كانت في عهد عبد الناصر الذي
~~حاول استعادة روح القومية العربية في مواجهة إسرائيل والغرب؛
~~معتمدا على أيديولوجية ثورية نجحت في المساعدة على تصفية النفوذ
~~البريطاني، لكنها أحدثت صدعا عربيا بين الملكيين والجمهوريين
~~فلم تصادف سوى نجاح عربي محدود.

# الحرفيون والنقابات الحرفية

# في أواخر القرن 18 كان في القاهرة 76 ورشة حرفية وصناعية، نحو 36٪
~~منها في المنطقة الممتدة غرب الخليج من باب الخلق إلى باب اللوق،
~~ونحو 30٪ منها فيما بين الغورية والسلطان حسن، وبعبارة أخرى: إن
~~الورش كانت خارج القاهرة الفاطمية بصورة عامة في اتجاه الجنوب
~~والغرب.

# وكان أصحاب الورش وعمالهم يكونون «نقابات» خاصة بصناعة سلعة
~~معينة كالمزينين والحمامية والإسكافية، والنقيب هو المسئول أمام
~~الجهات الرسمية. وترتيب الصنعة متدرج من نظام الصبي إلى المعلم
~~أو الأسطى، بحيث كان في ms109 هذا ضمان للمهارة واستمرار جودة المنتج،

# 45

# وبقاياه ما زال حتى الآن ممارس في بعض الحرف وبخاصة
~~الورش الفردية لإصلاح السلع المعدنية والسيارات، وإن كان مقدرا أن
~~خريجي المدارس الفنية سوف يحلون محل هذا النظام التقليدي
~~تدريجيا.

# والذي يهمنا في موضوع البنية الاجتماعية أن الكثير من أصحاب الورش
~~والتجار كانوا يسكنون مع عمالهم في حارة أو حي واحد، بحيث إن
~~الروابط المكانية كانت تجمعهم بغض النظر عن الوضع المالي. صحيح أن
~~بيوت أصحاب العمل كانت أكبر وأفخم لكن الشعور بالتساند كان سمة
~~غالبة في حياة القاهرة. وما زال بعض المعلمين يسكنون جوار ورشهم،
~~لكن العمال يأتون من أحياء مختلفة، ولكن غالب الأسطاوات والمعلمين
~~الكبار أصبحوا الآن «رجال أعمال» يقيمون في الأحياء المترفة وصلتهم
~~بالعمال محدودة وغير مباشرة - مجلس الإدارة، وصور شتى من الإعلام -
~~فلم يعد هناك تفاعل جماعي كما كان في الماضي القريب.

# الصحة والتعليم

# لعلنا نختتم هذه الفترة من حياة مدينة القاهرة بالتأكيد على اهتمام
~~الولاة والحكام ببناء المارستانات والكتاتيب والأسبلة والحمامات،
~~وغير ذلك من احتياجات المدن الكبرى.

# المارستانات: من السرد التاريخي نجد أن هذه المستشفيات قد بنيت
~~غالبا في عصور مصر المستقلة. فلم نعرف للآن أن ولاة مصر في عهد
~~الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين قد بنوا مثل هذه المؤسسات
~~الصحية العامة.

# وأول من بنى مارستانا في مصر كان أحمد بن طولون نحو سنة 874م؛ أي
~~بعد ست سنوات من توليه حكم مصر، وكان موقعه في مدينة القطائع،
~~ويقول المقريزي: إنه صرف على بنائه 60 ألف دينار، وعمل له حمامين
~~للرجال والنساء، والغالب أن ابن طولون في ذلك قد حاكى مارستان
~~بغداد، وتلاه كافور الإخشيد بمارستان في الفسطاط نحو سنة 957م. ولم
~~ينقض وقت طويل حتى أنشأ الفاطميون في مدة حكم العزيز بالله «الربع
~~الأخير من القرن العاشر» مارستان القاهرة جنوب القصر
~~الصغير.

# وبنى صلاح الدين مارستانا في القاهرة للمرضى والضعفاء، ويقول
~~المقريزي: إنه استخدم له أطباء وطبائعيين وجراحين ومشرفين وعمالا
~~وخدما، وخصص له 200 دينار شهريا، كما أمر بفتح المارستان
~~القديم ms110، وخصص له طبيبا وعاملا ومشرفا وعشرين دينارا شهريا؛
~~بمعنى أنه أصبح بالقاهرة مستشفيان لأول مرة!

# وأشهر مارستانات القاهرة:
~~المارستان المنصوري المعروف حتى الآن باسم مستشفى قلاوون، نسبة إلى
~~السلطان المنصور قلاوون (1279-1290) وكان جزءا من القصر الصغير،
~~فأقام فيه مدرسته وجامعه ومارستانه. رتب المنصور العقاقير
~~والأطباء وسائر ما يحتاجه المرضى، وجعل فيه فراشين من الرجال
~~والنساء، وكانت به قاعات متخصصة؛ واحدة للرمد وأخرى للجراحة وثالثة
~~لأمراض الجهاز الهضمي، وقسم خاص لإقامة النساء، ومطبخ الأطعمة،
~~ومخزن الأدوية والأشربة العلاجية - أجزاخانة - ومكتبة طبية، ومعمل
~~كيميائي، وجوقة موسيقى ومنشدين، ومن يقصون السير التاريخية
~~البطولية وغير ذلك كجزء من العلاج والترفيه، فياللتقدم في
~~المفاهيم العلاجية في ذلك الوقت المبكر!

# 46

# وتلاه مارستان أنشأه المؤيد شيخ (1413-1421) قريب من القلعة، وأنشأ
~~عبد الرحمن كتخدا إسبتاليا للنساء في جهة تحت الربع بباب الخلق في
~~القرن 18م.

# وكذلك أقام المماليك دورا لرعاية المكفوفين وأخرى للأيتام. وكل
~~هذه المؤسسات تحتاج إلى ميزانية كبيرة كانت تدبر بإنشاء وقفيات
~~أميرية وأهلية للإنفاق عليها. ويذكر العالم «جومار»

# 47

# من علماء الحملة الفرنسية أن إعانات المستشفيات ودور
~~المكفوفين والأيتام وطلبة الأزهر قد بلغت 154 ألف أردب شعير - ربما
~~يقصد حبوب طحين الخبز - وكمية أخرى من الأرز والعسل من الميري عام
~~1798، فضلا عن مرتبات للدراويش والمعوقين والأرامل يذكرها بالفرنك
~~آنذاك، ولضخامة المبالغ فقد كان هناك عشرة «أفندية» يقومون بحساب
~~المعاشات والنفقات المذكورة باعتبارها مصروفات عامة.

# وفي عهد محمد علي دخل ميدان الصحة تدريس الطب؛ بإنشاء مدرسة للطب
~~تنقلت في أماكن مختلفة قبل أن تستقر في قصر العيني، وتلاه بطبيعة
~~الحال منشآت صحية أخرى ظلت تنمو وتتخصص في العهود التالية. ويكتب
~~علي مبارك أن بالقاهرة في 1882 خمس مستشفيات على رأسها قصر العيني
~~المجهز ب 1150 سريرا، ومستشفى الأمراض العقلية في العباسية،
~~ومستشفى أوروبي في العباسية، وآخر في حي الإسماعيلية، والخامس
~~مستشفى اليهود في حارة اليهود.

# وكانت الأجزاخانات - الصيدليات - مرتبطة بالمارستان أو المستشفى،
~~وما زال ببعض المستشفيات أجزاخانة خاصة يسميها علي مبارك:
~~الأجزاخانة الميري، مثل: قصر العيني، ولكن منذ فترة محمد ms111 علي انتشر
~~نمط الأجزاخانة الخاصة، وأصبح عددها في 1883 أربعة وأربعون
~~أجزاخانة، 19 منها في وسط البلد - كلوت بك والعتبة والموسكي -
~~والباقي موزعة على الأحياء الأخرى من المدينة.

# الحمامات العامة

# الحمامات جزء مهم من الصحة العامة، وضرورة في البلاد الحارة، ويذكر
~~المقريزي أن بالقاهرة 45 حماما؛ منها 12 في العصر الفاطمي، وستة
~~حمامات في العصر الأيوبي، و22 في عصر المماليك. وقد أحصى جومار
~~مائة حمام عام بالقاهرة وإن كان قد عد 91 منهم فقط، موزعة على
~~أحياء القاهرة المختلفة، نقصت إلى 55 حماما في أواخر ق19؛ وذلك
~~نظرا لوصول مياه المواسير لبعض الأحياء، وبالتالي وجود الحمامات
~~الخاصة داخل البيوت كنمط جديد سهل التداول. وهذا لا ينفي وجود
~~الحمامات الخاصة داخل البيوت الكبيرة في كل العصور.

# وهناك حمامات متخصصة للرجال أو النساء، لكن هناك أيضا حمامات
~~يتبادل فيها الجنسين أيام أو ساعات العمل، وغالب الحمامات تستخدم
~~البخار، وبها مغطس مياه ساخنة. وتضم بعض الحمامات الفاخرة متخصصين
~~في التدليك وتليين المفاصل، وهو ما يستدعي فترة طويلة يرتاح فيها
~~الزبائن بعد أنواع «المساج» المتعددة في غرف مؤثثة مع تقديم القهوة
~~كشراب منشط، ومثل هذا قريب الشبه بالمؤسسات الصحية الدارجة حاليا
~~باسم: «نوادي الصحة». وبطبيعة الحال فإن مثل هذه الحمامات يؤمها
~~الأغنياء فقط، وتستغرق طقوسها بضع ساعات تماما كما هو الحال الآن،
~~ولكن غالبية الحمامات الأخرى لا تقدم إلا المغطس، وتدليك سريع يقوم
~~به «المكيساتي» بقفاز - كيس - خشن لإزالة العرق وتفتيح
~~المسام.

# الأسبلة والكتاتيب

# في القاهرة ذات متوسط الحرارة العالي معظم السنة يحتاج الأمر إلى
~~إقامة أسبلة - جمع سبيل - لتقديم الماء مجانا للسابلة العطشى،
~~والغالب أنها «سبيل ماء لله»، ومن ثم انتشرت إقامتها بين القادرين
~~من الناس والأمراء. وواجهة السبيل غالبا يتفنن فيها صانع
~~المشغولات المعدنية، وتعلم البناء، ووراءها في داخل البناء حوض
~~كبير يختزن فيه الماء، وفي آخر القرن 18 كان بالقاهرة نحو 245
~~سبيلا، 64 منها ذات بناء فاخر، ونقص العدد إلى 200 سبيل في كتابات
~~علي مبارك؛ أيضا نتيجة تمديدات المياه الجديدة في
~~الأنابيب.

# وفي أغلب الأحيان يوجد كتاب
~~فوق السبيل ms112؛ لتحفيظ القرآن، وتعليم القراءة والكتابة، ومبادئ
~~الحساب، ويعجب كتاب «وصف مصر» الفرنسيون بطريقة التعليم الجماعي
~~في الكتاتيب واستخدام اللوح والطباشير مقابل منهج التعليم الفردي
~~المتبع في فرنسا وكثرة استخدام الورق. كما أن أجر معلم الكتاب كان
~~على قدر الأسر وليس ثابتا، مما كان يسمح بديمقراطية التعليم بدون
~~تمييز لأبناء أسر غنية أو فقيرة. وكان في القاهرة آنذاك 34
~~كتابا فضلا عن مدارس أولية للمسيحيين لا تبتعد كثيرا عن منهج
~~التدريس السائد. ولكننا الآن قد بعدنا عن التعليم الجماعي، وربما
~~كان هذا سببا في الضعف اللغوي الملحوظ، وليس هذا بدعوة إلى نظام
~~الكتاتيب، لكنه آن الأوان أن نقف برهة لتكييف نظام التعليم مع
~~المستحدثات الجديدة، وبخاصة الكمبيوتر، مع المحافظة على سلامة
~~اللغة؛ لأنها الوسيلة الوحيدة للتعلم والتفاهم والتقاضي والأدب،
~~وكل شيء يقع في الحياة بماضيها وحاضرها.
~~(3-7) القاهرة منذ إسماعيل

# اختلفت القاهرة أيام الخديو إسماعيل كثيرا عما سبق من أنماط. صحيح أن
~~مقدمات الاختلاف ترجع إلى عصر محمد علي وإبراهيم ببناء قصور: شبرا والقبة
~~والقصر العالي (قصر الدوبارة)، وأيام عباس حلمي الأول: العباسية، وسعيد:
~~شبرا، ولكن الدفعة الكبرى كانت في عصر إسماعيل، وكانت هناك أسباب كثيرة
~~نذكر من أهمها ما يلي:

# 48
~~(1)

# انتقال إسماعيل من القلعة إلى قصر عابدين، وهو تغير
~~مرتبط بأفكار إسماعيل التحديثية للانتقال من نمط
~~الدولة الشرقية إلى نمط الدولة الغربية، أي خروج الحكم
~~من الحصن المغلق إلى الملأ المفتوح المتفاعل مع
~~المدينة.
~~(2)

# مع انتقال الحكم إلى عابدين حدثت طفرة عمرانية في
~~القسم الغربي من المدينة بدلا من التزاحم الكثيف في
~~القسم الشرقي، كما أسلفنا في الفصل

# الأول

# من هذا الكتاب.
~~(3)

# زاد إسماعيل النمو الغربي للقاهرة بتخطيط وبناء حي
~~جديد متكامل سمي: الإسماعيلية، وهو وسط البلد الآن،
~~وتلاه توفيق بحي التوفيقية إلى الشمال من الإسماعيلية.
~~وحيث إن الإسماعيلية قد بنيت على الطراز الغربي، فقد
~~أصبح لدينا في القاهرة طرازان من العمران والمعمار:
~~الشرقي القديم والغربي الحديث، واستمرت هذه الازدواجية
~~فترة طويلة، لكن المعمار الحديث كانت له الغلبة في
~~نهاية المطاف، وذلك ms113 لمقتضيات الحياة العصرية.
~~(4)

# مما لا شك فيه أن تحسن الأحوال المالية المصرية،
~~وبخاصة سوق القطن المصري في العالم الخارجي بعد اندلاع
~~الحرب الأهلية الأمريكية وتدهور صادراتها القطنية فترة
~~لا بأس بها، قد أعطى إحساسا ملموسا بالرخاء العام في
~~مصر، ويضاف إلى ذلك تدرج عائدات مصر من مرور السفن في
~~قناة السويس.

# وهذه كلها أسباب أدت إلى طفرة كبيرة في تعمير غرب القاهرة من
~~الإسماعيلية والتوفيقية شمالا إلى حي الدواوين حول لاظ أوغلي وقصور
~~المنيرة جنوبا في نظام شبكي واضح المعالم، ونمط حياتي أخذ في
~~الاختلاف عن النمط التقليدي كما نراه من الشكل التالي:

# محلات ودكاكين القاهرة 1883 بالقسم

# شكل 3-7

# يتضح من الشكل (

# 3-7
~~) أن محلات القاهرة ودكاكينها قد
~~اتخذت طابعا مكانيا مزدوجا ما زال مستمرا حتى اليوم. ففي القاهرة
~~الفاطمية تتركز محلات الأقمشة والمنسوجات في الجمالية والدرب الأحمر
~~والقليل في بولاق؛ ميناء القاهرة القديم، وتزداد أعداد محلات العطارة في
~~الدرب الأحمر وباب الشعرية والجمالية، وبالرغم من انتشار نمط المقاهي في
~~كل الأقسام كضرورة ترويحية لالتقاء الرجال في الأمسيات، مع إجراء بعض
~~أعمال وعقود عمل، فإننا نلاحظ زيادة أعداد المقاهي في الأحياء الغربية من
~~القاهرة، وبخاصة في الأزبكية كنمط غربي لشرب القهوة وإجراء الأعمال،
~~بينما المقهى في الأحياء الأخرى هو مشرب لكل المشروبات من القهوة إلى
~~التمر هندي والكركديه، وما أشبه ذلك مع وجود الشيشة لتدخين التنباك
~~بأنواعه العجمي والحمي ... إلخ. وتزيد الفروق بين شرق وغرب القاهرة
~~بالتركيز الشديد للحانات - الخمارات - في الأزبكية، وندرتها في الأحياء
~~القاهرية الأصيلة، والمزيد من قراءة الشكل سوف يعطي الكثير.

# ومنذ ذلك التاريخ والقاهرة تزداد سكانا؛ لتركيز مغالى فيه للمنشآت
~~الخدمية والصناعية والتجارية فيها من ناحية، ونتيجة تحولها مرة أخرى إلى
~~مركز ثقافي وسياسي عربي، وبخاصة منذ تحول مصر إلى النظام
~~الجمهوري الرئاسي، وهو ما سبق تفصيله في الفصلين

# الأول

# و

# الثاني
~~.
~~(3-8) بنية القاهرة الحالية

# وتوضح الخريطة

# 3-8

# بنية القاهرة عام 1966 حيث نمو
~~القاهرة قد انطلق من معطيات ما بعد عصر إسماعيل؛ ليشكل جوهر القاهرة الحالية.

# 49

# والقراءة المتأنية للخريطة ms114 تشير إلى واقع ملموس بعد نحو 30
~~سنة من رسمها، يمكن تلخيصها كالآتي:
~~(1)

# اتجاهات نمو القاهرة ثابتة في كل الاتجاهات التي أشار
~~إليها «بونسيه»، بل زاد تسارعها بإنشاء مجموعة الطرق
~~والأوتوسترادات حول القاهرة؛ الدائري، والطرق
~~المحورية؛ الإسماعيلية والسويس والعين السخنة وحلوان
~~و6 أكتوبر، وكلها مجالات تغري بتحول الأرض من البيئة
~~الصحراوية والزراعية إلى تعمير عقاري سكني. وزاد الأمر
~~أن وزارة التعمير منذ الثمانينيات اعتمدت بناء مدن
~~جديدة قريبة من القاهرة؛ مما جعلها في الحقيقة
~~امتدادا للقاهرة على طول محاور الطرق. وفضلا عن ذلك
~~تراخي الإدارة عن مقاومة ضغوط العمران العشوائي
~~والطفيلي إلى أن استفحلت مشكلاتها بطريقة أفقدت الطرق
~~المحورية والدائرية وظيفتها التي بنيت من أجلها كخطوط
~~حركة لا تعوقها أشكال العمران القاهري الكثيف.
~~(2)

# مناطق السكن المتدهور التي أشارت إليها الخريطة، هي
~~بعينها نوايات مناطق العشوائيات الحالية في: شبرا
~~الخيمة والساحل والمطرية وعين شمس والشرابية وشرق
~~القاهرة ومصر القديمة.

# شكل 3-8:

# بنية القاهرة 1966.

# ودار السلام وإمبابة وبولاق الدكرور، وكلها نمت إلى
~~العشوائيات الحالية حول القاهرة كما أسلفنا في الفصل

# الثاني
~~.
~~(3)

# ما زال السكن الكثيف في شمال القاهرة المركزية من
~~بولاق وشبرا إلى العباسية وحدائق القبة في مرحلة
~~التخلخل؛ بل إن منطقة بولاق وروض الفرج قد تخلخلت
~~بصورة جذرية، وحلت العمائر والمنشآت التجارية والمالية
~~والفندقية محلها على طول واجهتها النيلية، وعلى محور
~~شارع الجلاء.
~~(4)

# وأخيرا فإن عمران القاهرة المركزية في قسمها الشرقي
~~من السيدة زينب والخليفة في الجنوب، إلى الجمالية
~~والفجالة وشبرا في الشمال قد بدأت فيه أعمال إعادة
~~البناء محل البيوت القديمة والآيلة للسقوط، وهي التي
~~يشير إليها «بونسيه» برمز: «تطوير البناء في عقارات
~~موروثة قديمة».
~~(3-9) أعداء القاهرة

# خلاصة هذا الفصل أن نمو القاهرة لم يكن يسير مطردا في كل العصور، بل
~~كانت هناك فترات تراجع أو توقف عن النمو لأسباب كثيرة، بعضها
~~الآتي:
~~(1)

# الأوضاع السياسية بين كونها عاصمة لدولة مستقلة أو
~~إقليم تابع، وأكثر النماذج وضوحا في النمو والازدهار
~~كان في عصور الدولة الفاطمية ودولة المماليك ومحمد علي
~~وإسماعيل. الدولة الأيوبية كانت ms115 فترة مجيدة لكنها كانت
~~دولة حرب امتصت الكثير من عوامل النمو المالية، بينما
~~استقرت دولة الفاطميين والمماليك في الحكم قرونا
~~طويلة مكنت من مواجهة الأزمات بتحسينات وإصلاحات.
~~أما زمن إسماعيل فقد كان القفزة العمرانية لازدهار
~~سابق في عهد جده محمد علي، تم من خلالها إنشاء
~~القاهرة الجديدة مقابل التقليدية، ونمو القاهرة بعد
~~إسماعيل وحتى الآن هو استمرارية بقوة القصور الذاتي،
~~واندفاع الهجرة الريفية إليها دون مواجهة حقيقية
~~لأسبابها الديموجرافية والاقتصادية والإدارية.
~~(2)

# فقدان الأمن الداخلي كان سببا في إعاقة نمو القاهرة،
~~ونموذج ذلك الاضطرابات المميتة بين طوائف العسكر من
~~ترك وسودان التي أدت إلى اضمحلال دولة الفاطميين، أو
~~تناحر المماليك في أواخر العصر العثماني، وأخيرا صراع
~~العسكر المصريين والترك في ثورة عرابي، والتغيير
~~الطبقي الذي أحدثته «ثورة 1952» العسكرية.
~~(3)

# وفي الجوانب الاقتصادية والصحية: كثرة المجاعات وتوطن
~~الأوبئة كانت من بين أسباب مهمة في كبح النمو السكني
~~والسكاني للقاهرة خلال عصور طويلة، وقد تمت سيطرة شبه
~~كاملة على أسباب المجاعة والأمراض، ولكن الجوانب
~~الاقتصادية تتأثر كثيرا بإنفاقات الدولة على مشروعات
~~عسكرية واقتصادية أكبر من الطاقات المصرية منذ عصر
~~محمد علي؛ مما يؤدي إلى مزيد من الهجرة الداخلية إلى
~~القاهرة فيزيد نموها الكمي سكانا ومساحة، ويزيد من
~~تكتل السكان المحرومين في أحياء طفيلية
~~عشوائية.

# جدول : ثبت تاريخي.

# السنة الهجرية

# السنة الميلادية

# ملاحظات

# 1

# 622

# هجرة الرسول إلى المدينة

# 21

# 641

# فتح مصر - جامع عمرو 23ه

# 25

# 645

# الفسطاط 23ه

# 30

# 650

# 35

# 655

# ولاية عمرو الثانية 38-43ه

# 65

# 685

# عبد العزيز بن مروان 685-705

# 95

# 714

# مقياس النيل الأول 98-717

# 125

# 744

# 742 - إنشاء العسكر 123ه

# 245

# 859

# 861 - مقياس النيل الثاني 247ه

# 254

# 868

# نهاية عصر الولاة

# 254

# 868

# أحمد بن طولون

# 260

# 873

# القطائع والقصور 256ه/870

# 265

# 878

# ن 262-265 / 876

# 270

# 883

# خمارويه بن طولون

# 275

# 888

# 280

# 893

# 285

# 898

# جيش بن خماوريه 895

# 290

# 902

# هارون 896

# 292

# 904

# شيبان ونهاية الطولونيين

# 295

# 907

# ولاة عباسيون

# 300

# 912

# ثلاثة عشر واليا 295-323ه

# 310

# 922

# 320

# 932

# 323

# 934

# محمد الإخشيد

# 335

# 946

# أنوجور بن الإخشيد

# 349

# 960

# علي بن الإخشيد

# ن246ه

# 356

# 966

# أبو المسك كافور

# بستان كافور

# 358

# 968

# أحمد بن علي

# نهاية الإخشيد

# 358

# 969

# جوهر وبداية الفاطميين

# 360

# 970

# المعز لدين الله

# القاهرة 969

# 365

# 975

# العزيز بالله

# الأزهر 970

# 370

# 980

# 375

# 985

# 380

# 990

# 386

# 996

# الحاكم بأمر الله

# ج. الحاكم 402

# 390

# 999

# ج. راشدة 393

# 400

# 1009

# 410

# 1019

# 411

# 1020

# الظاهر

# 420

# 1029

# 427

# 1036

# المستنصر

# 430

# 1038

# 440

# 1048

# 450

# 1058

# 460

# 1067

# سور بدر الجمالي 478 + ج. الجيوشي

# 480

# 1087

# باب زويلة 480

# 487

# 1094

# المستعلي

# 495

# 1101

# الآمر ms116

# ج. الأقمر 519

# 555

# 1160

# الحافظ إلى العاضد ونهاية الفاطميين

# 565

# 1169

# صلاح الدين

# الأيوبيون

# 575

# 1179

# ن 573ه / 1177

# 585

# 1189

# 589

# 1193

# العزيز بالله

# 595

# 1198

# المنصور

# 596

# 1199

# العادل

# 615

# 1218

# الكامل

# 625

# 1227

# أحياء ج. الإمام الشافعي 617ه

# 635

# 1237

# العادل 2

# 637

# 1239

# الصالح

# قلعة الروضة

# 646

# 1248

# توران شاه - معركة المنصورة

# 648

# 1250

# نهاية الأيوبيين

# 648

# 1250

# أيبك - شجرة الدر بداية المماليك

# 657

# 1258

# معركة عين جالوت - قطز

# 658

# 1259

# بيبرس الأول

# 666

# 1267

# 676

# 1277

# سلاميش - بركة خان

# 679

# 1280

# المنصور قلاوون

# إنشاء بيمارستان قلاوون 684

# 689

# 1290

# الأشرف بن قلاوون

# 693

# 1293

# الناصر محمد بن قلاوون

# سلطنة قلاوون (1)

# 696

# 1296

# لاجين

# أحياء جامع ابن طولون 696

# 698

# 1298

# الناصر محمد بن قلاوون

# قلاوون (2)

# ترميم الأزهر

# 708

# 1308

# بيبرس الجاشنكير

# 709

# 1309

# السلطنة الثالثة - الناصر محمد بن قلاوون

# وحفر الخليج الناصري 713

# 741

# 1341

# أبو بكر - كجك - أحمد - إسماعيل ... إلخ

# 748

# 1347

# الناصر حسن (1)

# 752

# 1351

# صالح بن ناصر

# 755

# 1354

# الناصر حسن (2)

# جامع السلطان حسن 757ه / 1256

# 672

# 1361

# أحفاد الناصر محمد

# 787

# 1382

# برقوق - بداية المماليك الشراكسة

# 795

# 1392

# 802

# 1399

# فرج بن برقوق (1)

# وبناء خانقاه برقوق 802

# 808

# 1405

# عبد العزيز بن برقوق

# 809

# 1405

# 2 - فرج بن برقوق

# 815

# 1412

# المؤيد شيخ

# بيمارستان 818

# 825

# 1422

# الأشرف برسباي

# 835

# 1431

# 842

# 1438

# الظاهر جقمق

# 857

# 1453

# عثمان جقمق - إينال

# 865

# 1461

# أحمد إينال - خوشقدم ... إلخ

# 873

# 1468

# الأشرف قايتباي

# جامع وخانقاه قايتباي 879

# 902

# 1496

# محمد - قانصوه - جانبو لاد ... إلخ

# 907

# 1501

# قانصوه الغوري - جامع ومدرسة ووكالة الغوري

# 917

# 1511

# 923

# 1517

# طومانباي - نهاية المماليك وبداية الحكم
~~العثماني

# 980

# 1572

# سنان باشا

# 1191

# 1776

# وفاة عبد الرحمن كتخدا

# 1182

# 1769

# علي بك يستقل حتى 1773

# 1213

# 1798

# الفرنسيون حتى 1801

# 1220

# 1805

# محمد علي حتى 1848

# 1279

# 1863

# إسماعيل حتى 1879

# 1371

# 1952

# نهاية الملكية وبدء الجمهورية

# تعود مستوطنات العصر الحجري القديم إلى أكثر من 20 ألف سنة، أما
~~مستوطنات النيوليتي عند مصبات الأودية كحضارات مرمدة بني سلامة
~~والعمري والمعادي فهي بدايات الزراعة، وتعود إلى نحو 5000 سنة
~~و4100 سنة و3500 سنة قبل الميلاد على التوالي، والأغلب أن السكان
~~مارسوا الزراعة وتربية الحيوان، وعرفوا صناعة صهر النحاس في
~~المعادي.

# K.Butzer, “Environment and Archaeology” 1966 (2nd
~~ed. Chicago 1971) in B.Watterson, “The Egyptians”,
~~Blackwell, Oxford 1997, p.42
~~.

# استمرت منف عاصمة مصر منذ 3200 إلى 2180ق.م، وهي فترة الدولة
~~القديمة التي تميزت ببناء الأهرامات من سقارة إلى الجيزة وما
~~بينهما، وبعدهما شمالا إلى أبو رواش وجنوبا إلى اللاهون.

# برغم مرور أكثر من 3000 سنة بين نهاية منف كعاصمة وكتابات
~~المقريزي، فإن ذكرى وجودها وبقائها ظلت تتواصل إلى أن كتب عنها
~~المقريزي (جزء 1 من «الخطط» طبعة مكتبة إحياء علوم الدين - لبنان،
~~ص236-237): «... يروى أن مدينة منف كانت قناطر وجسورا بتدبير
~~وتقدير؛ حتى إن ms117 الماء ليجري تحت منازلها وأفنيتها فيحبسونه كيف
~~شاءوا ويرسلونه كيف شاءوا ... وأن بعض بني يافث بن نوح عمل آلة تحمل
~~الماء حتى تلقيه إلى أعلى سور مدينة منف، وذلك أنه جعلها درجا
~~مجوفة كلما وصل الماء إلى درجة امتلأت الأخرى حتى يصعد الماء إلى
~~أعلى السور، ثم ينحط فيدخل جميع بيوت المدينة، ثم يخرج من موضع
~~لخارجها.»

# الأغلب أن أون نشأت قبل منف كمركز عبادة إله الشمس رع والنظريات
~~الدينية في الخلق، وإلى هذه المدرسة العلمية يرجع استخدام المصريين
~~للسنة الشمسية بديلا للسنة القمرية، وتقسيمها إلى 12 شهرا و5
~~أيام نسيء.

# زار هيرودوت أيضا مدرسة معبد الإله بتاح، إله منف، حيث كانت هنا
~~أيضا مدرسة للعلوم والفنون ، بحيث كان الكاهن الأكبر في منف يسمى:
~~رئيس الفنون. الاسم المصري القديم لمنف هو «السور الأبيض

# Inb Hd

# نسبة إلى سور المدينة
~~الذي رأى هيرودوت أنه بني فترة الملك زوسر؛ لحماية المدينة من
~~فيضان النيل العالي، لأن النيل كان يسير إلى جوار منف في تلك
~~الفترة. أما الاسم المصري القديم لهليوبوليس فهو

# Iunu

# غالبا مرتبطة بالعين،
~~ومن ثم تسميتها الحالية «عين شمس» والتي تيمنت باسمها جامعة عين
~~شمس كأنها تواصل لعطاء الجامعة التاريخية.
~~«خطط المقريزي» جزء 1 طبعة مكتبة إحياء علوم الدين، الشياح لبنان
~~ص400-402.
~~«ملامح ثروة مصر الأثرية والسياحية» نشر المجالس القومية المتخصصة
~~- القاهرة 1993، ص319-320.

# من المعروف أن جيش عمرو بن العاص كان يتكون في مجمله من عرب
~~اليمن وحضرموت، وهي مجموعات تجيد فنون الملاحة البحرية، إلا
~~أن الذي كان يشغل بال الخليفة عمر هو استمرارية الفتوح
~~الإسلامية غرب وجنوب مصر وليس التوقف، وبقاء أسطول لمنازلة
~~الأسطول الروماني المدرب على ارتياد البحر المتوسط والملاحة
~~فيه، وهو الشيء الذي يجهله عرب الجنوب في ذلك الوقت.

# هل كانت بابل قاعدة الحكم الفارسية في مصر؟ سؤال يحتاج إلى
~~مراجعة تاريخية.

# ما زال سكان الواحات المصرية يطلقون اسم «القصر» على القرية
~~الواحية القديمة المحصنة بالسور وأبواب الحارات، ونظرا
~~لاستمرارية سكن نفس المكان قرونا متعاقبة أصبحت هذه القرى
~~مرتفعة عن الأرض حولها ms118؛ لكثرة البناء فوق أنقاض البناء
~~السابق، والاسم الذي يطلقه سكان سيوه على القرية القديمة هو
~~«شاليا» أو شالياه بلغة سيوه البربرية الأصل.

# يرى بعض الباحثين الألمان أن «كمي» هي الأصل الذي اشتق منه
~~اسم الكيمياء، بمعنى الفن الأسود في العصور الوسطى. راجع:
~~إرمان ورانكه «مصر والحياة المصرية في العصور القديمة» ترجمة
~~عبد المنعم أبو بكر ومحرم كمال نشر الإدارة الثقافية لوزارة
~~المعارف المصرية - مكتبة النهضة المصرية - بدون تاريخ (ربما
~~في أوائل الخمسينيات) ص3.

# علي بهجت «قاموس الأمكنة والبقاع التي يرد ذكرها في كتب
~~الفتوح»، شركة طبع الكتب العربية، القاهرة 1906 ص32.

# محمد رمزي «الجغرافية التاريخية لمدينة القاهرة» مجلة العلوم
~~السنة التاسعة مجلد 5 ص648 - نقلا عن كتاب شحاتة عيسى
~~إبراهيم «القاهرة» سلسلة الألف كتاب رقم 184 طبعة دار الهلال
~~بدون تاريخ (غالبا في آخر الخمسينيات).

# انظر الخريطة (

# 3-2
~~) المنقولة عن

# S. Denoix, “Decrire Le Caire
~~Fustat-Misr” Institut Francais.

# وهي
~~نقلا عن علي بهجت التي رسمها بالاستعانة بما ورد عن الفسطاط
~~في

# D’Archeologie Orientale du Caire,
~~1992.

# كتابات ابن دقماق عن
~~مصر.

# راجع: عبد العال الشامي «مدن مصر وقراها عند ياقوت الحموي»
~~الكويت 1981 ص52، وكذلك شحاته عيسى إبراهيم، مرجع سابق،
~~ص22-23، عن ناصري خسرو «سفرنامه».

# أبو عبيد البكري «جغرافية مصر من كتاب الممالك والمسالك»
~~تحقيق عبد الله يوسف الغنيم، مكتبة دار العروبة للنشر،
~~الكويت ص56-57، والقيسارية مصطلح شائع على الأسواق في الصعيد
~~حتى اليوم، وربما كان اشتقاقا عن القيصر أو الحاكم
~~الروماني.

# في وصف ناصري خسرو، وهو من أحسن من كتب بدقة عن مصر الفسطاط
~~ومصر القاهرة يشوبها بعض المغالاة، أنه كان هناك في
~~المدينتين 52 ألف جمل تعمل في نقل قرب الماء للسكان. [فكم
~~كان عدد السقايين؟]

# ابن حوقل (أبو القاسم بن حوقل النصيبي) «صورة الأرض»، دار
~~مكتبة الحياة، بيروت 1979 ص137.

# علي مبارك «الخطط التوفيقية» جزء 1 ص40، الهيئة المصرية
~~العامة للكتاب القاهرة 1980.

# يذكر ابن بطوطة بعد نحو ثلاثة قرون من ناصري خسرو أن
~~بالقاهرة 12 ألف سقاء على الجمال و30 ألف مكاري (يؤجرون
~~حميرهم)، «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»
~~المكتبة التجارية، القاهرة، 1958 جزء أول ص19.

# ابن بطوطة ms119، مرجع سابق، ص21.

# لا شك أن الحركة الملاحية في الخليج بين الفسطاط والقلزم -
~~السويس - كانت تتأثر بموسم الفيضان الذي يمتلئ فيه الخليج،
~~وتقل المياه كثيرا وقت انخفاض النيل. كما أنه كان أيضا
~~يتأثر بالإطماء وسفي الرمال، مما كان يحتاج معه إلى رعاية
~~مستمرة لم تكن متوافرة في كل العهود؛ فهي رعاية كاملة زمن
~~الاستقرار والازدهار، وإهمال تام وقت الاضطرابات الداخلية
~~والركود الاقتصادي.

# ابن بطوطة - مرجع سابق، ص19.

# حفر الناصر محمد بن قلاوون خليجا من منطقة ما قرب باب اللوق
~~أو التحرير الحالية يتصل بمسار الخليج المصري ربما عند
~~العتبة أو الظاهر، ولأن مأخذ هذا الخليج هو من النيل في
~~مساره العريض؛ فقد كان أفضل من مأخذ الخليج المصري في سيالة
~~الروضة، فضلا عن أنه ربما كان أدنى بقرابة المتر، ولأنه 
~~مسار أقصر فقد كان جريان الماء فيه مباشرا، وأكثر استمرارا
~~من المأخذ الأول.

# علي بهجت «قاموس الأمكنة والبقاع التي يرد ذكرها في كتب
~~الفتوح» القاهرة 1906 ص105-106.

# لم نستطع التعرف على من هو الطبيب ابن رضوان سوى أنه كان في
~~مصر على الأقل في فترة ما بعد الطولونيين؛ لأنه يذكر جامع
~~ابن طولون، والنص هو عن علي مبارك الجزء الأول ص34. كما ورد
~~ذكر ابن رضوان في كتابات هوفماير في العشرينيات من القرن 20،
~~ونقلها عنه كليرجيه في كتابه الكبير عن القاهرة طبعة القاهرة
~~1934.

# المقريزي: «الخطط» الجزء الأول ص221-222 طبعة الشياح - لبنان
~~المذكورة سابقا. كذلك انظر: خريطة

# 3-2
~~.

# كانت الضرائب - الخراج - في عهد الدولة الطولونية قد بلغ
~~أكثر من أربعة ملايين دينار سنويا، وبلغ ما أرسله ابن
~~طولون للخليفة العباسي نحو مليوني دينار في أربع سنوات؛ أي
~~بواقع نصف مليون دينار سنويا. الأرقام عن «النجوم الزاهرة»
~~لابن تغري بردي نقلا عن شحاته عيسى إبراهيم، مرجع سبق ذكره،
~~ص46.

# تمثل أفراح زواج «قطر الندى» بنت خمارويه للخليفة العباسي
~~شاهدا على الغنى والبذخ المفرط الذي بلغته مصر فترة
~~الطولونيين. كما يمثل التجاء المتنبي، شاعر العربية الكبير،
~~إلى كافور؛ طمعا في عطايا ضخمة، دليلا على غنى ms120 مصر ووفرتها
~~خلال فترة الإخشيديين.

# الهكسوس والآشوريون والبابليون والفرس والإسكندر وعمرو
~~بن العاص والعثمانيون كلهم جاءوا من الشرق عبر سيناء،
~~بينما جاء الرومان والفاطميون وبعض الصليبيين ونابليون
~~والإنجليز من الغرب، والملاحظة الأساسية أن بعض
~~الغزوات القادمة من الشرق كانت هي الأطول حكما، وتركت
~~بصمات أكثر - إيجابية وسلبية معا - على حضارة ومكونات
~~الشعب المصري، ومعتقداته وديانته من تلك الغزوات التي
~~وفدت من الغرب، ونستثني من ذلك الفاطميين الذين أثروا
~~حضارة القاهرة بعناصر ما زالت قائمة، كما أن الحملة
~~الفرنسية فتحت مصر أمام الحضارة الغربية.

# جاء المعز إلى الإسكندرية، وركب النيل إلى الجيزة،
~~وعبره على جسر عائم أقامه جوهر عام 972م يؤدي إلى شمال
~~جزيرة الروضة؛ وبذلك تجنب المرور في الفسطاط التي كان
~~أهلها قد استعدوا للترحيب به، وقد دخل المعز القاهرة
~~من باب القوس.

# عند إعادة بناء سور القاهرة بواسطة الوزير بدر الجمالي
~~في أواخر العصر الفاطمي توسعت القاهرة عما كانت عليه،
~~وبني باب واحد في الجنوب أطلق عليه باب زويلة، وهو
~~مشهور عند العامة باسم: بوابة المتولي.

# بدأ ابن حوقل رحلته من بغداد 942 وعاد إليها نحو 975
~~بعد أن طوف بالعالم الإسلامي من الهند إلى الأندلس،
~~ولا بد أنه قد زار في تونس مملكة الفاطميين الأولى.
~~ويرى بعض المستشرقين أنه كان داعية سياسية؛ إما
~~للفاطميين أو العباسيين، وربما كان ابن حوقل قد انفعل
~~بزياراته للعالم الإسلامي، وهاله ألا يكون موحدا
~~سياسيا.

# ربما كانت كتابات ابن سليم الوحيدة التي وصفت جغرافية
~~وشعوب السودان والنوبة ولكنها لم تصل إلينا كاملة، بل
~~أجزاء منها في كتابات مؤلفين لاحقين، والذي يهمنا هنا
~~هو أن جوهر كان يهتم بجمع بيانات عن إقليم السودان
~~لأهميته التجارية لمصر، وبخاصة الدور الذي كان يقوم به
~~النوبيون في تجارة الرقيق الجنوبي. فهل فكر جوهر في
~~بسط النفوذ الفاطمي على الجنوب؟ أم شغله هجوم القرامطة
~~على الشام، واستنفد جهده في الإبقاء على الشام كإقليم
~~له أهميته الإستراتيجية والسياسية بالنسبة لمصر
~~والمذهب الفاطمي، بينما كان الجنوب لا يشكل مثل هذه
~~المخاطر على ms121 الدولة الفاطمية؟

# ما زال هذا الاسم مستخدما بتحريف إلى «بين الصورين»
~~في المنطقة الممتدة من باب الشعرية إلى تقاطع شارعي
~~السكة الجديدة وبورسعيد، وهي منطقة تجارة جملة لبعض
~~الأغذية منذ فترة طويلة، لكنها تحولت الآن إلى أسواق
~~لسلع كثيرة منها آلات كهربية وحبال وخراطيم ...
~~إلخ.

# لشدة حزم بهاء الدين قره قوش وأخذه الظالم والمظلوم، تعرض
~~لنقد ساخر كتبه المؤلف المصري ابن مماتي (توفي 1209م) تحت
~~عنوان: «الفاشوش في أحكام قره قوش».

# نقولا زيادة «الجغرافية والرحلات عند العرب» دار الكتاب
~~اللبناني، بيروت (1962؟) ص183.

# زار مصر عدد كبير من الجغرافيين ضمن رحلاتهم الواسعة، وبذلك
~~لم تحظ القاهرة بالكثير من ملاحظاتهم المدونة في كتبهم،
~~ويستثنى من ذلك المسعودي في القرن العاشر وياقوت الحموى في
~~القرن الثاني عشر.

# ليون الأفريقي، «وصف أفريقيا» ترجمه للعربية عن الفرنسية عبد
~~الرحمن حميدة، منشورات جامعة الإمام محمد، الرياض، 1979
~~صفحات متعددة مشار إليها عند كل مقتطف.

# الأشرفي هو الدينار، ويساوي 3,475 جرامات
~~ذهب.

# Rice, D. T., “Islamic Art”, Thames &
~~Iludson, Reprint 1989,p. Also Williams, C., “Islamic
~~Monuments in Cairo” American University in Cairo
~~press, 4th. Edition Cairo 1993, p.
~~246
~~.

# Afaf al-Sayyid-Marsot,
~~“Egypt in the Reign of Mohammad Ali”. Cambridge
~~University Press, Cambridge, 1984, reprint
~~1990.p.10. The figures are derived from A.Raymond
~~“Artisans et commercants au Caire au XVIII siecle”
~~Damascus 1973-74
~~.

# الباره = قرش، هي عملة فضية صغيرة تراوح سعر صرفها إلى
~~الدولار الأمريكي 12,6 باره عام 1820، وارتفعت قيمة
~~الدولار عام 1830 إلى ما بين 16-17 باره، وفي 1840 إلى
~~20 باره. (ص

# X

# من
~~المصدر السابق).

# كل من أراد المعلمة أو الأسطاوية عليه الحصول على
~~شهادة معلمية على جودة صنعته، ثم يختبره شيخ الطائفة،
~~ويعلنه معلما في صنعته في احتفال يحضره شيوخ طوائف
~~أخرى. وعند المزينين والعاملين في الحمامات العامة
~~والإسكافية تقليد، يسمى: شد الحزام، يعقده ثلاث مرات
~~على الأقل، ويقوم بفك العقد المعلم وشيخ الطائفة
~~وأسطوات أخر، وقد زاد القانون في أواخر ق19 شرط موافقة
~~مجلس الصحة على فتح دكان مزين جديد بعد اختباره بواسطة
~~المجلس وشيخ الطائفة؛ ذلك أن المزين في ذلك الوقت كان
~~يقوم ببعض أعمال صحية وعلاجية محدودة وعملية ختان
~~الصبيان. «عن علي مبارك».

# يرى جومار - أحد أبرز علماء الحملة الفرنسية في كتاب
~~«وصف مصر» الجزء العاشر، الترجمة العربية لزهير ومنى
~~الشايب، دار الشايب القاهرة 1992 - أن العناية الطبية
~~في مصر سابقة على تلك في أوروبا بمراحل، ويعتقد جومار
~~أن الملك ms122 لويس التاسع قد شهد طرفا من الطب المصري
~~أثناء أسره في المنصورة، مما أوحى له بعد عودته لفرنسا
~~بضرورة إنشاء مثل هذه المؤسسات الصحية.

# جومار المصدر السابق ص205.

# انظر في الفصل

# الأول [والثاني]

# خرائط

# 1-4

# و

# 1-9

# و

# 2-8

# و

# 1-12

# لتوضيح شكل ومخططات القاهرة منذ عصر إسماعيل.

# الخريطة نقلا بتصرف عن مقال

# E. Poncet,
~~“Notes sur I’Evolution Recent de I’Agglomeration du
~~Caire”, Annales de Geographie. Armand Colin, Paris,
~~LXXIX
~~.



# الفصل الرابع

# القاهرة والناس

# سكان أي مدينة هم الذين يطبعون المدينة بميزات وخصائص معينة، مثل أن تكون عاصمة
~~إقليمية أو قومية أو تكون مدينة ذات طابع حربي أو ميناء عسكري، ولكنها في كل الحالات
~~تجمع الوظيفة التجارية جنبا إلى جنب مع وظيفتها الأولى، وفي الفصول السابقة عالجنا
~~مجموعة هياكل القاهرة في المكان والزمان، وآن لنا أن نكسي الهيكل بالنسيج الحي؛ وهو
~~الإنسان ساكن المدينة.

# وموضوع الإنسان متشعب نتناوله أعدادا ومجتمعا واقتصادا وسياسة. وسوف نتناول
~~الموضوع السكاني بشكل أساسي، مع إشارات لصفة أو أخرى حسب السياق والمقتضى.

# ويشمل موضوع السكان عدة نواح على رأسها العدد الكلي والتوزيع المكاني لأعداد السكان
~~داخل المدينة، وحركتهم من حي لآخر لإنشاء سكن جديد، ويشمل أيضا خصائص السكان
~~الديموجرافية كتقسيم الجنس والفئات العمرية، ودرجة النمو، ودرجة التزاحم وكثافتهم،
~~وغير ذلك كثير، وعلى رأسه نسب الأمية.
~~(1) عدد السكان وتطوره

# من السهل الحصول على عدد سكان القاهرة في قرن من الزمان أو أكثر سواء كان العدد
~~تقديري أو إحصائي، والنوع الأول نحصل عليه من كتابات الكتاب والرحالة القدامى،
~~بينما أرقام النوع الثاني مصادرها: التقارير الرسمية السنوية، والتعدادات العشر
~~سنوية التي تصدرها أجهزة حكومية مسئولة. وأول تعداد رسمي في مصر كان عام 1882
~~وتوالت التعدادات بعد ذلك في 1897، ثم كل عشر سنوات باستثناء ظروف محلية أدت
~~إلى تعداد 1960 وبعد ذلك عاد التعداد إلى 1966، وكل عقد بعده إلى آخر تعداد في
~~1996.

# أما التقديرات السابقة على التعدادات فمصادرها كثيرة، نذكر من أهمها: تقدير
~~«الحسن ابن الوزان» - ليون الإفريقي - في عام 1522، وتقدير «جومار» أحد علماء
~~الحملة الفرنسية في آخر القرن 18. وقام «كليرجيه» بمجهود مشكور في جمع وتحقيق
~~التقديرات السكانية للقاهرة من 1400 إلى 1800 بشيء كثير ms123 من الدقة واعتمادا على
~~كتابات تاريخية سابقة،

# 1

# وهو ما سنأخذ به لتلك الفترة، بالإضافة إلى نتائج التعدادات
~~المختلفة.

# جدول 4-1: تقديرات وتعدادات سكان القاهرة من 1400 إلى 1996
~~(بالألف).

# السنة

# تقدير السكان

# السنة

# تقدير السكان

# السنة

# تقدير السكان

# 1400

# 625

# 1882

# 402

# 1960

# 3349

# 1550

# 435

# 1907

# 679

# 1966

# 4220

# 1800

# 245

# 1927

# 1065

# 1976

# 5084

# 1947

# 2090

# 1986

# 6068

# 1996

# 6789

# واضح من تقديرات السكان في القرون 15-18 أن هناك تدهورا في عدد سكان القاهرة،
~~وربما كان ذلك ناجما عن تضخم تقدير سنة 1400، ولكن لا شك أن عدد السكان قد هبط
~~بعد الاحتلال العثماني وسقوط دولة المماليك وانهيار كبير في تجارة الترانزيت من
~~المحيط الهندي بعد أن استولى الأوروبيون عليها باكتشاف طريق الدوران حول
~~أفريقيا. وقد أورد «الوزان» تقدير عدد الأسر في معظم أحياء القاهرة عام 1522
~~فكان نحو 30500 أسرة، وإذا كان عدد أفراد الأسرة في ذلك الحين نحو تسعة أفراد -
~~بإضافة الخدم والرقيق - فمعنى ذلك أن سكان معظم أحياء القاهرة كان تقديرا نحو
~~275 ألفا، يجب أن نضيف إليهم عددا آخر، هم سكان جنوب القاهرة: «طولون والسيدة
~~ومصر عتيقة»، بما يوازي نحو عشر الرقم السابق، فيصبح لدينا 300 ألف أو نحوه هم
~~سكان القاهرة في الفترة التي تلت دخول العثمانيين مباشرة، وهو رقم مقبول يصح
~~البدء به كتقدير لسكان القاهرة في القرن السادس عشر بدلا من 450 ألفا الواردة
~~في الجدول

# 4-1
~~، وفي القرنين التاليين حدث تدهور لعدد
~~سكان القاهرة نتيجة الظروف الاقتصادية والأمنية المتدهورة كما أسلفنا في

# الفصل الثالث
~~.

# ونتيجة للنظام الجديد والنمو الاقتصادي منذ عصر علي إلى الآن؛ نرى سكان العاصمة
~~في ازدياد مستمر، من نحو نصف مليون إلى نحو سبعة ملايين في الوقت الحاضر؛ أي
~~تضاعف العدد نحو 14 مرة في نحو قرن من الزمان (7162000 نسمة في يناير
~~2000).

# قرن من تطور سكان مصر 1897-1996، والنسبة المئوية لسكان القاهرة
~~إلى مجموع سكان مصر

# شكل 4-1

# ولا شك أن النمو كان بطيئا في أواسط فترة حكم محمد علي، ولكنها تحسنت
~~تدريجيا مع نمو الاقتصاد الزراعي بصفة خاصة، واستتباب الأمن. واستمر التحسن
~~في عهد إسماعيل برغم الاضطراب المالي، وكان هذا تمهيدا ثابتا لاطراد النمو
~~السكاني المصري والقاهري، بحيث إنه ارتفع إلى 2,8٪ سنويا للقاهرة لمدة ms124 ربع
~~قرن من 1882 إلى 1907. ويوضح منحنى الانحدار اللوغرتمي في الشكل

# 4-2

# أن هذا الارتفاع في أعداد السكان بنسبة عالية أخذت
~~تهبط تدريجيا فيما بعد. ثم تضاعف مرتين في الفترة 1927-1947، وبلغ أقصاه في
~~الفترة 1947-1966؛ حيث بلغ نحو 5٪ سنويا، وأخذت نسبة النمو في الهبوط السريع
~~إلى 2٪ في 1976، وأخيرا هبطت إلى 1,2٪ سنويا في عقد التسعينيات.

# نمو سكان القاهرة في قرن

# شكل 4-2:

# يمثل المنحنى نقاط عدد السكان منحنى انحدار لوغارتمي

# Log
~~regression
~~.

# وهذا الشكل من النمو هو أمر منطقي في مدينة تجدد نفسها؛ تبدأ بنمو بطيء ثم تبلغ
~~ذروتها في منتصف الفترة التي تقع تحت الدراسة،
~~وأخيرا تنتهي بانخفاض كبير بعد أن تشبعت
~~المدينة سكانا حتى ضاقت بهم، وقد وقعت ذروة النمو في أواخر الخمسينيات وكل
~~الستينيات بالتوافق مع إقامة مشروعات تنموية متعددة على رأسها تحويل منطقة
~~حلوان إلى نطاق صناعي كثيف، ومضاعفة إنتاج الكهرباء من محطات حرارية متعددة
~~وكهرباء السد العالي؛ مما ساعد على إنشاء صناعات كهربية عديدة في مناطق متفرقة
~~حول القاهرة وداخلها من شبرا الخيمة إلى ألماظة ودار السلام، وترتب على ذلك
~~التحول الصناعي

# 2

# هجرة متزايدة إلى القاهرة ونمو سكان الأطراف بالقياس إلى قلب
~~المدينة كما سنوضح فيما بعد.

# الشكل

# 4-1

# و

# 4-2

# يعطينا صورة متفائلة
~~عن إشكالية القاهرة والسكان. فالنمو قد تباطأ كثيرا الآن بالقياس إلى جيل
~~سابق، ولكن إذا كانت محافظة القاهرة قد حدث فيها ذلك التباطؤ، فإنه إنما حدث
~~لثلاثة أسباب متفاعلة معا:
~~(1)

# تطور توزيع الكتل السكانية في نصف قرن - نسب
~~مئوية

# شكل 4-3:
~~+ القاهرة الكبرى = القاهرة + الجيزة +
~~القليوبية.

# السواحل الشمالية = الاسكندرية = دمياط +
~~محافظات القناة.

# الدلتا = كل الدلتا عدا دمياط والإسماعيلية.
~~الصعيد ابتدءا من بني سويف.

# شكل 4-4 تطور مكونات القاهرة الكبرى
~~1947-1986-1996 محافظة القاهرة ومدينة الجيزة وشبرا
~~الخيمة

# شكل 4-4:

# سكان القاهرة الكبرى.

# محافظة القاهرة قد تشبعت سكنا وسكانا بما لا مزيد عليه
~~بشكلها الحالي، بحيث لا يوجد متسعات لسكان وعمران جديد،
~~ولكنها يمكن أن تستوعب وتتحسن أحوالها السكنية والسكانية
~~بإعادة تخطيط وتجديد الأحياء القديمة أو ما يسمى اصطلاحيا
~~ب «التجديد العمراني للمدينة

# Urban
~~renewal
~~» على سبيل
~~المثال ms125 هجرة الوزارات من منطقة لاظ أوغلي التقليدية سوف تترك
~~مساحات كبيرة، فهل تباع أرضها للمضاربين على الأرض أم يعاد
~~رسم خطوط التنظيم فيها، وتصبح جزئيا حدائق وملاعب يحتاجها
~~بشدة سكان عابدين والسيدة زينب؟ وبالمثل ففي أعماق السيدة
~~والحلمية والخليفة والدرب الأحمر وباب الشعرية وروض الفرج
~~والشرابية شوارع تحتاج للتحديث يسهلها وجود بيوت تهالكت،
~~ويؤدي انهيارها من حين لآخر إلى ضحايا كثيرة؛ لأن البيوت
~~مسكونة بكثافة، وأبنيتها متلاصقة بحيث إن انهيار إحداها
~~كثيرا ما يؤدي إلى انهيار البيت المجاور أو يهدده
~~بالانهيار.

# ومثل هذا التجديد العمراني الملتزم بخطوط تنظيم جديدة سوف
~~يرفع قيمة الأراضي الداخلية في القاهرة ويساعد على بناء حديث
~~أكثر التزاما بالشروط الصحية، وأكثر انتفاعا بخدمات البنية
~~الأساسية مما هو عليه الوضع الحالي المتصف بالفقر والتكدس
~~الآدمي.
~~(2)

# محافظة القاهرة ليست جزيرة منعزلة؛ بل هي جزء لا يتجزأ منذ 
~~الستينيات بما تسميه الجهات المسئولة باسم: «القاهرة
~~الكبرى»، التي تمتد عبر النيل إلى بر الجيزة وإمبابة وما
~~بينهما وإلى شبرا الخيمة التي بدأت تظهر كضاحية صناعية
~~عمرانية صغيرة للقاهرة منذ أواسط الثلاثينيات. فالنمو
~~السكاني في القاهرة كان يجد له منافذ جديدة في الغرب والشمال
~~بحيث أصبحت هذه المناطق أسرع نموا من محافظة القاهرة منذ
~~عقد الستينيات، ويوضح شكلي

# 4-3

# و

# 4-4

# كيف أن للقاهرة الكبرى مفهومين؛
~~أولهما: أنها تتركب من مجمل محافظات ثلاث، هي: القاهرة
~~والجيزة والقليوبية، والثاني: أنها تتشكل من محافظة القاهرة
~~ومدينة الجيزة بضواحيها وقسمي شبرا الخيمة أول وثان، وفي
~~الحالتين نجد اطرادا في الزيادة السكانية بتأثير النمو
~~الداخلي والهجرة. فحسب المفهوم الأول زادت نسبة سكان القاهرة
~~الكبرى في نصف قرن إلى نحو ربع سكان الجمهورية، وتناقصت نسبة
~~سكان الريف في الدلتا والصعيد من 72٪ إلى 64٪ مقابل زيادة
~~محسوسة بمقدار نحو 3٪ في سكان السواحل. فالهجرة إلى المدن،
~~وبخاصة القاهرة الكبرى شيء واضح نتيجة لظروف كثيرة معروفة،
~~وسبقت الإشارة إليها.

# ويؤكد شكل

# 4-4

# تراجع نسبة سكان القاهرة
~~إلى مجموع مكونات القاهرة الكبرى، من 82٪ عام 1927 إلى نحو
~~69٪ فقط في الوقت الحاضر، بينما تضاعفت نسبة سكان ms126 مدينة
~~الجيزة وشبرا الخيمة من نحو 18٪ إلى 31٪، وهذا مؤشر على أن
~~الجيزة وشبرا تستقبلان عددا وفيرا من سكان الريف المجاور
~~والريف البعيد، ودليل ذلك تقسيم مركز شبرا الخيمة إلى قسمين،
~~وزيادة أقسام مدينة الجيزة من أربعة أقسام عام 1966: الجيزة
~~والهرم والدقي وإمبابة، إلى سبعة أقسام إدارية - بزيادة
~~العجوزة وبولاق الدكرور والعمرانية - لكي تتعامل الإدارة مع
~~العدد المتنامي بسرعة من السكان.

# ومجموع سكان القاهرة الكبرى حسب المفهوم الأول - المحافظات
~~الثلاث - يبلغ نحو 14,8 مليون شخص، بينما هو قريب من عشرة
~~ملايين حسب المفهوم الثاني، وتأخذ كثير من الجهات الحكومية
~~والتخطيطية والإعلامية بالرقم الأكبر دلالة على ضخامة
~~القاهرة الكبرى، بينما هو في الواقع مبالغة كبيرة؛ لأنه يضم
~~كل ريف وحضر محافظتي الجيزة والقليوبية. صحيح أنهم يقعون في
~~الظل المباشر لكتلة القاهرة الكبرى العمرانية، ولكنهم ليسوا
~~جزءا منها. أما رقم الملايين العشرة: فهو أقرب إلى الحقيقة
~~وإن كان يزيد بنحو ما يتراوح بين نصف مليون وثلاثة أرباع
~~المليون الذين يتحركون إلى القاهرة نهارا ويعودون مساء في
~~صورة الحركة اليومية المعهودة في غالب مدن العالم والمدن
~~المصرية.
~~(3)

# المدن التوابع للقاهرة سوف تصبح في حالة اكتمالها منافذ أخرى
~~لسكان القاهرة في الشرق والغرب، والنموذج الجيد هو نمو مدينة
~~السلام التي تضاعف سكانها في عقد التسعينيات من 140 ألفا
~~سنة 1986 إلى 366 ألفا عام 1996، وبالمثل نما سكان 15 مايو
~~من 25 ألفا إلى 65 ألفا في نفس الفترة، ومدينة السلام هي
~~المتنفس المكاني في شمال شرق القاهرة، بينما 15 مايو هي
~~استجابة للنمو الكبير لسكان المنطقة الصناعية حلوان-التبين.
~~فهل يؤدي الضغط السكاني في القاهرة إلى تكرار نموذج السلام
~~أو مايو في عقد تال بالنسبة للمدن العديدة كالشروق والقاهرة
~~الجديدة و6 أكتوبر؟
~~(2) القاهرة الكبرى

# سكان القاهرة الكبرى أعوام 1927 و1947 و1986 و1996

# شكل 4-5

# إذا كان سكان محافظة القاهرة قد بلغ قرابة سبعة ملايين في قرن، فإن سكان مدينة
~~الجيزة وضواحيها الشمالية إلى إمبابة والغربية إلى الهرم قد زادت بسرعة تفوق
~~القاهرة بكثير. فقد ارتفع عدد السكان من 600 ألف عام 1966 إلى قرابة مليونين
~~وربع المليون ms127 عام 1996؛ أي زادوا بمقدر 375٪ في ثلاثين سنة، وفي الفترة
~~الإحصائية 1986-1996 كانت الزيادة السكانية في محافظة القاهرة بمقدار 11,9٪
~~بينما كانت في محافظة الجيزة ككل 28,2٪، أما النمو في مركز الجيزة فقد ارتفع
~~إلى 39,7٪ لنفس الفترة، أو ما يعادل قرابة ثلاثة أضعاف ونصف قدر القاهرة، وكذلك
~~نما سكان شبرا الخيمة بنسبة 22٪ في نفس الفترة.

# يضم الشمال أقسام: شبرا الخيمة والساحل والزاوية الحمراء والشرابية وشبرا وروض
~~الفرج. الشمال الشرقي يضم أقسام: حدائق القبة والزيتون والمطرية وعين شمس
~~والمرج. الشرق يشمل أقسام: مدينة السلام والنزهة ومصر الجديدة ومدينة نصر
~~ومنشأة ناصر. الوسط يشمل أقسام: الوايلي والظاهر وباب الشعرية والجمالية والدرب
~~الأحمر والخليفة والسيدة زينب وعابدين والموسكي والأزبكية وبولاق وقصر النيل
~~والزمالك. الجنوب يضم أقسام: مصر القديمة والبساتين-دار السلام والمعادي وطرة
~~وحلوان و15 مايو والتبين. الغرب يشمل: إمبابة والعجوزة والدقي والجيزة وبولاق
~~الدكرور والعمرانية والهرم.

# وهناك مجموعة من الحقائق التي تظهر في شكل

# 4-5

# موجزها في
~~الآتي:
~~(1)

# انقلاب حاسم في سكان القاهرة المركزية المرموز لها في الشكل
~~بالوسط، من سيطرة على مجمل السكان حتى 1947 إلى قلة واضحة
~~بالنسبة للأطراف. فقد انخفضت مساهمتها في سكان القاهرة من
~~76٪ عام 1927 إلى 66٪ لعام 47 إلى 21٪ عام 86 وإلى 15٪ فقط
~~عام 1996، وليس معنى هذا انخفاض العدد الفعلي لسكان وسط
~~القاهرة، بل هم زادوا بنحو مرة ونصف المرة في الفترات
~~التعدادية المذكورة، لكنها زيادة لا تقارن بالأطراف.
~~(2)

# نما سكان شمال القاهرة من نسبة 15٪ عام 27 إلى 31٪ عام 86 ثم
~~انخفضت النسبة إلى 26٪، ويبدو أن الانخفاض نتيجة عاملين؛
~~أولهما: تشبع المنطقة الشمالية بما لا مزيد عليه لدرجة هجرة
~~بعض سكانه إلى مناطق أخرى من القاهرة الكبرى، والعامل
~~الثاني: النمو المتلاحق لسكان منطقتي الشمال الشرقي والجنوب
~~حيث متسعات مكانية وأنشطة اقتصادية أوفر من النطاق
~~الشمالي.
~~(3)

# تزايد سكان منطقة الغرب - لأسباب سبق ذكرها - حتى أصبحت هي
~~المنطقة الأولى عددا ونسبة من بين سكان القاهرة الكبرى. فقد
~~كانت وحدها تشكل نحو ربع السكان عام 1996.
~~(3) تغير الأقسام الإدارية

# إن أحد أهم المصاعب في دراسة التغيرات السكانية عددا ونوعا وكثافة في مدينة ms128
~~ما هو تغير أقسامها الإدارية مرة أو مرات متعددة، وهذا هو ما حدث في القاهرة،
~~سواء في ذلك أقسام محافظة القاهرة أو أقسام مدينة الجيزة وشبرا الخيمة.

# في تعداد 1882 كان بالقاهرة 12 قسما، وقبل ذلك كانت القاهرة مقسمة إلى أثمان،
~~وهي جمع ثمن (
~~) بما يعني أن القاهرة كانت تضم ثمانية أقسام على الأقل منذ
~~عصر محمد علي، وفي 1996 أصبح هناك 37 قسما في محافظة القاهرة بالإضافة إلى
~~قسمين في شبرا الخيمة وسبعة أقسام في مدينة الجيزة، وبعبارة أخرى: تنقسم
~~القاهرة الكبرى إلى 46 قسما ربما تزيد فيما بعد، وبخاصة في الشرق، تلبية
~~للتنمية الجارية تحت مسمى القاهرة الجديدة.

# لقد ظلت الأقسام الوسطى القديمة في القاهرة دون تغيير باستثناء تقسيم عابدين
~~إلى قسمين؛ هما: عابدين وقصر النيل الذي انقسم بدوره إلى قصر النيل والزمالك،
~~وكذلك تكون قسم الظاهر من أجزاء من باب الشعرية والأزبكية والوايلي. أما
~~أقسام الأطراف فهي التي أخذت الإدارة في تقسيمها، وإعادة تخطيطها في الفترات
~~الزمنية المختلفة؛ نتيجة لنمو أعداد السكان والهجرة الداخلية من القلب إلى
~~الأطراف، ولقد بدأ تكوين أقسام جديدة من تعداد 1966 انسلاخا من أقسام أطراف
~~القاهرة. مثلا: تكون قسم المعادي من مصر القديمة، وتكون قسم الساحل من روض
~~الفرج، وقسم المطرية من الزيتون، وتكون الدقي والأهرام من إمبابة
~~والجيزة.

# وفي تعداد 1986 تشكلت معظم أقسام القاهرة الكبرى الحالية بالتقسيم أو
~~الإضافة، بينما كان التغيير طفيفا في 1996 بتكوين قسم طرة وتقسيم مدينة نصر
~~وشبرا الخيمة إلى أول وثان، وتتبع القائمة الآتية تاريخ تكوين الأقسام الإدارية
~~في القاهرة، كما توضح الخريطة

# 4-6

# أقسام القاهرة الكبرى
~~بين 1966 و1996.

# شكل 4-6:

# تغير حدود وعدد أقسام القاهرة الكبرى بين
~~1966و1996.

# جدول : تطور الأقسام الإدارية للقاهرة الكبرى في قرن.

# 1882

# 1927

# 1947

# 1966

# 1986

# 1996

# الجمالية

# الجمالية

# الجمالية

# الجمالية

# الجمالية

# الجمالية

# الدرب الأحمر

# الدرب الأحمر

# الدرب الأحمر

# الدرب الأحمر

# الدرب الأحمر

# الدرب الأحمر

# الخليفة

# الخليفة

# الخليفة

# الخليفة

# الخليفة

# الخليفة

# البساتين

# البساتين

# السيدة زينب

# السيدة زينب

# السيدة زينب

# السيدة زينب

# السيدة زينب

# السيدة زينب

# عابدين

# عابدين

# عابدين

# عابدين

# عابدين

# عابدين

# قصر النيل

# قصر النيل ms129

# قصر النيل

# الزمالك

# الزمالك

# الموسكي

# الموسكي

# الموسكي

# الموسكي

# الموسكي

# الموسكي

# باب الشعرية

# باب الشعرية

# باب الشعرية

# باب الشعرية

# باب الشعرية

# باب الشعرية

# الظاهر

# الظاهر

# الظاهر

# الأزبكية

# الأزبكية

# الأزبكية

# الأزبكية

# الأزبكية

# الأزبكية

# بولاق

# بولاق

# بولاق

# بولاق

# بولاق

# بولاق

# شبرا

# شبرا

# شبرا

# شبرا

# شبرا

# شبرا

# روض الفرج

# روض الفرج

# روض الفرج

# روض الفرج

# الساحل

# الساحل

# الساحل

# الشرابية

# الشرابية

# ترعة البولاقية

# زاوية الحمراء

# زاوية الحمراء

# شبرا الخيمة

# شبرا الخيمة

# شبرا الخيمة (2)

# الوايلي

# الوايلي

# الوايلي

# الوايلي

# الوايلي

# مصر الجديدة

# مصر الجديدة

# مصر الجديدة

# مصر الجديدة

# الزيتون

# الزيتون

# الزيتون

# المطرية

# المطرية

# المطرية

# النزهة

# النزهة

# عين شمس

# عين شمس

# المرج

# المرج

# السلام

# السلام

# حدائق القبة

# حدائق القبة

# مدينة نصر

# م. نصر أول

# م. نصر ثان

# منشأة ناصر

# منشأة ناصر

# مصر القديمة

# مصر القديمة

# مصر القديمة

# مصر القديمة

# مصر القديمة

# مصر القديمة

# المعادي

# المعادي

# المعادي

# طرة

# حلوان

# حلوان

# حلوان

# 15 مايو

# 15 مايو

# التبين

# التبين 

# إمبابة

# إمبابة

# إمبابة

# إمبابة

# إمبابة

# إمبابة

# الدقي

# الدقي

# الدقي

# العجوزة

# العجوزة

# الجيزة

# الجيزة

# الجيزة

# الجيزة

# الجيزة

# الجيزة

# بولاق الدكرور

# بولاق الدكرور

# الأهرام

# الأهرام

# الأهرام

# العمرانية

# العمرانية
~~(4) حركة السكان بين الأقسام

# تطور سكان بعض أقسام القاهرة في نصف قرن 1947-1996

# شكل 4-7

# وبرغم هذه المصاعب فإنه يمكن تبين المتغيرات العددية التي حدثت في أقسام
~~القاهرة خلال شرائح زمنية: في أقسام القاهرة المركزية تظهر المتغيرات العددية
~~على طول فترات التعدادات، بينما يقتصر ظهور الأقسام الخارجية على تعدادات أقل
~~كلما اتجهنا إلى الأطراف.

# ويوضح الشكل

# 4-7

# كيف أن معظم الأقسام الداخلية في القاهرة
~~المركزية، والتي لم يحدث فيها تغيير إداري إلا في أضيق الحدود، قد تناقص سكانها
~~بنسب مختلفة خلال نصف قرن؛ نتيجة لزحف نشاطات الأعمال، وارتفاع أسعار الوحدات
~~السكنية، فضلا عن ضيق مساحة هذه الأقسام؛ مما أدى إلى هجرة السكان خارج هذه
~~الأقسام الوسطى من القاهرة. فعلى سبيل المثال تناقص سكان الجمالية في نصف القرن
~~47-96 إلى 55٪ فقط من سكان 47. وعلى ذات المنوال تناقص سكان الدرب الأحمر إلى
~~64٪ من سكانه عام 47، وسكان الأزبكية إلى 40٪ والموسكي إلى 80٪ وباب الشعرية
~~إلى 45٪.

# وكان ms130 أكبر تناقص هو في بولاق؛ حيث هبط سكان 96 إلى نحو 32٪ من عدد سكانه عام
~~1947، ولا شك في أن هبوط سكان بولاق راجع إلى أنه يحتل واجهة طويلة على ضفة
~~النيل؛ مما جعلها مطمحا لإقامة الأبنية الإدارية والحكومية والفندقية والأسواق
~~الكبرى.

# ولكن ذلك لم يكن كل مسببات تناقص سكان بولاق. فقد بدأ تفكك الجانب الشرقي من
~~بولاق على طول واجهة شارع الجلاء من ميدان عبد المنعم رياض إلى ميدان رمسيس بكل
~~الأبنية الحديثة، وبخاصة مباني جريدتي الأهرام والأخبار، فضلا عن الأبنية
~~النقابية والمستشفيات الكبيرة والفنادق؛ وترتب على ذلك غزو بولاق من الشرق
~~والغرب والجنوب، وبدأت عشش الشيخ علي والترجمان وأسواق القاهرة التقليدية خلف
~~واجهة النيل تتهاوى أمام الزحف الجديد، وبخاصة وكالة البلح التي أخذت في
~~التراجع النسبي، وكان لنقل سوق الجملة في روض الفرج إلى العبور وغيره من
~~الأسواق والأماكن التقليدية صدى كبير في بولاق. إنه قد آن الأوان لتخلي بولاق
~~نشاطها التجاري التقليدي أمام أنشطة أخرى حديثة، وآخر هذا الغزو مشروع تحويل
~~الترجمان إلى محطة مركزية للنقل البري، ولنا على ذلك اعتراضات سوف نوردها في
~~فصل قادم.

# نمو سكان أقسام القاهرة الخارجية في تعدادي 1986 و1996

# شكل 4-8

# وعلى هذا النحو يمكن تفسير تراجع أعداد السكان في أقسام القاهرة المركزية كهبوط
~~سكان السيدة زينب إلى 80٪؛ نتيجة لعوامل كثيرة نفرد منها: تهالك وقدم الأبنية
~~وهجرة بعض الوزارات من لاظ أوغلي والدواوين إلى العباسية ومدينة نصر وإمبابة،
~~وكذلك هبوط سكان باب الشعرية والجمالية راجع - من بين أسباب أخرى - إلى تحول
~~أبنية سكنية إلى مشاغل ومعامل حرفية.

# أما الأقسام التي زاد عدد سكانها في الشكل

# 4-7

# فترجع في
~~الأساس إلى أنها كانت تشغل مساحات كبيرة في الواجهات التي تنمو فيها القاهرة؛
~~مما دعا إلى تقسيمها إلى أقسام عديدة، فمثلا كانت مصر الجديدة عام 47 تضم كل
~~المساحة التي تشغلها الآن أقسام مصر الجديدة والنزهة والزيتون والمطرية وعين
~~شمس. والوايلي 47 انقسمت إلى الوايلي وحدائق القبة. وشبرا إلى شبرا والشرابية
~~والزاوية الحمراء وجزء من الساحل الذي كان ضمن قسم ms131 روض الفرج. ومصر القديمة
~~انقسمت إلى البساتين-دار السلام والمعادي وطرة. وحتى عابدين ذي المساحة الصغيرة
~~وسط البلد انقسم إلى عابدين وقصر النيل والزمالك (راجع خريطة

# 4-6
~~).

# ولهذا فإن أعداد السكان في هذه الأقسام قد زادت على نحو ما يعبر عنه المنحنى
~~اللوغرتمي في الشكل إذا ضمنا كل الأقسام التي تفرعت عن القسم الأم. أما القسم
~~الأم في هذه المجموعة فقد هبط عدد سكانه كما يتضح من منحنى سكان 1996؛ نتيجة
~~تفرق السكان والهجرة الداخلية من وسط القاهرة، والهجرة من خارج القاهرة التي
~~تجد في أقسام الأطراف متسعا لإقامة مساكن رخيصة للسكن الفقير والطفيلي معا،
~~وتزداد هذه الحقائق تأكيدا بتأمل شكلي

# 4-8

# و

# 4-9

# بما لا يحتاج إلى مزيد.
~~(5) تكاثف السكان

# من الأرقام والأشكال السابقة لا بد وأن صورة تكاثف وتركز سكان القاهرة قد
~~اعترتها تغييرات مستمرة على طول تاريخ القاهرة الطويل. ففي منتصف القرن 16 كان
~~تركيز سكان القاهرة في المنطقة الشرقية من القاهرة المركزية - أي في المناطق
~~التي يحتلها الآن أقسام الجمالية والدرب الأحمر وباب الشعرية، وأجزاء من أقسام
~~الخليفة والموسكي والظاهر وعابدين - واستمر هذا الوضع إلى نحو منتصف القرن 19
~~بعد التوسع العمراني غربا إلى ما نعرفه باسم قاهرة إسماعيل، فانتشر السكان
~~بأعداد متقاربة بين القاهرتين القديمة والجديدة، ولتأكيد ذلك كان سكان القاهرة
~~القديمة أكثر من 90٪ من مجموع العام في تقديرات 1550 و1800. وعند أول تعداد في
~~عام 1982 أصبح سكان القاهرة القديمة يشكلون نحو 37٪ وقاهرة إسماعيل نحو 55٪
~~والباقي موزع بين بدايات العباسية وشبرا. وفي 1927 هبطت مساهمة المنطقة القديمة
~~الشرقية والمنطقة الغربية إلى 31٪ و48٪ على التوالي، في حين ارتفع عدد سكان
~~الأطراف إلى نحو 15٪ من المجموع الكلي لسكان القاهرة.

# النسبة المئوية لزيادة ونقص السكان في أقسام القاهرة الكبرى
~~86-1996

# شكل 4-9:

# تكاثف السكان

# ويمكن أن نعتبر 1947 بداية النمط السكاني المعاصر للقاهرة. فقد هبطت المنطقة
~~الشرقية إلى 22٪ والغربية إلى 37٪ بينما توزع 41٪ من السكان على بقية الأطراف،
~~وحظي شمال القاهرة بنحو 19٪ والشمال شرقي نحو 10٪ والشرق 7٪ والجنوب 5٪، واستمر
~~هذا النمط في تعداد 1986 حيث هبط وسط القاهرة شرقه وغربه إلى 17٪ وارتفع ms132 سكان
~~الشمال إلى 22٪ والشمال الشرقي إلى 31٪ والشرق إلى 9٪ والجنوب إلى 21٪، وعلى
~~هذا نجد نمو سكان أحياء الشمال الشرقي فاقت كل أحياء القاهرة في نمو شديد
~~السرعة، بينما كان نمو أحياء الشمال قد تباطأ مقابل نمو متسارع في أحياء
~~الجنوب.

# وفي 1996 تضاعفت هذه الصورة من حيث استمرار هبوط نسبة وعدد سكان الوسط إلى 12٪
~~فقط، وهبوط محسوس في سكان الشمال على 17٪ مما
~~يدل على أن أقسام الوسط والشمال أصبحت طاردة
~~للسكان نتيجة التشبع الشديد. أما الشمال الشرقي فقد واصل ارتفاعه إلى نسبة نحو
~~33٪ وأصبح بذلك أكبر مناطق محافظة القاهرة سكانا واقترب كثيرا من مجموع سكان
~~كل أقسام غرب القاهرة من إمبابة إلى الجيزة والهرم. وواصلت أقسام الشرق والجنوب
~~نموها السكاني فبلغت النسبة نحو 13٪ و24٪ على التوالي.

# ويؤكد الشكل

# 4-10

# هذه الدينامية في حركة السكان داخل محافظة
~~القاهرة في قرون أربعة، بحيث يوضح بجلاء كيف انتقل الثقل السكاني القاهري من
~~الوسط إلى الشمال، وأخيرا التوزيع شبه العادل بين الشمال الشرقي والشمال
~~والجنوب وإسهامات متنامية في الشرق.

# حركة السكان داخل القاهرة في أربعة قرون

# شكل 4-10

# تحسب كثافة السكان على معيارين؛ أولهما: عدد الأفراد في الكيلومتر المربع من
~~المساحة، والثاني: درجة التزاحم التي تقيس عدد الأفراد للغرفة الواحدة،
~~والمعيار الأول يعطي انطباعات بآلاف السكان؛ ولهذا فهو غير محبوب بالنسبة لقياس
~~كثافة المدن، ومع ذلك فهو مفيد في تبين مناطق التركز والتخلخل في الخريطة
~~السكانية لأي مدينة، وبالتالي فهو يستخدم في جميع أغراض التنمية والتحسين
~~الخدمي في المدينة.

# أما معيار التزاحم، فهو مفيد في التعرف على مدى التفاوت الاجتماعي والمالي
~~لقدرات السكان؛ فإن كان التزاحم فردا أو أقل للغرفة دل ذلك فورا على منسوب
~~حياتي عال، وإن كانت الدرجة فردين أو أكثر للغرفة فهو دال على أننا أمام حي
~~متوسط أو فقير يتزاحم فيه أفراد أسرة غالبا كبيرة العدد في وحدة سكنية صغيرة.
~~ويعيب هذا المعيار أن غرف الوحدة السكنية لا يتضح فيها غرف النوم من غرف
~~المعيشة والمنافع الأخرى، ونحن نقف في تعدادات القاهرة أمام مشكلة ms133 أخرى: هل كل
~~الوحدات السكنية في منازل مبنية أم يدخل فيها أشكال أخرى من مساكن الإيواء، أو
~~مأوى من مواد هالكة كالعشش وأشكال من السواتر الخشبية والأقمشة من أجل إيجاد
~~خصوصية في حدها الأدنى كما هو الحال في الكثير من أماكن السكن الطفيلي؟ فكيف
~~نحسب التزاحم في مثل هذه الحالات؟

# وليس لدينا من تفصيل لمثل هذه الموضوعات، وعلينا أن نكتفي بأرقام تعداد 1996
~~كما يتضح من الشكل

# 4-11

# على أنه مجرد مؤشر لمعيار التزاحم
~~في أحياء القاهرة، وبخاصة المناطق العشوائية، مثل: عزبة الهجانة على طريق
~~السويس شمال مدينة نصر أو أحياء الشمال الشرقي.

# أولا:

# ما نلاحظه من الشكل انخفاض درجة التزاحم عن فرد/غرفة
~~في الأزبكية والمعادي وقصر النيل والزمالك والدقي
~~والعجوزة والنزهة، وهذا أمر طبيعي؛ حيث إن سكان هذه
~~الأقسام من الموسرين، أو إنها أقسام يتركز فيها مكاتب
~~أعمال وأطباء ومحلات تجارية وأبنية حكومية كما هو حال
~~قصر النيل والأزبكية.

# ثانيا :

# تتراوح باقي الأقسام بين فرد إلى فردين للغرفة برغم
~~التباين الشديد في التكوين المالي الاجتماعي بين أقسام
~~كمصر الجديدة والمطرية على سبيل المثال، وهو ما يجعلنا
~~نأخذ بحذر شديد هذه الأرقام.

# ثالثا:

# أعلى درجات التزاحم هي حلوان، وإلى جوارها التبين
~~التي لا تختلف عنها كثيرا في مضامين الحياة، بل إن في
~~حلوان مدينة سكنية معقولة، بينما تطغى عزب وطفيليات
~~على الشكل العمراني في التبين. فكيف تكون درجة التزاحم
~~في حلوان 9,4 فرد/غرفة، وفي التبين 1,2
~~فرد/غرفة؟

# رابعا:

# إذا قارنا نسبة الأمية مع التزاحم سوف نجد في غالب
~~الأحوال أمية عالية مقترنة بكثافة عادية عالية كعين
~~شمس والمطرية والزاوية الحمراء ومنشأة ناصر، أو
~~الأقسام شبه الريفية في الجيزة. فكيف لا ترتفع درجة
~~التزاحم في مثل هذه الأحياء؟
~~(6) الكثافة السكانية للكيلومتر المربع

# ربما كانت الكثافة السكانية إلى الكيلومتر المربع أكثر إيحاء بالأوضاع السكانية
~~في القاهرة الكبرى كما يظهر من شكل

# 4-12

# ومن خريطتي الكثافة

# 4-13

# و

# 4-14

# لسنتي 1986
~~و1996.

# بعض الظواهر السكانية للقاهرة الكبرى 1996 نسبة الأمية والتزاحم
~~فرد/غرفة

# شكل 4-11

# في 1966 كانت أعلى الكثافات في ms134 باب الشعرية؛ حيث بلغت نحو 130 ألف شخص/كيلومتر
~~مربع، ولعل هذا هو ما دعا إلى أبحاث ميدانية قام بها أساتذة الاجتماع حول هذه
~~الظاهرة، وتلتها كثافة +100 ألف في روض الفرج، ولكن بعد جيل نرى أن هذه
~~الكثافات شديدة العلو قد انخفضت بدرجات ملحوظة. ففي 1996 انخفضت الكثافة في باب
~~الشعرية إلى أقل من نصف قيمتها قبل 30 سنة بحيث بلغت 60 ألف
~~شخص/كم

# 2
~~.

# بعض الظواهر السكانية للقاهرة الكبرى 1996

# شكل 4-12

# وبالمثل هبطت كثافة روض الفرج إلى 71 ألف/كم

# 2
~~، وإن
~~ظلت واحدة من ثلاثة أقسام شديدة التكاثف في القاهرة عام 1996، وهي المطرية 76
~~ألفا/كم

# 2

# والشرابية 73 ألفا،
~~إضافة إلى روض الفرج، والمعنى أنه قد حصلت
~~هجرة للكثافات العالية من وسط القاهرة إلى الشمال والشمال الشرقي بوجه خاص كما
~~نتبينه من خريطة 1996: «الشرابية، الزاوية الحمراء وشبرا الخيمة في اتجاه
~~الشمال، وحدائق القبة والزيتون والمطرية وعين شمس في اتجاه الشمال الشرقي».
~~وانخفضت أقسام وسط القاهرة من فئة 75-100 ألف 
~~شخص/كم

# 2

# إلى فئة 25-50 ألفا، أعلاها السيدة
~~زينب 42 ألفا والموسكي 36 ألفا، وأدناها الأزبكية 20 ألفا والجمالية 24
~~ألفا. أما كثافة سكان قسمي قصر النيل والزمالك فقد ظلت في الفئة الدنيا من
~~كثافات القاهرة بقيم 10 و6 آلاف شخص/كم

# 2

# على
~~التوالي.

# وفي 1966 كانت الأطراف الشمالية التي كانت تمثلها أقسام مصر الجديدة والمطرية
~~وشبرا الخيمة تقع في فئة كثافة أقل من 10 آلاف
~~شخص/كم

# 2
~~، ولم يبق في هذه الفئة سوى مصر
~~الجديدة وما انبثق عنها من أقسام، بينما ارتفعت قيم الكثافة في شبرا الخيمة إلى
~~34 ألفا، والمرج والسلام إلى ما بين 10 و20 ألفا. وبقاء الكثافة منخفضة في
~~مصر الجديدة والنزهة ومدينة نصر راجع إلى ضخامة مساحات هذه الأقسام. فالنزهة هي
~~أكبر أقسام القاهرة مساحة وتبلغ قرابة 67كم

# 2

# ومدينة
~~نصر أول وثان 46كم

# 2
~~، ونضيف إلى ذلك أنهما يضمان
~~أراضي صحراوية شاسعة، والمطارين: الدولي وألماظة، ومساحات كبيرة لأبنية
~~حكومية وعامة وأندية متعددة للقوات المسلحة والأندية الخاصة، وعدد من الصناعات
~~خاصة في مدينة نصر.

# وفي ذات الوقت تحولت مصر القديمة والخليفة من فئة كثافة 50-75 ألفا إلى ms135 21 و17
~~ألفا على التوالي، مقابل نمو مذهل للمنطقة بينهما وبين المعادي - والتي تحولت
~~الآن إلى قسم البساتين/دار السلام - إلى تكاثف سكاني بلغ 47 ألف
~~شخص/كم

# 2
~~. أما حلوان فقد هبطت برغم زيادة عدد
~~سكانها بسرعة فائقة؛ نتيجة لتوسع مساحة قسم حلوان ومايو والتبين، فانخفضت
~~الكثافة إجمالا. لكن الدراسة التحليلية سوف تبين كثافات سكانية شديدة الارتفاع
~~في العزب والقرى داخل قسمي حلوان والتبين، فغالب مساحة القسمين مصانع ضخمة وأرض
~~رملية وصخرية خالية.

# وإذا كانت محافظة القاهرة قد نمت في كل الاتجاهات الممكنة شمالا وجنوبا
~~وشرقا، فإن الجيزة قد تأخرت كثيرا عن القاهرة، وإن تسارع نموها بشكل مذهل منذ
~~سبعينيات القرن العشرين، وسبق أن ذكرنا في الفصل الأول أن النمو العمراني غرب
~~النيل بدأ بإنشاء الكباري وشق الطرق منذ نهايات عصر إسماعيل، وما زال إنشاء
~~الكباري مستمرا حتى الآن تلبية لعمران البر الغربي، وآخرها المنيب والوراق
~~على الطريق الدائري، وبدأ العمران يمتد على الأرض الزراعية على استحياء بطول 
~~طريق الهرم وطريق التحرير إلى الدقي وبولاق الدكرور. ثم نمت مدينة الأوقاف إلى
~~عدة أحياء أشهرها المهندسين والعجوزة، ومن ثم توالت الطرق القاطعة للوادي
~~الزراعي موازية لشارع الهرم شماله وجنوبه، كان آخرها محور 26 يوليو واستكمال
~~الدائري من المنيب إلى الهرم، ولا نشك في أن هذه العملية سوف تستمر من إمبابة
~~وبولاق الدكرور إلى الواجهة الصحراوية شمال الأهرام في اتجاه مدينة 6 أكتوبر
~~والمدن الأخرى إلى جوارها.

# والملاحظ بصفة عامة أن النمو العمراني غرب النيل هو غالبه الأعم سكني بدرجات
~~مختلفة، ولا تتداخل فيها أنشطة أخرى - باستثناء التجارة بأحجامها - كالقاهرة
~~إلا في أقل القليل، وأقرب ما يتشابه مع القاهرة ذلك التداخل الملحوظ في إمبابة
~~بين السكن والأنشطة الحرفية.

# شكل 4-13:

# كثافة السكان لعام 1966 في محافظة القاهرة.

# شكل 4-14:

# كثافة السكان لعام 1996 في محافظة القاهرة.

# ونتيجة النمو السريع فإن أقسام الجيزة كلها ذات كثافات عالية القيمة، مع
~~استثناء قسم الدقي الذي تسيطر على أجزاء كثيرة منه أشكال من السكن المترف،
~~وتحول الكثير من الفيلات إلى الأنشطة الطبية والعلاجية، ولا ms136 شك في أن التزاحم
~~عال في الأحياء الفقيرة في إمبابة والجيزة الجنوبية والدكرور والقرى الكثيرة
~~في الهرم والعمرانية.

# وإذا بعدنا عن متاهات الأرقام في أقسام القاهرة الكبرى فإنه يمكن تلخيص الموقف
~~السكاني إجمالا على نحو ما يظهر من الجدول الآتي والخريطة

# 4-15
~~.

# ست مناطق تجميعية لإقليم القاهرة
~~الكبرى.

# من القاهرة الكبرى

# الوسط

# الشمال

# شمال شرق

# الشرق

# الجنوب

# الغرب

# المساحة ٪

# 4,1

# 10,4

# 9

# 36,8

# 26,4

# 13,2

# السكان ٪

# 6,3

# 20,5

# 19,6

# 12,5

# 18,6

# 22,5

# الكثافة بالألف

# 30

# 38,4

# 42,2

# 6,6

# 13,7

# 33,2

# ويمكن تلخيص نتائج الجدول فيما يلي:
~~(1)

# منطقتا الشمال والجنوب هما مناطق الصناعة الرئيسية في
~~القاهرة الكبرى، وخاصة في شبرا الخيمة وحلوان والتبين؛ مما
~~يؤدي إلى كثافات سكانية عالية متداخلة وسط المصانع، مما
~~يترتب عليه أحزمة فقر شديد مع بعض العشوائيات.

# ويكونان معا 37٪ من مساحة القاهرة الكبرى و39٪ من
~~سكانها.

# روض الفرج والساحل في الشمال كانت تناظر منطقة أثر النبي في
~~مصر القديمة من حيث الوظيفة التجارية كمواني نهرية للقاهرة،
~~ونفس الظاهرة النهرية هي التي جعلت منهما شرائط تنمية
~~عمرانية حديثة لأبراج إدارية وحكومية وسكنية ومستشفيات شاسعة 
~~وفنادق كبيرة على طول الواجهة النيلية من أغا خان إلى بولاق
~~في الشمال، ومن أثر النبي إلى المعادي في الجنوب.

# ولكن خلفهما مباشرة ما زالت أشكال العمران الفقير الكثيف
~~تسيطر على روض الفرج والساحل؛ لتلتحم مع السكن الكثيف
~~والطفيلي في الزاوية الحمراء والشرابية في النطاق التجميعي
~~الشمالي. وعلى الصورة ذاتها نجد في النطاق التجميعي الجنوبي
~~أحزمة من السكان والسكن الفقير خلف الكورنيش من فم الخليج
~~إلى دير النحاس، والإسكان الشعبي من «أبو السعود» إلى
~~المناطق المحيطة بالكنائس والأديرة وجامع عمرو حول شارع حسن
~~الأنور والمدابغ القديمة ودار السلام وإسطبل عنتر والعزب
~~القديمة شمالي المعادي. وتمتد هذه الظاهرة أيضا جنوب طرة
~~إلى التبين، ومعظمها سكن فقير إلى شديد الفقر، وخاصة في
~~عشوائيات جنوب المعصرة، وعلى طول ترعة الخشاب وفي التبين
~~والمرازيق، والنقاط المضيئة في الجنوب هي السكن متوسط الحال
~~في مدينة حلوان وجامعة حلوان إلى الشمال منها، والسكن المخطط
~~في مدينة 15 مايو.
~~(2)

# شكل 4-15:

# ست مناطق تجميعية لإقليم القاهرة
~~الكبرى.

# المنطقة التجميعية في الشمال الشرقي ms137 هي ثاني أصغر قطاعات
~~القاهرة الكبرى بمساحة نحو 9٪، لكنها تستأثر بحوالي خمس
~~السكان؛ مما يجعلها أعلى مناطق القاهرة في كثافة السكان.
~~كانت المنطقة تتشكل من سكن الموثرين عند نشأتها في أحياء
~~القبة والزيتون والمطرية، ولكن فيلات وقصور المنطقة تقسمت
~~إلى مساكن صغيرة المساحة في الصورة التي سبق ذكرها في الفصل

# الأول

# من حيث وجود الظاهرة
~~المعكوسة: ابتلاع السكن الفقير القروي الأصل للسكن الموسر؛
~~وبذلك أصبحت المنطقة  هي
~~الأولى في القاهرة لنطاق الفقر مع نمو هذا النمط على حساب
~~الأرض الزراعية في المطرية وعين شمس والمرج غربا في اتجاه
~~ترعة الإسماعيلية عند مسطرد، وشمالا مع خط حديد الضواحي
~~الذي أصبح مسارا لخط مترو الأنفاق الأول، ومما يزيد كثافة
~~السكن والسكان نشأة منطقة صناعية حرفية في قباء والحرفيين،
~~وعلى طول طريق جسر السويس من عين شمس إلى السلام.
~~(3)

# منطقتا الشرق والغرب، هما بصورة أساسية مناطق سكنية لكنهما
~~يختلفان. ففي الشرق نمط سكن متوسط إلى موسر في مصر الجديدة
~~والنزهة ومدينة نصر، بينما الغرب يسيطر على غالب سكانه النمط
~~الفقير عدا شرائح كورنيش النيل وسكان قسمي العجوزة
~~والدقي. ويضم الشرق
~~تركزا واضحا في السكن الطفيلي الصحراوي والجبلي في عزبة
~~الهجانة وعزب منشأة ناصر ووادي الدويقة، بينما السكن الطفيلي
~~في الغرب هو بالأساس سكن ريفي متدهور حيث فقد السكان مهنة
~~الزراعة، وتحولوا إلى أجراء وعمال غير ماهرة. وتتمثل في
~~المنطقتين تجمعات واسعة للنشاط التجاري الحديث الذي يمثله
~~أسواق «المول» المجمعة في مصر الجديدة وعباس العقاد وشارع
~~الهرم وبعض شوارع المهندسين. وهذا التحول ناجم عن ضيق
~~الأسواق الأصلية في وسط القاهرة، ووجود رأسمال استثماري في
~~أشكال التجارة الحديثة.
~~(4)

# وسط القاهرة التي تشكل أقل مناطق القاهرة مساحة وسكانا لا
~~تزال تنقسم إلى وسط شرق ووسط غرب، ولكل منهما صفات خاصة بين
~~التكوين القديم والحديث، لكنهما معا يكونان أكبر مناطق
~~الأعمال الحكومية والعامة والخاصة، والتجارة بقسميها: الجملة
~~والقطاعي، ونشاط حرفي في غالبه تقليدي، والملاحظ تناقص
~~السكان عددا في هجرة إلى مناطق القاهرة الأخرى بالصورة التي
~~أسلفنا الكلام ms138 عنها.

# مقارنات ديموجرافية واجتماعية لبعض أقسام القاهرة حسب نتائج تعداد
~~1996

# شكل 4-16

# ويظهر الشكل

# 4-16

# مقارنات ديموجرافية واجتماعية لنماذج من
~~مناطق القاهرة الكبرى، وهو لا يحتاج إلى شرح كثير. باب الشعرية والجمالية
~~يمثلان القاهرة القديمة حيث ترتفع نسبة العاملين إلى +75٪ مع ارتفاع قيمة
~~الأمية إلى نحو ثلث السكان، وانخفاض عدد أفراد الأسرة نتيجة هجرة الأسر
~~الجديدة، وبقاء الأسر القديمة في أحيائها التقليدية. كذلك تتميز الأبنية
~~بارتفاع نسبي لأبنية العمل وأبنية مختلطة للعمل والسكن معا، وباختصار
~~فالجمالية وباب الشعرية يمثلان بقايا النمط السكني/الحرفي التقليدي، ويمكن أن
~~نضم روض الفرج إلى هذا النموذج مع اختلاف الارتفاع الكبير في نسبة أبنية السكن
~~في روض الفرج، فالأعمال قليلة خاصة بعد انتقال سوق الجملة إلى العبور.

# وتشبه حالة قصر النيل الجمالية في كثرة أبنية العمل، وارتفاع نسبة فئة قوة
~~العمل، ولكنها تختلف في ارتفاع كبير لفئة الجامعيين وانخفاض الأمية، وذلك ناجم
~~عن كون قصر النيل هي مركز الأعمال والتجارة الحديثة. ويتشابه الدقي ومدينة نصر
~~في الكثير من المعطيات باعتبار أنهما أحياء سكنية متوسطة إلى موسرة.

# أما حالات حلوان والبساتين والمطرية فتشترك في ارتفاع نسبة الأطفال إلى 30٪ أو
~~أكثر.

# وانخفاض قوة العاملين، وسيادة أبنية السكن، وقلة واضحة في أبنية الأعمال،
~~وارتفاع نسب الأمية؛ فنحن هنا أمام أحياء كثيفة السكان، وبخاصة
~~الطفيليين.
~~(7) بعض مظاهر ديموجرافية

# المظاهر الديموجرافية التي تظهر خصائص سكان مدينة أو إقليم ما متعددة، ربما كان
~~من أهمها: نسبة الذكور والإناث في المجتمع، ودرجة الخصوبة التي توضح إمكانيات
~~النمو السكاني إلى النمو الفعلي السنوي، وتركيب المجتمع من الفئات العمرية
~~والهرم السكاني الناجم عن هذا التركيب ودلالاته في النمو والثبات السكاني
~~وتكوين قوة العمل، والخصائص الصحية للمجتمع الناجمة عن دراسة نسب الوفيات
~~العامة، ووفيات الأطفال والرضع بصفة خاصة، ونسبة كبار السن إلى مجموع السكان،
~~وغير ذلك من الأمور التي توضح في مجموعها أداء المجتمع ككائن حي: هل ينمو أم
~~ينكمش؟ هل هو مجتمع صحي أم تشوبه أمراض مزمنة أو متوطنة تقلل أو تقزم طاقته
~~الإنتاجية؟ وفيما يأتي ms139 سوف نتناول - قدر المعلومات الرقمية المتاحة - بعضا من
~~هذه الموضوعات للتعرف بصورة عامة على الشكل الداخلي لمجتمع القاهرة.
~~(7-1) تركيب الجنس

# مصر من الدول التي تزيد فيها نسبة الذكورة بدرجة محسوسة، وينعكس ذلك على
~~سكان القاهرة التي تبلغ نسبة الذكور فيها 51,2٪.

# المنطقة والإقليم

# مصر

# حضر

# ريف

# محافظات حضرية

# محافظات الدلتا

# محافظات الصعيد

# محافظات الحدود
~~٪ ذكور

# 51,17

# 51,27

# 51,09

# 51,23

# 51,08

# 51,25

# 53,4

# وتختلف أقسام القاهرة اختلافا محسوسا فيما بينها في ارتفاع نسبة الذكور
~~عن الإناث كما يتضح من الشكل

# 4-17
~~. أعلى نسبة ذكور في
~~الوايلي والأزبكية، وأدناها في مصر الجديدة والنزهة. وفوق متوسط القاهرة
~~عدد من الأقسام، هي: التبين وحلوان والموسكي والظاهر والشرابية ومدينة
~~نصر والبساتين والمرج والدقي والأهرام، وأغلبها تتسم بوجود أعمال شتى.
~~وأقل من المتوسط سكان الأقسام التي تمثل أحياء سكنية بالأساس عدا قصر
~~النيل وعابدين؛ حيث تقتضي الأعمال زيادة الإناث العاملات عكس الموسكي، أو
~~ربما عوامل ديموجرافية اجتماعية أخرى تحتاج تفسيرات مطولة يتصدى لها
~~الديموجرافيون.

# سكان أقسام القاهرة 1996 الذكور والإناث

# شكل 4-17
~~(7-2) التركيب العمري لسكان القاهرة

# يتميز الهرم السكاني لمصر والقاهرة بسيادة قاعدة كبيرة من صغار العمر،
~~وقمة صغيرة من كبار السن، ويعبر الجدول الآتي عن تركيب فئات العمر
~~المصرية  عامي 1980 و1996 مقارنا
~~بالقاهرة 1996، والواضح أن هناك تغيرا محسوسا في هذا التركيب نوجزه في
~~النقاط الآتية:

# جدول : فئات العمر الرئيسية لمصر والقاهرة (نسب
~~مئوية).

# فئة العمر

# أقل من 15 سنة

# 15-60 سنة

# أكثر من 60 سنة

# مصر 1980

# 39,8

# 53,6

# 6,5٪

# مصر 1996

# 35

# 59,9

# 5,1٪

# القاهرة 1996

# 28,1

# 66

# 5,9٪
~~(1)

# قاعدة الهرم المتكونة من صغار السن آخذة في الانكماش
~~بين 1980 و1996، وهذه علامة جيدة حيث إن نسبة الإنجاب
~~قد بدأت تقل إلى معدلات معقولة. فقد انخفضت الخصوبة
~~لدى النساء - معدل رقمي - من خمسة أطفال عام 1982 إلى
~~نحو 3,9 طفل عام 92، وإلى 3,4 طفل متوسط أواسط
~~التسعينيات، ومعنى ذلك: أن الوعي بتنظيم الأسرة قد أخذ
~~مسارا فعليا بوجه خاص في سكان الحضر الذين يشكلون
~~نحو 45٪ من سكان مصر، وذلك لأن سكان المدن يواجهون
~~بأعباء حياتية تدعو إلى خفض عدد المواليد.
~~(2)

# الظاهرة الثانية انخفاض غير مرغوب في نسبة كبار السن،
~~ولعل ذلك مرده إلى سكان ms140 المدن أيضا؛ حيث توترات
~~الحياة والسكن غير الصحي، وتلوث جو المدينة، وسهولة
~~الإصابة بأمراض العصر تساعد على إنقاص هذه الفئة من
~~كبار السن.
~~(3)

# نسب القاهرة تؤكد فاعلية المدينة الكبيرة في ارتفاع
~~الفئة الوسطى التي هي قوة العمل بمقدار 6٪ عن متوسط
~~مصر، وانخفاض نسبة صغار السن بمقدار 7٪، تمشيا مع ما
~~سبق ذكره من فاعلية تنظيم الأسرة في المدن. ففي مدينة
~~الجيزة، وهي جزء من القاهرة الكبرى، ترتفع نسبة صغار
~~السن عن تلك بالقاهرة بمقدار 3,2٪؛ وذلك لأن مدينة
~~الجيزة تضم مجموعة كبيرة من السكان شبه الريفيين في
~~بولاق الدكرور والعمرانية على سبيل المثال، فهم ريفيون
~~سكنا وثقافة، ومدنيون بحكم أعمالهم التي لم تعد
~~الزراعة واحدة منها، ويؤكد ذلك انخفاض نسبة متوسطي
~~السن بمقدار 2,1٪ عن مثيلهم في محافظة القاهرة.
~~(4)

# ارتفاع نسبة كبار السن في القاهرة عن معدل مصر راجع
~~إلى كثافة المؤسسات الصحية والعلاجية بصورة لا تصل
~~إليها الإسكندرية، وهي المدينة الثانية في مصر، وللسبب
~~ذاته المذكور في النقطة الثالثة تنخفض نسبة كبار السن
~~في الجيزة إلى 4,8٪.

# وفي داخل القاهرة نجد تفاوتا واضحا بين سكان الأقسام المختلفة يعبر
~~عنها الشكل

# 4-18

# بما لا يدعو إلى مزيد.

# فئات العمر والجنس في بعض أقسام القاهرة الكبرى
~~1996

# شكل 4-18:

# الشريط العرضي 50,5 يمثل المتوسط العام للذكور
~~في القاهرة.

# فمجموعة الأقسام إلى يسار الشكل ترتفع فيها نسبة صغار السن عن بقية
~~الأقسام؛ فالسكان هنا إما طفيليون يسكنون عشوائيات منشأة ناصر
~~والبساتين/دار السلام وإمبابة، وإما هم من الفقراء والعمال الذين ترتفع
~~فيهم نسب الأمية كالمطرية وحلوان وروض الفرج. وانخفاض نسبة صغار السن في
~~مجموعة الأقسام الوسطى في الشكل غالبا ترجع إلى هجرة الشباب والأسر
~~الجديدة إلى خارج الأحياء القديمة في السيدة زينب وباب الشعرية
~~والجمالية، ويؤكد ذلك انخفاض نسبة الذكور بالقياس إلى البساتين ومنشأة
~~ناصر وحلوان.

# أما مصر الجديدة والدقي فتمثلان أحياء متسعة للسكن الجديد، فضلا عن أن
~~السكان ينتمون إلى طبقات متوسطة أو ثرية، وأخيرا فإن سكان قسم قصر النيل
~~يمثلون مناطق الأعمال والتجارة الرئيسية؛ مما يؤدي إلى نحافة ms141 عددية
~~للسكان، وقلة في المواليد، فضلا عن الطبقة الموسرة في عمارات المنطقة
~~وجاردن سيتي على وجه خاص. ومن الدلائل على ذلك: انخفاض نسبة الذكور في
~~قصر النيل ومصر الجديدة عن المعدل القاهري العام، والأغلب أن ارتفاع نسبة
~~الذكور في الدقي يعود جزئيا إلى سكن نسبة من الأجانب الذين يعملون في
~~السلك الدبلوماسي أو بيوت الخبرة.

# وأخيرا هناك ملاحظة قد تكون ذات دلالة للمتخصصين في الديموجرافيا وأصول
~~علوم السكان، فتحليل أرقام 1996 لفئات السن الصغيرة قد أوضحت أن غالبية
~~أقسام القاهرة تنتمي إلى واحد من النموذجين الذي يعبر عنها الشكل

# 4-19
~~.

# نموذجا تركيب السكان دون 15 سنة، نسب مئوية من مجموع سكان
~~بعض الأقسام

# شكل 4-19

# النموذج الأول:

# يعبر عنه تركيب هذه الفئة هرمي الشكل كما هو في
~~الجمالية والبساتين والزمالك، بحيث يتناقص حجم الفئة
~~تدريجيا مع ارتفاع العمر، وعلى سبيل المثال ينتمي
~~إلى هذا النموذج الهرمي حلوان وباب الشعرية والمرج،
~~والسلام تنتمي إلى هذا النموذج بصورة
~~تقريبية.

# النموذج الثاني:

# يتصف بأن فئة العمر 6-10 سنوات أصغر مما قبلها
~~وبعدها، ويمثل هذا النموذج سكان السيدة زينب ومنشأة
~~ناصر، وينتمي سكان مصر الجديدة وقصر النيل إلى هذا
~~النموذج، وإن كانوا يختلفون في أن فئة 10-15 سنة
~~أكبر من الفئة دون 6 سنوات، وكذلك ينتمي للنموذج
~~الثاني سكان أقسام أخرى، نذكر منها على سبيل المثال:
~~روض الفرج وإمبابة والدقي. كما أن جملة سكان القاهرة
~~ومدينة الجيزة تظهر فيهما صفات النموذج
~~الثاني.

# ملاحظات: الأرقام الواردة تحت تواريخ ثابتة مثل 1996 مصدرها منشورات
~~التعدادات العامة الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بالقاهرة.
~~بعض أرقام الخصوبة والهرم السكاني لسنة 1980 وما قبلها مصدرها محمد السيد
~~غلاب «السكان» في كتاب «جغرافية مصر» إصدار المجلس الأعلى للثقافة -
~~القاهرة 1994. خريطة الأقسام الإدارية للقاهرة الكبرى، ومساحات الأقسام
~~عن رسالة ماجستير غير منشورة لسامح إبراهيم عبد الوهاب - آداب جامعة
~~القاهرة.

# إحصاءات سكانية للقاهرة 1996 (جدول1).
~~*

# الأقسام

# جملة السكان (آلاف)

# ذكور (آلاف)

# إناث (آلاف)

# الأمية ٪

# التبين

# 59

# 31

# 28

# 28

# حلوان

# 518

# 267

# 251

# 34

# 15 مايو

# 65

# 33

# 32

# 8

# طرة

# 58

# 30

# 28

# 29

# المعادي

# 70

# 36

# 34

# 10

# م. القديمة

# 225

# 115

# 110

# 31

# السيدة

# 155

# 78

# 76

# 23

# الخليفة

# 186

# 95

# 91

# 31

# البساتين

# 658

# 342

# 316

# 28

# عابدين

# 48

# 24

# 24

# 16

# الموسكي

# 29

# 15

# 14

# 27

# قصر النيل

# 13

# 6

# 6

# 9

# الزمالك

# 15

# 7

# 7

# 5

# بولاق

# 74

# 38

# 36

# 34

# الأزبكية ms142

# 30

# 16

# 14

# 18

# د. الأحمر

# 78

# 40

# 38

# 26

# الجمالية

# 59

# 30

# 29

# 30

# ب. الشعرية

# 59

# 30

# 29

# 27

# الظاهر

# 65

# 34

# 31

# 12

# منشأة ناصر

# 169

# 88

# 80

# 51

# الشرابية

# 266

# 127

# 118

# 31

# شبرا

# 83

# 42

# 41

# 24

# ر. الفرج

# 178

# 90

# 88

# 25

# الساحل

# 333

# 170

# 163

# 20

# ش. الخيمة

# 870

# الزاوية الحمراء

# 307

# 157

# 150

# 27

# الوايلي

# 89

# 49

# 40

# 18

# ح. القبة

# 308

# 157

# 151

# 23

# الزيتون

# 322

# 164

# 158

# 16

# المطرية

# 498

# 255

# 242

# 23

# عين شمس

# 472

# 240

# 231

# 18

# المرج

# 242

# 125

# 117

# 28

# السلام

# 300

# 187

# 179

# 28

# النزهة

# 153

# 76

# 77

# 6

# م. الجديدة

# 151

# 75

# 76

# 6

# م. نصر

# 397

# 205

# 191

# 6

# إمبابة

# 523

# 267

# 256

# 29

# العجوزة

# 175

# 89

# 85

# 15

# الدقي

# 88

# 46

# 43

# 9

# الجيزة

# 238

# 122

# 116

# 28

# بولاق الدكرور

# 454

# 233

# 221

# 24

# الأهرام

# 200

# 103

# 97

# 30

# العمرانية

# 542

# 277

# 265

# 17

# تتابع الأقسام حسب ترتيب كتابي التعداد لسكان
~~القاهرة والجيزة سنة 1996.

# إحصاءات سكانية للقاهرة 1996 (جدول 2).
~~*

# الأقسام

# المساحة

# الكثافة

# عدد الأسر بالألف

# التزاحم فرد/غرفة

# التبين

# 25

# 3

# 12

# 1,2

# حلوان

# 55,1

# 9,5

# 123

# 9,4

# 15 مايو

# 6,9

# 8

# 15

# 1,8

# المعادي - طرة

# 11,3

# 11

# 20-20

# 0,6-1,8

# بساتين

# 14

# 47

# 157

# 1,7

# م. القديمة

# 10,6

# 21

# 57

# 1,8

# الخليفة

# 10,6

# 17

# 51

# 1,7

# السيدة

# 3,7

# 42

# 42

# 1,3

# عابدين

# 1,7

# 29

# 15

# 1,4

# الموسكي

# 0,8

# 36

# 8

# 1,6

# قصر النيل

# 1,3

# 10

# 4

# 0,7

# الزمالك

# 2,6

# 6

# 8

# 0,9

# بولاق

# 2,4

# 31

# 22

# 2

# الأزبكية

# 1,5

# 20

# 8

# 0,1

# الظاهر

# 2

# 32

# 18

# 1,4

# الجمالية

# 2,5

# 24

# 15

# 1,9

# الدرب الأحمر

# 1,4

# 55

# 21

# 1,6

# ب. الشعرية

# 0,98

# 60

# 16

# 1,4

# ر. الفرج

# 2,5

# 71

# 46

# 1,6

# الساحل

# 14

# 24

# 84

# 1,6

# شبرا

# 2,4

# 34

# 22

# 1,6

# الشرابية

# 3,3

# 73

# 58

# 2,1

# الزاوية الحمراء

# 4,7

# 65

# 69

# ش. الخيمة

# 25,3

# 34

# 192

# الوايلي

# 5,7

# 15

# 22

# 1,6

# ح. القبة

# 4,4

# 69

# 76

# 1,8

# الزيتون

# 7,7

# 41

# 79

# 1,6

# المطرية

# 6,5

# 76

# 115

# 1,8

# عين شمس

# 8,8

# 53

# 118

# 1,6

# المرج

# 12,3

# 20

# 55

# 1,7

# السلام

# 36,1

# 10

# 86

# 1,8

# النزهة

# 66,8

# 2

# 42

# 0,9

# م. الجديدة

# 29,2

# 5

# 44

# 1,5

# م. نصر

# 46,2

# 8,5

# 96

# م. ناصر

# 7,9

# 21

# 39

# إمبابة

# 13,5

# 39

# 120

# 1,4

# العجوزة

# 5

# 35

# 46

# 1

# الدقي

# 5,4

# 16

# 25

# 0,9

# الجيزة

# 7,5

# 31

# 57

# 1,3

# بولاق الدكرور

# 15,8

# 28

# 107

# 1,3

# الهرم

# 19,6

# 38

# 47

# 1,4

# العمرانية

# 132

# 1,2

# ترتيب الأقسام حسب تتابع المكان
~~الجغرافي.

# يذكر كليرجيه من مصادره أسماء عديدة بعض منها:

# Breidenbach, Leon I’Africcain, Castela,
~~Davity, Savary, Volney, Niebuhr, Blumenau, Sonnini,
~~Thevenot, ete
~~... ص239 من الجزء الأول من
~~كتابه عن القاهرة

# M. Cler-get, 'LE CAIRE’
~~1934
~~.

# التركيز الصناعي في القاهرة كانت له مساوئ كتب عنها الكثيرون
~~استنادا إلى أن القاهرة لم تكن أحسن المواقع لصناعات ثقيلة
~~كالحديد والصلب، وصناعات معدنية أخرى كالصناعات العسكرية. هذا
~~فضلا عن تلويث جو القاهرة، وتكوين مناطق سكن عشوائي طفيلي شديد
~~الفقر كثير المشكلات الاجتماعية والسياسية تعاني منها القاهرة
~~الآن. كما كتب البعض نقدا حادا عن كينونة الصناعة وعائدها
~~الحدي، وتجرى الآن مراجعة لبعض هذه الصناعات وبخاصة مصنع حديد
~~حلوان الضخم؛ حيث إن مشكلات تحديثه وزيادة إنتاجه تواجهها مشكلات
~~اجتماعية في العدد الضخم الذي يعمل به. ولا شك أن مثل هذه الصناعات
~~كانت جيدة بالقياس إلى ظروف التكنولوجيا القائمة، وظروف مصر
~~المحاصرة سياسيا آنذاك، ومن ثم لا يكون القياس عادلا بالمقارنة
~~بجميع الظروف التكنولوجية السياسية المصرية والعالمية الآن.



# الفصل الخامس

# القاهرة والأنشطة الاقتصادية

# تعرفنا في الفصل الرابع على أعداد السكان وتوزيعهم المكاني على أقاليم وأقسام
~~القاهرة، وبعض مواصفاتهم الديموجرافية، والآن سنحاول إعطاء بعض المظاهر في العمل
~~والحركة من مكان لآخر داخل هذه المدينة الكبيرة.
~~(1) قوة العمل في القاهرة

# تحسب قوة العمل نظريا ms143 للسكان في فئة العمر 15-60 سنة شاملة الجنسين معا،
~~وحيث إن الإناث في معظم مناطق العالم أقل مساهمة في قوة العمل من الذكور؛ فإن
~~قوة العمل هي في الغالبية الساحقة أقل من 100٪، ويضاف إلى ذلك نسبة البطالة
~~التي تتأرجح كثيرا؛ نتيجة لعوامل اقتصادية تكنولوجية، ونقص في التدريب، وتعلم
~~المهن المختلفة، فإن قوة العمل تنخفض أيضا بنسبة المتعطلين.

# عدد السكان الذين هم في قوة العمل في محافظة القاهرة

# 1

# أربعة ملايين و525 ألفا بنسبة 66,7٪ من مجموع سكان المحافظة، وعدد
~~المشتغلين هو مليون و822 ألفا بنسبة تبلغ نحو 27٪ من مجموع سكان المحافظة،
~~ونسبة 40٪ من قوة العمل النظرية، منهم نحو 3٪ عاطلين،

# 2

# وفي مدينة الجيزة يبلغ عدد السكان في فئة قوة العمل 1,42 مليونا،
~~بينما عدد المشتغلين هو 652 ألفا بنسبة 45٪ من قوة العمل و29٪ من سكان
~~الجيزة.

# جدول 5-1: توزيع العمالة والمنشآت في محافظة القاهرة على قطاعات العمل المختلفة.
~~*

# قطاع العمالة

# عدد المنشآت العاملة

# عدد المشتغلين
~~٪ من إجمالي المشتغلين
~~٪ إناث عاملات

# قطاع خاص واستثماري

# 302198

# 947751

# 52,2

# 16,6

# قطاعات أخرى «تعاوني ومشترك ... إلخ»

# 4652

# 27390

# 1,5

# 28,3

# قطاع الأعمال العام 

# 3075

# 244479

# 13,5

# 15,5

# جميع القطاعات عدا الحكومية

# 309925

# 1219620

# 67,2

# 16,6

# القطاع الحكومي

# 7480

# 595300

# 32,8

# 35,0

# الأرقام عن المصادر السابقة للجهاز المركزي للتعبئة
~~والإحصاء.

# جملة المشتغلين في محافظة القاهرة تعادل 11,5٪ من إجمالي العمالة الفعلية في
~~جمهورية مصر البالغة 15 مليونا و830 ألفا، والعاملون في القطاع الحكومي في
~~الجمهورية يبلغون أربعة ملايين و428 ألفا يخص محافظة القاهرة 13٪ فقط، وترتفع
~~هذه النسبة إذا كان الكلام عن القاهرة الكبرى.
~~(2) موضوعات عامة في العمل
~~(2-1) عمالة المرأة

# ويمكن أن نلاحظ من خانة العاملات من الإناث (جدول

# 5-1
~~) أن المساهمة في مجموعها أقل من 20٪ من قوة
~~العمل، وهي نسبة لا بأس بها لكنها تختلف في القطاعات المختلفة. فأعلى
~~مستخدم للإناث هو القطاع الحكومي الذي تزيد فيه مساهمتهن عن ثلث قوة
~~العمل الحكومية، ويلي ذلك أعمال في القطاعات الأخرى كالتعاوني، لكنه في
~~مجموعه قطاع صغير العدد عمالة ومنشآت.

# في مجالي التعليم والصحة/والعمل الاجتماعي تتفوق معدلات مساهمة المرأة في
~~العمل على الذكور بنسبة 54٪ و52٪ من مجموع العمالة في المهنة على
~~التوالي. يليهما في ذلك 28٪ في ms144 الأعمال المالية والائتمانية. أما في بقية
~~الأنشطة: فتتراوح مساهمة الإناث بين 10٪ و16٪ من مجموع العمالة، على سبيل
~~المثال: 11٪ في نشاط الفنادق والمطاعم، و12,5٪ في الصناعات التحويلية،
~~16,4٪ في تجارة الجملة ونشاط التشييد والبناء، و18٪ في نشاط العقارات
~~والإعلان والتأجير وبحوث التطوير، وفي أوجه تنخفض مساهمة النساء عن 10٪
~~كالتعدين والمحاجر والصناعات الكيميائية ... إلخ.

# وفي مجال البطالة نجد أنها أقل بين الإناث بالمقارنة بالذكور في المجموع
~~العام (37٪ من مجموع العاطلين - جدول

# 5-2
~~) وفي كل
~~فئات السن الأخرى، وربما رجع السبب جزئيا إلى أن نسبة العاملات تتركز
~~في أصحاب المؤهلات التعليمية المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية، بينما
~~يكاد ينعدم تشغيل من هن دون هذه المؤهلات. أما البطالة بين الذكور، فتمتد
~~لتشمل الأميين، ومن هم دون الشهادة المتوسطة وكل المؤهلات الأخرى.
~~(2-2) البطالة

# جدول 5-2: نسب العاطلين حسب فئات السن (1997).
~~*

# النطاق/فئة السن

# 15-19

# 20-24

# 25-29

# 30-39

# 40-49

# 50-60

# جملة العاطلين

# القاهرة ٪ من الجملة

# 16٪

# 35٪

# 38٪

# 7,5٪

# 1,5٪

# 1,5٪

# 139 ألفا

# إناث ٪ من كل فئة

# 40٪

# 36٪

# 38,6٪

# 32,7٪

# 50٪

# 37٪

# حضر مصر

# 17,6٪

# 37,3٪

# 34٪

# 10٪

# 0,6٪

# 0,4٪

# 687 ألفا

# إناث ٪ من كل فئة

# 49,4٪

# 48,5٪

# 48٪

# 53٪

# 26٪

# 48,5٪

# ريف مصر

# 23٪

# 36,6٪

# 31٪

# 8,6٪

# 0,3٪

# 0,1٪

# 759 ألفا

# إناث ٪ من كل فئة

# 53,5٪

# 51٪

# 57٪

# 69٪

# 28٪

# 54٪

# إناث ٪ من كل فئة

# 52٪

# 50٪

# 52,5٪

# 56,7٪

# 28,8٪

# 51,5٪

# المصدر: جدول 15 «النشرة السنوية لبحث العمالة
~~بالعينة 1997» الجهاز المركزي للتعبئة
~~والإحصاء.

# الملاحظ من الجدول أن البطالة ترتفع بصفة عامة في الفئات من 20 إلى 30
~~سنة، وهي المنطقة الحرجة من العمر قبل أن يستقر الشباب في وظائف ومهن
~~محددة. أما ارتفاع البطالة بين الشباب من 15 إلى 20 سنة فأمر منطقي؛ لأن
~~هذه هي فترة استكمال التعليم فوق المتوسط، والذين لا يدرسون هم من صغار
~~السن بحيث لا يسمح تأهيلهم بالتشغيل الكامل، وبطبيعة الحال تزداد الفروق
~~بين القاهرة والحضر والريف؛ ففي القاهرة مجالات عمل أكبر من بقية مدن مصر
~~وريفها لأسباب معروفة لا حاجة لتكرارها.

# وطبقا للجدول نفسه فإن العاطلين في محافظة القاهرة يبلغ 9,6٪ من مجموع
~~العاطلين في مصر، لكنهم يبلغون 20٪ من مجموع العاطلين في حضر مصر، وهنا
~~تكمن مشكلة البطالة في القاهرة حيث تزداد حدة في مجال جغرافي ضيق؛ بل
~~وتتفاقم نتيجة تسرب العاطلين من ريف وحضر مصر إلى القاهرة بحجة إمكان
~~الحصول على أي عمل، ولو كان ذلك عملا هامشيا ms145 متقطع المدى.
~~(2-3) مناهج التعليم والبطالة

# واستمرارا للمعرفة نرى أن 30٪ من العاطلين في القاهرة هم من حملة
~~البكالوريوس والليسانس، وترتفع نسبة العطالة بين الحاصلين على التعليم
~~المتوسط فتبلغ 43٪، فكأن نظام التعليم المتوسط والجامعي يلقي بأعداد
~~كبيرة إلى ميدان البطالة؛ غالبا نتيجة عدم التأهيل الجيد، وللزيادة
~~المفرطة في أعداد الخريجين، وأخيرا لضيق مجالات العمل؛ لقلة الاستثمارات
~~في مجالات العمل التي تستوعب عمالة بشرية لقدمها، والاتجاه إلى الاستثمار
~~في منشآت أحدث لا تتطلب عمالة كثيرة، ومن هنا نجد تكدس الهيئات الحكومية
~~وشبه الحكومية بعمالة زائدة لحل مشكلات الخريجين، وتسعى الحكومات إلى
~~تأجيل زيادة عدد العاطلين بفتح طرق كثيرة للالتحاق بالدراسات الجامعية
~~وفوق المتوسطة، وهذه حلول مؤقتة لمشكلات متشابكة بداية من زيادة السكان
~~فوق المقدرات التقليدية لأسس الاقتصاد المصري، وانتهاء بمعترك العولمة
~~غير واضح المعالم إلا بصورة جزئية في مجال التجارة الدولية الحرة،
~~وتأثيره على الأشكال الإنتاجية الوطنية في مصر. ومرة أخرى: يرجى من
~~المفكرين، وليس التربويين وحدهم، الجلوس معا لوضع إستراتيجية للتعليم
~~لما بعد الإعدادية بحيث تكون مرنة التطبيق داخل خطوط أساسية ملزمة ، وبحيث
~~لا تصبح نمطا موحدا في أقاليم مصر المختلفة.

# على سبيل المثال يمكن للأقاليم البحرية توجيه التعليم ناحية أنشطة البحر
~~من أعمال المواني المتعددة: نقل بحري، وهندسة مواني، وميكانيكا بحرية،
~~وحجر صحي، وصناعات التخزين الحديثة، وأحواش الحاويات، وشحن وتفريغ آلي،
~~وحسابات ومحاسبة سلعية وجمركية، وإدارة مواني وسجلات كمبيوترية، وأمن
~~بحري على الأرصفة وفي البحر الإقليمي وأمن المنطقة الجمركية ومكافحة
~~الحوادث والحرائق وأعطال إمدادات الكهرباء والمياه، وغير ذلك من أعمال
~~وأنشطة المواني؛ لتخريج عمالة بدرجات متعددة أكثرها مؤهلات مهنية متوسطة
~~وأقلها مؤهلات عليا في هذه المجالات.

# وعلى النسق نفسه يمكن أن تركز المناهج التعليمية في أنحاء من الدلتا
~~والصعيد على إشكاليات انتقاء البذور البيئية، وتقليل استخدام الأسمدة
~~الكيماوية والإنتاج والنقل والتشوين وأنظمة التسويق الزراعية الاحتكارية
~~للمحاصيل المهمة الموجهة إلى التجارة الخارجية أو تلك المتجهة إلى
~~الصناعات الزراعية. فعلى سبيل المثال: إن العودة في العالم المتقدم إلى
~~ملبوسات القطن والكتان تحتاج إلى ms146 مزيد من الاهتمام بكل نباتات الألياف
~~لصناعات النسيج، وبالمناسبة كان الكتان المصري منذ عصور الفراعنة وإلى
~~وقت ليس ببعيد مصدرا أساسيا للملبوسات. المطلوب تقنيات أحدث في
~~المعالجة؛ ليصبح الكتان والقطن علامات مصرية مميزة.

# 3

# نتكلم كثيرا عن مشروعات زراعية «عملاقة» في شمال سيناء وتوشكى. ونتكلم
~~أكثر عن غزو الصحراء، وإقامة مستوطنات زراعية هي ناجحة بدرجات في غرب
~~الدلتا كالتحرير والنوبارية، والصالحية في شرق الدلتا التي بدأت بداية
~~حسنة، ثم ركدت أو تراجعت. هل لدينا خطة واضحة عما يمكن زراعته في
~~الأراضي الجديدة، وبخاصة في منطقة الحرارة العظمى والتبخر العالي في
~~توشكى وشرق العوينات.

# والسؤال الحاكم هو ماهية التوازنات بين محصول واحتياجاته المائية في ظل
~~ظروف جغرافية مناخية معينة، وبين القيمة المضافة للعائد دون دعم
~~حكومي؟ وما هي وسائل الري المزمع استخدامها، وما هي طرق تأهيل
~~المزارعين عليها، وعلى أصناف المحاصيل الجديدة؟ وإذا كانت وزارة الزراعة
~~تضع أسعارا عالية للفدان في الأراضي الرملية التي يهددها سفي الرمال
~~المستمر، فما هي إذن الحوافز للاستيطان الجديد؟

# لهذا يجب استنباط مناهج تعليمية لتأهيل جيل جديد من مستوطني الأراضي
~~الجديدة؛ لكي يدخل معركة استصلاح في ظل ظروف غير مألوفة للميراث الزراعي
~~المصري التقليدي، ومن ثم يجب أن تكون مناهج التعليم موجهة أساسا لتنشيط
~~وتخليق قدرات الزراعة في الواحات وجنوب الوادي في توشكى وشرق العوينات
~~وشرق حوض كوم أمبو من أجل مشروعات استزراع في ظل ظروف جديدة كل الجدة.
~~وبنفس القدر يوجه التعليم في شرق وغرب الدلتا على زراعة حديثة في مركز
~~الحسينية وشمال سيناء أو غرب النوبارية وجنوب بحيرة مريوط بطول ترعة بهيج
~~وأرض البنجر.

# على أن ذلك يجب أن يصحبه تأهيل مساند في التصنيع الزراعي؛ إذ لا شك أن
~~المساحات المستجدة من الأراضي الزراعية لها طاقة استيعابية من المزارعين
~~لا يجب أن يتعدوها، وإلا وقعوا في الحلقة المفرغة من الفقر والبؤس
~~والبطالة السافرة والمقنعة، وعلى ذلك يجب إضافة اقتصاد صناعي زراعي يفسح
~~المجال أمام مزيد من السكان المهاجرين في الأرض الجديدة، ويتسنى من خلاله
~~إنشاء ms147 مدن صغيرة إلى متوسطة تقوم على اقتصاديات الصناعة والخدمات، وكل
~~ذلك يعطي المناطق الجديدة تكاملية في النشاط الاقتصادي تجعلها مستقلة إلى
~~حد كبير عن مدن الوادي المتخمة بالناس والفقر إلى حد الجوع.
~~(2-4) العاملون والعاملون بأجر

# ذكرنا أن عدد المشتغلين في القاهرة يبلغ مليونا و882200 فرد، غالبيتهم
~~الساحقة مشتغلون بأجر كما يتضح من الجدول

# 5-3
~~.

# جدول 5-3: تقدير أعداد المشتغلين وأنواعهم بالقاهرة ومصر 1996 فئة
~~العمر 15-64 سنة (الأرقام بالألف).
~~*

# الإقليم

# قطاع حكومي

# قطاع عام

# قطاع خاص

# استثماري وغيره

# الجملة ٪

# الجملة ٪

# القاهرة عاملون

# 595

# 307

# 888

# 31

# 1882

# 100

# القاهرة (ع)
~~†

# بأجر

# 595

# 307

# 553

# 31

# 1487

# 82

# حضر مصر (ع)

# 2383

# 896

# 3414

# 82

# 6776

# 100

# حضر (ع) بأجر

# 2383

# 896

# 1679

# 82

# 5040

# 75

# ريف مصر (ع)

# 2045

# 397

# 6568

# 43

# 9054

# 100

# ريف (ع) بأجر

# 2045

# 397

# 1966

# 43

# 4451

# 49

# مصر عاملون

# 4427

# 1293

# 9989

# 125

# 15830

# 100

# مصر (ع) بأجر

# 4427

# 1293

# 3646

# 125

# 9492

# 60

# المصدر: جدولي 11 و14 من «النشرة السنوية لبحث
~~العمالة بالعينة في جمهورية مصر العربية عام 1997».
~~مرجع 71-12525 الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء -
~~القاهرة أغسطس 1999.
~~(ع) = عاملون.

# والملاحظ أن نسبة العاملين بأجر تبلغ أعلاها في القاهرة، ثم تتدرج في
~~الانخفاض في أقاليم مصر المذكورة بالجدول، وتصل أدناها في ريف مصر، ولا
~~شك أن ذلك يعود إلى أسباب عديدة نفرد منها:
~~(1)

# ارتفاع نسبة الريفيين العاملين في أراضيهم أو محالهم 
~~التجارية والخدمية إلى 51٪ من مجموع العمالة الريفية،
~~بغض النظر عن حجم الملكية أو الحيازة الزراعية أو نوع
~~العمل التجاري وحجمه.
~~(2)

# المشتغلون في القطاعات الحكومية والعامة والاستثمارية
~~هم عاملون بأجر، ومن ثم يتركز العاملون بدون أجر في
~~القطاع الخاص؛ أي في حيازتهم من المنشآت والأراضي.
~~وربما كانت هناك نسبة من العاملين في القطاع
~~الاستثماري بدون أجر، ولكن الأرقام التي لدينا لم
~~توردها، وعلى العموم فإن القطاع الاستثماري والتعاوني
~~والمشترك لا يعمل به عدد كبير من العاملين.

# وفيما يختص بنسبة العاملات بدون أجر - أي صاحبات أعمال - تدل أرقام دراسة
~~العمالة بالعينة سالفة الذكر على أن أقل نسبة من العاملات بدون أجر هي في
~~القاهرة حيث تبلغ 3٪ فقط، وترتفع إلى 8٪ بين العاملات في كل حضر مصر، ثم
~~ترتفع بشدة لتصل إلى 70٪ في ريف مصر، وليس معنى هذا أن مليونا و244
~~ألفا من ساكنات الريف هن صاحبات أعمال؛ بل الأغلب أنهن عاملات ms148 مجانا مع
~~أسرهن في الأنشطة الممارسة، وخاصة الزراعة، إضافة إلى النشاط الإنتاجي
~~التجاري التقليدي الصغير في الريف الذي تمارسه بعض الريفيات كبيع فائض
~~البيض أو الدجاج أو الزبد والجبن ... إلخ في سويقة القرية أو القرية
~~المجاورة.

# وبرغم أن هذا النمط من عمالة النساء بدون أجر فيه إهدار جزئي لقوة العمل
~~من ناحية، وللقيمة المضافة للعمل من ناحية ثانية، فإنه نمط موروث من
~~ناحية، ونظام اقتصادي ريفي متكامل منذ بضعة آلاف من السنين من ناحية
~~أخرى، وحتى العاملات بأجر من النساء في أقاليم الريف يكاد عملهن أن يكون
~~موسميا كطبيعة العمل الزراعي، مع أجور قد لا تتناسب مع الجهد المبذول
~~بالقياس إلى أجور الرجال.

# متى تصبح عمالة المرأة إضافة إلى الناتج المحلي العام؟ الأغلب أننا لا
~~نتوقع حدوث ذلك إلا بعد استيفاء تدريجي لشروط منها:

# تعليم المرأة مهنيا، وليس فقط الخروج من دائرة
~~الأمية.

# تغير هيكلي في الزراعة المصرية، ليس فقط ميكنة
~~الزراعة، بل أيضا تحديث نظام التسويق الحالي ومنح
~~الفلاحين حوافز إنتاجية.

# إضافات لأوجه نشاط حديثة مكملة للزراعة كإعداد المنتج
~~وتعليبه ونقله بمرونة كافية للتسويق المحدث، ونشر
~~بعض الصناعات الريفية والصناعات الزراعية إلى قرى
~~كثيرة من أجل خلق مجالات عمل عديدة للمرأة والرجل
~~كحوافز للبقاء في الريف بدلا من الهجرة للمدن،
~~وبديلا لنظام العمل الريفي التقليدي الذي تتداخل فيه
~~أشكال من العمل دون أجر؛ مما لا يضيف للناتج المحلي
~~العام الشيء الكثير.
~~(3) ماذا يعمل سكان القاهرة؟

# يذكر علي باشا مبارك في موسوعته القيمة «الخطط التوفيقية» أن مجموع العاملين في
~~الحرف والصنائع بمدينة القاهرة بلغ 63480 عاملا بنسبة 18٪ من سكان المدينة
~~موزعين على أنشطة يوضحها الشكل

# 5-1

# بما لا يزيد معه تفصيل
~~كثير. بعض هذه الأنشطة قد استبدل بمهن أخرى، على سبيل المثال سائقي التاكسي
~~ووسائل النقل الحديثة بدلا من الحمارة وأصحاب الحمير، كما أن الكثير من الحرف
~~اليدوية كصناعة الأقفاص والخيامية وحرف الحدادة قد دخلت نطاق صناعات آلية
~~حديثة.

# العاملون في الحرف والصنائع في القاهرة 1882

# شكل 5-1:

# مجموع العاملين 63480 عاملا = 17٪ من سكان القاهرة ms149
~~البالغ عددهم 374832 نسمة الأرقام مجمعة عن خطط علي
~~مبارك، الجزء الأول صفحات 247-249.

# أنواع المنشآت وأعداد المشتغلين في مصر والقاهرة 1996

# شكل 5-2

# وهناك بعض الصنائع غير مفهومة لنا في الوقت الحاضر مثل «الجرايرية» وعدددهم
~~1155 فردا، و«أمشاطية» و«قمراتية» وعددهما قليل (78 و64 شخصا على التوالي)،
~~وقد أدخلنا مهن الحلاقين والجواهرجية والصدفجية وتلاحمة السبح والساعاتية ضمن
~~قائمة الزينة والتزين، وبرغم أنه يصعب إدخال أنشطة كثيرة ضمن التصنيف الحديث،
~~إلا أن الصورة التي أوردها علي مبارك تلقي الكثير من الضوء المهم على نشاطات
~~أهل القاهرة حينما كانت طوائف الصناع والحرفيين في مرحلة الانتقال من النمط
~~القديم إلى النمط الحديث الذي يكثر فيه استخدام الآلات، وينتظم فيه العاملون في
~~نقابات مهنية جديدة القواعد والشروط.

# والملاحظة المهمة أن نسبة العاملين إلى سكان القاهرة ارتفعت بعد 120 سنة من 17٪
~~إلى 27٪، ولكن الأعداد الفعلية توضح زيادة كبيرة من 63 ألفا من العاملين إلى
~~مليون و822 ألفا، وبما أن عدد العاملين عند علي مبارك لا يشمل موظفي الحكومة
~~والعاملين بمنشآتها، فالأرجح المقارنة بالمشتغلين الحاليين في قطاع الأعمال
~~الخاصة والاستثمارية، وهم يبلغون نحو 920 ألفا حسب أرقام 1996.

# ويوضح شكل

# 5-2

# مجموعة من الحقائق، منها: التشابه في نمط
~~توزيع المنشآت على القطاعات المختلفة في كل من القاهرة وإجمالي مصر، وأن منشآت
~~القاهرة تعادل نحو 17٪ من إجمالي المنشآت العام، وفيما يختص بعدد العاملين
~~تختلف الصورة بين القاهرة وجملة مصر: فأعداد المشتغلين في القطاع الخاص ترتفع
~~في جملة مصر بالقياس إلى مثيله بالقاهرة، ويرجع هذا إلى دخول القطاع الريفي في
~~إجمالي مصر، بينما هو لا وجود له عمليا في القاهرة باعتبار أن القاهرة مركز
~~الحكم وقاعدة الاقتصاد الأولى في الأنشطة الاقتصادية والحكومية عدا الزراعية،
~~فإن نسبة المشتغلين في القطاعين الحكومي والعام والأشكال الأخرى من الأعمال
~~ترتفع إلى 51٪ في القاهرة مقابل 37٪
~~لمثيلاتها في إجمالي الجمهورية، وذلك على الرغم من أن المنشآت الحكومية والقطاع
~~العام في القاهرة أقل من 5٪ بينما هي في عموم مصر تبلغ +10٪ أي أكثر قليلا من
~~الضعفين، وهذا هو واحد من بين أسباب كثيرة لتكدس الناس ms150 في القاهرة، ولعل الشكل

# 5-3

# يزيد هذا الموضوع إيضاحا.

# المشتغلون في القاهرة بأجر والعاملون في كل القطاعات عدا
~~الحكومي

# شكل 5-3:

# العاملون بأجر مليون و487 ألفا والعاملون في كل
~~القطاعات عدا الحكومية مليون و219 ألفا 1997 مرجع
~~17-12525 وجدول 12. والتعداد العام للمنشآت. للقاهرة
~~1996 جدول 15.

# ففي قطاعات التجارة والفندقة (والمطاعم) تزيد أعداد العاملين في القطاعات غير
~~الحكومية بشدة، وذلك باعتبارهما من أنواع أنشطة القطاع الخاص التي لا تنافسها
~~عمالة حكومية أو عمالة قطاع عام إلا بقدر، وفي الصناعة والخدمات (العامة
~~والخاصة)، والأنشطة المالية (والبنوك والصرافة)، وأنشطة العقارات و(التأجير
~~والإعلان) والزراعة تكاد أعداد المشتغلين تتناصف بين عمالة القطاع الخاص وعمالة
~~الأجر التي يتشكل معظمها من الأعمال الحكومية والقطاع العام. وأخيرا فإن عمالة
~~القطاعين الحكومي والعام تسيطر بوضوح على أنشطة الصحة و(الخدمات المجتمعية)
~~والتعليم والنقل بأنواعه وصناعة التشييد والبناء والكهرباء والمياه.

# أما عن تركز العمالة في القاهرة بنسب عالية فتتضح من الشكل

# 5-4

# التالي، حيث نجد القاهرة تحوز على 18٪ من المنشآت
~~العاملة في كل القطاعات عدا الحكومية في مصر، وكذلك يتركز فيها نحو ربع عدد
~~العاملين في الجمهورية، وأعلى نسب العمالة؛ أي تلك فوق متوسط القاهرة، هي في
~~قطاعات: التعليم، والإنشاء والتشييد، والنشاطات المالية والبنكية والوساطة
~~المالية كالصرافة والائتمان، وصناعة النقل بأنواعه المختلفة، ونشاطات العقارات
~~والتأجير والصحة العامة، وأخيرا الأعمال الدولية كالسفارات والهيئات الدولية
~~والتمثيل الدبلوماسي الأجنبي، وفي كل هذه القطاعات تحوز القاهرة من 30 إلى +40٪
~~ومثل هذا في جانب نسبة المنشآت في القاهرة، ولو أن بعض المنشآت قليلة العدد
~~لكنها تضم عمالة كبيرة وبخاصة في قطاعي التعليم والأعمال المالية. بينما تضم
~~صناعة التشييد والبناء أعدادا كبيرة في المنشآت والعمالة معا، ومثل هذا في
~~الهيئات الدولية.

# نصيب القاهرة من المنشآت والعمالة غير الحكومية من جملة
~~مصر1996

# شكل 5-4:

# النطاق الداكن يوضح متوسطات الأرقام: العمالة متوسطها
~~للقاهرة 27٪ والمنشآت 21٪.

# هناك بعض مسميات حسب التصنيف المتبع للمهن وقطاعات العمل هي من الغموض بحيث
~~تحتاج إلى بعض التوضيح، وأكثر التصنيفات غموضا هو «العقارات» فهو يضم أنشطة
~~العقارات المملوكة والمستأجرة، كما تضم تأجير ms151 وسائل نقل ومعدات وسلع منزلية،
~~وخبرة استشارية في مجال الكمبيوتر وقواعد البيانات، وإصلاح آلات المحاسبية
~~والبحوث والتطوير في مجالات العلوم الطبيعية والاجتماعية، ومسك الدفاتر
~~والمحاسبة وأنشطة قانونية والإعلان وخدمات الأعمال. هذا الكم غير المتجانس من
~~الأنشطة يحتاج إلى تفصيل وعنونة إضافية حتى لا تختلط الأمور. «الصحة» تشمل إلى
~~جانب الطب البشري والمستشفيات والعيادات على الطب البيطري وأنشطة للعمل
~~الاجتماعي! «خدمات» المجتمع تشمل تنوعا كبيرا من جمع القمامة والخدمة الشخصية
~~إلى نقابات العمال والأندية والرياضة والسينما والتلفاز والإذاعة ووكالات
~~الأنباء والمكتبات والمتاحف والثقافة. «الفنادق» تضم أيضا المطاعم والمقاهي
~~أيا كان حجمها المادي والعمالي. «النقل» يضم كل أشكال النقل الحديدي والبري
~~والنهري والساحلي والجوي والبريد والاتصالات والتخزين.

# وفي قطاعين كبيرين، هما: التجارة والصناعة، نجد عدد المنشآت والعاملين أقل من
~~متوسط القاهرة بحكم انتشارهما في أرجاء مصر، وبخاصة التجارة إجمالا ومنشآت
~~تجارة التجزئة بصفة خاصة. أما الصناعة فهي أكثر وضوحا في القاهرة، وبخاصة
~~الصناعات كبيرة الاستثمارات والعمالة.

# والخلاصة أن الصورة واضحة للتركيز الشديد للأعمال في القاهرة، مما يساعد على
~~مزيد من الاستقطاب لتيار الهجرة، وبالتالي تضخم مشكلاتها السكانية بإضافة أيد
~~عاملة غير ماهرة تزيد أحياء السكن الطفيلي العشوائي باستمرارية لا تستطيع أن
~~تلاحقه قوانين ولوائح الضبط والربط، وبديهي أن جانبا من الحلول يرتبط بالتفكيك
~~التدرجي للكثير من الوظائف الصناعية والخدمية ونشرها في مراكز عمرانية قديمة
~~أو مستحدثة بعيدا عن القاهرة.
~~(4) توزيع المنشآت والعمالة في القاهرة

# تتوزع منشآت النشاط الاقتصادي بإطلاق بقليل من العدالة على أقسام القاهرة.
~~فالفروق كبيرة بين 447 منشأة في 15 مايو و27100 منشأة في قسم البساتين. المتوسط
~~هو حول ثمانية آلاف كما هو واضح من الخط
~~⋆-⋆

# في الشكل

# 5-5
~~، ولكن عدد المنشآت المطلق ليس الحكم في أحجام منشآت
~~العمل؛ لهذا فإن تحديد الفروق بين المؤسسات الكبيرة والصغيرة أمر مهم في تحديد
~~قوة النشاط وفعاليته بين قسم وآخر.

# وكمثال على تلك الفروق نأخذ قسم البساتين بالمقارنة في عدة نواح من النشاط على
~~النحو التالي: في البساتين 1324 منشأة تصنف فنادق ومطاعما، وتشتمل على فندق
~~واحد ms152 و1323 مطعما. متوسط العمالة للمنشأة 2,8 فرد، وفي قسم قصر النيل في
~~المصنف ذاته 190 منشأة تضم 41 فندقا و149 مطعما بمتوسط عمالة 14 فردا
~~للمنشأة. وبطبيعة الحال الفروق واضحة بين الحالتين؛ فشتان بين مطاعم وفنادق قصر
~~النيل التي يمكن أن تدخل نطاق المنشآت الكبيرة، وبين تلك في البساتين التي
~~تستخدم عمالة صغيرة كدليل على صغر المنشآت في البساتين. وعلى المنوال نفسه نجد
~~مجموع منشآت الصناعات التحويلية في البساتين 5973 منشأة مقابل 129 منشأة في
~~التبين، ولكن متوسط العمالة في الحالتين شديد الاختلاف، فهو 4 عمال/منشأة في
~~البساتين مقابل 475 عاملا/منشأة في التبين.

# لمثل هذه الفروق نجد أن منحنى المنشآت الكبيرة في الشكل

# 5-5

# ضرورة لتبين الفروق الحقيقية في القيمة الفعلية للمنشأة في توظيف عمالة أعلى
~~من النشاطات الاقتصادية البسيطة، سواء كان ذلك في أنشطة الصناعة أو التجارة أو
~~الخدمات. ونظرة واحدة إلى الشكل توضح كيف ترتفع نسبة المنشآت الكبيرة إلى أكثر
~~من 30٪ في قصر النيل والزمالك وعابدين والأزبكية والنزهة ومصر الجديدة ومدينة
~~نصر، وكلها إما أحياء جديدة أو منطقة وسط البلد التقليدية، وفي ذات الوقت تنخفض
~~نسبة المؤسسات الكبيرة في أقسام الأطراف ذات الأحياء الفقيرة، كخط القبة  -
~~الزيتون - المطرية - عين شمس - المرج - السلام، أو منطقة القاهرة الفاطمية؛
~~الدرب الأحمر والجمالية وباب الشعرية، وكلها تنتشر فيها أنشطة حرفية وأنشطة
~~صغيرة يدوية غالبها تقليدي وتجاري في القاهرة الفاطمية، بينما هي ورش إصلاح
~~وإنتاج صغير حسب الطلب على قدر رأس المال الصغير المستثمر في هذه المناطق
~~الفقيرة. أما باقي الأحياء فهي مناطق سكنية لعاملين في أحياء وأقسام النشاط
~~الكبير.

# توزيع المنشآت العاملة في محافظة القاهرة 1996 حسب حجم المكان
~~الذي تشغله

# شكل 5-5

# تحليل بعض أنشطة غير حكومية حسب فئة عدد العمال بالقاهرة
~~1996

# شكل 5-6

# ويزيدنا شكل

# 5-6

# تتبعا للموضوع على نحو شديد الوضوح.
~~فالكثير من الأنشطة والمهن القاهرية تتصف بعدد كبير من المنشآت التي تشغل أقل
~~من عشرة عاملين. فصناعة الأثاث وصناعة الأحذية تتكون من أكثر من 95٪ من ورش
~~صغيرة، وأكثر من 80٪ من عمال المهنة، وحتى في الصناعات الأساسية كالحديد والصلب
~~نجد ms153 84٪ منشآت صغيرة 4,5٪ منشآت من فئة العمالة التي تزيد على مائة عامل،
~~وبالرغم من ذلك فإن نسبة العاملين في المصانع الكبرى هي قريبة من 86٪ من مجموع
~~العمالة في صناعة الحديد والصلب كما يتضح ذلك بجلاء في الشكل

# 5-6
~~، وفي حرف متخصصة كالوساطة المالية تسيطر المؤسسات من
~~فئة العمالة الوسطى «10-100 عامل» على هيكل النشاط، ولكن لأنها وظيفة شديدة
~~التخصص؛ فإننا نجد أيضا سيطرة عددية للعمالة في المؤسسات العليا كالبنوك، حيث
~~نجد 59٪ من العاملين مركزين في نحو 5٪ من كل مؤسسات النشاط المالي. وفي مجالي
~~التعليم والصحة: تتفاوت طبيعة المؤسسات من ابتدائي إلى ثانوي وجامعي، أو من
~~مستشفى إلى مركز صحي إلى عيادة طبيب، ومن نجد نحو نصف العاملين في حقل التعليم
~~يعملون في مدارس ومعاهد يتراوح عدد العاملين والمعلمين فيها بين عشرة ومائة
~~شخص. أما في مجال الصحة والأنشطة المجتمعية: فإن العاملين في مؤسسات الفئة
~~10-100 لا تتجاوز ربع نسبة العالمين في هذه الأنواع من النشاط.
~~(4-1) التوزيع المكاني للعاملين والنشطة حسب أقسام القاهرة

# توزيع العاملين

# شكل

# 5-7

# يعطينا صورة عن توزيع العمالة على
~~أحياء القاهرة على النحو الآتي:

# متوسط العاملين في أرقام العمالة يتراوح بين حد
~~أدنى 16٪ وحد أعلى 46٪ نظريا من سكان كل قسم من
~~أقسام محافظة القاهرة.

# السكان وعدد المشتغلين في غير المنشآت
~~الحكومية 1996. ونسبة العاملين إلى مجموع سكان كل
~~قسم - محافظ القاهرة

# شكل 5-7

# تظهر نسبة العمالة ببن الحدود الدنيا والعليا من
~~المتوسط في غالبية أقسام جنوب القاهرة وشرقها، إضافة
~~إلى بعض أقسام وسط القاهرة، خاصة الأحياء القديمة:
~~بولاق والدرب الأحمر وباب الشعرية والظاهر.

# تنخفض نسبة العمالة دون المتوسط في أقسام الشمال
~~والشمال الشرقي والأقسام الثلاثة الجنوبية من وسط
~~القاهرة: الخليفة ومصر القديمة والسيدة زينب.

# وكذلك في 15 مايو والبساتين من منطقة الجنوب،
~~وقسمي منشأة ناصر والسلام من منطقة الشرق.

# ترتفع نسبة العمالة عن المتوسط في غالبية أقسام
~~منطقة وسط القاهرة بدرجات تبلغ أعلاها في ستة أقسام،
~~تزيد فيها نسبة العمالة عن عدد سكان كل قسم؛ أي
~~+100٪، وهذه هي أقسام: قصر النيل 407٪ عمالة بالنسبة
~~لسكان القسم ms154، والأزبكية 170٪ والزمالك 144٪ وعابدين
~~122٪ والموسكي 117٪، وأخيرا قسم التبين في أقصى
~~جنوب القاهرة بنسبة 118٪.

# وبطبيعة الحال فإن أقسام العمالة المرتفعة تجذب العاملين من
~~الأقسام التي تنخفض فيها نسبة العاملين. على سبيل المثال: فإن سكان
~~حلوان و15 مايو والبساتين ومصر القديمة هم رصيد العاملين في
~~التبين، وعلى النحو نفسه فإن سكان أقسام الشمال والشمال الشرقي
~~وأقسام السيدة والخليفة وغيرهم هم رصيد العمالة المرتفعة في وسط
~~القاهرة، ويتضح ذلك جليا من قراءة أعداد السكان وأعداد العاملين
~~في الجدول أسفل الشكل (

# 5-7
~~)، وفي الجدول
~~والشكل متسع لمزيد من التحليل للمختصين في دراسة العمالة والسكان،
~~وذلك بارتباطات كثيرة مع أوضاع ديموجرافية واجتماعية كالزيادة
~~السكانية والأمية والبطالة ومنسوب دخل الفرد والأسرة والقيمة
~~الإيجارية للمساكن وحالة المباني أو أية أشكال أخرى من المأوى وغير
~~ذلك كثير.

# وربما كانت أوضاع العمالة هذه مؤشرا جيدا؛ لتتبع حركة العاملين
~~اليومية، ومشكلات المرور، كما سيأتي في فصل قادم.

# توزيع الأنشطة الرئيسية على أقسام القاهرة

# تنقسم الأنشطة الاقتصادية إلى ثلاث مجموعات كبيرة، هي:
~~(1)

# الإنتاج
~~الأولي
~~: ويشمل التعدين والمحاجر والزراعة
~~وتربية الحيوان وصيد السمك والغابات وقطع الأشجار،
~~ومهن أخرى مرتبطة بالحياة الطبيعية كصيد أو تربية
~~حيوان الفراء وجمع الزهور والأعشاب البرية ... إلخ.
~~وبطبيعة الحال لا تظهر أشكال الإنتاج الأولي في
~~المدن، وبخاصة العواصم الكبرى إلا في أطرافها حيث
~~يبدأ  الانتقال
~~إلى الزراعة أو تربية الحيوان، وهذا واضح تماما في
~~علاقة أقسام بولاق الدكرور والعمرانية والهرم وجنوب
~~مركز الجيزة وشمال وغرب مركز إمبابة وقسمي شبرا
~~الخيمة والمرج؛ حيث يبدأ الاختلاط بين المدينة
~~والزراعة في محافظتي الجيزة والقليوبية.
~~(2)

# عدد العمال ونسب المهن الرئيسية بالقسم -
~~القاهرة 1996

# شكل 5-8:

# العاملين بالألف: تبين 70، حلوان 82، مايو
~~1,3، طرة 13,5، معادي 17,6، بساتين 76، م. قديمة 31،
~~خليفة 17، سيدة 24، عابدين 60، موسكي 33,6، قصر
~~النيل 53، بولاق 27، زمالك 23، ازبكية 15، الدرب
~~الأحمر 27، جمالية 45، باب الشعرية 17، الظاهر 14،
~~الشرابية 23، شبرا 11، روض الفرج 18، الساحل 40،
~~الزاوية الحمراء 26، الوايلي 15، القبة 31، الزيتون
~~50، المطرية 37، عين شمس 43، المرج 19، مدينة السلام
~~42، مصر الجديدة 55، النزهة 41، مدينة نصر (1) 52،
~~مدينة نصر (2) 14، منشأة ناصر 18.

# شكل 5-9:

# توزيع العمالة في مواقع العمل في القاهرة
~~الكبرى 1986. نقل عن ms155
~~“Observatoire
~~urbian du caire contemporain”, Lettre
~~d’information, Numero 43 Janvier 1996,
~~p.6
~~.

# الإنتاج
~~الثنائي
~~: ويعني بصفة عامة الصناعة
~~الحرفية والحديثة، وهي ثنائية لأنها تنطوي على تحويل
~~المنتج الطبيعي كالأحجار والمعادن،
~~أو المنتج الحيوي
~~الزراعي والغابي والحيواني إلى شكل جديد، هو: الطوب
~~أو سبائك المعادن أو أنواع أخشاب البناء والأثاث أو
~~ألياف النبات إلى نسيج أو جلود الحيوان إلى مصنوعات
~~جلدية أو فراء أو إعداد الغذاء ... إلخ. وبطبيعة الحال
~~لكل حرفة أو صناعة منشآت خاصة تستوعب عمالة كثيفة أو
~~قليلة حسب تكنولوجية وسائل الإنتاج، وتتركز هذه
~~الحرف والأنشطة داخل المدن أو في أطرافها، وهي منذ
~~نشأة حياة المدن العماد الاقتصادي للمدينة قديما
~~وحديثا.
~~(3)

# الإنتاج
~~الثلاثي
~~: وهو ما نعرفه باسم الأنشطة
~~الوسيطة والخدمات، وهو بذلك يضم قائمة كبيرة من
~~الأعمال على رأسها تجارة الجملة والتجزئة، ثم
~~الخدمات المالية والبنكية والبورصة، ثم التعليم
~~بمراحله والصحة العامة والمستشفيات والعيادات ومراكز
~~الصحة وخدمات المجتمع، كالإعلام المرئي والمكتوب
~~والمحاسبة وصناعة البناء والتشييد والنقل ووكالات
~~السفر والسياحة ... إلخ. ويدخل ضمن هذا القطاع من
~~الأعمال كل وظائف الدولة متمثلة في وزاراتها
~~وهيئاتها في كل الميادين بما فيها القضاء والأمن
~~الداخلي والخارجي والمؤسسات الإقليمية والدولية ...
~~إلخ، ومعظم هذه الوظائف متمركزة في المدن، وبخاصة 
~~العواصم السياسية.

# وعلى هذا فإن خريطة الأنشطة الاقتصادية للقاهرة سوف تشمل بالأساس
~~القطاعين: الثنائي والثلاثي؛ أي الصناعة والخدمات التي تنقسم إلى
~~التجارة وكافة أشكال الخدمات الأخرى، كما يتضح من شكل

# 5-8
~~.

# ويجمل هذا الشكل ثلاث حقائق أساسية، هي:

# أولا:

# تركز الصناعة في منطقتين: هما التبين وحلوان
~~والبساتين في الجنوب، وباب الشعرية والجمالية والدرب
~~الأحمر في شرق وسط القاهرة.

# ثانيا:

# تركز قطاعات الخدمات المختلفة في وسط القاهرة
~~في أقسام: قصر النيل والزمالك والأزبكية وعابدين،
~~وفي شرق القاهرة في أقسام: النزهة ومصر الجديدة
~~ومدينة نصر بقسميها، وأخيرا في المعادي من أقسام
~~جنوب القاهرة.

# ثالثا:

# يظهر النشاط التجاري توزعا على كافة نواحي
~~القاهرة دون التركيز في منطقة أو قسم محدد، علما
~~بأن التجارة تشمل الجملة والتجزئة، وتشمل أيضا
~~تجارات كبيرة القيمة السلعية، وأخرى محلات صغيرة
~~لبيع سلع الحاجة اليومية من الأغذية
~~والأطعمة ms156.

# واستنباطا من الشكل

# 5-8

# ومن سلاسل أرقام
~~الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تظهر حقائق مجمعة لقيمة كتل
~~أقاليم القاهرة في أنواع الأنشطة في الجدول الآتي:

# جدول : توزيع العمالة بالأنشطة الرئيسية على أقاليم
~~القاهرة - عدد العمال بالآلاف أرقام مدورة.

# نوع النشاط

# كتلة الجنوب

# كتلة وسط القاهرة

# كتلة الشمال

# كتلة شمال الشرق

# كتلة الشرق

# القديمة

# الحديثة

# جملة

# عمالة الصناعة

# 160

# 50

# 36

# 86

# 35

# 52

# 44

# عمالة التجارة

# 70

# 56

# 96

# 152

# 47

# 75

# 82

# عمالة الخدمات

# 211

# 61

# 382

# 443

# 151

# 144

# 258

# الجملة

# 441

# 167

# 504

# 671

# 233

# 271

# 584

# كتل القاهرة: الجنوب يشمل أقسام: التبين وحلوان و15 مايو وطرة
~~والمعادي والبساتين-دار السلام ومصر القديمة والخليفة. الوسط
~~القديم يشمل أقسام: الدرب الأحمر والجمالية والموسكي وباب الشعرية.
~~الوسط الحديث يشمل: عابدين والسيدة وقصر النيل والزمالك وبولاق
~~والأزبكية والظاهر والوايلي. الشمال يضم أقسام: الشرابية وشبرا
~~وروض الفرج والساحل والزاوية الحمراء. الشمال الشرقي يشمل أقسام:
~~حدائق القبة والزيتون والمطرية وعين شمس والمرج. الشرق يضم أقسام:
~~مدينة السلام والنزهة ومصر الجديدة ومدينة نصر أول ونصر ثان ومنشأة
~~ناصر.

# نستخلص من الجدول والخريطة

# 5-9

# عدد من
~~الظاهرات أهمها:

# 4

# أولا:

# الصناعة في جنوب القاهرة تساوي 42,5٪ من مجمل
~~الصناعة في محافظة القاهرة، تليها كل من شرق القاهرة
~~والوسط القديم بنحو 15٪ لكل منهما. أقل الكتل هي
~~الشمال بنسبة نحو 9٪ فقط.

# ثانيا :

# تحوز منطقة وسط القاهرة بشقيها 35٪ من العمالة
~~في النشاط التجاري، وهي حقيقة يدركها كل الناس سواء
~~في ذلك منطقة وسط البلد أو الأزهر. يليها في ذلك
~~المناطق الحديثة في شرق القاهرة بنسبة قرابة 20٪،
~~وهذه أيضا حقيقة معروفة، فمصر الجديدة ومدينة نصر
~~مراكز نامية للتجارة تخدم كل شرق القاهرة والشمال
~~الشرقي، وبذلك فهي القلب التجاري الثاني والمتنامي
~~في محافظة القاهرة.

# ثالثا:

# في قطاع الخدمات بأنواعها العديدة من التعليم
~~إلى الصحة والإنشاء والتشييد والإعلام والفندقة
~~والسياحة والنشاط المالي ... إلخ، تتمركز في ذات
~~الكتلتين اللتين ذكرناهما في مجال التجارة؛ أي وسط
~~القاهرة بنسبة 37٪ وشرق القاهرة بنسبة 21,5٪.

# فهل يعني هذا هجرة تدريجية من احتكارية وسط
~~البلد إلى شرق القاهرة في مصر الجديدة، ومدينة نصر،
~~والنزهة؟

# رابعا:

# تسجل منطقة الشمال أقل النسب فيما يختص
~~بالصناعة والتجارة ونسبة مشابهة للشمال الشرقي في
~~قطاع ms157 الخدمات. فهل الاستخدام السكني بصفة أساسية
~~وانتقال سوق القاهرة للخضراوات والفواكه من روض
~~الفرج، وتداعي أسواق الغلال في الساحل - كانت لها
~~آثار سلبية على النشاط، وحولت الكثير من السكان إلى
~~العمل في وسط البلد؟

# خامسا:

# فيما يختص بجملة الأنشطة ومقارنتها بعدد
~~السكان تظهر مناطق وكتل القاهرة على الصورة التي
~~يوضحها الجدول الآتي:

# جدول : جملة الأنشطة.

# جنوب القاهرة

# وسط القاهرة

# شمال القاهرة

# شمال القاهرة

# شرق القاهرة
~~٪ من العاملين في الأنشطة

# 22

# 33,5

# 11,6

# 13,5

# 19,2
~~٪ من عدد سكان القاهرة

# 18,7

# 14,7

# 26,2

# 24

# 16

# يتميز وسط القاهرة وشرقها بتناسب معكوس؛ إذ هما أقل المناطق
~~سكانا، بينما هما أعلاها نشاطا. أما شمال القاهرة وشمالها
~~الشرقي فعكس ذلك تماما؛ السكان أعلى بكثير من نسبة العاملين في
~~جملة الأنشطة، وتمثل منطقة الجنوب حالة شبه متعادلة، وإن رجعت
~~زيادة العاملين في الأنشطة إلى وجود المؤسسات الصناعية الكبرى التي
~~يتبع معظمها قطاع الأعمال العام في التبين وحلوان وطرة.

# ولهذه الخاصية مردود في مشكلة المرور في القاهرة؛ حيث تنصب حركة
~~العمل اليومية على منطقة وسط المدينة وشرقها من أنحاء القاهرة
~~الأخرى ومن القاهرة الكبرى غرب النيل، وسوف نعالج مشكلات المرور في
~~الفصل

# السابع
~~.

# التوزيع المكاني للأنشطة

# أولا:

# أنشطة تظهر في أطراف القاهرة الزراعة: مجموع
~~العمالة 9155 عاملا، الزراعة هنا اسم تصنيف يشمل
~~الزراعة الفعلية وتربية الحيوان والصيد ونشاط قطع
~~الأشجار، نحو 40٪ من العمالة في هذا التصنيف تتركز
~~في قسم التبين، ولكن غالبيتهم الساحقة تمارس نشاط
~~قطع الأشجار، ويتوزع الباقون على أقسام مصر القديمة
~~(12٪) والسلام (10٪) ومنشأة ناصر (9,5) والبساتين
~~(6٪) وحلوان (5٪)، وهؤلاء يقومون إما بتربية الحيوان
~~أو أنشطة مرتبطة بتربية الحيوان، ويبلغ عددهم 3329
~~فردا 75٪ منهم يتركزون في أقسام منشأة ناصر (26٪)
~~والسلام 20٪ وحلوان 13٪ والزاوية الحمراء 11٪
~~وأخيرا المرج 4٪.

# توزع هذه الأنشطة في الأطراف ناجم عن وقوعها في
~~أراض وعرة أو رملية يصعب استخدامها لغير ذلك، وإلى
~~جوارها أرض زراعية مبعثرة يمكن أن تمد الحيوان ببعض
~~الغذاء كما هو الحال في السلام والمرج والزاوية
~~الحمراء. أما منشأة ناصر: فغالب تربية الحيوان يدور
~~حول الخنازير التي تكون القمامة جانبا لا بأس به من
~~غذائها.

# ثانيا ms158:

# نشاط مركز في قسم إلى ثلاثة أقسام معا:

# جدول

# نوع النشاط

# عدد العاملين

# أقسام تركز النشاط ونسبتهم

# نفط وغاز طبيعي

# 5750

# البساتين 77٪

# تعدين ومحاجر

# 6515

# البساتين 69٪ المعادي 11٪ طرة 3٪

# مواد ومنتجات كيماوية

# 20725

# الزيتون 40٪ الساحل 16٪ السلام 6,5٪

# منتجات المطاط واللدائن

# 9667

# حلوان 75٪

# منتجات من خامات تعدينية غير معدنية

# 52117

# التبين 60٪ طرة 11٪ حلوان 8٪

# صناعة المعادن الأساسية

# 36704

# التبين 72,5٪ حلوان والأزبكية لكل 5,5٪

# آلات متعددة الأغراض وأجهزة منزلية

# 22918

# حلوان 68٪ الساحل 9٪ مصر الجديدة 8٪

# آلات كهربائية غير مصنفة (مصابيح محولات)

# 5487

# البساتين 31,5٪ الزيتون 22,5٪

# سيارات ولواري وموتوسيكلات

# 6796

# حلوان 66٪ الأزبكية 15٪ الزيتون 9٪

# معدات نقل أخرى (قاطرات عربات سكك حديدية)

# 7825

# حلوان 97,5٪

# منتجات غير مصنفة سابقا

# 5074

# الجمالية 71٪

# الوساطة المالية والائتمان

# 39855

# قصر النيل 52,5٪ عابدين 13٪ بولاق 6٪

# صناعة المشروبات

# 2946

# مدينة نصر قسم أول 80٪

# طحن الحبوب والنشا

# 4743

# طرة 38٪ الشرابية 15٪ الساحل 11٪

# ثالثا:

# أنشطة منتشرة مع تميز قسم (+10٪) عدد المنشآت
~~العاملة:
~~(1)

# المنسوجات؛ غزل ونسيج وتجهيز: العاملون
~~18739.

# الجمالية 14٪ - القبة 11٪ - حلوان 11٪.
~~(2)

# الأحذية والجلود: العاملون 26036.

# الموسكي 18٪ - باب الشعرية 15٪ - الدرب الأحمر
~~14,5٪ - الجمالية 10,5.
~~(3)

# النشر والطباعة: العاملون 12307 عابدين
~~10٪.
~~(4)

# منتجات معدنية عدا الميكانيكية: العاملون
~~41817 الجمالية 10,5٪.
~~(5)

# صناعة الأثاث: العاملون 133975 البساتين
~~17,5٪.
~~(6)

# الإنشاء والتشييد: العاملون 47196.

# الأزبكية 12,2٪ - مصر الجديدة 12٪.
~~(7)

# إنتاج وتجهيز وحفظ اللحوم والأسماك: العاملون
~~2122.

# الوايلي 21٪ - عابدين 10٪.

# رابعا:

# باقي الأنشطة تتوزع بقية الأنشطة على الأقسام
~~دون احتكار قسم معين ، وذلك راجع إلى طبيعة النشاط
~~الذي يقتضي انتشاره كخدمة كتجارة
~~التجزئة، أو بنية
~~أساسية في تركيب المجتمع كالمدارس والمستشفيات،
~~والأمثلة على ذلك كثيرة نذكر منها بعضها،
~~كالآتي:

# في مجال صناعة الأغذية والمشروبات 37953 عاملا
~~موزعين على م. نصر أول 8,6٪ والبساتين والزيتون وعين
~~شمس لكل 6٪ وطرة والسيدة لكل 5٪ والمطرية والسلام
~~لكل 4,5٪، ثم تأتي بنسب أقل أقسام: المرج والزاوية
~~الحمراء والشرابية والساحل والقبة ومصر القديمة
~~وحلوان.

# وفي مجال تجارة الجملة في كل السلع فيما عدا
~~السيارات والمركبات يعمل 65432 عاملا موزعين على
~~مصر الجديدة بنسبة 8,7٪ «و» م. نصر قسم أول
~~والأزبكية لكل 7,6٪ والموسكي 7٪ وعابدين 6,6٪
~~والسلام 6٪ وقصر النيل 5,9٪ وبولاق 5,8٪ والنزهة
~~5,6٪ والجمالية 4,9٪ والدرب الأحمر 4,6٪ ...
~~إلخ.

# وفي مجال تجارة الجملة والتجزئة معا تتوزع
~~العمالة على كل أقسام القاهرة بنسب أقل من 5٪ فيما
~~عدا البساتين 6,5٪ ومصر الجديدة 5,2٪، ومثل هذا في
~~مجال الصحة التي يبلغ عدد ms159 العاملين بها 36514

# 5

# موزعين على أقسام القاهرة بنسب أقل من
~~5٪ باستثناء مصر الجديدة 11٪ والبساتين 8,6٪، وكذلك
~~الأنشطة العقارية وخدمات الأعمال فيما عدا عابدين
~~11٪ ومصر الجديدة ومدينة نصر لكل 9,5٪.

# وفي أنشطة التعليم الخاص يعمل نحو 30 ألفا
~~يتركز 52٪ منهم في أقسام النزهة 10,5٪ وعين شمس 8,9
~~وم. نصر 8,2٪ البساتين 7٪ ومصر الجديدة 6,6٪
~~والزيتون 6٪ والمعادي 4,5٪.

# ويعمل 63188 مشتغلا في مجال الفنادق والمطاعم
~~موزعين على معظم أقسام القاهرة مع تميز الزمالك 7,9٪
~~والبساتين 5,8٪ والأزبكية 5,6٪ ومصر الجديدة 4,9٪
~~والنزهة وقصر النيل ومصر القديمة لكل 4,2٪ والجمالية
~~ومدينة نصر نحو 4٪، ولكن إذا أخذنا الفنادق وحدها -
~~12372 عاملا - فسوف تتضح احتكارية منطقتين؛
~~أولاهما: وسط البلد 68٪ من عمالة الفنادق: الزمالك
~~33,3٪ قصر النيل 12٪ والأزبكية 11٪ الجمالية 3,6٪،
~~والثانية: شرق القاهرة 14,5: مصر الجديدة 5,6٪
~~النزهة 4,8 ومدينة نصر 4,1٪. أما في مجال المطاعم؛
~~فإن التوزيع شبه متعادل على أقسام القاهرة بنسب أقل
~~من 5٪ عدا البساتين حيث ترتفع إلى 7,3٪.
~~(5) نماذج للأنشطة في بعض أقسام القاهرة

# فيما يلي محاولة لتجميع الأنشطة في بعض أقسام القاهرة؛ لنتبين نماذج المناطق
~~التي تتسم بسيادة أشكال من الإنتاج أو تجارة الجملة والتجزئة، أو أن تكون
~~الأنشطة متوازنة بين الإنتاج والتجارة وأشكال من الخدمات المجتمعية.
~~(5-1) نماذج إنتاجية

# حلوان

# النشاط
~~٪ من عدد العاملين

# النشاط
~~٪ من عدد العاملين

# منتجات أولية وأغذية

# 1,8٪

# إنشاء وتشييد

# 1,2٪

# نسيج وملابس جاهزة

# 5,2٪

# تجارة سيارات

# 2,9٪

# مطاط ولدائن

# 8,8٪

# تجارة تجزئة

# 18,6٪

# معادن أساسية ومنتجات معدنية

# 5,3٪

# تجارة جملة وتجزئة

# 23٪

# صناعة الآلات

# 18,9٪

# فندقة ومطاعم

# 2,4٪

# سيارات ووسائل نقل

# 14,6٪

# صحة وخدمة مجتمع

# 2,9٪

# صناعة الأثاث

# 2,4٪

# جملة الصناعة التحويلية

# 63٪

# جملة العاملين في حلوان

# 81906

# يبلغ عدد المشتغلين في حلوان نحو 23٪ من السكان في فئة العمر 15-60
~~سنة، وهم القوة العاملة نظريا، ومعنى ذلك أن هناك فائض أيدي
~~عاملة، لكن الكثير من هذا الفائض يعمل في التبين التي تنقص فيها
~~قوة العمل كما سنرى فيما بعد.

# ويتضح من الأرقام أن 63٪ من قوة العمل تعمل في إنتاج الآلات
~~والمنتجات المعدنية ووسائل النقل: سيارات ولواري وعربات السكك
~~الحديدية والترام ... إلخ. وهو ما يدل على أن حلوان منطقة إنتاج
~~متنوع من الآلات إلى السيارات والمطاط واللدائن، وليس متمركزا حول
~~شكل إنتاجي كما سنرى في التبين ms160.

# وحيث إن حلوان هي الكتلة العمرانية الكبيرة في الجزء الجنوبي من
~~القاهرة، فإن نحو ربع المشتغلين يعملون في ميدان تجارة التجزئة
~~والجملة معا؛ لإشباع احتياجات العدد الكبير من السكان في كل أشكال
~~العمران بين التبين والمعصرة.

# التبين

# النشاط
~~٪ من العاملين

# النشاط
~~٪ من العاملين

# إنتاج أولي وتعدين

# 5,2٪

# تجارة جملة وتجزئة

# 2,3٪

# صناعة وإعداد غذاء

# 0,7٪

# فندقة ومطاعم

# 0,4٪

# منتجات معدنية

# 48,5٪

# نقل وتخزين

# 1,8٪

# صناعة الحديد والصلب

# 38,0٪

# صحة وخدمات مجتمع

# 0,6٪

# جملة الصناعات التحويلية

# 88,0٪

# أعمال أخرى

# 2,5٪

# جملة العاملين 69454
~~عاملا

# واضح من هذه الأرقام أن التبين ذات نشاط إنتاجي صناعي طاغ، فكل
~~الأنشطة الأخرى من أنواع التجارة إلى الإنتاج الأولي وأشكال
~~الخدمات تشكل 12٪ فقط من العاملين مقابل 88٪ عمالة في صناعات
~~المعادن، وعلى رأسها الحديد والصلب.

# في سنة 1996 كان إنتاج التبين من الحديد والصلب يشكل 88٪ من
~~الإنتاج في القاهرة و55٪ من جملة إنتاج الحديد والصلب في مصر. كما
~~تشكل المنتجات المعدنية في التبين 75٪ من مثيلها في القاهرة و25٪
~~من إنتاج الجمهورية، وعلى الرغم من هذا القدر المميز للتبين إلا أن
~~مشكلات المصنع الضخم كثيرة، على رأسها قدم تكنولوجية الإنتاج،
~~واعتماده على الفحم كطاقة أساسية في تشغيل معظم عملياته؛ ويترتب
~~على قدم التكنولوجيا كبر حجم العمالة وهي مشكلة في حد ذاتها لها
~~أبعادها الاجتماعية والسياسية والإنتاجية، وربما كان الأوفق تقسيمه
~~إلى عدة مصانع تستخدم تكنولوجيا أعلى، وطاقة الغاز بديلا عن الفحم
~~شديد التلويث للبيئة وصحة الإنسان، هذا فضلا عن تكلفة استيراده
~~ونقله من الخارج، وقد يكون في هذا الحل مصاعب مالية يمكن تجاوزها
~~بالتخصيص مع اشتراك الدولة حتى نتجنب مشكلة الاستغناء عن عمال
~~حاليين، تثير مشكلات اجتماعية وسياسية.

# عدد العاملين في التبين يزيد على مجموع سكان قسم التبين بنحو عشرة
~~آلاف فرد، ويزيد عن سكان التبين الذين هم في سن العمل بمقدار 2,2
~~مرة. لو افترضنا أن كل من هم في سن العمل في التبين، نساء
~~ورجالا، يعملون في الصناعات والأنشطة الأخرى، يتبقى نحو 38 ألف
~~عامل يحصلون عليه غالبا من سكان قسم حلوان في الوظائف العادية
~~فضلا عن نخبة من الفنيين ms161 والإداريين يأتون من باقي أقسام
~~القاهرة.
~~(5-2) نماذج موزعة النشاط

# البساتين - دار السلام

# نوع النشاط

# النسبة ٪

# نوع النشاط

# النسبة ٪

# قطع الخشب

# 7,0

# الإنشاء والتشييد

# 1,4

# غاز ونفط

# 5,7

# تجارة السيارات والمركبات

# 4,7

# تعدين ومحاجر

# 5,7

# تجارة الجملة

# 2,7

# إنتاج أولي

# 12,1

# تجارة التجزئة

# 29,3

# صناعة مواد غذائية

# 2,9

# جملة التجارة

# 36,7

# صناعة الملابس

# 2,6

# فنادق ومطاعم

# 4,8

# صناعة الأخشاب والفلين

# 1,6

# نقل

# 2,6

# مواد كيماوية

# 1,4

# عقار وإيجار

# 3,7

# منتجات من خامات تعدينية

# 3,7

# تعليم

# 2,7

# منتجات معدنية

# 3,5

# صحة

# 4,0

# آلات وأجهزة كهربائية

# 2,2

# خدمات مجتمع

# 1,2

# صناعة الأثاث

# 7,7

# جملة نشاط الخدمات

# 19,0

# مجموع الصناعة التحويلية

# 3,5

# مجموع المشتغلين
~~77522 عاملا

# تمثل البساتين أنشطة موزعة بشيء من العدالة، فالصناعة والتجارة
~~+30٪ لكل منهما، تليها أنشطة الخدمات، ثم أشكال الإنتاج الأولي،
~~وفي داخل مناشط الصناعة لا نجد تركيزا على واحدة منها باستثناء
~~صناعة الأثاث المميزة بتركيز خفيف. بينما في مجال التجارة نجد
~~التركيز شديدا على تجارة التجزئة التي تتكون على الأغلب من محلات
~~ودكاكين صغيرة متفقة في ذلك مع الكثافة السكانية العالية والفقر
~~الشديد. ويتأكد هذا من مقارنة أرقام الفنادق والمطاعم حيث النسبة
~~99,9٪ للعمالة في المطاعم، ولا يوجد سوى فندق واحد يعمل به خمسة
~~أشخاص. وبعبارة أخرى: فإن المطاعم والمقاهي هي من الحجم المتفق مع
~~المستوى الفقير لسكان البساتين. القوة العاملة في البساتين تساوي
~~20٪ من القوة العاملة النظرية: 15-60 سنة، ولا شك أن بعض السكان
~~يجدون أعمالا في المناطق المختلفة من القاهرة، وبخاصة منطقة
~~حلوان-التبين الصناعية. ويمكن أن يدل تنوع النشاط على افتقار
~~المنطقة إلى مؤسسات كبيرة، فكثرة عدد المنشآت - 27326 منشأة - تدل
~~على صغر أحجامها. فأي صاحب عمل يقيم غالبا منشآت محدودة رأس المال
~~كثيفة العمالة لتوافرها وبالتالي رخصها، وربما كان ذلك نتيجة أو
~~سببا أو هما معا متفاعلين؛ لكثرة عدد سكان قسم البساتين الذي يصل
~~إلى 660 ألفا، وهو أكبر أقسام مصر سكانا، ومن ثم يطلق البعض على
~~هذا الحشد الهائل اسم: «الصين الشعبية»؛ كناية عن التزاحم والكثافة
~~العالية، وخاصة في منطقة دار السلام؛ أي الشياخات الغربية، بينما
~~الشياخات الشرقية أقل تزاحما لوجود منطقة شاسعة من الأرض الحجرية
~~التي استغل بعضها في جبانة البساتين الواسعة.

# الجمالية

# نوع ms162 النشاط

# النسبة ٪

# نوع النشاط

# النسبة ٪

# النسيج والتجهيز

# 6,2

# تجارة الجملة

# 7,6

# ملابس جاهزة

# 3,7

# تجارة التجزئة

# 40,0

# صناعات جلدية

# 6,5

# جملة التجارة والوساطة

# 48,9

# أعمال خشبية

# 1,4

# الفنادق والمطاعم والمقاهي

# 6,0

# منتجات معدنية

# 10,5

# منتجات أخرى

# 8,5

# جملة الصناعات التحويلية والحرفية

# 45,0

# مجموع العاملين

# 42066 عاملا

# سكان قسم الجمالية نحو 59 ألفا، وقوة العمل «الفئة 15-60 سنة»
~~تبلغ 44 ألفا، وحيث إنه ليس مفترضا أن تعمل كل إناث هذه الفئة،
~~فالواقع إذن أن النشاطات الاقتصادية المختلفة في الجمالية تعتمد
~~على نحو ثلث من العمالة القادمة من أحياء أخرى كالدرب الأحمر
~~والظاهر والخليفة وغيرها.

# الجمالية هي أحد المكونات الأساسية للقاهرة الفاطمية، وسبق أن
~~ذكرنا في الفصل الثالث أهميتها الإنتاجية والتجارية منذ نحو ألف
~~عام، ولأن الكثير من المباني التي تعود إلى ثلاثة قرون أو نحوها
~~مشيدة بالحجر النحيت؛ مما يجعلها متينة مقاومة للبلى بالتقادم، فإن
~~الكثير منها تشغله الآن ورش ومشاعل الذهب والفضة، وتركيب أحجار
~~المجوهرات، وصناعة الملابس وتجهيز الأقمشة المميزة للأنوال
~~اليدوية، وورش طرق النحاس والمعادن وتشغيلها، وورش الصناعات
~~الجلدية والخشبية من طرز خاصة، واتخاذ بعضها مخازن للبضائع
~~والأقمشة، وورش صناعة الموازين والدقاقة للعطارة وغير ذلك
~~كثير.

# وعلى هذا فإن الجمالية منطقة مهمة في تجارة الجملة وصناعة
~~المجوهرات وصناعة السياحة ، ولهذا تكثر الفنادق التي يعتاد ارتيادها
~~تجار الجملة من خارج القاهرة وبخاصة من الصعيد، وتكثر المطاعم
~~المتخصصة في أنواع اللحوم والحلوى استمرارا لنشاط زمن قديم، وتكثر
~~المقاهي الشرقية لخدمة العاملين والسياح، وتكثر محلات تجارة
~~التجزئة بأحجامها المتناهية الصغر بالقياس إلى معروضاتها ذات
~~القيمة العالية من الصياغة والملابس التقليدية والسبح والعصي
~~والأقمشة ذات الطابع التقليدي، ومكتبات كتب التراث؛ لإشباع احتياج
~~الحركة التجارية المحلية والأجنبية، واحتياجات طلبة الأزهر
~~الشريف.

# ولهذا فإن القيمة الإيجارية شديدة الارتفاع بالنسبة للواجهات
~~الصغيرة في دروب وسكك الجمالية؛ مما يجعلها من أغلى مناطق القاهرة
~~عقاريا وإيجاريا، ويشابهها في ذلك الموسكي الذي قد يتفوق على
~~الجمالية في هذا الشأن.

# وبذلك فإن الجمالية تمثل تكاملا قل أن يوجد في القاهرة بين
~~الإنتاج والتجارة والاستهلاك، يدلل على ذلك تشابه نسب الإنتاج
~~(45٪) والتجارة (49٪) وترتفع فيه خدمات كثيرة ms163 مرتبطة بالتجارة
~~والسياحة معا.

# ومن ثم فإن مشكلة المرور والحركة شديدة الكثافة في شارع الأزهر
~~والسكة الجديدة والشوارع الأساسية المتعامدة عليهما، وبخاصة شارع
~~المعز الذي يكون عصب الحركة في كل الجمالية والدرب الأحمر، واستحق
~~في الماضي اسم الشارع الأعظم، ولهذا كان اهتمام محافظة القاهرة
~~كبير بتسيير وسيولة الحركة في شارع الأزهر؛ أولا بإنشاء كوبري
~~علوي، ثم التغاضي عنه بإنشاء نفقي الأزهر-الأوبرا. لكن هذا، برغم
~~أنه جهد مشكور، إلا انه يعالج جزءا من كل، فلابد من أخذ كل الحركة
~~في الجمالية والدرب الأحمر، وإيجاد طرق بديلة في صورة شبكة
~~متكاملة، وليس مجرد تحسين محور واحد، وسوف نعالج هذا الموضوع في
~~فصل قادم.
~~(5-3) نماذج سيادة الخدمات

# قصر النيل

# نوع النشاط

# نسب العمالة ٪

# نوع النشاط

# نسب العمالة ٪

# أغذية وأشربة

# 0,7

# تجارة التجزئة

# 12,7

# منسوجات

# 0,8

# جملة التجارة

# 25

# ملابس جاهزة

# 0,7

# فنادق ومطاعم

# 5

# أحذية

# 0,1

# وكالات السفر

# 6

# نشر وطباعة

# 0,7

# النقل والتخزين

# 9,5

# مواد كيميائية

# 0,5

# أعمال مالية وبنكية

# 12,5

# منتجات معدنية

# 0,3

# التأمين والمعاشات

# 26,5

# آلات غير مصنفة

# 0,5

# جملة الوساطة المالية

# 39,3

# جملة الصناعة

# 5,2

# نشاط العقار والتأجير

# 4,4

# تشييد وإنشاء

# 5,7

# تعليم وصحة عامة

# 2,2

# تجارة جملة سيارات

# 4,7

# خدمات مجتمعية

# 2,3

# تجارة جملة عامة

# 7,2

# جملة العاملين

# 52911

# قسم قصر النيل هو بعينه ما نعنيه بمصطلح «وسط البلد»، بإضافة
~~القليل من قسمي الأزبكية وعابدين، وعمر هذه المنطقة في مجملها
~~وبمخططها الراهن تعود إلى قرابة قرن ونصف حينما أنشأ الخديو
~~إسماعيل حي الإسماعيلية بعد نقل مقر الحكم من القلعة إلى قصر
~~عابدين. ثم أضيفت «التوفيقية» في عصر توفيق، وتتابع النمو بعد ذلك
~~في لاظ أوغلي وقصر العيني بإنشاء حي «الدواوين» مقرا للوزارات.
~~هكذا نمت منطقة قصر النيل كمدينة أوروبية سكانا ومتاجر، وبقيت
~~الأحياء الشعبية حولها ترفدها بالعمالة من بولاق والأزبكية وشبرا
~~والسيدة زينب.

# وعلى وجه عام تآكلت الوظيفة السكنية، وأصبحت التجارة وغالبية
~~الأعمال البنكية والائتمانية وبورصة الأوراق المالية هي مؤسسات
~~النشاط الأساسية، تحوز على نحو ثلثي العاملين في جميع الأنشطة،
~~وأضيف إلى ذلك نشاط متمم تمثله الفنادق الكبيرة والمتوسطة والمطاعم
~~ووكالات السفر بنحو عشر العمالة. أما الربع الباقي: فهو موزع بنسب ms164
~~صغيرة تتراوح بين 3-6٪ على الصناعة التحويلية والإنشاء والتشييد
~~والعقارات ... إلخ.

# وبذلك فإن قصر النيل يمثل نموذجا لقمة أحياء الأعمال، ويجذب بذلك
~~الكثير من الأيدي العاملة من بقية القاهرة الكبرى، خاصة إذا أضفنا
~~الوظائف كبيرة العدد في الوزارات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية
~~في المنطقة والعيادات الطبية والمكاتب الاستشارية الهندسية
~~والمحاسبية والقانونية.

# عابدين

# نوع النشاط
~~٪ من العاملين

# نوع النشاط
~~٪ من العاملين

# صناعة ملابس جاهزة

# 6

# تجارة جملة أخرى

# 8,5

# صناعات جلدية

# 2,5

# تجارة تجزئة

# 30,2

# النشر والطباعة

# 2,4

# جملة التجارة

# 42,8

# صناعة الأثاث

# 2,7

# النقل والتخزين

# 6,5

# صناعات منوعة

# 7,5

# الأنشطة المالية

# 10,1

# جملة صناعات تحويلية

# 21,1

# إعلان

# 0,7

# الإنشاء والتشييد

# 8,1

# نشاط العقار والتأجير

# 10,5

# تجارة السيارات

# 4

# مجموع أنشطة خدمية

# 28

# مجموع العاملين
~~50932 عاملا

# تقع عابدين على أطراف وسط القاهرة القديم في الدرب الأحمر
~~والجمالية والموسكي وبين وسط القاهرة الحديث في قصر النيل
~~والأزبكية، وهي بذلك همزة وصل للأنشطة التجارية والمالية في وسط
~~المدينة، ومن ثم فالعاملون في التجارة والأعمال المالية والبنكية
~~يشكلون أكثر قليلا من النصف، وهم بذلك يمثلون النشاط الحاكم
~~استمرارا لمثيله في قصر النيل والجمالية.

# وتمثل الأنشطة المالية في عابدين 13٪ من مجموع هذه الأنشطة في
~~القاهرة، واستكمالا ترتفع مساهمة أنشطة العقارات والتأجير بما
~~تشمله من الأعمال الاستشارية المحاسبية والقانونية والبحوث وتطوير
~~المشروعات والإعلان. هذا فضلا عن نشاط النشر والطباعة الذي تحتكر
~~عابدين 10٪ منه في القاهرة، ولا يقترب من مكانة عابدين في النشر
~~والطباعة سوى الأزبكية (5,6٪) وعين شمس (6,3٪) وبولاق
~~(5,7).

# الصناعات التحويلية تستغرق خمس العاملين، وتتكون من صناعات خفيفة
~~على رأسها الملابس والمنتجات الجلدية والأثاث، وأغلبها صناعات
~~حرفية، وورش صغيرة تقليدية.

# وتتشابه الأزبكية مع عابدين في سيطرة التجارة (49٪) والتشييد
~~والبناء (13٪) والصناعة التحويلية (24٪). لكنها تختلف عن عابدين في
~~زيادة نشاط الفنادق والمطاعم (8٪)، ووجود نشاط في تصنيع المركبات
~~والمقطورات والهياكل بنسبة 15٪ من مثل هذه الصناعة في القاهرة بحيث
~~تلي حلوان في ذلك.
~~(5-4) نماذج النشاط في الأحياء السكنية

# نوع النشاط
~~٪ السيدة
~~٪ شبرا
~~٪ الزيتون
~~٪ الساحل

# صناعة أغذية ومشروبات

# 8

# 5,3

# 4,6

# 4,2

# منسوجات وملابس

# 3,6

# 4,3

# 3,4

# 0,8

# نشر وطباعة

# 2,5

# 1,9

# 1

# 0,7

# منتجات كيميائية

# 0,5

# 16,5

# 8,2

# منتجات معدنية

# 3,3

# 6,7

# 1,5

# 2,8

# آلات وأجهزة كهربائية

# 2,4

# 0,7

# صناعة الأثاث

# 5,8

# 2,5

# 1,8

# 1,9

# جملة الصناعة التحويلية

# 26,7

# 27,5

# 37,9

# 29

# إنشاء وتشييد

# 1,6

# 0,6

# 1,2

# 5,3

# تجارة الجملة

# 9,8

# 13,1

# 6,5

# 12,4

# تجارة ms165 التجزئة

# 31,8

# 31

# 26,8

# 26,5

# جملة التجارة

# 41,7

# 44

# 33,4

# 39

# فندقة ومطاعم ومقاه

# 7,7

# 7,3

# 2,8

# 4,2

# نقل وتخزين

# 4,4

# 1,8

# 8,4

# 4,1

# عقارات وتأجير

# 4,7

# 4,7

# 3,1

# 3,4

# تعليم

# 2,7

# 5,1

# 2,8

# 4,4

# صحة وأعمال اجتماعية

# 4,8

# 5,6

# 3,5

# 5,2

# خدمات مجتمع

# 4,8

# 6,2

# 4,8

# 5,3

# مجموع العاملين

# 24296

# 11088

# 49877

# 39581

# بالرغم من اشتراك هذه الأقسام في كونها سكنية بالأساس فإنها تختلف في عمر
~~نشأتها وعوامل نموها، فالسيدة زينب وشبرا هما الأقدم، وكانتا امتدادا
~~للقاهرة المركزية منذ منتصف القرن 19م. السيدة امتداد جنوبي عبر قناطر
~~الخليج المصري نمت كثيرا بعد إنشاء حي الدواوين في لاظ أوغلي، وأصبحت
~~سكنا لكثير من الموظفين. وشبرا نمت بإنشاء قصور الأمراء للاستمتاع بجو
~~أكثر نقاء شمال كتلة القاهرة وشرق ميناء القاهرة بين بولاق وروض الفرج،
~~ولهذا فأنصبة كثير من الأنشطة غير الحكومية في كل منهما تتركز في مجال
~~الخدمات التجارية والاحتياجات المجتمعية أكثر من أنشطة الصناعة. على سبيل
~~المثال: تساهم عمالة تجارة الأغذية ب 12٪ و13٪ من مجموع العاملين في
~~السيدة وشبرا على التوالي، وتساهم عمالة المقاهي والمطاعم بنحو 7٪ من
~~العمالة لكل منهما، وأنشطة الصحة وخدمات المجتمع معا تبلغ نحو 10٪ في
~~السيدة و12٪ في شبرا. أما النقل والتخزين ووكالات السفر والأعمال المالية
~~فهي نحو 5٪ في السيدة و2٪ في شبرا، وجملة هذه الخدمات مع بقية أنواع
~~التجارة تبلغ نحو 70٪ من العمالة في السيدة و75٪ في شبرا؛ مما يدل على أن 
~~الأنشطة موجهة أساسا لخدمة كتلة سكنية تعمل في مناشط أخرى؛ عمالة حكومية
~~وعمالة في قطاعات العمل العام والخاص في وسط البلد من عابدين وقصر النيل
~~إلى الأزبكية والجمالية. فسكان السيدة الذين هم في فئة قوة العمل يبلغون
~~108 آلاف فرد وقوة العمل في الجدول السابق هم نحو ربع هؤلاء - أو على
~~أسوأ الفروض هم نحو نصف قوة العمل من الذكور فقط - ومثل هذا في شبرا حيث
~~تساوي قوة العمل في الجدول ثلث قوة العمل من الذكور فقط، ولا شك أن باقي
~~قوة العمل - باستثناء البطالة - تذهب للعمل في أحياء الأعمال كما سبق
~~رصده في قصر النيل وعابدين والجمالية كنماذج.

# أما الزيتون والساحل فهما أحدث سكنا، الأولى: ارتبطت ببدايات حي راق
~~للطبقة الوسطى وفوق المتوسطة التي خرجت من قلب القاهرة مع خط ms166 حديد
~~الضواحي. ثم هجر الورثة بيوتهم إلى أحياء أحدث وحل محلهم سكن أفقر وأكثف،
~~والساحل نشأ كامتداد لساحل روض الفرج، وزاد سكانه بقوة الدفع من شبرا
~~وروض الفرج، وفي كل من القسمين كانت هناك مساحات فضاء استغلت لبناء ورش
~~وأعمال صناعية منوعة تعتمد على كثافة الأيدي العاملة ورخصها؛ لهذا ترتفع
~~نسبة العاملين في الصناعات التحويلية إلى 38٪ و29٪ في القسمين على
~~التوالي. وأكثر الصناعات التي تميزهما هي المنتجات الكيميائية التي تصل
~~إلى 16,5٪ في الزيتون و8٪ في الساحل، ويكون مجموع الخدمات من التجارة إلى
~~خدمة المجتمع 62٪ في الزيتون و71٪ في الساحل مقابل 70٪ و75٪ في السيدة
~~وشبرا، وبالرغم من هذه الفروق فإنه لا يجب أن ننسى العدد السكاني الضخم
~~في الزيتون (322 ألفا) والساحل (333 ألفا) واحتياجاتهم إلى كافة أنواع
~~الخدمات في التجارة بأنواعها والنقل والمطاعم والمقاهي ... إلخ.
~~(5-5) نماذج من الأحياء الجديدة

# نوع النشاط
~~٪ مدينة نصر أول وثاني
~~٪ مدينة السلام

# صناعة المشروبات

# 4,5

# الأغذية والمشروبات

# 5,1

# 4,2

# ملابس جاهزة

# 2,0

# 5,0

# منتجات كيميائية ومعدنية

# 2,3

# 5,2

# صناعة الأثاث

# 1,1

# 4,8

# جملة الصناعة التحويلية

# 16,4

# 39,4

# إنشاء وتشييد

# 10,1

# 1,6

# تجارة المركبات

# 4,7

# 9,0

# تجارة جملة عدا المركبات

# 8,3

# 9,4

# تجارة تجزئة بمتاجر متخصصة

# 12,5

# 0,1

# جملة التجارة

# 37,4

# 40,0

# فنادق ومطاعم ومقاه

# 4,6

# 3,8

# النقل والتخزين

# 5,7

# 5,0

# أنشطة العقارات والتأجير

# 8,5

# 1,8

# التعليم والصحة ونشاط مجتمعي

# 11,7

# 4,1

# خدمات اجتماعية

# 4,5

# 2,8

# مجموع العاملين (عدا الحكومية)

# 66391

# 41848

# على الرغم من أن المدينتين خططتا للإسكان، وما زالتا كذلك، إلا أننا نجد
~~فروقا بين توجههما، وأهم هذه الفروق هو التوجه الصناعي الخفيف في السلام
~~بنسبة 40٪ من العمالة، وتوجه مدينة نصر نحو أنواع النشاط الخدمي بنسبة
~~84٪، أكبر الصناعات في مدينة نصر هي صناعة المشروبات، بينما تتجه الصناعة
~~في السلام إلى الملابس الجاهزة والمنتجات المعدنية والكيميائية
~~والأثاث.

# وفي مجال التجارة تتشابه النسبة في المدينتين، لكن التجارة في المركبات
~~والجملة تميز السلام، بينما ترتفع التجارة المتخصصة في مدينة نصر بشكل
~~كبير مقابل انعدامها في السلام، والأغلب أن ذلك راجع إلى منسوب الحياة
~~الأعلى في مدينة نصر التي تتجه بمحلاتها التجارية المتخصصة الواسعة إلى
~~تكوين نواة تجارية في شرق القاهرة نظيرها قليل في بقية القاهرة، وفي
~~المجالات الخدمية الأخرى تتفوق مدينة نصر ms167 كثيرا على السلام.

# كل هذا يعطينا فروقا واضحة بين مدينتين جديدتين تتجه كل منهما اتجاها
~~مختلفا، ينعكس ذلك في نوع الأبنية بين أبراج مدينة نصر الفاخرة والمساكن
~~والعمارات محدودة الارتفاع والقيمة الإيجارية في السلام.

# والدراسة التحليلية لمدينة نصر تكشف فروقا بين قسمي أول وثان، والغالب
~~أن وعورة التضاريس في نصر ثان سبب في صغر حجم السكان والامتداد
~~العمراني، وفي المخطط كانت منطقة نصر ثان مخصصة للمنشآت الصناعية التي
~~تحتل مساحات كبيرة، مثال ذلك: ورش المقاولات - 17,7٪ من مجموع العاملين -
~~ومصانع «إيديال»، بالإضافة إلى صناعات المعادن والمنسوجات والمنتجات
~~الكيماوية والأثاث، كلها تظهر بصورة أوضح في قسم ثان، وكذلك الحال في
~~تجارة المركبات ومنشآت النقل والصحة، ويتمثل ذلك في المستشفيات الكبيرة
~~وإدارات وجراجات إدارة النقل العام الداخلي للقاهرة وشركة مصر للسياحة
~~وغيرهما، ووجود المطاعم والمقاهي دون الفنادق، ولا شك أن مطاعم ومقاهي
~~نصر أول أميل إلى الحداثة، وبخاصة انتشار نمط مطاعم الوجبات سابقة
~~التجهيز، ونظام أخذ الأطعمة

# Take Away

# أو توصيلها للمنازل، وهو نمط آخذ في الانتشار في بقية أحياء
~~القاهرة.

# وفي مقابل ذلك تتميز نصر أول بكثرة المدارس والمعاهد الخاصة بصورة تكاد
~~تبلغ ضعفي مثيلها في نصر ثان، وعلى العموم فأنواع التجارة في نصر أول
~~تستغرق نحو 40٪ من عدد عامليها مقابل 30٪ في قسم ثان.
~~•••

# وهكذا نخلص إلى أن النشاط الاقتصادي في القاهرة تظهر فيه ثنائية نمطية
~~واضحة بين الصناعة والمهن التقليدية والحرفية وأشكال التجارة الصغيرة،
~~وين الصناعات والأنشطة الحديثة المتركزة أساسا في منطقة جنوب القاهرة.
~~والنمط الأول كثيف العمالة، نموه محدود، قيمته المضافة صغيرة، تكاد تبقي
~~على حياة ممارسيها وعائلاتهم. أما الأنشطة الحديثة: فهي كثيفة رأس المال،
~~وإن كانت أجور العاملين لا تزال ضعيفة بالقياس إلى مثيلاتها خارج مصر.
~~وبوجه عام أمام المخططين الاقتصاديين والاجتماعيين مشكلات كبيرة لرفع
~~القيمة المضافة للأنشطة الاقتصادية بوجه عام، ورفع الأجور، وجودة المنتج،
~~وتنظيم التسويق، وتحسين الإدارة العامة للمشروعات العامة والخاصة. ومثل
~~ذلك تماما، بل أسوأ حالا، الفلاحون والزراعة المصرية الراكدة في مسار
~~تقليدي يؤدي إلى خروج كثير من ms168 الفلاحين من دائرة الإنتاج المجزي.

# الأرقام عن: «النتائج الأولية للتعداد العام للسكان 1996» من كتابي
~~محافظة القاهرة، ومحافظة الجيزة، وكتاب: «التعداد العام للسكان
~~والإسكان والمنشآت 1996 - محافظة القاهرة» مرجع 1100 / 1997 أ.م.ت،
~~وكذلك دراسات عينة متعددة منها: «إحصاء العاملين المدنيين بالحكومة
~~وقطاع الأعمال العام عن الحالة في 1 / 1 / 1996، مرجع 71-12523
~~يوليو 1997» و«النشرة السنوية لبحث العمالة بالعينة في جمهورية مصر
~~العربية عام 1997» مرجع 71-12525 أغسطس 1999، وكلها صادرة عن
~~الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء - القاهرة.

# 3٪ بطالة رقم متدني، فحسب الأرقام الإحصائية تصل البطالة في مصر
~~إلى 10٪ من مجموع المشتغلين بالجمهورية، وحسب جدول

# 5-2

# تصل البطالة في القاهرة إلى 7,7٪ من
~~جملة المشتغلين، وهو قيمة متحفظة، وأقل من الواقع الحالي حيث تشغل
~~البطالة بال الناس والحكومة.

# حسب أرقام الكتاب الإحصائي السنوي للجهاز المركزي للتعبئة
~~والإحصاء - يونيو 1999 جدول 11-9، هناك تراجع في قيمة صادرات
~~أساسية عام 1998 قياسا على أرقام 1994 يتراوح بين 32 و55٪
~~للقطن الخام وغزل القطن والأقمشة القطنية مع ارتفاع الأرز
~~70٪ والبطاطس 50٪.

# برغم أن الخريطة توضح حالة العاملين لعام 1986 فإنها
~~مؤشر جيد للواقع الحالي، باستثناء بعض الأنشطة التي
~~ظهرت في أطراف القاهرة الكبرى، كالتجارة في مدينة نصر
~~على سبيل المثال.

# في مجالي الصحة العامة والتعليم تمثل أعداد
~~العاملين فيهما نحو 15٪ من مجموع العاملين في هذين
~~القطاعين، أما الباقي: 80-85٪، فهي عمالة حكومية،
~~وذلك على عكس التجارة التي تعكس تفوقا للعمالة
~~الخاصة على عمالة الحكومة والقطاع العام.



# الفصل السادس

# فصل في حياة القاهرة المعاصرة
~~(1) المشكلات العامة للمدينة

# 1

# لقد نمت مدينة القاهرة خلال السنوات الخمسين الماضية بسرعة كبيرة؛ مما أدى إلى
~~أن تصبح مشكلات المدينة أكبر من الحلول المقدمة من هنا وهناك، وأعتقد أن هناك
~~إجماعا على أن أي حل جذري لمشكلة مدينة القاهرة لن يتم إلا إذا اتخذت خطوات
~~لتنفيذ خطة شاملة ذات جرأة غير معهودة.

# إن القاهرة - كغيرها من مدن العالم الكبرى - تعاني من مشكلات مختلفة معقدة
~~ومركبة، وبرغم أهمية الإفادة من الحلول والتجارب التي تتخذ في مدينة أو أخرى
~~فإنه لا يفيد إطلاقا حل مشكلة معينة في مدينة ما تطبيقه بكامله على ms169 مدينة أخرى
~~تعاني المشكلة ذاتها؛ لاختلاف الأبعاد الحضارية في كلتا المدينتين مهما كانتا
~~في دائرة قومية واحدة، ومن ثم فإنه يلزم لكل مدينة دراسة خاصة وعميقة للتعرف
~~على جميع خصائصها المادية والمعنوية على المستويين الأفقي (المكان)، والرأسي
~~(الزمان). كما أنه يفيد أيضا أن نتعرف على مكان المدينة المعنية بين المجموعات
~~التي تنقسم إليها مدن العالم؛ لأن تصنيفها يعطي الباحث ملخصا سريعا لخلفية
~~المدينة الحضارية والاقتصادية، ومن ثم تتضح مؤشرات النمو والركود
~~للمدينة.

# القاهرة بين مدن العالم

# تنقسم مدن العالم المعاصرة بصفة عامة من حيث المشكلات المترتبة على
~~المكان، والتاريخ، والوظيفة الاقتصادية والسياسية، والمقومات الحضارية
~~العامة إلى مجموعتين رئيسيتين:
~~(1)

# مدن العالم المتقدم:

# عبارة عن الحزام الشمالي للمدن الذي يمتد من شواطئ
~~الأطلنطي الشمالية في أوروبا وأمريكا، وعبر الاتحاد
~~السوفيتي إلى اليابان، ومنها إلى مدن الشاطئ الغربي
~~لأمريكا الشمالية. وهذه في مجموعها تتميز بالحداثة
~~النسبية عدا أوروبا الجنوبية والغربية، وبقوام العصر
~~الصناعي حضاريا واقتصاديا.
~~(2)

# مدن العالم النامي:

# ما زالت فيها كل صراعات الريف والمدينة حضاريا
~~واقتصاديا، وتنقسم إلى حزامين:
~~(أ)

# الحزام الأوسط الممتد من البحر المتوسط في
~~شمال أفريقيا وأطراف أوروبا الجنوبية إلى الشرق
~~الأوسط والهند ووسط آسيا والصين وإندونيسيا.
~~(ب)

# الحزام الجنوبي ويمتد في بقية أفريقيا وأمريكا
~~اللاتينية وأستراليا.

# والاختلاف الجوهري بين الحزامين الأوسط والجنوبي راجع إلى أسباب كثيرة
~~على رأسها العمق الزمني لمدن الحزام الأوسط مقارنا بالحداثة في مدن
~~الحزام الجنوبي.

# وفوق هذا فإن الحزام الأوسط بمكانه الجغرافي كان مركزا لكافة الحضارات
~~القديمة من مصر إلى الصين، ومنه انتقلت موجات حضارية إلى النطاقين
~~الشمالي والجنوبي طوال تاريخ الإنسانية، وإليه انتقلت الموجة الحضارية
~~الصناعية الحديثة من الحزام الشمالي، فأثارت فيه تلك الاضطرابات العنيفة
~~الاقتصادية والمدنية الحالية.

# وإذا صح هذا عامة على الحزام الأوسط، فإنه شديد الانطباق على الشرق
~~الأوسط، الذي هو منتصف العقد في الحزام الأوسط، ومصدر الحضارات
~~والديانات، وملتقى تيارات العالم القديمة والحديثة على السواء. وأهم ما
~~يتميز به الشرق الأوسط هو النمط الواحي في الاستقرار، سواء كان ذلك في ms170
~~صورة الواحة المعروفة من وسط آسيا إلى الجزيرة العربية والصحراء الكبرى،
~~أو في صورة عقود متصلة من الواحات على ضفاف الأنهار القصيرة والطويلة،
~~وعلى رأسها النيل ودجلة والفرات وسرداريا وأموداريا - سيحون وجيحون - في
~~صحاري آسيا الوسطى، ولندرة الأرض المنتجة في مثل هذه الظروف الواحية؛ فإن
~~مواقع المدن كادت أن تثبت في أماكنها دون تغيير إلا في حالات شاذة. وقد
~~ساعد ثبات الموقع على تعقد تاريخ المدينة في الشرق الأوسط؛ لطول أعمارها،
~~ولتداخل أنماط المعمار والخطط العمرانية تداخلا يماثل التعايش والتكيف
~~الذي حدث في حضارة هذا الإقليم حينما استوعبت وهضمت جوانب حضارية وافدة،
~~وأبقت على كثير من جوانب الحضارة السالفة في مركب شديد
~~التمازج.

# ثنائية القاهرة

# وتمثل القاهرة كل هذه الخلفية التاريخية والمكانية للمدن في الشرق الأوسط
~~خير تمثيل، وهي إلى جانب تاريخها الطويل تعكس التطورات التي أدت إليها
~~استقبالات عصر النهضة المصرية خلال القرن التاسع عشر، ومضمون الحضارة
~~الصناعية خلال القرن العشرين. وقد أدت التغيرات السياسية والاقتصادية في
~~مصر خلال الفترة من أواسط القرن ال 19 إلى اليوم إلى نمو سريع ومستمر
~~لقاهرة الحضارة الصناعية في إطار لم يتجاوز التجاور المكاني للقاهرة
~~القديمة خلال الأعوام المائة الماضية؛ لهذا كانت ثنائية القاهرة واضحة،
~~يرمز إليها وجود السوق القديمة: بازارات خان الخليلي، ومحلات التربيعة،
~~والموسكي ... إلخ، والسوق الحديثة: وسط البلد بمفهوم القاهري.

# القاهرة القديمة

# وبرغم التجاور المكاني فإن كل شيء في القاهرة القديمة والحديثة مختلف
~~تماما؛ فخطة شوارع المدينة القديمة لا تخضع لتصنيف؛ الطرق والحارات
~~المتعرجة الضيقة المسقوفة في أحيان كثيرة تعبر عن تكيف أمثل لنهار قائظ
~~معظم أيام السنة، معمار سكني قديم خطته الأساسية الانفتاح على الحوش
~~الداخلي والانغلاق عن العالم الخارجي بأسوار وبوابات تعبيرا عن نمط
~~العائلة القديم الذي يسيطر فيه الرجال على عالم المرأة، أو «الأرباع»
~~الضخمة التي تأوي عددا كبيرا من الأسر كادت أن تصبح عشائر مستقلة يربط
~~أعضاءها التصاهر والتزاوج، وتنغلق بأسرارها عن العالم الخارجي. تقسيم
~~مهني لأحياء المدينة يجعل منها عوالم ميكروكوزمولوجية منفصلة عن بعضها
~~نفسيا وسلوكيا ms171 وفنيا مستندة في ذلك إلى أسس نشاط اقتصادي، وممارسات
~~حرفية مختلفة بين الحي والآخر. مركز استقطاب كبير لهذه المدينة كلها
~~يمثله الجامع الأزهر كرمز للدين الذي يجمع الناس بصلاحياته الاجتماعية
~~الواسعة في مواجهة القلعة كمركز للحكم.

# القاهرة الحديثة

# أما القاهرة الحديثة، فقد تميزت بشوارع مستقيمة، وعمائر عالية، وأسواق
~~مفتوحة، وشقق تأوي إليها أسر نووية لم يعد فيها محل للعائلة الممتدة
~~التقليدية، ولم تعد الأحواش متنفسات المدينة الداخلية، بل ظهرت الحدائق
~~كضرورة بديلة للحوش، وبذلك انهارت الانغلاقية والحمية العصبية للحارات
~~والأحياء، وظهرت محلها روابط اجتماعية أخرى مبنية على الاختيار الحر
~~للأفراد بدلا من الروابط التي كانت مفروضة بحكم علاقات الدم والنسب
~~والمهنة والجوار.

# ولم تعد هناك أحياء ذات نشاطات اقتصادية موحدة يسكن داخلها غنيها وفقيرها
~~جنبا إلى جنب، بل أحياء جديدة للقاهرة الجديدة صنفت الناس تصنيفا
~~آليا على أساس قدراتهم المالية. فأصبحت هناك أحياء الفقراء والطبقة
~~الوسطى والأغنياء، ولكل منها سمات أشد اختلافا في كل مظاهر الحياة
~~المادية واللامادية مما كان في أحياء المدينة القديمة، وأصبح الاستدلال
~~على مهنة الشخص من محل سكنه أمرا صعبا عكس ما كان في القاهرة القديمة،
~~بينما أصبح الاستدلال على مستوى الشخص المادي من عنوان سكنه أمرا سهلا
~~في القاهرة الحديثة .

# 2

# وحلت تنظيمات أخرى محل ما كان سائدا من طوائف المهن؛ نقابات للعمال
~~والفئات العاملة، ونواد لطوائف العمل وطبقات الناس، وبعدت طبقات الناس
~~عن بعضها البعض باختلاف مصالحها، وبعد الناس مكانيا وواقعيا من
~~تأثيرات الاستقطاب الكبرى للأزهر بحلول الكثير من التنظيمات الاجتماعية
~~الاقتصادية المنبعثة من حضارة العصر الصناعي، وبعد الحكم عن القلعة
~~والقصور إلى التنظيمات السياسية والاقتصادية الحديثة المعبرة أيضا عن
~~ضرورات وملزمات العصر الصناعي.

# غزو القاهرة القديمة

# وقد ظلت ثنائية القاهرة واضحة إلى حوالي نصف قرن مضى، وما تزال الثنائية
~~ظاهرة في عدد من الأشكال. لكن الكثير من التغير قد طرأ على القاهرة
~~القديمة نتيجة الغزو الحضاري الاجتماعي الاقتصادي من جانب القاهرة
~~الحديثة. وفي الحقيقة لم تعد القاهرة القديمة تحتفظ من قدمها إلا بالشكل
~~المادي ms172: الطرق المتعرجة، والبيوت المتهالكة، وبعض الحرفية القديمة، إلى
~~جانب آثارها الإسلامية الرائعة. هجرها أغنياؤها، ولم تدخلها الخدمات
~~الحديثة إلا بأقل القليل، وبعبارة قصيرة: لم تصمد القاهرة القديمة للغزو،
~~برغم محاولات الإحياء لمساجد أثرية وبيوت تاريخية، وسقطت إلى مجرد حي
~~فقير من أحياء القاهرة الحديثة؛ نتيجة عدم التعادل في القوى الاقتصادية
~~الاجتماعية بين القديم الحرفي العائلي السمة والحديث الآلي الأسري السمة.
~~بل إن القاهرة الحديثة قد نجحت في تغيير وظيفة المدينة القيمة؛ فحولت
~~جزءا من المدينة القديمة لتجارة الجملة كخلفية تخدم أسواق القاهرة
~~الجديدة.

# طرق غزو القاهرة القديمة

# وقد كانت أهم وسائل غزو القاهرة القديمة رأس الحربة التي شقت القاهرة
~~القديمة شطرين؛ إنشاء شارع الأزهر بعد سنة 1920 بعرض 20 مترا - بدايات
~~لم تتم في عصر محمد علي - وقد أثار إنشاء هذا الشارع وشارع الجيش الحالي
~~اعتراضات كثيرة آنذاك؛ لكثرة التعويضات التي بلغت 300 ألف جنيه! وبدخول
~~المواصلات الحديثة إلى شارع الأزهر أصبح هو المحور الأول بعد أن كان شارع
~~الموسكي وامتداده في شارع السكة الجديدة - التي أنشأهما محمد علي بعد سنة
~~1815 بعرض أربعة أمتار - هو المحور الأساسي لنحو قرن من الزمان للدخول من
~~العتبة إلى منطقة الأزهر-الجمالية. وأصبح شارع الأزهر مركزا لتجارة
~~الجملة، وتنافست المحال الكبيرة للحصول على واجهة تطل على هذا العالم
~~الجديد، ولكن الحاجة المكانية الملحة أبقت على الموسكي والسكة الجديدة
~~كشارع أعمال من الدرجة الثانية لفترة، والآن هو من أغلى شوارع القاهرة
~~قيمة عقارية أو إجارية؛ لأنه سوق لا يشق له غبار للسلع المتوسطة القيمة
~~التي لا غنى عنها لغالبية سكان القاهرة من الفقراء ومتوسطي الحال.

# كذلك كان لإنشاء شارع الجيش الحالي - سابقا الأمير فاروق من العتبة إلى
~~الحسينية - أثر كبير في تقطيع أوصال القاهرة القديمة في قسمها الشمالي؛
~~فصل باب البحر والفجالة والظاهر والرويعي عن الموسكي ودرب البرابرة وباب
~~الشعرية والبيومي والحسينية. كما أدى إلى تدهور شارع الخليج - ردم سنة
~~1899 - الذي كان يلتوي داخل المدينة القديمة، ولم تعد له أهميته في شبكة
~~شرايين القاهرة الحديثة إلا بعد أن ms173 استقام هو الآخر - قدر المستطاع -
~~والتحم بعدد من الشوارع الضيقة الموازية: درب الجماميز، شوارع الحبانية،
~~وجامع البنات، وبين الصورين، وباب الشعرية، وشارع الشعراوي البراني ...
~~إلخ، تحت مسمى شارع الخليج الذي أعيد تسميته شارع بورسعيد، وأصبح
~~محورا مهما يربط غمرة والسيدة زينب.

# وكان شق شارع القلعة؛ «محمد علي» قد سبق ذلك بكثير - بدايات الطريق منذ
~~عهد محمد علي، وتم في عهد إسماعيل - وقد أدى إلى تقطيع المدينة القديمة
~~في الجنوب، فاصلا بين السيدة وطولون والحلمية وعابدين وأرض شريف في
~~جانب، وباب الوزير وسوق السلاح والخيامية وتحت الربع وسكة المناصرة في
~~جانب آخر. لكن شارع محمد علي لم يؤد إلى النتيجة التي انتهى إليها شارع
~~الجيش؛ ذلك أن شارع القلعة - بعد أن نزل الحكم من القلعة إلى قصور
~~القاهرة الجديدة في عابدين والقبة - أصبح شارعا لا يقود إلى مكان ذي
~~أهمية في الحياة السياسية اليومية، وفضلا عن ذلك فهو يقود إلى طريق
~~مسدود بواسطة بروز جبل المقطم في هذا الهامش الجنوبي من القاهرة، وإلى
~~المقابر الشاسعة في الإمام الشافعي، وإلى محاجر وتلال عين الصيرة ومصر
~~القديمة. أما طريق الجيش؛ فقد كان يقود القاهرة إلى جبهة توسع عمراني
~~هائلة شمالا بشرق العباسية وحدائق القبة ومصر الجديدة، وهذا هو اتجاه
~~التوسع العمراني الذي تحابيه مجموعة الظروف الطبيعية والبشرية في إقليم
~~القاهرة.

# القاهرة اليوم

# هكذا ارتبط مصير القاهرة القديمة بالتغير الاقتصادي الاجتماعي الذي دخلته
~~مصر منذ الربع الثاني من هذا القرن، وفي خلال السنوات الخمسين الماضية
~~انطلقت القاهرة الجديدة انطلاقة هائلة عبر كل العوائق الطبيعية والبشرية
~~كما يظهر من النقاط التالية:
~~(1)

# كانت وسيلة هذا الانطلاق الطرق المستقيمة الطويلة
~~والكباري، وأقدم هذه الطرق المستقيمة شارع شبرا - شق
~~سنة 1815 ليصل إلى قصر محمد علي. وكونت شوارع القلعة
~~والأزهر والجيش والتحرير وقصر العيني وبولاق - 26
~~يوليو - الشبكة الهيكلية لنمو القاهرة صوب حقول الشمال
~~إلى شبرا الخيمة ومسطرد والمطرية، وصوب رمال الشرق إلى
~~العباسية ومصر الجديدة ومدينة نصر، وصوب الجنوب عبر
~~الشريط الزراعي الضيق إلى المعادي وحلوان والتبين،
~~وصوب الغرب ms174 عبر النيل إلى الجيزة والهرم وبولاق
~~الدكرور وإمبابة.
~~(2)

# عدم وجود مخططات
~~رئيسية

# Master Plan

# نافذة المفعول؛ لتجديد الأحياء
~~القديمة مع تجديد وتوسيع شبكة الطرق والبنية الأساسية
~~في هذه الأحياء؛ مما يؤدي إلى بقاء الخدمات القديمة
~~على حالها مع بعض التحسين، أي دون وجود حقيقي لما
~~يقابل النمو العمراني الجديد ذا الوحدات والطوابق
~~السكنية الأكثر، والمحملة على بنية تحتية كانت مخصصة
~~في الأصل لعدد من السكان ربما هو ربع العدد الحالي،

# 3

# ومن هنا النقص الواضح في تغذية هذه
~~الأحياء بالمياه والصرف الصحي بصفة خاصة، وهي أشياء
~~كالمتفجرات الموقوتة داخل القاهرة. وأخطر الأشياء هو
~~النقص الشديد في أعداد المدارس ومساحاتها وتجهيزاتها؛
~~لأنها هي الأخرى بنيت كما وقدرة استيعابية بالتناسب
~~مع عدد سكان فات زمانه بنصف قرن دون مبالغة. وبإيجاز،
~~تناست سلطات البلدية المسئولة والمخططون مبدأ تجديد
~~أحياء داخل القاهرة

# Urban
~~Renewal

# لما فيه من صعوبات فيزيقية
~~وكثافة سكانية، واستسهل الجميع إنشاء أحياء ومدن جديدة
~~مخططة مركزيا في أماكن فارغة بدلا من إعادة تخطيط
~~الأحياء الفقيرة الداخلية، فزادت سوءا سكنا وسكانا
~~وفقرا.
~~(3)

# صحيح أن هناك اتجاهات حديثة لاستخدام نظم المعلومات
~~الجغرافية لشبكة المياه والصرف الصحي، وأن هناك مساعي
~~من جانب شركات توزيع الكهرباء لحسن الإمداد والتوزيع،
~~إلا أن معظم هذه الجهود تدور في المناطق الجديدة
~~والغنية من القاهرة؛ حيث تساعد الطرق الواسعة على مثل
~~هذه الأعمال، بينما الأحياء المكدسة سكانا محرومة من
~~هذه الأعمال الحديثة إلا عند توسعة شارع أو شق محور
~~حركة جديد داخل الأحياء الفقيرة.
~~(4)

# فما بالنا بالأحياء التي التصقت بحواف القاهرة،
~~والتي درجنا أن نسميها بالعزب والعشوائيات، وحول
~~القاهرة وحدها 79 من هذه الطفيليات العمرانية في
~~الجيزة 32 وفي القليوبية 69 معظمها بين شبرا الخيمة
~~والمرج، والكثير من هذه الطفيليات تكاد لا تتحصل على
~~شيء من البنية التحتية الأساسية، ومن هنا الكوارث
~~الناجمة عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وارتفاع عدد
~~الأمراض الناجمة عن سوء الحالة الصحية في البيوت
~~والحارات والمسارب بين أشكال من بيوت وعشش يسكنها نحو
~~عدة ملايين من الناس هم من الفقراء وسكان الطفيليات
~~العشوائية ms175. هؤلاء ليس لذويهم أعمال حقيقية، ومن ثم
~~الفقر المدقع الذي يساعد على تدهور كل شيء من الغذاء
~~إلى الأخلاق؛ فيصبح بعضهم نهبا لكل أشكال التطرف
~~السلوكي من إجرام إلى انتظام في جماعات هدامة.
~~(5)

# ومما يزيد من إشكالية الموضوع؛ التركيز الذي لا مبرر
~~له على اختطاط أحياء عمرانية جديدة ضمن دائرة القاهرة
~~الكبرى. في البداية كانت هناك المدن التوابع التي أنشئ
~~بعضها قريبا من القاهرة الكبرى، وخاصة مدينتي مايو
~~وأكتوبر، بينما كانت مدينة رمضان على بعد مقبول، ولكن
~~المسافة بين مصر الجديدة ورمضان سرعان ما أغرت مخططي
~~وزارة التعمير، قبل الأفراد، بإنشاء سلسلة من المدن
~~بدأت بالحرفيين والسلام، وانتهت بالعبور وهايكستب
~~والشروق، مستخدمين في ذلك وجود أوتوستراد الإسماعيلية
~~كبنية محورية، فاستهلكوه! والغرض الأساسي من إنشاء مدن
~~التوابع لم يتحقق. فما زالت أرتال السيارات تنقل
~~العاملين من أحياء القاهرة والجيزة إلى رمضان وأكتوبر
~~صباح مساء، وانحرف التوجه من تخفيف الضغط السكاني في
~~القاهرة الكبرى إلى السكن الفاخر الموسر في أحياء
~~أسماؤها ذات رنين الرفاهية، مثل: «ماي فير» و«بفرلي
~~هيلز» و«الأشجار» ... إلخ.
~~(6)

# قضى إنشاء محور صلاح سالم على آخر مواقع الحفاظ على
~~القديم التي كانت تنزوي في أحياء باب الوزير والتبانة
~~والباطنية والدراسة والعطوف والجمالية تحت تلال
~~الدراسة، وفي ظلال حمايتها. كما انكشفت مقابر المماليك
~~بين برقوق وقايتباي.
~~(7)

# نجا طريق صلاح سالم من الابتلاع بواسطة العمران على
~~جانبيه بفضل وجود الجبانة المملوكية ومعسكرات ونواد
~~عسكرية في شرقه، وانتشار معسكرات للشرطة والجيش بين
~~العباسية والقلعة على الجانب الغربي، مع ارتفاع مناسيب
~~الأرض لسابق وجود تلال وأكوام قديمة في هذه المناطق
~~استغلت بعضها في إقامة دار الإفتاء ومبنى مشيخة
~~الأزهر.
~~(8)

# كان إنشاء أوتوستراد مدينة نصر-حلوان بمثابة التفاف من
~~الشرق حول هذه الجبانات المملوكية فوقعت بين فكي كماشة
~~الأتوستراد وصلاح سالم، ومن ثم اخترقتها طرق حديثة
~~للسيارات سوف تهدد المباني المعمارية الرائعة للمساجد
~~والمدارس والآثار المملوكية بالتدمير البطيء نتيجة
~~لمؤثرات ثلاثة، هي: عادم السيارات، والاهتزازات
~~الأرضية الناجمة عن مرور اللوريات والشاحنات الثقيلة،
~~وسكن ms176 عشوائي داخل هذه المنطقة الأثرية مع إنشاء ورش
~~إصلاح ودهان السيارات، وما يؤدي إليه من تسرب ماء
~~باطني تحت أساسات المباني، وإلى أبخرة لحام الأوكسجين
~~وطلاء الدوكو المشبع بالمتطايرات من المواد
~~الكيميائية، ولكن بعد تكثيف البناء شرقي الأوتوستراد
~~تحول الطريق الدائري في صلاح سالم والأوتوستراد إلى
~~ممرات للحركة الكثيفة البطيئة داخل المدينة.
~~(9)

# ثم جاء الطريق الدائري الذي أصبح يعمل كالمغناطيس في
~~جذب مزيد من اختطاط أحياء جديدة، خاصة في الجزء
~~القاهري منه، بينما الجزء الآخر في الجيزة لا يزال
~~تائها بين القرى التي فقدت معنى ووظيفة الريف وبين
~~الألسنة العمرانية الحديثة للمهندسين والصحفيين وفيصل
~~والهرم. والمفروض أن القليل جدا من أبنية خدمات
~~الطريق كمحطات البنزين واستراحات صغيرة، هي التي تقترب
~~من أي طريق حلقي؛ لكي يبقى طريقا حرا للحركة
~~السريعة حول المدينة مع تعدد المداخل والمخارج من وإلى
~~محاور رئيسية في شبكة طرق المدينة. لكننا نهدم الأساس
~~الذي بني من أجله الطريق الدائري بإنشاء مجموعة أحياء
~~جديدة، سميت: القاهرة الجديدة، قيل: إنها سوف تتسع
~~لمليونين أو لأربعة ملايين من الناس أو أكثر، تمتد من
~~الهجانة إلى التجمع الأول والخامس والثالث والقطامية
~~والأمل والمعادي الجديدة ... أسماء كثيرة وطموحات غير
~~صحيحة لا في الموقع أو المحتوى والهدف . فأين إذن
~~الطريق الحلقي إذا أضفنا إلى ذلك النمو العمراني على
~~الأرض الزراعية من شبرا الخيمة وميت نما إلى السلام
~~وبركة الحاج والمرج والقلج شمال وجنوب الطريق الدائري
~~مباشرة؟
~~(10)

# استغرق تحول طريق صلاح سالم إلى طريق داخلي نحو ربع
~~قرن. أما الطريق الدائري الجديد، فإنه سيتحول في زمن
~~أقل من ذلك بكثير إلى طريق داخلي. ذلك أن مقدمات
~~التحول بدأت فعلا في شمال وشرق القاهرة، وقد يترتب
~~على ذلك أن مطار القاهرة الدولي سوف يصبح داخل دائرة
~~عمران القاهرة بإحاطته من الشمال والشرق فضلا عن
~~إحاطته الحالية من الغرب والجنوب. فهل يتحول هو الآخر
~~إلى مصير مطار ألماظة، ونبحث عن موقع مطار آخر على بعد
~~40-50 كيلو متر من القاهرة؟

# هذا النمو الضخم المتسارع قد فجرته ms177 عدة عوامل، على رأسها المركزية
~~المطلقة التي تمارسها القاهرة على كل أشكال الحياة الاقتصادية
~~والاجتماعية والسياسية والثقافية في مصر. أصدق تعبير عن تلك المركزية
~~المسيطرة هو استحواذ القاهرة على أكبر قدر من الهجرة الداخلية،

# 4

# وقد نقل المهاجرون عددا من الأشكال الحضارية إلى أحياء تكاد
~~أن تقتصر على مهاجرين من إقليم معين أو محافظة معينة، وبذلك أخذت مناطق
~~كثيرة من القاهرة «تتريف»؛ أي تظهر في مساكنها ومحلاتها التجارية
~~وملابس وتصرفات سكانها اليومية سمات حياة القرية الريفية داخل
~~المدينة.

# ونتيجة لهذا أصبحت القاهرة منطقة اختلاط، وتضارب في المفهومات وبعض
~~الممارسات الاجتماعية، وربما بعض الممارسات اللغوية نتيجة للتركيب
~~الحضاري للسكان، وهناك عوامل كثيرة اجتماعية واقتصادية تسعى إلى تسوية
~~الفروق بين هذه التراكيب المدينية في القاهرة، ويقوم شيوخ التعليم الحديث
~~في القاهرة بالدور الأول في هذه التسوية، إلا أن ذلك سوف يأخذ وقتا قبل
~~أن يصبح الكل مواطنين للمدينة جيلا واحدا على الأقل، ويتطلب هذا تحديد
~~تيار الهجرة إلى القاهرة إلى حدود ضيقة وبوسائل متعددة كما سنوضح فيما
~~بعد.

# مشكلة القاهرة الكبرى

# هذا باختصار شديد ما حدث خلال هذا القرن؛ لكي تصبح القاهرة حقيقة شديدة
~~البروز فوق خريطة مصر. فقد امتد مجمع المدينة الكبير امتدادا شاسعا
~~بالنسبة لمساحة المجال العمراني الضيق في مصر، ولم يعد لهذه المدينة نظير
~~- من قريب أو بعيد - في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا، ليس فقط من حيث
~~المساحة، ولكن من حيث محتواها المكتظ بملايين الناس ومئات المشكلات
~~الاقتصادية والاجتماعية والتموينية والتعليمية والصحية، وعشرات الآلاف من
~~المشكلات اليومية، على رأسها آلام الانتقال اليومي في الشوارع الأساسية
~~من حيث الاختناق وفوضى المرور؛ لأسباب عدم التوازن بين الشوارع ومتطلبات
~~الحركة الحالية،

# 5

# وعدم إيجاد ساحات انتظار للسيارات في المجاورات السكنية، أو
~~حول محلات السوبر ماركت و«المول»، وعدم تنفيذ جراجات لكل عمارة رغم النص
~~عليه في تراخيص البناء، أو تحويل الجراجات إلى محلات ومخازن رغم أنف
~~القانون، وكلها تعبير عن أنانية متفاقمة، وتسيب، وعدم الالتزام
~~بالقوانين. هذا فضلا عن قصور معظم الناس عن الاستخدام ms178 الأمثل للسيارات
~~الخصوصية أو العامة؛ مما يسبب مزيدا من عدم انضباط الشارع
~~القاهري.

# وفي مقابل هذه المشكلات الكثيرة لم تقدم الدولة والجهاز الإداري المختص
~~بالقاهرة ما يجب أن يتم من خلال خطة متكاملة تخدم مستويات زمنية متصاعدة.
~~بل كانت الحلول غالبا وقتية وجزئية دون مساس بالجوهر أو إحاطة بالشمول،
~~وكان إنشاء لجنة القاهرة الكبرى في الستينيات - التي ورثتها وزارة
~~التعمير والإسكان، ثم أضيف إليها عبارة: «المجتمعات العمرانية الجديدة»
~~كوصف طنان - عملا جيدا من الناحية النظرية، ولكن أعمال هذه اللجنة
~~ووزارة الإسكان فيما بعد، من حيث التفكير في إنشاء مدن جديدة وتنفيذها في
~~صورة حلقة حول القاهرة بغرض استيعاب الزيادة المستمرة في سكان ونشاط
~~القاهرة، لا تشكل الحل الأمثل لمشكلة القاهرة.

# ذلك أنه في الواقع - وبغض النظر عن الصعوبات التي تواجه إنشاء حلقة المدن
~~الإضافية في مواقع صحراوية تحتاج إلى إمدادات مياه في الوقت الذي نعاني
~~فيه من محدودية موارد مياه النيل، الذي لا يستطيع أن يعطي إلى ما لا
~~نهاية - فإن النتيجة النهائية هي خلق مشكلة قاهرة أكبر من الكبرى، وأعقد
~~من الحالية. فطبيعة العمران المديني أن يزحف تجاه بعضه طالما كانت
~~المسافات الفاصلة غير كبيرة مع استمرار تأثير عوامل النمو، ومن ثم
~~يزحف العمران من القاهرة صوب المدن الإضافية القريبة، والعكس صحيح
~~باعتبار أن المدن الإضافية سوف تنظر دائما صوب القاهرة بما فيها من
~~مراكز القوة والجذب، وتعطي ظهرها لجبهات التوسع التي يجب أن تكون بعيدة
~~كل البعد عن المجال المغناطيسي للقاهرة.

# النمو الانفجاري للمدن

# ليست كل المدن متساوية في درجة النمو لسبب أو آخر، كما أن درجات نموها
~~ليست ثابتة على المقياس الزمني، ومن أهم أسباب ذلك:
~~(1)

# موقع وموضع مدينة ملائم في الماضي وغير ملائم في
~~الحاضر، مستجيب أو غير مستجيب لتطورات الحضارة،
~~والمبتكرات الآلية، وشبكة المواصلات.
~~(2)

# أنشطة اقتصادية نامية أو خامدة أو كامنة تتفجر مع
~~تغيرات جذرية في تكنولوجية الإنتاج ونظريته، واستعداد
~~الناس للتكيف مع الجديد من المستحدثات.
~~(3)

# نمو أو سقوط الوظيفة الأساسية للمدينة لتغيرات جذرية
~~في ms179 الوضع العام السياسي والإداري والإستراتيجي
~~والاقتصادي والثقافي للمدينة. فقد فقدت إسطنبول
~~الوظيفة السياسية في تركيا الحديثة مقابل نمو أنقرة
~~العاصمة السياسية، لكن انتقال العاصمة لم تكن له آثار
~~سلبية على إسطنبول بحكم موقعها وتاريخها الأطول من
~~القاهرة.
~~(4)

# وهناك عوامل أخرى تشترك معا بدرجات متفاوتة، تبرز
~~بعضها أحيانا من لا شيء، مثل مدن البترول والتعدين
~~عامة. ومجموع هذه العوامل تحدث على مر الزمن التغيرات
~~التي تطرأ على المدن في نموها أو ثباتها أو تدهورها،
~~أو عودتها إلى مقدمة الحياة في الإقليم مرة أخرى في
~~صورة يشارك في تكوينها نظريتا دورة الحياة وعدم فناء
~~المادة، وقد مرت القاهرة بهذه المراحل وعادت إلى رأس
~~الحياة المصرية مرات عدة أبرزها العودة في العهد
~~المملوكي بعد الركود الفاطمي، والعودة في العصر الحديث
~~بعد الركود العثماني.

# وحينما تتفق الظروف التي تدعو مدينة إلى النمو؛ فإن المدينة تظل تنمو إلى
~~أن تصل إلى أقرب تلاؤم مع الظروف السائدة، فإذا لم تتغير ظروف ودوافع
~~النمو فإن نمو المدينة يكاد أن يتوقف، بل ويصبح للمدينة مجال سلبي يؤدي
~~بصفة عامة إلى طرد الفائض من النمو الطبيعي للسكان إلى أماكن الجذب
~~الأخرى. لكن هذه الحالة المثالية قلما كان لها نظير في الواقع إلا لفترات
~~زمنية محدودة؛ فالمدينة إما أن تنمو أو تنكمش، ذلك لأن دوافع النمو
~~المديني عبارة عن «مركب حي» صفته الأساسية دينامية حركة دائمة نتيجة
~~للتغير الدائم في ترتيب مواضع العوامل والدوافع، كما ونوعا، داخل هذا
~~التركيب الحي، ومن ثم فإن المدن في حركة مستمرة.

# وحينما تزداد كثافة عوامل النمو في مدينة ما فإن نمو المدينة يظل سائرا
~~دون توقف إلى أن تبلغ المدينة حجما معينا ليس له قياس فعلي بالمعنى
~~المادي أو الرقمي؛ لأن لكل مدينة مقياسها الخاص ارتباطا بظروفها
~~الحضارية والتكنولوجية. حينما يتم ذلك نجد تغيرا كيفيا يطرأ على
~~المدينة، فبدلا من أن تعتمد المدينة في نموها على مجموعة العوامل
~~والدوافع والظروف المستمدة من المكان والمستوى الحضاري والتكنولوجي
~~والخلفية التاريخية، يصبح للمدينة قوانينها الخاصة التي تفرضها ms180 على
~~مجموعة عوامل النمو السابقة، وبعبارة أخرى: تنعكس الصورة نظريا، ويصبح
~~للمدينة تأثير على مؤثرات نموها.

# تبني المدينة لنفسها «روحا»، أو تصطنع لنفسها «قلبا» يحولها إلى
~~«كينونة» ذاتية القوانين، ويصبح لهذه الكينونة نهم شديد للتوسع، واجتذاب
~~المزيد من البشر بصورة طاغية تؤثر بوعي وبلا وعي على الاختيار «الإداري»
~~للمخططين والمستثمرين وجميع الأعمال والوظائف التي تمارسها المدن، ويصبح
~~الجميع أسرى لهذه الطاقة الذاتية للمدينة لا يستطيعون الخلاص من سطوة
~~تأثيرها، ولا يفكرون إلا من خلال ما تفرضه المدينة الطاغية من مشكلات
~~تدعوهم إلى إصلاحات وحلول جزئية ووقتية.

# وفي الغالب لا يتاح لكل مدن الدولة أو مدن إقليم من أقاليم الدول ذات
~~المساحة الواسعة مثل هذا «الطاغوت»، إنما يحدث غالبا لمدينة واحدة
~~تستقطب النمو وتؤدي إلى إيقاف أو بطء النمو في المدن الأخرى بحيث تصبح
~~قزمية النمو إلى جوار المدينة العملاقة.

# ولسنا نعرف على وجه التحديد إلى أين يقود النمو الذاتي لمثل هذه المدن
~~المتسلطة، وأغلب الظن أنه يقود إلى «انفجار» - إذا شئنا المبالغة - يهدد
~~المدينة بالتراجع نتيجة للخلل الذي يحدث كما وكيفا في حجم المدينة
~~مكانيا وسكانا ونشاطا، وهي التي تزيد من المصاعب في مستوى أداء وظائف
~~المدينة، وفي تركيب المدينة اجتماعيا وصحيا وأمنيا وإدارة يترتب 
~~عليها تناقضات كبيرة بين الترف والفقر في أحياء المدينة، وإلى مزيد من
~~البيروقراطية والمركزية، وتدخل السلطة؛ لتحجيم الخلل ولو جزئيا.

# ولا توجد لدينا أمثلة عن مثل هذا الانفجار لمدن حديثة، وإن كان أقربها
~~إلى هذه المرحلة طوكيو ونيويورك، التي تسمى في المصطلح العلمي

# Megapolis
~~، ولعل روما الرومانية
~~وبغداد الإسلامية من الأمثلة على انفجار المدن العملاقة في الماضي
~~المؤرخ، وساعد على انفجارها مركزيتها المطلقة للعالم المعروف آنذاك،
~~ورخاؤها وترفها الخيالي وتعفن تركيب قياداتها، وعوامل أخرى خارجية عسكرية
~~ودينية، وعلى رأسها تحركات شعوب الترك والمغول، وهجراتهم من وسط آسيا؛
~~فاكتسحوا أوروبا والصين والعالم الإسلامي.

# وليس من الضروري أن تبلغ المدن حدودا موحدة تدخل بعدها مرحلة الانفجار،
~~ذلك أن هناك ارتباطا كبيرا بين المدينة الواحدة وخلفيتها الحضارية
~~والتكنيكية يجعل ms181 لمرحلة الانفجار في كل مدينة مقياسا خاصا بها. فما
~~يصدق على طوكيو لا يصدق على القاهرة. ومن أهم المقاييس التي يمكن أن تؤخذ
~~مؤشرا على ذلك أن يصبح الوفاء بخدمات المدينة الأساسية أمرا بالغ
~~الصعوبة؛ مثلا مشكلة إمداد المدينة بالمياه، أو مشكلة الانتقال داخل
~~المدينة، وكلتاهما من المشكلات التي تواجه كثيرا من مدن العالم الكبرى
~~في الوقت الحاضر. وقد استطاعت طوكيو أن تجد حلولا لمشكلة المياه حتى
~~قارب سكانها عشرة ملايين، ثم أصبحت بعد ذلك مشكلة خطيرة بعد أن تعدت
~~المدينة 12 مليونا. فهل نتوقع أن تصمد القاهرة لمشكلة المياه بعد
~~ملايينها السبعة - القاهرة الكبرى نحو أحد عشر مليونا - أو الإسكندرية
~~بعد أن أشرف سكانها على أربعة ملايين؟

# لم يعد هناك مجال للكلام عن جزئيات المشكلة، والمهم الآن هو السيطرة على
~~نهم المدن الكبرى سيطرة حقيقية، وبدون شك هناك إمكانات كثيرة للسيطرة؛
~~مثلا يقال: إيجاد تشريعات تمنع أو تحد من الهجرة للقاهرة، لكن ذلك في
~~الحقيقة صعب المنال، وربما يحولنا إلى دولة بوليسية تمنع حرية الأفراد في
~~التنقل داخل وطنهم. وربما كان الإجراء الأجدى ألا تشجع السلطات إقامة
~~منشآت عمالة جديدة بالقاهرة كمرحلة أولى، ثم تمنع ذلك لفترة زمنية طويلة
~~- عقدين أو ثلاثة عقود - حتى يعتاد رأس المال على استثمارات في ريف مصر؛
~~فيحل إشكالية الزيادة السكانية الريفية العاطلة.

# لكن هناك دائما تجاوزات عن التشريعات تحدث بضغوط المصالح التي لا تقاوم،
~~وتبدأ التجاوزات تتسع لتصبح قوانين غير معلنة، وينتهي الأمر إلى تغيرات
~~جديدة في التشريعات السابقة لصالح ضغوط المصالح، ولهذا نجد للتشريعات
~~ملاحق في أزمان مختلفة تواكب «المتغيرات الضاغطة» وتتصالح معا!
~~(2) القاهرة تحت الحصار

# في مصر كان النمو العمراني منذ نصف قرن يسير في خطوط ملتزمة بلوائح البلدية قدر
~~الإمكان، ولكن مع تزايد السكان رأى المختصون إمكان تطبيق فكرة المدن التوابع
~~حول القاهرة كما أسلفنا. لكن ما نفذ في لندن أو استكهولم، على سبيل المثال،
~~يختلف جوهريا عن القاهرة في:

# أولا:

# أن النمو السكاني في العالم الأوروبي الغربي يكاد
~~يقترب من ms182 الصفر، بينما نمو سكان مصر هو 2٪ سنويا -
~~بمعنى أننا ننمو بمقدار أربع إلى خمس مرات قدر تلك
~~الدول.

# وثانيا:

# البيئة الطبيعية في غرب أوروبا مختلفة في أنها ليست
~~بيئة جافة تفتقر للماء كحال مصر، ومن ثم تحتاج إلى
~~مواصفات خاصة.

# ثالثا:

# أن الأوروبيين يلتزمون بالقانون واللوائح التي تنطبق
~~على الجميع دون استثناء، بينما الالتزام بالقانون في
~~مصر ضعيف في أكثر الحالات، وترتب على ذلك أن حواجز
~~الأمان الفاصلة بين المدينة الأم والمدن التوابع ظلت
~~قائمة للحفاظ على البيئة والاستمتاع بها في
~~أوروبا.

# أما في العالم الثالث: فإن المدن الحلقية - أقيمت فيها أنشطة خاصة أو لم تقم -
~~تدير وجهها نحو المدينة الأم، بدلا من الاحتفاظ بمدن الحلقة كل داخل إقليمه.
~~نجد الرغبة تتولد في النمو تجاه المدينة الكبيرة بحكم اعتياد الحركة اليومية
~~للعمالة في هذه المدن، والأغلب أن تستجيب الأجهزة الإدارية والوزارية لهذه
~~التوجهات، وهذه الاستجابة قد تكون بوعي وإدراك لتنفيذ غرض معين؛ كالاستفادة من
~~المسافات الحاجزة في إقامة مشروعات محددة، مثل: إقامة أسواق الجملة في العبور
~~و6 أكتوبر. ويؤدي وجود الطريق والماء والكهرباء إلى ضغوط للحصول على أراض
~~لإشباع المتطلبات العديدة لأية تنمية عمرانية أو إنتاجية، والأغلب أن عنصر
~~المضاربة على الأرض من جانب الإدارة الحكومية أو المستثمرين يكون له الريادة
~~على بقية العناصر؛ مما يؤدي إلى افتعال أسعار عالية لأرض لم يكن لها قيمة بصورة
~~عامة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الناتج المحلي العام بضع سنوات، ثم يهبط إلى
~~قيمته الحقيقية محولا الكثير من المدخرات التي دفعت في شراء هذه الأراضي إلى
~~قبضة رمال!

# وقد فعلنا نحن ذلك حول القاهرة بصورة مبالغ فيها، وحول الإسكندرية بصورة أقل؛
~~فإن إنشاء العاشر من رمضان كان عملا جيدا في حد ذاته كمدينة صناعية وسكنية
~~متكاملة في مخططها الأصلي، ونجح المخطط بدرجة حسنة في إقامة المصانع،
~~وبالرغم من التساؤلات حول ماهية القيمة الفعلية، وديمومة المنشآت الصناعية في
~~ظل التسهيلات التي تمنحها الدولة، فإن الصناعة قد أرست جذورا في العاشر. أما
~~الشق الثاني من ms183 المخطط - وهو إقامة سكن دائم لغالبية العاملين في المصانع؛
~~فما زال دون التحقيق بنسبة كبيرة، فمعظم المقيمين أو أصحاب الوحدات السكنية لا
~~يرتبطون بصناعات العاشر. ويحتاج الأمر إلى دراسة جادة، ومكاشفة صريحة؛ لتبين من
~~هم سكان العاشر من رمضان: هل منهم نسبة من العازفين عن حياة المدن الكبيرة
~~وخاصة من أصحاب المعاشات، أو مستثمرين ورجال أعمال يقضون عطلة نهاية الأسبوع،
~~أو يقيمون مآدب لعقد صفقات العمل؟ أم أخيرا هم فعلا من العاملين في إدارة
~~وصناعة العاشر؟ وتبقي الحقيقة أن الجانب الأكبر من العاملين في العاشر - وكذا 6
~~أكتوبر - يقيمون في القاهرة الكبرى، ويقومون برحلة العمل اليومية صباحا ومساء
~~عبر طريق الإسماعيلية الصحراوي وطريق الهرم وفيصل. فهذا أمر لا ينكره كل ذي
~~عينين حتى لو كان قلبه مغلقا عن المعنى وراء هذا الهول من الازدحام كأنه الحشر
~~مكررا!

# ومع تحفظات معروفة عن الطبيعة الجيوفيزيقية لموضع مدينة 15 مايو، فإنها الوحيدة
~~من مدن الحلقة التي تقع في مواجهة المجمعات الصناعية في إقليم حلوان، وبالتالي
~~فإنها مارست وظيفتها السكنية المؤهلة لها بطريقة جيدة. أما مدن الحلقة الأخرى
~~فلم تؤد إلى تخفيف عبء السكان والضغط على المرافق والخدمات في القاهرة، ولم تعط
~~الفرصة لتفريغ القاهرة من المساكن المتهالكة؛ ولهذا فإن إعادة بناء  القاهرة
~~بتنمية أحزمتها الفقيرة لم تتم، وأصبحت القاهرة متحفا اجتماعيا شديد التفاوت
~~يتجاذبه قطبي الفقر المدقع والغنى الفاحش متمثلا في أحياء متجاورة كالزمالك
~~والمهندسين إلى جوار إمبابة أو الدقي وبولاق الدكرور أو جاردن سيتي والسيدة
~~زينب ودار السلام والمعادي ... إلخ. ويتسلل داخلها وخارجها السكن العشوائي
~~كالنبات المتسلق فوق الأسطح أحيانا، وكالخلايا السرطانية في الهوامش أكثر
~~الأحيان.

# ولا يقتصر عدم وفاء مدن الحلقة على هذه الجوانب السلبية التي قوضت أسس الفكر
~~الذي من أجله صممت وأنشئت، وهو الإسهام في حل مشكلات الإسكان، بل إن تراخي
~~الإدارة المحلية - لأسباب غير معروفة تماما - عن منع الناس من الإنشاء
~~والتعمير على جانبي الطرق السريعة قد أدى إلى اختناق هذه الطرق. فالأملاك على
~~واجهات الطرق تغري بالإنشاءات غير المسموح ms184 بها لارتفاع قيمة الأرض بالدرجة التي
~~تدعو للمخاطرة بالمخلفات، ومع شيء من النفوذ والقوة تكتسب المخالفات صفة الأمر
~~الواقع، وتصبح بذلك مصدرا للقياس يقتدى به، وبذلك يتقلص حرم الطريق السريع من
~~500 متر إلى 50 مترا - وفي أحيان إلى أقل من ذلك! وربما كان من بين أسباب
~~الإغراء أن الإدارات الحكومية تقوم الأراضي بأسعار عالية؛ مما يؤدي إلى
~~قيام المستثمرين بإنشاءات مخالفة، من حيث تجاوز حرم الطريق أو الارتفاعات؛
~~لتعويض ما قدروه مسبقا من الربح.

# والأشد خطرا أن ترى الحكومة في المسافات الفارغة التي تخدمها الطرق السريعة
~~مجالات للإنشاءات الضخمة مثل إدارة التجنيد في الهايكستب ومدينة الهايكستب
~~السكنية، وسوق العبور على طول طريق الإسماعيلية، ولم تكتف بذلك؛ بل زايدت
~~الأجهزة الإعمارية على نفسها بملء الفراغات حول الطرق المحيطة بمدينة العبور
~~بتخصيصات للصناعة، ثم استدارت فأعلنت مزايا كثيرة لبيع غرود الخانكة والصحاري
~~شرقها على طريقي الإسماعيلية والسويس في صورة تجمعات مدن الشروق وبدر. إلى جانب
~~مشروعات التجمع الخامس، وعلى طول الطريق الدائري الجديد من المعادي إلى
~~القطامية والهجانة؛ بل إننا نرى الآن غابات من مباني الطوب الأحمر، غاية في
~~القبح، بدأت تغزو جانبي الطريق الدائري في القطاعات التي اكتملت من مدينة
~~السلام إلى ميت نما، وتحاصر القاهرة من الشمال في جبهة عريضة من مناطق الفقر،
~~ومناطق الصناعة في شبرا الخيمة ومسطرد والمرج وكفر الشرفا ... إلخ. والنتيجة أن
~~الالتحام واقع لا محالة بين واجهات القاهرة الشرقية والشمالية: «المعادي -
~~البساتين - منشأة ناصر - مدينة نصر - مصر الجديدة - النزهة - المطرية وعين شمس
~~- عزبة النخل وشبرا الخيمة»، وبين جبهات الحصار في مواقع المدن الجديدة في:
~~«القطامية والهجانة والقاهرة الجديدة وبدر والشروق والعبور والسلام والعاشر من
~~رمضان»، كل ذلك في صورة تجمع مدن أخطبوطي الأذرع هائل المساحة قد يكون
~~نحيف السكان في مناطق الأغنياء وكثيف السكان في أخرى، تتزاحم فيه الطباقية
~~الاجتماعية والبنية الوظيفية، وتتخلل فيه الإدارة والانضباط. أردنا حل مشكلة
~~القاهرة فأنتجنا قاهرة أضخم حجما وسكانا ومشكلات أعتى وأعصى على الحل بالقياس
~~إلى القاهرة الأصلية!

# هل يمكن فك ms185 الحصار؟ هذا سؤال صعب له إجابة واحدة تنصرف على ما تم وما لم يتم،
~~وما هو مخطط للمستقبل. ونقطة البدء ببساطة هي أن أي مدينة جديدة نخطط لها يجب
~~أن تنطلق من فرضية أن المدينة تتمركز حول نفسها؛ أي إلى داخلها، وليس إلى
~~المدينة الأم إلا في أضيق الحدود المعروفة عن تراتب مكانة المدن من حيث العدد
~~والقوة الاقتصادية. صحيح إذن أن هناك تراتب المدن، عبرت عنها نظريات الحضرية
~~بأكثر من شكل وأكثر من بنية

# 6

# بحيث تعتمد المدن الأصغر على مدينة أكبر في بعض الوظائف والخدمات.
~~لكن تبقى للمدينة الصغيرة وظيفة هي مبرر قيامها - سواء كان هذا المبرر
~~إنتاجيا أو خدميا أو ترفيهيا. باختصار أن تكون المدينة المنشأة ذات
~~كينونة مستقلة في بنيتها الفيزيقية والسكانية بحيث تقل الحركة اليومية إلى الحد
~~الذي لا تشكل فيه عبئا على الطرق، سواء كان ذلك انتقال العمالة اليومية أو
~~الانتقال السلعي اليومي وحركة التلاميذ والمرضى إلى منشآت مركزية في المدن
~~الكبرى، كل ذلك بقدر مدروس ومحسوب على إسقاطات زمنية معقولة.

# وهناك نقطة بداية أخرى ذات قدر كبير من الأهمية. تلك هي أن العادة جرت إلى
~~الفترة المعاصرة على أن يدور تحليل وتصنيف المدن حول «عظم» المدينة دون
~~«الأنسجة والعضلات المحركة ». فالدارج أن مخطط أي مشروع حضري يركب على المسح
~~الطبيعي للمكان بصورته القائمة دون حساب مدخلات التغير الذي يطرأ على البيئة
~~فجأة، كالأمطار السيلية في الوديان الجافة لعشرات السنين. ثم يضاف شكل المدينة
~~ومحاور حركتها بناء على الوظيفة المقترحة. كل ذلك ضمن أطر وقيم معروفة لدى
~~المخططين هي أشبه بجداول اللوغارتمات أو «استامبة» كليشيه المجاورات السكنية
~~كأننا في أمريكا أو أوروبا! وفعلا يمكن الحصول على مخطط متميز دون الإشارة إلى
~~المجتمع إلا في صورة عددية وإطار دخل الأفراد.

# ولكن ليس هذا هو كل المطلوب؛ فالإنسان، محرك النشاط ومصدر الوظائف، هو نفسه
~~مستهلك نواتج التفاعل بين أنشطته وحركته في المدينة، سواء كانت تلك الحركة
~~للعمل أو استهلاك الخدمات الأساسية وخدمات الترفيه والثقافة. والإنسان ليس نمطي ms186
~~السلوك والطبائع، ولا يتحرك ضمن قوالب سلوكية موحدة. باختصار هناك بعد ثقافي
~~يحيل المجموع إلى فرادى، والمجتمع إلى مجموعات متعددة، وليس الغرض أن يدرس
~~المخططون الأبعاد الثقافية للمجتمع الذي يمكن أن يحيل «الماكيت» إلى لوحة حية.
~~إنما الغرض أن نترك مساحة ما لروح المبادأة والإبداع في كل حي من أحياء
~~المدينة، يقوم المجتمع من خلالها بإعطاء «الحي» الصبغة واللون الذي يحس من
~~خلاله بوجوده وتوحده مع مسكنه ومدينته؛ أي يصبح منتميا إلى المكان
~~الجديد.

# فالممارسة الحالية والتي تكررت كثيرا تجعل المقيم الجديد يعيش في قالب غريب عن
~~اعتياداته وسلوكياته، بل غريب أيضا عن خصوصياته، وربما أيضا عن تسانده
~~الاجتماعي الذي درج عليه في بيئته السابقة. إنه يحس داخل بنايات «علب الكبريت»
~~أنه محاصر في لوح كالح نمطي لعمائر الواحدة تلو الأخرى وشوارع الواحد وراء
~~الآخر. أين الدكاكين الصغيرة وعلاقة الجيرة والمقاهي الشعبية التي يجد فيها
~~المكدود راحته، ويعلم فيها الأخبار، ويصبح من خلالها ممارسا للحياة
~~الاجتماعية؟ لهذا نجد الناس يحولون بعض الشرفات إلى أعشاش للطيور الداجنة أو
~~أجزاء من المساحات الخضراء بين العمائر إلى ملاعب أو مشرب للشاي ومنتدى
~~للاجتماع المحلي، وأين مجال حركة النساء في هذا الخضم؟ هذه كلها مساحات مطلوب
~~من المخططين أن يتركوها لإبداع المجتمع، ووضع لمساته الحياتية الخاصة. فتتحول
~~القوالب إلى مدينة أو حي له شخصيته.

# أما الممارسة الحالية التي تقسم المدن إلى مناطق لمستثمرين، كل يعطي شكلا
~~لحي قد يكون في أجواء ومناخات غير مصرية كالحدائق وأحواض السباحة المشتركة
~~التي تعطي الانطباع كأننا في أمريكا أو أوروبا ذات المناخ المعتدل لممارسة حياة
~~خارج البيت، مع أن خارج البيت عندنا لا يشغل سوى ربع السنة مجزأ بين أيام
~~شتاء دافئة وربيع غير خماسيني وخريف غير قائظ، والأرباع الثلاثة غالبها حر هجير
~~ووهج يدفع الناس إلى داخل البيوت وإلى ملاذ التكييف للقادرين. هذا فضلا عن أن
~~هذه المخططات تكاد أن تلغي الخصوصية حتى بين المثقفين والأغنياء؛ لأن الخصوصية
~~ما زالت سمة مجتمع له جذور ضاربة في التاريخ ms187.

# وبإيجاز فإن المدينة هي التقاء المجتمع البشري بالتركيب المادي للأبنية
~~والطرقات؛ مما يجعل المدينة كائنا حيا، ينمو ويمرض، ويحتاج إلى توازن مع
~~البيئة، وإلى انضباط كي لا يفرط أو ينفرط.

# ماذا يمكن أن نفعل الآن؟ إن ما تم إنشاؤه لا يمكن تعديله، ولكن ما هو مخطط أو
~~ما بيع من مخططات وتخصيصات ففي الإمكان إيقافه وتعديل مواقعه إلى أماكن أخرى
~~أحوج إلى التنمية من منطقة القاهرة. كأن تختار مواقع أخرى بعيدا عن نطاق جذب
~~العاصمة، في الصعيد شرق النيل كمثال، أو شرق قناة السويس على ضفة سيناء كمثال
~~آخر؛ ففي شرق الصعيد من الأرض ما يتسع للتنمية الزراعية والسكن والمدن الصناعية
~~والحرفية المتوسطة والصغيرة. فقد آن الأوان أن نكف عن الطموح غير القادر بإنشاء
~~مدن نصف مليونية كما هو الواضح من دعاوي إنشاء مدن الحلقة حول القاهرة، وفي شرق
~~القناة آن أوان تعظيم الاستفادة من هذا المجرى المائي المدهش الذي يربط المكان
~~العربي والشرق أوسطي والأسيوي بالاتفاق على إقامة «عزب» صناعية متعددة تتوطن
~~فيها صناعات مصرية بتكنولوجيا ومشاركة جدية أورو-أمريكية-أسيوية في هذا المكان
~~المتميز من العالم القديم، وهو ما يحدث الآن في مشروع تنمية شمال غرب خليج
~~السويس وميناء السخنة، وفي هذا المجال وغيره ، مثل إقليم بحيرة النوبة- ناصر،
~~يمكن الاستفادة من التعاقدات والأموال التي دفعها المستثمرون - والمضاربون - في
~~أراضي المدن والضواحي المعلنة: «بدر وتجمعات عديدة من الشروق، وربوة أكتوبر،
~~والتجمع الخامس» في المشروعات التي يمكن أن تقام، على أن يكون ذلك أمر طوعي من
~~جانب المستثمرين. وعلى هذا النحو من الاجتهاد يمكن أن يفتح الباب لاجتهادات
~~ومشروعات أخرى تسعى لتخفيف الحصار عن القاهرة، وتعيد لمصر توازن سكاني
~~وسكني واقتصادي فقدته منذ فترة نتيجة تخلخل الرؤية المتكاملة لمشكلات مصر
~~الخالدة على مسرى التاريخ.

# غزو المطار

# مطار القاهرة مهدد بغزو العمران حوله من كل جانب. ففي الثمانينيات زحف
~~العمران بهدوء على طريق المطار أمام الكلية الحربية، وبلغ هذا الزحف قمته
~~بإنشاء مستوطنة تعرف بمساكن شيراتون، وبرغم أننا قد نلاحظ ms188 أثر التلوث
~~السمعي الذي تحدثه الطائرات على ساكني الشيراتون في أسماع وأبدان
~~أبنائهم في المستقبل، إلا أننا سنركز في هذه العجالة على اختناق المطار
~~بتأثير النمو السكني للقاهرة، وهذه المساكن ما فتئت تنمو، وآخر فصل في
~~هذا النمو هو مشروع حي الملتقى العربي، وبذلك يكون المطار قد طوقته
~~المباني من الجنوب والجنوب الشرقي، وفي غرب المطار بدأت العمائر السكنية
~~تنمو مباشرة على طول طريق السندباد في منطقة النزهة الجديدة - وبعضها
~~يبنى خارج خط التنظيم، بحيث إن ردودها من الشرفات تغطي منطقة رصيف
~~الشارع، وبعضها وصل إلى خمس طوابق أو أكثر.

# فهل يتم البناء بعيدا عن أعين المسئولين - علما بأن هذا الطريق يمر فيه
~~آلاف الناس يوميا، بما في ذلك بعض المسئولين عن إسكان محافظة القاهرة!
~~وبهذا فإن مسار الطيران إلى المدرج الشمالي للمطار أصبح وكأنه يسير في
~~نفق بين عمائر الشيراتون والسندباد، وتحاصر مدينة نصر مدخل المدرج الشرقي
~~للمطار، وهو الأكثر استخداما. وتهدد أبراج مدينة نصر الملاحة الجوية في
~~هذا الاتجاه، ولا توجد فوق هذه الأبراج الأنوار التحذيرية المتعارف عليها
~~عالميا برغم أن ذلك يهدد المئات من ركاب الطائرات من وإلى عزيزتنا
~~القاهرة. ومن زمن ليس بعيدا كانت الأنوار التحذيرية مثبتة فوق بعض
~~عمارات مصر الجديدة ، لكن الإهمال أدى إلى اختفاء معظم هذه الأنوار! ولا
~~يوجد ما يمنع من الإصرار الآن على وضع هذه الأنوار بدلا من انتظار ما لا
~~يحمد عقباه. وقد ظهر مشروع «القاهرة الجديدة» والذي - إذا تم - سيكتمل
~~غزو المطار من الشرق والشمال بامتداد التجمعات الأولى والخامسة والهجانة
~~وبدر والشروق والعبور والسلام، والتحام كل هذه الكتلة بكتلة مدينة نصر
~~ومصر الجديدة والمرج وكفر الشرفا، حيث بدأت عمائر من الطوب الأحمر
~~والإسمنت تخجل العين من النظر إليها مرتين، تحدق بالطريق الدائري الجديد
~~الذي أنفقت الدولة على تشييده الملايين من الجنيهات؛ لتيسير الحركة حول
~~القاهرة. فإذا لم يراع البعد بقدر 50 إلى 100 متر عن الطريق الدائري
~~فسيكون مآله هو ذات المصير الذي لقيه طريق صلاح سالم مع الفارق أن الضغوط ms189
~~السكانية على الأرض الزراعية في شمال القاهرة أقوى من ضغوط سكان المقابر
~~في الغفير والقرافة الشرقية وباب الوزير!

# هل نعلن عن مناقصة عالمية لإنشاء مطار جديد مثلا في منتصف المسافة بين
~~القاهرة والسويس، وما أدرانا ألا تلاحقه أيضا مشروعات مدن جديدة،
~~فالطرق الممتازة لها جاذبية خاصة للعمران غير المنضبط، وعلى الدولة أن
~~تتكلف مليارات الجنيهات لبناء المطار الجديد وتجهيزاته المتعددة، وخاصة
~~التجهيزات الإلكترونية والرادارية، ويعلم العارفون بأمور الطيران أن هذا
~~العبء المالي هو بالقطع فوق طاقة مصر كثيرا، وأنه إن وجدت هذه الأموال،
~~فالأجدى استثمارها في قطاعات إنتاجية تعطي مردودا لمصر بدلا من إنفاقها
~~على إصلاح ما يفسده نمو القاهرة الجديدة. فهل نحن على استعداد لتقبل سقوط
~~المطار من أجل زيادة مشكلات القاهرة أضعافا مضاعفة يجعل ضبطها وإدارتها
~~هي الصعوبة بعينها؟ أليس من الأجدى تنشيط السكن في مدن قائمة في شمال شرق
~~القاهرة كالعاشر من رمضان؟

# إنقاذ القاهرة

# 7

# أصدر مجلس الوزراء في 5/ 11/ 1995 قرارا بتأجيل مشروع مدينة «القاهرة
~~الجديدة» ووقف بيع الأراضي الصحراوية المملوكة للدولة، ورد المقدم
~~الذي تم تحصيله من المشترين - إذا كان ذلك واردا في العقود - وكذلك
~~إنشاء لجنة من عدد من الوزراء: الدفاع، النقل، قطاع الأعمال، الإسكان،
~~والمجتمعات العمرانية الجديدة، بالإضافة إلى محافظة القاهرة والجيزة؛
~~«لدراسة مشكلة المجتمعات العمرانية الجديدة حول القاهرة الكبرى في ضوء
~~عدم قدرة المدينة على استيعاب المزيد من السكان ... وتقديم الخدمات اللازمة
~~لهم، وترجمة توجيهات رئيس الجمهورية إلى مشروعات عملية.»

# وهذا القرار الشجاع - الذي لم ينفذ لتغير الوزارة - إنما يعبر عن إدراك
~~المسئولين لخطورة الموقف العمراني في القاهرة، ويحتاج من المصريين،
~~مسئولين ومفكرين، إلى وقفة تأمل عميقة عما يراد بالقاهرة: تركيز المزيد
~~من المصريين في قاهرة أصبحت عاجزة عن مداواة مشكلاتها الحالية. التوجه
~~الأساسي في إنشاء المدن التوابع التي تتحلق حول مدينة كبيرة. أن تنظر
~~المدينة الجديدة إلى داخلها، وليس إلى المدينة المجاورة؛ بحيث لا تتحول
~~إلى مدن «منامة» ينطلق منها كل صباح آلاف الناس إلى عملهم بالمدينة
~~الكبيرة، متكدسين كأسراب الجراد فوق الطرق ms190 التي تبنيها الدولة بشق
~~الجيوب.

# وفي الغرب يحدد عدد سكاني يتراوح بين عشرين وخمسين ألفا للمدينة
~~الجديدة؛ كي يسهل حل إشكالياتها المتوقعة وغير المتوقعة، ولكننا في مصر
~~نتصدى لإنشاء مدن لنصف مليون أو تزيد! كأننا أقدر على مواجهة المشكلات،
~~وأقدر على منع الخارجين على لوائح العمران ارتفاعا وطولا وعرضا! فأين
~~نصف المليون في مدن رمضان وأكتوبر والسادات برغم مرور نحو 30 سنة على إنشائها؟

# 8

# المطلوب إرساء قواعد تنظيمية للتخطيط الشامل في صورة لجنة دائمة مكونة من
~~أشخاص متعددي الاختصاص حتى لا يستأثر رأي واحد بقرار قد يكون في النهاية
~~غرما على المصلحة العامة. فقد آن أوان الموضوعية الهادئة حتى لا نكلف
~~مصر اليوم وغدا خسارات فادحة ومدنا نجاحها في «فض الاشتباك» السكاني
~~في القاهرة غير ناجحة. فنحن دولة مواردها محدودة، ولا نستطيع أن نهدرها
~~في إضافة تعاسة عمرانية إلى تعاسة القاهرة المعاصرة.
~~(3) الحركة المرورية في القاهرة الكبرى

# يكون النقل والانتقال داخل المدن نوعا خاصا من المشكلات يختلف عن النقل
~~في الطرق التي تربط المدن وأنواع المحلات السكنية الأخرى بعضها بالبعض، وهناك
~~أسباب عديدة لهذا التمييز على رأسها أن طرق المدينة تخدم كتلة سكانية وسكنية
~~كثيفة في:
~~(أ)

# علاقات المدينة الوظيفية الداخلية متعددة الأشكال، وهذه تمثل
~~الحركة الذاتية للمدينة.
~~(ب)

# علاقات المدينة ودورها داخل إقليم تسيطر عليه المدينة،
~~وتستقطب من خلاله أشكال العلاقات التجارية والإدارية
~~والثقافية والتموينية؛ لإشباع احتياج الغذاء اليومي لكتلة
~~السكان، وهذه تمثل الحركة الخارجية للمدينة.

# وفي الحالتين تتعاظم حركة النقل والمرور الذاتية والخارجية كلما كبرت المدينة
~~إلى أن نصل إلى العواصم القومية التي تمثل ذروة الكثافة المرورية بحكم وظائفها
~~السياسية والاقتصادية، وكل أشكال الخدمات الصحية والتعليمية والمعلوماتية
~~والترفيهية؛ وهو مما يزيد استقطابها لحركة النقل السلعي، وانتقال الناس ليس فقط
~~من داخل إقليمها بل على أبعاد الدولة.

# وينطبق هذا المعيار على كل دول العالم، لكنه يصبح أشد تركيزا في الدول النامية
~~مركزية الحكم والإدارة حيث تكون الإدارة المحلية للأقاليم باهتة، قليلة
~~الصلاحيات الفعلية.

# ومصر من هذا النوع، ولكن ظروفها الجغرافية ms191 والتاريخية تزيد تسلط العاصمة على
~~مدار مئات السنين، فالمعمور المصري القابل للإنتاج والسكن محكوم جغرافيا
~~وجيولوجيا ومناخيا بمساحة ضيقة ملتصقة بمورد المياه داخل غلاف صحراوي قاحل
~~منذ عدة آلاف السنين. ومركزية الموقع للعاصمة أمر صعب تجاوزه إلا في حالات
~~الضرورة السياسية القصوى كطيبة «تقهقر قوة مصر»، أو تانيس «صان الحجر - نمو
~~الإمبراطورية المصرية إلى بلاد الشام»، أو الإسكندرية «علاقات مصر المتوسطية
~~خلال العصر الإغريقي الروماني».

# وعلى هذا فإن القاهرة كنموذج للحركة والنقل داخل المدن في مصر تأخذ شكلا
~~حادا، وتتطلب المزيد من العناية برسم مخطط عام
~~مرن

# Master
~~plan

# لا ترهقه المدن الجديدة التي تلقي عليها أعباء مرورية
~~فوق طاقتها الاستيعابية الفيزيقية والبشرية.

# وفي القاهرة مجموعة كبيرة من مكونات الحركة والانتقال، سنكتفي منها بالمسببات
~~الأساسية كمعايير لقياس الحركة، هي: القوة العاملة التي تتحرك وظائفيا،
~~وعناصر جذب الحركة، اتجاه تيارات الحركة؛ شرايين وشوارع القاهرة التي تتعامل مع
~~كتلة الحركة العامة.
~~(3-1) قوة العمل في القاهرة الكبرى

# عدد السكان بالآلاف للفئة العمرية 15-60
~~سنة (تعداد 1996).

# العدد بالآلاف

# المنطقة

# الأقسام

# 1205

# الشمال

# الشرابية - شبرا - روض الفرج - الساحل - الزاوية
~~الحمراء - شبرا الخيمة

# 1197

# شمال شرقي

# حدائق القبة - الزيتون - المطرية - عين شمس -
~~المرج

# 622

# الشرق

# السلام - النزهة - مصر الجديدة - مدينة نصر 1 و2 -
~~منشأة ناصر

# 486

# الوسط

# الزمالك - قصر النيل - بولاق - الأزبكية - الموسكي
~~- عابدين الجمالية - الدرب الأحمر - باب الشعرية -
~~الظاهر - الوايلي

# 374

# جنوب وسط

# السيدة زينب - الخليفة - مصر القديمة

# 876

# الجنوب

# البساتين - المعادي - طرة - حلوان - 15 مايو -
~~التبين

# 1500

# الغرب

# إمبابة - العجوزة - الدقي - بولاق الدكرور -
~~الجيزة - العمرانية - الهرم

# 6250

# المجموع

# العاملون الذين تناولهم تعداد 1996 هم 1822000 في محافظة القاهرة، ونحو
~~660 ألفا في محافظة الجيزة - نسبة 45٪ من قوة العمل في الجيزة - ونحو
~~300 ألف في شبرا الخيمة، ويكون المجموع قرابة مليونين وثلاثة أرباع
~~المليون عامل في القاهرة الكبرى، منهم نحو ثلثي مليون من النساء.

# وبافتراض أن 40٪ من العاملين يتحركون في دوائر عمل قريبة من سكنهم - نحو
~~مليون ومائة ألف عامل - يصبح المتنقلون نحو مليون و600 ألف عامل يتحركون
~~في القاهرة بعيدا عن مساكنهم، نحو 500000 عامل على الأقل حركة يومية إلى
~~ومن القاهرة ms192 الكبرى.

# فالمحصلة النهائية أن نحو مليونين ومائة ألف يتحركون يوميا في شوارع
~~القاهرة.

# وربما يعطينا الجدول التالي شكل الحركة واتجاهاتها في التسعينيات من
~~القرن العشرين.

# جدول : تورزيع احتمالات الحركة اليومية على المناطق الجغرافية
~~للقاهرة الكبرى «الأعداد بالآلاف».

# المنطقة

# عاملون ذكور

# عاملون يتحركون

# عاملات إناث

# عاملات يتحركن

# جملة العاملين

# جملة المتحركين

# الشمال

# 375

# 225

# 127

# 76

# 502

# 301

# شمال شرق

# 312

# 188

# 126

# 75

# 438

# 263

# الشرق

# 165

# 138

# 66

# 40

# 230

# 178

# الوسط

# 156

# 75

# 51

# 30

# 176

# 105

# جنوب وسط

# 97

# 58

# 40

# 25

# 137

# 83

# الجنوب

# 230

# 140

# 95

# 57

# 325

# 197

# الغرب

# 515

# 309

# 145

# 87

# 660

# 396

# المجموع

# 1850

# 1133

# 650

# 390

# 2468

# 1523

# ويضاف إلى المجموع الذي ينتقل للعمل نحو نصف مليون يأتون من خارج القاهرة
~~الكبرى يوميا؛ وبالتالي يصبح المتنقلون في شوارع القاهرة قرابة مليونين
~~ومائة ألف شخص يوميا.

# ولا شك في أن مجالات الحركة تختلف من منطقة لأخرى. فغالبية الحركة
~~اليومية في منطقة الجنوب تكاد تتركز في المنطقة، ونسبة قليلة قد لا
~~تتجاوز الربع تأتي من خارج المنطقة. وفي أقسام الشمال تتجه الحركة
~~اتجاهين مختلفين؛ أحدهما: إلى الشمال نحو الساحل وشبرا الخيمة، والثاني:
~~نحو وسط البلد. وفي الغرب تتجه أكثر من نصف حركة إلى وسط البلد أو إلى
~~مناطق العمل ذات النفوذ في منطقة الشرق وخاصة مصر الجديدة ومدينة نصر.
~~وهناك تبادلية واضحة في الحركة بين الشرق والوسط، أما الشمال الشرقي:
~~فيرسل حركة متشعبة كثيفة إلى الشرق وإلى الوسط معا.

# شكل 6-1:

# شبكة الطرق الرئيسية في القاهرة الكبرى.

# وحيث إن الوسط والشرق مراكز جذب للحركة من الشمال الشرقي والشمال، فإن
~~هناك محاور اختناق تتمثل في شارع جسر السويس والخليفة المأمون وأوتوستراد
~~النصر، التي تلتقي كلها في شارعي رمسيس والعباسية وكوبري 6 أكتوبر وشارع
~~الأزهر بوجه خاص. هذا في شرق القاهرة، وفي الشمال اختناقات شارعي كورنيش
~~النيل وشبرا ونفق شبرا في اتجاه ميدان رمسيس وشارع الجلاء من ناحية،
~~وشبرا المظلات وشبرا الخيمة وقليوب من ناحية ثانية، وشوارع وسط البلد
~~كلها تموج بحركة بطيئة في كل الاتجاهات.

# نقلا بتعديل وإضافة عن

# Celam Barge “Accessibilite et
~~urbanite: l’exemple du Caire” contemporain, letter d’information
~~44, Avril 1996
~~.
~~(3-2) عناصر جذب الحركة في القاهرة

# مجالات الجذب الآتية هي وراء الشكل العام لحركة سكان القاهرة
~~اليومية:
~~(1)

# الإدارات الحكومية والشركات في لاظ أوغلي وقصر العيني
~~وباب اللوق وميدان التحرير وشارع الجلاء وماسبيرو وباب
~~الخلق وعابدين ms193 + وزارات العباسية ومدينة نصر
~~وإمبابة.
~~(2)

# تجارة الجملة في الأزهر والجمالية والنحاسين وتحت
~~الربع والدرب الأحمر وأسواق العتبة ودرب البرابرة
~~والخازندار والمناصرة وشارع الجمهورية وأسواق السبتية
~~وبولاق + سوق العبور.
~~(3)

# تجارة التجزئة في الموسكي والسكة الجديدة والصاغة وخان
~~الخليلي والغورية وباب الشعرية وأسواق وسط البلد من
~~الأزبكية إلى الإسعاف والتوفيقية إلى باب اللوق +
~~أسواق روكسي وميدان الجامع والعقاد ومصطفى النحاس في
~~الشرق والدقي والمهندسين وفيصل في الغرب والمعادي في
~~الجنوب.
~~(4)

# محطات ومواقف وسائل النقل الأساسية، وعلى رأسها باب
~~الحديد والتحرير والجيزة ومطار القاهرة، ومجموعة مواقف
~~النقل العام داخل القاهرة، ومجموعة مواقف النقل إلى
~~خارج القاهرة الكبرى، ومشروع محطة الترجمان في قلب
~~القاهرة الذي تتبناه الآن وزارة النقل، ولنا عليه
~~تحفظات كثيرة.
~~(5)

# الخدمات الطبية والعيادات في وسط البلد، وهجرة بعضها
~~إلى الأطراف، وخاصة المعادي ومدينة نصر ومصر الجديدة
~~والدقي. المستشفيات الكبرى الآن هي في الأطراف
~~أيضا.
~~(6)

# الخدمات التعليمية منتشرة دون تركيز باستثناء المدارس
~~الخاصة للغات التي هاجرت إلى مدينة نصر وطريق
~~الإسماعيلية، وإلى الغرب في الدقي ومنطقة الهرم و6
~~أكتوبر.
~~(7)

# خدمات التعليم الجامعي شديدة التركيز، وتجذب يوميا
~~عشرات الآلاف، وكانت الجامعات في الأصل في الأطراف مثل
~~عين شمس والقاهرة، لكنها غرقت في خضم المدينة
~~المتنامية في كل الاتجاهات. الجامعات الخاصة هربت إلى 
~~مدينة 6 أكتوبر وأتوستراد الإسماعيلية امتلأ بالمعاهد
~~العليا المتخصصة، والجامعة الأمريكية بسبيل الهروب إلى
~~القاهرة الجديدة.
~~(8)

# محلات الأغذية الجاهزة ومقاهي الفنادق ودور السينما
~~والمسرح والأسواق الجديدة التي تتجمع فيما يعرف باسم
~~«المول»، تمثل مناطق جذب حركة غالبا في المساء، وهذه
~~تظهر على كورنيش النيل ووسط البلد ومناطق من الأحياء
~~الجديدة في مدينة نصر والمهندسين وشارع الهرم كنماذج
~~لتكاثف الحركة الليلية في القاهرة.
~~(9)

# المعسكرات، وخاصة بين العباسية ومدينة نصر، وامتدادها
~~إلى الطريق الدائري، تجذب حركة يومية كثيفة داخل
~~القطاع الشمالي الشرقي من القاهرة.
~~(3-3) تيارات الحركة

# شرايين وشوارع القاهرة التي تتعامل مع كتلة الحركة العامة

# الحركة النهارية هي أكثف أنواع الحركة؛ لأنها غالبا ما تشمل الحركة من
~~خارج القاهرة بالإضافة إلى حركة سكان القاهرة ms194 أنفسهم. فإذا كان هناك
~~مليونان من القاهريين في حركة العمل أو أي نشاط آخر، فإن نصف مليون آخرين
~~يجيئون ويرحلون عن القاهرة في النهار، ويتزاحمون في مواقف نهايات وسائل
~~النقل العامة بالإضافة إلى سيارات بعضهم التي تتراكم في مخارج ومداخل
~~القاهرة بكم هائل من الحركة يصعب فك اشتباكه. ويزيد الموضوع أزمة انتقال
~~آلاف العاملين في مصانع وإدارات 10 رمضان و6 أكتوبر وحلوان ممن يسكنون
~~القاهرة ويفضلونها لأسباب معروفة على رأسها ندرة الخدمات في المدن
~~الجديدة أو ضواحي القاهرة.

# ولا شك في أن الطرق الآتية التي تحف بالقاهرة أو تخترقها هي مجالات
~~لحركة كثيفة يومية:

# أوتوستراد الإسماعيلية من وإلى 10 رمضان ومجموعة من
~~المصانع والمدن غير المكتملة مثل الهايكستب والعبور
~~والشروق + سوق العبور ومدينة السلام وشرق الدلتا.
~~وتتفرع أو تنصب هذه الحركة من وإلى طرق أوتوستراد
~~النصر والعروبة - صلاح سالم والحجاز وجسر
~~السويس.

# طريق الإسكندرية الزراعي الذي يجلب الحركة من
~~القليوبية والغربية، ويرفده طريق القناطر إلى
~~المنوفية، وتقودها إلى شبرا ووسط البلد بطريقين
~~متوازيين، هما شارع شبرا وكورنيش النيل.

# أوتوستراد النصر من المطار إلى حلوان الذي يجر معه
~~حركة شرق القاهرة من مصر الجديدة ومدينة نصر إلى
~~الأزهر، ووسط البلد، وإلى المنشآت الصناعية في دار
~~السلام وطرة وحلوان.

# طريق العروبة-صلاح سالم يوازي الطريق السابق من المطار
~~إلى الأزهر ومصر القديمة وطرة وحلوان بطريق الكورنيش،
~~ويرفده طريق الروضة إلى الجيزة.

# طريق مسطرد - السواح - شارع الخليج - شارع بورسعيد
~~الذي ينتهي إلى المنطقة التجارية بين باب الخلق وباب
~~الشعرية، ويتقاطع معه شارع الأزهر إلى العتبة والأوبرا
~~ووسط البلد.

# والملاحظ أن هذه الشرايين طولية؛ أي إن معظمها يتجه في محاور شمالية
~~جنوبية، وكان المفروض أن تكتمل الشبكة بطرق عرضية ذات محاور شرقية غربية؛
~~لكي تكون الحركة متعددة الاتجاهات. لكن القاهرة تنقصها هذه المحاور
~~العرضية؛ مما يسبب اختناقات المرور المعروفة في الأماكن القليلة التي
~~توجد فيها الطرق العرضية. هناك شبكات طرق في أحياء محددة مثل وسط البلد،
~~مثلا: شوارع عدلي وثروت وقصر النيل تكون شبكة محدودة مع ms195 شوارع
~~الجمهورية ومحمد فريد - عماد الدين وشريف وطلعت حرب. لكنها تقف عند
~~الأوبرا من ناحية وطلعت حرب من ناحية أخرى فهي تصطدم بالكتل العمرانية
~~القديمة فيما وراء الأوبرا وطلعت حرب، ويرجع ذلك إلى أن تخطيط القاهرة
~~وامتداداتها قد تم في عصور ومراحل متعددة لكل منها مخطط نابع من عصره،
~~ويقف عند حدود إعمار منطقة معينة، ومثل هذا نجده في منطقة التوفيقية.
~~بينما كان تخطيط مدينة نصر عبارة عن شبكة مفتوحة من الطرق المتقاطعة تسمح
~~بأي امتداد في الاتجاهات التي لا تكتنفها عوائق التضاريس أو
~~المعسكرات.

# وأكثر الطرق العرضية أهمية هو طريق الأزهر - العتبة - الأوبرا - 26
~~يوليو. فهو يخترق القاهرة من الدراسة إلى إمبابة والمهندسين، بل ويقود
~~إلى الطريق الصحراوي و6 أكتوبر في امتداده الجديد، وهو بذلك العصب
~~الحقيقي للقاهرة؛ لأنه أيضا يربط مناطق أسواق الجملة في الأزهر والعتبة
~~والجمهورية وبولاق وأسواق التجزئة في وسط البلد، ومن ثم فإن مشكلات
~~المرور فيه ضخمة ومستفحلة على طوله، وبخاصة عند الالتقاء بطرق طولية في
~~منطقة بين الصورين والعتبة والأوبرا والجمهورية وعماد الدين والتوفيقية
~~والإسعاف وكورنيش بولاق والزمالك وسفنكس ولبنان، وقد يحل نفق الأزهر
~~المشكلة جزئيا في القطاع الشرقي من هذا المحور، لكنه سيزيدها سوءا عند
~~الأوبرا وما بعدها غربا إلى وسط البلد. كما زادت أعباؤه أضعافا مضاعفة
~~بإنشاء محور 26 يوليو عبر الوادي الزراعي إلى الطريق الصحراوي في اتجاه
~~مدينة 6 أكتوبر وضواحيها، واتجاه الإسكندرية.

# أطول المحاور العرضية في شمال القاهرة هو شارع أبو بكر الصديق من ألماظة
~~إلى ترعة الإسماعيلية وشبرا المظلات. لكن تنميته ما زالت ضعيفة للغاية
~~برغم أهميته التي تتضح عند تقاطعاته مع الحجاز عند المحكمة وسليم الأول
~~في حلمية الزيتون، ثم يتوه في مخططات المطرية وعشوائياتها إلى أن يصل
~~ترعة الإسماعيلية في نقطتين: السواح ومسطرد، وهناك محور عرضي ثالث يمثله
~~شارع التحرير من عابدين إلى الدقي، ومن ثم إلى بولاق الدكرور، وإشكاليات
~~المرور في هذا المحور حادة في باب اللوق والتحرير والجزيرة بين كوبري
~~قصر النيل والجلاء، والاهتمام به سيقلل التشابك المروري ms196 في الدقي وقصر
~~النيل بصفة عامة. وأخيرا، فإن المحور العرضي الرابع هو ذلك الممتد بطول
~~شارعي الأهرام وفيصل إلى ميدان الجيزة ومن ثم إلى الروضة ومصر القديمة
~~حيث يلتحق بطريق صلاح سالم، ويرتبط بكورنيش النيل إلى المعادي وحلوان،
~~ولأهميته فإن اختناقاته متعددة، وخاصة من ميدان الجيزة عبر الروضة إلى
~~كوبري الملك الصالح ونفق صلاح سالم.

# نتيجة لهذا النقص الشديد في الطرق العرضية لشبكة طرق القاهرة فإن المساعي
~~التي قامت بها الدولة مشكورة تتمثل في إنجاز كوبري أكتوبر العلوي، وكوبري
~~الزمالك العلوي، وكوبري المنيب الذي هو جزء من الطريق الدائري الخارجي
~~حول القاهرة الكبرى، لكنه لم يعد خارجيا الآن للسماح بالنمو العشوائي
~~أو النمو المخطط حوله، مثل ما نراه في مخطط القاهرة الجديدة والنمو
~~العشوائي من المرج إلى ميت نما، وهو ما دعا إلى رسم طريق خارجي جديد على
~~بعد كبير لخدمة إدخال القاهرة الجديدة والنمو العمراني في قليوب والقناطر
~~الخيرية وما وراء إمبابة شمالا وغربا، ونمو بولاق الدكرور وصفط اللبن
~~وغيرها من النوايات العمرانية القديمة/الجديدة في مركز الجيزة على حساب
~~الأرض الزراعية. فإلى متى ننشئ طرقا دائرية ثم نهدمها؟

# كوبري 6 أكتوبر العلوي هو شريان عرضي مهم يمتد من جنوب مدينة نصر إلى
~~الدقي، وفي جزء كبير منه هو طريق علوي متكامل مع شارع رمسيس والجلاء، وقد
~~أزاح عن كاهل شارع رمسيس بين باب الحديد وغمرة عبئا مروريا كبيرا.
~~أما شارع الجلاء فهو مشكلة المشكلات حقا؛ لأنه يعترض معبر شبرا في اتجاه
~~شمال القاهرة ومعبر الإسعاف في اتجاه بولاق والزمالك، والكوبري بعد ذلك
~~لا يخدم العباسية المزدحمة أضعاف طاقتها بالمرور السطحي إلى الوزارات
~~الجديدة وجامعة عين شمس ومعسكرات عديدة بطول شارع الخليفة المأمون، الذي
~~يقود إلى مصر الجديدة والنزهة وجسر السويس إلى الزيتون والمطرية وعين شمس
~~... إلخ؛ أي إلى الكتلة السكانية الضخمة في شمال شرق القاهرة، والتي يبلغ
~~عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين وربع المليون، أو ما يساوي نحو 47٪ من سكان
~~القاهرة - وليس القاهرة الكبرى.

# أما كوبري الزمالك، فهو من ms197 الضيق بحيث لا يتسع لحركة كثيفة واردة عليه،
~~وخاصة بعد امتداد محور 26 يوليو إلى مدينة 6 أكتوبر وطريق الإسكندرية
~~الصحراوي، أو الحركة المتوقعة إذا ما امتد إليه كوبري علوي يربطه بكوبري
~~6 أكتوبر، ولهذا بدأت الأجهزة المسئولة في توسيع مسار الكوبري في قطاعه
~~العابر للنيل، أما قطاعه في الزمالك؛ فهو من الضيق بحيث قد يمس الكوبري
~~العمارات على جانبيه في حالة توسيعه هو أيضا.

# وقد يحل كوبري المنيب جزءا من الضغط الحالي في الروضة، لكنه لن يحل
~~مشكلة المرور من مصر القديمة وصلاح سالم إلى الجيزة وأوائل الهرم وفيصل،
~~واحتياجات الحركة من وإلى الروضة، وهي حركة كثيفة بحكم كثافة السكان في
~~المنيل والروضة.
~~(3-4) مقترحات وتوصيات

# مشكلات المرور في القاهرة كثيرة، ويجب التفكير الجدي في بعض
~~المقترحات الآتية:
~~(1)

# التوسع في تحسين الطرق العرضية من أجل تكامل شبكة
~~الطرق، وتقليل الضغوط على العدد القليل من نقاط
~~التقاطعات الحالية. هناك طرق يمكن تنميتها بالوسائل
~~المعروفة سواء كانت تحسين الخدمة المرورية بالإشارات
~~واللوحات الإرشادية وشرطة المرور، أو بتوسيع بعض
~~الشوارع القائمة فعلا كما يأتي.
~~(2)

# شارع «أبو بكر الصديق» في شمال القاهرة: تحسين المرور
~~والإرشادات المرورية؛ ليخدم الانتقال من مصر الجديدة
~~إلى شبرا المظلات، وخدمة تقاطعاته مع شوارع الحجاز
~~وسليم الأول وميدان المطرية والسواح وتحت نفق السكة
~~الحديد ، مع تحسين اتصاله مع شارع العروبة؛ ليصل إلى
~~المطار، ويشكل بذلك محورا سهلا بين شبرا
~~والمطار.
~~(3)

# ربط أوتوستراد النصر في أكثر من موضع مع صلاح سالم،
~~وخاصة شمال مقابر الغفير للوصول إلى شاع العباسية ومن
~~ثم رمسيس، وكذلك الربط عند منطقة مقابر باب الوزير؛
~~لتسهيل الانتقال إلى شارع ونفق الأزهر، ومن ثم إلى وسط
~~البلد.
~~(4)

# إنشاء محور عرضي مهم بين صلاح سالم وباب الحديد، وذلك
~~بتوسيع الطريق الحالي من صلاح سالم إلى شارع الجيش
~~وبورسعيد الممتد محاذيا لسور القاهرة الفاطمية
~~الشمالي - سكة قايتباي، وشارع البغالة - مع إنشاء
~~ساحات لانتظار السيارات أمام بوابتي النصر والفتوح؛
~~وذلك لخدمة الحركة إلى قلب القاهرة القديمة في
~~النحاسين والجمالية، مع مد هذا المحور إلى ms198 باب الحديد
~~بطريق كامل صدقي لخدمة منطقة الفجالة التجارية؛ فنكون
~~بذلك قد فتحنا طريقا عرضيا من باب الحديد إلى
~~أوتوستراد النصر عبر مناطق عديدة مهمة في شمال
~~الجمالية وشمال باب الشعرية وجنوب الظاهر إلى
~~الفجالة.
~~(5)

# تحسين شارع الأزهر بعد إزالة السور الأوسط - وربما
~~الكوبري العلوي - بحيث تقام جراجات متعددة في
~~الدراسة وقرب التقائه بشارع بورسعيد؛ لخدمة الأعمال
~~في الصاغة وخان الخليلي والتربيعة والغورية وجوامع
~~الأزهر والحسين والغوري وقلاوون ... إلخ، وتنمية الحركة
~~السياحية والترفيهية في هذه المنطقة المجيدة ذات
~~الشهرة العالمية بخاناتها المتعددة وبيوتها السكنية
~~القديمة ومسارحها التجريبية ومعارضها الفنية. كما أن
~~تحسين هذا الشارع يخدم أسواقا متخصصة حول العتبة
~~والموسكي وبين الصورين ودرب البرابرة ... إلخ.
~~(6)

# تحسين شارع تحت الربع ومحاولة تحسين امتداده جنوب
~~الجامع الأزهر أو عند الباب المحروق إلى صلاح سالم،
~~ومن ثم نخلق محورا مهما موازيا لمحور الأزهر،
~~ويمتد جنوب القاهرة الفاطمية إلى باب الخلق وحسن
~~الأكبر، ومن ثم باب اللوق ليرفد محور شارع التحرير
~~شمال قصر عابدين إلى الدقي؛ أي من شرق القاهرة عند
~~الأوتوستراد وصلاح سالم إلى الجيزة عند بولاق الدكرور.
~~ويمكننا هذا الطريق من تنمية منطقة الدرب الأحمر
~~بآثارها الإسلامية ومشغولاتها اليدوية، وخاصة الخيامية
~~وقصبة رضوان وغيرهما.

# شكل 6-2:

# تنمية محاور عرضية في وسط القاهرة.
~~(7)

# ميدان باب الخلق يمثل دائرة انطلاق على جانب كبير من
~~الأهمية في سيولة الحركة من العتبة إلى القلعة وصلاح
~~سالم والإمام الشافعي، والسيدة زينب، ومن ثم إلى جنوب
~~شارع قصر العيني، خاصة بعد توسيع شارع السد، وهو بذلك
~~يخدم الحركة إلى منطقة الوزارات في لاظ أوغلي ونوبار
~~في الجنوب، ويمتد شمالا إلى العتبة وما بعدها.
~~(8)

# تحسين الطرق من البساتين إلى دار السلام، ومن ثم إلى
~~كورنيش النيل شمال المعادي، وربطه بشارع آخر عند
~~مجموعة كنائس قصر الشمع وجامع عمرو؛ لتحسين حركة
~~السياحة والتنمية العمرانية معا مع الاحتفاظ بمنطقة
~~آثار الفسطاط محمية أثرية لمزيد من إجراء البحوث
~~والحفائر للتعرف على جانب مهم من تاريخ
~~القاهرة.

# خلاصة

# الكباري العلوية والأنفاق عملية مكلفة غير ms199 ودودة بالبيئة؛ ولهذا
~~فإن أهم التوصيات: عدم الالتجاء إلى أي منهما إلا عند الضرورة
~~القصوى، والملاحظ أن بعض الكباري العلوية، مثل كباري ميدان الجيزة
~~تسهل الحركة في قطاع صغير، ثم تلقي بها في خانق شديد الضيق في
~~جزيرة الروضة أو شارع مراد، فهي حل جزئي يترتب عليه ضرر مضاعف! وقد
~~حدث هذا أيضا عند افتتاح محور 26 يوليو أن تكدست السيارات في
~~ميدان لبنان؛ مما اضطر إلى شق طريق في قرية ميت عقبة - مع كم من
~~التعويضات - ولم يعد أمام هذا المحور من سبيل إلى وسط البلد إلا
~~بالتفكير في عمل كوبري علوي يربط كوبري الزمالك بكوبري أكتوبر، وهو
~~ما يحدث الآن في توسعة الكوبري بإضافة حارات مرور جديدة على
~~جانبيه، ومثل ذلك أيضا ما نتوقعه في العتبة والأوبرا حين يبدأ
~~استخدام نفق الأزهر الذي سوف يلقي بأكداس من السيارات في بحيرة
~~مرور شبه مغلقة؛ لأنها مكدسة هي الأخرى في شوارع وسط البلد.

# ما سبق ليس إلا نماذج من مشكلات المرور في القاهرة. فإذا كنا نقف
~~أمامها طويلا بحثا عن وسائل وطرق لتخطي هذه العقبات، فما بالنا
~~حين تلقى على القاهرة أعباء مرور وخدمات أكثر نابعة من مدن
~~وأحياء تبنى لصيقة بالقاهرة، فتضاعف من همومها. ومثل هذه المدن
~~والأحياء، فضلا عن تكلفتها الاستثمارية العالية، وتجميد مدخرات
~~الناس في فيلات وشقق، فإنها تصبح جاذبة لمزيد من الهجرة السكانية
~~من الأقاليم إلى القاهرة في الوقت الذي تتطلب فيه النظرة الموضوعية
~~محاولة إيجاد صيغ حياتية تساعد على انتشار الناس على مسطح مصر
~~بصورة أحسن مما هي عليه الأوضاع الراهنة بدلا من التركيز المرهق
~~في حيز ضيق، والتكديس المخيف في مدينة القاهرة وحدها. فقد كانت
~~القاهرة الكبرى تساوي 18,9٪ من مجموع سكان مصر عام 1947 وأصبحت بعد
~~نصف قرن تستحوذ وحدها على نحو ربع سكان البلاد؛ أي من 3,6 مليون
~~إلى نحو 15 مليون من البشر.

# فأي انفجار نتوقع في السنوات العشر القادمة؟ وهل هذا هو ما سنورثه
~~لمن بعدنا؟
~~(4) نماذج لمشكلات مرورية شديدة الصعوبة
~~(4-1) شارع الجلاء ومحطة الترجمان ms200 المركزية

# يسترعي انتباه كل الذين يمرون في شارع الجلاء كم هو ازدحام الشارع إلى
~~درجة الاختناق والانسداد الكامل، ويحاول الناس قدر جهدهم تجنب السير فيه؛
~~لأنه على قصره النسبي مكدس بكل وسائل الحركة من الباصات الضخمة إلى
~~الميني والميكروباص، إلى سيارات الملاكي والنقل الخفيف والثقيل
~~والموتوسيكلات وسيارات الشرطة والإسعاف تطلق «سارينتها» دون جدوى؛ فالكل
~~يسير قليلا ... ويتوقف طويلا.

# هذا التكدس سببه واضح: فهو الشارع الوحيد الذي تنصرف فيه الحركة جنوبا
~~من باب الحديد إلى التحرير مقابل شارع رمسيس الذي يقود الحركة في الاتجاه
~~المعاكس؛ أي من التحرير إلى باب الحديد، وبطبيعة الحال هذا إجراء مروري
~~سليم. إذن لماذا التكدس في الشارعين؟

# شارعي رمسيس والجلاء هما بمثابة شارع «داير الناحية» الذي نعرفه في
~~القرى؛ أي الشارع الذي يحيط بكتلة القرية السكنية من الخارج، ومنه وإليه
~~تنصرف الدروب داخل القرية، وشارع رمسيس هو داير الناحية بالنسبة لوسط
~~البلد تنصرف إليه كل شوارعها من عماد الدين وأحمد عرابي و26 يوليو وثروت
~~وغيرها، فضلا عن امتداد الحركة الضخمة من وإلى شبرا عبر التوفيقية وعماد
~~الدين، ومن ثم وسط البلد، وتخرج من رمسيس حركة إلى بولاق عبر الإسعاف،
~~ووصلتان صغيرتان إلى شارع الجلاء عند معهد الموسيقى العربية وأمام
~~التوفيقية.

# أما شارع الجلاء فهو داير ناحية آخر، ولكن لمنطقة شديدة التباين التاريخي
~~والسكني والمستوى الحياتي ونوع الوظائف، بين عشش الشيخ علي والترجمان
~~وورش السبتية والسكن الشعبي في بولاق والقللي وغيرهما، وبين البنايات
~~الفارهة الفارعة الحديثة؛ مركز التجارة العالمي وأبنية البنوك وفندق
~~كونراد ودار الكتب وبرجي وزارة الخارجية والإعلام وهيلتون رمسيس على
~~واجهة النيل، وأبراج المؤسستين الصحفيتين الأهرام والأخبار على شارع
~~الجلاء. ويستقبل شارع الجلاء كل حركة باب الحديد وشبرا وبولاق، ولا يكاد
~~ينصرف منه إلا القليل إلى السبتية وبولاق. فهو أشبه بأنبوب، أو إن شئنا
~~وبلغة العصر أشبه بنفق المترو الذي يجري تحته وكوبري أكتوبر الذي يجري
~~فوقه، وهو بالتعبير الجغرافي أشبه بنهر تصب فيه روافد كثيرة فيطفو فوق
~~ضفافه بصفة دائمة.

# شكل :

# شارع الجلاء ومحطة ms201 الترجمان.

# لماذا يتجشم الناس مخاطر إضاعة الوقت في شارع الجلاء؟ رواد هذا الشارع في
~~غالبيتهم العظمى مضطرون لذلك؛ لأن الشارع يكاد أن يكون حكرا على أبنية
~~عامة للناس فيها مصالح متعددة. ففي البداية عمارة تشمل مكاتب الشهر
~~العقاري لشمال القاهرة وعدة محاكم متخصصة، ثم يأتي قسم شرطة الأزبكية
~~المحاصر تماما من جهاته المختلفة؛ مما يعوق الحركة السريعة المطلوبة من
~~الشرطة. ثم مستشفى السكة الحديد والبنك الصناعي ومجمع محاكم شمال
~~القاهرة، وأبراج مؤسسة الأهرام، وغير بعيد عنها مؤسسة أخبار اليوم، ثم
~~مستشفى الولادة، ثم معهد ليوناردو دافنشي، وعدة أبنية حكومية، وبيوت
~~فقيرة إلى أن نصل إلى هيلتون رمسيس وميدان الشهيد عبد المنعم رياض، وكل
~~هذه الأبنية على الجانب الغربي من الشارع، أما الجانب الشرقي: فتطل عليه
~~الواجهات الخلفية لأبنية عامة ضخمة على شارع رمسيس مثل: مصلحة الكيمياء،
~~وسنترال رمسيس الضخم، وجمعية الإسعاف، ونقابة المهندسين، وغيرها
~~كثير.

# كم من الناس لهم مصالح يومية أو أسبوعية في هذه الأبنية العامة؟ وكم من
~~الموظفين العاملين في هذه المؤسسات مضطرون للحركة اليومية صباحا ومساء.
~~لماذا كل هذا التكدس الذي يفوق تكدس وزارات لاظ أوغلي.

# حتى أوائل الخمسينيات كان شارع الجلاء مليء بالمساحات الفارغة، ضعيف
~~الحركة بالقياس إلى شارع رمسيس الموازي له، وكانت أكثر أماكنه الممتلئة
~~بالنشاط هي تلك عند تقاطعه مع شارع فؤاد - 26 يوليو - المؤدي بواسطة
~~الترام من العتبة إلى بولاق والزمالك وإمبابة، وكذلك كان التقاطع مع نفق
~~شبرا. بهذا استغلت ناصيتي التقاطعين في بناء مستشفى فؤاد - للولادة -
~~ومعهد دافنشي، ثم مستشفى السكة الحديد، وحين أرادت جريدتي الأخبار
~~والأهرام أن تتوسعا بنت كل منهما إنشاءاتها الكبيرة في متسع من الأراضي
~~الفضاء.

# سبب هذا التكدس بالنسبة لشارعي الجلاء ورمسيس أن كلا منهما كان مسارا
~~لترعتين متجاورتين تأخذان من النيل شمال كنيسة كل القديسين محل ميدان عبد
~~المنعم رياض حاليا، وقد ردمتا في آخر القرن الماضي غالبا مع ردم مسار
~~الخليج المصري من فم الخليج حتى غمرة عام 1899؛ ترعة الإسماعيلية بعد
~~ردمها وإنشاء مأخذها الحالي شمال شبرا ms202 أصبحت مسارا لشارع عباس؛ «الملكة
~~نازلي ثم رمسيس حاليا». أما الترعة البولاقية: فقد استخدمت أرضها بعد
~~ردمها لمد خط حديدي من باب الحديد إلى ثكنات الجيش الإنجليزي في قصر
~~النيل، وظل الخط الحديدي قائما إلى نحو نهاية الأربعينيات، وكان الطريق
~~المجاور للخط يسمى شارع فم الترعة البولاقية حتى تقاطعه مع 26 يوليو، ومن
~~ثم كان شارع الترعة البولاقية موازيا لشارع آخر باسم سيدي المدبولي الذي
~~كان يبدأ من باب الحديد ويتصل بشارع الترعة خلف السنترال. وبعد فترة من
~~جلاء الإنجليز عن الثكنات عام 1947 ضم شارعي سيدي المدبولي وفم الترعة،
~~وأصبح الطريق المستقيم الجديد هو شارع الجلاء الحالي، وعلى طول شارع
~~رمسيس بنت الدولة مباني حديثة كحمام وزارة المعارف ومصلحة الكيمياء
~~وجمعية الإسعاف ومعهد الموسيقى وسنترال تليفونات القاهرة وسجن الأجانب؛
~~وبذلك ظل شارع الجلاء شارعا خلفيا لفترة طويلة، ومع تحويل خط مترو مصر
~~الجديدة من عماد الدين إلى الجلاء بدأت حركة نشطة للبناء والتعمير في
~~شارع الجلاء؛ فصار شديد الازدحام للدرجة التي رفع معها خط المترو إلى
~~كوبري الليمون كحل لأزمة شارع الجلاء، ولكن بدون نتائج حاسمة.

# وللآن ليس واضحا ماذا يمكن عمله للتخفيف عن هذا الشارع المحوري. هل يعود
~~المرور إلى اتجاهين في الجلاء ورمسيس؛ بحيث يخفف الضغط عليهما فلا يضطر
~~العابر للجلاء دون مصلحة فيه أن يسلكه مرغما، ويتحول عنه إلى رمسيس في
~~اتجاه التحرير، وكذلك يسلكه القادم من التحرير إذا كان صاحب مصلحة في
~~شارع الجلاء بدلا من التزاحم والعنت في شارع رمسيس؟ ربما يتم التثبت من
~~جدوى هذا المقترح بواسطة متخصصي المرور بناء على دراسة واقع سيولة الحركة
~~بأجهزة العد الآلي التي تقام في الشوارع، واستبيان يطرح على المستفيدين
~~من الحركة في الشارعين. أو هل يوجد أي اقتراح آخر يخفف آلام
~~الحركة؟

# أما مشروع محطة الترجمان المركزية للنقل البري والمطروح الآن للتنفيذ بعد
~~الدراسة؛ فإنه لا شك مشروع هندسي جيد أو ممتاز، ولكن على الورق. غير
~~الجيد فيه موقعه السيئ غير المناسب لحركة مركزية، وقد يسبب كارثة مرور ms203
~~فوق الكارثة المرورية الحالية في وسط البلد. فالترجمان تقع وسط ما ذكرناه
~~من مناطق شعبية كثيفة داخل إطار من الأبنية الإدارية والحكومية والتجارية
~~والفندقية، ولكل من هذه الأبنية وظائف لها متطلباتها من حيث انسياب
~~وسيولة حركة المرور إليها، ويحد هذه المنطقة من الشرق شارع الجلاء، ومن
~~الجنوب شارع 26 يوليو، ومن الغرب كورنيش النيل، ومن الشمال خط حديد
~~الصعيد وشوارع السبتية المكتظة. كلها إذن شوارع مكدسة بلغت الحركة فيها
~~أضعاف طاقتها المرورية مهما بلغ تنظيم المرور فيها مبلغه. فكيف يمكن
~~للسيارات والأتوبيسات السياحية وأتوبيسات الأقاليم اختراق هذه الشوارع
~~إلى محطة الترجمان؟ هل ستحفر أنفاق تحت النيل وشبرا وباب الحديد
~~والتحرير؛ لكي تصل السيارات إلى المحطة؟

# كيف يمكننا أن نوفق بين خطتين متعارضتين؛ أولاهما: إبعاد محطات النقل
~~الإقليمي من أحمد حلمي - الذي هو في موقع أفضل من الترجمان - إلى عبود
~~وشبرا الخيمة من أجل تخفيف العبء المروري عند باب الحديد، والخطة
~~الثانية: تركيز المحطات الإقليمية في واحدة هي الترجمان الذي يقع داخل
~~أعتى الأماكن ازدحاما فتزيد السوء سوءا؟! أليس لدينا منهاج واحد ثابت
~~لمدة عقدين أو ثلاثة عقود من الزمن حتى تستقر الأمور، ونرى ما تسفر عنه
~~خطة أو توجه من اعتياد الناس للحركة، على ألا نحيد عن الخطة خلال تلك
~~الفترة لمجرد تغير المسئولين؟ أليس الهدف حركة مرورية أرحم من الانسدادات
~~الحالية من أجل قاهرة أحسن؟ وهنا أعيد التذكير أن المدينة التي تتعقد
~~فيها حركة المرور هي مدينة مريضة تحتاج حلا.
~~(4-2) لاظ أوغلي الجديد في ميدان العباسية

# لاظ أوغلي هو الميدان الذي أعطى اسمه لحي الإدارة والحكم في مصر خلال نحو
~~قرن من الزمان. كانت تلتف حوله وقربه رئاسة الوزراء ووزارات المالية
~~والحقانية والداخلية والصحة العامة ومجلسا النواب والشيوخ، وليس بعيدا
~~عنه وزارت المعارف العمومية والحربية والمواصلات والأشغال العامة والشئون
~~الاجتماعية، والكثير من الأبنية الحكومية التابعة لوزارات الداخلية
~~والمالية والصحة كمصلحة تحقيق الشخصية ومصلحة الأملاك الأميرية وخزانة
~~الدولة ومصلحة الطبيعيات - الأرصاد ومياه النيل - في شارع منصور ومصلحة
~~الطب الشرعي ومصلحة الضرائب ms204 وغير ذلك مما لا تعيه الذاكرة، وفي الحي ذاته
~~كانت هناك أبنية عامة معظمها علمي؛ كالجمعية الملكية الجغرافية والمعهد
~~العلمي المصري والجامعة الأمريكية التي كانت أصلا مقرا للجامعة
~~الأهلية المصرية قبل أن تصبح جامعة فؤاد الأول، وتنتقل إلى متسع من الأرض
~~في الأورمان، وأبنية أخرى أبرزها: ضريح سعد، وقصر الأميرة شويكار الذي
~~أصبح مقرا لمجلس الوزراء حتى الآن، ومتحف الشمع الذي يشغل مكانه الآن
~~مركز دعم اتخاذ القرار.

# وبطبيعة الحال كانت حركة المشاة هي الغالبة؛ لكثرة وسائل النقل العامة من
~~ترام وأوتوبيس وعربات الحنطور والقليل من التاكسي. وكانت الشوارع ظليلة
~~بأشجار على الجانبين رعايتها من قبل مصلحة التنظيم مستمرة من أجل راحة
~~المشاة، ومن ثم لم يكن هناك ازدحام وتكدس مروري وما والاه من تلوث معروف
~~الآن، فكل موظف أو طالب خدمة حكومية كان يأتي راجلا أو راكبا وسيلة
~~نقل، ثم يتجه إلى الوزارة المعنية ويغيب داخلها؛ لهذا لم تكن هناك حاجة
~~إلى مواقف للسيارات. أما الآن فالأمر قد اختلف وشوارع هذا الحي الذي يحكم
~~إدارة مصر قد اكتظت بالسيارات على جانبيه عدا أمام مجلسي الوزراء والشعب.
~~وأصبحت المعاناة مريرة لكل من يذهب ليقضي مصلحته من مبنى حكومي. فالترام
~~قد اختفى بعد أن كان وسيلة نقل تحمل أعدادا من الناس أكبر من الأتوبيسات
~~التي زادت أعدادها لكنها تزيد حركة المرور ارتباكا بضخامتها، فضلا عن
~~الميكروباصات التي تتداخل بشكل مزر في حركة المرور لرعونة
~~السائقين.

# ونتيجة للنمو السكاني الكبير ونمو احتياجات الحكم من إدارات ومصالح
~~جديدة وخلق وزارات جديدة؛ فقد بدأت هجرة لأجهزة حكومية من حي لاظ أوغلي
~~التقليدي نتيجة لتشبعه القاتل بالأبنية المضافة إلى الأبنية الأنيقة
~~السابقة، واتجهت الهجرة الحكومية إلى عدة اتجاهات؛ أبرزها الاتجاه إلى
~~الدقي، وإمبابة غرب النيل، والاتجاه إلى العباسية ومدينة نصر في شرق
~~القاهرة التقليدية.

# لكن القاهرة نمت شرق العباسية وعبر طريق صلاح سالم إلى مدينة نصر، وما
~~تزال تنمو عبر طريق النصر في اتجاه الطريق الدائري؛ لتخنقه في اتجاه ما
~~يسمى الآن باسم القاهرة الجديدة ms205: التجمعات الثالث والخامس والقطامية ...
~~إلخ. الحصيلة النهائية لهذا النمو السرطاني غير الواعي بمشكلات القاهرة -
~~برغم أنه مخطط من قبل وزارة التعمير - أن العباسية لم تعد في شرق
~~القاهرة، بل في وسط القاهرة. تماما كان حي لاظ أوغلي في وسط قاهرة أوائل
~~القرن العشرين، وبذلك استحقت العباسية أن تسمى الآن لاظ أوغلي الجديد مع
~~فارق الزمن وكثرة الناس والسيارات. في العباسية الآن وزارة الكهرباء
~~ومصالحها العديدة، مثل: مصلحة كهرباء الريف، والكثير من الأبنية التابعة
~~لوزارة العدل، مثل: مجمع محاكم شمال القاهرة، وأبنية لوزارة الداخلية
~~عديدة، مثل: معهد الشرطة ... وغير ذلك، وكلها مجمعات ضخمة مكونة من أبراج
~~عديدة تصل إلى نحو عشرة أدوار ارتفاعا، تحتجز وراءها مدرسة سانت فاتيما
~~وتحاصرها. ومقابل هذه الأبنية العملاقة مبنى كلية الشرطة التي يقال: إن
~~النية متجهة إلى نقل وزارة الداخلية إليه بعد أن تنتقل الكلية إلى مبنى
~~ضخم عبر الطريق الدائري، وأبراج مصر للسياحة ... إلخ. هناك كوبري علوي قصير
~~يمر في هذا الشارع المختنق بالحركة التي تنصب من وإلى مدينة نصر
~~والأوتوستراد في اتجاه وسط البلد عبر شارع رمسيس وشارع العباسية والجيش
~~وشارع الخليفة المأمون، وكوبري 6 أكتوبر العلوي يمر وراء المحاكم ووزارة
~~الكهرباء، ووراءه جامعة عين شمس التي اختنقت بمرور الكباري والجسور وخطوط
~~المترو ومترو الأنفاق، ويخترق الحرم الجامعي طريق الخليفة المأمون المكتظ
~~بالحركة، وبذلك أصبحت جامعة عين شمس حبيسة موقع محاصر مخترق. الخلاصة أن
~~المنطقة ككل هي من بين المناطق الأصعب في الحركة بالقاهرة، وما
~~أكثرها!

# بعد هذا الوصف العام الذي يعرفه كل قاهري يفكر في العبور من الشرق إلى
~~الغرب أو العكس، ويعمل له ألف حساب كأنه مقبل على اجتياز حقل ألغام يسير
~~فيه بسرعة هي غالبا أقل من سرعة المشاة، نأتي إلى تحليل دور المخطط
~~الحكومي في صنع هذه العقبة الكئود.

# لقد بنيت هذه الأبراج الحكومية على نفس النمط الذي تأسست عليه مباني لاظ
~~أوغلي القديمة، كأن الزمن لا يتحرك! فلم يعد للمشاة دور في الحركة كما
~~كان الأمر في مطلع القر؛ بل ms206 تعتمد الحركة الآن على السيارات من كل صنف.
~~أين تقف هذه السيارات الخاصة بالموظفين والعملاء من الشعب؟ لم يبن المخطط
~~جراحات تحت وحول المبني، وعلى الموظفين والأفراد الساعين لقضاء مصالحهم
~~أن يتقاتلوا من أجل مكان يضعون فيه سياراتهم، وهو أمر بعيد المنال! أي
~~قوة من رجال شرطة المرور غير قادرة على تنظيم الحركة، وأصبح الأمر كله
~~متروكا لمن نسميهم «المنادين» ينظمون انتظار السيارات تحت الكوبري وعلى
~~جانبي الطريق صفوفا متعددة حتى ضاق بهم نهر الطريق، وأسهم بذلك في
~~المزيد من بطء حركة السير.

# إذا كانت القوانين تنص على تخصيص جراجات تحت العمارات، فإن الأبنية
~~الحكومية هي أول من يخالف القانون، ولهذا فلا عتب على ملاك العمارات أو
~~المباني التي تحف بها حديقة صغيرة أن يحولوا الجراجات والمساحات الشجرية
~~إلى محلات وبوتيكات، تاركين مهمة ركن السيارات إلى جوانب الشوارع
~~وأرصفتها، وهذا ما يعطي القاهرة ظاهرة فريدة، لكنها معيبة، بين المدن
~~الكبيرة في العالم.

# فما بالنا لو انتقلت وزارة الداخلية إلى مبني كلية الشرطة الحالي؟ صحيح
~~أن هناك مكانا واسعا الآن أمام الكلية، لكن البعض من المخططين
~~والمهندسين ينصحون دائما باستخدام كل الفراغات لبناء ملحق جديد وملحق
~~بالملحق ... إلخ. انظر إلى مبني وزارة الداخلية الحالي. لم أدخله منذ أكثر
~~من ربع قرن، لكن يستبين للناظر من الخارج أن كل فراغ قد بنيت فيه ملاحق
~~حتى أصبح غابة من الأبنية ضاعت إلى الأبد متنفساتها الطبيعية من الهواء
~~والنسيم صيفا وأشعة الشمس الدافئة شتاء، وحل محل الطبيعة النظيفة ما
~~تنفثه أجهزة التكييف من غازات ضارة وما تصدره من ضجيج يلوث السمع. فما
~~بالنا بالعاملين داخل هذه المباني المهمة: هل هم يعملون في وزارة أم
~~ماذا؟! وما بالنا حين تنتقل وزارة المالية ومصلحة الجمارك إلى أبراجها
~~العديدة في امتداد شارع رمسيس شرق العباسية؟ ماذا سيكون حجم الحركة في
~~هذه المنطقة بين عشرات الآلاف من طلبة جامعة عين شمس، ومؤسسات الجيش،
~~وموظفي الوزارات والعملاء المترددين عليها؛ لقضاء حاجاتهم من هذه
~~الوزارات المركزية المحتوى والمضمون؟

# قبل أن ms207 نقول: إن الأمر يحتاج إلى تخطيط جديد للمرور، علينا أن نطالب
~~الوزارات والمصالح الحكومية أن تخصص أماكن لانتظار السيارات؛ فليس
~~بمستساغ أن تبني الأجهزة الحكومية ما شاءت، ثم تلقي بالكرة في ملعب
~~إدارات المرور التي ليس لديها حلول سحرية لعلاج ما أفسده الآخرون!

# إذا أردنا تعداد المناطق العقدية في حركة المرور - أو ما يسمى اختناقات
~~عنق الزجاجة - في القاهرة فهي كثيرة، وأسبابها متعددة أيضا، لكن ليس
~~أحدها بسبب سوء التخطيط الحكومي مثل لاظ أوغلي الجديدة والقديمة على حد
~~سواء. الوزراء لا يشعرون بالمعاناة؛ لأنهم ينتقلون في طرق فتحتها لهم
~~سيارات وموتوسيكلات المرور من أجل العبور السريع، وغالبا ما يضيف مرور
~~مسئول أو ضيف كبير إلى مشكلة بطء المرور؛ لأن الطرق تقفل قبيل مرور
~~سياراتهم بعدة دقائق هي في الواقع كافية لتراكم انتظار أرتال من
~~السيارات.
~~(4-3) هل يمكن إنقاذ أوتوستراد الإسماعيلية؟

# 9

# تتسم القاهرة بمداخل ومخارج تتزاحم عليها الورش والمصانع والمخازن وأنواع
~~رديئة من السكن المصاحب؛ ويترتب على ذلك أن الطرق الممتازة التي تربط
~~القاهرة بأجزاء مصر تنتهي فجأة إلى متاهة من اختناقات المرور! فهنا
~~تتزاحم شتى أشكال ووسائل النقل من عربات الحيوان إلى السيارات الخاصة إلى
~~الشاحنات بأحجام ومقطورات مختلفة إلى الأتوبيسات والميكروباصات.

# وسواء كان الطريق أوتوسترادا أو طرقا من درجات أقل؛ فإن للطرق في
~~العالم جاذبية فتافيت السكر للنمل، أو جاذبية قضيب المغناطيس لكل أشكال
~~المباني؛ ما كان منها للسكن أو أية مشروعات تجارية أو صناعية أو خدمية أو
~~إدارية أو أمنية، وكل ما يتفتق عنه الفكر البشري من أبنية ذات وظائف تلبي
~~احتياجات الإنسان التي لا تنضب.

# وفي بلاد العالم بما فيها نحن، قوانين ولوائح وضوابط لكبح هذه الجاذبية
~~القوية، وتيسير انسيابها في اتجاهات محددة. كأن توضع حدود لاقتراب
~~المباني من حرم الطريق، أو أن يحدد شكل الطريق ومواصفاته المناسبة لوظائف
~~الأحياء أو المدن أو القرى التي يخدمها.

# ومثل هذه التشريعات والقوانين هي أشد صرامة بالنسبة للأوتوسترادات بحيث
~~يصبح الطريق أشبه بالطريق الحديدي؛ فله حرم عريض، ولا تبنى عليه ms208 مباشرة
~~أية منشآت عمرانية أو صناعية أو تجارية أو إدارية إلا على مسافة تتجاوز
~~نصف الكيلو متر أو أكثر، وذلك من أجل المحافظة على وظيفتي السرعة والأمان
~~المروري، وهما الهدف من إنشاء مثل هذه الطرق السريعة، وإلا كأننا ننفق
~~الأموال الطائلة؛ لنهدرها بعد قليل نتيجة التراخي في تنفيذ
~~القوانين!

# أوتوسترادات مهدرة

# إن إهدار قيمة الطرق السريعة في مصر هو واقع مؤلم، فننظر إلى
~~أوتوسترادات القاهرة الكبرى لنرى كيف أصيبت بكل العلل التي أردنا
~~تجاوزها بإنشاء هذه الطرق. فالأوتوستراد الزراعي اختنق بين شبرا
~~وشبرا الخيمة وقليوب وطوخ اختناقا بلا صحوة، وأوتوستراد حلوان رحل
~~كنظيره الزراعي تائها بين غابات من عماليق الأبراج في المعادي،
~~واختلاط الحابل بالنابل بين المساكن المحشورة وسط المصانع والمخازن
~~والورش في دار تسمى بالسلام أو حدائق حلوان، أو ذلك النمو العشوائي
~~فوق ما خطط له في مدن العمالة في حلوان والتبين ومايو وطرة، وكل
~~ذلك مليء بالمفارقات والعجائب من متلفات أوزون، ومذهبات صحة! وحتى
~~الأتوسترادات الصحراوية أصابتها شيخوخة مبكرة! فإذا كانت هناك حجج
~~ومعاذير لاختناق الطريق الزراعي أو حلوان أنهما يمران بمناطق
~~معمورة من قبل، وأن هذا المعمور نما وانتفخ فوق التشريعات إلى أن
~~استسلمت البلديات والمحافظات، فما هي الحجة بالنسبة لطرق
~~الصحاري؟

# الالتزام هو التصرف الحضاري

# هناك دعوة أن نكون أناسا حضاريين، وأن نتصرف بما أضفته علينا
~~مواريثنا الحضارية لآلاف السنين، ولكنها دعوة لم تخرج إلى حيز
~~الممارسة في أشياء كثيرة، وواحد من أدلة التصرف الحضاري هو
~~الالتزام بالقوانين والتنظيمات سواء كان هناك رادع عقابي أو لا
~~يوجد، ونحن ما زلنا بعيدين عن مثل هذا الالتزام، وخاصة بالنسبة
~~لقوانين البناء وخطط التنمية. فطريق الإسكندرية الصحراوي لم يعد
~~صحراويا إلا بالكاد؛ الملايين يتحركون عليه، وكل عام يرون من
~~الصحراء جزءا متناقصا، وهذا شيء مفرح تنمويا، لكن العمران
~~السكني والخدمي المحاذي للطريق قد حوله إلى طريق زراعي آخر في قسمه
~~الشمالي، وسوف يتم الخناق بالنمو المتسارع لمدينة العامرية
~~الصناعية، وربما يحدث اختناق آخر في القسم الأوسط إذا ما تذكر ms209 أحد
~~مدينة السادات وأيقظها من خمولها. وفي القسم الجنوبي امتلأ الطريق
~~عند «أبو رواش» وما حولها بالمخازن والورش والمزارع الخاصة أو تلك
~~التي في طور الإنشاء.

# أوتوستراد الإسماعيلية

# أما هذا الطريق الذي أنشئ في الأصل كطريق استراتيجي من القاهرة إلى
~~منطقة القناة؛ فإنه يتحول الآن إلى مصير كافة الطرق السريعة
~~المصرية. فالمدخل القاهري في طريقه إلى الاختناق السريع نتيجة
~~الورش والمصانع والمدن السكنية المتعددة، وكان بالطريق غابة لعلها
~~كانت حزاما أخضر فيما مض، لكن المصانع احتوتها، ولم يعد باقيا
~~سوى بقايا يسيرة حزينة تائهة في غير محيطها، فهل يمكن الحفاظ على
~~البقية الباقية والعناية بها؟ أم أن حاجة الوزارات - أو الهيئات
~~التي تملكها - إلى المال سوف يسلمها إلى مصير محتوم؟! ولحسن الحظ
~~أن الجانب الأيمن من الطريق يسير موازيا لخط حديد السويس، وبينهما
~~مباني منشآت أمنية قديمة، وهذه الأبنية ذات الحركة المحدودة
~~نسبيا قد ساعدت على الحفاظ على قدر من السيولة المرورية على
~~الطريق، والأمل أنه في حالة التفكير في نقل هذه المنشآت ألا تباع
~~الأرض لأغراض البناء السكني كما حدث في حالات مماثلة. بل تتحول
~~أماكنها إلى جنة خضراء للترفيه أو إقامة أندية ومناشط شبابية
~~لاستيعاب حركة الشباب جنبا إلى جنب مع مدارس تحتاجها هذه المنطقة
~~التي نمت فيها مدن عشوائية أو مخططة، وفوق هذا فهذه المنطقة تقع في
~~حرم مدرج المطار من جهته الغربية تقريبا، وحرام أن نحيط المطار
~~بالأبنية والمدن كما ذكرنا من قبل.

# أحمال فوق أحمال على الطريق

# وعلى هذا الطريق أيضا أنشئ مؤخرا مبنى للتجنبد المركزي والسوق
~~المركزية في العبور ومدينة السلام والهايكستب والشروق ... إلخ. لكن
~~أكبر هذه المدن، وربما أكثرها احتياجا للحركة على الطريق هي مدينة
~~العاشر من رمضان؛ تلك المدينة الصناعية التي بدأت الآن مرحلة
~~الانطلاق. إن نمو الصناعة في العاشر يؤدي إلى مزيد من الضغط على
~~الطريق. فهل هناك حسابات لطاقة تحميل الطريق لعجلات تجري بالخامات،
~~وتعود بالسلعة المصنعة في اتجاه القاهرة؟ ويعرف الناس أن هناك حركة
~~أخرى يومية للعمالة التي تسكن ms210 القاهرة وبلبيس صوب العاشر، بينما
~~القطاع السكني في العاشر ما زالت نسبة إشغاله دون المتوسط، كما أن
~~جانبا من السكان المقيمين لا يرتبطون بعمل في مصانع المدينة،
~~ويعرف المختصون أيضا أنه لا توجد مدينة مخططة من الألف إلى الياء
~~كالعاشر يخترقها الأوتوستراد! ففي شرق الأوتوستراد المصانع، وعلى
~~الجانب الآخر الحي السكني، دون أن تكون هناك أنفاق أو جسور للراكبة
~~والراجلة تؤمن حركتهم، وتضمن للأوتوستراد وظيفته في النقل السريع
~~الآمن. ومؤخرا وبعد نحو 20 سنة أقام المسئولون كوبريين علويين
~~لتأمين حركة الأتوستراد وتأمين الحركة بين المصانع والمساكن.
~~والنموذج الأمثل لمثل حالة العاشر أن المدينة بقسميها السكني
~~والصناعي تنشأ معا على جانب واحد من الأوتوستراد، ويفصل القسمين
~~طرق خدمة للحركة الدائبة للمدن.

# وفوق هذه الأحمال فإن الأوتوستراد هو محور يتلقى حركة الطرق التي
~~تنصرف إليه من السويس وبلبيس والسلام والإسماعيلية وغيرها؛ مما
~~يشكل أعباء ثقيلة عليه تتطور مع زيادة عدد ملاك السيارات، ونمو
~~أشكال الأنشطة التجارية والترفيهية في منطقة البحيرات المرة
~~والإسماعيلية وبورسعيد - فضلا عن تكاثف الحركة إلى سيناء
~~الشمالية، ونمو مصالح ووشائج مطلوبة ومرغوبة - فأين إذن قدرة هذا
~~الطريق الوحيد، برغم فخامته واتساعه، على مواجهة هذه الأحمال دائمة
~~النمو؟

# وبالإضافة فقد اجتذب الأوتوستراد عشرات المدارس والمعاهد وجامعة
~~واحدة، وكلها مدارس لغات حديثة تشغل مساحات كبيرة ومصاريفها عالية،
~~وهناك آلاف التلاميذ الذين ينتقلون بالباصات الخاصة التي تديرها
~~المدارس، أو بسيارات ذويهم، وليس من شك في أن هذا هو ما يزيد
~~الحركة على الأوتوستراد أعباء مضاعفة. صحيح أن هذه المدارس بنيت
~~في بيئة صحية قليلة التلوث الجوي والسمعي،

# 10

# ولكن ازدحام الطريق غير المحسوب أصلا، قد جعل المشوار
~~إلى المدرسة من مصر الجديدة وضواحيها مشوارا مؤرقا، ويستغرق
~~وقتا أطول مما خطط له يذهب بحيوية التلاميذ عند وصولهم المدرسة،
~~ولدى عودتهم لبيوتهم!

# الخلاصة أنه من اليسير على أهل المعرفة حساب كم من آلاف الأطنان من
~~السلع والخامات والأغذية يتعامل معها سوق الجملة ومصانع العاشر
~~وجملة الصناعات الأصغر على طول طريق جسر السويس، وكم من السيارات
~~تمر ms211 حاملة آلاف الناس إلى أعمالهم وبيوتهم بين القاهرة وبلبيس
~~والسلام والعاشر والإسماعيلية. ويبدو أننا في مصر اعتدنا نسبة
~~عالية من الكوليسترول في أوعيتنا الدموية لتضخم مأكولاتنا، والطرق
~~هي شرايين الحياة بالنسبة للاقتصاد والناس، فهل ننقل سمة
~~الكوليسترول العالي إلى طرقنا فنحملها فوق طاقتها بمدن ومشروعات
~~عديدة، وسريعا ما نفقدها كطرق ربط سريعة!

# سوق الجملة

# ويتطلب سوق الجملة بالعبور بضعة تعليقات: هو جيد ونظيف ونتمنى أن
~~يظل كذلك بعد طول استخدامه. آفة الشرق إجمالا هي قلة الصيانة في
~~وقتها، واستخدام الشيء لغير ما خصص له أو أكثر من طاقته التصميمية.
~~لم يحدث هذا داخل أسوار السوق، ولكن الغريب أنه قد نشأت عند بوابة
~~السوق الخلفية سوق موازية في حالة لا تسر من حيث عرض السلع، لكنها
~~أرخص من نفس السلع في الداخل. من يمول هؤلاء التجار؟ قد نظن أن بعض
~~كبار التجار يساندون السوق الخارجية كمنصرف للمواد التي لم تعد
~~طازجة أو مغرية من خضر وفواكه.

# والأغرب هو إنشاء محطة سكة حديدية باسم محطة العبور على خط السويس
~~البطيء على مبعدة نحو ثلاثة أرباع الكيلومتر، فهل هي محطة لخدمة
~~العاملين في السوق؟ معروف أن السكك الحديدية لا تستطيع أن تنافس
~~السيارة والباص في المسافات القصيرة للمرونة الفائقة التي يتمتع
~~بها النقل البري مقابل جمود الحركة الحديدية على خط واحد. أما إذا
~~كانت المحطة بغرض نقل سلعي، فهذا أيضا غير ممكن بالنسبة لسوق
~~يتعامل مع أغذية نباتية وحيوانية وأسماك وغير ذلك من المواد سريعة
~~العطب التي لا تتحمل بطء النقل الحديدي - ناهيك عن أن خط السويس هو
~~خط هامشي لا يرتبط بالشبكة الحديدية الكثيفة إلا بطريق غير مباشر
~~من خلال محطة مصر - أي إنه لا يرتبط مباشرة بخطوط تجري في مناطق
~~إنتاج السلع الغذائية.

# مقترحات

# الاقتراح الأول:

# هو إنشاء طريق مواز لأوتوستراد الإسماعيلية
~~من القاهرة حتى العاشر - على الأقل - وذلك لتحمل
~~نصيبا من الضغط المتزايد على الطريق. جزء من هذا
~~الطريق المقترح قائم فعلا ممثلا في طريق الهايكستب
~~غربي المطار، وهو طريق ms212 يمكن تطويره ومده شرق الخط
~~الحديدي. مع وصلات عبره إلى الأوتوستراد.

# الاقتراح الثاني:

# هو إعادة استخدام خط حديد السويس الحالي
~~بطريقة أكثر انتظاما ومرات أكثر في اليوم،
~~والأحسن هو كهربة الخط، أو تسيير مترو سريع التقاطر
~~على الأقل حتى العاشر من رمضان، مع ربطه بشبكة مترو
~~القاهرة في محطة المرج، وهذه الوسيلة من النقل
~~الجماعي أكثر أمنا

# 11

# وأوفر اقتصاديا وأوفر في الوقت
~~بالقياس إلى النقل بالميكروباصات، وبالتالي فهو
~~سيرفع عبئا كبيرا عن الأوتوستراد.

# والخلاصة أنه يجب إصدار تقنين أشد قوة في التنفيذ لمنع المزيد من
~~المنشآت كثيفة الحركة على هذا الطريق. فكفاه ما هو عليه من
~~مشروعات. كذلك تشجيع المستثمرين والمنظمين على الاتجاه إلى الطرف
~~الآخر من الأوتوستراد حول الإسماعيلية وشرق القناة من أجل توزيع
~~عادل نسبيا لأماكن العمل على رقعة أبعد من دائرة جذب القاهرة
~~والمدن التي تدور في فلكها نتيجة تخطيط لم يكن مدركا لظاهرة
~~التزاحم والتمركز المصرية إدراكا قويا، وقد حان الوقت أن يقف
~~المفكرون في الجوانب الاجتماعية من الحياة بقوة جنب المخططين
~~الفيزيقيين من أجل تسهيل انتشار الناس بطريقة محسوبة ومستجيبة على
~~مساحات أكبر من أرض مصر بدلا من المركزية الراهنة.
~~(4-4) شارع الأزهر والنفق

# 12

# ليس من قبيل التكرار التطرق إلى مشكلات شارع الأزهر التي يعرفها الجميع،
~~وحل هذه المشكلات لا تأتي بتنفيذ عنصر واحد كبناء كوبري الأزهر فيما مضى،
~~أو إنشاء النفق كما يحدث الآن، لكن الحل يكمن في ضرورة النظر لمنطقة
~~الأزهر بشمولية أرحب من معالجة قضية واحدة. وليس من قبيل التزيد في القول
~~أن شارع الأزهر اسم علم على واحدة من أهم مناطق القاهرة التجارية، ويضم
~~بين جنبات المنطقة ثروة بالمليارات. كما أنه الجزء الشرقي من المحور
~~العرضي الأساسي الذي يخترق القاهرة من الدراسة إلى إمبابة، ويربط أسواق
~~العتبة والموسكي ووسط البلد وشارع الجمهورية وسوق وكالة البلح وأسواق
~~الكورنيش والزمالك الحديثة، ومن ثم تأتي أهمية هذا الشارع والمنطقة
~~التاريخية الاقتصادية التي تتمحور حوله.

# وفي خطة توسيع ميدان الأزهر-الحسين ترددت الأفكار الآتية:
~~(1)

# هدم مبنى ms213 مشيخة الأزهر القديم لتوسيع الميدان.
~~(2)

# تحويل المنطقة إلى منطقة مشاة فقط.
~~(3)

# عمل نفق لانسياب الحركة من الأوبرا والعتبة حتى طريق
~~صلاح سالم.

# وهدم مشيخة الأزهر عمل هدام فعلا، صحيح أن هناك بناية جديدة أنشئت
~~للمشيخة إلى جوار دار الإفتاء، لكن لماذا الهدم؟ لقد شاهد غيري كثيرون أن
~~الأجزاء القديمة من المدن الأوروبية - وهي أحدث بكثير من القاهرة
~~الفاطمية المملوكية - يحافظون عليها مهما كان الشارع ضيقا؛ لأن هذه
~~أبنية تراثية.

# وأعتقد، وكثيرون غيري، أن مبنى المشيخة الحالي هو من المعمار الإسلامي
~~الراقي قارب عمره على مائة عام، وربما لا يستطيع صناع زماننا تقليده إلا
~~بتكلفة عالية. لكننا، فيما يبدو، نستسهل الهدم دون تحري الواقع،
~~وأخيرا صدر قرار عال بمنع هدم هذا المبنى؛ فكفى المؤمنين شر
~~القتال.

# الاختناق المروري الحالي في منطقة الأزهر يعود إلى أسباب أخرى غير وجود
~~مبنى المشيخة. أول هذه الأسباب توجد فينا كسائقي سيارات خاصة أو عامة أو
~~نقل، خلاصته: عدم الالتزام بقواعد المرور وآدابه، وتداخل سيارات مستهلكة
~~في مجرى المرور، وهي لن تجد حلا إلا بجدية تطبيق القانون والملاحقة
~~بالقوة الجبرية على كل الناس بغض النظر عن قوة الانتماء.

# السبب الثاني هو وجود مجموعة من الأبنية المتنافرة معماريا وماديا
~~وحضاريا مع روائع الأبنية التراثية. فالنازل من الدراسة إلى الميدان 
~~يجد على يمينه مباني متهالكة متنافرة مع بعضها، زادها تنافرا وتشويها
~~المحال والدكاكين التي تقيم نشاطا في مساحات قزمية لا تصلح لشيء مهم.
~~هذه المتهالكات ورواد دكاكينها تضيق الخناق على حركة المرور القادمة
~~من صلاح سالم وشارع المنصورية الموازي له والقادم من العباسية الشرقية.
~~لن نخسر كثيرا بإزالتها، لعل ذلك يؤدي إلى تحسين قيمة العقارات مساحة
~~وبناء، والقادم من العتبة يرى عمارات تغطي على أبنية وكالة الغوري وجامع
~~«أبو الدهب»، فإذا أزيلت هذه العمارات الثلاث غير المنسجمة معماريا
~~فإنه سوف ينكشف ميدان فسيح من جامع الغوري إلى الأزهر، به مجموعة أبنية
~~تعود إلى نحو خمسة قرون وأكثر؛ هي تحفة للناظرين ودرس معماري للدارسين
~~وعشاق الفنون الإسلامية الشرقية. هذا ms214 فضلا عن انكشاف منظر الأزهر الشريف
~~بعد عمليات التجديد والصيانة الحالية.

# أما مبنى المشيخة الحالي، فيمكن تجديده وتحويله إلى غرض من الأغراض
~~الثقافية؛ كأن يصبح مقرا لمكتبة القاهرة الإسلامية، أو أن يصبح متمما
~~لمكتبة الأزهر، وبعبارة أخرى: يتحول إلى مركز علمي إسلامي.

# فإذا نال مبنى المشيخة الحالي بعض الصيانة، وأضيفت مجموعة نافورات صغيرة
~~تتوسط أحواض ورود ورياحين، وأشجار ظل تقي المشاة وهج الصيف وحره، وأزيل
~~السور الحديدي القبيح، فسيكون لدينا ميدان فسيح جدا يمتد بين جوامع:
~~الغوري والأزهر والحسين، يجمع روائع المعمار الإسلامي من تواريخ وعصور
~~مختلفة، تبدأ من ألف عام إلى مائة عام، يمكن أن يتفوق على الميادين
~~الكبيرة في مدن إسلامية، مثل: «ميدان شاه» في أصفهان أو ميدان «راجستان»
~~في مدينة سمرقند بجمهورية أزبكستان، والذي يوصف أحيانا بأنه أنبل ما صنع
~~المعمار البشري من توافق وانسجام، ويجب أن يصاحب هذا تحويل المنطقة
~~للمشاة.

# هذا العناء كله ليس فقط من أجل الآثار، بل من أجل نزهة المشتاق إلى أيام
~~زمان. فغير خفي الجذب الذي يشد الناس إلى سهرات الأجداد على الشاي
~~والشيشة والبليلة والكباب في رمضان وغير رمضان، أبقاها الله مع الدعوة
~~إلى تحسين أساليب استضافة الناس في المقاهي والمطاعم، ونظافة الدروب
~~والسكك والخانات.

# ويمكن تحويل المنطقة إلى منطقة مشاة فقط ، بتنفيذ أسلوبين مكملين لبعضهما
~~لكي نعطي للتخطيط الجديد عمقا زمنيا مستقبليا.

# الأول:

# أن تحول المنطقة إلى مشاة بين التاسعة صباحا
~~والحادية عشرة مساء، مع بعض التغيير في رمضان وفي
~~الصيف وفي الشتاء. على أن يكون التنفيذ صارما لشهور
~~وشهور.

# والثاني:

# البحث عن طرق بديلة لشارع الأزهر كمحور مرور
~~عرضي في محورين كما سيأتي ذكره بعد قليل، وبذلك نكون
~~قد حفظنا آثار القاهرة من هزات ماكينات حفر الأنفاق
~~التي قد تؤثر على أسس الآثار الرائعة، وعادم
~~السيارات الذي ينخر في الحجارة الأثرية بغازاته
~~وأكاسيده. وفي هذه الحالة أيضا يمكن تحويل شارع
~~المعز من بوابة المتولي - زويلة - إلى الفتوح لمنطقة
~~مشاة لأعظم شارع أثري مليء بعبق التاريخ من مساجد
~~وأسبلة ms215 ومشربيات ومقرنصات غاية في الجمال والأبهة،
~~على أن يسمح بمرور وسائل نقل تقليدية كعربات الحنطور
~~والكارو والترسكلات غير ذات الموتور، وعلى النسق
~~نفسه يمكن تحويل شارع الجمالية من باب النصر إلى
~~الحسين إلى منطقة مشاة في ساعات النهار.

# هذه صورة نأمل تنفيذ ما يمكن منها على مراحل؛ لكي نستعيد الماضي المشرف
~~لمصر المحروسة.

# ويمكن أن تتضح الصورة العامة للموضوع من التدقيق في الخريطة

# 6-2

# ومن النقاط الآتية تلخص الموضوع تحت عناوين
~~الموضوعات الرئيسية:

# أولا:

# منطقة ميدان الأزهر:
~~(1)

# تحويل الجزء من شارع الأزهر الممتد من أمام
~~باب جامعة الأزهر إلى منطقة تبعد نحو 30 مترا غرب
~~جامع الغوري إلى منطقة مشاة خضراء، مع إزالة السور
~~الحديد في هذا الجزء.
~~(2)

# إزالة عدد من البيوت التي تحجب الآثار
~~الإسلامية الرائعة في الميدان، مثل العمارات التي
~~تحجب وكالات الغوري، وكذلك المباني المتهالكة أمام
~~جامع الغوري على الجانب البحري من شارع
~~الأزهر.
~~(3)

# تحويل الساحة الضخمة الناتجة «بين جوامع
~~الأزهر والحسين والغوري» إلى ساحة وارفة الظلال
~~كثيرة النافورات الإسلامية دقيقة الصنع.
~~(4)

# في التنفيذ النهائي يجب إزالة كوبري الأزهر من
~~شارع الأزهر بأكمله.
~~(5)

# إقامة مواقف للسيارات متعددة الطوابق عند
~~بدايات منطقة المشاة من ناحيتي العتبة والدراسة؛ لكي
~~تخدم انتقال الأشخاص والسلع من الاتجاهين.

# ثانيا:

# حول الطرق البديلة لشارع الأزهر:
~~(1)

# إن شارع الأزهر هو الطريق العرضي الوحيد بين
~~شرق القاهرة ووسطها؛ لهذا فهو بالفعل عنق زجاجة،
~~والفرصة الآن مواتية للتخلص من عنق الزجاجة بفتح
~~طريقين جديدين لا يصبان في نقطة واحدة، هي الأوبرا،
~~كما يفعل شارع وكوبري الأزهر الحالي.
~~(2)

# الطريق الأول يسير شمال القاهرة الفاطمية
~~وبحذاء السور القديم. يبدأ من طريق صلاح سالم
~~تقريبا أمام مجموعة مساجد السلطان برقوق، ويستحسن
~~أن يمد شرقا؛ ليتصل بالأوتوستراد في مسار يقع
~~شمال مجموعتي آثار ومساجد السلطان إينال والسلطان
~~برقوق، هذا إذا لم تكن هناك موانع أثرية يهددها فتح
~~الطريق في الجبانة الشرقية. يسير الطريق بين السور
~~الشمالي للقاهرة من ناحية ومقابر بوابة النصر وحي
~~البيومي والحسينية من ناحية أخرى، ثم يلتحم بشارع
~~البغالة ms216 الذي يجب أن تجرى عليه التوسعات اللازمة
~~لاحتواء حركة هذا المحور، وفي النهاية يلتقي بشارع
~~الجيش تقريبا أمام قسم الشرطة. ويستحسن أن يمد
~~الطريق المحوري هذا بضع عشرات الأمتار ليلتحم بشارع
~~بورسعيد الذي يمكن أن تنساب فيه الحركة شمالا إلى
~~غمرة وما بعدها، أو جنوبا إلى باب الشعرية، ومن
~~ثم إلى العتبة في طريق الجيش، أو بين الصورين وباب
~~الخلق في طريق بورسعيد. كما يمكن توسيع بعض الشوارع
~~العرضية جنوب بركة الرطل إلى شارع كامل صدقي -
~~الفجالة - ومن ثم يتكون لدينا محور ممتاز من
~~الأوتوستراد إلى ميدان باب الحديد يساعد في امتصاص
~~حركة شرقية غربية إلى شارع الجمهورية بأسواقه
~~المتخصصة، بديلة لشارعي رمسيس في الشمال والأزهر في
~~الجنوب.
~~(3)

# يستحسن عمل كوبري علوي لهذا الطريق المحوري عن
~~تقاطعه مع شارع الجيش، وأن يستمر الكوبري العلوي في
~~شارع بورسعيد جنوبا؛ ليعبر عنق الزجاجة في باب
~~الشعرية بحيث يكون له منزل عند شارع الجيش إلى
~~العتبة، ومنزل آخر في بين الصورين؛ ليكمل الطريق في
~~شارع بورسعيد إلى باب الخلق.
~~(4)

# أما الطريق المحوري الثاني: فيقع إلى الجنوب
~~من قاهرة المعز، حيث يبدأ من باب الخلق مستخدما
~~شارع تحت الربع إلى باب زويلة - المتولي - ثم يستخدم
~~طريق الدرب الأحمر إلى سور القاهرة الشرقي، ويعبر
~~منطقة التلال إلى أن يلتحق بطريق صلاح سالم عند
~~ثنيته الكبيرة أمام جبانة باب الوزير. وهذا المحور
~~يقود من باب الخلق إلى عدة اتجاهات: إلى العتبة
~~بطريق محمد علي، وإلى السيدة زينب وجنوب القاهرة
~~بطريق بورسعيد، وإلى وسط القاهرة بطريق شارع حسن
~~الأكبر إلى ميادين عابدين وباب اللوق والتحرير.
~~وربما احتاج الطريق المحوري الجنوبي تكلفة أعلى من
~~الشمالي؛ حيث إن الأمر يحتاج إلى نزع ملكيات غالية
~~في شارع تحت الربع. لكنه لن يحتاج إلى كبار علوية؛
~~لأن ميدان باب الخلق متسع، ويمكن تنظيمه ليستوعب
~~الحركة الجديدة.

# الخلاصة:

# أن هذا المخطط يمكن تنفيذه
~~على مراحل بحيث يستوعب الناس اتجاهات التنمية لقلب القاهرة القديمة
~~تدريجيا، ويتكيفوا معها منذ البدء بإصلاح ميدان الأزهر، وتحويله ms217 إلى
~~منطقة مشاة بعض الوقت من النهار كما أسلفنا، خاصة وأن المتوقع معارضة
~~قوية من قبل أصحاب المصالح من التجار الراسخين في شارع الأزهر عشرات
~~السنين.

# هل يحل النفق مشكلة المرور في شارع الأزهر؟

# ربما كانت الأنفاق وسيلة أكثر تقدما من الجسور العلوية، وأقل
~~تشويها للمناظر العامة للمدن، ولا شك في أن كوبري الأزهر قبيح بكل
~~المعاني؛ فهو يضيع معالم المعمار الممتاز في ميدان العتبة، ويعبر
~~فوق حديقة الميدان فيمسخها، ويحيل المرور حولها إلى شيء أشبه
~~بالمتاهة، وهو أيضا يغطي معالم معمارية نادرة في أجزاء من شارع
~~الأزهر، مثل: جامع القاضي زين الدين يحيى (1444م) عند تقاطع الأزهر
~~مع شارع بورسعيد، كما يغطي معالم جامع الغوري (1503م)، ويكمل السور
~~الحديدي - المقام وسط الشارع - وكوبري المشاة سلسلة القبح المعماري
~~حتى جامعة الأزهر، ويلقي الكوبري حمولته أمام جامع الغوري، ويزدحم
~~الطريق فتضيع معالم المعمار في قصر الغوري ووكالته وجامع «أبو
~~الدهب» (1774م) وجامع الأزهر (970م)، وكلها تقع تحت طائلة التآكل
~~بما تطلقه آلاف السيارات من عادم ضار بصحة الإنسان والمباني
~~الأثرية معا، خاصة وأن الكثير من السيارات والشاحنات من القدم
~~بحيث تطلق خلفها سحبا سوداء لا نجاة منها.

# لن نجد شيئا من هذا حين نشق النفق ونزيل كوبري السيارات والمشاة
~~والسور الأوسط، وهذه إحدى حسنات النفق، ولكن النفق طويل يصل إلى
~~نحو كيلومترين طولا، فهل جربنا مثل هذه الأنفاق الطويلة للسيارات؟
~~ويمكن أن نقف طويلا أمام الملاحظات الآتية عند فكرة النفق:

# شكل 6-4:

# مقترحات تنمية شاملة لمنطقة الأزهر.
~~(1)

# الجوانب التكنولوجية: لا شك في أن حفر الأنفاق
~~في القاهرة أصبح في متناول التقنية المصرية بما
~~اكتسبت من نجاح في حفر أنفاق مترو القاهرة في شبرا
~~وعابدين وتحت النيل، ومن قبل من باب الحديد إلى
~~السيدة زينب. لكن الذي يمر هنا هو قطارات كهربائية
~~عادمها وهدير صوتها محسوب. أما نفق السيارات فسوف
~~تمر فيه عشرات الآلاف من السيارات ينبعث منها عادم
~~غازي سام، خاصة وأنه من الصعب عمليا منع السيارات
~~التي تفرز عادما أكثر من ms218 المقرر من دخول النفق؛
~~وذلك لقدم الكثير من سيارات القاهرة، ولأن الكثير من
~~ملاك السيارات - أفرادا أو هيئات خاصة وعامة -
~~لا تقوم بأعمال صيانة السيارات بالدرجة
~~المناسبة.
~~(2)

# الجوانب البشرية والسلوكية: إن المترو يتحكم
~~فيه شيئان: السائق ولوحة المراقبة الإلكترونية،
~~أما السيارات فيقودها عشرات الآلاف من السائقين؛
~~بمعنى أن سلوكيات حركة المترو منضبطة، بينما سلوكيات
~~سائقي السيارات غير ذلك، وكلنا يشكو من رعونة كثير
~~من السائقين التي تتسبب في حوادث كثيرة في شوارع
~~القاهرة السطحية، فما بالنا داخل أنبوب النفق
~~المغلق؟
~~(3)

# كثرة استخدام آلات التنبيه في سيارات القاهرة
~~سمة معروفة لدى السائقين لا يردعها رادع حتى الآن،
~~فما بالنا لو تعطلت سيارة داخل النفق؟ لا شك في أن
~~النفق سوف يتحول إلى زئير صوتي يصم الآذان عند
~~حدوث عرقلة ما نتيجة تعطل سيارة أو بطئها. فهل يؤثر
~~الزئير الناجم عن مئات آلات التنبيه على بنية النفق؟
~~وماذا عن التلوث السمعي القاتل في مثل هذه الأحوال؟
~~وتجربتنا في الجسور العلوية الحالية شاهد على ارتباك
~~المرور عندما تتعطل سيارة فوق الكوبري وتحت نور
~~الشمس، فما بالنا عند حدوث ذلك تحت ضوء الأنوار
~~الكهربائية داخل النفق؟
~~(4)

# مسار النفق يمر تحت أجزاء كثيرة من كتلة سكنية
~~متهالكة البناء، فهل هناك حسابات لإخلاء هذه
~~المساكن، وإسكان شاغليها في أماكن جديدة مناسبة،
~~علما بأن الكثير من شاغلي هذه الأبنية عبارة عن ورش
~~ومشاغل حرفية أو مخازن بضاعة، وكلها ضرورية لاستكمال
~~مئات الأعمال التجارية التقليدية لهذا القلب التجاري
~~الحقيقي للقاهرة؟ وهل ستتضرر أسس أبنية تراثية أثناء
~~عمل النفق؟
~~(5)

# الخلاصة أن حفر النفق ليس عملا تيسره
~~التكنولوجيا فقط، وليس قرارا مساره عمل هندسي
~~فقط، بل يجب أن تكون هناك لجنة من المهندسين
~~والأثريين والاقتصاديين والجغرافيين ومخططي المدن
~~والجيولوجيين ومخططي المرور ومنظميه والاجتماعيين
~~والسلوكيين وأصحاب المصالح التجارية؛ لكي يأتي
~~المشروع متكاملا قدر الإمكان قليل العيوب قليل
~~الاعتراضات. ثم يأتي بعد ذلك القرار التنفيذي، وهكذا
~~يصبح المشروع حضاريا بكل معنى هذه الكلمة السائدة
~~الآن دون معنى حقيقي.

# هذا من ناحية الأمان ms219 وسيولة المرور، لكن هناك نقطة أخرى مهمة يجب
~~أن يحسب لها حساب، هي: ما هي كمية السيارات التي تعبر الآن شارع
~~الأزهر في اتجاه الأوبرا بالنسبة لعدد السيارات المتجه إلى شارع
~~الأزهر والطرق المتفرعة عنه؟ بالمشاهدة والتجربة نلاحظ أن النسبة
~~الكبرى هي التي تقصد شارع الأزهر، بينما القلة هي التي تخترق
~~الكوبري إلى الأوبرا، فالشارع شديد الازدحام من الدراسة إلى مطلع
~~الكوبري، ويستمر الازدحام المروري إلى جوار الكوبري والقليل هو
~~الذي يصعد الكوبري، ومثل هذا من الناحية الأخرى، فعلى الكوبري من
~~الأوبرا إلى الغوري أقل من نصف الحركة المرورية التي تخترق العتبة
~~إلى شارع الأزهر.

# ذلك أن الناس في حاجة إلى شارع الأزهر بتجارته الواسعة ومخازنه
~~وورشه الحرفية بطول الشارع الذي يكون عصب الحركة إلى اتجاهات كثيرة
~~في شارع المعز والصاغة وخان الخليلي والجمالية شمالا، والغورية
~~والعطارين والسكرية جنوبا وعشرات الدروب التي تتفرع عنها. كذلك
~~يحتاج الناس إلى شارع الأزهر للدخول إلى تقاطع شارع بورسعيد الذي
~~يقود إلى أسواق الجملة عند بين الصورين وجامع البنات والسكة
~~الجديدة والموسكي. والقليل يصعد تفريعة الكوبري إلى باب الخلق.
~~وأخيرا هناك المصب النهائي لشارع الأزهر في العتبة التي تقود إلى
~~مجموعة أسواق أخرى مثل سوق الكهرباء خلف المطافئ، ومنطقة البواكي
~~المؤدية إلى ميدان صيدناوي وشارع كلوت بك وميدان الخازندار، وكلها 
~~أسواق متخصصة.

# فإذا أغلقنا شارع الأزهر أمام حركة السيارات، وفتحنا نفقا إلى
~~الأوبرا فإن ذلك الإجراء لا يحل سوى مشكلة العابرين من صلاح سالم
~~إلى الأوبرا وبالعكس فقط، بينما يسلب العمود الفقري للحركة
~~الجارية التي تقدر قيمتها بالملايين أو المليارات!

# فكيف إذن نحل مشكلة شارع الأزهر؟

# أولا:

# لا توجد حلول جاهزة التنفيذ الفوري. فنحن هنا
~~بصدد تراكمات قلب القاهرة العملاقة لأكثر من ألف
~~عام، ومن الصعب تصور حل هذه التراكمات على مدى عام
~~أو عامين، فالأمر في مثل هذه المواضع ذات القيمة
~~التاريخية والاقتصادية يحتاج إلى مخطط رئيسي نلتزم
~~شعبا وحكومة بتنفيذه مرحليا، وأن يكون من المرونة
~~بحيث يمكن تعديله بناء على أرض الواقع ms220 فيما عدا خطوط
~~يجب الالتزام بها على أي الحالات، ومنها على الأخص
~~خطوط التنظيم وارتفاعات المباني.

# ثانيا:

# يمكن أن يكون المخطط الرئيسي محتويا على
~~العناصر الآتية:
~~(1)

# يشبع النفق طلب العابرين من صلاح سالم إلى
~~الأوبرا وبالعكس، مع الاهتمام ببعض المحاذير التي
~~سبق ذكرها، وإضافة الوسائل التي تؤمن سلامة المرور
~~كوحدة كهربائية إضافية تعمل عند اللزوم
~~أوتوماتيكيا، وكذلك تشغيل محطات التهوية التي
~~بدونها غالبا ما يحدث اختناق للناس، والاهتمام
~~المشدد بالكثير من أعمال الصيانة بطول النفق.
~~(2)

# تحسين الشارع الذي يمتد شمال سور القاهرة
~~القديم، ومده إلى صلاح سالم، وإلى شارع الجيش
~~وبورسعيد، وبذلك نكون قد شكلنا محورا عرضيا يعوض
~~نسبيا محور شارع الأزهر، ويصل إلى شارع كامل صدقي
~~ومنطقة الفجالة وباب الحديد، ومن هذا المحور تمتد
~~طرق جنوب السور تصل محلات شارعي الجمالية والمعز
~~الشمالية بالحركة المطلوبة لنقل السلع والناس.
~~وارتباط هذا المحور بشارعي الجيش وبورسعيد سيضمن
~~سيولة حركة إلى العتبة كمركز عصبي للحركة في وسط
~~القاهرة، وإلى العباسية شمالا.
~~(3)

# تخرج من المحور الجنوبي طرق متجهة شمالا إلى
~~قرب الغورية وقرب جامع الأزهر؛ وذلك لخدمة الحركة
~~التجارية في الجزء الجنوبي من القاهرة الفاطمية. كما
~~تخرج منه طرق تتجه جنوبا إلى الدرب التبانة وسوق
~~السلاح وإلى الخيامية والسروجية ... إلخ في القاهرة
~~المملوكية. ووصول هذا المحور إلى باب الخلق يفتح
~~مجالات الحركة شمالا في شوارع بورسعيد ومحمد علي
~~إلى أسواق منطقة العتبة، كما أنه يخدم الحركة جنوبا
~~إلى القلعة، وإلى أحياء الحلمية وطولون والسيدة زينب
~~التي تحتاج إلى تنمية للبنية الأساسية بعد إهمالها،
~~وانصراف الاهتمام إلى المناطق الجديدة حول
~~القاهرة.
~~(4)

# إعداد شارع الأزهر تدريجيا؛ لكي يصبح جزؤه
~~الأوسط منطقة مشاة كما أسلفنا القول، وذلك بالإزالة
~~التدريجية للعمارات التي تغطي وراءها تراثا
~~معماريا، وكذلك بعض البيوت المتهالكة؛ لكي يحل
~~محلها جراجات متعددة الطوابق. وزيادة في التأكيد
~~نكرر القول بتحويل ميدان الأزهر بين الغورية والجامع
~~الأزهر وجامع الحسين إلى ساحة كبيرة ترصعها نافورات
~~صغيرة ومظلات ومقاعد وكنبات لراغبي تمتع العين بهذه
~~المنطقة التاريخية الفريدة في ms221 المدن
~~الإسلامية.
~~(4-5) النيل طريق طبيعي رائع

# يشكل مسار النيل طريقا طبيعيا طويلا من شبرا الخيمة إلى حلوان، فهل
~~يمكن استخدامه كطريق اتصال مكثف بين أجزاء القاهرة الكبرى. كانت هناك
~~تجربة «الأتوبيس النهري» في الماضي القريب، لكنها لم تكلل بالنجاح لأسباب
~~كثيرة؛ كقلة العائمات وبطئها وإدارتها الحكومية، وتخطيط مسار حركتها
~~المحدود.

# الآن، وبعد الحركة الكثيفة في القاهرة الكبرى يمكن إعادة التفكير في نقل
~~الأفراد بواسطة مجموعة من الخطوط الملاحية العرضية بين بر القاهرة
~~والجيزة، ومجموعة مهمة من الخطوط الطولية من الشمال إلى الجنوب تربط شبرا
~~الخيمة وإمبابة بنقاط محددة في وسط بر الجيزة والقاهرة، وتمتد جنوبا إلى
~~المعادي وحلوان والتيين. صحيح أن النقل النهري بطيء، ولكن الانتقال
~~بالطرق البرية من شبرا الخيمة إلى حلوان هو أيضا بطيء؛ لكثافة الحركة
~~بطول الكورنيش بدرجة كبيرة، ولعل النقل النهري الموازي للكورنيش سوف يكون
~~عاملا مساعدا في تخفيف حركة الانتقال على الطرق البرية. وربما يمتد
~~النقل النهري إلى مواقف الباصات عند القناطر الخيرية، وعند المنيب وساقية
~~مكي التي تأتي بالحركة اليومية للعاملين من وسط الدلتا، ومراكز الجيزة
~~الريفية إلى القاهرة، وبالتالي تتناقص حركة الباصات إلى قلب القاهرة
~~والجيزة.

# وبطبيعة الحال يقتضي هذا إجراءات إدارية حاسمة على رأسها التذكرة
~~الموحدة بين أشكال النقل البرية والنهرية في اتجاه واحد؛ أي على سبيل
~~المثال : تذكرة واحدة من منوف بالباص إلى القناطر، ومن ثم بالنهر إلى شبرا
~~أو بولاق أو قصر النيل أو حلوان. محاسبيا هذا أمر سهل حتى لو كانت
~~شركات الباص غير شركات النقل النهري، وذلك عن طريق عدها أوتوماتيكيا
~~عند بوابات الباص والقارب.

# على أي الحالات يجب التفكير جديا في استخدام هذا الطريق الطبيعي بوسيلة
~~أو أخرى مع التفكير في تجنب تلويث مياه النيل فوق ما هو عليه، وذلك
~~باستخدام طاقة نظيفة في محركات السفن النهرية كالكهرباء والخلايا
~~الضوئية، وترغيبا يمكن أن تجهز المراكب بمثل تجهيز باصات النقل العام
~~الضوئية، وترغيبا يمكن أن تجهز المراكب بمثل تجهيز باصات النقل العام
~~المكيفة حتى لا تقبل أكثر من ms222 حمولتها، وتتجنب حوادث سقوط الأفراد
~~والأطفال في مياه النهر.

# بعض ما جاء في هذا الموضوع نقلا عن مقال للمؤلف باسم «القاهرة:
~~المشكلات العامة للمدينة والعاصمة» مجلة الطليعة التي كانت تصدر عن
~~الأهرام 1972.

# ساكن العطارين أو الخيامية غالبا يعمل في مهنة العطارة، أو
~~صنع الخيام المشهورة بزخرفها من الملصقات القماش الملون -
~~الأبليك - سواء كان هو شيخ المهنة أو صاحب ورشة أو عامل
~~بالمهنة، والآن ساكن الزمالك أو جاردن سيتي أو المعادي أو في
~~مصر الجديدة يدل على متوسط دخل الفرد العالي بالقياس إلى
~~ساكن روض الفرج أو الخليفة أو الدرب الأحمر أو السيدة زينب،
~~فهو عادة من ذوي الدخل المتوسط إلى الفقير، ولم يعد اسم
~~القسم كافيا بل تحديد الحي أهم؛ ففي مصر الجديدة روكسي
~~والكوربة وشارع العروبة تمثل منسوبا أعلى من منطقة الجامع
~~وأطراف مصر الجديدة القريبة من الزيتون.

# بالرغم من وجود قانون 27 لسنة 1956 بتجديد
~~الأحياء المتهالكة البناء ونزع الملكية وإعادة
~~التخطيط، والقانون 3 لسنة 1982 الذي يتفق في كثير من
~~مفاهيمه الأساسية مع قانون 1956، وخاصة الاحتفاظ
~~بنفس الكثافة السكانية وتوفير مساحات خضراء، فإنهما
~~لم يطبقا إلا في حالات قليلة، وبخاصة في المناطق
~~العشوائية التي تمت إزالتها في بعض أطراف القاهرة
~~دون الأحياء القديمة في قلب القاهرة. راجع كتاب
~~«تجديد الأحياء» لأحمد خالد علام ويحيى عثمان شديد
~~وماجد المهدي، مكتبة الأنجلو المصرية 1997.

# في 1960 كانت القاهرة والجيزة تستحوذ على نصف حجم الهجرة
~~الداخلية في مصر، وفي عام 1976 كانت الهجرة إلى القاهرة في
~~حدود ثلاثة أرباع المليون، وإلى الجيزة ثلث مليون، وفي 1986
~~هبطت الهجرة إلى القاهرة إلى حدود نصف مليون، ولكنها ارتفعت
~~في الجيزة إلى نصف مليون، ولا شك أن الهجرة إلى الجيزة كبيرة
~~بالقياس إلى تجمد حجم الهجرة بالنسبة للقاهرة التي أشبعت
~~تماما، والمهاجرون يحسون الطلب، ويتوجهون إليه باستجابة
~~بطيئة إلى أن تتشبع منطقة الهجرة كما حدت في مدن القناة بين
~~76 و1986. والسؤال: لماذا «نشوش» على تيار الهجرة ببناء مدن
~~حول القاهرة تبعدهم عن التوجه الصحيح إلى مناطق التنمية في
~~سيناء أو جنوب ms223 الوادي؟

# في العادة تحتل الطرق وساحات انتظار السيارات ومحطات البنزين
~~والجراجات نحو ثلث مساحة منطقة المدينة، وفي لوس أنجيلوس
~~تزداد هذه المساحات إلى نحو 70٪ وهي بذلك أعلى نسبة في
~~العالم؛ نتيجة لأن المدينة مبنية على مساحات ضخمة متفرقة
~~للتباين التضاريسي المحلي، ولسيادة السيارة كوسيلة نقل
~~وحيدة. والغالب أن نسبة مساحة الطرق وأماكن السيارات في
~~القاهرة هي أقل من 15٪ في قلب القاهرة، وتتحسن في الأحياء
~~الجديدة إلى نحو الثلث، وهذا هو على رأس مشكلة المرور في
~~القاهرة.

# مثل نظريات المكان المركزي لفالتر كريستالر

# Christaller
~~(1933) عن مركزية الخدمات وتراتبها،
~~وتعديلات أوجست لوش

# Lósch

# حول
~~اقتصاديات المواقع (1956)، ونظرية كريستالر تطوير وتحديث لما سبقه
~~من نظريات المكان عند يوهان هاينريخ فون تونن

# Von Thunen
~~(1783-1850) عن مواقع الاستخدام
~~الزراعي، وألفرد فيبر

# Weber
~~(1909) عن مواقع الصناعة.

# مقتطفات من مقال «إنقاذ القاهرة» للمؤلف، جريدة الأهرام -
~~صفحة العمران: القاهرة 17/ 12/ 1995.

# راجع الفصل

# الثاني

# من هذا الكتاب
~~حول المدن الجديدة.

# الجانب الأكبر من هذا الموضوع نقلا عن بحث للمؤلف نشر في
~~مجلة جمعية المهندسين المصرية المجلد 32، عدد 3 لسنة
~~1993.

# لم يؤخذ ضجيج الطائرات في الحسبان، فالمنطقة قريبة من
~~المطار. كما أن ازدياد حركة النقل بالشاحنات الضخمة له
~~هدير يؤثر على الأسماع، وله من العادم ما يلوث
~~الهواء.

# حوادث القطارات هي بالقطع أقل بكثير جدا من
~~حوادث السيارات. فمثلا عدد قتلى حوادث قطارات شركة 
~~آمتراك

# Amtrak

# الأمريكية مائة قتيل منذ 1971 مقابل أكثر من 40 ألف
~~قتيل في حوادث السيارات السنوية في الولايات
~~المتحدة.

# شغل موضوع شارع الأزهر بعض كتابات المؤلف منذ نشر موضوع
~~«ماذا نحن فاعلون بميدان الأزهر؟» في صفحة العمران بجريدة
~~الأهرام في 20/ 11/ 1997، ومشكلة المرور في شارع الأزهر،
~~«وهل يحل النفق المشكلة؟» في 14/ 4/ 1998 ونبذات أخرى عن
~~محاذير الأنفاق في موضوعات متعددة بصفحة قضايا وآراء بجريدة
~~الأهرام بعد ذلك.



# الفصل السابع

# هل يمكن حل إشكاليات القاهرة
~~(1) عمدة المدينة

# القاهرة عاصمة أقدم حضارات العالم، ومن مدن العالم الكبرى، وأكبر مدينة في
~~أفريقيا والشرق الأوسط والعالم العربي، تشكو الكثير من المشكلات المتشابكة بين
~~جهات حكومية متعددة، هذا التشابك هو أحد أسباب ms224 تراكم المشكلات التي تبحث عن حل،
~~هل الحل في يد المحافظة أم وزارة كذا ... إلخ؟ هذا التشابك بين السلطات يحتاج
~~فعلا إلى خطوة جريئة لفض الاشتباك، ووضع الأمور في نصابها.

# أول المسائل والتساؤلات لتصحيح الأمور هو السؤال الوحيد والأساسي: لماذا لا
~~تصبح مسائل المدينة كلها في يد عمدة المدينة، أو ما نسميه محافظ المدينة؟
~~ولماذا تقتص منه صلاحيات تختص بها وزارات الدولة المختلفة كالتعمير والكهرباء
~~والماء؟ لماذا لا تفوض بلديات الأحياء في القيام بأعمال البنية الأساسية
~~وصيانتها ضمن إطار مخطط وتمويل المحافظة؟ لماذا يقع العبء على المحافظ وحده في
~~اتخاذ القرارات صغيرها أكثر من كبيرها، مثل تسييل المرور بإغلاق تقاطعات الطرق
~~الرئيسية بدلا من جعل الناس يحترمون إشارات شرطي المرور بقوة القانون؛ لكي
~~تصبح عادة يألفها الناس، ويتفاعلوا معها بأسلوب درجنا على تسميته «حضاريا».
~~لا شك أن هناك لجانا ومجالس مشتركة بين المحافظة والوزارات المعنية، لكن
~~الأغلب أن الغلبة هي لصالح فكر وزارة أكثر منه لفكر المحافظة التي يفترض أن
~~تلتقي عندها كل مخططات الوزارات المعنية بالبنية الأساسية كعمل طريق علوي أو
~~نفق سفلي، أو مد كابلات التليفون أو أنابيب الغاز أو توسعة شارع أو تعويض
~~المضارين سواء كانوا في أحياء راسخة أو عشوائية.

# في البلاد الأخرى نجد لعمدة المدينة صلاحيات واسعة، فمتى نفض الاشتباك بين
~~المحافظات والوزارات؟ ومتى نقلل من مركزية اتخاذ القرار داخل المحافظة الواحدة؟
~~ومتى يحاسب مسئول عن اتخاذ قرار جانبه الصواب؟ ومتى ينتخب عمدة المدينة؛ ليكون
~~مسئولا أمام الناخبين إلى جانب مسئوليته تجاه الدولة؟ ذلك لأن أي خطأ في مخطط
~~عمراني يظل على الدوام مصدرا للمعاناة، وفي هذا قيل: إن مخطط شارع الأزهر
~~الأصلي في عهد أحد ملوك مصر كان يسير في خط مستقيم من العتبة إلى الجامع
~~الأزهر، بحيث يرى الواقف في العتبة هذا الجامع العتيد. لكن مصالح معينة جعلته
~~يلتوي ويتقوس، وما زال كذلك حتى الآن! عوقب المسئول آنذاك، لكن العقاب لم يغير
~~الخطأ على مدى قرن أو أكثر، فما زال الشارع يسير ملتويا ms225 مقوسا! فالخطأ
~~المعماري فادح والخطأ التخطيطي أشد وأعتى.
~~(2) نقل العاصمة السياسية

# 1

# إن نقل واحد من وظائف مدينة متضخمة قد يعطينا حلا جريئا للتغلب على طاغوت
~~المدينة، وهذا النقل سوف يقضي على بعض عوامل التوسع في المدينة، ويعطي للمخططين
~~الفرصة السانحة للتخطيط والتشريع الملائم للمدينة. فما هي الوظائف الأساسية
~~للمدن الكبيرة كالقاهرة؟

# الوظيفة السياسية:

# الحكم بما في ذلك الرئاسة والوزارات والتشريع
~~النيابي.

# الوظيفة الإدارية:

# الحكم المحلي لشئون المدينة، ويشتمل على كثير من
~~النشاطات، مثل إمداد المدينة بالمياه وشبكة الصرف
~~والكهرباء، وكل أشكال البنية التحتية، والأمن وكافة
~~الخدمات التعليمية والصحية والتموينية، وفي حالة
~~العواصم يقع هذا الحكم في ظل الحكم المركزي، ويصبح
~~باهتا لوجود السلطة الأعلى إلى جواره وفوقه
~~مباشرة.

# الوظيفة الاقتصادية:

# نقصد بها الإنتاج السلعي والاستهلاك وأشكال الوظائف
~~العامة المساندة للوظيفة السياسية والإنتاجية
~~والاستهلاكية معا، وفي المدن يدور الإنتاج أساسا حول
~~الصناعة، وتصنيع السلع بما في ذلك إمداد وتموين
~~المدينة.

# الوظيفة المالية:

# الأعمال البنكية، والائتمانية، ومؤسسات
~~الاستثمار.

# وظائف الخدمات:

# وهي كثيرة من الخدمات الصحية والتعليمية والنقل، إلى
~~الخدمات الإعلامية والبحثية والترفيهية.

# ولا شك أن هناك الكثير من التداخل بين هذه الوظائف، إنما التفصيل والتقسيم
~~للإيضاح، وإذا أردنا اختيار إحدى الوظائف الأساسية للقاهرة؛ لكي نبعد تأثيرها
~~فعلينا أولا أن نعرف - من الناحية العددية - توزيع العمالة على الأنشطة
~~والوظائف المختلفة .

# وقد كان سكان القاهرة سنة 1960هو 3348779 شخصا، وكانت نسبة العاملين فوق 15
~~سنة إلى مجموع سكان المدينة هي 25 بالمائة، وبعبارة أخرى نقول: إن مقياس
~~الإعالة كان بنسبة واحد إلى أربعة أشخاص من سكان القاهرة، وبناء على ذلك نستطيع
~~أن نحسب متوسط عدد أفراد الأسر للعاملين نظريا في مختلف القطاعات. فيصبح عدد
~~الأشخاص المعتمدين على وظائف الخدمات هو 1211672 من سكان القاهرة، والمعتمدين
~~على الوظيفة الاقتصادية 988548 من السكان، والمعتمدين على الوظيفة التجارية
~~والمالية 578976 والمعتمدين على وظائف الحكومة 546412 شخصا من سكان
~~القاهرة.

# وفي 1996 وصل عدد سكان القاهرة إلى 6789479 فردا، وكان عدد العاملين مليونا
~~و822 ألفا، ومتوسط عدد أفراد الأسرة 4 أفراد. وكانت نسبة العاملين 27٪ من سكان
~~القاهرة، منهم ms226 3٪ عاطلون، وبعبارة أخرى: إن التركيب الوظيفي من حيث نسبة
~~العمالة ظلت كما هي في الفترة 60-1996 دون تغيير كبير سوى في جملة أعداد
~~السكان، وفي سنة 1960 كان عدد الموظفين الحكوميين نحو 150 ألفا، زادوا إلى 450
~~ألفا في 1986 ثم تضخموا في 1996 إلى نحو 595 ألفا، فضلا عن نحو 245 ألفا
~~يعملون في قطاع الأعمال شبه الحكومي، مقابل نحو 950 ألفا في القطاع الخاص
~~والاستثماري، وبعبارة أخرى: إن نحو 45٪ من العاملين هم حكوميون وشبه حكوميين،

# 2

# وهي نسبة كبيرة حقا تمثل عبئا على المدينة، وقد أخذت الحكومات
~~المتتابعة على عاتقها «إصلاحا وظيفيا واقتصاديا» منذ أواسط الثمانينيات
~~شملت بالأساس برنامجا لخصخصة بعض من قطاع الأعمال.

# إذا عدنا إلى موضوعنا عن وظائف المدينة سنجد عدد السكان المعتمدين على قطاعات
~~الوظائف الأساسية سنة 1996 على النحو الآتي - أرقام مدورة - باعتبار متوسط عدد
~~أفراد الأسرة في القاهرة أربعة أشخاص حسب نتائج التعداد:

# القطاع الحكومي:

# 595 ألف عامل × 4 أفراد للأسرة = مليونان و380 ألفا
~~من السكان.

# قطاع الأعمال العام:

# 244 ألف عامل × 4 أفراد للأسرة = 976 ألفا من
~~السكان.

# القطاع الخاص:

# 948 ألف عامل × 4 أفراد للأسرة = ثلاثة ملايين وثلاثة
~~أرباع المليون.

# ومن البديهي أنه لا يمكن لمدينة ما أن تعيش دون أي من قطاعات الوظائف السابقة،
~~بدرجات متفاوتة، باستثناء الوظيفة السياسية المتمثلة في مجموع موظفي الوزارات.
~~ذلك أن المدينة، أيا كان حجمها، عبارة عن مكان محدد من الأرض تتبادل مع 
~~إقليمها المحيط بها عددا لازما من الأنشطة الوظيفية غير الحكومية.

# لهذه الأسباب التي هي من صنع الإنسان يتضح أن من بين الحلول المقترحة لمشكلات
~~القاهرة؛ نقل الوظيفة السياسية من القاهرة كوسيلة لاستبعاد أحد عناصر جذب
~~العمران وهجرة العاطلين إلى المدينة المترهلة فعلا، وبطبيعة الحال فليس
~~متوقعا نقل هؤلاء جميعا بأسرهم إلى العاصمة الجديدة، وإلا كنا كما يقول
~~المثل: «كأنك يا أبو زيد ما غزيت.» الموضوع يحتاج إلى تفكيك مركزية الوزارات،
~~وتوزيع كثير من موظفي القطاع الحكومي على المحافظات التي يجب أن تتمتع بقدر
~~أوفر بكثير من السلطات الممنوحة لها الآن. هناك يكون الموظف الحكومي على رأس
~~عمل فعلي بدلا من ms227 الأعمال الورقية والكتابية التي تمارسها مركزية الوزارات
~~بالقاهرة.

# توصيف الوزارة المركزية

# في البداية يجب توصيف الوظائف التي تحتاجها الوزارات المركزية، ومن ثم
~~تحديد أعداد الوظائف دون إضافات سنوية بلا هوية، ولكي يكون ذلك ممكنا
~~يجب أن تختص وظيفة الوزارة المركزية برسم الخطط العامة على ضوء احتياج
~~البلاد، تاركة التنفيذ المرن للحكم المحلي الذي يتبادل بدوره الرأي
~~مباشرة مع الناس ذوي الاهتمامات المختلفة في قواعد العمل والإنتاج، ولهذا
~~فالمتوقع أن يكون عدد العاملين في الأجهزة المركزية قرابة 50 إلى 75 ألف
~~عامل حكومي مركزي، ومن ثم قد يبلغ عدد العاملين بأسرهم نحو ربع مليون
~~شخص، ومع إضافة عمالة الخدمات في مدينة الحكم المركزي المقترحة قد يصبح
~~عدد سكان العاصمة 400-500 ألف شخص، وعلى هذا لا يجب أن يتعدى سكان
~~العاصمة نصف المليون حتى لا تتكون للمدينة قوى نمو ذاتية تفرض نفسها على
~~أجهزة المدينة كما أسلفنا في

# الفصل
~~السادس
~~.

# في سنة 1971 رجحت أن تنقل الوظيفة السياسية من القاهرة إلى عاصمة جديدة
~~في مكان قريب من موقع مدينة السادات الآن، وكان ذلك اعتمادا على أن عدد
~~الموظفين بالحكومة وأسرهم لا يتجاوز نصف مليون فرد. الشيء المهم هو أننا
~~لم نطلب نقل كل الموظفين، وذلك اعتبارا من منطق ضرورة التغيير الإداري
~~إلى حكومة مركزية في العاصمة الجديدة وحكومات محلية في المحافظات،
~~وبالتالي فإن نقل نصف مليون شخص لم يكن واردا، وإنما مجموعة من الإدارات
~~في الوزارات المركزية المختلفة تشرع وتخطط السياسات العمة للدولة، وتترك
~~التنفيذ المرن للأقاليم. واليوم، وبرغم تضخم عدد الموظفين الحكوميين
~~وأسرهم، إلا أننا ما زلنا نرى أن الوظيفة السياسية تحتاج إلى منبر يطالب
~~بالإصلاح الحكومي إدارة ومكانا، ولا يجب أن يغني ذلك عن مطلب آخر ضروري
~~وجوهري، وهو تحجيم المشروعات الاستثمارية والمدن الجديدة حول القاهرة،
~~وتحويل ذلك إلى أقاليم الدولة بعيدا عن القاهرة المتخمة والمثخنة
~~بالجراح.

# مصاعب نقل العاصمة السياسية من القاهرة

# ارتباطا بما سبق تفصيله في وظائف القاهرة، وبما سيأتي ذكره من دوافع
~~وأسباب، فإن الاقتراح الذي نطرحه للبحث الجدي هو نقل ms228 الوظيفة
~~السياسية من القاهرة إلى مدينة أخرى تنشأ أساسا لتكون مدينة الحكم في
~~مصر، وإلا أصبحت مشكلات أكثر تسلطا وأكثر صعوبة في إمكانية إيجاد حل
~~لها، والآن نرى ماذا يكلفنا نقل العاصمة من مدينة القاهرة:
~~(1)

# الصعوبة الناجمة عن الارتباط العاطفي بين القاهرة
~~كمدينة وكعاصمة لمصر لأكثر من 1300 سنة منذ إنشاء
~~الفسطاط. هذا الارتباط العاطفي يتزايد في فترات
~~تاريخية معينة حينما تصيب بلاد الشرق الأوسط العربي
~~ضائقة، فتصبح القاهرة عاصمة للعالم العربي الواسع، كما
~~حدث خلال الحملات الصليبية والتتارية، وما يحدث الآن
~~من مخاطر الإمبريالية الصهيونية المعاصرة على مستوى
~~الشرق الأوسط والعالم معا. كذلك يتزايد الارتباط
~~العاطفي بالقاهرة كعاصمة لإقليم أوسع في مصر في فترات
~~ازدهار حضاري ومادي، كما حدث في عهد الخلافة الفاطمية،
~~وفي العهد المملوكي وفي العصر الحديث ابتداء من القرن
~~التاسع عشر إلى اليوم. وبعبارة أخرى: فإن الارتباط
~~العاطفي بين القاهرة والعاصمة يتعدى في فترات عواطف
~~المصريين إلى عواطف سكان الشرق الأوسط عامة. ولا شك أن
~~المشكلة العاطفية تعطي بعدا عميقا للمسألة، وتجعل
~~للزمن وحده القدرة على التغلب على هذه المشكلة، وربما
~~كان أحد الحلول السريعة للمشكلة العاطفية أن تسمى
~~مدينة الحكم الجديدة: القاهرة الجديدة أو الثانية، وإن
~~كان الأرجح تسميتها «المدينة البيضاء» تيمنا.
~~(2)

# لقد تجولت عاصمة مصر كثيرا في تاريخها الطويل، فلم
~~تكن العاصمة هي دائما القاهرة . فقد كانت العاصمة
~~الأولى لمصر الموحدة - حسب معلوماتنا الراهنة عن
~~الوحدة المصرية - هي مدينة منف (ميت رهينة وسقارة
~~الحالية)، ثم انتقلت العاصمة إلى اللاهون (مدخل
~~الفيوم) في عصر الدولة الوسطى، ثم انتقلت إلى طيبة
~~(الأقصر) معظم فترات الدولة الحديثة مع فترات انتقال
~~إلى تانيس (صان الحجر بالشرقية) وبوبستس (الزقازيق) في
~~العصور الفرعونية المتأخرة. ثم أصبحت مدينة الإسكندرية
~~عاصمة مصر طوال العصرين البطلمي والروماني، وأخيرا
~~عادت إلى موقع القاهرة منذ دخول الإسلام: الفسطاط
~~وقاهرة المعز الفاطمية والقاهرة الأيوبية والمملوكية
~~والعثمانية وأسرة محمد علي وعصر الجمهورية إلى وقتنا
~~هذا.

# وبعبارة أخرى: تجولت العاصمة المصرية خلال خمسة آلاف
~~سنة بادئة من منطقة القاهرة ms229، ومنتهية بها، وكان
~~التجوال مرتبطا بأشياء كثيرة، منها: الضعف والقوة
~~المصرية وكثافة العلاقات وتطورها مع الشرق الأوسط تارة
~~والبحر المتوسط تارة أخرى، بحيث كان المكان الذي تنتقل
~~إليه العاصمة مستجيبا لأحداث سياسية عالمية - بمنطلق
~~العالمية آنذاك - أو مستجيبا لقوى التفاعل الداخلي،
~~سواء كان ذلك مرتبطا بالأسر الحاكمة أو المنطلقات
~~الدينية والتفاعلات الاقتصادية والتجارة العالمية،
~~وحين تنتقل العاصمة السياسية الآن سوف يكون ذلك
~~لمبررات لم تكن موجودة من قبل هي التكدس السكاني
~~ومركزية الاقتصاد والعمالة، وتركز القرارات التنفيذية
~~من جانب هيئات عامة وخاصة في الإقليم الجغرافي للقاهرة
~~الكبرى بصورة مبالغ فيها؛ مما يؤدي إلى تيار هجرة
~~مستمرة لا يمكن كسر حلقاته.
~~(3)

# ستظل القاهرة - برغم نقل المؤسسات المركزية السياسية -
~~مركزا حضاريا وماليا وثقافيا مصريا وعربيا،
~~مثلها في ذلك مثل نيويورك وفرانكفورت وزيورخ وشنغهاي
~~وبمباي وكراتشي وجوهانسبرج ... إلخ. وستكون هناك فرصة
~~لمخططي القاهرة، وهي إعادة تجديد الأحياء القديمة،
~~وتنظيم الطفيليات العشوائية بتناقص الجذب السكاني،
~~وانخفاض نمو عدد السكان لانتقال بعض العاملين في
~~قطاعات الخدمات الرئيسية الإنتاجية والتجارية
~~والتعليمية والصحية والإدارية إلى مدن مصر الأخرى
~~نتيجة لفاعلية إيجاد حكم محلي حقيقي، وعلى هذا فإن
~~أي مدينة يمكن أن تعيش وتنمو وتزدهر بدون أن يكون لها
~~وظيفة العاصمة السياسية.
~~(4)

# الصعوبة المادية الناجمة عن بناء عاصمة جديدة لمصر، من
~~حيث الاستثمارات اللازمة لعمليات البناء وشبكة الطرق 
~~والخدمات، وبالرغم من أن استثمارات البناء والخدمات
~~ذات أرباح متوقعة وسريعة نسبيا إلا أن المشكلة
~~الأساسية تكمن في إيجاد الأموال اللازمة للاستثمارات.
~~وهنا تساؤل تطرحه بعض العواصم الجديدة مثل برازليا
~~وإسلام أباد، والنمو السريع لمدينة بيروت بعد حرب
~~أهلية ضروس، وقد نمت هذه المدن بدون شك نتيجة دعوة
~~الاستثمارات إليها من الداخل والخارج. فهل يمكن ذلك
~~بالنسبة للعاصمة الجديدة في مصر؟ الرأي النهائي بطبيعة
~~الحال لرجال المال واتجاهات الاستثمارات العالمية، لكن
~~يجب أن ننوه بعدة أشياء، منها؛ الأول: أن بناء المدينة
~~سيكون بالضرورة أمرا تنفيذيا تدريجيا داخل إطار
~~مخطط مرسوم بعناية، ومطروح لآراء خبراء كثيرين،
~~والثاني: الأخذ في الاعتبار بإمكانات ms230 مصر الذاتية،
~~والثالث: دعوة رأسمال استثماري مصري وعربي من الخارج،
~~والرابع: احتمالات القروض الداخلية والمساعدات
~~الخارجية.
~~(5)

# قد يكون من الصعب نقل الموظفين من القاهرة إلى العاصمة
~~الجديدة نظرا لارتباطاتهم وأسرهم بالقاهرة، لكن ذلك
~~لا يجب أن يكون عائقا أمام الانتقال الملزم. وفي
~~مقابل ذلك يجب أن تكون هناك تسهيلات حقيقية في الخدمات
~~والسكن والتعليم والترفيه، وفي هذا المجال يمكن أن تضم
~~المدينة الجديدة معاهد عليا من أنواع معينة تحتاجها
~~العاصمة كالإدارة والمعلمين والعلوم السياسية
~~والاقتصادية والقانونية وتكنولوجيا الاتصالات.

# إيجابيات نقل العاصمة السياسية

# وفي مقابل هذه المصاعب الرئيسية فإن هناك فوائد عديدة، وضرورات ملحة
~~تبرر نقل العاصمة السياسية من القاهرة، بعضها ما يلي:
~~(1)

# إن اختيار الوظيفة السياسية لنقلها من القاهرة الحالية
~~هو أقل الوظائف التي تنقل تكلفة. فمثلا لا تقاس
~~تكلفة بناء عاصمة جديدة إلى تكلفة حل المصانع، وإعادة
~~تركيبها في مدينة جديدة، وكما سبق القول: فإن أي مدينة
~~يمكن أن تعيش بدون أن تتواجد فيها الحكومة، ولكنها لا
~~تعيش دون مقوماتها الاقتصادية الرئيسية.
~~(2)

# إن نقل الحكم من القاهرة الحالية سوف يؤدي إلى تفريغ
~~عدد معين من السكان. في حدود نصف مليون شخص من
~~الموظفين وأسرهم وأسر العاملين في قطاعات الخدمات
~~والتجارة الداخلية وغير ذلك من العاملين الذين يشكلون
~~مقومات المدينة الجديدة، وبذلك تحدث تهدئة لمشكلات
~~عديدة مزمنة في القاهرة الحالية ، من أهمها: الإسكان،
~~والموصلات، وأزمة مباني الوزارات والهيئات الحكومية
~~الأخرى والهيئات التشريعية، وتخفيف اختناق الطرق
~~بالسيارات.
~~(3)

# وفضلا عن ذلك سيعاد توزيع بقية العاملين الحكوميين
~~على المحافظات بما فيها محافظة القاهرة؛ ومعنى ذلك:
~~حدوث حركة تدريجية ينتقل بمقتضاها نحو 300 إلى 350 ألف
~~عامل حكومي إلى محافظات مصر، ويبقى في القاهرة نحو
~~مائة ألف عامل حكومي في مختلف قطاعات العمل الرسمي،
~~وبطبيعة الحال سوف توجد مقاومة من جانب بعض المسئولين،
~~وكثير من الموظفين

# 3

# لكن مقابلها سوف تنتعش الأقاليم بهذا
~~العدد القادم الذي يمكن أن يثبت دعائم الحكومات
~~المحلية، ويجعلها قادرة على إدارة الأمور بشكل مكثف.
~~ستكون هناك فرص كثيرة للعمل في التشييد والبناء ms231
~~والخدمات في عواصم المحافظات، فتستقيم أمور تقلل من
~~البطالة والهجرة.
~~(4)

# وفي ذات الوقت يجب أن تشرع قوانين خاصة بالقاهرة
~~للحد من إقامة منشآت العمالة الكثيفة في القاهرة
~~وضواحيها - المصانع بالذات؛ وبذلك تترك الفرصة للقاهرة
~~لكي تحدث بعض التعادل في توزيع كثافة السكان لمدة لا
~~بأس بها قبل أن يغطي النمو الطبيعي الفراغ الناجم عن
~~انتقال العاصمة إلى المدينة الجديدة، وانتقال كثير من
~~الموظفين إلى عواصم وحواضر مصر الأخرى، وفي خلال فترة
~~الهدنة هذه يمكن لحكومة القاهرة المحلية أن تنشط
~~بسرعة، وفي إطار خطة متكاملة؛ لعلاج العيوب الخطيرة في
~~القاهرة، وتجنب حدوثها في المستقبل. «التركيز التجاري
~~والصناعي يجب أن يجد له حلولا في تلك الفترة، كذلك
~~وسائل النقل العامة، واتساع الطرق والتركيز الثقافي
~~لمعاهد التعليم ومراكز الفنون والترفيه.»
~~(5)

# انتهاز فرصة نقل العاصمة لعلاج أخطر مشاكلنا السياسية
~~والإدارية: المركزية المطلقة التي تسيطر على مصر. يجب
~~أن تشتمل العاصمة الجديدة على الحكم المركزي أو
~~الاتحادي في صورة وزارات مهمتها الأساسية وضع الخطط
~~والسياسات العامة المختلفة في إطارات مرنة. أما
~~التنفيذ الفعلي؛ فتقوم بتطويعه الإدارة المحلية في كل
~~إقليم أو محافظة وفق ظروفها وإمكاناتها وتشريعاتها دون
~~الرجوع إلى الوزارات المركزية إلا في أضيق
~~الحدود.

# تلازم نقل العاصمة بتغيير التقسيم الإداري لمصر

# وثمة موضوع يمكن أن نلمح إليه؛ لإلحاحه الشديد، ولأنه مكمل لشمولية
~~الإصلاح الحكومي ؛ ذلك هو اقتراح بإنشاء نوع وسط من المركزية في صورة
~~حكومات محلية على مستوى إقليمي فوق مستوى المحافظات الحالية مع بقاء هذه
~~المحافظات أو إلغائها بعد التجريب. ومبرر ذلك ضرورة التعامل على مساحات
~~أوسع من المحافظات الحالية لتنفيذ عدد من الخطط الخاصة بالإنتاج الزراعي
~~والصناعي والرعاية  الاجتماعية والصحية ومشكلات التعليم، ويمكن أن نقترح
~~مناطق الحكم المحلي في التجمعات الإدارية الإقليمية التالية:

# إقليم الجنوب:

# ويشمل: محافظة أسوان وجنوب الوادي الجديد إلى
~~شرق العوينات، ومن ثم حتى حدود مصر ليبيا عند جبل
~~العوينات، وتمتد شرقا إلى القسم الجنوبي للبحر
~~الأحمر من حلايب إلى مرسى علم.

# إقليم مصر العليا أو الصعيد:

# ويشمل محافظات ms232: قنا وسوهاج وأسيوط، وشرقا إلى
~~المنطقة الوسطى من البحر الأحمر بين الغردقة
~~والقصير، وغربا إلى واحتي الخارجة والداخلة حتى
~~الحدود الليبية.

# إقليم مصر الوسطى:

# يشمل محافظات: المنيا - والفيوم - بني سويف -
~~جنوب الجيزة - واحتي البحيرة والفرافرة، ويمتد شرقا
~~حتى سلسلة جبال البحر الأحمر عند الحدود مع إقليم
~~السويس «أو سيناء-القناة».

# الإقليم المركزي أو إقليم القاهرة:

# ويشمل: القاهرة - وسط وشمال الجيزة - جنوب
~~القليوبية حتى القناطر وقليوب والخانكة.

# إقليم السويس نسبة إلى خليج السويس (أو
~~سيناء-القناة):

# بورسعيد -
~~الإسماعيلية - السويس - سيناء الشمالية والجنوبية -
~~شمال البحر الأحمر حتى مدخل خليج السويس.

# إقليم الشرق (أو الدلتا الشرقية):

# الشرقية - القليوبية - الدقهلية - دمياط.

# إقليم الدلتا:

# ويشمل محافظات المنوفية - الغربية - كفر
~~الشيخ.

# إقليم الغرب:

# البحيرة - الإسكندرية - الصحراء الغربية.

# 4

# وفي حالة نقل العاصمة السياسية من القاهرة يمكن إنشاء إقليم إداري خاص
~~باسم إقليم العاصمة، غالبا ما سيكون في شرق الصحراء الغربية بين إقليمي
~~الغرب ومصر الوسطى والإقليم المركزي حول القاهرة الكبرى.

# وتعطي الخريطة

# 7-1

# صورة تقريبية للوحدات الإدارية
~~المقترحة، والمكونات الاقتصادية الرئيسية لهذه الأقاليم.

# تغيير مفهوم الحكم المحلي

# شكل 7-1:

# التقسيم الإداري المقترح لمصر.

# ليس المهم فقط تغيير مساحات وأسماء التقسيم الإداري المصري من محافظات
~~صغيرة عديدة إلى أقاليم أرحب وأكثر قابلية للتنمية بحكم المساحة وأعداد
~~السكان والموارد المتعددة الزراعية والتعدينية والصناعية والخدمية، بل
~~يجب أن يصاحب ذلك تغير في مفهومنا وممارستنا للحكم المحلي. وأول أشكال
~~التغير هو العزوف عن ممارسة السلطة المركزية؛ حق تعيين المحافظين ووكلاء
~~وزارات التعليم والصحة والاقتصاد والزراعة والشرطة ... إلخ، وجعل هذا حقا
~~من حقوق الناخبين في الإقليم. وبالتبعية ينشأ مجلس تنفيذي منتخب لا تصبح
~~صلاحية قراراته نافذة المفعول إلا بعد موافقة مجلس نيابي إقليمي منتخب،
~~له ما للمجالس النيابية من حقوق الموافقة أو الاعتراض على مشروعات المجلس
~~التنفيذي للإقليم، وبعبارة موجزة: تتسلسل مجالس محلية منتخبة في مدن وقرى
~~الإقليم.

# لا شك أن مثل هذا الترتيب يحتاج إلى تشريع مركزي يؤمن وجوده، ويساعد
~~السلطة على حسن الأداء الوظيفي في أنحاء الجمهورية قاطبة. ولعل أكبر مكسب
~~هو ms233 أن تعتبر السلطة المركزية مثل هذا الشكل من أشكال الحكم المحلي
~~المدرسة الأولى التي تعد الناس إلى ممارسة حقيقية لديمقراطية الحكم
~~المحلي والمركزي على حد سواء. وبطبيعة الحال قد نتخلص من العصبيات
~~القديمة لتجمعات الأسر القوية في محلات مختلفة، وذلك ليس فقط من خلال
~~الانتخابات متعددة المستويات؛ بل أيضا بوجود أحزاب حقيقية معبرة عن
~~مصالح معينة، وبالتالي ذات برامج واضحة ينتمي إليها مؤيدوها بالفعل، وليس
~~بالتعاطف مع شخصيات فردية فقط.

# أين نبني العاصمة الجديدة؟

# نظرا لضيق المجال الحيوي داخل مصر، وكثرة امتداد الصحاري؛ فإنه من
~~الضروري أن تكون العاصمة الجديدة في مكان يسمح لها بالاستفادة من مياه
~~النيل مع استخدام وسائل توصيل المياه الحديثة. لكنه في الوقت نفسه لا يجب
~~أن تكون العاصمة بالقرب من مدينة ما من المدن المصرية الكبيرة حتى لا
~~يلتحم عمرانهما، وحتى لا نرفع العبء عن القاهرة، ونضعه على مدينة أخرى،
~~ومن ثم فإنني أقترح أحد موضعين للعاصمة الجديدة:

# 5

# المكان الأول:

# في مكان ما بين وادي النطرون والقطاع الجنوبي
~~لمديرية التحرير على الطريق الصحراوي السريع بين
~~القاهرة والإسكندرية قرب الكيلو 70. في هذه المنطقة
~~يلتقي طريق الخطاطبة الصحراوي بالطريق الصحراوي
~~السريع في منطقة سهلية كبيرة على ارتفاع 60 مترا
~~فوق سطح البحر.

# هذا الموضع متوسط بين المدينتين الرئيسيتين:
~~القاهرة والإسكندرية، كما أنه في مواجهة الدلتا،
~~ويبعد 30 كيلو مترا عن فرع رشيد عند الخطاطبة
~~وطهواي، ويمكن بسهولة مد خطوط أنابيب المياه من فرع
~~رشيد أو فرع مديرية التحرير. ويعزز هذا المكان وجود
~~الطريق الصحراوي السريع مما يقلل من تكلفة إنشاء
~~طريق خاص. كذلك يكون وادي النطرون ظهيرا لطيفا
~~للمعسكرات والرحلات والترفيه. كما يمكن أن يؤدي وجود
~~العاصمة إلى مزيد من الاهتمام بتنمية وادي النطرون
~~اقتصاديا: «زراعة - دواجن - ماشية أو أغنام -
~~تعدين - الأملاح المختلفة وإقامة صناعات
~~عليها».

# المكان الثاني:

# منطقة المنحدرات الشمالية لجبل القطراني شمالي
~~بحيرة قارون، وبالقرب من مسار الخط الحديدي والطريق
~~الجديد من الواحة البحرية إلى الجيزة. تقع هذه
~~المنطقة على ارتفاعات 250-300 متر فوق سطح البحر،
~~مما يلطف ms234 الجو كثيرا. فيها كثير من مجاري الوديان
~~الجافة التي تصلح - مع التعديل - لشبكة صرف المدينة
~~أو الطرق المتعامدة دون تقاطع. المنطقة على بعد نحو
~~70 كيلومترا من الهرم، ويمكن أن تتصل بطريق الفيوم
~~الصحراوي بوصلة طولها حوالي 30 كيلومترا. المنحدرات
~~الشمالية في المجموعة سهلية حجرية تقع إلى الجنوب
~~منها صخور البازلت في جبل القطراني التي ترتفع إلى
~~350 مترا فوق سطح البحر، ويمكن أن تصبح هذه المنطقة
~~الجبلية وانحداراتها الجنوبية السريعة إلى بركة
~~قارون - مع التشجير - منطقة مشتى ومعسكرات وترفيه
~~جميلة فريدة في مصر. المشكلة الأساسية جلب المياه
~~بواسطة أنابيب تعتلي ارتفاعات عالية، وهي في حد
~~ذاتها ليست مشكلة من الناحية الفنية. مصدر المياه
~~إما من النيل مباشرة في منطقة البدرشين أو العياط،
~~وإما من ترع بحر يوسف في الفيوم، وإما استخدام مياه
~~صرف الفيوم بعد معالجتها بالطرق المعروفة.

# ثالثا:

# وفي الوقت الحاضر يرى البعض أنه إذا كان الهدف
~~الاستراتيجي المصري الحالي هو الاهتمام بجنوب الوادي
~~- الذي طال انتظاره؛ ليتحول من الحوش الخلفي لمصر
~~إلى الواجهة - فإن في الإمكان إنشاء العاصمة
~~السياسية قرب أحد مدنه الرئيسية، مثل: غرب البحر
~~اليوسفي على الحافة الصحراوية في محافظة المنيا، أو
~~على الهضبة الشرقية في محافظتي المنيا أو
~~أسيوط.

# هذه باختصار مقترحات مبدئية، والأمر يحتاج إلى مزيد من التمحيص من وجهات
~~نظر عدة قبل التفكير الجدي في اختيار المكان الملائم للعاصمة الجديدة،
~~ولكن هناك عدة أمور أرجو أن ألح عليه كثيرا على رأسها:

# أولا

# يجب أن تكون
~~العاصمة الجديدة بعيدة بعدا كافيا عن القاهرة
~~والإسكندرية؛ لكي لا يتلاحم العمران، وبالرغم من أن
~~المكانين المقترحين ليسا على درجة كافية من البعد
~~اللازم، إلا أن وجود الصحراء لهذه المسافة

# 6
~~- مع عدم وجود مصادر للمياه - سوف يمنع
~~تماما التحام المدن خلال نموها، وهذا هو الذي دعاني
~~إلى اختيار منطقة صحراوية للعاصمة، فضلا عما تتمتع به
~~من ظروف صحية جيدة.

# وثانيا

# مشكلة أخرى
~~من ناحية الفكر المدني هي نظرية التوسط الجغرافي
~~الكلاسيكية والحديثة. لا شك أن القاهرة ذات موقع متوسط
~~شديد ms235 الامتياز في مصر، وسيظل كذلك بالنسبة للقاهرة،
~~جاعلا منها عاصمة فعلية في عالم الإنتاج الصناعي
~~والخدمات والتجارة والبنوك والتعليم والفنون. أما
~~العاصمة الجديدة - برغم عدم بعدها كثيرا عن الموقع
~~المتوسط للقاهرة - فلا تحتاج إلى التوسط التقليدي من
~~حيث المكان، وقد حلت الاتصالات الحديثة السلكية
~~والتلفزيونية واللاسلكية والإنترنت في كثير من الأحيان
~~محل التوسط المكاني لمركز الحكم. ونظرة واحدة إلى
~~العالم تجعلنا نعتقد أن توسط العاصمة السياسية ليس
~~أمرا محتوما: لندن - باريس - واشنطن - فيينا - برلين
~~- بكين - دمشق، كنماذج من العواصم القديمة، وأوتوا -
~~كنبرا - بون - إسلام أباد، من العواصم الجديدة.

# وثالثا

# وأخيرا ألا
~~تكون العاصمة داخل أراض زراعية أو أراضي توسع زراعي
~~مستقبلي لما نعرفه من ضيق الرقعة الزراعية ضيقا لا
~~يحتاج إلى تنويه.

# إن الموقف في المدن الكبيرة عامة، وفي القاهرة خاصة لأنها تعنينا، على
~~جانب كبير من الخطورة. فلا يجب أن ننتهي إلى مشكلات أكبر من قدرتنا، كما
~~يجب أن نستفيد من تجربة المدن الأخرى. ففي أمريكا - دولة المدن العملاقة
~~- وفيها ما فيها من إمكانات عظيمة في مجالات المال والتخطيط والتقدم
~~الفني، أصبحت المدن جحيما لا يطاق، ليس فقط من نواحي الإسكان والمواصلات
~~والجريمة، لكن في كل نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، والمثال الذي
~~يمكن أن يخيف المدن الأخرى هي حالة المواصلات العامة والخاصة في غالبية
~~المدن الأمريكية الكبرى. فمتوسط سرعة السيارة داخل المدن تتراوح بين
~~15-18 كيلومترا في الساعة،

# 7

# وهي سرعة لم تزد إطلاقا عن سرعة عربات الخيل التي كانت
~~شائعة منذ مائة سنة! كذلك أفلست عدة شركات كبرى من شركات النقل. وفي
~~المجموع اضطرت بلديات بعض المدن أن تتولى إدارة شركات النقل الرئيسية أو
~~تدعمها ماليا، وبرغم الاستعدادات الفنية الكثيرة في أنفاق نيويورك من
~~حيث الأمان، فإن الحرائق تحدث باستمرار، وتؤدي غالبا إلى وفيات وإصابات
~~وأمراض نفسية، وأصبح إصلاح الطرق السريعة المؤدية إلى المدن الكبرى
~~الأمريكية أمرا يكاد أن يصبح مستحيلا.

# وهذه الحقيقة وحدها تنعكس عليها كل مفهومات ومضمونات الحضارة والعصر
~~الصناعي؛ حياة المدينة. فقد ظلت الصناعة منذ نشأتها تمتص ms236 السكان الذين
~~كانوا موزعين بشيء من التعادل في أرجاء الدولة، وتركزهم بصفة مستمرة في
~~المدن الحديثة لخدمة مراكز القوى الصناعية قلبا وفكرا، وبهذا أصبحت
~~المدينة الحديثة خلاصة الحياة المعاصرة، وأصبحت لها مشكلاتها الخاصة التي
~~كان يواجهها الإنسان بقدر من الإصلاح الوقتي والتلقائي دون الإحساس بشمول
~~وتفاقم خطر المدينة، ومن ثم فإن الإصلاحات التي تمت في بعض المدن -
~~كالأنفاق والمداخل والطرق السريعة - قد أدت إلى نمط لم يعد في الإمكان
~~إصلاحه مع تفاقم مشكلاته، تماما كما يحدث الآن في نيويورك وغيرها من
~~المدن الأمريكية.

# هذه لمحة عما يحدث من مشكلات عويصة في دولة غنية بكل شيء من الفكر
~~والتكنولوجيا إلى العمل، ومن الخطة إلى التنفيذ. ونحن أحوج ما نكون إلى
~~تجنب هذه المشكلات بوقف تضخم القاهرة على النحو السابق شرحه. فالمدينة
~~التي يتراوح زمن اختراقها من أطرافها إلى قلبها في أي من محاورها
~~الرئيسية أكثر من ساعة زمن، ويتراوح متوسط سرعة السيارة بين 20-30كم هي
~~غالبا مدينة مريضة.

# لهذا نجد هجرة الأجهزة الحكومية وهيئات أخرى قد بدأت من لاظ أوغلي إلى
~~مدينة نصر والعباسية وكلية الشرطة والجامعة الأمريكية - القاهرة الجديدة
~~- ومن قبل رئاسة الجمهورية إلى مصر الجديدة. واستجابة لمثل هذه الحركة
~~المهاجرة انتقلت عيادات طبية ومستشفيات وشركات أعمال إلى الأطراف
~~الجديدة، وأنشأت الأندية فروعا لها خارج وسط القاهرة كالنادي الأهلي في
~~مدينة نصر ونادي الجولف قرب القطامية، وتبحث نواد أخرى عن متسع أرضي في
~~الشروق أو القاهرة الجديدة أو 6 أكتوبر ... إلخ.

# والخلاصة أن العاصمة المصرية انتقلت كثيرا دون أن تحدث للحياة المصرية
~~أضرار ونكسات تصيب مصر في مقتل، ومن ثم فإن نقل العاصمة السياسية من
~~القاهرة إلى مكان آخر لن يكون له دور سلبي على المستوى القومي، ولكنه سوف
~~يساعد القاهرة الحالية على تقليل النمو السكاني والسكني المتسارع، ويعطي
~~فرصة أن تعالج القاهرة ما أصابها من ترهل جعل إدارتها صعبة المراس من
~~ناحية، وتنمية المناطق حول العاصمة الجديدة من ناحية أخرى.

# إن الفكر السائد الآن هو الخروج من الوادي التقليدي إلى ms237 مناطق أرحب، وهو
~~فكر يحتاج أيضا إلى فكر مواز لمستقبل العاصمة. فهل نقل العاصمة هو الحل
~~أم أن هناك حلولا أخرى أقل تكلفة، وفي الوقت نفسه تساعد على تخفيف آلام
~~هذه المدينة العظيمة؟
~~(3) رؤية لحل مشكلات التكدس في القاهرة ومركزيتها

# 8

# الفرضية الواقعة

# القاهرة الكبرى مدينة مكدسة بالسكان ومركزية الحكم وطبقات التاريخ على
~~مدى ألف عام، وهي فوق هذا مكدسة بكل أشكال الخدمات، وكل أشكال الترفيه،
~~وكل أشكال المؤسسات التعليمية والتدريبية والإعلامية والسياحية، وكل
~~أشكال الهيئات الدولية الممثلة في مصر. وفيها يتركز الأحسن النسبي من
~~البنية الأساسية من طرق وخطوط المياه والصرف الصحي والكهرباء والغاز
~~الطبيعي والاتصالات المحلية والدولية والعالمية. كل ذلك في مساحة من
~~الأرض لا تزيد كثيرا عن نحو ألف كيلو متر مربع؛ أي ما لا يتجاوز جزءا
~~واحدا في الألف من مساحة مصر. في هذا الحيز المحدود يعيش نحو 10-12
~~مليون شخص يزيدون بصفة مستمرة بالهجرة الدائمة من ريف مصر والهجرة
~~اليومية لأصحاب العمل والعاملين من وإلى القاهرة؛ لهذا كله فحركة
~~الانتقال فيها فوق أحمال الطرق التي لم تكن مبنية لهذا الكم المتزايد من
~~السيارات العامة والخاصة، وبخاصة في مناطق مركزية، مثل أحياء الوزارات:
~~«لاظ أوغلي - قصر العيني، والعباسية - مدينة نصر»، والجامعات: «عين شمس،
~~والقاهرة، والأزهر، والأمريكية»، وتجارة الجملة: «منطقة القاهرة
~~الفاطمية»، وأسواق القاهرة الكبرى في وسط البلد وفي الأحياء الشرقية:
~~«مصر الجديدة، ومدينة نصر»، والأحياء الغربية: «الدقي، والمهندسين،
~~والجيزة»، والجنوبية «المعادي وحلوان»، وهناك أيضا مناطق الإنتاج الحرفي
~~ونصف الآلي في الجمالية وباب الشعرية وبولاق والسبتية والخليفة
~~والبساتين.

# ثلاثة حلول مقترحة

# هناك ثلاثة حلول أساسية هي:
~~(1)

# نقل العاصمة السياسية إلى مكان ما خارج القاهرة؛
~~لتخفيف الضغط، وعوامل الجذب، وقد سبقت دراسته
~~بالتفصيل. وموجز الاعتراض: أنه حل لا يرضي الجميع من
~~حيث العلاقة العاطفية بين القاهرة ومصر، والقاهرة
~~والعالم العربي، والقاهرة وبقية العالم، والقاهرة
~~والتاريخ. وهو لا يرضي الجهات المالية؛ لما يقتضيه من
~~أموال هائلة، برغم الأموال الضخمة التي أنفقت على
~~إنشاء المدن الجديدة، لكنها لم تؤد إلى تخفيف الضغط ms238
~~على القاهرة. وأخيرا هو لا يرضي جميع العاملين في شتى
~~أشكال الوزارات والإدارات والهيئات والمؤسسات العامة
~~والخاصة؛ لما في القاهرة من أشكال حياة جيدة ونوعية
~~متميزة وخدمات وتعليم وعلاج وترفيه ... إلخ.
~~(2)

# تقسيم القاهرة الكبرى إلى عدة محافظات بدلا من
~~محافظتين، بحيث تقتصر محافظة القاهرة على الأقسام
~~الوسطى من باب الحديد إلى السيدة زينب ومن بولاق إلى
~~الأزهر. وتتكون محافظة القاهرة الشمالية من أقسام
~~تشمل: شبرا الخيمة وجميع أقسام وأحياء شبرا والشرابية
~~والزاوية الحمراء، ويمكن تسميتها: محافظة شبرا. وتشمل
~~محافظة القاهرة الجنوبية: المنطقة من مصر القديمة
~~والخليفة إلى حلوان والتبين، ويمكن تسميتها: محافظة
~~الفسطاط-حلوان أو الفسطاط فقط. وتشمل محافظة شمال شرق
~~القاهرة الأقسام من العباسية إلى مدينة السلام
~~المتمحورة حول طريق جسر السويس، ويمكن تسميتها محافظة
~~«أوون»؛ وهو الاسم التاريخي لمدينة العلم في عين شمس
~~في العصور الفرعونية، مثلها في ذلك مثل الأسماء
~~التاريخية السابقة: القاهرة والفسطاط وشبرا. أما
~~محافظة شرق القاهرة فتشمل: مصر الجديدة ومدينة نصر
~~ومنشأة ناصر والامتداد الشرقي إلى ما يسمى الآن:
~~«القاهرة الجديدة» التي تصلح اسما لهذه المحافظة.
~~وبالمثل تتكون محافظة الجيزة من محافظتين؛ هما: الجيزة
~~التي تشمل المنطقة من النيل إلى الهرم، ومن المنيب إلى
~~الأورمان، وتشمل محافظة إمبابة الأقسام من بولاق
~~الدكرور إلى الوراق، ومن النيل غربا إلى طريق
~~الإسكندرية الصحراوي.

# وهذا الحل غرضه الأساسي ليس زيادة الوظائف بتعدد
~~المحافظات، وإنما تمكين أجهزة كل من المحافظات
~~المقترحة من حسن الإدارة والتفاعل مع واقع محدود
~~المساحة ومتناسب السكان. فمحافظة القاهرة سوف تضم
~~ثلاثة أرباع المليون شخص، وشبرا مليون وثلاثة أرباع
~~المليون، والفسطاط مليون وثمانمائة ألف شخص، وأوون
~~تصبح أكبر المحافظات عددا بنحو مليونين وثلث المليون
~~شخص، وتصبح محافظة القاهرة الجديدة أكبر المحافظات
~~مساحة تحسبا للامتدادات المدنية المستمرة حول الطريق
~~الدائري في قطاعه الشرقي، لكنها حاليا تضم 875 ألف
~~شخص، وتضم محافظة الجيزة نحو المليون وإمبابة مليونا
~~وربع المليون.

# وليس من المعقول أن تتعامل محافظة القاهرة الحالية مع
~~ثمانية ملايين شخص، وأن تتعامل محافظة الجيزة الحالية
~~مع ms239 نحو مليونين ونصف المليون في مدينة الجيزة وحدها
~~فضلا عن سكان القرى والمدن في بقية أجزاء المحافظة.
~~والمقصود بالتعامل هو حمل أعباء ومشكلات الحركة
~~والانتقال، وتحسين الطرق وإمدادات الماء والكهرباء،
~~وتحسين الخدمات التعليمية والرعاية الصحية، وتنمية
~~المناطق السكنية المتقادمة، وإحلالها بخطوط تنظيم
~~جديدة، واشتراطات بناء مناسبة، ومعالجة المواقف
~~المتأزمة في الأحياء العشوائية، وما تثيره من مشكلات
~~اجتماعية واقتصادية وصحية وأمنية.
~~(3)

# الإبقاء على الأوضاع الحالية مع بعض التغيير في جاذبية
~~التكدس والحركة والهجرة، وذلك باتباع وسيلة التخفيف
~~الجزئي من الوزارات والإدارات، وتوزيعها على بعض المدن
~~المصرية من أجل تنمية تلك المدن أيضا، وهذا الحل
~~يعتمد على تفكيك المركزية المكانية للقاهرة، وليس
~~تخفيف المركزية المصرية المتشددة - وإن كنا نأمل في
~~ذلك أيضا - والكثير من دول العالم المتقدم تنتهج هذا
~~النهج؛ لتخفيف الضغط السكاني، وضغوط الحركة عن العواصم
~~بشكل نسبي. ففي ألمانيا على سبيل المثال: تتوزع
~~الوزارات بين برلين: «الرئاسة، المستشارية، المجلسان
~~النيابي والاتحادي، الخارجية، الداخلية، النقل ... إلخ»،
~~وفي بون: «وزارة الدفاع والصحة والبيئة والتعليم
~~والبحوث إلخ»، البنك المركزي في فرانكفورت، والمحكمة
~~الدستورية العليا، والمحكمة الاتحادية في كارلسروه،
~~ومحكمة العمل في إرفورت، وهيئة المحاسبات في ميونخ ...
~~إلخ.

# ويقتضي هذا المبدأ التنظيمي، إذا أقر، توزيع الإدارات على سبيل المثال
~~على النحو الآتي:

# القاهرة:

# تختص بمقار رئاسة الجمهورية، والمجالس
~~التشريعية، ورئاسة الحكومة، وعدد من الوزارات
~~كالداخلية والخارجية والاتصالات والتعليم والطيران
~~والمحكمة الدستورية العليا والبنك المركزي.

# 6 أكتوبر:

# وزارة البحث العلمي، وزارة الإعلام.

# الإسكندرية-برج العرب:

# الجمارك والنقل البحري والتجارة الخارجية
~~والاقتصاد.

# طنطا:

# النقل الحديدي والشئون الاجتماعية.

# السادات:

# وزارة الزراعة والاستصلاح الزراعي.

# المنصورة:

# وزارة العمل والجهاز المركزي للإحصاء.

# المحلة:

# وزارة الصناعة.

# السويس:

# وزارة البترول والمناجم.

# أسيوط الجديدة:

# محكمة الجنايات العليا، وزارة العدل، مصلحة
~~الشهر العقاري.

# بني سويف الجديدة:

# الجهاز المركزي للمحاسبات، وزارة المالية،
~~الضرائب.

# الواسطة غرب - على الطريق الصحراوي للصعيد:

# وزارة الدفاع.

# الأقصر:

# وزارة السياحة.

# الغردقة:

# وزارة شئون البيئة.

# أسوان:

# وزارة الطاقة الكهربائية، وزارة الري.

# إن تركز الوزارات والإدارات في القاهرة كانت ضرورة تمليها مقتضيات القرب
~~المكاني ms240 نتيجة شكل المواصلات والانتقال الماضية، ومع ضيق المكان المركزي
~~للحكومة في لاظ أوغلي حدثت هجرة لبعض الوزارات المستجدة أو الوزارات التي
~~تقسمت إلى مناطق بعيدة عن القلب الوزاري القديم في اتجاه العباسية ومدينة
~~نصر وفي اتجاه إمبابة والجيزة، وهذه الهجرة في حد ذاتها مؤشر ودليل على
~~إمكانية بعثرة الوزارات والإدارات على مسافات متباعدة، ومع ذلك لا تخل
~~بالأداء الوظيفي المطلوب. واليوم، ونحن نملك وسائل اتصال لم تكن متوافرة
~~من قبل، وعلى رأسها اتصالات شبكات الحاسب الآلي والبريد الإلكتروني
~~والفاكس، أصبح بالإمكان عمل الوزارات عن بعد مثل الاستشعار عن بعد. فلا
~~خوف إذن على المركزية وحسن الأداء.

# على أن ذلك يقتضي تقنية جديدة في استخراج المعاملات بدلا من ضرورة
~~التوقيعات وخاتم النسر وحضور المستلم بنفسه، وسياحته بين المكاتب
~~والطوابق والكثير من الدورة الورقية والبيروقراطية. لحل ذلك لا تجهز كل
~~أجهزة الكمبيوتر بإصدار المعاملات، وإنما جهاز واحد في الإدارة هو الذي
~~يصدرها، وعلى ورق به علامة مائية لشعار النسر، وبالتالي يمكن التحكم
~~بنسبة عالية من الدقة في صحة هذه الإصدارات بدلا من تلال القضايا في
~~المحاكم المختلفة.

# ويقتضي هذا أيضا أن تكون للوزارات والإدارات في القاهرة والمدن الأخرى
~~مكاتب اتصال متعددة على نسق مكاتب وزارة الخارجية وإدارات المرور وغيرهما
~~المنتشرة في أنحاء القاهرة وعواصم المحافظات. يقدم الطالب طلبه، ويمكن أن
~~يحصل على مبتغاه في مدة يوم أو أكثر حسب نوع الطلب، وما يقتضيه من
~~إجراءات بحثية.

# وأخيرا يقتضي هذا برمجة الملفات، وتدريب الموظفين على هذا النوع من
~~العمل الإلكتروني، والتدريب ليس عملية شاقة، ففي خلال نصف سنة أمكن
~~للبنوك التعامل مع السحب والإيداع في أقل من دقيقة زمن. أما برمجة
~~الملفات فهي العمل الأصعب، ولكن لا شك أن هناك برامج جاهزة كل منها
~~يستوعب احتياج وزارة أو إدارة، مع تطويع للبرنامج حسب مواصفات العمل في
~~وزارة أو هيئة أو إدارة.

# وكل هذه أشياء ليست موجودة؛ بل هي قائمة تستخدمها وزارات عدة مثل
~~الداخلية وأجهزتها كالجوازات والرقابة أو الري أو المحافظات فضلا عن ms241
~~البنوك، وفي كل وزارة ومعهد وجامعة وحدة كمبيوتر على الأقل، وفي الكثير
~~منها ما يسمى وحدة نظم المعلومات الجغرافية سواء بالاسم أو
~~بالفعل.

# ما أحوجنا إلى النظر مليا في هذه المقترحات التي هي عبارة عن مؤشرات
~~إطار عمل للحكومة المصرية يمكن صقله وتعديله بواسطة المختصين من
~~أجل:
~~(1)

# تواكب مقتضيات الأمور، وتوازن بين هيئات تستخدم
~~تكنولوجيا الاتصال وهيئات أخرى تسير على نمط «كاتب
~~الدوبيا» الذي كان سائدا في القرن الماضي، وما زالت
~~له ذيول في هيئات ووزارات مختلفة.
~~(2)

# إحداث الخلخلة المطلوبة في التكدس الإداري والحكومي في
~~القاهرة من ناحية، والمساعدة على تنمية المدن المصرية
~~وخاصة الجديدة، بدلا من وقوعها دائما في ظل الحكومة
~~القاهرة في القاهرة.

# الكثير مما يأتي تحت هذا العنوان سبق للمؤلف نشره في صيف 1971
~~بجريدة الأهرام، وفي العدد 7 السنة الثامن، يوليو 1972، من مجلة
~~الطليعة التي كانت دار الأهرام تنشرها، وفي ندوات عدة منها ندوة في
~~جمعية المهندسين المصرية عام 1998.

# دلالة هذه الأرقام خطيرة؛ ففي جيل كامل (1960-1996) تضاعف عدد
~~موظفي الحكومة بنسبة نحو 350٪ بينما كانت الزيادة 240٪ في قطاعات
~~التجارة والمال والصناعة، والمعنى: أن الوظائف الحكومية تنمو
~~بمعدلات أعلى بكثير من الأنشطة الأخرى، وهي علامة غير صحية.

# لوحظ في الثمانينيات في الولايات المتحدة هجرة
~~معاكسة من المدن الكبيرة في الشمال إلى مدن أصغر في
~~الوسط والغرب حتى لو كانت الرواتب والأجور أقل؛ وذلك
~~هربا من كثافة المدينة الكبيرة وازدحامها، وارتفاع
~~تكلفة المعيشة، وإيجارات المساكن، وتكلفة الانتقال
~~داخلها، وكثرة الجريمة بشتى أشكالها من الجريمة
~~المعروفة إلى الجريمة الجنسية، فضلا عن أن البيئة
~~في المدن الصغيرة أفضل في جوانب كثيرة على رأسها
~~الجوانب الصحية، ومن ثم يطلق على نطاق هذه المدن:
~~مدن الشمس؛ إشارة إلى التمتع بأجواء صحية. ولا شك في
~~أن الموظف القاهري سيجد الحياة أرخص وأكثر صحية
~~وأمنا حين ينتقل من القاهرة إلى مدن مصرية
~~أخرى.

# محمد رياض 1972 و1985 و1998.

# تعود هذه المقترحات إلى ما كتبته عامي 1971 و1972؛ أي قبل
~~إنشاء مدينة السادات الحالية في منطقة المكان الأول المقترح
~~قرب ms242 النطرون.

# في السبعينيات - حين كتبت هذا الاقتراح - كانت
~~هذه المنطقة فعلا صحراوية، وكان مشروع مديرية
~~التحرير يسير متعثرا قرب فرع رشيد شمالي الخطاطبة،
~~والآن تحولت المنطقة إلى مزارع فردية وتعاونية كثيرة
~~بطول الطريق الصحراوي، فانتقلت بذلك الصيغة
~~الصحراوية لأبعاد أقل من بضعة كيلومترات حول محور
~~الطريق.

# مثل هذا البطء الشديد في الحركة يلاحظه ويمارسه كل من زار
~~نيويورك من المصريين، وبخاصة الانتقال داخل مانهاتن
~~وبروكلين.

# نشرت معظم المادة التالية تحت هذا العنوان في جريدة الأهرام - صفحة
~~قضايا وآراء بتاريخ 16/ 6/ 2000.



# الخاتمة

# إنجازات طيبة ... ولكن!

# المتجول في القاهرة يرى إنجازات طيبة هنا وهناك؛ من حيث رصف شوارع وتوسيعها، وتحسين
~~شبكات البنية الأساسية من إمدادات المياه والكهرباء والغاز والتليفونات والبريد
~~السريع، وظهور الكثير من شركات اتصالات الإنترنت التي أصبحت من اللوازم كما كان
~~الراديو من قرن مضى. كذلك لا ينكر المتجول مجهودات التشجير في بعض الطرق، والاهتمام
~~بإنشاء الحدائق العامة وحدائق الطفل والأندية الاجتماعية، وغير ذلك من مقومات تحسين
~~الوجه الحضاري بعد أن صار رماديا كالح اللون؛ لكثرة إزالة الأشجار، وتعملق الأبنية
~~الإسمنتية الزجاجية، وسيطرتها على أفق القاهرة وسمائها لنصف قرن أو يزيد.

# والأمل كبير أن تكون تلك المحاولات التحسينية أولا: ضمن مخطط شامل ينفذ على مهل،
~~وثانيا: أن يتعدى التحسين الواجهات الرئيسية لشوارع القاهرة في بعض أحيائها إلى
~~داخل الأحياء بحيث يتغلغل داخلها باعثا الأمل في حياة أفضل، وثالثا: أن يشمل
~~التحسين الأحياء الشعبية وشوارعها المزدحمة بالناس والبيوت المتداعية المكتظة،
~~وبعبارة أخرى: إعادة تجديد الحياة في هذه الأحياء الفقيرة، ورفع منسوب الأداء الخدمي
~~العام فيها.

# والأمل أكبر في أن يشارك الناس في مخططات التحسين في كل حي على حدة. فالمشاركة
~~الشعبية مطلب ضروري من حيث إنها إعلان للناس بما يراه الخبراء والمخططون من إجراءات
~~التحسين كخطوة أولى بدلا من مفاجأة الناس بأمر واقع حتى لو كان تحسينا. والخطوة
~~التالية: أن الإعلان عن أوجه التحسين يصبح منبرا للناس يتداولون الرأي فيه، ويقترحون
~~تعديلات بالشكل الذي يحسونه أكثر تلبية لاحتياجاتهم الفعلية بدلا من فرض ms243 نمط تخطيطي
~~يقومون هم بتعديله فيما بعد بصورة تشوه المنظر العام، وقد حدث ذلك كثيرا في
~~الإنشاءات التي تسمى المساكن الاقتصادية للأسر أو الشباب.

# تنمية الأحياء الشعبية هي إحدى أهم وظائف الدولة في المدن وبخاصة القاهرة، بينما
~~الأحياء الغنية وفوق المتوسطة تستطيع أن تنمي نفسها بنفسها؛ ذلك أن الخدمات الخاصة
~~تأتي إليها كالعيادات الصحية والمستشفيات والمدارس الخاصة التي تخاطب هؤلاء القادرين.
~~أما في الأحياء الشعبية، فالشغل الشاغل للناس إلى جانب المسكن هو الصحة والتعليم.
~~صحيح أن هناك مستشفيات ومراكز علاجية ومدارس حكومية مجانية، ولكنها ذات تكلفة أعلى من
~~قدراتهم؛ لما يتكلفونه من مصاريف للحصول على الدواء المناسب، ودروس خصوصية من أجل
~~النجاح المرغوب. هاتان هما خدمتان أساسيتان، فهل يدخلان ضمن مخطط تنمية الأحياء
~~الشعبية بالكثرة التي يتناسب فيها عدد السكان مع عدد أسرة المستشفيات وحجرات
~~الدرس؟

# تسعى وزارة البيئة سعيا حثيثا لتحسين معطيات المحيط المعيشي للسكان، ولكن «يدا
~~واحدة لا تصفق.» فهل التعاون الوزاري بينها ووزارات الصناعة والصحة والتعليم والإسكان
~~والتموين فعال، أم أن كل هؤلاء عوالم بذاتها غارقة في إشكالياتها الذاتية؟

# على سبيل المثال: هل تلح وزارة الصناعة على استخدام تكنولوجيات حديثة في صناعة
~~الإسمنت تقل معها أمراض الرئة التي يعاني منها سكان المناطق الجنوبية من القاهرة
~~الواقعين تحت نفوذ الغبار والأتربة التي ترسلها مصانع إسمنت طرة عالية في الجو؟ وماذا
~~عن عمال الحديد والصلب وفحم الكوك في التبين من نواحي الصحة وأشكال الحياة؟

# وكم تتكلف فاتورة العلاج في التأمين الصحي نتيجة أمراض المهنة أو أمراض ناجمة عن فشل
~~الصرف الصحي في مناطق وعزب الفقراء المدقعين في التبين وحلوان وشبرا الخيمة؟

# وكم ينفق الناس من وقود سياراتهم للانتقال في شوارع القاهرة المختنقة؟ وكم من العادم
~~الذي تنفثه السيارات في جو القاهرة فتساعد على مزيد من الغلاف الضبابي المترب
~~والمؤكسد الذي يحيط بالقاهرة مثل قبة من الغمام الضار تزداد بوجود ضغط عال من الهواء
~~البارد، فتحتبس الحرارة، وتسبب في السحابة السوداء المتكررة الحدوث خريف كل سنة؟ ليس
~~حرق قش الأرز ms244 هو الجاني وحده؛ بل عشرات آلاف السيارات واللواري والأتوبيسات وأجهزة
~~التكييف في المنازل والأبنية العامة والشركات، عوامل أساسية في مضاعفة آثار هذه
~~الظاهرة المناخية بالأساس.

# لو كانت وسائل النقل الجماعية ذات الطاقة المحركة النظيفة كالترام والمترو أضعاف ما
~~هي عليه الآن؛ لأراح الناس، ووفر الكثير من النقود، ووفر علينا تكرار ظاهرة السحابة
~~السوداء. لقد كانت هناك خطوط ترام فيما يشبه الشبكة الجيدة في القاهرة الوسطى ومصر
~~الجديدة وحلوان وشبرا الخيمة. لكننا أزلنا 90٪ من هذه الشبكة بحجة أنها وسائل نقل
~~بطيئة، فقد كان هذا صراعا بين السيارة والترام. وبعد أن أفسحنا المجال أمام السيارة
~~في الشوارع التي أزيلت منها الخطوط الحديدية، وحلت الأتوبيسات الضخمة محلها، فماذا
~~كانت النتيجة؟ أصبح الانتقال بالباص كبيره وصغيره والسيارات الخاصة وسيارات النقل
~~الصغيرة تتزاحم في الطرق بحيث عدنا إلى سرعة انتقال بطيئة كالترام أو أقل. عدنا مرة
~~أخرى إلى النقل الحديدي في صورة مترو الأنفاق، الذي هو ليس بأنفاق إلا في أقل من نصف
~~مساراته، والباقي سطحي استخدمنا فيه الطرق الحديدية السابقة: خط الضواحي من كوبري
~~الليمون في باب الحديد إلى المرج، وخط حلوان السطحي من السيدة زينب إلى حلوان، وهناك
~~أفكار لمزيد من استخدام خطوط حديدية أخرى كخط السويس إلى العاشر من رمضان ثم السويس،
~~أو استخدام الخط الحديدي العسكري من العباسية إلى القلعة والبساتين والمعادي.

# والآن - عود على بدء - نقترح إعادة استخدام ترام سطحي حديث يحل إشكالية الانتقال داخل
~~المدينة الأصلية من منشأة ناصر والدراسة إلى العتبة وعابدين والتحرير من ناحية، وإلى
~~الأزبكية وبولاق من ناحية ثانية، وإلى العباسية من ناحية ثالثة، وإلى السيدة والقلعة
~~ومصر القديمة من ناحية رابعة. على أن تنشأ جراجات عديدة عند نهايات شبكة الترام في
~~الدراسة وبولاق ومصر القديمة والعباسية يترك فيها الناس سياراتهم لينتقلوا بالترام
~~الحديث إلى وسط المدينة، وهذا تماما ما يفعله سكان مصر الجديدة مثلا حين يتركون
~~سياراتهم في أماكن غير منظمة بالدرجة المناسبة عند سراي القبة لركوب المترو إلى وسط
~~البلد.

# الخلاصة

# لكي تستعيد القاهرة ms245 البهاء الذي كانت عليه، ولكي تصبح مدينة سكناها أقل مشقة في
~~الانتقال، وأقل تلوثا، وأقل ضجيجا تحتاج إلى:

# تناغم حقيقي بين السلطات المحلية للأحياء ممثلة في مجالس
~~منتخبة، وبين أجهزة الوزارات المعنية؛ لتنفيذ مشروعات
~~التحسين.

# الكف عن إنشاء مدن جديدة تتحلق حول القاهرة، وتزيد من
~~إشكالياتها في الحركة وفي أعداد السكان.

# أن تنتقص من أنشطتها الاقتصادية بالعيش عالة عليها ...



# ملحق الصور

# جزء من سور بدر الجمالي 1087م - فاصل بين القاهرة الفاطمية
~~وحي الحسينية.

# بوابة الفتوح في 1878م.

# باب زويلة-البوابة الجنوبية للقاهرة الفاطمية، يسميها
~~القاهريون: بوابة المتولي. مبنى السلطان المزيد. مئذنتا
~~جامعه فوق البوابة؛ فأصبحت نمطا معماريا فريدا.

# أحد أبراج حصني بابليون (130م) قصر الشمع.

# فن الأرابيسك في الكنيسة المعلقة - قصر الشمع - مصر
~~القديمة.

# حارة ضيقة داخل قصر الشمع.

# صحن جامع ابن طولون ومئذنته الفريدة الوحيدة في مصر.

# مئذنة الناصر بن قلاوون بشارع المعز. روعة النحت على
~~الحجر.

# صحن الجامع الأزهر وحلقات الدراسة حول الشيوخ.

# جامعي السلطان حسن (1360م) والرفاعي (1860م) - قرب
~~القلعة.

# إيوان القبلة ودكة المبلغ في جامع السلطان حسن. الضخامة
~~وروعة المعمار ودقة الصانع.

# سكة البادستان-خان الخليلي.

# وكالة ذي الفقار التجارية - رسم تخطيطي للرسام

# Coste

# 1673.

# رسم لأحد أسواق القاهرة (1880) على خلفية جمع السلطان
~~الغوري، لاحظ أيضا السقف يظلل الشارع.

# القاهرة والزحام: شارع الغورية، واستمرار قوة المركز التجاري
~~للقاهرة القديمة.

# مقاهي ومطاعم القاهرة في القرن التاسع عشر.

# تناغم الضوء في بيت السحيمي - المشربية والإبداع في جو حار
~~وضوء مبهر.

# واجهة بيمارستان السلطان المؤيد.

# حمام السلطان المؤيد (رسم

Pauty
~~).

# القلعة وجامع محمد علي مقر الحكم لأكثر من ثمانية
~~قرون.

# متحف قصر عابدين: أكبر قصور مصر ومقر الحكم حتى منتصف القرن
~~20.

# شارع كامل «الجمهورية حاليا»: حديقة الأزبكية، وفندق
~~كونتننتال (أوائل القرن 20).

# كوبري قصر النيل - أول كباري القاهرة - قبل 1930.

# شارع في القاهرة في أواخر القرن 19.

# قصر إسماعيل بالزمالك - الآن جزء من فندق.

# تأثر المعمار بالطرز الأوروبية في قاهرة إسماعيل.

# العمارة الشرقية - شارع اللقاني - روكسي، مصر
~~الجديدة.

# مدينة نصر - الكتل الخرسانية وتوحيد المعمار.

# دار ms246 الأوبرا القديمة وميدان إبراهيم باشا قبل
~~احتراقها.

# دار الأوبرا الجديدة - الجزيرة.

# شارع الهرم في بداياته (نهاية القرن 19).

# نيل القاهرة بين البنايات الحديثة والترويح في
~~الحدائق.

# التخطيط النجمي: قصر سكاكيني يتوسط مركز النجمة -
~~الظاهر.

# حديقة الأندلس - تحفة حدائق الترويح بالجزيرة.

# المتحف المصري - ميدان التحرير.

# المتحف الإسلامي.

# المتحف القبطي «متحفان يحكيان حضارة مصر الروحية.»

# تنسيق شوارع وسط البلد - شارع البورصة.

# ترام سوارس عند جامع السلطان حسن في مطلع القرن 20، وسيلة
~~نقل عامة تجرها البغال والحمير.

# وكالة الغوري عندما كانت مدرسة للحرف اليدوية في
~~الستينيات.

# مقياس النيل وقصر المانسترلي في جنوب جزيرة الروضة.

# سبيل كتاب قايتباي (1479م) أول بناء في القاهرة يجمع بين
~~السبيل والكتاب.

# المجالس التشريعية: الشعب والشورى، وفي الخلف مبنى وزارة
~~الأشغال.



# المصادر والمراجع

# مصادر عربية ومترجمة

# ما أكثر الكتب والمقالات والبحوث بكل اللغات عن القاهرة سواء عن تاريخها أو
~~حاضرها ومشكلاتها! وقد اقتصرت هنا على ما رجعت إليه، وما استندت إليه من نصوص
~~أفادتني في تفسير ظاهرة أو عارضتني في رأي أو فكر حر لإعطاء القارئ الكريم صورة
~~موضوعية عن قاهرتنا العزيزة علينا جميعا.

# أحمد خالد علام، يحيى عثمان شديد، ماجد المهدي:
~~«تجديد الأحياء»، نشر مكتبة الأنجلو القاهرة
~~1997.

# إرمان ورانكه:
~~«مصر والحياة المصرية في العصور القديمة» ترجمة عبد
~~المنعم أبو بكر ومحرم كمال، نشر إدارة الثقافة بوزارة
~~المعارف العمومية، القاهرة (بدون تاريخ - غالبا أوائل
~~الخمسينيات).

# ابن بطوطة:
~~«أبو عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي»:
~~«تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»
~~المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة 1958.

# ابن حوقل، أبو القاسم:
~~«صورة الأرض» مكتبة الحياة، بيروت 1979.

# ابن الوزان، الحسن بن محمد (ليون الأفريقي):
~~«وصف أفريقيا» ترجمة عن الفرنسية - عبد الرحمن حميدة -
~~منشورات جامعة الإمام محمد، الرياض 1979.

# الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء:

# انظر المصادر

# الإحصائية.

# المجالس القومية المتخصصة:
~~«ملامح ثروة مصر الأثرية والسياحة» القاهرة
~~1993.

# المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي:
~~«المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار» مكتبة إحياء
~~علوم الدين - الشياح، لبنان (د/ت).

# سرجنت ر. ف:
~~«المدينة الإسلامية» - مقالات مختارة ms247 من حلقة التدارس
~~بمركز الشرق الأوسط، كلية الدراسات الشرقية، جامعة
~~كمبردج - ترجمة أحمد محمد تعلب، نشر اليونسكو،
~~السيكومور-فجر 1983.

# شحاتة عيسى إبراهيم:
~~«القاهرة» - سلسلة الألف كتاب رقم 184، دار الهلال،
~~القاهرة (بدون تاريخ - غالبا أواخر
~~الخمسينيات).

# عباس الطرابيلي:
~~«شوارع لها تاريخ» الدار المصرية اللبنانية، القاهرة
~~1997.

# عبد العال الشامي:
~~«مدن مصر وقراها عند ياقوت الحموي» الجمعية الجغرافية
~~الكويتية بجامعة الكويت 1981.

# عبد اللطيف البغدادي:
~~«الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث
~~المعاينة بأرض مصر» (المعلومات التي أوردتها في هذا
~~الكتاب عن البغدادي هي نقلا عن كراتشكوفسكي جزء أول،
~~وعن نقولا زيادة).

# عبد الله يوسف الغنيم:
~~«جغرافية مصر من كتاب الممالك والمسالك عن أبي عبيد
~~البكري» مكتبة دار العروبة للنشر، الكويت 1980.

# عزة سليمان وشنودة سمعان:
~~«التوسع الحضري ومشكلة الإسكان في مصر» - في منشورات
~~«ندوة التوسع الحضري» - معهد التخطيط القومي، القاهرة
~~1988.

# علاء سليمان الحكيم:
~~«ظاهرة التحضر ونمو المدن» في منشورات ندوة التوسع
~~الحضري - معهد التخطيط القومي، القاهرة 1988.

# علماء الحملة الفرنسية على مصر:
~~«وصف مصر» ترجمة زهير الشايب - مكتبة الخانجي بالقاهرة
~~- الأجزاء: 1-8 سنوات 1980-1983، دار الشايب للنشر،
~~جزء 9-10، القاهرة 1986-1992.

# علي بهجت:
~~«قاموس الأمكنة والبقاع التي يرد ذكرها في كتب الفتوح»
~~- نشر شركة طبع الكتب العربية، القاهرة 1906.

# علي مبارك:
~~«الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة» طبعة الهيئة
~~المصرية العامة للكتاب، القاهرة - الجزء الأول 1980
~~الجزء 11 سنة 1994.

# كراتشكوفسكي، إجناطيوس بوليانوفتش:
~~«تاريخ الأدب الجغرافي العربي» ترجمة صلاح الدين عثمان
~~هاشم - لجنة التأليف والترجمة والنشر، الإدارة
~~الثقافية - جامعة الدول العربية، القاهرة 1963.

# محافظة القاهرة:
~~«نشرة القاهرة 2000» - المركز العام لمعلومات شبكات
~~ومرافق القاهرة 1999.

# محافظة القاهرة:

# نشرة الإدارة العامة للخطة والمتابعة 1997.

# محمد السيد غلاب:
~~«السكان» في كتاب «جغرافية مصر» إصدار المجلس الأعلى
~~للثقافة، القاهرة 1994.

# محمد رمزي:
~~«الجغرافية التاريخية لمدينة القاهرة» - مجلة العلوم
~~السياسية - السنة التاسعة - المجلد الخامس.

# محمد رمزي:
~~«القاموس الجغرافي للبلاد المصرية» من عهد قدماء
~~المصريين إلى 1945 - نشر دار الكتب المصرية 1953 (قسم
~~1) و1954 - 1063 (قسم 2).

# محمد رياض:

# بمناسبة العيد الألفي للمدينة «القاهرة، دراسة
~~تمهيدية» حوليات كلية الآداب جامعة عين شمس العدد 12
~~سنة 1969.

# محمد رياض:
~~«القاهرة - المشكلات العامة ms248 للمدينة والعاصمة» مجلة
~~الطليعة الشهرية - كانت تصدر عن دار الأهرام - عدد 7
~~السنة الثامنة يوليو 1972.

# محمد رياض:
~~«الجغرافيا وتخطيط الأقاليم الإدارية في مصر» في كتاب
~~«الجغرافيا والمجتمع» إصدار كلية الآداب جامعة
~~الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية 1990.

# محمد رياض:

# هل يمكن إنقاذ أوتوستراد الإسماعيلية؟ «مجلة جمعية
~~المهندسين المصرية» مجلد 32 عدد 3 لسنة 1993.

# محمد رياض:

# تقسيم إداري جديد لمصر «ندوة الأقسام الإدارية -
~~المجلس الأعلى للثقافة»، القاهرة 1999.

# محمد رياض:
~~«السكن العشوائي في جمهورية مصر، وحالة القاهرة الكبرى
~~بشيء من التفصيل» ندوة السكن العشوائي - المجلس الأعلى
~~للثقافة، القاهرة، مارس 2000 (تحت الطبع).

# محمد رياض:

# 20 بحثا وندوات منشورة في جريدة الأهرام: صفحة
~~العمران وصفحة قضايا وآراء منذ 1985 وإلى الآن حول
~~المشكلات التي تعاني منها القاهرة، مثل: القاهرة تحت
~~الحصار (16/ 5/ 1995)، حول نقل العاصمة السياسية (ندوة
~~جمعية المهندسين المصرية ديسمبر 1997)، حول مشكلات
~~المرور (عدة مقالات)، ماذا نحن فاعلون بميدان الأزهر؟
~~(20/ 1/ 97)، هل يحل النفق مشكلة المرور في شارع
~~الأزهر؟ (15 / 5 / 98)، دراسة ضرورة تغيير الأقاليم
~~الإدارية في مصر (23 / 3 / 98)، القاهرة بالطول والعرض
~~(18 / 7 / 99)، العاصمة تريد حلا (23 / 10 / 98)،
~~المياه الباطنية تهدد القاهرة الفاطمية (29 / 1 / 99)
~~وتأملات في المسألة السكانية في مصر والقاهرة
~~(18 / 8 / 99)، كوبري 6 أكتوبر (14 / 10 / 99)،
~~التنمية القاتلة في حلوان (31 / 10 / 99)، لاظ أوغلي
~~الجديد (26 / 4 / 99)، رؤية لحل مشكلات التكدس في
~~القاهرة ومركزيتها (16 / 6 / 2000)، شارع الجلاء ومحطة
~~الترجمان (3 / 10 / 2000) وغير ذلك، وقد أشرت إلى بعض
~~منها في نص وهوامش هذا الكتاب.

# محمد سمير مصطفى وعزة سليمان:
~~«مستقبل التوسع الحضري في مصر وأثره على البيئة» في
~~منشورات ندوة التوسع الحضري، معهد التخطيط القومي،
~~القاهرة 1988.

# معهد التخطيط القومي:
~~«تقارير التنمية البشرية السنوية» 1994، 1995،
~~1996.

# ممدوح الولي:
~~«سكان العشش والعشوائيات» نشرة نقابة المهندسين،
~~القاهرة 1993.

# نقولا زيادة:
~~«الجغرافية والرحلات عند العرب» دار الكتاب اللبناني،
~~بيروت 1962.

# وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية:

# التقرير الوطني المقدم لمؤتمر الأمم المتحدة الثاني
~~للمستوطنات البشرية (قمة المدن) في إسطنبول
~~1996.

# وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية:
~~«مبارك والعمران» (د/ت - 1999).

# وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية:
~~«أطلس القاهرة الكبرى» الهيئة العامة للتخطيط العمراني
~~- مركز التخطيط العمراني للقاهرة الكبرى، القاهرة
~~2000.

# المصادر الإحصائية والرقمية: نشر الجهاز المركزي للتعبئة العامة
~~والإحصاء

# الكتاب الإحصائي السنوي 92-1998. يونيو ms249 1999.

# النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت
~~لعام 1996 محافظة القاهرة.

# النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت
~~لعام 1996 محافظة الجيزة.

# التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت 1996 «النتائج
~~التفصيلية لتعداد المنشآت (1) إجمالي الجمهورية (2) محافظة
~~القاهرة (3) محافظة الجيزة.

# تقدير المشتغلين (15-65 سنة) حسب نوع القطاع الذين يعملون
~~فيه في الجمهورية (حضر وريف) النتائج السنوية لدورتي
~~1997.

# تقدير المشتغلين بأجر (15-65 سنة) حسب أقسام النشاط والنوع
~~بكل محافظة. النتائج السنوية لدورتي 1997.

# تقدير المشتغلين بأجر (15-65 سنة) حسب نوع القطاع الذي
~~يعملون فيه.

# إحصاء العاملين المدنيين بالحكومة والقطاع العام وقطاع
~~الأعمال العام عن الحالة 1 / 1 / 1996 - إصدار يوليو
~~1997.

# إحصاء العاملين المدنيين بالحكومة والقطاع العام وقطاع
~~الأعمال العام، حسب فئات السن والنوع بكل محافظة - دورة
~~1997.

# تقدير المشتغلين حسب الحالة التعليمية والنوع بكل محافظة -
~~دورة 1997.

# تقدير المتعطلين (15-64 سنة) حسب فئات السن والنوع بكل
~~محافظة - دورة 1997.

# تقدير المتعطلين (15-64 سنة) حسب الحالة التعليمية والنوع
~~بكل محافظة - دورة 1997.

# تقدير المشتغلين حسب الحالة التعليمية والنوع بكل
~~محافظة.

# مصادر ومراجع بلغات أجنبية

# Christaller, Walter, “Die Zentralen orte in
~~suddeutschland”, Jena, 1933.

# Clerget, Marcel, “Le Caire, etude de Geographie
~~urbain et d’histoire economique”, E & R. Schindler,
~~Le Caire 1934.

# Denoix, S., “decrier Le Caire-Fustat-Misr”,
~~Institut Francais D’Archeologie Oriental du Caire,
~~1992.

# El-Sayed-Marsot, Afaf Lutfi, “Egypt in the Reign
~~of Muhammad Ali”, Cambridge 1988.

# Jacobs, Jane, “The Death and Life of Great
~~American cities”, Penguin 1988.

# Lӧsch August, “Die Raϋmliche Ordnung der
~~Wirtschaft” Jena 1941.

# Mumford, Lewis “The City in History”,
Pelican-Penguin Books 1966.

# Observatoire urbain du Caire Contemporain, Lettre
~~d’information 1966-1997.

Poncet, Edmond, “Notes sur l’évolution recent de
~~l’agglomération du Caire” Annales de Géographie, Armand
~~Colin, Paris Lxxix.

# Raymond André, “The Great Arab Cities in the
~~16th-18th. Centuries, New York University Press, New York
~~& London 1984.

# Raymond André, “Le Caire” Paris, Fayard
~~1993.

# Rice, David Talbot, “Islamic Art” Thames &
~~Hudson, Revised edition, 1975.

# Weber, Alfred, “Uber den Standort der
~~Industrien”, Tubingen, 1909.

# Weber, Max, “The City” Macmillan, London
~~1958.

# Waterson, Barbara, “The Egyptians”, Blackwell,
~~Oxford 1997.

# Williams, Caroline, “Islamic Monuments in Cairo”
~~American University Press in Cairo 1993 (4th
~~edition). ms250